You are on page 1of 2

‫رمضان في مصر‪ ..

‬كيف وصف األدباء ليالي رمضان وأيامه؟‬


‫في كتابه "مذكرات صائم" يحكي الكاتب واألديب الراحل أحمد بهجت عن مغامراته في شهر رمضان بأسلوبه الساخر‪ ،‬حيث يستعرض‬
‫حكايات الجوع والعطش واإلفطار والسحور‪ ،‬ماضيا بين منزل الزوجية وبيت أمه‪ ،‬واصفا سهرات حي الحسين القاهري‪ ،‬ال سيما في مقهى‬
‫‪.‬الفيشاوي‬

‫القاهرة – بينما يتابع المصريون أخبار الحرب العالمية الثانية وزحف قوات المحور بقيادة الجنرال النازي إرفين رومل على غرب مصر‬
‫عام ‪ ، 1942‬يحكي األديب الحاصل على نوبل نجيب محفوظ قصص ليالي رمضان في القاهرة في روايته "خان الخليلي"‪ ،‬حيث يقبل شهر‬
‫‪.‬رمضان فتتغير الطقوس والعادات‬

‫في عالم محفوظ‪ ،‬رمضان ال يأتي على غ ّر ة أبدا‪ ،‬ال بد أن تسبقه عادة أهبة تليق بمكانته المقدسة‪ ،‬فتجعل منه أم أحمد حديث يومها‪ ،‬وتقول‬
‫لألسرة "إنه شهر له حقوقه كما له واجباته"‪ ،‬عندما يخبرها االبن أحمد أن الحرب تجور على كل الحقوق‪ ،‬تذ ّكره األم مدهوشة "والكنافة‬
‫‪".‬والقطايف؟‬

‫يصف محفوظ إحساس البطل عند سماعه حديث األم‪ ،‬وكيف "وقعت هذه األشياء من نفسه موقعا ساحرا ‪-‬على استيائه‪ -‬ال الشتهائها‬
‫فحسب‪ ،‬ولكن لما دعته من ذكريات الشهر المحبوب وعهود الصبا خاصة"‪ ،‬لكنه يتذكر الغالء فيذ ّكر أمه قائال "لندع الكماليات‪ d‬في ظروفنا‬
‫‪".‬الحاضرة القاسية‪ ،‬ولندع هللا الكريم أن يعيننا على ضرورات الحياة‬

‫وبينما تحاول األسرة تدبير احتياجاتها من الطعام‪ ،‬يتحول حي خان الخليلي إلى شيء آخر؛ "إنه النور والسرور‪ ،‬إنه الليل المنار اليقظان‪،‬‬
‫إنه الليل العامر بالس ّم ار والمنشدين واللهو البريء‪ ،‬وفي أيام الفتوة والصحة كنت أسري قبل السحور في جمع من اإلخوان من السكاكيني‬
‫إلى حيّنا هذا نتسحر كوارع ولحم الرأس وندخن البوري في مقهى الحسين‪ ،‬ونستمع إلى أذان الشيخ علي محمود ثم نعود في الصباح‬
‫‪..".‬الباكر‬

‫وفي روايته "المرايا" يصف محفوظ ليالي رمضان‪ ،‬حيث األطفال الصغار من الجنسين يجتمعون في الشارع بال اختالط يحتفلون على‬
‫ضوء الفوانيس وهم يلوحون بها في أيديهم يترنمون بأناشيد رمضان؛ "إنهم يل ّوحون بالفوانيس الصغيرة يسألون المارّة وأصحاب البيوت‬
‫‪".‬والدكاكين وهم يرددون أغنية رحت يا شعبان ‪ ..‬جيت يا رمضان‬

‫إدريس ورمضان‬
‫جاءت قصة "رمضان" ضمن المجموعة القصصية "جمهورية فرحات" التي نشرها األديب والقاص يوسف إدريس عام ‪ ،1956‬وتحكي‬
‫‪.‬قصة فتحي الطفل ذي العشرة أعوام الذي يحلم أن يخوض تجربة الصيام وحده‪ ،‬شأنه شأن الكبار‬

‫أراد الصبي أن يصوم منذ ‪ 3‬أعوام‪ ،‬رفض األب‪ ،‬وقال له "ال يصح قبل أن تبلغ الثامنة"‪ ،‬انتظر فتحي حتى العام التالي‪ ،‬حتى استبشر‬
‫‪.‬بمقدمات الشهر الفضيل‬

‫يصف إدريس استعداد الناس في الريف لشهر رمضان‪ ،‬حيث ينظفون الطرقات أمام البيوت ويشترون فوانيس للصغار ويقومون بتوفير‬
‫البن والسكر والشاي وغيرها من لوازم رمضان‪ ،‬وتمتلئ الشواالت (األجولة) أمام الدكاكين بالياميش‪ ،‬وتنشغل األسر في األيام السابقة‬
‫‪.‬لرمضان بتهيئة المطبخ وتبييض األواني وتخزين ما تيسر من السكر والبصل‬

‫يقرر فتحي أنه سيصوم هذا العام بعد أن يرى البضائع تمأل الشواالت أمام الدكاكين‪ ،‬ويواجه والده؛ "انتهز الفرصة وذ َّكره بما قاله في العام‬
‫‪".‬الماضي‪ ،‬وأردف هذا بقوله إنه قرر أن يصوم‬
‫يصوم الصبي‪ ،‬حتى يصبح كبيرا مثل الكبار‪ ،‬لكنه يُفاجأ بصعوبة الصيام‪ ،‬وأنه ال يتحمل العطش‪ ،‬فيفطر سرا‪ ،‬ويظل ينتظر العقاب اإللهي‬
‫أياما‪ ،‬حتى تضبطه أمه متلبّسا بالشرب في نهار رمضان‪ ،‬ويضطر فتحي بعد ذلك أن يصوم فعال؛ "ال خوفًا من رمضان وبطحاته‪ ،‬ولكن‬
‫خوفًا من أهله الذين ال يفيد معهم‪ d‬رفع ذراع أو إجراء تجارب؛ فهم يعرفون كل شيء إن آجاًل أو عاجاًل ‪ ،‬وهم الذين يتولون بأنفسهم العقاب‪،‬‬
‫‪".‬ويضربون العلق ويبطحون وال يرحمون‬

‫في بيتنا رجل‬


‫أحد أيام شهر رمضان‪ ،‬والساعة الخامسة‪ d‬مساء‪ d،‬قبل اإلفطار بساعة ونصف الساعة‪ ،‬وكان راقدا في فراشه بإحدى غرف مستشفى قصر"‬
‫‪".‬العيني‪ ..‬غرفة خاصة يقف على بابها جنديان من جنود يحمل كال منهما بندقية‬

‫هكذا يستهل إحسان عبد القدوس روايته الشهيرة "في بيتنا رجل" (‪ )1961‬التي تحولت إلى فيلم سينمائي من بطولة عمر الشريف ورشدي‬
‫‪.‬أباظة وحسن يوسف وزبيدة ثروت وزهرة العال‪ ،‬وأخرجه هنري بركات‬

‫يحضر رمضان بقوة في أجواء الرواية‪ ،‬يختار البطل إبراهيم حمدي وقت المغرب ليهرب من المستشفى‪ ،‬حيث كان يعالج في فترة سجنه‪،‬‬
‫نظرا النشغال الحرس بتناول اإلفطار‪" ،‬وانتظر حتى انتهى المؤذن من أذان المغرب‪ ،‬ثم فتح باب غرفته‪ ،‬والتقى بالجنديين وقد جلس كل‬
‫‪..".‬منهما على مقعد وركن بندقيته على الحائط‪ ،‬وتوسطهما مقعد ثالث وضعا عليه طعام إفطارهما‬

‫وفي منزل أسرة الطالب الجامعي محيي الدين زاهر‪ ،‬نتعرف على طقوس شهر رمضان من حين إلى آخر؛ "وانطلق صوت مدفع اإلفطار‪،‬‬
‫‪".‬ومقرئ اإلذاعة لم يختم التالوة بعد‪ ،‬وقال محيي وهو يقوم من على مقعده‪ :‬أظن المدفع ضرب‬

‫مذكرات صائم‬
‫في كتابه "مذكرات صائم" يحكي الكاتب واألديب الراحل أحمد بهجت عن مغامراته في شهر رمضان بأسلوبه الساخر‪ ،‬حيث يستعرض‬
‫حكايات الجوع والعطش واإلفطار والسحور‪ ،‬ماضيا بين منزل الزوجية وبيت أمه‪ ،‬واصفا سهرات حي الحسين القاهري‪ ،‬ال سيما في مقهى‬
‫‪.‬الفيشاوي‬

‫يحكي بهجت عن ليالي رمضان‪ ،‬بين الصالة في مسجد الحسين‪ ،‬وحلقات الذكر الصوفية في ليالي رمضان‪ ،‬يتوقف عند ذكريات األيام‬
‫‪.‬الرمضانية المميزة مثل ليلة القدر والليلة الحزينة‬

‫يقول بهجت "لماذا يختلف رمضان هذه األيام عن شهور رمضان القديمة؟ كنت أجد حالوة لرمضان في سن الـ‪ ،20‬وال أجد له اآلن المذاق‬
‫‪".‬القديم نفسه أو الوهج‪ ..‬هل تغير شهر رمضان؟ لم يتغير رمضان‪ ،‬أنا الذي تغيرت‪ ..‬ازددت ظلمة وسوءا وخطايا ونفاقا‬

‫المصدر ‪ :‬الجزيرة‬

You might also like