You are on page 1of 239

‫التقرير‬

‫اختالف حكم استقبال و استدبار القبلة حال قضاء احلاجة‬

‫وظيفة من‪ :‬أستاذ حممد فطاين أكرب الثاين‬


‫اإلعداد ‪ :‬ريكي حممد عبد الفاءد‬

‫التخصص الفقه و أصوله‬


‫املعهد العايل ملعهد النور الثاين املرتض‬
‫األقوال ‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬
‫قد عرفت أن قضاء احلاجة من بول ونحوه قد جعل الشارع له أحكام ًا‪ :‬منها ما هو خاص بإزالته‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫ويقال له‪ :‬استنجاء إذا كان باملاء‪ ،‬واستجامر إذا كان بغري املاء من حجر ونحوه؛‬
‫ال ا ْل يق ْب َل ية‬
‫َّاس يِف استي ْق َب ي‬
‫ْ‬ ‫اخ َت َل َ‬
‫ف الن ُ‬ ‫ومن مجلة اداب قضاءاحلاجة استقبال القبلة و استدباره ‪,‬ا َف ْ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي ي‬ ‫و ي‬
‫استدْ َب يار َها ل ْلغَائط َوا ْل َب ْو يل ع َََل َأ ْر َب َعة َم َذاه َ‬
‫ب‪:‬‬ ‫َ ْ‬
‫ي‬ ‫َأحدُ َها ‪َ :‬أ َّنه ََل ََيوزُ ي‬
‫الص َح ياري َو ُه َو َم ْذ َه ُ‬
‫ب أيب‬ ‫است ْق َب ُاُلَا وَل استدبارها يِف ا ْل ُبنْ َيان َو ََل يِف َّ‬‫ُ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫وب ْاألَن َْص يار ُّي‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬
‫الص َحا َبة َأ ُبو َأ ُّي َ‬‫حنيفة َو َصاح َب ْيه َوال َّث ْو ير ِّي َوالن ََّخع ِّي َو َأ ْْحَدَ َو َأ ييب َث ْو ٍر َوبيه َق َال م َن َّ‬
‫ب َد ُاو َد َوبي يه َق َال ع ُْر َو ُة‬ ‫الص َح ياري َو ُه َو َم ْذ َه ُ‬
‫ي‬ ‫وال َّث ياين ‪ََ :‬يوزُ استي ْقب ُاُلا و ي‬
‫استدْ َب ُار َها يِف ا ْل ُبنْ َيان َو َّ‬ ‫ُ ْ َ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫ْب ُن الزُّ َب ْ يري َو َربيي َع ُة ْب ُن َأ ييب َع ْبد َّ‬
‫الر ْْح يَن‪.‬‬
‫استيدْ َب ُار َها يِف‬ ‫وال َّثالي ُث ‪َ :‬أ َّنه ََل ََيوزُ استي ْقب ُاُلا و ََل استيدْ بار َها يِف الصح ياري و ََيوزُ ي‬
‫است ْق َب ُاُلَا َو ْ‬‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ ُ ْ َ َ َ ْ َ ُ‬ ‫َ‬
‫الش ْعبي ُّي‪َ ،‬و يم َن‬
‫الص َحا َب ية َع ْبدُ اَّللَّي ْب ُن ع َُم َر‪َ ،‬و يم َن التَّابي يعنيَ َّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ان و ُهو م ْذ َهب َّ ي ي‬
‫الشافع ِّي َوبيه َق َال م َن َّ‬ ‫ا ْل ُبنْ َي َ َ َ ُ‬
‫ي‬

‫اق‪.‬‬‫اء َمالي ٌك َوإي ْس َح ُ‬ ‫ا ْل ُف َقه ي‬


‫َ‬
‫ني‪َ ،‬و َمن ََع يم ين‬ ‫استيدْ َب َار َها يِف املَْ ْو يض َع ْ ي‬ ‫ي‬
‫الرابي ُع ‪َ :‬ما َر َوا ُه حممد بن احلسن َم ْذ َه ًبا َثان ًيا َأ َّن ُه َأ َجازَ ْ‬ ‫َو َّ‬
‫‪2‬‬
‫ب ْاألَ َّو َل ُه َو ا َّل يذي ُي َع ِّو ُل َع َل ْي يه َأ ْص َحا ُب ُه‪.‬‬
‫َري َأ َّن املَْ ْذ َه َ‬ ‫ي ي‬ ‫ْ ي ي ي‬
‫است ْق َباُلَا ِف املَْ ْوض َع ْني غ ْ َ‬

‫‪1‬الفقه عَل املذاهب اَلربعة لالمام اجلزيري (‪)84/1‬‬


‫‪2‬احلاوي الكبري للاموردي (‪)151/1‬‬
‫اختي َالفي يه ْم ‪:‬‬
‫ب يِف ْ‬
‫الس َب ُ‬
‫َو َّ‬ ‫ب‪.‬‬

‫ُها َح يد ُ‬
‫يث َأ ييب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬
‫اخت َالف يه ْم َه َذا َحدي َثان ُم َت َع يار َضان َثابيتَان‪َ ،‬أ َحدُ ُ َ‬
‫قال ابن رشد رْحه اَّلل ‪ :‬والسبب يِف ْ ي ي‬
‫َ َّ َ ُ‬
‫الس َال ُم ‪" :-‬إي َذا َأ َت ْيت ُُم ا ْلغَائي َط َف َال ت َْس َت ْقبي ُلوا ا ْل يق ْب َل َة َو ََل‬ ‫ي‬
‫وب ْاألَن َْص يار ِّي َأ َّن ُه َق َال ‪َ -‬ع َل ْيه َّ‬
‫الص َال ُة َو َّ‬ ‫َأ ُّي َ‬
‫َش ُقوا َأ ْو غ َِّر ُبوا‪".‬‬ ‫ي‬ ‫ت َْستَدْ بي ُر َ‬
‫وها‪َ ،‬و َلك ْن َ ِّ‬
‫‪1‬‬

‫ت ُأ ْختيي َح ْف َص َة‪َ ،‬ف َر َأ ْي ُت‬ ‫يث َعب يد اَّللَّي ب ين عُمر َأ َّنه َق َال‪ :‬ار َت َقي ُت ع َََل َظه ير بي ي‬
‫ْ َْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ْ‬
‫ي‬
‫يث ال َّث ياين َحد ُ ْ‬ ‫احل يد ُ‬
‫َو ْ َ‬
‫‪2‬‬
‫الشا يم ُم ْستَدْ بي َر ا ْل يق ْب َل َة‪".‬‬ ‫اجتي يه ع َََل َلبينَت ْ ي‬
‫َني ُم ْس َت ْقبي َل َّ‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫ول اَّللَّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم ‪َ -‬قاعدً ا َ‬
‫حل َ‬ ‫َر ُس َ‬
‫األدلة ‪:‬‬ ‫ج‪.‬‬
‫أدلة قول األول‬ ‫‪.1‬‬
‫ني ‪:‬‬‫ني بي َح يدي َث ْ ي‬
‫استيدْ َب يار َها يِف املَْ ْو يض َع ْ ي‬ ‫واستَدَ َّل من منَع يم ين ي ي‬
‫است ْق َباُلَا َو ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫يث َأ ييب ُه َر ْي َر َة املُْ َقدَّ ُم يذك ُْر ُه َأ َّن النَّبي َّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّلم َ ‪ -‬قال‪" :‬‬‫حد ُ‬ ‫َأحدُ ُُها ‪ :‬ي‬
‫َ َ‬
‫بول "‪َ ،‬فك َ‬
‫َان ع َََل‬ ‫لغائط َو ََل ٍ‬
‫‪3‬‬ ‫ٍ‬ ‫فإذا ذهب أحدكم الغائط فال يستقبل القبلة وَل يستدبرها‬
‫وم يه‪.‬‬
‫عُم ي‬
‫ُ‬
‫ي‬
‫وب ْاألَن َْص يار ِّي َأ َّن النَّبي َّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ‬ ‫َوال َّث ياين ‪َ :‬ما َر َوا ُه َع َطا ُء ْب ُن َي يزيدَ ال َّل ْيث ُّي َع ْن َأ ييب َأ ُّي َ‬
‫َش ُقوا َأ ْو غ َِّر ُبوا‪َ ،‬ق َال َف َق يد ْمنَا‬ ‫ٍ ي‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َع َل ْيه َو َس َّلم َ ‪ََ -‬نَى َأ ْن ن َْس َت ْقبي َل ا ْلق ْب َل َة لغائط َأ ْو بول َو َلك ْن َ ِّ‬
‫ف َعن َْها َون َْس َتغ يْف ُر اَّللََّ َت َع َال ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫يض َقدْ ُبني َي ْت يق َب َل ا ْل يق ْب َل ية َف ُكنَّا َنن َْح ير ُ‬ ‫الشام َفوجدْ نَا مر ي‬
‫اح َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫الص َح ياري‬ ‫يه ا ْل يقب َل َة استَوى في ي‬
‫يه ا ْل ُبنْ َي ُ‬ ‫و َأما املَْعنَى َفهو إي ْن َقا ُلوا ك ُُّل ح ْك ٍم َتع َّل َق في ي‬
‫ان َو َّ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ َّ ْ‬
‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َالص َح ياري‬‫ُون ََمْنُوعًا منْ ُه ك َّ‬ ‫ب َأ ْن َيك َ‬ ‫َالص َالة‪َ ،‬قا ُلوا َوألَ َّن ُه ُم ْس َت ْقبي ٌل بي َف ْر يجه إي َل ا ْلق ْب َلة َف َو َج َ‬
‫ك َّ‬
‫ي ي ي‬
‫حل ْر َمتي َها َو َه َذا املَْ ْعنَى َم ْو ُجو ٌد يِف‬ ‫َقا ُلوا و يألَ َّنه إينَّام منَع يم ين استي ْقب ي ي ي‬
‫الص ْح َراء َت ْعظ ًيام ُ‬ ‫ال ا ْلق ْب َلة يِف َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ‬
‫ب َأ ْن َي ْست يَو َي املَْن ُْع في ي‬
‫يه َام‪.‬‬ ‫الص َح ياري َف َو َج َ‬
‫يي‬ ‫ي‬
‫ا ْل ُبنْ َيان ك َُو ُجوده يِف َّ‬
‫َن ا ْل يق ْب َل ية ََل َي ْمن َُع ُحك ًْام‬
‫احلائي ُل ع ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َقا ُلوا‪َ :‬وألَ َّن ُه َل ْي َس يِف ا ْل ُبنْ َيان َأ ْك َث ُر م ْن َأ ََّنَا َحائ ٌل َو ْ َ‬
‫‪5‬‬
‫لص َال ية‪.‬‬ ‫احلاج ية‪ ،‬وا ْلبنْي ُ ي‬
‫ان ل َّ‬ ‫الص َح ياري لذي ْ َ َ َ ُ َ‬
‫يي‬
‫اجل َب ُال يِف َّ‬ ‫َت َع َّل َق ي َِبا َدليي ُل ُه ْي‬

‫رواه مسلم (‪)262‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬رواه البخاري (‪ )148‬و مسلم (‪)226‬‬


‫رواه البخاري (‪)141‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬املرجع السابق‬
‫‪ 5‬احلاوي الكبري للاموردي (‪)152/1‬‬
‫أدلة قول الثاين‬ ‫‪.2‬‬
‫ني بي َح يدي َث ْ ي‬
‫ني‪:‬‬ ‫اح َذلي َك يِف املَْ ْو يض َع ْ ي‬‫استَدَ َّل َم ْن َأ َب َ‬
‫َو ْ‬
‫َن استي ْق َب ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ال‬ ‫ُها ‪َ :‬ر َوا ُه ُمُ َاهدٌ َع ْن َجابي ٍر َأ َّن النَّبي َّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّلم َ ‪ََ -‬نَى ع ي ْ‬ ‫َأ َحدُ ُ َ‬
‫اجتي يه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي ي ي‬ ‫يي ٍ‬ ‫ا ْل يقب َل ية و ي‬
‫‪1‬‬
‫استدْ َب يار َها‪ُ ،‬ث َّم إي ِّين َر َأ ْي ُت ُه َق ْب َل َم ْوته بسنة َو َقدْ َق َعدَ ُم ْس َت ْقبي َل ا ْلق ْب َلة ل َق َضاء َح َ‬‫ْ َ ْ‬
‫ون إي َذا َق َعدْ َ‬ ‫وال َّث ياين ‪ :‬ما رواه و ي‬
‫ت‬ ‫َن ا ْب ين ع َُم َر َأ َّن ُه َق َال‪ :‬إي َّن ن ً‬
‫َاسا َي ُقو ُل َ‬ ‫اس ُع بن حيان ع ي‬ ‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫س َل َق يد ار َت َقي ُت ع َََل َظه ير ٍ‬
‫بيت َلنَا َف َر َأ ْي ُت‬ ‫اجتي َك َف َال ت َْس َت ْقبي يل ا ْل يق ْب َل َة َو ََل َب ْي َت املَْ ْق يد ي‬
‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ع َََل َح َ‬
‫‪2‬‬
‫ت املَْ ْق يدس‪.‬‬ ‫َني مس َت ْقبي َل بي ي‬
‫َْ‬
‫ي‬
‫ول اَّللَّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّلم َ ع َََل َلبينَت ْ ي ُ ْ‬ ‫َر ُس َ‬
‫احا إي َل ا ْل يق ْب َل ية‬ ‫َري ا ْل يق ْب َل ية ك َ‬
‫َان ُم َب ً‬ ‫احا إي َل غ ْ ي‬
‫َان ُم َب ً‬‫ف ا ْل َع ْو َر ية إي َذا ك َ‬‫َو َأ َّما املَْ ْعنَى َف ُه َو َأ َّن ك َْش َ‬
‫ف ا ْلعور ية إي َليها يِف املُْب َ ي‬ ‫ي ٍ‬ ‫يقياسا ع َََل ك َْش يفها لي ْلمب َ ي ي‬
‫اَشة ََل ْ َ ْ‬
‫َي ُر ْم‬ ‫َ َ‬ ‫َي ُر ُم ك َْش ُ َ ْ َ ْ َ‬ ‫اَشة‪َ ،‬وألَ َّن ك َُّل ج َهة ََل َ ْ‬
‫َ َُ َ‬ ‫َ ً‬
‫َري ا ْل يق ْب َل ية‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫اسا ع َََل غ ْ ي‬ ‫احل ي ي‬
‫اجة ق َي ً‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ف ا ْل َع ْو َرة إي َل ْي َها عنْدَ ْ َ َ‬
‫ك َْش ُ‬
‫أدلة قول الثالث‬ ‫‪.3‬‬
‫واستدل من اباح استقبال و استدبارها ِف الصحاري َل ِف ِف البنيان باحاديث‪:‬‬
‫اَلستي ْقب ي ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي ي‬ ‫ي‬
‫الص َح ياري‪:‬‬ ‫ال َواَل ْستدْ َب يار يِف َّ‬ ‫َوالدَّ ل ُيل ع َََل ص َّحة م ْن ََت يْري يم ْ َ‬
‫يث َأ ييب ُه َر ْي َر َة املُْ َقدَّ ُم يذك ُْر ُه َأ َّن النَّبي َّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّلم َ ‪ -‬قال‪" :‬‬ ‫حد ُ‬ ‫احدها ‪ :‬ي‬

‫‪4‬‬
‫لغائط َو ََل بول‪".‬‬ ‫ٍ‬ ‫فإذا ذهب أحدكم الغائط فال يستقبل القبلة وَل يستدبرها‬
‫وب ْاألَن َْص يار ِّي َأ َّن النَّبي َّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ‬ ‫ي‬
‫والثاين ‪َ :‬ما َر َوا ُه َع َطا ُء ْب ُن َي يزيدَ ال َّل ْيث ُّي َع ْن َأ ييب َأ ُّي َ‬
‫َش ُقوا َأ ْو غ َِّر ُبوا‪َ ،‬ق َال َف َق يد ْمنَا‬ ‫ٍ ي‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬
‫َع َل ْيه َو َس َّلم َ ‪ََ -‬نَى َأ ْن ن َْس َت ْقبي َل ا ْلق ْب َل َة لغائط َأ ْو بول َو َلك ْن َ ِّ‬
‫ي‬

‫‪5‬‬
‫ف َعن َْها َون َْس َتغ يْف ُر اَّللََّ َت َع َال‪".‬‬ ‫يض َقدْ ُبني َي ْت يق َب َل ا ْل يق ْب َل ية َف ُكنَّا َنن َْح ير ُ‬‫اح َ‬ ‫الشام َفوجدْ نَا مر ي‬
‫ََ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫اَل ْستيدْ َب يار يِف البنيان ‪:‬‬ ‫ال و ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي ي ي‬
‫َوالدَّ ل ُيل ع َََل ص َّحة م ْن اباحة اَل ْست ْق َب ي َ‬
‫ي‬

‫‪ 1‬اَلستذكار (‪)175/7‬‬
‫‪ 2‬رواه البخاري (‪ )148‬و مسلم (‪)226‬‬
‫‪ 3‬احلاوي الكبري للاموردي (‪)152/1‬‬
‫‪ 4‬املرجع السابق‬
‫‪ 5‬املرجع السابق‬
‫َن استي ْق َب ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ال‬ ‫أحدُها ‪َ :‬ر َوا ُه ُمُ َاهدٌ َع ْن َجابي ٍر َأ َّن النَّبي َّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّلم َ ‪ََ -‬نَى ع ي ْ‬
‫اجتي يه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي ي ي‬ ‫يي ٍ‬ ‫ا ْل يقب َل ية و ي‬
‫‪1‬‬
‫استدْ َب يار َها‪ُ ،‬ث َّم إي ِّين َر َأ ْي ُت ُه َق ْب َل َم ْوته بسنة َو َقدْ َق َعدَ ُم ْس َت ْقبي َل ا ْلق ْب َلة ل َق َضاء َح َ‬
‫ْ َ ْ‬
‫ون إي َذا َق َعدْ َ‬ ‫والثاين ‪ :‬ما رواه و ي‬
‫ت‬ ‫َن ا ْب ين ع َُم َر َأ َّن ُه َق َال‪ :‬إي َّن ن ً‬
‫َاسا َي ُقو ُل َ‬ ‫اس ُع بن حيان ع ي‬ ‫َ َ َ ُ َ‬
‫س َل َق يد ار َت َقي ُت ع َََل َظه ير ٍ‬
‫بيت َلنَا َف َر َأ ْي ُت‬ ‫اجتي َك َف َال ت َْس َت ْقبي يل ا ْل يق ْب َل َة َو ََل َب ْي َت املَْ ْق يد ي‬
‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ع َََل َح َ‬
‫ت املَْ ْق يدس‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫َني مس َت ْقبي َل بي ي‬
‫َْ‬
‫ي‬
‫ول اَّللَّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّلم َ ع َََل َلبينَت ْ ي ُ ْ‬ ‫َر ُس َ‬
‫آخ َران ‪:‬‬ ‫ان َ‬ ‫ُثم الدَّ لي ُيل َع َلي يهام ح يدي َث ي‬
‫ْ َ َ‬ ‫َّ‬
‫ان ْاألَ ْص َف ير‪َ :‬ق َال‪َ :‬ر َأ ْي ُت ا ْب َن ع َُم َر َأن َ‬
‫َاخ‬ ‫ان َع ْن َم ْر َو َ‬ ‫احل َس ُن ْب ُن َذك َْو َ‬ ‫ُها ‪َ :‬ما َر َوا ُه ْ َ‬ ‫َأ َحدُ ُ َ‬
‫ي‬ ‫اح َل َت ُه ُم ْس َت ْقبي َل ا ْل يق ْب َل ية ُث َّم َج َل َس َي ُب ُ‬
‫ر ي‬
‫ول إي َل ْي َها َف ُق ْل ُت‪َ :‬أ َبا َع ْبد َّ‬
‫الر ْْح يَن َأ َل ْي َس َقدْ ُ يَن َي َع ْن َه َذا‬ ‫َ‬
‫َان بين ََك وب َ ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪3‬‬
‫ُت َك َف َال بأس‪".‬‬ ‫ني ا ْلق ْب َلة يش ٌء َي ْس ُ ُ‬ ‫َق َال‪َ :‬ب ََل يإن ََّام ُ يَن َي َع ْن َذل َك يِف ا ْل َف َضاء َف َأ َّما يإ َذا ك َ َ ْ َ َ ْ‬
‫ت َق َال‪ُ :‬كنَّا يعنْدَ ع َُم َر ْب ين َع ْب يد ا ْل َع يز ييز َف َذك َْرنَا‬ ‫وال َّث ياين ‪ :‬ما رواه َخاليدُ بن َأ ييب الص ْل ي‬
‫َّ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ول‪ُ :‬ذكير يعنْدَ رس ي‬
‫ول اَّللَّي ‪-‬‬ ‫اك ْب ُن َمالي ٍك َس يم ْع ُت عَائي َش َة َت ُق ُ‬ ‫استي ْق َب َال ا ْل يق ْب َل ية بيا ْل ُف ُروجي َف َق َال يع َر ُ‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وج يه ْم َف َق َال َر ُس ُ‬ ‫ون َأ ْن َيس َت ْق يب ُلوا ا ْل يق ْب َل َة يب ُفر ي‬ ‫ي‬
‫ول اَّللَّي ‪-‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّلم ‪َ -‬أ َّن ن ً‬
‫َاسا َيك َْر ُه َ‬
‫َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّلم ‪َ " :‬أ َو َقدْ َف َع ُلوا َح ِّو ُلوا بي َم ْق َعدَ يِت إي َل ا ْل يق ْب َل ية ‪".‬‬
‫‪4‬‬

‫َت ُلو غَاليبا يمن مص ىَل فييها َفي َت َأ َّذى بيك َْش ي‬ ‫الص َح يار َي ََل َ ْ‬ ‫ي ي‬
‫ف‬ ‫َ َ‬ ‫ً ْ ُ َ‬ ‫َو َأ َّما اَل ْستدْ ََل ُل َف ُه َو َو َأ َّن َّ‬
‫عَورتي يه إي َليها يألَ َّنه إي ين اس َت ْقب َلها َأبدَ ا إي َلي يه دبره وإي ين استَدْ بر َها َأبدَ ا إي َلي يه ُقب َله َفمنيع يم ين استي ْقب ي‬
‫اُلَا‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ ََ ْ ْ ُ ُ ُ َ‬ ‫ْ َ َ ْ ْ َُُ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬
‫اإلنْس َ ي‬ ‫ي ي‬
‫يها‬
‫ان ف َ‬ ‫واستدبارها ألن َل يقطع املصلني إي َل ْي َها َو َه َذا املَْ ْعنَى َم ْعدُ و ٌم يِف ا ْل ُبنْ َيان ألَ َّن ْ ي َ‬
‫َاز يل َم َع يض ييق َها َشاق َف َو َق َع ا ْل َف ْر ُق‬
‫اَل ْستيدْ َب يار يِف املَْن ي‬
‫ال و ي‬ ‫ي ي‬
‫ُّب اَل ْست ْق َب ي َ‬ ‫اجلدَ يار َم َع َأ َّن َ َ‬
‫َتن َ‬ ‫َُت بي ْي‬‫ي‬
‫ُم ْست ٌ‬
‫ني‪.‬‬‫ني املَْ ْو يض َع ْ ي‬
‫‪5‬‬
‫َب ْ َ‬
‫أدلة قول الرابع‬ ‫‪.4‬‬
‫ني بي َح يدي َث ْ ي‬
‫ني‪:‬‬ ‫استيدْ َب َار َها يِف املَْ ْو يض َع ْ ي‬
‫اح ْ‬
‫واستَدَ َّل من منَع يم ين استي ْقب ي‬
‫اُلَا يِف املَْ ْو يض َع ْ ي‬
‫ني َو َأ َب َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َ ْ‬

‫‪ 1‬املرجع السابق‬
‫‪ 2‬املرجع السابق‬
‫‪َ3‬شح مسلم (‪ ), 155/3‬وادارقطني(‪,)58/1‬‬
‫‪َ 4‬شح معاين اَلثار للطحاوي (‪)234‬‬
‫‪ 5‬احلاوي الكبري للاموردي (‪)154/1‬‬
‫ي‬
‫الر ْْح يَن ْب ُن َي يزيدَ َع ْن َس ْل َام َن َق َال‪َ :‬ل َقدْ َع َّل َمك ُْم نَبي ُّيك ُْم َع َل ْيه َّ‬
‫الس َال ُم‬ ‫ُها ‪َ :‬ر َوا ُه َع ْبدُ َّ‬ ‫َأ َحدُ ُ َ‬
‫يشء حتى اخلرأة‪َ ،‬ق َال‪َ :‬أ َج ٌل َل َقدْ ََنَانَا ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّلم َ ‪َ ( -‬أ ْن ن َْس َت ْقبي َل ا ْل يق ْب َل َة‬ ‫ك َُّل ٍ‬

‫أحجار َأ ْو ن َْس َتنْ يج َي‬‫ٍ‬ ‫ني‪َ ،‬و َأ ََّل َي ْس َتن يْج َي َأ َحدُ نَا بي َأ َق َّل يم ْن َث َال َث ية‬
‫وبول َو َأ ََّل ن َْس َتن يْج َي بيا ْل َي يم ي‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بغائط‬
‫‪1‬‬
‫برجي ٍع َأ ْو عظ ٍم)‪.‬‬
‫َوال َّث ياين ‪َ :‬ما َر َوا ُه َأ ُبو زَ ْي ٍد َع ْن َم ْع يق يل ْب ين َأ ييب َم ْع يق ٍل ْاألَ َس يد ِّي َق َال‪ََ :‬نَى َر ُس ُ‬
‫ول اَّللَّي ‪-‬‬
‫ٍ‬
‫غائط)‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫َني ٍ‬
‫ببول َأ ْو‬ ‫َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّلم َ ‪َ ( -‬أ ْن ن َْس َت ْقبي َل ا ْل يق ْب َلت ْ ي‬

‫اَل ْستيدْ َب يار‪َ ،‬و يألَ َّن ك َُّل ُح ْك ٍم‬


‫ال عُليم إيباح ُة ي‬ ‫ي ي‬
‫ني ع َََل اَل ْست ْق َب ي َ َ َ‬ ‫احل يدي َث ْ ي‬
‫َص يِف َه َذ ْي ين ْ َ‬ ‫َف َل َّام ن َّ‬
‫‪3‬‬
‫َالص َال ية‪".‬‬ ‫ون ي‬
‫استدْ َب يار َها ك َّ‬
‫اختَص بي ي ي‬ ‫ي ي‬
‫َت َع َّل َق بيا ْلق ْب َلة ْ َّ ْ‬
‫است ْق َباُلَا ُد َ ْ‬
‫د‪ .‬املناقشة‬
‫حرم استقبال القبلة و استدبارها‪:‬‬ ‫اَلجابة عَل قول من ّ‬
‫يث َأ ييب ُه َر ْي َر َة َدال ع َََل‬ ‫يث َأ ييب ُه َر ْي َر َة َف ُه َو َأ َّن َح يد َ‬‫يم يه بيح يد ي‬
‫َ‬
‫اجلواب ملَين َذ َهب إي َل عُمو يم ََت يْر ي‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َف َأ َّما ْ َ َ ُ ْ‬
‫ان‪ ،‬يألَ َّنه َق َال‪َ " :‬فإي َذا َذ َهب َأحدُ كُم إي َل ا ْلغَائي ي‬ ‫ون ا ْلبنْي ي‬ ‫يي‬
‫اب إين ََّام ُي ْط َل ُق‬ ‫ط َو َّ‬
‫الذ َه ُ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫الص َح ياري ُد َ ُ َ‬ ‫ََت يْريمه يِف َّ‬
‫ُون يِف‬‫ون املنازل فيقال دخل َو يألَ َّن ُه َق َال " ا ْلغَائي َط " َو َذلي َك َيك ُ‬ ‫الص َح ياري‪ُ ،‬د َ‬ ‫ي‬
‫ع َََل الت ََّو ُّجه إي َل َّ‬
‫ني‪.‬‬ ‫ني عَالي َي ْ ي‬
‫َاز يل؛ يألَ َّن ُه املَْ ْو يض ُع املُْ ْست يَق ُّل َب ْ َ‬‫ون املَْن ي‬
‫الص َح ياري ُد َ‬ ‫َّ‬
‫ول‬ ‫َان ُم ْط َل ًقا َي ْقت يَِض ا ْل ُع ُمو َم َف َم ْح ُم ٌ‬‫اَل ْستيدْ ََل ُل بي َمتْني يه َف ُه َو َوإي ْن ك َ‬ ‫َان ي‬
‫وب َفإي ْن ك َ‬ ‫يث َأ ييب َأ ُّي َ‬ ‫َو َأ َّما َح يد ُ‬
‫اجتي َها ٌد يمنْ ُه َف َل ْم‬ ‫ي‬
‫وب َف َذل َك ْ‬
‫ي‬ ‫يص‪ ،‬وإي ْن ك َ ي ي‬
‫َان اَل ْستدْ ََل ُل بيف ْع يل َأ ييب َأ ُّي َ‬ ‫َّخص ي َ‬
‫َري يه يمن الت ْ ي‬
‫ع َََل َما َو َر َد يِف غ ْ ي َ‬
‫اب َعن َْها َوان يْف َص ٌال يمن َْها‪.‬‬ ‫ي‬
‫َن املَْ َع ياين َفف َيام َذك َْرنَا ُه َج َو ٌ‬
‫اب ع ي‬ ‫اجل َو ُ‬‫َي ْلزَ ْم‪َ ،‬و َأ َّما ْ َ‬
‫َاز يل‪،‬‬
‫ول ع َََل املَْن ي‬
‫يث َجابي ٍر َوا ْب ين ع َُم َر َف ُه َو حمَ ُْم ٌ‬‫ون يمن ح يد ي‬ ‫ي‬
‫استَدَ َّل بيه ْاْل َخ ُر َ ْ َ‬ ‫اب ع ََّام ْ‬ ‫اجل َو ُ‬‫َو َأ َّما ْ َ‬
‫اهدَ ية َل ُه‪.‬‬‫يه َام يم َن املُْ َش َ‬‫ان ملَيا في ي‬
‫وا ْلبنْي ي‬
‫َ ُ َ‬
‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َن ي‬
‫استدْ ََل يل ْاْل َخ يري َن بي َحدي َث ْي َس ْل َام َن َو َم ْعق ٍل َأ َّن َمن ُْص َ‬
‫وص ُه َام اَل ْست ْق َب ُال َف َصح ٌ‬
‫يح‬ ‫اب ع ي ْ‬ ‫َو َأ َّما ْ َ‬
‫اجل َو ُ‬
‫َلكي ْن َأ َرا َد بيا ْل َف ْر َج ْ ي‬
‫ني َم ًعا ُق ُب ًال َو ُد ُب ًرا‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫‪َ 1‬شخ مسلم للنووي (‪)496/3‬‬


‫‪َ 2‬شح سنن ايب داوو لعبد املحسن العباد (‪)500‬‬
‫‪ 3‬احلاوي الكبري للاموردي (‪)153/1‬‬
‫‪4‬‬
‫احلاوي الكبري للاموردي (‪)154/1‬‬
‫فأما اجلواب عن األخبار التي رووها فهو أن هذه األخبار كلها واردة ِف الصحارى دون البنيان‪،‬‬
‫أَل ترى لقوله عليه السالم‪« :‬إذا أتى أحدكم الغائط»‪ ،‬والغائط هو الفضاء املتسع بني ربوتني‬
‫وروي أيض ًا ِف خرب آخر‪« :‬إذا أراد أحلدكم الرباز لغائط أو بول»‪ ،‬والرباز‪ :‬هو الصحراء وألن‬
‫النبي عليه السالم إذا خاطب أهل املدينة‪ ،‬والنهي توجه إليهم‪ ،‬وَل تكن ُلم أخلية وَل حشوش‪،‬‬
‫وإنام كانوا خيرجون حلاجتهم إل الصحراء؛ بدليل ما روي أن عمر ريض اَّلل عنه رأى سودة‬
‫خرجت إل الصحراء‪ ،‬فقال ُلا‪ :‬قد عرفتك‪ ،‬وإنام قال ُلا ذلك؛ ألنه غار عليها‪.‬‬

‫وجواب آخر‪ :‬وهو أنه لو كان النهي مطلق ًا‪ ،‬وَل يكن فيه ما يقتِض الصحارى لكان عام ًا‪،‬‬
‫ل وأيض ًا فالذي رويناه متأخر ًا واملتأخر ينسخ املتقدم‪ ،‬ملا‬ ‫وأخبارنا َتصه‪ ،‬ألَنا ِف البنيان فهي أو ‪,‬‬
‫روي عن جابر أن نبي اَّلل َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم كان ينهانا عن استقبال القبلة لبول‪ ،‬ثم قال‪ :‬رأيته‬
‫قبل أن يقبض بعام يستقبلها لبول‪.‬‬

‫فإن قيل‪ :‬إن أبا أيوب هو الراوي عن النبي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم وهو الذي ذهب إل أن النهي‬
‫وارد ِف البنيان‪ ،‬أَل ترى أنه ملا رأى مراحيض الشام إل القبيلة َترف عنها‪.‬‬

‫قيل‪َ :‬يوز أن يكون أبو أيوب إنام ذهب إل ذلك؛ ألنَّه َل يعرف أخبار اإلباحة‪.‬‬

‫فإن قيل‪ :‬فإنَّه مستقبل بفرجه الكعبة من غري رضورة فوجب أَل َيوز‪ ،‬دليله الصحراء‪ .‬وأيض ًا‬
‫فإن ما تعلق بحرمة الكعبة َل يفُتق احلكم فيه من البنيان والصحارى‪ ،‬كاستقبال القبلة للصالة‪،‬‬
‫فإنَّه َيب فيها مجيع ًا‪.‬‬

‫وأ َي ًا فإ َّنه ليس ِف البنيان أكثر من حصول حائل بينه وبني الكعبة‪ ،‬وهو احلائط والسُتة‪ ،‬وهذا َل‬
‫يمنع من وجود املنع منه‪ ،‬والنهي عنه‪ ،‬بدليل أن الصحارى َتول فيام بينه وبني الكعبة جبال‬
‫وأبنية وحيطان وأشجار وغري ذلك‪ ،‬ثم كان املنع من استقباُلا واستدبارها موجود ًا ثابت ًا‪.‬‬

‫قيل‪ :‬أما قياسكم عَل الصحارى والفضاء‪ ،‬فإن املعنى فيهام َّأَنا َل َتلو من مصل ِف الغالب‪ :‬فلم‬
‫َيز خيفة أن تظهر عورته للمصيل‪ ،‬وليس كذلك البناء؛ ألنَّه يمنع من النظر إليه فلهذا جاز‪.‬‬

‫وقولكم‪ :‬إن ما تعلق بحرمة الكعبة يستوي فيه حكم الصحراء والبنيان كاستقبال القبلة‬
‫للصالة‪ ،‬فإننا نقول‪ :‬هذا قياس بحكم ُمهول َل يصح‪ ،‬ألنه َل يمكنهم إظهار حكمه؛ ألنَّكم إن‬
‫قلتم‪ :‬يستوي فيه البنيان والصحارى ِف الوجوب َل َتدوا ذلك ِف الفرع؛ َّ‬
‫ألن من الفرع عندكم‬
‫املنع والُتك‪ ،‬وإذا قلتم باملنع ِف الفرع َل َتدوه ِف األصل‪ ،‬ألن حكمه عَل الوجوب‪.‬‬

‫وعَل أنه قياس فاسد ِف املوضوع‪ ،‬ألن الفرع إنام يرد إل األصل ليجعل حكم الفرع حكمه‪ ،‬وإن‬
‫كان حكمه الوجوب جعل حكم الفرع الوجوب‪ ،‬وإن كان حكم األصل السقوط كان حكم‬
‫الفرع مثله‪ ،‬فأما أن يكون حكم األصل بالضد م حكم الفرع فال يكون قاسي ًا صحيح ًا‪.‬‬

‫ثم إننا نفرق فيام يقع بحرمة الكعبة بني الصحارى والبنيان‪ ،‬أَل ترى أنه َل َيوز له ِف البنيان ترك‬
‫ال مع القدرة‪ ،‬وإذا كان مسافر ًا فبان من البيوت جاز له ترك القبلة ِف‬
‫القبلة ِف الصالة أص ً‬
‫النوافل‪.‬‬

‫وقولكم‪ :‬إن احلائل بينه وبني القبلة ِف الصحارى من اجلبال وغريها َل يمنع من أن يكون َمنوع ًا‬
‫من اَلستقبال واَلستدبار‪ ،‬فكذلك احلائل ِف البنيان َل يمنع أن يكون َمنوع ًا منه؛ إذ لو أباح له‬
‫هذا ألباحه له ِف الصحارى‪.‬‬

‫فجوابه‪ :‬أننا نحن َل نجوز له اَلستقبال واَلستدبار ِف البنيان لوجود احلائل بينه وبني القبلة‪،‬‬
‫ولكن لوجود احلائل بينه وبني مصل يراه ِف الغالب‪ ،‬ويرى عورته‪ ،‬وهذا املعنى معدوم ِف‬
‫الصحارى‪ ،‬فإن وجد هذا املعنى فيها جاز أن يبول مستقبالً‪.‬‬

‫ومجلة األمر‪ :‬هو أنه قد روي ِف هذا الباب أخبار تفيد احلظر عَل العموم‪ ،‬وأخبار تقتِض‬
‫اإلباحة‪ .‬فمن قال باحلظر ِف الصحراء والبنيان أسقط أخبار اإلباحة‪ ،‬ومن قال باإلباحة ِف‬
‫ي‬
‫احلظر‪ ،‬ونحن نستعمل اجلميع فنحمل عموم احلظر عَل‬ ‫املوضعني مجيع ًا أسقط أخبار‬
‫الصحارى‪ ،‬وعموم اإلباحة عَل البنيان‪ ،‬واَلستعامل أول‪.‬‬

‫وقد روي أن ابن عمر أناخ راحلته‪ ،‬وجلس يبول إل القبلة‪ ،‬فقيل له‪ :‬إن النبي عليه السالم َنى‬
‫عن اَلستقبال‪ .‬فقال‪ :‬ذاك ِف الفضاء الذي ليس بينك وبينها حائل‪ .‬فأما إذا كان يسُتك عن‬
‫القبلة فال بأس‪.‬‬

‫فإن قيل‪ :‬فإنا نستعمل األخبار كام استعلمتم‪ ،‬عَل الرواية التي رواها أبو يوسف عن أيب حنيفة‪،‬‬
‫من جواز اَلستدبار ِف الصحارى والبنيان‪ ،‬واملنع من اَلستقبال ِف الصحارى والبنيان‪.‬‬
‫قيل‪ :‬قد بينا الفرق بني الصحارى والبنيان؛ ألن الصحارى َل َتلو من مصل‪ ،‬فال ينبغي أن يرى‬
‫فرج اإلنسان وَل دبره‪ ،‬والبنيان ليس كذلك‪ ،‬واستعامل اجلميع من اَلستقبال واَلستدبار َيوز‬
‫ِف البنيان ملا ذكرناه‪ ،‬ويمتنع ِف الصحارى ملا ذكرناه‪ .‬واستعاملنا أول من وجه آخر؛ وهو أنه‬
‫يضيق عَل الناس ِف األبنية أن تكون مراحيضهم غري مستقبلة القبلة‪ ،‬ويشق عليهم ِف الغالب أن‬
‫يتحرفوا فيها عن اَلستقبال‪ ،‬وربام ضاقت عن ذلك‪ ،‬وليس ِف الصحارى أن يتحرفوا فيها عن‬
‫اَلستقبال‪ ،‬وربام ضاقت عن ذلك‪ ،‬وليس ِف الصحارى ما يمنعهم من اَلنحراف ن مع ما‬
‫ذكرناه من أَنا َل َتلو م مصل يرى فروجهم وأدبارهم‪.‬‬

‫وَيوز أن نقول‪ :‬قد اتفقنا عَل جواز اَلستدبار ِف البنيان‪ ،‬فكذلك اَلستقبال‪ ،‬بعلة أنَّه مستقبل‬
‫بأحد فرجيه القبلة من وراء حائل خيففه‪.‬‬

‫فإن قيل‪ :‬قد اتفقنا عَل املنع من اَلستقبال ِف الفضاء فكذلك ِف البنيان؛ بعلة أنه مستقبل بفرجه‬
‫القبلة مع القدرة عَل اَلستدبار‪.‬‬

‫قيل‪ :‬قد ذكرنا الفرق بني الفضاء والبنيان‪ ،‬وأنه َل يمكنه ِف الغالب اَلنحراف حتى َل يرى‬
‫فرجيه مجيع ًا مصل‪ ،‬وأنه ِف البنيان دونه حائل‪ ،‬ويضيق أيض ًا عليهم بناء املراحيض غري مستقبلة‬
‫‪1‬‬
‫القبلة‪ ،‬ويشق اَلنحراف ِف الغالب‪ ،‬وباَّلل التوفيق‪.‬‬

‫اَلجابة عَل قول من ْاجاز ْاستقبال القبلة و استدبارها ِف البنيان َل ِف الصحاري ‪:‬‬
‫اب عَل قول من ْاجاز ْاستقبال القبلة و استدبارها ِف البنيان َل ِف الصحاري‬ ‫َف َأ َّما ْ َ‬
‫اجل َو ُ‬

‫قال أصحابنا‪َ :‬ل َيوز استقبال القبلة عند احلاجة ِف البيوت والصحاري‪ ،‬وِف استدبارها‬
‫روايتان‬

‫وقال الشافعي‪َ :‬يوز ِف األبنية‪.‬‬

‫لنا‪ :‬ما رواه الزهري عن عطاء بن يزيد عن أيب أيوب أن النبي ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ -‬قال‪:‬‬
‫((إذا أتيتم الغائط فعظموا قبلة اَّلل‪ ،‬فال تستقبلوها‪ ،‬وَل تستدبروها‪ ،‬ولكن َشقوا‪ ،‬أو غربوا))‪،‬‬
‫قال أبو أيوب‪ :‬ملا قدمنا الشام وجدنا مراحيضهم قد بنيت نحو الكعبة‪ ،‬فنحن ننحرف عنها‪،‬‬

‫عيون اَلْدلة َلبن القصار (‪)355/1‬‬ ‫‪1‬‬


‫ونستغفر اَّلل عز وجل‪ ،‬فاخلرب عام‪ ،‬وقد فهم الراوي منه البنيان وغريه‪ .‬وروى سلامن أن النبي ‪-‬‬
‫صَل اَّلل عليه وسلم ‪َ -‬نى أن نستقبل القبلة بغائط أو بول‪ ،‬وذكر أبو داود حديث معقل بن أيب‬
‫معقل األسدي قال‪َ :‬نى رسول اَّلل ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ -‬أن يستقبلوا القبلة ببول أو‬
‫غائط‪- .‬قالوا‪ :‬هذه األخبار ذكر فيها الغائط‪ ،‬وهو املوضع املطمئن من األرض‪ ،‬وذلك َل يكون‬
‫ِف الصحاري‪.‬‬

‫قلنا‪ :‬الغائط قد صار ِف العرف اسام للحاجة‬

‫قالوا‪ :‬األخبار خرجت عَل املعتاد‪ ،‬وَل يكن بني باملدينة أخلية‬

‫قلنا‪ :‬هذا َتصيص للعموم بالسبب‪ ،‬واملعترب عموم اللفظ دون خصوص السبب‪ ،‬وألنه حكم‬
‫يتعلق بالقبلة‪ ،‬فال خيتلف بالصحاري والبيوت‪ ،‬كاَلستقبال ِف الصالة‪ ،‬وألنه تعظيم حلق اَّلل‬
‫تعال فال خيتلف بالبنيان وغريه‪ ،‬كتعظيم املساجد‪ ،‬وألن حكام ُمنع املصيل من استعامله ِف الرشع‬
‫أبيح مع احلائل بالبعد‪ ،‬كاحلائل‪ ،‬أصله‪ :‬الصالة إل القرب‪ ،‬فلام َل َيز اَلستقبال مع البعد؛ كذلك‬
‫احلائل‪ ،‬وألن كل حمل نزه عن اخلالء إذا كان غري مبني نزه مع البناء‪ ،‬كاملسجد‪ .‬وَل يقال‪ :‬إن‬
‫األبنية َتول بني اإلنسان وبني املصيل‪ ،‬والفضاء ليس فيه حائل فيستقبل املصيل عورته؛ وذلك‬
‫ألن البناء والبعد ِف املنع سواء‪ ،‬فلو منع احلائل منع البعد‪ .‬وَل يقال األبنية تضيق فيشق اعتبار‬
‫اَلنحراف فيها والصحاري َل تضيق؛ ألن صحون الدور وسطوحها َل تضيق عن اَلنحراف‬
‫وإن جوز اَلستقبال‪ ،‬وألن عادة الناس ِف سائر بالدهم أن َيرفوا البناء‪ ،‬ولو شق َل يتكلفوه‪،‬‬
‫وألن الضيق إنام يؤثر ِف البناء‪ ،‬وَيوز أن يبنى نحو القبلة وينحرف اجلالس عليه‪.‬‬

‫احتجوا بام رواه خالد بن أيب الصلت عن عراك عن عائشة ريض اَّلل عنها قالت‪ :‬ذكر لرسول اَّلل‬
‫‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ -‬أن قو ًما يكرهون استقبال القبلة بوجوهه‪.‬‬

‫فقال‪ :‬أو قد فعلوها‪ ،‬استقبلوا بمقعدِت القبلة‪.‬‬

‫واجلواب‪ :‬أن البخاري ذكر ِف تارخيه أن هذا اخلرب مرسل‪ ،‬وأن الثقات أوقفوه عَل عائشة‪.‬‬

‫وقوُلم‪ :‬إن عراك سمع َمن هو ِف طبقة عائشة َل يمنع إرساله؛ ألن البخاري َل يذكر جهة‬
‫اإلرسال؛ فيجوز أن يكون خالد َل يسمع من عراك‪ ،‬وَيوز أن يكون عراك سمع من ِف طبقة‬
‫عائشة دوَنا؛ وألن اخلرب َل دَللة فيه؛ ألَنا َل تقل ِف ماذا تكلموا‪ ،‬فيجوز أن يكونوا اعتقدوا‬
‫َتريم البناء نحو القبلة فأنكر النبي ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ -‬ذلك؛ ألن التحريم ِف اجللوس‪،‬‬
‫وُلذا أمر بتحويل مقعدته وَل يتحول بنفسه‪.‬‬

‫احتجوا‪ :‬بام روى عن ابن عمر أنه قال‪ :‬لقد رقيت عَل سطح مرة‪ ،‬فرأيت النبي ‪ -‬صَل اَّلل عليه‬
‫جالسا عَل لبنتني مستقبل الكعبة‪.‬‬
‫ً‬ ‫وسلم ‪-‬‬

‫وِف بعض األخبار‪ :‬مستقبل بيت املقدس‪ .‬وروى جابر قال‪َ :‬نى رسول اَّلل ‪ -‬صَل اَّلل عليه‬
‫وسلم ‪ -‬عن استقبال القبلة للبول‪ ،‬ثم رأيته قبل أن يقبض بعام يستقبل‪.‬‬

‫واجلواب‪ :‬أن خرب ابن عمر روي ِف اَلستدبار‪ ،‬وهو جائز ِف إحدى الروايتني‪ ،‬وألن حكاية‬
‫فعل فيحتمل أن يكون لعذر‪ ،‬فال يمكن التعلق بعمومه‪ ،‬ثم النهي عن استقبال القبلة استفاض‬
‫ِف الصحابة‪ ،‬وهذه األخبار إما أن تنسخ وإما أن َتصص‪ ،‬فكان َيب أن يبينها ‪ -‬صَل اَّلل عليه‬
‫ظاهرا‪ ،‬فأما أن يقع البيان بفعله ِف حال َل َيوز اَلطالع عليه فال‪ ،‬ولو ثبت جواز‬
‫ً‬ ‫وسلم ‪ -‬بيانًا‬
‫اَلستقبال ِبذه األخبار لثبت بكل حال‪ ،‬أَل ترى أنه ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ -‬إذا فعل ً‬
‫فعال َل‬
‫خيتص جوابه بالبقعة التي فعله فيها‪ ،‬وَل معنى لقوُلم كيف يظن بالنبي ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم‬
‫‪ -‬أن يفعل باطنًا ما َل َيوز؛ ألنا َل نظن ذلك‪ ،‬وإنام ْحلنا فعله عَل حالة العذر‪ ،‬ومنعنا تبني‬
‫الرشع ِف حالة َل َيوز أن يشاهد عليها‪.‬‬

‫وقوُلم‪ :‬إن الصحابة رجعوا إل عائشة ِف التقاء اخلتانني بقوُلا‪ :‬فعلته أنا ورسول اَّلل ‪ -‬صَل اَّلل‬
‫عليه وسلم ‪ -‬فاغتسلنا‪َ ،‬ل يصح؛ ألَنم رجعوا أن روايتها أن النبي ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪-‬‬
‫قال‪(( :‬إذا التقى اخلتانان وجب الغسل)) ثم ذكرت الفعل بعد ذلك‪ ،‬وألَنم رجعوا إليها ِف‬
‫هذا الفعل الذي َيوز ُلا أن تطلع عليه‪ ،‬وألن األخبار ملا تعارضت كانت أخبارنا أشهر‪ ،‬وأكثر‬
‫رواة‪ ،‬وأصح طر ًقا‪ ،‬وتوجب احلظر‪ ،‬وهو قول متقدم عَل الفعل‪.‬‬

‫ومن أصحابنا من ْحل رواية استقبال القبلة عَل استقبال بيت املقدس‪ ،‬وقد روي عن النبي ‪-‬‬
‫صَل اَّلل عليه وسلم ‪ :-‬أنه َنى عن استقبال القبلتني‪ ،‬فلام نسخت القبلة األول جاز استقباُلا‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬الصحراء َل َتلو من مصَل أو ملك‪ ،‬فيستقبله بفرجه والبنيان َيول بني اجلالس وبني‬
‫املصيل‪.‬‬
‫وهذا ليس بصحيح؛ ألنه يقتِض أن يكون املنع لعني حرمة القبلة‪ ،‬وقد فهم املسلمون من‬
‫التحريم أنه تكرمة القبلة دون املصلني‪ ،‬وألن احلائل لو أزال املعنى الذي ذكروه زال بالبعد‪ ،‬كام‬
‫قلنا ِف الصالة إل القرب‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬األبنية تضيق والفضاء يتسع‪ ،‬ففرق بينهام للمشقة‪ ،‬كام فرق بني الصالة عَل الراحلة ِف‬
‫احلرض والسفر‪.‬‬

‫قلنا‪ :‬لو كان هذا يشق َل يتفق فعل الناس عَل احتامل املشقة‪ ،‬وألن الصالة َل َتتلف بالبنيان‬
‫والفضاء‪ ،‬وإنام َتتلف باملرص وخارج املرص‪ ،‬وعَل أن الصالة عكس مسألتنا‪ ،‬أَل ترى أَنا‬
‫‪1‬‬
‫َرب ِبا مع املخالفة‪.‬‬
‫ُحظرت ِف املرص وأبيحت خارج املرص؟ فلم َيز أن ُي ْعت َ َ‬

‫ه‪ .‬إختيار الكاتب ‪:‬‬


‫بعد عرضنا ادلة اصحاب اَلقوال اَلربعة و مناقشتها يتبني يل ان الراجح ما ذهب اليه‬
‫مذهب السافعي و غريه من ان استقبال القبلة و استدبارها َيوز ِف البنيان بدليل رواية ُمُ ي‬
‫َاهدٌ َع ْن‬
‫اَلستي ْق َب ي‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫َُت بي ْي‬
‫اجلدَ يار َم َع َأ َّن َ َ‬ ‫اإلنْس َ ي‬ ‫جابي ٍر و رواية و ي‬
‫ال‬ ‫ُّب ْ‬ ‫َتن َ‬ ‫يها ُم ْست ٌ‬
‫ان ف َ‬ ‫َن ا ْب ين ع َُم َر بان ْ ي َ‬
‫اس ُع بن حيان ع ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َاز يل َم َع يض ييق َها َشاق‪.‬‬
‫اَل ْستيدْ َب يار يِف املَْن ي‬
‫و ي‬
‫َ‬
‫يث َأ ييب ُه َر ْي َر َة‬ ‫حد ُ‬ ‫وَيرم عَل قاىض احلاجة استقبال القبلة و استدبارها ِف الصحاري بدليل ي‬

‫َت ُلو غَالي ًبا يم ْن ُم َص ىَل‬ ‫الص َح يار َي ََل َ ْ‬‫وب ْاألَن َْص يار ِّي ب َأ َّن َّ‬
‫ي‬
‫و حديث َع َطا ُء ْب ُن َي يزيدَ ال َّل ْيث ُّي َع ْن َأ ييب َأ ُّي َ‬
‫استَدْ َب َر َها َأ ْبدَ ا يإ َل ْي يه ُق ُب َل ُه َف ُمني َع‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫اس َت ْق َب َل َها َأ ْبدَ ا يإ َل ْيه ُد ُب َر ُه َو يإن ْ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫يي‬ ‫ي‬
‫يها َف َي َت َأ َّذى بيك َْشف ع َْو َرته يإ َل ْي َها ألَ َّن ُه يإن ْ‬
‫ف َ‬
‫ي‬
‫يم ين استي ْقب ي‬
‫اُلَا واستدبارها ألن َل يقطع املصلني إي َل ْي َها‪ .‬واَّلل أعلم‪.‬‬ ‫ْ َ‬

‫مذهب األئمة ِف مسألة ملس الرجل لألجنبية‬

‫‪ 1‬التجريد للقدوري مس ْالة ‪)148/1( 23‬‬


‫اإلعداد‬

‫حممد حمفوظ إحسان الزَمي‬

‫املقدّ مة‬

‫احلمد َّلل الذي علم بالقلم‪ ،‬علم اإلنسان ما َل يعلم‪ ،‬والصالة والسالم األكمالن التامان عَل أفصح من‬
‫نطق بالضاد وأفضل من أوِت فصل اخلطاب وجوامع الكلم‪ ،‬سيدنا وموَلنا وإمامنا وقدوتنا وقائدنا وقرة‬
‫أعيننا حممد بن عبد اَّلل صاحب املقام املحمود واحلوض املورود واجلاه ا ألعظم‪ ،‬وعَل آله األطهار‬
‫وصحبه األبرار ومن اهتدى ِبديه واستن بسنته إل يوم الدين‪.‬‬

‫وبعد‪ ،‬ففي هذه املقدمة سأبني مشكلة البحث وأسباب اختياره وأهدافه ومنهج البحث وخطة البحث‪.‬‬

‫مشكلة البحث‪.‬‬ ‫أوَل‪:‬‬

‫يستخدم هذا البحث لوفاء فرض اَلمتحان للفقه املقارن‪.‬‬

‫أسباب اختيار البحث‪.‬‬ ‫ثانيا‪:‬‬

‫تم اختيار هذا البحث ألن املصدر الرئييس ملشاكل الشباب هو شدة التعامل مع األجنبية بدون النظر إل‬
‫املعيار الرشعي‬

‫أهداف البحث‬ ‫ثالثا‪:‬‬

‫يريد الباحث من هذا البحث َتقيق اُلدفني التاليني‬

‫‪ .1‬التطبيق العميل للفقه املقارن ومع ذلك أصول الفقه‬


‫‪ .2‬جعل هذا البحث كاملبادئ التوجيهية للتعامل مع األجنبية‬

‫منهج البحث‬ ‫رابعا‪:‬‬

‫من أجل جالء مشكلة البحث‪ ،‬سوف أكتب املنهج التحلييل‪ .‬وذلك كاْلِت‪:‬‬

‫‪ .1‬سوف أقدّ م بالوضوح كل البحوث ِف كل املذهب َتت العنوان "أقوال األئمة"‪.‬‬


‫‪ .2‬سوف أبدأ البحث بنقل العبارة من الكتب املعتربة ّ‬
‫لكل املذهب‪.‬‬
‫‪ .3‬ثم بعد ذلك أوضح األدلة مع مناقشتها مباَشة مبسطا‬
‫‪ .4‬ففي آخر البحث من كل املذهب‪ ،‬أضيف خالصة رأهيم‪.‬‬
‫‪ .5‬وبعد البحث ِف "أقوال األئمة"‪ ,‬أذكر فيه حمل اَلختالف‬
‫‪ .6‬وِف النهاية‪ ،‬أختتم باستنتاجي كالباحث ُلذه الورقة‪.‬‬
‫خطة البحث‬ ‫خامسا‪:‬‬

‫وقد رتبت هذا البحث عَل‪:‬‬

‫‪ .1‬أقوال األئمة وفيها أدلتهم‬


‫‪ .2‬مناقشة األدلة‬
‫‪ .3‬حمل اَلختالف‬
‫‪ .4‬استنتاج الباحث‬
‫‪ .5‬املراجع‬

‫أقوال األئمة‬

‫احلنفية‬ ‫‪.i‬‬

‫قال ِف الدر املختار ‪:‬‬


‫‪1‬‬

‫الَنَا بيا ْل يق َيا يم‬


‫الة ا ْن َت َق َض َل بعدَ ه ليب ْط ي‬
‫َْ ُ ُ‬
‫ان ‪ -‬و َلو ن يَيس ا ْلب ياين املَْسح َف َقه َقه َقب َل يقي يام يه ليلص ي‬
‫َّ‬ ‫ْ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫«و يمن مسائي يل اَلمتيح ي‬
‫ْ َ‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫ي‬ ‫ي ي ي ي ي‬ ‫ي‬ ‫ني املَْ ْر َأت ْ ي‬ ‫اَش ٌة َف ي‬
‫اح َش ٌة) بيت ََام ِّس ا ْل َف ْر َج ْ ي‬
‫الر ُج َل ْني َم َع اَلنْت َشار (ل ْل َجان َب ْني) املُْ َب ُ‬
‫اَش‬ ‫َني َو َّ‬ ‫ني َو َل ْو َب ْ َ‬ ‫إ َل ْي َها َ‬
‫(و ُم َب َ َ‬
‫(وا ْم َر َأ ٍة) َو َأ ْم َر َد‪َ ،‬لكي ْن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫اَش‪َ ،‬و َل ْو بيال َب َل ٍل ع َََل املُْ ْعت ََمد‪َ( .‬ل) َينْ ُق ُض ُه ( َم ُّس َذك ٍَر) َلك ْن َيغْس َل َيدَ ُه نَدْ ًبا َ‬ ‫َواملُْ َب َ ُ‬
‫وه‪َ ،‬م ْذ َهبي يه»‬
‫َاب مكْر ي‬ ‫ي‬ ‫إلما يم‪َ ،‬لكين بي َ ي‬
‫رشط عَدَ يم ُلزُ و يم ْارتك ي َ ُ‬
‫ْ ْ‬
‫ينْدَ ب لي ْل ُخروجي يمن ْ ي ي ي ي‬
‫اخلالف َل س َّي َام ل ي َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬

‫ّ‬
‫واستدل احلنفية عن هذا‪:‬‬ ‫•‬

‫‪ 1‬الدر املختار‬
‫ول اَّللَّي ‪َ ‬يت ََو َّض ُأ‪ُ ،‬ث َّم ُي َق ِّب ُل َب ْعدَ َما َيت ََو َّض ُأ‪ُ ،‬ث َّم ُي َص ِّيل َوَل‬
‫َان َر ُس ُ‬
‫‪ .1‬ما روي عن عائشة انّه ك َ‬
‫‪1‬‬
‫َيت ََو َّض ُأ "‬
‫ب‪َ ،‬و َأ ْْحَدُ ْب ُن َمنييعٍ‪َ ،‬وحمَ ُْمو ُد‬ ‫‪ .2‬ما روي عن عائشة‪ .‬ومتامه َحدَّ َثنَا ُق َت ْي َب ُة‪َ ،‬و َهنَّا ٌد‪َ ،‬و َأ ُبو ك َُر ْي ٍ‬
‫ش‪َ ،‬ع ْن َحبي ي‬ ‫يع‪َ ،‬ع ْن ْاألَع َْم ي‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ْب ُن َغ ْي َال َن‪ ،‬و َأبو ع ََّام ٍر ْ‬
‫يب‬ ‫ني ْب ُن ُح َر ْيث‪َ ،‬قا ُلوا‪َ :‬حدَّ َثنَا َوك ٌ‬ ‫احل َس ْ ُ‬
‫الص َال ية‬ ‫ي يي‬ ‫ي‬
‫ْب ين َأ ييب َثابيت‪َ ،‬ع ْن ع ُْر َوةَ‪َ ،‬ع ْن عَائ َش َة‪َ ،‬أ ّن النَّبي َّي " َق َّب َل َب ْع َض ن َسائه‪ُ ،‬ث َّم َخ َر َج إي َل َّ‬
‫ٍ‬

‫َت "‬
‫‪2‬‬
‫ْت‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف َض يحك ْ‬ ‫و ََل يتَو َّض ْأ‪َ ،‬ق َال‪ُ :‬ق ْل ُت‪ :‬من يهي إي ََّل َأن ي‬
‫َ ْ َ‬ ‫َ َْ َ‬
‫‪ .3‬مفهوم قوله تعال قوله تعال‪َ  :‬أ ْو ََل َم ْست ُُم الن َِّسا َء‪] ‬النساء‪[43 :‬و] املائدة‪[3 :‬‬
‫إَنم فارقوا الشافعية حيث قالوا ّ‬
‫ان مفهوم "َلمستم" هو مالمسة البرشة بني الرجل‬
‫واألجنبية‪ّ .‬‬
‫فإن احلنفية تفهم أن "َلمستم" هو اجلامع‪ .‬قال صاحب َتفة امللوك "قلنا‪:‬‬
‫إن معنى َلمستم‪ :‬جامعتم‪ ،‬ألنه هو املتعارف بني أهل اللغة" ‪ .‬وهذا موافقة ما قاله ابن‬
‫‪3‬‬

‫س َع ْن ْي‬
‫اجل َام يع " وقال عن هذا‬ ‫‪4‬‬
‫يم َي يع ُّ‬
‫ف‪َ :‬كنَّى بيال َّل ْم ي‬ ‫إن اَّللََّ َت َع َال َحييي ك يَر ٌ‬
‫ع ّباس ‪َّ " :‬‬
‫‪5‬‬
‫أيضا وعطاء‪ ،‬وطاووس‪ ،‬ومرسوق‪ ،‬واحلسن‪ ،‬وسفيان الثوري‬
‫‪ .4‬وفيه قياس وهو أن عني املس ليس بحدث‪ ،‬بدليل مس ذوات املحارم‪ ،‬وإنام احلدث ما‬
‫‪6‬‬
‫خيرج عند املس‪ ،‬وذلك ظاهر‪ ،‬فال حاجة إل إقامة السبب مقامه‪.‬‬

‫• أقوال احلنفية حول ملس الرجل األجنبية‬


‫استي ْح َسانًا وهذا قوَل أبو حنيفة وأبو يوسف‬ ‫‪َ .1‬أ َّنه ينْ َت َق ُض ا ْلو ُضوء بيمب َ ي ي ٍ‬
‫اَشة َفاح َشة ْ‬
‫ُ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬

‫أخرجه أبو داود (‪ ،)179‬والُتمذي (‪ ،)86‬والنسائي (‪ ،)170‬وابن ماجه (‪ ،)503‬وأْحد (‪ )25766‬الدارقطني (‪/1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪)254‬‬
‫أخرجه أبو داود (‪ ،)179‬والُتمذي (‪ ،)86‬والنسائي (‪ ،)170‬وابن ماجه (‪ ،)503‬وأْحد (‪)25766‬‬ ‫‪2‬‬

‫«منحة السلوك ِف َشح َتفة امللوك» (ص‪)67‬‬ ‫‪3‬‬

‫أحكام القران َلبن العريب (‪)564/1‬‬ ‫‪4‬‬

‫املذكرة‬ ‫‪5‬‬

‫ص‪ - 74‬كتاب املحيط الربهاين ِف الفقه النعامين ‪ -‬الفصل الثاين ِف بيان ما يوجب الوضوء وما َل يوجب ‪ -‬املكتبة‬ ‫‪6‬‬

‫الشاملة احلديثة‬
‫قال ابن مازة‪ " :‬فإذا باَش امرأته مباَشة فاحشة بتجرد وانتشار ومالقاة الفرج الفرج‪ ،‬ففيه‬

‫الوضوء ِف قول أيب حنيفة‪ ،‬وأيب يوسف استحسان ًا " ووجه اَلستحسان َأ َّن املُْ َب َ َ‬
‫اَش َة‬ ‫‪1‬‬

‫ب كَاملُْت ََح ِّق يق‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ا ْل َف ي‬


‫‪2‬‬
‫َت ُلو َع ْن ُخ ُروجي املَْ ْذ يي غَال ًبا‪َ ،‬وا ْلغَال ُ‬ ‫اح َش َة َل َ ْ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫َرش آ َل ُت ُه‪،‬‬ ‫اَش ا ْم َر َأ َت ُه ُمُ ََّر َد ْي ين َوا ْنت َ َ‬
‫قال عبد الرْحن شيخي زاده توضيحا لذلك‪َ " :‬وه َي َأ ْن ُي َب َ‬
‫اَش َة ع َََل َه يذ يه‬ ‫ي‬
‫الر ُج َل؛ ألَ َّن املُْ َب َ َ‬ ‫الر ُج ُل َّ‬ ‫اَش َّ‬
‫ي‬
‫اب َف ْر ُج ُه َف ْر َج َها َو ََل ْ َي َر َب َل ًال َوك ََذا َأ ْن ُي َب َ‬‫َو َأ َص َ‬
‫احتي َيا ًطا‪َ ،‬و ََل ْ َي ْش َ يُت ْط َب ْع ُض ُه ْم ُم َال َقا َة‬ ‫ب كَا ُْمل َت َي َّق ين ْ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َت ُلو غَال ًبا َع ْن ا َْمل ْذ يي َف ُجع َل ا ْلغَال ُ‬ ‫الص َف ية ََل َ ْ‬
‫ِّ‬
‫اهر ْاألَو ُل َمليا َذكَره كَثيري يمن ا ْل ُف َقه ي‬ ‫ي‬
‫‪3‬‬
‫اء "‬ ‫َ‬ ‫َُ ٌ ْ‬ ‫ا ْل َف ْرجي ‪َ ،‬وال َّظ ُ َّ‬

‫‪َ .2‬ل ُينْ َت َق ُض ا ْل ُو ُضو ُء يإَل يب ُخ ُروجي املَْ ْذ يي وهذا قول حممد ابن احلسن الشيباين‬
‫وء يم ْن َأ ِّي َجاني ٍ‬‫اض ا ْلو ُض ي‬ ‫ي‬ ‫قال عبد الرْحن شيخي زاده‪َ :‬و يِف يصيغ يَة املُْ َفا َع َل ية َ‬
‫ب‬ ‫إش َار ٌة َإل انْت َق ي ُ‬
‫(خ َال ًفا ملُي َح َّم ٍد)؛ يألَ َّن يعنْدَ ُه ََل َينْت يَق ُض َّإَل إ َذا‬
‫ني ي‬ ‫الر ُج َل ْ ي‬ ‫الر ُج يل َواملَْ ْر َأ ية َأ ْو َب ْ َ‬
‫ني َّ‬ ‫ني َّ‬ ‫ك َ‬
‫َان َس َوا ٌء َب ْ َ‬
‫وج َيش ٍء؛ يألَ َّن ا ْل ُو ُضو َء َثابي ٌت بي َي يق ٍ‬
‫ني َف َال َي ْرت يَف ُع بيالت ََّو ُّه يم‪َ ،‬و ْاألَ َّو ُل َأ ْح َو ُط‪.‬‬ ‫ني ُخ ُر َ ْ‬
‫َت َب َّ َ‬
‫‪4‬‬

‫• وخالصة قول احلنفية هنا‬


‫ب َأ ُبو َحنيي َف َة َو َأ ُبو‬ ‫ي‬ ‫َاق ٍ ي‬ ‫َري َشهو ٍة غَري ن ي‬‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ي ي‬
‫ض ل ْل ُو ُضوء‪َ ،‬و َذ َه َ‬ ‫َأ َّن ملَْ َس املَْ ْر َأة غ َْري املَْ ْح َر يم بي َش ْه َوة َأ ْو بيغ ْ ْ َ ْ ُ‬
‫استي ْح َسانًا‪َ .‬و يه َي َم ُّس َف ْرجٍ َأ ْو ُد ُب ٍر بي َذك ٍَر ُمنْت يَص ٍ‬
‫ب‬ ‫ف إي َل‪َ :‬أ َّنه ينْ َت َق ُض ا ْلو ُضوء بيمب َ ي ي ٍ‬
‫اَشة َفاح َشة ْ‬ ‫ُ َُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫وس َ‬‫ُي ُ‬
‫ي ي ي‬ ‫بيال حائي ٍل يمنَع حرار َة ْ ي‬
‫احل َر َارةَ‪َ .‬وك ََام ُينْ َت َق ُض ُو ُضو ُء‬ ‫اجلَ َسد‪َ ،‬أ ْو َم َع ُو ُجود َحائ ٍل َرق ٍيق َل َي ْمن َُع ْ َ‬ ‫َْ ُ ََ َ‬ ‫َ‬
‫الر ُج يل ُينْ َت َق ُض ُو ُضو ُء املَْ ْر َأ ية ك ََام يِف ا ْل ُقنْ َي ية‪.‬‬
‫َّ‬

‫ص‪ - 75‬كتاب املحيط الربهاين ِف الفقه النعامين ‪ -‬الفصل الثاين ِف بيان ما يوجب الوضوء وما َل يوجب ‪ -‬املكتبة‬ ‫‪1‬‬

‫الشاملة احلديثة‬
‫ول ا ْل يف ْق يه عَر َفه بع ُض ْ ي ي‬
‫اح‪َ .‬و يِف يع ْل يم ُأ ُص ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫واَلستحسان يِف ال ُّلغ يَة‪ :‬هو عَدُّ َّ ي‬
‫احلنَف َّية بي َأ َّن ُه‪ْ :‬‬
‫اس ٌم‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ َ ْ‬ ‫اَلست ْق َب ُ‬
‫الَّشء َح َسنًا (‪َ ،)3‬وضدُّ ُه ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬
‫اخلَ يف ِّي‪( .‬املوسوعة الفقهية الكويتية‪:‬‬ ‫اس ْ‬ ‫ور ية‪َ ،‬أ يو ا ْل يقيَ ي‬ ‫ي‬ ‫َّص‪َ ،‬أ يو ا ي‬
‫إل ْمجَاعي‪َ ،‬أو َّ ُ‬
‫الرض َ‬
‫يل ي َقابي ُل ا ْل يقياس ْ ي‬
‫اجلَ َّيل َيكُو ُن بيالن ِّ‬ ‫َ َ‬
‫ي ي‬
‫لدَ ل ٍ ُ‬
‫‪)218/3‬‬
‫املوسوعة الفقهية الكويتية (‪)265/26‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص‪ - 20‬كتاب ُممع األَنر ِف َشح ملتقى األبحر ‪ -‬كتاب الطهارة ‪ -‬املكتبة الشاملة احلديثة‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬ص‪ - 20‬كتاب ُممع األَنر ِف َشح ملتقى األبحر ‪ -‬كتاب الطهارة ‪ -‬املكتبة الشاملة احلديثة‬
‫احلس ين‪َ :‬ل ينْ َت َق ُض ا ْلو ُضوء إيَل بي ُخروجي املَْ ْذ يي‪ ،‬و ُهو ا ْل يقياس‪ .‬ووجه اَلستيحس ي‬
‫ان‪:‬‬ ‫َ َ َ ُ َ َ ْ ُ ْ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َو َق َال حمُ ََّمدُ ْب ُن ْ َ َ‬
‫ب كَاملُْت ََح ِّق يق‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫اَش َة ا ْل َف ي‬
‫َت ُلو َع ْن ُخ ُروجي املَْ ْذ يي غَال ًبا‪َ ،‬وا ْلغَال ُ‬ ‫اح َش َة َل َ ْ‬ ‫َأ َّن املُْ َب َ َ‬
‫َو يِف ُمَ َْم يع األَ َْنُ ير‪َ :‬ق ْو ُل ُه‪َ ( :‬أ ْي حمُ ََّم ٍد)‪َ :‬أ ْق َي ُس‪َ ،‬و َق ْو ُُل ُ َام‪َ :‬أ ْح َو ُط‬
‫‪1‬‬

‫املالكية‬ ‫‪.ii‬‬

‫‪2‬‬
‫قال ِف أسهل املدارك‪:‬‬

‫«أن ملس املتوضئ البالغ لشخص يلتذ بمثله عادة من ذكر أو أنثى ينقض الوضوء ولو كان امللموس غري‬
‫بالغ أو كان اللمس لظفر‪ ،‬أو شعر‪ ،‬أو من فوق حائل كثوب‪ ،‬وظاهرها كان احلائل خفيفا َيس الالمس‬
‫معه بطراوة البدن‪ ،‬أو كان كثيفا»‬

‫• األدلة‪:‬‬
‫الف ي‬
‫راش‬ ‫ليلة من ي‬
‫ذات ٍ‬‫صَل اَّللُ عليه وس َّلم َ‬ ‫َ‬
‫رسول اَّللي َّ‬ ‫‪ .1‬عن عائش َة قالت‪ :‬ف َق ُ‬
‫دت‬
‫فوقعت يدي عَل قدميه وُها م ي‬
‫نتصبتان وِف‬ ‫ْ‬ ‫وجعلت أطل ُبه بيدي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫البيت‬ ‫فالتمستُه ِف‬
‫ُ‬ ‫َْ‬
‫يقول‪ :‬أعو ُذ يبرضاك من َس َخطيك‬ ‫فسمعتُه ُ‬ ‫حديث قاس ٍم‪ :‬منصوبتان وهو ساجدٌ ي‬ ‫ي‬

‫وبمعافاتيك من عقوبتيك وأعو ُذ بك منك َل ُأحيص ثنا ًء عليك أنت كام أثن ْي َت عَل‬
‫ي‬
‫نفسك‬ ‫‪3‬‬

‫يصيل و َأنا‬‫رسول اَّللَّي ِّ‬‫َ‬ ‫رأيت‬


‫َلب لقد ُ‬ ‫باحلامر والك ي‬ ‫ي‬ ‫عائش َة قالت‪َ :‬‬
‫بئسام عَدلتُمونا‬ ‫‪ .2‬عن َ‬
‫ي‬
‫‪4‬‬
‫ثم يسجدُ‬ ‫فضممتُها إ َّيل‪َّ ،‬‬
‫يسجدَ غمزَ رجيل َ‬ ‫معُتض ٌة بنيَ يديه فإذا أرا َد أن ُ‬
‫عَل عَاتي يق يه‪َ ،‬ف َص ََّل‪َ ،‬فإي َذا‬‫اص َ‬ ‫النبي َص ََّل اَّللُ عليه وس َّل َم‪ ،‬و ُأ َما َم ُة بن ُْت يأيب ال َع ي‬
‫‪َ .3‬ر َج َع َل ْينَا ُّ‬
‫وض َع‪ ،‬وإ َذا َر َف َع َر َف َع َها ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫َرك ََع َ‬

‫املوسوعة الفقهية الكويتية (‪)265/26‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬أسهل املدارك «َشح إرشاد السالك ِف مذهب إمام األئمة مالك» (‪)97 /1‬‬
‫أخرجه مسلم (‪)486‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬أخرجه البخاري (‪ ،)382‬ومسلم)‪. (512‬‬


‫أخرجه البخاري (‪ ،)5996‬ومسلم)‪(543‬‬ ‫‪5‬‬
‫فأن ظواهر هذه األحاديث تصلح لالستدَلل ِبل عَل ّ‬
‫أن اللمس ِبا بغري شهوة َل ينقض‪.‬‬

‫• خالصة قول املالكية هنا‬


‫ص ُي ْلت َُّذ بي يم ْثلي يه عَا َد ًة ‪ -‬يم ْن َذك ٍَر َأ ْو ُأ ْن َثى ‪َ -‬ينْ ُق ُض ا ْل ُو ُضو َء َو َل ْو ك َ‬
‫َان‬ ‫َ ََّن ملَْ َس املُْت ََو ِّض يئ ا ْل َبالي يغ لي َش ْخ ٍ‬

‫اه ُر املُْدَ َّون يَة َس َوا ٌء‬‫ب ‪ ،‬و َظ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َان ال َّل ْم ُس ل ُظ ُف ٍر َأ ْو َش ْع ٍر َأ ْو م ْن َف ْو يق َحائ ٍل َك َث ْو ٍ َ‬ ‫َري َبالي ٍغ ‪َ ،‬أ ْو ك َ‬‫وس غ ْ َ‬ ‫املَْ ْل ُم ُ‬
‫َان كَثيي ًفا ‪َ ،‬و َت َأ َّو َُلَا َب ْع ُض املَْاليكي َّي ية‬
‫الالم ُس َم َع ُه بي َط َر َاو ية ا ْل َبدَ ين ‪َ ،‬أ ْم ك َ‬
‫احلائي ُل َخ يفي ًفا َُييس ي‬
‫ُّ‬ ‫َان ْ َ‬
‫ك َ‬
‫اجل ْس يم‬‫يف َما ََل َي ْقبي ْض ‪َ ،‬فإي ْن َق َب َض ع َََل َيش ٍء يم َن ْي‬ ‫يف وا ْلكَثي ي‬
‫َ‬
‫اخل يف ي‬
‫ني ْ َ‬
‫اخل ي‬
‫الف َب ْ َ‬ ‫يف ‪ ،‬وحمَ َُّل ْ ي‬
‫َ‬
‫اخل يف ي‬
‫بي ْ َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن يُق َض ا ِّت َفا ًقا‬
‫ض‪ :‬إي ْن َق َصدَ ال َّت َل ُّذ َذ بي َل ْم يس يه‪َ ،‬وإي ْن ََل ْ ََت ُْص ْل َل ُه َل َّذ ٌة َح َال ملَْ يس يه‪َ ،‬أ ْو َو َجدَ َها َح َال ال َّل ْم ي‬
‫س‬ ‫َوحمَ َُّل النَّ ْق ي‬

‫س‪.‬‬‫اصدً ا َُلَا ا ْبتيدَ ا ًء‪َ .‬فإي ْن ََل ْ َي ْق يصدْ َو ََل ْ ََت ُْص ْل َل ُه َل َّذ ٌة َفال َن ْق َض َو َل ْو َو َجدَ َها َب ْعدَ ال َّل ْم ي‬
‫وإي ْن ََل ي ُكن َق ي‬
‫َ َْ ْ‬
‫َري ُه َف َل َم َس ُه‪ :‬ا ْنت يُق َض‬ ‫ي‬ ‫َوا َْمل ْل ُم ُ ي‬
‫وس ‪ -‬إ ْن َب َلغَ َو َو َجدَ ال َّل َّذ َة َأ ْو َق َصدَ َها ‪ -‬بي َأ ْن َما َل ْت َن ْف ُس ُه ألَ ْن َي ْلم َس ُه غ ْ ُ‬
‫وسا‪َ ،‬فإي ْن ََل ْ َي ُك ْن َباليغًا َفال َن ْق َض‪َ ،‬و َل ْو َق َصدَ َو َو َجدَ ‪.‬‬ ‫و ُضوءه؛ ألَ َّنه صار يِف ْ ي ي ي‬
‫احلقي َقة َلم ًسا َو َم ْل ُم ً‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ‬
‫َو َأ َّما ا ْل ُق ْب َل ُة يِف ا ْل َف يم َف َتنْ ُق ُض ا ْل ُو ُضو َء ُم ْط َل ًقا‪َ ،‬س َوا ٌء َق َصدَ املُْ َق ِّب ُل ال َّل َّذ َة َأ ْو َو َجدَ َها‬
‫الشافعية‬ ‫‪.iii‬‬

‫قال ِف املجموع ‪:‬‬


‫‪1‬‬

‫س يمن ُْه َام َس َوا ٌء ك َ‬


‫َان‬ ‫الال يم ي‬‫رشتَا َر ُج ٍل َوا ْم َر َأ ٍة َأ ْجنَبي َّي ٍة ت ُْشت ََهى ا ْن َت َق َض ُو ُضو ُء َّ‬ ‫ي‬
‫«(املَْ ْس َأ َل ُة ال َّثال َث ُة) إ َذا ا ْل َت َق ْت َب َ َ‬
‫َان ال َّل ْم ُس بي َش ْه َو ٍة َأ ْم ََل َت ْع ُق ُب ُه َل َّذ ٌة َأ ْم ََل َو َس َوا ٌء َق َصدَ َذلي َك َأ ْم َح َص َل‬
‫الر ُج َل َأ ْو املَْ ْر َأ َة َو َس َوا ٌء ك َ‬ ‫الالم ُس َّ‬
‫َّ ي‬
‫َني وسواء ملَس بيع ْض ٍو يمن َأع َْض ي‬ ‫ي ي ي‬
‫اء‬ ‫ْ‬ ‫رشت ْ ي َ َ َ ٌ َ ُ‬ ‫استَدَ ا َم ال َّل ْم ُس َأ ْم َف َار َق بي ُم َج َّرد ا ْلت َقاء ا ْل َب َ َ‬
‫َس ْه ًوا َأ ْو ا ِّت َفا ًقا َو َس َوا ٌء ْ‬
‫يحا َأ ْو َأ َش َّل زَ ائيدً ا َأ ْم َأ ْصلي ىيا َفك ُُّل َذلي َك َينْ ُق ُض‬ ‫ي ي‬
‫وس بيه َصح ً‬ ‫وس َأ ْو املَْ ْل ُم ُ‬ ‫َري يه َو َس َوا ٌء ك َ‬
‫َان املَْ ْل ُم ُ‬ ‫ال َّط َه َار ية َأ ْم بيغ ْ ي‬

‫ب ا ْل ُع َل َام يء ْ‬
‫إن َشا َء اَّللَُّ َت َع َال»‬ ‫لس َل َ ُ ُ ْ َ‬
‫ي‬
‫ف سن َْذكُره يِف َفر يع م َذ ي‬
‫اه ي‬ ‫ا ْلو ُضوء يعنْدَ نَا و يِف ُك ِّل يه يخ َال ٌ ي‬
‫ف ل َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫ّ‬
‫واستدل الشافعية عن هذا‪:‬‬ ‫•‬
‫‪ .1‬قوله تعال‪َ  :‬أ ْو ََل َم ْست ُُم الن َِّسا َء‪] ‬النساء‪[43 :‬و] املائدة‪[3 :‬‬
‫فمفهوم هذه األية عند الشافعية عَل اجلهتني‪:‬‬

‫‪« 1‬املجموع َشح املهذب» (‪)26 /2‬‬


‫‪1‬‬
‫أحدُها‪ :‬أن حقيقة املالمسة اسم َللتقاء البرشتني لغة وَشع ًا‬
‫ي‬
‫الحا‬
‫اصط ً‬ ‫وهناك تعريف مناسب ُلذا‪ ،‬وهو ما كتب ِف املوسوعة الفقهية الكويتية‪َ " :‬وال َّل ْم ُس ْ‬
‫َح َر َار ٍة‪َ ،‬أ ْو بي َر ْو َد ٍة‪َ ،‬أ ْو َصال َب ٍة‪َ ،‬أ ْو َر َخ َاو ٍة‪َ ،‬أ ْو يع ْل يم‬ ‫ي ي‬
‫ب َم ْعنًى فيه ك َ‬ ‫ُه َو‪ُ :‬مال َقا ُة يج ْس ٍم يجل ْس ٍم لي َط َل ي‬
‫‪2‬‬
‫َح يقي َق ٍة‪َ ،‬ك َأ ْن َي ْل يم َس لي َي ْع َل َم َه ْل ُه َو آ َد يمي َأ ْو َل "‬
‫استلحاقا َما قاله املاوردي ‪-‬عَل مفهوم املالمسة لغة وَشعا‪ -‬نرى مصدر مفهوم املالسة لغة‪،‬‬
‫وهو قول األعمش‪:‬‬
‫َرض َها ‪َ ...‬و َدع َْها إي َذا َما َع َّينْت ََها سباِبا‬ ‫َو ََل َت ْل يم ي‬
‫س ْاألَ ْف َعى َيدُ َك ت ُ ُّ‬
‫وأما مفهوم املالمسة َشعا‪ ،‬هو قوله تعال‪َ  :‬ف َل َم ُسو ُه بي َأيۡ يدهييمۡ‪] ‬األنعام‪[7 :‬و ‪َ ‬و َأنَّا‬

‫ملَسۡنَا ٱ َّ‬
‫لس َمآ َء‪] ‬اجلن‪ .[8 :‬وأيضا أنه ‪َ ‬نى عن بيع املالمسة‪.‬‬

‫َيزْ َأ ْن‬ ‫اجل َام يع َواملَْ يس ي‬


‫يس َف َل ْم َ ُ‬ ‫اس ٌم َل ُه َح يقي َق ٌة َوُمَ َازٌ ‪َ ،‬و َقدْ ُي ْس َت ْع َم ُل يِف ْي‬ ‫ي‬
‫والثاين‪َ :‬أ َّن ْ‬
‫اس َم املُْ َال َم َسة ْ‬
‫ص َو َأ ْش َه ُر َف َص َار ُمَ َازً ا يِف‬ ‫اجل َام يع يألَ َّن ُه بياملَْ يس ي‬
‫يس َأ َخ ُّ‬ ‫ُون َح يقي َق ًة يِف ْي‬
‫يه َام‪َ ،‬و ََل َأ ْن َيك َ‬ ‫ُون َح يقي َق ًة في ي‬
‫َيك َ‬
‫وَل ع َََل َح يقي َقتي يه‬
‫ُون إي ْط َال ُق ُه حمَ ُْم ً‬
‫ب َأ ْن َيك َ‬ ‫ي‬
‫احلك ُْم املُْ َع َّل يق بياَل ْس يم ََيي ُ‬ ‫اجل َام يع َح يقي َق ًة يِف املَْ يس ي‬
‫يس‪َ ،‬و ْ ُ‬ ‫ْي‬

‫ون ُمَ يَاز يه‪.‬‬


‫ُد َ‬

‫‪ .2‬ثم القياس ِف هذه السألة يمكن ان يرى من ثالثة أوجه ‪:‬‬


‫‪3‬‬

‫ب َأ ْن َتنْ ُق َض ا ْل ُو ُضو َء ك ْي‬ ‫ي‬ ‫األول‪َ :‬أَنا َُمَاس ٌة ت ي‬


‫َاجل َام يع‬ ‫ب ا ْلفدْ َي َة ع َََل املُْ ْح ير يم َف َو َج َ‬ ‫ُوج ُ‬ ‫َّ َ َّ‬
‫يي‬ ‫ب ال َّطهار َة ا ْلكُربى‪َ ،‬فوجب َأ ْن يك َ ي‬ ‫وج ي‬ ‫والثاين‪َ :‬و يألَ َّن ُه م ْعنًى يم ْن يجن يْس يه ََل ُي ي‬
‫ُون م ْن ن َْوعه‪ََ ،‬ل ْ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫الصغ َْرى كَا َْملني ِّي َوا َْمل ْذ يي‪َ ،‬و يألَ َّن ك َُّل ُم َال َم َس ٍة َل ْو َق َار ََنَا انْتي َش ٌار‬
‫ب ال َّط َه َار َة ُّ‬ ‫وج ي‬‫ُي ي‬
‫اَلنْتي َش يار وجب ْت فييها تي ْل َك ال َّطهار ُة كَا ْلتي َق ي‬
‫اء‬ ‫َن ي‬ ‫يها ال َّط َه َار ُة َفإي َذا َخ َل ْت ع ي‬ ‫وج ي‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ‬ ‫بف َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ْي‬
‫اخلتَان ْ ي‬
‫َني‬
‫وج ُب َها إي َل َخ يارجٍ َو ُم َال َق ٍاة كَا ْلغ ُْس يل‪،‬‬ ‫َو يألََنا َط َهار ٌة ُحك يْم َّي ٌة َف َجازَ َأ ْن َينْ َق يسم م ي‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫والثالث‪:‬‬
‫ب َف َجازَ َأ ْن َي َت َع َّل َق َن ْق ُض ال ُّط ْه ير بي َع ْيني يه‬
‫ض ال ُّط ْه ير يِف ا ْلغَالي ي‬
‫يألَ َّن ُه َم ْعنًى َي ْق يِض إي َل َن ْق ي‬

‫كَالن َّْو يم‬

‫املرجع السابق (‪)184 /1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬املوسوعة الفقهية الكويتية (‪)331 /35‬‬


‫احلاوي الكبري املرجع السابق‬ ‫‪3‬‬
‫احلنابلة‬ ‫‪.iv‬‬

‫قال ِف املمتع َشح املقنع ‪( :‬اخلامس‪ :‬أن متس برشته برشة أنثى لشهوة‪ .‬وعنه َل ينقض‪ .‬وعنه ينقض‬ ‫‪1‬‬

‫ملسها بكل حال‪ .‬وَل ينقض ملس الشعر والسن والظفر واألمرد)‬

‫ما كون مس برشة الرجل برشة أنثى لشهوة من نواقض الوضوء عَل املذهب فلام يأِت‬

‫• األدلة‬
‫‪ .1‬قوله تعال { َأ ْو َل َم ْست ُُم الن َِّسا َء}‬
‫ني اْل َي ية َواألَ ْخ َب يار‪ .‬ألَ َّن ُه ُر يو َي َع ْن‬ ‫َان لي َش ْه َو ٍة َفلي ْل َج ْم يع َب ْ َ‬
‫س َل َينْ ُق ُض إيَل إي َذا ك َ‬ ‫‪َ .2‬و َأ َّما ك َْو ُن ال َّل ْم ي‬
‫ت النَّبي َّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َل ْي َل ًة يم َن ا ْل يف َر ي‬
‫اش‬ ‫يض اَّللَُّ َعن َْها ‪َ -‬قا َل ْت‪َ " :‬ف َقدْ ُ‬ ‫ي‬
‫عَائ َش َة ‪َ -‬ر َ‬
‫ي‬

‫َان "‪.‬‬ ‫َفا ْلتَمس ُته‪َ ،‬فو َقع ْت ي يدي ع َََل ب ْط ين َقدَ مي يه و ُهو يِف املَْس يج يد و ُُها منْصوبت ي‬
‫َ َ َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ُ َ َ َ‬

‫ني َيدَ يي النَّبي ِّي‬ ‫َون َْص ُب ُه َام َدلي ٌيل ع َََل َأ َّن ُه ك َ‬
‫َان ُي َص ِّيل‪َ ،‬و ُر يو َي َعنْ َها َأ ْي ًضا َأ ََّنَا َقا َل ْت‪ُ < :‬كن ُْت َأنَا ُم َب ْ َ‬
‫الي يِف يق ْب َلتي يه َفإي َذا َس َجدَ ‪ .‬غ ََمزَ يين َف َق َب ْض ُت ير ْج ييل‪.‬‬ ‫ي‬
‫َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم َو ير ْج َ‬
‫ري َحائي ٍل‪َ .‬وألَ َّن املَْ َّس‬ ‫َان يم ْن َغ ْ ي‬
‫أن الظاهر من احلديث َأ َّن غ َْمزَ ُه ير ْج َل ْي َها ك َ‬ ‫يرى احلنابلة عَل ّ‬
‫احلدَ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ث‪َ ،‬فا ْعت ي ي‬ ‫احلدَ ي‬ ‫ي ي‬ ‫ٍ‬
‫ث‪،‬‬ ‫يها يإ َل ْ َ‬ ‫احلا َل ُة ا َّلتي َيدْ عُو ف َ‬
‫ُربت ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َل ْي َس بي َحدَ ث يِف َن ْفسه‪َ ،‬و يإن ََّام ُه َو َدا ٍع يإ َل ْ َ‬
‫الش ْه َو ية‬
‫َو يه َي َحا َل ُة َّ‬

‫فقبضت‬
‫ُ‬ ‫ورجالي ِف قبلتيه فإذا سجدَ غمزين‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫رسول اَّللَّي‬ ‫كنت أنا ُم بنيَ يدي‬
‫‪ .3‬حديث عائشة ُ‬
‫مصابيح‬ ‫ليس فيها‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫والبيوت يومئذ َ‬
‫ُ‬‫‪2‬‬
‫رجيل فإذا قا َم بسطتُهام‬
‫َّ‬

‫• خالصة قول احلنابلة‪:‬‬

‫رش َة ُأ ْن َثى لي َش ْه َو ٍة‪ ،‬لي َق ْولي يه َت َع َال‪َ { :‬أ ْو َل َم ْست ُُم الن َِّسا َء} ‪َ .‬و َأ َّما‬ ‫رش ية َّ‬ ‫ي‬ ‫َأ َّن يمن النَّو ياق ي ي‬
‫الذك يَر َب َ َ‬ ‫ض ل ْل ُو ُضوء َم ُّس َب َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َان لي َش ْه َو ٍة َفلي ْل َج ْم يع َب ْ َ‬
‫س َل َينْ ُق ُض إيَل إي َذا ك َ‬
‫يض‬ ‫ني اْل َية َواألَ ْخ َبار‪ .‬ألَ َّن ُه ُرو َي َع ْن عَائ َش َة ‪َ -‬ر َ‬ ‫ك َْو ُن ال َّل ْم ي‬

‫‪1‬‬

‫أخرجه البخاري (‪ ،)382‬ومسلم (‪ ،)512‬والنسائي (‪ )168‬واللفظ له‪ ،‬وأْحد (‪.)25148‬‬ ‫‪2‬‬


‫اش َفا ْلت ََم ْس ُت ُه‪َ ،‬ف َو َق َع ْت َي يدي ع َََل‬‫ت النَّبي َّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َل ْي َل ًة يم َن ا ْل يف َر ي‬ ‫اَّللَُّ َعن َْها ‪َ -‬قا َل ْت‪َ " :‬ف َقدْ ُ‬
‫َان ُي َص ِّيل‪َ ،‬و ُر يو َي َعن َْها‬ ‫َان " (‪َ .)3‬و َن ْص ُب ُه َام َدلي ٌيل ع َََل َأ َّن ُه ك َ‬ ‫ب ْط ين َقدَ مي يه و ُهو يِف املَْس يج يد و ُُها منْصوبت ي‬
‫َ َ َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َ‬
‫الي يِف يق ْب َلتي يه َفإي َذا َس َجدَ ‪ .‬غ ََمزَ يين‬ ‫ي‬
‫ني َيدَ يي النَّبي ِّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم َو ير ْج َ‬ ‫َأ ْي ًضا َأ ََّنَا َقا َل ْت‪ُ < :‬كن ُْت َأنَا ُم َب ْ َ‬
‫َف َق َب ْض ُت ير ْج ييل‬

‫ث يِف َن ْف يس يه‪َ ،‬وإين ََّام ُه َو َدا ٍع إي َل‬


‫َري حائي ٍل‪ .‬وألَ َّن املَْس َليس بيحدَ ٍ‬
‫َّ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َان م ْن غ ْ ي َ‬
‫اهر َأ َّن غَمزَ ه يرج َليها ك َ ي‬
‫ْ ُ ْ َْ‬
‫ي‬
‫َوال َّظ ُ‬
‫الش ْه َو ية ‪َ .‬و َينْ ُق ُض ا ْل ُو ُضو َء َم ُّس‬‫ث‪َ ،‬و يه َي َحا َل ُة َّ‬ ‫احلدَ ي‬
‫يها إي َل ْ َ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫احلَا َل ُة ا َّلتي َيدْ عُو ف َ‬‫ت ْ‬ ‫ث‪َ ،‬فا ْعت يُرب ي‬
‫َ‬
‫احلدَ ي‬
‫َْ‬
‫الذك َُر َواألُ ْن َثى ك ْي‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫َب َ ي‬
‫َاجل َام يع‪.‬‬ ‫يها َّ‬
‫است ََوى ف َ‬ ‫رش َت ُه ل َش ْه َوة؛ ألَ ََّنَا ُمال َم َس ٌة َتنْ ُق ُض ا ْل ُو ُضو َء َف ْ‬
‫رش َِتا َب َ َ‬
‫َ‬
‫ي‬ ‫َري حائي ٍل؛ ألَ َّنه مع ْ ي‬ ‫وء‪َ :‬أ ْن يك َ ي‬ ‫ض لي ْلو ُض ي‬ ‫ي‬
‫رش َ َِتا‪َ ،‬أ ْش َب َه َما‬
‫احلائ يل ََل ْ َي ْلم ْس َب َ َ‬
‫ُ َ َ َ‬ ‫ُون م ْن غ ْ ي َ‬ ‫َ‬ ‫ُت ُط يِف املَْ ِّس النَّاق ي ُ‬ ‫َو ُي ْش َ َ‬
‫ي‬ ‫الش ْه َو ُة َل ت ي‬ ‫اِبا لي َش ْه َو ٍة‪َ ،‬و َّ‬ ‫ي‬
‫ب ا ْل ُو ُضو َء بي ُم َج َّرد َها‪َ .‬وَل َينْ ُق ُض َم ُّس َّ‬
‫الر ُج يل ال ِّط ْف َل َة‪َ ،‬وَل‬ ‫ُوج ُ‬ ‫َل ْو ملَ َس ث َي َ َ‬
‫وس َبدَ ني يه َو َل ْو َو َجدَ يمنْ ُه َش ْه َوةً؛‬‫ات‪َ ،‬وَل ُينْ َت َق ُض ُو ُضو ُء َم ْل ُم ي‬ ‫ون سب يع سنَو ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َم ُّس املَْ ْر َأة ال ِّط ْف َل‪َ .‬أ ْي‪ :‬م ْن ُد َ ْ َ َ‬
‫ي‬

‫الش ْه َوةُ؛ ألَ َّن َما ُينْ َت َق ُض‬‫ت يمنْ ُه َّ‬ ‫وس إي َذا ُو يجدَ ْ‬ ‫ألَ َّنه َل نَص في ي‬
‫يه ‪َ .‬و َق َال ا ْب ُن ُقدَ ا َم َة‪َ :‬و ُينْ َت َق ُض ُو ُضو ُء املَْ ْل ُم ي‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫س َواملَْ ْل ُم ي‬
‫وس‪.‬‬ ‫ني ي‬
‫الالم ي‬ ‫َني َل َفر َق في ي‬
‫يه َب ْ َ‬ ‫بيا ْلتي َق ي‬
‫اء ا ْل َب َرشت ْ ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪1‬‬
‫مس األجنبية‬
‫رأي بقية العلامء ِف ّ‬ ‫‪.v‬‬
‫‪ .1‬إن ملس عمدا انتقض وإَل فال‪ .‬وهو مذهب داود‪ .‬وخالفه ابنه فقال‪َ" :‬ل ينقض"‬
‫‪ .2‬إن ملس بأعضاء الوضوء انتقض‪ ،‬وإَل فال‪ .‬حكاه املاوردي عن األوزاعي‪ .‬وحكي عنه أنه‬
‫َل ينتقض إَل باللمس باليد‪.‬‬
‫‪ .3‬إن ملس من ّ‬
‫َتل له َل ينتقض‪ .‬وإن ملس من َترم عليه انتقض‪ .‬حكاه ابن املنذر‪ ،‬وصاحب‬
‫يصح هذا‬
‫احلاوي عن عطاء‪ ،‬وهو خالف ما حكاه اجلمهور عنه‪ .‬قال النووي رْحه اَّلل‪ :‬وَل ّ‬
‫عن أحد إن شاء اَّلل‪.‬‬

‫مناقشة األدلة‬

‫‪ )1‬قوله تعال‪َ  :‬أ ْو ََل َم ْست ُُم الن َِّسا َء‪] ‬النساء‪ [43 :‬و ]املائدة‪[3 :‬‬

‫املذكرة‬ ‫‪1‬‬
‫فإن احلنفية تفهم أن‬ ‫ان مفهوم "َلمستم" هو مالمسة البرشة بني الرجل واألجنبية‪ّ .‬‬ ‫قالوا ّ‬
‫ف‪:‬‬‫يم َي يع ُّ‬
‫إن اَّللََّ َت َع َال َحييي ك يَر ٌ‬
‫"َلمستم" هو اجلامع‪ .‬وهذا موافقة ما قاله ابن ع ّباس ‪َّ " :‬‬
‫اجل َام يع " وقال عن هذا أيضا وعطاء‪ ،‬وطاووس‪ ،‬ومرسوق‪ ،‬واحلسن‪،‬‬ ‫س َع ْن ْي‬
‫َكنَّى بيال َّل ْم ي‬
‫‪1‬‬

‫وسفيان الثوري ‪ .‬فال ينقض الوضوء مطلقا‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫أجيب عنه‪ :‬أما تأويل عَل وابن ع ّباس فقد خالفهام ابن مسعود وابن عامر‪ ،‬وذلك عمر‬
‫‪3‬‬
‫وعامر‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫فرس لفظ "َلمستم" باملالمسة الصغرى‬
‫وبه قال القرطبي حيث ّ‬
‫فإن قيل أن املراد ِف هذه اْلية اجلامع؛ ألنه ذكره بلفظ املفاعلة‪ ،‬واملفاعلة َل تكون من أقل‬
‫‪5‬‬
‫من اثنني‪.‬‬

‫ي‬ ‫ُون إي ََّل يمن َف ي‬


‫اع َل ْ ي‬ ‫أجيب عنه‪َ :‬و َأ َّما املُْ َفا َع َل ُة ََل َتك ُ‬
‫ور ُة املسيس باليد عَل أن ْحزة‬ ‫ني َفك ََذل َك ُص َ‬ ‫ْ‬
‫يس بيا ْل َي يد َفإي ْن ُْحي َل ْت يق َرا َء ُة َم ْن قرأ أو‬ ‫ي‬
‫َاو ُل إي ََّل املَْس َ‬
‫ي‬
‫الكسائي َقدْ َق َرآ‪َ { :‬أ ْو ملَ ْست ُْم} َو َذل َك ََل َي َتن َ‬
‫ف‬‫اختي َال ُ‬ ‫يس بيا ْل َي يد‪َ ،‬ف َيك ُ‬
‫ُون ْ‬ ‫َت يق َرا َء ُة َم ْن َق َر َأ َأ ْو ملَ ْست ُْم حمَ ُْمو َل ًة ع َََل املَْ يس ي‬
‫اجل َام يع كَان ْ‬‫َلمستم ع َََل ْي‬
‫ني ع َََل َأ َّن زَ ْيدَ ْب َن َأ ْس َل َم َو ُه َو يم ْن َأ ْه يل ا ْل يع ْل يم بي َت ْف يس ي‬
‫ري‬ ‫ف ُحك َْم ْ ي‬ ‫اختي َال ي‬ ‫وَل ع َََل ْ‬ ‫َني حمَ ُْم ً‬‫ا ْل يق َرا َءت ْ ي‬

‫َّب ْاْل َي َة ت َْرتيي ًبا َح َسنًا َي ْس ُق ُط َم َع ُه َه َذا ال َّت ْأ يو ُيل‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫ا ْل ُق ْرآن َق َال‪ :‬إي َّن يِف ْاْل َية َت ْقد ًيام َو َت ْأخ ًريا َو َرت َ‬
‫ط َأ ْو‬ ‫اهر َقولي يه‪ :‬وإي ْن ُكنْتُم مر َىض َأو ع َََل س َف ٍر َأو جاء َأحدٌ يمنْكُم يمن ا ْلغَائي ي‬ ‫ي‬
‫ْ َ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫َف َق َال‪َ :‬ظ ُ ْ‬
‫الس َف ُر َواملَْ َر ُض َحدَ ًثا َوبي ْ ي‬
‫اإل ْمجَا يع َل ْي َسا‬ ‫ََل َم ْست ُْم الن َِّسا َء‪] ‬النساء‪َ . [43 :‬ف َي ْقت يَِض َأ ْن َيك َ‬
‫ُون َّ‬
‫يب ا ْلك ََال يم‪َ :‬يا َأ ُّ َهيا ا َّل يذي َن آ َمنُوا إي َذا‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ٍ‬
‫بي َحدَ ث َفدَ َّل ع َََل َأ َّن يِف ْاْل َية َت ْقد ًيام َو َت ْأخ ًريا‪َ ،‬و َأ َّن ت َْرت َ‬
‫ط َأ ْو ََل َم ْست ُُم الن َِّسا َء َفاغ يْس ُلوا‬ ‫ُقمتُم إي َل الص َال ية يمن نَو ٍم َأو جاء َأحدٌ يمنْكُم يمن ا ْلغَائي ي‬
‫ْ َ‬ ‫ْ ْ ْ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ْ‬
‫وهك ُْم َو َأ ْي يد َيك ُْم إي َل املرافق‪ ،‬وامسحوا برؤوسكم َو َأ ْر ُج َلك ُْم إي َل ا ْل َك ْع َب ْ ي‬
‫ني إي ْن َو َجدْ ت ُُم‬ ‫ُو ُج َ‬
‫احلدَ ي‬
‫ث َأ يو‬ ‫ي‬
‫املَْا َء‪َ ،‬وإي ْن ُكنْت ُْم ُجنُ ًبا َفا َّط َه ُروا َوإي ْن ُكنْت ُْم َم ْر َىض َأ ْو ع َََل َس َف ٍر َو َجا َءك ُْم َما َت َقدَّ َم م َن ْ َ‬

‫أحكام القران َلبن العريب (‪)564/1‬‬ ‫‪1‬‬

‫املذكرة‬ ‫‪2‬‬

‫أحكام القران َلبن عريب (‪)564 /1‬‬ ‫‪3‬‬

‫تفسري القرطبي (‪)47 /6‬‬ ‫‪4‬‬

‫املغني َلبن قدامة (‪)215 /1‬‬ ‫‪5‬‬


‫اه ُر ْاْل َي ية َو َي ْس ُق ُط َم َع ُه َه َذا ال َّت ْأ يو ُيل‪،‬‬‫اجلنَاب ية َف َتيمموا ص يعيدً ا َطيبا‪ ،‬و َه َذا َت ْف يسري ي ْقت يَض ييه َظ ي‬
‫ٌ َ‬ ‫ِّ ً َ‬ ‫ْ َ َ َ َّ ُ َ‬
‫حل ْمدُ َّللي ا َّل يذي َأنْزَ َل ع َََل‬ ‫ي‬
‫يم َوال َّت ْأخ ُري‪َ ،‬ق َال اَّللَُّ َت َع َال‪ :‬ا َ‬
‫ي ي‬
‫اب َوال ُّلغَة ال َّت ْقد ُ‬‫َو َل ْي َس َي ْمتَني ُع يِف ا ْلكي َت ي‬

‫َي َع ْل َل ُه‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي ي‬


‫َي َع ْل َل ُه ع َوج ًا َق ِّي ًام‪] ‬الكهف‪َ . [1 :‬ت ْقد ُير ُه ا ْلكت َ‬
‫َاب َق ِّي ًام َو ََل ْ َ ْ‬ ‫َاب َو ََل ْ َ ْ‬
‫َع ْبده الكت َ‬
‫َاها يبإي ْس َح َ‬
‫اق‬ ‫رشن َ‬ ‫اق‪] ‬هود‪َ .[71 :‬أ ْي َب َّ ْ‬ ‫َاها يبإي ْس َح َ‬
‫رشن َ‬ ‫يع َو ًجا‪َ ،‬و َق َال‪َ  :‬ف َض يحك ْ‬
‫َت َف َب َّ ْ‬
‫الش ي‬
‫اع ُر‪:‬‬ ‫َف َض يحك ْ‬
‫َت‪َ ،‬و َق َال َّ‬
‫‪1‬‬
‫َان يِف َث َو ٍاء حول ثوأتيه‪.‬‬ ‫َان يِف حو ٍل َثو ٍاء َثويتي يه ‪َ ...‬ت َق ِِّض ُلبان ٍ‬
‫َات َو َي ْس َأ ُم َسائي ُم َي ْعنيي َل َقدْ ك َ‬ ‫َ‬ ‫َل َقدْ ك َ َ ْ َ َ ْ‬

‫ول اَّللَّي ‪َ ‬يت ََو َّض ُأ‪ُ ،‬ث َّم ُي َق ِّب ُل َب ْعدَ َما َيت ََو َّض ُأ‪ُ ،‬ث َّم ُي َص ِّيل َوَل‬
‫َان َر ُس ُ‬
‫‪ )2‬ما روي عن عائشة انّه ك َ‬
‫‪2‬‬
‫َيت ََو َّض ُأ "‬
‫احلنفية يرى من هذا احلديث أن ملس املرأة َل ينقض الوضوء مطلقا‪ .‬لكن املالك خالفه‬
‫حيث يقول أن املالسة ِف احلديث األول َيتمل كونه فوق حائل‪.‬‬
‫أجاب الشافعية بثالثة أوجه‪:‬‬
‫يث‬‫يه َام‪َ ،‬ق َال َأ ُبو َد ُاو َد يِف ُسنَني يه‪َ :‬أ َّما َح يد ُ‬ ‫يث في ي‬ ‫احل يد ي‬
‫اب ْ َ‬ ‫أوُلا‪ :‬ضعفها َو َط ْع ُن َأ ْص َح ي‬
‫‪3‬‬
‫يم ََل ْ َي ْس َم ْع يم ْن عَائي َش َة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫يم َع ْن عَائ َش َة َف ُم ْر َس ٌل ألَ َّن إي ْب َراه َ‬
‫ي‬
‫إي ْب َراه َ‬
‫ت غَلي َط في ي‬ ‫وري َأ َّن حبييب بن َأ ييب َثابي ٍ‬
‫يه‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ثانيها‪َ :‬ما َقا َل ُه َأ ْْحَدُ ْب ُن َحنْ َب ٍل َو َأ ُبو َبك ٍْر النَّ ْي َسا ُب ي ُّ‬
‫‪4‬‬

‫يمن الصيا يم إي َل ا ْلو ُض ي‬


‫وء‬ ‫ُ‬ ‫َ ِّ َ‬
‫ب َو ي َِبا َي ْب ُط ُل َق ْو ُل َم ْن‬ ‫يث َف َح ْم ُل ُه ع َََل ا ْل ُق ْب َل ية يم ْن َو َر ياء َث ْو ٍ‬
‫احل يد ُ‬‫ثالثها‪َ :‬أ َّن ُه إي َذا َص َّح ْ َ‬
‫اس ُم ا ْل ُق ْب َل ية‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ب‪َ ،‬و ََل َي ْمتَن ُع َأ ْن َينْ َطل َق ْ‬ ‫س يم ْن َو َر ياء َث ْو ٍ‬ ‫وء بيال َّل ْم ي‬‫وب ا ْلو ُض ي‬
‫ب إي َل ُو ُج ي ُ‬ ‫َذ َه َ‬
‫الش ي‬
‫اع ُر‪:‬‬ ‫ع َََل َذلي َك‪َ ،‬ق َال َّ‬
‫َت يري ‪ ...‬وكَم يمن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬
‫اب)‬‫قبلة َف ْو َق النِّ َق ي‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫(وك َْم م ْن دمعة يِف ْ َ‬
‫اخلدِّ َ ْ‬ ‫َ‬

‫‪ 1‬احلاوي الكبري (‪)185 /1‬‬


‫أخرجه أبو داود (‪ ،)179‬والُتمذي (‪ ،)86‬والنسائي (‪ ،)170‬وابن ماجه (‪ ،)503‬وأْحد (‪ )25766‬الدارقطني (‪/1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪)254‬‬
‫سنن أيب داود (‪)158 /2‬‬ ‫‪3‬‬

‫َشح زاد املستقنع (‪)105 /8‬‬ ‫‪4‬‬


‫و زاد النووي ‪ :‬أجاب النووي عنه بثالثة أوجه‪ ،‬أظهرها‪ )1( :‬أنه َل يلزم من ذلك التقاء‬
‫البرشتني‪ )2( .‬أَنا صغرية َل تنقض ملسها الوضوء‪ )3( .‬أَنا حمرم‪.‬‬

‫يصيل و َأنا معُتض ٌة‬ ‫َ‬


‫رسول اَّللَّي ِّ‬ ‫رأيت‬
‫َلب لقد ُ‬ ‫ي‬
‫باحلامر والك ي‬ ‫عائش َة قالت‪َ :‬‬
‫بئسام عَدلتُمونا‬ ‫‪ )3‬عن َ‬
‫ثم يسجدُ‬ ‫ي‬
‫فضممتُها إ َّيل‪َّ ،‬‬
‫‪1‬‬
‫بنيَ يديه فإذا أرا َد أن يس ُجدَ غمزَ رجيل َ‬
‫أفهم امللكية هذا احلديث إنه يسجد َل يكون السجود ِف الصالة فقط‪ .‬فإن املسلم قد يسجد‬
‫حت لو صح أنه كان ِف صالة ‪-‬وهذا َل يصح‪-‬‬
‫ِف غري الصالة ألن السجود فعل خري‪ّ .‬‬
‫فليس ِف اخلرب يشء من هذا فال متعلق به أصال‪.‬‬

‫ب‪َ ،‬و َأ ْْحَدُ ْب ُن َمنييعٍ‪َ ،‬وحمَ ُْمو ُد ْب ُن‬ ‫‪ )4‬ما روي عن عائشة‪ .‬ومتامه َحدَّ َثنَا ُق َت ْي َب ُة‪َ ،‬و َهنَّا ٌد‪َ ،‬و َأ ُبو ك َُر ْي ٍ‬

‫يب ْب ين َأ ييب‬ ‫ش‪َ ،‬ع ْن َحبي ي‬ ‫يع‪َ ،‬ع ْن ْاألَع َْم ي‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫َغ ْي َال َن‪ ،‬و َأبو ع ََّام ٍر ْ‬
‫ني ْب ُن ُح َر ْيث‪َ ،‬قا ُلوا‪َ :‬حدَّ َثنَا َوك ٌ‬ ‫احل َس ْ ُ‬
‫الص َال ية َو ََل ْ َيت ََو َّض ْأ‪،‬‬ ‫ي يي‬ ‫ي‬
‫َثابيت‪َ ،‬ع ْن ع ُْر َوةَ‪َ ،‬ع ْن عَائ َش َة‪َ ،‬أ ّن النَّبي َّي " َق َّب َل َب ْع َض ن َسائه‪ُ ،‬ث َّم َخ َر َج إي َل َّ‬
‫ٍ‬

‫َت "‬
‫‪2‬‬
‫ْت‪َ ،‬ق َال‪َ :‬ف َض يحك ْ‬ ‫َق َال‪ُ :‬ق ْل ُت‪ :‬من يهي إي ََّل َأن ي‬
‫َ ْ َ‬
‫و قال الشافعية عن هذا احلديث بثالثة أوجه‪:‬‬
‫يث‬‫يه َام‪َ ،‬ق َال َأ ُبو َد ُاو َد يِف ُسنَني يه‪َ :‬أ َّما َح يد ُ‬ ‫يث في ي‬ ‫احل يد ي‬
‫اب ْ َ‬ ‫أوُلا‪ :‬ضعفها َو َط ْع ُن َأ ْص َح ي‬
‫‪3‬‬
‫يم ََل ْ َي ْس َم ْع يم ْن عَائي َش َة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫يم َع ْن عَائ َش َة َف ُم ْر َس ٌل ألَ َّن إي ْب َراه َ‬
‫ي‬
‫إي ْب َراه َ‬
‫ت غَلي َط في ي‬ ‫وري َأ َّن حبييب بن َأ ييب َثابي ٍ‬
‫يه‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ثانيها‪َ :‬ما َقا َل ُه َأ ْْحَدُ ْب ُن َحنْ َب ٍل َو َأ ُبو َبك ٍْر النَّ ْي َسا ُب ي ُّ‬
‫‪4‬‬

‫يمن الصيا يم إي َل ا ْلو ُض ي‬


‫وء‬ ‫ُ‬ ‫َ ِّ َ‬
‫ب َو ي َِبا َي ْب ُط ُل َق ْو ُل َم ْن‬ ‫يث َف َح ْم ُل ُه ع َََل ا ْل ُق ْب َل ية يم ْن َو َر ياء َث ْو ٍ‬
‫احلَ يد ُ‬‫ثالثها‪َ :‬أ َّن ُه إي َذا َص َّح ْ‬
‫اس ُم ا ْل ُق ْب َل ية‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ب‪َ ،‬و ََل َي ْمتَن ُع َأ ْن َينْ َطل َق ْ‬ ‫س يم ْن َو َر ياء َث ْو ٍ‬ ‫وء بيال َّل ْم ي‬‫وب ا ْلو ُض ي‬
‫ب إي َل ُو ُج ي ُ‬ ‫َذ َه َ‬
‫الش ي‬
‫اع ُر‪:‬‬ ‫ع َََل َذلي َك‪َ ،‬ق َال َّ‬
‫َت يري ‪ ...‬وكَم يمن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬
‫اب)‬‫قبلة َف ْو َق النِّ َق ي‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫(وك َْم م ْن دمعة يِف ْ َ‬
‫اخلدِّ َ ْ‬ ‫َ‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري (‪ ،)382‬ومسلم)‪. (512‬‬


‫أخرجه أبو داود (‪ ،)179‬والُتمذي (‪ ،)86‬والنسائي (‪ ،)170‬وابن ماجه (‪ ،)503‬وأْحد (‪)25766‬‬ ‫‪2‬‬

‫سنن أيب داود (‪)158 /2‬‬ ‫‪3‬‬

‫َشح زاد املستقنع (‪)105 /8‬‬ ‫‪4‬‬


‫حمل اَلختالف‬

‫ب‪َ ،‬فإي َّن ا ْل َع َر َب ُت ْطلي ُق ُه َم َّر ًة ع َََل ال َّل ْم ي‬ ‫س يِف ك ََال يم ا ْل َع َر ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫وسبب ْ ي ي‬
‫س‬ ‫اس يم ال َّل ْم ي‬
‫اك ْ‬‫ُت ُ‬ ‫اخت َالف يه ْم يِف َهذه املَْ ْس َأ َلة‪ْ :‬اش َ‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫ب‬‫اجل َامعي‪ .‬يِف َق ْوله َت َع َال‪َ { :‬أ ْو َل َم ْس ُت ُم الن َِّسا َء} [النساء‪َ ]43 :‬و َذ َه َ‬ ‫َن ْي‬ ‫ا َّل يذي ُه َو بيا ْل َي يد‪َ ،‬و َم َّر ًة ُت َكنِّي بي يه ع ي‬

‫يه ال َّل َّذةَ‪َ ،‬و يمن ُْه ْم‬‫اش َُت َط في ي‬


‫اص‪َ ،‬ف ْ َ‬
‫ي‬ ‫ون إي َل َأ َّن ُه ال َّل ْم ُس بيا ْل َي يد‪َ ،‬و يم ْن َهؤُ ََل يء َم ْن َرآ ُه يم ْن َب ي‬
‫اب ا ْل َعا ِّم ُأ يريدَ بيه ْ َ‬
‫اخل ُّ‬ ‫آخ ُر َ‬‫َ‬
‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َم ْن َرآ ُه يم ْن َب ي‬
‫َار َض‬ ‫اب ا ْل َعا ِّم ُأ يريدَ بيه ا ْل َعا ُّم َف َل ْم َي ْش َ يُتط ال َّل َّذ َة فيه‪َ ،‬و َم ين ْاش َ َ‬
‫ُت َط ال َّل َّذ َة َفإين ََّام َدعَا ُه إي َل َذل َك َما ع َ‬
‫ود يه بي َي يد يه َو ُر َّب َام ملَ َس ْت ُه‪َ .‬و َخ َّر َج‬
‫َان ي ْل يمس عَائي َش َة يعنْدَ سج ي‬
‫ُ ُ‬
‫ي‬ ‫ي ي‬
‫ع ُُمو َم ْاْل َية م ْن َأ َّن النَّبي َّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم ‪ -‬ك َ َ ُ‬
‫َن النَّبي ِّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ‪َ « :-‬أ َّن ُه‬ ‫ت َع ْن ع ُْر َو َة َع ْن عَائي َش َة ع ي‬ ‫يب ب ين َأ ييب َثابي ٍ‬
‫يث َحبي ي ْ‬ ‫يث َح يد َ‬ ‫احل يد ي‬
‫َأ ْه ُل ْ َ‬
‫َت» َق َال َأ ُبو ع َُم َر‪َ :‬ه َذا‬ ‫ْت؟ َف َض يحك ْ‬ ‫َقب َل بع َض نيسائي يه‪ُ ،‬ثم َخرج إي َل الص َال ية و ََل يتَو َّض ْأ‪َ ،‬ف ُق ْل ُت‪ :‬من يهي إي ََّل َأن ي‬
‫َ ْ َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ ْ‬
‫رب‪َ ،‬ق َال‪َ :‬و ُر يو َي َه َذا‬ ‫ي‬ ‫ي يي‬ ‫ون َو َص َّح َح ُه ا ْلكُوفي ُّي َ‬ ‫يث و َّهنَه ْي‬
‫احل َج ياز ُّي َ‬ ‫ْ ي‬
‫ون‪َ ،‬وإي َل ت َْصحيحه َم َال َأ ُبو ع َُم َر ْب ُن َع ْبد ا ْل َ ِّ‬ ‫احلد ُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الشافي يع ُّي إي ْن َث َب َت َح يد ُ‬
‫يث َأ ْي ًضا يم ْن َط ير ييق َم ْع َب يد ْب ين َن َبا َت َة‪َ ،‬و َق َال َّ‬
‫احل يد ُ‬
‫يث َم ْع َبد ْب ين َن َبا َت َة يِف ا ْل ُق ْب َلة ََل ْ َأ َر ف َ‬
‫يها‬ ‫َْ‬
‫‪1‬‬ ‫َو ََل يِف ال َّل ْم ي‬
‫س ُو ُضو ًءا‬

‫استنتاج الباحث‬

‫اإلمام الشافعي هو العاَل الذي نجح من َتميع مدرسة احلديث ومدرسة العقل‪ .‬كطالب لإلمام مالك‪،‬‬
‫إنه قد وضع األحاديث ِف هذا املوقف النسبي‪ .‬وأيضا‪ ،‬كتلميذ ملحمد بن احلسن احلنفي‪ ،‬لقد وضع‬
‫العقل باملكان الصحيح‪ .‬بسبب سببني ُلذا‪ ،‬أنا كالكاتب أكثر ميال إل ما خلص إليه اإلمام الشافعي ِف‬
‫هذا البحث‪.‬‬

‫وباإلضافة إل ذلك‪ ،‬أعتقد أيضا أنه إذا اتبعنا استنتاج احلنفية‪ ،‬عَل سبيل املثال‪ ،‬فإن السوء املحتمل‬
‫سينشأ‪ .‬ومع ذلك‪َ ،‬ل يمكن مساواة حالة اليوم مع بضعة قرون مضت‪ .‬ما املعنى؟ اتباع الشافعية هو‬
‫جزء من اجلهود املبذولة للتخفيف من الرضر ِف سن املراهقة وفوق ذلك‪.‬‬

‫«بداية املجتهد وَناية املقتصد» (‪)44 /1‬‬ ‫‪1‬‬


‫إذا أردنا البحث بالتحقيق‪ ،‬سنرى أن السبب األسايس لإلمام الشافعي ِف منع املالمسة بني الرجل‬
‫واألجنبية مطلقا‪ ،‬وليس اْلخر لوجود مظنة التلذذ املثري للشهوة‪ .‬ففي هذا اجلانب‪ ،‬اإلمام الشافعي هو‬
‫البصرية ألن خالصة حكمه َتتوي عَل حل اَلستنتاج القانوين ملشاكل احلديث منها هو جنوح‬
‫األحداث‪.‬‬

‫وِف ناحية أخرى‪ ،‬أوافق ما قاله احلنابلة عَل منع املالمسة مطلقا أي وإن كان من وراء حائل حسب ما‬
‫أوافق الشافعية‪.‬‬

‫وبالتأكيد‪ ،‬كان استنتاجي هذا بعيد عن التعصب املذهبي ألنه كشكل من أشكال احلل لالَنيار‬
‫اَلجتامعي اليوم‪.‬‬

‫املراجع‬

‫‪ )1‬القران الكريم‬
‫‪ )2‬الدر املختار َشح تنوير األبصار وجامع البحار‪ ،‬حممد بن عيل بن حممد بن عيل بن عبد الرْحن‬
‫احلنفي احلصكفي‪ ،‬املكتبة الشاملة‬
‫األشعث األَزْ يدي ِّ ي ي‬
‫َاين‪ ،‬املكتبة الشاملة‬ ‫ي‬ ‫حلافيظ يأيب َداود ُسليامن ْب ين‬ ‫‪ُ )3‬سنَن َأ ييب َد ُاود‪ ،‬ي‬
‫السج ْست ِّ‬ ‫اإل َمام ا َ‬
‫‪ )4‬اجلامع الكبري ‪ -‬سنن الُتمذي‪ ،‬حممد بن عيسى بن َس ْورة بن موسى بن الضحاك‪ ،‬الُتمذي‪ ،‬أبو‬
‫عيسى (املتوىف‪279 :‬هـ)‪ ،‬املكتبة الشاملة‬
‫‪ )5‬املجتبى من السنن ‪ -‬السنن الصغرى للنسائي‪ ،‬أبو عبد الرْحن أْحد بن شعيب بن عيل‬
‫اخلراساين‪ ،‬النسائي (ت ‪303‬هـ)‪ ،‬املكتبة الشاملة‪.‬‬
‫‪ )6‬سنن ابن ماجه‪ ،‬ابن ماجة أبو عبد اَّلل حممد بن يزيد القزويني‪ ،‬وماجة اسم أبيه يزيد (ت‬
‫‪273‬هـ)‪ ،‬املكتبة الشاملة‬
‫‪ )7‬مسند اإلمام أْحد بن حنبل‪ ،‬أبو عبد اَّلل أْحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباين‬
‫(املتوىف‪241 :‬هـ)‪ ،‬املكتبة الشاملة‬
‫‪ )8‬أبو احلسن عيل بن عمر بن أْحد بن مهدي بن مسعود بن النعامن بن دينار البغدادي الدارقطني‬
‫(ت ‪385‬هـ) سنن الدارقطني‪ ،‬املكتبة الشاملة‬
‫‪ )9‬منحة السلوك ِف َشح َتفة امللوك‪ ،‬أبو حممد حممود بن أْحد بن موسى بن أْحد بن حسني‬
‫الغيتابى احلنفي بدر الدين العيني (ت ‪855‬هـ)‪ ،‬املكتبة الشاملة‬
‫أحكام القرآن‪ ،‬القايض حممد بن عبد اَّلل أبو بكر بن العريب املعافري اَلشبييل املالكي‬ ‫‪)10‬‬
‫(ت ‪543‬هـ)‪ ،‬املكتبة الشاملة‬
‫املذكرة‬ ‫‪)11‬‬
‫املحيط الربهاين ِف الفقه النعامين فقه اإلمام أيب حنيفة ريض اَّلل عنه‪ ،‬أبو املعايل برهان‬ ‫‪)12‬‬
‫الدين حممود بن أْحد بن عبد العزيز بن عمر بن َمازَ َة البخاري احلنفي (ت ‪616‬هـ)‪ ،‬املكتبة‬
‫الشاملة احلديثية‪.‬‬
‫ُممع األَنر ِف َشح ملتقى األبحر‪ ،‬عبد الرْحن بن حممد بن سليامن املدعو بشيخي‬ ‫‪)13‬‬
‫زاده‪ ،‬يعرف بداماد أفندي (ت ‪1078‬هـ)‪ ،‬املكتبة الشاملة احلديثية‬
‫أسهل املدارك «َشح إرشاد السالك ِف مذهب إمام األئمة مالك»‪ ،‬أبو بكر بن حسن‬ ‫‪)14‬‬
‫بن عبد اَّلل الكشناوي (ت ‪ 1397‬هـ)‪ ،‬املكتبة الشاملة‬
‫صحيح مسلم‪ ،‬أبو احلسني مسلم بن احلجاج القشريي النيسابوري (‪261 - 206‬‬ ‫‪)15‬‬
‫هـ)‪ ،‬املكتبة الشاملة‬
‫صحيح البخاري‪ ،‬أبو عبد اَّلل‪ ،‬حممد بن إسامعيل بن إبراهيم بن املغرية ابن بردزبه‬ ‫‪)16‬‬
‫البخاري اجلعفي‪ ،‬املكتبة الشاملة‪.‬‬
‫املجموع َشح املهذب‪ ،‬أبو زكريا حميي الدين َييى بن َشف النووي (ت ‪676‬هـ)‪،‬‬ ‫‪)17‬‬
‫املكتبة الشاملة‪.‬‬
‫اجلامع ألحكام القرآن‪ ،‬أبو عبد اَّلل‪ ،‬حممد بن أْحد األنصاري القرطبي‪ ،‬املكتبة‬ ‫‪)18‬‬
‫الشاملة‪.‬‬
‫املغني َلبن قدامة‪ ،‬أبو حممد عبد اَّلل بن أْحد بن حممد بن قدامة (‪ 620 - 541‬ه)‪،‬‬ ‫‪)19‬‬
‫املكتبة الشاملة‪.‬‬
‫احلاوي الكبري ِف فقه مذهب اإلمام الشافعي وهو َشح خمترص املزين‪ ،‬أبو احلسن عيل‬ ‫‪)20‬‬
‫بن حممد بن حممد بن حبيب البرصي البغدادي‪ ،‬الشهري باملاوردي (ت ‪450‬هـ)‪ ،‬املكتبة‬
‫الشاملة‪.‬‬
‫زاد املستقنع ِف اختصار املقنع‪ ،‬موسى بن أْحد بن موسى بن ساَل بن عيسى بن ساَل‬ ‫‪)21‬‬
‫احلجاوي املقديس‪ ،‬ثم الصاحلي‪َ ،‬شف الدين‪ ،‬أبو النجا (ت ‪968‬هـ)‪ ،‬املكتبة الشاملة‪.‬‬
‫بداية املجتهد وَناية املقتصد‪ ،‬أبو الوليد حممد بن أْحد بن حممد بن أْحد بن رشد‬ ‫‪)22‬‬
‫القرطبي الشهري بابن رشد احلفيد (ت ‪595‬هـ)‪ ،‬املكتبة الشاملة‪.‬‬
‫املوسوعة الفقهية الكويتية‪.‬‬ ‫‪)23‬‬
‫اَلسم ‪ :‬نور اإلسالم‬

‫الدرس ‪ :‬املقارن‬

‫مصافحة اللرجل العجوز‬

‫• مصافحة الرجل العجوز فقد اختلف الفقهاء‪:‬‬


‫‪ )1‬ذهب الشافعية واملالكية ّ‬
‫أن الرجل العجوز حرام مطلقا‪.‬‬
‫‪ )2‬وذهب احلنفية واحلنابلة أن مصافحةها جائز ما دامت الشهوة مأمونة عند كل الطرفني‬
‫‪1‬‬

‫• أد ّلة القول األول‬


‫‪ )1‬حدثنا َييى بن بكري حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب وقال إبراهيم بن املنذر حدثني‬
‫ابن وهب حدثني يونس قال ابن شهاب أخربين عروة بن الزبري أن عائشة ريض اَّلل عنها‬
‫زوج النبي قالت كانت املؤمنات إذا هاجرن إل النبي يمتحنهن بقول اَّلل تعال ( ‪ ) 60‬يا أهيا‬
‫الذين آمنوا إذا جاءكمفامتحنوهن ( املمتحنة‪ ) 01‬إل آخر اْلية قالت عائشة فمن أقر ِباذا‬
‫الرشط من املؤمنات فقد أقر باملحنة فكان رسول اَّلل إذا أقررن بذلك من قوُلن قال ُلن‬
‫رسول اَّلل انطلقن فقد بايعتكن َل واَّلل ما مست يد رسول اَّلل يد امرأة قط غري أنه بايعهن‬
‫بالكالم واَّلل ما أخذ رسول اَّلل عَل النساء إَل بام أمره اَّلل يقول ُلن إذا أخذ عليهن قد‬
‫بايعتكن كالما ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ )2‬وحدثني هارون بن سعيد األييل وأبو الطاهر ( قال أبو الطاهر أخربنا وقال هارون حدثنا‬
‫ابن وهب ) حدثني مالك عن ابن شهاب عن عروة أن عائشة أخربته عن بيعة النساء قالت‪:‬‬
‫ما مس رسول اَّلل صَل اَّلل عليه و سلم بيده امرأة قط إَل أن يأخذ عليها فإذا أخذ عليها‬
‫فأعطته قال ( اذهبي فقد بايعتك ) ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ي‬ ‫ي‬
‫‪َ )3‬ق ْوُلَا ‪َ ( :‬واَّللَّي َما َم َّس ْت َيد َر ُسول اَّللَّ َص ََّل اَّللَّ َع َل ْيه َو َس َّل َم َيد ا ْم َر َأة َق ُّط غ َْري َأ َّن ُه ُي َبايي ُ‬
‫عه َّن‬
‫بيا ْلك ََال يم )‬
‫يه ‪َ :‬أ َّن َب ْي َعة الن َِّساء بيا ْلك ََال يم يم ْن غ َْري َأ ْخذ ك ّ‬
‫َف ‪.‬‬ ‫في ي‬

‫‪ 1‬الوسوعة القويطية‪ ،‬ص‪ ،360 :‬ج‪37 :‬‬


‫‪ 2‬عمدة القاري َشح صحيح البخاري‪ ،‬حديث رقم‪ ,8825 :‬ص‪ ,159 :‬املكتبة الشاملة‬
‫‪ 3‬حديث صحيح مسلم رقم‪ ،1866 :‬ىف باب كيفية بيعة النساء‬
‫الر َجال بي َأ ْخ يذ ا ْلك ّ‬
‫َف َم َع ا ْلك ََالم ‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫ي ي‬
‫َوفيه ‪َ :‬أ َّن َب ْي َعة ِّ‬
‫أد ّلة القول الثانى‬ ‫•‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َجوزً ا‬ ‫اس َت ْأ َج َر ع ُ‬ ‫َان ُي َصاف ُح ا ْل َع َجائزَ َو َع ْبدَ اَّللَّي ْب َن الزُّ َب ْ يري ْ‬ ‫يض اَّللَُّ َعنْ ُه ك َ‬ ‫‪َ )1‬و َقدْ ُرو َي َأ َّن َأ َبا َبك ٍْر َر َ‬
‫يم الن ََّخ يع ِّي‬ ‫ي‬
‫ت َيدَ َها َإل إ ْب َراه َ‬ ‫َت َتغ يْمزُ ير ْج َل ْي يه َو ُت َف ِّيل َر ْأ َس ُه َو ُر يو َي َأ َّن ا ْم َر َأ ًة َمدَّ ْ‬
‫ليت َُم ِّر َض ُه َفكَان ْ‬
‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي ي‬
‫َجوزٌ َف َصا َف َح َها ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫لت َُصاف َح ُه َف َق َال َُلَا اكْشفي َع ْن َو ْج يهك َفك ََش َف ْت ُه َفإي َذا ه َي ع ُ‬
‫َجوزً ا ََل ت َْشت يَهي َف َال َب ْأ َس يب ُم َصا َف َحتي َها َو َم َّس َي يد َها َمليا ُر يو َي { َأ َّن الن يَّب َّي َص ََّل اَّللَُّ‬ ‫َت ع ُ‬ ‫‪َ )2‬ف يإ َذا كَان ْ‬
‫اب َو َلكي ْن ك َ‬
‫َان َي َض ُع َيدَ ُه يِف‬ ‫َان ُي َصافي ُح ا ْل َع َجائيزَ يِف ا ْل َب ْي َع ية َو ََل ُي َصافي ُح َّ‬
‫الش َو َّ‬ ‫َع َل ْي يه َو َس َّل َم ك َ‬
‫يها َف َذلي َك َب ْي َعت َُها} ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي ٍ‬
‫‪3‬‬
‫َق ْص َعة َماء ُث َّم ت ََض ُع املَْ ْر َأ ُة َيدَ َها ف َ‬
‫• املناقشة‬
‫َان ُي َصافي ُح ا ْل َع َجائيزَ " فقد أنكر الشيدة‬ ‫‪ )1‬فمن قال بجواز مصافح العجوز بدليل احلديث " ك َ‬
‫َجوزً ا ََل ت َْشت يَهي َف َال َب ْأ َس بي ُم َصا َف َحتي َها َو َم َّس َي يد َها‬ ‫َت ع ُ‬ ‫عائشة كام ىف املبسوط للرسخيس‪َ :‬فإي َذا كَان ْ‬
‫اب‬ ‫الش َو َّ‬ ‫َان ُي َصافي ُح ا ْل َع َجائيزَ يِف ا ْل َب ْي َع ية َو ََل ُي َصافي ُح َّ‬ ‫َمليا ُر يو َي { َأ َّن النَّبي َّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ك َ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ٍ‬ ‫َو َلكي ْن ك َ‬
‫يض اَّللَُّ‬ ‫يها َف َذل َك َب ْي َعت َُها } َّإَل َأ َّن عَائ َش َة َر َ‬ ‫َان َي َض ُع َيدَ ُه يِف َق ْص َعة َماء ُث َّم ت ََض ُع املَْ ْر َأ ُة َيدَ َها ف َ‬
‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َم َّس ا ْم َر َأ ًة َأ ْجن يَب َّي ًة‬
‫يث َو َقا َل ْت ‪َ :‬م ْن زَ ع ََم َأ َّن َر ُس َ‬ ‫احل يد َ‬‫ت َه َذا ْ َ‬ ‫َعن َْها َأ ْنك ََر ْ‬
‫َف َقدْ َأ ْع َظ َم ا ْل يف ْر َي َة َع َل ْي يه ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫َان ُي َصافي ُح ا ْل َع َجائيزَ يِف ا ْل َب ْي َع ية َو ََل‬ ‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ك َ‬ ‫‪ )2‬و ْاألَص ُل في ي‬
‫يه َما ُر يو َي { َأ َّن َر ُس َ‬ ‫َ ْ‬
‫ري ك ََام َذك ََر‬ ‫َري يه ‪َ ،‬و َما ُر يو َي َع ْن َأ ييب َبك ٍْر َو َع ْب يد اَّللَّي ْب ين الزُّ َب ْ ي‬ ‫يط َوغ ْ ي‬‫الشواب } كَام َذكَر يِف املُْ يح ي‬
‫َ َ‬
‫ي‬
‫ُي َصاف ُح َّ َ َّ‬
‫يِف ا ْلكيت ي‬
‫َاب ‪.‬‬
‫ف ا ْل يف ْتن يَة ََل َي ْأ َبى َع ْن ال َّت ْع يمي يم ‪َ ،‬لكي ْن ََل ُمَ ََال‬
‫يل ا ْلع ْق ييل و ُهو َقو ُله يَلن يْعدَ ا يم َخو ي‬
‫ْ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫َن َع ْم َظاه ُر الدَّ ل ي َ ِّ َ َ ْ ُ‬
‫ُب َن ْق ًال َع ْن ْاألَئي َّم ية َأ ْو املَْ َشاييخي ‪.‬‬ ‫يَل ْخ يُتا يع مس َأ َل ٍة بيمجر يد َذلي َك بيدُ ي‬
‫ون َأ ْن ت ُْذك ََر يِف ا ْل ُكت ي‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫َ َ ْ‬

‫‪َ 1‬شح النووي عَل مسلم‪-‬مشكو ‪,‬ل ص‪ ,337 :‬املكتبة الشاملة‬


‫‪ 2‬اجلوهرة النرية‪ ,‬ص‪ ,164 :‬املكتبة الشملة‬
‫يس ص‪ ,373:‬املكتبة الشاملة‬
‫‪ 3‬املبسوط للرسخ ‪,‬‬
‫يس ص‪ ,373:‬املكتبة الشاملة‬
‫‪ 4‬املبسوط للرسخ ‪,‬‬
‫اب َح ْي ُث َق َال ‪َ :‬فإي ْن ُق ْلت ‪َ :‬ه َذا‬ ‫ي ي ي‬ ‫يي ي ي‬ ‫إن تَاج َّ ي ي‬
‫ُْت َض ع َََل َق ْوله َلنْعدَ ا يم َخ ْوف ا ْلف ْتنَة ‪َ ،‬و َأ َج َ‬ ‫الرشي َعة اع َ َ‬ ‫ُث َّم َّ َ‬
‫يل ُو يض َع ع َََل‬ ‫َف ا ْم َر َأ ٍة َل ْي َس يمن َْها بي َسبي ٍ‬ ‫َاب َم ْن َم َّس ك َّ‬ ‫َّص ‪َ ،‬و ُه َو َما ُذكي َر يِف ا ْلكيت ي‬ ‫ي‬
‫َت ْعلي ٌيل يِف ُم َقا َب َلة الن ِّ‬
‫َك ِّف يه َمج َْر ٌة َي ْو َم ا ْل يق َيا َم ية ‪.‬‬
‫اخلاطي ُر يم ْن‬ ‫ي‬
‫ني م ْن ُرؤْ َيت َها َوانْزَ َوى ْ َ‬
‫ُق ْلت ‪ :‬املُْراد امر َأ ٌة تَدْ عُو النَّ ْفس َإل مسها ‪َ ،‬أما إ َذا َِترب ْت ا ْلع ُ ي‬
‫َْ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َ ِّ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َْ‬
‫لي َقائي َها َف َال ‪ ،‬ا ْنت ََهى ك ََال ُم ُه ‪.‬‬
‫ب ا ْلكي َفا َي ية ‪.‬‬ ‫ي‬
‫َوا ْق َت َفى َأ َث َر ُه َصاح ُ‬
‫َان َش ْي ًخا َي ْأ َم ُن َع ََل َن ْف يس يه‬
‫ِّف في َيام َب ْعدُ ‪َ ،‬وك ََذا إ َذا ك َ‬ ‫اض املَْ ْذكُور ع َََل َقو يل املُْصن ي‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُْت ُ‬ ‫ي ي‬
‫ول ‪ُ :‬ي َر ُّد اَلع َ‬ ‫َأ ُق ُ‬
‫َص َح بي يه‬ ‫خي َفى ‪َ ،‬و َقدْ َ َّ‬ ‫ف ا ْل يف ْتن يَة ك ََام ََل َ ْ‬
‫إشار ٌة َإل َقولي يه يَلن يْعدَ ا يم َخو ي‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫َو َع َل ْي َها ملَا ُق ْلنَا‪َ .‬فإي َّن َق ْو َل ُه ملَا ُق ْلنَا َ َ‬
‫الرشاحي ‪.‬‬
‫َب ْع ُض ُّ َّ‬
‫َت َشا َّب ًة ت ُْش َت َهى ‪َ ،‬يدُ ُّل‬ ‫اه ُر َأ َّن تي ْل َك املَْ ْس َأ َل َة في َيام إ َذا كَان ْ‬
‫َاك إ ْذ ال َّظ ي‬
‫ُور ُهن َ‬ ‫اب املَْ ْذك ُ‬ ‫َو ََل َيت ََم َّشى ْ َ‬
‫اجل َو ُ‬
‫الشا َّب َة املُْ ْشت ََها َة يَم َّ ْن تَدْ عُو‬
‫َجوزً ا ََل ت ُْشت ََهى ‪َ ،‬و ََل َش َّك َأ َّن َّ‬ ‫َت ع ُ‬ ‫ع َََل َذلي َك َع ْط ُف َها ع َََل َق ْولي يه إ َذا كَان ْ‬
‫ُون ال َّت ْعلي ُيل بي َق ْولي يه َمليا ُق ْلنَا َت ْعلي ًيال‬
‫ُور َف َال حمَ َا َل َة َيك ُ‬‫َّص املَْ ْذك ي‬ ‫ْت الن ِّ‬
‫َت د ي‬
‫اخ َل ًة ََت َ‬ ‫النَّ ْف ُس َإل َم ِّس َها َفكَان ْ َ‬
‫ف يِف ْاألُ ُص ي‬ ‫ي‬
‫ول ‪.‬‬ ‫َيوزُ ك ََام ع يُر َ‬‫َّص ‪َ ،‬و ُه َو ََل َ ُ‬ ‫يِف ُم َقا َب َلة الن ِّ‬
‫َفإي ْن ُق ْلت ‪ :‬تي ْل َك املَْ ْس َأ َل ُة ُم َق َّيدَ ٌة بي َأ ْن َي ْأ َم َن ع َََل َن ْف يس يه َو َع َل ْي َها َف َال َتت ََح َّق ُق َدع َْو ُ َِتا النَّ ْف َس َإل َم ِّس َها يِف‬
‫ور ية ‪.‬‬ ‫ت ْل َك ُّ‬
‫الص َ‬
‫ي‬
‫الصور ية َف يم ْن َش ْأ يَنا َذلي َك يِف ك ُِّل َح ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ال‬ ‫َ‬ ‫إن ََل ْ َتت ََح َّق ْق َدع َْو ُ َِتا النَّ ْف َس َإل َم ِّس َها بيا ْلف ْع يل يِف ت ْل َك ُّ َ‬ ‫ُق ْلت ‪ْ :‬‬
‫‪.‬‬
‫احل ُة َألَ ْن تَدْ ع َُو النَّ ْف َس َإل َم ِّس َها‬ ‫ي‬ ‫اهر َأ َّن مراده بياملَْر َأ ية املَْ ْذكُور ية يِف النَّص املَْ ْذك ي ي‬ ‫ي‬
‫الص َ‬ ‫ُور ه َي املَْ ْر َأ ُة َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َوال َّظ ُ ُ َ َ ُ ْ‬
‫يها َدع َْو ُ َِتا إ َل ْي يه بيا ْل يف ْع يل ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ََل ا َّلتيي َ َ‬
‫َت َّق َق ْت ف َ‬
‫الشا َّب َة إ َذا َأ يم َن ع َََل َن ْف يس يه َو َع َل ْي َها‬
‫اب املَْ ْر َأ َة ْاألَ ْجنَبي َّي َة َّ‬ ‫الر ُج يل َّ‬
‫الش ِّ‬ ‫َوإي ََّل َل يز َم َأ ْن ََل َي ْث ُب َت ُح ْر َم ُة َم ِّس َّ‬
‫ف‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫َت َأ َّم ْل ت يَق ْ‬
‫ض ا ْل َق َبائي يل‬
‫َان يِف يخ َال َفتي يه َخي ُْر ُج َإل َب ْع ي‬ ‫يض اَّللَُّ َعنْ ُه ك َ‬ ‫ي‬
‫الصدِّ َيق َر َ‬ ‫‪ )3‬وقد روي َو ُر يو َي َأ َّن َأ َبا َبك ٍْر ِّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ا َّلتيي ك َ‬
‫َان ُي َصاف ُح ا ْل َع َجائزَ َوملََّا َم ير َض الزُّ َب ْ ُري َر َ‬
‫يض اَّللَُّ َعنْ ُه بي َم َّك َة ْ‬
‫اس َت ْأ َج َر‬ ‫يها َفك َ‬
‫ُت َض ًعا ف َ‬
‫َان ُم ْس َ ْ‬

‫‪ 1‬فتح القدير لكامل ابن ُهام‪ ,‬ص‪ ,188 :‬املكتبة الشاملة‬


‫َت يَم َّ ْن ََل‬
‫ف ا ْل يف ْتن يَة َفإي َذا َكان ْ‬
‫احلرم َة يخلو ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫عَجوزً ا ليتُمر َضه َفكَان ْ ي‬
‫َت َتغْمزُ ير ْج َل ْيه َو ُت َف ِّيل َر ْأ َس ُه َوألَ َّن ْ ُ ْ َ َ ْ‬ ‫َ ِّ ُ‬ ‫ُ‬
‫ف ا ْل يف ْتن يَة َم ْعدُ و ٌم ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ت ُْشت ََهى َف َخ ْو ُ‬
‫‪ ( )4‬باب كيفية بيعة النساء [ ‪ ] 1866‬قوُلا ( كان املؤمنات إذا هاجرن يمتحن بقول اَّلل تعال يا‬
‫أهيا النبى إذا جاءك املؤمنات إل آخره معنى يمتحن يبايعهن عَل هذا املذكور ىف اْلية‬
‫الكريمة وقوُلا ( فمن أقر ِبذا فقد أقر باملحنة ) معناه فقد بايع البيعة الرشعية قوُلا ( واَّلل ما‬
‫مست يد رسول اَّلل صَل اَّلل عليه و سلم يد امرأة قط غري أنه يبايعهن بالكالم ) فيه أن بيعة‬
‫النساء بالكالم من غري أخذ كف وفيه أن بيعة الرجال بأخذ الكف مع الكالم وفيه أن كالم‬
‫األجنبية يباح سامعه عند احلاجة وأن صوِتا ليس بعورة وأنه َليلمس برشة األجنبية من غري‬
‫رضورة كتطبب وقصد وحجامة وقلع رضس وكحل عني ونحوها َما َل توجد امرأة تفعله‬
‫جاز للرجل األجنبى فعله للرضورة ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫اختيار الباحث‬ ‫•‬


‫أن مصافحة العجوز حرام مطلقا ّ‬
‫ألن عائشة أخربته عن بيعة النساء قالت‪ :‬ما مس رسول‬ ‫ّ‬
‫اَّلل صَل اَّلل عليه و سلم بيده امرأة قط إَل أن يأخذ عليها فإذا أخذ عليها فأعطته قال (‬
‫َان ُي َصافي ُح‬‫اذهبي فقد بايعتك ) ‪ .‬فمن قال بجواز مصافح العجوز بدليل احلديث " ك َ‬ ‫‪3‬‬

‫َجوزً ا ََل ت َْشت يَهي‬‫َت ع ُ‬ ‫ا ْل َع َجائيزَ " فقد أنكر الشيدة عائشة كام ىف املبسوط للرسخيس‪َ :‬فإي َذا كَان ْ‬
‫َان ُي َصافي ُح‬
‫َف َال َب ْأ َس بي ُم َصا َف َحتي َها َو َم َّس َي يد َها ملَيا ُر يو َي { َأ َّن النَّبي َّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ك َ‬
‫َان ي َضع يدَ ه يِف َقصع ية م ٍ‬
‫اء ُث َّم ت ََض ُع املَْ ْر َأ ُة َيدَ َها‬ ‫ي‬ ‫ا ْل َع َجائيزَ يِف ا ْل َب ْي َع ية َو ََل ُي َصافي ُح َّ‬
‫ْ َ َ‬ ‫اب َو َلك ْن ك َ َ ُ َ ُ‬ ‫الش َو َّ‬
‫يث َو َقا َل ْت ‪َ :‬م ْن زَ ع ََم َأ َّن‬ ‫احل يد َ‬
‫ت َه َذا ْ َ‬ ‫يض اَّللَُّ َعن َْها َأ ْنك ََر ْ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫يها َف َذل َك َب ْي َعت َُها } َّإَل َأ َّن عَائ َش َة َر َ‬
‫ف َ‬
‫ي‬

‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َم َّس ا ْم َر َأ ًة َأ ْجنَبي َّي ًة َف َقدْ َأ ْع َظ َم ا ْل يف ْر َي َة َع َل ْي يه ‪ .‬فأما رواية أيب بكر‬
‫‪4‬‬ ‫َر ُس َ‬
‫فقال النووي َق ْوُلَا ‪َ ( :‬واَّللَّي َما َم َّس ْت َيد َر ُسول اَّللَّ َص ََّل اَّللَّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َيد اي ْم َر َأة َق ُّط غ َْري َأ َّن ُه‬
‫عه َّن بيا ْلكَال يم )‬ ‫ُي َبايي ُ‬
‫يه ‪َ :‬أ َّن َب ْي َعة الن َِّساء بيا ْلكَال يم يم ْن غ َْري َأ ْخذ ك ّ‬
‫َف ‪.‬‬ ‫في ي‬

‫يس ص‪ ,373:‬املكتبة الشاملة‬


‫‪ 1‬املبسوط للرسخ ‪,‬‬
‫‪َ 2‬شح النووي عَل املسل ‪,‬م ص‪ ،10 :‬املكتبة الشاملة‬
‫‪ 3‬حديث صحيح مسلم رقم‪ ،1866 :‬ىف باب كيفية بيعة النساء‬
‫يس ص‪ ,373:‬املكتبة الشاملة‬
‫‪ 4‬املبسوط للرسخ ‪,‬‬
‫َف َم َع ا ْلكَالم ‪.‬‬ ‫الر َجال بي َأ ْخ يذ ا ْلك ّ‬ ‫ي ي‬
‫َوفيه ‪َ :‬أ َّن َب ْي َعة ِّ‬
‫اجة ‪َ ،‬و َأ َّن َص ْو َِتا َل ْي َس بي َع ْو َر ٍة ‪َ ،‬و َأ َّن ُه َل َي ْل يمس‬ ‫ي‬
‫َوفيه ‪َ :‬أ َّن كَالم األَ ْجنَبي َّية ُي َباح َس َامعه عنْد ْ َ‬
‫احل َ‬
‫ي ي‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ورة َك َت ْطبي ٍ‬ ‫ي‬
‫وها‬
‫َحل ع َْني َون َْح َ‬ ‫رضس َوك ْ‬ ‫يب َو َف ْصد َوح َجا َمة َو َق ْلع ْ‬ ‫رض َ‬‫رشة األَ ْجنَبي َّية م ْن غ َْري َ ُ‬ ‫َب َ َ‬
‫ور ية ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫لرض َ‬
‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ُوجد ا ْم َر َأة َت ْف َعل ُه ؛ َجازَ ل َّلر ُج يل األَ ْجن يَب ّي ف ْعله ل َّ ُ‬
‫َمَّا َل ت َ‬
‫ي‬

‫نقض الوضوء بمس الفرج‬


‫اإلعداد ‪ :‬حممد رابط منادي‬

‫‪َ 1‬شح صحيح مسلم للنووي ‪ 10 /13‬ط دار إحياء الُتاث العريب‬
‫اختلف العلامء اختالفا كثريا ِف نقض الوضوء بمس الفرج‪ ،‬لتعدد الفروع و اجلزئيات املتعلقة باملسألة‪ ،‬و‬
‫فيام ييل نعرض ألقواُلم و أدلتهم ِف فروع املسألة ‪:‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬نقض الوضوء بمس الرجل ذكره عمدا أو نسيانا‬

‫الفرع الثاين ‪ :‬نقض الوضوء بمس املرأة فرجها‬

‫اختلف القائلون بنقض الوضوء بمس الذكر هل ينتقض بمس املرأة فرجها ؟‬

‫القول األول ‪ :‬ينتقض الوضوء بمس املرأة فرجها‪ ،‬و هذا قول الشافعية‪ ،‬و احلنابلة‪ ،‬و ابن حزم‪.‬‬

‫القول الثاين ‪َ :‬ل ينتقض الوضوء بمس املرأة فرجها ألطفت أم َل‪ ،‬قبضت عليها أم َل‪ ،‬وهو املذهب عند‬
‫‪1‬‬
‫املالكية‪ ،‬و روي عن اإلمام أْحد أيضا القول بعدم النقض‪.‬‬

‫األدلة ‪:‬‬

‫ان "إي َذا َم َّس َأ َحدُ ك ُْم َذك ََر ُه َف ْل َيت ََو َّض ْأ" و املرأة فبالقياس عَل‬
‫‪2‬‬ ‫رس ُة بين ُْت َص ْف َو َ‬
‫دليل القول األول ‪ :‬ما راوته ُب ْ َ‬
‫الرجل و " َم ْن َم َّس َف ْر َج ُه َف ْل ُي يع يد ا ْل ُو ُض ْو َء" ‪،‬و ما راوته عائشة " َو ْي ٌل لي َّل يذ ْي َن َي ُم ُّس ْو َن ُف ُر ْو َج ُه ْم ُث َّم ُي َص ُّل ْو َن‬
‫‪3‬‬

‫ال َأ َف َر َأ ْي َت الن َِّسا َء؟" قال "إي َذا َم َّس ْت إي ْحدَ ا ُك َّن َف ْر َج َها‬ ‫يب َو ُأمي َه َذا ليلر َج ي‬
‫ِّ‬ ‫َو ََل َيت ََو َّضؤُ ْو َن" قالت عائشة "بي َأ ي ْ ِّ ْ‬
‫لص َال ية" و ما رواه الُتمذي « َم ْن َم َّس َف ْر َج ُه َف ْل َيت ََو َّض ْأ» فيعم احلكم الرجل و املرأة عَل السواء‪.‬‬
‫‪5‬‬ ‫ي‬
‫َف ْل َتت ََو َّض ْأ ل َّ‬ ‫‪4‬‬

‫دليل القول الثاين ‪ :‬حديث بن عيل " َأ َّن َر ُج ًال َجا َء إي َل النَّبي ِّي َص ََّل اَّللُ َع َل ْي يه َو َس َّل َم‪َ ،‬ف َق َال " َيا نَبي َّي اَّللي‪،‬‬
‫َأ َيت ََو َّض ُأ َأ َحدُ نَا إي َذا َم َّس َذك ََر ُه؟" َق َال‪َ " :‬ه ْل ُه َو إي ََّل َب ْض َع ٌة يمن َْك" ‪َ -‬أ ْو يم ْن َج َس يد َك ‪-‬؟" و "إي َذا َم َّس َأ َحدُ ك ُْم‬
‫َذك ََر ُه َف ْل َيت ََو َّض ْأ" يؤخذ من ظاهر اللفظ أن ناقض الوضوء هو مس الذكر و َل يقاس عليه فرج املرأة و َل‬ ‫‪6‬‬

‫‪ 1‬مذكرة ِف الفقه املقارن (قسم العبادات)‬


‫‪ 2‬موطأ مالك‪ ،‬املسند للشافعي‪ ،‬سنن ابن ماجه‬
‫‪ 3‬صحيح ابن حبان‪ ،‬جامع األحاديث‪ ،‬مجع اجلوامع املعروف بـ «اجلامع الكبري»‬
‫ي‬
‫والس َالم‪ ،‬أمايل املحاميل‬ ‫األحكَا ُم عَن املُ ْص َط َفى َع َليه َأ ْف َضل َّ‬
‫الص َالة َّ‬ ‫السنَ ُن َو ْ‬
‫‪ 4‬سنن الدارقطني‪ُّ ،‬‬
‫‪ 5‬مغني املحتاج‪ ،‬مصنف ابن أيب شيبة‪ ،‬مسند إسحاق بن راهويه‬
‫‪ 6‬مسند أْحد ط الرسالة‬
‫أجد من املالكية دليال عن عدم نقض الوضوء بمس الفرج‪ ،‬ولكن يظهر أَنم اعتربوا أَل يصح من‬
‫‪1‬‬
‫األخبار التي توجب الوضوء بمس املرأة فرجها يشء‪.‬‬

‫املناقشة ‪:‬‬

‫وعن زيد بن خالد إن النبي صَل اَّلل عليه وسلم قال ‪" :‬من مس ذكره فليتوضأ"‬

‫قال القايض أبو الطيب ‪ :‬قال أصحابنا ‪ :‬روى الوضوء من مس الذكر بضعة عرش نفسا من الصحابة عن‬
‫رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم‪.‬‬

‫فإن قيل ‪ :‬قال َييى بن معني ‪ :‬ثالثة أحاديث َل تصح‪ .‬أحدها‪ :‬الوضوء من مس الذكر ‪ :‬فاجلواب أن‬
‫األكثرين عَل خالفه؛ فقد صححه اجلامهري من األئمة احلفاظ‪ ،‬واحتج به األوزاعي ومالك والشافعي‬
‫وأْحد وهم أعالم أهل احلديث والفقه ولو كان باطال َل َيتجوا به‪.‬‬

‫فإن قالوا ‪ :‬حديث برسة رواه َشطي ملروان عن برسة وهو ُمهول‪.‬‬

‫فاجلواب ‪ :‬أن هذا وقع ِف بعض الروايات‪ ،‬وثبت من غري رواية الرشطي‪ ،‬روى البيهقي عن إمام اَلئمة‬
‫حممد بن اسحاق بن خزيمة قال ‪ :‬أوجب الشافعي الوضوء من مس الذكر حلديث برسة‪ ،‬وبقول الشافعي‬
‫أقول؛ ألن عروة سمع حديث برسة منها‪ ،‬فإن قالوا ‪ :‬الوضوء هنا غسل اليد‪ ،‬قلنا ‪ :‬هذا غلط‪ ،‬فإن‬
‫الوضوء إذا أطلق ِف الرشع ْحل عَل غسل األعضاء املعروفة هذا حقيقته َشعا‪ ،‬وَل يعدل عن احلقيقة‬
‫إَل بدليل‪.‬‬

‫واحتج أصحابنا بأقيسة ومعان َل حاجة إليها مع صحة احلديث‪ :‬وأما اجلواب عن احتجاجهم بحديث‬
‫طلق بن عيل فمن أوجه ‪:‬‬

‫أحدها ‪ :‬أنه ضعيف باتفاق احلفاظ وقد بني البيهقي وجوها من وجوه تضعيفه‪.‬‬

‫الثاين ‪ :‬أنه منسوخ فان وفادة طلق بن عيل عَل النبي صَل اَّلل عليه وسلم كانت ِف السنة األول من‬
‫اُلجرة‪ ،‬ورسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم يبني مسجده وراوي حديثنا أبو هريرة وغريه‪ ،‬وإنام قدم أبو‬

‫‪ 7‬مذكرة ِف الفقه املقارن (قسم العبادات) بترصف‬


‫هريرة عَل النبي صَل اَّلل عليه وسلم سنة سبع من اُلجرة وهذا اجلواب مشهور ذكره اخلطايب والبيهقي‬
‫وأصحابنا ِف كتب املذهب‪.‬‬

‫الثالث ‪ :‬أنه حممول عَل املس فوق حائل؛ ألنه قال ‪" :‬سألته عن مس الذكر ِف الصالة" والظاهر أن‬
‫اإلنسان َل يمس الذكر ِف الصالة بال حائل‪.‬‬

‫والرابع ‪ :‬أن خربنا أكثر رواة فقدم‪.‬‬

‫اخلامس ‪ :‬أن فيه احتياطا للعبادة فقدم‪.‬‬

‫وأما حديث أيب ليَل فجوابه من أوجه ‪:‬‬

‫أحدها ‪ :‬أنه ضعيف‪ ،‬بني البيهقي وغريه ضعفه‪.‬‬

‫الثاين ‪َ :‬يتمل أنه كان فوق حائل‪.‬‬

‫الثالث ‪ :‬أنه ليس فيه أنه مس زبيبته ببطن كفه وَل ينقض غري بطن الكف‪.‬‬

‫الرابع ‪ :‬أنه ليس فيه أنه صَل بعد مس زبيبته ببطن كفه‪ ،‬وَل يتوضأ‪ ،‬وعَل اجلملة استدَلُلم ِبذا احلديث‬
‫‪1‬‬
‫من العجائب‪.‬‬

‫اختيار الكاتب‪:‬‬

‫الكاتب ِف هذا البحث خيتار القول األول يعني نقض الوضوء بمس املرأة فرجها‪ ،‬ألن عند الكاتب هذا‬
‫القول معقول و فيه دليل قوي‪.‬‬

‫‪ 8‬املجموع َشح املهذب‬


‫" مس الدبر " هل هو ينقض الوضوء ام َل ؟‬

‫اإلعداد ‪ :‬أْحد سيف الدين‬

‫املقدمة ‪:‬‬

‫بسم اَّلل الرْحن الرحيم ‪ ،‬احلمد َّلل رب العاملني و الصالة و السالم عَل أَشف األنبياء و املرسلني و عَل‬
‫اله و صحبه امجعني اما بعد ‪،‬كتب الكاتب ِف هذه القراطس اإلختالف بني الفقهاء ِف " مس الدبر " هل‬
‫ليتم النتيجة ِف اإلمتحان ملرحلة اخلامسة لعلكم تفهمون عَل ما كتب الكاتب‬
‫هو ينقض الوضوء ام َل ؟ ّ‬
‫ِف هذه القراطس ولعل يقبل اَّلل ما رجح الكاتب و اهله و استاذه اخلاص ملعلم هذا الدرس األستاذ‬
‫حممد فطاين اكرب الثاين ‪،‬أمني‪.‬‬

‫األقوال‪:‬‬

‫إختالف الفقهاء ِف نقض الفضوء بمس الدبر وهو عَل قولني ‪:‬‬

‫القول األول ‪ :‬ينقض الوضوء بمس الدبر وهو قول اجلديد املذهب الشافعي و احد القولني عن اْحد‬
‫وهذا املعتمد‬

‫القول الثاين ‪َ :‬ل ينقض الوضوء بمس الدبر وهو مذهب املالك و داود و احلنفي و قول القديم للشافعي‬
‫و احد قولني عن اْحد‬

‫األدلة ‪:‬‬
‫الدليل لقول األول ‪:‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪ .1‬ح يد ُ ي‬
‫يث عَائ َش َة َأ َّن النَّبي َّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم َق َال ‪ " :‬م ْن َم ِّس ا ْل َف ْرجي ا ْل ُو ُضو ُء " ‪َ ،‬و ْ‬
‫اس ُم ا ْل َف ْرجي‬ ‫‪1‬‬
‫َ‬
‫ييل ْ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪2‬‬ ‫ب َأ ْن َيك َ‬
‫ُون َم ُّس ُه َحدَ ًثا كَا ْل ُق ُب يل‪.‬‬ ‫ُي ْط َل ُق ع َََل ا ْل ُق ُب يل َوالدُّ ُب ير َمجي ًعا ‪َ ،‬وألَ َّن ُه َأ َحدُ َسبي َ ي َ‬
‫احلدَ ث َف َو َج َ‬

‫‪ .1‬مالك‪ ،‬املوطأ ‪ ،‬رقم ‪89‬‬


‫‪ .2‬املاوردي‪ ،‬احلاوي الكبري ج ‪ 1‬ص ‪197‬‬
‫‪ .2‬حديث برسة بنت صفوان أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم قال { من مس ذكره فليتوضأ } (‪)5‬‬
‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫وِف لفظ { من مس فرجه فليتوضأ(‪})6‬‬

‫الدليل لقول الثاين ‪:‬‬

‫ي‬
‫الذك ََر بي ْ ُ‬
‫احل ْك يم وهذا‬
‫‪3‬‬ ‫ص َّ‬‫‪َ .1‬ق ْوله َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم ‪ " :‬إي َذا َم َّس َأ َحدُ ك ُْم َذك ََر ُه َف ْل َيت ََو َّض ْأ " ‪َ ،‬ف َخ َّ‬
‫الدليل لقول مذهب املالك وداود وقول القديم للشافعي‬
‫‪ .2‬حديث طلق بن عيل ريض اَّلل عنه أنه أتى النبي صَل اَّلل عليه وسلم وهو يبني املسجد فسأله عن‬
‫مس الذكر؟ فقال عليه الصالة والسالم َييب طلق ًا ‪( :‬وهل هو إَل بضعة منك) وهذا الدليل‬
‫‪4‬‬

‫لقول مذهب احلنفي و احد قولني عن اْحد‬

‫املناقشة ‪:‬‬

‫استدل القول األول بحديث برسة ألن لفظ "من" ِف احلديث يشمل الذكر و األنثي‪ ،‬واسم الفرج يطلق‬
‫عَل القبل و الدبر مجيعا و قاسوا الدبر عَل القبل بجامع انتقاض الوضوء باخارج منهام و بأنه العورة‬
‫‪5‬‬

‫ويناقش قوُلم بأن الدبر َل يسمى فرجا و إن القياس عند القائلني به َليكون اَل عَل علة جامعة بني‬
‫احلكمني و َل علة جامعة بني مس القبل و مس الدبر‪ ،‬و قولكم كون القبل خمرجا للنجاسة هو علة‬
‫انتقاض الوضوء من مسه ‪َ ،‬لنسلم لكم بأنه علة اَلنتقاض فإن مس النجاسة َلينقض الوضوء فكيف‬
‫مس خمرجها‪.‬‬

‫استدل القول الثاين بحديث برسة ألن لفظ احلديث خص الذكر باحلكم دون الدبر‪ ،‬وإن ذكر الذكر ِف‬
‫احلديث بلفظ "الفرج" ِف حديث اخر فيكون هو املراد كام قال تعال ( والذين هم لفروجهم حافظون ) ‪،‬‬
‫و إن احلاق الدبر بالقبل َل يمكن ألن مسه ليس هو مظنة خلروج اخلارج كاملذي منه‪ ،‬و أنه َل يتلذذ‬
‫اإلنسان بمسه حتى َتصل فيه حركة تبطل الوضوء و يناقش استدَلُلم بحديث ( وايام امرأة مست‬

‫‪ .3‬اْحد ‪ ،‬مسند اْحد بن حنبل رقم ‪ 7076،‬ج ‪ 2‬ص ‪223‬‬


‫‪ . 2‬الصقعبي‪ ،‬القول الراجح مع الدليل من َشح منار السبيل ج ‪1‬ص ‪79‬‬
‫‪ .3‬املاوردي‪ ،‬احلاوي الكبري ج ‪ 1‬ص ‪197‬‬
‫‪ . 4‬الشنقيطي‪َ ،‬شح زاد املستقنع ج ‪ 16‬ص ‪5‬‬
‫‪ 5‬الرشبني ‪ ،‬مغني املحتاج ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪147‬‬
‫فرجها فليتوضأ ) فاحلديث يذل عَل اطالق لفظ الفرج عَل قبل الذكر و األنثى وَل خيتص بالذكر فقط و‬
‫‪1‬‬
‫إن َل يمكن احلاق الدبر بالقبل ِف هذه الصورة‪ ،‬يمكن احلاقه به ِف أنه خمرجي احلدث و أنه عورة‪.‬‬

‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ٍ‬


‫واستدل ايضا القول الثاين بحديث { َق ْي ُس ْب ُن َط ْلق َع ْن َأبييه َط ْلق ْب ين ع ٍّ‬
‫َيل َأ َّن ُه َس َأ َل َر ُس َ‬
‫َو َس َّل َم ع ََّم ْن َم َّس َذك ََر ُه َه ْل َع َل ْي يه َأ ْن َيت ََو َّض َأ َف َق َال ََل َه ْل ُه َو َّإَل َب ْض َع ًة يمن َْك ‪َ ،‬أ ْو َق َال يج ْذ َو ًة يمن َْك } ‪.‬‬
‫وعن مجاعة من الصحابة منهم عمر وعيل وابن مسعود ريض اَّلل تعال عنهم مثل قولنا حتى قال بعضهم‬
‫إن كان يشء منك نجسا فاقطعه "وقال" بعضهم ما أبايل أمسسته أم أنفي وهو املعنى فإنه عضو من‬
‫أعضائه فإما أن يكون طاهرا أو نجسا وليس ِف مس يشء من الطاهرات وَل من النجاسات وضوء ولو‬
‫مس ما خيرج منه َل ينتقض به وضوءه وإقامة السبب الظاهر مقام املعنى اخلفي عند تعذر الوقوف عَل‬
‫اخلفي وذلك غري موجود هنا فإن املذي يرى ويشاهد وهو فاسد عَل أصله فإن من مس ذكر غريه عنده‬
‫َيب الوضوء عَل املاس دون املمسوس ذكره واستطالق وكاء املذي هنا ينبغي ِف حق املمسوس ذكره‬
‫وحديث برسة َل يكاد يصح فقد قال َييي بن معني ثالث َل يصح فيهن حديث عن رسول اَّلل صَل اَّلل‬
‫عليه وسلم منها هذا وما بال رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم َل يقل هذا بني يدي كبار الصحابة حتى َل‬
‫ينقله أحد منهم وإنام قاله بني يدي برسة وقد كان رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم أشد حياء من العذراء ِف‬
‫خدرها ولو ثبت فتأويله من بال فجعل مس الذكر كناية عن البول ألن من يبول يمس ذكره عادة كقوله‬
‫ط} [النساء‪ ]43 :‬والغائط هو املطمئن من األرض كنى به عن احلدث‬‫تعال‪َ { :‬أو جاء َأحدٌ يمنْكُم يمن ا ْلغَائي ي‬
‫ْ َ‬ ‫ْ َ َ َ‬
‫ألنه يكون ِف مثل هذه املواضع عادة‪ .‬أو املراد بالوضوء غسل اليد استحبابا‪ ،‬كام ِف قوله صَل اَّلل عليه‬
‫وسلم‪" :‬الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللمم"‪ ،‬واملراد منه غسل اليد‪ .‬قال‪ :‬وكذلك إذا نظر‬
‫إل فرج امرأة‪ ،‬لقول ابن عباس ريض اَّلل عنهام‪ :‬الوضوء َما خرج وبمجرد النظر َل خيرج منه يشء فهو‬
‫‪2‬‬
‫والتفكر سواء ‪.‬‬
‫واجاب القول األول بأن حديث طلق بن عيل من وجهني‪ :‬الوجه األول‪ :‬أنه منسوخ؛ ألن طلق بن عيل‬
‫قدم عند بناء املسجد كام جاء ِف الرواية‪ ،‬وحديث‪ ( :‬من مس ذكره فليتوضأ ) رواه املتأخرون إسالم ًا من‬
‫الصحابة‪ :‬كـ أيب هريرة ريض اَّلل عنه‪ ،‬والقاعدة‪ :‬أن تأخر إسالم الراوي مع تقدم املعارض يدل عَل‬
‫النسخ أو يشعر بالنسخ‪.‬‬

‫‪ . 1‬الدكتور حممد سميعي سيد عبد الرْحن الرستاقي‪ ،‬القديم و اجلديد ص ‪203‬‬
‫‪ . 2‬الرسخيس‪ ،‬املبسوط ج ‪ 1‬ص ‪186‬‬
‫َيمع بني حديث طلق بن عيل وبني حديث‪ ( :‬من مس ذكره فليتوضأ ) بأن سؤال طلق‬
‫الوجه الثاين‪ :‬أن ُ‬
‫بن عيل ريض اَّلل عنه عن مس الذكر من فوق الثوب فقال له‪ ( :‬وهل هو إَل بضعة منك ) أي‪ :‬إذا مسسته‬

‫بحائل كأنك ملست يد ًا أو نحو ذلك من األعضاء‪ .‬وأما إذا ملسه مباَشة فإنه ُ‬
‫َيمل عليه حديث‪ ( :‬من‬
‫مس ذكره فليتوضأ )‪ .‬وقد صحح غري واحد من أهل العلم حديث األمر بالوضوء من مس الذكر منهم‪:‬‬
‫اإلمام أْحد ‪ ،‬و أبو زرعة واستصوبه اإلمام البخاري رْحه اَّلل‪ ،‬فلذلك يقوى احلكم بأن مس الذكر‬
‫يوجب انتقاض الوضوء‪ .‬إذا ثبت أن مس الذكر يوجب انتقاض الوضوء فيستوي ِف ذلك أمور‪ :‬أوَلً‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫أن يكون بشهوة أو بدون شهوة‪.‬‬
‫وقالوا ‪ :‬بأن حديث طلق ضعيف ‪ ،‬وأن حديث برصة أصح منه ‪ ،‬كام ذكرنا حديث برصة له ما يقارب‬
‫سبعة عرش شاهد ًا ‪ ،‬وأن برصة حدثت ِف املدينة والصحابة متوافرون ‪ ،‬وأن حديث برصة ناقل عن‬
‫‪2‬‬
‫األصل ‪ ،‬األصل عدم الطهارة ‪ ،‬والناقل مقدم عَل املثبت ‪ ..‬إل آخره ‪.‬‬

‫إختيار الكاتب ‪:‬‬

‫اختار الكاتب أن األصح القول األول وهو نقض الوضوء بمس الدبر ألن لفظ " الفرج " ِف معجم‬
‫لسان العريب يطلق عَل القبل و الدبر وكام ِف حديث "وايام امرأة مست فرجها فليتوضأ" يطلق " امرأة "‬
‫عَل الذكر و املرأة وألن حديث "قيس بن طلق" له وجهان كام كتب ِف املناقشة‪،‬فبهذا الدليل اختار‬
‫الكاتب القول األول ألنه معقول و َل َتد فيه خفاء عنده‬

‫املراجع ‪:‬‬

‫‪ .1‬املوطأ ‪ ،‬إلمام مالك‬


‫‪ .2‬احلاوي الكبري إلمام املاوردي‬
‫‪ .3‬مسند اْحد بن حنبل‬
‫‪ .4‬القول الراجح مع الدليل من َشح منار السبيل خلالد بن ابراهيم الصقعبي‬

‫‪ . 1‬الشنقيطي‪َ ،‬شح زاد املستقنع ج ‪ 16‬ص ‪5‬‬


‫‪ . 2‬املشيقح‪َ ،‬شح كتاب الطهارة من كتاب عمدة الطالب ج ‪ 1‬ص ‪132‬‬
‫‪َ .5‬شح زاد املستقنع ملحمد بن حممد املختار الشنقيطي‬
‫‪ .6‬مغني املحتاج لشيخ خطيب الرشبني‬
‫‪ .7‬القديم و اجلديد للدكتور حممد سميعي سيد عبد الرْحن الرستاقي‬
‫‪ .8‬املبسوط ملحمد بن أْحد بن أيب سهل شمس األئمة الرسخيس‬
‫‪َ .9‬شح زاد املستقنع ملحمد بن حممد املختار الشنقيطي‬
‫َشح كتاب الطهارة من كتاب عمدة الطالب للشيخ خالد بن عيل املشيقح‬ ‫‪.10‬‬
‫نقض الوضوء بالقهقهة ِف الصالة‬

‫اإلعداد ‪ :‬نور شيخ الفوز‬

‫اختلف العلامء ِف نقض الوضوء بالقهقهة ِف الصالة‪ ،‬و فيام ييل نعرض ألقواُلم و أدلتهم ِف فروع املسألة‬
‫‪:‬‬

‫القول األول ‪َ :‬ل ينقض الوضوء بالقهقهة ِف الصالة‪ ،‬و هذا قول الشافعية‪ ،‬و مجهور العلامء‬

‫‪1‬‬
‫القول الثاين ‪ :‬ينقض الوضوء بالقهقهة ِف الصالة‪ ،‬و هو مذهب احلنفية‬

‫األدلة ‪:‬‬

‫الصال َة َوَل َينْ ُق ُض ا ْل ُو ُضو َء"‪.‬‬ ‫دليل القول األول ‪ :‬ما روي عن جابر " َّ ي‬
‫‪2‬‬
‫الضح ُك َينْ ُق ُض َّ‬

‫دليل القول الثاين ‪ :‬ما روي عن أيب العالية و احلسن البرصي و معبد اجلهني و إبراهيم النخعي و الزهري‬
‫ف يم ْن‬‫ُت َّدى يِف بيئ ٍْر‪َ ،‬ف َض يح َك َط َوائي ُ‬ ‫ي‬
‫الص َالة َف َ َ‬
‫ي‬
‫‪َ " :‬أ َّن َر ُج ًال َأع َْمى َجا َء َوالنَّبي ُّي َص ََّل اَّللُ َع َل ْيه َو َس َّل َم يِف َّ‬
‫اب النَّبي ِّي َص ََّل اَّللُ َع َل ْي يه َو َس َّل َم‪َ ،‬ف َأ َم َر النَّبي ُّي َص ََّل اَّللُ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َم ْن َض يح َك َأ ْن ُي يعيدَ ا ْل ُو ُضو َء‬
‫َأ ْص َح ي‬
‫‪3‬‬
‫الص َال َة"‬
‫َو َّ‬

‫املناقشة ‪:‬‬

‫اجل َهني ِّي‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬


‫الص َالة بي َام ُر يو َي َع ْن َأ ييب ا ْل َعال َي َة َو ْ َ‬
‫احل َس ين ا ْل َب ْ ي‬
‫رص ِّي َو َم ْع َبد ْ ُ‬ ‫احت ََّج لي ْل َقائيلينيَ بيالنَّ ْق ي‬
‫ض يِف َّ‬ ‫َو ْ‬
‫يم الن ََّخ يع ِّي َوالزُّ ْه ير ِّي َأ َّن َر ُج ًال َأع َْمى َجا َء َوالنَّبي ُّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه وسلم ِف الصالة فُتدى يِف بيئ ٍْر‬ ‫ي‬
‫َوإي ْب َراه َ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َف َض يح َك َطوائي ُ ي‬
‫الص َحا َبة َف َأ َم َر النَّبي ُّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم َم ْن َضح َك َأ ْن ُيعيدَ ا ْل ُو ُضو َء َو َّ‬
‫الص َالةَ‪.‬‬ ‫ف م ْن َّ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ني َع ْن النَّبي ِّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َّ‬ ‫َو َع ْن يع ْم َر َ‬
‫(الض ْح ُك يِف َّ‬
‫الص َالة َق ْر َق َر ًة ُي ْبط ُل َّ‬
‫الص َال َة‬ ‫احل َص ْ ي‬
‫ان ْب ين ْ ُ‬
‫َالص َال ية‪.‬‬
‫الضح ُك ك َّ‬
‫ث َف َأب َط َلها َّ ي‬
‫احلَدَ ُ ْ َ‬ ‫َوا ْل ُو ُضو َء) َو يألَ ََّنَا يع َبا َد ٌة ُي ْبطي ُل َها ْ‬

‫‪ 1‬املجموع َشح املهذب‬


‫‪ 2‬حديث ُماعة بن الزبري‪ ،‬سنن الدارقطني‪ ،658 :‬خالصة األحكام‬
‫‪ 3‬السنن الكربى للبيهقي‪698 :‬‬
‫َاق ًضا َلنَ َق َض‬‫َان ن ي‬
‫الض يح َك َل ْو ك َ‬ ‫ُور يِف ا ْلكيت ي‬
‫َاب َو َقدْ َب َّينَّا ُه َوبي َأ َّن َّ‬ ‫واحتَج َأصحابنَا بيح يد ي‬
‫يث َجابي ٍر املَْ ْذك ي‬ ‫َ ْ َّ ْ َ ُ َ‬
‫ـجنَازَ ية َف َقدْ‬ ‫ي‬
‫َص َالة ا ْل َ‬
‫يها ا ْل ُو ُضو َء ك َ‬
‫ث وَلَنا ص َال ٌة ََش يعي ٌة َف َلم ينْ ُق ْض َّ ي ي‬
‫الضح ُك ف َ‬ ‫ْ َّ ْ َ‬ ‫َ‬
‫َاحلدَ ي‬ ‫الص َال ية َوغ ْ ي‬
‫َري َها ك ْ َ‬ ‫يِف َّ‬
‫َوا َف ُق ْوا َع َل ْي َها‪.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َو َذك ََر ْاألَ ْص َح ُ ي‬
‫اين َواملُْ ْعت ََمدُ َأ َّن ال َّط َه َار َة َصح َ‬
‫يح ٌة َون ََواق ُض ا ْل ُو ُضوء حمَ ْ ُص َ‬
‫ور ٌة‬ ‫اب َأ ْقي َس ًة كَث َري ًة َو َم َع َ‬
‫الض ْح يك َش ٌئ َأ ْص ًال‪.‬‬ ‫َف َم ْن ا َّدعَى يز َيا َد ًة َف ْل ُي ْثبي ْت َها َو ََل َي ْث ُب ْت يِف النَّ ْق ي‬
‫ض بي َّ‬ ‫ْ‬
‫ان وغَري َذلي َك يَمَّا رووه َف ُك ُّلها َض يعي َف ٌة و ي‬ ‫ي‬ ‫يي‬ ‫ي ي‬
‫اه َي ٌة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُْ‬ ‫َو َأ َّما َما َن َق ُلو ُه َع ْن َأ ييب ا ْل َعال َية َو ُر ْف َقته َو َع ْن ع ْم َر َ َ ْ ُ‬
‫َري ُه ُو ُجو َه َض ْع يف َها َب َيانًا‬ ‫ي‬
‫ني ا ْل َب ْي َهق ُّي َوغ ْ ُ‬
‫يث َو َقدْ َب َّ َ‬ ‫يث َقا ُلوا َو ََل ْ َي يص َّح يِف َه يذ يه املَْ ْس َأ َل ية َح يد ٌ‬
‫احل يد ي‬ ‫ي‬
‫بيا ِّت َفاق َأ ْه يل ْ َ‬
‫اق ع َََل َض ْع يف َها‪.‬‬ ‫اإل َطا َل ية بي َت ْف يصيلي يه مع ي‬
‫اَل ِّت َف ي‬ ‫َ َ‬ ‫اج َة َإل ْ ي‬ ‫ي‬
‫َشاف ًيا َف َال َح َ‬

‫َري َم ْع ُقو َل ية ا ْل يع َّل ية ك ََام َس َب َق َو َل ْو َص َّح‬ ‫اث ََل َت ْثب ُت يقي ي‬


‫اسا ألَ ََّنَا غ ْ ُ‬
‫ُ َ ً‬ ‫اس ُه ْم َف َال َي يص ُّح يألَ َّن ْاألَ ْحدَ َ‬ ‫ي‬
‫َو َأ َّما ق َي ُ‬
‫اإل ْمجَا يع َق َال ا ْب ُن املُْن يْذ ير‬
‫الص َال ية بي ْ ي‬ ‫الضح ُك يِف َّ‬
‫َان منْ َت َق ًضا بيغُس يل ا ْلـجنَاب ية َف يانُّه يبطله خروج املنى وَل يبطي ُله َّ ي‬
‫ُْ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َلك َ ُ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي ي‬ ‫اختي َال َ‬
‫ب ا ْل ُو ُضو َء ُح َّج ًة َق َال‬ ‫ف ا ْل ُع َل َامء فيه َوبي َق ْو يل َم ْن َق َال ََل ُو ُض ْو َء َن ُق ْو ُل ألَنَّا ََل َن ْع َل ُم ملَ ْن َأ ْو َج َ‬ ‫َب ْعدَ َأ ْن َذك ََر ْ‬
‫‪1‬‬
‫الض يح ُك َأ ْو َل َو َاَّللَُّ َأ ْع َل ُم‬ ‫ب ا ْل ُو ُضو َء َف َّ‬
‫وج ُ‬‫الص َال ية يعنْدَ م ْن َخا َل َفنَا ََل ُي ي‬
‫َ‬ ‫ف يِف َّ‬ ‫َوا ْل َق ْذ ُ‬

‫اختيار الكاتب ‪:‬‬

‫ِف هذا البحث الكاتب يميل إل القول األول الذي يقول أن القهقهة ِف الصالة َل ينقض الوضوء بل‬
‫رس ٌل‪،‬‬ ‫ينقض الصالة فقط‪ ،‬و ألن القول الثاين يستدل بحديث أيب العالية و ذلك احلديث َح ٌ‬
‫ديث ُم َ‬
‫بش ٍ‬ ‫ي‬
‫ىء‪ ،‬كان َل يبايل عمن أخذ حدي َثه‪ ،‬كذا قال حممدُ ب ُن سريي َن ‪ .‬و اَّلل اعلم‬
‫‪2‬‬
‫راسيل أيب العال َية َل َ‬
‫يست َ‬ ‫ُ‬ ‫و َم‬

‫املراجع ‪:‬‬

‫ب دار احلديث‬
‫ي املجموع َشح املهذ ‪,‬‬
‫أبو زكريا حميي الدين َييى بن َشف النوو ‪,‬‬

‫ي سنن البيهقي الكربى‪ ,‬املكتبه الشاملة‬


‫أْحد بن احلسني بن عيل بن موسى أبو بكر البيهق ‪,‬‬

‫ي املكتبه الشاملة‬
‫أيب احلسن عيل بن عمر الدارقطني‪ ,‬سنن الدارقطن ‪,‬‬

‫‪ 4‬املجموع َشح املهذب‪440 :‬‬


‫‪ 5‬السنن الكربى للبيهقي‬
‫النية ِف الوضوء والغسل‬

‫اإلعداد ‪ :‬حممد فهم رمضان‬

‫ي‬
‫الرْحن الرحيم‬ ‫بسم اَّلل‬

‫احلمد اَّلل رب العاملني وصَل اَّلل عَل سيدنا حممد النبي وآله الطاهرين وصحابته أمجعني اما‬
‫بعد‪.‬‬

‫املبحث األول ‪ :‬اقوال الفقهاء‬

‫ذهبجامهري العلامء إل إَياب النية ِف الوضوء والغسل ومن هؤَلء األئمة الثالث الشافعي‬
‫ومالك وأْحد ومنهم ‪:‬الليث واسحق وابناملنذروداود الظاهري وابن حزم وابو ثور وربيعة وغريهم‬
‫كثري ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ولكثرة القائلني بإَياب النية ِف الوضوء ظن بعض الفقهاء أن األمر ُممع عليه وليس كذلك‬
‫بل اخلالف فيه مشهور معروف وَمن خالف ِف ذلكأبو حنيفة وأصحابه‪ :‬أبو يوسف وحممد وزفر‬
‫وخالف الثوري واألوزاعي واحلسن بن حي ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وحكى القرطبي أن كثري ًا من الشافعية ذهبوا إل هذا ‪.‬‬


‫‪3‬‬

‫‪4‬‬
‫وهو قول شاد ِف مذهب احلنابلة‪.‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬األدلة الفقهاء‬

‫أوَل ‪ :‬أدلة القائلني بعدم الوجوب‬

‫استدل القائلون بعدم الوجوب بأدلة كثريةمنها‪:‬‬

‫بدايةاملجتهد ‪,8\1::‬املغني َلبن قدامه ‪,110\1:‬املحيل‪74\1 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫العيني عَل البخاري‪30\1:‬‬ ‫‪2‬‬

‫تفسري القرطبي‪85\6:‬‬ ‫‪3‬‬

‫اإلنصاف‪142\1 :‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪-1‬ان املاء مطهر بطبعه ‪.‬‬

‫قالوا ‪:‬املاء خملوق عَل صفات وطبيعة َل َتتاج ِف حصول اثرها ايل النية فاملاء خلق طهور ًا‬
‫ومرويا ومربد ًا و سائ ً‬
‫ال كل ذلك بطبعه ووصفه الذي جعله اَّلل عليه فكام أنه َل َيتاج إل النية ِف‬
‫حصول الري والتربيد به فكذلك ِف حصول التطهر به وَما يزيد األمر وضوح ًا قوله‪( :‬خلق املاء‬
‫طهور ًا ) فهو َصيح ِف انه خملوق عيل هذه الصفة و (طهور ًا )منصوب عَل احلال أي خلق عَل هذه‬
‫احلالة من كونه طهور ًا وهي حال َلزمة فهي كقوُلم‪ ( :‬خلق اَّلل الزرافة يليها أطول من رجليها) فهذه‬
‫الصفة وهي الطهورية خملوقة معه نويت أم َل تنو‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫واستدَلُلم باحلديث قريب من استدَلُلم باْلية ( وأنزلنا من السامء ماء طهورا ) (سورة الفرقان ‪.) 48 :‬‬

‫الوضوء وسيلة لغريه والوسائل َل تلزمها النية‪-2‬‬

‫يرى األحناف أن الوضوء مراد لغريه واملراد لغريه َل َيب أن ينوى ألنه وسيلة لغريوالنية إنام تعترب ِف‬
‫املراد لنفسه إذ هو املقصود املراد وُلذا َل يلزم الذاهب إل احلج أو الساعي إل اجلمعة أن ينوي قطع‬
‫املسافة وَل يلزم من عليه عتق ِف كفارة نية َشاء العبد‪.‬‬

‫يقول الكاساين ‪:‬إن اتصلت النية بالوضوء يقع عبادة وإن َل تتصل به َل يقع عبادة لكنه يقع وسيلة إل‬
‫‪2‬‬
‫إقامة الصالة كالسعي للجمعة‪.‬‬

‫‪ -3‬واألصل ِف وجوب النية ‪.‬‬

‫قوله صَل اَّلل عليه وسلم كام ِف الصحيحني ) إنام األعامل بالنيات ( أي األعامل املعتد ِبا‬
‫‪3‬‬

‫َشعا وألن الوضوء عبادة حمضة طريقه األفعال فلم يصح من غري نية كالصالة فاحُتز بالعبادة عن‬
‫األكل والرشب والنوم ونحو ذلك وباملحضة عن العدة‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫ثاني ًا ‪ -‬أدلة القائلني بالوجوب ‪:‬‬

‫‪ 79‬بدائع الفوائد ‪186\3::‬‬


‫‪ 1‬بدائع الصنائع‪,19\1:‬حاشية ابن عابدين‪, \1:‬‬

‫‪ 2‬بدائع الصنائع ‪ ، ۱/۱۹:‬وانظر تفسري القرطبي ‪ 6/80:‬وفتح الباري ‪1/148:‬‬


‫‪ 3‬اخرجه البخري ‪ )6689,1( 9\1:‬ومسلم ‪)1907\155( 1515\3 :‬‬
‫‪ 4‬مغني املحتاج ‪85\1 :‬‬
‫استدل القائلون بالوجوب بأدلة كثرية منها‪:‬‬

‫أوَل ـ األحاديث املبينة فضل املتوضئ واملغتسل‬

‫استدل اجلمهور عَل عدم وقوعهام إَل عبادة بورود الثواب لفاعلهام مطلقا ِف األحاديث ‪ ،‬وكل‬
‫ما هذا شأنه فهو عبادة‪.‬‬

‫ومن املناسب أن تذكر بعض األحاديث الدالة عَل ثوا من فعل واحدة من هاتني العبادتني أو‬
‫فعلهم كلتيهام‪.‬‬

‫‪ -1‬عن أيب مالك األشعري قال ‪:‬قال رسول اَّلل ﷺ (الطهور شطراإليامن) وشطره أي نصفه‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -2‬وعن أيب هريرة قال‪ :‬قال رسول اَّلل (أَل أدلكم عَل ما يمحو اَّلل به اخلطايا ‪،‬ويرفع الدرجات ؟ )‬
‫قالوا ‪:‬بَل يا رسول اَّلل قال (إسباع الوضوء عَل املكاره وكثرة اخلطا إل املساجد وانتظار الصالة بعد‬
‫الصالة فذلكاملرباط )‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -3‬وعن عثامن بن عفان ريض اَّلل عنه قال ‪:‬قال رسول اَّلل ‪( :‬من توضأ فأحسن الوضوء خرجت‬
‫‪4‬‬
‫خطاياه جسده حتى َترج من َتت اظفاره)‪.‬‬

‫‪ -4‬عن أيب هريرة قال‪ :‬قال رسول اللہ ﷺ ( إن أمتي يدعون غرا حمجلني من آثار الوضوء )‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫ثانيا ‪ -‬القياس‬

‫استدل القائلون بافتقار الوضوء إل النية بالقياس فمن ذلك قياس الشافعي رْحه اَّلل تعال وهو‬
‫‪6‬‬

‫إَنا طهارة من حدث نستباح ِباالصالة فلم تصحبال نية كالتيمم وقوله (من حدث) احُتاز من إزالة‬
‫النجاسة وقوله ( تستباح ِبا الصالة ) احُتاز من غسل الذميةمن احليض فإن قالوا التيمم َل يسمى‬

‫‪ 1‬رواه مسلم ِف صحيحه مشكة املصابيح ‪93\1 :‬‬


‫‪ 2‬مسائل ىف الفقه املقارن‪65-49 :‬‬
‫‪ 3‬رواه مسلم ِف صحيحه مشكة املصابيح ‪93\1:‬‬
‫‪ 4‬متفق عليه مشكة املصابيح ‪94\1 :‬‬
‫‪ 5‬متفق عليه مشكة املصابيح ‪95\1 :‬‬
‫‪ 6‬املجموع‪364\1 :‬‬
‫طهارة فاجلواب أنه ثبتفي الصحيح (جعلت يل األرض مسجدا وطهورا) وِف رواية ِف صحيح مسلم (‬
‫‪1‬‬

‫وتربتها طهورا) وثبت انه ﷺ قال(الصعيد الطيب وضـوء املسلم) وما كان وضوءا كان طهورا‬
‫‪2‬‬

‫وحصلت به الطهارة ‪.‬‬

‫مبحث الثالث ‪ -‬مناقشة الفقهاء‬

‫أوَل ‪ :‬مناقشة بعدم الوجوب‬

‫‪ - 1‬حاول بعض الذين خيالفون األحناف فيام ذهبوا إليه‪.‬‬

‫أن يمنع استدَلُلم بالدليل األول زاعام أن املاء ليس مطهر ًا بطبعه ألن هذا مبنيعَل‬
‫إثبات القوى والطبائع ِف املخلوقات وأهل احلق ينكرونه وجواب هؤَلء فاسده وهو باطل حسا‬
‫وَشعا وعق ً‬
‫ال والقرآن والسنة َملؤانمن إثبات األساب والقوى والعقالء قاتبةعَل اثباِتاسوى طائفة‬
‫‪3‬‬
‫من املتكلمني ْحلهم املبالغة ِف اثباتقول القدرية النفاةعَل إنكارها مجلة‪.‬‬

‫فام ذهب إليه األحناف من أن املاء مظهر بطبيعة عَل انه منظف للمحل الذي نريد‬
‫تطهريه َل ينبغي أن خيالفوا فيه والذي َتالفهم فيه وفيهالنزاع ان املاء يفتتح به الصالة ويرفعاملانع‬
‫الذي جعله الشارع صادا عن الدخول ِف الصالة بطبعه من غري تقدم نية فدعوى األحناف عَل دعوة‬
‫ُمردة َليمكن تصحيحها النية بل هي بمثابة قول القائل استعامله عبادة بمجرد طبعه حمصل التعبد‬
‫والثواب به َل َيتاج إل نية وهذا بني البطالن‪.‬‬

‫يوضح املسألة أن التربدوالري والتنظف حاصل باملاء ولو َل يرده وأما التعبد اَّلل‬
‫بالوضوء فال َيصل إَل بنية التعبد فقياس أحد األمرين عَل اْلخر قياس فاسد لذا فإن بن اُلامم من‬
‫علامء األحناف َل يرتض اَلستدَلل ِبذا الدليل من قبل علامء املذهب قال طهور ًا بنفسه مستفاد ًا من‬
‫قوله تعال (ماء طهور ًا ) (سورة الفرقان‪ )48 :‬ومن قوله (ليطهركم به ) (سورة األنفال‪ )11 :‬فالخيفى‬
‫ما فيه إذ كون املقصود من إنزاله التطهري به وتسميته طهررا َل يفيد اعتباره مطهر ًا بنفسه أي رافع ًا لألمر‬
‫الرشعي بال نية بخالف إزاله احليث ألن ذلك حمسوس انه مقتض طبعه وَل تالزم بني ازالته حساصفة‬

‫‪ 1‬صحيح البخاري‬
‫‪ 2‬املجموع‪264\1 :‬‬
‫‪ 3‬مسائل ىف الفقه املقارن‪65-49 :‬‬
‫حمسوسة وبني كونه يرتفع عند استعامله اعتبار َشعي أعني احلديث‪ ،‬وقد حققنا ِف بحث املاء املستعم‬
‫ان التطهريليس من مفهوم (طهور ) واملفاد من (ليطهركم)كون املقصود من إنزاله التطهري به وهذا‬
‫‪1‬‬
‫يصدق مع اشُتاط النية كام قال الشافعي وعدمه كام قلنا‪.‬‬

‫ثم ذكر ان مستنده ِف عدم إَياب النية ِف الوضوء هو عدم الدليل عَل اإلَياب‬
‫وسيأِت ما فيه‪.‬‬

‫أما استدَلُلم بأن الوضوء وسيلة للصالة والنية َل تشُتط ِف الوسائل‪ ...‬الخ‪- 2‬‬

‫أن الوضوء وإن كان وسيلة للصالة إَل أنه ايضا مقصود لذاته وقد رتبفجوابه ‪ :‬األجروالثواب‬
‫‪2‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مناقشة املوجيني‬

‫‪ - 1‬وقد أورد النووي اعُتاضا عَل هذا القياس فقال ‪ :‬قيل ‪ :‬التيمم فرع الوضوء وَل َيوز أن يؤخذ‬
‫حكم األصل من الفرع ‪.‬‬

‫فاجلواب ‪:‬أن التيمم ليس فرعا ألن الفرع ما كان مأخوذا من الَّشء والتيمم ليس‬
‫مأخوذا من الوضوء بل بدَل عنه فال يمتنع أخذ حكم املبدل من حكم بدله وألنه إذا افتق التيمم إل النية‬
‫مع أنه خفيف إذ هو ِف بعض أعضاء الوضوء فالوضوء أول‪.‬‬

‫‪ - 2‬وهناك إشكال آخر أقوى من سابقه قالوا‪ :‬هذا قياس فاسد ألن َشعية التيمممتأخرة عن َشعية‬
‫الوضوء وقد علم ِف األصول ان من َشط القياس اَل تكون َشعية حكم األصل متأخرة عن حكم‬
‫الفرع وإَل لثبت حكم الفرع بال دليل إَل أن للمخـالف أن يقول انناَل نقصد القيـاس هنا بل‬
‫‪3‬‬
‫اَلستدَلل بنفي الفارق فنقول ملاَشع اليمم برشط النية ظهر وجوِبا ِف الوضوء فهو بمعنى َل فارق‪.‬‬

‫جواب ثان‪ :‬أن قياس الوضوء عَل التيمم هنا ليس ملعرفة حكم النية ِف الوضوء ابتداء فهناك‬
‫أدلة كثرية تثبتهذا احلكم غري هذا القياس وإنام يفيدناهذا القياس زيادة اطمئنان وتأكد وتعاضد الدَلئل‬

‫‪ 1‬فتح القدير‪90\1 :‬‬


‫‪ 2‬مسائل ىف الفقه املقارن‪65-49 :‬‬
‫‪ 3‬فتح القدير ‪21\1 :‬‬
‫إلثبات األمر الواحد مطلوب يسعى إليه العقالء خاصة وأن إَياب النية ِف التيمم مسلم عند األحناف‬
‫‪1‬‬
‫فتكون احلجة عليهم ابلغ‪.‬‬

‫مبحث الرابع ‪ :‬اختيار الكاتب‬

‫املختار عندي ما ذهب اليه الثالثة َلنالوضوء وإن كان وسيلة للصالة إَل أنه ايضا مقصود لذاته وقد‬
‫رتب األجروالثواب‪.‬‬

‫القدر ِف إجزاء مسح الرأس ِف مذاهب األربعة‬

‫اإلعداد ‪ :‬أْحد خري األنام‬

‫احلمد َّلل وكفى والصالة والسالم عَل النبي املصطفي وعَل اله وصحبه من أهل الصدق والوفا أما بعد‪.‬‬
‫ِف هذه الكتابة أريد أن أَشح لكم عن أحد فرض الوضوء كام قرأت ِف املوضوع وهو قدر مسح الرأس‬
‫ِف اختالف املذاهب األربعة وفا ًء إلكامل الوظيفة للنتيجة األخرية ِف املرحلة اخلامسة لدرس فقه املقارن‬
‫و رجا ًء أن تزدادوا ِف العلوم‪ .‬مع القراءة!‪.‬‬

‫سبب اإلختالف‬

‫قبل أن نبحث عن اإلختالف عمي ًقا علينا أن نعرف ما يسبب اإلختالف بني العلامء‪ .‬وأصل هذا‬
‫اَلختالف اَلشُتاك الذي ِف الباء ِف كالم العرب وذلك أَنا مرة تكون زائدة مثل قوله تعال‪َ { :‬تنْ ُب ُت‬
‫بيالدُّ ْه ين} عَل قراءة من قرأ تنبت بضم التاء وكرس الباء من أنبت ومرة تدل عَل التبعيض مثل قول القائل‪:‬‬

‫‪ 1‬مسائل ىف الفقه املقارن‪65-49 :‬‬


‫أخذت بثوبه وبعضده وَل معنى إلنكار هذا ِف كالم العرب أعني كون الباء مبعضة وهو قول الكوفيني‬
‫من النحويني فمن رآها زائدة أوجب مسح الرأس كله ومعنى الزائدة ها هنا كوَنا مؤكدة ومن رآها‬
‫مبعضة أوجب مسح بعضه وقد احتج من رجح هذا املفهوم بحديث املغرية أن النبي عليه الصالة‬
‫والسالم توضأ فمسح بناصيته وعَل يباع خرجه مسلم ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫األقوال‬

‫‪ .1‬إجزاء مسح الرأس بالناصية أي بربع الرأس‬

‫ذهب أبو حنيفة إل أن قدر إجزاء مسح الرأس بالربع‪ .‬و هذا القدر من الذي يكون به املسح فقال ‪ :‬إن‬
‫بالربع ‪ ،‬وهو قول زفر وذكر‬
‫مسح بأقل من ثالثة أصابع َل َيزه ‪ .‬وروى احلسن عن أيب حنيفة أنّه قدّ ره ّ‬
‫‪2‬‬

‫حاوي عن أصحابنا مقدار الناصية ‪ .‬واملفروض ِف مسح الرأس مقدار الناصية ) وهو‬
‫‪3‬‬
‫ّ‬ ‫خي وال ّط‬ ‫ا ْل ْ‬
‫كر ّ‬
‫ربع الرأس والناصية هي الشعر املائل إل ناحية اجلبهة والرأس أربع قطع الناصية والقذال والفودان ‪،‬‬
‫فقوله مقدار الناصية إشارة إل أنه َيوز أن يمسح أي اجلوانب شاء من الرأس بمقدارها وإنام قال‬
‫واملفروض وَل يقل والفرض ؛ ألن املراد كونه مقدارا َل مقطوعا به ؛ ألن الفرض هو القطع حتى إنه َل‬
‫يكفر جاحد هذا املقدار والتقدير بمقدار الناصية هو اختيار الشيخ ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫قوله ‪ ( :‬ومسح ربع الرأس إلخ ) أقول ِف مقدار املفروض من مسح الرأس روايات أصحها رواية‬
‫ودراية ‪ :‬مسح الربع وأما رواية مسح قدر ثالث أصابع اليد فهي غري املنصور رواية ودراية وإن صحت‬
‫كذا ذكره ِف البحر عن فتح القدير ا هـ ‪.‬‬

‫وَل َيوز لو مسح بأصبع واحدة أو أصبعني ومد املسح حتى استوعب قدر الربع أما لو مسح بثالث‬
‫أصابع فوضعها ثم مدها حتى استوعب الربع صح املسح ألنا مأمورون باملسح باليد واألصبعان منها‬

‫بداية املجتهد ‪11/27‬‬


‫بداية املجتهد(‪)19/1‬‬
‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫بدائع الصنائع ِف ترتيب الرشائع(‪)11/1‬‬
‫‪4‬‬
‫اجلوهر النرية(‪)7/1‬‬
‫َل تسمى يدا بخالف الثالث ألَنا أكثرها ومتام التوجيه ِف َشح املقديس ثم قال ‪ :‬وحمل املسح ما فوق‬
‫األذن فلو مسح عَل طرف ذؤابة شدت عَل رأسه َل َيز‪.‬ا هـ ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وقال أشهب‪َ :‬تزئ الناصية وروي عنه أنه قال إن َل يعم رأسه أجزأه وأطلق وَل يبني قدره ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وقال البغوي ينبغى أن َل َيزى أقل من قدر الناصية َلن النبي صيل اَّلل عليه وسلم َل يمسح أقل منها‬
‫وحكى هذا عن املزين ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪.2‬إجزاء مسح الرأس بثالثة أصابع‬

‫ِف رواية مقدار ثالثة أصابع ولو أدخل املحدث رأسه ِف ْاإلناء يريد مسحه أجزأه عن املسح وَل يفسد‬
‫املاء عند أيب يوسف ‪ .‬قلت أرأيت رجال توضأ ومسح رأسه بإصبع واحدة أو بإصبعني قال َل َيزيه‬
‫‪4‬‬

‫وقال زفر َيزيه قلت فإن مسح رأسه بثالث أصابع قال هذا َيزيه قلت َل قال ألنه مسح باألكثر من‬
‫أصابعه أَل ترى أنه لو مسحه بكفه كله إَل إصبعا واحدة أو بعض إصبع أنه َيزيه ولكنه أفضل أن‬
‫يمسح بكفيه كليهام وكذلك إذا مسح بثالث أصابع ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪.3‬إجزاء مسح الرأس بمسح مجيع الرأس‬


‫وَيب مسح مجيعه مع اَلذنني‪ ،‬وعنه َيزئ مسح اكثره اختلفت الرواية عن اْحد ِف قدر الواجب فروي‬
‫عنه مسح مجيعه ِف حق كل احد وهو ظاهر قول اخلرقي ومذهب مالك ‪ .‬فروي عن أْحد وجوب مسح‬
‫‪6‬‬

‫مجيعه ِف حق كل أحد ‪.‬وهو ظاهر كالم اخلرقي ومذهب مالك وروي عن أْحد َيزئ مسح بعضه ‪.‬قال‬
‫أبو احلارث قلت ألْحد فإن مسح برأسه وترك بعضه ؟ قال ‪َ :‬يزئه ‪.‬ثم قال ‪ :‬ومن يمكنه أن يأِت عَل‬
‫الرأس كله ‪ ،‬وقد نقل عن سلمة بن األكوع ‪ ،‬أنه كان يمسح مقدم رأسه ‪ ،‬وابن عمر مسح اليافوخ ‪ .‬وَمن‬
‫قال بمسح البعض احلسن والثوري واألوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي ‪ ،‬إَل أن الظاهر عن أْحد‬
‫رْحه اَّلل ‪ِ ،‬ف حق الرجل ‪ ،‬وجوب اَلستيعاب ‪ ،‬وأن املرأة َيزئها مسح مقدم رأسها ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫درر األحكام َشح غرر األحكام(‪)۲7/1‬‬
‫‪2‬املرجع السابق‬
‫‪3‬املحموع(‪2‬ظ‪)200‬‬
‫‪4‬اجلوهال النرية(‪)8/1‬‬
‫‪5‬املبسوط للشيباين(‪)41/1‬‬
‫‪6‬‬
‫الرشح الكبري َلبن قدامة(‪)135/1‬‬
‫قال اخلالل العمل ِف مذهب أْحد أيب عبد اَّلل أَنا إن مسحت مقدم رأسها أجزأها ‪ .‬وقال مهنا ‪ :‬قال أْحد‬
‫‪ :‬أرجو أن تكون املرأة ِف مسح الرأس أسهل ‪ .‬قلت له ‪ :‬وَل ؟ قال ‪ :‬كانت عائشة متسح مقدم رأسها ‪ .‬و‬
‫‪1‬‬

‫مسح الرأس واملشهور من املذهب أن مسح مجيعه واجب فإن ترك بعضه َل َيزه ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪.4‬إجزاء مسح الرأس باسم املسح أي بأي جزء من كل الرأس‬


‫قال الشافعي رْحه اَّلل تعال قال اَّلل تعال " وامسحوا برؤوسكم" وكان معقوَل ِف اْلية أن من مسح من‬
‫‪3‬‬

‫رأسه شيئا فقد مسح برأسه وَل َتتمل اْلية إَل هذا وهو اظهر معانيها أو مسح الرأس كله ودلت السنة‬
‫عَل ان ليس عَل املرء مسح الرأس كله وإذا دلت السنة عَل ذلك فمعنى اْلية أن من مسح شيئا من رأسه‬
‫أجزأه ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫والواجب منه ما ينطلق عليه اَلسم ولو بعض شعره أو قدره من البرشة وِف وجه شاذ يشُتط ثالث‬
‫شعرات وعَل هذا الشاذ َل يشُتط قدرها من البرشة إذا اقترص عليها وقيل يشُتط وحيث اقترص عَل‬
‫البرشة َيوز وإن كانت مستورة بالشعر عَل الصحيح ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫املشهور ِف مذهبنا الذى تظاهرت عليه نصوص الشافعي وقطع به مجهور اَلصحاب ِف الطرق أن مسح‬
‫الرأس َل يتقدر وجوبه بشئ بل يكفى فيه ما يمكن ‪ .‬وروي عن اْحد انه َيزئ مسح بعضه نقلها عنه أبو‬
‫‪6‬‬

‫احلارث ‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫األدلة‬
‫‪ .1‬األدلة ِف إجزاء مسح ربع الرأس‬

‫‪1‬املغني ِف فقه اإلمام أْحد بن حنبل(‪)217/1‬‬


‫‪2‬مواهب اجلليل لرشح خمترص اخلليل(‪)292/1‬‬
‫‪3‬سورة املائدة ‪6 :‬‬
‫‪4‬‬
‫األم للشافعي(‪)۲6/1‬‬
‫‪ 5‬اإلقناعفي حل ألفاط أيب شجاع(‪/1‬‬
‫‪6‬املجموع(‪)199/2‬‬
‫‪7‬‬
‫الرُمع السابق‬
‫ّبي ّ‬
‫صَل اَّلل عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائام‬ ‫ذهب احلنفية باحلديث الذي رواه املغرية بن شعبة ّ‬
‫أن الن ّ‬
‫الرأس بالنّاصية‪َ .‬وإنّام أورد‬
‫‪ ،‬فتوضأ ‪ ،‬ومسح عَل خف ْيه وِف هذا احلديث ست فوائد أحدها تقدير مسح ّ‬ ‫‪1‬‬

‫احلديث هكذا مطوَل َواحلاجة إنام هي إل مسح النّاصية ليكون ّ‬


‫أدل عَل صدق الراوي وإتقانه للحديث ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫قال أبو بكر بن مسعود ِف كتابه "أن األمر باملسح يقتِض آلة ‪ ،‬إذ املسح َل يكون إَل بآلة ‪ ،‬وآلة املسح هي‬
‫أصابع اليد عادة ‪ ،‬وثالث أصابع اليد أكثر األصابع ‪ ،‬ولألكثر حكم الكل ‪ ،‬فصار كأنه نص عَل الثالث‬
‫وقال ‪ " :‬وامسحوا برءوسكم بثالث أصابع أيديكم " ‪.‬‬

‫وأما وجه التقدير بالناصية فألن مسح مجيع الرأس ليس بمراد من األية باإلمجاع" ‪ .‬ثم قال بعده" َو َقدْ‬
‫‪3‬‬

‫َاص َيتي يه ‪ } ،‬فصار‬


‫‪4‬‬ ‫روى املُْ يغري ُة بن ُشعب َة َعن { النَّبيي ص ََّل اَّللَُّ َع َلي يه وس َّلم َأ َّنه ب َال ‪ ،‬وتَو َّض َأ ‪ ،‬ومسح ع َََل ن ي‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ َ َ َُ‬ ‫ِّ َ‬ ‫َ ْ ُ َْ ْ‬ ‫َ َ‬
‫فعله عليه الصالة والسالم بيانا ملجمل الكتاب ‪ ،‬إذ البيان يكون بالقول تارة ‪ ،‬وبالفعل أخرى ‪ ،‬كفعله ِف‬
‫هيئة الصالة ‪ ،‬وعدد ركعاِتا ‪ ،‬وفعله ِف مناسك احلج ‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬

‫فكان املراد من املسح بالرأس مقدار الناصية ببيان النبي صَل اَّلل عليه وسلم ووجه التقدير بالربع أنه قد‬
‫ظهر اعتبار الربع ِف كثري من األحكام ‪ ،‬كام ِف حلق ربع الرأس أنه َيل به املحرم ‪ ،‬وَل َيل بدونه ‪ ،‬وَيب‬
‫الدم إذا فعله ِف إحرامه ‪ ،‬وَل َيب بدونه ‪ ،‬وكام ِف انكشاف الربع من العورة ِف باب الصالة أنه يمنع‬
‫جواز الصالة ‪ ،‬وما دونه َل يمنع ‪ ،‬كذا ههنا ‪ ،‬ولو وضع ثالث أصابع وضعا ‪ ،‬وَل يمدها جاز عَل قياس‬
‫رواية األصل ‪ ،‬وهي التقدير بثالث أصابع ؛ ألنه أتى بالقدر املفروض ‪ ،‬وعَل قياس رواية الناصية ‪:‬‬
‫والربع َل َيوز ألنه ما استوىف ذلك القدر ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫وأخربناه عبد اَّلل بن سعيد ‪ ،‬قال ‪ :‬أخربنا عبد اَّلل بن إدريس ‪ ،‬عن األعمش ‪ ،‬عن أيب وائل ‪ ،‬عن حذيفة ‪ ،‬ريض اَّلل عنه ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائام ‪ ،‬فتوضأ ‪ ،‬ومسح عَل خفيه‪ .‬و هذا احلديث قد روي عن حذيفة من‬
‫غري وجه عن أيب وائل عنه ‪ ،‬وقد قال بعض أصحاب أيب وائل ‪ ،‬عن املغرية بن شعب ‪,‬ة أنطر هذا احلديث ِف مسند البزار رقم‬
‫(‪ ,)2865‬ج ‪ 7‬ص ‪۲80‬‬
‫‪ 2‬اجلوهر النرية(‪)8/1‬‬
‫‪ 3‬بدائع الصنائع ِف ترتيب الرشائع(‪)11-1۲/1‬‬
‫‪ 4‬حدثنا عبد الرْحن بن برش قال ثنا َييى يعني بن سعيد عن التيمي عن بكر عن احلسن عن بن املغرية بن شعبة عن أبيه قال‬
‫ني‬
‫بكر وقد سمعناه من بن املغرية عن أبيه ‪ :‬أن النبي صَل اَّلل عليه و سلم توضأ ومسح عَل ناصيته وعَل العاممة وعَل اخلف ‪,‬‬
‫أنطر هذا احلديث ِف املنتقي من السنن املسندة َلبن اجلارود‪ ,‬كتاب الطهارة‪,‬باب املسح عَل اخلفني‪ ,‬رقم (‪ ), 83‬ج ‪ 1‬ص ‪32‬‬
‫‪ 5‬املرجع السابق(‪)1۲/1‬‬
‫وِف كتاب اَّلل تعال ما يدل عَل التبعيض ِف املسح وهو حرف الباء ِف قوله تعال‪َ { :‬وا ْم َس ُحوا‬
‫وسك ُْم} فهو إشارة إل البعض كام يقال كتبت بالقلم ورضبت بالسيف أي بطرف منه‪ ،‬وُلذا قال‬ ‫بيرؤُ ي‬
‫‪1‬‬
‫ُ‬
‫الشافعي‪ :‬يتأدى بادنى ما يتناوله اَلسم ولكنا نقول من مسح ثالث شعرات َل يقال إنه مسح برأسه عادة‬
‫وِف اْلية ما يدل عَل البعض وهو ُممل ِف مقدار ذلك البعض بيانه ِف فعل رسول اَّلل صَل اَّلل عليه‬
‫وسلم كام رواه املغرية ريض اَّلل تعال عنه "أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم توضأ فحرس العاممة عن رأسه‬
‫ومسح عَل ناصيته" وذلك الربع فإن الرأس ناصية وقذال وفودان وألن الربع بمنزلة الكامل فإن من‬‫‪2‬‬

‫رأى وجه إنسان يستجيز له أن يقول رأيت فالنا وإنام رأى أحد جوانبه األربعة ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ .2‬األدلة ِف وجوب مسح مجيع الرأس‬


‫روى أْحد بن حنبل أن قدر مسح الرأس مجيع الرأس لقوله تعال (فامسحو برءوسكم) الباء لاللصاق‬
‫‪4‬‬

‫فكأنه قال وامسحوا رءوسكم وصار كقوله سبحانه ِف التيمم (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) قال‬
‫ابن برهان من زعم أن الباء للتبعيض فقد جاء أهل اللغة بام َل يعرفونه وَلن الذين وصفوا وضوء رسول‬

‫‪1‬املائدة ‪6 :‬‬
‫‪ 2‬حدثنا أبو بكر ‪ :‬أْحد بن احلسن حدثنا أبو العباس ‪ :‬حممد بن يعقوب أخربنا الربيع بن سليامن أخربنا الشافعى أخربنا‬
‫مسلم عن ابن جريج عن عطاء ‪ :‬أن رسول اَّلل ‪-‬صَل اَّلل عليه وسلم‪ -‬توضأ فحرس العاممة ومسح مقدم رأسه أو قال‬
‫ناصيته باملاء‪ .‬هذا مرسل وقد روينا معناه موصوَل ىف حديث املغرية بن شعبة ‪ ,‬أنظر هذا احلديث ِف السنن الكربى للبيهقي‬
‫وِف ذيله اجلوهر النقي‪ ,‬كتاب الطهارة‪ ,‬باب إَياب املسح بالرأس و إن كان‪ ,‬ج ‪ ,1‬ص ‪ ,61‬رقم (‪)285‬‬
‫‪3‬املبسوط للرسحيس(‪)112-113/1‬‬
‫‪4‬املائدة ‪6 :‬‬
‫‪2‬‬
‫اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم ذكروا انه مسح رأسه كله وقد ذكرنا حديث عبد اَّلل بن زيد وحديث الربيع‬
‫‪1‬‬

‫وهذا يصلح أن يكون بيانا للمسح املأمور به‪.‬‬


‫‪3‬‬

‫واختلف العلامء ِف تقدير مسحه عَل أحد عرش قوَل ثالثة أليب حنيفة وقوَلن للشافعي وستة أقوال‬
‫لعلامئنا والصحيح منها واحد هو وجوب التعميم ملا ذكرناه وأمجع العلامء عَل أن من مسح رأسه كله فقد‬
‫أحسن وفعل ما يلزمه والباء مؤكدة زائدة ليست للتبعيض واملعنى وامسحوا رءوسكم وقيل دخوُلا هنا‬
‫كدخوُلا ِف التيمم ِف قوله فامسحوا بوجوهكم فلو كان معناها التبعيض ألفادته ِف ذلك املوضع وهذا‬
‫قاطع وقيل إنام دخلت لتفيد معنى بديعا وهو أن الغسل لغة يقتِض مغسوَل به واملسح لغة َل يقتِض‬
‫َمسوحا به فلو قال وامسحوا رءوسكم ألجزأ املسح باليد إمرار من غري يشء عَل الرأس فدخلت الباء‬
‫لتفيد َمسوحا به وهو املاء فكأنه قال وامسحوا برءوسكم املاء وذلك فصيح ِف اللغة عَل وجهني إما عَل‬
‫القلب كام أنشد سيبويه كنواح ريش ْحامة بخدية ومسحت باللثتني عصف األثمد واللثة هي املمسوحة‬
‫بعصف اإلثمد فقلب وإما عَل اإلشُتاك ِف الفعل والتساوي ِف نسبته كقول الشاعر مثل القنافذ‬
‫هداجون قد بلغت نجران أوبلغت سواءِتم هجر فهذا ما لعلامئنا ِف معنى الباء ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫‪ 1‬حدثنا إسحاق بن موسى األنصارى حدثنا معن بن عيسى القزاز حدثنا مالك بن أنس عن عمرو بن َييى عن أبيه عن‬
‫عبد اَّلل بن زيد أن رسول اَّلل ‪-‬صَل اَّلل عليه وسلم‪ -‬مسح رأسه بيديه فأقبل ِبام وأدبر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب ِبام إل‬
‫قفاه ثم ردُها حتى رجع إل املكان الذى بدأ منه ثم غسل رجليه‪ .‬قال أبو عيسى وىف الباب عن معاوية واملقدام بن‬
‫معديكرب وعائشة‪ .‬قال أبو عيسى حديث عبد اَّلل بن زيد أصح شىء ىف هذا الباب وأحسن وبه يقول الشافعى وأْحد‬
‫وإسحاق‪ .‬هذا احلديث رواه الُتميدي ِف سننه‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب ما جاء ِف مسح الرأس أنه يبدأ بمقدم الرأس إل‬
‫مؤخره‪ ,‬رقم (‪ ), 32‬ج ‪ ,1‬ص ‪.57‬‬
‫‪" 2‬أن رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم توضأ عندها فمسح الرأس كله من فرق الشعر كل ناحية ملصب الشعر َل َيرك‬
‫الشعر عن هيئته‪ ،‬رواه أبو داود‪ ،‬انظر هذه العبارة ِف الرشح الكبري َلبن قدامة(‪ .)135/1‬و حدثنا قتيبة بن سعيد ‪ ،‬ويزيد‬
‫بن خالد اُلمداين ‪ ،‬قاَل ‪ :‬حدثنا الليث ‪ ،‬عن ابن عجالن ‪ ،‬عن عبد اَّلل بن حممد بن عقيل ‪ ،‬عن الربيع بنت معوذ ابن عفراء‬
‫‪ ،‬أن رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم توضأ عندها فمسح الرأس كله ‪ ،‬من قرن الشعر كل ناحية ‪ ،‬ملنصب الشعر ‪َ ،‬ل َيرك‬
‫الشعر عن هيئته‪ .‬انطر هذا احلديث ِف سنن أيب داود‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ,‬رقم (‪ ), 128‬ج ‪ ,1‬ص ‪.31‬‬
‫‪ 3‬املرجع السابق(الرشح الكبري َلبن قدامة)‬
‫‪4‬تفسري القرطبي (‪)6/87‬‬
‫استدل الذين قالوا بوجوب مسح مجيع الرأس بظاهر القرآن وذلك ِف قوله سبحانه وتعال ‪َ {:‬وا ْم َس ُحوا‬
‫بيرؤُ ي‬
‫وسك ُْم} قالوا إن الباء لإللصاق وعَل هذا يكون التقدير امسحوا رؤوسكم ‪ ،‬فأوجب اَّلل عَل عباده‬ ‫ُ‬ ‫‪1‬‬

‫أن يعموا مجيع الرأس باملسح فدل عَل أن الواجب مسح مجيع الرأس َل بعض الرأس ‪ ،‬وألن النبي صَل‬
‫اَّلل عليه وسلم مسح بجميع رأسه ‪ ،‬ووقع هذا املسح منه بيان ًا لآلية الكريمة فدل عَل وجوب مسح مجيع‬
‫الرأس ‪ ،‬قالوا وَل يصح عن النبي صَل اَّلل عليه وسلم أنه اقترص عَل بعض رأسه فلو كان ذلك جائز ًا‬
‫لفعله ولو مرة واحدة ‪ ،‬فكونه يمسح مجيع رأسه يدل دَللة واضحة عَل الوجوب ‪ ،‬وأنه َل َيزئ أن‬
‫يقترص عَل بعض الرأس‪.‬‬
‫واستدلوا بالقياس الصحيح فقالوا ‪ :‬كام َل َيوز أن يغسل بعض اليدين وبعض الوجه كذلك َل َيوز أن‬
‫يمسح بعض الرأس ؛ ألن الكل من فرائض الوضوء ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ .3‬األدلة ِف إجزاء مسح بعض الرأس‬


‫مسح الرأس قال تعال وامسحوا برءوسكم وروى مسلم أنه صَل اَّلل عليه وسلم توضأ فمسح‬
‫بناصيته وعَل عاممته وَيزئه املسح ولو بعض شعرة واحدة ولو بعود َل ما خرج من الشعر ولو باملد‬
‫‪3‬‬

‫إل جهة سفله عن احلد أي حد الرأس فال يكفي املسح عليه ويكفي تقصريه ِف احلج لتعلق فرضه‬
‫بشعر الرأس وهو صادق باخلارج وفرض املسح بالرأس وهو ما ترأس وعال واخلارج َل يسمى‬
‫رأسا أو قدره أي قدر بعض شعره من البرشة ولو من ذي رأسني فيكفي مسح بعض أحدُها‬
‫واكتفى بمسح البعض فيام ذكر ألنه املفهوم من املسح عند إطالقه ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫ودليلنا قوله تعال ‪ :‬وامسحوا برءوسكم [ املائدة ‪ ] 6 :‬ومنه دليالن ‪ :‬أحدُها ‪ :‬أن العرب َل تدخل‬
‫ِف الكالم حرفا زائدا إَل بفائدة ‪ ،‬والباء الزائدة قد تدخل ِف كالمهم ألحد أمرين ‪ :‬إما لإللصاق ِف‬
‫املوضع الذي َل يصح الكالم بحذفها ‪ ،‬وَل يتعدى الفعل إل مفعوله إَل ِبا كقوُلم مررت بزيد ‪،‬‬

‫‪1‬املائدة ‪6 :‬‬
‫‪َ2‬شح الُتميذي للشنقيطي(‪)10/19‬‬
‫‪ 3‬حدثنا أبو بكر النيسابوري ‪ ،‬حدثنا الربيع بن سليامن أخربنا الشافعي ‪ ،‬حدثنا َييى بن حسان عن ْحاد بن زيد وابن علية‬
‫عن أيوب عن ابن سريين عن عمرو بن وهب الثقفي عن املغرية بن شعبة أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم توضأ فمسح‬
‫بناصيته وعَل عاممته وخفيه‪ .‬أنظر هذا احلديث ِف سنن الدارقطني ‪ ,‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب جواز التيمم لصاحب اجلرح مع‬
‫الستعامر املاء وتعصيب اجلرح‪ ،‬رقم (‪ ،)752‬ج ‪ ،2‬ص ‪.325‬‬
‫‪4‬أسنى املطالب(‪)33/1‬‬
‫وكقوله تعال ‪ :‬وليطوفوا بالبيت العتيق [ احلج ‪ . ] 29 :‬ملا َل يصح أن يقولوا مررت زيدا ‪،‬‬
‫وليطوفوا البيت كان دخول الباء لإللصاق ‪ ،‬ولتعدي الفعل إل مفعوله ‪ .‬وإما للتبعيض ِف املوضع‬
‫الذي يصح الكالم بحذفها ‪ ،‬وبتعدي الفعل إل مفعوله بعدها ليكون لزيادِتا فائدة ‪ .‬فلام حسن‬
‫حذفها من قوله تعال ‪ :‬وامسحوا برءوسكم [ املائدة ‪ ] 6 :‬ألنه لو قال ‪ " :‬وامسحوا رءوسكم "‬
‫صلح ‪ ،‬دل عَل دخوُلا للتبعيض ‪ .‬والثاين ‪ :‬أن من عادة العرب ِف اإلَياز واَلختصار إذا أرادوا‬
‫ذكر كلمة اقترصوا عَل أول حرف منها اكتفاء به ‪ ،‬عن مجيع الكلمة كام قيل ِف قوله تعال ‪ :‬كهيعص‬
‫أن الكاف من كاِف ‪ ،‬واُلاء من هادي ‪ ،‬وكام قال الشاعر ‪ :‬قلت ُلا قفي فقالت قاف ‪ .‬أي وقفت ‪،‬‬
‫وكام قال اْلخر ‪ :‬نادوهم أن أجلموا أَل تا فقالوا مجيعا كلهم أَل فا ‪ ،‬ومعناه ‪ :‬نادوهم أن أجلموا أَل‬
‫تركبون ؟ قالوا مجيعا أَل فاركبوا‪ .‬وإذا كان هذا من كالمهم كانت الباء التي ِف قوله ‪ :‬وامسحوا‬
‫برءوسكم [ املائدة ‪ ] 6 :‬مرادا ِبا بعض رءوسكم ألَنا أول حرف من بعض ‪ .‬والدليل من طريق‬
‫السنة رواية ابن سريين ‪ ،‬عن املغرية بن شعبة أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم مسح بناصيته أو قال‬
‫مقدم رأسه وروى أبو معقل ‪ ،‬عن أنس بن مالك أنه قال ‪ :‬رأيت رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم‬
‫يتوضأ وعليه عاممة قطرية ‪ ،‬فأدخل يده من َتت العاممة فمسح مقدم رأسه وَل ينقض العاممة ‪ .‬وألن‬
‫‪1‬‬

‫كل ما لو تركه ناسيا ِف الطهارة فلم يمنع من صحة الطهارة َل يكن من فروض الطهارة كمسح‬
‫األذنني ‪ .‬فأما اْلية فقد ذكرنا وجهي دليلنا منها ‪ ،‬فأما حديث عبد اَّلل بن زيد واملقدام بن معد‬
‫يكرب فمحمول عَل اَلستحباب بدليل ما رويناه من حديث املغرية وأنس ‪ ،‬وأما قياسه فمنتقض‬
‫بمسح اخلفني ؛ ألن كل موضع منه حمل لفرض املسح وليس مسح مجيعه واجبا ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫واحتج أصحابنا بأن املسح يقع عَل القليل والكثري وثبت ِف الصحيح ان النبي صَل اَّلل عليه وسلم‬
‫مسح بناصيته فهذا يمنع وجوب اَلستيعاب ويمنع التقدير بالربع والثلث والنصف فان الناصية‬
‫دون الربع فتعني ان الواجب ما يقع عليه اَلسم ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ 1‬حدثنا أْحد بن صالح ‪ ،‬حدثنا ابن وهب ‪ ،‬حدثني معاوية بن صالح ‪ ،‬عن عبد العزيز بن مسلم ‪ ،‬عن أيب معقل ‪ ،‬عن أنس‬
‫بن مالك ‪ ،‬قال ‪ :‬رأيت رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم يتوضأ وعليه عاممة قطرية ‪ ،‬فأدخل يده من َتت العاممة فمسح‬
‫مقدم رأسه وَل ينقض العاممة‪ .‬أنظر هذا احلديث ِف سنن أيب داود‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب املسح عَل اإلمامة‪ ،‬رقم (‪ ،)147‬ج‬
‫‪ ،1‬ص ‪.36‬‬
‫‪ 2‬احلاوى الكبري(‪)115-114/1‬‬
‫‪3‬املجموع(‪)201/2‬‬
‫واما قوُلم الباء لاللصاق فقال اصحابنا َل نسلم اَنا هنا لاللصاق بل هي للتبعيض ونقلوا ذلك عن‬
‫بعض اهل العربية وقال مجاعة منهم إذا دخلت الباء عَل فعل يتعدى بنفسه كانت للتبعيض كقوله‬
‫(وامسحوا برؤوسكم) وان َل يتعد فلاللصاق كقوله تعال (وليطوفوا بالبيت) قال أصحابنا وعَل‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫هذا َيصل اجلمع بني اْلية واَلحاديث فيكون النبي صَل اَّلل عليه وسلم مسح كل الرأس ِف معظم‬
‫اَلوقات بيانا لفضيلته واقترص عَل البعض ِف وقت بيانا للجواز ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫قوله (لآلية) علة لوجوب مسح بعض الرأس‪ ،‬وهي قوله تعال‪( * :‬فامسحوا برؤوسكم) * ووجه‬
‫دَللتها عَل اَلكتفاء بمسح البعض أن الباء إذا دخلت عَل متعدد ‪ -‬كام ِف اْلية ‪ -‬تكون للتبعيض‪،‬‬
‫أو عَل غري متعدد كام ِف قوله تعال‪( * :‬وليطوفوا بالبيت العتيق) * تكون لاللصاق‪ .‬وإنام وجب‬
‫التعميم ِف التيمم ‪ -‬مع أن آيته كهذه اْلية ‪ -‬لثبوت ذلك بالسنة‪ ،‬وَلنه بدل فاعترب مبدله‪ ،‬ومسح‬
‫الرأس أصل فاعترب لفظه‪ .‬وروى مسلم أنه ﷺ مسح بناصيته وعَل العاممة‪ ،‬فدل ذلك عَل اَلكتفاء‬
‫بمسح البعض‪ .‬وَل يقال‪ :‬إن الناصية متعينة للنص عليها ِف احلديث‪َ .‬لنا نقول‪ :‬صد عن ذلك‬
‫اَلمجاع‪ .‬وأيضا فاملسح اسم جنس يصدق بالبعض والكل‪ ،‬ومسح الناصية فرد من أفراده‪ ،‬وذكر‬
‫فرد من أفراد العام بحكم العام َل خيصصه ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫أما الدليل بمن قال يكفي ببعض الرأس رواية أبواحلارث قال أبو احلارث قلت ألْحد فإن مسح‬
‫برأسه وترك بعضه قال َيزيه ثم قال ومن يمكنه أن يأِت عَل الرأس كله ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫حجة الشافعي أنه لو قال‪ :‬مسحت املنديل‪ ،‬فهذا َل يصدق إَل عند مسحه بالكلية أما لو قال‪:‬‬
‫مسحت يدي باملنديل فهذا يكفي ِف صدقه مسح اليدين بجزء من أجزاء ذلك املنديل‪ .‬إذا ثبت هذا‬
‫فنقول‪ :‬قوله وامسحوا برؤسكم يكفي ِف العمل به مسح اليد بجزء من أجزاء الرأس‪ ،‬ثم ذلك‬
‫اجلزء غري مقدر ِف اْلية‪ ،‬فإن أوجبنا تقديره بمقدار معني َل يمكن تعيني ذلك املقدار إَل بدليل مغاير‬
‫ُلذه اْلية‪ ،‬فيلزم صريورة اْلية ُمملة وهو خالف األصل‪ ،‬وإن قلنا‪ :‬إنه يكفي فيه إيقاع املسح عَل‬

‫‪1‬املائدة ‪6 :‬‬
‫‪2‬احلج ‪29 :‬‬
‫‪3‬املجموع(‪)201-202‬‬
‫‪4‬إعانة الطالبني(‪)82/1‬‬
‫‪5‬عمدة القارئ َشح صحيح البخاري(‪)498/3‬‬
‫أي جزء كان من أجزاء الرأس كانت اْلية مبينة مفيدة‪ ،‬ومعلوم أن ْحل اْلية عَل حممل تبقى اْلية‬
‫معه مفيدة أول من ْحلها عَل حممل تبقى اْلية معه ُمملة‪ ،‬فكان املصري إل ما قلناه أول‪ .‬وهذا‬
‫استنباط حسن من اْلية ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫مناقشة‬

‫‪ .1‬مناقشة ِف إجزاء مسح الناصية أي ربع الرأس‬

‫أن األمر باملسح يقتِض آلة ‪ ،‬إذ املسح َل يكون إَل بآلة ‪ ،‬وآلة املسح هي أصابع اليد عادة ‪ ،‬وثالث أصابع‬
‫اليد أكثر األصابع ‪ ،‬ولألكثر حكم الكل ‪ ،‬فصار كأنه نص عَل الثالث وقال ‪ " :‬وامسحوا برءوسكم‬
‫بثالث أصابع أيديكم "‪.‬‬
‫وأما وجه التقدير بالناصية فألن مسح مجيع الرأس ليس بمراد من اْلية باإلمجاع ‪ ،‬أَل ترى أنه عند مالك‬
‫أن مسح مجيع الرأس إَل قليال منه جائز ‪ ،‬فال يمكن ْحل اْلية عَل مجيع الرأس ‪ ،‬وَل عَل بعض مطلق ‪،‬‬
‫وهو أدنى ما ينطلق عليه اَلسم كام قاله الشافعي ‪ ،‬ألن ماسح شعرة ‪ ،‬أو ثالث شعرات َل يسمى ماسحا‬
‫ِف العرف ‪ ،‬فال بد من احلمل عَل مقدار يسمى املسح عليه مسحا ِف املتعارف ‪ ،‬وذلك غري معلوم ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ثم قال أْحد الرسخيس ِف كتابه أن الشافعي رْحه اَّلل قال أدنى ما يتناوله اَلسم ولو ثالث شعرات وقال‬
‫مالك رْحه اَّلل تعال املفروض مسح مجيع الرأس وقال احلسن رْحه اَّلل تعال أكثر الرأس واستدل مالك‬
‫بفعل رسول صَل اَّلل عليه وسلم فإنه مسح رأسه بيديه كلتيهام أقبل ِبام وأدبر وبه استدل احلسن ريض‬
‫اَّلل تعال عنه إَل أنه قال األكثر يقوم مقام الكل وقد بينا أن فعله صَل اَّلل عليه وسلم َل يدل عَل الركنية‬
‫فقد يكون ذلك َلكامل الفريضة واعترب املمسوح باملغسول وهو فاسد فإن املسح بنى عَل التخفيف‪.‬‬
‫وِف كتاب اَّلل تعال ما يدل عَل التبعيض ِف املسح وهو حرف الباء ِف قوله تعال‪َ { :‬وا ْم َس ُحوا‬
‫وسك ُْم} فهو إشارة إل البعض كام يقال كتبت بالقلم ورضبت بالسيف أي بطرف منه‪ ،‬وُلذا قال‬ ‫بيرؤُ ي‬
‫‪3‬‬
‫ُ‬
‫الشافعي‪ :‬يتأدى بادنى ما يتناوله اَلسم ولكنا نقول من مسح ثالث شعرات َل يقال إنه مسح برأسه عادة‬
‫وِف اْلية ما يدل عَل البعض وهو ُممل ِف مقدار ذلك البعض بيانه ِف فعل رسول اَّلل صَل اَّلل عليه‬
‫وسلم كام رواه املغرية ريض اَّلل تعال عنه "أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم توضأ فحرس العاممة عن رأسه‬

‫‪1‬التفسري الكبري(‪)140/11‬‬
‫‪2‬بدائع الصنائع ِف ترتيب الرشائع(‪1۲/1‬ـ‪)11‬‬
‫‪3‬ااملائدة ‪6 :‬‬
‫ومسح عَل ناصيته" وذلك الربع فإن الرأس ناصية وقذال وفودان وألن الربع بمنزلة الكامل فإن من رأى‬
‫وجه إنسان يستجيز له أن يقول رأيت فالنا وإنام رأى أحد جوانبه األربعة ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ .2‬مناقشة ِف وجوب مسح الرأس‬


‫( ثم يمسح مجيع ظاهر رأسه ) من منابت الشعر املعتاد غالبا عَل ما تقدم ِف الوجه إل قفاه ألنه تعال أمر‬
‫بمسح الرأس وبمسح الوجه ِف التيمم وهو َيب اَلستيعاب فيه فكذا هنا إذ َل فرق ‪ ،‬وألنه مسح مجيعه‬
‫‪ ،‬وفعله وقع بيانا لآلية ‪ ،‬والباء لإللصاق ‪ ،‬أي إلصاق الفعل باملفعول فكأنه قال ألصقوا املسح برءوسكم‬
‫‪ ،‬أي املسح باملاء ‪ ،‬وهذا بخالف ما لو قيل امسحوا رءوسكم ‪ ،‬فإنه َل يدل عَل أنه ثم يشء يلصق ‪ ،‬كام‬
‫يقال ‪ :‬مسحت رأس اليتيم ‪.‬‬
‫وأما دعوى أن الباء إذا وليت فعال متعديا أفادت التبعيض ِف ُمرورها لغة فغري مسلم دفعا لالشُتاك‬
‫وإلنكار األئمة قال أبو بكر سألت ابن دريد وابن عرفة عن الباء ‪ :‬تبعض ؟ فقاَل ‪َ :‬ل نعرفه ِف اللغة وقال‬
‫ابن برهان ‪ :‬من زعم أن الباء تبعض ‪ ،‬فقد جاء عن أهل العربية بام َل يعرفونه ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وقال الشافعي احتمل قول اَّلل تعال وامسحوا برءوسكم بعض الرإس ومسح مجيعه فدلت السنة أن‬
‫مسح بعضه َيزيء وهو أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم مسح بناصيته وقال ِف موضع آخر فإن قيل قد قال‬
‫اَّلل عز وجل فامسحوا بوجوهكم ِف التيمم أَيزيء بعض الوجه فيه قيل له مسح الوجه ِف التيمم بدل‬
‫من غسله فالبد أن يأِت باملسح عَل مجيع موضع الغسل منه ومسح الرأس أصل فهذا فرق ما بينهام أجاب‬
‫علامؤنا عن احلديث بأن قالوا لعل النبي صَل اَّلل عليه وسلم فعل ذلك لعذر َل سيام وكان هذا الفعل منه‬
‫صَل اَّلل عليه وسلم ِف السفر وهو مظنة األعذار وموضع الستعجال واَلختصار وحذف كثري من‬
‫الفرائض ألجل املشقات واألخطار ثم هو َل يكتف بالناصية حتى مسح عَل العاممة أخرجه مسلم من‬
‫حديث املغرية بن شعبة فلو َل يكن مسح مجيع الرأس واجبا ملا مسح عَل العاممة واَّلل أعلم ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫واحتج من أجاز مسح البعض بأن املغرية بن شعبة ‪ ،‬روى { أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم مسح بناصيته‬
‫وعاممته ‪ { }.‬وإن عثامن مسح مقدم رأسه بيده مرة واحدة وَل يستأنف له ماء جديدا ‪ ،‬حني حكى وضوء‬ ‫‪4‬‬

‫‪ 1‬املبسوط للرسحيس(‪110/1‬ـ‪)111‬‬
‫‪ 2‬كشاف القناع (‪)1/98‬‬
‫‪3‬تفسري القرطبي(‪)6/87‬‬
‫‪ 4‬حدثنا أبو بكر النيسابورى حدثنا الربيع بن سليامن حدثنا الشافعى حدثنا َييى بن حسان عن ْحاد بن زيد وابن علية عن‬
‫أيوب عن ابن سريين عن عمرو بن وهب الثقفى عن املغرية بن شعبة أن النبى ‪-‬صَل اَّلل عليه وسلم‪ -‬توضأ فمسح‬
‫النبي صَل اَّلل عليه وسلم ‪ }.‬رواه سعيد ؛ وألن من مسح بعض رأسه يقال ‪ :‬مسح برأسه ‪ ،‬كام يقال ‪:‬‬
‫مسح برأس اليتيم وقبل رأسه ‪ .‬وزعم بعض من ينرص ذلك أن الباء للتبعيض ‪ ،‬فكأنه قال ‪ :‬وامسحوا‬
‫بعض رءوسكم ‪ ،‬ولنا قول اَّلل تعال { ‪ :‬وامسحوا برءوسكم } ‪ ،‬والباء لإللصاق ‪ ،‬فكأنه قال ‪ :‬وامسحوا‬
‫رءوسكم ‪.‬فيتناول اجلميع ‪.‬كام قال ِف التيمم { ‪ :‬وامسحوا بوجوهكم } ‪ .‬وقوُلم ‪ " :‬الباء للتبعيض "‬
‫غري صحيح ‪ ،‬وَل يعرف أهل العربية ذلك ‪ ،‬قال ابن برهان ‪ :‬من زعم أن الباء تفيد التبعيض فقد جاء‬
‫أهل اللغة بام َل يعرفونه ‪.‬‬
‫وحديث املغرية يدل عَل جواز املسح عَل العاممة ‪ ،‬ونحن نقول به ؛ وألن النبي صَل اَّلل عليه وسلم ملا‬
‫توضأ مسح رأسه كله ‪ ،‬وهذا يصلح أن يكون مبينا للمسح املأمور به ‪ ،‬وما ذكروه من اللفظ ُماز َل يعدل‬
‫إليه عن احلقيقة إَل بدليل ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ولو كان املراد أقل جزء من الرأس َلكتفى بذكر الوجه ألنه َل بد معه من مالمسة جزء من الرأس‬
‫وأما السنة فام روي عنه عليه السالم أنه مسح بناصيته وعاممته ولو كان اَلقتصار عَل مسح بعض‬
‫الرأس جائزا ملا مجع بينهام حلصول املقصود بالناصية‪.‬‬

‫وأما القياس فنقول عضو َشع املسح فيه باملاء فوجب أن يعمه حكمه قياسا عَل الوجه ِف التيمم أو نقول‬
‫لو َل َيب الكل لوجب البعض ولو وجب البعض لوجب البعض اْلخر قياسا عليه وهذا قياس يتعذر‬
‫معه الفارق لعدم تعني املقيس عليه وأما قول الشافعية إن الفعل ِف اْلية متعد فيستغنى عن الباء فتكون‬
‫للتبغيض صونا لكالم اَّلل تعال عن اللغو قلنا اجلواب عنه من وجوه أحدُها َل نسلم أنه مستغن عن‬
‫ال باء وتقريره أن فعل املسح يتعدى إل مفعولني أحدُها بنفسه والثاين بالباء إمجاعا كقولنا مسحت يدي‬
‫باملنديل فاملنديل املزيل عن اليد وإذا قلنا مسحت املنديل بيدي فاليد املزيلة واملنديل املزال عنه والرطوبة‬
‫ِف الوضوء إنام هي ِف اليد فتزال عنها بالرأس فيكون معنى اْلية فامسحوا أيديكم برؤوسكم فاملفعول‬
‫األول هو املحذوف وهو املزال عنه والرأس املفعول الثاين املزال به فالباء عَل باِبا للتعدية الثاين سلمنا‬
‫أَنا ليست للتعدية فلم َل َيوز أن تكون للمصاحبة كقوله تعال ( تنبت بالدهن ) بضم التاء يدل عَل أنه‬
‫‪2‬‬

‫عدي باُلمزة فتتعني الباء للمصاحبة ألنه َل َيتمع عَل الفعل معديان وكقولنا جاء زيد بامئة دينار والباء‬

‫بناصيته وعَل عاممته وخفيه‪ .‬أنظر هذا احلديث ِف سنن الدارقطني‪ ,‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب جواز التيمم لصاحب اجلرح مع‬
‫الستعامر املاء وتعصيب اجلرح‪ ،‬رقم (‪ ،)752‬ج ‪ ،2‬ص ‪..325‬‬
‫‪1‬املغني ِف فقه اإلمام أْحد بن حنبل(‪)218-217/1‬‬
‫‪2‬احلج ‪29 :‬‬
‫ِف هذا القول للمصاحبة دون التعدية ألَنا لو كانت للتعدية حلسن أن تقوم اُلمزة مقامها فيقال أجاء زيد‬
‫مائة دينار وليس كذلك الثالث سلمنا أَنا ليست للمصاحبة فلم َل َيوز أن تكون زائدة للتأكيد فإن كل‬
‫حرف يزاد ِف كالم العرب فهو للتأكيد قائم مقام إعادة اجلملة مرة أخرى والتأكيد أرجح َما ذكر متوه من‬
‫التبغيض فإنه ُممع عليه والتبغيض منكر عند أئمة العربية حتى إن ابن جني شنع عليه وقال َل يعرف‬
‫العرب الباء للتبغيض فضال عن كونه ُمازا مرجوحا وْحل كتاب اَّلل تبارك وتعال عَل املجمع عليه أول‬
‫من املختلف فيه فضال عن املنكر ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وقد جعل الشافعي الباء للتبعيض ِف قوله وامسحوا برؤوسكم وقوله ومسح برأسه وهو عند املحققني‬
‫من النحاة واألصوليني والفقهاء غري مسلم من جهة اللفظ وَل حجة ِف قوُلم مسحت باألرض َلن‬
‫التبعيض هنا َل يفهم من اللفظ ومقتض الباء لكن من رضورة احلال وعدم القدرة عَل العموم وإمكانه ِف‬
‫مجيع األرض فيجب ْحل مقتض الباء عَل العموم إَل ما منع منه عدم اإلمكان ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ .3‬مناقشة ِف إجزاء مسح يعض الرأس‬

‫وَل يقل بوجوب خصوص الناصية وهي الشعر الذي بني النزعتني واَلكتفاء ِبا يمنع وجوب‬
‫اَلستيعاب ويمنع وجوب التقدير بالربع أو أكثر ألَنا دونه والباء إذا دخلت عَل متعدد كام ِف اْلية‬
‫تكون للتبعيض أو عَل غريه كام ِف قوله وليطوفوا بالبيت تكون لإللصاق ‪ .‬وإنام وجب التعميم ِف‬
‫‪3‬‬

‫التيمم مع أن آياته كاْلية هنا لثبوت ذلك بالسنة وألنه بدل فاعترب مبدله ومسح الرأس أصل فاعترب‬
‫لفظه وأما عدم وجوبه ِف اخلف فلإلمجاع وألن التعميم يفسده مع أن مسحه مبني عَل التخفيف‬
‫جلوازه مع القدرة عَل الغسل بخالف التيمم ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫والذى اعتمده امام احلرمني ِف كتابه اَل ساليب ِف اخلالف ان املسح إذا اطلق ِف املفهوم منه املسح‬
‫من غري اشُتاط لالستعاب وانظم إليه أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم مسح الناصية وحدها وَل خيص‬
‫أحد الناصية ومنع جواز قدرها من موضع آخر فدل عَل جواز مطلق املسح ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪1‬الذخرية(‪)259-260/1‬‬
‫‪2‬مشارق األنوار عَل صحاح اْلثار(‪)74/1‬‬
‫‪3‬احلج ‪29 :‬‬
‫‪ 4‬أسنى املطالب(‪)34/1‬‬
‫‪5‬املجموع(‪)201/2‬‬
‫واما قوُلم الباء لاللصاق فقال اصحابنا َل نسلم اَنا هنا لاللصاق بل هي للتبعيض ونقلوا ذلك عن‬
‫بعض اهل العربية وقال مجاعة منهم إذا دخلت الباء عَل فعل يتعدى بنفسه كانت للتبعيض كقوله‬
‫(وامسحوا برؤوسكم) وان َل يتعد فلاللصاق كقوله تعال (وليطوفوا بالبيت) قال أصحابنا وعَل‬
‫‪1‬‬

‫هذا َيصل اجلمع بني اْلية واَلحاديث فيكون النبي صَل اَّلل عليه وسلم مسح كل الرأس ِف معظم‬
‫اَلوقات بيانا لفضيلته واقترص عَل البعض ِف وقت بيانا للجواز‪ :‬وأما قياسهم عَل التيمم فجوابه‬
‫من وجهني أحدُها ان السنة بينت ان املطلوب باملسح ِف التيمم اَلستيعاب وِف الرأس البعض‪.‬‬

‫* الثاين فرق الشافعي ِف خمترص املزين بينهام فقال مسح الرأس أصل فاعترب فيه حكم لفظه والتيمم‬
‫بدل عن غسل الوجه فاعترب فيه حكم مبدله فان قيل هذا الفرق فاسد باملسح عَل اخلف فاجلواب ان‬
‫هذا التعليل يقتض استيعاب اخلف باملسح لكن ترك ذلك لوجهني احدُها اَلمجاع عَل انه َل َيب‬
‫الثاين انه يفسد اخلف مع انه مبني عَل التخفيف وُلذا َيوز مع القدرة عَل غسل الرجل بخالف‬
‫التيمم واَّلل اعلم‪.‬‬

‫واما قول ابن القاص ومن وافقه انه يشُتط مسح ثالث شعرات كاحللق ِف اَلحرام فأجاب‬
‫اَلصحاب بأن املطلوب ِف احللق الشعر وتقدير اْلية حملقني شعر رؤوسكم والشعر إما مجع كام‬
‫يقوله أهل اللغة وإما اسم جنس كام يقوله أهل النحو والترصيف وهو الصحيح وأقل اجلمع ثالث‬
‫بخالف املسح فانه غري منوط بالشعر واسم املسح يقع عيل القليل وهذا الفرق مشهور وَمن ذكره‬
‫بمعناه امام احلرمني واملتويل واتفق اَلصحاب عَل تضعيف قول ابن القاص قال امام احلرمني هو‬
‫غلط َلن اَلستيعاب قد سقط وبطل التقدير فتعني اَلكتفاء بام يقع عليه اَلسم قال الرافعى وهل‬
‫خيتص قول ابن القاص بام إذا مسح الشعر ام َيرى ِف مسح البرشة ويشُتط مسح قدر ثالث‬
‫شعرات‪ِ :‬ف كالم النقلة ما يشعر باَلحتاملني واَلول اظهر واَّلل اعلم ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫فإن قيل ‪ :‬صيغة األمر بمسح الرأس والوجه ِف التيمم واحدة فهال أوجبتم التعميم أيضا ؟‪ .‬أجيب‬
‫بأن ذلك ثبت بالسنة وبأن املسح ثم بدل‪ ،‬للرضورة فاعترب بمبدله ‪ ،‬ومسح الرأس أصل فاعترب‬
‫لفظه‪.‬‬

‫‪1‬املائدة ‪6 :‬‬
‫‪2‬املجموع(‪)201-202/2‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬املسح عَل اخلف بدل فهال وجب تعميمه كمبدله ؟‪ .‬أجيب بقيام اإلمجاع عَل عدم وجوبه‬
‫‪ ،‬وبأن التعميم يفسده مع أن مسحه مبني عَل التخفيف جلوازه مع القدرة عَل الغسل بخالف‬
‫التيمم إنام جاز للرضورة كام مر وعلم من كالم املصنف أن كال من البرشة والشعر أصل فإنه خري‬
‫بينهام ‪ ،‬وهو الصحيح‬

‫فإن قيل ‪ :‬لو غسل برشة الوجه ‪ ،‬وترك الشعر َل َيزه عَل الصحيح ‪ .‬أجيب بأن كال من الشعر‬
‫والبرشة يصدق عليه مسمى الرأس عرفا إذ الرأس اسم ملا رأس وعال ‪ ،‬والوجه ما تقع به املواجهة‬
‫وهي تقع عَل الشعر أيضا‪.‬‬

‫فإن قيل ‪ :‬هال اكتفى باملسح عَل النازل عن حد الرأس كام اكتفى بذلك للتقصري ِف النسك ؟ ‪.‬‬
‫أجيب ّ‬
‫بأن املاسح عليه غري ماسح عَل الرأس واملأمور به ِف التقصري ‪ ،‬إنام هو شعر الرأس وهو‬
‫صادق بالنازل ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وقوله اغسل يدك لألكل من إطالق اسم الكل عَل البعض اعتامدا عَل القرينة قوله هو الصحيح احُتازا‬
‫عام روى هشام عن حممد رْحه اَّلل أنه الذي ِف وسط الرجل عند معقد الرشاك فإن مراد حممد بذلك‬
‫الكعب الذي يقطع املحرم أسفله من اخللف إذا َل َيد نعلني قوله والكتاب ُممل أي ِف حق الكمية لكن‬
‫الشافعي رْحه اَّلل يمنعه ويقول هذا مطلق َل ُممل وإنه َل يقصد إل كمية خمصوصة أمجل فيها بل إل‬
‫اإلطالق ليسقط بأدنى ما يطلق عليه مسح الرأس عَل أن الذي ِف حديث املغرية مسح عَل ناصيته َل‬
‫يقتض استيعاب الناصية جلواز كون ذكرها لدفع توهم أنه مسح عَل الفود أو القذال فال يدل عَل‬
‫مطلوبكم ولو نظرنا إليه عَل ما رواه مسلم عن املغرية أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته‬
‫كان حمل النزاع ِف الباء كاْلية أَنا للتبعيض أوَل ولو قلنا إَنا لإللصاق لزم التبعيض برصيح تقريركم ِف‬
‫قوله تعال { وامسحوا برؤوسكم } لدخوُلا عَل املحل كام سنذكر فاألول أن يستدل برواية أيب داود عن‬
‫‪2‬‬

‫أنس رىض اَّلل عنه رأيت رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم يتوضأ وعليه عاممة قطرية فأدخل يديه من َتت‬
‫العاممة فمسح مقدم رأسه وسكت عليه أبو داود فهو حجة وظاهره استيعاب متام املقدم ومتام مقدم‬
‫الرأس هو الربع املسمى بالناصية ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪1‬مغني املحتاج(‪)1-93‬‬
‫‪2‬املائدة ‪6 :‬‬
‫‪َ 3‬شح فتح القدير(‪)18/1‬‬
‫فان قلت أليس أن ِف التيمم حكم املسح ثبت بقوله "فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه" ثم اإلستيعاب‬
‫‪1‬‬

‫فيه َشط قلت عرف اَلستيعاب فيه إما بإشارة الكتاب وهو أن اَّلل تعال أقام التيمم ِف هذين العضوين‬
‫مقام الغسل عند تعذره واَلستيعاب فرض بالنص وكذا فيام قام مقامه أو عرف ذلك بالسنة وهو قوله‬
‫عليه الصالة والسالم لعثامن ريض اَّلل تعال عنه يكفيك رضبتان رضبة للوجه ورضبه للذراعني وأما عَل‬
‫رواية احلسن عن أيب حنيفة ريض اَّلل تعال عنه إنه َل يشُتط اَلستيعاب فال يرد يشء فإن قلت املسح‬
‫فرض واملفروض مقدار الناصية ومن حكم الفرض أن يكفر جاحده وجاحد املقدار َل يكفر فكيف‬
‫يكون فرضا قلت بل جاحد أصل املسح كافر ألنه قطعي وجاحد املقدار َل يكفر ألنه ِف حق املقدار ظني‬
‫فان قلت أهيا احلنفي إنك استدللت بحديث املغرية عَل أن املقدار ِف املسح هو قدر الناصية وتركت بقية‬
‫احلديث وهو املسح عَل العاممة قلت لو عملنا بكل احلديث يلزم به الزيادة عَل النص ألن هذا خرب‬
‫الواحد والزيادة به عَل الكتاب نسخ فال َيوز وأما املسح عَل الرأس فقد ثبت بالكتاب فال يلزم ذلك‬
‫وأما مسحه عليه الصالة والسالم عَل العاممة فأوله البعض بان املراد به ما َتته من قبيل إطالق اسم‬
‫احلال عَل املحل وأوله البعض بأن الراوي كان بعيدا عن النبي عليه الصالة والسالم فمسح عَل رأسه‬
‫وَل يضع العاممة من رأسه فظن الراوي أنه مسح عَل العاممة وقال القايض عياض وأحسن ما ْحل عليه‬
‫أصحابنا حديث املسح عَل العاممة أنه عليه الصالة والسالم لعله كان به مرض منعه كشف رأسه‬
‫فصارت العاممة كاجلبرية التي يمسح عليها للرضورة وقال بعضهم فإن قيل فلعله اقترص عَل مسح‬
‫الناصية لعذر ألنه كان ِف سفر وهو مظنة العذر وُلذا مسح عَل العاممة بعد مسح الناصية كام هو ظاهر‬
‫سياق مسلم من حديث املغرية قلنا قد روي عنه مسح مقدم الرأس من غري مسح عَل العاممة وهو ما‬
‫رواه الشافعي من حديث عطاء أن رسول اَّلل توضأ فحرس العاممة عن رأسه ومسح مقدم رأسه وهو‬
‫مرسل لكنه اعتضد من وجه آخر موصوَل أخرجه أبو داود من حديث أنس وِف إسناده أبو معقل َل‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪1‬النساء ‪42 :‬‬


‫‪ 2‬حدثنا أبو بكر ‪ :‬أْحد بن احلسن حدثنا أبو العباس ‪ :‬حممد بن يعقوب أخربنا الربيع بن سليامن أخربنا الشافعى أخربنا‬
‫مسلم عن ابن جريج عن عطاء ‪ :‬أن رسول اَّلل ‪-‬صَل اَّلل عليه وسلم‪ -‬توضأ فحرس العاممة ومسح مقدم رأسه أو قال‬
‫ناصيته باملاء‪ .‬هذا مرسل وقد روينا معناه موصوَل ىف حديث املغرية بن شعبة ‪ ,‬أنظر هذا احلديث ِف السنن الكربى للبيهقي‬
‫وِف ذيله اجلوهر النقي‪ ,‬كتاب الطهارة‪ ,‬باب إَياب املسح بالرأس و إن كان‪ ,‬ج ‪ ,1‬ص ‪ ,61‬رقم (‪)285‬‬
‫‪3‬حدثنا أْحد بن صالح ‪ ،‬حدثنا ابن وهب ‪ ،‬حدثني معاوية بن صالح ‪ ،‬عن عبد العزيز بن مسلم ‪ ،‬عن أيب معقل ‪ ،‬عن أنس‬
‫بن مالك ‪ ،‬قال ‪ :‬رأيت رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم يتوضأ وعليه عاممة قطرية ‪ ،‬فأدخل يده من َتت العاممة فمسح‬
‫يعرف حاله فقد اعتضد كل من املرسل واملوصول باْلخر وحصلت القوة من الصورة املجموعة قلت‬
‫قول هذا القائل من أعجب العجائب ألنه يدعي أن املرسل غري حجة عند إمامه ثم يدعي أنه اعتضد‬
‫بحديث موصول ضعيف باعُتافه هو ثم يقول وحصلت القوة من الصورة املجموعة فكيف َتصل‬
‫القوة من يشء ليس بحجة ويشء ضعيف فإذا كان املرسل غري حجة يكون ِف حكم العدم وَل يبقى إَل‬
‫احلديث الضعيف وحده فكيف تكون الصورة املجموعة ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫رأي الكاتب‬

‫مناقشة بني من يقول الباء لإللصاق و الباء للتبعيض متعادلة وأرآء كليهام ثقة و يستطيع أن يقتض‬
‫أيضا عند من يقول اْلية ُممل ثم بينتها السنة‬
‫املسؤولية هناك ونستطيع أن نبنى عَل احلكم منهام‪ .‬وننطر ً‬
‫التى رواها مغرية بن شعبة هناك اختالفا كثريا ِف تفسري الناصية ِف ذلك احلديث وعندي اخلروج من‬
‫اخلالف مستحب‪ .‬و ملت واخُتت القول بوجوب مسح مجيع الرأس ألنه أحوط و يشمل كل‬
‫اإلختالف من إجزاء مسح الرأس سواء كان من الناصية و من مسح بعض الرأس أو ثالث شعرات و‬
‫من ثالثة أصابع‪.‬‬

‫مقدم رأسه وَل ينقض العاممة‪ .‬أنظر هذا احلديث ِف سنن أيب داود‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب املسح عَل اإلمامة‪ ،‬رقم (‪ ،)147‬ج‬
‫‪ ،1‬ص ‪36‬‬
‫‪1‬عمدة القارئ عَل َشح صحيح البخاري(‪)376-377/4‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫‪ )1‬القرأن الكريم‬
‫‪ )2‬األم‪ ،‬حممد بن إدريس الشافعي أبو عبد اَّلل‪ ،‬دار املعرفة – بريوت‪ ،‬الطبعة ‪ :‬الثانية ‪1393 ،‬ه‬
‫‪ )3‬احلاوى الكبري‪ ،‬أبو احلسن عيل بن حممد بن حممد بن حبيب البرصي البغدادي‪ ،‬الشهري‬
‫باملاوردي‪ ،‬دار الكتب العلمي ‪,‬ة الطبعة ‪ :‬األول ‪1414‬هـ ‪ 1994 -‬م‪.‬‬
‫‪ )4‬بداية املجتهد‪ ،‬أبو الوليد حممد بن أْحد بن حممد بن أْحد بن رشد القرطبي الشهري بابن رشد‬
‫رص الطبعة ‪ :‬الرابعة‪ 1395 ،‬هـ‪ 1975/‬م‪.‬‬
‫احلفي ‪,‬د مطبعة مصطفى البايب احللبي وأوَلده‪ ،‬م ‪,‬‬
‫‪ )5‬بدائع الصنائع ِف ترتيب الرشائع‪ ،‬أبو بكر بن مسعود بن أْحد الكاساين عالء الدين‬
‫‪ )6‬اجلوهر النرية‪ ،‬أبو بكر بن عيل بن حممد احلدادي العبادي اليمني – الزَّ بي ي‬
‫يد ّي‬
‫‪ )7‬درر األحكام َشح عرر األحكام‪ ,‬حممد بن فراموز الشهري بمنال خرسو‬
‫ث سنة الكبع ‪:‬‬
‫‪ )8‬املجموع َشح املهذب‪ ،‬أبو زكريا حميي الدين َييى بن َشف النووي‪ ،‬دار احلدي ‪,‬‬
‫‪ 1431‬ه‪ 2010-‬م‬
‫‪ )9‬املبسوط‪ ،‬حممد بن احلسن بن فرقد الشيباين أبو عبد اَّلل‪ ،‬إدارة القرآن والعلوم اإلسالمية‬
‫الرشح الكبري َلبن قدامة‪ ،‬شمس الدين أيب الفرج عبد الرْحن بن الشيخ اَلمام العاَل‬ ‫‪)10‬‬
‫العامل الزاهد أيب عمر حممد بن أْحد بن قدامة املقديس‬
‫املغني ِف فقه اإلمام أْحد بن حنبل‪ ،‬عبد اَّلل بن أْحد بن قدامة املقديس أبو حممد‪ ،‬دار‬ ‫‪)11‬‬
‫الفكر – بريوت‪ ،‬الطبعة األول ‪ 1405‬ه‬
‫مواهب اجلليل لرشح خمترص اخلليل‪ ،‬شمس الدين أبو عبد اَّلل حممد بن حممد بن عبد‬ ‫‪)12‬‬
‫الرعيني‪ ،‬دار عاَل الكتب‪ ،‬طبعة خاصة ‪1423‬هـ‬
‫الرْحن الطرابليس املغريب ‪ ،‬املعروف باحلطاب ُّ‬
‫‪2003 -‬م‬
‫اَلقناع ِف حل ألفاظ أبى شجاع ‪ ،‬شمس الدين حممد بن أْحد الرشبينى اخلطيب‬ ‫‪)13‬‬
‫القاهرى الشافعي‬
‫مسند اإلمام عبد اَّلل بن املبارك‪ ،‬عبد اَّلل بن املبارك بن واضح‪ ،‬مكتبة املعارف –‬ ‫‪)14‬‬
‫الرياض‪ ،‬الطبعة األول ‪1407 ،‬ه‬
‫املنتقى من السنن املسندة‪ ،‬عبد اَّلل بن عيل بن اجلارود أبو حممد النيسابوري‪ ،‬مؤسسة‬ ‫‪)15‬‬
‫الكتاب الثقافية – بريوت‪ ،‬الطبعة األول ‪1988 – 1408 ،‬‬
‫السنن الكربى للبيهقي وِف ذيله اجلوهر النقي‪ ،‬أبو بكر أْحد بن احلسني بن عيل‬ ‫‪)16‬‬
‫البيهقي و مؤلف اجلوهر النقي‪ :‬عالء الدين عيل بن عثامن املارديني الشهري بابن الُتكامين‪ُ ،‬ملس‬
‫دائرة املعارف النظامية الكائنة ِف اُلند ببلدة حيدر آباد‪ ،‬الطبعة ‪ :‬األول ـ ‪ 1344‬هـ‬
‫املبسوط للرسخيس‪ ،‬شمس الدين أبو بكر حممد بن أيب سهل الرسخيس‪ ،‬دار الفكر‬ ‫‪)17‬‬
‫للطباعة والنرش والتوزيع‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬األول‪1421 ،‬هـ ‪2000‬م‬
‫سنن الُتمذي‪ ،‬حممد بن عيسى بن َس ْورة بن موسى بن الضحاك‪ ،‬الُتمذي‪ ،‬أبو‬ ‫‪)18‬‬
‫عيسى‬
‫السَ يَج ْستاين‪ ،‬دار الفكر‬
‫سنن أيب داود‪ ،‬أبو داود سليامن بن األشعث ِّ‬ ‫‪)19‬‬
‫اجلامع ألحكام القرأن أي تفسري القرطبي‪ ،‬أبو عبد اَّلل حممد بن أْحد بن أيب بكر بن‬ ‫‪)20‬‬
‫فرح األنصاري اخلزرجي شمس الدين القرطبي‪ ،‬دار عاَل الكتب‪ ،‬الرياض‪ ،‬اململكة العربية‬
‫السعودية‪ 1423 ،‬هـ‪ 2003 /‬م‬
‫َشح الُتميذي للشنقيطي‪ ،‬الشيخ حممد املختار الشنقيطي‬ ‫‪)21‬‬
‫سنن الدرقطني‪ ،‬أبو احلسن عيل بن عمر بن أْحد بن مهدي بن مسعود بن النعامن بن‬ ‫‪)22‬‬
‫دينار البغدادي‬
‫أسنى املطالب ِف َشح روض الطالب‪ ،‬شيخ اإلسالم ‪ /‬زكريا األنصاري‪ ،‬دار‬ ‫‪)23‬‬
‫الكتب العلمية – بريوت‪ ،‬الطبعة األول‪ 1422 ،‬ه – ‪ 2000‬م‬
‫حاشية إعانة الطالبني‪ ،‬أبو بكر (املشهور بالبكري) بن حممد شطا الدمياطي‪،‬‬ ‫‪)24‬‬
‫عمدة القارئ َشح صحيح البخاري‪ ،‬بدر الدين العيني احلنفي‪ ،‬ملفات وورد من‬ ‫‪)25‬‬
‫ملتقى أهل احلديث‪ 19 ،‬ربيع األول ‪ 1427‬هـ‬
‫املوافق ‪ 17 :‬نيسان ( أفريل ) ‪ 2006 ،‬م‬ ‫‪)26‬‬
‫التفسري الكبري‪ ،‬اإلمام فخر الدين الرازي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪-‬بريوت‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪)27‬‬
‫اخلامسة‪ 1441 ،‬ه‪ 2020-‬م‬
‫كشاف القناع عن متن اإلقناع‪ ،‬منصور بن يونس بن إدريس البهوِت‬ ‫‪)28‬‬
‫الذخرية‪ ،‬شهاب الدين أْحد بن إدريس القراِف‪ ،‬مكان النرشة ‪ :‬بريوت‪ 1994 ،‬م‬ ‫‪)29‬‬
‫مشارق األنوار عَل صحاح اْلثار‪ ،‬القايض أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض‬ ‫‪)30‬‬
‫اليحصبي السبتي املالكي‪ ،‬املكتبة العتيقة ودار الُتاث‬
‫مغنى املحتاج‪ ،‬الشيخ اخلطيب الرشبيني‪ ،‬دار الكتب العلمية‪-‬بريوت‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪)31‬‬
‫اخلامسة‪ 1440 ،‬ه‪ 2019-‬م‬
‫َشح فتح القدير‪ ،‬كامل الدين حممد بن عبد الواحد السيوايس‪ ،‬دار الفكر‪-‬بريوت‬ ‫‪)32‬‬
‫املَْ ْس ُح ع َََل ا ْل يع َام َم ية‬

‫الإلعداد ‪ :‬رزق ولدان حبيبي‬

‫بسم اَّلل الرْحن الرحيم‬

‫وصَل اَّلل عَل سيدنا حممد واله وصحبه وسلم‬

‫مقدمة‬

‫احلمد اَّلل رب العاملني والصالة والسالم عَل سيدنا املرسلني حممد وآله وصحبه الطيبني الطهرين وسلم‬
‫ن اما بعد ‪:‬‬
‫ال يوم الدي ‪,‬‬

‫فهذه رسالة املهمة ِف بحث إختالف املذهب عَل مسح العاممة‪ ,‬واَّلل أسأل ان ينفع ب ‪,‬ه وَيعله خالصا‬
‫لوجهه‪.‬‬

‫املَْ ْس ُح ع َََل ا ْل يع َام َم ية‬

‫األقوال ‪:‬‬

‫فذهب احلنفية إل عدم جواز املسح عليها؛ ألنه َل حرج ِف نزعها‪1.‬‬

‫وقال املالكية‪َ :‬يوز املسح عليها إذا خيف الرضر بنزعها وَل يتمكن من حلها ‪2.‬‬

‫يش ٍء‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الر ْأ ي ي‬


‫س ِف ا ْل ُو ُضوء َب ْل َل ُبدَّ م ْن َم ْسحي َ ْ‬ ‫َيوزُ املَْ ْس ُح ع َََل ا ْل يع َام َم ية ألَ َد ياء َف ْر ي‬
‫ض َم ْسحي َّ‬
‫‪ .3‬وقال َّ ي ي ي‬
‫الشافع َّية َل َ ُ‬
‫ي‬
‫م ْن َش َع ير َّ‬
‫الر ْأ ي‬
‫س‬

‫احلنَابي َل ُة َج َوازَ املَْ ْسحي ع َََل ا ْل يع َام َم ية‬


‫‪ .4‬وقال ْ َ‬

‫األدلة ‪:‬‬

‫وسك ُْم } ‪َ ،‬وألَ َّن ُه َل َت ْل َح ُق ُه‬ ‫احلن يَفي ُة إي َل َأ َّنه َل ََيوزُ املَْسح ع َََل ا ْل يعامم ية لي َقولي يه َتع َال ‪ { :‬وامسحوا بيرء ي‬
‫َ ْ َ ُ ُ ُ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ب ْ َ َّ‬ ‫‪َ .1‬ذ َه َ‬
‫‪1‬‬
‫ني لي ْل َح َرجي َوَل َح َر َج يِف نَزْ يع ا ْل يع َام َم ية‬
‫اخل َّف ْ ي‬ ‫َي يز املَْ ْس ُح َع َل ْي َها كَا ْلك َُّم ْ ي‬
‫ني ‪ ،‬ألَ َّن املَْ ْس َح ع َََل ْ ُ‬
‫ي‬
‫املَْ َش َّق ُة يِف نَزْ ع َها َف َل ْم َ ُ‬

‫‪ 1‬املوسوعة الفقهية الكويتية ص‪ 257‬ج‪37‬‬


‫‪ .2‬فصل [‪ - 17‬املسح عَل العاممة واخلامر]‬

‫وَل َيوز املسح عَل عاممة وَل مخار (‪ً )4‬‬


‫بدَل عن الرأس خال ًفا ألْحد (‪ )5‬وداود (‪ ،)6‬لقوله جل وعز‪:‬‬
‫{وامسحوا برؤوسكم} (‪ ،)7‬وهذا يوجب مباَشة العضو‪ ،‬وألنه عضو غري منصوص عَل حده فأشبه‬
‫‪1‬‬
‫الوجه‪ ،‬وألن فرض البدل َل يكون كفرض املبدل‬

‫َري َحائي ٍل‪َ ،‬و َق َال النَّبي ُّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ‬ ‫س بيغ ْ ي‬‫الر ْأ ي‬
‫ب َم ْس َح َّ‬
‫ي‬
‫‪ .3‬ودليلنا قوله تعال‪َ { :‬فا ْم َس ُحوا بي ُرؤُ وسك ُْم} َف َأ ْو َج َ‬
‫الص َال َة إي ََّل بي يه "‪َ .‬و ُر يو َي َع ْن َع ْب يد ا ْل َع يز ييز‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫َع َل ْيه َو َس َّلم َ ‪ -‬حنيَ ت ََو َّض َأ َو َم َس َح بي َر ْأسه‪َ " :‬ه َذا وضو ٌء ََل َي ْق َب ُل اَّللَُّ َّ‬
‫ي‬

‫ول اَّللَّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّلم َ ‪َ -‬يت ََو َّض ُأ َو َع َل ْي يه‬ ‫ْب ين ُم ْسلي ٍم َع ْن َأ ييب َم ْع يق ٍل عن أنس ابن َمالي ٍك َق َال‪َ :‬ر َأ ْي ُت َر ُس َ‬
‫اَل ْقتي َص ُار َع ََل‬ ‫ض ا ْل يعامم َة َف َلو جازَ ي‬
‫عامم ٌة َف َص ََّل بيه َف َأ ْد َخ َل َيدَ ُه من َتت العاممة فمسح مقدم رأسه‪ ،‬وَل َينْ ُق ي َ َ ْ َ‬
‫ي‬

‫َن املُْ يغ َري ية بن شعبة أن النبي ‪-‬‬ ‫ب ال َّث َق يف ِّي ع ي‬‫ف َه َذا‪َ ،‬و َر َوى ا ْب ُن يس يريي َن َع ْن ع َْم يرو ْب ين َو ْه ٍ‬ ‫َم ْسحي ا ْل يع َام َم ية ملَا َت َك َّل َ‬
‫َي يزئُ ‪،‬‬ ‫ي ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي يي ي يي‬ ‫ي‬
‫َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّلم َ ‪ -‬ت ََو َّض َأ َف َم َس َح بينَاص َيته َوع َام َمته ‪َ ،‬فدَ َّل ع َََل َأ َّن اَل ْقت َص َار ع َََل َم ْسحي ا ْلع َام َمة ََل ُ ْ‬
‫‪2‬‬

‫اج ية إي َل ْي يه‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي ي‬ ‫و يألَ َّن املَْسح ع َََل الر ْأ ي ي‬


‫احل َ‬ ‫َيزْ َأ ْن َي ْقت َ‬
‫َرص ع َََل املَْ ْسحي َع َل ْي َها ل َعدَ يم ْ َ‬ ‫س َُمْك ٌن‪َ ،‬م َع َب َقاء ا ْلع َام َمة َف َل ْم َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫اع َي ٌة إي َل ْي يه‪َ ،‬و يألَ َّن ا ْل ُعدُ َ‬
‫احلاج َة د ي‬ ‫ي‬ ‫اخل َّف ْ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ول ع ي‬
‫َن‬ ‫ني‪َ ،‬ف َجازَ املَْ ْس ُح َع َل ْي يه َام؛ ألَ َّن ْ َ َ َ‬ ‫َري َُمْك ٍن َم َع َب َقاء ْ ُ‬
‫الر ْج َل ْني غ ْ ُ‬
‫َوغ َْس ُل ِّ‬
‫احدُ ََل ََيت يَمع في ييه ر ْخصت ي‬
‫َان‬ ‫ا ْلغَس يل يإ َل املَْسحي ر ْخص ٌة‪ ،‬وا ْلع ْضو ا ْلو ي‬
‫‪3‬‬
‫ُ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ْ ُ َ َ ُ ُ َ‬ ‫ْ‬

‫‪َ .4‬ف ْصل املَْ ْس ُح ع َََل ا ْل يع َام َم ية‬

‫لصدِّ ُيق‪َ ،‬وبي يه َق َال‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬


‫َيوزُ املَْ ْس ُح ع َََل ا ْلع َام َمة‪َ ،‬ق َال ا ْب ُن املُْنْذ ير‪َ :‬وَم َّ ْن َم َس َح ع َََل ا ْلع َام َمة َأ ُبو َبك ٍْر ا ِّ‬
‫)‪َ (438‬ف ْص ٌل‪َ :‬و َ ُ‬
‫يض اَّللَُّ َعن ُْه ْم ‪َ -‬وبي يه َق َال ع َُم ُر ْب ُن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ع َُم ُر‪َ ،‬و َأن ٌَس‪َ ،‬و َأ ُبو ُأ َما َم َة‪َ ،‬و ُرو َي َع ْن َس ْعد ْب ين َمالك‪َ ،‬و َأ ييب الدَّ ْر َداء ‪َ -‬ر َ‬
‫اع ُّي‪َ ،‬و َأ ُبو َث ْو ٍر‪َ ،‬وا ْب ُن املُْن يْذ ير‪َ .‬و َق َال ع ُْر َوةُ‪َ ،‬والن ََّخ يع ُّي‪،‬‬
‫ول‪ ،‬و ْاألَوزَ ي‬
‫ْح ٌ َ ْ‬
‫ي‬
‫َع ْبد ا ْل َع يز ييز‪َ ،‬و ْ َ‬
‫احل َس ُن‪َ ،‬و َقتَا َدةُ‪َ ،‬و َمك ُ‬

‫‪ 1‬املعونة عَل مذهب عاَل املدينة «اإلمام مالك بن أنس» ص‪125‬‬


‫‪ 2‬أخرجه مسلم‪.‬‬
‫رواه مسلم ‪ 231 /1‬وأبو داود (‪ )150‬والُتمذي (‪ )100‬والنسائي ‪ 76 /1‬والبيهقي ‪ 60 /1‬كلهم من طريق بكر بن‬
‫عبد اَّلل املزين عن احلسن عن ابن املغرية بن شعبة عن أبيه أن رسول اَّلل ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ .-‬فذكره‬
‫وللحديث ألفاظ أخرى‬
‫‪ 3‬احلاوي الكبري ِف فقه مذهب اإلمام الشافعي وهو َشح خمترص املزين ص‪ 356‬ج‪1‬‬
‫الر ْأ يي‪ََ :‬ل َي ْم َس ُح َع َل ْي َها؛ لي َق ْو يل اَّللَّي َت َع َال‪َ { :‬وا ْم َس ُحوا‬‫اب َّ‬ ‫الشافع ُّي‪َ ،‬و َأ ْص َح ُ‬
‫اسم‪ ،‬ومالي ٌك‪ ،‬و َّ ي ي‬
‫َ‬
‫ي‬
‫الش ْعبي ُّي‪َ ،‬وا ْل َق ُ َ َ‬
‫َو َّ‬
‫َيزْ املَْ ْس ُح َع َل ْي َها‪ ،‬كَا ْلك َُّم ْ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ني‪.‬‬ ‫بي ُر ُءوسك ُْم} [املائدة‪ ]6 :‬؛ َوألَ َّن ُه ََل َت ْل َح ُق ُه املَْ َش َّق ُة يِف نَزْ ع َها‪َ ،‬ف َل ْم َ ُ‬
‫اخل َّف ْ ي‬ ‫ي‬ ‫َو َلنَا َما ُر يو َي َع ْن املُْ يغ َري ية ْب ين ُش ْع َب َة‪َ ،‬ق َال‪« :‬ت ََو َّض َأ َر ُس ُ‬
‫ني‬ ‫ول اَّللَّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم ‪َ -‬و َم َس َح ع َََل ْ ُ‬
‫يح‪َ ،‬و يِف " ُم ْسلي ٍم " « َأ َّن الن يَّب َّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ‪-‬‬ ‫ي‬
‫يث َح َس ٌن َصح ٌ‬ ‫الُت يم يذ ُّي‪َ :‬ه َذا َح يد ٌ‬ ‫ي ي‬
‫َوا ْلع َام َمة ‪َ ».‬ق َال ِّ ْ‬ ‫‪1‬‬

‫وه َع ْن النَّبي ِّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ‪َ .-‬ر َوى‬ ‫اخلام ير » ‪َ .‬ق َال َأ ْْحَدُ ‪ُ :‬هو يمن َمخْس ية وج ٍ‬
‫َ ْ َ ُ ُ‬ ‫‪2‬‬ ‫اخل َّف ي ي‬
‫ني َو ْ َ‬ ‫َم َس َح ع َََل ْ ُ ْ‬
‫يض اَّللَُّ َعنْ ُه ‪َ -‬أ َّن ُه َق َال‪َ :‬م ْن ََل ْ ُي َط ِّه ْر ُه املَْ ْس ُح ع َََل ا ْل يع َام َم ية َف َال َط َّه َر ُه اَّللَُّ؛ َو يألَ َّن ُه‬‫ي‬ ‫ي يي‬
‫اخلَ َّال ُل‪ ،‬بيإ ْسنَاده‪َ ،‬ع ْن ع َُم َر ‪َ -‬ر َ‬
‫ْ‬
‫الر ْأ َس ع ُْض ٌو َي ْس ُق ُط َف ْر ُض ُه يِف ال َّت َي ُّم يم‪،‬‬ ‫َاخل َّف ي ي‬ ‫ي‬ ‫يي‬ ‫ي ي‬
‫ني؛ َوألَ َّن َّ‬ ‫الرش ُع بي َم ْسحه‪َ ،‬ف َجازَ ا َْمل ْس ُح َع َل ْيه‪ ،‬ك ْ ُ ْ‬ ‫َحائ ٌل ِف حمَ ٍَّل َو َر َد َّ ْ‬
‫ني‪َ ،‬و ْاْل َي ُة ََل َتن يْفي َما َذك َْرنَا ُه؛ َفإي َّن النَّبي َّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ‪ُ -‬م َب ِّ ٌ‬
‫ني‬ ‫َف َجازَ املَْ ْس ُح ع َََل َحائيلي يه‪ ،‬كَا ْل َقدَ َم ْ ي‬

‫رس َل ُه‪َ ،‬و َقدْ َم َس َح النَّبي ُّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ‪ -‬ع َََل ا ْل يع َام َم ية‪َ ،‬و َأ َم َر بياملَْ ْسحي َع َل ْي َها‪َ ،‬و َه َذا‬ ‫ي‬
‫لك ََال يم اَّللَّي‪ُ ،‬م َف ِّ ٌ‬
‫س‪َ ،‬أ ْو َحائيلي يه‪.‬‬ ‫ي‬
‫َيدُ ُّل ع َََل َأ َّن املُْ َرا َد بي ْاْل َية املَْ ْس ُح ع َََل َّ‬
‫الر ْأ ي‬

‫ني ا ْل َي يد َو َب ْينَ ُه‪،‬‬


‫الش ْع ير‪َ ،‬و ُه َو َحائي ٌل َب ْ َ‬
‫الر ْأ َس‪َ .‬وإين ََّام َي ْم َس ُح ع َََل َّ‬ ‫يب َّ‬
‫ي‬
‫ب ََل ُيص ُ‬ ‫ني َذلي َك‪َ ،‬أ َّن املَْ ْس َح يِف ا ْلغَالي ي‬ ‫َو يَم َّا ُي َب ِّ ُ‬
‫الر ْج َل ْ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ني‪َ ،‬وا َّت َف ْقنَا‬ ‫َفك ََذل َك ا ْلع َام َم ُة‪َ ،‬فإي َّن ُه ُي َق ُال َمل ْن ملَ َس ع َام َم َت ُه َأ ْو َق َّب َل َها‪َ :‬ق ْب َل َر ْأ َس ُه َوملَ َس ُه‪َ .‬وك ََذل َك َأ َم َر بي َم ْسحي ِّ‬
‫ع َََل َج َو ياز َم ْسحي َحائيلي يه َام‬
‫‪3‬‬

‫املناقسة ‪:‬‬

‫اع ِّي َو َأ ْْحَدَ ْب ين‬ ‫يه َن ْفي َقو يل من َُيوزُ املَْسح ع َََل ا ْل يعامم ية كَا ْألَوزَ ي‬ ‫‪َ .1‬قو ُله‪( :‬و ََل ََيوزُ املَْسح ع َََل ا ْل يعامم ية إ َل ْخ) في ي‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ ْ َ ْ َ ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ْ ُ َ ُ‬
‫ول اَّللَّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ‪َ -‬م َس َح ع َََل يع َام َمتي يه َو ُخ َّف ْي يه‪َ .‬و ُق ْلنَا‬ ‫حنْب ٍل‪ ،‬و َأ ْه يل ال َّظ ي‬
‫اه ير َقا ُلوا َص َّح َأ َّن َر ُس َ‬ ‫َ َ َ‬
‫يث َض يع ٌ‬ ‫احل يد ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫يف؛‬ ‫احل َرجي َو ََل َح َر َج يِف نَزْ يع َهذه ْاألَ ْش َياء‪َ ،‬والت ََّم ُّس ُك بي ْ َ‬ ‫ف َث َب َت ُر ْخ َص ًة لدَ ْف يع ْ َ‬ ‫املَْ ْس ُح ع َََل ْ ُ‬
‫اخل ِّ‬

‫‪ 1‬صحيح‪ .‬رواه الُتمذي ِف‪ :‬أبواب الطهارة‪ -74 ،‬باب ما جاء ِف املسح عَل العاممة‬
‫(ح‪ . )100 /‬من حديث املغرية‪ ،‬وقال‪ :‬وِف الباب عن عمر وابن أمية‪ ،‬وسلامن‪ ،‬وثوبان‪،‬‬
‫وأيب أمامة‪ ،‬وقال‪ " :‬حديث للغرية حديث حسن صحيح "‬
‫‪ 2‬اإلمام مسلم؛ أخرجه ِف الطهارة (‪ ،)23‬باب املسح عَل الناصية والعاممة‪ ،‬رقم (‪ ،)84‬والُتمذي ِف الطهارة (‪ ،)75‬باب‬
‫ما جاء ِف املسح عَل العاممة‪ ،‬رقم (‪ )100‬عن املغرية بن شعبة‬
‫‪ 3‬املغني َلبن قدامة ص‪ 219‬ج‪1‬‬
‫احل يد ي‬ ‫وسك ُْم} [املائدة‪َ ]6 :‬ي ْقت يَِض عَدَ َم َج َو ياز َم ْسحي غ ْ ي‬ ‫يألَ َّن َقوله َتع َال {وامسحوا بيرء ي‬
‫يث‬ ‫س‪َ ،‬وا ْل َع َم ُل بي ْ َ‬
‫الر ْأ ي‬
‫َري َّ‬ ‫َ ْ َ ُ ُ ُ‬ ‫ْ َ‬
‫ي ي‬ ‫ي‬
‫وخ‬ ‫‪1‬‬
‫ُون يز َيا َد ًة َع َل ْيه بي َخ َ يرب ا ْل َواحد َو ُه َو ن َْس ٌخ َف َال َ ُ‬
‫َيوزُ َأ ْو ُه َو َمن ُْس ٌ‬ ‫َيك ُ‬

‫َاب ا ْلع يز ييز ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي يي‬ ‫ي‬


‫اْلم ير‬ ‫َيوزُ ‪َ .‬و َأ ْي ًضا َما َو َر َد يِف َذل َك َشاذ َل ُيزَ ا ُد بيه ع َََل ا ْلكت ي َ‬ ‫احل َرجي ) ع َّل ٌة ل َق ْوله َل َ ُ‬‫( َق ْو ُل ُه ل َعدَ يم ْ َ‬
‫اإل َما ُم حمُ ََّمدٌ يِف ُم َو َّطئي يه ‪َ :‬ب َل َغنَا َأ َّن املَْ ْس َح ع َََل‬
‫ف ‪َ .‬و َق َال ي‬
‫اخل ِّ‬ ‫بيا ْلغُس يل ومسحي الر ْأ ي ي ي‬
‫س ‪ ,‬بيخالف َما َو َر َد يِف ْ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ َ ْ‬
‫احل ْل َي ية‬
‫َان ُثم ت يُر َك كَام يِف ْي‬
‫‪2‬‬
‫َ‬
‫ي ي‬
‫ا ْلع َام َمة ك َ َّ‬

‫[املَْ ْس ُح ع َََل ا ْل يع َام َم ية َوا ْل َق َلن ُْس َو ية]‬

‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫َق َال (و ََل ََيوزُ املَْسح ع َََل ا ْل يعامم ية وا ْل َق َلنْسو ية) و يمن ا ْلع َلام يء يمن جوزَ ه ي ي ي‬
‫حلديث «بي َالل ‪َ -‬ر َ‬
‫يض اَّللَُّ َت َع َال َعنْ ُه‬ ‫ْ َ َّ ُ َ‬ ‫ُ َ َ ْ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫احل يد ي‬ ‫ي يي‬ ‫ي‬
‫يث « َأ َّن النَّبي َّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ‬ ‫ول اَّللَّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم ‪َ -‬م َس َح ع َََل ع َام َمته» َو َجا َء يِف ْ َ‬
‫‪َ -‬ق َال َر َأ ْيت َر ُس َ‬
‫او ُذ ا ْلعامئيم والتَّس ي‬ ‫ي‬ ‫َسي ًة َف َأمر ُهم بي َأ ْن يمسحوا ع َََل املَْ َش ي ي‬ ‫ي‬
‫اخنيُ‬ ‫اوذ َوالت ََّساخنيَ » َفاملَْ َش ي َ َ ُ َ َ‬ ‫َْ َ ُ‬ ‫َع َل ْيه َو َس َّل َم ‪َ -‬ب َع َث َ ي َّ َ َ ْ‬
‫اف‪.‬‬‫اخل َف ُ‬ ‫ْي‬

‫رس ا ْل يع َام َم َة َع ْن َر ْأ يس يه َو َم َس َح ع َََل‬ ‫ي‬


‫ول اَّللَّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم ‪َ -‬ح َ َ‬‫«جابي ٍر َق َال َر َأ ْيت َر ُس َ‬ ‫يث َ‬ ‫(و َلنَا) َح يد ُ‬
‫َ‬
‫َان َب يعيدً ا يمنْ ُه َف َظ َّن َأ َّن ُه َم َس َح ع َََل ا ْل يع َام َم ية يحنيَ ََل ْ َي َض ْع َها َع ْن َر ْأ يس يه‬ ‫ي‬ ‫ي يي‬
‫نَاص َيته» َو َك َأ َّن بي َال ًَل ‪َ -‬ر َ‬
‫يض اَّللَُّ َعنْ ُه ‪ -‬ك َ‬
‫َان ‪َ -‬ع َل ْي يه‬‫الرس َّي َة لي ُع ْذ ير يه ْم َف َقدْ ك َ‬
‫ص بي يه تي ْل َك َّ ي‬ ‫ي‬ ‫و َت ْأ يو ُيل ْ ي ي‬
‫احلديث ْاْل َخ ير َأ َّن النَّبي َّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم ‪َ -‬خ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬
‫يض اَّللَُّ َت َع َال َعنْ ُه ‪-‬‬ ‫الر ْْح يَن ْب َن ع َْوف ‪َ -‬ر َ‬ ‫ص َع ْبدَ َّ‬ ‫ُص َب ْع َض َأ ْص َحابيه بي َأ ْش َيا َء ك ََام َخ َّ‬ ‫الس َال ُم ‪َ -‬خي ُّ‬‫الص َال ُة َو َّ‬
‫َّ‬
‫ُون َبدَ ًَل َع ْن ا ْلغ ُْس يل ََل َع ْن‬ ‫يض اَّللَُّ َت َع َال َعنْ ُه ‪ -‬بي َش َها َدتي يه َو ْحدَ ُه‪ُ .‬ث َّم املَْ ْس ُح إن ََّام َيك ُ‬ ‫ي‬
‫احل ير يير َو ُخزَ ْي َم َة ‪َ -‬ر َ‬‫س َْ‬ ‫بي ُل ْب ي‬

‫الر ْج يل َو يألَ َّن ُه ََل َي ْل َح ُق ُه كَثي ُري‬ ‫ي ي‬ ‫ي ي‬


‫ُون املَْ ْس ُح ع َََل ا ْلع َام َمة َبدَ ًَل َعنْ ُه بيخ َالف ِّ‬ ‫ف َيك ُ‬ ‫وح‪َ ،‬ف َك ْي َ‬‫الر ْأ ُس ََم ْ ُس ٌ‬
‫املَْ ْسحي ‪َ ،‬و َّ‬
‫ال ا ْلي يد ََت َ ي ي‬
‫‪3‬‬
‫س‬‫الر ْأ ي‬
‫ْت ا ْلع َام َمة َواملَْ ْسحي ع َََل َّ‬ ‫َح َرجٍ يِف إ ْد َخ ي َ‬

‫‪ .2‬ووجه املذهب ما ذكره إمامنا مالك من أن اَّلل تعال أمر بمسح الرأس وغسل الوجه‪ ،‬وَلبد من‬
‫اَلستيعاب ِف غسل الوجه‪ ،‬فكذا مسح الرأس واعتبارا بمسح الوجه ِف التيمم؛ وألن العمل بذلك ثابت‬
‫عن النبي ‪-‬صَل اَّلل عليه وسلم‪ -‬وأفعاله القرب َتمل عَل الوجوب إَل ما خصه الدليل‪ ،‬وكل ما يتعلق‬

‫‪ 1‬الكتاب‪ :‬العناية َشح اُلداية ص‪ 157‬ج‪1‬‬


‫‪ (1)2‬حاشية ابن عابدين ‪181 / 1‬‬
‫‪ 3‬املبسوط للرسخيس ص‪ 101‬ج‪1‬‬
‫به املخالف من أن املسح َل يقتِض اَلستيعاب‪ ،‬أو أن الباء ِف قوله عز وجل‪{ :‬وامسحوا بيرء ي‬
‫وسك ُْم}‬ ‫َ ْ َ ُ ُ ُ‬
‫للتبعيض‪ ،‬يبطل بقوله عز وجل ِف التيمم‪{ :‬وامسحوا بيرء ي‬
‫وسك ُْم َو َأ ْر ُج َلك ُْم} سيبوبه الباء للتأكيد؛ أي‬ ‫َ ْ َ ُ ُ ُ‬
‫امسحوا رؤوسكم‪ ،‬وما رواه مسلم والُتمذي والنسائي من (أنه صَل اَّلل عليه وسلم مسح بناصيته وعَل‬
‫‪1‬‬
‫العاممة )‪َ )(1‬ل حجة فيه بل هو حجة عليهم؛ ألنه لو أجزأ املسح عَل الناصية ملا مسح عَل‬

‫]‪َ [6‬م ْس َأ َلة‬

‫عند مالط ‪َ -‬رْحَه اَّلل ‪ -‬أن املسح عَل الرأس َل َيوز ِف الطهارة إَل بمباَشة‪ ،‬وأن مسح عَل العاممة دونه‬
‫لغري عذر َل َيزئه‪ ،‬وكذلك عند أيب حنيفة والشافعي‪.‬‬

‫وحكي عن الثوري‪ ،‬وأْحد بن حنبل وغريُها أنه َيوز املسح عَل العاممة دون الراس لعذر وغري عذر‪.‬‬
‫ُ‬

‫وسك ُْم}‪ ،‬كام قال‪َ { :‬فاغ يْس ُلوا ُو ُج َ‬


‫وهك ُْم}‪ ،‬فأمر بمسح‬ ‫والدليل لقولنا‪ :‬قوله ‪-‬تعال ‪{ -‬وامسحوا بيرء ي‬
‫َ ْ َ ُ ُ ُ‬
‫الرأس‪ ،‬كام أمر بغسل الروجه‪ ،‬فمن مسح عَل العاممة َل يمسح عَل الرأس حقيقة‪.‬‬

‫فإن قيل‪ :‬فإنه رأس وإن كانت عليه العاممة‪.‬‬

‫قيل‪ :‬هو رأس حقيقة‪ ،‬ولكن املسح َل يقع عليه‪ ،‬وإنام وقع عَل العاممة التي هي غري الرأس‪.‬‬

‫فإن قيل‪ :‬فقد قال ‪-‬تعال ‪َ { :-‬و َأ ْر ُج َلك ُْم}‪ ،‬فجوزتم املسح عَل اخلفني وليسا برجلني‪.‬‬

‫قيل‪ :‬صدقتم إذا مسحنا عَل اخلفني فلم نمسح عَل الرجلني‪ ،‬كام أن املسح عَل العاممة ليس مسح ًا عَل‬
‫الرأس‪ ،‬ولكننا جوزنا املسح عَل اخلفني بدَللة‪ ،‬وَل دَللة ِف العاممة‪.‬‬

‫فإن قيل‪ :‬فقد روي عن النبي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم أنه مسح عَل عاممته‪.‬‬

‫قيل‪ :‬هذا حديث رواه قيس عن هزيل عن املغرية بن شعبة ورواه مطرف‪ ،‬عن ابن املغرية عن املغرية وهو‬
‫حديث مضطرب اضطراب ًا شديد ًا‪ ،‬ليس بمعتمد عليه‬

‫وقد قيل فيه‪ :‬مسح بناصيته وعَل عاممته‪.‬‬

‫‪ 1‬لوامع الدرر ِف هتك أستار املخترص [َشح «خمترص خليل» للشيخ خليل بن إسحاق اجلندي املالكي (ت‪ 776 :‬هـ)] ص‬
‫‪ 368‬ج‪1‬‬
‫وإن صح فلفظه لفظ فعل‪ ،‬وهو لفعلة واحدة َل َيوز أن تقع عَل وجهني خمتلفني ِف حال واحدة‪ ،‬وَل‬
‫يدعي فيها العموم‪.‬‬

‫وَيوز أن يكون ذلك لعذر منعه من كشف رأسه‪ ،‬أو يكون ُمدد ًا لوضوئه‪ ،‬فإذا احتمل هذا واحتمل هذا‬
‫واحتمل ما تقولون َل يكن َصفه إل ما تذكرونه أول من َصفه ما نقوله‪ ،‬فتعارضا ونرجع إل ظاهر‬
‫اْلية‪.‬‬

‫فإن قيل‪ :‬لو كان له عذر منع من كشف رأسه لنقل إلينا‪ ،‬والتجديد أيض ًا إنام يكون مثل املجدد َل ناقص ًا‬
‫‪1‬‬
‫عنه‬

‫وَل يِف‬ ‫َان َم ْع ُق ً‬


‫وسك ُْم} [املائدة‪َ ]6 :‬وك َ‬ ‫ْحه اَّللَُّ َتع َال ‪َ : )-‬ق َال اَّللَُّ َتع َال {وامسحوا بيرء ي‬ ‫ي‬ ‫‪َ ( .3‬ق َال َّ ي ي‬
‫َ ْ َ ُ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الشافع ُّي ‪َ -‬ر َ ُ‬
‫يها َأ ْو َم َس َح‬‫ي‬ ‫ْاْلي ية َأ َّن من مسح يمن ر ْأ يس يه َشيئًا َف َقدْ مسح بير ْأ يس يه و ََل َ ْ ي‬
‫َتتَم ْل ْاْل َي ُة َّإَل َه َذا َو ُه َو َأ ْظ َه ُر َم َعان َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫السنَّ ُة ع َََل َذلي َك َف َم ْعنَى ْاْل َي ية َأ َّن‬ ‫الر ْأس ُك َّله ود َّل ْت السنَّ ُة ع َََل َأ ْن َليس ع َََل ا َْملر يء مسح الر ْأ ي ي‬
‫س ُك ِّله َوإي َذا َد َّل ْت ُّ‬ ‫ْ َ ْ ُ َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َّ َ‬
‫‪2‬‬
‫َم ْن َم َس َح َش ْيئًا يم ْن َر ْأ يس يه َأ ْجزَ َأ ُه‬

‫اَل ْقتي َص يار ع َََل َم ْسحي ا ْل يع َام َم ية‪َ ،‬و َن َس َب ُه املَْ ْه يد ُّي يِف‬
‫احلافي ُظ يِف ا ْل َف ْتحي َإل عَدَ يم جو ياز ي‬
‫َ َ‬ ‫ور ك ََام َقا َل ُه ْ َ‬ ‫ب ُْ‬
‫اجل ْم ُه ُ‬ ‫َو َذ َه َ‬
‫ري يم ْن ا ْل ُع َل َام يء‪.‬‬
‫ا ْل َب ْح ير َإل ا ْلكَثي ي‬

‫اب النَّبي ِّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ‪ََ :-‬ل ُي ْم َس ُح ع َََل ا ْل يع َام َم ية َّإَل َأ ْن‬‫اح ٍد يم ْن َأ ْص َح ي‬ ‫الُت يم يذي و َق َال غَري و ي‬
‫ُْ َ‬ ‫َق َال ِّ ْ ُّ َ‬
‫ي‬ ‫َس واب ين املُْبار يك و َّ ي ي‬ ‫ي ي‬ ‫َي ْم َس َح بي َر ْأ يس يه َم َع ا ْل يع َام َم ية َو ُه َو َق ْو ُل ُس ْف َي َ‬
‫ب‬ ‫الشافع ِّي‪َ ،‬وإي َل ْيه َذ َه َ‬ ‫ان ال َّث ْو ير ِّي َو َمالك ْب ين َأن ٍ َ ْ َ َ َ‬
‫ي‬
‫س‪.‬‬‫الر ْأ ي‬‫احت َُّجوا بي َأ َّن اَّللََّ َف َر َض املَْ ْس َح ع َََل َّ‬‫َأ ْي ًضا َأ ُبو َحني َف َة‪َ ،‬و ْ‬

‫ُت ُك املُْ َت َي َّق ُن لي ْل ُم ْحت يَم يل‪َ ،‬واملَْ ْس ُح ع َََل ا ْل يع َام َم ية َل ْي َس بي َم ْسحٍ ع َََل‬ ‫يل َف َال ُي ْ َ‬ ‫يث يِف ا ْل يع َام َم ية حمُ ْت يَم ُل ال َّت ْأ يو ي‬
‫احل يد ُ‬
‫َو ْ َ‬
‫الش ْع ير َو ََل ُي َس َّمى َر ْأ ًسا‪َ .‬فإي ْن يق َيل‪ُ :‬ي َس َّمى َر ْأ ًسا ُمَ َازً ا بي َع َال َق ية املُْ َج َاو َر ية‬ ‫س‪َ ،‬و َر َد بي َأ َّن ُه َأ ْجزَ َأ املَْ ْس َح ع َََل َّ‬ ‫الر ْأ ي‬
‫َّ‬
‫يق َيل‪َ :‬وا ْل يع َام َم ُة ك ََذلي َك بيتي ْل َك ا ْل َع َال َق ية‪َ ،‬فإي َّن ُه ُي َق ُال‪َ :‬ق َّب ْل ُت َر ْأ َس ُه‪َ ،‬وال َّت ْقبي ُيل ع َََل ا ْل يع َام َم ية‪.‬‬

‫‪ 1‬عيون األدلة ِف مسائل اخلالف بني فقهاء األمصار ص‪ 187‬ج‪1‬‬


‫‪ 2‬األم ص‪41‬‬
‫ي‬ ‫س َف َق ْط وع َََل ا ْل يعامم ية َف َق ْط‪ ،‬وع َََل الر ْأ ي ي ي‬ ‫الر ْأ ي‬ ‫و ْ ي‬
‫س َوا ْلع َام َمة‪َ ،‬وا ْلك ُُّل َصح ٌ‬
‫يح‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫احلاص ُل َأ َّن ُه َقدْ َث َب َت املَْ ْس ُح ع َََل َّ‬ ‫َ َ‬
‫ب املُْن يْص يفنيَ‬
‫‪1‬‬ ‫ب َل ْي َس يم ْن َد ْأ ي‬ ‫َري م ي‬
‫وج ٍ‬ ‫اإل ْجزَ ياء ع َََل َب ْع ي‬
‫ض َما َو َر َد َلغ ْ ي ُ‬ ‫رص ْ ي‬ ‫َثابي ٌت َف َق ْ ُ‬

‫‪ .4‬يعني أنه َيوز املسح عَل عاممة الرجل‪ .‬والدليل عَل جواز املسح عَل العاممة‬

‫•أوَلً‪ :‬أنه ثبت ِف صحيح مسلم أن النبي ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ -‬مسح عَل عاممته‪.‬‬

‫•وثاني ًا‪ :‬أن العاممة تقاس عَل اخلف بجامع مشقة النزع ِف كل منهام‪.‬‬

‫والقول بجواز املسح عَل العاممة من األقوال التي متيز ِبا مذهب احلنابلة ألن اجلمهور يرون عدم جواز‬
‫املسح عَل العاممة وهو القول الثاين‪ :‬ويأخذون بعموم اْلية فإن اَّلل أمرنا بأن نمسح عَل رؤوسنا فقال‬
‫(وامسحوا برؤوسكم) قالوا‪ :‬فال َيوز أن نمسح عَل غري الرأس‪.‬‬

‫لكن احلنابلة أخذوا بحديث صحيح مروي ِف صحيح مسلم فهم أحظ بالدليل‪.‬‬

‫وكام قلت هذا القول من َميزات مذهب احلنابلة ومن األدلة عَل ما يتميز به مذهب احلنابلة فقد أخذنا ِف‬
‫أول درس َميزات مذهب احلنابلة فاألول منها أخذهم باألدلة والنصوص‬
‫‪2‬‬

‫أما املسألة األويل‪ :‬فهذا هو املشهور ِف املذهب‪ ،‬وأن املسح عَل العاممة جائز‪.‬‬

‫واستدلوا‪ :‬بام روى البخاري عن عمرو بن أمية قال (رأيت النبي صَل اَّلل عليه وسلم مسح عَل عاممته‬
‫وخفيه) ‪(1) .‬‬

‫قال اإلمام أْحد‪ " :‬هذا من مخسة أوجه عن النبي صَل اَّلل عليه وسلم "‬

‫أي ورد عن مخسة من الصحابة لكل واحد منهم طريق منفرد وأن النبي صَل اَّلل عليه وسلم مسح عَل‬
‫عاممته‪.‬‬

‫قال ابن املنذر‪( :‬ومسح عَل العاممة أبو بكر‪ ،‬وبه قال عمر وأبو أمامة وأنس) وهوَلء الصحابة الذين‬
‫جزم ابن املنذر بمسحهم عَل العاممة َل يعلم ُلم خمالف‪.‬‬

‫‪ 1‬نيل األوطار ص‪209‬‬


‫‪َ 2‬شح زاد املستقنع ص‪98‬‬
‫‪-‬وذهب اجلمهور‪ :‬إل أن املسح عَل العاممة َل َيوز؛ قالوا‪ :‬وإنام مسح النبي صَل اَّلل عليه وسلم عاممته‬
‫مع ناصيته‪ ،‬فلم يكتف بالعاممة‪ ،‬بل مسح معها الناصية‪ ،‬كام ثبت ذلك ِف مسلم من حديث املغرية بن‬
‫شعبة‪.‬‬

‫واستدلوا‪ :‬بقوله تعال {امسحوا برؤوسكم} (‪ )2‬واملسح عَل العاممة ليس مسح ًا عيل الرأس‪.‬‬

‫والراجح هو القول األول‪.‬‬

‫أما اجلواب عَل أهل القول الثاين‪:‬‬

‫أما قوُلم‪ :‬إن النبي صَل اَّلل عليه وسلم مسح عَل ناصيته‪ ،‬فهذا إنام هو ِف حديث املغرية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وأما األحاديث األخرى فمخرجها خيتلف‬

‫ي َلنه عندهم دليل قوي من القرأن واحلديث و املفهوم جي ‪,‬د واَّلل‬


‫و قلت ‪ :‬اَلصح عندي مذهب الشافع ‪,‬‬
‫اعلم‬

‫‪َ 1‬شح زاد املستقنع ص‪ 17‬ج‪2‬‬


‫اإلختالف ِف ترتيب الوضوء‬

‫اَلعداد ‪ :‬حممد منصور‬

‫وهكُم و َأي يديكُم إي َل املَْرافي يق وامسحوا بيرء ي‬ ‫ي ي‬


‫وسك ُْم َو َأ ْر ُج َلك ُْم‬ ‫َ ْ َ ُ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫قال تعال ‪ { :‬إي َذا ُق ْمت ُْم َإل َّ‬
‫الص َالة َفاغْس ُلوا ُو ُج َ ْ َ ْ َ ْ‬
‫ني‪ }...‬الُتتيب ِف الوضوء ‪ :‬هو تطهري أعضاء الوضوء واحد ًا بعد اْلخر كام ورد ِف اْلية‪ :‬أي‬ ‫إي َل ا ْل َك ْع َب ْ ي‬
‫‪1‬‬

‫غسل الوجه أوَلً ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم غسل الرجلني ‪.‬واختلف الفقهاء ِف وجوبه عَل القولني ‪،‬‬
‫‪2‬‬

‫وُها ‪:‬‬

‫‪ .1‬القول األول ‪ :‬إنه سنة مؤكدة َل فرض ‪ ،‬وهو الذي حكاه املتأخرون من أصحاب مالك عن املذهب‪،‬‬
‫والثوري وداود واملزاين واختاره ابن املنذر‬
‫ّ‬ ‫وبه قال أبو حنيفة‬

‫‪3‬‬
‫‪ .2‬القول الثاين ‪ :‬أنه فرض‪ ،‬وبه قال الشافعي وأْحد وأبو عبيد واسحاق بن راهوية‬

‫األدلة‬

‫أدلة القول األول‬

‫‪ .1‬إن النص القرآين الوارد ِف تعداد فرائض الوضوء عطف املفروضات بالواو‪ ،‬التي َل تفيد إَل مطلق‬
‫اجلمع‪ ،‬وهو َل يقتِض الُتتيب‪ ،‬ولو كان الُتتيب مطلوب ًا لعطفه بالفاء أو ( ثم ) فكيفام غسل املتوضئ‬
‫‪4‬‬
‫أعضاءه كان َمتثال لألمر‬

‫‪ .1‬املائدة ‪6 :‬‬
‫‪ .2‬الفقه اإلسالمي وأدلته ج‪ 1.‬ص‪ 331-330.‬املوسوعة الفقهية القويتية ج‪ .‬ص‪.‬‬
‫‪ .3‬بداية املجتهد ج‪ 1 .‬ص‪ 23 .‬املوسوعة الفقهية القويتية ج‪ 43 .‬ص‪ 357 .‬رد املختار ج‪ 1.‬ص‪ . 83 .‬النواوي‪،‬‬
‫املجموع ج‪ 2 .‬ص‪ 249 .‬ابن قدامة‪ ،‬املغني مع الرشح ج‪ 1 .‬ص‪172 .‬‬
‫‪ .4‬البحر الرائق كنز الدقائق ج‪ 1 .‬ص‪ 98 .‬العناية َشح اُلداية ج‪ 1 .‬ص‪ 39 .‬الفقه اإلسالمي ج‪ 1 .‬ص‪َ 334 .‬شح‬
‫اخلليل للرشخيس ج‪ 2 .‬ص‪147 .‬‬
‫‪ .5‬روى الدارقطني األثرين األولني‪ ،‬وأما األثر الثالث فال يعرف له أصل‪ .‬الذخرية ج‪ 1 .‬ص‪َ 278 .‬شح اخلليل‬
‫للرشخيس املرجع السابق‬
‫‪ .6‬الذخرية ج‪ 1 .‬ص‪279 .‬‬
‫‪ .2‬وروي عن عيل وابن عباس وابن مسعود ما يدل عَل عدم وجوب الُتتيب‪ ،‬قال عيل ريض اَّلل عنه‪:‬‬
‫«ما أبايل بأي أعضائي بدأت» وقال ابن عباس ريض اَّلل عنهام‪َ« :‬لبأس بالبداية بالرجلني قبل اليدين»‬
‫وقال ابن مسعود ريض اَّلل عنه‪َ« :‬لبأس أن تبدأ برجليك قبل يديك ِف الوضوء»‬
‫‪5‬‬

‫فلم َيب فيها يترتيب كاجلنابة ‪ ،‬وتقديم ا ْليمني عَل الشامل ‪ ،‬وألنه لو اغتسل‬
‫ألن ا ْلوضوء طهارة ْ‬
‫‪ّ .3‬‬
‫أن الُتتييب َل ََيب‬
‫‪6‬‬ ‫املحدث دفعة واحدة ْارتفع حدثه ‪ ،‬فدل عَل ّ‬

‫أدلة القول الثاين‬


‫‪ .1‬لفعل النبي ّ‬
‫صَل اَّلل عليه وسلم املبني للوضوء املأمور به أي من السنة باَلحاديث الصحيحة‬
‫املستفيضة عن مجاعات من الصحابة ِف صفة وضوء النبي صَل اَّلل عليه وسلم وكلهم وصفوه مرتبا مع‬
‫كثرِتم وكثرة املواطن التى رأوه فيها وكثرة اختالفهم ِف صفاته ِف مرة ومرتني وثالث وغري ذلك وَل‬
‫يثبت فيه مع اختالف أنواعه صفة غري مرتبة وفعله صَل اَّلل عليه وسلم بيان للوضوء املأمور به ولو جاز‬
‫‪1‬‬
‫ترك الُتتيب لُتكه ِف بعض اَلحوال لبيان اجلواز كام ترك التكرار ِف أوقات‬

‫‪ .2‬لقوله ّ‬
‫صَل اَّلل عليه وسلم ِف حجته‪« :‬ابدؤوا بام بدأ اَّلل به» فالعربة بعموم اللفظ وهو ما من قوله بام‬
‫بدأ اَّلل به أي ابدؤوا بكل يشء بدأ اَّلل به من أنواع العبادات َل بخصوص السبب الذي هو السعي بني‬
‫‪2‬‬
‫الصفا واملروة‪.‬‬

‫‪ .1‬النواوي‪ ،‬املجموع َشح املهذب‪ ،‬املرجع السابق‬


‫‪ .2‬نواوي اجلاوي‪ ،‬كاشفة السجا ص‪ 36.‬ابن حزم‪ ،‬املحَل ج‪ 2 .‬ص‪60 – 59 .‬‬
‫‪ .‬النواوي‪ ،‬املجموع َشح املهذب‪ ،‬املرجع السابق‬
‫‪ .4‬النواوي‪ ،‬املجموع َشح املهذب‪ ،‬املرجع السابق املاوردي‪ ،‬احلاوي الكبري ج‪ 1 .‬ص‪140 .‬‬
‫‪ .6‬النواوي املجموع َشح املهذب‪ ،‬ج‪ 2.‬ص‪251 .‬‬
‫‪ .7‬ابن رشد‪ ،‬بداية املجتهد ج‪ 1 .‬ص‪.‬‬
‫‪ .8‬الرسخيس‪ ،‬املبسوط ج‪ 1.‬ص‪160 .‬‬
‫‪ .9‬البحر الرائق ج‪ 1 .‬ص‪98 .‬‬
‫‪ .3‬اْلية التى ذكرها املصنف وهي أن اَّلل تعال ذكر َمسوحا بني مغسوَلت وعادة العرب إذا ذكرت‬
‫أشياء متجانسة وغري متجانسة مجعت املتجانسة عيل نسق ثم عطفت غريها َل خيالفون ذلك اَل لفائدة‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫فلو َل يكن الُتتيب واجبا ملا قطع النظري عن نظريه‪.‬‬

‫‪ .4‬أن مذهب العرب إذا ذكرت أشياء وعطفت بعضها عَل بعض تبتدئ اَلقرب فاَلقرب َل خيالف‬
‫ذلك اَل ملقصود فلام بدأ سبحانه بالوجه ثم اليدين ثم الرأس ثم الرجلني دل عَل اَلمر بالُتتيب وإَل‬
‫‪4‬‬
‫لقال [فاغسلوا وجوهكم وامسحوا برؤسكم واغسلوا ايديكم وارجلكم]‬
‫‪ .5‬أن اْلية بيان للوضوء الواجب‪ ،‬بدليل أنه َل يذكر فيها يشء من السنن‪ .‬وقياس ًا عَل الُتتيب الواجب‬
‫‪5‬‬
‫ِف أركان الصالة‬

‫املناقشة‬
‫‪ .1‬وأجاب أصحاب الشافعي عن قول أيب حنيفة ومالك ومن تبعهام بحديث ابن عباس رىض اَّلل عنهام‬
‫أن احلديث ضعيف َل يعرف‪.‬‬
‫‪ .2‬وعن قياسهم عيل غسل اجلنابة‪ ،‬ألن مجيع بدن اجلنب شئ واحد فلم َيب ترتيبه كالوجه بخالف‬
‫أعضاء الوضوء فاَنا متغايرة متفاصلة‬
‫‪ . 3‬وأما قياسهم عن تقديم اليمني فأجب الشافعية من وجهني أحدُها أن اَّلل تعال رتب األعضاء اَلربعة‬
‫وأطلق األيدي واألرجل‪ ،‬ولو وجب ترتيبهام لقال وأيامنكم‪ :‬والثاين إن اليدين كعضو واحد‪َ ،‬ل نطالق‬
‫‪6‬‬
‫اسم اليد عليهام‪ ،‬فلم َيب فيهام ترتيب كاخلدين بخالف اَلعضاء اَلربعة‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ .4‬وأما عن العطف بالواو فعند النحاة قد تكون للُتتيب‪ ،‬وهذا للرد عَل األدلة األول‬

‫‪.1‬وأجاب احلنفي عن صفة وضوء النبي من أن مواظبة النّبي صَل اَّللّ عليه وسلم عَل الُتتيب ِف‬
‫الوضوء َل تدل عَل أنّه ركن فقد كان يواظب عَل السنن كام واظب عَل املْضمضة‬
‫‪8‬‬

‫بأن اَّللّ تعال ذكر َمسوحا بني مغسوَلت ْ‬


‫واألصل مجع املتجانسة عَل نسق‬ ‫ّووي ّ‬ ‫اس ّ‬
‫تدل به الن ّ‬ ‫‪ .2‬وأ ّما ما ْ‬
‫بأن‬ ‫ثم ع ْطف غريها َل خيرج عن ذلك ّإَل لفائدة ‪ ،‬وهي هنا وجوب ّ‬
‫الُتتيب فقد أجيب عنْه ّ‬ ‫واحد ّ‬
‫صب املاء عَل األرجل ملا ّأَنا مظنّة اإلَساف كام ِف ّ‬
‫الكشاف‬ ‫الفائدة التّنبيه عَل وجوب اإلقتصاد ِف ّ‬
‫والسالم {‬
‫الصالة ّ‬ ‫الرساج ا ْل ّ‬
‫وهاج أنّه عليه ّ‬ ‫بخاري كام ِف التّوشيح وأبو داود كام ِف ّ‬
‫ّ‬ ‫وغريه وقد روى ا ْل‬
‫ّيمم ثبت ِف الوضوء ؛ ألن اخلالف فيهام‬
‫فلام ثبت عدم الُتتيب ِف الت ّ‬
‫تيمم فبدأ بذراعيه قبل وجهه } ّ‬
‫ّ‬
‫‪9‬‬
‫واحد‬

‫للجمع املطلق ‪ ،‬ذكره سيبويه ِف‬


‫ْ‬ ‫‪ .3‬وأجاب احلنفي أن أبا عيل الفاريس ذكر أن النحاة أمجعوا أن الواو‬
‫سبعة عرش موضعا ِف كتابه فاعْتمد املْصنف عَل ذلك وبي َأ َّن خالف القليل َل يمنع ْاإلمجاع اللغوي‬
‫‪1‬‬

‫التوجيه‬
‫صَل اَّلل عليه وسلم قوَلً وفع ً‬
‫ال عليه‪،‬‬ ‫وِف تقديري‪ :‬أن رأي القائلني بالُتتيب أول ‪ ،‬ملواظبة النبي ّ‬
‫واستمر الصحابة عَل ذلك‪َ ،‬ل يعرفون غري الُتتيب ِف الوضوء‪ ،‬وَليتوضؤون إَل مرتبني‪ ،‬ودرج‬
‫املسلمون عَل الُتتيب ِف كل العصور‪ .‬وكون الواو َل يقتِض الُتتيب صحيح مس ّلم به‪ ،‬لكن ذلك عند‬
‫‪2‬‬
‫عدم القرائن الدالة عَل إرادة الُتتيب‪ ،‬والقرائن الدالة عليه كثرية‪ ،‬وهي املواظبة من النبي وصحبه‬

‫فائدة ‪ :‬قال ابن رشد‪ ،‬وسبب اختالفهم شيئان‪ :‬أحدُها اَلشُتاك الذي ِف واو العطف وذلك أنه قد‬
‫يعطف ِبا األشياء املرتبة بعضها عَل بعض وقد يعطف ِبا غري املرتبة وذلك ظاهر من استقراء كالم‬
‫العرب ولذلك انقسم النحويون فيها قسمني فقال نحاة البرصة‪ :‬ليس تقتِض نسقا وَل ترتيبا وإنام تقتِض‬
‫اجلمع فقط وقال الكوفيون‪ :‬بل تقتِض النسق والُتتيب فمن رأى أن الواو ِف آية الوضوء تقتِض الُتتيب‬
‫قال بإَياب الُتتيب ومن رأى أَنا َل تقتِض الُتتيب َل يقل بإَيابه‪.‬‬
‫والسبب الثاين اختالفهم ِف أفعاله عليه الصالة والسالم هل هي حممولة عَل الوجوب أو عَل الندب؟‬
‫فمن ْحلها عَل الوجوب قال بوجوب الُتتيب ألنه َل يرو عنه عليه الصالة والسالم أنه توضأ قط إَل‬
‫مرتبا ومن ْحلها عَل الندب قال إن الُتتيب سنة‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ .1‬العناية َشح اُلداية ج‪ 1.‬ص‪39.‬‬


‫‪ .2‬مقارنة املذاهب‪ :‬ص‪41.‬‬
‫‪ .3‬ابن رشد‪ ،‬بداية املجتهد مرجع السابق‬
‫دلك األعضاء ِف الوضوء والغسل‬

‫اإلعداد ‪ :‬حممود طيب األردان‬

‫بسم اَّلل الرْحن الرحيم‬


‫احلمد َّلل الذي َشع لنا دينا قويام ‪ ،‬وهدانا إليه َصاطا مستقيام ‪ ،‬وجعلنا من أهله تعلام وتعليام ‪،‬‬
‫ْحد من عمته رْحته وإفضاله ‪ ،‬وغمرته أعطيته ونواله ‪ ،‬وأشهد أن َل إله إَل اَّلل وحده َل َشيك له ‪،‬‬
‫شهادة أستزيد ِبا وفور نعمه ‪ ،‬وأسُتفد ِبا وفور كرمه ؛ وأشهد أن حممدا عبده ورسوله ‪ ،‬الذي مجع‬
‫بمبعثه شمل احلق بعد تفرقه ‪ ،‬وقمع برسالته حزب الباطل بعد تطوقه ‪ ،‬صَل اَّلل عليه وعَل آله وأصحابه‬
‫‪ ،‬وأتباعهم الذين سلكوا سنن سننه وصوابه‪.‬‬

‫مسألة دلك األعضاء ِف الوضوء والغسل‬

‫و اختلفوا العلامء ِف مسألة دلك األعضاء هل هو فرض او سنة؟ عَل قولني‪:‬‬


‫احلنَابي َل ُة إي َل َأ َّن د ْل َك األع َْض ي‬
‫اء يِف ا ْلغ ُْسل و الوضوء ُسنَّ ٌة‬ ‫احلن يَفي ُة و َّ ي ي‬
‫َ‬ ‫الشافع َّي ُة َو ْ َ‬ ‫ب ْ َ َّ َ‬ ‫القول األول‪َ :‬ذ َه َ‬
‫َو َل ْي َس بي َف ْر ٍ‬
‫ض‪.‬‬

‫يض ٌة يم ْن َف َرائي ي‬
‫ض ا ْلغ ُْسل و‬ ‫الشافي يع َّي ية إي َل َأ َّن الدَّ ْل َك َف ير َ‬
‫ب املَْاليكي َّي ُة َو املُْزَ ي ُّين يم َن َّ‬
‫القول الثاين ‪َ :‬ذ َه َ‬
‫احت َُّجوا بي َأ َّن ا ْلغ ُْسل ُه َو إي ْم َر ُار ا ْل َي يد‪.‬‬
‫الوضوء ‪َ ،‬و ْ‬

‫أدلة‬

‫القول األول‪:‬‬

‫ض ؛ " لي َق ْو يل‬ ‫اء يِف ا ْلغ ُْس يل ُسنَّ ٌة َو َل ْي َس بي َف ْر ٍ‬ ‫احلنَابي َل ُة إي َل َأ َّن د ْل َك األَع َْض ي‬ ‫احلن يَفي ُة و َّ ي ي‬
‫َ‬ ‫الشافع َّي ُة َو ْ َ‬ ‫ب ْ َ َّ َ‬ ‫َذ َه َ‬
‫ت املَْا َء َف َأ يم َّس ُه يج ْلدَ َك " َو ََل ْ َي ْأ ُم ْر ُه بي يز َيا َد ٍة ‪.‬‬
‫يض اَّللَُّ َعنْ ُه ‪َ :‬فإي َذا َو َجدْ َ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫النَّبي ِّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم ألَ ييب َذ ٍّر َر َ‬
‫ات ‪ُ ،‬ثم ت يُف ي‬ ‫الث ح َثي ٍ‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي يي‬
‫يضنيَ‬ ‫َّ‬ ‫َول َق ْوله َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم ألُ ِّم َس َل َم َة < إين ََّام َيكْفيك َأ ْن ََتْثي ع َََل َر ْأسك َث َ َ َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫اإلن ي‬
‫َاء يم ْن ُو ُلو يغ ا ْل َك ْل ي‬ ‫َع َلي يك املَْاء َف َت ْطه يرين >‪ .‬وألَ َّنه غُس ٌل َفال ََييب إيمرار ا ْلي يد في ي‬
‫يه ‪َ .‬كغ ُْس يل ي‬
‫‪1‬‬
‫ُ َْ ُ َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬

‫وهذا َتريج احلديث من الكتاب املوسوعة الفقهية‪:‬‬


‫احل َّذ ياء َع ْن َأبيى يق َ‬
‫ال َب َة ح َو َحدَّ َثنَا ُم َسدَّ ٌد‬ ‫يٍ‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫ربنَا َخالدٌ ا ْل َواسط ُّى َع ْن َخالد ْ َ‬
‫ٍ‬
‫َحدَّ َثنَا ع َْم ُرو ْب ُن ع َْون َأ ْخ َ َ‬
‫ان َع ْن َأبيى‬ ‫ال َب َة َع ْن ع َْم يرو ْب ين ُب ْجدَ َ‬‫احل َّذ ياء َع ْن َأبيى يق َ‬ ‫يٍ‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ربنَا َخالدٌ ‪َ -‬ي ْعنى ا ْب َن َع ْبد اَّللَّي ا ْل َواسط َّى ‪َ -‬ع ْن َخالد ْ َ‬‫َأ ْخ َ َ‬
‫ت إي َل‬ ‫ي‬ ‫اجتَم َع ْت ُغنَ ْيم ٌة يعنْدَ رس ي‬
‫ول اَّللَّي ‪-‬صَل اَّلل عليه وسلم‪َ -‬ف َق َال « َيا َأ َبا َذ ٍّر ا ْبدُ ف َ‬
‫يها »‪َ .‬ف َبدَ ْو ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َذ ٍّر َق َال ْ َ‬
‫الس َّت َف َأ َت ْي ُت النَّبي َّى ‪-‬صَل اَّلل عليه وسلم‪َ -‬ف َق َال « َأ ُبو َذ ٍّر‬ ‫اجلنَا َب ُة َف َأ ْمك ُ‬ ‫الرب َذ ية َفكَان ْ ي ي‬
‫ُث ْ َ‬
‫اخل ْم َس َو ِّ‬ ‫َت تُصي ُبنى ْ َ‬ ‫َّ َ‬
‫ت بيعس في ي‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬
‫يه َما ٌء‬ ‫َت َف َق َال « َثك َلت َْك ُأ ُّم َك َأ َبا َذ ٍّر ألُ ِّم َك ا ْل َو ْي ُل »‪َ .‬فدَ عَا يل بي َج يار َية َس ْو َدا َء َف َجا َء ْ ُ ٍّ‬ ‫»‪َ .‬ف َسك ُّ‬
‫ي‬ ‫اح َل ية َوا ْغت ََس ْل ُت َف َك َأنِّى َأ ْل َق ْي ُت َعنِّى َج َب ً‬
‫ت بيالر ي‬ ‫ُتتْنيى بي َث ْو ٍ‬
‫ب َو ُضو ُء‬ ‫ال َف َق َال « َّ‬
‫الصعيدُ ال َّط ِّي ُ‬ ‫َُت ُ َّ‬ ‫است َ ْ‬
‫ب َو ْ‬ ‫َف َس َ َ‬
‫ت املَْا َء َف َأ يم َّس ُه يج ْلدَ َك َفإي َّن َذلي َك َخ ْ ٌري »‪ .‬وَل يأمره بزيادة‬
‫‪2‬‬
‫َرش يسنينيَ َفإي َذا َو َجدْ َ‬ ‫املُْ ْسلي يم َو َل ْو إي َل ع ْ ي‬

‫ي‬ ‫ي‬
‫َحدَّ َثنَا َأ ُبو َبك يْر ْب ُن َأ ييب َش ْي َب َة َوع َْم ٌرو النَّاقدُ َوإي ْس َح ُق ْب ُن إي ْب َراه َ‬
‫يم َوا ْب ُن َأ ييب ع َُم َر ُك ُّل ُه ْم َع ْن ا ْب ين ُع َي ْينَ َة‬
‫يد املَْ ْق ُ يرب ِّي َع ْن َع ْب يد اَّللَّي ْب ين َرافي ٍع َم ْو َل‬ ‫يد ب ين َأ ييب س يع ٍ‬
‫َ‬
‫ي ي‬
‫وسى َع ْن َسع ْ‬ ‫وب ْب ين ُم َ‬
‫ان َع ْن َأ ُّي َ‬
‫ربنَا ُس ْف َي ُ‬ ‫َق َال إي ْس َح ُق َأ ْخ َ َ‬
‫اجلنَا َب ية َق َال ََل إين ََّام‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ول اَّللَّي إي ِّين ا ْم َر َأ ٌة َأ ُشدُّ َض ْف َر َر ْأيس َف َأ ْن ُق ُض ُه لغ ُْس يل ْ َ‬
‫ُأ ِّم َس َل َم َة َع ْن ُأ ِّم َس َل َم َة َقا َل ْت ُق ْل ُت َيا َر ُس َ‬
‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ٍ‬ ‫يك َأ ْن ََتْثي َي ع َََل َر ْأ يس يك َث َال َ‬‫يك يْف ي‬
‫ث َح َث َيات ُث َّم تُفيضنيَ َع َل ْيك املَْا َء َف َت ْط ُه يري َن َوألَ َّن ُه غ ُْس ٌل َفال ََيي ُ‬
‫ب إي ْم َر ُار‬ ‫‪3‬‬
‫َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫اإلن ي‬
‫َاء يم ْن ُو ُلو يغ ا ْل َك ْل ي‬ ‫يه ‪َ .‬كغ ُْس يل ي‬ ‫ا ْلي يد في ي‬
‫َ‬

‫يض املَْا َء ع َََل‬ ‫َت ع َََل َبدَ ني يه ُث َّم َيت ََو َّض َأ ُث َّم ُي يف َ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫( َق ْو ُل ُه ‪َ :‬و ُسنَنُ ُه َأ ْن َيغْس َل َيدَ ْيه َو َف ْر َج ُه َون ََج َ‬
‫اس ًة َل ْو كَان ْ‬
‫اجلَ َام َع ُة َع ْن َم ْي ُمو َن َة َقا َل ْت { َو َض ْعت ليلنَّبي ِّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َما ًء َي ْغت يَس ُل بي يه َف َأ ْف َر َغ‬ ‫َبدَ ني يه َث َال ًثا ) َمليا َر َوى ْ‬
‫َني َأ ْو َث َال ًثا ُث َّم َأ ْف َر َغ بي َي يميني يه ع َََل يش َاملي يه َفغ ََس َل َم َذاكي َري ُه ُث َّم َد َل َك َيدَ ُه بي ْاألَ ْر ي‬
‫ض ُث َّم‬ ‫ع َََل َيدَ ْي يه َفغ ََس َل ُه َام َم َّرت ْ ي‬

‫اس َتن َْش َق ُث َّم غ ََس َل َو ْج َه ُه َو َيدَ ْي يه ُث َّم غ ََس َل َر ْأ َس ُه َث َال ًثا ُث َّم َأ ْف َر َغ ع َََل َج َس يد يه ُث َّم َتن ََّحى َع ْن َم َق يام يه‬ ‫َمت َ ْض َم َض َو ْ‬

‫‪ 1‬املوسوعة الفقهية(‪)31\211‬‬
‫‪ 2‬سنن أيب داود(‪)332‬‬
‫‪ 3‬صحيح مسلم(‪)770‬‬
‫اب َت ْق يدي يم غ َْس يل‬ ‫يض ية َفاست يُفيدَ يمنْه ي‬
‫است ْح َب ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫السن يَّة َوا ْل َف ير َ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫يث ُم ْشتَم ٌل ع َََل َب َيان ُّ‬ ‫احل يد ُ‬ ‫ي‬
‫َفغ ََس َل َقدَ َم ْيه } َف َه َذا ْ َ‬
‫‪1‬‬

‫اب َت ْق يدي يم غ َْس يل ا ْل َف ْرجي ُق ُب ًال َأ ْو ُد ُب ًرا َس َوا ٌء ك َ‬


‫َان‬ ‫است ْح َب ُ‬
‫ا ْليدَ ي ين و َع َّل ُلوا بي َأَنام آ َل ُة ال َّت ْط يه يري َفيبتَدَ ُأ بي َتنْظي ييف يهام و ي‬
‫َ َ ْ‬ ‫ُْ‬ ‫َّ ُ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫َان حمُ يْد ًثا َأ ْو ََل َوبي يه َينْدَ في ُع َما َذك ََر ُه الزَّ ْي َل يع ُّي بي َأ َّن ُه‬
‫وء ع َََل غ َْس يل ا ْل َب ياقي َس َوا ٌء ك َ‬ ‫َع َلي يه نَجاس ٌة َأو ََل َك َت ْق يدي يم ا ْلو ُض ي‬
‫ُ‬ ‫ْ َ َ ْ‬
‫‪2‬‬
‫اس ية‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يي‬
‫اس ٌة َع ْن َق ْوله َو َف ْر ُج ُه ألَ َّن ا ْل َف ْر َج إن ََّام ُيغ َْس ُل ألَ ْج يل الن ََّج َ‬ ‫ول َون ََج َ‬
‫َان يغْني ي‬
‫يه َأ ْن َي ُق َ‬ ‫ك َ ُ‬

‫القول الثاين ‪:‬‬


‫تنبيها عَل أن الدلك واجب لنفسه حتى يسمى الفعل ً‬
‫غسال ألنه َشط ِف‬ ‫فرسنا الغسل بالدلك ً‬
‫حقيقة الغسل عند ٍ‬
‫مالك ً‬
‫أخذا من قوله عليه الصالة والسالم لعائشة ريض اَّلل تعال عنها‪" :‬وادلكي‬
‫‪3‬‬
‫جسدك بيدك"‪ .‬واألمر للوجوب‬

‫َحدَّ َثنَا حمُ ََّمدُ ْب ُن املُْ َثنَّى َوا ْب ُن َب َّش ٍار َق َال ا ْب ُن املُْ َثنَّى َحدَّ َثنَا حمُ ََّمدُ ْب ُن َج ْع َف ٍر َحدَّ َثنَا ُش ْع َب ُة َع ْن‬
‫ث َعن عَائي َش َة َأ َّن َأسامء س َأ َل ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫اهيم ْب ين املُْ َه ي‬ ‫ي‬
‫ت النَّبي َّى ‪-‬صَل اَّلل عليه وسلم‪-‬‬ ‫َْ َ َ‬ ‫اج ير َق َال َسم ْع ُت َصف َّي َة َُتَدِّ ُ ْ‬ ‫إي ْب َر َ‬
‫ب ع َََل َر ْأ يس َها‬ ‫ور ُث َّم ت َُص ُّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫يض َف َق َال « َت ْأ ُخ ُذ إي ْحدَ ا ُك َّن َما َء َها َوسدْ َر َ َِتا َف َت َط َّه ُر َفت ُْحس ُن ال ُّط ُه َ‬ ‫َع ْن غ ُْس يل املَْ يح ي‬

‫ب َع َل ْي َها املَْا َء‪ُ .‬ث َّم َت ْأ ُخ ُذ في ْر َص ًة َُم َ َّس َك ًة َف َت َط َّه ُر ي َِبا »‪.‬‬ ‫َفتَدْ ُل ُكه د ْلكًا َش يديدً ا حتَّى َتب ُلغَ ُشئ َ ي‬
‫ُون َر ْأس َها ُث َّم ت َُص ُّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫ان اَّللَّي َت َط َّه يري َن ي َِبا »‪َ .‬ف َقا َل ْت عَائي َش ُة َك َأ ََّنَا َُت يْفى َذلي َك َت َت َّب يعنيَ َأ َث َر‬ ‫ف َت َط َّه ُر ي َِبا َف َق َال « ُس ْب َح َ‬ ‫َف َقا َل ْت َأ ْس َام ُء َو َك ْي َ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫الدَّ يم‪ .‬وس َأ َل ْته َعن غُس يل ْ ي‬
‫ب ع َََل‬ ‫ور ‪ُ -‬ث َّم ت َُص ُّ‬ ‫ور ‪َ -‬أ ْو ُت ْبلغُ ال ُّط ُه َ‬ ‫اجلَنَا َبة َف َق َال « َت ْأ ُخ ُذ َما ًء َف َت َط َّه ُر َفت ُْحس ُن ال ُّط ُه َ‬ ‫َ َ ُ ْ ْ‬
‫َ ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ُون َر ْأ يس َها ُث َّم ت يُف ُ‬
‫َر ْأ يس َها َفتَدْ ُل ُك ُه َحتَّى َت ْب ُلغَ ُشئ َ‬
‫يض َع َل ْي َها املَْا َء »‪َ .‬ف َقا َل ْت عَائ َش ُة ن ْع َم النِّ َسا ُء ن َسا ُء األن َْصار ََل ْ‬
‫ين‪ .‬وَل يشُتط الدلك حال صب املاء عَل البدن بل يكفي الدلك‬ ‫‪4‬‬ ‫احل َيا ُء َأ ْن َي َت َف َّق ْه َن يىف الدِّ ي‬
‫َي ُك ْن َي ْمنَ ُع ُه َّن ْ َ‬
‫بعد صب املاء ونزوله من عَل البدن برشط أن َل َيف املاء من عَل العضو قبل دلكه فإن تركه أو استناب‬
‫من يدلك له مع القدرة عَل ذلك َل َيزئه وَيب عليه إعادة الغسل ولو َتقق وصول املاء إل البرشة ‪ .‬كام‬

‫‪ 1‬صحيح البخاري(‪)265‬‬
‫‪ 2‬بحر الرائق (‪)1\188‬‬
‫‪ 3‬الفواكه الدواين عَل رسالة ابن ايب زيد(‪)1\387‬‬
‫‪ 4‬صحيح مسلم( ‪)776‬‬
‫َل يشُتط ِف الدلك أن يكون بخصوص اليد فلو دلك جزءا من جسمه بذراعه أو وضع إحدى رجليه‬
‫عَل األخرى ودلكها ِبا فإنه َيزئه ذلك وكذا يكفي الدلك بمنديل أو فوطة‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫املناقشة‬

‫أجاب املالك عن الشافعي‪:‬‬


‫ومنشأ اخلالف هل حقيقة الغسل لغة اإليصال مع الدلك فيجب وهو الصحيح ولذلك تفرق‬
‫العرب بني الغسل والغمس ألجل التدليك فتقول غمست اللقمة ِف املرق وَل تقول غسلتها أو نقول‬
‫حقيقته اإليصال فقط لقول العرب غسلت السامء األرض إذا أمطرِتا واعترب أصحابنا التدليك ِف‬
‫الوضوء والغسل ومسح الرأس والتيمم واخلفني ألَنا طهارات فتسوى ِف ذلك ‪ .‬وقال بعض الشافعية‬
‫لو ألقت الريح الُتاب عَل وجهه ويديه أو تلقى املطر برأسه أجزأه ‪ .‬حجتنا أن املحدث َمنوع من‬
‫العبادات وفاقا واألصل بقاؤه عَل ذلك ِف صورة النزاع وأما ما ِف مسلم من قوله عليه السالم ألم سلمة‬
‫إنام يكفيك أن َتثي املاء عَل رأسك ثالث حثيات ثم تفيِض املاء عليك فتطهرين وِف أيب داود والُتمذي‬
‫عنه عليه الصالة والسالم الصعيد الطيب وضوء املسلم ولو َل األخرس وألنه َل ينقل عن أحد من‬
‫السلف إَتاذ خرقة ونحوها فلو كان واجبا لشاع من فعلهم وفرق أيضا بني القليل والكثري‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫أجاب الشافعي عن املالك‪:‬‬


‫مذهبنا أن ذلك اَلعضاء ِف الغسل وِف الوضوء سنة ليس بواجب فلو أفاض املاء عليه فوصل‬
‫به وَل يمسه بيديه أو انغمس ِف ماء كثري أو وقف َتت ميزاب أو َتت املطر ناويا فوصل شعره وبرشه‬
‫اجزأه وضوءه وغسله وبه قال العلامء كافة اَل مالكا واملزنى فاَنام َشطاه ِف صحة الغسل والوضوء‪.‬‬
‫* واحتج ُلام بأن الغسل هو امرار اليد وَل يقال لواقف ِف املطر اغتسل قال املزين وَلن التيمم يشُتط فيه‬
‫امرار اليد فكذا هنا‬

‫‪ 1‬فقه العبادات عَل املذهب املالكَل (‪)1\81‬‬


‫‪ 2‬الذخرية (‪)1\310‬‬
‫* واحتج أصحابنا بقوله صَل اَّلل عليه وسلم َليب ذررىض اَّلل عنه (فإذا وجدت املاء فأمسه جلدك) وَل‬
‫يأمره بزيادة وهو حديث صحيح سبق ذكره وسنوضحه ِف موضعه ِف التيمم ان شاء اَّلل تعال وله نظائر‬
‫كثرية من احلديث وَلنه غسل فال َيب امرار اليد فيه كغسل اَلناء من ولوغ الكلب وقوُلم َل تسمى‬
‫اَلفاضة غسال َمنوع وقول املزين َمنوع أيضا فان املذهب الصحيح ان امرار اليد َل يشُتط ِف التيمم كام‬
‫سنوضحه ِف موضعه ان شاء اَّلل تعال‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ب يِف ا ْلغ ُْس يل ‪َ ،‬و َق َال َمالي ٌك ‪ :‬إي ْم َر ُار‬ ‫السنَّ ُة ا َّلتيي ََل َ ي‬ ‫رش ية َو َّ‬ ‫ي ي ي‬
‫َت ُ‬ ‫الش َع ير ‪َ ،‬و َأ َّما ُّ‬ ‫يص ُال املَْاء إ َل َمجي يع ا ْل َب َ َ‬ ‫إي َ‬
‫اجل َس يد َف ْر ٌض ‪ ،‬ك ََام َأ َّن إي ْم َر َار ا ْل َيدَ ْي ين يِف ال َّت َي ُّم يم َف ْر ٌض ‪َ ،‬و َه َذا َخ َط ٌأ ‪ ،‬لي َق ْولي يه { َص ََّل‬ ‫ي ي‬
‫ا ْل َيدَ ْي ين ع َََل َما َقدَ َر َع َل ْيه م َن ْ َ‬
‫ث ََل ي ْلزَ م في ي‬ ‫احلدَ ي‬ ‫ي‬ ‫ت املَْاء َف َأ يمسه يج ْلدَ َك " و يألَ َّن ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫يه‬ ‫َ ُ‬ ‫است ْع َام َل املَْاء يِف ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم} ألَ ييب َذ ٍّر ‪ " :‬إي َذا َو َجدْ َ َ َّ ُ‬
‫اجلنَا َب ية َعنْ ُه يق َيا ًسا ع َََل َما ََل ْ ت يَص ْل إي َل ْي يه‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫يإمرار ا ْلي يد ع َََل ْ ي‬
‫اجل َسد كَا ْل ُو ُضوء ‪ ،‬ألَ َّن َما َو َص َل يإ َل ْيه املَْا ُء َس َق َط َف ْر ُض ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ َ‬
‫استيئ َْج َار َم ْن ُي يم ُّر املَْا َء ع َََل َج َس يد يه ‪َ ،‬وإي ْن‬ ‫ب ع َََل ْاألَ ْق َط يع ْ‬ ‫وج ُ‬ ‫اك لي َع ْج يز يه يألَ َّن ماليكًا ُي ي‬
‫َ‬ ‫ا ْل َيدُ ‪َ ،‬و َل ْي َس َي ْس ُق ُط َعنْ ُه َذ َ‬
‫ور ََل َي يص ُل إي َل َمجيي يع ا ْل ُع ْض يو إي ََّل بيإي ْم َر ٍار ‪َ ،‬و َل ْي َس ك ََذلي َك املَْا ُء لي ُو ُصولي يه إي َل ْي يه‬ ‫ك َ ي‬
‫َان عَاجزً ا ‪َ ،‬و َأ َّما ال َّت َي ُّم ُم َف ُه َو َم ْذ ُر ٌ‬
‫‪2‬‬
‫بي َج َر َياني يه‪.‬‬

‫احلن يَف َّية عن املالك‪:‬‬


‫أجاب ْ َ‬
‫( َقو ُله ‪ََ :‬ل د ْل َكه ) َأي ََل ي ْف َُت ُض د ْل ُك بدَ ني يه يِف ا ْلغُس يل ‪ ،‬و َقدْ َت َقدَّ م َأ َّنه إمرار ا ْلي يد ع َََل ْاألَع َْض ي‬
‫اء‬ ‫َ ُ َْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ ْ ُ َ‬ ‫ْ ُ‬
‫اض املَْا َء َف َو َص َل َإل َمجيي يع َبدَ ني يه ‪َ ،‬و ََل ْ َي َم َّس ُه بي َي يد يه َأ ْجزَ َأ ُه غ َْس ُل ُه َوك ََذا ُو ُضو ُء ُه َق َال الن ََّو يو ُّي َوبي يه‬ ‫املَْغ ُْسو َل ية ‪َ ،‬ف َل ْو َأ َف َ‬
‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫َش َطا ُه يِف ص َّحة ا ْلغ ُْس يل َوا ْل ُو ُضوء َو ْ‬
‫احت ََّجا يب َأ َّن ا ْلغ ُْس َل ُه َو إ ْم َر ُار‬ ‫َق َال ا ْل ُع َل َام ُء كَا َّف ًة َّإَل َمالكًا َوا ُْملزَ ِّين َفإ ََّنُ َام َ َ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي ٍ‬ ‫ي‬
‫ف َأ ْي ًضا َق َال َو َك َأ َّن َو ْج َه ُه‬ ‫وس َ‬‫ا ْل َيد َو ََل ُي َق ُال ل َواقف يِف املَْ َط ير ا ْغت ََس َل َونُق َل يِف َف ْتحي ا ْل َقد يير َأ َّن ُه ير َوا َي ٌة َع ْن َأ ييب ُي ُ‬
‫ري إما يِف ا ْل يفع يل نَحو حو ْلت و َطو ْفت َأو يِف ا ْل َف ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي ي‬
‫ت‬ ‫اع يل ن َْح ُو َم َّو َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ ْ َ َ َّ‬ ‫وص صيغَة ا َّط َّه ُروا ‪َ ،‬فإي َّن َف َّع َل لل َّتكْث ي َّ‬ ‫ُخ ُص ُ‬
‫احدَ ٍة َم َّو َّ‬
‫ت‬ ‫اع يل َف َال ي َق ُال يِف َش ٍاة و ي‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ول نَحو { و َغ َّل َق ْت ْاألَبواب } وال َّث ياين يستَدْ يعي َك ْثر َة ا ْل َف ي‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫اإلبي َل َأ ْو يِف املَْ ْف ُع ي ْ‬ ‫ْي‬

‫ني َك ْث َر ُة ا ْل يف ْع يل ‪َ ،‬و ُه َو‬


‫اح ٍد َغ َّل ْقته َوإي ْن َغ َّل َق ُه يم َر ًارا ك ََام يق َيل َف َت َع َّ َ‬
‫اب و ي‬
‫ول َف َال ُي َق ُال يِف َب ٍ َ‬ ‫َوال َّثالي ُث َك ْثر ُة املَْ ْف ُع ي‬
‫َ‬
‫ون ُهنَا َأ َّن املَْ ْأم ي‬ ‫ب َعنْ ُه َو َا َّل يذي َذك ََر ُه َّ‬ ‫ي‬
‫ف‬ ‫َّص ُه َو ال َّت ْط يه ُري ‪َ ،‬و ََل َيت ََو َّق ُ‬ ‫ور بيه يِف الن ِّ‬ ‫ُ َ‬ ‫الش يار ُح َ‬ ‫بيالدَّ ْلك ا هـ َو ََل ْ َُيي ْ‬
‫َيت َُّج { بي َق ْولي يه َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه‬ ‫َّص ‪َ ،‬و ُه َو ن َْس ٌخ َو َذك ََر الن ََّو يو ُّي َأ َّن ُه ُ ْ‬ ‫َش َط ُه َف َقدْ زَ ا َد يِف الن ِّ‬
‫ي‬
‫َذل َك ع َََل الدَّ ْلك َف َم ْن َ َ‬
‫ي‬

‫‪ 1‬املجموع َشح املهذب(‪)2\186‬‬


‫‪ 2‬احلاوى الكبري (‪)1\393‬‬
‫ي‬ ‫يض اَّللَُّ َعنْه َفإي َذا َو َجدْ ت املَْا َء َف َأ يم َّس ُه يج ْلدَ ك } َو ََل ْ َي ْأ ُم ْر ُه بي يز َيا َد ٍة ‪َ ،‬و ُه َو َح يد ٌ‬‫ي‬ ‫ي‬
‫يح‬
‫يث َصح ٌ‬ ‫َو َس َّل َم ألَ ييب َذ ٍّر َر َ‬
‫اض ُة غ ُْس ًال ََمْن ٌ‬
‫ُوع ا هـ ‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫َو َق ْو ُُل ُ ْم ََل ت َُس َّمى ْ ي‬
‫اإل َف َ‬

‫إختيار الكاتب‬

‫قد استظهرت املناقشة السابقة أن منشأ اخلالف ِف تعريف الغسل و األدلة و لكن األدلة كالُها‬
‫صحيح ‪ .‬قلت‪ :‬الدلك ليس بفرض ألن دليل املالكي(فإذا وجدت املاء فأمسه جلدك) َليدل إل‬
‫الواجب وَل يأمره بزيادة فلذلك أميل إل القول األول‪.‬‬

‫املراجع‬

‫‪ .1‬املرصي‪ ,‬زين الدين بن حممد بن إبراهيم النجي ‪,‬م بحر الرائق‬


‫ي الذخرية‬
‫ِف أبو عباس شهاب الدين أْحد بن إدريس بن عبد الرْحان املالك ‪,‬‬
‫‪ .2‬القرا ‪,‬‬
‫ين أبو حممد عبد اَّلل بن أيب زي ‪,‬د الفواكه الدواين عَل رسالة ابن ايب زيد‬
‫‪ .3‬القريوا ‪,‬‬

‫فصل ِف خروج املني‬

‫اإلعداد ‪ :‬حممد فالق احلب و النوى‬

‫‪ 1‬بحر الرائق (‪)1\180-181‬‬


‫املقدمة‬
‫احلمد َّلل الذي خلق اإلنسان و سائر األجسام املعلم األنام ما َل يعلم و الصالة و السالم عَل‬
‫سيد األنام حممد صَل اَّلل عليه وآله وصحبه و سلم املتصفون بالكامل و التامم‪ .‬أما بعد فهذه ورقات قليلة‬
‫ِف البحث عن اَلختالف بني األئمة األربعة ِف وجوب الغسل ب سبب خروج املني قابلة َلنتقاد من كل‬
‫من ينتقد ِف هذا املجال‪.‬‬

‫املسئلة‬
‫أمجع العلامء عَل وجوب الغسل بخروج املنى ‪ ,‬واختلفوا ِف اشُتاط الدفق و الشهوة عَل قوَلن‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫األقوال‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬قال الشافعي َل فرق عندنا بني خروجه بجامع أو احتالم أو استمناء أو نظر أو‬
‫بغري سبب سواء خرج بشهوة أو غريها وسواء تلذذ بخروجه أم َل وسواء خرج كثريا أو يسريا ولو بعض‬
‫قطرة وسواء خرج ِف النوم أو اليقظة من الرجل واملرأة العاقل واملجنون فكل ذلك يوجب الغسل عندنا‪.‬‬

‫القوا الثاين‪ :‬قال أبو حنيفة ومالك واْحد َل َيب اَل إذا خرج بشهوة ودفق‪.‬‬

‫األدلة‪.‬‬

‫دليل القول األول ‪ :‬اَلحاديث الصحيحة املطلقة كحديث (املاء من املاء) ‪-‬حديث أيب سعيد‬
‫صحيح رواه مسلم من طريقني لفظه فيهام (انام املاء من املاء) ورواه البيهقى وغريه (املاء من املاء) ‪-‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫وخرب الصحيحني عن أم سلمة قالت‪{ :‬جاءت أم سليم إل رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم فقالت‪ :‬إن اَّلل‬
‫َل يستحيي من احلق هل عَل املرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال‪ :‬نعم إذا رأت املاء} وبالقياس عيل‬
‫‪4‬‬

‫ايالج احلشفة فانه َلفرق فيه‪.‬‬

‫دليل القول الثاين ‪ :‬أن األمر بالتطهري يتناول اجلنب لقوله تعال { َوإي ْن ُكنْت ُْم ُجنُ ًبا َفا َّط َّه ُروا }‬
‫(سورة املائدة‪)6-‬واجلنب ِف اللغة من خرج منه املني عَل وجه الشهوة ‪ ،‬يقال أجنب الرجل ‪ :‬إذا قض‬

‫‪ 1‬النووي‪،‬اَلمام ايب زكريا حمي الدين بن َشف‪ ،‬املجموع َشح املهذب‬


‫‪ 2‬مسلم‪،‬صحيح مسلم‪،‬رقم ‪343‬‬
‫‪ 3‬البيهقي‪ ،‬السنن الكربى‪ ،‬رقم ‪787‬‬
‫‪ 4‬البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬رقم ‪3328‬‬
‫شهوته من املرأة ‪ ،‬فاألمر بالتطهري يتناول من خرج منه املني عَل وجه الشهوة ‪ ،‬وغريه ليس ِف معناه فال‬
‫اذ ًفا َف َال َت ْغت يَس ْل }‬
‫يقاس عليه وَل يلحق به ‪ .‬وقال عليه السالم { إ َذا ح َذ ْفت املَْاء َفا ْغت يَس ْل وإي ْن ََل َت ُكن ح ي‬
‫َ ْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪1‬‬

‫فاعترب احلذف وهو َل يكون إَل بالشهوة‪ .‬و القياس عَل املذي لعدم الدفق‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫املناقشة‪.‬‬

‫مناقشة القول األول‪:‬‬

‫وروت عائشة وأم سلمة‪ :‬أن النبي ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ -‬كان يصبح جنبا من مجاع‬
‫َل من احتالم‪ ،‬ومن احتالم َل من مجاع‪ ،‬فيغتسل ويتم صومه‪ .‬وقال أبو حنيفة‪َ :‬ل َيب الغسل من املني‬
‫حتى خيرج دافقا للشهوة وَل َيب إن كان يسريا أو لغري شهوة إحلاقا باملذي‪ ،‬وهذا خطأ ملا ذكرناه من‬
‫عموم اخلربين‪ ،‬وألن ما أوجب اَلغتسال إذا كان لشهوة‪ ،‬أوجبه إذا كان لغري شهوة‪ ،‬كالتقاء اخلتانني‪،‬‬
‫وألنه إنزال مني فأوجب اَلغتسال كاَلحتالم‪.‬‬

‫وأما املرأة فقد روى الشافعي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب ابنة أيب سلمة أن‬
‫أم سليم قالت‪ " :‬يا رسول اَّلل إن اَّلل َل يستحي من احلق هل عَل املرأة غسل إذا هي احتلمت "؟‬
‫فقال ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ " :-‬نعم إذا رأت املاء "‪ .‬فأما املذي فهو أبيض رقيق َل يندفق جاريا‬
‫كاملني‪ ،‬ولكن خيرج قطرة بعد قطرة عند حدوث الشهوة‪ ،‬وهو نجس يوجب الوضوء دون الغسل‪.‬‬
‫روى حصني بن قبيصة عن عيل ريض اَّلل عنه قال‪ :‬كنت رجال مذاء فجعلت أغتسل حتى تشقق‬
‫ظهري قال‪ :‬فذكرت ذلك للنبي ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ -‬أو ذكر ذلك له فقال رسول اَّلل ‪ -‬صَل اَّلل‬
‫عليه وسلم ‪َ :-‬ل تفعل إذا رأيت املذي فاغسل ذكرك وتوضأ وضوءك للصالة فإذا نضحت املاء‬
‫فاغتسل ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫وَليصح قياسهم عيل املذى َلنه ِف مقابلة النص وَلنه ليس كاملني‪ :‬وحكي صاحب البيان عن‬
‫النخعي انه قال َل َيب عَل املرأة الغسل بخروج املنى وَل اظن هذا يصح عنه فان صح عنه فهو‬

‫‪ 1‬احلنفي‪ ،‬حممد بن أْحد‪ ،‬العناية َشح البداية‬


‫الزيلعي‪ ،‬عثامن بن عيل بن حمجن البارعي فخر الدين‪،‬تبيني احلقائق َشح كنز الدقائق‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 3‬النووي‪،‬اَلمام ايب زكريا حمي الدين بن َشف‪ ،‬املجموع َشح املهذب‬


‫‪ 4‬املاوردي‪ ،‬احلاوي الكبري احلديث رواه أبو داود ِف كتاب الطهارة باب ‪ .82‬النسائي ِف كتاب الطهارة باب ‪ .129‬أْحد ِف‬
‫مسنده "‪125/1‬‬
‫حمجوج بحديث ام سلمة وقد نقل أبو جعفر حممد بن جرير الطربي امجاع املسلمني عَل وجوب‬
‫الغسل بانزال املنى من الرجل واملرأة‪ .‬وأما األخبار الدالة عَل اعتبار اإلنزال كخرب إنام املاء من املاء‬
‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫فمنسوخة وأجاب ابن عباس بأن معناه أنه َل َيب الغسل باَلحتالم إَل أن ينزل‬

‫مناقشة القول الثاين‪:‬‬

‫فإن قيل‪ :‬فقد قال عليه السالم‪( :‬املاء من املاء)‪ ،‬فأوجب الغسل من خروج املاء فهو‬
‫عموم‪.‬وسألته عليه السالم أم سليم عن املرأة ترى املاء ِف نومها‪ .‬فقال‪( :‬إذا رأت املاء اغتسلت)‪ ،‬وَل‬
‫خيص ما تقارنه اللذة من غريه‪ .‬قيل‪ :‬أما قوله‪( :‬املاء من املاء) فعنه جوابان‪:‬أحدُها‪ :‬أنه من قول األنصار‬
‫َل من قول النبي عليه السالم؛ بدليل ما روي عن عمر ريض اَّلل عنه أنه سأل األنصار عن ذلك‪ .‬قالوا‪:‬‬
‫كنا نقول ذلك ِف بدء اإلسالم‪ .‬فقال ُلم عمر‪ :‬أسمعتم ذلك من رسول اَّلل َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم وأنه‬
‫فرضه من احلكم؟‪ .‬فقالوا‪َ :‬ل‪ .‬فقال‪ :‬فال إذن‪.‬‬

‫واجلواب اْلخر‪ :‬وهو أن إطالق اسم املاء َل يتناول املني؛ ألن اسم املني أخص به‪ ،‬وإنام يتناوله اسم‬
‫املاء ُمازا‪ ،‬واللفظ حممول عَل احلقيقة دون املجاز‪ ،‬فيجب أن يرجع إل معناه دون احلكم بظاهره‪،‬‬
‫ومعنى ما قالت األنصار‪ :‬املاء من املاء بمعنى أن اَلغتسال من اإلنزال‪ ،‬واإلنزال َل يطلق فيام خرج‬
‫عَل غري وجه اللذة والدفق‪ ،‬وكالم النبي عليه السالم يتوجه إل ما خرج عَل العادة‪ ،‬وكذلك خرج‬
‫كالمه ِف سائر األحداث التي هي معتادة‪ ،‬كام حكم ِف احليض وغريه‪ ،‬ثم ملا سئل عام خرج عن العادة‬
‫من دم اَلستحاضة فرق بينه وبني دم احليض ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫قال أصحابنا‪ :‬إذا خرج املني عَل غري وجه الدفق والشهوة‪َ ،‬ل َيب الغسل خال ًفا‬
‫للشافعي ألنه خارج عَل غري وجه الدفق والشهوة‪ ،‬فلم يتعلق بخروجه جنابة‪ ،‬كاملذي‪ .‬وقوُلم‪ :‬إن‬
‫قولكم جنابة احُتازكم عن احليض‪ ،‬وإَل فالغسل من اجلنابة واحليض سواء‪ ،‬غري صحيح؛ ألن قولنا‪:‬‬
‫جنابة عبارة عن حدث َل يمنع وجوب الصالة ويؤثر ِف املنع من الوطء‪ ،‬وألن خروج املني عَل وجه‬
‫الدفق والشهوة أعَل أحواله‪ ،‬وهو املعتاد‪ ،‬وخروجه عَل غري وجه الدفق أدنى أحواله‪ ،‬وهو النادر‪ ،‬فلم‬

‫‪ 1‬النووي‪،‬اَلمام ايب زكريا حمي الدين بن َشف‪ ،‬املجموع َشح املهذب‬


‫‪ 2‬الرشبيني‪،‬شمس الدين حممد بن أْحد اخلطيب‪ ،‬اإلقناع‬
‫‪ 3‬ابن القصار‪ ،‬عيون األدلة ِف مسائل اخلالف بني علامء األمصار‬
‫يتعلق باألدنى منه ما يتعلق باألعَل‪ ،‬كدم احليض واَلستحاضة‪ ،‬وألنه خارج َل َيب به املضمضة فلم‬
‫َيب به الغسل‪ ،‬كاليدين‪.‬‬

‫احتجوا‪ :‬بقوله ‪ -‬عليه السالم ‪(( :-‬املاء من املاء))‪.‬‬

‫اجلواب‪ :‬أن هذا اخلرب َل يثبت عن النبي ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ ،-‬وإنام هو من قول األنصار‪ ،‬فلو ثبت‬
‫كان معناه‪ :‬اَلغتسال من اإلنزال‪.‬‬

‫وَل يقال إنزال إَل فيام استحدثه اإلنسان‪ ،‬وذلك َل يوجد فيام اختلفنا فيه‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬إنزال يوجب أن يتعلق به اَلغتسال‪ ،‬كام لو كان للشهوة‪.‬‬

‫قلنا‪َ :‬ل نسلم أنه إنزال‪ ،‬وألن املعنى فيام كان لشهوة أنه خرج عَل أعَل أحواله‪ ،‬فتعلق به أعَل‬
‫الطهارة‪ ،‬كدم احليض‪ ،‬وهذا خرج عَل أدنى األحوال‪ ،‬فلم يتعلق به أعَل الطهارة‪ ،‬كدم اَلستحاضة‬

‫قالوا‪ :‬ما أوجب اَلغتسال إذا كان للشهوة فإنه يوجبه إذا كان لغري الشهوة‪ ،‬كالتقاء اخلتانني‪.‬‬

‫قلنا‪ :‬املوجب له اإلنزال للشهوة‪ ،‬وذلك َل يتصور ملا كان لغري الشهوة؛ ألن ما خيرج من غري سبب منه َل‬
‫يقال له إنزال‪ ،‬فال يصح ما قالوه‪ ،‬وألن التقاء اخلتانني َل يكون إَل مع اَلنتشار‪ ،‬وما حصل من غري‬
‫انتشار؛ فال يعرف وجوب الغسل منه‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬املني إذا خرج من النائم أوجب الغسل وإن َل يعلم خروجه عَل وجه الشهوة‪.‬‬

‫قلنا‪ :‬القياس أن َل يوجب الغسل ِبذا‪ ،‬وإنام استحسنوا ألن الظاهر خروج املني باَلحتالم‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وخروجه من غري احتالم ليس بظاهر‪ ،‬فحمل عَل األغلب احتيا ًطا‬

‫وَليصح قياسهم عيل املذى َلنه ِف مقابلة النص وَلنه ليس كاملني‪ :‬وحكي صاحب البيان عن‬
‫النخعي انه قال َل َيب عَل املرأة الغسل بخروج املنى وَل اظن هذا يصح عنه فان صح عنه فهو‬
‫حمجوج بحديث ام سلمة وقد نقل أبو جعفر حممد بن جرير الطربي امجاع املسلمني عَل وجوب‬
‫‪2‬‬
‫الغسل بانزال املنى من الرجل واملرأة‪.‬‬

‫القدوري‪ ،‬التجريد‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬النووي‪،‬اَلمام ايب زكريا حمي الدين بن َشف‪ ،‬املجموع َشح املهذب‬


‫‪ ،‬وِف الغاية ذكر أن ما ذكرناه مقيد وحديث { املَْاء يمن املَْ ي‬
‫اء } مطلق فيحمل املطلق عَل املقيد ِف‬ ‫ُ ْ‬
‫حادثة واحدة عندنا واحلديث حممول عَل خروج املني عن شهوة ‪ .‬ولنا أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫وصف املني املوجب بانه غليظ أبيض وقال لعَل " إذا فضخت املني فاغتسل " رواه أبو داود والفضخ‬
‫خروجه عَل وجه الشدة‪ ،‬وقال ابراهيم احلربى بالعجلة وقوله عليه السالم " إذا رأت املاء " يعني ِف‬
‫اَلحتالم وانام خيرج ِف اَلحتالم لشهوة واحلديث اْلخر منسوخ ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫سبب اخلالف‬
‫وسبب اختالفهم ِف ذلك هو شيئان‪:‬‬
‫أحدُها هل اسم اجلنب ينطلق عَل الذي أجنب عَل اجلهة غري املعتادة أم ليس ينطلق عليه؟‬
‫فمن رأى أنه إنام ينطلق عَل الذي أجنب عَل طريق العادة‪َ ،‬ل يوجب الطهر ِف خروجه من غري لذة‪ ،‬ومن‬
‫رأى أنه ينطلق عَل خروج املني كيفام خرج أوجب منه الطهر وإن َل خيرج مع لذة‪.‬‬
‫والسبب الثاين‪ :‬تشبيه خروجه بغري لذة بدم اَلستحاضة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫واختالفهم ِف خروج الدم عَل جهة اَلستحاضة هل يوجب طهرا‪ ،‬أم ليس يوجبه؟‬

‫املختار‬
‫و احلاصل أن املختار عندنا ما ذهب إليه الشافعية ألنه قد اتفق األئمة األربع عَل أن اجلامع‬
‫يوجب الغسل مطلقا فكذلك اإلنزال يوجب الغسل و ألن الدليل املعترب عند غري الشافعي َل ينقض‬
‫قول الشافعي ألنه قد َيمل عَل ما ذهب إليه واَّلل أعلم‪.‬‬

‫املراجع‬
‫املقديس‪ ،‬عبد الرْحن بن حممد بن أْحد بن قدامة‪ ،‬الرشح الكبري عَل املقنع‬ ‫‪.1‬‬
‫الزيلعي‪ ،‬عثامن بن عيل بن حمجن البارعي فخر الدين‪،‬تبيني احلقائق َشح كنز الدقائق‬ ‫‪.2‬‬
‫الرشبيني‪،‬شمس الدين حممد بن أْحد اخلطيب‪ ،‬اإلقناع‬ ‫‪.3‬‬

‫الزيلعي‪ ،‬عثامن بن عيل بن حمجن البارعي فخر الدين‪،‬تبيني احلقائق َشح كنز الدقائق‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬الكاساين ‪ ،‬عالء الدين ‪،‬بدائع الصنائع ِف ترتيب الرشائع‬


‫‪ 3‬املقديس‪ ،‬عبد الرْحن بن حممد بن أْحد بن قدامة‪ ،‬الرشح الكبري عَل املقنع‬
‫‪ 4‬ابن رشد‪ ،‬بداية املجتهد‬
‫ابن القصار‪ ،‬عيون األدلة ِف مسائل اخلالف بني علامء األمصار‬ ‫‪.4‬‬
‫القدوري‪،‬أْحد بن حممد بن أْحد بن جعفر بن ْحدان‪ ،‬التجريد‬ ‫‪.5‬‬
‫اختالف املذاهب ِف نجاسة الكلب‬

‫اإلعداد ‪ :‬حممد فاضل الغفاري‬

‫مرشد ‪ :‬حممد فطاين اكرب ثاين‬

‫َتصص فقه و اصوله‬

‫املعهد العايل املعهد اَلسالمي النور "الثاين" املرتض‬

‫بولوَلوانج ماَلنج‬

‫‪2021‬‬
‫((املقدمة))‬

‫ني والصالة والسالم عيل اَشف املرسلني نبينا حممد وعَل اله‬
‫بسم اَّلل الرْحن الرحي ‪,‬م احلمد اَّلل رب العامل ‪,‬‬
‫وصحبه امجعني‪.‬‬

‫وبعد ‪:‬‬

‫لقد صنفت التقرير بموضوع "اختالف املذاهب ِف نجاسة الكلب" َلين ارجو ان افهمكم عيل معرفة‬
‫اَلحكام واَلختالف بني املذاهب ِف مسئلة نجاسة الكلب‪.‬‬

‫((اَلختالف))‬

‫امجع الفقهاء بان حلم اخلنزير نجس وان كان بذبحه َشعا‪ .‬واختلف الفقهاء عن حكم نجاسة الكلب ‪:‬‬

‫القول اَلول ‪ :‬قال الشافعية واحلنابلة "الكلب واخلنزير وما تولد منهام من الفروع وسؤره وعرقه نجس‬
‫‪1‬‬
‫ويغسل ما تنجس منه سبع مرات احداهن بالُتاب"‪.‬‬

‫القول الثاين ‪ :‬اَلصح عند احلنفية ان الكلب ليس بنجس العني‪ .‬وفم الكلب وحده او لعابه ورجيعه هو‬
‫‪2‬‬
‫النجس‪ ،‬فال يقاس عليه بقية جسمه"‪.‬‬

‫القول الثالث ‪ :‬قال امللكية "الكلب مطلقا سواء أكان مأذونا ِف انخاذه ككلب احلراسة واملاشية ام َل‬
‫طاهر‪ ,‬والولوغ َل غريه كام لو ادخل رجله او لسانه بال َتريك او سقط لعابه هو الذي يغسل من اجله‬
‫‪3‬‬
‫تعبدا سبع مرات اوُلن بالُتاب عَل املشهور عندهم "‪.‬‬

‫((اَلدلة))‬

‫ادلة القول اَلول ‪:‬‬

‫‪ 1‬الرشبني ‪ ,‬مغني املحناج ‪ ،1/124‬دار الكتب العلمية‪ ،‬البهوِت‪ ،‬كشاف القناع ‪ ،1/ 427‬وزارة العدل ِف اململكة العربية‬
‫السعودية ‪ ،‬ابن قدامة‪ ،‬املغني ‪ ،1/74‬دار الفكر‬
‫‪ 2‬موسوعة الفقه اَلسالمي والقضاي املعارضة ‪ ،1/262‬دار الفكر‬
‫‪ 3‬موسوعة الفقه اَلسالمي والقضاي املعارضة ‪ ،1/262‬دار الفكر‬
‫ملا روى أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم (دعى أل دار فأجاب ودعى إل دار فلم َيب فقيل له ِف‬ ‫أ‪.‬‬

‫ذلك فقال ان ِف دار فالن كلبا فقيل له وىف دار فالن هرة فقال اُلرة ليست بنجسة) فدل عيل أن‬
‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫الكلب نجس‪.‬‬
‫واحتج اصحابنا بحديث أبى هريرة ريض اَّلل عنه أن رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم قال (إذا ولغ‬ ‫ب‪.‬‬

‫الكلب ِف اناء أحدكم فلريقه ثم ليغسله سبع مرات) رواه مسلم وعن أيب هريرة أيضا قال قال‬
‫‪3‬‬

‫رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم (طهور اناء احدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أو‬
‫َلهن بالُتاب) رواه مسلم وىف رواية له (طهر أناء احدكم إذا ولغ الكلب فيه ان يغسل سبع‬ ‫‪4‬‬

‫مرات) والدَللة من احلديث اَلول ظاهرة َلنه لو َل يكن نجسا ملا أمر باراقته َلنه يكون حينئذ‬ ‫‪5‬‬

‫اتالف مال وقد َنينا عن اضاعة املال والدَللة من احلديث الثاين ظاهرة أيضا فان الطهارة تكون‬
‫من حدث أو نجس وقد تعذر احلمل هنا عيل طهارة احلدث فتعينت طهارة النجس ‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫اذا ثبتت نجاسة فم الكلب بنص احلديث السابق ((طهور اناء احدكم‪ ))....‬والفم اطيب‬ ‫ج‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫اجزائه‪،‬لكثرة ما يلهث‪،‬فبقيته اول‪.‬‬
‫والدليل عَل نجاسته ما روي عن النبي صَل اَّلل عليه وسلم أنه قال ‪ " :‬إن اَّلل تعال حرم الكلب‬ ‫د‪.‬‬

‫وحرم ثمنه وحرم اخلمر وحرم ثمنها " فاقتض أن يكون التحريم ِف مجيعه عاما‪.‬‬

‫‪ 1‬لفظ احلديث " عن ايب هريرة قال‪ :‬كان النبي ﷺ يأِت دار قوم من اَلنصار ودوَنم دار قوم من اَلنصار ودوَنم دا ‪,‬ر فشق‬
‫ذلك عليه ‪,‬م فقالوا ‪ :‬يا رسول اَّلل سبحان اَّلل تأِت دارفالن وَل تأِت دارن ‪,‬ا فقال النبي ﷺ ألن ِف داركم كلب ‪,‬ا قالوا فان ِف‬
‫دارهم سنور ‪,‬ا فقال النبي ﷺ ان السنور سبع" اخرجه اْحد (‪)8432‬‬
‫‪ 2‬النواوي‪ ،‬املجموع َشح املهذب ‪ ,3 : 550‬داراحلديث‬
‫‪ 3‬رواه مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الطهارة باب حكم ولوغ الكلب (رقم ‪)89( )279 :‬‬
‫‪ 4‬رواه مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الطهارة باب حكم ولوغ الكلب (رقم ‪ )91( )279 :‬وابو داود (‪ , )71‬والُتمذي‬
‫(‪ , )91‬والنسائي ِف "الصغري" (‪ِ , )66‬ف الطهارة خمترصا و (‪ 338‬و ‪ِ )339‬ف املياه‬
‫‪ 5‬رواه اْحذ‪ ،‬مسند أْحد بن حنبل‪ ،‬باب مسند أيب هريرة ريض اَّلل عنه (رقم‪)8133 :‬‬

‫‪ 6‬النواوي‪ ،‬املجموع َشح املهذب ‪ , 3 : 551‬داراحلديث‬


‫‪ 7‬موسوعة الفقه اَلسالمي والقضاي املعارضة ‪ ,1 : 263‬دار الفكر‬
‫وروى مطرف عن ابن املغفل أن رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم أمر بقتل الكالب ثم قال ‪ :‬ما‬
‫‪1‬‬
‫ه‪.‬‬

‫ُلم وُلا فرخص ِف كلب الصيد وكلب الغنم فلام أمر بقتلها واجتناِبا ‪ ،‬ورخص ِف اَلنتفاع‬
‫‪2‬‬
‫ببعضها كان ذلك داَل عَل نجاستها‪.‬‬
‫وروى ابن سريين عن أيب هريرة أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم قال ‪ " :‬طهور إناء أحدكم إذا ولغ‬ ‫و‪.‬‬

‫فيه الكلب أن يغسل سبع مرات األول بالُتاب " وحدوث الطهارة ِف الَّشء إنام تكون بعد‬
‫‪3‬‬

‫‪4‬‬
‫تقديم نجاسة‪.‬‬

‫ادلة القول الثاين ‪:‬‬

‫إنه طاهر عدا لعابه‪ ،‬فإنه نجس دون سائر بدنه‪ ،‬وذلك ألن األصل ِف األعيان الطهارة‪ ،‬فال َيوز‬ ‫أ‪.‬‬

‫تنجيس يشء وَل َتريمه إَل بدليل‪ .‬وَل يأت ما يدل عَل نجاسة يشء من الكلب‪ ،‬إَل ما رواه أبو‬
‫هريرة عن النبي صَل اَّلل عليه و سلم أنه قال ‪( :‬إذا َشب الكلب ِف إناء أحدكم فليغسله‬
‫سب ًعا (‪ )129‬وزاد مسلم ‪( :‬أوَله ّن بالُتاب) (‪ .)130‬فدل احلديث عَل نجاسة لعاب الكلب‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬

‫وفمه‪ ،‬إذ هو حمل استعامل النجاسات بحسب األغلب‪ ،‬ومكان اللهاث(‪ )131‬يتنجس باللعاب‬
‫‪7‬‬
‫دون سائر بدنه‪ ،‬وأنه يغسل اإلناء سب ًعا‬
‫وإنا نحتج بقوله عليه السالم‪« :‬يغسل اإلناء من ولوغ الكلب ثالث ًا» وهذا أمر بصيغة اجلرب‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫ب‪.‬‬

‫وعن رسول اَّلل عليه السالم «أنه أمر بغسل اإلناء من ولوغ الكلب ثالث ًا» واألمر بغسل اإلناء َل‬
‫‪9‬‬

‫يث َعبْ يد اَّللي ْب ين ُم َغ َّف ٍل املُْزَ ي ِّين ‪( ،‬رقم‪)16792 :‬‬


‫‪ 1‬رواه اْحد‪ ،‬مسند اإلمام أْحد بن حنبل‪ ،‬باب َح يد ُ‬
‫‪ 2‬موسوعة الفقه اَلسالمي والقضاي املعارضة ‪ ,1 : 263‬دار الفكر‬
‫‪ 3‬رواه مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الطهارة باب حكم ولوغ الكلب (رقم ‪)91( )279 :‬‬
‫‪ 4‬املاوردي‪ ،‬احلاوي الكبري ‪ ،1 / 304‬دار الكتب العلمية‬
‫ي كتاب الوضو ‪,‬ء باب املاء الذي يغسل به شعر اإلنسان (رقم‪)170 :‬‬
‫‪ 5‬رواه البخاري‪ ,‬صحيح البخار ‪,‬‬
‫‪ 6‬رواه مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الطهارة باب حكم ولوغ الكلب (رقم ‪)91()279 :‬‬
‫‪7‬الشحود‪ ،‬اخلالصة ِف فقه األقليات ‪1 /241‬‬
‫اإلن ي‬
‫َاء َأ َّن ُه َيغ يْس ُل ُه َثالَ ًثا َأ ْو َمخ ًْسا َأ ْو َسبْ ًعا” رواه‬ ‫ب َيليغُ يِف ي‬
‫َن النَّبي ِّي صَل اَّلل عليه وسلم يِف ا ْل َك ْل ي‬
‫‪ 8‬لفظ احلديث " َع ْن َأ ييب ُه َر ْي َر َة ع ي‬

‫الدارقطني‪ ،‬سنن الدارقطني (رقم‪.)193 :‬‬


‫َث مر ٍ‬ ‫ي‬ ‫اء َعن َأ ييب هرير َة َق َال إي َذا و َل َغ ا ْل َك ْلب يِف ا ي ي‬
‫ك َعن َع َط ٍ‬
‫‪ 9‬لفظ احلديث "حدَّ َثنَا َعبدُ املَْلي ي‬
‫ات"‬ ‫إلنَاء َف َأ ْه ير ْق ُه ‪ُ ،‬ث َّم اغْس ْل ُه َثال َ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫رواه الدارقطني‪ ،‬سنن الدارقطني (رقم‪.)196 :‬‬
‫يكون تعبد ًا؛ ألن غسل الظروف َل تعد قربة فيدل ذلك عَل تنجسه‪ ،‬وإنام تنجس اإلناء بولوغه‬
‫‪1‬‬
‫َجس ًا وإنام يكون لعابه نجس ًا إذا كان حلمه نجس ًا‬
‫إذا كان لعابه ن َ‬

‫ادلة القول الثالث ‪:‬‬

‫واحتج ُلم بقول اَّلل تعال (فكلوا َما أمسكن عليكم) (املائدة ‪ )5 : 4‬وَل يذكر غسل موضع‬ ‫أ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫امساكها‬
‫وبحديث ابن عمر ريض اَّلل عنهام قال (كانت الكالب تقبل وتدبر ِف املسجد ِف زمن رسول اَّلل‬ ‫ب‪.‬‬
‫صلياَّلل عليه وسلم فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك( ‪ .‬ذكره البخاري ِف صحيحه فقال وقال‬
‫‪3‬‬

‫اْحد بن شبيب حدثنا أبى إل آخر اَلسناد واملتن وأْحد هذا شيخه ومثل هذه العبارة حممول عيل‬
‫اَلتصال وان البخاري رواه عنه كام هو معروف عند أهل هذا الفن وذلك واضح ِف علوم‬
‫احلديث وروى البيهقي وغريه هذا احلديث متصال وقال فيه (وكانت الكالب تقبل وتدبر ِف‬
‫‪5 4‬‬
‫املسجد فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك)‬
‫قوله تعال‪{ :‬هو الذي خلق لكم ما ِف األرض مجيع ًا} (البقرة‪ )29 :‬أي خلق ملصاحلكم‬ ‫ج‪.‬‬
‫ومنافعكم‪ ،‬واَلنتفاع يكون بالطاهر (‪17‬ب‪َ )1‬ل بالنجس‪ ،‬والنص يفيد طهارة حلمه ولعابه‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫ومن رضورته طهارة سؤره‪.‬‬
‫رواية عطاء عن أيب هريرة أن رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم سئل عن احلياض التي بني مكة‬ ‫د‪.‬‬
‫واملدينة ‪ ،‬وقيل إن الكالب والسباع تلغ فيها فقال رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم ‪ُ " :‬لا ما ِف‬
‫بطوَنا ولنا ما بقي َشاب وطهور " فدل هذا احلديث عَل طهارة الكلب من وجهني‪ .‬أحدُها ‪:‬‬
‫‪7‬‬

‫أنه مجع بينه وبني السباع فلام كان السبع طاهرا كان ما مجع إليه ِف احلكم طاهرا ‪ .‬والثاين ‪ :‬أنه‬

‫‪1‬برهان الدين ‪ ،‬املحيط الربهاين ‪ 1, /143‬دار إحياء الُتاث العريب‬


‫‪ 2‬النواوي‪ ،‬املجموع َشح املهذب ‪ ,3 /551‬داراحلديث‬
‫‪ 3‬رواه البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الوضوء باب املاء الذي يغسل به شعر اإلنسان (رقم‪)172 :‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫رواه اْح ‪,‬د مسند اإلمام أْحد بن حنبل‪ ,‬باب ُم ْسنَدُ َعبْد اَّللي ْب ين ع َُم َر َر َ‬
‫يض اَّللُ َعنْ ُه َام (رقم‪)5389 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ 5‬النواوي‪ ،‬املجموع َشح املهذب ‪ ,3 /551‬داراحلديث‬


‫‪ 6‬برهان الدين‪ ،‬املحيط الربهاين ‪ 1, /128‬دار الكتب العلمية‬
‫ي سنن الدارقطنى‪ ،‬كتاب الطهارة (رقم‪)59 :‬‬
‫‪ 7‬رواه الدارقطن ‪,‬‬
‫جعل ما بقي من َشبه طهورا ‪ ،‬وقد يكون الباقي قليال ‪ ،‬ويكون الباقي كثريا ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وألنه‬
‫حيوان َيوز اَلصطياد به فوجب أن يكون طاهرا كالفهد ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وألنه ملا كان املوت علام عَل‬
‫‪1‬‬
‫النجاسة كانت احلياة علام عَل الطهارة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫القاعدة ان كل حي وما رشح منه طاهر‬ ‫ه‪.‬‬
‫اس ُة ع ي‬
‫َار َض ٌة ‪َ .‬فك ُُّل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يع َأ ْجزَ ياء األَ ْر ي‬
‫ض َو َما ت ََو َّلدَ من َْها َطاه ٌر ‪َ ,‬والن ََّج َ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫األَ ْص ُل يِف األَ ْش َياء ال َّط َه َار ُة ‪َ .‬ف َجم ُ‬ ‫و‪.‬‬
‫حي – و َلو َك ْلبا و يخنْ يزيرا ‪َ -‬ط ي‬
‫اه ٌر‬
‫‪3‬‬
‫ً‬ ‫َ ٍّ َ ْ ً َ‬

‫((املناقشة))‬

‫اجابة الشافعية عن ادلة املالكية ‪:‬‬

‫وأجاب اصحابنا ان احتجاجهم باْلية بان لنا خالفا معروفا ِف أنه َيب غسل ما اصابه الكلب ام‬ ‫أ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫َل فان َل نوجبه فهو معفو للحاجة واملشقة ِف غسله بخالف اَلناء‬

‫‪ 1‬املاوردي‪ ،‬احلاوي الكبري ‪ ،1 / 305‬دار الكتب العلمية‬


‫‪ 2‬اجلزيري‪ ،‬الفقه عَل املذاهب اَلربعة ‪ 12‬دار الكتب العلمية‬
‫‪ 3‬الصاوي‪ ،‬حاشية الصاوي عَل الرشح الصغري ‪ ،2 / 18‬مكتبة مصطفى البايب احللبي‬
‫‪ 4‬النووي‪ ،‬املجموع َشح املهذب ‪ ,3 / 552‬داراحلديث‬
‫واما اجلواب عن حديث ابن عمر فقال البيهقى ُميبا عنه امجع املسلمون عيل نجاسة بول الكلب‬ ‫ب‪.‬‬

‫ووجوب الرش عيل بول الصبى فالكلب أويل قال فكان حديث ابن عمر قبل اَلمر بالغسل من‬
‫‪1‬‬
‫ولوغ الكلب أو ان بوُلا خفى مكانه فمن تيقنه لزمه غسله‬
‫وأما استدَلُلم بأن احلياة علة الطهارة فغري صحيح ‪ :‬ألنه ملا كان ِف بعض األموات طاهرا جاز‬ ‫ج‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أن يكون ِف بعض األحياء نجسا‬
‫الر َوا َي َت ْ ي‬ ‫ي‬
‫ني َع ْن‬ ‫إحدَ ى ِّ‬ ‫ب غ َْس ُل ُه يِف َأ ْظ َه ير َق ْو َ ْيل ا ْل ُع َل َامء ‪َ ،‬و ُه َو ْ‬ ‫الص ْيدَ ‪ََ :‬ل َ ي‬
‫َي ْ‬ ‫ْ‬ ‫اب َّ‬ ‫ب إ َذا َأ َص َ‬ ‫ُل َعاب ا ْل َك ْل ي‬ ‫د‪.‬‬

‫ب يِف‬ ‫َأ ْْحَد؛ يألَ َّن النَّبي َّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ََل َي ْأ ُم ْر َأ َحدً ا بيغ َْس يل َذلي َك ‪َ ،‬ف َقدْ عفا َع ْن ُل َع ي‬
‫اب ا ْل َك ْل ي‬
‫ْ‬
‫اج ية ‪َ ،‬فدَ َّل ع َََل َأ َّن َّ‬
‫الش يار َع َراعَى َم ْص َل َح َة ا ْخلَ ْل يق‬ ‫احلاج ية ‪ ،‬و َأمر بيغَسلي يه يِف غ ي ي‬
‫َري َم ْوض يع ْ َ‬
‫احل َ‬ ‫ْ‬ ‫َم ْوض يع ْ َ َ َ َ َ ْ‬
‫ي‬

‫‪3‬‬
‫اجت َُه ْم‬
‫َو َح َ‬

‫اجابة الشافعية عن ادلة احلنفية ‪:‬‬

‫وقال أبو حنيفة نجاسته نجاسة حكم ‪ ،‬وليست عينه نجسة ‪ ،‬وهذا خطأ ‪ :‬ألن نجاسة احلكم هي‬ ‫أ‪.‬‬
‫التي َتال بتنجيس املحل عَل ما طرأ عليه من نجس ‪ ،‬وقد تزول عن املحل بعد أن نجس ‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫ونجاسة الكلب ليست لطرو نجاسة وَل تزول عنه بغسل النجاسة ‪ ،‬فدل عَل أن عينه نجسة‬
‫فإن قالوا َيمل أمره بالسبع عَل من غلب عَل ظنه ‪ ،‬أن نجاسة الولوغ َل تزول بأقل من سبع‬ ‫ب‪.‬‬
‫ولوغ الكلب فعنه جوابان ‪ .‬أحدُها ‪ :‬أن نجاسة الولوغ ليست عينا مؤثرة فريجع ِف زواُلا إل‬
‫غلبة الظن فيها ‪ .‬والثاين ‪ :‬أن ما كان معتربا بغلبة الظن َل َيز أن يكون حمدودا بالرشع فالرشع‬
‫كالتقويم ِف املتلفات فإن قالوا ‪ :‬فيحمل السبع عَل اَلستحباب ‪ ،‬والثالث عَل اإلَياب ‪ ،‬ألن أبا‬
‫هريرة ‪ -‬وهو راوي احلديث ‪ -‬قد أفتى بالثالث ‪ ،‬وهو َل َيوز أن يفتي بخالف ما روى إَل وقد‬
‫عقل معنى الرواية وَصفها عن اإلَياب إل اَلستحباب ‪ ،‬كام ْحلتم حديث ابن عمر عَل تفريق‬
‫األبدان ‪ :‬ألن ابن عمر فرسه بذلك ‪ .‬قلنا ‪ :‬تفسري الراوي مقبول ِف أحد حمتميل اخلرب كام يقبل‬

‫‪ 1‬النووي‪ ،‬املجموع َشح املهذب ‪ ,3 / 552‬داراحلديث‬


‫‪ 2‬املاوردي‪ ،‬احلاوي الكبري ‪ ،1 / 304‬دار الكتب العلمية‬
‫‪ 3‬ابن تيمية‪ُ ،‬مموع الفتاوى‪ُ ،1 / 620‬ممع امللك فهد لطباعة املصحف الرشيف‬
‫‪ 4‬املاوردي‪ ،‬احلاوي الكبري ‪ ،1 / 306‬دار الكتب العلمية‬
‫تفسري الراوي من الصحابة ‪ ،‬فأما أن يقبل ِف نسخ أو َتصيص فال ‪ ،‬كام َل يقبل َتصيص ابن‬
‫عباس لقوله ‪ " :‬من بدل دينه فاقتلوه " ِف إخراج النساء من اجلملة ‪ ،‬وحديث الولوغ مفرس َل‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫يفتقر إل تفسري راو وَل غريه فوجب ْحله عَل ظاهره‬

‫اجابة املالكية عن ادلة الشافعية ‪:‬‬

‫أ‪ .‬قال ابن رشد رْحه اَّلل تعال ‪" :‬فذهب مالك ِف األمر بإراقة سؤر الكلب وغسل اإلناء منه‪ ،‬إل أن‬
‫ذلك عبادة غري معللة‪ ،‬وأن املاء الذي يلغ فيه ليس بنجس‪ ،‬وَل ير إراقة ما عدا املاء من األشياء‬
‫التي يلغ فيها الكلب ِف املشهور عنه‪ ،‬وذلك كام قلنا ملعارضة ذلك القياس له‪ .‬إن فهم منه أن‬
‫الكلب نجس العني عارضه ظاهر الكتاب‪ ،‬وهو قوله تعال‪َ ( :‬ف ُك ُلوا يَمَّا َأ ْم َس ْك َن َع َل ْيك ُْم ) (املائدة‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ : ) 4‬يريد أنه لو كان نجس العني ‪ ،‬لنجس الصيد بمامسته‬

‫اجابة احلنفية عن ادلة امللكية ‪:‬‬

‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم‬ ‫َاد َع ْن ْاألَع َْرجي َع ْن َأ ييب ُه َر ْي َر َة َأ َّن َر ُس َ‬ ‫روى مالي ٌك يِف املُْو َّطإي َعن َأ ييب الزِّ ن ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫أ‪.‬‬
‫إن َح يد َ‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬
‫يث َأ ييب‬ ‫رب َّ‬ ‫ب يِف إنَاء َأ َحدك ُْم َف ْل َيغْس ْل ُه َس ْب َع َم َّرات } َق َال ا ْب ُن َع ْبد ا ْل َ ِّ‬
‫‪4‬‬
‫َش َب ا ْل َك ْل ُ‬ ‫َق َال { إ َذا َ ي‬

‫ور ؛ يألَ َّن ُه َم ْصدَ ٌر بي َم ْعنَى‬ ‫س َوك ََذا ال َّط ُه ُ‬ ‫اإل َرا َق ية َدلي ُيل ال َّتن َُّج ي‬
‫ت َعنْ ُه َو ْاألَ ْم ُر بي ْ ي‬ ‫ت ُط ُر ُق ُه َو َك ُث َر ْ‬ ‫ُه َر ْي َر َة ت ََوات ََر ْ‬
‫ني ال َّث ياين ؛ َو يألَ َّن ُه َمتَى َد َار‬ ‫اإلن ي‬
‫ث يِف ْ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َاء َف َت َع َّ َ‬ ‫اخل َب ُث َو ََل َحدَ َ‬ ‫ث َأ ْو ْ َ‬ ‫احلدَ ُ‬‫ال َّط َه َارة َف َي ْستَدْ عي َسابي َق ْيه ْ َ‬
‫ول املَْ ْعنَى ُه َو ا ْل َو ْج َه لينُدْ َر ية ال َّت َع ُّب يد َو َك ْث َر ية‬ ‫َان َج ْع ُل ُه َم ْع ُق َ‬‫ول املَْ ْعنَى ك َ‬ ‫ني ك َْوني يه َت َع ُّب يد ىيا َو َم ْع ُق َ‬‫احلُك ُْم َب ْ َ‬ ‫ْ‬
‫‪5‬‬
‫ال َّت َع ُّق يل‪.‬‬
‫اجابة احلنفية عن ادلة الشافعية ‪:‬‬

‫اس ْب ين َعبْ يد املُ َّطلي ي‬


‫ب (رقم‪)2552 :‬‬ ‫‪ 1‬رواه اْح ‪,‬د مسند اإلمام أْحد بن حنبل‪ ,‬باب ُم ْسنَدُ َعبْ يد اَّللي ْب ين ا ْل َعبَّ ي‬

‫‪ 2‬املاوردي‪ ،‬احلاوي الكبري ‪ 1, : 306‬دار الكتب العلمية‬


‫‪ 3‬ابن رشد‪ ،‬بداية املجتهد ‪ ،1 : 36‬دار احلديث‬
‫‪ 4‬رواه مالك‪ ،‬املوطأ‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب جامع الوضوء ( رقم ‪)65 :‬‬
‫‪ 5‬ابن نجيم‪ ،‬البحر الرائق َشح كنز الدقائق ‪ ،1 : 489‬دار املعرفة‬
‫‪1‬‬
‫ب َث َال ًثا }‬ ‫اإلنَا ُء يم ْن ُو ُلو يغ ا ْل َك ْل ي‬
‫أ‪َ ( .‬و َلنَا ) َما ُر يو َي َع ْن النَّبي ِّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َأ َّن ُه َق َال ‪ُ { :‬يغ َْس ُل ْ ي‬

‫َان يِف ا ْبتيدَ ياء‬


‫الشافي يع ُّي َف َذلي َك يعنْدَ َما ك َ‬ ‫َري َم ْرئي ٍّي َو َما َر َوا ُه َّ‬ ‫َف َقدْ َأمر بيا ْلغَس يل َث َال ًثا ‪ ،‬وإي ْن ك َ ي‬
‫َان َذل َك غ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫ب يِف‬ ‫الرش ي‬ ‫ي‬ ‫ب ‪ ،‬ك ََام َأ َم َر بيك ْ ي‬ ‫ف بيا ْلكي َال ي‬ ‫اإل ْل ي‬ ‫اإل ْس َال يم ؛ لي َق ْل يع عَا َد ية الن ي‬
‫َّاس يِف ْ ي‬ ‫ْي‬
‫َرس الدِّ نَان َو ََنَى َع ْن ُّ ْ‬
‫اخل ْم ير ‪َ ،‬د َّل َع َل ْي يه َما ُر يو َي‬ ‫ي‬
‫اخل ْم ُر ‪َ ،‬ف َل َّام ت ََر ُكوا ا ْل َعا َد َة َأزَ َال َذل َك ك ََام يِف ْ َ‬
‫ي‬
‫اخل ْم ير حنيَ ُح ِّر َم ْت ْ َ‬
‫ي‬
‫ُظ ُروف ْ َ‬
‫اب ‪َ } ،‬و يِف َب ْع يض َها ‪{ :‬‬ ‫اب ‪َ ،‬أ ْو ُأ ْخ َر ُاه َّن بي ُّ َ‬
‫الُت ي‬
‫‪2‬‬ ‫الُت ي‬ ‫ات ‪َ { :‬ف ْل َيغ يْس ْل ُه َس ْب ًعا ُأ َ‬
‫وَل ُه َّن بي ُّ َ‬
‫ض الرواي ي‬
‫يِف َب ْع ي ِّ َ َ‬
‫ب بي ْ ي‬ ‫الُتاب‪َ } ،‬و َذلي َك غَري َو ي‬ ‫ي‬
‫اإل ْمجَا يع ‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫اج ٍ‬ ‫ُْ‬
‫‪3‬‬
‫َو َع ِّف ُروا ال َّثامنَ َة بي ُّ َ‬

‫((اختيار الكاتب))‬

‫نفهم من ادلة العلامء السابق ‪" :‬طهور اناء احدكم إذا ولغ فيه الكلب" وِف هذا احلديث يدل عيل ان لفظ‬
‫‪5‬‬

‫"طهور" يكون عن احلذث او اخلبث واَلمر لتطهري اَلناء يكون دليال لنجاسة الكلب َلن ِف اَلناء َل‬
‫تكون الطهارة عن احلدث بل تكون عن اخلبث‪ .‬ومن قال بطهارة الكلب يأخذ دليال ان اَلمر بتطهري‬
‫اَلناء تعبدا ومن هذا يرد بان متى دار احلكم بني تعبد ومعقول املعنى كان ْحله عيل معقول املعنى اول‬
‫لندرة ْحل تعبد عَل اَلمر املعقول املعنى‪ .‬واذا قلوا ملا يغسل سبعا اذا كان دون السبع يكفي ِف ازالة‬
‫النجاسة‪ ،‬قلنا وِبذا العدد يدل عن غلظ النجاسة َلن دون السبع يكفي ِف ازالة النجاسة‪.‬واحلاصل ان‬
‫الكلب نجس العني بدليل اَلاحادث والرد عن من قال بطهارته‪.‬‬

‫((املصادر واملراجع))‬

‫إلن ي‬
‫َاء َأ َّن ُه َيغ يْس ُل ُه َثالَ ًثا َأ ْو َمخ ًْسا َأ ْو َس ْب ًعا” رواه‬ ‫ب َيليغُ يِف ا ي‬
‫َن النَّبي ِّي صَل اَّلل عليه وسلم يِف ا ْل َك ْل ي‬
‫‪ 1‬لفظ احلديث " َع ْن َأ ييب ُه َر ْي َر َة ع ي‬

‫الدارقطني‪ ،‬سنن الدارقطني (رقم‪.)193 :‬‬


‫‪ 2‬رواه البيهقي‪ ،‬السنن الكربى‪ ,‬كتاب الطهارة باب سؤر اُلرة (رقم‪)1216 :‬‬
‫‪ 3‬راوه النسائي‪ ,‬سنن النسائي الكربى‪,‬كتاب الطهارة باب سؤر الكلب وإراقة ما ِف اإلناء الذي يلغ فيه (رقم‪)70 :‬‬
‫‪ 4‬الكاساين‪ ،‬بدائع الصنائع ِف ترتيب الرشائع ‪1/378‬‬
‫‪ 5‬رواه مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب الطهارة باب حكم ولوغ الكلب (رقم ‪)279 :‬‬
‫القرآن الكريم‬ ‫أ‪.‬‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬حممد بن إسامعيل أبو عبداَّلل البخاري اجلعفي‪ ,‬بريوت‪-‬الياممة‪ :‬دار ابن كثري ط‬ ‫ب‪.‬‬

‫‪ 1407‬ھ ‪ 1987 /‬م‪.‬‬


‫صحيح مسلم‪ ،‬مسلم بن احلجاج أبو احلسني القشريي النيسابوري‪ ،‬بريوت‪ :‬دار إحياء الُتاث‬ ‫ج‪.‬‬

‫العريب‪.‬‬
‫سنن البيهقي الكربى‪ ،‬أْحد بن احلسني بن عيل بن موسى أبو بكر البيهقي‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب‬ ‫د‪.‬‬

‫العلمية ط ‪ 1430‬ھ ‪ 2003 /‬م‪.‬‬


‫سنن النسائي الكربى‪ ،‬أْحد بن شعيب أبو عبد الرْحن النسائي‪ ,‬بريوت ‪ :‬دار الكتب العلمية ط‬ ‫ه‪.‬‬

‫‪ 1991‬م‪.‬‬
‫سنن الدارقطني‪ ،‬أليب احلسن عيل بن عمر الدارقطني‪ ،‬مكتب التحقيق بمركز الُتاث للربُميات‪.‬‬ ‫و‪.‬‬

‫ي مرص‪ :‬دار إحياء الُتاث العريب‪.‬‬


‫موطأ اإلمام مالك‪ ،‬مالك بن أنس أبو عبداَّلل األصبح ‪,‬‬ ‫ز‪.‬‬

‫مسند اإلمام أْحد بن حنبل‪ ،‬أبو عبد اَّلل أْحد بن حممد بن حنبل بن هالل بن أسد الشيباين‪،‬‬ ‫ح‪.‬‬

‫القاهرة‪ :‬دار احلديث ط‪ 1416‬ھ‪ 1995 /‬م‪.‬‬


‫احلاوي الكبري َشح خمترص املزاين‪ ،‬أبو احلسن عيل بن حممد بن حممد بن حبيب البرصي‬ ‫ط‪.‬‬

‫البغدادي‪ ،‬الشهري باملاوردي‪ ،‬بريوت ‪ :‬دار الكتب العلمية ط ‪ 1439‬ھ ‪ 2018 /‬م‪.‬‬
‫ي القاهرة ‪ :‬دار احلديث ط‬
‫املجموع َشح املهذب‪ ،‬أبو زكريا حميي الدين َييى بن َشف النوو ‪,‬‬ ‫ي‪.‬‬

‫‪ 1431‬ھ ‪ 2010 /‬م‪.‬‬


‫مغني املحتاج‪ ،‬اخلطيب الرشبني‪ ،‬بريوت ‪ :‬دار الكتب العلمية ط ‪ 1440‬ھ ‪ 2019 /‬م‪.‬‬ ‫ك‪.‬‬

‫بداية املجتهد وَناية املقتص ‪,‬د أبو الوليد حممد بن أْحد بن حممد بن أْحد بن رشد‪ .‬القرطبي الشهري‬ ‫ل‪.‬‬

‫بابن رشد احلفيد القاهرة ‪ :‬دار احلديث ط ‪ 1425‬ھ ‪ 2004 /‬م‪.‬‬


‫كشاف القناع عن متن اإلقناع‪ ،‬منصور بن يونس بن إدريس البهوِت‪ .‬وزارة العدل ِف اململكة‬ ‫م‪.‬‬

‫العربية السعودية ط ‪ 1429‬ھ ‪ 2008 /‬م‪.‬‬


‫املغني َلبن قدامة‪ ،‬عبد اَّلل بن أْحد بن قدامة املقديس أبو حممد‪ ،‬بريوت ‪ :‬دار الفكر ط ‪ 1045‬ھ‬ ‫ن‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫املحيط الربهاين‪ ،‬أبو املعايل برهان الدين حممود بن أْحد بن عبد العزيز بن عمر بن َمازَ َة البخاري‬ ‫س‪.‬‬

‫احلنفي بريوت ‪ :‬دار الكتب العلمية ط ‪ 1434‬ھ ‪ 2004 /‬م‪.‬‬


‫‪,‬‬
‫ق زين الدين بن إبراهيم بن نجيم ‪ ،‬املعروف بابن نجيم املرصي‪,‬‬
‫البحر الرائق َشح كنز الدقائ ‪,‬‬ ‫ع‪.‬‬

‫بريوت ‪ :‬دار املعرفة‪.‬‬


‫حاشية الصاوي عَل الرشح الصغري‪ ,‬أْحد بن حممد الصاوي‪ .‬مكتبة مصطفى البايب احللبي ط‬ ‫ف‪.‬‬

‫‪ 1372‬ھ ‪ 1952 /‬م‪.‬‬


‫ص‪ُ .‬مموع الفتاوى‪ ،‬تقي الدين أبو العباس أْحد بن عبد احلليم بن تيمية احلراين‪ ،‬املدينة النبوة ‪ُ :‬ممع‬
‫امللك فهد لطباعة املصحف الرشيف ط ‪ 1316‬ھ ‪ 1995 /‬م‪.‬‬
‫بدائع الصنائع ِف ترتيب الرشائع‪ ,‬أبو بكر بن مسعود بن أْحد الكاساين عالء الدين [ الكتاب‬ ‫ق‪.‬‬

‫مشكول ومرقم آليا غري موافق للمطبوع ]‪.‬‬


‫موسوعة الفقه اَلسالمي والقضاي املعارضة‪ ,‬وهبة الزهيل‪ ،‬بريوت ‪ :‬دار الفكر ط ‪ 1440‬ھ ‪/‬‬ ‫ر‪.‬‬

‫‪ 2010‬م‪.‬‬
‫ت عيل بن نايف الشحود‪ [ .‬الكتاب مشكول ومرقم آليا غري موافق‬
‫اخلالصة ِف فقه األقليا ‪,‬‬ ‫ش‪.‬‬

‫للمطبوع ]‪.‬‬
‫ي بريوت ‪ :‬دار الكتب العلمية ط ‪ 1436‬ھ ‪/‬‬
‫الفقه عَل املذاهب اَلربع ‪,‬ة عبد الرْحن اجلزير ‪,‬‬ ‫ت‪.‬‬

‫‪ 2015‬م‪.‬‬
‫أكل امليتة للمضطر‬

‫اإلعداد ‪ :‬رجال فضل ريب‬

‫اح ية املَْ ْيت يَة َون َْح يو َها لي ْل ُم ْض َط ِّر‬


‫وط إي َب َ‬
‫َش ُ‬
‫ُ ُ‬

‫َري َها يم َن‬


‫اح ية املَْ ْيت يَة َوغ ْ ي‬
‫وط إي َب َ‬
‫َش َ‬ ‫َي َم ُعوا ُ ُ‬
‫ي ي ي‬ ‫يي‬ ‫َن ْ ي‬
‫اَلضط َر يار َو َأ ْحكَامه ْ‬
‫اَلست ْثنَائ َّية ََل ْ َ ْ‬
‫‪ -‬إي َّن ا ْل ُف َقهاء يِف ك ي‬
‫َالم يه ْم ع ي‬ ‫َ َ‬
‫الل املَْ َسائي يل َواألَ ْحكَا يم ‪.‬‬ ‫وط ‪َ ،‬ب ْل ََييدُ َها املُْ َت َت ِّب ُع م َفر َق ًة يِف يخ ي‬
‫ُ َّ‬
‫الرش ي‬
‫اص بي ُّ ُ‬
‫ات ُملي ْض َطر ََت َ ي ٍ‬
‫ْت عن َْوان َخ ٍّ‬ ‫ٍّ‬
‫املُْحرم ي‬
‫َ َّ َ‬
‫الرش يع َّي َة ا َّلتيي َي ْش َ يُت ُط َها ُف َق َها ُء‬
‫وط َّ ْ‬‫الرش َ‬ ‫ي‬ ‫اَلت ْ ي ي‬
‫اَلضط َرار َو َأ ْحكَام َها َأ َّن ُّ ُ‬
‫َالم يهم َعن ح ي‬
‫ْ ْ َ‬
‫َخ َلص يمن ك ي‬
‫َو ُي ْست ْ ُ ْ‬
‫ات لي ْلم ْض َطر نَوع ي‬ ‫إلباح ية املُْحرم ي‬ ‫املَْ َذ ي‬
‫َان‪:‬‬ ‫ِّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ب يَ َ‬ ‫اه ي‬

‫اَلضطي َر يار ‪.1‬‬


‫ال ْ‬ ‫ب يجل يمي يع َأ ْح َو ي‬ ‫ي‬
‫ني املَْ َذاه ي َ‬
‫وط َعا َّم ٌة ُم َّت َف ٌق َع َل ْي َها َب ْ َ‬
‫َش ٌ‬
‫ُ ُ‬

‫ان َذلي َك ‪.2‬‬


‫ون يس َو َاها ‪َ .‬وفي َيام َي ييل َب َي ُ‬
‫ب ُد َ‬ ‫وط عَام ٌة ْاش َُت َطتْها بع ُض املَْ َذ ي‬
‫اه ي‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َش ٌ َّ‬ ‫ُ ُ‬

‫وط ا ْل َعا َّم ُة املُْ َّت َف ُق َع َل ْي َها‬ ‫( َأ َّوَل ) ‪ُ ُّ -‬‬


‫الرش ُ‬

‫وط ‪-‬‬‫ي ْش َُت ُط يِف إيباح ية املَْيت يَة ونَح يو َها لي ْلم ْض َطر بيوج ٍه عَام َثال َث ُة َُش ٍ‬
‫ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِّ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ َ ْ‬ ‫ُ َ‬
‫يم َها ‪َ ،‬فإي ْن ََل ْ ُتغْني يه َح َّل َل ُه املُْ َح َّر ُم‪.‬‬ ‫ي‬ ‫( األَ َّو ُل ) ‪َ -‬أَل َ ي‬
‫َيدَ َط َعا ًما َحالَل َو َل ْو ُل ْق َم ًة ‪َ ،‬فإي ْن َو َجدَ َها َو َج َ‬
‫ب َت ْقد ُ‬

‫احلا َل ية ََل ْ ََيي َّل‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬


‫َاو ُل ال َّط َعا يم ‪َ ،‬فإين ا ْنت ََهى إي َل َهذه ْ َ‬
‫ي‬
‫ف ع َََل املَْ ْوت بي َح ْي ُث َل َينْ َف ُع ُه َتن ُ‬ ‫( ال َّث ياين ) ‪َ -‬أَل َيك َ‬
‫ُون َقدْ َأ ْ َ‬
‫َش َ‬
‫‪1‬‬
‫َل ُه املُْ َح َّرم‪.‬‬

‫يل َب َيا ُن ُه في َيام َي ييل‪:‬‬ ‫الرش ي‬


‫ط َب ْع ُض َت ْف يص ٍ‬ ‫( ال َّثالي ُث ) ‪َ -‬أَل ََييدَ َم َال ُم ْسلي ٍم َأ ْو يذ ِّم ٍّي يم َن األَ ْط يع َم ية ْ َ ي ي‬
‫احلالل ‪َ ،‬وِف َه َذا َّ ْ‬

‫ت ُجوعًا ‪َ ،‬و َم َع َرفي ييق يه َط َعا ٌم َل ْي َس ُم ْض َط ىرا إي َل ْي يه َفلي ْل ُم ْض َط ِّر َأ ْن َي ْأ ُخ َذ‬ ‫احلن يَف َّي ُة ‪َ :‬ل ْو َخ َ‬
‫اف املُْ ْض َط ُّر املَْ ْو َ‬ ‫‪َ -‬ق َال ْ َ‬
‫يم َة َحاَل َل يز َم ْت ُه َد ْينًا يِف يذ َّمتي يه‬ ‫ي ي‬ ‫بيا ْل يق ي ي‬
‫يمة منْ ُه َقدْ َر َما َي ُسدُّ َج ْو َع َت ُه ‪َ ،‬فإي ْن ََل ْ َي ُك ْن َم َع ُه َما ُيؤَ ِّدي بيه ا ْلق َ‬ ‫َ‬

‫‪َ .1‬ناية املحتاج ‪150 / 8‬‬


‫‪1‬‬ ‫اَلضطي َر َار َل ُي ْبطي ُل َح َّق ا ْلغ ْ ي‬
‫َري‪.‬‬ ‫اع يد ا ْل َعا َّم ية املُْ َق َّر َر ية يعنْدَ ُه ْم َأ َّن " ْ‬
‫وإينَّام َت ْلزَ مه ا ْل يقيم ُة ألَ َّن يمن ا ْل َقو ي‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ َ‬

‫الرفي َيق‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وك ََذا ي ْأ ُخ ُذ يمن املَْ ي‬


‫اء ا َّل يذي ليغ ي ي‬
‫َريه َما َيدْ َف ُع ا ْل َع َط َش ‪َ ،‬فإي ْن َمنَ َع ُه َصاح ُب ُه َقا َت َل ُه املُْ ْض َط ُّر بيال سالحٍ ألَ َّن َّ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الرفي ُيق ُجوعًا َأ ْو َع َط ًشا ت يُر َك َل ُه َب ْع ُض ُه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫اف َّ‬
‫ال َظ ي‬
‫اَل ٌ ‪َ .‬فإي ْن َخ َ‬ ‫احل ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫املَْان َع يِف َهذه ْ َ‬

‫َري يه َل ْي َس‬
‫وك ليغ ْ ي‬
‫الل ََم ْ ُل ٍ‬ ‫اخلم ير مع وج ي‬
‫ود َح ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫وع َأ يو ا ْل َع َط َش بياملُْ َح َّر َمات كَاملَْ ْيتَة َو ْ َ ْ َ َ ُ ُ‬
‫ي‬
‫َوَل ََي ُّل َل ُه َأ ْن َيدْ َف َع ْ ُ‬
‫اجل َ‬
‫اد ٌر ع َََل َأ ْخ يذ يه َو َل ْو بيا ْل ُق َّو ية‪.‬‬
‫م ْض َطرا إي َلي يه ‪ ،‬واملُْ ْض َطر َق ي‬
‫ُّ‬ ‫ُ ى ْ َ‬

‫اإلن َْذ يار ‪ ،‬بي َأ ْن ُي ْعلي َم ُه املُْ ْض َط ُّر َأ َّن ُه ُم ْض َطر ‪،‬‬
‫السالحي َب ْعدَ ي‬ ‫ال م َقا َت َل َة ص ي‬ ‫َو َج َّوزَ املَْاليكي َّي ُة يِف َه يذ يه ْ ي‬
‫ب ال َّط َعا يم بي ِّ‬ ‫اح ي‬ ‫َ‬ ‫احل ُ‬ ‫َ‬
‫وب َب ْذ يل َط َع يام يه لي ْل ُم ْض َط ِّر ‪َ ،‬وإي ْن َق َت َل ُه َ‬
‫اْلخ ُر‬ ‫َو َأ َّن ُه إي ْن ََل ُي ْعطي يه َقا َت َل ُه ‪َ ،‬فإي ْن َق َت َل ُه َب ْعدَ َذلي َك َفدَ ُم ُه َهدَ ٌر ‪ ،‬لي ُو ُج ي‬
‫ْ‬
‫ي ي‬
‫اص‪.‬‬‫‪3‬‬
‫َف َع َل ْيه ا ْلق َص ُ‬

‫اح ُب ُه غَائي ًبا َو ََل ْ ََيي يداملُْ ْض َط ُّر يس َوا ُه ‪،‬‬


‫َان ص ي‬ ‫احلنَابي َل ُة ‪َ :‬لو وجدَ املُْ ْض َطر َطعاما ليغ ي ي‬
‫َريه ‪َ .‬فإي ْن ك َ َ‬ ‫ُّ َ ً ْ‬ ‫ْ َ َ‬
‫‪ -‬و َق َال َّ ي ي‬
‫الشافع َّي ُة َو ْ َ‬ ‫َ‬
‫َان ص ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َان يم ْثلييا ‪ ،‬و يقيم َته إي ْن ك َ ي ي‬ ‫يي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫اح ُب ُه‬ ‫حل ِّق املَْالك ‪َ .‬فإي ْن ك َ َ‬ ‫َان ق َيم ىيا ‪ ،‬ح ْف ًظا َ‬ ‫َأك ََل منْ ُه َوغ يَر َم عنْدَ ُقدْ َرته م ْث َل ُه إي ْن ك َ ى َ َ ُ‬
‫ألو يل إي ْن ََل ي ْف ُض ْل َعنْه ب ْل ُهو َأو َل ‪ ،‬يحل يد ٍ‬ ‫ي‬ ‫َان َذلي َك ْ ي‬
‫ارضا‪َ ,‬فإي ْن ك َ‬ ‫ي‬
‫يث ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫ارض ُم ْض َط ىرا َأ ْي ًضا ََل ْ َي ْلزَ ْم ُه َب ْذ ُل ُه ل َ َّ‬
‫احل ُ‬‫َ‬ ‫َح ً‬
‫‪4‬‬

‫" ا ْبدَ ْأ يبنَ ْف يس َك‪.....‬د‬


‫‪5‬‬

‫رب َع ََل الت َّْضيي ييق ع َََل‬ ‫اع ال َّث ياين َّ‬
‫الص ْ َ‬
‫ي‬
‫َان األَ َّو ُل ُم ْسل ًام َم ْع ُصو ًما ‪َ ،‬و ْ‬
‫اس َت َط َ‬ ‫َيوزُ َل ُه إيي َث ُار ُه ع َََل َن ْف يس يه إي ْن ك َ‬ ‫ي‬
‫َلك ْن َ ُ‬
‫يش ٌء َل يز َم ُه َب ْذ ُل ُه لي َ‬
‫أل َّو يل‪.‬‬ ‫يي‬ ‫ي ي ي‬
‫َن ْفسه ‪َ .‬فإ ْن َف َض َل َب ْعدَ َسدِّ َر َمقه َ ْ‬

‫ب يز َيا َد ًة ع َََل َث َم ين املْي ْث يل‬ ‫احل ي ي‬


‫ارض ُم ْض َط ىرا َل يز َم ُه إي ْط َعا ُم املُْ ْض َط ِّر ‪َ .‬فإي ْن َمنَ َع ُه ‪َ ،‬أ ْو َط َل َ‬
‫ي‬
‫َوإي ْن ََل ْ َي ُك ْن َصاح ُ‬
‫ب ال َّط َعا يم ْ َ‬
‫ُون َد ُم املَْاني يع يحينَئي ٍذ ُم ْهدَ ًرا ‪َ .‬وإي ْن َقت ََل املَْالي ُك‬
‫ري َجازَ لي ْل ُم ْض َط ِّر َق ْه ُر ُه ‪َ ،‬وإي ْن َأ َّدى إي َل َقتْلي يه ‪َ ،‬و َيك ُ‬ ‫بي يم ْقدَ ٍار كَثي ٍ‬
‫ي‬ ‫يي‬
‫اص‪.‬‬ ‫املُْ ْض َط َّر يِف الدَّ ْف يع َع ْن َط َعامه َل يز َم ُه ا ْلق َص ُ‬

‫ث في ْعال‬‫َي يد ْ‬ ‫ي ٍ‬
‫اص َوَل د َية ‪ ،‬ألَ َّن ُه ََل ْ ُ ْ‬ ‫ت َه َذا ُجوعًا ََل َي ْض َمنْ ُه املَْاني ُع بي يق َص ٍ‬
‫ْ‬
‫َوإي ْن َمن ََع املَْالي ُك ال َّط َعا َم ع ي‬
‫َن املُْ ْض َط ِّر َف َام َ‬
‫ب َث َمنًا ‪َ ،‬و َل ْو بي يز َيا َد ٍة ع َََل َث َم ين املْي ْث يل بي يم ْقدَ ٍار َي يس ٍري ‪َ ،‬ل يز َم‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ُم ْهليكًا ‪َ .‬فإي ْن ََل ْ َي ْمنَ يع املَْال ُك ال َّط َعا َم ‪َ ،‬و َلك ْن َط َل َ‬

‫‪ .2‬مطالب أويل النهى ‪ ، 324 ، 323 / 6‬واملجلة م ‪33 /‬‬


‫‪ .3‬حاشية ابن عابدين ‪ 215 / 5‬و ‪ 265‬أما إن استعمل املالك سالحا ملنعه من حقه فالظاهر أن للمضطر مقابلته حينئذ‬
‫بالسالح للدفاع عن نفسه ( اللجنة )‬
‫‪ .4‬الرشح الصغري مع حاشية الصاوي ‪323 / 1‬‬
‫‪ .5‬أي ‪ :‬وَل َيد سواه ولو ميتة أيضا‬
‫‪ .6‬حديث ‪ " :‬ابدأ بنفسك ‪ " . . .‬أخرجه مسلم ( ‪ 693 / 2‬ـ ط احللبي ) والنسائي ( ‪ 70 / 5‬ـ ط املكتبة التجارية )‬
‫َيزْ َل ُه َق ْه ُر ُه ‪َ .‬و َل ْو َأ ْط َع َم ُه َو ََل ْ َي ْذك ُْر يع َو ًضا َفال يع َو َض َل ُه ع َََل األَ ْر َجحي ‪َْ ،‬حْال َل ُه ع َََل‬ ‫ي‬
‫املُْ ْض َط َّر َق ُبو ُل ُه بيه ‪َ ،‬و ََل ْ َ ُ‬
‫املُْ َساحمَ يَة املُْ ْعتَا َد ية يِف ال َّط َعا يم ‪َ ،‬وَل يس َّي َام يِف َح ِّق املُْ ْض َط ِّر ‪.‬‬

‫اخ َت َل َفا يِف يذك يْر ا ْل يع َو ي‬


‫ض‬ ‫الك بي َذلي َك َف َ ْري يج ُع َع َل ْي يه بيا ْل َبدَ يل ‪َ ،‬فإي ين ْ‬
‫و يق َيل ‪ :‬ي ْلزَ مه َثمن املْي ْث يل ‪ ،‬ألَ َّنه َخ َلص يمن ْاُل ي‬
‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫الرض ير‪.‬‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي يي‬ ‫ي‬
‫ُصدِّ َق املَْال ُك بي َيمينه ‪ ،‬إي ْذ َل ْو ََل ْ ُي َصدَّ ْق َل َرغ َ‬
‫َّاس َع ْن إ ْط َعا يم املُْ ْض َط ِّر ‪َ ،‬و َأ ْف َض َذل َك إ َل َّ َ‬ ‫ب الن ُ‬
‫‪1‬‬

‫وط ا ْلعام ُة املُْ ْخ َت َل ُ ي‬ ‫ي‬


‫يها‪.‬‬
‫فف َ‬ ‫الرش ُ َ َّ‬‫( َثان ًيا ) ‪ُ ُّ -‬‬

‫البحث‪:‬‬

‫ات لي ْل ُم ْض َط ِّر‪.‬‬ ‫ْل املَْيت يَة ونَح يو َها يمن املُْحرم ي‬


‫َ َ َّ َ‬ ‫يحة ألَك ي ْ َ ْ‬
‫ط املُْبي ي‬
‫َ‬
‫الرشائي ي‬ ‫ب يِف َب ْع ي‬
‫ض َّ َ‬ ‫اه ي‬‫ف ُف َقهاء املَْ َذ ي‬
‫اخ َت َل َ َ ُ‬ ‫ْ‬
‫َشعًا‬ ‫الشافي يع َّي ُة َأ ْن َيك َ‬
‫ُون املُْ ْض َط ُّر َن ْف ُس ُه َم ْع ُصو َم الدَّ يم ‪َ .‬فإي ْن ك َ‬
‫َان املُْ ْض َط ُّر ُم ْهدَ َر الدَّ يم َ ْ‬ ‫ُت َط َّ‬ ‫القول األول‪ْ :‬اش َ َ‬
‫ات يم ْن َم ْيت ٍَة َأ ْو غ ْ ي‬
‫َري َها إيَل‬ ‫الة ا َّل يذي استَوجب ا ْل َقت َْل ‪ََ ،‬ل ََيزْ َله َأك ُْل املُْحرم ي‬
‫َ َّ َ‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫ْ ْ َ َ‬
‫َار يك الص ي‬
‫َّ‬ ‫يب ‪َ ،‬واملُْ ْرتَدِّ ‪َ ،‬وت ي‬
‫َاحل ْر ي ِّ‬
‫ك َْ‬
‫َاب ‪.‬‬‫يإ َذا ت َ‬

‫َأ َّما ُم ْهدَ ُر الدَّ يم ا َّل يذي َل ت يُفيدُ ت َْو َب ُت ُه يع ْص َم َة َد يم يه ‪َ ،‬كالزَّ ياين املُْ ْح َص ين ‪َ ،‬وا ْل َقاتي يل يِف َق ْط يع ال َّط ير ييق ا َّل يذي َقدَ َر َع َل ْي يه‬
‫ُوب َوإي ْن ََل ْ َت ُك ْن ت َْو َب ُت ُه ُم يفيدَ ًة لي يع ْص َمتي يه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ْ ي‬
‫احلَاك ُم ‪َ ،‬فق َيل ‪َ :‬ل َي ْأك ُُل املَْ ْي َت َة َحتَّى َيت َ‬

‫َان ك ََذلي َك ََل ْ ََيي َّل‬


‫َاص ًيا بي َس َف ير يه َأ ْو بيإي َقا َمتي يه ‪َ .‬فإي ْن ك َ‬
‫ُون املُْ ْض َطر ع ي‬
‫ُّ‬ ‫احلنَابي َل ُة َأَل َيك َ‬ ‫القول الثان‪ْ :‬اش َُت َط َّ ي ي‬
‫الشافع َّي ُة َو ْ َ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫ُوب ‪.‬‬ ‫َاو ُل املَْ ْيتَة َون َْح يو َها َحتَّى َيت َ‬
‫َل ُه َتن ُ‬

‫اِص بي َس َف ير يه َأ ْو بيإي َقا َمتي يه ُه َو ا َّل يذي ن ََوى بي َس َف ير يه َأ ْو إي َقا َمتي يه املَْ ْع يص َي َة ‪َ ،‬أ ْي ُه َو ا َّل يذي َسا َف َر َأ ْو َأ َقا َم ألَ ْج يل‬
‫وا ْلع ي‬
‫َ َ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫املَْ ْع يص َي َة ‪ ،‬ك ََم ْن َخ َر َج يم ْن َب َل يد يه ن ي‬
‫اح ًة ُث َّم َق َل َب ُه‬
‫ورا ُم َب َ‬‫َاو ًيا َق ْط َع ال َّط ير َيق ‪َ ،‬وك ََذا ا َّلذي َق َصدَ بي َس َف يره َأ ْو إي َقا َم َت ُه ُأ ُم ً‬
‫اإل َقا َم ُة لي َق ْط يع ال َّط ير ييق ‪.‬‬
‫الس َف َر َأ يو ي‬
‫َي َع َل َّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َم ْعص َي ًة ‪ ،‬ك ََم ْن َسا َف َر َأ ْو َأ َقا َم للت َِّج َارة ُث َّم َبدَ ا َل ُه َأ ْن َ ْ‬

‫الة َع ْن َو ْقتي َها‬ ‫ري الص ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ََص بي َت ْأخ ي َّ‬ ‫احا ‪َ ،‬و يِف َأ ْثنَاء َس َف يره ع َ‬ ‫َو َأ َّما ا ْل َعاِص يِف َأ ْثنَاء َّ‬
‫الس َف ير ‪َ -‬و ُه َو َم ْن َسا َف َر َس َف ًرا ُم َب ً‬
‫ف يح ُّل َأكْلي يه لي ْل َم ْيت يَة َون َْح يو َها ع َََل ت َْو َبتي يه ‪.‬‬ ‫الرس َق ية َأ ْو ن َْح يو َذلي َك ‪َ -‬فال َيت ََو َّق ُ‬
‫َري حمُ َْص ٍن ‪َ ،‬أ ْو بي َّ ي‬‫‪َ ،‬أ ْو بيالزِّ نَى َو ُه َو غ ْ ُ‬
‫ي‬ ‫َان ُم يق ًيام يِف َب َل يد يه ليغ ََر ٍ‬
‫اِص يِف إي َقا َمتي يه ‪ ،‬ك ََم ْن ك َ‬ ‫و يم ْث ُله ا ْلع ي‬
‫اح َل ُه‬‫يها بين َْح يو َما َس َب َق ‪َ ،‬فإي َّن ُه ُي َب ُ‬ ‫ََص ف َ‬ ‫ض ُم َباحٍ ‪َ ،‬وع َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫‪2‬‬
‫ف ع َََل الت َّْو َب ية‪.‬‬
‫َري تَو ُّق ٍ‬ ‫ي ي‬ ‫األَك ُْل يم َن املُْ َح َّر يم إي ين ْ‬
‫اض ُط َّر إي َل ْيه م ْن غ ْ ي َ‬

‫‪َ .7‬ناية املحتاج مع حاشيتي الرشيدي والشربامليس ‪ ، 152 / 8‬واملقنع ‪531 / 3‬‬
‫‪َ .8‬ناية املحتاج ‪ ، 150 / 8‬وحاشية الرشواين عَل َتفة املحتاج ‪ ، 188 / 8‬ومطالب أويل النهى ‪. 319 ، 318 / 6‬‬
‫اِص بي َس َف ير يه َأ ْو إي َقا َمتي يه َل ْي َس يم ْن َأ ْهلي َها ‪َ ،‬و َأ ْي ًضا‬
‫وا ْلوجه َملينْ يع املُْسافي ير س َفر مع يصي ٍة َأ َّن َأك َْل املَْيت يَة ر ْخص ٌة ‪ ،‬وا ْلع ي‬
‫ْ ُ َ َ َ‬ ‫َ َ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ‬
‫ي ي‬ ‫ْل املَْ ْذك ي‬ ‫يِف األَك ي‬
‫َيوزُ ‪.‬‬ ‫ُور ع َْو ٌن ع َََل املَْ ْعص َية َفال َ ُ‬

‫الق النُّ ُص ي‬
‫وص‬ ‫ُت ُط يِف املُْ ْض َط ِّر عَدَ ُم املَْ ْع يص َي ية ‪ ،‬ي‬
‫إل ْط ي‬ ‫ي ي‬ ‫ألقول الثالث‪َ :‬أما ْ ي‬
‫احلنَف َّي ُة َواملَْالك َّي ُة ‪َ ،‬ف َقا ُلوا ‪َ :‬ل ُي ْش َ َ‬
‫َّ َ‬
‫وعُم ي‬
‫وم َها‪.‬‬ ‫َ ُ‬ ‫‪1‬‬

‫األدلة و سبب اخلالف‪:‬‬

‫دليل األول‪" :‬املشقة َتلب التيسري" األصل ِف هذه القائدة َ ُي يريدُ ٱَّللَُّ بيك ُُم ٱلۡ ُيسۡ َر َو ََل ُي يريدُ بيك ُُم‬
‫ٱلۡعُسۡ َر َ (البقرة‪)185 .‬‬

‫‪ -‬فمثال القسم األول‪ :‬قاعدة‪( :‬الرضورات تبيح املحظورات‪ ،‬وهي تتفرع عَل قاعدة (املشقة َتلب‬
‫التيسري)‬

‫‪2‬‬
‫‪(( -‬الرضورات تبيح املحظورات)) برشط نقصان املحظورات عن الرضورات‪.‬‬

‫ْل املَْ ْيت يَة ُر ْخ َص ٌة‬ ‫اح َة َأك ي‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬


‫َري با ٍغ َو ََل عَاد َف َال إ ْث َم َع َل ْيه) {املائدة‪ )3 :‬وألنه إي َب َ‬ ‫اض َط َّر غ ْ َ‬‫دليل الثان‪َ { :‬ف َم ْن ْ‬
‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫اِص ََل ي َُت َّخص يِف مع يصيتي يه‪َ ،‬فإي ْن ت ي‬ ‫وا ْلع ي‬
‫ُب ُح ِّر َم ْت‬ ‫َاب م َن املَْ ْعص َية َح َّل َل ُه َأك ُْل املَْ ْيتَة‪َ ،‬وإي ْن َأ َقا َم َع َل ْي َها َو ََل ْ َيت ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫‪3‬‬
‫اَل ْمتينَا يع يم َن الت َّْو َب ية‪.‬‬
‫َع َلي يه‪ ،‬و ُهو غَري م ْض َطر يإ َل ي‬
‫ْ َ َ ْ ُ ُ ٍّ‬

‫َاد َفال إ ْث َم َع َل ْي يه } َو َق َال يِف آ َي ٍة ُأ ْخ َرى ‪َ { :‬و َقدْ‬


‫دليل الثالث‪َ :‬ق َال اَّللَُّ َتع َال ‪َ { :‬فمن ُا ْض ُطر غَري با ٍغ وَل ع ٍ‬
‫َّ ْ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫إل ْث ٍم َفإي َّن‬
‫ف ي‬ ‫َفص َل َلكُم ما حرم َع َليكُم إَل ما ُا ْض ُط يررتُم إ َلي يه } و َق َال ‪َ { :‬فمن ُا ْض ُطر يِف خمَ ْمص ٍة غَري متَجاني ٍ‬
‫َ َ َْ ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ ْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َّ َ ْ ْ‬ ‫َّ‬
‫ور ية‬‫الرض َ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫اإل َبا َح َة ِف َب ْعض َها يب ُو ُجود َّ ُ‬ ‫ات ‪َ ,‬و َأ ْط َل َق ي‬ ‫الرضور َة يِف َه يذ يه اْلي ي‬
‫َ‬ ‫يم } َف َقدْ َذك ََر اَّللَُّ َت َع َال َّ ُ َ‬
‫ي‬
‫اَّللََّ َغ ُف ٌ‬
‫ور َرح ٌ‬
‫ط َوَل يص َف ٍة ‪َ ,‬و ُه َو َق ْو ُل ُه ‪َ { :‬و َقدْ َف َّص َل َلك ُْم َما َح َّر َم َع َل ْيك ُْم إَل َما ُا ْض ُط ير ْرت ُْم إ َل ْي يه } َفا ْقت ََض َذلي َك‬‫َري ََش ٍ‬
‫ي‬
‫م ْن غ ْ ْ‬
‫ي‬
‫ي‬ ‫ال ُو يجدَ ْ‬ ‫الرضور ية يِف ك ُِّل َح ٍ‬ ‫ي‬ ‫اإلب ي‬
‫يها ‪.‬‬‫ور َة ف َ‬ ‫الرض َ‬ ‫ت َّ ُ‬ ‫احة َوبي ُو ُجود َّ ُ َ‬ ‫ُو ُجو َد ي َ َ‬

‫‪ .9‬أحكام القرآن للجصاص ‪149 ، 147 / 1‬‬


‫‪ .10‬إيضاح القوا ئد‪31 /‬‬
‫‪ .11‬احلاوي الكبري ‪168 /15‬‬
‫ف َأ ْه ُل ا ْل يع ْل يم يِف معنَى قوله تعال ‪َ { :‬فمن ُا ْض ُطر غَري با ٍغ وَل ع ٍ‬
‫َاد } َف َق َال ا ْب ُن َع َّب ٍ‬ ‫اخ َت َل َ‬
‫اس َو ْ َ‬
‫احل َس ُن‬ ‫َّ ْ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َو ْ‬
‫احوا‬ ‫ْل ‪َ .‬و ُه َو َق ْو ُل َأ ْص َحابينَا َو َمالي يك ْب ين َأن ٍ‬
‫َس ‪َ .‬و َأ َب ُ‬
‫وق ‪ { :‬غَري با ٍغ } يِف املَْيت يَة { وَل ع ٍ‬
‫َاد } يِف األَك ي‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ‬ ‫رس ٌ‬ ‫َو َم ْ ُ‬
‫احو ُه ألَ ْه يل ا ْل َعدْ يل ‪.‬‬ ‫الرض ي‬ ‫ي ي‬ ‫يي‬ ‫َاة ْ َ ي‬ ‫لي ْلبغ ي‬
‫اخل يارجنيَ ع َََل املُْ ْسلمنيَ َأك َْل املَْ ْيتَة عنْدَ َّ ُ َ‬
‫ورة ك ََام َأ َب ُ‬ ‫ُ‬

‫اغ ًيا ع َََل إ َما يم املُْ ْسلي يمنيَ َو ََل ْ َي ُك ْن َس َف ُر ُه يِف َم ْع يص َي ٍة َف َل ُه َأ ْن َي ْأك َُل‬
‫َاهدٌ وس يعيدُ بن جب يري ‪ " :‬إ َذا ََل َخيْرج ب ي‬
‫ْ ُ ْ َ‬ ‫ْ ُ ُ َْ‬ ‫َ َ‬
‫و َق َال ُمُ ي‬
‫َ‬
‫َان ب ي‬ ‫ي ٍ‬
‫َيزْ َل ُه َأ ْن َي ْأك َُل " ‪َ .‬و ُه َو َق ْو ُل‬ ‫اغ ًيا ع َََل ي‬
‫اإل َما يم ََل ْ َ ُ‬ ‫َان َس َف ُر ُه يِف َم ْعص َية َأ ْو ك َ َ‬
‫املَْ ْي َت َة إ َذا ُا ْض ُط َّر إ َل ْي َها ‪َ ,‬وإي ْن ك َ‬
‫الشافي يع ِّي ‪.‬‬ ‫َّ‬

‫يعنيَ َوا ْل ُع َص ياة ‪َ ,‬و َق ْو ُل ُه يِف اْل َي ية األُ ْخ َرى ‪:‬‬‫اإلباح َة لي ْلج يمي يع يمن املُْطي ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب يَ َ‬ ‫وج ُ‬ ‫َو َق ْو ُل ُه ‪ { :‬إَل ما ُا ْض ُط يررتُم إ َل ْي يه } ُي ي‬
‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫ان يِف األَك ي‬
‫ْل‬ ‫َان حمُ ْت يَمال َأ ْن ُي يريدَ بي يه ا ْل َبغ َْي َوا ْل ُعدْ َو َ‬ ‫ف ي‬
‫إل ْث ٍم } ملََّا ك َ‬ ‫َاد } ‪ .‬و َقو ُله ‪ { :‬غَري متَجاني ٍ‬
‫َْ ُ َ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫{ غَري با ٍغ وَل ع ٍ‬
‫َْ َ َ‬
‫اَلحتيام يل ‪َ ,‬ب ْل ا ْل َو ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫اإلما يم َأو غ ي ي‬
‫ْح ُل ُه‬
‫ب َْ‬
‫اج ُ‬ ‫يص ع ُُمو يم اْل َية األُ ْخ َرى يب ْ َ‬ ‫َيزْ َلنَا ََتْص ُ‬ ‫َريه ‪ََ ,‬ل ْ َ ُ‬ ‫احت ََم َل ا ْل َبغ ُْي ع َََل ي َ ْ ْ‬ ‫َو ْ‬
‫َري ََت يْص ٍ‬
‫يص ‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ع َََل َما ُي َواطي ُئ َم ْعنَى ا ْل ُع ُمو يم يم ْن غ ْ ي‬

‫املناقشة‪:‬‬

‫اب يألَ َّن ُه ََت يْف ٌ‬


‫يف‬ ‫َاه ُري ْاألَ ْص َح ي‬ ‫الرضور ية َه َذا ُهو املَْ ْذ َهب وبي يه َق َطع َمج ي‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬
‫‪َ -‬ل ْي َس ل ْل َعاِص بي َس َف يره َأك ُْل املَْ ْيتَة عنْدَ َّ ُ َ‬
‫َيوزُ‬ ‫َري ُه َو ْج ًها َأ َّن ُه َ ُ‬ ‫احتي يه بيالت َّْو َب ية َو َحكَى إ َما ُم ْ َ ي‬ ‫ادر ع َََل ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫يح ُه ا ْل َعاِص بي َس َف يره َو ُه َو َق ٌ‬
‫َف َال َي ْستَبي ُ‬
‫احل َر َم ْني َوغ ْ ُ‬ ‫است َب َ‬ ‫ْ‬
‫ب َوبي يه‬ ‫اح َل ُه َه َذا ُه َو املَْ ْذ َه ُ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫يم ا ْل َعاِص إ َذا َأ ْض ُط َّر َإل املَْ ْيتَة َف ُي َب ُ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫سم ْ ي ٍ‬
‫رش َفة ع َََل ْاُل َ َالك َو َأ َّما املُْق ُ‬
‫ي‬
‫ألَ َّن ُه َأ ْح َيا ُء َن ْف ٍ ُ‬
‫اح َل ُه حتى يتوب َح َّل ْت َل ُه املَْ ْي َت ُة‪.‬‬ ‫َري ُه َو ْج ًها َأ ََّنَا ََل ُت َب ُ‬ ‫ي‬ ‫ور ْاألَ ْص َح ي‬
‫اب َو َحكَى ا ْل َبغَو ّي َوغ ْ ُ‬ ‫َق َط َع ُمج ُْه ُ‬
‫‪2‬‬

‫الكاتب‪:‬‬

‫نوفق بأن العاىص بسفر َل َيل أكل امليتة عندى الرضورة ألن أكل امليتة رخصة وهو عاص بسفره‬
‫فلذالك من سفر بنية املعصية َل َيل أكل امليتة حتى يتوب ألن الرخص َلتناط باملعَص‪.‬‬

‫‪ .12‬أحكام القرآن للجصاص ‪149 ، 147 / 1‬‬


‫‪ .13‬املجموع َشح املهذب‬
‫احل ْي ي‬
‫ض‬ ‫َأ َق َّل ْ َ‬

‫اإلعداد ‪ :‬الزدان حممد فردوس‬

‫َرش َي ْو ًما بي َل َيالييي َها ‪َ ،‬و َذلي َك ألَ َّن ُه َو َر َد يِف‬ ‫الشافي يعي ية و ْ ي‬
‫احلنَابي َلة ‪َ ،‬و َأ ْك َث ُر َها َمخ َْس َة ع َ َ‬
‫ي‬ ‫احل ْي ي‬
‫ض َي ْو ٌم َو َل ْي َل ٌة عنْدَ َّ َّ َ َ‬
‫ي‬
‫َأ َق ُّل ُمدَّ ة ْ َ‬
‫ف َوا ْل َعا َد ية ‪،‬‬ ‫يه إي َل ا ْلعر ي‬
‫ُْ‬
‫الرشيع ية ‪َ ،‬في يجب الرجوع في ي‬
‫َ ُ ُّ ُ ُ‬
‫ي‬ ‫الرش يع م ْط َل ًقا د َ ي ٍ‬
‫ون ََتْديد ‪َ ،‬وَل َحدَّ َل ُه يِف ال ُّلغَة َوَل يِف َّ ي َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ْ ُ‬
‫اهها ‪ .‬و َقدْ و يجدَ حي ٌض معتَاد يوما ‪َ .‬ق َال َع َطاء ‪ :‬ر َأي ُت يمن النِّس ي‬ ‫ي‬
‫اء‬ ‫َ َ‬ ‫ٌ َ ْ‬ ‫ُْ ٌَْ ً‬ ‫َْ‬ ‫اإل ْح َر ياز َوال َّت َف ُّر يق َو َأ ْش َب َ َ ُ‬
‫ض َو ي‬ ‫ك ََام يِف ا ْل َق ْب ي‬
‫يض يوما و َ ي‬ ‫ي‬
‫‪1‬‬
‫يض َمخ َْس َة ع ََرش‬
‫َت ُ‬ ‫َم ْن ََت ُ َ ْ ً َ‬

‫اض ٌة ‪َ ،‬و َذلي َك لي َق ْولي يه َع َل ْي يه‬


‫استي َح َ‬ ‫ي‬
‫ص َع ْن َذل َك َف ُه َو ْ‬ ‫يها ‪َ ،‬و َما َن َق َ‬
‫ي‬ ‫احل ْي ي‬
‫ض َثال َث ُة َأ َّيا ٍم َو َل َيال َ‬
‫ويرى ْ ي‬
‫احلنَف َّي ُة َأ َّن َأ َق َّل ْ َ‬
‫َ‬ ‫َََ‬
‫ب َثال َث ُة َأ َّيا ٍم‬
‫‪2‬‬ ‫اجل يار َي ية ا ْلبيك يْر َوال َّث ِّي ي‬
‫ض َْ‬ ‫الس َال ُم ‪َ " :‬أ َق ُّل َح ْي ي‬ ‫الص َال ُة َو َّ‬
‫َّ‬

‫َري َح يام ٍل َمتَا َدى ي َِبا ني ْص ُ‬


‫ف َش ْه ٍر ‪َ ،‬و َأ ْك َث ُر ُه‬ ‫ان ‪َ ،‬و َأ ْك َث ُر ُه ُملي ْبتَدَ َأ ٍة غ ْ ي‬
‫ض بيالزَّ م ي‬
‫َ‬ ‫احل ْي ي‬ ‫ي ي‬
‫َو َي َرى املَْالك َّي ُة َأ َّن ُه َل َحدَّ ألَ َق ِّل ْ َ‬
‫َري َح يام ٍل َس َب َق َُلَا َح ْي ٌض َو َل ْو َم َّر ًة َثال َث ُة َأ َّيا ٍم يز َيا َد ًة ع َََل َأ ْك َث ير عَا َد ي َِتا َأ َّيا ًما َل ُو ُقوعًا ‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫ملُي ْعتَا َد ٍة غ ْ ي‬

‫دليلهم ‪:‬‬

‫دليل الشفعي‬

‫ان اقله يوم وليلة ملا روى عن عيل رىض اَّلل عنه ان اقل احليض يوم وليلة وَلن املتبع فيه الوجود املتعاد‬
‫وقد قال الشافعي ريض اَّلل عنه رأيت امرأة َل تزل َتيض يوما وليلة وروى مثله عن عطاء وعن أبى عبد‬
‫اَّلل الزبريي رىض اَّلل عنهام والثانى اقله يوم ملا روى عن اَلوزاعي قال كانت عندنا امرأة َتيض بالغداة‬
‫وتطهر بالعشى والطريق الثاين القطع بان أقله يوم وحيث قال اقله يوم وليلة انام قال ذلك َلنه َل َيد ِف‬
‫‪4‬‬
‫النساء من َتيض أقل من ذلك ثم وجد وعرف فرجع إليه‬

‫دليل حنابيلة‬

‫‪ 1‬املغني املطبوع مع الرشح الكبري ‪ 320 / 1‬ط الكتاب العريب‬


‫‪ 2‬فتح القدير عَل اُلداية ‪ 143 / 1‬ط إحياء الُتاث‬
‫‪ 3‬حاشية الدسوقي عَل الرشح الكبري ‪ 169، 168 /1‬ط دار الفكر‬
‫‪ 4‬فتح العزيز برشح الوجيز‪ 441/2‬دار الفكر‬
‫أقل احليض‬

‫مسألة‪ :‬واختلفت ِف أقل احليض‬

‫فنقل حنبل واألثرم واملروذي‪ :‬أقله يوم‪ ،‬ألن املرجع ِف ذلك إل الوجود‪ ،‬وقد وجد حيض معتاد يوم ًا‬
‫‪1‬‬
‫فلهذا كان حيضا‬

‫َرش َي ْو ًما)‬ ‫حل ْي ي‬


‫ض‪َ :‬ي ْو ٌم و َل ْي َل ٌة‪ ،‬و َأ ْك َث ُر ُه مخ َْس َة ع َ‬ ‫مسألة؛ قال‪( :‬و َأ َق ُّل ا َ‬

‫أن أ َق َّل احلَ ْي ي‬


‫ض‬ ‫اختي َ‬
‫الف فيه‪َّ ،‬‬ ‫عبد اَّللَّ‪ ،‬وقال اخل َّال ُل‪ :‬مذهب أبى ي‬
‫عبد اَّللَّ َل ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫هذا الص يحيح يمن مذهب أبيى ي‬
‫َّ ُ‬
‫‪2‬‬
‫يو ٌم‬

‫دليل حنيفة‬

‫رواه الدارقطني عن أيب أمامة ‪ .‬وهناك عدة روايات َلبن عدي ِف الكامل والدارقطني والعقييل وابن‬
‫‪3‬‬
‫اجلوزي ِف العلل املتناهية يرتقي ِبا احلديث من الضعف إل درجة احلسن ‪.‬‬

‫اض ٌة ) لي َق ْولي يه‬ ‫استي َح َ‬ ‫ض َثال َث ُة َأيا ٍم و َليالييها ‪ ,‬وما َن َق ي ي‬


‫ص م ْن َذل َك َف ُه َو ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ‬ ‫احل ْي ي‬ ‫ض واَلستيح َ ي‬
‫اضة ( َأ َق ُّل ْ َ‬ ‫احل ْي ي َ ْ َ‬ ‫اب ْ َ‬ ‫َب ُ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫احلي ي ي‬
‫َرش ُة َأ َّيا ٍم } َو ُه َو‬
‫يها َو َأ ْك َث ُر ُه ع َ َ‬
‫ب َثال َث ُة َأ َّيا ٍم َو َل َيال َ‬‫ض ل ْل َج يار َية ا ْلبيك ُْر َوال َّث ِّي ُ‬ ‫عليه الصالة والسالم { َأ َق ُّل ْ َ ْ‬
‫ان َواألَ ْك َث ُر يم ْن ا ْل َي ْو يم‬
‫ف رْحه اَّلل َأ َّنه يوم ي‬
‫َُْ َ‬ ‫وس َ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫حج ٌة ع َََل َّ ي ي‬
‫الشافع ِّي رْحه اَّلل يِف ال َّت ْقد يير يب َي ْو ٍم َو َل ْي َلة ‪َ .‬و َع ْن َأ ييب ُي ُ‬ ‫ُ َّ‬
‫‪4‬‬ ‫ث إ َقا َم ٌة لي َ‬
‫أل ْك َث ير َم َقا َم ا ْلك ُِّل‬ ‫ال َّثالي ي‬

‫َرش َي ْو ًما } َو َض َّع َف ُه بي ُس َل ْي َام َن املَْكْني ِّي َأ َبا‬ ‫ي‬


‫احل ْي َضت َْني َمخ َْس َة ع َ َ‬
‫ني ْ َ‬ ‫َرش ‪َ ,‬و َأ َق ُّل َما َب ْ َ‬
‫الث َو َأ ْك َث ُر ُه ع ْ ٌ‬
‫ض َث ٌ‬ ‫احل ْي ي‬
‫{ َأ َق ُّل ْ َ‬
‫يف‬‫الض يع َ‬ ‫يث َع ْن النَّبي ِّي صَل اَّلل عليه وسلم ُم َت َعدِّ َد ُة ال ُّط ُر يق ‪َ ,‬و َذلي َك َي ْر َف ُع َّ‬ ‫اد َ‬‫داود الن ََّخ يعي ‪َ .‬فه يذ يه يعدَّ ُة َأح ي‬
‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ ُ‬
‫الر ْف ُع ‪َ ,‬ب ْل ت َْس ُك ُن النَّ ْف ُس بي َك ْث َر ية َما‬ ‫الرش يعي ُة يَمَّا َل تُدْ ر ُك بيالر ْأ يي ‪َ ,‬فاملَْو ُق ُ ي‬
‫وف ف َيام ُحك ُْم ُه َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ات َّ ْ َّ‬ ‫احل َس ين َواملُْ َقدَّ َر ُ‬
‫َإل ْ َ‬

‫‪ 1‬املسائل الفقهية من كتاب الروايتني والوجهني ص‪ 103‬ج‬


‫‪ 2 2‬املغني ص‪ 388‬ج‪1‬‬

‫‪ 3‬فتح القدير‪143 / 1‬‬


‫‪ 4‬فتح القدير عَل اُلداية ‪ 143 / 1‬ط إحياء الُتاث‬
‫اجل ْم َل ية َف َل ُه َأ ْص ٌل يِف‬ ‫الض يع ُ‬
‫يف ‪َ .‬وبي ْ ُ‬ ‫الر ياوي َّ‬ ‫ي ي ي‬ ‫يه َعن الصحاب ية والتَّابي يعنيَ َإل َأ َّن املَْر ُف ي‬
‫وع َمَّا َأ َجا َد فيه َذل َك َّ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ َّ َ َ َ‬
‫روى في ي‬
‫َ َ‬
‫يه ح يدي ًثا حسنًا وَل َض يعي ًفا ‪ ,‬وإينَّام َمتسكُوا في ي‬
‫يه بي َام َر َو ْو ُه‬ ‫ي ي‬ ‫ي ي ي‬
‫َ َ َ َّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫الرش يع ‪ ,‬بيخالف َق ْوُل ْم َأ ْك َث ُر ُه َمخ َْس َة ع َ َ‬
‫َرش َي ْو ًما ََل ْ َن ْع َل ْم ف َ‬ ‫َّ ْ‬
‫َعنْه صَل اَّلل عليه وسلم َق َال يِف يص َف ية النِّس ي‬
‫اء‬ ‫َ‬ ‫‪1‬‬
‫ُ‬

‫دليل مالك‬

‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬


‫إش َار ٌة‬ ‫يح َواألَ َّو ُل َأ ْو َل َو َه َذا َ‬ ‫الُها َصح ٌ‬ ‫اخل يار ُج ( ُد ْف َع ًة ) بي َض ِّم الدَّ ال الدَّ ْف َق ُة َوبي َفتْح َها املَْ َّر ُة َوك ُ َ‬
‫َان ْ َ‬ ‫( َوإي ْن ) ك َ‬
‫خل يارجي َوَل َحدَّ ألَ ْك َث ير يه َو َأ َّما بياعْتي َب يار الزَّ َم ين َفال َحدَّ ألَ َق ِّل يه َو َه َذا بيالن ِّْس َب ية َإل ا ْل يع َبا َد ية َو َأ َّما يِف‬ ‫ي ي‬
‫َإل َأ َق ِّله بياعْت َب يار ا ْ َ‬
‫ان ‪َ ،‬ولي َذلي َك َب َّينُوا َأ َق َّل ُه‬ ‫ا ْل يعدَّ ية واَلستيرب ياء َفال بدَّ يمن يو ٍم َأو بع يض يه و َذ َهب املَْاليكيي ُة إي َل َأ َّنه َل حدَّ ألَ َق ِّل يه بيالزَّ م ي‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ْ َْ ْ َْ‬ ‫َ ْ َْ‬
‫‪2‬‬
‫يِف املْي ْقدَ يار َو ُه َو َد ْف َعة‬

‫سببا اإلختالف‬

‫عدم ثبوت اخبار من النبي ِف بيان اقل احليض‪،‬واختالف احوال النساء ِف ذلك‪.‬قال القايض ابن رشد‬
‫رْحه اَّلل ‪ :‬وهذه األقاويل كلها املختلف فيها عند الفقهاء ِف اقل احليض‪.‬‬

‫وتثبت العادة ملتغريِتا واملبتدأة بقرئني فإن اختلفا فيحكم باألقل ويغريها الثالث املخالف وتثبت بالرابع‬
‫ثم كذ‬

‫قوله‪ :‬باب احليض‪" :‬هو األذى اخلارج من الرحم ِف وقت خمصوص‬

‫أقول‪ :‬قد نظر املصنف رْحه اَّلل ِف هذا احلد إيل ما وقع ِف القرآن من قوله عز وجل { َو َي ْس َألون ََك ع ي‬
‫َن‬
‫ذى} [البقرة‪ ، ]222 :‬وإيل ما ذكره أهل اللغة‬ ‫املَْ يح ي‬
‫يض ُق ْل ُه َو َأ ً‬

‫قال األزهري واُلروي وغريُها احليض جريان دم املرأة ِف أوقات معلومة من رْحها بعد بلوغها‬

‫وقد نوقش املصنف ِف هذا احلد بام يرد عليه فإن املراد التعريف بالوجه َل بالكنه‬

‫قوله‪" :‬وأقله ثالث وأكثره عرش‬

‫‪ 1‬فتح القدير‪143 / 1‬‬


‫‪ 2‬حاشية الدسوقي عَل الرشح الكبري ‪ 169، 168 /1‬ط دار الفكر‬
‫أقول‪َ :‬ل يأت ِف تقدير أقل احليض وأكثره ما يصلح للتمسك به بل مجيع الوارد ِف ذلك أما موضوع أو‬
‫ضعيف ملرة والذي ثبت أنه صَل اَّلل عليه وسلم قال‪" :‬متكث إحداهن الليايل ذوات العدد َل تصيل"‪،‬‬
‫وغاية ما ثبت ِف ذلك العدد ما أخرجه أبو دأود والُتمذي وابن ماجة قال الُتمذي حسن صحيح وقال‬
‫الُتمذي عن أْحد والبخاري أَنام صححاه وكذلك نقل ابن املنذر عنهام من حديث ْحنة بنت جحش‬
‫قالت كنت أستحاض حيضة كثرية شديدة فأتيت النبي صَل اَّلل عليه وسلم‬

‫احلديث وفيه فقال النبي صَل اَّلل عليه وسلم‪" :‬إنام هي ركضة من الشيطان فتحيِض ستة أيام أو سبعة‬
‫أيام ِف علم اَّلل كام َتيض النساء‬

‫فلو قيل إن أكثر احليض سبعة أيام لكان لذلك وجه‬

‫قوله‪" :‬ويتعذر قبل دخول املرأة ِف التاسعة‬

‫أقول‪ :‬قد استدل عَل تعذره قبل دخول املرأة ِف التاسعة باإلمجاع وكذلك استدل باإلمجاع عَل تعذره قبل‬
‫أقل الطهر بعد أكثر احليض‬

‫وأما تعذره بعد الستني فاستدل عليه بأنه أكثر ما قيل ِف مدة اإلياس فكان إمجاعا‬

‫مناقشة ‪:‬‬

‫وقال عطاء ‪ :‬رأيت من النساء من َتيض يوما وَتيض مخس عرشة وقال َشيك ‪ :‬عندنا امرأة َتيض كل‬
‫شهر مخس عرشة يوما حيضا مستقيام وقال أبو عبد اَّلل الزبريي ‪ :‬كان ِف نسائنا من َتيض يوما وَتيض‬
‫مخسة عرش يوما وقال الشافعي ‪ :‬رأيت امرأة أثبت يل عنها أنا َل تزل َتيض يوما َل تزيد عليه وأثبت يل‬
‫عن نساء إَنن َل يزلن َيضن أقل من ثالثة أيام وقوُلن َيب الرجوع إليه لقوله تعال ‪ { :‬وَل َيل ُلن أن‬
‫يكتمن ما خلق اَّلل ِف أرحامهن } فلوَل أنه مقبول ما حرم عليهن الكتامن ورى ذلك ُمرى الشهادة وَل‬
‫يوجد حيض معتاد أقل من ذلك ِف عرص من األعصار فال يكون حيضا بحال وحديث وائلة بن األسقع‬
‫يرويه حممد بن أْحد الشامي وهو ضعيف عن ْحاد بن املنهال وهو ُمهول وحديث أنس رواه اجللد بن‬
‫أيوب وهو ضعيف قال ابن عيينة ‪ :‬هو حمدث َل أصل له وقال يزيد بن زريع ذاك أبو حنيفة َل َيتج إَل ب‬
‫اجللد بن أيوب وحدث اجللد ولو صح فقد روى عن عيل ريض اُلل عنه ما يعارضه فإنه قال ‪ :‬ما زاد عَل‬
‫‪1‬‬
‫مخسة عرش إستحاضة وأقل احليض يوم وليلة‬

‫يض يوما ‪ ,‬و َ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬


‫يض َمخ َْس َة ع َ َ‬
‫َرش ‪.‬‬ ‫َت ُ‬ ‫َق َال َع َطا ٌء ‪َ :‬ر َأ ْيت م ْن الن َِّساء َم ْن ََت ُ َ ْ ً َ‬

‫ول ‪ :‬يعنْدَ نَا امر َأ ٌة َ ي‬ ‫َي َيى ْب ُن آ َد َم ‪َ ,‬ق َال ‪َ :‬س يم ْعت َ ي‬ ‫ي‬
‫يض ك َُّل َش ْه ٍر َمخ َْس َة ع َ َ‬
‫َرش‬ ‫َت ُ‬ ‫َْ‬ ‫َشيكًا َي ُق ُ‬ ‫َو َق َال َأ ْْحَدُ ‪َ :‬حدَّ َثني َ ْ‬
‫َي ْو ًما َح ْي ًضا ُم ْست يَق ًيام ‪.‬‬

‫ي‬ ‫اعي ‪ :‬يعنْدَ نَا امر َأ ٌة َ ي‬


‫ي‬ ‫ي‬
‫يض َغدْ َو ًة َو َت ْط ُه ُر عَش ىيا ‪َ .‬ي َر ْو َن َأ َّن ُه َح ْي ٌض تَدَ ُع َل ُه َّ‬
‫الصال َة‬ ‫َت ُ‬ ‫َْ‬ ‫َو َق َال ا ْب ُن املُْنْذ ير ‪َ :‬ق َال األَ ْوزَ ُّ‬
‫‪.‬‬

‫ي ٍ َ‬ ‫ي ُ ي‬ ‫ي‬ ‫الشافي يعي ر َأيت امر َأ ًة ُأ ْثبي َت ييل َعنْها َأَنا ََل تَزَ ْل َ ي‬
‫يض َي ْو ًما َل تَزيدُ َع َل ْيه ‪َ ,‬وأ ْثب َت ييل َع ْن ن َساء أ ََّنُ َّن ََل ْ‬
‫َت ُ‬ ‫َ َّ َ ْ‬ ‫َو َق َال َّ ُّ َ ْ ْ َ‬
‫َيزَ ْل َن ََيي ْض َن َأ َق َّل يم ْن َثال َث ية َأ َّيا ٍم ‪.‬‬

‫يض ا ْم َر َأ يِت َي ْو َم ْ ي‬ ‫اق بن ر ْاهوي يه َعن بك يْر ب ين َعب يد اَّللَّي املُْزَ يين ‪َ ,‬أ َّنه َق َال ‪ َ :‬ي‬
‫ني ‪.‬‬ ‫َت ُ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َو َذك ََر إي ْس َح ُ ْ ُ َ َ ْ ْ َ ْ ْ‬

‫ان إَل َي ْو َم ْ ي‬
‫ني ‪.‬‬ ‫اق ‪َ :‬و َقا َل ْت ا ْم َر َأ ٌة يم ْن َأ ْهلينَا َم ْع ُرو َف ٌة ‪ََ :‬ل ُأ ْفطي ْر ُمن ُْذ يع ْ ي‬
‫رشي َن َسنَ ًة يِف َش ْه ير َر َم َض َ‬ ‫َق َال إي ْس َح ُ‬
‫ْ‬

‫وع إ َل ْي يه ‪ ,‬لقوله تعال {‪َ :‬وَل ََيي ُّل َُل ُ َّن َأ ْن َي ْكت ُْم َن َما َخ َل َق اَّللَُّ يِف َأ ْر َح يام يه َّن } َف َل ْوَل َأ َّن‬
‫الر ُج ُ‬ ‫ب ُّ‬ ‫َو َق ْو ُُل ُ َّن َ ي‬
‫َي ُ‬
‫الش َها َد َة }‪َ .‬و ََل ْ ُي َ‬
‫وجدْ‬ ‫ول َما َح َّر َم َع َل ْي يه َّن ا ْلكيت َْام َن ‪َ ,‬و َج َرى َذلي َك ُمَ َْرى َق ْولي يه ‪َ { :‬وَل َت ْكت ُُموا َّ‬‫َق ْو َُل ُ َّن َم ْق ُب ٌ‬
‫يث َواثي َل َة َي ْر يو ييه‬
‫ال ‪َ .‬و َح يد ُ‬ ‫ُون َح ْي ًضا بي َح ٍ‬ ‫ْص يار ‪َ ,‬فال َيك ُ‬ ‫َرص م ْن األَع َ‬
‫حي ٌض َأ َق ُّل يمن َذلي َك عَاد ًة مست يَمر ًة يِف ع ٍ ي‬
‫ْ‬ ‫َ ُ ْ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫َّاد ْب ين املْين َْه ي‬
‫ال ‪َ ,‬و ُه َو ُمَ ُْه ٌ‬
‫ول ‪.‬‬ ‫يف ‪َ ,‬عن َْح ي‬ ‫ي‬ ‫حمُ َمدُ بن َأ ْْحَدَ َّ ي‬
‫الشام ُّي ‪َ ,‬و ُه َو َضع ٌ ْ‬ ‫َّ ْ ُ‬

‫يف ‪َ .‬ق َال ا ْب ُن ُع َي ْينَ َة ‪ُ :‬ه َو َح يد ٌ‬


‫يث َل َأ ْص َل َل ُه ‪.‬‬ ‫وب ‪َ ,‬و ُه َو َض يع ٌ‬ ‫ي‬
‫َس َي ْر يويه ْ َ‬
‫اجل ْلدُ ْب ُن َأ ُّي َ‬ ‫َو َح يد ُ‬
‫يث َأن ٍ‬

‫وب ‪ ,‬يق َيل ‪َّ :‬‬


‫إن حمُ ََّمدَ ْب َن إي ْس َح َ‬
‫اق َر َوا ُه ‪,‬‬ ‫َس ‪َ :‬ليس ُهو َشيئًا َه َذا يمن يقب يل ْ ي‬
‫اجل ْلد ْب ين َأ ُّي َ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ي ي‬
‫َو َق َال َأ ْْحَدُ يِف َحديث َأن ٍ ْ َ َ ْ‬
‫احل َس ين ْب ين يدين ٍ‬
‫َار ‪َ .‬و َض َّع َف ُه يجدى ا‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َو َق َال ‪َ :‬ما َأ َرا ُه َسم َع ُه إَل م ْن ْ َ‬

‫‪ 1‬الرشح الكبري عَل املقنع ِبامش املغني ‪ 320 / 1‬ط الكتاب العريب‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫يث ْ ي‬ ‫ي‬ ‫اك َأبو حنيي َف َة ََل ََيتَج إَل بي ْ ي‬
‫اجل ْلد َقدْ ُرو َي َع ْن ع ٍّ‬
‫َيل‬ ‫وب ‪َ ,‬و َحد ُ َ‬ ‫اجل ْلد ْب ين َأ ُّي َ‬
‫َ‬ ‫ْ ْ َّ‬ ‫َق َال ‪َ :‬و َق َال َي يزيدُ ْب ُن زُ َر ْي ٍع ‪َ :‬ذ َ ُ َ‬
‫ض َي ْو ٌم َو َل ْي َل ٌة \‬
‫‪1‬‬ ‫احل ْي ي‬ ‫استي َح َ‬
‫اض ٌة ‪َ ,‬و َأ َق ُّل ْ َ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ريض اَّلل عنه َما ُي َعار ُض ُه ‪َ .‬فإ َّن ُه َق َال ‪َ :‬ما زَ ا َد ع َََل َمخ َْس َة ع َ َ‬
‫َرش ْ‬

‫واحلاصل أنه َل دليل عَل هذه الثالث احلاَلت التي يتعذر عندها احليض َل من كتاب وَل سنة وليس إَل‬
‫ُمرد اَلستقراء وذلك أنه َل ينقل أن امرأة حاضت حيضا َشعيا قبل تسع سنني وَل بعد ستني سنة‬

‫‪ 1‬املغني املطبوع مع الرشح الكبري ‪ 320 / 1‬ط الكتاب العريب‬


‫مس املصحف للحائض‬
‫اإلعداد ‪ :‬ديامس جي فرامتا‬

‫احل ِّق َونُو ُدوا َأ ْن تي ْلك ُُم‬ ‫احل ْمدُ َّللَّي ا َّل يذي َهدَ انَا يُل َ َذا َو َما ُكنَّا لين َْهت يَد َي َل ْو ََل َأ ْن َهدَ انَا اَّللَُّ َل َقدْ َجا َء ْ‬
‫ت ُر ُس ُل َر ِّبنَا بي ْ َ‬ ‫َْ‬
‫ي‬ ‫اجلنَّ ُة ُأ ي‬
‫يك َل ُه ا ْل َواحدُ ا ْل َق َّه ُار‪ .‬ا ْلك يَر ُ‬
‫يم‬ ‫َش َ‬‫ون َو َأ ْش َهدُ َأ ْن ََل إ َل َه َّإَل اَّللَُّ َو ْحدَ ُه ََل َ ي‬‫وها بي َام ُكنْت ُْم َت ْع َم ُل َ‬
‫ور ْثت ُُم َ‬ ‫َْ‬
‫ا ْل َغ َّف ُار * َو َأ ْش َهدُ َأ َّن حمُ ََّمدً ا َع ْبدُ ُه َو َر ُسو ُل ُه‪َ .‬و َحبيي ُب ُه َو َخليي ُل ُه‪ .‬املُْ ْص َط َفى بي َت ْع يمي يم َدع َْوتي يه َو ير َسا َلتي يه‪ .‬املُْ َف َّض ُل ع َََل‬
‫يد يم َّلتي يه َو َس َام َح ية‬
‫ول َش َفاعَتي يه‪ .‬املَْ ْخصوص بي َت ْأيي ي‬
‫ُ ُ‬ ‫ف ع َََل ا ْل َعاملَينيَ َقاطي َب ًة بي ُشم ي‬
‫ُ‬ ‫رش ُ‬ ‫يي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ْاألَ َّولنيَ َو ْاْلخ يري َن م ْن َب ير َّيته‪ .‬املُْ َ َّ‬
‫ي‬

‫اج يه َو َط يري َقتي يه‪َ .‬وا ْل يق َيا يم بي َت ْبليي يغ َما ُأ ْر يس َل بي يه َإل ُأ َّمتي يه‪.‬‬
‫إيضاحي يمن َْه ي‬ ‫َشي َعتي يه‪ .‬املُْك ََّر ُم بيت َْوفي ييق ُأ َّمتي يه لي ْل ُم َبا َلغ يَة يِف َ‬
‫َ ي‬
‫يهم بيإيحس ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫إخ َواني يه يم ْن النَّبي ِّينيَ َو ي‬
‫ات اَّللَّي َو َس َال ُم ُه َع َل ْي يه َوع َََل ْ‬
‫ان َإل َي ْو يم‬ ‫آل ك ٍُّل َو َسائ ير َّ‬
‫الصاحلنيَ ‪َ .‬وتَابيع ي ْ ْ َ‬ ‫َص َل َو ُ‬
‫الدِّ ي‬
‫ين‬
‫( َأ َّما َب ْعدُ )‬

‫احليض هو الدم اخلارج من النساء ِف زمن معني عَل سبيل الصحة واَلعتياد‪ ،‬وهذا معناه أن دم احليض‬
‫َل خيرج إَل ِف زمن معني ملدة معينة‪،‬‬

‫ْرب َلكي ْن‬ ‫احلدَ َث ْ ي‬


‫ني األَ ْصغ يَر َواألَك َ ي‬
‫‪1‬‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ف ليغ ْ ي‬
‫َري ال َّطاه ير َط َه َار ًة كَام َل ًة م َن ْ َ‬
‫ا َّت َف َق ا ْل ُف َقهاء ع َََل َأ َّنه ََيرم مس املُْصح ي‬
‫ْ َ‬ ‫ُ ْ ُ ُ َ ُّ‬ ‫َ ُ‬
‫وط َوال َّت ْف يص ي‬
‫يل‬ ‫الرش ي‬ ‫ف يع َب َار ُ ُ ي‬
‫َتتَلي ُ‬
‫َْ‬
‫اِت ْم ِف ُّ ُ‬

‫ُوب يمنْه ‪ ،‬و َلو آي ًة ع َََل ُن ُق ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي ي‬ ‫قول األول ‪َ :‬ف َق َال ْ ي‬


‫ود‬ ‫َي ُر ُم َم ُّس املُْ ْص َحف ُك ِّله َأ ْو َب ْعضه َأ ْي َم َّس املَْ ْكت ي ُ َ ْ َ‬ ‫احلنَف َّي ُة ‪ْ َ :‬‬
‫َ‬
‫يه ا ْلكيتَاب ُة يِف املُْصح ي‬ ‫ف كَحرم ية ما كُتيب يمنْه َفيست يَوي في ي‬ ‫َري يه َأو يجدَ ٍار ‪ ،‬ألَ َّن حرم َة املُْصح ي‬ ‫ي‬
‫ف َوع َََل‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َْ‬ ‫ُْ َ َ‬ ‫ُ ْ َ ْ َ‬ ‫د ْر َه ٍم َأ ْو غ ْ ي ْ‬
‫َان مسه مسا لي ْل ُقر ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫آن ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َي ُر ُم َم ُّس غالف املُْ ْص َحف املُْتَّص يل بيه ‪ ،‬ألَ َّن ُه َت َب ٌع َل ُه ‪َ ،‬فك َ َ ُّ ُ َ ى‬ ‫الدَّ َراه يم ‪ ،‬ك ََام َ ْ‬

‫‪ 1‬بدائع الصنائع ‪ ، 156 / 1‬والفتاوى اُلندية ‪ 38 / 1‬ـ ‪ ، 39‬واُلداية مع الفتح ‪ ، 168 / 1‬واملدونة ‪ ، 112 / 1‬وحاشية‬

‫الدسوقي عَل الرشح الكبري ‪ ، 125 / 1‬ومواهب اجلليل ‪ ، 374 / 1‬وَناية املحتاج ‪ 123 / 1‬وما بعدها ‪ ،‬وَشح روض‬

‫الطالب ‪ 60 / 1‬ـ ‪ ، 61‬واملغني ‪ ، 147 / 1‬واإلنصاف ‪ ، 222 / 1‬وكشاف القناع ‪ ، 134 / 1‬والفروع ‪. 188 / 1‬‬

‫واملجموع َشح املهذب ‪، 69 / 1‬‬


‫ف بينَح يو ع ٍ‬ ‫وق ‪ ،‬و ََيوزُ مس املُْصح ي‬ ‫آن كَا ْلكي ي‬ ‫َن ا ْل ُقر ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬
‫ُود َأ ْو َق َل ٍم‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫الصنْدُ ي َ ُ َ ُّ‬ ‫يس َو ُّ‬ ‫َي ُر ُم َم ُّس ا ْلغالف املُْنْ َفص يل ع ي ْ‬ ‫َوَل َ ْ‬
‫اخلَ يري َط ية ا ْل يوعَا ُء يم ْن‬
‫الص يحيحي ‪َ ،‬واملَْ ْق ُصو ُد بي ْ‬ ‫ي‬ ‫احلائي يل ك ْ‬
‫َاخلَ يري َطة يِف َّ‬
‫ي‬ ‫ي ٍ‬
‫َأ ْو غالف ُمنْ َفص ٍل َعنْ ُه ‪َ ،‬و ُيك َْر ُه ملَْ ُس ُه بيا ْلك ُِّم َو ْ َ‬
‫ُوب بيا ْلي يد ‪َ ،‬أما ا ْل َق َلم َفهو و ي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫يج ْل ٍد َأو غ ي ي‬
‫اس َط ٌة‬ ‫ُ َُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َريه ‪َ ،‬وَل ََت ُْر ُم كتَا َب ُة آ َية ع َََل َو َر َقة ‪ ،‬ألَ َّن املُْ َح َّر َم ُه َو َم ُّس املَْ ْكت ي َ‬ ‫ْ ْ‬
‫ف بي يغ ٍ‬
‫الف ُمنْ َف يص ٍل َأ ْو‬ ‫آن ‪ ،‬ألَ َّن املُْ ْفتَى بي يه جوازُ مس املُْصح ي‬
‫ب املُْنْ َف يص يل ا َّل يذي َي َم ُّس بي يه ا ْل ُق ْر َ‬
‫ُمنْ َف يص َل ٌة كَال َّث ْو ي‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ َ ِّ‬
‫رص ٍة‬
‫بي ُ َّ‬
‫‪1‬‬

‫ي‬ ‫ي‬ ‫قول الثاين ‪ :‬و َق َال املَْاليكيي ُة ‪َ :‬ل ََيوزُ مس املُْصح ي‬
‫يها‬‫َان ُم ْص َح ًفا َجام ًعا َم ًعا َأ ْو ُجزْ ًءا َأ ْو َو َر َق ًة ف َ‬ ‫ف ‪َ ،‬س َوا ٌء ك َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ َ ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ف َو َل ْو ع َََل يو َسا َد ٍة َأ ْو بي َعال َق ٍة َأ ْو‬ ‫اه ير يمن َْح يْل املُْصح ي‬
‫ْ َ‬ ‫ْ‬
‫بع ُض سور ٍة َأو َلوحا َأو كَتي ًفا م ْكتُوب ًة ‪ ،‬ويمنَع غَري ال َّط ي‬
‫َ َ َُ ْ ُ ُْ‬ ‫ُ َ ْ ْ ً ْ‬ ‫َْ‬
‫ف َم َع األَ ْمتي َع ية‬ ‫ُود ‪ ،‬و يإ ْن َقصدَ َْح َْل املُْصح ي‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َان املَْس يبحائي ٍل َأو ع ٍ‬
‫ْ‬ ‫َي ُر ُم املَْ ُّس َو َل ْو ك َ ُّ َ‬ ‫يس َ ْ‬
‫َت َت ُه ‪َ ،‬و َ ْ‬
‫ي‬ ‫َث ْو ٍ‬
‫ب َأ ْو ك ُْر ٍّ‬
‫ي‬
‫احل ْم ُل ‪َ ،‬وإي ْن َق َصدَ األَ ْمت َع َة بي ْ َ‬
‫احل ْم يل َجازَ ‪.‬‬ ‫َح ُر َم ْ َ‬

‫َيوزُ َذلي َك‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫احلم ُل ملُيع ِّل ٍم وم َتع ِّل ٍم بالي ٍغ وإي ْن ك َ ي‬
‫َان َحائ ًضا َأ ْو ُن َف َسا َء ل َعدَ يم ُقدْ َرِتي َام ع َََل املَْان يع ‪َ ،‬وَل َ ُ‬ ‫َيوزُ املَْ ُّس َو ْ َ ْ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َو َ ُ‬
‫ُب لي ُقدْ َرتي يه ع َََل إيزَ ا َل ية املَْاني يع بيا ْلغ ُْس يل َأ يو ال َّت َي ُّم يم‬
‫‪2‬‬ ‫لي ْل ُجن ي‬

‫ْح َل ُه بي َعال َقتي يه َأ ْو يِف ك ُِّم يه َأ ْو‬


‫ْح ُل ُه َس َوا ٌء َ َ‬
‫ف َو َ ْ‬‫ث مس املُْصح ي‬
‫ْ َ‬
‫ي ي‬
‫َي ُر ُم ع َََل املُْ ْحد َ ُّ‬
‫قول الثالث ‪ :‬و َق َال َّ ي ي‬
‫الشافع َّي ُة ‪ْ َ :‬‬ ‫َ‬
‫يف َو َس َوا ٌء‬ ‫ب َو َض يع ٌ‬ ‫ْح ُل ُه بي َعال َقتي يه َو ُه َو َشاذ يِف املَْ ْذ َه ي‬
‫َيوزُ َ ْ‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬
‫ع َََل َر ْأسه ‪َ ،‬و َحكَى ا ْل َقايض َواملُْت ََو ِّيل َو ْج ًها َأ َّن ُه َ ُ‬
‫اجل ْلدَ َفك ُُّل َذلي َك َح َرا ٌم ‪.‬‬
‫ايش َأ يو ْي‬ ‫مس َن ْفس األَس ُط ير َأو ما بينَها َأ يو ْ ي‬
‫احل َو َ‬
‫َ‬ ‫ْ َ َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬

‫اجل ْل يد َوَل‬
‫َي ُر ُم َم ُّس ْي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َيوزُ ‪َ ،‬و َحكَى الدَّ يارم ُّي َو ْج ًها َشا ىذا َبعيدً ا َأ َّن ُه َل َ ْ‬ ‫اجل ْل يد َو ْج ٌه َض يع ٌ‬
‫يف َأ َّن ُه َ ُ‬ ‫َو يِف َم ِّس ْي‬
‫يي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َي ُر ُم إيَل َن ْف ُس املَْ ْكت ي‬ ‫احلو ي‬
‫ور ال َّشافع َّية ََت يْر ُ‬
‫يم‬ ‫يح ا َّلذي َق َط َع بيه ُمج ُْه ُ‬ ‫الصح ُ‬ ‫ُوب ‪َ ،‬و َّ‬ ‫ني األَ ْس ُط ير َوَل َ ْ‬ ‫ايش َوَل َما َب ْ َ‬ ‫َْ َ‬
‫اجل يمي يع ‪.‬‬
‫َْ‬

‫َي ُر ُم َوبي يه َق َط َع‬ ‫ان م ْشه ي‬


‫وران ‪َ :‬أ َص ُّح ُه َام َ ْ‬
‫ي‬
‫يها َو ْج َه َ ُ َ‬
‫فف َ‬
‫َان املُْصح ُ ي‬
‫وق إي َذا ك َ ْ َ‬ ‫الصنْدُ ي‬ ‫ي‬
‫اخل يري َطة َو ُّ‬
‫ي‬
‫َو يِف َم ِّس ا ْل َعال َقة َو ْ َ‬
‫َاجل ْل يد‬
‫وب إي َل ْي يه ك ْي‬ ‫ي‬ ‫املُْتَو ِّيل وا ْلبغ يَوي ألَ َّنه مت َ ي‬
‫َّخ ٌذ ل ْل ُم ْص َحف َمن ُْس ٌ‬ ‫َ َ َ ُّ ُ ُ‬

‫‪ 1‬بدائع الصنائع ‪ ، 156 / 1‬والفتاوى اُلندية ‪ 38 / 1‬ـ ‪39‬‬


‫‪ 2‬املدونة ‪ ، 112 / 1‬وحاشية الدسوقي ‪ ، 125 / 1‬ومواهب اجلليل ‪.374 / 1‬‬
‫أدلة ‪:‬‬

‫ُون إي ََّل ا َّل يذي َن َقدْ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬


‫ول َت َع َال ذك ُْر ُه‪ََ :‬ل َي َم ُّس َذل َك ا ْلكت َ‬
‫َاب املَْ ْكن َ‬ ‫ون)‪َ ،‬ي ُق ُ‬
‫‪1‬‬ ‫(َل َي َم ُّس ُه إي ََّل املُْ َط َّه ُر َ‬‫قول اَّلل تعال‪َ :‬‬
‫ون} [الواقعة‪َ ]79 :‬ف َق َال‬ ‫يل يِف ا َّل يذي َن ُعنُوا بي َق ْولي يه‪{ :‬إي ََّل املُْ َط َّه ُر َ‬
‫ف َأ ْه ُل ال َّت ْأ يو ي‬
‫اخ َت َل َ‬‫ُوب َو ْ‬ ‫الذن ي‬ ‫َط َّه َر ُه ُم اَّللَُّ يم َن ُّ‬
‫‪2‬‬
‫َب ْع ُض ُه ْم‪ُ :‬ه ُم املَْ َالئي َك ُة‬

‫‪ -‬قوله تعال { َل يمسه إَل املطهورن } الواقعة ‪ 79 :‬قال ‪ :‬والصحيح ِف اْلية أن املراد به ‪ :‬الصحف التي‬
‫بأيدي املالئكة لوجوه عديدة منها ‪ :‬أنه وصفه بأنه مكنون و املكنون املستور عن العيون وهذا إنام هو ِف‬
‫الصحف التي بأيدي املالئكة ومنها ‪ :‬أنه قال ‪َ :‬ل يمسه إَل املطهرون وهم املالئكة ولو أراد املتوضئني‬
‫لقال ‪َ :‬ل يمسه إَل املتطهرون كام قال تعال ‪ :‬إن اَّلل َيب التوابني وَيب املتطهرين البقرة ‪ 222 :‬فاملالئكة‬
‫مطهرون واملؤمنون متطهرون ومنها ‪ :‬أن هذا إخبار ولو كان َنيا لقال ‪َ :‬ل يمسسه باجلزم واألصل ِف‬
‫‪3‬‬
‫اخلرب ‪ :‬أن يكون خربا صورة ومعنى‬

‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللُ َع َل ْي يه َو َس َّل َم إي َل‬ ‫َاب ا َّل يذي َك َت َب ُه َر ُس ُ‬


‫حديث ‪َ :‬ر َوا ُه َمالي ٌك يِف «املُْ َو َّطأي» ُم ْر َس ًال «إي َّن يِف ا ْلكيت ي‬
‫ان وبع َثها بي يه مع عَم يرو ب ين حزْ ٍم « َأ َّن ََل يمس ا ْل ُقرآ َن إي ََّل َط ي‬ ‫ي ي‬
‫اهر‪» .‬‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َ َ ْ ْ َ‬ ‫ُه َذ َ َ َ َ َ‬ ‫َأ ْق َيال ذي رعني وقعافر َو َ َ‬
‫وروى ال َّطرب ياين عَن عبد اَّلل بن عمر َق َال رسول اَّلل ص ََّل اَّللُ َع َلي يه وس َّلم‪ََ :‬ل يمس ا ْل ُقرآن إي ََّل َط ي‬
‫اه ٌر»‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫احل َس ين ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫الس ُيوط ُّي يِف َم ْر َت َبة ْ َ‬
‫يح َو َج َع َل ُه ُّ‬ ‫َاو ُّي‪َ :‬و َسنَدُ ُه َصح ٌ‬ ‫‪َ ،‬ق َال املَْن ي‬
‫اجلو يار و ي‬ ‫واملُْراد بيا ْل ُقر ي‬
‫اَلت َِّسا يع‬ ‫ب ْي َ َ‬ ‫ف‪َ ،‬س َّام ُه ُق ْرآنًا ع َََل ُق ْر ي‬
‫آن‪ :‬املُْ ْص َح ُ‬ ‫َ َ ُ ْ‬

‫السؤال‪ :‬ما حكم مس املصحف والقراءة فيه بغري طهارة؟ اجلواب‪َ :‬ل َيوز ذلك؛ ألنه جاء عن النبي‬
‫يم * يِف‬ ‫صَل اَّلل عليه وسلم أنه قال‪َ( :‬ل يمس القرآن إَل طاهر) وكذلك قول اَّلل عز وجل‪ :‬إي َّن ُه َل ُق ْر ٌ‬
‫آن ك يَر ٌ‬
‫َاب م ْكن ٍ‬
‫ُون * َل َي َم ُّس ُه إي ََّل املُْ َط َّه ُر َ‬ ‫ي‬
‫ون [الواقعة‪ ،]79-77:‬أي‪ِ :‬ف السامء‪ .‬ولكن قال شيخ اإلسالم ابن‬ ‫كت ٍ َ‬
‫تيمية ‪-‬كام نقله عنه ابن القيم ِف كتابه (التبيان ِف أقسام القرآن) ‪ -‬إن القرآن كام أنه ِف السامء َل يمسه إَل‬

‫‪ 1‬سورة الواقعة‪ ،‬آية‪79 :‬‬


‫‪ 2‬تفسري الطربي = جامع البيان ط هجر )‪(22/ 363‬‬
‫‪ 3‬التفسري القيم َلبن القيم )‪- (2 / 190‬‬
‫‪ 4‬التحرير والتنوير )‪- (27 / 335‬‬
‫املطهرون فكذلك ِف األرض ينبغي أن َل يمسه إَل املطهرون يعني‪ :‬من طريق القياس واإلحلاق‪ .‬لكن قد‬
‫جاء ِف حديث ِف كتاب عمرو بن حزم ‪( :‬أن َل يمس القرآن إَل طاهر) فال َيوز لإلنسان أن يمس‬
‫القرآن مباَشة إَل إذا كان طاهر ًا‪ ،‬أما إذا مسه مع حائل فال بأس بذلك‪ ،‬كأن يكون معه قلم أو عود أو ِف‬
‫‪1‬‬
‫يده كساء أو ما إل ذلك َل بأس بذلك‬

‫مناقشة مس املصحف‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫احلس ين و َع َط ٍ‬ ‫و َذ َهب ْ ي‬
‫أس َأ ْن‬ ‫احل َك يم َو َْحَّاد‪ ،‬إي َل َأ َّن ُه َل َب َ‬
‫الش ْعبي ِّي َوا ْل َقاس يم َو ْ َ‬ ‫اء َو َّ‬ ‫احلنَابي َل ُة‪َ ،‬و ُه َو َق ْو ُل ْ َ َ َ‬
‫احلنَف َّي ُة َو ْ َ‬
‫َ َ‬
‫اسا َل ُه َفال َي ْمن َُع يمنْ ُه‬
‫ُون َم ى‬ ‫ف بي يعال َق ٍة‪َ ،‬أ ْو َم َع َحائي ٍل غ ْ ي‬
‫َري تَابي ٍع َل ُه‪ ،‬ألَ َّن ُه َل َيك ُ‬ ‫ُب َأ يو املُْ ْح يد ُ‬
‫ث املُْ ْص َح َ‬ ‫َيم َل ْ ُ‬
‫اجلن ُ‬
‫َ ي‬
‫ْ‬
‫ْح َله بي يغ ي‬ ‫َن املَْس وَل مس ُهنَا‪َ ،‬ق َال ْ ي‬ ‫يي‬
‫الف غ ْ ي‬
‫َري‬ ‫احلنَف َّي ُة‪َ :‬ف َل ْو َ َ ُ‬
‫َ‬ ‫ْح َل ُه يِف َمتَاعه‪َ ،‬وألَ َّن الن َّْه َي ا ْل َو يار َد إين ََّام ُه َو ع ي ِّ َ َ َّ‬ ‫ك ََام َل ْو َ َ‬
‫يس ‪َ -‬أ ْو ن َْح َو َذلي َك‪ََ ،‬ل ْ ُيك َْر ْه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬
‫خمَ يط بيه‪َ ،‬أ ْو يِف َخ يري َطة ‪َ -‬وه َي ا ْلك ُ‬
‫ي ٍ ي‬

‫َيوزُ َذلي َك‪َ ،‬ق َال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫و َذ َهب املَْاليكيي ُة و َّ ي ي‬


‫الشافع َّي ُة َواألَ ْوزَ اع ُّي‪َ ،‬و ُه َو ير َوا َي ٌة َخ َّر َج َها ا ْل َقايض َع ْن َأ َْحْدَ إي َل َأ َّن ُه َل َ ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ‬
‫الف َأ ْو بي يعال َق ية‪،‬‬
‫ف‪َ ،‬أو يِف يغ ٍ‬
‫ْ‬
‫اه ير و َلو ع َََل يوساد ٍة َأو نَح يو َها‪َ ،‬ككُر ييس املُْصح ي‬
‫ْ ِّ ْ َ‬ ‫َ َ ْ ْ‬
‫ي‬
‫َري ال َّط َ ْ‬
‫املَْاليكيي ُة‪ :‬وَل َ ي‬
‫َيم ْل ُه غ ْ ُ‬‫َّ َ ْ‬
‫ف‪َ ،‬أ ْي يإ ْن‬ ‫وق في ي‬
‫يه َام ُم ْص َح ٌ‬ ‫الشافي يع َّي ُة يِف األَ َص ِّح يعنْدَ ُهم‪َ :‬ل ََيوزُ َل ُه َْح ُْل َوم ُّس َخ يري َط ٍة َأ ْو ُصنْدُ ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َوك ََذا َق َال َّ‬
‫ألمتيع ية وفي ي‬‫ُأ يعدَّ ا َله‪ ،‬وَل يمتَنيع مس َأو َْح ُْل صنْدُ ٍ ي ي‬
‫ف‬
‫يه ُم ْص َح ٌ‬ ‫وق ُأعدَّ ل َ ْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ ْ ُ َ ُّ ْ‬

‫َيزْ يعنْدَ املَْاليكي َّي ية‬ ‫احلن يَفي ية و ْ ي‬


‫احلنَابي َلة‪َ ،‬و ََل ْ َ ُ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ٍ ي ي‬ ‫ي‬
‫َري املُْ َت َط ِّه ير َأ ْو َر َاق املُْ ْص َحف بي ُعود يِف َيده َجازَ عنْدَ ك ٍُّل م َن ْ َ َّ َ َ‬ ‫بغ ْ ُ‬ ‫َو َل ْو َق َّل َ‬
‫الشافي يع َّي ية َص َّح َح الن ََّو يو ُّي َج َوازَ َذلي َك ألَ َّن ُه َل ْي َس بي َم ٍّس َوَل َْح ٍْل‪َ ،‬ق َال‪َ :‬و َب ْه َق َط َع‬
‫اجحي ‪َ ،‬و يعنْدَ َّ‬
‫ع َََل الر ي‬
‫َّ‬
‫الشافي يع ِّي‪.‬‬ ‫اب َّ‬ ‫ون يم ْن َأ ْص َح ي‬ ‫ا ْل يع َر ياق ُّي َ‬
‫وء ك َُّل َساع ٍَة‪.‬‬ ‫آن ع َََل َطهار ٍة َملي َش َّق ية ا ْلو ُض ي‬ ‫ُب ا ْل ُق ْر َ‬ ‫و َق َال ال َّتتَائيي يمن املَْاليكيي ية‪َ :‬ل ََييب َأ ْن يك َ ي‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُون ا َّلذي َي ْكت ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َ‬
‫اسا‬ ‫ري َم ٍّس بيا ْل َي يد‪ ،‬ألَ َّن ُه َيك ُ‬
‫ُون َم ى‬ ‫ث َو َل ْو يم ْن َغ ْ ي‬‫ف املُْ ْح يد ُ‬ ‫َون يُق َل َع ْن حمُ َِّم يد ْب ين ْ‬
‫احلَ َس ين َأ َّن ُه ك يَر َه َأ ْن َي ْكت َ‬
‫ُب املُْ ْص َح َ‬
‫بيا ْل َق َل يم‪.‬‬
‫احلن يَف َّي ية‬ ‫ي‬ ‫َري يه يمن ال ِّثي ي ي‬
‫اب ا َّلتي ُه َو َلبي ُس َها عنْدَ ْ َ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫َري املُْ َت َط ِّه ير َأ ْو َر َاق املُْ ْص َحف بيك ُِّمه َأ ْو غ ْ ي َ َ‬ ‫َو يِف َت ْقلي ي‬
‫يب ا ْل َق يار يئ غ ْ ي‬

‫الشافي يع َّي ية‪.‬‬


‫وس تَابي ٌع ليالبي يس يه َو ُه َو َق ْو ُل َّ‬ ‫ي‬ ‫اختي ٌ‬
‫الف‪َ .‬ق َال ا ْب ُن عَابيدي َن‪َ :‬واملَْن ُْع َأ ْو َل ألَ َّن املَْ ْل ُب َ‬ ‫ْ‬

‫‪َ 1‬شح سنن أيب داود ـ عبد املحسن العباد )‪- (7 / 21‬‬
‫اس‬ ‫س املَْ ِّ‬ ‫ف َوَل ُه َو يم ْن ُمال َب ي‬ ‫احلن يَفي ُة‪َ :‬لو و َضع ع َََل ي يد يه يمن يْديال َأو نَحوه يمن حائي ٍل َليس تَابيعا لي ْلمصح ي‬
‫ً ُ ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ ْ َُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َو َق َال ْ َ َّ ْ َ َ‬
‫َخدَ َم لي َذلي َك يو َسا َد ًة َأ ْو ن َْح َو َها ‪.‬‬
‫است ْ‬ ‫َفال بأس بي يه‪ ،‬ومنَعه املَْاليكيي ُة و َّ ي ي‬
‫الشافع َّي ُة َو َل يو ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َ َ‬
‫الشافي يعي ُة‪ََ :‬يوزُ لي ْلمح يد ي‬ ‫لرض ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يي‬ ‫ي‬ ‫اح ليغ ْ ي‬
‫ْح ُل ُه‬‫ث َْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ورة‪َ ،‬ق َال َّ َّ ُ‬ ‫َري املُْ َت َط ِّه ير عنْدَ املَْانعنيَ َْح ُْل املُْ ْص َحف َو َم ُّس ُه ل َّ ُ َ‬ ‫ع َََل َأ َّن ُه ُي َب ُ‬
‫ب يعنْدَ إي َرا َد ية‬ ‫َس َق ُت ُه‪َ ،‬و ََيي ُ‬
‫يف َض َيا ُع ُه َأ ْو َ ي‬‫يف ُو ُقو ُع ُه يِف َي يد كَافي ٍر َأ ْو يخ َ‬‫س َأ ْو يخ َ‬ ‫ف َح ْر ٍق َأ ْو غ ََر ٍق َأ ْو َتن َُّج ٍ‬ ‫يخلو ي‬
‫َْ‬
‫‪1‬‬
‫َص َح بي يم ْث يل َذلي َك املَْاليكي َّي ُة‬ ‫ي‬ ‫يي‬
‫َْحْله ال َّت َي ُّم ُم َأ ْي َح ْي ُث َل ََيدُ املَْا َء‪َ ،‬و َ َّ‬

‫قلت ‪:‬‬
‫قد كتبنا أقوال و أدلة مس املصحف للحائض يتبني يل أن الراجح ما ذهب إيل املالك ّية من أن احلائض‬
‫َتوز أن يمس املصحف ملتعلم و معلم ‪.‬هذا ليحرثوا حفظهم ِف أية الكريمة‪ ،‬ولسهولة احلفظ لطلبات‪.‬‬

‫‪ 1‬املوسوعة الفقهية الكويتية)‪» (38/ 7‬‬


‫عورة املرأة احلرة امام الرجل اَلجنبى‬

‫اإلعداد ‪ :‬عزازن أشهر‬

‫املقدمة‬

‫احلمد َّلل رب العاملني والصالة والسالم عَل اَشف اَلنبياء واملرسلني سيدنا حممد وعَل اله واصحابه‬
‫امجعني اما بعد‪ .‬انحرص خالف اهل العلم قديام وحديثا فيام َيل للمرأة كشفه من بدَنا بحضور رجل‬
‫اجنبى عنها او عند اخلروج من بيتها حلاجة من حاجاِتا ِف قولني مشهورين بناء عَل اَلختالف ِف تفسري‬
‫قوله تعال [ وَل يبدين زينتهن اَل ما ظهر منها ] ‪:‬‬

‫القول اَلول ‪ :‬مجيع بدَنا عورة اَلوجهها وكفيها فيجوز كشفها‪,‬وهذا قول اكثر اهل العلم من الفقهاء‬
‫واملفرسين وهو قول احلنفية واملالكية والشافعية‪.‬‬

‫القول الثانى ‪ :‬مجيع بدَنا عورة حتى وجهها وكفيها فال َيل ُلا كشفهام‪,‬وهذا قول ايب بكربن عبد الرْحن‬
‫من التابعني وقول اَلمام أْحد بن حنبل‪.‬‬

‫أدلة القائلني بجواز كشف الوجه والكفني ومناقشاِتا ‪:‬‬

‫وج ُه َّن َوَل ُي ْب يدي َن‬‫َي َف ْظ َن ُف ُر َ‬


‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي ي‬
‫‪ .1‬القول ِف تأويل قوله تعال‪َ { :‬و ُق ْل ل ْل ُمؤْ منَات َيغ ُْض ْض َن م ْن َأ ْب َص ياره َّن َو َ ْ‬
‫وِبين وَل يب يدين يزينَتَهن إيَل ليبعو َلتي يهن َأو آبائي يهن َأو آب ي‬ ‫ي‬ ‫يزينَت َُه َّن إيَل َما َظ َه َر يمن َْها َو ْل َي ْ ي‬
‫اء‬ ‫َّ ْ َ َّ ْ َ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ َّ‬ ‫رض ْب َن بي ُخ ُم يره َّن ع َََل ُج ُي ي َّ َ ُ ْ َ‬
‫اِت َّن َأ ْو ني َسائي يه َّن َأ ْو َما َم َلك ْ‬
‫َت‬ ‫اَن َّن َأ ْو َبنيي َأ َخ َو ي ي‬
‫اَن َّن َأ ْو َبنيي إي ْخ َو ي ي‬ ‫بعو َلتي يهن َأو َأبنَائي يهن َأو َأبن ي‬
‫َاء ُب ُعو َلتي يه َّن َأ ْو إي ْخ َو ي ي‬ ‫َّ ْ ْ‬ ‫َّ ْ ْ‬ ‫ُُ‬
‫‪1‬‬
‫َأ ْي َام َُنُ َّن (‪} )31‬‬

‫َات) من أمتك ( َيغ ُْض ْض َن يم ْن‬


‫يقول تعال ذكره لنبيه حممد صَل اَّلل عليه وسلم (و ُق ْل) يا حممد (ل ْلمؤْ يمن ي‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫وج ُه َّن) يقول‪ :‬وَيفظن فروجه َّن‬ ‫َي َف ْظ َن ُف ُر َ‬ ‫َأ ْب َص ياره َّن) عام يكره اَّلل النظر إليه َما َناكم عن النظر إليه َ‬
‫(و َ ْ‬
‫عن أن يراها من َل ّ‬
‫َيل له رؤيتها‪ ،‬بلبس ما يسُتها عن أبصارهم‪.‬‬

‫‪« 1‬تفسري الطربي = جامع البيان ط دار الُتبية والُتاث» (‪)155 /19‬‬
‫(وَل ُي ْب يدي َن يزينَت َُه َّن) يقول تعال ذكره‪ :‬وَل ُيظهرن للناس الذين ليسوا ُلن بمحرم زينته ّن‪ ،‬وُها‬
‫وقوله‪َ :‬‬
‫زينتان‪ :‬إحداُها‪ :‬ما خفي وذلك كاخللخال والسوارين والقرطني والقالئد‪،‬‬

‫املعني منه ِبذه اْلية‪ ،‬فكان بعضهم يقول‪ :‬زينة الثياب‬


‫ّ‬ ‫واألخرى‪ :‬ما ظهر منها‪ ،‬وذلك خمتلف ِف‬
‫الظاهرة‪.‬‬

‫*ذكر من قال ذلك‪:‬‬

‫حدثنا ابن ْحيد‪ ،‬قال‪ :‬ثنا هارون بن املغرية‪ ،‬عن احلجاج‪ ،‬عن أيب إسحاق‪ ،‬عن أيب األحوص‪ ،‬عن ابن‬
‫خل ْل َخاَلن والقرطان والسواران‪ .‬حدثني‬
‫مسعود‪ ،‬قال‪ :‬الزينة زينتان‪ :‬فالظاهرة منها الثياب‪ ،‬وما خفي‪ :‬ا َ‬
‫يونس‪ ،‬قال‪ :‬أخربنا ابن وهب‪ ،‬قال‪ :‬أخربين الثوري‪ ،‬عن أيب إسحاق‬

‫ون املُْؤْ يمنينيَ واملُْؤْ يمن ي‬


‫َات بيغ ْ ي‬
‫َري َما‬ ‫(وا َّل يذي َن ُيؤْ ُذ َ‬
‫َ‬ ‫‪. «2‬حدثنا برش‪ ،‬قال‪ :‬ثنا يزيد‪ ،‬قال‪ :‬ثنا سعيد‪ ،‬عن قتادة َ‬
‫احت ََم ُلوا ُ ِْبتَانًا َوإي ْث ًام ُمبيينًا) فإياكم وأذى املؤمن‪ ،‬فإن اَّلل َيوطه‪ ،‬ويغضب له ‪.‬‬ ‫ي‬
‫ا ْكت ََس ُبوا َف َقد ْ‬

‫احت ََم ُلوا ُ ِْبتَانًا َوإي ْث ًام ُمبيينًا) يقول‪ :‬فقد احتملوا زورا وكذ ًبا وفرية شنيعة‪ ،‬وِبتان‪ :‬أفحش‬ ‫ي‬
‫وقوله ( َف َقد ْ‬
‫(وإي ْث ًام ُمبيينًا) يقول‪ :‬وإثام يبني لسامعه أنه إثم وزور‪.‬‬
‫الكذب‪َ ،‬‬
‫اج َك وبنَاتي َك ونيس ي‬
‫اء املُْؤْ يمنينيَ ُيدْ نينيَ َع َل ْي يه َّن يم ْن‬ ‫َ َ‬ ‫القول ِف تأويل قوله تعال‪َ { :‬يا َأ ُّ َهيا النَّبي ُّي ُق ْل ألزْ َو ي َ َ‬
‫ورا َر يح ًيام }[‪]59‬‬ ‫َجالبييبي يه َّن َذلي َك َأ ْدنَى َأ ْن ُي ْع َر ْف َن َفال ُيؤْ َذ ْي َن َوك َ‬
‫َان اَّللَُّ َغ ُف ً‬

‫يقول تعال ذكره لنبيه حممد َص ََّل اَّلل َع َل ْي يه َو َس َّلم‪ :‬يا أهيا النبي قل ألزواجك وبناتك ونساء املؤمنني‪َ :‬ل‬
‫يتشبهن باإلماء ِف لباسهن إذا هن خرجن من بيوِتن حلاجتهن‪ ،‬فكشفن شعورهن ووجوههن‪ .‬ولكن‬
‫ليدنني عليهن من جالبيبه ّن؛ لئال يعرض ُلن فاسق‪ ،‬إذا علم أَنن حرائر‪ ،‬بأذى من قول‪.‬‬

‫ثم اختلف أهل التأويل ِف صفة اإلدناء الذي أمرهن اَّلل به فقال بعضهم‪ :‬هو أن يغطني وجوههن‬
‫ورءوسهن فال يبدين منهن إَل عينا واحدة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬

‫حدثني عيل‪ ،‬قال‪ :‬ثنا َأبو صالح قال ثني معاوية عن عيل عن ابن عباس‪ ،‬قوله ( َيا َأهيا النَّبيي ُق ْل ألزْ َو ي‬
‫اج َك‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ّ‬
‫وبنَاتي َك ونيس ي‬
‫اء املُْؤْ يمنينيَ ُيدْ نينيَ َع َل ْي يه َّن يم ْن َجالبييبي يه َّن) أمر اَّلل نساء املؤمنني إذا خرجن من بيوِتن ِف حاجة‬ ‫َ َ‬ ‫ََ‬
‫أن يغطني وجوههن من فوق رءوسهن باجلالبيب ويبدين عينا واحدة‬
‫‪ .2‬قال اَّللَّ تبارك وتعال‪َ { :‬و ََل ُي ْب يدي َن يزينَت َُه َّن إي ََّل َما َظ َه َر يمن َْها}‪ 31 :‬أخربنا أبو بكر حممد بن عيل بن أْحد‬
‫األُتْفوي‪ ،‬قال‪ :‬أخربنا أبو الفضل بكر بن حممد بن العالء القشريي القايض‪ ،‬قراءة عليه بمرص ِف منزله‬
‫وأنا أسمع‪ ،‬قال‪ :‬قال عبد اَّللَّ بن مسعود‪ :‬الثياب(‪ ،)1‬وقال‪ :‬الزينة زينتان‪ ،‬زينة باطنة‪ ،‬وزينة ظاهرة‪،‬‬
‫فالباطنة كلها للزوج‪ ،‬كل ما تزينت به املرأة‪ ،‬والظاهرة(‪ )2‬لسائر الناس عَل وجه املعروف(‪ ،)3‬هذا‬
‫معنى قوله‪ .‬وقال ابن عباس‪ :‬الوجه والكفان ما ظهر‪ ،‬واخلاتم(‪ .)4‬وقال ابن عمر‪ :‬الوجه والكفان(‪.)5‬‬
‫وقال املفرسون بكل قول من ذلك(‪)1( .)6‬‬
‫‪2‬‬

‫اء يِف قوله‪{ :‬إي ََّل َما‬ ‫َاه ٍد و َع َط ٍ‬‫اس وُمُ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫‪َ .3‬ق ْوله َت َع َال‪َ { :‬وَل ُي ْبدي َن يزينَت َُه َّن إي ََّل َما َظ َه َر من َْها} ‪ُ .‬ر يو َي َع ْن ا ْب ين َع َّب ٍ َ‬
‫َس‪.‬‬‫ُح ُل" َو َع ْن ا ْب ين ع َُم َر يم ْث ُل ُه‪َ ،‬وك ََذلي َك َع ْن َأن ٍ‬ ‫اب َوا ْلك ْ‬ ‫اخل َض ُ‬
‫َف‪ ْ ،‬ي‬ ‫َان يِف ا ْل َو ْج يه َوا ْلك ِّ‬
‫َظ َه َر يمن َْها} َق َال‪َ " :‬ما ك َ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫اس َأ ْي ًضا‪َ " :‬أ ََّنَا ا ْلك ُّ‬‫َو ُر يو َي َع ْن ا ْب ين َع َّب ٍ‬
‫ب‬ ‫اخلات َُم" َو َقا َل ْت عَائ َش ُة‪" :‬الزِّ ينَ ُة ال َّظاه َرةُ‪ :‬ا ْل ُق ْل ُ‬‫َف َوا ْل َو ْج ُه َو ْ َ‬
‫اِبا"‪َ .‬و َق َال َس يعيدُ‬ ‫ي ي‬
‫احل َس ُن‪َ " :‬و ْج ُه َها َو َما َظ َه َر م ْن ث َي ي َ‬
‫اخلَات َُم"‪َ .‬و َق َال ْ َ‬ ‫ْخ ُة‪ْ ،‬‬‫ْخ ُة" َو َق َال َأ ُبو ُع َب ْيدَ ةَ‪" :‬ا ْل َفت َ‬‫َوا ْل َفت َ‬
‫َان‪ :‬يزينَ ٌة َباطينَ ٌة ََل‬ ‫ص َعن َعب يد اَّللَّي َق َال‪" :‬الزِّ ينَ ُة يزينَت ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ب‪َ " :‬و ْج ُه َها َمَّا َظ َه َر من َْها"‪َ .‬و َر َوى َأ ُبو ْاألَ ْح َو ي ْ ْ‬ ‫ْب ُن املُْ َس ِّي ي‬
‫اهيم‪" :‬الزِّ ينَ ُة ال َّظ ي‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫َير َاها َّإَل الزَّ ْو ُج ْ ي ي‬
‫اه َر ُة‬ ‫اخلات َُم‪َ ،‬و َأ َّما ال َّظاه َر ُة َفال ِّث َي ُ‬
‫اب" َو َق َال إ ْب َر ُ‬ ‫اإلكْل ُيل َو ِّ‬
‫الس َو ُار َو ْ َ‬ ‫َ‬
‫ال ِّث َي ُ‬
‫اب‪".‬‬

‫َق َال َأ ُبو َبك ٍْر‪َ :‬ق ْوله َت َع َال‪َ { :‬وَل ُي ْب يدي َن يزينَت َُه َّن إي ََّل َما َظ َه َر يمن َْها} إن ََّام َأ َرا َد بي يه ْاألَ ْجنَبي ِّينيَ ُد َ‬
‫ون الزَّ ْوجي‬
‫ني يِف ن ََس يق الت َِّال َو ية ُحك َْم َذ يوي املَْ َح يار يم يِف َذلي َك‪َ .‬و َق َال َأ ْص َحا ُبنَا‪ :‬املُْ َرا ُد ا ْل َو ْج ُه‬ ‫َو َذ يوي املَْ َح يار يم; يألَ َّن ُه َقدْ َب َّ َ‬
‫اح النَّ َظ َر َإل يزين يَة ا ْل َو ْج يه‬ ‫اخلات ََم يزينَ ُة ا ْلك ِّ‬
‫َف‪َ ،‬فإي ْذ َقدْ َأ َب َ‬ ‫اب َو ْ َ‬‫اخل َض َ‬
‫ان; يألَ َّن ا ْلكُح َل يزينَ ُة ا ْلوج يه و ْ ي‬
‫َ ْ َ‬ ‫ْ‬
‫وا ْل َك َّف ي‬
‫َ‬
‫ني يم ْن املَْ ْر َأ ية‬ ‫ني‪َ .‬و َيدُ ُّل ع َََل َأ َّن ا ْل َو ْج َه َوا ْل َك َّف ْ ي‬ ‫اح َة النَّ َظ ير َإل ا ْل َو ْج يه َوا ْل َك َّف ْ ي‬ ‫ي‬
‫َف َف َقدْ ا ْقت ََض َذل َك ََل حمَ َا َل َة إ َب َ‬ ‫َوا ْلك ِّ‬
‫ُت َما‬ ‫ُها ك ََام َع َل ْي َها َس ْ ُ‬ ‫َان َع َل ْي َها َس ْ ُ‬
‫ُت ُ َ‬ ‫َل ْي َسا بي َع ْو َر ٍة َأ ْي ًضا َأ ََّنَا ت َُص ِّيل َمك ُْشو َف َة ا ْل َو ْج يه َوا ْل َيدَ ْي ين‪َ ،‬ف َل ْو كَانَا ع َْو َر ًة َلك َ‬

‫رواه ابن جرير ِف تفسريه (‪304 – 303 /9‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ِ) )2‬ف األصل‪ :‬والظاهرة الباطنة‪.‬‬

‫‪) )3‬رواه بلفظ قريب من لفظ املصنف ابن أيب شيبة ِف مصنفه برقم ‪ ،17017‬كتاب‪ :‬النكاح‪ِ ،‬ف قوله تعال‪َ { :‬و ََل ُيبْ يدي َن‬

‫يزينَت َُه َّن‪( . .‬ط الرشد)‪ ،‬ورواه ابن جرير ِف تفسريه (‪).303 /9‬‬

‫(‪ )4‬رواه ابن أيب شيبة ِف مصنفه برقم ‪ ،17018‬كتاب‪ :‬النكاح‪ِ ،‬ف قوله تعال‪َ { :‬و ََل ُيبْ يدي َن يزينَتَ ُه َّن‪( ،}. . .‬ط الرشد)‪،‬‬

‫بدون ذكر اخلاتم‪ ،‬وعزاه السيوطي ِف الدُّ ر املنثور (‪ )180 /6‬بلفظ اخلاتم َلبن أيب شيبة ِف مصنفه‪ ،‬وعبد بن ْحيد‪ ،‬وابن‬

‫أيب حاتم‪.‬‬
‫َري َش ْه َو ٍة‪َ ،‬فإي ْن ك َ‬
‫َان‬ ‫أل ْجنَبي ِّي َأ ْن َينْ ُظ َر يم ْن املَْ ْر َأ ية َإل َو ْج يه َها َو َيدَ ْهيا بيغ ْ ي‬
‫َ‬ ‫َان ك ََذلي َك َجازَ لي ْ َ‬ ‫ُه َو ع َْو َر ٌة; َوإي َذا ك َ‬
‫الش َها َد َة َع َل ْي َها َأ ْو َحاكي ٌم ُي يريدُ َأ ْن َي ْس َم َع‬ ‫َي َها َأ ْو َّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫يها إ َذا َن َظ َر إ َل ْي َها َجازَ َأ ْن َينْ ُظ َر ل ُع ْذ ٍر م ْث َل َأ ْن ُي يريدَ تَزْ يو َ‬ ‫َي ْشت يَه َ‬
‫َيوزُ َل ُه النَّ َظ ُر َإل ا ْل َو ْج يه لي َش ْه َو ٍة َق ْو ُل ُه َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم لي َع ي ٍّيل‪ََ " :‬ل ُتتْبي ْع النَّ ْظ َر َة‬‫إ ْق َر َار َها‪َ .‬و َيدُ ُّل ع َََل َأ َّن ُه ََل َ ُ‬
‫ول َو َل ْي َس َلك ْاْل يخ َر َة"‪،‬‬ ‫النَّ ْظ َر َة َفإي َّن َلك ْاألُ َ‬

‫رصك" َو ََل ْ ُي َف ِّر ْق َب ْ َ‬


‫ني‬ ‫ف َب َ َ‬ ‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َع ْن َن ْظ َر ية ا ْل ُف َجا َء ية َف َق َال‪ ْ " :‬ي‬
‫اَص ْ‬ ‫َو َس َأ َل َج ير ٌير َر ُس َ‬
‫ي‬ ‫َري يه‪َ ،‬فدَ َّل ع َََل َأ َّن ُه َأ َرا َد النَّ ْظ َر َة بي َش ْه َو ٍة; َوإين ََّام َق َال‪َ " :‬لك ْاألُ َ‬ ‫ا ْل َو ْج يه َوغ ْ ي‬
‫ورةٌ‪َ " :‬و َل ْي َس َلك‬ ‫رض َ‬ ‫ول "; ألَ ََّنَا َ ُ‬
‫اف َأ ْن َي ْشت يَه َي َمليا َذك َْرنَا يم ْن ْاألَع َْذ يار‬
‫ني َوإي ْن َخ َ‬ ‫احوا النَّ َظ َر َإل ا ْل َو ْج يه َوا ْل َك َّف ْ ي‬ ‫ْاْل يخر ُة" ; يألََنا ْ ي‬
‫اخت َي ٌار‪َ .‬وإين ََّام َأ َب ُ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬
‫لي ْآل َث يار ا ْل َو يار َد ية يِف َذلي َك‪ ،‬يمن َْها‪َ :‬ما َر َوى َأ ُبو ُه َر ْي َر َة َأ َّن َر ُج ًال َأ َرا َد َأ ْن َيتَزَ َّو َج ا ْم َر َأ ًة يم ْن ا ْألَن َْص يار‪َ ،‬ف َق َال َل ُه‬
‫ي‬ ‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم‪ُ " :‬ا ْن ُظ ْر إ َل ْي َها َفإي َّن يِف َأع ُ ي‬
‫الصغ ََر‪.‬‬ ‫ْني ْاألَن َْص يار َش ْيئًا" َي ْعني ِّ‬ ‫َر ُس ُ‬

‫ب َأ َحدُ ك ُْم َف َق يد َر ع َََل َأ ْن َي َرى يمن َْها َما ُي ْع يج ُب ُه‬ ‫ي‬


‫َو َر َوى َجابي ٌر َع ْن النَّبي ِّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم‪" :‬إ َذا َخ َط َ‬
‫ْح ْي ٍد َو َقدْ َر َأى النَّبي َّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه‬ ‫وسى ْب ُن َع ْب يد اَّللَّي ْب ين َي يزيدَ َع ْن َأ ييب ُ َ‬ ‫َو َيدْ عُو ُه إ َل ْي َها َف ْل َي ْف َع ْل"‪َ .‬و َر َوى ُم َ‬
‫َاح َع َل ْي يه َأ ْن َينْ ُظ َر إ َل ْي َها إ َذا‬ ‫ب َأ َحدُ ك ُْم املَْ ْر َأ َة َف َال ُجن َ‬
‫ي‬
‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم‪" :‬إ َذا َخ َط َ‬‫َو َس َّل َم َق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬
‫خ ْط َب ية"‪َ .‬و َر َوى ُس َل ْي َام ُن ْب ُن َأ ييب َح ْث َم َة َع ْن حمُ ََّم يد ْب ين َس َل َم َة َع ْن النَّبي ِّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه‬ ‫َان إنَّام ينْ ُظر إ َليها لي ْل ي‬
‫ك َ َ َ ُ َْ‬
‫َاص ُم ْاألَ ْح َو ُل َع ْن ُبك َْري ْب ين َع ْب يد اَّللَّي َع ْن املُْ يغ َري ية ْب ين ُش ْع َب َة َق َال‪َ :‬خ َط ْبنَا ا ْم َر َأ ًة َف َق َال النَّبي ُّي‬ ‫وس َّلم يم ْث َله‪ .‬وروى ع ي‬
‫َ َ َ ُ ََ َ‬
‫‪3‬‬
‫َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم‪َ " :‬ن َظ ْرت إ َل ْي َها؟ " َف ُق ْلت‪ََ :‬ل‪َ ،‬ف َق َال‪ُ " :‬ا ْن ُظ ْر َفإي َّن ُه َألَ ْجدَ ُر َأ ْن ُيؤْ َد َم َب ْينَك َُام‬

‫‪« .4‬قوله تعال‪{ :‬وَل يبدين زينتهن} أي َل يظهرن زينتهن لغري حمرم‪ ،‬وأراد ِبا الزينة اخلفية‪ ،‬وُها زينتان‬
‫خفية وظاهرة‪ ،‬فاخلفية‪ :‬مثل اخللخال‪ ،‬واخلضاب ِف الرجل‪ ،‬والسوار ِف املعصم‪ ،‬والقرط والقالئد‪ ،‬فال‬
‫‪1‬‬
‫َيوز ُلا إظهارها‪ ،‬وَل لألجنبي النظر إليها‪ ،‬واملراد من الزينة موضع الزينة‪.‬‬

‫قوله تعال‪{ :‬إَل ما ظهر منها} أراد به الزينة الظاهرة‪ .‬واختلف أهل العلم ِف هذه الزينة الظاهرة‬
‫التي استثناها اَّلل تعال‪ :‬قال سعيد بن جبري والضحاك واألوزاعي‪ :‬هو الوجه والكفان‪ .‬وقال ابن‬
‫مسعود‪ :‬هي الثياب بدليل قوله تعال‪" :‬خذوا زينتكم عند كل مسجد" (األعراف‪ ، )31-‬وأراد ِبا‬

‫‪« 3‬أحكام القرآن للجصاص ط العلمية» (‪)408 /3‬‬

‫‪«1‬تفسري البغوي ‪ -‬طيبة» (‪)34 /6‬‬


‫الثياب‪ .‬وقال احلسن‪ :‬الوجه والثياب‪ .‬وقال ابن عباس‪ :‬الكحل واخلاتم واخلضاب ِف الكف‪.‬فام كان من‬
‫الزينة الظاهرة جاز للرجل األجنبي النظر إليه إذا َل خيف فتنة وشهوة‪ ،‬فإن خاف شيئا منها غض البرص‪،‬‬
‫وإنام رخص ِف هذا القدر أن تبديه املرأة من بدَنا ألنه ليس بعورة وتؤمر بكشفه ِف الصالة‪ ،‬وسائر بدَنا‬
‫عورة يلزمها سُته‪.‬‬

‫قوله عز وجل‪{ :‬وليرضبن بخمرهن} أي‪ :‬ليلقني بمقانعهن‪{ ،‬عَل جيوِبن} وصدورهن [ليسُتن‬
‫بذلك شعورهن وصدورهن] (‪ )1‬وأعناقهن وأقراطهن‪ .‬قالت عائشة ‪/39‬أرحم اَّلل نساء املهاجرات‬
‫األول ملا أنزل اَّلل عز وجل‪{ :‬وليرضبن بخمرهن عَل جيوِبن} شققن مروطهن فاختمرن ِبا (‪. )2‬‬

‫{وَل يبدين زينتهن} يعني‪ :‬الزينة اخلفية التي َل يبح ُلن كشفها ِف الصالة وَل لألجانب‪ ،‬وهو ما‬
‫عدا الوجه والكفني {إَل لبعولتهن} قال ابن عباس ومقاتل‪ :‬يعني َل يضعن اجللباب وَل اخلامر إَل‬
‫لبعولتهن‪ ،‬أي إَل ألزواجهن‪{ ،‬أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناءبعولتهن أو إخواَنن} فيجوز‬
‫ُلؤَلء أن ينظروا إل الزينة الباطنة‪ ،‬وَل ينظرون إل ما بني الرسة والركبة‪ ،‬وَيوز للزوج أن ينظر إل مجيع‬
‫بدَنا غري أنه يكره له النظر إل فرجها ‪[.‬سورة النور (‪ : )24‬اْليات ‪ 30‬ال ‪]31‬‬

‫ون (‪َ )30‬و ُق ْل‬ ‫وج ُه ْم ذلي َك َأزْ كى َُل ُ ْم إي َّن اَّللََّ َخبي ٌري بيام َي ْصنَ ُع َ‬ ‫َي َف ُظوا ُف ُر َ‬
‫‪ُ .5‬ق ْل لي ْلمؤْ يمنينيَ يغ ُُّضوا يمن َأب ي ي‬
‫صاره ْم َو َ ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وج ُه َّن َوَل ُي ْب يدي َن يزينَت َُه َّن إي ََلّ ما َظ َه َر يمنْها َو ْل َي ْ ي‬
‫رض ْب َن‬ ‫َي َف ْظ َن ُف ُر َ‬
‫نات يغ ُْض ْضن يمن َأب ي ي‬
‫صاره َّن َو َ ْ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫َ‬
‫لي ْلمؤْ يم ي‬
‫ُ‬
‫آباء بعو َلتي يهن َأو َأبنائي يهن َأو َأب ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫بي ُخ ُم ير يه َّن عََل ُج ُي ي‬
‫ناء‬ ‫َّ ْ ْ‬ ‫َّ ْ ْ‬ ‫وِبي َّن َوَل ُي ْبدي َن يزينَت َُه َّن إي ََلّ ل ُب ُعو َلت يه َّن َأ ْو آبائ يه َّن َأ ْو ُ ُ‬
‫َري ُأ ي‬ ‫امَن َّن َأ يو التَّابي يعنيَ غ ْ ي‬ ‫واِتي َّن َأ ْو نيسائي يه َّن َأ ْو ما َم َلك ْ‬ ‫واَن َّن َأ ْو َبنيي َأ َخ ي‬
‫واَن َّن َأ ْو َبنيي إي ْخ ي ي‬
‫ُب ُعو َلتي يه َّن َأ ْو إي ْخ ي ي‬
‫ويل‬ ‫َت َأ ْي ُ ُ‬
‫رض ْب َن بي َأ ْر ُجلي يه َّن لي ُي ْع َل َم ما ُخي يْفنيَ يم ْن‬ ‫رات الن ي‬
‫ِّساء َوَل َي ْ ي‬ ‫جال َأ يو ال ِّط ْف يل ا َّل يذين ََل ي ْظهروا عََل عَو ي‬ ‫اإلر َب ية يم َن الر ي‬
‫ْ‬ ‫َ َْ َُ‬ ‫ِّ‬ ‫ْيْ‬
‫يزينَتي يه َّن َوتُو ُبوا إي َل اَّللَّي َمجييع ًا َأ ُّ َهيا املُْؤْ يمنُو َن َل َع َّلك ُْم ُت ْفلي ُح َ‬
‫ون (‪)31‬‬

‫قوله‪ُ :‬ق ْل لي ْل ُمؤْ يمنينيَ َيغ ُُّضوا يم ْن َأ ْب ي‬


‫صار يه ْم [‪ ]30‬أي غضوا أبصاركم عن حمارم اَّلل تعال‪ ،‬هو عن‬
‫النظر من غري غرية‪ .‬وروي عن عبادة بن الصامت «‪ »1‬عن النبي صَل اَّلل عليه وس ّلم أنه قال‪:‬‬
‫«اضمنوا يل ستة أضمن لكم اجلنة‪ ،‬أصدقوا إذا حدثتم‪ ،‬وأوفوا إذا وعدتم‪ ،‬وأ ّدوا إذا ائتمنتم‪،‬‬
‫واحفظوا فروجكم‪ ،‬وغضوا أبصاركم‪ ،‬وكفوا أيديكم» «‪ . »2‬وحكي عن ابن عمر ريض اَّلل عنه أنه‬
‫‪1‬‬
‫صَل اَّلل عليه وس ّلم يلتفت ِف الصالة؟ قال‪ :‬وَل ِف غري الصالة‪.‬‬
‫سئل‪ :‬أكان رسول اَّلل ّ‬

‫قوله‪َ :‬وتُو ُبوا إي َل اَّللَّي َمجييع ًا َأ ُّ َهيا املُْؤْ يمن َ‬


‫ُون [‪ ]31‬قيل‪ :‬ما التوبة؟ قال‪ :‬أن تبدل بدل اجلهل العلم وبدل‬
‫النسيان الذكر وبدل املعصية الطاعة‬

‫ادلة القائلني بمنع كشف الوجه والكفني ومناقشتها‬

‫رب يين َج ير ُير ْب ُن حازم قال‪ :‬سمعت حممد ابن يس يريي َن َق َال‪َ :‬س َأ ْل ُت ُع َب ْيدَ َة‬ ‫ب َق َال‪َ :‬أ ْخ َ َ‬ ‫ربنَا ا ْب ُن َو ْه ٍ‬‫‪َ - 71«.1‬أ ْخ َ َ‬
‫الس ْل َام ي َّين َع ْن َق ْو يل اَّللَّي‪َ { :‬وَل ُي ْب يدي َن يزينَت َُه َّن إيَل َما َظ َه َر منها}‪َ ،‬ق َال‪َ :‬و َأ َخ َذ ُع َب ْيدَ ُة َث ْو َب ُه َف َت َقن ََّع بي يه َو َأ ْخ َر َج‬
‫َّ‬
‫‪2‬‬
‫إي ْحدَ ى َع ْينَ ْي يه‪.‬‬

‫ول‪ :‬ذلك القلب‪ ،‬الفتخة؛ َق َال َج ير ٌير‪:‬‬ ‫َق َال‪َ :‬و َق َال َج ير ٌير‪َ :‬و َحدَّ َثنيي َق ْي ُس ْب ُن َس ْع ٍد َأ َّن َأ َبا ُه َر ْي َر َة ك َ‬
‫َان َي ُق ُ‬
‫اخل َواتي ُم‪».‬‬
‫ْخ ُة ْ َ‬‫الس َو ُار‪َ ،‬وا ْل َفت َ‬
‫ب ِّ‬ ‫ا ْل ُق ْل ُ‬
‫ون املُْؤْ يمنينيَ واملُْؤْ يمن ي‬
‫َات بيغ ْ ي‬
‫َري َما‬ ‫(وا َّل يذي َن ُيؤْ ُذ َ‬
‫َ‬ ‫‪« .2‬حدثنا برش‪ ،‬قال‪ :‬ثنا يزيد‪ ،‬قال‪ :‬ثنا سعيد‪ ،‬عن قتادة َ‬
‫احت ََم ُلوا ُ ِْبتَانًا َوإي ْث ًام ُمبيينًا) فإياكم وأذى املؤمن‪ ،‬فإن اَّلل َيوطه‪ ،‬ويغضب له‪.‬‬ ‫ي‬
‫‪3‬‬
‫ا ْكت ََس ُبوا َف َقد ْ‬

‫احت ََم ُلوا ُ ِْبتَانًا َوإي ْث ًام ُمبيينًا) يقول‪ :‬فقد احتملوا زورا وكذ ًبا وفرية شنيعة‪ ،‬وِبتان‪ :‬أفحش‬ ‫ي‬
‫وقوله ( َف َقد ْ‬
‫(وإي ْث ًام ُمبيينًا) يقول‪ :‬وإثام يبني لسامعه أنه إثم وزور‪.‬‬
‫الكذب‪َ ،‬‬

‫‪ )1‬عبادة بن الصامت بن قيس األنصاري (‪ 38‬ق هـ‪ 34 -‬هـ) ‪ :‬صحايب‪ ،‬من املوصوفني بالورع‪ .‬شهد العقبة وبدرا‬ ‫‪1‬‬

‫وسائر املشاهد‪ ،‬وحرض فتح مرص‪( .‬األعالم ‪) .258 /3‬‬

‫(‪ )2‬شعب اإليامن ‪ )1( .230 ،206 /4‬ما بني القوسني ساقط من "أ"‪ )2(.‬أخرجه البخاري ِف التفسري‪ ،‬باب‪:‬‬

‫"وليرضبن بخمرهن عَل جيوِبن" ‪».489 / 8‬‬

‫‪« 2‬تفسري القرآن من اجلامع َلبن وهب» (‪)40 /2‬‬

‫‪«3‬تفسري الطربي = جامع البيان ط دار الُتبية والُتاث» (‪)324 /20‬‬


‫اج َك وبنَاتي َك ونيس ي‬
‫اء املُْؤْ يمنينيَ ُيدْ نينيَ َع َل ْي يه َّن يم ْن‬ ‫َ َ‬ ‫القول ِف تأويل قوله تعال‪َ { :‬يا َأ ُّ َهيا النَّبي ُّي ُق ْل ألزْ َو ي َ َ‬
‫ورا َر يح ًيام (‪} )59‬‬ ‫َجالبييبي يه َّن َذلي َك َأ ْدنَى َأ ْن ُي ْع َر ْف َن َفال ُيؤْ َذ ْي َن َوك َ‬
‫َان اَّللَُّ َغ ُف ً‬

‫يقول تعال ذكره لنبيه حممد َص ََّل اَّلل َع َل ْي يه َو َس َّلم‪ :‬يا أهيا النبي قل ألزواجك وبناتك ونساء املؤمنني‪:‬‬
‫َل يتشبهن باإلماء ِف لباسهن إذا هن خرجن من بيوِتن حلاجتهن‪ ،‬فكشفن شعورهن ووجوههن‪ .‬ولكن‬
‫ليدنني عليهن من جالبيبه ّن؛ لئال يعرض ُلن فاسق‪ ،‬إذا علم أَنن حرائر‪ ،‬بأذى من قول‪.‬‬

‫ثم اختلف أهل التأويل ِف صفة اإلدناء الذي أمرهن اَّلل به فقال بعضهم‪ :‬هو أن يغطني وجوههن‬
‫ورءوسهن فال يبدين منهن إَل عينا واحدة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬

‫عيل‪ ،‬قال‪ :‬ثنا َأبو صالح قال ثني معاوية عن عيل عن ابن عباس‪ ،‬قوله ( َيا َأ ُّ َهيا النَّبي ُّي ُق ْل‬ ‫حدثني ّ‬
‫اج َك وبنَاتي َك ونيس ي‬
‫اء املُْؤْ يمنينيَ ُيدْ نينيَ َع َل ْي يه َّن يم ْن َجالبييبي يه َّن) أمر اَّلل نساء املؤمنني إذا خرجن من‬ ‫َ َ‬ ‫ألزْ َو ي َ َ‬
‫بيوِتن ِف حاجة أن يغطني وجوههن من فوق رءوسهن باجلالبيب ويبدين عينا واحدة‬

‫‪1‬‬ ‫‪«.3‬وإين كان ما قال ابن َع َّب ٍ‬


‫اس ففيه دَللة حل النظر إل وجه املرأة َل بشهوة‪.‬‬

‫وإين كان ما قالت عائشة من القلب والفتخة‪ ،‬ففيه دَللة جواز النظر إل الكفني والقدمني؛ ألَنام‬
‫ظاهرتان باديتان؛ أَل ترى أَنام من الظواهر ِف فرض غسل الوضوء‪ ،‬وإن كان ذلك ففيه دَللة جواز‬
‫صالِتا مع ظهور القدم‪.‬‬

‫وجائز أن يكون النظر إل وجه املرأة حالَل إذا َل يكن بشهوة‪ ،‬لكن غض البرص وترك النظر أرفق‬
‫اج َك وبنَاتي َك ونيس ي‬
‫اء املُْؤْ يمنينيَ ُيدْ نينيَ َع َل ْي يه َّن يم ْن َج َالبييبي يه َّن َذلي َك َأ ْدنَى‬ ‫ي‬
‫َ َ‬ ‫وأزكى‪ ،‬كقوله‪َ ( :‬يا َأ ُّ َهيا النَّبي ُّي ُق ْل ألَزْ َو ي َ َ‬
‫َأ ْن ُي ْع َر ْف َن َف َال ُيؤْ َذ ْي َن) كام تؤذى اإلماء‪.‬‬

‫والذي يدل أن للمرأة أَل تغطي وجهها‪ ،‬وَل ينبغي للرجل أن يتعمد النظر إل وجه املرأة إَل عند‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫احلاجة إليه ‪ -‬قول رسول اَّللَّ ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َليه َو َس َّل َم ‪ -‬لعيل ‪َ -‬ر َ‬
‫يض اَّللَُّ َعنْ ُه ‪ " :-‬إنام لك األول وليست‬
‫لك اْلخرة "‪ ،‬وِف بعضها‪ " :‬األول لك واْلخرة عليك "؛ ألنه كأنه إنام كرر النظر ِف الثانية؛ لشهوة‬
‫َتدث ِف قلبه‪ .‬وإذنه للذي يريد أن يتزوج امرأة أن ينظر إليها يدل عَل أن نظر الرجل إل وجه املرأة غري‬
‫حرام؛ ألنه لو كان حرا ًما َل يأذن فيه النبي ألحد‪.‬‬

‫‪« 1‬تفسري املاتريدي = تأويالت أهل السنة» (‪)545 /7‬‬


‫ونرى ‪ -‬واَّللَّ أعلم ‪ -‬أن النظر إل وجه املرأة ليس بحرام إذا َل يقع ِف قلب الرجل من ذلك شهوة‪،‬‬
‫فإذا وجد لذلك شهوة‪ ،‬وَل يأمن أن يؤدي به ذلك إل ما يكره فمحظور عليه أن ينظر إليها إَل أن يريد به‬
‫معرفتها والنكاح فإنه قد رخص ِف ذلك؛ روي أن املغرية أراد أن يتزوج امرأة فقال له رسول اَّللَّ ‪َ -‬ص ََّل‬
‫اَّللَُّ َع َل ي‬
‫يه َو َس َّل َم ‪ " :-‬اذهب فانظر إليها‪ ،‬فإنه أحرى أن يؤدم بينكام "‪.‬‬

‫وقال ِف بعض األخبار‪ " :‬إذا خطب أحدكم املرأة فال بأس أن ينظر إليها؛ إذا كان إنام ينظر إليها‬
‫للخطبة‪ ،‬وإن كانت َل تعلم "‪ .‬وأحسن للشابة وأفضل ُلا أن تسُت وجهها ويدهيا عن الرجال ليس ألن‬
‫ذلك حرام وإليها معصية‪ ،‬ولكن ملا خياف ِف ذلك من حدوث الشهوة‪ ،‬ووقوع الفتنة ِبا‪ ،‬فإذا َل»‪.‬‬

‫إختيار الكاتب‬

‫قد اختار الكاتب عَل قول اَلول القائل بجواز كشف الوجه امام الرجل اَلجنبي غري حمرمها‬
‫كعورِتا ِف الصالة يعني كل بدَنا اَل وجهها وكفيها ليس ُلا ان تسُت كلها اي حتى وجهها َلن ذلك‬
‫احلال سيصعبها ِف اَلحوال وايضا تنظيم نظام لباسها َمنوع مع ان الرجال َل بد ُلم ان يغض بصارهم‬
‫َلن َل يرو املرأة اَل حمرمه ‪,‬م وان املرأة صلن بكشف وجهها التى الصالة هي اكرم العمل َلن تتوجه ال‬
‫اَّلل واحواُلا اَلخرى ادنى منها فكيف انظم منها واملرأة تأمر ان تسُت وجهها َلن العصاة هذا ابعد فهذا‬
‫األمرين َل بد ُلام ان َيريا معا َل احد منهام ان يُتتب‪.‬فاحلاصا ان املرأة تلبس كيف تأمر و الرجل ان‬
‫يغض بصارهم عَل نظر املرأة غري حمرمه كمأمور به‪.‬‬
‫فقه املقارن‬

‫املعهد العايل النور الثاين املرتضَل‬

‫حكم األذان بني املذاهب األربعة‬

‫مدرس هذا الفن ‪ :‬األستاذ فطاين أكرب ثاين ل‪.‬ج‬

‫بالقلم ‪ :‬اْحد نوفال ريفالدي‬

‫بسم اَّلل الرْحن الرحيم‬

‫احلمد َّلل رب العلمني‪ ،‬وبه نستعني‪ ،‬عَل أمور الدنيا و الدين‪ ،‬والصالة والسالم عَل أَشف‬
‫األنبياء و املرسلني‪ ،‬وآله و صحبه أمجعني‪ .‬أ ّما بعد‪ ،‬قبل ان نبحث حكم األذان ِف مذهب األربعة ينبغي‬
‫لنا نعرع تعريف األذان‪ ،‬األذان لغة اإلعالم ‪ ،‬قال تعال (وأ ِّذن ىف الناس بااحل ّج ) ‪ -‬احلج ‪ :‬األية ‪-27‬‬
‫أي أعلمهم‪ .‬و َشعا ‪ :‬قول خمصوص يعلم به وقت الصالة املفروضة ولدعوة املسلمني إل اَلجتامع‬
‫‪1‬‬

‫إليها‪.‬‬

‫‪ 1‬مغني املحتاج ‪197 /1‬‬


‫كان ترشيع األذان ِف السنة األول للهجرة‪ ،‬روى البخاري (‪ ،)579‬ومسلم (‪،)377‬‬
‫عن ابن عمر ريض اَّلل عنهام قال‪ :‬كان املسلمون حني قدموا املدينة َيتمعون فيتحينون الصالة‪ ،‬ليس‬
‫ينادي ُلا‪ ،‬فتكلموا يوم ًا ِف ذلك‪ ،‬فقال بعضهم‪ :‬اَتذوا ناقوس ًا مثل ناقوس النصارى‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬بل‬
‫بوقا مثل قرن اليهود‪،‬فقال عمر‪ -‬ريض اَّلل عنه ‪ : -‬أوَلً تبعثون رج ً‬
‫ال ينادي بالصالة؟ فقال رسول اَّلل ‪-‬‬
‫صَل اَّلل عليه وسلم ‪" : -‬يا بالل قم فناد بالصالة"‪ [ .‬فيتحينون‪ :‬من احلني وهو الوقت والزمن‪ ،‬أي‬
‫يقدرون حينها ليأتوا إليها‪ .‬قرن‪ :‬هو البوق الذي له عنق يشبه القرن]‪ - .‬األذان سنة للصالة احلارضة‬
‫والفائتة‪ ،‬سنة مؤكدة عَل الكفاية ِف حق اجلامعة‪ ،‬أما بالنسبة للمنفرد فهو سنة عينية‪ .‬ولألذان أُهية كربى‬
‫ِف إظهار شعرية من شعائر اإلسالم‪.‬‬

‫ودليل ترشيع األذان القرآن والسنّة‪:‬‬


‫فأما القرآن‪ :‬فقوله تعال‪ { :‬إذا نودي للصالة من يوم اجلمعة فاسعوا إل ذكر اَّلل وذروا البيع } (‬
‫اجلمعة‪.)99:‬‬
‫وأما السنة‪ :‬فقوله‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪": -‬إذا حرضت الصالة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم‬
‫أكربكم" ‪ .‬مباَشة بز نبحث حكم األذان ِف مذهب األربعة‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫أقوال‬

‫اتفق األئمة عَل أن األذان سنة الكفاية اي مؤكد ‪ ،‬ما عدا احلنابلة‪ :‬فإَنم قالوا‪ :‬إنه فرض كفاية‬
‫بمعنى إذا أتى به أحد فقد سقط عَل الباقني‪ ،‬عَل أن األئمة تفصي ً‬
‫ال ِف حكم األذان‪.‬‬

‫• إختلف الفقهاء عن احلكم األذان منها ‪:‬‬


‫األول‪ :‬سنة مؤكدة عَل الكفاية عند احلنفية و الشافعية واملالكي‪ .‬و لكن هم يبني تفصيال‬
‫(‪ )1‬القول ّ‬
‫ِف مذهبهم كام ِف اجلامعة‪ ،‬صالة املسافر‪ ،‬وغري ذالك‪.‬‬
‫(‪ )2‬القوا الثاين‪ :‬فرض كفاية عند حنابلة‪.‬‬

‫األد ّلة‬

‫‪( 1‬رواه البخاري‪ ،602:‬ومسلم‪.)674:‬‬


‫األول‬
‫األدلة القول ّ‬

‫اجل َامع يَة إيَل َأ َّن ُه آ َكدُ يِف َح ِّق‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫حديث ‪ - :‬وا َّت َف َق َّ ي ي‬
‫الشافع ُّي ‪َ ،‬و َأ ُبو َحني َف َة ع َََل َأ َّن ُه ُسنَّ ٌة ل ْل ُمنْ َف يرد َو ْ َ‬ ‫َ‬
‫رص ِّي ملَيا َث َب َت ( َأ َّن‬ ‫اجلَ َامع يَة ‪َ .‬ق َال َأ ُبو ع َُم َر ‪َ :‬وا َّت َف َق ا ْلك ُُّل ع َََل َأ َّن ُه ُسنَّ ٌة ُمؤَ َّكدَ ٌة َأ ْو َف ْر ٌض ع َََل املْي ْ ي‬
‫ْ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ول اَّللَّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ‪ -‬ك َ‬
‫َان إي َذا َسم َع النِّدَ ا َء ََل ْ ُيغ ْر ‪َ ،‬وإي َذا ََل ْ َي ْس َم ْع ُه َأغ َ‬
‫َار)‪.‬‬ ‫َر ُس َ‬

‫احبي يه‪:‬‬
‫ث وليص ي‬ ‫ي‬
‫احل َو ْي ير َ َ‬
‫ي ي ي‬ ‫ي‬
‫ول اَّللَّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم ‪َ -‬ق َال َملالك ْب ين ْ ُ‬
‫‪َ -‬ث َب َت َأ َّن َر ُس َ‬
‫(إي َذا ُكنْتُام يِف س َف ٍر َف َأ ِّذنَا ‪َ ،‬و َأ يقيام ‪َ ،‬و ْل َيؤُ مكُام َأكْربكُام)‪َ ،‬وك ََذلي َك ما ر يو َي يم ين ات َِّص ي‬
‫ال‬ ‫َ ُ‬ ‫ُّ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اجل َامع يَة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫يي ي‬
‫ع ََمله بيه ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم ‪ -‬يِف ْ َ‬

‫األدلة القول الثاين‬

‫حديث ‪ - :‬األذان بالنسبة للرجال حكمهام فرض كفاية‪ ،‬أما كوَنام فرض‪ ،‬فألن النبي صَل‬
‫اَّلل عليه وسلم أمر ِبام ِف عدة أحاديث منها حديث مالك بن احلويرث وفيه قول النبي صَل‬
‫اَّلل عليه وسلم ( إذا حرضت الصالة فليؤذن لكم أحدكم ) وملالزمته عليه الصالة والسالم‬
‫‪1‬‬

‫ُلام ِف احلرض والسفر‪ ،‬وألنه َل يتم العلم بالوقت إَل ِبام غالب ًا‪ ،‬ولتعني املصلحة ِبام ألَنام من‬
‫شعائر اإلسالم الظاهرة‪ .‬أما كوَنام عَل الكفاية‪ ،‬فلحديث مالك بن احلويرث املتقدم‪ ،‬يدل‬
‫‪2‬‬
‫عَل أنه يكتفي بأذان واحد وَل َيب األذان عَل كل وأحد‪.‬‬

‫‪ -‬حديث ‪(:‬قال مالك بن احلويرث ‪ :‬أتيت النبي صَل اَّلل عليه و سلم أنا ورجل نودعه فقال‬
‫‪ :‬إذا حرضت الصالة فليؤذن أحدكام وليؤمكام أكربكام) متفق عليه‬

‫األول‬
‫مناقشته القول ّ‬

‫‪ -‬وقال الثوري ‪َ :‬تزئه اإلقامة عن األذان ِف السفر ‪ ،‬وإن شئت أذنت وأقمت‪ .‬وقال أْحد بن‬
‫حنبل ‪ :‬يؤذن املسافر عَل حديث مالك بن احلويرث‪ .‬وقال داود ‪ :‬األذان واجب عَل كل مسافر ِف‬
‫خاصته واإلقامة ؛ لقول رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم ملالك بن احلويرث ولصاحبه ‪" :‬إذا كنتام ِف سفر‬

‫‪ 1‬رواه البخاري ومسلم‬


‫‪ 2‬القوا الراجح مع الدليل من َشح منارالسبيل (مكتبة الشاملة)‬
‫فأذنا وأقيام وليؤمكام أكربكام" خرجه البخاري وهو قول أهل الظاهر‪ .‬قال ابن املنذر ‪ :‬ثبت أن رسول اَّلل‬
‫صَل اَّلل عليه وسلم قال ملالك بن احلويرث وَلبن عم له ‪ " :‬إذا سافرمتا فأذنا وأقيام وليؤمكام أكربكام" ‪.‬‬
‫قال ابن املنذر ‪ :‬فاألذان واإلقامة واجبان عَل كل مجاعة ِف احلرض والسفر ؛ ألن النبي صَل اَّلل عليه‬
‫وسلم أمر باألذان وأمره عَل الوجوب‪ .‬قال أبو عمر ‪ :‬واتفق الشافعي وأبو حنيفة وأصحاِبام والثوري‬
‫وأْحد وإسحاق وأبو ثور والطربي عَل أن املسافر إذا ترك األذان عامدا أو ناسيا أجزأته صالته ؛ وكذلك‬
‫لو ترك اإلقامة عندهم ‪ ،‬وهم أشد كراهة لُتكه اإلقامة‪ .‬واحتج الشافعي ِف أن األذان غري واجب وليس‬
‫فرضا من فروض الصالة بسقوط األذان للواحد عند اجلمع بعرفه واملزدلفة ‪ ،‬وَتصيل مذهب مالك ِف‬
‫األذان ِف السفر كالشافعي سواء‪.‬‬

‫ول اَّللَّي‬ ‫اه ير اْل َث يار ‪َ ،‬و َذلي َك َأ َّن ُه َث َب َت َأ َّن َر ُس َ‬ ‫اختيالفي يهم ‪ :‬معار َض ُة املَْ ْفهو يم يمن َذلي َك لي َظو ي‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َُ َ‬ ‫ب يِف ْ‬ ‫الس َب ُ‬
‫َو َّ‬
‫احبي يه ‪ ( :‬إي َذا ُكنْت َُام يِف َس َف ٍر َف َأ ِّذنَا ‪َ ،‬و َأ يق َيام ‪َ ،‬و ْل َيؤُ ُّمك َُام‬
‫ث وليص ي‬ ‫ي‬
‫احل َو ْي ير َ َ‬
‫ي ي ي‬ ‫ي‬
‫‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم ‪َ -‬ق َال َملالك ْب ين ْ ُ‬
‫اجل َامع يَة ‪َ ،‬ف َم ْن َف يه َم يم ْن َه َذا‬ ‫ي‬ ‫ي يي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ْربك َُام ) ‪َ ،‬وك ََذل َك َما ُر يو َي م ين ات َِّصال ع ََمله بيه ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم ‪ -‬يِف ْ َ‬ ‫َأك َ ُ‬
‫س َع ْن َدا ُو َد ‪،‬‬ ‫اجل َامع يَة ‪َ ،‬و ُه َو ا َّل يذي َحكَا ُه ا ْب ُن املُْ َغ ِّل ي‬ ‫ي‬
‫وب ُم ْط َل ًقا َق َال ‪ :‬إي َّن ُه َف ْر ٌض ع َََل األَ ْع َيان َأ ْو ع َََل ْ َ‬ ‫ا ْل ُو ُج َ‬
‫َيت يَم ُع إي َل ْي َها‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬
‫لصالة َق َال ‪ :‬إي َّن ُه ُسنَّ ُة املَْ َساجد َأ ْو َف ْر ٌض يِف املَْ َواض يع ا َّلتي َ ْ‬
‫ي‬ ‫ي ي‬
‫اَلجت َام يع ل َّ‬
‫ي‬
‫َو َم ْن َف يه يم منْ ُه الدُّ عَا َء إي َل ْ‬
‫ُون املَْ ْق ُصو ُد‬ ‫الة املُْ ْخت ََّص ية ي َِبا َأ ْو َيك َ‬‫يل الص ي‬
‫او ي َّ‬ ‫ُون َق ْوَل يم ْن َأ َق ي‬
‫ني َأ ْن َيك َ‬ ‫اخل ي‬
‫الف ‪ُ :‬ه َو ت ََر ُّد ُد ُه َب ْ َ‬ ‫اجلام َع ُة ‪َ .‬فسبب ْ ي‬
‫َ َ ُ‬ ‫ََْ‬
‫‪1‬‬
‫اَلجتي َام َع‪.‬‬
‫بيه ُه َو ْ‬
‫ي‬

‫أقوال األئمة املذاهب‬

‫‪ -‬الشافعية قالوا‪ :‬األذان سنة كفاية للجامعة‪ ،‬وسنة عني للمنفرد‪ ،‬إذا َل يسمع أذان غريه‪ .‬فإن سمعه‬
‫وذهب إليه وصَل مع اجلامعة أجزأه‪ ،‬وإن َل يذهب‪ ،‬أو ذهب وَل ِّ‬
‫يصل فإنه َل َيزئه ويسن للصلوات‬
‫اخلمس املفروضة ِف السفر واحلرض ولو كانت فائتة‪ .‬فلو كان عليه فوائت كثرية وأراد قضاءها عَل التوايل‬
‫يكفيه أن يؤذن أذان ًا واحد ًا لألول منها‪ :‬فال يسن األذان لصالة اجلنازة‪ ،‬وَل للصالة املنذورة‪ ،‬وَل‬
‫للنوافل‪ ،‬ومثل ذلك ما إذا أراد أن َيمع بني الظهر والعرص‪ ،‬أو املغرب والعشاء ِف السفر‪ ،‬فإنه يصليهام‬
‫بأذان واحد ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ 1‬بداية املجتهد ‪ 132 / 1‬ط املكتبات األزهرية‬

‫‪ 2‬الفقه عَل مذاهب األربعة‬


‫‪ -‬احلنفية قالوا‪ :‬األذان سنة مؤكدة عَل الكفاية ألهل احلي الواحد‪ ،‬وهي كالواجب ِف حلوق اإلثم‬
‫لتاركها‪ ،‬وإنام يسن ِف الصلوات اخلمس املفروضة ِف السفر واحلرض للمنفرد واجلامعة أداء وقضاء إَل أنه‬
‫َل يكره ترك األذان ملن يصيل ِف بيته ِف املرص‪ ،‬ألن أذان احلي يكفيه كام ذكر‪ ،‬فال يسن لصالة اجلنازة‬
‫والعيدين والكسوف واَلستسقاء والُتاويح والسنن والرواتب؛أما الوتر فال يسن األذان له‪ ،‬وإن كان‬
‫‪1‬‬
‫واجب ًا‪ ،‬اكتفاء بأذان العشاء عَل الصحيح‪.‬‬

‫‪ -‬املالكية قالوا‪ :‬األذان سنة كفاية جلامعة تنتظر أن يصيل معها غريها بموضع جرت العادة باجتامع الناس‬
‫فيه للصالة‪ ،‬ولكل مسجد‪ ،‬ولو تالصقت املساجد أو كان بعضها فوق بعض‪ ،‬وإنام يؤذن للفريضة العينية‬
‫ِف وقت اَلختيار ولو حك ًام؛ كاملجموعة؛ تقدي ًام أو تأخري ًا‪ ،‬فال يؤذن للنافلة‪ ،‬وَل للفائتة‪ ،‬وَل لفرض‬
‫الكفاية‪ ،‬كاجلنازة ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫مناقشته القول الثاين‬

‫بالنسبة للرجال حكمهام فرض كفاية‪ ،‬أما كوَنام فرض‪ ،‬فألن النبي صَل اَّلل عليه وسلم أمر ِبام‬
‫ِف عدة أحاديث منها حديث مالك بن احلويرث وفيه قول النبي صَل اَّلل عليه وسلم ( إذا حرضت‬
‫الصالة فليؤذن لكم أحدكم ) وملالزمته عليه الصالة والسالم ُلام ِف احلرض والسفر‪ ،‬وألنه َل يتم العلم‬
‫‪3‬‬

‫بالوقت إَل ِبام غالب ًا‪ ،‬ولتعني املصلحة ِبام ألَنام من شعائر اإلسالم الظاهرة‪ .‬أما كوَنام عَل الكفاية‪،‬‬
‫فلحديث مالك بن احلويرث املتقدم‪ ،‬يدل عَل أنه يكتفي بأذان واحد وَل َيب األذان عَل كل وأحد‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫يكره ترك اْلذان للصلوات اخلمس ألن النبي صَل اَّلل عليه و سلم كان صلواته بأذان وإقامة‬
‫واألئمة بعده وأمر به (قال مالك بن احلويرث ‪ :‬أتيت النبي صَل اَّلل عليه و سلم أنا ورجل نودعه فقال ‪:‬‬
‫إذا حرضت الصالة فليؤذن أحدكام وليؤمكام أكربكام) متفق عليه‪ .‬وظاهر كالم اخلرقي أن اْلذان سنة‬
‫مؤكدة وليس بوادب‪.‬‬
‫ألنه جعل تركه مكروها وهذا قول أيب حنيفة و الشافعي ألنه دعاء إل الصالة فأشبه قوله ‪:‬‬
‫الصالة جامعة وقال أبو بكر بن عبد العزيز ‪ :‬هو من فروض الكفايات وهذا قول أكثر أصحابنا وقول‬

‫‪ 1‬املرجع السابق‬
‫‪ 4‬املرجع السابق‬
‫‪ 3‬رواه البخاري ومسلم‬
‫‪ 4‬القول الراجح مع الدليل من َشح منارالسبيل (مكتبة الشاملة)‬
‫بعض أصحاب مالك وقال عطاء و ُماهد و األوزاعي ‪ :‬هو فرض ألن النبي صَل اَّلل عليه و سلم أمر به‬
‫مالكا وصاحبه وداوم عليه هو وخلفاؤه وأصحابه واألمر يقتِض الوجوب ومداومته عَل فعله دليل عَل‬
‫وجوبه وألنه من شعائر اإلسالم الظاهرة فكان فرضا كاجلهاد عَل قول أصحابنا إذا قام به من َتصل به‬
‫الكفاية سقط عن الباقني ألن بالل كان يؤذن للنبي صَل اَّلل عليه و سلم فيكتفي به وإن صَل مصَل بغري‬
‫أذان وَل إقامة فالصالة صحيحة عَل القولني ملا روي عن علقمة واَلسود أَنام قاَل ‪ :‬دخلنا عَل عبد اَّلل‬
‫فصَل بنا بال أذان وَل إقامة رواه األثرم وَل أعلم أحدا خالف ِف ذلك إَل عطاء قال ‪ :‬ومن نيس اإلقامة‬
‫يعيد و األوزاعي قال ‪ :‬مرة يعيد ما دام ِف الوقت فان مض الوقت فال إعادة عليه وهذا شذوذ والصحيح‬
‫‪1‬‬
‫قول اجلمهور ملا ذكرنا وألن اإلقامة أحد اْلذانني فلم تفسد الصالة بُتكها كاْلخر‪.‬‬

‫أقوال إمام املذهب‬

‫‪ -‬احلنابلة قالوا‪ :‬إن األذان فرض كفاية ِف القرى واألمصار للصلوات اخلمس احلارضة عَل‬
‫الرجال األحرار ِف احلرض دون السفر‪ ،‬فال يؤذن لصالة جنازة؛ وَل عيد‪ ،‬وَل نافلة‪ ،‬وَل صالة منذورة‪،‬‬
‫مسافرا ‪ ،‬و للمسافر و لومجاعة ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ً‬ ‫مقيام أو‬
‫ويسن لقضاء الصالة الفائتة وللمنفرد؛ سواء كان ً‬

‫خالصة‬

‫فحكم األذان ِف املذاهب األربعة جاء تفصيله ِف املوسوعة الفقهية كام ييل‪ :‬اتفق الفقهاء عَل‬
‫أن األذان من خصائص اإلسالم وشعائره الظاهرة‪ ،‬وأنه لو اتفق أهل بلد عَل تركه قوتلوا‪ ،‬ولكنهم‬
‫اختلفوا ِف حكمه‪ ،‬فقيل‪ :‬إنه فرض كفاية‪ ،‬وهو الصحيح عند كل من احلنابلة ِف احلرض‪ ،‬واملالكية‬
‫عَل أهل املرص‪ ،‬واستظهره بعض املالكية ِف مساجد اجلامعات‪ ،‬وهو رأي للشافعية‪ ،‬ورواية عن‬
‫اإلمام أْحد‪ ،‬كذلك نقل عن بعض احلنفية أنه واجب عَل الكفاية‪ ،‬بناء عَل اصطالحهم ِف‬
‫الواجب‪.‬‬

‫‪ 1‬املغني ِف فقه اإلمام اْحد بن حنبيل الشيباين (مكتبة الشاملة)‬


‫‪ 2‬الفقه عَل مذاهب األربعة‬
‫وقيل‪ :‬إنه سنة مؤكدة وهو الراجح عند احلنفية‪ ،‬واألصح عند الشافعية‪ ،‬وبه قال بعض‬
‫املالكية للجامعة التي تنتظر آخرين ليشاركوهم ِف الصالة‪ ،‬وِف السفر عَل الصحيح عند احلنابلة‪،‬‬
‫ومطل ًقا ِف رواية عن اإلمام أْحد‪.‬‬

‫وقيل هو فرض كفاية ِف اجلمعة دون غريها‪ ،‬وهو رأي للشافعية واحلنابلة؛ ألنه دعاء‬
‫‪1‬‬
‫للجامعة‪ ،‬واجلامعة واجبة ِف اجلمعة‪ ،‬سنة ِف غريها عند اجلمهور‪ .‬انتهى‬

‫إختيار الباحث‬

‫احلاصل أن املختار عندنا ما ذهب إليه الشافعية ألنه قد اتفق أكثر األئمة عَل أن األذان سنة‬
‫كفاية‪ ،‬بمعنى إذا أتى به أحد نال السنة فقد سقط عَل الباقني و إذا تركهم َل ينالوا الذنب‪.‬‬

‫إخُتنا هذا البحث نريد ان ن ّعرف لكم ما حكم األذان ِف مذهب األربعة و نس ْالكم التفتش‬
‫لكي هذا الكتابة تكون جيدا و بعيد من اخلطاء ألن هذا الكتابة غري َمكن سلمة من اخلطاء و "ألن‬
‫اإلنسان كثري من اخلطاء و النسيان"‬

‫واَّلل أعلم‪.‬‬

‫املراجع‬

‫‪ .1‬الشيخ عبد الرْحن اجلزيري‪ ،‬كتاب الفقه عَل مذاهب األربعة‬

‫‪ .2‬الشيخ حممد بن أْحد بن حممد بن رشد القرطبي‪ ،‬بداية املجتهد‬

‫‪ .3‬القوا الراجح مع الدليل من َشح منارالسبيل (مكتبة الشاملة)‬

‫‪ 1‬الفائدة الفتوى رقم ‪135758‬‬


‫صفة اَلذان‬

‫اإلعداد ‪ :‬حممد نور خري الدين‬


‫بسم اَّلل الرْحن الرحيم احلمد َّلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم عَل أَشف األنبياء واملرسلني‪،‬‬
‫حممد وعَل آله وصحبه أمجعني‪ :‬أما بعد‪ :‬أخربنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا عبد الوهاب عن أيوب‬ ‫سيدنا ٍ‬

‫ان َو َأ ْن ُيوتي َر ْ ي‬
‫اإل َقا َم َة‪.‬‬ ‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َأ َم َر بي َال ًَل َأ ْن َي ْش َف َع ْاألَ َذ َ‬
‫عن أيب قالبة عن أنس قال إي َّن َر ُس َ‬
‫وهناك إختالف اَلقوال ِف صفة األذن ثم سنذكر املبحث عن هذا اإلختالف ببيان واضح‪.‬‬

‫األقوال‬ ‫‪.1‬‬
‫‪1‬‬
‫اختلف الفقهاء ِف صفة األذان عَل أذانني‬
‫‪ .1‬فاختار أبو حنيفة وأْحد ‪ :‬أذان بالل‬
‫فاألذان عند أيب حنيفة وأْحد ‪ :‬اَّللَّي أكرب اَّللَّي أكرب ‪ ،‬اَّللَّي أكرب اَّللَّي أكرب ‪ ،‬أشهد أن َل إله إَل اَّللَّي ‪،‬‬
‫مرتني ‪ ،‬وأشهد أن حممدا رسول اَّللَّي ‪ ،‬مرتني ‪ ،‬حي عَل الصالة ‪ ،‬مرتني ‪ ،‬حي عَل الفالح ‪،‬‬
‫مرتني ‪ ،‬اَّللَّي أكرب ‪ ،‬مرتني ‪َ ،‬ل إله إَل اَّللَّي ‪ .‬فكلها مخسة عرش كلمة بإسقاط الُتجيع‪.‬‬
‫‪ .2‬واختار مالك أذان أيب حمذورة بإسقاط التكبريتني ىف أوله‬
‫فاألذان عند مالك سبعة عرش كلمة بإسقاط التكبريتني ىف أوله ‪ :‬اَّللَّي أكرب ‪ ،‬مرتني ‪ ،‬أشهد أن‬
‫َل إله إَل اَّللَّي ‪ ،‬مرتني ‪ ،‬وأشهد أن حممدا رسول اَّللَّي ‪ ،‬مرتني ‪َ ،‬ل يرفع بالتشهد من صوته ‪ ،‬ثم‬
‫يرجع فيقول رافعا صوته ‪ :‬أشهد أن َل إله إَل اَّللَّي ‪ ،‬وأشهد أن حممدا رسول اَّللَّي ‪ ،‬حي عَل‬
‫الصالة ‪ ،‬مرتني حي عَل الفالح مرتني ‪ ،‬اَّللَّي أكرب اَّللَّي أكرب ‪َ ،‬ل إله إَل اَّللَّي ‪.‬‬
‫‪ .3‬واختار الشافعي أيب حمذورة بتكبريتني ىف أوله‬
‫واألذان عند الشافعي تسعة عرش كلمة ‪ :‬اَّللَّي أكرب ‪ ،‬أربع مرات ‪ ،‬أشهد أن َل إله إَل اَّللَّي ‪،‬‬
‫مرتني ‪ ،‬أشهد أن حممدا رسول اَّللَّي ‪ ،‬مرتني ‪ ،‬خيفض صوته يتشهد الُتجيع ثم يرجع فيمد‬
‫صوته بالتشهد فيقول ‪ :‬أشهد أن َل إله إَل اَّللَّي ‪ ،‬مرتني أشهد أن حممدا رسول اَّللَّي ‪ ،‬مرتني ‪،‬‬
‫حي عَل الصالة ‪ ،‬مرتني ‪ ، /‬حي عَل الفالح ‪ ،‬مرتني ‪ ،‬اَّللَّي أكرب ‪ ،‬مرتني ‪َ ،‬ل إله إَل اَّللَّي ‪.‬‬
‫األدلة‬ ‫‪.2‬‬

‫‪ 1‬إختالف األئمة العلامء (اَلقوال) ج‪ 1‬ص‪90-89‬‬


‫‪ )1‬أدلة القائلني بخمسة عرش كلمة ( أيب حنيفة وأْحد)‬
‫اق ‪َ ،‬حدَّ َثنيي‬ ‫وب ‪َ ،‬حدَّ َثنَا َأ ييب ‪َ ،‬ع ْن حمُ ََّم يد ْب ين إي ْس َح َ‬ ‫ويس ‪َ ،‬حدَّ َثنَا َي ْع ُق ُ‬
‫ي‬ ‫ٍ‬
‫‪َ -499‬حدَّ َثنَا حمُ ََّمدُ ْب ُن َمن ُْصور ال ُّط ُّ‬
‫ث ال َّت ْي يم ُّي ‪َ ،‬ع ْن حمُ ََّم يد ْب ين َع ْب يد اَّللي ْب ين زَ ْي يد ْب ين َع ْب يد َر ِّب يه ‪َ ،‬ق َال ‪َ :‬حدَّ َثنيي َأ ييب َع ْبدُ اَّللي‬
‫احل يار ي‬
‫يم ْب ين ْ َ‬
‫ي‬
‫حمُ ََّمدُ ْب ُن إي ْب َراه َ‬
‫الصال يَة‬ ‫َّاس ي َ‬
‫جل ْم يع َّ‬ ‫رض َب بي يه ليلن ي‬ ‫ي‬
‫وس ُي ْع َم ُل ل ُي ْ َ‬‫ول اَّللي صَل اَّلل عليه وسلم بيالنَّا ُق ي‬ ‫ْب ُن زَ ْي ٍد ‪َ ،‬ق َال ‪ :‬ملََّا َأ َم َر َر ُس ُ‬
‫وس ؟ َق َال ‪َ :‬و َما ت َْصن َُع بي يه ؟‬ ‫يع النَّا ُق َ‬
‫ي ي‬
‫وسا يِف َيده ‪َ ،‬ف ُق ْل ُت ‪َ :‬يا َع ْبدَ اَّللي َأتَبي ُ‬ ‫َيم ُل نَا ُق ً‬
‫اف ييب و َأنَا نَائيم رج ٌل َ ي‬
‫ٌ َ ُ ْ‬ ‫َط َ َ‬
‫ال َأ ُد ُّل َك ع َََل َما ُه َو َخ ْ ٌري يم ْن َذلي َك ؟ َف ُق ْل ُت َل ُه ‪َ :‬ب ََل ‪َ ،‬ق َال ‪َ :‬ف َق َال ‪:‬‬
‫الصال يَة ‪َ ،‬ق َال ‪َ :‬أ َف َ‬ ‫ي‬
‫َف ُق ْل ُت ‪ :‬نَدْ عُو بيه إي َل َّ‬
‫ْرب ‪َ ،‬أ ْش َهدُ َأ ْن َلَ إي َل َه إيَلَّ اَّللَُّ ‪َ ،‬أ ْش َهدُ َأ ْن َلَ إي َل َه إيَلَّ اَّللَُّ ‪َ ،‬أ ْش َهدُ َأ َّن‬
‫ْرب ‪ ،‬اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫ْرب ‪ ،‬اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫ْرب ‪ ،‬اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫ول ‪ :‬اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫َت ُق ُ‬
‫الصال يَة ‪َ ،‬ح َّي ع َََل ا ْل َفالَحي ‪،‬‬ ‫الصالَة ‪َ ،‬ح َّي ع َََل َّ‬
‫ي‬
‫ول اَّللي ‪َ ،‬ح َّي ع َََل َّ‬ ‫ول اَّللي ‪َ ،‬أ ْش َهدُ َأ َّن حمُ ََّمدً ا َر ُس ُ‬ ‫حمُ ََّمدً ا َر ُس ُ‬
‫يد ‪ُ ،‬ث َّم ‪َ ،‬ق َال ‪َ :‬و َت ُق ُ‬
‫ول‬ ‫حي ع َََل ا ْل َفالَحي ‪ ،‬اَّللَُّ َأكْرب ‪ ،‬اَّللَُّ َأكْرب ‪َ ،‬لَ يإ َله يإَلَّ اَّللَُّ ‪َ ،‬ق َال ‪ُ :‬ثم اس َت ْأ َخر َعنِّي َغري ب يع ٍ‬
‫َْ َ‬ ‫َّ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َُ‬ ‫َ َّ‬
‫ول اَّللي ‪َ ،‬ح َّي ع َََل‬ ‫ْرب ‪َ ،‬أ ْش َهدُ َأ ْن َلَ إي َل َه إيَلَّ اَّللَُّ ‪َ ،‬أ ْش َهدُ َأ َّن حمُ ََّمدً ا َر ُس ُ‬ ‫ْرب اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫ال َة ‪ ،‬اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫الص َ‬‫‪ :‬إي َذا َأ َق ْم َت َّ‬
‫ْرب ‪َ ،‬لَ إي َل َه إيَلَّ اَّللَُّ ‪َ ،‬ف َل َّام‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ْرب اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫ال ُة ‪ ،‬اَّللَُّ َأك َ ُ‬ ‫ال ُة ‪َ ،‬قدْ َقا َمت َّ‬
‫الص َ‬ ‫الصالَة ‪َ ،‬ح َّي ع َََل ا ْل َفالَحي ‪َ ،‬قدْ َقا َمت َّ‬
‫الص َ‬ ‫َّ‬
‫رب ُت ُه ‪ ،‬يب َام َر َأ ْي ُت َف َق َال ‪ :‬إي ََّنَا َل ُرؤْ َيا َحق إي ْن َشا َء اَّللَُّ ‪،‬‬
‫ول اَّللي صَل اَّلل عليه وسلم ‪َ ،‬ف َأ ْخ َ ْ‬
‫َأ ْص َب ْح ُت ‪َ ،‬أ َت ْي ُت َر ُس َ‬
‫َف ُقم مع بيال ٍَل َف َأ ْل يق َع َلي يه ما ر َأي َت ‪َ ،‬ف ْليؤَ ِّذ ْن بي يه ‪َ ،‬فإي َّنه َأنْدَ ى صوتًا يمن َْك َف ُقم ُت مع بيال ٍَل ‪َ ،‬فجع ْل ُت ُأ ْل يق ي‬
‫يه‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ َ ْ‬ ‫ْ َ َ‬
‫ول ‪َ :‬وا َّل يذي‬ ‫يي‬
‫اب ‪َ ،‬و ُه َو يِف َب ْيته َف َخ َر َج َ ُ‬
‫َي ُّر ير َدا َء ُه ‪َ ،‬و َي ُق ُ‬ ‫اخل َّط ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫َع َل ْيه ‪َ ،‬و ُيؤَ ِّذ ُن بيه ‪َ ،‬ق َال ‪َ :‬ف َسم َع َذل َك ع َُم ُر ْب ُن ْ َ‬
‫ي‬
‫ي ي‬ ‫ول اَّللي ‪َ ،‬ل َقدْ َر َأ ْي ُت يم ْث َل َما َر َأى ‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬
‫احل ْمدُ ‪.‬‬ ‫ول اَّللي صَل اَّلل عليه وسلم ‪َ :‬فل َّله ْ َ‬ ‫احل ِّق َيا َر ُس َ‬ ‫َب َع َث َك بي ْ َ‬
‫ب ‪َ ،‬ع ْن َع ْب يد اَّللي ْب ين زَ ْي ٍد ‪َ ،‬و َقا َل ‪ :‬في ييه ا ْب ُن إي ْس َح َ‬
‫اق‬ ‫يد ْب ين املُْ َس ِّي ي‬ ‫َق َال َأبو داود ‪َ :‬هك ََذا يرواي ُة الزُّ ْه يري ‪َ ،‬عن س يع ي‬
‫ْ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ ُ َ‬
‫َن الزُّ ْه يري في ي‬
‫يه ‪ :‬اَّللَُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ْرب ‪َ ،‬و َق َال َم ْع َم ٌر ‪َ ،‬و ُيون ُُس ‪ ،‬ع ي‬ ‫ْرب ‪ ،‬اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫ْرب ‪ ،‬اَّللَُّ َأك َ ُ‬ ‫َن الزُّ ْه ير ِّي ‪ :‬اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫ْرب ‪ ،‬اَّللَُّ َأك َ ُ‬ ‫‪،‬ع ي‬
‫‪1‬‬
‫ْرب ‪ ،‬اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫ْرب ‪ََ ،‬ل ْ ُي َثنِّ َيا‬ ‫َأك َ ُ‬

‫‪ )2‬أدلة القائلني بسبعة عرش كلمة (مالك)‬


‫ان‪:‬‬‫يم‪َ ،‬ق َال َأ ُبو غ ََّس َ‬ ‫ي‬
‫اق ْب ُن إي ْب َراه َ‬ ‫اح يد‪َ ،‬وإي ْس َح ُ‬ ‫ان املْيسم يعي مالي ُك بن َعب يد ا ْلو ي‬
‫ْ ُ ْ َ‬ ‫‪َ -379‬حدَّ َثني َأ ُبو غ ََّس َ ْ َ ُّ َ‬
‫ي‬
‫ب الدَّ ستُوائيي‪ ،‬وحدَّ َثنيي َأ ييب‪َ ،‬عن ع ي‬
‫َام ٍر‬ ‫اح ي‬ ‫اق‪َ :‬أ ْخربنَا معا ُذ بن يه َشا ٍم‪ ،‬ص ي‬ ‫َحدَّ َثنَا ُم َعا ٌذ‪َ ،‬و َق َال إي ْس َح ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ َ ِّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َُ ْ ُ‬
‫ورةَ‪َ ،‬أ َّن نَبي َّي اَّللي َص ََّل اَّللُ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َع َّل َم ُه‬ ‫ي‬
‫ْحول‪َ ،‬ع ْن َع ْبد اَّللي ْب ين حمُ ْ يَري ٍيز‪َ ،‬ع ْن َأ ييب حمَ ُْذ َ‬
‫ْاألَ ْح َو يل‪َ ،‬ع ْن مك ُ ٍ‬
‫َ‬
‫ول‬‫ْرب‪َ ،‬أ ْش َهدُ َأ ْن ََل إي َل َه إي ََّل اَّللُ‪َ ،‬أ ْش َهدُ َأ ْن ََل إي َل َه إي ََّل اَّللُ‪َ ،‬أ ْش َهدُ َأ َّن حمُ ََّمدً ا َر ُس ُ‬
‫ْرب اَّللُ َأك َ ُ‬ ‫َه َذا ْاألَ َذ َ‬
‫ان‪« :‬اَّللُ َأك َ ُ‬

‫‪ 1‬رواه أبو داود ِف‪ -2 :‬كتاب الصالة‪ -27 :‬باب كيف األذان‪ :‬حديث رقم ‪499‬‬
‫ول‪َ « :‬أ ْش َهدُ َأ ْن ََل إي َل َه إي ََّل اَّللُ‪َ ،‬أ ْش َهدُ َأ ْن ََل إي َل َه إي ََّل اَّللُ‪،‬‬‫ول اَّللي»‪ُ ،‬ث َّم َي ُعو ُد َف َي ُق ُ‬ ‫اَّللي‪َ ،‬أ ْش َهدُ َأ َّن حمُ ََّمدً ا َر ُس ُ‬
‫َني‪َ ،‬ح َّي ع َََل ا ْل َف َالحي‬ ‫الص َال ية َم َّرت ْ ي‬
‫ول اَّللي‪َ ،‬ح َّي ع َََل َّ‬ ‫ول اَّللي‪َ ،‬أ ْش َهدُ َأ َّن حمُ ََّمدً ا َر ُس ُ‬ ‫َأ ْش َهدُ َأ َّن حمُ ََّمدً ا َر ُس ُ‬
‫ْرب ََل إي َل َه إي ََّل اَّللُ»‬
‫‪1‬‬
‫ْرب اَّللُ َأك َ ُ‬ ‫َني» زَ ا َد إي ْس َح ُ‬
‫اق‪« :‬اَّللُ َأك َ ُ‬ ‫َم َّرت ْ ي‬

‫‪ )3‬أدلة القائلني بتسعة عرش كلمة (الشافعى)‬


‫ور َة َع ْن َأبي ييه َع ْن‬ ‫ي ي ي‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬
‫ث ْب ُن ُع َب ْيد َع ْن حمُ ََّمد ْب ين َع ْبد املَْلك ْب ين َأبيى حمَ ُْذ َ‬ ‫احل يار ُ‬
‫‪َ - 500‬حدَّ َثنَا ُم َسدَّ ٌد َحدَّ َثنَا ْ َ‬
‫ان‪َ .‬ق َال َف َم َس َح ُم َقدَّ َم َر ْأ يسى َو َق َال « َت ُق ُ‬
‫ول اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫ْرب اَّللَُّ‬ ‫ول اَّللَّي َع ِّلمنيى سنَّ َة األَ َذ ي‬
‫ْ ُ‬ ‫َجدِّ يه َق َال ُق ْل ُت َيا َر ُس َ‬
‫ول َأ ْش َهدُ َأ ْن َلَ إي َل َه إيَلَّ اَّللَُّ َأ ْش َهدُ َأ ْن َلَ إي َل َه إيَلَّ اَّللَُّ َأ ْش َهدُ َأ َّن‬
‫َك ُث َّم َت ُق ُ‬‫ْرب ت َْر َف ُع ي َِبا َص ْوت َ‬ ‫ْرب اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫ْرب اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫َأك َ ُ‬
‫الش َها َد ية َأ ْش َهدُ َأ ْن َلَ‬ ‫َك بي َّ‬ ‫ول اَّللَّي ََت يْف ُض ي َِبا َص ْوت ََك ُث َّم ت َْر َف ُع َص ْوت َ‬ ‫ول اَّللَّي َأ ْش َهدُ َأ َّن حمُ ََّمدً ا َر ُس ُ‬ ‫حمُ ََّمدً ا َر ُس ُ‬
‫ول اَّللَّي َح َّى ع َََل‬ ‫ول اَّللَّي َأ ْش َهدُ َأ َّن حمُ ََّمدً ا َر ُس ُ‬ ‫إي َل َه إيَلَّ اَّللَُّ َأ ْش َهدُ َأ ْن َلَ إي َل َه إيَلَّ اَّللَُّ َأ ْش َهدُ َأ َّن حمُ ََّمدً ا َر ُس ُ‬
‫ال ُة َخ ْ ٌري‬ ‫الص ْبحي ُق ْل َت َّ‬
‫الص َ‬ ‫الصال يَة َح َّى ع َََل ا ْل َفالَحي َح َّى ع َََل ا ْل َفالَحي َفإي ْن ك َ‬
‫َان َص َ‬
‫ال َة ُّ‬
‫ي‬
‫الصالَة َح َّى ع َََل َّ‬ ‫َّ‬
‫ْرب َلَ إي َل َه إيَلَّ اَّللَُّ »‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪2‬‬
‫ْرب اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫ال ُة َخ ْ ٌري م َن الن َّْو يم اَّللَُّ َأك َ ُ‬ ‫م َن الن َّْو يم َّ‬
‫الص َ‬

‫مناقشة‬ ‫‪.3‬‬
‫قذ ذكرنا أن مذهبنا انه تسع عرشة كلمة وبه قال طائفة من أهل العلم باحلجاز وغريه ‪,‬وقال‬ ‫‪.1‬‬
‫مالك هو سبع عرشة كلمة أسقط تكبريتني من أوله ‪,‬وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري هو مخس‬
‫عرشة كلمة اسقطا الُتجيع وجعال التكبري أربعا كمذهبنا ‪,‬وقال اْحد واسحاق اثبات الُتجيع‬
‫وحذفه كالُها سنة وحكى اخلرقى عن اْحد أنه َل يرجع ‪,‬واحتج َليب حنيفة وموافقيه ِف‬
‫اسقاط الُتجيع بحديث عبد اَّلل بن زيد واحتج أصحابنا بحديث أيب حمذورة قالوا وهو مقدم‬
‫عيل حديث عبد اَّلل بن ريد َلوجه (أحدها) انه متأخر (والثانى) ان فيه زيادة وزيادة الثقة‬
‫مقبولة (والثالث) ان النبي صيل اَّلل عليه وسلم لقنه إياه (والرابع) عمل أهل احلرمني‬
‫بالُتجيع‪ .‬واَّلل أعلم ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ 1‬رواه مسلم ِف‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب صفة األذن‪ :‬حديث رقم ‪572‬‬

‫‪ 2‬رواه ابو داود ِف‪ :‬كتاب الصالة‪ :‬باب كيف األذن‪ :‬حديث رقم ‪500‬‬
‫‪ 3‬املجموع َشح املهذب ص ‪ 124 :‬ج ‪ 4 :‬دار احلديث‬
‫واختلفوا ِف الُتجيع ‪ :‬وهو أن يأِت بالشهادتني َس ًا قبل أن يأِت ِبام جهر ًا‪ ،‬فأثبته املالكية‬ ‫‪1‬‬
‫‪.2‬‬
‫والشافعية‪ ،‬وأنكره احلنفية واحلنابلة‪ ،‬لكن قال احلنابل‪ :‬لو أتى بالُتجيع َل يكره‪ .‬قال‬
‫احلنفية واحلنابلة عَل املختار ‪ :‬األذان مخس عرشة كلمة‪َ ،‬ل ترجيع فيه‪ ،‬كام جاء ِف خربعبد‬ ‫‪2‬‬

‫اَّلل بن زيد السبق‪ ،‬وهي‪« :‬اَّلل أكرب‪ ،‬اَّلل أكرب‪ ،‬اَّلل أكرب‪ ،‬اَّلل أكرب‪ ،‬أشهد أن َل إله إَل اَّلل‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫أشهد أن َل إله إَل اَّلل‪ ،‬أشهد أن حممد ًا رسول اَّلل‪ ،‬أشهد أن حممد ًا رسول اَّلل‪ ،‬حي عَل‬
‫الصالة‪ ،‬حي عَل الصالة‪ ،‬حي عَل الفالح‪ ،‬حي عَل الفالح‪ ،‬اَّلل أكرب‪ ،‬اَّلل أكرب‪َ ،‬ل إله إَل‬
‫اَّلل» ‪.‬وذلك ـ كام جاء ِف البدائع ومراقي الفالح ـ بجزم الراء ِف التكبري‪ ،‬وتسكني كلامت‬
‫األذان‪ ،‬واإلقامة كام قال املالكية‪ .‬وجاء ِف الدر املختار‪ :‬بفتح راء «أكرب» كام قال الشافعية‪،‬‬
‫‪4‬‬

‫أي أنه َيمع كل تكبريتني بنَ َفس ويفتح الراء ِف األول ِف قوله ( اَّلل أكرب اَّلل أكرب) ويسكِّن‬
‫ِف الثانية‪ .‬وقال بعض الشافعية‪ :‬يسن الوقف عَل أواخر الكلامت ِف األذان؛ ألنه روي‬
‫موقوف ًا‪ .‬وقال املالكية والشافعية ‪ :‬إن كلامت األذان مشهورة‪ ،‬وعدِتا بالُتجيع تسع عرشة‬ ‫‪5‬‬

‫ال باألذان املسنون وهو أذان أيب حمذورة ‪ ،‬وفيه الُتجيع‪ :‬أي أن يذكر الشهادتني‬ ‫‪6‬‬
‫كلمة‪ ،‬عم ً‬
‫ي ي‬
‫يع َو ُه َو َأ ْن‬ ‫مرتني مرتني‪.‬قال ابو حنيفة ىف الدخرية "( َق ْو ُل ُه ‪ :‬بي َال ت َْر يجي ٍع ) َأ ْي َل ْي َس فيه ت َْر يج ٌ‬
‫َني َص ْو َت ُه ‪ُ ،‬ث َّم َي ْر يج َع َف َ ْري َف َع ي يِب َام َص ْو َت ُه { ؛ يألَ َّن بي َال ًَل ك َ‬
‫َان ََل ُي َر ِّج ُع َو َأ ُبو‬ ‫َخي يْف َض بي َّ‬
‫الش َها َدت ْ ي‬

‫َان عَا َد ُت ُه يِف َت ْعليي يم َأ ْص َحابي يه ََل ؛ يألَ َّن ُه‬


‫ور َة َر َّج َع بي َأ ْم ير يه َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ليل َّت ْعليي يم } ك ََام ك َ‬
‫حمَ ُْذ َ‬
‫اء َف َص َار ك ََسائي ير كَلي َامتي يه و ّ‬ ‫اإل ْخ َف ي‬
‫َي ُص ُل بي ْ ي‬ ‫ُسنَّ ٌة َو يألَ َّن املَْ ْق ُصو َد يمنْ ُه ْ ي‬
‫ان سبب الُتجيع‬ ‫اإلع َْال ُم َو ََل َ ْ‬
‫هو إغاظة املرشكني بالشهادتني أو أمره أبا حمذورة باإلعادة للتعليم أو أنه كان شديد البغض‬
‫له عليه السالم فلام أسلم ومد ِف األذان ووصل إل الشهادتني أخفى صوته حياء من قومه‬

‫‪ 1‬أنظر الفقه اإلسالمى‪ :‬باب إختلفوا ِف الُتجيع ص‪ 617 :‬ج‪1 :‬‬


‫‪ 2‬اللباب َشح الكتاب‪ 1/62:‬ومابعدها‪ ،‬البدائع‪ ،1/147:‬فتح القدير‪ 1/167:‬ومابعدها‪ ،‬الدر املختار‪1/358:‬‬
‫ومابعدها‪،‬املغني‪ 1/404 :‬كشاف القناع‪.1/273:‬‬
‫‪ 3‬وهو حديث أذان امللك النازل من السامء‪ ،‬رواه أبو داود ِف سننه (نصب الراية‪.)1/259:‬‬
‫‪ 4‬األصل إسكان الراء فحركت فتحة األلف من اسم اَّلل تعال ِف اللفظة الثانية لسكون الراء قبلها ففتحت‪.‬‬
‫‪ 5‬الرشح الصغري‪ ،250-1/248:‬القوانني الفقهية‪ :‬ص‪ ،47‬مغني املحتاج‪ 1/135:‬ومابعدها‪ ،‬املهذب‪1/55:‬‬
‫ومابعدها‪ ،‬املجموع‪.3/97 :‬‬
‫‪ 6‬رواه اجلامعة عن أيب حمذورة‪ ،‬وِف بعض ألفاظه‪ :‬علمه األذان تسع عرشة كلمة‪ ،‬وذكرها بُتبيع الشهادتني كُتبيع التكبري‬
‫(نصب الراية‪ ،1/263:‬نيل األوطار‪.)2/43:‬‬
‫فدعاه عليه السالم وعرك أذنه وأمره بالُتجيع‪ .‬و ْحل أبو حنيفة الُتجيع عَل أنه كان‬
‫‪1‬‬

‫تعلي ًام فظنه أبو حمذورة ترجيع ًا‪ ،‬واختلف العلامء ِف الُتجيع ِف األذان (وهو أن يأِت‬
‫بالشهادتني َس ًا قبل أن يأِت ِبام جهر ًا)‪ ،‬فأثبته املالكية والشافعية‪ ،‬وأنكره احلنفية واحلنابلة‪،‬‬
‫لكن قال احلنابلة‪ :‬لو أتى بالُتجيع َل يكره‪ .‬وَل بأس بأن ننقل هذا التحقيق ِف شأن‬
‫الُتجيع‪ .‬أما املالكية والشافعية فقد قالوا‪ :‬بل يسن أن يزيد النطق بالشهادتني بصوت‬ ‫‪2‬‬

‫منخفض مسموع للناس‪ ،‬قبل اإلتيان ِبام بصوت مرتفع‪ ،‬إَل أن املالكية يسمون النطق ِبام‬
‫بصوت مرتفع‪ :‬ترجيع ًا‪ ،‬والشافعية يسمون النطق ِبام بصوت منخفض ترجيع ًا‪ ،‬ولعل‬
‫املالكية قد نظروا إل اللغة‪ ،‬ألن الُتجيع معناه اإلعادة‪ ،‬واملؤذن ينطق أوَلً بالشهادتني َس ًا‪،‬‬
‫ثم يعيدها جهر ًا‪ ،‬فتسمية اإلعادة جهر ًا ترجيع ًا موافق للغة‪ ،‬والشافعية قد نظروا إل أن‬
‫األصل ِف األذان إنام هو اإلتيان فيه بالشهادتني جهر ًا فالنطق ِبام قبل ذلك َس ًا أجدر بأن‬
‫يسمى ترجيع ًا‪ ،‬أي حكاية ملا يأِت بعدُها‪ ،‬واألمر ِف ذلك سهل‬
‫‪3‬‬

‫ْحه اَّللََّ ‪َ ,‬إل َأ َذ ي‬


‫ان بي ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الل ريض اَّلل عنه َو ُه َو ‪:‬‬ ‫َم ْس َأ َل ٌة ‪َ :‬ق َال َأ ُبو ا ْل َقاس يم ‪َ ( :‬و َي ْذ َه ُ‬
‫ب َأ ُبو َع ْبد اَّللَّي ‪َ ,‬ر َ ُ‬ ‫‪.3‬‬
‫ْرب ‪َ ,‬أ ْش َهدُ َأ ْن َل إ َل َه إَل اَّللَُّ ‪َ ,‬أ ْش َهدُ َأ ْن َل إ َل َه إَل اَّللَُّ ‪َ ,‬أ ْش َهدُ َأ َّن‬‫ْرب اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫ْرب ‪ ,‬اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫ْرب اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫الة ‪َ ,‬ح َّي ع َََل‬ ‫الة ‪ ,‬حي ع َََل الص ي‬ ‫ول اَّللَّي ‪ ,‬حي ع َََل الص ي‬ ‫ول اَّللَّي ‪َ ,‬أ ْش َهدُ َأ َّن حمُ ََّمدً ا َر ُس ُ‬ ‫حمُ ََّمدً ا َر ُس ُ‬
‫َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َّ‬
‫اختي َي َار َأ ْْحَدَ ‪,‬‬
‫مج َل ُة َذلي َك ‪َ ,‬أ َّن ْ‬ ‫ْرب ‪ ,‬اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫ْرب ‪َ ,‬ل إ َل َه إَل اَّللَُّ ‪َ ) .‬و ُ ْ‬ ‫ا ْل َفالحي ‪َ ,‬ح َّي ع َََل ا ْل َفالحي ‪ ,‬اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫اخل َر يق ِّي ‪َ .‬و َجا َء يِف َخ َ يرب َع ْب يد اَّللَّي‬ ‫ف ْي‬ ‫الل ريض اَّلل عنه َو ُه َو ك ََام َو َص َ‬ ‫ان بي ٍ‬ ‫ان َأ َذ ُ‬ ‫رْحه اَّلل ‪ ,‬يمن األَ َذ ي‬
‫ْ‬
‫ب ين زَ ي ٍد ‪ ,‬و ُهو َمخْس ع َْرش َة كي ْلم ًة ‪َ ,‬ل تَر يج ي ي‬
‫الر ْأ يي‬
‫اب َّ‬ ‫يع فيه ‪َ .‬و ي َِب َذا َق َال ال َّث ْو ير ُّي ‪َ ,‬و َأ ْص َح ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ َ َ َ‬
‫ان َأ ييب‬
‫ُون َأ َذ ُ‬ ‫احل َج ياز ‪ :‬األَ َذ ُ‬ ‫الشافي يعي ‪ ,‬ومن تَبيعهام يمن َأ ْه يل ْي‬ ‫ي‬ ‫َوإي ْس َح ُ‬
‫ان املَْ ْسن ُ‬ ‫اق ‪َ .‬و َق َال َمال ٌك ‪َ ,‬و َّ ُّ َ َ ْ َ ُ َ ْ‬
‫ي‬
‫َني َم َّرت ْ ي‬
‫َني ‪,‬‬ ‫َني َم َّرت ْ ي‬‫الش َها َدت ْ ي‬ ‫الُت يج ُ‬
‫يع ‪َ ,‬و ُه َو َأ ْن َي ْذك َُر َّ‬ ‫ور َة ‪َ ,‬و ُه َو م ْث ُل َما َو َص ْفنَا ‪ ,‬إَل َأ َّن ُه ُي َس ُّن َّ ْ‬
‫حمَ ُْذ َ‬
‫َخي يْف ُض بي َذلي َك صو َته ‪ُ ,‬ثم ي يعيدُ ُُها رافيعا يِبيام صو َته ‪ ,‬إَل َأ َّن ماليكًا َق َال ‪ :‬ال َّتكْبيري يِف َأولي يه مرت ي‬
‫َان‬ ‫َّ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ً َ َ ْ ُ‬ ‫َ ْ ُ َّ ُ‬
‫ان يعنْدَ ه سبع ع َْرش َة كَليم ًة ‪ ,‬و يعنْدَ َّ ي ي ي‬
‫احت َُّجوا‬ ‫َرش َة كَلي َم ًة ‪َ .‬و ْ‬ ‫الشافع ِّي ت ْس َع ع ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ َْ َ‬ ‫ُون األَ َذ ُ‬‫ب ‪َ ,‬ف َيك ُ‬ ‫َح ْس ُ‬
‫ان ‪َ ,‬و َأ ْل َقا ُه َع َل ْي يه ‪َ ,‬ف َق َال َل ُه َت ُق ُ‬
‫ول ‪:‬‬ ‫ور َة ‪َ { ,‬أ َّن الن يَّب َّي صَل اَّلل عليه وسلم َل َّقنَ ُه األَ َذ َ‬ ‫يب َام َر َوى َأ ُبو حمَ ُْذ َ‬
‫ول اَّللَّي ‪َ ,‬أ ْش َهدُ َأ َّن حمُ ََّمدً ا‬
‫َأ ْش َهدُ َأ ْن َل إ َل َه إَل اَّللَُّ ‪َ ,‬أ ْش َهدُ َأ ْن َل إ َل َه إَل اَّللَُّ ‪َ ,‬أ ْش َهدُ َأ َّن حمُ ََّمدً ا َر ُس ُ‬

‫أنظر الدخرية ص ‪ 44-43‬ج ‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬األساس ِف السنة وفقهها – العبادات ىف اإلسالم ص‪ 556 :‬ج‪2 :‬‬


‫‪ 3‬الفقه عَل مذاهب األربعة ص‪ 282 :‬ج‪1 :‬‬
‫الش َها َد ية ‪َ .‬أ ْش َهدُ َأ ْن َل إ َل َه إَل اَّللَُّ ‪َ ,‬أ ْش َهدُ َأ ْن‬ ‫ول اَّللَّي ‪ََ .‬ت يْف ُض ي َِبا َص ْوتَك ‪ُ ,‬ث َّم ت َْر َف ُع َص ْوتَك بي َّ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫ان ‪.‬‬‫ول اَّللَّي ‪ُ } .‬ثم َذكَر سائير األَ َذ ي‬ ‫ول اَّللَّي ‪َ ,‬أ ْش َهدُ َأ َّن حمُ ََّمدً ا َر ُس ُ‬
‫َل إ َل َه إَل اَّللَُّ ‪َ ,‬أ ْش َهدُ َأ َّن حمُ ََّمدً ا َر ُس ُ‬
‫َّ َ َ َ‬
‫ان ا َّل يذي‬‫َان األَ َذ ُ‬ ‫احت ََّج َمالي ٌك بي َأ َّن ا ْب َن حمُ ْ يَري ٍيز ‪َ ,‬ق َال ‪ :‬ك َ‬ ‫ي‬ ‫َأ ْخ َر َج ُه ُم ْسلي ٌم ‪َ ,‬و ُه َو َح يد ٌ‬
‫يث ُم َّت َف ٌق َع َل ْيه ‪َ ,‬و ْ‬
‫يث َع ْب يد‬ ‫ْرب ‪َ ,‬أ ْش َهدُ َأ ْن َل إ َل َه إَل اَّللَُّ ‪ُ .‬م َّت َف ٌق َع َل ْي يه ‪َ .‬و َلنَا ‪َ ,‬ح يد ُ‬ ‫ْرب اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫ي‬
‫ُيؤَ ِّذ ُن بيه َأ ُبو حمَ ُْذ َ‬
‫ور َة ‪ ,‬اَّللَُّ َأك َ ُ‬
‫ول اَّللَّي صَل اَّلل عليه وسلم َدائي ًام ‪,‬‬ ‫َان ُيؤَ ِّذ ُن بي يه م َع رس ي‬
‫َ َ ُ‬ ‫اَّللَّي ْب ين زَ ْي ٍد ‪َ ,‬واألَ ْخ ُذ بي يه َأ ْو َل ; ألَ َّن بيالَل ك َ‬
‫ي‬ ‫يي‬
‫ور َة ‪َ .‬ق َال األَ ْث َر ُم ‪:‬‬ ‫رضا ‪َ ,‬و َأ َق َّر ُه النَّبي ُّي صَل اَّلل عليه وسلم ع َََل َأ َذانه َب ْعدَ َأ َذان َأ ييب حمَ ُْذ َ‬ ‫َس َف ًرا َو َح َ ً‬
‫ان بي ٍ‬‫ان ي ْذ َهب ؟ َق َال ‪َ :‬إل َأ َذ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الل ‪َ ,‬ر َوا ُه حمُ ََّمدُ ْب ُن‬ ‫َسم ْعت َأ َبا َع ْبد اَّللَّي ُي ْس َأ ُل ‪َ :‬إل َأ ِّي األَ َذ َ ُ‬
‫يم ‪َ ,‬ع ْن حمُ ََّم يد ْب ين َع ْب يد اَّللَّي ْب ين زَ ْي ٍد ‪ُ ,‬ث َّم َو َص َف ُه ‪ .‬يق َيل ألَ ييب َع ْب يد اَّللَّي ‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫اق ‪َ ,‬ع ْن حمُ ََّمد ْب ين إ ْب َراه َ‬ ‫إي ْس َح َ‬
‫ور َة َب ْعدَ َف ْتحي َم َّك َة‬ ‫يث َأ ييب حمَ ُْذ َ‬ ‫يث َع ْب يد اَّللَّي ْب ين زَ ْي ٍد ; ألَ َّن َح يد َ‬
‫يث َأ ييب حمَ ُْذور َة بعدَ ح يد ي‬
‫َ َْ َ‬ ‫َأ َل ْي َس َح يد ُ‬
‫ان َع ْب يد اَّللَّي‬
‫؟ َف َق َال ‪َ :‬أ َليس َقدْ رجع النَّبيي صَل اَّلل عليه وسلم َإل املَْ يدين يَة ; َف َأ َقر بيالَل ع َََل َأ َذ ي‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ َ‬
‫َص َع َل ْي يه َأ ْْحَدُ ‪َ .‬وك ََذلي َك َق َال‬ ‫ب ين زَ ي ٍد ؟ و َه َذا يمن ْ ي ي‬
‫اَلختالف املُْ َباحي ‪َ ,‬فإي ْن َر َّج َع َفال َب ْأ َس ‪ .‬ن َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬
‫َيت يَم ُل َأ َّن النَّبي َّي صَل‬ ‫ي‬
‫اق َفإي َّن األَ ْم َر ْي ين ك َل ْي يه َام َقدْ َص َّح َع ْن النَّبي ِّي صَل اَّلل عليه وسلم ‪َ ,‬و َ ْ‬ ‫إي ْس َح ُ‬
‫الص يِبي َام ‪َ ,‬فإي َّن‬
‫اإل ْخ ُ‬‫َسا ‪ ,‬لي َي ْح ُص َل َل ُه ي‬ ‫ي ي‬
‫الش َها َدت َْني ى‬ ‫ور َة بي يذك يْر َّ‬ ‫اَّلل عليه وسلم إن ََّام َأ َم َر َأ َبا حمَ ُْذ َ‬
‫َ‬ ‫إلعْال يم ‪ ,‬و َخص َأبا حمَ ُْذ ي ي‬ ‫َس يار ي يِب َام َأ ْب َلغُ يم ْن َق ْو يُل َام إعْالنًا لي ي‬ ‫الص يِف ي‬ ‫ي‬
‫ور َة ب َذل َك ‪ ,‬أل َّن ُه ََل ْ‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫اإل ْ َ‬ ‫اإل ْخ َ‬
‫ان ُمؤَ ِّذ ين النَّبي ِّي صَل اَّلل عليه‬ ‫َيكيي َأ َذ َ‬ ‫اخل َ يرب { َأ َّن ُه ك َ‬
‫َان ُم ْست َْه يزئًا َ ْ‬
‫ي يٍ‬ ‫ي‬
‫َي ُك ْن ُمق ىرا يِبي َام حينَئذ ‪َ ,‬فإي َّن يِف ْ َ‬
‫يش َء يعن يْدي‬ ‫ي‬
‫وسلم َف َسم َع النَّبي ُّي صَل اَّلل عليه وسلم َص ْو َت ُه ‪َ ,‬فدَ عَا ُه ‪َ ,‬ف َأ َم َر ُه بياألَ َذان ‪َ ,‬ق َال ‪َ :‬وَل َ ْ‬
‫ي‬

‫َأ ْبغ َُض يم ْن النَّبي ِّي صَل اَّلل عليه وسلم‬


‫َسا لي ُي ْسلي َم بي َذلي َك‬ ‫ي ي‬ ‫َوَل يَمَّا َي ْأ ُم ُر يين بي يه } ‪َ .‬ف َق َصدَ النَّبي ُّي صَل اَّلل عليه وسلم ُن ْط َق ُه بي َّ‬
‫الش َها َدت َْني ى‬
‫اَلحتي َام يل ك َْو ُن النَّبي ِّي صَل اَّلل عليه وسلم ََل ْ َي ْأ ُم ْر بي يه بيالَل ‪,‬‬ ‫وَل يوجدُ َه َذا يِف غ ي ي ي‬
‫َريه ‪َ ,‬و َدل ُيل َه َذا ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ‬
‫اإل ْسال يم ‪َ .‬و َاَّللَُّ َأ ْع َل ُم ‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫َري ُه يَم َّ ْن ك َ‬
‫َان ُم ْسلي ًام َثابي َت ي‬ ‫َوَل غ ْ َ‬
‫قلت‬
‫ُ‬ ‫‪.3‬‬
‫والذي يظهر أنه َل معارضة بني اَلقوال‪ ،‬فال حرج أن تؤذن بأذان الُتجيع‪ ،‬وَل حرج أن تؤذن بأذان‬
‫َل ترجيع فيه‪ ،‬فأذان الُتجيع الذي ل َّقنه النبي صَل اَّلل عليه وسلم أبا حمذورة ‪ ،‬والذي اعتمده العلامء‬
‫نوع‪ ،‬وأذان بالل و عبد اَّلل بن زيد هو األصل‪ ،‬ولذلك بعض العلامء يقولون‪ :‬أذان أيب حمذورة ألقاه‬
‫ٌ‬

‫‪ 1‬املغني املطبوع مع الرشح الكبري ‪ 415 / 1‬ط الكتاب العريب‬


‫النبي صَل اَّلل عليه وسلم عَل أيب حمذورة ِف مكة حينام ُفتيحت‪ ،‬فيحتمل لقرب أيب حمذورة من اجلاهلية‬
‫أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم أمره أن يتشهد حتى َل يسبق لسانه إل ما اعتاده ِف اجلاهلية‪.‬‬
‫حممد إقبال إمامي‬

‫بسم اَّلل الرْحن الرحيم‬


‫قراءة الفاَتة و أد ّلتها ِف مناقشة املذاهب األربعة‬

‫عليه احلمد َّلل الذي َل مع ّقب حلكمه وَل را ّد لقضائه الذي َل يسأل عام يفعل وهم يسألون وصَل اَّلل عَل‬
‫حممد عبده ورسوله وخاتم أنبيائه وخريته من نوع اإلنسان وسلم بعثه ال مجيع اجلن واَلنس من مبعثه ال‬
‫انقضاء هذا العاَل وقيام الساعة نسخ بملته امللل وَل ناسخ مللته وَل حول وَل قوة اَل باَّلل العظيم‪ .‬أ ّما‬
‫بعد‪:‬‬

‫يتعلق بقراءة الفاَتة مبحث مشهور عند الفقهاء‬


‫أ)‪ .‬هل هي فرض ِف الصالة باتّفاق مجبع املذاهب؟‬

‫املطلب األول‬
‫ِف تعيني حكم قراءة الفاَتة‪ .‬هل هي فرض أو واجب‬

‫حمل اإلتفاق‪ :‬فقد اتّفق العلامء عَل ّ‬


‫أن قراءة الفاَتة ِف الصالة فرض‪ .‬بحيث لو تركها عامدا َل سهوا‬ ‫▪‬
‫بطلت صالته‪ .‬سواء أن تكون مفروضة أو غري مفروضة‪ .‬أما لو تركها املصَل سهوا فعليه أن يأِت بالركعة‬
‫التي تركها فيها بسجود السهو‪.‬‬
‫حمل اخلالف‪ِ :‬ف اعتبار حكم قراءة الفاَتة‪ .‬هل هي فرض أو واجب؟‬ ‫▪‬
‫أ)‪ .‬احلنف ّية‪ّ :‬‬
‫إن قراءة الفاَتة ِف الصالة ليست فرضا و إنّام هي واجب‬
‫ب)‪ .‬اجلمهور (الشافعية واملالكية واحلنابلة)‪ :‬قراءة الفاَتة فرض َل واجب‬

‫توطئة‪:‬‬
‫قطعي كالقرأن فهو‬
‫ّ‬ ‫نفت احلنف ّية ترادف الفرض و الواجب‪ :‬فقالوا‪ :‬هذا الفعل إن ثبت بدليل‬
‫‪1‬‬
‫الصالة ال ّثابتة بقوله تعال‪{ :‬فاقرؤوا ما ّ‬
‫تيرس من القرأن} ‪ ,‬أو بدليل‬ ‫الفرض كقراءة القرأن ِف ّ‬
‫الصالة ال ّثابتة بخرب ّ‬
‫الصحيحني‪َ{ :‬ل صالة‬ ‫ظن ّّي كخرب الواحد فهو الواجب كقراءة الفاَتة ِف ّ‬
‫ملن َل يقرأ بفاَتة الكتاب} فيأثم بُتكها و َل تفسد به صالته بخالف ترك القراءة‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫األدلة‬
‫أما دليل من قال‪ّ :‬إَنا فرض َل واجب‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪.‬فإن‬ ‫تيرس من القرأن} سورة املز ّمل‪َ .20 :‬و ُم ْط َل ُق ْاألَ ْم ير لي ْل ُو ُج ي‬
‫وب‬
‫‪3‬‬
‫لقوله تعال‪{ :‬فاقرؤوا ما ّ‬ ‫▪‬
‫ألَنا هي املك ّلف ِبا‪.‬‬
‫الصالة‪ّ .‬‬
‫املراد منه القراءة ِف ّ‬
‫و ملا روي ِف {الصحيحني} من ّ‬
‫أن النّبي ﷺ قال‪َ{ :‬ل صالة ملن َل يقرأ بفاَتة الكتاب}‪ .‬حيث‬ ‫▪‬
‫قالو احلنف ّية‪ :‬املفروض مطلق القراء ‪,‬ة َل قراءة الفاَتة بخصوصها‪.‬‬
‫الصالة فأسبغ الوضوء ثم استقبل‬
‫و ملا روي ِف {الصحيحني} من قوله ﷺ‪{ :‬إذا قمت إل ّ‬ ‫▪‬
‫تيرس من القرأن}‪.‬‬
‫القبلة ثم اقرأ ما ّ‬
‫فقد أمر اَّلل ورسوله بقراءة القرآن مطلقا ووافق نص الكتاب القطعي نص السنة فال َيوز تقييد‬ ‫▪‬
‫نص الكتاب القطعي بام رواه من السنة مع ما فيه من كونه ظني الثبوت والدَللة أو ظني‬
‫الثبوت فقط بناء عَل أن النفي متسلط عَل الصحة ألن تقييد إطالق نص الكتاب بخرب الواحد‬
‫‪4‬‬
‫نسخ له وخرب الواحد َل يصلح ناسخا للقطعي بل يوجب العمل به‬

‫أما دليل من قال ّإَنا واجب‪:‬‬


‫ّبي ﷺ‪ :‬أ ُي ْق َر ُأ ِف الصالة؟ فقال ﷺ‪{ :‬أو تكون‬
‫ما رواه ابن عمر قال‪ :‬سأل رجل الن ّ‬ ‫▪‬
‫‪5‬‬
‫صال ٌة بال قراءة؟!}‬

‫للشيخ زكر ّيا األنصارى‪,‬ج ‪ ,1‬ص ‪( 26‬ال ّطبعة للمعهد العَل مسلك اُلدى)‬
‫لب األصول ّ‬
‫‪ .)1‬غاية الوصول عَل َشح ّ‬
‫‪ )2‬بدائع الصنائع ِف ترتيب الرشائع للكيساين (‪ )457/1‬املكتبة الشاملة‬
‫‪ .)3‬البحر الرائق َشح كنز الدقائق (‪ )312/1‬املكتبة الشاملة‬
‫‪َ .)4‬ل أجده‪ ,‬و يدل عَل معناه األحاديث الصحيحة املشهورة بل املتوتراة‬
‫ّبي ﷺ قال‪َ{ :‬ل صالة ملن َل يقرأ فيها بفاَتة‬ ‫الصامت‪ّ :‬‬
‫أن الن ّ‬ ‫و َر َوى عُباد ُة بن ّ‬ ‫▪‬
‫‪1‬‬
‫الكتاب}‬
‫ّبي ﷺ‪ :‬أنّه قال‪َ{ :‬لَتزئ صالة َل يقرأ الرجل فيها‬ ‫و روى ّ‬
‫الشافعي بإسناده‪ :‬عن الن ّ‬ ‫▪‬
‫‪2‬‬
‫بفاَتة الكتاب}‬
‫َي َيى‪َ ،‬ع ْن ُع َب ْي يد اَّللَّي‪َ ،‬ق َال‪َ :‬حدَّ َثنيي َس يعيدُ ْب ُن‬ ‫و حلديث ابن حزم عن حمُ ََّمدُ ْب ُن َب َّش ٍار‪َ ،‬ق َال‪َ :‬حدَّ َثنَا َ ْ‬ ‫▪‬
‫ول اَّللَّي ﷺ َد َخ َل املَْ ْس يجدَ َفدَ َخ َل َر ُج ٌل َف َص ََّل َف َس َّل َم‬ ‫يه‪َ ،‬ع ْن َأ ييب ُه َر ْي َرةَ‪َ " ،‬أ َّن َر ُس َ‬‫يد‪َ ،‬عن َأبي ي‬‫َأ ييب س يع ٍ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ع َََل النَّبي ِّي ﷺ َف َر َّد َو َق َال‪ْ :‬ار يج ْع َف َص ِّل َفإين ََّك ََل ْ ت َُص ِّل‪َ ،‬ف َر َج َع ُي َص ِّيل ك ََام َص ََّل ُث َّم َجا َء َف َس َّل َم ع َََل‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫احل ِّق َما ُأ ْحس ُن غ ْ َ‬
‫َري ُه‬ ‫النَّبي ِّي ﷺ َف َق َال‪ْ :‬ارج ْع َف َص ِّل َفإين ََّك ََل ْ ت َُص ِّل َث َال ًثا‪َ ،‬ف َق َال‪َ :‬وا َّلذي َب َع َث َك بي ْ َ‬
‫آن‪ُ ،‬ث َّم ْارك َْع َحتَّى‬ ‫َفع ِّلمنيي‪َ ،‬ف َق َال‪ :‬يإ َذا ُقم َت يإ َل الص َال ية َفكَرب‪ُ ،‬ثم ا ْقر ْأ ما َتيرس مع َك يمن ا ْل ُقر ي‬
‫َ ْ‬ ‫ِّ ْ َّ َ َ َ َّ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫اجدً ا‪ُ ،‬ث َّم ْار َف ْع َحتَّى َت ْط َمئي َّن‬
‫َت ْطمئي َّن راكي ًعا‪ُ ،‬ثم ار َف ْع َحتَّى َت ْع يد َل َقائيام‪ُ ،‬ثم اس ُجدْ َحتَّى َت ْطمئي َّن س ي‬
‫َ َ‬ ‫ً َّ ْ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َ َ‬
‫َجالي ًسا َوا ْف َع ْل َذلي َك يِف َص َالتي َك ُك ِّل َها"‬
‫‪3‬‬

‫املطلب الثاين‬
‫مناقسة الفقهاء فيها‬

‫▪ القائل األول ‪ :‬أن الفاَتة متعينة َل تصح صالة القادر عليها اَل ِبا وِبذا قال مجهور العلامء من‬
‫الصحابة والتابعني فمن بعدهم وقد حكاه ابن املنذر عن عمر بن اخلطاب وعثامن بن العاص‬
‫وابن عباس وأبى هريرة وابى سعيد اخلدرى وخوات بن جبري والزهرى وابن عون واَلوزاعي‬
‫ومالك وابن املبارك واْحد واسحق وابى ثور وحكاه اصحابنا عن ال ّثوري وداود‪.‬‬
‫• واحتج أصحابنا بحديث عبادة بن الصامت املذكور ِف الكتاب "َل صالة ملن َل يقرأ‬
‫بفاَتة الكتاب" رواه البخاري ومسلم‪ .‬فان قالوا معناه َل صالة كاملة‪ .‬قلنا هذا خالف‬
‫احلقيقة وخالف الظاهر والسابق إيل الفهم فال يقبل‬

‫‪ .)5‬أخراجه عن عبادة ‪−‬من طرق‪ −‬الشافعي ِف {األم} (‪ ), 93/1‬و {الُتمذي} (‪)237‬‬


‫‪ .)6‬أخراجه عن عبادة بن الصامت أيضا الدارقطني ِف {السنن} (‪ .)322/1‬قال النووي ِف {خالصة األحكام}‬
‫(‪ :)1113‬إسناده حسن و رجاله كلهم ث ّق ٌ‬
‫ات‪.‬‬
‫‪ .)7‬املحَل إلبن حزم (‪)236/3‬‬
‫• وعن أبى سعيد اخلدرى رىض اَّلل عنه قال " أمرنا أن نقرأ بفاَتة الكتاب وما يتيرس "‬
‫رواه أبو داود باسناد صحيح عيل َشط البخاري ومسلم وىف املسألة أحاديث كثرية‬
‫صحيحة واجلواب عن اْلية التي احتجوا ِبا اَنا وردت ِف قيام الليل َل ِف قدر القراءة‬
‫وعن احلديث أن الفاَتة تتيرس فيحمل عليها مجعا بني اَلدلة أو َيمل عيل من َيسنها‬
‫وعن حديث ابى هريرة " َل صالة اَل بقرآن " أنه حديث ضعيف رواه أبو داود باسناد‬
‫ضعيف‬
‫• وجواب آخر وهو أن معنى هذا احلديث لو صح ان أقل ما َيزى فاَتة الكتاب كام‬
‫يقال صم ولو ثالثة أيام من الشهر اي اكثر من الصوم فان نقصت فال تنقص عن ثالثة‬
‫ايام وعن قوُلم ان سور القران سواء ِف احلرمة أنه َل يلزم منه استواؤها ِف اَلجزاء ِف‬
‫الصالة َلسيام وقد ثبتت اَلحاديث الصحيحة ِف نفس الفاَتة فوجب املصري إليها هذا‬
‫خمترص ما يتعلق باملسألة من الدَلئل لنا وُلم اقترصت فيها عيل الصواب من الدَلئل‬
‫الصحيحة إذ َل فائدة ِف اَلطناب ِف الواهيات‬
‫▪ وقال أبو حنيفة‪َ :‬ل تتعني الفاَتة لكن تستحب وىف رواية عنه َتب وَل يشُتط ولو قرأ غريها‬
‫من القرآن اجزأه وىف قدر الواجب ثالث روايات عنه‪:‬‬
‫• (إحداها) آية تامة‬
‫(والثانية) ما يتناوله اإلسم‪ .‬قال الرازي‪ :‬وهذا هو الصحيح عندهم‬ ‫•‬
‫(والثالثة) ثالث آيات قصار أو آية طويلة‬ ‫•‬
‫• وِبذا قال أبو حنيفة وحممد واحتج َليب حنيفة بقول اَّلل تعايل (فاقرؤا ما تيرس منه)‬
‫وبحديث ابى هريرة ريض اَّلل عنه ان النبي صيل اَّلل عليه وسلم قال للمسئ صالته "‬
‫كرب ثم اقرأ ما تيرس معك من القرآن " رواه البخاري ومسلو بحديث أيب سعيد ريض‬
‫ّ‬
‫اَّلل عنه قال قال رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم " َل صالة اَل بفاَتة الكتاب أو غريها‬
‫" وىف حديث ايب هريرة عن النبي صَل اَّلل عليه وسلم قال " َل صالة اَل بقرآن ولو‬
‫بفاَتة الكتاب" قالوا ّ‬
‫فدل عَل أن غريها يقوم مقامها قالوا وألن سور القرآن ِف احلرمة‬
‫‪1‬‬
‫سواء بدليل َتريم قراءة اجلميع عيل اجلنب وَتريم مس املحدث وغريُها‬

‫‪ .)8‬املجموع َشح اُلذب‪ ,‬ج ‪ ,3‬ص ‪( 251‬املكتبة التوفقية)‬


‫{إختيار الباحث}‬
‫األوجه عندي‪ :‬قرأة الفاَتة سواء كان واجبا أو فرضا مع ّأَنا واجبة الفعل‪ .‬فإن ُتركت بطلت صالته‬
‫باتّفاق‪.‬و إنّام يتوقف خالف احلنف ّية فقط من جهة أصول مذهبه‪ .‬فقالوا أن الواجب والفرض غري‬
‫مُتادف‪.‬‬
‫بسم اَّلل الرْحن الرحيم‬

‫ِف تعيني قراءة سورة الفاَتة‬

‫اإلعداد ‪ :‬حممد أجي سافُتا‬

‫املقدمة‬

‫احلمد َّلل رب العاملني‪ ،‬وبه نستعني عَل أمور الدنيا والدين‪ ،‬وصلوات اَّلل وسالمه عَل سيد املرسلني‪،‬‬
‫حممد وعَل‬
‫الصادق األمني‪ ،‬حبيب رب العاملني‪ ،‬سيد األولني واألخرين‪ ،‬املبعوث رْحة للعاملني‪ ،‬س ّيدنا ّ‬
‫اله وصحبه أمجعني‪.‬‬

‫و بعد ‪ :‬لقد كان اإلختالف ىف فروع الرشيعة بني األئمة معلوما وذلك ألسباب كثرية‪ ،‬منها ‪ :‬تعارض‬
‫األدلة‪ ،‬اجلهل بالدليل‪ ،‬اإلختالف ىف صحة نقل احلديث‪ ،‬اإلختالف ىف القراءات أم القرأن و غري ذلك‪.‬‬
‫إذن كنت هنا أبحث عن بعض املسائل املختلفة عند األئمة األربعة يعني ‪ِ :‬ف تعيني قراءة سورة الفاَتة‬

‫أوَل ‪ :‬املبحث‬

‫اختلف اهل العلم ىف حكم قراءة أم الكتاب تعيينا وَتديدا دون سائر سور القرأن ىف الصالة عَل قولني‬

‫ثانيا ‪ :‬أقوال العلامء‬

‫‪ .1‬القول األول ‪ :‬قرأءة الفاَتة متعينة َلتصح صالة القادر عليها اَلّ ِبا‪ ،‬وِبذا قال مجهور العلامء من‬
‫املالكية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬واحلنابلة‪ ،‬وقد حكاه ابن املنذر عن عمر بن اخلطاب‪ ،‬وعثامن بن أيب العاص‪ ،‬وابن‬
‫عباس‪ ،‬وأيب هريرة‪ ،‬وأيب سعيد اخلدري‪ ،‬وخوات بن جبري‪ ،‬والزهري‪ ،‬وابن عون‪ ،‬واألوزاعي‪ ،‬ومالك‪،‬‬
‫وابن املبارك‪ ،‬وأْحد‪ ،‬واسحاق‪ ،‬وايب ثور‪ ،‬وحكي عن داود‪ ،‬والثوري‪.‬‬

‫ْن ‪ ،‬و َلكي ين ا ْل َفر ُض يِف الص ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫‪ .2‬القول الثاين ‪ :‬و َذ َهب ْ ي‬
‫الة‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫احلنَف َّي ُة إي َل َأ َّن ق َرا َء َة ا ْل َفاَتَة يِف َّ‬
‫الصالة َل ْي َس ْت بي ُرك ٍ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫آن ‪.‬‬‫يعنْدَ ُهم يقراء ُة ما َتيرس يمن ا ْل ُقر ي‬
‫ْ َ َ َ َ َّ َ َ ْ‬

‫ثالثا ‪ :‬األدلة‬

‫أدلة قول األول ‪:‬‬


‫‪.1‬حدثنا أبو بكر قال‪ :‬حدثنا سفيان بن عيينة‪ ،‬عن الزهري‪ ،‬عن حممود بن الربيع‪ ،‬عن عبادة بن‬
‫الصامت‪ ،‬يبلغ به النبي صَل اَّلل عليه وسلم أنه قال‪َ« :‬ل صالة ملن َل يقرأ بفاَتة الكتاب» ‪.‬واختلف‬
‫‪1‬‬

‫الناس ِف هذا األصل هل َيمل هذا النفي عَل التامم والكامل‪ ،‬أو َيمل عَل اإلجزاء‪ ،‬اختلفت الفتوى‬
‫بحسب اختالف حال الناظر‪ .‬وملا كان األشهر ِف هذا األصل واألقوى أن النفي عَل العموم كان‬
‫‪2‬‬ ‫األقوى من رواية مالك‪ ،‬ريض اَّلل عنه‪َّ ،‬‬
‫أن من َل يقرأ الفاَتة ِف صالته بطلت‬
‫‪ .2‬وحدثناه إسحاق بن إبراهيم احلنظيل‪ ،‬أخربنا سفيان بن عيينة‪ ،‬عن العالء‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أيب هريرة‪،‬‬
‫عن النبي صَل اَّلل عليه وسلم قال‪« :‬من صَل صالة َل يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج» ثالثا غري متام‪.‬‬
‫قال اخلليل بن أْحد واألصمعي وأبو حاتم السجستاين واُلروي وآخرون اخلداج النقصان قال يقال‬
‫خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوان النتاج وإن كان تام اخللقة وأخدجته إذا ولدته ناقصا وإن‬
‫كان لتامم الوَلدة ومنه قيل لذي اليدين خمدوج اليد أي ناقص قالوا فقوله صَل اَّلل عليه وسلم خداج‬
‫‪3‬‬
‫أي ذات خداج‬
‫ول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم قال ‪َ " :‬ل َصال َة َملي ْن َل ْ َي ْقرأ‬
‫أن َر ُس َ‬
‫يض اَّلل َعنْ ُه َّ‬ ‫ي ي‬
‫‪َ .3‬ع ْن ُع َبا َد َة ْب ين َّ‬
‫الصامت َر َ‬
‫اَتَة الكيتَاب‪".‬‬ ‫بي َف ي‬

‫املعنى اإلمجايل‪:‬‬
‫سورة الفاَتة‪ ،‬هي أم القرآن وروحه‪ ،‬ألَنا مجعت أنواع املحامد والصفات العَل َّلل تعال‪ ،‬وإثبات امللك‬
‫والقهر‪ ،‬واملعاد واجلزاء‪ ،‬والعبادة والقصد‪ ،‬وهذه أنواع التوحيد والتكاليف ثم اشتملت عَل أفضل دعاء‪،‬‬
‫وأجل مطلوب‪ ،‬وسؤال النجاة من سلوك طريق املعاندين والضالني‪ ،‬إل طريق العاملني العاملني‪ ،‬كام‬
‫أثبت كذلك الرسالة بطريق اللزوم‪.‬‬
‫لذا فرضت قراءِتا ِف كل ركعة‪ ،‬وأني َطت صحة الصالة بقراءِتا‪ ،‬ون يُف َي ْت حقيقة الصالة الرشعية بدون‬
‫قراءِتا‪ .‬ويؤكد نفي حقيقتها الرشعية ما أخرجه ابن خزيمة عن أيب هريرة مرفوع ًا وهو "َلَتزئ صالة‬
‫‪4‬‬
‫َليقرأ فيها بأم القرآن"‪.‬‬

‫الكتاب املصنف ِف األحاديث واْلثار‪ ،316/1 ،‬رقم ‪ 3618‬ط ‪ -‬مكتبة الرشد‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬القبس ِف َشح موطأ مالك بن أنس‪ ،220 ،‬ط ‪ -‬دار الغرب اإلسالمي‬
‫‪ 3‬صحيح مسلم‪ ،296/1 ،‬رقم ‪ 38‬ط ‪ -‬دار إحياء الُتاث العريب‬
‫‪ 4‬تيسري العالم َشح عمدة احلكام‪147/1 ،‬‬
‫‪( .4‬أبو سعيد)‪ :‬أمرنا أن نقرأ بفاَتة الكتاب وما تيرس‪ .‬أليب داود ‪ .‬فقول أيب سعيد ‪ [ :‬أمرنا أن نقرأ‬
‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫بفاَتة الكتاب وما تيرس ] يدل عَل أن قراءة فاَتة الكتاب وما تيرس مأمور ِبا ومطلوبة‬

‫أدلة قول الثاين ‪:‬‬

‫‪( .1‬ولنا) قوله تعال‪{ :‬فاقرءوا ما تيرس من القرآن} [املزمل‪ ، ]20 :‬أمر بمطلق القراءة من غري تعيني‪،‬‬
‫فتعيني الفاَتة فرضا أو تعيينهام نسخ اإلطالق‪ ،‬ونسخ الكتاب باخلرب املتواتر َل َيوز عند الشافعي‪،‬‬
‫فكيف َيوز بخرب الواحد؟ فقبلنا احلديث ِف حق الوجوب عمال حتى تكره ترك قراءِتام دون‬
‫الفرضية عمال ِبام بالقدر املمكن‪ ،‬كي َل يضطر إل رده لوجوب رده عند معارضة الكتاب‪ ،‬ومواظبة‬
‫النبي ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ -‬عَل فعل َل يدل عَل فرضيته‪ ،‬فإنه كان يواظب عَل الواجبات واَّلل‬
‫‪3‬‬
‫أعلم‪.‬‬
‫‪ .2‬حديث أيب سعيد اخلدري أن النّبي ﷺ قال ‪َ (( :‬لصالة اَلّ بفاَتة الكتاب او غريها))‪ .‬أخرجه ابن‬
‫ماجه‬
‫‪َ .3‬تزئ قراءة ما سوى الفاَتة‪ّ ،‬‬
‫ألن سور القرأن ىف احلرمة سواء بدليل َتريم قراءة اجلميع عَل اجلنب‪،‬‬
‫وَتريم مس املحدث للمصحف‬
‫‪ .4‬حديث أيب هريرة ريض اَّلل عنه أن النّبي ﷺ قال للميسء صالته ‪ (( :‬كرب ثم اقرأ ما تيرس معك من‬
‫َاب‬ ‫َص ا ْلكيت ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬
‫القرأن))‪ .‬رواه البخاري ومسلم ‪َ .‬ف َقدْ َأ َم َر اَّللَُّ َو َر ُسو ُل ُه بيق َرا َءة ا ْل ُق ْرآن ُم ْط َل ًقا َو َوا َف َق ن َّ‬
‫‪4‬‬

‫يه يم ْن ك َْوني يه َظن َِّّي‬


‫َاب ا ْل َق ْط يعي بيام رواه يمن السن يَّة مع ما في ي‬
‫ِّ َ َ َ ُ ْ ُّ َ َ َ‬ ‫َص ا ْلكيت ي‬ ‫َيوزُ َت ْقيييدُ ن ِّ‬
‫ا ْل َق ْط يعي نَص ا ي‬
‫لسنَّة َف َال َ ُ‬
‫ِّ ُّ ُّ‬
‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َص‬ ‫الص َّحة ؛ ألَ َّن َت ْقيييدَ إ ْط َال يق ن ِّ‬ ‫ال ُّث ُبوت َوالدَّ ََل َلة َأ ْو َظن َِّّي ال ُّث ُبوت َف َق ْط بينَا ًء ع َََل َأ َّن النَّ ْف َي ُمت ََس ِّل ٌط ع َََل ِّ‬
‫‪5‬‬
‫ب ا ْل َع َم َل بي يه‬ ‫َاس ًخا لي ْل َق ْط يعي َب ْل ُي ي‬
‫وج ُ‬ ‫ِّ‬
‫اح يد ََل يص ُلح ن ي‬
‫َ ْ ُ‬
‫اح يد نَس ٌخ َله و َخرب ا ْلو ي‬
‫ْ ُ َ َُ َ‬
‫َاب بي َخ يرب ا ْلو ي‬
‫ا ْلكت ي َ َ‬
‫ي‬

‫يسى َع ْن َج ْع َف ير ْب ين‬ ‫ي‬ ‫ي‬


‫وسى َق َال َحدَّ َثنَا ع َ‬ ‫يم ْب ُن ُم َ‬ ‫‪َ .5‬حدَّ َثنَا حمُ ََّمدُ ْب ُن َبك ٍْر َق َال َحدَّ َثنَا َأ ُبو َد ُاود َق َال َحدَّ َثنَا إ ْب َراه ُ‬
‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم‬
‫رص ِّي َق َال َحدَّ َثنَا َأ ُبو ُع ْث َام َن الن َّْه يد ُّي َع ْن َأ ييب ُه َر ْي َر َة َق َال َق َال ييل َر ُس ُ‬ ‫مي م ٍ‬
‫ون ا ْل َب ْ ي‬ ‫َُْ‬

‫‪ 1‬مجع الفوائد من جامع اَلصول وُممع الزوائد‪ ،230/1 ،‬رقم ‪ ،1387‬ط – مكتبة ابن كثري‬
‫َشح سنن أيب داود ‪38/5‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 3‬بدائع الصنائع ىف ترتيب الرشائع‪ 110/1 ،‬ط – دار الكتب العلمية‬


‫‪ 4‬املسند املستخرج عَل صحيح اإلمام مسلم‪ ،20/2 ،‬رقم ‪ 881‬ط ‪ -‬دار الكتب العلمية‬
‫البحر الرائق َشح كنز الدقائق‪172/3 ،‬‬ ‫‪5‬‬
‫َاب َفام زَ اد) ‪ .‬و َقو ُله ََل ص َال َة َّإَل بيا ْل ُقر ي‬ ‫ي ي ي‬ ‫ٍ‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫آن‬ ‫ْ‬ ‫( ُا ْخ ُر ْج َفنَاد يِف املَْدينَة َأ َّن ُه ََل َص َال َة َّإَل بي ُق ْرآن َو َل ْو بي َفاَتَة ا ْلكت ي َ َ َ ْ ُ َ‬
‫‪1‬‬

‫َري َها يألَ َّن ُه‬ ‫ي ْقت يَِض جوازَ َها بيام َقر َأ بي يه يمن َيش ٍء‪ .‬و َقو ُله و َلو بي َف ي‬
‫اَت يَة ا ْلكيت ي‬
‫َاب َف َام زَ ا َد َيدُ ُّل َأ ْي ًضا ع َََل َج َو ياز َها بيغ ْ ي‬ ‫ْ ْ َ ْ ُ َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬ ‫اَت يَة ا ْلكيت ي‬
‫َاب‬ ‫َاب َفام زَ اد و َل َق َال بي َف ي‬ ‫ي ي ي‬ ‫ي ي‬
‫َان َف ْر ُض ا ْلق َرا َءة ُم َت َع ِّينًا ي َِبا ملَا َق َال َو َل ْو بي َفاَتَة ا ْلكت ي َ َ َ‬
‫َل ْو ك َ‬

‫مناقشة‬

‫الرد عَل القول الثاين‬

‫‪ .1‬أ ّما اجلواب عن األية فمن ثالثة أوجه ‪:‬‬


‫‪ -‬أن املراد ِبا قيام الليل‬
‫‪ -‬أَنا مستعملة ىف اخلطبة او فيام عدا الفاَتة‬
‫‪ -‬أَنا ُمملة فرسها قوله ﷺ ‪َ :‬لصالة اَلّ بفاَتة الكتاب‪ ،‬ألن ظاهرها مُتوك باإلتفاق‪ ،‬ألنه‬
‫لة تيرس عليه سورة البقرة َل يلزمه‪ ،‬ولو تيرس عليه بعض أية َل بجزه‬
‫‪ .2‬أ ّما حديث أيب سعيد ففيه جوابان‬
‫‪ -‬أن قوله ﷺ ‪ :‬او بغريها يعني ‪ :‬وبغريها عَل معنى الكامل‬
‫ان معناه ‪َ :‬لصالة اَلّ بفاَتة الكتاب‪ ،‬ملن َيسنها او بغريها ملن َلَيسنها و ألن ذلك َل يكن‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪3‬‬
‫لتخصيص الفاَتة بالذكر معنى‬
‫‪ .3‬أما ىف استواء احلرمة بأنه قياس ِف معارضة نص‪ ،‬وأنه َليلزم من اإلستواء ىف احلرمة اإلجزاء ىف‬
‫الصالة‬

‫‪ .4‬أما هذا فيحمل عليها مجعا بني األد ّلة او َيمل عَل من َلَيسنها‬

‫‪ .5‬قلت‪َ :‬ه َذا احلَ يديث ُر يو َي بي ُو ُجوه خمُ ْتَل َفة‪َ ،‬ف َر َوا ُه ا ْل َبزَّ ار َو َلفظه‪َ ( :‬أمر مناديا َفنَا َدى) ‪َ .‬و يِف كتاب‬
‫اخلفاف‪َ :‬لصالة اَلبقرآن َو َلو بي َف ي َ‬
‫اَتة ا ْلكتاب َف َام زَ اد َو يِف‬ ‫احل َس ْني َأ ْْحد بن حمُ ََّمد ْ‬‫(الص َالة) أليب ْ ُ‬‫َّ‬
‫اَتَة ا ْلكتاب َف َام زَ اد) َو يِف لفظ‪:‬‬ ‫(الص َالة) للفريايب‪( :‬أنادي يِف املَْ يدينَة َأن‪ََ :‬ل ص َالة إَلّ بي يقراءة َأو بي َف ي‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬

‫‪ 1‬سنن أيب داود‪ ،300/1 ،‬رقم ‪ 819‬ط ‪ -‬دار الكتاب العريب‬


‫‪ 2‬علوم القرأن وأصول التفسري‪ 33/1 ،‬ط – دار احياء الُتاث العريب‬
‫‪ 3‬احلاوي الكبري‪ ،‬ج ‪ 104 /2‬ط – دار الكتب العلمية‬
‫اَتَة ا ْلكتاب) وعند ا ْلبيه يقي‪( :‬إَلّ بي يقراءة َف ي‬
‫اَتَة ا ْلكتاب َف َام زَ اد) َو يِف‬ ‫فناديت‪َ ( :‬أن ََل ص َالة إَلّ بي يقراءة َف ي‬
‫َ َ‬ ‫َْ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫اديث كلها ََل تدل عَل َف ي‬ ‫اَتَة ا ْلكتاب) ‪ ،‬و َه يذه ْاألَح ي‬ ‫(األَوسط) ‪ :‬ي(ِف كل ص َالة يقراءة و َلو بي َف ي‬
‫رض َّية‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ َ‬
‫الر َوا َيت ْ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الص َالة إَلّ‬
‫َني عَل عدم َج َواز َّ‬ ‫ق َرا َءة ا ْل َفاَتَة‪ ،‬بل غالبها َينْفي ا ْل َف ْرض َّية‪َ ،‬فإين د ّلت إي ْحدَ ى ِّ‬
‫ُها بي َأن ن ُقول بفرضية‬ ‫اَتَة‪ ،‬فنعمل بي ْ ي‬ ‫ازها بي َال َف ي‬
‫اَت يَة د ّلت ْاألُ ْخ َرى عَل َج َو َ‬
‫بيا ْل َف ي‬
‫احلديثني‪َ ،‬و ََل َنمل َأحد َ‬ ‫َ‬
‫اَتَة‪َ ،‬و َه َذا ُه َو ا ْلعدْ ل يِف َباب َأعامل ْاألَ ْخ َبار‬‫مطلق ا ْل يقراءة‪ ،‬وبوجوب يقراءة ا ْل َف ي‬
‫‪1‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫َاد َض يع ٍ‬
‫يف‬ ‫يف رواه َأبو داود بيإيسن ٍ‬ ‫ي‬ ‫و أيضا َأ َّن ُه َح يد ٌ‬
‫‪2‬‬
‫يث َضع ٌ َ َ ُ ُ َ ُ ْ‬

‫الرد عَل القول األول‬

‫‪ .1‬احتجوا‪ :‬بام رواه سفيان بن عيينة عن الزهري‪ ،‬عن حممود بن الربيع‪ ،‬عن عبادة بن الصامت‪ ،‬أن النبي‬
‫‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ -‬قال‪َ(( :‬ل صالة ملن َل يقرأ بفاَتة الكتاب))‪ .‬واجلواب‪ :‬أن لفظة (َل) مشُتكة‪:‬‬
‫َيتمل نفي اجلواز‪ ،‬ونفي الكامل‪ ،‬كقوله‪َ(( :‬ل صالة جلار املسجد إَل ِف املسجد))‪ .‬وإذا احتملت األمرين‬
‫‪3‬‬
‫ْحلت عَل نفي الكامل؛ ألنه متيقن‪.‬‬

‫‪ .2‬قالوا‪ :‬روى أبو هريرة أن النبي ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ -‬قال‪(( :‬كل صالة َل يقرأ فيها بأم الكتاب فهي‬
‫خداج))‪ .‬قلنا‪ :‬اخلداج‪ :‬الناقص‪ .‬وعندنا ‪ :‬أن من ترك الفاَتة فصالته ناقصة‪ ،‬فقد قلنا بالظاهر‪ .‬قالوا‪:‬‬
‫اخلداج نقصان عضو من أصل اخللقة‪ ،‬يقال‪ :‬أخدجت الناقة إذا وضعت ولدها عَل هذه الصورة‪،‬‬
‫فاقتض أن تكون الصالة نقصت ركنا من أصلها‪ .‬قلنا‪ :‬قال أبو عبيد‪ :‬أخدجت الناقة إذا ولدت ولدا‬
‫ناقص اخللقة‪ ،‬وخدجت إذا وضعته ألقل من مدة احلمل‪ .‬فلو كان املراد ما قالوه لقال‪ :‬فهي إخداج‪.‬‬
‫وألن هذه أخبار آحاد‪ ،‬فلو ْحلت عَل الوجوب لنسخت اْلية‪ ،‬وما دل عليه ظاهر القرآن َل ينسخ بأخبار‬
‫اْلحاد‪.‬‬

‫‪ .3‬قالوا‪ :‬روي ِف هذا اخلرب أنه‪َ(( :‬ل َتزئ صالة َل يقرأ الرجل فيها بفاَتة الكتاب))‪ ،‬وهذا مفرس َل‬
‫َيتمل‪ .‬قلنا‪ :‬هذا اخلرب رواه األئمة عن سفيان بن عيينة باللفظ األول‪ ،‬وذكره البخاري ِف الصحيح‪،‬‬

‫‪ 1‬عمدة القاري َشح صحيح البخاري‪ 14 / 6 ،‬ط ‪ -‬دار احياء الُتاث العريب‬
‫‪ 2‬املجموع َشح املهذب‪ 329 / 3 ،‬ط – دار الفكر‬
‫‪ 3‬التجريد للقدوري‪ 488 / 1 ،‬ط – دار السالم‬
‫وكذلك رواه الشافعي‪ .‬وإنام تفرد ِبذا اللفظ زياد بن أيوب‪ ،‬راويه عن سفيان‪ ،‬والرجوع إل رواية األئمة‬
‫أول َما تفرد به واحد‪.‬‬

‫‪ .4‬قالوا‪ :‬قوله‪{ :‬فاقرءوا ما تيرس} ُممل؛ ألنه خيتلف ما تيرس‪ ،‬فهذه األخبار بيان‪ .‬قلنا‪ :‬ليس ُممال وإن‬
‫‪1‬‬
‫اختلف ما تيرس؛ ألن اللفظ َيمل عَل أدناه‪.‬‬

‫اختيار الكاتب‬

‫قلت ‪ :‬القول بوجوب قراءة الفاَتة أرجح من خالفه ألنّه أقوى حجة مثل أية القرأن {فاقرءوا ما تيرس}‬
‫بأن ْحلهم عَل غري الفاَتة من ّ‬
‫كل سور بعيد ألَنا نزلت عَل من قام بالليل اذ الصالة املفعولة ليس فرضا‬
‫وكيف جعلهم عَل صالة الفرض‪.‬‬

‫‪ 1‬التجريد للقدوري‪ 490 / 1 ،‬ط – دار السالم‬


‫قراءة الفاَتة ِف كل ركعة‬

‫اإلعداد ‪ :‬رضوان رديانطا‬

‫بسم اَّلل ارْحن الرحيم‬

‫احلمد َّلل رب العاملني صالة وسالما عَل سيد املرسلني نب ّينا حممد وعَل آله وصحبه أمجعني أما بعد‪:‬‬

‫ِف الفرصة هذه مجعت ارآء العلامء عَل وجوب القراءة ِف كل ركعة من الصالة واخترصت َتليصا ألسهل‬
‫التفهيم للمحتاجني و ألجل وظيفة علم املقارن ِف اجلامعة املعهد العايل النور الثاين املرتض‪.‬‬

‫قراءة الفاَتة ِف كل ركعة‬

‫له اقوال ِف حكم وجوب قراءة الفاَتة ِف مجيع ركعات الصالة‪ ،‬هي‪:‬‬

‫األول ‪ :‬قراءة الفاَتة ركن ِف كل ركعة فال تصح اَل ِبا‪ ،‬هذا مذهب مالك‪ ،‬والشافعي‪ ،‬واحلنبيل‪،‬‬
‫والظاهري‪ ،‬وبه اكثر من العلامء‪.‬‬

‫الثاين ‪ :‬اَنا واجبة ِف الركعتني اَلوليني‪ ،‬واما ىف األخريان َل َتب فيهام‪ ،‬بل خمري بني قراءة الفاَتة‬
‫والتسبيح والسكوت‪ ،‬كذا روي عن ايب يوسف عن أيب حنيفة‪.‬‬

‫األدلة ‪:‬‬

‫احتج اجلمهور عَل اَياب قراءة الفاَتة ِف كل ركعة بام يأِت ‪:‬‬

‫‪ .1‬وَتب قراءة الفاَتة ِف كل ركعة ملا روى رفاعة بن رافع ريض اَّلل عنه قال " بينا رسول اَّلل صيل اَّلل‬
‫عليه وسلم جالس ِف املسجد ورجل يصيل فلام انرصاف اتى رسول اَّلل صيل اَّلل عليه وسلم فسلم عليه‬
‫فقال له أعد صالتك فانك َل تصل فقال علمني يا رسول اَّلل فقال إذا قمت إيل الصالة فكرب ثم اقرأ‬
‫بفاَتة الكتاب وما تيرس إيل أن قال ثم ثم أصنع ِف كل ركعة ذلك ألن فيها قيام فوجب فيها القراءة‬
‫‪1‬‬

‫كالركعة األول و اكد بالثاين‬

‫‪َ. 1‬شح السنة رقم ‪ 554‬ج ‪ 3‬ص ‪9‬‬


‫ِف مذاهب العلامء ِف القراءة ِف كل الركعات‪ :‬قد ذكرنا ان مذهبا وجوب الفاَتة ِف كل ركعة وبه قال اكثر‬
‫العلامء وبه قال أصحابنا عن عيل وجابر رىض اَّلل عنهام وهو مذهب اْحد وحكاه ابن املنذر عن ابن عون‬
‫واَلوزاعي وأبى ثور وهو الصحيح عن مالك وداود‬
‫‪2‬‬

‫يم َمجيي ًعا َع ْن ُس ْف َي َ‬


‫ان ‪َ -‬ق َال َأ ُبو َبك ٍْر َحدَّ َثنَا‬ ‫ي‬
‫اق ْب ُن إي ْب َراه َ‬
‫‪ .2‬حدَّ َثنَا َأبو بك يْر بن َأبيى َشيب َة وعَمرو الن ي‬
‫َّاقدُ َوإي ْس َح ُ‬ ‫َْ َ ْ ٌ‬ ‫ُ َ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ت َي ْب ُلغُ بي يه النَّبي َّى ‪-‬صَل اَّلل عليه‬ ‫ود ب ين الربيي يع َعن ُعباد َة ب ين الص يام ي‬
‫َّ‬ ‫ْ َ َ ْ‬
‫ي‬
‫َن الزُّ ْه ير ِّى َع ْن حمَ ُْم ْ َّ‬ ‫ان ْب ُن ُع َي ْينَ َة ‪ -‬ع ي‬
‫ُس ْف َي ُ‬
‫َاب »‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫اَت يَة ا ْلكيت ي‬
‫ال َة ملَين ََل ي ْقر ْأ بي َف ي‬
‫وسلم‪َ « -‬لَ َص َ ْ ْ َ َ‬

‫‪ " .3‬كان رسول اَّلل صَل اَّلل تعايل عليه وسلم يقرأ ِف الظهر والعرص ِف الركعتني اَلوليني بفاَتة الكتاب‬
‫وسورتني وسمعنا اْلية احيانا ويقرأ ِف الركعتني اَلخريتني بفاَتة الكتاب " رواه مسلم وأصله ِف‬
‫‪4‬‬

‫صحيحي البخاري ومسلم لكن قوله " يقرأ ِف اَلخريتني بفاَتة الكتاب " انفرد به مسلم وعن ايب سعيد‬
‫اخلدرى ريض اَّلل عنه ان النبي صيل اَّلل عليه وسلم " كان يقرأ ِف صالة الظهر ِف الركعتني اَلوليني ِف‬
‫كل ركعة قدر ثالثني آية وىف اَلخريتني قدر نصف ذلك وىف العرص ِف الركعتني اَلوليني ِف كل ركعة‬
‫‪5‬‬
‫قدر قراءة مخس عرشة وىف اَلخريتني قدر نصف ذلك‬

‫واستدل من عَل اَياب قراءة الفاَتة ىف الركعتني األوليني ِف ‪:‬‬

‫اَت يَة ا ْلكيتَاب } َو َلنَا َق ْوله َت َع َال {‬


‫‪6‬‬ ‫ني َعنْه ص ََّل اَّللَُّ َع َلي يه وس َّلم { ََل ص َال َة َملين ََل ي ْقر ْأ يب َف ي‬
‫ْ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫يح ْ ي ُ َ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫‪َ .1‬ملا يِف َّ‬
‫الصح َ‬
‫الص َال ية‬ ‫ي‬ ‫يي‬
‫ني م ْن َق ْوله َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم { إ َذا ُق ْمت َإل َّ‬
‫آن } وما يِف الص يحيح ي ي‬
‫َْ‬ ‫َّ‬ ‫‪7‬‬
‫َ َ‬
‫َفا ْقرءوا ما َتيرس يمن ا ْل ُقر ي‬
‫َ ُ َ َ َّ َ ْ ْ‬
‫آن }وبالثاين َف َقدْ َأ َم َر اَّللَُّ َو َر ُسو ُل ُه‬ ‫َف َأسبيغْ ا ْلو ُضوء ‪ُ ،‬ثم اس َت ْقبي ْل ا ْل يقب َل َة ‪ُ ،‬ثم ا ْقر ْأ ما َتيرس معك يمن ا ْل ُقر ي‬
‫‪8‬‬
‫ْ ْ‬ ‫َّ َ َ َ َّ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬

‫‪.2‬املجمعع َشح املهذب ج‪ 3‬ص‪360‬‬


‫‪ .3‬صحيح البخاري حديث رقم ‪ ،756‬صحيح مسلم حديث رقم ‪.900‬‬
‫‪4‬‬

‫‪ . 5‬املجمعع َشح املهذب ج ‪ ،3‬ص ‪. 362‬‬


‫‪ . 6‬صحيح البخاري حديث رقم ‪.667‬‬
‫‪ . 7‬املزمل ‪20 :‬‬
‫‪ . 8‬صحيح البخاري حديث رقم ‪.6248‬‬
‫َاب ا ْل َق ْط يع ِّي بي َام َر َوا ُه‬
‫َص ا ْلكيت ي‬
‫َيوزُ َت ْقيييدُ ن ِّ‬
‫ي‬
‫السنَّة َف َال َ ُ‬
‫ي‬ ‫َص ا ْلكيت ي‬
‫َاب ا ْل َق ْطع ِّي ن ُّ‬
‫َص ُّ‬
‫ي‬ ‫ي ي‬
‫بيق َرا َءة ا ْل ُق ْرآن ُم ْط َل ًقا َو َوا َف َق ن َّ‬
‫وت‬‫يه يمن كَوني يه َظنِّي ال ُّثب ي‬ ‫يمن السن يَّة مع ما في ي‬
‫َّ ُ‬ ‫‪9‬‬
‫ْ ْ‬ ‫ْ ُّ َ َ َ‬

‫املناقشة بني القولني‪:‬‬

‫الرد من القول اَلول‬

‫‪ .1‬واما اجلواب عن احتجاجهم باْلية فهو اَنا وردت ِف قيام الليل‪ :‬وعن حديث ابن عباس انه‬
‫نفى وغريه اثبت واملثبت مقدم عيل الناِف وكيف وهم اكثر منه واكرب سنا واقدم صحبة واكثر‬
‫اختالطا بالنبي صَل اَّلل عليه وسلم َلسيام أبو هريرة وابو قتادة وابو سعيد فتعني تقديم‬
‫احاديثهم عيل حديثه والرواية الثانية عن ابن عباس تبني أن نفيه ِف الرواية اَلول كان عيل سبيل‬
‫التخمني والظن َل عن َتقيق فال يعارض اَلكثرين اجلازمني باثبات القراءة وعن حديث عبادة‬
‫أن املراد قراءة الفاَتة ِف كل ركعة بدليل ما ذكرنا من اَلحاديث ‪.‬‬
‫‪10‬‬

‫ومن الثاين‬

‫ب يِف ْ‬
‫إحدَ ى‬ ‫يض اَّللَُّ َعنْ ُه ت ََر َك ا ْل يق َرا َء َة يِف املَْغ يْر ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫يض اَّللَُّ َعن ُْه ْم ‪َ ،‬فإ َّن ع َُم َر َر َ‬
‫ي ي‬
‫الص َحا َبة َر َ‬ ‫َاع َّ‬ ‫‪َ ( .1‬و َلنَا ) ْ‬
‫إمج ُ‬
‫ني يم ْن‬
‫الر ْك َع ية ْاألَ يخري ية َو َج َه َر َو ُع ْث َام ُن َر ييض اَّللَُّ َعنْ ُه ت ََر َك ا ْل يق َرا َء َة يِف ْاألُو َل َي ْ ي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اها يِف َّ‬ ‫ْاألُو َل َي ْ ي‬
‫ني َف َق َض َ‬
‫وَل ين ‪:‬‬ ‫ٍ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ص َال ية ا ْل يع َش ي‬
‫اء َف َق َض َ ي‬
‫يض اَّللَُّ َعن ُْه َام كَانَا َي ُق َ‬ ‫اها ِف ْاألُ ْخ َر َي ْني َو َج َه َر ‪َ ،‬وعَيل َوا ْب ُن َم ْس ُعود َر َ‬ ‫َ‬
‫َت َوإي ْن َشا َء َس َّب َح ‪َ ،‬و َس َأ َل َر ُج ٌل عَائي َش َة‬ ‫إن َشا َء َق َر َأ َوإي ْن َشا َء َسك َ‬ ‫ني ‪ْ ،‬‬ ‫املُْص ِّيل بي ْ ي‬
‫اخل َي يار يِف ْاألُ ْخ َر َي ْ ي‬ ‫َ‬
‫َري يه ْم‬ ‫ني َف َقا َل ْت ‪ :‬ليي ُكن ع َََل وج يه ال َّثن ي‬
‫َاء َو ََل ُي ْر َو َع ْن غ ْ ي‬ ‫اَت يَة يِف ْاألُ ْخ َر َي ْ ي‬
‫ر ييض اَّللَُّ َعنْها َعن يقراء ية ا ْل َف ي‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ني يذكْر ُخيَافي ُت يِبا ع َََل ك ُِّل َح ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ُون َذلي َك ْ‬ ‫ف َذلي َك ‪َ ،‬ف َيك ُ‬ ‫يخ َال ُ‬
‫ال َف َال‬ ‫َ‬ ‫إمجَاعًا ؛ َوألَ َّن ا ْلق َرا َء َة يِف ْاألُ ْخ َر َي ْ ي ٌ‬
‫ور ‪َ ،‬و َل ْو كَا َن ْت ا ْل يق َرا َء ُة‬ ‫الش ْه َر ية َوال ُّظ ُه ي‬ ‫اَل ْفتي َتاحي ‪ ،‬و َه َذا يألَ َّن مبنَى ْاألَرك ي‬ ‫َاء ي‬‫ُون َفر ًضا ‪َ ،‬ك َثن ي‬
‫َان ع َََل ُّ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َتك ُ ْ‬
‫ني يِف الص َف ية كَسائي ير ْاألَرك ي‬ ‫ني َفر ًضا ملَا َخا َل َف ْت ْاألُ ْخري ي‬
‫ان ْاألُو َل َي ْ ي‬
‫َان َو َأ َّما ْاْل َي ُة َفن َْح ُن َما‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ََ‬ ‫يِف ْاألُ ْخ َر َي ْ ي ْ‬
‫ي ي‬ ‫ي ي ي ي ي ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫يض اَّللَُّ َعنْ ُه ْم ع َََل َما َذك َْرنَا ُه ‪،‬‬ ‫الص َحا َبة َر َ‬ ‫ع ََر ْفنَا َف ْرض َّي َة ا ْلق َرا َءة يِف َّ‬
‫الر ْك َعة ال َّثان َية ي َِبذه ْاْل َية بيإي ْمجَا يع َّ‬
‫ول ‪،‬‬ ‫الر ْك َع َة ال َّثاني َي َة َتك َْر ٌار لي ْ ُ‬
‫أل َ‬ ‫ي‬
‫َّص ؛ ألَ َّن َّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫َوال َّث ياين َأ َّنا َما ع ََر ْفنَا َف ْرض َّيت ََها بين ِّ‬
‫َص ْاألَ ْم ير َب ْل بيدَ ََل َلة الن ِّ‬
‫الش ْف يع ال َّث ياين ؛ يألَ َّن ُه َل ْي َس‬
‫ف َّ‬‫خ َال ي‬
‫ال إعَاد ٌة يم ْث ُل ْاألَو يل ‪َ ،‬في ْقت يَِض إعَاد َة ا ْل يقراء ية ‪ ،‬بي ي‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َوال َّتك َْر ُار يِف ْاألَ ْف َع ي َ‬

‫‪ . 9‬البحر الرائق َشح كنز الدقائق ج ‪ ،3‬ص ‪.172‬‬


‫‪ . . 10‬املجمعع َشح املهذب ج ‪ ،3‬ص ‪360‬‬
‫الش ْف يع ْاألَو يل ب ْل ُهو يزياد ٌة َع َلي يه ‪َ ،‬قا َل ْت عَائي َش ُة ر ييض اَّللَُّ َعنْها ‪ :‬الص َال ُة يِف ْاألَص يل ر ْكعت ي‬
‫َان‬ ‫بي َتك َْر يار َّ‬
‫ْ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ َ َ َ ْ‬
‫الَّش يء ََل َي ْقت يَِض َأ ْن َيك َ‬
‫ُون يم ْث َل ُه ‪َ ،‬و يُل َ َذا‬ ‫الس َف ير ‪َ ،‬والزِّ َيا َد ُة ع َََل َّ ْ‬ ‫رض َو ُأ يق َّر ْ‬
‫ت يِف َّ‬ ‫ت يِف ْ َ‬
‫احل َ ي‬ ‫‪ ،‬يزيدَ ْ‬
‫السو َر ية ‪،‬‬ ‫ي‬
‫اإل ْخ َفا ُء ‪َ ،‬و يِف َقدْ ير َها َو ُه َو ق َرا َء ُة ُّ‬
‫ي ي ي ي‬ ‫ي‬
‫الش ْف َعان يِف َو ْصف ا ْلق َرا َءة م ْن َح ْي ُث ْ َ‬
‫اجل ْه ُر َو ْ ي‬ ‫ف َّ‬ ‫اخ َت َل َ‬
‫ْ‬
‫ان َقدْ ير‬ ‫ان َف ْر يض َّي ية ا ْل يق َرا َء ية َو َل ْي َس في ي‬
‫يه َام َب َي ُ‬ ‫السن يَّة َب َي َ‬ ‫اَل ْستيدْ ََلل ‪ ،‬ع َََل َأ َّن يِف ا ْلكيت ي‬
‫َاب َو ُّ‬
‫َف َلم ي يصح ي‬
‫ْ َ َّ‬
‫وض ية‬
‫‪11‬‬
‫ا ْل يق َرا َء ية املَْ ْف ُر َ‬

‫اختيار الكاتب‬

‫من منازعة القولني قد اخُتت قول األول عَل أن قراءة الفاَتة ركن ِف مجيع ركعات الصالة لتكرار‬
‫الركعة األول‪ .‬أتيت قريبا حججا َما اخُتت ‪:‬‬

‫‪ .1‬قد وجد دليل عَل نفي الصالة ملن َل يقرأ بأم الكتاب‪ ،‬فكيف هيمل وجوده‪.‬‬

‫‪ .2‬و قد صدر القاعدة إعامل اللفظ خري من اُهاله‬

‫متت‬

‫‪ . 11‬بدائع الصنائع فيُتتيب الرشائع ج ‪ ،1‬ص ‪.457‬‬


‫التسمية ِف الصالة‬
‫اإلعداد ‪ :‬حممد فتح الرْحن‬
‫احلمد َّلل رب العاملني وبه نستعني عَل أمور الدنيا والدين والصالة والسالم عَل اَشف‬
‫األنبياء واملرسلني وعَل آله وصحبه امجعني‪ .‬أما بعد‬

‫اختلف العلامء ِف البسملة هل هي آية من الفاَتة‪ ،‬ومن كل سورة أم َل ‪,‬؟ أما اخلالف ِف كوَنا آية من‬
‫الفاَتة‪ ،‬وهذا ينفع ِف اخلالف ِف اجلهر ِبا وعدمه‪.‬‬

‫األقوال ‪:‬‬

‫‪ .1‬فمذهب الشافعي أَنا آية من الفاَتة‪ ،‬وعَل هذا يتفرع اجلهر ِبا‪ ،‬الشافعي َيهر بالبسملة‪،‬‬
‫ال مع أَنا تقرأ كام يقرأ دعاء اَلستفتاح هؤَلء يقولون‪ :‬تقرأ َس ًا‪،‬‬
‫‪ .2‬ومن قال بأَنا ليست بآية أص ً‬
‫وهو املعروف عند احلنابلة‪ ،‬واحلنفية إذا قرءوا سورة من أوُلا؛ ألنه َل يتعني عندهم قراءة الفاَتة‬
‫‪ .3‬وأما املالكية فال استفتاح وَل استعاذة وَل بسملة نعم‪ ،‬عَل طول يفتتحون الصالة باحلمد َّلل‬
‫رب العاملني‬

‫األدلة ‪:‬‬
‫• دليل احلنفية اَنا ليست اية من الفاَتة‪:‬‬
‫حجة أيب حنيفة ريض اَّلل عنه ما جاء ِف صحيح مسلم من حديث أيب هريرة ريض اَّلل عنه عن‬
‫النبي صَل اَّلل عليه وسلم قال‪ :‬اَّلل تعال‪" :‬قسمت الصالة بيني وبني عبدي نصفني نصفها يل‬
‫ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل فاذا قال‪ :‬احلمد َّلل رب العاملني يقول اَّلل تعال ْحدين‬
‫عبدي" إل آخر احلديث اَلحتجاج به من وجوه‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ .1‬أنه عليه الصالة والسالم َل يذكر التسمية فلو كانت آية من الفاَتة لذكرها‬
‫‪ .2‬أنه تعال قال‪" :‬جعلت الصالة" أي الفاَتة كام مر "بيني وبني عبدي نصفني" وهذا‬
‫التنصيف إنام َيصل إذا قلنا إن التسمية ليست آية من الفاَتة ألن الفاَتة سبع ايات‬
‫فيكون َّلل ثالث ايات ونصف وهو من قوله‪ :‬احلمد َّلل إل قوله إياك نعبد وللعبد‬
‫ثالث آيات ونصف وهو من قوله‪ :‬وإياك نستعني إل آخر السورة فإذا جعلنا‬

‫‪ 1‬فتح الباري َلبن رجب ‪102/7‬‬


‫التسمية آية من الفاَتة حصل َّلل أربع آيات ونصف وللعبد إثنان ونصف وذلك‬
‫يبطل التنصيف‪.‬‬
‫‪ .3‬ماجاء ِف صحيح مسلم عن عائشة ريض اَّلل عنها كان رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم‬
‫يفتتح الصالة بالتكبري والقراءة باحلمد َّلل رب العاملني فلو كانت التسمية آية منها‬
‫َلفتتح الصالة ِبا‪.‬‬
‫‪ .4‬نقل أهل املدينة بأَسهم عن ابائهم التابعني عن الصحابة ريض اَّلل عنهم افتتاح‬
‫الصالة باحلمد َّلل رب العاملني‬
‫‪ .5‬أن القرآن َل يثبت إَل بالتواتر وَل تواتر بكوَنا آية من الفاَتة‬
‫‪ .6‬أن العلامء اختلفوا ِف كوَنا أَنا من الفاَتة وسوغوا اخلالف فيه وأدنى درجات‬
‫‪1‬‬
‫اخلالف إيراث الشبهة والقرآن َل يثبت بدون اليقني‬

‫• دليل الشافعي اَنا اية من الفاَتة ‪:‬‬


‫يض اَّللَُّ َعن َْها َأ َّن النَّبي َّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم " َق َر َأ بي ْس يم اَّللَّي‬‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َوالدَّ ل ُيل َع َل ْيه َما َر َو ْت ُه ُأ ُّم َس َل َم َة َر َ‬
‫آن َفدَ َّل‬ ‫مجعوا يمن ا ْل ُقر ي‬ ‫الر ْْح يَن الر يحي يم َفعدَّ َها آي ًة " و يألَ َّن الصحاب َة ر ييض اَّللَُّ َعنْهم َأ ْثبت َ ي‬
‫ْ ْ‬ ‫ُوها ف َيام َ َ ُ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫َّ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫‪2‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫اَت يَة َمليا َر َوى ا ْب ُن َع َّب ٍ‬
‫اس‬ ‫َان يِف ص َال ٍة َُيهر فييها جهر يِبا كَام ََيهر بيسائي ير ا ْل َف ي‬
‫َُْ َ َ ََ َ َ َُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ع َََل َأ ََّنَا آ َي ٌة يمن َْها َفإي ْن ك َ‬
‫الر يحي يم " َو يألَ ََّنَا ُت ْق َر ُأ‬‫الر ْْح يَن َّ‬
‫ي‬
‫يض اَّللَُّ َعن ُْه َام َأ َّن النَّبي َّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم " َج َه َر بيبي ْس يم اَّللَّي َّ‬
‫ي‬
‫َر َ‬
‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫يل َأ ََّنَا ُت ْق َر ُأ َب ْعدَ ال َّت َع ُّو يذ َفك َ‬
‫آن يبدَ لي ي‬
‫ع َََل َأَنا آي ٌة يمن ا ْل ُقر ي‬
‫اجل ْه َر ك ََسائ ير ا ْل َفاَتَة َو ْ‬
‫احت ََّج‬ ‫َان ُسنَّت َُها ْ َ‬ ‫َّ َ َ ْ ْ‬
‫ي‬
‫يض اَّللَُّ َعن ُْه ْم امجعوا عيل اثباِتا ِف املصحف مجيعا ِف اوائل السور‬ ‫الص َحا َب َة َر َ‬ ‫َأ ْص َحا ُبنَا بي َأ َّن َّ‬
‫الس َو ير َفإي َّن ا ْل َعا َد َة كيتَا َبت َُها بي ُح ْم َر ٍة‬ ‫ي‬ ‫ي ي ي‬
‫س َوى َب َرا َء َة بي َخ ِّط املُْ ْص َحف بيخ َالف ْاألَع َْش يار َوت ََراج يم ُّ‬
‫ي‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف يم ْن غ ْ ي‬ ‫ونَح يو َها َف َلو ََل َت ُكن ُقرآنًا ملَا استَجازُ وا إ ْثب َاِتا بي َخ ِّط املُْصح ي‬
‫َي َم ُل ع َََل‬ ‫َري َمتْيي ٍيز ألَ َّن َذل َك ُ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ ْ ْ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫اد ما َليس بي ُقر ٍ‬ ‫ي ي‬ ‫يي‬ ‫يي‬ ‫اعْتي َق ي‬
‫آن ُق ْرآنًا َف َه َذا‬ ‫ُون ُمغ َِّر يري َن بياملُْ ْسلمنيَ َحاملنيَ َُل ُ ْم ع َََل اعْت َق َ ْ َ ْ‬ ‫آن َف َيكُون َ‬ ‫اد َأ ََّنَا ُق ْر ٌ‬
‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫اِتا َق َال‬‫يض اَّللَُّ َعن ُْه ْم َق َال َأ ْص َحا ُبنَا َه َذا َأ ْق َوى َأد َّلتنَا يِف إ ْث َب َ‬
‫الص َحا َبة َر َ‬ ‫َيوزُ اعْت َقا ُد ُه يِف َّ‬ ‫َمَّا ََل َ ُ‬
‫ف ا َّلتيي قصدوا بكتابتها‬
‫اح ي‬
‫احلافي ُظ َأبو بك ٍْر ا ْلبيه يقي َأحسن ما ََيتَج بي يه َأصحابنَا كيتَابتُها يِف املَْص ي‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َ ْ َ ُّ ْ َ ُ َ ْ ُّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َْ‬

‫‪ 41 /1‬الغرة املنيفة ِف َتقيق بعض مسائل اإلمام أيب حنيفة‬


‫‪َ 2‬شح الُتمذي النفح الشذي َشح جامع الُتمذي ‪308/4‬‬
‫َرش َة آ َي ًة َل ْي َس ْت يم ْن‬ ‫ثع َ َ‬ ‫ف ُيت ََو َّه ُم َع َل ْي يه ْم َأ ََّنُ ْم َأ ْث َبتُوا يما َئ ًة َو َث َال َ‬ ‫ف َعن ا ْل ُقر ي‬
‫آن َف َك ْي َ‬ ‫ْ ْ‬
‫اخل َال ي‬
‫ففى ْ ي‬

‫آن‪.‬‬‫ا ْل ُقر ي‬
‫ْ‬
‫آن َق َال َون َْح ُن َن ْقن َُع يِف َه يذ يه املَْ ْس َأ َل ية‬ ‫َق َال ا ْل َغزَ يايل يِف املُْستَص َفى َأ ْظهر ْاألَ يد َّل ية كيتَابتُها بي َخ ِّط ا ْل ُقر ي‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُّ‬
‫‪1‬‬
‫بيال َّظ ِّن َو ََل َش َّك يِف ُح ُصولي يه‬

‫• دليل املالكي اَنا ليست اية من القرأن ‪:‬‬


‫فاحتج أصحابنا بقول أنس أن النبي ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ -‬كان يفتتح الصالة باحلمد َّلل‬
‫رب العاملني‪ .‬وهذا إن تأولوه عَل أن املراد به السورة من أوُلا‪ .‬وأوُلا البسملة منعهم من‬
‫ذلك ما أخرجه مسلم عن أنس قال‪ :‬صليت خلف رسول اَّلل ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ -‬وأيب‬
‫بكر وعمر وعثامن‪ .‬فكانوا يستفتحون باحلمد َّلل رب العاملني‪َ ،‬ل يذكرون بسم اَّلل الرْحن‬
‫الرحيم َل ِف أول القراءة وَل ِف آخرها ‪ .‬وهذا إن تأولوه عَل أنه كان خيفيها‪ .‬فإن ظاهره‬ ‫‪2‬‬

‫خالف ذلك ألنه نفى الذكر عَل اإلطالق‪ .‬واحتج أصحابنا بحديث أيب هريرة أن النبي ‪-‬‬
‫صَل اَّلل عليه وسلم ‪ -‬قال‪ :‬قال اَّلل تعال‪ :‬قسمت الصالة بيني وبني عبدي نصفني فنصفها يل‬
‫ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل‪ .‬يقول العبد احلمد َّلل رب العاملني ‪ .-‬واملراد بقوله قسمت‬
‫‪3‬‬

‫َت َه ْر بي َص َالتي َك}‪ .‬أي بالقرآن ِف‬


‫الصالة الفاَتة ألنه قد فرس املقسوم‪ .‬وقد قال تعال‪َ { :‬و ََل َ ْ‬
‫صالتك‪ .‬وقد تضمن احلديث ما يبتدىء به املصيل‪ .‬فلو كان بسم اَّلل آية منها لبدأ ِبا ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫• دليل احلنبيل اَنا ليست اية من الفاَتة ‪:‬‬


‫اَت يَة‪َ ،‬ما َر َوى َأ ُبو ُه َر ْي َرةَ‪َ ،‬ق َال‪َ :‬س يم ْعت النَّبي َّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه‬ ‫والدَّ لي ُيل َع ََل َأَنا َليس ْت يمن ا ْل َف ي‬
‫ْ‬ ‫َّ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ني‪َ ،‬ولي َع ْب يدي َما َس َأ َل‪،‬‬ ‫ني َع ْب يدي ني ْص َف ْ ي‬
‫الص َال َة َب ْينيي َو َب ْ َ‬
‫ول‪َ « :‬ق َال اَّللَُّ َت َع َال‪َ :‬ق َس ْم ُت َّ‬ ‫َو َس َّل َم ‪َ -‬ي ُق ُ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫احل ْمدُ َّللَّي َر ِّب ا ْل َعاملَنيَ ‪َ .‬ق َال اَّللَُّ َت َع َال‪َْ :‬حدَ يين َع ْبدي‪َ .‬فإي َذا َق َال‪َّ :‬‬
‫الر ْْح يَن‬ ‫َفإي َذا َق َال‪ :‬ا ْل َع ْبدُ ‪َ ْ :‬‬
‫ين‪َ .‬ق َال اَّللَُّ‪ُ :‬مَ َّدَ يين َع ْب يدي‪َ .‬فإي َذا‬
‫َيل َع ْب يدي‪َ .‬فإي َذا َق َال‪َ :‬مالي يك َي ْو يم الدِّ ي‬ ‫ي‬
‫الرحي يم‪َ .‬ق َال اَّللَُّ‪َ :‬أ ْثنَى ع َ َّ‬ ‫َّ‬

‫‪ 1‬املجموع َشح املهذب ‪3/350‬‬


‫‪ (399)2‬مسلم‬
‫‪ 3‬اَلستذكار ‪1/ 437‬رقم ‪155‬‬
‫َشح التلقني ‪569/1‬‬ ‫‪4‬‬
‫ني َع ْب يدي‪َ ،‬ولي َع ْب يدي َما َس َأ َل‪َ .‬فإي َذا َق َال‪:‬‬ ‫اك ن َْست يَعنيُ ‪َ .‬ق َال اَّللَُّ‪َ :‬ه َذا َب ْينيي َو َب ْ َ‬‫اك َن ْع ُبدُ َوإي َّي َ‬
‫َق َال‪ :‬إ َّي َ‬

‫وب َع َل ْي يه ْم َو ََل َّ‬


‫الضا ِّلنيَ ‪َ .‬ق َال‪:‬‬ ‫َري املَْغ ُْض ي‬ ‫اط ا َّل يذي َن َأ ْن َع ْم َت َع َل ْي يه ْم غ ْ ي‬‫َص َ‬ ‫اط املُْست يَق ي‬
‫الرص َ ْ َ‬
‫ي‬
‫يم َ‬ ‫ْاهدنَا ِّ َ‬
‫‪1‬‬
‫َه َذا لي َع ْب يدي‪َ ،‬ولي َع ْب يدي َما َس َأ َل» ‪َ .‬أ ْخ َر َج ُه ُم ْسلي ٌم‪.‬‬
‫يف‪ ،‬يألَ َّن آي ي‬ ‫الر يحي يم) آ َي ًة َل َعدَّ َها‪َ ،‬و َبدَ َأ ي َِبا‪َ ،‬و ََل ْ َيت ََح َّق ْق ال َّتن يْص ُ‬
‫ات‬ ‫َ‬ ‫الر ْْح يَن َّ‬ ‫َت (بي ْس يم اَّللَّي َّ‬ ‫َف َل ْو كَان ْ‬
‫َني َوني ْص ًفا‬ ‫ات الدُّ ع ي‬
‫َاء ا ْثنَت ْ ي‬ ‫ُون َأربعا ونيص ًفا‪ ،‬وآي ي‬ ‫ي‬
‫‪2‬‬
‫َ َ‬ ‫ال َّثنَاء َتك ُ ْ َ ً َ ْ‬

‫املناقشة ‪:‬‬

‫‪ .1‬مذهب احلنفي‬
‫حجة الشافعي رْحه اَّلل‪ :‬أن التسمية مكتوبة بخط املصحف فإَنم كانوا يشددون ِف منع كتابة ما‬
‫ليس من القرآن مبالغة ِف حفظ القرآن وصيانته ومتييزه عام ليس منه‪.‬‬
‫اجلواب عنه‪ :‬أن القرآن يشُتط فيه التواتر ِف املحل وعدم تواترة ِف املحل دليل عَل أنه ليس آية‬
‫من الفاَتة فال يثبت كوَنا من الفاَتة باَلحتامل غاية ما ذكرتم أن تقتِض كوَنا آية من القرآن‬
‫وهو مسلم عندنا ولكن مطلوبكم كوَنا من الفاَتة ودليلكم َل يدل عَل ذلك وأما املعوذتان فال‬
‫خالف ِف كوَنا من القرآن وغاية األمر أَنام َل توجدا ِف مصحف ابن مسعود ريض اَّلل عنه‬
‫وذلك َل يدل عَل أَنام ليسا من القرآن فإن عدم كتابته بناء عَل وضوح أمرُها فإنه َل يرصح‬
‫‪3‬‬
‫بأَنام ليسا من القرآن وقد وقع اإلمجاع والتواتر عَل أَنام من القرآن واَّلل أعلم‬

‫‪ .2‬مذهب املالكي‬
‫ونحن اْلن نقول إن البسملة ليست من القرآن ِف افتتاح السور‪ .‬مع العلم بأننا ننكر كون‬
‫البسملة من القرآن‪.‬‬

‫‪1‬رواه مسلم عن أيب هريرة‪ .‬إكامل اإلكامل ج ‪ 2‬ص ‪151 – 150‬‬


‫‪ 348/1 2‬املغني َلبن قدامة‬
‫‪ 42/3‬الغرة املنيفة ِف َتقيق بعض مسائل اإلمام أيب حنيفة‬
‫وإذا كانت عند الشافعي قرءانا فهال كفر مالكًا وأبا حنيفة ِف خمالفتهام له ِف ذلك كام‬
‫يكفر هو وغريه من خالف ِف كون احلمد َّلل رب العاملني من القرآن؟ قيل َل يثبتها الشافعي قرآنًا‬
‫ً‬
‫وعمال َل دَللة اقتضت ذلك عنده سنوردها‬ ‫حكام‬
‫عَل حسب ما أثبت غريها‪ .‬وإنام أثبتها ً‬
‫عليك‪ .‬فإثبات الَّشء قرآنًا قط ًعا ويقينًا حتى ُيكفر من خالفه إنام َيصل بالنقل املتواتر املوجب‬
‫للعلم الرضوري الذي َل يمكن فيه اختالف وَل امُتاء‪ .‬ككون بسم اَّلل الرْحن الرحيم من‬
‫‪1‬‬
‫القرآن ِف أثناء سورة النمل‬
‫ونسلك ِف اجلواب عن أحاديثهم هذه ثالثة طرق‪:‬‬
‫• أَنا أخبار آحاد والقرآن َل يثبت بإخبار اْلحاد‪ .‬وقد مر لنا من ذلك كفاية‪ .‬وهذا جواب‬
‫كاف عن مجيع األحاديث‪.‬‬
‫• واجلواب مبني عَل طريقة من قال من أصحاب أيب حنيفة أَنا آية أنزلت للفصل بني السور‬
‫وَل تنزل آية من أم القرآن‪ .‬وطريقة هؤَلء ِف اجلواب عن األحاديث أن يقولوا األخبار النافية‬
‫مبنية عَل أَنا ليست من نفس السورة واألخبار املثبتة حممولة عَل أَنا أنزلت للفصل إَل ما‬
‫وقع من بعض ألفاظ ِف بعض األحاديث متنع من هذا البناء‪ .‬فإَنم ينكرون صحتها أو‬
‫ً‬
‫تأويال‪.‬‬ ‫يتطلبون ُلا‬
‫• النظر ِف عني كل حديث فقوله‪ :‬عدها آية معناه ِف األجر والثواب‪ ،‬أو عدها آية عَل أَنا من‬
‫سورة النمل‪ .‬فأخذ كوَنا آية من هناك وبنى عليه العدد‬
‫وقوله‪ :‬إَنا أم القرآن‪ ،‬وأم الكتاب والسبع املثاين ظاهره أن البسملة هي السبع املثاين‪ ،‬وقد‬ ‫•‬

‫‪.‬‬
‫علم أن البسملة ليست هي السبع املثاين‪ ،‬مع أن احلديث ضعيف‪.‬‬
‫• وقوله فقد ترك آية من كتاب اَّلل قد يتأول عندي عَل أن املراد به أَنا آية من سورة النمل أو‬
‫‪2‬‬
‫كاْلية ِف األجر والثواب‪ ،‬أو آية أنزلت للفصل‪ ،‬لو قلنا كام قال أصحاب أيب حنيفة‬

‫‪ .3‬مذهب الشافعي‬
‫َام َل ٌة يم ْن َأ َّو يل ك ُِّل‬
‫ف َفك ََذلي َك يهي آي ٌة ك ي‬
‫َ َ‬
‫اَت يَة بي َال يخ َال ٍ‬
‫َقدْ َذكَرنَا َأ َّن م ْذ َهبنَا َأ َّن ا ْلبسم َل َة آي ٌة يمن َأو يل ا ْل َف ي‬
‫َ ْ َ َ ْ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫الص يحيحي يم ْن َم ْذ َهبينَا ك ََام َس َب َق‬
‫َري َب َرا َء َة ع َََل َّ‬
‫س ٍ‬
‫ورة غ ْ َ‬
‫ُ َ‬

‫‪َ7/ 16 51‬شح التلقني‬


‫‪َ 571/ 12‬شح التلقني‬
‫َيوزُ ْارتيكَا ُب ُه ُملي َج َّر يد‬ ‫ي ي‬
‫الس َو ير ( َف َج َوا ُب ُه) ‪َ :‬أ َّن َه َذا فيه َتغ يْر ٌير ََل َ ُ‬ ‫ني ُّ‬ ‫َفإي ْن يق َيل َل َع َّل َها ُأ ْثبيت َْت لي ْل َف ْص يل َب ْ َ‬
‫اب) َأ َّن ُه َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم اكتفى بقوله أَنا‬ ‫ا ْل َف ْصل‪) .‬فان قيل( لو كانت قرآن َل َب َّين ََها ( َف ْ َ‬
‫اجل َو ُ‬
‫آن اكْتي َفا ًء‬ ‫ني يعنْدَ إ ْم َال يء ك ُِّل آ َي ٍة َأ ََّنَا ُق ْر ٌ‬ ‫منزلة وبامالِتا ع َََل ُكتَّابي يه وبي َأَنا ُت ْكتَب بي َخ ِّط ا ْل ُقر ي‬
‫آن ك ََام ُي َب ِّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ َ‬
‫ان َأ َّن‬ ‫آخ ير ك ََال يم يه ا ْلغ ََر ُض َب َي ُ‬ ‫ال‪َ .‬ق َال ا ْل َغزَ يايل يِف ي‬
‫ُّ‬
‫اإلنْزَ ي‬ ‫ال َو يم ْن الت ْ ي‬
‫َّرصيحي يب ْ ي‬ ‫احل ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬
‫يبع ْل يم َذل َك م ْن َق يرينَة ْ َ‬
‫ي‬
‫َت م َتع يار َض ًة َفجواب َّ ي ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫يها َأ ْر َج ُح‬
‫الشافع ِّي ف َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫املَْ ْس َأ َل َة َل ْي َس ْت َق ْطع َّي ًة َب ْل َظنِّ َّي ًة َو َأ َّن ْاألَد َّل َة َوإي ْن كَان ْ ُ َ‬
‫َو َأ ْغ َل ُ‬
‫ب‬
‫ُت ُط في َيام َي ْث ُب ُت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫اب َع ْن َق ْوُل ْم ََل َي ْث ُب ُت القران إَل بالتواثر َفم ْن َو ْجه ‪َ :‬أ َّن الت ََّوات َُر إن ََّام ُي ْش َ َ‬ ‫(و َأ َّما) ْ َ‬
‫اجل َو ُ‬ ‫َ‬
‫يه ال َّظ ُّن ك ََام َس َب َق َب َيا ُن ُه‬ ‫احل ْك يم َفيك يْفي في ي‬ ‫يل ا ْل َق ْط يع َأ َّما َما َي ْث ُب ُت ُق ْرآنًا ع َََل َسبي ي‬
‫ُق ْرآنًا ع َََل َسبي ي‬
‫َ‬ ‫يل ْ ُ‬
‫ور َأ ْص َحابينَا ك ََام َس َب َق‬ ‫الص يحيحي َو َق ْو يل ُمج ُْه ي‬ ‫احل ْك يم ع َََل َّ‬ ‫يل ْ ُ‬‫آن ع َََل َسبي ي‬ ‫َوا ْل َب ْس َم َل ُة ُق ْر ٌ‬
‫الص َال َة " َف يم ْن َأ ْو ُج ٍه َذك ََر َها َأ ْص َحا ُبنَا ( َأ َحدُ َها) َأ َّن ا ْل َب ْس َم َل َة‬ ‫ي ي‬
‫اب َع ْن َحديث " َق َس ْم ُت َّ‬ ‫(و َأ َّما) ْ َ‬
‫اجل َو ُ‬ ‫َ‬
‫َني َب ْعدَ َها (ال َّث ياين) َأ ْن ُي َق َال َم ْعنَا ُه َفإي َذا ا ْنت ََهى ا ْل َع ْبدُ يِف يق َرا َءتي يه َإل "‬ ‫اج َها يِف ْاْل َيت ْ ي‬ ‫إنَّام ََل ت ُْذكَر يَلن يْدر ي‬
‫َ‬ ‫َ ْ ْ‬
‫ول ا ْل َب ْس َم َل ية َفإي َّن‬ ‫ُون ا ْلبسم َل ُة د ي‬
‫اخ َل ًة (الر ياب ُع) َل َع َّل ُه َقا َل ُه َق ْب َل نُزُ ي‬
‫َّ‬
‫ي يٍ‬
‫احل ْمدُ َّلل رب العاملني " َوحينَئذ َتك ُ َ ْ َ َ‬ ‫َْ‬
‫ور ية‬ ‫وها يِف ُس َ‬ ‫ول َض ُع َ‬ ‫َان َين يْز ُل َع َل ْي يه ْاْل َي ُة َف َي ُق ُ‬
‫النَّبي َّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم " ك َ‬
‫احل ْمدُ َّللَّي َر ِّب ا ْل َعاملَينيَ "‬ ‫الص َال َة بي ْ َ‬
‫ون َّ‬ ‫استيدْ ََل يُل ْم بحديث انس " كَانُوا َي ْفتَتي ُح َ‬ ‫اب َع ْن ْ‬ ‫اجل َو ُ‬ ‫َو َأ َّما ْ َ‬
‫ني‬ ‫ور ية َو َه َذا ال َّت ْأ يو ُيل ُم َت َع َّ ٌ‬ ‫الس َ‬
‫ي ي‬
‫ور َة ا ْل َفاَتَة ََل بي ُّ‬
‫ون ُس َ‬ ‫يث عَائي َش َة َف ُه َو َأ َّن املُْ َرا َد كَانُوا َي ْفتَتي ُح َ‬ ‫و َعن ح يد ي‬
‫َ ْ َ‬
‫يض اَّللَُّ َعن َْها في ْع ًال َو ير َوا َي ًة َع ْن النَّبي ِّي َص ََّل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬
‫الر َوا َيات ألَ َّن ا ْل َب ْس َم َل َة َم ْرو َّي ٌة َع ْن عَائ َش َة َر َ‬ ‫ني ِّ‬ ‫لي ْل َج ْم يع َب ْ َ‬
‫اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم‬
‫َت ُقرآنًا َل َك َفر ج ي‬
‫احدُ َها َف َج َوا ُب ُه من وجهني‬ ‫َ َ‬ ‫(و َأ َّما) َق ْو ُُل ُ ْم َل ْو كَان ْ ْ‬ ‫َ‬
‫ُون بيال َّظنِّي ي‬ ‫ب َع َل ْي يه ْم َف ُي َق َال َل ْو ََل ْ َت ُك ْن قرآن َل َك َف َر ُم ْثبيت َُها (ال َّث ياين) َأ َّن ا ْل ُك ْف َر ََل َيك ُ‬
‫ات‬ ‫َّ‬ ‫(أحدها) َأ ْن ُي ْق َل َ‬
‫ات َوا ْل َب ْس َم َل ُة َظنِّ َّي ٌة ‪.‬‬ ‫ب ْل بيا ْل َق ْط يعي ي‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ف َولي ْل َع ْب يد‬ ‫ات َوني ْص ٌ‬ ‫َري املغضوب عليهم) صار َّللَّي َتع َال َأربع آي ٍ‬
‫َ َْ ُ َ‬ ‫ت ا ْل َب ْس َم َل ُة آ َي ًة َو ََل ُي َعدَّ (غ ْ ي‬
‫ْ‬ ‫َف َل ْو عُدَّ ْ‬
‫اب) من وجه َأ َّن ا ْل َف ي َ‬
‫اَت َة إ َذا‬ ‫اجل َو ُ‬
‫ي ي‬ ‫َرصيحي ْ ي ي‬
‫احلديث بيال َّتنْصيف ( َف ْ َ‬
‫َ‬ ‫فت ْ ي‬ ‫ف َو َه َذا يخ َال ُ‬ ‫َان َوني ْص ٌ‬‫آ يت ي‬
‫َ‬
‫ت َوا ْل َب ْس َم َل ُة يمن َْها كان التنصف يِف َش ْط َر ْ َهيا َأ ْق َر َب يَمَّا إ َذا ُق يس َم ْت‬ ‫وف وا ْلكَليام ي‬
‫َ َ‬
‫احلر ي‬ ‫ي‬
‫ُقس َم ْت بياعْت َب يار ْ ُ ُ‬
‫ي‬
‫ف ليغ ي ي‬‫اخل َال ي‬
‫ود ْ ي‬
‫إمجَاع َأ ْه يل املَْ يدين يَة ََل ي ُكن حج ًة مع وج ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َريه ْم َه َذا َم ْذ َه ُ‬
‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ْ ُ َّ َ َ ُ ُ‬ ‫بي َح ْذف ا ْل َب ْس َم َلة‪َ .‬و َل ْو َث َب َت ْ ُ‬
‫ب ََل دلي َيل في ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫اجل ْم ُه ي‬
‫يه‬ ‫‪1‬‬
‫ور َو َأ َّما َق ْو ُُل ُ ْم َق َال النَّبي ُّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم ألُ َ ِّ‬
‫يب ْب ين َك ْع ٍ َ‬ ‫ُْ‬

‫‪ .4‬مذهب احلنبيل‬
‫ول َع ْب يدي‬ ‫ان‪َ « :‬ي ُق ُ‬‫اد ْب ين َس ْم َع َ‬‫يف‪َ .‬فإي ْن يق َيل‪َ :‬ف َقدْ روى َعبدُ اَّللَّي بن يزي ي‬
‫ْ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َوع َََل َما َذك َْرنَا ُه َيت ََح َّق ُق ال َّتن يْص ُ‬
‫احل يد ي‬ ‫الر يحي يم‪َ .‬ف َي ْذك ُُر يين َع ْب يدي» ‪ُ .‬ق ْلنَا‪ :‬ا ْب ُن َس ْم َع َ‬
‫يث‪،‬‬ ‫وك ْ َ‬ ‫ُت ُ‬ ‫ان َم ْ ُ‬ ‫الر ْْح يَن َّ‬ ‫الص َال َة بي ْس يم اَّللَّي َّ‬‫إ َذا ا ْف َتت ََح َّ‬
‫اب َو ُر يو َي َع ْن النَّبي ِّي ‪-‬‬ ‫يي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫َيت َُّج بي يه‪َ .‬قا َل ُه الدَّ َار ُق ْطني ّي‪َ .‬وا ِّت َف ُ‬
‫الص َو ي‬‫الر َواة ع َََل خ َالف ير َوا َيته َأ ْو َل بي َّ‬ ‫اق ُّ‬ ‫ََل ُ ْ‬
‫ون آ َي ًة َش َف َع ْت لي َق يارئي َها‪َ ،‬أ ََل َو يه َي َت َب َار َك ا َّل يذي‬
‫ور ٌة يه َي َث َال ُث َ‬
‫«س َ‬
‫ي‬
‫َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم ‪َ -‬أ َّن ُه َق َال‪ُ :‬‬
‫ون آي ًة يسوى " بيس يم اَّللَّي الر ْْح يَن ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬
‫َّاس ع َََل َأ َّن ُس َ‬
‫ور َة‬ ‫الرحي يم "‪َ ،‬و َأ ْمج ََع الن ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫بي َيده املُْ ْل ُك» ‪َ .‬وه َي َث َال ُث َ َ َ‬
‫َت َأ ْر َب ًعا‪َ ،‬و يألَ َّن‬ ‫َت يمن َْها َلكَان ْ‬ ‫الر يحي يم) َو َل ْو كَان ْ‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬
‫ث آ َيات‪ ،‬بيدُ ون (بي ْس يم اَّللَّي َّ‬
‫الر ْْح يَن َّ‬ ‫ا ْلك َْو َث ير َث َال ُ‬
‫َت يري ُمَ َْرى ْاْل يي َأ ْن ُف يس َها‪ ،‬يِف َأ ََّنَا ََل َت ْث ُب ُت إ ََّل بيالت ََّوات يُر‪َ ،‬و ََل ْ ُينْ َق ْل يِف َذلي َك ت ََوات ٌُر‪.‬‬ ‫اض َع ْاْل يي َ ْ‬ ‫مو ي‬
‫ََ‬
‫ول‪ :‬يه َي آ َي ٌة ُم ْف َر َد ٌة لي ْل َف ْص يل‬‫ف يِف َذلي َك‪ .‬ع َََل َأ َّننَا َن ُق ُ‬ ‫اَل ْختي َال ُ‬
‫َف َأما َقو ُل ُأم س َلم َة َف يمن ر ْأ يهيا‪ ،‬و ََل ينْكَر ي‬
‫ْ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َّ ْ ِّ َ َ‬
‫احل يم ي‬
‫يد ْب ين‬ ‫ي‬ ‫وف َع َلي يه‪َ ،‬فإي َّنه يمن يرواي ية َأ ييب بك ٍْر ْ ي‬ ‫الس َو ير‪َ .‬و َح يد ُ‬
‫احلنَف ِّي َع ْن َع ْبد ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ َ‬ ‫يث َأ ييب ُه َر ْي َر َة َم ْو ُق ٌ ْ‬ ‫ني ُّ‬ ‫َب ْ َ‬
‫ي ي‬
‫ُوحا َف َو َق َف ُه‪َ .‬و َه َذا َيدُ ُّل ع َََل َأ َّن َر ْف َع ُه‬ ‫َج ْع َف ٍر‪َ ،‬ع ْن ُنوحي ْب ين َأ ييب بي َال ٍل‪َ ،‬ق َال َق َال َأ ُبو َبك ٍْر‪َ :‬ر َ‬
‫اج ْع ُت فيه ن ً‬
‫ت‬ ‫ف‪َ ،‬فلي ْل َف ْص يل َب ْين ََها‪َ ،‬ولي َذلي َك ُأ ْف ير َد ْ‬
‫ني السو ير يِف املُْصح ي‬
‫ْ َ‬ ‫اِتا َب ْ َ ُّ َ‬
‫َان و ُْها يمن َعب يد ْ ي ي‬
‫احلميد‪َ .‬و َأ َّما إ ْث َب ُ َ‬
‫ك َ َ ً ْ ْ َ‬
‫َس ْط ًرا ع َََل يحدَ ي َِتا‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫اختيار كاتب‬

‫مج ُعوا يم ْن‬ ‫ُوها في َيام َ َ‬


‫الص َحا َب َة ريض اَّلل عنهم َأ ْث َبت َ‬ ‫قلت ان البسملة اية من الفاَتة حلديث ام سلمة َوألَ َّن َّ‬
‫اَت يَة‪ .‬و‬
‫اجلهر كَسائي ير ا ْل َف ي‬ ‫يل َأ ََّنَا ُت ْق َر ُأ َب ْعدَ ال َّت َع ُّو يذ َفك َ‬
‫َان ُسنَّت َُها ْ َ ْ َ َ‬ ‫آن بيدَ لي ي‬
‫آن وألََنا ُت ْقر ُأ ع َََل َأَنا آي ٌة يمن ا ْل ُقر ي‬
‫َّ َ َ ْ ْ‬
‫ي‬
‫ا ْل ُق ْر َ َّ َ َ‬
‫اَّلل اعلم‬

‫‪ 1‬املجموع َشح املهذب ‪535336 - 3/‬‬


‫‪ 348/1 2‬املغني َلبن قدامة‬
‫حكم القراءة خلف اَلمام ِف اجلامعة‬

‫اإلعداد ‪ :‬حممد مفتاح اُلدى‬

‫اختلف العلامء ِف القراءة خلف اَلمام عَل القولني ‪:‬‬

‫القول اَلول ‪ :‬بوجوب قراؤة خلف اَلمام اي قراءة ام الكتاب خلف اَلمام وهم الشاعية‬

‫القول الثانى ‪ :‬القائلون بعدم وجوب القراءة خلف اَلمام وهم قوَلجلمهور من املالكي ‪,‬ة واحلنابلة‪,‬‬
‫واحلنفية‪.‬‬

‫ادلة القائلني بوجوب القراءة ‪:‬‬

‫ي‬ ‫َيل ْب ُن َع ْب يد اَّللَّي َق َال َحدَّ َثنَا ُس ْف َي ُ‬ ‫ي‬


‫ان َق َال َحدَّ َثنَا الزُّ ْه ير ُّي َع ْن حمَ ُْمود ْب ين َّ‬
‫الربيي يع َع ْن ُع َبا َد َة ْب ين‬ ‫‪َ .1‬حدَّ َثنَا ع ُّ‬
‫‪1‬‬ ‫اَت يَة ا ْلكيت ي‬
‫َاب‬ ‫ول اَّللَّي ص ََّل اَّللَُّ َع َلي يه وس َّلم َق َال َل صال َة َملين ََل ي ْقر ْأ بي َف ي‬
‫ْ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ت َأ َّن َر ُس َ‬ ‫الص يام ي‬
‫َّ‬
‫يد‪َ ،‬ع ْن‬ ‫‪ .2‬حدَّ َثنَا حمُ َمدُ بن ب َّش ٍار‪َ ،‬قال‪ :‬حدَّ َثنَا ََييى‪َ ،‬عن ُعبي يد اَّللَّي‪َ ،‬قال‪ :‬حدَّ َثنيي س يعيدُ بن َأ ييب س يع ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللُ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َد َخ َل املَ ْس يجدَ َفدَ َخ َل َر ُج ٌل‪َ ،‬ف َص ََّل‪َ ،‬ف َس َّل َم‬‫يه‪َ ،‬ع ْن َأ ييب ُه َر ْي َرةَ‪َ :‬أ َّن َر ُس َ‬‫َأبي ي‬

‫ع َََل النَّبي ِّي َص ََّل اَّللُ َع َل ْي يه َو َس َّل َم‪َ ،‬ف َر َّد َو َقال‪ْ " :‬ار يج ْع َف َص ِّل‪َ ،‬فإين ََّك ََل ْ ت َُص ِّل"‪َ ،‬ف َر َج َع ُي َص ِّيل ك ََام َص ََّل‪،‬‬
‫ُث َّم َجا َء‪َ ،‬ف َس َّل َم ع َََل الن يَّب ِّي َص ََّل اَّللُ َع َل ْي يه َو َس َّل َم‪َ ،‬ف َقال‪ْ " :‬ار يج ْع َف َص ِّل‪َ ،‬ف يإن ََّك ََل ْ ت َُص ِّل" َثال ًثا‪َ ،‬ف َقال‪:‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َرب‪ُ ،‬ث َّم ا ْق َر ْأ َما َت َي َّ َ‬
‫رس‬ ‫الصالة َفك ِّ ْ‬ ‫َري ُه‪َ ،‬ف َع ِّل ْمني‪َ ،‬ف َقال‪" :‬إي َذا ُق ْم َت إي َل َّ‬‫حل ِّق َما ُأ ْحس ُن غ ْ َ‬‫َوا َّلذي َب َع َث َك بيا َ‬
‫اس ُجدْ َحتَّى َت ْط َمئي َّن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َم َع َك م َن ال ُق ْرآن‪ُ ،‬ث َّم ْارك َْع َحتَّى َت ْط َمئ َّن َراك ًعا‪ُ ،‬ث َّم ْار َف ْع َحتَّى َت ْعد َل َقائ ًام‪ُ ،‬ث َّم ْ‬
‫‪2‬‬
‫اجدً ا‪ُ ،‬ث َّم ْار َف ْع َحتَّى َت ْط َمئي َّن َجالي ًسا‪َ ،‬وا ْف َع ْل َذلي َك يِف َصالتي َك ُك ِّل َها"‪.‬‬
‫س ي‬
‫َ‬
‫‪ .3‬عن أيب هريرة ريض اَّلل عنه عن النبي صَل اَّلل عليه وسلم قال "من صَل صالة َل يقرأ فيها بأم‬
‫القرآن فهي خداج" ثالثا غري متام فقيل أليب هريرة‪ :‬إنا نكون وراء اإلمام فقال‪ :‬اقرأ ِبا ِف‬
‫‪3‬‬
‫نفسك‬

‫‪ 1‬صحيح مسلم ج ‪ 1‬ص ‪ 155‬رقم ‪756‬‬


‫‪ 2‬منحة الباري برشح صحيح البخاري ج ‪ 2‬ص ‪ 468‬رقم ‪757‬‬
‫‪ 3‬فتح املنعم َشح صحيح مسلم ج ‪ 2‬ص ‪ 481‬رقم ‪708‬‬
‫ادلة القائلني بعدم القراءة خلف اَلمام ِف اجلهرية دون الرسية‬
‫احل َس ين ْب ين َصاليحٍ َع ْن‬ ‫وسى َع ْن ْ َ‬
‫ٍ‬
‫َيل ْب ُن حمُ ََّمد َحدَّ َثنَا ُع َب ْيدُ اَّللَّي ْب ُن ُم َ‬
‫ي‬
‫((حدَّ َثنَا ع ُّ‬
‫‪ .1‬قال ابن ماجه ِف سننه َ‬
‫َان َل ُه إي َما ٌم َف يق َرا َء ُة‬
‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َم ْن ك َ‬‫َجابي ٍر َع ْن َأ ييب الزُّ َب ْ يري َع ْن َجابي ٍر َق َال َق َال َر ُس ُ‬
‫‪1‬‬
‫اإل َما يم َل ُه يق َرا َءةٌ)) ‪.‬‬ ‫ي‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫يشء من‬ ‫‪َ .2‬ق َال ابو حني َفة ِف كتابه " بدائع الصنائع ِف ترتيب الرشائع "‪َ.‬ل ق َرا َءة خلف اَلمام ِف َ ْ‬
‫يه بيا ْل يق َرا َء ية‪ .‬واجلملة فيه أنه َل خيلو إما أن يكون إماما‬ ‫الص َالة ما َيهر في ييه بيا ْل يقراء ية وما ََل َيهر في ي‬
‫ْ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬
‫أو منفردا‪ ،‬وَيب عليه املخافتة فيام خيافت‪ ،‬وإنام كان كذلك ألن القراءة ركن يتحمله اإلمام عن‬
‫القوم فعال‪ ،‬فيجهر ليتأمل القوم ويتفكروا ِف ذلك‪ ،‬فتحصل ثمرة القراءة وفائدِتا للقوم‪ ،‬فتصري‬
‫قراءة اإلمام قراءة ُلم تقديرا‪ ،‬كأَنم قرءوا‪ .‬وثمرة اجلهر تفوت ِف صالة النهار؛ ألن الناس ِف‬
‫األغلب َيرضون اجلامعات ِف خالل الكسب والترصف واَلنتشار ِف األرض‪ ،‬فكانت قلوِبم‬
‫متعلقة بذلك‪ ،‬فيشغلهم ذلك عن حقيقة التأمل فال يكون اجلهر مفيدا بل يقع تسبيبا إل اإلثم‬
‫بُتك التأمل‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫اجل ْه ير َّي ية بي َق ْو يل اَّللَّي َت َع َال { وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له‬ ‫الرس َّي ية ُد َ‬
‫ون ْ َ‬ ‫احت ََّج ا ْل َقائي ُل َ ي ي ي‬
‫ون بيا ْلق َرا َءة ِف ِّ ِّ‬ ‫‪َ .3‬و ْ‬
‫وأنصتوا } اْلية من سورة األعراف ‪ 204‬قال ‪ :‬نزلت ِف رفع األصوات ‪ ،‬وهم خلف رسول‬
‫‪3‬‬
‫اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم ِف الصالة ‪.‬‬
‫اإل َما ُم لي ُيؤْ ت ََّم بي يه‬
‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم " إن ََّام ُج يع َل ْ ي‬ ‫ي‬
‫‪َ .4‬و َع ْن َأ ييب ُه َر ْي َر َة َر َ‬
‫يض اَّللَُّ َعنْ ُه َق َال َق َال َر ُس ُ‬
‫الُت يم يذ ُّي َوالنَّ َسائي ُّي‪.‬‬ ‫ي‬
‫َربوا َو يإ َذا َق َر َأ َف َأنْصتُوا " َر َوا ُه َأ ُبو َد ُاود َو ِّ ْ‬ ‫َف يإ َذا ك َّ َ‬
‫َرب َفك ِّ ُ‬
‫املناقشة عَل األدلة بعدم وجوب القراءة‬
‫‪ .1‬ولكن هذا احلديث اي اَلدلة اَلول ضعفه البوصريي ِف كتابه "مصباح الزجاجة"‪ .‬قال‪ :‬هذا‬
‫إسناد ضعيف جابر هو ابن يزيد اجلعفي متهم لكن رواه أْحد بن منيع وعبد بن ْحيد بسند‬
‫صحيح بينته ِف زوائد املسانيد العرشة وهذا حديث خمالف ملا رواه األئمة الستة من حديث‬

‫‪ 1‬ابن ماجه ج‪ 1 .‬ص ‪277‬‬


‫‪ 2‬بدائع الصنائع ِف ترتيب الرشائع‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪160‬‬
‫‪ 3‬الدر املنثور ِف التفسري باملأثور ج‪ 3.‬ص‪155‬‬
‫عبادة بن الصامت وله شاهد من حديث أيب هريرة رواه الُتمذي وقال وِف الباب عن ابن‬
‫‪1‬‬
‫مسعود وجابر وعمران بن حصني‪.‬‬
‫‪ .2‬واجلواب عَل اَلية الكريمة كام قال النواوي رْحه اَّلل ‪:‬‬
‫يم ية يم ْن َو ْج َه ْ ي‬
‫ني‬ ‫ي‬
‫اب َع ْن ْاْل َية ا ْلك يَر َ‬ ‫َو ْ َ‬
‫اجل َو ُ‬
‫( َأ َحدُ ُ َ‬
‫ُها)‬
‫اَت يَة َقدْ َر َما َي ْق َر ُأ املَْ ْأ ُمو ُم ا ْل َف ي َ‬
‫اَت َة ك ََام َس َب َق َب َيا ُن ُه َق يري ًبا َو َذك َْرنَا‬ ‫ُت بعدَ ا ْل َف ي‬ ‫ب لي ْ ي‬
‫إل َما يم َأ ْن َي ْسك َ َ ْ‬ ‫أن املُْ ْست ََح َّ‬
‫َّ‬
‫اَت يَة‬
‫يث الص يحيحي َق يريبا و يحينَئي ٍذ ََل يمنَعه يقراء َة ا ْل َف ي‬
‫َْ ُُ َ َ‬ ‫ً َ‬ ‫َّ‬
‫احل يد ي‬ ‫ي ي‬
‫َدلي َل ُه م ْن ْ َ‬
‫اإل َما ُم َب ْعدَ َها َو َه َذا‬‫َت ْ ي‬ ‫اَت ُة إ َذا َسك َ‬ ‫ور ية َوك ََذا ا ْل َف ي َ‬ ‫الس َ‬ ‫(ال َّث ياين) َأ َّن القراءة التي يؤمر باَلنصاف َُلَا يِف ُّ‬
‫َاه ٍد‬
‫آن و ُهو ا َّل يذي َأ ْعت يَقدُ رجحا َنه و يإ ََّل َف َقدْ روينَا َعن ُمُ ي‬
‫ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ ْ َ ُ َ‬
‫ي‬
‫إ َذا َس َّل ْمنَا َأ َّن املُْ َرا َد يب ْاْل َية َح ْي ُث ُق يرئَ ا ْل ُق ْر ُ َ َ‬
‫اخل ْط َب ية َو ُس ِّم َي ْت ُق ْرآنًا يَل ْشتي َام يُلَا َع َل ْي يه َو َر َو ْينَا يِف ُسن يَن ا ْل َب ْي َه يق ّي َع ْن َأ ييب ُه َر ْي َر َة‬
‫َريه َأ ََّنَا نَزَ َل ْت يِف ْ ُ‬
‫وغ ي ي‬
‫َ ْ‬
‫اجلواب َعن ح يد ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫يث "‬ ‫الص َالة َفنَزَ َل ْت َهذه ْاْل َي ُة َو َأ َّما ْ َ َ ُ ْ َ‬ ‫ون يِف َّ‬ ‫َّاس َي َت َك َّل ُم َ‬
‫َان الن ُ‬ ‫َو ُم َع ي‬
‫او َي َة َأ ََّنُ َام َق َاَل ك َ‬
‫‪2‬‬
‫اب ْاْل َي ية ‪.‬‬ ‫َاُها يِف َج َو ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ٍ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َوإي َذا َق َر َأ َف َأنْصتُوا " َفم ْن َأ ْو ُجه (من َْها) ا ْل َو ْج َهان ال َّل َذان َذك َْرن ُ َ‬
‫َاُها يِف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ٍ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬
‫اب َع ْن َحديث " َوإي َذا َق َر َأ َف َأنْصتُوا " َفم ْن َأ ْو ُجه (من َْها) ا ْل َو ْج َهان ال َّل َذان َذك َْرن ُ َ‬ ‫‪َ .3‬و َأ َّما ْ َ‬
‫اجل َو ُ‬
‫اخت ََار ُه ا ْل َب ْي َه يق ُّي َأ َّن َه يذ يه ال َّل ْف َظ َة َل ْي َس ْت َثابي َت ًة َع ْن النبي‬
‫(وا ْل َو ْج ُه ال َّثالي ُث) َو ُه َو ا َّل يذي ْ‬ ‫ي‬
‫اب ْاْل َية َ‬ ‫َج َو ي‬

‫صل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َق َال َأ ُبو َد ُاود يِف سننه هذه اللفظة ليست بمحفوظة روى البيهقى عن احلافظ‬
‫اب َقتَا َد َة يِف يز َيا َدتي يه‬‫يع َأ ْص َح ي‬ ‫ي ي‬
‫ف ال َّت ْيم ُّي َمج َ‬ ‫َري حمَ ْ ُفو َظ ٍة َو َخا َل َ‬ ‫ي ي‬
‫ايب عيل النيسابوى َأ َّن ُه َق َال َهذه ال َّل ْف َظ ُة غ ْ ُ‬
‫ني وابى حاتم الدارى‬ ‫َي َيى ْب ين َم يع ٍ‬ ‫ي ي‬
‫َهذه ال َّل ْف َظ َة ُث َّم َر َوى َع ْن َ ْ‬
‫‪3‬‬
‫َي َيى ْب ُن معني ليست هي بشئ َو َذك ََر ا ْل َب ْي َه يق ُّي ُط ُر َق َها َو يع َل َل َها ُك َّل َها‪.‬‬
‫َأ ََّنُ َام َق َاَل َل ْي َس ْت حمَ ْ ُفو َظ ًة َق َال َ ْ‬

‫إختيار الكاتب‬
‫قلت ان قراءة املأموم خلف اإلمام ام الكتاب واجبة ِف كل الصلوات اخلمس و‬
‫قراءة السورة مستحبة له‪.‬واَّلل اعلم‬

‫مصباح الزجاجة‪ .‬ج‪ 1 .‬ص ‪175‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬املجموع َشح امهذب ‪.‬ج ‪ 3‬ص ‪368‬‬


‫‪ 3‬املجموع َشح امهذب ‪.‬ج ‪ 3‬ص ‪368-367‬‬
‫الرحيم‬
‫الرْحن ّ‬
‫بسم اَّلل ّ‬
‫الركعة؟‬
‫من أدرك اإلمـام راكعا‪ ،‬هل يدرك ّ‬
‫اإلعداد ‪ :‬أْحد حبيب اَّلل‬
‫املقدّ مة‬

‫وصور اإلنسان وع ّلمه وهو للتّف ّقه ِف دينه من اصطفاه ّ‬


‫وفهمه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫احلمد َّلل ا ّلذي رفع قدر العلم وع ّظمه‬
‫واحلمد َّلل ْحدا ا ّلذي يعصم من النّقم وبه تزداد وتدوم النّعم‪ .‬وأشهد أن َل إله إَل اَّلل وحده َل َشيك له‬
‫حممدا عبده ورسوله الدّ اعي ال سبيل ر ّبه‬
‫أن ّ‬‫الذنوب واألوزار‪ ،‬وأشهد ّ‬
‫عاَل ما خفي من األَسار وغافر ّ‬
‫صل وس ّلم عَل س ّيدنا وحبيبنا‬
‫باملوعظة واحلكمة والكاشف بنور رسالته جال بيب الظلمة‪ .‬ال ّلهم ّ‬
‫حممد وعَل آله وأصحابه الكرام أمجعني والتّابعني ُلم بإحسان ال يوم الدّ ين‪.‬‬
‫وشفيعنا وموَلنا ّ‬
‫و بعد ‪................‬‬
‫الركعة ؟ "‪.‬‬
‫أبني مسئلة واحدة وهي " من أدرك اإلمـام راكعا‪ ،‬هل يدرك ّ‬
‫ففي هذه الفرصة‪ ،‬سنقدّ م أن ّ‬
‫متحريا باإلستجابة‪ ،‬ولذلك من اإلستجابات اإلختالف بني املذاهب األربعة‬
‫ّ‬ ‫ومنها وجدنا بعض النّاس‬
‫‪.‬‬
‫الركعة؟‬
‫من أدرك اإلمـام راكعا‪ ،‬هل يدرك ّ‬
‫وأما املسبوق ِف ال ّلغة فاسم مفعول‪ ،‬فعله سبق‪ ،‬يقال ‪ :‬سبقه إذا تقد ّمه‪ِ .‬ف اَلصطالح ‪ :‬من سبقه‬
‫‪1‬‬
‫الصالة أو بجميعها ‪ ،‬أو هو الذي أدرك اإلمام بعد ركعة أو أكثر‪.‬‬
‫اإلمام ببعض ركعات ّ‬
‫ّ‬
‫املصيل‬ ‫والشافع ّية واحلنابلة وغريهم عَل ّ‬
‫أن‬ ‫قد إتّفق فقهاء املذاهب األربعة احلنف ّية واملالك ّية ّ‬
‫الركوع قبل أن يرفع اإلمـام‪ ،‬فقد أدرك‬
‫فكرب تكبرية اإلحرام وعقد ّ‬
‫املسبوق إذا أدرك اإلمـام وهو راكع ّ‬
‫الركعة » ‪ ،‬وَل يمنع الشافع ّية قوُلم بوجوب قراءة أم‬
‫‪2‬‬
‫الركعة‪ ،‬حلديث ﷺ « من أدرك الركـــوع فقد أدرك ّ‬
‫ّ‬
‫القرآن عَل املأموم َل يمنعهم موافقة اجلمهور عَل اإلعتداد بالركّعة‪ ،‬بل قالوا ‪ّ :‬‬
‫إن قراءة أ ّم القرآن سقطت‬

‫(‪)1‬القاموس املحيط ‪ ،‬وقواعد الفقه ‪ ،‬وحاشية ابن عابدين (‪. )400/1‬‬


‫(‪)2‬حديث ‪ " :‬من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة " ‪ .‬ورد بلفظ " من أدرك ركعة من الصالة فقد أدرك الصالة " ‪.‬‬
‫أخرجـــه البخاري ( صحيح البخاري ‪ ،120/1‬رقم ‪ ) 580‬و( صحيح مسلم ‪ ،432/1‬رقم ‪ ) 607‬من حديث أيب‬
‫هريرة‪.‬‬
‫عن املسبـوق َتفيفا عنه لعموم احلاجة ‪ .‬وهم إختلفوا فيمن أدرك اإلمـام راكعا وَل يدرك القيام للقرءة‬
‫‪1‬‬

‫للركعة؟‬
‫الركـوع‪ ،‬هل هو كان مدركا ّ‬
‫أو َل يطمئ ّن معه ِف ّ‬
‫املالكي‬
‫ّ‬ ‫الركـوع‪ ،‬وهذا قول‬
‫الركعة وَل يدرك القيام للقرءة ولو َل يطمئ ّن معه ِف ّ‬
‫األول ‪ :‬قد إعتدّ ّ‬
‫القول ّ‬
‫الركوع‪.‬‬
‫افعي باشُتاط أن يطمئ ّن معه ِف ّ‬
‫الش ّ‬‫واحلنبيل‪ .‬ولكن زاد ّ‬
‫ّ‬ ‫واحلنفي‬
‫ّ‬
‫مصل و ِف ّ‬
‫كل ركعة‪ ،‬هذا قول أبو‬ ‫كل ّ‬
‫بالركعة ألنّه وَل يقرأ الفاَتة املتع ّينة عَل ّ‬
‫القول الثاين ‪َ :‬ل يعتدّ هو ّ‬
‫حممد بن حزم‪.‬‬
‫ّ‬

‫األد ّلـة من القولني ‪:‬‬


‫‪ .1‬األد ّلـة للقول األ ّول ‪:‬‬
‫الركعة » ‪ ،‬بذلك وأخرج أيضا‬
‫‪2‬‬
‫الركوع فقد أدرك ّ‬
‫حلديث رواه أبـو داود ‪ « :‬من أدرك ّ‬ ‫‪)1‬‬
‫بالسجود ـ‬
‫الركوع فال يعتدّ ّ‬
‫الصالة ومن فاته ّ‬
‫الركعة فقد أدرك ّ‬
‫عن بن مسعود قال من أدرك ّ‬
‫الصالة »‪ ،‬وَل‬
‫الصالة ركعة فقد أدرك ّ‬
‫ّبي ﷺ ‪ « :‬من أدرك من ّ‬
‫البخاري ‪ :‬قال الن ّ‬
‫ّ‬ ‫إنتهى ‪ .‬قال‬ ‫‪3‬‬

‫الصالة )‬
‫ّشهد »‪ .‬وقال ‪ ( :‬من أدرك ركعة من ّ‬
‫السجود أو الت ّ‬
‫الركوع أو ّ‬
‫يقل ‪ « :‬من أدرك ّ‬
‫الركعة‬
‫الصالة ) أي حكمها أو تكون أداء وإدراك اجلامعة َيصل بدون ّ‬
‫املكتوبة ( فقد أدرك ّ‬
‫ما َل يس ّلم ـ إنتهى ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫الرْحن عن أيب هريرة ّ‬


‫أن رسول اَّلل‬ ‫عن مالك عن ابن شهاب عن أيب سلمة بن عبد ّ‬ ‫‪)2‬‬
‫الصحيحني‬
‫الصالة )‪ .‬احلديث خمرج من ّ‬
‫الصالة فقد أدرك ّ‬
‫ﷺ قال ‪ ( :‬من أدرك ركعة من ّ‬
‫الصبح‪ ،‬ومن‬ ‫الصبح ركعة قبل أن تطلع ّ‬
‫الشمس فقد أدرك ّ‬ ‫سبق حديث‪ ( :‬من أدرك من ّ‬
‫أدرك من العرص ركعة قبل أن تغرب ّ‬
‫الشمس فقد أدرك العرص )‪ ،‬فذاك ِف إدراك الوقت‪.‬‬
‫الصالة ك ّلها ّإَل أنّه يقِض ما فاته‬
‫الصالة فقد أدرك ّ‬
‫ّسائي ‪ ( :‬من أدرك ركعة من ّ‬
‫وهنا زاد الن ّ‬

‫)‪(1‬املجموع َشح ّ‬
‫املهذب للنّواوي (‪)367/3‬‬

‫السابق‪.‬‬
‫(‪ )2‬املرجع ّ‬
‫(‪)3‬عون املعبود وحاشية ابن القيّم‪ ،‬للعظيم آبادي ( ‪) 110/1‬‬
‫البخاري‪ ،‬للقسطالين ( ‪ ،508/1‬رقم ‪) 580 :‬‬
‫ّ‬ ‫الساري لرشح صحيح‬
‫(‪)4‬إرشاد ّ‬
‫الركعة‪ ،‬جاء واإلمام‬ ‫ألن احلديث ظاهره ّ‬
‫يدل عَل أنّه يكتفي ِبذه ّ‬ ‫) هذه الزّ يادة َل بدّ منها؛ ّ‬

‫صَل يس ّلم معه فقد أدرك ّ‬


‫الصالة _ إنتهى ‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫الركعة ال ّثانية من صالة ّ‬
‫الصبح ّ‬ ‫ِف ّ‬
‫‪ .2‬األد ّلـة للقول ال ّثاين ‪:‬‬
‫بالسكينة والوقار‪ ،‬وَل‬
‫الصالة وعليكم ّ‬
‫حلديث ﷺ ‪ « :‬إذا سمعتم اإلقامة‪ ،‬فامشوا إل ّ‬ ‫‪)1‬‬
‫ترسعوا‪ ،‬فام أدركتم فص ّلوا‪ ،‬وما فاتكم فأمتّوا » ‪ .‬وقال إبن حزم ِف ّ‬
‫املحَل ‪َ :‬ل بدّ ِف‬ ‫‪2‬‬

‫بالركعة من إدراك القيام والقراءة بحديث « ما أدركتم فص ّلوا وما فاتكم فأمتّوا »‬
‫اَلعتداد ّ‬
‫الصالة ّإَل به‪.‬‬
‫تتم ّ‬ ‫ألن ّ‬
‫الكل فرض َل ّ‬ ‫والذكر املفروض ّ‬
‫والركن ّ‬
‫الركعة ّ‬
‫وَل فرق بني فوت ّ‬
‫واحتجوا بآثار ثابتة؛ ّإَل ّأَنم َل ّ‬
‫حجة‬ ‫ّ‬ ‫الركعة مع اإلمـام اعتدّ ِبا‪.‬‬
‫وقال قائلون‪ ،‬إن أدرك ّ‬
‫الصالة »‬
‫الصالة ركعة فقد أدرك ّ‬
‫ُلم ِف يشء منها وهي قول رسول اَّلل ﷺ ‪ « :‬من أدرك من ّ‬
‫حجة‬
‫فحق؛ وهو ّ‬
‫الصالة » ّ‬
‫الصالة ركعة فقد أدرك ّ‬
‫عيل‪ :‬أ ّما قوله ﷺ ‪ « :‬من أدرك من ّ‬
‫‪ .‬قال ّ‬
‫الصالة ‪ -‬هذا ما َل خالف فيه‬
‫عليهم؛ ألنّه ‪ -‬مع ذلك ‪َ -‬ل يسقط عنه قضاء ما َل يدرك من ّ‬
‫الركوع‪ :‬فقد أدرك الوقفة وكذلك قوله ﷺ ‪ « :‬من‬
‫من أحد؛ وليس ِف اخلرب‪ :‬أنّه إن أدرك ّ‬
‫الركعة فقد أدرك‬ ‫حق َل ّ‬
‫شك فيه؛ وَل يقل‪ :‬إنّه إن أدرك ّ‬ ‫السجدة » ّ‬
‫الركعة فقد أدرك ّ‬
‫أدرك ّ‬
‫الوقفة ا ّلتي قبل ّ‬
‫الركوع؛ فال َيوز ألحد أن يقحم ِف كالمه ﷺ ما ليس فيه‪ ،‬فيقول عليه ما َل‬
‫يقل ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫مناقشاِتا‪:‬‬
‫الركوع فقد أدرك‬
‫الركعة‪ ،‬حلديث رواه أبـو داود ‪ « :‬من أدرك ّ‬
‫األول ‪ :‬قد إعتدّ ّ‬
‫القول ّ‬ ‫‪)1‬‬
‫الركعة » ‪ .‬وألنّه َل ي ُفته من األركان ّإَل القيام‪ ،‬وهو يأتى به مع تكبرية اإلحرام‪ ،‬ثم يدرك مع اإلمام‬
‫‪4‬‬
‫ّ‬
‫الركوع قبل أن‬
‫الركوع‪ ،‬أو إنتهى إل قدر اإلجزاء من ّ‬
‫الركعة‪ ،‬وهذا إذا أدرك اإلمام ِف طمأنينة ّ‬
‫بق ّية ّ‬
‫بالركعة‪ ،‬ويكون مدركا ُلا‪ .‬فأ ّما إن كان املأموم يركع‬
‫يزول اإلمام عن قدر اإلجزاء‪ .‬فهذا يعتدّ له ّ‬
‫واإلمام يرفع َل َيزه ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫(‪َ)1‬شح املوطأ‪ ،‬لعـبد الكريم اخلضري ( ‪) 7-6/2‬‬


‫(‪)2‬أخرجـــه البخاري وقاله أبو قتادة ( صحيح البخاري ‪ ،129/1‬رقم ‪) 636‬‬
‫(‪ )3‬املحَل باْلثار‪ ،‬إلبن حزم ( ‪) 274/2‬‬
‫السابق‬
‫(‪)4‬املرجع ّ‬
‫(‪)5‬املغني َلبن قدامة ( ‪) 182 / 2‬‬
‫السبكي أنّه كان خيتار أنّه َل يعتدّ‬
‫مذي بعد أن حكى عن شيخه ّ‬
‫الُت ّ‬
‫العراقي ِف َشح ّ‬
‫ّ‬ ‫ور ّد‬
‫بالركعة من َل يدرك الفاَتة ما لفظه وهو ا ّلذي خيتاره وقال بن حزم ِف َّ‬
‫املحَل َل بدّ ِف اَلعتداد‬ ‫ّ‬
‫بالركعة من إدراك القيام والقراءة بحديث ﷺ ‪ « :‬ما أدركتم فص ّلوا وما فاتكم ي‬
‫فأمتّوا » ‪ ،‬وَل فرق‬
‫‪1‬‬
‫ّ‬
‫الصالة ّإَل به‪ .‬وقال أيضا ِف‬
‫تتم ّ‬ ‫والذكر املفروض ألن ّ‬
‫الكل فرض َل ّ‬ ‫والركن ّ‬
‫الركعة ّ‬
‫بني فوت ّ‬
‫اجلواب عن استدَلُلم بحديث « من أدرك من الصالة ركعة فقد أدرك الصالة » حجة عليهم‪ ،‬ألنه‬
‫ـ مع ذلك َل يسقط عنه قضاء ما َل يدرك من الصالة ـ إنتهى‪ .‬وقال احلافظ ِف التلخيص حديث أيب‬
‫هريرة إذا أدركت القوم ركوعا َل تعتد بتلك الركعة وهذا هو املعروف موقوف وأما املرفوع فال‬
‫أصل له وعزاه الرافعي تبعا لالمام أن أبا عاصم العبادي عن بن خزيمة أنه احتج بذلك ـ إنتهى ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫للركعة من غري اشُتاط‬


‫الركوع مدرك ّ‬ ‫السلف واخللف إل ّ‬
‫أن مدرك ّ‬ ‫األئمة من ّ‬
‫وذهب مجهور ّ‬
‫الصالة فقد أدركها قبل أن يقيم اإلمام‬
‫قراءة فاَتة الكتاب‪ ،‬أخرج عن أيب هريرة من أدرك ركعة من ّ‬
‫للركعة إذا ركع إمامه قبل‪ ،‬وهذا مغاير‬
‫وترجم له ذكر الوقت الذي يكون فيه املأموم مدركا ّ‬
‫ّ‬ ‫صلبه‬
‫ترجم بعد ذلك باب إدراك اإلمام ساجدا واألمر باَلقتداء به ِف‬
‫ملا نقلوه عنه‪ .‬ويؤ ّيد ذلك أنه ّ‬
‫البيهقي ِف املعرفة ـ‬
‫ّ‬ ‫للسجدة إنام يكون بإدراك الركوع قبلها‪ .‬وقال‬
‫السجود وأن َل يعتدّ به إذ املدرك ّ‬
‫ّ‬
‫الشافعي بإسناده ّ‬
‫إن عبد اَّلل بن مسعود دخل املسجد واإلمام‬ ‫باب إذا أدرك اإلمام راكعا ـ قال ّ‬
‫ثم ساق‬ ‫دب راكعا‪ ،‬قال ّ‬
‫الشافعي وهكذا نقول ‪ :‬وقد فعل هذا زيد بن ثابت‪ّ .‬‬ ‫راكع فركع ثم ّ‬
‫ثم قال ‪ :‬وقد‬
‫البيهقي بإسناده إل عبد اَّلل بن مسعود وزيد بن ثابت وأبى أمامة سهل بن حنيف‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫الصديق وعبد اَّلل بن الزّ بري وِف معناه حديث أيب بكرة أنه دخل املسجد‬
‫روينا ِف ذلك عن أيب بكر ّ‬
‫الركعة بإدراك‬
‫ف وِف ذلك دَللة عَل إدراك ّ‬
‫الص ّ‬
‫ف ثم مشى إل ّ‬
‫الص ّ‬
‫والنّبي راكع فركع دون ّ‬
‫الركوع ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ّ‬
‫القول ال ّثاين ‪َ :‬ل يعتدّ هو ّ‬
‫بالركعة‪ ،‬حلديث ﷺ ‪ « :‬إذا سمعتم اإلقامة‪ ،‬فامشوا إل‬ ‫‪)2‬‬
‫بالسكينة والوقار‪ ،‬وَل ترسعوا‪ ،‬فام أدركتم فص ّلوا‪ ،‬وما فاتكم فأمتّوا » ‪ .‬وقال إبن‬
‫‪4‬‬
‫الصالة وعليكم ّ‬
‫ّ‬
‫بالركعة من إدراك القيام والقراءة بحديث « ما أدركتم فص ّلوا وما‬ ‫حزم ِف ّ‬
‫املحَل ‪َ :‬ل بدّ ِف اَلعتداد ّ‬

‫السابق‬
‫(‪)1‬املرجع ّ‬
‫(‪)2‬عون املعبود وحاشية ابن الق ّيم‪ ،‬للعظيم آبادي ( ‪) 107/3‬‬
‫يقي (‪)109/3‬‬
‫الرْحن الصدّ ّ‬
‫(‪)3‬عون املعبود وحاشية ابن القيم‪ ،‬أبو عبد ّ‬
‫السابق‬
‫(‪)4‬املرجع ّ‬
‫الصالة‬
‫تتم ّ‬ ‫ألن ّ‬
‫الكل فرض َل ّ‬ ‫والذكر املفروض ّ‬
‫والركن ّ‬
‫الركعة ّ‬
‫فاتكم فأمتّوا » وَل فرق بني فوت ّ‬
‫ّإَل به‪ ،‬قال ‪ :‬فهو مأمور بقضاء ما سبقه به اإلمام وإمتامه فال َيوز َتصيص يشء من ذلك بغري ّ‬
‫نص‬
‫آخر‪ ،‬وَل سبيل إل وجوده ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫حممد بن حزم ِف " نيل األوطار " ‪ :‬فائدة ‪ :‬قد عرفت َمّا سلف‬
‫الشوكاين لقول أبو ّ‬
‫ّ‬ ‫و انترص‬
‫أن تلك األد ّلة صاحلة لالحتجاج ِبا‬ ‫كل إمام ومأموم ِف ّ‬
‫كل ركعة وعرفناك ّ‬ ‫وجوب الفاَتة عَل ّ‬
‫الصلوات أو ركعة‬
‫تصح صالة من ّ‬
‫الصالة‪ ،‬فمن زعم ّأَنا ّ‬
‫صحة ّ‬ ‫عَل ّ‬
‫أن قراءة الفاَتة من َشوط ّ‬
‫خيصص تلك األد ّلة ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الركعات بدون فاَتة الكتاب فهو حمتاج إل إقامة برهان ّ‬
‫من ّ‬
‫البخاري أحد املجتهدين وواحد من أركان الدّ ين قد ذهب إل أن مدركا‬
‫ّ‬ ‫حممد بن إسامعيل‬
‫فبهذا ّ‬
‫الركوع فله أن‬
‫للركعة حتّى يقرأ فاَتة الكتاب‪ ،‬فمن دخل مع اإلمام ِف ّ‬
‫للركوع َل يكون مدركا ّ‬
‫ّ‬
‫البخاري هذا املذهب عن ّ‬
‫كل من ذهب إل وجوب‬ ‫ّ‬ ‫الركعة بعد سالم اإلمام‪ ،‬بل حكى‬
‫يقِض تلك ّ‬
‫القراءة خلف اإلمام‪ .‬وقال احلافظ ِف الفتح َتت حديث أيب هريرة ‪« :‬فام أدركتم فص ّلوا وما فاتكم‬
‫الركعة لألمر بإمتام ما فاته‬ ‫ي‬
‫فأمتّوا »‪ ،‬واستدّ ل به عَل ّ‬
‫أن من أدرك اإلمام راكعا َل َتسب له تلك ّ‬
‫البخاري ِف القراءة خلف اإلمام عن ّ‬
‫كل من‬ ‫ّ‬ ‫الوقوف والقراءة فيه‪ ،‬وهو قول أيب هريرة بل حكاه‬
‫بعي وغريُها من حمدثي الشافعية‬
‫والض ّ‬
‫ذهب إل وجوب القراءة خلف اإلمام واختاره بن خزيمة ُّ‬
‫‪3‬‬ ‫بكي من ّ‬
‫املتأخرين إنتهى ‪.‬‬ ‫الس ّ‬
‫تقي الدّ ين ّ‬ ‫وقواه ّ‬
‫الشيخ ّ‬ ‫ّ‬
‫املاوردي‪ .‬قال ِف احلاوي الكبري ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ودعوى اإلمجاع ا ّلذي اعُتض عليه أبو ّ‬
‫حممد بن حزم‪ ،‬حكاه‬
‫الركعة وإن َل يقرأ‬
‫فصل ‪ :‬فأ ّما املأموم إذا أدرك اإلمام بعد استيفائه تكبرية اإلحرام قائام‪ ،‬يعتدّ بتلك ّ‬
‫فيها‪ ،‬لرواية زيد بن أيب عتَّـاب عن أيب هريرة قال ‪ :‬قال رسول اَّلل ﷺ ‪ « :‬إذا أدركتمونا ونحن‬
‫الركوع‬
‫الصالة »‪ ،‬وألنّه بإدراك ّ‬
‫الركعة فقد أدرك ّ‬
‫سجود فاسجدوا‪ ،‬وَل ت ّعدوها شيئا ومن أدرك ّ‬
‫الركعة‪ ،‬وهذا قول ُممع عليه‪ ،‬فلو َل يستوف‬
‫الركعة فجاز أن يقوم مقام إدراك مجيع ّ‬
‫يدرك أكثر ّ‬
‫تكبرية اإلحرام قائام حتى ركع مع اإلمام فأمتّها راكعا َل يكن داخال ِف فرض‪ ،‬ألن من َشط‬
‫الفرض استيفاء اإلحرام به قائام ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫اليمني ( ‪) 255/2‬‬
‫ّ‬ ‫(‪)1‬نيل األوطار‪ّ ،‬‬
‫للشوكاين‬
‫)‪(2‬نيل األوطار‪ ،‬الشوكاين اليمني ( ‪) 353 / 2‬‬
‫(‪)3‬فتح الباري َلبن حجر ( ‪) 119/2‬‬
‫للاموردي (‪)121/2‬‬
‫ّ‬ ‫(‪)4‬احلاوي الكبري ِف فقه مذهب اإلمام الشافعي‪،‬‬
‫إختيار الكاتب ‪:‬‬
‫للركعة ولو َل‬ ‫قلت ‪ :‬القول املختار لنا قول من ا ّلذي قد ذهب ّ‬
‫أن املسبوق مدركا ّ‬ ‫ُ‬
‫أن املسبوق أن يدرك ال ّطمأنينة مع اإلمام ِف‬
‫افعي ّ‬ ‫يدرك القيام مع اإلمام‪ ،‬ولكنّا نفسنا زيادة عَل قول ّ‬
‫الش ّ‬
‫الركعة معه‪.‬‬
‫الركوع‪ ،‬ليعتدّ ّ‬
‫ّ‬
‫بسم اَّلل الرْحن الرحيم‬
‫احلمد َّلل رب العاملني والصالة والسالم عَل سيدنا حممد وعَل آله وصحبه أمجعني وبعد‪.‬‬
‫"من يرد اَّلل به خريا يفقهه ِف الدين"‪.‬‬
‫قد صنعت هذا التقرير لوظيفة اإلمتحان ِف " املعهد العايل النور الثاين املرتض "‬

‫"القنوت ِف صالة الصبح عَل مذاهب األربعة "‬


‫اإلعداد ‪ :‬لقامن حامد‬
‫أ‪ .‬ال َّت ْع ير ُ‬
‫يف‪.‬‬

‫ان يعدَّ ٍة ‪ ،‬يمن َْها ‪:‬‬


‫ُوت يِف ال ُّلغ يَة ع َََل مع ٍ‬
‫ََ‬ ‫‪ُ -‬ي ْط َل ُق ا ْل ُقن ُ‬

‫ض كُل َل ُه َقانيت َ‬
‫ُون }‬ ‫‪-‬ال َّطا َع ُة ‪ :‬و يمن َذلي َك َقوله َتع َال ‪َ { :‬له ما يِف السمو ي‬
‫ات َواألَ ْر ي‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ‬

‫الراكي يعنيَ } ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬


‫اس ُجدي َو ْاركَعي َم َع َّ‬
‫ي ي ي‬ ‫ي ي‬
‫الصال ُة ‪َ :‬وم ْن َذل َك َق ْوله َت َع َال ‪َ { :‬يا َم ْر َي ُم ا ْقنُتي ل َر ِّبك َو ْ‬
‫‪َ -‬و َّ‬

‫ول ا ْل يق َيا يم‬ ‫ول ا ْل ُقن ي‬


‫ُوت " (‪َ )3‬أ ْي ُط ُ‬ ‫ول ا ْل يقيا يم ‪ :‬و يمن َذلي َك َقو ُله ص ََّل اَّللَُّ َع َلي يه وس َّلم ‪َ " :‬أ ْف َض ُل الص ي‬
‫الة ُط ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َو ُط ُ َ‬
‫ُوت الدُّ عَاء ‪ ،‬و َأ َّن ا ْل َقاني َت الدَّ ي‬ ‫ور يِف ال ُّلغ يَة َأ َّن ا ْل ُقن َ‬
‫اعي ‪،‬‬ ‫ُ َ‬ ‫َوالدُّ عَا ُء ‪َ :‬و ُه َو َأ ْش َه ُر َها ‪َ ،‬ق َال الزَّ َّج ُ‬
‫اج ‪ :‬املَْ ْش ُه ُ‬
‫َش ‪ُ ،‬ي َق ُال ‪َ :‬قن ََت َل ُه َو َقن ََت َع َل ْي يه‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫َو َحكَى الن ََّو يو ُّي َأ َّن ا ْل ُقن َ‬
‫ُوت ُي ْط َل ُق ع َََل الدُّ عَاء بي َخ ْري َو َ ٍّ‬

‫اَلصطيالحي ‪:‬‬
‫َو يِف ْ‬

‫وص يم َن ا ْل يق َيا يم‬ ‫الرش يع اسم ليلدُّ ع ي‬


‫َاء يِف الص ي‬
‫الة يِف حمَ ٍَّل خمَ ُْص ٍ‬ ‫َالن ‪ :‬ا ْل ُقن ُ ي‬
‫‪1‬‬
‫َّ‬ ‫ُوت عنْدَ َأ ْه يل َّ ْ ْ ٌ‬ ‫َق َال ا ْب ُن ع َ‬

‫ان َذلي َك في َيام َي ْأ يِت‬ ‫الة الصبحي ‪ ،‬وص ي‬


‫الة ا ْل يوت يْر ‪َ ،‬و يِف الن ََّو ياز يل ‪َ ،‬و َب َي ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُّ ْ‬
‫ُوت منْح يرص يِف َثال َث ية مواطين ‪ :‬ص ي‬
‫ََ َ َ‬ ‫‪-‬ا ْل ُقن ُ ُ َ ٌ‬

‫ب ‪ .‬أقوال الفقهاء‬

‫ُوت يِف ُّ‬


‫الص ْبحي‬ ‫‪ -‬ا ْل ُقن ُ‬

‫الص ْبحي ع َََل َأر َب َع ية َأ ْق َو ٍ‬


‫ال‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ف ا ْل ُف َق َها ُء يِف ُح ْك يم ا ْل ُقنُوت يِف َصالة ُّ‬
‫اخ َت َل َ‬
‫‪ْ -‬‬
‫ْ‬

‫‪ 1‬موسوعة فقهية‬
‫رشو ٍع ‪،‬‬ ‫الص ْبحي غ ْ ُ‬
‫َري َم ْ ُ‬ ‫احلنَابي َل ية َوال َّث ْو ير ِّي ‪َ :‬و ُه َو َأ َّن ا ْل ُقن َ‬
‫ُوت يِف ُّ‬
‫ي ي ي‬
‫( األَ َّو ُل ) ‪ :‬ل ْل َحنَف َّية َو ْ َ‬

‫احلنَابي َل ُة ‪ُ :‬يك َْر ُه ‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫َو َق َال َأ ُبو َحنيي َف َة ‪ :‬ا ْل ُقن ُ‬
‫ُوت يِف ا ْل َف ْج ير بيدْ َع ٌة ‪َ ،‬و َق َال ْ َ‬

‫الص ْبحي ُم ْست ََحب َو َف يضي َل ٌة ‪،‬‬


‫‪2‬‬
‫ُوت يِف ُّ‬ ‫( َوال َّث ياين ) لي ْل َامليكي َّي ية ع َََل املَْ ْش ُه ي‬
‫ور ‪َ :‬و ُه َو َأ َّن ا ْل ُقن َ‬

‫الص ْبحي ُسنَّ ٌة ‪َ ،‬ق َال الن ََّو يو ُّي ‪ :‬ا ْع َل ْم َأ َّن ا ْل ُقن َ‬ ‫ي‬ ‫لشافي يع َّي ية ‪َ :‬و ُه َو َأ َّن ا ْل ُقن َ‬
‫( ال َّثالي ُث ) لي َّ‬
‫وع‬
‫رش ٌ‬
‫ُوت َم ْ ُ‬ ‫ُوت يِف َصالة ُّ‬
‫ي‬
‫عنْدَ نَا يِف ُّ‬
‫الص ْبحي ‪َ ،‬و ُه َو ُسنَّ ٌة ُم َت َأ ِّكدَ ٌة ‪،‬‬
‫‪3‬‬

‫لس ْه يو ‪َ ،‬س َوا ٌء ت ََر َك ُه ع َْمدً ا َأ ْو َس ْه ًوا‬ ‫ي‬ ‫ي‬


‫َقا ُلوا ‪َ :‬و َل ْو ت ََر َك ُه ََل ْ َت ْب ُط ْل َصال ُت ُه ‪َ ،‬لك ْن َي ْس ُجدُ ل َّ‬

‫ج ‪ .‬أد ّلة األحكام‬

‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َش ْه ًرا َب ْعدَ‬ ‫استَدَ ُّلوا ع َََل َذلي َك ‪ :‬بي َام َو َر َد َع ْن َأن ٍ‬
‫َس َق َال " َقن ََت َر ُس ُ‬ ‫(األول) َو ْ‬
‫الُت ُك َدلي ُيل الن َّْسخي‬ ‫ي‬ ‫الركُو يع يدْ عُو ع َََل َأحي ٍ‬
‫اء يم ْن ا ْل َع َر ي‬
‫وخا ‪ ،‬إيذ َّ ْ‬ ‫ب‪ُ ،‬ث َّم ت ََر َك ُه " َقا ُلوا ‪َ :‬فك َ‬
‫َان َمن ُْس ً‬ ‫‪4‬‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬

‫ف‬ ‫ت ‪ ،‬إين ََّك َقدْ َص َّل ْي َت َخ ْل َ‬ ‫وبيام ر يوي َعن َأ ييب مالي ٍك سع يد ب ين َط يار ٍق األَ ْشج يعي َق َال ‪ُ :‬ق ْل ُت ألَ ييب ‪ :‬يا َأب ي‬
‫َ َ‬ ‫َ ِّ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ ْ‬
‫ْس يسنينيَ ‪َ ،‬أكَانُوا َي ْقنُت َ‬
‫ُون ؟ َق َال ‪َ :‬أ ْي ُبن ََّي‬ ‫اهنَا بيا ْلكُو َف ية ن َْح ًوا يم ْن َمخ ي‬ ‫َيل َه ُ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َر ُسول اَّللَّي ‪َ ،‬و َأ ييب َبك ٍْر ‪َ ،‬و ُع ْث َام َن ‪َ ،‬وع ٍّ‬
‫الُت يم يذ ُّي ‪َ :‬وا ْل َع َم ُل َع َل ْي يه يعنْدَ َأ ْك َث ير َأ ْه يل ا ْل يع ْل يم ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ث ‪َ .‬و يِف َل ْفظ ‪َ :‬يا ُبن ََّي إي ََّنَا بيدْ َع ٌة ‪َ .‬ق َال ِّ ْ‬
‫‪5‬‬ ‫‪ ،‬حمُ ْدَ ٌ‬

‫الة الصبحي و َه َذا ُهو املَْ ْشهور و َق َال ابن سحن ٍ‬ ‫ُوت مستَحب يِف ص ي‬ ‫ي‬
‫ُون ‪ُ :‬سنَّ ٌة ‪َ .‬ق َال‬ ‫ْ ُ َ ْ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫( الثاين ) َي ْعني َأ َّن ا ْل ُقن َ ُ ْ َ‬
‫إل ْسال يم َوَل ْب ين‬ ‫ني َأ ْخ يذ َها َأعَا َد َها اَّللَُّ لي ي‬
‫يه َإل يح ي‬
‫ََييى بن عُمر ُهو غَري م ْرشو ٍع ومس يجدُ ه بي ُقر ُطب َة َل ي ْقن ُُت في ي‬
‫َ َ ْ ُ ْ َ َ‬ ‫َْ ْ ُ َ َ َ ُْ َ ُ‬

‫‪َ 1‬شح منتهى اإلرادات ‪228 / 1‬‬


‫‪ 2‬مواهب اجلليل ‪539 / 1‬‬
‫‪ 3‬األذكار ( ط ‪ .‬مكتبة دار البيان ) ص‪86‬‬
‫‪ 4‬حديث أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم " قنت ِف صالة الفجر شهرا ‪ . " . . .‬أخرجه البخاري ( فتح الباري ‪) 385 / 7‬‬
‫‪ 5‬حديث سعد بن طارق ‪ " :‬قلت أليب ‪ :‬يا أبت إنك قد صليت خلف رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم ‪ . " . . .‬أخرجه‬
‫الُتمذي ( ‪252 / 2‬‬
‫الن ص ي‬
‫الة َم ْن ت ََر َك‬ ‫ُون ع َََل ا ْل َقو يل بيب ْط ي‬ ‫اد َما َيدُ ُّل ع َََل ُو ُجوبي يه ; ألَ َّن ُه َق َال َم ْن ت ََر َك ُه َف َسدَ ْ‬
‫ت َصال ُت ُه َأ ْو َيك ُ‬ ‫يزي ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫‪1‬‬
‫السنَّ َة ع َْمدً ا‬
‫ُّ‬

‫الص ْبحي " في َيام َر َوى َأ ُبو ُه َر ْي َر َة َو َخ َّف ُ‬


‫اف ْب ُن إي َيام َء َوا ْل َ َ‬
‫ربا ُء‬ ‫ي‬
‫َان َي ْقن ُُت يِف َصالة ُّ‬ ‫َأ َّن النَّبي َّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم " ك َ‬
‫ول اَّللَّي ي ْقن ُُت يِف ا ْل َفج ير حتَّى َفار َق الدُّ ْنيا > ‪ ،‬و َق َال ع يَيل بن يزي ٍ‬
‫اد‬ ‫َو َأن َُس ْب ُن َمالي ٍك ‪َ .‬ق َال َأن ٌَس ‪َ < :‬ما زَ َال َر ُس ُ‬
‫ُّ ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫‪2‬‬
‫ت َصال ُت ُه‬ ‫وب ا ْل ُقنُوت يِف ُّ‬
‫الص ْبحي ‪َ ،‬ف َم ْن ت ََر َك ُه َف َسدَ ْ‬ ‫بي ُو ُج ي‬

‫الر ْك َع ية ال َّثاني َي ية َمليا َر َوى َأن ٌَس ريض اَّلل تعال عنه { َأ َّن الن يَّب َّي‬ ‫الص ْبحي َأ ْن َي ْقن َُت يِف َّ‬
‫ي‬
‫السنَّ ُة يِف َصالة ُّ‬
‫(الثالث ) َو ُّ‬
‫صَل اَّلل عليه وسلم َقن ََت َش ْه ًرا َيدْ عُو َع َل ْي يه ْم ُث َّم ت ََر َك ُه ‪َ ,‬ف َأ َّما يِف ُّ‬
‫الص ْبحي َف َل ْم َيزَ ْل َي ْقن ُُت َحتَّى َف َار َق الدُّ ْن َيا }‬

‫أخربنا أبو عبد اَّلل حممد بن عبد اَّلل احلافظ أنبأ أبو عبد اَّلل حممد بن عبد اَّلل الصفار ثنا أْحد بن مهران‬
‫األصبهاين ثنا عبيد اَّلل بن موسى أنبأ أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس ‪ :‬أن النبي صَل اَّلل‬
‫عليه وسلم قنت شهرا يدعو عليهم ثم تركه فأما ِف الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا‬

‫د ‪ .‬املناقشة‬

‫الر ْك َع ية‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫( األول) عند احلنفية و َقدْ َخا َل َفنَا َّ ي ي‬
‫الشافع ُّي يِف املَْ َواض يع ال َّثال َثة َف َق َال ‪َ :‬ي ْقن ُُت يِف َصالة ا ْل َف ْج ير يِف َّ‬ ‫َ‬
‫الركُو يع ‪َ ,‬وا ْحت ََّج يِف املَْ ْس َأ َل ية‬ ‫ري يم ْن َر َم َض َ‬
‫ان َب ْعدَ ُّ‬ ‫ف األَ يخ ي‬ ‫ال َّثانيي ية بعدَ الركُو يع وَل ي ْقن ُُت يِف ا ْل يوت يْر إَل يِف النِّص ي‬
‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ ُّ‬
‫َان َيدْ عُو ع َََل َق َبائي َل } ‪َ ,‬و َلنَا َما‬ ‫َان { ي ْقن ُُت يِف ص ي‬
‫الة ا ْل َف ْج ير َوك َ‬ ‫َ‬ ‫األَ ْو َل بي َام ُر يو َي َأ َّن النَّبي َّي صَل اَّلل عليه وسلم ك َ َ‬
‫ود و َمجَا َع ٌة يمن الصحاب ية ريض اَّلل عنهم َأ َّن النَّبيي صَل اَّلل عليه وسلم { َقن ََت يِف ص ي‬
‫الة‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َّ َ َ‬ ‫َر َوى ا ْب ُن َم ْس ُع َ‬
‫اج َع ْل َها َع َل ْي يه ْم‬ ‫ول ال َّل ُه َّم ُا ْشدُ ْد َو ْط َأت َ‬
‫َك ع َََل ُم َ َ‬
‫رض َو ْ‬ ‫ان َو َي ُق ُ‬ ‫َان َيدْ عُو يِف ُقنُوتي يه ع َََل َرع ٍ‬
‫ْل َو َذك َْو َ‬ ‫ا ْل َف ْج ير َش ْه ًرا ك َ‬
‫َان َي ْقن ُُت يِف‬ ‫وخا } َد َّل َع َل ْي يه َأ َّن ُه ُر يو َي َأ َّن ُه صَل اَّلل عليه وسلم { ك َ‬ ‫ف ُث َّم ت ََر َك ُه َفك َ‬
‫َان َمن ُْس ً‬ ‫وس َ‬ ‫ي ي‬
‫سننيَ كَسني ُي ُ‬
‫ي ي‬

‫الة ا ْل َف ْج ير } َو َذلي َك َمن ُْس ٌ‬


‫وخ بي ي‬
‫اإل ْمجَا يع ‪,‬‬ ‫ب كَام يِف ص ي‬
‫َ‬
‫ي‬
‫َصالة املَْغ يْر ي َ‬

‫‪ 1‬مواهب اجلليل ‪539 / 1‬‬


‫‪ 2‬كفاية الطالب الرباين ‪239 / 1‬‬
‫ف عُمر ك ََذلي َك َف َلم َأر َأحدً ا يمنْهام ي ْقن ُُت يِف ص ي‬ ‫َو َق َال َأ ُبو ُع ْث َام َن الن َّْه يد ُّي َص َّل ْي ُت َخ ْل َ‬
‫الة‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ف َأ ييب َبك ٍْر َو َخ ْل َ َ َ‬
‫ا ْل َف ْج ير ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫َان َر ُجال حمُ يَار ًبا َيدْ عُو‬ ‫الة ا ْل َغدَ ياة ع يَيل ‪َ ,‬و َذلي َك َأ َّن ُه ك َ‬
‫اهيم الن ََّخ يعي ‪َ :‬أو ُل من َقن ََت يِف ص ي‬
‫َ‬ ‫ُّ َّ َ ْ‬
‫ي‬
‫عند احلنابلة َو َق َال إ ْب َر ُ‬
‫الش ْعبي ِّي َق َال ‪ :‬ملََّا َقن ََت ع يَيل يِف‬‫اين ‪َ ,‬ع ْن َّ‬ ‫ي‬ ‫يي‬ ‫ي ي‬ ‫يي‬
‫ع َََل َأعْدَ ائه ‪َ .‬و َر َوى َسعيدٌ ِف " ُسنَنه " َع ْن ُه َش ْي ٍم ‪َ ,‬ع ْن ع ُْر َو َة ْاُل َ َم َذ ِّ‬
‫ْرصنَا ع َََل عَدُ ِّونَا َه َذا ‪َ .‬و َع ْن َأ ييب ُه َر ْي َر َة ريض اَّلل عنه‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫اس َتن َ ْ‬ ‫الص ْبحي ‪َ ,‬أ ْنك ََر َذل َك الن ُ‬
‫َّاس ‪َ .‬ف َق َال عَيل ‪ :‬إن ََّام ْ‬ ‫َصالة ُّ‬
‫الة ا ْل َف ْج ير ‪ ,‬إَل إ َذا َدعَا لي َق ْو ٍم ‪َ ,‬أ ْو َدعَا ع َََل َق ْو ٍم‬
‫َان َل ي ْقن ُُت يِف ص ي‬
‫َ‬ ‫ول اَّللَّي صَل اَّلل عليه وسلم ك َ َ‬ ‫إن َر ُس َ‬ ‫َق َال ‪َّ { :‬‬
‫َيت يَم ُل َأ َّن ُه ك َ‬
‫َان‬ ‫ُوت ُع َم َر َ ْ‬ ‫ول ا ْل يق َيا يم ‪َ ,‬فإي َّن ُه ُي َس َّمى ُقنُوتًا ‪َ .‬و ُقن ُ‬
‫َيت يَم ُل َأ َّن ُه َأ َرا َد ُط َ‬ ‫} ‪َ .‬ر َوا ُه َس يعيدٌ ‪َ ,‬و َح يد ُ‬
‫يث َأن ٍ‬
‫َس َ ْ‬
‫ات َعنْ ُه َأ َّن ُه ََل ْ َي ُك ْن َي ْقن ُُت ‪َ ,‬و َر َوى َذلي َك َعنْ ُه َمجَا َع ٌة ‪َ ,‬فدَ َّل ع َََل َأ َّن ُقنُو َت ُه‬ ‫ات النَّو ياز يل ; َفإي َّن َأ ْك َثر الرواي ي‬
‫َ ِّ َ َ‬ ‫َ‬
‫يِف َأو َق ي‬
‫ْ‬
‫‪2‬‬
‫َاز َل ٍة‬
‫تن ي‬ ‫َان يِف و ْق ي‬
‫ك َ َ‬

‫ُوت َفإي َّن ُه ُيؤَ ِّم ُن ع َََل‬ ‫ف َشافي يعي جهر بيدُ ع ي‬
‫َاء ا ْل ُقن ي‬ ‫ون ‪َ :‬فإي ْن َص ََّل َماليكيي َخ ْل َ‬ ‫(الثاين) عند املالكية َق َال ابن َفرح ٍ‬
‫ٍّ َ َ َ‬ ‫ْ ُ ْ ُ‬ ‫ّ‬
‫ان َف َل ْو َقن ََت‬‫ُوت يِف َر َم َض َ‬ ‫اضح ية يِف ا ْل ُقن ي‬ ‫ي‬ ‫ُوت م َع ُه يم ْن في ْع يل ْ ي‬ ‫يي‬
‫َرص ا ْل َو َ‬ ‫اجلُ َّهال ُا ْن ُظ ْر خمُ ْت َ َ‬ ‫ُدعَائه َوَل َي ْقنُ ُت ُه َم َع ُه َوا ْل ُقن ُ َ‬
‫وصا َو َو ْج ُه ُه َأ َّن الدُّ عَا َء‬ ‫الشافي يع ِّي َفإينَّك َت ْق يِض َوَل ُي ْق َض َع َل ْيك ك َ‬
‫َان َح َسنًا َو ََل ْ َأ َر ُه َمن ُْص ً‬ ‫املَْاليكي ُّي يعنْدَ َق ْو يل َّ‬
‫ُوت ا ْنت ََهى ‪َ .‬و َق ْو ُل ُه بي ُص ْبحٍ َف َق ْط َي ْعنيي َأ َّن ا ْل ُقن َ‬
‫ُوت إن ََّام‬ ‫ا َّل يذي يؤَ من َع َلي يه َقدْ ا ْن َق َض وَل مانيع يحينَئي ٍذ يمن ا ْل ُقن ي‬
‫ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ ِّ ُ ْ‬
‫ب يِف َثاني َي ية‬ ‫احل ي‬
‫اج ي‬ ‫ي‬
‫السال يم يِف َق ْول ا ْب ين ْ َ‬
‫ي‬
‫ور ‪َ :‬و َق َال ا ْب ُن َع ْبد َّ‬
‫ي‬
‫ب يِف َصالة ُّ‬
‫الص ْبحي َف َق ْط ‪َ ,‬و َه َذا ُه َو املَْ ْش ُه ُ‬ ‫ُي ْست ََح ُّ‬
‫ات يعنْدَ‬ ‫الف من َأجازَ ه يِف سائي ير الص َلو ي‬
‫َّ َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ‬
‫ب يِف إجازَ تي يه يِف ا ْلوت يْر و يخ ي‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ض َأ ْه يل املَْ ْذ َه ي‬
‫الف َب ْع ي‬ ‫الصبحي َتنْبييه ع َََل يخ ي‬
‫ٌ‬ ‫ُّ ْ‬
‫ور ية ‪ ,‬ا ْنت ََهى‬
‫‪3‬‬
‫الرض َ‬
‫َّ ُ‬

‫الفصل الثاين ِف فروع أربعة الفرع األول يقنت ِف الصبح خالفا أليب حنيفة وَيوز قبل الركوع وهو‬
‫أفضل وبعده الفرع الثاين َل يقنت ِف الوتر خالفا للشافعي وابن حنبل وابن نافع ِف وتر النصف اْلخر‬
‫من رمضان وأليب حنيفة ِف وتر السنة الفرع الثالث القنوت مستحب عَل املشهور وقيل سنة الفرع الرابع‬
‫يقنت اإلمام واملأموم واملنفرد َسا وَل بأس برفع اليدين فيه وقيل َل‬

‫اج ٍة ‪َ ,‬فإي ْن نَزَ َل ْت بياملُْ ْسلي يمنيَ‬ ‫يه يم ْن غ ْ ي‬


‫َري َح َ‬
‫ض َفال ي ْقن َُت في ي‬
‫ُ‬ ‫الص ْبحي يم ْن ا ْل َف َرائي ي‬ ‫(الثالث) عند الشفع ّية َو َأ َّما غ ْ ُ‬
‫َري ُّ‬
‫ض ‪َ ,‬مليا َر َوى َأ ُبو ُه َر ْي َر َة ريض اَّلل عنه َأ َّن النَّبي َّي صَل اَّلل عليه وسلم { ك َ‬
‫َان َل َي ْقن ُُت‬ ‫َاز َل ٌة َقنَتُوا يِف َمجيي يع ا ْل َف َرائي ي‬
‫ن ي‬

‫‪ 1‬وبدائع الصنائع ‪273 / 1‬‬


‫‪ 2‬املغني َلبن قدامة ( ط ‪ .‬هجر بالقاهرة ‪1986‬م ) ‪ 585 / 2‬وما بعدها‬
‫‪ 3‬مواهب اجلليل ‪539 / 1‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫إَل َأ ْن َيدْ ع َُو ألَ َح ٍد َأ ْو َيدْ ع َُو ع َََل َأ َح ٍد ‪َ ,‬وك َ‬
‫َان إ َذا َق َال ‪َ :‬سم َع اَّللَُّ َمل ْن َْحْدَ ُه ‪َ ,‬ق َال ‪َ :‬ر َّبنَا َل َك ْ َ‬
‫احل ْمدُ َو َذك ََر الدُّ عَا َء‬
‫}‪.‬‬‫‪1‬‬

‫َوإين ََّام َق ْو ُل ا ْب ين ع َُم َر ‪ " :‬ا ْل ُقن ُ‬


‫ُوت بيدْ َع ٌة " ‪.‬‬
‫يه ‪ ،‬و َلكين ن يَسيه ‪ ،‬و َأما يقياسه ع َََل سائي ير الص َلو ي‬ ‫ي‬
‫ات َف َال‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َان ا ْب ُن ع َُم َر َي ْقن ُُت َم َع َأبي َ ْ َ ُ َ َّ َ ُ ُ‬ ‫ب‪:‬ك َ‬ ‫َف َقدْ َق َال ا ْب ُن املُْ َس َّي ي‬

‫ُوت ‪َ ،‬و َأ َّما‬ ‫يب يِف َأ َذ ياَنَا َوك ََذلي َك ا ْل ُقن ُ‬ ‫ان َُلَا َوال َّت ْث يو ي‬ ‫خيتَص يمن َت َقدُّ يم ْاألَ َذ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الص ْب َح خمُ َال َف ٌة َُلَا َملا َ ْ ُّ ْ‬
‫ي‬
‫َيص ُّح ‪ ،‬ألَ َّن ُّ‬
‫ي‬

‫َان َن ْق ُل ُه ُمت ََواتي ًرا لي ُع ُمو يم ا ْل َب ْل َوى بي يه َف َ ْري يج ُع َع َل ْي يه ْم يِف ا ْل يوت يْر ‪ُ ،‬ث َّم ُي َق ُال‬ ‫ُوت يِف ُّ‬
‫الص ْبحي ُسنَّ ًة َلك َ‬ ‫َان ا ْل ُقن ُ‬ ‫َق ْو ُُل ُ ْم َل ْو ك َ‬
‫ُون َن ْق ُل ُه ُمت ََواتي ًرا ‪َ ،‬أ ََل ت ََرى َأ َّن النَّبي َّي { َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه‬
‫يضا ‪َ ،‬و ََل َي ْلزَ ُم َأ ْن َيك َ‬ ‫ُون َب َيا ُن ُه ُم ْست يَف ً‬
‫ب َأ ْن َيك َ‬ ‫‪ :‬إين ََّام ََيي ُ‬
‫اخ َت َل ُفوا‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫احل َّج َب َيانًا ُم ْست يَف ً‬ ‫َو َس َّل َم} َح َّج يِف َخ ْل ٍق كَثي ٍ‬
‫رش َن ْف ًسا ْ‬ ‫الص َحا َبة إ ََّل ا ْثنَا َع َ َ‬ ‫يضا َو ََل ْ َينْ ُق ْل ُه م َن َّ‬ ‫ني َُل ُ ُم ْ َ‬ ‫ري َف َب َّ َ‬
‫يه َمخ َْس ٌة يمنْ ُه ْم َأ َّن ُه { َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم} َأ ْف َر َد ‪َ ،‬و َأ ْر َب َع ٌة َأ َّن ُه َمتَت ََّع { َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم} ‪َ ،‬و َث َال َث ٌة َأ َّن ُه { َص ََّل‬ ‫في ي‬

‫اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم} َق َر َن‬


‫ي‬ ‫ات املَْ ْفر َ ي‬ ‫ُوت سنَّ ٌة يِف الصبحي و َأ َّن ما يسوى الصبحي يمن الص َلو ي‬
‫يها َر ُس ُ‬
‫ول‬ ‫وضات َقدْ َقن ََت ف َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫ُّ ْ َ َ َ‬ ‫َفإي َذا َث َب َت َأ َّن ا ْل ُقن َ ُ‬
‫َاز َل ٍة ُثم تَر َك ليزَ و ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫اُلَا ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫يها ن َْس ًخا ‪َ ،‬و َلك ْن َقن ََت لن ي َّ َ‬ ‫اَّللَّي { َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم} ُث َّم ت ََر َك ‪َ ،‬ف َل ْي َس ت َْر ُك ُه ل ْل ُقنُوت ف َ‬
‫اإلمام يِف سائي ير الص َلو ي‬ ‫َوك ََذلي َك إي ْن نَزَ َل ْت بياملُْ ْسلي يمنيَ ن ي‬
‫ات َحتَّى‬ ‫َّ َ‬ ‫َاز َل ٌة َو َل ْن ُين يْز َُلَا اَّللَُّ َت َع َال َف َال َب ْأ َس َأ ْن َي ْقن َُت ْ ي َ ُ َ‬
‫ت ‪َ ،‬و ُقتي َل يم َن‬ ‫ت ُق َر ْي ٌش َم ْن َأ َ َ‬
‫َس ْ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ول اَّللَّي { َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم} حنيَ َأ َ َ‬
‫َس ْ‬ ‫َيك يْش َف َها اَّللَُّ َت َع َال ‪ ،‬ك ََام َقن ََت َر ُس ُ‬
‫‪2‬‬
‫الص َحا َب ية يعنْدَ بيئ يْر َم ُعو َن َة َم ْن ُقتي َل‬
‫َّ‬

‫ه‪ .‬إختيار الكاتب‬

‫" إختالف العلامء رْحة " ّ‬


‫فلكل املجتهد ُلم طريقة اإلستدَلل ‪ ,‬فمن ذالك ما كان احلق اليقني فيها ‪.‬‬
‫احلنفي قال ّ‬
‫أن القنوت قد نسخ بُتك النبى عن فعله و كذا احلنابلة ‪ ,‬و عند املالكي قال أن القنوت مرشوع‬
‫قلت ‪:‬‬
‫ِف الصبح فقط َل غريها ‪ ,‬و الشافعي يس ّن القنوت ِف صالة الصبح و الوتر عند نصف الرمضان ‪ُ .‬‬
‫قوي من جهة الدليل هو قول الشافعي ‪ ,‬لو كان مرجوح من بعض الوجوه للشافعي وجه‬
‫القول راجح و ّ‬
‫أخر لري ّدها ‪ .‬إنتهى واَّلل أعلم ‪.‬‬

‫‪ 1‬املجموع َشح املهذب ‪ 495 /3‬ط دار الفكر‬


‫‪ 2‬احلاوى الكبري للموردي‬
‫العدد ا ّلذي تنعقد به اجلمعة‬

‫اَلعداد‪ :‬اْحد عفيف الدي‬

‫اختلف الفقهاء ِف ذالك عيل األقوال ‪:‬‬

‫الشافعي يشُتط ّإَل بأربعني نفسا‪ ،‬وبه قال عبيداَّلل بن عبد اَّلل بن عتبة واْحد‬ ‫القول األول ‪ّ :‬‬
‫أن مذهب ّ‬
‫واسحق‪.‬‬
‫القول الثاين ‪ :‬تنعقد بأربعة أحدهم اإلمام وهو قول أبو حنيفة‪ ،‬و الثور‪ ،‬و الليث‪ ،‬و حممد‪.‬‬

‫سبب اخلالف‬
‫وهذه األقوال هي أشهر أقوال أهل العلم رْحهم اَّلل‪ ،‬وَل يرد عن النبي صَل اَّلل عليه وسلم نص‬
‫صحيح يرصح بأن هناك عدد ًا معين ًا إذا نقص َل َيكم باَلعتداد باجلمعة‪ ،‬وهذا هو الذي دعا العلامء‬
‫رْحهم اَّلل إل أن خيتلفوا‪.‬‬

‫األدلة ‪:‬‬
‫ود { َأ َّن ُه َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َمج ََع‬
‫اإلمام َمليا روى ا ْلبيه يقي َعن اب ين مسع ٍ‬
‫َ ْ َ ُّ ْ ْ َ ْ ُ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫‪َ ( - 1‬و َأ ْن ُت َقا َم بي َأ ْر َبعنيَ ) من ُْه ْم ْ ي َ ُ َ َ‬
‫بياملَْ يدين يَة َوكَانُوا َأ ْر َب يعنيَ َر ُج ًال }‪.‬‬
‫اط ا ْل َعدَ يد ‪َ ،‬و ْاألَ ْص ُل‬ ‫مجعوا ع َََل ْاش يُت ي‬
‫َ‬
‫ي‬
‫َق َال يِف املَْ ْج ُمو يع ‪َ :‬ق َال َأ ْص َحا ُبنَا ‪َ :‬و ْج ُه الدَّ ََل َلة َأ َّن ْاألُ َّم َة َأ ْ َ ُ‬
‫يه ت َْو يق ٌ‬
‫يف‪.‬‬ ‫اجلمع ُة َّإَل بيعدَ ٍد َثب َت في ي‬
‫َ َ‬ ‫ب ُْ ُ َ‬ ‫ال ُّظ ْه ُر ‪َ ،‬ف َال َ ي‬
‫َت ُ‬
‫وين ُأ َص ِّيل } َو ََل ْ َت ْث ُب ْت َص َال ُت ُه َُلَا بي َأ َق َّل يم ْن‬
‫‪1‬‬ ‫َو َقدْ َث َب َت َج َوازُ َها بي َأ ْر َب يعنيَ ‪َ ،‬و َث َب َت { َص ُّلوا ك ََام َر َأ ْيت ُُم ي‬

‫ض‪،‬‬ ‫اط يص َّح ية َص َال ية َب ْع يض يه ْم بي َب ْع ٍ‬ ‫يهم ُأمي َقرص يِف ال َّتع ُّل يم يَلرتيب ي‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َذل َك َف َال ََتُوزُ بي َأ َق َّل منْ ُه َو ََل بي َأ ْر َبعنيَ َوف ي ْ ِّ َّ َ‬
‫ي‬
‫ي‬ ‫ي ي‬
‫‪2‬‬
‫َف َص َار كَا ْقتدَ اء ا ْل َق يار يئ بي ْاألُ ِّم ِّي ك ََام َن َق َل ُه ْاألَ ْذ َرع ُّي َع ْن َفت َ‬
‫َاوى ا ْل َبغ يَو ِّي ‪.‬‬

‫‪ - 2‬فمن قال باشُتاط األربعني فإنام بنى ذلك عَل حديث أسعد بن زرارة ريض اَّلل عنه‪ ،‬فإن كعب بن‬
‫مالك ‪-‬كام روى عنه ابنه عبد الرْحن ‪ ،‬وثبت ِف الصحيح‪ -‬كان إذا أذن املؤذن يوم اجلمعة ترحم عَل‬
‫‪3‬‬

‫أسعد بن زرارة ‪ ،‬فذكر له عبد الرْحن ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬إنه أول من مجَّع بنا ِف هزم املبيت ِف نقيع اخلضامت‪.‬‬

‫ونقيع اخلضامت يقع ِف حرة بني بياضة‪ ،‬وقد جاء مرصح ًا به ِف سنن الدارقطني ِف حديث‬
‫حسنه غري واحد من أهل العلم‪ ،‬وهذا املوضع تقريب ًا ِف جنوب غرب مسجد النبي صَل اَّلل عليه وسلم‪،‬‬
‫وهو املوضع الذي أقيمت فيه أول مجعة ِف املدينة؛ ألن النبي صَل اَّلل عليه وسلم أذن للصحابة ومجَّعوا‬
‫فيها‪ ،‬فلام سئلوا‪ :‬كم كنتم يومئذ؟ قالوا‪ :‬أربعني رجالً‪.‬‬

‫فدل هذا عَل أن األربعني هي العدد املعترب عند من يقول باشُتاط األربعني‪ ،‬وعَل هذا نص‬
‫املصنف عَل أن العدد املعترب لصحة اجلمعة هو األربعون ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫‪ 1‬أخربنا أبو زكريا بن أيب إسحاق املزكي ثنا أبو العباس حممد بن يعقوب أنبأ الربيع بن سليامن املرادي أنبأ الشافعي أنبأ عبد‬
‫الوهاب الثقفي عن أيوب عن أيب قالبة ثنا أبو سليامن مالك بن احلويرث ريض اَّلل عنه قال ‪ :‬قال لنا رسول اَّلل صَل اَّلل‬
‫عليه و سلم صلوا كام رأيتموين أصيل فإذا حرضت الصالة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكربكم رواه البخاري ِف‬
‫الصحيح عن حممد بن املثنى عن عبد الوهاب‪ .‬هذ احلديث ِف سنن البيهقي الكربى‪ ،‬كتاب احليض‪ ،‬باب من سها فُتك‬
‫ركنا عاد إل ما ترك حتى يأِت بالصالة عَل الُتتيب‪ ،‬رقم (‪ ،)3672‬ص ‪ ، 345‬ج ‪.2‬‬
‫مغني املحتاج [‪]460/3‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 3‬وقال ابن عباس ريض اَّلل عنهام َيرم البيع حينئذ وقال عطاء َترم الصناعات كلها وقال إبراهيم بن سعد عن الزهري إذا‬
‫أذن املؤذن يوم اجلمعة وهو مسافر فعليه أن يشهد‪ ،‬كتاب اجلمعة‪ ،‬باب املَّش إل اجلمعة‪ ،‬ص ‪ ،431‬ج ‪.3‬‬
‫َشح زاد املستقنع [‪]4/70‬‬ ‫‪4‬‬
‫ب َف َق يد َم يع ٌري ََت يْم ُل ال َّط َعا َم َفا ْن َف ُّضوا إ َل ْي َها َوت ََركُوا‬
‫خي ُط ُ‬ ‫‪َ ( - 3‬و َلنَا ) َأ َّن النَّبي َّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم { ك َ‬
‫َان َ ْ‬
‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َرش َر ُج ًال من ُْه ْم َأ ُبو َبك ٍْر َوع َُم ُر َو ُع ْث َام ُن َوعَيل َر َ‬
‫يض‬ ‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم َقائ ًام َو َل ْي َس َم َع ُه َّإَل ا ْثنَا ع َ َ‬
‫َر ُس َ‬
‫اجلُ ُم َع َة يِبي ْم } ‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫اَّللَُّ َعن ُْه ْم َأ ْمج يَعنيَ َو َقدْ َأ َقا َم ْ‬

‫اوي َما‬ ‫اجل ُم َع َة بياملَْ يدين يَة َم َع ا ْثن َْي ع ََرش َر ُج ًال ؛ َو يألَ َّن ال َّث َال َث َة ت َُس ي‬
‫ري َقدْ َأ َقا َم ْ ُ‬ ‫ب ْب َن ع َُم ْ ٍ‬ ‫َو ُر يو َي َأ ْن ُم ْص َع َ‬
‫َ‬
‫جل ْم يع ‪َ ،‬و ََل ُح َّج َة َل ُه يِف‬ ‫ف ي‬
‫اَل ْثن ْ ي‬ ‫خ َال ي‬
‫مج يع ْاألَرب يعنيَ بي ي‬ ‫مجعا َف َال معنَى يَل ْش يُت ي‬ ‫ي‬
‫َني َفإي َّن ُه َل ْي َس بيا ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫اط َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َو َرا َء َها يِف ك َْوَنَا َ ْ ً‬
‫اإل َقا َم َة بي ْاألَ ْر َب يعنيَ َو َق َع ا ِّت َفا ًقا ‪.‬‬
‫يث َأ ْس َعدَ ْب ين زُ َر َار َة ؛ يألَ َّن ْ ي‬
‫ح يد ي‬
‫َ‬

‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم { َأ َقا َم َها‬ ‫ي‬


‫َأ ََل َي َرى َأ َّن ُه ُرو َي َأ َّن َأ ْس َعدَ َأ َقا َم َها بي َس ْب َع َة ع َ َ‬
‫َرش َر ُج ًال َو َر ُس ُ‬
‫َرش َر ُج ًال يحنيَ ا ْن َف ُّضوا َإل الت َِّج َار ية َوت ََركُو ُه َقائي ًام } ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫بيا ْثن َْي ع َ َ‬

‫مناقشة‬

‫‪ 1‬وأخربنا أبو عبد اَّلل احلافظ‪ ،‬أنا عبيد اَّلل بن حممد الكعبي‪ ،‬ثنا إسامعيل بن قتيبة‪ ،‬ثنا يزيد بن صالح‪ ،‬ثنا بكري بن معروف‪،‬‬
‫عن مقاتل بن حيان أنه قال ِف هذه اْلية قال‪ :‬كان خيطب النبي صَل اَّلل عليه وسلم ويقوم يوم اجلمعة قائام‪ ،‬وإن دحية‬
‫الكلبي كان رجال تاجرا وكان قبل أن يسلم إذا أقبل بتجارته إل املدينة‪ ،‬خرج الناس ينظرون إل ما جاء به‪ ،‬فيشُتون منه‬
‫فقدم ذات يوم املدينة‪ ،‬ووافق اجلمعة والناس عند رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم ِف املسجد‪ ،‬وهو قائم خيطب فاستقبل‬
‫أهل دحية العري دخلوا املدينة بالطبل واللهو‪ ،‬فذلك اللهو الذي ذكر اَّلل فسمع الناس ِف املسجد أن دحية قد نزل بتجارة‬
‫عند أحجار الزيت وهو مكان ِف سوق املدينة وسمعوا أصواتا‪ ،‬فخرج عامة الناس إل دحية ينظرون إل َتارته وإل اللهو‬
‫وتركوا رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم قائام ليس معه كثري أحد‪ ،‬فبلغني واَّلل أعلم أَنم فعلوا ذلك ثالث مرات ِف كل مرة‬
‫بعري تقدم من الشام للتجارة وكان ذلك يوافق اجلمعة ‪ .‬وبلغنا أن العدة التي بقيت ِف املسجد مع النبي صَل اَّلل عليه وسلم‬
‫عدة قليلة‪ ،‬فقال النبي صَل اَّلل عليه وسلم عند ذلك‪ " :‬لوَل هؤَلء " ‪ -‬يعني هؤَلء الذين بقوا ِف املسجد مع النبي صَل‬
‫اَّلل عليه وسلم ‪ " -‬لقصدت إليهم احلجارة من السامء " ونزل‪ { :‬قل ما عند اَّلل خري من اللهو ومن التجارة واَّلل خري‬
‫الرازقني } [اجلمعة‪ " ]11 :‬قال احلليمي رْحه اَّلل‪ :‬فكان خروجهم إليه ونظرهم إل العري ُلوا َل فائدة فيه إَل أنه كان َما َل‬
‫مأثم فيه‪ ،‬لو وقع عَل غري ذلك الوجه ولكنه ملا اتصل ‪ -]451[-‬به اإلعراض عن رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم‬
‫واَلنفضاض عن حرضته‪ ،‬غلظ وكرب ونزل فيهم من القرآن وِتجينه باسم اللهو ما نزل وجاء عن رسول اَّلل صَل اَّلل عليه‬
‫وسلم فذكر احلديث الذي‪ .‬أنظر ِف شعب اإليامن‪ ,‬كتاب املناسك‪ ,‬فصل ِف دفن ما يزيله عن نفسه من الشعر و الظفر و‬
‫الدم‪ .‬ج ‪ ,8‬ص ‪ ,450‬رقم ‪.6075‬‬
‫بدائع الصنائع [‪]52/3‬‬ ‫‪2‬‬
‫َرش َر ُج ًال ‪ ،‬يألَ َّن‬ ‫ي‬
‫احل َس ين ‪َ :‬تنْ َعقدُ بيا ْثن َْي ع َ َ‬
‫ي‬
‫عند الشافعي ‪َ :‬و َق َال ْاألَ ْوزَ اع ُّي َوالزُّ ْه ير ُّي ‪َ ،‬و َربيي َع ُة ‪َ ،‬وحمُ ََّمدُ ْب ُن ْ َ‬
‫َرش َر ُج ًال ‪َ ،‬ف َص ََّل يِبي ُم‬ ‫َّاس َعنْ ُه ا ْثنَا ع َ َ‬ ‫اض الن ي‬ ‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َب ْعدَ ان يْف َض ي‬
‫ا ْل َعدَ َد ا َّل يذي َب يقي م َع رس ي‬
‫َ َ َ ُ‬
‫ُوك َقائي ًام‬
‫َت َار ًة َأ ْو َُل ْ ًوا ا ْن َف ُّضوا إي َل ْي َها َوت ََرك َ‬ ‫اجل ْم َع َة ‪ ،‬ع َََل َما َر َوا ُه َجابي ٌر َو يِف َذلي َك نَزَ َل َق ْو ُل ُه َت َع َال ‪َ :‬وإي َذا َر َأ ْوا ي َ‬
‫ُْ‬
‫ْح ُه اَّللَُّ ‪َ :‬تنْ َع يقدُ بي َأ ْر َب َع ٍة َأ ْو َث َال َث ٍة ‪َ .‬وبي يه َق َال ال َّل ْي ُث ْب ُن َس ْع ٍد ‪َ ،‬واملُْزَ ي ُّين ‪ ،‬يألَ ََّنَا َمجَا َع ٌة‬
‫َو َق َال َأ ُبو َحنيي َف َة َر ي َ‬
‫ان ال َّث ْو ير ُّي َو َأ ُبو‬ ‫َو ي‬
‫َي ِّم ُع يِبي ْم ‪َ ،‬ف َص ُاروا َأ ْر َب َع ًة ‪َ ،‬و َق َال ُس ْف َي ُ‬ ‫اجل ْم يع ‪َ ،‬و ُه َو َث َال َث ٌة ‪َ ،‬وإي َما ٌم ُ َ‬‫ت إي َل َأ َق ِّل ْ َ‬ ‫اج َب ٌة ‪َ ،‬فا ْف َت َق َر ْ‬
‫احل َس ُن ْب ُن َصاليحٍ َو َأ ُبو َث ْو ٍر ‪:‬‬ ‫اإل َما يم ‪َ ،‬و َق َال ْ َ‬‫اجل ْم يع َم َع ْ ي‬ ‫ي ي‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬
‫ف ‪َ :‬تنْ َعقدُ بي َث َال َثة ‪ :‬إي َما ٌم َوا ْثنَان ‪ ،‬ألَ ََّنُ ْم َأ َق ُّل ْ َ‬ ‫وس َ‬ ‫ُي ُ‬
‫اجل َامع يَة ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َني إي َما ٍم ْل َخ َر ‪ ،‬ك ََام َتنْ َعقدُ يِبي َام َص َال ُة ْ َ‬ ‫َتنْ َع يقدُ بيا ْثن ْ ي‬

‫َاز يل ‪،‬‬ ‫َت َق ْر َي ًة ُمُ ْت يَم َع َة املَْن ي‬ ‫َرب بي َأ ْو َط ي ي‬


‫اَن ْم ‪َ ،‬فإي َذا كَان ْ‬ ‫يي‬ ‫ي‬
‫َو َق َال َمال ٌك ‪ََ :‬ل َحدَّ يِف عَدَ ده ْم ُم ْعت َ ٌ‬
‫َرب ‪َ ،‬وإين ََّام املُْ ْعت َ ُ‬
‫َري ْاألَو َط ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ان‬ ‫اجل ْم َع ُة ‪َ ،‬ق ُّلوا َأ ْو َك ُث ُروا ‪ ،‬ألَ َّن ُه ملََّا ََل ْ َيص َّح ف ْع ُل َها يِف غ ْ ي ْ‬ ‫َُلَا َأ يز َّق ٌة ‪َ ،‬وف َ‬
‫يها َأ ْس َو ٌاق َو َم ْسجدٌ ‪َ ،‬ف َع َل ْي يه ُم ْ ُ‬
‫ب َم ْن َخا َل َفنَا يِف عَدَ يد يه ْم ‪َ ،‬و َت ْعلي ُيل‬ ‫مج َل ُة م َذ ي‬
‫اه ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫َان ا ْل َعدَ ُد َم ْو ُجو ًدا عُل َم َأ َّن اَلعْت َب َار بي ْاألَ ْو َطان ‪َ .‬ف َهذه ُ ْ َ‬ ‫َوإي ْن ك َ‬
‫َن النَّبي ِّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َأ َّن ُه‬ ‫اح ٍد يمن ُْهم ‪ُ ،‬ثم استَدَ ُّلوا َمجيي ًعا ع َََل إي ْب َط ي‬
‫ال َم ْذ َهبينَا بي َام ُر يو َي ع ي‬ ‫ْ َّ ْ‬
‫ب ك ُِّل و ي‬
‫َ‬ ‫َم ْذ َه ي‬

‫َري َص يحيحٍ ‪َ ،‬والدِّ ََل َل ُة ع َََل َمجَاعَتي يه ْم ‪َ :‬ما َر َوى حمُ ََّمدُ ْب ُن‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ب ُْ ي‬
‫اجل ْم َع ُة ِف َمجَاعَة َو َه َذا ا َّلذي َقا ُلو ُه غ ْ ُ‬
‫َق َال ‪ َ :‬ي‬
‫َت ُ‬
‫ب ْب ين َمالي ٍك َق َال ‪ُ :‬كن ُْت َقائيدَ َأ ييب‬ ‫الر ْْح يَن ْب ين َك ْع ي‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬
‫اق َع ْن حمُ ََّمد ْب ين َأ ييب ُأ َما َم َة ْب ين َس ْه يل ْب ين ُحنَ ْيف َع ْن َع ْبد َّ‬ ‫إي ْس َح َ‬
‫اجل ْم َع ية َق َال ‪َ :‬ر يح َم اَّللَُّ َأ َبا ُأ َما َم َة َأ ْس َعدَ ْب َن زُ َر َار َة َف ُق ْل ُت ‪َ :‬يا‬ ‫ي‬ ‫رص يه ‪َ ،‬فك َ‬
‫َان يإ َذا َسم َع النِّدَ ا َء َي ْو َم ْ ُ‬ ‫اب َب َ ي‬‫َب ْعدَ َذ َه ي‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫اجل ْم َع َة‬‫َُت َّح ُم ع َََل َأ ييب ُأ َما َم َة َأ ْس َعدَ ْب ين زُ َر َار َة إي َذا َسم ْع َت النِّدَ ا َء َف َق َال ‪َ :‬ن َع ْم ‪ ،‬إي َّن ُه َأ َّو ُل َم ْن َص ََّل بينَا ْ ُ‬ ‫َأ َبت إين ََّك ت َ َ‬
‫ت ‪َ ،‬ف ُق ْل ُت ‪ :‬ك َْم ُكنْت ُْم َي ْو َمئي ٍذ ؟ َق َال ‪ُ :‬كنَّا َأ ْر َب يعنيَ َر ُج ًال ‪.‬‬ ‫اخل َضام ي‬
‫يع ْ َ َ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫اض َة ‪ ،‬يِف َنقي ٍع ُي َق ُال َل ُه ‪ :‬نَق ُ‬ ‫يِف َح َّر ية َبنيي َب َي َ‬
‫َان يِف‬ ‫َان َو َر َد املَْ يدينَ َة َق ْب َل َذلي َك بي ُمدَّ ٍة َط يوي َل ٍة ‪َ ،‬وك َ‬‫ب ْب َن ع َُم ْ ٍري َقدْ ك َ‬ ‫ي ي‬
‫َو َم ْوض ُع الدَّ ََل َلة م ْن َه َذا ‪ُ :‬ه َو َأ َّن ُم ْص َع َ‬
‫ي‬
‫ي‬ ‫يي ي‬
‫ول اَّللَّي َص ََّل‬ ‫ني َل ُه َر ُس ُ‬ ‫اس َتك َْم ُلوا َأ ْر َبعنيَ َأ َم َر َأ ْس َعدَ ْب َن زُ َر َار َة َف َص ََّل يِبي ُم ْ ُ‬
‫اجل ْم َع َة ع َََل َما َب َّ َ‬ ‫املُْ ْسلمنيَ ق َّل ٌة ‪َ ،‬ف َل َّام ْ‬
‫اد َها ‪ ،‬يألَ َّن‬‫َان انْتي َظارا يَلستيكْام يل َه َذا ا ْلعدَ يد ‪ ،‬و َأ َّنه ََش ٌط يِف ان يْع َق ي‬
‫َ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ً ْ َ‬ ‫اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ‪َ ،‬ف ُعلي َم َأ َّن َت ْأ يخ َري َها إين ََّام ك َ‬
‫َان نَزَ َل بي َم َّك َة ‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫َف ْر َض َها َقدْ ك َ‬

‫عند احلنفية ‪ :‬ثم إن العلامء رْحهم اَّلل اختلفوا فيام بينهم ِف تقدير اجلامعة‪ ،‬قال أبو حنيفة وحممد رْحهام‬
‫اَّلل‪ :‬يتم بثالثة نفر سوى اإلمام‪ ،‬وعن أيب يوسف رْحه اَّلل‪ِ :‬ف غري رواية األصول اثنان سوى اإلمام‪،‬‬
‫وقال الشافعي رْحه اَّلل‪َ :‬ل تنعقد اجلمعة إَل بأربعني رج ً‬
‫ال من األحرار املقيمني سوى اإلمام‪.‬‬

‫احلوي الكبري [‪]410/2‬‬ ‫‪1‬‬


‫حجة الشافعي‪ :‬ما روي أن أول مجعة أقيمت ِف اإلسالم كانوا أربعني رجالً‪ ،‬وكان رسول اَّلل‬
‫عليه السالم ينتظر اجتامع األربعني فلو كانت تنعقد بدون األربعني لكان َل ينتظر اجتامع األربعني‪ ،‬وألن‬
‫إقامة اجلمعة مقام الظهر أمر عرف بخالف القياس‪ ،‬فال يقوم مقامها إَل بالرشائط التي ورد ِبا النص‪،‬‬
‫وَل ينقل أن النبي عليه السالم أقام اجلمعة بثالثة نفر من الرجال وقد نقل أنه أقامها بأكثر من ثالثة نفر‬
‫فقدرنا األكثر بأربعني بام روينا من احلديث‪.‬‬

‫وأبو يوسف رْحه اَّلل يقول‪ :‬للمثنى حكم اجلامعة حقيقة وحك ًام‪ ،‬أما حقيقة‪ ،‬فألن اجلامعة مشتقة‬
‫من اَلجتامع وذلك يتحقق باملثنى وأما حك ًام‪ ،‬فألن اجلامعة اإلمام يتقدم عليهام‪ ،‬وذلك من أحكام اجلامعة‬
‫وربام كان يقول إذا كان سوى اإلمام إثنان يكون مع اإلمام ثالثة‪ ،‬والثالث مجع متفق عليه‪.‬‬

‫اس َع ْو ْا إي َل يذك يْر اَّللَّي َو َذ ُرو ْا‬ ‫وة يمن يو يم ْ ي‬


‫اجل ُم َعة َف ْ‬
‫َْ ُ‬
‫ُودى ليلص َل ي‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ولنا‪ :‬قوله تعال‪{ :‬ي َأ ُّ َهيا ا َّلذي َن ءا َمنُو ْا إي َذا ن َ َّ‬
‫ا ْل َب ْي َع َذليك ُْم َخ ْ ٌري َّلك ُْم إين كُنت ُْم َت ْع َل ُم َ‬
‫ون} (اجلمعة‪ )9 :‬اْلية‪ ،‬فاملنادي كأنه خارج عن خطاب الرشع كذلك‬
‫الذاكر‪ ،‬وهو اإلمام خارج عن خطاب السعي أيض ًا‪ ،‬فيكون قوله‪« :‬فاسعوا» خطاب مجع الذين يسمعون‬
‫النداء‪ ،‬فتناول هذا اخلطاب كل مجع‪ ،‬وأقل اجلمع املتفق عليه الثالثة‪ ،‬فإذا أجاب املنادي ثالثة من الناس‬
‫وسعوا إل اجلمعة‪ ،‬وأقاموها جاز لظاهر اْلية‪ ،‬وما قاله الشافعي‪ :‬باطل ملا روي أنه ملا نفر الناس ِف اليوم‬
‫ُوك َقآئي ًام ُق ْل َما‬ ‫الذي دخل فيه العري املدينة‪ ،‬كام قال اَّلل تعال‪َ { :‬وإي َذا َر َأ ْو ْا ي َ‬
‫َت َر ًة َأ ْو َُلْو ًا ان َف ُّضو ْا إي َل ْي َها َوت ََرك َ‬
‫الرز يقنيَ } (اجلمعة‪ ، )11 :‬بقي مع رسول اَّلل عليه السالم‬ ‫يعندَ اَّللَّي َخ ْري ّم َن ال َّل ْه يو َو يم َن الت َّج َر ية َواَّللَُّ َخ ْري ي‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫إثني عرش رجالً‪ ،‬فصَل ِبم اجلمعة وقد روى الزهري‪ :‬أن النبي عليه السالم بعث مصعب بن عمري أمري ًا‬
‫إل املدينة ثم كتب إليه أن أقم ِبم اجلمعة‪ ،‬فأقام ِبم اجلمعة وكانوا اثني عرش نفس ًا وَل حجة له ِف‬
‫مسكوت عنه عَل أنه روي أَنم كانوا أقل من‬
‫ٌ‬ ‫احلديث الذي روي إذ فيه أنه أقام بأربعني وما دونه‬
‫أربعني‪.‬‬

‫وقول أيب يوسف رْحه اَّلل‪ :‬إن للمثنى حكم اجلامعة فاسد؛ ألن ما دون الثالث ليس بجمع‬
‫مطلق بدليل أن أهل اللغة‪ ،‬فصلوا بني التثنية واجلمع‪ ،‬واجلمع والرشط هو اجلامعة املطلقة‪ ،‬وقوله الثاين‬
‫أنه إذا كان مع اإلمام إثنان كان مع اإلمام مجاعة فاسد؛ ألن اإلمام َشط للجواز سوى اجلامعة‪ ،‬فإن كل‬
‫واحد منهام َشط عَل حدة‪ ،‬وَل يعترب اإلمام مع القوم ِف اجلامعة بخالف سائر الصلوات؛ ألن اإلمام ِف‬
‫سائر الصلوات ليس برشط ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫إختيار الباحث ‪:‬‬


‫صَل اَّلل عليه وس ّلم إل الصحابة‪ ،‬فعلم ّ‬
‫أن‬ ‫نصيل صالة اجلمعة بأربعني رجال كام ّبني رسول اَّلل ّ‬
‫ّ‬
‫تأخريها إنّام كان انتظارا َلستكامل هذا العدد ‪ ،‬وأنّه َشط ِف انعقادها ‪ّ ،‬‬
‫ألن فرضها قد كان نزل بمكّة‪.‬‬

‫املحيط الربهاين [‪]163/2‬‬ ‫‪1‬‬


‫بسم اَّلل الرْحن الرحيم‬

‫إختالف العلامء ِف جواز اجلمع بني الصالتني‬

‫اَلعداد ‪ :‬كامل الدين انوم وجاكصانو‬

‫إن احلمد َّلل نحمده ونستغفره وَل يكون يشء إَل بإنذ اَّلل ونعوذ باَّلل من َشور أنفسنا‬
‫وسيئات من َ ْهي يده اَّلل فال مضل له ومن يضلل فال هادي له وأشهد أن َل اله إَل اَّلل وأشهد أن حممد ًا‬
‫عبده ورسوله وَل نبي بعده اما بعد‪.‬‬
‫قد اختلفوا العلامء فيام يتعلق باجلمع بني صالتني‪.‬‬
‫إحداها ِف جوازه ام َل‪.‬‬
‫ْ‬
‫العرص ِف وقت‬
‫ُ‬ ‫اجلمع هو ‪ :‬الضم اي ضم إحدى الصالتني لألخرى‪ .‬بأن ت ّ‬
‫ُصَل‬
‫واملغرب ِف وقت العشاء‬
‫ُ‬ ‫رص‬
‫الظهر ِف وقت الع ‪,‬‬
‫ُ‬ ‫ُصَل‬ ‫ي‬
‫الظهروالعشا ُء ِف وقت املغرب تقدي ً ‪,‬ام او ت ّ‬
‫تأخري ًا‪.‬‬

‫ان اجلمع تقدي ًام بعرفة سن ٌ ‪,‬ة واجلمع تأخري ًا بمزدلفة ايضا سن ‪,‬ة واختلفوا ِف جوز‬
‫واتّفقوا ّ‬
‫غريُها‪.‬‬

‫قول األول ‪ :‬أنه َل َيوز اجلمع بني صالتني مطلقا إَلّ بعرف ًة و مزذلف ًة هو مذهب احلنفية‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫• والدليل لقوله تعال "إن الصالة كانت عَل املؤمنني كتابا موقوتا" اْلي ‪,‬ة و احلديث" من مجع‬
‫‪2‬‬

‫بني صالتني ِف وقت واحد فقد أتى بابا من الكبائر" ‪ ,‬وِف قول "من مجع بني صالتني من غري عذر‬
‫‪3‬‬
‫فقد أتى بابا من أبواب الكبائر"‬
‫الشافي يع ُّي و امللكي و احلنبلة‬
‫قول الثاين ‪ :‬انّه َيوز اجلمع بني صالتني هو مذهب َّ‬

‫‪1‬أنظر‪ :‬اَلختيار لتعليل املختار‪:‬باب كتاب الصالة‪:‬ج‪/1‬ص‪ //46‬البحر الرائق َشح كنز الدقائق‪ :‬باب كتاب‬
‫الصالة‪:‬ج‪/1:‬ص‪ //267‬احلجة عَل أهل املدينة‪:‬باب اجلمع بني الصالتني‪:‬ج‪/1‬ص‪165‬‬

‫َت ع َََل املُْؤْ يمنينيَ‬ ‫الص َال َة إي َّن َّ‬


‫الص َال َة كَان ْ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الص َال َة َفا ْذك ُُروا اَّللََّ قيَا ًما َو ُق ُعو ًدا َوع َََل ُجنُوبيك ُْم َفإي َذا ا ْط َم ْأ َننْت ُْم َف َأقي ُموا َّ‬
‫‪َ 2‬فإي َذا َق َضيْت ُُم َّ‬
‫كيتَا ًبا َم ْو ُقوتًا (النساء‪)103-‬‬
‫‪3‬أنظر‪ :‬فتح القدير باب اَلحرام ج‪5‬ص‪ / 169‬فتح الباري ـ َلبن رجب ِف باب تأخري الظهر إل العرص ج‪ 3‬ص‪/88‬‬
‫املعجم الكبري للطرباين رقم ‪ /11375‬مسند أيب يعَل رقم ‪2751‬‬
‫الش ْم ُس‪َ ،‬أ َّخ َر ال ُّظ ْه َر‬ ‫ول اَّللي َص ََّل اَّللُ َع َل ْي يه َو َس َّل َم إي َذا ْار ََت ََل َق ْب َل َأ ْن ت يَزيغَ َّ‬
‫َان َر ُس ُ‬
‫• والدليل‪ :‬ك َ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫رص‪ُ ،‬ثم نَزَ َل َفجمع بينَهام‪َ ،‬فإي َذازَ اغ ي‬ ‫ي‬
‫‪1‬‬
‫ب‬ ‫الش ْم ُس َق ْب َل َأ ْن َي ْر ََت َل‪َ ،‬ص ََّل ال ُّظ ْه َر‪ُ ،‬ث َّم َرك َ‬ ‫َت َّ‬ ‫َ َ َ َْ َُ‬ ‫إي َل َو ْقت ا ْل َع ْ ي َّ‬
‫‪2‬‬
‫وكان إذا عجل به السري مجع بني املغرب والعشاء‬
‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ال ُّظ ْه َر َوا ْل َع ْرص َمجيي ًعا َواملَْغ يْر َب َوا ْل يع َشا َء َمجيي ًعا يِف غ ْ ي‬
‫َري‬ ‫‪:‬ص ََّل َر ُس ُ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َخو ٍ‬
‫ف َو ََل َس َف ٍر‬
‫‪3‬‬
‫ْ‬

‫املناقشة‬

‫الشافي يع ُّي َإل َأ َّن اجلمع هو ُر ْخ َص ٌة َو ْاألَ ْف َض ُل ت َْر ُك ُه‬


‫ب َّ‬‫َو َذ َه َ‬

‫وذهب احلنفية ان اجلمع منع وِف اجلمع تغيري الوقت ‪ ،‬وَيوز اجلمع فعال َل وقتا‪.‬‬
‫َش َع ْن يعك يْر َم َة َع ْن ا ْب ين‬ ‫احلاكيم وغَري ُُها يمن ح يد ي‬
‫يث َحن ٍ‬ ‫َمتس َك ابو حنيفة بيام رواه ِّ ي ي‬
‫الُتمذ ُّي َو ْ َ ُ َ ْ ُ َ ْ َ‬
‫َ َ َ ُ ْ‬ ‫َ َّ‬
‫َع َّب ٍ‬
‫اس َم ْر ُفوعًا‬
‫‪4‬‬

‫ُور َو ٍاه يجدى ا‬ ‫ف َه َذا ْ ي‬


‫اخل َ يرب ألَ َّن َحن ًَشا املَْ ْذك َ‬
‫َ‬
‫الشافي يعي ُة بي َضع ي‬
‫ْ‬ ‫َو َر َّد ُه َّ َّ‬

‫‪ 1‬أخرجه البخاري (‪ ، )1112‬ومسلم (‪ ، )46( )704‬وأبو داود (‪ ، )1218‬والنسائي ‪ ،284/1‬وأبو عوانة ‪،352/2‬‬
‫والطرباين ِف "األوسط " (‪ ، )8021‬والبيهقي ‪ 161/3‬من طريق قتيبة بن سعيد‪ِ ،‬بذا اإلسناد‪.‬‬
‫وأخرجه البخاري (‪ ، )1111‬والبيهقي ‪ 161/3‬من طريق حسان بن عبد اَّلل الواسطي‪ ،‬وأبو داود (‪ ، )1218‬وأبو عوانة‬
‫‪ ،352/2‬وابن حبان (‪ ، )1592‬والبيهقي ‪ 161/3‬من طريق يزيد بن موهب‪ ،‬كالُها عن املفضل بن فضالة‪ ،‬به‪.‬‬

‫‪" 2‬املوطا" ‪ ،144/1‬ومن طريق مالك أخرجه الشافعي ِف "مسنده " ‪( 187/1‬بُتتيب السندي) ‪ ،‬وعبد الرزاق (‪)4394‬‬
‫‪ ،‬ومسلم (‪ ، )703‬والنسائي ِف "املجتبى" ‪ ،289/1‬والطحاوي ِف "َشح معاين اْلثار" ‪ ،161/1‬وأبو نعيم ِف "احللية"‬
‫‪ ،161/9‬والبيهقي ِف "السنن" ‪ ،159/3‬والبغوي ِف "َشح السنة" (‪)1039‬‬
‫‪ 3‬أخرجه الشافعي ِف "مسنده" ‪ ،118/1‬ومسلم [‪ِ ]705‬ف صالة املسافرين‪ :‬باب اجلمع بني الصالتني ِف احلرض‪ ،‬وأبو‬
‫داود [‪ِ ]120‬ف الصالة‪ :‬باب اجلمع بني الصالتني‪ ،‬والنسائي ‪ِ 209/1‬ف املواقيت‪ :‬باب اجلمع بني الصالتني ِف احلرض‬
‫يب ج‪5‬ص‪244‬‬ ‫اخلَطي ي‬
‫َش يح ْ‬ ‫اب ا ْل َكبَائي ير } انظر ُ َْت َف ُة ْ‬
‫احلَبي ي‬
‫يب ع َََل َ ْ‬ ‫َري ع ُْذ ٍر َف َقدْ َأتَى َبا ًبا يم ْن َأ ْب َو ي‬
‫َني يم ْن غ ْ ي‬
‫ني َص َالت ْ ي‬
‫مج َع َب ْ َ‬
‫‪َ {4‬م ْن َ َ‬
‫وص ا ْل َق ْط يع َّي ية بي َت ْع يي ي‬
‫ني‬ ‫ب ا ْل ُع ْذ ير ليلن ُُّص ي‬ ‫اح ٍد بي َس َب ي‬
‫تو ي‬ ‫ٍ‬
‫اجل ْم يع َب ْين َُه َام يِف َو ْق َ‬
‫ي‬
‫ذهب حنفي‪ُ :‬من َع عَن ْ َ‬
‫ود { َو َا َّل يذي ََل إ َل َه‬ ‫ني َق َال َعبدُ اَّللَّي بن مسع ٍ‬
‫ْ ُ َ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫يح ْ ي‬ ‫ي‬
‫الصح َ‬
‫ات َف َال ََيوزُ تَر ُكه َّإَل بيدَ لي ٍ ي ي ي ي‬
‫يل م ْثليه َول ير َوا َية َّ‬ ‫ُ ْ ُ‬
‫ْاألَو َق ي‬
‫ْ‬
‫ني ال ُّظ ْه ير َوا ْل َع ْ ي‬
‫رص‬ ‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َص َال ًة َق ُّط َّإَل لي َو ْقتي َها َّإَل َص َالت ْ ي‬
‫َني َمج ََع َب ْ َ‬ ‫َري ُه َما َص ََّل َر ُس ُ‬ ‫غُْ‬
‫اجل ْم يع في ْع ًال يب َأ ْن‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬
‫ول ع َََل ْ َ‬ ‫ب َوا ْلع َشاء يب َج ْم ٍع } ‪َ ،‬و َأ َّما َما ُر يو َي م ْن ْ َ‬
‫اجل ْم يع َب ْين َُه َام َف َم ْح ُم ٌ‬ ‫ني املَْغ يْر ي‬
‫يب َع َر َف َة َو َب ْ َ‬
‫ت ع َََل املَْ َج ياز لي ُق ْربي يه يمنْ ُه‬
‫َرصيح الر ياوي بيا ْلو ْق ي‬
‫َ‬ ‫َي َم ُل ت ْ ي ُ َّ‬
‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ول يِف آخ ير َو ْقت َها َوال َّثان َي َة يِف َأ َّول َو ْقت َها َو ُ ْ‬ ‫َص ََّل ْاألُ َ‬
‫مج َع َت ْأ يخ ٍري َم َع‬ ‫إن ك َ‬
‫َان َ ْ‬ ‫َان َمج َْع َت ْق يدي ٍم َولي ْل ُح ْر َم ية ْ‬
‫إن ك َ‬ ‫اد ْ‬‫َض لي ْل َفس ي‬
‫ُور عنْدَ نَا ُم ْقت ٍ َ‬
‫اجلم يع املَْ ْذك ي ي‬
‫َواملَْن ُْع َع ْن ْ َ ْ‬
‫الص َّح ية ك ََام ََل َ ْ‬
‫خي َفى‬ ‫‪1‬‬
‫ِّ‬

‫اجل ْم ُع ‪ :‬قال سحنون‪ :‬وقد ذكر ابن عباس أن رسول اَّلل صَل اَّلل عليه‬ ‫قال ملكي َأ َّن ُه َ ُ‬
‫َيوزُ ْ َ‬ ‫‪2‬‬

‫وسلم مجع بني الظهر والعرص واملغرب والعشاء ِف غري سفر وَل خوف‪ ،‬وقد مجع رسول اَّلل صَل اَّلل‬
‫عليه وسلم بينهام ِف السفر‬

‫قال حنبلة مباح ِف األسباب‪ .‬وتركه أفضل ‪.‬سنة بني الظهر والعرص تقديام بعرفة و بني املغرب‬ ‫‪3‬‬

‫والعشاء تأخريا بمزدلفة‬

‫و اختيار الكاتب ّ‬
‫ان جواز اجلمع بني صالتني لثبوته بالسنة و انا ‪,‬كاتب اخُت جلواز اجلمع واعتمدنا‬
‫بقول اجلمهور وكان لسهولة ِف اليومية وليس هنا حيلة‪ .‬هذا منّي‪.‬‬

‫واَّلل اعلم بالصواب‬

‫‪ 1‬البحر الرائق َشح كنز الدقائق‬

‫‪ 2‬انظر خالصة صالة اجلمع واخلوف‪ /‬اخلالصة الفقهية عَل مذهب السادة املالكية ج‪ 1:‬ص‪/ 125:‬فقه العبادات عَل‬
‫املذهب املالكي‬

‫انظر فقه العبادات عَل املذهب احلنبيل ‪ /‬املحرر ِف الفقه عَل مذهب اإلمام أْحد بن حنبل‬ ‫‪3‬‬
‫املسافة التي َيوز فيها القرص‬

‫اَلعداد ‪ :‬حممد عزالدين اَسار‬

‫ن والصالة والسالم عَل أَشف األنبياء واملرسلني‬


‫احلمد َّلل رب العاملني وبه نستعني عَل أمور الدنيا والدي ‪,‬‬
‫ني أ ّما بعد‪.‬‬
‫وعَل أله وصحبه أمجع ‪,‬‬

‫كتبت هذه الكتابة إلمتحان فقه املقارن عَل َتت املوضع "املسافة التي َيوز فيها القرص"‪.‬‬

‫إختلف العلامء ِف َتديد املسافة التي َيوز فيها القرص‪ .‬و تنبني املسألة عَل عدة أقوال ‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬ذهب مجهور الفقهاء من املالكية والشافعية واحلنابلة إل ّ‬


‫أن املسافة املعتربة للقرص أربعة‬
‫برد أو ستة عرش فرسخا ‪ ,‬أو ثامنية وأربعني ميال ‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫القول الثاين‪ :‬ذهب احلنفية إل ّ‬


‫أن املسافة املعتربة للقرص مسرية ثالثة أيام بلياليها بمَّش اإلبل ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫رص وإنام َيوز القرص ِف كل ما‬


‫القول الثالث‪ :‬ذهب الظاهرية إل عدم َتديد مسافة معينة للرخصة بالق ‪,‬‬
‫يسمى سفرا ِف العرف واللغة َما خيرج فيه املسافر إل خارج البلد‪ ,‬ويأخذ الراحلة حتى ولو كان ثالثة‬
‫ل وَيمل الزاد وإل هذا ذهب شيخ اإلسالم ابن تيمية وابن القيم ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫أميا ‪,‬‬

‫❖ سبب اخلالف‪:‬‬

‫يرجع سبب اإلختالف ِف هذه املسألة إل معارض املعنى املعقول للفظ املنقول ‪ .‬واملعنى املعقول من‬
‫‪6‬‬

‫القرص ِف السفر هو دفع املشقة عن املسافر‪ .‬واللفظ املنقول هو لفظ السفر املجرد‪.‬‬

‫فمن راعى املعنى املعقول اشُتط جلواز القرص سفرا طويال َتل فيه املشق ‪,‬ة واختلفوا ِف َتديده فمنهم من‬
‫قال أربعة بر ‪,‬د ومنهم من قال مسرية ثالثة أيام ولياليها‪.‬‬

‫‪ 1‬الربيد‪ :‬مسافة قدرها ‪ 4‬فراسخ = ‪ 12‬ميال = ‪ 4800‬ذراعا = ‪ 22179‬مُتا‪ .‬انظر معجم لغة الفقهاء ص (‪.)107‬‬
‫‪ 2‬الفرسخ‪ :‬مسافة قدرها ثالثة أميال‪.‬‬
‫‪ 3‬امليل‪ :‬مقياس للمسافة قدره ‪ 1848‬مُتا‪.‬‬
‫‪ 4‬حاشية ابن عابدين‪.122/2 :‬‬
‫‪َ 5‬شح النووي عَل مسليم‪ , 196/5 :‬فتح الباري‪.567/2 :‬‬
‫‪ 6‬بداية املجتهد َلبن رشد‪.168/1 :‬‬
‫ومن راعى اللفظ املنقول َل يشُتط جلواز القرص طول السف ‪,‬ر وإنّام أجاز القرص بكل ما يطلق عليه سفرا‬
‫سواء أكان طويال أم قصريا ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫❖ األد ّلة‪:‬‬
‫• أد ّلة القائلني ّ‬
‫بأن املسافة أربعة برد‪.‬‬

‫استدل اجلمهور ملا ذهبوا إليه باألد ّلة التالية‪:‬‬


‫ّ‬

‫‪(-۱‬وَل َيوز القرص ّإَل ِف مسرية يومني وهو أربعة برد كل بريد أربعة فراسخ فذلك ستة عرش فرسخا ملا‬
‫روى عن ابن عمر وابن عباس‪) :‬كانا يصليان ركعتني ويفطران ِف أربعة برد فام فوق ذلك( وسأل عطاء‬
‫َل لكن إيل جدة وعسفان والطائف (‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫َل فقال‪ :‬إيل منى؟ فقال‪, :‬‬
‫ابن عباس‪ ) :‬أأقرص إيل عرفات؟ فقال‪, :‬‬
‫ّ‬
‫وألن ِف هذا القدر تتكرر مشقة الشد والُتحال‬ ‫قال مالك‪ :‬بني مكة والطائف وجدة وعسفان أربعة برد‬
‫وفيام دونه َل تتكرر‪ .‬قال الشافعي‪ :‬وأحب أن َل يقرص ِف أقل من ثالثة أيام وإنّام استحب ذلك ليخرج‬
‫ألن أبا حنيفة َل يبيح القرص ّإَل ِف ثالثة أيام)‬
‫من اخلالف؛ ّ‬
‫(الرشح)‬
‫الربد ‪ -‬بضم الباء والراء ‪ -‬وكل فرسخ ثالثة أميال هاشمية فاملجموع ثامنية وأربعون ميال هاشمية وامليل‬
‫ستة آَلف ذراع والذراع أربع وعرشون أصبعا معتدلة معُتضة واألصبع ست شعريات معتدَلت‬
‫معُتضات‪ .‬أ ّما حكم املسألة فقال أصحابنا َل َيوز القرص ّإَل ِف سفر يبلغ ثامنية وأربعني ميال باُلاشمي‬
‫سواء ِف هذا مجيع اَلسفار املباحة هذا هو املذهب وبه قطع اجلمهور ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ألن قرص الصبح َيحف ِبا لق ّلتها وقرص املغرب خيرجها‬


‫‪ -۲‬وَل َيوز قرص الصبح واملغرب باإلمجاع ّ‬
‫عن كوَنا وترا وَيوز قرص الرباعية فيص ّليها ركعتني برشوط ستة ‪:‬‬
‫أحدها ‪ :‬أن تكون ِف سفر طويل قدره أربعة برد وهي ستة عرش فرسخا ثامنية وأربعون ميال باُلاشمي‬
‫وذلك نحو من يومني قاصدين ملا روي عن ابن عباس ريض اَّلل عنه أنّه قال ‪( :‬يا أهل مكة َل تقرصوا ِف‬

‫‪ 1‬مسائل ِف الفقه املقارن‪.94 :‬‬


‫‪ 2‬أخرجه الشافعى ِف مسنده (‪ ,)347‬ومن طريقه البيهقى (‪ )137/3‬من طريق سفيان‪ ,‬عن عمرو بن دينا ‪,‬ر عن عطاء‪ ,‬عن‬
‫ابن عباس‪ ,‬به‪.‬‬
‫‪ 3‬املجموع َشح ّ‬
‫املهذب‪.372-371/5 :‬‬
‫أدنى من أربعة برد ما بني عسفان إل مكة ( وكان ابن عباس ريض اَّلل عنهام و ابن عمر َل يقرصان ِف أقل‬‫‪1‬‬

‫وألَنا مسافة َتمع مشقة السفر من احلل والشدة فجاز القرص فيها كمسرية ثالثة أيام ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫من أربعة برد ّ‬

‫ث وَل َيز‬ ‫ّ‬


‫وألن مسافة أربعة برد َتمع مشقة السفر من احلل والشد‪ ,‬فجاز القرص فيها كمسافة الثال ‪,‬‬ ‫‪-۳‬‬
‫فيام دوَنا ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -4‬وحدثني عن مالك أنّه بلغه ّ‬


‫أن عبد اَّلل بن عباس ‪:‬كان يقرص الصالة ِف مثل ما بني مكة والطائف وِف‬
‫مثل ما بني مكة وعسفان وِف مثل ما بني مكة وجدة قال مالك وذلك أربعة برد وذلك أحب ما تقرص إل‬
‫فيه الصالة قال مالك َل يقرص الذي يريد السفر الصالة حتى خيرج من بيوت القرية وَل يتم حتى يدخل‬
‫أول بيوت القرية أو يقارب ذلك ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫• أد ّلة القائلني ّ‬
‫بأن املسافة مسرية ثالثة أيام‪.‬‬

‫استدل احلنفية ملا ذهبوا إليه باألد ّلة التالية‪:‬‬


‫ّ‬

‫يم َي ْو ًما َو َل ْي َل ًة ‪َ ،‬واملُْ َسافي ُر َث َال َث َة‬ ‫ي‬


‫صَل اَّللّ عليه وسلم أنّه قال‪َ ( :‬ي ْم َس ُح املُْق ُ‬
‫‪ ( -۱‬ولنا ) ما روي عن رسول اَّللَّ ّ‬
‫ي‬
‫يتصور أن يمسح املسافر ثالثة أ ّيام‬ ‫ّ‬ ‫لكل مسافر أن يمسح ثالثة أ ّيام ولياليها ولن‬ ‫يها) جعل ّ‬‫َأ َّيا ٍم َو َل َيال َ‬
‫ولياليها ومدّ ة السفر ّ‬
‫أقل من هذه املدّ ة ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪ -۲‬واحتج ملن َشط ثالثة أميال بحديث بن عمر ّ‬


‫أن النبي صيل اَّلل عليه وسلم قال‪َ( :‬ل تسافر امرأة ثالثا‬
‫ّإَل ومعها ذو حمرم) رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫‪ 1‬ضعيف جدا‪ :‬أخرجه الدارقطنى (‪ ,)387/1‬حديث رقم (‪ ,)1‬والبيهقى (‪ )137/3‬من طريق إسامعيل بن عياش‪ ,‬به‪.‬‬
‫ك والعلة الثانية‪ :‬إسامعيل بن عياش‪ ,‬روايته عن احلجازيني‬ ‫وإسناده ٍ‪,‬‬
‫واه فيه علتان‪ :‬األول عبد الوهاب بن ُماهد مُتو ‪,‬‬
‫ضعيفة‪.‬‬
‫‪ 2‬الكاىف ِف فقه ابن حنبل‪.306 :‬‬
‫‪ 3‬املغني َلبن قدامة‪.257/2 :‬‬
‫‪ 4‬املوطأ‪ ,148 :‬حديث رقم ‪.342‬‬
‫‪ 5‬بدائع الصنائع‪.401-400 :‬‬
‫‪ 6‬املجموع َشح ّ‬
‫املهذب‪ .374/5 :‬أخرجه البخارى (‪.)1086‬‬
‫• أد ّلة القائلني بعدم َتديد مسافة القرص‪.‬‬

‫استدل الظاهرية ملا ذهبوا إليه باألد ّلة التالية‪:‬‬


‫ّ‬

‫‪-1‬واحتج لداود بإطالق الكتاب والسنة جواز القرص بال تقييد للمسافة وبحديث َييى بن مزيد قال‬
‫سألت أنسا عن قرص الصالة فقال كان رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم (إذا خرج ثالثة أميال أو ثالثة‬
‫فراسخ صَل ركعتني) رواه مسلم ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ -2‬قوله تعال‪[ :‬وإذا رضبتم ِف األرض فليس عليكم جناح أن تقرصوا من الصالة إن خفتم أن يفتنكم‬
‫الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا] سورة النساء‪.)101( :‬‬

‫أن القرص يتعلق بكل رضب ِف األرض دون َتديد ملسافة مع ّين ‪,‬ة ّ‬
‫ألن اْلية مطلقة‪.‬‬ ‫فظاهر اْلية ّ‬
‫يدل عَل ّ‬

‫‪ -3‬ما روى مسلم ِف صحيحه عن أنس بن مالك رىض اَّلل عنه قال‪( :‬فرض اَّلل الصالة عَل لسان نبيكم‬
‫ِف احلرض أربعا وِف السفر ركعتني) ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫فهو ّ‬
‫يدل عَل ّ‬
‫أن القرص يتعلق بمطلق السفر دون َتديد بمسافة مع ّينة‪.‬‬

‫‪ 1‬املجموع َشح ّ‬
‫املهذب‪.374/5 :‬‬
‫‪ 2‬صحيح مسليم‪479/1 :‬‬
‫❖ املناقشة‪:‬‬

‫األول‪-‬مناقشة أد ّلة القائلني ّ‬


‫بأن املسافة أربعة برد‪.‬‬ ‫‪ّ .1‬‬

‫‪ -1‬أ ّما حديث‪( :‬يا أهل مكة ‪ )....‬ضعيف جد ‪,‬ا ّ‬


‫ألن ِف إسناده عبد الوهاب ابن ُماهد بن جبري وهو‬
‫ك وقد نسبه النووي إل الكذب‪ .‬وقال األزدي‪َ :‬ل َتل الرواية به ‪ .‬و هذا احلديث أخرجه‬
‫‪1‬‬
‫مُتو ‪,‬‬
‫الدارقطنى (‪ ), 387/1‬حديث رقم (‪ ), 1‬والبيهقى (‪ )137/3‬من طريق إسامعيل بن عياش‪ ,‬به‪ .‬وإسناده‬
‫ش روايته عن‬
‫ك والعلة الثانية‪ :‬إسامعيل بن عيا ‪,‬‬ ‫ٍ‪,‬‬
‫واه فيه علتان‪ :‬األول عبد الوهاب بن ُماهد مُتو ‪,‬‬
‫احلجازيني ضعيفة‪.‬‬

‫بأن الدليل أثبت القرص ِف ّ‬


‫أقل‬ ‫بأن مسافة أربعة برد َتمع مشقة السفر فيجاب عن ذلك ّ‬
‫‪ -2‬وأ ّما القول ّ‬
‫من هذه املسافة‪.‬‬

‫‪ .2‬الثاين‪-‬مناقشة أد ّلة القائلني ّ‬


‫بأن املسافة مسرية ثالثة أيام‪.‬‬

‫أن احلديث الذى ذكروه ليس فيه ّ‬


‫أن السفر َل‬ ‫‪ -1‬اجلواب عام احتج به القائلون باشُتاط ثالثة أيام فهو ّ‬
‫ينطلق إَلّ عيل مسرية ثالثة أيام وإنّام فيه أنّه َل َيوز للمرأة ان تسافر بغري حمرم هذا السفر اخلاص ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -2‬وأ ّما حديث املسح عَل اخل ّفني فقد جاء لبيان أكثر مدّ ة املسح‪ ,‬فال يصح اَلحتجاج به؛ ألنّه يقدر عَل‬
‫مسح الثالث ِف مسافة يوم وليلة إذا ما سارها ِف ثالث ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ .3‬الثالث‪-‬مناقشة أد ّلة القائلني بعدم َتديد املسافة‪.‬‬

‫عام احتج به أهل الظاهر من إطالق اْلية واألحاديث أنّه َل ينقل عن النبي صيل اَّلل عليه‬
‫‪ -1‬واجلواب ّ‬
‫وسلم القرص َصَيا ِف دون مرحلتني ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫‪ -2‬وأ ّما حديث أنس فليس معناه ّ‬


‫أن غاية سفره كانت ثالثة أميال بل معناه‪ :‬أنّه كان إذا سافر سفرا‬
‫طويال فتباعد ثالثة أميال قرص وليس التقييد بالثالثة لكونه َل َيوز القرص عند مفارقة البلد بل ألنّه ما‬

‫‪ 1‬مسائل ِف الفقه املقارن‪.97 :‬‬


‫‪ 2‬املجموع َشح ّ‬
‫املهذب‪.375/5 :‬‬
‫‪ 3‬املغنى‪.258/2 :‬‬
‫‪ 4‬املجموع َشح ّ‬
‫املهذب‪.374/5 :‬‬
‫كان َيتاج إيل القرص ّإَل إذا تباعد هذا القدر ّ‬
‫ألن الظاهر أنّه صيل اَّلل عليه وسلم كان َل يسافر عند دخول‬
‫وقت الصالة ّإَل بعد أن يصيل فال تدركه الصالة األخرى إَل وقد تباعد عن املدينة ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ 1‬املجموع َشح ّ‬
‫املهذب‪.375/5 :‬‬
‫❖ املختار عندنا‪:‬‬

‫أن املسافر َيوز قرص الصالة الرباعية ِف مسافة أربعة برد أو ستة عرش فراسخ‪ّ ,‬‬
‫ألن فيها تتكر مشقة‬ ‫ّ‬
‫السفر من احلل والشد واحلديث عنها َصيح وصحيح‪ ,‬كام ّ‬
‫دل ِف ّ‬
‫املهذب‪:‬‬
‫(وَل َيوز القرص ّإَل ِف مسرية يومني وهو أربعة برد كل بريد أربعة فراسخ فذلك ستة عرش فرسخا‬
‫ملا روى عن ابن عمر وابن عباس‪) :‬كانا يصليان ركعتني ويفطران ِف أربعة برد فام فوق ذلك( وسأل‬
‫َل لكن إيل جدة وعسفان‬
‫َل فقال‪ :‬إيل منى؟ فقال‪, :‬‬
‫عطاء ابن عباس‪ ) :‬أأقرص إيل عرفات؟ فقال‪, :‬‬
‫والطائف (‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ّ‬
‫وألن ِف هذا القدر تتكرر مشقة الشد والُتحال‬ ‫قال مالك‪ :‬بني مكة والطائف و جدة وعسفان أربعة برد‬
‫وفيام دونه َل تتكرر‪ .‬قال الشافعي‪ :‬وأحب ّ‬
‫أن َل يقرص ِف أقل من ثالثة أيام وإنّام استحب ذلك ليخرج‬
‫ألن أبا حنيفة َل يبيح القرص ّإَل ِف ثالثة أيام ‪ ),‬واَّلل أعلم‪.‬‬
‫من اخلالف؛ ّ‬

‫‪ 1‬أخرجه الشافعى ِف مسنده (‪ ,)347‬ومن طريقه البيهقى (‪ )137/3‬من طريق سفيان‪ ,‬عن عمرو بن دينا ‪,‬ر عن عطاء‪ ,‬عن‬
‫ابن عباس‪ ,‬به‪.‬‬
‫َتديد مسافة القرص‬

‫العداد ‪ :‬حممد عز الدين حبيب اَّلل‬

‫بسم اَّلل الرْحن الرحيم‬

‫مقدمة‬

‫احلمد ملن اصطفى لدينه خالصة العاملني‪ ،‬وهدى من أحبه للتفقه ِف الدين‪ْ ،‬حدً ا نسلك به‬
‫منهاج العارفني‪ ،‬ونمنح به دخول رياض الشاركني‪ ،‬ونشهد أن َل إله إَل اَّلل وحده َل َشيك له شهادة‬
‫املوقنني‪ ،‬ونشهد ّ‬
‫أن سيدنا حممدً ا ‪ِ ‬بدة املوحدين‪ ،‬ونصيل ونسلم عَل احلاو جلميع فضائل املرسلني‪ ،‬من‬
‫نبه العقول لتحرير تنقيح أحكام الدين البحر املحيط القدوة العظمى ِف العاملني وعَل آله وصحبه هداة‬
‫األمة والتابعني ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫وبعد‪ ،‬قال الكاتب حممد عز الدين حبيب اَّلل ‪ :‬قد سألني األستاذ العاَل حممد فطاين أكرب ثاين‬
‫وأسأل اَّلل النفع بعلوم ما يعلمني عَل الكتاب الكثري من كتب الُتاث‪ ،‬ألكتب رسالة الكتاب عن‬
‫اختالف املذاهب األربعة ببيان ما يذاهب اإلمام األربع لقضاء اإلمتحان املستوى اخلامس بمعهد العايل‬
‫ِف معهد النور الثاين املرتض‪ .‬فاخُتت مسألة َتديد مسافة القرص‪ ،‬لعدم املوضوع اْلخر املناسب ألبحثه‬
‫بكتاب املسمى "املقارن" عَل اصطالح األصدقاء‪.‬‬

‫ِبذه الكتابة أرجو القبول باألستاذ ملا أبحث فيها مبحثا بسيطا قليال بعيدا عن قول املمتاز‪ .‬وِبا‬
‫نفعنا اَّلل بقطرة علومه الكثرية ويرشدنا إل طريقه املستقيم دائام أبدا‪ .‬آمني‬

‫مبحث‬
‫من أحد َشوط قرص الصالة هي أن تبلغ مسافة القرص‪ ،‬ومسافة القرص هي احلدّ فيام يقال سفره‬
‫قصريا أو طويال وأيضا هي احلد فيام يلزم عليه املسافر أن يبلغه لقوله مسافرا أو َل‪ .‬فبهذه الكتابة سنعرف‬
‫اختالف العلامء األربع عن حدّ السفر الذي َيوز فيه املسافر بإقامة صالة القرص‪.‬‬

‫إختالف‬

‫‪ 1‬سليامن بن حممد بن عمر البجريمي‪ ،‬حاشية البجريمي عَل َشح منهد الطالب (‪.)7/1‬‬
‫اختلف العلامء ِف َتديد مسافة القرص التي هي يقصد املسافر ضبطها لينال الُتخص بالقرص‬
‫عَل قول‪:‬‬

‫أ‪ .‬األول‬
‫ذهب مجهور العلامء الشافعية واملالكية واحلنابلة أن املسافة القرص هي أربعة برد‪ ،‬أو ستة عرش‬
‫فرسخا‪ ،‬أو ثامنية وأربعني ميال‪.‬‬
‫لعدة األربعة برد‪ :‬ستة عرش فرسخا‪ ،‬والفرسخ‪ :‬ثالثة أميال‪ ،‬وامليل‪ :‬أربعة آَلف خطوة‪،‬‬
‫واخلطوة‪ :‬ثالثة أقدام الخ ‪ " .‬وهي َتديد َل تقريب لثبوت التقدير باألميال عن الصحابة ‪،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫وألن القرص عَل خالف األصل‪ ،‬فيحتاط فيه بتحقق تقدير املسافة ولو ظنا بخالف تقديري‬
‫القلتني ومسافة اإلمام واملأموم كام مرت اإلشارة إليه ِف كتاب الطهارة ‪ ،‬ألن تقدير األميال ثابت‬
‫عن الصحابة ‪ ،‬بخالف تقدير القلتني فإنه َل توقيف ِف تقديرُها باألرطال " ‪ .‬وقدرها بعضهم‬
‫(‪)2‬‬

‫بمسرية يومني بسري اإلبل ‪.‬‬


‫(‪)3‬‬

‫ب‪ .‬الثاين‬

‫ذهب احلنفية أن املسافة للقرص مسرية ثالثة أيام فصاعدا ‪.‬‬


‫(‪)4‬‬

‫أدلة‬
‫‪ .1‬القول بأن املسافة أربعة برد‬
‫• روى البيهقي وغريه عن ابن عباس ريض اَّلل عنه عن النبي ‪ ‬أنه قال‪" :‬يا أهل مكة َل‬
‫تقرصوا ِف أقل من أربعة برد من مكة إل عسفان"‪ .‬فقد سئل ابن عباس عن القرص من مكة‬
‫إل عرفة فقال‪َ :‬ل‪ ،‬ولكن إل عسفان ‪ .‬وألَنا مسافة تلحق املشقة ِف قطعها غالبا‪ ،‬فوجب‬
‫(‪)5‬‬

‫أن َيوز القرص فيها كالثالث‪ ،‬وألَنا مسافة تستوىف فيها أوقات الصلوات اخلمس عَل وجه‬
‫التكرار ِف العادة‪ ،‬فجاز له القرص فيها كالثالث‪ ،‬وألنه زمان مرضوب املسح فجاز أن يكون‬

‫‪ 1‬شمس الدين حممد بن حممد اخلطيب الرشبني‪ ،‬مغني املحتاج إل معرفة معاين ألفاظ املنهاج (‪ ،)368/1‬ابن جزي‪،‬‬
‫القوانني الفقهية (املكتبة الشاملة)‪ ،‬القراِف‪ ،‬الذخرية (املكتبة الشاملة)‪.‬‬
‫‪ 2‬انظر مغني املحتاج السابق‬
‫‪ 3‬مسائل ِف الفقه املقارن (‪ )93‬الطبعة‪ :‬دار النفائس‬
‫‪ 4‬البحر الرائق َشح كنز الدقائق (املكتبة الشاملة)‬
‫‪ 5‬السنن الكربى للبيهقي‪ ،‬رقم ‪( 5610‬املكتبة الشاملة)‬
‫حد السفر للقرص كالثالث‪ ،‬وألن كل زمان تكررت فيه الفريضة الواحدة َل يكن حد السفر‬
‫القرص كاألسبوعني ِف تكرار اجلمعتني ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫• ما رواه البخاري تعليقا بلفظ كان ابن عباس وابن عمر يقرصان ويفطران ِف أربعة برد وهي‬
‫ً‬
‫فرسخا ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ستة عرش‬
‫‪ .2‬القول بأن املسافو مسرية ثالثة أيام‬
‫• ما روى البخاري ومسلم عن ابن عمر ‪ ،‬عن النبي ‪ ‬قال‪َ" :‬ل تسافر املرأة ثالثا إَل مع‬
‫ذي حمرم" "ومعها ذو حمرم" كام ِف صحيح مسلم‪ .‬يستدل به من َيعل حد السفر الطويل‬ ‫(‪)3‬‬

‫الذي تقرص فيه الصالة ثالثا‪ ،‬ألن دَللته ظاهرة أن املرأة َيوز ُلا اخلروج ِف سفر مسافته‬
‫أقل من ثالثة لقرص املسافة وخفة األمر ِف ذلك‪ ،‬وإنام جاءت الرخصة ِف الطويل من السفر‬
‫الذي يلحق فيه املسافر مشقة السفر‪ ،‬وتعب السري‪ ،‬وإليه ذهب سفيان الثوري وأصحاب‬
‫الرأي ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬

‫• ما روى مسلم ِف صحيح عن عيل بن أيب طالب ‪ِ ‬ف املسح عَل اخلفني‪" :‬أنه ‪ ‬جعل‬
‫ثالثة أيام ولياليها للمسافر ويوما وليلة للمقيم" ‪ .‬ثم اعلم أن السفر لغة قطع املسافة‪،‬‬
‫(‪)5‬‬

‫وليس كل قطع تتغري به األحكام من جواز اإلفطار وقرص الرباعية‪ ،‬ومسح ثالثة أيام‬
‫ولياليها عَل اخلف‪ ،‬فعم النبي صَل اَّلل عليه وسلم برخصة املسح ثالثة أيام جنس‬
‫املسافرين ; ألن الالم ِف املسافر لالستغراق لعدم املعهود املعني‪ ،‬ومن رضورة عموم‬
‫الرخصة اجلنس‪ ،‬حتى إنه يتمكن كل مسافر من مسح ثالثة أيام لكل سفر ‪.‬‬
‫(‪)6‬‬

‫مناقشة‬
‫‪ .1‬مناقشة أدلة القائلني بأن املسافة أربعة برد‬

‫‪ 1‬احلاوي الكبري (‪ )361/2‬املكتبة الشاملة‬


‫‪ 2‬صحيح بخاري‪ ،‬باب ِف كم يقرص الصالة ‪( -4-‬املكتبة الشاملة)‬
‫‪ 3‬صحيح البخاري‪ ،‬رقم ‪( 1087‬املكتبة الشاملة)‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬رقم ‪( 3322‬املكتبة الشاملية)‬
‫‪ 4‬أعالم احلديث َشح صحيح البخاري‪ ،‬باب ِف كم يقرص الصالة ‪ )628/1( -4-‬رقم ‪ 1087/248‬املكتبة الشاملة‬
‫‪ 5‬صحيح مسلم‪ ،‬رقم ‪( 661‬املكتبة الشاملية)‬
‫‪ 6‬مرقاة املفاتيح َشح مشكاة املصابيح (‪ )473/2‬املكتبة الشاملة‬
‫‪ o‬حديث‪" :‬يا أهل مكة َل تقرصوا ِف أقل من أربعة برد من مكة إل عسفان" ضعيف جدّ ا‪،‬‬
‫ألن ِف إسناده عبد الوهاب ابن ُماهد بن جبري وهو مُتوك‪ ،‬وقد نسبه النووي إل‬
‫الكذب ‪ .‬وقال األزدي‪َ :‬ل َتل الرواية عنه ‪ .‬واجلواب عام احتج به أهل الظاهر من‬
‫(‪)2‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫إطالق اْلية واألحاديث أنه َل ينقل عن النبي صَل اَّلل عليه وسلم القرص َصَيا ِف دون‬
‫مرحلتني ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫‪ o‬أثر ابن عباس وابن عمر ِف َتديد املدة بأربعة برد خيالف ما ورد عن ابن عباس وابن عمر‬
‫وبعض الصحابة‪ ،‬وإذا اختلفت أقوال الصحابة فال حجة ِف قول واحد منهم دون اْلخر ما‬
‫َل يعضده مرجح آخر ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬

‫‪ .2‬مناقشة أدلة القائلني بأن املسافة مسرية ثالثة أيام‬


‫‪ o‬حديث‪َ" :‬ل تسافر املرأة ثالثا إَل مع ذي حمرم" ليس فيه السفر َل ينطل إَل عَل ثالثة أيام‪،‬‬
‫وإنام فيه َل َيوز للمرأة أن تسافر بغري حمرم‪ .‬فقد روى أبو هريرة قال‪ :‬قال رسول اَّلل ‪: ‬‬
‫"َل َيل َلمرأة تؤمن باَّلل واليوم اْلخر أن تسافر مسرية يوم وليلة ليس معها حمرم"‪ .‬وِف‬
‫رواية يوم‪ ،‬وِف أخرى مسرية ليلة‪ ،‬وِف رواية‪" :‬بريدً ا" وِف رواية‪َ" :‬ل تسفر املرأة يومني إَل‬
‫ومعها زوجها أو ذو حمرم" ‪.‬‬
‫(‪)5‬‬

‫‪ o‬وأما حديث املسح عَل اخلفني فقد جاء لبيان أكثر مدة املسح‪ ،‬فال يصح اإلحتجاج به‪ ،‬ألنه‬
‫يقدر عَل مسح الثالث ِف مسافة يوم وليلة إذا ما سارها ِف ثالث ‪.‬‬
‫(‪)6‬‬

‫اختيار‬

‫السفر خيتلف باختالف أعراف الناس‪ ،‬وأيضا أن السفر ِف املايض والعرص اْلن هناك خالف‬
‫كثري والظاهر فيام يركبه املسافر للسفر‪ ،‬فاْلن نذهب إل أي مكان بعيد نحتج املدة قليال وليس‬
‫هكذا ِف املايض بأن كل سفر عليه باملركب أو احليوان بلزوم ْحل الزاد ملدة طويلة‪.‬‬

‫‪ 1‬املجموع َشح املهذب للنووي (املكتبة الشاملة)‬


‫‪ 2‬املجموع َشح املهذب للنووي (املكتبة الشاملة)‬
‫‪ 3‬املجموع َشح املهذب (‪ )328/4‬املكتبة الشاملة‬
‫‪ 4‬مسائل ِف الفقه املقارن (‪ )97‬دار النفائس‬
‫‪ 5‬املجموع َشح املهذب للنووي (املكتبة الشاملة)‬
‫‪ 6‬احلاوي الكبري (‪ )361/2‬املكتبة الشاملة‬
‫ولكن ألن َل يتلبس األمر عَل عامة الناس وَل يتالعب بالرشعي‪ ،‬فأختار القول األول بأن‬
‫املسافة القرص أربعة برد لسهول حسابة قدرها‪ .‬بأن هذا العرص كل أمور عليها باحلساب وقدرها‬
‫يسهل الَّشء ِف فعله‪ .‬وِبا دليل منساب للمبحث لو كان ض ّعفه بعض‪ ،‬ليس كام ِف‬
‫َتديدا ّ‬
‫القول الثاين بال دليل السفر قطعا‪ .‬واَّلل أعلم‬
‫"اختالف املذهب ِف بيان وقت الصالة عَل اجلنازة"‬

‫اَلعداد ‪ :‬اْحد رْحة اَّلل‬

‫احلمد َّلل والصالة والسالم عَل رسول اَّلل سيدنا حممد بن عبد اَّلل وعَل اله وصحبه ومن واليه‬
‫وَل حول وَل قوة اَل باَّلل العيل العظيم‪ .‬اما بعد‪...‬‬

‫ل وهي بعد‬
‫اتفق العلامء ان اَلوقات التي تكره فيها الصالة مخسة‪ .‬اثنتان َنى عنهام َلجل الفع ‪,‬‬
‫صالة الصبح حتى تطلع الشمس وبعد صالة العرص حتى تغرب الشمس ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫❖ واختلف العلامء ِف الصالة عَل اجلنازة ِف اَلوقات املكروهات ‪:‬‬

‫اَلول ‪َ :‬ترم وَل يصَل عَل اجلنازة ِف اَلوقات الثالثة التي ورد النهي عن الصالة فيه ‪,‬ا وهي وقت‬
‫ب زوال الشمس ‪ .‬وهذا قول امللكية واُلنابلة‬
‫‪2‬‬
‫الطلو ‪,‬ع وقت الغرو ‪,‬‬

‫‪ :‬يكره َتري ً ‪,‬ام وَل يصَل عَل اجلنازة ِف اَلوقات اخلمسة التي ورد النهي عن الصالة فيها‪ .‬وهي‬ ‫الثاين‬
‫عند طلوع الشمس وغروِب ‪,‬ا واستواءها ِف منتصف النها ‪,‬ر وما بعد صالة الصبح حتى الطلوع‪ ,‬وما بعد‬
‫صالة العرص حتى الغروب ‪ .‬وهذا قول احلنفية‬
‫‪3‬‬

‫الثالث ‪َ :‬يوز فعل صالة اجلنازة ِف مجيع اَلوقات‪ .‬وهذا قول الشافعية‬

‫❖ دليل العلامء ِف اختالفهم ‪:‬‬

‫‪ 1‬انظر ‪ :‬املهذب للشريزي ِف َشحه املجموع للنووي (املجموع َشح املهذب ص‪ :‬ج‪ ) :‬دار احلديث ‪ -‬القاهرة‬
‫‪ 2‬الزهييل‪ ,‬موسوعة الفقهي اَلسالمي‪ 2:441‬دار الفكر‬
‫املرجع كام سبق‬ ‫‪3‬‬
‫ث واثنان منها ِف حديث‬
‫ثبت ِف السنة النهي عن الصالة ِف اوقات مخس ‪,‬ة ثالثة منها ِف حدي ‪,‬‬
‫اخر‪.‬‬

‫وسى ْب ين ع َ ٍّ‬
‫َُل‬ ‫ب َع ْن ُم َ‬ ‫َي َيى َحدَّ َثنَا َع ْبدُ اَّللَّي ْب ُن َو ْه ٍ‬ ‫اما الثالثة ففي حديث مسلم ( َو َحدَّ َثنَا َ ْ‬
‫َي َيى ْب ُن َ ْ‬
‫َث ساع ٍ‬ ‫اجل َهني َّى َي ُق ُ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ول اَّللَّي ‪-‬صَل اَّلل عليه وسلم‪-‬‬ ‫َان َر ُس ُ‬ ‫َات ك َ‬ ‫ول َثال ُ َ‬ ‫َع ْن َأبييه َق َال َسم ْع ُت ُع ْق َب َة ْب َن عَام ٍر ْ ُ‬
‫الش ْم ُس َب ياز َغ ًة َحتَّى ت َْرت يَف َع َو يحنيَ َي ُقو ُم َقائي ُم‬ ‫يه َّن َم ْوتَانَا يحنيَ َت ْط ُل ُع َّ‬ ‫رب في ي‬ ‫َين َْهانَا َأ ْن ن َُص ِّ ََل في ي‬
‫يه َّن َأ ْو َأ ْن َن ْق ُ َ‬
‫وب َحتَّى َتغ ُْر َب‪).‬‬
‫‪1‬‬ ‫الش ْم ُس لي ْلغ ُُر ي‬ ‫ف َّ‬ ‫الش ْم ُس َو يحنيَ ت ََض َّي ُ‬ ‫ال َّظ يه َري ية َحتَّى َمت ي َيل َّ‬

‫واما الوقتان اْلخران ففي حديث البخاري و مسلم (‪َ -586‬حدَّ َثنَا َع ْبدُ ا ْل َع يز ييز ْب ُن َع ْب يد اَّللي ‪َ ،‬ق َال‬
‫اجلُنْدَ يع ُّي َأ َّن ُه َس يم َع َأ َبا‬
‫رب يين َع َطا ُء ْب ُن َي يزيدَ ْ‬ ‫َن ا ْب ين يش َه ٍ‬
‫اب َق َال ‪َ :‬أ ْخ َ َ‬ ‫يم ْب ُن َس ْع ٍد ‪َ ،‬ع ْن َصاليحٍ ‪ ،‬ع ي‬ ‫ي‬
‫‪َ :‬حدَّ َثنَا إي ْب َراه ُ‬
‫الص ْبحي َحتَّى ت َْرت يَف َع‬ ‫ال َة َب ْعدَ ُّ‬‫ول ‪َ :‬لَ َص َ‬ ‫ول اَّللي صَل اَّلل عليه وسلم َي ُق ُ‬ ‫ول ‪َ :‬س يم ْع ُت َر ُس َ‬ ‫اخلدْ ير َّي َي ُق ُ‬
‫َسعيد ْ ُ‬
‫ي ٍ‬

‫الش ْم ُس‪ ).‬ولفظ مسلم (َل صالة بعد صالة الفجر)‪.‬‬ ‫يب َّ‬ ‫ي‬ ‫ال َة َب ْعدَ ا ْل َع ْ ي‬
‫الش ْم ُس ‪َ ،‬وَلَ َص َ‬ ‫َّ‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫رص َحتَّى تَغ َ‬

‫❖ استدَلل العلامء‪.‬‬

‫قال املالكية ‪:‬‬


‫َيرم النفل َل الفرض ِف اَلوقات الثالثة‪ ،‬وَيوز قضاء الفراءض الفاءتة فيها وِف غريها‪ .‬ومن النفل‬

‫عندهم صالة اجلنازة‪ ،‬فكانت الصالة عَل اجلنازة ِف اَلوقات الثالثة كرهت َتري ًام‪ .‬ومن ّ‬
‫ثم نسأل ُلم‪،‬‬
‫كيف بالوقتني اَلخرين اذا صلينا عَل موتانا؟ فأجابوا ‪ّ :‬‬
‫ان الوقتان اَلخران َتوز الصالة عَل موتانا لأَنا‬
‫رغيبة‪ .‬واتفق احلنابلة لظاهر حديث عقبة بن عامر ‪-‬عند مسلم‪.-‬‬

‫قال الشافعية ‪:‬‬


‫تكره صالة النافلة َتري ًام عَل املعتمد ِف اَلوقات الثالثة وتنزهيا ِف الوقتني اَلخرين‪َ .‬لن النهي اذا رجع‬
‫لذات العبادة او َلزمها اقتض الفساد سواء أكان للتحريم او للتنزيه‪ .‬واستثنى الشافعية حاَلت َل كراهة‬

‫صحيح مسلم ‪ 2:208‬املكتبة الشاملة‬ ‫‪1‬‬

‫صحيح البخاري ‪ 1:152‬املكتبة الشاملة‬ ‫‪2‬‬

‫انظر موسوعة الفقهي اَلسالمي للزهييل ‪1:580‬‬ ‫‪3‬‬


‫فيها‪ ،‬ومنها الصالة ذات سبب غري املتأخر كصالة اجلنازة‪ ،‬حلديث عن ايب هريرة (انه صَل اَّلل عليه وسلم‬
‫قال لبالل ‪ :‬حدثني بارجى عمل عملته ِف اَلسالم‪ ،‬فاين سمعت دف نعليك بني يدي ِف اجلنة؟‬
‫قال ‪ :‬ما عملت عمال ارجى عندي من اين َل اتطهر طهورا ِف ساعة من ليل او َنار‪ ،‬اَل صليت بذالك‬
‫الطهور ما كتب اَّلل يل ان اصيل)‪ .‬ومن ثم ُلم سؤال‪ .‬ما الذي َيعل الصالة عَل اجلنازة َل تكره؟ فأجابوا‬
‫‪َ :‬لن الصالة عَل اجلنازة من احد الصالة ُلا سبب متقدم وهو موت اجلنازة ِف اَلوقات املكروهات‪.‬‬

‫قال احلنفية ‪:‬‬


‫الصالة عَل اجلنازة َتوز مع الكراهة‪َ ،‬لَنا وقعت ِف اَلوقات املكروهات وهذه علة الكراهة‪ .‬اما علة‬
‫اجلواز ِف الصالة عَل اجلنازة لقول النبي صَل اَّلل عليه وسلم ثالث َل ‪ :‬اجلنازة اذا حرضت‪...‬‬
‫وُلم سؤال ‪ :‬ما املكروه ِف الصالة عَل اجلنازة‪ ،‬اذا فعل بالوقت املكروهات ؟ فاجابوا ‪ :‬تكره َتري ًام‪،‬‬
‫لورود النهي عن الصالة فيها‪.‬‬

‫مناقشة العلامء‬ ‫❖‬

‫واختلف الناس ِف جوار الصالة عَل اجلنازة والدفن ِف هذه الساعات الثالث فذهب أكثر أهل‬ ‫‪.1‬‬
‫العلم إل كراهية الصالة عَل اجلنائز ِف األوقات التي تكره الصالة فيها وروي ذلك عن ابن عمر وهو‬
‫قول عطاء والنخعي واألوزاعي‪ ،‬وكذلك قال سفيان الثوري وأصحاب الرأي وأْحد بن حنبل‬
‫‪1‬‬
‫وإسحاق بن راهويه‪.‬‬
‫ث ساع ٍ‬ ‫ي‬
‫سول اَّللي ‪-‬صَل اَّللَّ عليه وسلم‪َ -‬ين َْهانَا أن ن َُص ِّ ََل‬ ‫َات كان َر ُ‬ ‫و َلنا‪َ ،‬ق ْو ُل ُع ْق َب َة بن عام ٍر‪َ :‬ث َال ُ َ‬
‫الة ي ي‬ ‫الة (‪ )1‬م ْقرونًا بالدَّ ْف ين دلي ٌيل عَل إراد ية ص ي‬
‫وذكْره للص ي‬ ‫يهن موتَانَا‪ .‬ي‬ ‫يهن‪ ،‬وأن َن ْق ي‬ ‫ي‬
‫وألَنا‬
‫اجلنَازَ ة‪َّ .‬‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ُ َّ‬ ‫رب ف ي َّ َ ْ‬ ‫َُ‬ ‫ف ي َّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫س‪ ،‬فلم َ ي‬ ‫ص َال ٌة من غري الص َلو ي‬
‫األو َقات ال َّث َال َث ‪,‬ة كالن ََّواف يل املُ ْط َل َقة‪ ،‬وإنام ُأبي َ‬
‫يح ْت‬ ‫َيزْ ف ْع ُلها ِف هذه ْ‬ ‫ُ‬ ‫ات اخلَ ْم ي‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬
‫رص‪ ،‬وأ َّما‬‫َاف منه عليها‪ ،‬وهذه ُمدَّ ُِتا َت ْق ُ ُ‬ ‫ول‪ ،‬فاَلنْتي َظ ُار ُخي ُ‬
‫ألن ُمدَّ َِتام َت ُط ُ‬ ‫الص ْبحي وال َع ْ ي‬
‫رص َّ‬ ‫بعدَ (‪ُّ )2‬‬

‫‪ . 1‬معاَل السنن‪ 3:327‬املكتبة الشاملة‬


‫الو ْقت ْ ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫اْلخ َر ْي ين‪َّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫َني َ‬ ‫اس هذه األَ ْو َقات ال َّث َال َثة عَل َ‬ ‫ألَنا آ َكدُ ‪ ،‬وَل َيص ُّح ق َي ُ‬ ‫اس عليها؛ َّ‬ ‫ال َف َرائ ُض فال ُي َق ُ‬
‫ي‬
‫َاف عَل املَ ِّيت فيها‪ ،‬وألنَّه ُ يَن َى عن الدَّ ْف ين فيها‪َّ ،‬‬
‫والص َال ُة املَ ْق ُرو َن ُة‬ ‫رص‪ ،‬فال ُخي ُ‬ ‫الن َّْه َى فيها آ َكدُ ‪ ،‬وزَ َمنُها َأ ْق َ ُ‬
‫الو ْقت ْ ي‬ ‫َّخ يص ي ي ي‬ ‫اجلنَازَ ية‪َ ،‬‬
‫ومتْنَ ُعها ال َق يرينَ ُة من اخلُ ُروجي بالت ْ‬ ‫َاو ُل َص َال َة ي‬
‫اْلخ َر ْي ين‪ .‬واَّللُ‬ ‫َني َ‬ ‫يص‪ ،‬بيخ َالف َ‬ ‫بالدَّ ْف ين َت َتن َ‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪1‬‬

‫ت ََل ْ ُي َص َّل‬ ‫الش ْم ُس َفإي َذا ْ‬


‫اص َف َّر ْ‬ ‫اجلنَائي يز َب ْعدَ ا ْل َع ْ ي‬
‫رص َما ََل ْ ت َْص َف َّر َّ‬ ‫ي‬
‫الص َالة ع َََل ْ َ‬
‫ي‬
‫َف َق َال َمال ٌك ََل َب ْأ َس بي َّ‬ ‫‪.2‬‬
‫َاف َع َليها َفيص ََّل َع َليها يحينَئي ٍذ و ََل ب ْأس بيالص َال ية ع َََل ْي ي‬ ‫اجلنَازَ ية إي ََّل َأ ْن َيك َ‬
‫ع َََل ْي‬
‫الص ْبحي َما ََل ْ‬ ‫اجلنَازَ ة َب ْعدَ ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫ُون ُخي ُ ْ َ ُ َ‬
‫اس يم َعنْ ُه َو َذك ََر ا ْب ُن َع ْب يد ْ‬
‫احلَ َك يم‬ ‫يس يفر َفإي َذا َأس َفر َف َال تُص ُّلوا َع َليها إي ََّل َأ ْن ََتَا ُفوا َع َليها َه يذ يه يرواي ُة اب ين ا ْل َق ي‬
‫َ َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ ْ ْ‬
‫ف‬ ‫وِبا َو ََل يخ َال َ‬ ‫الشم ي ي‬
‫س َوعنْدَ غ ُُر ي َ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫اجلنَائ يز َجائزَ ٌة يِف َساعَات ال َّل ْي يل َوالن ََّه يار عنْدَ ُط ُلو يع َّ ْ‬
‫َعنْه َأ َّن الص َال َة ع َََل ْ ي‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ف الن ََّه يار َجائيزَ ٌة َو َق َال ال َّث ْو ير ُّي ََل ُي َص ََّل‬ ‫اجلنَائي يز َو َد ْفن ََها ني ْص َ‬
‫الص َال َة ع َََل ْ َ‬
‫ي‬ ‫ي ٍ‬
‫ي(ِف َذل َك) َع ْن َمالك َو َأ ْص َحابيه إي َّن َّ‬
‫ي‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫الص َال ُة َع َل ْي َها ني ْص َ‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ع َََل ْ ي‬
‫الش ْم ُس َو َب ْعدَ ا ْل َف ْج ير‬ ‫ف الن ََّه يار َوحنيَ تَغ ُ‬
‫يب َّ‬ ‫اجلنَائ يز إي ََّل يِف َم َواقيت َّ‬
‫الص َالة َو ُتك َْر ُه َّ‬ ‫َ‬
‫‪2‬‬
‫َق ْب َل َأ ْن َت ْط ُل َع الشمس‪.‬‬
‫اجل ُم َع ية َفإي َّن ُه‬ ‫ي‬
‫ات َمخ َْس ٌة ُك ُّل َها َمن يْهي َعن َْها إي ََّل َو ْق َت الزَّ َوال َي ْو َم ْ ُ‬‫الشافي يع ُّي إي َل َأ َّن َه يذ يه ْاألَ ْو َق َ‬
‫ب َّ‬ ‫َو َذ َه َ‬
‫َني‪ :‬إي َّما‬ ‫ف يِف َذلي َك َأ َحدُ َش ْيئ ْ ي‬ ‫اخل َال ي‬
‫رص‪ .‬وسبب ْ ي‬
‫الص َال َة َب ْعدَ ا ْل َع ْ ي َ َ َ ُ‬
‫ي ي‬
‫اس َت ْثنَى َق ْو ٌم م ْن َذل َك َّ‬ ‫الص َالةَ‪َ ،‬و ْ‬
‫ي ي‬
‫َأ َجازَ فيه َّ‬
‫ُم َع َار َض ُة َأ َث ٍر يألَ َث ٍر‪َ ،‬وإي َّما ُم َع َار َض ُة ْاألَ َث ير لي ْل َع َم يل يعنْدَ َم ْن َراعَى ا ْل َع َم َل‪َ :‬أعْنيي ع ََم َل َأ ْه يل املَْ يدين يَة َو ُه َو َمالي ُك‬
‫َاك ُم َع يار ٌض ََل يم ْن َق ْو ٍل َو ََل يم ْن ع ََم ٍل ا َّت َف ُقوا َع َل ْي يه‪َ ،‬و َح ْي ُث َو َر َد‬ ‫َس‪َ ،‬ف َح ْي ُث َو َر َد الن َّْه ُي َو ََل ْ َي ُك ْن ُهن َ‬ ‫ْب ُن َأن ٍ‬

‫اخ َت َل ُفوا‪.‬‬‫ا ُْمل َع يار ُض ْ‬

‫أل َث ير‪ ،‬و َذلي َك َأ َّنه َثب َت يمن ح يد ي‬ ‫ي ي ي‬ ‫ي‬ ‫اختي َال ُفهم يِف و ْق ي‬
‫يث ُع ْق َب َة ْب ين‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ال َفلي ُم َع َار َضة ا ْل َع َم يل فيه ل ْ َ َ‬ ‫ت الزَّ َو ي‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫َأ َّما ْ‬
‫يها َو َأ ْن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ث ساع ٍ‬ ‫َام ٍر ْ ي‬ ‫ع ي‬
‫ول اَّللَّي ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم ‪َ -‬ين َْهانَا َأ ْن ن َُص ِّ َيل ف َ‬
‫َان َر ُس ُ‬
‫َات ك َ‬ ‫اجلُ َهن ِّي َأ َّن ُه َق َال‪َ « :‬ث َال ُ َ‬
‫الش ْم ُس َب ياز َغ ًة َحتَّى ت َْرت يَف َع‪َ ،‬و يحنيَ َي ُقو ُم َقائي ُم ال َّظ يه َري ية َحتَّى َمت ي َيل‪َ ،‬و يحنيَ‬ ‫يها َم ْوتَانَا‪ :‬يحنيَ َت ْط ُل ُع َّ‬ ‫َن ْق ي‬
‫رب ف َ‬ ‫َُ‬
‫الصنَابي يح ِّي يِف َم ْعنَا ُه‪َ ،‬و َلكينَّ ُه ُمنْ َقطي ٌع‪،‬‬ ‫ي‬
‫يث َأ ييب َع ْبد اَّللَّي ُّ‬ ‫وب» َخ َّر َج ُه ُم ْسلي ٌم‪َ ،‬و َح يد ُ‬ ‫الش ْم ُس لي ْلغ ُُر ي‬ ‫ف َّ‬ ‫ت ََض َّي ُ‬
‫َخ َّر َج ُه َمالي ٌك يِف ُم َو َّطئي يه‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ . 1‬كام تقدم‬
‫‪ . 2‬التمهيد ملا ِف املوطأ من املعاين واَلسانيد ‪28-27 : 4‬‬
‫‪ . 3‬بداية املجتهد ‪256 :1‬‬
‫ف النَّ َه يار‬ ‫وب َو ََل ني ْص َ‬ ‫اجلنَائي يز يعنْدَ ال ُّط ُلو يع َو ََل يعنْدَ ا ْلغ ُُر ي‬ ‫ي‬
‫َو َق َال َأ ُبو َحني َف َة َو َأ ْص َحا ُب ُه ََل ُي َص ََّل ع َََل ْ َ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ات و َق َال ال َّلي ُث ََل يص ََّل ع َََل ْي ي‬ ‫ي‬ ‫ويص ََّل َع َليها يِف غ ي ي‬
‫الص َال ُة‬‫الساعَة ا َّلتي ُتك َْر ُه ف َيها َّ‬ ‫اجلنَازَ ة يِف َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َري َها م َن ْاألَ ْو َق َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َُ َ‬
‫ات ا ْل َع ْ ي‬
‫رص ََل ْ ُي َص ُّلوا َع َل ْي َها َحتَّى‬ ‫ب َعن ُْه ْم يمي َق ُ‬‫رص َفإي َذا َذ َه َ‬
‫اعي يص ََّل َع َليها ما دام يِف يمي َق ي‬
‫ات ا ْل َع ْ ي‬ ‫َْ َ َ َ‬
‫ي‬
‫َو َق َال ْاألَ ْوزَ ُّ ُ َ‬
‫‪1‬‬
‫َتغ ُْر َب َّ‬
‫الش ْم ُس‪.‬‬
‫فالنبي ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪َ -‬نى عن الصالة ِف هذه األوقات من غري فصل فهو عَل العموم‬
‫واإلطالق‪ ،‬ونبه عَل معنى النهي‪ ،‬وهو طلوع الشمس بني قرين الشيطان وذلك؛ ألن عبدة الشمس‬
‫يعبدون الشمس‪ ،‬ويسجدون ُلا عند الطلوع َتية ُلا‪ ،‬وعند الزوال َلستتامم علوها‪ ،‬وعند الغروب‬
‫وداعا ُلا فيجيء الشيطان فيجعل الشمس بني قرنيه ليقع سجودهم نحو الشمس له‪ ،‬فنهى النبي ‪-‬‬
‫صَل اَّلل عليه وسلم ‪ -‬عن الصالة ِف هذه األوقات لئال يقع التشبيه بعبدة الشمس‪ ،‬وهذا املعنى يعم‬
‫املصلني أمجع فقد عم النهي بصيغته ومعناه فال معنى للتخصيص‪ ،‬وما روي من النهي إَل بمكة شاذ َل‬
‫يقبل ِف معارضة املشهور‪ ،‬وكذا رواية استثناء يوم اجلمعة غريبة فال َيوز َتصيص املشهور ِبا ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫وروى الدَّ َار ُق ْطني ّي‪ :‬عَن أيب َذر َر ييض اَّلل عَن ُه َق َال‪َ :‬س يمعت َر ُسول اَّلل [صَل اَّلل َع َل ْي يه َوسلم]‬
‫(الش ْمس) إي ََّل‬
‫الش ْمس‪َ ،‬و ََل بعد ا ْل َع ْرص إي َل َأن تغرب َّ‬
‫الص ْبح إي َل ُط ُلوع َّ‬
‫َي ُقول‪ََ " :‬ل يصلني أحد بعد ُّ‬
‫بي َمكَّة "‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫قيل َل ُه‪ :‬أما هذا احلديث هو النهي‪َ ،‬والن َّْهي مقدم عَل ْاألَمر يألَ َّن ُه أحوط‪.‬‬

‫َن الص َال ية يِف تي ْل َك الساع ي‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫الشافي يعي يص ََّل ع َََل ْ ي‬
‫َات إين ََّام هو‬ ‫َّ‬ ‫اجلنَائ يز يِف ك ُِّل َو ْقت َوالن َّْه ُي عنْدَ ُه ع ي َّ‬ ‫َ‬ ‫َو َق َال َّ ُّ ُ َ‬ ‫‪.4‬‬
‫يض ٍة َأ ْو َص َال ية ُسن ٍَّة َف َال‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫عن النوافل املبتدئات َوال َّت َط ُّو يع َو َأ َّما َع ْن َص َال ية َف ير َ‬
‫ُيل) تقدّ م آن ًفا أن املشهور تصغريه‪ ،‬وأنه كان يكره ذلك ( َع ْن َأبي ييه) أنه ( َق َال‪َ :‬س يم ْع ُت‬ ‫وسى ْب ين ع َ ٍّ‬‫( َع ْن ُم َ‬
‫ث‬‫ول‪َ :‬ث َال ُ‬‫اجلُ َهني َّي) بضم اجليم‪ ،‬وفتح اُلاء‪ ،‬نسبة إل ُج َهينة‪ ،‬قبيلة من ُق َضاعَة (‪َ ( .)1‬ي ُق ُ‬ ‫ُع ْقب َة بن ع ي‬
‫َام ٍر ْ‬ ‫َ ْ َ‬

‫‪ . 1‬املرجع كام تقدم‬


‫‪ . 2‬بدائع الصنائع ‪296 :1‬‬
‫‪ . 3‬اللباب ِف مجع السنة والكتاب ‪188 :1‬‬
‫‪ . 4‬املرجع كام تقدم‬
‫َان َر ُس ُ‬
‫ول اَّللَّي ‪-‬صَل اَّللَّ عليه وسلم‪-‬‬ ‫َات) مبتدأ خربه مجلة "كان‪ . . .‬إلخ"؛ أي‪ :‬ثالثة أوقات (ك َ‬ ‫ساع ٍ‬
‫َ‬
‫ألَنا صالة‪ ،‬قاله ِف "املرعاة"‪.‬‬ ‫شمل صالة اجلنازة؛ َّ‬ ‫َين َْهانَا َأ ْن ن َُص ِّ َيل في ي‬
‫يه َّن) هو بإطالقه َي َ‬
‫وَتري أدائها فيها‪ ،‬بدليل حديث ابن‬
‫قال اجلامع عفا اَّللَّ عنه‪ :‬لكن املراد تأخريها إل هذه األوقات‪ِّ ،‬‬
‫فيصيل عند‬
‫َ‬ ‫عمر ‪-‬ريض اَّللَّ عنهام‪ ،-‬قال‪ :‬قال رسول اَّللَّ ‪-‬صَل اَّللَّ عليه وسلم‪َ" :-‬ل َيت ََح َّرى أحدكم‪،‬‬
‫طلوع الشمس‪ ،‬وَل عند غروِبا"‪ ،‬متفق عليه‪ ،‬وِف رواية للبخاري‪" :‬وَل َ َ‬
‫َت َّينُوا بصالتكم طلوع‬
‫الشمس‪ ،‬وَل غروِبا‪ ،‬فإَنا تطلع بني قرين الشيطان"‪ ،‬فإنه ّ‬
‫يدل عَل أن املنهي عنه هو القصد للصالة ِف‬
‫هذه األوقات‪َ ،‬ل أداء ما حرض فيها‪ ،‬كالصالة عَل اجلنازة احلارضة ِف تلك األوقات‪ ،‬فتن ّبه‪ ،‬واَّللَّ ‪-‬‬
‫‪1‬‬
‫تعال‪ -‬أعلم‪.‬‬

‫اختيار الكاتب ‪:‬‬


‫ومن اقوال العلامء ذهبت برأي الشافعية لكون رأيه تعبديا وتعقليا‪ .‬اما الذي كان تعبديا لكراهة‬
‫الصالة ِف اَلوقات اخلمسة لوجود النهي من حديث‪ .‬واما الذي كان تعقليا لكون الصالة عَل اجلنازة‬
‫من احد الصالة ذات سبب‪ .‬والصالة ذات سبب ُلا دليل ايضا كام مر‪ .‬واملنهي صالة النوافل مطلقا‬
‫ليس ُلا سبب‪ ،‬او ُلا سبب لكنه متأخر‪.‬‬

‫‪ . 1‬البحر املحيط الثجاج ِف َشح صحيح اإلمام مسلم احلجاج ‪602 :16‬‬
‫التقرير‬

‫اختالف املذهب عن الزكاة ِف مال الصبي‬

‫‪ :‬أستاذ فطاين أكرب ثان‬ ‫وظيفة من‬

‫‪ :‬أْحد ناصح الدين رافيل‬ ‫بقلم‬

‫املستوى ‪5 :‬‬

‫التخصص الفقه و أصوله‬

‫املعهد العايل ملعهد النور الثاين املرتض‬

‫‪2022/2021‬‬
‫بسم اَّلل الرْحن الرحيم‬

‫املقدمة‬
‫احلمد َّلل رب العاملني ْحدا يواِف نعمه و يكاِف مزيده‪ .‬وعَل نعمة اإليامن واإلسالم و صحة‬
‫البدن والذي جعل العلم و العاَل لنتفكر ُها‪.‬‬

‫اللهم صَل عَل سيدنا حممد و عَل ال سيدنا حممد كام صليت عَل سيدنا إبراهيم و عَل ال سيدنا‬
‫إبراهيم وبارك عَل سيدنا حممد وعَل ال سيدنا حممد كام باركت عَل سيدنا إبراهيم وعَل سيدنا إبراهيم‬
‫ِف العاملني إنك ْحيد ُميد‪.‬‬

‫و بعد‪ ،‬ففي هذه املقدمات سوف أبني مبحث هذا التقرير و أسباب اختيار البحث و أهداف‬
‫البحث‪.‬‬

‫أوَل‪ :‬مشكالت البحث‪.‬‬

‫يريد الباحث ِف هذا البحث يعرف إختالف املذاهب و أدلتها عن الزكاة ِف مال الصبي َتديدا ملوضع‬
‫اخلالف‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أسباب اختيار البحث‪.‬‬

‫أسباب اختيار البحث أن الباحث يقرأ كتب الفقه ويرى أن الزكاة ِف مال الصبي خالف بني العلامءز‬

‫ثالثا‪ :‬أهداف البحث‪.‬‬

‫يريد الباحث من هذا البحث َتقيق األهداف التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬بيان و إيضاح موضع اخلالف‪.‬‬


‫‪َ .2‬تديد القول الراجح‪.‬‬
‫‪ .3‬بيان سبب الُتجيح‪.‬‬
‫‪َ .4‬مارسة العلم ِف فقه املقارن‪.‬‬
‫باب األول‬
‫األقوال‬

‫اتفق الفقهاء عَل أن الزكاة َتب ِف مال البالغ العاقل املسلم للنصاب و زائدا عن حاجته‬
‫األصلية‪.‬‬

‫واختلفوا ِف وجوِبا ِف مال الصبي واملجنون و سأذكر ذلك بعد األن‪:‬‬

‫وجوب الزكاة عَل الصبي واملجنون‪ .‬وهو مذهب مجهور الفقهاء من املالكية و الشافعية واحلنابلة‬ ‫‪.1‬‬
‫إل وجوب الزكاة ِف مال الصغري واملجنون إذا توافرت فيه َشوط وجوب الزكاة ‪ -‬و روى‬
‫ذالك عن كثري من فقهاء الصحابة والتابعني والسلف الصالح منهم الفاروق عمر بن اخلطاب‪،‬‬
‫وأمري املؤمنني عيل بن أيب طالب‪ ،‬وعبد اَّلل بن عمر‪ ،‬وأم املؤمنني عائشة ريض اَّلل عنها‪ ،‬واحلسن‬
‫بن عيل‪ ،‬وجابر بن عبد اَّلل‪ ،‬و حممد بن سريين‪ ،‬و طاووس‪ ،‬والزهري‪ ،‬و إسحق بن راهوية‪ ،‬وأبو‬
‫عبيد القاسم بن سالم ريض اَّلل عنهم ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫عدم وجوب الزكاة‪ .‬وهو مذهب سعيد بن جرير وإبراهيم النخاعي ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.2‬‬

‫وجوب الزكاة ِف الزروع والثامر وَل َيب للصبي ِف غريُها‪ .‬وِبذا قول ملذهب احلنفية ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.3‬‬

‫ويرجع سبب اإلختالف ِف هذه املسألة إل أمرين‪:‬‬

‫األول‪ :‬اإلختالف ِف تصحيح حديث (( ابتغوا ِف أموال اليتامى )) فمن قال بتصحيحه أوجب‬
‫الزكاة ِف مال الصغري واملجنون‪ ،‬ومن َل يثبت عنده وَل يصححه َل يوجب الزكاة ِف مال الصبي‬
‫واملجنون ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫أنظر‪ :‬املجموع للنواوي‪ ،329/5 :‬كشاف القناع للبهوِت‪ ،169/2 :‬املغني َلبن القدامة‪ ،464/2 :‬أسهل املدارك‬ ‫‪1‬‬

‫للكشناوي‪.273/1 :‬‬
‫أنظر‪ :‬بداية املجتهد‪ ،5/2 :‬املغني َلبن قدامة‪.464/2 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر‪ :‬بدائع الصنائع للكاسني‪.4/2 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر‪ :‬املجموع للنواوي‪ ،329/5 :‬مسائل ِف الفقه املقارن ملحمد عثامن شبري‪ ،132 :‬البدر التامم َشح بلوغ املرام ‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.317-316/4‬‬
‫الثاين‪ :‬اإلختالف ِف مفهوم الزكاة هل هي عبادة حمضة كالصالة والصوم‪ ،‬أم أَنا عبادة مالية‬
‫فيها حق للفقراء واملساكني‪ .‬فمن أخذ باملعنى األول َل يوجب الزكاة ِف مال الصبي واملجنون؛ ألَنام ليس‬
‫من أهل النية واإلبتالء‪ .‬ومن قال بالثاين أوجب الزكاة ِف ماُلام ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫أنظر‪ :‬بداية املجتهد َلبن رشد‪.5/2:‬‬ ‫‪1‬‬


‫باب الثاين‬
‫األدلة‬

‫أدلة قول األول‬ ‫‪.5‬‬

‫استدل املوجبون للزكاة ِف مال الصبي باألدلة التالية‪:‬‬

‫والدَللة عَل صحة ما ذهبنا إليه قوله تعال‪{ :‬خذ من أمواُلم صدقة تطهرهم وتزكيهم ِبا)‬ ‫‪.1‬‬
‫{التوبة‪ )103 :‬واُلاء وامليم ِف أمواُلم كناية ترجع إل مذكور تقدم وهو قوله تعال‪:‬‬
‫{والسابقون األولون من املهاجرين واألنصار والذين اتبعوهم بإحسان} (التوبة‪)100 :‬‬
‫قيل‪ :‬اتبعوهم ِف اإلسالم من الذراري واألطفال ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫قوله ﷺ ملعاذ بن جبل حني بعثه إل اليمن ‪ (( :‬ادعهم إل شهادة أن َل إله إَل اَّلل وأين حممد‬ ‫‪.2‬‬
‫رسول اَّلل‪ ،‬فإن هم أطاعوك لذلك فاعلمهم أن فرض عليهم مخس صلوات ِف كل يوم‬
‫وليلة‪ ،‬فإن هم أطاعوك لذلك فاعلمهم أن اَّلل افُتض عليهم صدقة ِف أمواُلم تؤخذ من‬
‫أغنيائهم وترد عَل فقرائهم)) ‪ .‬فاحلديث عام يتناول مجيع أصحاب األموال كام بينا ِف‬
‫‪2‬‬

‫عموم األية‪ ،‬فقد قال ابن حزم‪ ( :‬فهذا عموم لكل غني من املسلمني‪ ،‬وهذا يدخل فيه‬
‫الصغري واملجنون ‪ . . . .‬إذا كانوا أغنياء ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫روى الُتمذي – بسنده – عن عمرو بن شعيب عم أبيه عو جده أن النبي ﷺ خطب الناس‬ ‫‪.3‬‬
‫فقال ‪ (( :‬أَل من ويل يتيام له مال فليتجر فيه‪ ،‬وَل يُتكه حتى تأكله الصدقة )) ‪ .‬فقد طلب‬
‫‪4‬‬

‫النبي ﷺ من أولياء األيتام أن يتجروا بأمواُلم َتصيال للربح‪ ،‬وحذرهم من ترك املال بغري‬
‫َتارة لئال تأكله الصدقات التي خيرجها الويل ِف كل سنة‪ .‬فلو َل تكن الزكاة واجبة ِف مال‬
‫اليتيم‪ ،‬وهو الصغري الذي فقد والده؛ ملا حذر النبي من ترك املال بغري َتارة‪ .‬وقد ذكر هذا‬
‫عمر ريض اَّلل عنه حيث روى اإلمام املالك ِف املوطأ بلغه أن عمر بن اخلطاب قال‪( :‬‬

‫احلاوي الكبري ملاوردي‪.152/3 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫صحيح البخاري‪[ 104/2 :‬رقم‪.] 1395 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫املحَل َلبن حزم‪.298/5 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫سنن الُتمذي‪ [ 23/2 :‬رقم‪.]641 :‬‬ ‫‪4‬‬


‫اَتروا ِف أموال اليتامى َلتأكلها الزكاة ) ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫و ألن الصبي من أهل املواساة والثواب فيوايس أقربائه من ماله‪ ،‬وينفق عليهم‪ ،‬وله أجر‬ ‫‪.4‬‬
‫عَل ذالك‪ .‬فتجب الزكاة ِف ماله للفقراء واملساكني ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫ألن الصبي يضمن من ماله قيمة ما أتلفه من أموال‪ ،‬وأروش اجلنايات وسائر احلقوق‬ ‫‪.5‬‬
‫املالية‪ ،‬فتجب الزكاة ِف ماله؛ ألَنا حق مايل للفقراء واملحتاجني ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وِف هذا املعنى يقول أبو عبيد‪ ( :‬إن الزكاة يشء جعله اَّلل حقا من حقوق الفقراء ِف‬
‫أموال األغنياء وإنام مثلها كالصبي يكون له اململوك‪ ،‬أفلست ترى أن نفقه اململوك َتب‬
‫عليه ِف ماله إن كان ذا مال كام َتب عَل الكبري‪ ،‬وكذالك لو ض ّيع إلنسان ماَل أو خرق له‬
‫ثوبا كان عليه دينا ِف ماله وأشياء كثرية‪ ،‬فهذا أشبه بالزكاة من الصالة؛ ألَنا مجيعا من‬
‫حقوق الناس‪ ،‬وليست الصالة كذالك‪ ،‬أفال يسقطون عليه هذه الديون إذا كانت الصالة َل‬
‫َتب عليه ) ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫أدلة قول الثاين‬ ‫‪.6‬‬

‫استدل القائلون بعدم وجوب الزكاة ِف مال الصبي واملجنون باألدلة التالية‪:‬‬

‫قوله تعال‪{ :‬خذ من أمواُلم صدقة تطهرهم وتزكيهم ِبا) ( سورة التوبة ‪.) 103 :‬‬ ‫‪.1‬‬

‫فاألية تبني أن املراد من الزكاة التطهري‪ ،‬واملراد به التطهري من الذنوب‪ ،‬والصبي َل‬
‫ذنوب له لعدم التكليف‪ ،‬فهو ليس بحاجة إل التطهري‪ ،‬فال َتب عليه الزكاة َلنتفاء علتها‬
‫وهي التطهري قال اجلصاص عند تفسريه لألية‪ ( :‬يعني إزالة نجس الذنوب بام يعطى من‬
‫الصدقة‪ ،‬وذالك ألنه ملا أطلق اسم النجس عَل الكافر تشبيها له بنجاسة األعيان أطلق ِف‬
‫مقابلته وإزالته اسم التطهري لتطهري نجاسة األعيان وإزالتها‪ ،‬وكذالك حكم الذنوب ِف‬

‫املوطأ‪ [ 251/1 :‬رقم‪.] 12 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫املجموع للنووي‪.329/5 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫املرجع السابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫األموال أليب عبيد‪ [ 552 :‬رقم‪.] 1328 :‬‬ ‫‪4‬‬


‫إطالق اسم النجس عليها‪ ،‬وأطلق اسم التطهري عَل إزالتها بفعل ما يوجب تكفريه فأطلق‬
‫اسم التطهري عليهم بام يأخذه النبي ﷺ ) ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫روى البخاري – بسنده – عن النبي ﷺ قال‪ (( :‬إن القلم رفع عن ثالثة‪ :‬عن املجنون حتى‬ ‫‪.2‬‬
‫ينفق‪ ،‬وعن الصبي حتى يدرك‪ ،‬وعن النائم حتى يستيقظ )) ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫قال الكاساين‪ ( :‬إنه َل سبيل إل إل اإلَياب عَل الصبي ألنه مرفوع القلم باحلديث‪،‬‬
‫وألن إَياب الزكاة إَياب الفعل‪ ،‬وإَياب الفعل عَل العاجز عن الفعل تكليف ما ليس ِف‬
‫الوسع‪ .‬وَل سبيل إل اإلَياب عَل الويل ليؤدي من مال الصبي؛ ألن الويل عن قربان مال‬
‫اليتيم إَل عَل وجه األحسان بنص الكتاب‪ ،‬وأداء الزكاة من ماله قربان ماله َل عَل وجه‬
‫األحسن ) ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫ما روى عن ليث بن أيب سليم عن ُماهد عن ابن مسعود قال‪ ( :‬ليس ِف مال اليتيم زكاة )‬ ‫‪.3‬‬
‫وروى عن ابن عباس مثله‪ ،‬فهو نص َصيح ِف عدم وجوب الزكاة ِف مال اليتيم وهو‬
‫الصغري الذي فقد أحد والديه ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫و ألن الزكاة عبادة كبقية العبادات‪ :‬من صالة وصيام َتتاج إل النية‪ .‬كام أن العبادة َلتتأدى‬ ‫‪.4‬‬
‫إَل باإلختيار َتقيقا ملعنى اإلبتأل‪ ،‬وَل اختيار للصبي واملجنون لعدم العقل ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫أحكام القران للجصاص‪.148/3 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫صحيح البخاري‪.45/7 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫بدئع الصنائع للكاسني‪.5/2 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫نقله صاحب الفتح‪ ،157/2 :‬عن كتاب األثار ملحمد بن احلسن‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫أنظر‪ :‬فتح القدير للكامل بن اُلامم‪.157/2 :‬‬ ‫‪5‬‬


‫أدلة قول الثالث‬ ‫‪.7‬‬

‫استدل احلنفية للتفريق بني الزروع والثامر وغريها بأن الزروع والثامر تنموا بذاِتا‪ ،‬وَل‬
‫َتتاج إل من ينميها فتجب الزكاة فيها دون النظر إل مالكها‪ .‬أما األموال األخرى فليست نامية‬
‫بذاِتا‪ ،‬وإنام هي مرصدة للنامء وَتتاج إل من ينميها‪ ،‬والصبي واملجنون َل قدرة ُلام عَل النامء فال‬
‫َتب الزكاة ِف األموال املرصدة للنامء من النقدين وعروض التجارة واحليوانات ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫أنظر‪ :‬تبيني احلقائق للزيلعي‪.252/2 :‬‬ ‫‪1‬‬


‫باب الثالث‬

‫املناقشة‬

‫مناقشة أدلة القائلني بوجوب الزكاة ِف مال الصبي‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬


‫اْلية التي استدل ِبا اجلمهور ﴿ خذ من أمواُلم ‪ ﴾ ...‬أجاب عنها من يرى عدم وجوب‬ ‫‪.1‬‬
‫الزكاة ِف مال الصبي بأَنا َل تبق عَل عمومها‪ ،‬وإنام خصصت بالسنة كبلوغ النصاب‬
‫واإلسالم‪ ،‬فال مانع حينئذ من َتصيصها بحديث‪ (( :‬إن القلم رفع ‪ )) ...‬الذي يقتِض‬
‫عدم وجوب الزكاة عَل غري املكلفني من الصبيان واملجانني ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫وَياب عن ذلك بأنه َل يراد من (( رفع القلم )) عدم التكليف‪ ،‬وإنام املراد رفع اإلثم‬
‫واملؤاخذة األخروية؛ ألن اإلمجاع قائم عَل وجوب احلقوق املالية عَل الصبي واملجنون‪:‬‬
‫ومن ذلك النفقة عَل األقارب والزوجات وضامن قيم املتلفات وأروش اجلنايات ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫حديث‪ (( :‬إن اَّلل افُتض عليهم صدقة ‪ )) ..‬أجيب عنه بام أجيب عن الْلية بأنه َل يبق‬ ‫‪.2‬‬
‫عَل عمومه‪ ،‬وإنام دخله التخصيص‪ ،‬فيخصص بحديث‪ (( :‬إن القلم رفع ‪.)) ...‬‬
‫وَياب بام ذكرنا سابقا‪.‬‬
‫حديث‪ (( :‬فليتجر فيه ‪ )) ...‬أجيب عنه بأنه ضعيف ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.3‬‬
‫قال الُتمذي‪ ( :‬وإنام روى هذا احلديث من هذا الوجه‪ ،‬وِف إسناده مقال؛ ألن املثنى بن‬
‫الصباح يضعف ِف احلديث ) ‪ .‬وقال صاحب التنقيح‪ ( :‬قال مهنا‪ :‬سألت أْحد بن حنبل‬
‫‪4‬‬

‫عن هذا احلديث‪ ،‬فقال‪ :‬ليس بصحيح‪ .‬وللحديث طريقان آخران عند الدارقطني باعُتافه‬
‫)‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫أنظر‪ :‬بدائع الصنائع‪.4/2 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر‪ :‬تبيني احلقائق للزيلعي‪.282/2 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫فتح القدير للكامل بن اُلامم‪.157/2 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫سنن الُتمذي‪ [ 23/2 :‬رقم‪.]641 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫فتح القدير للكامل با اُلامم‪.157/2 :‬‬ ‫‪5‬‬


‫وَياب عن ذلك بأن احلديث رواه الشافعي والبيهقي بإسناد صحيح عن يوسف بن ماهك‬
‫عن النبي ﷺ مرسال ألن يوسف تابعي‪ .‬وقد أكدَّ الشافعي ريض اَّلل عنه‪ ،‬هذا املرسل‬
‫بعموم احلديث الصحيح ِف إَياب الزكاة مطلقا‪ ،‬وبام رواه عن الصحابة ِف ذلك‪ .‬ورواه‬
‫البيهقي عن عمر بن اخلطاب ريض اَّلل عنه موقوفا عليه‪ ،‬وقال‪ :‬إسناده صحيح ‪ .‬فاحلديث‬
‫‪1‬‬

‫إذا َيتج به ‪.‬‬


‫‪2‬‬

‫القول بأن الزكاة َشعت للمواساة منقوض بالذمي الذي َلتؤخذ من ماله الزكاة مع أنه‬ ‫‪.4‬‬
‫أهل للمواساة ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وَياب عن ذلك بأن الزكاة عبادة مالية تتعلق بامل املسلم‪ ،‬فإذا ملك املسلم النصاب الزائد‬
‫عن حاجاته األصلية وجب عليه مواساة الفقراء واملساكني من ماله بإخراج الزكاة‬
‫الواجبة ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫أدلة القائلني بعدم وجوب الزكاة ِف مال الصبي‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬


‫اإلستدَلل بقوله تعال‪ { :‬خذ من أمواُلم صدقة تطهرهم } (سورة التوبة‪ .)103 :‬عَل‬ ‫‪.1‬‬
‫عدم وجوب الزكاة ِف مال الصبي بناء عَل أن املراد من الزكاة التطهري من الذنوب غري‬
‫مسلم من وجهني‪:‬‬
‫الوجه األول‬ ‫أ)‬
‫ليس املقصود من التطهري ِف اْلية التطهري من الذنوب فقط‪ ،‬وإنام كام يكون كذالك‬
‫يكون بتقويم السلوك وتنشئة النفس عَل الفضائل وتزكية األخالق‪ .‬فال يسلم أن‬
‫التطهري خاص بالذنوب ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫ولو سلمنا جدَل أنه خاص بالذنوب فإنه َليستلزم أن الزكاة َلَتب إَل حيث تكون‬
‫الذنوب‪ ،‬وغاية األمر أن يقال‪ :‬إن من حكمة مرشوعية الزكاة إزالة الذنوب‪.‬‬
‫الوجه الثاين‬ ‫ب)‬

‫املجموع للنووي‪.329/5 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫البدر التامم َشح بلوغ املرام ‪.317-316/4 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫فتح القدير‪.157/2 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫املجموع للنووي‪.329/5 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫املجموع للنووي‪.329/5 :‬‬ ‫‪5‬‬


‫إن الزكاة َشعت لسد حاجة املحتاجني‪ ،‬وإعنتة العاجزين عن الكسب‪ ،‬وإغاثة‬
‫امللهوفني‪ ،‬وتقويتهم عَل أداء ما افُتض عليهم من العقائد والعبادات‪ ،‬وَل ترشع‬
‫فقط إلزالة الذنوب ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫حديث‪ (( :‬إن القلم رفع ‪َ )) ...‬ل يسلم بأن املراد منه رفع التكليف‪ ،‬وإنام املراد رفع اإلثم‬ ‫‪.2‬‬
‫واملؤاخذة اْلخروية كام بينا عند اإلجابة عن اعُتاض املعُتض عَل اإلستدَلل بعموم‬
‫‪2‬‬

‫اْلية‪.‬‬
‫وأما األثر‪ ( :‬ليس ِف مال اليتيم زكاة ) فهو ضعيف؛ ألن ِف رواية ابن مسعود ليث بن أيب‬ ‫‪.3‬‬
‫سليم‪ ،‬وهو ضعيف كام قال البيهقي‪ ( :‬ضعف أهل العلم لسثا)‪ .‬وأما رواية ابن عباس‬
‫ففيها ابن ُليعة وهو ضعيف أيضا‪ ،‬فال َيتج ِبذا األثر‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫وأما القول بأن الزكاة عبادة حمضة كالصالة والصيام‪ ،‬فيجاب عنه ‪َ :‬ليسلم بأن الزكاة‬ ‫‪.4‬‬
‫عبادة حمضة؛ ألَنا تقبل النيابة‪ ،‬فيجوز للغني أن يوكل غريه ِف إخراجها‪ .‬قال الرميل ِف َناية‬
‫املحتاج‪ ( :‬وألن املقصود من الزكاة سد اخللة وتطهري املال‪ ،‬وماُلام قابل لداء النفقات‬
‫والغرامات‪ ،‬وليست الزكاة حمض عبادة حتى َتتص باملكلف وخياطب الويل بإخراجها‬
‫وحمل وجوب ذالك عليه ِف مال الصبي واملجنون ) ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫ويؤكد هذا املعنى أبو عبيد ِف كتاب األموال حيث يقول‪ ( :‬والذي عندي أن شزدرائع‬
‫اإلسالم َليقاس بعضها عَل بعض‪ ،‬ألَنا أمهات متِض كل واحدة عَل فرضها وسنتها‪ ،‬وقد‬
‫وجدنا خمتلفة ِف أشياء كثرية منها‪ :‬أن الزكاة َترج قبل حلها ووجوِبا‪ ،‬فتجزئ عن صاحبها‬
‫ِف قول أهل العراق‪ .‬وأن الصالة َلَتزئ إَل بعد دخول الوقت ‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫ومن ذلك‪ :‬يعرف أن الزكاة َتب ِف أرض الصغري إذا كانت أرض عرش ِف قول الناس‬
‫مجيعا‪ ،‬وهو َلَتب عليه الصالة ‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫أنظر‪ :‬بدائع الصنائع‪.4/2 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫املغني َلبن قدامة‪.464/2 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫أنظر‪ :‬فتح القدير‪.157/2 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫َناية املحتاج للرميل‪.128/3 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫األموال أليب عبيد‪ [ 552 :‬رقم‪.] 1328 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫أنظر‪ :‬مسائل ِف الفقه املقارن ملحمد عثامن شبري‪.139 :‬‬ ‫‪6‬‬


‫وكذلك الصيام أيضا أَل ترى أن احلائض تقِض الصيام وَلتقِض الصال ‪,‬ة وإناْلكل ِف‬
‫رمضان ناسيا ر قضاء عليه ِف قول كثري من الناس‪ ،‬وأن النايس للصالة عليه القضاء إذا‬
‫ذكرها )‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ثم قال‪ ( :‬فأين يذهب الذي يقيس الفرئض بعضها ببعض عام ذكرنا ) ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫مناقشة القائلني بالتفريق بني الزروع والثامر وغريها‪:‬‬ ‫ت‪.‬‬


‫إن التفريق بني الزروع والثامر وغريها من األموال َل يوجد عليه دليل من كتاب أو سنة أو‬
‫إمجاع أو واقع‪ .‬فالواقع يدل عَل أنه َلفرق ِف تنمية األموال بني أرض وعروض َتارة وحيونات‪،‬‬
‫فكلها َتتاج إل إَشاف املالك ورعايته ُلا‪.‬‬

‫‪ 1‬األموال أليب عبيد‪ [ 552 :‬رقم‪.] 1328 :‬‬


‫املرجع السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫الباب الرابع‬

‫إختيار الباحث‬

‫بعد عرضنا أدلة أصحاب األقوال الثالثة ومناقشتها يتبني يل أن الراجح ما ذهب إليه مجهور‬
‫الفقهاء من أن الزكاة َتب ِف مال الصغري واملجنون إذا توافرت فيه َشوط وجوب الزكاة؛ وذلك‬
‫لقوة أدلتهم وضعف أدلة القائلني بعدم الوجوب ِف مجيع األموال أو ِف بعضها‪ .‬وألن القول بعدم‬
‫الوجوب يؤدي إل إضاعة حق الفقراء واملستحقني الذي فرضه اَّلل تعال عَل األغنياء ِف قوله‬
‫تعال‪ ﴿ :‬إنام الصدقات للفقراء و املساكني ‪( ﴾ ...‬سورة التوبة ‪ ،)6 :‬وقوله تعال‪ ﴿ :‬وِف أمواُلم‬
‫حق للسائل واملحروم ﴾(سورة الذاريات‪ ، )19 :‬وقوله تعال‪ ﴿ :‬والذين ِف أمواُلم حق معلوم‬
‫للسائل واملحروم ﴾(سورة املعارج‪.)25 :‬‬
‫وإذا قلنا بوجوب الزكاة ِف مال الصبي أو املجنون فيجب عَل الويل أن خيرجها ِف كل سنة قمرية‪،‬‬
‫وإذا َل خيرجها أثم‪ ،‬وَيب عَل صاحب املال إخراجها عن السنوات السابقة عند وصول املال إليه‬
‫بعد البلوغ أو إففاقة من اجلنون واَّلل أعلم‪.‬‬

‫٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭٭‬
‫املصادر‬

‫القران الكريم‬ ‫‪.1‬‬


‫نووي‪ ،‬أيب زكريا َيي املرشف‪ ،‬املجموع َشح املهذب‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫البهوِت‪ ،‬منصور بن يونس بن صالح الدين ابن حسن بن إدريس‪ ،‬كشاف القناع عن متن اإلقناع‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫املقديس‪ ،‬موفق الدين أبو حممد عبد اَّلل بن أْحد بن حممد بن قدامة‪ ،‬املغني‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫الكشناوي‪ ،‬أبو بكر بن حسن بن عبد اَّلل‪ ،‬أسهل املدارك (( َشح إرشاد السالك ِف مذهب إمام‬ ‫‪.5‬‬
‫مالك ))‪.‬‬
‫القرطبي‪ ،‬أبو الوليد حممد بن أْحد بن حممد بن أمجد بن رشد‪ ،‬بداية املجتهد وَناية املقتصد‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫الكاسني‪ ،‬عالء الدين أبو بكر بن مسعود بن أْحد‪ ،‬بدائع الصنائع ِف ترتيب الرشائع‪.‬‬ ‫‪.7‬‬
‫شبري ‪ ،‬حممد عثامن‪ ،‬مسائل ِف الفقه املقارن‪.‬‬ ‫‪.8‬‬
‫الالعي‪ ،‬احلسني بن حممد بن سعيد‪ ،‬البدر التامم َشح بلوغ املرام‪.‬‬ ‫‪.9‬‬
‫‪ .10‬املاوردي‪ ،‬أبو احلسن عيل بن حممد بن حممد بن حبيب‪ ،‬احلاوي الكبري ِف فقه مذهب اإلمام‬
‫الشافعي وهو خمترص املزين‪.‬‬
‫‪ .11‬البخاري‪ ،‬حممد بن إسامعيل أبو عبد اَّلل‪ ،‬صحيح البخاري‪.‬‬
‫‪ .12‬األندليس‪ ،‬أبو عيل بن أْحد بن سعيد بن حزم‪ ،‬املحَل باألثار‬
‫‪ .13‬الُتمذي‪ ،‬حممد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك‪ ،‬سنن الُتمذي ‪.‬‬
‫‪ .14‬األصبحي‪ ،‬مالك بن أنس بن مالك بن عامر‪ ،‬موطأ اإلمام املالك‪.‬‬
‫‪ .15‬اُلروي ‪ ،‬أبو عبيد القاسم بن سالم بن عبد اَّلل ‪ ،‬كتاب األموال‪.‬‬
‫‪ .16‬اجلصاص‪ ،‬أْحد بن عيل أبو بكر الرازي‪ ،‬أحكام القران‪.‬‬
‫‪ .17‬السيوايس‪ ،‬اإلمام كامل الدين حممدبن عبد الواحد‪ ،‬فتح القدير عَل اُلداية‪.‬‬
‫‪ .18‬الزيلعي ‪ ،‬عثامن بن عيل بن حمجن البارعي‪ ،‬فخر الدين‪ ،‬تبيني احلقائق َشح كنز الدقائق وحاشية‬
‫الش ْلبي ِّي ‪.‬‬
‫ِّ‬
‫‪ .19‬الرميل‪ ،‬شمش الدين حممد بن أيب العباس أْحد بن ْحرة شهاب الدين‪َ ،‬ناية املحتاج إيل َشح‬
‫املنهاج‪.‬‬
‫زكاة الفطرة بالقيمة‬

‫بقلم‪ :‬فؤاد أمني‬

‫احلمد َّلل الذي فضل يني أدم بالعلم و العمل عَل مجيع العاَل و الصالة و السالم سيدنا حممد‬
‫سيد العرب و العجم و عَل اله و صحبه ينابيع العلوم و احلكم‪ .‬أما بعد‪.‬‬

‫إختلف الفقهاء ِف جواز زكاة الفطرة بالقيمة‪ .‬و تنبني املسألة عَل القولني‪:‬‬

‫القول اَلول‪َ :‬لَيوز دفع زكاة الفطرة بالقيمة‪ .‬هذا ما قاله الشافعي و مالك و أْحد‪.‬‬

‫القول الثاين‪َ :‬يوز كام قال أبو حنيفة‪.‬‬

‫سبب اخلالف‬

‫زكاة الفطرة واجبة ملا روى ابن عمر ريض اَّلل عنهام قال‪" :‬فرض رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم‬
‫صدقة الفطر من رمضان عَل الناس صاع ًا من قمح أو صاع ًا من شعري عَل كل ذكر وأنثى حر وعبد من‬
‫املسلمني" ‪ .‬و ورد ِف هذا النص اَلشياء املخصوصة فال َيوز العدول عنها‪ .‬و وجوب الفطرة لكفاية‬ ‫‪1‬‬

‫ُوه ْم َع ْن املَْ ْس َأ َل ية يِف‬


‫الس َال ُم‪َ « :‬أ ْغن ُ‬ ‫ي‬
‫املساكني ِف يوم العيد و َتصل بإعطاء القوت ُلم‪ .‬كام قال َع َل ْيه َّ‬
‫الص َال ُة َو َّ‬
‫يم ْث يل َه َذا ا ْل َي ْو يم»‬
‫‪2‬‬

‫وإنام اخلالف قي استنباط حديث ابن عمر ريض اَّلل عنهام و حكمة وجوب الفطرة‪.‬‬

‫أدلة املانعني‬

‫يم ُة يِف ا ْل يف ْط َر ية يعنْدَ نَا َوبي يه َق َال َمالي ٌك َو َأ ْْحَدُ َوا ْب ُن‬ ‫ي‬
‫َت يزئُ ا ْلق َ‬
‫قال النووي ِف املجموع‪َ ( :‬م ْس َأ َل ٌة) ََل ُ ْ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫رص ِّي َوع َُم َر ْب ين عبد العزيز والثوري قال‬ ‫املُْنْذ ير وقال أبو حنيفة َيوز وحكاه ا ْب ُن املُْنْذ ير َع ْن ْ َ‬
‫احل َس ين ا ْل َب ْ ي‬

‫الشافي يع ُّي َأ ْو َل يألَ ْم َر ْي ين‪:‬‬


‫ب إي َل ْي يه َّ‬ ‫الرض ي‬
‫ورة اه‪َ .‬و َما َذ َه َ‬
‫ي‬
‫َت يزئُ َّإَل عنْدَ َّ ُ َ‬ ‫وقال اسحق َو َأ ُبو َث ْو ٍر ََل ُ ْ‬

‫‪ 1‬صحيح االبخاري رقم احلديث‪.1512 :‬‬


‫‪ 2‬سنن الدارقطني رقم احلديث‪2133 :‬‬
‫ب يِف َه َذا ا ْل َي ْو يم ‪َ ،‬وإي ْغنَاؤُ ُه ْم‬‫َن ال َّط َل ي‬ ‫ول اَّللَّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم َق َال ‪َ :‬أ ْغن ُ‬
‫ُوه ْم ع ي‬ ‫ُها ‪َ :‬أ َّن َر ُس َ‬
‫• َأ َحدُ ُ َ‬
‫وت ‪.‬‬ ‫َن ا ْل ُق ي‬‫ُول َما ََل ُيغْنيي ع ي‬ ‫وت َأع َُّم ‪َ ،‬و َن ْف ُع ُه ْم بي يه َأ ْك َث ُر ‪ :‬يألَ َّن ُه َقدْ َيك ُ‬
‫ُون يِف املَْ ْأك ي‬ ‫بيا ْل ُق ي‬

‫ال يِف‬ ‫يه َف َلام َو َج َب ْت زَ كَا ُة ْاألَم َو ي‬ ‫ي ي ي‬ ‫• َوال َّث ياين ‪َ :‬أ َّن َما َخي ُْر ُج زَ كَا ُة ا ْل يف ْط ير يمنْ ُه ُم َقابي ٌل ملَيا َ ي‬
‫ْ‬ ‫ب زَ كَا ُة املَْال ف َّ‬ ‫َت ُ‬
‫ات املُْدَّ َخ َر ية‬ ‫َاة ا ْل يف ْط ير يمن ْاألَ ْقو ي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت ‪ ،‬ا ْقت ََض َأ ْن ََييب إي ْخراج زَ ك ي‬
‫َ َ ُ‬
‫ُوَل ي‬‫ون َسائي ير املَْ ْأك َ‬ ‫ات املُْدَّ َخ َر ية ُد َ‬‫ْاألَ ْقو ي‬
‫َ‬
‫ي ي‬ ‫ون سائي ير املَْ ْأك َ ي‬
‫يب َوا ْل ُ ُّ‬
‫رب‬ ‫ُوَلت ‪َ ،‬فإي َذا َث َب َت َأ َّن املَْ ْعنَى فيه ك َْو ُن ُه ُمدَّ َخ ًرا ُقوتًا ‪َ ،‬ف ُه َو الت َّْم ُر َوالزَّ بي ُ‬ ‫ُد َ َ‬
‫الش يعري وا ْلع َلس والس ْل ُت و ْاألَرزُّ وال ُّلوبييا و ْي‬
‫الذ َر ُة ‪،‬‬ ‫اجل َاو ْر ُس َو ُّ‬ ‫ان َوا ْل َعدَ ُس َو ْ َ‬ ‫اجل ْل َب ُ‬
‫ص َو ْ ُ‬ ‫احل َّم ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َو َّ ُ َ َ ُ َ ُّ‬
‫َان ُقوتًا َأ ْجزَ َأ ُه ‪ ،‬إي َذا َأ َّدى يمنْ ُه َصاعًا َوا َّل يذي َع َل ْي يه َأ ْص َحا ُبنَا َأ َّن ُه‬ ‫َات َفإي ْن ك َ‬ ‫َف َأما ا ْلب ي‬
‫اق ََّل َف َقدْ َأ ْح َس ُب ُه ُي ْقت ُ‬ ‫َّ َ‬
‫الشافي يع ِّي إي َّن زَ كَا َة ا ْل يف ْط ير يم َن‬ ‫َيوزُ َأ ْن ُخي يْر َج يمنْ ُه زَ كَا َة ا ْل يف ْط ير َف َأ َّما َق ْو ُل َّ‬ ‫ي‬ ‫َت ي ي‬
‫ب فيه زَ كَا ُة املَْال ‪َ ،‬و َ ُ‬ ‫وت َ ي ُ‬ ‫ُق ٌ‬
‫الَّش يء ‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ا ْل َب ْق يل َف َي ْعني َما َي ْب َقى ُمدَّ َخ ًرا ‪ :‬ألَ َّن َأ ْص َل ا ْل َب ْق يل َما َي ْب َقى م َن َّ ْ‬
‫َان يِف ا َّل يذي َد َف َع يم ْن َه يذ يه ا ْل ُق ْطني َّي ية َإل املَْ َساكي ي‬
‫ني‬ ‫و قال صاحب املدونة من املالكية‪ُ :‬ق ْل ُت‪َ :‬فإي ْن ك َ‬
‫َي يز ُئ ُه يعنْدَ َمالي ٍك ‪ .‬و يؤيده قول‬
‫‪2‬‬ ‫ي‬
‫يم ُة َصا ٍع م ْن َمت ْ ٍر؟ َق َال‪ََ :‬ل ُ ْ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫يم ُة َصا ٍع م ْن َشع ٍري َأ ْو ق َ‬
‫ي ي ٍ ي‬
‫يم ُة َصا ٍع م ْن حنْ َطة َأ ْو ق َ‬
‫ي‬
‫ق َ‬
‫ي‬ ‫ُوهم َع ْن سؤَ ي‬ ‫ي‬
‫ب‬‫وب َُل ُ ْم غَال ُ‬ ‫ال َه َذا ا ْل َي ْو َم َواملَْ ْط ُل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ساحب الذخرية‪ :‬لنا َق ْوله – َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّلم َ – َأ ْغن ُ ْ‬
‫ش ا ْل َب َل يد َأ ْو َع ْي يش يه إي َل َما ُه َو‬‫ب َع ْي ي‬ ‫اإلبي يل َق َال َسنَدٌ إي ْن عَدَ َل َع ْن غَالي ي‬ ‫وذ يِف ْ ي‬‫ش ا ْلب َل يد و يقياسا ع َََل ا ْل َغنَ يم املَْ ْأ ُخ ي‬
‫َع ْي ي َ َ َ ً‬
‫َي يزئُ يعنْدَ َمالي ٍك ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫أعال َأ ْجزَ َأ َوإي َل ْاألَ ْدنَى ََل ُ ْ‬

‫و قال إبن قدامة من احلنابلة ِف الكاِف‪ :‬وَل َتزئ القيمة؛ ألنه عدول عن املنصوص ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫دليل أيب حنيفة‬

‫وص َع َل ْي يه يم ْن َح ْي ُث إ َّن ُه َم ٌال‬


‫وب املَْن ُْص ي‬ ‫ب َف ُه َو َأ َّن ُو ُج َ‬ ‫قال صاحب بدائع صنائع‪َ :‬و َأما يص َف ُة ا ْل َو ي‬
‫اج ي‬ ‫َّ‬
‫اه َم‪َ ،‬أ ْو َدنَاني َري‪َ ،‬أ ْو‬ ‫َني َفيجوزُ َأ ْن يعطيي َعن َمجيي يع َذلي َك ا ْل يقيم َة در ي‬
‫َ ََ‬ ‫ُْ َ ْ‬
‫ي‬
‫اإل ْط َال يق ََل م ْن َح ْي ُث إ َّن ُه ع ْ ٌ َ ُ‬
‫ُم َت َق ِّو ٌم ع َََل ْ ي‬

‫ف يِف‬ ‫اَل ْختي َال ي‬ ‫إخراج ا ْل يقيم ية و ُهو ع َََل ي‬ ‫وضا‪َ ،‬أو ما َشاء و َه َذا يعنْدَ نَا‪ .‬و َق َال َّ ي ي‬ ‫وسا‪َ ،‬أ ْو ع ُُر ً‬
‫َ َ َ‬ ‫َيوزُ ْ َ ُ‬ ‫الشافع ُّي‪ََ :‬ل َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُف ُل ً‬
‫َت يو ييز ا ْل يق ي‬‫وص ٍة‪َ ،‬و يِف َ ْ‬ ‫َّص َو َر َد بي ُو ُج ي‬ ‫َاة‪َ .‬و ْج ُه َق ْولي يه َّ‬ ‫الزَّ ك ي‬
‫َّص َو َه َذا ََل‬ ‫َرب ُحك ُْم الن ِّ‬
‫يمة ُي ْعت َ ُ‬
‫َ‬ ‫وب َأ ْش َيا َء خمَ ُْص َ‬ ‫إن الن َّ‬
‫ُوه ْم َع ْن املَْ ْس َأ َل ية يِف يم ْث يل‬
‫ري لي َق ْولي يه – َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ‪َ « -‬أ ْغن ُ‬
‫احلَ يقي َق ية إ ْغنَا ُء ا ْل َف يق ي‬
‫ب يِف ْ‬ ‫اج َ‬‫ََيوزُ َو َلنَا َأ َّن ا ْل َو ي‬
‫ُ‬

‫‪ 1‬احلاوي الكبري [‪]377/3‬‬


‫‪ 2‬املدونة [‪]392/1‬‬
‫‪ 3‬الذخرية [‪]369/3‬‬
‫‪ 4‬الكاِف [‪]416/1‬‬
‫اج ية َوبي يه َت َب َّ َ‬
‫ني َأ َّن الن َّ‬
‫َّص َم ْع ُلو ٌل‬ ‫ي‬ ‫اإل ْغنَاء ََيص ُل بيا ْل يق ي‬
‫يمة َب ْل َأت ََّم َو َأ ْو َف َر؛ ألَ ََّنَا َأ ْق َر ُب َإل َد ْف يع ْ َ‬
‫احل َ‬ ‫َ‬ ‫َه َذا ا ْل َي ْو يم» ‪َ ،‬و ْ ي ُ ْ ُ‬
‫احل يقي َق ية‪َ .‬و َاَّللَُّ املُْ َو ِّف ُق ‪.‬‬ ‫َت يو ييز ا ْل يق ي‬ ‫بي ْ ي ي‬
‫‪1‬‬
‫َّص يِف ْ َ‬
‫َرب ُحك ُْم الن ِّ‬
‫يمة ُي ْعت َ ُ‬
‫َ‬ ‫اإل ْغنَاء َو َأ َّن ُه َل ْي َس يِف َ ْ‬

‫املناقشة‬

‫عند املانعني‬

‫قال املذاهب الثالثة‪َ :‬ل َيوز دفع الفطرة بالقيمة للحديث "فرض رسول اَّلل صَل اَّلل عليه‬
‫وسلم صدقة الفطر من رمضان عَل الناس صاع ًا من قمح أو صاع ًا من شعري عَل كل ذكر وأنثى حر‬
‫اإل ْغن ي‬
‫َاء لي َق ْولي يه – َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ‪-‬‬ ‫ول بي ْ ي‬‫َّص َم ْع ُل ٌ‬‫وعبد من املسلمني" ‪ .‬فإن فيل من املجيزين‪َ :‬أ َّن الن َّ‬ ‫‪2‬‬

‫يم ية َب ْل َأت ََّم َو َأ ْو َف َر؛ يألَ ََّنَا َأ ْق َر ُب َإل َد ْف يع‬ ‫ي‬


‫َي ُص ُل بيا ْلق َ‬ ‫ُوه ْم َع ْن املَْ ْس َأ َل ية يِف يم ْث يل َه َذا ا ْل َي ْو يم» ‪َ ،‬و ْ ي‬
‫اإل ْغنَا ُء َ ْ‬ ‫« َأ ْغن ُ‬
‫َن ا ْل ُق ي‬ ‫ُول َما ََل ُيغْنيي ع ي‬ ‫ُون يِف املَْ ْأك ي‬ ‫اج ية‪ .‬أجيب‪ :‬ب َأ َّن ُه َقدْ َيك ُ‬
‫وت‪ ،‬و النص ورد فيه األشياء املخصوصة فال‬ ‫َْ‬
‫احل َ‬
‫َيوز عدول عن املنصوص‪.‬‬

‫عند املجيزين‬

‫ُوه ْم َع ْن املَْ ْس َأ َل ية يِف يم ْث يل َه َذا‬ ‫احل يقي َق ية إ ْغنَا ُء ا ْل َف يق يري لي َق ْولي يه – َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ‪َ « -‬أ ْغن ُ‬
‫ب يِف ْ َ‬ ‫اج ُ‬ ‫ا ْل َو ي‬

‫يم ية‬ ‫ي‬


‫َت يو ييز ا ْلق َ‬ ‫وص ٍة‪َ ،‬و يِف َ ْ‬ ‫وب َأ ْش َيا َء خمَ ُْص َ‬ ‫َّص َو َر َد بي ُو ُج ي‬ ‫يم ية‪ .‬فإن قيل‪َّ :‬‬
‫إن الن َّ‬
‫ي‬
‫َي ُص ُل بيا ْلق َ‬ ‫ا ْل َي ْو يم»‪َ ،‬و ْ ي‬
‫اإل ْغنَا ُء َ ْ‬
‫َّص َم ْع ُلو ٌل‬‫ني َأ َّن الن َّ‬ ‫َيوزُ ‪ .‬أجيب‪ :‬بأن وجوب الفطرة إلغناء الفقراء‪َ .‬وبي يه َت َب َّ َ‬ ‫َّص َو َه َذا ََل َ ُ‬ ‫َرب ُحك ُْم الن ِّ‬ ‫ُي ْعت َ ُ‬
‫احل يقي َق ية‪َ .‬و َاَّللَُّ املُْ َو ِّف ُق ‪.‬‬ ‫َت يو ييز ا ْل يق ي‬ ‫بي ْ ي ي‬
‫‪3‬‬
‫َّص يِف ْ َ‬
‫َرب ُحك ُْم الن ِّ‬ ‫يمة ُي ْعت َ ُ‬ ‫َ‬ ‫اإل ْغنَاء َو َأ َّن ُه َل ْي َس يِف َ ْ‬

‫اج ية‪ .‬و اَّلل أعلم‪.‬‬ ‫ي‬


‫قلت‪ :‬إن دفع زكاة الفطرة بالقيمة جائز ألَ ََّنَا َأ ْق َر ُب َإل َد ْف يع ْ َ‬
‫احل َ‬

‫مع متنيتنا لكم بالتوفيق و النجاح‬

‫‪ 1‬بدائع صنائع [‪]73/2‬‬


‫‪ 2‬صحيح االبخاري رقم احلديث‪.1512 :‬‬
‫‪ 3‬بدائع صنائع [‪]73/2‬‬
‫اختالف ِف رؤية غم اُلالل‬
‫اَلعداد ‪ :‬الف مزكي‬

‫وَل َيب صوم رمضان اَل برؤية اُلالل فان غم عليهم وجب عليهم أن يستكملوا شعبان ثم‬
‫يصوموا ملا روى عن ابن عباس رىض اَّلل عنهام أن النبي صيل اَّلل عليه وسلم قال " صوموا لرؤيته‬
‫وأفطرو لرؤيته فان غم عليكم فاكملوا العدة وَل تستقبلوا الشهر استقباَل" وعن ابن عمر ـ ريض اَّلل‬
‫‪1‬‬

‫صَل اَّلل عليه وس ّلم يقول‪« :‬إذا رأيتموه فصوموا‪ ،‬وإذا رأيتموه فأفطروا‪،‬‬
‫عنهام ـ قال‪ :‬سمعت رسول اَّلل ّ‬
‫‪2‬‬
‫فإن غم عليكم فاقدروا له»‬
‫واختلف العلامء ِف معنى قوله صيل اَّلل عليه وسلم " فان غم عليكم فأقدروا له " ‪:‬‬
‫فقال أْحد ابن حنبل وطائفة قليلة معناه ضيقوا له وقدروه َتت السحاب وأوجب هؤَلء صيام‬ ‫‪.1‬‬
‫ليلة الغيم‬
‫وقال مطرف بن عبد اَّلل وأبو العباس ابن َسيج وابن قتيبة وآخرون معناه قدروه بحساب املنازل‬ ‫‪.2‬‬
‫وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي ومجهور السلف واخللف‪ :‬معناه قدروا له متام العدد ثالثني‬ ‫‪.3‬‬
‫‪3‬‬
‫يوما‪.‬‬
‫األدلة قول األول‬
‫صَل اَّلل عليه وس ّلم‪« :‬إذا رأيتموه فصوموا‪،‬‬
‫حديث ابن عمر ـ ريض اَّلل عنهام ـ قال‪ :‬قال النبي ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫وإذا رأيتموه فأفطروا‪ ،‬فإن غم عليكم فاقدروا له» ‪ .‬فقوله‪( :‬فاقدروا له) من القدر وهو الضيق‬
‫وِبذا فرسه األصحاب فقالوا‪ :‬اقدروا له‪ :‬أي ضيقوا عليه‪ ،‬قالوا‪ :‬ومنه قوله تعال‪َ { :‬و َم ْن ُق يد َر َع َل ْي يه‬
‫يرزْ ُق ُه َف ْل ُين يْف ْق يَمَّا آتَا ُه اَّللَُّ} [الطالق‪ ]7 :‬أي‪ :‬من ُضيق عليه‪ ،‬قالوا‪ :‬والتضييق أن َيعل شعبان تسعة‬
‫وعرشين يوم ًا‪.‬‬

‫‪ 1‬صحيح‪ :‬أخرجه أْحد (‪ ,)226/1‬والُتمذي (‪ ), 688‬والنسائي(‪ ,)136/4‬والبخاري (‪ ,)1909‬ومسلم(‪,)19()1081‬‬


‫‪ 3‬البخاري "‪ "1906‬ومسلم "‪."8" "1080‬‬
‫‪ 2‬املجموع َشح املهذب‪269 .6 .‬‬
‫أن ابن عمر ـ ريض اَّلل عنهام ـ‪« :‬كان إذا كان ليلة الثالثني من شعبان‪ ،‬وحال دونه غيم أو قُت‬ ‫‪.2‬‬
‫أصبح صائ ًام»‬
‫‪1‬‬
‫أنه َيتمل أن يكون اُلالل قد َه َّل‪ ،‬ولكن منعه هذا الَّشء احلاجب‪ ،‬فيصوم احتياط ًا‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ادلة قول الثاين‬
‫صَل اَّلل عليه وس ّلم‪« :‬فإن غ ُّم عليكم‬
‫فرس حديث ابن عمر ـ ريض اَّلل عنهام ـ وفيه قول النبي ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫فاقدروا له» ‪ ،‬وقال‪ :‬إنه مأخوذ من التقدير‪ ،‬وهو احلساب‪ .‬ذكر ذلك العيني ِف عمدة القاري‪ ,‬وابن‬
‫ت وغريهم‪.‬‬
‫رشد ِف املقدما ‪,‬‬
‫قال أهل اللغة‪ :‬يقال قدرت الشئ بتخفيف الدال أقدره وأقدره بضمها وكرسها وقدرته بتشديدها‬
‫وأقدرته بمعنى واحد وهو من التقدير قال اخلطابى وغريه‪ :‬ومنه قوله تعايل (فقدرنا فنعم‬
‫القادرون)‬
‫ادلة قول الثالث‬
‫واحتج أصحابنا بحديث ابن عمر قال " سمعت رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم يقول إذا رأيتموه‬ ‫‪.1‬‬
‫فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا فان غم عليكم فاقدروا له " رواه البخاري ومسلم وِف رواية ُلام‬
‫عن ابن عمر " أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم قال الشهر تسع وعرشون ليلة فال تصوموا حتى تروه‬
‫فان غم عليكم فاكملوا العدة ثالثني " وىف رواية ملسلم " ان رسول اَّلل صَل اَّلل عليه وسلم ذكر‬
‫رمضان فرضب بيديه فقال الشهر هكذا وهكذا ثم عقد إِبامه ِف الثالثة وقال صوموا لرؤيته‬
‫وأفطروا لرؤيته فان غم عليكم فاقدروا ثالثني " وىف رواية َليب داود باسناد صحيح زيادة قال "‬
‫وكان ابن عمر إذا كان شعبان تسعا وعرشين نظر له فان رؤى فذاك وان َل يروَل َيل دون منظره‬
‫سحاب وَل قُتة اصبح مفطرا فان حال دون منظره سحاب أو قُتة اصبح صائام فال وكان ابن‬
‫عمر يفطر مع الناس وَل يأخذ ِبذا احلساب " وعن أيب هريرة قال " قال النبي صيل اَّلل عليه‬
‫وسلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فان غبي عليكم فاكملوا عدة شعبان ثالثني " رواه البخاري‬
‫وعنه قال " قال رسول اَّلل صيل اَّلل عليه وسلم إذا رأيتم اُلالل فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا فان‬
‫غم عليكم فصوموا ثالثني يوما " رواه مسلم وىف رواية له " فان غم عليكم فاكملوا العدة " وىف‬
‫رواية فان غمى عليكم الشهر فعدوا ثالثني " وىف املسألة أحاديث كثرية بمعنى ما ذكرناه قال أهل‬

‫‪ 4‬الرشح املمتع عَل زاد املستقنع‪ ,‬حممد بن صالح بن حممد العثيمي ‪301-6‬‬
‫اللغة يقال قدرت الشئ اقدره وأقدره بضم الدال وكرسها وقدرته وأقدرته بمعنى واحد وهو من‬
‫‪1‬‬
‫التقدير قال اخلطايب ومنه قوله تعايل (فقدرنا فنعم القادرون) ‪.‬‬
‫واستدلوا بام ثبت ِف احلديث الصحيح عنه عليه الصالة والسالم أنه قال‪ ( :‬فإن غم عليكم‬ ‫‪.2‬‬
‫فأكملوا العدة ) وِف رواية‪ ( :‬فأكملوا عدة شعبان ثالثني يوم ًا ) أن النبي صَل اَّلل عليه وسلم قال‪:‬‬
‫( فإن غم عليكم ) فنص عَل أنه إذا َل ُير اُلالل ‪-‬كأن يكون هناك غيم‪ -‬فإننا نتم العدة ثالثني‬
‫يوم ًا‪.‬‬
‫األصل ِف الشهر أنه ثالثون يوم ًا حتى يدل الدليل عَل أنه ناقص‪ ،‬فالنقص خالف األصل‪،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫والقاعدة ِف الرشع‪ :‬أن األصل بقاء ما كان عَل ما كان‪ .‬فاألصل‪ :‬أننا ِف شعبان‪ ،‬ونشك هل دخل‬
‫رمضان أو َل‪ ،‬فلام كانت العدة ناقصة نقول‪َ :‬يب علينا إكامل العدة ألنه األصل‪ ،‬وعَل هذا‬
‫‪2‬‬
‫فيجب إمتام شعبان ثالثني يوم ًا‪.‬‬
‫املناقشة‪:‬‬
‫أما حديث ابن عمر ـ ريض اَّلل عنهام ـ فيقال‪ :‬إذا سلمنا ما قلتم فلامذا َل نقول القدر أن َيعل‬ ‫‪.1‬‬
‫رمضان تسعة وعرشين فتجعل التضيق عَل رمضان ألنه َل هيل هالله إل اْلن‪ ،‬فليس له حق ِف‬
‫الوجود فيبقى مضيق ًا عليه‪ ،‬ولكننا نقول‪ :‬الصواب أن املراد بالقدر هنا ما فرسته األحاديث‬
‫األخرى‪ ،‬وهو إكامل شعبان ثالثني يوم ًا إن كان اُلالل لرمضان وإكامل رمضان‪ ،‬ثالثني يوم ًا إن‬
‫كان اُلالل لشوال‪.‬‬
‫أما اَلحتياط‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫فأوَلً‪ :‬إنام يكون فيام كان األصل وجوبه‪ ،‬وأما إن كان األصل عدمه‪ ،‬فال احتياط ِف إَيابه‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬ما كان سبيله اَلحتياط‪ ،‬فقد ذكر اإلمام أْحد وغريه أنه ليس بالزم‪ ،‬وإنام هو عَل سبيل‬
‫الورع واَلستحباب‪ ،‬وذلك ألننا إذا احتطنا وأوجبنا فإننا وقعنا ِف غري اَلحتياط‪ ،‬من حيث تأثيم‬
‫الناس بالُتك‪ ،‬واَلحتياط هو أَل يؤثم الناس إَل بدليل يكون حجة عند اَّلل تعال‪.‬‬

‫‪ 5‬املجموع َشح املهذب‪405 .6.‬‬


‫‪َ 6‬شح زاد املستقن ‪,‬ع حممد بن حممد املختار الشنقيطي‬
‫وأما أثر ابن عمر ـ ريض اَّلل عنهام ـ‪ ،‬فال دليل فيه أيض ًا عَل الوجوب ألن ابن عمر ـ ريض اَّلل‬
‫عنهام ـ قد فعله عَل سبيل اَلستحباب؛ ألنه لو كان عَل سبيل الوجوب ألمر الناس به‪ ،‬ولو أهله‬
‫عَل األقل‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫فإن قال قائل‪ :‬أصومه َل من رمضان‪ ،‬وإنام من أجل اَلحتياط ولفعل ابن عمر ؟ اجلواب‪ :‬نقول‪:‬‬
‫ثبت ِف الصحيحني من حديث أيب هريرة ‪ -‬ريض اَّلل عنه ‪ -‬عن رسول اَّلل ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم‬
‫‪ -‬قال‪َ (( :‬ل تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومني ))‪ .‬وثبت ِف الصحيحني من حديث ابن عمر ‪,‬‬
‫وأما ما جاء عن أهل السنن من طريق العالء بن عبدالرْحن عن أبيه عن الرسول ‪ -‬صَل اَّلل عليه‬
‫‪2‬‬
‫وسلم ‪ (( -‬إذا انتصف شعبان فال تصوموا )) فهو حديث منكر كام نقله األئمة‪.‬‬
‫قال اجلمهور‪ :‬ومن قال بتقدير َتت السحاب فهو منابذ لرصيح باقى الروايات وقوله مردود ومن‬ ‫‪.3‬‬
‫قال بحساب املنازل فقوله مردود بقوله صَل اَّلل عليه وسلم ِف الصحيحني " إنا أمة أمية َل‬
‫نحسب وَل نكتب الشهر هكذا وهكذ " احلديث قالوا وَلن الناس لو كلفوا بذلك ضاق عليهم‬
‫َلنه َل يعرف احلساب اَل أفراد من الناس ِف البلدان الكبار‬
‫‪3‬‬

‫وقال شيخ اإلسالم أيض ًا‪ :‬فإنا نعلم باَلضطرار من دين اإلسالم أن العمل ِف رؤية هالل الصوم‬
‫واحلج أو العدة أو اإليالء‪ ،‬أو غري ذلك من األحكام املتعلقة باُلالل بخرب احلاسب أنه يرى أو َل‬
‫يرى َل َيوز‪ ..‬إل أن قال والنصوص املستفيضة عن النبي " بذلك كثرية‪ ،‬وقد أمجع املسلمون‬
‫بذلك عليه‪ ،‬وَل يعرف فيه خالف قديم أصالً‪ ،‬وَل خالف حديث‪ ،‬إَل أن بعض املتأخرين من‬
‫املتفقهة احلادثني بعد املائة الثالثة زعم أنه إذا غم اُلالل جاز للحاسب أن يعمل ِف حق نفسه‬
‫باحلساب‪ ،‬فإن كان احلاسب دل عَل الرؤية صام‪ ،‬وإَل فال‪ .‬وهذا القول وإن كان مقيد ًا باإلغامم‬
‫وخمتص ًا باحلاسب ِف نفسه فهو شاذ مسبوق باإلمجاع عَل خالفه‪ ،‬أما اتباع ذلك ـ يعني احلساب ـ‬
‫ِف الصحو‪ ،‬أو تعليق عموم احلكم العام به فام قاله مسلم‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫‪ 7‬الرشح املمتع عَل زاد املستقنع‪ ,‬حممد بن صالح بن حممد العثيمني (املتوىف ‪1421 :‬هـ)‪6-301‬‬
‫‪ 8‬كتاب الصيام من املحرر َلبن عبداُلادي رْحه اَّلل‪7 .1.‬‬
‫‪ 9‬املجموع َشح املهذب‪269 .6 .‬‬
‫‪ 10‬مواهب اجلليل ِف َشح خمترص خليل للخطاب (‪.)387/2‬‬
‫وقال شيخنا ِف قوله " =إي َذا َر َأ ْيت ُُمو ُه َف ُصو ُموا‪ ،‬قال‪ :‬علم منه أنه َل َيب الصوم بمقتض احلساب‪،‬‬
‫فلو قرر علامء احلساب املتابعون ملنازل القمر أن الليلة من رمضان ولكن َل ير اُلالل فإنه َل يصام‬
‫ألن الرشع علق هذا احلكم بأمر حمسوس وهو الرؤية‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫قلت‪ :‬وبعد ذكر هذه األدلة وأقوال أهل العلم ِف هذه املسألة أعني األخذ برؤية األهلة َل‬
‫باحلساب الفلكي تبني لنا أن ما تقوم به بالدنا ـ رعاها اَّلل حكومة وشعب ًا ـ من األخذ برؤية اُلالل‬
‫هو احلق املوافق للرشيعة‪ ،‬واملوافق ملا أمجع عليه الفقهاء‪ ،‬وَل يسوغ ألحد بعد ذلك أن يبدي برأيه‬
‫ِف أمر انعقد فيه اإلمجاع‪ ،‬ألنه بذلك يكون قد خالف النصوص الرشعية التي أمر اَّلل تعال‬
‫ول‪ (.]..‬سورة النساء‪:‬‬ ‫بالرجوع إليها ِف قوله تعال‪َ [:‬فإي ْن َتنَازَ ْعتُم يِف َيش ٍء َفر ُّدو ُه إي َل اَّللَّي َوالرس ي‬
‫َّ ُ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ْ‬
‫‪).59‬‬

‫‪ 11‬الرشح املمتع (‪.)301/6‬‬


‫التقرير‬

‫ِف تبييت نية الصوم‬

‫بقلم ‪ :‬باغوس شفيع دين اَّلل‬

‫مرشد ‪ :‬حممد فطاين اكرب ثاين‬

‫َتصص فقه و اصوله‬

‫املعهد العايل املعهد اَلسالمي النور "الثاين" املرتض‬

‫بولوَلوانج ماَلنج‬

‫‪2021‬‬
‫فصل ِف تبييت نية الصوم‬

‫احلمد َّلل رب العاملني وبه نستعني عَل أمور الدنيا والدين‪ ،‬والصالة والسالم عَل أَشف األنبياء‬
‫واملرسلني‪ .‬أما بعد‬
‫قال الكاتب باغوس شفيع دين اَّلل ‪ :‬قد سألني األستاذ العاَل حممد فطاين أكرب ثاين وأسأل اَّلل النفع بعلوم‬
‫ما يعلمني عَل الكتاب الكثري من كتب الُتاث‪ ،‬ألكتب رسالة الكتاب عن اختالف املذاهب األربعة‬
‫ببيان ما يذاهب اإلمام األربع لقضاء اإلمتحان املستوى اخلامس بمعهد العايل ِف معهد النور الثاين‬
‫املرتض‪.‬‬
‫هل َيب تبييت نية للصوم ِف كل ليلة؟‬
‫هذه املسألة فيها خالف بني العلامء‪ ،‬وأصح أقوال العلامء ِف هذه املسألة قول اجلمهور‪ :‬من وجوب تبييت‬
‫النية ِف الليل لكل يوم؛ لعموم قوله عليه الصالة والسالم ِف احلديث الصحيح‪ ( :‬من َل يبيت النية بالليل‬
‫فال صوم له )‪ ،‬وهذا يدل عَل أنه َيب أن يبيت النية بالصوم لكل ليلة بحسبها‪ .‬واخلالف ِف ذلك مبني‬
‫هل شهر رمضان عبادة واحدة ‪ ،‬أو أنه ثالثون عبادة؟‬
‫األقوال‬
‫القول ألول‪ :‬يشُتط للصيام تبييت النية من الليل ‪ ،‬أي قبل أن يطلع فجر يوم الصيام كل ليلة من‬
‫رمضان ‪ ،‬وَتب النية لكل يوم َلن صوم كل يوم عبادة منفردة يدخل وقتها بطلوع الفجر وخيرج وقتها‬
‫بغروب الشمس َل يفسد بفساد ما قبله وَل بفساد ما بعده فلم يكفه نية واحدة كالصلوات ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫القول الثاين ‪ :‬يكفي ِف رمضان نية واحدة عند مالك وابن حنبل‪ .‬ويقتِض صومه ليال وَنارا‬
‫وأنه عبادة واحدة َتزي بنية واحدة خصص الليل وبقي ما عداه عَل األصل ولقوله َل صيام ملن َل يبيت‬
‫الصيام من الليل ومقتضاه إجزاء رمضان بنية واحدة لعموم األلف والالم خصص ما عدا الشهر‬
‫باإلمجاع فيبقى الشهر ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫األدلة‬
‫القول األول‬
‫‪ .1‬قوله صَل اَّلل عليه وسلم ‪ { :‬من َل يبيت النية قبل الفجر فال صيام له } وَل بد من التبييت لكل يوم‬
‫لظاهر اخلرب ؛ ألن صوم كل يوم عبادة مستقلة لتخلل اليوم بام يناقض الصوم كالصالة يتخللها السالم ‪.‬‬

‫القول الثاين‬
‫الش ْه ير لي َق ْولي يه َت َع َال { َف َم ْن َش يهدَ يمنْك ُْم َّ‬
‫الش ْه َر َف ْل َي ُص ْم ُه } أداء شهر‬ ‫ب َص ْو ُم َّ‬
‫اج َ‬ ‫‪َ .2‬و ْج ُه َق ْولي يه ‪َّ :‬‬
‫إن ا ْل َو ي‬

‫رمضان أما ما روي عن حفصة ريض اَّلل عنها أن النبي صَل اَّلل عليه و سلم قال ‪ ( :‬من َل يبيت الصيام‬
‫من الليل فال صيام له ) فيحمل عَل أنه نفي كامل الصوم َل نفي وجوده أصال ‪.‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ 1‬املجموع َشح املهذب ‪288 : 6‬‬

‫‪ 2‬الذخرية ‪2 / 499‬‬
‫‪ 3‬فقه العبادات عَل املذهب احلنفي ‪1:128‬‬
‫مناقشة‬
‫وعن مالك َيب التبييت كل ليلة وبه قال اإلمامان أبو حنيفة والشافعي ألن أيام الشهر عبادات ينفرد‬
‫بعضها عن بعض وَل يفسد بعضها بفساد بعض ويتخللها ما ينافيها كاألكل والرشب واجلامع ليال‬
‫فصارت األيام كالصلوات اخلمس ِف اليوم فيجب أن ينفرد صوم كل يوم بنية كام تنفرد كل صالة بنية‬
‫ووجه املذهب قوله تعال { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } فتناول هذا األمر صوما واحدا وهو صوم‬
‫الشهر وإنام كانت مبيتة ملا رواه أصحاب السنن من قوله صَل اَّلل عليه وسلم َل صيام ملن َل يبيت الصيام‬
‫من الليل وإنام صحت مع الفجر عَل املشهور لقوله تعال { وكلوا واَشبوا حتى يتبني لكم اخليط األبيض‬
‫من اخليط األسود من الفجر } وألن األصل ِف النية أن تقارن أول العبادة وإنام اغتفر تقديمها ِف الصوم‬
‫‪1‬‬
‫للمشقة‬
‫ثم اختلفوا ِف وقت النية لفرض شهر رمضان ‪.‬‬
‫فقال مالك والشافعي وأْحد ‪َ :‬يوز ِف مجيع الليل وأول وقتها بعد غروب‬
‫الشمس وآخره طلوع الفجر الثاين ‪ ،‬وَتب النية قبل طلوعه ‪.‬‬
‫وقال أبو حنيفة ‪َ :‬توز بنيته من الليل ولو َل ينو حتى أصبح ونوى أجزأته‬
‫النية ما بينه وبني الزوال وكذلك اختالفهم ِف النذر املعني ‪.‬‬
‫واتفقوا عَل أن ما ثبت ِف الذمة من الصوم كقضاء رمضان وقضاء النذر‬
‫والكفارة َل َيوز صومه إَل بنية من الليل ‪.‬‬
‫واختلفوا ِف النية لصوم شهر رمضان هل َيزئه نية واحدة لشهر رمضان كله‬
‫أو يفتقر كل ليلة إل نية ؟‬
‫فقال أبو حنيفة والشافعي ‪ :‬يفتقر كل ليلة إل نية ‪.‬‬
‫وقال مالك ‪َ :‬تزئة نية واحدة جلميع الشهر ما َل ينسخها ‪.‬‬
‫وعن أْحد روايتان أظهرُها ‪ :‬أنه يفتقر كل ليلة إل نية واألخرى كمذهب‬
‫مالك ‪.‬‬
‫واتفقوا عَل أن صوم النفل كله َيوز بنية من الليل ومن النهار قبل الزوال إَل‬

‫‪ 4‬كفاية الطالب الرباين لرسالة أيب زيد القريواين ‪1/ 555‬‬


‫مالكا فإنه قال ‪َ :‬ل يصح إَل بنية من الليل ‪.‬‬
‫واتفقوا عَل أن صوم شهر رمضان َيب برؤية اُلالل أو إكامل شعبان ثالثني‬
‫يوما عند عدم الرؤية وخلو املطلع عن حائل يمنع الرؤية ‪.‬‬
‫ثم اختلفوا فيام إذا حال دون مطلع اُلالل غيم أو قُت ِف ليلة الثالثني من‬
‫شعبان ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫[وَيب تعيني النية من الليل لصوم كل يوم واجب]‪.‬‬

‫ِف نية الصوم مسائل‪ :‬أوَلً‪ :‬أَنا واجبة‪ ،‬ودليل وجوِبا ما تقدم من دليل الكتاب ُّ‬
‫والسنة‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬هناك فرق بني صوم الفريضة والنافلة‪ ،‬فصوم الفريضة َلبد فيه من تبييت النية بالليل‪ ،‬وصوم‬
‫النافلة َيوز أن تنشئه ولو َل تبيت النية بالليل‪.‬‬
‫املسألة الثالثة‪ :‬إذا قلنا‪َ :‬لبد وأن تبيت النية بالليل‪ ،‬فمن املعلوم أن ليلة الصيام تبتدئ من مغيب الشمس‪،‬‬
‫و هل ُت َب َّيت النية بمجرد مغيب الشمس أم العربة بام بعد منتصف الليل؟ بعض العلامء يقول‪ :‬تبييت النية‬
‫يكون من بعد منتصف الليل؛ ألنك َل تدخل ِف الليلة القابلة إَل من بعد منتصف الليل‪ ،‬ولذلك قالوا‪:‬‬
‫صح طواف اإلفاضة بعد منتصف الليل ِف ليلة النحر‪ ،‬وَل يصح قبل منتصف الليل؛ ألن النبي صَل اَّلل‬
‫عليه وسلم إنام أذن للظعن بعد منتصف الليل‪ ،‬وكذلك بالنسبة للمبيت‪ ،‬قالوا‪َ :‬لبد وأن يكون قد َب َّي َت‬
‫النية من بعد منتصف الليل‪ ،‬والعربة بمنتصف الليل الثاين َل بمنتصفه األول‪.‬‬
‫مجع من العلامء ‪-‬وهو الوجه الثاين‪ :-‬إنه َيوز أن تبيت النية بمجرد مغيب الشمس لليوم السابق‪،‬‬
‫وقال ٌ‬
‫وذلك عَل ظاهر قوله عليه الصالة والسالم ِف حديث أم املؤمنني حفصة ‪ ( :‬من َل يبيت النية بالليل ‪)...‬‬
‫والشخص يوصف بكونه بات وب ّيت من بعد مغيب الشمس‪ ،‬ولذلك قالوا‪ :‬لو نوى بعد مغيب الشمس‬
‫أجزأته النية‪ ،‬وهذا هو الصحيح‪ :‬فمن نوى قبل منتصف الليل اْلخر والثاين فإن نيته صحيحة معتربة‪.‬‬
‫وفائدة هذا اخلالف‪ :‬أنه لو نوى ِف النصف األول ثم نام قبل النصف الثاين‪ ،‬واستيقظ بعد أذان الفجر‪،‬‬
‫فعَل القول األول الذي يشُتط النصف الثاين‪َ :‬ل يصح‪ ،‬وعَل القول الثاين‪ :‬يصح‪.‬‬
‫وعَل هذا فال بد من تبييت النية سوا ًء وقعت ِف النصف األول أو النصف الثاين ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫قلت‬

‫‪ 5‬اختالف األئمة العلامء ‪1/230-229‬‬


‫‪ 6‬الرشح زاد املستقنع للشنقيطي ‪102/9‬‬
‫يشُتط ِف أداء صوم رمضان تبييت النية ِف كل يو ‪,‬م و َل يكفي نية واحدة جلميع الشهر‪.‬‬
‫مايفسد الصوم ويوجب القضاء والكفارة‬

‫اَلعداد‪ :‬حممد اقبال اخلري عزيز‬

‫اتفق اهل العلم عَل وجوب القضاء والكفارة عَل من ابطل صومه بجامع عمدا غري نسيان وَل إكراه‪:‬‬
‫لورود اخلرب بذالك‪ ,‬واختلفوا ِف وجوِبا باإلفطارعمدا بأكل اوَشب عَل قولني‪:‬‬

‫‪َ :‬تب الكفارة باألكل اوالرشب عمدا‬ ‫‪ .1‬اإلمام املالك واحلنفي‬

‫‪ .2‬اإلمام الشفعي وأْحد بن حنبل ‪َ :‬لَتب الكفارة بغري اإلفطار متعمدا بجامع‬

‫اإلستدَلل‬
‫أدلة اإلمام املالك‬
‫َتب الكفارة بكل فطر عَل وجه اُلتك‪ ،‬من أكل وَشب‪ ،‬وغري ذلك سوى الردة‪ .‬خالف ًا للشافعي ِف‬
‫قوله‪َ :‬ل كفارة إَل ِف اجلامع‪ ،‬ملا روي أن رج ً‬
‫ال أفطر ِف رمضان‪ ،‬فأمره رسول اَّلل ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم‬
‫ال قال لرسول اَّلل ‪ -‬صَل اَّلل عليه وسلم ‪ :-‬إنه أفطر يوم ًا ِف‬
‫‪ -‬أن يكفر بعتق رقبة‪ ،‬وروي أن رج ً‬
‫رمضان‪ ،‬فقال له‪( :‬أعتق رقبة)‪ ،‬وهذا نقل للحكم بسببه‪ ،‬وألنه لو كان احلكم خيتلف َل ستفصل وسأل‬
‫عام أفطر به‪ ،‬وقوله‪( :‬من أفطر ِف رمضان فعليه ما عَل املظاهر)؛ وألنه أفطر َنار رمضان عَل وجه‬
‫اُلتك حلرمة الصوم‪ ،‬فوجب أن تلزمه الكفارة كاجلامع؛ وإن شئت قلت‪ :‬مع اعتقاد وجوبه احُتازا من‬
‫الردة‪ ،‬وإن كان غري حمتاج إليه؛ ألن ِف العلة احُتاز ًا منه بغري هذا الوجه؛ وألنه نوع يقع به الفطر تارة‬
‫بعذر وتارة بغري عذر فوجب إذا وقع مع العدم أن َتب الكفارة كاجلامع؛ وألن اَلعتبار ِف وجوب‬
‫‪1‬‬
‫الكفارة ِف الصوم بحال املفطر َل بام يقع به الفطر اعتبار باألصول كلها‪.‬‬

‫أدلة اإلمام احلنفي‬


‫ان م َتعمدً ا َفع َلي يه ما ع َََل املُْ َظ ي‬ ‫ي‬
‫اه ير‬ ‫َو َلنَا َما ُر يو َي َع ْن النَّبي ِّي َص ََّل اَّللَُّ َع َل ْيه َو َس َّل َم َأ َّن ُه َق َال ‪َ { :‬م ْن َأ ْف َط َر يِف َر َم َض َ ُ َ ِّ َ ْ َ‬
‫َاب ‪َ ،‬فك ََذا ع َََل املُْ ْفطي ير ُم َت َع ِّمدً ا ‪.‬‬
‫َص ا ْلكيت ي‬ ‫ي‬
‫} ‪َ ،‬وع َََل املُْ َظاه ير ا ْل َك َّف َار ُة بين ِّ‬

‫اإلَشاف‪ :‬ج‪ 433 /1‬للقايض أبو حممد عبد الوهاب‬ ‫‪1‬‬


‫ان يص َيا َن ًة َل ُه يِف‬ ‫َاك وجب ْت ليلزَّ ج ير َعن إ ْفس ي‬ ‫ي‬ ‫َو ْج ُه ا ْل يق َي ي‬
‫اد َص ْو يم َر َم َض َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫اس ع َََل املُْ َوا َق َعة َف ُه َو َأ َّن ا ْل َك َّف َار َة ُهن َ َ َ َ‬
‫اج ُة مس ْت َإل الزَّ ي‬
‫اج ير ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ت َّ ي ي ي‬ ‫ا ْلو ْق ي‬
‫احل َ َ َّ‬ ‫الرشيف ‪ ،‬ألَ ََّنَا ت َْص ُل ُح زَ اج َر ًة ‪َ ،‬و ْ َ‬ ‫َ‬
‫َاق َر َق َب ٍة ‪َ ،‬فإي ْن ََل ْ ََييدْ َف يص َيا ُم َش ْه َر ْي ين‬ ‫أل َّن َم ْن َت َأ َّم َل َأ َّن ُه َل ْو َأ ْف َط َر َي ْو ًما يم ْن َر َم َض َ‬
‫ان َل يز َم ُه إ ْعت ُ‬ ‫الص َال يح َّي ُة َف ي َ‬‫َأ َّما َّ‬
‫ني َفإي ْن ََل ْ َي ْستَطي ْع َفإي ْط َعا ُم يستِّنيَ يم ْسكيينًا ََل ْم َتن ََع يمنْ ُه ‪.‬‬ ‫ُم َتت يَاب َع ْ ي‬

‫اجل َام يع ‪َ ،‬و ُه َو َش ْه َو ُة ْاألَك ي‬ ‫ب ‪َ ،‬و ْي‬ ‫الرش ي‬ ‫يع ِّي َإل ْاألَك ي‬ ‫اعي ال َّطبي ي‬‫ود الدَّ ي‬ ‫احلاج ُة َإل الزَّ ج ير َفليوج ي‬
‫ْل ‪،‬‬ ‫ْل ‪َ ،‬و ُّ ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َو َأ َّما ْ َ َ‬
‫ي‬ ‫اجل َام يع ‪َ ،‬و َه َذا يِف ْاألَك ي‬
‫ب ‪َ ،‬و ْي‬
‫اج ُة‬ ‫َت ْ َ‬
‫احل َ‬ ‫وع ‪َ ،‬وا ْل َع َط َش ُي َق ِّل ُل َّ‬
‫الش ْه َو َة ‪َ ،‬فكَان ْ‬ ‫اجل َ‬‫ب َأ ْك َث ُر ألَ َّن ْ ُ‬‫الرش ي‬
‫ْل ‪َ ،‬و ُّ ْ‬ ‫الرش ي‬
‫َو ُّ ْ‬
‫َشعًا َه ُهنَا يم ْن َط ير ييق ْاألَ ْو َل ‪َ ،‬وع َََل َه يذ يه‬ ‫َاك َ ْ‬ ‫اج ير ُهن َ‬ ‫َان ََش ُع الزَّ ي‬
‫ب َأ ْك َث َر ‪َ ،‬فك َ ْ‬ ‫الرش ي‬
‫ْل ‪َ ،‬و ُّ ْ‬ ‫َإل الزَّ ْج ير َع ْن ْاألَك ي‬

‫اس ُح َّج ًة ََل َت ْف يص ُل َب ْ َ‬


‫ني‬ ‫اس يألَ َّن الدَّ ََلئي َل املُْ ْقت يَض َي َة ليك َْو ين ا ْل يق َي ي‬‫اب ا ْل َك َّف َار ية بيا ْل يق َي ي‬ ‫ي‬
‫ال َّط يري َقة ُي ْمن َُع عَدَ ُم َج َو ياز إ َ‬
‫َي ي‬
‫ا ْل َك َّف َار ية َوغ ْ ي‬
‫َري َها ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫أدلة اإلمام الشافعي‬


‫ان َك َأ ْن َوطي َئ ُم َسافي ٌر َأ ْو َن ْح ُو ُه ا ْم َر َأ َت ُه‬
‫َري يه) َو َل ْو يِف َر َم َض َ‬
‫َص َال ٍة ( َأ ْو َص ْو يم غ ْ ي‬‫َري َص ْو ٍم) ك َ‬ ‫(و) ََل ع َََل ( ُم ْف يس يد غ ْ ي‬ ‫َ‬
‫َّص َو َر َد يِف َص ْو يم َر َم َض َ‬ ‫ٍ ي‬ ‫َف َف َسدَ َص ْو ُم َها ( َأ ْو َص ْو ُم ُه يِف غ ْ ي‬
‫ان ك ََام َم َّر َو ُه َو‬ ‫ان) َكن َْذ ٍر َو َق َضاء؛ ألَ َّن الن َّ‬ ‫َري َر َم َض َ‬
‫َاء؛ يألَ َّن‬ ‫ْل واستيمن ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َري ُه ( َأ ْو) ُم ْف يس ٍد َل ُه َو َل ْو يِف َر َم َض َ‬
‫ان (بيغ ْ ي‬ ‫خمَ ْصوص بي َف َضائي َل ََل ي ْ ي ي‬
‫َري َو ْطء) َك َأك ٍ َ ْ ْ‬ ‫يها غ ْ ُ‬‫رش ُك ُه ف َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ٌ‬
‫ص َو َر َد يِف ا ْل َو ْط يء َو َما عَدَ ا ُه َل ْي َس يِف َم ْعنَا ُه ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫النَّ َّ‬

‫أدلة اإلمام األْحد‬

‫وَل َتب الكفارة بغري اجلامع ألن النبي صَل اَّلل عليه و سلم َل يأمر ِبا املحتجم وَل املستقيء وألن‬

‫بدائع الصنائع للكاساين‪:‬ج‪619-618/2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬منهج الطالب‪ :‬ج‪113/2‬‬


‫اإلَياب ِف الرشع وَل يرد ِبا إَل ِف اجلامع وليس غريه ِف معناه ألنه أغلظ وُلذا َيب به احلد ِف ملك الغري‬
‫‪1‬‬
‫والكفارة العظمى ِف احلج ويفسده دون سائر حمظوراته و يتعلق به اثنا عرش حكام‬

‫مناقشة‬
‫ب يعنْدَ إ ْب َطالي يه يألَ َّن ُه َأ ْم ٌر ع ي‬ ‫ي‬
‫َش َع يِف َب َيان َما ََيي ُ‬
‫ي يي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ملََّا َف َر َغ م ْن َب َيان َأن َْوا يع َّ‬
‫الص ْو يم‬
‫َار ٌض ع َََل َّ‬ ‫الص ْو يم َو َت ْفسريه َ َ‬
‫اس َأ ْن ُي ْفطي َر‪َ ،‬و ُه َو َق ْو ُل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫َش َب َأ ْو َجا َم َع نَاس ًيا ََل ْ ُي ْفط ْر‪َ ،‬وا ْلق َي ُ‬ ‫الصائي ُم َأ ْو َ ي‬
‫(وإي َذا َأك ََل َّ‬ ‫ب َأ ْن ُي ْذك ََر ُمؤَ َّخ ًرا َ‬ ‫َفن َ‬
‫َاس َ‬
‫الضدَّ ْي ين َم ًعا‬
‫ود ِّ‬‫الَّش يء مع يدم َله يَلستيحا َل ية وج ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َمالي ٍك ‪َ -‬ر ي َ‬
‫الص ْو َم) َو ُو ُجو ُد ُم َضا ِّد َّ ْ ُ ْ ٌ ُ ْ َ ُ ُ‬ ‫ْح ُه اَّللَُّ ‪ -‬ل ُو ُجود َما ُي َضا ُّد َّ‬
‫َش َب‬ ‫ان « َق ْو ُل ُه ‪َ -‬ص ََّل اَّللَُّ َع َل ْي يه َو َس َّل َم ‪ -‬لي َّل يذي َأك ََل َو َ ي‬ ‫اَلستيحس ي‬ ‫ي‬
‫الص َالة َو ْج ُه ْ ْ َ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫( َف َص َار كَا ْلك ََال يم نَاس ًيا يِف َّ‬
‫َاب َو ُه َو َق ْوله َت َع َال { ُث َّم‬ ‫يث ُم َع يار ٌض لي ْلكيت ي‬ ‫احل يد ُ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫نَاس ًيا‪ :‬ت َّم ع َََل َص ْومك َفإين ََّام َأ ْط َع َمك اَّللَُّ َو َس َقاك» ق َيل‪َ :‬ه َذا ْ َ‬
‫ي ي‬

‫الَّش يء‬
‫ْن َّ ْ‬ ‫ات َف ْاْل َي ُة تَدُ ُّل ع َََل ُب ْط َالني يه يألَ َّن انْتي َفا َء ُرك ي‬‫اك َو َقدْ َف َ‬ ‫الص َيا َم} [البقرة‪َ ]187 :‬فإي َّن ِّ‬
‫الص َيا َم إ ْم َس ٌ‬ ‫َأمتُّوا ِّ‬
‫ي‬

‫يب بي َأ َّن يِف ا ْلكيت ي‬


‫َاب َد ََل َل ًة ع َََل‬ ‫ب ت َْر ُك ُه‪َ .‬و ُأ يج َ‬ ‫يث َيدُ ُّل ع َََل إي َفائي يه ك ََام ك َ‬
‫َان َف َي يج ُ‬ ‫احل يد ُ‬ ‫ي‬
‫َي ْس َت ْل يز ُم انْت َفا َء ُه ََل حمَ َا َل َة‪َ ،‬و ْ َ‬
‫يث‬ ‫احل يد ُ‬‫َان ْ َ‬‫اخ ْذنَا إي ْن ن يَسينَا َأ ْو َأ ْخ َط ْأنَا} [البقرة‪َ ]286 :‬فك َ‬ ‫ان مع ُفو َعنْه لي َقولي يه َتع َال {ربنَا َل تُؤَ ي‬
‫َ َّ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫َأ َّن الن ِّْس َي َ َ ْ‬
‫َاب َفيعم ُل بي يه‪ ،‬و َُيم ُل َقوله َتع َال { َأ يمتوا الصيام} [البقرة‪ ]187 :‬ع َََل حا َل ية انْتي َف ي‬
‫اء ْ ي‬ ‫ي ي ي‬
‫اإل ْمتَا يم ع َْمدً ا‬ ‫َ‬ ‫ِّ َ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َْ ْ َ‬ ‫ُم َواف ًقا ل ْلكت ي ُ ْ َ‬
‫اختي َي يار ٍّي َف َال َي ُفو ُت ُه‪َ .‬ف يإ ْن يق َيل‪:‬‬ ‫ت َل ُه ك ََذلي َك‪َ ،‬والن ِّْس َي ُ‬
‫ان َل ْي َس يب ْ‬ ‫اختي َي ياري َف َيك ُ‬
‫ُون يضدُّ ُه املُْ َف ِّو ُ‬ ‫اإل ْمتَا َم في ْع ٌل ْ‬
‫يألَ َّن ْ ي‬

‫الص َال ية يألَ َّن َه ْي َئ َة‬ ‫ي ي ي ي‬ ‫يي ي ي‬ ‫َس َّل ْمنَا َذلي َك َوإي َذا َث َب َت َه َذا يِف ْاألَك ي‬
‫الركْن َّية بيخ َالف َّ‬ ‫ب َث َب َت يِف ا ْل يو َقا يع لال ْست َواء يِف ُّ‬ ‫الرش ي‬‫ْل َو ُّ ْ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫َّص ََل ْ‬ ‫ض َوالنَّ َف يل ألَ َّن الن َّ‬
‫ني ا ْل َف ْر ي‬ ‫الص ْو يم َف َيغْلي ُ‬
‫ب‪َ ،‬و ََل َف ْر َق َب ْ َ‬ ‫ان َو ََل ُم َذك َِّر يِف َّ‬ ‫الص َالة ُم َذك َِّر ٌة َف َال َيغْلي ُ‬
‫ب الن ِّْس َي ُ‬ ‫َّ‬
‫ْحه اَّللَُّ ‪َ ،-‬فإي َّنه يعت يَربه يبالن ي‬
‫َّايس‪َ ،‬و َلنَا َأ َّن ُه‬ ‫ي‬ ‫َان خمُ ْطيئًا َأو مكْر ًها َفع َلي يه ا ْل َق َضاء يخ َال ًفا لي َّ ي ي‬ ‫ُي َف ِّض ْل َو َل ْو ك َ‬
‫ُ َْ ُُ‬ ‫لشافع ِّي ‪َ -‬ر َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ ُ َ‬
‫ََل يغْليب وجوده وع ُْذر النِّسي ي‬
‫ان‬ ‫َ ُ ُ ُ ُُ َ ُ ْ َ‬

‫(وإي َذا َث َب َت‬ ‫يي‬ ‫ف َت َعدَّ ى َإل ْي‬ ‫ف ا ْل يق َي ي‬ ‫ب ع َََل يخ َال ي‬ ‫َّص َو َر َد يِف ْاألَك ي‬ ‫ي‬
‫اب بي َق ْوله َ‬ ‫اجل َامعي؟ َأ َج َ‬ ‫اس‪َ ،‬ف َك ْي َ‬ ‫الرش ي‬‫ْل َو ُّ ْ‬ ‫َلك َّن الن َّ‬
‫اس يألَ َّن ك ىُال يمن َْها‬
‫الركْني َّي ية) َي ْعنيي َث َب َت بيالدَّ ََل َل ية ََل بيا ْل يق َي ي‬ ‫يي ي ي‬
‫ب َث َب َت يِف ا ْل يو َقا يع لال ْست َواء يِف ُّ‬ ‫الرش ي‬
‫ْل َو ُّ ْ‬ ‫َه َذا يِف ْاألَك ي‬
‫اب َع ْن َق ْولي يه‬ ‫ي‬
‫الص َالة) َج َو ٌ‬
‫ي ي‬
‫الص ْو يم‪َ ،‬و َق ْو ُل ُه (بيخ َالف َّ‬ ‫اب َّ‬ ‫َف َع ْن ك ٍُّل يمن ُْه َام ُر ْكنًا يِف َب ي‬‫نَظي ٌري لي ْآل َخ ير يِف ك َْو ين ا ْلك ِّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪2‬‬
‫ض َوالنَّ َف يل) ‪.‬‬ ‫ني ا ْل َف ْر ي‬ ‫(و ََل َف ْر َق َب ْ َ‬‫الص َالة َو ُه َو َواض ٌح‪َ ،‬وك ََذا َق ْو ُل ُه َ‬ ‫َف َص َار كَا ْلك ََال يم نَاس ًيا يِف َّ‬

‫الكاِف‪ :‬ج‪246/2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬العناية َشح البداية‪327 :‬‬


‫واختار الكاتب بأن هذه املسئلة َل يقاس باجلامع ألن األكل اخف من اجلامع ِف انتهاك احلرمة الصوم‬

You might also like