You are on page 1of 34

‫المفهوم العام للخطأ‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف الخطأ وأنواعه‬


‫الفرع األول‪ :‬تعريف الخطأ‪:‬‬
‫‪ -1‬لغة‪:‬‬
‫اخلط أ واخلط اء‪ :‬ض د الص واب‪ ،‬وأخط أ الطري ق أي ع دل عن ه وأخط أ ال رامي الغ رض مل يصبـه واخلط أ‪ ،‬م ا مل يتعم د‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫واخلطأ‪ :‬ما تعمد‪ ،‬وقال األموي‪ :‬املخط‪ :‬من أراد الصواب فصار إىل غريه‪ ،‬واخلاط‪ :‬من تعمد ما ال ينبغي‪.‬‬
‫وقال الراغب يف املفردات‪ :‬اخلطأ‪ :‬العدول عن اجلهة‪ ،‬مث ذكر بعض صور اخلطأ ومنها‪:‬‬
‫«أن يريد ما حيسن فعله‪ ،‬ولكن يقع منه خالف ما يريد فيقال أخطأ فهو خط ‪ ،‬وهذا قد أصاب يف اإلرادة و أخطأ‬
‫يف الفعل» إىل أن يق ول « ومجلة األمر أن من أراد شيئا فاتفق منه غريه يقال أخط أ‪ ،‬ومن وقع منه كما أراده يق ال‬
‫أصاب‪ ،‬وقد يقال ملن فعل فعال ال حيسن أو أراد إرادة ال حتمل إنه أخطأ»‪.‬‬

‫فمعىن اخلطأ يف اللغة‪ :‬أن يريد ويقصد أمرا فيقع يف غري ما يريد‪ ،‬أما اخلطء‪ :‬فهو اإلمث أو الذنب املتعمد‪.‬‬

‫وقد قال احلافظ ابن رجب‪-‬رمحه اهلل‪-‬اخلطأ هو أن يقصد بفعله شيئا فيصادف فعله غري ما قصده مثل ان‬
‫يقصد قتل شخص فصادف قتله شخص آخر غري الذي حدده‪ ،‬وقد قال اجلرجاين‪:‬‬
‫«اخلطأ هو ما ليس لإلنسان فيه قصد» وهناك عدة تعريفات للخطأ أمجعت على أن اخلطأ كل ما يصدر عن املكلف‬
‫‪1‬‬
‫من قول أو فعل خال عن إرادته وغري مقرتن بقصد منه‪.‬‬

‫وقد ورد أيضا‪ ،‬أن اخلطأ يف اللغة بفتح اخلاء والطاء هو فعل غري متعمد‪ ،‬ومن ذلك ما جاء بقول اهلل تعاىل‪«:‬‬
‫وم ا ك ان ملؤمن أن يقت ل مؤمن ا إال خط أ‪ 2»...‬والفع ل من ه أخط أ‪ ،‬خيط أم ا اخلطء بكس ر اخلاء فه و تعم د ارتك اب‬
‫‪3‬‬
‫احملظور ومن ذلك ما ورد بقوله اهلل سبحانه وتعاىل يف شأن قتل األوالد خشية الفقر‪ «:‬إن قتلهم كان خطأ كبريا»‬
‫والفعل منه خط خيطأ‪.‬‬

‫ثانيـا‪ :‬التعريف االصطالحي‬


‫ق ام الفق ه بع دة حماوالت ومس اعي لتعري ف اخلط أ‪ ،‬كم ا ح اول القض اء باجتهادات ه أن حيدد تعري ف للخط أ‬
‫وبالتايل تعددت التعريفات واختلفت وتنوعت بعدما مل تعرف أغلبية التشريعات اخلطأ‪ ،‬فقد عرف الفقيه "مازو" اخلطأ‬

‫‪ 1‬يوسف سعد اهلل اخلوري‪ :‬القضاء اإلداري " مسؤولية السلطة العامة" اجلزء الثاين‪ ،‬لبنان‪ ،‬سنة ‪ ،1991‬ص ‪.43‬‬
‫سورة النساء‪ ،‬االية ‪.92‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 3‬سورة االسراء االية ‪.31‬‬


‫بأنه‪ «:‬عيب يشوب مسلك اإلنسان ال يأتيه رجل عاقل متبصر أحاطته ظروف خارجية مماثلة للظروف اليت أحاطت‬
‫‪2‬‬
‫املسؤول»‪ 1‬وعرف الفقيه" بالنيول" بأنه« إخالل بالتزام سابق»‬
‫وحسب رأيه فإن الواجبات وااللتزامات اليت يعترب اإلخالل هبا خطأ تنحصر يف أربع حاالت هي على التوايل‪:‬‬

‫أوال‪ /‬االلتزامات بعدم االعتداء بالقوة على أموال الناس وأشخاصهم‪.‬‬

‫ثانيا‪ /‬االلتزام بعدم استعمال وسائل الغش واخلديعة‪.‬‬

‫ثالثا‪/‬االلتزام بعدم القيام باألعمال اليت ليس لدى اإلنسان يلزم هلا من قوة أو كفاءة‪.‬‬

‫رابعا‪ /‬االلتزام برقابة اإلنسان على من يف رعايته وعلى األشياء اليت يف حوزته‪.‬‬

‫رغم بساطة ووضوح هذا التعريف وأكثرها تقريبا لفكرة اخلطأ حيث اعترب كل إخالل بالتزام من االلتزامات‬
‫األربعة السابقة يقيم ويعقد املسؤولية‪ ،‬إال أنه وجهت له انتقادات من طرف الفقهاء وأهم هذه االنتقادات هو التقيد‬
‫الذي عاب على " بالنيول" من حيث أنه مل يعرف اخلطأ يف حد ذاته بل سرد لنا أنواع وتقسيمات اخلطأ‪.3‬‬

‫ولكن التعريف الغالب والشائع للخطأ والذي يستوجب قيام املسؤولية هو " الفعل الضار غري املشروع‪".‬‬

‫وعرف ايضا‪ ":‬بأنه خمالفة ألحكام القانون تتمثل يف عمل مادي أو يف تصرف قانوين يأخذ صورة عمل اجيايب‬
‫‪4‬‬
‫أو على هيئة تصرف سليب ينشأ عنه عدم القيام مبا يوجبه القانون"‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪:‬أنـواع الخطأ‬

‫تعددت أنواع وتقسيمات اخلطأ وذلك حسب الزاوية اليت ينظر منها كل دارس وفقيه‪ ،‬فاخلطأ منظورا إليه من‬
‫ع دة أس س ون واحي خمتلف ة وبالت ايل فيمكن أن يك ون اخلط أ اجيابي ا أو خط أ س لبيا وق د يك ون اخلط أ العم دي وخط أ‬
‫اإلمهال‪ ،‬اخلط أ اجلس يم واخلط أ اليس ري‪ ،‬واخلط أ املدين واخلط أ اجلن ائي واخلط أ الشخص ي واخلط أ غ ري املباش ر أو غ ري‬
‫‪5‬‬
‫الشخصي (خطأ املتبوع‪-‬اخلطأ الوظيفي أو املرفقي)‬

‫‪ 1‬ماد راغب احللو‪ ،‬دعاوي القضاء الكامل" وسائل القضاء اإلداري" دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪ ،9313‬ص‪939‬‬
‫‪ 2‬حممد بكر حسني‪ :‬مسؤولية اإلدارة عن أعمال موظفيها" دراسة مقارنة "دار الفكر اجلامعي مصر سنة ‪ 9332‬ص‪49‬‬
‫‪ 3‬عمار عوابدي‪ :‬نظرية املسؤولية اإلدارية "دراسة تأصيلية حتليلية ومقارنة "ديوان املطبوعات اجلامعية ‪،‬اجلزائر ‪ ،1994‬ص‪114‬‬
‫‪ 4‬ماجد راغب احللو‪ :‬الدعاوي اإلدارية‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،9334 ،‬ص‪.949‬‬
‫‪ 5‬حممد بكر حسني‪ :‬مسؤولية اإلدارة عن اعمال موظفيها «دراسة مقارنة «‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬مصر‪ ،9332،‬ص‪11‬‬
‫‪2‬‬
‫أوال‪/‬الخطأ اإليجابي و الخطأ السلبي‪:‬‬

‫اخلطأ اإلجيايب هو اإلخالل بااللتزامات والواجبات القانونية عن طريق ارتكاب واإلتيان بأفعال مينعها أو ينهي عنها‬
‫القانون ويرتتب عن ذلك املسؤولية اجلنائية أو املدنية أو املسؤولية اإلدارية وكذلك األفعال اخلاطئة واملنافية لألخالق‬
‫ك الغش والت دليس‪...‬اخل‪ ،‬وال يت تس تلزم التع ويض أم ا اخلط أ الس ليب فه و يتجس د يف ص ورة االمتن اع عن الواجب ات‬
‫وااللتزام ات ال يت تق ع على ع اتق املكل ف وع دم التح رز واالحتي اط حبكم الق انون أو االتف اق ب دفع الض رر ال ذي ق د‬
‫حيصل‪ ،‬فامتناع اإلدارة مثال عن إصدار قرار خيدم مصلحة أحد األشخاص من اجلمهور العام هو خطأ سليب تسأل عنه‬
‫‪1‬‬
‫اإلدارة نظريا المتناعها‪.‬‬
‫ثانيا‪/‬الخطأ العمدي وخطأ اإلهمال‪:‬‬
‫عمدا وعن عمد‪ :‬أي قصدا وليس خطأ أو صدفة‪ ،‬وقد يقصد الفاعل فعله و‬
‫العمد مصدر من الفعل َع َم َد ويقال فعله ً‬
‫اآلثار املرتتبة على فعله‪ ،‬أي تعمد الفعل و النتيجة معا وقد يقصد الفعل فقط دون أن يقصد النتيجة‪ ،‬و اخلطأ حسب‬
‫تعريف ه( إدراك الفاع ل لإلخالل يف فعل ه) أين يتض ح احلد األدىن من اإلدراك أو التمي يز ح ىت يق وم اخلطأ ‪ ،2‬فاخلط أ‬
‫العمدي (اجلرم) فيتحقق إذا اجتهت إرادة الفاعل إىل حتقيق الضرر بالغري كما أن اخلطأ العمدي هو اإلخالل بواجب‬
‫أو التزام قانوين مقرتن بقصد اإلضرار بالغري ‪،‬فخطأ العمد حيتوي على عنصرين اثنني‪ :‬فعل أو امتناع عن فعل يعد‬
‫إخالال بالتزام أو واجب قانوين سابق وعنصر قصد ونية اإلضرار أي اجتاه اإلرادة إىل إحداث الضرر‪ ،‬فاخلطأ العمدي‬
‫يتكون من عنصرين موضوعي (املادي)و الشخصي(النفسي) معا‪ ،‬فاألول هو إخالل باحلقوق و االلتزامات القانونية‬
‫السابقة و الثاين يتمثل و يتجسد يف قصد اإلضرار بالغري أو هو العمل الذي يضر مبصلحة الغري عن قصد وبدون وجه‬
‫‪3‬‬
‫حق‪ ،‬أما اخلطأ غري العمد يتحقق إذا مل يرد فاعله النتيجة الضارة‪ ،‬يسميه أتباع النظرية التقليدية بنسبة اجلرمية‪.‬‬
‫أم ا خط أ اإلمهال فه و اإلخالل ب واجب ق انوين س ابق مق رتن ب إدراك هلذا اإلخالل دومنا قص د اإلض رار ب الغري‪ ،‬وم ادام‬
‫مقرتنا بإدراك املخل لاللتزام القانوين السابق فهو يتكون من ذات العنصرين اللذين يتكون منهما اخلطأ العمدي‪ ،‬فهو‬
‫اخلطأ الذي ال يتفق مع احليطة اليت تتطلبها احلياة االجتماعية ويفرضها القانون‪.‬‬

‫ويقسم خطأ اإلمهال حسب درجته إىل قسمني أو نوعني مها اخلطأ اجلسيم واخلطأ اليسري‪.‬‬

‫ثالثا‪ /‬الخطأ المدني والخطأ الجنائي‪:‬‬

‫‪ 1‬عمار عوابدي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.111‬‬


‫‪ 2‬أمساء موسى أسعد أبو سرور‪ :‬ركن اخلطأ يف املسؤولية التقصريية‪ ،‬رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية نابلس‪ ،‬فلسطني‪ ، ،‬ص‪.19‬‬
‫‪ 3‬سليمان مرقص‪ :‬الوايف يف شرح القانون املدين‪ ،‬م‪ ،1‬الفعل الضار‪ ،‬ط‪ ،1‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر ‪ ،1999،‬ص‪.912‬‬
‫‪3‬‬
‫اخلط أ املدين ه و اإلخالل بااللتزام ات القانوني ة املنص وص عليه ا يف الش رائع املدني ة أو الق وانني املدني ة وال ذي ي رتب‬
‫املسؤولية إذا حتقق الضرر والعالقة النسبية بينهما‪ ،‬ويعترب هذا اخلطأ واسع حبكم طبيعة القانون املدين يف حد ذاته كون‬
‫‪1‬‬
‫هذا األخري يعترب الشريعة العامة‪ ،‬فهو إذن خطأ بالتزام قانوين ولو مل يكن مما تكلفه قوانني العقوبات‪.‬‬

‫أما اخلطأ اجلنائي فهو ذلك اإلخالل بواجب أو التزام قانوين تفرضه أو تقرره قواعد العقوبات بنص خاص‬
‫فاخلطأ اجلنائي يشكل ركن من أركان املسؤولية اجلنائية‪.‬‬

‫وعليه ميكننا القول إن اخلطأ املدين أعم من اخلطأ اجلنائي‪ ،‬إذا أن كل خطأ جنائي يعد يف ذات الوقت خطأ‬
‫مدنيا والعكس غري صحيح‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الخطأ واألساس القانوني للمسؤولية اإلدارية‬


‫إن البحث عن أس اس املس ؤولية يع ين رده ا إىل فك رة جامع ة ت ربر وجوده ا وحتدد معامله ا‪ ،‬وق د وج د الفق ه‬
‫ص عوبة يف ذل ك فث ار ج دال و احت دام بش أن حتدي د األس اس الق انوين ال ذي تق وم علي ه املس ؤولية‪ ،‬ف إذا ك ان نط اق‬
‫املس ؤولية الشخص ية يع د اخلط أ يف ص وره املختلف ة األس اس الق انوين ويس بب الض رر للغ ري حس ب م ا ج اء يف املادة‬
‫‪ 1019‬من القانون املدين الفرنسي ‪ «،‬كل عمل أيا كان يوقع ضررا للغري يلزم من وقع خبطئه هذا الضرر أن يقوم‬
‫بتعويضه»‪ ،1‬و تقابل ه املادة ‪ 194‬من الق انون املدين اجلزائري« ك ل عمل أيا كان يرتكب ه املرء ويسبب ض رر للغ ري‬
‫‪2‬‬
‫يلزم من كان سبب حدوثه بالتعويض»‬

‫إن التساؤل الذي طرح يف إطار مسؤولية الدولة واإلدارة العامة من أعماهلا الضارة هو األساس الذي مبوجبه تسأل إذا‬
‫كانت أعماهلا أو أعمال موظفيها سببا حلدوث أضرار بالغري؟‬

‫هل ميكن القول واجلزم بأن هذا األساس هو اخلطأ؟ وهل يعتقد أن اإلدارة العامة ختطأ؟‬

‫إن ه دفنا يف ه ذا اجملال ه و حتدي د موق ع اخلط أ وأث ره يف إط ار املس ؤولية اإلداري ة كأس اس ق انوين يق رر قي ام‬
‫مسؤولية اإلدارة العامة‪.‬‬

‫الفرع األول استبعاد الخطأ كأساس للمسؤولية اإلدارية‬


‫تعددت احملاوالت اليت قال هبا الفقه الفرنسي للبحث عن أساس للمسؤولية اإلدارية تربر وجودها وحتدد‬
‫القواع د ال يت تطب ق عليه ا‪ ،‬ومجه ور الفق ه الفرنس ي ي ذهب إىل تأس يس ه ذه املس ؤولية على أس اس مب دأ املس اواة أم ام‬
‫‪3‬‬
‫التكاليف واألعباء العامة رغم وجود اجتاه آخر للقول بأساس آخر لفكرة املسؤولية اإلدارية‪.‬‬

‫‪ 1‬املادة ‪ 1019‬من القانون املدين الفرنسي‬


‫‪ 2‬املادة ‪ 194‬من القانون املدين اجلزائري‪.‬‬
‫‪ 3‬جابر جاد نصار‪ :‬مسؤولية الدولة عن أعماهلا غري التعاقدية‪ " ،‬قضاء التعويض‪ "،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر ‪ ،1991،‬ص‪14‬‬
‫‪4‬‬
‫فريى " دي لوبادير" "‪ "De laubadere‬أن أساس املسؤولية اإلدارية أو السلطة اإلدارية عن أعمال موظفيها هو‬
‫فكرة املساواة أمام األعباء والتكاليف العامة‪ ،‬ومرد ذلك إىل املادة ‪ 10‬من إعالن احلقوق الصادر سنة ‪ 1119‬واليت‬
‫نصت على ضرورة املسامهة اجلماعية ملواجهة تكاليف اإلدارة والقوات املسلحة‪ ،‬وهذا املبدأ يؤسس فكرة املسؤولية‪،‬‬
‫على أساس أن التعويض الذي حيكم به عادة جيب أن يتحمله كل األفراد على وجود وإدارة املرافق العامة‪.‬‬
‫ويذهب األستاذ "‪ "Benoit‬إىل أن التعويض الذي يقرره جالس الدولة سواء استند اىل اخلطأ أو مل يستند إليه إمنا‬
‫جيد أساس ه يف مب دأ املس اواة أم التك اليف واألعب اء العام ة واعتم د " ‪ "Chapus‬على ه ذا املب دأ كأس اس ملس ؤولية‬
‫اإلدارة حيث أن هذا املبدأ سوف يؤدي إىل تعويض كل األضرار اليت تصيب املواطنني من جراء سري املرافق العامة‪.‬‬
‫كما ذهب " إيزمان" يف رأي آخر إىل اعتبار‪ «:‬أساس املسؤولية هو السبب الذي يربرها‪ »..‬وهذا السبب ال‬
‫ميكن أن يك ون إال مب دأ أو حكم ة أو قاع دة قانوني ة أخالقي ة نابع ة من العدال ة‪ ،‬ف األخالق والعدال ة ت وجب على من‬
‫أخطأ أن يعوض من أصابه الضرر من أخطائه غري أن هذا األساس غري مباشر للمسؤولية اذ يوجد إىل جانبه أساس‬
‫آخر مباشر هو الذي حيدد سبب التزام الشخص بدفع التعويض وهو صفة املخط‪ ،‬ويرى أنه بناء على ذلك يوجد‬
‫أساس ان للمس ؤولية يف الق انون اإلداري‪ ،‬األول ه و مب دأ الغ رم ب الغنم وه و أس اس املس ؤولية يف حال ة خط أ املواط نني‬
‫وأساس املسؤولية عن األشياء املوجودة يف حراستها‬
‫‪1‬‬
‫والثاين هو مبدأ املساواة إمام األعباء العامة وهو أساس غري مباشر بينما األساس األول مباشر‪.‬‬

‫أما األستاذ " دجيي" "‪ "Duguit‬فريجع أساس املسؤولية إىل مبدأ الضمان أو ما يعرف بنظرية الضمان حيث يرى أنه‬
‫إىل ج انب احلق يف األمن يوج د ال تزام ب األمن ويف حتق ق األمن تتحق ق أعظم النت ائج ‪،‬حيث ي ؤدي األمن إىل خل ق‬
‫ووجود جاهودات اإلنسان الساعية إىل ازدهار نشاطه فاألمن ليس غاية بل هو وسيلة لتمكني الناس من ممارسة أقدس‬
‫الواجبات واحلقوق وهو العمل فضمان األمن يقيم ويعقد مسؤولية السلطة اإلدارية عندما يتعرض أمن أحد األفراد أو‬
‫األشخاص إىل التهديد واخلطر بوقوع الضرر‪.‬‬

‫واعترب األستاذ "إيزمان" يف شق آخر أن مبدأ املساواة أمام األعباء العامة هو أساس غري مباشر للمسؤولية‬
‫اإلدارية‪ ،‬وبذلك يكون قد استبعد اخلطأ كأساس للمسؤولية‬
‫أما األستاذة "سعاد الشرقاوي" فقد قسمت مسؤولية اإلدارة إىل قسمني ويف مرحلتني او مستويني‪ ،‬يف حالتها‬
‫املتحركة الديناميكية ‪ ،‬املستوى األول (مرحلة التتبع) أين تقوم العالقة فيها بني السلطة اإلدارية والشخص املضرور‬
‫فقط وخيتفي شخص املوظف العام فإن حسبها أن أساس املسؤولية يف هذه املرحلة هو فكرة "الضمان" وبالتايل محاية‬
‫كاملة للمضرور جتاه اإلدارة وحقه يف التعويض على اعتبار هذه األخرية مدين مل وغري مماطل‪.‬‬

‫‪ 1‬عمار عوابدي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.119‬‬


‫‪5‬‬
‫أما أساس املسؤولية يف املرحلة الثانية اي مرحلة املشاركة النهائية فهو مبدأ الغرم بالغنم يف حالة ما إذا كانت‬
‫مس ؤولية الس لطة اإلداري ة وعلي ه فإهنا اس تبعدت خالل املرحل ة األوىل والش ق األول من املرحل ة الثاني ة فك رة اخلط أ‬
‫كأساس للمسؤولية‪.‬‬

‫ومل يؤكد األستاذ عمار عوابدي على فكرة اخلطأ كأساس قانوين تقوم عليه املسؤولية اإلدارية متأثرا بذلك مبا‬
‫جاء به األستاذ "فالني" سابقا الذي يعترب أن الشخص املعنوي يتصرف حبكم الضرورة عن طريق أنسان وبالتايل فان‬
‫طبيعة هذا النوع من املسؤولية ختتلف عن طبيعة املسؤولية عن الفعل الشخصي فاالدارة شخصا معنويا عاما‪ ،‬ال إرادة‬
‫ذاتية له والعقل له مثل الشخص الطبيعي‪ ،‬ومن مث فهي غري قادرة على ارتكاب األخطاء‪.1‬‬

‫وقد أكد ذات األستاذ يف مرجع أخر ان أساس مسؤولية السلطة اإلدارية العامة على اعمال موظفيها هو خطا من‬
‫نوع خاص دون ان يفصل يف ذلك‪.‬‬
‫الفرع الثاني اعتبار الخطأ شرطا لقيام المسؤولية اإلدارية وليس أساسا لها‬
‫إن اعتبار اإلدارة العامة مسؤولة على أعمال موظفيها غري املشروعة و اليت نتجت عنها أضرار لألفراد‪ ،‬إال أن‬
‫طبيعة هذه املسؤولية ختالف طبيعة املسؤولية الشخصية‪ ،‬حيث أن اخلطأ الشخصي فيها يعد أساسا قويا وكافيا لتحميل‬
‫عبء املسؤولية املتمثل يف التعويض‪ ،‬ولكن هذا اخلطأ إذا كان يصلح ويقوم أساسا يف املسؤولية املدنية‪ ،‬فإنه ال يصلح‬
‫ألن يك ون أساس ا للمس ؤولية اإلداري ة‪ ،‬حيث أن اإلدارة العام ة ش خص معن وي ع ام ال إرادة ذاتي ة وال عق ل ل ه مث ل‬
‫الشخص الطبيعي ومن مث فهي غري قادرة على إثبات وارتكاب األفعال اليت تكون اخلطأ الذي يعقد مسؤوليتها‪.‬‬
‫وعلى ح د تعت رب األس تاذ "ف الني‪«":‬ال توج د أب دا يف الق انون اإلداري مس ؤولية عن الفع ل الشخص ي ألن‬
‫الشخص املعنوي مثل الدولة أو أي مجاعة تتصرف دائما حبكم الضرورة عن طريق إنسان‪ ،‬ونتيجة لذلك فإن مسؤولية‬
‫‪1‬‬
‫اإلدارة ال ميكن أن تكون مسؤولية عن فعل الغري أو مسؤولية من فعل الشيء»‬
‫وي رى األس تاذ أن مس ؤولية اإلدارة عن أعماهلا هي يف احلقيق ة مس ؤولة عن فع ل الغ ري أساس ها االل تزام‬
‫بالض مان‪ ،‬كم ا ي رى أن اخلط أ ش رط من ش روط حتق ق مس ؤولية اإلدارة ول ذلك ال ميكن أن يك ون أساس ا هلذه‬
‫املسؤولية‪ ،‬فاستخدام اإلدارة لتابعني (املوظفني) ميكن أن يرتبكوا أخطاء ختلق أضرار تضمن اإلدارة التعويض عنها‪.‬‬

‫وانض م ج انب من الفق ه الفرنس ي إىل األس تاذ" ف الني" يف تأس يس مس ؤولية الدول ة بص فة عام ة عن أعم ال‬
‫سلطاهتا العامة على فكرة الضمان‪ ،‬فذهب األستاذ "‪ "Faure‬إىل إمكانية وجود أساس تؤسس عليه مسؤولية الدولة‬
‫عن أعماهلا بنفي اخلط أ عن الدول ة إذا نظرن ا إىل مس ؤولية الدول ة على أهنا مس ؤولية عن فع ل الغ ري‪ ،‬وي رى أن املادة‬
‫‪ 1014‬من القانون املدين الفرنسي و اليت تنص على ضمان املتبوع أخطاء التابع رغم أهنا ال تنطق على عالقة اإلدارة‬

‫‪ 1‬عمار عوابدي‪ :‬األساس القانوين ملسؤولية اإلدارة عن أعمال موظفيها‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،1919 ،‬ص‪24‬‬
‫‪6‬‬
‫مبوظفيه ا‪ ،‬إال أن ه ميكن القي اس عليه ا عن د البحث عن أس اس للمس ؤولية اإلداري ة ومن مث يك ون األس اس الوحي د‬
‫‪1‬‬
‫للمسؤولية هو فكرة الضمان ويظل اخلطأ و احلال كذلك شرطا من شروط حتقق هذه املسؤولية‪.‬‬
‫ـ‬

‫‪-9‬‬

‫وعلي ه ف إن ج انب من الفق ه ي رى أن اخلط أ ش رطا أساس يا إلل زام اإلدارة بتع ويض األض رار وليس أساس ا قانوني ا هلذه‬
‫املسؤولية‪ ،‬أي أن اخلطأ وسيلة تربير مسؤولية اإلدارة فقط‪ ،‬فإذا كان الذي يتحمل العبء هو ذمة مالية أخرى غري‬
‫مرتكب اخلطأ فيعد اخلطأ جارد شرط إلعمال مسؤولية اإلدارة وليس أساسا قانونيا لقيامها ولذا ال ميكن أن تكون‬
‫‪2‬‬
‫أساسا للمسؤولية بل شرط الزم لقيامها‪.‬‬
‫وم ا دامت نظ رة ه ؤالء الفقه اء هي اس تبعاد اخلط أ كأس اس للمس ؤولية واعتب اره ج ارد ش رط الزم لقيامه ا‬
‫وتربيرا هلا‪ ،‬فكان عليهم أن يقدموا األساس القانوين هلا وقد كانت إجابتهم يف ذلك بأنه ميكن تصور أساس املسؤولية‬
‫اإلدارية يف الفكرة التالية‪ :‬تستهدف املرافق العامة حتقيق الصاحل العام أو اخلري العام للجماعة ولذا يستفيد أفراد اجلماعة‬
‫من هذه املزايا‪ ،‬فإذا ترتب على تسيري مرفق من املرافق ضرر خاص ألحد األفراد‪ ،‬فمن العدل أن يتحمل مجيع أفراد‬
‫الشعب عبء جربه‪.‬‬
‫وحسب األستاذ ‪A.Delaubadere‬ال ميكن ان ينسب اخلطأ يف جمال القانون اإلداري اىل اإلدارة مباشرة فاخلطأ‬
‫يرتكب من قبل موظفني جمهولني وتتحمل املسؤولية ذمة مالية أخرى غري ذمة مرتكب اخلطأ وهو ما يبني ان اخلطأ‬
‫‪3‬‬
‫ليس سوى شرط قيام املسؤولية وليس أساسا هلا‬

‫الفرع الثالث‪ :‬اعتبار الخطأ اساس المسؤولية اإلدارية بصفة أصلية والمخاطر استثناءا‬
‫فاخلط أ ال ذي ي ؤدي إىل املس ؤولية اإلداري ة ه و اخلط أ املرفقي ومن مث وجب حتدي د طبيع ة اخلط أ ال ذي ي رتتب‬
‫عليه حتما وبالضرورة وجود املسؤولية اإلدارية من عدمها‪ ،‬كما أن درجة اتصال هذا اخلطأ باملرفق اإلداري إمنا يؤدي‬
‫إىل حتديد مسؤولية اإلدارة عن أخطاء موظفيها بنطاق معني‪ ،‬فقد تتحمل اإلدارة التعويض املستحق للمضرور كلية‬
‫وبصفة هنائية إذا كان اخلطأ الذي ارتكبه املوظف ذا صلة وثيقة باملرفق ال ينفك عنه‪ ،‬ويف صورة أخرى قد تضمن‬

‫‪ 1‬جابر جاد نصار‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.142 ،141‬‬


‫‪ 2‬علي خطار شطناوي‪ :‬مسؤولية اإلدارة العامة عن أعماهلا الضارة‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬األردن‪ ،‬سنة ‪ ،9331‬ص‪111‬‬
‫‪ 3‬مسعود شيهوب‪ :‬املسؤولية عن االخالل مببدأ املساواة وتطبيقاهتا‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪ ،9333،‬ص‪1‬‬
‫‪7‬‬
‫اإلدارة دفع التعويض للمضرور مث بعد ذلك ترجع على املوظف الذي ارتكب اخلطأ القتضاء مبلغ التعويض الذي سبق‬
‫‪1‬‬
‫وأن دفعته للمضرور‪.‬‬

‫ويف ذل ك أص درت احملكم ة اإلداري ة العلي ا حكم ا هلا يف الطعن رقم ‪ 1993‬جلس ة ‪ 14/39/1990‬حيث‬
‫جاء فيه‪ «:‬إن قضاء هذه احملكمة قد استقر على أن مناط مسؤولية اإلدارة عن القرارات الصادرة منها هو وجود خطأ‬
‫من جانبها‪ ،‬بأن يكون القرار اإلداري غري مشروع ويلحق صاحب الشأن ضررا وأن تقوم عالقة السببية بني اخلطأ‬
‫‪2‬‬
‫والضرر»‬

‫وقد جاءت أحكاما أخرى مشاهبة ملا جاء يف منطوق هذا احلكم واليت استخدمت فيها نفس العبارات تقريبا كالطعن‬
‫رقم ‪ 9401‬ص‪ 99‬جلسة ‪ 03/11/1911‬وغريها‪.‬‬

‫وقد اعتربت األستاذة "سعاد الشرقاوي" على أساس ما سبق ذكره أن اخلطأ هو أساس املسؤولية اإلدارية‬
‫ولكن يف املرحلة الثانية أين يؤسس مبدأ الغرم بالغنم كأساس للمس ؤولية يف هذه املرحلة ولكن يف حالة ما إذا كانت‬
‫املسؤولية مسؤولية املوظف الشخص ية‪ ،‬إذن اخلطأ هو األساس باختالف صور اخلطأ الشخصي أو اخلطأ التأدييب أو‬
‫اجلنائي‪.‬‬

‫أم ا األس تاذ عم ار عواب دي فريى بأن أس اس مس ؤولية الس لطة اإلداري ة العام ة عن أعم ال موظفيه ا ه و اخلط أ وق د‬
‫اعتربه خطأ من نوع خاص‪ ،‬غري أنه مل يفصل يف هذا اخلطأ اخلاص وعليه وبالرغم من هذه االختالفات يف اآلراء‬
‫والنظري ات املتباين ة للخط أ وموقع ه يف املس ؤولية اإلداري ة يبقى القض اء اإلداري ينظ ر إلي ه من زاوي ة أن ه يش كل س ببا‬
‫كافيا لقيام مسؤولية اإلدارة أو املوظف بغض النظر على اعتباره أساسا هلا أو شرطا أو غ ري ذلك محاية للمضرور‬
‫وحتقيقا للعدالة وتاليف جمافاهتا ذلك أن اخلطأ طرف أساسي يف معادلة يصعب فيها تالفيه أو نفيه أو استبعاده هذه‬
‫‪3‬‬
‫املعادلة اليت يقوم عليها أساس التعويض‪.‬‬

‫المطلب الثالث محاوالتـ تحديد مفهوم الخطأين الشخصي والمرفقي بواسطة المعاييرـ الفقهية‬
‫والقضائيةـ‬
‫‪:‬‬

‫أوال‪ /‬معيار الفيريار )النزوات الشخصية(‬

‫‪ 1‬حممود عاطف البنان‪ :‬الوسيط يف القضاء اإلداري‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر ‪ ،1993،‬ص‪.375‬‬
‫‪ 2‬جابر جاد نصار‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.101‬‬
‫‪ 3‬سليمان الطماوي‪ :‬القضاء اإلداري‪ ،‬الكتاب الثاين‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر ‪ ،1992،‬ص‪.191‬‬
‫‪8‬‬
‫وه و أول معي ار قدم ه الفق ه وأسس ه الفريي ار "‪ "La ferrière‬عقب حادث ة ليمونيي ه ك اريول "‬
‫‪ ،"Lemonnier‬يق وم ه ذا املعي ار على أس اس ال نزوات الشخص ية للموظ ف املنس وب إلي ه اخلط أ‪ ،‬فه و معي ار‬
‫شخص ي‪ ،‬حيث ي رى أن اخلط أ يعت رب شخص يا إذا ك ان العم ل الض ار مطبوع ا بط ابع شخص ي ‪،‬يكش ف عن اإلنس ان‬
‫بضعفه وشهواته وعدم تبصره ويقوم على أساس القصد السيء لدى املوظف وهو يؤدي واجبات وظيفته‪ ،‬فكلما قصد‬
‫النكاية أو األضرار أو فائدته الشخصية كان اخلطأ شخصيا يتحمل نتائجه‪ ،‬أما إذا كان الفعل الضار الذي وقع من‬
‫املوظف غري مطبوع هبذا الطابع الشخصي مبعىن أال يكون مليوله الشخصية أي دخل فيه‪ ،‬فإن ذلك ينب عن موظف‬
‫‪1‬‬
‫عرضة للخطأ و الصواب‪ ،‬ولذا جيب البحث وراء هذه النية السيئة الشخصية ‪.‬‬

‫يبقى هذا املعيار شخصي ليس من السهل تطبيقه بدقة‪ ،‬كما أنه خيالف ما ذهب إليه جالس الدولة من إدخال‬
‫حالة اخلطأ اجلسيم يف إطار اخلطأ الشخصي‪.‬‬

‫ذلك إذا انكشفت شخصية املوظف يف أخطاء مادية أو اعتداء مادي أو غفلة فينسب اخلطأ ملوظف وليس للوظيفة "‬
‫‪2‬‬

‫ثـانيا‪/‬معيار انفصال الخطأ عن المرفق لـ ''هوريو"‬

‫وق د أوج ده الفقيه " هوريـو" ال ذي يعترب اخلطأ شخص يا إذا أمكن فصله عن الوظيف ة‪ ،‬وإن اخلطأ الشخص ي‬
‫املنفصل عن الوظيفة هو اخلطأ الذي يرتكبه خارج نطاق الوظيفة وليس له عالقة بواجبات الوظيفة مطلقا ولذلك‬
‫يلتزم املوظف بالتعويض سواء أكان ذلك يف حياته اخلاصة أو أثناء قيامه بواجبات وظيفته‪ 2‬وبسببها‪ ،‬شرط أن يكون‬
‫الفعل الضار منبت الصلة بالعمل الوظيفي أو إذا كان فعله الضار مطبوعا بطابع شخصي يكشف عن االنسان بضعفه‬
‫وعواطفه وهتوره فقد حاول " هوريـو" أن يوضح معياره بالتفرقة بني حالتني ‪:3‬‬

‫‪ -‬حالة الخطأ المنفصل انفصاال ماديا عن واجبات الوظيفة‬


‫كم ا ل و ق ام العم دة بنش ر إعالن ات يف قريت ه ب أن أح د األف راد ش طب امسه من قائم ة الن اخبني ألن ه ق د ص در حكم‬
‫بإفالسه‪ ،‬فالعمدة يتصرف يف حدود واجبات وظيفته‪ ،‬إذ يرفع اسم أحد األفراد من كشف الناخبني لسبب قانوين‬
‫ولكن ه يتج اوز ح دود واجب ات وظيفت ه وي رتكب عمال مادي ا ال عالق ة ل ه هبذه الواجب ات‪ ،‬إذ يعلن يف الش وارع ه ذه‬
‫‪3‬‬
‫الواقعة اليت سيرتتب عليها اإلساءة إىل أحد األفراد‪.‬‬

‫‪ 1‬حسن خليل‪ :‬القضاء اإلداري‪ ،‬تنظيم القضاء اإلداري يف لبنان‪،‬الدار اجلامعية‪،‬مصر‪.،‬دس ن‪ ،‬ص‪901‬‬
‫‪ 2‬ماجد راغب احللو‪ :‬القضاء اإلداري‪ ،‬دار املطبوعات اجلامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مصر ‪ ،1991،‬ص‪.421‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ -‬حالة الخطأ المنفصل انفصال معنويا عن واجبات الوظيفة‬
‫وهنا العمل اخلاط يندرج يف واجبات الوظيفة ماديا‪ ،‬لكن ألغراض حمددة‪ ،‬ومثال ذلك األمر الصادر من أحد العمد‬
‫بقرع األجراس احتفاال مبأمت مدين ال تقرع له األجراس‪.‬‬
‫فالعم ل اخلاط ين درج ضمن واجبات الوظيفة مادي ا ولكن غ ري تلك اليت استخدم لتحقيقها ويرى األس تاذ " ماجد‬
‫راغب احلل و" أن اخلط أ الشخص ي ه و ذل ك ال ذي يق ع منفص ال عن ممارس ة أعم ال الوظيف ة مادي ا او معنوي ا‪ ،‬واخلط أ‬
‫املنفصل ماديا هو ذلك املرتكب خارج إطار الوظيفة ودون أي عالقة هبا كأن يصدم موظف عام أثناء نزهته بسيارته‬
‫اخلاصة أحد املارة فيصيبه بضرر‪ ،‬أما اخلطأ املنفصل عن الوظيفة معنويا فهو الذي يتصل هبا ماديا أما لوقوعه أثناء‬
‫‪1‬‬
‫اخلدمة أو باستخدام أدوات العمل ولكنه مع ذلك ليس من األخطاء العادية اليت يتعرض هلا شاغل الوظيفة‪.‬‬
‫ه ذا املعي ار أيض ا منتق د‪ ،‬فه و أوس ع من الالزم يف بعض األحي ان‪ ،‬ألن ه جيع ل ك ل خط أ مهم ا ك ان تافه ا‬
‫شخص يا جملرد أن ه منفص ل عن واجب ات الوظيف ة‪ ،‬كم ا أن ه من ناحي ة أخ رى ال يش مل األخط اء املتص لة بواجب ات‬
‫الوظيفة إذا ما كانت على درجة كبرية من اجلسامة‪.‬‬

‫كم ا يؤخ ذ علي ه أن ض يق من نط اق اخلط أ الشخص ي حيث خيرج من نط اق اخلط أ الشخص ي األخط اء‬
‫املتصلة بواجبات الوظيفة حىت ولو كانت أخطاء جسيمة‪.‬‬

‫ثالـثا‪/‬معيار الهدف أو الغاية‬

‫وقد أتى به الفقيه " دجيـي" " ‪ " Duguit‬وأساس هذا املعيار هو الغاية اليت يهدف إليها املوظف من تصرفه‬
‫اخلاط ‪ ،‬فإذا كان املوظف قد قصد بعمله حتقيق أغراض الوظيفة فإن خطأه يعد خطأ مرفقيا ويعترب من األخطاء‬
‫املنسوبة إىل املرفق العام‪ ،‬أما إذا كان الغرض حتقيق أغراض شخصية أي أغراض ال عالقة هلا بالوظيفة فإن اخلطأ‬
‫‪3‬‬
‫يعترب شخصيا‪.‬‬
‫ومعىن ذلك أن املوظف يسأل عندما يستفيد أو يستغل سلطات وظيفته‪ ،‬وال يسأل حني يباشر سلطات‬
‫هذه الوظيفة‪،‬ومن األمثلة التطبيقية القضائية هلذا املعيار حكم أصدره جالس الدولة الفرنسي بتاريخ ‪91/39/193‬‬
‫‪ 0‬بعنوان" ‪ "Zimmermann‬وتتخلص وقائعه يف أن اثنني من موظفي مصلحة الطرق و الكبار ى عمدا إىل‬
‫اس تخراج الرم ال و األحج ار الالزم ة ألعم ال الص يانة من أرض خاص ة مملوك ة لعائل ة" ‪ "Zimmermann‬مث‬
‫أص در م دير املقاطع ة ق رارا بتحدي د أم وال الدول ة العام ة يف ه ذه املنطق ة م دخال ض من ه ذه احلدود العام ة األرض‬
‫س الفة ال ذكر وذل ك محاي ة هلؤالء املوظفني من وق وع أي ة مس ؤولية عليهم‪ ،‬ذل ك أن ه م ىت اعت ربت ه ذه األرض من‬
‫األموال العامة فإن االستيالء على األحجار و الرمال هبا يعد فعال مشروعا كما أصدر أمرا ثانيا بإزالة األسوار اليت‬
‫مارسولون وآخرون‪ :‬أحكام املبادئ يف القضاء اإلداري الفرنسي‪ ،‬ترمجة أمحد يسري‪ ،‬الطبعة العاشرة‪ ، ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬مصر ‪ ،1991،‬ص ص‪،911‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪911‬‬
‫‪ 1‬رشيد خلويف‪ :‬قانون املسؤولية اإلدارية‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر ‪ ،1991،‬ص‪.13‬‬
‫‪10‬‬
‫أقامتها هذه العائلة حول أراضيهم خوفا من االعتداء عليها ولقد اعترب جالس الدولة الفرنسي عمل املدير هذا خطأ‬
‫مرفقيا ال شخصيا بالرغم من جسامة هذا اخلطأ على اعتبار أنه مل يعمل بقصد حتقيق غرض شخصي و إمنا كان‬
‫‪1‬‬
‫الغرض محاية موظفيه أي حتقيق أغراض هي أغراض الوظيفة العامة‪.‬‬
‫وبالرغم من وضوح وبساطة هذا املعيار‪ ،‬فإنه ال يصور حقيقة الواقع وال يتفق دائما مع القضاء ألنه يؤدي‬
‫عمال إىل إعفاء املوظف من املسؤولية يف كل احلاالت اليت ال يكون خطؤه فيها مشوب بسوء النية‪.‬‬

‫كما يؤخذ عليه أن يضيق نطاق اخلطأ الشخصي على حاالت التصرف بسوء نية‪ ،‬فغالبا هذا املعيار ال‬
‫يتف ق م ع أحك ام القض اء‪ ،‬ألن ه جيع ل اخلط أ مرفقي ا يف غ الب األح وال ال يت ينتفي فيه ا س وء الني ة بغض النظ ر على‬
‫جسامة اخلطأ‪.‬‬

‫رابعـا‪ /‬معيار الخطأ الجسيم للفقيه" جيـز"‬

‫ومؤاده أن املوظف يعد مرتكبا خلطأ شخصي كلما كان اخلطأ جسيما‪ ،‬حبيث يصل إىل درجة ارتكاب جرمية‬
‫تدخل حتت طائلة قانون العقوبات‪ ،‬أو كان اخلطأ ال ميكن اعتباره من املخاطر العادية اليت يتعرض هلا املوظف يف‬
‫‪1‬‬
‫أداء عمله اليومي‪.‬‬

‫أو كان اخلطأ من اجلسامة حبيث ال ميكن اعتباره من املخاطر العادية اليت يتعرض هلا املوظف يف أداء عمله اليومي ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وعليه فإنه يتضح أن اخلطأ اجلسيم ميكن حصره يف حالتني وهي‪:‬‬
‫األولى‪ :‬إذا تصرف املوظف بسوء نية‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬إذا كان اخلطأ جسيما وال ميكن عده من األخطاء العادية للوظيفة‬

‫خامسا‪ /‬معيار طبيعة االلتزام الذي أخل به‪ :‬لـ "‪"RASY‬‬

‫وقد قال هبذا املعيار للتمييز بني اخلطأ الشخصي واخلطأ املرفقي الفقيه" ‪ "DOUC.RASY‬وهو يفرتض‬
‫بداءة أن وجود خطأ يرتبط حتما وبالضرورة مع وجود التزام أخل به الشخص الذي ارتكب اخلطأ‪.‬‬

‫‪ 1‬حممد أنور محادة‪ :‬املسؤولية اإلدارية والقضاء الكامل‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪9332،‬ص‪.41‬‬
‫‪ 2‬ماجد راغب احللو‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.421 ،421‬‬
‫‪11‬‬
‫ويفرق " ‪ "RASY‬بني نوعني من االلتزامات ترتب أخطاء خمتلفة من حيث طبيعتها‪:1‬‬

‫فهن اك من ناحي ة أوىل التزام ات عام ة يق ع عبء احرتامه ا على اجلمي ع‪ ،‬ومن مث إذا خالفه ا املوظ ف فإن ه يع د‬
‫مرتكبا خلطأ شخصي‪ ،‬يسأل عنه بصفة شخصية يف ماله اخلاص‪.‬‬

‫وهناك من ناحية أخرى التزامات ترتبط بالعمل الوظيفي‪ ،‬ومن مث فإن اإلخالل هبا يعد خطأ مرفقيا يسأل‬
‫‪1‬‬
‫عنه املرفق وال يسأل عنه املوظف‪.‬‬

‫وذهب أنص ار ه ذا املعي ار إىل الق ول ب أن القض اء ق د أخ ذ ب ه مس تندين يف ذل ك إىل احلكم الص ادر ع ام ‪1941‬‬
‫والذي قضى مبسؤولية اإلدارة عند االعتداء الذي قام به بعض اجلنود دون أن مينعهم قائدهم من ذلك‪ ،‬حيث اعترب‬
‫‪2‬‬
‫اخلطأ املنسوب إىل القائد و املتمثل يف عدم قيامه مبنع جنوده من االعتداء الذي قاموا به خطأ مرفقيا‪.‬‬
‫تع رض ه ذا املعي ار كس ابقيه للنق د حيث أخ ذ علي ه أن القض اء الفرنس ي مل يتبن اه بص فة دائم ة‪ ،‬فأحك ام‬
‫ج الس الدول ة ال يت طبقت ه قليل ة‪ ،‬إض افة إىل ص دور العدي د من األحك ام القض ائية خالف ا هلذا املعي ار حيث قض ت‬
‫باعتبار اخلطأ شخصيا رغم أن االلتزام الذي أخل به التزام خاص مرتبط بالعمل الوظيفي إضافة إىل أن هذا املعيار‬
‫ي ؤدي إىل اعتب ار األخط اء اجلس يمة أي ا ك انت درج ة جس امتها أخط اء مرفقي ة م ىت ص درت نتيج ة إلخالل ب التزام‬
‫وظيفي‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الغين بسيوين عبد اهلل‪ :‬القضاء اإلداري‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬مصر ‪ ،1999،‬ص‪.213‬‬
‫‪12‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف املسؤولية اإلدارية بدون خطأ‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف المسؤولية اإلدارية بدون خطأ‬

‫اخلطأ املرفقي هو النظام العادي للمسؤولية اإلدارية‪ ،‬فت رتتب املسؤولية اإلدارة مىت وجد خطأ مرفقي‪ ،‬إال أنه اتضح أن‬
‫اإلدارة العمومية قد تلحق أض رارا بالغري أثناء القيام بنشاطاهتا املختلفة دون إمكان إثبات ارتكاب خطأ من جانبها‪ ،‬مما‬
‫أدى مبجلس الدولة الفرنسي إىل سد الفجوة بتصوره لنوع جديد من املسؤولية اليت تقوم دون ال زام املتضرر بإثبات وجود‬
‫خطأ مرفقي‪ .‬فإذا كانت املسؤولية اإلدارية على أساس اخلطأ تقوم على ركن اخلطأ وركن الضرر والعالقة السببية بني اخلطأ‬
‫والض رر‪ ،‬ف إن مس ؤولية اإلدارة دون خط أ هي تل ك املس ؤولية ال يت تق وم على رك نني فق ط مها الض رر والعالق ة الس ببية بني‬
‫الضرر ونشاط اإلدارة املشروع‪ ،‬دون اشرتاط اخلطأ فيها‪.‬‬

‫تق ررت نظري ة املس ؤولية اإلداري ة دون خط أ يف األص ل حلماي ة مص لحة املتض رر من نش اط اإلدارة‪ ،‬وض مان حق ه يف‬
‫التعويض بأيسر الطرق‪ ،‬والذي ال ميكن أن يتحقق له استنادا لنظرية املسؤولية اإلدارية التقليدية(على أساس اخلطأ)‪ ،‬اليت‬
‫يستلزم لتطبيقها إثبات توفر ركن اخلطأ إىل جانب الضرر‪ ،‬واملسؤولية اإلدارية دون خطأ هي املسؤولية اليت ال تقوم على‬
‫أساس خطأ ارتكبته اإلدارة وإمنا تقوم على أساس ضرر أحلقته بأحد األشخاص مبناسبة قيامها بأنشطتها‪ ،‬حبيث يتجاوز‬
‫هذا الضرر يف خطورته وخصوصيته األضرار العادية اليت يتحملها األفراد يف اجملتمع‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أسس المسؤولية اإلدارية بدون خطأ‬

‫أسس املسؤولية اإلدارية دون خطأ هي العوامل اليت تؤدي إىل تقرير مسؤولية اإلدارة العمومية وإلزامها بتعويض املتضرر‪،‬‬
‫وإص الح الض رر اخلاص واجلس يم ال ذي أص ابه بس بب أنش طتها‪ ،‬ومن ه ذه أس س مب دأ الغنم ب الغرم‪ ،‬مب دأ التض امن‬
‫االجتماعي‪ ،‬مبدأ املساواة أمام التكاليف العامة ومبدأ العدالة اجملردة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مبدأ الغنم بالغرم‬

‫‪13‬‬
‫إن أس اس املس ؤولية وفق ا هلذا املب دأ ليس اخلط أ املف رتض‪ ،‬وإمنا ه و مب دأ االرتب اط بني املن افع واملغ ارم وه و األس اس‬
‫الوحيد للمسؤولية اإلدارية‪ ،‬ويعترب مبدأ الغنم بالغرم أو االرتباط بني املنافع واألعباء أساسا قانونيا لنظرية املخاطر‪ ،‬ويقصد‬
‫به أن من أنشأ خماطر ينتفع هبا أو منها‪ ،‬يلتزم بتحمل تبعة األضرار النامجة عنها‪ ،‬فإن الشخص املسؤول وفقا هلذه النظرية‬
‫هو الشخص الذي ينتفع من استعمال الشيء‪ ،‬وبتطبيق ذلك على نشاط اإلدارة العمومية‪ ،‬فإن اجلماعة اليت تعود عليها‬
‫املنافع والفوائد من األنشطة اليت تقوم هبا السلطات اإلدارية لتحقيق املصلحة العامة تتحمل مقابل هذه املنافع عبء دفع‬
‫التع ويض للشخص ال ذي تض رر بسبب تلك األعم ال اإلدارية‪ ،‬عن طريق التع ويض الذي تدفعه الدولة باس م اجلماعة‬
‫العامة من اخلزينة العامة اليت تتكون من جمموع الرسوم والضرائب اليت يدفعها أفراد هذه اجلماعة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مبدأ التضامن االجتماعي‬

‫إن التض امن االجتم اعي يف اجملتم ع‪ ،‬وال ذي يق وده وحيرك ه ويوجه ه الض مري اجلم اعي للجماع ة‪ ،‬يس توجب وحيتم على‬
‫ه ذه اجلماع ة أن ترف ع وت دفع الض رر اخلاص واالس تثنائي ال ذي أص اب أح د األش خاص بفع ل نش اط اإلدارة وأن جترب‬
‫وتصلح هذا الضرر عن طريق التعويض الذي تدفعه الدولة للمضرور باسم اجلماعة من اخلزينة العامة حتقيقا للعدالة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫الثالث مبدأ المساواة أمام التكاليف العامة‬

‫إن املبدأ املساواة القانونية يعين املساواة بني اجلميع يف احلقوق واملنافع (أي املساواة أمام القانون وأمام الوظائف‬
‫العمومي ة وأم ام خدمات املراف ق العمومي ة) واملس اواة يف التك اليف والواجب ات العام ة ( أي املس اواة أم ام الض رائب‬
‫واملساواة يف أداء اخلدمة العمومية)‪ ،‬ومبدأ املساواة يف حتمل األعباء العامة يعد من املبادئ الدستورية‪ ،‬يلتزم كل‬
‫من املشرع واإلدارة العمومية باحت ارمه‪ ،‬وهو ضمانة أساسية من ضمانات حقوق األفراد وحرياهتم‪.‬‬

‫يعت رب مب دأ مس اواة يف حتم ل األعب اء أساس ا للمس ؤولية دون خط أ‪ ،‬فال يتحم ل الف رد أو بعض أف راد اجلماع ة‬
‫وح دهم األض رار الناجتة عن نش اط اإلدارة ح يت وان ك ان ه ذا النش اط مش روعا ‪ ،‬واال اعت رب ذل ك خرق ا للمب دأ‪،‬‬
‫لذلك جيب على اإلدارة العمومية يف مثل هذه احلالة دفع التعويض بتوزيع هذه األعباء على اف راد اجلماعة حتقيقا‬
‫ملبدأ املساواة يف حتمل األعباء العامة‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬مبدأ العدالة المجردة‬

‫مبدأ العدالة اجملردة يقضي وحيتم رفع الضرر عن صاحبه مهما كان مصدره مشروعا أو غري مشروع حيت يتمكن‬
‫املتضرر من نشاط اإلدارة العمومية أن يستأنف حياته الطبيعية‪ ،‬فمبدأ العدالة اجملردة هو الغاية اجملسدة يف فكرة‬
‫الصاحل العام املشرتك الذي يربر وجود السلطة العامة وحيرك أعماهلا اليت قد تكون مصدر أض رار وأخطار خاصة‬
‫واستثنائية لبعض األفراد يف اجملتمع‪ ،‬األمر الذي حيتم على الدولة حتقيقا ملبدأ العدالة أن تتحمل املسؤولية عن نتائج‬
‫أعماهلا الضارة‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬خصائص نظرية المسؤولية اإلدارية بدون خطأ‬

‫تتميز نظرية املسؤولية اإلدارية دون خطأ مبجموعة من اخلصائص متيزها عن نظرية املسؤولية اإلدارية على أساس‬
‫اخلطأ‪:‬‬

‫األول المسؤولية اإلدارية دون خطأ نظرية قضائية‬

‫يرج ع الفض ل يف إرس اء قواع د وأحك ام ومب ادئ املس ؤولية اإلداري ة دون خط أ كأس اس تكميلي جبانب اخلط أ‬
‫كأساس عام للمسؤولية اإلدارية إىل جملس الدولة الفرنسي‪ ،‬الذي اعتمدها يف بعض احلاالت االستثنائية كوسيلة‬
‫مكملة للمسؤولية القائمة على اخلطأ وحدد شروطها وجماالت تطبيقها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المسؤولية اإلدارية دون خطأ نظرية تكميلية استثنائية‬

‫‪15‬‬
‫اعترب القضاء اإلداري املسؤولية على أساس اخلطأ هي األصل يف التطبيق‪ ،‬فال يلجأ إىل املسؤولية القائمة دون‬
‫خطأ إال إذا ثبت له عدم كفاية املسؤولية األصلية (على أساس اخلطأ) يف توفري حل عادل للحالة املعروضة عليه‪.‬‬
‫فمىت انعدم اخلطأ املرفقي أو صعب إثباته يلجأ القضاء إىل تقرير مسؤولية اإلدارة دون خطأ‪ ،‬وعليه فإن املسؤولية‬
‫دون خطأ هي مسؤولية فرعية استثنائية‪ ،‬تبقى تطبيقاهتا استثنائية باملقارنة مع األصل العام للمسؤولية اإلدارية اليت‬
‫تقوم بالدرجة األوىل على أساس اخلطأ‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬المسؤولية اإلدارية دون خطأ نظرية ذات طابع موضوعي‬

‫يتض ح الط ابع املوض وعي للمس ؤولية اإلداري ة دون خط أ من خالل املقارن ة بينه ا وبني املس ؤولية اإلداري ة على‬
‫أس اس اخلط أ‪ ،‬فه ذه األخ رية يغلب عليه ا الط ابع الشخص ي فيك ون البحث لتقري ر املس ؤولية يف س لوك املوظ ف‬
‫املنح رف وغ ري املألوف‪ ،‬فاملس ؤولية يف ه ذه احلال ة ت ؤدي وظيف ة اجلزاء عن الس لوك املنح رف‪ ،‬أم ا يف املس ؤولية‬
‫اإلدارية دون خطأ أو على أساس املخاطر فاهلدف منها هو التعويض عن الضرر ألسباب موضوعية‪.‬‬

‫الرابع المسؤولية اإلدارية دون خطأ تستوجب شروطا خاصة‬

‫الضرر الذي تقوم عليه املسؤولية اإلدارية دون خطأ جيب أن يكون خاصا واستثنائيا وعلى درجة من اجلسامة‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬المسؤولية اإلدارية دون خطأ ليست مطلقة في مداها‬

‫املسؤولية اإلدارية دون خطأ ليست مطلقة يف مداها وهذا انسجاما مع خصائص املسؤولية اإلدارية اليت بينها‬
‫حكم بالنك و‪ ،‬فالقض اء اإلداري ي ارعي دائم ا مقتض يات حتقي ق املص لحة العام ة والتوفي ق واملوازن ة بني ه ذه‬
‫املقتضيات ومحاية حقوق األفراد‪.‬‬

‫الفرع السادس‪ :‬جزاء المسؤولية على دون خطأ دائما التعويض‬

‫اجل ازء على أساس مس ؤولية اإلدارة دون خطأ يكون دائما التعويض عن الضرر غري العادي واالستثنائي الذي‬
‫وصل إىل درجة معينة من اجلسامة‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬تطبيقات المسؤولية اإلدارية دون خطأ‬

‫قضى جملس الدولة الفرنسي مبسؤولية اإلدارة العامة بال خطأ يف حاالت برزت فيها فكرة اخلطر بصورة واضحة‬
‫يف عمل اإلدارة‪ ،‬مما محل بعض الفقه على االعتقاد بأن هذه املسؤولية تقوم على أساس املخاطر‪ ،‬بينما وجدت‬

‫‪16‬‬
‫هن اك ح االت أخ رى غ ابت فيه ا فك رة املخ اطر عن عم ل اإلدارة‪ ،‬واعت رب جملس الدول ة أن األس اس الق انوين‬
‫للمسؤولية اإلدارية دون خطأ يتمثل يف مبدأ املساواة أمام األعباء العامة ‪.‬‬

‫بالنظر إىل اجتهاد القضاء اإلداري يف جمال املسؤولية اإلدارية دون خطأ‪ ،‬فإن هناك نوعني من التطبيقات‪ ،‬بغض‬
‫النظ ر عن األس اس الق انوين‪ ،‬هلا يتمث ل الن وع األول يف املس ؤولية اإلدارية ب دون خط أ على أس اس املخ اطر) الفرع‬
‫األول( ‪،‬ويتمثل الثاين يف املسؤولية اإلدارية دون خطأ غلى أساس املساواة أمام األعباء العامة) الفرع الثاين‪(.‬‬

‫‪17‬‬
‫األول‪ :‬تطبيقات المسؤولية اإلدارية دون خطأ على أساس المخاطر‬

‫طبق جملس الدولة الفرنسي نظرية املخاطر يف عدة حاالت كانت فكرة اخلطر هي املسيطرة يف نشاط‬
‫اإلدارة‪ ،‬مما مسح له باحلكم بالتعويض لت وافر الضرر الناجم عن النشاط اخلطر يف تلك احلاالت‪ ،‬أي مىت‬
‫كان الضرر نتيجة وقوع أو حدوث خطر خاص‪ ،‬وهذا ما يتضح من خالل املصطلحات اليت يستعملها‬
‫القاض ي اإلداري ومنه ا مثال ض رر اس تثنائي ‪ préjudice exceptionnel‬أو خط ر اس تثنائي‬
‫‪ exceptionnel risque‬أو خطر خاص ‪.risque spécial‬‬

‫ومن أهم صور وحاالت املسؤولية بال خطأ القائمة على أساس املخاطر‪ :‬املسؤولية بفعل خطر خاص أو‬
‫اس تثنائي‪ ،‬املس ؤولية عن األض رار اليت تصيب مس تخدمي املرافق العمومية واملسؤولية النامجة عن م ارفق‬
‫األشغال العمومية‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬المسؤولية بفعل وجود خطر خاص‬

‫طبقا الجتهاد القضاء اإلداري‪ ،‬فإن جمرد حتقق خطر خاص أو استثنائي من شأنه أن يربر املسؤولية‬
‫اإلداري ة بال خط أ‪ ،‬وإن احلل ول القض ائية هلذا الن وع من املس ؤولية تتعل ق باألض رار ال يت جتد مص درها يف‬
‫املواد واألشياء اخلطرة ‪ ،‬والوسائل اخلطرة واحلاالت اخلطرة واليت سيتم التعرض هلا فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬المواد و األشياء الخطيرة‬

‫أن املواد واألشياء خطرة قد حتدث أضرارا ‪ ،‬وللقاضي اإلداري سلطة تقديرية يف حتديد هذه األشياء‬
‫خطرة واحلكم بالتعويض عن األضرار اليت قد ترتبها‪ ،‬والقائمة القضائية اليت وضعها االجتهاد اإلداري يف‬
‫موض وع املس ؤولية بال خط أ على أس اس املخ اطر اخلاص ة تش تمل األش ياء املنقول ة واملنش آت العمومي ة‬
‫وتتمثل أساسا يف املتفجرات واألسلحة واآلالت اخلطرة‪:‬‬

‫‪-1‬المتفجرات‪:‬‬

‫لقد مسحت املتفج رات جمللس الدولة الفرنسي بوضع أول ق رار له وبصفة صرحية عن املسؤولية بال‬
‫خط أ ال يت تس ببها ه ذه املواد وذل ك يف قض ية‪ Regnault- Desroziers‬س نة ‪ 1919‬وتتلخص‬
‫وق ائع ه ذه القض ية يف انفج ار خمزون لل ذخرية احلي ة يف ‪ 4‬م ارس ‪ 1916‬يف قلعة‪La Double‬‬
‫‪ Couronne‬يف مشال‪ Saint Denis‬أدى هذا االنفجار إىل وقوع عش ارت القتلى واجلرحى‬
‫من العسكريني واملدنيني يف حميط القلعة‪ ،‬واىل إحداث أض رار مادية بالغة اخلطورة‪ .‬ويف هذه القضية‪،‬‬
‫اعت رب جملس الدول ة الفرنس ي‪ " :‬أن اإلدارة مل ت رتكب أي خط أ‪ ،‬ألهنا اختذت فعال االحتياط ات الالزم ة‬
‫وألن جتميعها هلذا العدد اهلائل من املتفجرات الذي ميكن اعتباره مبالغا فيه يف زمن السلم‪ ،‬له ما يربره يف‬
‫زمن احلرب"‪ ،‬وق رر جملس الدول ة وألول م رة احلكم ب التعويض اس تنادا لنظري ة املخ اطر‪ .‬وق د تب ىن املش رع‬
‫الفرنسي اجتهاد جملس الدولة يف هذه املسألة‪.1‬‬

‫طبق القضاء اإلداري اجلزائري نظرية املسؤولية عن فعل األشياء اخلطرة‪ ،‬يف قضية حسان أمحد ضد‬
‫وزير الداخلية‪ ،‬يف قرار اجمللس األعلى بتاريخ ‪ 9‬يوليو ‪ ،1977‬وتتمثل وقائع القضية يف نشوب حريق يف‬
‫مس تودع ت ابع حملافظ ة الش رطة املركزي ة ب اجلزائر العاص مة‪ ،‬بس بب انفج ار ص هريج للب نزين‪ ،‬واعت رب قض اء‬
‫الغرفة اإلدارية باجمللس األعلى بأن وجود ذلك الصهريج شكل خطرا استثنائيا على األشخاص واألمالك‪،‬‬
‫وأن األضرار نظرا خلطورهتا‪ ،‬تتجاوز األعباء اليت جيب أن يتحملها األفراد وجاء تسبيب القرار كما يلي‪:‬‬

‫" حيث أن وفاة السيدة بن حسان وطفليها‪ ،‬كان نتيجة عن احلريق الذي نشب يف مستودع تابع حملافظة‬
‫الشرطة املركزية للجزائر‪ ...‬تبعا النفجار صهريج للبنزين‪ ،‬حيث أن ذلك الصهريج أقامته شركة سوناطراك‬
‫وش ركة كالت ام‪ ،‬وال ميكن ب الرغم من ذل ك إعف اء الس لطة العام ة من مس ؤوليتها‪ ،‬وأن وج ود مث ل ذل ك‬
‫الص هريج يش كل خماطر اس تثنائية على األش خاص واألمالك‪ ،‬وأن األض رار احلاص لة تبع ا هلذه الظ روف‬
‫تتجاوز نظرا خلطورهتا األعباء اليت جيب أن يتحملها اخلواص عادة‪...".‬‬

‫كما أن املشرع اجلزائري كان قد أصدر قانونا يف هذا الشأن بعد حادثة السفينة جنمة اإلسكندرية سنة‬
‫‪ ،1964‬ال يت ك انت راس ية مبين اء عناب ة وعلى متنه ا محول ة من ال ذخرية احلربي ة اخلاص ة جبيش التحري ر‬
‫الوط ين‪ ،‬فوق ع انفج ار هبا خل ف أض رارا مادي ة وبش رية فت دخل املش رع مبوجب أم ر م ؤرخ يف ‪28‬م ايو‬
‫‪ 1968‬يقضي بتعويض الضحايا ‪.‬‬

‫‪-2‬األسلحة واآلالت الخطيرة‬

‫‪ 1‬قانون ‪ 03‬ماي ‪ ، 1921‬فانون ‪ 28‬أكتوبر ‪ ،1948‬ثم كل من قانون‪ 12‬جوان ‪ 1965‬وقانون‬


‫‪ 30‬أكتوبر ‪ 1968‬يتضمنان تعويض األض ارر الناتجة عن االنفجا ارت النووية ‪.‬‬
‫ابتداء من سنة ‪ 1949‬اعتمد جملس الدولة الفرنسي نظام املسؤولية بدون خطأ على أساس املخاطر‬
‫على االستعمال الضار لألسلحة واآلالت اليت تشكل خماطر استثنائية متس باألموال واألشخاص من قبل‬
‫الشرطة‪ ،‬وكان ذلك مبوجب القرارين الصادرين يف قضييت‪Lecomte et Daramy‬‬

‫تتلخص وقائع القضية األوىل أنه حصل شجار يف أحد شوارع مدينة بوردو بني ثالثة أشخاص وسائق‬
‫تاكسي‪ ،‬فجرح هذا األخري بطعنة سكني‪ ،‬فتوىل أحد رجال الشرطة مطاردة أحد اجلناة الفارين وأمره‬
‫ب التوقف فلم ميتثل‪ ،‬فأطلق عليه عدة رصاص ات‪ ،‬أص ابت إح داها وبطريق اخلط أ السيدة ‪Daramy‬‬
‫إصابة قاتلة بينما كانت متشي يف الشارع املتقاطع مع الشارع الذي جرت فيه املطاردة‪.1‬‬

‫أما القضية الثانية فتتلخص وقائعها يف أن كان رجال الشرطة يف باريس يالحقون سيارة مشبوهة فأمروها‬
‫بالتوقف فلم تفعل وتابعت سريها خمرتقة احلاجز األمين‪ ،‬فأطلق أحد رجال الشرطة بضع رصاصات من‬
‫رشاشه حنو هيكل السيارة السفلي‪ ،‬فارتدت إحدى الرصاصات‪ ،‬بعد أن ارتطمت باألرض‪ ،‬وأصابت‬
‫السيد ‪ Lecomte‬الذي كان جالسا على حافة باب بيته فقتل‪.2‬‬

‫مبوجب هذين القرارين كرس القضاء اإلداري اجتهادا جديدا‪ ،‬مفاده أنه إذا ت رتب عن استعمال األسلحة‬
‫اخلطرة من قبل رجال الشرطة إصابة شخص ما جبروح أو وفاة‪ ،‬تكون الدولة مسؤولة مسؤولية إدارية على‬
‫أساس املخاطر وتلتزم بالتعويض‪ .‬وقد عمد جملس الدولة الفرنسي من خالل هذا االجتهاد‪ ،‬إىل تأمني‬
‫مصلحة املتضررين من نشاط اإلدارة اخلطر وحتقيق العدل واإلنصاف‪.‬‬

‫وابتداء من عام ‪ ،1951‬وضع جملس الدولة الفرنسي األسس والشروط اليت البد من توافرها يف املتضرر‬
‫لتطبيق نظام املسؤولية بال خطأ حبسب الوضع الذي يكون فيه هذا األخري وعالقته بنشاط مرفق الشرطة‬

‫)‪.Conseil d'Etat, 24 juin 1949, Daramy, (Rec., p. 308‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Si, en principe, le service de la police ne peut être tenu pour responsable que des « 2‬‬
‫‪dommages imputables à une faute lourde commise par ses agents dans l’exercice de leurs‬‬
‫‪fonctions, la responsabilité de la puissance publique se trouve engagée, même en l’absence‬‬
‫‪d’une telle faute, dans le cas où le personnel de la police fait usage d’armes ou d’engins‬‬
‫‪comportant des risques exceptionnels pour les personnes et les biens, et où les dommages‬‬
‫‪subis dans de telles circonstances excèdent, par leur gravité, les charges qui doivent être‬‬
‫‪normalement supportées par les particuliers en contrepartie des avantages résultant de‬‬
‫‪l’existence de ce service public, Arrêt Consorts Lecomte, Conseil d'Etat, Assemblée, du 24‬‬
‫‪.juin 1949, 87335, publié au recueil Lebon‬‬
‫ووض ع ح دودا وض وابطا للتمي يز بني م ا ي دخل ض من املس ؤولية على أس اس اخلط أ‪ ،‬وم ا ي دخل ض من‬
‫املسؤولية بال خطأ‪ ،‬فقرر ما يلي‪:‬‬

‫إذا كان املتضرر من األشخاص الذين تستهدفهم عمليات الشرطة‪ ،‬مثل املشرتك يف التظاهرة‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫أو املطلوب منه التوقف على حاجز أمين‪ ،‬أو اجملرم املطارد من قبل الشرطة يف الشارع‪ ،‬فإن املسؤولية‬
‫تب ىن بالنس بة إلي ه‪ ،‬على أس اس إثب ات اخلط أ‪ ،‬وليس ض روريا أن يك ون جس يما‪ ،‬ب ل ق د يك ون بس يطا‬
‫وكافيا النعقاد املسؤولية‪ ،‬نظرا للمخاطر الكامنة يف استعمال األسلحة‪.‬‬

‫إذا كان املتضرر من األشخاص اآلخ رين اللذين ال تستهدفهم عمليات الشرطة‪ ،‬مثل املار على‬ ‫‪-‬‬
‫الطريق صدفة‪ ،‬أو الواقف على الشرفة‪ ،‬عندما يصاب بطلقة نارية طائشة بفعل اشتباك رجال األمن مع‬
‫متظاهرين أو أثناء مطاردة أحد املطلوبني للعدالة أو جمرم‪.....‬اخل فتطبق عندئذ املسؤولية بال خطأ‪.‬‬

‫ومن تطبيقات القضاء اإلداري اجلزائري للمسؤولية على أساس األسلحة واآلالت اخلطرة‪:‬‬

‫قض ية أرملة (م) ض د وايل والي ة جيج ل بت اريخ ‪ ،24/04/2000‬حيث حكم جملس الدول ة‬ ‫‪-‬‬
‫على الوالية بالتعويض لصاحل الضحية‪ ،‬لكن دون حتديد األساس هذه املسؤولية‪ ،‬ودون بيان نوع هذه‬
‫املسؤولية‪ ،‬وتتعلق القضية‪ :‬برجلني من رجال احلرس البلدي‪ ،‬وأثناء قيامهما بتنظيف وصيانة سالحهما‪،‬‬
‫ونظرا لعدم احتياطهما وعدم حتكمهما يف السالح ‪ ،‬خرجت طلقة نارية من أحد السالحني‪ ،‬أصابت‬
‫زميلهم ا أردت ه ق تيال‪ ،‬ولق د س بب جملس الدول ة ق راره كم ا يلي‪،..." :‬حيث يتض ح ب أن س لك احلرس‬
‫البل دي ت ابع من الناحي ة التنظيمي ة والقانوني ة إىل الس يد ال وايل ‪ ،...،‬حيث أن مس ؤولية الوالي ة ثابت ة‬
‫وكاملة‪ ،‬وعليه يتع ين إل ازمها بدفع مبلغ التعويض‪...".‬‬

‫‪-‬كما أخذ جملس الدولة اجلزائري بنظرية املخاطر عند استعمال األسلحة يف قضية (وازرة الدفاع الوطين‬
‫ضد ورثة ب‪-‬ل) بتاريخ ‪ ،08/03/1999‬ولقد أسس جملس الدولة ق راره على أساس خماطر السالح‬
‫الذي يستعمله رجال الدرك الوطين وجاء تسبيب القرار كما يلي‪:‬‬

‫"حيث من الثابت يف قضية احلال بأن رجال الدرك الوطين كانوا مسلحني بأسلحة خطرية وثقيلة تشكل‬
‫خطرا بالنسبة للغري‪ ،‬حيث أنه بغض النظر عن اخلطأ املرتكب من طرف أع وان الدولة يف أداء مهامهم‬
‫يف دعوى احلال‪ ،‬والذين مل يقوموا بالتحذيرات الواجبة‪ ،‬فإنه من الثابت قضائيا بأن نظرية اخلطر بالنسبة‬
‫ألع وان الدولة عند استعماهلم لألسلحة النارية‪ ،‬قد حتمل الدولة املسؤولية يف حالة إحلاق ضرر للغري‪،‬‬
‫وعليه ف إن دف ع املس تأنف بإعفائه من املس ؤولية بس بب خط أ الض حية دفع غ ري مؤسس يتعني رفض ه‪،‬‬
‫والقول بأن قضاة الدرجة األوىل أصابوا ‪،‬وينبغي تأييد القرار‪".‬‬

‫المنشآت العامة الخطرة‬ ‫‪-3‬‬

‫اهتم جملس الدولة الفرنسي باملخاطر اليت تنجم عن بعض املنشآت العامة ابتداء من سنة ‪،1930‬‬
‫وطبق عليها نظرية املسؤولية بدون خطأ يف حال حصول أي ضرر ناتج عنها‪ ،‬وقد طبق هذه النظرية‬
‫بالنسبة للمستفدين أو مستعملي هذه املنشآت ‪ les usagers‬وبالنسبة للغري‪ les tiers‬فحسب‪،‬‬
‫دون املسامهني كالعمال الذين يشرفون على تنظيمها وصيانتها‪ ،‬وتتمثل هذه املباين يف أشغال نقل وتوزيع‬
‫الكهرباء والغاز واملياه ‪ ،‬وبعض الطرقات العامة خلطورهتا‪.‬‬

‫وق د اعت رب جملس الدول ة الفرنس ي أن طريق ا حملي ة يف مقاطع ة ‪ La Réunion‬واقع ة على ط ول‬
‫سلس لة ص خرية عالي ة وغ ري ثابت ة ومعرض ة يف أي وقت الهني ارات مفاجئ ة تش كل خط را ذو ط ابع‬
‫استثنائي‪ ، 1‬ويكون أيضا ذو طابع استثنائي وخطري العمود الكبري الذي حيمل خطوط التوتر العايل والذي‬
‫يتسلقه األطفال فيصعقهم التيار الكهربائي‪.2‬‬

‫منتوجات الدم‬ ‫‪-4‬‬

‫اع رتف االجته اد القض ائي اإلداري ب أن املنتوج ات الدموي ة تك ون مص درا للمس ؤولية اإلداري ة دون‬
‫خطأ‪ ،3‬بسبب خطر العدوى (خبصوص فريوس مرض السيدا) الذي قد يتعرض هلا األشخاص احملقونني‪،‬‬
‫ففي هذه احلالة وتكون مراكز نقل الدم مسؤولة على أساس نظرية املخاطر‪.‬‬

‫ب‪ -‬األساليب الخطيرة‬

‫إن الطابع اخلطري لبعض الوسائل املستعملة من طرف اإلدارة العمومية أدى مبجلس الدولة الفرنسي‬
‫ابتداء من ‪ 1956‬إىل تقرير مسؤولية اإلدارة دون ارتكاب خطأ من جانبها‪ ،‬ومن أمثلة هذه الوسائل ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪.Conseil d'Etat, Assemblée, Arrêt Dalleau, 6 juillet 1973‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.Conseil d'Etat, Arrêt Boucchini, 3 juillet 1969‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪les centres de transfusion sanguine ont le monopole des opérations de contrôle médical « 3‬‬
‫‪des prélèvements sanguins, du traitement, du conditionnement et de la fourniture aux‬‬
‫‪utilisateurs des produits sanguins, qu’ainsi le préjudice résultant pour un malade de sa‬‬
‫‪contamination par des produits sanguins transfusés est imputable à la personne morale‬‬
‫‪-‬األس اليب احلرة يف إع ادة الرتبي ة للطفول ة املنحرف ة وال يت تس مح هبروب املنح رفني بس هولة من املراك ز‬
‫والقي ام ببعض األعم ال املض رة ب الغري كالس رقة‪ ،‬واعت داءات‪ ،‬وك ان أول تط بيق لتقري ر املس ؤولية اإلداري ة‬
‫بدون خطأ بسبب الطابع اخلطري لبعض الوسائل‪ ،‬مبناسبة ق رار ‪ Thouzellier‬سنة ‪ ،11956‬الذي‬
‫قضى مبوجبه جملس الدولة الفرنسي مبسؤولية اإلدارة دون خطأ وحكم عليها بدفع تعويض للمتضرر‪.‬‬

‫ومت تطبيق هذا االجتهاد على حاالت مشاهبة تعتمد أساليب حتررية وتشكل أخطارا استثنائية وخاصة‬
‫وتسبب أضرارا للغري‪ ،‬ومن أمثلتها‪:‬‬

‫‪ -‬معاجلة املصابني باألمراض العقلية يف مستشفيات األم راض العقلية‪ ،‬ومن بني هذه العالجات إخ راج‬
‫املرضى للتجربة والتأكد من قدرهتم على االندماج يف احلياة االجتماعية‪،‬‬

‫‪publique ou privée dont relève le centre de transfusion sanguine‬‬


‫‪qui a élaboré les produits utilisés,… », Conseil d’Etat, Assemblée,‬‬
‫‪.26 mai 1995, N’Guyen Jouan et Pavan. rec‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Conseil d’Etat, 3 février 1956, Thouzellier, « Par cet arrêt, le‬‬
‫‪Conseil d’Etat applique une responsabilité sans faute de l’Etat,‬‬
‫‪fondée sur le risque, aux dommages résultant de la mise en place‬‬
‫‪d’un régime libéral pour la discipline des mineurs délinquants.‬‬
‫‪Ainsi, l’Etat est condamné à indemniser le sieur Thouzellier pour‬‬
‫‪le cambriolage de sa villa à SaintGuilhem-le-Désert par « deux‬‬
‫‪jeunes gens« , pensionnaires d’un institut public d’éducation‬‬
‫‪surveillée à Aniane, s’étant éclipsés lors d’une promenade‬‬
‫‪.» collective avec leur éducateur‬‬

‫‪ -‬ك ذلك احلال بالنس بة للمس اجني ومنحهم رخص خ روج وذل ك إلبق اء الرواب ط العائلي ة وحتض ري‬
‫إدماجهم يف احلياة االجتماعية‪.‬‬
‫رغم اعتماد املشرع اجلزائري لنظام املناهج احلرة بالنسبة للمحبوسني كنظام الورشات اخلارجية‪ ،1‬أو نظام‬
‫احلري ة النص فية يف الوس ط املفت وح‪ ،2‬أو نظ ام مؤسس ات البيئ ة املفتوحة‪ ،3‬فال يوج د أي تط بيق لنظري ة‬
‫املسؤولية املرتتبة عن استخدام األساليب واملناهج اخلطرية يف القضاء اإلداري اجلزائري‪.‬‬

‫ج‪ -‬األوضاع والحاالت الخطرة‬

‫يس تفيد من املس ؤولية دون خط أ األش خاص ال ذين يض طرون حبكم م واقعهم ومه امهم الرمسية‪ ،‬أن‬
‫يكون وا يف أوضاع ومواقف خطرية ال جمال هلم للتملص منها‪ ،‬ألن طبيعة نشاط املرفق العمومي تتطلب‬
‫إلزاميا ذلك‪ ،‬وعلى سبيل املثال‪:‬‬

‫‪ -1‬أثناء احلرب الكورية وبينما كانت مدينة‪ Seoul‬حمتلة من طرف ق وات كوريا اجلنوبية ‪،‬أمرت‬
‫احلكومة الفرنسية قنصلها بالبقاء يف منصبه‪ ،‬فنهبت أمالكه‪ ،‬رغم أن احلكومة مل ت رتكب خطأ إال‬
‫أن القاضي اإلداري أقر أن للقنصل احلق يف التعويض ألنه وضع من طرف احلكومة يف حالة خطرة‬
‫وتعرض ملخاطر استثنائية سواء بالنسبة إىل شخصه أم بالنسبة إىل أمواله‪.‬‬

‫‪ -2‬ك انت إح دى املدرس ات ح امال وتت ابع الت دريس ألهنا مل تكن بلغت بع د الف رتة ال يت ختوهلا‬
‫االستفادة من عطلة األمومة‪ ،‬وكان وباء احلصبة األملانية ‪ la rubéole‬منتش را بشكل واسع يف‬
‫املدرسة اليت تعمل هبا‪ ،‬فأصيبت هي واجلنني هبذا املرض نتيجة التزامها بأداء واجباهتا‬

‫املهنية‪ ،‬وبفعل هذا الضرر اخلطري واالستثنائي‪ ،‬اعترب القضاء اإلداري أن هلا احلق يف التعويض على أساس‬
‫املسؤولية دون خطأ‪.‬‬

‫‪ -3‬كم ا يطب ق نظ ام املس ؤولية ب دون خط أ يف حال ة اخلض وع إىل التطعيم أو التلقيح اإلجب اري‬
‫وت رتب عليه اإلصابة بضرر خطري‪ ،‬أما إذا كان التلقيح غري إجباري وحصل الضرر‪ ،‬فإن املسؤولية‬
‫تبىن عندئذ على أساس اخلطأ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المسؤولية بدون خطأ عن األضرار التي تصيب أعوان المرافق العمومية‬

‫‪ 1‬الم‪6‬ادة ‪ 100‬من ق‪6‬انون رقم ‪ 04-05‬م‪6‬ؤرخ في ‪ 6‬فب اري‪6‬ر ‪ ،2005‬يتض‪6‬من ق‪6‬انون تنظيم الس‪6‬جون واع‪6‬ادة‬
‫االدماج االجتماعي للمحبوسين‪ ،‬الجريدة الرسمية للجمهورية الج ازئرية عدد‪ 12‬بتاريخ ‪ 12‬فب ارير ‪.2005‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 104‬من قانون تنظيم السجون واعادة االدماج االجتماعي للمحبوسين‪.‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 109‬من قانون تنظيم السجون واعادة االدماج االجتماعي للمحبوسين‪.‬‬
‫تطبق مسؤولية الدولة عن األضرار اليت تصيب املوظفني أو العاملني يف املرافق العمومية نتيجة األضرار‬
‫النامجة عن املخ اطر املهني ة واص ابات العم ل‪ ،‬وهي من أب رز ح االت املس ؤولية اإلداري ة دون خط أ ال يت‬
‫تظه ر فيه ا فك رة اخلط ر يف النش اط اإلداري بش كل واض ح‪ ،‬ومييز القض اء اإلداري بني املس تخدمني‬
‫الدائمني وبني املستخدمني بصفة عارضة‪.‬‬

‫أ‪ -‬المستخدمون الدائمون‬

‫أول تط بيق ملب دأ التع ويض عن األض رار ال يت تص يب الع املني واملوظفني يف املراف ق العمومي ة بس بب‬
‫تعرض هم إىل ح وادث أو أخط ار أثن اء أو مبناس بة مباش رة مه امهم ك ان يف ق رار جملس الدول ة الفرنس ي‬
‫بتاريخ ‪ 8/7/1892‬يف قضية كام ‪ ،Cames‬وتتلخص وقائع القضية بأن" أصيب السيد ‪،Cames‬‬
‫العام ل مبخ زن الس الح جبروح يف ي ده اليس رى بواس طة ش ظية من احلدي د تط ايرت على إث ر ض ربة‬
‫مطرق ة ‪،‬مما أدى إىل ش لل ي ده املص ابة‪ ،‬فرف ع دع وى قض ائية‪ ،‬وحكم ل ه جملس الدول ة ب التعويض واق ر‬
‫مسؤولية اإلدارة على أساس املخاطر املهنية"‪ ،‬وقد أسس جملس الدولة التعويض استنادا العتبارات العدالة‬
‫ال يت تقض ي مبس ؤولية اإلدارة اجتاه العام ل املص اب وتعويض ه عن األض رار ال يت حلقت ه نتيج ة مش اركته يف‬
‫تسيري املرفق العمومي‪.‬‬

‫إن جمال تط بيق ه ذا االجته اد القض ائي أص بح ض يقا‪ ،‬ألن الع املني واملوظفني يف املراف ق العمومي ة‬
‫والذين يتعرضون ألضرار بسبب املخاطر املهنية‪ ،‬غالبا ما يستفيدون من التعويض من خالل نظام التأمني‬
‫ال ذي جيد مص دره يف التش ريعات احلديث ة كتش ريعات الوظيف ة العمومي ة‪ ،‬وتش ريع ح وادث العم ل‪،‬‬
‫والتأمينات االجتماعية‪...،‬إخل‪ ،‬األمر الذي تنتفي معه احلاجة إىل اللجوء إىل اجتهاد القضاء اإلداري‪.‬‬

‫وقد أقر املشرع اجلزائري مسؤولية الدولة عن املخاطر املهنية اليت يتعرض هلا األعوان‬
‫ال دائمون يف نص وص تش ريعية متفرق ة أمهه ا ق انون البلدية‪ ،1‬وق انون الوالية‪ ،2‬ق انون الوظيف ة العمومي ة‪،‬‬
‫قانون التأمينات االجتماعية‪...،3‬وغريها‪.‬‬

‫ب‪ -‬المستخدمون بصفة عارضة لدى المرافق العمومية‬

‫باإلضافة إىل تقرير التعويض عن األض رار املرتتبة عن اصابات العمل واملخاطر املهنية لفائدة األع وان‬
‫ال دائمني ل دى املرافق العمومية‪ ،‬فإن جملس الدول ة الفرنسي اعتمد نفس املب دأ بالنسبة لألف راد العاديني‬
‫ال ذين ال ت ربطهم ب اإلدارة العمومي ة عالق ة قانوني ة تنظيمي ة أو عقدية‪4‬وال ذين يس اعدون اإلدارة بص فة‬
‫عارضة تطوعا أو بناء على تسخرية‪.5‬‬

‫فقد تكون هناك ظروف وحاالت تقتضي استعانة املرافق العمومية ببعض األشخاص ملساعدهتا بصفة‬
‫عرضية وجمانية‪ ،‬كما هو احلال بالنسبة ملكافحة احلرائق ملساعدة رجال االطفاء‪ ،‬أو عند مساعدة البلدية‬
‫يف مطاردة واصطياد احليوانات الضالة‪ ،‬أو عندما يقوم شخص بطريقة عفوية مبطاردة شخص مطلوب‬
‫من العدالة تالحقه الشرطة ويساعد على توقيفه فيصاب بأض رار‪ ،‬كما ينتمي إىل هذه الفئة كمساعدين‬
‫بص فة عرض ية األش خاص ال ذين يتطوع ون تلقائي ا وعفوي ا إلنق اذ أش خاص يف حال ة خط ر‪ ،‬كمس اعدة‬
‫‪ 1‬تنص المادة ‪ 148‬من قانون البلدية‪ ":‬تغطي البلدية مبالغ التعويضات الناجمة عن الحوادث الضارة التي تط‬
‫أر لرئيس المجلس الشعبي البلدي ونواب الرئيس والمندوبين البلديين والمنتخ‪66‬بين والمس‪66‬تخدمين البل‪66‬ديين أثن‪66‬اء‬
‫ممارسة مهاهم أو بمناسبتها‪.‬‬
‫عندما يتعرض منتخب أو عون بلدي إلى ضرر ناجم بصفة مباشرة عن ممارسة وظيفت‪66‬ه أو بمناس‪66‬بتها‪ ،‬تك‪66‬ون‬
‫البلدية ملزمة بموجب مداولة المجلس الشعبي مصادق عليها طبق‪66‬ا ألحك‪66‬ام ه‪66‬ذا الق‪66‬انون ب‪66‬التعويض المس‪66‬تحق‬
‫على أساس تقييم عادل ومنصف "‪،...‬‬
‫‪ 2‬تنص المادة ‪ 138‬من قانون الوالية ‪ ":‬تتحمل الوالية مبالغ التعويضات الناجمة عن األض ارر ال‪6‬تي ت‪6‬ط أر‬
‫لرئيس المجلس الشعبي الوالئي ونواب الرئيس ورؤساء اللجان والمنتخبين ونواب المندوبيات الوالئية الناجم‪66‬ة‬
‫مباشرة عن ممارسة عهدتهم أو بمناسبة م ازولة مهامهم"‪.‬‬
‫‪ 3‬أنظر قانون رقم ‪ 11-83‬مؤرخ في‪ 2‬يولي‪6‬و ‪ ،1983‬يتعل‪6‬ق بالتأمين‪6‬ات االجتماعي‪6‬ة‪ ،‬المع‪6‬دل والمتمم بق‪6‬انون‬
‫رقم ‪ 08-11‬مؤرخ في ‪ 5‬يونيو ‪ ).2011‬ج ر عدد ‪ 28‬سنة ‪ ،1983‬عدد ‪ 32‬سنة ‪.(2011‬‬
‫‪les sieurs A... et Z..., qui avaient accepté bénévolement, à la demande du maire de … « 4‬‬
‫‪Saint-Priest-la-Plaine, de tirer un feu d'artifice à l'occasion de la fête locale du 26 juillet‬‬
‫‪1936, ont été blessés, au cours de cette fête, par suite de l'explosion prématurée d'un‬‬
‫‪engin, sans qu'aucune imprudence puisse leur être reprochée ; que la charge du dommage‬‬
‫‪qu'ils ont subi, alors qu'ils assuraient l'exécution du service public dans l'intérêt de la‬‬
‫‪collectivité locale et conformément à la mission qui leur avait été confiée par le maire,‬‬
‫‪incombe à la commune », Conseil d’état, 22 novembre 1946, Commune de Saint-Priestla-‬‬
‫‪.Plaine‬‬

‫‪.‬أنظ‪6‬ر على س‪6‬بيل المث‪6‬ال الم‪6‬ادة ‪ 91‬من ق‪6‬انون البلدي‪6‬ة‪ ،‬والم‪6‬ادة ‪ 119‬من‬ ‫‪5‬‬

‫قانون الوالية‪Conseil d'état, Arrêt chavat, 5 mars 1943, Conseil d'Etat, Assemblée, Arrêt 3‬‬
‫‪Commune de Saint-Priest-la-Plaine, du 22 novembre 1946, et Arrêt Pinguet, du 17 avril‬‬
‫‪.1953‬‬
‫رج ال الش رطة يف من ع تنفي ذ حماول ة انتح ار‪ ،‬أو جندة ش خص من الغ رق(البح ر‪ ،‬النه ر‪ ،‬الس دود‪)،...‬‬
‫وتطب ق يف مث ل ه ذه احلاالت املس ؤولية بال خط أ على أس اس املخ اطر إذا م ا تع رض ه ؤالء املس اعدين‬
‫العرضيني ألضرار أثناء تقدمي املساعدة للمرافق العمومية‪.3‬‬

‫ثالثا‪ :‬المسؤولية الناجمة عن مرفق األشغال العمومية‬

‫يعتم د االجتهاد القضائي لتقرير املسؤولية اإلدارية عن األش غال العمومية معي ار الضحية ومي يز بني‬
‫املتضررين تبعا لصفاهتم‪ ،‬ويقسمهم إىل ثالثة أصناف على النحو التايل‪:‬‬

‫أ‪ -‬األضرار التي تلحق المساهمون في تنفيذ األشغال العمومية‬

‫املسامهون هم الذين يشاركون يف تنفيذ وتسيري األشغال واملنشآت العمومية بصفتهم مكلفني مبهمة‪،‬‬
‫كاملقاولني ومهندسي البناء ومتابعي األشغال‪ ،‬واعترب االجتهاد القضائي الفرنسي أن اإلدارة غري مسؤولة‬
‫بالنسبة للمساهم إال إذا أثبت وجود خطأ من جانبها‪ ،‬وأثبت العالقة السببية بني هذا اخلطأ وبني الضرر‬
‫الذي أصابه‪ ،‬حىت ولو كان هلذه األشغال طابع اخلطر‪ ،‬ففي حالة اصابة هؤالء بأض رار أثناء أو مبناسبة‬
‫قي امهم مبه امهم تل تزم االدارة العمومي ة ب دفع التع ويض على أس اس اخلط أ‪ ،‬ومن ق رارات جملس الدول ة‬
‫الفرنسي اليت كرست هذا االجتاه على سبيل املثال‪:‬‬

‫ق رار ‪ ،Société Le piver‬حيث تع رض عام ل أثن اء قيام ه ب دهن أعم دة الت وتر الع ايل‬ ‫‪-‬‬
‫خلط وط الكهرب اء بينم ا ك ان التي ار مقطوع ا‪ ،‬وفج أة ع اد التي ار قب ل ال وقت احملدد ل ه فص عق العام ل‬
‫املذكور‪ ،‬وقضى جملس الدولة مبسؤولية مؤسسة كهرباء فرنسا على أساس اخلطأ‪.1‬‬

‫ق رار جملس الدول ة يف قض ية ‪ ،Estampes‬ويف ه ذه القض ية تع رض املدعي ألض رار بس بب‬ ‫‪-‬‬
‫حادث أصيب به عندما كان يرمم سقف الكنيسة‪ ،‬فانكسرت السقالة اليت كان واقفا عليها وسقط‪،‬‬
‫وقضى جملس الدولة مبسؤولية اإلدارة على أساس اخلطأ والزمها بالتعويض‪.2‬‬

‫وجيب على الضحية تطبيقا لنظرية املسؤولية على أساس اخلطأ‪ ،‬إثبات خطأ اإلدارة حىت يف حالة وجود‬
‫شيء خطري ساهم يف إحداث الضرر‪.1‬‬

‫ب‪ -‬األضرار التي تلحق المستفيدين من األشغال العمومية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Conseil d’état, Section, Société Le piver, 2 juillet 1971, rec. p. 504‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Conseil d’état, Arrêt Estampes du 4 janvier 1960‬‬
‫املستفيد أو املرتفق هو الشخص الذي يستعمل املنشآت العمومية ويستفيد منها ‪ ،‬واذا كان املتضرر‬
‫من األشغال أو املنشآت العمومية من املستفيدين منها( املرتفق)‪ ،‬تنعقد املسؤولية اإلدارية بال خطأ يف‬
‫هذا اجملال مبجرد إثبات العالقة السببية بني نشاط املرفق وبني الضرر‪.‬‬

‫ج‪ -‬األضرار التي تلحق بالغير‬

‫يعرف الغري بأنه الشخص الذي ال يشرتك وال يساهم يف تنفيذ األشغال العمومية أو يف سري املنشآت‬
‫العمومي ة وال يس تخدمها اس تخداما مباش را‪ ،‬فق د يك ون أح د جماوري األش غال أو املنش آت العمومي ة‪،‬‬
‫كأص حاب احملالت أو العق ارات اجملاورة للش وارع أو الس احات أو الطرق ات العمومي ة‪ ،‬وق د يك ون أح د‬
‫املارة بقرب ورشة أشغال العمومية ‪.‬‬

‫فعندما يكون املتضرر من األشغال أو املنشآت العمومية من الغري تطبق نظرية املسؤولية اإلدارية بدون‬
‫خط أ على أس اس املخ اطر وق د تؤس س أحيان ا على أس اس مب دأ املس اواة أم ام األعب اء العام ة‪ ،‬أي أن‬
‫مسؤولية اإلدارة العمومية تكون قائمة يف حق الغري املتض رر يف حالة إثبات اصابته بضرر غري عادي‪،‬‬
‫ووج ود عالق ة س ببية مباش رة بني األش غال أو املنش آت العمومي ة والض رر‪ ،‬وال تعفى اإلدارة العمومي ة من‬
‫املسؤولية إال إذا كان الضرر قد حدث بسب خطأ الضحية أو بفعل القوة القاهرة ‪.‬‬

‫وق د طب ق القض اء اإلداري اجلزائ ري قواع د املس ؤولية دون خط أ على األض رار الناجتة عن األش غال‬
‫العمومية اليت تصيب الغري‪ ،‬إذ حيق هلذا األخري مطالبة اإلدارة بالتعويض عن األض رار اليت حلقته نتيجة‬
‫األشغال العمومية مىت أثبت وجود العالقة السببية بني الضرر‬

‫‪.Conseil d’état, Arrêt Dame Dupréé du 8 avril 1987 1‬‬

‫احلاصل والفعل املسبب للضرر املتمثل يف األشغال أو املنشآت العمومية‪ ،‬ومن تطبيقات القضاء‪:‬‬

‫‪ -1‬قرار الغرفة اإلدارية بالمحكمــة العليا بتاريخ ‪ ،03/12/1965‬يف قضية ""املدعو حطاب ضد‬
‫الدولة"‪ ،‬الذي جاء فيه‪ ":‬حيث أنه بسبب األخطار اليت ميثلها وجود تلك املنشآت‪ ،‬فإن اإلدارة مسؤولة‬
‫ول و يف غي اب اخلط أ‪ ،‬عن األض رار احلاص لة‪ ،‬وال يت ال ميكن إعفائه ا منه ا إال يف حالة الق وة الق اهرة‪ ،‬أو‬
‫خطأ الضحية‪".‬‬

‫‪-2‬ق ـرار الغرفــة اإلداريــة لمجلس قضــاء قســنطينة بت اريخ ‪ 02/07/1982‬يف قض ية تتعل ق بأش غال‬
‫إجناز جامع ة ومس جد األم ري عب د الق ادر للعل وم اإلس المية ‪،‬حيث أدت أش غال هتيئ ة األرض إىل ه دم‬
‫بيت السيد (ب‪.‬خ) الذي حكمت له الغرفة اإلدارية بالتعويض دون اش رتاط توفر ركن اخلطأ‪ ،‬وجاء يف‬
‫حيثيات القرار ضرورة توفر العالقة السببية بني األضرار احلاصلة واألشغال العمومية‪.‬‬

‫‪ -‬ومن أمثلة إعفاء الدولة من المسؤولية على أساس المخاطر ودون خطأ‪ ،‬بسبب خطأ‬

‫الض حية حكم احملكم ة اإلداري ة للجزائ ر العاص مة بت اريخ ‪ 11/12/1964‬يف قض ية (بعزي زي)‪ ،‬وال يت‬
‫تتعل ق بأض رار حلقت عم ارة املدعي بس بب األش غال العمومي ة‪ ،‬حيث رفض ت احملكم ة اإلداري ة احلكم‬
‫بالتعويض‪ ،‬بسبب خطأ الضحية الذي قام بالبناء بطريقة غري قانونية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تطبيقات المسؤولية اإلدارية دون خطأ على أساس االخالل بمبدأ المساواة‬

‫يتضح دور مبدأ املساواة أمام األعباء العامة يف احلاالت اليت تقوم فيها املسؤولية اإلدارية بال خطأ وبال‬
‫خماطر أيضا‪ ،‬فيكون األساس القانوين الوحيد للتعويض يف مثل هذه األح وال هو االخالل باملساواة بني‬
‫املواط نني أم ام األعب اء العام ة‪ ،‬ومن تطبيق ات املس ؤولية اإلداري ة دون خط أ على أس اس االخالل مبب دأ‬
‫املساواة ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المسؤولية عن األضرار الدائمة الناجمة عن تنفيذ األشغال العمومية‬

‫تع د األض رار النامجة عن األش غال العم ومي ة من أق دم تطبيق ات جملس الدول ة الفرنس ي يف جمال‬
‫املسؤولية اإلدارية بال خطأ‪ ،‬ويرجع ذلك إىل أمهية امللكية الفردية وما حتظى به من حرمة وقداسة‪ ،‬لذلك‬
‫فكل من يلحق ضررا هبذه امللكية يلتزم بدفع تعويض عادل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المسؤولية الناجمة عن التدابير والقرارات اإلدارية المشروعة‬

‫استقر القضاء اإلداري الفرنسي على تقرير مسؤولية اإلدارة عن والقرارات اإلدارية املشروعة اليت تلحق‬
‫أضرارا باألفراد‪.‬‬
‫االفصل الثاين‬

‫أساس قيام مسوؤلية الدولة عن اعمال الضبط االداري‬

‫املبحث األول‪ :‬تأصيل املسألة‪:‬‬

‫األص ل يف مس ؤولية الدول ة عن أعماهلا اإلداري ة أهه ا تق وم على أس اس نظري ة اخلط أ ال يت أرس ى جملس‬
‫الدولة الفرنسي أركاهنا وهي اخلطأ و الضرر وعالقة السببية بينهما‪ ،‬إال أنه أمام صعوبة إثبات هذا اخلطأ‬
‫عمليا‪ ،‬ابتدع جملس الدولة قيام مسؤولية الدولة عل أساس املخاطر وحتمل التبعة و على أساس املساواة‬
‫أمام التكاليف و األعباء العامة بصفة اس تثنائية‪ ،‬اليت مبقتضاها تسأل الدولة عن األض رار اليت تصيب‬
‫األف راد من ج راء تصرفات رجال الضبط‪ ،‬دون حاجة اىل تكليف طالب التعويض أن يثبت خطأ هيئة‬
‫حفظ النظام العام‪ .‬وعلى هذا يعترب مبدأ مسؤولية الدولة عن أعمال الضبط اإلداري من املبادئ املقررة‬
‫‪1‬‬
‫يف القضاء والتشريع الفرنس ي وهو األمر الذي سيتبناه املشرع اجلزائري‪.‬‬

‫وسوف نتطرق يف مراحل ثـالث إلـى تطـور املسـؤولية اإلداريـة قبـل االسـتعمار الفرنسـي (املرحلة األوىل)‪،‬‬
‫ومرحلة االستعمار الفرنسي (املرحلـة الثانيـة)‪ ،‬ثـم فـي النظـام القـانوين للدولـة املستقلة (املرحلة الثالثة‪).‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مرحلة األوىل قبل ‪:1830‬‬

‫طبقت يف هذه املرحلـة قواعـد الشـريعة اإلسـالمية علـى مسـؤولية الدولـة عـن موظفيهـا املعروفة‬
‫بالضمان (التضمني)‪ ،‬حيث توجد قواعد قانونية عامة تقرر رفع األض رار عن الرعيـة مهمـا كانت اجلهة‬
‫املتسببة يف األضرار كقوله (ص)‪" :‬ال ضرر وال ضرار فـي اإلسـالم"‪ ،‬الـذي يفيـد أن "الضرر ي زال"‪ .‬فعمل‬
‫الرسول (ص) علـى إخضـاع اخللفـاء والـوالة واجلنـود واملـوظفني للقـانون‪ :‬كاملقالة اليت فعلها خالد بن الوليد‬
‫يف قبيلة جذمية بعد إعالهنـا اإلسـالم‪ ،‬فـدفع النبـي (ص) ديـة هلذه القبيلة وقال‪" :‬اللهم إين أب رأ إليك مما‬
‫فعل خالد‪".‬‬

‫وكذا اقتدى اخللفاء الراشدين به يف حماسبة الوالة واجلنـود وحتـذيرهم الـدائم مـن ظلـم الرعيـة واالعتداء على‬
‫حقوقها وحرياهتا‪. ،‬‬

‫واستمر تطبيق هذا النظام يف الدول التـي عرفتهـا اجلزائـر (املغـرب األوسـط)‪ ،‬مـع بعـض التغيري‬
‫يف عهد األتراك الذين كانوا ينظرون املظامل مبتعدين عن قواعد الشريعة االسالمية‪.‬‬

‫ويف عهد األمري عبد القادر‪ ،‬مؤسس الدولة اجلزائرية احلديثة‪ ،‬كان خيـتص هـو شخصـيا بنظر‬
‫والية املظامل مطبقا أحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فقد كان يرسل مناديا ينـادي فـي األسـواق أن كل من له‬
‫ش كوى على (آغ ا‪ ،‬قاي د‪ ،‬ش يخ) موظ ف يف الدول ة فلريفعه ا إىل ال ديوان األم ريي من غ ري واس طة ف إن‬
‫األم ري ينظ ر فيه ا وينص فه‪ ،‬ومن أىب فال يلـومن إال نفسـه‪ ،‬ويفصـل فيهـا األميـر بقـرار هنائي ض د ك ل‬
‫‪2‬‬
‫موظف ثبت جوره وتعديه وظلمه‪.‬‬

‫‪ 1‬لعماري امال‪ ،‬نظام مسؤولية الدولة عن أعمال الضبط اإلداري وأساس تطبيقاهتا‪ ،‬جملة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‪،‬‬
‫اجمللد ‪ ،04‬العدد ‪ ، 2019 ،02‬ص ‪.9‬‬
‫أمحد مطاطلة‪ ،‬نظام اإلدارة والقضاء يف عهد األمري عبد القادر‪ ،‬وثيقة وزارة العدل ‪،‬اجلزائر ‪ ،1971،‬ص‪. 20‬‬ ‫‪2‬‬
‫املرحلة الثانية‪ :‬املسؤولية اإلدارية اثناء االحتالل الفرنسي‪:‬‬

‫احتالل فرنسا للجزائر مل يكن من أجل تطوير البلد‪ ،‬وال إخ راج هذا الشعب (األهايل) مـن ظلمات‬
‫التخل ف إىل ن ور احلضـارة‪ ،‬كمـا ادعـت فـي ‪ 23/02/2005‬بقـانون متجيـد االسـتعمار‪ ،‬بـل أو ض حاياه‬
‫‪1‬‬
‫السيادة الوطنية واألنظمة القانونية والقضائية املستمدة من دينه وتراثه وعاداته وتقاليده‪.‬‬

‫وح ىت التط ورات ال يت عرفته ا املس ؤولية اإلداري ة يف فرنس ا مل تكن تطب ق كم ا هي ب اجلزائر احملتلـة بس بب‬
‫فرض السلطات االستعمارية الظروف االستثنائية للحفاظ على النظـام العـام (الـذي تريـده) ‪،‬وما طبق من‬
‫‪2‬‬
‫املسؤولية كان على األجانب من األوروبيني والفرنسيني فقط دون غريهم‪.‬‬

‫إن الثورات اليت عرفتها فرنسا يف اجملال القانوين والقضائي كانت تطبق بـاجلزائر بشـكل مكيف ومبا خيدم‬
‫السياسة االستعمارية‪ ،‬وقد مرت يف اجلزائر فرتات خمتلفة‪:‬‬

‫بداية االحتالل مل توجد إجراءات للمطالبة مبسؤولية اإلدارة (مرحلـة عـدم املسـؤولية) رغـم وجـود‬ ‫•‬
‫هيئـات قضـائية إداريـة مشـكلة مـن إداريـني وعسـكريني (جملـس اإلدارة‪ ،‬جمـالس املديريات‪ ،‬جملس‬
‫املنازعات)‪ ،‬عدا جملس املنازعات املشكل مـن قضـاة‪ ،‬فكانـت اإلدارة هي اخلصم واحلكم‪.‬‬

‫بع د س نة ‪ 1848‬مت إنشـاء اجملـالس الوالئيـة التـي أسـند إليهـا اختصـاص منازعـات مسـؤولية‬ ‫•‬
‫اجملموع ات احمللي ة‪ ،‬وه و اختص اص اس تثنائي‪ ،‬م ع بق اء غلبـة العنصـر اإلداري علـى القضـائي يف‬
‫تشكيالهتا حيث يعينهم وزير الداخلية الفرنسي‪ ،‬ويشـغل منـدوب احلكومـة األمـني العـام للوالية‪.‬‬

‫بصدور مرسـوم ‪ 934-53‬املـؤرخ فـي ‪ 30/09/1953‬حتولـت اجملـالس الوالئيـة إلـى حمـاكم‬ ‫•‬
‫إدارية‪ ،‬وهي هيئات قضائية إدارية بعضوية قضاة وليس إداريني يف كل من فرنسـا واجلزائـر‪ ،‬وأسندت‬
‫هلا الوالية العامة يف املنازعات اإلدارية إلغاء وتعويضـا‪ ،‬وترفـع دعـوى املسـؤولية باحملكمة اليت يقع يف‬
‫دائرة اختصاصها الفعل الضار‪ ،‬ومت تنصيب ثالث حماكم إدارية بكـل من اجلزائر وقسنطينة ووه ران‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫اليت استمر العمل هبا إىل غاية سنة ‪.1965‬‬

‫املرحلة الثالثة‪ :‬مرحلة اسرتجاع السيادة الوطنية‪:‬‬

‫‪ 1‬عوابدي عمار‪ ،‬نظرية املسؤولية اإلدارية‪ :‬دراسة تأصيلية حتليلية مقارنة‪ ،‬د‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬اجلزائر ‪ ،1998،‬ص ص‪.51 -49:‬‬
‫‪2‬رشيد خلويف‪ ،‬القضاء اإلداري خالل الفرتة االستعمارية الفرنسي( ‪ ،)1962-1830‬جملة إدارة‪ ،‬املدرسة الوطنية لإلدارة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬اجمللد‬
‫‪ ،09‬عدد ‪ ،02‬سنة ‪ ،1999‬ص‪ 15‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ 3‬رشيد خلويف‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪ 28‬و‪. 30‬‬
‫ورثت الدولة اجلزائرية البناء القضائي والقانوين الفرنسي يف ظل ف راغ رهيـب تعـاين منـه الدولة بعد القضاء‬
‫على مؤسساهتا وأنظمتها من طرف املستدمر الفرنسي‪ ،‬كـان احلـل فـي إصـدار أمر ‪ 157-62‬املؤرخ يف‬
‫‪ 31/12/1962‬املتضمن متديد العمل بالتش ريع الفرنسي باسـتثناء مـا يتنـاىف منه مع السيادة الوطنية‪.‬‬
‫فاستمر العمل بالقواعد املطبقة يف جمال املسـؤولية اإلداريـة علـى أسـاس اخلطأ‪ ،‬إما بالتطبيق املباشر بداية‬
‫أو على سبيل القياس والتوضيح أو احلل القضائي‪.‬‬

‫ورغم اإلص الحات التش ريعية واملؤسس اتية ال يت ق امت هبـا اجلزائـر بعـد سـنة ‪ ،1965‬اسـتمر العم ل‬
‫بالقواع د الفرنس ية كمب دأ مس ؤولية الدول ة‪ .‬كم ا ص درت نصـوص جتسـد مسـؤولية اإلدارة عن أفعاهلا‬
‫وموظفيها‪.‬‬

‫وطبق القضـاء اجلزائـري مبـدأ املسـؤولية اإلداريـة متبنيـا التطـورات التـي عرفهـا القضـاء اإلداري الفرنسي‪،‬‬
‫وخصوص ية اس تقالل املس ؤولية اإلداري ة عن املس ؤولية املدنية‪ .‬بل جنـده فـي بعض األحيان يطب ق قواع د‬
‫القانون املدين وهو ما يعد تراجعا عما قرره سابقا‪.‬‬

‫ف ان جملس الدول ة وكعادت ه يف خل ق قواع د الق انون اإلداري أج از إمكاني ة مس اءلة الدول ة عن أعماهلا‬
‫الضبطية من دون خطأ من جانبها‪ ،‬وقد تدعمت هذه اإلمكانية بصدور تشريعات تقرر صراحة مسؤولية‬
‫الدول ة عن نش اطها الض بطي املش روع ولق د ح اول الفق ه اإلداري تأص يل أس باب تقري ر ه ذه املس ؤولية‪،‬‬
‫فوجدت اجتهادات جنملها كالتايل‪:‬‬

‫أوال‪ :‬مب دأ الغنم ب الغرم ال ذي يق وم على أس اس أن تتحم ل اجلماع ة ال يت اغتنمت وانتفعت من نش اط‬
‫ض بطي تع ويض األض رار واملغ ارم ال يت س ببها النش اط اإلداري ال ذي انتفعت ب ه‪ ،‬مما يع ين أن تتحم ل‬
‫اجلماعة العامة عبء دفع التعويض للمضرور من اخلزينة العامة باعتبارها ذمة اجلماعة املالية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مبقتضى الصاحل العام الذي يستوجب رفع الضرر االستثنائي الذي يلحق أحد األف راد من خالل‬
‫تعويضهم من مال اجلماعة مماثل يف خزينة الدولة‪.‬‬

‫ثالث ا‪ :‬فأس اس التع ويض مب دأ العدال ة ال يت تقتض ي أن يتس اوى اجلمي ع يف املغ امن و املغ ارم فليس من‬
‫املنطل ق أن تتحم ل الض رر من نش اط ض بطي مجاع ة و تتض رر مجاع ة أخ رى علم ا أن الدس تور يق رر‬
‫باملساواة يف خمتلف اجملاالت‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬ويرى البعض اجلمع بني نظرية املخاطر وبني مبدأ املساواة أمام التكاليف العامة‪.‬‬
‫وأي ا ك ان األس اس الفقهي املوص ل لت ربير ح ق املتض رر يف التع ويض ف ان األهم ه و االع رتاف بنظري ة‬
‫املخاطر كأساس مكمل للمسؤولية على أساس اخلطأ خصوصا يف ظل الظروف االستثنائية والذي تدعم‬
‫باالعرتاف التشريعي بنظرية التعويض‪ ،‬مثل ماهو احلال مع قانون املصاحلة الوطنية يف اجلزائر الذي أسس‬
‫‪1‬‬
‫لنظرية املسؤولية دون خطأ مبختلف صورها وأسسها الفقهي‬

‫املطلب الثاين‪ :‬موقف املشرع اجلزائري من خالل القانون‪06-01‬‬

‫‪ 1‬لعماري أمال‪ ،‬نظام مسؤولية الدولة عن أعمال الضبط اإلداري وأساس تطبيقاهتا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.9‬‬

You might also like