You are on page 1of 27

‫البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية‬

‫واالجتماعية‬

‫أ‪ .‬عدمان محمد‪ -‬أستاذ مساعد‬


‫المدرسة العليا للتجارة‪-‬الجزائر‪-‬‬

‫الملخص‬

‫تعتبر الثقافة بعدا رابعا يضاف لألبعاد البيئية واالجتماعية واالقتصادية التي يبنى عليها مفهوم‬
‫التنمية المستدامة‪ ،‬الذي يضع الفرد في قلب اهتمامات العملية االقتصادية‪ ،‬أين ال يمكن تحقيق هذه الهدف إال‬
‫من خالل المرور عبر البعد الثقافي‪ ،‬والذي بدوره يسمح بنشر مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية‬
‫واالجتماعية من خالل االحتكاك الكائن بين الثقافات المختلفة من زاوية تعدد وتنوع الثقافات‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬التنمية المستدامة‪ ،‬المسؤولية البيئية واالجتماعية‪ ،‬التعدد الثقافي‪ ،‬التنوع الثقافي‬

‫‪Résumé‬‬
‫‪La culture est considérée comme une quatrième dimension qui s’ajoute aux‬‬
‫‪trois dimensions : environnementale, sociale et économique fondateur du concept‬‬
‫‪développement durable et responsabilité sociétale, le développement durable mit‬‬
‫‪l’individu au cœur du système économique, l’accomplissement de cet objectif passe‬‬
‫‪par la dimension culturelle, cette dimension permettras la diffusion des principes de‬‬
‫‪développement durable et de la responsabilité sociétale dans optique multiculturelle‬‬
‫‪et interculturelle.‬‬
‫‪Mots clés : Développement durable, Responsabilité sociétale, multiculturelle,‬‬
‫‪interculturelle‬‬

‫المقدمة‬

‫تعتبر التنمية المستدامة من المفاهيم التي أحدثت ثورة فكرية في عالم‬


‫االقتصاد‪ ،‬وهذا بكسرها هيمنة النظرة الكالسيكية التي لطالما سيطرت على جل‬
‫الكتابات في هذا المجال‪ ،‬فاتحة األفق لتشمل أبعاد جديدة تتمثل في البعد االجتماعي‬
‫والبعد البيئي‪ ،‬وتمكن الباحثين من رؤية النظام االقتصادي من زوايا متعددة‪ .‬انطلقت‬
‫التنمية المستدامة سنة ‪ 7891‬في أول ظهور صريح لها وانحصر اهتمامها في‬
‫البداية بالدول والحكومات لتظهر بعد ذلك ضرورة ادماج المؤسسات في عملية التنمية‬
‫من خالل مشروع عالمي ظهر سنة ‪،7888‬أين وجدت عدة نظريات مفسرة لسلوك‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫ا لمؤسسات تجاه التنمية المستدامة‪ ،‬فتوجه المؤسسة نحو اعتماد مبادئ التنمية‬
‫المستدامة تحكمه عدة قوى مؤثرة نظ ار ألن المؤسسة نظام مفتوح ينشط في بيئة تتسم‬
‫بالتعقيد هي المجتمع‪ ،‬ففهم آلية تفاعل هذه القوى يمكننا من فهم الدوافع الرئيسية التي‬
‫تجعل المؤسسة تسلك سلوكا مسؤوال يلخصه مفهوم المسؤولية البيئية واالجتماعية‬
‫للمؤسسة‪ ،‬أو بالمقابل إمكانية فهم العراقيل التي تقف في طريق احترام شروط تبني‬
‫مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية للمؤسسة‪.‬‬

‫فقبل أن تكون التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية مسا ار‬


‫ومحطات على الدول والمؤسسات اتباعها للوصول الى اعتماد وتطبيق مجموعة من‬
‫المبادئ‪ ،‬هي باألساس ثقافة‪ ،‬فهي نتاج لتفاعالت اجتماعية واقتصادية وبيئية‪ .‬لهذا‬
‫يهدف هذا المقال باألساس إلى البحث في هذا البعد‪ ،‬والذي يعتبر بعدا رابعا للتنمية‬
‫المستدامة يضاف إلى األبعاد الثالثة الرئيسية التي تعرف بها التنمية المستدامة‪ ،‬إذ‬
‫أن مبادئ التنمية المستدامة كما يتم نشرها عن طريق مقاربة اتفاقية كما سيأتي ذكره‬
‫يمكن أيضا نشرها كثقافة تستهدف الفرد من خالل توظيف مفاهيم مثل التعدد الثقافي‬
‫والتنوع الثقافي‪ ،‬فالهدف الرئيسي للتنمية المستدامة هو وضع اإلنسان في قلب العملية‬
‫االقتصادية‪ ،‬وال يمكن تحقيق هذا الهدف إال من خالل المرور عبر بوابة البعد‬
‫الثقافي‪ ،‬فاحتكاك الفرد الذي ينتمي الى مجتمع معين والذي يحمل ثقافة معينة‬
‫بثقافات جديدة تحمل في مضمونها مبادئ التنمية المستدامة تسمح له باكتساب‬
‫سمات ثقافية جد يدة من خالل توظيفنا لمفهوم التثقف‪ ،‬وبناء عليه يمكن أن نطرح‬
‫اإلشكالية الموالية‪ :‬كيف يمكن للبعد الثقافي أن يساهم في نشر مبادئ التنمية‬
‫المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية؟ لإلجابة عن هذه اإلشكالية ارتأينا تقسيم‬
‫العمل إلى عدة نقاط‪ ،‬نحاول في البداية إنشاء قاعدة معرفية حول المفاهيم األساسية‪:‬‬
‫التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية للمؤسسة‪ ،‬ثم ننتقل للحديث عن‬
‫مقاربات اعتماد التنمية المستدامة‪ ،‬ونخلص إلى الحديث عن البعد الثقافي للتنمية‬
‫المستدامة ومفاهيم مثل التعدد الثقافي والتنوع الثقافي‪.‬‬

‫‪ -1‬التنمية المستدامة‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫أول ظهور للتنمية المستدامة كان سنة ‪ ،7891‬إذ أصدرت لجنة‬


‫)‪Brundtland(CMED‬تقري ار بعنوان "‪ "Our Common Future‬حمل في طياته‬
‫تعريفا صريحا للتنمية المستدامة‪ ،‬حيث قدمها على أنها‪" :‬التنميةالتيتلبياحتياجات‬
‫‪1‬‬
‫من خالل هذا‬ ‫الجيل الحاضردوناإلخاللبقدرة األجيااللقادمةعلىتلبيةاحتياجاتها"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫التعريف يمكن الوقوف عند نقطتين رئيسيتين من خالل هذا التعريف‪:‬‬

‫‪ -‬مفهوووول الحاجووووة‪ :‬وبالخص وووص الحاج ووة األساس ووية الت ووي يج ووب منحه ووا األولوي ووة‬
‫القصوى‪.‬‬
‫فكوورة المحدوديووة‪ :‬والتووي تفرضووها التكنولوجيووا المسووتعملة والمنظومووة االجتماعيووة علووى‬ ‫‪-‬‬
‫قدرة البيئة في تلبية االحتياجات الحالية والمستقبلية‪.‬‬
‫يجدر بنوا التنويوه إلوى االتفواق القوائم بوين جميوع الكتواب الوذين اهتمووا بموضووع‬
‫التنمي ووة المس ووتدامة‪ ،‬رد ووم الع وودد المعتب وور للمقارب ووات المتعلق ووة بالتنمي ووة المس ووتدامة والت ووي‬
‫تختل ووف م وون حي ووث األس وواس‪ ،‬ح ووول اله وودف ال ووذي تس ووعى إلي ووه التنمي ووة المس ووتدامة وه ووو‬
‫البح ووث ع و و ن نمو وووذج جدي وود للتنميو ووة يقو ووع عن وود تقو وواطع ثالثو ووة أبع وواد رئيسو ووية هوووي البعو وود‬
‫‪3‬‬
‫االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪.‬‬

‫والجوودير باإلشووارة إلووى أن تقوواطع هووذه المبووادئ الثالثووة ينووتد لنووا نموذجووا جديوودا‬
‫للتنمية يسعى إلى إحوداث تيييورات جذريوة لتحسوين نوعيوة الحيواة البشورية والحفواظ علوى‬
‫البيئة‪ ،‬هذا التقاطع هوو نتواج لمجموعوة مون العالقوات المتداخلوة بوين هوذه األبعواد‪ ،‬التوي‬
‫تهدف إلى وضع الفرد واإلنسان في قلب اهتمامات العملية االقتصادية‪.‬‬

‫تعتبوور التنميووة المسووتدامة إطووا ار نظريووا كسوور هيمنووة النظورة االقتصووادية والماليووة‬
‫على عالم األعمال‪ ،‬أين يتميز بوسطيته بين إطارين فكريين علوى حودي نقويإ‪ ،‬إطوار‬
‫فكري اقتصادي بحت ‪ économisme‬واطار فكري بيئي بحوت ‪ ،écologisme‬وهوذا‬
‫‪1‬‬
‫‪Audrey aknin, vincent géronimi, patrick schembri, géraldine froger, philippe méral,‬‬
‫‪environnement et développement quelques réflexions autour du concept de‬‬
‫‪« développement durable », institut de recherche pour développement édition‬‬
‫‪(IRD), paris, 2002, p 50.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Yvette Lazzeri, Le développement durable : du concept à la mesure, Ed. Le‬‬
‫‪harmattan, 2008, Paris. P12.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Jacques Lauriol, Le développement durable à la recherche de doctrine, Revue‬‬
‫‪française de gestion, n°152, volume 30, Ed. Lavoisier, Paris, 2004, p139.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫بشووموله للجانووب البشووري واالجتموواعي مووا جعلووه يصووبح منطقيووا أكثوور باحتوائووه للجوانووب‬
‫الثالثة‪ ،‬وهذا ما يمكن أن نعتبره الثورة التي أشوار إليهوا ‪ Thomas Kuhn‬فوي مسوتهل‬
‫حديثه عن تحوالت األطر النظرية والمفاهيمية‪.‬‬

‫‪-2‬توجه المؤسسات نحو التنمية المستدامة‬

‫أصودرت األموم المتحودة سونة ‪ 7888‬مشوروعا سومي ‪Le Pacte Mondial‬‬


‫ته وودف م وون خالل ووه إل ووى إشو وراك المؤسس ووات ف ووي نه وود التنمي ووة المس ووتدامة‪ ،‬أي وون تش ووجع‬
‫المؤسسووات علووى أن يكووون نشوواطها مسوواي ار لمبووادئ التنميووة المسووتدامة خصوصووا فيم وا‬
‫يتعلق حقوق االنسان والبيئة والمجتمع‪ ،‬ومحترما لمبادئ ‪ 71‬تضمنها هذا المشروع‪.‬‬

‫إذ تعنو و ووي التنميو و ووة المسو و ووتدامة بالنسو و ووبة للمؤسسو و ووة تبنو و ووي اسو و ووتراتيجية أعمو و ووال‬
‫ونشاطات تحقق احتياجات المؤسسة واألطوراف ذات المصولحة فوي الوقوت الحوالي‪ ،‬موع‬
‫الحرص على الحفاظ واستدامة وتعزيز الموارد الطبيعية والبشرية التوي سويتم اسوتخدامها‬
‫فووي المسووتقبل‪ 1.‬كمووا ذهووب كوول موون ‪ Daud & Ergenzinger‬إلووى اعتبووار التنميووة‬
‫المسووتدامة نمووط تسوويير يقوووم علووى رفووع القيمووة الناتجووة عوون المؤسسووة‪ ،‬وهووذا عوون طريووق‬
‫التوفيووق بووين أهوودافها االقتصووادية مووع التحووديات البيئيووة واالجتماعيووة وكووذلك مووع البعوود‬
‫‪2‬‬
‫القيمي واألخالقي في المجتمع‪.‬‬

‫يطرح على هذا األساس ‪ Philippe Détrie‬ثالث أفكار يمكن أن يبنى عليها‬
‫‪3‬‬
‫اعتماد التنمية المستدامة في المؤسسة‪:‬‬

‫‪ -‬ال يمكن أن تكون المردودية المالية واالقتصادية العنصر الوحيد الذي يشكل األداء‬
‫العام ألي مؤسسة‪ .‬بل تشكل جزء بسيط ضمن مجموعة موسعة من العناصر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Business strategies for sustainable development, p01 ,Based on the book‬‬
‫‪Business Strategy for Sustainable Development: Leadership and‬‬
‫‪Accountability for the 90s, 1992, Published by the International Institute for‬‬
‫‪Sustainable Development in conjunction with Deloitte & Touche and the World‬‬
‫‪Business Council for Sustainable Development.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Alexandre Asselineau & Pierre Pire-Lechalard, Le développement durable : une‬‬
‫‪voie de rupture stratégique, la revue management et avenir, n°26, France, juin‬‬
‫‪2009, p283.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Philippe Détrie, L’entreprise durable, Ed. Dunod, Paris, 2005, p 136.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫‪ -‬نجاح أي مؤسسة ال يقوم إال على تلبية طموحات ثالثة أطراف رئيسية‪ :‬منفعة‬
‫للمجتمع‪ ،‬فعالية للمساهمين والزبائن‪ ،‬محيط عمل جيد للعمال‪.‬‬

‫‪ -‬أي مؤسسة تفشل في تلبية هذه الطموحات‪ ،‬بطبيعة الحال سوف تعاني من عراقيل‬
‫كبرى في نشاطها‪.‬‬

‫واستنادا إلى ما سبق‪ ،‬تدخل المؤسسة في شبكة عالقات معقدة مع األطراف ذات‬
‫المصلحة‪ ،‬هذه العالقات ال يمكن شرحها عن طريق استراتيجية المؤسسة فحسب‪ ،‬إن‬
‫كانت تعاونية أو تنافسية‪ ،‬بل يجب الرجوع إلى توجهات هذه األطراف‪ ،‬وموازين‬
‫السلطة والشرعية التي تحكم عالقة المؤسسة باألطراف ذات المصلحة في إطار نظام‬
‫قيم وأخالق مستمد من المجتمع‪ .‬وعليه فإن تأثير المجتمع والمحيط على المؤسسة‬
‫ظاهرة ليست بالجديدة في علوم التسيير‪ ،‬لكن الشيء الجديدهو أخذ التنمية المستدامة‬
‫بعين االعتبار‪ ،‬أين تؤثر هذه األخيرة على طريقة عمل المؤسسة‪ ،‬حيث ومن خالل‬
‫نموذج التنمية المستدامة فإن القيم الموجودة في المجتمع تنشر في المؤسسة‪ ،‬من‬
‫خالل تحليل طريقة عمل هذه الضيوط الناتجة عن حركية المجتمع يمكننا أن نفهم‬
‫لماذا تتوجه المؤسسات اليوم نحو اعتماد التنمية المستدامة كنموذج بديل‪.‬‬

‫فالبحث في الضيوط الناتجة عن حركية المجتمع الممارسة على المؤسسة يقودنا إلى‬
‫أعمال ‪ DiMaggio & Powell‬الذين شرحا طبيعة هذه الضيوط الممارسة على‬
‫المؤسسة‪ ،‬والحظا بأنها تتلخص في ثالثة مجموعات يمكن حصرها فيما يلي‪- 1:‬‬
‫ضيوط ممارسة من قبل الدولة‪- ،‬تقليد عقالني‪- ،‬قيم وأخالق‪.‬‬

‫بنواء علووى موا تووم سورده سووالفا مون أنوواع للضويوط الممارسووة علوى المؤسسووة موون‬
‫أجوول اعتموواد التنميووة المسووتدامة‪ ،‬فووإن ردة فعوول المؤسسووات تختلووف بوواختالف طبيعتهووا‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫حيث قسم كل من ‪ Asselineau & Lechalard‬المؤسسات إلى أربعة أنواع‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Paul J.Dimaggio, Walter W.Powell, The iron cage revisited : institutional‬‬
‫‪isomorphism and collective rationality in organisational fields, American‬‬
‫‪sociological review, volume 48, issue 2, 1983, pp 147-160.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Alexandre Asselineau & Anne Cromarias, La vision stratégique, outil du‬‬
‫‪développement durable, 2ème Université Réalité et Prospectives du‬‬
‫‪développement durable Clermont, France, Octobre 2010, p 130.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫المؤسسوووات المؤ لوووة مسوووبقا‪ :‬والت ووي تلع ووب دو ار ريادي ووا‪ ،‬فأص وول نش ووأتها ارتك ووز عل ووى‬
‫األفكار التي ساهمت في ظهور مفهوم التنميوة المسوتدامة‪ ،‬وعليوه تكوون سوباقة العتمواد‬
‫مفهوم التنمية المستدامة‪.‬‬

‫المؤسسوووات الراف(وووة دالعنيووودة ‪ :‬والت ووي ال تقوووم باعتموواد التنمي ووة المسووتدامة إال إذا ت ووم‬
‫فرضها عليها مون قبول قووانين رسومية صوادرة عون الجهوات المعنيوة‪ ،‬هوذه المؤسسوات ال‬
‫توودرك الفوورص الموجووودة فووي السوووق والكامنووة وراء اعتموواد التنميووة المسووتدامة‪ .‬والجووديرة‬
‫باإلشووارة إل ووى أن نظ ورة المؤسس ووة نحووو التنمي ووة المسووتدامة تت وودرج حسووب مسووار مع ووين‪،‬‬
‫والووذي يجعوول المؤسسووات الرافضووة للتنميووة المسووتدامة تتوودرج لتصووبح مؤسسووات مؤيوودة‪،‬‬
‫وهووو مووا جوواء فووي أعمووال ‪1Dominique Millet‬والووذي اقتوورح مسووا ار تتبعووه منهجيووة‬
‫اعتماد التنمية المستدامة في المؤسسة يمكن تلخيصه في ثالث م ارحول تراتبيوة‪ :‬التنميوة‬
‫المس ووتدامة كقي وود – التنمي ووة المس ووتدامة كش وورط – التنمي ووة المس ووتدامة كقيم ووة‪ .‬إذ يعتب وور‬
‫المسار‪" :‬قيد – معيار – قيمة" مسا ار من ثالثة مراحل‪ ،‬حيوث تشوكل كول مرحلوة‪ ،‬حالوة‬
‫للتنميووة المسووتدامة مسووتقلة بحوود ذاتهووا‪ ،‬فلكووي يكووون هووذا المسووار ذو فعاليووة يجووب علووى‬
‫‪2‬‬
‫المؤسسة أن تركز على مجموعة من النقاط نذكرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬معرفة شرعية التنمية المستدامة ضمن إطار المؤسسة‪ ،‬فشرعية المفهوم في حد‬
‫ذاته ال يمكن الجدال فيها‪ ،‬لكن يجب تدعيمها من خالل التركيز أكثر على عوامل‬
‫األخطار االستراتيجية‪ ،‬ودور التنمية المستدامة في صيادة رؤية المسير للمؤسسة‪،‬‬
‫باإلضافة إلى وضوح حجم المشاركة وطبيعتها في تطبيق التنمية المستدامة‪ ،‬كما‬
‫يجب على المؤسسة مشاركة وشرح هذا المسار لألطراف ذات المصلحة الخاصة بها‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء رابط استراتيجي بين التنمية المستدامة وميدان نشاط المؤسسة‪ ،‬ففي حالة‬
‫التزام المؤسسة بهذا المفهوم فإنه يرتبط حتما بخصائص نشاط المؤسسة‪ ،‬قدرتها على‬

‫‪1‬‬
‫‪Millet Dominique, Bistagnino Luigi, Lanzavecchia Carla, Camous Roger, Entreprise‬‬
‫‪face au développement durable : changement de paradigme et processus‬‬
‫‪d'apprentissage, Natures sciences sociétés, Vol. 11, n° 2, juin 2003, pp 146-157.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Solucom management & IT consulting, quel management pour le Développement‬‬
‫‪durable ? , Août 2009, p03, p04.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫اإلبداع‪ ،‬أدائها التنافسي‪ ،‬وكذلك في تقوية العالقات مع الزبائن‪ ،‬وظيفة اإلنتاج‪،‬‬


‫وتسيير أوضاع األزمات‪.‬‬
‫‪ -‬المشاركة في عملية التحويل التدريجي لتسيير المؤسسة‪ ،‬وهذا عن طريق تجاوز‬
‫التسيير التقني‪-‬االقتصادي للمؤسسة‪ ،‬واظهار الفوائد العملية للتنمية المستدامة فيما‬
‫يخص التسيير المتوسط‪ /‬بعيد المدى لصورة المؤسسة وسمعتها في السوق‪ ،‬النتائد‬
‫المحققة‪ ،‬التأقلم مع تييرات السوق وكذا تسيير األطراف ذات المصلحة‪.‬‬
‫فالعبور من مرحلة ألخرى يستدعي حركية تييير في المؤسسة تتبع حالة التنمية‬
‫المستدامة المعنية بها‪ ،‬فالتييير نحو التنمية المستدامة ال يتم عن طريق تييير بسيط‬
‫في المنهجيات المتبعة‪ ،‬ولكن عن طريق تييير عميق في رؤية المؤسسة وحتى في‬
‫رشادتها‪ ،‬من أجل الوصول إلى تحقيق استدامة قوية‪ ،‬وبهذا تكون التنمية المستدامة‬
‫قيمة جديدة تضاف إلى القيم الموجودة في المؤسسة‪ ،‬وحتى يتأتى لنا الفهم الجيد‬
‫للتييير نحو التنمية المستدامة‪ ،‬يجب الرجوع إلى أعمال كل من & ‪Brodhag‬‬
‫‪Delchet‬القائمة على البحث في أنواع رشادة المؤسسة‪ ،‬والمرتكزة أساسا على أعمال‬
‫‪ ،Jhon Van Gigch‬أين قام كل من ‪ Brodhag & Delchet‬بتوسيع التحليل‬
‫‪1‬‬
‫ليشمل التنمية المستدامة‪ ،‬حيث يقسمان الرشادة في المؤسسة إلى أربعة أصناف‪:‬‬
‫الرشادة الهيكلية‪ :‬تشمل هيكلة مسار اتخاذ القرار‪ ،‬توسيع نطاق التحليل ليشمل‬
‫التنمية المستدامة‪ ،‬يسمح بتنظيم عملية األخذ بعين االعتبار لمفاهيم وأبعاد التنمية‬
‫المستدامة واعتمادها من طرف المؤسسة‪ ،‬أين‬
‫توضح الرشادة الهيكلية شخصية وثقافة المسير ومدى انفتاحه على موضوع التنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬كما تعكس درجة التزام ومشاركة اإلدارة العليا في هذا المسار‪.‬‬
‫الرشادة المو(وعية‪ :‬تعكس جملة المعارف والمهارات التي يمتلكها األفراد في‬
‫المؤسسة‪ ،‬والتي تتحكم في طبيعة النتائد المحققة‪ ،‬بالرجوع إلى موضوع التنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬يجب أن تشتمل الرشادة الموضوعية على المعارف والمهارات المتعلقة‬

‫‪1‬‬
‫‪Daniel Belet & François Petit, Application du référentiel AFNOR FD X 30-023‬‬
‫‪(AVRIL 2006) comme outil d'auto-évaluation de la responsabilité sociétale de‬‬
‫‪l'entreprise (RSE) intérêts et limites a partir d'une expérience dans une grande‬‬
‫‪entreprise française, conférence internationale, France, mercredi 13 juin 2007.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫بالتنمية المستدامة‪ .‬فمثال يمكن أن تشمل المعارف المتعلقة باآلثار البيئية‬


‫واالجتماعية لنشاط المؤسسة وكذا الحلول الممكنة لتخفيإ هذه اآلثار‪.‬‬
‫وتعكس الرشادة الموضوعية مقدار تواجد هذه المعارف المتعلقة بالتنمية المستدامة في‬
‫المؤسسة‪ ،‬ومدى انتشارها بين األفراد الذين يعود إليهم اتخاذ القرار في المؤسسة‪.‬‬
‫الرشادة التقييمية‪ :‬تهتم باألهداف المسطرة من طرف المؤسسة وبمعايير تقييم‬
‫النتائد‪ ،‬حيث يشترط األخذ بعين االعتبار لمفاهيم ومبادئ التنمية المستدامة أال تكون‬
‫عملية التقييم منحصرة في الجانب االقتصادي فقط‪ ،‬ولكن تتعداه لتشمل كال من‬
‫الجانب البيئي واالجتماعي‪.‬‬
‫الرشادة اإلجرائية‪ :‬توجه اختيار اإلجراءات ونمط اتخاذ القرار في المؤسسة‪ ،‬ومدى‬
‫األخذ بعين االعتبار واحترام هذه اإلجراءات‪ ،‬كما تقف على مدى احترام آراء‬
‫ووجهات نظر كل األطراف المعنية باتخاذ القرار في المؤسسة‪.‬‬
‫تسمح هذه األنواع األربعة من الرشادة بتحديد العناصر التي يجب على المؤسسة‬
‫أخذها بعين االعتبار في عملية التوجه نحو التنمية المستدامة‪.‬‬
‫‪ -3‬المسؤولية البيئية واالجتماعية للمؤسسة‬

‫امتدادا للمؤسسة‪ ،‬نجد أن أول من فتح النقاش حول المسؤولية البيئية‬


‫واالجتماعية للمؤسسة هو ‪ Bowen‬سنة ‪ 7891‬وهذا حسب ما استند إليه ‪،Caroll1‬‬
‫أين أكد أن ‪ Howard Bowen‬هو أول من أشار إلى مفهوم المسؤولية البيئية‬
‫‪Social Responsibilities of the‬‬ ‫واالجتماعية للمؤسسة في كتابه‬
‫‪ ،Businessman‬حيث يعرإ األسباب الرئيسية التي ساعدت على ظهور هذا‬
‫المفهوم‪ ،‬ويحصرها في‪ 2:‬تطور تركيبة المجتمع وتوسع شبكة العالقات فيه‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى تطور ونمو المؤسسات أين انفصلت ملكية المؤسسة عن وظيفة التسيير وهذا‬
‫بظهور نظرية الوكالة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Archie Carroll, A Three-Dimensional Conceptual Model of Corporate Social‬‬
‫‪Performance, the Academy of Management Review, Oct 1979, pp497-505.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Jean-Pascal Gond, Les fondements théoriques de la Responsabilité Sociale‬‬
‫‪des Entreprises, International Centre for Corporate Social Responsibility (ICCSR),‬‬
‫‪University of Nottingham Business School, p08.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫ويتبع مفهوم المسؤولية البيئية واالجتماعية للمؤسسة مفهوم التنمية المستدامة‪ ،‬أو‬
‫باألحرى هو تطبيق له في المؤسسة‪ .‬أين تعتمد المسؤولية البيئية واالجتماعية على‬
‫مبدأ )‪triple bottom line (People, Planet, Profit‬‬

‫فحسب ‪ Bowen‬فإن مفهوم المسؤولية الشاملة للمؤسسة يرتكز على مبدأين‬


‫‪1‬‬
‫رئيسيين‪:‬‬

‫الصفقة االجتماعية دمستوى كلي ‪ :‬إذا وجدت المؤسسة فهذا راجع إلى قبول‬
‫المجتمع بها‪ ،‬من جهتها المؤسسة يجب عليها احترام القواعد والقوانين الموجودة في‬
‫هذا المجتمع‪.‬‬

‫الوكالة القيمية دمستوى جزئي ‪ :‬المؤسسة تمثل نواة تأثير في المجتمع‪ ،‬وعليه يجب‬
‫أن يكون سلوكها سلوكا مثاليا يحترم قيم وثقافة المجتمع‪.‬‬

‫يرى ‪ Cazal‬على هذا األساس بوجود أربعة تحديات رئيسية تواجه مفهوم المسؤولية‬
‫‪2‬‬
‫البيئية واالجتماعية للمؤسسة‪ ،‬يمكن عرضها كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬يتعدى دور المؤسسة في المجتمع الجانب االقتصادي ليشمل الجانب االجتماعي‬


‫والبيئي‪ :‬يناقش مفهوم المسؤولية البيئية واالجتماعية موقع المؤسسة في المجتمع‪،‬‬
‫ومساهمتها في تحسين المعيشة فيه‪ ،‬أين تمنح للمؤسسة فرصة الخروج من النظرة‬
‫االقتصادية الضيقة التي حكمت المؤسسة منذ ‪ Friedman‬إلى داية ‪، Jensen‬‬
‫وحصرت داية المؤسس ة في نظرة وحيدة وهي تعظيم الربح‪ ،‬والتي كانت من تبعاتها‬
‫آثا ار سلبية بيئية واجتماعية‪ ،‬ولعل ظهور مفاهيم مثل المسؤولية البيئية واالجتماعية‬
‫للمؤسسة كان وراءه كم معتبر من المشاكل المالية واالقتصادية وحتى البيئية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬زيادة على مشاكل في حوكمة المؤسسات‪ ،‬ولربما عبرت هذه المشاكل‬

‫‪1‬‬
‫‪J.Ernult, A.Ashta, Développement durable, responsabilité sociétale de‬‬
‫‪l’entreprise, théorie des parties prenantes : évolution et perspectives, Groupe‬‬
‫‪ESC Dijon Bourgogne, 2007, p12‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Didier Cazal, Parties prenantes et RSE : des enjeux sociopolitiques au-delà des‬‬
‫‪contrats, Revue de l’organisation responsable, Volume 3, Janvier 2008, p13, p14.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫عن نقائص أو حتى انحرافات أدت إلى ضرورة تجاوز القواعد الكالسيكية النمطية‬
‫لالقتصاد‪.‬‬

‫‪ -‬تمنح المسؤولية البيئية واالجتماعية شرعية للمؤسسة‪ ،‬وتعزز النقاش حول دور‬
‫ذه األخيرة في المجتمع‪ :‬تبلور المسؤولية البيئية واالجتماعية مجموعة من التحديات‬
‫بيإ النظر عن مدى صحة قواعد تأسيسها وهذا يعزز شرعيتها‪ ،‬في هذا الصدد‬
‫تساهم المسؤولية البيئية واالجتماعية في هيكلة وحركية المجتمع المدني حيث تشجع‬
‫على التنوع في األطراف الفاعلة في الساحة المدنية‪ ،‬كما تمنح شرعية للمؤسسة تعزز‬
‫بها الشرعية التي اكتسبتها هذه األخيرة بوجودها كطرف فاعل في السوق‪.‬‬

‫‪ -‬تثير المسؤولية البيئية واالجتماعية مجموعة من التساؤالت حول مسألة التمثيل‬


‫في المجتمع‪ :‬نظ ار للتداخالت الكبيرة بين المؤسسة والمجتمع فإن المسؤولية البيئية‬
‫واالجتماعية للمؤسسة تطرح مجموعة من التساؤالت حول حوكمة المؤسسات وتنظيم‬
‫وض بط األسواق‪ ،‬ال شك من أن أهمية هذه التساؤالت تظهر بوضوح لكن السؤال‬
‫الرئيسي الذي يفرإ نفسه هو حول الهيئات الفاعلة والجهات المعنية المسؤولة عن‬
‫هذه المهام في ظل المسؤولية البيئية واالجتماعية للمؤسسة‪.‬‬

‫‪ -‬تشجع المسؤولية البيئية واالجتماعية النقاش حول مواطنة المؤسسة والمواطنة‬


‫داخل المؤسسة‪ :‬تركز المسؤولية البيئية واالجتماعية على مجموعة من المواضيع‬
‫المهمة مثل‪ :‬مواطنة المؤسسة والمواطنة داخل المؤسسة‪ ،‬الديمقراطية داخل المؤسسة‬
‫ومساهمة المؤسسة في إرساء قواعد الديموقراطية في المجتمع‪ ،‬ال تعد هذه المواضيع‬
‫جديدة وانما هي محل نقاش منذ خمسينات القرن الماضي‪ ،‬حيث أصبحت المؤسسة‬
‫مجاال سياسيا من خالل ممارساتها الداخلية وطرفا سياسيا في عالقاتها مع المجتمع‪.‬‬

‫على ضوء ما سبق‪ ،‬واستنادا لما تم عرضه خاصة فيما يتعلق بنظرية األطراف ذات‬
‫المصلحة التي تعتبر حجر األساس في بناء نظرية المسؤولية البيئية واالجتماعية‬
‫للمؤسسة‪ ،‬يمكن القول أن هذه األخيرة تسعى إلعادة تصميم المؤسسة وبناء دورها في‬
‫المجتمع‪ ،‬باإلضافة لعملية إعادة هيكلة لشبكة العالقات التي تربطها باألطراف‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫الفاعلة فيه‪.‬يطرح ‪ Bowen & Gendron‬على هذا األساس ثالثة تيارات للنقاش في‬
‫‪1‬‬
‫مفهوم المسؤولية الشاملة للمؤسسة‪:‬‬

‫التيار القيمي واألخالقي ‪ :Business Ethics‬يؤكد أن نشاط المؤسسة يخضع‬


‫لتقييم أخالقيات العمل‪.‬‬

‫التيار التعاقدي ‪ :Business and Society‬المقاربة التعاقدية توضح العالقة‬


‫الكائنة بين المؤسسة والمجتمع فهي عبارة عن صفقة اجتماعية‪.‬‬

‫التيار االجتماعي ‪ :Social Issue Management‬أو كما يسمى التيار المنفعي‬


‫أو االستراتيجي‪،‬أين يستند هذا التيار إلى رشادة المؤسسة‪ ،‬حيث يعتبر أن كل ما هو‬
‫مفيد للمجتمع هو بالضرورة مفيد للمؤسسة‪.‬‬

‫يجوودر بنووا التنبيووه إلووى نقطووة مهمووة‪ ،‬تتعلووق بكووون أن اإلطووار النظووري للمسووؤولية‬
‫البيئي و ووة واالجتماعي و ووة للمؤسس و ووة‪ ،‬يفت و وورإ أن التص و وورف بطريق و ووة مس و ووؤولة م و وون قب و وول‬
‫المؤسسووات ال يتع ووارإ م ووع هوودف تحقي ووق أداء اقتص ووادي ومووالي ممتوواز‪ ،2‬فالتصوورف‬
‫بطريقو ووة مسو ووؤولة يسو وواهم فو ووي عمليو ووة بنو وواء بيئو ووة مالئمو ووة للنشو وواط االقتصو ووادي‪ ،‬تمتو وواز‬
‫باالس ووتقرار اقتص وواديا واجتماعي ووا وحت ووى سياس وويا‪ ،‬أي وون يع وود القب ووول االختي وواري بمب ووادئ‬
‫ال مس ووؤولية اختيو ووا ار مفضو ووال ل وودي المشو وورعين والقو ووانونيين‪ ،‬وعليو ووه ي ووؤدي كووول هوووذا إلوووى‬
‫انخفاإ حجم االنتقادات النابعة من المجتمع المدني تجاه المؤسسات‪.‬‬

‫تدعيما لما سبق ذكره فإن نظرية المسؤولية البيئية واالجتماعية للمؤسسة‪ ،‬بنيت من‬
‫منطلق فكرة أنه بموجب السلطة الممنوحة للمؤسسة‪ ،‬فإن هذه األخيرة تملك مسؤوليات‬
‫أخالقية وقيمية تجاه المجتمع‪ ،‬إذ يجعل مبدأ المسؤولية من دور المؤسسة في التنمية‬
‫يتعدى الرؤية االقتصادية‪ ،‬التي يجب توسيعها بشكل يأخذ بعين االعتبار جميع‬
‫احتياجات المجتمع بما فيه األطراف ذات المصلحة‪ .‬وعليه تسمح المسؤولية البيئية‬

‫‪1‬‬
‫‪Karen Delchet, Développement durable l’intégrer pour réussir, Ed. Afnor, Paris,‬‬
‫‪2007, p35.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Pour plus dedétailsvoir : Zeribi-Benslimane Olfa & Boussoura Ezzeddine,‬‬
‫‪Responsabilité sociétale des entreprises et performance financière : le cas des‬‬
‫‪entreprises tunisiennes cotées, XVIème Conférence Internationale de‬‬
‫‪Management Stratégique, Montréal, 6-9 Juin 2007.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫وا الجتماعية للمؤسسة بتطوير حوكمة أفضل مهما كان حجم المؤسسة ومهما كانت‬
‫طبيعة البلد الموجودة فيه‪ ،‬سواء بلد متقدم أو نامي‪ ،‬كما تعمل على هيكلة عالقة‬
‫المؤسسة باألطراف ذات المصلحة‪ ،‬في هذا االتجاه يمكن ألي مؤسسة اعتماد‬
‫المسؤولية البيئية واالجتماعية حسب وضعيتها وحسب ثقافتها كذلك‪.‬‬

‫‪-4‬مقاربات اعتماد التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية في‬


‫المؤسسة‬

‫نشر واعتماد التنمية المستدامة يستند إلى عدة مقاربات والى عدة موداخل نوذكر‬
‫منها على سبيل المثال ال الحصر فيما يفيد هذه الدراسة مقاربتين رئيسيتين هما‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المقاربة االتفاقية‪:‬بالرجوع إلى الدراسة المنشورة من طرف ‪Persais Éric1‬‬


‫والتي استخلص من خاللها كون أن التنمية المستدامة من منظور عالقة المؤسسة‬
‫باألطراف ذات المصلحة تعتبر اتفاقا‪ .‬واستنادا إلى مقال ‪Patrick & Pascal‬‬
‫‪ Gabriel‬والذي تطرقا فيه إلى مسألة نشر مفهوم التنمية المستدامة في بيئة األعمال‬
‫وفق المقاربة االتفاقية‪ ،‬والذي اعتمدا فيه باألساس على أعمال كل من ‪Boltanski‬‬
‫‪ & Thévenot‬وأعمال ‪ ،Hommel & Godard‬حيث تطرق المقال إلى الخاصية‬
‫الديناميكية للمقاربة االتفاقية‪ ،‬أين تم التركيز باألساس على الطابع النزاعي القائم في‬
‫بيئة األعمال‪ ،‬فنشاطات المؤسسة وسلوكها في هذه البيئة يخضع لتقييم الرأي العام‪،‬‬
‫وعليه تصبح خياراتها االستراتيجية أكثر صعوبة وترتبط بعدة شروط تفرضها عليها‬
‫بيئة األعمال‪.‬‬

‫يستند الكاتبان إلى كون الخيارات االستراتيجية ونتائجها تؤثر بشكل مباشر على‬
‫توازن المؤسسة في بيئة األعمال‪ ،‬فهيمنة النظرة االقتصادية ودافع تحقيق الربح على‬
‫سلوك المؤسسة وتجاهل الجوانب البيئية واالجتماعية‪ ،‬ينتد عنه وضعية نزاعية أين‬
‫يمكن أن تظهر حالة من عدم االتفاق واحتجاج عام‪ .‬حيث يختصر كل من‬

‫‪1‬‬
‫‪Persais Éric, Ethique: La RSE est-elle une question de convention, Revue‬‬
‫‪Française de Gestion, Ed. Lavoisier, France, Mars 2007, n° 172, p 79-97.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫‪ Hommel & Godard‬مسار هذا النزاع في ثالثة مراحل أساسية نعرضها فيما‬
‫‪1‬‬
‫يلي‪:‬‬

‫المرحلة األولى‪ :‬حالة من اإلنكار العام يكون مصدرها تقارير خبراء‪ ،‬تهدف إلى‬
‫تجريد واظهار االنحرافات الموجودة في سلوك األطراف الملتزمة بالتنسيق‪ ،‬تظهر‬
‫حالة من عدم االتفاق نتيجة إنكار لبعإ التصرفات والسلوكات‪ ،‬مع مرور الوقت‬
‫يصبح هذا اإلنكار أكثر تنظيما لكن ال يحظى بالقدر الكافي من الدعم والتأييد مع أنه‬
‫يرقى إلى درجة االحتجاج‪.‬‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬ينقل تكرار نفس االنحرافات مع توسع رقعة اإلنكار‪ ،‬وتنظيمه أكثر‪،‬‬
‫االحتجاج إلى المرحلة الثانية‪ ،‬إذ أن انتشار اإلنكار يتعمم لدى حلقات اجتماعية‬
‫أوسع مع مرور الوقت‪ ،‬حيث تدعم القوى الممثلة لهذه الحلقات االحتجاج من أجل‬
‫تعزيز شرعيتها ومنحها مرك از أفضل للتفاوإ نيابة عن أفراد المجتمع‪ .‬تعميم اإلنكار‬
‫على فئات مختلفة من المجتمع‪ ،‬يدفع إلى تطوير موضوع النقاش ليتجاوز السلوك‬
‫ويتعداه ليصل إلى القواعد التي تبني نموذج التقييم‪.‬‬

‫المرحلة الثالثة‪ :‬انتشار اإلنكار واالحتجاج لدى عدد كبير من األفراد يؤدي إلى‬
‫ظهور حالة من عدم التأكد والحيرة والشك‪ ،‬هذا ما يدفعهم إلى انتهاج سلوك مبني‬
‫على التقليد العقالني‪ ،‬إذ أن األفراد يقومون بتقليد السلوك المتوسط أو األكثر شيوعا‬
‫لدى حلقات المجتمع (يمكن مالحظة هذا السلوك بقوة في حالة األزمات والكوارث)‪.‬‬

‫ولقد أشار ‪ Dupuy‬إلى هذا التحليل عندما استخدم مفهوم النقطة الثابتة‬
‫الذاتية‪le point fixe endogène2‬أين اعتبر أن األفراد في مثل هذه الحاالت‬
‫يقومون بتوجيه سلوكهم نحو مرجعيات خارجية‪ ،‬وعليه يمكن بسهولة ضم مجموعة‬
‫متنوعة من المصالح عند البحث عن الحل المرضي لهذا االحتجاج‪ ،‬لكن ال يمكن‬

‫‪1‬‬
‫‪Patrick Gabriel & Pascal Gabriel, Diffusion du développement durable dans le‬‬
‫‪monde des affaires, Revue Française de Gestion, Ed. Lavoisier, France, Octobre‬‬
‫‪2004, n° 152, pp 204-207.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Jean-Pierre Dupuy, vers l’unité des sciences sociales autour de‬‬
‫‪l’individualisme méthodologique complexe,Revue du MAUSS, 2004/2 no 24, pp‬‬
‫‪310-328.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫في هذه المرحلة تسيير موجة اإلنكار واالحتجاج التساع رقعتها‪ .‬كما يجب اإلشارة‬
‫إلى أن هذه الحالة تسهل عملية نشر قواعد السلوك الجديدة التي تتوضع في المجتمع‬
‫بطريقة تلقائية أي أن األزمة وحل األزمة يخضعان إلى ميكانيزم التقليد العقالني‪.‬‬

‫والجودير باإلشووارة إلوى أنووه ربموا توجوود هنواك بعووإ الماخوذ علووى هوذه المقاربووة‪ ،‬وتتمثوول‬
‫أساسووا فووي كثورة األط وراف ذات المصوولحة وبوواألخص تنوووع تطلعاتهووا وأهوودافها‪ ،‬وهووذا مووا‬
‫يصعب من مهمة المؤسسة‪ ،‬ولكن تبقوى هوذه المقاربوة مون المقاربوات المفضولة العتمواد‬
‫التنمية المستدامة في المؤسسة‪ ،‬كونها تعطي األفضلية للمرجعيوة الجماعيوة‪ ،‬والتوي فوي‬
‫ظلهووا تقوووم المؤسسووات واألف وراد بووردود أفعووال مبنيووة علووى التقليوود العقالنووي‪ ،‬وهووذا ربمووا‬
‫يعطي إجابة جزئية لتفسير طبيعة السلوك الموجودة في حاالت عدم التأكد‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المقاربة األخالقية والسلوكية‪ :‬تبحث كل المؤسسات في العالم عن الشرعية‪،‬‬


‫شرعية التواجد والنشاط في بيئة األعمال‪ ،‬لهذا فهي مسؤولة مسؤولية كاملة عن كل‬
‫‪Peter‬‬ ‫السياسات واالستراتيجيات التي تعتبر دير مقبولة اجتماعيا‪ ،‬حيث يرى‬
‫‪1‬‬
‫‪ Drucker‬أن للتسيير ثالثة أبعاد رئيسية في المؤسسة يحصرها فيما يلي‪:‬‬

‫تحديد هدف معين ومهمة معينة للمؤسسة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫جعل المؤسسة ذات مردودية وجعل العمال ينجزون العمل بأفضل طريقة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تسيير اآلثار البيئية واالجتماعية وتحمل مسؤولية هذه اآلثار‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وينتد بالضرورة عن الق اررات االستراتيجية وسياسات المؤسسة آثار اقتصادية‪،‬‬
‫بيئية واجتماعية‪ ،‬لهذا جعل ‪ Drucker‬تسيير اآلثار البيئية واالجتماعية مع تحمل‬
‫كامل المسؤولية عن هذه اآلثار‪ ،‬بعدا ثالثا للتسيير في المؤسسة‪ ،‬إذ تندرج دراسة هذه‬
‫‪Talcott‬‬ ‫األخيرة ضمن إطار أوسع يتمثل في دراسة المجتمع وهذا حسب‬
‫‪ ،Parsons‬حيث يعرف المؤسسة على أنها " نظام اجتماعي ولكن نظام فرعي‬
‫يشكل جزءا م ن نظام اجتماعي أكثر اتساعا يتمثل في المجتمع‪ ،‬يشمل أنظمة فرعية‬

‫‪1‬‬
‫‪Peter F. Drucker & Joseph A. Maciariello, Management, Revised Edition, Ed,‬‬
‫‪HarperCollins Publishers Ltd, 2008, USA, p29.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫أخرى تشكل المحيط الذي تنشط فيه المؤسسة"‪ .‬وعليه انطالقا من نظرية ‪Parsons‬‬
‫‪1‬‬
‫يمكن أن نضع الخصائص التالية للمؤسسة‪:‬‬
‫أوال‪ :‬نظال القيل دمرتبط بنظال القيل الموجود في المجتمع ‪ :‬والذي يحدد ويشرع‬
‫أهداف المؤسسة‪ ،‬كما يقوم بتحديد التزاماتها البيئية واالجتماعية‪ ،‬أين تقوم هذه األخيرة‬
‫بوضع الرشادة االقتصادية في قلب نظام القيم الخاص بها وهذا من أجل تكييف‬
‫أهدافها وفقا لنظام القيم الموجود في المجتمع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الميكانيزمات المتعلقة بكيفية استغالل الموارد‪ :‬نجد هنا ضرورة ملحة للتأقلم‬
‫من أجل تحقيق األهداف المسطرة من قبل المؤسسة‪ ،‬وهذا فيما يتعلق بحجم‬
‫استثمارات المؤسسة وانتاجها‪ ،‬كما تعمل المؤسسة كذلك على إيجاد حلول عملية من‬
‫أجل حل مشكلة محدودية الموارد وندرتها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬المرجعيات التي تقول عليها ميكانيزمات مسار تحقيق األ داف‪:‬نجد هذه‬
‫الميكانيزمات في القانون الداخلي والذي ينبع مباشرة من نظام قيم المؤسسة‪ ،‬فيجب‬
‫التركيز على الميكانيزمات العمليةوبالخصوص المتعلقة باتخاذ القرار في المؤسسة‪،‬‬
‫بداية على مستوى السياسات العامة للمؤسسة والتي تحدد معايير جودة المنتجات‪،‬‬
‫التييرات على مستوى سلم ا لنشاطات‪ ،‬الحلول الممكنة للمشاكل االعتيادية في النشاط‬
‫العام اليومي للمؤسسة‪ ،‬ثم على مستوى إطار الق اررات الخاصة بتقسيم المسؤوليات‬
‫والموارد‪ ،‬أخي ار على مستوى ق اررات التنسيق والمتعلقة بإدماج المؤسسة‪ ،‬وعليه نظام‬
‫السياسات والتنظيم في المؤسسة محاط كلية بنظام قيم موحد فيها‪ ،‬نابع أصال من‬
‫نظام قيم المجتمع الذي تنشط فيه المؤسسة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬الميكانيزمات التكاملية‪ :‬ويتعلق األمر هنا بالمعايير التنظيمية والتي تربط‬
‫هيكلة المؤسسة بهيكلة المجتمع‪ ،‬أين تبدأ عالقة المؤسسة بالمجتمع والمحيط الذي‬
‫تتواجد فيه عند قيامها بتوظيف مواردها واستيالل الموارد الموجودة في هذا المجتمع‪،‬‬
‫وكذا عند تصريف منتجاتها في السوق وكل ما يلحق بهذه النشاطات السالفة الذكر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Arnaud Sales, L’entreprise et son environnement, Sociologie et sociétés, vol. 2,‬‬
‫‪n° 1, 1970, p109, p110.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫تأسيسووا علووى مووا سووبق‪ ،‬تتضووح الووروابط والعالقووات التووي تجمووع بووين المؤسسووة والنظووام‬
‫االجتماعي ككل‪ ،‬ومن بين هذه الروابط نجود نظوام القويم واألخوالق‪ ،‬الوذي يورتبط أساسوا‬
‫مووع نظووام القوويم واألخووالق فووي المجتمووع‪ .‬أيوون تعتبوور األخووالق بالنسووبة للمؤسسووة ترشوويدا‬
‫للتص وورفات‪ ،‬وعلي ووه يج ووب عل ووى المؤسس ووة محاول ووة إيج وواد حل ووول مس ووبقة للمشوواكل الت ووي‬
‫يمك وون أن تعترض ووها ف ووي المس ووتقبل‪ ،‬م ووع احتو ورام المع ووايير والق وويم المتع ووارف عليه ووا ف ووي‬
‫المجتم ووع‪ .1‬حي ووث تكم وون مص وولحة المؤسسو و ة ف ووي مص وولحة المجتم ووع‪ ،‬م ووا ي وودفعها إل ووى‬
‫التصرف بشكل مسؤول تجاه المجتمع علوى المودى الطويول‪ ،‬هوذا يعنوي أن المؤسسوة ال‬
‫يجب أن تكتفي باحترام القووانين والتشوريعات الموضووعة‪ ،‬بول يجوب أن تتعوداها الحتورام‬
‫القيم والتطلعات في المجتمع‪.‬‬

‫بداية يمكن القول أن األخالق تهدف إلى جعل المجتمع أفضل‪ ،‬أو على األقل‬
‫صالحا للعيش‪ ،‬وهذا ما تهدف إليه التنمية المستدامة‪ ،‬من خالل تحقيق تنمية‬
‫اقتصادية في ظل بيئة نظيفة وعدالة اجتماعية‪ ،‬ما يستدعي تييي ار في القيم‬
‫االجتماعية أي نشر فكر االستدامة في ثقافة المجتمع‪ ،‬فالتييير على مستوى نظام‬
‫القيم في المجتمع يستدعي تييي ار في نظام قيم المؤسسة وحتى ثقافتها‪ ،‬حيث يقوم‬
‫نجاح مسار التنمية المستدامة في المؤسسة على تشبع كامل لثقافة هذه األخيرة‬
‫بالتنمية المستدامة‪ ،‬فالقدرة على تحديد إمكانيات ونقاط قوة المؤسسة‪ ،‬ووضع حيز‬
‫التطبيق مسارات جديدة تضمن لألطراف ذات المصلحة الداخلية فهما جيدا للتنمية‬
‫المستدامة وطرق تطبيقها‪.‬‬

‫ي وودعم ‪ Jones‬ه ووذا التوج ووه حي ووث ي وورى ب ووأن المس ووؤولية البيئي ووة واالجتماعي ووة لمؤسس ووة‬
‫‪2‬‬
‫تفرإ مقاربتين رئيسيتين‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Stéphane Balland & Anne-Marie Bouvier, Management des entreprises, Ed,‬‬
‫‪Dunod, France, 2010, P23.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Laura Sabbado Da Rosa & Shana Sabbado Flores, La Responsabilité Sociale des‬‬
‫‪Entreprises (RSE) territorialise les petites et moyennes entreprises (PME) : 3‬‬
‫‪PME Grenobloises, 5ème colloque de l’IFBAE – Grenoble, 18 et 19 mai 2009, p04.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫‪ ‬مقاربوة أخالقيوة‪ :‬تسوتند إلوى مبووادئ الشوريعة والودين وكوذلك القويم االجتماعيووة‪،‬‬
‫وعلي ووه عل ووى األفو وراد التص وورف بش ووكل مس ووؤول حت ووى وان ل ووم يك وون ذا مردودي ووة‬
‫للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ ‬مقاربة آلية‪ :‬تعتبور وجوود عالقوة طرديوة موجبوة بوين التصورف بشوكل مسوؤول‬
‫وبين األداء االقتصادي للمؤسسة‪.‬‬
‫فووال تكووون المؤسسووة ديوور نزيهووة إال إذا كووان األف وراد الووذين يشووكلونها يتصوورفون‬
‫بشكل دير مسوؤول‪ ،‬وهنوا يظهور جليوا الطوابع االختيواري وخاصوية الحريوة التوي تكتسوي‬
‫نظوام القوويم واألخوالق‪ .‬وعليووه فوإن األفوراد فوي المؤسسووة أو حتوى فووي المجتموع يمكوون أن‬
‫يقوم ووا بتحديوود مووا إذا كووان سوولوك الفوورد مسووؤوال أو ديوور مسووؤول‪ ،‬لكوونهم يفضوولون عوودم‬
‫التدخل‪ ،‬وهذا ما يولود تراكموا فوي المؤسسوة وحتوى فوي المجتموع ليصوبح التصورف الييور‬
‫مسؤول هو المعيار‪.‬‬

‫‪-5‬البعد الثقافي للتنمية المستدامة‬

‫بناء على المقاربات الموذكورة أعواله يمكننوا أن نلموس البعود الثقوافي واالجتمواعي‬
‫للتنميووة المسووتدامة والمسووؤولية البيئيووة واالجتماعيووة للمؤسسووة‪ ،‬ويمكوون فووي هووذا السووياق‬
‫االسووتفادة موون االلتفاتووة المهمووة لمالووك بوون نبووي عنوودما أكوود بووأن المجتمعووات التووي تقوووم‬
‫على أسس سليمة‪ ،‬يقوع فيهوا كول خطوأ فوي األسولوب تحوت طائلوة النقود‪ ،‬ويقوع كول خطوأ‬
‫ف ووي الس وولوك تح ووت إرد ووام المجتم ووع‪ .‬وبواس ووطة ه ووذه الوظيف ووة الثنائي ووة الجان ووب يح ووافظ‬
‫المجتمووع علووى نقوواء أسوولوبه‪ ،‬وعلووى الصووفات الممي وزة لفعاليتووه‪ .‬وهووذه الوظيفووة إنمووا هووي‬
‫علووى وجووه الدقووة وظيفووة الثقافووة بالووذات‪ ،‬كمووا أن كوول ثقافووة تحوودد فووي أصوولها علووى هووذه‬
‫القاعوودة موون الضوومانات المتبادلووة بووين الجسووم االجتموواعي والفوورد‪ .1‬وعليووه فووإن السوولوك‬
‫الفعال أي السلوك المسؤول ال يمكن إال أن يكون ضمن اإلطار االجتماعي – الثقوافي‬
‫للمؤسسة والفرد‪ ،‬إذ تظهر ضرورة إرساء قواعود لثقافوة االسوتدامة سوواء فوي المجتموع أو‬
‫في المؤسسة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Malek Bennabi, Les grands thèmes, Algérie, 1976, p56, p57.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫‪ Peter‬للق ووول بأن ووه ف ووي إدارة األعم ووال‬ ‫ف ووي نف ووس االتج وواه ي ووذهب ‪Drucker‬‬
‫الحديثو ووة ال يو ووتم قيو وواس أفضو وول مؤسسو ووة بالعائو وود الو ووذي تجنيو ووه أو بحصوووة السووووق التو ووي‬
‫تمتلكها‪ ،‬لكن أفضل مؤسسة هي التي تعمول للصوالح العوام للمجتموع الوذي تنشوط فيوه‪،1‬‬
‫على هذا األسواس ال يمكون بوأي حوال مون األحووال اسوتبعاد الجانوب األخالقوي والثقوافي‬
‫فووي عموول المؤسسووة‪ ،‬لهووذا فووإن الثقافووة تعتبوور دعامووة رابعووة تضوواف إلووى األبعوواد الثالثووة‬
‫السووالف ذكرهووا فووي بدايووة المقووال‪ .‬هووذا مووا تضوومنته وثووائق األمووم المتحوودة والتوصوويات‬
‫الصادرة في ‪.Agenda 212‬‬

‫باالطالع على الدراسة التي نشرها ‪Francine Pellaud‬والذي توجه لدراسة‬


‫الصعوبات الكامنة وراء نشر ثقافة المسؤولية واالستدامة على مستوى المجتمع أو‬
‫المؤسسات‪ ،‬وأساسا على مستوى الفرد‪ ،‬نجد أن هناك أربعة عوائق رئيسية تقف أمام‬
‫‪3‬‬
‫نشر هذه الثقافة تؤدي إلى التهرب من المسؤولية‪ ،‬نذكرها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -7‬صعوبة ت قبل الفرد لهذه المسؤولية‪ ،‬نظ ار ألن الفرد تعود على أن يكون محميا بقوة‬
‫يجرم الطرف اآلخر هذا من جهة‪ ،‬أما من جهة أخرى فالفرد‬
‫القانون الذي عادة ما ٌ‬
‫تلبى كافة حاجياته ويتم تيطيته من طرف مؤسسات التامين‪.‬‬
‫‪ -2‬من الصعوبة بمكان على الفرد أن يتقبل كون كل هذه االختالالت في التوازنات‬
‫البيئية واالجتماعية واالقتصادية نابعة من اختياراته الشخصية واالستهالكية‪.‬‬
‫‪ -1‬عادة يتم إلقاء اللوم والصاق تهمة الفشل مباشرة بالدولة أو الحكومة أو حتى‬
‫المصنعين لعدم قدرتهم على اتخاذ الق اررات السليمة فيما يخص االقتصاد‬
‫والسياسات االجتماعية والبيئية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Peter F. Drucker & Joseph A. Maciariello, Opcit, P29.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Agenda‬‬
‫‪21‬‬
‫‪ :‬وهوبرنامجشامليوضعحيزالتنفيذمنطرفالحكومات‪،‬هيئاتالتنمية‪،‬المنظماتالتابعةلألممالمتحدةوكاللفرقالمستقلةوالناشطةفيمختلف‬
‫المياادي‪ .‬ححيتتحتوياججناادةح‪12‬حعلا ح‪1022‬حتوصاايةللقر‪.‬ح‪ 12‬حلتفاصاايأحثكتاارححااوأح اججناادةح‪ 12‬حيرجا حاالطااالىحعلا ح‬
‫برنامج مواصلة تنفيذ جدول أعمال القرن ‪،12‬حالدورةحاالستتنائيةحالتاسعةحعشرحللجمعيةحالعامةحلألممحالمتحدة‪،‬حالبندحالتاام‪.‬ح‬
‫مااااااااااا‪.‬حجااااااااااادوأحاجعمااااااااااااأ‪،‬ح‪ 2991‬حثوحاالطاااااااااااالىحعلااااااااااا حموقععععععععععع لععععععععععععبة ا مععععععععععع المت عععععععععععد للتنميعععععععععععة‬
‫‪httpwww.un.orgarabicesadsd.htm‬المستدامة‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Francine Pellaud, Conceptions, paradigmes, valeurs et développement‬‬
‫‪durable,Conférence présentée au "Hawaii international conference on social‬‬
‫‪sciences", 12 juin 2003, p02.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫بناء عليه يمكن أن نالحظ عمق المشكل الثقافي الذي نعاني منه‪ ،‬أين يصبح‬
‫الفرد في المجتمع مستقيال عن أداء مهامه وتحمل مسؤولياته‪ ،‬أين يوجه أصابع‬
‫االتهام بالفشل إلى أي طرف آخر مبعدا بذلك التهمة عنه‪ ،‬هذا ما يضعف أي‬
‫استراتيجية أو أي توجه نحو اعتماد مبادئ التنمية المستدامة في سياسات الدولة أو‬
‫التوجه نحو المسؤولية البيئية واالجتماعية بالنسبة للمؤسسة‪ ،‬فال يمكن بحال من‬
‫األحوال النجاح في أي من هذه التوجهات دون إشراك ‪ implication‬حقيقي لألفراد‪،‬‬
‫فالفرد يرى بأن مفهوم االستدامة ومبدأ المسؤولية قيد وشرط كما أسلفنا الذكر في‬
‫مستهل الحديث عن التنمية المستدامة‪ ،‬كما أن الشرط االجتماعي الذي ذكره‬
‫‪ Bowen‬ال يتحقق في هذه الحالة‪.‬‬

‫في هذه النقطة بالذات‪ ،‬يمكننا االستعانة بفكرة جوهرية أشار لهاكل‬
‫من‪ ،T.Hafsi & Farashahi1‬هي فكرة يعتمد عليها المنظرون في علوم التسيير‬
‫عند حديثهم عن إمكانية تطبيق ‪ applicabilité‬أي نظرية من نظريات إدارة‬
‫األعمال‪ ،‬في هذه الدراسة سنضيف الجانب الثقافي للبحث عن إمكانية تطبيق مبادئ‬
‫التنمية المستدامة ومبدأ المسؤولية ثقافيا‪ ،‬وعليه نستعين بفكرة العولمة الثقافية ومفاهيم‬
‫تتبعها مثل مفهوم التعدد الثقافي والتنوع الثقافي‪ .‬إذ نمر اآلن بمرحلة من العولمة‬
‫تشهد انتشا ار واسعا لعدد معتبر من الثقافات والمفاهيم واألفكار التي تتسم بطابع‬
‫العالمية‪ ،‬واذ نعتبر التنمية المستدامة من بين هذه المفاهيم العالمية‪ ،‬فال توجد هناك‬
‫مقاربة موحدة يتفق عليها في عملية اعتماد التنمية المستدامة‪ ،‬أخذا بعين االعتبار‬
‫وضعية كل مؤسسة ومدى التزامها بهذا المفهوم‪ ،‬فانتهاج نهد التنمية المستدامة من‬
‫طرفالمؤسسة‪ ،‬والتصرف بشكل مسؤول ال يعني انتظار جزاء أو مكافأة من جهة أو‬
‫من أخرى‪ ،‬وعليه فإن الجانب االجتماعي والثقافي كونه يجمع الدوافع وفي نفس‬
‫الوقت العوائقحسبما أشارت له ‪ 2Tatiana Kostova‬في نموذجها المقترح‪ ،‬يعتبر من‬

‫‪1‬‬
‫‪Taïeb Hafsi and Mehdi Farashahi,Applicability of Management Theories to‬‬
‫‪Developing Countries : A Synthesis, MIR : Management International Review, Vol.‬‬
‫‪45, No. 4 (2005 4th Quarter), pp 483-511‬‬
‫‪2‬‬
‫‪T Kostova, Transnational transfer of strategic organizational practices : A‬‬
‫‪contextual perspective, Academy of management review 24 (2), pp308-324.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫بين أهم وأعقد الجوانب التي يجب أخذها بعين االعتبار من أجل التحكم في مسار‬
‫اعتماد التنمية المستدامة‪.‬‬

‫إذ تسعى التنمية المستدامة إلى إحداث تييير في السلوك والمفاهيم المنتشرة‬
‫بين األفراد في المجتمع‪ ،‬وكذا بناء مناهد تعاون جديدة قائمة على مبدأ المشاركة‬
‫وضم أكبر عدد ممكن من األفراد والجهات التي تسعى نحو التييير‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫خلق تنمية عميقة في المجتمع‪ ،‬وهذا ال يمكن أن يكون إال على المستوى المحلي‪،‬‬
‫أخذا بعين االعتبار للثقافة والخصائص المحلية‪ ،‬وعليه يعد من الضرورة بمكان بناء‬
‫جسور عالقة جديدة بين "الثقافة" و"المجتمع" في ضوء مبادئ التنمية المستدامة‪.‬‬
‫*‬
‫فالنقاش حول هذه العالقة يعود إلى سنة ‪ 2112‬وظهور بند جديد في األجندة ‪27‬‬
‫يعنى بالثقافات المحلية‪ ،‬واثبات كون أن الثقافة تعد عمودا رابعا للتنمية المستدامة‬
‫يضاف إلى األعمدة الثالثة السابقة االقتصاد‪ ،‬المجتمع‪ ،‬البيئة‪.‬‬

‫‪-6‬نحو مفا يل جديدة للثقافة في ظل العولمة‬


‫تتسم العولمة بأنها ظاهرة لتوحيد الحضارات المختلفة في العالم‪ ،‬أين كانت‬
‫في بداياتها اقتصادية ثم تحولت لتكون ثقافية‪ ،‬فالعولمة ظاهرة تهيمن على واقعنا‬
‫وتؤثر بشكل مباشر على المجتمعات في العالم‪ ،‬وهذا من خالل التقارب وتسريع‬
‫االتصال‪ ،‬األمر الذي خلق تقاطعا وتمازجا وتبادال بين الثقافات‪ ،‬ما يجعل الحوار بين‬
‫الثقافات أم ار حيويا في بناء الفرد والمجتمع في ظل هذه الظاهرة التي نعيشها ظاهرة‬
‫العولمة‪.1‬إذ تحكم العولمة الثقافية بطريقة هيكلية الظروف التي في ظلها تنشأ‬
‫العالقات المتبادلة بين المجتمعات وبين الثقافات المختلفة‪ .‬حيث تطرح العولمة‬
‫‪2‬‬
‫الثقافية إشكالية رئيسية مفادها كيف يمكننا االستعداد لتقبل الثقافات األخرى؟‬
‫هذه اإلشكالية المطروحة من قبل العولمة الثقافية تدفعنا للخوإ في نقاشات‬
‫علمية عديدة أهمها إمكانية نشر ثقافات جديدة‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬من جهة أخرى تسمح‬

‫‪1‬‬
‫‪Iuliana Pastin,Reflexiones sur la Mondialisation Culturelle, Cogito : cogito‬‬
‫‪multidisciplinary research journal, [42], (2009),‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Jean Tardif, Mondialisation et culture : un nouvel écosystème symbolique,‬‬
‫‪Questions de communication,13 | 2008, mis en ligne le 01 juillet 2010. URL : http://‬‬
‫‪questionsdecommunication.revues.org/1764‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫العولمة الثقافية بتسريع وتيرة مسار التثقف‪ acculturation‬وهذا من خالل االحتكاك‬


‫المستمر بين الثقافات المختلفة‪ .‬إذ يعتبر التثقف مجموعة الظواهر التي تنتد عن‬
‫التقارب واالحتكاك المستمر والمباشر بين المجتمعات والثقافات المختلفة‪ ،‬والتي تؤدي‬
‫إلى إحداث تييرات في الثقافات األصلية لألفراد والمجتمعات‪.1‬‬
‫أوال‪ :‬التعدد الثقافي‪multiculturel‬‬
‫التعدد الثقافي مفهوم يطلق على الحالة التي ُيعترف من خاللها بالفروقات‬
‫الثقافية الموجودة في بيئة معينة‪ ،‬يعبر عنه اصطالحا بأنه الطريقة الممكنة للتعامل‬
‫في حالة وجود ثقافات متنوعة‪ ،‬أين يرتكز أساسا على االعتراف والتعايش بين هذه‬
‫الثقافات مع إعطاء األولوية لثقافة مجموعة االنتماء أو بعبارة أخرى الثقافة السائدة‪.‬‬
‫الفرد وقبل كل شيء ينتمي إلى مجموعة‪ ،‬سلوكه يخضع بشكل مباشر لهذا االنتماء‪،‬‬
‫وبالتالي هوية المجموعة تطيى على أي هوية فردية‪ ،‬وعليه فإن التعدد الثقافي يختزل‬
‫الفروقات المجودة بين األفراد‪ ،‬يربط بين األفراد والجماعات‪ ،‬ويخلص إلى تشكيل‬
‫نسيد فسيفسائي في المجتمع‪.2‬‬

‫يستعمل مفهوم التعدد الثقافي عادة للداللة على الواقع العام ألي بلد اجتماعيا‬
‫وسياسيا وثقافيا‪ ،‬ويستعمل بالخصوص في الواليات المتحدة األمريكية كبديل‬
‫لمفهوم»‪ «melting-pot‬والذي يعبر عن تقليص المسافة الثقافية الفاصلة بين‬
‫الثقافات المتنوعة التي تشكل المجتمع األمريكي‪ ،‬والذي بدوره يعبر عن حالة معروفة‬
‫للتعدد الثقافي أين تمتزج ثقافات متنوعة في مكان عام واحد‪ ،‬لكن ردم هذا التمازج إال‬
‫أن كل ثقافة تبقى منفصلة عن األخرى وتحافظ على بنيتها وخصوصياتها‪.3‬‬

‫ثانيا‪ :‬التنوع الثقافي ‪interculturel‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Paul N. Lakey, Acculturation : a Review of the Literature,Intercultural‬‬
‫‪Communication Studies XII-2 2003, p104.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Martine Abdallah-Pretceille, L’éducation interculturelle, coll. « Que sais-je ? »,‬‬
‫‪PUF, France, 2004.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Mondher Kilani, Équivoques de la religion et politiques de la laïcité en Europe.‬‬
‫‪Réflexions à partir de l’islam, Archives de sciences sociales des religions, 121‬‬
‫‪(janvier - mars 2003), pp 69-86.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫حسب ‪O’Reilly, Williams‬فإن أي مجموعة توصف بأنها متنوعة ثقافيا‬


‫تكون متكونة من أفراد يختلفون في الخاصية التي يرتكزون عليها في تحديد‬
‫انتماءاتهم وهوياتهم االجتماعية‪.1‬‬

‫كما يعرف ‪Loden & Rosener‬التنوع الثقافي على أنه العناصر التي‬
‫تفرق مجموعة أفراد عن مجموعة أخرى‪ ،‬أين يقسم هذه العناصر إلى قسمين‪ ،‬قسم‬
‫رئيسي وقسم ثانوي‪ .‬إذ يعتبر أن العناصر التي تنتمي إلى القسم الرئيسي تؤثر مباشرة‬
‫على طريقة تفكير الفرد وأدائ ه لعمله ورؤيته للعالم وتعامله مع من حوله ودوره في‬
‫المجتمع‪ ،‬أما القسم الفرعيفيعمل على تحديد هوية الفرد‪ ،‬وتقديره لنفسه‪،‬فالتنوع الثقافي‬
‫‪interculturelle‬ال يهدف إلى المقارنة بين الثقافات على أساس مرجعية تستند إلى‬
‫المعايير واألبعاد المذكورة أعاله‪ ،‬بل تهدف باألساس إلى تكريس مكان الفرد في قلب‬
‫اهتماماتها أخذا بعين االعتبار كل خصائصه الثقافية‪.2‬كما تجدر اإلشارة إلى عدم‬
‫إمكانية حصر كل العناصر التي تنتمي إلى القسمين الرئيسي والفرعي نظ ار إلى كون‬
‫أن كل فرد يمثل حالة وتجربة خاصة‪.‬‬

‫ارتكا از على نقاط التفاعل السائدة بين مختلف الثقافات الموجودة في‬
‫مجتمعاتنا‪ ،‬التنوع الثقافي يقف في الجهة المعاكسة للتعدد الثقافي‪ ،‬على الردم من أن‬
‫الكثيرين ال يضعون فروقا بينهما‪ ،‬إال أن التنوع الثقافي يختلف اختالفا جليا عن‬
‫التعدد الثقافي وهذا يكمن في أن هذا األخير يمثل الخطوة األولى فقط وهي االعتراف‬
‫أ و وصف حالة وجود عدة ثقافات في المجتمع‪ ،‬أما التنوع الثقافي فيذهب أبعد من‬
‫ذلك من خالل تحليل عالقات التأثير والتأثر الناتجة عن االحتكاكات الموجود بين‬
‫الثقافات المتنوعة في مجتمعاتنا‪.‬‬

‫كما ذهبت ‪ M.De Carlo‬إلى القول بأن التعدد الثقافي مقترن بخاصية‬
‫الوصف‪ ،‬أما التن وع الثقافي فله خصائص تميل إلى التحليل والعملياتية‪ ،‬كما خلصت‬

‫‪1‬‬
‫‪K.Y.Williams & C.A.O’Reilly, Demography and diversity in organization : A‬‬
‫‪review of 40 years of reaserch, Research in organizational behavior revue, JAI‬‬
‫‪Press INC, Vol 20,1998, PP 77-140.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Barbara Mazur, Cultural Diversity in Organisational Theory and Practice,Journal‬‬
‫‪of Intercultural Management, Vol. 2, No. 2, November 2010, pp 05–15.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫إلى نتيجة مفادها أن التنوع الثقافي هو اختيار عقالني في ظل التعدد الثقافي الذي‬
‫تعيشه مجتمعاتنا‪ ،‬هذا الخيار يبرر حقيقة أنه من الصعب بمكان أن تتعايش ثقافات‬
‫متنوعة بالقرب من بعضها من دون احتكاك وال تبادل‪ ،‬من دون تأثير وتأثر‪.1‬تتبنى‬
‫‪ Grima Camilleri .A‬نفس التوجهإذ تؤكد على أن التنوع الثقافي مستوى من‬
‫مستويات التراكم الذي يمر به التعدد الثقافي‪ ،‬إذ يمكن التنوع الثقافي من الولوج إلى‬
‫مستويات متقدمة من المهارة المعرفية والسلوكية تسمح بنقل خصائص ثقافة إلى ثقافة‬
‫أخرى‪.2‬‬

‫بناء على كل ما سبق يمكن القول بأن الثقافة عنصر مهم من عناصر‬
‫التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية للمؤسسة‪ ،‬هذا العنصر له حساسية‬
‫مفرطة للعوامل الداخلية لكل دولة‪ ،‬لهذا تم التطرق لمفاهيم التعدد الثقافي والتنوع‬
‫الثقافي‪ ،‬كوسيلة ربما تمكن من نشر مبادئ التنمية المستدامة من خالل االعتراف‬
‫بكون التنمية المستدامة ثقافة قائمة بحد ذاتها ثم من خالل احتكاك الثقافة المحلية‬
‫بالثقافات األجنبية خصوصا أننا نعيش في عالم تحكمه قواعد العولمة‪ ،‬التي تسهل‬
‫عملية تحرك رؤوس األموال واألشخاص وتشارك المعلومة‪ ،‬وظهور المؤسسات‬
‫العالمية متعددة الجنسيات بفروعها المنتشرة في العديد من الدول‪ ،‬هذا المناخ الذي‬
‫يتسم بعدم وجود حواجز أو عوائق حركة يسهل عملية التفاعل بين مختلف الثقافات‬
‫من شتى الدول والمجتمعات‪.‬‬

‫الخاتمة‬
‫تعتبر التنمية المستدامة مفهوما سمح لنا بتييير رؤيتنا لما حولنا‪ ،‬إذ كسر‬
‫هيمنة النظرة االقتصادية‪ ،‬فاتحا المجال لألخذ بعين االعتبار البيئة والمجتمع‬
‫كمرجعية تحكم القرار االقتصادي‪ ،‬سواء بالنسبة للدول والحكومات وكذلك المؤسسات‪،‬‬
‫فالمؤسسة كونها تمثل النواة االقتصادية األولى وكونها نظاما مفتوحا يؤثر ويتأثر‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Maddelina De Carlo, l’interculturel, collection dirigé par Robert Galisson, Ed‬‬
‫‪CLE International, Paris-France, 1998, p36.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Grima Camilleri, Comme c’est bizarre ! L’utilisation d’anecdotes dans le‬‬
‫‪développement de la compétence interculturelle, Centre Européen pour les‬‬
‫‪langues vivantes, Graz, 2002, p.56.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫تتفاعل بشكل مستمر مع البيئة التي تنشط فيها‪ ،‬فهي قبل كل شيء نظام اجتماعي‬
‫مصير يعمل ضمن نظام أشمل هو المجتمع‪ ،‬فكل مؤسسة تبحث عن أحقية الوجود‬
‫والنشاط‪ ،‬فالشرعية يمنحها المجتمع‪ ،‬كما أسلفنا الذكر‪ ،‬بالمقابل ال يمكن لنشاط‬
‫المؤسسة أن يكون مسؤوال إال إذا كان متقاربا إلى أبعد حد مع تطلعات األطراف ذات‬
‫المصلحة وقيم وثقافة المجتمع‪ .‬فهم هذه العالقة يمكننا من فهم الدوافع (أو العراقيل)‬
‫التي تدفع (تعرقل) توجه المؤسسة نحو اعتماد مبادئ التنمية المستدامة‪ ،‬فتطبيق‬
‫مبادئ التنمية المستدامة في المؤسسة يقودنا إلى المسؤولية البيئية واالجتماعية‪ ،‬هذه‬
‫المسؤولي ة التي تشترط توجه واشراك كافة مستويات المؤسسات من اإلدارة العامة إلى‬
‫المستوى العملياتي في إطار رؤية شاملة ومتكاملة‪ .‬فمفهوم المسؤولية البيئية‬
‫واالجتماعية للمؤسسة ينبع مباشرة من مفهوم التنمية المستدامة والذي يعتبر تطبيقا له‬
‫في المؤسسة‪ ،‬أين تتمتع المسؤولية البيئية واالجتماعية للمؤسسة بوجهين رئيسيين‪:‬‬
‫حوار وتلبية تطلعات األطراف ذات المصلحة من جهة‪ ،‬توسيع مجال االهتمام ليشمل‬
‫الجانب البيئي واالجتماعي ضمن إطار مفهوم التنمية المستدامة من جهة أخرى‪.‬‬
‫زيادة على كونها استجابة لالشتراطات المتزايدة من طرف المجتمع المدني‪ ،‬فإن‬
‫المسؤولية البيئية واالجتماعية للمؤسسة تعتبر آلية استراتيجية فعالة للحد من تعرإ‬
‫المؤسسة للمخاطر‪ ،‬واستشراف القيود القانونية والتشريعية التي يمكن أن تظهر في‬
‫المستقبل‪ .‬إذ ال يمكن بأي حال من األحوال حصر أهداف المؤسسة في تعظيم‬
‫الربح‪ ،‬أين تعكس مهمة المؤسسة تطلعات المجتمع المدني عن طريق توفير السلع‬
‫والخدمات للزبائن‪ ،‬وهذا ضمن إطار السلطة الممنوحة للمؤسسة في المجتمع‪ ،‬هذه‬
‫السلطة تفرإ مسؤولية على المؤسسة تجاه المجتمع‪ .‬أين يعتبر مفهوم المسؤولية‬
‫البيئية واالجتماعية مفهوما يشمل أخذ المؤسسة بعين االعتبار الجوانب الثقافية‬
‫واألخالقية‪ ،‬االجتماعية والبيئية في نشاطها وضمن عالقتها مع األطراف ذات‬
‫المصلحة وكذا اختيار االستثمارات‪ ،‬كما تدفع بالمؤسسة إلى تقريب ثقافتها إلى أقرب‬
‫حد مع الثقافة والقيم السائدة في المجتمع‪.‬‬
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬

‫أن الثقافة تعتبر بعدا رابعا للتنمية‬


ٌ ‫ يمكن القول‬،‫بناء على ما سلف ذكره‬
‫ يمكن من خالل االحتكاك‬،‫المستدامة وكذا المسؤولية البيئية واالجتماعية للمؤسسة‬
‫والتفاعل القائم بين الثقافات المتعددة في ظل بيئة تتسم بالعولمة أن تنتشر مبادئ‬
‫التنمية المستدامة بين األفراد والمجتمعات وكذا المؤسسات من باب التثقف واكتساب‬
.‫سمات وقيم ثقافية جديدة‬

‫المراجع‬
1. Alexandre Asselineau & Anne Cromarias, La vision stratégique, outil du
développement durable, 2ème Université Réalité et Prospectives du
développement durable Clermont, France, Octobre 2010.
2. Alexandre Asselineau & Pierre Pire-Lechalard, Le développement durable : une
voie de rupture stratégique, la revue management et avenir, n°26, France, juin
2009.
3. Archie Carroll, A Three-Dimensional Conceptual Model of Corporate Social
Performance, the Academy of Management Review, Oct 1979.
4. Arnaud Sales, L’entreprise et son environnement, Sociologie et sociétés, vol. 2,
n° 1, 1970.
5. Audrey aknin, vincent géronimi, patrick schembri, géraldine froger, philippe
méral, environnement et développement quelques réflexions autour du concept
de «développement durable»,, institut de recherche pour développement
édition (IRD), paris, 2002.
6. Barbara Mazur, Cultural Diversity in Organisational Theory and Practice,
Journal of Intercultural Management, Vol. 2, No. 2, November.
7. Business strategies for sustainable development, p01 ,Based on the book
Business Strategy for Sustainable Development: Leadership and Accountability
for the 90s, 1992, Published by the International Institute for Sustainable
Development in conjunction with Deloitte & Touche and the World Business
Council for Sustainable Development.
8. Daniel Belet & François Petit, Application du référentiel AFNOR FD X 30-023
(AVRIL 2006) comme outil d'auto-évaluation de la responsabilité sociétale de
l'entreprise (RSE) intérêts et limites a partir d'une expérience dans une grande
entreprise française, conférence internationale, France, mercredi 13 juin 2007.
9. Didier Cazal, Parties prenantes et RSE : des enjeux sociopolitiques au-delà des
contrats, Revue de l’organisation responsable, Volume 3, Janvier 2008.
10. Francine Pellaud, Conceptions, paradigmes, valeurs et développement
durable, Conférence présentée au "Hawaii international conference on social
sciences", 12 juin 2003.
11. Grima Camilleri, Comme c’est bizarre ! L’utilisation d’anecdotes dans le
développement de la compétence interculturelle, Centre Européen pour les
langues vivantes, Graz, 2002.
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬
12. Iuliana Pastin, Reflexiones sur la Mondialisation Culturelle, Cogito : cogito
multidisciplinary research journal, [42], (2009).
13. J.Ernult, A.Ashta, Développement durable, responsabilité sociétale de
l’entreprise, théorie des parties prenantes : évolution et perspectives, Groupe
ESC Dijon Bourgogne, 2007.
14. Jacques Lauriol, Le développement durable à la recherche de doctrine, Revue
française de gestion, n°152, volume 30, Ed. Lavoisier, Paris, 2004.
15. Jean Tardif, Mondialisation et culture : un nouvel écosystème symbolique»,
Questions de communication ,13 | 2008, mis en ligne le 01 juillet 2010. URL :
http:// questionsdecommunication.revues.org/1764.
16. Jean-Pascal Gond, Les fondements théoriques de la Responsabilité Sociale des
Entreprises, International Centre for Corporate Social Responsibility (ICCSR),
University of Nottingham Business School.
17. Jean-Pierre Dupuy, vers l’unité des sciences sociales autour de
l’individualisme méthodologique complexe,Revue du MAUSS, 2004/2 no 24.
18. K.Y.Williams & C.A.O’Reilly, Demography and diversity in organization : a
review of 40 years of reaserch, Research in organizational behavior revue, JAI
Press INC, Vol 20,1998.
19. Karen Delchet, Développement durable l’intégrer pour réussir, Ed. Afnor,
Paris, 2007.
20. Laura Sabbado Da Rosa & Shana Sabbado Flores, La Responsabilité Sociale
des Entreprises (RSE) territorialise les petites et moyennes entreprises (PME) :
3 PME Grenobloises, 5ème colloque de l’IFBAE – Grenoble, 18 et 19 mai
2009.
21. Maddelina De Carlo, l’interculturel, collection dirigé par Robert Galisson, Ed
CLE International, Paris-France, 1998.
22. Malek Bennabi, Les grands thèmes, Algérie, 1976.
23. Martine Abdallah-Pretceille, L’éducation interculturelle, coll. «Que sais-je ?»,
PUF, France, 2004.
24. Millet Dominique, Bistagnino Luigi, Lanzavecchia Carla, Camous Roger,
Entreprise face au développement durable : changement de paradigme et
processus d'apprentissage, Natures sciences sociétés, Vol. 11, n° 2, juin 2003.
25. Mondher Kilani, Équivoques de la religion et politiques de la laïcité en
Europe. Réflexions à partir de l’islam, Archives de sciences sociales des
religions, 121 (janvier - mars 2003).
26. Patrick Gabriel & Pascal Gabriel, Diffusion du développement durable dans le
monde des affaires, Revue Française de Gestion, Ed. Lavoisier, France,
Octobre 2004, n° 152.
27. Paul J.Dimaggio, Walter W.Powell, The iron cage revisited : institutional
isomorphism and collective rationality in organisational fields, American
sociological review, volume 48, issue 2, 1983.
28. Paul N. Lakey, Acculturation : a Review of the Literature,Intercultural
Communication Studies XII-2 2003
29. Persais Éric, Ethique : La RSE est-elle une question de convention, Revue
Française de Gestion, Ed. Lavoisier, France, Mars 2007, n° 172.
‫ـــــ البعد الثقافي مدخل العتماد مبادئ التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية واالجتماعية ــــــ‬
30. Peter F. Drucker & Joseph A. Maciariello, Management, Revised Edition, Ed,
HarperCollins Publishers Ltd,USA, 2008.
31. Philippe Détrie, L’entreprise durable, Ed. Dunod, Paris, 2005.
32. Pour plus de détails voir : Zeribi-Benslimane Olfa & Boussoura Ezzeddine,
Responsabilité sociétale des entreprises et performance financière : le cas des
entreprises tunisiennes cotées, XVIème Conférence Internationale de
Management Stratégique, Montréal, 6-9 Juin 2007.
33. Solucom management & IT consulting, quel management pour le
Développement durable ? , Août 2009.
34. Stéphane Balland & Anne-Marie Bouvier, Management des entreprises, Ed,
Dunod, France, 2010.
35. T Kostova, Transnational transfer of strategic organizational practices : A
contextual perspective, Academy of management review 24 (2).
36. Taïeb Hafsi and Mehdi Farashahi, Applicability of Management Theories to
Developing Countries : A Synthesis, MIR : Management International Review,
Vol. 45, No. 4 (2005 4th Quarter).
37. Yvette Lazzeri, Le développement durable : du concept à la mesure, Ed. Le
harmattan, 2008, Paris.

You might also like