You are on page 1of 16

‫التنمية االجتماعية‬

Social Development

1
‫ّأوال‪ -‬مفهوم التنمية االجتماعية‬

‫إنّ مفهوم التنمية االجتماعية مثل غيره من المفاهيم األخ رى في علم االجتم اع ال يوج د اتف اق‬
‫على تعريفه‪ ،‬وعليه‪ ،‬فمن الصعوبة بمكان التوصل إلى تعري ٍ‬
‫ف جامع ومانع لهذا المفهوم‪ ،‬فعلى‬
‫سبيل المثال ال الحص ر لم يس تطع الب احثون ال ذين أس هموا في الكث ير من الم ؤتمرات العلم ّي ة‬
‫التوصل إلى تعريف مبدئيّ متفق عليه في هذا المجال‪ ،‬وإنّ عدم االتفاق ه ذا يعكس على األق ل‬
‫جزئيّا اختالف التوجهات الايديولوجيّة للباحثين أنفسهم؛ وعليه‪ ،‬س نقوم أوّ ال باس تعراض مفه وم‬
‫التنمية االجتماعيّة كما طرح من المفكرين الرأسماليين واالشتراكيين‪ ،‬ثم بعد ذل ك سنس تعرض‬
‫بعض التعاريف التي جاء بها الباحثون والمتخصّصون اآلخرون ‪.‬‬

‫أ‪ -‬مفهوم التنمية االجتماعية في النظام االشتراكي‪ ‬‬

‫يرى الماركسيّون التقليديون في التنمية االجتماعية بأنها عملية تغي ير اجتم اعيّ موجّ ه‪ ،‬وه ذا‬
‫التغيير ال يت ّم إال عن طريق الثورة التي تقضي على البناء االجتماعيّ القديم ليح ّل محلّه مجتمع‬
‫دة‪ .‬‬ ‫ات وقيم جدي‬ ‫ه عالق‬ ‫ق عن‬ ‫د تنبث‬ ‫جدي‬
‫إنّ المجتمع هنا هو أساس النشاط االقتصاديّ ‪ ،‬أما األفراد فهم أدوات أو وسائل تحرّ كه ا الدول ة‬
‫ّ‬
‫تخط ط له ا الدول ة وتق وم بتنفي ذها‬ ‫وف ًق ا للمش روعات الزراع ّي ة والص ناعيّة والتجار ّي ة وال تي‬
‫وتتحمل ما يتر ّتب عليها من نتائج كافة‪ ،‬ويه دف النظ ام االش تراكيّ إلى القض اء على الف وارق‬
‫الطبقيّة بين األفراد ألنّ الدولة هي التي تستلم األرباح كافة وتمول المش اريع كاف ة وتعم ل على‬
‫تطبيق عدالة التوزيع وفقا للقانون الذي يتنبّأ به ماركس للمرحلة العلي ا للش يوعية وه و من ك((ل‬
‫حسب عمله ولكل حسب حاجته ‪.‬‬

‫ب‪ -‬مفهوم التنمية( االجتماعية في النظام الرأسمالي‬

‫ير ّك ز النظ ام الرأس ماليّ على الف رد ب دال من المجتمع فالحري ة الفردي ة أس اس للنش اط‬
‫االقتصاديّ ‪ ،‬فك ّل فرد له حرية شبه مطلقة في تكييف نشاطاته االقتص اديّة كاف ة‪ ،‬وليس للدول ة‬
‫‪2‬‬
‫بقدر قليل لحماية بعض األفراد والمؤسسات من المنافسة بطريقة غير مش روعة ‪،‬‬
‫إال اإلشراف ٍ‬
‫فالفرد هو الذي يخطط لمش روعاته وه و ال ذي يكس ب األرب اح ويتحم ل الخس ارة ول ذلك نج د‬
‫وضوحً ا في التباين الطبقيّ في المجتمع الرأسمالي ‪ .‬وبنا ًء على ذل ك‪ ،‬ف إن الفك ر الرأس ماليّ ال‬
‫يؤمن بالثورة طريقا للتنمية‪ ،‬بل إنّ النموّ التدريجيّ المستمر هو الطريق األمثل ‪.‬‬

‫ج‪ -‬مفهوم التنمية( االجتماع ّية وتعريفاتها‬

‫ًإذا‪ ،‬ومما سبق‪ ،‬لم تنص ب وجه ة النظ ر االجتماع ّي ة بالنس بة للتنمي ة على ج ان ٍ‬
‫ب واح ٍد وإنم ا‬
‫تعددت النظرة إليها‪ .‬فالتنمية معناها الزيادة‪ ،‬زيادة المجتم ع البش ري ‪ ،‬أو العنص ر البش ري أو‬
‫بتعبير معمّم ‪ ،‬زيادة الثروة البشرية ‪ -‬زيادتها في الكم ‪ ،‬وتحس ينها في الكي ف‪ ،‬وتط بيق العلم ‪،‬‬
‫بكل صوره ‪ ،‬في تيسير حياة اإلنسان على هذا الكوكب‪ ،‬وإبراز القوى المودع ة في بنيت ه ع بر‬
‫تحسين المجتمع‪ ،‬وتحسين الفرد‪ ،‬والتنمية كمفهوم تعني تحقيق زيادة سريعة وتراكم ّي ة ودائم ة‬
‫عبر فترة من الزمن‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومخط ط ل ه يه دف إلى إقام ة بن اء اجتم اعيّ‬ ‫تعريفها ‪ :‬عملية تغيير اجتماعيّ مقص ود‬ ‫‪‬‬
‫جدي د من خالل اس تغالل م وارد المجتم ع وإمكانيّات ه توظيفه ا بم ا يح ّق ق الرفاهي ة‬
‫االجتماعيّة ألفراد المجتمع‪.‬‬
‫ّ‬
‫مخطط ة هادف ة وب ّن اءة تطمح إلى تفعي ل‬ ‫اذا فالتنمي ة االجتماعي ة هي عمل ّي ة إراديّة‬ ‫‪‬‬
‫الطاقات واإلمكانات والموارد الماديّة والبشريّة واس تنفار جه ود الدول ة وقطاعه ا الع ام‬
‫والجماهير وقطاعها الخاص من اجل إحداث تغييرات في المجاالت االجتماعية كالنظم‪،‬‬
‫والمواق ف‪ ،‬والقيم والمعتق دات دون إهم ال الحاج ات األساس يّة والخ دمات والمس توى‬
‫المعاشيّ أي العمل على توفير كل ما من شأنه خدم ة اإلنس ان ورفاهيّت ه ورف ع مس تواه‬
‫‪1‬‬
‫الماديّ والروحيّ حاضرا ومستقبال‪ .‬‬

‫د‪ -‬مفهوم النمو وعالقته بالتنمية‬

‫التربوي ‪ ،‬دار الجيل ‪ ،‬بيروت – لبنان‪ .1992 .‬ص‪.‬ص‪.191 – 190.‬‬


‫ّ‬ ‫‪ - 1‬ابراهيم‪ ،‬ناصر‪.‬علم االجتماع‬

‫‪3‬‬
‫يختلف مفهوم النموّ عن مفهوم التنمية‪ ،‬فمفهوم النموّ يمكن أن ينط وي على االس تغالل‪،‬‬
‫وازن ويمكن أن يك ون طفيل ّي ا يض رّ‬
‫ٍ‬ ‫كما أن النموّ بهذا المع نى يمكن أن يك ون غ ير مت‬
‫بالكيانات المحيطة التي ينمو على حسابها‪ ،‬بينما "التنمي ة" بمعن اه التح رّ ر تنط وي على‬
‫لكيان آخر‪" .‬فالنموّ " يش ير‬
‫ٍ‬ ‫كيان‬
‫ٍ‬ ‫التوازن والشمول والمساواة وال ينطوي على استغالل‬
‫إلى الزيادة الثابتة أو المس تمرة ال تي تح دث من ج انب معين من ج وانب الحي اة‪ ،‬بينم ا‬
‫التنمية عبارة عن زيادة سريعة وتراكميّة ودائمة خالل فترة من الزمن‪" .‬فالنموّ " يح دث‬
‫عادة عن طريق التطوّ ر البطيء والتحوّ ل الت دريجيّ ‪ ،‬بينم ا التنمي ة تمث ل الدفع ة القو ّي ة‬
‫وفي عدة اتجاهات كما أ ّنها متع ّددة الطرقات واالتجاهات ب اختالف الكيان ات وب اختالف‬
‫تنوّ ع االمكانيّات لكي ُتخرج المجتمع من حالة الركود‪ ،‬ولكن للتنمية الص حيحة ش رطان‬
‫أساسيّان أوال إزاحة ك ّل المعوقات التي تحول دون انبثاق االمكانيّات الداخل ّي ة (الف رد –‬
‫المجتمع ) وثاني ا توف ير المؤسّس ات ال تي تس اعد على نم وّ ه ذه االمكان ّي ات االنس انيّة‬
‫المنبثقة ‪.2‬‬

‫ثانيا ‪ -‬عناصر التنمية( االجتماعية‬

‫ترتكز التنمية على عناصر ثالثة أساسية مجتمعة‪ ،‬وضروريّة وهي‪:‬‬

‫التغير البنيوي‪ :‬ويقصد ب ذلك الن وع من التغ ّي ر ال ذي يس تلزم ظه ور أدوار وتنظيم ات‬ ‫‪-1‬‬
‫اجتماعيّة جدي دة تختل ف اختالف ا نوع ّي ا عن األدوار والتنظيم ات القائم ة في المجتم ع‪،‬‬
‫ويقتضي هذا النوع من التغير حدوث تحوّ ل كبير في الظواهر والنظم والعالقات السائدة‬
‫في المجتمع‪.‬‬
‫الدفعة القوية‪ :‬ويمكن أن تحدث الدفعة القويّة في المج ال االجتم اعيّ بإح داث تغ يرات‬ ‫‪-2‬‬
‫تقلل التفاوت في الثروات والدخول بين المواطنين وبتوزيع الخدمات توزي ًع ا ع ادال بين‬

‫‪ - 2‬عبد الباسط محمد حسن‪ :‬التنمية االجتماعية – معهد البحوث والدراسات العربية‪ ، ١٩٧٠ ،‬ص ‪.95‬‬

‫‪4‬‬
‫والتوس ع في‬
‫ّ‬ ‫األف راد وبجع ل التعليم إلزام ّي ا ومجان ّي ا ق در اإلمك ان‪ .‬وبت أمين العالج‬
‫مشروعات اإلسكان إلى غير ذلك من مشروعات وبرامج تتعلق بالخدمات‪.‬‬
‫صد بها اإلطار العام والخطوط العريضة التي ترسمها‬
‫‪ -3‬االستراتيج ّية( المالئمة(‪ :‬ويق َ‬
‫السياس ة اإلنمائ ّي ة في االنتق ال من حال ة التخلّ ف إلى حال ة النم و ال ذاتيّ وتختل ف‬
‫اإلس تراتيجيّة عن التكتي ك ال ذي يع ني االس تخدام الص حيح للوس ائل المتاح ة لتحقي ق‬
‫الهدف‪.‬‬
‫موزع ة وف ًق ا‬
‫ولكي يت ّم استخدام هذه الوسائل استخدامًا ص حيحً ا الب ّد وأن تك ون ه ذه الوس ائل ّ‬
‫واضع التكتيك من أن يستغ ّل جميع األدوات ال تي تحت‬
‫َ‬ ‫لخطة حسنة اإلعداد من شأنها أن تم ّكن‬
‫تصرّ فه استغالال كامال‪ .‬ويستبعد طب ًعا من االستراتيجيّات ما يسمى إستراتيجية عدم الت دخل من‬
‫قبل الدولة فالدولة تلعب دورً ا فعاال في عملية التنمية الشاملة‪.3‬‬

‫ثالثا ‪ -‬أهداف التنمية االجتماعية‬


‫إنّ الهدف الذي تسعى إليه التنمية االجتماعيّة‪ ،‬والغاية التي تقصدها ّ‬
‫تتلخص فيما يلي‪:‬‬

‫خلق الرغبة في التغيير من خالل إيضاح عدم الرض ا عن الوض ع الق ائم وإيج اد أدوار‬ ‫‪.1‬‬
‫اجتماعيّة جديدة ألفراد المجتم ع‪ ،‬ليت ّم تغي يره من مجتم ٍع تقلي ديّ إلى مجتم ٍع متق ّدم من‬
‫الناحية االجتماعيّة والماديّة‪.‬‬

‫تعميم فرص التعليم وتحسين نوعيّته ودف ع األف راد إلى تحس ين أوض اعهم االجتماع ّي ة‬ ‫‪.2‬‬
‫والتع اون والتض امن فيم ا بينهم للمس اهمة في ح ّل مش كالتهم المش تركة وتحس ين‬
‫أوضاعهم عبر تذويب الفوارق االجتماعيّة بين األفراد‪.‬‬

‫معالجة المشكالت المترتبة على التنمي ة االقتص اديّة كاالنتق ال من المجتم ع ال ريفيّ إلى‬ ‫‪.3‬‬
‫الحضريّ والتي قد تزيد من نسبة البطالة‪ ،‬وسوء التكيّف والتوافق االجتم اعيّ والمه نيّ‬
‫ألفراد الريف داخل المدينة‪ ،‬وانتشار األميّة وتد ّني مستوى التعليم‪.‬‬

‫‪ - 3‬عبد الباسط محمد حسن‪ ،‬التنمية االجتماع ّية‪ ،‬القاهرة – مصر‪ .‬مكتبة وهبة‪ ،1977 ،‬ص‪.109 .‬‬

‫‪5‬‬
‫ت دعيم القيم واالتجاه ات االجتماع ّي ة اإليجاب ّي ة كالتع اون والمث ابرة‪ ،‬والص ب‪ ،‬وأداء‬ ‫‪.4‬‬
‫الواجب‪ ،‬وتحمّل المسؤوليّة‪ ،‬والبعد عن األنانيّة‪ ،‬ونبذ الشعور بالتبعيّة‪.‬‬

‫تدعيم الحياة داخل األسرة الواحدة لتزيد من تماسكها واستقرارها وتعاون أف راد األس رة‬ ‫‪.5‬‬
‫فيما بينهم مع توفير الضمانات االجتماعيّة الالزمة ألفرادها وإشباع حاج اتهم األساس يّة‬
‫لتوفير المساهمة الفعالة ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫راب ًعا ‪ -‬خصائص التنمية االجتماع ّية‬

‫التنمية ليست عملية تت ّم عبر التطوّ ر التلق ائيّ ‪ ،‬وإنم ا تت ّم خالل الت دخل المس تمر والمقص ود في‬
‫المجتمع ات‪ ،‬وتس تمرّ عن طري ق هيئ ات التنمي ة ال تي ُتش ّكل ج زءًا من بن اء الدول ة‪ .‬فالتنمي ة‬
‫االجتماعيّة تتوسّع في جميع المجاالت والنشاطات اإلنس انيّة‪ ،‬باإلض افة إلى المج االت الفكر ّي ة‬
‫والتكنولوجيّة واالقتصاديّة‪ .‬وهك ذا ف إنّ التنمي ة ال تقتص ر على النم وّ االقتص اديّ فق ط‪ ،‬وإنم ا‬
‫كل‬
‫ك أنّ النم وّ االقتص اديّ ي ؤثر بش ٍ‬
‫تشمل على تغيّر محدد في البناء االجتماعيّ الق ائم‪ .‬وال ش ّ‬
‫متبادل على التنمية االجتماعيّة‪ ،‬فالنموّ االقتصاديّ ال يمكن أن يستمرّ مدى الحي اة ب دون تنمي ة‬
‫اجتماعيّة ألنّ كال منهما يعمل لخدمة اآلخر‪.‬‬

‫سا ‪ -‬معوقات التنمية االجتماع ّية‬


‫خام ً‬

‫إنّ من أهم ما يُعي ق عملي ة التنمي ة االجتماع ّي ة هي‪ ‬ظ اهرة الفس اد اإلداريّ ‪ .‬فالفس اد اإلداريّ‬
‫كظاهرة يُع ّد من أبرز الظاهرات التي ُتهدد الكيان االجتم اعيّ ‪ .‬وق د س عت الكث ير من األبح اث‬
‫والدراسات إلى معرفة العالقة بين الفساد اإلداريّ كظاهرة ُتهدد عمليات التنمية االجتماع ّي ة في‬
‫الوطن العربي‪.‬‬

‫وقد لوحظ من خالل تلك األبحاث كي ف أن الفس اد اإلداريّ يُعي ق عملي ات التنمي ة االجتماع ّي ة‬
‫التي تسعى الحكومات إلى تحقيقها‪ .‬وقد أشارت األبحاث إلى ضرورة الح ّد من خطر هذا الفساد‬

‫العربي‪ ،‬تونس‪ .‬الدار العربيّة للنشر‪ ،1985 ،‬ص‪.84 .‬‬


‫ّ‬ ‫‪ -‬عمر التومي الشيباني‪ ،‬التربية وتنمية المجتمع‬ ‫‪4‬‬

‫‪6‬‬
‫اإلداريّ في جميع المجتمع ات‪ .‬فهي ظ اهرة ُم دمّرة للمجتمع ات وال ب د من إص الحها لتس تمرّ‬
‫بشكل ناجح‪ .‬كذلك يوجد العديد من المعوّ قات نذكر منها‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫عملية التنمية االجتماعية‬

‫معوقات اجتماع ّية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫العصب ّية‪ : ‬قد يواجه المجتم ع أثن اء عمل ّي ة التنمي ة ببعض الجماع ات المعارض ة وال تي‬ ‫‪.1‬‬
‫تقف أمام تنفيذ مشروعات وبرامج التنمية دون تقديم تفسير واضح لموقفهم‪.‬‬
‫االس((تغالل وتع((ارض المص((الح‪ :‬يس ود االعتق اد في بعض المجتمع ات أنّ أي تغي يرات‬ ‫‪.2‬‬
‫تحدث قد ته ّدد إستقرارهم وشعورهم باألمان‪.‬‬

‫المنزلة االجتماع ّية‪ :‬وهذه الصفة تفرض على الفرد أدوارً ا اجتماعيّة معيّنة وتح ّتم علي ه‬ ‫‪.3‬‬
‫أدوار أخ رى ق د ت ؤ ّدي إلى ض عف منزلت ه االجتماع ّي ة مث ل رفض‬
‫ٍ‬ ‫االبتع اد عن أداء‬
‫البدويّ القيام بأعمال الزراعة‪.‬‬

‫معوقات ثقاف ّية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫من الضرورة التأكيد على دراسة البناء االجتم اعيّ للمجتم ع قب ل تخطي ط أي مش روع تنم ويّ‬
‫الن كثيرً ا من المشروعات التنمويّة االجتماعيّة فشلت نتيجة لجهل الباحثين بثقافة المجتمع‪.‬‬

‫معوقات نفسية‪  :‬يتوق ف قب ول أو رفض المجتم ع لمش روعات وب رامج التنمي ة على‬ ‫‪‬‬

‫قيمته ا وأهميّته ا وم دى الحاج ة له ا فع دم الش عور بأهم ّي ة المش روعات وض رورتها‬


‫وفرضها على الناس دون أن يكون هناك إحساسٌ بالحاجة إليه ا يمث ل ص عوبة في تق دم‬
‫ونجاح التنمية االجتماعيّة‪.‬‬

‫معوقات تخطيط ّية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫عدم مراعاة الشمول والتكامل والتوازن في مختلف قطاعات خطة التنمية‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪7‬‬
‫تجاهل المشاركة من قبل أفراد المجتمع عل ًم ا ب أنّ المش اركة الش عبيّة تزي د من ال وعي‬ ‫‪.2‬‬
‫بأهميّة التنمية‪.‬‬

‫نقص الوعي التخطيطيّ وعدم المعرفة الفنيّة والعلميّة الكافية لوضع التخطيط الشامل‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫عدم وجود التعاون والتنسيق الك افي بين األجه زة المختلف ة وبالتحدي د أجه زة التخطي ط‬ ‫‪.4‬‬
‫وأجهزة التنفيذ ‪.5‬‬

‫ساد ًسا ‪ -‬دور التربية في عملية التنمية االجتماعية‬

‫ك أنّ التربية تلعب دورً ا هامًا في عملية التنمية االجتماعيّة‪ ،‬ومن أبرز األدوار التي تلعبه ا‬
‫ال ش ّ‬
‫التربية في التنمية االجتماعيّة هي‪:‬‬

‫إيجاد قاعدة اجتماعيّة عريضة مستعملة وذلك لضمان ح ّد أدنى من التعليم لك ّل مواطن‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫المساهمة في تعديل نظام القيم واالتجاهات بما يتناسب مع الطموحات التنموية للمجتم ع‬ ‫‪.2‬‬
‫من خالل تعزيز قيم ة العم ل واإلنت اج ودعم االس تقالليّة في التفك ير والموض وعيّة في‬
‫التصرّ ف‪.‬‬

‫تأهي ل الق وى البش ريّة وإع دادها للعم ل في القطاع ات المختلفة وعلى ك ّل المس تويات‬ ‫‪.3‬‬
‫وذالك بتزويدها بالمعارف والمهارات والقيم الالزمة للعمل‪.‬‬

‫‪ - 5‬شفيق‪ ,‬محمد‪ .‬التنمية االجتماعية‪ :‬دراسات في قضايا التنمية ومشكالت المجتمع‪ .‬المكتب الجامعي الحديث‪.1994 ,‬‬

‫‪8‬‬
‫المحاضرة السابعة‬
‫االجتماعي‬
‫ّ‬ ‫التغ ّير‬
‫‪Social Change‬‬

‫مقدمـة‬
‫منذ قديم الزمن كان من بين البشر من يعتقد أنّ الثبات وعدم التغيّر هو الصورة الفعليّة للوج ود‬
‫والمجتم ع‪ ،‬ومن بينهم ً‬
‫أيض ا من اقتن ع أنّ التغ ّي ر والتح ول ه و الص ورة الكامن ة في الف رد‬
‫والجماعة والمجتمع‪ .‬ويرى علم االجتماع المعاصر أنّ التغيّر سمة فعلية في المجتمعات ت رتقي‬
‫إلى ح ّد كونها ظاهرة شائعة ال تقبل الش ّ‬
‫ك والريب‪ ،‬وغدا موضوع التغ ّي ر االجتم اعيّ أح د أه ّم‬
‫الموض وعات في علم االجتم اع ال ذي راح يص بّ كث يرً ا من دراس اته لتأ ّم ل ه ذه الظ اهرة‬
‫ودراستها‪.6‬‬

‫وتواش جت عل وم كث يرة ‪-‬كعلم االجتم اع واألنثروبولوجي ا والت اريخ‪ -‬لتثبت أنّ التغ ّي ر ظ اهرة‬
‫اجتماع ّي ة (‪ ،)Social phenomenon‬جل ّي ة وراس خة رس وخ ق دم اإلنس ان في أرض‬
‫التاريخ وعمق الزمن‪ ،‬فقد مرّ ت البش ريّة بمراح ل ارتقت فيه ا من النط ق إلى اكتش اف الن ار‪،‬‬
‫فاس تئناس الحي وان‪ ،‬فالزراع ة‪ ،‬ثم التنظيم االجتم اعيّ ‪ ،‬ف األخالق‪ ،‬ف اآلالت‪ ،‬فالص ناعة‪،‬‬
‫المتحض ر والمتم ّدن‪ .‬والتقطت عدس ة‬
‫ّ‬ ‫ف العلوم‪ ....‬وانتقلت من المجتم ع الب دائيّ إلى المجتم ع‬
‫الشمس مجتمعات كثيرة مرّ ت على المعمورة‪ ،‬وانتصبّت في وجه قامة الزمن مجتمعات كث يرة‬
‫وحض ارات عتي دة ك المجتمع الب ابليّ والص ينيّ والهن ديّ والفارس يّ والفرع ونيّ واليون انيّ‬
‫نموا رأس ًّيا‪..‬وهكذا‪ ..‬فالمجتمع متغ ّي ٌر‬
‫والرومانيّ وغيرهم‪ ،‬ونمت مجتمعات كثيرة على بعضها ًّ‬
‫بطبيعته‪.‬‬
‫‪  - 6‬الفاروق زكي يونس‪ ،‬الخدمة االجتماعية والتغ ّير االجتماعي‪ .‬ط‪ .2‬القاهرة‪ /‬مصر‪ :‬عالم الكتب‪ ،‬ص‪.334 .‬‬

‫‪9‬‬
‫أوال ‪ -‬تعريفه‬

‫يعرّ ف عاطف غيث التغيّر االجتماعيّ بأ ّنه‪ ":‬التغ يرات ال تي تح دث في التنظيم االجتم اعيّ أي‬
‫في بناء المجتمع ووظائفه المتع ّددة والمختلفة"‪ .‬أمّا إب((راهيم ناصر فيعرّ ف التغ ّي ر أ ّن ه "التح وّ ل‬
‫من حالة إلى أخ رى‪ ،‬بينم ا يش ير مفه وم التغ ّي ر االجتم اعيّ إلى التح وّ ل ال ذي يص يب البن اء‬
‫االجتم اعيّ خالل ف ترة مح ّددة وق د يك ون ه ذا التح وّ ل إيجاب ًّيا أو س لب ًّيا وق د يك ون مفاجًئ ا أو‬
‫تدريج ًّيا‪ .‬وهو ك ّل ما يطرأ على البناء االجتماعيّ فى الك ّل والج زء أو في الش كل أو في النظ ام‬
‫االجتماعيّ ‪.‬‬

‫ثان ًيا‪ -‬عوامل التغير االجتماعي‪:‬‬


‫لقد أصبح واضحً ا أنّ التغيّر االجتماعيّ عملية تتوقف على تفاعل عوامل عديدة‪ ،‬مثل‬
‫لعامل واح ٍد ترجيح أو األفضلية على‬
‫ٍ‬ ‫التكنولوجيّ والصناعيّ واالقتصاديّ والدينيّ ‪ .‬وليس‬
‫العوامل األخرى في ح ّد ذاته‪ .‬وقد أ ّدى البحث عن عوامل التغير في عشرينات وثالثينات‬
‫القرن الماضي الى اختيار التكنولوجيا واالختراعات التكنولوجيّة على أ ّنها أه ّم هذه العوامل‪.‬‬
‫ويح ّدد العلماء عد ًدا من المصادر المتنوّ عة للتغيّر االجتماعيّ منها ما يأتي ‪:‬‬

‫االختراع واالنتشار‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫يع ّد االختراع من العوامل األساسيّة في التغير االجتماعيّ حيث أن االختراع هو عبارة عن‬
‫تركيب جديد للعناصر المعروفة ويحدث االختراع في الجانب الماديّ للمجتمع‪ ،‬وقد يحدث‬
‫االختراع في الجوانب غير الماديّة للمجتمع كاتحاد العمال أو استخدام بعض المفاهيم الجديدة‬
‫في الفلسفة‪ .‬وقد يغير اإلنتشار الثقافيّ حالة المجتمع ولكن أثر االنتشار يعتمد على مدى التنظيم‬
‫في المجتمع‪ ،‬فيما إذا كان قادرا على االستفادة من العناصر الثقافية المنتشرة القادمة إليه ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫دور العناصر السكانية ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫طرق جديدة للمحافظة على استمراريّة المجتمع‬
‫ٍ‬ ‫إنّ نموّ السكان يؤ ّدي إلى تعقي ٍد أكبر وإيجاد‬
‫وأساليب جديدة في الضبط االجتماعيّ ‪.‬‬

‫دور العوامل الفكرية ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬


‫كان للعوامل الفكرية أكبر األثر فى تنظيم الحياة االجتماعيّة فقد أ ّدى دورً ا فعّاال في‬
‫التغيّر قد يفوق العوامل التكنولوجيّة وأثره يظهر في المجتمعات المتخلّفة التي عانت من‬
‫الكبت والظلم واالستعمار فنرى في التاريخ حركات فكريّة غيّرت من طبيعة العالقات‬
‫االجتماعيّة القائمة بين أفراد المجتمع الواحد منها حركة النهضة األوروبيّة‪ ،‬وقد فادت‬
‫بمبادئ الحريّة واإلخاء والمساواة وتحقيق العدالة االجتماعيّة‪.‬‬

‫دور الرجال العظام ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬


‫إنّ ظهور أفكار توماس كاراليل (‪ )Carlyle‬أ ّدى الى ظهور ا ّتجا ٍه يرى أنّ التاريخ هو‬
‫ناتج عن مساهمات عد ٍد قليل من الرجال العظام مثل كولومبوس (‪ )Columbus‬الذي‬
‫اكتشف القارة االمريكيّة فمهد لعه ٍد جدي ٍد من االستعمار أو غاليلو مثال الذي ّأثر في طرق‬
‫البحث العلميّ أو نابليون الذي غيّر وجه أوروبا‪.‬‬

‫العوامل البيئية تلعب دورً ا مهمّا في التغيّر االجتماعيّ ‪ ،‬فإذا ما تغيّر المناخ مثال حاول‬ ‫‪-5‬‬
‫أعضاء النسق االجتماعيّ أن يكيّفوا أنفسهم مع الوضع الجديد في مجال الزراعة‬
‫والصناعة والتجارة والنظم االجتماعيّة‪ ،‬وقد تعمل البيئة أو المكان على تقديم‬
‫االمكانيّات وتوفير المطالب لآلهلين وقد تكون عديمة الجدوى بالنسبة لهم‪ ،‬كما يمكن أن‬

‫‪11‬‬
‫تح ّد العراقيل الطبيعيّة كالجبال والبحار والحواجز الجغرافيّة عمومًا من فعاليّة اال ّتصال‬
‫بين الشعوب ‪.‬‬

‫العوامل النفسيّة‪ :‬قد ترجع أسباب التغيّر االجتماعيّ أي ً‬


‫ضا الى عوامل سيكولوجيّة في‬ ‫‪-6‬‬
‫دافع معيّن فإذا ما تغيّر‬
‫الشخصيّة اإلنسانيّة‪ ،‬فبما أنّ السلوك اإلنسانيّ يقوم على أساس ٍ‬
‫هذا الدافع نتج عن ذلك تغيّر في العادات والتقاليد ‪.‬‬
‫ضا على الهيكل السكانيّ القائم في المجتمع‪ ،‬إذ يؤ ّدي معدل‬
‫ويعتمد التغيّر في حدوثه أي ً‬ ‫‪-7‬‬
‫المواليد والوفيّات والهجرة الداخليّة والخارجيّة إلى تغي ٍّر في الهرم السكانيّ األمر الذي‬
‫من شأنه أن يزيد عدد المس ّنين على عدد الصغار‪ ،‬ومن ناحية أخرى فإنّ عدد اإلناث‬
‫يزيد على عدد الذكور وعلى اثر ذلك تحدث تغيّرات اجتماعيّة تب ًعا لنوع التكوين العقليّ‬
‫والجسميّ واالجتماعيّ للنوع الغالب ‪.‬‬

‫يمكن اعتبار الثورة التي تتكامل فيها القوى السياسيّة واالجتماعيّة واالقتصاديّة من‬ ‫‪-8‬‬
‫العوامل األولى الواضحة في إحداث التغيّر االجتماعيّ والذي يكون في أحيان كثيرة‬
‫تغيّرً ا منشو ًدا لم يجد له ً‬
‫منفذا إال في قيام الثورة‪ .‬والثورة تعني التغيّر االجتماعيّ‬
‫وإقطاع‬
‫ٍ‬ ‫مستعمر‬
‫ٍ‬ ‫الشامل بهدف تحقيق التق ّدم للمجتمع الذي طمسته عوامل التخلّف بين‬
‫ورجعيّة على الرغم مما يرتبط به مفهومها من إراقة للدماء ‪.‬‬

‫االحتكاك واالتصال الحضاري ّ‬


‫يمثل عامال جوهريّا في إحداث التغيّر االجتماعيّ ‪،‬‬ ‫‪-9‬‬
‫فاحتكاك المجتمعات ثقافيّا بعضها ببعض قد يجعل من السخرية القول بأنّ لمجتمع‬
‫الفضل على مجتمع آخر‪ ،‬فسائر المجتمعات كبيرها وصغيرها قد أعطت وأخذت في‬
‫الوقت نفسه بالقدر الذي سمحت لها ظروفها وأحوالها‪ ،‬ويع ّد هذا االحتكاك أو اال ّتصال‬

‫‪12‬‬
‫الثقافيّ عنصرً ا الزما لكي تنبعث في الحياة عناصر تج ّدد مستمرّ ولتسودها روح‬
‫العصر‪ .‬‬
‫راب ًعا ‪ -‬خصائص التغ ّير االجتماعي‬
‫وممّا سبق نستطيع أن نتعرّ ف على أه ّم خصائص التغيّر االجتماعيّ ‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫ظاهرة عامة ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫عريض من أفراد المجتم ع‪ ،‬ول دى فئ ات واس عة‬
‫ٍ‬ ‫قطاع‬
‫ٍ‬ ‫إنّ التغيّر االجتماعي ظاهرة تحدث في‬
‫من ه‪ ،‬وت ّتص ف باالنتش ار والتوس ع‪ ،‬وال تقتص ر على ح االت مح دودة في بعض األف راد أو‬
‫الجماعات‪.‬‬

‫االجتماعي ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫يصيب البناء‬ ‫‪-2‬‬
‫فهو تحوّ ل في بنية المجتمع‪ ،‬ال في بنية الفرد‪ ،‬وال يُقال لتحوّ ل حصل لدى شخص أو أش خاص‬
‫قلة أ ّنه تغيّر اجتماعي‪.‬‬

‫قاس بفتر ٍة زمن ّية‪ (،‬حتى يمكن معرفته وتقويم آثاره ‪:‬‬
‫ُي ُ‬ ‫‪-3‬‬
‫فعنصر (الزمن) معيار ها ّم في كشف ما يحصل في المجتمع‪ ،‬فقد نشهد مجتم ًعا ما وهو مجتمع‬
‫أميّ ‪ ،‬أو زراعيّ ‪ ،‬أو تس تفحل في ه ظ اهرة القت ل‪ ،‬أو ال يع رف (اإلن ترنت)‪ ،‬ونش هده في ف ترة‬
‫زمنية أخرى متعلمًا يتأبّط أبناؤه ش هاداتهم الجامعي ة‪ ،‬تس كنه الص ناعة‪ ،‬وينش ر علي ه التس امح‬
‫جناحه‪ ،‬وتستقر (اإلنترنت) في عمق تقاناته التواصليّة والمعرفيّة‪.‬‬

‫النسبي الديمومة( واالستمرار‪:‬‬


‫ّ‬ ‫الثبات‬ ‫‪-4‬‬
‫أي أنّ التغيّر الحاصل فيه ليس مؤق ًتا أو عرض ًّيا أو سريع الزوال‪ ،‬وإ ّنما يستقر م دة من ال زمن‬
‫ً‬
‫بارزا ‪.‬‬ ‫ًّ‬
‫ملمحا‬ ‫بحيث يبدو ذلك فيه‬

‫اإليجاب والسلب‪:‬‬ ‫‪-5‬‬


‫ومن خصائص التغيّر االجتم اعيّ أ ّن ه ق د يك ون إيجاب ًّي ا (تق ّدمًا وازده ارً ا)‪ ،‬وق د يك ون س لب ًّيا‬
‫صا وانحدارً ا)‪ ،‬وال يختصّ التغيّر االجتماعيّ باإليجاب فقط‪ ،‬أو بالسلب فقط ‪.‬‬
‫(نكو ً‬
‫‪13‬‬
‫وأخيرً ا‪ ،‬للتغيّر االجتماعيّ مظاهر إيجابيّة كالتق ّدم العلميّ والتكنولوجيّ ‪ ،‬ظه ور مف اهيم جدي دة‪،‬‬
‫تحسّن وسائل االتصال والمواصالت‪ .‬وله ايضًا مظاهر سلبيّة مثل انتشار الالمباالة‪ ،‬واألنان ّي ة‪،‬‬
‫والتعلّق بما هو ماديّ ‪.....‬الخ‪.‬‬

‫االجتماعي‬
‫ّ‬ ‫خام ًسا ‪ -‬معيقات التغيير‬

‫هناك معوّ قات كثيرة تقف في وجه حركة التغيير االجتماعيّ ‪ ،‬منها‪:‬‬

‫رفض قيم التغيير‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫فالتغيير يحمل في طياته قيمًا وأخالقيّات منها‪ :‬تجاوز القديم المتح ّق ق‪ ،‬والمجيء بالجدي د‪ .‬وإلى‬
‫جانب وجود أشخاص ومجتمعات يتقبّل ون عمل ّي ة التغي ير والحرك ة (المجتمع ات الديناميكي ة)‪،‬‬
‫وينزعون إلى الجديد‪ ،‬يقف أشخاصٌ آخرون ومجتمعات أخرى ترغب في الثب ات واالس تقرار‪،‬‬
‫وتخاف من الجديد‪ ،‬وتنزع إلى العكوف على القديم المألوف‪ ،‬وتقف في وجه التغي ير وتحارب ه‪،‬‬
‫أو تقف في وجه المغيّر وتقاومه‪ ،‬وتلك طبيعة (المجتمعات االستاتيكية‪.‬‬

‫النمط ّية‪(:‬‬
‫‪-2‬‬
‫ّ‬
‫تمثل العادات الجارية والمستحكمة في المجتمع دور المألوف االجتماعيّ ال ذي ي رتكن إلي ه في‬
‫مواجهة الجديد النابت‪ ،‬والتغيير ال ُم رتجى‪ ،‬فالفع ل التك راري خل ق ل ه قب وال عا ًم ا في الذهن ّي ة‬
‫االجتماعيّة‪ ،‬وأمسى معهو ًدا غير مس تنكر ل ديها‪ ،‬ومن ث ّم تتمس ك كث ير من المجتمع ات ب الفكر‬
‫والفعل السائدين‪ ،‬وتتجمد عليهم ا؛ للحيلول ة دون التغي ير بالجدي د‪ ،‬وتمي ل ه ذه المجتمع ات إلى‬
‫دفء المألوف‪.‬‬

‫وت زداد ض راوة ه ذه النمطي ة والجم ود كلم ا اس تهدفت عملي ة التغي ير االجتم اعي الع ادات‬
‫التكرارية الم ّتص لة بالوش ائج القريب ة ال تي تمث ل ش يًئ ا من ال ذات‪ ،‬فاآلب اء ال ذين ّ‬
‫يمث ل األبن اء‬
‫االمتداد النسبيّ واالجتماعيّ لهم تستطيل عاداتهم إلى أطواد شاهقة ين افح األبن اء دون اجتثاثه ا‬
‫من المجتمع‪ ،‬فيما يخلق (األلفة اآلبائية) لما كانوا عليه‪ ،‬والرفض لحركة التغيير التي تس تهدف‬
‫إبداله‪ ،‬وإحالل آخر مكانه‪ .‬وتتبدى هذه النمطية في صورتين بارزتين‪ ،‬هما ‪:‬‬
‫‪14‬‬
‫أ‪ -‬نمط ّية( الفكر (اتباع الفكر السائد)‪:‬‬

‫وفي هذه الصورة يت ّم اعتناق الفكر المألوف السائد في المجتمع‪ ،‬ورفض الفكر الجديد ومفاهيمه‬
‫وآراءه‪.‬‬

‫ب‪ -‬نمط ّية( الفعل (اتباع الفعل السائد) ‪:‬‬

‫وهنا يت ّم اعتناق الفعل المألوف السائد‪ ،‬ويتم تبني السلوك العمليّ المعهود في المجتمع‪.‬‬

‫طاعة القيادات الضالة‪:‬‬ ‫‪-3‬‬


‫من العوامل القوية التي تقف عائ ًقا في وجه التغيير االجتماعيّ الرموز االجتماعيّة الراس خة في‬
‫المجتمع‪ ،‬والقيادات التي تتولّى تحريك عجلته؛ أل ّنهم يعتقدون أنّ عملية التغيير االجتماعيّ كم ا‬
‫تستهدف تغيير المجتمع فإ ّنه ا تس تهدف تغي ير األدوار والمواق ع االجتماعي ة‪ ،‬وذاك ي ؤ ّدي إلى‬
‫اإلطاحة بهم‪ ،‬وخسرانهم مناصبهم ووجاهتهم‪ ،‬كما يرون أ ّنهم صمام األم ان للمجتم ع‪ ،‬الص مّام‬
‫الذي عليه أن يحافظ على سالمة المجتمع وصالبته في وجه رياح التغيير‪.‬‬

‫وتتواشج تلك المقوالت الصادرة ممن يعيش في قمّة الهرم االجتماعيّ (الرم وز‪ ،‬القي ادات) م ع‬
‫مق والت أخ رى تص در من النخب االجتماع ّي ة تص بّ في ض رورة العك وف على النم وذج‬
‫المجتمعيّ المتحق ق وع دم تغي يره‪ ،‬كم ا تتع انق م ع مق والت ثالث ة تص در من قاع دة اله رم‬
‫االجتماعيّ (الناس)‪ ،‬منه ا ض رورة طاع ة الك براء والرؤس اء‪ ،‬وتعطي ل عملي ة الفك ر لص الح‬
‫منتجهم الفكريّ ؛ أل ّنهم األعلم واألدرى واألنضج‪ ،‬وبهذا تكون الزوايا الثالث للمجتمع (الرم ز‪،‬‬
‫النخبة‪ ،‬القاعدة) قد تعاضدت لتقف معًا ضد التغيير‪.‬‬

‫الخشية من فق((دان المواق((ع ‪ :‬أشرنا قب ل قلي ل إلى وج ود اعتق اد اجتم اعي راس خ أنّ‬ ‫‪-4‬‬
‫عملية التغيير االجتماعيّ كما تطال المجتمع‪ ،‬تسعى لخلخلة مكانة الرموز في ه‪ ،‬وتغي ير‬
‫المواقع والوجاهات‪ ،‬وخسران االمتيازات‪ ،‬وبناء ذلك كلّه على قاعدة جديدة تتواف ق م ع‬
‫حركة التغيير القادمة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫وقد عمل هذا الش عور واالعتق اد على إذك اء الح رص على المص لحة الخاص ة‪ ،‬وتق ديم الفك ر‬
‫(التفض ل على المجتم ع)‪ ،‬وتس نم‬
‫ّ‬ ‫النفعيّ والشخصيّ ‪ ،‬ومواجهة قوى التغيير بوصفها قوى تريد‬
‫مركز القيادة فيه‪ ،‬وإزاحة األعمدة الراسخة‪.‬‬

‫سيادة فكر الشلل‪:‬‬ ‫‪-5‬‬


‫ومن العوائق أمام التغيير االجتماعي سيادة فكر الش لل في المجتم ع‪ .‬إنّ المجتم ع ال ذي تس كنه‬
‫ثقافة الفعل والحيوية (الثقاف ة الحي ة)‪ ،‬يص بح مجتم ًع ا ف اعالً ديناميك ًّي ا‪ ،‬دأب ه الحرك ة والفع ل‪،‬‬
‫والمجتمع الذي تخيّم عليه ثقافة السكون (الثقافة الميتة) أو ثقافة الشلل (الثقافة المميتة) ال ت برح‬
‫تزرّ قه بإبر التخدير والموت حتى تشلّه أو تقضي عليه‪..‬‬

‫‪16‬‬

You might also like