You are on page 1of 44

‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫العلم يؤتى ولا يأتي‬


‫رساله يف تعظيم العلم وأهله‬

‫مجع وترتيب‬

‫أب إبراهيم اخلواص‬

‫‪1‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫ذ َ َ َ‬
‫الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم القائل في كتابه العزيز ﵟقل هل ي َ ۡستَ ِوي ٱَّل‬
‫ُۡ َۡ‬
‫ِين َي ۡعل ُمون‬

‫بﵟ [الزمر‪ ]9 :‬وصلواته وسلامه على سيد السادات‬ ‫َٰ‬ ‫ونَۗ إ ذن َما َيتَ َذ ذك ُر أُ ْولُوا ْ ۡٱۡلَلۡ َ‬
‫ب‬
‫َ ذ َ َ ََُۡ َ‬
‫ِ‬ ‫وٱَّلِين َل يعلم ِ‬

‫سيدنا محمد القائل انما بعثت معلما‪ .1‬وعلى آله وصحبه أجمعين وعلينا معهم وفيهم آمين‪.‬‬

‫أما بعد ‪:‬‬

‫فقد ثبت عن مالك رضي الله عنه فيما ذكره الدارقطنى فى كتاب الرواة‪ 2‬عن محمد بن المحبر‬

‫بن على الرعينى‪ ،‬لما قدم هارون الرشيد المدينة‪ ،‬حضر مالك بن أنس‪ ،‬فسأله أن يسمع منه‬

‫محمد الأمين والمأمون‪ ،‬فبعثوا إلى مالك فلم يحضر‪ ،‬فبعث إليه أمير المؤمنين‪ ،‬فقال‪ :‬العلم‬

‫يؤتى أهله و يوقر‪ ،‬فقال‪ :‬صدق أبو عبد الله سيروا إليه‪ ،‬فساروا إليه هم ومؤدبهم‪ ،‬فسألوه‬

‫أن يقرأ هو عليهم فأبى‪ ،‬وقال‪ :‬إن علماء هذا البلد‪ ،‬قالوا‪ :‬إنما يقرأ على العالم و يفتيهم مثل ما‬

‫يقرأ القرآن على المعلم ويرد‬

‫وذكر أحمد بن اسحق الحلبي قال‪ :‬سمعت عمر بن سيار المنبجي يقول‪ :‬سمعت مالك بن أنس‬

‫‪ -‬رحمه الله ‪ :-‬يقول‪ :‬وجه إلي هارون الرشيد يسألني أن أحدثه‪ ،‬فقلت‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬إن‬

‫سنن ابن ماجه من حديث سيدنا عبد الله بن عمرو رضي الله عنه‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 2‬واسم الكتاب الكامل هو أحاديث الموطأ وذكر اتفاق الرواة عن مالك واختلافهم وز يادتهم ونفصانهم‬

‫‪2‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫العلم يؤتى ولا يأتي قال‪ :‬فصار إلى منزلي فاستند معي إلى الجدار فقلت‪ :‬يا أمير المؤمنين إن‬

‫من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم‪ ،‬قال‪ :‬فجلس بين يدي‪ ،‬قال‪ :‬فقال لي بعد مدة‪:‬‬

‫يا أبا عبد الله‪ ،‬تواضعنا لعلمك فانتفعنا به‪ ،‬وتواضع لنا علم سفيان بن عيينة‪ ،‬فلم ننتفع به‪.‬‬

‫وكان سفيان يأتيهم إلى بيوتهم فيحدثهم و يأخذ دراهمهم‬

‫وفي ترتيب المدارك للقاضي عياض لما قدم هارون المدينة وجه إلى مالك البرمكي وقال‬

‫له قل له احمل لي الكتاب الذي صنفته حتى أسمعه منك فوجد من ذلك مالك واغتم وقال‬

‫للبرمكي إقرئه السلام وقل له العلم يزار ولا يزور‪ ،‬وإن العلم يؤتى ولا يأتي فرجع البرمكي إلى‬

‫هارون فأخبره بذلك‪ ،‬فغضب وأشار عامة أصحاب مالك أن يأتي هارون وقال البرمكي‬

‫للرشيد يبلغ أهل العراق أنك وجهت إلى مالك فخالفك‪.‬‬

‫أعزم عليه حتى يأتيك فإذا بمالك قد دخل فسلم وليس معه كتاب‪ ،‬فقال له هارون في ذلك‬

‫فقال مالك يا أمير المؤمنين إن الله تعالى بعث إلينا محمدا ً صلى الله عليه وسلم وأمر بطاعته‬

‫واتباع سنته وأن نرعاه حيا ً وميتا ً وقد جعلك في هذا الموضع لعلمك فلا تكن أول من ضيع‬

‫العلم فيضيعك الله‪.‬‬

‫والله لقد رأيت من ليس هو في حسبك ولا نسبك من الموالي وغيرهم يعز هذا العلم و يجله‬

‫و يوقر حملته فأنت أحرى أن تجل علم ابن عمك‪ ،‬ولم يزل يعدد عليه حتى بكى‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫ثم قال له حدثني الزهري وذكر حديث ذيل بن ثابت‪ ،‬كنت أكتب بين يدي رسول الله‬

‫صلى الله عليه وسلم لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله وابن أم‬

‫مكتوم عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله قد أنزل الله تعالى في فضل الجهاد‬

‫ما أنزل وأنا رجل ضرير فهل لي من رخصة‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه سلم ما أدري‪.‬‬

‫قال زيد وقلمي رطب لم يجف حتى غشي النبي صلى الله عليه وسلم الوحي ووقع فخذه على‬

‫فخذي فكادت تندق من ثقل الوحي ثم خلا عنه فقال اكتب يا زيد غير أولى الضرر فقال‬

‫يا أمير المؤمنين هذا حرف واحد بعث فيه جبر يل والملائكة مسيرة خمسين ألف عام حتى‬

‫أنزل على نبيه أفلا ينبغي لي أن أجله وأعزه؟ قال‪ ،‬فقال هارون قم بنا إلى منزلك‪.‬‬

‫فأتى هارون منزل مالك فدخل مالك واغتسل ولبس ثيابا ً جددا ً وتطيب ووضع مجامير فيها‬

‫عود وجلس فقال هات‪ ،‬فقال هارون تقرأ علي‪ .‬ما قرأت على أحد منذ زمان‪ .‬قال فأخرج‬

‫عني الناس حتى أقرأه عليك‪ .‬فقال مالك إن العلم إذا منع من العامة لأجل الخاصة لم تنتفع‬

‫به الخاصة‪ .‬قال فأمر بعض أصحابه يقرأه فأمر المغيرة على مالك وفي رواية إن الذي قرأه‬

‫له معن‪.‬‬

‫قال فكان هارون قد استند إلى جنب مالك فلما بدأ يقرأ له قال يا أمير المؤمنين من تواضع‬

‫لله رفعه الله‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫فقام فقعد بين يديه فحدثه‪ ،‬فلما فرغ عاد إلى مكانه‪ .‬قال مالك‪ :‬لما كان بعد مدة قال لي‬

‫الرشيد‪ :‬تواضعنا لعلمك فانتفعنا به‪ ،‬وتواضع لنا علم سفيان بن عيينة فلم تنتفع به‪ .‬وكان يأتيهم‬

‫فيحدثهم‬

‫وفي رواية جاء هارون ومعه الأمين والمأمون وأراد لهما أن يسمعا الموطأ من مالك‪ ،‬فطلبه‬

‫بكتابه إلى دار الإمارة‪ ،‬فامتنع من الذهاب إليه‪ ،‬وقال‪ :‬إن العلم يؤتى إليه ولا يأتي‪ ،‬فجاء‬

‫هارون الرشيد بنفسه ليسمع الموطأ من مالك‪ ،‬فلما وصل إلى باب بيته وأخبرته الخادمة أن‬

‫هارون الرشيد على بابه‪ ،‬أبطأ حتى جاء إلى هارون وأذن له بالدخول‪ ،‬فقال له هارون‬

‫الرشيد‪ :‬ما هذا يا مالك! طلبناك فامتنعت علينا‪ ،‬وجئناك فأوقفتنا على بابك؟! قال‪ :‬يا أمير‬

‫المؤمنين! إن وقوف العلماء على أبواب الأمراء يزري بهم‪ ،‬ووقوف الخلفاء على باب العلماء‬

‫يعلي شأنهم‪ ،‬ثم إني علمت أنك جئت إلى بيتي‪ ،‬لا تريد دنيا ولا مالا ً إنما تريد العلم‪ ،‬فذهبت‬

‫فاغتسلت‪ ،‬ولبست ثيابي وتهيأت كي ألقي عليك من سنة رسول الله وأنا على أحسن حال‪.‬‬

‫وعن حمدان ابن الأصفهاني قال‪ :‬كنت عند شر يك‪ ،‬فأتاه بعض ولد المهدي‪ ،‬فاستند إلى‬

‫الحائط‪ ،‬فسأله عن حديث‪ ،‬فلم يلتفت إليه‪ ،‬وأقبل علينا ثم عاد فعلا بمثل ذلك‪ ،‬فقالوا‪:‬‬

‫أتستخف بأولاد الخلفاء‬

‫‪5‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫قال‪ :‬لا‪ ،‬ول كن العلم أجل عند أهله من أن يضيعوه‪ ،‬قال‪ :‬فجثا على ركبتيه ثم سأله‪ ،‬فقال‬

‫شر يك‪ :‬هكذا يطلب العلم‬

‫***‬

‫ومثل ذلك أن الرشيد جمع الفقهاء فاجتمعوا في ذلك‪ ،‬ثم خرج عليهم فقاموا له إلا محمد بن‬

‫الحسن‪ ،‬فلما دخل استدعاه‪ ،‬فشمت به بعض أعدائه‪ ،‬فلما رآه الرشيد قال‪ :‬لم لم تقم لي كما‬

‫قام أصحابك فقال‪ :‬إنك يا أمير المؤمنين أنزلتني منزلة العالم‪ ،‬وما كنت لأنزل نفسي منزلة‬

‫الخادم فقال له‪ :‬أحسنت‪ ،‬وسأله عن مسألة في السيرة‪ ،‬فأجاب عنها‪ ،‬فأمر له بحمل عشرة‬

‫آلاف درهم‪ ،‬وقال‪ :‬فرقها في أصحابك قال‪ :‬فخرج مسرورا والمال بين يديه فانحر من كان‬

‫شمت به وحسده‬

‫***‬

‫ونقل أن ملك بخارى أمر الإمام محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الجامع أن يعلم أبناءه‬

‫في بيته فأجاب ‪ :‬من شاء فليأتنا ولا حاجة لنا إلى الذهاب إلى بيت أحد ‪ .‬فغضب عليه‬

‫الملك وأجلاه فخرج البخاري إلى خرتنك ‪-‬موضع في سمرقند وألقى بها عصاه ودعا ربه أنه‬

‫لم يبق له بعد ذلك في الحياة حاجة ‪ ,‬فتوفي في يوم العيد‪.3‬‬

‫سنة ‪ 256‬ه‬ ‫‪3‬‬

‫‪6‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫وأرسل إليه‪ 4‬أمير البلد خالد بن محمد الذهلي نائب الخلافة العباسية يتلطف معه‪ ،‬ويسأله أن‬

‫يأتيه بالصحيح‪ ،‬و يحدثهم به في قصره ; فامتنع‪ ،‬وقال لرسوله‪ :‬قل له‪ :‬إني لا أذل العلم‪ ،‬ولا‬

‫أحمله إلى أبواب السلاطين‪ ،‬فمن احتاج إلى شيء منه فليحضر في مسجدي‪ ،‬أو داري‪ ،‬فإن‬

‫لم يعجبك هذا فأنت سلطان فامنعني من المجلس ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة‪ ،‬فإني‬

‫لا أكتم العلم‪ .‬وروي أنه قال‪ :‬العلم يؤتى‪ ،‬ولا يأتي‪ ،‬فراسله أن يعقد مجلسا لأولاده‪ ،‬ولا‬

‫يحضر غيرهم ‪ ,‬فامتنع عن ذلك أيضا‪ ،‬وقال‪ :‬لا يسعني أن أخص بالسماع قوما دون قوم‪،‬‬

‫وروي أنه قال‪ :‬العلم لا يحل منعه‪ ،‬فحصلت بينهما وحشة ; فاستعان الأمير بعلماء بخارى‬

‫عليه حتى تكلموا في مذهبه فأمره بالخروج من البلد فدعا عليهم بقوله‪ :‬اللهم أرهم ما قصدوني‬

‫به في أنفسهم‪ ،‬وأولادهم‪ ،‬وأهاليهم‪ .‬فكان مجاب الدعوة فلم يأت شهر حتى ورد أمر الخلافة‬

‫بأن ينادى على الأمير فأركب حمارا فنودي عليه فيها‪ ،‬وحبس إلى أن مات‪ ،‬ولم يبق أحد‬

‫‪5‬‬
‫ممن ساعده إلا وابتلي ببلية شديدة‪.‬‬

‫***‬

‫اي الإمام البخاري‬ ‫‪4‬‬

‫انظر مقدمة مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للإمام على القاري‬ ‫‪5‬‬

‫‪7‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫وفي سنن ابن ماجه حدثنا علي بن محمد‪ ،‬والحسين بن عبد الرحمن‪ ،‬قالا‪ :‬حدثنا عبد الله بن‬

‫نمير‪ ،‬عن معاو ية النصري‪ ،‬عن نهشل‪ ،‬عن الضحاك‪ ،‬عن الأسود بن يزيد‪ ،‬عن عبد الله‬

‫بن مسعود‪ ،‬قال‪ :‬لو أن أهل العلم صانوا العلم‪ ،‬ووضعوه عند أهله‪ ،‬لسادوا به أهل زمانهم‪،‬‬

‫ول كنهم بذلوه لأهل الدنيا لينالوا به من دنياهم‪ ،‬فهانوا عليهم‬

‫وقال الإمام على الملا القاري في شرحه للحديث ‪(:‬وعن عبد الله بن مسعود قال‪ :‬لو أن‬

‫أهل العلم) ‪ :‬أي‪ :‬الشرعي (صانوا العلم) ‪ :‬أي‪ :‬حفظوه عن المهانة بحفظ أنفسهم عن‬

‫المذلة وملازمة الظلمة ومصاحبة أهل الدنيا طمعا لما لهم من جاههم ومالهم‪ ،‬وعن الحسد‬

‫فيما بينهم‪ ،‬ووضع المظهر موضع المضمر تفخيما لشأنه (ووضعوه عند أهله) ‪ :‬أي‪ :‬أهل‬

‫العلم يعني‪ :‬الذين يعرفون قدر العلم من أهل الآخرة و يلازمون العلماء‪ ،‬فإن العلم يؤتى ولا‬

‫يأتي (لسادوا به) ‪ :‬أي‪ :‬فاقوا بالسيادة وفضيلة السعادة بسبب الصيانة والوضع عن أهل‬

‫ال كرامة دون أهل الإهانة (أهل زمانهم) ‪ :‬أي كمالا وشرفا لأن من شأن أهل العلم أن‬

‫يكون الملوك فمن دونهم تحت أقدامهم وأقلامهم‪ ،‬وطوع آرائهم وأحكامهم‪ .‬قال تعالى‪{ :‬يرفع‬

‫الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} [المجادلة‪ ]11 :‬قال الطيبي‪ :‬وذلك لأن‬

‫العلم رفيع القدر يرفع قدر من يصونه عن الابتذال‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫الصبر في طلب العلم والتواضع وإكرام العلماء وخدمتهم‬

‫قال الإمام عبد الوهاب الشعراني‪ : 6‬أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه‬

‫وسلم أن نكرم العلماء ونجلَّهم ونوقرهم ولا نرى لنا قدرة على مكافأتهم ولو أعطيناهم جميع‬

‫ما نملك أو خدمناهم العمر كله وهذا العهد قد أخل به غالب طلبة العلم والمريدين في طر يق‬

‫الصوفية الآن حتى لا تكاد ترى أحدا منهم يقوم بواجب حق معلمه‪ .‬وهذا داء عظيم في‬

‫الدين مؤذن باستهانة العلم وبأمر من أمرنا بإجلال العلماء صلى الله عليه وسلم‪ .‬فصار أحدهم‬

‫يفجر على شيخه حتى يصير شيخه يداهنه ويملقه حتى يسكت عليه فلا حول ولا قوة إلا‬

‫بالله العلي العظيم‪.‬‬

‫وقد بلغنا عن الإمام النووي ‪ :‬أنه دعاه يوما شيخه ال كمال الإر بلي‪ 7‬ليأكل معه‪ ,‬فقال يا‬

‫سيدي اعفني من ذلك فإن لي عذرا شرعيا ‪ ,‬فتركه ‪ ,‬فسأل بعض إخوانه ‪ :‬ما ذلك العذر؟‬

‫فقال ‪ :‬أخاف أن تسبق عين شيخي إلى لقمة فآكلها وأنا لا أشعر‪.‬‬

‫‪ 6‬في كتابه لواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية ج ‪ 1‬ص ‪112-109‬‬

‫‪ 7‬الإمام المجمع على جلالته سلَّار بن الحسن الإربلي ال كردي‪ .‬توفي سنة ‪ 670‬ه‬

‫‪9‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫وكان رضي الله عنه إذا خرج للدرس ليقرأ على شيخه يتصدق عنه في الطر يق بما تيسر‬

‫و يقول ‪ :‬اللهم استر عني عيب معلمي ‪ ,‬حتى لا تقع عيني له على نقيصة ‪ ,‬ولا يبلغني ذلك‬

‫عنه من أحد‪ ,‬رضي الله عنه‬

‫ثم من أقل آفات سوء أدبك يا أخي مع الشيخ أنك تحرم فوائده ‪ ,‬فإما بكتمها عنك بغضا‬

‫فيك وإما أن لسانه ينعقد عن إ يضاح المعاني لك ‪ ,‬فلا تتحصل من كلامه على شيء تعتمد‬

‫عليه عقوبة ً لك‪ ,‬فإذا جاءه شخص من المتأدبين معه ‪ ,‬انطلق لسانه له لموضع صدقه وأدبه‬

‫معه‪.‬‬

‫فعلم أنه ينبغي للطالب أن يخاطب شيخه بالإجلال والإطراق وغض البصر كما يخاطب‬

‫الملوك ‪ ,‬ولا يجادله قط بعلم ٍ استفاده منه في وقت آخر إلا على سبيل التعرف‪ .‬فيقول ‪ :‬يا‬

‫سيدي سمعناكم تقررون أمس خلاف هذا ‪ ,‬فماذا تعتمدون عليه من التقريرين الآن‪ ,‬حتى‬

‫نحفظه عنكم؟ ونحو ذلك من الألفاظ التي فيها رائحة الأدب‪.‬‬

‫وروى الإمام أحمد والترمذي وابن حبان في صحيحه مرفوعا ‪ :‬ليس منا من لم يوقر ال كبير‬

‫ويرحم الصغير‪.‬‬

‫وفي رواية للإمام أحمد والطبراني والحاكم مرفوعا ‪ :‬ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ويرحم‬

‫صغيرنا و يعرف لعالمنا حقه‬

‫‪10‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫وروى الطبراني مرفوعا ‪ :‬تواضعوا لمن تعلموا منه‪ .‬وروى أيضا مرفوعا ‪ :‬ثلاثة لا يستخف‬

‫بهم إلا منافق ‪ :‬ذو الشيبة في الإسلام وذو العلم والإمام المقسط‪ ...‬الحديث‬

‫وروى أيضا مرفوعا ‪ :‬لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خصال ‪ -‬فذكر منها ‪ : -‬وأن يروا ذا علم‬

‫فيضيعونه ولا يسألون عليه‪ .‬والله أعلم‬

‫قال الإمام المارودي في آداب الدنيا والدين‪ : 8‬اعلم أن للمتعلم تملقا وتذللا فإن استعملهما‬

‫غنم‪ ،‬وإن تركهما حرم؛ لأن التملق للعالم يظهر مكنون عمله‪ ،‬والتذلل له سبب لإدامة صبره‪.‬‬

‫وبإظهار مكنونه تكون الفائدة وباستدامة صبره يكون الإكثار‪ .‬وقد روى معاذ عن النبي ‪-‬‬

‫‪9‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬أنه قال‪« :‬ليس من أخلاق المؤمن الملق إلا في طلب العلم» ‪.‬‬

‫وقد روت عائشة ‪ -‬رضي الله عنها ‪ -‬عن النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬أنه قال‪« :‬من وقر‬

‫وقال علي بن أبي طالب ‪ -‬رضي الله عنه ‪ :-‬لا يعرف فضل أهل‬ ‫‪10‬‬
‫عالما فقد وقر ربه»‪.‬‬

‫العلم إلا أهل الفضل‪.‬‬

‫وقال بعض الشعراء ‪:‬‬

‫‪ 8‬دار مكتبة الحياة ص ‪68‬‬

‫‪ 9‬الحديث أخرجه ابن عدي في الكامل في ترجمة الحسن بن دينار ج ‪ 2‬ص ‪712‬‬

‫‪ 10‬رواه الذهبي في ميزان الإعتدال عن السيدة عائشة رضي الله عنها مرفوعا‬

‫‪11‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫إن المعلم والطبيب كلاهما … لا ينصحان إذا هما لم يكرما‬

‫فاصبر لدائك إن أهنت طبيبه … واصبر لجهلك إن جفوت معلما‬

‫قال حرملة بن يحيى‪ ،‬قال‪ :‬سمعت الشافعي رحمه الله يقول‪ " :‬لا يطلب هذا العلم أحد بالتملل‪،‬‬

‫‪11‬‬
‫وعز النفس فيفلح‪ ،‬ول كن من طلبه بذلة النفس‪ ،‬وضيق العيش‪ ،‬وخدمة العلماء أفلح "‬

‫وفي الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما ‪ :‬ذللت طالبا فعززت مطلوبا‪ .12‬وقد كان رضي‬

‫الله عنه يذهب إلى بيت أبي بن كعب فيجد بابه تارة مفتوحا فيأذن له بالدخول سر يعا ‪,‬‬

‫وتارة مغلوقا فيستحي أن يطرق عليه الباب‪ ,‬فيمكث حتى ربما مضى عليه أكثر النهار وهو‬

‫جالس على باب الدار والريح تسف عليه التراب ‪ ,‬إلى أن يصير لا يعرف من كثرة الغبار‬

‫الذي علق ببدنه وثيابه فيخرج أبي رضي الله عنه فيراه في تلك الحالة فيعظم عليه فيقول ‪:‬‬

‫لم لا استأذنت؟ فيعتذر له بالحياء منه ‪ .‬اه‬

‫ووقع له معه أن أبيا ً رضي الله عنه أراد الركوب يوما فأخذ ابن عباس بركابه حتى ركب‬

‫ثم سار معه فقال ‪ :‬ما هذا يا ابن عباس؟ فقال ‪ :‬هكذا أمرنا بتعظيم علمائنا ‪ ,‬وأبي راكبا وابن‬

‫شعب الإيمان للإمام البيهقي ج ‪ 3‬ص ‪243‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪ 12‬جامع بيان العلم وفضله للإمام ابن عبد البر ج‪ 1‬ص ‪474‬‬

‫‪12‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫عباس ماشيا بإزاء مركوب أبي ‪ ,‬فلما نزل أبي قبل يد ابن عباس فقال له ‪ :‬ما هذا؟ فقال‬

‫‪13‬‬
‫‪ :‬هكذا أمرنا بتعظيم أهل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

‫مستحي ولا مستكبر‬


‫ٍ‬ ‫وعن مجاهد رحمه الله تعالى قال ‪ :‬لا يتعلم العلم‬

‫قلت ‪-‬أي الحبيب زين بن إبراهيم بن سميط ‪ :‬لأن المستحي يمنعه الحياء عن التفقه في الدين‬

‫والسؤال عما لا يعلم ‪ ,‬والمتكبر يمنعه كبره عن الإستفادة والتعلم ممن هو دونه في الرتبة ‪,‬‬

‫ولا يكمل المرء في علمه حتى يأخذ العلم ممن هو فوقه وممن هو مثله وممن هو دونه‪.‬‬

‫***‬

‫وحكي عن الشمس الجوجري ‪ :‬أنه لما شرع في الاشتغال بالعلم طاف على أكابر لعماء بلده‬

‫‪ ,‬فلم يعجبه منهم أحد لحدة فهمه ‪ .‬حتى إذا جاء إلى شيخ الإسلام يحيي المناوي ‪ ,‬فجلس‬

‫بين يديه ‪-‬وفي ظنه أنه يلحقه بمن تقدم‪ -‬فانتهره وقال له بحال ‪ :‬أنت قليل الأدب! لا يجيء‬

‫منك في الطلب‪ ,‬غط إصبعك‪ ,‬واستعمل الأدب! فحم لوقته وزال عنه ما كان يجده من‬

‫‪14‬‬
‫الاستخفاف بالناس‪ ,‬ولزم دروسه حتى صار رأسا عظيما في العلم‪.‬‬

‫‪ 13‬المنهج السوي للعلامة الحبيب زين بن إبراهيم بن سميط ص ‪214‬‬

‫‪ 14‬معالم إرشادية لصناعة طالب العلم للشيخ محمد عوامة ص ‪224‬‬

‫‪13‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫وقال العلامة المناوي رحمه الله ‪ :‬ذكر البرهان البقاعي أنه سأله بعض العجم أن يقرأ عليه‬

‫فأذن فجلس متربعا فامتنع من إقرائه وقال‪ :‬أنت أحوج إلى الأدب منك إلى العلم الذي‬

‫جئت تطلبه‪.‬‬

‫وحكى عن الشمس الجوهري أنه لما شرع في الاشتغال بالعلم طاف على أكابر علماء بلده‬

‫فلم يعجبه منهم أحد لحدة فهمه حتى إذا جاء شيخ الإسلام يحيى المناوي فجلس بين يديه‬

‫وفي ظنه أنه يلحقه بمن تقدم فشرع في القراءة فتأمل الشيخ فوجد أصبعا من أصابع رجله‬

‫مكشوفا فانتهره وقال له بحال أنت قليل الأدب لا يجئ منك في الطلب غط أصبعك‬

‫واستعمل الأدب فحم لوقته وزال عنه ما كان يجده من الاستخفاف بالناس ولزم دروسه‬

‫حتى صار رأسا عظيما في العلم‬

‫كلام الأئمة في الشيخ والمريد وما يتعلق بهما من الآدب‬

‫من كلام الإمام قطب الإرشاد الحبيب عبد الله بن علوي الحداد ‪:‬‬

‫▪ إذا رأت المريد ممتلئا بتعظيم شيخه وإجلاله مجتمعا بظاهره وباطنه على اعتقاده‬

‫بعده‪15‬‬ ‫وامتثاله والتأدب بآدابه فلا بد أن يرث سره أو شيئا منه إن بقي‬

‫‪ 15‬آداب سلوك المريد ‪58‬‬

‫‪14‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫▪ لا ينبغي للطالب أن يقول لشيخه ‪ :‬مرني بكذا أو أعطني كذا ! فإنه بذلك يطلب‬

‫لنفسه ‪ ,‬بل ينبغي أن يكون كالميت بين يدي الغاسل ‪ ,‬فإن أقامه في شيء فليثبت‬

‫عليه فإنه لا يدري ما يصلح له وهو أعرف بما يصلح له‪ ,‬والناس مختلفون ‪ :‬منهم من‬

‫لا يصلح إلا لخدمة الشيخ‪ ,‬ومنهم لخدمة الفقراء ‪ ,‬ومنهم لغير ذلك على حسب‬

‫‪16‬‬
‫اختلاف غرائزهم وفطرهم‪.‬‬

‫▪ قال ‪ :‬قال بعضهم ‪ :‬حق المعلم والمرشد آكد من حق الوالد‪ ,‬لأن الوالد يحفظ الولد‬

‫من الآفات التي يخشى عليه منها في جسمه ودنياه‪ ,‬ويتسبب له في تحصيل ما يلتذ‬

‫به وتستريح إليه نفسه من أحوال معاشه ‪ ,‬والمعلم والمرشد يحفظه بتعليمه وأرشاده‬

‫مما يضره في آخرته ومعاده و يكون سببا له وسبيلا له في الوصول إلى دخول الجنة‬

‫‪17‬‬ ‫ونعيمها الدائم والفوز بلقاء الله الذي هو غاية السعادة وأجلها‪.‬‬

‫▪ على المريد أن ينطرح للشيخ في كل شيء ‪ ,‬ولا يعترض عليه في شيء ويمتثل ما‬

‫‪18‬‬
‫يأمره به وإن لم يعرف وجه ذلك‬

‫‪ 16‬غاية القصد والمراد ج ‪ 2‬ص ‪177‬‬

‫‪ 17‬الدعوة التامة ص ‪216‬‬

‫‪ 18‬تثبيت الفؤاد ج ‪ 1‬ص ‪56‬‬

‫‪15‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫▪ أضر شيء على المريد تغير قلب الشيخ عليه ‪ ,‬ولو اجتمع على إصلاحه بعد ذلك‬

‫‪19‬‬
‫مشايخ المشرق والمغرب لم يستطيعوه إلا أن يرضى عنه شيخه‬

‫من كلام الإمام الحبر القطب الحبيب عبد القادر بن أحمد بلفقيه‬

‫▪ العلم لا بد من الأدب‪ ,‬والنفع الحقيقي الذي يؤثر في القلوب‬

‫▪ الفتوح لازم من حسن الظن والفناء في محبة الشيخ وبهذا سوف يحصل الفتوح‬

‫من كلام الامام الحافظ القطب الحبيب عبد الله بن عبد القادر بلفقيه‬

‫▪ التلميذ الذي ما ينفذ أوامر الشيخ يعوقه عليه من الفتح سبعمائة عائق‬

‫▪ المريد اذا ما ثبت على الأوراد التي أمره بها شيخهما بيفتح الله عليه لأن الفتح من‬

‫الشيخ‬

‫▪ اجعل وجهتك في الشيخ لا تنظر أحدا في الدنيا الا الله والنبي صلى الله عليه وسلم‬

‫والشيخ‬

‫تعلق بشيخك لانه امامك وإمامك‬


‫▪ َّ‬

‫▪ المريد اذا خطر له خاطر أن يعرضه على شيخه ليز يل عنه ذلك‬

‫‪ 19‬آداب سلوك المريد ص ‪54‬‬

‫‪16‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫▪ اذا وجد التلميذ قلبه غير نظيف لأستاذه حرم عليه العلم‬

‫▪ قال رضي الله عنه نقلا عن الإمام الشعراني ‪ :‬هلاك المريد بسوء الظن لأستاذه‬

‫من كلام الإمام العلامة الحبيب زين بن إبراهيم بن سميط‬

‫▪ كان بعضهم يحترم شيخه أكثر من احترامه أباه فقال في ذلك ‪ :‬الشيخ أبو الروح‬

‫ق‪ ,‬والأب أبو الجسد وهو فانٍ‪.‬‬


‫وهو با ٍ‬

‫▪ أبو الروح أفضل من أبي الجسد‪ ,‬ل كن إذا صار أبو الجسد أبا الروح فهو أفضل‪.‬‬

‫▪ قال بعضهم ‪ :‬سبعون في مائة أن العلم ينال بسبب قوة الرابطة بين المريد وشيخه‪.‬‬

‫▪ من أدب بعضهم أنه لا يبصق إلى جهة فيها شيخه‪.‬‬

‫▪ كان الأمين والمأمون ابنا هارون الرشيد يتبادران نعلي شيخهما ال كسائي أيهما يلبسه‬

‫إياهما ‪ ,‬فيقول لهما عند ذلك ‪ :‬لكل واحد واحدة‬

‫كلام غيرهم من الأئمة المهداة‬

‫▪ قال سيدنا الإمام علي بن حسن العطاس رضي الله عنه ‪ :‬إن المحصول من العلم‬

‫والفتح والنور أي ال كشف للحجب على قدر الأدب مع الشيخ ‪ ,‬وعلى قدر ما يكون‬

‫كبر مقداره عندك يكون لك ذلك المقدار عند الله من غير شك‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫▪ قال الإمام السهروردي في عوارف المعارف ‪ :‬أدب المريد في مجلس الشيخ ينبغي‬

‫أن يلزم السكوت ‪ ,‬ولا يقول شيئا بحضرته من كلام حسن ‪ ,‬إلا إذا استأمر الشيخ‬

‫ووجد من الشيخ فسحة في ذلك‪.‬‬

‫▪ قال الإمام الشعراني وبلغنا عن الشيخ بهاء الدين السبكي قال ‪ :‬بينما أنا راكب مع‬

‫والدي – شيخ الإسلام تقي الدين السبكي – في بعض طرق الشام ‪ ,‬إذ سمع شخصا‬

‫من فلاحي الشام يقول ‪ :‬سألت الفقيه محيي الدين النووي عن مسألةكذا وكذا‪ ,‬فنزل‬

‫والدي عن الفرس وقال ‪ :‬والله لا أركب وعين رأت محيي الدين تمشي‪ ,‬ثم عزم عليه‬

‫بركوب الفرس وأقسم عليه بالله‪ ,‬وصار الشيخ ماشيا حتى دخل الشام‪ .‬ثم قال‬

‫الشعراني ‪ :‬فهكذا يا أخي كان العلماء يفعلون بأشياخهم مع أنه لم يدركه وإنما جاء‬

‫بعد موته بسنين‪.‬‬

‫▪ روى أبو محمد الحارثي عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال ‪ :‬ما مددت رجلي‬

‫نحو دار أستاذي حماد بن أبي سليمان إجلال له ‪ ,‬وكان بين داره وداري سبع‬

‫سكك‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫▪ وروى البيهقي في مناقب الشافعي أنه قال ‪ :‬قدمت المدينة فرأيت من مالك بن أنس‬

‫ما رأيت من هيبته وإجلاله للعلم‪ ،‬فازددت لذلك حتى ربما كنت أكون في مجلسه‬

‫فأريد أن أَ صفح الورقة فأصفحها صفحا ً رقيقاً‪ ،‬هيبة ً له؛ لئلا يسمع وقعها‪.‬‬

‫▪ وفي معناه قال الربيع بن سليمان ‪ :‬والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر‬

‫إلي هيبة ً له‪.‬‬


‫َّ‬

‫▪ قال الشيخ محمد عوامة حفظه الله ‪ :‬ومن الآجب المتوارثة ‪ :‬أن الطالب إذا كان‬

‫يمشي مع أستاذه في وقت الشمس ‪ ,‬في مكان فيه ظل وشمس ‪ ,‬ترك الظل للشيخ‬

‫يمشي فيه ومشي هو في الشمس‪ .‬ومنها أيضا ‪ :‬أن يلاحظ الطالب وهو في هذه الحال‬

‫‪20‬‬
‫‪ :‬أن لا يمشي على ظل شيخه ‪ ,‬بل يمشي في الجانب الآخر منه‪.‬‬

‫▪ قال الإمام المفسر الأصولي فخر الدين الرازي في تفسير قوله تعالى ﵟقَ َال َ َُلۥ ُم َ َٰ‬
‫وَس‬
‫ٗ‬ ‫ذ ُ ۡ َ ُۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َۡ َذ ُ َ ََ َ‬
‫لَع أن تعل ِم ِن مِما عل ِمت رشدا ‪ ٦٦‬ﵟ [الكهف‪ ]٦٦ :‬اعلم أن هذه‬‫َ‬ ‫هل أتبِعك ٰٓ‬

‫الآيات تدل على أن موسى عليه السلام راعى أنواعا كثيرة من الأدب واللطف عند‬

‫ما أراد أن يتعلم من الخضر‪ .‬فأحدها‪ :‬أنه جعل نفسه تبعا له لأنه قال‪ :‬هل أتبعك‪.‬‬

‫وثانيها‪ :‬أن استأذن في إثبات هذا التبعية فإنه قال هل تأذن لي أن أجعل نفسي تبعا‬

‫‪ 20‬معالم إرشادية لصناعة طالب العلم ص ‪226‬‬

‫‪19‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫لك وهذا مبالغة عظيمة في التواضع‪ .‬وثالثها‪ :‬أنه قال على أن تعلمن وهذا إقرار له على‬

‫نفسه بالجهل وعلى أستاذه بالعلم‪ .‬ورابعها‪ :‬أنه قال‪ :‬مما علمت وصيغة من للتبعيض‬

‫فطلب منه تعليم بعض ما علمه الله‪ ،‬وهذا أيضا مشعر بالتواضع كأنه يقول له لا‬

‫أطلب منك أن تجعلني مساو يا في العلم لك‪ ،‬بل أطلب منك أن تعطيني جزأ من‬

‫أجزاء علمك‪ ،‬كما يطلب الفقير من الغني أن يدفع إليه جزأ من أجزاء ماله‪ .‬وخامسها‪:‬‬

‫أن قوله‪ :‬مما علمت اعتراف بأن الله علمه ذلك العلم‪ .‬وسادسها‪ :‬أن قوله‪ :‬رشدا طلب‬

‫منه للإرشاد والهداية والإرشاد هو الأمر الذي لو لم يحصل لحصلت الغواية والضلال‪.‬‬

‫وسابعها‪ :‬أن قوله‪ :‬تعلمن مما علمت معناه أنه طلب منه أن يعامله بمثل ما عامله الله‬

‫به وفيه إشعار بأنه يكون إنعامك علي عند هذا التعليم شبيها بإنعام الله تعالى عليك في‬

‫هذا التعليم ولهذا المعنى قيل أنا عبد من تعلمت منه حرفا‪ .‬وثامنها‪ :‬أن المتابعة عبارة‬

‫عن الإتيان بمثل فعل الغير لأجل كونه فعلا لذلك الغير‪ ،‬فإنا إذا قلنا‪ :‬لا إله إلا الله‬

‫فاليهود الذين كانوا قبلنا كانوا يذكرون هذه الكلمة فلا يجب كوننا متبعين لهم في ذكر‬

‫هذه الكلمة‪ ،‬لأنا لا نقول هذه الكلمة لأجل أنهم قالوها بل إنما نقولها لقيام الدليل‬

‫على أنه يجب ذكرها‪ ،‬أما إذا أتينا بهذه الصلوات الخمس على موافقة فعل رسول الله‬

‫صلى الله عليه وسلم فإنما أتينا بها لأجل أنه عليه السلام أتى بها لا جرم كنا متابعين‬

‫‪20‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫في فعل هذه الصلوات لرسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬إذا ثبت هذا فنقول قوله‪:‬‬

‫هل أتبعك يدل على أنه يأتي بمثل أفعال ذلك الأستاذ لمجرد كون ذلك الأستاذ آتيا‬

‫بها‪ .‬وهذا يدل على أن المتعلم يجب عليه في أول الأمر التسليم وترك المنازعة‬

‫والاعتراض‪ .‬وتاسعها‪ :‬أن قوله‪ :‬أتبعك يدل على طلب متابعته مطلقا في جميع الأمور‬

‫غير مقيد بشيء دون شيء‪ .‬وعاشرها‪ :‬أنه ثبت بالأخبار أن الخضر عرف أولا أنه‬

‫نبي بني إسرائيل وأنه هو موسى صاحب التوراة وهو الرجل الذي كلمه الله عز وجل‬

‫من غير واسطة وخصه بالمعجزات القاهرة الباهرة‪ ،‬ثم إنه عليه السلام مع هذه‬

‫المناصب الرفيعة والدرجات العالية الشر يفة أتى بهذه الأنواع ال كثيرة من التواضع‬

‫وذلك يدل على كونه عليه السلام آتيا في طلب العلم بأعظم أنواع المبالغة وهذا هو‬

‫اللائق به لأن كل من كانت إحاطته بالعلوم أكثر كان علمه بما فيها من البهجة‬

‫والسعادة أكثر فكان طلبه لها أشد وكان تعظيمه لأرباب العلم أكمل وأشد‪ .‬والحادي‬

‫عشر‪ :‬أنه قال‪ :‬هل أتبعك على أن تعلمن فأثبت كونه تبعا له أولا ثم طلب ثانيا أن‬

‫يعلمه وهذا منه ابتداء بالخدمة ثم في المرتبة الثانية طلب منه التعليم‪ .‬والثاني عشر‪:‬‬

‫أنه قال‪ :‬هل أتبعك على أن تعلمن فلم يطلب على تلك المتابعة على التعليم شيئا كان‬

‫قال لا أطلب منك على هذه المتابعة المال والجاه ولا غرض لي إلا طلب العلم‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫‪ :‬الوظيفة الثالثة ‪ :‬أن لا يتكبر على العلم ولا‬ ‫‪21‬‬


‫▪ قال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي‬

‫يتأمر‪ 22‬على معلم بل يلقي إليه زمام أمره بالكلية في كل تفصيل ويذعن‪ 23‬لنصيحته‬

‫إذعان المر يض الجاهل للطبيب المشفق الحاذق‬

‫وينبغي أن يتواضع لمعلمه و يطلب الثواب والشرف بخدمته ‪ .‬قال الشعبي صلى زيد‬

‫بن ثابت على جنازة فقربت إليه بغلته ليركبها فجاء ابن عباس فأخذ بركابه فقال زيد‬

‫خل عنه يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن عباس هكذا أمرنا أن‬

‫نفعل بالعلماء وال كبراء فقبل زيد بن ثابت يده وقال هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت‬

‫نبينا صلى الله عليه وسلم‪ 24‬وقال صلى الله عليه وسلم ليس من أخلاق المؤمن التملق‬

‫فلا ينبغي لطالب العلم أن يتكبر على المعلم ‪ .‬ومن تكبره على‬ ‫‪25‬‬
‫إلا في طلب العلم‬

‫المعلم أن يستنكف عن الاستفادة إلا من المرموقين‪ 26‬المشهورين وهو عين الحماقة‬

‫فإن العلم سبب النجاة والسعادة ومن يطلب مهربا ً من سبع ضار يفترسه لم يفرق بين‬

‫‪ 21‬إحياء علوم الدين ج‪ 1‬ص ‪50‬‬

‫‪ 22‬أي لا يصير أميرا‬

‫‪ 23‬أي ينقاد‬

‫‪ 24‬حديث أخذ ابن عباس بركاب زيد بن ثابت وقوله هكذا أمرنا أن نفعل بالعلماء أخرجه الطبراني والحاكم والبيهقي في المدخل إلا أنهم قالوا‬

‫هكذا نفعل قال الحاكم صحيح الإسناد على شرط مسلم‬

‫‪ 25‬حديث ليس من أخلاق المؤمن الملق إلا في طلب العلم أخرجه ابن عدي من حديث معاذ وأبي أمامة بإسنادين ضعيفين‬

‫المنظور إليهم‬ ‫‪26‬‬

‫‪22‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫أن يرشده إلى الهرب مشهور أو خامل وضراوة‪ 27‬سباع النار بالجهال بالله تعالى أشد‬

‫من ضراوة كل سبع فالحكمة ضالة المؤمن يغتنمها حيث يظفر بها ويتقلد المنة لمن‬

‫ساقها إليه كائنا ً من كان فلذلك قيل‬

‫العلم حرب للفتى المتعالي … كالسيل حرب للمكان العالي‬

‫فلا ينال العلم إلا بالتواضع وإلقاء السمع قال الله تعالى {إن في ذلك لذكرى لمن‬

‫كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} ومعنى كونه ذا قلب أن يكون قابلا ً للعلم‬

‫فهما ً ثم لا تعينه القدرة على الفهم حتى يلقي السمع وهو شهيد حاضر القلب ليستقيل‬

‫كل ما ألقى إليه بحسن الإصغاء والضراعة والشكر والفرح وقبول المنة ‪ .‬فليكن‬

‫المتعلم لمعلمه كأرض دمثة نالت مطرا ً غزيرا ً فتشربت جميع أجزائها وأذعنت بالكلية‬

‫لقبوله‪ .‬ومهما أشار عليه المعلم بطر يق في التعلم فليقلده وليدع رأيه فإن خطأ مرشده‬

‫أنفع له من صوابه في نفسه إذ التجربة تطلع على دقائق يستغرب سماعها مع أنه يعظم‬

‫نفعها فكم من مريض محرور يعالجة الطبيب في بعض أوقاته بالحرارة ليزيد في قوته‬

‫إلى حد يحتمل صدمة العلاج فيعجب منه من لا خبرة له به وقد نبه الله تعالى بقصة‬

‫الخضر وموسى عليهما السلام حيث قال الخضر {إنك لن تستطيع معي صبرا ً وكيف‬

‫‪ 27‬ولعهم‬

‫‪23‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫تصبر على ما لم تحط به خبرا ً} ثم شرط عليه السكوت والتسليم فقال {فإن َّاتبعتني‬

‫فلا تسأَ لني عن شيءٍ حتَّى أحدث لك منه ذكرا ً} ثم لم يصبر ولم يزل في مراودته إلى‬

‫أن كان ذلك سبب الفراق بينهما‬

‫وبالجملة كل متعلم استبقى لنفسه رأيا ً واختيارا ً دون اختيار المعلم فاحكم عليه‬

‫بالإخفاق والخسران‪.‬‬

‫جهود العلماء في الرحلة لطلب العلم‬

‫قال الإمام العلامة الحبيب زين بن إبراهيم بن سميط حفظه الله ‪ :‬إعلم أنهكلما شرف المطلب‬

‫زاد التعب في بلوغه والنصب‪ .‬والعليا لا تدرك بالهوينى ‪ ,‬ولا تنال المعالي إلا بشق الأنفس‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن يحي بن أبي كثير‪ 28‬رحمه الله قال ‪ :‬لا يستطاع العلم براحة الجسم‬

‫قال الإمام تقي الدين السبكي ‪ :‬العلم صعب لا ينال بالهوينا وليست كل الطباع تقبله بل‬

‫من الن اس من يشتغل عمره ولا ينال منه شيئا‪ ،‬ومن الناس من يفتح عليه في مدة يسيرة‪،‬‬

‫وهو فضل الله يؤتيه من يشاء‬

‫الإمام الحافظ أبو نصر يحي بن أبي كثير الطائي مولاهم ‪ .‬ت ‪129‬ه‬ ‫‪28‬‬

‫‪ 29‬قال في ال كوكب الوهاج ‪( :‬لا يستطاع العلم) أي لا ينال العلم ولا يحصل لمن أراده (براحة الجسم) أي مع راحة الجسم وشهوات‬

‫النفس‪ ،‬بل لا ينال إلا بترك شهواته وركوب متاعبه وذوق شدائده‬

‫‪24‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫وقال الإمام النووي ‪ :‬وينبغي أن يأخذ نفسه بالإجتهاد في التحصيل في وقت الفراغ والنشاط‬

‫وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلة الشاغلات قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة فقد قال‬

‫أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تفقهوا قبل أن تسودوا معناه اجتهدوا في كمال‬

‫أهليتكم قبل وأنتم أتباع قبل أن تصيروا سادة فإنكم إذا صرتم سادة متبوعين امتنعتم من التعلم‬

‫لارتفاع منزلتكم وكثرة شغل كم وهذا معنى قول الإمام الشافعي رضي الله عنه تفقه قبل أن‬

‫‪30‬‬
‫ترأس فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه‬

‫قال العلماء ‪ :‬إن الرحلة في طلب العلم إما فرض عين إذا لم يجد في بلده من يعلمه أو مندوب‬

‫مرغب فيه إذا كان لطلب الز يادة‪ .‬قال سيدنا القطب الحبيب عبد الله بن علوي الحداد‬

‫رضي الله عنه ‪ :‬ينبغي للإنسان أن لا يستقر مكانه بل يسير في الأرض لعله أن يرى أكمل‬

‫منه فيقتدى به إن قدر على ذلك وساعده الحال والوقت ‪ ,‬أو يرى معتبرا فيعتبر أو يفيد أ‬

‫يستفيد‪.‬‬

‫▪ قال الشعبي ‪ :‬رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية ‪ .‬فقيل له ‪ :‬إن الذي يفسرها‬

‫رحل إلى الشام ‪ ,‬فتجهز ورجل إلى الشام حتى علم تفسيرها ‪ .‬وقال عكرمة في قوله‬

‫ُذ ُۡ ۡ ُ َۡۡ ُ ََ َ‬ ‫َ ذ‬
‫عز وجل ﵟومن َيرج مِ ۢن بيتِهِۦ مها ِ‬
‫ََ َُۡ ۡ‬
‫ت فق ۡد َوق َع‬ ‫ج ًرا إَِل ٱَّللِ َو َر ُس ِ‬
‫وَلِۦ ثم يد ِركه ٱلمو‬ ‫َُ‬ ‫َۡ‬

‫التبيان في آداب حملة القرآن ‪ .‬آخر الباب الرابع ص ‪29‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪25‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫ََ ذ‬ ‫َ‬
‫أ ۡج ُرهُۥ لَع ٱَّللَِۗﵟ [النساء‪ ]100 :‬طلبت اسم هذا الرجل الذي خرج من بيته مهاجرا إلى‬

‫الله ورسوله أربع عشرة سنة حتى وجدته‪ .‬وهو ضمرة بن حبيب‪ 31.‬اه‬

‫▪ رحل جابر بن عبد الله رضي الله عنه من المدينة إلى مصر مع عشرة من الصحابة‬

‫فساورا شهرا في حديث بلغهم عن عبد الله بن أنيس الأنصاري يحدث عن رسول‬

‫‪32‬‬
‫الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعوه‪ .‬اه‬

‫▪ قال الحافظ ابن حجر العسقلاني قيل لأحمد بن حنبل رضي الله عنه ‪ :‬رجل يطلب‬

‫العلم يلزم رجلا عنده علم كثير أو يرحل؟ قال ‪ :‬يرحل يكتب عن علماء الأمصار‬

‫فيشام الناس ويتعلم منهم‪ .‬اه ‪ .‬وقيل له أيرحل الرجل في طلب العلم؟ فقال بلى والله‬

‫شديدا ً لقد كان علقمة بن قيس النخعي والأسود بن يزيد النخعي ‪-‬وهما أهل ال كوفة‬

‫‪ 31‬لعله حبيب أبو ضمرة لأنه الصحابي‪ .‬أما ضمرة بن حبيب فعاش بين عام ‪ 20‬و عام ‪ 120‬ه‬

‫‪ 32‬ونص الحديث كما في المسند ‪ :‬حدثنا يزيد بن هارون‪ ،‬قال‪ :‬أخبرنا همام بن يحيى‪ ،‬عن القاسم بن عبد الواحد المكي‪ ،‬عن عبد الله بن محمد بن‬

‫عقيل‪ ،‬أنه سمع جابر بن عبد الله‪ ،‬يقول‪ :‬بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتريت بعيرا‪ ،‬ثم شددت عليه رحلي‪،‬‬

‫فسرت إليه شهرا‪ ،‬حتى قدمت عليه الشام فإذا عبد الله بن أنيس‪ ،‬فقلت للبواب‪ :‬قل له‪ :‬جابر على الباب‪ ،‬فقال ابن عبد الله؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬فخرج‬

‫يطأ ثوبه فاعتنقني‪ ،‬واعتنقته‪ ،‬فقلت‪ :‬حديثا بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في القصاص‪ ،‬فخشيت أن تموت‪ ،‬أو أموت‬

‫قبل أن أسمعه‪ ،‬قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪ " :‬يحشر الناس يوم القيامة ‪ -‬أو قال‪ :‬العباد ‪ -‬عراة غرلا بهما " قال‪ :‬قلنا‪ :‬وما‬

‫بهما؟ قال‪ " :‬ليس معهم شيء‪ ،‬ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب‪ :‬أنا الملك‪ ،‬أنا الديان‪ ،‬ولا ينبغي لأحد من أهل النار‪،‬‬

‫أن يدخل النار‪ ،‬وله عند أحد من أهل الجنة حق‪ ،‬حتى أقصه منه‪ ،‬ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة‪ ،‬ولأحد من أهل النار عنده‬

‫حق‪ ،‬حتى أقصه منه‪ ،‬حتى اللطمة " قال‪ :‬قلنا‪ :‬كيف وإنا إنما نأتي الله عز وجل عراة غرلا بهما؟ قال‪ " :‬بالحسنات والسيئات‬

‫‪26‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫بالعراق‪ -‬يبلغهما الحديث عن عمر فلا يقنعهما حتى يخرجا إليه ‪-‬إلى المدينة المنورة‪-‬‬

‫فيسمعانه منه‪ .‬اه‬

‫▪ قال أبو حاتم الرازي الإمام الحافظ‪ :‬كتبت الحديث سنة تسع ومائتين قلت‪ :‬رحل‬

‫وهو أمرد فسمع عبيد الله بن موسى ومحمد بن عبد الله الأنصاري والأصمعي وأبا نعيم‬

‫وهوذة بن خليفة وعفان وأبا مسهر وأمما سواهم‪ .‬وبقي في الرحلة زمانا فقال‪ :‬أول‬

‫ثم تركت‬ ‫‪33‬‬


‫ما رحلت أقمت سبع سنين ومشيت على قدمي ز يادة على ألف فرسخ‬

‫العدد وخرجت من البحرين إلى مصر ماشيا ثم إلى الرملة ماشيا ثم إلى طرسوس ولي‬

‫‪34‬‬
‫عشرون سنة‬

‫▪ قال أبو عبد الرحمن النهاوندي سمعت يعقوب بن سفيان يقول كتبت عن ألف شيخ‬

‫وكسر كلهم ثقات وقال أبو إسحاق بن حمزة عن أبيه قال قال لي يعقوب بن سفيان‬

‫قمت في الرحلة ثلاثين سنة‪ .‬وقال محمد بن يزيد العطار سمعت يعقوب بن سفيان يقول‬

‫كنت في رحلتي فقلت‪ :‬نفقتي فكنت ادمن الكتابة ليلا وأقرأ نهارا فلما كان ذات‬

‫ليلة كنت جالسا انسخ في السراج وكان شتاء فنزل الماء في عيني فلم أبصر شيئا‬

‫فبكيت على نفسي لانقطاعي عن بلدي وعلى ما فاتني من العلم فغلبتني عيناي فنمت‬

‫‪ 33‬الفرسخ بمشي القدم ‪ :‬نحو ساعة ونصف‪ ,‬وهو ثلاثة أميال ‪ ,‬نحو خمسة كيلومترات‪.‬‬

‫‪ 34‬تذكرة الحفاظ للحافظ الذهبي ج‪ 2‬ص ‪112‬‬

‫‪27‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فناداني يا يعقوب لم أنت بكيت فقلت‪ :‬يا‬

‫رسول الله ذهب بصري فتحسرت على ما فاتني فقال لي ادن مني فدنوت منه فأمر‬

‫يده على عيني كأنه يقرأ عليهما ثم استيقظت فأبصرت فأخذت نسخي وقعدت‬

‫‪35‬‬
‫اكتب‬

‫▪ قال الحافظ الذهبي ‪ :‬ولد الحافظ أبو عبد الله بن منده سنة ‪ 310‬وتوفي سنة ‪395‬‬

‫ه ‪ .‬وعدة شيوخه الذين سمع وأخذ عنهم ألف وسبعمائة شيخ‪ ،‬وله إجازة من الحافظ‬

‫عبد الرحمن بن أبي حاتم وغيره‪ ،‬ولما رجع من الرحلة الطو يلةكانت كتبه عدة أحمال‬

‫حتى قيل‪ :‬إنها كانت أربعين حملًا‪ ،‬وما بلغنا أن أحدًا من هذه الأمة سمع ما سمع‬

‫ولا جمع ما جمع‪ ،‬وكان ختام الرحالين وفرد المكثرين مع الحفظ والمعرفة والصدق‬

‫وكثرة التصانيف‪ .‬قال ابن منده ‪ :‬طفت الشرق والغرب مرتين‪.‬‬

‫ذكر من ابتدأ التعلم على كبر السن واجتهد حتى يصير من العلماء‬

‫‪ 35‬تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر ج ‪ 11‬ص ‪387‬‬

‫‪28‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫جاء في صحيح البخاري بعد قول سيدنا عمر رضي الله عنه ‪ :‬تفقهوا قبل أن تسودوا قوله أي‬

‫الامام البخاري أبي عبد الله ‪ :‬وبعد أن تسودوا‪ ،‬وقد تعلم أصحاب النبي ‪ -‬صلى الله عليه‬

‫‪36‬‬
‫وسلم ‪ -‬في كبر سنهم‪.‬‬

‫والأمر كذلك‪ ,‬فإن من أسلم من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم لم يكونوا كلهم صغارا ً ‪،‬‬

‫بل ال كثرة الكاثرة كانوا كبارا ً في السن ‪ ،‬وما منعهم سنهم من الطلب والتعلم ‪ ،‬وهم أساتذة‬

‫الدنيا في العلم الشرعي ‪ ،‬وإليهم المرجع في فهم نصوص القرآن ‪ ،‬والسنَّة ‪ ،‬فأبو بكر الصديق‬

‫‪-‬وهو من أعلم هذه الأمة ‪ -‬قد بدأ في طلب العلم قريبا ً من الأربعين ‪ ،‬ثم الخليفة عمر الفاروق‬

‫‪ ،‬بدأ العلم قريبا ً من الثلاثين ‪ ،‬وهكذا غيرهم كثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

‫وخذ أمثلة من الأئمة المشهورين‪-‬بعد الصحابة رضي الله عنهم‪ -‬الذين طلبوا العلم على كبر‬

‫السن ‪:‬‬

‫الصغير شيخ الشافعية في عصره‬


‫‪ .1‬الإمام القفال َّ‬

‫الإمام الزاهد الجليل البحر أحد أئمة الدنيا يعرف بالقفال الصغير المروزي ‪ .‬شيخ الخراسانيين‬

‫وليس هو القفال ال كبير هذا أكثر ذكرا في ال كتب أي كتب الفقه ولا يذكر غالبا إلا مطلقا‬

‫‪ 36‬وإنما عقبه البخاري بقوله وبعد أن تسودوا ليبين أن لا مفهوم له خشية أن يفهم أحد من ذلك أن السيادة مانعة من التفقه وإنما أراد عمر أنها‬

‫قد تكون سببا للمنع لأن الرئيس قد يمنعه ال كبر والاحتشام أن يجلس مجلس المتعلمين‪ .‬اه من الفتح‬

‫‪29‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫وذاك إذا أطلق قيد بالشاشي وربما أطلق في طر يقة العراقيين لقلة ذكرهم لهذا والشاشي‬

‫أكثر ذكرا فيما عدا الفقه من الأصول والتفسير وغيرهما‪ .‬وكان القفال رحمه الله قد ابتدأ‬

‫التعلم على كبر السن بعدما أفنى شبيبته في صناعة الأقفال وكان ماهرا فيها‬

‫روي عن الشيخ أبي محمد الجويني أنه قال كان القفال صنع قفلا مع جميع آلاته من وزن‬

‫أربع حبات من حديد قال الشيخ أبو محمد أخرج القفال يده فإذا على ظهر كفه آثار المجل‬

‫فقال هذا من آثار عملي في ابتداء شبابي‬

‫قال السمعاني أبو بكر وسمعت جماعة من مشيختنا يذكرون أنه ابتدأ التعلم وهو ابن ثلاثين سنة‬

‫‪37‬‬
‫فبارك الله تعالى له حتى أربي على أهل عصره وصار أفقه أهل زمانه‪.‬‬

‫‪ .2‬الإمام ابن حزم الأندلوسي الظاهري‬

‫الإمام الأوحد‪ ،‬البحر‪ ،‬ذو الفنون والمعارف‪ ،‬أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم‬

‫الأندلسي القرطبي اليزيدي‪.‬‬

‫قال أبو بكر محمد بن طرخان التركي‪ :‬قال لي الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد – يعني والد أبي‬

‫بكر بن العربي ‪ -‬أخبرني أبو محمد بن حزم أن سبب تعلمه الفقه أنه شهد جنازة‪ ،‬فدخل‬

‫طبقات الشافعية ال كبرى للسبكي ج ‪ 5‬ص ‪53‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪30‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫المسجد‪ ،‬فجلس‪ ،‬ولم يركع‪ ،‬فقال له رجل‪ :‬قم فصل تحية المسجد‪ .‬وكان قد بلغ ستا‬

‫وعشرين سنة‪ .‬قال‪ :‬فقمت وركعت‪ ،‬فلما رجعنا من الصلاة على الجنازة‪ ،‬دخلت المسجد‪،‬‬

‫فبادرت بالركوع‪ ،‬فقيل لي‪ :‬اجلس اجلس‪ ،‬ليس ذا وقت صلاة ‪ -‬وكان بعد العصر ‪ -‬قال‪:‬‬

‫فانصرفت وقد حزنت (‪ ، )3‬وقلت للأستاذ الذي رباني‪ :‬دلني على دار الفقيه أبي عبد الله‬

‫بن دحون‪ .‬قال‪ :‬فقصدته‪ ،‬وأعلمته بما جرى‪ ،‬فدلني على (موطأ مالك) ‪ ،‬فبدأت به عليه‪،‬‬

‫‪38‬‬
‫وتتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحوا من ثلاثة أعوام‪ ،‬وبدأت بالمناظرة‪.‬‬

‫‪ .3‬الإمام عز الدين بن عبد السلام‬

‫شيخ الإسلام والمسلمين وأحد الأئمة الأعلام سلطان العلماء إمام عصره بلا مدافعة القائم‬

‫بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في زمانه المطلع على حقائق الشر يعة وغوامضها العارف‬

‫بمقاصدها لم ير مثل نفسه ولا رأى من رآه مثله علما وورعا وقياما في الحق وشجاعة وقوة‬

‫جنان وسلاطة لسان ‪ .‬ولد سنة سبع أو سنة ثمان وسبعين وخمسمائة‬

‫سمعت الشيخ الإمام يقول كان الشيخ عز الدين في أول أمره فقيرا جدا ولم يشتغل إلا على‬

‫كبر وسبب ذلك أنهكان يبيت في الكلاسة من جامع دمشق فبات بها ليلة ذات برد شديد‬

‫‪ 38‬سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي ج‪ 8‬ص ‪184‬‬

‫‪31‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫فاحتلم فقام مسرعا ونزل في بركة الكلاسة فحصل له ألم شديد من البرد وعاد فنام فاحتلم‬

‫ثانيا فعاد إلى البركة لأن أبواب الجامع مغلقة وهو لا يمكنه الخروج فطلع فأغمي عليه من‬

‫شدة البرد أنا أشك هل كان الشيخ الإمام يحكي أن هذا اتفق له ثلاث مرات تلك الليلة‬

‫أو مرتين فقط ثم سمع النداء في المرة الأخيرة يا ابن عبد السلام أتريد العلم أم العمل فقال‬

‫الشيخ عز الدين العلم لأنه يهدي إلى العمل فأصبح وأخذ التنبيه فحفظه في مدة يسيرة وأقبل‬

‫‪39‬‬
‫على العلم فكان أعلم أهل زمانه ومن أعبد خلق الله تعالى‬

‫‪ .4‬الإمام أبو الحسن ال كسائي‬

‫كان أحد أئمة القراء السبعة وإمام النحو يين في عصره‬

‫قال أبو زكر ياء يحيى بن ز ياد الفراء‪ :‬إنما تعلم ال كسائي النحو على ال كبر‪ ،‬وكان سبب تعلمه‬

‫أنه جاء يوما ً وقد مشى حتى أعيا‪ ،‬فجلس إلى قو ٍم فيهم فضل‪ ،‬وكان يجالسهم كثيرا ً‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫قد عييت‪ ،‬فقالوا له‪ :‬تجالسنا وأنت تلحن! فقال‪ :‬كيف لحنت؟ فقالوا‪ :‬إن كنت أردت من‬

‫التعب‪ ،‬فقل‪" :‬أعييت"‪[ ،‬وإن كنت أردت من انقطاع الحيلة والتحير في الأمر فقل‪:‬‬

‫"عييت" مخففة] ‪ ،‬فأنف من هذه الكلمة وقام من فوره [ذلك] فسأل عمن يعلم النحو‪،‬‬

‫‪ 39‬طبقات الشافعية ال كبرى للسبكي ج ‪ 8‬ص ‪209‬‬

‫‪32‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫فأرشدوه إلى معاذ الهراء‪ ،‬فلزمه حتى أنفذ ما عنده‪ ،‬ثم خرج إلى البصرة فلقي الخليل بن‬

‫أحمد‪ ،‬وجلس في حلقته‪ ،‬فقال رجل من الأعراب‪ :‬تركت أسدا ً وتميما ً وعندهما الفصاحة‪،‬‬

‫وجئت إلى البصرة! وقال للخليل بن أحمد‪ :‬من أين علمك؟ فقال‪ :‬من بوادي الحجاز ونجد‬

‫وتهامة‪ ،‬فخرج ال كسائي‪ ،‬وأنفذ خمس عشرة قنينة حبرا ً في الكتابة عن العرب سوى ما‬

‫حفظ‪ .‬ولم يكن له هم غير البصرة والخليل‪ ،‬فوجد الخليل قد مات وجلس في موضعه يونس‬

‫‪40‬‬
‫بن حبيب البصري النحوي‪ ،‬فجرت بينهما مسائل أقر له يونس فيها‪ ،‬وصدره موضعه‪.‬‬

‫‪ .5‬غنجار عيسى بن موسى البخاري‬

‫محدث بخارى‪ ،‬الشيخ‪ ،‬أبو أحمد عيسى بن موسى البخاري‪ ،‬الأزرق‪ ،‬غنجار‪.‬‬

‫له‪ :‬رحلة‪ ،‬ومعرفة‪ .‬قال الحاكم‪ :‬هو إمام عصره‪ ،‬طلب الحديث على كبر السن‪ ،‬ورحل‪،‬‬

‫وهو في نفسه صدوق‪ ،‬تتبعت رواياته عن الثقات‪ ،‬فوجدتها مستقيمة‪ ،‬يروي عن أكثر من‬

‫‪41‬‬
‫مائة شيخ من المجهولين‪.‬‬

‫‪ .6‬الأبزاري إبراهيم بن أحمد بن محمد بن رجاء‬

‫‪ 40‬نزهة الألباء في طبقات الأدباء للأنباري ص ‪59‬‬

‫‪ 41‬سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي ج ‪ 8‬ص ‪847‬‬

‫‪33‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫المحدث‪ ،‬الإمام‪ ،‬أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن رجاء النيسابوري الوراق الأبزاري‬

‫قال الحاكم‪ :‬كان ممن سلم المسلمون من لسانه ويده‪ .‬طلب الحديث على كبر السن‪ ،‬ورحل‬

‫‪42‬‬
‫فيه‬

‫‪ .7‬محمد بن عبد الوهاب بن عبد الرحمن الأستاذ أبو على الثقفى‬

‫الجامع بين العلم والتقوى والمتمسك من حبال الشر يعة بالسبب الأقوى والسالك للطر يقة‬

‫التى لا عوج فيها والحاوى للصفات التى ليس سوى المصطفين الأخيار تصطفيها ‪ .‬قال فيه‬

‫الحاكم الإمام المقتدى به فى الفقه والكلام والوعظ والورع والعقل والدين قال وطلب العلم‬

‫‪43‬‬
‫على كبر السن فإن ابتداءه كان التصوف والزهد والورع‪.‬‬

‫ذكر البلداء الذين اجتهدوا في طلب العلم حتى صاروا من أعلام النبلاء‬

‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ذ َ َ َٰ َ ُ ْ َ َ َ ۡ َ ذ ُ ۡ ُ ُ َ َ ذ ذ َ َ َ َ ۡ‬
‫قال الله تعالى ﵟوٱَّلِين جهدوا فِينا َلهدِينهم سبلنا ۚ ِإَون ٱَّلل لمع ٱلمح ِ‬
‫سن ِني ‪ ٦٩‬ﵟ‬ ‫ُ‬

‫‪ 42‬سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي ج ‪ 16‬ص ‪153‬‬

‫‪ 43‬طبقات الشافعية ال كبرى للسبكي ج ‪ 3‬ص ‪193‬‬

‫‪34‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫قال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أبي‪ ،‬حدثنا أحمد بن أبي الحواري‪ ،‬أخبرنا عباس الهمداني أبو أحمد‬

‫من أهل عكا في قول الله تعالى‪ :‬والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين‬

‫قال‪ :‬الذين يعملون بما يعلمون يهديهم الله لما لا يعلمون‬

‫‪ .1‬الربيع بن سليمان المرادي‬

‫صاحب الشافعى وراو ية كتبه والثقة الثبت فيما يرو يه حتى لقد تعارض هو وأبو إبراهيم‬

‫المزنى فى رواية فقدم الأصحاب روايته‪ .‬واتصل بخدمة الشافعى وحمل عنه ال كثير وحدث‬

‫عنه‪ .‬روى عنه أبو داود والنسائى وابن ماجة وأبو زرعة الرازى وأبو حاتم وابنه عبد الرحمن‬

‫وزكر يا الساجى وأبو جعفر الطحاوى وأبو بكر عبد الله بن محمد‪.‬‬

‫وكان الشافعى يحبه وقال له يوما ما أحبك إلى وقال ما خدمنى أحد قط ما خدمنى الربيع‬

‫بن سليمان‬

‫وقال له يوما يا ربيع لو أمكننى أن أطعمك العلم لأطعمتك‪.‬‬

‫قال القفال فى فتاو يه كان الربيع بطئ الفهم فكرر الشافعى عليه مسألة واحدة أربعين مرة‬

‫فلم يفهم وقام من المجلس حياء فدعاه الشافعى فى خلوة وكرر عليه حتى فهم ‪ .‬وكانت الرحلة‬

‫‪35‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫فى كتب الشافعى إليه من الآفاق نحو مائتى رجل وقد كاشفه الشافعى بذلك حيث يقول‬

‫له فيما روى عنه أنت راو ية كتبى‬

‫ومن شعر الربيع ‪:‬‬

‫(صبرا جميلا ما أسرع الفرجا … من صدق الله فى الأمور نجا)‬

‫(من خشى الله لم ينله أذى … ومن رجا الله كان حيث رجا)‬

‫عشاق ال كتب‬

‫قال المبرد‪ :‬سمعت الجاحظ يقول‪ :‬كل عشق يسمى حبا‪ ،‬وليس كل حب يسمى عشقا‪،‬‬

‫لأن العشق اسم لما فضل عن المحبة‪ ،‬كما أن السرف اسم لما جاوز الجود‪ ،‬والبخل اسم لما‬

‫قصر عن الاقتصاد‪ ،‬والجبن اسم لما فضل عن شدة الاحتراس‪ ،‬والهوج اسم لما فضل عن‬

‫‪44‬‬
‫الشجاعة‪.‬‬

‫ومن العشاق لل كتب ‪:‬‬

‫• عمرو بن بحر الجاحظ‬

‫معجم الأدباء ج ‪ 16‬ص ‪88‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪36‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫العلامة المتبحر ‪,‬ذو الفنون ومعلم العقل والأدب‪.‬‬

‫قال أبو هفان ‪ :‬لم أر قط ولا سمعت من أحب ال كتب والعلوم أكثر من الجاحظ‪ ,‬فإنه لم‬

‫يقع بيده كتاب قط إلا استوفى قراءته‪ ,‬كائنا ما كان‪ ,‬حتى إنه كان يكتري دكاكين الوراقين‬

‫ويبيت فيها للنظر‪.‬‬

‫• ابن تيمية الجد‬

‫عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني‪ ،‬أبو البركات مجد الدين‪ ،‬فقيه حنبلي محدث ومفسر‪.‬‬

‫قال ابن الجوزي ‪ :‬حدثني أخو شيخنا عبد الرحمن بن تيمية عن أبيه‪ ،‬أنه قال‪ :‬كان الجد إذا‬

‫دخل الخلاء يقول لي‪ :‬اقرأْ في هذا الكتاب‪ ،‬وارفع صوتك حتى أسمع‪.‬‬

‫وأعرف من أصابه مرض من صداع‪ ،‬وحمَّى‪ ،‬وكان الكتاب عند رأسه‪ ،‬فإذا وجد إفاقةً؛‬

‫قرأ فيه‪ ،‬فإذا غلب؛ وضعه‪ ،‬فدخل عليه الطبيب يومًا وهو كذلك‪ ،‬فقال‪َّ :‬‬
‫إن هذا لا يحل‬

‫لك‪ ،‬فإنَّك تعين على نفسك‪ ،‬وتكون سببًا لفوات مطلوبك‪.‬‬

‫إن مطالعتك‪ ،‬وكلامك في العلم‬


‫وحدثني شيخنا قال‪ :‬ابتدأ بي مرض‪ ،‬فقال لي الطبيب‪َّ :‬‬
‫َّ‬

‫يزيد المرض‪ .‬فقلت له‪ :‬لا أصبر عن ذلك‪ ،‬وأنا أحاكمك إلى علمك‪ :‬أليست النفس إذا‬

‫‪37‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫فإن نفسي تسر بالعلم‪،‬‬


‫فرحت وسرت قويت الطبيعة‪ ،‬فدفعت المرض؟ فقال‪ :‬بلى! فقلت له‪َّ :‬‬

‫‪45‬‬
‫فتقوى به الطبيعة‪ ،‬فأجد راحةً‪ .‬فقال‪ :‬هذا خارج عن علاجنا‪ ،‬أو كما قال‬

‫• تقي الدين محمد بن علي المعروف بابن دقيق العيد‬

‫كان من أذكياء زمانه واسع العلم‪ ,‬كثير ال كتب‪ ,‬مديما للسهر‪ ,‬مكبا على الاشتغال‪ ,‬ساكنا وقورا‬

‫ورعا‪ ,‬قل أن ترى العيون مثله‪.‬‬

‫أخبر الشيخ الفقيه سراج الدين الدنداري ‪ :‬أنه لما ظهر الشرح ال كبير للرافعي اشتراه بألف‬

‫درهم وصار يصلي الفرائض فقط واشتغل بالمطالعة إلى أن أنهاه مطالعة ‪ ,‬و يقال انه طالع‬

‫كتب الفاضلية عن آخرها‪.‬‬

‫• أبو محمد عبد الله بن أحمد بن خشاب ‪ ,‬النحوي‬

‫الشيخ‪ ،‬الإمام‪ ،‬العلامة‪ ،‬المحدث‪ ،‬إمام النحو‪ ،‬من يضرب به المثل في العربية‪ ،‬حتى قيل‪:‬‬

‫إنه بلغ رتبة أبي علي الفارسي‬

‫كان له كتب كثيرة إلى الغاية ما لا يدخل تحت الحصر‪ ,‬ومن خطوط الفضلاء وأجزاء‬

‫الحديث شيئا كثيرا‪.‬‬

‫‪ 45‬روضة المحبين ص ‪69‬‬

‫‪38‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫ذكر ابن النجار ‪ :‬إنه لم يمت أحد من أهل العلم وأصحاب الحديث إلا وكان يشتري كتبه‬

‫كلها‪ ,‬فحصلت أصول المشايخ عنده وكان لا يخلو كمه من كتب العلم‪.‬‬

‫قال السمعاني‪ :‬هو شاب كامل فاضل‪ ،‬له معرفة تامة بالأدب واللغة والنحو والحديث‪ ،‬يقرأ‬

‫الحديث قراءة حسنة صحيحة سر يعة مفهومة‪ ،‬سمع ال كثير‪ ،‬وحصل الأصول من أي وجه‪،‬‬

‫كان يضن بها‪ ،‬سمعت بقراءته كثيرا‪ ،‬وكان يديم القراءة طول النهار من غير فتور‬

‫كان ابن الخشاب إذا نودي على كتاب‪ ،‬أخذه وطالعه‪ ،‬وغل ورقه‪ ،‬ثم يقول‪ :‬هو مقطوع‪،‬‬

‫فيشتر يه برخص‪.‬‬

‫قلت‪ :‬لعله تاب‪ ،‬فقد قال عبد الله بن أبي الفرج الجبائي ‪ :‬رأيت ابن الخشاب وعليه ثياب‬

‫بيض‪ ،‬وعلى وجهه نور‪ ،‬فقلت‪ :‬ما فعل الله بك؟ قال‪ :‬غفر لي‪ ،‬ودخلت الجنة‪ ،‬إلا أن الله‬

‫أعرض عني وعن كثير من العلماء ممن لا يعمل‬

‫• الحافظ المحدث محمد بن الطاهر المقدسي‬

‫قال أبو القاسم بن عساكر‪ :‬سمعت محمد بن إسماعيل الحافظ يقول‪ :‬أحفظ من رأيت بن‬

‫طاهر‪ ،‬وقال أبو زكر يا بن منده‪ :‬كان بن طاهر أحد الحفاظ حسن الاعتقاد جميل الطر يقة‬

‫صدوقًا عالمًا بالصحيح والسقيم كثير التصانيف لازمًا للأثر‪ ،‬قال السلفي‪ :‬سمعت بن طاهر‬

‫‪39‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫يقول‪ :‬كتبت الصحيحين وسنن أبي داود سبع مرات بالأجرة‪ ،‬وسنن بن ماجه عشر مرات‬

‫بالري‬

‫قال أبو مسعود عبد الرحيم الحاجي‪ :‬سمعت بن طاهر يقول‪ :‬بلت الدم في طلب الحديث‬

‫مرتين مرة ببغداد ومرة بمكة‪ ،‬كنت أمشي حافيًا في الحر فلحقني ذلك‪ ،‬وما ركبت دابة‬

‫قط في طلب الحديث‪ ،‬وكنت أحمل كتبي على ظهري‪ ،‬وما سألت في حال الطلب أحدًا‪،‬‬

‫كنت أعيش على ما يأتي‪ ،‬وقيل‪ :‬كان يمشي دائمًا في اليوم والليلة عشرين فرسخًا وكان قادرًا‬

‫‪46‬‬
‫على ذلك‬

‫• أحمد بن حنبل‬

‫الإمام المبجل والهمام المفضل أبو عبد الله أحمد بن حنبل‪ .‬لزم الاقتداء‪ ،‬وظفر بالاهتداء‪،‬‬

‫علم الزهاد‪ ،‬وقلم النقاد‪ ،‬امتحن فكان في المحنة صبورا‪ ،‬واجتبي فكان للنعمة شكورا‪ ،‬كان‬

‫للعلم والحلم واعيا‪ ،‬وللهم والفكر راعيا‬

‫قال عبد الله بن أحمد بن حفصة‪ :‬نزلنا بمكة دارا‪ ،‬وكان فيها شيخ يكنى بأبي بكر بن سماعة‪،‬‬

‫وكان من أهل مكة‪ ،‬قال‪ :‬نزل علينا أبو عبد الله في هذه الدار‪ ،‬وأنا غلام‪ ،‬فقال‪ :‬فقالت لي‬

‫أمي ‪ :‬الزم هذا الرجل فاخدمه‪ ،‬فإنه رجل صالح‪ .‬فكنت أخدمه‪ ،‬وكان يخرج يطلب‬

‫‪ 46‬تذكرة الحفاظ للذهبي ج‪ 4‬ص ‪28‬‬

‫‪40‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫الحديث‪ ،‬فسرق متاعه وقماشه‪ ،‬فجاء‪ ،‬فقالت له أمي‪ :‬دخل عليك السراق‪ ،‬فسرقوا قماشك‪،‬‬

‫‪47‬‬
‫فقال‪ :‬ما فعلت بالألواح؟ فقالت له أمي‪ :‬في الطاق‪ .‬وما سأل عن شيء غيرها‬

‫• الجاحظ والفتح بن خاقان واسماعيل القاضي‬

‫روى الخطيب البغدادي في كتابه (تقييد العلم)‪ :‬عن أبي العباس المبرد‪ ،‬قال‪ :‬ما رأيت‬

‫أحرص على العلم من ثلاثة‪ :‬الجاحظ ‪-‬عمرو ابن بحر إمام أهل الأدب‪ ،‬ولد سنة ‪،163‬‬

‫ومات سنة ‪ ، - 255‬والفتح بن خاقان ‪ -‬الأديب الشاعر أحد الأذكياء‪ ،‬من أبناء الملوك‪،‬‬

‫اتخذه الخليفة المتوكل العباسي وزيرا له وأخا‪ ،‬واجتمعت له خزانة كتب حافلة من أعظم‬

‫الخزائن‪ ،‬توفي سنة ‪ ، - 247‬وإسماعيل بن إسحاق القاضي ‪ -‬الإمام الفقيه المال كي البغدادي‪،‬‬

‫ولد سنة ‪ ،200‬ومات سنة ‪. - 282‬‬

‫فأما الجاحظ فإنه كان إذا وقع بيده كتاب قرأه من أوله إلى آخره‪ ،‬أي كتاب كان‪ ،‬حتى إنه‬

‫كان يكتري دكاكين الوراقين ويبيت فيها للنظر في ال كتب‪.‬‬

‫وأما الفتح بن خاقان فإنه كان يحمل الكتاب في كمه أو في خفه‪ ،‬فإذا قام من بين يدي‬

‫المتوكل للبول أو الصلاة‪ ،‬أخرج الكتاب فنظر فيه وهو يمشي‪ ،‬حتى يبلغ الموضع الذي‬

‫‪ 47‬حلية الأولياء وطبقات الأصفياء للحافظ أبي نعيم الأصبهاني ج ‪ 9‬ص ‪172‬‬

‫‪41‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫يريده‪ ،‬ثم يصنع مثل ذلك في رجوعه‪ ،‬إلى أن يأخذ مجلسه‪ .‬فإذا أراد المتوكل القيام لحاجة‪،‬‬

‫أخرج الكتاب من كمه أو خفه‪ ،‬وقرأه في مجلس المتوكل إلى حين عوده‪.‬‬

‫وأما إسماعيل بن إسحاق القاضي‪ ،‬فإني ما دخلت عليه قط إلا رأيته وفي يدهكتاب ينظر فيه‪،‬‬

‫‪48‬‬
‫أو يقلب ال كتب لطلب كتاب ينظر فيه‪ ،‬أو ينفض ال كتب‪.‬‬

‫الإجازات‬

‫• نقل عن الشيخ يسري رشدي جبر السيد الحسني‪ ,‬مرشد الطر يقة اليسر ية الصديقية‬

‫الدرقاو ية الشاذلية انه قال ‪ :‬من أراد أن يرزقه الله لذة في العلم والعبادة فعليه بملازمة‬

‫‪49‬‬
‫حزب البر (الحزب ال كبير) للإمام أبي حسن الشاذلي‪.‬‬

‫• الصلاة لتقو ية الحفظ ‪ :‬عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال‪ :‬بينما نحن عند‬

‫رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه علي بن أبي طالب فقال‪ :‬بأبي أنت وأمي‪،‬‬

‫تفلت هذا القرآن من صدري فما أجدني أقدر عليه‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه‬

‫‪ 48‬معجم الأدباء لياقوت الحموي ‪75:16‬‬

‫‪ 49‬وقال الإمام ابن عباد في المفاخر العلية أن حزب ال كبير ورد بعد الصبح‪ .‬قال ‪ :‬ولا يتكلم حال تلاوته‪ ,‬وله سر عظيم في كل شيء لا يعلمه‬

‫الا الله ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫وسلم‪« :‬يا أبا الحسن‪ ،‬أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن‪ ،‬وينفع بهن من علمته‪،‬‬

‫ويثبت ما تعلمت في صدرك؟» قال‪ :‬أجل يا رسول الله فعلمني‪ .‬قال‪ " :‬إذا كان ليلة‬

‫الجمعة‪ ،‬فإن استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر فإنها ساعة مشهودة‪ ،‬والدعاء‬

‫فيها مستجاب‪ ،‬وقد قال أخي يعقوب لبنيه {سوف أستغفر ل كم ربي} [يوسف‪]98 :‬‬

‫يقول‪ :‬حتى تأتي ليلة الجمعة‪ ،‬فإن لم تستطع فقم في وسطها‪ ،‬فإن لم تستطع فقم في‬

‫أولها‪ ،‬فصل أربع ركعات‪ ،‬تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة يس وفي‬

‫الركعة الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان‪ ،‬وفي الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب والم‬

‫تنز يل السجدة‪ ،‬وفي الركعة الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل‪ ،‬فإذا فرغت من‬

‫ال تشهد فاحمد الله‪ ،‬وأحسن الثناء على الله‪ ،‬وصل علي وأحسن‪ ،‬وعلى سائر النبيين‪،‬‬

‫واستغفر للمؤمنين والمؤمنات ولإخوانك الذين سبقوك بالإيمان‪ ،‬ثم قل في آخر ذلك‪:‬‬

‫اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني‪ ،‬وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني‪،‬‬

‫وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني‪ ،‬اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال‬

‫والإكرام والعزة التي لا ترام‪ ،‬أسألك يا ألله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم‬

‫قلبي حفظ كتابك كما علمتني‪ ،‬وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني‪ ،‬اللهم‬

‫بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام‪ ،‬أسألك يا ألله يا‬

‫‪43‬‬
‫العلم يؤتى ولا يأتي‬

‫رسالة في تعظيم العلم وأهله‬

‫رحمن بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك بصري‪ ،‬وأن تطلق به لساني‪ ،‬وأن تفرج‬

‫به عن قلبي‪ ،‬وأن تشرح به صدري‪ ،‬وأن تغسل به بدني‪ ،‬فإنه لا يعينني على الحق‬

‫غيرك ولا يؤتيه إلا أنت‪ ،‬ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‪ ،‬يا أبا الحسن فافعل‬

‫ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تجب بإذن الله‪ ،‬والذي بعثني بالحق ما أخطأ‬

‫‪50‬‬
‫مؤمنا قط‬

‫الله َّم صل وسلم و بارك على مولانا مح َّمدٍ وعلى آله‬


‫• الصلاة المذهبة للنسيان ‪ :‬وهي َّ‬

‫الله‬
‫س عدد ما وسعه علم َّ‬
‫النور المذهب للنسيان لنوره في كل لمحة ٍ ونف ٍ‬

‫• الصلاة لدفع للنسيان ‪ :‬وهي اللَّه َّم صل على سيدنا مح َّمدٍ وآله كما لا نهاية ل كمالك وعدد‬

‫كماله (‪( )x313‬بعد العشائين)‬

‫• الإجازات من الإمام الحافظ القطب الحبيب عبد الله بن عبد القادر بلفقيه ‪:‬‬

‫‪ 50‬جامع الترمذي ج ‪ 5‬ص ‪563‬‬

‫‪44‬‬

You might also like