Professional Documents
Culture Documents
alanqri drangari
الطﺊاﺲﻐﺋ واﻗﺠﺎﺛراﺾات واﻗﺻﺎراﺖات؛لﻖﺲﻘم باﻓخطاء ِّ
ﻏرجى المراﺠﻂﺋ ﺲﻂى الﺊرﻏﺛ الﺎالﻎ1:
tafreeghalangri@gmail.com
٤
4
﷽
حمد وعلى آله وصحبه رب العالمين وص ّلى ال ّله وس ّلم وبارك على عبده ُ
ورسوله نبينا ُم ّ الحمد ل ّله ّ
أجمعين.
فالمراد ُهنا بمفسدات ال ُقلوب المفسدات المعنو ّية ال المفسدات العضو ّية التي تنتاب القلب من
جهة نبضاته وحركته العضو ّية المعروفة.
أمّا أنواع الفساد القليب فال يخ ُلو ال يخ ُلو هذا الفساد من أن يكون عيا ًذا بال ّله فسا ًدا عا ًما ُمطبقًا،
وذلك يكون ألهل ال ُكفر والنّفاق األكرب فهم أفسد النّاس ُقلو ًبا بما انطوت عليه ُقلوهبم من الفساد العام
المطبق عيا ًذا بال ّله ،وإ ّما أن يكون الفساد فسا ًدا ُدون ذلك يقع من المسلم وبحسب شدّ ة غفلته كما قلنا
ُ
ويتحسن حاله ،وتار ًة يغرق وبالذكر وبسماع ُخ ٍ
طبة أو آية ّ يكون فساد قلبه ،فتار ًة يرجع القلب بالموعظة
ّ
ومرض وفساد والمعصوم من عصمة ال ّله هذا ً
أوال. ٍ ٍ
غفلة يف غفلته وي ُعود إلى ما هو فيه من
المفسدات التي ت ُكون من هذا النّوع التي تلج إلى القلب من خالل البصر أو من خالل ّ
السمع ،ال
ّ
شك أهنا كثيرة ،فالبصر على سبيل المثال شديد التّأثير يف القلب جدًّ ا سوا ٌء بالخير أو ّ
بالش ّر ،فمن أرسل
أمر بصره فيما حرمه ال ّله تعالى من النّظر ً
مثال إلى ُصور النّساء ،فال ريب أنّه سيجد أثر ذلك يف قلبه ،هذا ٌ ُ
مرض مفروغ منه ،من أين أتى الفساد إلى القلب؟ من البصر ،وذلك يعني ّ
أن البصر ُيمكن أن ينفذ إليه ٌ ُ
أن اإلنسان إذا أكل طعا ًما بفمه ودخل إلى جوفه وكان هذا ال ّطعام فاسدً ا ّ
أضر بجوفه ُيصيب القلب ،كما ّ
أمر مشاهد ال يستطيع أحدٌ أن ُينكره، فكذلك البصر إذا أرسل فيما حرم ال ّله ّ
أضر بالقلب وهذا ٌ
ي ُقول ال ّله { :ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ } [النور ،]30:تأ ُمل
بغض البصر ،وبدئه ُسبحانه بالنّداء باسم اإليمان ،ولم ي ُقل يف هذا
هذه اآلية ،ذكر فيها األمر ّ
الموضع «يا أيها النّاس» ،قال { :ﭾ ﭿ} ولم ي ُقلّ :
(قل للنّاس) ،قال { :ﭾ ﭿ}،
يغضوا من أبصارهم ويحفظوا ُفروجهم ما العاقبة؟ { ﮆ ﮇ ﮈﮉ}
وجه للمؤمنين تحديدً اُّ ،
فالخطاب ُم ّ
الزكاة فيه ما يجدُ ونه يف زكاة ُقلوهبم.
الزكاة عليهم ومن أكثر ما يجدُ ون ّ
ت ُعود ّ
ما املُراد بقوله تعاىل { :ﮀ ﮁ ﮂ} ،األبصار تغُض عن ماذا؟ ذكر ابن سعدي أنها تغُض
عن ثالثة أشياء:
األول :ت ُغض عن العورات.
ي ُقول قو ُله تعالى { :ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ} [النور ]30:يشمل هذا ُك ُّله ،فال يجوز أن تن ُظر
ببصرك عيا ًذا بال ّله إلى عورة من العورات ،سوا ٌء أكانت عورة امرأة أو عورة ُ
رجل ،وسوا ٌء أكانت العورة
٦
7
الصور المخزية الفاسدة المفسدة يف األفالم الدنسة المغ ّلظة عيا ًذا بال ّله كما يقع ّ
ممن يقع منه النّظر إلى ُّ
ونحوها؛ فإنّهم ين ُظرون إلى العورات المغ ّلظة عيا ًذا بال ّله ،فال ُ
يجوز النّظر إلى العورة سوا ٌء أكانت ُمغلظة
مثال أيضا إلى العورة غير المغ ّلظة؛ كالنّظر إلى فخذ ّ
الرجل ً يجوز النّظر ً
السوأتان القبل والدُّ بر وال ُ
وهما ّ
يجوز أو النّظر إلى وجه المرأة هو عورة وإن لم ي ُكن عورة ُمغلظة؛ لكن ال شك ّ
أن المرأة األجنب ّية ال ُ
مما ي ُغض عنه البصر.
األول ّ
النّظر إليها هذا النّوع ّ
النّوع ال ّثاين النّظر إلى المردان الحسان ،األمرد الحسن ال يحد النّظر إليه؛ ألن الفتنة التي تنشأ عن
النّظر إليه ُمماثل ٌة للفتنة التي تنشأ من النّظر إلى المرأة؛ فلهذا ذكر أهل العلم ّ
أن النّظر إلى األمرد الحسن
إذا كان ُيؤ ّثر على قلب النّاظر فإنّه ليس له أن يحد النّظر إليه.
شك أنّه من أعظم ما ُيفسد ال ُقلوب ،وقد تساهل كثيرون جدًّ ا فيه اآلن،
فهذا اإلرسال للنّظر ال ّ
8
ويسهل على بعض المسلمين لألسف أن يجهر به وأن ي ُقول يف غير ما استخفاء أنا رأيت المقابلة التي
ّ
أجرهتا ُفالنة مع ُفالن وما قالت وما قيل ُسبحان ال ّله العظيم هبذه ُّ
السهولة ،سهل األمر إلى هذا الحد هذه
إن لك أن تن ُظر إليها ُ
الجواالت امتألت بالمناظر تار ًة المتربّجة المتفرنجة التي تن ُظر إليها ،من قال لك ّ
باسم أهنا مناظر ُمضحكة وأنّه ليس قصده النّظر إلى المرأة والمناظر التي فيها ،وتار ًة باعتبار ّ
أن هذا
ويتفرج بدعوى أنّه ُيرد النّظر إلى األخبار أو
ّ بصره
حدث من األحداث وخ ّبر من األخبار المهمة فيرسل ُ
علما تا ًّما ّ
أن النّاس غيرها ،وكان اال ّطالع على األخبار غير ُممكن ّإال إذا عصي ال ّله بالنّظرُ ،
وهو يعلم ً
يعرفون األخبار إذا أرادوا ويعرفون تفاصيلها ُدون أن ين ُظروا إلى ما حرم ال ّله؛ فهذا ٌ
أمر فشا وانتشر،
السماع باألذن فإن االستماع باألذن إلى ما حرم ال ّله ُيؤ ّثر ً
أيضا يف من ذلك ما يكون من خالل ّ
القلب ،ومن أكثر ما ُيم ّثل به استماع األغاين؛ فإن األغاين بال ريب ُمؤثرة يف القلب؛ ولهذا قال من قال من
السلف« :الغناء ين ُبت النّفاق يف القلب ،كما ين ُبت الماء البقل» ،الغناء يسمع باألذن ،كيف أ ّدى إلى ُو ُقوع
ّ
٦
9
الرب عيا ًذا بال ّله ومع أنّه أعور ع ّين ال ُيمنى ومع أنّه ُ
رجل من والدّ ّجال يدعي دعاوى شديدة يدعي أنّه ّ
الشبهة التي ُيلقيها على هؤالء تجعلهم أن ُّ البشر يأكُل ويشرب ويقضي حاجته وينام ويستيقظ ّإال ّ
الر ُج َل َل َي ْأتيه َو ُه َو َي ْح ُ
سب َأ َّن ُه مع بالدَّ َّجال َف ْل َين َْأ َعنْ ُهَ ،ف َواهَّلل َّ
إن َّ يعتقدون أنّه هو رهبُم والعياذ بال ّلهَ « ،م ْن َس َ
من الدَّ َّجال يف
َّاس َ من الش ُب َهات»؛ ولهذا قال َ « :ل َي َّ
فر َّن الن ُ مما ُي ْب َع ُ
ث به َ من َف َيتَّب ُع ُهَّ ،
ُم ْؤ ٌ
الجبال».
قال وو ّلى وأشار بيده قال وال نصف آية ما أسمع منك هنائيا ،فلما سئل عن سبب امتناعه من سماع ٍ
آية ّ ُ ًّ
ولما ُذكر البن ُعمر بعض ما كان يقوله
فيحرفها فيقع ذلك يف قلبي»ّ ،
ّ منه قال« :ال آمن أن يقرأها
ولما تك ّلم بعض أهل البدع عند ُ
طاووس وضع الخوارج جعل يعرض حتّى ال يسمع كالمهّ ،
يسد ُأذنيه ،ي ُقول حتّى ال يسمع كالمه.
ُأص ُبعيه يف ُأذنيه ،وأمر ابنه أن ُ
الواضح سي ُقوده هذا إلى االجرتاء على الحرام الب ّين هذا ما يتع ّلق بالمفسدات للقلب ،من النّوع ّ
األول
وهي المفسدات التي ت ُكون من خالل الحواس كاألسماع واألبصار.
الرياء
أن بعض النّاس إذا سمع هذا الكالم يف ّ لكن َل ُبدّ من التّنبيه على أمرٍ ُمه ٍم جدًّ ا يف أمر ّ
الرياءّ ،
مثال ي ُقول أخاف أنّي ُمرائي ،يرتُك بعض
كالصدقة ً
ّ صار عنده ر ّدة فع ٍل ُمعاكسة؛ بحيث يرتُك العمل
الرضوخ ّ
للشيطان ،فإ وهو من ُّ الصالحة ي ُقول أخاف أنّي ال ُأريد ال ّله هبا ،وهذا خطأ بال ٍّ
شكُ ، األعمال ّ
الشيطان ُيعطي النّاس يف وساوسه بحسب ك ٍُّل منهم ،فا ّلذي يرا ُه ُمح ّبا لل ُّظ ُهور واالشتهار والمدح، ّ
ابط يف هذه المسألة وال ّله أعلم ما روا ُه اإلمام أحمد يف
الض ُ
ما الضّابطُ يف هذه املسألة؟ ّ
٦
13
الرياء من خالل ُأ ُمور أعظمها وأجلها على اإلطالق :صدّ ق ال ُّلجوء إلى ال ّله
فيكون عالج ّ
الرب بأن ُينجي العبد من هذا
الرياء؛ ولهذا جاءت بعض النّصوص يف ُدعاء ّ
بالعافية من ّ
الدّ اء ال ُعضال ،ففي الدُّ عاء المشهور« :ال ّلهم طهر قلبي من النّفاق ،وأعمالي من ّ
الرياء ولساين من الكذب
أيضا« :-ال ّلهم إنّي أ ُعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم،
وعيني من الخيانة» ،ومن ذلك الدُّ عاء المشهور – ً
الشرك يف هذه األُمة أخفى
الرياء يف هذه األُمة أن ّ
أن ّوأستغفرك لما َل أعلم» ،لما ذكر النبي ّ
السوداء على الصفات الملساء يف ال ّليلة ال ّظلماء أمر عظيم جدًّ ا ،سأل أبو بكر عن
من دبيب النّملة ّ
فوجهه إلى هذا الدُّ عاء الذي ينبغي أن يحفظه المسلم وأن ُيردده
السالمة من هذا الدّ اء ّ
ّ
ألن بعض األُمور
ويكرره« :ال ّلهم إنّي أ ُعوذ بك أن أشرك بك شيء وأنا أعلم ،وأستغفرك لما َل أعلم»؛ ّ
ّ
كما ُقلت النُّفوس فيها مقاصد فال تعلم وال تتضح« ،ال ّلهم إنّي ُ
أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم» ،يعني
تصدقت عمدً ا ليراين النّاس ،أ ُعوذ بك ّ
أن أشرك على هذا الحال وأنا أعلم، ُ إين حين تصدقت إنّما
مما قد ال أتفطن له وال أستبينه.
«واستغفرك لما َل أعلم» ّ
٦
15
ومن أكثر النّاس قدر ًة على إخالص العمل وتوجيهه ل ّله فشأنه ُأعجب من شأن الجبال ّ
الراسيات،
وهو من ال ّله بمقا ٍم ٍ
كبير جدًّ ا؛ ومن شأن الحديد التي تقطعها ألنه قد انطوى قل ُبه على إخالص عظيمُ ،
ولهذا استعظم عم ُله هذا أعظم من عمل الجبال والحديد والماء والنّارّ ،
فمما ُيساعد على السالمة من
وهو اإلخالص ،وما الذي يجتلبه لصاحبه من حميد المقام عند ال ّله .
الرياء ُ
الرياء النّظر يف ضدّ ّ
ّ
ختماته حتّى قال هذه الكلمة ،وكان يختم طوال هذه الفرتة ك ُّل ثالثة أيام وال يدرون؛ لكن لما قالت
الرجال علي حرام قال ال ُأريد هذا لكن أنا أخشى إن مت أن تتزوجي أخي؛ ألن هذا كان من شأن النّاس
ّ
الزوج زوجته يف كثير من األحيان حتّى يحتضن أوالد أخيه ،قال أنا يتزوج ُ
أخو ّ إذا ُتوفيت ّ
الزوجة أن ّ
تتزوجي أخي ُمحمدا ،وكان ُ
أخوه هذا من أصحاب الخمر ،قال فيشرب الخمر يف بيتي بعد أن أخشى أن ّ
كان يختم ال ُقرآن يف بيته ك ُّل ثالث ليالي ،ي ُقول ّ
الراوي فما كانُوا يعرفون ختماته حتّى نطق ،زوجته وأهله
فلهم يف هذا عجائب من إخفاء العمل والخبيئات بينهم وبين ال ّله ،إذا قرأ
ما يدرون كم يختمُ ،
الرياء.
السير الكريمة وتأمل يف عاقبة اإلخالص وتأمل يف عاقبة ّ
اإلنسان هذه ّ
الرّياء ما عاقبته؟!
ثم أن ُيبعدك ال ّله وأن يم ُقتك وأن يغضب عليك وأن ُيعاقبك على هذا
أن يمدحك النّاس ّ
الرياء نار
الرياء؛ فالفرق بين عمل ُمخلص وعمل المرائي؛ كالفرق بين الماء والنّارّ ،
العمل هذه عاقبة ّ
وهو مدح النّاس وثناء
الرياء ُ ُملتهبة عيا ًذا بال ّله واإلخالص كالماء البارد ُ
المطفأ للنّار ،فانظر يف عاقبة ّ
النّاس وشكرهم لك وذكرهم لك ُث ّم ستأخذ عواقب هذا عيا ًذا بال ّله بالقيامة؛ ولهذا روى ُم ٌ
سلم يف
ممن لم ُيرد ال ّله تعالى
«صحيحه»« :أن ّأول من ُتس ّعر هبم النّار ثالثة أشخاص» -عيا ًذا بال ّله ،-كُل ُهم ّ
فرجل تع ّلم العلم فيأيت يأيت ال ّله به يف القيامة فيعرفه بنعمه فيعرفها فيسأله ال ّله
ٌ بعمله ،أولهم
عن هذه النّعمة في ُقول تعلمت العلم فيك يعني ألجلك وقرأت ال ُقرآن فيك في ُقول ال ّله كذبت تعلمت
العلم ليقال عالم وقرأت ال ُقرآن ليقال قارئ فقد قيل ُث ّم ُيؤمر به فيسحب على وجهه إلى النّار ،و ُيؤتى
سبيال من ُس ُبل الخير ّإال بذلت فيك ،في ُقول ال ّله
ً أترك
لم ُبرج ٍل جواد فيعرفه ال ّله بنعمة فيعرفها ،في ُقول ّ
كذبت وإنما أنفقت ليقال جواد يعني يف الدُّ نيا فقد قيلُ ،ث ّم ُيؤمر به فيسحب على وجهه إلى النّار،
وال ّثالث ُمجاهد ،ي ُقول جاهدت فيك ،في ُقول ال ّله كذبت ولكنّك جاهدت ليقال جريء يعني ُشجاعا فقد
قيل يعني يف الدُّ نيا ُث ّم ُيؤمر به فيسحب على وجهه إلى النّار ،قال « :فهؤَلء ّأول ثالثة تُس ّعر
ُلهم ُيراؤون نسأل ال ّله العافية هذا ُيرائي بالعلم وهذا ُيرائي بالجهاد وهذا ُيرائي دعوى
بهم النّار» ،ك ُ
الرياء ما هي؟ أن بدأ هبم عيا ًذا بال ّله وسحبوا وفضحوا أمام الخالئق إلى جهنّم
والصدقة ،عاقبة ّ
ّ اإلنفاق
مما
الرياء من عاقبة اإلخالص؟! يتد ّبر العاقل وينظر يف عاقبة هذا وهذا ،وهذا ّ
وبئس المصير ،أين عاقبة ّ
حججت كذا وفعلت كذا وأنا
ُ ُيع ّين اإلنسان أل ّن بعض النّاس من دأبه وطريقته أن يتحدّ ث عن نفسه،
٦
17
لكن األصل إخفاء هذه األُمور ،واإلنسان ما يجلس ُيخرب بأعماله وأن من شأنه أنّه يفعل كذا وكذا،
مر ًة يف السنة وأنا أختمه ك ُّل شهر
يتأسى به في ُقول أنتُم ال تختمون ال ُقرآن ّإال ّ ال ّل ّ
هم ّإال لو أراد بذلك أن ّ
ليحرضهم لكن األصل ّ
أن العمل يكون خبيئة بين العبد وبين ر ّبه ّإال إذا أراد إذا أراد أن ّ
يتأسى به ي ُقول ّ
ولهذا قال ال ّله تعالى يف شأن ّ
الصدقة { :ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ} [البقرة ، ]271:هو
محل ُقدوة ،فيتصدّ ق على وهو األجود ،وإن ُأظهرت لغرض أن ُي ّ
تأسى باإلنسان كأن يكون ّ األحسن ُ
إنسان يقتدي به غيره فال بأس؛ لكن األصل أن اإلنسان ال يتحدّ ث عن أعماله ويزكّي نفسه وأنّه يفعل كذا
الرياء
مما ُيعينه على العافية من ّ وكذا ألن النُّفوس ال ُتؤمن أن يكون ُمرادها ُمرا ًدا س ّي ًئا ،فيالحظ ُ
المؤمن ّ
أن ُيالحظ هذا األمر ،أن ين ُظر يف عاقبة ّ
الرياء ويف عاقبة اإلخالص.
اإلخالص نسأل ال ّله الكريم فض ُله هو الذي يبقى من األعمال فقط ،هو الذي ينفع يف اآلخرة؛ ألن ال ّله
ي ُقول« :ا ّلذين ُيراؤون يف القيامة ،اذهبوا إلى ا ّلذين كُنتُم تراؤوهنم يف الدُّ نيا فانظروا هل
فلسا ما عنده شيء ،حتّى لو كان يتصدّ ق بألوف األُلوف من
تجدُ ون عندهم جزاء أعمالكم؟» يأيت ُم ً
الشرك الرياالت كُلها تضيع هبا ًء من ُثور ،نسأل ال ّله العافية؛ ولهذا قال ال ّله تعالى« :أنا أغنى ُّ
الشركاء عن ّ ّ
الرياء ،وترك
المؤمن على ترك ّ
مما ُيساعد ُ
عمال أشرك فيه معي غيري تركته وشركه»؛ فهذا ّ
من عمل ً
محاولة جذب النُّفوس إليه ،وتحبيبها إليه وأن النّاس يتحدّ ثون عنه ،النُّفوس من طبعها مح ّبة هذا ،تأ ّلف
هذا ،واآلذان يرق لها هذا وال يستطيع أحد أن ُيزكّي نفسه وي ُقول إنّي ال ُأحب هذا؛ لكن على اإلنسان أن
بغيضا ممقو ًتا عند ال ّله
ُيكابد نفسه وأن ُيجاهدها وأال يرضى لها بالدُّ ون بأن يمدحها النّاس وي ُكون ً
والسالمة ،يحرص على ُمراد ال ّله ويقصد بعمله وجه ال ّله ول ُيبشر؛
نسأل ال ّله العافية ّ
ألنه إن أراد هذا قصدً ا فإن مح ّبة النّاس تأيت تب ًعا.
والشأن فيه عيا ًذا بال ّله يعني دا ٌء وخيم ،وشديد الرياء ال ّ
شك أنّه طويل وواسع ومتشعبّ ، والكالم يف ّ
وله ُصور ويعني مظاهر تار ًة يكون من أهل ال ّثراء والمال ،وتار ًة يكون من ذوي العلم ،وتار ًة يكون من
إن فهو دا ٌء يقع فيه من يكون عنده علم ومن يكون بال علم نسأل ال ّله العافية ّ
والسالمة؛ ولهذا ُقلنا ّ غيرهم ُ
الصحابة خا ُفوه.
ّ
من أعظم ما ُيع ّين عليه بعدما ذكرنا :الحرص على خبيئة العمل ،يحرص اإلنسان على أن يكون بينه
وبين ال ّله تعالى أعمال ال يطلع عليها ّإال ر ُّبه ،ومن ذلك على سبيل المثال :الصدقات،
السهل أن ُيوصل اإلنسان صدقته من خالل التّحويالت المالية هباتف الجوال ولم
فالصدقات اآلن من ّ
يطلع أحد على هذه الصدقة هنائ ًّيا ،كأن يكون هناك حساب خيري فيرسل إليه هذه الصدقة ،ما يدري أحد
هو تو ّلي العمل ّية بنفسه وانتقل المال الذي حوله إلى الحساب لتلك الجهة ُدون أن يدري أحدٌ أبدً ا ما
يعلم هبذا ّإال ال ّله ،ومن ذلك إيصال الصدقات العين ّية ونحوها خف ّية من ّ
السهل ومن الممكن أن ُيوصل
صدقات عينية خف ّية يضع بعض الصدقات عند بيت من ال ُبيوت أو نحوها ويطرق عليهم الباب وإذا شعر
فتحوا الباب مضى مشى ،النّاس هؤالء الفقراء إذا وجدُ وا هذه األشياء قد جلبت إلى باهبم وجعلت
أهنُم ُ
عند باهبم يفهمون أهنا قد أوصلت إليهم فيمضي ويأخذها أه ُلها ،حتّى المتصدّ ق عليه ما يدري من
الصدقة.
صاحب ّ
الحاصل ّ
أن خبيئات األعمال هذه ،خبيئات األعمال كثيرة يستطيع اإلنسان أن يكون له خبيئات من
األعمال ال ي ّطلع عليها ّإال ال ّله تكون فيما بينه وبين ر ّبه ُسبحانه ،هذا ّ
مما ينبغي الحرص
والمضرة للقلب أعاذنا ال ّله وإ ّياكم.
ّ وهو دا ٌء من األدواء المفسدة عليه ،هذا فيما يتع ّلق بأمر ّ
الرياء ُ
ّ
ويشمخر بأنفه ،ويرى ضررا بالغًا :داء الكرب ،بأن يرفع العبد نفسه
ً المضرة بالقلب
ّ أيضا
من األمراض ً
نفسه شي ًئا ال نظير له وال ُيوصل إليه؛ ولهذا تجدُ ه يزدري النّاس ،هذه من عالمة المتك ّبر ،ما عنده أحد
المتأخرين ال من أهل العلم ،ال من غيرهم ،تجد ّ
أن عنده غطرسة، ّ ُيساوي شي ًئا ،ال من المتقدّ مين وال من
هذا الدّ اء يف القلب عيا ًذا بال ّله ،يعني هذه الت ُّ
ّصرفات أهنا نابعة من داء عظيم يف القلب.
٦
19
-سبب الكرب المال قال ال ّله تعالى{ :ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ } [العلق ،]7-6:كثير من
النّاس يطغى بالمال.
أن الكرب عيا ًذا بال ّله له أسباب ،وذكرنا أسبا ًبا ُمعينة منها وهي كثيرة غير هذه
تقدُّ م الكالم عن ّ
األسباب ُتوجد األسباب؛ لكن هذه بعض منها.
ومر ًة ُأخرى ال عالج لهذه األدواء ُع ُمو ًما ّإال بال ُّل ُجوء
يحتاج إلى الكالم على عالج الكرب ّ
ُ ومن ُهنا
شك أنّك ال أمرا يب ُل ُغ به الفظاع ُة حدً ا أن ت ُكون مثقال ُّ
الذرة منه حاجب ًة عن الجنّة ،ال ّ فإن ًإلى ال ّله ّ ،
ّبي ّ ّ ّ ٍ ّ
تسلم من ُه إال بم ُعونة من الله تعالى بأن تسأل الله تعالى أن ُيعيذك من هذا الكرب ،ويف الدُّ عاء أن الن ّ
عظيم
ٌ أمر
أيضا ،فهذا ٌ شر نفسه ً يتعو ُذ بال ّله من ّ ُ
اإلنسان ّ نفسي»،
ّ قال« :أ ُعو ُذ بك من ّ
شر
ومخوف وال شك.
ٌ
المع ّين ُة بعد رحمة ال ّل ُه تعالى على الخالص من الكبر ،أن ين ُظر يف سيرة الن ّ
ّبي ور ُاألُ ُم ُ
معهم
دهم ♥ ،كيف كانت حالة؟ كان ُ يخالط ويأكل ُ
أرفع ُبني آدم وس ّي ُ
وهو ُُ
ّبي ♥ قال صلوات ال ّله وسالمه رجل فصار الرجل يرتعد لما رأى الن ّ
ُيصغي إليهم لما رآ ُه ُ ٌ
ٍ
امرأة من ُقريش تأكل القديد» ،أي :ال تخف هذه هون عليك ،فإنّما أنا ابن
المتواضعين « ّ عليه وهو س ّيد ُ
رسول ال ّله ّ
إن لي إليك حاجة أي :أنا المخافة ّ
الشديدة منّي ،لما قالت ل ُه امرأة جارية من الجواري يا ُ
أي موضع يا ُأ ّم ُفالن
ألي سكك المدينة ُتريديها أقضي فيها حاجتك ،ان ُظري ّ ُأريدُ ك يف ٍ
أمر قال ان ُظر ّ
ُتريدين أن ت ُقولي الكالم ا ّلذي ُتريدين أن ُت ّ
وصليه إلى ،ال ُتريد أن ت ُقولي حاجتُها أمام النّاسُ ،ان ُظري ّ
أي
موض ٍع أنا آت إليك واقضي حاجتك حيث أرضى.
توجيه ُه ♥ العا ّم لأل ُ ّمة« :إن ال ّله أوحى إلى أن تواض ُعوا حتّى َل يفخر أحدٌ
ُ ومن ذلك
على ٍ
أحد وَل يبغي أحدٌ على أحد» ،النّاس مع النّعمة مع المساكن الواسعة مع الفارهة مع المآكل مع
إن ال ّله أوحى
عندهم هذا ولهذا قال ّ « :
ُ المشارب مع األمن تطغى وتبطر على من لم ي ُكن
يفخر أحدٌ على أحد». إلى أن تواضعوا حتّى َل يبغي أحدٌ على ٍ
أحد وَل
ُ ُ
٦
21
يحتقرون من ذوي
ُ خاص ًة مع من قد
ّواضع ّ
قصرا على الت ُ
مما ُيع ّي ُن على الكرب تعويد النّفس وقصرها ً
ّ
يبش يف ُو ُجوههم ،يتعودوا هذا معهم حتّى لو كانُوا الر ّثة واألحوال الفقيرة فيبدؤهم ب ّ
السالم ُّ الهيئات ّ
الشوارع و ُين ّظ ُفها ي ُعو ُد نفس ُه على هذا ،يجعل من نفسه هذا ال ّطبع حتّى ال تفخر ّ
ألن النّفس إذا ممن يقم ّ
ّ
المستضعفين فحري ّأال تفخر على غيرهم؛ فهذا ّ
مما ُيع ّي ُن هؤالء ال ُفقراء ُ
المزدريين ُ تعودت هذا مع مثل ُ
ّ
الصنيع.
اإلنسان وي ُعود ُه على مثل هذا ّ
أن اإلنسان يسعى إلى ترك ولو على ّ
األقل يف بعض األحيان إلى ترك الرفيع من ال ّثياب أيضا ّ
لذلك ً
إن البذاذة من
والرفيع من المشارب؛ ولهذا جاء عن ُه ♥ أ ّن ُه قالّ « :أَل ّ
والرفيع من المأكلّ ،
ّ
ُ
يبحث عن ممن
اإليمان» ،أي :التّواضع يف اللبس ،بأن يكون اإلنسان يف لبسته ال يسعى إلى أن يكون ّ
ّ
األقل يف بعض األحيان يعو ُد نفس ُه؛ افخري المالبس وعن أفخر أنواع المآكل مثالً ونحوها ولو على
ولهذا جاء عن ُه ♥ أ ّن ُه ُر ّبما احتفى أحيانًا يعني ُر ّبما مشى حاف ًيا ♥ ،وكان
يخصف ♥ نعله يخيط ثو ُبه ويحلب شاته أي :بنفسه ،تقول عائشة عنه ♥:
الصالة ♥ مع أنّه «كان يكون يف مهنة أهله» يف ُأ ُمور البيت ،فإذا حضرت ّ
الصالة خرج إلى ّ
س ّيد ُولد آدم صلوات ال ّله وسالمه عليه.
22
النّماذج التي ُيمكن أن ُتذكر ُهنا مما ُيع ّين اإلنسان على التّخفيف من غلواء نفسه وتر ُّفعها ،ي ُقول أنس
كان أبو بكر يخطب ،حتّى يقذر الواحد منّا نفسه ،فكان أبو بكر ي ُقول-« :عن اإلنسان-
مر مرتين -من أبيه ُث ّم ولدته ُأ ُّمه »-هذا هو اإلنسان؛ لذلك قول بعض ّ
السلف لما ّ خرج من مخرج البول ّ
به أحد ال ُقواد وكان يمشي ُمتبخرتًا فقال له عرفتني؟ قال نعم عرفتك ،كُنت نُطفة مذرة ،وتحمل يف
وغرور ،قال هذا أنت ،ما الذي
جوفك العذرة أي :يف بطنك ،وآخرتك جيفة قذرة؛ ألنه كان يمشي بتبخرت ُ
يحملك على هذه المشية؟ أص ُلك نُطفة منيّ ،
ثم الذي يف بطنك ّإال القذر ،ويف هنايتك ت ُكون جيفة قذرة،
قال عرفتني وال ّله ،هذا هو حقيقة اإلنسان؛ لذلك أن يتد ّبر اإلنسان يف مثل هذه النُّصوص واآليات ،قال
ال ّله يف اإلنسان { :ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ} [القيامة ]37:هذا ّأول اإلنسان ،وقال ال ّله يف موض ٍع
آخر { :ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ} [النحل ، ]78:فما يعرف اإلنسان شيء حتّى
عرفه ال ّله تعالى { ،ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ} [النحل ]78:فيما بعد؛ فلذلك صار اإلنسان
يعرف وإال يف البداية ال يعرف فهي من نعم ال ّله تعالى عليه ،قال ال ّله تعالى{ :ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ
ﯽ ﯾ ﯿﰀ} [النحل ]53:ف ُكل ما يجعل اإلنسان يطغى ويبطر نعمة؛ فإن كان ّ
السبب الحامل له على
فالصحة والعافية
الص ّحة والعافية؛ ّ
السبب الحامل له على التّك ُّبر ّ التّك ُّبر هو المال فالمال نعمة؛ ّ
إن كان ّ
نعمة ال ّله تعالى ،ي ُقول { :ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ} [النحل ]53:وما دامت نعم ًة من ال ّله إن حقها
والشكر؛ ولهذا لما ذكر ال ّله األسماع واألبصار يف ُمواطن كثيرة جدًّ ا يف ال ُقرآن ُتقرن ُّ
بالشكر الحمد ُّ
{ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ } [المؤمنون ،]78:ما أكثر ما يغ ُفل عن ُشكر هذه
النّعم ،فكثير كثير من النّاس يطغى ويبطر بسبب النّعم ،النّعم هذه من ال ّله حقها أن تشكر؛ فإذا كانت
حامال للعبد على ّ
أن على أن يتك ّبر ويتبخرت؛ فهذا مريض القلب ال يفقه وال يعي يعني قلب النّعمة فجعل ً
ال من أن ت ُكون م ُعونة له على ُشكر ال ّله تعالى جعلها سب ًبا من أسباب ال ُّطغيان والتّك ُّبر كما قال
النّعمة بد ً
مرضا ّ
دق به إن ال ّله تعالى إذا أراد به ً
خيرا سلط عليه ً ولهذا قال ابن الق ّيم :يف هذا وأمثاله ّ
رقبته وأرغم به أنفه ،ولجأ إلى ر ّبه ،يعني هذا اإلنسان الشاب الذي يف كامل نعمته وعافيته إذا أصابه
مرض أو وقع له حادث ورأى كيف أنّه يحتاج إلى غيره حتّى يف قضاء حاجته ،من البول والغائط
نفسه يقول ابن القيم بعض األحيان ت ُكون هذه نعمة من ال ّله.
انكسرت ُ
أن بعض النّاس بعد المرض يتواضع ل ّله و ُيزول عنه ذلك ال ُّطغيان وذلك ال ُغرور
ومن المالحظ ّ
الذي أصابه؛ فلهذا ت ُكون هذه األمراض يف بعض األحيان نعمة ومنحة للعبد.
h