Professional Documents
Culture Documents
Social Development
1
ّأوال -مفهوم التنمية االجتماعية
إنّ مفهوم التنمية االجتماعية مثل غيره من المفاهيم األخ رى في علم االجتم اع ال يوج د اتف اق
على تعريفه ،وعليه ،فمن الصعوبة بمكان التوصل إلى تعري ٍ
ف جامع ومانع لهذا المفهوم ،فعلى
سبيل المثال ال الحص ر لم يس تطع الب احثون ال ذين أس هموا في الكث ير من الم ؤتمرات العلم ّي ة
التوصل إلى تعريف مبدئيّ متفق عليه في هذا المجال ،وإنّ عدم االتفاق ه ذا يعكس على األق ل
جزئيّا اختالف التوجهات الايديولوجيّة للباحثين أنفسهم؛ وعليه ،س نقوم أوّ ال باس تعراض مفه وم
التنمية االجتماعيّة كما طرح من المفكرين الرأسماليين واالشتراكيين ،ثم بعد ذل ك سنس تعرض
بعض التعاريف التي جاء بها الباحثون والمتخصّصون اآلخرون .
يرى الماركسيّون التقليديون في التنمية االجتماعية بأنها عملية تغي ير اجتم اعيّ موجّ ه ،وه ذا
التغيير ال يت ّم إال عن طريق الثورة التي تقضي على البناء االجتماعيّ القديم ليح ّل محلّه مجتمع
دة . ات وقيم جدي ه عالق ق عن د تنبث جدي
إنّ المجتمع هنا هو أساس النشاط االقتصاديّ ،أما األفراد فهم أدوات أو وسائل تحرّ كه ا الدول ة
ّ
تخط ط له ا الدول ة وتق وم بتنفي ذها وف ًق ا للمش روعات الزراع ّي ة والص ناعيّة والتجار ّي ة وال تي
وتتحمل ما يتر ّتب عليها من نتائج كافة ،ويه دف النظ ام االش تراكيّ إلى القض اء على الف وارق
الطبقيّة بين األفراد ألنّ الدولة هي التي تستلم األرباح كافة وتمول المش اريع كاف ة وتعم ل على
تطبيق عدالة التوزيع وفقا للقانون الذي يتنبّأ به ماركس للمرحلة العلي ا للش يوعية وه و من ك((ل
حسب عمله ولكل حسب حاجته .
ير ّك ز النظ ام الرأس ماليّ على الف رد ب دال من المجتمع فالحري ة الفردي ة أس اس للنش اط
االقتصاديّ ،فك ّل فرد له حرية شبه مطلقة في تكييف نشاطاته االقتص اديّة كاف ة ،وليس للدول ة
2
بقدر قليل لحماية بعض األفراد والمؤسسات من المنافسة بطريقة غير مش روعة ،
إال اإلشراف ٍ
فالفرد هو الذي يخطط لمش روعاته وه و ال ذي يكس ب األرب اح ويتحم ل الخس ارة ول ذلك نج د
وضوحً ا في التباين الطبقيّ في المجتمع الرأسمالي .وبنا ًء على ذل ك ،ف إن الفك ر الرأس ماليّ ال
يؤمن بالثورة طريقا للتنمية ،بل إنّ النموّ التدريجيّ المستمر هو الطريق األمثل .
ًإذا ،ومما سبق ،لم تنص ب وجه ة النظ ر االجتماع ّي ة بالنس بة للتنمي ة على ج ان ٍ
ب واح ٍد وإنم ا
تعددت النظرة إليها .فالتنمية معناها الزيادة ،زيادة المجتم ع البش ري ،أو العنص ر البش ري أو
بتعبير معمّم ،زيادة الثروة البشرية -زيادتها في الكم ،وتحس ينها في الكي ف ،وتط بيق العلم ،
بكل صوره ،في تيسير حياة اإلنسان على هذا الكوكب ،وإبراز القوى المودع ة في بنيت ه ع بر
تحسين المجتمع ،وتحسين الفرد ،والتنمية كمفهوم تعني تحقيق زيادة سريعة وتراكم ّي ة ودائم ة
عبر فترة من الزمن.
ّ
ومخط ط ل ه يه دف إلى إقام ة بن اء اجتم اعيّ تعريفها :عملية تغيير اجتماعيّ مقص ود
جدي د من خالل اس تغالل م وارد المجتم ع وإمكانيّات ه توظيفه ا بم ا يح ّق ق الرفاهي ة
االجتماعيّة ألفراد المجتمع.
ّ
مخطط ة هادف ة وب ّن اءة تطمح إلى تفعي ل اذا فالتنمي ة االجتماعي ة هي عمل ّي ة إراديّة
الطاقات واإلمكانات والموارد الماديّة والبشريّة واس تنفار جه ود الدول ة وقطاعه ا الع ام
والجماهير وقطاعها الخاص من اجل إحداث تغييرات في المجاالت االجتماعية كالنظم،
والمواق ف ،والقيم والمعتق دات دون إهم ال الحاج ات األساس يّة والخ دمات والمس توى
المعاشيّ أي العمل على توفير كل ما من شأنه خدم ة اإلنس ان ورفاهيّت ه ورف ع مس تواه
1
الماديّ والروحيّ حاضرا ومستقبال .
3
يختلف مفهوم النموّ عن مفهوم التنمية ،فمفهوم النموّ يمكن أن ينط وي على االس تغالل،
وازن ويمكن أن يك ون طفيل ّي ا يض رّ
ٍ كما أن النموّ بهذا المع نى يمكن أن يك ون غ ير مت
بالكيانات المحيطة التي ينمو على حسابها ،بينما "التنمي ة" بمعن اه التح رّ ر تنط وي على
لكيان آخر" .فالنموّ " يش ير
ٍ كيان
ٍ التوازن والشمول والمساواة وال ينطوي على استغالل
إلى الزيادة الثابتة أو المس تمرة ال تي تح دث من ج انب معين من ج وانب الحي اة ،بينم ا
التنمية عبارة عن زيادة سريعة وتراكميّة ودائمة خالل فترة من الزمن" .فالنموّ " يح دث
عادة عن طريق التطوّ ر البطيء والتحوّ ل الت دريجيّ ،بينم ا التنمي ة تمث ل الدفع ة القو ّي ة
وفي عدة اتجاهات كما أ ّنها متع ّددة الطرقات واالتجاهات ب اختالف الكيان ات وب اختالف
تنوّ ع االمكانيّات لكي ُتخرج المجتمع من حالة الركود ،ولكن للتنمية الص حيحة ش رطان
أساسيّان أوال إزاحة ك ّل المعوقات التي تحول دون انبثاق االمكانيّات الداخل ّي ة (الف رد –
المجتمع ) وثاني ا توف ير المؤسّس ات ال تي تس اعد على نم وّ ه ذه االمكان ّي ات االنس انيّة
المنبثقة .2
التغير البنيوي :ويقصد ب ذلك الن وع من التغ ّي ر ال ذي يس تلزم ظه ور أدوار وتنظيم ات -1
اجتماعيّة جدي دة تختل ف اختالف ا نوع ّي ا عن األدوار والتنظيم ات القائم ة في المجتم ع،
ويقتضي هذا النوع من التغير حدوث تحوّ ل كبير في الظواهر والنظم والعالقات السائدة
في المجتمع.
الدفعة القوية :ويمكن أن تحدث الدفعة القويّة في المج ال االجتم اعيّ بإح داث تغ يرات -2
تقلل التفاوت في الثروات والدخول بين المواطنين وبتوزيع الخدمات توزي ًع ا ع ادال بين
- 2عبد الباسط محمد حسن :التنمية االجتماعية – معهد البحوث والدراسات العربية ، ١٩٧٠ ،ص .95
4
والتوس ع في
ّ األف راد وبجع ل التعليم إلزام ّي ا ومجان ّي ا ق در اإلمك ان .وبت أمين العالج
مشروعات اإلسكان إلى غير ذلك من مشروعات وبرامج تتعلق بالخدمات.
صد بها اإلطار العام والخطوط العريضة التي ترسمها
-3االستراتيج ّية( المالئمة( :ويق َ
السياس ة اإلنمائ ّي ة في االنتق ال من حال ة التخلّ ف إلى حال ة النم و ال ذاتيّ وتختل ف
اإلس تراتيجيّة عن التكتي ك ال ذي يع ني االس تخدام الص حيح للوس ائل المتاح ة لتحقي ق
الهدف.
موزع ة وف ًق ا
ولكي يت ّم استخدام هذه الوسائل استخدامًا ص حيحً ا الب ّد وأن تك ون ه ذه الوس ائل ّ
واضع التكتيك من أن يستغ ّل جميع األدوات ال تي تحت
َ لخطة حسنة اإلعداد من شأنها أن تم ّكن
تصرّ فه استغالال كامال .ويستبعد طب ًعا من االستراتيجيّات ما يسمى إستراتيجية عدم الت دخل من
قبل الدولة فالدولة تلعب دورً ا فعاال في عملية التنمية الشاملة.3
خلق الرغبة في التغيير من خالل إيضاح عدم الرض ا عن الوض ع الق ائم وإيج اد أدوار .1
اجتماعيّة جديدة ألفراد المجتم ع ،ليت ّم تغي يره من مجتم ٍع تقلي ديّ إلى مجتم ٍع متق ّدم من
الناحية االجتماعيّة والماديّة.
تعميم فرص التعليم وتحسين نوعيّته ودف ع األف راد إلى تحس ين أوض اعهم االجتماع ّي ة .2
والتع اون والتض امن فيم ا بينهم للمس اهمة في ح ّل مش كالتهم المش تركة وتحس ين
أوضاعهم عبر تذويب الفوارق االجتماعيّة بين األفراد.
معالجة المشكالت المترتبة على التنمي ة االقتص اديّة كاالنتق ال من المجتم ع ال ريفيّ إلى .3
الحضريّ والتي قد تزيد من نسبة البطالة ،وسوء التكيّف والتوافق االجتم اعيّ والمه نيّ
ألفراد الريف داخل المدينة ،وانتشار األميّة وتد ّني مستوى التعليم.
- 3عبد الباسط محمد حسن ،التنمية االجتماع ّية ،القاهرة – مصر .مكتبة وهبة ،1977 ،ص.109 .
5
ت دعيم القيم واالتجاه ات االجتماع ّي ة اإليجاب ّي ة كالتع اون والمث ابرة ،والص ب ،وأداء .4
الواجب ،وتحمّل المسؤوليّة ،والبعد عن األنانيّة ،ونبذ الشعور بالتبعيّة.
تدعيم الحياة داخل األسرة الواحدة لتزيد من تماسكها واستقرارها وتعاون أف راد األس رة .5
فيما بينهم مع توفير الضمانات االجتماعيّة الالزمة ألفرادها وإشباع حاج اتهم األساس يّة
لتوفير المساهمة الفعالة .
4
التنمية ليست عملية تت ّم عبر التطوّ ر التلق ائيّ ،وإنم ا تت ّم خالل الت دخل المس تمر والمقص ود في
المجتمع ات ،وتس تمرّ عن طري ق هيئ ات التنمي ة ال تي ُتش ّكل ج زءًا من بن اء الدول ة .فالتنمي ة
االجتماعيّة تتوسّع في جميع المجاالت والنشاطات اإلنس انيّة ،باإلض افة إلى المج االت الفكر ّي ة
والتكنولوجيّة واالقتصاديّة .وهك ذا ف إنّ التنمي ة ال تقتص ر على النم وّ االقتص اديّ فق ط ،وإنم ا
كل
ك أنّ النم وّ االقتص اديّ ي ؤثر بش ٍ
تشمل على تغيّر محدد في البناء االجتماعيّ الق ائم .وال ش ّ
متبادل على التنمية االجتماعيّة ،فالنموّ االقتصاديّ ال يمكن أن يستمرّ مدى الحي اة ب دون تنمي ة
اجتماعيّة ألنّ كال منهما يعمل لخدمة اآلخر.
إنّ من أهم ما يُعي ق عملي ة التنمي ة االجتماع ّي ة هي ظ اهرة الفس اد اإلداريّ .فالفس اد اإلداريّ
كظاهرة يُع ّد من أبرز الظاهرات التي ُتهدد الكيان االجتم اعيّ .وق د س عت الكث ير من األبح اث
والدراسات إلى معرفة العالقة بين الفساد اإلداريّ كظاهرة ُتهدد عمليات التنمية االجتماع ّي ة في
الوطن العربي.
وقد لوحظ من خالل تلك األبحاث كي ف أن الفس اد اإلداريّ يُعي ق عملي ات التنمي ة االجتماع ّي ة
التي تسعى الحكومات إلى تحقيقها .وقد أشارت األبحاث إلى ضرورة الح ّد من خطر هذا الفساد
6
اإلداريّ في جميع المجتمع ات .فهي ظ اهرة ُم دمّرة للمجتمع ات وال ب د من إص الحها لتس تمرّ
بشكل ناجح .كذلك يوجد العديد من المعوّ قات نذكر منها:
ٍ عملية التنمية االجتماعية
العصب ّية : قد يواجه المجتم ع أثن اء عمل ّي ة التنمي ة ببعض الجماع ات المعارض ة وال تي .1
تقف أمام تنفيذ مشروعات وبرامج التنمية دون تقديم تفسير واضح لموقفهم.
االس((تغالل وتع((ارض المص((الح :يس ود االعتق اد في بعض المجتمع ات أنّ أي تغي يرات .2
تحدث قد ته ّدد إستقرارهم وشعورهم باألمان.
المنزلة االجتماع ّية :وهذه الصفة تفرض على الفرد أدوارً ا اجتماعيّة معيّنة وتح ّتم علي ه .3
أدوار أخ رى ق د ت ؤ ّدي إلى ض عف منزلت ه االجتماع ّي ة مث ل رفض
ٍ االبتع اد عن أداء
البدويّ القيام بأعمال الزراعة.
من الضرورة التأكيد على دراسة البناء االجتم اعيّ للمجتم ع قب ل تخطي ط أي مش روع تنم ويّ
الن كثيرً ا من المشروعات التنمويّة االجتماعيّة فشلت نتيجة لجهل الباحثين بثقافة المجتمع.
معوقات نفسية :يتوق ف قب ول أو رفض المجتم ع لمش روعات وب رامج التنمي ة على
عدم مراعاة الشمول والتكامل والتوازن في مختلف قطاعات خطة التنمية. .1
7
تجاهل المشاركة من قبل أفراد المجتمع عل ًم ا ب أنّ المش اركة الش عبيّة تزي د من ال وعي .2
بأهميّة التنمية.
نقص الوعي التخطيطيّ وعدم المعرفة الفنيّة والعلميّة الكافية لوضع التخطيط الشامل. .3
عدم وجود التعاون والتنسيق الك افي بين األجه زة المختلف ة وبالتحدي د أجه زة التخطي ط .4
وأجهزة التنفيذ .5
ك أنّ التربية تلعب دورً ا هامًا في عملية التنمية االجتماعيّة ،ومن أبرز األدوار التي تلعبه ا
ال ش ّ
التربية في التنمية االجتماعيّة هي:
إيجاد قاعدة اجتماعيّة عريضة مستعملة وذلك لضمان ح ّد أدنى من التعليم لك ّل مواطن. .1
المساهمة في تعديل نظام القيم واالتجاهات بما يتناسب مع الطموحات التنموية للمجتم ع .2
من خالل تعزيز قيم ة العم ل واإلنت اج ودعم االس تقالليّة في التفك ير والموض وعيّة في
التصرّ ف.
تأهي ل الق وى البش ريّة وإع دادها للعم ل في القطاع ات المختلفة وعلى ك ّل المس تويات .3
وذالك بتزويدها بالمعارف والمهارات والقيم الالزمة للعمل.
- 5شفيق ,محمد .التنمية االجتماعية :دراسات في قضايا التنمية ومشكالت المجتمع .المكتب الجامعي الحديث.1994 ,
8
المحاضرة السابعة
االجتماعي
ّ التغ ّير
Social Change
مقدمـة
منذ قديم الزمن كان من بين البشر من يعتقد أنّ الثبات وعدم التغيّر هو الصورة الفعليّة للوج ود
والمجتم ع ،ومن بينهم ً
أيض ا من اقتن ع أنّ التغ ّي ر والتح ول ه و الص ورة الكامن ة في الف رد
والجماعة والمجتمع .ويرى علم االجتماع المعاصر أنّ التغيّر سمة فعلية في المجتمعات ت رتقي
إلى ح ّد كونها ظاهرة شائعة ال تقبل الش ّ
ك والريب ،وغدا موضوع التغ ّي ر االجتم اعيّ أح د أه ّم
الموض وعات في علم االجتم اع ال ذي راح يص بّ كث يرً ا من دراس اته لتأ ّم ل ه ذه الظ اهرة
ودراستها.6
وتواش جت عل وم كث يرة -كعلم االجتم اع واألنثروبولوجي ا والت اريخ -لتثبت أنّ التغ ّي ر ظ اهرة
اجتماع ّي ة ( ،)Social phenomenonجل ّي ة وراس خة رس وخ ق دم اإلنس ان في أرض
التاريخ وعمق الزمن ،فقد مرّ ت البش ريّة بمراح ل ارتقت فيه ا من النط ق إلى اكتش اف الن ار،
فاس تئناس الحي وان ،فالزراع ة ،ثم التنظيم االجتم اعيّ ،ف األخالق ،ف اآلالت ،فالص ناعة،
المتحض ر والمتم ّدن .والتقطت عدس ة
ّ ف العلوم ....وانتقلت من المجتم ع الب دائيّ إلى المجتم ع
الشمس مجتمعات كثيرة مرّ ت على المعمورة ،وانتصبّت في وجه قامة الزمن مجتمعات كث يرة
وحض ارات عتي دة ك المجتمع الب ابليّ والص ينيّ والهن ديّ والفارس يّ والفرع ونيّ واليون انيّ
نموا رأس ًّيا..وهكذا ..فالمجتمع متغ ّي ٌر
والرومانيّ وغيرهم ،ونمت مجتمعات كثيرة على بعضها ًّ
بطبيعته.
- 6الفاروق زكي يونس ،الخدمة االجتماعية والتغ ّير االجتماعي .ط .2القاهرة /مصر :عالم الكتب ،ص.334 .
9
أوال -تعريفه
يعرّ ف عاطف غيث التغيّر االجتماعيّ بأ ّنه ":التغ يرات ال تي تح دث في التنظيم االجتم اعيّ أي
في بناء المجتمع ووظائفه المتع ّددة والمختلفة" .أمّا إب((راهيم ناصر فيعرّ ف التغ ّي ر أ ّن ه "التح وّ ل
من حالة إلى أخ رى ،بينم ا يش ير مفه وم التغ ّي ر االجتم اعيّ إلى التح وّ ل ال ذي يص يب البن اء
االجتم اعيّ خالل ف ترة مح ّددة وق د يك ون ه ذا التح وّ ل إيجاب ًّيا أو س لب ًّيا وق د يك ون مفاجًئ ا أو
تدريج ًّيا .وهو ك ّل ما يطرأ على البناء االجتماعيّ فى الك ّل والج زء أو في الش كل أو في النظ ام
االجتماعيّ .
10
دور العناصر السكانية : -2
طرق جديدة للمحافظة على استمراريّة المجتمع
ٍ إنّ نموّ السكان يؤ ّدي إلى تعقي ٍد أكبر وإيجاد
وأساليب جديدة في الضبط االجتماعيّ .
العوامل البيئية تلعب دورً ا مهمّا في التغيّر االجتماعيّ ،فإذا ما تغيّر المناخ مثال حاول -5
أعضاء النسق االجتماعيّ أن يكيّفوا أنفسهم مع الوضع الجديد في مجال الزراعة
والصناعة والتجارة والنظم االجتماعيّة ،وقد تعمل البيئة أو المكان على تقديم
االمكانيّات وتوفير المطالب لآلهلين وقد تكون عديمة الجدوى بالنسبة لهم ،كما يمكن أن
11
تح ّد العراقيل الطبيعيّة كالجبال والبحار والحواجز الجغرافيّة عمومًا من فعاليّة اال ّتصال
بين الشعوب .
يمكن اعتبار الثورة التي تتكامل فيها القوى السياسيّة واالجتماعيّة واالقتصاديّة من -8
العوامل األولى الواضحة في إحداث التغيّر االجتماعيّ والذي يكون في أحيان كثيرة
تغيّرً ا منشو ًدا لم يجد له ً
منفذا إال في قيام الثورة .والثورة تعني التغيّر االجتماعيّ
وإقطاع
ٍ مستعمر
ٍ الشامل بهدف تحقيق التق ّدم للمجتمع الذي طمسته عوامل التخلّف بين
ورجعيّة على الرغم مما يرتبط به مفهومها من إراقة للدماء .
12
الثقافيّ عنصرً ا الزما لكي تنبعث في الحياة عناصر تج ّدد مستمرّ ولتسودها روح
العصر .
راب ًعا -خصائص التغ ّير االجتماعي
وممّا سبق نستطيع أن نتعرّ ف على أه ّم خصائص التغيّر االجتماعيّ ،ومنها:
االجتماعي :
ّ يصيب البناء -2
فهو تحوّ ل في بنية المجتمع ،ال في بنية الفرد ،وال يُقال لتحوّ ل حصل لدى شخص أو أش خاص
قلة أ ّنه تغيّر اجتماعي.
قاس بفتر ٍة زمن ّية (،حتى يمكن معرفته وتقويم آثاره :
ُي ُ -3
فعنصر (الزمن) معيار ها ّم في كشف ما يحصل في المجتمع ،فقد نشهد مجتم ًعا ما وهو مجتمع
أميّ ،أو زراعيّ ،أو تس تفحل في ه ظ اهرة القت ل ،أو ال يع رف (اإلن ترنت) ،ونش هده في ف ترة
زمنية أخرى متعلمًا يتأبّط أبناؤه ش هاداتهم الجامعي ة ،تس كنه الص ناعة ،وينش ر علي ه التس امح
جناحه ،وتستقر (اإلنترنت) في عمق تقاناته التواصليّة والمعرفيّة.
االجتماعي
ّ خام ًسا -معيقات التغيير
هناك معوّ قات كثيرة تقف في وجه حركة التغيير االجتماعيّ ،منها:
النمط ّية(:
-2
ّ
تمثل العادات الجارية والمستحكمة في المجتمع دور المألوف االجتماعيّ ال ذي ي رتكن إلي ه في
مواجهة الجديد النابت ،والتغيير ال ُم رتجى ،فالفع ل التك راري خل ق ل ه قب وال عا ًم ا في الذهن ّي ة
االجتماعيّة ،وأمسى معهو ًدا غير مس تنكر ل ديها ،ومن ث ّم تتمس ك كث ير من المجتمع ات ب الفكر
والفعل السائدين ،وتتجمد عليهم ا؛ للحيلول ة دون التغي ير بالجدي د ،وتمي ل ه ذه المجتمع ات إلى
دفء المألوف.
وت زداد ض راوة ه ذه النمطي ة والجم ود كلم ا اس تهدفت عملي ة التغي ير االجتم اعي الع ادات
التكرارية الم ّتص لة بالوش ائج القريب ة ال تي تمث ل ش يًئ ا من ال ذات ،فاآلب اء ال ذين ّ
يمث ل األبن اء
االمتداد النسبيّ واالجتماعيّ لهم تستطيل عاداتهم إلى أطواد شاهقة ين افح األبن اء دون اجتثاثه ا
من المجتمع ،فيما يخلق (األلفة اآلبائية) لما كانوا عليه ،والرفض لحركة التغيير التي تس تهدف
إبداله ،وإحالل آخر مكانه .وتتبدى هذه النمطية في صورتين بارزتين ،هما :
14
أ -نمط ّية( الفكر (اتباع الفكر السائد):
وفي هذه الصورة يت ّم اعتناق الفكر المألوف السائد في المجتمع ،ورفض الفكر الجديد ومفاهيمه
وآراءه.
وهنا يت ّم اعتناق الفعل المألوف السائد ،ويتم تبني السلوك العمليّ المعهود في المجتمع.
وتتواشج تلك المقوالت الصادرة ممن يعيش في قمّة الهرم االجتماعيّ (الرم وز ،القي ادات) م ع
مق والت أخ رى تص در من النخب االجتماع ّي ة تص بّ في ض رورة العك وف على النم وذج
المجتمعيّ المتحق ق وع دم تغي يره ،كم ا تتع انق م ع مق والت ثالث ة تص در من قاع دة اله رم
االجتماعيّ (الناس) ،منه ا ض رورة طاع ة الك براء والرؤس اء ،وتعطي ل عملي ة الفك ر لص الح
منتجهم الفكريّ ؛ أل ّنهم األعلم واألدرى واألنضج ،وبهذا تكون الزوايا الثالث للمجتمع (الرم ز،
النخبة ،القاعدة) قد تعاضدت لتقف معًا ضد التغيير.
الخشية من فق((دان المواق((ع :أشرنا قب ل قلي ل إلى وج ود اعتق اد اجتم اعي راس خ أنّ -4
عملية التغيير االجتماعيّ كما تطال المجتمع ،تسعى لخلخلة مكانة الرموز في ه ،وتغي ير
المواقع والوجاهات ،وخسران االمتيازات ،وبناء ذلك كلّه على قاعدة جديدة تتواف ق م ع
حركة التغيير القادمة.
15
وقد عمل هذا الش عور واالعتق اد على إذك اء الح رص على المص لحة الخاص ة ،وتق ديم الفك ر
(التفض ل على المجتم ع) ،وتس نم
ّ النفعيّ والشخصيّ ،ومواجهة قوى التغيير بوصفها قوى تريد
مركز القيادة فيه ،وإزاحة األعمدة الراسخة.
16