Professional Documents
Culture Documents
التشخيص
التشخيص
تم تشكيل اللجنة ،ذات الطابع االستشاري بهدف تشخيص الوضعية الراهنة للتنميــة
بالمملكـة ،ورسـم معالـم نموذج تنموي جديد ،ولهذا الغرض اعتمدت على منهجية "اإلنصات
والمشاورة الوطنيـة الموسعة" ،وخالل زيارتاها ولقاءاتها بمختلف المؤسسات والمجاالت
الجغرافية حـرص أعضـاء اللجنـة أينمـا حلـوا علـى "اإلصغاء وعلـى توثيـق اآلراء
اعتمـدت اللجنة فــي أشغالها على منصتها اإللكترونية لمواصلة تلقي مختلف مساهمات
المواطنيـن ونظمت ورشات وندوات تولـى تأطيرها خبراء حـول قضايـا أساسية تتعلق
بالنموذج التنموي .وقـد تـم بـث بعـض مـن هـذه اللقـاءات مباشـرة علـى شـبكات التواصـل
االجتماعي.والمالحظات"،
وخلصت لجنة بنموسى إلى أن "خيار التنميـة المتبع حاليا ال يسـتجيب كليـا لتطلعـات
المواطنيـن وللتحديـات المسـتقبلية المطروحـة علـى بالدنـا ،اعتبـارا لكـون هـذا المسـلك
يسـاهم فـي تغذيـة منـاخ أزمـة الثقـة التـي تكبـح خلـق القيمـة المضافـة ،وتشـكل ،فـي حـال
اسـتمرارها ،مخاطـر تهـدد بشـكل كبيـر االستقرار االقتصادي واالجتماعي للبالد".
وفـي هـذا الصـدد ،تـم التركيـز بشـدة علـى نقطتيـن أساسـيتين :األولى ،ضعـف اإلدمـاج
الـذي يتسـم بـه النمـوذج الحالـي والمتجلـي فـي تعميـق الفـوارق ومخاطـر التراجـع
االجتماعـي للطبقـة الوسـطى؛ والثانية أزمـة الثقـة تجـاه الفعـل العمومـي فـي سـياق تـردي
جـودة الخدمـات العموميـة وضعـف الحـس األخالقي وقيـم النزاهـة علـى العمـوم لـدى
المكلفيـن بتدبيـر الشـأن العـام .ويتجلـى ضعـف الثقـة أيضـا إزاء النخـب السياسـية
واالقتصاديـة والفئـات االجتماعيـة الميسـورة والتـي ينظـر إليهـا مـن زاويـة اسـتفادتها مـن
امتيـازات غيـر مشـروعة وأنهـا غيـر حريصـة علـى المصلحـة العامـة.
ولخصت مشاورات الوضعية الراهنة الى مجموعة من التحديات التي تتجلى في االقتصاد غير
المهيكل باإلضافة الى ضعف الثقة بين المواطنين والفاعلين السياسيين وعلى الصعيد الترابي
فقد تجلت اراء المواطنين في تزايد التهميش المتزايد مما يعرقل التنمية الترابية وضعف
أيضا المبادرة من قبل الفاعليين في الشأن العام وأيضا سياسات عمومية تكرس التفاوت
االجتماعي بين المواطنين.
اهم ما يمكن مالحظته عن مسار التنمية في المغرب هو التنفيذ البطيء لمسار اإلصالح على
المستوى المحلي باإلضافة الى صياغة سياسات عمومية مرتبطة بحكومة وفاعليين
سياسيين كلما انتهت مهامهم تم التخلي عن تلك السياسات العمومية وإعادة صياغة سياسات
عمومية أخرى وبالتالي صعوبة تحقيق تنمية وطنية شاملة لكن بالرغم من هذه المعيقات
فالمغرب حقق مجموعة من اإلصالحات فتحت آفاق تنمية واسعة على المستوى االقتصادي
كتحديث الطرق السيارة والسكك الحديدية واالنفتاح التجاري على الخارج على المستوى
ا الجتماعي والمجتمعي تحديث مدونة االسرة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية التامين
االجباري محاربة دور الصفيح....
وعرجت الهيئة على أبرز المراحل التي شهدها المسار التنموي للمغرب ،خصوصا خالل
العشرين سنة الماضية ،لتخلص إلى أنه بالرغم من الزخم اإلصالحي الذي عرفته البالد ،إال
أن هذا المسار شهد فتــورا بفعــل عــدة إكراهــات داخليــة وخارجيــة ذات طبيعــة
اقتصاديــة وسياسـية وأمنيـة؛ مشيرة إلى أن اإلصالح الدسـتوري لسـنة 2011لـم يتـم
تفعيلـه داخل اآلجـال المنتظـرة ،ولـم يتـم إسـناده بحلـول شـاملة ومندمجـة بخصـوص
التنميـة االقتصاديـة واالجتماعيـة.
وقالت لجنة بنموسى إن المغربية يضعون ضمن أولوياتهم الرفـع مـن قـدرة االقتصـاد الوطنـي
علـى خلـق المزيـد مـن القيمــة المضافــة ومناصــب شــغل ذات جــودة تسـتفيد منهـا جميـع
المجـاالت الترابيـة ،كمــا يرغــب المواطنــون والفاعلــون فــي أن يعــزز المغــرب قدرتــه
علــى إنتــاج المــواد والخدمــات األساســية ،وهو األمر الذي برز مع انتشار جائحة كورونا،
باإلضافة إلى الدعوة إلى ترسيخ "حكامـة ناجعـة وفعالـة ترتكـز علـى أدوار ومسـؤوليات
محـددة بكامـل الوضـوح ".
وأجمع المستجوبون على ضـرورة الرفـع مـن فعاليـة اإلدارة ،زيادة على أهم يضعون صلـة
قويـة بيـن التنميـة وبيـن احتـرام الحريـات السياسـية وترسـيخ سـيادة القانـون ،يطالبـون
بإشـراكهم أكثـر فـي صنع القـرار.
وبعد أن عددت اللجنة التحوالت الوطنية والعالمية الكبرى ،وما ستفرضه على المغرب من
ليونة لتوقعها والتعامل معها ،مشيرة إلى أن دستور سنة ،2011يشكل "المرجعيـة الموحـدة
والجامعـة للنمـوذج التنمـوي الجديـد" ،مما يتطلب "ترجمــة مبادئــه إلــى رافعــات للتنميــة
وقيمــه إلــى مناهــج للعمــل" مشيرة إلى أن مفهـوم التنميـة فـي النمـوذج الجديـد يتجـاوز
هــدف تراكــم الثــروة الماديــة وحــده ،موضحة أن "التصـور للتنميـة يقتضـي نهجـا سياسـيا
ومؤسسـاتيا وقانونيـا يتسـم باالسـتقرار والوضـوح ،ومجتمعـا منفتحـا ومتنوعـا".
اإلطار المرجعي
وإستند تصور النموذج التنموي الجديد أيضا على الدستور كإطار مرجعي ،حيث أشار
التقرير إلى أن "الدسـتور الـذي صادقـت عليـه الغالبيـة العظمـى مـن المغاربـة يمثل
المرجعيـة الموحـدة والجامعـة للنمـوذج التنمـوي الجديـد".
وتجسـد تطلعـات المغاربـة عمـق وجسـامة التحـوالت التـي يتعيـن إنجازهـا من أجـل تفعيـل
النموذج التنمـوي الجديـد مـن أجـل بعـث األمــل والثقـة فـي المســتقبل .وال يســتهدف هــذا
التحــول خلـق مزيـد من القيمــة المضافــة فحســب ،ولكــن ،كذلــك ،توزيعــا منصفــا للثــروة
بيـن جميــع المواطنيــن .ويكرس هذا المكانــة المركزيــة للمواطنيــن فــي حقوقهــم
وواجباتهــم .فالمواطنــون ال يطالبــون فقـط بجــودة الخدمـات العموميــة وتوفيــر فـرص
الشـغل ،ولكـن أيضــا بالتأهيـل والتمكيـن الذاتـي.
وتبقــى هــذه المتطلبــات واالنتظــارات والطموحــات فــي متناولنــا ،خاصــة بالنظــر إلــى
اإلمكانــات الهامـة المتوفـرة لـدى بالدنـا والتـي لـم تسـتغل بعـد بشـكل أمثـل .ومـن أجـل تعبئـة
هـذه اإلمكانـات ،يتعيــن معالجــة المعيقــات النســقية وتغييــر التمثــات الكابحــة للمبــادرة،
وتدريجيا ،تحويــل عناصــر التميــز المتناثرة إلــى قاعــدة عامــة عــوض أن تشــكل
اســتثناء ،وذلــك مــن خــال العمــل على اســتدامة الشــروط المواتيــة لتفتحهــا ونموهــا
وتعميمهــا .وأخيـرا ،العمـل علـى اسـتباق ومواكبــة التحـوالت الراهنـة والمسـتقبلية علــى
المســتويين الوطنــي والدولــي واالسـتجابة للتحديـات والتسـاؤالت التــي تثيرهـا أزمـة
كوفيــد.19-
.