Professional Documents
Culture Documents
لمحة عن الشاعر:
الشاعر العالم أبو مسلم البهلني (رحمه ال)
الحديث عن علم شامخ كأبى مسلم يجعل من هو مثلي في حالة تهيب وحيرة ,فماذا عساى أقول
في شاعر ضخم له تلك المكانة العالية والشاعرية المتميزة ,من أين أدخل في بحره الزخار
وكيف اقترب من سواحله الممتدة والعميقة .إن الدخول إلى عالم أبى مسلم مغامرة ل يرومها
ويقدر عليها إل الحاذق الفطن ذو الموهبة الراسخة المتمكن من أدواته وقدراته وأني لصعلوك
مثلي تلك المكانات والمواهب ,انه اجتراء غير سهل على اقتحام عالم أبي مسلم ذلك العالم
الواسع الكبير ،والحق أن ما فعلته ليس اقتحاما بقدر ما هو مقاربات وملمسات من على البعد
أرجو أل تكون فيها مزلة قدم .
" ابن عديم " هو السم الكثر شهرة حينما كنا صغارا في مجال الشعر ولعل الكثير من أبائنا
وأمهاتنا لم تكن لهم معرفة تامة باسمه الكامل أو كنيته الشهيرة ولكنهم ،يعلمون تمام العلم أنه
شاعر عمان الكبر الذي ل يدانيه شاعر أخر في منزلته وعلو مكانه وربما كان بعضهم يحفظ
أبياتا من أشعاره وخاصة من قصيدته النونية .وكانت النونية أنذاك تمثل ملحمة عمان الكبرى
كمثل نونية عمرو بن كلثوم عند بني تغلب في العصر العربية البعيدة مع الفارق أن تلك لقبيلة
واحدة وهذه لشعب بكامله وأظن أن أغلب البيوت العمانية في تلك الفترة لم تكن تخلو من كتابين
اثنين بعد القرآن الكريم هما كتاب "تلقين الصبيان" للسالمي وكتاب "نونية ابن عديم " ،وقد
كانت هذه النونية مطبوعة في المطبعة البارونية في القاهرة في كتيب صغير بأحرف بارزة
مشكولة على هيئة طباعة المصحف الشريف وكان الناس يتنافسون في اقتنائها ومن لم يستطع
الحصول هي النسخة المطبوعة اقتنى نسخة مخطوطة مما كانت تنسخه أقلم
النساخ العمانيين الذين كانوا يحترفون نسخ الكتب والقصائد والراجيز والخطب وكانت خطوطهم
عالية الجودة في قمة الروعة والتقان تكاد تضاهي الطباعة إن لم تكن تتفوق عليها في بعض
الحيان ،وقد رأيت في بيتنا أيام طفولتي بالضافة إلى النسخة المطبوعة نسختين مخطوطتين ،
وكانت النونية تحمل عنوان "الفتح واليمان " وهي طويلة للغاية قاربت ابياتها الربعمائة بيت ،
وقد حفزت في صغري لحفظ هذه المطولة من قبل والدتي رحمها ال حتى حفظت أغلبها وكنت
أشدو بها في المسيات العائلية دون أن أفقه شيئا منها .
أبو مسلم إذن من الشعراء الثيرين لدى العمانيين والكثر قربا الى نفوسهم ربما لقصائده
الستنهاضية التي يذكر فيها أغب القبائل العمانية ويستثيرها ،ولعواطفه الدينية التي تتجلى
واضحة في أشعاره سواء الوطنية منها أو تلك الدينية الصرفة الخالصة وهي تمثل في شعره ما
يقارب الثلثين كلها تسبيح وتهليل وتوحيد وتمجيد ل وتضرع اليه .وشعره في مجمله جاد صارم
بعيد عن الهزل والفكاهة إل فيما قل وندر وهو بهذا يلتقي مع الشخصية العمانية في ذلك الزمن
التي هي أقرب إلى الصرامة والجد والوقار ثم هو مادح لئمة العلم والدين يشيد بأعمالهم
وصلحهم وتقواهم ،في حياتهم ويرثيهم أعظم الرثاء بعد موتهم وكل هذا يدنيه أكثر من عواطف
عامة الناس ومشاعرهم .
وربما جرت المقارنات أحيانا ،بين ابن عديم وزميله ابن شيخان ذلك الشاعر الخر المنافس لبن
عديم والمعاصر له وغالبا ما يكون هذا النقاش بين فئات المتعلمين والصفوة المثقفة من الناس
الذين يستوي بعضهم شعر ابن شيخان ويستهوى بعضهم شعر أبو مسلم وتعقد الموازنات بين
الشاعرين ويتعصب كل فريق لشاعر الذي يحبه وقد شبه الستاذ عبدال الطائي هذه المجادلت
بما كان يجري في مصر في ذلك الوقت نفسه بين أنصار شوقي أمير الشعراء وأنصار حافظ
ابراهيم شاعر النيل .
كما أن عامة الناس لم تكن تعرف الشيء الكثير عن أبي مسلم سوى أنه ابن عديم صاحب النونية
فهي كذلك أيضا في معرفتها بابن شيخان فهو عندها ابن شيخان صاحب قصيدة فتح نخل وقصيدة
فتح الرستاق وهما قصيدتاه الوحيدتان ربما اللتان كانتا تدوران على ألسنة الناس .أما اسم ابن
شيخان الكامل وأي تفاصيل أخرى عنه فلم تكن معروفة إل للنخبة .
ويخيل لمي أن أكثرية الناس حينذاك لم تكن متعاطفة مع ابن شيخان كما هي متعاطفة ومحبة
لبي مسلم والناس في ذلك تبع لعلمائهم وفقهائهم حيث إن العلماء وفي مقدمتهم المام السالمي
كان انحيازهم يومئذ في صف أبي مسلم الشاعر الملتزم ولم يكونوا مع ابن شيخان الشاعر
المداح الذي ل قضية له في أغلب أشعاره .وحينما عرضت قضية الموازنة بين الشاعرين على
المام السالمي قال في تحيز واضح لبي مسلم ذاك شاعر عصره وهذا شاعر مصره يعني ابن
شيخان والمام السالمي وهو ابن عم شقيق لبن شيخان هو الذي أطلق لقب شاعر العرب على
أبي مسلم تفضيل له على ابن شيخان .ولست هنا في مقام النتصار لي من الشاعري أو
المفاضلة بينهما ولست مؤهل لذلك وإنما أقص طرفا من أخبار أبي مسلم الذي أتحدث عنه .وأبو
مسلم هو ناصر بن سالم بن عديم الرواحي ولد في مدينة محرم من وادي بني رواحة عام
1213هـ 1857 -م وتوفي في مدينة زنجبار بشرق افريقيا عام 1339هـ 1857-م وهو من
أسرة علمية عريقة .كان جده الكبر الشيخ عبدال بن محمد الرواحي قاضيا في دولة اليعاربة
وكان والده الشيخ سالم بن عديم قاضيا في دولة المام عزان بن قيس البوسعيدي وقد احترف
هو نفسه مهنة القضاء حينما كان في زنجبار لسنوات طويلة بل صار رئيس القضاة هناك كما قام
بمهنة التدريس وقد ذكر الشيخ مكل برهان القمري وهو من علماء جزر القمر انه درس علوم
العربية على يد الشيخ أبو مسلم مع مجموعة من طلب العلم وقد أشاد الشيخ القمري بشيخه أبي
مسلم وأثنى عليه أحسن الثناء.
وقد عاش أبو مسلم أغب حياته في زنجبار وظل يتشوق للعودة الى عمان ويمني النفس بها حتى
وفاته .يقول في ميميته :
والشيخ أبو مسلم عاشق لبلده عمان يمجدها ويفتخر بها وينافح عنها ويرسل القصائد حامية في
الرد على من ينالها بسوء أو يتحدث منها بغير الحديث الحسن ،وقد ذكر أن شاعرا مصريا سكن
زنجبار اسمه عمر لطفي وكان موضع الحفاوة والتكريم من أهلها حتى كتب قصيدة مس فيها أهل
عمان بما ل يليق من الكلم فانحطت منزلته عندهم وكتب أبو مسلم قصيدة في الرد عليه جاء
فيها :
وأبو مسلم فقيه وعالم كبير من علماء الدين يشهد بذلك كتابه «نثار الجوهر» الذي شرح فيه
كتاب "جوهر النظام " للمام السالمي فبلغ في شرحه الغاية القصوى في الفقه الديني وعلوم
الشريعة ،ولكن شاعرية أبو مسلم ظلمته في هذا الجانب حيث طغت شهرته كشاعر على مكانته
كفقيه كبير وكقاض شرعي تربع في القضاء لمدة طويلة وبقدر ما اتسعت شهرته كشاعر وملت
الفاق العمانية بقدر ما جهل الناس عنه الجانب الخر انتهي والشرعي حتى لم يكن يخطر ببال
أحد إل القليلين ربما من العلماء والقضاة ،ولهذا لم نجد فيما دون من أشعاره أسئلة وأجوبة في
المجالت الفقهية والشرعية كما هو حال أقرانه من الفقهاء العمانيين الذين يعتبر من سماتهم
الساسية نظم القصائد في السؤالت الدينية والعلمية والرد عليها بنفس الروي والقافية والحق
أن هذا المر في حال أبي مسلم يثير لدينا التساؤل فإن افترضنا عدم توجه الناس اليه بقصائدهم
الستفسارية كما تعودوا مع فقهائهم لنهم جهلوا حقيقته الفقهية فأين سؤالته هو نفسه للعلماء
المعاصرين له وهم من كبار العلماء وفي مقدمتهم نور الدين السالمي أتراه لم يكن يحب هذا
اللون من السئلة الفقهية الشعرية وربما خشي أن تؤثر على سمعته الشعرية كشاعر كبير أم أن
ذلك النوع من قصائده قد ضاع وفقد مثلما فقد الكثير
من أشعاره وأثاره كما ينبئنا عن ذلك جامع ديوانه إبن أخيه الشيخ سالم بن سليمان البهلني تلك
مسألة أحسبها مثير التساؤل من خلل ما أعرفه من نهج مشايخنا العمانيين في تدوين السؤالت
الشعرية الفقهية لبعضهم البعض مما ل يكاد يشذ عنه أحد منهم ،ولشك أن فقه شاعرنا وتبحره
في العلوم الدينية لم يؤثر بحال على مستوى شاعريته الجزلة فشعره ليس من شعر الفقهاء الذي
ينظر اليه نقاد الدب عادة أنه ليس بالشعر الخالص أو البليغ وان كانت هذه النظرة في تصوري
غير دقيقه فكم من عالم فقيه ترك من الشعر ما هو في قمة البيان ولكن تعمق شاعرنا في علوم
الدين والشرع أثر في لغته ومسطحاته وجمله الشعرية فهو حينما يحرض ويستنهض في
مقصورته نجده يقول :
قد آن للحرام أن نجله
وفي مدائحه واعتذارياته للسيد حمد بن ثويني نراه يرتبها على سور القرآن وعلى ألفاظ آية
الكرسي وكلمات القرآن والمصطلحات الدينية طاغية في كل أشعاره وحتى وهو يتغزل ترد ألفاظ
القرآن ومصطلحاته في غزله :
القصيدة النونية
ملحظة :القصيدة طويلة لذلك ليست كاملة ومن أرادها كاملة فليستمع اليها من هنا:
الجزء الول http://www.alkhalili.net/audio/nonia1.ra :
الجزء الثاني http://www.alkhalili.net/audio/nonia2.ra :
تلك البوارق حاديهّنّ مرنانُ = فما لطر ِفكَ يا ذا الشجوّ وسنا ُ
ن
شقتْ صوارمهُا الرجاء واهتزعتْ = تُزجي خميسا له في الجوّ ميدانُ
تبجستْ بهزيمِ الودقِ منبعقا = حتى تساوت به أكمٌ وقيعانُ
سقى الشواجن من رُضوى وغصّ به = سِ ّر وجوفٌ وغصّت منه جرنانُ
وجلّل السهل والوعار معتمدا = ربوع ماضم (عِنْدام) و (جعلنُ)
وراح ينضحُ للجرداءِ ساحتها = وطمّ مار ّد صفنانٌ وصخنانُ
يريقُ في الجوّ منهُ ريقٌ هطلٌ = في لوحهِ من سناءِ البرقِ ألوانُ
إن هيّج البرق ذا شجوٍ فقد سهرتْ = عيني وشبتْ لشجوِ النفسِ نيرانُ
وصيّر البرقُ جفني من سحائبهِ = يا برقُ حسبك ما في الرضِ ضمآنُ
ق أوطانُ ح على = أرضٍ وما هي لي يا بر ُ إني أشحُ بدمعي ان يس ُ
ه ْبكَ أستطرتَ فؤادي فاستبق رمقي = الى معاهدَ لي فيهّن اشجانُ
تلك المعاهدُ ما عهدي بها انتقلت = وهّن وسط ضميري النَ سُكّان
ح وجثمانُ ت عنها ولكن ل أفارِقُها = بلى كم أفترقتْ رو ٌ
نأي ُ
وكيف أنسى عهودي في مسا ِرحِها = و ُهنّ بين جنانِ الخلدّ بطنانُ
أم كيف يمكنُ سلواني فضائِلهَا = نعم ،لديّ لذا السلوانُ سلوانُ
معاهدٌ شاقني منها محاسُنَها = أن شاق غيّر آرا ٌم وغزلنُ
لها على القلبِ ميثاقٌ يبوءُ به = أن باءَ بالحبِ في الوطانِ أيمانُ
ت عنها بحكمٌ ل أغالبهُ = ل يغلبُ القدرَ المحتومَ أنسانُ نزحُ ُ
كأنني واغترابي والغرامَ بها = حيءٌ قضى خلّفته بعدُ أحزانُ
هِيَ النوى جعلتني في محاجِرِها = مثل الخيالِ وروحِ ثَمّ جثمانُ
أعيشُ في غربةٍ عيشَ السليمِ على = رغمي وليس الى الترياقّ أمكانُ
يا برقُ حركْ همومي أن ت ُكنْ سكنتْ = فكلُ حظيّ تحريكُ وإِسْكَانُ
ما زال ينشطُ بي همي وأصبرهُ = وناشطُ الهممِ ل تزويِهِ ارسانُ
ف حياضّ وهتانُ ق هل والحنايا من ضعى ضعفتْ = تأنف الط ّ يا بر ُ
وهل ذرى القصفِ فالمقراةُ معشِبتٌ = وهل قطينُ بعلياء قاع ٍد بانُ
ب خوانُ عهدي بها ونظيرُ العيشِ يصحبُها = والدهرُ في غفلةٍ والشه ُ
نشأةُ فيها وروضاتي ومرتفعي = روح الفضيلةِ ل رن ٌد وريحانُ
أرتاحُ فيها الى خلٍ فيبهرني = صدقٌ وقصدٌ ومعروفٌ وعرفانُ
فحَالَ حكمُ النوى بيني وبينهمُ = هنا تيقنتُ ان الده َر خوانُ
حتى متى اتقاض الدهرَ قربهمُ = والدهرُ يهرمُ والمالُ ولدّان
حتى متا يا دهرُ ل تبقي على بشرٍ = حرٍ وحتى ضيمِ الحرّ إحسانُ
ت ألوانُ
آكلُ رايكَ حربي أم لها أمدٌ = فأن عهدي وللحال ّ
حلَ العقا َل واطلقني الى سعتي = ففي سجونك للميدانّ فرسانُ ُ
يا دهرُ يا باخسَ الحرا ِر حقهمُ = أعطي العدالةَ أن ال ديانُ
فيما التقصي بأه ِل الفضلِ أن نقضتْ = حسناك زادوا وإن شأنً ورزانُ
ل يثقلونَ وان خفتْ عياضهمُ = عن الندى ولهم بالحلمِ رجحانُ
ت بانُ أخفى غباركَ يا دهري محاسنهمُ = فأن دعوتهمُ في نكب ٍ
أن تعرف الحقَ فيهمْ لم تذذ أسدا = عن الورودِ وعيرُ الحيّ ريانُ
س من علياءَ (بدية) حيث = هم ثل [يحمدُ] الحايزون المجد يا ناقلَ العي ِ
قطانُ
خِلفْ وراءكَ عزا و (المضيرب) و ( الدريز) = و(القابل) الراسي بها
الشأنُ
ن ملوكُ الناس [قحطانُ] وخلي (إبراء) أعلها وأسفلها = حيثُ القطي ُ
ججِها عن ساحتي (سمدٍ) = مياسرَ الفتحِ حيثُ الحيُ [كهلنُ] وخذ بأ ُو ِ
ودعْ وراءكَ أن غربتَ أخشبتٍ = تجري المجرةُ فيها وهيَ سدرانُ
ويا امن (الدوحه) و (الخضراء) منتحياً = أفنىء حلفينا حيث السوحُ
جرنانُ
واعمل الى (الجوفِ) واستظهرْ اسافِلها = أرض { لعامرَ } أهل الفضلّ
أوطانُ
وأفرقْ بها البيداء حتى يستبينَ لها = (فرقٌ) على بيضةّ السل ّم عنوانُ
فإن تيامنت (الحوراءُ) شاخصتاً = لها مع السحبِ أكنافٌ وأحضانُ
ط رحلكَ عنها أنها بلغتْ = (نزوى) وطافت بِهارّ المجد أركانُ فح َ
فطالما وخذتْ التبغيلُ بانتها = كأنهنّ مع النظاء عقبانُ
أنزلْ فدي ُتكَ عنها أن حاجتها = عدلٌ وفضلٌ وانصافٌ واحسانُ
ت وم ُذ كانُ أنزل فديتكَ عنها أن وجهتُها = تختُ الئمةّ مذ كان ْ
هنالك أنزل وق ِبلّ تربةً نبتتْ = بها الخلف ُة واليمانُ أيمانُ
س = للحقِ فيهنّ أزهارُ وافنانُ انزل على عرصاتٍ كلها قد ٌ
ن وظهرانُ انزل على عذباتِ النّور حيثُ حوتْ = أئمةٍ الدينِ قيعا ٌ
حيثُ الملئكةُ أحتلتْ مشاهدهمْ = لها على الحلّ والتعريجِ آدمانُ
أرضٌ مقدسةٌ قد بوركتْ وزكتْ = تنصبُ فيها من النوارّ مِعنانُ
ما طار طائرها لِ محتسباً = ل ُه جناحانّ أيقانٌ وعرفانُ
إل وقام يمينُ الِ ساعدهُ = والفتحُ والنصرُ والتأيي ُد أعوانُ
ل تنفحها = واليُمنُ يثمرهُا علمٌ وإيمانُ ميمنةٌ بركاتُ ا ِ
رستْ بها هضبةْ السل ِم من حقبا = وإن قضتْ بإستارِ العد ّل أحيانُ
قديمةُ الذكرّ عاد الدين عائدها = من يوم أصبحَ توحيدٌ وقرآنُ
قامتْ بها قبةُ السلمِ شامختاً = حتى تواضعَ [بهرامٌ] و [كيوانُ]
ولمْ تزل عرصةً للعدلّ عاصمةً = للستقامةِ فيها الدهرُ سلطانُ
كم أشهرَ الُ فيها من حسامّ هدىً = كأنها لسيوفّ ال أجفانُ
كِنانةٌ لسهامِ الِ ما فرغتْ = مذ كان للجو ّر سلطانٌ وشيطانُ
ق لها = بدين ذي الثفناتّ الحبرّ آيقانُ بحجةِ الِ قامتْ في الشقا ّ
لسِيرها واختصاص الِ قائمها = بل لنصرِ والفتحِ برهانٌ وبرهانُ
ت خلفاءُ الِ منصبِها = منذُ [الجلندى] وختمُ الك ّل [عزانُ] تعاقب ْ
أئمةٌ حُ ِفظَ الدينُ الحنيفُ بهمْ = من يومِ قيلَ لدينِ الِ آديانُ
سدُ شراً = شمسُ العزائمِ أو اهونَ رهبانُ صيدٌ شراةٌ أباتُ الضيمِ آ ْ
سفنٌ النجاةِ هداةُ الناسِ قادتهمْ = طهرُ السرائرِ للسل ِم حيطانُ
ح القرآنّ أجمعها = إذا أستحقَ مديحَ ال آيمانُ تقيولوا مِدَ َ
جدوا الى الباقياتِ الصالحاتِ فلمْ = يفتهمُ في التقصي سرٌ واعلنُ
على الحنيفِيةِ الزهراءُ سيرتهمُ = والوجهُ والقصدُ إيمانُ وإحسانُ
بسيرة [العمريين] استلموا وسطوا = لشربةِ (النهروانِ) الكلُ عطشانُ
صعبُ الشكائمِ في ذاتِ اللهِ = فأن حناهمُ الحق عن مكروه ٍة لنوا
مسومين لنصرِ الِ أنفسهم = أرواحهمْ في سبيلِ الِ قربانُ
سبقٌ إلى الخير عن جدًا وعن كيسا = دانوا النفوسَ فعُزةْ حيثما دانوا
خُلقٍ = وهديهمْ سنةٌ بيضاءُ تبيانُ خ ْلقٍ وفي ُ سيماهمُ النورُ في َ
مقيدونَ بسمعُ الناسِ في حقٍ وابصرهُمْ = وفي سواهمُ صمٌ وعميانُ
لم تُل ِههِمْ زهرةُ الدنيا وزخُرُفُها = إذ همهمْ صالحٌ يتلوهُ رضوانُ
ش آوثانُ باعوا بباقيةِ الرضوانِ فأنِيهمْ = كأن لذة هذا العي ّ
وقفٌ على السنةِ البيضاءِ سعيهمُ = وفي الجهادّ ان عزوا وان هانوا
ما زايلت خطوةً المختا ّر خطوتهمْ = ول ثنى عزمهمْ نفسٌ وشيطانُ
ن سلطانُ فجاهدوا واستقاموا في طريقتهِ = عزوهمُ لصروحِ الدي ّ
أولئكَ القومُ انواري هديتُ بهم = عقبى محبتِهم عفوٌ وغفرانُ
أئمتي عمدتي ديني محجتهُمْ = غوثي إذا ضاقَ بي في الكونِ إِمكانُ
ل يقبلو الُ ديناً غير دي ِنهِمُ = ول يصحُ الهدى إل بما دانوا
ف الحقّ أزماتٌ وأزمانُ من عهدِ (بدرٍ) و (أحد) ل تزحزِه ْم = عن موق ِ
حقيق ُة الحقّ ما دانوا بهِ وأتوا = وما عدا ُه أخاليطٌ وخمّان
إن يشُرفِ الناسُ في الدنيا بثور ِتهِمْ = فثورةُ القو ِم أخلصٌ وإيقانُ
لِ ما جمعوا لِ ما تركوا = لِ إن قبضوا لِ إن بانوا
ق رجحانُ أزكى الصنيعيينِ ما كان الهدى معهُ = لديه ُم ولهم في الح ّ
تراهمُ في ضميرِ الليلِ صيرهمُ = مثل الخيالتِ تسبيحٌ وقرآنُ
ل يعرفُ العدلُ إل في إستقام ِتهِمْ = لم يوفي إل لهم بالعدل ميزانُ
ب عن حرماتِ الِ شأنهمُ = ل شأنَ دنياهمُ نيلٌ وحرما ُ
ن بالذ ّ
رضوا ببلغةِ محياه ْم على حذرٍ = منها كأنهمُ بالبلغ ِة أختانُ
سيمَ التعففّ تكسوهمْ جلل غناً = فالقلبُ في شبعٍ والبطنُ خمصانُ
سمتْ الملوكِ وهديُ النبياء على = أخل ِقهِمْ فكأنَ الفق َر تيجانُ
تمثلتْ لهمُ الدنيا فما جهلوا = حقيقةَ المرّ إن العيشَ ثعبانُ
جازوا الجسورَ خفافَ الحالِ وقرهُمُ = زه ٌد وخوفٌ واصغارٌ وشكرانُ
فاز المخفونَ من دارِ الغرو ِر فل = خوفٌ عليهم ول بالقومّ أحزانُ
ح وريحانُ مضوا وأثارهمْ نورٌ وذكرهمُ = رحمى ومضجعهمْ رو ٌ
تتابعوا دولةً في أثرّ سابقةٍ = كما جلى الرس ُل أحيانٌ فأحيانُ
ق أعيانُ حتى أنجل الكوكبُ الدريّ فأنكشفت = بنورهِ عن وجوهّ الح ّ
هنالك أنبعثتْ روحُ الحياةِ إلى = جسم الوجودِ وقد أرداه طغيانُ
وقام للحقّ شأنٌ بعدما لغبتْ = من الكوارثِ أحكامٌ وأديانُ
ي وكفرانُ وأصلتْ ال أصليتاً يحسُ بهِ = سواعداً شدها بغ ٌ
ب الكونُ عن بشرى ضمائرهِ = فالكائنات أغاري ٌد وألحانُ وأعر َ
ب لها آنُ أمنيةٌ رقبَ السلمُ طلعتها = أتاحها ال لم يضر ْ
وللمانيّ أوقاتٌ إذا قدرتْ = وللمانيّ أياتٌ وإذانُ
تمنعتْ في خدورِ الغيبّ أونةً = ثم أنجلتْ فتجلى عدلٌ وأحسانُ
ما ساورتها صروفِ الدهرِ إذ نجمتْ = وما لردّ مُرادِ ال أمكانُ
وحكمتة الِ في التدبيرّ قاهرتٌ = وقائ ُد العقلّ في المقدارِ حيرانُ
ب جامدةٌ = و ُيحِكمُ المرَ والفكا ُر عميانُ يقضي بما شاءَ والسبا ُ
يختصُ من شاء بالرحمى ويصرفها = عمن يشاءُ وفي الحكمينّ رحمانُ
ن وبهتانُ إن الذي يتعاطاهُ الذكى لذى = حكمِ المقاديرّ تخمي ٌ
ما حيل ُة الظنّ والوهامُ في قدرٍ = إل قصو ٌر وعجزٌ ثم إذعانُ
لبد أن تربطَ الوهامُ وحدتهُ = ول تطاولَ تقريبٌ وإمعانُ
خذْ ما أتاكَ وسلمها لخالقها = فالشأنُ ل يغي َر للكوانّ ديانُ
ي العقولِ ففيها ثمّ برهانُ أنظر إلى دولةٍ أعيتْ معاجزها = رأ َ
ب والكونُ أشجانُ أرادها الُ فحتلتْ مناصِبها = والعقلُ في نص ٍ
ف الحقّ بطلنُ بأسهمّ الِ ترمي من يقاومها = ول يقومُ لسي ّ
إن السنه ل تعدوا مقاتلها = إن شدّ بالجدّ والتوفيقّ مطعانُ
ل والسلمُ جذلنُ عادتْ إلى جذليها من طولّ غربتها = خلفةُ ا ّ
عنايةُ الِ تحدوها لموطنها = وللخلفةُ في السل ّم أوطانُ
تنحوا ببجذتِها العلياء وبؤبؤها = وشأنها لمضاضّ المجدّ خلصانُ
تخلدّ العقدَ منها صدرُ قيمتها = صدرُ بخالصةّ اليمانّ مليانُ
هٌمامها العاصمُ الكافي لعصمتها = لهُ على حملِها جدّ وإقرانُ
سميدعٌ مثلُ صدرّ السمهريّ لهُ = في هضبتّ المجدِ أجثالٌ وأغصانُ
رحبُ المباءتّ قرمٌ ل بوىء لهُ = بفضلهِ شهدتْ سهلٌ واحسانُ
مشمرٌ أحوذيٌ رأيهُ فلقٌ = وعزمهُ قب َل وضعَ الرمحّ طعّان
مروعٌ ألمعيٌ في بصيرتهِ = من الذكائي لمحضّ الرأي تبيانُ
تحكمتْ من أصيلِ الرأيِ ِفطِن ُتهُ = كأنها فيهِ أبصا ٌر وأذانُ
شرُها = كأن ّهنّ بخصمِ الِ نيرانُ يطوي عزائمَ بالتقوى وين ُ
أصار ُه علِمهُ بالِ محض هدىً = وغيرُ بدعٍ هدىً يذكي ِه عرفانُ
لم يتركِ العلمُ منهُ موضعاً كدراً = يمثلُ الشمسُ منهُ الذاتُ والشأنُ
ما زالَ تمحصهُ التقوى ويمحصها = وسرهُ ملكٌ والشخصُ أنسانُ
حتى تمحضَ نُوراً ل يكدرهُ = خيرٌ وشرٌ وأغيا ٌر وأعيانُ
ل والخلصُ عارفةٌ = من الكريمِ وتخصيصٌ وإحسانُ والعلمُ با ِ
مواهبٌ ساقها من فيضّ رحمتهِ = لنفسٍ مالها في الناسِ حسبانُ
يعُدها الناسُ من أحجارِ س ُوحِ ّيهِ ُم = وهنّ في ملكوتّ الِ شهبانُ
س = والعقلُ في الوجدِ بالمشهو ّد ولهانُ يمشونَ بُلهاً وهمُ النفسِ في كي ٍ
والفتحُ يقصدُ قلباً ما بهِ سعةٌ = إل لمن لم تسعهُ قطُ أكوانُ
ن سلطانُ محبةُ الِ سرٌ حيثُ ما صدقتْ = لها على عالمِ المكا ِ
تعطيكَ فتحاً وإن سدتْ مغاليقهُ = وطو ُر علقكَ في ذا الفتحّ حيرانُ
فل عليكَ إذا صحةْ محبتهُ = إذا وفاءَ لكَ هذا الخلقُ أو خانُ
لِ ما أنفسٌ في سرِها أشتعلتْ = بالحبّ لِ أنوارٌ ونيرانُ
تحلُ في الرضِ واللبابُ طائرةٌ = في عالم في ِه أهلُ الِ نُدمانُ
ريانةٌ بشرابِ الحبّ محرق ٌة = والحالَ صح ٌو وكلِ الشربِ نشوانُ
تلكَ النفوسُ التي هذا المام لها = قطبٌ ومورِدهُ الصافي لها حانُ
خاضَ الحقيقةَ كشفاً فستقامَ لهُ = كشفٌ وشرعٌ وتكميلٌ وسلطانُ
جاءتْ إمامت ُه والرضُ مظلمةٌ = والناسُ فوضى وأهلُ الجورّ ذوبانُ
فأشرقَ العدلُ في أرجاءِها ولقي = عز المفاس ِد إرهاقٌ وإيهانُ
جاءتهُ ما كانَ بدعاً من أئِمتها = من جدهِ أبنُ [ تميمٍ ] المجدّ [ عزانُ ]
في ضئضاءٍ العز ِة القعساءِ محتدهُ = إذا تفاخرَ [ قحطانٌ ] و [ عدنانُ ]
بذروةِ [ اليحمد ] الصي ِد الملوكِ لهُ = أعراقُ مجد وأساسٌ وبنيانُ
ل ينكروا الناس ما للقومّ ِمنْ قدمٍ = وكيف يلحقُ عينَ الشمسّ نكرانُ
ت ورضوانُ أحسابهمْ ومعاليِهمْ ودينهمُ = كواكبٌ وهدايا ٌ
ل صفواً من خُلصتِهمْ = إل وللصفوّ من اكرامهِ شانُ ما أختارهُ ا ُ
يا سالمَ الدينِ والدنيا ابن راشدَ خذْ = أمانةَ الِ والقدا ُر أعوانُ
أنت الضلي ُع بها حملً وتأديةً = إذ ك ُل همكَ تدبي ٌر وأتقانُ
إحذرْ واصع ْد وأيقنْ إن صاحبها = سيفٌ من الِ ل تحوي ِه إجفانُ
سهُا مؤمنٌ بالِ معتصمٌ = وخيرُ ما دبرَ الملكَ إيمانُ يسُو ُ
ل إيقانُ
للستقامةِ في تقديرهِ قبسٌ = فظنهُ تحتَ نورّ ا ِ
ل يصرفُ الفكرَ في شيءٍ فيخلفهُ = لنهُ من فيوضِ الكشفّ ملنُ
والمؤمنونَ بنورّ الِ ناظرةٌ = عيُونهمْ وبعينِ ال أعيانُ
وأنا آسف لعدم اكتمال القصيدة ووجود أخطاء كثيرة بها لن نقلها صعب
لكنني والحمدل وجدتها ونسختها فهي منقولة
والسلم علكيم ورحمة ال وبركاته