Professional Documents
Culture Documents
منذ بداية الكلمات التى أبدعها ( مأمون الشناوى ) ..نجد أنفسنا أمام عاشق يحكى لنا
..بداية حبه للمحبوب
منذ أن وقعت عليه عيناه ألول مرة ..فأدى ذلك إلى خفقان فى القلب ..ثم إنشغال الفؤاد
ونعرف بعدها أن هذا المحبوب ناوى يلعب بصاحبنا ..فيغيب عنه ويتركه فى حيرة ال ينام
الليل ويظل يفكر ويفكر ..إلى أخر األغنية ..ويتركنا نحن أيضا السميعة بدون حل
..للمشكلة ..فال هو ريحنا وال هو ريح العاشق
عمنا عبد الوهاب ..إستعمل مقام شرقى جميل جدا ..هو مقام ( البياتى ) ولعل الكثير منا
..سمع بهذا البياتى ولم يعرف ماذا يكون
البياتى ياجماعة مقام شرقى أصيل يحتوى على ثالثة أرباع التون ..وأكثرية عازفى العود
..يستخدمونه فى التقاسيم
وغالبية أغانى فريد األطرش من هذا المقام ..وهناك أغانى معروفة من مقام البياتى مثل
2
القلب يعشق كل جميل ألم كلثوم ..عودت عينى ..الحب كده ..ياحبايبى ياغايبين لفريد
.األطرش ..الكتب ع وراق الشجر لفريد أيضا ..ألخ
نجده بدأ بجملة قصيرة من القانون بدون إيقاع ( أدليب ) وترد عليه الوتريات
(الكمانجات والتشيللو ) ..ثم يدخل بالجملة الرئيسية مع دخول اإليقاع ( السنباطى ) ..
ونالحظ هنا أن عبد الوهاب لم يدخل للبياتى مباشرا ..وإنما لف ودار بنا وإستخدم جميع
( ..ال ُعرب ) الموجودة فى سلم البياتى
وال ُعربة ياجماعة لمن ال يعرفها ..هى لمس حرف خارج سلم المقام والعودة سريعا للمقام
األصلى ..يعنى عملية زخرفة ..عبد الوهاب لم يترك حرفا فى السلم إال وإستخدمه ..
..وينهى الالزمة الموسيقية بالبياتى
ويغنى المذهب ..والمذهب هنا قصير نوعا ما ..مجرد بيت من الشعر مكون من شطرتين
فقط ..ولكن عبد الوهاب طبعا يعيد ويزيد فى هذا البيت وكل إعادة بإفادة طبعا ..
وسنالحظ هنا أن عبد الوهاب يعيد الشطرة ثالثة مرات ..ليست مرتان أو أربع مرات
..كمعظم المطربين ..ليه ..ألن ده عبد الوهاب ..والبد أن يكون مختلف
خلص المذهب ..وتدخل نفس الموسيقى بدون تغيير ..ليبدأ بعدها عبد الوهاب فى غناء
أول كوبليه الذى يقول فيه
3
فاتنى وف قلبى ...شوق بيلعب بى ...وف خيالى طيف
نالحظ هنا أن عمنا مأمون الشناوى إستعمل تفعيلة أخرى فى بناء هذا البيت ..تفعيلة
.ثالثية ..ألن الراجل بيحكى الحكاية على مهلة ..عايز يقرب لينا الصورة ..حته حته
طول فى أخر الشطرة ..الحظوا ده فى جملة ( فى لحن الكالم زى ما الشاعر كتبه ..لكن ّ
ليالى الصيف ) ..وأيضا فى جملة ( وف خيالى طيف ) ..علشان يأكد المعنى ..الراجل
يطول فى الجملة اللحنية ..هما دول الملحنينبيتكلم عن ليالى وليس ليلة واحدة ..الزم ّ
إللى بيشتغلوا حسب خطة موضوعة ..مش ملحنين النهاردة ..ماعلينا ..خلينا فى إللى
..إحنا فيه
فيه حاجه كمان الزم ناخد بالنا منها ..الراجل بيقول ( قاللى كام كلمة ) وبعدين مزيكا ..
و ( يشبهوا النسمة ) وبعدها مزيكا
فى الشطرة الثانية لما قال ( فاتنى وف قلبى ) المزيكا إتغيرت ..الرد إتغير ..الحظوا ذلك
..عم عبد الوهاب مش عايزنا نزهق ..مش عايزنا ننام منه ..مع إن اللحن هو نفسه ..
..الشطرة األولى مثل الثانية ..لكن الرد الموسيقى يتغير
ثم تتغير الجملة اللحنية بعد ذلك ..بياتى برضه ..ولكن بشكل جديد ..جملة تانية خالص
..ويستعمل معها إيقاع الفوكس ..إللى إحنا عارفينه ..ويظل فى البياتى ..ويظهر إن
الصنعة صعبت عليه ..فيعرج لمقام الراست عند إعادة جملة ( إحترت أشوفه فين )
ويعود للبياتى سريعا ..وينهى الكوبليه بجملة لحنية حرة بدون إيقاع ..ليه ؟
4
علشان يبين قدراته فى الموال ..وعبد الوهاب طبعا مصيبة من مصايب الزمن فى الموال
..إللى عنده تسجيل الحفلة ..حايسمع عبد الوهاب يعيد ويزيد فى الشطرة األخيرة لكل
كوبليه ..وده درس كبير ومهم جدا لمن يريد تعلم المقامات ..ألن الموال فرصة كبيرة
..للمطرب أن يتنقل بين المقامات بحرية وحسب قدراته
وإللى عمله فى الكوبليه األول ..عمله فى التانى ..نفس اللحن ونفس الشغل ..مع
..سلطنة زيادة فى الموال ..وتنتهى األغنية بنفس الالزمة الموسيقية التى بدأت بها
بعيدا عن كل ماقيل عن هذه األغنية ..وبعيدا أيضا عن الصراعات والقضايا التى أثيرت
..أيامها
نحن أمام عمل ..ليس بالقليل ..صحيح أنه ليس من أعمال عبد الوهاب الضخمة الفخمة
.. ..ولكن
5
سنرى بأنفسنا أن هذا العمل يعد بحق خير ختام لعبد الوهاب الصنايعى ..المحترف
فلقد وضع فيه عصارة خبرته اللحنية ..وجمع فيه كل حنكته الموسيقية وتميزه الحرفى
األغنية من توزيع الموسيقار أحمد فؤاد حسن ..وقد جمع فيها بين تسجيل التراكات
) والتسجيل الحى ( الاليف)
ويحضرنى هنا ..ماقاله مهندس الصوت الكبير ( زكريا عامر ) ..حيث ذكر أن هذا العمل
أتعبه كثيرا ..حيث كان عليه تركيب صوت عبد الوهاب على الموسيقى ..ألن عبد
..الوهاب كما نعلم جميعا ..سجل األغنية بصوته على العود منذ سنوات قبل هذا التسجيل
ونفس الكالم قاله عازف الرق الكبير حسن أنور ..الذى أخذ على عاتقه ضبط الوحدة
..اإليقاعية بين التسجيل القديم وبين التوزيع الحديث
..ماعلينا
وعندما نتكلم عن أحد أعمال عبد الوهاب ..يجب علينا أن نلهث وراءه ..ونجرى هنا
..وهناك للحاق بكم المقامات والتحويالت الهائلة التى ضمنها أعماله
فنجد المقدمة الموسيقية ..من مقام النهاوند ..ولكنه يلف بنا ويدور داخل النهاوند
وخارجه ..ولم يترك حرفا واحدا إال وقام بزيارته ..ولن أتطرق بطبيعة الحال
6
للمصطلحات المعروفه لدى الموسيقيين مثل ( الغماز والحساس وغيرهم ) ..ألن التحليل
موجه أصال لغير المتخصصين ..وإن كانت األمانة العلمية تحتم عليا أن أشرح بعض
..المصطلحات لتقريب المسألة عند المتلقى العادى
تنتهى المقدمة على خير ..ليغنى عبد الوهاب ( جايين الدنيا مانعرف ليه ) ..من النهاوند
أيضا ..ولكن ألنه عبد الوهاب ..ال يستقر على النهاوند بطبيعة الحال ..فنجده عرج
على مقام النوا أثر ..وهو من عائلة النهاوند ..وإن كان البعض من المبتدئين يظنون أنه
..تابع للحجاز ..نسبة لجنسه الفرعى ..والبعض يسمونه ( نهاوند رومى
كما أن عبد الوهاب لم يترك النهاوند نفسه فى حاله ..فنجده يستخدم النهاوند بأشكاله
المختلفة ..حيث نسمع النهاوند الكردى ..والنهاوند الحجازى ( الطبيعى ) ..عبد الوهاب
.بقى
وداخل المذهب ..اليتورع عبد الوهاب عن إستعمال مقام الراست زى مارمشك خد لياليا
..ومقام السوزناك فى نهاية المذهب
مما سبق يتضح أن عبد الوهاب فى أعماله األخيرة ..إهتم كثيرا بالصنعة والحرفية أكثر
من الجملة اللحنية نفسها ..الجملة اللحنية التى تميز السنباطى والموجى وغيرهم من
..عاشقى الشرقية
سنالحظ أيضا أن عبد الوهاب أنهى المذهب من مقام الراست ..ولم ينهيه من النهاوند
كما بدأه ..بالرغم من أنه سيبدأ الكوبليه األول من النهاوند أيضا ..ولكنه عبد الوهاب
..خالف ُتعرف
7
الزمة موسيقية من النهاوند الكردى ..وال مانع طبعا من إستخدام حروف الزخرفة
..والحليات
يغنى عبد الوهاب ( ياللى زمانى رمانى فى بحر عنيك ) من النهاوند ..ويستمر قليال حتى
..يتحول للراست عند ( دنيتى حبك ..حاجه حاسسها المسها ) ..حتى نهاية المقطع
ويجب أن نالحظ هنا أن عبد الوهاب لم يقسم األغنية لكوبليهات كما هو معروف ..ولكنه
قسمها لشطرات أو مقاطع ..يفصل بينها مقاطع موسيقية ..لزوم الراحة والتلوين اللحنى
..
..وحتى يستطيع وضع أكبر كم من المقامات فى العمل ..ولكى يتعب قلبى أثناء التحليل
موسيقى ..ويغنى عبد الوهاب ( بحلم لو غمضت عنيا ) من الراست ..ويعرج بنا على
) .البياتى عند) ( بتطير بيا فوق لياليا ) األخيرة
وكالعاده ..اليترك البياتى فى حاله ..فنصادف مقام الشورى ( القار جغار ) ..ويظل مع
البياتى حتى ينتقل للنوا أثر عند ( وأما بافكر أسقيك أكتر مابتسقينى ) ..حتى يستطيع
..إنهاء الكوبليه كما فى المذهب على النوا أثر
الزمة موسيقية ..من مقام الهزام ..وكالعادة دائما ..نجده إستعمل مقام السيكا نفسه ..
..وبالتحديد عند صولو الناى
8
ويغنى من الهزام ( حبيبى ..كل مافيك ياحبيبى حبيبى ) ..ويستقر عليه كثيرا ..على
..غير العادة
ونتوقف هنا لحظة ..لنالحظ أن عبد الوهاب بيغنى براحته ( ..بحكم السن طبعا ) ..
..ويعطى لنفسه الفرصة إللتقاط األنفاس
صحيح أن هذه األغنية كانت ملحنة لعبد الحليم حافظ ..ولكن عبد الوهاب كان يعرف
إمكانيات عبد الحليم جيدا ..كما أن األغنية طويلة ..فكان البد من اإلكثار من الغناء الحر
.. .حتى يستريح عبد الحليم المريض أصال
ولعل هذه الطريقة فى التلحين ..هى التى شجعت عبد الوهاب على غناء األغنية بنفسه ..
..ألنها تليق عليه وعلى صوته فى هذه المرحلة المتقدمة من العمر
..المهم
ثم نسمع الناى فى جملة جميلة جدا من مقام الصبا ..وهو المقام الحزين الذى يبدع فيه
..الناى ببراعة
9
ويعيد عبد الوهاب نفس الجملة ( خايف لبكره يجينا ..ياخدنا من ليالينا ) ..من الصبا
..هذه المرة
هذه الطريقة التى يتميز بها عبد الوهاب وعدد قليل من الملحنين ..تلحين نفس الجملة
..بأكثر من لحن وأكثر من مقام
ويرتكز عبد الوهاب على درجة الصبا ليقول ( عارف ..عارف ) درجة واحدة ..لينطلق
..منها للنهاوند
ومنه للبياتى عند ( علشان إنت الروح والدنيا إللى باعيش فيها ) ..وينهى الكوبليه
..بسالمة هللا ( وزى ماجينا وموش بإيدينا ) من النوا أثر
الزمة موسيقية يبدأها الجيتار وترد عليه الوتريات فى تناغم جميل ..من مقام النهاوند ..
ويصر عبد الوهاب على عادته المهببة ..اليترك النهاوند فى حاله أبدا ..الزم يقطع نفسه
.. ..ونفسنا ..يصعب عليه أن يترك درجة نغمية بدون زيارة ولو قصيرة
ويغنى عبد الوهاب ( موش معقول ياحبيبى ابدا موش معقول ) ..من النهاوند ( ..نهاوند
طبيعى ونهاوند كردى ونهاوند كبير ) وأتعجب أنه لم يطرق النهاوند المرصع ..رابع
..أشكال النهاوند
10
ونسمع الزمة من النهاوند أيضا ..ليغنى ثانى شطرات الكوبليه ( على بيتنا فى الحب
..النجوم متجمعه ) ..من البياتى
نفس الموسيقى ..ونسمع ( ياعيون قلبى ياأحلى عيون ) من الحجاز ..ثم يالال نخلى
..عمرنا كله ) من الطرزنوين
الطرزنوين ياسادة ..من مشتقات الكرد ..وهو ينقسم لجزئين ..جنس كرد وجنس حجاز
..خالص ..شوفوا المسألة بسيطة إزاى ..هى الموسيقى الشرقية كده ..معقربه ومعقده
وكلها مسميات مالهاش الزمة ..علشان يخلونى أندم إنى عشقت الموسيقى الشرقية
..ودرستها ..ماله الغربى ..سلمين وإقلب ..يادى النيله
يعود عبد الوهاب للنهاوند مع ( وإن الم حد علينا نقول له ) ..لكى ينهى األغنية من
..النهاوند وليس النوا أثر مثلما حدث مع الكوبليهات السابقة
11
كلمات :أحمد عبد المجيد
بداية يجب أن نعرف أن العمل تم تلحينه فى العشرينات ..أى فى بدايات عبد الوهاب
التلحينية
وكان التركيز على الطرب والغناء أكثر من التركيز على الموسيقى ..بدليل هذا الكم الكبير
من ال ُعرب والحليات بجميع أشكالها فى الغناء
إختار عمنا ( عب وهاب ) مقام الحجاز كار كرد ليصوغ منه لحنه ..ويكون هو المقام
المسيطر الذى يبدأ منه ويعود إليه طوال العمل
ولمن ال يعرف الحجاز كار كرد ..هو الكرد نفسه لكن من درجة الدو ..وسبب تسميته
أنه من نفس درجة الحجاز كار
المهم ..مقدمة موسيقية قصيرة من نفس المقام وبأآلت موسيقية قليلة جدا وبسيطة
12
والميزان اإليقاعى بسيط ( .. ) 4 / 4ويغنى عبد الوهاب من نفس المقام ( كلنا نحب
القمر ..والقمر بيحب مين)
ومن أولها نتعثر فى مصائب عبد الوهاب التلحينية ..الراجل بيقول ( كلنا نحب القمر )
..من الكرد
المفروض فى مسار سلم الكرد ..أننا نستعمل الرى بيمول ..لكنه يأبى إال أن يدهشنا من
أول جملة
فيستعمل الرى بيكار ( البيضاء على البيانو ) أو كما نقول ( ناتوريل ) وهو يقول ( نحب
القمر)
..هل إكتفى عبد الوهاب ..أو سابنا ناخد نفسنا ..حاشا ياباشا ..مش ممكن طبعا
نجده يقفل الجملة الغنائية على درجة معلقة ..غير درجة ركوز المقام
13
معروف أن الجملة الموسيقية أو الغنائية عبارة عن سؤال وجواب
فنجده يقول ( كلنا نحب القمر ) هذا هو السؤال ..وبعدها يقول ( والقمر بيحب مين ) هذا
هو الجواب
المفروض أن ينهى الجملة اللحنية على درجة ركوز المقام ( قرار أو جواب مايهمش)
لكنه كعادته ومن بدايات أعماله ..نجده يخرج عن المألوف ..فبدال من أن ينهى الجملة
) على درجة الدو ( درجة ركوز الكرد)
ألنه سيبدأ الجملة التالية من السى بيمول ( حظنا منه النظر ) وألنها أيضا تحويلة لمقام
البياتى
وأترككم قليال لتستمتعوا معى بـ ( عذبه ) فهو يصول ويجول فيها ( مطرب بقى ) من
البياتى أيضا
ويعود مرة أخرى للكرد مع ( أعيش بأمل إنك يوم تصفالى ) ويظل معه للنهاية
14
لكننا وحتى النهاية نسمع ونستمتع بكم رهيب من الحليات الغنائية من بداية ( ماتقوللى
) إزاى أنساك ..ال أنا طايل تعذيب فى هواك)
ثم نسمع السلم الملون ( كروماتيك ) عند ( يسالك ) أيضا عند اإلعادة
وينهى األغنية عند درجة الدو ( ركوز المقام ) ليؤكد لنا أنه يعرف درجة ركوز المقام ..
وماكانش تايه عنها
15
الشاعر فى هذه األغنية يتقمص دور المحب العاشق ..الذى يخاطب أحد األصدقاء ..
ليبلغه أمانة
ويشرح لهذا الصديق لوعته وإشتياقه للحبيب ..طالبا من هذا الصديق أن يقوم بدور
ساعى البريد
الذى يوصل رسالة للمحبوب ..شارحا فيها مدى لهفته وحبه وسهره الليالى
أما عن ( وحلفه بويلى من نهارى وليلى ) ..فهى تعنى ..إشرح له عذابى وتفكيرى فيه
فى النهار والليل
عمنا عبد الوهاب إختار مقام الراست ليبدأ به األغنية ..وليكون الراست هو المقام
..المسيطر على العمل
16
..بدأ بمقدمة موسيقية تتحاور فيها الوتريات مع القانون والناى والماندولين
ومع إيقاع المصمودى الكبير ..وهو إيقاع ثمانى الميزان ..أى ثمانية أضالع فى
.المازورة الواحدة
..ويغنى عبد الوهاب ( خى ..خى ..حبيبى ليه قاسى ياخى ) ..من الراست أيضا
ويظل مع الراست حتى ( وحلفه بويلى ..من نهارى وليلى ) لينتقل للحجاز
.ليعود مرة أخرى للراست عند ( أهـ يابا ..أهـ يابا ) لينهى المذهب
ونقف هنا شوية لنناقش هذه التحويلة ..هى تحويلة بسيطة وطبيعية جدا ..مافيش أى
..مشكلة
أمال فين المشكلة ؟ ..المشكلة أن العودة من الحجاز للراست كانت عن طريق مقام
السوزناك
17
ومافيش أى مشكلة ..ألن السوزناك يتكون من جنسين ( جنس راست وجنس حجاز)
تبدأ الزمة موسيقية جديدة ..ومع إيقاع الواحدة الكبيرة ..تقسم الفرقة ليغنى عبد
الوهاب ( أمانه لو يسألك ..فى العبد عن حالى ) من الراست أيضا ..ولم يخرج عن
.الراست هذه المرة ..ال حجاز وال غيره
ومع تسليمة من البياتى يؤديها الناى ..يغنى عبد الوهاب ( يافايت قلبى على نار حبى)
ويتحول الغناء للكرد عند ( الشوق خالنى أبعت لك ..مرسال الروح والعين)
ويعود للراست عند ( ياتجينى ياتقول لى أروح لك ..ياتقول أروح منك فين)
18
بسم هللا نبدأ فى تحليل قصيدة
بالرغم من إستخدام عبد الوهاب مقامان فقط فى هذا العمل ..إال أننا لم نشعر بأى نقص
..
بداية ..أعتذر لعدم قيامى بتحليل نص القصيدة ..فهذا ليس تخصصى ..وأتركه لم هم
..أقدر منى على ذلك
..إختار عبد الوهاب مقام البياتى ليبدأ به لحنه وليكون هو المقام المسيطر على العمل
كما إختار إيقاع السنباطى ..وهو إيقاع رباعى الميزان ..ويستعمل كثيرا فى األعمال
الطربية
ويدخل اإليقاع ..مع كامل الفرقة الموسيقية ..لنسمع ونستمتع بجمل موسيقية وهابية ال
..تخطئها األذن
وجدير بالذكر أن الفرقة الموسيقية ..ليست كبيرة ..إنما هى فوق التخت بقليل
وتحتوى على األآلت الشرقية المعروفة ..من قانون وناى وعود ..باإلضافة للوتريات
تنتهى المقدمة الموسيقية لتسلم عبد الوهاب عصا القيادة والغناء ..فيغنى غناء حرا
بدون إيقاع
ويظل عبد الوهاب مع البياتى يغنى حرا دون إيقاع لنهاية المذهب
حيث تعيد الفرقة نفس موسيقى المذهب ..ليغنى ( رفرف الصمت لكن هاهنا ..كل مافيك
من الحسن يغنى)
ومع البياتى أيضا ..يكمل عبد الوهاب الكوبليه ..والواضح أنه اليريد ترك المقام ..ليظل
..مع حالة الطرب والشجن الذى بدأ به القصيدة
سنجد أن عبد الوهاب لجأ فى كثير من األحيان إلستخدام ال ُعرب ..وهى من الجماليات
والزخارف
حيث نجده إستعمل نغمة السى بيكار بدال من السى بيمول ..والمى بوسليك بدال من المى
بيمول
وهذه النغمات إستعملها لمجرد تحلية الجملة ..حيث يعود فورا لسلم المقام الطبيعى
..ومن جماليات العمل أيضا ..أن عبد الوهاب أنهى الغناء بمقام الراست
بالرغم من أنه بدأ األغنية من البياتى ..وكان ينهى الكوبليهات بالبياتى أيضا
21
ألن هذا هو عبد الوهاب
إختار عبد الوهاب مقام البياتى ليبدأ به لحنه ..وليكون هو المقام الرئيسى للعمل
يغنى عبد الوهاب ( وهللا مانا سالى ..ياللى سليتونى ) ..ومعنى الكلمات لمن ال يعرف
22
..أى أننى لن أمل ّ منكم ولن أترككم كما تركتمونى
نسمع الالزمة الموسيقية للكوبليه األول ..والتى تسلم عبد الوهاب الغناء من البياتى
أيضا
..ولكن ..هل وصل عبد الوهاب للبياتى هكذا ببساطة ؟ طبعا ال
ألنه عبد الوهاب ..البد أن يروح ويجئ ..ويطلع وينزل ..وتبقى مش عارف هو رايح
فين ..وفجأة
تجده فى مقام ما ..فنجده فى هذه الالزمة لم يتطرق ألى ربع تون ..إال فى نهاية الالزمة
الموسيقية
ثم تحويلة للراست عند ( ومهما أتألم ..عمرى ماأتكلم ) ومازلنا مع إيقاع السنباطى حتى
األن
ثم عودة للبياتى مع ( لو تعرفوا حالى كنتوا تواسونى ) حتى نهاية الكوبليه
23
ثم الزمة موسيقية جديدة ..لنصل إلى مقام الحجاز كار ..ومن نفس درجة البياتى
وإسمعوا هذه الالزمة ..فهى درس ومحاضرة ينبغى تدريسها للملحنين الجدد
إستخدم فيها عبد الوهاب العديد من أشكال الزخرفة والحليات ..فنجده إستعمل حساس
المقام وغمازه أيضا
يغنى عبد الوهاب ( خايف أقول حبيت ..لتسوقوا فى داللكوا ) من الحجاز كار
ثم تحويلة لمقام الصبا ..من الدرجة الخامسة للحجاز كار ..وهى غير درجة البياتى
يغنى عبد الوهاب من الصبا ( ومهما طال بعدى ..يكفى األمل عندى ) من الصبا
لكنه سرعان مايعود للبياتى عند ( لو تعرفوا حالى كنتوا تواسونى ) لينهى الكوبليه
24
الزمة جديدة من مقام الكرد ..ومع إيقاع الرومبا ..ثم يغنى عبد الوهاب ( دارى الشجن
ياعين ..والسهد والغيرة ) ويتغير اإليقاع للواحدة الكبيرة
..
..منذ البداية ..نجد أنفسنا أمام عاشق متمرد ..كرامته بتنقح عليه ..واجعاه
أل مش أنا إللى أبكى ...والّ أنا إللى أشكى ....لو جار عليا هواك
25
ومش أنا إللى أجرى ...وأقول عشان خاطرى ...وأنا ليا حق معاك
وبعدين بيعلن قراره ( أنا قلتها كلمة ...وكل شئ قسمة ...ودى قسمتى وياك)
من كام سنة لما ...دار الهوى بينا ...فاكر إحنا قلنا إيه
المسألة واضحة ياجماعة ..مافيش حد حايقدر يحل المشكلة ..صاحبنا راكب دماغة ..
..ومافيش قوة حاتخليه يغير رأيه
26
نيجى بقى ألخر كوبليه ..وأطول كوبليه ..هو فى الحقيقة مجموعة كوبليهات فى بعض
.. ..لكنها مرتبطة ببعضها
هللا ..إيه لعب العيال ده ..إيه التماحيك دى ..بترجع فى كالمك ياعيل ..مش قادر
..تستمر على موقفك
أل وإيه كمان ..بيلتمس العذر للمحبوب ..بيدعى إنه مش هو السبب ..السبب هما ..
هما مين ؟
27
ويتحول الموقف إلى النقيض تماما ..ويبدأ العاشق فى المحلسة ..فى التمسح ..فى
..الرجاء
ماقدرش يعرفنى ...ماعرفش يفهمنى ...وعشان إيه ماعرفش ...ده ذنبك مش ذنبى
..المسألة بقت عتاب رقيق مش كرامة بقى وكبرياء ..وعايزنى أرجع لك تانى ..ال
المهم إن عمنا حسين السيد ..أعطانا وجبة كاملة ودرس لكل عاشق مهجور ..علمنا أن
الحب ليس فيه كبرياء ..الزم نتنازل شوية ونطاطى ..علشان مانقعدش جنب الحيطة
..ونسمع الزيطة
األغنية موزعة توزيع أوركسترالى هارمونى ..مش عارف بصراحة الموزع ..لكن
ممكن يكون أندريا رايدر ..أو أى موزع أجنبى من إللى كان بيتعامل معاهم عبد الوهاب
..فى هذه الفترة
28
سنجد األآلت الغربية ( بيانو ،خشب ،وتريات ) بجانب األآلت الشرقية مثل القانون
..والناى ..فى تناغم جميل
ويدخل عبد الوهاب ليغنى ..من مقام العجم ( الميجور ) ..ليه مقام العجم ؟
علشان يدى لنفسه حرية فى اإلنتقال بين المقامات ..إستخدم عبد الوهاب الكروماتيك
بطريقة بديعة ..والكروماتيك ياسادة ..هو إستعمال أنصاف النغمات المتجاورة ..وتسمى
الساللم الملونة ..يعنى لو عندك بيانو ..حاتستخدم األصابع البيضاء والسوداء على
..السواء ..هو ده الكروماتيك
الخشب عامل عمايلة ..إسمعوا الصفافير طول األغنية (..الفلوت والبيكالو ) ..
..بيصرخوا ..بيزأططوا ..عاملين فرح ..وخصوصا فى الكوبليه األخير
تعمد عبد الوهاب فى الجزء األخير من األغنية أن يقسم هذا الجزء ..إلى شطرات ..وكل
شطرة بشكل مختلف ومقام مختلف ..حسب طبيعة الكلمات وما تعبر عنه من مشاعر
..وأحاسيس
29
..إسمعوا الردود بعد كل إنتقالة ..ردود تهيئ المستمع للمقطع التالى
أما عبد الوهاب ..فقد نجح أن يتقمص دور العاشق الذى يرفض الهجر ..ويقنعنا أيضا
..بتحوله إلى معاتب رقيق ..يتمنى عودة الوصال
إسمعوا البيانو مع القانون أثناء الغناء ..بيصاحبوا عبد الوهاب وهو بيغنى ..البيانو آلة
..غربية مع القانون ..آلة شرقية
مش حاسين بأى مشكلة
..من بداية القصيدة ..نحن أمام عاشق يبكى محبوبته التى ماتت وتركته ألآلمه
الصورة توضح لنا ..أن العاشق يوجه كالمه للراقدون تحت التراب ..الموتى اللذين
:يشاركون حبيبته المصير والمكان . .فيقول
30
أيها الراقدون تحت التراب ...جئت أبكى على هوى األحباب
:فى الجزء الثانى من القصيدة يقول شاعرنا على لسان العاشق المكلوم
31
..يامن سعيت إليها يقودنى صوت قلبى ...يامن جنيت عليها هذه جناية حبى
هنا يخبرنا العاشق أنه قد جنى على محبوبته ..يشعر أنه ظلمها ..أو أنه له يد فى وفاتها
..
ومن شاهد فيلم ( دموع الحب ) ..سيفهم مايقصده العاشق ..أحس أنه السبب فى موتها
..ألنه رفض أن يتزوجها بعد وفاة زوجها األول
..هذه دموعى تجرى مسترحما فى دعائى ...ياليت صوتى يسرى ويستجيب ندائى
..يانجوم إشهدى إنى على الذكرى أمين ...ياغيوم إرسلى الدمع مع الباكى الحزين
32
الكلمات تبعث على الذكريات الحزينة ..ليس فقط على الحبيب الذى مات ..ولكن على كل
.حبيب مضى وراح
وكأن عبد الوهاب لم يكتفى بما تحمله الكلمات من حزن ..فلقد قرر أن يبكينا أكثر وأكثر
..
من نفس المقام ( النهاوند ) ..غناء حر ( بدون إيقاع ) ..والسبب واضح ..العمل حزين
..وال يتحمل إيقاع من أى نوع أو شكل ..الرجل يبكى ..فما حاجته إليقاع
وألنه عبد الوهاب ..فقد أنهى الشطرة على مقام البياتى ..وتحديدا عند كلمة ( إغتراب)
لن أستطيع أن أكمل أو أمضى هكذا دون وقفة عند ( أه لو تسمعون ) ..أنا متأكد أن هذه
..الجملة بالذات ُتبكى الكثيرين ..ويقال أن عبد الوهاب نفسه بكى عند غناؤها
33
فى الجزء الثانى من القصيدة ..يلجأ عبد الوهاب إلستخدام اإليقاع ..يمكن أن نسميه
(إيقاع داخلى ) ..الموسيقى تسير على إيقاع ولكننا ال نسمع ألة إيقاعية ..أو هى تعزف
.بهدوء شديد
الزمة موسيقية قصيرة أيضا من مقام البياتى ..وهنا البياتى مختلف عما إستخدمه فى
الجزء األول ..البياتى هنا من نفس درجة النهاوند ..تغيير فى الطبقة الصوتية ..يلجأ له
..عبد الوهاب تمهيدا إلستخدامه فيما بعد
..إسمعوه ..كيف يؤدى جملة ( يامن جنيت عليها ) عند اإلعادة ..يكاد يبكى بالفعل
..ويردد عبد الوهاب ( أمل راحل وحب مقيم فى الحنايا من ضلوعى ) من نفس المقام
ويعود للنهاوند مع ( هذه دموعى تجرى ) ..ولكنه ينهى اللحن على مقام البياتى العادى
عند ( إرسلى الدمع مع الباكى الحزين)
34
..إختار عبد الوهاب مقام الحجاز ليكون المقام الرئيسى والمسيطر تماما على اللحن
..والحجاز هنا ..هو حجاز الدو ..أو كما يسميه الموسيقيون الشرقيون ( حجاز كار)
يبدأ عبد الوهاب األغنية بجملة موسيقية على إيقاع ال ( فوكس تروت ) ..وهذه الجملة
الموسيقية عبارة عن حرفان موسيقيان فقط هما ( الصول والدو ..تؤديها الوتريات أربع
مرات تمهيدا لدخول ألة ( األوبوا ) لتؤدى الجملة الرئيسية للعمل ..والتى ستتكرر أكثر
..من مرة خالل العمل
تبطئ الوتريات العزف تمهيدا لدخول عبد الوهاب ..الذى يغنى من الحجاز أيضا ..وال
جديد مقاميا فى المذهب ..فكله حجاز ..والغريب أن عبد الوهاب لم يستخدم أى نغمات
..خارج المقام ( ُعرب ) كعادته ..وإنما إلتزم بالحجاز كار كما هو
تؤدى الفرقة الموسيقية نفس الالزمة ..ويدخل عبد الوهاب ليغنى الكوبليه األول
( ..يستهوى الورق تأوهه ) ..حجاز برضه
ينتهى الكوبليه الثانى ..أو الجزء الثانى من العمل ..وتعيد الفرقة نفس الالزمة
الموسيقية ..وتحدث هنا إنتقالة لمقام الراست ..وبالتحديد راست الفا ..أو كما نسميه
( ..راست الجركا ) أو الجهاركا
35
يغنى عبد الوهاب من الراست ( جحدت عيناك زكى دمى ) ..حتى يصل إلى ( بينى فى
الحب وبينك ماال يقدر واشى يفسده ) ..فيبدأ فى سلم البياتى من الجواب حتى يصل
..لدرجة ركوز المقام ( البياتى ) ..والبياتى هنا هو بياتى الدو أيضا
ثم جملة موسيقية قصيرة من الحجاز ليعيد نفس الغناء من الراست ..حتى يصل إلى :
(موالى وروحى فى يده ) فيعود بنا للحجاز مرة أخرى ..ويظل مع الحجاز لنهاية
.القصيدة
اإليقاعات المستخدمة قليلة تتراوح بين السنباطى والفوكس تروت ..والرومبا التى
..إستخدمها فى الالزمة الموسيقية قبل إعادة جملة الراست
أنظروا عندا يؤدى جملة ( ال ُحسن حلفت بيوسفه ) ..إسمعو رد الفرقة ..إستمعوا األن
إلى الجملة التالية ( والصورة أنك مفرده ) ..إستمعوا إلى رد الفرقة ..رد مختلف تماما
ويرتكز على حرف غريب ( السى بيمول ) ..ركوز غريب ..ورد أغرب ..نسميه ( رد
..معلق ) أو جملة معلقة ..هذا هو عبد الوهاب
إسمعوا الرد الذى يأتى بعد ( مواليا وروحى فى يده ) ..وإسمعوا الرد بعد ( قد ضيعها
سلمت يده ) ..رد غريب جدا ..وصعب جدا فى تنفيذه ..بدليل أن عدد الكمانجات التى
عزفت هذا الرد كان أقل ..هؤالء هم البريمو كمانجة ..أى المجموعة األكثر خبرة
..وتكنيكا ضمن مجموعة الوتريات
36
أرجو أن أكون قدمت تحليال متواضعا للعمل ..وال داعى إخوانى األعزاء للمقارنة بينى
وبين من قاموا بتحليل هذا العمل ..أو غيره من األعمال ..فال مجال هنا للمقارنة ..
..فلست إال تلميذا فى مدرسة األساتذه العظام
لقد أفاض األخوة الزمالء فى الحديث عن موسيقى القافلة وعن تصور كل واحد منهم
..لمعنى المقطوعة ومايقصده المؤلف
..والقافلة من أعمال عبد الوهاب الموزعة وهى قليلة بالنسبة ألعماله الموسيقية العديدة
وموسيقى القافلة تذكرنا بموسيقى أخرى لعبد الوهاب إستعمل فيها نفس األسلوب فى
..المزج بين الموسيقى الغربية والشرقية
37
تبدأ القافلة بعزف منفرد آللتى الكمان واألوبوا ( صولو ) ..وترد عليهما الوتريات
بعرض األوركسترا ليمهد بهم المؤلف للمستمع ليعرف نوع الموسيقى التى سيستمع إليها
وبعدها يدخل اإليقاع وهو إيقاع رباعى الميزان من نوع السوينج الغربى ..يصلح لهذا
..النوع من األعمال
يدخل اإليقاع مصحوبا بالجيتار ..ثم تعزف األوبوا جملة موسيقية هادئة ..وتعيد األوبوا
نفس الجملة مرة أخرى مع مصاحبة من الوتريات ( كاونتربوينت ) ..أى موسيقى خلفية
..هارمونية متعارضة
نسيت أن أذكر لكم أن المقام المستعمل هو خليط بين مقامى النهاوند والنكريز ..وأيضا
..النواأثر
وجدير بالذكر أن إختيار عبد الوهاب لهذه المقامات جاء تمشيا مع موضوع المقطوعة ..
..الذى يتحدث عن قافلة تسير فى الصحراء
وسنالحظ العجب فى هذا الجزء ومايليه من أجزاء ..فلقد إستخدم عبد الوهاب المقام
..الواحد من عدة درجات
فنجده يستعمل النهاوند من الدو ..ثم يستعمله مرة أخرى من الصول ..وهكذا مع باقى
..المقامات
.ينتهى الجزء األول بتصاعد درامى موسيقى من الوتريات بمصاحبة النحاس والخشبيات
38
وهنا تحدث اإلنتقالة بين المقامات التى تحدثنا عنها ..فنجده إستعمل نفس مقام النهاوند
..ولكن من درجة أخرى غير التى بدأ بها
فيعزف الناى صولو قصير تمهيدا للجزء التالى ..والذى يتحول فيه للموسيقى الشرقية ..
مع إيقاع المقسوم أو البلدى أو المصمودى الصغير ..وكلها مسميات إليقاع واحد رباعى
..الميزان
نسمع فى هذا الجزء ..القانون والناى يعزفا جملة موسيقية راقصة للتعبير عن الموقف
..الجديد
تشترك الوتريات أيضا فى هذا الجزء بدور كبير ..حيث نسمع ردود من درجة الجواب
(الصوت الحاد ) ..مع ضربات من األآلت النحاسية ..وال ينسى عبد الوهاب أيضا األآلت
) ..الخشبية ( الفلوت والبيكالو واألوبوا)
ثم تصاعد درامى أخر للعودة للجملة الرئيسة للعمل ..وأيضا من درجة نغمية مختلفة عن
..الدرجة األصلية
وبعدها ننتقل إليقاع الفوكس ..وهو إيقاع بسيط وسريع ..حيث نسمع جملة جديدة ..
..ونسمع هنا حوارا بين الخشبيات والوتريات
ونعود مرة أخرى للجملة الرئيسية بنفس الطريقة ( التصاعد الدرامى الموسيقى ) ..
تمهيدا للنهاية ..التى تتزعمها النحاسيات مع ضربات قوية من الوتريات والخشبيات ..
..تتصاعد الضربات حتى ينتهى العمل بنغمة من عرض الوتريات
39
فى الحقيقة ..هذه ليست أول وال أخر مرة يستعمل عبد الوهاب أسلوبه هذا فى موسيقاه
..مع مالحظة أن طريقة عبد الوهاب لم تتغير فى إستخدامه لتنقالت مقامية جديدة
..وغريبة وخارجة عن المألوف
والمالحظ أيضا أن عبد الوهاب لم يستخدم أى مقامات شرقية فى هذا العمل ..برغم
إستخدامه لها فى موسيقاه ( هدية العيد ) ..وهى موسيقى كبيرة وضخمة وتعتبر عالمة
من عالماته الموسيقية ..وربما يكون هذا سببا فى عدم شهرة ( القافلة)
..على العموم ..لقد إستمعنا وإستمتعنا بعمل من أعمال عبد الوهاب المتميزة
أدعوكم لسماعها مرة أخرى ..وأرجو أن أكون ُوفقت فى هذا التحليل المتواضع
الكلمات ال تحتاج تفسير ..فهى لعاشق محتار بين مايسمعه من الناس ومايراه من حبيبه
..ويصدق عليه القول ( أسمع كالمك أصدقك ..أشوف أمورك أستعجب ..عاشق حائر
.. ..ال يكاد يعرف رأسه من قدميه ..ويريد بالتأكيد أن يرسى على بر مع المحبوبة
40
نأتى األن للحن ..وياله من لحن
لقد وضعنا أستاذنا صالح عالم ( سيادة الرئيس ) فى مزنق مقامى ولحنى ..إختار لنا
..هذه األغنية مع سبق اإلصرار والترصد
..لقد إختار عبد الوهاب مقاما غير مطروق ..مقام عراقى األصل ..هو مقام الالمى
وحتى الينزعج األخوةالمبتدؤؤن ..هو مقام كرد ..من درجة المى بيكار ..وتسمى
.بوسليك ..مع شئ من التعديل
مقام الكرد العادى يبدأ من درجة الرى ( دوكا ) ويتكون من جنسين منفصلين ..هما كرد
..الرى ..وكرد الال
..ولكن مقام الالمى ..يتكون من جنسين متصلين ..هما كرد المى ..وكرد الال
الفارق يكمن فى جنس الفرع ..الذى يبدأ من الدرجة الرابعة من جنس الجذع ..فيما يبدأ
فى مقام الكرد العادى من الدرجة الخامسة ..وهذا يعطى بالتأكيد شكال وطعما مختلفا
..للمقام
عبد الوهاب ..ملحن صنايعى ومحترف ..وخبيث ( كما تفضل األستاذ صالح بوصفه ) ..
لماذا ؟
41
الخبث هنا ليس فى إستعمال المقام نفسه ..ولكن فى كم ال ُعرب واللمسات العديدة فى
اللحن ..التى ال تمكنك من اإلستقرار على درجة ركوز المقام ..وهو فى الحقيقة لم يرتكز
على درجة الركوز إال فى لحظات قليلة ..فتارة نجده يرتكز على النهاوند ..وتارة نجده
يرتكز على الدرجة الخامسة لالمى ( السى بيكار ) ..البد أن نأخذ المسألة على بعضها
لكى نشعر بالمقام ..ال نستطيع مع عبد الوهاب أن نقوم بتحليل المقام بالطرق المعروفة
للتحليل ..وأى محاولة لمعرفة جمع المقام ..هل هو متصل أو منفصل أو متداخل ..
..ستبوء بالفشل
المهم ..سيبكم من الكالم الهجص إللى أنا قلته ده كله ..فهو للمتخصصين والمحترفين ..
..وعاشقى المقامات الشرقية
يبدأ اللحن بمقدمة موسيقية تحاورية بين القانون والوتريات ..يعزف القانون بطريقة
..التريلالت ( تريمولى ) ..وترد عليه الوتريات ..فى جملة جميلة
..ومع إيقاع المصمودى الصغير وهو من عائلة المقسوم ..ويسمى أيضا إيقاع البلدى
..يغنى عبد الوهاب ( قلبى بيقول لى كالم ) من الالمى ..ويظل معه لنهاية المذهب
نسمع الزمة موسيقية جديدة على إيقاع الرومبا ..ويغنى عبد الوهاب أيضا مع السنباطى
.. ..ونفس المقام
42
وفى الحقيقة أن عبد الوهاب ال يشعرنا بالالمى إال عندما يغنى ( إحترت أنا بين قلبى
وبينك والحيرة عذاب ) ..وبالتحديد عند ( الحيرة عذاب ) ..هنا نشعر بجنس الفرع
) ..لمقام الالمى ..الذى هو كرد الال الحسينى)
ألنه قبل ذلك كان يستعمل مقام الكرد العادى من درجة المى ..ولكن طعم المقام يختلف
..بالتأكيد عن الكرد العادى
نسمع الزمة موسيقية جديدة أيضا ..ويظهر فيها ألة األوبوا الخشبية ..مع إيقاع الرومبا
..أيضا
ويغنى عبد الوهاب ( فاكر يوم قلبى ماشكالك ) ..ونصادف هنا مقاما يختلف عن الالمى
.. ..هو مقام النوا أثر ..ونسمعه مع عزف األوبوا ..ولكن عبد الوهاب ال يغنى منه
فى الكوبليه األخير ..نسمع لحنا مختلفا ..ونسمع القانون مع األوبوا فى تناغم جميل
..بمصاحبة الوتريات
ومع إيقاع الرومبا ..الذى يصر عبد الوهاب على إستعماله فى الالزمات
..الموسيقية ..مع تغيير سرعته فى كل مرة
يستعمل عبد الوهاب ألول مرة فى األغنية ..مقام العجم ..أو الميجور ..ولكنه ال يستقر
عليه ..ليعود سريعا لمقامنا ( الالمى ) عن طريق كوبرى مقامى ..هو مقام الحجاز عند
..مع حاجة تانية بتندهلك
43
وأخيرا ..لمن يريد معرفة مقام الالمى ..يسمع أغنية ( تسلم إيدين إللى إشترى ) لعبد
المطلب ..فالمقام واضح أكثر فى هذه األغنية ..عكس أغنيتنا اليوم ..التى تعمد فيها
..عبد الوهاب أن يحيرنا كما إحتار هو مع المحبوبة
الشكر الجزيل لعمنا صالح عالم ..الذى أمتعنا بتحليله لمقام الالمى ..وكذلك سلم التدوين
..الخاص به
قصيدة
إختار عبد الوهاب ..مقام الراست ليصوغ منه لحنه ..والسبب واضح ..األغنية وطنية
..ولكنها ليست حماسية ..فيها من المعانى مايتيح للملحن حرية كبيرة فى إختيار
..المقامات والتنقل بين أكثر من مقام
44
اإليقاع المستخدم فى أول اللحن ..إيقاع الفوكس ..ويسمى ( الفوكس تروت ) أى قفزة
..الثعلب ..وهو إيقاع بسيط ثنائى الميزان
تبدأ المقدمة الموسيقية بجملة تؤديها الوتريات بعرضها ..أى بكامل هيئتها ..ومن
(..الصوت الغليظ ( القرار
تسلم الوتريات الدفة أللة القانون ..لنسمع جملة جميلة من مقام الكرد ..وترد عليها
..الوتريات بنفس الجملة
ثم عودة من الوتريات للنهاوند عن طريق مقام ( النوا أثر ) ..ويعيد القانون نفس جملته
..األولى وترد عليه الوتريات تمهيدا لدخول اإليقاع
ومع الجملة الرئيسية من مقام الراست ..ليتسلم الكورال الراية ..و ( ياسماء الشرق
(..طوفى بالضياء
نقف قليال هنا ..لنحصى عدد المقامات التى إستعملها عبد الوهاب فى المقدمة الموسيقية
..األغنية لم تبدأ بعد ..وعمنا عبد الوهاب إستعمل ( الراست ،النهاوند ،الكرد ،النوا
..أثر ) ما هذا ؟ ..أربعة مقامات فى المقدمة الموسيقية فقط
..فماذا سيفعل بنا داخل األغنية ..هيا بنا إلى داخل األغنية
يغنى الكورال كما سبق أن ذكرنا ..ويسلم لعبد الوهاب ليغنى ( كانت الدنيا ظالما حوله )
.. ..من الراست
45
..ويظل مع الراست حتى ( غاصب يمأل األفق جراحا وأنينا) فنجد أنفسنا مع النهاوند
هنا يعمد عبد الوهاب أن يعيد الجملة مرة أخرى من الراست فيعود من النهاوند عن
..طريق كلمة واحدة ( وأنينا ) ..حرفنة وصنعة ليست غريبة على عبد الوهاب
ونصل إلى كيف من جناتها يجنى المنى .فنجده إستعمل مقامين هما ..النهاوند الكبير ..
..والنهاوند الطبيعى ( الحجازى)
ثم ( ونرى فى ظلها كالغرباء ) من الراست ..والغريب هنا أنه إستخدم مقامان فى كلمة
( ..كالغرباء ) ..قالها من الراست ..ثم عاد وقالها من النهاوند ليستقر عليه
سنالحظ هنا ..أن عبد الوهاب إستخدم طريقته المحببة فى إعادة الجملة الغنائية ثالث
مرات ..هو الوحيد الذى يصر على اإلعادة ثالث مرات ..ليس إثنتان أو أربعة كباقى
..المطربين ..نوع من التميز
..نصل للكورال الذى يعيد المقدمة مرة أخرى ( ياسماء الشرق طوفى بالضياء)
الزمة موسيقية من مقام ( الحجاز كار ) من نفس درجة الراست والنهاوند ..الراجل مش
..عايز يروح بعيد ..ماسك فى حرف الدو مش عايز يسيبه
نسمع فى هذه الالزمة أالت الخشب ( فلوت ،بيكالو ) تتحاور مع الوتريات ..وتؤدى
..أيضا جملة ( أربيج ) جميلة
46
واألربيج ياسادة ..هو القفز عبر سلم المقام بطريقة معينة ..ومقننة ..فيأخذ مثال ..
الدرجة األولى من سلم المقام ثم الدرجة الثالثة ثم الخامسة ثم السابعة أو الثامنة ..
..قفزات هارمونية جميلة
ويظل مع الحجاز حتى نسمع جملة قصيرة من القانون ..لنعود للراست مرة أخرى ..
..ويغنى ( أمما شتى ) من الراست
إن الملحن يعيش مع الكلمات ويستعمل التحويالت المقامية المتنوعة حسب الحالة
..الشعورية للكلمة ..ناهيك عن الجمل اللحنية التى تدخل األذن دون إستئذان
47
محمد عبد الوهاب
أحمد شوقي
مقدمة موسيقية من نفس المقام ..مقدمة قصيرة نوعا ما ..ونالحظ هنا أن الفرقة
الموسيقية قليلة العدد ..يعنى ( تخت ) قانون وناى وعود وكمانــجة واحدة وال إتنين
..بالكتير ..ورق لزوم اإليقاع
المقدمة ليست حرة ( أدليب ) ،هى تسير على إيقـاع ( الساميا ) ولكن بدون وجود آلة
إيقاعيـة وبعدين تسلم الفرقة للمطرب ..ليغنى من نفـس المقـــام ( البياتى ) ولكن عبد
الوهاب ( علشان هو عبد الوهاب ) مابيقعدش ساكــت ال يستقر فى حتة ..عمال رايح
جاى
بيلمس نغمة الدو دييز وهو راجع لدرجة ركوز البياتى ( الصول ) ..حاجه كده عامله زى
( النوا أثر ) و ده مقام ظريـف قـوى ..بيدى إحساس ..إن الواحد بيحزق ..وبعديأن
بيـروح على (الراســـت) عـند (أرغولـه فى إيــده) ويرجع تانى للبياتى عند يارب زيده ،
) وبعدين الزمة موسيقيــة قصـيرة مـن نفس مقامنا البياتى)
ويغنى عبد الوهاب ( قالت غرامى فى فلوكة ) ..من نفس السلم الموسيقى لكن بدون
لمس حرف السيـكا الموجود فى البيــاتى ..بيلف حواليه دون أن يلمسه ..مش عارف
ليه علشان يدوخنا ومانعرفش المقام إللى بيغنى منه
48
ويدخـل على الراسـت مرة أخرى عـند ( لمحـت ع البعـــد حمامــة ) ويرجـع للحجاز عند
(وجاية ) ،ويكمل بالحجاز ( ووقفـت أنادى الفاليـكى ) ويفضل كده رايح جـاى على
الراســت ..ويرجع منه على الحجــاز ..وبعدين يروح للراست تانى ..ويرجع منه على
.البياتى
الكوبليه األخــير ..حجــاز برضه ..لغاية ( تودينــا وتجيبنـا ) يروح عندها للراست ..
بلحن راقص و خدوا بالكم من الجملة اللحنية ..بيقول ..تودينا وتجيبنا ..ويرجع تانى
..يكررها ..على إيقاع المقسوم ..يعنى إيقـاع راقص الراجل بيفسر الكالم
ويكمل حتى يعــود للبياتى مرة أخرى لينهى فسحتــه ،قصـدى أغنيــته ب هيال هوب هيال
.هيال هوب هيال) ،واضح طبعا إن جملة (هيال هوب هيال ) مقصود بها تصوير المشهد
بتاع المركب ..وهى تتمخطر على الميه
49
وهللا مانا سالي
ال مش انا اللى ابكي
ايها الراقدون....
مضناك
القافلة
قلبي بيقول لي كالم
دعاء الشرق
النيل نجاشي
الكتاب
تأليف
الموسيقار
توثيق
50
7142-7-72
51