You are on page 1of 304

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشـعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة أبي بكر بلقايد‪ -‬تلمسان‬
‫كلية العلوم اإلنسانية والعلوم االجتماعية‬
‫قسم‪ :‬الثقافة الشعبية‬
‫تخصص‪ :‬أعالم الشعر الشعبي الجزائري‬

‫المديح النبوي في شعر‬


‫سيدي لخضر بن خلوف‬
‫دراسة في الموضوعات والشكل‬
‫مذكرة لنيل شهادة الماجستير في أعالم الشعر الشعبي الجزائري‬

‫تحت إشراف‪:‬‬ ‫إعداد الطالب‪:‬‬


‫الدكتور مقنونيف شعيب‬ ‫‪‬‬ ‫‪ ‬حميان عبد الرحمن‬
‫لجنة المناقشة‪:‬‬
‫رئيسا‬ ‫جامعة تلمسان ‪-‬‬ ‫‪ -‬أستاذ التعليم العايل‬ ‫‪ ‬الدكتور عبد احلق زريوح‬
‫مشرفا ومقررا‬ ‫جامعة تلمسان ‪-‬‬ ‫‪ -‬أستـاذ حماضــر‬ ‫‪ ‬الدكتور شعيب مقنونيف‬
‫عضوا‬ ‫جامعة تلمسان ‪-‬‬ ‫‪ -‬أستاذ التعليم العايل‬ ‫‪ ‬الدكتور مصطفى أوشاطر‬
‫عضوا‬ ‫جامعة تلمسان ‪-‬‬ ‫‪ -‬أستـاذ حماضــر‬ ‫‪ ‬الدكتور عبد الرمحان فارسي‬

‫‪0200-0202 :‬‬ ‫السنة الجامعية‬

‫‪169‬‬
‫اإلهـــداء‬
‫إلى أحق الناس بصحبتي‬
‫أمـي‪..‬وأبـي‬
‫وإلى زوجتي المجاهدة‬
‫وإلى أبنائي‪ :‬محمد‪ ،‬يونس‪ ،‬وفاطمة‬
‫أهدي ثمرة الجهد‬

‫‪170‬‬
‫كلمة البد منها‬
‫من لم يشكر الناس لم يشكر هللا‪ .‬نتقدم بالشكر‬
‫لكل األساتذة الذين نتشرف بمرافقتهم لنا في‬
‫مسارنا الدراسي ودأبهم على نصحنا و توجيهنا‪،‬‬
‫خاصة أستاذي المشرف‪ ،‬واألستاذ محمد سعيدي‪،‬‬
‫واألستاذ عبد الحق زريوح‪.‬‬
‫ولكل من مد لنا يد العون من األصدقاء والزمالء‪،‬‬
‫خاصة مدير متقن بصغير لخضر السيد بلعباسي‬
‫مصطفى والسيد الناظر غفور عبد اللطيف وكل أفراد‬
‫عائلتي الثانية بالمتقن‪.‬‬
‫أخذت من‬
‫ُ‬ ‫ومن الجحود أن أنكر فضل عائلتي التي‬
‫حقوقها الكثير‪ ،‬خاصة والداي اللذين أحتمي‬
‫بدعواتهما‪ ،‬وأوالدي‪ ،‬وزوجتي التي رافقتني في كل‬
‫األوقات وصبرت على ثوراتي المتكررة‪.‬‬
‫فالحمد هلل الذي أحاطني بهذا الجمع من األعوان‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل‪.‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫كان الشعر في الجاهلية ِعلم قوم لم يكن لهم علم أعلم منه‪ -‬على حد‬
‫وصف عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه‪ -‬وهو في الوقت ذاته سالح ينافح به‬
‫الشاعر عن قبيلته ويرد عنها العدوان‪.‬‬
‫فال غرابة إذا أن يفعل الشاعر ذلك في ظل اإلسالم‪ ،‬وال غرابة أيضا أن‬
‫فيحبوه ويمدحوه في غير ما‬
‫ُيعجب الشعراء بشخصية النبي صلى اهلل عليه وسلم ّ‬
‫طلب رفد أو إغداق عطايا‪.‬‬
‫ومنذ هذه الفترة‪ ،‬وعلى مدار األربعة عشر قرنا‪ ،‬والشعراء قليال من الدهر ما‬
‫يهجعون في مدح ّسيد البرية‪.‬‬
‫ولما كان الشاعر الشعبي حْلقة في هذه السلسلة الطويلة من الشعراء‪ ،‬لم‬
‫ّ‬
‫بي‪ ،‬واتصل هذا الحب بعقيدة الشاعر اإلسالمية‪ ،‬فما‬
‫الن ّ‬
‫بحب ّ‬
‫يعدم أن يتغنى ّ‬
‫وسعه إال أن مدحه وهام في حبه‪.‬‬
‫ولعل الشاعر سيدي األخضر بن خلوف من أبرز الشعراء الشعبيين‬
‫حب النبي صلى اهلل عليه وسلم‪،‬فأفنوا حياتهم في مدحه‪.‬‬
‫الجزائريين الذين فََنوا في ّ‬
‫فما الموضوعات التي تناولها الشاعر في مديحه؟ وما مدى تأثير النصوص‬
‫الدينية‪ ،‬من قرآن كريم وحديث نبوي شريف في القصيدة المدحية الخلوفية؟ وما هي‬
‫األشكال التعبيرية التي ارتضاها الشاعر في بناء نصه الشعري؟ ثم ما شكل‬
‫القصائد التي اتخذها وعاء لهذا المديح؟‬

‫ويقينا منا بأهمية الموضوع وأحقيته بالدراسة‪ ،‬اتخذنا البحث فيه سبيال‪،‬‬
‫فوسمناه‪:‬‬
‫" المديح النبوي في شعر سيدي لخضر بن خلوف‪ .‬دراسة في الموضوعات والشكل"‬

‫‪172‬‬
‫لقد خضنا غمار البحث يدفعنا في ذلك ميل كبير إلى المدائح النبوية‪،‬‬
‫وتعلق شديد بالتراث الشعري الشعبي والسعي إلى بعثه وكشف ذخائره وكنوزه‪ ،‬هذا‬
‫من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن الشاعر سيدي األخضر بن خلوف قد تناولته‬
‫بعض الدراسات ولكنها لم تمط عنه اللثام بالقدر الكافي‪ ،‬ألنها لم تقف على شعره‪،‬‬
‫خاصة المدائح النبوية‪ ،‬وقفة حقيقية تكشف عن الموضوعات التي تناولها في‬
‫مدائحه‪ ،‬أو أخرى تكشف عن بعض الظواهر الشكلية التي تستدعي الوقوف‬
‫عندها‪.‬‬
‫وال بد من اإلشارة هنا إلى أن الشاعر سيدي األخضر بن خلوف هو غير‬
‫الشاعر ابن الخلوف الفاسي األصل‪ ،‬القسنطيني المولد‪ ،‬التونسي الدار‪ ،‬المولود‬
‫في ‪0141‬م والمتوفى في‪0401‬م‪ ،‬وهو ليس بشاعر شعبي‪.‬‬
‫ومما يعيق البحث‪ ،‬قلة الدراسات التي تـنير لنا الطريق أكثر في موضوع‬
‫المديح النبوي في الشعر الشعبي‪ ،‬اللهم إال بعض الرسائل الجامعية‪.‬‬
‫أما المديح النبوي في الشعر الرسمي ففيه من الوفرة ما يسد الحاجة‪.‬‬
‫ّ‬
‫وعن الخطة التي ارتأينا أنها تحتوي موضوعنا فقد عملنا على تقسيم البحث‬
‫إلى أربعة فصول؛‬
‫بينا أيضا موقف‬
‫ورواده‪ ،‬وفيه ّ‬
‫أما األول فخصصناه لمفهوم المديح النبوي ّ‬
‫اإلسالم من الشعر‪ ،‬باعتباره البداية األولى للمدائح‪ ،‬كما أردفنا ببيان أثر شخصية‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم في المديح‪ ،‬ثم انتقلنا إلى ظهور هذا اللون الشعري‬
‫في الجزائر ومالبساته‪.‬‬
‫وأما الثاني فوقفنا فيه على حياة الشاعر لنعرف أصله ونسبه‪ ،‬ومولده‬
‫وأسرته‪ ،‬ثم تكوينه وثقافته‪ ،‬مع مالمح من شخصيته وكيف تبوأ مكانة الولي الصالح‬
‫ثم وفاته‪،‬كل ذلك من خالل شعره‪،‬هذا الشعر الذي أشرنا إلى أغراضه والى الديوان‬
‫الذي ُجمع فيه‪ ،‬ذلك بعد أن تحدثنا عن المكان والزمان اللذين عاش فيهما‬
‫الشاعر‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫وفي الفصل الثالث تعرضنا إلى الموضوعات الالتي تناولها الشاعر في‬
‫مديحه‪ ،‬مستشهدين على كل موضوع بشواهد شعرية‪ ،‬مغلّبين بعضها على بعض‬
‫حسب كثرة ورودها في شعر ابن خلوف‪ .‬وقد كانت هذه الموضوعات متنوعة‬
‫بلغت أكثر من سبعة عشر موضوعا خدمت كلها غرض المدح‪.‬‬
‫أما الفصل الرابع فعنينا فيه بالدراسة الشكلية لمديح ابن خلوف‪ ،‬متخذين من‬
‫إحدى قصائده نموذجا لهذه الدراسة التي قسمناها إلى ثالث مستويات ؛شعرية‬
‫اللغة‪،‬الصورة الشعرية‪ ،‬ثم اإليقاع الشعري‪.‬‬
‫تعاملنا في دراستنا هذه مع أمور تاريخية‪ ،‬ووقفنا على ما تحتويه األشعار‪،‬‬
‫إن على صعيد المضمون وان على صعيد الشكل‪ ،‬فلهذه الدراسة إذن شقين‪،‬‬
‫أحدهما تاريخي والثاني استقرائي وصفي‪ ،‬ففي األول تقصينا كل ما من شأنه أن‬
‫يفيدنا في الدراسة و يقربنا من الشاعر‪ ،‬وفي الثاني اجتهدنا في كشف ما تحمله‬
‫هذه األشعار في ثناياها من ظواهر فنية وجمالية‪.‬‬
‫تراوحت المصادر والمراجع بين الدراسات التاريخية‪ ،‬والمصادر الدينية‪،‬‬
‫والدراسات النقدية‪ ،‬وكذا بعض المذكرات الجامعية‪ ،‬وحرصنا في استعمالها على‬
‫أال يعيب بحثَنا كثرة االقتباسات وال رغبة التأليف‪ ،‬كما حرصنا على األمانة‬
‫العلمية في ضبط المقتبسات‪.‬‬
‫أما المادة الشعرية فقد استقيناها من ديوان سيدي األخضر بن خلوف الذي‬
‫جمعه األستاذ محمد بخوشة‪.‬‬
‫وختمنا بخاتمة َح َوت أهم نتائج البحث التي توصلنا إليها‪ ،‬وكذا بعض‬
‫التساؤالت التي تض ّل قائمة حول الشعر الملحون وقضاياه‪.‬‬
‫ندعي‪ ،‬بعملنا هذا‪ ،‬حيازة سبق وال استقامة عود‪ ،‬ولكن حسبنا من ذلك‬
‫وال ّ‬
‫جدية في البحث‪ ،‬واصرار في طلب الكمال‪ ،‬وانصاف الرجال‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫واعترافا بالجميل أنحني أمام السيد شعيب مقنونيف انحناءة شكر على‬
‫تحمله عناء اإلشراف‪ ،‬وصبره في تقديم التوجيهات‪ ،‬وما كان لي أن أباشر هذا‬
‫ّ‬
‫العمل لوال تشجيعاته‪.‬‬
‫كما أتقدم بالشكر لجميع أعضاء لجنة المناقشة‪ ،‬وأخص بالذكر السيد‬
‫رئيس اللجنة‪.‬‬

‫عبد الرحمن حميان‬


‫تلمسان في‪ 72 :‬جوان ‪7122‬‬

‫‪175‬‬
‫‪ -‬موقف اإلسالم من الشعر عامة‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫كانت القبائل العربية في شبه الجزيرة غارقة في جاهليتها تتضوع نقع الوثنية‬
‫وتسبح في غياهب العصبية في فضاء يعتريه الظلم وتعلوه الفوضى حتى جاء‬
‫الدين اإلسالمي‪ ،‬فأقر مبادئ وطرح مفاهيم تجمع وال تفرق‪ ،‬وتبني وال تهدم‪ ،‬ولكن‬
‫أقضت مضاجع رؤوس الشرك‪ ،‬وحالت دون مصالحهم‬
‫هذه المبادئ وتلك المفاهيم ّ‬
‫ونالت من سطوتهم‪ ،‬فأخذتهم العزة باإلثم‪ ،‬وقاموا يحاربون النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ودعوته‪ ،‬فضيقوا عليه وعلى أصحابه‪ ،‬وعذبوهم وأنكروا عليهم دينهم‪.‬‬

‫واشتد عنادهم‪ ،‬فراحوا ينعتون النبي الكريم صلى اهلل عليه وسلم بشتى‬
‫النعوت‪ ،‬فقالوا إنه ساحر وكاهن وشاعر ولكن القرآن الكريم تحداهم في كثير من‬
‫اآليات على أن يأتوا بمثله في قوله تعالى‪:‬‬

‫آن ََل يَأْتُو َن ِبِِثْلِ ِه َولَ ْو َكا َن‬


‫اْلِ ُّن علَى أَ ْن يأْتُوا ِبِِثْ ِل ه َذا الْ ُقر ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫س َو ْ َ‬ ‫« قُل لَئِ ِن ْ ِ ِ‬
‫اجتَ َم َعت ْاْلنْ ُ‬ ‫ْ‬
‫‪1‬‬
‫ض ُه ْم لِبَـ ْعض ظَ ِه ري »‬
‫بَـ ْع ُ‬
‫ثم إن العرب أعرف الناس بسجع السحرة والكهان‪ ،‬وأكثر دراية بالشعر‬
‫وأصنافه‪ ،‬فهذا النضر بن الحارث‪ ‬يعترف أمام جمع كبير من سادة قريش‪ " :‬يا‬
‫معشر قريش‪ ...‬قلتم ساحر‪ ،‬ال واهلل ما هو بساحر‪ ،‬لقد رأينا السحرة ونفثهم‬
‫وعقدهم‪ ،‬وقلتم كاهن‪ ،‬ال واهلل ما هو بكاهن‪ ،‬قد رأينا الكهنة وتخالجهم‪ ،‬وسمعنا‬
‫سجعهم‪ ،‬وقلتم شاعر‪ ،‬ال واهلل ما هو بشاعر‪ ،‬قد رأينا الشعر وسمعنا أصنافه‬
‫‪2‬‬
‫كلها‪ ،‬هزجه ورجزه‪" ..‬‬

‫‪ - 1‬المصحف الشريف‪ ،‬برواية حفص عن نافع ‪ ،‬سورة اإلسراء‪ ،‬اآلية ‪.88‬‬


‫‪ - ‬النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف‪ ،‬عبد الدار بن قصي‪ ،‬سيرة ابن هشام‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫ص‪023‬‬
‫‪- 2‬ابن هشام‪ ،‬السيرة النبوية‪ ،‬تحقيق مصطفى السقا وآخرون‪ ،‬دار القلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.023‬‬

‫‪176‬‬
‫وما كان اهلل ليذر نبيه حتى يرفع عنه صفة الشاعرية ويرد مزاعم‬
‫المشركين‪ ،‬وافتراءاتهم‪ ،‬إذ جاء في القرآن الكريم ذكر الشعر على أوجه مختلفة‬
‫تنفي كلها صفة الشاعرية عن النبي صلى اهلل عليه وسلم وعن القرآن الكريم‪ ،‬قال‬
‫َحالم بَ ِل افْـتَـَراهُ بَ ْل ُه َو َشاعٌِر فَـ ْليَأْتِنَا بِآيَة َك َما أ ُْرِس َل األ ََّولُو َن‪.1‬‬
‫اث أ ْ‬
‫َضغَ ُ‬ ‫تعالى‪ْ :‬‬
‫بل قَالُواْ أ ْ‬

‫َّق‬
‫صد َ‬ ‫اعر ََّّْمنُون‪ ،‬بَ ْل َجاءَ بِ ْ‬ ‫وقال سبحانه وتعالى‪ « :‬ويـ ُقولُو َن أَئِنَّا لَتَا ِرُكوا ِآِلتِنَا لِ َش ِ‬
‫احلَ ِّق َو َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ي » ‪.2‬‬ ‫ِ‬
‫املُْر َسل َ‬
‫الرِحيم‪ ،‬فَ َذ ِّكر فَما أَنْت بِنِعم ِة ربِّك بِ َك ِ‬
‫اهن‬ ‫وقال تعالى‪ « :‬إنَّا ُكنَّا ِمن قَـْب ُل نَ ْدعُوهُ إِنَّهُ ُه َو البَـُّر َّ ُ ْ َ َ ْ َ َ َ‬
‫ي«‪.3‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعر نـَّتَـربَّ ِِ‬
‫ِ‬
‫صوا فَِإ ِِّّن َم َع ُكم ِّم َن املُتَـَربِّص َ‬‫ب املَنُون‪ ،‬قُ ْل تَـَربَّ ُ‬ ‫ص به َريْ َ‬ ‫َوَلَ ََّْمنُون‪ ،‬أ َْم يَـ ُقولُو َن َش ٌ َ ُ‬
‫اعر قَلِيالر َّما تُـ ْؤِمنُو َن« ‪.4‬‬ ‫وقال تعالى‪ « :‬إنَّه لََقو ُل رسول َك ِري‪ ،‬وما هو بَِقوِل َش ِ‬
‫ََ َُ ْ‬ ‫ُ ْ َُ‬

‫َّه ْم ِِف ُك ِّل َواد‬ ‫وتغنيك اآليات من سورة الشعراء‪َ « :‬والش َ‬


‫ُّعَراءُ يَـتَّبِعُ ُه ُم الغَ ُاوو َن‪ ،‬أَ ََلْ تَـَر أَنـ ُ‬
‫ات َوذَ َك ُروا اللَّهَ َكثِيار‬ ‫احل ِ‬‫ي ِهيمو َن‪ ،‬وأَنـَّهم يـ ُقولُو َن ما َلَ يـ ْفعلُو َن‪ ،‬إَِلَّ الَّ ِذين آمنوا وع ِملُوا َّ ِ‬
‫الص َ‬ ‫َ َُ َ َ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ ُ َ ُْ َ‬
‫َي ُمن َقلَب يَن َقلِبُو َن« ‪ ،5‬عن البحث في‬ ‫ين ظَلَ ُموا أ َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫وانت ِ ِ ِ‬
‫ص ُروا م ْن بَـ ْعد َما ظُل ُموا َو َسيَـ ْعلَ ُم الذ َ‬
‫َََ‬
‫ُّعَراءُ يَـتَّبِعُ ُه ُم الغَ ُاوو َن "‪،‬‬
‫موقف القرآن من الشعر والشعراء‪ ،‬إذ ورد في التفسير " َوالش َ‬
‫‪6‬‬
‫ضالّ ُل اإلنس والجن‪.‬‬ ‫أنهم الكفار يتبعهم ُ‬
‫يمو َن قال الحس البصري‪ " :‬قد واهلل رأينا أوديتهم التي‬ ‫ِ‬ ‫أَ ََلْ تَـر أَنـ ُ ِ‬
‫َّه ْم ِف ُك ِّل َواد يَه ُ‬ ‫َ‬
‫يخوضون فيها مرة في شتيمة فالن ومرة في مديحة فالن "‪.7‬‬

‫‪ - 1‬سورة األنبياء‪ ،‬اآلية ‪.5‬‬


‫‪ - 2‬سورة الصافات‪ ،‬اآلية‪ 06‬و‪.03‬‬
‫‪ - 3‬سورة الطور من اآلية‪ 02‬إلى‪.10‬‬
‫‪ - 4‬سورة الحاقة‪ ،‬اآلية ‪ 03‬و‪.01‬‬
‫‪ - 5‬سورة الشعراء‪ ،‬من اآلية‪ 220‬إلى ‪.223‬‬
‫‪ - 6‬ينظر‪ ،‬اسماعيل بن كثير‪ ،‬تفسير ابن كثير‪ ،‬ج‪ ،5‬دار الثقافة‪ ،‬ط‪ ،1‬الجزائر ‪ ،1993‬ص‪.103‬‬
‫‪ - 7‬المصدر نفسه‬

‫‪177‬‬
‫وقال قتادة‪ " :‬الشاعر يمدح قوما بباطل ويذم قوما بباطل "‪ " ،1‬وأنهم يقولون‬
‫‪2‬‬
‫ما ال يفعلون " ألن الشعراء يتبجحون بأقوال وأفعال لم تصدر منهم وال عنهم‪.‬‬

‫ويستثني القرآن الكريم الشعراء الصالحين الذين ينافحون دون األوطان‪،‬‬


‫ويدعون إلى الفضائل واإلصالح‪ ،‬ويصورون عيوب المجتمع وسيئاته لرأب‬
‫صدوعه‪ ،‬ويأتي هذا االستثناء في قوله تعالى‪ :‬إَِلَّ الَّ ِذين آمنوا وع ِملُوا َّ ِ‬
‫احل ِ‬
‫ات «‬‫الص َ‬ ‫َ َُ َ َ‬

‫لما نزلت " والشعراء يتبعهم الغاوون " جاء حسان بن ثابت‪ ،‬وعبد اهلل بن‬
‫رواحة‪ ،‬وكعب بن مالك إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وهم يبكون‪ ،‬قالوا‪ :‬قد‬
‫علم اهلل حين أنزل هذه اآلية ّأنا شعراء‪ ،‬فتال النبي صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬إال‬
‫الذين آمنوا وعملوا الصلحات"‪ ،‬قال‪ :‬أنتم‪ " ،‬وذكروا اهلل كثي ار "‪ ،‬قال‪ :‬أنتم‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وانتصروا من بعد ما ظلموا ‪ ،‬قال‪ :‬أنتم‪.‬‬

‫وعلى هذا فموقف القرآن من الشعر‪ ،‬موقف صريح واضح ال يحارب الشعر‬
‫لذاته‪ ،‬فقبيحه قبيح‪ ،‬وحسنه حسن‪ ،‬والميزان الذي يوزن به هو ميزان األخالق‪ ،‬ما‬
‫خالفها كان قبيحا مرفوضا وما وافقها كان جميال‪ ،‬بل ومطلوبا أحيانا‪.‬‬

‫ولم يبرح موقف النبي من الشعر موقف القرآن الكريم‪ ،‬إذ كان صلى اهلل‬
‫عليه وسلم يسمع أحسنه ويستعذبه‪ ،‬وقد طلب يوما من أحد أصحابه " هل معك‬
‫من شعر أمية بن أبي الصلت شيء " فأنشده وأنشده حتى بلغ مائة بيت وقال‬
‫‪4‬‬
‫عنه‪ " :‬وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم‪" .‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪101‬‬
‫‪ - 4‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬ج‪ ،2‬مكتبة الصفا‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة ‪ ،2330‬ص‪.044‬‬

‫‪178‬‬
‫وللنبي صلى اهلل عليه وسلم مواقف مع شاعر الدعوة حسان بن ثابت نورد‬
‫منها‪ :‬قال حسان‪ " :‬يا أبا هريرة‪ ،‬نشدتك اهلل‪ ،‬هل سمعت رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم يقول‪ :‬يا حسان‪ ،‬أجب عن رسول اهلل‪ ،‬اللهم أيده بروح القدس‪ " .‬قال‬
‫أبو هريرة‪ :‬نعم‪ 1.‬وعن البراء رضي اهلل عنه أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‬
‫لحسان‪ " :‬اهجم أو قال هاجهم وجبريل معك "‪ ،2‬فموقفه صلى اهلل عليه وسلم‬
‫واضح أيضا إذ قال‪ " :‬إن من الشعر حكمة "‪ ،3‬ذلك عن الشعر الجيد المطلوب‪.‬‬

‫وقال صلى اهلل عليه وسلم في شاعر‪ " :‬خذوا الشيطان أو امسكوا الشيطان‪،‬‬
‫ألن يمتلئ جوف رجل قيحا‪ ،‬خير له من أن يمتلئ شع ار "‪ ،4‬فيه من االفتراء على‬
‫اهلل ورسوله‪.‬‬

‫فما خالف الطبع والذوق ونأى عن الحكمة من الشعر كان قرين اللغو في‬
‫الحكم‪ ،‬وما وافق الطبع وسما بالذوق ونصر الحق كان رديف الحكمة وحليف‬
‫الشرع‪.‬‬

‫أما أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم والتابعين فقد حفظوا الشعر‬
‫واهتموا به ونظموه‪ " :‬وقد قال الشعر كثير من الخلفاء الراشدين‪ ،‬الجلة من‬
‫الصحابة والتابعين والفقهاء المشهورين"‪ 5‬ولم يخرج أي من هؤالء عن الحكمة‬
‫والفضيلة‪.‬‬

‫‪ - 1‬البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،4‬موفم للنشر‪ /‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،0220‬ص‪.0022‬‬
‫‪ - 2‬المصدر نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.049‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.044‬‬
‫‪ - 5‬الدرويش‪ ،‬محيي الدين‪ ،‬إعراب القرآن الكريم وبيانه‪ ،‬المجلد الخامس‪ ،‬دار اليمامة‪ ،‬دمشق‪ /‬دار ابن‬
‫كثير‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،0‬ص‪.069‬‬

‫‪179‬‬
‫بعد هذه الوقفة المقتضبة عن موقف اإلسالم‪ ،‬ثم موقف النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم وأصحابه من الشعر‪ ،‬والتي سقناها ليتضح لنا كيف تبنى شعراء المديح‬
‫أبرز فنون األدب العربي وهو الشعر‪ ،‬ليجعلوا منه وعاء مدائحهم بعد أن رضيه‬
‫اهلل ورسوله‪ ،‬نخوض في مفهوم المديح النبوي ومميزاته‪.‬‬

‫‪-‬مفهوم المديح النبوي ومميزاته‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫إن من األجناس األدبية التي خصت جزء كبي ار من الشعر العربي واختلفت‬
‫فيه منازع الشعراء وتمثلت فيه أهم خصائص الشعر العربي كله‪ ،‬هو غرض‬
‫المدح‪.‬‬

‫ولم يكن الشاعر العربي في جاهليته يتكسب بالشعر‪ " ،‬وانما ينظم أحدهم‬
‫‪1‬‬
‫ما ينظمه شك ار على صنيعة ال يستطيع أداء حقها‪ ،‬إعظاما لها‪" .‬‬

‫ولكن سرعان ما خضعوا للملوك واألمراء‪ ،‬فأفاضوا في المدح حتى راجت‬


‫تجارته وصار أوسع ميادين الشعر العربي‪.‬‬

‫وقد اقتصر المادحون على مدح الصفات النفسية وما اجتمع في ممدوحيهم‬
‫من فضائل كالعقل والشجاعة والعدل والعفة‪ ،‬وما يتصل بها من معرفة وحياء‬
‫وبيان وعلم وحلم وقناعة ومهابة وسماحة وصبر ووفاء وسخاء وايثار‪ ..2‬ولم يأبه‬
‫هؤالء الشعراء بالصفات الجسمية ولم يلتفتوا إليها أو يولوها اهتمامهم‪ ،‬وان وجد‬
‫ذلك فبصفة عارضة‪.‬‬

‫‪ - 1‬هالل‪ ،‬غنيمي‪ ،‬النقد األدبي الحديث‪ ،‬دار العودة‪ ، ،‬ط‪ ،2‬بيروت ‪ ،1942‬ص‪.135‬‬
‫‪ - 2‬ينظر المرجع السابق‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫وكان من نباهة الشعراء وفطنتهم في مدائحهم‪ ،‬مراعاة شخصية الممدوح‬
‫ومكانته‪ ،‬فتراهم يقصدون ما يتوافق معها من صفات‪ ،‬فيمدحون القائد مثال‪،‬‬
‫بالشجاعة والحزم والقوة‪ ..‬ويمدحون القاضي بالعلم والرزانة والعدل والفطنة و‬
‫هكذا‪ ..1‬حري صين في ذلك على حسن االبتداء وحسن التخلص‪ ،‬ألن هذا أول‬
‫ما يقرع األسماع‪ ،‬وذاك آخر ما تحفظه األذهان‪ ،‬مجتزئين ألنفسهم قد ار يظهرون‬
‫فيه براعتهم وقوة بيانهم‪.‬‬

‫ومن شعراء المديح من التزم التمهيد‪ ،‬فوقف على الديار وحاور الرسوم‬
‫ومنازل األحباب‪ ،‬قبل الخوض في غرضه الرئيس الذي هو المدح‪.‬‬

‫ولئن كان المدح يجافي الحقيقة وينال من مكانة الشاعر‪ ،‬لجريه وراء‬
‫الكسب وطلب النيل والزلفى‪ ،‬فإنه على العكس من ذلك في المديح النبوي‪ ،‬كونه‬
‫فن شعري " أذاعه التصوف "‪ ،2‬مناخه روحي يترجم فيض العاطفة الدينية في‬
‫حب النبي صلى اهلل عليه وسلم وآل بيته‪.‬‬

‫ومدح النبي صلى اهلل عليه وسلم سواء في حياته أو بعد وفاته يسمى‬
‫مديحا‪ ،‬ألنه صلى اهلل عليه وسلم " موصول الحياة "‪ 3‬و أن الشعراء " يخاطبونه‬
‫‪4‬‬
‫كما يخاطبون األحياء"‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ ،‬خلدون بشير‪ ،‬الحركة النقدية على أيام ابن رشيق المسيلي‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر ‪ ،1941‬ص‪.100‬‬
‫‪ - 2‬مبارك‪ ،‬زكي‪ ،‬المدائح النبوية في األدب العربي‪ ،‬دار الشعب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫وكما قال الشاعر العربي " بقاء الذكر في األحياء لألموات عمر"‪ 1‬و ألنه‬
‫حاضر بين أظهرنا بسنته الشريفة‪ ،‬ثم إن النبي صلى اهلل علي وسلم يقول‪ " :‬ما‬
‫أرد عليه السالم "‪ 2‬والصالة‬
‫علي روحي حتى ّ‬
‫من أحد يسلم علي إال رد اهلل ّ‬
‫والتسليم على النبي ال ينقطعان‪ ،‬فهو موصول الحياة إذن‪ ،‬وحبنا له عبادة‪ ،‬ومدحنا‬
‫له ضرب من الذكر‪ ،‬وانما ذكرت بعض المدائح على أنها مراث ألن أصحابها‬
‫عاصروا النبي صلى اهلل عليه وسلم فمدحوه في حياته وبعد وفاته‪ ،‬وسميت رثاء‬
‫من قبيل التفريق الزمني فحسب‪ 3،‬وأما الشعراء الذين ولدوا بعد وفاة النبي صلى‬
‫‪4‬‬
‫اهلل عليه وسلم فأشعارهم كلها مدائح ال رثاء‪.‬‬

‫ويعتمد شعراء المديح النبوي في مدحهم للنبي صلى اهلل عليه وسلم على‪" :‬‬
‫تعداد صفاته الخلقية والخلقية واظهار الشوق لرؤيته وزيارة قبره واألماكن المقدسة‬
‫التي ترتبط بحياة الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬مع ذكر معجزاته المادية‬
‫‪5‬‬
‫والمعنوية ونظم سيرته‪ ..‬واإلشادة بغزواته وصفاته المثلى والصالة عليه‪" .‬‬

‫ويلتزم الشاعر في هذا الغرض الصدق والعفة ويطلب شرف المعنى‪ ،‬كما‬
‫يتحاشى ما ال يليق بشخصية النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬واذا خاض في الصفات‬
‫حرص على أن تدور معانيها حول الدين اإلسالمي وقيمه وال يبرح هذه الدائرة إال‬

‫‪ - 1‬األصفهاني‪ ،‬الراغب أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل‪ ،‬محاضرات األدباء ومحاورات‬
‫الشعراء والبلغاء‪ ،‬تحقيق عمر الطباع‪ ،‬ج‪ ،1‬دار األرقم‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت ‪ ، 1999‬ص‪.051‬‬
‫‪ - 2‬النووي‪ ،‬محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف‪ ،‬رياض الصالحين‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‬
‫‪ ،2332‬ص‪.205‬‬
‫‪ - 3‬ينظر مبارك‪ ،‬زكي‪ ،‬المدائح النبوية في األدب العربي‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ - 4‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 5‬ابن صافي‪ ،‬آمال‪ ،‬المديح النبوي في شعر أحمد بن تريكي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الثقافة‬
‫الشعبية‪ ،‬جامعة تلمسان‪.2334/2333 ،‬‬

‫‪182‬‬
‫للبكاء على تفريطه أو تقصيره مع التجمل في التشفع والتضرع‪ ،‬آو التوسل‬
‫والدعاء‪.‬‬

‫إن أبرز سمة تميز شعر المديح النبوي هي الصدق في العاطفة‪ ،‬صدق‬
‫تدفعه المحبة الخالصة للنبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬والرغبة في إظهار مناقبه لما‬
‫بلغ من أثرها في النفوس‪ ،‬ذلك أنه ال مراء في حب النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬إذ‬
‫هو شرط من شروط اإليمان؛ قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬فو الذي‬
‫‪1‬‬
‫نفسي بيده‪ ،‬ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده‪" .‬‬

‫كما ال شك في أن ما يرافق هذا الحب من األحاسيس والمشاعر من أرقى‬


‫وأنبل ما يجول في سريرة المحب‪ ،‬فتهتز قريحته لتفيض هذه األحاسيس على‬
‫لسانه مدحا ينال به رضى اهلل في المقام األول‪ ،‬ويمكن له شفاعة نبيه ثانيا‪.‬‬

‫إن هذه المرجعية الدينية للمديح النبوي تلتقي مع المرجعية الثقافية للشاعر‬
‫ابن خلوف فكل وعاء بما فيه ينضح‪ ،‬وشاعرية سيدي لخضر طافحة بالثقافة‬
‫الدينية‪ ،‬فكيف ال تنضح بمديح كالذي بين أيدينا‪.‬‬

‫ولنقف عند شخصية النبي صلى اهلل عليه وسلم لنستبين كيف تأثر بها‬
‫الشعراء فهاموا في حبه صلى اهلل عليه وسلم وأعجبوا بجماله أيما إعجاب‪.‬‬

‫‪-‬أثر شخصية النبي صلى اهلل عليه وسلم في المديح‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫الخلقية هي السبيل‬
‫الخلقية و ُ‬
‫إن عرض صفات النبي صلى اهلل عليه وسلم َ‬
‫األوحد الذي سيحيلنا إلى معرفة سبب تعلق مادحيه به‪ ،‬ووقف كثير من وقتهم‪ ،‬أو‬
‫وقف حياتهم وشعرهم برمته لمدحه صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬كما فعل ابن خلوف‬

‫‪ - 1‬البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪15‬‬

‫‪183‬‬
‫وغيره من الشعراء‪ ،‬وليس بينهم‪ ،‬ممن رضي باإلسالم دينا‪ ،‬إال وله في مدحه‬
‫شيء‪ ،‬كيف ال‪ ،‬وفي نفس الشاعر من حب الجمال وطلب الكمال ما يحرك‬
‫وجدانه ويدغدغ مشاعره‪.‬‬

‫فمن هو هذا الرجل الذي سلب العقول وملك القلوب‪ ،‬وهام كل من عرفه‬
‫بحبه وتملك عليه فؤاده‪ ،‬وما هي الصفات التي جعلته صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬بهذا‬
‫القدر من الجمال‪ ،‬وهذا الرفد من الرفعة و الوقار‪ .‬كثير من هذه الصفات هي‬
‫التي سنصادفها في مديح سيدي لخضر بن خلوف‪.‬‬

‫إن أبرز سمة في شخصية الرسول صلى اهلل عليه وسلم المتعددة الجوانب‪،‬‬
‫أخالقه‪ ،‬التي ال يجاريه فيها أحد‪ ،‬ولذلك حرص صلى اهلل عليه وسلم على بث‬
‫هذه األخالق في نفوس أصحابه والمسلمين من حوله‪ ،‬وتحبيبها إليهم‪ ،‬حتى إنه‬
‫‪1‬‬
‫ليحدد مهمة رسالته بقوله‪" :‬إنما بعثت ألتمم مكارم األخالق"‬

‫وتجتمع لديك صورة أخالقه كاملة إذا أكرمك اهلل بفهم القرآن والسنة‪ ،‬إذ‬
‫‪2‬‬
‫أخالقه هي القرآن‪ ،‬كما قالت أمنا عائشة رضي اهلل عنها‪" :‬كان خلقه القرآن"‬

‫اجتمعت في النبي صلى اهلل عليه وسلم عوالم الخير كلها‪ ،‬نذكر منها‪،‬‬
‫تمثيال ال حصرا‪ ،‬أبرز الصفات‪:‬‬

‫فالحلم صفة بارزة يؤكدها العفو عند المقدرة ويزيدها تأكيدا االحتمال‬
‫والصبر على المكاره‪ ،‬فهو الذي ال تزيده كثرة األذى إال صبرا‪ ،‬واسراف الجاهلين‬

‫‪ - 1‬تفسير ابن كثير‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.05‬‬


‫‪ - 2‬صحيح مسلم‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.061‬‬

‫‪184‬‬
‫إال حلما‪ ،‬وهو الذي يختار األيسر بين اليسيرين‪ ،‬وال يعرف الغضب إليه طريقا‪،‬‬
‫إال عند انتهاك حرمات اهلل‪ ،‬وأسرع إلى الرضا منه إلى الغضب‪.‬‬

‫وهو شديد التواضع في وقار‪ ،‬ليس فيه شيء من الكبر وال يحب أن يقوم له‬
‫أحد‪ ،‬كما يقومون للملوك والسالطين‪ ،‬محب للمساكين‪ ،‬قائم على شؤونهم‪،‬‬
‫يجالس الفقراء‪ ،‬ويتصرف بينهم كأحدهم‪ ،‬وقد قالت السيدة عائشة رضي اهلل عنها‪:‬‬
‫"كان يخصف نعله‪ ،‬ويخيط ثوبه‪ ،‬ويعمل بيده كما يعمل أحدكم في بيته‪ ،‬وكان‬
‫بش ار من البشر يفلي ثوبه‪ ،‬ويحلب شاته‪ ،‬ويخدم نفسه "‪.1‬‬

‫أما عن الحياء فقد "كان أشد حياء من العذراء في خدرها‪ ،‬واذا كره شيئا‬
‫عرف في وجهه"‪.2‬‬

‫كما عرف عنه خفض الطرف‪ ،‬فال يثبت نظره في وجه أحد‪ ،‬ومن كرم‬
‫نفسه وشدة حيائه ال يكلم أحدا بما يكره‪ ،‬وال يشير إلى أحد‪ ،‬وال يذكر اسم من بلغه‬
‫عنه شيء يكرهه‪ ،‬إال قوله‪" :‬ما بال أقوام يصنعون كذا"‪.3‬‬

‫ومما شق على األعداء أن يطعنوا فيه‪ ،‬صدقه وأمانته‪ ،‬فقد كان أصدقهم‬
‫لهجة‪ ،‬وأعظمهم أمانة‪ ،‬وقد شهد بذلك الخصوم واألتباع على السواء‪ ،‬وهو الذي‬
‫عرف بأمين قريش وصادقها في الجاهلية قبل اإلسالم‪.‬‬

‫‪ - 1‬المباركفوري‪ ،‬صفي الرحمن‪ ،‬وإنك لعلى خلق عظيم‪ ،‬شركة كندة لإلعالم والنشر‪ ،‬جدة ‪،2336‬‬
‫ص‪.023‬‬
‫‪ - 2‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.404‬‬
‫‪ - 3‬ينظر‪ ،‬المباركفوري‪ ،‬ص‪.026‬‬

‫‪185‬‬
‫ما عرفت العرب‪ ،‬وهي ديار الكرم والجود‪ ،‬أجود وال أطول يدا ممن كان‬
‫يعطي عطاء من ال يخشى الفقر‪ ،‬صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وكان "أجود ما يكون في‬
‫شهر رمضان"‪ 1،‬فال يرد سائال وال يمنع معروفا‪.‬‬

‫ولم ُيحص للنبي صلى اهلل عليه وسلم أنه فر من زحف‪ ،‬أو أدبر عن قتال‪،‬‬
‫بل كان الشجاع الذيُ يحتمى به إذا حمي البأس‪ ،‬واشتد القتال‪ ،‬قال علي كرم اهلل‬
‫وجهه‪" :‬كنا إذا حمي البأس واحمرت الحدق اتقينا برسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫العدو منه"‪.2‬‬
‫ّ‬ ‫وسلم‪ ،‬فما يكون أحد أقرب إلى‬

‫وله في كتب السيرة من مواقف الشجاعة والنجدة والبأس والثبات ما يمأل‬


‫صدره صلى اهلل عليه و سلم نياشين وأوسمة‪.‬‬

‫فاز النبي صلى اهلل عليه وسلم بفصاحة اللسان إذ أوتي جوامع الكلم‪،‬‬
‫فانصاعت له لغة العرب‪ ،‬وأضحت في يده طيعة يصيب بها بالغة القول في‬
‫سالسة طبع‪ ،‬وصحة مقصد وسالمة محتد‪ ،‬وكان يخاطب كل قبيلة بلسانها‪،‬‬
‫ويحاورها بلغتها‪ ،‬كل ذلك بتأييد رباني مدده الوحي‪.‬‬

‫كما اجتمعت له وفيه صفات أخرى تضافرت كلها لبناء شخصية نبي كريم‪،‬‬
‫كالعدل والرحمة ولين الجانب‪ ،‬وسعة الصدر‪ ،‬وصلة الرحم‪ ،‬وحفظ اللسان عن‬
‫قول الزور أو اللغو‪.‬وهيهات هيهات أن نجمع صفاته في بليغ مقاله‪ ،‬أو نعدد‬
‫َّك لَ َعلَى ُخلُق َع ِظيم›› ‪ ،3‬أعظم شهادة‬
‫محامده في عجالة‪ ،‬ولنا في قول ربنا‪َ ‹‹ :‬وإِن َ‬
‫وأبلغ وصف من الخالق سبحانه وتعالى إذ هو أعلم بالظواهر والبواطن‪.‬‬

‫‪ - 1‬صحيح مسلم‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.513‬‬


‫‪ - 2‬المباركفوري‪ ،‬ص‪.026‬‬
‫‪ - 3‬سورة القلم‪ ،‬اآلية ‪.0‬‬

‫‪186‬‬
‫أما جمال ِ‬
‫الخلقة فهو ما وصفته صلى اهلل عليه وسلم به أم معبد الخزاعية‬
‫لزوجها‪ ،‬حين مر بخيمتها مهاج ار‪:‬‬

‫"ظاهر الوضاءة‪ ،‬أبلج الوجه‪ ،‬حسن الخلق‪ ،‬لم تعبه ثلجة‪ ،‬ولم تزره صلعة‪،‬‬
‫وسيم قسيم‪ ،‬في عينه دعج‪ ،‬وفي أشفاره وطف‪ ،‬وفي صوته صحل‪ ،‬وفي عنقه‬
‫سطح‪ ،‬أحور‪ ،‬أكحل‪ ،‬أزج‪ ،‬أقرن‪ ،‬شديد سواد الشعر‪ ،‬إذا صمت عاله الوقار‪ ،‬وان‬
‫تكلم عاله البهاء‪ ،‬أجمل الناس وأبهاهم من بعيد‪ ،‬وأحسنه وأحاله من قريب‪ ،‬حلو‬
‫المنطق‪ ،‬فضل‪ ،‬ال نزر وال هذر‪ ،‬كأن منطقه خرزات نظمن يتحدرن‪ ،‬ربعة‪ ،‬ال‬
‫تقحمه عين من قصر‪ ،‬ال تشنؤه من طول ‪ ،‬غصن بين غصنين ‪ ،‬فهو أنظر‬
‫الثالثة منظرا‪ ،‬وأحسنهم قدرا‪ ،‬له رفقاء يحفون به‪ ،‬إذا قال استمعـوا له‪ ،‬واذا أمر‬
‫بادروا إلى أمره‪ ،‬محفود‪ ،‬محشـود‪ ،‬ال عابـس وال مفند‪.*1" .‬‬

‫ووصف علي بن أبي طالب كرم اهلل وجهه النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫فقال‪" :‬لم يكن بالطويل الممغط‪ ،‬وال القصير المتردد‪ ،‬وكان ربعة من القوم‪ ،‬ولم‬
‫يكن بالجعد القطط‪ ،‬وال بالبسط‪ ،‬وكان جعدا رجال‪ ،‬ولم يكن بالمطهم وال بالمكلثم‪،‬‬
‫وكان في الوجه تدوير‪ ،‬وكان أبيض مشربا‪ ،‬أدعج العينين‪ ،‬أهدب األشفار‪ ،‬جليل‬
‫المشاش والكتد دقيق المسربة‪ ،‬أجرد‪ ،‬شثن الكفين والقدمين‪ ،‬إذا مشى تقلع كأنما‬
‫يمشي في صبب‪ ،‬واذا التفت معا‪ ،‬بين كتفيه خاتم النبوة‪ ،‬وهو خاتم النبيين‪. 2".‬‬

‫‪ -* 1‬زاد المعاد‪ ،‬ج‪ ،2‬نقال عن المباركفوري‪ ،‬وإنك لعلى خلق عظيم‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪ : .02‬الوضاءة‪ :‬الجمال‪،‬‬
‫أبلج الوجه‪ :‬مشرقة ومضيئة‪ ،‬الثلجة‪ :‬كبر البطن أو كبرالرأس‪ ،‬لم تزره‪ :‬لم تعبه‪ ،‬والصلعة‪ :‬صغر‬
‫الرأس‪ ،‬والوسيم القسيم‪ :‬الحسن الجميل‪ ،‬والدعج‪ :‬شدة سواد الحدقة‪،‬في أشفاره وطف‪ :‬في شعر أجفانه‬
‫طول‪ ،‬والصحل‪ :‬بحة يسيرة‪ ،‬سطح‪ :‬طول‪ ،‬أحور‪ :‬شديد بياض العينين في شدة سوادهما‪ ،‬أزج‪ :‬متقوس‬
‫الحاجبين‪ ،‬أقرن‪ :‬ملتقى الحاجبين بين العينين‪ ،‬ال نزر وال هذر‪ :‬ال قليل وال كثير بل هو وسط الكالم‪،‬‬
‫محفود‪ :‬الذي يخدمه أصحابه ويسرعون إلى امتثال أمره‪ ،‬محشود‪ :‬الذي يجتمع إليه الناس‪ ،‬ال مفند‪ :‬أي‬
‫ال يفند أحدا‪ ،‬أي يهجنه وال يستقل عقله‪.‬‬
‫‪ - 2‬جامع الترمذي‪ ،‬نقال عن المباركفوري‪ ،‬وإنك لعلى خلق عظيم‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.021‬‬

‫‪187‬‬
‫وقال عنه أنس بن مالك رضي اهلل عنه‪" :‬كان بسيط الكفين‪ ،‬وقال كان‬
‫أزهر اللون‪ ،‬ليس بأبيض أمهق‪ ،‬وال آدم‪ ،‬قبض وليس في رأسه ولحيته إال عشرون‬
‫شعرة بيضاء‪.1" .‬‬

‫لقد اجتمع الجمال كله والحسن في خلقته صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وما وصفه‬
‫‪2‬‬
‫وصاف وال نعته نعات إال قال عنه ما يجعل العين تتوق لرؤيته‪.‬‬

‫فكيف ال يفتتن الشعراء بهذا الجمال النوراني والخلق الرباني‪ ،‬وهم أرق‬
‫الناس قلوبا‪ ،‬فتفيض قرائحهم بالمديح الذي تدفعه مشاعر الحب واإلعجاب معا‪.‬‬

‫وال شك أن للمديح بدايات أولى ومبدعين أوائل خاضوا فيه‪ ،‬واتخذ له‬
‫مراحل عبر الزمن حتى اكتملت صورته‪.‬‬

‫‪-‬رواده ومؤســسوه‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫إن التأريخ لفن المديح النبوي وتقصي كل ما يتصل بهذا الفن‪ ،‬مجال يطول‬
‫فيه الكالم ويتسع الحديث ويستنفذ الكثير من وقت الباحث وجهده‪ ،‬ولكن الوقوف‬
‫عند المبدعين األوائل فيه ضرورة ملحة لنتبين كيف بدأ هذا اللون الشعري في‬
‫الظهور‪ ،‬وكيف سما كضرب من التعبير عن العواطف الدينية النبيلة المخلصة‬
‫في مدح النبي صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫‪ - ‬الممغط‪ :‬المفرط في الطول‪ ،‬الجعد القطط‪ :‬شديد الجعودة‪ ،‬وهي التواء وانقباض الشعر‪ ،‬والسبط‪:‬‬
‫مسترسل الشعر‪ ،‬و المطهم‪ :‬الممتلئ الجسم‪ ،‬والمكلثم‪ :‬شديد تدوير الوجه‪ ،‬أهدب األشفار‪ :‬طويل شعر‬
‫األجفان‪ ،‬جليل المشاش‪ :‬عظيم رؤوس العظام مثل الركبتين والمرفقين والمنكبين‪ ،‬والكتد‪ :‬الكاهل ومايليه‬
‫من الجسد‪ ،‬المسربة‪ :‬خط من اللبة إلى السرة‪ ،‬أجرد‪ :‬خال من الشعر‪ ،‬الشثن‪ :‬الغليظ‪ ،‬تقلع في مشيته‪ :‬أي‬
‫شديد المشي‪ ،‬الصبب‪ :‬ما انحدر من األرض‪.‬‬
‫‪ - 1‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ .520‬وفي صحيح البخاري أيضا‪.‬‬
‫‪ - 2‬لمزيد من االطالع‪ ،‬ينظر المباركفوري‪ ،‬وإنك لعلى خلق عظيم‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫ويرى زكي مبارك‪ 1‬أن من أقدم القصائد التي ظهرت في مدح النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪ ،‬قصيدة األعشى التي مطلعها‪:‬‬

‫وعادك ما عاد السليم المسهدا‬ ‫ألم تغتمض عيناك ليلة أرمـدا‬

‫‪2‬‬
‫تناسيت قبل اليوم مخلة مهددا‬ ‫وما ذاك من عشق النساء وانما‬

‫‪3‬‬
‫إلى أن يقول لراحلته‪:‬‬

‫وال من حفى حتى تزور محمـدا‬ ‫فآلــيت ال أرثي لها من كاللـة‬

‫أغار – لعمري – في البالد و أنجدا‬ ‫نبي يرى ما ال ترون و ذكــره‬

‫لـه صدقات ما تغب و نائـــل وليس عطاء اليوم مانعه غـــدا‬

‫متى ما تناخي عند باب ابن هاشم تراحي وتلقي من فواضله نــدى‬

‫ولكن األعشى بمدحه هذا وان كان يقصد النبي صلى اهلل عليه وسلم ليسلم‬
‫على يديه‪ ،‬كان ال يزال يحمل في ثناياه من عصبية الجاهلية‪ ،‬ولم يتسق له بعد‬
‫معرفة موقف الدين الجديد من ملذات الجاهلية وغلوائها وميعتها‪ ،‬فمدحه هذا " لم‬
‫يكن إال محاولة كسائر محاوالت الشعراء الذين يتكسبون بالمديح‪ ،‬وليست قصيدته‬
‫‪4‬‬
‫أث ار لعاطفة دينية قوية حتى تلحف بالمدائح النبوية‪" .‬‬

‫فمديح األعشى على هذا يشوبه كدر الجاهلية وتعتريه صولتها‪ ،‬ويفتقر إلى‬
‫صدق حبه لممدوحه وقوة عاطفته الدينية‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ ،‬مبارك زكي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.16‬‬


‫‪ - 2‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬المرجع السابق‬

‫‪189‬‬
‫وقريب من ذلك المية كعب بن زهير االعتذارية في مدح النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ ،‬التي قالها تحت وطأة الخوف على نفسه‪ ،‬بعد أن أهدر النبي دمه‪،‬‬
‫وهي واقعة في ثمانية وخمسين بيتا‪ ،‬والتي لم تشذ عن التقاليد الشعرية الجاهلية‪،‬‬
‫إذ استهلها كعب بمقدمة غزلية‪ ،‬ومطلعها‪:‬‬

‫متيم إثرها لم يجز مكـــبــول‬ ‫بانت سعاد فقلبي اليوم متبـول‬

‫‪1‬‬
‫إال أغن غضيض الطرق مكحول‬ ‫و ما سعاد غداة البين إذ رحلوا‬

‫إلى أن يقول في مدح النبي صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫مهند من سيـــوف اهلل مسلول‬ ‫إن الرسول لسيف يستضاء به‬

‫ولئن كانت هذه القصيدة محكمة السبك قوية البناء إال أنها " تكاد تخلو من‬
‫روح الدين "‪ ،3‬ألن الشاعر رام بها النجاة من الموت‪ ،‬وفي هذه الحالة يغيب‬
‫العقل‪ ،‬فما بال الصدق‪ ،‬ناهيك أن إيمان الرجل لم يعرف إلى قلبه مسلكا‪ ،‬وال‬
‫عرف حب النبي إلى فؤاده سبيال‪.‬‬

‫كل ذلك يحملنا إلى القول بأن قصيدة " بانت سعاد " ليست من المديح‬
‫النبوي الذي تتوقد فيه العاطفة‪ ،‬ويعتمل فيه الشوق‪ ،‬وتهفو فيه النفس‪ ،‬وتسمو فيه‬
‫الروح‪ ،‬بل يغلب عليها غرض االعتذار‪ ،‬وشتان بين المديح واالعتذار‪.‬‬

‫إن المناسبة التي قيلت فيها هذه القصيدة وظرفها جعالها خلو من صدق‬
‫العاطفة لكن سبكها – كما ذكرنا – جعل المتقدمين يعيرونها انتباههم " فقد اهتموا‬

‫‪ - 1‬السكري‪ ،‬أبو سعيد الحسن بن الحسين بن عبد هللا‪ ،‬شرح ديوان كعب بن زهير‪ ،‬الدار القومية للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬القاهرة ‪ ،1965‬ص‪.6‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ - 3‬مبارك زكي‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪190‬‬
‫بها اهتماما عظيما‪ ،‬وعدوها من أج ّل ما قيل في مدح الرسول صلى اهلل عليه‬
‫وخمسوها وعارضوها‪ ،‬وأولع بشرحها فريق‬
‫وسلم‪ ،‬وعنى بها الشعراء فشطّروها ّ‬
‫كبير من كبار الرجال "‪ ،1‬وهو ما رآه صاحب النفح " ولم يزل الشعراء من ذلك‬
‫الوقت إلى اآلن ينسجون على منوالها ويقتدون بأقوالها‪ ،‬تبركا بمن أنشدت بين‬
‫‪2‬‬
‫يديه ونسب مدحها إليه‪".‬‬

‫ومهما قيل في المية كعب فستبقى اللبنة األولى في ظهور غرض المديح‬
‫النبوي‪ ،‬وسيبقى لكعب فضل السبق في بعث هذا اللون الشعري‪.‬‬

‫ومثل ما فعل كعب في قصيدته كان دأب شعراء آخرين من المشركين هجوا‬
‫‪‬‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ثم جاءوا يعتذرون تائبين‪ ،‬منهم أنس بن زنيم‬
‫الذي قال في قصيدته‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫أبر و أوفى ذمة من محمد‬ ‫وما حملت من ناقة فوق رحلها‬

‫وكذلك أبو سفيان بن حارث بن عبد المطلب الذي خاض في عرض ابن‬
‫عمه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬جاء تائبا‪ ،‬فأعرض عنه‪ ،‬وال زال ببابه "‬
‫حتى رق له النبي‪ ،‬فدخل عليه وأسلم وأنشده معتذ ار "‪ 4‬قصيدة منها‪:‬‬

‫لتغلب خيل الالت خيل محمد‬ ‫لعمرك إني يوم أحمل راية‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.25‬‬


‫‪ - 2‬المقري‪ ،‬نفح الطيب‪ ،‬نقال عن المدائح النبوية‪ ،‬ص‪.25‬‬
‫‪ - ‬هو أنس بن زنيم بن عمر عبد هللا الكناني‪ ،‬شاعر من الصحابة‪ ،‬هجا النبي فأهدر دمه‪ ،‬أسلم يوم‬
‫الفتح‪.‬‬
‫‪ - 3‬الهرفي‪ ،‬محمد بن علي‪ ،‬مدائح الرسول ومراثيه في عصره‪ ،‬مؤسسة المختار للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫القاهرة ‪ ،2335‬ص‪.32‬‬
‫‪ - 4‬ينظر سيرة ابن هشام‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.00‬‬

‫‪191‬‬
‫‪1‬‬
‫فهذا أواني حين أهدي وأهتدي‬ ‫لكالمدلج الحيران أظلم ليله‬

‫وجاء عبد اهلل بن الزبعري‪ ‬النبي تائبا يعلن إسالمه وأنشد حينها قصيدة‬
‫طويلة يطلب فيها العفو ويشيد بأخالق النبي صلى اهلل عليه وسلم بعد أن ناصبه‬
‫العداء وانتصر للمشركين ردحا من الزمن‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫يقول الشاعر في إحدى قصائده‪:‬‬

‫زللي فإنك راحـــــم مرحوم‬ ‫فاغفر فدى لــك والدي كالهما‬

‫وعليك من علم المليك عالمــة نور أغر وخـــاتم مختــــوم‬

‫ومن الشعراء الذين ناصبوا النبي صلى اهلل عليه وسلم العداء أيضا ثم‬

‫‪3‬‬
‫قدموا إليه تائبين ومدحوه‪ ،‬ضرار بن الخطاب الذي قال‪:‬‬

‫حي قريش والت حين لجاء‬ ‫يانبي الهدى إليك لجــــــا‬

‫وعاداهم إله السمــــاء‬ ‫حين ضاقت عليهم سعة األرض‬

‫من هذا الباب دخل هؤالء الشعراء ليتركوا بصماتهم في بناء صرح اإلسالم‬
‫بعد أن تمكن اإلسالم من قلوبهم‪ ،‬وغير حبهم للنبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫سلوكاتهم وحياتهم‪.‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - ‬هو عبد هللا بن الزبعرى بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم الفهري القرشي‪،‬أسلم عام الفتح‪ ،‬ابن‬
‫هشام‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.59‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪06‬‬
‫‪ - 3‬الهرفي‪ ،‬مدائح الرسول ومراثيه في عصره‪ ،‬ص‪44‬‬

‫‪192‬‬
‫ولما يزل على‬
‫ومن المشركين أيضا من مدح النبي صلى اهلل عليه وسلم ّ‬
‫شركه‪ ،‬كعمه أبو طالب الذي يقول‪:‬‬

‫يوالي إله ليس عنه بغافــــل‬ ‫حليم رشيد عادل غير طائش‬

‫تجر على أشياخنا في المحافــل‬ ‫فو اهلل لوال أن أجئ بسنــة‬

‫‪1‬‬
‫من الدهر جدا غير قول التهازل‬ ‫لكنا اتبعناه على كل حالــة‬

‫أسره في بدر فمدحه‬


‫النبي َ‬
‫ُّ‬ ‫وكذلك فعل أبو عزة عمرو بن الجمح الذي فك‬
‫بقوله‪:‬‬

‫بأنك حق و المليك حمـيـد‬ ‫من مبلغ عني الرســول محمــدا‬

‫‪2‬‬
‫عليك من اهلل العظيم شهيد‬ ‫و أنت امرؤ تدعو إلى الحق والهدى‬

‫وفي قصيدة لطالب بن أبي طالب مدح فيها ابن عمه النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم بعد أن رثى قتلى بدر من قريش‪:‬‬

‫سوى أن حمينا خير من وطئ الترابا‬ ‫فما إن جنينا في قريش عظيمة‬

‫‪3‬‬
‫يؤمون نه ار ال نزو ار وال صربـا‬ ‫يطيف به العافون الغاشون بابه‬

‫ولما رجع سراقة بن مالك خائبا في اللحاق بالنبي لينال جائزة قريش‪،‬‬
‫غضب منه أبو جهل فقال يخاطبه‪:‬‬

‫ألمر جوادي إذ تسوخ قوائمه‬ ‫أبا الحكم واهلل لو كنت شاهدا‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.91‬‬


‫‪ - 2‬البداية والنهاية‪ ،‬نقال عن الهرفي‪ ،‬مدائح الرسول ومراثيه‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪ - 3‬البداية والنهاية‪ ،‬نقال عن الهرفي‪ ،‬مدائح الرسول ومراثيه‪ ،‬ص‪.96‬‬

‫‪193‬‬
‫‪1‬‬
‫رسول وبرهان فمن ذا يقاومه‬ ‫عجبت ولم تشكك بأن محمدا‬

‫ليس عجيبا إذا أن يعترف المشركون بعظمة النبي‪ ،‬فتنساق ألسنتهم لمدحه‬
‫واإلشادة بمقامه وعلو شأنه وحمد سيرته‪.‬‬

‫كان هذا حال المشركين‪ ،‬فما حال الصحابة؟‬

‫لقد مدحه الصحابة رضي اهلل عنهم والشعر في تلك الربوع أرقى ضروب‬
‫القول في التعبير والتغني بما تجود به المشاعر‪ ،‬وتترجمه األحاسيس‪ ،‬وأكبر‬
‫شعراء الرسول حينئذ حسان بن ثابت الذي انبرى للدفاع عن الدعوة اإلسالمية في‬
‫وجه شعراء المشركين هو وكعب بن مالك وعبد اهلل بن رواحة " وقد حظي هؤالء‬
‫الشعراء الثالثة بمحبة رسول اهلل عليه وسلم وثقته بقدرتهم على مواجهة شعراء‬
‫المشركين الذين آذوا النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬كما آذوا المسلمين"‪ 2‬فكان في‬
‫معرض هجائهم المشركين والرد عن مزاعمهم‪ ،‬وافتخارهم بانتصارات المسلمين‬
‫ووصف غزواتهم‪ ،‬ورثاء شهدائهم " كانوا في كل ذلك يمتدحون النبي صلى اهلل‬
‫‪3‬‬
‫عليه وسلم ويشيدون بنبوته‪ ،‬ويبرزون سجاياه الحميدة وقيادته الشجاعة "‪.‬‬

‫ولكن الجدير بالذكر أن مدائح هؤالء كانت تتخلل أغراض شعرية أخرى‪،‬‬
‫نستثني حسان الذي كاد يفرد قصائد برمتها لمدح النبي صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬
‫وأخرى لمدح آل بيته يقول في مدح النبي صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫من اهلل مشهود و يــشــهـــد‬ ‫أغر عليه للنبوة خاتــــم‬

‫‪ - 1‬الهرفي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.93‬‬


‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.09‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.‬‬

‫‪194‬‬
‫من الرسل واألوثان في األرض تعبد‬ ‫نبي أتانا بعد يأس و فتــرة‬

‫يلوح كما الح الصقيل الـمـهـنـد‬ ‫فأمسى سراجا مستني ار وهاديا‬

‫‪1‬‬
‫وعلمنا اإلسالم فاهلل نـحـمــد‬ ‫وأنذرنا نا ار وبشر جنـــة‬

‫وقال يمدح أم المؤمنين عائشة رضي اهلل عنها‪:‬‬

‫نبي الهدى والمكرمات الفواضل‬ ‫حليلة خير الناس دنيا ومنصبا‬

‫‪2‬‬
‫وطهرها من كل ســوء وباطل‬ ‫مهذبة قد طيب اهلل َخ َي َم َهــا‬

‫‪3‬‬
‫وهذا الرجل كان أكبر شعراء الرسول ويمتاز بالصدق واإلخالص‪.‬‬

‫ولوال الدافع الديني لهذا الصدق و اإلخالص‪ ،‬ما كان لحسان ذو الطبيعة‬
‫الشموس المتعالية أن يتنصل من عصبيته لقومه فيمدح الرسول صلى اهلل عليه‬
‫وسلم وآل بيته ويفضله على جميع الناس "كان حسان في مديحه الرسول صلى‬
‫اهلل عليه وسلم يخضع لهذا الدافع الديني إذن‪ ،‬وهو الذي يضفي على الرسول‬
‫صفات تسمو به عن مستوى سائر الناس "‪ ،4‬والمالحظ في مدائح حسان أنها نأت‬
‫بجانبها عن المدائح الجاهلية التي ينتقل فيها الشاعر من مقدمة غزلية إلى وصف‬
‫األطالل ثم وصف الناقة‪ ،‬لينتهي أخي ار إلى الغرض األساس في القصيدة‪ ،‬اللهم‬
‫إال في عدد قليل من قصائده كهمزيته المشهورة التي يهجو فيا أبا سفيان بن‬
‫الحارث ويمدح النبي صلى اهلل عليه وسلم والتي منها‪:‬‬

‫‪ - 1‬النص‪ ،‬إحسان‪ ،‬حسان بن ثابت حياته وشعره‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪ ،0‬دمشق ‪ ،1945‬ص‪201‬‬
‫‪ - 2‬الهرفي‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪ - 3‬مبارك زكي‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫‪ - 4‬النص‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.205‬‬

‫‪195‬‬
‫فشركما لخيركما الفداء‬ ‫أتهجوه ولست له بكفء‬

‫‪1‬‬
‫أمين اهلل شيمته الوفاء‬ ‫هجوت مباركا ب ار حنيفا‬

‫لقد كان حسان في مدحه للنبي صلى اهلل عليه وسلم يفرغ عليه من‬
‫الصفات ما يليق بنبي كريم بعثه اهلل تعالى لهداية الناس كافة‪ ،‬فهو السيد األمين‬
‫الصادق‪ ،‬المعلم‪ ،‬المبارك السراج إلى غير ذلك من المعاني اإلسالمية التي تكفل‬
‫للنبي نشر دعوته وتبليغ رسالة ربه‪.‬‬

‫لقد استطاع حسان أن يبرز شخصيته النبي صلى اهلل عليه وسلم وذلك من‬
‫خالل تصغير خصومه‪ ،‬من جهة ومدح النبي بصفات عظيمة اجتمعت فيه‪ ،‬من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬ليظهر بذلك غير قابل للمقارنة وليس أحسن وال أبلغ من قول حسان‬
‫– حسبنا – في مدح النبي صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫وأجمل منك لم تلد النساء‬ ‫وأحسن منك لم ترقط عيني‬

‫‪2‬‬
‫كأنك قد خلقت كما تشاء‬ ‫خلقت مب أر من كل عيـب‬

‫فحسان يعد بحق من مؤسسي هذا االتجاه الشعري إذ اجتمع لديه جودة‬
‫الصناعة وصدق العاطفة‪ ،‬إلى جانب – وبأقل درجة – كعب بن مالك وعبد اهلل‬
‫بن رواحة‪.‬‬

‫واستمر حب النبي صلى اهلل عليه وسلم وحب آل بيته في القلوب‪ ،‬واستمر‬
‫معه المديح النبوي وبرز في فترة الحقة الكميت بن زيد في قصائده " الهاشميات "‬
‫ودعبل الخزاعي والفرزدق‪ ،‬هذا األخير الذي حج في السبعين من عمره‪ ،‬وسئل‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.203‬‬
‫‪ - 2‬الهرفي‪ ،‬ص‪.55‬‬

‫‪196‬‬
‫عن رجل كان تنحى له الناس الستالم الحجر األسود‪ ،1‬وكان عليا بن الحسين‬
‫رضي اهلل عنه‪ ،‬فقال ميميته المشهورة مرتجال ومطلعها‪:‬‬

‫والبيت يعرف والحل والحرم‬ ‫هذا الذي تعرف البطحاء وطأته‬

‫هذا التقي النقي الطاهر العلم‬ ‫هذا ابن خير عباد اهلل كلهـــم‬

‫‪2‬‬
‫بجده األنبيـــاء قد ختموا‬ ‫هذا ابن فاطمة إن كنت جاهلـه‬

‫ويبدو مديح الفرزدق للنبي صلى اهلل عليه وسلم وآل بيته أبعد في الصدق‬
‫من مدائح حسان‪ " ،‬ذلك بأن مدائح حسان وقعت في أيام كان مدح النبي فيها‬
‫ينفع الشاعر وال يضره‪ ،‬أما مدح النبي وأهله في أيام الفرزدق‪ ،‬فكان بابا من الشر‬
‫‪3‬‬
‫يفتحه المادحون‪" .‬‬

‫إن المتفحص لنشأة المديح وتطوره‪ ،‬يتنبه إلى أن الشعراء الذين جاءوا بعد‬
‫كعب بن زهير وحسان بن ثابت والفرزدق ومن عاصرهم ممن مدحوا النبي وآل‬
‫بيته‪ ،‬قد حذوا حذوهم في التعابير والصلوات و الثناء على آل البيت‪ ،‬بل وحتى‬
‫التسميات وان كانوا قد أضفوا عليها فيما بعد رؤى صوفية‪،‬كما احتفظوا بالمقدمة‬
‫الغزلية‪ ،‬لكنهم التزموا فيها الحشمة والتأدب مع النبي صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫وال نبرح حتى نقف عند قصيدة البردة للبوصيري في القرن ‪ 2‬هـ التي ذاع‬
‫صيتها في األقطار واألمصار حتى نسجت وحكيت حولها القصص واألساطير‪،‬‬
‫والتي مطلعها‪:‬‬

‫‪ - 1‬مبارك زكي‪ ،‬ص‪.54‬‬


‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.60‬‬

‫‪197‬‬
‫مزجت دمعا جرى من مقلة بــدم‬ ‫أمن تذكر جيران بذي سلـــم‬

‫‪1‬‬
‫وأومض البرق في الظلماء من إضم‬ ‫أم هبت الريح من تلقاء كاظمة‬

‫والبوصيري أيضا هو ناظم الهمزية المعروفة‪ ،‬والتي مطلعها‪:‬‬

‫يا سماء ما طاولتها سماء‬ ‫كيف ترقى رقيك األنبياء‬

‫‪2‬‬
‫ل سنى منك دونهم وسناء‬ ‫لم يسـاووك وقد حـــــــا‬

‫وكال القصيدتين عارضهما كثير من الشعراء الالحقين‪ ،‬إال أن البردة كانت‬


‫أسير في الناس من الهمزية وقد انبرى لشرحها كثير من النقاد كما غالى‬
‫الصوفيون في التبرك بها إلى حد االستشفاء‪.3‬‬

‫ولعل ما زاد تعلق الصوفية بهذه القصيدة هو لما رأى الشاعر النبي في‬
‫المنام فأنشدها بين يديه‪ ،‬فكان يتمايل طربا كتمايل األغضان"‪ 4‬فاعتقدوا أن‬
‫إنشادها‪ ،‬وما فيها من الصالة على النبي صلى اهلل عليه وسلم تم ّكنهم من رؤيته‬
‫في منامهم‪.‬‬

‫ويرى زكي مبارك أن البوصيري استأنس بميمية ابن الفارض التي مطلعها‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫أم بارق الح في الزوراء فالعلم‬ ‫هل نار ليلى بدت ليال بذي سلم‬

‫الشتراك الشاعرين في كثيرمن المعاني مع وحدة الوزن والقافية‪.1‬‬

‫‪ - 1‬الغزي‪ ،‬بدر محمد‪ ،‬الزبدة في شرح البردة‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عمر موسى باشا‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر ‪ ،1932‬ص‪.24‬‬
‫‪ - 2‬الهاشمي أحمد‪ ،‬جواهر األدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب‪ ،‬ج‪ ،2‬مؤسسة المعارف‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‬
‫‪ ،2330‬ص‪.193‬‬
‫‪ - 3‬ينظر مبارك زكي‪ ،‬ص‪.193‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.199‬‬
‫‪ - 5‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.231‬‬

‫‪198‬‬
‫لقد مألت البردة الدنيا وشغلت الناس‪ ،‬فرددوها وطربوا لها‪ ،‬وسارت شرقا‬
‫وغربا‪ ،‬واتفق أن سافر ابن جابر إلى بالد مصر والشـام "وقد افتتن ابن جابر‬
‫بقصيدة البردة وظهر أثرها في شعره "‪ 2‬وعارضها‪ ،‬مبتك ار فنا جديدا هو "‬
‫البديعيات " إذ ال يخلو بيت منها من لون بديعي‪ 3‬وخاض في هذا النوع من النظم‬
‫هـ)‪.‬‬ ‫‪218‬‬ ‫هـ) وابن نباته المصري (ت‬ ‫‪812‬‬ ‫مادحا‪ ،‬ابن حجة الحموي (ت‬

‫كما استمرت المدائح النبوية في بالد األندلس رغم ما عرفه ذلك المجمع‬
‫من مجالس لهو وطرب‪ ،‬فقد مدح كثير من الشعراء الذين تركوا الدنيا وهاموا في‬
‫حب اهلل وحب نبيه صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬في شتى المدن األندلسية‪،‬خاصة‬
‫حاضرتي قرطبة واشبيلية‪.‬‬

‫ضمن الوشاحون المديح النبوي فنهم الجديد‪ ،‬الموشحات‪ ،‬ومن بعده‬


‫وقد ّ‬
‫األزجال‪ ،‬ولعل لهذه الموشحات واألزجال الدينية أثر كبير في الشعر الملحون‬
‫الجزائري‪ ،‬خاصة في فترة الحكم العثماني للجزائر لما للحالتين االجتماعية‬
‫والسياسية في القطرين من تشابه‪.‬‬

‫يقول عبد اهلل ركيبي‪ " 4:‬فقد شاعت الموشحات واألزجال الدينية منذ‬
‫عصور قديمة وال بد أنه كان لها أثرها في الشعر الملحون أثناء حكم األتراك‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.232‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.225‬‬
‫‪ - 4‬ركيبي عبد هللا‪ ،‬الشعر الديني الجزائري الحديث‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر ‪،1941‬‬
‫ط‪ ،1‬ص‪.069‬‬

‫‪199‬‬
‫للجزائر فانتشرت القصائد من مديح‪ ،‬وتوسل‪ ،‬وتقرب إلى اهلل وابتهال‪ ،‬وذكر‬
‫األولياء ووصف الخمرة اإللهية وما إليها "‪.‬‬

‫كان ابن عربي هو أول من استعمل الفلسفة الصوفية في الموشحات بينما‬


‫أدخل الشوشتري التصوف في الزجل‪.1‬‬

‫وبعد هذا التقفي لمسار شعر المديح النبوي‪ ،‬يحين لنا أن نتساءل‪ :‬كيف‬
‫ظهر هذا اللون الشعري في أرض الجزائر؟ وما هي المالبسات التي أحاطت بهذا‬
‫الظهور؟‬

‫‪-‬ظهور المديح الديني في الجزائر ومالبساته‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫ال شك أن اإلنسان لجأ إلى كثير من ضروب القول للتعبير عن مكنونات‬


‫وجدانه‪ ،‬حتى اهتدى إلى أرقى هذه الضروب واألفانين‪ ،‬وهي الشعر‪ ،‬وال تكاد‬
‫تخلو المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬قديمها وحديثها‪ ،‬من الشعراء‪ ،‬والمجتمع الجزائري واحد‬
‫من هذه المجتمعات قبل الفتح اإلسالمي‪ ،‬فكيف الحال وقد حلت العربية بهذه‬
‫األرض والشعر عند العرب‪ ،‬يومئذ‪ ،‬لسان حال البيئة العربية وترجمان وجدان‬
‫الشاعر العربي‪.‬‬

‫وقد كان للشعر الملحون في هذه األرض تواجدا روج له ضعف الثقافة في‬
‫العهد التركي‪ ،‬خاصة‪ ،‬ويمكن القول‪" :‬بأن الشعر غير المعرب جاء مع الفتح‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ثم انتشر بصورة قوية واضحة بعد مجيء الهالليين إلى الجزائر‪،‬‬
‫حاملين معهم لهجاتهم المتعددة "‪ ، 2‬مساهمين في نشر اللغة العربية‪.‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ينظر الهامش‪.‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪064‬‬

‫‪200‬‬
‫كانت الزحفة الهاللية بلهجاتها‪ ،‬بمثابة تحرير للشعر الملحون‪ ،‬أو غير‬
‫المعرب‪ ،‬حيث أصبح محل اهتمام من قبل األوساط الشعبية‪ ،‬خاصة عندما‬
‫اكتنف الضعف الثقافة العربية في العهد التركي وبعده‪ ،‬أثناء االحتالل الفرنسي‪.‬‬

‫كما ساعدت هذه الظروف على انتشار الشعر الديني بمختلف موضوعاته‬
‫ورواجه‪" 1‬فظهر شعراء متصوفة أنشدوا قصائد ملحونة وموشحات وأزجاال في‬
‫المديح النبوي وفي اإلشادة بالدين"‪.2‬‬

‫وال شك أن الظروف االجتماعية والسياسية التي دفعت شعراء " األدب‬


‫الرسمي " إلى المديح الديني‪ ،‬هي نفسها التي دفعت شعراء الملحون إلى النظم في‬
‫هذا الغرض‪ ،‬وان اختلفت الديار واألزمان‪" ،‬وهناك من الشعراء عن عنوا عناية‬
‫خاصة بالشعر الديني الملحون أمثال "ابن مسايب " والمنداسي " الذي اشتهر‬
‫بقصائد في شعر المدائح والتشوق للكعبة والتصوف‪ ،‬والشاعر األخضر بن خلوف‬
‫الذي كرس شعره كله‪ ،‬تقريبا‪ ،‬لمـدح الرسـول صلى اهلل عليه وسلم‪.3" .‬‬

‫لقد الذ الناس في البالد العربية‪ ،‬وكذلك حال الجزائر‪ ،‬بالدين واحتموا به‬
‫هروبا من المظالم التي سلطت عليهم‪ ،‬فكثر الزهد والتقشف‪ ،‬وانتشرت المدائح‬
‫النبوية بالفحصى والعامية‪ 4،‬مؤرخين لغزوات النبي حينا‪ ،‬ومتحدثين عن معجزاته‪،‬‬
‫أو واصفين لجماله الظاهر والباطن‪ ،‬ومشيدين بنبوته وأخالقه حينا آخر‪ ،‬ومكثرين‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ ،‬أخضري عيسى‪ ،‬المديح النبوي في الشعر الشعبي‪ ،‬شعراء قصر الشاللة نموذجا‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير في األدب الشعبي‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،0221/0221 ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ - 2‬ركيبي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪ 064‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪ 069‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ - 4‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.03‬‬

‫‪201‬‬
‫من الصالة والسالم عليه متوسلين به وبالصحابة واألولياء الصالحين أحايين‬
‫أخرى‪ ،‬لعلهم يجدون عزاء لهم في هذه الظروف الحالكة‪.‬‬

‫ولعل تشجيع األتراك لهذا االتجاه كان مقصودا إلبعادهم عن التفكير في‬
‫واقعهم المؤلم‪ ،‬كما ضمن هذا الواقع لرجال الطرق والزوايا اإلبقاء على مكانتهم‬
‫وخضوع الناس لنفوذهم‪.‬‬

‫ولنقترب أكثر من الظروف التي كثر فيها انتشار هذا الغرض ‪،‬خاصة في‬
‫الشعر الملحون‪ ،‬نقف على حياة لخضر بن خلوف‪ ،‬وقبلها على عصره وحاالته‬
‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫‪-‬مستغانم‪ ،‬المكان والزمان‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫يتحتم على دارس الشخصيات األدبية أن يقف على المنطقة التي ولد فيها‬
‫الشاعر أو األديب وتربى في كنفها وترعرع على ربوعها‪ ،‬وكذا الفترة الزمنية التي‬
‫عايشها‪ ،‬ذلك أن الشاعر أو األديب ابن بيئته‪ ،‬يتأثر بها ويؤثر فيها‪ ،‬وشاعرنا‬
‫سيدي لخضر بن خلوف من منطقة مستغانم مولدا‪ ،‬وبالشقران تحديدا‪ ،‬كما أنه‬
‫دفين منطقة سيدي لخضر‪ .‬عايش فترة الحكم العثماني من بدايته إلى نهاية فترة‬
‫حكم الباشوات‪ ،‬فكان لزاما علينا التعرف إلى المكان والزمان‪.‬‬

‫أ ‪-‬المـكان وطبيعته‪:‬‬
‫كانت مدينة مستغانم من أكبر المدن في الناحية الغربية الجزائرية‪ ،‬وهي‬
‫نتيجة توسع ونماء عمراني حول مركز حربي يدعى " برج األمحال"‪ ،‬جمع محلة‪،‬‬
‫وهي الفرقة الجندية‪ 1‬ابتناها يوسف بن تاشفين بمكان يدعى " مشتى غانم"‪ ،‬حيث‬
‫عرفت المنطقة ازدها ار كبي ار في ظل حكم بني زيان‪ ،‬وبني مرين‪ ،‬وشيد فيها أبو‬
‫م‪ 2‬الذي مازال إلى اليوم شاهدا على تلك‬ ‫‪0112‬‬ ‫الحسن المريني مسجده الكبير سنة‬
‫الحقبة ‪.‬‬

‫فحصنها خير الدين بربروس‬


‫ّ‬ ‫وبدخول األت ارك امتد عمرانها شرقا وغربا‪،‬‬
‫تحصينا قويا إلى أن جاء االحتالل الفرنسي‪ ،‬لكنه حافظ على المدينة‪.3‬‬

‫وفي العهد التركي كانت منطقة مستغانم عاصمة لبايليك الغرب ‪ ،‬لمدة‬
‫خمس سنوات‪ ،‬أحد البايليكات األربع‪ ،1‬وقد اتخذ الباي مصطفى بوشالغم مدينة‬

‫‪-‬ينظر المدني‪ ،‬أحمد توفيق‪ ،‬كتاب الجزائر‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬ط ‪ ،0‬الجزائر ‪ ،0281‬ص‪012‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.‬‬
‫‪-‬نفسه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬نفسه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪203‬‬
‫مستغانم عاصمة له في هذه الفترة‪ ،‬إذ لم تكن حينها عاصمة البايليك مستقرة‬
‫بمكان واحد‪ ،‬ربما ألسباب سياسية‪ " ،‬شكلت مازونة عاصمة البايليك وتلمسان‬
‫قاعدته الهامة‪ ،‬ثم تغير الوضع السياسي وأصبحت معسكر العاصمة سنة ‪0220‬م‪،‬‬
‫م‪ ،‬بعد ذلك عاد المقر‬ ‫‪0210‬‬ ‫م‪ ،‬ثم مستغانم سنة‬ ‫‪0228‬‬ ‫ثم وهران في الفتح األول‬
‫‪2‬‬
‫م‪".‬‬ ‫‪0220‬‬ ‫إلى معسكر سنة ‪0212‬م‪ ،‬وأخي ار انتقل إلى وهران بعد الفتح الثاني سنة‬

‫وتعتبر مدينة مستغانم مدينة ساحلية‪ ،‬ذلك ما يؤهلها ألن تحتل موقعا‬
‫استراتيجيا‪ ،‬أضف إلى ذلك الطبيعة الخالبة التي يمتزج فيها سحر البحر مع‬
‫كثافة الغابات المحيطة بها إلى جانب خضرة بساتينها الدائمة‪ " ،‬والزائر للمنطقة‬
‫يالحظ كثرة البساتين المنتظمة ‪ ،‬والحقول المسقية‪ ،‬والغابات الكثيفة والمتنوعة ‪،‬‬
‫منها المثمرة وغير المثمرة "‪ 3،‬ساعد في كل ذلك مناخ البحر األبيض المتوسط‬
‫المالئم‪.‬‬

‫اجتمعت هذه العوامل كلها لتجعل من هذه المنطقة تجمعا بشريا يعج‬
‫بالنشاط االقتصادي والتجاري‪.‬‬

‫ويكشف لك عن هوية المكان‪ ،‬المعالم األثرية التي تتوزع في ربوع المدينة‬


‫مـن أبواب ومساجد وأضرحة و"مقامات"‪ ،‬وكذا المعالم األثرية المنتشرة في ضواحي‬
‫المدينة" وهذا إنما يدل على ثراء وغنى المنطقة بالتجمعات البشرية منذ أقدم‬
‫‪4‬‬
‫العصور‪ .‬وتشير المعالم األثرية إلى وجود آثار قبل الميالد‪".‬‬

‫‪- 1‬فركوس صالح‪ ،‬تاريخ الجزائر ما قبل التاريخ إلى غاية االستقالل‪ ،‬دار العلوم‪ ،‬الجزائر ‪ ،2335‬ص‬
‫‪ 153‬وما يليها‪.‬‬
‫‪- 2‬دواجي ‪ ،‬جلول عبد القادر‪ ،‬الخطاب الشعري عند سيدي لخضر بن خلوف‪ ،‬رسالة لنيل شهادة‬
‫الماجستير في األدب الشعبي‪ ،‬جامعة تلمسان ‪ ،2330/2332‬ص‪.0‬‬
‫‪- 3‬نفسه‪.‬‬
‫‪- 4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.5‬‬

‫‪204‬‬
‫هذه المعالم تدل على أن المنطقة ضاربة بجذورها في القدم‪ ،‬وتحمل‬
‫مخلفات الحضـارات المتعددة كالبربرية والفينيقية والرومانية وآخرها الحضارة‬
‫العربية اإلسالمية‪ ،‬وهذا – لعمري – مجال خصب وحقل رحب للمؤرخين‬
‫والباحثين وعلماء اآلثار‪ ،‬والفنانين والشعراء ‪.‬‬

‫واذا استنطقنا التاريخ وجدنا أن مستغانم " ذات أصول بربرية‪ ،‬اتسمت‬
‫بمستوى حضاري هام ‪ ،‬وانتعاش سكاني لألزمنة القديمة ‪ ،‬كما عرفت مستغانم‬
‫الوجود الروماني‪ ،‬وميناؤها الروماني الشهير يشهـد على ذلك فالميناء يدعى"‬
‫مارستيكا " " ‪ "MARUSTUGA‬واشتهـرت المنطقة بمراعيها الغنية‪ .‬كانت مستغانم‬
‫‪1‬‬
‫تحت سيطرة مغراوة تراقب المدن الهامـة الموجودة ما بين شرشال و مزغران‪".‬‬

‫واضافة إلى سكانها البربر والعرب الذين وفدوا مع الفتح والهالليين‬


‫واألتراك‪ ،‬فقد كانت الملجأ اآلمن للعائالت المسلمة النازحة من األندلس ف ار ار من‬
‫حقد الحملة الصليبية لألسبان ضد المسلمين‪ ،‬هؤالء األسبان الذين أغرتهم منطقة‬
‫مستغانم فحاولوا إخضاعها لهم‪ ،‬لكنهم لقوا ما لقوا من مقاومة وبسالة سكانها‪،‬‬
‫ورد عدوانهم‪ ،‬ومن أشهر المعارك "‬
‫والتاريخ أكبر شاهد على دحر هؤالء الغزاة ّ‬
‫معركة مزغران" بقيـادة الجيش العثماني‪ ،2‬وقد خلّد شاعرنا أحداث هذه المعركة في‬
‫قصيدة شعرية تعرف بـِ " قصة مزغران"‪.3‬‬

‫ي بنا أن نذكر النهضة الدينية التي عرفتها المنطقة في بداية العهد‬


‫وحر ّ‬
‫العثماني‪ " ،‬ومسلمو مستغانم على جانب عظيم من الفضل والصالح‪ ،‬وان كانت‬

‫‪-‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.6‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬ينظر‪ ،‬دواجي عبد القادر جلول ‪ ،‬ص‪.6‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬ينظر بخوشة محمد‪ ،‬ديوان سيدي لخضر بن خلوف ‪ ،‬ص ‪.142‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪205‬‬
‫نهضتهم إلي اليوم لم تصل إلى المركز الالئق بهم"‪ ،1‬إذ كثرت الزوايا‪ ،‬وأشهرها‬
‫الزاوية العلوية وقد أسس تلك الطريقة‪ ،‬التي هي فرع من الشاذلية‪ ،‬الشيخ سيدي‬
‫أحمد بن عليوة‪.2‬‬

‫كلم شمال شرق مدينة مستغانم عاصمة الوالية حاليا وعلى‬ ‫‪42‬‬ ‫وعلى بعد‬
‫الطريق الوطني رقم "‪ "00‬تقع منطقة سيدي لخضر التي ترعرع على أرضها‬
‫و‪04،11‬‬ ‫الشاعر ابن خلوف‪ ،‬وهي واقعة جغرافيا بين خطي عرض ‪ 2،11‬جنوبا‬
‫كلم‬ ‫‪012،12‬‬ ‫غربا ‪ ،‬تبلغ مساحتها‬ ‫‪02،2‬‬ ‫شرقا و‬ ‫‪11،2‬‬ ‫شماال‪ ،‬وما بين دائرتي طول‬
‫‪3‬‬
‫م‪.‬‬ ‫‪0220‬‬ ‫‪ ، 0‬وقد انبثقت عن التقسيم اإلداري لسنة‬

‫يحد منطقة سيدي لخضر شماال البحر األبيض المتوسط وبلدية حجاج‬
‫غربا ‪ ،‬وبلديتي تازقايت وسيدي علي جنوبا وبلدية خضرة شرقا ‪.‬‬

‫وتتميز األرض التي بنيت عليها المدينة بالخصوبة لوفرة مياه منابعها‬
‫تجمعت في بداية نشأتها حول مكان يدعى" العنصر" أو " عين‬
‫وآبارها‪ ،‬ألنها ّ‬
‫الحمام "‪ ،‬وذلك ما راق المستعمرين الفرنسيين فاستوطنوها‪ ،‬واستقروا بها بعد‬
‫" ‪LA‬‬ ‫حوالي ستة عقود من دخول االحتالل‪ ،‬وسموها باسم الجنـرال " الباسـي "‬
‫‪ " PASSET‬ثم تغيرت التسمية بعد االستقالل إلي سيدي لخضر نسبة إلى دفينها‬
‫الولي الصالح سيدي لخضر بن خلوف الذي يقع ضريحه على بعد ثالث "‪"1‬‬
‫‪4‬‬
‫كلم جنوب المـركز اإلداري للبلدية‪.‬‬

‫‪-‬المدني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.204‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬دواجي ‪ ،‬ص ‪. 3‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-‬نفســه ‪ ،‬ص ‪.3‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪206‬‬
‫ب ‪ -‬الــــزمان‪:‬‬
‫إن الوقوف على أشعار سيدي لخضر بن خلوف يستوجب علينا أوال‬
‫الوقوف على العصر الذي عاش فيه‪ ،‬ذلك أن الشاعر ابن بيئته‪ ،‬ومرآة عاكسة‬
‫لحالها‪ ،‬وال يستقيم سبر أغوار هذه األشعار بمنأى عن الحيوات السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية والثقافية التي سنتعرف إليها لعلها تحملنا إلى تقاسم‬
‫الرؤى مع الشاعر‪ ،‬فيسهل بذلك الفهم‪ ،‬ويتيسر التعامل مع النصوص الشعرية‬
‫وتحليلها وكشف جمالياتها‪.‬‬

‫عاش الشاعر لخضر بن خلوف في القرن التاسع الهجري (‪ 2‬هـ)‪،1‬‬

‫أي عهد الحكم العثماني في الجزائر وهي الفترة المش ّكلة لإلطار الزماني الذي‬
‫سنسلط عليه الضوء‪.‬‬

‫الحياة السياسية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫عرف نظام الحكم في ظل الخالفة العثمانية للجزائر تعاقب عدة أنظمة‬


‫سياسية في فترات تاريخية محددة‪:‬‬

‫م‪ ،‬وقد‬ ‫‪0488‬‬ ‫م إلى‬ ‫‪0408‬‬ ‫أولها فترة الباي الرباي أو"باي البايات" من‬
‫عرفت هذه الفترة استق ار ار بفضل األخوين عروج وخير الدين بربروس‪.2‬‬

‫حكم كل واحد‬ ‫من‪0488‬م إلى‪0142‬م‬ ‫والفترة الثانية حكم الباشاوات التي دامت‬
‫منهم ثالث سنوات‪.‬‬

‫‪- 1‬جمعية آفاق‪ ،‬سيدي لخضر بن خلوف‪ ،‬حياته وقصائده‪ ،‬دار الغرب للنشر والتوزيع‪ ،‬ج ‪ ،1‬وهران‬
‫‪ ، 2336‬ص‪.21‬‬
‫‪- 2‬سعيدوني‪ ،‬ناصر الدين والشيخ المهدي بوعبدلي‪ ،‬الجزائر في التاريخ‪ ،‬العهد العثماني‪ ،‬المؤسسة‬
‫الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،1940‬ص ‪. 10‬‬

‫‪207‬‬
‫م التي رغم قصرها‬ ‫‪0120‬‬ ‫م إلى‬ ‫‪0142‬‬ ‫والفترة الثالثة حكم األغوات من‬
‫عرفت اضطرابات وفوضى‪.‬‬

‫م‪ ،‬وعرفت‬ ‫‪0812‬‬ ‫م إلى‬ ‫‪0120‬‬ ‫أما المرحلة الرابعة فهي فترة حكم الدايات‬
‫فيها الجزائر مقومات السياسة‪ ،‬وتمتعت باالستقالل الفعلي عن الدولة العثمانية‪.1‬‬

‫تميزت الجزائر في ظل التعاقب على الحكم عن باقي أقاليم اإلمبراطورية‬


‫قارة‪ ،‬ذلك أمر جعلها دولة مكتملة السيادة ذات كيان‬
‫بإدارة منظمة‪ ،‬وعاصمة ّ‬
‫سياسي مستقل‪.‬‬

‫أما الجهاز اإلداري فقد عرف تطو ار منذ استقرار الحكم التركي بالجزائر وقد‬
‫قسمت إيالة الجزائر إلى " إقليم دار السلطان بمدينة الجزائر وبايليك الشرق‬
‫م‪ ،‬بعد أن انتقل مركزه‬ ‫‪0220‬‬ ‫وعاصمته قسنطينة‪ ،‬وبايليك الغرب ومركزه وهران‬
‫من مازونة إلى مستغانم‪ ،‬ثم إلى معسكر‪ ،‬وبايليك التيطري ومركزه المدية"‪.2‬‬

‫وكان داي الجزائر يعين على كل بايليك باي‪ ،‬وهذا األخير مطلق‬
‫الصالحية في مقاطعته في مجال جمع الضرائب وحفظ األمن‪.‬‬

‫ولم يعرف بايليك الغرب عاصمة مستقرة شأن باقي البايليكات‪ ،‬فمن مازونة‬
‫م‪ ،‬ثم مستغانم‬ ‫‪0228‬‬ ‫م ثم إلى وهران سنة‬ ‫‪0220‬‬ ‫م إلى معسكر سنة‬ ‫‪0411‬‬ ‫سنة‬
‫م‪ ،‬ثم انتقل إلى وهران‬ ‫‪0212‬‬ ‫م‪ ،‬ثم عاد مقر العاصمة إلى معسكر ثانية في‬ ‫‪0210‬‬
‫‪3‬‬
‫م‪.‬‬ ‫‪0220‬‬ ‫سنة‬

‫‪-‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬نفسه‪ ،‬ص‪.23‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬ينظر دواجي ‪ ،‬عبد القادر جلول‪ ،‬ص‪.12‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪208‬‬
‫ويجدر بنا أن نشير إلى أن الباي مصطفى بوشالغم له فضل في الجمع‬
‫بين أطراف المقاطعة ‪ ،‬مازونة شرقا وتلمسان غربا‪ ،‬وأصبحت معسكر عاصمة‬
‫بايليك الغرب‪ ، 1‬وهذا الرجل الذي قام بمناوشة األسبان م ار ار لتحرير وهران‪ ،‬فكان‬
‫له ذلك‪ ،‬ولكن سرعا نما استردها األسبان فرجع إلى مستغانم‪ ،‬حتى توفي ودفن‬
‫بها في ‪0212‬م‪ ،‬وخلفه ابنه يوسف الذي كان دون أبيه في الحزم والقوة‪.2‬‬

‫يتبين من هذا أن الحياة السياسية في ظل الحكم العثماني عرفت استق ار ار‬


‫وتنظيما إداريا محكما خدم مصلحة الدولة العثمانية وحافظ على الروابط الروحية‪،‬‬
‫كما عكس نظام الحكم – الذي أولى األهمية الكبرى للعنصر التركي – الوضع‬
‫‪3‬‬
‫االجتماعي‪.‬‬

‫لم يؤثر النظام السياسي في التقاليد المحلية التي كانت متأصلة بالجزائر‬
‫منذ الفترة اإلسالمية السابقة‪.‬‬

‫ولعل مرونة وفاعلية الجهاز اإلداري وما أتاحه من استقرار‪ ،‬هو الذي طبع‬
‫الحياة االقتصادية واالجتماعية وحتى الثقافية بنوع من الحركية واالنتعاش‪.‬‬

‫الحياة االقتصادية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫تميز النشاط االقتصادي الجزائري في الفترة العثمانية بالتطور في مجال‬


‫الزراعة خاصة‪ ،‬والصناعة من حرف ومهن يدوية وكذلك المبادالت التجارية‪.‬‬

‫جاء هذا التطور واالنتعاش االقتصادي‪ ،‬بعد التقهقر الذي عرفته البالد‬
‫أثناء القرنين الرابع عشر والخامس عشر‪ ،‬وفي القرن السادس عشر‪ ،‬والنصف‬

‫‪-‬نفسه‪ ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬سعيدوني ‪ ،‬ناصر الدين‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.21‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪209‬‬
‫األول من القرن السابع عشر‪ ،‬تحسنت األوضاع‪ ،‬فكثر اإلنتاج الزراعي وتعددت‬
‫المصنوعات المحلية‪ ،‬ونشطت المبادالت التجارية‪.‬‬

‫وقد أسهم في هذا التطور االقتصادي والعمراني الوفود المهاجرة من‬


‫األندلس والتي استقرت بالسواحل‪ ،‬فاستصلحت األراضي وعمرت المدن والقرى "‬
‫حتى غدت فحوص مدن الجزائر‪ ،‬ودلّس‪ ،‬وتنس‪ ،‬وشرشال‪ ،‬والقليعة‪ ،‬والبليدة‪،‬‬
‫وعنابة‪ ،‬ووهران‪ ،‬وتلمسان‪ ،‬وأرزيو‪ ،‬ومستغانم‪ ،‬وقلعة بني راشد‪ ،‬تشهد بإنتاجها‬
‫الوفير من الخضر والفواكه‪ ،‬وأصبحت بعض المدن كقلعة بني راشد‪ ،‬ومازونة‪،‬‬
‫وتلمسان‪ ،‬وقسنطينة‪ ،‬والجزائر‪ ،‬تعج بالصناع والحرفيين الذين كانوا يزاولون‬
‫مختلف المهن والصناعات في ورشاتهم ومشاغلهم"‪.1‬‬

‫ولنقترب أكثر من هذه المقومات واألنشطة‪ ،‬ونبدأها بالزراعة‪ ،‬فالزراعة‬


‫تأثرت بعوامل وظروف مختلفة‪ ،‬وتحكمت فيها طبيعة الملكية‪ ،‬من ملكيات خاصة‬
‫وملكيات البايليك وغيرها‪.‬‬

‫تعد العائالت في هذه الفترة هي الوحدة اإلنتاجية واالستهالكية في آن‬


‫واحد‪ ،‬مع بعض االستثناء حيث يأتي إشباع حاجات أفراد العائلة أول االهتمام‪،‬‬
‫ثم اإلنتاج من أجل التسويق‪ ،‬ويأتي في المرتبة الثانية‪ ،‬لتحسين الدخل النقدي‪،‬‬
‫ولتوفير ما يجب دفعه من ضريبة نقدية‪ ،‬والتي أعيت كاهل األسر الفقيرة‪.‬‬

‫اهتم سكان المناطق الجبلية وسكان أحواز المدينة بزراعة الخضر والفواكه‬
‫يصدر إلى‬
‫وتربية الماشية‪ ،‬كما عنت بإنتاج زيت الزيتون بطرق تقليدية وكان ّ‬
‫كمدخرات معيشية‪.‬‬
‫الخارج ‪ ،‬وعملت األسر بتجفيف العنب والتين ّ‬

‫‪-‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 09‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪210‬‬
‫وقد تميزت كل منطقة بإنتاج فالحي معين " فكانت المنطقة الواقعة بين‬
‫سطيف وقالمة‪ ،‬المنطقة الرئيسية للحبوب‪ ،‬وكانت ناحية وادي زناتي أخصبها‪،‬‬
‫وكانت المنطقة الواقعة بين األطلسين التلي والصحراوي وشط الحضنة والحدود‬
‫المغربية هي المنطقة الرئيسية لتربية الماشية‪ ،‬خاصة الضأن منها "‪.1‬‬

‫تصدر إلى الخارج لجودتها‪ ،‬كما عمل سكان جنوب‬


‫وكانت الماشية ّ‬
‫األطلس الصحراوي بتربية اإلبل وانتاج التمور‪ ،‬وبهجرة األندلسيين إلى المناطق‬
‫الساحلية جلبوا معهم زراعة التبغ الذي كان ينتج في عنابة والجزائر‪ ،‬وزراعة‬
‫القطن الذي كان ينتج في مستغانم والمتيجة‪ ،‬كذلك أدخل األندلسيون تربية دودة‬
‫‪2‬‬
‫القز وانتاج الحرير‪.‬‬

‫إن الفالح الجزائري عانى ظروفا قاسية‪ ،‬ولئن حاول األتراك‪ ،‬خاصة البايات‬
‫منهم‪ ،‬تحسين الفالحة بهذه اإليالة فإن ذلك جاء متأخرا‪ ،‬ولم يكن غرضه سوى‬
‫ضمان مدا خيل أوفر للخزينة‪.‬‬

‫أما الصناعة فكانت موزعة بين الريف والمدينة‪ ،‬فسكان الريف كانت‬
‫صناعتهم المنسوجات الصوفية والخيام والزرابي‪ ،‬وكان سكان الجبال يصنعون‬
‫األدوات الفالحية واألسلحة التقليدية ‪.‬‬

‫وأما سكان المدن فكانت صناعتهم تلبي الحاجات األساسية لسكان المدن‪،‬‬
‫كصناعات غذائية (طواحين ومخابز)‪ ،‬ومجوهرات وكماليات الفئات المحظوظة‪،‬‬

‫‪-‬نفسه‪ ،‬ص ‪. 006‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬المرجع السابق‬ ‫‪2‬‬

‫‪211‬‬
‫إلى جانب ورشات صغيرة للنجارة والحدادة‪ ،‬وطرز السروج‪ ،‬وصناعة الصابون‬
‫‪1‬‬
‫والدباغة‪ ،‬وصناعة السفن‪.‬‬

‫كان هذا التقسيم الحرفي جغرافيا و قبليا وأحيانا عرقيا فرضته ودفعت إليه‬
‫ظروف اقتصادية معيشية‪.‬‬

‫وعن النشاط التجاري للجزائر في العهد العثماني فكان يتوزع "على المدن‬
‫الكبيرة واألسواق األسبوعية والموسمية‪ ،‬فمن أهم المراكز التجارية‪ ،‬مدن الجزائر‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وقسنطينة‪ ،‬وتلمسان‪".‬‬

‫فالجزائر كان بها شارعان رئيسيان ممتدان تختلف فيها البضائع وتتنوع‬
‫السلع وتكثر فيها التبادالت وصفقات البيع والشراء‪.‬‬

‫وقسنطينة ارتبطت بها قوافل تونس والصحراء‪ ،‬تستورد ما تحتاجه من أدوية‬


‫وعقاقير وعطور وآالت حديدية وأقمشة حريرية وتصدر الصوف والبرانس والجلود‬
‫والحياك والمواشي والحناء وغيرها‪.‬‬

‫أما تلمسان فاستقطبت تجارة المغرب األقصى وما يجلب من جبل طارق‬
‫من توابل وأقمشة‪ ،‬والعاج وغيرها‪ ،‬مقابل تصدير اإلنتاج المحلي من حبوب وزيت‬
‫‪3‬‬
‫وصوف ومصنوعات‪.‬‬

‫كانت التجارة في معظمها ضعيفة تعكس ضعف اقتصاد البالد‪ ،‬فالصادرات‬


‫مواد أساسية للسكان والواردات كماليات تلبي رغبة الفئات المحظوظة في البالد‪.‬‬

‫‪-‬نفسه‪ ،‬ص ‪ 006‬وما بعدها ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬سعيدوني ‪ ،‬ناصر الدين‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 31‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬لمزيد من التفاصيل‪ ،‬ينظر المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪212‬‬
‫ونشير هنا إلى أن اإلدارة التركية كانت شديدة الحرص على األموال‬
‫العمومية بما فرضته من ضرائب ورسوم وغرامات على الفالحين والحرفيين‬
‫والتجار‪ ،‬يعكس كل ذلك ضعف مدا خيل النشاط االقتصادي للبالد‪ ، 1‬من جهة‪،‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬حرمان وشقاء وكثرة المظالم في هذه األوساط االجتماعية‪.‬‬

‫الحياة االجتماعية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫يوصف الوضع االجتماعي للجزائر أثناء العهد العثماني بتمايز السكان‬


‫حسب نمط معيشتهم وأسلوب حياتهم واختالف مصادر رزقهم‪ ،‬وطبيعة عالقتهم‬
‫بالحكام‪ ،‬أمر جعلهم يصنفون إلى عدة طوائف وجماعات موزعين على المدن‬
‫‪2‬‬
‫منهم كانوا ريفيين‪".‬‬ ‫‪%22‬‬ ‫والقرى واألرياف " ويؤكد المؤرخون أن حوالي‬

‫وتختلف العالقات في المدن عنها في األرياف‪ ،‬فالمدن نسيج اجتماعي‬


‫تتآلف فيه فئات مختلفة‪.‬‬

‫ومدينة مستغانم‪ ،‬تكونت من مزيج بين" األتراك والكراغلة والجالية اليهودية‬


‫وسكان الحضر إضافة إلى العرب"‪ ،3‬وكذلك باقي المدن خاصة الساحلية منها‪.‬‬

‫كانت األقلية التركية وتتشكل في أغلبها من الجنود (االنكشارية)‪ ،‬كانوا‬


‫يستقرون في الثكنات والحصون أو يتوزعون على حاميات المدن‪ 4‬وكانوا يعيشون‬
‫‪5‬‬
‫في عزلة " متمسكين بلغتهم التركية وبمذهبهم الحنفي‪".‬‬

‫‪-‬ينظر صالح عباد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.050‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬نفسه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬دواجي‪ ،‬عبد القادر جلول‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.02‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-‬ينظر سعيدوني‪ ،‬ناصر الدين‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪92‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-‬عباد‪ ،‬صالح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.053‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪213‬‬
‫ربما رغبه في المحافظة على امتيازات‪ ،‬أو اعتقادا منهم أنهم فئة ممتازة‬
‫تتفوق على باقي العناصر السكانية األخرى‪.‬‬

‫ورغم امتيازات األتراك الكثيرة‪ ،‬فقد كانوا يكتفون بوظائفهم اإلدارية‪ ،‬أو‬
‫االشتغال في دكاكينهم أو استغالل أمالكهم في المدن أو بساتينهم‪ ،‬ونظ ار‬
‫النغالقهم على أنفسهم لم يؤثروا في البنية االجتماعية لسكان المدن وال في طريقة‬
‫‪1‬‬
‫عيشهم وأسلوب حياتهم ‪.‬‬

‫أما الكراغلة فهم جماعة تكونت نتيجة تزاوج أفراد الجيش التركي‬
‫(االنكشارية) بنساء البالد " وظهرت في المدن التي تقيم بها الحاميات التركية‬
‫وهي الجزائر وتلمسان ومعسكر وقلعة بني راشد ومستغانم ومازونة ومليانة والمدية‬
‫والبليدة والقليعة وبسكرة وقسنطينة وعنابة"‪ 2‬وقد احتلوا المرتبة الثانية في السلّم‬
‫االجتماعي وكانوا كطبقة وسطى أو كحلقة تجمع بين األتراك واألهالي وشكلت في‬
‫وقت الحق قوة تخشاها السلطة لكثرتها ‪.‬‬

‫ثم الحضر وهم الطبقة التي سكنت المدن " والتي تعود في أصولها إلى‬
‫الفترة اإلسالمية‪ ،‬وما انظم إليها من أندلسيين وأشراف‪ ،‬وقد تميز الحضر بعاداتهم‬
‫وتقاليدهم الخاصة وبوضعهم االجتماعي المتميز‪ ،‬مما جعلهم يؤلفون طبقة‬
‫اجتماعية ميسورة‪ ،‬ويشتغل أفرادها في المهن الصناعية واألعمال التجارية ويتولون‬
‫وظائف السلك القضائي والتعليمي‪ ،‬وقد ظهر في هذه الطبقة الصناع المهرة‪،‬‬
‫والتجار النشيطون‪ ،‬والبحارة المغامرون‪ ،‬والفقهاء والعلماء األفاضل"‪.3‬‬

‫‪- 1‬ينظر سعيدوني‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.90‬‬


‫‪- 2‬نفســـه‪.‬‬
‫‪ - 3‬سعيدوني‪ ،‬ناصر الدين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 93‬‬

‫‪214‬‬
‫ولم تول هذه الطبقة اهتماما بأمور السياسة وشؤون الحكم‪ ،‬بل اهتمت‬
‫بتنمية ثرواتها واستغالل أمالكما‪.‬‬

‫وقد كان لتواجد الجالية األندلسية نتيجة الهجرة أثر في االزدهار االقتصادي‬
‫والتطور العمراني والنمو البشري الذي عرفته بعض المدن وبعث مدن أخرى‬
‫مثل تنس ودلس وشرشال‪ ،‬وأنشئت مدن جديدة كالقليعة والبليدة في حين تطورت‬
‫مدن أخرى قديمة كتلمسان‪ ،‬وأرزيو‪ ،‬ومستغانم وعنابة ‪.1‬‬

‫يضاف إلى األندلسيين جماعة األشراف قليلة العدد التي تتميز عن باقي‬
‫الحضر بانتسابها آلل البيت‪ ،‬والتي اشتهر أغلب أفرادها بالورع والتقوى‪ ،‬مما‬
‫جعلهم محل احترام السكان والحكام على حد سواء‪ ،‬إلى درجة تخصيص بعض‬
‫األوقاف لصالحهم من قبل بعض الدايات‪ ،‬كما ساهموا في بناء زواياهم‪.2‬‬

‫والمالحظ أن تأثير العنصر األندلسي في مجتمع المدن كان عميقا مس‬


‫مختلف أوجه الحياة ‪ ،‬كونهم كانوا أكثر ثقافة وتطو ار من غيرهم ‪ ،‬فقد طوروا‬
‫المهن‪ ،‬وطرق الزراعة والسقي " وساعدوا على شيوع اللغة العربية في بعض‬
‫الجهات التي ظلت تستعمل لهجاتها المحلية كنواحي أرزيو‪ ،‬وتنس‪ ،‬وشرشال‬
‫ودلس وبجاية"‪ 3‬كما تركوا بعض التأثيرات األسبانية كاستخدام العملة الفضية‬
‫والذهبية وكذا استعمال بعض المفردات األسبانية التي استعملها حتى بعض‬
‫الشعراء في أشعارهم‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪. 94‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪99‬‬
‫‪ - 3‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬

‫‪215‬‬
‫البرانية وهي مجموعات سكانية وفدت إلى المدن الكبرى لممارسة‬
‫وهناك فئة ّ‬
‫نشاطات اقتصادية مختلفة حسب أصولها الجهوية‪ ،‬وهي تعمل تحت إشراف أمين‬
‫منها يختاره البايليك ‪ ،‬ينوب عنها في أمور الشرطة والقضاء وغيرها‪.‬‬

‫ومن العناصر البشرية المهمة المش ّكلة لسكان المدن‪ ،‬اليهود الذين منهم‬
‫المحليين ومنهم المهاجرين مع المسلمين من األندلس‪ ،‬والذين اشتغلوا بالتجارة‬
‫‪1‬‬
‫وتميزوا بالثقافة والعلم الواسعين‪.‬‬

‫كما شكلت العناصر األجنبية فئة الدخالء من تجار‪ ،‬والقناصل األوربيين‪،‬‬


‫ورجال البعثات الدينية واإلرساالت التبشيرية واألسرى‪ 2‬الذين يؤثّرون في البنية‬
‫االجتماعية بشكل أو بآخر‪.‬‬

‫أما سكان األرياف وهم غالبية السكان فيمكن تصنيفهم حسب" لويس رين"‬
‫إلى أربعة أصناف‪ 3‬وهي قبائل األجواد‪ ،‬قبائل المرابطين‪ ،‬قبائل المخزن‪ ،‬وقبائل‬
‫الرعية‪.‬‬

‫فقبائل األجواد هم النبالء وذوو النفوذ والقوة بين القبائل‪ ،‬وأمام هذا الوضع‬
‫اضطرت السلطة التركية للتعاون معهم في كثير من المناطق‪ ،‬كما استخدمتهم‬
‫لجمع الضرائب وتحصيل الجبايات والغنائم‪.‬‬

‫ولكن قبائل المرابطين كانت أكثر قوة من قبائل األجواد‪ ،‬وقوتهم تكمن في‬
‫استعمال الدين‪ ،‬حيث" كان الجميع يخشاهم من األفراد العاديين إلى رجال السلطة‬
‫من األتراك‪ ،‬كان المرابطون ورجال الطرق ينتقلون في طول البالد وعرضها دون‬

‫‪-‬ينظر المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.132‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬نفسه‪ ،‬ص ‪. 130‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬ينظر صالح عباد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.062‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪216‬‬
‫خوف من هجوم اللصوص وقطاع الطرق وغيرهم وكان المسافرون يصطحبون‬
‫معهم أحد المرابطين ليتقوا شر اللصوص إن السلطة نفسها قد استعانت‬
‫‪1‬‬
‫بالمرابطين في نقل األموال عبر الطرقات غير اآلمنة‪".‬‬

‫وقد زاد عدد الطرق الدينية فبعد القادرية والشاذلية في بداية القرن السادس‬
‫عشر الميالدي ظهرت الشيخية والتيجانية والرحمانية والراشدية وغيرها كثير‪.2‬‬

‫لقد كانت عالقة المرابطين والطرقية باألتراك عالقة مصالح متبادلة‪ ،‬إذ‬
‫يتوسط المرابطون بين السكان والسلطة لصالحها ‪ ،‬كما لعب المرابطون دو ار كبي ار‬
‫في تجنيد المتطوعين لمحاربة األسبان ومواجهة الحمالت األوربية على السواحل‬
‫الجزائرية‪ ،‬وفي المقابل يقدم األتراك للمرابطين امتيازات كثيرة مادية ومعنوية ‪.3‬‬

‫ولم تختلف هذه االمتيازات عن تلك التي أعطيت لقبائل األجواد‪ ،‬بل إن من‬
‫األجواد من كانوا مرابطين في الوقت نفسه‪ ،‬ونشير إلى أن أهم دور قام به‬
‫المرابطون هو سيطرتهم على المنظومة التعليمية ‪.‬‬

‫أما قبائل المخزن فهي مجموعات سكانية لها صبغة فالحيه وعسكرية‬
‫وادارية‪ ،‬وهي حلقة وصل بين األهالي في األرياف والحكام في المدن‪،‬‬

‫"وتستمد قبائل المخزن وظائفها الحربية واإلدارية من تقاليد التبعية والوالء‬


‫التي طبقها الموحدون‪ ،‬واتبعها فيما بعد الزيانيون بتلمسان‪ ،‬وبنو حفص ببجاية‬

‫‪-‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.060‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬نفسه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬نفسه ‪ ،‬ص‪.065‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪217‬‬
‫‪1‬‬
‫وقسنطينة ‪ ،‬وقد عمل األتراك على البقاء على هذا النوع من القبائل المتعاونة "‬
‫ألهميتها فـي جمع الضرائب‪ ،‬والسهر على تنفيذ تعليمات البايليك ‪ ،‬كل ذلك‬
‫مقابل امتيازات‪ ،‬كرفع الضرائب والتمتع باألمن والحرية عن سائر سكان األرياف ‪.‬‬

‫وأما قبائل الرعية فقد عانت االضطهاد واالستغالل المستمر ولم تحظ بأي‬
‫امتياز من السلطة‪ ،‬وهي التي كانت تدفع الضرائب والرسوم المختلفة ‪ ،‬كما كانت‬
‫تفرض عليها أعمال السخرة " وحتى ال تفلت قبائل الرعية هذه من قبضة رجال‬
‫البايليك وضع على رأس القبائل الكبيرة منها قياد من األتراك والكراغلة وشيوخ من‬
‫العائالت المتعاملة مع البايات"‪ 2،‬وقد أدت هذه الضغوطات إلى تفكك هذه القبائل‬
‫وتشتتها ‪.‬‬

‫وعن الحالة الصحية‪ ،‬كان المجتمع الجزائري يعاني من تعرضه لكثير من‬
‫النكسات الصحية نتيجة " انتقال العدوى وانتشار األمراض من األقطار المجاورة‪،‬‬
‫وذلك لصلة الجزائر بعالم البحر المتوسط‪ ،‬وانفتاحها على أقاليم السودان‪ ،‬وعالقتها‬
‫‪3‬‬
‫بالبالد األوربية و ارتباطها بالمشرق العربي‪".‬‬

‫فمن هذه المناطق انتقلت أمراض الكوليرا‪ ،‬التيفوس‪ ،‬الجدري‪ ،‬والطاعون‪،‬‬


‫والسل وغيرها‪ .‬ومما ساعد على انتشار هذه األمراض الموسمية ‪ ،‬كثرة‬
‫المستنقعات بالسهول الساحلية وحول المدن الكبرى وانعدام األدوية والعقاقير‬
‫والمصحات‪ ،‬إلى جانب عدم التزام السكان بالقواعد الصحية‪.4‬‬

‫‪-‬سعيدوني‪ ،‬ناصر الدين‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 136‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬نفسه‪ ،‬ص ‪133‬ومايليها‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬نفسه‪ ،‬ص‪.44‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-‬نفسه‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪218‬‬
‫ولم يتخذ الحكام أمام هذا الوضع أي إجراء وقائي أو استشفائي‪ ،‬لعدم‬
‫مباالتهم‪ .‬كما تعرضت البالد إلى نكبات مثل زلزال مدينتي الجزائر والمدية عام‬
‫ب ذلك ضغط‬
‫وصاح َ‬
‫َ‬ ‫‪ ،10110‬إضافة إلى ما اجتاح البالد من قحط وجفاف وجراد‪،‬‬
‫جراء غالء األسعار وسوء الحالة المعيشية‬
‫عسكري ومالي‪ ،‬على األرياف خاصة‪ّ ،‬‬
‫للسكان‪.‬‬

‫تُرى ما كان وضع الثقافة في هذه الفترة وفي هذه الربوع وفي هذه الظروف؟‬
‫سؤال نجيب عنه في تعرضنا للحياة الثقافية التي عايشها سيدي لخضر بن‬
‫خلوف‪.‬‬

‫الحياة الثقافية‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫الحياة الثقافية هي المرآة العاكسة للحياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬


‫لما لها من تأثير‪ ،‬فاالضطرابات السياسية وسوء األحوال االقتصادية واالجتماعية‬
‫هي الوبال الذي يحل على الحياة الثقافية‪ ،‬ويقف حائال دون التطور الثقافي‬
‫والحركة العلمية في جميع األزمان وسائر المجتمعات‪.‬‬

‫إن الثقافة في البلدان اإلسالمية كانت مرتكزة على العلوم الدينية من تفسير‬
‫وفقه وعقيدة وحديث وسيرة نبوية‪ ،‬وقد امتازت الجزائر في العهد التركي بأن‬
‫أضيف إلى هذه الثقافة انتشار الطرق الصوفية شرق البالد وغربها‪ ،‬وكان جل‬
‫الشيوخ وأتباع هذه الطرق من حفظة القرآن‪ ،‬وعلى دراية واسعة بالفقه والحديث‬
‫مما ميزهم عن العوام من بني جلدتهم‪.2‬‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬


‫‪ - 2‬ينظر سعيدوني‪ ،‬ناصر الدين ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.103‬‬

‫‪219‬‬
‫ونركز على القطاع الغربي باعتباره يهمنا أكثر لقربه من مدينة مستغانم‪،‬‬
‫مسقط رأس الشاعر ‪.‬‬

‫لقد كان بهذه المنطقة كتلمسان‪ ،‬مستغانم‪ ،‬معسكر‪ ،‬ومازونة مدارس‬


‫وكتاتيب اعتبرت مراكز علمية وثقافية أنعشت الحركة الثقافية ونشطت التعليم في‬
‫المغرب اإلسالمي ككل‪ " ،‬تنافست مدن الغرب الجزائري كمازونة وتلمسان‬
‫وندرومة ومستغانم على التدريس والفتوى‪ ،‬ومن بين العلوم التي كان لها رواج‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫الفقه المالكي‪".‬‬

‫والشك أن الوافدين من بالد األندلس من مسلمين ويهود أثّروا على الحياة‬


‫الثقافية في المدن الساحلية التي حلّوا بها‪ ،‬بما جلبوا من عادات وصناعات وثقافة‬
‫‪2‬‬
‫كالموسيقى األندلسية‪.‬‬

‫أما التعليم ‪ ،‬فكان شبه مستقل عن اإلدارة الحاكمة‪ ،‬وبقي على حاله لم‬
‫يتأثر بالتقلبات السياسية والحروب المستمرة‪ ،‬بل اهتم األتراك " بالقضايا ذات‬
‫الطابع الديني‪ ،‬مثل بناء المساجد‪ ،‬وتنافسوا فيها أحيانا‪ ،‬وكذلك وقف األمالك‬
‫‪3‬‬
‫على المشاريع الخيرية‪".‬‬

‫وكان هذا التعليم ذو طابع ديني محض‪ ،‬مقسم إلى مستويات من الكتاتيب‬
‫إلى الزوايا " فاالبتدائي للقرآن والكتابة ‪ ،‬والثانوي لعلوم اللغة والحساب ومبادئ‬
‫الدين‪ ،‬والكلي لألدب والفقه والجغرافيا والهندسة"‪ 4،‬وقد اشتهرت من هذه المدارس"‬

‫‪ - 1‬دواجي‪ ،‬عبد القادر جلول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬


‫‪ - 2‬ينظر‪ ،‬صالح عباد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ - 3‬التلي‪ ،‬بن الشيخ ‪ ،‬دور الشعر الشعبي الجزائري في الثورة ‪1403‬م‪1905/‬م ‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،1940‬ص‪10‬‬
‫‪ - 4‬بخوشة محمد‪ ،‬ديوان سيدي لخضر بن خلوف‪ ،‬نشر ابن خلدون‪ ،‬تلمسان ‪ ،2331‬ص‪.04‬‬

‫‪220‬‬
‫مدرستي المسجد الكبير وابني اإلمام بتلمسان‪ ،‬ومدرسة مازونة شرق مستغانم‪،‬‬
‫وعرفت معسكر التعليم من خالل مدارسها ومساجدها في عهد الباي محمد الكبير‬
‫أما مدينتي ندرومة ومستغانم فلم تكن بهما مدارس مشهورة‪ ،‬لكن لعبت المساجد‬
‫‪1‬‬
‫ومالحقها دو ار هاما في الحياة الثقافية على المستوى المحلي‪".‬‬

‫واشتهرت تلمسان‪ ،‬التي كانت عاصمة دولة بني زيان قرابة ثالثة قرون‪،‬‬
‫بتخريج نفر كثير من المتعلمين والفقهاء‪.‬‬

‫أما مازونة ‪ ،‬فتعد قطبا معرفيا قصده طالب العلم من داخل وخارج الوطن‬
‫إضافة إلى أنها كانت مهد الحركة السنوسية ومنطلقها‪ ،‬وكانت تدرس مدرسة‬
‫مازونة الفقه والحديث وعلم الكالم ‪،‬كما كانت منتدى يلتقي فيه العلماء والطلبة‪،‬‬
‫ونظ ار ألن شيوخ مازونة شاركوا األتراك في حربهم ضد األسبان فقد جددوا بناء‬
‫المدرسة مرات عديدة عرفانا منهم بصنيع شيوخ هذه المدرسة ‪ ،‬وقد قال عنها أبو‬
‫القاسم سعد اهلل‪ ": 2‬أما مدرسة مازونة فقد كانت على درجة كبيرة من األهمية في‬
‫النواحي الغربية من البالد‪ ،‬وكان لها نظام راسخ وتقاليد متينة استمدها من صلتها‬
‫بالتعليم في تلمسان واألندلس والمغرب األقصى‪ ،‬وهي أيضا من أقدم المدارس‬
‫التي أسست في العهد العثماني‪ ،‬وقد اشتهرت بالخصوص في علم الفقه والحديث‬
‫وعلم الكالم‪ ،‬واستمرت المدرسة تشع بالمعرفة حتى بعد انتقال العاصمة اإلقليمية‬
‫من مازونة إلى معسكر ثم إلى وهران‪ ،‬وكانت مقصد طالب النواحي الغربية‪،‬‬

‫‪ - 1‬دواجي‪ ،‬عبد القادر جلول‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬


‫‪ - 2‬سعد هللا‪ ،‬أبو قاسم‪ ،‬تاريخ الجزائر الثقافي‪ ،‬ج‪ ،1‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،1941‬‬
‫ص‪ 245‬و ما يليها‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫والسيما ندرومة ومستغانم وتنس وتلمسان ووهران‪ ،‬ومن أبرز خريجيها‪ ،‬أبوراس‬
‫الناصر‪.‬‬

‫ونضيف إلى نشاط الحركة الثقافية‪ ،‬مساجد معسكر كمنابر للعلم ومنابع‬
‫للثقافة‪ ،‬خاصة بعد مجيء الباي محمد الكبير الذي اتخذها مقر العاصمة‬
‫البايليك‪ ، 1‬وكذلك الحال بالنسبة لمساجد مستغانم وندرومة‪.‬‬

‫لقد كان للمساجد والزوايا الفضل الكبير في الحفاظ على الثقافة اإلسالمية‪،‬‬
‫من جهة‪ ،‬واللغة العربية وثقافتها‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬إلى جانب المكتبات التي‬
‫احتوتها هذه المساجد والزوايا‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫فالمالحظ إذن أن السيادة في العهد العثماني عموما كانت للعلوم الدينية‬
‫من تفسير وقراءات وحديث إلى جانب علم الكالم والتصوف والمنطق‪ ،‬وفي علوم‬
‫اللغة والنحو والبالغة والعروض وبعض فنون النثر كالرسائل والخطابة‪ ،‬ومن‬
‫العلماء والفقهاء المشهورين في هذه الفترة‪ ،‬أبوراس الناصر ( ت ‪0018‬م) وقد كتب‬
‫في التاريخ‪ ،‬من كتبه " فتح اإلله ومنته في التحدث بفضل ربي ونعمته " و" الحلل‬
‫السندسية"‪ ،3‬وأبو عمران موسى بن عيسى المغيلي المازوني صاحب " حلية‬
‫المسافر " و" ديباجة االفتخار في مناقب أولياء اهلل األخيار"‪ ،‬وأبو زكريا يحي بن‬
‫‪4‬‬
‫م) صاحب " الدر المكنون في نوازل مازونة"‬ ‫‪0128‬‬ ‫أبي عمران المغيلي (ت‬
‫وغيرهم كثير في الشرق والغرب‪.‬‬

‫‪ - ‬هو محمد بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن الناصر الجليلي‪.‬‬


‫‪ - 1‬دواجي‪ ،‬عبد القادر جلول‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.03‬‬
‫‪ - 2‬ينظر أبو قاسم سعد هللا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.299‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.090‬‬
‫‪ - 4‬ينظر دواجي‪ ،‬عبد القادر جلول ‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫‪222‬‬
‫لقد سيطرت روح التصوف على الحياة العلمية والثقافية واالجتماعية في‬
‫الفترة العثمانية بالجزائر‪ ،‬فأكثر إنتاج العلماء واألدباء كان في هذا الميدان‪ ،‬إذ نجد‬
‫الكثير من الكتب والرسائل واألشعار" التي تتناول التصوف من قريب أو بعيد‬
‫كاألذكار واألوراد‪ ،‬الردود‪ ،‬المناقب‪ ،‬والمواعظ‪ ،‬والحكم‪ ،‬والشروح الخاصة بقصائد‬
‫الصوفية والمدائح النبوية التي تنظر إلى الرسول صلى اهلل عليه وسلم وسيرته‬
‫نظرة صوفية روحانية "‪ ،1‬ولم يكن العصر عصر فقه ونظر عقلي‪.‬‬

‫أما عن حالة الشعر وأغراضه فقد كان مزده ار نسبيا في الدين والسياسة‪،‬‬
‫واالجتماعيات والشعر الذاتي أيضا‪ ،‬وشاع الشعر الملحون لظروف أدت إلى‬
‫انتشاره وشيوعه حتى "أصبح لسان كثير من الناس‪ 2".‬ومن أشهر شعراء هذه‬
‫الفترة‪ ،‬والذين لهم دواوين شعر؛ المنداسي ابن علي‪ ،‬ابن عمار‪ ،‬المقري‪ ،‬ابن‬
‫حمادوش‪ ،‬المانجالتي‪ ،‬ابن سحنون‪ ،‬ابن الشاهد‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬ولم تنشر دواوينهم إلى‬
‫‪3‬‬
‫اليوم ما عدا المنداسي‪.‬‬

‫إن الدافع الديني كان من أهم بواعث الشعر‪ ،‬إذ يسجل الشاعر فيه مشاعره‬
‫في المواسم الدينية كالحج والمولد النبوي الشريف‪ ،‬والى جانب الباعث الديني‬
‫هناك الباعث السياسي المتمثل في الدعوة إلى الجهاد وتمجيد النصر في المعارك‬
‫ضد األسبان‪ ،‬ولكن الشعر الديني هو الغالب‪ ،‬خصوصا المدائح النبوية‪ .‬ومن‬
‫قصيدة نادرة للشاعر الصوفي أبو محمد عبد اهلل بن عمر البسكري الذي عاش في‬
‫‪4‬‬
‫القرن الثاني عشر الميالدي في مدح المدينة المنورة‪:‬‬

‫‪ - 1‬أبو القاسم سعد هللا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ 113‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.203‬‬
‫‪ 3‬ينظر المرجع السابق‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪ 250‬وما يليها‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫ونحن من طرب إلى ذكراهـا‬ ‫دار الحبـــيب أحق أن تهواها‬

‫يا ابن الكرام عليك أن تغشاها‬ ‫هممت بزورة‬


‫َ‬ ‫وعلى الجفون متى‬

‫وظللت ترتع في ظالل رباهـا‬ ‫فألنت أنت إذا حـــللت بطيبة‬

‫سلبت عقول العاشقين حالهـا‬ ‫معنى الجمال من الخواطر والتي‬

‫هيهات أين المسك من رياهـا‬ ‫ال تحسب المسك الذكي كـثر بها‬

‫فأدم على الساعات لثم ثراهـا‬ ‫طابت فإن تبغ التطيب يا فتــى‬

‫وفي نفس الغرض قصيدة لمحمد بن محمد العطار الجزائري‪ ،‬ولعبد الكريم‬
‫‪1‬‬
‫الفكون أيضا ديوان شعر في مدح الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫وهكذا فالشوق إلى البقاع المقدسة والحنين إلى زيارتها‪ ،‬ومدح الرسول صلى‬
‫اهلل عليه وسلم أغراض قديمة عند الشعراء الجزائريين‪.‬‬

‫وقد اشتهر إلى جانب شعراء العربية الرسمية شعراء الملحون في شتى‬
‫األغراض الشعرية مثل سيدي لخضر بن خلوف‪ -‬محل دراستنا‪ -‬وأبو عبد اهلل‬
‫محمد المغوفل‪ ،‬اللذان ذكرهما الدكتور أبو القاسم سعد اهلل‪ " 2:‬ومن شعراء المديح‬
‫النبوي أيضا لكحل ابن خلوف وأبو عبد اهلل محمد المغوفل‪ ،‬وكالهما اشتهر في‬
‫هذا الباب وال سيما األول حتى أصبحت قصائده تغنى وتروى على مختلف‬
‫العصور‪ ،‬وكالهما أيضا من رجال التصوف وقد أشاد بوراس بن الناصر باألول‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫فقال إنه من اشتهر بمدح النبي صلى اهلل عليه وسلم شهرة ابن عروس بتونس‪".‬‬

‫‪ - 1‬ينظر المرجع السابق‪ ،‬ص‪.250‬‬


‫‪ - 2‬نفسه ‪ ،‬ص‪.253‬‬
‫‪ - 3‬نفسه ‪ ،‬ص‪.253‬‬

‫‪224‬‬
‫كما قد خلد في أقدم قصائد الملحون ذكر المعركة التي دارت بمرسى مستغانم بين‬
‫المسلمين واألسبان المعروفة " بوقعة مزغران"‪ ‬التي شارك فيها كجندي‪ ،‬وقد بدأ‬
‫قصيدته بقوله‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫قصة مزغران معلومة‬ ‫يا سايلني عن طراد الروم‬

‫وبعد تعرضنا في هذا المدخل للمكان والزمان اللذين عاش فيهما الشاعر‬
‫وأسهبنا في الحديث عن الحياة الثقافية التي سبقت وواكبت شاعرنا ألهميتها‪،‬‬
‫ننتقل إلى التعريف بالشاعر وشعره‪.‬‬

‫‪-‬الشاعر‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫أ ‪ -‬حياته‪:‬‬
‫أصله ونسبه‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫هو سيدي "لخضر" أو "لكحل" بن عبد اهلل بن عيسى الشريف اإلدريسي‬


‫المغراوي نسبة‪ ،‬كما ّبين ذلك محمد بخوشة في مقدمة ديوانه الشعري؛ " فهو‬
‫شريف إدريسي‪ ،‬أما مغراوة‪ ،‬فإنها بالد نشأته‪ ،‬وقد صرح التاريخ بأن مغراوة بطن‬
‫من زناتة‪ 2".‬أما عن المولى إدريس األكبر فيقول جامع الديوان‪ " :‬يرجع نسب‬
‫سيدي لخضر بن خلوف إلى مولى إدريس األكبر – رضي اهلل عنه – فهو‬
‫مغراوي األصل شريف النسب‪ ،‬يلتحق بجده عيسى الذي انتقل إلى (الشقران) ‪،‬‬
‫من ناحية مستغانم‪ ،‬واليك سلسلة حسب ماذكرها اإلمام السيوطي – رضى اهلل‬

‫‪ - ‬وقعت المعركة في عام ‪ 965‬م‪.‬‬


‫‪ - 1‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.026‬‬
‫‪ - 2‬بخوشة محمد‪ ،‬ص‪.110‬‬

‫‪225‬‬
‫عنه – وهو عيسى بن الحسن بن يعقوب الشريف بن عبد اهلل بن عمران بن‬
‫صفوان بن يسار بن موسى بن سليمان بن يحي بن موسى بن عيسى بن إدريس‬
‫الولد بن إدريس األكبر بن عبد اهلل الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن البسيط‬
‫‪1‬‬
‫بن علي كرم اهلل وجهه‪ ،‬نعم إن سيدي لخضر مغراوي األصل شريف النسب"‬
‫ام علي في شعره وأشاد به في غيرما موضع كقوله‪:‬‬
‫وقد ذكر اإلم َ‬
‫‪2‬‬
‫األمير علي ارضاه ربي واعطى له‬ ‫ابن عــم النبي صـواب‬

‫وقوله‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫اسمه عبد اإلله ثم األمير علي‬ ‫اللهم ارضى عن المكنى حيضرة‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬قصيدة " إال وجه الحبيب غاب"‪ ،‬ص‪110‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬قصيدة " ألف استمثلوا كالمي"‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫‪226‬‬
‫وقوله‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫وجاه اإلمام حيضر هزام الكفار‬ ‫بجاه سيف مصقول تقهر به االعدا‬

‫فأي شرف كهذا يرقى بالشاعر إلى سيد الخلق صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وقد‬
‫ذكر ذلك في شعره بعد أن ذكر اسم والده‪:‬‬

‫لكحل واسم باباه عبد اهلل‬ ‫اهلل يرحـم قايل لـــبيات‬

‫‪2‬‬
‫مغراوي جده رسول اهلل‬ ‫مشهور اسمــه في األنعات‬

‫ثم ذكر اسم والدته ونسبها في كثير من المواضع‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫اليعقــــوبية الال كله‬ ‫وأمه من بيت محســنات‬

‫كما وقد خص أمه " كله " أو "خوله" بقصيدة يترحم فيها عليها‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫وخدمتها بكل مسالة‬ ‫رضعت ثديها وشفيت باألبصار‬

‫ارحم اعظام أمي كلة‬ ‫بحسان دعوتها كافانـي القهار‬

‫‪4‬‬
‫ارحم أعظام أمي كلة‬ ‫يا رب نرغبك بحـوادت لجفار‬

‫وهكذا فنسبه شريف يعود إلى ِعترة النبي الكريم صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬أما‬
‫عن تسميته مرة بلكحل وأخرى باألخضر فإن الذاكرة الشعبية لجأت إلى ما توارثته‬
‫األجيال‪ ،‬أو ربما كان من نسج خيال العامة‪ ،‬ومؤدى ذلك أنه مر على زواج أبيه‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬قصيدة " قم صلي "‪ ،‬ص‪132‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬قصيدة " قصة مزغران "‪ ،‬ص‪143‬‬
‫‪ - 3‬نفسه ‪ ،‬ص‪.143‬‬
‫‪ - 4‬جمعية آفاق‪ ،‬سيدي لخضر بن خلوف‪ ،‬حياته وقصائده‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الغرب للنشر والتوزيع‪ ،‬وهران‬
‫‪ ،2336‬ص‪33‬‬

‫‪227‬‬
‫عبد اهلل بكلة ردحا من الزمن ولم يرزقا بمولود يؤنس وحشتهما‪ ،‬فأنابت المرأة إلى‬
‫ربها وأسلمت له‪ ،‬وأخلصت الدعاء فاستجاب لها ربها ولم يخيب ظنها ‪ 1‬يقول‬
‫الشاعر في ذلك‪:‬‬

‫وقعدت فـي أحداب الظهرة‬ ‫قبل الصيام راني وارث‬

‫واليوم تزعزعت يا حضرة‬ ‫منهم جــدود ثم سبقت‬

‫وأمي تهولت بالعشـــرة‬ ‫العباد من األسالف رحلت‬

‫رفعت كفوفها لـلحي القهار‬ ‫دعــات الكريم المولى‬

‫‪2‬‬
‫ما خاب ظنها مرفوعة األقــدار‬ ‫ودعات ما دعاوا الرسال‬

‫وذات يوم ذهبت لزيارة رجل صالح يدعى سيدي محمد لكحل تبركا به‬
‫كرجل صالح تقي‪ ،‬عرف بورعه‪ ،‬فنذرت إن رزقها اهلل مولودا أن تسميه باسم هذا‬
‫الرجل التقي " لكحل" ليكون مثله في صالحه وورعة‪ ،‬وما هي إال أيام مضت‬
‫حتى بدت عليها عالمات الحمل‪ ،‬فحمدت اهلل على م ـا وهبها‪ ،‬وحدث أن رأت في‬
‫منامها أن حزاما أخضر مرصع بقطع ذهبية يطوقها‪ ،‬فأفتاها من حولها بأنها‬
‫سترزق بمولود يكون ذا شأن بين الناس فرغبت في تسميته األخضر‪ ،‬فكان‬
‫مول ـودا باسمين لكحل واألخضر‪ ،‬وكالهما يرمز إلى لونين متناظرين‪،‬فاألخضر‬
‫للتفاؤل‪ ،‬واألكحل للتشاؤم‪ ،‬كما ذكر أنه كان وحيد أمه‪ ،‬وخوفا عليه سمته لكحل‬
‫‪3‬‬
‫لتدفع عنه شرالعين والحسد‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر المرجع نفسه‪ ،‬ص‪ 22‬وما يليها‬


‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪31‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪20‬‬

‫‪228‬‬
‫وتختلف الروايات في هذه التسمية على ألسنة العامة خاصة في المحافل‪،‬‬
‫كمهرجان سيدي لخضر الذي يقام في المنطقة كل صائفة‪.‬‬

‫أما الغالب عند الطبقة الشعبية فهي تسمية األخضر‪ ،‬وقد ارتبط هذا اللون‬
‫باألولياء الصالحين وطالء أضرحتهم‪ ،‬وغطاء قبورهم‪ ،‬وكذلك بعض المساجد‪،‬‬
‫ولون أفرشتها وكان هذا اللون مرتبطا بالعبادة‪ ،‬أو باآلخرة‪ ،‬وربما تفاؤال بخضرة‬
‫الجنة ونعيمها‪ ، 1‬وقد تكون تسمية لكحل راجعة إلى أن ابن خلوف كان أكحل‬
‫العينين‪ ،‬أو يعلوا مواضع الكحل في عينيه سواد‪ ،‬فسمي باألكحل ‪ 2‬من قبيل‬
‫تسمية الكل بالجزء‪.‬‬

‫أما عن أصل تسمية ابن خلدون فلم نعثر لها على شيء يذكر‪ ،‬وقد وردت‬
‫في شعره بأشكال مختلفة‪ ،‬فمرة‪ ،‬ابن خلوف‪ ،‬ومرة ولد خلوف وأخرى الخلوفي أو‬
‫ابن خلوفي ونحن نعتقد أنها كنيته أو كنية أبيه أو كنية أسرته‪.‬‬

‫‪ ‬مولده ونشأته‪:‬‬
‫لم يثبت في ترجمة لسيدي لخضر بن خلوف تاريخا محددا للوالدة ‪ ،‬ربما‬
‫لعدم اكتراث الناس بثبت تاريخ الميالد‪ ،‬وان كان هناك تقييد‪ ،‬فبالسمة المميزة لفترة‬
‫ما‪ ،‬أو حادث مشهور‪ ،‬كما فعل العرب قديما فقالوا‪ ":‬عام الفيل " أو "عام الرمادة "‬
‫أو ربما بتقادم الزمن يذهب الثبت طي النسيان‪ ،‬ولعل ما وصلنا من شعر الرجل‬
‫كفيل بأن يحيلنا إلى تاريخ الميالد‪ ،‬أو يجعلنا نقترب منه قليال‪ ،‬حيث يقول في‬

‫‪ - 1‬دواجي‪ ،‬عبد القادر جلول ‪ ،‬ص‪02‬‬


‫‪ - 2‬ينظر‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت ‪ ،2334‬مادة كحل‬

‫‪229‬‬
‫قصيدة مشهورة له تنعت بـ ‪ ":‬بقاوا بالسالمة " ‪ 1‬أو "الوصية"‪ 2‬أو عند عامة الناس‬
‫‪3‬‬
‫" بالوفاة"‪:‬‬

‫وااليام هاملة والجالب مجلـوب‬ ‫من قرن الثمانية اديت سنين وزايع‬

‫‪4‬‬
‫بفضل النبي تميت القرن التاســع والفلك ينثنى والحاسب محسوب‬

‫فمولده على هذا يكون في أواخر القرن الثامن الهجري‪ ،‬وعاش القرن‬

‫‪5‬‬
‫التاسع الهجري كله‪ ،‬لتوافيه المنية في أوائل القرن العاشر‪.‬‬

‫وقد عمر الشاعر طويال كما يبين ذلك في هذا البيت‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫وتميت من و ار سني ست اشهور‬ ‫جوزت ميا وخمسة وعشرين حساب‬

‫فالمالحظ أنه عاش ما يزيد عن مائة وخمسة وعشرين سنة قمرية‪ ،‬أي ما‬
‫يعادل مائة وواحد وعشرين سنة شمسية‪ ،‬إذا اعتبرنا أن السنة القمرية تنقص‬
‫‪7‬‬
‫بحوالي أحد عشر يوما في السنة‪.‬‬

‫واذا اعتبرنا لفظة "تميت " في البيت السالف الذكر‪ ،‬بمعنى لم يزد عليها‪،‬‬
‫أي أتم ستة أشهر بعد مائة وخمسة وعشرين عاما وحضر أجله‪ ،‬واعتبرنا لفظة "‬
‫تميت "في البيت الذي سبق‪:‬‬

‫‪ - 1‬بخوشة محمد‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.20‬‬


‫‪ - 2‬جمعية آفاق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 3‬نفسه ‪.‬‬
‫‪ - 4‬هكذا في الديوان‪ ،‬وفي المرجع السابق‪:‬‬
‫من قرن الثمانية عديت سنين وزايع وااليام ماضية والحاسب محسوب‬
‫تميت بهمة القرشي القرن التاسـع والفلك ينثنى والجالب مجلــوب‬
‫‪ - 5‬جمعية آفاق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ - 6‬بخوشة‪ ،‬قصيدة " أبقاوا بالسالمة"‪ ،‬ص ‪. 190‬‬
‫‪ - 7‬ينظر كتاب‪ ،‬جمعية آفاق‪ ،‬ص ‪. 22‬‬

‫‪230‬‬
‫والفلك ينثنى والحاسب محسوب‬ ‫بفضل النبي " تميت" القرن التاسع‬

‫تحمل نفس المعنى‪ ،‬تبين لنا أنه توفي في سنة ‪222‬هـ وعليه يكون ميالده‬
‫في عام ‪224‬هـ‪،‬خاصة إذا علمنا أن البيتين من نفس القصيدة نظمها وهو على‬
‫فراش الموت يوصي أوالده وهي قصيدة " ابقاوا بالسالمة " ‪.‬‬

‫أما عن نشأته فقد نشأ في جبال مغراوة الجزائرية‪ ،‬ويقول جامع ديوان محمد‬
‫بخوشة‪ " :‬نشأ سيدي لخضر بن خلوف في ناحية من جبال مغراوة الجزائرية‪ ،‬في‬
‫وسط كريم مشهور بخصال العرب‪ ،‬عندئذ كان أول عصر االحتالل التركي‪،‬‬
‫ويمتاز زمانه بانحطاط السياسة الداخلية‪ ،‬مع وجود ثقافة عربية إسالمية ذات بال‬
‫"‪ ،1‬ولعل هذه الثقافة العربية اإلسالمية التي نشأ عليها هي التي تجلت في أشعاره‬
‫فيما بعد‪ ،‬وأضفت عليها روحا إسالمية وفيضا ربانيا‪.‬‬

‫هذه المنطقة من جبال مغراوة هي مزغران التي قضى فيها شبابه مع عائلته‬
‫حيث الخضرة الدائمة والماء واألمان‪ ،‬يقول في قصيدة "بقاوا بالسالمة" ما يؤكد‬
‫ذلك ‪:‬‬

‫منهم قبيلتي وأهلي والعشـران‬ ‫حصراه وين نجع الظهرة من فايت‬

‫‪2‬‬
‫عديت شبوب صغري في مزغران‬ ‫حصراه على الدنيا كلي ما كانـت‬

‫وما إن شب عوده واستقام‪ ،‬حتى وجد من حوله الغزاة األسبان‪ ،‬يريدون مد‬
‫نفوذهم وبسط سيطرتهم على أرضه الطيبة ‪ ،‬فتقلد سيفه مثل أقرانه‪ ،‬بقيادة‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان ‪ ،‬ص‪. 20‬‬


‫‪ - 2‬جمعية آفاق‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫‪231‬‬
‫األتراك‪ ،‬يذب عن الوطن والدين‪ ،‬ويرد كيد الكائدين‪ ،‬وقد خلد هذا النصر المظفر‬
‫في قصيدة " قصة مزغران" التي مطلعها ‪:‬‬

‫عيد أخبار الصح معلومة‬ ‫يا فارس من ثم جيت اليوم‬

‫‪1‬‬
‫قصة مزغران معلومـة‬ ‫يا سايلني عن طراد الروم‬

‫ولما بلغ أشده وبلغ أربعين سنة‪ ،‬ضرب صفحا عن حياة الشباب‪ ،‬وعكف‬
‫زاهدا عن الدنيا وملذاتها‪ُ ،‬شغله مدح النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وال شغل له‬
‫غيره‪ ،‬يقول مبينا ذلك‪:‬‬

‫وتميت من و ار سني ست أشهور‬ ‫جوزت ميا وخمسة وعشرين حساب‬

‫‪2‬‬
‫واللي بقا مشا في مدح المبرور‬ ‫منها مشات أربعين سنة مثل السراب‬

‫وظل في تلك الربوع وعلى هذه الحال يمدح النبي صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬
‫حتى لقب بشاعر الرسول أو مداح الرسول‪.‬‬

‫‪ ‬أسرتــه‪:‬‬
‫لم يمنع زهد سيدي لخضر وانصرافه عن الدنيا من أن تكون له زوجة وأوالد‬
‫وخادم‪ ،‬ذكرهم كلهم في معرض وصيته ألوالده في قصيدة " بقاوا بالسالمة " التي‬

‫‪ - 1‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬بخوشة ‪،‬الديوان ‪،‬ص‪.190‬‬

‫‪232‬‬
‫تعتبر سيرة ذاتية في قالب شعري ختم بها حياته كإنسان وكشاعر‪ ،‬فقد ذكر‬
‫زوجته في شعره ودعا لها وألمه‪ ،‬فزوجته اسمها "قنو" وأمه " كله"‪ ،‬يقول‪:‬‬

‫وارحم "قنو" زوجتي وأمـي "كله"‬ ‫يا رب العرش جود عليا بالدعــا‬

‫‪1‬‬
‫بجاه حرم الخميس لثنين والجمعـة وبحرم السادات كلهم جوف وقبله‬

‫"وقد تزوج سيدي لخضر "بقنو" بنت سيدي عفيف الذي يوجد ضريحه غرب‬
‫مدينة سيدي علي‪ ،‬ويقال إن "قنو" هي ابنة عم أمه " كلة"‪ ،‬على أن سيدي عفيف‬
‫‪2‬‬
‫هذا أخ سيدي يعقوب الشريف‪" .‬‬

‫أنجبت له هذه الزوجة خمسة أوالد‪ ،‬أربعة منهم ذكور والخامسة أنثى‪ ،‬وهم‬
‫محمد‪ ،‬أحمد‪ ،‬الحبيب‪ ،‬بلقاسم‪ ،‬والبنت حفصة‪ ،‬وقد جاء ذكرهم في قصيدة " بقاوا‬
‫بالسالمة " حين اجتمعوا حوله ليوصيهم إذ يقول‪:‬‬

‫انت كبير داري وانــت موالهـا‬ ‫انت يا محمد اتهلى في خيمتـي‬

‫بها تتفكرني وقـت ان تقراهــا‬ ‫وانت يااحمد خوذ ادي سبحتـي‬

‫تكون لك هيبـة للـي يراهـــا‬ ‫وانت يا بلقاسم عمم بعمامتـي‬

‫‪3‬‬
‫خود ادي شملتي وبرانيس الصوف‬ ‫وانت يا الحبيب نطفة من الكبدة‬

‫ثم ذكر حفصة وأوصى بها إخوتها خي ار‪:‬‬

‫‪ - 1‬جمعية آفاق‪ ،‬ص‪. 29‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪24‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫‪233‬‬
‫حفصة المكنية بنت مداح البشير‬ ‫بروا يا والدي باختكم هجالة‬

‫‪1‬‬
‫انتوما رجالها يا نسب طيب الخير‬ ‫البنت ياك تنهان بال رجالة‬

‫والمالحظ أنه سمى أوالده بأسماء النبي صلى اهلل عليه وسلم وكنيته‪ ،‬لتجد‬
‫في أدق أعمال شاعرنا أثر حبه للنبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬لعله ينال بذلك‬
‫الشفاعة ‪ ،‬يقول الشاعر في ذلك ‪:‬‬

‫بلقاسم والحبيب هما والعــة‬ ‫يامحمد عليك سميت اوالدي‬

‫بهم نفوز في نهار الشفاعــة‬ ‫احمد ومحمد ذخيرتي وزادي‬

‫‪2‬‬
‫ربيت الولف عليها من الرضاعة‬ ‫وبنتي حفصة نعمة من كبادي‬

‫كما كان لسيدي لخضر خادما ‪ ،‬قدم سبعين عاما من حياته لخدمته ليل‬
‫نهار‪ ،‬وقد ذكره واستوصى به خي ار أيضا‪ ،‬يقول الشاعر في ذلك ‪:‬‬

‫‪‬‬
‫أصله عزافري من جبل الصرصار‬ ‫إرفعوا خديمي بالعز الظاهر‬

‫‪3‬‬
‫جاري في خدمتي في كل ليلة ونهار‬ ‫سبعين سنا عداها لي شاكر‬

‫يتجلى من خالل األبيات التي سقناها من قصيدة " ابقاوا بالسالمة " أو‬
‫"الوصية"‪ ،‬أن األسرة كانت على جانب كبير من الصالح‪ ،‬تبر الوالد‪ ،‬وتقيم‬
‫يورثهم ماال وال جاها‪ ،‬بل أورثهم قيما‬
‫شعائر الدين ‪ ،‬وعلى هذا فهو في وصيته لم ّ‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‬
‫‪ - 2‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - ‬جبل الصرصار قرب مدينة عين تموشنت‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪. 113‬‬

‫‪234‬‬
‫أخالقية ومثال عاليا ‪ ،‬وكانت القسمة بينهم تركة الزاهد‪ " :‬عمامة " و"سبحة" و"‬
‫شملة" و"برانيس الصوف‪".‬‬

‫وهكذا كان الشاعر رغم ورعه وزهده يعيش حياة عادية كعامة الناس في‬
‫زمانه‪ ،‬إال أنه فاقهم في أن اجتمع فيه إلى جانب الزهد والصالح‪ ،‬سعة الثقافة‬
‫واالطالع‪ ،‬ورحابة األفق المعرفي‪ ،‬خاصة بعلوم الدين من قرآن وسنة مطهرة‪.‬‬

‫تكوينه وثقافـته‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫عرفت المنطقة التي عاش فيها الشاعر تنافسا في مجال التدريس والفتوى‬
‫على غرار مدن الغرب الجزائري‪ ،‬وراج الفقه المالكي‪ ،‬خاصة في مدرسة " مازونة‬
‫"‪ 1‬فانتشرت الكتاتيب‪ ،‬والزوايا‪ ،‬وأقيمت الحلق في المساجد‪ ،‬وكما جرت العادة‬
‫كان أول ما يبدأ به الصبية تعلمهم هو حفظ القرآن الكريم ‪.‬‬

‫لم يشذ شاعرنا عن هذه التقاليد‪ ،‬فقد بدأ تعليمه األول " في الكتاتيب‪،‬‬
‫على يد أكثر من "درار"‪ ‬بدء بسيدي امحمد لكحل‪ ،‬ثم سيدي بولحيه‪ ،‬المعروف‬
‫عند أهل المنطقة بسيدي بوحية‪ ،‬والذي يوجد له مقام في دوار أوالد غازي ‪122‬م‬
‫جنوب قبة سيدي لخضر‪ ،‬أين دفنت أمه وزوجته‪ 2".‬كما جاء في شعره ذكر‬
‫مرحلته التعليمية األولى هذه‪:‬‬

‫قندوز عند درار يق ار في صحوف‬ ‫اسمع انحدثك ادي مني فايــدة‬

‫‪3‬‬
‫نوريك مادرك لكحل ولد خلـوف‬ ‫بالترجمان والقاضي والمشاهدة‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ ،‬دواجي عبد القادر جلول‪ ،‬الخطاب الشعري‪ ،‬ص‪29‬‬


‫‪ - ‬درار‪ :‬أي معلم صبية‪.‬‬
‫‪ - 2‬جمعية آفاق‪ ،‬ص ‪.26‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫ولسرعة حفظ الشاعر واستعداده الفطري تسنى له " ِحفظ القرآن عن شيخة‬
‫وصهره‪ ،‬في نفس الوقت‪ ،‬سيدي عفيف‪ ،‬الذي رأى فيه الخالل الحميدة وحسن‬
‫الخلق فبادر إلى أن يزوجه ابنته "قنو"‪ ،‬فتزوجها الشاعر طاعة لشيخه وارضاء‬
‫‪1‬‬
‫له‪".‬‬

‫أهلت الفطنة المبكرة والذكاء المتوقد سيدي لخضر لتحصيل العلم الذي‬
‫ّ‬
‫أخذه " عن مجموعة من المشايخ والفقهاء والعلماء من بينهم " سيدي بلقاسم‬
‫بوعسرية "و كان من النجباء والطلبة المشهورين وتتلمذ كذلك على يد أستاذه"‬
‫‪2‬‬
‫سيدي محمد بن شاعة العالم الفقيه ‪".‬‬

‫تبوأ سيدي لخضر مكانة مرموقة في األوساط الشعبية في عصره‪ ،‬وكان‬


‫محل احترام وتبجيل لسعة علمه وتقواه‪ ،‬حتى عرف بالشيخ والفقيه واإلمام‪ "،‬ولقد‬
‫كان في زمانه يسمونه‪ ،‬شيخ الشيوخ‪ ،‬وفقيه الفقهاء‪ ،‬وامام األئمة لسعة علمه‬
‫‪3‬‬
‫وسرعة الحفظ ‪ ،‬وقوة اإلقناع بالحجة والبرهان والدليل‪".‬‬

‫وكان من نتائج تحصيل العلم‪ ،‬وحيازة الثقافة الواسعة‪ ،‬أن تفتقت شاعرية‬
‫سيدي لخضر‪ ،‬فجاء بشعر مرصع بالذهب يلمع في دنيا الناس ‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫مرصع بالذهب شعره وقادي‬ ‫لخضر يقول كلمة بميزانها‬

‫‪ - 1‬دواجي عبد القادر جلول ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.01‬‬


‫‪ - 2‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪01‬‬
‫‪ - 4‬بخوشة ‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪.136‬‬

‫‪236‬‬
‫وألدل على كالمنا تواتر هذا الكم الهائل من القصائد‪ ،‬حتى وصلنا رغم بعد‬
‫الفترة الزمنية وتوالي األحداث بأيامها ولياليها الحالكات‪ ،‬وهو اليوم محفوظ في‬
‫ديوان تتناقله األلسن وتتغنى به الحناجر‪ ،‬فتطرب له اآلذان وترق له القلوب‪.‬‬

‫مالمح من شخصيته ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫نحاول رسم بعض المالمح التي تبرز شخصية سيدي لخضر من خالل‬
‫أشعاره‪ ،‬فقد اجتمعت في شخصه خصال متميزة جعلت منه رجال صالحا‪ ،‬محمود‬
‫السيرة في عصره وبين أهله‪ ،‬ومن أهم السمات البارزة في شخصيته‪ ،‬إخالصه في‬
‫طاعة اهلل وخاصة في حب نبيه‪ ،‬فهو الموحد الواقف عند حدود اهلل‪ ،‬الذاكر‬
‫العارف بسر التوحيد‪ ،‬المعرض عما يشوب توحيده الخالص من تعلق بالدنيا‬
‫وزينتها‪ ،‬ويكفيك دليال قوله‪:‬‬

‫الثبات إلى اهلل والنفي لغيـره‬ ‫ال إله إال اهلل بالنفي والثــبـات‬

‫في ضمير المريد المستجيره‬ ‫ال إله إال اهلل توحيدها بيـــات‬

‫نذكر اسم القادر المقتديــره‬ ‫ال إله إال اهلل مادامت الحيـــاة‬

‫جالبة أهل الخلوة سالبة عقولها‬ ‫ال إله إال اهلل من سرها غــرام‬

‫‪1‬‬
‫نافية شغل الدنيا و جميع موالها‬ ‫تمتزج في الجسد والروح والعظام‬

‫ويمتزج حب اهلل ‪ ،‬في قلب ابن خلوف ‪ ،‬بحب النبي صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫‪2 ‬‬
‫ما اعزك يا عين وحدا‬ ‫حبك في سلطان جسدي‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪.161‬‬


‫‪ - ‬عين وحدة ‪،‬تعبير عند العامة بمنى ثمرة الفوائد‪ ،‬أو قرة العين‪.‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪. 01‬‬

‫‪237‬‬
‫وقد أفضى هذا الحب النوراني بالشاعر إلى رؤية حبيبه صلى اهلل عليه‬
‫وسلم في منامة مرات عديدة‪ ،‬يحدوه في ذلك يقين صادق وصفاء في النية‬
‫متواصلين ال يخيب صاحبهما‪:‬‬

‫لخضر كيف يكون خاطـي‬ ‫يكفيني صدقي و نية‬

‫‪1‬‬
‫و العاطي مازال يعــطي‬ ‫تسعة وتسعين روية‬

‫كيف يخيب وهو الذي اتخذ من مدح النبي صلى اهلل عليه وسلم حرفة له‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫وأنا حرفتي العدنانــي‬ ‫الناس لكل واحد حرفة‬

‫ومن سماته البارزة أيضا تواضعه في حق ربه‪ ،‬فهو الحافظ للقرآن الكريم‬
‫العامل به‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫يكفيني قوتي وغدا‬ ‫فضل اهلل كتابه عندي‬

‫وهو المقيم لشعائر الدين من صالة وصيام وقيام ومع ذلك فهو الجاني‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫أواه ابن خلوف المداح اليوم غاب‬ ‫اغفر البن خلوف الجاني‬

‫وهو يرى نفسه أهون خلق اهلل إذ يقول‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫من هو عرة بحالي‬ ‫ال غيرك شافع يشفع‬

‫ولم يقدم من العمل إال الذنوب و المعاصي‪:‬‬

‫‪ - 1‬جمعية آفاق‪ ،‬ص ‪92‬‬


‫‪ - 2‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪ - 4‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 106‬‬
‫‪ - 5‬نفسه ‪ ،‬ص‪. 00‬‬

‫‪238‬‬
‫‪1‬‬
‫هب لي يا موالي توبا‬ ‫ما قدمت إال ذنوبي‬

‫ملمح آخر بارز عند ابن خلوف‪ ،‬هو الشجاعة‪ ،‬فقد أبلى البالء الحسن في‬
‫جهاده ضد الكفار الغزاة في يوم مشهود‪ ،‬هو يوم معركة مزغران‪ ،‬إذ يقول مشيدا‬
‫بشجاعته ‪:‬‬

‫سيفي مجرد وأنا نضرب في العدا والناس دالجة من زجري بالخوف‬

‫‪2‬‬
‫والخلق طايحة تنحسب باأللوف‬ ‫خلفي وعلى يميني الجماجم راقدة‬

‫يضاف إلى هذه السمات سمات أخرى‪ ،‬كالجود والكرم واإليثار‪ ،‬والتمتع‬
‫بسعة المعرفة‪ ،‬خاصة منها الدينية‪ ،‬وكلها مبثوثة في أشعاره تبوح بشخصية عربية‬
‫تنضح باألنفة والفحولة‪ ،‬وانظر إلى هذين البيتين في الكرم وما بلغه من جود جعل‬
‫الحداة يتغنون به ‪:‬‬

‫سايل عند الباب واقف طالب‬ ‫الضيف إذا طلب تكون لو مكافة‬

‫‪3‬‬
‫تمثيل بزيل صاق بيها الحادي‬ ‫مكافية األجواد ما هيشي عيافـة‬

‫هذه المالمح كلها مجتمعة شكلت شخصية ابن خلوف الرجل الصوفي‪ ،‬وأما‬
‫الشاعرية فتلك ترجمان وجدان يتنزى در ار ويواقيتا‪.‬‬

‫جــهاده‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫لم يكن سيدي لخضر ذلك العابد الزاهد في محرابة بمعزل عن أمر‬
‫المسلمين من حوله‪ ،‬بل كان يهتم أيضا بأمر وطنه‪ ،‬مثل ما اهتم بأمر دينه‪،‬‬

‫‪ - 1‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.00‬‬


‫‪ - 2‬جمعية آفاق‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪. 220‬‬

‫‪239‬‬
‫والشاهد على ذلك مشاركته في الجهاد لرد العدوان‪ ،‬والذود عن ترابه وأرضه ‪،‬فقد‬
‫وصلنا من أشعاره ما يثبت ذلك في قصيدتين‪ ،‬سجل فيهما أحداث معركتين شارك‬
‫فيهما وأبلى بالء األبطال البواسل‪.‬‬

‫أما المعركة األولى فهي "معركة شرشال‪ ،‬وهي المسيرة مابين الجزائر‬
‫العاصمة ومستغانم ومزغران‪ ،‬مرو ار بالبليدة‪ ،‬الشلف‪ ،‬المرجى‪ ،‬ومقام سيدي عابد‬
‫‪1‬‬
‫وسيدي بوعبد اهلل قرب وادي رهيو‪".‬‬

‫وهي معركة شارك فيها الشاعر كقائد شجاع يعي مسؤولياته ‪ ،‬يقول فيها‬
‫وقد هاله العدد والعدة ‪:‬‬

‫مسطرين الفرسان ماشية وجاية‬ ‫شاب راسي من قوة ليعة الحــمال‬

‫والعرب بسناجق والقوم غازية‬ ‫والخلوفي ينده ويسايس في األبطال‬

‫‪2‬‬
‫يحق في ذلك اليوم ام ار باكية‬ ‫في جبل شرشال حطينا للقتـــال‬

‫وقد عينه خير الدين بربروس في منصب" باشا خيال" إذ يخبرنا بذلك هو‬
‫عن نفسه فيقول ‪:‬‬

‫في حكمة خير الدين العادل األصيل‬ ‫باشا خيال كنت نهاتي من العرب‬

‫هنا وغادي بقربصـوني يــمـيل‬ ‫راكب على فرسي نسوق لشهب‬

‫‪3‬‬
‫ولتراك تهاتي بيا في كل جـيـل‬ ‫إذا نعبر سيفي من شافني رهب‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 01‬‬


‫‪ - 2‬دواجي‪ ،‬عبد القادر جلول‪ ،‬الخطاب الشعري‪ ،‬قصيدة " ليلة الهجوم " ‪،‬الملحق الشعري‪ ،‬ص ‪021‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.‬‬

‫‪240‬‬
‫فاقت شجاعة الرجل وبسالته كل وصف‪ ،‬بشهادة من شهد الوقيعة‪ ،‬وفي‬
‫هذين البيتين عرض ألحوال المعركة ‪:‬‬

‫كل فارس ملتهي في دمو يعـوم‬ ‫ماص ار ذلك اليوم على المجاهـدة‬

‫‪1‬‬
‫قتلتها من شنضاض وثراية الروم‬ ‫مية وخمسين كافر والناس شاهدة‬

‫ومهما شكك مشكك في صدق هذا الخبر‪ ،‬فقد كان الرجل مؤمنا بقضيته‪،‬‬
‫صادقا في جهاده‪ ،‬وذلك حال من يطلب إحدى الحسنين‪ ،‬إما الشهادة أو النصر‪،‬‬
‫خاصة إذا علمنا أنه القائل‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫بجاه نبيك وعرشك ميتني شهيد‬ ‫يا اهلل‪ ،‬يامدور لفال ك بالقدار‬

‫وأما المعركة الثانية فهي" وقعة مزغران "التي تناولها كثير من المؤرخين‪،‬‬
‫فهذا أبو القاسم سعد اهلل يقول‪ " :‬ولعل من أقدم القصائد الشعبية الموالية‬
‫للعثمانيين والتي سجل صاحبها‪ ،‬وهو األكحل بن خلوف ( المشهور بلخضر)‪،‬‬
‫المعركة التي دارت بمرسى مستغانم بين المسلمين واألسبان‪ ،‬وهي المعروفة‬
‫"بوقعة مزغران " والجدير بالذكر أن ابن خلوف قد ربط بين جهاد المسلمين في‬
‫فصل القول بما جرى بين جيش المسلمين‬
‫الجزائر‪ ،‬وجهادهم في غرناطة‪ ،‬ثم ّ‬
‫بقيادة حسن باشا وجيش األسبان بقيادة الكونت "دالكادوت" ‪،‬وكان الشاعر‬
‫متحمسا ألن المسلمين انتصروا وقد بدأها بقوله ‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫قصة مزغران معلومة "‬ ‫يا سايلني عن طراد الروم‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.233‬‬


‫‪ - 2‬جمعية آفاق ‪ ،‬قصيدة " يالساني الموذي " ص ‪.205‬‬
‫‪ - 3‬أبوا القاسم سعد هللا ‪ ،‬تاريخ الجزائر الثقافي ‪ ،‬ج‪ ، 2‬ص ‪. 026‬‬

‫‪241‬‬
‫وقد جرد ابن خلوف سيفه في هذه المعركة وكله ثقة في أن النصر حليفه‪،‬‬
‫فكان له ذلك‪ ،‬إذ انتصر جيش المسلمين ولقي القائد األسباني حتفه إلى جانب‬
‫آالف من جنوده‪ ،‬يقول الشاعر في ذلك ‪:‬‬

‫سيفي مجرده وأنا نضرب في العدا والناس ضاجة من زجري بالخوف‬

‫‪1‬‬
‫والخلق طايحة تنحسب باأللوف‬ ‫يمني وعن شمالي الجماجم راقدة‬

‫ويقول في قتل القائد ‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫واصحابه بالكثرة باقوا ثما‬ ‫اقتلنا من كان قايدهم‬

‫وهكذا تحمل روح ابن خلوف صفة الرجل الصوفي الورع ‪ ،‬المحب للنبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬وصفة المجاهد الذي تحركه الحمية للدفاع عن الوطن‬
‫وحمايته‪ ،‬وصفة الشاعر المتأجـج الشاعرية‪،‬وهي صفات ق ّل ما تجتمع في رجل‬
‫وليا من أولياء اهلل الصالحين‪.‬‬
‫واحد ‪ ،‬إال أن يكون ّ‬

‫‪ ‬الولـي الصالح‪:‬‬
‫يقول اهلل سبحانه وتعالى في كتابه‪ « :‬أََلَ إِ َّن أ َْولِيَاءَ اللَّ ِه َلَ َخ ْو ٌ‬
‫ف َعلَْي ِه ْم َوَلَ ُه ْم‬
‫ين َآمنُوا َوَكانُوا يـَتَّـ ُقو َن»‪ 3‬ولكي تثبت الوالية لشخص ما عرف بالصالح‬ ‫َّ ِ‬
‫ََْيَزنُو َن‪ ،‬الذ َ‬
‫علو شأنه ورفعه مقامه‪ ،‬وهي‬
‫والتقوى‪ ،‬ال بد أن يحظى بكرامة‪ ،‬أو كرامات تبدي ّ‬
‫اني‪ ،‬وتأييد إلهي في شكل أمر خارق للواقع برعاية من المولى عز وجل‪.‬‬
‫من رّب ّ‬
‫ّ‬

‫‪ - 1‬بخوشة ‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪191‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪146‬‬
‫‪ - 3‬سورة يونس‪ ،‬اآلية ‪.62‬‬

‫‪242‬‬
‫وعادة ما تكون هذه الكرامات خفية ال يصادفها العامة من الناس‪ ،‬واذا صادف أن‬
‫اطلعوا عليها زادوا من نسج خيالـهم حولها‪ ،‬وقد علمنا من هذه الكرامات ما يعكس‬
‫سذاجة أصحابها لغرض في أنفسهم بدعوى عصبية‪ ،‬فيها كثير من الجاهلية‬
‫الجهالء‪.‬‬

‫وأما ما اجتمع في رجل مثل سيدي لخضر بن خلوف من صالح الحال‪،‬‬


‫وصدق المقال‪ ،‬ونبل الفعال‪ ،‬فليس ما ذكر عنه من كرامات ببعيد المنال‪.‬‬

‫وسنورد ما توارثته الذاكرة الشعبية من كرامات عرفت عن الرجل‪ ،‬وسنجتهد‬


‫في صياغتها لنضفي عليها صيغة تليق بمقام ابن خلوف الولي الصالح والمجاهد‬
‫الباسل والشاعر الحاذق‪.‬‬

‫تعرف الكرامة األولى " باألمانة "‪ 1‬عند العامة‪ ،‬ومؤداها أنه‪ ،‬اتفق أن رأى‬
‫سيدي لخضر في منامه سيد الخلق محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ورؤيا النبي حق‪،‬‬
‫لقوله صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬من رآني في المنام فسيراني في اليقظة‪ ،‬ال يتمثل‬
‫الشيطان بي‪ 2" .‬متفق عليه‪.‬‬

‫يقول ابن خلوف في ذلك‪:‬‬

‫دنا مني وقال مول الفرقــاني‬ ‫في السند تصح كل روية‬

‫‪3‬‬
‫من شاهدني في أمتي فقد راني‬ ‫ما يتمثل خبيث لـــيا‬

‫‪ - 1‬جمعية آفاق‪ ،‬ص ‪.03‬‬


‫‪ - 2‬النووي‪ ،‬يحيى بن شرف‪ ،‬رياض الصالحين‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬ط‪ ،0‬بيروت ‪ ، 0220‬ص‪.012‬‬
‫‪ - 3‬جمعية آفاق‪ ،‬ص ‪.43‬‬

‫‪243‬‬
‫وبهذا تغيرت حياة الشاعر‪ ،‬خاصة عندما أذن له النبي في منامه بالذهاب‬
‫إلى سيدي بومدين شعيب‪ ‬دفين تلمسان" ليسلمه األمانة‪ ،‬وهي كتاب يحتوي على‬
‫أسرار المتصوفة وممارساتهم‪ ،‬ورغم أن سيدي بومدين كان قد توفي بثالث قرون‬
‫خلت‪ 1‬إال أن الشاعر سافر إليه وأقام عنده وتبادال الحديث‪ ،‬واستلم منه ذلك‬
‫الكتاب ثم قفل راجعا‪ ،‬مرو ار باألولياء الصالحين الذين صادفهم في طريقه إلى أن‬
‫بلغ دياره أين وجد زوجته في انتظاره‪ ،‬وقد ذكر كل ذلك في شعره‪.2‬‬

‫وبعد هذه الرحلة انغمس في العبادة والزهد والتصوف‪ ،‬وهو بين الفينة‬
‫واألخرى يطلع على ذلك الكتاب فيزداد زهده وانقطاعه عن الدنيا‪ ،‬وتزداد خلوته‪،‬‬
‫فضاقت زوجته بذلك ذرعا‪ ،‬فبادرت إلى تمزيق ذلك الكتاب في غيابه ورمت به‬
‫بعيدا‪ ،‬وبعد عودته طلب منها إحضار الكتاب‪ ،‬فوجلت وترددت‪ ،‬واتجهت نحو‬
‫مكانه متظاهرة بالعزم على إحضاره‪ ،‬فإذا الكتاب بمكانة لم يمسسه سوء‪،‬‬
‫فاندهشت لغرابة ما رأت‪ ،‬وأيقنت أنها لن تكون إال أمام كرامة خص اهلل بها زوجها‬
‫فقصت عليه القصة وما كان من أمرها‪.‬‬
‫الصالح‪ ،‬الصادق‪ّ ،‬‬

‫وأما الكرامة الثانية فهي قصة الجمجمة التي اصطحبها الشاعر في يوم‬
‫جمعة كان خرج للصيد‪ ،‬فلم تنل قوسه شيئا‪ ،‬وداهمه وقت الصالة فرجع مسرعا‬
‫لحضورها‪ ،‬وفي طريقه صادف جمجمة بشرية فحملها معه على أن يدفنها في‬
‫مكان ما بعيدا عن متناول األيدي‪ ،‬حفظا لكرامة اإلنسان‪ ،‬بعد الصالة‪ ،‬وبينما‬
‫الجمجمة في كيس ابن خلوف اكتشفتها الزوجة‪ ،‬وكان نسي أن يخبرها‪ ،‬فاحتارت‬

‫‪ - ‬هو أبو مدين شعيب بن الحسن األنصاري‪ ،‬الغوث‪ ،‬أصله من إشبيلية باألندلس‪ ،‬رحل إلى بالد‬
‫المغرب وهو من كبار رجال الصوفية‬
‫‪ - 1‬ينظر‪ ،‬دواجي‪ ،‬عبد القادر جلول‪ ،‬الخطاب الشعري‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ - 2‬لمزيد من االطالع تنظر قصيدة " محمد الفضيل " من كتاب سيدي لخضر بن خلوف‪ ،‬حياته‬
‫وقصائده‪ ،‬لجمعية آفاق‪،‬ج‪ ،1‬ص ‪.133‬‬

‫‪244‬‬
‫ألمرها‪ ،‬ودعت جارة لها عجوزا‪ ،‬فوسوست لها أن تلك الجمجمة هي لزوجته‬
‫حن إليها‪ ،‬وغالبه الشوق إليها‪ ،‬فنالت منها‪ ،‬وأشارت عليها بحرقها‪ ،‬وما‬
‫السابقة قد ّ‬
‫إن بادرت بالحرق حتى حضر الزوج فانهالت عليه بالعتاب واللوم ولما بلغ األمر‬
‫غايته‪ ،‬تحاكما إلى قاض‪ .‬فرجا الشاعر تلك الجمجمة أن تكشف براءته‪ ،‬وقد‬
‫صاغ ذلك في قصيدة جميلة بعنوان " ارس المحنة " فكان من كرامة اهلل أن نطقت‬
‫وبرأت الشاعر‪.1‬‬
‫ّ‬

‫ولسنا نعرض هذه القصص لغرض اإلمتاع أو المؤانسة‪ ،‬ولكن لنبين كيف‬
‫تبوأ سيدي لخضر بن خلوف مكانته في األوساط الشعبية كرجل صالح أوال‪،‬‬
‫وكشاعر كلف بمدح سيد البرية صلى اهلل عليه وسلم ثانيا‪.‬‬

‫وفاتـه ووصـاياه‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫تعتبر قصيدة ابقاوا بالسالمة أو " الجوهرة " أو " الوصية " ترجمة ذاتية‬
‫ضمنها فترة وفاته‪ ،‬وأملى فيها وصاياه‬
‫ضمنها فترة ميالده‪ ،‬كما ّ‬
‫لحياة ابن خلوف‪ّ ،‬‬
‫على أبنائه بعد أن بلغ من الكبر عتيا‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫وتميت من و ار سني ست شهور‬ ‫جوزت مية وخمسة وعشرين حساب‬

‫بدنو أجله فجمع أبناءه يوصيهم وصية‬


‫وعلى ما يبدو إن ابن خلوف أحس ّ‬
‫يحدد تاريخ وفاته بنفسه في هذا‬
‫تسنى له لوال هذا اإلحساس أن ّ‬
‫مودع‪ ،‬واال كيف ّ‬
‫ّ‬
‫البيت‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر‪ ،‬دواجي‪ ،‬الملحق الشعري‪ ،‬ص ‪.039‬‬


‫‪ - 2‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪.190‬‬

‫‪245‬‬
‫إن من يعيش مثل هذا االمتداد من الزمن لجدير بأن تجتمع عليه بنات‬
‫الدهر وصروفه‪ ،‬فتبري جسده‪ ،‬وتضعف بصره‪ ،‬بعد أن انحنى ظهره واشتعل‬
‫رأسه شيبا‪ ،‬يقول في ذلك‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫قوسي انحنى وشيبي وال مظفور‬ ‫انهزموا جوارحي وقل شوف الهداب‬

‫ولعله فقد بصره بعد هذا العمر الطويل‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫انغلق البصر من عيني بعد الشوف‬ ‫ذاتي من التزعزيع مثلوجة وباردة‬

‫ولم يساور شاعرنا شك في أن الموت حق ال ريب فيها وال مراء‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫صح الخبر بال شك وال ارتياب‬ ‫الموت ال غنى تدركني‬

‫وهو المكثر من ذكرها تأسيا بقول النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬أكثروا ذكر‬
‫هادم اللذات " يعني الموت‪ ،‬رواه الترميذي‪ .4‬كما يكثر من ذكر القبر وأحواله إذ‬
‫يقول‪:‬‬

‫بالماء يغسلوني ويلقوا عنـي الثيـاب‬ ‫إذا صفات روحـي منــي‬

‫‪5‬‬
‫وما اعظم ركوب نعاشي ورواحي للتراب‬ ‫ما اعظم فراق أهلي وابنـي‬

‫دنو أجله‪ ،‬وهو على فراشه‪ ،‬يدعو اهلل في ثبات أن يسهل عليه خروج‬
‫وعند ّ‬
‫الروح‪:‬‬

‫‪ - 1‬جمعية آفاق‪ ،‬ص ‪.136‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.104‬‬
‫‪ - 4‬النووي‪ ،‬رياض الصالحين‪ ،‬ص ‪.129‬‬
‫‪ - 5‬بخوشة‪ ،‬ص ‪.109‬‬

‫‪246‬‬
‫‪1‬‬
‫يا ربي سهل عليا خروج الروح‬ ‫الوحش صادني وادركني في غابة‬

‫ويدعو من شهد وفاته أن يشهد له بالخير ويجمل في الصبر والبكاء‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫وصبروا من ابكا لكحل ولد خلوف‬ ‫اشهدوا شهادة الخير لي نافدة‬

‫متميزة ذكرها في‬


‫وقد أوصي أوالده وهم مجتمعون‪ ،‬بأن يكون قبره عند نخلة ّ‬
‫شعره‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫احذاها يكون قبري يا مسلمين‬ ‫النخلة المثبتة تلقح من بعد اليبوس‬

‫كما قسم تركته عليهم‪ ،‬وهي حصاد أزيد من قرن وربع من الجمع‪ ،‬تركة‬
‫زاهد لم تتعد خيمة‪ ،‬وعمامة‪ " ،‬وسبحة "‪ " ،‬وشملة "و" برانيس الصوف " كما سبق‬
‫ذكر ذلك‪.‬‬

‫وهكذا توفي سيدي لخضر في أوائل القرن العاشر الهجري‪ ،‬ودفن عند‬
‫النخلة العجيبة المنظر التي أوصى بها و" تعتبر هذه النخلة الرمز المميز لضريح‬
‫سيدي لخضر بن خلوف‪ ،‬حتى لقبه البعض " بمول النخلة" أي صاحب النخلة‪" .‬‬
‫‪4‬‬

‫ومنذ ذلك الحين إلى يوم الناس هذا وسيدي لخضر محل احترام أهل‬
‫المنطقة‪ ،‬ويقام له في كل صائفة مهرجان ثقافي منذ سنة ‪0284‬م يخلّد ذكراه‬
‫ويحيي مآثره‪ ،‬كما يتبارى فيه الشعراء فيما بينهم‪.5‬‬

‫‪ - 1‬جمعية آفاق‪ ،‬ص ‪.139‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.136‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪ - 5‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬

‫‪247‬‬
‫لقد رحل الشاعر وخلّد لنا قصائد شعرية متنوعة أكثرها في مدح النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فرحم اهلل سيدي لخضر بن خلوف وبلّغه مقصده‪.‬‬

‫ب ‪ -‬شعره‪:‬‬
‫أما وقد ترجمنا لحياة الشاعر ابن خلوف‪ ،‬تستوجب الدراسة لشعره‪ ،‬الوقوف‬
‫َ‬
‫عند أغراض هذا الشعر‪ ،‬وبيان خصائصه‪ ،‬وموقف أهل األدب منه‪.‬‬

‫إن الدارس لشعر سيدي لخضر يالحظ بادئ األمر أن مرحلة الصبا خالية‬
‫من النظم‪ ،‬فابن خلوف خالف كثير من شعراء الملحون الذين يقسم شعرهم غالبا‬
‫إلى مرحلة الصبا أو الشباب وما يتناسب مع هذه المرحلة من أغراض‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫الغزل والتشبيب وذكر مجالس األصحاب ثم مرحلة ما بعد الشباب حيث ينزوي‬
‫الشاعر عن الدنيا وملذاتها ويعلن توبته‪ ،‬فيذكر الشيب‪ ،‬ويعلن التقصير في حق‬
‫نفسه‪ ،‬كما يلوذ إلى مدح النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وذكر البقاع المقدسة وشوقه‬
‫لزيارتها‪ ،‬واإلكثار من الوعظ والحكمة وكل ما يتناسب مع العقل والدين ويوافقهما‪.‬‬

‫ويرجع األمر في ذلك – في منظورنا – لسببين اثنين‪:‬‬

‫إما أن يكون هناك إنتاج شعري البن خلوف ضاع مع تقادم الزمن أو كفره‬
‫شعر المديح الغزير‪ ،‬فذهب األول أدراج الرياح لعوامل منها أن المجتمع كان‬
‫يغلب عليه طابع الصوفية والزهد في الحياة‪ ،‬لظروف سياسية واجتماعية معروفة‪،‬‬
‫فالشاعر قد اعتبر أربعين سنة مضت من عمره سرابا‪:‬‬
‫واللي بقى مشى في مدح المبرور‪ 1‬واما‬ ‫منها مشات اربعين سنة مثل السراب‬
‫أن رؤيا الشاعر للنبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬غيرت حياته وبلغ من حبه له أن‬

‫‪ - 1‬دواجي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.55‬‬

‫‪248‬‬
‫تفتقت موهبته الشعرية في سن متأخرة‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن النبوغ في الشعر قديم‬
‫ومعروف عند العرب‪.‬‬

‫‪ ‬الديــوان‪:‬‬
‫إن الموروث الشعري الكبير الذي خلّفه ابن خلوف‪ ،‬لم يكتب له أن ُيجمع‬
‫في ديوان واحد‪ ،‬ذلك أن عملية الجمع تفرض علينا الصبر واألناة‪ ،‬والمتسع من‬
‫الوقت لضبطه وتمحيصه ألن منه المحفوظ في الذاكرة الشعبية‪ ،‬وهو المتوارث‬
‫مشافهة‪ ،‬ومنه المحفوظ في الكنانيش والمخطوطات التي ق ّل ما يجود بها‬
‫أصحابها حرصا منهم على الحفاظ عليها وصونها‪.‬‬

‫ونحن في حديثنا هذا ال ننكر على الناس جهودهم فقد جمع له محمد‬
‫قدم له‪ ،‬وشرح ما فيه‪ ،‬وذيله بآرائه‪ ،‬وطبع‬
‫بخوشة اثنين وثالثين قصيدة‪ ،‬في ديوان ّ‬
‫‪.1‬‬ ‫‪0284‬‬ ‫سنة‬

‫كما تهتم جمعية ( آفاق مستغانم‪ ،‬أزور ‪ )azure‬الثقافية بمستغانم بالتراث‬


‫العريق للمدينة‪ ،‬ومن ثمار أعمالها أن جمعت ثمانية وأربعين قصيدة في كتاب‬
‫بعنوان " سيدي لخضر بن خلوف‪ ،‬حياته وقصائده"‪ ،2‬بمساهمة مجموعة من‬
‫األعضاء‪ ،‬أضافوا قصائد جديدة‪ ،‬دون شرح وال تعليق على القصائد‪ ،‬ولكن عمل‬
‫الجمعيات يغلب عليه االندفاعية والحماس ويظل يفتقر إلى الطابع األكاديمي‬
‫العلمي المنظم‪.‬‬

‫ولم يعرف كل من ديوان بخوشة وال كتاب الجمعية المذكورة في جمعهم‬


‫لألشعار أي نوع من الترتيب‪ ،‬ترتيب القصائد‪ ،‬ترتيبا زمنيا‪ ،‬لعدم وجود قرائن تدل‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ - 2‬ينظر الكتاب وهو من إصدار دار الغرب للنشر‪ ،‬ظهر منه الجزء األول سنة ‪2336‬‬

‫‪249‬‬
‫على تاريخ القصيدة إال قصيدتين أو ثالثا‪ ،‬وال ترتيبا ألفبائيا للقافية بسبب تنوعها‬
‫وتعددها في القصيدة الواحدة‪ ،‬إضافة إلى اختالف عناوين القصائد من كتاب إلى‬
‫أخر وكذلك االختالف في طول القصيدة الواحدة‪.‬‬

‫و" هناك ديوان أخر لنفس الشاعر تحت الطبع‪ ،‬جمع قصائده الحاج محمد‬
‫الحبيب حشالف‪ ،‬ويحتوي على ستة وخمسين قصيدة موزعة على مائة وخمسة‬
‫‪1‬‬
‫وأربعين صفحة"‪.‬‬

‫عمر طويال ويملك رصيدا معرفيا وافرا‪،‬‬


‫شاعر من جنس سيدي لخضر‪ّ ،‬‬
‫ا‬ ‫إن‬
‫إضافة إلى شاعرية متوقدة ال يمكن بأي حال من األحوال أن يسجل له هذا العدد‬
‫القليل من القصائد مقارنة بما ذكرنا‪ ،‬بقي على الباحثين والمهتمين بذل مزيد من‬
‫الجهد‪ ،‬وتحمل المزيد من المشقة للكشف عن الكنوز المغمورة بين الرفوف وداخل‬
‫الخزانات‪.‬‬

‫أغراض شـعره‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ألفنا عند شعراء األدب الرسمي‪ ،‬كما عند شعراء الملحون التنويع في‬
‫األغراض الشعرية‪ ،‬مع تغليب أحدها عادة‪ ،‬ولكن لخضر بن خلوف يتميز عن‬
‫غيره بأنه طرق غرض المدح وحده‪ ،‬وقد أعلن ذلك بنفسه إذ قال‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫منها مشات أربعين سنة مثل السراب واللي بقى مشى في مدح المبرور‬

‫مسه‬
‫فقد مدح النبي صلى اهلل عليه وسلم أكثر من خمسة وثمانين عاما وما ّ‬
‫ولكن هذا المدح تتخلّله موضوعات مختلفة تخدم كلها الغرض وال يليق‬
‫من لغوب‪ّ ،‬‬

‫‪ - 1‬دواجي‪ ،‬الخطاب الشعري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬


‫‪ - 2‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪.26‬‬

‫‪250‬‬
‫بنا أن نسميها أغراضا ألنها جاءت في معرض المدح ولم تأت مستقلة في قصائد‬
‫بعينها‪ ،‬سنجليها مفصلة في الفصل الثالث‪.‬‬

‫والى جانب المدح وموضوعاته‪ ،‬نجد قصائد مستقلة في غرض الوصف‪،‬‬


‫كقصيدة " قصة مزغران "‪ 1‬التي يصف فيها هذه المعركة ويذكر فيها أسماء‬
‫‪2‬‬
‫األشخاص واألماكن‪ ،‬وكذلك فعل في قصيدة " ياهلل سلكنا في ليلة الهجوم "‪.‬‬

‫وطالما سنقف على غرض المدح وموضوعاته في الفصل الموالي‪ ،‬ال بأس‬
‫أن نقف عند اعتزاز الشاعر بوطنيته وفخره بنفسه وشجاعته وحماسته‪ ،‬في هذا‬
‫الفصل لنبرز الجانب اآلخر من أغراض شعره‪.‬‬

‫عرف العرب قديما الكر والفر‪ ،‬ولعل ذلك عرق في جسد كل عربي‪ ،‬لم‬
‫ولما كان سيدي‬
‫يخب نبضه حينا من الدهر‪ ،‬يصاحبه في ذلك الفخر والحماسة‪ّ ،‬‬
‫ُ‬
‫لخضر قد شارك في معارك مع األتراك ضد الغزاة األسبان‪ ،‬وأشهرها معركة‬
‫تشعان بالبطوالت‬
‫دون هذه األحداث في قصيدتين ّ‬
‫مزغران‪ ،‬ومعركة شرشال‪ ،‬فقد ّ‬
‫والملحمية‪ ،‬فيها من الفخر والحماسة ما يعكس إخالص الشاعر في حب وطنه‪،‬‬
‫والذود عن حياضه بكل بسالة‪ ،‬ويشهد بذلك من حضر المعركة ويثني على‬
‫شجاعته وبراعته في القتال‪.‬‬

‫يقول ابن خلوف محمسا لبني قبيلته‪ ،‬مشيدا بمجدهم‪:‬‬

‫منكم خلفت سالطن وجواد‬ ‫مغروة اتحزموا للكيـد‬


‫يا ا‬

‫‪1‬‬
‫لمن جاهد جنة الميعــاد‬ ‫يا تيجان الحرب ليس بعيد‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.142‬‬


‫‪ - 2‬دواجي ‪،‬المرجع السابق‪ ،‬الملحق الشعري‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫ويقول مفتخ ار بمكانته في الجيش‪ ،‬وهو أحق بها وأهلها‪ ،‬ومنوها بذيع‬
‫صيته‪ ،‬وسبقه على الناس‪:‬‬

‫في حكم خير الدين العادل األصيل‬ ‫باش خيال كنت نهاتي من العرب‬

‫هنا وغادي بقربصولو يميـــل‬ ‫راكب على فرسي نسوق لشـهب‬

‫و لتراك تهاتي بيا في كل جيــل‬ ‫إذا نعبر سيفي من شافني رهـب‬

‫من وطن سيد الثعالبي رايس العلوم‬ ‫فايز على القوم والناس شاهـدة‬

‫‪2‬‬
‫درت فيها ديوان كبير في الرسوم‬ ‫الجزائر خيار مدينة الـــهدا‬

‫ويحصي الشاعر المجاهد عدد القتلى الذين لقوا مصرعهم على يده مفتخ ار‬
‫مزهوا بنفسه يحدوه في ذلك النصر المؤزر‪:‬‬

‫كل فارس ملتهي في دمه يعــوم‬ ‫ما صرى ذاك اليوم على المجاهدة‬

‫‪3‬‬
‫اقتلتها من شنضاض وثراية الروم‬ ‫ميا وخمسين كافر والناس شاهـدة‬

‫إن القصيدتين المذكورتين‪ ،‬زاخرتان بالبطوالت‪ ،‬فهما سج ّل ألحداث‬


‫العصر‪ ،‬وفيهما كثير من االعتزاز بالنفس واالعتداد بما حققه ابن خلوف مع‬
‫أقرانه من نصر‪.‬‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪.140‬‬


‫‪ - 2‬دواجي‪ ،‬الخطاب الشعري‪ ،‬قصيدة " ليلة الهجوم "‪ ،‬ص ‪.236‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.233‬‬

‫‪252‬‬
‫ويالحظ أن حب الشاعر للنبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬قد ترك فيه ميسما‬
‫واضح المعالم‪ ،‬فهو لم يغفل عن مدحه ومدح آل بيته حتى وهو في ساحة الوغى‪،‬‬
‫إذ يذكر حبيبه‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫سيدنا محمد الهاشمي الرسول‬ ‫الجهاد لغينا على سيد فاطمة‬

‫وال غرابة في ذلك فقد ُعرف ابن خلوف " بمداح الرسول " فكانت التسمية‬
‫والكنية دالة على الرجل‪ .‬وسنقوم بعملية مسح لديوان الشاعر ُنظهر من خاللها‬
‫الموضوعات التي طرقها في غرض المدح مع ذكر بعض النماذج الشعرية من‬
‫المدونة‪.‬‬

‫‪ - 1‬جمعية آفاق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.142‬‬

‫‪253‬‬
‫اتخذ الشاعر سيدي لخضر بن خلوف من الدين اإلسالمي مرجعية ثقافية‬
‫له‪ ،‬ذلك أنه تربى في كنف مجتمع يزخر بمعالم الدين‪ ،‬فشأن الصبية في ذلك‬
‫العصر‪ ،‬وفي تلك الربوع‪ ،‬أن يحضوا بحفظ القرآن‪" ،‬فاآلباء كانوا حريصين على‬
‫إرسال أبنائهم إلى الكتّاب وتعلّم المبادئ العامة وحفظ القرآن"‪ ،1‬شاحذين ملكة‬
‫الحفظ‪ ،‬ليتهيأ بذلك كل واحد منهم لملء وطابه بما شاء من مناحي العلوم الدينية‬
‫التي كانت السيادة لها بما احتوته المكتبات من كتب في هذا المجال‪ ،‬يقول أبو‬
‫القاسم سعد اهلل‪" :‬ولما كانت السيادة في العهد العثماني للعلوم الدينية فإن محتوى‬
‫المكتبات كان أغلبه ال يخرج عن هذه العلوم‪ ،‬فكثرتها كانت من كتب التفاسير‬
‫والقراءات‪ ،‬واألحاديث النبوية وشروحها‪ ،‬وكتب الفقه واألصول والتوحيد ونحو‬
‫ذلك"‪.2‬‬

‫فال غرو إذن أن ينهل الشاعر من ثقافة عصره‪ ،‬وينفخ هذه الروح الطيبة‬
‫في شعره‪ ،‬لتدور معاني المديح كلها في فلك معاني الدين والقرآن الكريم‪.‬‬

‫إن تنوع الموضوعات في مديح ابن خلوف نابع من تأثره بأسلوب القرآن في‬
‫طرح القضايا واالنتقال من موضوع إلى آخر‪ ،‬وهو في معرض مدحه‪ ،‬يوحد اهلل‬
‫ويحمده ويسبح له‪ ،‬ويصلي على النبي ويدعو للصالة عليه‪ ،‬ويورد في مدحه له‬
‫صفاته الخلقية والخلقية‪ ،‬ويذكر أسماءه وينعته بكل خير‪ ،‬وقد يورد رؤيته في‬
‫منامه‪ ،‬ويطوف بالحديث عن معجزاته‪ ،‬كما يذكر أصحابه‪ ،‬والبقاع المقدسة‪ ،‬مكة‬
‫طلب الشفاعة والتوسل‪،‬‬
‫والمدينة‪ ،‬أو يناجي حبيبه أو يتضرع له‪ ،‬وكثير في شعره ُ‬
‫كما قد يركن إلى الوعظ وذكر ما علّمته الحياة في حكم بالغة‪ ،‬وله موقف من‬

‫‪ - 1‬سعد هللا‪ ،‬أبو القاسم‪ ،‬تاريخ الجزائر الثقافي‪ ،‬من ق‪ 13‬هـ إلى ق ‪10‬هـ‪ ،‬ج‪ ،1‬الشركة الوطنية للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر ‪ ،1941‬ص‪.013‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.013‬‬

‫‪254‬‬
‫الدنيا‪ ،‬فال يذكرها إال ومعها اآلخرة بجنتها ونارها‪ ،‬ويبدي تقصيره وتفريطه‪ ،‬فيلوذ‬
‫إلى الدعاء‪ ،‬كما يذكر الشيب والهرم وقرب األجل‪.‬‬

‫وله موضوعات أخرى تضمنها المديح‪ ،‬وان كانت بأقل درجة من سابقاتها‪،‬‬
‫كذكر بعض النسيب النبوي‪ ،‬وذكر القرآن الكريم‪ ،‬وله في القصص الديني أكثر‬
‫من قصيدة‪.‬‬

‫وسنقترب من هذه الموضوعات من خالل إيرادها تِباعا‪.‬‬

‫‪-‬موضوع التوحـيد‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫ِألف شعراء الملحون أن يذكروا اسم اهلل ابتداء‪ ،‬ثم يصلوا على النبي في‬
‫مطالع قصائدهم‪ ،‬حتى ال يكون عملهم ونظمهم أبترا‪ ،‬ومنهم من يختم بنفس ما‬
‫بدأ به‪.‬‬

‫ولكن ابن خلوف يؤثر في بعض قصائده أن يبدأها بكلمة التوحيد‬


‫"الِٓ إلهِٓ إالٓ اهللُ"‪ ،‬كما فعل في قصيدة " نبتدا الكلمة " التي مطلعها‪:‬‬

‫فاز من عظمها وأكرم نزولها‬ ‫نبتدا الكلمة مفتاح النــــظام‬

‫‪1‬‬
‫متنــي يا ربي مسلم نقولها‬ ‫ال إله إال اهلل سلطانــة الكـالم‬

‫يؤمـن روعته‬
‫ويرى ابن خلوف في كلمة التوحيد أنها الحصن الحصين الذي ّ‬
‫يورثه خزيا وال ندما‪ ،‬ثم إنها لِـمن عمل بمقتضاها ُجـنـّة مــن الناروجحيمها‪،‬‬
‫وال ّ‬
‫يقول في ذلك‪:‬‬

‫من دخل حصن اهلل ال خوف ال نـدم‬ ‫ال إله إال اهلل حصني من الجحيم‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪163‬‬

‫‪255‬‬
‫‪1‬‬
‫ال إله إال اهلل حصن اهلل الحصين من يعمل بها ينجـى مـن العـذاب‬

‫‪ - 1‬نفسه‪.‬‬

‫‪256‬‬
‫وهي لمن وعى ُكنهها‪ ،‬أكثر من حصن‪ ،‬فهي مفتاح كل باب‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ال إله إال اهلل مفتاح كل باب‬ ‫ال إله إال اهلل كنز الموحديـــن‬

‫وال يكتفي الشاعر بذكر كلمة التوحيد وترديدها‪ ،‬بل يمجد ربه بذكر أسمائه‬
‫الحسنى‪ ،‬لِما وقر في قلبه من علم راسخ بمعناها‪ ،‬ويقين جازم بمدلولها‪:‬‬

‫األولى في اآلزال الموصوف بالقدم‬ ‫ال إله إال اهلل الواحد العظيـم‬

‫‪2‬‬
‫الدايـم ما يفنى وما يلحقه عدم‬ ‫ال إله إال اهلل الرحمن الرحيم‬

‫وهو في علمه بمعناها ويقينه بمدلولها يستجيب لقول ربه‪ « :‬فَ ْ‬


‫اعلَ ْم أَنَّهُ َلَ إِلَهَ‬
‫إَِلَّ اللَّهُ » ‪.3‬‬

‫وترغيبا من الشاعر في كلمة التوحيد يعرض ثوابها وأجرها فيقول‪:‬‬

‫ألف حسنـة بها تصــح له‬ ‫ال إله إال اهلل من قالها ميـاة‬

‫‪4‬‬
‫وألف درجة في طول منزله‬ ‫يزيد ألف سيئة بفضلها متحات‬

‫أما من أراد أن يحيا قرير العين‪ ،‬ال يخاف بخسا وال رهقا‪ ،‬فما عليه إال أن‬
‫دهرهُ‪:‬‬
‫يهلل بها َ‬
‫‪5‬‬
‫ما يصيبه وسواس وال يهوله‬ ‫من يهلل بها عن ساير الحياة‬

‫‪ - 1‬نفس المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬سورة محمد‪ ،‬اآلية ‪.19‬‬
‫‪ - 4‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪ 163‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫وال يفوت سيدي لخضر أن يغتنم فضل " ال إله إال اهلل " فيدعو اهلل أن‬
‫يحطﱠ بها وزره فيقول‪:‬‬
‫ٓ ُ‬
‫‪1‬‬
‫ْ تح ْْط وزري بها بجاهك الرفيع‬ ‫لمتى يا ربي وأنا نقول ِحـْط‬

‫‪ - 1‬نفسه ‪ ،‬ص‪162‬‬

‫‪258‬‬
‫كما يدعو اهلل أن يجعله من أهلها لتكون لـه نو ار ورحمة في الدنيا واآلخرة‪:‬‬

‫يا عظيم الجود جعلنا من أهلها‬ ‫ال إله إال اهلل عن ساير الـدوام‬

‫‪1‬‬
‫في الممات ارحمنا بجاه نورها‬ ‫في الحياة يقضنا بها من المنام‬

‫كيف ال تحمل هذا الفضل وهي مفتاح الجنة كما صرح بذلك الشاعر‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫جنة الخلد الفردوس تسمـى‬ ‫ال إله إال اهلل مفتــاح الجنــان‬

‫العب ُد َمالَهُ َوَد َمه فيصبح مسلما‪:‬‬ ‫وهي كلمة اإلخالص التي ٓيع ِ‬
‫ص ُم بها ْ‬ ‫ْ‬
‫‪3‬‬
‫المنــعمة‬
‫ْ‬ ‫كلمة اإلخالص هي‬ ‫ال إله إال اهلل مشرفة يا عيان‬

‫وقـد يورد كلمة اإلخالص في بداية قصيدته بصيغة سورة اإلخالص كما‬
‫فعل في قصيدته "اختارك الواحد األحد " إذ يقول‪:‬‬

‫سبحانـه الجليـل الفـرد الصمـد‬ ‫اختارك الواحـد األحـد‬

‫‪4‬‬
‫ولم يكــن لـه كفؤا أحــــد‬ ‫لم يلـد ولم يـــولـد‬

‫ويختم ابن خلوف في قصيدته " بما في علمك القديم " بتوحيد اهلل فيقول‪:‬‬

‫تحضـر لي ليلة الممات‬ ‫نختــم قولــي بال إله إال اهلل‬

‫‪5‬‬
‫من بعد النفي والثبــات‬ ‫وتمام القول الشفيع رســول اهلل‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.165‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.160‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪159‬‬

‫‪259‬‬
‫لقد كان ابن خلوف يعي تماما حديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الذي‬
‫يقول فيه‪ " :‬من قال ال إله إال اهلل وحده ال شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن‬
‫عيسى عبد اهلل وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه‪ ،‬وأن الجنة حق وأن‬
‫‪1‬‬
‫النار حق‪ ،‬أدخله اهلل من أي أبواب الجنة الثمانية شاء‪" .‬‬

‫أليس في قوله‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫شارحة للخاطرأهل الدين والصيام يتفسحوافي الجنة عرضها وطولها‬

‫قرائن لمعرفته بثوابها وجزائها؟‬

‫ألجل ذلك أقحم هذا الموضوع في مدحه‪ ،‬وألجل أن يصح بها إيمانه أيضا‪.‬‬
‫أليس هو القائل‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫تصـح بها اإليمان وال بغيرها‬ ‫ال إله إال اهلل تمحق الذنوب‬

‫الولي‬
‫ّ‬ ‫والى جانب التوحيد كان سيدي لخضر يؤثر التحميد والتسبيح‪ ،‬وهو‬
‫أشعاره‪ ،‬فكانت عنوانا‬
‫َ‬ ‫الصالح‪ ،‬في مدائحه للنبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬إذ تخللت‬
‫لشكر النعم وبوء بها‪.‬‬

‫‪ -‬موضوع التحميد والتسبيح‪:‬‬ ‫‪7‬‬

‫ما كان ابن خلوف ليجحد نعم ربه وهو العارف باهلل العالم بحدوده‪ ،‬الواقف‬
‫دونها‪ ،‬ولعل أج ّل ما يحمد عليه ربه هو العلم الذي مكنه منه‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫راوي عن األقطاب جمال‬ ‫نحمد رب الســما واألرض‬

‫‪ - 1‬صحيح مسلم‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.23‬‬


‫‪ - 2‬بخوشة‪ ،‬الديوان ‪ ،‬ص‪.163‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.165‬‬

‫‪260‬‬
‫إذ كان الشاعر يغشى مجالس العلم في عصره‪ ،‬فأخذ عن جملة من علماء‬
‫زمانه وأقطابه‪ ،‬حتى نال ما نال من فيض التفسير والفقه والحديث‪.2‬‬

‫وهو يعترف بما منحه اهلل من علم وهداه إلى مدح النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وهذا االعتراف صيغة أخرى للحمد‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫من كنزه عالم العلمــا‬ ‫وأعطــاني اهلل علم فارز‬

‫‪3‬‬
‫وسقاني ماه كاس طيب‬ ‫نبهني للمديح سـيــدي‬

‫كيف ال يحق له أن يعترف بهذه النعم‪ ،‬وهذا االعتراف شرط دوامها‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫بها اعتـرف المتنعــم‬ ‫معلوم شرط كل نعــمة‬

‫ِّث››‬ ‫وذلك يوافق قوله تعالى‪َ ‹‹ :‬وأ ََّما بِنِ ْع َم ِة َربِّ َ‬


‫ك فَ َحد ْ‬
‫‪5‬‬

‫ومن حسن ظن الشاعـر باهلل‪ ،‬يعتقد أنه سيـِ ِِ ِِ ِِ ِِ ِِ ِِ ِِ ِِرد الحوض هو ومن‬
‫ارتضى من األهل والعاشقين للنبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬والتائبين‪ ،‬ألنه يمدح‬
‫النبي ويمجده‪ ،‬فعلى هذا ال يتوانى في حمد اهلل والثناء عليه لمـا وهبه من بحر‬
‫جوده‪:‬‬

‫كافاني بكرامته وجـوده‬ ‫نحمد رب السما ونعــبد‬

‫واللي نبغي يكون عنـده‬ ‫يوم نوصل للحوض نورد‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.100‬‬
‫‪ - 2‬ينظر هامش الصفحة ‪ 103‬من الديوان‪.‬‬
‫‪ - 3‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.101‬‬
‫‪ - 5‬سورة الضحى‪ ،‬اآلية ‪.11‬‬

‫‪261‬‬
‫نشرب ويلذ لـي بـروده‬ ‫في رسوله راني نمجــد‬

‫واللي عشقوا وكل تايـب‬ ‫بويا وأمي معا جــدودي‬

‫‪1‬‬
‫محشرهم في الجنان طيب‬ ‫وجميع الجالسين عنــدي‬

‫وهو يقرن في كثير من المواطن بين الحمد والصالة على النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم كما فعل في البيتين التاليين‪:‬‬

‫واجب الشكر للذي ماله ثاني‬ ‫الحمـد هلل بالـــدوام‬

‫‪2‬‬
‫على محمد الشفيع المدانـي‬ ‫ثم الصـــالة والسالم‬

‫الحمد بالتسبيح‪ ،‬وكالهما ذكر‪ ،‬فال يفتر لسان ابن خلوف‪ ،‬بل ال‬
‫َ‬ ‫كما يقرن‬
‫يزال رطبا بذكر اهلل وتمجيده‪:‬‬

‫نستغفر واإلله نذكــــر‬ ‫إذا تحيرت من ذنوبـــي‬

‫نحمـده والبد نشكــــر‬ ‫الستار يستر لي عيوبــي‬

‫‪3‬‬
‫سبحان الدايم المدبـــر‬ ‫يا مالك المـــلك ربــي‬

‫وللتسبيح حظ بين موضوعات المديح‪ ،‬إذ التسبيح تبرئة وتنزيه لذات اهلل من‬
‫كل ماال يليق بجالله‪ ،‬وقد دعانا ربنا إلى تسبيحه في كثير من اآليات‪ ،‬وابن‬
‫خلوف عابد‪ ،‬زاهد‪ ،‬ال يخلو كالمه من تحميد أو تهليل أو تسبيح‪ ،‬فها هو يسبح‬
‫ربه في يقين صادق‪:‬‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.103‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪156‬‬
‫‪ - 3‬نفس المرجع السابق‪ ،‬ص‪.139‬‬

‫‪262‬‬
‫‪1‬‬
‫سبحـانه فيه ما نكــذب‬ ‫العالم بالغيـوب ربـــي‬

‫وله تسبيح يعظم فيه قدرة ربه‪ ،‬يقول فيه‪:‬‬

‫وجميع الكائنات خلقـها‬ ‫سبحانه خالقي خلـقني‬

‫وجميع الكائنات رزقـها‬ ‫سبحانه رازقي رزقني‬

‫‪2‬‬
‫واالرواح الفانية احياها‬ ‫سبحانه باعثي بعثنـي‬

‫ويسبح ربه الذي خلقه من ضعف‪:‬‬

‫من صلب أبي أنزلت كالما‬ ‫سبحانه خالقي خلقنـي‬

‫‪3‬‬
‫وبعــدها علـق ودمـا‬ ‫من نطفة ميتة انشأنـي‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص ‪.103‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.100‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪ 100‬ومايليها‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫تستحق التسبيح‪:‬‬
‫ّ‬ ‫صيره إلى قوة في مراحل‬
‫ثم ّ‬
‫‪1‬‬
‫واهدفت أنا مثيـل غريب‬ ‫تسعة الشهور كاملة عددي‬

‫لبدا مطروح في احجـرها‬ ‫فـي األول كنت بالقماطة‬

‫وبعدها رجعت نحــــبو‬ ‫تم حالي بـــديت نقعد‬

‫‪2‬‬
‫بويا وأخواتـــي من أما‬ ‫ترعاني حتى ضحيت نفرز‬

‫فسبحان الذي خلقه من ضعف فصيره إلى قوة‪ ،‬وفي ذلك آية للعالمين‪،‬‬
‫هكذا يقول الشاعر‪:‬‬

‫نفسي وجسدي وعظامي‬ ‫سبحان من خلقني نطفة‬

‫‪3‬‬
‫على اليقين و اإلسالمي‬ ‫وأضحيت آية ال تخفـى‬

‫يسبح سيدي لخضر‬


‫وبين الخوف والرجاء‪ ،‬وهي صفة المؤمن العابد لربه‪ّ ،‬‬
‫ربه بعد توحيده فيقول‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫سبحان قابل التوبة شديد العقاب‬ ‫واحـد فريـد مالـه ثانـي‬

‫والى جانب التوحيد والتحميد والتسبيح‪ ،‬جعل ابن خلوف من الصالة على‬
‫النبي ديدنا له إذ يكثر من الصالة ويدعو إلى ذلك‪.‬‬

‫‪-‬موضوع الصالة على النبي والدعوة إليها‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.105‬‬


‫‪ - 2‬نفسه ‪ ،‬ص‪.105‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.101‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪.106 ،‬‬

‫‪264‬‬
‫أوجب اإلسالم محبة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬بل جعلها ركنا من أركان‬
‫اإليمان إذ ورد في نص الحديث‪ " :‬ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده‬
‫ووالده والناس أجمعين"‪ ،1‬كما صلـى عليه رب العزة وأوجب علينا أيضا الصالة‬
‫صلُّوا َعلَْي ِه َو َسلِّ ُموا تَ ْسلِيمار»‪.2‬‬ ‫َّ ِ‬
‫َِّب يَا أَيـُّ َها الذ َ‬
‫ين َآمنُوا َ‬
‫ِ‬
‫عليه بقوله« إِ َّن اللَّهَ َوَمالئ َكتَهُ يُ َ‬
‫صلُّو َن َعلَى النِ ِّ‬

‫وللمسلم في الصالة على النبي أجـر عظيم‪ ،‬إذ الصالة الواحدة بعشر‬
‫حسنات‪ ،‬لما جاء في الحديث‪ :‬قال رسول اله صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬إنه أتاني‬
‫جبريل (عليه السالم) آنفا فقال‪ :‬يا محمد من صلى عليك مرة‪ ،‬أو قال واحدة‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫كتب اهلل‪ ،‬عزوجل‪ ،‬له بها عشر حسنات "‬

‫من هذه النصوص وغيرها‪ ،‬اغتنم ابن خلوف‪ ،‬في مدحه للنبي صلى اهلل‬
‫لتعبقها بأريج المحبة‬
‫عليه وسلم هذا الفضل‪ ،‬فأثبت هذه الصلوات في جل مدائحه ّ‬
‫والبركة‪ ،‬وتضفي عليها حالوة الذكر وطيب األنس‪.‬‬

‫ال يكتفي الخلوفي بالصالة على النبي كسائر الذاكرين‪ ،‬بل يصلي عليه‬
‫يكنـه قلبه من‬
‫قدر كل ما خلق اهلل من أحياء وجمادات‪ ،‬لعله يترجم قليال مما ّ‬
‫محبة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وألد ّل على ذلك قصيدة " قدر ما في بحر‬
‫الظالم"‪ ، 4‬والتي منها‪:‬‬

‫من هوايش وحيتان بال قدر عايشين‬ ‫قدر ما في بحر الظالم‬

‫وعدد الرملة واالحجار اللي كاينين‬ ‫مع الموجات بال زمام‬

‫‪ - 1‬صحيح مسلم‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.00‬‬


‫‪ - 2‬سورة األحزاب‪ ،‬اآلية ‪.56‬‬
‫عبد القادر بن عبد الهادي‪،‬‬ ‫‪ - 3‬أبو الحسن علي بن الجعد بن عبيد الجوهري‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد المهدي بن‬
‫ج‪ ،0‬مكتبة الفالح‪ ،‬الكويت ‪ ،0284‬ص‪.0242‬‬
‫‪ - 4‬بخوشة‪ ،‬محمد‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪09‬‬

‫‪265‬‬
‫الصالة والسالم‬

‫صلى اهلل على صاحب المقام الرفيع‬

‫والسالم على الطاهر الحبيب الشفيع‬

‫‪1‬‬
‫قدر الداعي والمدعي ومن هو سميع‬

‫قدر الشاري في السوق ومن جا يبيع‬

‫قدر الطايع للحق راه في أمره سميع‬

‫قـدر الحلفة والدوم والزرع والربيع‬

‫زهرت في الرياض تبارك اهلل السنين‬ ‫قدر األنوار فتحوا األكـمام‬

‫افتح من كل ألوان الياس والياسميـن‬ ‫كي نشروا فيهـا العــالم‬

‫‪2‬‬
‫الصالة والسالم‬

‫وهكذا يلتفت الشاعر يمينا وشماال ليشرك كل ما حوله مما وقعت عليه‬
‫حواسه من كائنات حية وجـمادات‪ ( :‬الفضة‪ ،‬النحاس‪ ،‬الذهب‪ ،‬الحديد‪ ،‬األمطار‪،‬‬
‫الريش‪ ،‬الشعر‪ ،‬الرياح‪ ،‬الطيور‪ ،‬الوحوش‪ ،‬األموات‪ ،‬األحياء‪ ،‬السجود‪ ،‬البرق‪،‬‬
‫المالئكة‪ ،‬النجوم‪ ،‬النخيل‪ ،‬الكروم‪ ،‬القرى‪ ،‬المدن‪ ،‬الخيل‪ ،‬الجنود‪ ،‬البدو‪ ،‬الحضر‪،‬‬
‫الشعاب‪ ،‬الجبال‪ ،‬الجمال‪ ،‬الظباء‪ ،‬النحل‪ ،‬الدود‪ ،‬الدموع‪ ،‬الكنوز‪ ،3)...‬لتنوب هذه‬

‫‪ - 1‬نفسه‬
‫‪- 2‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ينظر القصيدة‪ ،‬ص‪.09‬‬

‫‪266‬‬
‫العوالم عن األرقام في قدرها وعددها ويضمنها أدواره وأقفاله‪ ،‬وملتزما بالزمة‬
‫يصرح فيها بالصالة والسالم على النبي وهي " الصالة والسالم "‪.‬‬
‫ّ‬

‫وهو ال يصلي عليه ويدعو إلى الصالة عليه قدر ما خلق من أحياء‬
‫وجمادات فحسب‪ ،‬بل يتعـدى ذلك إلى الصالة عليه قـدر كل حرف من حروف‬
‫ويلزم نفسه بذكر كل الحروف في قصيدة "ألف استمثلوا كالمي "‪ 1‬والتي‬
‫الهجاء‪ُ ،‬‬
‫منها‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.56‬‬

‫‪267‬‬
‫محمد الشفيع اسمه المفـضـل‬ ‫صلى اهلل عليه قدر حروف ألف‬

‫ابوالطاهرتاج األنبياء سيد الثقلين‬ ‫صلى اهلل عليه قدرحـروف البا‬

‫محمد سيد البشر واتاه القــول‬ ‫صلى اهلل عليه قدرحـروف التا‬

‫وكذلك فعل بالحروف الهجائية في كل القصيدة‪.‬‬

‫ويتجاوز الصالة عليه قدر األحياء والجمادات والمطر واللوح والمالئكة‬


‫والحـروف إلى تناول الزمـن وقدسيته من أيام وليال وأعياد وساعات‪ ،‬وصيف‬
‫وخريف وربيع وشتاء‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫قدر الليل وما يليه من النهار يا سامعين‬

‫‪2‬‬
‫وعدد الساعات من المـسا للــصباح‬

‫ويقول في قصيدة أخرى‪:‬‬

‫صلى اهلل عليك قـدرفضـل الجمعة وفضل عاشوراءوالعيد يمضي وياتي‬

‫مادامت االيـام والليالـي تبوعـة صيفيـة وخريـف والربـيع وشاتي‬

‫‪3‬‬
‫وخميس وجمعة وفي نهار السبوتي‬ ‫واالحد واالثنين والثالثة واالربعـة‬

‫ويقول أيضا‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫صلى اهلل عليه قدر نبات حشيش وعدد االعوام والشهور ليال ويوم‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.51‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.139‬‬

‫‪268‬‬
‫هكذا أراد ابن خلوف هذا التعداد واإلحصاء للتعبير عن الكثرة المطلقة التي‬
‫تكـبر في نفسه مـن الصلوات على الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وهو على هذا ال‬
‫يقف عند حد‪ ،‬بل يتخذ من الصالة على النبي دينا وديدنا ما دام في عمره بقية‬
‫حياة‪:‬‬

‫‪269‬‬
‫هذا ما يعمل ابن خلوف فـي كل حين‬ ‫الصــــالة والسـالم‬

‫‪1‬‬
‫ما دامت عمره في الدنيا طول السنين‬ ‫الشـــهور مع االعوام‬

‫ويتغنى بها بلغات العالم‪ ،‬مزهوا في كل حين‪:‬‬

‫بالصالة على الرسول فـي كل حين‬ ‫لو كنت من أهل العقول نفني شبابي‬

‫‪2‬‬
‫والكف مع الدف والرباب الحنيــن‬ ‫بالعبرانية وباللسـان العربـــي‬

‫غيره للصالة على النبي‪ ،‬وتعلوه الغبطة بالشفاعة‬


‫ويدعو مداح الرسول َ‬
‫فينادي في الناس بكثرة الصالة والسالم عليه قائال‪:‬‬

‫بالحوض والشفاعة لسيد األرسال‬ ‫يا كل من حضر قم بشر الغايب‬

‫‪3‬‬
‫صل على النبي بالغدو واآلصال‬ ‫يا كهل يا صبي يا شاب يا شايب‬

‫وترغيبا من الشاعر في اإلكثار من الصالة على النبي يبين فضلها وأجرها‬


‫فيقول‪:‬‬

‫في الصالة على الرسول‬ ‫يا ماذا من خيــــر باسط‬

‫يتأمـل بـــها القبول‬ ‫واذا كان االمــــر ساخط‬

‫وانفذ من كل سهـــام‬ ‫هي اسرع من قوس رامــي‬

‫‪4‬‬
‫فـي الصالة والسالم‬ ‫كنـز ما كنـــزوه اكرامـي‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.55‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪.45 ،‬‬

‫‪270‬‬
‫ويقول في فضلها ومضاعفة أجرها‪:‬‬

‫العشـرة بالميـا تنكتب دينـار‬ ‫ربحوا بال شقا الماليكـة حض ار‬

‫‪1‬‬
‫واذا كملت عشرة بميا فضل اخرى والميا باالالف في صالة المختار‬

‫ويقول في نفس المعنى‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫واذا كملت عشرة فضلها ميا توجد‬ ‫صل عليه مرة تجيبلك عشرة‬

‫ويقول أيضا‪:‬‬

‫والعشرة بالميا من الكنز الغــالـي‬ ‫المصلي عليك مرة‪ ،‬له عشــرة‬

‫‪3‬‬
‫ماذا من ربح في صالة المرسالـي‬ ‫والميا ترجع ألف موزونة حمـ ار‬

‫ومن فضل تلك الصلوات الظفر بالطمأنينة‪ ،‬كالذي حيزت له الدنـيا‬


‫أمني الدنيا‬
‫بحذافيرها‪ ،‬وانشراح الصدور‪ ،‬والبرء من األسقام بأشكالها‪ ،‬وكذا نــيل َ‬
‫واآلخرة‪:‬‬

‫صلوا على النبي تظفروا باألكوان وتنشرح صدروكم من جميع االضرار‬

‫‪4‬‬
‫األمن‪ ،‬االجر يـا عبـاد كفانـي هذا ما اوجدت في صحيـح األخبـار‬

‫وال يفوت ابن خلوف أن يبشر الذاكرين‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫والصالة على الشريف العربي‬ ‫سعد القايل اللي يقول اهلل اهلل‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.56‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.94‬‬

‫‪271‬‬
‫كيف ال نصلي عليه ونكثر وهو صاحب الفضل الكبير على أمته وحامل‬
‫لوائها‪:‬‬

‫في البر والسما والتلول والصح ار‬ ‫عليك الصالة يا سيد الرسـال المطـبوع‬

‫اعتقتها من الشرك خليتها حـ ار‬ ‫في األرض والسما يا المصطفى مسموع‬

‫‪2‬‬
‫المسخ والغراق مابقات له جـ ار‬ ‫من همتك يا صديق اضحى البال مرفوع‬

‫ويؤكد ابن خلوف أن الصالة على النبي واالقتداء به تفضـي حتما إلى‬
‫الشفاعة يوم يخزي اهلل أهل الكفر‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.43‬‬

‫‪272‬‬
‫من بعدها بأمــره اقتــدي‬ ‫صلى على النبي لن يرضـى‬

‫محمد الذي عزه مالك الرقـاب‬ ‫واذا رضى عليك مهنـــي‬

‫‪1‬‬
‫تم اليهود الخزيا يصيروا جداب‬ ‫يقبل شـفاعته في الحــين‬

‫والمالحظ أنه كلما صلى ابن خلوف على النبي‪ ،‬أو دعا إلى الصالة عليه‬
‫إال وذكر الشفاعة‪ ،‬كأنه يريد القول‪ :‬إن الصالة على النبـي من موجبات الشفاعة‪،‬‬
‫أو إنها شرط لها‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫شفيعنا محمد يوم الطويل معلوم‬ ‫والصالة على سيدها الرسول طه‬

‫وقوله‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫صاحـب الشفاعة المـداني‬ ‫صلوا وسلموا على طيب األذكار‬

‫وقوله أيضا‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫صلى اهلل عليك يا المضلل بالغمامة يا مولى أحمد شفيع عرب المعاصي‬

‫وفي مقابل كل هذا ينكر الشاعر على من جهل قدر الصالة على النبي‬
‫ويتب أر منه‪ ،‬وأما تاركها فهو في مصف المشركين‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫والتاركها من النصارى المشركين‬ ‫جاهلها خاطي النسب ما هو منا‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪.109 ،‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.164‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.101‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪134‬‬

‫‪273‬‬
‫ت على نفسه الخير‬
‫كما ينعت من ال يصلي على النبي بفاسد العقل‪ ،‬فَ ّو َ‬
‫الكثير‪ ،‬إذ الصالة والسالم على النبي هي أسباب الخير كله‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫من ال صلى عليه في عقله مفسود الصالة عليه والسالم أسباب الخير‬

‫ويخرج سيدي لخضر نفسه من هذه الدائرة ببيانه ما ناله من ذخــر بالصالة‬
‫ُ‬
‫على النبي‪:‬‬

‫وعيونــا كالسحـب تلمــع‬ ‫الجنة والجنان عنـــــدي‬

‫ليـس تقطـع وليـس تمنـع‬ ‫المنطق والبــــيان وردي‬

‫خـال فيـه القلــوب تشفـع‬ ‫اسعد بالرســول سعـــدي‬

‫ومشى في الليل كل ظامي روياني‬ ‫وانكسرت وقفة العشــــية‬

‫‪2‬‬
‫ومليت من الحبيب حملي سلطاني‬ ‫وأصبحت يا أهل العقول خبية‬

‫النول‪ ،‬كالذي جادت عليه األرض بخصبها فمأل من‬


‫وقد رضـي بهذا ّ‬
‫خيراتها كل أحماله‪ ،‬فانتشى قلبه فرحا‪ ،‬وعال شأنه في الناس‪:‬‬

‫جات الصابة مليت جميع احمالي‬ ‫خرجت اصالح بالفضل وبالفتاح‬

‫نربح أنا وكل من يسغــى لي‬ ‫راني فارح بالنبي طيب األرواح‬

‫‪3‬‬
‫نفتخر به سيد االرسالــي‬ ‫طيب االرواح زاد لي همة وشباح‬

‫‪ - 1‬نفسه‪139 ،‬‬
‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.024‬‬

‫‪274‬‬
‫وتتيح الثقافة الدينية الواسعة البن خلوف أن يتخير الزمن المناسب للصالة‬
‫على النبي‪ ،‬وهو يوم الجمعة لموافقة الحديث النبوي‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل‬
‫علي من الصالة فيه‪ ،‬فإن‬
‫عليه وسلم‪" :‬إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا ّ‬
‫علي "‪ 1‬رواه أبو داود‪.‬‬
‫صالتكم معروضة ّ‬
‫يقول ابن خلوف مبينا ذلك‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫ليلة الجمعة مع صباح يومها‬ ‫والصالة على سيد الخلق والسالم‬

‫الختام بالصالة على النبي في قصائده الملحون‪ ،‬صفة يجتمع عليها الكثير‬
‫من الشعراء‪ ،‬منها عند ابن خلوف‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫شريف النسب المظلل بالغمامة‬ ‫نختم بالصالة على طه الهادي‬

‫وقد يختم بالصالة عليه ويطلب جواره في مناجاة حبيب لحبيبه‪:‬‬

‫ونقول ال إله إال اهلل الواحـد‬ ‫نختمها بالصالة على ابن يا مينة‬

‫‪4‬‬
‫محمد نجاوروه في دار الخلد‬ ‫ونثني بالصالة على مفتاح الجنة‬

‫وهكذا فاز ابن خلوف من الصالة على النبي صلى اهلل عليه وسلم بالفضل‬
‫العظيم‪ ،‬والخير العميم‪ ،‬بعد أن أحبه ملء جنبيه‪ ،‬فراح يمدحه بصفاته الخلقية‬
‫والخلقية‪.‬‬

‫‪-‬موضوع مدحه بصفاته الخلقية والخلقية‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ - 1‬النووي‪ ،‬رياض الصالحين‪ ،‬ص‪.210‬‬


‫‪ - 2‬بخوشة‪ ،‬ص‪.163‬‬
‫‪ - 3‬بخوشة‪ ،‬ص‪.135‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪125‬‬

‫‪275‬‬
‫ال شك أن حاجة الناس إلى الرسل ملحة‪ ،‬كما ال شـك أن اهلل أودع فيهم‬
‫معالم ُيعرفون بها‪ ،‬وال يساورنا ريب في أن الرسول محمد صلى اهلل عليه وسلم‬
‫جلية الكماالت التي ال يلحقه بـمجموعها رسول‪،‬‬
‫ظهرت فيه معالم الرسل مجتمعة‪ّ ،‬‬
‫ناهيك عن عامة الناس‪ ،‬إذ ال يجـتمع هـذا الجمال والكمال والجالل والشـمول إال‬
‫تفرد بها في عظمة تناسـب الرسالة التي كلّفه اهلل بحملها ونشرها‪.‬‬
‫في رسول ّ‬

‫أما عن جمال خلقته "فإن أول ما يقع بصر اإلنسان على رسول اهلل صلى‬
‫ّ‬
‫اهلل عليه وسلم يشعر أنه أمام جمال مدهش ال مثيل له‪ ،‬ومظـهر يوحي بثقة‬
‫حد لها‪ ،‬وهذا ما انعقد عليه إجماع من شاهدوه عليه الصالة والسالم"‪.1‬‬
‫مطلقة ال ّ‬

‫كان النبي صلى اهلل عليه وسلم مقادان في إرسان‪ ،‬ففيه من الحسن‬
‫يسر النظر‪ ،‬ويأسر العين‪ ،‬وفيه من الوقار والعظمة ورفعة األدب‬
‫والوضاءة ما ّ‬
‫وتقر له العين‪.‬‬
‫ودماثة األخالق‪ ،‬وسهولة المعشر ما يملك الفؤاد ّ‬

‫وكان من حظّ ابن خلوف أن نهل من سيرته صلى اللـه عليه وسلم ‪،‬‬
‫ومواقفه العظيمة ما يحقّق له تلك المحبة وذلك الشغف به‪ ،‬واكتملت عنده الصورة‬
‫بعد معرفة سيرته برؤيته في منامه مرات عديدة‪ ،‬فكان من ذلك كله أن جادت‬
‫قريحته بذكر صفاته الخلقية والخلقية في مدحه‪.‬‬

‫فعن ِخلقة النبي صلى اهلل عليه وسلم يقول واصفا الوجه والجبين والخدين‬
‫القد‬
‫ووضاءتهما‪ ،‬وسواد العينين‪ ،‬وسعة المنكبين‪ ،‬واجتماع لحم الكتفين‪ ،‬وكذا َربعة ّ‬
‫وسعة الكفين‪ ،‬واسبال الشعر‪ ،‬كل ذلك بعد أن يصلي عليه‪:‬‬

‫كامل الوصف أشم األنف وأقنى العرنين‬ ‫صلى اهلل عليك قدرحروف الكاف‬

‫‪ - 1‬حوى‪ ،‬سعيد‪ ،‬الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬الشهاب‪ ،‬الجزائر ‪ ،1993‬ص‪.19‬‬

‫‪276‬‬
‫مرشوش الخد والجبين كحل العيــنين‬ ‫واســع المنكبين مجمع األكتاف‬

‫‪1‬‬
‫اسبل الشعر مستدل مــن غير دهين‬ ‫مربوع القد معتدل شنط األكفـاف‬

‫ويصف اعتدال طوله‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫ليس طــــــويل عال‬ ‫ليس قصير بقصر عادم‬

‫ويشبهه بالشمس في إرساء ضوئها وهو يبتسم‪ ،‬زاده تفلّج لطيف في ثناياه‬
‫ّ‬
‫ُحسنا مع بهاء الوجه‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫كأنها شمس من جبينه تضوي لي‬ ‫افلج االسنان مبتسم باهي الغرة‬

‫وقريب من ذلك قوله‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫وشعاع الشمس من جبينه يتاللوا‬ ‫من كفك المسك والعنـاب‬

‫غرته أيضا يقول‪:‬‬


‫وعن طالقة وجهه وبهاء ّ‬
‫‪5‬‬
‫يا شفيع األركان الستـا‬ ‫يا منير الغرة والخــــد‬

‫ويدير إعجابه حول المعاني نفسها في قوله‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫كحـيل النجــــلة‬ ‫باهي السر وباهــي المبسم‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.63‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪63‬‬
‫‪- 4‬نفسه‪ ،‬ص‪ .134‬يتاللوا‪ :‬تتألأل‬
‫‪ - 5‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.109‬‬
‫‪ - 6‬نفسه‪ ،‬ص‪ .123‬النجلة‪ :‬العين الواسعة‪.‬‬

‫‪277‬‬
‫ويدخر‬
‫كما يستبشر ابن خلوف بالنظر في وجهه صلى اهلل عليه وسلم ّ‬
‫ذلك زادا‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫النظرة فيك تزيد بشــــ ار‬ ‫الزاد معا ك راه ظـــاهر‬

‫ويصف شاعرنا بعض هيئاته صلى اهلل عليه وسلم وأحواله‪ ،‬فيقول في‬
‫مشيته كيف أنها ال تترك أث ار على التراب رغم أنه يمشي في قوة وثبات‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫وال توضع في التراب جرة‬ ‫أقدامـه الغالية تغـــاور‬

‫وعن مظهره‪ ،‬يصف سيدي لخضر ثوبه المتواضع الذي هو وسط بين‬
‫ميسور الحال من الناس وعامتهم فيقول‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫ما تعني في البسط ناعته وأال في الجهد في الملبس ماطويل ثوبه نصف الساق‬

‫يسبح اهلل تعظيما لما رأى من جمال سيد الخلق‪:‬‬


‫وال يسع الشاعر إال أن ّ‬

‫سبحان اهلل ما انشا فيــه الخــالق‬ ‫انظرت اليوم في شمايل محمـد‬

‫‪4‬‬
‫أفلج االسنان زنج الحواجب واالرماق‬ ‫اهذب االشفار معتدل مربوع القد‬

‫ويلتمس سيدي لخضر العذر لمن لم ير النبي صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫زينك أحسن وأبهى يا راكب النجيب معذورمن ال شافك عينه مغمضة‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫جُ رّ ة‪ :‬أثر‬ ‫‪ - 2‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفسه ‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪.131‬‬

‫‪278‬‬
‫وأما عن رفعة أخالقه فليس أعظم من شهـادة الخالـق بذلك بصيغة المدح‬
‫أقر به ابن خلوف في أكثر من‬
‫ّ‬ ‫ما‬ ‫ذلك‬ ‫‪،‬‬ ‫‪1‬‬
‫َّك لَ َعلَى ُخلُق َع ِظيم››‬
‫في سورة القلم‪َ ‹‹ :‬وإِن َ‬
‫موضع‪ ،‬إذ يقول‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫في سورة نون ع ْظمه جل جالله‬ ‫أشرف من شرفـه كتـاب‬

‫ويقول في موضع آخر‪:‬‬

‫في سورة نون والقلم مدحه ربي‬ ‫محمد راحة القلوب عظيم الجاه‬

‫‪3‬‬
‫صلى اهلل عليه منذ كان صبي‬ ‫من زانه بالرسالة واحسـن بهاه‬

‫وهيأه‬
‫ويقول عن صفاء سريرته وكيف طهّره اهلل من الغ ّل والحقد والحسد ّ‬
‫للرسالة‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫مغسول القلب من سواد ومن حم ار ال حقد وال حسد من الغش زاللي‬

‫يرد سائال يقول‪:‬‬


‫وعلو شأنه وأنه ال ّ‬
‫وعن سعة صدره ّ‬
‫‪5‬‬
‫ما يبــخل صيـلة‬ ‫واسع الصدر المفخـم‬

‫جود النبي صلى اهلل عليه وسلم عديم النظير في‬


‫ويقطع ابن خلوف أن َ‬
‫عظمته‪ ،‬أمر يجعله يعو ُل عليه في طلب الشفاعة‪:‬‬

‫ياعظيم الجود البــتا‬ ‫عليك تكلي يا محمد‬

‫‪ - 1‬سورة القلم‪ ،‬اآلية ‪.0‬‬


‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص ‪124‬‬

‫‪279‬‬
‫‪1‬‬
‫يا شفيع األركان الستا‬ ‫يا منير الغرة والخد‬

‫خصه اهلل بها‪ ،‬منها‪ :‬خاتم النبوة‪ ،‬القرآن‬


‫وللنبي صلى اهلل عليه وسلم ميزات ّ‬
‫الكريم‪ ،‬مقامه في الجنة‪ ،‬الشفاعة‪ ،‬وحسن في وقار‪ ،‬فكان بــذلك أفضل الخلق‬
‫طر‪:‬‬
‫ّا‬

‫خاتـم األنبيـاء مـع ارسالهـا‬ ‫وفضل العدناني عن ساير االنام‬

‫و‬ ‫‪2‬‬
‫والشفاعة الكبرى وحسن البها‬ ‫فضله بالتنزيل وخصه بالمـقام‬
‫لنتبين فيما يلي النعوت والصفات التي ركن إليها الشاعر في مدحه‪ ،‬وطبيعتها‬
‫ومن أين استقاها‪.‬‬

‫‪-‬موضوع ذكر أسمائه ونعته بكل خير‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫يخص ابن خلوف النبي صلى اهلل عليه وسلم بأسماء وصفات ونعوت تليق‬
‫بمقامه‪ ،‬منها ما هو من الكتاب والسنة واألثر‪،‬ومنها نعوت شعبية تعارف عليها‬
‫العامة‪ ،‬وأخرى من ابتكارالشاعر‪ 3‬أتاحتها له مرونة العامية ومطواعيتها في يده‪،‬‬
‫فجلب منها ما يريد لتأتي متنوعة‪.‬‬

‫قد يورد سيدي لخضر هذه األسماء والنعوت تباعا في القصيدة الواحدة كما‬
‫فعل في قصيدة " قدر ما في بحر الظالم "‪ 4‬مثال‪ ،‬من ذلك قولـه في بعض‬
‫األدوار من القصيدة‪:‬‬

‫صلى اهلل على صاحب المقام الرفيع‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.109‬‬
‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.162‬‬
‫‪ - 3‬سنضع لها جدوال نبينها فيه حسب هذه التقسيمات الثالث‪.‬‬
‫‪ - 4‬نفس المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫‪280‬‬
‫والسالم على الطاهر الحبيب الشفيع‬

‫صلى اهلل على فارس الوغى الوكيـد‬

‫صلى اهلل على من عطاه ربي النصر‬

‫صلى اهلل على صاحب الوفا والكمـال‬

‫صلى اهلل على الهاشمي في جميع الصلوات‬

‫صلى اهلل علـى المصطـفى مليح المـالح‬

‫صلى اهلل على المبعوث رحمــة للعبـاد‬

‫وكذلك فعل في قصيدة " ألف استمثلوا كالمي "‪ 1‬إذ يقول‪:‬‬

‫محمد مصطـفى مدثر مزمــل‬ ‫صلى اهلل عليه قدر حروف الميم‬

‫مرفوع الذكر في السما اسمه عالي‬ ‫مغفور الذنب ما بقات عنه وزرة‬

‫وقد يذكر أسماءه وصفاته في بيت من الشعر حتى تبلغ الثمانية في البيت الواحد‪:‬‬

‫مؤيد‪ ،‬متقي‪ ،‬مقدم‪ ،‬مفضـل‬ ‫مطهر‪ ،‬مجتبي‪ ،‬مشفع‪ ،‬معظم‪،‬‬

‫‪2‬‬
‫محذر‪ ،‬مقتفي‪ ،‬محرم‪ ،‬محلل‬ ‫ممجد‪ ،‬مرتضى‪ ،‬مذكر‪ ،‬معلم‪،‬‬

‫ويقول في بيت آخر‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫أحمد‪ ،‬محمد‪ ،‬المصطفى‪ ،‬طه‪ ،‬محمود‬ ‫المفضل‪ ،‬السخي‪ ،‬كرام الضيف‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.61‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.139 ،‬‬

‫‪281‬‬
‫ويذكر كنية النبي صلى اهلل عليه وسلم " أبو القاسم " واسمه "أحمد" مقترنين في‬
‫بيت واحد‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫وأحمد في األعــلى‬ ‫اسمه في الجنة بو القاسم‬

‫ويفضله عن سائر األنبياء والرسل بعد أن يحصي عددهم‪:‬‬

‫يا سيد ميا وأربعة وعشرين ألف نابي ثالث ميا وأربعة وعشرين منهم مرسلين‬

‫‪2‬‬
‫اختلفوا في خمسة وعشرين أهل الكتب هذا هـو المشهـور عنـد األوليــن‬

‫المكونة السم محمد صلى اهلل عليه وسلم معجبا بترتيبها‬


‫ّ‬ ‫ويذكر الحروف‬
‫ونسقها‪:‬‬

‫الحا بحـرف الميم ابدا‬ ‫مقرون اسمك مع الواحد‬

‫‪3‬‬
‫ميمين في تلك الشـدا‬ ‫دال بعد مـــيم المشدد‬

‫ويظهر حبه للنبي صلى اهلل عليه وسلم في ذكر هذه النعوت وينسبها‬
‫ُ‬
‫لنفسه‪ ،‬وهي في تتاليها توحي كأنه يضم حبيبه في غبطة فتتدافـع هذه النعوت مع‬
‫أنفاسه‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫الهاشمي القرشي زين التبسامة‬ ‫ذخري ومنيتي وعزي ومرادي‬

‫نورد فيما يلي جدول بيان مصدر النعوت التي استعملها الشاعر في مدحه‬
‫للنبي صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪69‬‬
‫‪ - 3‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.135‬‬

‫‪282‬‬
‫نعوت من ابتكار الشاعر‬ ‫نعوت من المخيال الشعبي‬ ‫نعوت من الكتاب‬
‫والسنة واألثر‬

‫كالّ ِّب الضرس‪،‬حجاب‬ ‫بورقية‪ ،‬سراج الدهر‪ ،‬تاج‬ ‫محمد‪ ،‬أحمد‪،‬‬


‫القرينة‪ ،‬فكاك المحجول ‪،‬‬ ‫المصطفى‪ ،‬سيد الثقلين الكرام‪ ،‬سيد األسياد مسلك‬
‫عمارة مكة‪ ،‬سباب الخير‪،‬‬ ‫الغارق‪ ،‬بوخاتم‪ ،‬صاحب‬ ‫الهادي‪ ،‬سيد الناس‪،‬‬
‫الرشيد مصباحي‪ ،‬ونيس‬ ‫الغمامة‪،‬‬ ‫خير الورى‪ ،‬أمين‪،‬‬
‫الخاطر‪ ،‬ترياق السم‪ ،‬طبيب‬ ‫الصادق‪ ،‬الحبيب‪،‬‬
‫ظريف العمامة‪ ،‬باهي السر‪،‬‬
‫العاليل‪ ،‬نقمة األعدا‪ ،‬مطوع‬ ‫الماحي‪ ،‬كريم‪ ،‬بشير‪،‬‬
‫كحيل النجلة‪ ،‬ابن أمينة‪ ،‬دليل‬
‫الجاهل‪ ،‬معدن الجود‪ ،‬دمار‬ ‫نذير‪ ،‬الهاشمي‪،‬‬
‫الخيرات‪ ،‬جد الحسنين‪،‬‬
‫الكفر‪ ،‬نذير األعراب‪ ،‬شجرة‬ ‫القرشي‪ ،‬مفتاح الخير‪،‬‬
‫العدناني‪ ،‬جد الشرفا‪ ،‬سيد‬
‫الرضى‪ ،‬محمود االسم‪ ،‬ثمرة‬ ‫النبي العربي‪ ،‬نبي‬
‫المهاجرين‪ ،‬سيد األنصار‪،‬‬
‫الفؤاد‪ ،‬راحة العباد‪.‬‬ ‫رحمة‪ ،‬خير األنام‪.‬‬
‫فارس الوحي‪ ،‬تاج الرسال‪،‬‬
‫زين البشرة‪.‬‬

‫هذه أغلب النعوت الواردة في النصوص الشعرية‪ ،‬و نالحظ أن ابن خلوف‬
‫أدلى بدلوه فجاءت نعوته مركبة من اسمين ( ونيس الخاطر – ترياق السم –‬
‫طبيب العال يل‪)......‬‬

‫‪ -‬موضوع رؤيته للنبي صلى اهلل عليه وسلم في المنام‪:‬‬ ‫‪6‬‬

‫إن مما زاد في حب ابن خلوف للنبي صلى اهلل عليه وسلم أنه رآه في‬
‫منامه‪ ،‬وعدة مرات‪ ،‬ورؤيا النبي صادقه يقينية لقوله صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬من‬

‫‪283‬‬
‫رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان ال يتمثل بي"‪ 1‬ويقول أيضا‪" :‬أصدقكم رؤيا‬
‫أصدقكم حديثا"‪.2‬‬

‫ولعل صدق ابن خلوف واخالص نيته هو ما حدا به إلى رؤية النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم في منامه أكثر من مرة‪ ،‬كما يبين ذلك في قوله‪:‬‬

‫االخضر كيف يكون خاطي‬ ‫يكفيني صدقي ونية‬

‫‪3‬‬
‫والعاطي مازال يعطـي‬ ‫تسعة وتسعين روية‬

‫ويقطع الشك باليقين في رؤية النبي حقا لما ورد في كتب الحديث فيقول‪:‬‬

‫داني مني وقال مول الفرقاني‬ ‫في المسند تصح كل روية‬

‫‪4‬‬
‫من شاهدني في أمتي فقد راني‬ ‫ما يتمثل خبيث ليــــا‬

‫ويشبه ابن خلوف نفسه بالطلل البالي‪ ،‬حتى إذا ما رأى النبي صلى اهلل‬
‫ّ‬
‫عليه وسلم انبعث النور في نفسه ودبت الحياة في تلك األطالل‪ ،‬إذ يقول‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫واحيات النور العظيم في كل اطاللي‬ ‫هــــبت رياحــــي‬

‫يودع الشقاء برؤيته للنبي الكريم صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬


‫وهو ّ‬
‫‪6‬‬
‫من شافـه ما يشوف غلبا‬ ‫بعينـي شفت المدثــر‬

‫‪ - 1‬صحيح مسلم‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.090‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.06‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ - 6‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.90‬‬

‫‪284‬‬
‫ثم يشرح الشاعر تفاصيل الرؤيا وكيف رأى النبي صلى اهلل عليه وسلم مع‬
‫أصحابه‪ ،‬ثم تقدم ناحيته وغسل وجهه بيده الشريفة بعد طول غياب‪:‬‬

‫البارح في المنام ريت العدناني‬ ‫شفيع الخلق بورقيــــة‬

‫واصحابه حاضرين جمــال‬ ‫البارح في المنام رايتــه‬

‫أهال بالمصطفـــى و سهال‬ ‫مــدة لي ما رمقتـــه‬

‫واغسل وجهي بزين غسال‪ 1‬ويأمل سيدي‬ ‫تقدم لشــواري بذاتــه‬


‫لخضر في عفو ربه كما يأمل في أن يكرمه برؤية النبي صلى اهلل عليه وسلم في‬
‫اليقظة في جنة الخلد‪:‬‬

‫قال لخضر مداح المصطفى نبينا ابن الخلوفي األكحل يعفو اهلل عنه‬

‫‪2‬‬
‫ما يرى باذن اهلل ال شر ال غبينة ويشاهد في اليقظة الحبيب يزيد يراه‬

‫ويغالبه الشوق في رؤية النبي صلى اهلل عليه وسلم فيبوح بشـوقه في توجع‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫شافع الخلق توحشوه رماقي‬ ‫اعالش بطا علي عنايتي سيد رقية‬

‫ويطلب رؤيته لعل في ذلك ترياق لما يعانيه من حرقة الشوق‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫طبيب لدايا وعنده ترياقي‬ ‫طالب روية في وجه خاتم االنبيا‬

‫لشواري‪ :‬أي في اتجاهي‪.‬‬ ‫‪ - 1‬نفسه‪.‬‬


‫‪ - 2‬نفسه ‪ ،‬ص‪.132‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.135‬‬
‫‪ -‬نفسه‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪285‬‬
‫لقد دأب شعراء الملحون قبل وبعد ابن خلوف على طلب رؤية النبي في‬
‫منامهم‪ ،‬ونقف عند شاعر من القرن العشرين وهو أحمد بن مصطفى العالوي‬
‫المستغانمي وهو يرصد طيف النبي في منامه بعد ما مدحه حتى حضي برؤيته‪:‬‬

‫بعد المدح بقيت نراصد في النوم نراعيك‬

‫‪1‬‬
‫حتى ريتك يا سيد أحمد اهلل يجـازيك‬

‫يضمنون أشعارهم هذا المعنى ال يتسع لنا المجال‬


‫ّ‬ ‫وكثير غيره من الشعراء‬
‫ضمنه ابن خلوف مدائحه وهو‬
‫لذكرهم نكتفي بهذا المثال وننتقل إلى موضوع آخر ّ‬
‫ذكر المعجزات‪.‬‬

‫‪ -‬موضوع ذكر معجزاته‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫المعجزة حجة على صحة دعوى الرسالة‪ ،‬وما من رسول بعثه اهلل إال‬
‫وأظهر معه آثار قدرته‪ ،‬كخوارق لعادات الكون وقوانينه تبهت البــشر وتفوق‬
‫قدراتهم فيعترفون بذلك أن هذا اإلنسان البشري رسول تجلت فيه قدرة اهلل‪" ،‬وتقوم‬
‫بذلك حجة اهلل على خلقه بأنه أرسل رسوال‪ ،‬وتقوم بذلك حجة الرسول على الخلق‬
‫بأنه صادق في دعوى الرسالة‪ ،‬وال يكون ألحد عذر في عدم متابعة الرسول بعد‬
‫ذلك"‪.2‬‬

‫وأعظم معجزات النبي صلى اهلل عليه وسلم هي القرآن الكريم‪ ،‬كالم اهلل‬
‫الخالد الذي ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه‪.‬‬

‫‪ - 1‬ابن دعماش‪ ،‬عبد القادر‪ ،‬المهم في ديوان الشعر الملحون‪ ،‬ج‪ ،0‬موفم للنشر‪ ،‬الجزائر ‪،0228‬‬
‫ص‪.18‬‬
‫‪ - 2‬سعيد حوى‪ ،‬الرسول صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ص‪.011‬‬

‫‪286‬‬
‫ولم يغفل ابن خلوف أن يشير إلى هذه المعجزة بعد أن يصلى على النبي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫صاحب المعجزات منها الفرقان‬ ‫صلى اهلل عليه قدر حروف الصاد‬

‫وقد خصه ربه بالقرآن عن طريق األمين جبريل آم ار إياه بطلب العلم‪:‬‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪.61‬‬

‫‪287‬‬
‫‪1‬‬
‫قال يا محمد خذ الكتاب واق ار‬ ‫ليك انزل القرآن مع األمين جبريل‬

‫فكان للنبي الكريم الفضل بهذا الكتاب إلى جانب ما خصه بــه من الفضائل‬
‫األخرى‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫والشفاعة الكبرى وحسن البها‬ ‫فضله بالتنزيل وخصه بالمقام‬

‫إلى جانب معجزات أخرى منها‪ ،‬الناقة التي اشتكت لرسول اهلل سوء معاملة‬
‫صاحبها لها فيقول‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫ما ذي إال همـة عظيمـة‬ ‫إليـك األنياق حنت‬

‫لما جاء المشركون يطلبون من الرسول معجزة فانشق القمر‪ ،‬وهذا وارد في‬
‫ّ‬
‫حديث رواه البخاري ومسلم عن أنس رضي اهلل عنه (إن أهل مكة سألوا رسول‬
‫حراء‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر شقين حتى أروا ّ‬
‫بينهما‪ 4 ).‬يقول ابن خلوف في هذه المعجزة ‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫وتـــقسم شطرين‬ ‫طلع البدر ودخل في ك ُّمه‬

‫وعن معجزة الماء الذي ينبع بين أصابعه الشريفة والواردة في الحديث‪:‬‬
‫"أخرج الشيخان عن أنس رضي اهلل عنه أن النبي صلى اهلل عليه وسلم وأصحابه‬
‫كانوا بالزوراء فدعا بقدح فيه ماء فوضع كفه فيه فجعل الماء ينبع من بين‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪.131 ،‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.162‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.05‬‬
‫‪ - 4‬سعيد حوى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.019‬‬
‫‪ - 5‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.123‬‬

‫‪288‬‬
‫أصابعه وأطراف أصابعه فتوضأ أصحابه به جميعا‪ ،‬قلت ألنس كم كانوا قال‪:‬‬
‫زهاء ثالث مائة "‪.1‬‬

‫يقول ابن خلوف‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫واسقى جيش كثير من قدره ثاني‬ ‫انشق القمر‪ ،‬وانهمر من كفُّه واد‬

‫هكذا يدمج الشاعر المعجزتين في بيت واحد‪ ،‬كما فعل في هذين البيتين‪ ،‬إذ‬
‫جمع بين معجزة النخلة التي جاءت النبي فدعا لها بالخصب‪ ،‬ومعجزة الماء‬
‫المذكورة‪.‬‬

‫ليك جات النخلة المجدبة واحــياة من كفك روات العرب يارسول البيت‬

‫‪3‬‬
‫وأبيض من اللبن كلها تقول رويت‬ ‫أحال من العسل في مناسج النحالت‬

‫سدت الغار والظبية التي شهدت‬


‫ويذكر في بيت آخر معجزة العنكبوت التي ّ‬
‫للنبي بالرسالة‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫والظبي يا سيد العباد ليك شهد‬ ‫من معجزاتك العنكبوت سد الغار‬

‫وتتكرر ظاهرة جمع ذكر المعجزتين في البيت الواحد في قوله أيضا‪:‬‬

‫على األنبياء الناشئة مــن طباعه‬ ‫مـلك الملوك خصه بالمعجزات‬

‫‪5‬‬
‫محمدا انهمرت العيون من اصباعه‬ ‫نطق للصادق األمين ذراع الشاة‬

‫‪ - 1‬سعيد حوى‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.010‬‬


‫‪ - 2‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪.44 ،‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪.133‬‬

‫‪289‬‬
‫وهي معجزة الشاة المسمومة التي قدمتها المرأة اليهودية للنبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم فنطقت له ذراعها‪ ،‬ومعجزة الماء المنهمر من أصابعه المذكورة‪.‬‬

‫تحدث عنها سيدي لخضر وهي من أعظم المعجزات هي‬


‫معجزة أخرى ّ‬
‫معجزة اإلسراء والمعراج التي فرضت فيها الصالة حيث يقول فيها‪:‬‬

‫قاب قوسين كان بالقرب أو ادنى‬ ‫صلى اهلل عليك قدر حروف القاف‬

‫‪1‬‬
‫انصب جبريل للنبي المعراج وطاف أتانا بالخمس الفرايض والسنى‬

‫وذكر أن النبي تكلم في الشهر الرابع بعد والدته صلى اهلل عليه وسلم وقال‪:‬‬
‫" اهلل أكبر"‪ ،‬يقول الشاعر في ذلك‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫وعظم المــولـــى‬ ‫في الرابع ألمه تكـلم‬

‫هكذا كانت هذه المعجزات وغيرها كثير‪ ،‬دالة على نبوة محمد صلى اهلل‬
‫وقوته سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫عليه وسلم ورسالته‪ُ ،‬مظهرة لقدرة اهلل ّ‬

‫قيض لدعوته رجاال يسندون ظهر النبي‬


‫كما يصح القول إن اهلل سبحانه ّ‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ويكونون له العون والنصير‪ ،‬هؤالء هم أصحابه الذين‬
‫وم َد َحهم هم‬
‫ذكرهم ابن خلوف في معرض مدحه للنبي صلى اهلل عليه وسلم َ‬
‫أيضا‪.‬‬

‫‪-‬موضوع ذكر أصحاب النبي صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪123‬‬

‫‪290‬‬
‫قدر اهلل تعالى لدعوة محمد صلى اهلل عليه وسلم أسبابا لتنجح وتأخذ‬
‫لقد ّ‬
‫طريقها التي أرادها لها سبحانه‪ ،‬ومن هذه األسباب‪ ،‬وأهمها‪ ،‬الرجال الذين كانوا‬
‫حول الرسول‪ ،‬فعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه‪ ،‬فكان أن التصق‬
‫ذكرهم بذكر النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬وفي مدح ابن خلوف للنبي يورد ذكرهم‪،‬‬
‫ومن أكثر أصحابه وآل بيته ذك ار في قصائد شاعرنا‪ ،‬علي بن أبي طالب كرم اهلل‬
‫وجهه‪ ،‬الذي إضافة إلى أنه ابن عم النبي صلى اهلل عليه وسلم وصهره‪ ،‬وكذا‬
‫طي النبي صلى اهلل عليه وسلم الحسن والحسين‪ ،‬فهو البطل‬
‫محبته له‪ ،‬وأبو سب َ‬
‫المغوار والمجاهد الباسل‪ ،‬الذي بلغ من بطولته وشجاعته في المعارك والغزوات‬
‫أن جاوز المخيال الشعبي كل هذه الحقائق لينسج حول سيفه أساطير وخوارق‬
‫تصنفه ضمن أبطال المالحم األقرب إلى األساطير منه إلى صحابي جليل‪،‬‬
‫وتقدسه‪ ،‬ولعل كثرة ذكره لعلي كرم اهلل‬
‫تقدر الموروث الشعبي ّ‬
‫وشاعرنا ابن بيئة ّ‬
‫وجهه‪ ،‬من هذا الباب أكثر من غيره‪.‬‬

‫يقول ابن خلوف في ذكر علي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫من طوع الكفار باهلل المعين‬ ‫وعلي الفارس الهمـــام‬

‫ومن أثر الموروث الشعبي وقوة تأثيره يقلب ابن خلوف الموازين ُفيلحق‬
‫األصل بالفرع فيقول‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫أنت هالك بن المرة‬ ‫أنت صديق األمير علي‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪.51‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪.80 ،‬‬

‫‪291‬‬
‫إذ جعل الرسول صلى اهلل عليه وسلم صديق علي رضي اهلل عنه‪ ،‬واألصل‬
‫أن عليا هو صديق الرسول‪.‬‬

‫المتميز‪ ،‬بذكر علي في دعوة عينه للبكاء‪،‬‬


‫ّ‬ ‫ويقرن ذكر السيف‪ ،‬سيف علي‬
‫بعد فقدها لهذا الصحابي الجليل وبطل المالحم األشوس‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫الش بعد علي زين السيف ترقدي الش بعد الستة ما تمطري الخدود‬

‫ويستريح سيدي لخضر لكنية علي " حيضرة " ويأنس لها الرتباطها بالقوة‬
‫والشجاعة إذ " الحيدرة " من أسماء األسد‪" ،‬عن سـلمة بن األكوع‪ :‬أن عليا‬
‫رضي اهلل عنهما‪ ،‬لما بارز مرحبا الخيبري قال علي رضي اهلل عنه‪ :‬أنا الذي‬
‫‪.2‬‬
‫سمتني أمي حيدرة"‬

‫فيوردها في كثير من أشعاره كما في قوله‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫اسمه عبد اإلله ثم األمير علي‬ ‫اللهم أرضى عن المكنى حيضرة‬

‫ويتوسل إلى اهلل به في دعائه‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫بجاه األمير حيضرة اسمه علي‬ ‫اللهم آمين‪ ،‬قولوا يا حضرة‬

‫ويتوسل بفاطمة و أبيها الرسول صلى اهلل عليه وسلم وزوجها فيقول‪:‬‬

‫وزوجها حيضر أعطاه اهلل الهادي‬ ‫دخيل لك بفاطمة مع باباها‬

‫‪1‬‬
‫بنت المصطفى الرسول محمدي‬ ‫الحسن والحسين نعم أوالدها‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.160‬‬
‫‪ - 2‬النووي‪ ،‬أبو زكريا يحي بن شرف‪ ،‬كتاب األذكار‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ ،0‬د‪.‬ب‪ ،0221 ،‬ص‪.112‬‬
‫‪ - 3‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ - 4‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.60‬‬

‫‪292‬‬
‫ويزّهد في الدنيا وكيف هي دار فناء‪ ،‬فيذكر مآل أصحاب النبي وأعمامه‬
‫أهل الفضل‪:‬‬

‫واين هم ابن عم الصادق األمين‬ ‫واين هم السادة اعمام حيضرة‬

‫‪2‬‬
‫فاين ابن جعفر الحادق الوزين‬ ‫واين هو العباس وحمزة القيص ار‬

‫وفي نفس السياق يقول ذاك ار بقية الخلفاء‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫بوبكر وعمر وعثمان في اللحود‬ ‫واينهم الخلفاء مع االصحاب سيادي‬

‫ويجمع ذكر الخلفاء والمهاجرين في هذه األبيات فيقول‪:‬‬

‫وعن المهاجرين األبطال السادات‬ ‫ال بد من الرضى عن أصحابه الكرام‬

‫اسمه عبد اإلله ثم األمير علـي‬ ‫اللهم ارض عـن المكنـى حيضرة‬

‫‪4‬‬
‫واجعلنا كلنا في منزل عالـي‬ ‫ثم بوبكر وعثمـــــان وعمـر‬

‫كما يدعو بالرضى ألهل النبي صلى اهلل عليه وسلم ويخص بالذكر أبا بكر‬
‫والسبطين‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫بوبكر الصديق والحسن والحسين‬ ‫والرضى على أهله الكرام‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.130‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.162‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.160‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪.51‬‬

‫‪293‬‬
‫ويذكر فضل أم النبي عن سائر النساء وبعدها حليمة السعدية مرضعته‪،‬‬
‫وفضل أمنا خديجة‪ ،‬إذ كانت أول من آمن به ونصره‪ ،‬وبعدها أبو بكر‪ ،‬وكال وعد‬
‫اهلل الحسنى ‪:‬‬

‫وامه من بعدها حليمة السعدية‬ ‫ما ولدت في النسا مثل بنت وهب‬

‫أول ما صدقت رسول اهلل هي‬ ‫خادجة فايزة على النسوة في الزين‬

‫‪1‬‬
‫واختالفوا قال ذاك من قبله هي‬ ‫وقيل بوبـــــكر وقيل باثنين‬

‫كما ذكر أصحاب النبي العشرة المبشرين بالجنة في غيرما موضع‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫وارضا على اصحابه العش ار‬ ‫صل على الرسول وسلم‬

‫وقال في موضع آخر‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫واالصحاب العش ار االبرار‪ ،‬يا المختار‬ ‫نرغبك بعظيم الجـــود‬

‫ومن ذكر أصحابه إلى ذكر األماكن المقدسة‪ ،‬وأقدسها جميعا مكــة والمدينة‬
‫المنورة‪.‬‬

‫‪-‬موضوع ذكر مكة والمدينة وشوقه لزيارتهما‪:‬‬ ‫‪9‬‬

‫لم تقع هذه البقاع في نفس ابن خلوف‪ ،‬وربما سائر شعراء الملحون محل‬
‫قداسة مرتبطة بالدين وطقوسه التعبدية بخلفية عقيدية فكرية‪ ،‬بل ارتبطت قدسيتها‬
‫بما وقر في قلوب الشعراء من حب النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وبتعبير آخر‪،‬‬
‫فإن الخلفية العاطفية الوجدانية هي التي أضفت على تلك البقاع قدسيتها في‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪114‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪106‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.153‬‬

‫‪294‬‬
‫نفوس الشعراء‪ ،‬تماما كما يقدس أهل الطرق والزوايا األماكن التي درج عليها‬
‫شيخهم فيبنون عليها القباب‪ ،‬ويتعهدون زيارتها والتبرك بها‪،‬وقريب من ذلك وقوف‬
‫الشاعرالجاهلي على األطالل ومحاورة الرسوم‪ ،‬وليس لناأن نخوض في علوم‬
‫النفس ومزالقها‪ ،‬ولكننا أردنا أن نوضح أن العاطفة تأخذ اتجاها واحدا وما يشفع‬
‫للشاعر إال حبه الصادق للنبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وما الشوق الذي يحمله‬
‫لزيارة هذه األماكن إال أكبر دليل على حبه للنبي واخالصه في مدحه‪.‬‬

‫هذا ابن خلوف يرغب في زيارة قبر النبي صلى اهلل عليه وسلم قبل أن‬
‫يدركه أجله‪ ،‬في حرقة شوق‪ ،‬بدموع غريب هجر النوم أجفانه‪:‬‬

‫مكة ضحــات فرض عليــا‬ ‫بغي نزور مالي طاقة‬

‫يبلغــوا لسيـد رقيــــة‬ ‫االركاب غاديين رفاقة‬

‫خايــف اال تقصـر بيـــا‬ ‫الموت ال غنا لحاقـة‬

‫ناري اقدات في الجوف بغير ارتاد‬ ‫نبكي بكى الغريب موحد‬

‫‪1‬‬
‫مالي منام وال نستلد عليه رقـاد‬ ‫بغي نزور قبر االمجـد‬

‫ويسأل اهلل متضرعا أن يكرمه بإجابة دعوة واحدة؛ هي زيارة قبر النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫يا اهلل راغبك في وحدة‬ ‫من سيل عرقك طاب الورد‬

‫‪1‬‬
‫الهاشـمي زين البردة‬ ‫زورة لقبر الممجــــد‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33‬‬

‫‪295‬‬
‫ويتمنى على اهلل الوسيلة التي تقله إلى ربوع ِحبه صلى اهلل عليه وسلم‬
‫فيقول‪:‬‬

‫يسوى من اليبريز ميا‬ ‫من صاب لي عمهوج أحمر‬

‫للهاشمي يسرع بـيا‬ ‫معلوم يخــــلي ويعمر‬

‫محصود عند الوسيمة‬ ‫مقطوع من عرجون تــمر‬

‫للـــرسول مزاوق يفدا‬ ‫بالراكبة يدنا للبعــــد‬

‫‪2‬‬
‫عوام بـــحر المهمودا‬ ‫عراد من ظله يشـــرد‬

‫هذه صفات جواد سريع كسرعة البرق يطوي األرض طيا‪ ،‬وما هذا التصوير‬
‫لسرعة الراحلة إال أبلغ دليل على شدة شوقه وتلهفه لزيارة قبر النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ويدعوه بأسمائه وصفاته أنه راغب في زيارته‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫ياخير األنام ليك باغي زيارة‬ ‫محمـــد الهــــادي‬

‫ولكن ال راحلة له وال زاد‪ ،‬ولو تسنى له ذلك ألسرع وما تواني وما تقاعس‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫‪296‬‬
‫لو كان الزاد لي عديت للشرق غا ار‬
‫‪1‬‬
‫ال رحيــــل ال زاد‬

‫ألنها غايته و مقصده‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫زيارة سيد الخلق ليه وجهت سؤالي‬ ‫غايتــــي و مركاحي‬

‫ولو تيسر له األمر لقدم لزيارته بمعية أهله أجمعين‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫نقدم لعندك بالزوجة واالوالد‬ ‫لو صبت يا عديد الثمـــد‬

‫وقد يتوسل بمكة كما يتوسل بشيخ من مشايخه‪ ،‬كما في قوله‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫وبجاه شيخ المشايخ البغدادي‬ ‫بجاه مكة وحرمة اللي زارها‬

‫ويضرب بها األمثال في فضلها هي والمدينة عن سائر بقاع األرض فيقول‪:‬‬

‫فضل أهل التوحيد و الشهادة‬ ‫ال إله إال اهلل أساس للجهــاد‬

‫‪5‬‬
‫والمدينة الخضرا‪ ،‬دار السعادة‬ ‫كيف فضل مكة عن ساير البالد‬

‫وكم يحلوا البن خلوف أن يتضرع لربه بنبيه ويناجيه‪ ،‬هذا ما نكشفه في‬
‫موضوع المناجاة والتضرع‪.‬‬

‫‪-‬موضوع المناجاة والتضرع‪:‬‬ ‫‪21‬‬

‫سار‪ ،6‬أو أودع سرا‪ ،‬وه ــي من الحميمية‪،‬‬


‫المناجاة من الفعل ناجى بمعنى ّ‬
‫يسار أحد عدوه‪ ،‬إال إن كان من قبيل‬
‫إذ المناجاة تكون للخليل وما أشبه فال ّ‬

‫‪ - 1‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪130‬‬
‫‪ - 5‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪162‬‬
‫‪ - 6‬الزاوي‪ ،‬الطاهر أحمد‪ ،‬مختار القاموس‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،1940 ،‬حرف النون‪ ،‬ص‪.595‬‬

‫‪297‬‬
‫التهكم واالستمالة‪ ،‬وقد تكون المناجاة بين األخالء باإلثم والعدوان‪ ،‬وقد تكون بالبر‬
‫َّ ِ‬
‫والتقوى‪ ،‬كــما نهى وأمر الشارع في اآلية‪ « :‬يَا أَيـُّ َها الذ َ‬
‫اج ْوا‬ ‫ِ‬
‫اجْيتُ ْم فَالَ تَـتَـنَ َ‬
‫ين َآمنُوا إ َذا تَـنَ َ‬
‫اج ْوا بِالِْ ِِّب َوالتَّـ ْق َوى ›› ‪ .1‬وأما التضرع فتكاد تجمع قواميس‬ ‫صي ِة َّ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ُسول َوتَـنَ َ‬ ‫با ِْل ِْْث َوالْعُ ْد َوان َوَم ْع َ‬
‫اللغة على تعريف واحد‪ ،‬ففي القاموس المحيط للفيروزآبادي‪ ،2‬جاءت مادة ضرع‬
‫إليه ضراعة بمعنى خضع وذل واستكان‪ ،‬وتضرع إلى اهلل تعالى ابتهل وتذلل أو‬
‫تعرض بطـلب الحاجة‪ .‬وبنفس المعنى جاءت في مختار القاموس ‪ 3‬وفي أساس‬
‫‪5‬‬
‫البالغة ‪ 4‬وغيرها من قواميس اللغة‪ .‬وجاءت في معجم ألفاظ القـرآن الكريم‬
‫لمجمع اللغة العربية بمعنى تضرع‪ :‬جاء يطلب حاجة فتذلل والى اهلل ابتهل‪.‬‬

‫ويلتقي المعنى اللغوي والديني في الخضوع والتذلل واالنكسار لمن عنده‬


‫الحضوة وله القدرة‪ ،‬وقد وردت في آي القرآن بهذا المعنى‪ ،‬في مثل قوله تعالى‪:‬‬
‫ضُّرعار َو ُخ ْفيَةر لَّئِ ْن أَجنَانَا ِم ْن َه ِذهِ لَنَ ُكونَ َّن ِم َن‬ ‫ِ‬
‫"« قُ ْل َمن يـُنَ ِّجي ُكم ِّمن ظُلُ َمات البَـِّر َوالْبَ ْح ِر تَ ْدعُونَهُ تَ َ‬
‫ِ‬
‫الشَّاك ِر َ‬
‫ين »‬
‫‪6‬‬

‫إن مديح سيدي لخضر مليء بالمناجاة والتضرع‪ ،‬أنظر كيف يتضرع إلى‬
‫اهلل بالرسول صلى اهلل عليه وسلم أن يتفضل عليه بالدواء الـذي هو الشفاعة‪ ،‬ليب أر‬
‫مما يحمله من ذنوب وخطايا‪:‬‬

‫‪ - 1‬سورة المجادلة‪ ،‬بعض اآلية ‪.39‬‬


‫‪ - 2‬الفيروزابادي‪ ،‬مجد الدين بن يعقوب الشيرازي‪ ،‬القاموس المحيط‪ ،‬ج‪ ،0‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫فصل الضاد باب العين‪ ،‬ص‪.56‬‬
‫‪ - 3‬الزاوي‪ ،‬الطاهر أحمد‪ ،‬مختار القاموس‪ ،‬حرف الضاد‪ ،‬ص‪.032‬‬
‫‪ - 4‬الزمخشري‪ ،‬جار هللا أبو قاسم محمود بن عمر‪ ،‬أساس البالغة‪ ،‬تحقيق‪ :‬أ‪ .‬عبد الرحيم محمود‪ ،‬دار‬
‫المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬مادة ضرع‪.‬‬
‫‪ - 5‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬معجم ألفاظ القرآن الكريم‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة ‪ ،0280‬تصدير د‪ .‬إبراهيم‬
‫مدكور‪ ،‬مادة ضرع‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫‪ - 6‬سورة األنعام‪ ،‬اآلية ‪.60‬‬

‫‪298‬‬
‫‪1‬‬
‫داوني نب ار من الــدا‬ ‫أرفق بروحي وجسدي‬

‫ويتضرع إليه طالبا الشفاعة له وألهله ‪ ،‬بل و كل ذرية آدم عربها‬


‫وعجمها ‪ّ ،‬برها و فاجرها‪ ،‬وفي ذلك قيمة إنسانية تحملها ذات الشاعر‪:‬‬

‫في جسدي وأهلي و ناسي‬ ‫يا محمد ال تسلـــــم‬

‫قدر شعر ذاتي و راسـي‬ ‫حرر لــي ما ضنات آدم‬

‫‪2‬‬
‫كلتها تاقـــي وعاصي‬ ‫البادية االعــراب و عجم‬

‫كيف ال يتضرع له وهو رجاؤه الوحيد‪ ،‬بل وملجأ الناس أجمعين‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫ملجـــائين كلنا إليك‬ ‫يا من ال سواك يرتجى‬

‫وال تنقطع مناجاته وتضرعه إلى أن يشفي نفسه العليلة‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫أنت مشفي النفوس نفسي عليلة‬ ‫يا رســول موال يا‬

‫ويهيم الخلوفي في حب النبي الكريم حتى تالشت همومه وتبددت وغابت‪،‬‬


‫وهي كالقطران لشدة سوادها‪ ،‬كما تغيب حبات الرمل في قعر البحر فيقول‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫مثل حباب الرمل في غميق الزخار‬ ‫يا كوثر اللبن فيك غاب قطراني‬

‫وهو بعد هذه المناجاة اللطيفة‪ ،‬يتضرع بسيد الخلق أن يكون له ِحج ار من‬
‫النار‪:‬‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.02‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.05‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪ - 4‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪93‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪93‬‬

‫‪299‬‬
‫‪1‬‬
‫ما ترضى أن ينحرق ابن خلوفي بالنار‬ ‫يا غوث شاعرك ولو كان براني‬

‫ويسترسل في المناجاة ثم يتضرع بالنبي أن يختم له عند خروج الروح بكلمة‬


‫التوحيد‪:‬‬

‫يا خاتم الرسال يا سيد فطيمة‬ ‫يا عبد يا نابي يا رسول يا فـتاح‬

‫‪2‬‬
‫بال إله إال اهلل العظــيمة‬ ‫تختم لشاعرك عند خروج األرواح‬

‫والمالحظ أن هذه المناجاة وهذا التضرع بدافع المحبة ال بدافع التعبد‬


‫الواعي‪ ،‬واال كيف يفسر طلب الثبات على التوحيد عند خروج الروح من دون اهلل‪،‬‬
‫وهي من خصوصياته‪ ،‬وابن خلوف أعرف الناس بذلك‪.‬‬

‫ويناجي ويتضرع قبل طلب االستغاثة لغرض الشفاعة فيقول‪:‬‬

‫من بيت ذويب وليد حليمـــة‬ ‫أنت البشير مبشر ندير وناصح‬

‫سيد المهاجرين وسيد األنصـار‬ ‫مكي وزمزمي و هاشمي ومداني‬

‫سيد العبيد جملة وسيد األحـرار‬ ‫يا سيد الماليك والجنون سلطاني‬

‫اضمن نفوسنا يا صديق لبيــك‬ ‫يا سيد من سبقها وسيدها لـآلن‬

‫‪3‬‬
‫ياغوث يوما تكون صرختنا بيك‬ ‫يا طاهريا رسول ياحبيب موالنا‬

‫‪ - 1‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪ - 3‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.94‬‬

‫‪300‬‬
‫ويحلو البن خلوف‪ ،‬ويطيب له أن يناجي حبيبه ويبوح له بما يدخره له فؤاده‬
‫من حب‪ ،‬ما فتئ أن شرح صدره للذكر وأفاض قريحته بمدحه صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪:‬‬

‫يا خير الورى يا شريـف األنــام‬ ‫يارحمة يا مغيث لألجيرمستجــار‬

‫حصنا من الفضل مااحصاه رمامــي‬ ‫يا عقبة الفضل عند مشترى التجار‬

‫‪1‬‬
‫وعمرت صميم صدري وساير االسرار‬ ‫انت اشرحت بالذكروالمديح لساني‬

‫ويستجير الشاعر بالنبي صلى اهلل عليه وسلم بعد أن يناجيه‪:‬‬

‫يا خير ما أتى بالكتاب رسـول‬ ‫يا نقمة االعداء يا مطوع الجاهل‬

‫يا حاجبي غدا في نهار الهـول‬ ‫يا نور االقتداء يا نــور الغافل‬

‫‪2‬‬
‫تقول شاعري ابن خلوفي مقبول‬ ‫يا معدن الجود ياكريم يا واصل‬

‫ويبين فضله على الكائنات‪ ،‬وفضل اهلل عليه في مناجاة تتلوها الصالة‬
‫عليه‪:‬‬

‫بيك نعمة اإلسالم بنعايم فايضة‬ ‫بيك طابت األثمار يا ذخيرة اللبيب‬

‫وسلكك بالقدرة ما بين طا وظا‬ ‫فضلك واختارك واصطفاك حبيب‬

‫‪3‬‬
‫الصالة والسالم عليك والرضـا‬ ‫يا عمارة مكة ورسولها ال ريـب‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪.‬‬
‫طاوظا‪ :‬أي اختصار طاغية وظالم‪.‬‬ ‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.131‬‬

‫‪301‬‬
‫وله أضاءت مصابيح الليل وأزهرت‪ ،‬وله سطعت الشهب وأنارت‪ ،‬وله‬
‫أمطرت السماء وفاضت األودية وازدهت حدائق األرض‪ ،‬وكل هذا الجمال بين‬
‫السماء واألرض ال يضاهي حسنك وجمالك‪:‬‬

‫‪302‬‬
‫‪1‬‬
‫واستنارت شهاب ما بين سين و ار‬ ‫ليك يا محمد زهرت مصابيح الليل‬

‫ليك صبت األمطار وفاضت المنازل واحتيات الجذبة والت سريس خض ار‬

‫في حدائق مصنوعة ليك خافظــة‬ ‫وابتهج النعمان األحمر في القطب‬

‫‪2‬‬
‫زينك أحسن وابهى ياراكب النجيب معذورمن ال شافك عينه مغمضـة‬

‫ويحيل ابن خلوف إلى مشروعية التضرع فيقول‪:‬‬

‫ال مسجد ال امام ال طالب يق ار‬


‫‪3‬‬
‫لواله بمن الخاليق تضرع‬

‫ويدعو عينه للبكاء تضرعا إلى اهلل عسى أن يقيها شر ذلك اليوم‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫بالدمـــع زربي هوطلــة‬ ‫يا عين يامشومة وابكــــي‬

‫ال بد ينظـر للحالــــــة‬ ‫تضرعي لسيدك واشكـــي‬

‫ما تنفعــك معــه مسالــة‬ ‫واذا حصلت مـا تتفكــــي‬

‫‪4‬‬
‫يوما فيه تغشى األبصار وتولي ذهاب‬ ‫ندعيـــك للذي يحشــرني‬

‫ويرى خالصه إذا احمر الحدق‪ ،‬في ربه ثم في حبيبه محمد صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فيقول مناجيا متضرعا‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫غير رب العزة وانتا‬ ‫إذا حصلت مالي فكاك‬

‫سين ورا ‪ :‬أي اختصار سماء وأرض‪.‬‬ ‫‪ - 1‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.134‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.104‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪104‬‬

‫‪303‬‬
‫ومثل ذلك قوله‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫غير رب العزة و أنتا‬ ‫يا رسول اهلل مالي أحد‬

‫وقد آلى ابن خلوف على نفسه‪ ،‬وهو العاشق الولهان‪ ،‬أن يمدح حبيبه إلى‬
‫أن يواريه الفناء‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫يمدحك لن تفنى عمره‬ ‫ابن خلوف عاشق مداح‬

‫وهو بعد فنائه تنبري روحه بين األرواح لمدحه إلى أن تستبين طريقها‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫لن تنشق سمــــــا قدره‬ ‫تمدحك روحه في األرواح‬

‫ويدعو اهلل في تضرع أن يغفر الكثير من سوء أعماله‪ ،‬وفي المقابل أن‬
‫يقبل ولو قليال من أعماله الصالحة القليلة في أسلوب من التذلل واالنكسار‪:‬‬

‫آ من درى الكثير من سوء أعمالي إذا غفــرت منه ياسر يا باري‬

‫‪4‬‬
‫هل قبلت منه حتى عشر عشاري‬ ‫آ من درى القليل من حسن فعالي‬

‫وما مدح ابن خلوف ومناجاته وتضرعه إال طمعا في الشفاعة لذا كانت‬
‫أكثر الموضوعات انتشا ار في شعره‪.‬‬

‫‪-‬موضوع التوسل والتشفع‪:‬‬ ‫‪22‬‬

‫موضوع التوسل بالنبي صلى اهلل عليه وسلم وطلب شفاعته كــثير في‬
‫الشعر الملحون ‪ ،‬ولنقف عند مفهوم هتين الكلمتين لنتبين معنى كال منهما‪.‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪109‬‬
‫لن‪ :‬بمعنى إلى أن‬ ‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.151‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.130‬‬

‫‪304‬‬
‫فتوسل إلى اهلل جاءت بمعنى عمل عمال تقرب به إليه ‪ ،1‬وتوسلت إلى اهلل‬
‫بالعمل تقربت‪ ،‬قال لبيد‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫بلى كل ذي دين إلى اهلل واسل‬ ‫أرى الناس ال يدرون ما قدر أمرهم‬

‫ووسل إلى كذا‪ :‬تقرب إليه ورغب فيه‪ ،‬والوسيلة‪ :‬الوصلة ُيتوصل بها إلى‬
‫البغية‪.‬‬

‫والوسيلة إلى اهلل سبحانه ما يوصل إلى ثوابه و الزلفى لديه‪ ،‬وذلك بفعل‬
‫الطاعات وترك المعاصي‪ .3‬وجاءت بنفس المعنى في القرآن الكريم في مثل قوله‬
‫تعالى‪:‬‬

‫اه ُدوا ِِف َسبِيلِ ِه لَ َعلَّ ُك ْم تُـ ْفلِ ُحو َن»‪.4‬‬


‫« يا أَيـُّها الَّ ِذين آمنوا اتَّـ ُقوا اللَّه وابـتـغُوا إِلَي ِه الو ِسيلَةَ وج ِ‬
‫َ َ َْ ْ َ َ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ‬

‫أما التشفع‪ ،‬فالشفعة والشفاعة في قواميس اللغة هي أن تشفع فيما تطلب‪،‬‬


‫فتضمه إلى ما عندك فتشفَعه أي تزيده‪ .5‬وشفع له عند آخر‪ ،‬يشفع شفاعة‪ :‬طلب‬
‫ّ‬
‫التجاوز عن سيئته‪ ،‬كأنه ضم نفسه إليه معينا له‪ ،‬فهو شافع وهم شافعون‬
‫‪6‬‬
‫وشفعاء‪ ،‬ومنه الشفاعة عند اهلل‪.‬‬

‫ووردت كلمة الشفاعة في آي كثيرة من القرآن الكريم بنفس المعنى منها‬


‫قوله تعالى‪:‬‬

‫‪ - 1‬الزاوي‪ ،‬الطاهر أحمد‪ ،‬مختار القاموس‪ ،‬حرف الواو‪ ،‬ص‪.653‬‬


‫‪ - 2‬الزمخشري‪ ،‬أساس البالغة‪ ،‬مادة وسل‪ ،‬ص‪.099‬‬
‫‪ - 3‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬معجم ألفاظ القرآن الكريم‪ ،‬مادة وسل‪ ،‬ص‪.320‬‬
‫‪ - 4‬سورة المائدة‪ ،‬اآلية ‪.05‬‬
‫‪ - 5‬الفيروز آبادي‪ ،‬القاموس المحيط ج‪ ،0‬فصل السين‪ ،‬باب العين‪ ،‬ص‪.06‬‬
‫‪ - 6‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬مادة شفع‪ ،‬ص‪.002‬‬

‫‪305‬‬
‫َّ ِ‬ ‫« َمن ذَا الَّ ِذي يَ ْش َف ُع ِع َ‬
‫ِ ِِ ِِ ‪1‬‬
‫ندهُ إَلَّ بإ ْذنه» وفي قوله تعالى‪ «" :‬فَـ َهل لنَا من ُش َف َعاءَ‬
‫‪.3‬‬ ‫ِ‬
‫فَـيَ ْش َفعُوا لَنَا » وأيضا قوله‪َ « :‬وَلَ يَ ْش َفعُو َن إَِلَّ ل َم ِن ْارتَ َ‬
‫ضى»‬ ‫‪2‬‬

‫وشفاعة النبي صلى اهلل عليه وسلم ألمته واردة في الحديث ال مراء فيها وال ريب‪،‬‬
‫أمته‪،‬‬ ‫إذ يقول صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬إن لكل نبي شفاعة ودعوة دعا بها في‬

‫أدخر دعوتي شفاعة ألمتي يوم القيامة"‪.4‬‬


‫فاستجيب له‪ ،‬واني أريد إن شاء اهلل أن ّ‬

‫وضمن هذا المدح‬


‫ّ‬ ‫دأب ابن خلوف على مدح النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫موضوعات شتى‪ ،‬ولكن موضوع التوسل والتشفع قد نال حصة كبيرة في مدائحه‪،‬‬
‫ذلك أن األمل األكبر للشاعر هو نيل هذه الشفاعة‪ ،‬وهو في طلبها يتوسل بالنبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ألنه صاحب الشفاعة لمقصر مثل ابن خلوف‪:‬‬

‫من ال له في الناس والي‬ ‫يا محمد لك يفزع‬

‫من سطوة مولى الموالي‬ ‫ال غيرك مناع يمنع‬

‫‪5‬‬
‫من هو عره بحــــــالي‬ ‫ال غيرك شافع يشفع‬

‫أليس هو الشفيع الذي ينقذ أمته من حر جهنم يوم القيامة‪:‬‬

‫شافعنا يوم القيامة‬ ‫هو الشفيع في أماته‬

‫‪6‬‬
‫جهنم حرة شديـدة‬ ‫يمنعنا من نار تقدي‬

‫‪ - 1‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.255‬‬


‫‪ - 2‬سورة األعراف‪ ،‬اآلية ‪.50‬‬
‫‪ - 3‬سورة األنبياء‪ ،‬بعض اآلية ‪.23‬‬
‫‪ - 4‬أبو الحسن علي بن الجعد بن عبيد الجوهري‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد المهدي بن عبد القادر بن عبد الهادي‪،‬‬
‫ج‪ ،0‬مكتبة الفالح‪ ،‬الكويت ‪.0284‬‬
‫‪ - 5‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪ .00‬عُرّ ّّ ة‪ :‬عبارة عند العامة تعني االنتقاص والدونية‬
‫‪ - 6‬نفسه‪ ،‬ص‪.06‬‬

‫‪306‬‬
‫هم له غير أمر الشفاعة‪:‬‬
‫بل إن النبي ال ّ‬
‫‪1‬‬
‫يامن ال لك هم غير أمر الشفاعة‬ ‫صلى اهلل عليك ياعظيم الشمايل‬

‫وقد أخبرنا صلى اهلل عليه وسلم عن سجدة يؤديها بين يــدي اهلل‬

‫في حديث يدعى حديث الشفاعة نجتزئ منه‪" :‬ولكن ائتوا محمدا صلى اهلل عليه‬
‫وسلم عبدا قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر " قال رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪" :‬فيأتوني‪ ،‬فأستأذن على ربي‪ ،‬فيؤذن لي‪ ،‬فإذا أنا رأيته وقعت ساجدا‬
‫َفي َد ُعني ما شاء اهلل‪ ،‬فيقال‪ :‬يا محمد ارفع رأسك‪ ،‬قل تُسمع‪ ،‬سل تُعطه‪ ،‬اشفع‬
‫تُشفّع‪.2".‬‬

‫يقول الشاعر في معنى هذا الحديث‪:‬‬

‫بين يدين اهلل سجـدا‬ ‫يا سيد رقية تادي‬

‫‪3‬‬
‫ارفع راسك يا احمـدا‬ ‫وماليك ربي تنادي‬

‫ويتوسل الشاعر بالنبي أال يتركه عرضة الزدراء وشماتة األعداء وهو‬
‫شاعره ومداحه‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫كيف شاعرك ينذل يا شريف العناية‬ ‫المداح حقير يعايره كل ناقص‬

‫كما يتوسل إليه أن يأخذ بيده في يوم الهول األكبر‪:‬‬

‫يا فارس الوحي نبيــنا‬ ‫واخترنا عرب من ناسك‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪63‬‬
‫‪ - 2‬صحيح مسلم‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.112‬‬
‫‪ - 3‬بخوشة‪ ،‬ص‪.00‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.69‬‬

‫‪307‬‬
‫‪1‬‬
‫في الضيق ال تسلم فينا‬ ‫تجعل نفسنا من نفســك‬

‫يوم يحتمي به المذنبون المقصرون طالبين شفاعته مستجيرين به‪:‬‬

‫تدرق به الخايفين‬ ‫نبينا يوم القيامــة‬

‫واالجساد العاطبين‬ ‫تصرخ به القوم تامة‬

‫‪2‬‬
‫لحوله حايفــين‬ ‫وسكان األرض والسما‬

‫ويعلن الشاعر إلحاحه في التوسل بالنبي صلى اهلل عليه وسلم وأنه السبيل‬
‫األوحد لنجاته‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫فكاك المحجول من قيود االنكال‬ ‫لحـبيبي تلحاحــي‬

‫ويؤمن يقينا أن النبي صلى اهلل عليه وسلم شفيعنا‪ ،‬ومن يجحد ذلك فإن‬
‫مصيره إلى النار خالدا فيها‪:‬‬

‫هو شفيعنا إمام األنبياء األسعد‬ ‫مانوجدوغيره يوم الضيق والحسرة‬

‫‪4‬‬
‫انت شفيعـنا بإذن ربنا الغفـــار واللي يكذب بك في السعير اخلد‬

‫وهو صلى اهلل عليه وسلم غاية األمل فكل من اقتدى به نجا‪ ،‬وابن خلوف‬
‫من الناجين‪ ،‬إذ اهتدى بسنته ولم يخالف منهج السلف‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫يا غاية األمل كل من اقتدى سلك ما خالفت السلف ما ضيعت امانات‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.30‬‬
‫حايفين‪ :‬مائلين‪.‬‬ ‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪ 45‬وما يليها‪.‬‬
‫المحجول‪ :‬المقيد‪.‬‬ ‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ - 4‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫سْ لَكْ ‪ :‬بمعنى نجا‪.‬‬ ‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪.93‬‬

‫‪308‬‬
‫وعلى هذا يرى الشاعر أنه أحق بالشفاعة وأهل لها‪:‬‬

‫حرر جوارحي من لهيب تلظات‬ ‫يا سيد نرغبك بالشفاعة لـك‬

‫‪1‬‬
‫ال تحرقي جسدة ابن خلوفي هيهات‬ ‫باغيك تقول للنار احدري بالك‬

‫وتطيب نفس ابن خلوف ويهدأ باله إذ يطلب من الحاضر أن يبشر الغائب‬
‫من أمة محمد صلى اهلل عليه وسلم أنهم سيردون الحوض وينالون الشفاعة‪ ،‬وهي‬
‫ثقة‪ ،‬وحسن ظن باهلل‪ ،‬يدفعهما صدق حب الشاعر للنبـي صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫بالحوض والشفاعة لسيد األرسال‬ ‫يا كل من حضر قم بشر الغايب‬

‫وال مناص من توسل سيدي لخضر إلى اهلل بالنبي وهو الذي بلغ سدرة‬
‫ي أ َْو أ َْد َن» ‪ ،3‬مقام لم يبلغه غيره صلى اهلل‬ ‫المنتهى‪ُْ « ،‬ثَّ َدنَا فَـتَ َد َّّل‪ ،‬فَ َكا َن قَ َ‬
‫اب قَـ ْو َس ْ ِ‬

‫عليه وسلم‪ ،‬وال مهرب من هذا التوسل فالشاعر مثقل باألوزار‪:‬‬

‫يا سيد من أذن له من الحطام فكانا أنت قربت قاب قوسين يامن أسعدنا بيك‬

‫‪4‬‬
‫تكلي عليك توفي ماجــاب ديواني ترفـع همتـي رانـي كثيــر االوزار‬

‫ويتعدى سيدي لخضر في طلب الشفاعة وقبول شخصه عند النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم إلى قبول إخوانه وأهله وجيرانه وكل من رضي بمديحه من أقرانه‬
‫ويستهل دعاءه باستعطاف ال يحق إال لكريم عظيم الجود‪:‬‬

‫تقـول شاعري ابـن خلوفـي مقبول‬ ‫يا معدن الجود يا كريم يا واصل‬

‫‪ - 1‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫‪ - 3‬سورة النجم‪ ،‬اآلية ‪ 4‬و‪.9‬‬
‫‪ - 4‬بخوشة‪ ،‬ص‪.94‬‬

‫‪309‬‬
‫واألهل واللي معيا والقريب حتى الجار‬ ‫نزهى وننطرب مع جميع االخوان‬

‫‪1‬‬
‫شتمي على العدو والحبيب راه في الدار‬ ‫وكل من صغى للمديح في أقران‬

‫ال يستقيم الدعاء والتوسل إذا انعدم معه األمل في نيل شفاعته صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫ترجى العباد غدا شفاعة المرسول‬ ‫ال فرع معتدل إذا انعدم اآلمال‬

‫وال يخيب له أمل في نيلها‪ ،‬وورود الحوض هو وأوالده ‪ ،‬وقد اطلع من‬
‫خالل األحاديث النبوية في األسانيد الصحيحة على حقيقة فحواها أن دعوته‬
‫صلى اهلل عليه وسلم مجابة في حق الشفاعة‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫قال الرسول طه شفيعنا سيد القوم‬ ‫مروي على النبي في صحيح األسناد‬

‫يا شاعر النبي راك جبـت اليـوم‬ ‫في الموقف العظيم البتـول تنـادي‬

‫تسقى من الرحيق الصافي المختوم‬ ‫ال خوف وال حزن مع جميع األوالد‬

‫‪3‬‬
‫مدحي عليك موهوب يا سيد عدنان غدا في جنة الخلود تكون لي جار‬

‫ويلح ابن خلوف على ال ازهـدين والعابـدين والذاكـرين متوسال بهم أن يرفعوا‬
‫أيديهم داعين بالمغفرة‪ ،‬والشهادة له بأنه كان شغوفا بحب النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬مستعمال ألفاظا فيها من التوقير والتبجيل‪ ،‬لهؤالء الصفوة من الناس‪ ،‬ما‬
‫يليق بمقاماتهم في نفس الشاعر الذي يقول‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‬

‫‪310‬‬
‫يا ذا الساجدين دخيل همتكم‬ ‫يا الزاهدين يا عابدين يا فق ار‬

‫يا حافظين ذا العلم أنا عبيدكم‬ ‫يا الطايعين يا عاملين يا ذك ار‬

‫يا خايفين ربي راني نحشمكم‬ ‫يا فايزين يا تاليين يا قــ ار‬

‫وبعدها اتفكروا مداح محـمد‬ ‫يوما نموت تدعولي باالستغفار‬

‫‪1‬‬
‫لواه كان لخضرمشغوف بالمختار اهلل يرحمــه قل يا اللي تشهد‬

‫وهو يتوسل بجاه مكة وحرمتها وكل من زارها‪ ،‬وساكنيها وبجاه الشيخ عبد‬
‫القادر الجياللي‪ ،‬دفين بغداد‪ ،‬الفقيه الورع‪ ،‬وهو رمز األولياء الصالحين‪ ،‬أن يرى‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم فيكون حاله حال الزرع أدركه الغيث‪:‬‬

‫وبجاه شيخ المشايخ البغدادي‬ ‫بجاه مكة وحرمة اللي زارها‬

‫‪2‬‬
‫غيثونـي بالحبيب محمدي‬ ‫حرمة بيت النبي مع سكانـها‬

‫وتتكرر الصورة نفسها وهو يتوسل بآل بيت النبي صلى اهلل عليه وسلم إذ‬
‫يقول‪:‬‬

‫مالك الملوك ال إله إال هـــو‬ ‫غيثني بالحبيب يا عالم الغيب‬

‫وزوجها حيضر اعطاه اهلل الهادي‬ ‫دخيل لك بفاطمة مع بابـاها‬

‫‪3‬‬
‫بنت المصطفى الرسول محمدي‬ ‫الحسن والحسين نعم أوالدها‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.49‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.021‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫ولِ ُيديم اهلل عليه ِستره ‪ ،‬يتوسل ابن خلوف بالنبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫فيقول‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫تسبل عني يا كريم الستر الدايم‬ ‫بسيد االسياد طالبك ياذا جواد‬

‫ويهدي الشاعر مدحه للنبي صلى اهلل عليه وسلم إلى صحابته األخيار لعله‬
‫ينال حبا يقربه إلى حب النبي صلى اهلل عليه وسلم متوسال إلى اهلل بجاه األعياد‬
‫وقدسيتها وأولياء اهلل الصالحين وامامهم عبد القادر الجيالني‪ ،‬بأن ُيثمر هذا المدح‬
‫برؤية النبي الذي عزت رؤيته في النوم‪:‬‬

‫ومولى بغداد راه عقلي هايـم‬ ‫بجاه األعياد والرجال اللي عباد‬

‫جيد األجواد للمصطفى بوخاتم‬ ‫لسيد العباد فضله ربي الجـواد‬

‫مرصع بالذهب شعره وقـادي‬ ‫االخضر يقول كلمة بميزانـها‬

‫أصحاب المصطفى ضيااالثمادي‬ ‫يهديه للملوك فـي بستانــها‬

‫‪2‬‬
‫بطا علي الحبيب محمــدي‬ ‫اعيات عيني تنوح ال من جاها‬

‫ويلتزم ابن خلوف في كل دعاء بالتوسل إلى اهلل بنبيه أال يجعل لألعداء‬
‫عليه سبيال وأال يفضحه يوم الجمع‪:‬‬

‫نتوسل بالرسول في كل دعاء‬ ‫يا مؤمن يا سالم يا واحد يا فتاح‬

‫‪3‬‬
‫والخاليق كافة علينا مجتمعة‬ ‫ال تجعل لالعداء سبيل على المداح‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.136‬‬
‫بطا‪ :‬أي أبطأ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.110‬‬

‫‪312‬‬
‫ومن توسله بالنبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬أن ينجيه من عذاب النار وشماتة‬
‫األعداء‪ ،‬وكذا توسله بمديحه له‪ ،‬قوله‪:‬‬

‫ال تسلـم فـي حتا‬ ‫دخيل لك بالذي سماك‬

‫واليهود ابناين الشمتا‬ ‫يعايروني قوم االشراك‬

‫يب ار جسدي من االضرار‪ ،‬يا المختار‬ ‫مد يدك تهوى ليـــــدي‬

‫ال تضيع مملوك الـدار‪ ،‬يا المختار‬ ‫قل لجهنم ذا عبـــــدي‬

‫‪1‬‬
‫نمدحك في ذيك و هـــاذي للعجم والحبش واالحرار‪ ،‬يا المختار‬

‫ويتخذ الشاعر من كلمة التوحيد "ال إله إال اهلل"‪ ،‬واسم رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم وسيلة يتوسل بها إلى اهلل عسى أن يرفع عنه البأس‪ ،‬وال يع ّذبه‪ ،‬وهو‬
‫المفرط المقصر‪:‬‬

‫الواحـد العظـيم الصــمد‬ ‫في جود ال إلـــه إال اهلل‬

‫الطاهــر النبــي محمد‬ ‫واسم الحبــيب رسول اهلل‬

‫‪2‬‬
‫ويحه المفرط كيفي يلقى العذاب‬ ‫من كل بايســـة متهنـي‬

‫ويعلن توسله برب الكعبة أال يبتليه في دينه فيحجبه عن نور وجهه سبحانه‬
‫وتعالى فيقول‪:‬‬

‫عـــــلم اإلنســان ما لم يعلـم‬ ‫نتوسلوا برب الكعبــــة‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪ 104‬و ما يليها‪.‬‬


‫‪ - 2‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪313‬‬
‫مخالف الشرع راه ماشي في الضباب‬ ‫من ال يكون صادق سنــي‬

‫‪1‬‬
‫بينه وبين رب العزة كم حجــاب‬ ‫ربــــي ابتاله ال يبليني‬

‫ولعظمة القرآن في نفس الشاعر يتوسل إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫ويخص في توسله‬
‫ّ‬ ‫يقصر معه في نيل الشفاعة‪ ،‬وأالّ يكلفه ما ال يطيق‪،‬‬
‫بآياته أال ّ‬
‫بآيات سورة نون‪ ،‬عن قصد ألن فيها آية عظيمة تتعلق بأخــالق النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ ‹‹ :‬وانك لعلى خلق عظيم ››‪.2‬‬

‫كأنـما أراد القول‪ :‬إن من امتدحه ربه بعظمة أخالقه‪ ،‬ليس من شيمته‬
‫التقصير في حق مفرط مثلي‪ ،‬يقول ابن خلوف‪:‬‬

‫والقلم واللوح و األعراف‬ ‫دخيل لك بآيات نــــون‬

‫‪3‬‬
‫وال تكلف روحي تكالف‬ ‫ال تقصر من دون لــدون‬

‫ويستوي عند ابن خلوف التوسل بالقرآن الكريم وباألولياء الصالحين‪ ،‬وأهل‬
‫الحديث وأصحاب النبي صلى اهلل عليه وسلم والصالحين من السلف والحرم‬
‫الشريف‪ ،‬والصحابة في طلب النجاة من النار وجحيمها إذ يقول‪:‬‬

‫وبجاه سيدي خير النسـاج‬ ‫دخيلنا لك بالقـــرآن‬

‫وبجاه سيدي منصور الحاج‬ ‫والبخاري و الخوالنـي‬

‫يا ظريف الحلة والتـــاج‬ ‫بك يحيى العبد الجانـي‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.130‬‬
‫‪ - 2‬سورة القلم‪ ،‬اآلية‪0‬‬
‫‪ - 3‬بخوشة‪ ،‬ص‪ 109‬وما يليها‪.‬‬

‫‪314‬‬
‫واألصحاب العشرة األبرار‪ ،‬يا المختار‬ ‫نرغبك بعظيم الجــود‬

‫والجنيد و كعب االحبار‪ ،‬يا المختـار‬ ‫والحـرم و رجال السند‬

‫‪1‬‬
‫يوم تزفر تـرمي بشرار‪ ،‬يا المختار‬ ‫ما نشوفوا برد و الصهد‬

‫وهو إلى جانب توسله بالنبي صلى اهلل عليه وسلم والصحابة واألولياء‬
‫الصالحين‪ ،‬يتوسل بالكعبة والمدينة والبيت المعمور‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫وسيد الســــادة كلـــها‬ ‫بجاه البيت والمدينة والمعمور‬

‫ويلح في الدعاء متوسال بالنبي تارة‪ ،‬وباألنبياء تارة أخرى‪ ،‬مبينا فضلهم‪،‬‬
‫وباألماكن المقدسة فـي أرض الحرم‪ ،‬والمهاجرين واألنصار طورا‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫بجاه سليمان ابن داود المطـيع‬ ‫غيثنــي واغفر ذنبي يا محيط‬

‫وجاه سيدنا عيسى روح اهلل قالها‬ ‫بجاه سيد الرسال المظلل بالغمام‬

‫‪3‬‬
‫والصفا والمروى والركن والمقام والمهاجرين واالنصار كلــها‬

‫ويكرر هذه األماكن المقدسة ويزيد عليها الكواكب متوسال بها أن يغفر اهلل‬
‫له ذنوبه التي تفاقمت فيقول‪:‬‬

‫مع البيت و جاه الركن والخليل‬ ‫نرغبك ربي بجــــاه الشفيع‬

‫والجبل والمشعر والمنزل الحفيل‬ ‫والصفى والمروى والحرم والبقيع‬

‫‪1‬‬
‫تغفر للناظم ذنبه ضحى ثقيــل‬ ‫والكواكب تسطع من وسطها سطيع‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪153‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪154‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪162‬‬

‫‪315‬‬
‫ويتقلب سيدي لخضر بين الخوف والرجاء في توسله بالعرش والبيت الحرام‪،‬‬
‫وبالنبي وآله أال يعذب أحدا من أهله و كل زائريه‪ ،‬و يبدلهم دا ار خي ار من دارهم‪،‬‬
‫بل ويكرمهم بورود الحوض‪:‬‬

‫والبيت المعمور مكة‬ ‫دخيل لك بالعرش وما فيه‬

‫وكل من تحى وتزكى‬ ‫بالمشفــــــع وبآله‬

‫وال تشوقنا في تلـكا‬ ‫ال يغرقنا فــــي هاذه‬

‫والقربى واهلي والجار‪ ،‬يا المختار‬ ‫ال تسلم فــــي والدي‬

‫ما نذوقوا كيسان مرار‪ ،‬يا المختار‬ ‫والزايرين من جلسوا عندي‬

‫‪2‬‬
‫قبلتي ويميني ويسار‪ ،‬يا المختار‬ ‫نشربوا من حوض المورود‬

‫لما شاعت في هذه الديار وفي هذه الحقبة من التاريخ الطرق الدينية‬
‫ّ‬
‫وع ّد أصحاب الطرق والقائمين على الزوايا من رجال اهلل الصالحين‬
‫والزوايا ُ‬
‫واعتُبروا من صفوة الناس‪ ،‬لِما ُعرف عنهم من زهد ومن صالح‪ ،‬غدا الناس‬
‫يتوسلون إلى اهلل بهم‪ ،‬وقد ضلت هيمنة هذه المعتقدات الشعبية خاصة العنصر‬
‫البشري منها‪ ،‬أي المشايخ واألولياء الصالحين‪ ،‬على عقلية الشعراء‪ ،‬والى وقت‬
‫قريب‪ ،‬مصد ار يستمدون منه مرجعية التوسل والتبرك بهؤالء األولياء وأضرحتهم‪،‬‬
‫وابن خلوف من هذه البيئة‪ ،‬نهل من ثقافتها وتشبع بعاداتها ومعتقداتها‪ ،‬يعرف‬
‫وينزلهم منازلهم ويعلي من شأنهم‪ ،‬فها هو ذا يتوسل بجاههم ويعددهم‬
‫المشايخ ُ‬
‫تت ار‪:‬‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪.165 ،‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.153‬‬

‫‪316‬‬
‫سيدي شفيق ما يحــرمنا‬ ‫نتوسل بجاه الساخـي‬

‫بجاههــم اهلل يرحـمنـــا‬ ‫وأبا زيد والكراخــي‬

‫والشيخ بوعزة مفرج الكـراب‬ ‫راني في حمى الجيالني‬

‫‪1‬‬
‫والقرطوبي والتساجي وحروف الكتاب‬ ‫والشادلي والقيروانـي‬

‫كما توسل بأولياء آخرين في قوله‪:‬‬

‫بحرمة الحروف وما في األسوار‬ ‫بحرمة السنوسي وابن عبـاد‬

‫وجميع المهاجرين مع األنصـار‬ ‫والشيخ العروسي ومولى بغداد‬

‫‪2‬‬
‫قدمت لك رجال اهلل االخيـــار‬ ‫بحرمة المذاهب زول أنكـادي‬

‫إلن توسل الشاعر باألولياء والصالحين‪ ،‬فمن باب أولى أن يتوسل بسبطي‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم وأمهما السيدة فاطمة الزهراء‪ ،‬و قد فعل‪ ،‬متوسال بهما‬
‫أن يميته اهلل على دين اإلسالم ‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫بجاه الحسنين والزه ار‬ ‫عند الممات ميتني مسلم‬

‫ويبدو أن لعلي بن أبي طالب رضي اهلل عنه‪ ،‬مكانة عالية في نفس سيدي‬
‫لخضر‪ ،‬إذ يتوسل إلى اهلل به في أكثر من موطن كقوله‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫وجاه اإلمام حيضر هزام الكفار‬ ‫بجاه سيف مصقول تقهر به األعدا‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪106‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.132‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.132‬‬

‫‪317‬‬
‫يرى ابن خلوف في المدح وسيلة تقربه من النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫فيشفع له‪ ،‬إذ يقرن المديح بالشفاعة كما فعل عندما قرن الصالة علـيه بالشفاعة‪،‬‬
‫فالصالة على النبي ذكر‪ ،‬والمديح أيضا ذكر‪ ،‬وهو يرى قـبل هذا أن هذا المدح‬
‫يتشرف ويشغف بها‪:‬‬
‫هبة من اهلل آن له األوان أن ّ‬

‫في ديني كامل الفهامة‬ ‫عرفوني لما رجعت جايز‬

‫من كنزه عالم العلمــا‬ ‫واعطاني اهلل علـم فارز‬

‫وسقاني ماه كاس طيب‬ ‫نبهني للمـــديح سيدي‬

‫احلى من السكور وعنب‬ ‫ما احاله بالمديح هــادي‬

‫وعطاه لـــيس نضيع‬ ‫أعطاني اهلل من المخازن‬

‫باسم اهلل وباسم المشفـع‬ ‫نوزن شعري بحروف وازن‬

‫في الوسط معلمه بطابع‬ ‫في ذهبي كل يوم بايــن‬

‫‪1‬‬
‫من راسي عنصره يثوب‬ ‫نجهر للبشــــير وردي‬

‫إلى أن يقول‪:‬‬

‫من يشفع يوم القيامة‬ ‫قلبي مشغوف بمديحـه‬

‫‪2‬‬
‫غزيز وعزه الموهب‬ ‫راني نهدي ليه شعري‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪06‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪106‬‬

‫‪318‬‬
‫ال يكفي سيدي لخضر من اتخاذه المدح وسيلة تدخله الجنة‪ ،‬بل أكثر من‬
‫ذلك أن يرى ربه رأي العين ليس بينه وبينه حجاب‪:‬‬

‫محمـد يجود عن األجــــواد‬ ‫أنا مدحت سيد األمــة‬

‫طالب منزلي في الجنة بال حساب‬ ‫لبدا على الرسول نغنـي‬

‫‪1‬‬
‫بيني وبين ربي ال حايل ال حجاب‬ ‫ويزيد بالنظر يكرمنــي‬

‫وهو يثني على ربه أن آتاه وسيلة يتوسل بها إلى اهلل‪ ،‬وهو المدح الذي يرى‬
‫فيه تجارة لن تبور‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪ .101‬وما بعدها‬

‫‪319‬‬
‫ال بيع ال ش ار في سوقـي‬ ‫سبحان من جعلني تاجر‬

‫بئس الغرور وترك الباقي‬ ‫من باع راه خاســر‬

‫حق الجبين واالعـروق‬ ‫حق األجير للمستاجـر‬

‫أم الغرور جيفة وجماعتها كالب‬ ‫مداح الرسول راه غاني‬

‫‪1‬‬
‫غاني بالرسول الذي اغال من الذهب‬ ‫مشغوف به دايم رانـي‬

‫ولما رأى ابن خلوف في المديح وسيلة توجب الشفاعة‪ ،‬اتخذ منه صنعة له‬
‫أو حرفة‪ ،‬كما يقول‪ :‬فقد شاب مفرقه واكتوى " بنور " حب النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم وهو رغم ذلك ليس بفقيه وال عالم‪ ،‬قليل الصالة‪ ،‬قليل الصيام‪ ،‬ولكنه لما‬
‫اتخذ المدح ديدنا نال منه ما لم ينله العابدون‪:‬‬

‫وأنا حرفتي العدنانــي‬ ‫الناس لكل واحد حرفة‬

‫يتخلخل الشهد في لساني‬ ‫إذا مدحت جد الشرفا‬

‫بالروح والعقل يكفانــي‬ ‫واذا ذكرت زين الصفة‬

‫بهلول شايق احمد ويخالطني جــداب‬ ‫تختفق الجوارح عني‬

‫خالف من عمى عينه ما شاف لنا كتاب‬ ‫من به علتي يعذرني‬

‫ما اقواك راقدة يا عيني‬

‫في مديح صاحب الشفاعـة‬ ‫شابوجوارحي وعداري‬

‫‪- 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.101‬‬

‫‪320‬‬
‫بالمصطفى نفك جماعــة‬ ‫محروق من لهيب النار‬

‫محسوب من الرجال للطاعة‬ ‫ماني فقيه مانـي قاري‬

‫يكفي إذا اتظلم دنسي فوق الغـــراب‬ ‫شغلي فريد و يواتينـي‬

‫‪1‬‬
‫نقضي فرايضي والسابق في الفلك غاب‬ ‫ماني نصوم غيررمضاني‬

‫ليس في وطاب سيدي لخضر‪ ،‬وهو المقصر‪ ،‬سوى المديح‪ ،‬فهو يتوسل‬
‫إلى اهلل أن يتقبله منه ويجعله سببا في نجاته ونجاة جيرانه‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫لو كان بالمديح يتفكوا هذا العصات تمنع جوارحي وجوارح جيراني‬

‫وأال يتركه عرضة لشماتة األعداء‪ ،‬وهو الذي أفنى في مدحه أياما بلياليها‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫جوزت في المديح ليالي وانهاري‬ ‫يا سيد البشر ال تشفي في االعدا‬

‫وينتظر الشاعر شفاعة النبي صلى اهلل عليه وسلم ولجمـيع المسلميـن‬
‫حاضرهم وغائبهم‪ ،‬متخذا من مدائحه قرابين يتوسل بها إلى النبي الكريم لطلب‬
‫الشفاعة‪:‬‬

‫االخضر ينتظر فيك زايد كرامة‬ ‫مداح يمدحك يا سيـد األسـياد‬

‫‪4‬‬
‫االخوان الغايبين مع اللي متاليمة‬ ‫وجميع من حضرال تحرم جالسي‬

‫وأن يكون جار محمد صلى اهلل عليه وسلم في الجنة بفضل مدحه له ليال‬
‫ونها ار‪:‬‬
‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪ .102‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.169‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.135‬‬

‫‪321‬‬
‫‪1‬‬
‫االخضر يمدحه ليال ونهاري‬ ‫راه ابن خلوف راغب فيه هذي مدة‬

‫جراء مدحه الذي كلف به‪ ،‬يتوسل الشاعر للنبي أن ينال شفاعته‪:‬‬
‫وكمفازة ّ‬
‫‪2‬‬
‫أنا الوالع بالمديح االكحل‬ ‫حشمت الهاشمي حبيبي‬

‫فال يعدم أن ينالها‪:‬‬

‫من يحفظ بيت ما يسـول‬ ‫قال لهم يا مالك ربـي‬

‫‪3‬‬
‫االمان عليــه يا الطاهر‬ ‫قالوا له يا رسول ربي‬

‫ويجعل الشاعر من حب اهلل ورسوله وسيلة تقربه إلى اهلل وتجعله أهال لهذه‬
‫المحبة فيقول في هذين البيتين الرائعين‪:‬‬

‫لوصارت الجبال ذهب ماهي شي تراب‬ ‫من ذكـر الجليل اسمعنـي‬

‫‪4‬‬
‫محبة الرسول ومواليا فيها الثـواب‬ ‫أنفقــتها علـى األخـوان‬

‫ويثق ابن خلوف في أن النبي صلى اهلل عليه وسلم سيشفع له‪ ،‬ويحقق‬
‫مبتغاه من ورود الحوض‪ ،‬وكل ما تشتهيه نفسه‪ ،‬وتلذ عينه القريرة بحب النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬هو وأهله وعاشقي النبي الكريم والتائبين وكل من استمع‬
‫إلى مدحه‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.132‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.141‬‬
‫‪ 3‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.141‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.100‬‬

‫‪322‬‬
‫واللي نبغي يكون عنده‬ ‫يوم نوصل للحوض نورد‬

‫نشـرب ويلذلي بروده‬ ‫في رسوله راني نمجــد‬

‫واللي عشقوا وكل تايب‬ ‫بويا وامي مع جــدودي‬

‫‪1‬‬
‫محشرهم في الجنان طيب‬ ‫وجميع الجالســين عندي‬

‫يعول سيدي لخضر كثي ار على النبي صلى اهلل عليه وسلم في أمر‬
‫كما ّ‬
‫وحرها‪:‬‬
‫الشفاعة وانقاذه من النار ّ‬

‫في يوم الضيق ساعة الحيزة يوكد‬ ‫الماحي شافـعنا ما ينسـانا‬

‫ويسلكنا من حريقها والحمـــان‬ ‫يمنعنا من لهيب نيران الحم ار‬

‫‪2‬‬
‫لخضر مداح سيد األمة العدناني‬ ‫يسرع بنا جميع للجنة الخض ار‬

‫ويرتاح بال ابن خلوف‪ ،‬وهو المثقل باألوزار والخطايا‪ ،‬عندما يتذكر أن‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم يشفع له عند ربه ويأخذ بيده ‪:‬‬

‫شين االفعال ابن خلوف المرمادي‬ ‫خبره عند العباد تــاب‬

‫‪3‬‬
‫يشفع فيه الرسول يــوم الميعاد‬ ‫يوم الحسـاب والعقـاب‬

‫هو وجميع المذنبين‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫يشفع في المذنبين يــوم الميعاد‬ ‫محمد راحة العقـــاب‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.103‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.125‬‬
‫‪ - 3‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.114‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص ‪116‬‬

‫‪323‬‬
‫وسمع للنار تغيضا وزفيرا‪ ،‬جاء صلى اهلل‬
‫حتى إذا وقف المذنبون أمام ربهم ُ‬
‫عليه وسلم ليعتق رقابهم بشفاعته لهم عند ربهم ‪:‬‬

‫والصحيح كان عليل‬ ‫وجوه المذنبين تذبال و تصفار‬

‫يوكد محمد الفضـيل‬ ‫إذا زفرت لهيبها و قدات النار‬

‫ال فرق بين جميع العباد‬ ‫احوال الشيخ والشبــــاب‬

‫‪1‬‬
‫المفضل شفيعنا محمدي‬ ‫يعتقها مفتاح كل بــــاب‬

‫وعادة عند سيدي لخضر ما تلي الشفاعة‪ ،‬الصالة على النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ألنها موجبة لها‪ ،‬كما في قوله‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫محمد صاحب الشفاعة والمداني‬ ‫صلوا وسلموا على طيب االذكار‬

‫ويتوسل الشاعر إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم أال يحرمه من الشفاعة‬
‫فيقول‪:‬‬

‫والمذنبــات كـلـــها‬ ‫اجعلنا فـي حمى شفيع المذنبين‬

‫‪3‬‬
‫من دون الغـــير منتها‬ ‫ال تجعلنا من الشفاعة محرومين‬

‫وهو صلى اهلل عليه وسلم الشفيع المشفع الذي يحول بين أمته وبين النار‬
‫فال ِي ِِ ِِ ِِ ِِردوها‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫أمته ينعرها من حر نارها‬ ‫شفيعنا في يوم الهول والزحام‬

‫‪ - 1‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.100‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.153‬‬

‫‪324‬‬
‫وال يقطع سيدي لخضر أمله ورجاءه في رحمة اهلل وشفاعة نبيه رغم كثرة‬
‫ذنوبه‪ ،‬فيقول في ذلك‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫آمن درى ينغسل لي وسخ الذنوب راجي رحمته وشفاعته ابو القاسم‬

‫من المالحظ أن ابن خلوف استعمل بعض األلفاظ الدالة على التوسل مثل‬
‫" دخيلكم‪ ،‬نحشمكم‪ ،‬أنا عبيدكم‪ ،‬تكلي عليك‪ ،‬في جود‪ ،‬بجاه"‪ ،‬أبدى من خـاللها‬
‫يعـبر بـها إلى شاطئ النجاة‪.‬‬
‫نفسا منكسرة تتعلق بأي شـيء من شأنه أن ْ‬

‫وهكذا فموضوع التوسل والتشفع هو الموضوع األكثر برو از من بين‬


‫الموضوعات‪ ،‬ذلك أن الشفاعة هي الغاية الكبرى التي يطمح إليها الشاعر‪ ،‬وهو‬
‫يتوسل من أجل نيلها بشتى الوسائط والوسائل‪ ،‬معتب ار المدح ضربا من أرقى‬
‫ضروب العمل الصالح‪ ،‬وأداة يتوسل بها إلى اهلل وينال شفاعة نبيه صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫ِ‬
‫يكتف ابن خلوف بطلب الشفاعة له وألهله فحسب‪ ،‬بل يريدها لكافة‬ ‫لم‬
‫ب نفسه واعظا وحكيما يدعو إلى الخير والصالح‪ ،‬ويح ّذر‬
‫المؤمنين‪ ،‬ولذلك ُيَنص ُ‬
‫ويذ ّكر‪ ،‬مشركا نفسه في التقصير‪ ،‬لينال األذن الصاغية‪ ،‬ومفرغا عصارة تجاربه‬
‫بالحياة في حكم بليغة‪ ،‬نطّلع على كل ذلك في موضوع الحكم والمواعظ‪.‬‬

‫موضوع الحكم والمواعظ‪:‬‬ ‫‪- 27‬‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪: .166‬‬


‫آمن درى‪ :‬للتساؤل‪ ،‬بمعنى ياترى‪.‬‬ ‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.133‬‬

‫‪325‬‬
‫ال شك أن سيدي لخضر بن خلوف‪ ،‬وهو الولي الصالح يحمل بين جنبيه‬
‫نفسا خيرة تحب جميع الناس وترجو لهم الهداية والسداد‪ ،‬كما ال شك أن طبعه‬
‫كان صحيحا ومزاجه سليما‪ُ ،‬مشربا بعفة النفس ومتشبعا بالمثل األخالقية والقيم‬
‫بح َكم وجــدناها مبثوثة في تضاعيف قصائده ‪ ،‬صاغها في‬ ‫اإلنسانيــة‪ ،‬لذا جاء ِ‬

‫أبيات وأنصاف أبيات‪.‬‬

‫وهذه الحكم‪ ،‬كما المواعظ‪ ،‬استمدها من مصادر عديدة‪ ،‬منها ما هو نفسي‪،‬‬


‫كتحلي الشاعر باألناة والحلم‪ ،‬وأخذ األمور بروية‪ ،‬وكذا خيريته ‪ ،‬ومنها ما هو‬
‫اجتماعي‪ ،‬كتجاربه وما اعتصر منها من عبر وعظـات‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن‬
‫عمر طويال‪.‬‬
‫سيدي لخضر ّ‬

‫أهله لنسج الحكم‪،‬‬


‫ومنها ثقافته أو تكوينه الديني اإلسالمي‪ ،‬كل ذلك ّ‬
‫وحياكة المواعظ‪ ،‬نسجا حكيما وحياكة بالغة‪ ،‬ينتفع بها الناس ويهتـدون بهديها‪.‬‬

‫ومن جميل حكمه في الدعوة إلى التؤدة والتريث للبث في األمور قوله‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ما تمشي سريع ولو كنت هارب من شدة الخوف جري الوحش عادم‬

‫وعن مصير التسرع والتهور‪ ،‬وهو قريب من المعنى السابق‪ ،‬قوله‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫ويحاه في مصايب غدا‬ ‫من طار يعال ويهــود‬

‫ولعل أكثر ما يدعواليه ابن خلوف في حكمه هو االحتراز من الدنيا‬


‫وغرورها‪ ،‬وحرصه على نبذها والزهد فيها‪ ،‬نعرض في ذلك قوله‪:‬‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪،‬الديوان‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫يهــوّ د‪ :‬أي يهبط‬ ‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.41‬‬

‫‪326‬‬
‫ومن غبط في الدنيا ترجع عليه م ار‬ ‫من حرص على الدنيا دار الغـرورحاير‬

‫‪1‬‬
‫لكن أهـل النسب متوافقين بكـــ ار‬ ‫من كثرمن الشهوات انعمات البصاير‬

‫ويبشر من حرص على الدنيا ومن زهد فيها‪ ،‬هذا بالشقاء وذاك بالسعادة‬
‫فيقول‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫تبتشر الزهاد باالفراح والسرور‬ ‫من حرص في الدنيا ما زال في الشقا‬

‫ومثل ذلك قوله‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫من حرص على الدنيا ما كان ماقضا‬ ‫من مدح سيد األمة ما يرى غضيب‬

‫وما انقضاء األيام والشهور والدهور إال إيذان بقرب األجل‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫ناقصة من عمري وأنا انعدها‬ ‫الشهر والجمعة واأليام واألعوام‬

‫فيقبل‬
‫نعم‪ ،‬ما هذه الدنيا إال مسرح للتعب يفرح بها الشاب و يرغب فيها ُ‬
‫عليها‪ ،‬فتُرهقه‪ ،‬ويرغب عنها الشيخ بعد أن أنهكته وأورثته عذابها‪ ،‬هذه هي‬
‫الصورة التي حملها البيت‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫وعذاب الشيخ تاعبين جاي وغادي‬ ‫الدنـيا علـة الشبـاب‬

‫وال يتردد في تمثيلها كجيفة اجتمع عليها طالّبها الذين وصفهم بالكالب في‬
‫وحشيتهم ونهمهم فيقول‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪ - 2‬بخوشة‪،‬الديوان‪ ،‬ص‪132‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.160‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪.113‬‬

‫‪327‬‬
‫‪1‬‬
‫أم الغرور جيفة وجماعتها كالب‬ ‫مداح الرسول راه غانــــي‬

‫واللبيب اللبيب من يجمع بين عملي الدنيا واآلخرة‪ ،‬فيكون بذلك قد أعطى‬
‫كل واحدة حقها‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.101‬‬

‫‪328‬‬
‫من ال حرث ما يحصد شي‬ ‫بالحرث فازت االغنيا‬

‫من ال ذكـر ما يوجد شي‬ ‫بالذكر فازت االولـيا‬

‫‪1‬‬
‫واللي زعيم ما ينسـى شي‬ ‫هكذا اآلخرة و الدنيـا‬

‫ومن الحكمة أن يردع اإلنسان نفسه فينهها عن غيها قبل أن يباغته الموت‬
‫على حين غرة‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫قبل اال يجيه أجله ويقبضه شباب‬ ‫الحادق اللبيق يونـــي‬

‫وقريب من هذا المعنى قوله‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫من قبل اال تجيـه الحمـال‬ ‫مول العقل يولي بكـري‬

‫وكأني بالشطر األخير من هذا البيت يالئم الشطر األول من البيت الذي‬
‫سبقه‪ ،‬ونفس األمر لبقية الشطرين ليصبحان على هذا الشكل ‪:‬‬

‫من قبل اال تجيــه الحـــمال‬ ‫"الحادق اللبيق يونــي‬

‫قبل أال يجيه أجله ويقبضه شباب"‬ ‫مول العقل يولي بكري‬

‫ولعله يقصد بعبارة " يولي بكري " المبادرة بالتوبة‪ ،‬وهي استعارة لطيفة‪.‬‬

‫يضمن الشاعر حكمة شعبية معروفة فحواها أن الكذب من خوارم المروءة‪،‬‬


‫ّ‬
‫يريد بها االعتراف بتقصيره‪ ،‬إذ يقول‪:‬‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان ص‪.106‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪ .100‬يو ّني‪ :‬لفظة عامية؛ بعد نصب الخيمة يُجمع التراب أو الرمل على حواشيها لمنع‬
‫المطر من التسرب داخلها‪ ،‬وهذا التراب أو الرمل يسمى الوني‪ ،‬وهي استعارة لطيفة‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.136‬‬

‫‪329‬‬
‫‪1‬‬
‫ما زاد الكذب في الرجلة‬ ‫ماذا كذبت وصفي كذبي‬

‫وعن تقصيره أيضا في حق ربه‪ ،‬وكيف يذكره في الشدة ويعصيه في‬


‫الرخاء‪ ،‬يقول في هذه الحكمة الجميلة‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫واذا بريت نعمل زلة‬ ‫إذا مرضت نعرف ربي‬

‫وينفي عن نفسه الخيانة وأنه ليس بذي الوجهين‪ ،‬في حكمة لعلها سائرة في‬
‫األوساط الشعبية‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫للساع ما فضحني ربي بخيانة‬ ‫أكلي مع االدياب وشكايا للراعي‬

‫وعن مكر الناس ولؤمهم يصوغ لنا حكمة يذكر فيها تستر اللئام ومراوغاتهم‬
‫فيقول‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫والمستذيب يرجع لالذياب ابحاله‬ ‫النـاس اذياب في ثيـــاب‬

‫وفي معنى " ليس الخبر كالمعاينة " يقول‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫مدح شفيع العباد ذيك بالدي‬ ‫من الشاف البالد ماعطى شي اخبارها‬

‫وعن رحمة اهلل ورفقه بعباده ولطفه بهم يقول في هذه الحكمة البالغة‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫ما يحقد صايد الوحوش عن شباله‬ ‫المولى يعتــق الرقـــاب‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.101‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.100‬‬
‫‪ - 3‬بخوشة‪ ،‬الديوان ‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫‪ - 4‬نفسه ‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪.135‬‬
‫‪ - 6‬نفسه‪ ،‬ص ‪113‬‬

‫‪330‬‬
‫وهكذا نرى أن الحكمة تصب في معنى الموعظة‪ ،‬ذلك أن منبعهما خبرة‬
‫الحياة ‪ ،‬فال يكون الحكيم حكيما وال الواعظ و اعظا إال إذا تمرس بالحياة وخبِر‬
‫أحوالها‪ ،‬ومحصته صروفها‪.‬‬

‫أما الوعظ عند سيدي لخضر فهو مزيج بين التذكيـر والتحذيـر والترغيب‬
‫والترهيب متأث ار في ذلك بأسلوب القرآن الكريم‪.‬‬

‫إن أحوج الناس إلى الموعظة هم أهل الغفلة‪ ،‬ولذلك نجد ابن خلوف‬
‫يدعوهم إلى المبادرة باألعمال الصالحة ونبذ الدنيا وملذاتها كما في قوله‪:‬‬

‫دع عنــك الفانية أم الغـرور‬ ‫يا الغافل بادر واعمل للقـــا‬

‫‪1‬‬
‫اطلب اهلل يعطيك الحور والقصور‬ ‫دار االحزان ودار الغبن ما حقه‬

‫ويدعوهم أيضا لالستفاقة من الغفلة قبل حلول األجل‪ ،‬كما يعظهم بالرضى‬
‫بقضاء اهلل فيقول‪:‬‬

‫قبل اال تتعرض لك المعرضا‬ ‫يا العبد استرجع لموالك يا لبيب‬

‫‪2‬‬
‫كيف قدر ربي بأحكامه ْرضا‬ ‫واستيقظ من الغفلة قبل اال تغيب‬

‫وفي وعظه للغافلين ومن شابههم من أهل الفساد والطغيان والظلم‪ُ ،‬ي ْش ِه ُر‬
‫مصيرهم‪:‬‬

‫ما عملوا زاد للرحيل‬ ‫يا ويح الغافلين عن ذكرالجبار‬

‫ينفقدوا جيل بعد جيل‬ ‫والمشغولين بالفسد واالستكبار‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.132‬‬

‫‪331‬‬
‫غير التوبيخ و الشعيل‬ ‫والطاغيين ما لهم في ذيك الدار‬

‫يحترقوا عن طول الزمان‬ ‫أصحاب الظلم فـــي الظـالم‬

‫‪1‬‬
‫في الحضرة جامدين ودكان‬ ‫والمشــتغلين بالحــــطام‬

‫غرتهم الدنيا بزخرفها فانساقـ ـوا يطلبونها‪،‬‬


‫يقرعهم عن غفلتهم‪ ،‬وكيف ّ‬
‫بل ّ‬
‫ويأملون الخلود‪ ،‬ناكرين صولة الموت‪:‬‬

‫يرجاها النوم الطــويل‬ ‫يا ماذا من عين نايمـة‬

‫ما عارف الموت تصيل‬ ‫وماذا من راس في السما‬

‫وال عنده منـها رحيـل‬ ‫حاسب دار الشوم دايمة‬

‫يهتف في بحـر الظالم‬ ‫يا ماذا من قلب عامـي‬

‫‪2‬‬
‫وال ترشيد وال لجام‬ ‫ال تدبير ال استقـــام‬

‫أما الغافل الذي يسعى لتزكيه نفسه ومداواتها‪ ،‬فيعظه بترك الشهوات وتذ ّكر‬
‫الموت‪:‬‬

‫واترك شهوات النفس تبراعيوبها‬ ‫انتبه يا غافل بـركا من المنام‬

‫‪3‬‬
‫بغتة تاتيك من بعد بعـــدها‬ ‫اتفكر يوم تاتيك الموت كالسهام‬

‫معرض للغفلة أيضا فتجده يطلب منهم النصرة عند‬


‫وهو على وعظه للناس ّ‬
‫الذكرى‪ ،‬والنصح عند الغفلة‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪،‬ص ‪.150‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.145‬‬
‫بركا ‪ :‬أي كفى‬ ‫‪ - 3‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.165‬‬

‫‪332‬‬
‫نذكر رب الملك هـو‬ ‫اذا تكلمت رافقـونــي‬

‫وبه الحول مع القـوة‬ ‫من به الحرك و السكون‬

‫‪1‬‬
‫بحق الحقيق يا الخاوا‬ ‫واذا نغفل انصحونــي‬

‫وال أخطر عند ابن خلوف من الدنيا‪ ،‬فهي كالبحر في عمقه‪ ،‬يغريك ساحله‬
‫ولكنك قد تغرق في لجه‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫ساحل على يمينه و اللج يسا ار‬ ‫اذا دخلت بحر الدنيا راه عميق‬

‫ويعظ مذك ار أن أكثر الناس غرقوا في هذا البحر ألنهم لم يطلبوا العلم‬
‫الشرعي‪ ،‬ولم يسألوا عن دينهم‪ ،‬فما أشبههم بالدواب‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫غرقوا في الدنيا ما ق اروا ما سالوا‬ ‫كثرة الخلق كالـــدواب‬

‫فماغنموا شيئا ألنهم لم يأخذوا بأسباب الغنيمة التي هي سنة اهلل ورسوله‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫أسباب الخير سنة اهلل وارساله‬ ‫ما دارو للغنى سبـــاب‬

‫ودعوة ابن خلوف إلى الزهد بالغة‪ ،‬فقد صيرت هذه الدنيا صفـوةَ الخلق وهم‬
‫الرسول وأصحابه إلى الفناء‪ ،‬فال حاجة إذن إلى التشبث بها وطلبها‪:‬‬

‫مغرور اللي يشد فيها باليــدين‬ ‫راهم غابواوجوه المالح من الدنيا‬

‫بـعد المصطفى احمد سيد الثقلين‬ ‫حسيت ذا القلب ذاب من ذا الكية‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.139‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.130‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪.‬‬

‫‪333‬‬
‫عنان المجد من ترك الفانيـــة ابوحفص مع عمر وعثمان النورين‬

‫األميرعلي ارضاه اهلل واعطى له‬ ‫ابن عم النبـي صـــــواب‬

‫‪1‬‬
‫الحسن والحسين نجومه يتاللوا‬ ‫واصحاب المصطفى اقـــراب‬

‫ويعطي الشاعر نماذج بشرية أخرى منها من يتأسف على ما ضيع ومنها‬
‫من رحل وترك أث ار طيبا ُيذكر به في الناس‪:‬‬

‫ماذا من شيخ شايب اللحية مسلوب إذا تكلم يحرق الشوم أكبــاده‬

‫اهـجر زوجه ومالــه واوالده‬ ‫ماذا من كهل فارق الدنيا محبوب‬

‫‪2‬‬
‫ما يزرع إال الصالح من غيرافساده‬ ‫في أيام الصغر اجتنب كل ذنوب‬

‫ومن الغفلة وحب الدنيا التحلي بخصال من شأنها أن تضر اإلنسان‪ ،‬فيلقى‬
‫في العذاب مهانا‪ ،‬وهذه الخصال هي الغفلة‪ ،‬وقد عبر عنها "بالسهو"‪ ،‬والظلم‪ ،‬وقد‬
‫عبر عنه " يبدا بالعار " وعقوق الوالدين‪ ،‬خاصة األم‪ ،‬و إيذاء الجار‪ ،‬يقول في‬
‫ذلك واعظا‪:‬‬

‫القلوب الصافيين هما اللي غنموا‬ ‫انظرت اليوم في كتاب كنز األسرار‬

‫وأبشر بالهم يا اللي سامح في امه‬ ‫ياويحه من ساها وبدا بالعـــار‬

‫يا ويحه بالتمام ما حمل في همه‬ ‫وعاصي الوالدين واللي ياذي الجار‬

‫يوم الوعد والوعيد تم يســالوا‬ ‫ذو الخمسة لهـم حســـــاب‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪110‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫‪334‬‬
‫‪1‬‬
‫بساليسل الحديد زايد غلغــاله‬ ‫ما بعد عذابهم عـــــــذاب‬

‫وعن الزور واللهو وعاقبتهما يقول‪:‬‬

‫من الذراع المتين ما فكه ماله‬ ‫من لبس الزور ما يهاب‬

‫‪2‬‬
‫من يستفتح بالنبى يزين حاله‬ ‫مارايت اشين من اللعاب‬

‫ويذكر هنا عظمة الكذب وأكل أموال الناس بالباطل وينفّر منها فيقول‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫إال الكذاب و من أكل أموال الناس‬ ‫اهلل يعفو على الشهيد كثير الذنب‬

‫كما يحذر من عضوين خطيرين في الجسم هما مجلبة للهالك‪ :‬اللسان‬


‫والعين‪:‬‬

‫هويورثك للمـــــــحنة وهالك‬ ‫خلق اللسان ما فيه عظام‬

‫‪4‬‬
‫هي سباب عصيانك يا معمـــــاك‬ ‫العين غضها يا ظالــم‬

‫وهو كما يعظ بترك هذه الخصال ونبذها‪ ،‬يعظ بالتمسك بأحسنها لمن أراد‬
‫النجاة والفوز‪.‬‬

‫ولما كانت الصالة هي الركن الركين في الدين وعماده‪ ،‬فإن الشاعر يدعو‬
‫إلى المحافظة عليها في قصيدة " قم صلي "‪ 5‬والتي منها‪:‬‬

‫عندما الح الفجر وبان قم صلي‬ ‫قم صلي واخزي الشيطان يا الغفالن‬

‫‪ - 1‬نفسه‪.112 ،‬‬
‫‪ - 2‬المرجع السابق‪.134 ،‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.110 ،‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪.133 ،‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪.163‬‬

‫‪335‬‬
‫ويعظ بضرورة التحلي بالحزم والعزم في طلب اآلخرة في صور شعرية شائقة‪:‬‬

‫من قبل اال تجيه الحملـــــة‬ ‫مول العقل ايولي بكــري‬

‫ما هو غفيل حتى ليلـــــة‬ ‫ويكون لبيب فاهم حـذري‬

‫من ال تفك منه حيلــــــة‬ ‫واين الهروب تحت الباري‬

‫طريق الشمال ما فيها شي سالك‬ ‫خذ الطريق ليس تســـلم‬

‫‪1‬‬
‫إذا اتبعتها يا ويحك ما جـــاك‬ ‫تحسب ساهلة يا نـــادم‬

‫السنة والحفاظ على الصلوات وطلب العلم‬


‫ويطرح بدائل للنجاة‪ ،‬منها اتباع ّ‬
‫الشرعي‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫سول على طريق السنــة‬ ‫إذا بغيت تنجي نفـــسك‬

‫هذوا عاليم أهل الجنـــة‬ ‫أوقف معا شروط صالتك‬

‫‪2‬‬
‫الجهل يورثـك للغبنـــة‬ ‫ابحث ديما عن ديـــنك‬

‫الموت أكبر واعظ للحي‪ ،‬علم ابن خلوف هذا‪ ،‬فاتخذ منه أداة للوعظ‪ ،‬فها‬
‫هو يدعو عينه لليقظة واالتعاظ بالموت التي هي غاية كل حي‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫من نومك الطويل يتقضى‬ ‫ياعيني بادري باليقضة‬

‫‪3‬‬
‫بالمـوت الش ما تتعظي‬ ‫ذا الحي الغناه يمضى‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.136‬‬
‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪133‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪ 104‬وما يليها‪.‬‬

‫‪336‬‬
‫والموت حق ال شك فيه وال ريب‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫صح الخبر بال شك وال ارتياب‬ ‫الموت ال غنى تدركني‬

‫ويكثر ابن خلوف من ذكر هادم اللذات والقبر ودنو األجل حتى ال يشتغل‬
‫بالدنيا‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫ومنزلي يدركني هتف الغراب‬ ‫في كل حين يدنو مني قبري‬

‫ومثل ذلك قوله‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫راه القبر ديما ينــــادي‬ ‫يا من درى يوم يهنينا‬

‫ويستحضر هول القبر وكيف يصير إليه بعد أن كان في حياته الدنيا ينعم‬
‫بالمأكل والمشرب‪ ،‬مزهوا برغد العيش‪ ،‬داعيا النفس أن تبادر بالتوبة وتتعظ بهذا‬
‫المآل الذي هو مصير كل حي‪ ،‬إال الحي الذي ال يموت‪:‬‬

‫من هول المصايــب االخـــرى‬ ‫ما اعظم النزول ليل القبر‬

‫بالما يغسلوني ويلقوا عني الثيــاب‬ ‫إذا صفات روحي منـي‬

‫‪4‬‬
‫بعد الطعام والماء والزهو مع االنطراب‬ ‫يتبدلو لمحاسن عنـــي‬

‫والبن خلوف رحلة طويلة مع القبر حتى إنه سمعه يقول‪:‬‬

‫أنا الميــــــــتم األوالدي‬ ‫أنا‪ ،‬يقول‪ :‬دار الهنـــــا‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.104‬‬
‫هتف الغراب‪ :‬أي دون سابق إنذار‪.‬‬ ‫‪ - 2‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.103‬‬
‫‪ - 4‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.109‬‬

‫‪337‬‬
‫‪1‬‬
‫يجي هنا ويرجع غــــادي‬ ‫واللي عليه ما قال أنــــا‬

‫وفي ذلك ت ٍّ‬


‫حد من القبر أن كل زائريه ال سبيل لخروجهم أو عودتهم‪.‬‬

‫ويتمثل وحشة القبر وظلمته والتراب يحثى على جسد فارقته الروح فيقول‪:‬‬

‫في دار مظلمة مســدودة‬ ‫يوم الممات نمسى وحدي‬

‫‪2‬‬
‫والروح فانية مفقـــودة‬ ‫ايزيلف التراب خـدودي‬

‫كما يتمثل الملكين يسائالنه‪:‬‬

‫يتكدروا علي بوجوه سـود اغضاب‬ ‫وماليك السؤال تاتينـي‬

‫‪3‬‬
‫على القواعد المفروضة تعطى الجواب‬ ‫هما اثنين يختبرونـــي‬

‫ولو عمر اإلنسان ما عمره نبي اهلل نوح عليه السالم فإن مصيره إلى القبر‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫لو عشت مالبث نوح أخرتي للتراب‬ ‫للقبر ال غنا يدونــــي‬

‫وال يغني عنه ماله في ورود القبر‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫ينحط كخواه في الحفرة من التراب‬ ‫ولو لبس الذهب المثنـي‬

‫ويدعو عينه أال تنام‪ ،‬وتذكر دائما أول منازل القيامة‪ ،‬واأليدي تتداول على‬
‫حملة ودفنه‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.103‬‬
‫ايزيلف‪ :‬يقع بشكل عشوائي‪.‬‬ ‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.103‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.100‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪.106‬‬

‫‪338‬‬
‫و اتفكري ليلة الدفيــن‬ ‫يا عيني ال ترقدي نوحي ببكـاك‬

‫‪1‬‬
‫بالفاس وكثرة اليديــن‬ ‫في دار اللحد نتدفن من ذاك لذاك‬

‫وهو بإشراكه في هذه المواعظ يستدرج السامع لينال سمعه وعقله وال يقف‬
‫بمعزل عن سواه من الناس‪.‬‬

‫ويعرض الشاعر صو ار مختلفة للترهيب والترغيب‪ ،‬فيصور الصراط وعرض‬


‫الناس عليه‪:‬‬

‫وترى القصاص والوزرين‬ ‫بعد الصراط ينتصب ذاك الميــــزان‬

‫والمخلوقات بارزيـــن‬ ‫الشمس تكون في الرؤوس والما غليـان‬

‫‪2‬‬
‫على الصراط جايزيـن‬ ‫المحسنين كالخطاطف من االمـــزان‬

‫وهنا بيان للمؤمنين كيف يجتازون الصراط بكل سرعة و خفة‪.‬‬

‫ويزيد في تهويل الصراط فيقول‪:‬‬

‫وثالثة أالف هابطين‬ ‫طول الصراط يا صديق تسعة آالف‬

‫‪3‬‬
‫وارق من شعرة يس‬ ‫احمى من نار حامية واقطع من سيق‬

‫وينفر ابن خلوف في وعظه من الكفر ببيان مصير الكافرين ومن تبعهم من‬
‫أهل الظلم فيقول‪:‬‬

‫وكل ما عمل ما نفعه بمسالة‬ ‫وكل ما جرى لذا الكافر ما فاده‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.150‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.150‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.‬‬

‫‪339‬‬
‫‪1‬‬
‫ويحاه جنوده وناسه الظالمة‬ ‫في العذاب باقي والهم يقاسي‬

‫كما يخبرنا أن سعي الكافر في ضالل‪ ،‬وبين طيات هذه األبيات وثناياها‬
‫دعوة إلى نبذ الدنيا‪ ،‬وطلب عيش الكفاف‪ ،‬ذلك طريق الزهد الذي ارتضاه الشاعر‬
‫لنفسه‪:‬‬

‫ومياة عام يجلب المياه التامة‬ ‫مياة عام وهو يبني في األساس‬

‫‪2‬‬
‫ومياة عام تزويق للدار الهادمة‬ ‫مياة عام يرصع ذوك األقواس‬

‫" ومياة عام " هنا ال تدل على الزمن بعينه‪ ،‬بل تفيد الكثرة المطلقة للزمن‪،‬‬
‫والحرص الشديد على الدنيا والمبالغة في طلبها‪ ،‬وبالتالي استبعاد الفناء ورفض‬
‫الموت ومحاولة إلغائه‪ ،‬وهو تصوير داخلي لعقيدة الكافر من خالل تجليها في‬
‫السلوك الخارجي‪.‬‬

‫ولكن كل ذلك يجبر بالتوبة التي يعظ بها الشاعر ويدعوا إليها في قوله‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫واتفكر القبر عذابه يرجاك‬ ‫هلل توب يا بونـــــادم‬

‫وبعد التوبة يبقى إعداد الزاد لسفر طويل بال رجعة‪ ،‬وهي نصيحة من‬
‫الشاعر‪:‬‬

‫خذ الطريق واسغى ليـــا‬ ‫اعمل الزاد باش تســافر‬

‫‪4‬‬
‫من مات ما رجع للدنيـــا‬ ‫سفرا طويل هذا ياســـر‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.130‬‬
‫‪ - 2‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ .‬ص‪.136‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪.‬‬

‫‪340‬‬
‫أما آن األوان للتوبة وقد أشرف العمر على االنقضاء وهوت شمسه إلى‬
‫َ‬
‫الغروب‪:‬‬

‫الشمس اهوات للغــروب‬ ‫ما أقواني نغبط المنام ونتهنـى‬

‫‪1‬‬
‫وما نستخشع وال نــتوب‬ ‫الحرث شباب فالعمر ستين سنة‬

‫ويقف واعظا يذ ّكر أن األخسرين أعماال هم الذين نأوا بجانبهم عن التوبة‪،‬‬


‫وع َدلوا عنها وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا‪:‬‬
‫َ‬

‫في العمر ما عصى شيطانــــه‬ ‫من ال يتوب بعد الغيبــــة‬

‫وايحــه ما يحق سلطانــــه‬ ‫من ال يتوجـــه للتوبـــة‬

‫والخيـــر ما تراه عيانــــه‬ ‫ُّ‬


‫يد من النعيم مسلوبـــــة‬

‫ال جير ال حجرال معدن جابه صواب‬ ‫ساسه من الرملة مبنــــي‬

‫‪2‬‬
‫وربي يقول دار الفساق تمسى خراب‬ ‫هو يقــــول راه يبنــي‬

‫ويذكر بمصير من أعرض عن التوبة فيقول‪:‬‬

‫مفروض يسكن تلظـــــــا‬ ‫من ال يتوب وال ينــــدم‬

‫‪3‬‬
‫قزدير ما هو شي فضــــــا‬ ‫من ال يقول أنا مسلــــم‬

‫وعلى النقيض من ذلك ُيظهر مصير المؤمنين‪ ،‬وهو بذلك يراوح في وعظه‬
‫بين الترغيب والترهيب‪ ،‬يقول‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.150‬‬
‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 103‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ .‬ص‪.41‬‬

‫‪341‬‬
‫‪1‬‬
‫في الجنتـين آمنـيـــــن‬ ‫والتابعين ماليهم غير الخلـود‬

‫ويقول أيضا‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫أبكار ترابها عـــــروب‬ ‫المحسنيــن وعد اهلل الحسنى‬

‫وعن نعيم الجنة وما أعده اهلل للمؤمنين من مالبس‪ ،‬وحور‪ ،‬ومسك‪ ،‬وأودية‬
‫من ماء وخمر وعسل ولبن‪ :‬يقول‪:‬‬

‫فيها الريحان والمالبس في الفردوس و االستبراق والحور واله ازرات‬

‫قاصرات الطرف صافيات األبدان‬ ‫والمقصورات في الخيـــــام‬

‫‪3‬‬
‫الما والخمر والعســل واللبن‬ ‫مسك وعنبــــــــر بالتمام‬

‫وعما أعد اهلل للمؤمنين من حور يقول أيضا‪:‬‬

‫حرات البدن قاصرات طرف العينين ترى في ضيا كل حرة نور كتاب‬

‫‪4‬‬
‫عليها ثياب من نور ابشر يا مومن انت لنا حبيب واحنا لك أحبـاب‬

‫ويزيد في وعظه من ترغيب المؤمنين في الجنة‪ ،‬فيذكر بعض ما فيها وأنها‬


‫خالصة ألمة محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وهي من صنع اهلل الذي أتقن كل‬
‫شيء‪ ،‬وليست كإرم ذات العماد التي فنيت مع فناء بانيها‪:‬‬

‫السندوس األخضر العجــيب‬ ‫فيها الديباج والقصور والريحان‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ .‬ص‪.150‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 3‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.155‬‬
‫‪ - 4‬نفسه ‪.‬‬

‫‪342‬‬
‫كالزعفران و الكتـــيــب‬ ‫فيها الياقوت والذهب والمرجان‬

‫ألمة محمــــد الحــبيب‬ ‫فيها العقيان والكواكـب دران‬

‫‪1‬‬
‫ذات العماد صنعها العبد الفاني‬ ‫ال تحسبــــــها كاألرام‬

‫ويدعو ابن خلوف لألخذ بهذه المواعظ ويوصي بالعمل بها‪ ،‬فهو في دعوته‬
‫هذه يخلص النصح إذ اهلل أعلم بذلك‪:‬‬

‫إذا بغيت تعمل بــــــــها‬ ‫هذي وصياتي وصيتـك‬

‫هذا االقوال غير احضيـــــها‬ ‫شد العالم رتب يــدك‬

‫بالصوم والصالة أنهــــهــا‬ ‫واذا بغيت تقهر نفسـك‬

‫‪2‬‬
‫قلبه زالل صافي ما فيه هـــالك‬ ‫ربي على الخلوفي عالم‬

‫‪-‬موضوع ذكر الدنيا واآلخرة والجنة والنار‪:‬‬ ‫‪23‬‬

‫جمعنا الدنيا واآلخرة والجنة والنار‪ ،‬ألن ابن خلوف غالبا ما يذكر الدنيا‬
‫واآلخرة مقترنتين‪ ،‬والجنة والنار كذلك‪ ،‬و لئن ورد ذكر هذا الموضوع في ثنايا‬
‫المديح‪ ،‬فهو قريب من موضوع الوعظ ألن فيه من الترغيب في اآلخرة والجنة‬
‫والعمل لها‪ ،‬والترهيب من غرور الدنيا ووعيد النار أكثر مما يعكسه من حقيقة‬
‫الدنيا واآلخرة والجنة والنار‪.‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.156‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪.‬‬

‫‪343‬‬
‫يحشد سيدي لخضر رصدا من تعابير االنتقاص واالحتقار والدونية لينعت‬
‫بها الدنيا فهي " بنت الشيطان " وهي " كلبة الكالب " وهي " ضرة اآلخرة "‬
‫وخادمتها‪:‬‬

‫هذ الدنيا مكنية بنت الشيطان‬ ‫صلى اهلل عليك قدر حروف الها‬

‫ذي تحفر لذيك والملقى تالي‬ ‫هذي الدنيا ضحات لالخرة ضرة‬

‫‪1‬‬
‫فروا من كلبة الكالب الرجالي‬ ‫الدنيا خادم واآلخرة حــــرة‬

‫ويمثلهما في بيت آخر كالضرتين‪ ،‬كلما رضيت األولى غضبت الثانية‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫امنين ترضى الوحدة تغضب عليك االخ ار‬ ‫اآلخرة والدنيا تمثـيلهم اضراير‬

‫وهي الفانية ودار الغرور واألحزان والغبن فال تغفل في طلبها‪ ،‬واطلب‬
‫الجنة ونعيمها‪:‬‬

‫دع عنك الفانيــة ام الغــرور‬ ‫يا الغافل بادر واعمل للــقـا‬

‫‪3‬‬
‫أطلب اهلل يعطيك الحور والقصور‬ ‫دار األحزان ودار الغبن ما حقة‬

‫ويستشهد على غرور الدنيا وزوالها بشواهد تاريخية أقرها القرآن الكريم‪:‬‬

‫يا حارثين الدنيا وهي أم الغـرور غرت من قبل النمرود وشدادهــا‬

‫يد‬ ‫ِ‬
‫تك ُ‬ ‫تح ْفر‪:‬‬
‫ْ‬ ‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.132‬‬

‫‪344‬‬
‫‪1‬‬
‫في إرم ذات العماد بنى كم قصور من الذهب والفضة وازبردج زانها‬
‫ويصر ابن خلوف على نعت الدنيا بأنها أم الغرور وأن طالبها أشبه بالكلب يطلب‬
‫الجيفة‪ ،‬بئس الطالب والمطلوب‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫أم الغرور جيفة وجماعتها كالب‬ ‫مداح الرسول راه غـــاني‬

‫وأنه مغرور من تمسك بها‪ ،‬فقد أفنت قبله من هم خير منه‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫مغرور اللي يشد فيها باليدين‬ ‫راهم غابوا وجوه المالمح من الدنيا‬

‫ويزيد في استحضار الشواهد على فنائها وزوالها بذكر الرجال الذين‬


‫افتقدناهم‪ ،‬وأعظمهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وأهل الصالح والعلم فيقول‪:‬‬

‫والدين ضاع واهله غابــــوا‬ ‫راها صفات هذا الدنيـا‬

‫واين المهاجرين أصحابــــه‬ ‫أين الحبيب سيد رقيـة‬

‫و جميع من ق اروا كتابـــــه‬ ‫والصالحين واألوليـاء‬

‫‪4‬‬
‫مايدوم في الملك إال رب االرباب‬ ‫الكل من عليها فـــان‬

‫والبيت األخير مقتبس من قوله تعالى‪ :‬ك ُّل َم ْن َعلَْيـ َها فَان‪َ ،‬ويَـْبـ َقى َو ْجهُ َربِّ َ‬
‫ك ذُو‬
‫‪5‬‬ ‫اْل ِ‬
‫الل َوا ِْل ْكَرِام الرمحن»‬‫َ‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.130‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ - 3‬نفسه ‪ ،‬ص‪.112‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.105‬‬
‫‪ - 5‬سورة الرحمن‪ ،‬اآليتان ‪ 26‬و‪.23‬‬

‫‪345‬‬
‫وما الدنيا في عين سيدي لخضر إال دار تعب ونصب‪ ،‬وحملها محمل‬
‫العناية واالهتمام يزيد من كدرها‪ ،‬ولذا فهو يدعو عينه أن تبكي نعيا لفنائها‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫الش يا عيني ما تبكي على الدوام ابكي من هذا الدار اشتظفوا حمولها‬

‫ولما كان مصير كل سائر إلى اآلخرة أحد المنزلين‪ ،‬إما الجنة واما النار‪،‬‬
‫فالبد من أحد االثنين‪:‬‬

‫والقلم في األزل يكتب باذن الباري‬ ‫جف المداد باال شقيا والساعـدا‬

‫‪2‬‬
‫فريق في النعيم واالخر في الناري‬ ‫ال بدلي في االثنين المكتوبة وحدا‬

‫‪3‬‬
‫السعِ ِي»‪.‬‬
‫يق ِِف َّ‬ ‫ِ‬
‫مصدقا بذلك قوله تعالى‪ « :‬فَ ِر ٌ‬
‫يق ِِف اْلَنَّة َوفَ ِر ٌ‬

‫ثم يتساءل عن مصيره وأي الدارين تكون له منزال‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫نار الجحيم واال الجــنة داري‬ ‫يا من درى واش يفعل ربي غدا‬

‫ويذكر يوم القيامة وطوله فيقول‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫وطول كل حقب سيرة ألف سنين‬ ‫في يومئذ سبعة ألف احقــاب‬

‫وعن عرض صحيفته يقول‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫ياتيني قرطاس فيه مجموعة مصايبي يطويواه رومان ينتشر بعد حينا‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.162‬‬


‫نفسه‪ ،‬ص‪.169‬‬
‫‪-2‬‬
‫‪ - 3‬سورة الشورى بعض اآلية‪.3‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ - 4‬المرجع السابق‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ - 6‬نفسه‪ ،‬ص‪.31‬‬

‫‪346‬‬
‫أما الجنة والنار فهي سبعة عند ابن خلوف ولعله يقصد بها الدرجات‬
‫والدركات‪ ،‬وال نظنها األبواب ألن أبواب الجنة ثمانية خالف النار التي أبوابها‬
‫سبعة‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫والكرسي الوسيع وعرش الرحمن‬ ‫سبعة نيران حامية سبعة جنات‬

‫كما يظهر ثقة كبيرة باهلل في ورود الجنة ونعيمها‪ ،‬وهذه الثقة نابعة من‬
‫حسن الظن باهلل مصداقا لقوله تعالى في الحديث القدسي " أنا عند ظن عبـدي بي‬
‫فيقول‪:‬‬ ‫‪2‬‬
‫"‬

‫ثم يرضى المداح بقسمة الرضـا‬ ‫ليلة تمسى في بيت الدود ما تخيب‬

‫‪3‬‬
‫والنزول في الجنة وانعايم فايضا‬ ‫ماليكة الرحمن يجوه بالكتيــب‬

‫وتتكاتف هذه الثقة باهلل مع الثقة بشفاعة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬إذ‬
‫يحول بين أمته وبين النار بالجنة فيقول في ذلك‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫والدرقة كل من اخطاته راح مكين‬ ‫ما بين النار وأمته تضحى جنة‬

‫وأول من تفتح له أبواب الجنة يوم البعث هو النبي محمد صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫االول تنفتح قصور الجنة لــه‬ ‫ويوم البعث والحســاب‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.134‬‬
‫‪ - 2‬ابن جميل‪ ،‬محمود بن الجميل‪ ،‬صحيح األحاديث القدسية وشرحها‪ ،‬مكتبة الصفا‪ ،‬القاهرة ‪،2330‬‬
‫ص‪.222‬‬
‫‪ - 3‬بخوشة‪ ،‬الديون‪ ،‬ص‪.132‬‬
‫الدرقة‪ :‬االختباء و االحتماء‪.‬‬ ‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.134‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪.112‬‬

‫‪347‬‬
‫ويذكر ابن خلوف أن الجنة للمتقين‪ ،‬ولكن دخولها يكون برحمة اهلل تعالى‪:‬‬

‫الجنة للمتقين ما فيها من مسايل وانا ماني فارس نغور عليهــــا‬

‫‪1‬‬
‫بالرحمة والمغفرة نحسم ونسايل ما نزعج شي من زفير ما احاط بها‬

‫ومن أهل الجنة الفقراء الذين أعلنوا خضوعهم وذلهم هلل‪ ،‬ونبذوا الدنيا‬
‫الفانية‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫ماله في الفانية دوام يرحل منها‬ ‫الجنة دار كل فقير حقير‬

‫فنالوا بذلك الطاعة وأورثهم اهلل جنته يتقلبون في نعيمها‪:‬‬

‫أهل الدين الصحيح طاعوا ديما الرب تتباشر بالقصور وجنان السنداس‬

‫ووجوههم نايرة كالشمس ياللوا‬ ‫في سرور وفرح وانطـــــراب‬

‫‪3‬‬
‫من عشر اميال يظهر لك حسن جماله‬ ‫وابكار كـــواعـب أتــراب‬

‫أما صفة النار عند سيدي لخضر فهي توقد عشرة آالف عام حتى يسود‬
‫لونها‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫يوقدولها لن اسودت‬ ‫في الحجر عشرة آالف عام‬

‫وهي المظلمة الحالكة السواد‪ ،‬لهيبها من رصاص وكبريت‪ ،‬وجدرانها من‬


‫نحاس‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫‪ - 3‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.110‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.151‬‬

‫‪348‬‬
‫يضحوا جوارها رصـــاص‬ ‫جهنم تكون مظلمة ســـــودا‬

‫وحيوط ديارها نحــــاس‪ 1‬أما أهل النار‬ ‫من الكبريت خطها يطلع لبـــدا‬
‫فهم الفجار واليهود والكفار والعصاة‪:‬‬

‫توتقد للناس الفجار‪ ،‬يا المـــختار‬ ‫من الصهود وحر البـــرد‬

‫‪2‬‬
‫و العصات ابناين الكفار‪ ،‬يا المختار‬ ‫في عظم كافر ويهـــودي‬

‫ويقول في بيت آخر يبين فيه أهل النار وأهل الجنة‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫والجنة ألمة النبي ال زايد غيـــر‬ ‫النار الحامية ليها كف ار ويهود‬

‫وعن مصير الكفار في النار يقول أيضا‪:‬‬

‫ووجوه الكفار ســـودا‬ ‫يوم العطش ما فيــــه وردي‬

‫‪4‬‬
‫ما اشينها حرة شديـــدا‬ ‫ينكبوا في النار تقـــــــدي‬

‫إن طمع ابن خلوف في الجنة وخوفه من النار‪ ،‬أمر تركه يجعل تقصيره‬
‫وتفريطه في حق نفسه نصب عينيه‪ ،‬متسائال في كل أحواله عن مصيره‪ ،‬ولنرى‬
‫ما جاء في هذا الموضوع‪.‬‬

‫موضوع ذكر تقصيره‪:‬‬ ‫‪- 24‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.151‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.139‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.05‬‬

‫‪349‬‬
‫إن من ورع الصالحين وتقواهم‪ ،‬الحديث عن تقصيرهم كأني بهم يستقلون ما‬
‫قدموا من أعمال صالحة وذكر وعبادات‪ ،‬فتجدهم يضعون أنفسهم محل المذنبين‬
‫العجب والغرور‪ ،‬وافتقا ار إلى اهلل وطمعا في مغفرته‪.‬‬
‫العصاة‪ ،‬خوفا من ُ‬

‫فهذا شاعرنا يعزو لنفسه صفات انتقاص عند شعوره بالتقصير‪ ،‬وال يجد‬
‫عزاء إال في طلب شفاعة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فيصف نفسه بأنه " ُعرﱠةُ ُِ‬
‫العرِٓار وهي اإلثم والجناية فيقول‪:‬‬
‫"من ُ‬
‫‪1‬‬
‫من هــو عرة بحــــالي‬ ‫ال غيرك شافع يشفـــع‬

‫وهو "الباير" الذي ال يسأل عنه أحد " الغشيم " الفض الغليظ‪ ،‬فماذا ينفعه‬
‫أمام هذا غير شفاعته صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫يترجى في الرسول جد البغدادي‬ ‫الضيف الباير الغشيـــم‬

‫كمها أمام استهتاره والموت يرقبه‪،‬‬


‫ويستعظم ما عليه من سيئات ويهوله ّ‬
‫فيهرع إلى ربه طالبا التوبة‪:‬‬

‫ماذا من سية علـــــيا‬ ‫نسته از والموت في اثري‬

‫‪3‬‬
‫هب لي يا موالي تــوبا‬ ‫ما قدمت إال ذنــــوبي‬

‫ويعلن ابن خلوف عن تقصيره عنوة‪ ،‬وأنه خاوي الوفاض من العمل‬


‫الصالح‪ ،‬كثير السيئات‪ ،‬منساق وراء شيطانه غارق في طلب الدنيا‪:‬‬

‫ما درت باش نلقى ربـــــــي‬ ‫ال باش يا سيادي ننجـــا‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.00‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.159‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.00‬‬

‫‪350‬‬
‫فعلي قبيح ياسر ذنبــــــــي‬ ‫العمل ال صالح نترجــا‬

‫بالكذب واللسان الزغبـــــــي‬ ‫ماشي في الطريق العوجـا‬

‫في حب أم الغرور كالكلب من الكالب‬ ‫موخوذ مع بال شيطــاني‬

‫‪1‬‬
‫التاح الغطا عن عيني وتركت الصواب‬ ‫ونشوف كل ما يعجبنــي‬

‫وتغشاه الغفلة فيتقاعس لسانه عن ذكر اهلل‪ ،‬يقول في ذلك‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫مغلول اللسان ما تذكـــــر‬ ‫راك غافـــلة يا نفسـي‬

‫وقد أودت به نفسه إلى ارتكاب كل أنواع المحرمات‪:‬‬

‫غير أفعال السوء فعلتهم من قبايل نفسي يا نفس المشوم ما احل لها‬

‫ما هي كيف الناس قايمة بالوجوب ما تركت محرمــات معينينــا‬

‫‪3‬‬
‫لو كانت مستقيمة تشهد لي عيوبي ونترك عيوب الناس ال تولي علينا‬

‫ويتحسر على دنيا أفناها في الملذات يعتريها الجهل والغفلة عن مصير‬


‫كر األيام واألعوام حتى أنذره الشيب معلنا قرب أجله‪:‬‬
‫حتمي ينتظره أعماه عنه ّ‬

‫والجهل والغفلة والنوم يا أخي‬ ‫يا حسرة كنت انا في االكل والشراب‬

‫يا غريب التفريط مع التراخي‬ ‫ما نخمم في بيت الدود والـــتراب‬

‫من غرور الدنيا ودار الكالخي‬ ‫بان شيبي راه مستوجب الخضــاب‬

‫ناقصة من عمري وانا نعدها‬ ‫الشهر والجمعة وااليام واألعـــوام‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.100‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.102‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪ 33‬وما يليها‪.‬‬

‫‪351‬‬
‫‪1‬‬
‫فر منه شبابي وفنات ألهلها‬ ‫في عنان القبة شيبي نصب العالم‬

‫ويعرب الشاعر عن تقصيره ليستدرج المستمع لقبول الموعظة التي يرغب‬


‫في تقديمها له‪ ،‬والنصيحة التي يريد أن يفيده بها‪ ،‬وهي االبتعاد عن الدنيا وزخرفها‬
‫فيقول‪:‬‬

‫من سهو الصغر قربت عقوبتها‬ ‫اهلل الحد‪ ،‬غبت في مرجة من دير‬

‫‪2‬‬
‫يا نفسي دنياة الغرورازي* منها‬ ‫ماذا تمشيت في الظالم نبات نسير‬

‫ومن إشراك نفسه في الوعظ بعد التقصير قوله‪:‬‬

‫عمروا ساداتي منها احمولهـا‬ ‫ال إله إال اهلل للذاكر اغتنـــام‬

‫‪3‬‬
‫يا الراقد مثلي الليلة بطولها‬ ‫خذ حظك منها يا غابط المـنام‬

‫ويعدد سيدي لخضر أعداءه وأعداء اإلنسان عامة التي أوردته موارد‬
‫التقصير والهلكة وهي النفس والهوى والشيطان فيقول‪:‬‬

‫ضيعت في الجفا عمري راهي خاسرة‬ ‫محيي العظام يجبر حالي‬

‫‪4‬‬
‫من رحمة الجليل أخذوا بيا ياس ار‬ ‫النفس والهوى والشيطان الخالي‬

‫والنفس هي أكثر هؤالء األعداء خط ار‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ما كان عدوغير هيـــــــا‬ ‫تاذن لي بالخراب نفســــي‬

‫الكالخي‪ :‬جنس بنات يبدو في الظاهر قوي العود صلبا‪ ،‬لكنه أجوف سريع‬ ‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.160‬‬
‫الكسر‪.‬‬
‫* ّ‬
‫ازي‪ :‬يكفي‬
‫‪ - 2‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.102‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.161‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص‪.131‬‬

‫‪352‬‬
‫ثم يدعو هذه النفس أن ترتدع عن غيها وتستفيق من غفلتها‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫ما تبتعدي يا نفسي ردي بالــك‬ ‫من ذا المنام والغفلة والتفريط‬

‫وبعد النفس يأتي الشيطان الذي يتعوذ منه الشاعر فيقول‪:‬‬

‫ابليس الكافـــر اللعيـن‬ ‫يا ربي ما لنا عدو غير الشيطـان‬

‫‪3‬‬
‫وأعوذ بــــك يا معين‬ ‫ماذا له من اخيال يخلي بها االوطان‬

‫ويعقد ابن خلوف مقارنة بين السلف الصالح وأبناء جيله‪ ،‬وهو منهم‪ ،‬لبيان‬
‫تقصيره وغفلته فيقول‪:‬‬

‫يا مروا بالمعروف وينهوا عن الفساد‬ ‫واينهم من كانوا بالعلم عاملين‬

‫‪4‬‬
‫فايزين بالرحمة واحنا غافليـن وما يدوم إال ربــي خالق العباد‬

‫ويعترف الشاعر أنه فرط في شبابه‪ ،‬لكنه تدارك في شيخوخته ما ضيع‬


‫معتذ ار بحجة أن لكل جواد كبوة‪:‬‬

‫بيدي مستقبلي تكســـــر‬ ‫أنا فرطت في شبابــــــي‬

‫‪5‬‬
‫نستخشع والبعير يعثــــر‬ ‫يتمرت في العيوب شيبــــي‬

‫وأمام هذا التقصير كله في حق نفسه يتمنى أال يدركه الموت‪ ،‬والت حين‬
‫مناص‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.143‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫‪ - 4‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.160‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص‪.139‬‬

‫‪353‬‬
‫‪1‬‬
‫في كل حين حجلة سافر بها عقاب‬ ‫ليته الرحيل ما ياتينــــي‬

‫في هذا البيت صورة لطيفة‪ ،‬وهي تصوير للروح " بالحجلة "‪ ،‬ذلك الطائر‬
‫الجميل الحريص على الحياة‪ ،‬وتصويره للموت " بالعقاب " وكيف يبهت طائر‬
‫الحجل على حين غرة فال يستطيع رد سطوته‪ ،‬وهي صور مستوحاة من بيئة‬
‫الشاعر‪.‬‬

‫وأمام هذا التقصير أيضا‪ ،‬يلوذ ابن خلوف إلى الدعاء الذي تخلل مدائحه‪.‬‬

‫موضوع الدعاء‪:‬‬ ‫‪- 25‬‬

‫ورد في حديث النبي صلى اهلل عليه وسلم أن "الدعاء هو العبادة "‪ ،2‬وابن‬
‫خلوف العارف باهلل الزاهد‪ ،‬ال يفوته أن يكثر من الدعاء‪ ،‬خاصة االستغفار‪ ،‬في‬
‫كل حين‪ ،‬وعلى كل حال‪ ،‬إقتداء بالنبي صلى اهلل عليه وسلم الذي كان يستغفر‬
‫ليغان على قلبي‪ ،‬واني ألستغفر اهلل في اليوم مائة‬
‫ّ‬ ‫في اليوم مائة مرة لقوله‪" :‬إنه‬
‫مرة "‪.3‬‬

‫فها هو ابن خلوف يدعو اهلل بجالل سلطانه أن يغفر له ما تقدم من ذنبه‬
‫وما تأخر‪ ،‬وهو سبحانه الجدير بذلك والقادر عليه الرحمان الرحيم‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫يا من ال عينا تــراه‬ ‫يا ربي يا ذا الجـالل‬

‫برحمة كل جــــاه‬ ‫اغفر لي ما مضى لي‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص‪.104‬‬
‫‪ - 2‬النووي‪ ،‬رياض الصالحين‪ ،‬ص ‪.256‬‬
‫‪ - 3‬صحيح مسلم‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.693‬‬

‫‪354‬‬
‫‪1‬‬
‫يا من ال رحيم سـواه‬ ‫واسمح لي فيما بقا لي‬

‫وهو واثق أن اهلل غافر الذنب وقابل التوب إذ يقول‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫واستغفر من جرايمه تغفرها له‬ ‫العبد إذا ذنب وتــــاب‬

‫ويدعو ربه أن يغفر عظيم ذنوبه ولممها فيقول‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫اغفر ذنبي الخبيث وكل زلة‬ ‫واغفر لي كل ما ذنبته في االعوام‬

‫ويطلب ابن خلوف من غيره أن يدعو له‪ ،‬ممن يشهد أنه كان مداح الرسول‬
‫صلى اهلل عليه وسلم بعد وفاته بالمغفرة والرحمة‪:‬‬

‫وبعدها افتك ار مداح محمد‬ ‫يوما نموت تدعوا لي باالستغفــار‬

‫‪4‬‬
‫اهلل يرحمه قل يا لي تشهد‬ ‫لواه كان األخضر مشغوف بالمختار‬

‫كما يطلب من اهلل أن يستجيب دعاءه فيتجاوز عن سيئاته‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫و تعود سياتي منسيـــا‬ ‫أنا طلبت يوفي طلبـــــــي‬

‫ومن تقصيره في حق نفسه يضفي عليها صفة الجاني‪ ،‬فيدعو اهلل أن يغفر‬
‫له هذا التقصير إذا لقيه‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫أواه ابن خلوف المداح اليوم غاب‬ ‫اغفر البن خلوف الجاني‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.40‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ - 6‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪.106‬‬

‫‪355‬‬
‫وكثي ار ما يدعو الشاعر لنفسه بالرحمة والمغفرة ليتسع بعدها مجال الدعاء‬
‫إلى األهل واألوالد‪ ،‬بعد أن يبدأ بنفسه والمؤمنين فيقول داعيا‪:‬‬

‫واغفر ذنب المؤمنين كــال‬ ‫ارحم في كل حين االكحل‬

‫واوالده واخوته وجابـــر‬ ‫ارحم جدي الخلوفي وأبي‬

‫‪1‬‬
‫وامام االولياء معمـــــر‬ ‫وشعشوع الناسك المربي‬

‫ولشعوره بكثرة ذنوبه واسرافه في تقصيره‪ ،‬يدعو اهلل أن يغفر هذه الذنوب‪،‬‬
‫ويشرك في دعائه والديه والمسلمين كافة‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫وللوالدات وللشيخ اللي رباني‬ ‫يا غافر الذنوب اغفر لي وللوالدين‬

‫والمومنات يا من بك الغفران‬ ‫يا غافر الذنوب اغفر لي وللمؤمنين‬

‫‪2‬‬
‫والمسلمات يا من ال غيرك ثان‬ ‫يا غافر الذنوب اغفر لي وللمسلمين‬

‫وفي دعائه‪ ،‬يرجو رحمة ربه‪ ،‬وهو مالك الملك‪ ،‬يوم يفر المرء من أخيه‬
‫فيقول‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫يا ملك الملوك ارحم هذا العبد‬ ‫االخوان هل يتفكرونــي‬

‫ويدعوه برحمته أن يرفع عنه العذاب‪ ،‬إذ هو أرحم الراحمين‪ ،‬وال تنفعه‬
‫طاعة مطيع‪ ،‬وال تضرة معصية عاص‪ ،‬غني سبحانه عن هذا وذاك‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص ‪.141‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.100‬‬

‫‪356‬‬
‫برحمته يرفع العـــــــذاب‬ ‫اشكي لحاكم الحكــــــاما‬

‫ما تزيد وال تنقص في ملكه صواب‬ ‫ال طاعتي وال عصيانــــي‬

‫‪1‬‬
‫غاني على فعالي ربي مالك الرقاب‬ ‫ال فرائضي ال سنانـــــي‬

‫وقد دأب أهل العلم أن يدعو بالرحمة ألشياخهم وكل من علمهم‪ ،‬وليس ابن‬
‫السنة الحميدة‪ ،‬إذ يقول‪:‬‬
‫خلوف بجاحد ألولي الفضل ليشذ عن هذه ّ‬
‫‪2‬‬
‫وارحم جميع من علمنـا‬ ‫ارحم والدي وشياخـــي‬

‫ويدعو لنفسه بالرحمة‪ ،‬وللمسلمين بإجابة دعائهم والوقاية من النار فيقول‪:‬‬

‫ارحمني وكذاك كل من جلسوا وصغاوا‬

‫واجعل من كان في الوسع كالمزدحيم‬

‫ترجع االسالم قاطبة كما نــــواوا‬

‫‪3‬‬
‫وأبعــــدنا يا إله عن نار الجحيم‬

‫وال يستقيم البن خلوف كالم وال يحلو له مقام إال إذا ختم بالصالة على‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فها هو يدعو ربه أن يصلي عليه ويرضى عن‬
‫أصحابه‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫يا مــــن تــــََار ولم ت َار‬ ‫يا من بقدرتك نـــتكـلم‬

‫‪1‬‬
‫و ارضـى على أصحابه العش ار‬ ‫صـلي على الرسول وسلم‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص‪.105‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.60‬‬

‫‪357‬‬
‫إلى جانب الدعاء بالمغفرة والرحمة يطلب من ربه أن يهبه توبة‪ ،‬فهو لم‬

‫يقدم من األعمال إال الذنوب‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫هب لــي يا موالي توبا‬ ‫ما قدمت إال ذنوبــــي‬

‫ومن أثر رحمة اهلل لعبده أن يستر عيوبه وال يفضحه‪ ،‬وبذلك يدعو فيقول‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫ال نضحى للناس عجبــــا‬ ‫استر يا موالي عيبـــــي‬

‫ويدعو أال يفضحه يوم الحشر‪ ،‬هو وجميع الحاضرين في مجلسه‪ ،‬وهو‬
‫العالم بأحوالهم‪:‬‬

‫ال تفضحنا على رؤوس االشهاد‬ ‫بما في علمك القديــــــم‬

‫‪4‬‬
‫أنا وجميع من حضر في الميعاد‬ ‫ننجاو بفضلك العظيـــــم‬

‫من اهتمامات سيدي لخضر الهداية واالستقامة‪ ،‬لذا تجده يدعو بها فيقول‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫بها تمتحى لي جميع اوزاري‬ ‫دلني على الطريق المستقيم الجيدة‬

‫وقوله أيضا‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫اجعلني في الخير سابقـــــا وارشدنــــي نحو الطريــق‬

‫ومثل ذلك قوله‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص ‪106‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪00‬‬
‫‪ - 3‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.153‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫‪ - 6‬نفسه‪ ،‬ص ‪.45‬‬

‫‪358‬‬
‫‪1‬‬
‫واجعل لي في الهدى سبــاب والطف بالعبد الضعيف واصلح حاله‬

‫ويمتثل ابن خلوف أمر ربه‪ ،‬إذ يعمل بمقتضى اآلية " وهلل االسماء‬

‫الحسنى فادعوه بها "‪ ،2‬فيدعو ربه ببعض أسمائه ليدخله الجنة‪ :‬فيقول‪:‬‬

‫االسم الخالص الكريــــم‬ ‫بسم العلي الرحيم ربي رحمان‬

‫‪3‬‬
‫باذن الواحد العظيـــــــم‬ ‫يكون دخولنا من باب الريحان‬

‫ويدعو اهلل أن يجعل حظه الجنة‪ ،‬ليرى النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فيشفي‬
‫غليله‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫نشفى من نور األمين هذا هو فضلي‬ ‫تجعل حظي غير في الجنة الخض ار‬

‫كما يدعو له ولذويه أال يحرمهم من نعيم الجنة أيضا‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫ال تحرمــــنا من النعيـــم‬ ‫أنا وجملة القريب واالخوان‬

‫ولما كانت األعمال بخواتمها‪ ،‬يدعوا سيدي لخضر ربه أن يميته مسلما‪،‬‬
‫على كلمة اإلخالص والتوحيد فيقول‪:‬‬

‫متني يا ربي مسلم نقولــــها‬ ‫ال إله إال اهلل سلطانة الكـالم‬

‫‪6‬‬
‫يا عظيم الجود اجعلنا من أهلهـا‬ ‫ال إله إال اهلل عن ساير الدوام‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ :‬ص ‪.110‬‬


‫‪ - 2‬سورة األعراف‪ ،‬بعض اآلية ‪.143‬‬
‫‪ - 3‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ - 4‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ - 6‬نفسه‪ ،‬ص ‪.165‬‬

‫‪359‬‬
‫ولفرط حبه للنبي صلى اهلل عليه وسلم يدعو اهلل أن يزوره في المنام ليحيا‬
‫قلبه‪ ،‬كما تحيا األرض بالغيث فيقول‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫مالك الملوك ال إله إال هــــو‬ ‫غثني بالحبيب يا عالم الغيب‬

‫وفي أدب رفيع يدعو ربه أال يحرمه من زيارة قبر النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫باهلل راغبك في وحــــــدة‬ ‫من سيل عرقك طاب الورد‬

‫‪2‬‬
‫الهــــــاشمي زين البردة‬ ‫زورة لقبر الممجـــــد‬

‫كيف ال ينكب ابن خلوف على الدعاء ويكثر منه وقد أنذره الشيب وأقعده‬
‫الهرم واقترب منه أجله‪.‬‬

‫‪-‬موضوع ذكر الشيب والهرم وقرب األجل‪:‬‬ ‫‪26‬‬

‫موضوع ذكر الشيب خاض فيه كثير من الشعراء‪ ،‬فمنهم من عده دليل‬
‫وقار وتمام العقل‪ ،‬ومنهم من اعتبره نذير شؤم‪ ،‬إذ ولى الشباب وولى معه السمر‬
‫واللهو‪ ،‬ومنهم من رأى فيه إيذان بقرب األجل وموعد الرحيل‪ ،‬أو إنذار لالتعاظ‬
‫بترك الدنيا والتفرغ للعبادات والذكر والطاعات‪.‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص ‪.130‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.39‬‬

‫‪360‬‬
‫وابن خلوف نظر إليه نظرة متنوعة‪ ،‬منها أنه بداية النهاية‪ ،‬إذ هو أول عيب‬
‫من عيوب الهرم ويشبهه ببداية اصفرار السنابل التي تعلن قرب حصادها فيقول‬
‫في ذلك‪:‬‬

‫آخر السابق للوعــــاد‬ ‫يا ربي شاب عاذري نادى للعيـوب‬

‫يعود الصيف في البــالد‬ ‫إذا كان السبول االخضر نارق غيب‬

‫‪1‬‬
‫و يبشر بمناجل الحصـاد‬ ‫ما تبقى له غير جمعة ثم يطيـــب‬

‫وأتت عليه الدنيا بخطوبها فأشابت شعره كله حتى استوجب الخضاب‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫من غرور الدنيا ودار الكالخي‬ ‫بان شيبي راه مستوجب الخضــاب‬

‫تعاقبت األيام والليالي‪ ،‬وطال تعاقبهما على ابن خلوف‪ ،‬وهو الذي جاوز‬
‫المائة سنة‪ ،‬حتى اشتعل رأسه شيئا فولى الشباب مدبرا‪ ،‬معلنا بذلك دنو األجل‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫نزل الرخم وطار ازناجه‬ ‫شاب العذار بكثر أيامــــــي‬

‫الشيب‬
‫َ‬ ‫وال بأس أن نشير في هذا البيت إلى صورة رائعة صورفيها الشاعر‬
‫بالرخام في بياضه‪ ،‬وصورة سواد الشعر‪ ،‬الذي ولى مع الشباب‪ ،‬بالزنجي الذي‬
‫يعبر عن كثرة السواد‪ ،‬وللمفارقة الشديدة بين بياض الرخام ولون بشرة الزنجي‪ ،‬فقد‬
‫نفخ هذا التصوير في البيت روحا جمالية تشد االنتباه وتلفت األنظار‪.‬‬

‫وقريب من هذا المعنى قوله معلنا يقينا أن رأسه قد عاله الشيب‪ ،‬ومتسائال‬
‫في استفهام إنكاري عن مصير السواد‪:‬‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪.116‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.160‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.104‬‬

‫‪361‬‬
‫‪1‬‬
‫واين الغراب االسود من صار رخامة؟‬ ‫أوياك راه علم شيبي في راسي‬

‫وقوله أيضا‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫بالنور والدنس يا ال هي عن راهب‬ ‫بعد الغراب االسود راه كساني البياض‬

‫ومن صوره الرائعة أيضا‪ ،‬هذا البيت الذي يبين فيه كيف عال مفرقَه الشيب‪،‬‬
‫وكيف فر الشباب من هذا الشيب بعد أن نصب َعلَ َمه‪ ،‬إذ هما نقيضان ال‬
‫يجتمعان في مكان واحد‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫فر منه شبابي وفنات ألهلها‬ ‫في عنان القبة شيبي نصب العالم‬

‫وال سبيل له في ستر ما اعتراه من شيب بعد أن ولى الشباب وانقضى‬


‫زمانه‪:‬‬

‫والعاصمة على الدهمة منها شاري‬ ‫زمان كان لوني األدهم ماله صدا‬

‫‪4‬‬
‫ماصبت ما ندرق في العيب الواري‬ ‫واليوم عاد شيبي شهبة مجـردا‬

‫وال يضير ابن خلوف أن اعتراه الشيب‪ ،‬مادام ذلك في مدح صاحب‬
‫الشفاعة صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫في مديح صاحب الشفاعة‬ ‫شابوا جوارحي وعـــداري‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.130‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.160‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪ - 5‬نفسه‪ ،‬ص ‪.102‬‬

‫‪362‬‬
‫ويبدع الشاعر في تصوير الشيخ ِ‬
‫الهرم وماآل إليه من عيوب أورثه إياها‬
‫الدهر وصروفه‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫مكبوب اخرس لن يزور االلحاد‬ ‫معكوف القوس كالـــرباب‬

‫ولما لحق بالشاعر من الهرم ما أقعده‪ ،‬تراءت له أعضاؤه كأنها أصدقاء‬


‫ّ‬
‫فارقوه وتخلوا عنه في ساعة العسرة‪:‬‬

‫ما بقى في جسدي وجوارحي صديق واينهم اسناني من جزرو ذا وذا‬

‫الطوال اقصاروا واالخرين ما تليـق والهرم من داتي سدى العـرادا‬

‫واشتغل بعظامي صيرها دقيـــق والرحاة انتركوا رجعوا رمـادا‬

‫احتنات الجسدة وتعزر القيــــام والجوارح نقصت كثروا عيوبها‬

‫‪2‬‬
‫ضاق صدر النهجة دنق ار سبولها‬ ‫مااشين في اعضايا هذا النقص والعـدام‬

‫وهكذا اخترم الهرم جسد ابن خلوف فصيرة فريسة للعيوب والنقائص‪.‬‬

‫‪ -‬موضوعات أخرى‪:‬‬ ‫‪22‬‬

‫يتخلل مديح سيدي لخضر موضوعات أخرى‪ -‬إضافة إلى التي ذكرنا‪-‬‬
‫تستدعي منا الوقوف عندها‪ ،‬وان كانت أقل ورودا بين ثنايا القصائد منها‪:‬‬

‫النسيب النبوي‪:‬‬ ‫أ‪.‬‬

‫‪ - 1‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.160‬‬

‫‪363‬‬
‫نلمح من خالل نسيب ابن خلوف نار شوقه المتقد وصدق عشقه للنبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فال داعي للومه في هذا العشق ألنه قضاء من اهلل‪ ،‬ولو‬
‫ابتليت بمثل مصابه الجتهدت في التماس األعذار له‪ ،‬هذا ما يراه هو في قوله‪:‬‬

‫خليه فيما قضى اهلل يتوب عليه‬ ‫يا اليم ال تلوم عاشق في معشوق‬

‫‪1‬‬
‫تعذر بالحق المولع في حبــه‬ ‫لو تشرب من عوامق بحر الشوق‬

‫وفي قصيدة "دقة الحب "‪ ،2‬فيض من النسيب النبوي‪ ،‬التزم فيه الحشمة‬
‫واألدب‪ ،‬في وقار يليق بمقام الممدوح صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فهو لم يجد لطعنة‬
‫الحب دواء‪ ،‬ويغالبه نواح المشتاق‪ ،‬وقد نفد صبره‪ ،‬وأعيى البكاء عينه‪ ،‬كل ذلك‬
‫في طلب طيف محبوبه صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬الذي أبطأ في زيارته‪:‬‬

‫و لو نتنهد ما نفع تنهــــادي‬ ‫دقة الحب ما جبرت ادواهــــا‬

‫كيف صبري على الرسول الهادي‬ ‫صبري كمن تنوح عن باباهـــا‬

‫‪3‬‬
‫بطـا علي الحبيب محمـــدي‬ ‫اعيات عيني تنوح ال من جاهــا‬

‫وقد طال انتظاره وهو يتساءل متى يهل عليه هذا الطيف العزيز الذي أوقد‬
‫له في حشاه شعلة ال تنطفئ‪:‬‬

‫فيوق يا اهلل نشوف خيالــه‬ ‫اعييت نرجى في محبوبي ماجا‬

‫‪4‬‬
‫راني في الحشا واقد مشعاله‬ ‫زين الدرجة في نهار العجاجـا‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص ‪.113‬‬


‫‪ - 2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.130‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪.‬‬

‫‪364‬‬
‫فهو يطلب من اهلل تعالى أن يراه في منامه فيشفي ما به من شدة الوجد‪ ،‬إذ‬
‫ال دواء لهذا الداء إال رؤية النبي صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫طبيب لدايا وعنده ترياقي‬ ‫طالب روية في وجه خاتم االنبيا‬

‫كتمان أراد به‬


‫ٌ‬ ‫وال يعلم ما اكتوى به من حب إال الواحد األحد‪ ،‬ولم ينفعه‬
‫إخماد هذه النار التي زاد لهيبها في كبده‪:‬‬

‫غير الواحــــد القديم الباقي‬ ‫مصادف كيه وال ْعلم حدا بــي‬

‫كمدت القلب وال نفع تكمــادي‬ ‫وقدت ناري وال ظهر دخانهـا‬

‫‪2‬‬
‫نيران الحب شاعلة في كبـادي‬ ‫مصادف دقة وال بان لي مزراقها‬

‫وهو يخشى على نفسه أن يفقد عقله في هوى سيد الخلق صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫ربيع االرماق ليه قلبي هاوي‬ ‫خايف نحماق اعذروني يا عشاق‬

‫هذا الهوى الذي يسعد ذائقه ويورث المحروم منه قساوة القلب‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫هذاك قلبه في المحبة خاوي‬ ‫يسعد من ذاق واللي عمره ما ذاق‬

‫والمالحظ أن نسيب سيدي لخضر لم يخرج عن تقاليد النسبب في محتواه‬


‫من ذكر الشوق ونار الحب المشتعلة في األكباد‪ ،‬والخوف على عقله من أثر‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص ‪.135‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.135‬‬
‫‪ - 3‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪.‬‬

‫‪365‬‬
‫العشق‪ ،‬ومعاناة الوجد‪ ،‬فاألحاسيس والمشاعر تقليدية لكنها تبدو صادقة‪ ،‬صدق ال‬
‫تشوبه شائبة كفراغ القلب‪ ،‬أو مجاراة الشعراء‪ ،‬أو إطراء زائف‪.‬‬

‫ذكر القرآن الكريم‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬


‫ورد ذكر القرآن الكريم في مدائحه في مواضع مختلفة من شعره‪ ،‬فمن أعظم‬
‫ما خص اهلل به نبيه بعد مقامه في الجنة والشفاعة‪ ،‬هو التنزيل الذي هو القرآن‪،‬‬
‫وكلها تدل على مقامه عند ربه وعلو شأنه يقول في ذلك‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫والشفاعة الكبرى وحسن البها‬ ‫فضله بالتنزيل وخصه بالمقام‬

‫ولبيان فضل النبي صلى اهلل عليه وسلم على األمة‪ ،‬وما أكرمها اهلل به من‬
‫تشريع سماوي نظم حياتها وأنار سبيلها يقول الشاعر‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫ما نزلت من السما من هي سورة‬ ‫لوال محمد الشفيع المشفع‬

‫وفي نفس المعنى يقول‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫مثل التوراة و الزبور وال انجيـــله‬ ‫لواله ما نزل كــــتاب‬

‫وعليه نزل القرآن‪ ،‬فأنار قلبه‪ ،‬وفك لسانه‪ ،‬فكان نعم المعلم‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫قال يا محمد خذ الكتاب واق ار‬ ‫ليك انزل القرآن مع األمين جبريل‬

‫فما أنفس هذه الحروف التي بثت في نبينا الرحمة‪ ،‬فترفّع عن كل ما قد‬
‫يشينه صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص ‪.162‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫‪ - 4‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪.131‬‬

‫‪366‬‬
‫‪1‬‬
‫يا رحمة االسالم ال دنس ال خباثة‬ ‫والقرآن انطق بحروف نافسة‬

‫ويتخذ سيدي لخضر من بعض سور القرآن حجابا من كل أذى فيقول‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫تبارك اللي هي حجـــابي‬ ‫من ذهبي كل يـــوم نوزن‬

‫فهو يتخذ القرآن كنزه الذهبي‪ ،‬أو ذخره‪ ،‬وسورة الملك حصنه من كل أذى‪،‬‬
‫كما يوصي بقراءة بعض السور كسورة الرحمان وسورة الفرقان وسورة األحقاف‬
‫على أنها كافية شافية فيقول‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫و سورة الفرقان وسورة االحتقاب‬ ‫تكفيك سورة الرحمــــان‬

‫وتعظم في عين ابن خلوف الكتب السماوية‪ ،‬فيصلى على النبي بقدر ما‬
‫فيها من فضل‪ ،‬وهيهات هيهات أن تحصى فضائلها‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫وفي االنجيل والزبور والفرقان‬ ‫صلى اهلل على حبيبه ما في التوراة‬

‫ونالحظ أنه أطلق على القرآن تسميات معروفة كالتنزيل والكتاب والفرقان‪،‬‬
‫وزاد أن وصفه بالذهب في قوله " من ذهبي كل يوم نوزن "‪ ،‬وما تعظيمه للقرآن‬
‫ك ومن يـعظِّم َشعائِر اللَّ ِه فَِإنـَّها ِمن تَـ ْقوى ال ُقلُ ِ‬‫ِ‬
‫وب »‬ ‫إال شهادة على تقواه‪َ « ،‬ذل َ َ َ ُ َ ْ َ َ‬
‫‪5‬‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫ج‪ .‬ذكر بعض القصص الديني‪:‬‬


‫يعد أسلوب القص أقرب إلى النفس وأريح لها‪ ،‬ثم إن طبيعة اإلنسان ميالة‬
‫إلى القصص‪ ،‬ورب العزة أعرف بهذه الطبيعة البشرية‪ ،‬لذا وردت قصص في‬

‫‪ - 1‬نفسه‪ ،‬ص ‪.64‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪.90‬‬
‫‪ - 3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.105‬‬
‫‪ - 4‬نفسه‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫‪ - 5‬سورة الحج‪ ،‬اآلية ‪.02‬‬

‫‪367‬‬
‫ت بِِه‬ ‫ك ِم ْن أَنبَ ِاء ُّ‬
‫الر ُس ِل َما نـُثَبِّ ُ‬ ‫القرآن الكريم‪ ،‬منها ما يثبت الفؤاد‪َ « ،‬وُكالًّ نـَّ ُق ُّ‬
‫ص َعلَْي َ‬
‫ص ِهم ِعْبـرةٌ ألُوِيل األَلْب ِ‬
‫اب َما َكا َن‬ ‫فُـؤاد َك» ‪ 1‬ومنها ما فيه العبر والعظات‪ « ،‬قَ ْد َكا َن ِِف قَص ِ‬
‫ََ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ‬
‫َح ِديثار يـُ ْفتَـَرى» ‪.2‬‬

‫لذا اتخذ ابن خلوف من هذه الوسيلة أداة للوعظ والعبرة واسداء النصح‬

‫في قالب تقبله النفس كما فعل في قصة األخوين اللذين وهب اهلل لهما ماال‬
‫كثيرا‪ ،‬وكانا على طرفي نقيض‪ ،‬األول كريم كثير البذل والعطاء‪ ،‬واآلخر بخيل‬
‫شحيح‪ ،‬فلما قضى اهلل عليهما الموت وحكم بينهما‪ ،‬أكرم اهلل الكريم خير الجزاء‪،‬‬
‫بينما خاب البخيل وخسر؛ خسر الدنيا فلم ينل نصيبه منها‪ ،‬وخسر اآلخرة‪ ،‬فلم‬
‫يعمل ولم يدخر لها‪ ،‬وهذه األبيات من قصيدة " إال وجه الحبيب غاب "‪:3‬‬

‫مابين خوتين هابوا المال كثيـر‬ ‫نور يكم قصة جرات االيام الفـوت‬

‫وتشتت مالهم على حــد الغير‬ ‫عاشو حتى قضى عليهم اهلل الموت‬

‫وأما خوه سهمـه عند اهلل كبير‬ ‫كان منها البخيل محروم القــوت‬

‫الميزان انتصب وحضر مكياله‬ ‫ارتفعوا للشرع اغضــــــاب‬

‫ونقص مال البخيل وتشين حاله‬ ‫فضوه في الساع بالصـــــواب‬

‫ويسوق ابن خلوف قصة أخرى مؤداها أن غالما يدعى عمر بن اليزيد‪،‬‬
‫وكان راع للغنم‪ ،‬التقى به النبي صلى اهلل عليه وسلم مع أصحابه في طريقهم إلى‬
‫إحدى الغزوات‪ ،‬وقد نال منهم العطش‪ ،‬فطلب منه النبي أن يسقيهم ماء‪ ،‬فأصر‬

‫‪ - 1‬سورة هود‪ ،‬بعض اآلية ‪123‬‬


‫‪ - 2‬سورة يوسف‪ ،‬اآلية ‪.111‬‬
‫‪ - 3‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪ 111‬وما يليها‪.‬‬

‫‪368‬‬
‫على النبي أن يكشف له عن نسبة وهويته‪ ،‬فقال النبي إنه رسول اهلل‪ ،‬فأنكر عليه‬
‫الغالم في شديد لهجة‪ ،‬أمر إغتاض له علي بن أبي طالب‪ ،‬لكن النبي بحلمه‬
‫يطلب من علي أن يتحلى بالصبر‪ ،‬ويلتمس العذر للغالم على جهله بمقام النبي‬
‫لحداثة سنة‪ ،‬ولما رأى الغالم من النبي الحلم واألناة ناوله كوز الماء ليشرب دون‬
‫غيره من األصحاب‪ ،‬لكن النبي صلى اهلل عليه وسلم يشرح للغالم أن المروءة‬
‫تأبى ذلك‪ ،‬فازداد ابن اليزيد إعجابا بالنبي‪ ،‬وسمح له أن يشرب الجميع‪ ،‬ثم دعاه‬
‫النبي إلى ترك عبادة األوثان التي ال تنفع وال تضر‪ ،‬ويعتنق اإلسالم‪ ،‬فقبل الغالم‬
‫بشرط أن يأمر بقتل حية في الوادي‪ ،‬وأن يدعو النخلة الجدباء أن تسترد‬
‫خضرتها‪ ،‬وثمارها‪ ،‬فكان له ذلك‪ ،‬ففرح الغالم بما رأى وأهدى إبله إلى النبي‪ ،‬لكنه‬
‫صلى اهلل عليه وسلم رفض وطلب منه أن يعود بإبله إلى قومه الكفار ويخبرهم‬
‫بما رأى وسمع من النبي‪ ،‬ولما بلغ قومه وأخبرهم‪ ،‬قلّبوا له األمور حتى انتهوا إلى‬
‫سجنه‪ ،‬فما كان له إال أن طلب حمى رسول اهلل‪ ،‬الذي أجاره‪ ،‬فجاء جبريل عليه‬
‫السالم‪ ،‬وحول سجنه إلى جنةخضراء وبعد مدة تفقد القوم الغالم فوجدوه حيا‪،‬‬
‫فخافوا على دينهم الباطل‪ ،‬وما وجدوا من حيلة للتخلص منه إال نفيه للصحاري‬
‫بشده وعلى ظهر دابة تهيم به في الفيافي فتفترسه وحوشها‪ ،‬لكن جبريل قاده إلى‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫وليس للدارس أن ُيجهد نفسه في البحث عن هذه القصص في أسفار‬


‫التاريخ أو األثر‪ ،‬ألنها من إبداع المخيال الشعبي‪ ،‬الذي ال يعرف القيود‪ ،‬وال تحده‬
‫الحدود‪ ،‬يسبح في كل الفضاءات‪ ،‬ويتمرد على كل القوانين والدساتير‪ ،‬ولو كانت‬
‫إلهية‪ ،‬يجمع ما يريد‪ ،‬ويركب ما يشاء‪ ،‬يطوي التاريخ طيا‪ ،‬ويبسطه بسطا‪ ،‬وينسج‬
‫على منواله هو من كل الخيوط‪ ،‬وله كامل الحرية في اختيار أبطاله‬

‫‪369‬‬
‫وال تعدو أن تكون هذه القصص إال نفحات من حب الشاعر للنبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪ ،‬يصوره فيها في أرقى صورة بشرية تتسامى من موقف إلى أخر‪،‬‬
‫وهذه الصورة الراقية هي التي أرادها ابن خلوف أن ترافقه في مدحه كله‪.‬‬

‫وقصة الغالم هذه من قصيدة " بسم اهلل نبتدا القصيدة "‪ 1‬التي أربت على‬
‫المائة بيت‪ ،‬نجتزئ منها بعض األبيات‪:‬‬

‫ماجا في قصة الغالم ابن اليزيد‬ ‫اسمـعوا يا عباد مني ذا األبيـات‬

‫يوم خرج الرسول في بعض الغزوات لحق عند االبل راعي ولد فريد‬

‫عندك ما تسال واسأل ما تريد‬ ‫قال الغالم للنبي يا نعم السـدات‬

‫نشرب منه وكل من هوعطشاني‬ ‫قال له المختار مد لي الكوز ترى‬

‫لمن تعلمني بنسبك يا إنسانــي‬ ‫قال عمر بن اليزيد ما تشرب قطرة‬

‫وهناك قصة الفتاة الموءودة في قصيدة " بسم اهلل بديت انزمم "‪ 2‬التي منها‪:‬‬

‫اســــمها المــوءودة‬ ‫قصة الطفلـــة عند الكف ار‬

‫قالــــــوا ذا الطفلة‬ ‫جاؤو لباها كم ظـــــالم‬

‫ال تخـــــــرج علة‬ ‫إدها واقتلها واعـــــزم‬

‫‪ - 1‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪ ،119‬ينظر بقية القصيدة في الصفحات الموالية‪.‬‬


‫‪ - 2‬نفسه‪ ،‬ص ‪ ،123‬ينظر بقية القصة في الصفحات الموالية‪.‬‬

‫‪370‬‬
‫وهي قصة من نسخ الخيال‪ ،‬غرضها عرض ما كان عليه حال الكفار مع‬
‫البنات في الجاهلية الجهالء‪ِ ،‬‬
‫وض ْمنها بيان لفضل النبي في تحرير المرأة‪،‬‬
‫والبشرية عموما من هذا الظلم‪.‬‬

‫إن في مثل هذه القصص استدراج للسامع‪ ،‬خاصة إذا زانها حسن سبك‬
‫وجودة حياكة‪ ،‬ليمرر له الشاعر ما يرغبه من مواعظ ونصائح وأفكار‪ ،‬فيتقبلها في‬
‫راحة نفس وهدوء بال وطيب خاطر‪.‬‬

‫لقد أخذنا نماذج شعرية لكل موضوع وغلبنا بعضها على بعض تبعا لكثرة‬
‫ورودها في أشعار ابن خلوف‪ ،‬وحتى تكون أقرب في الرؤيا من رؤيا الشاعر‬
‫فنكون بدورنا أكثر أمانة في نقلها للقارئ‪.‬‬

‫ويتبين لنا أن مدحه روضة من الرياض تغص باألزهار المختلفة األلوان‪،‬‬


‫فالموضوعات في تشابكها يأخذ بعضها برقاب بعض لتصنع في النهاية إكليال‬
‫مرصعا بالآللئ‪.‬‬

‫إن تنوع الموضوعات في الغرض الواحد الذي هو المديح النبوي َخ َد َمهُ‬


‫خدمة زادته جمالية‪ ،‬إذ ينتقل الخاطر في فضاء المدح من موضوع آلخر دون أن‬
‫يمل معانيه أو يعاف صوره‪ ،‬زانه في ذلك حسن سبك الشاعر وحذاقة صنعته‬
‫وصدق عاطفته‪.‬‬

‫ولننظر في الفصل الموالي في شكل المديح من خالل قصيدة " أحسن ما‬
‫يقال عندي " وهي أول قصيدة من الديوان‪.‬‬

‫‪371‬‬
‫أحسن ما يقال عندي‬

‫بسم اهلل وبيك نبــدا‬ ‫أحسن ما يقال عنـدي‬

‫ماعزك يا عين وحدا‬ ‫حبك في سلطان جسدي‬

‫تبني شهدة فوق شهدا‬ ‫قدر النحلة اللي تسـدي‬

‫صلى اهلل عليك لبـدا‬ ‫يا محمد انت سيــدي‬

‫طول الدهر على نبينا‬ ‫اللهم صل وسلــــم‬

‫واالمطـار النازليـنا‬ ‫قدر نجوم الليل االظلم‬

‫في البحور الغامقيـنا‬ ‫واستخالف الحوت االبكم‬

‫والمنسوج قميص واردا‬ ‫الغزل في خشبه مسـدي‬

‫ما حملـت بضناه دودا‬ ‫الشعر سلك حرير بيدي‬

‫صلى اهلل عليك لبــدا‬ ‫يا محمد انت سيــدي‬

‫الف سالم عليك ثانـي‬ ‫صلى اهلل عليـك واثنى‬

‫يشرق وال نار تسنـي‬ ‫لوال انت ال نـور جنة‬

‫يا من بيك اللساس مبني‬ ‫نحتاجوك الهيه وهـنا‬

‫‪372‬‬
‫ووالدتــــي و جدا‬ ‫ترحم لي أبي وجـدي‬

‫داوني نب ار من الــدا‬ ‫ارفق بروحي وجسدي‬

‫صلى اهلل عليك لبــدا‬ ‫يا محمد انت سيــدي‬

‫من وسواس اال نــراه‬ ‫داوني بدواك نبـــ ار‬

‫عنـدي حيا وال نـراه‬ ‫اذا كان ابليس عبــ ار‬

‫نختم بالقـرآن فـــاه‬ ‫اعوذ باهلل نقــــ ار‬

‫يكفيني قوتي وغـــدا‬ ‫فضل اهلل كتابه عنـدي‬

‫نفسي والشيطان االعـدا‬ ‫نهزم بيه القـوم وحدي‬

‫صلى اهلل عليك لبـــدا‬ ‫يا محمد انت سيــدي‬

‫صهدتنا يا ناس فتــنا‬ ‫من تدبير ابليس االعور‬

‫من تمزيق الدين خفـنا‬ ‫يختلنا من الجنب االيسر‬

‫والعنه سبعيـن لعــنا‬ ‫احفظ يا مولى واستـر‬

‫والطمته لطمــة شديدا‬ ‫و بخته بقضيب عنـدي‬

‫واعطيته ميتــين جلدا‬ ‫اقبضت الشيطان بيدي‬

‫‪373‬‬
‫صلى اهلل عليك لبـــدا‬ ‫يا محمد انت سيــدي‬

‫اوال انت من سأل فيــا‬ ‫يامحمد بجاه جاهــك‬

‫نفخر بيك وال عليـــا‬ ‫عرفوني لما امدحتـك‬

‫خدمت اوالدي رعيــا‬ ‫االتراك اللــي تزدك‬

‫لبستني حلة جديــــدا‬ ‫رفرف فوق الراس بندي‬

‫وايامي بيك سعيـــــدا‬ ‫ومفاتيح الخير رشـدي‬

‫صلى اهلل عليك لبــــدا‬ ‫يا محمد انت سيــدي‬

‫ماذا مـن سية عليــــا‬ ‫نسته ازوالموت في اثري‬

‫واذا قمت انقــــوم حيا‬ ‫اذا نمت انوم قبــري‬

‫نرجى اهلل يعفــــو عليا‬ ‫هذا فاش فنيت عمري‬

‫قبل اال نلقـــــاه عمدا‬ ‫نرجى اهلل يقول عبدي‬

‫هول اليوم وهـــول غدا‬ ‫كيف نكون وكي انودي‬

‫صلى اهلل عليـك لبـــدا‬ ‫يا محمد انت سيــدي‬

‫هب يا موالي تــــوبا‬ ‫ماقدمت اال ذنوبــي‬

‫‪374‬‬
‫من قدام و صار عـــذبا‬ ‫باح السر وبان شيبـي‬

‫ال نضحى للناس عجـــبا‬ ‫استر يا موالي عيبـي‬

‫سياتي تموا زيــــادا‬ ‫نفزع من نقصان جهدي‬

‫باغي الربح بال العبــادا‬ ‫من ال جاب يقول نـدي‬

‫صلى اهلل عليك لبــــدا‬ ‫يا محمد انت سيـدي‬

‫من ال له في الناس والـي‬ ‫يا محمد لـــك يفزع‬

‫من سطوة مـول الموالـي‬ ‫ال غيرك منــاع يمنع‬

‫من هو عرة بحالــــي‬ ‫ال غيرك شافع يشفـع‬

‫في نفسي شفيت االعــدا‬ ‫راغب في الدنيا بوحدي‬

‫ما نفلت حتى بسجــــدا‬ ‫يا قطعان يـدي بيـدي‬

‫صلى اهلل عليك لبــــدا‬ ‫يا محمد انت سيــدي‬

‫تصرخ بيك الناس شــتا‬ ‫يا محمد انت االمجـد‬

‫للجنـة مفـتاح انـــتا‬ ‫في قبري باغيك توجد‬

‫والعاصـي يرجـاك حـتا‬ ‫الكافر في النار يخلـد‬

‫بيـن يديـن اهلل سجــدا‬ ‫يا سيد رقية تــادي‬

‫‪375‬‬
‫ارفـع راسـك يا احمـدا‬ ‫وماليك ربي تنـادي‬

‫صلى اهلل عليك لبـــدا‬ ‫يا محمد انت سيـدي‬

‫فـي جسـدي واهلي وناسي‬ ‫يا محمــد ال تسلــم‬

‫قدر شعر داتي و راسـي‬ ‫حرر لي ما ضنات آدم‬

‫كلتها تاقـي و عاصــي‬ ‫البادية االعراب وعجم‬

‫قلت تكافينــي بوحــدا‬ ‫قد سميت عليك ولـدي‬

‫حرر لي حتــى جـرادا‬ ‫من حاف إلى قاف نفدي‬

‫صلى اهلل عليك لبــدا‬ ‫يا محمد انت ســيدي‬

‫فــي المـداح وفي قبيله‬ ‫يا محمـــد ال تسلم‬

‫تبريمة مـن ال يولـــوا‬ ‫باغيك علـي تبـرم‬

‫يـوم الديـن كثـير هوله‬ ‫ما لي طاقة وما ننجـم‬

‫ووجـتوه الكـفار سـودا‬ ‫يوم العطش ما فيه وردي‬

‫مـا اشينـها حرة شديدا‬ ‫ينكبـوا فـي النار تقدي‬

‫صلى اهلل عليك لبــدا‬ ‫يا محمــد انت سيدي‬

‫‪376‬‬
‫ما ذي اال همــة عظيما‬ ‫اليـــك االنياق حنت‬

‫باسمك يا المخـتار ديـما‬ ‫بتواشـي االطيار غنت‬

‫تنسج فـي قـرية وخيما‬ ‫وعساكر بطبول رنت‬

‫ودواويـن الخـير رشدا‬ ‫ومدارس بالعلم تنادي‬

‫تسهـر بيـك الليل وغدا‬ ‫وضفاضع في شط وادي‬

‫صلـى اهلل عليك لبـدا‬ ‫يا محمــد انت سيدي‬

‫نزهـى بيك وليـك فارح‬ ‫نرجى اهلل يدوم فـرحي‬

‫في كل نهار نعـود فارح‬ ‫نريد الخير يزداد ربحي‬

‫صافي عاذب ليس مالـح‬ ‫نغسل في الزخار جسدي‬

‫جلنار فاتح فــوق وردا‬ ‫شعشع نورك فوق خدي‬

‫منه الحت لـي السعـادا‬ ‫ونغمس في طيب زبدي‬

‫صلى اهلل عليك لبــدا‬ ‫يا محمد انت سيـــدي‬

‫االخضر كيف يكون خاطي‬ ‫يكفاني صـــدقي ونية‬

‫‪377‬‬
‫والعاطي مازال يعطــي‬ ‫تسعـة وتسعيـن رويـة‬

‫وقبل لي مولى شرطــي‬ ‫كافنـــي مولى الهدية‬

‫مغطوسين في الخير شهـدا‬ ‫خلق اهلل بادي وبلـدي‬

‫واللي مات بال شهــــدا‬ ‫ما محروم اال اليهـودي‬

‫صلى اهلل عليك لبــــدا‬ ‫يا محمد انت سيـــدي‬

‫علـى صاحب الغـمامــا‬ ‫نختم قولي بـصـالته‬

‫شافعـنا يـوم القيـامــا‬ ‫هو الشفيع في امـاتــه‬

‫امه السعـديـة حليــما‬ ‫بجاه من رضعـاتـــه‬

‫جهنـم حـرة شـديــدا‬ ‫يمنعنا من نار تقـــدي‬

‫االخضر واألمة السعيـدا‬ ‫يسـرع بينا للخـلـودي‬

‫صلى اهلل عليك لبـــدا‬ ‫يا محمد انت سيـــدي‬

‫‪378‬‬
‫الدراسة الشكلية للشعر تقتضي منا الوقوف عند األشكال التعبيرية التي‬
‫يبنى عليها النص الشعري‪ ،‬فالشعر عموما وعلى حد تعبير أهل االختصاص "‬
‫لفظ‪ ،‬ومعنى‪ ،‬ووزن‪ ،‬وقافية " ‪ ،1‬وهذا التعريف يحيلنا إلى التعامل مع القصيدة‬
‫التي بين أيدينا على مستويات ثالث‪ :‬المستوى األول هو التركيب اللغوي أو‬
‫شعرية اللغة والمستوى الثاني هو التركيب البالغي أو الصورة الشعرية‪ ،‬والمستوى‬
‫الثالث هو اإليقاع الشعري‪.‬‬

‫أما المستوى األول فنرى فيه إلى أي مدى كانت اللغة في تركيبها‬
‫ومعجميتها شعرية‪.‬‬

‫‪ -‬المستوى األول‪ :‬شعرية اللغة‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫يشترك كثير من علماء اللغة وعلى رأسهم ابن جني في تعريف اللغة "على‬
‫أنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم"‪ ،2‬ولغة الشاعر سيدي لخضر عامية‬
‫جزائرية تحمل ما تحمله من خصوصيات‪ ،‬فالتعامل معها‪ ،‬على هذا‪ ،‬يكون في‬
‫إطارها الشعبي ألنها تعكس صورة التفكير الشعبي الساذج البسيط‪.‬‬

‫إن اللغة التي نسعى إلى التعامل معها هي اللغة الفنية اإلبداعية الشعرية‬
‫وان كانت تلتقي في كثير من الوجوه مع العامية ذات االستعمال اليومي‪ ،‬والتي‬
‫‪3‬‬
‫هي بمفهوم اللسان الذي وظيفته غير فنية‪.‬‬

‫‪ -1‬النواجي‪ ،‬محمد‪ ،‬مقدمة في صناعة النظم والنثر‪ ،‬تحقيق محمد عبد الكريم‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ص ‪.23‬‬
‫‪ -2‬ابن جني‪ ،‬الخصائص‪ ،‬تحقيق محمد علي النجار‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ ،2336 ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ -3‬ينظر‪ ،‬مرتاض‪ ،‬عبد الملك‪ ،‬األدب الجزائري القديم‪ ،‬دراسة في الجذور‪ ،‬دار هومه‪ ،‬الجزائر ‪،0222‬‬
‫ص ‪.000‬‬

‫‪379‬‬
‫إنه ال مجال للتأويالت والتعليالت لتقريب العامية أو اللهجة من اللغة‬
‫العربية األم‪ ،‬كما أنه ال مجال لقياس فصاحة العامية بمقياس فصاحة اللغة‬
‫العربية من حيث اللغة كمفردات‪ ،‬فكلمة " ّتراس" التي تقابلها في العربية الرسمية‬
‫كلمة "رجل"‪ ،‬تتراكم فيها دالالت كثيرة توحي باكتمال الرجولة كالشجاعة والمروءة‪،‬‬
‫والكرم والوفاء بالعهد واألمانة وكل مكارم األخالق وما يلحق بها‪ ،‬بينما كلمة "رجل‬
‫" تعني الراشد من الذكور‪ ،‬وان أردت التخصيص قلت‪ :‬رجل شجاع‪ ،‬رجل صادق‪.‬‬

‫لقد سقنا هذا المثال لنبين أن لكل لغة أو لهجة خصوصيات وعوامل تؤثر‬
‫فيها و في ناطقيها‪ ،‬وفي بلدنا الجزائر لهجات كثيرة عامية و"العامية الجزائرية‬
‫يتمثل هيكلها اللغوي العام من هذه اللهجات اإلقليمية التي تختلف من جهة إلى‬
‫جهة‪ ..‬وهذه اللهجات تخضع لعوامل لغوية كثيرة‪ .‬فاللغات تتأثر وتؤثر ألنها‬
‫‪1‬‬
‫ظاهرة اجتماعية‪" .‬‬

‫إن الذين يقيسون جودة الشعر الملحون و بالغته بمدى قرب لغته من اللغة‬
‫يقدمون تبريرات بأن العامية ليست دعوة لضرب اللغة‬
‫العربية الرسمية‪ ،‬إنما هم ّ‬
‫الرسمية‪ ،‬ولوال أن هذه العامية كانت لغة فنون شعرية ونثرية لعزاها أهل‬
‫االختصاص إلى الدراسات األنثروبولوجية‪ ،‬ولكننا نفيد من هذا أن هذه اللغة فيها‬
‫من الفنية والجمالية ما يؤهلها ألن تكون لغة شعر كثيفة الدالالت‪ ،‬تتولد منها‬
‫المعاني وتتسابق في إجالئها‪.‬‬

‫‪ -1‬مرتاض‪ ،‬عبد الملك‪ ،‬العامية الجزائرية وصلتها بالفصحى‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‬
‫‪ ،1941‬ص ‪.33‬‬

‫‪380‬‬
‫نضيف إلى هذا أن اللغة العربية " حقيقة " وأن الحقيقة ال تحتاج إلى من‬
‫يدافع عنها‪ ،‬خاصة وأن اهلل سبحانه وتعالى توالها بالحفظ من خالل حفظ كتابه‬
‫‪1‬‬
‫العزيز‪.‬‬

‫إن لغة الشعر عند ابن خلوف‪ ،‬من حيث وظيفتها التعبيرية‪ ،‬تتسم بنيتها‬
‫بالبساطة والمباشرة وقد توصف بالسطحية والسذاجة‪ ،‬تعكس بساطة العيش‬
‫وسذاجة الفكر‪ ،‬ثم إن ثقافة الشاعر لم تتجاوز النصوص الدينية‪ ،‬وربما بعض‬
‫النصوص األدبية‪ ،‬نقصد بها الشعر الملحون في تلك الربوع‪ ،‬فكان ال مناص من‬
‫أن ينعكس ذلك على لغة شعره‪.‬‬

‫من أجل ذلك نلفي اللغة الشعرية‪ ،‬في هذه القصيدة‪ ،‬وفي شعر سيدي‬
‫لخضر عموما لغة مباشرة في أغلبها‪ ،‬وهذا ال ينفي أن نلمح فيها من التصوير‬
‫الفني والظالل الداللية الموحية‪ ،‬والنسج الشعري العبقري ما يؤهلها ألن تكون بحق‬
‫لغة شعرية‪.‬‬

‫تعتبر لغة القصيدة في مجملها قريبة من الفصحى‪ ،‬لم تتجل العامية فيها‬
‫إال في ألفاظ معدودات نوردها كما جاء ت‪:‬‬

‫اللي‪ :‬وهي تأتي بمعنى الذي والتي معا‪ ،‬فالعامة يتوخون الخفة والسهولة‬
‫في التعبير وينأون عما يعتقدون أنه ثقل وتملق ‪.‬‬

‫الهيه‪ :‬وهي اسم إشارة للبعيد بمعنى هناك أو هنالك‪.‬‬

‫تزدك‪ :‬بمعنى تدعي القوة‪ ،‬وفي العامية ْزدك أي قوي وعريض المنكبين‪.‬‬

‫‪ -1‬سقنا هذه المالحظات ألننا صادفنا في كثير من المذكرات هذا االتجاه‪ ،‬من أن لغة الشعر الملحون كلما‬
‫اقتربت من اللغة الرسمية كانت أفصح وأبلغ فأردنا أن نكشف ما اعتقدنا أنه لُبس‪.‬‬

‫‪381‬‬
‫فاش‪ :‬لعلها تعني " في أي شيء" فأخذت الفاء من " في " واأللف من "‬
‫أي " والشين من " شيء " لتختزل في كلمة " فاش " ولعلها ضرب من االشتقاق‬
‫والنحت في العربية‪ .‬ليصبح معنى الشطر‪ " :‬هذا فاش فنيت عمري " كالتالي‪" :‬‬
‫هذا " الشيء الذي فيه " أفنيت عمري "‬

‫جاب‪ :‬وتعني " جاء ِب "‪ ،‬واختصرت في " جاب " للتخفيف‪ ،‬ومن معاني "‬
‫جاب " في المعاجم العربية كسب المال‪ ،‬ولعلها أقرب إلى معنى " جاب" في‬
‫َ‬
‫البيت‪.‬‬

‫ندي‪ :‬بمعنى آخذ‪ ،‬وفي المعجم‪ " 1‬أدى " بمعنى أخذ للحرب أداته‪.‬‬

‫عرة‪ :‬وهي لفظة تعني الدونية واالنتقاص‪ ،‬وفيها معاني العراء‪ ،‬كأنه عار‬
‫من أعمال البر‪ ،‬أو معنى العار‪ ،‬أي أن تقصيره بلغ درجة العار‪.‬‬

‫شفيت‪ :‬أي جعل نفسه محل شماتة األعداء‪ ،‬وتأتي في العامية أيضا‬
‫بمعنى أثرت في نفسه الشفقة‪.‬‬

‫ننجم‪ :‬بمعنى أستطيع وأقدر‪.‬‬

‫ما اشينها‪ :‬بمعنى ما أقبحها‪ ،‬من الفعل شان ضد زان‪.‬‬

‫أنوم‪ :‬أي أرى في منامي‪.‬‬

‫وماعدا هذه األلفاظ في القصيدة كله فصيح‪ ،‬مع بعض التحريفات‪ ،‬في مثل‬
‫لفظة‪:‬‬

‫‪ -1‬الزمخشري‪ ،‬جار هللا‪ ،‬أساس البالغة‪ ،‬تحقيق األستاذ عبد الرحيم محمود‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص‬
‫‪.1‬‬

‫‪382‬‬
‫لبدا‪ :‬التي أصلها أبدا‪.‬‬

‫اللساس‪ :‬التي أصلها األساس‪.‬‬

‫سية‪ :‬أي سيئة‪.‬‬

‫ليك‪ :‬أي لك‪.‬‬

‫ولعل ما ينطبق على لغة هذه القصيدة‪ ،‬ولغة ابن خلوف عموما‪ ،‬هو نفسه‬
‫ما ينطبق على لغة الشعر الملحون‪ " ،‬فكلمات هذه النصوص‪ ،‬نجدها ذات أصول‬
‫عربية في مجملها‪ ،‬لكنها ال تحافظ على خاصية الكلمة العربية الفصيحة ليس‬
‫على مستوى القواعد النحوية فحسب‪ ،‬بل على مستوى النطق بالحروف المكونة‬
‫للكلمة أيضا‪ ،‬إلى جانب مراعاة القواعد النحوية والصرفية واللغوية بصورة مجملة‬
‫عند النطق بها‪ ،‬وعند كتابتها أيضا‪ .‬والجدير بالمالحظة هو التغيير الذي يدخل‬
‫على الكلمة عند توظيفها شعبيا‪ ،‬والذي يمسها من وجوه شتى‪ ،‬منها رسمها والنطق‬
‫‪1‬‬
‫بها‪".‬‬

‫وقد يشترك شعراء المديح في المعجم اللغوي إلى حد بعيد يكاد يكون‬
‫تواضعا على لغة بعينها‪ ،‬أشبه ما تكون بالمصطلحات‪ ،‬ولنأخذ نموذجين لشاعرين‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬لنرى ما فيها من لغة توافق لغة ابن خلوف وغيره‪ ،‬نكتفي‬
‫برمتها‪:‬‬
‫بعرضها ألن المقارنة تقتضي دراسة ّ‬
‫‪2‬‬
‫يقول الشاعر عبد العزيز المغراوي‪:‬‬

‫‪ -1‬دحو‪ ،‬العربي‪ ،‬الشعر الشعبي ودوره في الثورة التحريرية الكبرى بمنطقة األوراس‪ ،‬المؤسسة الوطنية‬
‫للكتاب‪ ،‬الجزائر ‪ ،1944‬ص‪.190‬‬
‫‪ -2‬من شعراء القرن السادس عشر الميالدي‪.‬‬

‫‪383‬‬
‫اسم اهلل بالسر والجهـر‬ ‫باسم اهلل في ذا اللغى نؤرخ نضمي في اسطاره‬

‫شأن رفيع خيار ما يقول الناضم في شعـــاره سر القول اهلل أكبـــر‬

‫في مديحك يا من رفع ربي قدره واخـتـــاره واعطاك البرهان والنصر‬

‫الهيبة والعز والوقــر‬ ‫أمر البركة تكون حرمة يمينه وايســـــاره‬

‫‪1‬‬
‫محمد يا طيب البشـر‬ ‫صلى اهلل عليك يا الدر الساطـــع لنـــواره‬

‫‪2‬‬
‫ويقول الشاعر عبد القادر بطبجي‪:‬‬

‫ال كان ملك وال عشــ ار‬ ‫لوال الهاشمي منبع األفـراح‬

‫صلوا على النبي يا حض ار‬ ‫ال نور الضي ال كوكب وضاح‬

‫‪3‬‬
‫صلوا على النبي يا حض ار‬ ‫محمد المفضل كنز األربـاح‬

‫إن المعجم اللغوي الذي نشير إليه هنا‪ ،‬ال ينفي وجود معجم فني خاص‬
‫بكل شاعر‪ ،‬بل بكل قصيدة‪ ،‬واال فال يمكننا الحديث عن نص أدبي‪.‬‬

‫‪ -1‬ابن دعماش‪ ،‬عبد القادر‪ ،‬المهم في ديوان الشعر الملحون‪ ،‬ج‪ ،0‬موفم للنشر‪ ،‬الجزائر ‪ ،0228‬ص‬
‫‪.020‬‬
‫‪ -2‬من شعراء القرن العشرين الميالدي‪.‬‬
‫‪ -3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.40‬‬

‫‪384‬‬
‫أ ‪-‬شعرية النص من خالل المفردة‪:‬‬
‫واذا وقفنا عند المفردة فإن أول ما يطالعنا في النص كثرة األسماء‪ ،‬إلى‬
‫درجة طغت فيها على القصيدة‪ ،‬كونها أقوى من الحروف واألفعال‪ ،‬وأنها كفيلة بأن‬
‫تؤدي المعنى وحدها‪ ،‬يقول ابن جني في هذا‪ ":‬وال بد لكل كالم مفيد من االسم‪،‬‬
‫وقد تستغني الجملة المستقلة عن كل واحد من الحروف والفعل‪ ،‬فلما كانت‬
‫األسماء من القوة األولية في النفس والرتبة‪ ،‬على ماال خفاء به‪ ،‬جاز أن يكتفي بها‬
‫مما هو تال لها‪ ،‬ومحمول في الحاجة إليه عليها "‪ ،654‬أضف إلى ذلك كون‬
‫الشاعر في غرض المدح‪ ،‬وتحت وطأة انفعال إيجابي هو حب النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فال يحتاج إلى ضرب بالعصا ليستفيق النائم‪ ،‬بل يود أن يضل حالما‬
‫بلقاء النبي‪ ،‬هائما بحبه في جو من الدعة والسالم‪ ،‬بعيدا عن صخب األفعال‬
‫ودويها ووقعها في النفس وقعا‪ ،‬وقعقعة تثير فيها فضول تتبع األحداث التاريخية‬
‫مثال – أو تقصي الوقائع وعرض األحداث‪.‬‬

‫ويشدك في البنية اللغوية ثنائيات تقابلية يختلف مركز التفعيل في كل واحدة منها‪:‬‬

‫إلهيه وهنا‪ :‬الفاعل والمحرك هنا هو االمتداد المكاني‪ ،‬فالحاجة إلى النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم في نفس الشاعر تمتد من الدنيا إلى اآلخرة‪ ،‬وقد قدم إلهيه‬
‫عن هنا النصباب اهتمامه على الحياة األخروية قبل الدنيوية وهو العابد الزاهد‪.‬‬

‫روحي وجسدي‪ :‬محور هذه الثنائية هو الشمولية‪ ،‬إذ يقتضي في الرفق أن‬
‫يشمل الروح والجسد معا‪ ،‬فال الجسد يمسه العذاب في القبر‪ ،‬وال الروح يلحقها‬
‫وقدم الروح هنا أيضا عن الجسد لقدسيتها‪.‬‬
‫مساس عند بارئها‪ّ ،‬‬

‫‪ -654‬ابن جني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.03‬‬


‫‪385‬‬
‫الداء‪ ،‬والدواء‪ :‬مأتى هذه الثنائية هو االنفراج‪ ،‬فالداء‪ ،‬هذا الذي يعيي‬
‫صاحبه وينهكه‪ ،‬تأتي راحته وبرؤه مع الدواء‪.‬‬

‫نمت أنوم‪ ،‬قمت نقوم‪ :‬المحرك في هذه الثنائية هو الحركية إذ ينتقل من‬
‫سكون إلى حركة‪ ،‬ومن خمول إلى نشاط‪.‬‬

‫هول اليوم‪ ،‬وهول غدا‪ :‬تفضي إلى االمتداد الزمني‪ ،‬فهو ينقلنا من تساؤل‬
‫عن يوم هو فيه‪ ،‬إلى زمن قد يمتد في األزل‪.‬‬

‫ذنوبي‪ ،‬توبا‪ :‬المحور الذي تدور حوله هذه الثنائية هو االنتقالية‪ ،‬إذ ينتقل‬
‫من ذنوب ومعاص وخسران عموما إلى طاعة ونجاة وفالح‪.‬‬

‫نقصان‪ ،‬زيادا‪ :‬تحيل هذه الثنائية إلى المعيارية‪ ،‬فحجم السيئات التي‬
‫فعج ُز بدنه ال يؤهله ألن يجتهد في‬
‫بحوزته حال دون تداركها حجم قدرة جسمه‪ْ ،‬‬
‫العبادة فتربو حسناته عن سيئاته ‪.‬‬

‫جاب‪ ،‬ندي‪ :‬محرك هذه الثنائية هو العمل‪ ،‬إذ ال يمكن أن يأخذ أج ار من لم‬
‫يؤد عمال‪ ،‬فالجزاء من جنس العمل‪.‬‬
‫ّ‬

‫االعراب‪ ،‬وعجم‪ ،‬وكذلك‪ ،‬تاقي‪ ،‬عاصي‪ :‬محور هتين الثنائيتين هو التعميم‪،‬‬


‫فهو يطلب من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن يحرر عموم الناس على‬
‫اختالف أجناسهم وعلى تفاوت تقواهم‪.‬‬

‫بادي‪ ،‬بلدي‪ :‬ما قلناه في الثنائية السابقة ينطبق على هذه الثنائية‪ ،‬فالبدوي‬
‫والحضري عموما منخلق اهلل‪.‬‬

‫‪386‬‬
‫إن هذه الثنائيات اللغوية أفضت إلى كثير من الحركية اللغوية في النص‪،‬‬
‫مؤدية وظيفتها التعبيرية وان كانت بسيطة قريبة المنال‪.‬‬

‫ب ‪ -‬الحقول الداللة للقصيدة‪:‬‬


‫نقصد بهذه الحقول الداللية المعجم الفني للشاعر‪ ،‬و"الحقل الداللي مجموع‬
‫الكلمات التي ترتبط معانيها بمفهوم محدد‪ ،‬بحيث يشكل وجها جامعا لتلك‬
‫المعاني‪ ،‬ومبر ار لها لكي تأتلف على ذلك الوجه‪ ،‬أو هو مجموعة وحدات معجمية‬
‫ترتبط بمجموعة تقابلها من المفاهيم على أن تندرج كلها تحت مفهوم عام‪ ،‬أو كلى‬
‫‪655‬‬
‫يجمعها‪".‬‬

‫بهذا المعجم نقيس مدى اقتدار الشاعر في التنقل من حقل إلى حقل دون‬
‫الخروج عن المحور الرئيس للقصيدة‪.‬‬

‫سنحاول إبراز الحقول الداللية في القصيدة وسنرمز لكل حقل بحرفين هما "‬
‫حد "‪.‬‬

‫حد ‪ :2‬أسماء اهلل سبحانه وتعالى وصفاته‪:‬‬

‫اهلل‪ ،‬اللهم‪ ،‬مولى‪ ،‬موالي‪ ،‬مولى الموالي‪ ،‬ربي‪.‬‬

‫حد‪ :7‬أسماء الرسول صلى اهلل عليه وسلم وصفاته‪:‬‬

‫‪ -655‬نواري‪ ،‬سعيد أبو زيد‪ ،‬الدليل النظري في علم الداللة‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،2333 ،‬ص ‪.124‬‬
‫‪387‬‬
‫محمد‪ ،‬سيدي‪ ،‬نبينا‪ ،‬مناع‪ ،‬شافع‪ ،‬األمجد‪ ،‬مفتاح الجنة‪ ،‬سيد رقية‪ ،‬احمدا‪،‬‬
‫المختار‪ ،‬شعشع نورك‪ ،‬صاحب الغماما‪ ،‬الشفيع‪.‬‬

‫حد ‪ :3‬الدنيا واآلخرة والجنة والنار‪:‬‬

‫نور جنة‪ ،‬نار‪ ،‬الموت‪ ،‬قبري‪ ،‬هول اليوم‪ ،‬هول غدا‪ ،‬الدنيا‪ ،‬يوم الدين‪ ،‬يوم‬
‫العطش‪ ،‬وردي‪ ،‬حرة شديدا‪ ،‬مات‪ ،‬يوم القياما‪ ،‬نار تقدي‪ ،‬جهنم‪ ،‬الخلودي‪ ،‬هوله‪.‬‬

‫حد ‪ :4‬الدين اإلسالمي‪:‬‬

‫صلى‪ ،‬صل وسلم‪ ،‬أعوذ باهلل‪ ،‬بالقرآن‪ ،‬كتابه‪ ،‬فتنا‪ ،‬الدين‪ ،‬عبدي‪ ،‬توبا‪،‬‬

‫العبادا‪ ،‬نفلت‪ ،‬سجدا‪ ،‬ماليك‪ ،‬تاقي‪ ،‬عاصي‪ ،‬شهادا‪.‬‬

‫حد ‪ :5‬الطبيعة (الحية والصامتة)‪:‬‬

‫سدي‪ ،‬شهدا‪ ،‬نجوم‪ ،‬الليل‪ ،‬األظلم‪ ،‬األمطار‪ ،‬الحوت‪ ،‬البحور‪،‬‬


‫النحلة‪ ،‬ت ّ‬
‫خشبه‪ ،‬وردا‪ ،‬حرير‪ ،‬دودا‪ ،‬اللساس‪ ،‬قوتي‪ ،‬غدا‪ ،‬قضيب‪ ،‬بندي‪ ،‬البادية‪ ،‬األطيار‪،‬‬
‫ضفاضع‪ ،‬شط وادي‪ ،‬الليل‪ ،‬نهار‪ ،‬الزخار‪ ،‬مالح‪ ،‬جلنار‪ ،‬العماما‪.‬‬

‫حد ‪ :6‬العدد‪:‬‬

‫قدر‪ ،‬ألف‪ ،‬ثاني‪ ،‬وحدي‪ ،‬سبعين‪ ،‬متين‪ ،‬وحدة‪ ،‬تسعة وتسعين‪.‬‬

‫حد ‪ :2‬اإلنسان وما يتعلق به‪:‬‬

‫جسدي‪ :‬عين‪ ،‬بيدي‪ ،‬حملت بضناه‪ ،‬أبي‪ ،‬جدي‪ ،‬والدتي‪ ،‬جدة‪ ،‬روحي‪ ،‬فاه‪،‬‬
‫القوم‪ ،‬نفسي‪ ،‬ناس‪ ،‬الجنب‪ ،‬أوالدي‪ ،‬رعية‪ ،‬عمري‪ ،‬شيبي‪ ،‬يدي‪ ،‬راسك‪ ،‬أهلي‪،‬‬

‫‪388‬‬
‫شعر‪ ،‬داتي‪ ،‬راسي‪ ،‬االعراب‪ ،‬عجم‪ ،‬ولدي‪ ،‬فبيله‪ ،‬وجه‪ ،‬خدي‪ ،‬بادي‪ ،‬بلدي‪،‬‬
‫رضعاته‪ ،‬أمه‪ ،‬آدم‪.‬‬

‫حد ‪ :8‬إبليس وما يتعلق به‪:‬‬

‫وسواس‪ ،‬إبليس‪ ،‬أعوذ باهلل‪ ،‬الشيطان‪ ،‬األعور‪ ،‬يختلنا‪ ،‬العنه‪ ،‬لعنا‪.‬‬

‫حد‪ :9‬األلقاب والكنى‪:‬‬

‫االتراك‪ ،‬رقية‪ ،‬جرادا‪ ،‬المداح‪ ،‬اليهودي‪ ،‬السعدية‪ ،‬حليما‪ ،‬االخضر‪.‬‬

‫حد ‪ :21‬الخير والسعادة‪:‬‬

‫نبرا‪ ،‬مفاتيح الخير‪ ،‬الربح‪ ،‬تكافيني‪ ،‬فرحي‪ ،‬نزهى‪ ،‬فارح‪ ،‬ربحي‪ ،‬فالح‪،‬‬
‫طيب‪ ،‬السعادا‪ ،‬الهدية‪ ،‬السعيدا‪.‬‬

‫حد ‪ :22‬األحاسيس‪:‬‬

‫حبك‪ ،‬ما عزك‪ ،‬ترحم‪ ،‬أرفق‪ ،‬خفنا‪ ،‬أحفظ‪ ،‬نفخر‪ ،‬نرجي‪ ،‬يفزع‪ ،‬يرجاك‪،‬‬
‫حنت‪ ،‬فارح‪ ،‬محروم‪.‬‬

‫حد ‪ :27‬العنف‪:‬‬

‫نختم‪ ،‬نهزم‪ ،‬يختلنا‪ ،‬تمزيق‪ ،‬بخته‪ ،‬ألطمته‪ ،‬لطمه‪ ،‬شديدة‪ ،‬أقبضت‪ ،‬جلدا‪،‬‬
‫سطوة‪ ،‬قطعان‪ ،‬تصرخ‪ ،‬ينكبوا‪.‬‬

‫هذه هي أهم الحقول الداللية‪ ،‬ونراها ملتفة كلها بمحاورها حول موضوع‬
‫مدح النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وان تنوعت مدلوالتهاو تباينت‪ ،‬فاللغة الشعرية‬
‫حاضرة تنبئ بالتجربة الشعرية لسيدي لخضر في مختلف المواقف‪.‬‬
‫‪389‬‬
‫ج‪ -‬من خصائص اللغة الشعرية‪:‬‬

‫ال بد من التلميح إلى أن قصيدة الملحون متميزة بلغتها العامية ولذا فمعرفة‬
‫هذه اللغة واإللمام بدقائقها‪ ،‬هو ولوج إلى فكر الشاعر وقلبه‪ ،‬وبيئته التي استقى‬
‫منها هذه اللغة‪.‬‬

‫والتعامل معها ال ينبغي أن يكون بخلفية التعامل مع العربية الرسمية ألن‬


‫هذا ينأى بالباحث عن تذوق هذا الشعر أو الفن من حيث هو شعبي‪ ،‬كما يجعله‬
‫يلهث وراء العبارات الفصحى ويؤول لها التأويالت ليذيبها في اللغة الرسمية طوعا‬
‫أو كرها‪ ،‬فيجردها بذلك من بيئتها ومن طبيعتها البسيطة أو الشعبية‪.‬‬

‫ولننظر في أهم خصائص اللغة الشعرية في القصيدة التي بين أيدينا‪:‬‬

‫الهمزة‪" :‬أمر الهمزة عندهم بين ثالث‪ :‬إما أن تحذق‪ ،‬واما أن تستعمل واما‬
‫فالشاعر يعمد إلى حذف الهمزة من األسماء الممدودة‬ ‫‪656‬‬
‫أن تنطق حمزة وصل‪".‬‬
‫في مثل قوله‪:‬‬

‫الدا بدل الداء‪ ،‬االعدا بدل األعداء‪.‬‬

‫قد يحذفها وهي أصلية كما في‪ :‬اثري بدل إثري‪ ،‬االيسر بدل األيسر‪ ،‬سيه‬
‫بدل سيئة‪.‬‬

‫والحال هذه عند كثير من شعراء الملحون طلبا للتخفيف والتسهيل‪.‬‬

‫ميتين بدل مائتين‬ ‫وقد تقلب الهمزة ياء كما في‪:‬‬

‫‪ -656‬مرتاض‪ ،‬عبد الملك‪ ،‬العامية الجزائرية وصلتها بالفصحى‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫‪390‬‬
‫نودي بدل نؤدي‬ ‫أو تقلب إلى واو كما في‪:‬‬

‫تادي بدل تؤدي‬ ‫أو إلى ألف مثل‪:‬‬

‫إن تخفيف الهمزة وتسهيلها أو قلبها‪ ،‬ألنها صوت مجهور‪ ،‬والهمس أولى‬
‫في مثل هذا الغرض وهو أكثر مالئمة له‪ ،‬خاصة إن كان الممدوح هو سيد الخلق‬
‫َّ ِ‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وقد قال اهلل سبحانه وتعالى في محكم تنزيله« يَا أَيـُّ َها الذ َ‬
‫ين‬
‫ط‬‫ض ُك ْم لِبَـ ْعض أَن ََْتبَ َ‬ ‫ِّ َ َ ُ ُ ْ َ ْ َ ْ‬
‫آمنُوا َلَ تَـرفَـعوا أَصواتَ ُكم فَـو َق صو ِ‬
‫ت النَِِّب وَلَ ََْتهروا لَه بِالْ َقوِل َكجه ِر بـع ِ‬
‫ْ ُ َْ ْ ْ َْ‬ ‫َ‬
‫وابن خلوف الولي الصالح الورع‪ ،‬أجدر الناس‬ ‫‪657‬‬
‫أ َْع َمالُ ُك ْم َوأَنْـتُ ْم َلَ تَ ْشعُُرو َن»‬
‫باختيار لغته في حضرة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫ظاهرة التسكين‪:‬‬

‫من مطواعية لغة الشعر الملحون‪ ،‬التسكين‪ ،‬الذي يرفع حرج القواعد النحوية‬
‫ويسهل انسياب األلفاظ في يسر كما في األمثلة‪ْ :‬خلق بدل َخلق‪ْ ،‬نهار بدل َنهار‪،‬‬
‫ْمفاتيح بدل َمفاتيح‪.‬‬

‫فهي بادية خالف اللغة الرسمية‪ ،‬حيث يجوز لها أن تبدأ بالساكن وتقف‬
‫على الساكن في غير ما إحراج‪.‬‬

‫الضمائر‪ :‬يستخدم الشاعر‪ ،‬وأغلب شعراء الملحون‪ ،‬مع األفعال المضارعة‪،‬‬


‫ضمير الجماعة بدل ضمير الفرد وهو يقصد نفسه فمثال‪:‬‬

‫نريد بدل أريد‪ ،‬نغسل بدل أغسل‪ ،‬نفخر بدل أفخر‪.‬‬

‫‪ -657‬سورة الحجرات‪ ،‬اآلية ‪.32‬‬


‫‪391‬‬
‫ولعل أصل هذه النون راجع إلى غنائية الشعر الملحون‪ ،‬ذلك أن مخرج هذا‬
‫الحرف يحدث رنينا يتناسب مع اإليقاع‪ ،‬ألم تر أن كلمة رنين‪ ،‬وأنين‪ ،‬وهنين‪،‬‬
‫وخنين‪ ،‬وحنين‪ ،‬وطنين‪ ،‬كلها تعني أصواتا‪ ،‬متفاوتة‪ ،‬وكلها تحمل حرف النون‬
‫مكررا‪ ،‬ولو تفحصت الشعر الملحون لوجدت أنه ال يكاد يخلو فيه بيت من حرف‬
‫النون‪ .‬إنه الوتر األساس في قصائد الملحون‪.‬‬

‫اسم الموصول‪ :‬ال يستعمل شعراء الملحون اسم الموصول الذي‪ ،‬بل‬
‫يستبدلونه ِب " اللي "‪ ،‬يقول مرتاض عبد الملك‪ " :‬إن اسم الموصول ال يوجد في‬
‫لهجاتهم البتة‪ ،‬وهم يستعملون للداللة عليه لفظا واحدا في كافة األحوال هو اللي‬
‫"‪ ،658‬ومثال ذلك في شعر ابن خلوف قوله‪ " :‬النحلة اللي تسدي " أي التي‪،‬‬
‫وقوله‪ " :‬األتراك اللي تزدك " أي التي‪ ،‬وقوله‪ " :‬واللي مات بال شهادا " أي الذي‪.‬‬

‫ينب ِِر لمدح سيد الخلق لغرض دنيوي مادي‬


‫ال شك أن ابن خلوف لم ِ‬

‫زائل‪ ،‬لذلك فلغته لم يتخير منها إال ما يليق بمقام ممدوحه‪ ،‬وما ال يتنافى مع طبع‬
‫المحب وذوقه‪ ،‬فهي في مجملها عفوية بسيطة‪ ،‬ولعل هذه العفوية والبساطة هي‬
‫الخلفية الجمالية للنص الشعري الذي بين أيدينا‪ ،‬وللنص الشعري الخلوفي عموما‪،‬‬
‫والشعر الملحون بصفة أعم ‪.‬‬

‫‪ – 7‬المستوى الثاني‪:‬‬

‫الصورة الشعرية عند ابن خلوف من خالل هذه القصيدة‪:‬‬

‫تشبيه الشعر بالتصوير قديم في النقد العربي‪ ،‬فقد أشار إلى ذلك الجاحظ‪،‬‬
‫وتبعه في ذلك النقاد العرب القدامى‪ ،‬أمثال قدامة بن جعفر‪ ،‬وعبد القاهر‬
‫‪ -658‬مرتاض‪ ،‬عبد الملك‪ ،‬العامية الجزائرية وصلتها بالفصحى‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪392‬‬
‫الجرجاني‪ ،‬وغيرهما و "إذا كان الجاحظ قد اقتصر في كالمه على اإلشارة إلى أن‬
‫الشعر "صناعة وضرب من التصوير " فإن النقاد الذين جاءوا بعده حاولوا أن‬
‫يحددوا طبيعة التصوير الشعري بإثارة التخيل‪ ،‬والحواس‪ ،‬والملكات المختلفة‪،‬‬
‫والهدف من التصوير‪ ،‬كما اجتهدوا في بيان أثر المجاز‪ ،‬والتشبيه‪ ،‬واالستعارة‪،‬‬
‫‪659‬‬
‫والكناية‪ ،‬وما إليها في الصورة الشعرية ‪".‬‬

‫وللتجربة الشعرية‪ ،‬بعناصرها‪ ،‬أثر كبير في التصوير‪ ،‬إذ لكل تجربة شعرية‬
‫عناصر مختلفة من فكرية وخيالية وعاطفية‪ ،‬مجتمعة ومتفاعلة فيما بينها‪ ،‬يتخذ‬
‫منها الشاعر مواد تصويره‪ ،‬إذ يستعين بها على إجالء صورة قوية اإليحاء‪ ،‬نافذة‬
‫التعبير‪.660‬‬

‫و" لهذا كان لكل تجربة شعرية ناحيتان‪ :‬األفكار والخواطر المجردة وهذه في‬
‫طبيعتها ال شعرية‪ ،‬ثم العملية الشعرية نفسها التي تقوم على وضع هذه األفكار‬
‫في قوالب خاصة‪ ،‬معتمدة على تكرار الوزن والنغمة والقافية والحركة الموسيقية‪،‬‬
‫‪661‬‬
‫مع مزاوجتها بتلك األفكار والخياالت والعواطف‪" .‬‬

‫فالتجربة الشعرية على هذا‪ ،‬هي التي تقف وراء البوح بالوجه الحقيقي لنفسية‬
‫الشاعر في إخالص كبير‪.‬‬

‫‪ -659‬مصايف‪ ،‬محمد‪ ،‬النقد األدبي الحديث في المغرب العربي‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫الجزائر‪ ،1940‬ص ‪.160‬‬
‫‪ -660‬ينظر‪ ،‬غنيمي هالل‪ ،‬النقد األدبي الحديث‪ ،‬دار العودة‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت ‪ ،1942‬ص ‪.040‬‬
‫‪ -661‬نفسه‪.‬‬
‫‪393‬‬
‫حركه االنفعال وتعهده‬
‫ويجتمع لدينا أن الصورة الشعرية هي نتاج عقل ّ‬
‫الخيال‪ ،‬مع التدقيق في النظر إلى الشيء المصور لتقديم الصورة في شكل عميق‪،‬‬
‫يقول محمد مصايف في هذا‪:‬‬

‫" إن مما ينبغي أن يتوفر للشاعر كي ينجح في التصوير الشعري‪ ،‬التدقيق‬


‫في النظر والبحث‪ ،‬وبالتالي في رسم الصورة والتمكن من اللغة واألوزان‬
‫‪662‬‬
‫الشعرية‪".‬‬

‫وتظهر قوة التصوير عند الشاعر في مدى تكييف الصور المادية التي تمده بها‬
‫التعمل البارد والتنميق المشين‪ ،‬إلى جانب‬
‫الحواس مع انفعاالته النفسية بعيدا عن ّ‬
‫‪663‬‬
‫الذوق باعتباره وسيلة لتنسيق األضواء والظالل في الصورة الشعرية‪.‬‬

‫يتوافر لدى ابن خلوف‪ ،‬إلى جانب بساطة اللغة ووضوح العبارة‪ ،‬رصيد معرفي‬
‫طغت عليه النصوص الدينية‪ ،‬أي القرآن والحديث‪ ،‬إلى جانب الملكات الضرورية‬
‫للشاعر وهي الذوق والخيال واإلحساس والعاطفة القوية‪ .‬ويكون التعبير عن المعاني‬
‫المقصودة‪ ،‬الم ارد إثارتها في نفس المتلقي‪ ،‬بالصور البيانية كالتشبيهات واالستعارات‬
‫والكنايات‪.‬‬

‫‪ 2-7‬الصور البيانية‪:‬‬

‫أ – التشبيه‪ :‬تعد هذه القصيدة شبه خالية من التشبيهات الصريحة‪ ،‬إال في‬
‫تشبيه الشعر " بسلك حرير " وهو يقصد خيط حرير‪:‬‬

‫ما حملت بضناه دودا‬ ‫الشعر سلك حرير بيدي‬

‫‪ -662‬مصايف‪ ،‬محمد‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.133‬‬


‫‪ -663‬ينظر المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.163‬‬
‫‪394‬‬
‫جاء هذا التشبيه بليغا غابت فيه أداة التشبيه ووجه الشبه‪ ،‬ليؤكد أن هذا الحرير‬
‫متميز في نوعه عال في جودته‪ ،‬نفى عنه صفة الحرير‪ ،‬الذي مصدره دودة الحرير‬
‫وعبر عنه بالسلك‪ ،‬وهي صفة المعدن وهو يريد أنفَ َسها الذي هو الذهب‪،‬‬
‫المعروفة‪ّ ،‬‬
‫فهذا الشعر كسلك يحمل بريق الذهب ونعومة الحرير‪ ،‬طيع في يده سهل التشكيل‪.‬‬

‫وتمتد هذه الخصيصة في كامل مديح ابن خلوف‪ ،‬فهو ال يعتمد كثي ار على‬
‫التشبيهات‪ ،‬خاصة الصريحة‪ ،‬إال قليال مثل التشبيه في قوله من قصيدة " يا كوثر اللبن‬
‫"‪:‬‬

‫‪664‬‬
‫مثل حباب الرمل في عميق الزخار‬ ‫يا كوثر اللبن فيك غاب قطراني‬

‫إذ يشبه جالء أحزانه واختفائها كما تغيب حبات الرمل في قعر البحر‪،‬‬
‫ويدعى هذا النوع من التشبيه‪ ،‬تشبيه تمثيل إذ " وجه الشبه فيه صورة منتزعة من‬
‫‪665‬‬
‫متعدد‪" .‬‬

‫ووجه الشبه فيه هنا صورة منتزعة من متعدد وهو اختفاء شيء صغير هو‬
‫حبات الرمل في شيء عميق هو البحر‪.‬‬

‫ومنه أيضا قوله‪:‬‬

‫‪666‬‬
‫كيف واتى الليل طلعة البدر العالي‬ ‫اتواتـيـه امــداحـــي‬

‫‪ -664‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص ‪.93‬‬


‫‪ -665‬الجارم‪ ،‬على و مصطفى أمين‪ ،‬البالغة الواضحة مع دليلها‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬وهران‪،‬‬
‫ص ‪.05‬‬
‫‪ -666‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬قصيدة " الرشيد مصباحي "‪ ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪395‬‬
‫وفي هذا التشبيه لتوشية مديح ابن خلوف لمقام النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫بتوشية القمر لليل‪ ،‬فالقمر ينير الليل ويبدد ظالمه‪ ،‬ومديح الشاعر ينير قلوب‬
‫الذاكرين بإعالء مقامه‪ ،‬ويبدد وحشتها أيضا‪.‬‬

‫ومن التشبيه غير التمثيلي قول الشاعر‪:‬‬

‫‪667‬‬
‫فضله ذو الجاللي‬
‫هو سراج الدهر ْ‬ ‫الرشـيـد مـصباحــي‬

‫ولئن قلّت التشبيهات الصريحة‪ ،‬فإن ابن خلوف قد ينحو منحى من البالغة‬
‫صوره المعروفة‪ ،‬نزوعا‬
‫يوحي فيه بالتشبيه من غير أن يصرح به في صورة من ّ‬
‫منه إلى االبتكار واقامة الدليل على الحكم الذي أسنده إلى المشبه‪ ،‬ورغبة في‬
‫كما‬ ‫‪668‬‬
‫إخفاء التشبيه‪ " ،‬ألن التشبيه كلما دق وخفي كان أبلغ وأفعل في النفس "‬
‫في قوله‪:‬‬

‫يامن بك اللساس مبني‬ ‫نحتاجوك الهيه وهنا‬

‫إنه يشبه ضمنا حاجتنا إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم في الدنيا واآلخرة‪،‬‬
‫كحاجة البناء لألساس والذي ال يقوم إال عليه‪ ،‬لكنه لم يجعل ذلك صريحا‪ ،‬بل‬
‫وضمنها هذا المعنى في صورة‬
‫ّ‬ ‫جاء بجملة مستقلة " يا من بك اللساس مبني"‬

‫‪ -667‬نفسه‪.‬‬
‫‪ -‬صور التشبيه المعروفة‪ :‬ما ذكرت فيه األداة نحو الماء كالفضة أو حذفت والمشبه به خبر نحو الماء‬
‫فضة وكان الماء فضة‪ ،‬أوحال نحو سال الماء فضة‪ ،‬أو مصدر مبين النوع مضاف نحو صفا الماء‬
‫صفاء الفضة‪ ،‬أو مضاف إلى المشبه نحو سالت فضة الماء‪ ،‬أو مفعول به ثان لفعل من أفعال اليقين‬
‫فضة‪ ،‬أو أضيف المشبه‬‫ٌ‬ ‫والرجحان نحو علمت الماء فضة أو صفة على التأويل بالمشتق نحو سال ما ٌء‬
‫إلى المشبه به بحيث يكون الثاني بيانا لألول نحو ماء الفضة أي ماء هو الفضة‪ ،‬أو بين المشبه بالمشبه‬
‫به نحو جرى ماء من فضة‪ .‬هامش البالغة الواضحة‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ -668‬علي الجارم‪ ،‬مصطفى أمين‪ ،‬البالغة الواضحة‪ ،‬ص ‪.06‬‬
‫‪396‬‬
‫برهان على أن الحكم " اللساس" الذي أسند إلى المشبه " النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم" ممكن‪.‬‬

‫ومن التشبيه الضمني أيضا والذي ُيلمح من التركيب في قوله‪:‬‬

‫باغي الربح بال العبادا‬ ‫من ال جاب يقول ندي‬

‫يشبه ضمنا الرجل الذي يطلب أجرة بال عمل‪ ،‬كالذي يطلب الجنة‪ ،‬والتي‬
‫يعبر عنها بالربح‪ ،‬بال عبادة‪ ،‬هذا التشبيه – لعمري – أبلغ في النفس وأقوى تأثي ار‪.‬‬

‫صورة أخرى للتشبيه الضمني تتجلى في البيت‪:‬‬

‫جلنار فاتح فوق وردة‬ ‫شعشع نورك فوق خدي‬

‫الحق أن في البيت تشبيهان ضمنيان‪:‬‬

‫أحدهما أن نور النبي صلى اهلل عليه وسلم على خد سيدي لخضر كأنه في‬
‫حمرته مثل الورد‪ ،‬والثاني أن الوردة اتخذت لها حمرة كحمرة الجلنار‪ ،‬ولون هذا‬
‫األخير غاية في الجمال والروعة‪ .‬ونستطيع أن نضيف إلى هذين التشبيهين‬
‫تشبيها ضمنيا آخر في نفس البيت‪ ،‬ليصبح حشدا للتشبيهات‪ ،‬وهو أن نور النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬انتشر على خد ابن خلوف كما ترسل الشمس أشعتها‪ ،‬وتدل‬
‫على ذلك لفظة " شعشع " التي منها الشعاع‪.‬‬

‫إن هذا الحشد من التشبيهات نادر عند شعراء الملحون‪ ،‬وهو يعكس ذكاء‬
‫وفطنة ابن خلوف وكذا تجربته الشعرية وسالمة طبعه‪.‬‬

‫‪397‬‬
‫لقد استمد سيدي لخضر‪ ،‬كما نالحظ‪ ،‬عناصره من الطبيعة‪ ،‬من شمسها‪،‬‬
‫ونباتها‪ ،‬وجمادها‪ ،‬فمما اتخذ مشبها ( الشمس‪ ،‬الشعاع‪ ،‬الورد‪ ،‬جلنار‪ ،‬البدر‪،‬‬
‫اللساس‪ ،‬السيراج)‪.‬‬

‫هدف من وراء هذا التشبيه إلى التأثير في العواطف‪ ،‬وأن ما يحرك‬


‫كماقد َ‬
‫أحاسيسه حب يرى كل شيء يشع بالنور‪ ،‬نور أصله ومنبعه نور المصطفى صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫إن التشبيهات التي وردت في شعر ابن خلوف جاءت أساسية في الجمل‬
‫وليست إضافية‪ ،‬طلبها المعنى الذي لم يتم إال بها‪.‬‬

‫ب – االستعارة‪:‬‬

‫االستعارة لون من ألوان التصوير وهي " أقوى أث ار من التشبيه "‪669‬من حيث‬
‫تمكنها من المجاز اللغوي‪ ،‬ألنها " وان كانت قائمة على التشبيه‪ ،‬إال‬

‫أنها تومئ إلى المشابهة‪ ،‬وال تصرح بها‪ ،‬كما أنها من ناحية االستعمال والتوظيف‪،‬‬
‫ال نعثر فيها إال على لفظة واحدة تحمل في طياتها معالم المشبه به والمشبه‪ ،‬أو‬
‫معا‪.‬‬ ‫‪670‬‬
‫الوسيلة والغاية "‬

‫وقد عمد إليها ابن خلوف‪ ،‬ولم يعدم أثرها‪ ،‬ذلك أنها أفضل أدوات التعبير‬
‫عن المعنى الذهني والحالة النفسية‪ ،‬تتعهد الصورة التي رسمها الشاعر فتعطيها‬
‫ألوانها وظاللها‪ ،‬ثم ما تلبث أن تتبدى للعين فتجعل األمر المعنوي ملموسا‪،‬‬

‫‪ -669‬غنيمي هالل‪ ،‬النقد األدبي الحديث‪ ،‬ص ‪.124‬‬


‫‪ -670‬نواري‪ ،‬سعودي ابو زيد‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.122‬‬
‫‪398‬‬
‫وحسبنا أن نقف عند بعض األلفاظ المستعارة الموحية ونتبين سر اختيارها‪ .‬يقول‬
‫ابن خلوف‪:‬‬

‫ما عزك يا عين وحدا‬ ‫حبك في سلطان جسدي‬

‫فكلمة " سلطان " ال تقف عند حد استعارة لمعنى السلطة والحكم‪ ،‬بل إنها‬
‫تصور للخيال بداية هذا التم ّكن‪ ،‬ثم اختراق هرم الحكم حتى أعلى قمة هذا الهرم‪،‬‬
‫لتأتي السلطة نتيجة لدأب مستمر ونضال طويل‪ ،‬كما تصور للخيال الصالحيات‬
‫التي يتمتع بها السلطان على هذا الجسد‪.‬‬

‫ثم إن عبارة " عين وحدا " تتعدى إيحائها قاصدة النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬إلى أنها تحمل معنى قيمة هذه العين التي ال يكسب صاحبها غيرها‪ ،‬وقد‬
‫ورد في حديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬إن اهلل عز وجل قال‪ :‬إذا ابتليت‬
‫يريد عينيه رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪671‬‬
‫عبدي بحبيبتيه فصبر عوضتُه منهما الجنة"‬

‫فقد عبر المولى عز وجل عن العينين بحبيبتي اإلنسان‪ ،‬فان كانت واحدة‬
‫يكن للنبي صلى اهلل‬
‫أعز وأج ّل في نفس اإلنسان‪ ،‬وابن خلوف ّ‬
‫زادت قيمتها فكانت ّ‬
‫يكنه الشخص لعين واحدة ال يملك غيرها‪ ،‬ولنا أن ننظر‬
‫حبا كالذي ّ‬
‫عليه وسلم ّ‬
‫في هذه الصورة‪ ،‬كما اجتهدنا في تحليلها‪ ،‬ماذا أثارت في النفس من عاطفة الحب‬
‫والتقدير واإلجالل‪.‬‬

‫وفي مقام آخر يقول الشاعر‪:‬‬

‫تصرخ بـــك الناس شتا‬ ‫يا محمد أنـــت االمجد‬

‫‪ -671‬النووي‪ ،‬رياض الصالحين‪ ،‬ص ‪.21‬‬


‫‪399‬‬
‫علو الصوت بل للتعبير عن‬
‫استعار كلمة " تصرخ " ليس فقط للتعبير عن ّ‬
‫هول الموقف‪ ،‬فالصراخ يكون عادة لطلب النجدة والنجاة من الغرق أو الحريق‬
‫حرك ماال يمكن أن تحركه كلمة "تنادي" مثال‪ ،‬فلفظة‬
‫ونحوه‪ ،‬فاستعارة هذه الكلمة ّ‬
‫"تصرخ" جاءت مؤتلفة مع معناها فأدت وظيفتها‪.‬‬

‫وقريب من ذلك ما أثارته كلمة " ينكبوا " في البيت‪:‬‬

‫ما اشينها حـــــرة شديدا‬ ‫ينكبوا في النار تقــدي‬

‫هذه االستعارة جلبت معنى الذلة‪ ،‬فالكفّار " ينكبوا " في النار كأي سائل‬
‫مشتعل يزيد النار اتقادا ولهيبا‪ ،‬ثم إن السائل ينتشر‪ ،‬وفي هذا االنتشار زيادة في‬
‫العذاب‪.‬‬

‫ومن االستعا ارت القريبة من النفس والتي تقبلها وتأنس لها قوله في البيت‪:‬‬

‫ما ذي إال همـــــة عظيما‬ ‫إليــك االنياق َّ‬


‫حنت‬

‫شبه الشاعر الناقة باإلنسان ثم حذف المشبه به " إنسان " ورمز إليه بشيء‬
‫ّ‬
‫من لوازمه وهو الحنان‪ ،‬فاالستعارة المكنية هذه زادت المعنى جماال‪.‬‬

‫واالستعارات في شعر ابن خلوف كثيرة ومتنوعة‪ ،‬وهي عنصر‪ ،‬أو سر من أسرار‬
‫الجمال الفني الذي تتسم به القصيدة الخلوفية‪.‬‬

‫ومن االستعارات التمثيلية قول الشاعر‪:‬‬

‫ما َن َّفلت حـــتى بسجدة‬ ‫ياقطعان يـدي بــيـــدي‬

‫‪400‬‬
‫يدل الوضع الحقيقي للشطر األول على أن الشاعر قطع يده بيده‪ ،‬ولكنه لم‬
‫يستعمله في هذا المعنى‪ ،‬بل استعمله في أنه هو السبب فيما اقترفه من تقصير‬
‫المشابهة‪ ،‬والمشبه هنا‬
‫َ‬ ‫في حق نفسه‪ ،‬فهذا التركيب مجاز قرينته حالية‪ ،‬وعالقته‬
‫التقصير‪ ،‬والمشبه به قطع اليد‪ ،‬فهو قد جنى على نفسه بالتقصير مثلما يجني‬
‫عليها بقطع يده‪.‬‬

‫لقد استعمل هذا التركيب في غير معناه الحقيقي‪ ،‬فكان المعنى المجازي‬
‫والمعنى الحقيقي متشابهين ولذا سميت باالستعارة التمثيلية‪.‬‬

‫إن بالغة االستعارة " من ناحية اللفظ‪ ،‬أنتركيبها يدل على تناسي التشبيه‪،‬‬
‫ويحملك عمدا على تخيل صورة جديدة تنسيك روعتها‪ ،‬ما تضمنه الكالم من تشبيه‬
‫خفي مستور"‪.672‬‬

‫لهذا كانت االستعارة أبلغ من التشبيه‪ ،‬وان كان التشبيه فيها منسي مجحود‪.‬‬

‫ولما ُو ِهب ابن خلوف استعدادا سليما في ُّ‬


‫تعرف وجوه الشبه الدقيقة بين‬ ‫ّ‬
‫األشياء‪ ،‬وأودعه اهلل قدرة على ربط المعاني وتوليد بعضها من بعض إلى حد‬
‫كبير‪ ،‬جعل من االستعارة مرتعا فسيحا لإلبداع‪ ،‬ومجاال خصبا لالبتكار‪ ،‬ومسبحا‬
‫واسعا للخيال‪.‬‬

‫ج – الكناية‪:‬‬

‫ال يقتصر التصوير في أي فن أدبي على التشبيه واالستعارة فحسب‪ ،‬بل إنه‬
‫يتخذ من الكناية سبيال آخر‪ " ،‬وكثي ار ما تعجز الحقيقة أن تؤدي المعنى كما أدته‬

‫‪ -672‬علي الجارم ومصطفى أمين‪ ،‬البالغة الواضحة‪ ،‬ص ‪.135‬‬


‫‪401‬‬
‫الكناية "‪ ،673‬ألنها تتلون بألوان كثيرة‪ ،‬فقد تأتي تلويحا‪ ،‬أو رمزا‪ ،‬أو إيماء واشارة‪،‬‬
‫أو تعريضا‪.674‬‬

‫نعبر‬
‫وسبيل التعبير بالكناية " أن ننظر إلى المعنى الذي نقصد أداءه‪ ،‬فال ّ‬
‫عنه باللفظ الدال عليه لغة‪ ،‬بل نقصد إلى الزم المعنى‪ ،‬فنعبر به ونفهم ما‬
‫‪675‬‬
‫نريد"‬

‫وقد تقوم الكناية المقام األول في فنية سيدي لخضر‪ ،‬يحل بها الصورة محل‬
‫تشاهد من خالل الواقع الحسي الذي‬
‫َ‬ ‫الفكرة‪ ،‬ويدع األفكار والتجارب والخواطر‬
‫يتكنى به عليها‪ ،‬ويظهر من خالل ذلك التجاوب والتناغم بين أحوال العالم‬
‫الداخلي ومظاهر العالم الخارجي المتمثل في الطبيعة من حوله‪.‬‬

‫ومن كناياته في هذه القصيدة‪:‬‬

‫يشـــرق وال نار تسني‬ ‫لوال أنت ال نور جنـة‬

‫ففي هذا البيت كناية على أن النبي صلى اهلل عليه وسلم أصل النور‬
‫ومبعثه‪،‬و النور خير كله‪ ،‬فيتحول التصوير إلى أن النبي منبع الخي ـر والحب‬

‫والعطاء‪ ،‬ومن ذكاء الشاعر أن اختار لهذه الصورة‪ ،‬ورصد لها مفردات تشعّ‬
‫انية والخيرّية وحشرها في بيت واحد‪ ،‬فرفعت صورته الحسية بالكناية‪،‬‬
‫بالنور ّ‬

‫‪ -673‬بكري‪ ،‬شيخ أمين‪ ،‬التعبيرالفني في القرآن الكريم‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬بيروت‪ ،1943‬ص ‪.231‬‬
‫‪ -674‬إذا كثرت الوسائط في الكناية نحو‪ :‬مكر مفر‪ ،‬مقبل مدبر‪ ،‬سميت تلويحا‪ ،‬وإن قلّت وخفيت نحو‪ :‬فالن‬
‫من المستريحين كناية عن الجهل والبالهة‪ ،‬سميت رمزا‪ ،‬وإن قلّت الوسائط ووضحت أو لم تكن سميت‬
‫إيماء وإشارة‪ ،‬نحو‪ :‬الفضل يسير حيث يسير فالن‪ ،‬كناية عن نسبة الفضل إليه‪ ،‬ومن الكنايةنوع يسمى‬
‫التعريض‪ ،‬وهو أن يطلق الكالم ويشاربه إلى معنى أخر يفهم من السياق‪ ،‬كأن تقول لشخص يضر‬
‫الناس‪ " :‬خير الناس أنفعهم للناس "‪ ،‬البالغة الواضحة‪ ،‬هامش ص ‪.125‬‬
‫‪ -675‬دخيسي‪ ،‬رحمونة‪ ،‬شعر ابن شريف بلوفة الشعبي‪ ،‬دراسة تحليلية‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة‬
‫الماجستير في الثقافة الشعبية‪ ،‬جامعة تلمسان‪ ،2336/2335 ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪402‬‬
‫الموصوف‪ ،‬الذي هو النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬أعلى الدرجات وهو أحق بها‬
‫َ‬
‫وأهلها‪.‬‬

‫كنى عن قهره للشيطان ورد وساوسه‬


‫ومن ورعه وتقواه وثباته على الدين أنه ّ‬
‫وكيده بالضرب واللطم‪ ،‬فباء مكره بأن خسئ وارتد خائبا‪ ،‬ذلك في البيتين‪:‬‬

‫والطمته لطمة شديدا‬ ‫وبخته بقضيب عندي‬

‫واعطيته ميتين جلدا‬ ‫اقبضت الشيطان بيدي‬

‫والضرب هنا أشد أنواع العقاب ألن فيه إلحاق الضرر المادي والمعنوي‪،‬‬
‫فالمادي هو األلم جراء الكدمات والجروح وما إلى ذلك‪ ،‬والضرر المعنوي هو‬
‫أن المعني بالضرب لم تنفع معه الوسائل المقدمة عن الضرب من وعظ أو‬
‫تذكير‪ ،‬فيثير ذلك في نفسه ألما معنويا بأنه سفيه ضعيف العقل ال تكفي معه‬
‫الوسائل المستعملة مع أولي العقل والفهم‪ ،‬كما ورد في القرآن الكريم في تأديب‬
‫وه َّن«‪ ،676‬فقد‬ ‫المرأة‪ « :‬والالَِِّت ََتافُو َن نُشوزه َّن فَعِظُوه َّن واهجروه َّن ِِف املض ِ‬
‫اض ِربُ ُ‬
‫اج ِع َو ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ َ ْ ُُ ُ‬ ‫ُ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ترك اهلل سبحانه الضرب كآخر وسيلة للتأديب‪ ،‬فالكناية في البيتين معناها‬
‫القريب هو القبض والضرب المعروفين‪ ،‬ولكنه معنى غير مراد‪ ،‬إنما المقصود‬
‫البخت واللطم‪ ،‬وهو رد إبليس على عقـبـيه خاس ار‬
‫من ورائه ما يشير إليه ذلك َ‬
‫أمام صالح ابن خلوف وتقواه‪.‬‬
‫ومن روعة استعمال الكناية قوله في هذا البيت‪:‬‬

‫سياتـــــي تموا زيادا‬ ‫نفزع من نقصان جهـــدي‬

‫واذا نثرنا هذا البيت نستبين كيف تسلّلت الكناية إلى ثناياه‪،‬فأضفَت صفة‬
‫اإلبداع ونفثت نفثة السحر‪.‬‬
‫‪ -676‬سورة النساء‪ ،‬بعض اآلية ‪.00‬‬
‫‪403‬‬
‫" إني لينتابني الفزع وأنا أشالء همة في ثياب‪ ،‬يطويني العجز‪ ،‬ويخترمني‬
‫الهرم‪ ،‬فال يقوى جسدي النحيف‪ ،‬وبصري الضعيف‪ ،‬على ال ّذكر والعمل الصالح‪،‬‬
‫وقد اجترحت من السيئات واألوزار ما ُيثقل الكاهل ويذهل العاقل "‪ ،‬إذن كنى بكون‬
‫" نقصان جهدي "عن هرمه و عجزه وبكون " تموا زيادا " عن كثرة السيئات‬
‫واألوزار‪.‬‬

‫وفي كناية عن تقصيره في حق نفسه يقول‪:‬‬

‫هب لـــــي يا موالي توبا‬ ‫ما قدمت إال ذنوبــي‬

‫وصفة اإلعالن بالتقصير يشترك فيها أهل الصالح‪ ،‬فكأني بهم يستقلّون ما‬
‫العجب والغرور فيقَعون في َش َرك‬
‫قدموا من أعمال وعبادات‪ ،‬حتى ال يعتريهم ُ‬
‫الشيطان وينساقون إلى أهوائهم‪.‬‬

‫وقد زاد هذه الكناية قوة النفي " بما " واإلثبات والحصر " بإال "‪ ،‬فهو ينفي‬
‫أعماله الصالحة ويثبت ذنوبه‪ ،‬بل ويحصر أعماله كلها فيما قدم من ذنوب‪ ،‬واذا‬
‫كانت الذنوب كثيرة لزم أن تكون الحسنات قليلة‪ ،‬فكأن الشاعر يقول‪ :‬لم أؤد‬
‫فنفحنا بتعبير‬
‫واجبي تجاه ربي‪ ،‬بل أكثر من ذلك‪ ،‬فقد جئت بعكس ما طُلب مني‪َ ،‬‬
‫جديد يفيد صفة التقصير‪.‬‬

‫والى جانب هذا فالكنايات كثيرة فـي مديح سيدي لخضر نكتفي بذكر‬

‫بعض األبيات تمثيال ال حص ار‪:‬‬

‫‪404‬‬
‫‪677‬‬
‫دار الغرور واش لي بحطامها نجعل ذكر الحبيب فيهـــــا زادي‬

‫‪678‬‬
‫خافض الطرف شوف نظره وأحواله‬ ‫كأنه ما حضر لـــه شباب‬

‫‪679‬‬
‫ما يبخل صـــــيلــــــة‬ ‫واسع الصدر الـمـفـخـم‬

‫‪680‬‬
‫يتخلخل الشهد في لســـــاني‬ ‫إذا مدحت جد الشرفــــا‬

‫وقد أبدى ابن خلوف في هذه الكنايات قدرة الشاعر الحاذق على التصوير‬
‫المصيب للمعنى‪.‬‬

‫‪ -7-7‬مصادر الصورة الشعرية في مديح ابن خلوف‪:‬‬

‫يلتقي الزمان والمكان في التكوين الثقافي البن خلوف حيث انعكست‬


‫النصوص الدينية على ثقافته‪ ،‬هذه النصوص هي القرآن الكريم الذي حفظه في‬
‫سن مبكرة‪ ،‬والحديث الشريف‪ ،‬وما يتعلق بهما من سيرة وعقيدة وفقه‪ ،‬إلى جانب‬
‫الفلك الذي يدور فيه هذا الزخم الثقافي هو التصوف‬
‫اللغة العربية وقواعدها‪ .‬وكان َ‬
‫بأشكاله‪.‬‬

‫فكانِ لزاما أن يلقي هذا التفاعل سدوله على القصيدة المدحية الخلوفية‪،‬‬
‫والمتفيء لظالل أشعار ابن خلوف يلمس النص والعبارة القرآنية‪ ،‬ويلمح روح‬
‫الحديث النبوي ولغته‪.‬‬

‫‪ -677‬بخوشة محمد‪ ،‬الديوان‪ ،‬قصيدة " دقة الحب "‪ ،‬ص‪.136‬‬


‫‪ -678‬نفسه‪ ،‬قصيدة " اال وجه الحبيب غاب "‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫‪ -679‬نفسه‪ ،‬قصيدة " بسم هللا ابديت نزمم "‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫‪ -680‬نفسه‪ ،‬قصيدة " الموت الغنى تدركني "‪ ،‬ص‪.102‬‬
‫‪405‬‬
‫ولعل الشاعر الشعبي عموما‪ ،‬وهو السليم الفطرة‪ ،‬الصافي المشرب‪ ،‬ينسجم بداهة‬
‫مع النص الديني الذي فيه من فطرة اهلل التي فطر الناس عليها‪ .‬يقول العربي دحو‬
‫في هذا الشأن‪ " :‬فالنص الدينـي ال يخفى عند الشعراء الشعبيين‪ ،‬فهو يسري في‬
‫‪681‬‬
‫عروقهم في مختلف مراحل حياتهم وفي أحلك أيامهم‪" .‬‬

‫وال حرج أن نقف عند بعض الظواهر األسلوبية التي تسنِد َزْعمنا بأن‬
‫الصورة الخلفية للصورة الشعرية عند ابن خلوف كانت النص القرآني ونص‬
‫الحديث‪ ،‬ومن هذه الظواهر االقتباس والتضمين والتناص‪.‬‬

‫أ‪ -‬االقتباس‪:‬‬

‫أدى شغف ابن خلوف بالقرآن الكريم إلى حد َو َِلَ ِع ِه باالقتباسات من‬
‫نصوصه‪ ،‬وما يقال عن القرآن الكريم يقال عن الحديث الشريف‪ ،‬إذ نجد ألفاظ‬
‫القرآن والحديث ال تكاد تبرح بيتا‪ ،‬ومن األمثلة في قصيدتنا وغيرها من القصائد ما‬
‫سنورده‪.‬‬

‫يقول سيدي األخضر‪:‬‬

‫نــــختم بالقرآن فاه‬ ‫أعـــوذ باهلل نق ار‬

‫هذا المعنى مقتبس من قوله تعالى‪:‬‬

‫‪ -681‬دحو العربي‪ ،‬الشعر الشعبي ودوره في الثورة التحريرية الكبرى‪ ،‬ص‪.223‬‬


‫‪406‬‬
‫الرِجي ِم« ‪ ،682‬أما الشطر الثاني‬ ‫« فَِإ َذا قَـرأْت ال ُقرآ َن فَاستَعِ ْذ بِاللَّ ِه ِمن الشَّيطَ ِ‬
‫ان َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫‪683‬‬
‫فمقتبس من قوله سبحانه‪ « :‬الْيَـ ْوَم ََنْتِ ُم َعلَى أَفْـ َو ِاه ِه ْم»‬

‫وفي البيتين‪:‬‬

‫بين يــــــدين اهلل سجدا‬ ‫يا سيد رقية تــــــــادي‬

‫ارفع راســــك يا احمــدا‬ ‫وماليك ربــــــــي تنادي‬

‫انعكاس لصورة حديث الشفاعة‪ ،‬وهو حديث طويل نجتزئ منه ما يعنينا في‬
‫هذا المقام‪ ،‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬فيأتونـي فأستأذن على ربي‬
‫فيؤذن لي‪ .‬فإذا أنا رأيته وقعت ساجدا‪ .‬فيدعني ما شاء اهلل‪ .‬فيقال يا محمد! إرفع‬
‫رأسك‪ ،‬قل تسمع‪ ،‬سل تعطه‪ ،‬اشفع تشفع‪.684"...‬‬

‫ومن االقتباسات قول الشاعر‪:‬‬

‫ما اشينها حرة شديدة‬ ‫ينكبوا في النار تقدي‬

‫اقتبس هذه الصورة من القرآن الكريم من اآلية‪:‬‬

‫وه ُه ْم ِِف النَّا ِر َه ْل َُْتَزْو َن إَِلَّ َما ُكنتُ ْم تَـ ْع َملُو َن»‪.‬‬ ‫« ومن جاء بِ َّ ِ‬
‫ت َو ُج ُ‬
‫السيِّئَة فَ ُكبَّ ْ‬
‫‪685‬‬
‫ََ َ َ‬

‫وقول الشاعر‪:‬‬

‫والعاصي يرجاك حتا‬ ‫الكافر في النار يخلد‬

‫‪ -682‬سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪.94‬‬


‫‪ -683‬سورة يس‪ ،‬بعض اآلية ‪.65‬‬
‫‪684-‬ينظر الحديث كامال في صحيح مسلم‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.112‬‬
‫‪ -685‬سورة النمل‪ ،‬اآلية ‪.93‬‬
‫‪407‬‬
‫اب النَّا ِر ُه ْم فِ َيها َخالِ ُدو َن» ‪ ،686‬وغير هذه‬
‫َص َح ُ‬ ‫مقتبس من قوله تعالى‪ « :‬أ ُْولَئِ َ‬
‫كأ ْ‬
‫اآلية في نفس المعنى كثير‪.‬‬

‫ومن األمثلة في غير هذه القصيدة قوله‪:‬‬

‫‪687‬‬
‫ماله في الفانية دوام يرحل منها‬ ‫الجنة دار كل عبد فقير حقير‬

‫مقتبس من قول النبي صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬قمت على باب الجنة فإذا‬
‫وأيضا الحديث‪" :‬أال أخبركم بأهل الجنة ؟ كل ضعيف‬ ‫‪688‬‬
‫عامة من دخلها الفقراء"‬
‫واألحاديث كثيرة في هذا الباب‪.‬‬ ‫‪689‬‬
‫متضعف لو أقسم على اهلل ألبره "‬

‫الخلقية للنبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فقد اقتبسها الشاعر من‬
‫وعن الصفات َ‬
‫‪690‬‬
‫وصف تلك األعرابية للنبي‪ ،‬والتي ذ َك َرتها كتب السير‪.‬‬

‫يقول ابن خلوف‪:‬‬

‫مربـوع القــــــد‬ ‫اهـذب األشفـــار‬

‫زنج الحواجب واالرمـاق‬ ‫أفلـج األسنـــان‬

‫ناعته واال في الجهــد‬ ‫ما تعني في البسـط‬

‫‪691‬‬
‫ثوبه نصـف الســاق‬ ‫في الملبس ما طويل‬

‫‪ -686‬سورة البقرة‪ ،‬بعض اآلية ‪.253‬‬


‫‪ -687‬بخوشة‪،‬الديوان‪ ،‬ص‪.113‬‬
‫‪ -688‬صحيح مسلم‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.335‬‬
‫‪ -689‬نفسه‪ ،‬ص‪.360‬‬
‫‪ -690‬ينظر الفصل األول‪ ،‬أثر شخصية النبي صلى هللا عليه وسلم في المديح النبوي‪.‬‬
‫‪ -691‬نفسه‪ ،‬ص‪.133‬‬
‫‪408‬‬
‫وتتجلى االقتباسات في باقي القصائد‪ ،‬وهي سمة يتميز بها شعر المدح عند‬
‫ابن خلوف لتغلغل النص الديني في الفكر الخلوفي‪.‬‬

‫ب – التضمين‪:‬‬

‫ضمن الشاعر قصائده المدحية قصصا وشخصيات تراثية دينية‪ ،‬زادت‬


‫لقد ّ‬
‫تأكيدا على طفح الصورة الدينية على شاعرية الولي الصالح‪.‬‬

‫ونكشف ذلك بمالمسة النصوص الشعرية في قوله مثال‪:‬‬

‫مــــاذي إال همـــة عظيمة‬ ‫إليك االنياق حـــــنت‬

‫ضمن بيتة قصة الناقة التي اشتكت إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم ما‬
‫هنا ّ‬
‫‪692‬‬
‫لحقها من ظلم صاحبها لها‪ ،‬الواردة في الحديث‪.‬‬

‫يضمنها قصة النخلة التي جاءت النبي صلى‬


‫ّ‬ ‫كما نجده في قصائد أخرى‬
‫اهلل عليه وسلم فدعا لها‪ ،‬فاستعادت خضرتها‪ ،‬وعن الماء الذي انهمر من بين‬
‫أصابعه‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫‪693‬‬
‫من كفك اروات العرب يا رسول رب البيت‬ ‫ليك جات النخلة المجدبة واحيات‬

‫ومما ضمنه في شعره أيضا سفينة سيدنا نوح عليه السالم في البيت‪:‬‬

‫‪694‬‬
‫مثل سفينة نوح من ركب فيها ناجي‬ ‫يا مســلك الغــــارق‬

‫‪ -692‬نص الحديث‪ " :‬رأى النبي صلى هللا عليه وسلم جمال فقال من رب هذا الجمل؟ فجاء فتى من‬
‫األنصار فقال‪ :‬لي يا رسول هللا‪ ،‬فقال صلى هللا عليه وسلم‪ :‬أفال تتق هللا في هذه البهيمة التي ملكك هللا‬
‫إياها؟ فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتتعبه " أخرجه احمد‪.‬‬
‫‪ -693‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬قصيدة " سيد المهاجرين وسيد االنصار "‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪ -694‬نفسه‪ ،‬قصيدة " الرشيد مصباحي "‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪409‬‬
‫ومن التضمين ذكر الملكين الموكلين بالسؤال في القبر‪ ،‬منكر ونكير‪:‬‬

‫‪695‬‬
‫ثم ناكر ومنكر يا توه مالطفا‬ ‫ما يرى باذن اهلل نكالت الضريح‬

‫ويضمن في بيت آخر نبي اهلل موسى عليه السالم مشي ار إلى أنه كليم اهلل‪:‬‬

‫‪696‬‬
‫من به تكلم الكليم ابن عمران‬ ‫أفضل ما يذكر اللسان من المسموع‬

‫ضمنها البيت‪:‬‬
‫كما يحيلنا إلى قصة انشقاق القمر التي ّ‬
‫‪697‬‬
‫وتقسم شــــطريــــــن‬ ‫كمه‬
‫طلع البدر ودخل في ُّ‬

‫وغير هذا كثير في شعر ابن خلوف يبدي الثقافة الدينية اإلسالمية‪.‬‬

‫ج‪ -‬التناص‪:‬‬

‫إننا حين تكويننا الثقافي وحين مطالعاتنا نتأثر بنصوص بعينها‪ ،‬حتى إذا ما‬
‫ابتلينا بالكتابة أو النظم‪ ،‬استحضرنا تلك النصوص ليتجلى تأثيرها فينا‪ ،‬فتجدنا‬
‫نقتبس منها ونضمن نصنا ما فيها‪ ،‬ثم نسمح ألنفسنا‪ ،‬الشغوفة بها‪ ،‬أن ننتقي منها‬
‫نصوصا تكون رديفة نصنا‪ .‬فالتناص إذن " هو التقاء مجموعة من النصوص في‬
‫‪698‬‬
‫نص واحد‪".‬‬

‫‪ -695‬نفسه‪ ،‬قصيدة " بك طابت االثمار "‪ ،‬ص ‪.132‬‬


‫‪ -696‬نفسه‪ ،‬قصيدة " اال وجه الحبيب غاب "‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ -697‬نفسه‪ ،‬قصيدة " بسم هللا بديت نزمم "‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪ -698‬دواجي‪ ،‬عبد القادر جلول‪ ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪410‬‬
‫والتناص يقتضي من األديب‪ ،‬خاصة الشاعر‪ ،‬أن يمتلك أفقا معرفيا رحبا‬
‫يشكل نصوصا غائبة‪ ،‬أو خلفية معرفية تكون له المرجعية الثقافية التي تتحرك‬
‫فيها شاعريته وتسبح فيها معانيه‪.‬‬

‫وللتناص بعد نفسي‪ ،‬خاصة التناص القرآني‪ ،‬فابن خلوف‪ ،‬وشعراء الملحون‬
‫عموما ‪ ،‬ال تشفي الصورة التي يبتكرونها الحاجة التي في أنفسهم إال إذا‬
‫استحضروا النص الذي يعظم في أعينهم‪ ،‬فيأتوا به‪ ،‬فتطمئن قلوبهم بتحقيق الداللة‬
‫المرجوة والتي أرادوها‪ ،‬إن هذا‪ ،‬إن شئت‪ ،‬إشباع لحاجة نفسية‪ ،‬كما يقول علماء‬
‫النفس‪.‬‬

‫ونعرض من أمثلة ذلك بعض التناصات القرآنية كشواهد لما أشرنا إليه‬
‫سلفا‪.‬‬

‫يقول ابن خلوف‪:‬‬

‫‪699‬‬
‫"وانك لعلى خلق عظيم"‬ ‫بما في سورة نون عظمه عالي القدرة‬

‫‪700‬‬
‫َّك لَ َعلَى ُخلُق َع ِظيم››‪.‬‬
‫فالنص من سورة القلم ‹‹ َوإِن َ‬

‫ومن التناصات أيضا في قوله‪:‬‬

‫‪701‬‬
‫يوما ال ينفع ال بنون وال مالي‬ ‫خمسين ألف سنة في ذيك الحضرة‬

‫‪ -699‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬قصيدة " ألف استمثلوا كالمي "‪ ،‬ص ‪.59‬‬
‫‪ -700‬سورة القلم‪ ،‬اآلية ‪.30‬‬
‫‪ -701‬بخوشة‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪411‬‬
‫وح إِلَْي ِه ِِف يَـ ْوم‬‫فالنص األول من سورة المعارج قوله تعالى‪ « ":‬تَـ ْع ُر ُج املالئِ َكةُ َو ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫َ‬
‫ف َسنَة»‪ ،702‬والنص الثاني من سورة الشعراء في قوله تعالى‪«:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ي أَلْ َ‬
‫َكا َن م ْق َد ُارهُ َخَْس َ‬
‫‪703‬‬
‫ال َوَلَ بـَنُو َن» "‬
‫يَـ ْوَم َلَ يَن َف ُع َم ٌ‬

‫وفي بيت أخر يحمل نفس النص‪ ،‬يقول الشاعر‪:‬‬

‫‪704‬‬
‫يوم ال ينفع مال وال بنون‬ ‫ومنها الخروج تارة للحســـاب‬

‫وتستهويه السبع المثاني‪ ،‬فينقل آياتها حتى تتداخل مع نصه الشعري كاشفا‬
‫بذلك عن شغفه بالقرآن الكريم‪ ،‬وأن صوره فعال منبعثة من مرجعية دينية‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫"الحمد هلل رب العالميــــــن" رحمان في الدنيا وفي اآلخرة رحيم‬

‫ما نعبد سواه يمحي جرايمـــي‬ ‫"ملك يوم الدين " وارث الوارثيـن‬

‫يا فكاك الحاصلين من بحر طامي‬ ‫"إياك نعبد واياك نستعـــيــن"‬

‫" صراط المستقيم صراط الذين"‬ ‫" اهدنا " يا مهدي للهدى والصواب‬

‫‪705‬‬
‫عليهم " سوى اليهود والضالين‬ ‫"انعمت عليهم غير المغضـــوب‬

‫إضافة إلى إشارات لفظية في مثل قوله‪:‬‬

‫‪706‬‬
‫واستنفع مما سمعته من أقوالي‬ ‫خذ العلم يا لبيب وخلي العـــرة‬

‫‪ -702‬سورة المعارج‪ ،‬اآلية ‪.30‬‬


‫‪ -703‬سورة الشعراء‪ ،‬اآلية‪.44‬‬
‫‪ -704‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬قصيدة " لوال انت "‪ ،‬ص ‪.65‬‬
‫‪ -705‬نفسه‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪ -706‬نفسه‪ ،‬قصيدة " الف استمثلوا كالمي "‪ ،‬ص ‪63‬‬
‫‪412‬‬
‫اإلشارة هنا إلى اآلية‪« :‬الَّ ِذين يست ِمعو َن ال َقوَل فَـيتَّبِعو َن أَحسنه أُولَئِ َّ ِ‬
‫ين َه َد ُاه ُم اللَّهُ‬
‫ك الذ َ‬ ‫ْ َ ُ ْ ََُ ْ َ‬ ‫َ َ َْ ُ‬
‫َوأ ُْولَئِ َ‬
‫ِ ‪707‬‬
‫ك ُه ْم أ ُْولُوا األَلْبَاب»‬

‫واإلشارة في قوله‪:‬‬

‫‪708‬‬
‫ما تنفع شيء وال تضرك احوالي‬ ‫أنا واياك كلنا نسكن حفــــرة‬

‫َّ ِ‬
‫ض َّل إِ َذا ْاهتَ َديْـتُ ْم»‬ ‫إلى اآلية« يَا أَيـُّ َها الذ َ‬
‫ين َآمنُوا َعلَْي ُك ْم أَنْـ ُف َس ُك ْم َلَ يَ ُ‬
‫ضُّرُكم َّمن َ‬
‫‪709‬‬

‫وأيضا في قوله‪:‬‬

‫قاب قوسين كان بالقرب أو‬ ‫صلى اهلل عليك قدر حروف القاف‬
‫‪710‬‬
‫أدنى‬

‫إشارة إلى اآلية‪« :‬فَ َكا َن قَ َ‬


‫اب قَـ ْو َس ْ ِ‬
‫ي أ َْو أ َْد َن»‬
‫‪711‬‬

‫إن ال ارصد لمثل هذه الظواهر في شعر ابن خلوف‪ ،‬يتبين أن النص القرآني‬
‫خصوصا والنص الديني عموما هو ِ‬
‫الم ْسك الذي يعبق به الشاعر نصوصه‪،‬‬
‫ويستلهم منه‪ ،‬بذكائه وعواطفه ومعاناته أيضا‪ ،‬ما ل ّذ وطاب من صور ومعان‪،‬‬
‫كانت كفيلة – في اعتقادنا‪ -‬بالرقي بالنص الشعري الخلوفي إلى الخلود‪ ،‬أو على‬
‫األقل‪ ،‬كانت أهم أسباب خلود هذه المدائح‪ ،‬واال كيف نفسر قطعها كل هذه‬
‫المسافة الزمنية لتصل إلينا في عافية‪ ،‬ودون شعث سفر‪.‬‬

‫‪ -707‬سورة الزمر‪ ،‬اآلية ‪.14‬‬


‫‪ -708‬بخوشة‪ ،‬المرجع السابق‬
‫‪ -709‬سورة المائدة‪ ،‬بعض اآلية ‪.135‬‬
‫‪ -710‬بخوشة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪ -711‬سورة النجم‪ ،‬اآلية ‪.39‬‬
‫‪413‬‬
‫إننا نجوز ألنفسنا بعد هذا‪ ،‬أن نقول إن النزعة الدينية قد طغت على النزعة‬
‫األدبية في نصوص ابن خلوف المدحية‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫‪ -3‬المستوى الثالث‪ :‬اإليقاع الشعـري‪:‬‬

‫إن موسيقى الشعر العربي تقف وراءها طبيعة هذه اللغة الغنية باإليقاع‬
‫الذي يجعلها لغة شعرية بطبيعتها‪ ،‬ويمنحها قدرة خارقة على إنتاج العناصر‬
‫الصوتية‪ ،‬ويشترك في ذلك الشعر مع النثر الجيد الرفيع النسج‪ ،‬القوي السبك‪.‬‬

‫ولموسيقى الشعر " أهمية عظيمة في التأليف بين الصور الشعرية‬


‫وتجويدها‪ ،‬وفي تبليغ المعنى‪ ،‬فاللحن الموسيقي الناشئ عن تكرار نِ َسب صوتية‬
‫محددة بين أجزاء القصيدة يقوم بدور أساسي في تنشيط الصور الشعرية‪ ،‬والتحكم‬
‫في مسارها النفسي‪ ،‬وملء الفجوات العاطفية الناتجـة عن قصور األداة اللغوية‪،‬‬
‫لهذا يستعين الشاعر بكل ما يمكن أن يوحي به الكالم من ظالل‪ ،‬وأنغام‪ ،‬وألحان‬
‫تساهم كلها في تبليغ المعنى الشعري‪ ،‬وبذلك يكتمل النمو العضوي للقصيدة‪،‬‬
‫‪712‬‬
‫وتستقل بكيانها الحي‪ ،‬وتأليفها المتميز عن كل ما عداها من القصائد‪".‬‬

‫فاإليقاع على هذا ثالثة األثافي التي ال غنى للشعر عنها‪ ،‬وهو الذي يحمل‬
‫اآلذان إلى االستماع‪ ،‬والنفوس إلى االستمتاع‪.‬‬

‫واذا أجرينا هذا على الشعر العربي عموما‪ ،‬فمن باب أولى أن يحفل به‬
‫الشعر الملحون الذي أعد أصال للغناء‪ ،‬فكيف يعدم اإليقاع وهو أصل فيه‪.‬‬

‫‪ -712‬حشالف‪ ،‬عثمان‪ ،‬التراث والتجديد في شعر السياب‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،1946 ،‬‬
‫ص ‪.106‬‬
‫‪415‬‬
‫واذا أخذنا التشكيل الموسيقي لشعر ابن خلوف والشعر الملحون عموما‪،‬‬
‫نجدة ليس له إطار موسيقي جاهز كإطار البحور المعروفة‪ ،713‬أو غيره‪،714‬‬

‫فالشاعر غير قادر على التنبؤ بالتشكيلة الموسيقية التي ستكون عليها‬
‫قصيدته‪ ،‬فهو أمام مجال موسيقى مفتوح‪ ،‬تتصرف فيه موهبته الشعرية لتصنع‬
‫عددا ال حصر له من األشكال الموسيقية المتنوعة بتنوع حاالته النفسية ورؤاه‬
‫العقلية وثقافته الدينية ومعتقداته الشعبية‪.‬‬

‫إن كل قصيدة من قصائد الشاعر من ناحية الموسيقى واإليقاع‪ ،‬تعد تجربة‬


‫فريدة لما تحتويه من األصوات واإليقاعات المتوالية حسب نظام خاص يتعذر نقله‬
‫إلى قصيدة أخرى‪ ،‬ولكن ذلك ال يحول دون تصور اإليقاع العام في شعر ابن‬
‫يسمه ِ‬
‫بسمة خاصة‪ ،‬لعلها هي اإليقاع المتميز‪:‬‬ ‫خلوف الذي ِ‬

‫بســــــم اهلل وبسم المشفع‬ ‫نوزن شعري بحرف وازن‬

‫‪715‬‬
‫في الوسط امعلمـــــه بطابع‬ ‫من ذهبي كل يــوم باين‬

‫ومما ال شك فيه أن الشعر الملحون يجمع‪ ،‬في عالقة حميمية‪ ،‬بين اإليقاع‬
‫والغناء‪ ،‬فقد يرفع الغناء من مستوى اإليقاع‪ ،‬بحيث من الشعراء من ال يكون لشعره‬
‫ويحرك‬
‫شأن كبير‪ ،‬فيكمله غيره بفضل الغناء‪ ،‬فيجلي أصواته‪ ،‬ويعلي فواصله ّ‬
‫أجراسه‪.‬‬

‫‪ -713‬بحور الخليل بن أحمد‪.‬‬


‫‪ -714‬المحاوالت التي قام بها أحمد الطاهر في كتابه ‪.la poésie populaire algérienne, rythmes, mettres et forme‬‬
‫‪ -715‬بخوشة‪ ،‬الديوان‪ ،‬قصيدة " مقلب القلوب ربي "‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫‪416‬‬
‫ومهما أدلى الدارسون بدالئهم في موسيقى الشعر الملحون‪ ،‬فلن يجدوا فيه‬
‫من نفح الخليل ما يشفي الغليل‪ ،‬وحسبهم من ذلك أن هذا الشعر يعتمد على‬
‫السماع وحذق الشاعر وذوقه‪.‬‬

‫‪ 2- 3‬شكل القصيدة‪:‬‬

‫أخذت القصيدة المدحية الخلوفية شكال واحدا هو الشكل التقليدي العمودي‬


‫ذي الشطرين‪ ،‬اللهم إال في قصيدة واحدة هي قصيدة‪ " :‬قدر ما في بحر الظالم "‬
‫التي اتخذت لها شكل الموشحات بنمط معين هو دور بسمطين‪ ،‬تشترك فيه قافية‬
‫الفقرة األولى والثالثة المختلفة عن قافية الفقرة الثانية والرابعة المشتركتين‪ ،‬ثم الزمة‬
‫بقافية الفقرة األولى والثالثة‪ ،‬ثم قفل بسبع فقرات وقافية مختلفة عن قافية الدور في‬
‫كل مرة‪ ،‬ويتكرر هذا الشكل على مدار القصيدة‪ ،‬ثم ينهي بدور من سبعة أبيات‪،‬‬
‫ولتمام الشرح وبيانه نرسم الشكل التالي‪:‬‬

‫ب‬ ‫الفقرة الثانية‬ ‫أ‬ ‫‪0‬الفقرة األولى‬


‫دور‬

‫ب‬ ‫الفقرة الرابعة‬ ‫أ‬ ‫‪0‬الفقرة الثالثة‬

‫الزمة أ‬ ‫الزمة‬

‫‪--------------- 0‬ج‬

‫‪--------------- 0‬ج‬

‫‪---------------1‬ج‬

‫‪417‬‬
‫‪---------------1‬ج‬ ‫قفل‬

‫‪---------------4‬ج‬

‫‪---------------1‬ج‬

‫‪---------------2‬ج‬

‫أما شكل القصيدة التي بين أيدينا " أحسن ما يقال عندي " فتتخذ شكل‬
‫ّ‬
‫القصيدة العمودية ذات الشطرين‪ ،‬بدأ فيها الشاعر بمطلع يحتوي على أربعة أبيات‬
‫جاءت الصدور فيها على قافية واحدة واألعجاز على قافية واحدة مختلفة‪ ،‬ثم‬
‫مقطوعات من ستة أبيات‪ ،‬ثالثة منها خالف قافية المطلع وثالثة موافقة لقافية‬
‫المطلع‪ ،‬مع االلتزام بتكرار البيت األخير من المطلع في جميع المقطوعات‪.‬‬

‫وكثي ار ما يلتزم الشاعر بتكرار البيت األخير‪ ،‬أو تكرار الزمة بين مقاطع‬
‫القصيدة إلحداث إيقاع موسيقي متميز‪.‬‬

‫فشكل قصيدة الملحون ال يكاد يخرج عن أشكال ثالث حسب ركيبي وهي‪" :‬‬
‫الشكل العادي الذي قلد القصيدة المعربة التقليدية‪ ،‬وشكل الموشحات‪ ،‬ثم أخي ار‬
‫‪716‬‬
‫شكل األزجال‪" .‬‬

‫ومهما يكن من أمر‪ ،‬فإن شكل القصيدة عند ابن خلوف‪ ،‬وسائر شعراء‬
‫الملحون‪ ،‬هو نسج يثري جانب اإليقاع في القصيدة إلى جانب القافية‪ ،‬التي هي‬

‫‪ -716‬ركيبي‪ ،‬عبد هللا‪ ،‬الشعر الديني الجزائري الحديث‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪،‬ط‪ ،1‬الجزائر‬
‫‪ ،1941‬ص‪.096‬‬
‫‪418‬‬
‫ركن أساسي في الشعر إذ تسهم في البنية اإليقاعية للقصيدة‪ ،‬وقد تنوعت في هذه‬
‫التي بين أيدينا وتعددت حروف الروي فيها شأن كل قصائد سيدي لخضر‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ‪ 7‬اإليقاع الداخلي‪:‬‬

‫اإليقاع الداخلي للنص الشعري هو التعبير عن انفعاالت وجدانية عميقة‬


‫تعكس مجال االهتمام‪ ،‬ومحط النظر عند الشاعر‪ ،‬بطريقة قد يعيها وقد ال يعيها‪،‬‬
‫وفي هذه القصيدة وقفنا على مجاالت ثالث من اإليقاع‪:‬‬

‫أ ـ إيقاع الحب والرضى‪:‬‬

‫ومن أهم خصائص هذا اإليقاع الموسيقي بعث الهدوء في النفس وزرع‬
‫الطمأنينة والثبات والرضى‪ ،‬ويالحظ انتصار الشاعر في هذا اإليقاع لمعاني الحب‬
‫والقبول ويشفعها في أكثر األحيان بألفاظ ‪ :‬احسن‪،‬حبك‪ ،‬ماعزك‪ ،‬سيدي‪ ،‬سلم‪،‬‬
‫ترحم‪ ،‬ارفق‪ ،‬نفخر‪ ،‬وغيرها من األلفاظ والتراكيب التي تصب في هذه المعاني‪.‬‬

‫ومن خصائص هذا اإليقاع أيضا تكرار البيت األخير من المطلع‪:‬‬

‫صلـــــــى اهلل عليك لبدا‬ ‫يا محمـد انت سيـــدي‬

‫في نهاية كل مقطع بهدف التأثير الذي ينسحب على جو القصيدة بأكمله‪،‬‬
‫وقد أضفَت هذه الالزمة على القصيدة روحا دينية لما تحمله من شحنات عاطفية‬
‫موحية بالحب والرضى‪.‬‬

‫فتركيب " يا محمد انت سيدي" وتركيب " صلى اهلل عليك لبدا "‪ ،‬له هيمنة‬

‫‪419‬‬
‫على نفس كل مسلم‪ ،‬خاصة اقترانه بقافية الدال‪ ،‬فصدر البيت ينتهي بدال‬
‫ومد‪ ،‬والقافية تنتهي بروي الدال مع المد‪ ،‬وهذا جرس ترتاح له النفس وتنتشي‬
‫بموسيقاه الهادئة‪ ،‬وهكذا يتفشى هذا التأثير الموسيقي في هدوء ليشمل القصيدة‬
‫كلها‪ ،‬كاسترجاع لصدى نغمات سالفة‪ ،‬ثم انبعاث األمل بورود الجنة في البيت ما‬
‫قبل األخير‪:‬‬

‫االخضر واألمــــة الســعيدا‬ ‫يسرع بنا للخــلـــودي‬

‫ب ـ إيقاع الحاجة والطلب‪:‬‬

‫ويصاحب إيقاع الحب والرضى‪ ،‬إيقاع الحاجة والطلب والدعاء‪:‬‬

‫يا مــــن بك اللساس مبني‬ ‫نحتـــاجوك لهيه وهنــــا‬

‫طول الدهر علــــــى نبينا‬ ‫اللهم صــل وســــــلـم‬

‫داونـــــــي نب ار من الدا‬ ‫ارفق بروحي وجســــــدي‬

‫ونزهى بك وليك فـــــارح‬ ‫نرجي اهلل يدوم فرحــــــي‬

‫في هذه األبيات ومن خالل حركات المد‪ ،‬التي تمتد معها األنفاس‪ ،‬نبرة تولد‬
‫التلهف والشوق والحيرة معا‪ ،‬فكانت فيه ألفاظ‪ :‬نحتاجوك‪ ،‬اللساس‪ ،‬اللهم‪ ،‬مبني‪،‬‬
‫صل وسلم‪ ،‬طول الدهر‪ ،‬نبرا‪ ،‬يدوم‪ ،‬فرحي‪ ،‬نزهى‪ ،‬فارح‪ ،‬كلها مجتمعة تفيد معنى‬
‫الدعاء وطلب المدد واالستغاثة‪ ،‬قامت فيها حركات المدود بدور القافية الداخلية‬
‫لتعضد حركات المد في القافية الخارجية‪.‬‬

‫‪420‬‬
‫إن على صعيد القافية‪،‬‬
‫والمالحظ في قصيدة الملحون عموما كثرة المدود‪ْ ،‬‬
‫وا ْن على صعيد النبرة الداخلية للنص‪ ،‬ويكون ذلك‪ ،‬عادة‪ ،‬بوعي من الشاعر‬
‫التماسا منه للغنائية‪.‬‬

‫ج ـ إيقاع التـردي والحسرة‪:‬‬

‫وفيه من النعي والحسرة نتيجة شعور ابن خلوف بالتقصير‪ ،‬ومن خصائص‬
‫هذا اإليقاع كثرة حروف األنين واألسف التي ينم جرسهاالموسيقي عن الحزن و‬
‫األسى‪ ،‬يقول سيدي لخضر‪:‬‬

‫هب لي يا موالي توبـــــا‬ ‫ما قدمت إال ذنوبــــــــي‬

‫سيـــــــاتي تمو زيادا‬ ‫نفزع من نقصان جهـــــدي‬

‫ما نفلت حتــــى بسجــدا‬ ‫يا قطعان يدي بيـــــــدي‬

‫صهدتنا يا ناس فتنــــــا‬ ‫من تدبير ابليس االعــــــور‬

‫ماذا من سيا عليـــــــا‬ ‫نسته از والموت في اثـــــري‬

‫إن كثرة هذه الياءات وتوارد ألفاظ مثل‪ ( :‬نفزع‪ ،‬نقصان‪ ،‬سياتي‪ ،‬زيادا‪،‬‬
‫قطعان‪ ،‬صهدتنا‪ ،‬فتنا‪ ،‬تدبير ابليس االعور‪ ،‬نستهزا‪ ،‬ماذا "بمعنى كم الخبرية"‪،‬‬
‫ما‪ ،‬اال) تثير إيقاع الحزن والحيرة‪ ،‬أمام مصير مجهول‪ ،‬وتمتد ظاللها على جانب‬
‫من القصيدة‪ ،‬هو جانب الخوف الذي يصاحبه الجانب اآلخر الذي ألفينا في‬
‫اإليقاع األول والذي هو جانب الرجاء‪.‬‬

‫‪421‬‬
‫إن الخوف والرجاء يجتمعان في نفس ابن خلوف‪ ،‬الولي الصالح‪ ،‬فتتباين‬
‫معهما نبرتان‪ ،‬نبرة الهدوء والتوازن والطمأنينة ونبرة القلق على المصير والخوف‬
‫جراء التقصير‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪422‬‬
‫‪ 3‬ـ ‪ 3‬اإليقاع الخارجـي‪:‬‬

‫ثبت أن قصيدة الملحون ال تخضع للبحور الخليلية‪ ،‬لكنها لم تعدم الموسيقى‬


‫الخارجية‪ ،‬إذ نالحظ أن مادة اإليقاع الخارجي تمثلت في مقطعين صوتيين‪:‬‬

‫األول‪ :‬مادته اإليقاعية متمثلة في‪ :‬نبدا‪ ،‬واحدا‪ ،‬شهدا‪ ،‬لبدا‪ ،‬نبرا‪ ،‬عبرا‪ ،‬نقرا‪،‬‬
‫فتنا‪ ،‬خفنا‪ ،‬لعنا‪ ،‬توبا‪ ،‬عذبا‪ ،‬عجبا‪ ،‬وما شاكلها‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬مادته اإليقاعية متمثلة في‪ :‬عندي‪ ،‬جسدي‪ ،‬تسدي‪ ،‬سيدي‪ ،‬مسدي‪،‬‬
‫بيدي‪ ،‬ثاني‪ ،‬تسني‪ ،‬مبني‪ ،‬والي‪ ،‬بحالـي‪ ،‬تادي‪ ،‬تنـادي‪ ،‬وما شاكلها‪.‬‬

‫وهو النبر الغالب على النص‪ ،‬وكال المادتين اإليقاعيتين فيها مد‪ ،‬والمد‬
‫يكسب النص إيقاعا تقبله وتطرب له األذن‪ ،‬وترتاح له النفس‪.‬‬

‫أما القافية فقد اتخذت صو ار عديدة‪ ،‬وتنوعت حروف رويها على مدار‬
‫القصيدة‪ ،‬وقد غلب عليها روي الدال الذي ارتضاه الشاعر لتفجير الموقف‬
‫الشعوري الذي يعانيه‪.‬‬

‫إن عدم خضوع النص الشعري الملحون للبحور الخليلية ال يجعله خلو من‬
‫الموسيقى الخارجية‪ ،‬وايقاع بعض البحور األقدر على تناول أكبر قدر من‬
‫األفكار‪ ،‬وتصوير أكبر قدر من العواطف‪ ،‬ال ينفي على الشعر الملحون وايقاعاته‬
‫من أن يحتوي قد ار كبي ار أيضا من األفكار والعواطف‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫‪423‬‬
‫يتضح من هذه الدراسة‪ ،‬التي حاولنا أن نجمع فيها بين اإليجاز الذي ال‬
‫يخل‪ ،‬واإلسهاب الذي ال يمل‪ ،‬أننا كنا نرمي من خالله التحقيق غايتين‪:‬‬
‫أولهما التقرب من الموضوعات التي تناولها ابن خلوف في مدحه للنبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم والوقوف عندها‪ ،‬وكيف سعى فيها ليبوئ النبي المكانة التي‬
‫تليق بمقامه كنبي كريم‪ ،‬وانسان عظيم يحاكي الكمال‪.‬‬
‫واألخرى كشف النقاب عن بعض مستويات التعبير في شعره‪.‬‬
‫ومن ثمار هذه الدراسة ما توصلنا إليه من نتائج‪:‬‬
‫‪ ‬لم ُيعرف البن خلوف شعر اللهو أو غيره في مرحلة الشباب كما هي‬
‫الحال لكثير من الشعراء‪.‬‬
‫ارتبط اسم المديح النبوي في الشعر الملحون بالشاعر األخضر بن‬ ‫‪‬‬

‫خلوف‪.‬‬
‫انتقال ابن خلوف من موضوع إلى آخر في القصيدة الواحدة بل في البيت‬ ‫‪‬‬

‫الواحد أحايين كثيرة ‪.‬‬


‫كثرة المدائح في شعر ابن خلوف تعكس صورة المجتمع الدينية ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫التوسل والتشفع هي أكثر الموضوعات في شعر ابن خلوف‪ ،‬يأتي بعدها‬ ‫‪‬‬

‫موضوع الصالة والسالم على النبي صلى اهلل عليه وسلم و الدعوة إليها‪.‬‬
‫كل الموضوعات خدمت المديح النبوي‪ ،‬وارتقت بصورة النبي صلى اهلل‬ ‫‪‬‬

‫عليه وسلم إلى أسمى الدرجات‪.‬‬


‫تعتبر مدائح ابن خلوف بمثابة قرابين للنبي صلى اهلل عليه وسلم لطلب‬ ‫‪‬‬

‫الشفاعة‪.‬‬
‫تنوع الموضوعات خدم الغرض ودل على التجربة الشعرية الكبيرة‬ ‫‪‬‬

‫للشاعر‪.‬‬
‫كثرة النعوت التي خص بها الشاعر النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وابتكار‬ ‫‪‬‬

‫نعوت جديدة تضاف إلى الموروث‪.‬‬

‫‪424‬‬
‫تأثيرات األسلوب القرآني بادية في هذه المدائح‪ ،‬خاصة أسلوب القص‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫هيمنة النصوص الدينية على ثقافة الشاعر تتجلى من خالل شعره‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫لغة ابن خلوف لغة شعرية ‪ ،‬وأكثر مفرداتها من القرآن الكريم‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تغليب األسماء في لغة الشاعر ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ِغَنى اإليقاع الداخلي للقصيدة المد حية الخلوفية وتنوعه‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وبعد إيراد أهم نتائج الدراسة‪ ،‬نقول‪ :‬إنه مهما يعتري هذه الدراسة من خلل‬
‫قدمنا دراسة تميط اللثام‬
‫ووهن‪ ،‬وذلك شأن الجهد البشري‪ ،‬إال أننا نحسب أنفسنا ّ‬
‫عن وجه آخر لتراثنا الشعبي قد بذلنا فيها المستطاع‪ ،‬غير أن مجال البحث ما زال‬
‫فيه متسع لمن يستطيع‪.‬‬
‫بقي أن نتساءل‪ :‬هل أعطت الدراسات المقدمة للشعر الملحون حقه؟ ثم هل‬
‫يمكننا فعال إخضاع النص الشعري الملحون للدراسة ؟وما هي المقاييس أو‬
‫المعايير التي نقيس بها جودة‪ ،‬أو على األقل شعرية نصوص الملحون‪ ،‬مع مراعاة‬
‫خصوصياته؟‬
‫ومع طرح المزيد من األسئلة‪ ،‬يتبين لنا أن مجال البحث ما زال خصبا في‬
‫الشعر الملحون‪ ،‬والتراث الشعبي عموما‪.‬‬
‫والحمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل‪.‬‬

‫‪0200/21/02‬‬ ‫تلمسان في‪:‬‬

‫‪425‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫المصادر‬
‫القرآن الكريم‪ :‬المصحف الشريف‪ ،‬برواية حفص عن نافع‪.‬‬
‫‪-‬محمد بن إسماعيل البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬موفم للنشر‪/‬دار‬ ‫‪1‬‬

‫الهدى‪،‬الجزائر‪.1992‬‬

‫‪-‬أبو الحسن علي بن الجعد‪ ،‬مسند ابن الجعد‪،‬تحقيق عبد المهدي بن عبد‬ ‫‪2‬‬

‫القادر بنعبد الهادي‪ ،‬مكتبة الفالح ‪ ،‬ط‪ ،1‬الكويت‪.1945‬‬


‫‪-‬محمود بن الجميل‪ ،‬صحيح األحاديث القدسية وشرحها‪ ،‬مكتبة الصفا‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪. 2330‬‬ ‫القاهرة‬


‫‪-‬أبو الفتح عثمان بن جني‪ ،‬الخصائص‪ ،‬تحقيق محمد علي النجار‪ ،‬عالم‬ ‫‪4‬‬

‫بيروت‪.2336‬‬ ‫الكتب‪،‬‬
‫‪-‬عبد القادر بن دعماش‪ ،‬المهم في ديوان الشعر الملحون‪ ،‬موفم للنشر‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫الجزائر‪. 2334‬‬
‫ليبيا‪.1940‬‬ ‫‪-‬الطاهر أحمد الزاوي‪ ،‬مختار القاموس‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪،‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪-‬جار اهلل الزمخشري ‪،‬أساس البالغة‪ ،‬تحقيق عبد الرحيم محمود‪ ،‬دار‬ ‫‪7‬‬

‫المعرفة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪-‬مجد الدين يعقوب الفيروز آبادي‪ ،‬القاموس المحيط‪ ،‬دار العلم للماليين‪،‬‬ ‫‪8‬‬

‫بيروت‪.‬‬
‫‪-‬إسماعيل بن كثير‪ ،‬تفسير ابن كثير‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬ط‪،1‬الجزائر‪.1993‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪-‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬معجم ألفاظ القرآن الكريم‪ ،‬دار الشروق‪،‬‬ ‫‪11‬‬

‫القاهرة‪.1941‬‬
‫‪-‬أبو الحسن بن الحجاج مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬مكتبة الصفا‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪11‬‬

‫القاهرة‪.2330‬‬
‫‪-‬أبو الفضل جمال الدين ابن منظور‪ ،‬دار الفكر‪،‬ط‪ ،1‬بيروت ‪.2334‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪426‬‬
‫‪-‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬معجم ألفاظ القرآن الكريم‪،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪.1941‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪-‬شمس الدين بن الحسن النواجي‪ ،‬مقدمة في صناعة النظم و النثر‪،‬‬ ‫‪14‬‬

‫تحقيق محمد بن عبد الكريم‪ ،‬مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت‪.‬‬


‫‪-‬يحيى بن شرف النووي‪ ،‬رياض الصالحين‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪15‬‬

‫بيروت‪.2332‬‬

‫‪ -‬ابن هشام‪ ،‬السيرة النبوية‪ ،‬تحقيق مصطفى السقا وآخرون‪ ،‬دار القلم‪،‬‬ ‫‪16‬‬

‫بيروت‪.‬‬
‫‪-‬أبو القاسم الراغب األصفهاني‪ ،‬محاضرات األدباء ومحاورات الشعراء‬ ‫‪17‬‬

‫والبلغاء‪ ،‬تحقيق عمر الطباع‪ ،‬دار األرقم‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪.1999‬‬


‫المراجع‬
‫‪-‬آفاق‪ ،‬جمعية آفاق‪ ،‬سيدي لخضر بن خلوف‪ ،‬حياته وقصائده‪ ،‬دار‬ ‫‪18‬‬

‫‪.2336‬‬ ‫الغرب للنشر والتوزيع‪ ،‬وهران‬


‫‪-‬عبد الرحمن البرقوقي‪ ،‬شرح ديوان حسان بن ثابت األنصاري‪ ،‬دار الكتاب‬ ‫‪19‬‬

‫العربي‪ ،‬بيروت‪.1993‬‬
‫‪-‬شيخ أمين بكري‪ ،‬التعبير الفني في القرآن الكريم‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ط‪،0‬‬ ‫‪21‬‬

‫بيروت‪.1943‬‬

‫‪-‬ابن الشيخ التلي‪ ،‬دور الشعر الشعبي الجزائري في الثورة‪-1403 ،‬‬ ‫‪21‬‬

‫‪.1940‬‬ ‫‪،1905‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‬


‫‪-‬علي الجارم ومصطفى أمين‪،‬البالغة الواضحة‪ ،،‬ديوان المطبوعات‬ ‫‪22‬‬

‫الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫بيروت‪.1941‬‬ ‫‪-‬إيليا حاوي‪ ،‬األخطل‪ ،‬دار الثقافة‪،‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪-‬عثمان حشالف‪ ،‬التراث والتجديد في شعر السياب‪ ،‬ديوان المطبوعات‬ ‫‪24‬‬

‫‪.1946‬‬ ‫الجامعية‪،‬الجزائر‬
‫‪-‬السعيد حوى‪ ،‬الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬الشهاب‪ ،‬الجزائر‪.1993‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪427‬‬
‫‪-‬بشير خلدون‪ ،‬الحركة النقدية على أيام ابن رشيق المسيلي‪ ،‬الشركة‬ ‫‪26‬‬

‫الجزائر‪.1941‬‬ ‫الوطنية للنشر والتوزيع‪،‬‬


‫‪-‬العربي دحو‪ ،‬الشعر الشعبي ودوره في الثورة التحريرية الكبرى بمنطقة‬ ‫‪27‬‬

‫األوراس‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪،‬الجزائر‪.1944‬‬


‫‪-‬محيي الدين الدرويش‪ ،‬إعراب القرآن الكريم وبيانه‪ ،‬دار اليمامة‪،‬‬ ‫‪28‬‬

‫ط‪ ،0‬بيروت‪.2330‬‬ ‫دمشق‪/‬دار ابن كثير‪،‬‬


‫‪-‬عبد اهلل ركيبي‪ ،‬الشعر الديني الجزائري الحديث‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر‬ ‫‪29‬‬

‫الجزائر‪.1941‬‬ ‫والتوزيع‪،‬‬
‫‪-‬أبو القاسم سعد اهلل‪ ،‬تاريخ الجزائر الثقافي‪،‬الشركة الوطنية للنشر و‬ ‫‪31‬‬

‫الجزائر‪.1941‬‬ ‫التوزيع‪،‬‬
‫‪-‬ناصر الدين سعيدوني والشيخ المهدي بوعبدلي‪ ،‬الجزائر في التاريخ‪،‬العهد‬ ‫‪31‬‬

‫للكتاب‪،‬الجزائر‪.1940‬‬ ‫العثماني‪ ،‬المؤسسة الوطنية‬


‫‪-‬صالح عباد‪ ،‬الجزائر خالل الحكم التركي‪1403/1510‬م‪ ،‬دار هومه‪ ،‬ط‪،2‬‬ ‫‪32‬‬

‫الجزائر‪.2333‬‬
‫‪-‬بدر الدين محمد الغزي‪ ،‬الزبدة في شرح البردة‪،‬تحقيق عمر موسى‬ ‫‪33‬‬

‫باشا‪،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪.1932‬‬


‫‪-‬صالح فركوس‪ ،‬تاريخ الجزائر‪،‬ما قبل التاريخ إلى غاية االستقالل‪ ،‬دار‬ ‫‪34‬‬

‫العلوم‪،‬الجزائر‪.2335‬‬
‫‪-‬زكي مبارك‪ ،‬المدائح النبوية عند العرب‪ ،‬دار الكتاب العربي‪،‬‬ ‫‪35‬‬

‫القاهرة‪.1963‬‬
‫‪-‬صفي الرحمن المباركفوري‪ ،‬وانك لعلى خلق عظيم‪ ،‬شركة كندة لإلعالم‬ ‫‪36‬‬

‫والنشر‪ ،‬جدة ‪.2336‬‬


‫‪-‬أحمد توفيق المدني‪ ،‬كتاب الجزائر‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬ط‪،2‬‬ ‫‪37‬‬

‫الجزائر‪.1940‬‬

‫‪428‬‬
‫‪-‬عبد الملك مرتاض‪:‬‬ ‫‪38‬‬

‫األدب الجزائري القديم‪ ،‬دراسة في الجذور‪ ،‬دار هومه‪ ،‬الجزائر ‪.2339‬‬ ‫‪‬‬

‫العامية الجزائرية وصلتها بالفصحى‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫الجزائر ‪.1941‬‬
‫‪-‬محمد مصايف‪ ،‬النقد األدبي الحديث في المغرب العربي‪،‬الشركة الوطنية‬ ‫‪39‬‬

‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر ‪.1939‬‬


‫‪-‬إحسان النص‪ ،‬حسان بن ثابت‪ ،‬حياته وشعره‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬ط‪ ،0‬دمشق‬ ‫‪41‬‬

‫‪.1945‬‬
‫‪-‬سعودي أبو زيد نواري‪ ،‬الدليل النظري في علم الداللة‪ ،‬دار الهدى‪،‬‬ ‫‪41‬‬

‫الجزائر ‪.2333‬‬
‫‪-‬يحيى بن شرف النووي‪ ،‬كتاب األذكار‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪ ،1‬د‪.‬ب‪.2336‬‬ ‫‪42‬‬

‫‪-‬أحمد الهاشمي‪ ،‬جواهر األدب في أدبيات وانشاء لغة العرب‪ ،‬مؤسسة‬ ‫‪43‬‬

‫المعارف‪ ،‬بيروت ‪.2330‬‬


‫‪-‬محمد بن علي الهرفي‪ ،‬مدائح الرسول ومراثيه في عصره‪ ،‬مؤسسة‬ ‫‪44‬‬

‫المختار للنشر‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة ‪.2335‬‬


‫‪-‬غنيمي هالل‪ ،‬النقد األدبي الحديث‪ ،‬دار العودة‪ ،‬بيروت‪.1942‬‬ ‫‪45‬‬

‫دواوين الشعر‪:‬‬
‫‪-‬ديوان سيدي لخضر بن حلوف‪ ،‬جمع محمد بخوشة‪ ،‬نشر ابن خلدون‪،‬‬ ‫‪46‬‬

‫‪.2331‬‬ ‫تلمسان‪،‬‬
‫‪-‬ديوان كعب بن زهير‪ ،‬أبو سعيد السكري‪ ،‬الدار القومية للطباعة والنشر‪،‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪.1965‬‬ ‫القاهرة‬
‫المذكرات الجامعية‬

‫‪429‬‬
‫عيسى أخضري‪ ،‬المديح النبوي في الشعر الشعبي‪،‬شعراء قصر الشاللة‬ ‫‪.1‬‬

‫نموذجا‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في األدب الشعبي‪ ،‬جامعة تلمسان‪،‬‬


‫‪.2330/2330‬‬
‫رحمونة دخيسي‪ ،‬شعر ابن شريف بلوفة الشعبي‪ ،‬دراسة تحليلية‪ ،‬مذكرة لنيل‬ ‫‪.2‬‬

‫‪2336/2335‬‬ ‫شهادة الماجستير في الثقافة الشعبية‪ ،‬جامعة تلمسان‪،‬‬


‫جلول عبد القادر دواجي‪ ،‬الخطاب الشعري عند سيدي لخضر بن خلوف‪،‬‬ ‫‪.3‬‬

‫تلمسان‪.2330/2332،‬‬ ‫مذكرة لنيل شهادة الماجستير في األدب الشعبي‪ ،‬جامعة‬


‫آمال ابن صافي‪ ،‬المديح النبوي في شعر أحمد بن تريكي‪ ،‬دراسة تحليلية‪،‬‬ ‫‪.4‬‬

‫‪.2334/2333‬‬ ‫مذكرة لنيل شهادة الماجستير في األدب الشعبي‪ ،‬جامعة تلمسان‪،‬‬

‫‪430‬‬
‫فهرس اآليات القرآنية‬
‫ِِ ِ ِ‬ ‫اْلِ ُّن علَى أَ ْن يأْتُوا ِبِِثْ ِل ه َذا الْ ُقر ِ‬ ‫« قُ ْل لَئِ ِن ْ ِ ِ‬
‫ض ُه ْم‬ ‫آن ََل يَأْتُو َن ِبثْله َولَ ْو َكا َن بَـ ْع ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫س َو ْ َ‬ ‫اجتَ َم َعت ْاْلنْ ُ‬
‫ي » اْلسراء اآلية‪ -44 :‬ص‪32‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لبَـ ْعض ظَه ر‬
‫ك ْم أَنتُم الظَّالِ ُمو َن األنبياء اآلية»‪ – 35 :‬ص ‪30‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫« فَـَر َجعُوا إ َّل أَن ُفسه ْم فَـ َقالُوا إنَّ ُ ُ‬
‫احل ِّق وصد َ ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ي»‬ ‫َّق املُْر َسل َ‬ ‫« َويَـ ُقولُو َن أَئنَّا لَتَا ِرُكوا آِلَتنَا ل َشاعر ََّّْمنُون‪ ،‬بَ ْل َجاءَ بِ َْ َ َ‬
‫الصافات اآلية‪ – 03-06 :‬ص ‪.30‬‬
‫الرِحيم‪ ،‬فَ َذ ِّكر فَما أَنْت بِنِعم ِة ربِّك بِ َك ِ‬
‫اهن َوَلَ ََّْمنُون‪ ،‬أ َْم‬ ‫« إنَّا ُكنَّا ِمن قَـْب ُل نَ ْدعُوهُ إِنَّهُ ُه َو البَـُّر َّ ُ ْ َ َ ْ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعر نـَّتَـربَّ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ي«‬ ‫صوا فَِإ ِِّّن َم َع ُكم ِّم َن املُتَـَربِّص َ‬ ‫ب املَنُون‪ ،‬قُ ْل تَـَربَّ ُ‬ ‫ص به َريْ َ‬ ‫يَـ ُقولُو َن َش ٌ َ ُ‬
‫الطور اآلية‪ – 01-29 :‬ص‪30‬‬
‫اعر قَلِيالر َّما تُـ ْؤِمنُو َن«‬ ‫« إنَّه لََقو ُل رسول َك ِري‪ ،‬وما هو بَِقوِل َش ِ‬
‫ََ َُ ْ‬ ‫ُ ْ َُ‬
‫احلاقة اآلية ‪ -01-03‬ص ‪30‬‬
‫َّه ْم يَـ ُقولُو َن َما َلَ يَـ ْف َعلُو َن‪ ،‬إَِلَّ‬ ‫يمو َن‪َ ،‬وأَنـ ُ‬ ‫ِ‬
‫َّه ْم ِف ُك ِّل َواد يَه ُ‬
‫ُّعراء يَـتَّبِعُ ُهم الغَاوو َن‪ ،‬أَ ََلْ تَـر أَنـ ُ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫« َوالش ََ ُ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الَّ ِذين آمنُوا وع ِملُوا َّ ِ ِ‬
‫ين ظَلَ ُموا‬ ‫ص ُروا م ْن بَـ ْعد َما ظُل ُموا َو َسيَـ ْعلَ ُم الذ َ‬ ‫الصاحلَات َوذَ َك ُروا اللَّهَ َكثيار َوانتَ َ‬ ‫َ َ ََ‬
‫َي ُمن َقلَب يَن َقلِبُو َن«‬ ‫أ َّ‬
‫الشعراء اآلية‪ - 223-220 :‬ص ‪30،30‬‬
‫َّك لَ َعلَى ُخلُق َع ِظيم « القلم اآلية‪ - 30:‬ص ‪.231،12‬‬ ‫« َوإِن َ‬
‫ين َآمنُوا َوَكانُوا يَـتَّـ ُقو َن»‬ ‫َّ ِ‬ ‫« أََلَ إِ َّن أ َْولِيَاء اللَّ ِه َلَ َخو ٌ ِ‬
‫ف َعلَْيه ْم َوَلَ ُه ْم ََْيَزنُو َن‪ ،‬الذ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يونس اآلية‪-62 :‬ص‪60‬‬
‫اعلَ ْم أَنَّهُ َلَ إِلَهَ إَِلَّ اللَّهُ » حممد اآلية‪ -19 :‬ص ‪36‬‬ ‫« فَ ْ‬
‫ِّث›› الضحى اآلية‪ -11 :‬ص‪39‬‬ ‫ك فَ َحد ْ‬ ‫‹‹ َوأ ََّما بِنِ ْع َم ِة َربِّ َ‬
‫صلُّوا َعلَْي ِه َو َسلِّ ُموا تَ ْسلِيمار»‬ ‫ين َآمنُوا َ‬
‫َّ ِ‬
‫صلُّو َن َعلَى النِ ِّ‬
‫َِّب يَا أَيـُّ َها الذ َ‬
‫ِ‬
‫« إِ َّن اللَّهَ َوَمالئ َكتَهُ يُ َ‬
‫األحزاب اآلية‪ -56 :‬ص‪42‬‬
‫َّك لَعلَى خلُق ع ِ‬
‫ظيم›› القلم اآلية ‪. 123،92 -30‬‬ ‫‹‹ َوإِن َ َ ُ َ‬
‫اج ْوا بِالِْ ِِّب‬ ‫صي ِة َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫« يا أَيـُّ َها الَّ ِذين آمنُوا إِ َذا تَـنَاجْيتُم فَالَ تَـتَـنَ ِ‬
‫الر ُسول َوتَـنَ َ‬ ‫اج ْوا با ِْل ِْْث َوالْعُ ْد َوان َوَم ْع َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫َوالتَّـ ْقوى ›› اجملادلة بعض اآلية ‪ -39‬ص‪133‬‬
‫َ‬

‫‪431‬‬
‫ضُّرعار َو ُخ ْفيَةر لَّئِ ْن أَجنَانَا ِم ْن َه ِذهِ لَنَ ُكونَ َّن ِم َن‬ ‫ِ‬
‫« قُ ْل َمن يـُنَ ِّجي ُكم ِّمن ظُلُ َمات البَـِّر َوالْبَ ْح ِر تَ ْدعُونَهُ تَ َ‬
‫ِ‬
‫ين » األنعام‪ :‬اآلية ‪ – 60‬ص‪134‬‬ ‫الشَّاك ِر َ‬
‫اه ُدوا ِِف َسبِيلِ ِه لَ َعلَّ ُك ْم تُـ ْفلِ ُحو َن»‬ ‫« يا أَيـُّها الَّ ِذين آمنوا اتَّـ ُقوا اللَّه وابـتـغُوا إِلَي ِه الو ِسيلَةَ وج ِ‬
‫َ َ َْ ْ َ َ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ‬
‫املائدة اآلية‪ -05 :‬ص ‪110‬‬
‫ندهُ إَِلَّ بِِإ ْذنِِه"»‪ .‬البقرة اآلية‪ – 255 :‬ص‪.110‬‬ ‫« َمن َذا الَّ ِذي يَ ْش َف ُع ِع َ‬
‫ش َفعُوا لَنَا » األعراف اآلية‪ -50 :‬ص‪110‬‬ ‫« فَـ َهل لَّنَا ِمن ُش َف َعاءَ فَـيَ ْ‬
‫ِ‬
‫ضى األنبياء بعض » اآلية‪ -24 :‬ص ‪.110‬‬ ‫« َوَلَ يَ ْش َفعُو َن إَِلَّ ل َم ِن ْارتَ َ‬
‫َد َن» النجم اآلية‪34 :‬و‪ -39‬ص ‪230،116‬‬ ‫ي أ َْو أ ْ‬ ‫اب قَـ ْو َس ْ ِ‬
‫« ُْثَّ َدنَا فَـتَ َد َّّل‪ ،‬فَ َكا َن قَ َ‬
‫الل َوا ِْل ْكرِام الرمحن» اآلية‪26 :‬و‪ -23‬ص‪105‬‬ ‫ك ذُو اْل ِ‬ ‫«ك ُّل َم ْن َعلَْيـ َها فَان‪َ ،‬ويَـْبـ َقى َو ْجهُ َربِّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫السعِ ِي" الشورى» بعض اآلية‪ -33 :‬ص ‪.106‬‬ ‫يق ِِف َّ‬ ‫ِ‬
‫يق ِِف اْلَنَّة َوفَ ِر ٌ‬‫« فَ ِر ٌ‬
‫« وهلل األمساء احلسىن فادعوه هبا» األعراف بعض اآلية‪ -143 :‬ص ‪.156‬‬
‫وب » احلج اآلية‪ -02 :‬ص‪.160‬‬ ‫ك ومن يـعظِّم َشعائِر اللَّ ِه فَِإنـَّها ِمن تَـ ْقوى ال ُقلُ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫« َذل َ َ َ ُ َ ْ َ َ‬
‫الرس ِل ما نـُثَبِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص علَي َ ِ‬
‫اد َك» هود اآلية‪ -123 :‬ص ‪160‬‬ ‫ت بِه فُـ َؤ َ‬‫ك م ْن أَنبَاء ُّ ُ َ ُ‬ ‫« َوُكالًّ نـَّ ُق ُّ َ ْ‬
‫ح ِديثار يـُ ْفتَـرى» يوسف اآلية‪ -111 :‬ص‪160‬‬ ‫ِ‬
‫صص ِه ْم عْبـَرةٌ أل ُْوِيل األَلْبَاب َما َكا َن َ‬
‫« قَ ْد َكا َن ِِف قَ ِ ِ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ض ُك ْم‬‫ت النَِِّب وَلَ ََْتهروا لَه بِالْ َقوِل َكجه ِر بـع ِ‬ ‫« يا أَيـُّها الَّ ِذين آمنُوا َلَ تَـرفَـعوا أَصواتَ ُكم فَـو َق صو ِ‬
‫ِّ َ َ ُ ُ ْ َ ْ َ ْ‬ ‫ْ ُ َْ ْ ْ َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫شعُرو َن» احلجرات اآلية‪ -32 :‬ص‪140‬‬
‫ط أ َْع َمالُ ُك ْم َوأَنْـتُ ْم َلَ تَ ْ ُ‬ ‫لِبَـ ْعض أَن ََْتبَ َ‬
‫« والالَِِّت ََتافُو َن نُشوزه َّن فَعِظُوه َّن واهجروه َّن ِِف املض ِ‬
‫وه َّن«‬ ‫اض ِربُ ُ‬
‫اج ِع َو ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ َ ْ ُُ ُ‬ ‫ُ َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫النساء بعض اآلية‪ – 00:‬ص‪195‬‬
‫الرِجي ِم« النحل اآلية‪ – 94 :‬ص‪194‬‬ ‫ان َّ‬‫« فَِإ َذا قَـرأْت ال ُقرآ َن فَاستَعِ ْذ بِاللَّ ِه ِمن الشَّيطَ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫اه ِه ْم» ياسي بعض اآلية ‪ -65‬ص ‪194‬‬ ‫« الْيـوم ََنْتِم علَى أَفْـو ِ‬
‫ََْ ُ َ َ‬
‫وه ُه ْم ِِف النَّا ِر َه ْل َُْتَزْو َن إَِلَّ َما ُكنتُ ْم تَـ ْع َملُو َن» النمل اآلية‪-93 :‬‬ ‫« ومن جاء بِ َّ ِ‬
‫ت َو ُج ُ‬ ‫السيِّئَة فَ ُكبَّ ْ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ص‪194‬‬
‫اب النَّا ِر ُه ْم فِ َيها َخالِ ُدو َن» البقرة بعض اآلية ‪ -253‬ص‬
‫‪194‬‬ ‫َص َح ُ‬ ‫كأ ْ‬ ‫« أ ُْولَئِ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ِ‬
‫سنَة»املعارج اآلية ‪ -30‬ص‪232‬‬ ‫ف َ‬ ‫ي أَلْ َ‬ ‫وح إِلَْيه ِِف يَـ ْوم َكا َن م ْق َد ُارهُ َخَْس َ‬
‫« تَـ ْع ُر ُج املَالئ َكةُ َو ُّ ُ‬
‫ال َوَلَ بَـنُو َن» الشعراء اآلية‪ -44 :‬ص‪232‬‬ ‫« يَـ ْوَم َلَ يَن َف ُع َم ٌ‬
‫ك ُهم أُولُوا األَلْب ِ‬‫ِ‬ ‫«الَّ ِذين يست ِمعو َن ال َقوَل فَـيتَّبِعو َن أَحسنه أُولَئِ َّ ِ‬
‫اب»‬ ‫َ‬ ‫ين َه َد ُاه ُم اللَّهُ َوأ ُْولَئ َ ْ ْ‬
‫ك الذ َ‬ ‫ْ َ ُ ْ ََُ ْ َ‬ ‫َ َ َْ ُ‬
‫الزمر اآلية‪ -14 :‬ص‪230‬‬

‫‪432‬‬
‫ض َّل إِ َذا ْاهتَ َديْـتُ ْم» املائدة بعض اآلية‪:‬‬ ‫َّ ِ‬
‫ين َآمنُوا َعلَْي ُك ْم أَنْـ ُف َس ُك ْم َلَ يَ ُ‬
‫ضُّرُكم َّمن َ‬ ‫« يَا أَيـُّ َها الذ َ‬
‫‪230‬‬ ‫‪ -135‬ص‬

‫فهرس األحاديث النبوية‬

‫ص‪24‬‬ ‫" وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم‪" .‬‬


‫" يا أبا هريرة‪ ،‬نشدتك اهلل‪ ،‬هل سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ :‬يا‬
‫ص‪24‬‬ ‫حسان‪ ،‬أجب عن رسول اهلل‪ ،‬اللهم أيده بروح القدس‪" .‬‬
‫ص‪24‬‬ ‫" اهجم أو قال هاجهم وجبريل معك "‬
‫" خذوا الشيطان أو امسكوا الشيطان‪ ،‬ألن يمتلئ جوف رجل قيحا‪ ،‬خير له من‬
‫"ص‪24‬‬ ‫أن يمتلئ شع ار‬
‫‪28‬‬ ‫أرد عليه السالم " ص‬ ‫علي روحي حتى ّ‬
‫" ما من أحد يسلم علي إال رد اهلل ّ‬
‫" فو الذي نفسي بيده‪ ،‬ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده‪" .‬‬
‫‪22‬‬ ‫ص‬
‫‪02‬‬ ‫"إنما بعثت ألتمم مكارم األخالق" ص‬
‫‪02‬‬ ‫"كان خلقه القرآن" ص‬
‫ص‪00‬‬ ‫"ما بال أقوام يصنعون كذا"‪.‬‬
‫ص‪00‬‬ ‫"أجود ما يكون في شهر رمضان"‪،‬‬
‫‪11‬‬ ‫" من رآني في المنام فسيراني في اليقظة‪ ،‬ال يتمثل الشيطان بي‪ " .‬ص‬
‫ص‪11‬‬ ‫" أكثروا ذكر هادم اللذات "‬
‫" من قال ال إله إال اهلل وحده ال شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى‬
‫عبد اهلل وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه‪ ،‬وأن الجنة حق وأن النار‬
‫‪28‬‬ ‫حق‪ ،‬أدخله اهلل من أي أبواب الجنة الثمانية شاء‪ " .‬ص‬
‫‪80‬‬ ‫" ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين" ص‬

‫‪433‬‬
‫"إنه أتاني جبريل (عليه السالم) آنفا فقال‪ :‬يا محمد من صلى عليك مرة‪ ،‬أو قال‬
‫‪80‬‬ ‫واحدة‪ ،‬كتب اهلل‪ ،‬عزوجل‪ ،‬له بها عشر حسنات " ص‬
‫علي من الصالة فيه‪ ،‬فإن صالتكم‬
‫"إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا ّ‬
‫معروضة علي " ص‪88‬‬
‫ّ‬
‫‪21‬‬ ‫من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان ال يتمثل بي" ص‬
‫‪21‬‬ ‫"أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا" ص‬
‫"إن أهل مكة سألوا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم انشقاق‬
‫ص‪22‬‬ ‫حراء بينهما"‪.‬‬
‫القمر شقين حتى أروا ّ‬
‫"ولكن ائتوا محمدا صلى اهلل عليه وسلم عبدا قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما‬
‫تأخر " قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬فيأتوني‪ ،‬فأستأذن على ربي‪،‬‬
‫فيؤذن لي‪ ،‬فإذا أنا رأيته وقعت ساجدا َفي َد ُعني ما شاء اهلل‪ ،‬فيقال‪ :‬يا محمد ارفع‬
‫رأسك‪ ،‬قل تُسمع‪ ،‬سل تُعطه‪ ،‬اشفع تُشفّع‪ ".‬ص ‪028،001‬‬

‫‪012‬‬ ‫" أنا عند ظن عبـدي بي " ص‬


‫‪040‬‬ ‫"الدعاء هو العبادة " ص‬
‫ص‪041‬‬ ‫ليغان على قلبي‪ ،‬واني ألستغفر اهلل في اليوم مائة مرة "‬
‫ّ‬ ‫"إنه‬
‫" إن اهلل عز وجل قال‪ :‬إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضتُه منهما الجنة"‬
‫‪020‬‬ ‫ص‬
‫‪022‬‬ ‫‪" :‬قمت على باب الجنة فإذا عامة من دخلها الفقراء" ص‬
‫"أال أخبركم بأهل الجنة ؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على اهلل ألبره " ص‬
‫‪022‬‬

‫‪434‬‬
‫فهرس األعالم والقبائل‬
‫ب‬ ‫أ‬
‫الشاهد‪.12،‬‬ ‫ابن‬ ‫المريني‪.08،‬‬ ‫الحسن‬ ‫أبو‬
‫الفارض‪.01،‬‬ ‫ابن‬ ‫الحكم‪.08 ،‬‬ ‫أبو‬
‫جابر‪.01،‬‬ ‫ابن‬ ‫القاسم سعد اهلل‪.18،14،‬‬ ‫أبو‬
‫جني‪.022،021،‬‬ ‫ابن‬ ‫بكر الصديق‪.021،021،‬‬ ‫أبو‬
‫الحموي‪.01،‬‬ ‫حجة‬ ‫ابن‬ ‫زكريا يحيى بن أبي عمران المغيلي‪.11،‬‬ ‫أبو‬
‫حمادوش‪.12،‬‬ ‫ابن‬ ‫سفيان بن حارث بن عبد المطلب‪.02،‬‬ ‫أبو‬
‫خلوف‪،‬‬ ‫ابن‬ ‫طالب‪.08 ،‬‬ ‫أبو‬
‫‪،40،40،42،12،18،11،10،10،08،01،04،02،2‬‬
‫‪12،11،14،11،11،10،10،12،42،48،42،44،41‬‬ ‫أبو عبد اهلل المغوفل‪.18 ،‬‬
‫‪80،80،82،28،22،21،24،21،20،20،22،12،18‬‬ ‫أبو عمران موسى بن عيسى المغيلي المازوني‪،‬‬
‫‪.11‬‬
‫‪،020،022،22،28،22،21،21،22،88،82،81،81‬‬ ‫البسكري‪.12،‬‬ ‫أبو محمد عبد اهلل بن عمر‬
‫‪،001،000،000،002،022،022،024،021،020‬‬ ‫أبو هريرة‪.4،‬‬
‫‪،001،001،000،000،002،002،008،002،001‬‬ ‫أبوراس الناصر‪.18،11،14،‬‬
‫‪،018،014،011،012،002،008،002،001،004‬‬ ‫أبوعزة عمر بن الجمح‪.08،‬‬
‫‪،040،042،012،018،012،014،011،011،012‬‬ ‫األتراك‪،11،10،10،18،12،11،11،11،12،08،01،01،‬‬
‫‪.084،080،022،21،20،41،11،14،11‬‬
‫‪،012،042،048،042،041،044،041،041،040‬‬ ‫عليوة‪.10،‬‬‫أحمد بن‬
‫‪،080،028،022،021،021،021،012،011،010‬‬ ‫أحمد بن مصطفى العالوي المستغانمي‪.22،‬‬
‫‪،020،020،022،082،088،082،084،081،081‬‬ ‫األسبان‪.20،10،41،18،12،14،‬‬
‫‪،022،021،021،020،022،022،022،021،021‬‬ ‫األعشى‪.04،01،‬‬
‫‪.022‬‬
‫سحنون‪.12،‬‬ ‫ابن‬ ‫البيت‪.12،‬‬ ‫آل‬
‫عربي‪.01،‬‬ ‫ابن‬ ‫أم معبد الخزاعية‪.00،‬‬
‫عروس‪.18،‬‬ ‫ابن‬ ‫أمية بن أبي الصلت‪.4،‬‬
‫عمار‪.12،‬‬ ‫ابن‬ ‫أنس بن زنيم‪.01،‬‬
‫مسايب‪.04،‬‬ ‫ابن‬ ‫أنس بن مالك‪.01 ،‬‬

‫ض‪ -‬ط‬ ‫المصري‪.01،‬‬ ‫ابن نباتة‬

‫‪435‬‬
‫الخطاب‪.02،‬‬ ‫ضرار بن‬ ‫هاشم‪.01،‬‬ ‫ابن‬
‫طالب بن أبي طالب‪.08،‬‬ ‫البراء ‪.4،‬‬
‫ع‬ ‫البربر‪.12،‬‬
‫عائشة رضي اهلل عنها‪.02،02،‬‬ ‫بلقاسم بعسرية‪.42،‬‬
‫العباس بن عبد المطلب‪.021،‬‬ ‫بنو حفص‪.10،‬‬
‫عبد العزيز المغراي‪.028،‬‬ ‫بني زيان‪.14،10،08،‬‬
‫عبد القادر الجيالني‪.002،‬‬ ‫بني مرين‪.08،‬‬
‫عبد القادر بطبجي‪.028،‬‬ ‫البوصيري‪.01،00،‬‬
‫عبد القاهر الجرجاني‪.084،‬‬ ‫بومدين شعيب‪.11،‬‬
‫عبد اهلل بن الزبعرى‪.02،‬‬ ‫ج‬
‫عبد اهلل بن رواحة‪.00،02،1،‬‬ ‫الجاحظ‪.084،‬‬
‫عبد اهلل ركيبي‪.01،‬‬ ‫جبريل عليه السالم‪.022،4،‬‬
‫عثمان بن عفان‪.011،021،‬‬ ‫جعفر بن أبي طالب‪.021،‬‬
‫العرب‪.12،01،‬‬ ‫ح‬
‫العربي دحو‪.022،‬‬ ‫حسان بن ثابت‪.00،02،4،1،‬‬
‫عروج وخير الدين بربروس‪.20،10،10،‬‬ ‫الحسن البصرين‪.1،‬‬
‫علي بن أبي‬ ‫الحسن و الحسين‪.011،001،008،021،‬‬
‫طالب‪014،011،021،020،020،42،12،01،‬‬
‫علي بن الحسين‪.00،‬‬ ‫المطلب‪.021،‬‬ ‫حمزة بن عبد‬
‫عمر بن الخطاب‪.021،‬‬ ‫د‬
‫دالكادوت‪.10،‬‬
‫ف‪ -‬ق‬ ‫دعبل الخزاعي‪.00،‬‬
‫فاطمة رضي اهلل عنها‪.001،008،021،00،‬‬ ‫ز‬
‫الفرزدق‪.00،‬‬ ‫زكي مبارك‪.01،01،‬‬
‫الفيروزآبادي‪.022،‬‬ ‫س‪ -‬ش‬
‫قدامة بن جعفر‪.084،‬‬ ‫سراقة بن مالك‪.08،‬‬
‫قريش‪.08،0،‬‬ ‫الشقران‪.12،08،‬‬
‫الشوشتري‪.01،‬‬

‫‪.18‬‬ ‫محمد بن محمد العطار الجزائري‪،‬‬ ‫ك‬


‫محمد لكحل‪.40،‬‬ ‫الكميت بن زيد‪.00،‬‬
‫محمد مصايف‪.081،‬‬ ‫كعب بن زهير‪.00،01،04،‬‬
‫‪436‬‬
‫الموحدون‪.10،‬‬ ‫مالك‪.00،02،1،‬‬ ‫كعب بن‬
‫المنداسي‪.12،04،‬‬ ‫ل‬
‫بوشالغم‪.11،08،‬‬ ‫مصطفى‬ ‫الباسي‪.10،‬‬
‫مغراوة‪.20،41،41،42،12،12،‬‬ ‫لويس رين‪.12،‬‬
‫المقري‪.12،‬‬ ‫م‬
‫مرحبا الخيبري‪.020،‬‬ ‫المانجالتي‪.12،‬‬
‫محمد صلى اهلل عليه وسلم‪،‬‬ ‫‪،011،008،001،002،002،008،004،001،000،028‬‬
‫‪،020،022،21،20،20،82،82،81،08،02،01،01‬‬ ‫‪،011‬‬
‫‪،021،021‬‬
‫ن – هـ ‪ -‬ي‬ ‫‪،080،028،021،020،020،022،012،011،010،010‬‬
‫‪،020‬‬
‫النضر بن الحارث‪.0،‬‬ ‫‪.028،028‬‬
‫الهالليون‪.12،04،01،‬‬ ‫بخوشة‪.22،12،41،‬‬ ‫محمد‬
‫اليهود‪.080،021،018،002،022،11،12،18،‬‬ ‫محمد بن شاعة‪.48،‬‬
‫يوسف بن تاشفين‪.08،‬‬ ‫محمد الحبيب حشالف‪.22،‬‬
‫محمد الكبير‪،‬الباي‪.11،14،‬‬

‫‪437‬‬
‫فهرس األماكن والمواقع‬
‫ط‪-‬ظ‬ ‫أ‬
‫طيبة‪.12،‬‬ ‫أرزيو‪.12،12،‬‬
‫الظهرة‪.40،‬‬ ‫إشبيلية‪.01،‬‬
‫ع‪-‬غ‬ ‫األندلس‪.14،11،12،12،01،‬‬
‫عنابة‪.12،18،14،11،‬‬ ‫ب‬
‫غرناطة‪.10،‬‬ ‫المتوسط‪.10،10،02،‬‬ ‫البحر األبيض‬
‫ق‬ ‫بدر‪.08،‬‬
‫قالمة‪.14،‬‬ ‫برج األمحال‪.08،‬‬
‫قرطبة‪.01،‬‬ ‫بسكرة‪.18،‬‬
‫قسنطينة‪.10،18،12،11،14،11،‬‬ ‫البطحاء‪.00،‬‬
‫راشد‪.12،18،14،11،‬‬ ‫قلعة بني‬ ‫البليدة‪.10،12،18،11،‬‬
‫القليعة‪.18،11،‬‬ ‫بجاية‪.10،12،‬‬
‫م‬ ‫ت‬
‫مازونة‪.42،14،11،18،14،11،02،‬‬ ‫تازقايت‪،‬بلدية‪.10،‬‬
‫المدية‪.11،18،11،‬‬ ‫تلمسان‪.14،11،10،12،18،12،11،14،11،11،02،‬‬
‫المدينة المنورة‪.000،028،021،‬‬ ‫تنس‪.14،12،12،11،‬‬
‫المرجى‪.10،‬‬ ‫تونس‪.18،12،‬‬
‫مزغران‪.20،10،10،12،41،18،‬‬ ‫ج‪-‬د‬
‫مستغانم‪،11،12،18،11،11،11،10،12،02،08،‬‬ ‫الجزائر‪،11،10،18،12،11،14،11،10،08،04،01،01،‬‬
‫‪.12،10،12،18،11،14،11‬‬ ‫‪.024،20،10،10،42،41،11،11‬‬
‫معسكر‪.11،14،11،18،14،11،02،‬‬ ‫حجاج‪ ،‬بلدية‪.10،‬‬
‫المغرب األقصى‪.14،‬‬ ‫الحضنة‪.14،‬‬
‫مكة المكرمة‪.002،022،024،021،‬‬ ‫دلّس‪.12،12،11،‬‬
‫مليانة‪.18،‬‬ ‫س‪-‬ش‬
‫ن – هـ‪ -‬و‬ ‫سطيف‪.14،‬‬
‫ندرومة‪.11،14،11،‬‬ ‫السودان‪.10،‬‬
‫الزناتي‪.14،‬‬‫وادي‬ ‫سيدي علي‪ ،‬بلدية‪.44 ،10،‬‬
‫وادي رهيو‪.10،‬‬ ‫سيدي لخضر‪ ،‬بلدية‪.10 ،‬‬
‫وهران‪.14،11،11،02،‬‬ ‫شرشال‪.20،10،12،12،11،‬‬
‫الشلف‪.10،‬‬

‫‪438‬‬
‫األشعار باللغة‬
‫العربية الرسمية‬
‫ء‬
‫الفداء‪23‬‬
‫السماء‪13‬‬
‫تشاء‪21‬‬
‫سماء‪22‬‬
‫سناء‪22‬‬
‫الوفاء‪23‬‬
‫النساء‪21‬‬
‫لجاء‪13‬‬
‫ب‬
‫الترابا‪14‬‬
‫صربـا‪14‬‬
‫د‬
‫يشهد‪19‬‬
‫المسهدا‪10‬‬
‫المهند‪19‬‬
‫أهتدي‪13‬‬
‫غدا‪10‬‬
‫محمدا‪10‬‬
‫محمد‪13، 16‬‬
‫ندى‪10‬‬
‫حميد‪14‬‬
‫تعبد‪19‬‬
‫أنجدا‪10‬‬
‫شهيد‪14‬‬

‫‪439‬‬
‫نحمد‪19‬‬
‫مهددا‪10‬‬
‫ل‬
‫واسل ‪112‬‬
‫مسلول‪15‬‬
‫مكبول‪15‬‬
‫الفواضل‪19‬‬
‫بغافل‪14‬‬
‫المحافل‪14‬‬
‫التهازل‪14‬‬
‫باطل‪19‬‬
‫مكحول‪15‬‬
‫م‬
‫إضم‪22‬‬
‫بـدم‪22‬‬
‫مرحوم‪13‬‬
‫العلم‪20، 21‬‬
‫ختموا‪21‬‬
‫الحرم‪21‬‬
‫مختوم‪13‬‬
‫هـ‬
‫ثراها‪03‬‬
‫حالها‪03‬‬
‫تغشاها‪03‬‬
‫رباها‪03‬‬
‫رياها‪03‬‬
‫ذكراها‪03‬‬

‫‪440‬‬
‫قوائمه‪14‬‬

‫يقاومه‪14‬‬

‫فهرس قوافي الشعر الملحون‬

‫ب‬

‫‪441‬‬
‫تايب‪72،،97‬‬

‫توبا‪،21، 962 ، ،42، ،11 ،06‬‬

‫نتوب‪،4،‬‬

‫جداب‪،91، 77‬‬

‫الغراب‪،37 ، ،91‬‬

‫غريب‪7،‬‬

‫حساب ‪،94‬‬

‫كتاب ‪،43، ،91، ،93‬‬

‫الكتيب‪،43‬‬

‫كتابه‪،41‬‬

‫العذاب‪،11 ، ،96، 71‬‬

‫الجواب ‪،32‬‬

‫حجاب ‪،94 ،،96‬‬

‫حجابي‪،03‬‬

‫الثياب‪،32 ،07‬‬

‫عجبا ‪،10‬‬

‫العجيب‪،43‬‬

‫غاب ‪،14، ،91، 06،‬‬

‫غابوا‪،41‬‬

‫شباب ‪،39‬‬

‫طالب‪06‬‬

‫نكذب‪76‬‬

‫االرباب‪،41‬‬

‫عروب ‪،49‬‬

‫العربي‪70‬‬

‫ارتياب‪،37 ،00‬‬

‫‪442‬‬
‫الثـواب‪،97‬‬

‫اصحابه‪،41‬‬

‫راهب ‪،12‬‬

‫غلبا ‪27‬‬

‫محسوب‪19،13‬‬

‫االنطراب ‪،32‬‬

‫االحتقاب‪،03‬‬

‫نحبو‪7،‬‬

‫الكراب ‪،93‬‬

‫الموهب ‪،94‬‬

‫صواب ‪،11، ،16 ،49‬‬

‫أحباب‪،43‬‬

‫الحبيب ‪،43‬‬

‫باب‪70‬‬

‫الرقاب ‪77، ،11‬‬

‫ذنبــي ‪،16‬‬

‫للتراب‪،32 ، ،97، 07‬‬

‫حبه ‪،06‬‬

‫العقاب‪،19 ، 7،‬‬

‫للغروب‪،4،‬‬

‫الزغبي ‪،16‬‬

‫ربي‪،16 ، 29‬‬

‫الذهب‪،91‬‬

‫ذهاب ‪،،،‬‬

‫صبي‪29‬‬

‫مجلوب‪19‬‬

‫‪443‬‬
‫الضباب ‪،96‬‬

‫الكالب ‪،41، ،3، ، ،91، ،16‬‬

‫طيب‪،97، ،94 ، 72‬‬

‫يثوب ‪،94‬‬

‫خراب ‪،49‬‬

‫اغضاب ‪،32‬‬

‫عنب ‪،94‬‬

‫ت‪ -‬ث‬

‫الصلوات‪23‬‬

‫الثبات‪77‬‬

‫أنتا‪،،،‬‬

‫رويت ‪،66‬‬

‫هيهات ‪،،0‬‬

‫حتا‪،27، ،،2‬‬

‫ياتي‪74‬‬

‫البتا‪29‬‬

‫اله ازرات ‪،43‬‬

‫السادات ‪،63‬‬

‫اسودت ‪،47‬‬

‫البيت‪966 ، ،66‬‬

‫شاتي‪74‬‬

‫شتا‪،2،‬‬

‫الممات‪77‬‬

‫السبوتي‪74‬‬

‫تلظات ‪،،0‬‬

‫امانات ‪،،0‬‬

‫‪444‬‬
‫الستـا‪29، 2،‬‬

‫شمتا‪،،2‬‬

‫خباثة‪،03‬‬

‫ج‪-‬ح‪-‬خ‬

‫النساج ‪،9،‬‬

‫الحاج ‪،9،‬‬

‫ناجه‪،17‬‬
‫از ُ‬

‫التاج ‪،9،‬‬

‫ناجي ‪966‬‬

‫الروح‪07‬‬

‫المالح‪24‬‬

‫للصباح‪74‬‬

‫فـارح‪967‬‬

‫الكالخي ‪،16‬‬

‫التراخي ‪،16‬‬

‫أخي ‪،16‬‬

‫د‬

‫للعبـاد ‪،97 ، 24‬‬

‫جلدا‪،24‬‬

‫‪،0، ، ،،2،،97، ،،7، ،63‬‬ ‫محمدي‬

‫محمد ‪،13 ، ،96، ،،7‬‬

‫محمود ‪24‬‬

‫احمدا ‪،27، ،،1‬‬

‫يفدا ‪،60‬‬

‫البردة ‪ ،61‬البردة ‪،17‬‬

‫بروده ‪،97، 72‬‬

‫‪445‬‬
‫السعادة ‪،67‬‬

‫أحـد‪77‬‬

‫وحدا‪،2،، 12‬‬

‫شهد ‪،66‬‬

‫تشهد‪،13 ، ،،7‬‬

‫شهيد‪09‬‬

‫االشهاد ‪،10‬‬

‫الشهادة ‪،67‬‬

‫الخلد‪72‬‬

‫اخلد ‪،،0‬‬

‫االثمادي‪،،2‬‬

‫عنده‪،97‬‬

‫الصمد‪،96 ، 77‬‬

‫البـالد ‪،17‬‬

‫زادي ‪،20‬‬

‫الـدا ‪967، ،67‬‬

‫اليزيد‪،00‬‬

‫وقـادي‪،،2، 17‬‬

‫اقتدى‪77‬‬

‫العبد ‪،14‬‬

‫غادي ‪،3،‬‬

‫دودا‪،77‬‬

‫البغدادي ‪،،7، ،60 ، ،42‬‬

‫العرادا ‪،06‬‬

‫يوكد‪،97‬‬

‫الوكيـد‪23‬‬

‫‪446‬‬
‫األجواد ‪،94‬‬

‫اوالده ‪،30‬‬

‫األوالد ‪،60‬‬

‫األوالدي ‪،32‬‬

‫مفقودة ‪،32‬‬

‫رقـاد‪،61‬‬

‫المرمادي ‪،97‬‬

‫تنهادي ‪،0،‬‬

‫الهادي ‪،0،‬‬

‫وردة‪،72‬‬

‫توجد‪70‬‬

‫المهمودا ‪،60‬‬

‫العباد ‪،19‬‬

‫العبادا‪،72‬‬

‫زيادا‪962، ،21‬‬

‫غدا‪،36 ، 12‬‬

‫تريد‪،00‬‬

‫الموءودة‪،00‬‬

‫الخدود ‪،69‬‬

‫دا ودا ‪،06‬‬

‫الحصاد ‪،17‬‬

‫أكباده ‪،30‬‬

‫كبـادي ‪،0،‬‬

‫االسعد ‪،،0‬‬

‫االلحاد ‪،06‬‬

‫ابدا‪21‬‬

‫‪447‬‬
‫الحادي‪06‬‬

‫وحدة ‪،17، ،61‬‬

‫بالدي‪،33‬‬

‫ارتاد‪،61‬‬

‫وجوده‪72‬‬

‫الواحـد‪72‬‬

‫رمـادا ‪،06‬‬

‫افساده ‪،30‬‬

‫الفساد ‪،19‬‬

‫تكمادي ‪،0،‬‬

‫غادي ‪،32‬‬

‫اللحود ‪،63‬‬

‫الميعاد‪،10 ،،97 ، 7،‬‬

‫للوعاد ‪،17‬‬

‫سجدا ‪،27،962 ،،29، ،،1‬‬

‫لبدا‪967‬‬

‫وجواد‪7،‬‬

‫ينادي ‪،37‬‬

‫السعيدا‪967‬‬

‫شديدا‪،،4،،47،،29،،27‬‬

‫الشـدا‪21‬‬

‫الميعاد ‪،97‬‬

‫سـودا ‪،47‬‬

‫مسدودة‪،32‬‬

‫فريد‪،00‬‬

‫عنده‪72‬‬

‫‪448‬‬
‫الهادي ‪،،7، ،63‬‬

‫ر‬

‫الصرصار‪10‬‬

‫نشكر‪76‬‬

‫األخيار ‪،93‬‬

‫االوزار ‪،،7‬‬

‫أشهور‪14‬‬

‫القهار‪1،‬‬

‫الطاهر ‪،97‬‬

‫الظهرة‪1،‬‬

‫المختار ‪،47 ، ،99، ،،2،،9، ،71،،64‬‬

‫األنصار‪،93 ، ،62‬‬

‫بك ار ‪،36‬‬

‫المبرور‪14‬‬

‫المدبر‪76‬‬

‫المقتديره‪12‬‬

‫عمره ‪،،9‬‬

‫نذكر‪76‬‬

‫يسا ار ‪،31‬‬

‫جابر ‪،14‬‬

‫االخ ار ‪،44‬‬

‫األخبار‪70‬‬

‫بش ار‪2،‬‬

‫بالعشرة‪1،‬‬

‫العش ار ‪،77، ،11 ،،64‬‬

‫عشاري‪،،9‬‬

‫‪449‬‬
‫غير ‪،47‬‬

‫الوقر‪،77‬‬

‫باري‪،40 ، ،،9‬‬

‫تكسـر ‪،19‬‬

‫االسرار‪،،6‬‬

‫المرة ‪،69‬‬

‫مظفور‪00‬‬

‫الجهـر‪،77‬‬

‫الكفار ‪16،،93‬‬

‫األسوار ‪،93‬‬

‫البشير‪10‬‬

‫قدره‪،،9‬‬

‫شهور‪00، 13‬‬

‫دينار‪71‬‬

‫شاري ‪،12‬‬

‫نهار‪10‬‬

‫االضرار‪70‬‬

‫النصر‪،77، 23‬‬

‫البشـر‪،77‬‬

‫الغير‪،04‬‬

‫لغيـره‪12‬‬

‫الصح ار‪70‬‬

‫الزه ار ‪،93‬‬

‫ج ار‪2،، 70‬‬

‫ح ار‪70‬‬

‫أكبر‪،77‬‬

‫‪450‬‬
‫كبير‪،04‬‬

‫المستجيره‪12‬‬

‫بالنار‪،62‬‬

‫الناري ‪،40‬‬

‫غا ار ‪،60‬‬

‫سورة ‪،09‬‬

‫اق ار‪،03 ، ،،، ،22‬‬

‫حضرة‪،77، ،،،، 1،‬‬

‫و ار ‪،،،‬‬

‫االخرى ‪،32‬‬

‫زيارة ‪،60‬‬

‫خاسرة ‪،1،‬‬

‫ياس ار ‪،1،‬‬

‫جار ‪،،7‬‬

‫الجار ‪،،7‬‬

‫م ار ‪،36‬‬

‫لسرور ‪،3،‬‬

‫الخير‪77، 10‬‬

‫المبرور‪76، 02‬‬

‫كثيـر‪،04‬‬

‫الواري ‪،12‬‬

‫معمر‪،14‬‬

‫القصور‪،44 ، ،33‬‬

‫األقدار‪1،‬‬

‫الدار ‪،،7‬‬

‫داري ‪،40‬‬

‫‪451‬‬
‫الغـرور‪،44 ، ،33‬‬

‫وانهاري ‪،90‬‬

‫األحرار‪،62‬‬

‫الزخار ‪،62،،77‬‬

‫تَُار ‪،11‬‬

‫يعثر ‪،19‬‬

‫تذكر ‪،16‬‬

‫س‪ -‬ش‬

‫السنداس ‪،47‬‬

‫ارسـي ‪،67‬‬

‫ناسي ‪،67‬‬

‫الناس ‪،37‬‬

‫يس ‪،46‬‬

‫نحاس ‪،47‬‬

‫شي ‪،39‬‬

‫ص‪ -‬ض‬

‫عاصي ‪،67‬‬

‫المعاصي‪77‬‬

‫رصاص ‪،47‬‬

‫ْرضا ‪،34‬‬

‫الرضا‪،47، ،،6‬‬

‫فايضة‪،،6‬‬

‫مغمضة‪،،،، 2،‬‬

‫فضا ‪،49‬‬

‫قضا ‪،3،‬‬

‫المعرضا ‪،34‬‬

‫‪452‬‬
‫يتقضى ‪،37‬‬

‫ط‪ -‬ظ‬

‫يعطي ‪20‬‬

‫خاطي‪20 ،12‬‬

‫طا و ظا‪،،6‬‬

‫تتعظي ‪،37‬‬

‫تلظا ‪،49‬‬

‫خافظة‪،،،‬‬

‫ع‬

‫الشفاعة‪،12، ،،4،،91 ، 10‬‬

‫الشفيع‪79،23‬‬

‫المشفع‪،94 ، 961‬‬

‫تشفع‪77‬‬

‫سميع‪79،73‬‬

‫بطابع ‪،94،961‬‬

‫الرضاعة‪10‬‬

‫نضيع ‪،94‬‬

‫تلمع‪77‬‬

‫تمنع‪77‬‬

‫الرفيع‪23،، 79 ،70‬‬

‫المطـيع ‪،9،‬‬

‫الربيع‪73‬‬

‫يبيع‪73‬‬

‫مجتمعة‪،،2‬‬

‫للطاعة‪،91‬‬

‫جماعة‪،91‬‬

‫‪453‬‬
‫طباعه ‪،66‬‬

‫اصباعه ‪،66‬‬

‫دعاء‪،،2‬‬

‫والعة‪10‬‬

‫ف‬

‫الشوف‪00‬‬

‫باأللوف‪03، 06‬‬

‫صحوف‪17‬‬

‫خلوف‪07، 17‬‬

‫األعراف ‪،96‬‬

‫بالخوف‪06،03‬‬

‫تكالف ‪،96‬‬

‫مالطفا ‪966‬‬

‫الصوف‪11‬‬

‫ق‬

‫الباقي‪،0، ، ،91‬‬

‫الطريق ‪،10‬‬

‫رماقي ‪27‬‬

‫االرماق‪2،، ،22‬‬

‫الخالق‪2،‬‬

‫االعـروق‪،91‬‬

‫سوقـي ‪،91‬‬

‫الساق‪،22 ، 2،‬‬

‫ترياقي ‪،0، ، 27‬‬

‫ك‬

‫مكة‪،99‬‬

‫‪454‬‬
‫بيك‪،،7 ، ،62‬‬

‫لبيك‪،62‬‬

‫معماك ‪،37‬‬

‫تزكى‪،99‬‬

‫نراعيك ‪27‬‬

‫جـاك ‪،37‬‬

‫يرجاك‪،4،‬‬

‫يجازيك‪27‬‬

‫سالك ‪،37‬‬

‫هالك ‪،43، ،37‬‬

‫تلـكا‪،99‬‬

‫بالك ‪،1،‬‬

‫إليك ‪،67‬‬

‫ل‬

‫الفضيل ‪،97‬‬

‫عالي ‪،77، ،63 ، 24‬‬

‫علي‪42‬‬

‫‪،46 ،‬‬ ‫مسالة‪،،، ، 16‬‬

‫يسول ‪،97‬‬
‫ّ‬

‫سالوا ‪،31‬‬

‫يسالوا ‪،30‬‬

‫سؤالي ‪،60‬‬

‫القول‪74‬‬

‫سهال ‪27‬‬

‫جمال‪27، 77‬‬

‫القبول‪71‬‬

‫‪455‬‬
‫الشعيل ‪،34‬‬

‫كلة‪11، 16‬‬

‫كال ‪،14‬‬

‫علة‪،00‬‬

‫اآلصال‪71‬‬

‫الرسول‪،،6 ، 79، 71‬‬

‫المرسول ‪،،7‬‬

‫ارساله ‪،31‬‬

‫االرسال‪،،0 ،71‬‬

‫الطويل ‪،34‬‬

‫للرحيل ‪،34‬‬

‫واعطى له‪،30 ، 42‬‬

‫زلة ‪،39‬‬

‫جيل‪،34 ، 0،،79‬‬

‫مكياله‪،04‬‬

‫األعلى ‪24‬‬

‫جالله‪29‬‬

‫خياله ‪،0،‬‬

‫تضوي لي‪26‬‬

‫الرجالي ‪،44‬‬

‫الجاللي‪،77‬‬

‫تغفرها له ‪،13‬‬

‫الغالي‪70‬‬

‫شباله‪،33‬‬

‫احوالي‪963‬‬

‫األصيل‪79، 0،‬‬

‫‪456‬‬
‫النجلة‪2،‬‬

‫قبله‪11‬‬

‫فضلي ‪،17‬‬

‫غسال ‪27‬‬

‫الطفلة‪،00‬‬

‫رحيل ‪،34‬‬

‫االكحل ‪،90‬‬

‫أقوالي‪969‬‬

‫احمالي‪77‬‬

‫مالي‪969‬‬

‫يميل‪79، 0،‬‬

‫يسغى لي‪77‬‬

‫مشعاله ‪،0،‬‬

‫الكمال‪23‬‬

‫المفضل‪24 ، 74‬‬

‫مزمل ‪24‬‬

‫االرسالي‪77‬‬

‫المولى ‪،6،‬‬

‫صلي ‪،37‬‬

‫أحواله ‪،20‬‬

‫نقوله‪71‬‬

‫انجيله ‪،09‬‬

‫عال‪26‬‬

‫غلغاله ‪،30‬‬

‫الرجلة ‪،39‬‬

‫بحالي‪،42، ،،4 ،06‬‬

‫‪457‬‬
‫حاله ‪،04، ،10 ، ،37، ،33‬‬

‫للحالة‪،،،‬‬

‫زاللي‪29‬‬

‫محلل ‪24‬‬

‫ماله ‪،37‬‬

‫يهُولُه‪70‬‬

‫الحملة ‪،37‬‬

‫الحمال ‪،39‬‬

‫الخليل‪،99‬‬

‫اطاللي ‪20‬‬

‫تالي ‪،44‬‬

‫ياللوا ‪،47‬‬

‫يتاللوا‪،30، 26‬‬

‫زلة ‪،13‬‬

‫حيلة ‪،37‬‬

‫ليلة ‪،37‬‬

‫له ‪،47‬‬

‫جماله ‪،47‬‬

‫صيلة‪،20 ،29‬‬

‫تصيل ‪،34‬‬

‫الحفيل‪،99‬‬

‫ثقيل‪،99‬‬

‫المرسالي‪70‬‬

‫عليل ‪،97‬‬

‫عليلة ‪،62‬‬

‫هوطلة‪،،،‬‬

‫‪458‬‬
‫والي ‪،،4‬‬

‫مقبول ‪،،7 ،،،6‬‬

‫الهول‪،،6‬‬

‫منزله‪70‬‬

‫تصح له‪70‬‬

‫الموالي ‪،،4‬‬

‫االنكال ‪،،1‬‬

‫م‬

‫العظيمة ‪،62،،29،،22 ،22‬‬

‫العظيم ‪96، ، ،10‬‬

‫عظامي‪7،‬‬

‫السالم‪71‬‬

‫بوخاتم‪،،2‬‬

‫ودمـا‪76‬‬

‫بالغمامة‪72‬‬

‫سهام‪71‬‬

‫المزدحيم ‪،11‬‬

‫اإلسالمي‪7،‬‬

‫العلما‪،94 ، 72‬‬

‫يعلم ‪،96‬‬

‫همتكم ‪،،7‬‬

‫الظالم ‪،34‬‬

‫طامي‪969‬‬

‫ثما‪03‬‬

‫الرسوم‪79‬‬

‫رحيم‪969‬‬

‫‪459‬‬
‫القاسم ‪،92‬‬

‫النعيم ‪،17‬‬

‫حليمة‪،62‬‬

‫غنموا ‪،30‬‬

‫رخامة ‪،12‬‬

‫هايـم ‪،،2‬‬

‫الكريم ‪،10‬‬

‫الدايم‪،،7‬‬

‫من اما‪7،‬‬

‫التبسامة ‪21‬‬

‫كالما‪76‬‬

‫يوم‪،،7 ، 74‬‬

‫الفهامة ‪،94‬‬

‫العلوم‪79‬‬

‫الظالمة ‪،46‬‬

‫عدم‪70‬‬

‫عادم ‪،36‬‬

‫القدم‪70‬‬

‫ندم ‪71‬‬

‫المنعمة‪77‬‬
‫ْ‬

‫تسمى‪77‬‬

‫لجام ‪،34‬‬

‫المختوم ‪،،7‬‬

‫يعوم‪79، 09‬‬

‫الروم‪79، 09‬‬

‫القيامة ‪،94 ، ،،4‬‬

‫‪460‬‬
‫الجحيم ‪،11‬‬

‫معلوم‪77‬‬

‫متاليمة ‪،90‬‬

‫همه ‪،30‬‬

‫عبيدكم‪،،7‬‬

‫معلومـة‪14،47،09‬‬

‫فطيمة‪،62‬‬

‫رمامي‪،،6‬‬

‫نحشمكم‪،،7‬‬

‫األنام ‪،،6‬‬

‫في امه ‪،30‬‬

‫جرايمي‪969‬‬

‫كرامة ‪،90‬‬

‫القوم ‪،،7‬‬

‫المتنعم‪72‬‬

‫الوسيمة ‪،60‬‬

‫التامة ‪،4،‬‬

‫الهادمة‪،4،‬‬

‫ن‬

‫نبينا ‪،،1،967‬‬

‫الزمان ‪،34‬‬

‫الحنين‪71‬‬

‫فينا ‪،،1‬‬

‫العاطبين ‪،،1‬‬

‫المداني‪،97 ، 77، 72‬‬

‫مزغران‪14‬‬

‫‪461‬‬
‫الثقلين‪،30 ، 74‬‬

‫عايشين‪79‬‬

‫دهين ‪26‬‬

‫يرحمنا ‪،93‬‬

‫روياني‪77‬‬

‫الوزين ‪،46 ، ،63‬‬

‫بارزين ‪،46‬‬

‫عيانه ‪،49‬‬

‫للغبنة ‪،37‬‬

‫األولين ‪24‬‬

‫السنة ‪،37، ،66‬‬

‫السنين‪،40، 71، 73‬‬

‫لساني‪،20 ، ،91‬‬

‫الشيطان ‪،44‬‬

‫شيطانه ‪،49‬‬

‫سلطانه ‪،49‬‬

‫علمنا ‪،11‬‬

‫عمران ‪966‬‬

‫بخيانة ‪،33‬‬

‫ثاني‪،14 ،،66، 72‬‬

‫حين‪71‬‬

‫جايزين ‪،46‬‬

‫العدناني‪،97، 27،،91 ، 12‬‬

‫مسلمين‪07‬‬

‫الضالين‪969‬‬

‫الذين‪969‬‬

‫‪462‬‬
‫المشركين‪77‬‬

‫العشران‪14‬‬

‫اليدين ‪،46 ، ،30،،41‬‬

‫الرحمن ‪،40‬‬

‫ادنى ‪،66،963‬‬

‫العرنين‪26‬‬

‫الفرقان‪،03، 27 ،04‬‬

‫الفرقاني ‪20‬‬

‫شطرين‪22،966‬‬

‫هابطين ‪،46‬‬

‫النورين ‪،30‬‬

‫إنساني‪،00‬‬

‫عنه ‪27‬‬

‫عطشاني‪،00‬‬

‫الياسمن‪73‬‬

‫الفاني‪،43‬‬

‫جيراني ‪،90‬‬

‫علينا ‪،16‬‬

‫تسني‪،24‬‬

‫عيني‪،91‬‬

‫العينين‪26‬‬

‫مكين ‪،47‬‬

‫معينينا ‪،16‬‬

‫راني‪04،20‬‬

‫معين ‪،69 ، ،1،‬‬

‫اللبن ‪،43‬‬

‫‪463‬‬
‫كاينين‪79‬‬

‫فتنا‪962‬‬

‫الخايفين ‪،،1‬‬

‫مبني‪،72،967‬‬

‫آمنين ‪،49‬‬

‫األبدان ‪،43‬‬

‫يكفاني‪،91‬‬

‫سلطاني‪77‬‬

‫الحسين ‪،63‬‬

‫ودكان ‪،34‬‬

‫األمين ‪،63‬‬

‫حايفين ‪،،1‬‬

‫بنون‪969‬‬

‫اللعين ‪،1،‬‬

‫مرسلين ‪24‬‬

‫الدفين ‪،46‬‬

‫الغفران ‪،14‬‬

‫رباني ‪،14‬‬

‫حينا ‪،40‬‬

‫الحمان‪،97‬‬

‫يحرمنا ‪،93‬‬

‫هـ‬

‫قالها ‪،9،‬‬

‫احياها‪76‬‬

‫بعدها ‪،31‬‬

‫فاه ‪،27‬‬

‫‪464‬‬
‫جاه ‪،13‬‬

‫منها ‪،47،،22‬‬

‫عليها ‪،47‬‬

‫انعدها ‪،16 ،،3،‬‬

‫عقوبتها ‪،1،‬‬

‫اهلل‪16‬‬

‫موالها‪11‬‬

‫اعيوبها ‪،06 ، ،31‬‬

‫احاط بها ‪،47‬‬

‫كلها ‪،97 ، ،9،‬‬

‫موالها‪12‬‬

‫خلقها‪76‬‬

‫رزقها‪76‬‬

‫طولها‪،1،، 77‬‬

‫هو‪،31،،17 ، ،،7‬‬

‫احضيها‪،43‬‬

‫نارها ‪،9‬‬

‫احل لها ‪،16‬‬

‫البها‪،09 ،22، 23‬‬

‫زانها‪،41‬‬

‫احجرها‪7،‬‬

‫نورها‪77‬‬

‫ألهلها‪،17،،12 ، ،16 ،77‬‬

‫بغيرها‪77‬‬

‫نقولها ‪،17‬‬

‫عقولها‪12‬‬

‫‪465‬‬
‫منتها ‪،97‬‬

‫حمولها ‪،1،، ،40‬‬

‫يراها ‪11‬‬

‫يراه ‪27‬‬

‫تراه ‪،13‬‬

‫سبولها ‪،06‬‬

‫منها ‪،1،‬‬

‫نزولها‪71‬‬

‫انهها‪،43‬‬

‫سـواه ‪،13‬‬

‫يومها‪77‬‬

‫تقراها‪11‬‬

‫ارسالها‪23‬‬

‫شدادها ‪،41‬‬

‫عليه ‪،06‬‬

‫بها‪،43‬‬

‫و‬

‫القـوة ‪،31‬‬

‫هاوي ‪،09‬‬

‫خاوي ‪،09‬‬

‫الخاوا ‪،31‬‬

‫ي‬

‫ليا‪،4،‬‬

‫رقية ‪،61‬‬

‫علي ‪،63 ، ،69‬‬

‫‪466‬‬
‫عليا ‪962 ،،42، ،61‬‬

‫العناية ‪،،1‬‬

‫بيا ‪،60 ، ،61‬‬

‫منسيا ‪،13‬‬

‫هي ‪،1، ، ،64‬‬

‫للدنيا‪،4،‬‬

‫جاية‪0،‬‬

‫باكية‪0،‬‬

‫السعدية ‪،64‬‬

‫ميا ‪،60‬‬

‫غازية‪0،‬‬

‫‪467‬‬
‫فهرس الموضوعات‬
‫شكر وتقدير‬
‫إهداء‬
‫مقدمة‬
‫‪0‬‬ ‫الفصـل األول‪ :‬المديح النبوي‪ :‬المفهوم و الرواد‬
‫‪0‬‬ ‫‪ .0‬موقف اإلسالم من الشعر عامة‬
‫‪1‬‬ ‫‪ .0‬مفهوم المديح النبوي ومميزاته‬
‫‪2‬‬ ‫‪ .1‬أثر شخصية الرسول صلى اهلل عليه وسلم في المديح‬
‫‪01‬‬ ‫‪ .1‬رواده ومؤسسوه‬
‫‪01‬‬ ‫‪ .4‬ظهور المديح النبوي في الجزائر ومالبساته‬
‫‪02‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬حياة ابن خلوف من خالل شعره‬
‫‪08‬‬ ‫‪ .0‬مستغانم المكان والزمان‬
‫‪08‬‬ ‫المكان وطبيعته‬ ‫أ‪.‬‬

‫‪10‬‬ ‫الزمان‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬

‫‪10‬‬ ‫الحياة السياسية‬ ‫‪‬‬

‫‪11‬‬ ‫الحياة االقتصادية‬ ‫‪‬‬

‫‪12‬‬ ‫الحياة االجتماعية‬ ‫‪‬‬

‫‪11‬‬ ‫الحياة الثقافية‬ ‫‪‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪ .0‬الشاعر‬
‫‪12‬‬ ‫حياته‬ ‫أ‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫أصله ونسبه‬ ‫‪‬‬

‫‪40‬‬ ‫مولده و نشأته‬ ‫‪‬‬

‫‪44‬‬ ‫أسرته‬ ‫‪‬‬

‫‪42‬‬ ‫تكوينه وثقافته‬ ‫‪‬‬

‫‪468‬‬
‫‪48‬‬ ‫مالمح من شخصيته‬ ‫‪‬‬

‫‪10‬‬ ‫جهاده‬ ‫‪‬‬

‫‪11‬‬ ‫الولي الصالح‬ ‫‪‬‬

‫‪11‬‬ ‫وفاته ووصياه‬ ‫‪‬‬

‫‪18‬‬ ‫شعره‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫الديوان‬ ‫‪‬‬

‫‪22‬‬ ‫أغراض شعره‬ ‫‪‬‬

‫‪21‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬دراسة موضوعات مديح ابن خلوف‬


‫‪24‬‬ ‫موضوع التوحيد‬ ‫‪.0‬‬

‫‪28‬‬ ‫موضوع التحميد والتسبيح‬ ‫‪.0‬‬

‫‪80‬‬ ‫موضوع الصالة والسالم على النبي و الدعوة إليها‬ ‫‪.1‬‬

‫‪82‬‬ ‫موضوع مدحه بصفاته الخلقية والخلقية‬ ‫‪.1‬‬

‫‪21‬‬ ‫موضوع ذكر أسمائه ونعته بكل خير‬ ‫‪.4‬‬

‫‪21‬‬ ‫موضوع رؤيته للنبي صلى اهلل عليه وسلم في المنام‬ ‫‪.1‬‬

‫‪28‬‬ ‫موضوع ذكر معجزاته صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫‪.2‬‬

‫‪020‬‬ ‫موضوع ذكر أصحابه صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫‪.8‬‬

‫‪021‬‬ ‫موضوع ذكر مكة والمدينة وشوقه لزيارتهما‬ ‫‪.2‬‬

‫‪022‬‬ ‫موضوع المناجاة والتضرع‬ ‫‪.02‬‬

‫‪000‬‬ ‫موضوع التوسل والتشفع‬ ‫‪.00‬‬

‫‪012‬‬ ‫موضوع الحكم والمواعظ‬ ‫‪.00‬‬

‫‪011‬‬ ‫موضوع ذكر الدنيا واآلخرة‪ ،‬والجنة والنار‬ ‫‪.01‬‬

‫‪012‬‬ ‫موضوع ذكر تقصيره‬ ‫‪.01‬‬

‫‪040‬‬ ‫موضوع الدعاء‬ ‫‪.04‬‬

‫‪048‬‬ ‫موضوع ذكر الشيب والهرم وقرب األجل‬ ‫‪.01‬‬

‫‪469‬‬
‫‪012‬‬ ‫موضوعات أخرى‬ ‫‪.02‬‬

‫‪012‬‬ ‫ذكر النسيب النبوي‬ ‫أ‪.‬‬

‫‪010‬‬ ‫ذكر القرآن الكريم‬ ‫ب‪.‬‬

‫‪011‬‬ ‫ذكر بعض القصص الديني‬ ‫ج‪.‬‬

‫‪018‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬الدراسة الشكلية لمديح ابن خلوف‬


‫‪012‬‬ ‫تحليل قصيدة‪":‬أحسن ما يقال عندي"‬
‫‪021‬‬ ‫المستوى األول‪ :‬شعرية اللغة‬ ‫‪.0‬‬

‫‪022‬‬ ‫شعرية النص من خالل المفردة‬ ‫أ‪.‬‬

‫‪080‬‬ ‫الحقول الداللية للقصيدة‬ ‫ب‪.‬‬

‫‪081‬‬ ‫من خصائص اللغة الشعرية‬ ‫ج‪.‬‬

‫‪084‬‬ ‫المستوى الثاني‪ :‬الصورة الشعرية‬ ‫‪.0‬‬

‫‪082‬‬ ‫الصور البيانية‬ ‫أ‪.‬‬

‫‪082‬‬ ‫‪ .1‬التشبيه‬
‫‪190‬‬ ‫‪ .2‬االستعارة‬
‫‪193‬‬ ‫‪ .0‬الكناية‬
‫‪196‬‬ ‫مصادر الصورة الشعرية‪:‬‬ ‫ب‪.‬‬

‫‪197‬‬ ‫‪ .1‬االقتباس‬
‫‪199‬‬ ‫‪ .2‬التضمين‬
‫‪201‬‬ ‫‪ .0‬التناص‬
‫‪204‬‬ ‫المستوى الثالث‪ :‬اإليقاع الشعري‬ ‫‪.1‬‬

‫‪205‬‬ ‫‪ .0‬شكل القصيدة‬


‫‪207‬‬ ‫‪ .0‬اإليقاع الداخلي‬
‫‪210‬‬ ‫‪ .1‬اإليقاع الخارجي‬
‫‪211‬‬ ‫الخاتمة‬

‫‪470‬‬
‫‪001‬‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪000‬‬ ‫الفهارس‬

‫‪471‬‬
:‫تلخيص‬

‫ينية‬
ّ ‫الد‬
ّ ‫ ُِيبرز فيه ال ّشاعر عاطفته‬،‫أهم أغراض ال ّشعر الملحون‬
ّ ‫ي من‬
ّ ‫يعتبر المديح النبو‬
‫لكن‬
ّ ،‫شعبي سهم في هذا الغرض‬ ّ ‫ ولك ّل شاعر‬،‫محمد صلّى اهلل عليه وسلّم‬
ّ ‫بي‬ ّ ‫الن‬
ّ ‫الصادقة تجاه‬
ّ
‫ وقد وقفنا على موضوعات‬،‫ي فكان داالّ عليه‬
ّ ‫النبو‬
ّ ‫سيدي لخضر بن خلوف ارتبط اسمه بالمديح‬
،‫ وكيف ينتقل فيها ابن خلوف من موضوع إلى آخر في جودة حياكة وحسن سبك‬،‫هذا المديح‬
‫ لقد التقت الثّقافة‬.‫نصه ال ّشعري‬
ّ ‫كما وقفنا عند األشكال التّعبيرّية الّتي ارتضاها ال ّشاعر في بناء‬
‫الرسول صلّى‬
ّ ‫مداح‬
ّ ‫ فكان فعال‬،‫دينية مع ّقوة ال ّشاعرّية وصدق العاطفة في شخص ابن خلوف‬
ّ ّ‫ال‬
.‫اهلل عليه وسلّم‬
. ‫ي ـ ابن خلوف ـ موضوعات المديح ـ شكل المديح‬
ّ ‫النبو‬
ّ ‫ المديح‬:‫الكلمات المفتاحية‬
Résumé :

Les louanges au prophète sont considérées parmi les thèmes les plus recherchés dans la
poésie malhoune. Dans ce genre poétique le poète exprime ses sentasients religieux sincères
envers le prophète Mohamed(Q.S.SL) .

Tous les poètes populaires ont participe quelque peu dans cet objectif. Mais le nom de sidi
lakhdar benkhlouf est fortement lié a ce genre poétique ou il passe d’un sujet a un autre
avec beaucoup de maitrises. nous pouvons aussi évoquer les formes d’expression que le
poète a choisi pour écrire son texte ou la culture religieuse se marie avec la beauté poétique,
grâce a la sincérité et la foi de ce poète. A juste titre on peut le considérer parmi l’un des
meilleurs de ceux qui ont loué le prophète.

Mots clé : Les louanges au prophète – benkhlouf – sujets de louanges - formes de louanges.

Resumen:
Alabanza al Profeta son considerados uno de los temas más buscados en la poesía Malhoune.
En este tipo de poesía que el poeta expresa su sentimientos religioso sincero al profeta
Mohamed(Q.S.SL)
Todos los poetas populares participado un poco en este objetivo. Sin embargo, el nombre de
Sidi Lakhdar Benkhlouf está fuertemente relacionada con este género poético o se mueve de
un tema a otro con gran control. también podemos discutir las formas de expresión que el
poeta eligió para escribir su texto o mezclas de cultura religiosa con la belleza poética, con
una sinceridad y la fe del poeta. Razón se puede considerar uno de los mejores entre los que
elogió el Profeta.
Palabras clave: Alabado sea el Profeta - Benkhlouf - temas de alabanza - formas de alabanza.

472

You might also like