You are on page 1of 34

‫فاكهة الخريف‬

‫كابوس مسرحي‬

‫تأليف ‪:‬‬
‫عمر نبيل‬
‫ملحوظة هامة ‪:‬‬
‫يتم تقسيم المسرح إلى مستويين ‪ ..‬مستوى أعلى في العمق ‪ ،‬والذي تدور فيه أحداث عالم بيت الحظ‬
‫بالكامل ‪ ،‬ويراعى أثناء أحداث هذه القصة أن تحدد اإلضاءة هذا العالم عما حوله بحيث يبدو من منظور‬
‫ا لجمهور وكأنهم سابحين في الفضاء ‪ ..‬ومستوى أسفل في مقدمة المسرح تدور فيها الرؤى المنفصلة‬
‫‪ ،‬وتكون بقعة إضاءة لكل رؤية ‪ ،‬وكأنها ومضات من العقل الباطن ‪ ..‬يجب فصل العالمين تماما ً عن‬
‫بعضهما من حيث المكان واإلضاءة والممثلين ‪ ،‬والتعامل من األفضل أن يكون بأبسط قطع الديكور ‪،‬‬
‫ويجب أال تنطفيء اإلضاءة بشكل تام على المسرح ولو لحظة واحدة ‪ ،‬إال بعد االفتتاحية وقبل الخاتمة ‪.‬‬
‫يجب أن يراعي المخرج في مشاهد الرؤى المتالحقة التي تدور في مقدمة المسرح ‪ ،‬أن يهدم كل‬
‫مشهد سابقه على مرأى من الجمهور ‪ ،‬وأن تعرض أسماء الفصول بشكل واضح في أماكنها ‪ ،‬سواء‬
‫التزم بخيال المؤلف في هذا الصدد أو ال ‪ ،‬من الضروري أن يحافظ على هذه التيمة أثناء العرض ‪.‬‬

‫املؤلف‬

‫‪1‬‬
‫افتتاحية‬

‫( يُفتتح الستار ‪ ..‬تُضاء بقعة ضوء في مقدمة المسرح ‪ ..‬مشهد لرجل يجلس بين زوجته وأبنائه‬
‫يشاهدون التلفزيون ‪ ..‬اإلبن األكبر في بداي ة العشرينات ‪ ،‬اإلبنة في عمر المراهقة ‪ ..‬يعرض التلفزيون‬
‫فيلما ً بلغة غير مميزة )‬
‫الرجل ‪ " :‬أنا بفكر أنتحر "‬
‫الزوجة ( تنادي إبنتها ‪ ،‬دون أن ترفع عينيها من على التلفزيون أو أن تلتفت إليه ) ‪ " :‬هاتي لبابا‬
‫طفاية السجاير "‬
‫اإلبنة ( في تركيز تام مع الفيلم ) ‪ " :‬ماشي ‪ ..‬أول ما تيجي إعالنات "‬
‫الرجل ( يعلو صوته قليالً ) ‪ " :‬مش عايز أطفي سجاير ‪ ..‬بقول بفكر أنتحر "‬
‫( ينظرون إليه جميعا ً في دهشة ‪ ،‬ينهض اإلبن إلطفاء التلفزيون )‬
‫الزوجة ( في تردد ) ‪ " :‬انت بتقول ‪ ..‬إنك ‪" ..‬‬
‫الرجل ( مقاطعا ً ) ‪ :‬أيوا ‪ ..‬بفكر أنتحر ‪ ..‬إي ه ؟ مش انتوا عيلتي ؟ مش انتي مراتي ودول عيالي ؟‬
‫مفروض أشارك مين ف أفكاري اإلنتحارية مش فاهم أنا ؟ "‬
‫اإلبن ‪ " :‬تشاركنا إحنا طبعا ً يا بابا "‬
‫اإلبنة ‪ " :‬وانت هتالقي أعز مننا يعني ؟ "‬
‫الزوجة ‪ " :‬أيوا والراجل اللي مايعرفش يشارك مراته ف أفكاره اإلنتحارية ‪ ،‬يروح يشوفله بيت تاني "‬
‫الرجل ‪ " :‬طيب ‪ ..‬كويس ‪ ..‬أال ما حد فيكم سألني عايز أنتحر ليه ؟ "‬
‫( ينتبهون فجأة )‬
‫الجميع ( بال نظام ) ‪ " :‬آه صحيح ‪ ..‬ماخدناش بالنا ‪ ..‬نسينا "‬
‫لثوان ‪ ،‬فيصيح في غضب ) برده ما سألتونيش "‬
‫ٍ‬ ‫الرجل ‪ " :‬خالص ‪ ..‬خالص ‪ ..‬أنا عاذركم ( يصمتون‬
‫ال جميع ( متصنعين اللهفة ) ‪ " :‬ليه ‪ ..‬ليه ‪ ..‬هاه ‪ ..‬عايز تنتحر ليه ؟ "‬
‫الرجل ‪ " :‬خالص ( يصمتون ‪ ..‬يفكر للحظة ) مش عارف "‬
‫الزوجة ‪ " :‬مش عارف ! "‬
‫الرجل ‪ " :‬قصدي إن األسباب كتيرة ‪ ،‬بس مش عارف إيه منها بالظبط مخليني عايز أنهي حياتي ( يبدو‬
‫عليهم عدم الفهم ) يمك ن لو حاولت ألخصهم ف سبب ‪ ،‬هيكون هو إني مش معتبر نفسي عايش "‬

‫‪2‬‬
‫اإلبنة ‪ " :‬يا بابا ماتقولش كدة ‪ ،‬انت نفسك معانا برده "‬
‫الرجل ( وكأنه لم يسمع ) ‪ " :‬روتين روتين روتين ‪ ..‬فقدت الرغبة ف أي شيء وف كل شيء ‪،‬‬
‫حاسس نفسي إنسان عاجز ‪ ،‬أو إنسان ميت بمعنى أصح ‪ ،‬أكيد فيه مقياس تاني للحياة غير إني آخد‬
‫نَفَس وأطلعه "‬
‫اإلبن ‪ " :‬يا بابا ماحنا حواليك أهو "‬
‫الرجل ( ينظر إليه وكأنه تذكر شيئا ً ) ‪ " :‬بحس إن حياتي اللي فاتت دي كلها ‪ ،‬عدت من غير الزمة‬
‫( يوجه الكالم لزوجته ) تعرفي إني كنت بحب زمان ؟ أيوا كنت بحب بنت جارتنا ‪ ،‬مرة اتخانقت مع‬
‫واحد عاكسها ‪ ،‬ومرة مشيت تالتة كيلو بحالهم عشان أوصلها لبيتها ف ليلة مطر ‪ ،‬مستغربة إزاي‬
‫الكالم دة طلع مني ف يوم من األيام ؟ أنا اللي مهما عملتيله ولبستيله واتذوقتيله بتالقي منه كل برود‬
‫وال مباالة ‪ ..‬الحقيقة هي إني مش طايقك ‪ ،‬فعالً مش طايقك ‪ ،‬جلدك اللي بتعريه عشان الحب ببقى عايز‬
‫أسلخه وأطفي ف كل سنتي منه سيجارة ‪ ،‬ريحتك اللي بتبقي عايزة تلفتي إنتباهي بيها بتخليني عايز‬
‫أتقايا ‪ ،‬مش طايقك ( يشير إلى أوالده ) وال طايق دول كمان ‪ ..‬كان نفسي ف إبن يحمل مالمحي‬
‫وتفاصيلي ‪ ،‬أشوف فيه نفسي تاني ‪ ،‬وأعيش ف حياته عمري من جديد ‪ ،‬بدون أخطاء الماضي‬
‫ونزواته ( يوجه كالمه إلبنه ) بس انت إيه ياال ؟ إبن حرام ! انت مافيكش حاجة مني إزاي ؟ انت‬
‫غريب عني ‪ ،‬عمري ماحسيت إنك مني ‪ ،‬إيه كم قساوة القلب واألنانية اللي فيك دي كلها ؟ أنا عمري‬
‫ماكنت كدة ‪ ،‬دايما ً بيصعب عليا الناس ‪ ،‬وبحمل همهم ( ينظر إلبنته ) وانتي ‪ ..‬انتي حققتيلي أسوأ‬
‫مخاوفي ف الدنيا ‪ ..‬طول عمري بكره الغباء ‪ ،‬بحتقره وبشمئز منه ‪ ،‬وبعد دة كله تجيلي انتي ‪ ..‬أغبى‬
‫بني آدمة ف الكون يكون من حظي ومن نصيبي إنها تطلع بنتي ‪ ..‬طب أعمل فيكي إيه ؟ ‪ ..‬كتير وانتي‬
‫صغيرة كنت بفكر أرميكي من البلك ونة أو ف النيل وأخلص منك قبل ما تكبري وتبقي لعنة ‪ ،‬واديكي‬
‫كبرتي واتحولتي ألشنع مسخ ممكن الواحد يشوفه ف حياته ‪ ،‬وش جميل بدماغ فاضية ‪ ،‬بتتعامل مع‬
‫نفسها كجسم فقط وجسمها دة هو سلعتها الوحيدة واللي كانت طول عمرها سلعة رخيصة ‪ ..‬مش‬
‫عارف أقول إيه وال إيه ‪ ..‬اتكلم ع الشغل اللي هفضل محبوس فيه لحد ما اموت ‪ ،‬وال اتكلم ع الشارع‬
‫اللي بقى غابة ‪ ،‬وال اتكلم على إيه "‬
‫( يسود اإلرتباك بين عائلته ‪ ،‬تتنحنح الزوجة )‬
‫الزوجة ‪ " :‬قول اللي تقوله ‪ ،‬بس اللي الزم تعرفه إننا بنحبك "‬
‫اإلبن واإلبنة ( بسرعة ) ‪ " :‬آه يا بابا بنحبك ‪ ..‬بنحبك يا بابا "‬
‫الرجل ( يشرق وجهه مندهشا ً ) ‪ " :‬بتحبوني ! "‬
‫الزوجة ‪ " :‬طبعا ً ‪ ..‬وعشان كدة احنا بندعمك ف قرارك "‬

‫‪3‬‬
‫اإلبن ‪ " :‬إحنا يهمنا إيه غير راحتك يا بابا ؟ "‬
‫اإلبنة ‪ " :‬وماتشغلش بالك بينا ‪ ،‬طول مانت مبسوط احنا مبسوطين "‬
‫الزوجة ‪ " :‬انت تستاهل تتحب ‪ ،‬ما ت ستغربش ‪ ،‬كفاية إني كنت بفكر ف اإلنتحار انا كمان ‪ ،‬وبعد‬
‫قرارك خلتني أعيد التفكير ‪ ..‬أيوا ‪ ..‬بعد انتحارك الحياة هتختلف ‪ ،‬مفيش سهرات حب هتبوظ بسبب إن‬
‫مزاجك مش رايق وعايز تنام ‪ ،‬مش هفضل حاسة إني متجوزة راجل إسم بس وهو أبعد ما يكون عن‬
‫الرجولة ‪ ،‬الرجولة مالهاش م كان برة السرير يا قلبي مهما حاولت تعمل ‪ ،‬أمانة عليك قبل ما تنتحر كلم‬
‫صاحبك اللي بيحب المصارعة دة عني ‪ ،‬طول عمري مبهورة برجولته وخشونته ‪ ،‬قوله أنا مستعدة‬
‫أكون خدامة تحت رجليه ‪ ،‬قوله هيالقي ست تعرف فعالً تسعده وتحسسه برجولته ‪ ..‬يعني ‪ ..‬خدمة‬
‫أخيرة قبل ما تغور يا حبيبي "‬
‫( يضع إبنه يده على كتفه )‬
‫اإلبن ‪ " :‬ماتزعلش نفسك يا بابا ‪ ..‬انت طول عمرك بتحاول تسعد غيرك ‪ ،‬عشان كدة عمرك ما عشت‬
‫سعيد ‪ ،‬وال حد اهتم بسعادتك ‪ ،‬ودة اللي خالني أقرر أعيش لنفسي وبس ‪ ،‬اوعى تفتكر إنك ما أثرتش‬
‫عليا يا بابا ‪ ،‬انت كنت محطوط قدامي مثال ‪ ،‬وقلت لنفسي مهما حصل ال يمكن أتحول للمثال دة ‪..‬‬
‫صحيح قبل ما تنتحر ماتنساش تقولي كلمة سر حسابك ف البنك ‪ ،‬اللي فيه تحويشة العمر ‪ ،‬أصل أنا‬
‫بعد إذنك ناوي أصرف وأعيش حياتي وأنبسط ‪ ،‬مش هفضل أحوش ف فلوس عشان أموت من غير ما‬
‫استمتع بيها وحد غيري ‪ -‬حتى لو كان إبني ‪ -‬يستلمها ع الجاهز "‬
‫اإلبنة ‪ " :‬يا سالم ‪ ..‬بجد ميرسي يا بابا ‪ ..‬أنا أخيرا ً هخلص منك ومن سيطرتك عليا ‪ ،‬مش بس كدة ‪،‬‬
‫دة أنا هعرف أعيش دور الحزينة بين صحابي ‪ ،‬واكتب على فيس بوك ( كم أشتاق إليك يا أبي ) والوالد‬
‫تحاول تطبطب عليا ‪ ،‬وأعيش بقى ف فسح وخروجات عشان أنسى أحزاني ‪ ،‬حياتي الجاية هتبقى كلها‬
‫والد ‪ ..‬ياريتك تنفع تنتحر كذا مرة وهللا يا بابا ‪ ..‬بس قولي انت ناوي تنتحر إزاي ؟ "‬
‫الرجل ‪ " :‬ناوي أنتحر بالـ ‪ ....‬وهللا مانا عارف "‬
‫الزوجة ‪ " :‬أقولك ‪ ..‬انت ترمي نفسك من الدور العاشر ( يبدو عليها اإلنتشاء ) يا سالم ‪ ..‬هيبقى‬
‫منظرك جميل وكل عضمة فيك مدغدغة والناس تتلم حواليك وتقعد تمصمص شفايفها وتقول يا عيني‬
‫مات صغير "‬
‫الرجل ‪ " :‬أرمي نفسي من الدور العاشر ! الالال ‪ ..‬مش عاجباني ‪ ..‬أنا بخاف من المناطق العالية "‬
‫اإلبن ‪ " :‬يبقى تولع ف نفسك ‪ ..‬تاخد دش جاز ( يضحك فتضحك الزوجة واإلبنة ) وتطفي سيجارتك‬
‫اللي قارفنا بيها دي ف بؤك ‪ ..‬ويبقى أحلى باربيكيو "‬
‫( يضحك أكثر فيزداد ضحك الزوجة واإلبنة )‬

‫‪4‬‬
‫الرجل ‪ " :‬الء ‪ ..‬الء ‪ ..‬إيه اللي بتقوله دة ! "‬
‫اإلبنة ‪ " :‬طب ما تدخل قفص األسد ف جنينة الحيوانات "‬
‫الرجل ‪ " :‬الالالال ‪ ..‬إيه دة ! ‪ ..‬انتوا مالكم متحمسين قوي كدة ؟ أنا أصالً ماكنتش هنتحر ‪ ..‬أنا بس‬
‫قلت بفكر ‪ ..‬بفكر "‬
‫اإلبنة ‪ " :‬الال ‪ ..‬سوري ‪ ..‬بالش موضوع األسد لو بتخاف "‬
‫الرجل ‪ " :‬مش موضوع أسد يا هبلة انتي ‪ ..‬أنا خالص حسيت نفسي أحسن بعد شوية الفضفضة دي‬
‫‪ ( ..‬يتنهد ) يال أنا بقول نرجع نكمل الفيلم "‬
‫اإلبن ‪ " :‬انت هتستهبل ! هترجع ف كالمك ؟ "‬
‫الزوجة ( في اشمئزاز ) ‪ " :‬كنت حاسة ‪ ..‬عمره ماخد موقف للنهاية "‬
‫اإلبن ( في هياج شديد ) ‪ " :‬ال احنا ماتفقناش على كدة ‪ ..‬انت الزم تنتحر "‬
‫الجميع ‪ " :‬أيوا ‪ ..‬الزم تنتحر ‪ ..‬الزم تنتحر "‬
‫( يلتفون حوله وهم يصرخون فيه ‪ ..‬تتوقف الصورة على منظرهم وهم ملتفون حوله ممسكون به وهو‬
‫يصرخ في ذعر ‪ ..‬تظل هكذا للحظات قليلة ‪ ..‬موسيقى البداية )‬

‫إظالم‬

‫‪5‬‬
‫فاكهة الخريف‬
‫الفصل األول ( الوصول )‬

‫( صمت تام ‪ ..‬تُضاء بقعة ضوء في المستوى األسفل في مقدمة المسرح ‪ ..‬يظهر في هذه البقعة‬
‫مجموعة من الرجال وجوههم مشحمة يرتدون الجينز والكاسكيت مقلوبة إلى الخلف ‪ ،‬ويكونون كتلة‬
‫بشرية تتحدث في مرح مصدرين ضوضاء غير مفهومة ‪ ..‬يتقدم رجل منهم ناحية الجمهور وينظر له‬
‫مباشرة ممسكا ً بلوحة الكالكيت السينمائية ‪ ،‬بمجرد تقدمه يُضاء المستوى األعلى في العمق بإضاءة‬
‫خافتة )‬
‫رجل الكالكيت ‪ " :‬الفصل األول ‪ ..‬الوصول "‬
‫( يغلق لوحة الكالكيت ‪ ..‬بمجرد طرقعة غلق اللوحة تظلم البقعة األمامية ‪ ..‬تزداد إضاءة المستوى‬
‫األعلى وضوحا ً وكابوسية وتتضح معالم المكان ‪ ..‬يوجد في مواجهة الجمهور ساعة حائط تدق في‬
‫رتابة ‪ ،‬يافطة كُتب عليها " بيت الحظ " ‪ ،‬في الخلفية تتراص أصص تتدلى منها نباتات ميتة ‪ ،‬ويوجد‬
‫تمثال على الطراز الروماني يمثل إنسانا ً في منتهى السعادة ‪ ..‬يتراص على أرضية المسرح ستة مقاعد‬
‫أطفال من نوعية المقعد الهزاز ‪ ..‬يجلس عليهم بالترتيب من اليمين إلى اليسار ‪ :‬امرأة ‪ ، 1‬امرأة ‪، 2‬‬
‫المقعد خالي ‪ ،‬رجل ‪ ، 1‬رجل ‪ ، 2‬امرأة ‪ .. 3‬امرأة ‪ 1‬في الخمسين من عمرها ترتدي مالبسا ً ملونة‬
‫وتضع كثيرا ً من المصاغ ‪ ،‬امرأة ‪ 2‬في الثالثين من العمر ترتدي مالبسا ً رخيصة ولكنها ضيقة تظهر‬
‫أنوثتها وبيدها مرآة تعدل فيها خصلة شعرها الخارجة من حجابها طوال الوقت ‪ ،‬رجل ‪ 1‬هو شاب في‬
‫العشرينات من العمر يرتدي مالبسا ً عصرية ويضع سماعات أذن ‪ ،‬رجل ‪ 2‬هو شيخ في أرذل العمر‬
‫أصلع الرأس يرتدي جلبابا ً ويضع نظارة طبية ‪ ،‬امرأة ‪ 3‬هي فتاة في عُمر المراهقة من ترتدي فستانا ً‬
‫أبيض وتعبث كثيرا ً في هاتفها المحمول ‪ ..‬تدخل فتاة ترتدي مالبسا ً بهلوانية وتمر عليهم ببطء حاملة‬
‫صينية عليها زجاجات األطفال لشرب الحليب ( الببرونة ) ‪ ،‬تمر على كل واحد من الجالسين فيتناول‬
‫زجاجة حتى تنتهي من توزيع الزجاجات عليهم جميعا ً فتتجه لمكان دخولها وتنحني بحركة إستعراضية‬
‫كنوع من التحية ‪ ،‬فيرفع كل منهم زجاجته ردا ً لتحيتها فتخرج ‪ ،‬يشربون جميعا ً في نفس اللحظة من‬
‫الحليب في صمت ‪ ،‬يتدحرج أمامهم على المسرح من الخارج رجل ‪ 3‬ويستقر راقدا ً على األرض أمامهم‬
‫في وضع الجنين للحظات ‪ ،‬وهو رجل في األربعين من العمر يرتدي حلة سوداء ‪ ،‬بمجرد ظهوره‬

‫‪6‬‬
‫يختفي صوت دقات الساعة ‪ ،‬وتتوقف عقاربها عن الدوران ‪ ،‬يدوي صوت ألعاب النوم التي توضع‬
‫فوق مهد األطفال في نعومة ورقة )‬
‫رجل ‪ " : 2‬أخيرا ً ‪ ..‬آخر ضيف "‬
‫امرأة ‪ ( 2‬في سخرية ) ‪ " :‬اتأخرت كتير قوي ‪ ،‬ماكنت تيجي بكرة احسن "‬
‫امرأة ‪ " : 3‬نو بروبليم ‪ ..‬ويلكم "‬
‫رجل ‪ ( 1‬مبتسما ً ) ‪ " :‬من يصل أخيرا ً يكون عادة أهم فرد في المجموعة "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬ربنا يجعل قدمه قدم الخير "‬
‫( ينهض رجل ‪ 3‬ويعدل من هندامه ‪ ،‬يلتفت حوله ليبحث عن مكان لجلوسه ‪ ،‬فيشيرون جميعا ً في‬
‫صمت إلى المقعد الخالي ‪ ،‬يضحك مداعبا ً )‬
‫رجل ‪ " : 3‬بايني اتأخرت كتير "‬
‫رجل ‪ " : 2‬ايوا بس مش مشكلة ‪ ،‬الجماعة هنا كانوا قايمين بواجب الضيافة "‬
‫رجل ‪ " : 3‬وانا ماحدش هيضايفني ! "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬جاي متأخر وعايز تتضايف ! دة كويس قوي إنك دخلت "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬معلش بقى ماحصلش حاجة ‪ ،‬عشان يبقى زيه زينا "‬
‫رجل ‪ " : 1‬مافيش حد زي التاني "‬
‫امرأة ‪ ( 3‬تحاول اصطناع لهجة شامية ) ‪ " :‬طبعا ً ‪ ..‬مش معنى إن كلنا هون إن كلنا زي بعض ‪ ،‬فيه‬
‫فروق أكيد "‬
‫رجل ‪ ( 1‬متغزالً ) ‪ " :‬هو احنا اتقابلنا قبل كدة يا قمر ؟ "‬
‫امرأة ‪ ( 3‬على حالها من إصطناع اللهجة الشامية في ميوعة ) ‪ " :‬إيه دة ! انت جاي هون عشان‬
‫تتغزل ! "‬
‫رجل ‪ ( 1‬يقفز من على المرتبة في رشاقة ويتجه إليها ) ‪ " :‬الغزل مالوش زمان وال مكان ‪ ،‬ومش كل‬
‫يوم الواحد بيقابل أجمل بنت ف الدنيا "‬
‫( يجذبها إليه ويلفها حول نفسها بحركة راقصة ‪ ،‬تضحك في دالل ‪ ،‬يتنهد رجل ‪) 2‬‬
‫رجل ‪ " : 2‬هيييه ‪ ..‬ليت الشباب يعود يوما ً "‬
‫رجل ‪ " : 1‬ماتزعلش نفسك انت يا جدو ‪ ،‬انت ممكن تلعبلها حواجبك ‪ ،‬وتأدي الغرض برده "‬
‫رجل ‪ " : 2‬شباب عاوز الحرق "‬
‫رجل ‪ " : 1‬طب يا جماعة مانتعرف كلنا على بعض طالما كدة كدة احنا قاعدين هنا شوية "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬ما تقعد كدة وتهدى يا حبيبي ياللي عايز تتعرف انت "‬

‫‪7‬‬
‫رجل ‪ ( 3‬مبتسما ً ) ‪ " :‬ماظنش كل الناس هنا حابة تتكلم زيك يا أخ "‬
‫( عند نهاية كالمه تدخل الفتاة ذات الزي البهلواني حاملة صينية ‪ ،‬تعود عقارب الساعة للدوران وللدق‬
‫الرتيب ‪ ،‬على الصينية زجاجة حليب واحدة ‪ ،‬تتجه به إلى رجل ‪ 3‬فيتناولها ‪ ،‬تنصرف محيية إياه‬
‫بنفس الطريقة فيرد لها التحية برفع الزجاجة ‪ ،‬يقتربون جميعا ً متطلعين إلى ما داخل زجاجة رجل ‪، 3‬‬
‫فيشير إليهم مرتبكا ً أن يتفضلوها لو أرادوا ‪ ،‬ينتقل إرتباكه إليهم فيعود كل منهم إلى مجلسه ‪ ،‬نستمع‬
‫إلى أصوات تنهداتهم مع صوت رشفه للمشروب الذين ينهون دقات الساعة ودوران عقاربها )‬
‫رجل ‪ " : 3‬انتوا قاعدين بقالكم كتير ؟ "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬انت ماتحسش بالوقت هنا "‬
‫رجل ‪ " : 3‬طب مفروض إيه يحصل دلوقتي بعد ما كملنا ؟ "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬انت إيه اللي اتقالك بالظبط ؟ "‬
‫رجل ‪ " : 3‬متهيألي نفس اللي اتقال لكل واحد فيكم "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬يبقى يا عينيا انت عارف إن ماحدش مننا عارف عارف حاجة ‪ ،‬كلنا على عمانا زيك "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬معلش ‪ ،‬الراجل بيسأل ‪ ،‬مفهاش حاجة "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬يسأل ماشي ‪ ،‬بس يسأل أسئلة كويسة ‪ ،‬مش أي هري وخالص "‬
‫رجل ‪ " : 3‬خالص أنا غلطان إني سألت ‪ ،‬خلينا قاعدين زي ماحنا "‬
‫إمرأة ‪ " : 1‬انتوا هتعملوا عركة وال إيه ! طب بصوا أنا جايبة معايا إيه ( تخرج من حقيبتها بعض‬
‫البسكويت ) شوية بسكوت إنما إيه ‪ ،‬يستاهل بؤكم ‪ ،‬يال كلوا كلكم كدة واتصالحوا ( يوزعون البسكويت‬
‫عليهم ) خدوا يا جماعة ماتنكسفوش "‬
‫رجل ‪ " : 2‬طب ماالقيش معاكي شوية شوكالتة ؟ "‬
‫امرأة ‪ ( 1‬تضحك في ثقة ) ‪ " :‬أنا مانزلش من بيتي من غيرها "‬
‫رجل ‪ " : 1‬بجد ! أنا عايز شوكالتة أنا كمان "‬
‫إمرأة ‪ ( 1‬تخرج الشوكوالتة وتوزعها ) ‪ " :‬من عينيا ‪ ،‬كله هياخد "‬
‫امرأة ‪ " : 3‬ال أنا مش هينفع تشوكلت عشان الدايت "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬دايت ! حكم "‬
‫رجل ‪ " : 3‬يا جماعة ‪ ..‬هو مفروض أودي البزازة فين ؟ أصل خلصت شرب وزهقان من مسكتي ليها‬
‫كدة "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬ومين سمعك ؟ أنا شوية وهرميها ف أي حتة "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬احنا كلنا خلصنا شرب يعني ؟ سهلة ‪ ،‬ألم البزازات ‪ ،‬سيبوها عليا "‬

‫‪8‬‬
‫رجل ‪ " : 1‬أنا خلصت "‬
‫امرأة ‪ " : 3‬وانا كمان "‬
‫رجل ‪ " : 2‬أنا لسة ‪ ..‬ثانية واحدة "‬
‫( يرتشف رشفة أخيرة من الحليب ‪ ،‬بمجرد إنتهائه من الشرب تدوي دقة بيانو غليظة كجرس إنذار‬
‫يستمر صداه قليالً ‪ ،‬يدخل لهم الباشمهندس ‪ ..‬الباشمهندس هو رجل أنيق في منتصف العمر ‪ ،‬يرتدي‬
‫حلة رسمية سوداء ‪ ،‬حليق الوجه والشعر من على الجانبين ‪ ،‬ضخم الجثة مربع الوجه غليظ الصوت ‪،‬‬
‫يتقدم ليقف بين الستة ا لذين يتطلعون إليه في لهفة وكل منهم يشير إلى زجاجته الفارغة ‪ ،‬يشير بيده‬
‫فتدخل الفتاة البهلوانة وبيدها دورق ‪ ،‬تلف به في حركات إستعراضية وهي تصب الحليب لكل منهم في‬
‫فنجانه ‪ ،‬تحييهم ثم تحييه في إحترام وتخرج دون أن ينظر لها الباشمهندس )‬
‫الباشمهندس ( موجها ً كالمه للستة ) ‪ " :‬مبسوطين ؟ "‬
‫الستة ‪ " :‬أكيد ‪ ..‬أيوة ‪ ..‬طبعا ً "‬
‫الباشمهندس ( في لهجة قوية ) ‪ " :‬أيها السادة ‪ ..‬أنا الباشمهندس "‬
‫الستة ‪ " :‬أهندزة ‪ ..‬صباح العسل ‪ ..‬حبيبي "‬
‫( يشير إليهم الباشمهندس بالتوقف على الصريخ في تواضع )‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬اتعرفتم على بعض ؟ "‬
‫رجل ‪ " : 1‬قلتلهم بس مارضيوش ‪ ،‬ناس تحسهم ‪" ..‬‬
‫الباشمهندس ( مقاطعا ً ) ‪ " :‬عملتوا كويس "‬
‫رجل ‪ " : 3‬هو مفروض إيه هيحصل دلوقتي يا باشمهندس ؟ وقدامنا قد إيه هنا ؟ أصل مستعجل يعني "‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬انتوا كلكم جايين عشان التفاحة "‬
‫الستة ‪ " :‬بالظبط "‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬طب أوالً ‪ ..‬التفاحة هتبقى لواحد فيكم بس "‬
‫رجل ‪ " : 1‬نعم ! "‬
‫رجل ‪ " : 2‬يعني إيه ؟ "‬
‫امرأة ‪ " : 3‬مش فاهمة "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬يعني ممكن أمشي ف اآلخر من غير التفاحة ؟ "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬ال دة اسمه استعباط "‬
‫رجل ‪ " : 3‬ماعنديش أي مشكلة "‬

‫‪9‬‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬تم ام ‪ ..‬يعني كلكم حابين تمشوا ألن النظام مش عاجبكم ‪ ،‬مفيش مانع ‪ ،‬التفاحة‬
‫هتكون ( يشير إلى رجل ‪ ) 3‬من نصيبك "‬
‫رجل ‪ " : 3‬تحياتي يا باشمهندس "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬ال استنى احنا ماقلناش كدة "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬أيوا احنا كنا بنستفسر يعني "‬
‫امرأة ‪ " : 3‬أنا بدي آخد التفاحة زي أي واحد هنا "‬
‫رجل ‪ " : 1‬أنا موجود "‬
‫( يتقدم الباشمهندس ناحية رجل ‪ ، 2‬الذي وضع رأسه في األرض )‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬وانت ؟ ( يرفع رجل ‪ 2‬عينه إليه في صمت ‪ ،‬فيهز الباشمهندس رأسه مبتسما ً ) طيب‬
‫‪ ..‬حيث كدة ‪ ،‬هنستنى شوية ‪ ،‬قبل ما نقرر مين فيكم يستحق التفاحة "‬
‫رجل ‪ ( 3‬يهز رأسه في تفهم شديد ) ‪ " :‬حقهم طبعا ً "‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬الموضوع بسيط ‪ ..‬اللي هيسمع الكالم ‪ ،‬هياخد التفاحة ( يهمهمون بالموافقة ) أول‬
‫حاجة ‪ ،‬ممنوع التعارف "‬
‫رجل ‪ " : 1‬ليه بس ؟ "‬
‫امرأة ‪ ( 2‬تتطلع لمن حولها في حسرة ) ‪ " :‬يعني هنقعد كدة من غير ماناخد وندي مع بعض ! "‬
‫رجل ‪ " : 3‬وهو مفروض إحنا قاعدين ولسة فيه إختبارات وكدة ؟ "‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬تاني حاجة ‪ ..‬ممنوع األسئلة ( يكتسي صوته بصرامة شديدة ) وممنوع المقاطعة‬
‫( يعود صوته لهدوئه ) تالت حاجة هتلبسوا الهدوم بتاعتنا ‪ ،‬هدوم بيت الحظ اللي تليق بناس تستاهل‬
‫تنافس ع التفاحة "‬
‫( أثناء كالمه تدخل الفتاة توزع عليهم جميعا ً ثوبا ً أخضر اللون وباروكة بنية لكل واحد منهم )‬
‫امرأة ‪ ( 2‬تمصمص بشفتيها ) ‪ " :‬هي بقت منافسة ! "‬
‫الخمسة اآلخرون ( المرأة ‪ " : ) 2‬شششش "‬
‫الباشمهندس ( للمرأة ) ‪ " :‬عندك مانع ؟ "‬
‫امرأة ‪ ( 2‬تضع الثوب فوق ثيابها والباروكة فوق رأسها ) ‪ " :‬خالص "‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬حد تاني مش عاجبه الكالم ؟ ( يرتدون جميعا ً الثياب والباروكات في سرعة ) شوية‬
‫وهبلغكم بالتعليمات الجديدة "‬
‫( يخرج في هدوء ‪ ،‬تعلو دقات الساعة في رتابة ‪ ،‬يتطلع الستة إلى بعضهم البعض في توتر وتساؤل ‪،‬‬
‫يبدأ رجل ‪ 1‬في الدق بحذائه في ضجر بنفس إيقاع دقات الساعة ‪ ،‬يدخل معه الخمسة اآلخرون واحداً‬

‫‪10‬‬
‫فواحدا ً ‪ ،‬تبدأ دقات أرجلهم في التنوع رويدا ً رويدا ً حتى تعزف إيقاعا ً جديدا ً راقصا ً ‪ ،‬يتحمسون شيئا ً‬
‫فشيئا ً ويظهر هذا في إيقاع دقات أحذيتهم ‪ ،‬يتناوبون العزف المنفرد ‪ ..‬يبدأ رجل ‪ 1‬بالعزف منفردا ً‬
‫إيقاعا ً متمردا ً منطلقا ً ‪ ،‬تعزف امرأة ‪ 1‬إيقاعا ً حنونا ً دافئا ً ‪ ،‬يعزف رجل ‪ 2‬إيقاعا ً يوحي بالشجن ‪ ،‬تعزف‬
‫امرأة ‪ 2‬إيقاعا ً غاضبا ً ‪ ،‬يعزف رجل ‪ 3‬مجموعة إيقاعات منوعة بال معنى ‪ ،‬تعزف فتاة ‪ 3‬إيقاعا ً‬
‫متكاسالً ‪ ،‬ينهون جميعا ً الرقص بدقة حذاء واحدة ‪ ،‬يُظلم عندها هذا المستوى بالكامل ‪ ،‬في نفس الوقت‬
‫الذي تُضاء فيه بقعة في المستوى األسفل في المقدمة ‪ ،‬يجري مجموعة من الناس ليقفوا تحت الضوء‬
‫‪ ،‬بمجرد وقوفهم تحتها تُضاء بقعة أخرى فيجرون ليقفوا تحتها وبمجرد وقوفهم تحتها تُضاء بقعة‬
‫أخرى وهكذا عدة مرات ‪ ..‬ح تى يقفوا في بقعة بعينها فيدوي صوت موسيقى سيرك مبهجة و تدخل‬
‫عليهم فتاة رقيقة محبوسة داخل قفص زجاجي شفاف عليه رسوم وردية مبهجة برغم ذلك ‪ ،‬يسير ذلك‬
‫القفص على عجالت ويدفعه إثنان من الرجال المرتدين الجينز والكاسكيت المقلوب إلى بقعة الضوء ‪،‬‬
‫يبدو على الفتاة الحيرة الشديدة ‪ ،‬حولها يدور المجموعة من الناس وكأنهم يشاهدون حيوانا ً لطيفا ً في‬
‫حديقة الحيوانات ‪ ،‬يظهر بين الناس رجل وإمرأة في منتصف العمر ‪ ،‬يمسك كل منهم بمجموعة من‬
‫الورق و ال يكفون عن إمالئها األوامر كل من الورق الذي في يده )‬
‫الرجل ‪ " :‬خليكي رقيقة يا بنتي "‬
‫( تقوم لمدة دقيقة بعمل حركات تعبيرية للرقة ‪ ،‬يصفق المشاهدون في إعجاب )‬
‫المرأة ‪ " :‬ست البيت "‬
‫( تقوم الفتاة لمدة دقيقة بعمل حركات تعبيرية عن الكنس والطبخ والحمل والرضاعة بين تصفيق‬
‫المشاهدين وآهات إعجابهم )‬
‫الرجل ‪ " :‬الشياكة "‬
‫( تقوم بعمل أداء تعبيري للمشي والكالم بأناقة مع إستمرار تصفيق المشاهدين )‬
‫المرأة ‪ " :‬خليكي ناصحة يا بنتي "‬
‫( تقوم بعمل أداء تعبيري عن النميمة )‬
‫الرجل ‪ " :‬الحشمة "‬
‫( تخرج قطعة قماش وتربطها حول شعرها ‪ ،‬وال تغير شيئا ً في ثوبها القصير )‬
‫الرجل والمرأة ‪ " :‬كويس كدة ؟ "‬
‫شاب من الجمهور ‪ " :‬والجسم ؟ "‬
‫( تأتي الفتاة بقطعتي قطن كبيرتين وتحشرهما داخل بلوزتها ليبدو كأن لها صدرين كبيرين )‬
‫فتاة من الجمهور ‪ " :‬الثقافة "‬

‫‪11‬‬
‫( أداء تعبيري عن القراءة واحتساء القهوة )‬
‫إمرأة في منتصف العمر ‪ " :‬األدب "‬
‫( أداء تعبيري عن الخجل واإلنكسار )‬
‫فتاة أخرى ‪ " :‬الروشنة "‬
‫( أداء تعبيري عن تصوير السيلفي ورقص المهرجانات ‪ ..‬فجأة يطير الورق من يدي الرجل والمرأة‬
‫فيحاوالن لملم ته في ارتباك مذعور ومعهم باقي المجموعة ‪ ،‬تخرج الفتاة من القفص كأنها روبوت‬
‫معطل وتخرج وهي تقوم بمزيج من الحركات التي كانت تؤمر بها بال نظام ‪ ..‬يظهر مجموعة من‬
‫الرجال المشحمين الوجه المرتدين الجينز و الكاسكيت المقلوب ‪ ،‬يخرج بعضهم القفص ويأتي بعضهم‬
‫بسبورة مرسوم عليها قطعة من البطاطس وثالثة مقاعد وطاولة درس صغيرة ثم يغادرون ‪ ،‬يدخل‬
‫ثالثة من البالغين مرتدين زي تالميذ المدرسة وكل منهم يمسك ورق في يده ‪ ،‬ويجلسون على الثالثة‬
‫مقاعد ويبدأون في الشجار ‪ ..‬يظهر طفل يرتدي ِزي المُدرّ س ‪ ،‬يصفق بيده في صرامة فيتوقف التالميذ‬
‫عن الشجار )‬
‫المدرس ‪ " :‬حصتنا النهاردة عن البطاطس "‬
‫( ينظر كل تلميذ في الورق الذي أمامه ويشير إليه )‬
‫تلميذ ‪ " : 1‬الفارم ؟ "‬
‫تلميذ ‪ " : 2‬البوريه ؟ "‬
‫تلميذ ‪ " : 3‬المسلوقة ؟ "‬
‫المدرس ‪ " :‬كل دي بطاطس ‪ ،‬وفيه أكتر من دول كمان كتير ‪ ،‬حكمة النهاردة هي خليكم بطاطس يا‬
‫والد "‬
‫التالمذة الثالثة ‪ " :‬إزاي يا مستر ؟ "‬
‫المدرس ‪ " :‬مفيش حد بيكره البطاطس ‪ ،‬ومفيش يوم من األيام حد اتحوج لوجبة إال ولقى معاه‬
‫البطاطس ‪ ،‬البطاطس ف بطن الكل ‪ ،‬الناس اختلفت ف اللون والطول والوزن والدين والجنس والعرق‬
‫واتفقت ع البطاطس ‪ ،‬البطاطس مافرقتش بينهم زي مافرقوا هم بين نفسهم ‪ ،‬ممكن تكون غني فتاكل‬
‫بطاطس ف وجبة كومبو ف أكبر مطعم ف البلد ‪ ،‬ممكن تاكلها مع بيتزا أو مع وجبة متكاملة زي رز‬
‫وخضا ر ولحمة ‪ ،‬ساعات الوجبة نفسها تبقى هي البطاطس ‪ ،‬ولو فقير تقدر تاكل البطاطس ف‬
‫سندوتش أو مع الفول والطعمية ‪ ،‬ممكن تاكل أي سندوتش لحوم وتهرس عليه شوية بطاطس ‪ ،‬ممكن‬
‫ماما تعملهالك ف البيت وتطلعلك من الفرن صينية بطاطس مع أحلى ريحة ممكن تشمها ‪ ،‬البطاطس‬

‫‪12‬‬
‫تاكلها بإيد ك أو ف سندوتش أو بشوكة أو بمعلقة ‪ ،‬لو يومك مشغول وعايز حاجة تسد جوعك بسرعة‬
‫مش هتالقي غير البطاطس ‪ ،‬مفيش حد بيكره البطاطس ‪ ،‬خليكم بطاطس ‪ ..‬فهمتهم ؟ "‬
‫التالمذة الثالثة ‪ " :‬فهمنا يا مستر "‬
‫تلميذ ‪ " : 1‬البطاطس حلوة "‬
‫تلميذ ‪ " : 2‬ولذيذة "‬
‫تلميذ ‪ " : 3‬وخفيفة "‬
‫( يعاود كل منهم التطلع إلى الورق )‬
‫تلميذ ‪ " : 1‬خصوصا ً بالكاتشب والمايونيز "‬
‫تلميذ ‪ " : 2‬ال مع الخضار بتبقى أحلى "‬
‫تلميذ ‪ " : 3‬لما بتتهرس يا جماعة بتبقى مالهاش حل "‬
‫تلميذ ‪ " : 1‬بالكاتشب "‬
‫تلميذ ‪ " : 2‬الخضار "‬
‫تلميذ ‪ " : 3‬المهروسة "‬
‫( يبدأون في الشجار )‬
‫المدرس ‪ " :‬يا والد ماتتخانقوش ‪ ..‬خليكوا بطاطس ‪ ..‬خليكوا بطاطس "‬
‫( يأخذ المدرس لوحة البطاطس وينهال بها ضربا ً على التالميذ ‪ ..‬صوت جرس المدرسة ‪ ..‬بمجرد‬
‫سماعه يجري األطفال والمدرس ومعهم أوراقهم ولوحة البطاطس ‪ ..‬يدخل الرجل ذو لوحة الكالكيت‬
‫ويقف في مواجهة الجمهور )‬
‫رجل الكالكيت ‪ " :‬الفصل الثاني ‪ ..‬التمني "‬
‫( يضرب لوحة الكالكيت )‬

‫‪13‬‬
‫الفصل الثاني ( التمني )‬

‫( يدوي صوت بوق سيارة الشرطة ‪ ..‬يصاب رجل الكالكيت بالذعر ويشير إلثنين من رجال الجينز‬
‫والكاسكيت المقلوب الذين ظهروا من الظالم ليحولوا المكان لمكتب تحقيق وعلى جانبيه مقعدين ‪ ،‬على‬
‫المكتب دفتر وقلم ومكتب وأباجورة وعلبة سجائر ‪ ،‬يظهر محقق يرتدي قميصا ً وربطة عنق وحماالت‬
‫كتف يضع فيها مسدسه ‪ ،‬على شورت زاهي األلوان ‪ ،‬بمجرد ظهوره يجري الرجال خوفا ً ‪ ،‬يجلس‬
‫الرجل خلف المكتب ‪ ،‬تظهر امرأة في األربعينات من عمرها ترتدي مالبسا ً طفولية ولها ضفيرتين‬
‫متدليتين على جانبي رأسها ‪ ،‬وبيدها مصاصة مستديرة كبيرة ملونة وتجلس أمام المكتب )‬
‫المحقق ‪ " :‬هنفتح التحقيق "‬
‫المرأة ‪ " :‬طب أخلص المصاصة األول "‬
‫المحقق ‪ " :‬هنفتح التحقيق "‬
‫المرأة ‪ " :‬طب تاخد لحسة ؟ "‬
‫المحقق ‪ " :‬هنفتح التحقيق "‬
‫المرأة ‪ " :‬وليه نفتح التحقيق لما تكون انت اللي عايز تفتح التحقيق ؟ ليه ما نفتحوش لما اكون أنا‬
‫اللي عايزة أفتح التحقيق ؟ "‬
‫المحقق ‪ " :‬خالص مش هنفتح التحقيق "‬
‫المرأة ‪ " :‬ال ‪ ،‬نفتح التحقيق "‬
‫المحقق ‪ " :‬طب نفتح التحقيق ( يشعل سيجارة ) ‪ ..‬س ‪ :‬إسمك ؟ "‬
‫المرأة ‪ " :‬عايز تعرف إسمي ليه ؟ احنا عالقتنا ببعض تحقيق وبس ‪ ،‬قولي يا مدام ‪ ،‬قولي يا أم طوفي‬
‫‪ ..‬اللي انت شايفه "‬
‫المحقق ‪ " :‬س ‪ :‬سنك ؟ "‬
‫المرأة ‪ " :‬مممم ‪ ..‬مش فاكرة ‪ ..‬أنا مخلفة طوفي وانا ف تانية إعدادي "‬
‫المحقق ‪ " :‬س ‪ :‬ليه ضربتي إبنك طوفي بالقلم ؟ "‬
‫ا لمرأة ‪ " :‬ألنه ولد قليل األدب مابيسمعش الكالم ‪ ،‬تخيل ما بقاش يخليني أحميه زي زمان ‪ ،‬وبيخش‬
‫يعمل بيبي من غير إذن ‪ ،‬تخيل الكبيرة بقى ‪ ..‬بيفضل صاحي بعد مانام "‬
‫المحقق ‪ " :‬ياااه ! "‬
‫المرأة ‪ " :‬وحياتك زي ما بقولك "‬

‫‪14‬‬
‫المحقق ‪ " :‬س ‪ :‬وإيه المشكلة ؟ إبنك طوفي بلغ من عشر سنين يا مدام "‬
‫المرأة ‪ " :‬حاسة إني مش مهمة ف حياته ‪ ،‬أنا ماسواش أي حاجة هو مش مديهالي ‪ ،‬يعني أنا لو مش‬
‫أم تبقى لزمتي إيه ف الدنيا ؟ عشان كدة ( يتحشرج صوتها وتمسك صدرها ) ‪ ..‬قلبي ‪ ..‬قلبي "‬
‫المحقق ‪ " :‬كملي إجابتك "‬
‫المرأة ‪ " :‬قلبي ‪ ..‬قلبي "‬
‫المحقق ‪ " :‬كدة هضطر ألجأ للتعذيب "‬
‫المرأة ‪ " :‬تعذب واحدة قد أمك يابن الكلب ! "‬
‫المحقق ‪ " :‬انتي اللي اضطرتيني لكدة ( يخرج مسدسا ً ملونا ً من جرابه ‪ ،‬يصوبه ناحيتها فيطلق خيطا ً‬
‫من الماء نحو وجهها فتشهق في ذعر ) هااا اعترفي "‬
‫المرأة ‪ " :‬هعترف ‪ ..‬هعترف ‪ ..‬بس كفاية أرجوك ( يتوقف المحقق عن رشها بالماء ‪ ،‬تبكي المرأة‬
‫بشكل هستيري ) انت زيك زي طوفي ‪ ،‬انت كمان مش مهتم تسمعني ‪ ،‬كلكم عايزيني أقول اللي بتحبوا‬
‫تسمعوه وبس ‪ ،‬إنما مش مهم أنا عايزة إيه ( تدفن وجهها في كفها ) مش مهم "‬
‫المحقق ‪ " :‬طب وانتي عايزة إيه ؟ "‬
‫المرأة ‪ " :‬مالكش دعوة ‪ ،‬مش هقولك "‬
‫المحقق ( يقترب منها مواسيا ً ) ‪ " :‬طب خالص أنا آسف ‪ ،‬مش قصدي ‪" ..‬‬
‫( تختطف منه المرأة مسدسه ‪ ،‬تصوبه إليه ضاحكة في إنتصار )‬
‫المرأة ‪ " :‬أنا أذكى منك ‪ ..‬أذكى منك وال مش أذكى ؟ "‬
‫المحقق ‪ " :‬أذكى "‬
‫المرأة ‪ " :‬انت بتقول كدة عشان أنا ماسكة المسدس ‪ ،‬مش عشان انت مقتنع بكدة "‬
‫المحقق ‪ " :‬ال بجد انتي أذكى "‬
‫المرأة ‪ " :‬يعني أنا مش غبية "‬
‫المحقق ‪ " :‬ال انتي ذكية "‬
‫المرأة ‪ " :‬بتاخدني على قد عقلي ! طب خد فس "‬
‫( تصوب إليه المسدس )‬
‫المحقق ‪ " :‬الء ‪ ..‬فس الء "‬
‫( يرفع يده كأنه يحاول حماية نفسه ‪ ،‬ت رشه المرأة بالماء ‪ ،‬يصرخ المحقق فتضحك المرأة في إنتشاء )‬

‫‪15‬‬
‫المرأة ‪ " :‬ودلوقتي تعالى مكاني ‪ ،‬أنا اللي هحقق معاك ( يتبادلون األماكن ‪ ،‬تتخذ مكانها خلف المكتب‬
‫‪ ،‬تترك مسدس الماء على المكتب دون أن يفكر المحقق ‪ -‬الذي جلس منكسرا ً أمام المكتب ‪ -‬في إلتقاطه‬
‫‪ ،‬تخرج من صدر ثوبها مجموعة من الورق المطوي وتسأل منه ) ‪ ..‬أول سؤال "‬
‫المحقق ‪ " :‬إسمها سين "‬
‫المرأة ‪ " :‬اسكت خالص ‪ ،‬أول سؤال ‪ ..‬انت إزاي ماحاولتش تعاكسني ؟ "‬
‫المحقق ‪ " :‬إيه ! "‬
‫المرأة ‪ " :‬يعني انت ماحاولتش تبينلي خالص إنك معجب بيا ‪ ،‬انت يعني مش شايفني حلوة ؟ تعرف إن‬
‫لو راجل قعد مع ست أكتر من خمس دقايق من غير ما يعاكسها يبقى بيهينها ‪ ،‬بيقولها إنها مش حلوة‬
‫وإنها مش عاجباه ‪ ،‬يعني انت كدة أهنتني ‪ ،‬مش عيب عليك وانت كيوت كدة ؟ "‬
‫المحقق ‪ " :‬أنا كيوت ! أصلي ماكنتش اعرف إني كيوت ‪ ،‬وماكنتش اعرف إنه ينفع يعني ‪ ،‬بس‬
‫اوعدك المرة الجاية هبقى ‪" ..‬‬
‫( يشير بيديه إشارة واضحة للتحرش )‬
‫المرأة ‪ " :‬غبي ‪ ..‬الء مش دة اللي أقصده "‬
‫المحقق ‪ " :‬امال ؟ "‬
‫المرأة ‪ " :‬مش عارفة ‪ ..‬بص مش مهم ‪ ،‬احترم نفسك وانت بتكلمني "‬
‫المحقق ‪ " :‬حاضر "‬
‫المرأة ‪ " :‬رجالة متحرشين ‪ ،‬كل الرجالة زي بعض ‪ ،‬المهم ‪ ..‬السؤال التاني "‬
‫المحقق ‪ " :‬إسمها ‪" ..‬‬
‫المرأة ( تقاطعه بنظرة نارية ) ‪ " :‬السؤال التاني ‪ ..‬ليه بتعذب الناس اللي بتحقق معاهم ؟ "‬
‫المحقق ‪ " :‬أنا بعذب الناس ! "‬
‫المرأة ‪ " :‬ولد ‪ ..‬ما تكدبش "‬
‫المحقق ‪ " :‬أنا بعذبهم عشان أعرف الحقيقة "‬
‫المرأة ( تنظر إلى المسدس في فضول ) ‪ " :‬يعني التعذيب بيخلي اإلنسان يقول الحقيقة ‪ ،‬نجرب كدة "‬
‫( ترشه بالماء فيصرخ من األلم )‬
‫المحقق ‪ " :‬هقول ‪ ..‬هقول "‬
‫المرأة ‪ " :‬قول "‬

‫‪16‬‬
‫المحقق ‪ " :‬أنا زيي زيك بالظبط ‪ ،‬عايز أحس إني مهم ‪ ،‬ودة مش هيحصل غير لما اللي قدامي يخاف‬
‫مني ‪ ،‬أعمل إيه ؟ بيبقوا ب اصينلي كأني أقل منهم ‪ ،‬على طول محسسيني إني أهبل وعبيط وماعرفش‬
‫أعمل حاجة لوحدي ‪ ،‬نفسي في ‪ ( ..‬يغلبه البكاء ) نفسي في ‪" ..‬‬
‫المرأة ‪ " :‬أنا عارفة نفسك ف إيه "‬
‫المحقق ‪ " :‬بجد ؟ "‬
‫المرأة ‪ " :‬بجد "‬
‫( ترفع المرأة المصاصة في يدها مجيبة ‪ ،‬يخطفها من يدها وينهال عليها لعقا ً ‪ ،‬تشير إلى علبة سجائره‬
‫مستأذنة فيشير لها أنه ال بأس ‪ ،‬تخرج سيجارة وتشعلها في استمتاع ‪ ..‬ينظر كل منهما في الورق‬
‫أمامه وتختلط مشاعر االستمتاع بالبكاء في خليط غريب ‪ ..‬يُضاء المستوى األعلى " بيت الحظ "‬
‫بالتدريج من الخفوت فأوضح فأوضح ‪ ،‬وكلما تتضح إ ضاءة بيت الحظ كلما تختفت إضاءة مكتب‬
‫التحقيق حتى تظلم بقعة مكتب التحقيق تماما ً ‪ ..‬يظهر تغييرات في شكل بيت الحظ ‪ ..‬تتغير وضعية‬
‫التمث ال الروماني إلى شكل إنسان ساجد على ركبتيه ورافع يديه بالدعاء ‪ ،‬يظهر األبطال الستة مرتدين‬
‫ثياب وباروكات بيت الحظ ‪ ،‬تتغير أماكن جلوسهم فنرى على المسرح ستة مقاعد خشبية بال مساند‬
‫للظهر أو للجانبين ‪ ،‬يُسمع بشكل خافت أصوات عصافير وطيور ‪ ،‬نرى في أيديهم زجاجات مياه غازية‬
‫بدالً من زجاجات الحليب ‪ ،‬يخرج رجل ‪ 2‬شريط حبوب ويخرج منه حبة ويبتلعها )‬
‫امرأة ‪ " : 2‬إيه دة ! بتبلبع برشام يا جدو ! "‬
‫رجل ‪ " : 1‬دة بيعمل دماغ ؟ "‬
‫رجل ‪ " : 2‬اتحكالي ‪ ،‬بس أول مرة أجربه "‬
‫رجل ‪ " : 1‬طب ما تجيبلي حباية "‬
‫إمرأة ‪ " : 2‬هاتلي الزفت دة اما اشوف طعمه إيه "‬
‫رجل ‪ " : 2‬حد تاني عايز ؟ "‬
‫إمرأة ‪ " : 1‬الالال ياخويا ‪ ،‬أنا بخاف من الحاجات دي "‬
‫رجل ‪ " : 3‬شوية كدة ‪ ،‬نشوف بس هتعملكم إيه األول "‬
‫رجل ‪ ( 2‬يوزع الحبوب فيأخذ منه رجل ‪ 1‬وإمرأة ‪ " : ) 2‬يا جماعة اللي نفسه ف حاجة يقول ‪،‬‬
‫ماحدش يفتكر إني حايش عنه حاجة ( موجها ً كالمه المرأة ‪ ) 1‬معاكي شوية لبن وال حتى بؤ مية أبلع‬
‫بيهم البرشامة ؟ "‬
‫امرأة ‪ ( 1‬في إرتباك ) ‪ " :‬ه اه ! ‪ ..‬ال ممعيش ‪ ،‬اعذرني ماعملتش حسابي "‬
‫رجل ‪ " : 2‬خير ‪ ..‬احنا ماتقابلناش قبل كدة ؟ "‬

‫‪17‬‬
‫امرأة ‪ " : 1‬هاه ! ال ماظنش ‪ ..‬مش فاكرة ‪ ،‬أنا ياما بقابل ناس "‬
‫رجل ‪ " : 2‬ماتقابلناش من شوية ‪ ،‬لما خدتي ال ‪ ( ..‬يقطع كالمه ويشير بأصابعه شكل مسدس فال يبدو‬
‫عليها التذكر ‪ ،‬يهز رأسه ) ‪ ..‬وال يهمك ‪ ،‬شكلي كبرت وبخرف "‬
‫امرأة ‪ ( 1‬تصيح المرأة ‪ 3‬محاولة الهروب من الكالم ) ‪ " :‬تفتكري مين فينا هياخد التفاحة ؟ "‬
‫امرأة ‪ " : 3‬سوري ‪ ..‬نو توك "‬
‫( تبدأ الحبوب في التأثير على رجل ‪ 2‬وإمرأة ‪ 2‬ورجل ‪ 1‬فتصدر منهم ضحكات مترنحة كالسكارى ‪،‬‬
‫يقع على األرض رجالً متدحرجا ً من الخارج ‪ ،‬يرتدي ثوبا ً يشبه الثوب الذي يرتدوه ولكن أزرق اللون ‪،‬‬
‫يمسك بكيس من الصوف في حرص شديد ‪ ،‬ينظر الستة لبعضهم في ذهول ‪ ..‬تدق الساعة دقاتها‬
‫الرتيبة )‬
‫الرجل ( يلتفت حوله في لهفة ) ‪ " :‬أنا فين ؟ "‬
‫رجل ‪ " : 1‬مين دة ؟ "‬
‫امرأة ‪ " : 3‬شو هادا ! إحنا مش مفروض آخرنا ستة ؟ "‬
‫الرجل ‪ " :‬ستة ‪ ..‬انتوا اللي جايين عشان التفاحة ؟ "‬
‫الستة ‪ " :‬أيوا "‬
‫الرجل ( في لهفة ) ‪ " :‬أشرب ‪ ..‬أشرب "‬
‫( يتبادلون النظرات في توتر ‪ ،‬ترفع إمرأة ‪ 1‬زجاجتها إليه في تردد )‬
‫امرأة ‪ " : 1‬إشرب "‬
‫( ينقض على الزجاجة وينهل منها في نهم حتى يرتوي ‪ ،‬يضحك عليه رجل ‪ 1‬ورجل ‪ 2‬في سُكر تام )‬
‫رجل ‪ ( 2‬محاوالً تلحين كلماته ) ‪ " :‬انت مين انت ؟ جاي ليه انت ؟"‬
‫رجل ‪ " : 1‬إيه الشياكة دي ! مش البسة زينا ليه يا بيضة ؟ "‬
‫الرجل ‪ " :‬التفاحة معايا "‬
‫الستة ‪ " :‬معاك ! "‬
‫امرأة ‪ ( 2‬في رقة مصطنعة ال تنجح في إخفاء ضحكاتها الثملة ) ‪ " :‬يا عينيا ‪ ..‬طب انت شكلك تعبان ‪،‬‬
‫تعالى اقعد "‬
‫امرأة ‪ " : 3‬مسكين حبيبي ‪ ،‬بدك كلينكس ؟ "‬
‫رجل ‪ " : 3‬استنوا أما نفهم ‪ ..‬الباشمهندس فين ؟ "‬
‫الرجل ( يجري يختبيء خلف أحد الكراسي في ذعر ) ‪ " :‬الباشمهندس ‪ ..‬الباشمهندس "‬

‫‪18‬‬
‫رجل ‪ ( 2‬موجها ً كالمه للرجل ) ‪ " :‬انت طريقتك غريبة يا راجل انت ‪ ..‬دة انت اتبليت أول ماجت‬
‫سيرة الباشمهندس ‪ ،‬انت سرقت التفاحة منهم ؟ "‬
‫الرجل ‪ " :‬شششش وطي صوتك أحسن ماحد يسمعك "‬
‫رجل ‪ " : 3‬طب انت سرقت التفاحة وجاي على هنا ليه ؟ "‬
‫الرجل ‪ " :‬عايز أخلص منها بأي طريقة ‪ ،‬عايزها تخرج من هنا ‪ ،‬التفاحة مكانها برة ‪ ،‬الزم تخرج من‬
‫بين الجدران ‪ ،‬وتشوف النور وتختلط بالهوا والمية ‪ ،‬الزم التفاحة تبقى جزء من الطبيعة ‪ ،‬مش‬
‫مفروض نتعب عليها ونجري وراها وندور هنا وهنا لحد ما نالقيها ( يبتلع ريقه في صعوبة ‪ ،‬يتبادل‬
‫الستة النظرات ) عشان كدة الزم أسيبهالكم ‪ ،‬ولكن بشرط "‬
‫( يعلو صوت عواء ذئب ‪ ،‬ثم يستمر خافتا ً ‪ ..‬تعطي كل امرأة من الثالثة وشاح قماشي لرجل من الثالثة )‬
‫رجل ‪ " : 3‬وهتسيبها لمين فينا ؟ "‬
‫الرجل ‪ " :‬هتتشاركوا فيها ‪ ،‬كلكم هيبقى معاكم التفاحة ‪ ،‬دة شرطي "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬ليه الء ؟ "‬
‫امرأة ‪ " : 3‬ماعندي مشكلة "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬يال اهو أي حاجة "‬
‫الرجل ‪ " :‬وكمان مش هتقفلوا عليها ‪ ،‬التفاحة هتبقى متاحة للكل ‪ ،‬دة شرطي كمان ‪ ،‬و ‪" ..‬‬
‫رجل ‪ " : 3‬طب هاتها بس األول "‬
‫( يبدأ الرجل في إخراج التفاحة من الكيس الصوفي ‪ ،‬يلتف الرجال الثالثة حوله ببطء دون إتفاق مسبق‬
‫‪ ،‬يقومون بشل حركته وخنقه حتى الموت مستخدمين الوشاحات القماشية ‪ ،‬يقفز الكيس من يده‬
‫فيستقر على األرض أمام امرأة ‪ .. 3‬تقف دقات الساعة )‬
‫امرأة ‪ " : 3‬التفاحة اختارتني ( يقف الجميع أمامها مبهوتين ‪ ،‬تضحك ضحكة مجلجلة ) طبيعي ‪ ،‬دايما ً‬
‫التفاحة بتختا ر اللي يستحقها ‪ ،‬طبيعي تختارني أنا ‪ ،‬أنا يا مغفلين ‪ ،‬يا أغبيا يا لمامة يا مقرفين ‪ ،‬يا‬
‫وهمانين ياللي فاكرين الحظ هيقف معاكم لمجرد إنكم بتحاولوا ‪ ،‬مش عارفين إن الحظ له ناسه ‪،‬‬
‫ملهاش عالقة بالتعب والعرق ‪ ،‬احنا هنا ف بيت الحظ ‪ ،‬وأنا بنت الحظ "‬
‫( تضحك وتخرج من حيث تدحرج الرجال من قبل ‪ ،‬يدخل من حيث خرجت بالضبط الباشمهندس )‬
‫الباشمهندس ( في أسى ) ‪ " :‬مسكينة ‪ ..‬غرورها مصورها إنها تقدر تاخد أي حاجة ( يتنهد ) يال ‪..‬‬
‫خليها عايشة ف وهم إنها خدت التفاحة ‪ ..‬مسكينة "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬بتقول ‪ ..‬وهم إنها خدت التفاحة ! "‬

‫‪19‬‬
‫الباشمه ندس ‪ " :‬أيوا ‪ ،‬هي خدت تفاحة صيني ‪ ..‬مسكينة ( ينظر إلى الرجل المقتول ) مسكين ‪ ،‬مفكر‬
‫نفسه يقدر يسرق التفاحة ‪ ،‬كأن التفاحة مالهاش إرادة خاصة بيها ‪ ،‬آدي آخرة كل اللي يحاول يلعب في‬
‫النظام ‪ ،‬يا عيني عليك ‪ ..‬مش أول واحد ‪ ،‬ومش هتبقى آخر واحد "‬
‫رجل ‪ ( 3‬في حيرة شديدة ) ‪ " :‬طب إيه ؟ "‬
‫الباشمهندس ( متخلصا ً من حزنه فجأة بلهجة مرحة ) ‪ " :‬إيه ! احنا مكملين مع بعض عادي ‪ ،‬بس‬
‫الظروف دلوقتي ف صالحكم أكتر ‪ ،‬واحدة مشيت وبقيتوا خمسة بدل ستة ‪ ،‬خبر يفرح مش كدة ؟ "‬
‫الخمسة ‪ " :‬آه آه خبر يفرح "‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬يبقى تستنوا زي ماكنتم ‪ ..‬التعليمات الجديدة ‪ ،‬تاكلوا كتير ‪ ،‬اللي هياكل أكتر هتزيد‬
‫فرصة حصوله على التفاحة "‬
‫رجل ‪ " : 2‬ناكل إيه طيب ؟ "‬
‫رجل ‪ " : 1‬يعني انتوا هتجيبولنا أكل ؟ "‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬ممنوع األسئلة ‪ ..‬ماتنسوش إن التفاحة بينكم ‪ ..‬كلوا كتير "‬
‫( يغادر الباشمهندس ‪ ،‬تدق عقارب الساعة ‪ ..‬تضاء بقعة في مقدمة المسرح في المستوى السفلي على‬
‫منظر لمكتب ‪ ،‬بينما تخفت إضاءة منطقة بيت الحظ بالتدريج ‪ ..‬على المكتب أباجورة ومجلدات علمية‬
‫وأوراق متناثرة وأقالم ‪ ،‬خلف المكتب يجلس فتى في أوائل العشرينات من عمره مرتديا ً فانلة داخلية‬
‫بيضاء وبنطلون كستور ونظارة طبية ‪ ،‬يمسك الفتى في يده كتابا ً )‬
‫الفتى ‪ " :‬نظرية التطور ‪ ..‬اإلنتخاب الطبيعي ‪ ..‬نظرية في غاية التعقيد ‪ ،‬ملخصها ببساطة وبلغة‬
‫الشعب إن البقاء لألصلح ‪ ،‬يعني الطبيعة بكامل إرادتها بتختار من أبنائها اللي يكمل ‪ ،‬حسب اللي يقدر‬
‫منهم يتكيف مع ظروفها ‪ ،‬والباقي بتفنيه ‪ ،‬والكون بيستمر ‪ .‬أنا فاكر لحظاتي األولى ف الكون كويس جداً‬
‫‪ ،‬مش قصدي لحظة والدتي ‪ ،‬قصدي قبلها بتسع شهور ‪ ،‬مافيش كتير زيي أنا عارف ‪ ،‬الحظت دة ‪ ،‬لكني‬
‫فعالً فاكر اللحظة األولى ‪ ..‬ليلة خميس ‪ ،‬رب أسرة مكافح مثابر ‪ ،‬شريف محترم شغال شغالنة حكومي ‪،‬‬
‫زوجة مخلصة ست بيت جدعة بمية راجل ‪ ،‬بيلتحموا اإللتحام األزلي المقدس ‪ ،‬بتنطلق سهام عارفة‬
‫طريقها كويس ‪ -‬ساهم ف إنطالقتها أكلة السمك اللي كلوها ع العشا ليلتها ‪ 250 ، -‬مليون سهم منوي‬
‫إنطلقوا ف رحلة البحث عن الهدف الكامن في رحم األنثى ‪ ،‬انطلقوا ف رحلة البحث عن الحياة ‪ ،‬حياتي ‪..‬‬
‫الغريب إنهم عارفين إن واحد منهم بس هيصيب الهدف وع الرغم من كدة مكملين ‪ ،‬مكملين ف وسط‬
‫مواصالت وزحمة وحر وعرق ‪ ..‬صراع ‪ ..‬وكنت أنا نتيجة الصراع ‪ ،‬وسبب الصراع ‪ ،‬وطرفي الصراع‬
‫كمان ‪ ..‬أنا السهم األوحد المنتصر على ‪ 250‬مليون من اخواته ‪ -‬أيا ً كانت الطرق شريفة وال الء بس‬
‫المهم اإلنجاز ‪ -‬وأنا الهدف الغالي الثمين اللي دار حواليه الصراع ‪ ،‬لما خرجت أخيرا ً من بطن أمي لقيت‬

‫‪20‬‬
‫نفسي ال نسيت الشعور دة وال الشعور دة ‪ ،‬دايما ً عندي الطاقة للسعي واإلنجاز والتميز ‪ ،‬وف نفس‬
‫الوقت شايف إن كل حاجة ف الكون بتحصل عشاني ‪ ،‬الشمس بتطلع ف النهار وتخلي الجو دفا عشان‬
‫انزل الكلية ‪ ،‬وتغيب بليل عشان أنام أو أسهر أمارس مكالمة مع زميلتي ف الدرس محورها الظاهري‬
‫الزمالة ومحورها الباطني الشهوة ‪ ،‬النبات بيرمي جذوره ف التربة وبيعمل عملية البناء الضوئي عشان‬
‫آكل ثمار المانجة والبرتقال وانا بتفرج ع المسلسل األجنبي ‪ ،‬الكون كله خادم مستورد من الحبشة مسخر‬
‫لتلبية أحالمي ‪ ،‬بس الناس ‪ ..‬مش عارف ‪ ..‬الناس دايما ً بتحاول تمشيني ف مسار تاني ‪ ،‬مسار غير‬
‫المسار الطبيعي ‪ ،‬أنا بشوف الناس زي ماهي ‪ ،‬حيوانات منوية وبويضات ‪ ،‬ولكن ف نهاية المسار اللي‬
‫بياخدوه ف حي اتهم مفيش أي بويضات ‪ ،‬وبيقنعوني إن هو دة المسار ‪ ،‬اللف ف دواير ‪ ..‬قواعد اللي‬
‫حواليك بتتفرض عليك لمجرد إنك اتوجدت وسطهم ‪ ،‬وبسرعة قبل ما تلحق تاخد فرصتك للتعرف على‬
‫المكان واستكشافه ‪ ،‬عن طريق ضغط طويل مؤلم بتتزرع قواعدهم جوة دماغك وتمد جذورها لباقي‬
‫جسمك ‪ ،‬وتب دأ تنسى ذكرياتك األولى واحدة واحدة ‪ ،‬وماتبقاش شايف ال وراك وال قدامك ‪ ،‬ماتبقاش‬
‫شايف غير المكان اللي انت واقف فيه ‪ ،‬وتتحرك بقوة الدفع بدون أي إرادة مستقلة ( ينظر الفتى إلى‬
‫الكتاب ثم يلقيه بإهمال ) هو ليه الزم نعمل أي حاجة ؟ ‪ ..‬وليه مش أنا اللي ألزم نفسى ع اللي انا عايزه ؟‬
‫‪ ..‬أنا كل ماخد وقفة ‪ ،‬فجأة ‪ ،‬وانا ف وسط الجري الكتير ‪ ،‬بالقي نفسي بسأل ‪ :‬هو أنا بعمل إيه وليه‬
‫ولمين ؟ ع األقل ف البداية خالص كان فيه بويضة في نهاية النفق ‪ ،‬اإلحتماالت كان ضعيفة ولكن‬
‫موجودة ‪ ،‬إنما دلوقتي أنا فعالً شايف إن مفيش حاجة ف النهاية ‪ ..‬طب إحنا بندور حوالين إيه ؟ ‪..‬‬
‫بحاول أفهم مش عارف ‪ ،‬وبحاول أالقي حد يفهمني مش القي ‪ ،‬ماحدش فاضي يجاوبني ‪ ،‬أنا الوحيد اللي‬
‫واقف وكلهم بيجروا ‪ ،‬بيجروا من غير توقف ‪ ،‬ماحدش فيهم فاضي عشان حتى هو نفسه يفهم ‪ ،‬طب‬
‫أعمل إيه ؟ مفروض أكمل جري زيهم وخالص ؟ ماعدش نا فع بعد ماوقفت وشفت المنظر على بعضه ‪،‬‬
‫طب أكمل ف وقفتي ؟ وآخرتها ؟ هقدر مثالً أمشي ف مسار تاني ؟ هقدر أمشي ضد التيار ؟ ضد كل‬
‫الزحمة واألفواج اللي بتزقني وتحركني بقوة الدفع دي ‪ ،‬هقدر أخلق مساري الخاص ؟ ( تخطر في ذهنه‬
‫فكرة ‪ ،‬يقفز ليقف على المكتب ‪ ،‬يرفع يده كأنه يخطب في جمهور ) بصفتي الحاكم العسكري للمجرة ‪،‬‬
‫والمالك األوحد لكل النباتات والحيوانات ووحيدات الخاليا ‪ ،‬أعلن قراري ‪ ..‬إلغاء اإلنتخاب الطبيعي ‪ -‬أو‬
‫تعديله ‪ ،‬مش عارف يعني ‪ -‬المهم إن البقاء مش لألصلح ‪ ،‬البقاء مش للي بيجروا وخالص ‪ ،‬البقاء مش‬
‫للي بيعيشوا اليوم بيومه ‪ ،‬اللي بيجمعوا أكلهم ويخزنوه وياكلوه عشان يخليهم يكملوا جري ‪ ،‬ويختفوا‬
‫وقت األزمات في بيات شتوي طويل ‪ ،‬جوة كهوف حجرية ضلمة حابساهم وهم مفكرين إنها موفرالهم‬
‫األمان ‪ ،‬اللي حولوا الحب لجنس بيمارسوه من غير مشاعر وال أحاسيس لمجرد إنهم يحافظوا على‬
‫ساللة هم مش عارفين ليه بيحافظوا عليها ‪ ..‬البقاء للحياة وليس للبقاء "‬

‫‪21‬‬
‫( ينزل من على المكتب ‪ ،‬ينحني وكأنه يتلقى التحية من جمهور وهمي ‪ ،‬يدخل دائرة الضوء رجل في‬
‫منتصف العمر يرتدي مثله بالضبط ‪ ،‬ولديه شارب كث وكرش كبير ‪ ،‬يقترب منه من الخلف ويصفعه‬
‫بقوة على قفاه )‬
‫الرجل ‪ " :‬خش ذاكر ياال "‬
‫الفتى ( منكسرا ً ) ‪ " :‬حاضر يا بابا "‬
‫( يتلقى الرجل التحية مكانه من الجمهور الوهمي ‪ ..‬يشير إلى رجال الجينز والكاسكيت المقلوب الذين‬
‫يدخلون من الظالم ويسحبوا الفتى خائر القوى كاألسير إلى خارج المسرح ‪ ،‬يتبقى منهم فقط على‬
‫المسرح رجل الكالكيت الذي ينظر إلى الجمهور )‬
‫رجل الكالكيت ‪ " :‬الفصل الثالث ‪ ..‬الدوامة "‬
‫( يغلق لوحة الكالكيت )‬

‫‪22‬‬
‫الفصل الثالث ( الدوامة )‬

‫( يضاء المسرح على بيت الحظ بينما تختفت البقعة في مقدمة المسرح بالتدريج حتى تظلم تماما ً ‪..‬‬
‫تتغير وضعية التمثال الروماني إلى وضعية التائه الحائر ‪ ،‬تتغير أماكن الجلوس إلى ستة أرجوحات ‪،‬‬
‫يدوي بشكل خافت صوت أمواج بحر ‪ ،‬في وجود الخمس أبطال المتبقيين ‪ ،‬وبينهم الرجل الذي قتلوه ‪،‬‬
‫يمسكون بأقداح قهوة بدالً من زجاجات مياه غازية )‬
‫امرأة ‪ " : 1‬يعني إيه اللي قاله دة ؟ "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬عايزنا ناكل إيه بالظبط ؟ "‬
‫رجل ‪ " : 1‬أنا زهقت ‪ ،‬هو مش بيدي التفاحة للي هو عايزه ويريحنا ليه ؟ "‬
‫رجل ‪ " : 3‬مفيش حاجة بتيجي بالساهل "‬
‫رجل ‪ " : 2‬خلونا نمشي ورا التعليمات ‪ ،‬هنخسر إيه ؟ هو طلب مننا ناكل ‪ ،‬حد معاه أكل ؟ "‬
‫امرأة ‪ ( 2‬مشيرة المرأة ‪ " : ) 1‬دي أكيد معاها أكل "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬وانا لو معايا أكل هخبيه ليه ؟ "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬أنا عارفة أشكالكوا ‪ ،‬تبقى مخبية كيس ف الشنطة وتخش أي مكان تملى منه وتملى‬
‫وتملى "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬انتي هبلة يا ست انتي ! "‬
‫رجل ‪ " : 2‬بس بقى يا نسوان ‪ ،‬بطلوا صداع ‪ ،‬خالص سواء معاها أكل وال الء ‪ ،‬طالما مش عايزة‬
‫تطلعه هي حرة "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬وحياة عيالي ما معايا أكل "‬
‫رجل ‪ " : 2‬مصدقينك يا ست ‪ ..‬تعالوا ندور ف المكان ‪ ،‬يمكن نالقي حاجة تتاكل هنا وال هنا "‬
‫رجل ‪ " : 1‬ندور فين بس يا عم انت ! المكان فاضي قدامك اهو "‬
‫رجل ‪ ( 2‬مشدوها ً ) ‪ " :‬قدامنا اهو ! المكان فيه أكل يا جماعة "‬
‫رجل ‪ ( 1‬في ملل ) ‪ " :‬وريهولي "‬
‫( يشير رجل ‪ 2‬في صمت إلى جثة الرجل المقتول ‪ ،‬يبدو عليهم جميعا ً التقزز )‬
‫امرأة ‪ " : 1‬الء ‪ ..‬الء "‬
‫رجل ‪ " : 2‬عندك إقتراح تاني ؟ "‬
‫رجل ‪ " : 1‬أيوا بس دة ‪" ..‬‬

‫‪23‬‬
‫رجل ‪ ( 3‬مقاطعا ً ) ‪ " :‬أنا موافق "‬
‫رجل ‪ " : 1‬موافق ! "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬وأنا موافقة ‪ ،‬أنا هعمل أي حاجة عشان خاطر التفاحة "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬وأنا كمان زيكم "‬
‫رجل ‪ ( 1‬محاوالً الدفاع على وجهة نظره ) ‪ " :‬إيه القرف دة يا جماعة ! أكيد بتهزروا ‪ ،‬مش ممكن‬
‫يوصل حالنا للدرجة دي ‪ ،‬أيوا إحنا محتاجين التفاحة ونعمل أي حاجة عشانها بس إحنا مهما كان بني‬
‫آدمين ‪ ،‬يعني ‪ ( ..‬يقطع خطبته وكأنما أرهقه التظاهر ) ماشي يال ناكل "‬
‫( بمجرد إنتهاء كلمته تنفتح في الخلفية حجرة شواء بها نار ‪ ،‬ينظرون إلى بعضهم ‪ ،‬يحملون الرجل‬
‫ويلقونه في النار ويغلقون باب الحجرة ‪ ،‬تمر ثانية وينفتح باب الحجرة ليتقافز منه شطائر لحم‬
‫يلتقطونها ويناولونها لبعض ويبدأون في القضم باستمتاع ‪ ،‬تصدر أصواتا ً حيوانية من كل منهم‬
‫ويالحظ في القادم من األحداث أنهم بدأوا يتحولون في إشاراتهم وأدائهم الجسماني و الصوتي بالتدريج‬
‫إلى حيوانات )‬
‫رجل ‪ " : 1‬مش بطالة خالص "‬
‫رجل ‪ : 2‬أحلى من أكل المطاعم "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬أحلى من األكل اللي انا بعمله "‬
‫امرأة ‪ ( 2‬مداعبة ) ‪ " :‬طب مش هنبلع وال إيه ؟ "‬
‫( ينفتح باب في التمثال ليظهر من تحته ثالجة مليئة بزجاجات البيرة المثلجة ‪ ،‬يناولونها لبعضهم‬
‫البعض وهم يضحكون في مرح )‬
‫رجل ‪ " : 3‬خدمة خمس نجوم "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬بقالي فترة ماضحكتش كدة "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬ناقص مسلسل الساعة ‪ 9‬وننام "‬
‫رجل ‪ " : 2‬سيبكم بقى من الكالم دة ‪ ..‬خدتوا بالكم لما قال إن التفاحة بينكم ؟ "‬
‫( يبدو عليهم أنهم تذكروا ذلك فجأة ‪ ،‬عدا رجل ‪ 3‬الذي بدا عليه الضيق وحاول أن يخفيه عنهم برغم‬
‫ذلك )‬
‫رجل ‪ " : 3‬يا عم سيبنا ناكل وبعدها نتكلم ( موجها ً كالمه للمجموعة ) دة رخم قوي "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬بتفتكر حاجات غريبة انت يا جدو "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬ماهو الباشمهندس تحسه بيقول أي كالم "‬
‫رجل ‪ " : 2‬يا جماعة ماهو كالمه دة اللي هيوصلنا للتفاحة "‬

‫‪24‬‬
‫رجل ‪ " : 1‬صحيح ‪ ..‬مش عايزين ننسى نفسنا ف األكل ‪ ،‬والباشمهندس بيقول كالم غريب ‪ ،‬بس‬
‫بيطلع مهم لما بنعرف معناه "‬
‫رجل ‪ " : 3‬وتفتكروا يقصد إيه يا عباقرة لما قال إن التفاحة بينا وانت شايف بنفسك إن المكان فاضي ؟ "‬
‫رجل ‪ " : 2‬مش عارف ‪ ،‬بس لو فكرنا سوا أكيد هنفهم هو يقصد إيه "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬ماشي نفكر "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬فكروا ‪ ،‬أما نشوف آخرتها "‬
‫رجل ‪ " : 2‬الباشمهندس قال باللفظ ‪ -‬حسب مانا فاكر ‪ -‬إن اللي هياكل أكتر هتزيد فرصة حصوله ع‬
‫التفاحة ‪ ،‬ماتنسوش إن التفاحة بينكم "‬
‫رجل ‪ ( 1‬مفكرا ً في عمق ) ‪ " :‬التفاحة بينا ‪ ..‬التفاحة بينا "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬كالم مالوش معنى ‪ ،‬يعني إيه التفاحة ‪" ..‬‬
‫رجل ‪ ( 2‬مقاطعا ً ) ‪ " :‬يعني حد مننا معاه التفاحة من األول "‬
‫( يقطع كالمه ضربة من رجل ‪ 3‬على مؤخرة عنقه فيسقط مغشيا ً عليه ‪ ،‬يجره رجل ‪ 3‬إلى حجرة‬
‫الشواء فيلقيه في النار التي فيها بال تردد ‪ -‬وسط ذهول البقية ‪ -‬تغلق حجرة الشواء وتفتح فتخرج منها‬
‫شطيرة لحم تقع في يد رجل ‪ 3‬فيأكل منها في نهم )‬
‫رجل ‪ " : 1‬انت عملت إيه ! "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬انت موتته ! "‬
‫رجل ‪ " : 3‬اللي ياكل أكتر ‪ ،‬يالقي التفاحة "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬ماهو دة اللي كان هيخلينا نالقي التفاحة "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬هو اللي كان بيفهم كالم الباشمهندس "‬
‫رجل ‪ " : 3‬انتوا هبل ‪ ،‬وهو كان اهبل منكم ‪ ،‬التفاحة هتروح لواحد مننا بس ‪ ،‬واحد بس ‪ ،‬وانا‬
‫ماعنديش استعداد أضيعها عشان بحب أفكر بصوت عالي مع ناس طمعانة ف نفس اللي انا طمعان فيه‬
‫"‬
‫رجل ‪ " : 1‬انت نسيت حاجة مهمة "‬
‫رجل ‪ " : 3‬نسيت إيه ؟ "‬
‫رجل ‪ " : 1‬آ خر كلمة هو قالها ‪ ،‬إن حد مننا معاه التفاحة من األول ‪ ،‬ليه مايكونش هو اللي معاه‬
‫التفاحة ( يمتقع وجه رجل ‪ ) 3‬حركة ف منتهى الذكاء يا عبقري "‬
‫رجل ‪ " : 3‬مستحيل ‪ ..‬هيبقى معاه التفاحة ويقول على نفسه ! "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬ليه الء ؟ ممكن يكون بيتوهنا ‪ ،‬بيقول كدة وعارف إننا هنستبعده من حساباتنا "‬

‫‪25‬‬
‫رجل ‪ " : 3‬الال ‪ ..‬مستحيل ‪ ..‬ماكنش حط الفكرة ف دماغنا أصالً ‪ ،‬إحنا كلنا كنا مشغولين باألكل "‬
‫( تقطع كالمه الفتاة البهلوانية التي تدخل بحركاتها الراقصة المعتادة ‪ ،‬تتجه إلى رجل ‪ 3‬وتقبله على‬
‫خده وتعطيه مسدسا ً وتخرج كما دخلت ‪ ،‬يتأمل رجل ‪ 3‬المسدس مليا ً ثم يصوبه ناحيتهم في صمت ‪..‬‬
‫تدق الساعة ‪ ..‬يثبتون على وضعهم كأنها صورة فوتوغرافية ‪ ..‬يدوي صوت جرس تليفون بشكل‬
‫مزعج ‪ ..‬يختفت تدريجيا ً مع إضاءة بيت الحظ ‪ ،‬بينما يضيء المسرح على بقعة في المستوى السفلي‬
‫في المقدمة ‪ ..‬يظهر سرير وثير بجواره كومودينو عليه أباجورة مضيئة وختم ضخم ‪ ،‬بجوار السرير‬
‫مقعد وثير تجلس عليه إمرأة في منتصف العمر ترتدي ثياب نوم قصيرة ‪ ،‬وتمدد رجليها على السرير ‪،‬‬
‫يدخل دائرة الضوء رجل في منتصف العمر ممسكا ً بمجموعة أوراق في يده ‪ ،‬ما أن يراها حتى يتوقف‬
‫فجأة ‪ ،‬ال تغير المرأة وضعية جلوسها )‬
‫الرجل ‪ " :‬آسف ‪ ..‬شكلي دخلت هنا بالغلط ‪ ..‬مش دة مكتب األستاذ رأفت ؟ "‬
‫المرأة ‪ " :‬ال دة مكتبي أنا ‪ ..‬مكتب األستاذ رأفت آخر الطرقة "‬
‫الرجل ‪ " :‬آه معلش ‪ ..‬الواحد بييجي يقضي مصالح هنا كل اسبوع تقريبا ً ‪ ،‬وكل مرة الزم يتوه ‪،‬‬
‫المبنى كبير قوي أصله ( ال تبدي إستجابة على كالمه ) عموما ً آسف ع اإلزعاج ‪ ..‬عن إذنك "‬
‫المرأة ‪ " :‬استنى ( يتوقف الرجل في طريقه للخروج ) انت ممكن تقعد شوية ‪ ،‬أنا ماوراييش شغل‬
‫( يستدير ويجلس على طرف السرير ) تشرب حاجة ؟ ( يهز رأسه نفيا ً ) كويس ‪ ،‬كنت هتضطرني أقوم‬
‫‪ ..‬قولي انت جاي هنا ليه ؟ "‬
‫الرجل ( يناولها ورقة مما معه ) ‪ " :‬مفيش ‪ ..‬جاي أختم ورق وماشي على طول ‪ ،‬بيع وشراء "‬
‫المرأة ‪ " :‬وانت بايع وال شاري ؟ "‬
‫الرجل ( يناولها ورقة أخرى تأكيدا ً على كالمه ) ‪ " :‬شاري وهللا ‪ ،‬عمري ماكنت بايع "‬
‫المرأة ‪ " :‬واشتريت إيه يا شاري ؟ "‬
‫الرجل ‪ " :‬اشتريت ( يقترب منها ويتأملها وكأنه يتأمل سلعة ) كلبة ‪ ..‬إنما فرسة ‪ ..‬قصدي جامدة ‪..‬‬
‫طول بعرض ‪ ..‬محتاجة اللي يقدرها ‪ ،‬وانا بقدر النوعية دي من الكالب "‬
‫المرأة ‪ " :‬وبتقدرها إزاي بقى ؟ "‬
‫الرجل ‪ " :‬باخدها معايا ف كل مكان ‪ ،‬و بحمّيها بنفسي ‪ ،‬بنضفها بإيدي حتة حتة ‪ ،‬والزم وضروري‬
‫ألعب معاها لما أروح من الشغل ‪ ،‬ماينفعش أخليها محتاجة حاجة "‬
‫المرأة ‪ " :‬يا بختها ( توقف إقترابه بيدها ) عمرك مرة جربت ترجع من الشغل وما تلعبش معاها ؟ "‬
‫الرجل ( مفكرا ً ) ‪ " :‬آه حصلت مرة "‬
‫المرأة ‪ " :‬وحالتها بقت عاملة إزاي ساعتها ؟ "‬

‫‪26‬‬
‫الرجل ‪ " :‬أبدا ً ‪ ..‬لقيتها قاعدة مكلضمة ‪ ،‬قاعدة ممددة ع السرير ‪ ،‬مستنية حد غيري يلعب معاها "‬
‫المرأة ( تتمدد بجسدها على السرير ) ‪ " :‬هي المفروض الكلبة تعمل إيه عشان صاحبها يلعب معاها ؟ "‬
‫الرجل ‪ " :‬الكلبة بتاعتي كانت بتهوهو وتهز ديلها ( يقبلها في ظهرها بينما يناولها ورقة أخرى )‬
‫فاعرف على طول إنها محتاجة تلعب "‬
‫المرأة ‪ " :‬ولو انت عرفت وبرده سيبتها ‪ ،‬تعمل إيه ؟ "‬
‫الرجل ‪ " :‬الزم تلعب ‪ ،‬مافيش كلبة تعرف تعيش من غير لعب "‬
‫المرأة ‪ " :‬ولو الكلبة مش عايزة تلعب مع حد غير راجلها ؟ طب هو ليه كان بيشتريها من األول ؟‬
‫األكل والشرب مش كل حاجة ‪ ،‬أي كلبة تعرف تاكل وتشرب لوحدها لو عايزة "‬
‫الرجل ( يلتقط الختم من الكومودينو ويناوله لها في يدها ) ‪ " :‬بتتكلمي كتير قوي "‬
‫( يستمر في التقبيل لثوان وهي ثابتة بال حراك كالتمثال ‪ ،‬فجأة تستدير وتعيد إليه أوراقه في قوة )‬
‫المرأة ‪ " :‬الكالم مهم في اللعب "‬
‫الرجل ( في إرتباك ) ‪ " :‬أنا ‪ ..‬أنا ‪" ..‬‬
‫المرأة ( تستدير عنه ) ‪ " :‬روح لمكتب أستاذ سيد ف الدور اللي تحتينا هيمضيلك ورقتك ‪ ،‬وبعدين‬
‫تاخد الورقة وتطلع على مكتب المدير باألسانسير تمضيها من هنا ‪ ،‬وتروح ألوضة أبلة عفت جمب‬
‫البوفيه تختمهالك "‬
‫الرجل ‪ " :‬استني بس أما أقولك ‪" ..‬‬
‫المرأة ( مقاطعة ) ‪ " :‬عن إذنك ‪ ..‬ورايا شغل "‬
‫الرجل ‪ " :‬أنا عملت حاجة غلط ؟ "‬
‫المرأة ‪ " :‬امشي "‬
‫الرجل ‪ " :‬طب أنا بحبك "‬
‫المرأة ‪ " :‬هطلبلك األمن "‬
‫الرجل ( ينهض غاضبا ً ) ‪ " :‬الواحد عمر ما مصلحته قضيت ف المبنى دة أبدا ً "‬
‫( يخرج من المسرح ‪ ،‬يخرج رجل الكالكيت من تحت السرير ‪ ،‬يدخل من الظالم إثنان من رجال الجينز‬
‫والكاسكيت المقلوب ‪ ،‬يشيرون إلى المرأة فتخرج معهم في كبرياء ‪ ،‬يتقدم رجل الكالكيت ناحية‬
‫الجمهور )‬
‫رجل الكالكيت ‪ " :‬الفصل الرابع ‪ ..‬السقوط "‬
‫( يغلق لوحة الكالكيت )‬

‫‪27‬‬
‫الفصل الرابع ( السقوط )‬

‫( صوت دقات الساعة ‪ ..‬إظالم تدريجي على مقدمة المسرح بينما يضاء المسرح على بيت الحظ ‪..‬‬
‫بدون األبطال الستة وأماكن جلوسهم ‪ ،‬في الواجهة الساعة الدقاقة ‪ ،‬وأصص الزراعة ‪ ،‬وتمثال‬
‫روماني وقد إتخذ وضعية التائه ‪ ،‬يجلس الباشمهندس والفتاة البهلوانية القرفصاء بجانب بعضهما‬
‫البعض )‬
‫الفتاة ‪ " :‬يا صفايح الزبدة السايحة ‪ ..‬يا براميل القشطة النايحة "‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬أحلى من الشرف مافيش "‬
‫الفتاة ‪ " :‬الكونياك مشروب البنت المهذبة "‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬شغلتك على المدفع بررم "‬
‫الفتاة ‪ " :‬أنا بحبك يا وحيد "‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬شرف البنت زي عود الكبريت ‪ ،‬مايولعش إال مرة واحدة "‬
‫الفتاة ‪ " :‬إسأل حماتك ‪ ..‬مدوباهم إتنين "‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬تعالى أما أخبيك ف بؤي "‬
‫الفتاة ‪ " :‬نشنت يا فالح "‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬يا عيني ع الصبر "‬
‫الفتاة ‪ " :‬بلد بتاعة شهادات صحيح "‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬دي مربى يا معلمي "‬
‫الفتاة ‪ " :‬شلت يداي "‬
‫الباشمهندس ‪ " :‬سر جمال الست كعب جزمتها "‬
‫( يضحكان ضحكا ً هستيريا ً متقطعا ً ‪ ..‬تنطفيء اإلضاءة عليهم بالتدريج بينما تحدث ومضات في‬
‫المستوى السفلي في المقدمة نرى من خالله الرجال بالجينز والكاسكيت المقلوب مهرولين راحين‬
‫غادين بال هدف ‪ ..‬يضاء بيت الحظ مرة أخرى ‪ ،‬يُسمع بشكل خافت موسيقى جنائزية ‪ ،‬وبه رجل ‪3‬‬
‫يصوب المسدس ناحية باقي األبطال بنفس الصورة التي انتهى عليها المشهد السابق ‪ ،‬تتغير‬
‫األرجوحات إلى كراسي متحركة ‪ ..‬وضعية التمثال الروماني متغيرة لرجل يبكي في ندم ‪ ..‬يُالحظ هنا أن‬

‫‪28‬‬
‫تحول رجل ‪ 3‬قد اكتمل تماما ً إلى غوريال مشعرة تمشي جزئيا ً على أربع وله ظهر محني واختفي صوته‬
‫البشري تماما ً وحل محله صوت حيواني بالكامل مع أصوات زمجرة ال إرادية من الحين واآلخر )‬
‫رجل ‪ " : 3‬بقت واضحة ‪ ..‬هم عايزيني أنا اللي آخد التفاحة "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬يعني هتموتنا ‪ ..‬بعد العشرة الطويلة دي كلها هتموتنا "‬
‫رجل ‪ " : 3‬ال مش هموتكم ‪ ،‬لو اللي معاه التفاحة طلعها دلوقتي ماحدش هيموت ‪ ،‬ياريت كل واحد‬
‫يطلعلي اللي ف جيبه وف شنطته دلوقتي حاالً ‪ ،‬ويحدفلي الشنطة أول ما يفضيها "‬
‫( يخرج رجل ‪ 1‬من حقيبته كشافا ً ‪ ،‬تخرج إمرأة ‪ 2‬ختما ً ‪ ،‬تخرج إمرأة ‪ 1‬حصالة نقود ‪ ..‬يلقون جميعهم‬
‫حقائبهم إليه )‬
‫رجل ‪ " : 3‬انا قلت طلعوا كل حاجة "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬مانا طلعت كل حاجة "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬حاسب بس السالح يطول "‬
‫رجل ‪ " : 1‬الشنط عندك ‪ ،‬فتشها لو عايز "‬
‫رجل ‪ ( 3‬يفتش الشنط في جنون ) ‪ " :‬انتوا هتستعبطوا ! مش معقول تكون التفاحة مش هنا ‪ ،‬أكيد‬
‫موجودة ‪ ،‬أكيد ‪ ( ..‬يتوقف فجأة وقد لمعت عيناه ) أكيد التفاحة هي حاجة من اللي انتوا طلعتوها‬
‫( يتطلع إلى األشياء التي أخرجوها ) يا ترى هي أنهي فيهم ؟ أنهي فيهم ؟ ( يضحك فجأة ) هحير‬
‫نفسي ليه ؟ التالتة من نصيبي ‪ ،‬وتطلع التفاحة زي ماتطلع ‪ ،‬المهم إنها معايا "‬
‫( ينظر للثالثة )‬
‫رجل ‪ " : 1‬يا بختك يا عم "‬
‫إمرأة ‪ " : 1‬تدوبها ف عرق العافية "‬
‫إمرأة ‪ " : 2‬قطيعة تقطعه جوزي "‬
‫رجل ‪ " : 3‬سيبنا بقى من الكالم دة ‪ ،‬أنا دلوقتي بفكر ‪ ،‬أعمل فيكم إيه ؟ "‬
‫إمرأة ‪ " : 2‬تعمل فينا إيه يا راجل ؟ "‬
‫رجل ‪ " : 1‬انت مش خدت تفاحتك ! عايز إيه مننا تاني ؟ "‬
‫رجل ‪ " : 3‬أنا استمتعت كتير بلعبة التفاحة دي ‪ ،‬ماقدرش أنكر ‪ ،‬ماعرفش إحساس كل واحد فيكم ‪،‬‬
‫بس بالنسبة لي كنت متلذذ بكل حاجة عملتها عشان أوصل للي وصلتله ‪ ،‬وعلى قد مانا مبسوط إني‬
‫انتصرت ف اآلخر ‪ ،‬على قد ما زعالن إن اللعبة انتهت "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬كالمك مش مطمني ‪ ،‬قلبي اتوغوش "‬

‫‪29‬‬
‫رجل ‪ " : 3‬انتوا كدة دوركم خلص ‪ ،‬ماقدرش أقول إني هفتقدكم ‪ ،‬وال أي حد هيفتقدكم ‪ ،‬وماظنش لو‬
‫جبنا خمسة ستة مليون من عينتكم وولعنا فيهم بجاز ‪ ،‬إن أي حد هيفتقد أي حاجة ‪ ،‬وف نفس الوقت‬
‫أنا خالص خدت التفاحة ‪ ،‬بس دة ما يمنعش إني أكافيء نفسي بتسلية أخيرة ‪ ،‬قبل ما أخرج من هنا "‬
‫رجل ‪ " : 1‬تسلية أخيرة ! "‬
‫رجل ‪ " : 3‬عن إذنكم بقى أيها السادة الفاشلون ‪ ،‬دي النهاية بالنسبة لكم "‬
‫( يطلق النار على الثالثة ‪ ،‬يتجمد جسدهم جميعا ً ووجوههم ونظراتهم ‪ ..‬تضاء بقعة خلف مجالسهم‬
‫فيتوجهون إليها ‪ ،‬وما أن يصطفوا فيها حتى يزول عنهم الجمود وتبدو على وجوههم الغيظ ‪ ،‬يلملم‬
‫رجل ‪ 3‬أشياءهم ويضعها ف حقيبة )‬
‫امرأة ‪ " : 2‬يابن الكلب "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬دة موتنا بجد ‪ ،‬صعبان عليا نفسي قوي "‬
‫رجل ‪ " : 1‬وهياخد التفاحة "‬
‫رجل ‪ " : 3‬هو الباشمهندس مش مفروض ييجي يحييني وال يكرمني وال يعمل أي حاجة ؟ طب أستناه‬
‫وال امشي ؟ أنا أستحق التكريم "‬
‫رجل ‪ " : 1‬شوف البجاحة "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬شوف الجبلة "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬وال كأنه عمل حاجة "‬
‫( تدوي دقات الساعة )‬
‫رجل ‪ ( 3‬مفكرا ً ) ‪ " :‬الوقت ‪ ..‬الوقت ‪ ..‬مابقاش قدامي وقت ‪ ..‬الباشمهندس اتأخر عليا ( يصرخ مناديا ً )‬
‫يا باشمهندس ‪ ..‬يا باشمهندس "‬
‫( يضع رجل ‪ 3‬الحقيبة على كتفه ويخرج مناديا ً )‬
‫امرأة ‪ " : 2‬روح اولع بيها يا بعيد "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬مش هيلحق يتهنى بيها "‬
‫رجل ‪ " : 1‬بس أنا الفضول هيموتني ‪ ،‬التفاحة كانت أنهي ف التالتة ؟ متهيألي التفاحة ‪ -‬لو هخمن ‪-‬‬
‫هي الحصالة ‪ ،‬دة منطقي أكتر "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬أنا شايفة إن التفاحة هي الكشاف ‪ ،‬لو بإيدي أختار "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬التفاحة أكيد الختم ‪ ،‬اسمعوا مني ‪ ،‬أنا عارفة بقول إيه "‬
‫رجل ‪ " : 1‬ثانية واحدة ‪ ..‬انتوا مش واخدين بالكم من حاجة ؟ "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬إننا ميتين وبنتكلم ؟ "‬

‫‪30‬‬
‫رجل ‪ " : 1‬الال عادي ‪ ،‬مش دة قصدي "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬إني عايزة أدخل الحمام ‪ ،‬وإحنا ميتين ‪ ،‬و ‪" ..‬‬
‫رجل ‪ " : 1‬برده الء ‪ ..‬أقصد إن ماحدش مننا تبع الباشمهندس ‪ ،‬ماحدش عارف التفاحة أنهي "‬
‫امرأة ‪ : 2‬قصدك إيه ؟ "‬
‫رجل ‪ " : 1‬قصدي إن التفاحة ماكنتش مع حد فينا أصالً "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬يا سالم ‪ ..‬ماجايز حد فيكم بيكدب ( تنظر لفرح ) اوعي تكوني بتكدبي يا بت انتي "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬وحياة عيالي أبدا ً "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬يبقى انت اللي بتكدب "‬
‫رجل ‪ " : 1‬بالش غباء بقى ‪ ،‬أنا ميت "‬
‫امرأة ‪ " : 1‬يعني ‪ ..‬؟ "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬ممكن ‪ ..‬؟ "‬
‫رجل ‪ " : 1‬بالظبط "‬
‫الثالثة ‪ " :‬ماحدش فينا كان معاه التفاحة من األول "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬والراجل األهبل دة فاكر إنه خد التفاحة ؟ "‬
‫امرأة ‪ ( 1‬باكية ) ‪ " :‬يعني اتقتلنا ع الفاضي "‬
‫رجل ‪ " : 1‬وماخدناش التفاحة وال عرفنا هي إيه حتى "‬
‫امرأة ‪ " : 2‬مش مهم ‪ ،‬المهم إن ماحدش غيرنا خدها ‪ ،‬ال احنا وال غيرنا ‪ ،‬بس شفتوا الراجل األهبل‬
‫قعد يتنفخ إزاي وفاكر إنه خد التفاحة ؟ "‬
‫( يضحك الثالثة في هستيريا ‪ ،‬تنطفيء اإلضاءة عليهم تدريجيا ً بينما يدخل الباشمهندس والفتاة وهم‬
‫يغنون ويتراقصون في مرح ‪ ،‬تبدأ عقارب الساعة في الدق ‪ ،‬تمسك الفتاة شيئا ً ما مغطى بصندوق‬
‫مرسوم عليه تفاحة ومغلق بخيط رفيع مربوط عليه ‪ ،‬تضعه أمام الباشمهندش )‬
‫الباشمهندس ( وكأنه الزال يوجه كالمه للستة ) ‪ " :‬ودلوقتي يا سادة انتهت اللعبة ‪ ،‬ودلوقتي الفائز‬
‫هو ‪" ..‬‬
‫( يقطع كالمه ويلتفت حوله في سخرية من فضاء المكان الذي يعني سقوط الجميع )‬
‫الباشمهندس ( يفك الرباط الغالق للصندوق ) ‪ " :‬ودلوقتي الفائز هيستلم جايزتنا القيمة "‬
‫( يفتح الصندوق فيظهر بوضوح أنه خالي ‪ ..‬فجأة يتجمد هو والفتاة ‪ ،‬تدخل فتاة أخرى بزجاجتين من‬
‫اللبن وتوزعها عليهم ‪ ..‬يدخل رجل الك الكيت في ثقة ‪ ..‬تحييه الفتاة ‪ ..‬يتقدم ناحية الجمهور ويمسك‬
‫لوحة الكالكيت )‬

‫‪31‬‬
‫رجل الكالكيت ‪ " :‬الفا ‪ ..‬فا‪ ..‬فا‪..‬فاصـ‪ ..‬فاصـ ‪ ..‬صا ‪ ..‬صا "‬
‫( يستمر هكذا في اللعثمة ‪ ،‬وكأنه روبوت بطاريته على وشك النفاذ )‬

‫إظالم‬

‫‪32‬‬
‫ختام‬
‫( تُضاء بقعة في مقدمة ا لمسرح ‪ ..‬صوت دقات الساعة ‪ ..‬يظهر مرة أخرى الرجل الراغب في االنتحار‬
‫جالسا ً وسط أسرته التي انهمكت في مشاهدة الفيلم ‪ ،‬وقد سقطت رأسه على كتفه ودخل في سبات‬
‫عميق ‪ ،‬يقف حوله في شكل مثلث ‪ :‬فتى نظرية التطور ‪ ،‬المحقق ‪ ،‬رجل األوراق ‪ -‬من مشهد السرير ‪-‬‬
‫وقد أخذوا يحملقون فيه في ثبات ‪ ..‬منطقة بيت الحظ مضاءة بدورها والست شخصيات تقوم بعمل‬
‫استعراض تعبيري بطيء عن العالقة بينهم ‪ ..‬يسير الثالثة ببطء خارجين من منطقة الضوء ‪ ،‬وبنفس‬
‫البطء تخفت اإلضاءة من على بيت الحظ ‪ ،‬حتى يخرج الثالثة في نفس اللحظة التي يظلم فيها بيت الحظ‬
‫تماما ً ‪ ،‬وعندئذ يجفل الرجل متيقظا ً بدون أن يثير ذلك انتباه أحد من أسرته ‪ ،‬ويعلو صوت الفيلم أكثر ‪..‬‬
‫ينظر الرجل حوله كأنه يبحث عن شيء ما ‪ ،‬يتثاءب ويتجه إلى ركن منطقة الضوء في مكان خارج حيز‬
‫استقرار أسرته ويتمدد وينام ‪ ..‬موسيقى ا لختام ‪ ،‬فيها الكثير من الشفقة على الرجل )‬

‫ستار‬

‫‪33‬‬

You might also like