You are on page 1of 114

‫الجمهورية الجزائرية الدمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة العربي بن مهيدي –أم البواقي‪-‬‬

‫كلية‪ :‬اآلداب واللغات‬

‫قسم‪ :‬اللغة واألدب العربي‬

‫كتابة القضية الفلسطينية في المسرح الشعري المعاصر‬

‫أنموذجا‬
‫ً‬ ‫مسرحية ثورة الزنج‪-‬ل ـ ـ ‪ :‬معين بسيسو‪-‬‬

‫مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في ميدان اللغة واألدب العربي مسار‪ :‬أدب عربي حديث ومعاصر‬

‫إشراف األستاذة الدكتورة‪:‬‬ ‫إعداد الطالبتين‪:‬‬

‫قدور سكينة‪.‬‬ ‫معضاد حضرية‬

‫كشاد إشراق‬

‫لجنة المناقشة‬

‫جامعة العربي بن مهيدي أم البواقي‬ ‫حاتم كعب‬ ‫رئيس لجنة مناقشة‬


‫جامعة العربي بن مهيدي أم البواقي‬ ‫سكينة قدور‬ ‫األستاذة المشرفة‬
‫جامعة العربي بن مهيدي أم البواقي‬ ‫بن سويكي يمينة‬ ‫األستاذة المناقشة‬

‫السنة الجامعية ‪2020/2019‬‬


‫الشكر والتقدير‬
‫ق ال صلى هللا عليه وسلم‪" :‬من ال يشكر الناس‬
‫ال يشكر هللا"‬

‫نتقدم بخالص شكرنا وامتنانا و عرف انا إلى‬


‫كل األساتذة الكرام و إلى أستاذتي الف اضلة‬
‫" قدور سكينة " والتي بفضلها أخرج هذا‬
‫العمل من الظالم إلى النور ف ال يسعني إالّأن‬
‫أدعو هللا عز وجل أن يجزيها عنا خير األجر‬
‫والثواب‬
‫اإلهـــــــــــداء‪:‬‬

‫الحمد هلل بعرض السماء ومد البحار وتعاقب الليل والنهـار والصالة والسالم على‬
‫أشرف خلق هللا محمد صلى هللا عليه وسلـم الداعي إلى الصراط المستقيم الهادي‬
‫إلى الدين القويم‪.‬‬
‫‪-‬بعد أن وفقنا في إنجاز هذا العمل المتواضع أهدي رحيق جهدي وعصارة‬
‫أفكاري وثمرة أناملـي إلـى الوالدين الكريمين وأسأل هللا عز وجـل أن يرحمهمـا و‬
‫يسكنهمـا فسيح جنانه‬
‫إلى روح أخي بالل –الطاهرة‪-‬رحمه هللا‪.‬‬
‫‪-‬إلى من أظهروا لي ما هو أجمل من الحياة إخوتي األعزاء ‪ :‬عبد هللا ‪ ،‬أحمد‬
‫‪،‬حمزة ‪،‬عبــد الحليم‪ ،‬زكرياء‪.‬‬
‫إلى القلوب الطاهرة والنفوس البريئة إلى رياحين حياتي أخواتي‪ :‬سماح‪ ،‬خولة ‪،‬‬
‫فطيمة ‪ ،‬سامية‪.‬‬
‫‪-‬إلى أغلى وأحلى ما في الدنيا إلى أبناء إخوتي وأخواتي‬
‫‪-‬إلى من اقتسمت معي هذا العمل إشراق‬
‫‪-‬إلى كل من ساعدني في إنجاز هذا العمل من قريب أو بعيد‬

‫خضرية‬
‫اإلهــــــــــــــداء‪:‬‬

‫الحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات وبتوفيقه تتم األعمال والصالة والسالم على‬
‫رسول هللا‬
‫‪-‬بعد أن وفقنا في إنجاز هذا العمل أهدي عملي هذا إلى من جرع الكأس فارغا‬
‫ليسقيني قطرة حب‬
‫‪-‬إلى من كلت أنا مله ليقدم لنا لحظة سعادة‬
‫‪-‬إلى من حصد األشواك عن دربي ليمهد لي طريق العلم‪.‬‬
‫‪-‬إلى القلب الكبير والدي العزيز‪.‬‬
‫‪-‬إلى من أرضعتني الحب والحنان‬
‫‪-‬إلى رمز الحب وبلسم الشفاء‬
‫‪-‬إلى القلب الناصع بالبياض والدتي الحبيبة‬
‫‪-‬إلى توأم روحي‪ :‬أخي معاذ ‪ ،‬وأخي آدم وياسر‬
‫‪-‬إلى الروح التي سكنت روحي‪ :‬أختي شيماء‬
‫إلى الكتكوت سراج‬
‫إلى الذين أحببتهم وأحبوني صديقاتي‪.‬‬

‫اشراق‬
‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫عرف اإلنسان العديد من األجناس األدبية والذي حاول من خاللها نقل تجربته الشعورية‬
‫للمتلقي فعلى غرار فن الشعر نجد فن المسرح الذي يعد من أهم الفنون األدبية واألدائية‪،‬‬
‫فهو يعالج الواقع اإلنساني وقضاياه في فن فرجوي‪ ،‬كما تتداخل فيه فنون أخرى كفن‬
‫العرض‪.‬‬
‫ولهذا لقب بأبي الفنون‪ ،‬وتعود إرهاصاته األولى إلى الحضارة اليونانية ومنه انتقل إلى‬
‫الثقافة الغربية وعرف بصورتيه النثرية والشعرية‪.‬‬
‫ومن أعالمه في الغرب نجد‪" :‬جارسيا لوركا"‪" ،‬بول کلوديل"‪" ،‬کريستوفر فراي"‪ ،‬وبعدها‬
‫انتقل هذا الفن إلى العالم العربي وكانت البدايات األولى تعزي " لمارون النقاش" الذي‬
‫تأثر باألدب الفرنسي فكتب مسرحية " البخيل " سنة ‪1847‬م‪ ،‬لتبدأ أولى خطوات المسرح‬
‫العربي‪ ،‬وسرعان ما أخذ األدباء العرب على عاتقهم إبداع أعمال مسرحية جديدة‪ ،‬ويعد‬
‫أمير الشعراء "أحمد شوقي " رائد هذا الفن في شعره المسرحي ومن أشهر مسرحياته‬
‫"مجنون ليلى" "عنترة " مصرع كليو باترا‪ ،‬وقد سار على خطى الشوقي" الشاعر عزيز‬
‫إباضة ومن أشهر أعماله‪ :‬غروب شمس‪ ،‬شهريار‪ ،‬ليعرف بعدها المسرح الشعري قفزة‬
‫نوعية على يد مجموعة من الشعراء المعاصرين نذكر منهم‪ :‬صالح عبد الصبور‪ ،‬محي‬
‫الدين البرادعي‪ ،‬عبد الرحمان الشرقاوي ومعين بسيسو الذي أبدع في المسرح الشعري‬
‫وأنتج العديد من المسرحيات الشعرية وبناء على هذا جاء بحثنا بعنوان "كتابة القضية‬
‫الفلسطينية في المسرح الشعري المعاصر ثورة الزنج المعين بسيسو أنموذجا " ولم يكن‬
‫اختيارنا لموضوع البحث عبثا وإنما كانت هناك مجموعة من الدوافع نذكر منهم‪ :‬شغفنا‬
‫الكبير بالشعر عامة والمسرح خاصة‪ ،‬كذلك اردنا تسليط الضوء على القضية الفلسطينية‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق طرحنا عدة تساؤالت والتي نطمح في اإلجابة عنها ‪ :‬ما عالقة الشعر‬
‫بالمسرح؟ ماذا نقصد بالمسرح الشعري؟ ما الفرق بين المسرح الشعري والشعر المسرحي؟‬
‫ماهي أهم خصائص المسرح الشعري؟‬
‫كيف تجلت جماليات المسرح الشعري في مسرحية "ثورة الزنج"؟‬

‫أ‬
‫مقدمة‬

‫ولقد استندنا في بحثنا هذا على المنهج التاريخي الذي مكننا من معرفة مسار فن المسرح‬
‫الشعري منذ بداياته األولى إلى أن أصبح فنا قائما بذاته‪.‬‬
‫وبناء على ط بيعة موضوع بحثنا فقد اهتدينا إلى تقسيمه إلى مدخل وفصلين وخاتمة‬
‫المدخل كان بمثابة االطار المفاهيمي للبحث تناولنا فيه مفهوم المصطلحات‪ :‬مفهوم‬
‫الشعر‪ ،‬المسرح‪ ،‬المسرح الشعري‪.‬‬
‫أما الفصل األول‪ :‬فهو فصل نظري عنوناه ب‪ :‬تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‬
‫وارتأينا إلى تقسيمه إلى مبحثين‪ :‬المبحث األول خصصناه لتعريف الشاعر وعرض عام‬
‫المسرحياته الشعرية‪ ،‬أما المبحث الثاني‪ :‬فتناولنا فيه دراسة مسرحية ثورة الزنج وأهم القضايا‬
‫التي تناولتها‪ ،‬ومقارنة أسلوب معين بسيسو مع مجموعة من الشعراء الذين عاصروه‪.‬‬
‫لنختم الفصل النظري بأهم الدراسات التي تناولت مسرحه الشعري‪.‬‬
‫أما الفصل الثاني‪ :‬فهو فصل تطبيقي‪ :‬تحدثنا فيه عن جماليات المسرح الشعري لمسرحية‬
‫ثورة الزنج لمعين بسيسو‪ ،‬فقد أنهينا بحثنا بخاتمة قصيرة كانت خالصة ألهم النتائج التي‬
‫توصلنا إليها‪.‬‬
‫ولقد اعتمدنا في بحثنا على مجموعة من المصادر والمراجع شكلت أهمية معرفية في بحثنا‬
‫ولعل أهم مصدر‪:‬‬
‫‪-1‬معين بسيسو‪ :‬األعمال المسرحية‪-2 .‬خالد محي الدين البرادعي‪ :‬خصوصية المسرح‬
‫العربي‪-3 .‬جمال محمد نواصرة‪ :‬المسرح العربي‪ -4 .‬عبد العزيز حمودة‪ :‬البناء الدرامي‪.‬‬
‫ومن دون شك أنه ال يخفى على أحد أن هناك ثمة صعوبات تواجه أي باحث وهو في‬
‫صدد أنجازه للبحث نذكر منها‪ :‬جائحة كرونا‪ ،‬فلة معرفتنا بمثل هذه البحوث األكاديمية‪،‬‬
‫كما يجدر‬

‫ب‬
‫مقدمة‬

‫بنا اإلشادة بجهود كل من ساعدنا في إنجاز هذا البحث ونخص بالذكر األستاذة المشرفة‬
‫"قدور سكينة " الذي يرجع إليها الفضل في احتضان هذا البحث والتي لم تبخل علينا في‬
‫سبيل توجيهنا وتشجيعنا وكذلك لم تبخل علينا بإحضار المراجع‪ ،‬ولهذا فإننا ال نملك إلى‬
‫إن نتوجه إلى هللا عز وجل ليجزيها عنا خير األجر والثواب إنه سميع مجيب‪ ،‬فنحن مهما‬
‫بحثنا في قاموس الشكر فلن نجد كلمات توفيها حقها وقدرها‪ .‬ونرجو أن نكونا قد وفقنا في‬
‫تكوين وتقدير صورة للبحث وندعو هللا عز وجل أن يجعل أول هذا البحث صالحا وأوسطه‬
‫فالحا وآخره نجاحا‪.‬‬
‫وما توفيقنا إال باهلل عليه توكلنا وإليه ننيب‬

‫ت‬
‫المدخل‬
‫ضبط المفاهيم‬
‫لغة‬
‫‪ -1‬مفهوم المسرح‬

‫اصطالحا‬

‫لغة‬ ‫‪ -2‬مفهوم الشعر‬

‫اصطالحا‬

‫‪ -3‬مفهوم المسرح الشعري‬


‫‪ -4‬خصائص المسرح الشعر العربي المعاصر‬
‫المدخل‬

‫ُيعد المسرح الشعري من أهم الفنون األدبية التي يمتزج فيها الشعر الغنائي بالدراما‪،‬‬
‫اء كان شع اًر عمودياً أو شعر‬
‫ويعتمد هذا النوع من المسرح على مواصفات شعرية سو ً‬
‫تفعيلية‪ ،‬وقد ظهر هذا الفن عند العرب في العصر الحديث على يد مجموعة من‬
‫األعالم المسرحين فأبدعوا روائع خالدة في مجال المسرح الشعري وفي هذا الصدد ندرج‬
‫مجموعة من المصطلحات التي تناولت المسرح الشعري‬

‫أوال‪ :‬مفهوم المسرح لغة واصطالحاً‪:‬‬

‫يعتبر المسرح شكال من أشكال الفنون األدبية ويتميز عن باقي الفنون لكونه بوتقة يمكن‬
‫أن تنصهر فيها أشكال مختلفة من الفنون الجميلة ومن هذا المنطوق لقب بأب الفنون‬
‫لعراقته وقدمه‪ ،‬وقد اشتمل في طياته على فنون أخرى كالرقص‪ ،‬الموسيقى‪ ،‬الغناء‬
‫وغيرها من الفنون‪.‬‬

‫أ‪ /‬لغة‪ :‬تعددت المفاهيم اللغوية للمسرح واهتم به الكثير من العلماء والباحثين ألهميته‬
‫البالغة‪.‬‬

‫فورد مصطلح "المسرح" في لسان العرب في مادة "سرح" أن" المسرح‬

‫‪1‬‬
‫يفتح الميم مرعى وجمعه مسارح ‪......‬هو الموضع الذي تسرح إليه الماشية للرعي‬

‫والمسرح في معجم <<العين >> تحت مادة (سرح)‪ :‬سرحنا اإلبل‪ :‬وسرحت اإلبل سرحاً‬
‫والمسرح مرعى السرح والسرح من المال ما يغذى به ويراح والجميع سروح اسم‬
‫«‬ ‫‪2‬‬
‫للراعي ويكون اسماً للقوم الذين هم السرح‬

‫‪.1‬ابن منظور ‪ ،‬لسان العرب ‪ ،‬دار صادر بيروت ‪،‬لبنان ‪،‬ط ‪2004 ، 3‬م‪ ،‬ص ‪.108‬‬
‫‪.2‬الخليل بن أحمد الغراهيدي ‪ ،‬كتاب العين ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪،‬بيروت ‪،‬لبنان ‪ ،‬ط ‪2003، 1‬م‪ ،‬ص ‪.233‬‬
‫‪1‬‬
‫المدخل‬

‫فالمسرح هو الحيز أو مكان اإلنتاج والعمل المسرحي والذي تدور على خشبته أحداث‬
‫المسرحية‪.‬‬

‫وبالتالي فهو جملة ما يقدم على خشبة المسرح‪.‬‬

‫ب‪ /‬اصطالحاً‪ :‬هو شكل من أشكال الفنون يؤدي أمام المشاهدين‪ ،‬يشمل كل أنواع‬
‫التسلية من السيرك إلى المسرحيات وهناك تعريف تقليدي للمسرح "هو أنه شكل من‬
‫أشكال الفن يترجم فيه الممثلون نصاً مكتوباً إلى عرض تمثيلي على خشبة المسرح‪،‬‬
‫يقوم ممثلون عادة بمساعدة المخرج على ترجمة شخصيات ومواقف النص التي‬
‫‪1‬‬
‫ابتدعها المؤلف"‬

‫بمعنى أن المسرح نوع من األنواع األدبية الذي يجمع بين عنصرين اثنين هما الممثل‬
‫والمشاهد بحيث يحاول العنصر األول أن يترجم ما هو مكتوب إلى عرض تمثيلي فوق‬
‫خشبة المسرح‪ ،‬ويكون الغرض منه التسلية والترفيه‪ ،‬والتربية‪ ،‬والتعليم والنقد واإلبداع‬
‫‪......‬إلخ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مفهوم الشعر لغة واصطالحاً‪:‬‬

‫إن الشعر من أهم الفنون األدبية وأقدمها والتي ذاع صيتها قديماً عند العرب وذلك نظ اًر‬
‫للبيئة العربية التي كانوا يعيشون فيها فنجدهم قد أبدعوا في مجال فنون الشعر وجعلوه‬
‫وسيلتهم األولى للتعبير‪ ،‬والتاريخ العربي يشهد لهم بذلك‪.‬‬

‫أ‪ /‬لغة‪ :‬ورد مصطلح الشعر في معجم لسان العرب بأن الشعر منظوم غلب عليه‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫لشرفه بالوزن والقافية وإن كان كل علم شع اًر"‬

‫‪.1‬لينا نبيل أبو مغلي ‪ ،‬مصطفى قسيم هيالت ‪ :‬الدراما والمسرح في التعليم النظرية والتطبيق ‪ ،‬دار الراية عمان ‪،‬ط‬
‫‪2008 1‬م ‪،‬ص‪. 38‬‬
‫‪- 2‬إبن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.410‬‬

‫‪2‬‬
‫المدخل‬

‫جاء مفهوم الشعر في معجم الرائد‪" :‬هو كالم موزون مقفى قائم على العاطفة والخيال‬
‫‪1‬‬
‫والنغم والجرس والعقل ينساب في البيت أو القصيدة في تجانس إيقاعي عذب "‬

‫وبالتالي الشعر يعتبر من اشد الفنون ًا‬


‫تأثير على القلب والعقل معاً وذلك لما فيه من‬
‫جمال ورونق في األفكار واألحاسيس الجياشة التي تتالزم مع بعضها البعض لتخلق‬
‫لنا المعنى‪.‬‬

‫عدة تعريفات للشعر‪:‬‬


‫ب‪/‬اصطالحاً‪ :‬نجد ّ‬

‫يعرف الجاحظ الشعر فيقول‪ ":‬فإنما الشعر صناعة‪ ،‬وضرب النسيج‪ ،‬وحسن من‬
‫‪2‬‬
‫التصوير"‬
‫‪3‬‬
‫ويعرف قدامى بن جعفر الشعر بأنه‪ " :‬قول موزون مقفى يدل على معنى "‬

‫" والناس يختلفون في معنى الشعر اختالفا غير قليل‪ ،‬فمنهم من يرى أن الشعر هو‬
‫الكالم‪ ،‬المنظوم في الوزن والقافية‪ ،‬ومنهم من يرى أن الشعر هو الكالم الذي يعتمد‬
‫‪4‬‬
‫فيه صاحبه على الخيال "‬

‫إ ًذا تشترك هذه التعريفات بان الشعر قوامه الوزن والقافية‪ ،‬وهذه الصفة تميزه عن غيره‬
‫من الكالم اآلخر كما يعتمد كذلك على الخيال‪ ،‬فلغة الشعر لغة تستسيغها األذن ويرتاح‬
‫لها البال‪ ،‬ويبقى من الصعب إعطاء المفهوم محدد لشعر بدقة نض اًر لتغيرات العديدة‬
‫التي تط أر عليه باستمرار‪ ،‬ويبقى المعيار األساس لتميز الشعر عن النثر هو الوزن‪.‬‬

‫وقد ال نجد من النقاد العرب من يفرق بين الشعر الدرامي والدراما الشعرية يقول إبراهيم‬
‫شعر كي يؤدي على خشبة‬
‫حمادة‪ ":‬الدراما الشعرية النص المسرحي الذي يكتب ًا‬

‫‪- 1‬جبران مسعود‪ ،‬الرائد ‪،‬دار العلم للماليين‪،‬بيروت‪،‬لبنان‪،‬ط‪2001 ،8‬م‪ ،‬ص‪.743‬‬


‫‪-2‬عبد الحفيظ الهاشمي ‪،‬مصطلح الشعر تراث العقاد األدبي ‪،‬علم الكتب الحديث‪،‬األردن‪،‬ط‪2009 ،1‬م‪،‬ص‪18‬‬
‫‪- 3‬المرجع نفسه ص‪.19‬‬
‫‪- 4‬طه حسين في األدب الجاهلي‪ ،‬مطبعة فاروق محمد عبد الرحمن‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1993 ،3‬م ص‪.330‬‬

‫‪3‬‬
‫المدخل‬

‫المسرح أمام مشاهدين‪ ،‬في بعض األحيان يستخدم الشعر المسرحي أو الدرامي ليدل‬
‫على النص المنظوم الذي يصلح قبل كل شيء للقراءة أكثر ما يصلح لألحزان والفرحة"‬
‫‪1‬‬

‫ولقد ظهر هذا اللون من األلوان األدبية عن العرب لكن نجد هناك تضارباً واختالف‬
‫في اآلراء بين النقاد فهناك من يرى أن المسرحية الشعرية لها جذورها التي تعود إلى‬
‫العصر الجاهلي وهناك رأي آخر أن تاريخ المسرح الشعري مرهون ومرتبط بالعصر‬
‫الحديث أما بالنسبة لحجة الرأي األول الذي يرى أن المسرحية الشعرية لها جذور تربطها‬
‫بالعصر الجاهلي نذكر‪ " :‬أسواق العرب في الجاهلية وأهمها ما كان يحدث في سوق‬
‫عكاظ من حضور بعض القبائل للفرحة واالستماع إلى شعرائهم يستندون قصائدهم‬
‫وتشجيعهم ضد القبائل األخرى ‪ ،‬وكان النابغة الذبياني كما تروي الكتب ُيدير ذلك‬
‫‪2‬‬
‫العرض وينهيه بالحكم على هذا الشاعر آنذاك "‬

‫فكانت هذه الحجة التي انطلق منها أصحاب هذا الرأي‪ ،‬وكما أسلفنا الذكر بأن هناك‬
‫من يعارض الرأي وُيّق ُّر بتاريخ المسرح الشعري العربي الحقيقي والمرتبط بالعصر‬
‫الحديث وأنه ال يوجد مسرح شعري في البالد العربية ومن أهم الحجج التي استند إليها‬
‫أصحاب هذا الرأي‪ ":‬حياة الترحال التي كانت تعيشها شعوب المنطقة في حين يتطلب‬
‫المسرح متفرجاً مستق اًر‪ ،‬ولم يعرف العرب االستقرار في مدن في الجاهلية وشخصية‬
‫‪3‬‬
‫العربي ذائبة في القبيلة والمسرح يتشرط االستقرار"‬

‫‪- 1‬علي قاسم غالي ‪،‬درامية النص الشعري الحديث ‪،‬ص ‪20‬‬
‫‪-2‬خليل الموسى ‪،‬المسرحية في األدب العربي ‪،‬ص‪8‬‬
‫‪- 3‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.5‬‬
‫‪4‬‬
‫المدخل‬

‫ثالثا‪ :‬المسرح الشعري‪:‬‬

‫"المسرح الشعري نوع أدبي مستقل بذاته نتج عن المزج بين المسرح والشعر ودخول‬
‫الشعر إلى المسرح ليس باألمر الجديد وإنما هو عودة إلى أوصلوه األولى حيث نجد‬
‫المسرح كتب شع اًر عبر مختلف الحضارات القديمة فالمسرح الشعري نعني به النص‬
‫المكتوب شع ار وهو قابل للتمثيل ألن البناء الدرامي فيه يهيمن على العناصر الغنائية‬
‫‪1‬‬
‫وسيسيرها لمصلحة التمثيل"‬

‫آخر له‪ " :‬فهو النوع األدبي الذي تلتقي فيه مالمح الشعر الغنائي‬
‫كما نجد تعريف ًا‬
‫‪2‬‬
‫بالفن الدرامي وتمتزج به "‬

‫أدبيا ووعاء لجملة من الفنون التي تلتقي‬ ‫وبالتالي يمكن اعتبار المسرح الشعري ً‬
‫جنسا ً‬
‫فتكون لنا أنسب األنواع األدبية التقاء المسرح الشعري‪.‬‬

‫أدبيا يضاف لألنواع األدبية‬


‫إبداعا ً‬
‫ً‬ ‫كما أن هذا التكامل بين الشعر و المسرح صنع لنا‬
‫ِ‬
‫"المسرح الشعري" وهذا التكامل ُجعل ً‬
‫ناقدا مثل‪ :‬ت‪،‬س‪،‬إليوت يقر بقوله " إن النموذج‬

‫الشعري والنموذج الدرامي ال بد أن يظال ً‬


‫معا نتاجين متكاملين لعمل خيالي واحدا "‬
‫‪3‬‬

‫كما يجدر بنا أن نفرق بين المسرح الشعري والشعر المسرحي فإن التمييز والتفريق بين‬
‫الشعر المسرحي والمسرح الشعري ليس ًا‬
‫أمر مستحدثًا ولكنه شيء قديم عرفته كل اآلداب‬
‫ثانيا أما المسرح‬
‫شعر أوالً ومسرح ً‬
‫التي عرفت فن المسرح والشعر " الشعر المسرحي ًا‬

‫الشعري فهو مسرح أوالً وشعر ً‬


‫ثانيا واآلداب العالمية لم تعرف الشعر المسرحي إالّ‬
‫‪4‬‬
‫بعد أن جفت ينابيع المسرح الشعري "‬

‫‪ 1‬خليل الموسى ‪،‬المسرحية‪،‬في األدب العربي‪،‬اتحاد كتاب العرب‪،‬ط‪،1997،‬ص‪3‬‬


‫‪- 2‬مصطفى عبد الغني‪،‬المسرح‪،‬الشعري العربي‪،‬األزمة والمستقبل‪،‬عالم المعرفة‪،‬لكويت ط‪،‬ص‪22‬‬
‫‪ 3‬علي قاسم غالي‪ ،‬درامية النص الشعري الحديث‪،‬دراما الزمان‪،‬دمشق‪،‬سوريا‪،‬ط‪،2009 1‬ص‪23‬‬
‫‪ 4‬مصطفى عبد الغني‪،‬المسرح الشعري‪،‬العربي‪،‬األزمة و المستقبل عالم المعرفة‪،‬ص‪22‬‬
‫‪5‬‬
‫المدخل‬

‫شعر ثم أضيفت إليه عناصر‬


‫بمعنى أن الشعر المسرحي هو ذلك النص المكتوب ًا‬
‫مسرحا أوالً سيكب في قالب شعري‬
‫ً‬ ‫المسرح من حوار وصراع‪ ،‬أما المسرح الشعري فهو‬

‫رابعا‪ :‬خصائص المسرح الشعري‬

‫الرمز في المسرحية الشعرية المعاصرة‪:‬‬

‫"إن اللجوء إلى التعبير بالرموز ظاهرة جديرة باالنتباه في المسرحية الشعرية المعاصرة‬
‫فمن طبيعة الشعر الغموض والشفافية واإليحاء‪ ،‬إذا تالقى ذلك بالرمز تفتح فيه ذهن‬
‫حيث يعتمد‬ ‫ثريا بمحموله وتأويالته "‬
‫‪1‬‬
‫المتفرج على دالالت متعددة وأصبح النص ً‬
‫الرمز في المسرح الشعري على اللغة الغير المباشرة واستخدام التلميح بدل التصريح‬
‫من أجل لفت انتباه المتلقي‬

‫فلقد اتكأ بعض شعراء المسرحية الشعرية على الرمز للتعبير عما يريدون التعبير عنه‬
‫مثل‪ :‬مسرحية صالح عبد الصبور "مأساة الحالج" التي ال يعني فيها الحديث عن‬
‫الماضي وانتقاء أخطائه فحسب ولكنه يلمح إلى عالمات عصره ومعكريه ويحذر مما‬
‫يمكن أن تفعله فيهم السلطة المعاصرة‬

‫اللغة في المسرحية الشعرية المعاصرة‪:‬‬

‫"الشاعر الغنائي شاعر لغة قبل كل شيء والشاعر المسرحي شاعر مسرح‪ ،‬إن اللغة‬
‫في المسرحية الشعرية وسيلة‪ ،‬فعليها أن تتصف بصفات كثيرة أهمها أن تتناسب‬
‫وعناصر العمل المسرحي كالحوار‪ ،‬الصراع والشخصيات‪ ،‬وأن تراعي وجود المتفرج‬
‫‪2‬‬
‫كأن تكون بعيدة عن التنميق والزخرف "‬

‫‪ 1‬خليل الموسى‪،‬المسرحية في‪،‬األدب العربي‪،‬ص‪74‬‬


‫‪- 2‬المرجع نفسه‪،‬ص‪75،76‬‬

‫‪6‬‬
‫المدخل‬

‫بمعنى أن اللغة في المسرحية الشعرية هي وسيلة وليست غاية ويجب أن تكون لغة‬
‫عادية مألوفة بعيدة عن التكلف والتعقيد‪.‬‬

‫الحوار في المسرحية الشعرية المعاصرة‪:‬‬

‫"يتصل الحوار باللغة والشخصيات في المسرحية وهو األداة الرئيسية التي يبرهن بها‬
‫الكاتب على فكرته ويكشف بها عن شخصياته ويمضي في الصراع إلى غايته وال‬
‫صادر عن الشخصية التي تستخدمه ويختلف الصراع‬
‫ًا‬ ‫يكون الحوار موظفا إالّ إذا كان‬
‫‪1‬‬
‫باختالف المواقف"‬

‫والحوار المسرحي يمثل ويجسد موقف الكالم الخاص به‪ ،‬ألنه كما يقول دونيمات‬
‫(‪" (durrenmatt‬إذا انبثق من موقف‪ ،‬فعليه يقينا أن يؤدي إلى موقف آخر‪ ،‬ويقود‬

‫على الدوام إلى أحداث أخرى أي إلى موقف جديد‪ ،‬ينبثق منه حوار جديد وهام ً‬
‫جدا"‬
‫‪2‬‬

‫والحوار هو األداة األساسية التي بها الكتاب والمسرحي عن مالمح وصفات الشخصيات‬
‫اء كان داخلياً أو خارجياً‪.‬‬
‫المسرحية سو ً‬
‫والحوار هو مكون مهم من مكونات المسرحية‪ ،‬المعاصرة ال يمكن التخلي عنها‪ ،‬قمن‬
‫خالله تنطق الشخصيات ويعبر به الكاتب عن مراده وفكرته‪ ،‬وهو يختلف باختالف‬
‫المواقف واألحداث ويوضح الفكرة الجوهرية للنص‪.‬‬

‫الشخصية والصراع في المسرحية الشعرية المعاصرة‪:‬‬

‫"الشخصية‪ ،‬تختلف حسب نوع الجنس األدبي والعمل الفني‪ ،‬فالشخصية التي في‬
‫المسرح ليست نفسها الشخصية في القصة أو الرواية أو الشعر وللشخصية دور‬

‫المرجع نفسه‪،‬ص‪78،79‬‬ ‫‪1‬‬

‫مقال الغنائية والدرامية في المسرح الشعري‪،‬فاروق جويدة‪،‬جامعة المنصورة عدد‪،23،1998‬ص‪29‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪7‬‬
‫المدخل‬

‫هام في المسرحية وبخاصة إذ كانت مهيأة للصراع واستطاع الشاعر أن يرسمها من‬
‫‪1‬‬
‫داخلها ويظهر تناقضاتها وتوترها "‬

‫وتمتاز بأهمية كبيرة في العمل المسرحي حيث ال يمكن تصور مسرحية دون شخصيات‬
‫وتعد الركن األساسي للنص‪.‬‬

‫والشخصية المسرحية تكون إما حقيقية إما خيالية ينقلها لنا الكاتب من الواقع أو الخيال‬
‫إلى النص المسرحي كي تجسد قضية معينة‪ .‬تمتاز في العمل الدرامي بالدقة والقوة‬
‫والمتانة‪.‬‬

‫خليل الموسى‪،‬المسرحية في األدب العربي‪،‬ص‪78‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول‬
‫الفصل األول‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬
‫المبحث األول‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تمهيد‬
‫ثانيا‪ :‬التعريف بالشاعر معين بسيسو‬
‫ثالثا‪ :‬عرض عام لمسرحياته الشعرية‬
‫‪1-‬مسرحية مآساة جيفارا‬
‫‪2-‬مسرحية شمشون ودليلة‬
‫‪3-‬مسرحية الصخرة‬
‫‪4-‬مسرحية العصافير تبني أعشاشها بين األصابع‬
‫مسرحية محاكمة كليلة ودمنة‬
‫المبحث الثاني‪:‬‬
‫‪1-‬مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو‬
‫‪2-‬أسلوب معين بسيسو‬
‫‪3-‬توظيف التراث وصياغته مسرحيا‬
‫‪4-‬مقارنة بين أسلوبه و أسلوب صالح عبد الصبور والمقابح والشرقاوي‬
‫أهم الدراسات التي قدمت حول مسرحه الشعري‪.‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫أوال‪ /‬تمهيد‪:‬‬

‫رحا عر ًبيا لم يندمل بعد‪ ،‬رغم مرور سنوات طويلة عليه‪ ،‬سنوات‬
‫مازالت فلسطين تُشكل ُج ً‬
‫لم تستطع أن تمحو ذلك القهر والبؤس الذي رسمته القوات الصهيونية على أوجه األطفال‬
‫الفلسطينيين‪ ،‬والدماء الكثيرة التي أُريقت ومشاعر التنكيل والتصغير واالحتقار و المذلة التي‬
‫ُقوبل بها الشعب الفلسطيني ومن هذا المنطلق فإن القضية الفلسطينية‪ ،‬شغلت بال وفكر‬
‫كل مسلم وكل عربي وذلك لبعدها السياسي و اإلنساني و األهم من ذلك لبعدها الديني نفي‬
‫فلسطين المسجد األقصى مسر "الرسول صلى هللا عليه وسلم" ومبدأ معراجه وأول قبلة توجه‬

‫الرسول والمسلمون إليها ‪ ،‬ومن أهم من ّ‬


‫حمل على عاتقه مسؤولية الدفاع عن القضية‬
‫الفلسطينية وعن الفلسطينيين وجعل قلمه يخط في سبيل التغيير وشحذ الهمم من أجل الدفاع‬
‫عن هذه األرض المقدسة و الوقوف والصمود في وجه المحتل ‪.‬‬

‫الشعراء الفلسطينيون وهم كثر نذكر منهم أبو سلمى وحسين راشد‪ ،‬محمود درويش‪ ،‬سميح‬
‫القاسم وعز الدين المناصرة والشاعر والمسرحي معين بسيسو وكثير من الشعراء العرب‬
‫هم القضية وما يزالون ينافحون عنها إلى اليوم‪.‬‬
‫الذين حملوا ّ‬

‫ثانيا‪ :‬التعريف بالشاعر والمسرحي معين بسيسو‪:‬‬

‫معين بسيسو‪ )1984-1926(" :‬شاعر فلسطيني ولد في مدينة غزة وتلقى فيها تعليمه‬
‫االبتدائي والثانوي التحق بالجامعة األمريكية بالقاهرة عام ‪ 1952‬إلى ‪ 1957‬وانخرط‬
‫مبكر في العمل الوطني وعمل في الصحافة والتدريس‪ ،‬سجن في المعتقالت المصرية بين‬
‫ًا‬
‫فترتين (من ‪ 1955‬إلى ‪ 1957‬ومن ‪ 1959‬إلى ‪ )1963‬حاز على جائزة اللوتس‬
‫‪21‬‬
‫عضوا بالمجلس لوطني الفلسطيني "‬
‫ً‬ ‫العالمية ووسام درع الثورة الفلسطينية كان‬

‫‪ 21‬سكينة قدور‪،‬الحبسيات في الشعر العربي الحديث والمعاصر أطروحة دكتوراه‪،‬ص‪.118‬‬


‫‪11‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫"تخرج من قسم الصحافة وكان موضوع رسالته الكلمة المنطوقة والمسموعة في برامج‬
‫‪22‬‬
‫إذاعية الشرق األدنى"‬

‫فهو أغنى المكتبة الشعرية الفلسطينية والعربية بأعماله نجد األعمال الشعرية الكاملة وفيها‬
‫المعركة‪ ،‬حينما تمطر الحجار فلسطين في القلب‪ ،‬أما في األعمال النثرية نماذج‬

‫أما على صعيد المسرح‬‫من الرواية اإلسرائيلية المعاصرة سنة ‪ ،1970‬دفاتر فلسطينية ّ‬
‫استطاع معين بسيسو أن يساهم في ست مسرحيات منها مسرحية ثورة الزنج سنة ‪1970‬‬
‫مأساة جيفارا‪ ،‬الصخرة‪ ،‬شمشون ودليلة‪ ،‬العصافير تبني أعشاشها بين األصابع‪ ،‬محاكمة‬
‫كلية ودمنة‪.‬‬

‫وفيا لذاته‪ ،‬لشعبه‪ ،‬لقلمه‬


‫ومن الكتابة الشعرية إلى الكتابة المسرحية والنثرية‪ ،‬ظل معين ً‬
‫ولقرائه فعانق اإلبداع بمسرحية ثورة الزنج وشمشون ودليلة وغيرها والتي في مجملها حاولت‬
‫تعرية الواقع كما عبرت عن حبه لوطنه ولشعبه‪.‬‬

‫يخاطب فيها الوجدان القومي الجريح ووجدان كل جريح ومتألم وموجوع في مختلف أنحاء‬
‫المعمورة فكانت أعماله خير حافز للثورة والمقاتلين في اللحظات الصعبة‪.‬‬

‫يقول أجد النقاد عن معين بسيسو ‪ ":‬إن الشاعر بسيسو في رحلة التيه الفلسطيني لم يكل‬
‫يوما وظلت غزة الفلسطينية في دمه حيث ما حل فقليلة هي المناسبات التي لم يشهد‬ ‫ً‬
‫محرضا بال ًغا في تحريضه حد االشتباك العلني مع العدو ّأياً كانت هويته أو‬
‫ً‬ ‫عليها معين‬
‫‪23‬‬
‫موقعه حتى في لحظات يأسه"‬

‫‪22‬سامي إدريسي‪،‬موسوعة أبحاث ودراسات في األدب الفلسطينيين ج‪.477/3‬ص‪.1‬‬


‫‪ 23‬عبد اللطيف المنصوري‪ ،‬الشاعر الفلسطيني معين بسيسو بين االلتزام واإلبداع الشعري مجلة المرأة العربية ‪9‬سبتمبر‬
‫‪2019‬م ص ‪5‬‬
‫‪12‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫تُرجم أدب معين بسيسو إلى كثير من اللغات منها اللغة اإليطالية اإلنجليزية والفرنسية‬
‫واأللمانية‪.‬‬

‫" أصيب بنوبة قلبية حادة أثناء أدائه الواجب الوطني ولفظ أنفاسه إثرها في لندن يوم‬
‫‪24‬‬
‫‪ 1984/01/23‬أرخ لكثير من صفحات حياته في كتابه دفاتر فلسطين "‬

‫نموذجــا للشاعر الملتزم‬


‫ً‬ ‫كما أن معين بسيسو يمثل وفق انتصــار خليل الشنطي‪":‬‬

‫إن كل من يتصدى للكتابة فهو ملتزم بالشيء الذي يكتب‬


‫بآمال وآالم شعبه الذي يقول ّ‬

‫له أو عنه‪ .‬وتابعت في كتابها "القضايا الفكرية والتقنيات في مسر" معيـــــن بسيسو"‬

‫قولها‪ :‬لذلك يمكننا القول بأن أدب معيــن بسيسو هو أدب ثوري واألدب الثوري هــو‬

‫‪25‬‬
‫الــذي سيعين لتحقيق التغيــر الجذري في المجتمع "‬

‫ويــرى الناقد شك ــري‪ " :‬في معين بسيسو شاعر مقاومــة إلن المقاومــة تشكل الجوهـــر‬
‫الشامل لشعــره الذي قرر صاحبه منذ البدايــــة أن يكون شاعـــر مقاومـــة على المستويين‬
‫‪26‬‬
‫القومــي واالجتماعي "‬

‫عاش معي ــن بسيسو حياته بطالً ومات بطالً بعد أن قال كلمتــه بصوت عـ ٍ‬
‫ـال ج ـ ًـدا‬

‫‪27‬‬
‫نطقت َّ‬
‫مت‪ُ ،‬قلها ومت"‬ ‫َّ‬ ‫سكت َّ‬
‫مت‪ ،‬وإن‬ ‫وهو القائل " فأنت إن َّ‬

‫احدا من رواد وفرسان المسرح الشعري في مجال أدب المقاومــة الفلسطينية‬


‫ُيعد معين بسيسو و ً‬
‫وقد أستطاع من خالل موهبته الفذة وثقافته العالية ومهارات كتابية متميزة‬

‫‪ 24‬سكينة قدور‪ ،‬الحبسيات في الشعر العربي الحديث والمعاصر ص‪.118‬‬


‫‪25‬عبد اللطيف المنصوري‪ ،‬الشاعر الفلسطيني معين بسيسو بين االلتزام واإلبداع الشعري ص‪8‬‬
‫‪ 26‬غالي شكري غالبا‪:‬كاتب وباحث وناقد ومؤرخ مصري ‪ 12‬مارس ‪ 10- 1935‬مايو ‪.1998‬‬
‫‪ 27‬عادل األسطه‪ ،‬شعر المقاومة الفلسطينية في النقد األدبي في العالم العربي ‪– 2005/06/14‬ص‪.9‬‬
‫‪13‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫أن يقدم لنا أعماالً ممتازة ما زلت تعيش في الذاكرة والوجدان‪ ،‬و تحيا في الروح أكثر كلما‬
‫عبرت مناسبة تتعلق بمأساة الشعب الفلسطيني‪ ،‬فهو ترك بصمته الواضحة مــن خالل‬
‫إبداعاته التي واكب فيها مختلف مراحل الكفاح ونضال وحياة الشعب الفلسطيني‪ ،‬فال يزال‬
‫صوته يدوي‪ ،‬كما ظلت مسرحياته وقصائده بمثابة الصفعة في وجه األعداء فهو أثرى‬
‫المكتبة العربية وترك لنا ميراثاً أدبياً ضخماً سواء على صعيد الشعر أو على صعيد المسرح‬
‫مجلدا بعنوان األعمال المسرحية الكاملة فهو استطاع أن يثبت جدارته في فن‬
‫ً‬ ‫فهو ترك‬
‫المسرح كما اتخذ منه ذريعة لتعبير عن قضيته وقضية وطنه‪ .‬وكـ ــان معين في كل ما كتب‬
‫– ظل ُيخاطب التاريخ فكأنه كان يفكر بالتاريخ عند كتابت ــه ألي قصيدة أو مسرحية‪.‬‬

‫‪ :1‬مسرحية مأساة جيفارا‪ :‬لمعين بسيسو‪:‬‬

‫"حظيت شخصية جيفا ار بأكثر من تناول في المسرح العربي فقد كتب (ميخائيل رومان)‬
‫نصا آخر‬
‫نصا بعنوان "ليلة مصرع جيفارا" وكتب القاص العراقي (جليل القيسي) ً‬ ‫ً‬
‫بعنوان‪":‬جيفا ار عاد ‪.....‬افتحوا األبواب" ولكن ربما يكــون نص الراحــل "معين بسيسو‬
‫"مأساة جيفارا" الذي أخرجه حسين ادلبي لمصلحة مسرح الشعب بحلب ضمن أعمال‬

‫مهرجان دمشق المسرحي في دورته الثالثة من أكثر األعمال التصاقا بجيفا ار فهي أوالً‬
‫ُتسجل انفتاح الكاتب على التراث اإلنساني الحديث وثانياً أنه أختار أنموذجاً بطوليا عنيداً‬
‫‪28‬‬
‫ويملك إص ار اًر مدهشاً لتحقيق أحالمه في العدالة والحرية"‬

‫لقد وجد معين بسيسو "أن الشخصية بهذا المحتوى كافية إلسقاطها على نضال الشعب‬
‫الفلسطيني رغم كل محاوالت التهميش واإلذالل عبر أكثر من ستين عا ًما وفيها حاول أن‬
‫يجد لنا جيفا ار عربيا مثله الفالح الثالث "رامون" الثائر الذي تختلط مالمحه مع مالمح‬
‫‪29‬‬
‫كثير حتى لتبدو مسألة الفصل بين الشخصين غير ممكنة"‬
‫جيفا ار ًا‬

‫‪28‬ماجد نور الدين‪،‬مأساة جيفارا ‪،‬اإلتحاد الملحق الثقافي ‪ 23‬يونيو ‪ 2010‬ص‪.1‬‬


‫‪29‬المرجع نفسه الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫ولقد أصدر الشاعر معين بسيسو مسرحية "مأساة جيفارا" سنة‪ 1969‬عدد صفحاتها هو‬
‫‪ 108‬صفحة‪.‬‬

‫" تقع المسرحية في ثالثة فصول يعرض األول فيها حياة البؤس للفالحين في قرية‬
‫بوليفية وقد أختار بسيسو أسلوب كسر الحائط الرابع عند بريخت كسر المسافة بين‬
‫الجمهور والممثلين في صياغة هذا الفصل بفرض إدخال الجمهور في اللعبة المسرحية‬
‫كون القضية المطروحة مازالت قضية معاصرة حية يعيشها الناس بكافة فئاتهم ومن ثم‬
‫متكئا‬
‫ثورتهم ضد الطغيان واالستبداد‪ ،‬بينما يعرض الفصل الثاني عملية مطاردة جيفار ً‬
‫فيه على أسلوب وتكنيك االسترجاع المسرحي (الفالش باك) التي جربها الكاتب األمريكي‬
‫الراحل (آرثر ميلر) في مسرحيته (بعد السقوط) وذلك الستحضار أحداث وقعت في الماضي‬
‫ولم يكن باإلمكان استحضارها على خشبة المسرح دون هذه التقنية بينما يتعرض الفصل‬
‫‪30‬‬
‫الثالث عملية القبض عليه ومن ثم اغتياله بطريقة قاسية مؤسية "‬

‫كما تظهر لنا المسرحية براعة الكاتب في استخدام الشعر لصياغة األحداث الدرامية‪ ،‬حيث‬
‫جاءت اللغة صافية تتجلى فيها مقدرة وبراعة الشاعر في المزج المتوازن ما بين الشعر‬
‫والدراما‪ .‬جاءت المسرحية في قالب شعري شعر التفعيلة وبأسلوب رمزي غير مباشر حيث‬
‫تناحى عن األسلوب المباشر واللغة الواضحة وما تحتويه من وضوح وبساطة ليعبر عن‬
‫رؤية واضحة وعميقة للواقع الفلسطيني المأساوي ولعل أهم سبب دفع الشاعر إلى الكتابة‬
‫بأسلوب رمزي هو الخوف من التصريح الذي قد يجر إلى التعرض لألذى من قبل الحكومة‬
‫الغاصبة والمحتل الصهيوني‪ ،‬ولهذا نجد الشاعر تناحى عن اللغة التقريرية التي تعرضه‬
‫أللوان السجن والتعذيب‪ ،‬أما طبيعة الرمز فهي قائمة على اإليحاء واالبتعاد عن المباشرة‬

‫‪30‬ماجد نور الدين ‪ ،‬مأساة جيفارا‪،‬ص‪.2-1‬‬


‫‪15‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫وتكثيف الداللة‪ ،‬وقد تكون غاية الشاعر ً‬


‫أيضا في الكتابة بشكل ُمقنع هي إنشاد شعر ذات‬
‫طابع رمزي غامض بغرض تحريض النفوس للتفكير والتأمل خالف تلك التعابير‪.‬‬

‫‪ :2‬مسرحية شمشون ودليلة‪ :‬لمعين بسيسو‪:‬‬

‫هي مسرحية شعرية جاءت في جزأين عدد صفحاتها هو ‪ 325‬صفحة ُقد من سنة‬
‫‪1997‬‬

‫ركز فيها معين بسيسو على الثورة الفلسطينية وقدم صورة حولها قبل االحتالل وأخذ يشير‬

‫هاما في بناء‬
‫دور ً‬
‫إلى بواكير الحركة التي أدت إلى اندالع الثورة‪ ،‬ولقد لعبت الشخصيات ًا‬
‫هذه المسرحية فالشخصيات الرئيسية هي‪ :‬عاصم‪ ،‬ريم‪ ،‬دليلة‪ ،‬راحيل‪ .‬كما اعتمد الشاعر‬

‫على الطريقة الحوارية في تقديم الفكرة للمشاهد والمتلقي ونجد الشاعر يتحدث في الجزء‬
‫األول من المسرحية في إشارته إلى حالتهم الراهنة واألم التي يتضح لنا الحقا أن اسمها‬
‫(ريم) تقول في البداية عن رضيعها الذي ألقته من يدها في إحدى ساعات الرعب " كنت‬
‫أطوق به ترضعه هذي األم وتلك األم‪،‬كلمة يتنبأ " حيث أن هذا الطفل الصغير يتنبأ‬
‫بالمستقبل ويستشرف عما سيحدث الحًقا للشعب الفلسطيني وهو في الوقت نفسه نبي اليهود‬
‫(كأنه موسى) وقد أ ِ‬
‫ُخ َذ من حضن أمه لكن لم تحرم عليه المراضع وأبيحت له كلها وأحلت‬
‫له أما في حوار األب مع ابنه (عاصم) يقول‪" :‬أفضل أن تقطع بالسكين أصابعك وتلقيها‬
‫في النار تشويها‪ ،‬تأكلها من أن تنتظر هنا وهناك في المنفى"‬

‫فهنا يصور حال الفلسطيني في انتظار عون السماء وعون األرض أقرب إلى حال اليهود‬
‫في خروجهم من مصر‪.‬‬

‫وتنتهي المسرحية وهو يدور في هياج كالثور حول المدفع‪ ،‬هذا هو طاحونك يا شمشون‪،‬‬

‫ستظل تدور إلى أن تسقط‪ ،‬هذا هو قدرك‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫ويعتبر انتظار الدولة الفلسطينية انتصار رمزي وسقوط العدو في الفخ وانتفاضة الكيان‬
‫العربي‪.‬‬

‫كما نجد أن معين بسيسو "اعتمد حالة التزاوج بين الزمنين الماضي البعيد والحاضر‬
‫المحرق الذي يحترق فيه شمشون ودليلة رمزان ألسطورة قديمة نبعت من أرضنا‪ ،‬حاول‬
‫توظيفها في الجزء األخير من المسرحية التي تحمل االسم نفسه‪ ،‬ركز اإلضاءة على‬
‫عرى هذا الواقع بشكل موجع وكشف األقنعة عن رموزه برموز شفافة مشوقة رسم‬
‫الواقع‪ّ ،‬‬
‫أمامنا مجمل القضية الفلسطينية مكونة في عربة متوقفة عن المسير هكذا رأى معين‬
‫فلسطين "‪.31‬‬

‫كما نجد قراءة في مسرحية شمشون ودليلة لمعين بسيسو بعنوان "من تقمص تاريخ لعدو‬
‫إلى حصاره به " "لمحمد سالم عبادة"‬

‫قراءة في "جريدة كل المسرحيين" العدد ‪ 12 / 550‬مارس‪ 2018‬الذي يقر في قراءته‬


‫هذه أن بسيسو مع "بيتر فاسيس" في مسرحيته األخيرة األشهر (ماراصاد)‪".‬حيث الرجل‬
‫محرضا على الثورة‬
‫ً‬ ‫الفارق في الصابون الذي يقوم من البانيو في منتصف المسرحية‬
‫كثير مالمح شخصية ما ار الذي كان أحد أهم رموز الثورة الفرنسية وُقتل بينما‬
‫يشبه ًا‬
‫جدا في نص بسيسو ربما ألن كاتبنا يحاول أن ينفي‬
‫يستحم إالّ أنه يخرس سري ًعا ً‬
‫‪32‬‬
‫الثورة من فرسان الكلمات البراقة الخاوية "‬
‫‪-‬وما قد يؤخذ على هذا المسرحية هو‪ ":‬عدم ظهور شمشون إالّ ُقرب نهاية المسرحية‬
‫و(شمشون) هنا قائد إسرائيلي متعجرف يحاول إذالل عاصم وريم وتقنعه زميلة راحيل‬

‫‪31‬خالد محي الدين البرادعي‪ ،‬خصوصية المسرح العربي‪ ،‬المنشورات اتحاد الكتاب العرب ص‪.136‬‬
‫‪32‬محمد سالم عبادة من تقمص تاريخ العدو‪،‬قراءة في مسرحية شمشون ودليلة لمعين بسيسو عدد ‪ 12/ 550‬مارس‬
‫‪ 2018‬ص‪.1‬‬

‫‪17‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫اسما آخر هو دليلة هنا فقط تتجسد على خشبة المسرح الحكاية التوراتية عن‬
‫بأن ريم ً‬
‫دليلة بنت الفلسطينيين التي خدعتا شمشون "‪.33‬‬

‫وضف معين بسيسو فيها أسطورة شمشون ودليلة حيث شمشون اإلسرائيلي المغتصب‬
‫ودليلة المرأة الفلسطينية التي تبحث عن طفلها المفقود وما يمكن أن نلمسه من خالل هذه‬
‫المسرحية‪" :‬هو عمق الجرح وحصار القضية كما نتحسس خطر الخلخلة السياسية في‬
‫قلبا‬
‫مسيرة السلطات الفلسطينية والعربية والعالمية كما نشعر أن الشاعر عايش القضية ً‬
‫وقالبا فهو يعيش في قلب المأساة وفي خضم المعاناة فال يغيب عنه شيء من مالبسات‬
‫ً‬
‫دائما مرتكز ومحور اهتمامه وتبقى مسرحية "شمشون ودليلة" إحدى‬
‫قضيته التي كانت ً‬
‫المسرحيات التي عبرت عن حجم المأساة والمعاناة وحاولت تسليط الضوء على الواقع‬
‫‪34‬‬
‫الفلسطيني والتي نقلها لنا الشاعر في شكل بناء درامي مشوق وممتع "‬
‫‪3‬مسرحية الصخرة‪:‬‬

‫لمعين بسيسو‪ :‬هي مسرحية شعرية عدد صفحاتها هو ‪ 348‬صفحة‪ ":‬ذات القسمين هي‬
‫األخرى تختصر الزمان وتحجم المكان وتضع القضية الفلسطينية على المسرح منجم ينهار‬
‫وصخرة تضطجع على رجل ال يراه أحد‪ ،‬وأجمل ما في المسرحية أنها تشبه حجر الكريستال‬
‫لونا من ألوان الطيف‪ ،‬الرجل تحت الصخرة ال ينقذه أحد‬
‫من أي زاوية نظرت إليها تبصر ً‬
‫‪35‬‬
‫"‬

‫القضية المحورية في مسرحية الصخرة هي قضية الوطن واألرض كما تظهر لنا المسرحية‬
‫براعة الكتاب في نقله لنا معاناة الشعب الفلسطيني‪ ،‬لينهي الشاعر مسرحيته "ظل أكثر‬
‫واقعية ووعيا بالمأساة بل ترك المرأة في صدام مع ذوي األقنعة واالنفجارات تدوي من‬

‫‪ 33‬المرجع نفسه الصفحة نفسها‬


‫‪34‬خالد محي الدين البرادعي‪،‬خصوصية المسرح العربي‪،‬بتصرف‪.‬‬
‫‪35‬لمرجع نفسه ص ‪.138‬‬
‫‪18‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫وراء األسالك الشائكة ومن الصالة ومن خارج أسوار المسرح داللة على استمرار‬
‫التحريض واستمرار النضال"‬

‫‪ :4‬مسرحية العصافير تبني أعشاشها بين األصابع لمعين بسيسو‪:‬‬

‫ُقدمتا هذه المسرحية ألول مرة في مهرجان المسرح العربي في مدينة الرباط نوفمبر ‪1973‬‬
‫‪36‬‬
‫على خشبة مسرح الملك محمد الخامس‬

‫"تناولت المسرحية قصة امرأة‪ ،‬أغفل الكاتب اسمها حتى يعرفها الممرض باسمها إذ‬
‫يذكرها به كانت قد نسته إثر حادث مرت به أصبحت على إثره مقعدة فهي المرأة التي‬
‫‪37‬‬
‫تمقت الوقت وتمقت كل الموجودين في المستشفى"‬

‫ودوليا تدور أحداث‬


‫ً‬ ‫تمر به الثورة الفلسطينية عر ًبيا‬
‫تُظهر لنا المسرحية الواقع المرير التي ُ‬
‫هذه المسرحية في مستشفى حيث يقوم الطبيب والممرض باغتصابها ومن أهم الدراسات‬
‫التي تناولت مسرحية العصافير تبني أعشاشها بين األصابع لمعين بسيسو هي سيميائية‬
‫النص في مسرحية العصافير تبني أعشاشها بين األصابع وهي مذكرة ماستر‬
‫اسعا ليس في الوطن‬
‫لصاحبتها"هامل نذيرة" ولقد حققت هذه المسرحية شهرة كبيرة وصدى و ً‬
‫أيضا وذلك عندما مثلت فلسطين في‬
‫العربي فحسب بل في كثير من البالد واألوروبية ً‬
‫مهرجان المسرح العربي كتب الشاعر هذه المسرحية على نمط الشعر الحر اعتمد في كتابتها‬
‫على األسلوب غير المباشر وذلك من أجل محاولة نقل ورسم الوضع االجتماعي للفلسطينيين‬

‫بحذافيره وتصوير الواقع المعيشي لهم وقد يكون أي ً‬


‫ضا سبب‪.‬‬

‫‪ :5‬مسرحية محاكمة كليلة ودمنة‪:‬‬

‫‪36‬معين بسيسو‪،‬األعمال المسرحية‪،‬ص‪369‬‬


‫‪37‬يُنظر معين بسيسو األعمال المسرحية‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫"مسرحية شعرية صدرت في بيروت ‪ُ 1975‬يحاكم عبد هللا بن المقفع والتاريخ العربي بتهمة‬
‫‪38‬‬
‫انعدام الحرية والكذب وانعدام العدل"‬

‫المبحث الثاني‪:‬‬

‫‪-1‬مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو‪:‬‬


‫ُقدمت المسرحية ألول مرة في فبراير سنة ‪ 1970‬وعدد صفحاتها المسرحية هو ‪202‬‬
‫‪،39‬جاءت المسرحية مقسمة إلى جزئيين‪ ،‬كل جزء مقسم إلى لوحات‪ ،‬في الجزء األول نجد‬
‫ثالث لوحات وفي الجزء الثاني نجد خمس لوحات يرى معين بسيسو في هذه المسرحية‬
‫تاحا للجميع دون ُمقابل فمصطلح‬
‫الشعرية أن التاريخ منشور على حبل غسيل وقد صار ُم ً‬
‫"نشر الغسيل" عبارة شعبية تعني افتضاح كل شيء والتشهير به فلم يعد شيء خافيا‪.‬‬
‫ولكن الذي يستطيع أن يتخرج البد‬
‫من أن يملك أوال يملك كل التاريخ حبل غسيل‪،‬‬
‫من يملك أن يدفع حبة قمح أو حفنة ملح أو خيطاً في ابره ‪.......‬‬
‫‪40‬‬
‫شيئا فليتفرج‪.‬‬
‫فليتفرج من ال يملك أن يدفع ً‬
‫كما عمد الشاعر معين بسيسو في هذه المسرحية إلى إسقاط أحداث قد مضت وانتهت‬
‫على واقعه المعاصر بحيث نجد أنه قد استلهم من التراث والتاريخ شخصيات تاريخية قديمة‬
‫مع شخصيات حديثة شاركت جميعها في العمل الفني وفي صنع األحداث وكان لكل واحد‬
‫منها دالالتها الرمزية‪ ،‬كما حاول الشاعر من خالل مسرحيته هذه إرسال رسالة أدبية إلى‬
‫الشعوب العربية مفادها أن التحرر والحرية ال يكونان إالّ بالثورة ويقدم لهم في ذلك النموذج‬
‫درسا لهم لالستفادة و االقتداء به وتحريك مشاعرهم في سبيل التغير والثورة باعتبار‬
‫التاريخي ً‬

‫‪ 38‬وليد أبو ندى‪ ،‬الفكر واستدعاء التاريخ في مسرحية ثورة الزنج‬


‫‪ Iul journal of humainities researeh slanik university of gaza /cc BY‬ص ‪40‬‬
‫‪39‬معين بسيسو األعمال المسرحية ص‪.114‬‬
‫‪ 40‬معين بسيسو األعمال المسرحية ص ‪.119‬‬
‫‪20‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫أن األديب قادر على التغيير وهو مسؤول عن قضايا أمنه ومجتمعه والدفاع عنها وباعتبار‬
‫كذلك األدب نشاط فكري ووسيلة إيقاضية وإيحائية تنمي لدى اإلنسان والفرد الوعي بالواقع‬
‫والتطلع نحو المستقبل فجاءت مسرحية ثورة الزنج لهذا السبب وهو من أجل تحريك النفوس‬
‫يسترد إال بالقوة‪ .‬استمد‬
‫ُ‬ ‫وتشجيعها على الثورة وحتميتها واستمرارها ألنه ما أُخذ بالقوة ال‬
‫الشاعر مرجعتيه في المسرحية من حدث تاريخي حيث إنه استدعى شخصية "عبد هللا بن‬
‫محمد" قائد ثورة الزنج الثائر علي الخليفة المعتمد بأمر هللا ويجعله موازًيا ضد االحتالل‬
‫اإلسرائيلي في القرن العشرين حيث إن الشاعر قد استخدم تقنية القناع التاريخي في الحدث‬
‫فتشابه األحداث بين ما حصل للزنج من نهب وظلم واستالب لألراضي والحريات والحقوق‬
‫مع ما حدث للشعب الفلسطيني وهو بهذا يكون الشاعر قد نقل التجربة من القرن الثالث‬
‫الهجري إلى القرن العشرين فالواقع من جهة الكاتب تتشابه الظلم والنهب واحد ولكن الزمن‬
‫هو الذي يختلف فهو بذلك يكون قد عمل على مزج الهم اإلنساني ورفضه لكافة أشكال‬
‫الظلم والقهر الممارسة عن اإلنسان كما نجد الشاعر معين بسيسو في هذه المسرحية " لجأ‬
‫إلى عملية تحجيم العصور في ثورة الزنج‪ ،‬لنرى على خشبة المسرح ما مر في التاريخ‬
‫منذ ألفا ومائتين من السنين وربط بين الثورة الفلسطينية وثورة الزنج محاوالً إقناع قارئه‬
‫ومشاهده بتوحد حاالت‬
‫اإلحباط أو تشابه الحاالت التي أدت بثورة الزنج على اإلخفاق وكأنها هي الحاالت نفسها‬
‫‪41‬‬
‫التي تحاصر الثورة الفلسطينية لتحبطها وتثبط همم أصحابها"‬
‫"تجري أحداث هذه المسرحية في فضائيين‪ ،‬الفضاء األول معاصر وفيه تبرز أدوات الخداع‬
‫أما الفضاء‬
‫والتزوير والعداء للثورة الفلسطينية وكل الثورات وإلنسان الكادح والمستعبد و ّ‬
‫اآلخر تجري أحداثه في القرن الثالث الهجري زمن اندالع ثورة الزنج في البصرة "‬
‫وقناعا ليسقطه على الثائر الفلسطيني الثائر في‬
‫ً‬ ‫رمز‬
‫‪،42‬ويوظف الكاتب عبد هللا بن محمد ًا‬

‫‪41‬خالد محي الدين البرادعي‪ ،‬خصوصية المسرح العربي‪ ،‬ص‪.143‬‬


‫‪ 42‬وليد أبو ندى‪ ،‬الفكر واستدعاء التاريخ‬
‫‪21‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫القرن العشرين وتحمل رفيقته وطفال في أحشائها ً‬


‫جنينا فيكون هذا الجنين رم اًز لألحرار‬
‫أيضا الستمرار الثورة وعد انقطاعها فاالبن يرثها عن أبيه و يمتزج القرن الهجري بالقرن‬
‫و ً‬
‫العشرين فينتقل بأبطال مسرحيته إلى الزمن المعاصر و يصدر األمر بإجهاض وطفاء من‬
‫قبل جالد زنجي هو نفسه التي كانت تقني وطفاء بجراحه في البصرة وحين يعلم الزنجي‬
‫هذه الحقيقة يحرر وطفاء من أغاللها ويعرض عليها الرجوع إلى القرن الثالث لكنها ترفض‬
‫‪43‬‬
‫و تشحين سيفها إلى القادمين بعد عبد هللا بن محمد لتُبقي الثورة مستمرة وتحقق أهدافها‬
‫كما نجد الشاعر لجأ إلى حالة التحريض الجريئة والبناءة التي اعتمدها في كل مسرحياته‬
‫وهنا حملها لعلي بن محمد قائد ثورة الزنج‪.‬‬
‫القتلة‬
‫الرجل عبد هللا بن محمد‬
‫المعتمد بأمر هللا مرة‬
‫وقتلت على أيدي وراقية في القرن الثالث مرة‬
‫ها هم قد وضعوا السكين على عنقي‬
‫‪44‬‬
‫لكني لم أقتل بعد اآلن‬
‫تعد مسرحية ثورة الزنج من أفضل أعمال معين بسيسو وأكثرها تكامالً حاول أن يعرض‬
‫سيوعي فكرة المسرح بما‬
‫القضية من خالل الفعل الدرامي‪ ،‬فمن الواضح أن المؤلف كان ّ‬
‫شعر ومن ثم‬
‫هو عرض فني متكامل وليس مجرد نص كالمي حتى وإن كان هذا النصر ًا‬
‫كثير من آليات العرض وكان يبدو في الكثير من األحيان كما لو كان يخرج‬
‫فقد استفاد ًا‬
‫المسرحية وهو يؤلفها‪.‬‬
‫اشتملت هذه المسرحية على المونولوجات الطويلة ومن جهة أخرى فقد تميزت لغتها بالكثافة‬
‫والرمز واإليحاء أما بالنسبة لبنائها العام " بناء المسرحية مترابط ومشدود وهي كسائر‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬بتصرف ص‪1‬‬ ‫‪43‬‬

‫معين بسيسو األعمال المسرحية ص‪.126‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪22‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫مسرحياته خارجة على جميع األنماط المدونة في مصطلحات مسيرة المسرح‪ ،‬يختلط فيها‬
‫اآللي في اإلنساني وتناسب مشاهدها كافة بحوار شعري رشيق جذاب تتخلله بعض األلفاظ‬
‫‪45‬‬
‫المعربة وبعض األلفاظ العربية أيضاً"‬
‫كما نجد في هذه المسرحية " أنه يعتمد سرعة الحركات وتتابع المشاهد مما يحقن مسرحه‬
‫بالسخونة والدفء والحيوية حتى في المقاطع الطويلة التي تشبه الحوار الذاتي أو الحوار‬
‫‪46‬‬
‫ذي الطرف الواحد ال يدعك تشعر بالملل"‬
‫إن استدعاء الشاعر معين بسيسو لثورة الزنج في القرن الثالث هجري وإسقاطها على القرن‬
‫العشرين لم يكن عبثًا " لم يوحد فنيا بين ثورة الزنج والثورة الفلسطينية ترًفا أو عب ًثا أو‬
‫بدءا من هذا المقطع وعبر مشاهد المسرحية كلها أن الثورة الفلسطينية‬
‫اعتباطاً بل نلمس ً‬
‫‪47‬‬
‫متمم طبيعي لثورة الزنج "‬
‫ٍ‬
‫ماض وبين ما هو حاضر عالج‬ ‫وعلى هذا المزج بين التاريخ والواقع والمزاوجة بين ما هو‬
‫يجد معين في كل معطيات التاريخ‬
‫معين بسيسو قضية الواقع الفلسطيني المبعثر " ولم ْ‬
‫نقاء وأقل أخطاء وأضواء درًبا وأطهر قلباً من ثورة الزنج حتى وجد المسوغ لربط‬
‫وجها أكثر ً‬ ‫ً‬
‫ويا ُيشعرك بأن الثورة الثانية استمرار للثورة األولى‬
‫طا عض ً‬
‫ثورة الزنج بالثورة الفلسطينية رب ً‬
‫‪48‬‬
‫"‬
‫وطفاء‬
‫صبايا عبد هللا‬
‫ال تستعجل حب الجرح‬
‫مازال الجرح كطفل يحبو فوق األرض‬
‫وسيكبر وسينهض ويمشي‬

‫خالد محي الدين البرادعي‪ ،‬خصوصية المسرح العربي ص‪.143‬‬ ‫‪45‬‬

‫المرجع نفسه والصفحة نفسها‬ ‫‪46‬‬

‫خالد محي الدين البرادعي‪ ،‬خصوصية المسرح العربي ص‪.145‬‬ ‫‪47‬‬

‫المرجع نفسها ص‪146-145‬‬ ‫‪48‬‬

‫‪23‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫‪49‬‬
‫وستنبت أسنانه‬
‫فهو كان يرى في هذه الثورة المخرج والمنفذ فهي تعبر عن آمال وآالم الشعب الفلسطيني‬
‫فكانت هي األقرب ليختارها معين بسيسو من أجل التعبير عن الثورة الفلسطينية "وبين هذا‬
‫الربط بين الثورتين يتأنق معين بسيسو في إظهار الوحشية التي رافقت جيش الخليفة‬
‫‪50‬‬
‫للزنج دون أن يكشف أي ستر عن وحشية رافقت قتال الزنج للناس األبرياء "‬
‫تنطلق المسرحية من منظور فكري يدين الواقع العربي الرسمي وتعامله مع الثورة الفلسطينية‬
‫فهذا الواقع يقوم على التزوير وتعامله مع الثورة الفلسطينية‪ ،‬فهذا الواقع يقوم على التزوير‬
‫وصناعة األنماط الثورية المزيفة ويسعى النظام ليمنحها إلى ثورة شكلية تخلو من المضمون‬
‫الثوري المكافح‬
‫واختيار الشاعر نمط شعر التفعيلة منحة حرية ونصرها في طول المقاطع ومنع من الحشو‬
‫والتكرار وتخلص من الغنائية في مسرحيته‪ ،‬كما الحظ في هذه المسرحية أنه أكثر الشاعر‬
‫من النقط في نهاية األسطر الشعرية في الحوار‪.‬‬
‫غلب على هذه المسرحية نمط الحوار‪ ،‬فنجد المسرحية تعج بالمونولوجات وتكمن أهمية‬
‫الحوار في المسرحية في الكشف عن مكنونات الشخصية وجوهرها الحقيقي كما ُيعرفنا كذلك‬
‫على أساس المسرحية وما وراء موضوعها كما يكشف عن الصراع وتطويره ودفعه باتجاه‬
‫الذروة كما نجد هذه المسرحية أنها تزدحم بين الشخصيات المعاصرة والشخصيات التاريخية‬
‫التُراثية وسنقف عند أبرز هذه الشخصيات‬

‫أولها‪ :‬شخصية صندوق الدنيا وهي شخصية إطارية وقناع للتاريخ وأحداثه‪ ،‬لذا كان االفتتاح‬
‫بها كما نجد الشاعر كذلك وظف الشخصيات اآللية‪ :‬الرجل الغسالة والرجل التيكرز وهما‬
‫شخصيات آلية تجردت من قيمها اإلنسانية‪ ،‬وظفهما الشاعر‪ُ ،‬مهمتهما الصبغ واإلخراج‬
‫والكتابة والنشر‪ ،‬كما نجد أن الشاعر وظف شخصية‪ ،‬عبد هللا بن محمد هي الشخصية‬

‫معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية ص‪.145‬‬ ‫‪49‬‬

‫خالد محي الدين البرادعي‪ ،‬خصوصية المسرح العربي ص‪146‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪24‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫البطل وهي شخصية تاريخية حقيقية عرفت باسم علي بن محمد‪ ،‬كما نجد الشاعر وظف‬
‫لشخصية محورية شخصية "وطفاء" وهي شخصية متزنة التفكير ‪،‬ترفض العجلة وتشارك‬
‫ألما و تُفصح عن مشاعر أُنثوية أمومية‪.‬‬
‫وجعا و ً‬
‫في توجيه الثورة‪ ،‬لغتها شعرية ساجية تسيل ً‬

‫وفي األخير نخلص " إلى أن معين بسيسو استجمع فيه اإلبداعية ليغسل ثورة الزنج بها‪،‬‬
‫ربطها بالثورة الفلسطينية وكأن الثورتين وجهان لميدالية متوهجة نفى عن ثورة الزنج‬
‫أخطاءها كافة وسلبياتها‪ ،‬أصنف على شخص قائدها صفات البطولة وما تعانيه الثورة‬
‫حيز من التاريخ وحاول استقطاب على ثورة الزنج كما أنها هي الصحيح والتاريخ كله‬
‫عامة"‪.51‬‬

‫‪/2‬أسلوب الشاعر معين بسيسو‪:‬‬


‫عاش معين بسيسو حياته مناضالً بالموقف والكلمة وكتب قصائده ومسرحياته بشموخ وطني‬
‫وكبرياء وجدانه وأن كل مسرحياته و أعماله جاءت لترجمة حياته النضالية وامتدادا لنضال‬
‫الشعب الفلسطيني في وجه الصهيونية فهو نجح إلى حد بعيد في أن يعرض الفلسطينية‬
‫ويعبر هن أمالها و أالمها من خالل الفعل الدرامي فهو اتخذ من اللغة الدرامية وسيلة‬
‫ُ‬
‫لتحريض الشعب الفلسطيني في الوقف ضد كافة المقومات الصهيونية السالبة لحقه وألرضه‬
‫ولبث روح النضال في نفوسهم وتشجيعهم عل الثورة وعلى ضرورة حتميتها واستمرارها بحيث‬
‫تأكيدا على صمود المواطن‬
‫كانت نهايات جل نصوصه تتمسك بالنصر و األمل ال الهزيمة ً‬
‫الفلسطيني وكفاحه وتشبثه بأمله وأرضه‪ ،‬وهذا ما نلمسه في مسرحية ثورة الزنج " ويلتقي‬
‫الشاعر في آخر مشهد من مشاهد مسرحية الزنج ليضفي رونق النبل‪ ،‬ويلقي وشاج‬
‫القداسة على ثورة الزنج ويحرض من خالل مثالتيها أناسه المعاصرين‬
‫‪52‬‬
‫إلتمام رسالة علي بن محمد"‬

‫خالد محي الدين البرادعي‪ ،‬خصوصية المسرح ص‪146‬‬ ‫‪51‬‬

‫خالد محي الدين البرادعي‪ ،‬خصوصية المسرح العربي ص‪.146‬‬ ‫‪52‬‬

‫‪25‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫فالشاعر تجلت موهبته اإلبداعية من خالل كتابته هذه المسرحية أنه تمكن من دمج ثالث‬
‫مستويات في آن واحد المستوى األول القرن الثالث هجري في البصرة وثورة الزنج هي القناع‬
‫األول الذي استحضره المؤلف والمستوى الثاني زمن التأليف المسرحية وهو زمن القضية‬
‫الفلسطينية والمستوى الثالث الذي يشمل في تجسيد زمن العرض‪ ،‬أما عن أسلوبه فهو‬
‫أسلوب رمزي وال لي إيحائي بالدرجة األولى‪.‬‬
‫‪/3‬التراث والتاريخ وتوظيفه مسرحياً‪:‬‬
‫لقد ارتبط المسرح العربي بالتراث أيما ارتباط منذ منتصف القرن التاسع عشر الميالدي‪ ،‬بل‬
‫يمكن القول بأن والدة المسرح العربي كانت والدة تراثية‪ ،‬وكلمة التراث في اللغة " هي كل‬
‫ما يخلفه المتوفي لورثته أي‪ :‬ألبنائه وأهله من بعده وهو متوارث في القرآن الكريم فقد‬

‫قال تعالى في اآلية ‪ 20‬من سورة الفجر " وتأكلون التراث أكالً ً‬
‫لما"‬
‫‪53‬‬
‫" وهي بهذا المعنى تفي الشيء الذي يورث فيما بعد "‬
‫بمعنى أن التراث هو كل ما خلفه اإلنسان وتركه من أشكال ورموز وأقوال وأفعال كما يمكننا‬
‫القول بأنه كل ما هو متوارث عبر التاريخ ويتم نقله ومتوارثة من جيل إلى آخر " وباعتبار‬
‫أن الماضي هو مرآة الحاضر ومن هذا المنطلق لقد بدأ االهتمام بموضوع استلهام التراث‬

‫والتاريخ وتوظيفه في الفن المسرحي منذ منتصف القرن التاسع عشر الميالدي ُ‬
‫وتعد أول‬
‫مسرحية استلهمت من منابيع التراث التي ال تنضب هي مسرحية "أبو حسن المغفل"‬
‫لمارون النقاش عام ‪1850‬‬
‫أول مسرحية عربية شكالً ومضموناً في العصر الحديث‪ ،‬فهي مستمدة من حكايات ألف‬
‫ليلة وليلة وتقدم تجربة إبداعية لتأصيل المسرح العربي والعودة إلى الجذور"‪54‬ومنذ ذلك‬
‫الوقت جرت محاوالت عديدة للعودة إلى التاريخ والتراث واستلهام ما يؤخر به من حكايات‬

‫جميل حمداوي‪ ،‬المسرح العربي وتوظيق التراث‪ ،‬مجلة البصرة الثقافية‬ ‫‪53‬‬

‫جمال محمد النواصرة‪ ،‬المسرح العربي ص‪.19‬‬ ‫‪54‬‬

‫‪26‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫وسير وأحداث تاريخية وظواهر إبداعية ومحاولة توظيفها في الفن المسرحي والتعبير عنها‬
‫بما يتوافق‪ ،‬ورؤية المسرحي أو الكاتب ومحاولة دمجها في الواقع المعاصر والراهن‪.‬‬
‫"إن الفنان المسرحي يلجأ إلى التراث كوسيلة فنية حتى ال يسقط في المباشرة التراثية‬
‫كحقيقة تاريخية للمرموز له وبين الداللة الفنية المعاصرة كوسيلة فنية إذ ال ينبغي أن‬
‫تكون العالقة بين الداللتين عالقة تعسفية إلنه ًا‬
‫كثير ما يسقط الفنان المسرحي أبعاد‬
‫ضبابيا ال‬
‫ً‬ ‫خطابا‬
‫ً‬ ‫رؤيته الخاصة على مالمح الشخصية التراثية‪ ،‬فيصبح الخطاب التراثي‬
‫يحقق التواصل ولذلك ينبغي أن تكون الداللة اإليحائية نابعة من قدرة المصادر التراثية‬
‫‪55‬‬
‫على اإليحاء والتعبير"‬
‫ولتحقيق هذا االرتباط لجأ بعض المسرحين ليضع إبداعهم المسرحي من خالل العودة‬
‫إلى منابع الت ارث ليؤكدوا أصالة التراث الشعبي وتميزه عن غيره‪ .‬وباعتبار أن الماضي هو‬
‫ٍ‬
‫ماض له ال حاضر له وال مستقبل له‪ ،‬كما له‬ ‫المحرك األساس والقوي للمشاعر وإلن َم ْن ال‬
‫دما نجد أن العرب قد اهتموا بالتراث‬
‫القدرة على استنهاض الهمم ودفعها إلى المضي ُق ً‬
‫الجديدة بعراقة هذا التراث ووظفوه في‬ ‫كبير وعملوا على توعية األجيال‬
‫العربي اهتماماً ًا‬
‫مختلف إنتاجاتهم وإبداعاتهم‪ ،‬األدب‪ ،‬الشعر‪ ،‬المسرح‪ ،‬الرواية‪.‬‬
‫وبما أن الشعر الفلسطيني جزء ال يتج أز من الشعر العربي فقد اعتنى هو اآلخر بالتراث‬
‫والتاريخ بشكل عام فكل من محمود درويش‪ ،‬وسميح القاسم‪ ،‬ومعين بسيسو وظفوا التراث‬
‫كبير وهذا التراث تختلف مصادره فمنهم من وظف التراث اإلسالمي‬
‫توظيفا ًا‬
‫ً‬ ‫في قصائدهم‬
‫والديني ومنهم من وظف التراث األسطوري ومنهم من وظف التراث التاريخي وهذا ما وجدناه‬
‫عند الشاعر المسرحي معين بسيسو أثناء دراستنا لمسرحية ثورة الزنج وهذا إن دل على‬
‫معا‪.‬‬
‫يدل على اهتمامه بالتراث والتاريخ ً‬
‫شيء فإنما ُ‬

‫جمال محمد النواصرة‪،‬المسرح العربي ص‪.23‬‬ ‫‪55‬‬

‫‪27‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫شيطانيا ينمو بعي ًدا عن كل ما في التراث من إبداع وحضارة‬


‫ً‬ ‫نباتا‬
‫فهو الذي قال" نحن لسنا ً‬
‫وجمال وشجاعة ونبالة تراثنا مليء بالبطوالت ومليء بالمواقف الحضارية الكبيرة ولذلك‬
‫‪56‬‬
‫يجب أن نستفيد من هذا التراث ونوظفه"‪.‬‬

‫فالشاعر اتخذ من أحداث ثورة الزنج ومن شخصياتها التاريخية وسيلة وذريعة لتعبير عن‬
‫قضيته قضية وطنه المضطهد فهو لجأ إلى التاريخ واستلهم منه هذه الثورة التاريخية ليعبر‬
‫من خاللها عن قضيته وقضية شعبه المظلوم‪ ،‬ولعل من بين العوامل التي تجعل الفنان‬
‫المسرحي أو األديب إلى العودة إلى التراث والتعبير من ورائه أو من خالله بطريقة غير‬
‫مباشرة ورمزية " في مقدمة أسباب لجوء الكاتب العربي إلى التراث فعندما يتحدث الكاتب‬
‫من خالله يشعر أنه يحميه من بطش السلطة‪ ،‬وبهذا يصبح التراث كاألسطورة والرمز‬
‫وتا غير صوته يحمله وزر أرائه التي ال يستطيع‬
‫قناعا يختفي خلفه الكاتب فيستعير ص ً‬
‫ً‬
‫‪57‬‬
‫التصريح بها"‬

‫ويعبر‬
‫ولعل هذا أهم سبب دفع الشاعر معين بسيسو إلى استحضار حادثة تاريخية مضت ُ‬
‫بواسطتها عن واقعه المعاش هو خوفه من نظام العدو والمحتل الغاصب وربما كذلك خوفه‬
‫من منظمة التحرر الفلسطينية نفسها واألنظمة العربية التي ذاق بطشها خاصة‪.‬‬

‫ومن الشعراء الذين وظفوا التراث صالح عبد الصبور‪ ":‬رأى في التراث وسيلة الشاعر لكي‬
‫يكون له موقف من المجتمع ومن اإلنسان‪ ،‬ومن العالم‪ ،‬فالتراث ملك للشاعر وكذلك‬
‫‪58‬‬
‫التجربة الدينية هي جزء من تاريخه "‪.‬‬

‫‪-4‬مقارنة بين أسلوبه وأسلوب صالح عبد الصبور‪،‬المقالح‪ ،‬وعبد الرحمان الشرقاوي‪:‬‬

‫نادر ظاهر‪ ،‬توظيف التراث في شعر معين بسيسو ‪2012-08-6‬‬ ‫‪56‬‬

‫جمال محمد النواصرة‪ ،‬المسرح العربي‪،‬ص‪.24‬‬ ‫‪57‬‬

‫صالح عبد الصبور‪:‬من مواليد ‪ 3‬مايو‪ 1931،14‬أغسطس ‪.1981‬‬ ‫‪58‬‬

‫‪28‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫" وصالح عبد الصبور يعتبر أن الدين جزء من التراث فقد أفاد من الشعر القديم وخاصة‬
‫من عنصري الغزل والمديح اللذين أعاد صياغة جديدة لهما وصالح عبد الصبور كان‬
‫‪59‬‬
‫مسرحيا"‪.‬‬
‫ً‬ ‫كاتبا‬
‫شاعر بقدر ما كان ً‬
‫ًا‬

‫نقديا لواقع‬
‫" فكانت مأساة الحالج ‪ 1967‬ارئعة األثر الصوفي في مسرحه و انعكاسا ً‬
‫الستينيات في مصر فلقد أسند ظهره فيها إلى أحداث التاريخ و أخباره وكانت مسافر ليل‬
‫‪ 1969‬فهي تستدعي من ذاكرة التاريخ عن طريق الراوي شخصيات أثرت في التاريخ‪،‬‬
‫‪60‬‬
‫فكانت الراوي يحي تلك الشخصيات ويمينها في الحدث "‬

‫ويبقى صالح عبد الصبور أحد الشعراء الذين وظفوا التراث والتاريخ في أشعارهم واستوعبوا‬
‫أبعاده‪ ،‬فلم يخل شعره إالّ قليالً دون االمتزاج يعيق التراث وتمثله‪ ،‬مما نسيم عن وعي بحركة‬
‫التاريخ وعمق التجربة اإلنسانية‪ ،‬كما بعد كذلك من أوائل الشعراء الذين أدركوا وحرفوا أهمية‬
‫األسطورة وعرفوا معها أهمية قدرة الشاعر على استخدامها‪.‬‬

‫" ومن الشعراء الذين وظفوا كذلك التاريخ والتراث "عبد العزيز المقالح" وتوظيفه هو اآلخر‬
‫لألسطورة في شعره وينم هذا التوظيف عن وعيه بالتراث واستلهامه منه ما يتالءم ويتوافق‬
‫وتجربته الشعرية "‪.61‬‬

‫" وقد أخذ أسلوب التكثيف الداللي في شعر المقالح وض ًعا مختل ًفا إلى حد ما أن لم يكن‬
‫مغاير لما هو في شعر صالح عبد الصبور‪ ،‬وما يمكن أن يوصف به شعر المقالح أنه‬
‫ينحوا إلى التجريد والرمز واالستثناء فيه هو التجريب‪ ،‬ومن هنا فإن التغيب الداللي في‬

‫خالد محي الدين البرادعي‪ ،‬المسرح العربي‪ ،‬بتصرف ص‪.121‬‬ ‫‪59‬‬

‫أبو الحسن سالم‪،‬مقدمة في نظرية المسرح الشعري ص‪.67‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪ 61‬عل قاسم الزبيدي‪،‬درامية النص الشعري في شعر صالح عبد الصبور وعبد العزيز المقالح‪،‬دار الزمان ط‪1،2009‬‬
‫ص‪-387‬بتصرف‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫شعره هو الراجح وتهجير المعنى ينشأ من جمع المقالح بين ما ال يجتمع وتأليفه ما ال‬
‫يتألف"‪.62‬‬

‫" وينهض فيما بعد عبد الرحمن الشرقاوي ليقدم من بين أعمال أخرى مسرحيته الشعرية‬
‫المعروفة‪" ،‬الحسين ثائ اًر وشهيداً" ويكون أول من أنقد فكرة المسرح الشعري من الشكل‬
‫الكالسيكي كما يكون أول شاعر مسرحي ألف لديه الجرأة لركوب المغامرة وأتصد زحزحه‬
‫سكون الحدث التاريخي والتدخل بقفل معاصر في سير األحداث وأهم ما امتازت به‬
‫مسرحية الشرقاوي قدرتها على الصمود أمام نقد مسرحي يمكن أن يستخرج منها‬
‫الكثير"‪.63‬‬

‫ويعد الشرقاوي أحد الشعراء القالئل الذين أخرجوا النص التاريخي من سكونه وحوله إلى‬
‫"ُ‬
‫حالة قادرة على االستمرار في الزمان ولعل أهم سبب مكنه من ذلك هو حبه لمغامرة فهي‬
‫التي منحته القدرة على الضغط على المواقف التاريخية وتحميلها أكثر من حجمها في‬
‫النصوص المدونة وإذا بنا أمام عمل يعالج قضايا سياسية هامة يظهر فيها بطش وظلم‬
‫القوى السياسية وترتفع منها أصوات تنادي بالحرية وتندد بالرفع الظلم والقهر عنها كما‬
‫تجسد فيها أصوات المحرومين وتتجسد فيها إشراقات التضحية والفداء"‪.64‬‬

‫وفي األخير ال غرابة أن يلتصق مسرح معين بسيسو بالتراث الشعبي‪ ،‬فالشاعر أمضى‬
‫الجزء األكبر من حياته مناضالً ملتصًقا بشعبه وقضيته‪ ،‬وغنى ألحانه وعبر عن آماله و‬
‫آالمه‪ ،‬وكان من الطبيعي أن يغرف من التراث الخصب للشعب ويظهر الفلسطيني لديه‬
‫بسرواله الذي حمل ألوان علم بلده وفي مسرحية ثورة الزنج يلجأ معين إلى الدنيا الذي يعرفه‬
‫الفلسطينيون وبعض العرب "باسم صندوق العجب" ليعرض من خالله مشاهد غنية باألفكار‬

‫المرجع نفسه ص ‪384‬‬ ‫‪62‬‬

‫خالد محي الدين البرادعي‪ ،‬خصوصية المسرح العربي ص ‪.107‬‬ ‫‪63‬‬

‫خالد محي الدين البرادعي‪ ،‬خصوصية المسرح العربي‪ ،‬بتصرف ص‪.107‬‬ ‫‪64‬‬

‫‪30‬‬
‫تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‪.‬‬ ‫الفصل األول‬

‫و الدالالت وصندوق عند معين عجيب في حد ذاته فهو مختلف ليس في خشبه و أدواته‬
‫بل في وظيفته التي أخذت مهمة تقرية الواقع وليس التفرج عليه من خالل صندوقه يرى‬
‫واقع و مصير األمة العربية والقضية الفلسطينية ومن ثم يدخل ليعرف األفراد و يكشف دون‬
‫توريه واقعهم‪ .‬قدم معين بسيسو الوجه الفلسطيني المناضل من أجل الحق والعدالة والحرية‬
‫للعالم عن طريق أعماله ومسرحياته وعروضها في كل مكان ويبقى الشاعر معين بسيسو‬
‫أحد عمالقة الشعر العربي المعاصر عامة والمسرح الشعري خاصة‪.‬‬

‫أهم الدراسات التي تناولت مسرحه الشعري‪:‬‬


‫هناك دراسات عديدة تناولت مسرحه كدراسة علي الراعي‪ ،‬وعبد القادر القط‪ ،‬وكمال غنيم‬
‫كذلك أنتجت نادي ساري الديك دراسة بعنوان "ما قالته غزة للبحر" وصدر عن و ازرة الثقافة‬
‫عام ‪ 1998‬كما صدر عن اتحاد الكتاب الفلسطيني عام ‪ 1988‬دراسة بعنوان "لم تسقط‬
‫من يده الجمرة" لمؤلفها عبد اللطيف البرغوثي‪ ،‬وصدر عن مؤسسة األسوار في عكا‬
‫سنة‪ 1985‬لمجموعة مؤلفين "معين بسيسو" شاعر فلسطين خالد في ذاكرة الوطن‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫الفصل الثاني‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬
‫أوالً‪ :‬موضوعات مسرحية ثورة الزنج‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬بناء الشخصيات في المسرحية‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الحدث في مسرحية ثورة الزنج‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬الحوار في مسرحية ثورة الزنج‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬الزمان والمكان في مسرحية ثورة الزنج‪.‬‬
‫سادسا ً‪ :‬ظاهرة التكرار في مسرحية ثورة الزنج‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬اللغة الشعرية في مسرحية ثورة الزنج‪.‬‬
‫ثامناً‪ :‬الرمز الشعري في المسرحية‪.‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يعتمد المسرح الشعري على عدة خصائص بحيث تعتبر من أهم المميزات التي يبني عليها‬
‫المسرح نصه‪ ،‬فإذا لم تكن هذه الخصائص فال وجود للنص‪ ،‬ومسرحية ثورة الزنج هي‬
‫مسرحية تاريخية تتحدث عن الوضع التي تعيشه فلسطين من حرمان واضطهاد وتهميش‬
‫وفقر‪ ،‬وربما عددناها وهي من أفضل أعمال وإنجازات ""معين بسيسو" وأكثرها تكامالً تشبه‬
‫أحداثها بين ما حصل للزنج من نهب للثروات واستالب األرض‪ ،‬والحريات والحقوق وما‬
‫حدث للشعب الفلسطيني‪ ،‬حيث يرى " معين بسيسو" أن تاريخ فلسطين منشور على حبل‬
‫غسيل حيث يقول‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫صندوق الدنيا والتاريخ على حبل غسيل‬

‫وقد أسهمت عناصر فنية كثيرة في نجاح وبناء المسرحية وتميزها‪ ،‬ونتوقف عند أهمها هذه‬
‫الدراسة‬

‫أوالً‪ :‬موضوعات مسرحية ثورة الزنج‪:‬‬

‫تعتبر من أهم العناصر التي تقوم عليها المسرحية وأساس بنائها " وهي األساس الذي يقوم‬
‫عليه البناء الفني المسرحي والموضوع الذي ُتبنى عليه القصة‪،‬وال يكون دائماً إيحائيا في‬
‫أثره‪،‬قمع أنه يجب أن يقرر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة حقيقة عن الحياة والسلوك‬
‫اإلنساني) ( "‬

‫ولكل مسرحية فكرة تقوم عليها بحيث يجب أن تكون مالئمة ومنسجمة مع النص المراد‬
‫بعدا جماليا وتمكن القارئ‬
‫تأليفه وعرضه وهي ضرورية في العمل‪،‬إذ أنها تعطي المسرحية ً‬
‫ملخصا ألي عمل أدبي ولمحة‬
‫ً‬ ‫والمشاهد من معرفة المسرحية قبل مشاهدته وتمثيله‪،‬وتعتبر‬
‫عن المسرحية‪.‬‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬دار العودة‪،‬ط‪1989 ،1‬م‪ ،‬ص‪.119‬‬

‫‪34‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫والمؤلف المسرحي ال يؤلف النص المسرحي عبثًا‪،‬فهناك موضوعات ال تصلح للتأليف‬


‫المسرحي فيجب عليه إنتقاء وإختيار الموضوع المناسب للمسرحية‪،‬ألن المسرح أصبح إحدى‬
‫أهم وسائل التثقيف والتوعية إلى جانب المتعة ‪.‬‬
‫والفكرة التي تدور حولها مسرحية << ثورة الزنج>> هي حال الشعب الفلسطيني من‬
‫البأس‪،‬والحرمان واإلضطهاد الذي يعيشونه وسلبهم أبسط حقوقهم وأراضيهم وأمنهم وأمانهم‬
‫وتشرد الشعب وشتاته في كل بالد العالم‬
‫منشور على حبل غسيل‪،‬ال‬
‫ًا‬ ‫حتى أصبح تاريخ فلسطين وحاضرها – كما يرى الكاتب –‬
‫يخفى على ٍ‬
‫أحد‪،‬يقول ‪:‬‬

‫كل التاريخ على حبل غسيل‬

‫أوراق تغسل وأوراق تصبغ‬


‫(‪)1‬‬
‫والرأس المقطوع وأوراق النقد الزائفة على حبل غسيل‬

‫ويدع األمم والبلدان العربية األخرى إلى اإلنضمام والدفاع عنهم من أجل إسترجاع حقوقهم‬
‫و إستعادة كرامتهم‪،‬والعيش في أمان وحرية‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬بناء الشخصيات في المسرحية‪:‬‬
‫ً‬
‫أي فعل أو عمل أدبي يعتمد‬
‫تعد الشخصية المحرك األساسي ألحداث المسرحية‪ ،‬كما أنها ُّ‬
‫على كيفية تركيب الشخصية وبنائها لتأدية عملها ووظيفتها وتجسيد الفكرة والقضية‪.‬‬
‫والشخصية ال تكتسب قيمتها إال من خالل عالقتها بالشخصيات األخرى ويكون التفاعل‬
‫باألدوار‪ ،‬و على هذا األساس‪ ،‬فإن الشخصيات في النص المسرحي تختلف عن الشخصيات‬
‫في النص السردي‪ ،‬ففي النص السردي تأتي مسرودة من خال الوصف والسرد على لسان‬
‫الكاتب‪ ،‬أما في المسرح‪ ،‬فالشخصية تعبر عن نفسها دون تدخل وسيط من خالل الحركة‬
‫والحوار واإلشارات و اإليماءات على خشبة المسرح فهي حية متشبعة بالعمق الدرامي‪ ،‬فال‬
‫يمكن تخيل مسرح دون شخصيات ودون حدث فاصلة فالشخصية والحدث يكمالن بعضهما‪،‬‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬دار العودة‪،‬ط‪1989 ،1‬م‪ ،‬ص‪.119‬‬

‫‪35‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فهما يعتبران وجهان لعملة واحدة ال يمكن فصل إحداهما على اآلخر وال نستطيع االستغناء‬
‫عن اآلخر‪.‬‬
‫تجسيدا للواقع المعيش وتشخيص للمفاهيم فال وجود لمسرحية دون‬
‫ً‬ ‫فالمسرحية تعتبر‬
‫شخصيات‪ .‬ويقوم باختيارها المؤلف ويجب أن تكون متماشية مع النص المسرحي‪ ،‬وتعرف‬
‫المسرحية على أنها " المادة التي ال مفر لنا من العمل معها‪ ،‬فإن من واجبنا معرفة هذه‬
‫(‪)1‬‬
‫الشخصية معرفة شاملة بقدر ما نستطيع "‬
‫وورد مفهوم الشخصية في لسان العرب‪ " :‬الشخص سواء اإلنسان وغيره‪ ،‬تراه من بعيد‬
‫وكل شيء رأيت جسمانه‪ ،‬رأيت شخصيته‪ ،‬الشخص كل جسم له ارتفاع وطول والمراد به‬
‫(‪)2‬‬
‫إثبات الذات‪ .‬ما يستعير لها لفظ الشخص "‬

‫قد ط أر تحول كبير على الشخصية المسرحية الشعرية المعاصرة‪ ،‬فكانت في القديم شبيهة‬
‫بدمية يحركها الشاعر أو يتحدث باسمها‪ ،‬أما اليوم فقد أخذت تتحدث بنفسها واختفى صوت‬
‫الشاعر وارتفعت أصوات شخصياته‪ ،‬ولهذا اهتم المسرحيون بالشخصية اهتماما ًا‬
‫كبير‬
‫باعتبارها تختلف حسب األجناس األدبية‪ ،‬وهي العنصر المهيمن في المسرح وال يمكن أن‬
‫نستغني عنه‪ ،‬وللشخصية أنواع منها‪ :‬الرئيسية (األساسية) ومنها الثانوية (البسيطة)‬
‫أ‪ -‬الشخصيات الرئيسية ‪ :‬وهي األساسية في المسرحية التي تميز بقوة تأثيرها على تحريك‬
‫األحداث‪ ،‬وتعبر عن األفكار ورؤية المسرحية‪ ،‬وتسمى كذلك بالشخصية البطل التي تأخذ‬
‫الدور األساسي والبطولي‪.‬‬
‫وتجد في مسرحية " ثورة الزنج " شخصية" عبد هللا بن محمد " هي الشخصية البطل والتي‬
‫تسير أحداث المسرحية‪ ،‬وأغلب األفكار تدور حولها‪ ،‬فهو بطل المسرحية‪ ،‬ورمز الثورة‬
‫واإلصرار على اإلنتصار‪ ،‬وعلى لسانه يمرر الشاعر كل مواقفه الرافضة للراهن العربي‬

‫(‪ )1‬البوس إيجري‪ ،‬فن كتابة المسرحية‪ ،‬تر‪ :‬دريني خشبة‪ ،‬مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬نيويورك‪،‬‬
‫ص‪.100‬‬
‫(‪ )2‬إيمان حمادي عبد األمير‪ ،‬مفهوم الشخصية الدرامية‪ ،‬قسم السيمياء‪ ،‬كلية الفنون الجميلة‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬العراق‪،‬‬
‫‪2016‬م‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المتخاذل والمنتقدة الن حرافات التاريخ وعدم التزام حكامه وقادته بالمنهج الرباني والسنة‬
‫النبوية وسيرة السلف الصالح‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫عبد هللا بن محمد‪ :‬هل هذا ما يعطيه القرن الثالث للهجرة‬
‫هل هذا كل عطاء خليفتها المعتمد بأمر هللا‬
‫وإرث عدل أبي بكر وصالبة عمر‬
‫واستشهاد علي‬
‫افتح يا سمسم‬
‫افتح بوابة كنزك يا عثمان‬
‫أصبح سيف الفتح هو العظمة تلقى للضنيغ‬
‫صارة المؤمن يلقى في الجب‬
‫سيف الفتح على السندان‬
‫يطرق‪ ،‬يصنع منه لحريم المعتمد الخاتم والخلخال‬
‫( يتوقف لحظة وينظر للرجل والمرأة)‬
‫هل هذا هو ما يعطيه القرن الثالث للهجرة‬
‫(‪)1‬‬
‫هل صار على المؤمن أن ينطلق يؤذن في جرة‬
‫وشخصية " عبد هللا بن محمد" هي شخصية تاريخية حقيقية تحمل صوت الكاتب أو إعجابه‬
‫بهذه الشخصية هو الذي دفع به إلى التأليف وإنتاج هذه المسرحية‪.‬‬

‫ووظف الشاعر شخصيات رئيسية أخرى تجتمع في عمل فني متكامل بحيث لكل شخصية‬
‫عمقها وتأثيرها الخاص بها‪،‬ولعل أهم الشخصيات الخيالية في المسرحية‪:‬الرجل صندوق‬
‫الدنيا و الرجل التيكر از الرجل الغسالة‬

‫ويعتبر التغيير في الشخصية من شخصيات حقيقية إلى شخصيات آلية من مظاهر التجديد‬
‫في بناء الشخصية الروائية والمسرحية‪،‬بحيث نجد الشخصية الواقعية تتقمص أدوار وحركات‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.140‬‬


‫‪37‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫في شكل آالت أو حيوانات‪،‬وتوصل الفكرة بطريقة حركات وإشارات و إيماءات‪،‬ونجد هذا‬
‫في قول الشاعر‪:‬‬

‫الرجل ( صندوق الدنيا )‬

‫صندوق الدنيا والتاريخ على حبل غسيل‬

‫كل التاريخ على حبل غسيل‬

‫من يملك أن يدفع حفنة قمح أو حفنة ملح‬

‫طاً في إبرة‬
‫أو خي ً‬

‫فليتفرج‬

‫من ال يملك أن يدفع شيئاً فليتفرج‬


‫(‪)1‬‬
‫صندوق الدنيا والتاريخ على حبل غسيل‬

‫والشخصية تاريخية تراثية‪،‬وصندوق الفرحة شكل تراثي من أشكال المسرح القديم‪،‬يعرف‬


‫بالجوقة عند اإلغريق‪،‬حيث يقوم بشرح فكرة المسرحية‪،‬وتهيئ المتفرج ألحداث‬
‫المسرحية‪،‬وظهور صندوق الدنيا للفرحة يكسر اإللهام‪،‬والهدف منها في المسرحية إبعاد‬
‫عاطفة المتفرج وإبقاء ذهنه صاحيا‪،‬وتزيد في تشويقه لمعرفة أحداث المسرحية‪.‬‬

‫ونجد "معين بسيسو" في هذه المسرحية يوظف شخصيات آلية ومنها شخصية " الرجل‬
‫الغسالة " وهو الذي يغسل ويصبغ كل ما يراد تزييفه‪،‬والرجل الثاني " الرجل التيكرز" وهو‬
‫يكتب األحداث المعاصرة أو يعيد كتابة األحداث الغابرة‪،‬وهي شخصيات آلية وظيفية تجردت‬
‫من قيمتها اإلنسانية‪،‬وتعتبر آالت للتزوير والتزييف من طرف المستبدين الكبار لتصوير‬
‫وجه فلسطين والواقع العرب المعاصر‪،‬يقول‪:‬‬

‫ما أكثر ما أتصور أبطاالً‬


‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.120‬‬

‫‪38‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫نحن غسلنا دمهم‬


‫(‪)1‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫وصبغناهم بالحبر‬
‫ويقوم الشخصية " الغسالة " و " الرجل التيكرز " بالصبغ واإلخراج والكتابة والنشر والتزييف‬
‫الذي يناقض التاريخ والحقيقة‪،‬وهما يدركان مهمتهما في التزوير‪:‬‬
‫الرجل التيكرز‪ ( :‬مقاطعاً )‬ ‫‪-‬‬
‫الحبر الواحد يقتل‬
‫واللون الواحد يقتل‬
‫واإلسم الواحد يقتل‬
‫والوجه الواحد يقتل‬
‫(‪)2‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫والقلم إذا ضاجع محبرة واحدة يقتل‬
‫الرجل الغسالة‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫كانوا من قبل يدسون السم بشريان التاريخ‬

‫ويعاقب أو يهرب من دليل السم‬

‫لكن من سوف يعاقب من يقتل بالحبر‬

‫(‪)3‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫من يقتل تاري ًخا من يقتل أبطاالً بالحبر‬

‫إن شخصية الرجل الغسالة والرجل التيكرز يضعان التاريخ المزيف والحاضر الكاذب‬
‫ويحكماني في الماضي والحاضر داخل هذه المسرحية‪.‬‬

‫الرجل التيكرز‪ :‬ما أكثر ما أتصور أبطاالً‬


‫نحن غسلنا دمهم‬

‫وصبغناهم بالحبر‬

‫أيديهم ترتفع كأعمدة من جوف الغسالة‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.122‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫(‪ )3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫‪39‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وتحفهم هذى الغسالة‬

‫تطلق كل سراح المغسولين المصبوغين‬

‫المسجونين بهذى الغسالة‬


‫(‪)1‬‬
‫وتحطم هذه اآللة‬

‫الرجل الغسالة‪ :‬ما أكثر صرت ُتحدث نفسك‬


‫البد وأن نغسل هذا الوجه اآلن‬
‫نغسله نسبغه ونعلقه فوق الحبل‬
‫(‪)2‬‬
‫سنصور بعد قليل‬
‫وهما شخصيان تقومان بخلق تاريخ آخر مزيف وتزوير التاريخ الحقيقي وإضمار الماضي‬
‫وتحريف الحاضر‪.‬‬
‫والرجل صندوق الدنيا‪................... :‬‬
‫صندوق الدنيا‬
‫( وهو يطوف حول الحلبة )‬
‫صندوق الدنيا من يتفرج‬
‫والدنيا طاحون‬
‫تطحن في الصبح السكر‬
‫تطحن عند الظهر الملح‬
‫تطحن حين تغيب الشمس يد الطحان‬
‫(‪)3‬‬
‫صندوق الدنيا بالمجان‬
‫وهنا صندوق الدنيا يعرض األحداث والتاريخ الفلسطيني على حلبة المسرح‪،‬ويشبه هجوم‬
‫المحتل على الدولة الفلسطينية بالطاحون الذي يطحن ويتخلص من كل شيء وأن األوقات‬
‫كلها مناسبة للهجوم‪.‬‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.123‬‬


‫(‪ )2‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫(‪ )3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.163‬‬
‫‪40‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كما وظف الشاعر شخصية " وطفاء " وهي زوجة عبد هللا لكي تشاركه البطولة‪،‬وبدت أماً‬
‫للثورة والثوار‪،‬فتحت في داخلها الخوف والقلق على الثورة وتخاف على النطفة التي أودعها‬
‫" عبد هللا " في أحشائها‪،‬وهي نطفة طاهرة مهيأة لميراث الثورة والنضال وعدم السكوت عن‬
‫الحق‪:‬‬
‫لكن صرت أخاف عليك‬
‫وأخاف على نطفتك بأحشائي‬
‫وأخاف على صاحبك البحراني‬
‫(‪)1‬‬
‫وأخاف على البصرة تحت الجلد‬
‫وهي النطفة الطاهرة العفيفة التي تنتظرها وقت والدتها والبذرة التي تمثل األمل والحرية‬
‫والتخلص من قيود المحتل‪،‬وتستنجد بإخوانها وتطلب المساعدة منهم‪،‬والنهوض لنصرة‬
‫المظلومين وإتخاذ المواقف الصائبة‪،‬وربما حذرتهم من الزيغ والخيانة‪...‬‬
‫يا أهل البصرة‬
‫يا تاريخ البصرة‬
‫إختاروا بين الكيس وبين الرأس المقطوع‬
‫اختاروا بين الذهب وبين الدم‬
‫يا أهل البصرة‬
‫(‪)2‬‬
‫يا زنج البصرة‬
‫وتتضح كذالك معاني اإلخالص والوفاء في شخصية " وطفاء " وذلك شكل واضح ونجاح‬
‫ثورة الزنج‪،‬وسقوط حكم " عبد هللا بن محمد " يدخل الشك في قلبه فيتهم وطفاء‬
‫بالخيانة‪،‬وكذلك سقوط دولته الفتية‬
‫حتى وطفاء‬
‫فلذة كبدك‪،‬ضلعك‬
‫لؤلؤة الدم‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.148‬‬


‫(‪ )2‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.155‬‬
‫‪41‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫(‪)1‬‬
‫صارت في منقار الحدأة؟‬
‫" وطفاء " في هذه المسرحية مثلت لصوت الصارخ المستمر في الوجود ليجلد النائمين‬
‫والغافلين والمخدوعين وقد شغل صوتها الفصل األخير من المسرحية وهذا داللة على الوالدة‬
‫والتحرر والنمو‪.‬‬
‫كانت أيدي الزنج‬
‫معجزة القرن الثالث للهجرة‬
‫معجزة الثورة‬
‫لكن أنتم‬
‫أنتم‬
‫ماهي معجزة أيديكم‬
‫مدوا معجزة أيديكم‬
‫(‪)2‬‬
‫مدو أيديكم بالمعجزة اآلن‬

‫ألما يكسوها نبرة الحزن والمعاناة والظروف‬


‫وجعا و ً‬
‫ولغة " وطفاء " الشعرية شاحبة تسيل ً‬
‫التي تمر بها‪،‬فهي تفصح عن مشاعر األمومية والقلق من القادم المجهول المحمل بالخوف‬
‫واأللم‪،‬وهذه مشاعر ألم الثورة التي تخبئ حزنها في أعماقها وتسكن حنين الثورة رحمها‪،‬فنجد‬
‫" عبد هللا بن محمد " يعترف لي وطفاء القلقة الخائفة‪:‬‬

‫أنا أعلم لكن بعد فوات الوقت‬

‫أستيقظ ورؤوس حرابهم تجرح عنقي‬

‫إن الثورة والعرش‬

‫ال يلتقيان على مائدة واحدة يا وطفاء‬

‫أعلم بعد فوات الوقت‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.177‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫‪42‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أن الثورة‬

‫أبدا تلك الثمرة‬


‫ليست ً‬
‫تتدلى من فرع الشجرة‬

‫تخطفها قبل يد السلطان الجائر‬


‫(‪)1‬‬
‫يد الثائر‬

‫فهي شخصية ملحمية ثورية نبيلة تتميز بالصبر والنضال‪،‬وتؤكد تمسكها بالثورة‪،‬وتؤكد أنها‬
‫لن تخذل " عبد هللا " تحت أي ضغط كان ولن تخلع خاتمه‬

‫ال يا عبد هللا بن محمد‪..‬‬

‫ِكذاب هذا النعش‪...‬‬

‫قالوا لك ماتت‪..‬‬

‫خانت‪...‬‬

‫وطفاؤك لن تخلع خاتمك من األصبع‬


‫(‪)2‬‬
‫لن تحمل وشم عدوك‬

‫فوطفاء في هذه المسرحية هي رمزية لكل امرأة فلسطينية مكافحة مناضلة تحمل في داخلها‬
‫معاني الثورة ضد المحتل‪،‬تبحث عن حريتها‪،‬والتخلص من قيود العبودية ومن المحتل‪،‬تُر ُيد‬
‫العيش في أمان و سالم مع شعبها‪.‬‬

‫الشخصيات الثانوية‪ :‬وهي الشخصيات التي تسلك سلوك تلمسه بوضوح وهي‬ ‫ب‪-‬‬
‫شخصيات سطحية‪،‬تكون غي مؤثرة عادة‪،‬وتتمثل في شخصيات ثانوية ولكنها ليست زائدة‬
‫بل تعمل على تحريك فعل الشخصية الرئيسية ودفع األحداث نحو الذروة فنجد من بين هذه‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.169‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.178‬‬
‫‪43‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الشخصيات الثانوية‪ ( :‬الشحاء‪،‬النحاس‪،‬العطار‪،‬العبد الجالد‪،‬البحراني‪،‬محمد عبد‬


‫المعطي‪،‬المنادي‪،‬الطبيب )‬
‫فه ذه الشخصيات هي شخصيات تاريخية مؤثرة تحكمت في األحداث وأدوات الحوار‬
‫المسرحي بشكل جيد كغيرها من الشخصيات حتى ال يكاد المتلقي التفريق بينها وبين‬
‫الشخصيات الرئيسية‬
‫المدرس‪ :‬خلفي وبصوت واحد‬
‫يسقط عبد هللا بن محمد‬
‫األطفال كالجوقة‪ :‬يسقط عبد هللا بن محمد‬
‫المدرس‪ :‬إشرب إشرب كوكاكوال‬
‫(‪)1‬‬
‫األطفال كالجوقة‪ :‬إشرب إشرب كوكاكوال‬
‫أيضا‪:‬‬
‫و ً‬
‫الطبيب‪ :‬واآلن‬
‫كيف ستخرج هذا المشهد‬
‫(‪)2‬‬
‫هذي هي فرصة عمرك‬
‫وكذلك شخصية الجالد‪:‬‬
‫الجالد‪:‬ال‪...‬‬
‫ال يمكن أن يحدث هذا‬
‫‪............‬‬
‫من مقبرة القرن الثالث للهجرة‬
‫‪............‬‬
‫أنا من سقط تظلله راية عبد هللا بن محمد‬
‫‪............‬‬
‫فوق مقاعدهم في الصالة‬
‫أن ألقى لهموا من فوق الخشبة‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.171‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫‪44‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫رأس المولود‬
‫وطفاء‪ :‬وإلى أين؟‬
‫الجالد‪ :‬سأقودك للقرن الثالث للهجرة‬
‫(‪)1‬‬
‫حتى أبواب البصرة‬

‫وعموما فقد إستطاع الكاتب والشاعر " معين بسيسو " في مسرحية " ثورة الزنج " التحكم‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫يستعن عن هذه الخاصية في مسرحيته‬ ‫في مصير شخصياته وإمكانية توظيفها ولم‬
‫ثالثا‪/‬الحدث في مسرحية " ثورة الزنج "‬
‫الحدث هو العمود الفقري الذي تقوم عليه المسرحية والذي ال يمكنها التخلي عنه ألنه هو‬
‫األساس و األداة التي تتحرك بها الشخصيات عن طريق الحوار و الحركة واألداء الذي‬
‫تقوم به وهو المادة الخام للعمل الفني‪.‬‬
‫ويختلف دور الحدث في كل فن وفي كل جنس عن اآلخر‪،‬حيث أن الحدث في القصة ليس‬
‫كما هو في الشعر وفي المسرح‪،‬والحدث هو ما يبني عليه الفن‪،‬وهو يشترك في البناء‬

‫واإلنشاء مع بناء الشخصيات << والحدث الدرامي ال بد أن يكون ً‬


‫جادا بمعنى أن خطوات‬
‫(‪)2‬‬
‫تطوره خطوات ال يمكن الرجوع فيها >>‬
‫وسرد األحداث في المسرحية يكون بطريقة تسلسلية وبمنهجية محددة تسير عليها‪،‬فهي تُْبنى‬
‫بترتيب تصاعدي يكون حسب زمن المسرحية وتطور األحداث والحدث ينمو ويتطور من‬
‫خالل تتابع األحداث وانسجامها والمقصود به ‪ :‬هو أي شيء يدفع مجرى القصة إلى‬
‫(‪)3‬‬
‫األمام تجاه ذروة وخاتمة‪،‬والفعل قد يكون فكرة‪،‬أو حديث أو حركة جسمانية >>‬
‫حيث تعتبر المسرحية ناقصة دون حدث فني يصل إلى نهايته‪.‬‬
‫حيث أن الحدث يتكون من بداية ووسط ونهاية وال االستغناء عن أي جزء منها‪.‬‬
‫ويمكننا تتبع أحداث مسرحية ثورة الزنج من خالل أجزائها‪:‬‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.190‬‬


‫(‪ )2‬عبد العزيز حمودة‪ ،‬البناء الدرامي‪ ،‬الهيئة المصدرية العامة للكتاب ‪1988‬م‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫(‪ )3‬بيداء عبد الصاحب الطائي‪ ،‬البنية الدرامية في شعر نزار قباني‪ ،‬دار ضفاف للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪2012‬م‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪45‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يبدأ الجزء األول باللوحة األولى وفيها يظهر صاحب صندوق الدنيا ليعلن عما سيحدث في‬
‫المسرحية قائالً‪:‬‬
‫صندوق الدنيا والتاريخ على حبل غسيل‬
‫كل التاريخ على حبل غسيل‬
‫من يملك أن يدفع حفنة قمح أو حفنة ملح‬
‫طا في إبرة‬
‫أو خي ً‬
‫فليتفرج‬
‫شيئا فليتفرج‬
‫من ال يملك أن يدفع ً‬
‫صندوق الدنيا والتاريخ على حبل غسيل (‪.)1‬‬
‫ومن هنا يبين لنا الكاتب بأن التاريخ مزور وناقص ويقوم بتزييف الحقيقة فيذهب صندوق‬
‫الدنيا ويتركنا مع شخصيتين آليتين وهما الرجل الغسالة وهو من يغسل ويصبغ التاريخ وكل‬
‫ما يراد صبغه‪،‬والرجل تيكرز الذي يقوم بالكتابة القديمة والحديثة ويربط بينهما فالغسالة من‬
‫شأنها ان تمحو كل ما كتب و كأنها تقوم بمسح الذاكرة وتصعيد صياغة األفكار بطريقة‬
‫حديثة ويركز في هذا المقطع على القضية الفلسطينية وهي أم القضايا التي تعرضت‬
‫للتزييف‪،‬ويصوران وجه فلسطين ويقرران ما يجب أن ُيغسل ويعاد صبغه ويعلقانه على حبل‬
‫غسيل‪.‬‬

‫الرجل الغسالة‪ :‬إنك تهذي لن تخرج من هذه الغسالة‬


‫ما أتعسهم‬
‫كانوا من قبل يدسون السم بشريان التاريخ‬
‫ويعاقب كل من يهرب دس السم‬
‫لكن من سوف يعاقب من يقتل بالحبر‬
‫من يقتل تاري ًخا من يقتل أبطاالً بالحبر‬
‫الرجل التيكرز‪ :‬ما أكثر ما أتصور أبطاالً‬
‫نحن غسلنا دمهم‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.120‬‬


‫‪46‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وصبغنا نهر بالحبر‬


‫أيديهم ترتفع كأعمدة من جوف الغسالة‬
‫(‪)1‬‬
‫وتحطم هذه الغسالة‬
‫نقدا لكل من‬
‫وعند ذكر هاتين الشخصيتين لفلسطين تظهر إمرأة كالطيف ترمز لها توجه ً‬
‫يزيف التاريخ ويشوه وجهها والمرأة واثقة من أن هذا الزيف سوف ينتهي ألنهم سوف يجيئون‬
‫ويقطعون الحبل‪:‬‬
‫أنا في طبق العشرين‬
‫أؤكل بالشوكة والسكين‬
‫لكن سوف يجيئون‬
‫سوف يجيئون‬
‫طع هذا الحبل‬
‫و َسُيق َ‬
‫وت َحطم هذه الغسالة‬‫ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫وتكسر هذه اآللة‬
‫وهنا يقرر حتما بحقيقة االنتصار والتخلص من التزييف و أن جيل القرن العشرين يرفض‬
‫بالحاضر‪،‬يصر الرجل التيكرز على أن وجه فلسطين‬
‫ُ‬ ‫التزوير ويكسر قيود الماضي ويستبشر‬
‫ض ِانه من مقبرة التاريخ ويغسالنه ويصبغانه ليكن " عبد‬
‫وجها آخر ُي ْن ِه َ‬
‫قريب ويصور لها ً‬
‫هللا بن محمد "‪.‬‬

‫وجها أو وجهين‬
‫الرجل التيكرز‪ :‬أغني وجها يضرب ً‬
‫أو خمسة أوجه‬

‫وجها ُتن ِه ُ‬
‫ض ُه من مقبرة التاريخ‬ ‫ً‬
‫وجها تغسله‪،‬نصبغه ونؤلفه ونصوره كيف نشاء‬
‫ً‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.123-122‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫‪47‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فلماذا ال تلقي في غسالتك‬


‫(‪)1‬‬
‫بوجه الزنج وقائدهم عبد هللا بن محمد‬

‫وحين يظهر عبد هللا بن محمد يذهب ويصب غضبه على المعتمد بأمر هللا الذي أمر بقتله‬
‫وعلى أتباعه ‪،‬حيث ظهروا راقوه في القرن العشرين يضعون السكين على عنقه‬

‫الرجل القتلة‬

‫المعتمد بأمر هللا قتلني مره‬

‫وُقتلت على أيدي وراقيه في القرن‪،‬لثالث مرة‬

‫هاهم قد وضعوا السكين على عنقي‬

‫في القرن العشرين‬

‫لكنني لن أقتل بعد اآلن‬

‫لن يغسل وجهي لن يصبغ ويعلق‬

‫في حبل غسيل بعد اآلن‬


‫(‪)2‬‬
‫الدم والحبر وعنقي والسيف‬

‫ويتواصل التزييف من القرن الثالث إلى القرن العشرين ولنا أن عبد هللا بن محمد متمسك‬
‫بالحقيقة‪،‬والدفاع عنها االنتصار‪.‬‬

‫وفي اللوحة الثالثة يقدم لنا المؤلف ساحة فلسطين ويصفها لنا بأنها ساحة تعج بالتجارب‬
‫الذين يتاجرون بالقضية الفلسطينية‪،‬وكل واحد منهم يظهر االهتمام بالقضية‬
‫الفلسطينية‪،‬فهناك رجل يجلس تحت بطن بقرة سوداء مكتوب على جلدها (تبرعوا لفلسطين)‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.125‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.126‬‬

‫‪48‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ويقعد معه " جردل " ووراءه ثالثة رجال ينتظرون دورهم وأمامهم مفرش وقد رصت عليه‬
‫بعض الزجاجات بمختلف األحجام وبعض أكياس القماش وصندوق زجاجي في الوسط‬
‫داخله روث بقر و الرجل يرتدي ألوان << علم فلسطين >> وعلى صدره العريان حروف‬
‫كبيرة تشكل أسماء غزة‪،‬القدس‪،‬يافا‪،‬وعلى المسرح رجل هندي مصلوب و إلى جانبه رجل‬
‫آخر يحمل في يده جمجمة وصوته يرتفع‪:‬‬

‫الرجل التيكرز‪ :‬ها‬


‫الرجل الغسالة‪ :‬ها‪...‬ها‪..‬‬
‫ال حركة‬
‫سنصور‬
‫كال كيت‬
‫أول مرة فيلم‬
‫الرجل الغسالة‪ :‬حركة‬
‫بصلة‬
‫مسمار‬
‫دوالر‬
‫(‪)1‬‬
‫دينار‬
‫وإلى يمين الصليب قفص يعج بالرجال والنساء‪،‬بعضهم في ثياب رعاة بقر والنساء يلبسن‬
‫رداء الفالحات الفلسطينيات‪،‬وأمام القفص رجل يرتدي ( المارينز ) وفوق رأسه مظلة ملونة‬
‫وفوق منصة القفص أكياس رمل مرصوصة وخلف األكياس عصا طويلة في رأسها خوذة‬
‫فوالذية‪.‬‬
‫حفنة رمل من شاطئ يافا‬
‫حجر من عكة‬
‫خطب وبيانات‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.129‬‬

‫‪49‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ووثائق مؤتمرات‬
‫وقصائد روايات‬
‫روث من أرض المذود في بيت المهد‬
‫ورماد من حيث المذبوحين المحترقين‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫في دير ياسين‬
‫والرجل التيكرز والرجل الغسالة يراقبان المنظر و الجميع في حالة سكون والحركة تتوقف‬
‫تماما ثم يعطي الرجل الغسالة األمر بالتصوير ويهجم " عبد هللا بن محمد " على المتاجرين‬
‫ً‬
‫جميعا فيهربون مسرعين بينما يتقدم " عبد هللا بن محمد " ويضرب عيدان القفص‬
‫ً‬ ‫والمزيفين‬
‫ويقول‪:‬‬
‫انطلقوا اآلن‬
‫كونوا ما شئتم‬
‫زنجا في القرن الثالث للهجرة‬
‫أو زنجاً في القرن العشرين‬
‫إن عليكم أن تنطلقوا اآلن‬
‫ال يستأذن عبد من قيصره‬
‫(‪)2‬‬
‫كي يعلن ثورة‬
‫وتنتقل األحداث في " اللوحة الثالثة " إلى القرن الثالث الهجري ونجد " عبد هللا بن محمد "‬
‫في داره مع و " طفاء " جارية المعتمد باهلل سابًقا وزوجة عبد هللا اآلن‪،‬إذ يتحدثان عن وضع‬
‫فلسطين وأمر الناس وما آلت إليه في القرن الثالث للهجرة‪،‬إنهم يجلدون ظهور الزنج‬
‫جلدا وقد تمدد على سرير " عبد هللا " و " وطفاء " تطيب‬
‫اآلن‪،‬وهذا أحدهم أو سعوا ظهره ً‬
‫جرحه وهو بين النوم واليقظة‪.‬‬
‫صبر يا عبد هللا‬
‫وطفاء‪ً :‬ا‬
‫ال تستعجل حلب الجرح‬
‫مازال الجرح كطفل يحبو فوق األرض‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.131‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.139‬‬
‫‪50‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وسيبكر وسينهض وسيمشي‬


‫وسين ِب ُت أسنانه‬
‫ُ‬
‫عبد هللا بن محمد‪ :‬كان على البحراني أن يحضر‬
‫هو ذا يصحو‬
‫وطفاء‪ :‬فلنحمله ونمدده فوق فراشك‬
‫عبد هللا بن محمد‪ :‬فوق فراشي‬
‫يكن المجلودين بأرض البصرة‬
‫‪...‬‬
‫هل يتسع فراشي يا وطفاء‪..‬‬
‫لزنج األهواز وزنج البصرة‪..‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫قد طفحت يا وطفاء الكأس‬
‫وعبد هللا يتعجل قيام الثورة ويتطلع ألن تثبت للجرح أسنان‪،‬فتطلب إليه " وطفاء " أن يستهل‬
‫ويقول لها قد طفحت فنقول‬
‫وطفاء‪ :‬كأسك طفحت‬
‫لكن لم تطفح كأس الزنج‬
‫وكأس البصرة بعد‬
‫مازالت فأس الزنج ترفرف‬
‫(‪)2‬‬
‫كالطائر فوق القيد‬
‫ونجد في هذه المسرحية دعوة إلى التمهل حتى تنضج الثورة ويكتمل اإلعداد لها حتى ال‬
‫هباءا‪،‬يبرز فيها الكاتب فكرة الثورة تقوم على الحشد وتثور الجماهير‬
‫تُجهض الجهود وتضيع ً‬
‫ويشعر بالقلق على صاحب البحراني‪.‬‬
‫وطفاء‪ :‬ال أدري يا عبد هللا بن محمد‬

‫فالملدوغ يخاف إذا ُجَر الحبل أمامه‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.142‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.143‬‬
‫‪51‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫لكن البحراني يبسط كفيه كي يمسك بالحبل‬


‫(‪)1‬‬
‫و أراك معه‬

‫ثمينا من الحياة‪،‬تخاف على النطفة التي تحملها في‬‫شيئا ً‬


‫ونجد "وطفاء" تخاف أن تفقد ً‬
‫أحشائها التي أودعها عبد هللا بن محمد‪،‬أو لنقل على رمز الثورة واستمرارها‪:‬‬

‫وطفاء‪ :‬لكني صرت أخاف عليك‬

‫وأخاف على نطفتك بأحشائي‬

‫وأخاف على صاحبك البحراني‬

‫وأخاف على البصرة‬

‫وأخاف على تلك الجمرة‬


‫(‪)2‬‬
‫تحت الجلد‬

‫ويدور في مرحلة ما في المسرحية صراع حول البذرة والنطفة الطاهرة تنتظر وقت والدتها‪،‬وهذا‬
‫الصراع يمثل األمل لكل األحرار ويطل الحائط األيمن لصحن الدار"أرجواز" يتدلى من يده‬
‫اليمنى حبل في نهايته كيس‪،‬ومن اليد اليسرى حبل آخر في نهايته رأس ملطخ بالدم يتأرجح‬
‫ويصبح األرجواز‪.‬‬

‫األرجواز‪ :‬يا أهل البصرة‬

‫يازنج البصرة‬

‫يتحسس عنقه‬
‫ُ‬ ‫كل‬

‫يتحسس كيس نقوده‬


‫ُ‬ ‫كل‬
‫(‪)3‬‬
‫كل يتدبر أمره‬

‫(‪)1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.147‬‬


‫(‪)2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.147‬‬
‫(‪ )3‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.155‬‬
‫‪52‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وصوت األرجواز هو اإلعالم المظل الناطق بلسان االستبداد الذي حسر اإلنسان العربي‬
‫في خيارين ال ثالث لهما كيس الذهب مقابل كرامته وحريته أو القتل بقطع الرأس‪،‬هي صورة‬
‫صادمة للحس اإلنساني‪،‬فيخيرها بين الذهب أو الدم وينتبه " عبد هللا بن محمد " فيضرب‬
‫الحبل الرأس فيسقط ويلتقطه عبد هللا وهو يقول‪:‬‬

‫هذا الرأس المقطوع‬


‫يا أهل البصرة‬
‫يا زنج البصرة‬
‫إختاروا بين الكيس وبين الرأس المقطوع‬
‫(‪)1‬‬
‫اختاروا بين الذهب وبين الدم‬
‫ويختار "عبد هللا بن محمد" الدم والحرية على المال والعبودية وأختار الرأس الحر حتى وإن‬
‫مقطوعا ‪:‬‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫يا أهل البصرة‬
‫يا زنج البصرة‬
‫اخترنا الرأس المقطوع‬
‫(‪)2‬‬
‫اخترنا الرأس المقطوع‬
‫ويقرر الرجل الغسالة والرجل التيكرز أن يؤلف " عبد هللا بن محمد " آخر‪،‬بل أكثر من واحد‬
‫أي عبد هللا منهم‬
‫وإطالقهم في أسواق األهواز و بغداد والبصرة حتى ال يعرف العبيد ُّ‬
‫يشبعون؟‬
‫الرجل التيكرز‪:‬لنؤلف عبد هللا آخر‪...‬‬
‫و لنطلقهم في أسواق األهواز وبغداد و أسواق البصرة‪...‬‬
‫حين يصير هنالك أكبر من وجه‪...‬‬
‫(‪)3‬‬
‫فعبيد البصرة لن تعرف من تتبع‪...‬‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.155‬‬


‫(‪)2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.156‬‬

‫(‪ )3‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.160‬‬


‫‪53‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ويرتفع الستار في اللوحة الثانية على حلبة مربعة الشكل مكدسة بحراب ينتهي بعضها‬
‫بعمائم خضراء وبعضها بمناديل سوداء وحول الحراب يطوف " عبد هللا بن محمد " يتعرف‬
‫على رفاقه القتلى فعرف رأس البحراني‪،‬وحربه ابن أبي هاني وكل األصحاب فوق الحلبة‬
‫ووجده " عبد هللا بن محمد " مازال حيا‪:‬‬
‫عرف البحراني كيف يقسم أشالءه‪...‬‬
‫هو ذا الرأس‪...‬‬
‫هل تسمعني يا بحراني؟‪...‬‬
‫هل تسمعني يا ابن أبي هاني؟‪...‬‬
‫هذه حريتك‪،‬وهذا هو منديلك‪...‬‬
‫كل األصحاب هنا فوق الحلبة‪...‬‬
‫وحدك فوق الحلبة‪...‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وحدك يا عبد هللا بن محمد‬
‫ويرخي على " ثورة الزنج " بعد إنسانيا أكثر عمًقا‪،‬وأنبل مطلباً من المطامع االقتصادية‬
‫وتظل " وطفاء " وهي من بقي من الثورة‪،‬هي و ( الطائر ) الذي تحمله في أحشائها‪،‬ويقول‬
‫لها " عبد هللا " إنه طمع ذات يوم في أن يجعل سرير المعتمد عشاً لذلك الطائر لكن اآلن‬
‫يدرك خطأه‪.‬‬
‫عبد هللا بن محمد‪ :‬ألقيت له سبقا يا وطفاء‬
‫كنت سأبني عشا له‬
‫في نافذة المعتمد بأمر هللا‬
‫هذا الطائر ما عاد له عش‬
‫(‪)2‬‬
‫غير الجمجمة وغير الرأس على هذه الحرية‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.166‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.168‬‬

‫‪54‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وتنطلق " وطفاء " بطائرها الثمين بعد أن ترجاها " عبد هللا بن محمد " أن تهرب قبل فوات‬
‫األوان وذلك للحفاظ على الطائر الذي في أحشائها‪:‬‬
‫انطلق قبل فوات الوقت‬
‫من أجل الطائر في أحشائك يا وطفاء‬
‫من أجل البصرة‬
‫(‪)1‬‬
‫ومن أجل القرن الثالث للهجرة‬
‫ويظهر هنا الرجل الغسالة شامتًا في مصير " عبد هللا " ويزيد أوجاعه‪،‬ويقر بأن " وطفاء "‬
‫خانته وذهبت تسلم جسدها للعدو ونامت معه ولكن في الصباح قتلها الرجل الغسالة‬
‫هل تذكرها يا عبد هللا‬
‫من كانت تحمل في األحشاء جناحك‬
‫وقفت تطرق في باب عدوك‬
‫لتسلمه جسدك‬
‫وطفاء الغانية البطلة‪..‬‬
‫نامت معه يا وطفاء يا عبد هللا بن محمد‬
‫لكن في الصباح‬
‫(‪)2‬‬
‫وجنازتها تمشي اآلن‬
‫ولكن تظهر وطفاء وتكذب الجنازة وتؤكد براءتها وطهارتها و تكشف هذا التزييف‬
‫ال يا عبد هللا بن محمد‬
‫كذاب هذا النعش على األكتاف‬
‫وجنازتهم كذابة‬
‫قالوا لك متت‬
‫خانت‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.174‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.176‬‬
‫‪55‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫(‪)1‬‬
‫لكن علم الثورة في أحشائي‬
‫وفي اللوحة الثالثة تجري األحداث حول إجهاض " وطفاء " فيرفض الطبيب إجهاضها‬
‫بالوسائل حتى ال تصبح قديسة بالمشرط بهراوة مطاط‪.‬‬

‫ال‬
‫لست أحب أكاليل الشهداء‪...‬‬
‫سيقولون شهيدة‬
‫ستكتب مليون قصيدة‬
‫(‪)2‬‬
‫وستصبح قديسة‬
‫ويخرج الرجل الغسالة داخل مشهد مسرحي‪،‬وتجري أحداثه حول إجهاض " وطفاء " وفي‬
‫اللوحة الرابعة يخرج جالد زنجي يحرر وطفاء من قيودها وتتخلص من أغاللها فتخرج من‬
‫باب الزنزانة وترفض العودة للقرن الثالث الهجري‪،‬وتصر على الخروج إلى القرن العشرين‬
‫وإنهاء تُخبئ للثوار القادمين في صدرها سيفا وقنبلة وأمشاط رصاص وأصابع ديناميت‪:‬‬
‫ولد السيف بصدري‬
‫لم يطرق أحد منهم صدري‬
‫لكنهم سوف يجيئون‪..‬‬
‫أمشاط رصاص‬
‫(‪)3‬‬
‫و أصابع ديناميت‬
‫وفي اللوحة الخامسة نجد ساحة رحبة تعج بالمصلوبين وعلى كل مصلوب صورة " عبد هللا‬
‫نح وتنطلق لتعرف زوجها وتعطيه طفلها وتسير‬
‫بن محمد " و تأتي " وطفاء " وتصيح وتتر ُ‬
‫حتى تقف في وسط المصلوبين قائلة‪:‬‬
‫اسما‬
‫من مكنكم يعطي هذا المولود ً‬
‫علما وجواز سفر‬
‫يعطيه ً‬
‫يعطيه ما يعطي األب البنه‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.178‬‬

‫(‪ )2‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.180‬‬


‫(‪ )3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.193‬‬
‫‪56‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫(‪)1‬‬
‫من؟‬
‫وتهز وطفاء جذع صليب " محمد بن عبد هللا " وتجمعها معجزة ويرفع صوتها أكثر وهي‬
‫معجزة ثورة الزنج معجزة القرن الثالث للهجرة‬
‫كانت أيدي الزنج‬
‫معجزة القرن الثالث للهجرة‪...‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ما هي معجزة أياديكم‬

‫وترتبط نهايته المسرحية بموت الثوري ونجاة وطفاء والجنين‪،‬وذلك راجع بوجهة النظر التي‬
‫موت الثورة وهزيمتها أو نهايتها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أُس َست عليها المسرحية‪،‬فالموت فيها ال يعني ُ‬
‫بعا‪ :‬الحوار في مسرحية ثورة الزنج‪:‬‬
‫ار ً‬
‫يكشف الحوار أهمية خاصة في بناء المسرحية وتكاملها‪،‬حيث يعتبر من أهم العناصر التي‬
‫تُبنى عليها‪،‬وهو لغة تواصل بين الشخصيات‪،‬ونجد معظم األجناس األدبية تقوم على هذا‬
‫العنصر وال يخلو أي عمل فني من هذه التقنية‪،‬حيث يعتبر أداة المسرحية ومحرك‬
‫شخصيات‪ ،‬وتقوم المسرحية الشعرية من مبدئها إلى نهايتها على الحوار << ويعين محادث ًة‬
‫(‪)3‬‬
‫تستتبع تبادالً لآلراء و األفكار >>‬
‫ُ‬ ‫تجاذبا ألطراف الحديث وهي‬
‫ً‬ ‫أو‬

‫ويعد الحوار في المسرحية الشعرية عملية تواصلية بين طرفين أو شخصيتين فأكثر‪،‬فنجد‬
‫ُ‬
‫األول يتكلم و اآلخر ينصت إليه وذلك بطريقة عكسية‪،‬ومتبادلة ومواضيع الحوار متعددة‬
‫ومختلفة حيث نجده في جميع الميادين والمجاالت حيث يعتبر<< الحوار الدرامي‪...‬هو‬
‫(‪)4‬‬
‫الذي يتكون من نسيج المسرحية وهو الذي يعطينا قيمتها األدبية >>‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.197‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.202‬‬

‫(‪ )3‬إبراهيم فتحي‪ ،‬معجم المصطلحات األدبية‪ ،‬التعاضدية العمالية للطباعة والنشر‪ ،‬صفاقس‪ ،‬ع‪1986 ،1‬م‪ ،‬ص‪.148‬‬
‫(‪ )4‬مصري عبد الحميد حنورة‪ ،‬األسس النفسية لإلبداع الفني في الشعر المسرحي‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪،‬‬
‫‪1986‬م‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪57‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ويشكل الحوار الدعامة والعمود الذي تقوم عليه المسرحية وهو ما يميز المسرحية عن‬
‫اء كان داخليا‬
‫األجناس اآلخر‪ ،‬وهو وسيلة للتعبير عن شخصيات المسرحية وصيفاتها سو ً‬
‫أم خارجيا والفرق بينهما‬

‫ووظيفة الحوار في المسرح الشعري بعث الحركة التقنية من خالل الجمل الحوارية وبلغة‬
‫شعرية خالية من القواعد التي كانت تضبط الشعر قديماً‪،‬والحوار صوت الشخصية التي‬
‫يحمل فكرها‪،‬وهو نوعان‬

‫أ‪ /‬الحوار الخارجي‪:‬‬


‫" وهو حوار تتناوب فيه شخصيتان أو أكثر في الكالم وفي إطار المشهد داخل العمل‬
‫القصصي بطريقة مباشرة‪،‬ويعتمد الحوار المباشر على المشهد الذي يتولى بدوره إظهار‬
‫(‪)1‬‬
‫أقوال الشخصية "‬
‫ويكشف لنا هذا النوع من الحوار مدى تعلق شخصيات المسرحية بالقضية الفلسطينية وحب‬
‫الوطن‪،‬والدعوة إلى التحرر من قيود المحتل والعدو الصهيوني وذلك من خالل عبارات‬
‫وحديث الشخصية‪،‬وتبادل األدوار‪،‬التي تبرز لنا مدى تعلقهم باألرض وأهميتها‬
‫الرجل الغسالة‪ :‬كيف‬
‫مادم التاريخ هنا في هذه الغسالة‬
‫أوراقاً تصبغ كيف تشاء‪...‬‬
‫ما دمنا نملك هذه اآللة‪...‬‬
‫الرجل التيكرز‪ :‬ال أدري‪...‬‬
‫رجالً مغسوالً مصبو ًغا‪...‬‬
‫(‪)2‬‬
‫رجالً في القرن األول في القرن الثالث‪...‬‬

‫(‪ )1‬قيس عمر‪ ،‬الحوارية في النص المسرحي‪ ،‬ص‪.88‬‬


‫(‪ )2‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫‪58‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ار بين السلطة والشعب على مدى الزمن وفكرة إستمرار الثورة عبر كل‬ ‫ونجد كذلك حو ًا‬
‫العصور برؤية ميكانيكيا لحرك تها‪،‬وتشعر وطفاء بالمخاض فيطلب إليها عبد هللا ان تسرع‬
‫بعيدا عن الخطر من أجل البصرة ومن أجل القرن الثالث للهجرة‬
‫بالرحيل كي تلد ً‬
‫وطفاء‪ :‬هل قدر الثورة أن تمضي‬
‫تغرس ساعدها في هذى األرض‬
‫وتزرع ساعدها اآلخر‬
‫في تلك األرض‪...‬‬
‫عبد هللا بن محمد‪ :‬إنطلقي قبل فوات الوقت‬
‫من اجل الطائر في أحشائك يا وطفاء‬
‫من أجل البصرة‬
‫(‪)1‬‬
‫من أجل الثالث للهجرة‬
‫ب ‪ /‬الحوار الداخلي‪:‬‬
‫" ُيعرف بأنه أحادي اإلرسال تعبر فيه شخصية واحدة عن حركة وعيها الداخلي في‬
‫(‪)2‬‬
‫ِ‬
‫متلق واحد متعدد حقيقي أو وهمي صامت غير مشارك في اإلجابة "‬ ‫حضور‬
‫(‪)3‬‬
‫ويعتبر كذلك " نمط ال يستدعي وجود اآلخر بل هو جهة واحدة و يوجه إلى الداخل "‬
‫والحوار الداخلي هو أفضل أداة للكشف عن أفكار الشخصيات وخفاياها وتحليلها ‪.‬‬
‫ونجد مسرحية " ثورة الزنج " ال تخلو من هذا النوع‪،‬الذي من خالل تنكشف شخصية الكاتب‬
‫و المؤلف و األفكار التي بنى عليها هذه المسرحية‪،‬ويتجلى ذلك في قوله‪:‬‬
‫الرجل التيكرز‪ (:‬كمن ُيحدث نفسه )‬
‫ال أدري‪...‬‬
‫لكن من أكثر ما أتخيل رجالً مقتوالً‪...‬‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.174‬‬

‫(‪ )2‬بيداء عبد الصاحب الطائي‪ ،‬البنية الدرامية في شعر نزار قباني‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫(‪ )3‬قيس عمر‪ ،‬البنية الحوارية في النص المسرحي‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪59‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫رجالً نحن قتلناه‪...‬‬


‫أو في القرن العشرين‪...‬‬
‫يخرج من جوف الغسالة‬
‫وبيده سيف أو خنجر‬
‫(‪)1‬‬
‫أو قنبلة أو أصابع ديناميت‬
‫وكذلك قوله‪:‬‬
‫عبد هللا بن محمد‪ ( :‬كمن يحدث نفسه )‬
‫هل هذا هو ما يعطيه القرن الثالث للهجرة؟‬
‫هل هذا هو كل عطاء خليفتنا المعتمد بأمر هللا‪.‬‬
‫وارث عدل أبي بكر وصالبة عمر‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫واستشهاد علي‬
‫وأيضا‪ :‬لن يخرج أحد بعد اآلن لنا‬
‫اغرب عن وجهي‬
‫( يتقدم خطوتين إلى األمام وكأنه يحدث نفسه )‬
‫أنا في البصرة‪.‬‬
‫حيث يعسكر زنج القرن الثالث للهجرة‬
‫أو شك أن يخرج من جرح الزنج األسد‪...‬‬

‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ويلقى في الليل كواكبه‬

‫والحوار في مسرحية " ثورة الزنج " يعتبر هو األداة الرئيسية التي يكشف بها عن الشخصيات‬
‫والكالم الذي يجب أن يكون ثمرة األداة ويجذب اإلنتباه ويكشف عما وراءه‪،‬وعن تطور‬
‫المجتمع في مرحلة ما‪،‬حيث أراد الكاتب بلورتها بطريقة واضحة وتجنب المعاني‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.122‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.140‬‬

‫(‪ )3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.146‬‬


‫‪60‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يخل بتماسك األفكار بل جاءت‬


‫المكثفة‪،‬وبعبارات سلسة‪،‬فصيحة موجزة‪،‬وهذا اإليجاز لم ُ‬
‫منسجمة ومتماسكة أدت وظيفتها‪.‬‬

‫خامسا‪:‬الزمن والمكان في مسرحية " ثورة الزنج "‪:‬‬

‫أ‪ -‬الزمن‪:‬‬

‫عنصر‬
‫ًا‬ ‫ومحور جوهرًيا‪،‬باعتباره‬
‫ًا‬ ‫يعد الزمن من العناصر المهمة والفاعلة في المسرحية‬
‫طا بالحياة والنشأة اإلنسانية‪،‬ويشكل عنصر الزمن في كل موقف وفي كل لحظة فهو‬‫مرتب ً‬
‫اإلطار الحافظ للعناصر األخرى والمرتبط بها حيث ال يوجد زمن دون مكان والزمان دون‬
‫شخصيات أو غيرها‪.‬‬

‫والزمن يجب أن يتطابق مع ترتيب األحداث وتسلسلها في مختلف األجناس األدبية مع‬
‫الترتيب الواقعي والحقيقي لألحداث ‪.‬‬

‫اعا عند كثير من الباحثين حول وضع مفهوم له‪.‬‬


‫وقد أثار عنصر الزمن جدالً وصر ً‬
‫أ‪ /‬لغة‪ :‬الزمن عند ابن منضور‪ << :‬إسم لقليل من الوقت أو كثيره‪،‬والزمان زمن الرحاب‬
‫والفاكهة‪،‬زمن الحر والبرد‪،‬ويكون الزمن شهرين إلى ستة أشهر والزمن يقع على الفصل‬
‫من فصول السنة وعلى مدة والدة الرجل وما أشبهه‪،‬وزمن طال عليه الزمن وأزمن بالمكان‬
‫‪:‬أقام به زمننا وإذا اعتبرناه الزمن في معظمه هو الوقت أو العمر أو وقت الدنيا كاملة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫مرضا مزمنا أي يدوم زمًنا طويالً‬
‫فنقول ( زمن‪،‬زمًنا ) و زمنة مرض ً‬

‫إصالحا‪ :‬فيعرف على كائن ُمنسق ومتكامل فيما بينه حيث ال يمكن فصل الماضي‬
‫ً‬ ‫ب‪/‬‬
‫عن الحاضر‪،‬وال الحاضر عن المستقبل فهو منسجم ومكمل لبعضه البعض‪،‬والزمن مرتبط‬
‫باإلنسان << والكائن اإلنساني زمن يتشكل من ثالث أبعاد للحظة اآلنية الحاضرة التي‬

‫(‪ )1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مج‪ ،7‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪2005 ،1‬م‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫‪61‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يعيشها مسبقا لحظة ماضية تراكمت عند اإلنسان عبر سنوات عمره وتندفع الذاكرة باتجاه‬
‫(‪)1‬‬
‫استشراف المستقبل الذي لم يأت بعد عند اإلنسان >>‬

‫والزمن كما عرفه عبد المالك مرتاض ‪ <<:‬كأنه خيوط ممزقة أو خيوط مطروحة في‬
‫الطريق‪،‬غير دالة وال نافعة وال تحمل أي معنى من معاني الحياة‪،‬فبمقدار ما هي متراكبة‬
‫أيضا‪ <<:‬أنه خيط وهمي مسيطر على كل‬
‫ويعرف ً‬
‫(‪)2‬‬
‫بمقدار ما هي غير جدية >>‬
‫التصورات واألنشطة و األفكار>>(‪.)3‬‬

‫والزمن الذي تسير عليه أحداث مسرحية " ثورة الزنج " هو زمن تاريخي يحمل أحداث‬
‫تاريخية‪،‬وكتبت في الزمن الحاضر وله قيمة الزمن الماضي وأحداثه و كفاحاته ومن أهم‬
‫تقنيات توظيف الزمن‪:‬االسترجاع واالستباق‪.‬‬

‫أ‪ /‬االسترجاع ( االستذكار )‪:‬‬

‫حضور في المسرحية‪،‬وذلك ألهمية الماضي فيها‪،‬واستحضار‬


‫ًا‬ ‫ُيعد من أهم التقنيات الزمنية‬
‫الشخصيات واألماكن التراثية فيها‪،‬ويسترجع فيها الكاتب األحداث الماضية واستدعائها‪،‬حيث‬
‫ال يكاد أي عمل أدبي يخلو من هذه التقنية‪،‬وتقنية االسترجاع هي ج أز ال يتج أز من الزمن‪:‬‬
‫<< والمقاطع االستذكارية تتفاوت من حيث طول المدة و أقصرها والتي تستغرقها أثناء‬
‫الماضي‪،‬وتسمى هذه المسافة الزمنية التي يطالها االستذكار بمدى‬
‫ُ‬ ‫العودة إلى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫اضحا للعيان من خالل القراءة األولى>>‬
‫التفاوت يبدو و ً‬
‫ُ‬ ‫المفارقة‪،‬وهذا‬

‫وإن كل عمل أدبي ال يخلو من تقنية الماضي المستحضر وذلك باستحضار الشخصيات‬
‫التراثية بواسطة االسترجاع فنجد " معين بسيسو " وظف هذه التقنية في هذه المسرحية‪،‬فقضية‬
‫تزييف التاريخ من القضايا المستحضرة في هذه المسرحية إذ يعتبر التزييف من األمور‬

‫(‪ )1‬مهدي عبيدي‪ ،‬جماليات المكان في ثالثية حنامينا‪ ،‬منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب‪ ،‬دمشق‪2011 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪266‬‬
‫(‪ )2‬عبد المالك مرتاض‪ ،‬في نظرية الرواية‪ ،‬سلسلة كتب ثقافية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪،‬‬
‫الكويت‪ ،‬ديسمبر‪1998‬م‪ ،‬ص‪.177‬‬
‫(‪ )3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.174‬‬
‫(‪ )4‬مهدي عبيدي‪ ،‬جماليات المكان في ثالثية حنامينا‪ ،‬ص‪.240‬‬
‫‪62‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫القديمة ففي هذه المسرحية نجد أن التزييف القديم يتشابك ويتقاطع مع التزييف الحديث‬
‫حيث مارس كتاب القرن الثالث للهجرة تزييف تاريخ الزنج وثورتهم وتواصل هذا التزييف‬
‫مع كتاب ومؤلفي القرن العشرين الذين وضعوا الحمل على عاتق فلسطين والفلسطينيين‪.‬‬

‫القتلة‪:‬‬

‫المعتمد بأمر هللا قتلني مرة‬

‫وقتلت على أيدي وراقيه في القرن الثالث مره‬

‫هاهم وضعوا السكين على عنقي‬

‫في القرن العشرين‬

‫لكني لن أقتل بعد اآلن‬

‫لن يغسل وجهي‪،‬لن يصبغ ويعلق‬

‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫في حبل غسيل بعد اآلن‬

‫وكذلك استحضار الشخصيات فثورة الزنج تزودهم بالشخصيات المعاصرة مع الشخصيات‬


‫التراثية و أولها شخصية صندوق الدنيا‪ ،‬وهو شخصية إطارية فالكاتب افتتح المسرحية بها‬
‫وذلك ألهميتها للتاريخ و أحداثه‪.‬‬

‫صندوق الدنيا والتاريخ على حيل غسيل‬

‫شيئا فليتفرج‬
‫من ال يملك أن يدفع ً‬

‫صندوق الدنيا والتاريخ على حبل غسيل‬

‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫أوراق تغسل وأوراق تصبغ‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.126‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.120‬‬
‫‪63‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ومن الشخصيات التراثية‪،‬نجد صندوق الفرجة الذي يعتبر من أهم الشخصيات التراثية وهو‬
‫شكل تراثي من أشكال المسرح العربي القديم‪،‬وقد وردت عبارات و أزمنة تمثل استرجاع‬
‫األحداث الماضية‪.‬‬
‫فليتفرج‬
‫(‪)1‬‬
‫شيئا فليتفرج‬
‫من ال يملك أن يدفع ً‬
‫ومن الشخصيات المعاصرة نجد الرجل الغسالة والرجل التيكرز وهما شخصيتان آليتان‬
‫يقومان بتزييف التاريخ وتشويهه‪،‬وتجردانه من القيمة اإلنسانية‬
‫فهما يضعان التاريخ المزيف والحاضر الكاذب ويتحكمان في الماضي والحاضر‪.‬‬
‫لنصور وجه فلسطين‬

‫وكما أغسلها وأصبغها أخرجها‬

‫وكما تكتبها أنت‬


‫(‪)2‬‬
‫هي ذي فوق الحبل فلسطين‬

‫ب‪ /‬االستباق ( االستشراف )‪:‬‬

‫وهي تقنية زمنية تقيد االستشراف و التنبؤ بما سيحدث مستقبال‪،‬ويقوم المؤلف بهذه التقنية‬
‫للداللة على أحداث سابقة عن أوانها أو يمكن أن يحدث وهي مفارقة زمنية‪،‬فتتجه نحو‬
‫األمام ال العودة إلى الماضي‪،‬فيقوم هنا الكاتب باستباق الحدث الرئيسي في أحداث المسرحية‬
‫واستشراف ما يمكن حدوثه‬
‫(‪)3‬‬
‫<< والمستقبل الذي قد يتقدم فيتصدر الحدث حاال محل الماضي>>‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.119‬‬

‫(‪ )2‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.119‬‬


‫(‪ )3‬عبد المالك مرتاض‪ ،‬في نظرية الرواية‪ ،‬ص‪.189‬‬
‫‪64‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ومن أهم خصائص هذه التقنية أنها ال تتصف باليقين فما لم يتم قيام الحدث بالفعل فليس‬
‫هناك ما يؤكد حصوله وهذا ما يجعله شكال من أشكال االنتظار ومن أمثلة الستباق في‬
‫المسرحية قوله‪:‬‬

‫سوف يجيئون‬
‫فهم اليوم بال عنوان‬
‫وهم اليوم على الصلبان‪...‬‬
‫‪.‬‬ ‫ال يمتلكون من العالم ً‬
‫بيتا ورصيفان‬
‫(‪)1‬‬

‫وكذلك ‪ :‬الجالد‪ :‬سترين‬


‫كيف سيخرج هذا الطائر من صدرك‬
‫كيف يشق الجلد بمنقاره‪...‬‬
‫عندئذ يسقط في كفي‪...‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫سترين‬
‫وأيضا‪ :‬بالمشرط‪ ...‬بهراوة مطاط‪...‬‬

‫ال ‪...‬‬

‫لست أحب أكاليل الشهداء‪...‬‬

‫سيقولون شهيدة‬

‫ستكتب مليون قصيدة‬

‫وستصبح قديسة‬
‫(‪)3‬‬
‫كيف سنخرج مصرع طائر عبد هللا بن محمد‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.186‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.187‬‬

‫(‪ )3‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.181‬‬


‫‪65‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وغيرها من العبارات اإلستشرافية التي وظفها المؤلف لي يصور لنا مدى رغبة الشعب‬
‫الفلسطيني في اإلستقالل والتحرر وتحقيق األمان والراحة للبالد‪.‬‬

‫وتوظيف هذه التقنية يعود إلى أمل الكاتب في خالص الوطن والتمتع بالحقوق ونيل الحرية‬
‫التي هي من حق كل مواطن‪.‬‬

‫وفي األخير فإن هاتين التقنيتين للزمن ( اإلسترجاع واإلستشراف ) أدتا وظيفة اإلستحضار‬
‫والتنبؤ‪،‬والكشف عما كان وعما سيكون عليه الوضع في الحاضر والمستقبل‬

‫وتوظيفهما في المسرحية فهو توظيف ليس إعتباطياً بل أدى معنى وأهمية‪.‬‬

‫ب‪ /‬المكان‪:‬‬

‫مساهما في بناء المسرحية وهي الذي يشكل في ذهن القارئ ويمثله على‬
‫ً‬ ‫يعد المكان عنص اًر‬
‫أساسيا في بناء المسرحية بإعتباره‬
‫ً‬ ‫أرض الواقع ويتجسد فيه العمل األدبي‪،‬حيث لعب دوًار‬
‫إيجابيا‬
‫ً‬ ‫المحرك األساسي لبنية األحداث وتسلسل األزمنة‪،‬كما أنه يؤسس بمفرده إال إذا تفاعل‬
‫مع مكونات وعناصر المسرحية من شخصيات و أحداث وحوار وغيرها‪.‬‬

‫وكان محل جدال وإختالف الباحثين والشعراء حول تحديد مفهومه و أنواعه فيعرف المكان‬

‫أ‪ /‬لغة‪ :‬عرف إبن منضور المكان على أنه << المكان تحت الجذر الكون‪،‬ومن الكون‬

‫( الحدث) وأعاد الحديث عنه تحت الجذر ( مكن ) فقال والمكان الموضع والجمع أمكنة‬
‫كقذال أو أقذلة و أماكن جمع الجمع‪،‬وقال ثعلب‪،‬يبطل أن يكون مكان فعاالن ألن العرب‬
‫(‪)1‬‬
‫تقول كل مكانك وأقعد مقعدك‪،‬فدل هذا على أنه مصدر مكان أو موضع منه >>‬

‫إصطالحا‪ :‬نجده في اإلصطالح يختلف تعريفه من كاتب إلى آخر حيث‬


‫ً‬ ‫ب‪/‬‬

‫(‪ )1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬مج‪ ،6‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1997 ،1‬م‪ ،‬ص‪.83‬‬
‫‪66‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫(‪)1‬‬
‫" غاستون باش الر " يعرفه على أنه << كون حقيقي بكل ما للكلمة من معنى >>‬

‫بحيث يعتبر أن المكان هو المرآة العاكسة التي تكشف عن طريق تفكير الشخصية وحالتها‬
‫المعيشية إنطالقاً من تحديد مكان إقامتها‬

‫فأما في النص األدبي << فيشكل فضاء أدبي هو المكان وشكل الكتابة عن طريق اللغة‬
‫(‪)2‬‬
‫التي تساعدها على تقديم توظيف المكان الذي يشكل فيه الراوي شخصياته >>‬

‫خياليا مرتبط ومندمج بالشخصيات كإرطباته بالحدث‬


‫ً‬ ‫اقعيا أو‬
‫اء كان و ً‬‫والمكان سو ً‬
‫والزمن‪،‬حيث نجد المكان على عالقة وثيقة بالشخصيات والحدث والزمن‪،‬ذلك ألنه يمثل‬
‫األرضية التي تتحرك وتقع فيها العناصر‪.‬فيقول " باشالر " في هذا الصدد << اإلنسان‬
‫غريزيا أن المكان المرتبط بوحدته مكان خالق‪،‬يحدث هذا حتى حين تختفي هذه‬ ‫ً‬ ‫يعلم‬
‫األماكن من الحاضر‪،‬وحيث يعلم أن المستقبل لن يعيدها الينا‪،‬وحين نعلم أنه لم يعد هنالك‬
‫عّلية وال حجرة سطح‪،‬تظل هنالك حقيقة أننا عشنا مرة في حجرة السطح‪،‬وأننا مرة أحينا‬
‫(‪)3‬‬
‫العّلية >>‬

‫اعا من األمكنة‬
‫ومن خالل مسرحية " ثورة الزنج" يتضح أن المؤلف " معين بسيسو" وظف أنو ً‬
‫تتراوح بين الضيق واالتساع واإلنفتاح واإلنغالق من خالل إثارة ذهن المتلقي والتأثير‬
‫فيه‪،‬وارتبط المكان بالشخصيات والزمن في المسرحية من خالل توظيف األماكن المغلقة‬
‫والمنفتحة‬

‫أ‪ /‬األماكن المغلقة‪:‬‬


‫تشكل األمكنة المحدودة بحدود ثابتة ال تتجاوزها ويتركز فيها وقوع الحدث‪،‬ويتضمن‬
‫شخصيات محددة فيخصص هذا المكان لها دون غيرها‪.‬‬

‫(‪ )1‬غاستون باشالر‪ ،‬جماليات المكان‪ ،‬غالب هالسا‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪1984‬م‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫(‪ )2‬ميساء سليمان اإلبراهيم‪ ،‬البنية السردية في كتاب اإلمتاع والمؤانسة‪ ،‬الهيئة العامة السورية للكتاب‪2011 ،‬م‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫(‪ )3‬غاستون باشالر‪ ،‬جماليات المكان‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪67‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫<< والمكان المغلق هو مكان العيش والسكن الذي يؤوي اإلنسان ويبقى فيه فترات طويلة‬
‫من الزمن سواء بإرادته أو بإرادة اآلخرين لهذا فهو المكان المؤطر بالحدود الهندسية‬
‫والجغرافية ويبرز الصراع الدائم القائم بين المكان كعنصر فني وبين اإلنسان الساكن فيه‬
‫(‪)1‬‬
‫>>‬
‫ومن األمكنة المغلقة التي وردت في المسرحية نجد " البئر" في قوله‪:‬‬
‫الرجل التيكرز‪ :‬مصيدتي‬
‫(‪)2‬‬ ‫الرجل الغسالة‪ :‬مصيدتك‪..‬بئرك‪..‬تأليفك‪..‬ال أدري‬
‫وأيضاً‪ :‬أين المهرب من هذى البئر‪..‬؟‬
‫(‪)3‬‬
‫الرجل التيكرز‪ :‬عبد هللا بن محمد في يده الحبل‬
‫وقوله أيضاً‪ :‬إفتح يا سمسم‪..‬‬
‫افتح بوابة كنزك يا عثمان‬
‫(‪)4‬‬
‫صار المؤمن يلقى في الجب‬
‫البئر والجب‪ :‬يمثالن مكان مغلًقا يحتوي على الماء في األسفل ويكون إما بالسقي أو الغسيل‬
‫أو غيرها من األعمال‪،‬وهو مكان ضيق ال يمكن الهرب والنجاة منه إلى عن طريق المساعدة‪.‬‬
‫إعتباطيا بل‬
‫ً‬ ‫توظيفا ليس‬
‫ً‬ ‫فنرى هنا الكاتب والمؤلف في توظيفه لكلمة " البئر " و " الجب "‬
‫بعدا وفكرة‪،‬وهي أن البلد والشعب الفلسطيني يستنجد بالدول العربية و أنه بين يدي‬
‫يحمل ً‬
‫العدوا الصهيوني ال يمكنه التخلص منه بمفرده‪،‬ويطلب المساعدة والعون منهم الستعادة‬
‫حريتهم و أرضهم والعيش فيها بأمان وسالم وفك أزمتهم و إخراجهم من الضيق والحصار‬
‫الذي تعيش فيه والعيش بأمان ‪.‬‬

‫(‪ )1‬مهدي عبيدي‪ ،‬جماليات المكان في ثالثية حنامينا‪ ،‬ص‪.43‬‬


‫(‪ )2‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.158‬‬
‫(‪ )3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.159‬‬
‫(‪ )4‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.140‬‬
‫‪68‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وفي هذه المسرحية تناقص مع القرآن الكريم في قصة سيدنا " يوسف " عليه السالم وهذا‬
‫التوظيف هو توظيف رمزي لقوله تعالى << وأجمعوا أن يجعلوه في غيابات الجب‪>>..‬‬
‫سورة يوسف اآلية ‪ 15‬ص ‪237‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫وتوظيف كلمة " الزنزانة " التي تعتبر من األمكنة المغلقة والضيقة المنحصرة ‪:‬‬

‫وطفاء ‪ :‬أخرجي من باب الزنزانة‬

‫فأنا األخرى ال أعرف دار لي في هذا القرن‪...‬‬

‫وإسمي في القائمة السوداء‬

‫في قائمة العشرين السوداء‬


‫(‪)2‬‬
‫أنا وطفاء‬

‫إن الحديث عن الزنزانة يختلف عن حديث األمكنة األخرى‪،‬فبقدر ما تشعر به من أمان‬


‫وراحة وطمأنينة وإستقرار في البيت‪،‬على عكس ما تشعر به في السجن من خوف وضيق‬
‫وكآبة‪،‬حيث يعامل فيه الشخص معاملة قاصية‪،‬ويحرم اإلنسان من أبسط حقوقه وهي الحرية‬
‫وربما هو تعبير رمزي أيضا لمعاناة كل الفلسطينيين‪،‬فكل األرض الفلسطينية تطلب التحرر‬
‫والعيش بأمان وذلك بإخراجها من الحياة البائسة التي تعيش فيها وتحريرها من قبضة هذ‬
‫الكيان الغاصب‪.‬‬

‫األمكنة المنفتحة أو المفتوحة‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬


‫تمثل المكان الذي يمنح القدرة على الحرية واإلنتقال لكن في حدود معينة تسمح للشخصية‬
‫بالحركة والتنقل فيها بحرية وانفتاح ويمكننا ان نطلق عليه كذلك بالمكان العام‪.‬‬
‫موظفا داخل المسرحية‬
‫ً‬ ‫ونجد هذا النوع‬
‫البحر أو الشاطئ‪ :‬يعتبر من أهم األماكن العامة المذكورة في المسرحية‬

‫(‪ )1‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة يوسف‪ ،‬ص‪.237‬‬


‫(‪ )2‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.193‬‬
‫‪69‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫عائدون‪،‬عائدون‬
‫إننا لعائدون‬
‫حفنة من شاطئ يافا‬
‫حجر من عكة‬
‫(‪)1‬‬
‫ووثائق ومؤتمرات‬
‫وظف هنا الشاعر " شاطئ يافا " وهو من األماكن الطبيعية الفائقة الجمال وهو مكان ال‬
‫متناه ذو اتساع هائل يتميز بالرمال الناعمة التي تشعرك بالراحة واالسترخاء ويبعث في‬
‫النفوس الراحة والسور‪،‬ويعتبر من األماكن الهامة والرئيسية التي تعد ممر لعبور السفن‬
‫التجارية وتمتع بمناظر جميلة وساحرة‪.‬‬

‫وتوظيفه هنا فيه أمل التحرر وعودة المياه إلى مجاريها لقوله‪" :‬عائدون‪،‬إننا عائدون "‬

‫"السوق" قوله‪:‬‬

‫الرجل التيكرز‪ :‬لنؤلف عبد هللا آخر‪...‬‬

‫لنؤلف ولنخرج أكثر من عبد هللا‪..‬‬

‫ولنطلقهم في أسواق األهواز‪،‬وبغداد وأسواق البصرة‪.‬‬


‫(‪)2‬‬
‫حين يصير هنا أكثر من وجه‬

‫أترك عنقي‬ ‫أيضا‪:‬‬


‫و ً‬
‫ال تمسك بثيابي يا إبن األفعى‪..‬‬

‫عطار كنت بسوق البصرة‬


‫ًا‬
‫(‪)3‬‬
‫عطار يبيع الحناء‪..‬‬
‫ًا‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.131‬‬


‫(‪ )2‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.160‬‬
‫(‪ )3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.138‬‬
‫‪70‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫صناعيا ومكان تجتمع األهالي وأفراد المجتمع لي شراء كل‬


‫ً‬ ‫مكانا‬
‫ً‬ ‫حيث يعد السوق‬
‫مستلزماتهم من أكل وشرب ولباس وغيرها‪.‬‬

‫إذ يعد سوق األهواز المجود في إيران وسوق البصرة من األسواق الهامة والمتميزة أنا ذاك‬
‫ومرتكز تجمع الدول‪.‬‬

‫فهنا دعوة وطلب المساعدة من النجاة والتحرر بفضل تدخل الدولة العربية األخرى‪.‬‬

‫سادسا‪:‬ظاهرة التكرار في مسرحية "ثورة الزنج"‪:‬‬


‫ً‬
‫يعد التكرار ظاهرة لغوية عرفت منذ القدم وال زالت متواصلة إلى حد اآلن والتي لم سيدل‬
‫الستار عنها‪،‬وتواصل البحث في دراستها وعن أهميتها وماهيتها وأصولها‪،‬بحيث يعد وسيلة‬
‫مهما في النص األدبي المعاصر‪،‬حيث يقوم تكرار‬‫دور ً‬ ‫بالغية ذات قيم أسلوبية يلعب ًا‬
‫الحرف أو الكلمة أو العبارة بلفت إنتباه القارئ والمتلقي‪،‬ويؤدي وظيفة في النص ويزيد في‬
‫ُختلِف في تعريفه من كاتب إلى آخر‪.‬‬
‫جماليته وأ ُ‬

‫الكر‪:‬الرجوع‪...‬وكرر الشيء وكرره‪:‬أعاده مرة بعد‬


‫أ‪ /‬لغة‪ :‬فيعرفه إبن منضور بقوله‪ُّ " :‬‬
‫أخرى‪،‬والكرة‪:‬المرة والجمع الكرات‪،‬ويقال كررت عليه الحديث وكررته إذاً رددته عليه‪،‬وكررته‬
‫(‪)1‬‬
‫عن كذا كركرة إذاً رددته‪،‬والكر‪:‬الرجوع على الشيء‪،‬ومنه التكرار "‬

‫اصطالحا‪ " :‬فهو أسلوب تعبيري بالغي له داللته الفنية وأغراضه األسلوبية وهو‬
‫ً‬ ‫ب‪/‬‬
‫دالالت اللفظ على المعنى مردداً كقولك لمن يستدعيه‪:‬إسرع‪،‬إسرع فإن المعنى مردد واللفظ‬
‫(‪)2‬‬
‫واحد "‬

‫ويعتبر تكرار اللفظة أو الكلمة أكثر من مرة في سياق واحد إما لزيادة التنمية أو التعظيم أو‬
‫التلذذ بذكر المكرر ‪ .‬والتكرار هو أبرز الظواهر األسلوبية ذات القيمة البالغة في العمل‬

‫(‪ )1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬تج‪ :‬عبد هللا علي الكبير‪ ،‬دار المعارف‪،‬النيل‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬ص‪.3851‬‬
‫(‪ )2‬نجاج‪ ،.....‬مقال‪ :‬بنية التكرار في شعر عز الدين ميهوبي‪ ،‬عولمة الحب‪ ،‬عولمة النار نموذجا‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫‪71‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫اإلبداعي والمبدع يكرر ما يثير إهتمامه ويجذب القارئ ويكرر الجملة أو الكلمة والحرف‬
‫ذات األهمية والوظيفة التي ينجذب نحوها السامع والقارئ‪.‬‬

‫" وداللة اللفظ على المعنى مردد لي تأكيده غرض من أغراض الكالم والمبالغة فيه‪،‬وقد‬
‫(‪)1‬‬
‫كثير في مقام الغزل والتشبيب "‬
‫قديما إلى أن هذا التكرار يستحب ًا‬
‫أشار علماء البيان ً‬
‫والكاتب أو الشاعر المتمكن من اللغة ومظاهرها هو الذي يوظف التكرار في مكانه المناسب‬
‫ويتيح للقارئ والمتلقي القراءة بمتعة ويشعره براحة‪.‬‬

‫موسيقيا مما يزيد في جماليته وإثارة المتلقي‪.‬وقد‬


‫ً‬ ‫وتوظيف التكرار في النص يحدث تناغم‬
‫يحسن الشاعر في توظيف التكرار في نصه ويقبح في مواضع أخرى بحيث إن أكثر ما‬
‫يقع التكرار في األلفاظ دون المعاني‬

‫أنماط التكرار في مسرحية" ثورة الزنج " لمعين بسيسو‪:‬‬

‫تعد ظاهرة التكرار عند " معين بسيسو" ظاهرة الفتة للنظر وتشكلت في مسرحية‬

‫" ثورة الزنج " بصورة مختلفة وأنماط متعددة وقعت في الحرف‪،‬الكلمة‪،‬العبارة وأنماط أخرى‬
‫إقاعا ونغمة موسيقية تجعل السامع‬
‫وقد تظهر في مسرحيته بشكل واضح وجلي وتشكل منها ً‬
‫والمشاهد يعيش الحدث المسرحي المكرر إذ يضفي على التكرار نفسية وحالة الشاعر ويعد‬
‫وسيلة للتخفيف والخروج من الظروف واألوضاع التي يعيشها ومن الصراعات السياسية‬
‫بين السلطة والشعب من خالل سلب الحرية وك ارمة المواطن‪.‬‬

‫فوجد " معين بسيسو" التكرار غايته وطموحه وحاول أن يجسد من خالله الواقع السياسي‬
‫واإلجتماعي الذي يعايشه‪،‬وقد جاء في صور مختلفة أهمها‪:‬‬

‫أ‪ /‬تكرار الحرف ‪:‬‬

‫(‪ )1‬سميرة صادق شعالن‪ ،‬معجم مصطلحات األدب‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬القاهرة‪2007 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.48‬‬
‫‪72‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يلجأ الشعراء في بناء قصائدهم ومسرحياتهم إلى تكرار الحروف لتشد من تماسك النصوص‬
‫وترابطها وانسجامها حيث نجد " معين بسيسو" إعتمد على تكرار الحروف التي توحي‬
‫بارتباطها للرؤية الشعرية وبالصيغة الشعرية التي تأخذ مساحة واسعة ودالالت‬
‫مختلفة‪،‬واستطاع أن يبني مسرحيته بهندسة تك اررية كان لها واقع خاص ومميز تجعل القارئ‬
‫يحس بوقعها وتنقله إلى أجواء الشاعر النفسية ويمكن أخذ بعض النماذج من هذه المسرحية‬
‫فنجد‪ :‬وطفاء‪ :‬ال ‪...‬‬

‫ال بد وأن ألد هنا‪..‬‬


‫في هذا القرن‪...‬‬
‫ال أدري أين‪...‬‬
‫لكن هذا الطفل بأحشائي‬
‫دار في هذا القرن‬
‫الجالد‪ :‬ال أعرف ًا‬
‫أخفيك بها‬
‫(‪)1‬‬
‫ال أعرف أحد‬
‫يكرر الشاعر حرف " ال " خمس مرات بدالالت عدة وأكثرها النفي‪،‬وهذا النفي ليبين حالت‬
‫السخرية التي يحسها الشاعر تجاه حال الضعف وتدني التي يعاني منها المواطن العربي‬
‫وحال الخضوع المفروضة على هذا المواطن الممنوع من ممارسة أبسط حقوقه اإلنسانية‬
‫(الحرية)‪.‬‬
‫وتكرار الشاعر حرف النفي " ال " وتوزيعه على هذا النسق هو التركيز على الموسيقى‬
‫وإنتاج النغمة الموسيقية في السطر الشعري‪.‬ونجد كذلك أن مسرحية " معين بسيسو " تعتمد‬
‫على تكرار الحرف‪،‬ألنه يؤدي وظيفة التوسعة فنجد مثالً‪:‬‬
‫الرجل في ثياب عبد هللا بن محمد‪...‬‬
‫أوال تعرف من تقتلهم ‪.‬‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.192‬‬

‫‪73‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫من تغسلهم‪،‬من تصبغهم؟‬


‫أوال تعرف كومبارسك‬
‫قطعناك‬
‫من يرعى أشواكك؟‬
‫من يرعى أوراقك خلف كواليس المسرح؟‬
‫(‪)1‬‬
‫أنا عبد هللا بن محمد‪...‬‬
‫تكرار الحرف " من " خمس مرات بصورة ساخرة ومستهزئة من الحكام‪،‬والتي تعكس حدة‬
‫الرفض وعدم تقبل الواقع في ضل السيطرة والطغيان‪،‬وكذلك تكرار أداة اإلستفهام " أوال "‪.‬‬
‫ماذا سوف يخط الوراقون ببغداد؟‬
‫الحبر بدره‬
‫والقلم بدرهم‬
‫والورق على ظهر بغال المعتمد بأمر هللا‬
‫والكاتب قد نقع اللحية في الحبر‬
‫وحنى بدماء الزنج الكفين‬
‫ماذا سوف يخط الوراقون ببغداد؟‬
‫(‪)2‬‬
‫عن عبد هللا بن محمد‬
‫عمد " معين بسيسو" إلى تكرار حرف العطف " الواو " ارع مرات ليؤكد من خاللها أن‬
‫صورة المحتل الصه يوني تمأل كل أنحاء الوطن في الشوارع‪،‬في المدارس‪،‬في‬
‫المكتبات‪،‬ومجالس الدراسة وغيرها‪.‬‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.133‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.171‬‬
‫‪74‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إن تكرار الحرف موجود في الشعر العربي << وتكرار الحرف يعني تكرار الصوت الذي‬
‫يحمله الحرف في كلمة ما ودراسة تكرار الحرف تتم بتناول عدد من النصوص وحقيقة‬
‫غددا من‬
‫األمر أن تكرار الحرف يمكن تحديديه على نحو أدق‪،‬إذا ما تناولناه بالدراسة ً‬
‫غالبا معدل تكرار‬
‫احدا‪،‬ذلك ألن طبيعة النص هي التي تحدد ً‬
‫النصا و ً‬
‫النصوص ً‬
‫(‪)1‬‬
‫حرف بذاته >>‬

‫وقد تنوعت صور تكرار الحرف عند " معين بسيسو " فهي تكشف لنا الموقف الحقيقي‬
‫لي الشاعر وموضوع شعره وتجربته الشعرية‪،‬وتكرار الحرف ال يخضع لقواعد نقدية‬
‫ثابتة‪،‬وكذلك الختالف صيغة األسلوب والداللة التي يجدها كل حرف ضمت السياق‬
‫الواحد‪.‬حيث ساهم تكرار الحرف في اتساق وانسجام النص وبنائه‪.‬‬

‫ب‪/‬تكرار الكلمة ‪:‬‬

‫يعتبر تك ارر الكلمة من أبسط أنواع التكرار و أكثرها انتشا ار لما لها من أهمية وأثر في إيصال‬
‫المعنى‪،‬وهذا النوع من التكرار ال يكون توظيفه اعتباطيا لملئ الفراغ وإنما ينبغي توخي الحذر‬
‫في استعماله فقد أشارت نازك المالئكة في كتابها إلى ذلك في قولها " ال ترتفع نماذج هذا‬
‫اللون من التكرار إلى مرتبة األصالة والجمال إال على يدي شاعر موهوب يدرك أنا المعول‬
‫رديئا سقطت‬
‫في مثله ال على تكرار نفسه وإنما على ما بعد الكلمة المكرر فإن كان مبتذالً ً‬
‫(‪)2‬‬
‫القصيدة "‬

‫رديئا تغلب عليه‬


‫محشوا فقط ال يؤدي وظيفة وال ً‬‫ً‬ ‫معنى ذلك أن اللفظ المكرر ال يكون‬
‫مشحونا بجملة من الدالالت والمعاني ويكون قصدياً‬
‫ً‬ ‫اللفظية‪،‬فاللفظ المكرر يجب أن يكون‬
‫للفت انتباه القارئ والسامع‪.‬‬

‫(‪ )1‬سيد خضر‪ ،‬التكرار اإليقاعي في اللغة العربية‪ ،‬دار الهدى للكتاب‪ ،‬ط‪1998 ،1‬م‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )2‬نازك المالئكة‪ ،‬قضايا الشعر المعاصر‪ ،‬منشورات مكتبة النهضة‪ ،‬ط‪1969 ،1‬م‪ ،‬ص‪.230‬‬
‫‪75‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إن تكرار الكلمات بعينها من قبل الشاعر يغني داللة المعاني الواردة في شعره ويكسيها قوة‬
‫تأثير في المتلقي مع ما يضفيه من إيقاع وإنسجام صوتي في النص‬
‫أكثر ًا‬

‫فنجد " معين بسيسو " لجأ إلى هذا النوع من التكرار في مسرحيته والذي حقق من خالله‬
‫نغمة موسيقية وجمالية تناسب سياق العرض المسرحي‪،‬يقول‪:‬‬

‫وطفاء‪ :‬سوف يجيئون‬


‫سوف يجيئون‬
‫ويهزمون العالم كالشجرة‬
‫كي تسقط الثمرة‬
‫الثورة‬
‫الثورة‬
‫(‪)1‬‬
‫الثورة‬
‫نجده كرر كلمة " الثورة " أكثر من مرتين وذلك للتأكيد والتحذير من مخاطرها وخبايا العدو‬
‫التي تصل إلى اليقين‪،‬وإلضفاء وه ٍج على النص‪،‬ويقول‪:‬‬
‫وطفاء‪ :‬لكني صرت أخاف عليك‬
‫وأخاف على نطفتك بأحشائي‬
‫وأخاف على صاحبك البحراني‬
‫وأخاف على البصرة‬
‫وأخاف على تلك الجمرة‬
‫(‪)2‬‬
‫تحت الجلد‪..‬‬
‫نوعا من الخوف العميق على حاضر‬ ‫وتكرار الفعل " أخاف " خمس مرات الذي يحمل ً‬
‫عبا من القادم المجهول والمخيف‪،‬وتكرار الفعل"‬
‫الثورة وقائدها " عبد هللا بن محمد " وقلًقا ور ً‬
‫ستكنس " في قوله‪:‬‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.194‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.147‬‬
‫‪76‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الرجل الغسالة‪ :‬ما أتعس أحالمك يا عبد هللا بن محمد‬


‫هذه األشالء ستكنس‬
‫هل تسمعني‬
‫وستكنس راياتك‬
‫وستكنس أنت‬
‫بالسيف ستكنس يا عبد هللا بن محمد‬
‫وستكنس وطفاؤك‬
‫(‪)1‬‬
‫هل تذكر وطفاؤك‬
‫فهنا يشير الشاعر إلى العنف والعداء والقمع المهيأ ضد الثورة دون كلل‪،‬وعمل العدو الدائم‬
‫لتشويه صورة الثوار‪،‬وأن الثورة ستتخلص من كل أشكال القمع والظلم والقهر‪.‬‬
‫مكرر الفعل " يقتل " أكثر من خمس مرات‪:‬‬
‫ا‬ ‫ويقول‬

‫الحبر الواحد يقتل‬

‫واللون الواحد يقتل‬

‫واإلسم الواحد يقتل‬

‫والوجه الواحد يقتل‬

‫والقلم الواحد إذا ضاع يقتل‬

‫الرجل الغسالة‪ :‬يقتل من؟‬


‫(‪)2‬‬
‫الرجل التيكرز‪:‬يقتل صاحبه‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.176‬‬

‫(‪ )2‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.121‬‬


‫‪77‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫موسيقيا‬
‫ً‬ ‫نغما‬
‫حيث ساهم تكرار الفعل "يقتل" في بناء المسرحية وإنسجامها ونتج من خالله ً‬
‫داخليا وداللة ركز عليها وهي داللة القتل والموت والفناء واإلنتقال إلى رحمة هللا والتخلص‬
‫ً‬
‫من قيود المحتل الصهيوني‪.‬‬

‫مما سبق نالحظ أن " معين بسيسو " ركز على تكرار الكلمة لما لها من أهمية وغرضها‬
‫الفني يكمن في تقرير المعنى وإنتاج داللة إضافية أو لجذب إنتباه السامع وخلق إيقاع‬
‫جديد‪،‬ولتكرار الكلمة يكون لغاية داللية حيث يعيد صياغة بعض الصور من جهة كما‬
‫يستطيع تكثيف الداللة اإليحائية للنص من جهة أخرى وألي كلمة وظيفتها وداللتها داخل‬
‫النص الذي تكونه وتحتويها ‪.‬‬

‫ج‪ /‬تكرار العبارة او المقطع‪:‬‬

‫ال يقتصر التكرار في الشعر على ٍ‬


‫حرف أو كلمة وإنما يتعداها إلى تكرار المقطع كامالً‪،‬فهي‬
‫ومصباحا يضيء للقارئ الحالة‬
‫ً‬ ‫تشكل مرآة تعكس كثافة الشعور المتعالي في نفس الشاعر‬
‫النفسية والمعاني التي يرمي إليها الشاعر‪.‬‬

‫وطرى "نازك المالئكة" أن هذا النوع من التكرار في الشعر الحديث أفل منه الشعر القديم‬
‫فتكرار الكلمة كما يلي ‪ " :‬تكرار العبارة وهو أقل في شعرنا المعاصر وتكثر نماذجه في‬
‫(‪)1‬‬
‫الشعر الجاهلي "‬

‫إنتشار في شتى األجناس‬


‫ًا‬ ‫وفي الزمن المعاصر أصبح تكرار العبارة من أكثر أنواع التكرار‬
‫األدبية‪،‬حيث يعيد هذا النوع من التكرار عامل االتساق واالنسجام للنص وتماسكه‪.‬‬

‫مقطعا يؤكد من‬


‫ً‬ ‫تأثير من األنماط السابقة‪ <<:‬إذ يكرر الشاعر‬
‫وتكرار العبارة هو أشد ًا‬
‫ار لألذن التي‬
‫خالل ذلك الصورة التي يريد الشاعر أن يؤكدها فتعطي بموسيقاها تكرًا‬

‫(‪ )1‬نازك المالئكة‪ ،‬قضايا الشعر المعاصر‪ ،‬ص‪.233‬‬

‫‪78‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تتوقف عن النغم المتكررة في تلك الجملة الموسيقية والتي ترسم صورة موسيقية تكرر‬
‫(‪)1‬‬
‫بنقام محدد للقصيدة >>‬

‫مقطعا أو جملة في بداية أو نهاية المسرحية إلحداث نوع من اإليقاع و‬ ‫ً‬ ‫ويكرر الشاعر‬
‫ايتساع الرقعة الصوتية في إضاءة اللفظة أو العبارة المقترنة بها والمتغيرة في كل مرة‪،‬حيث‬
‫تتابعيا في شكل عمودي ومرة يكون في بداية المقاطع‬
‫ً‬ ‫يأخذ التكرار أشكال مختلفة‪،‬فيكون‬
‫أو نهايتها‪،‬حيث يساعد توظيفه في العمل األدبي لتماسكه وإبراز وحدة بنائه‪،‬وخير مثال‬
‫على تكرار العبارة قول الشاعر‪:‬‬

‫صندوق الدنيا والتاريخ على حبل غسيل‬

‫كل التاريخ على حبل غسيل‬

‫من يملك أن يدفع حفنة قمح أو حفنة ملح‬

‫‪...‬‬

‫صندوق الدنيا والتاريخ على حبل غسيل‬

‫أوراق تغسل أوراق تصبغ‬


‫(‪)2‬‬
‫والرأس المقطوع وأوراق النقد الزائفة على حبل غسيل‬

‫فهنا يؤكد لنا الشاعر من خالل تكرار عبارة " صندوق الدنيا والتاريخ على حبل غسيل "‬

‫أهمية القضية الفلسطينية وان التاريخ مزيف والحقائق ناقصة‪،‬وهناك من يقوم بهذا التزوير‬
‫عمدا‪،‬وهذه العبارة ال تسرد التاريخ بكل صفاته بقدر ما تلتقط من قيامة الثورة‪.‬‬
‫ً‬

‫(‪ )1‬عدنان علي نزهة‪ ،‬الصورة الفنية في شعر أبي القاسم الشابي‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬تخصص أدب عربي‪2005 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.256‬‬
‫(‪ )2‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.120-119‬‬

‫‪79‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كما نجد تكرار عبارة " هزي جذع صليبي"‬


‫حين الصلبان العشرة تتجمع‬
‫هزي جذع صليبي‬
‫تتساقط منه أقماط للطفل‬
‫ينتفخ كالزهرة في خشب صليب إسمه‬
‫‪...‬‬
‫هزي جذع صليبي‬
‫هزي جذع صليبي‬
‫(‪)1‬‬
‫حين الصلبان العشرة تتجمع يا وطفاء‬
‫وتكررت عبارة " هزي جذع صليبي " أكثر من مرتين فهنا في خطاب " لوطفاء " بأن تبتعد‬
‫عن تجمعات العدو الصهيوني وعدم االحتكاك بقضاياه وتتداخل هذه العبارة مع ميالد "‬
‫عيسى عليه السالم " الذي ولد تحت جذع النخلة‪،‬ويأمرها بأن تزيل كل أثر للظلم‬
‫واالستبداد‪.‬وتكرار النهاية في مسرحية "ثورة الزنج"‬
‫ما هي معجزة أياديكم‬
‫مدوا أيديكم بالمعجزة اآلن‬
‫و لتتجمع هذى الصلبان‬
‫(‪)2‬‬
‫و لتتجمع هذى الصلبان‬
‫وهنا تكرار للنهاية " و لتتجمع هذى الصلبان " فيه تأكيد على فلسطين قد تتحرر وتتخلص‬
‫من قيود المحتل والكيان الصهيوني‪،‬وذلك لمساعدة الدول العربية المجاورة لها وأن أرضها‬
‫أرضا طاهرة‪،‬فعلى الدول العربية تقديم يد العون لها من أجل تحقيق ذلك‬‫ستصبح ً‬
‫ٍ‬
‫وجرس موسيقي الفت لنتباه المتلقي ومؤثر‬ ‫وقد عمل تكرار العبارة على إنتاج نغمة إيقاعية‬
‫فيه وفي األخير يمكننا أن نقول بأن ظاهرت التكرار في المسرحية منحها جمالية وهوية‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.201‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.202‬‬

‫‪80‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أسقطها الشاعر عليها من خالل إب ارزه لأللفاظ والعبارات التي تصف حالته النفسية ووضعه‬
‫الذي يمر به جراء اإلستعمار‪.‬‬
‫فياضا وثراء من الصورة الشعرية‪،‬فكل كلمة لها لون‬
‫تبعا ً‬‫وظاهرة التكرار لم تكن عبثًا وإنما ً‬
‫وغرضا هام ليس كغيره ذو وظيفة معينة‪.‬‬
‫ً‬ ‫معين في الصورة‬

‫سابعا‪ /‬اللغة الشعرية في مسرحية "ثورة الزنج"‪:‬‬


‫ً‬
‫تعرف اللغة على أنها مجموعة اإلشارات واألنظمة اللغوية التي تحقق التواصل بين األفراد‬
‫مهما إختلفت طبيعتها ومصادرها‪،‬وهي من أهم أدوات البناء الفني وأول عنصر يلجأ إليه‬
‫الكاتب المسرحي في مرحلة التأليف والكتابة‪،‬فيرى " عز الدين اسماعيل " << إنها إذا كانت‬
‫حيا وليس مجرد أداة للتواصل بين الناس‪،‬كان من الطبيعي أن ترتبط فلسفة‬
‫اللغة كائًنا ً‬
‫اللغة بفلسفة الجمال‪،‬كما ذكر كروتشه‪،‬ألن كليهما يرتبط بالتعبير عن النفس وال يمكن‬
‫(‪)1‬‬
‫وضع حد فاصل بين حالة العقل والتعبير اللغوي>>‬

‫فاللغة وضعت للشعر عن األفكار وتبادلها مع اآلخرين إذ هي ‪ << :‬من أهم أدوات التشكيل‬
‫الثقافي‪،‬بل هي من أهم عوامل تشكيل األمم إن لم نقل أهمها‪.‬ذلك بأنها وعاء الفكر و‬
‫أداة التعبير والتواصل والتفاهم بين الناس توثق صالتهم‪،‬وتقوي روابطهم وتبني ثقافتهم‬
‫(‪)2‬‬
‫وتشدد وحدة الرحمة بينهم >>‬

‫واللغة في المسرح ليست نفسها اللغة التي يوظفها الشاعر في قصائده‪،‬فتكون مميزة وراقية‬
‫عليها‪،‬تكون محكمة ومضبوطة بدقة على عكس اللغة في المسرح يكون هدفها الرئيسي هو‬
‫الفكر‪،‬علما أن لغة المسرح ترتبط بثقافة الكاتب‬
‫ً‬ ‫التعبير عن أفكار الشخصيات وتوصيل‬
‫ومستواه‪،‬حيث نجدها تعبر عن الشعوب واألمم وهي من أهم المكونات العقيدة القومية‬
‫والتراثية‪ " :‬فإن الذي يحمل تراث أمته المتكون في أحضان لغتها القومية‪،‬ال يمكنه التعبير‬

‫(‪ )1‬عز الدين إسماعيل‪ ،‬األسس الجمالية في النقد العربي‪ ،‬عرض وتفسير ومقارنة‪ ،‬دار الفكر العربي‪1992 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.289‬‬
‫(‪ )2‬نور الدين بلبيل‪ ،‬االرتقاء بالعربية في وسائل اإلعالم‪ ،‬دار الكتب القطرية‪ ،‬قطر‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.13‬‬
‫‪81‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫واللغة‬ ‫(‪)1‬‬
‫بحرية عن نوازعه اإلبداعية لسبب بسيط هو إنعدام تلك النوازع اإلبداعية >>‬
‫هي أداة لي نقل الفكر‪،‬فمهما إختلفت األساليب والطرق اللغوية فإن اللغة ال تغادر أي نص‬
‫مقروءا ‪.‬‬
‫ً‬ ‫مكتوب كان أو‬
‫واللغة في المسرح هي القالب التي يصب فيه المؤلف المسرحي أفكاره وعواطفه بهدف‬
‫التعبير عن رأي وتصوير موقف أو تأصيل فكرة وموضوع معين‪.‬‬
‫وقد إعتمد " معين بسيسو " في مسرحيته على لغة فصيحة تميل إلى الحياة اليومية‪،‬وإقترب‬
‫في تأليفه وكتاباته من لغة الشعب‪،‬فأدى ذلك إلى إدخال األلفاظ المتداولة في الكالم العادي‬
‫أحيانا اللهجة المحلية في مسرحيته‪،‬وال شك أن اللغة المسرحية تطورت وإقتربت من الحديث‬
‫و ً‬
‫اليومي‪،‬والشاعر "معين بسيسو" إستطاع اإلستفادة والتطوير في هذه المفردات واأللفاظ كغيره‬
‫من الشعراء‪.‬‬
‫ولو دققنا في مفرداته و ألفاظه لوجدناها مرتبطة بصورة مباشرة أو صورة رمزية بالوطن‬
‫المغتصب‪،‬وكلها تعبر عن المقاومة والصمود فهي ملتصقة بالقضية الوطنية وفي حديثه‬
‫عن اللغة المباشرة نجد قوله‪:‬‬

‫الرجل الغسالة ‪ ( :‬يصرخ )‬

‫• بوليس فلسطين‬
‫• بوليس القرن العشرين‬
‫الرجل في ثياب عبد هللا بن محمد‪ :‬حولتم بيت أبي وكر دعارة‬
‫سردابا ومغارة‬
‫ً‬ ‫وجعلتم معبده‬
‫إنطلقوا اآلن‬
‫كونوا ما شئتم‬
‫زنجاً في القرن الثالث للهجرة‬
‫زنجا في القرن العشري‬
‫أو ً‬

‫(‪)1‬‬
‫‪82‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫إن عليكم أن تنطلقوا اآلن‬


‫‪...‬‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫كي يعلن ثورة‬
‫أيضا‪:‬‬
‫وقوله ً‬
‫صبر يا عبد هللا‬
‫وطفاء‪ً :‬ا‬
‫ال تستعجل حلب الجرح‬
‫مازال الجرح كطفل يحبو فوق األرض‬
‫وسيبكو وسينهض‬
‫‪...‬‬
‫عبد هللا بن محمد‪ :‬كان على البحراني أن يحضر‬
‫(‪)2‬‬
‫هو ذا يصحو‬
‫وباستعماله لطريقة رمزية نجد قوله‪:‬‬
‫الرجل التيكرز‪ :‬ولماذا وجه فلسطين‬
‫والتاريخ هنا كشريحة لحم في الثالجة‬
‫في ثالجة كل الناس‬
‫ال وجه فلسطين قريب‬
‫لنؤلف ونصور وجها آخر‬
‫وجها نرفعه كالحجر ونضرب وجه فلسطين‬
‫والتاريخ يمد الكفين بسلة أحجار‪.‬‬
‫المرأة‪ :‬وجهي‪:‬ولماذا وجه أنا يا قتله‬
‫وجهي لوح زجاج يكسر كل صباح‬
‫‪...‬‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.141‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.145‬‬

‫‪83‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أصبح هذى الباروكة أو تلك الباروكة‪.‬‬


‫‪...‬‬
‫تظهر حين يريدون‬
‫(‪)1‬‬ ‫وتغيب عن المسرح حين يريدون‬
‫ونجد لغته تتميز باإلختصار واإليجاز‪،‬حيث وظف عبارات قصيرة في المسرحية تحمل‬
‫جملة من الدالالت وااليحاءات‪:‬‬
‫الرجل الغسالة‪ :‬أين المهرب من هذا البئر؟‬
‫الرجل التيكرز‪ :‬عبد هللا بن محمد في يده الحبل‬
‫الرجل الغسالة‪ :‬لو يملك عبد هللا بن محمد حبالً‬
‫سيلف الحبل على عنقي أو عنقك‬
‫الرجل التيكرز‪ :‬أعني‬
‫الرجل الغسالة‪ :‬تعني ماذا‬
‫الرجل التيكرز‪ :‬لنؤلف عبد هللا آخر‬
‫لنؤلف ولنخرج أكثر من عبد هللا‬
‫ولنطلقهم في أسواق األهواز وبغداد وأسواق البصرة‪...‬‬
‫حيث يصير هناك أكثر من وجه‬
‫أكثر من سيف ولعبد هللا بن محمد‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫فعبيد البصرة لن تعرف من تتبع من‬
‫يظهر لنا في هذا المقطع اإلختصار واإليجاز في الكالم فنجد الحوار بين الشخصيات يدور‬
‫حتى بكلمة واحدة لكن هذا اإلختصار نجده محمالً بمعاني تترسخ في الذهن‪،‬وهذا ما يدل‬
‫على براعة ا لشاعر في انتقاء الكلمات واأللفاظ وتوظيفها في مكانها ألداء المعنى والذكاء‬
‫في التصوير واإلبداع في حسن االنتقاء‪.‬‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.124‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.160‬‬
‫‪84‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وقوله أيضا‪ :‬الرجل الغسالة‪ :‬قد خرج الرجل المغسول المصبوغ المقتول اآلن‬
‫ماذا نفعل؟‬
‫الرجل التيكرز‪ :‬إني أسألك اآلن‬
‫من يضحك من يبكي أكثر؟‬
‫كومبارس أصبح بطالً‬
‫أم بطل أصبح كومبارس‬
‫الرجل الغسالة‪ :‬أنا ال أسألك اآلن عن البطل أو الكومبارس‬
‫بل أين سيمضي اآلن‬
‫الرجل التيكرز‪ :‬كل الطرق تقود إلى البصره‬
‫كل سيوف المعتمد تقود إلى البصره‬
‫(‪)1‬‬
‫فلنتبع خيط الدم‬
‫والشاعر في هذه المسرحية ال يهتم باللغة فحسب‪،‬بل كان اهتمامه بتحقيق الشاعرية والجمالية‬
‫في النص المسرحي‪،‬حيث أبدع في توظيفه للصور البيانية والتزويق اللفظي‪،‬وإستعمال‬
‫المحسنات البديعية‪.‬وأن معظم عباراته‪،‬وألفاظه تحمل دالالت توحي لنا بأنها مسرحية تاريخية‬
‫فهو يحب إسقاط التاريخ على الواقع في كل أعماله المسرحية‪،‬يقول‪:‬‬
‫صندوق الدنيا والتاريخ على حبل غسيل‬
‫كل التاريخ على حبل غسيل‬
‫من يملك أن يدفع حفنة قمح أو حفنة ملح‬
‫طا في إبره‬
‫أو خي ً‬
‫فليتفرج‬
‫من ال يملك أن يدفع شيئاً فليتفرج‬
‫صندوق الدنيا والتاريخ على حبل غسيل‬
‫أوراق تغسل أوراق تصبغ‬

‫(‪ )1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.162‬‬


‫‪85‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫والرأس‪،‬المقطوع وأوراق النقد الزائفة على حبل غسيل‬


‫صندوق الدنيا‬
‫(‪)1‬‬
‫صندوق الدنيا‬
‫يرى " معين بسيسو " في هذا المقطع أن التاريخ منشور على حبل غسيل ولكن الذي يستطيع‬
‫أن يتفرج ال بد من أن يملك أو ال يملك‪،‬الرأس المقطوع هو الدالة التي تمسك مدلولها في‬
‫مسرحية " ثورة الزنج " والتي تشير هنا إلى صورة تقريبية لشخصية " عبد هللا بن محمد "‬
‫صاحب الزنج وقائد ثورتهم‪،‬فالتاريخ يعيد نفسه‪،‬والقمع يتكرر والثائرون يقمعون ويعذبون‪،‬بل‬
‫وتقطع رؤوسهم حتى ال يثور بعدهم ثائر‪.‬‬
‫وكذلك نجد الشاعر يوظف العبارات اإليحائية والرمزية لدفاع عن القضية الفلسطينية‪،‬بحيث‬
‫تظل الثورة محتفظة ببقائها‪،‬فنجد " الجالد " يحاور " وطفاء " ليأخذ منها الجنين الذي تحمله‬
‫والمتمثل في الثورة لتنقله عبر الزمن من القرن الثالث إلى القرن العشرين‪:‬‬
‫الجالد‪ :‬ماذا تنتظرين ؟‪...‬‬
‫وطفاء‪ :‬كفى ‪ ...‬كفى‪..‬‬
‫الجالد‪ :‬إعطينا الطفل إذن‬
‫وطفاء‪ :‬أنا لن أعطيك الخاتم‪..‬‬
‫(‪)2‬‬
‫فكأني أعطي جسدي‬
‫فالشاعر هنا يكشف عن رغبته في التخلص من االحتالل واالستقرار والعيش على أرض‬
‫فلسطين والعيش بأمان‪،‬ونالحظ أن وطفاء ترفض الوالدة في قرنها الهجري‪،‬فهي تريد نقل‬
‫تجربة الثورة على المحتل والظلم بأرض فلسطين‪،‬ويتضح من هذا الكالم أن قرار الدفاع عن‬
‫فرديا‪.‬‬
‫ار ً‬ ‫األرض ليس قرًا‬
‫وذكر الشاعر في المسرحية رمزان أساسيان ومهمان وهما " حبل الغسيل " و " الغسالة "‬
‫واللذين يقومان بغسل التاريخ وتزييفه‪،‬وكتابة تاريخ جديد ونشره على الحبل أي إعالن وإدراج‬
‫القضية الفلسطينية للعالم ككل وطلب المساعدة والتدخل في القضية من طرف الدول‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.120-119‬‬

‫(‪ )2‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.188‬‬


‫‪86‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫العربية‪،‬وهذا ما يعرف بالعولمة أي سيطرة الدول القوية والعظمى وهيمنتها على دول العالم‬
‫الضعيفة وصيغ تاريخها وتزوير كل شيء في قوله‪:‬‬
‫صندوق الدنيا والتاريخ على حبل غسيل‬
‫(‪)1‬‬
‫كل التاريخ على حبل غسيل‬
‫أيضا‪ :‬الرجل الغسالة ‪:‬كانوا من يدسون السم بشريان التاريخ‬
‫و ً‬
‫‪...‬‬
‫لكن من سوف يعاقب من يقتل الحبر‬
‫من يقتل تاريخياً من يقتل أبطاالً بالحبر‬
‫(‪)2‬‬

‫فاللغة الشاعرية هي عمل فردي خاص تعتمد على الخلق واإليداع فهي غير ثابتة فنجدها‬
‫تختلف من شاعر إلى آخر ومن جيل إلى آخر‪،‬وكل شاعر له لغته وقاموسه اللغوي الخاص‬
‫به‪.‬‬
‫ومن هنا تقول بأن الشاعر " معين بسيسو " أيدع ثروة لفظية رغم اقتصار معجمه اللغوي‬
‫على عدد من األلفاظ وأحسن في التركيب الفني والبناء‪،‬ومارس التعدد اللغوي عن طريق‬
‫توظيفه للغة الدارجة‪،‬مع الكلمات األجنبية بل وتعداها إلى االختفاء بالقيمة اإليحائية‬
‫لألصوات أو األلفاظ من أجل جذب ولفت نتباه القارئ‪،‬يقول‪:‬‬
‫المدرس ‪ :‬خلفي بصوت واحد‬
‫يسقط عبد هللا بن محمد‬
‫األطفال كالجوقة‪ :‬يسقط عبد هللا بن محمد‬
‫المدرس‪ :‬إشرب كوكاكوال‬
‫(‪)3‬‬
‫األطفال كالجوقة‪ :‬إشرب إشرب كوكاكوال‬
‫أيضا‪ :‬سكوت‬
‫وقوله ً‬
‫ديكورات رائعة ها‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.120‬‬


‫(‪ )2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.122‬‬

‫(‪ )3‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬ص‪.171‬‬


‫‪87‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الرجل التيكرز‪ :‬ها‬


‫الرجل الغسالة‪ :‬ها‪،‬ها‬
‫ال حركة ‪...‬‬
‫سنصور‬
‫كالكيت ‪.‬‬
‫الرجل الغسالة‪ :‬حركة‬
‫بصلة‬
‫مسمار‬
‫دوالر‬
‫دينار‬
‫‪...‬‬
‫(‪)1‬‬
‫دوالب للهندي‪،‬العربي‪،‬األحمر‬

‫ثامًنا‪ :‬الرمز الشعري في المسرحية‪:‬‬


‫تعد ظاهرة الرمز من ابرز الظواهر الفنية في الشعر العربي المعاصر وكذلك غي المسرح‬
‫عنصر‬
‫ًا‬ ‫الشعري ولها أصول ومالمح تتميز بها حيث أصبح توظيف الرمز في العمل األدبي‬
‫فنيا الفتًا للنظر فيه‪،‬بتقنياته الحديثة ‪ .‬عبر به الشعراء عن تجارتهم وأفكارهم ومشاعرهم‬
‫ً‬
‫بطريقة غير مباشرة‪،‬وجعلوا منه منف ًذاً للتعبير عن رؤاهم‪،‬فهو يمنح الشاعر منف ًذا للتعبير‬
‫بإيحاء وداللة وحرية مطلقة ويزيد من جمالية النص األدبي مهما اختلف جنسه‪،‬واختلف‬
‫النقاد و اللغوين حول ضع مفهوم لمصطلح الرمز فنجد تعريفه يختلف من حيث اللغة و‬
‫االصطالح‪.‬‬

‫أ‪ /‬لغة‪ :‬يعرف ابن منظور في معجمه الرمز على أنه << تصويت خفي باللسان كالهمس‬
‫ويكون بتحريك الشفتين بكالم غير مفهوم اللفظ‪،‬من غير إبانة بصوت وإنما هو إشارة‬

‫(‪ )1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.137‬‬

‫‪88‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بالشفتين‪،‬وقيل الرمز إشارة وإيماء العينين والحاجبين والشفتين والفم‪،‬والرمز في اللغة كل‬
‫(‪)1‬‬
‫ما أشارات إليه مما يبان بلفظ بأي شيء أشرت إليه ببدأ و بعين >>‬

‫اصطالحا‪ :‬تعددت تعريفات الرمز ومفاهيمه و اختلف الختالف وجهات النظر إليه‬
‫ً‬ ‫ب‪/‬‬
‫فنجد من بينها‪ << :‬الرمز في معناه الحديث هو اإليحاء أي التعبير غير المباشر‪،‬عن‬
‫(‪)2‬‬
‫النواحي النفسية المستمرة التي ال تقوى على أدائها اللغة في داللتها الوضعية >>‬

‫فيعتبر الرمز هو الوسيلة الوحيدة الميسرة لإلنسان للتعبير عن شعوره وحالته وعن الواقع‬
‫اإلنفعالي‪،‬فيُّتخ ُذ كوسيلة للتعبير عما في داخله من أحاسيس‪،‬وعواطف‪،‬فهو عبارة عن‬
‫مؤشرات وشفرات يجب تحليلها للوصول إلى المعنى الذي يرمي إليه الكاتب‬

‫" وقيمة الرمز ليست قيمة داللية يتحدد فيها الرموز بكل ما تقومه كما هو شأن اإلشارة إنما‬
‫هي قيمة إيحائية توقع في النفس ما ال يكون التعبير عنه بطريق التسمية والتصريح ‪.‬‬

‫فالرمز ليس بالنسبة إلى ما قيل وقرر وإنما بنسبة إلى ما لم يمكن قوله‪،‬فهو ال يرمز إلى‬
‫(‪)3‬‬
‫شيء معروف من قبل‪،‬ولكن لشيء يوجدها الكشف ويكاد ينكشف "‬

‫إن الرمز هو اإليحاء ويعني التعبير غير المباشر عن النواحي النفسية المستترة التي ال‬
‫تقوى اللغة على أدائها في داللتها الوضعية‪،‬ذلك أن الشاعر عندما يوظف الرمز في شعره‬
‫ال بد أن يعتمد على المخيلة الشعرية القادرة على ربط ذلك المضمون الذي أراد أن يحمله‬
‫ذهنيا بل بينه وبين الموضوع عالقة تداخل وإمتزاج‪،‬وهي أنواع‬
‫النص‪،‬والرمز ليس تجر ًيدا ً‬
‫كثيرة أهمها‪:‬‬

‫الرمز التراثي‪:‬وذلك بتوظيف شخصيات تراثية واستدعائها ويكون توظيفها ألسباب منها ربط‬
‫الحاضر بالماضي‪،‬والتذكير ببطوالت الشخصيات التراثية و أنها تغذي عواطفه وعقله على‬
‫ما أكد الماضي‪.‬‬

‫الرمز الديني‪ :‬توظيف شخصيات وقصص دينية في المسرحية‬

‫(‪ )1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،5‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1998 ،1‬م‪ ،‬ص‪.312‬‬
‫(‪ )2‬بسام الجمل‪ ،‬من الرمز إلى الرمز الديني‪ ،‬مطبعة التفسير الفني‪ ،‬صفاقس‪ ،‬ط‪2007 ،1‬م‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫(‪ )3‬محمد فتوح‪ ،‬الرمز والرمزية‪ ،‬ص‪.205‬‬
‫‪89‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الرمز التاريخي‪ :‬عندما يوظف شخصيات تاريخية في المسرحية فإنه يحاول التوافق بينها‬
‫وبين الواقع المعاصر الذي يريد التعبير عنه‪.‬‬

‫تعبير عن واقع يعيشه الشاعر‬


‫ًا‬ ‫الرمز الطبيعي‪ :‬وذلك لما يحمله من حدة داللية ألنه عادة‬
‫ووسيلة تهدف إليها لتصوير مشاعره النفسية‪،‬وكانت الطبيعة وال زالت مصدر إلهام الشعراء‬
‫ومنبعه الذي اليخف ‪.‬‬

‫فوظف الشاعر رموز الطبيعية للتعبير عن مشاعره وحالته النفسية‪.‬‬

‫ونجد الرمز كذلك ‪ << :‬يعني أن يعمل الرمز اللفظي على إثارة مشاعر وأفكار أعظم من‬
‫بمعان أبعد من داللتها‬
‫ٍ‬ ‫تلك التي تعينها األلفاظ في الحالة العادية لتوحي‬
‫الملموسة‪،‬وبتجديد أكثر يتحول الرمز اللفظي إلى أداة شعرية متقنة لي إعطاء الفكرة‬
‫(‪)1‬‬
‫حسيا>>‬
‫شكالً ً‬
‫ونجد " معين بسيسو " كأحد أعالم الشعر الذي اهتموا بظاهرة الرمز تفوق في توظيفه نتيجة‬
‫بارز‬
‫ملحما ًا‬
‫ً‬ ‫االتجاه اإليديولوجي وطبيعة حياته الفلسطينية‪،‬فكان التزامه بقضايا وطنه وأمته‬
‫ف ي شعره وخاصة قضية األرض والوطن ويعتبر التراث من أهم مصادر الرمز في إبداع‬
‫الشاعر وقد توافرت مسرحيته على الكثير من نماذج الرمزية والجمال الرمزي فجاءت موصية‬
‫بعيدا‬
‫بالداللة فكان الرمز أداة للتعبير عن قضايا سياسية ووطنية والتعبير من الواقع المتدني ً‬
‫عن السلطة‪.‬‬

‫ونجد مسرحية " ثورة الزنج " تزدحم بالرموز ويتضح لنا ذلك من خالل الجدول اآلتي ‪:‬‬

‫الصفحة‬ ‫نوعه‬ ‫الرمز‬ ‫الكلمة‬

‫‪119‬‬ ‫تاريخي‬ ‫و هي شخصية إطارية‬ ‫صندوق الدنيا‬

‫(‪ )1‬ج‪ ،‬ل‪ ،‬نسبان‪ ،‬نز‪ ،‬محمد جمول‪ ،‬الدراما بين النظرية والتطبيق‪ ،‬مطابع وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق‪1995 ،‬م‪ ،‬ص‪.208‬‬
‫‪90‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تراثي‬ ‫شخصيات آلية ترمز إلى‬

‫‪120‬‬ ‫تزييف و تزوير التاريخ‬ ‫الرجل الغسالة‬

‫و األحداث الوطنية و‬ ‫و الرجل التيكرز‬

‫غسل األحداث التاريخية‬

‫‪131‬‬ ‫طبيعي‬ ‫رمز للراحة واإلستجمام‬ ‫شاطئ يافا‬

‫رمز لكل امرأة فلسطينية‬

‫تاريخي‬ ‫مناضلة تحمل في داخلها‬ ‫وطفاء‬

‫‪142‬‬ ‫معاني الثورة ضد العدو‬

‫و المحتل وداللة‬

‫وتواصل‬ ‫اإلستمرار‬

‫األجيال‬

‫وبشارة النصر‬

‫رم از للتجرد للثورة و‬ ‫عبد هللا بن محمد‬

‫‪152‬‬ ‫تاريخي‬ ‫اإلصرار على االنتصار‬

‫شخصية إطارية مثلت‬ ‫األرجواز‬

‫‪155‬‬ ‫تاريخي‬ ‫أحداث الثورة‬

‫و هو رمز للحرية و‬ ‫الطائر‬

‫‪184‬‬ ‫طبيعي‬ ‫القدرة على االنطالق من‬

‫‪91‬‬
‫جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو"‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أسر األرض إلى آفاق‬

‫عالية غير محدودة ‪.‬‬

‫و يمثل أمل الثورة‬

‫‪164‬‬ ‫و هي رمز للتفاؤل و نيل‬ ‫الشمس‬

‫طبيعي‬ ‫الحرية و االستقالل‬

‫إذن فاستعمال الشاعر" معين سبيسو"‪ :‬للرمز بأنواعه المختلفة فإنه يتميز في بساطة لغته و‬
‫إيحائيتها ‪،‬وتوظيف ألفاضه وطريقة انتقائها واستخدامها في مكانها المناسب التي تزيد من‬
‫جمالية النص المسرحي‪ ،‬والرمز هو معنى خفي ذو طابع إيحائي‪،‬يتيح للمتبقي البحث والكشف‬
‫عن معنى اللفظ وداللة توظيفه‪،‬ووظفه الشاعر إلثارة الغموض في ألفاظ المسرحية‪.‬‬

‫وفي األخير نستخلص إلى أن الشاعر "معين سبيسو" قد وفق في إنشاء وبناء مسرحية "ثورة‬
‫الزنج" على مجموعة من الخصائص و الجماليات ساهمت في إضفاء ولزيادة من جمالية‬
‫النص المسرحي‪ ،‬حيث أتت المسرحية في شكل نسيج متكامل األجزاء ومنسجم المعاني‬
‫واأللفاظ ‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫الخاتمة‬
‫الخاتمة‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫وفي ختام هذا البحث المتواضع الموسوم بكتابة القضية الفلسطينية في المسرح الشعري‬
‫المعاصر‪ ،‬مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو أنموذ ًجا‪ ،‬فقد توصلنا إلى بعض النتائج أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن المسرح الشعري فن قليل االنتشار في الثقافة العربية على عكس األجناس األدبية‬
‫األخرى كالشعر والرواية ‪.......‬‬
‫كبيرا من قبل الدارسين والباحثين‬
‫‪ -2‬حظي الشعر الفلسطيني في األزمنة األخيرة انتشارا ً‬
‫تقديرا واهتماما من‬
‫ً‬ ‫وذلك بفضل كتابها وشعرائها ومن أهمهم معين بسيسو الذي نال‬
‫قبل النقاد المسرحية من خالل أعماله وإنتاجاته حيث تعتبر – ثورة الزنج – من أفضل‬
‫أعماله وأكثرها تكامالً وانسجاما‪.‬‬
‫‪ -3‬أبدع الشاعر الفلسطيني – معين بسيسو – في توصيل القضية الفلسطينية إلى الجمهور‬
‫وإلى العالم العربي‬
‫‪ -4‬تعتبر الفكرة ضرورية في أي عمل ادبي منها فهي بمثابة ملخص المسرحية ‪ ،‬و‬
‫الفكرة التّى تدور حولها مسرحية ثورة الزنج هي حال الشعب الفلسطيني‬
‫الذي يعيشها من حرامان و اضطهاد و سلب الحقوق‬
‫‪ -5‬ساهمت الشخصيات في بناء و تطور ثورة الزنج حيث وظفت بنوعيها الرئيسية‬
‫و الثانوية المعاصرة منها و التراثية فتبادل األدوار و الظهور على خشبة‬
‫المسرح‬
‫‪ -6‬الحدث هو العمود الفقري الذي تقوم عليه المسرحية و ال يمكن االستغناء عنه‬
‫النه األساس و األداة التّى تتحرك بها الشخصيات‬
‫‪ -7‬الحوار تكمن أهميته في المسرحية بالكشف عن خفايا و خبايا الشخصيّة‬
‫درامية و هو صوتها الذي يحمل فكرها و خصائصها ‪.‬‬
‫نظرا للقضية التي يعالجها الشاعر فتميز الزمن‬ ‫ً‬
‫بارزا ً‬ ‫حضورا‬
‫ً‬ ‫‪ -8‬لقد كان للزمان والمكان‬
‫بتقنية االسترجاع واالستشراف واإليمان بالمستقبل وعلى أمل في نيل الحرية والتحرر‬
‫وحضور المكان بنوعه المغلق والمنفتح الذي أدى وظيفة أساسية وبارزة في بناء‬
‫المسرحية‪.‬‬
‫‪ -9‬وظف الشاعر الفلسطيني " تقنية التكرار بنوعيه اللفظي و المعنوي بطريقة‬
‫أضفت على النص المسرحي جمالية و رونقا مما ساهم في جذب انتباه القارئ‬
‫‪ -10‬اعتمد معين بسيسو على لغة فصحية عامة قريبة من لغة الشعر مليئة بالرموز‬
‫حيث لعبت دورا مهما في سهير األحداث و تعريف بالشخصيات‬
‫‪- 11‬نجح الشاعر معين بسيسو في استخدامه لرمز بأنواعه التاريخي ‪ ،‬الديني ‪ ،‬الطبيعي‬
‫‪ ...‬ليعير من خالله عن الواقع و الوضع الذي تعيشه فلسطين و شعبها ‪ ،‬و ذلك بأسلوب‬
‫إيحائي ليشغل تفكير القارئ‬
‫‪94‬‬
‫الخاتمة‬

‫و منه ا نجد أن المسرح الشعري‪-‬لمعين بسيسو – مسرح واقعي يصور لنا حياة الشعب‬
‫الفلسطيني ومعاناته من طرف االحتالل الصهيوني وسلب أبسط حقوقه ويرسم لنا مظاهر‬
‫الظلم والبطش والحرمان على أمل في االستقالل والتحرر إذن هو مسرح مليء بالحزن‬
‫واألسى‪ ،‬وهكذا استطاع معين بسيسو أن يبلغ بشعره أعلى المراتب ليبقى عظي ًما وخالدًا في‬
‫عالم الشعر وليشهد له الزمن أنه كان من أعظم الشعراء الذين أفنوا حياتهم وراحتهم في‬
‫كلماتهم لتخرج صادقة تهز الضمير‪.‬‬
‫وقد شهد التاريخ مسيرة حياته بخلود أشعاره الممتلئة بنبض الحياة وصدق األحاسيس فسيبقى‬
‫دو ًما الشاعر الذي مأل الدنيا وشغل الناس بشعره الذي مزال متناوالً عبر األزمنة والعصور‪.‬‬
‫و ختاما نرجو أن يكون هذا البحث حققا أهدافا و اجبنا عن اإلشكاليات المطروحة و‬
‫استخالص النتائج المراد الوصول إليها ‪ ،‬فإن قصرنا في استنتاجها الميدان مفتوح‬
‫للباحثين فعليهم إن يستكملوا وجود النقص ‪ ،‬و إنما الكمال هلل وحده ‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫قائمة المصادر‬
‫والمراجع‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫*القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫أ‪ -‬المصادر‪:‬‬
‫‪ -1‬معين بسيسو‪ ،‬األعمال المسرحية‪ ،‬دار العودة‪ ،‬ط‪1،1989‬م‬
‫ثانيا‪ :‬المراجع باللغة العربية‪:‬‬

‫‪ -2‬أبو الحسن سالم‪ ،‬مقدمة في نظرية المسرح الشعري‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫‪ -3‬بسام الجمل‪ ،‬من الرمز إلى الرمز الديني‪ ،‬مطبعة التفسير الفني بصفاقس‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪2007‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬بيداء عبد الصاحب الطائي‪ ،‬البنية الدرامية في شعر نزار قباني‪ ،‬دار ضفاف للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪2012، 1‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬جمال محمد النواصرة‪ ،‬المسرح العربي‪،‬ص‪.19‬‬
‫‪ -6‬خالد محي الدين البرادعي‪ ،‬خصوصية المسرح العربي‪ ،‬منشورات اتحاد الكتاب‬
‫العربي‪1986،‬م‪.‬‬
‫‪ -7‬سيد خضر‪ ،‬التكرار اإليقاعي في اللغة العربية‪ ،‬دار الهدى للكتاب ط‪1998 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ -8‬طه حسين‪ ،‬في األدب الجاهلي‪ ،‬مطبعة فاروق محمد عبد الرحمان‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪3‬‬
‫‪1993،‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬عبد الحفيظ الهاشمي‪ ،‬مصطلح الشعر في تراث العقاد األدبي‪ ،‬علم الكتاب الحديث‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬ط‪2009 ،1‬م‪.‬‬
‫عبد العزيز حمودة‪ ،‬البناء الدرامي‪ ،‬ا لهيئة المصرية العامة للكتاب ‪1998،‬م‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫عبد المالك مرتاض‪ ،‬في نظرية الرواية‪ ،‬سلسلة كتب ثقافية يصدرها المجلس‬ ‫‪-11‬‬
‫الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬ديسمبر‪1998‬م‪.‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫عز الدين اسماعيل‪ ،‬األسس الجمالية في النقد العربي‪ ،‬عرض وتفسير ومقارته‪،‬‬ ‫‪-12‬‬
‫دار الفكر العربي‪1992 ،‬م‬
‫عز الدين اسماعيل‪ ،‬األدب وفنونه‪.‬‬ ‫‪-13‬‬
‫علي قاسم الزبيدي‪ ،‬درامية النص المسرحي في شعر صالح عبد الصبور وعبد‬ ‫‪-14‬‬
‫العزيز المقالح‪ ،‬دار الزمان‪ ،‬ط‪2009 ،1‬م‪.‬‬
‫علي قاسم غالب‪ ،‬درامية النص المسرحي في الشعري الحديث‪ ،‬دراما الزمان‪،‬‬ ‫‪-15‬‬
‫دمشق‪ ،‬سوريا ط‪2009 ، 1‬م‪.‬‬
‫قيس عمر‪ ،‬البنية‪ ،‬الحوار في النص المسرحي‪.‬‬ ‫‪-16‬‬
‫لينا نبيل أبو مغلي‪ ،‬مصطفى قيس هيالت‪ ،‬الدراما والمسرح في التعليم‪ ،‬النظرية و‬ ‫‪-17‬‬
‫التطبيق‪ ،‬دار الراية‪،‬عمان‪،‬ط‪2008 ،1‬م‪.‬‬
‫مصري عبد الحميد جنورة‪ ،‬األسس النفسية لإلبداع الفني في الشعر المسرحي‪،‬‬ ‫‪-18‬‬
‫الهيئة المصرية العامة للكتاب‪1986،‬م‪.‬‬
‫مصطفى عبد الغني‪ ،‬المسرح الشعري العربي‪ ،‬األزمة والمستقبل‪ ،‬عالم المعرفة‪،‬‬ ‫‪-19‬‬
‫الكويت‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫مهدي عبيدي‪ ،‬جماليات المكان في ثالثية حنا مينا‪ ،‬منشورات الهيئة المصرية‬ ‫‪-20‬‬
‫العامة السورية للكتاب دمشق‪2001،‬م‬
‫ميساء سليمان االبراهيم‪ ،‬البنية السردية في كتاب اإلمتاع والمؤنسة الهيئة العامة‬ ‫‪-21‬‬
‫السورية للكتاب‪2011:‬م‪.‬‬
‫نازك المالئكة‪ ،‬قضايا الشعر المعاصر‪ ،‬منشورات مكتبة النهضة‪ ،‬ط‪1963 ،1‬م‪.‬‬ ‫‪-22‬‬
‫نور الدين بليل‪ ،‬االرتقاء بالعربية في وسائل اإلعالم‪ ،‬دار الكتب القطرية‪ ،‬قطر‬ ‫‪-23‬‬
‫ثالثا‪ :‬المراجع المترجمة‪:‬‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫ج‪.‬ل ستيان‪،‬نز‪:‬محمد جمول‪،‬الدراما الحديثة بين النظرية والتطبيق‪ ،‬مطابع و ازرة‬ ‫‪-24‬‬
‫الثقافة‪،‬دمشق‪1995،‬م‬
‫البوس ايجري‪ :‬فن كتابة المسرحية‪،‬نز‪،‬دريني خشبة‪،‬مؤسسة فرانكلين للطباعة‬ ‫‪-25‬‬
‫والنشر‪،‬القاهرة‪،‬نيويورك‪.‬‬
‫غاستون باشالر‪،‬جماليات المكان‪،‬نز‪:‬غالب هالسا‪:‬المؤسسة الجامعية للدراسات‬ ‫‪-26‬‬
‫والنشر والتوزيع‪،‬بيروت‪،‬ط ‪1984، 2‬م‪.‬‬
‫ابعا‪ :‬المعاجم والقواميس والموسوعات‪:‬‬
‫رً‬

‫إبراهيم فتحي‪،‬معجم المصطلحات األدبية‪،‬التعاضدية العمالية‪،‬للطباعة‬ ‫‪-27‬‬


‫والنشر‪،‬صفاقس ‪،‬ع‪1986 ،1‬م‪.‬‬
‫ابن منظور‪،‬لسان العرب‪،‬دار صادر بيروت لبنان‪،‬ط (‪.)3.1‬‬ ‫‪-28‬‬
‫الخليل بن أحمد الفراهيدي‪،‬كتاب العين‪،‬دار الكتب العلمية‪،‬بيروت‪،‬لبنان ط‪،1‬‬ ‫‪-29‬‬
‫‪2003‬م‪.‬‬
‫جبران مسعود‪ ،‬الرائد معجم لغوي‪ ،‬دار الماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان ط‪2001 ،8‬م‪.‬‬ ‫‪-30‬‬
‫سامي إدريسي‪ ،‬موسوعة أبحاث ودراسات في األدب الفلسطيني‪،‬ج‪.477 ،3‬‬ ‫‪-31‬‬
‫سميرة صادق شعالن‪ ،‬معجم مصطلحات األدب معجم اللغة العربية‪،‬القاهرة‪،‬ج‪،1‬‬ ‫‪-32‬‬
‫‪2007‬م‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬البحوث والدراسات الجامعية‪:‬‬
‫ً‬

‫سكينة قدور‪ ،‬الحسبيات في الشعر العربي الحديث و المعاصر‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪.‬‬ ‫‪-33‬‬
‫عدنان علي نزهة‪ ،‬الصورة الفنية في شعر العربي أبي القاسم الشابي‪ ،‬رسالة‬ ‫‪-34‬‬
‫ماجستير‪ ،‬تخصص أدب عربي‪2005،‬م‪.‬‬
‫سادسا‪:‬صحف ومجالت ومقاالت‪:‬‬
‫ً‬
‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫إيمان حمادي‪ ،‬عبد األمير‪ ،‬مفهوم الشخصية الدرامية‪ ،‬قسم السيمياء‪ ،‬كلية الفنون‬ ‫‪-35‬‬
‫الجميلة‪ ،‬جامعة بغداد‪،‬العراق‪2016،‬م‪.‬‬
‫جميل حمداوي‪ ،‬المسرح العربي وتوظيف التراث‪ ،‬مجلة طبرة الثقافية‪.‬‬ ‫‪-36‬‬
‫عادل األسطه‪ ،‬شعر المقاومة الفلسطينية في النقد األدبي‪ ،‬بين العالم العربي‬ ‫‪-37‬‬
‫‪ 2005.6.14‬م‪.‬‬
‫عبد اللطيف المنصوري‪ ،‬الشاعر الفلسطيني‪ ،‬معين بسيسو‪ ،‬بين االلتزام واإلبداع‬ ‫‪-38‬‬
‫الشعري‪ ،‬مجلة ‪:‬المرأة العربية ‪ 9‬سبتمبر ‪2019‬م‪.‬‬
‫فاروق جويدة‪ ،‬الغنائية والدرامية في المسرح الشعري‪ ،‬جامعة المنصورة‪،‬عد‪،23:‬‬ ‫‪-39‬‬
‫‪1998‬م‪.‬‬
‫قاسم إبراهيم‪ ،‬الشاعر معين بسيسو‪ ،‬الشعر واألرض توأمان‪ ،‬صحيفة روناهي‪-7،‬‬ ‫‪-40‬‬
‫‪.2018-11‬‬
‫ماجد نور الدين‪ ،‬مأساة جيفارا‪ ،‬صحيفة االتحاد‪ ،‬الملحق الثقافي‪23،‬‬ ‫‪-41‬‬
‫يونيو‪2010‬م‪.‬‬
‫محمد سالم عبادة‪ ،‬من تقمص تاريخ العدو‪ :‬قراءة في مسرحية‪ :‬شمشون و دليلة‪،‬‬ ‫‪-42‬‬
‫لمعين بسيسو‪ ،‬عد ‪ 12 ،550‬مارس ‪2018‬م‪.‬‬
‫نادر طاهر‪ ،‬توظيف التراث‪ ،‬في شعر معين بسيسو‪2012-8-6 ،‬م‪.‬‬ ‫‪-43‬‬
‫نجاح مدلل‪ :‬مقال‪ :‬التكرار في شعر عز الدين ميهوبي عولمة الحب‪ ،‬عولمة النار‬ ‫‪-44‬‬
‫أنموذجا‪.‬‬
‫ً‬
‫سابعا‪ :‬المواقع االلكترونية‪:‬‬
‫ً‬

‫وليد أبو ندى‪ ،‬الفكر واستدعاء التاريخ في مسرحية " ثورة الزنج "‬ ‫‪-45‬‬
‫‪/UL yournal of humainities research slanik university of gyaza Icc B‬‬
‫‪y 40‬‬
‫الصفحة‬ ‫العنوان‬
‫أ‪ -‬ب‬ ‫مقدمة‪.‬‬
‫مدخل‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫ضبط المفاهيم‬
‫‪1‬‬ ‫مفهوم المسرح‬
‫‪1‬‬ ‫لغة‬
‫‪2‬‬ ‫اصطالحا‬
‫ً‬
‫‪2‬‬ ‫مفهوم الشعر‬
‫‪2‬‬ ‫لغة‬
‫‪3‬‬ ‫اصطالحا‬
‫ً‬
‫‪4‬‬ ‫مفهوم المسرح الشعري‬
‫‪5‬‬ ‫خصائص المسرح الشعري‬
‫الفصل األول‪ :‬تجربة معين بسيسو في المسرح الشعري‬
‫‪8‬‬ ‫المبحث األول‬
‫‪9‬‬ ‫أوالً‪ :‬تمهيد‬
‫‪11‬‬ ‫ثانيا‪ :‬التعريف بالشاعر معين بسيسو‪:‬‬
‫‪13‬‬ ‫مسرحية مأساة جيفارا‪.‬‬
‫‪16‬‬ ‫مسرحية شمشون ودليلة‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫مسرحية الصخرة‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫مسرحية العصافير تبني أعشاشها بين األصابع‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫مسرحية محاكمة كليلة ودمنة‬
‫المبحث الثاني‬
‫‪18‬‬ ‫مسرحية ثورة الزنج لمعين بسيسو‬
‫‪23‬‬ ‫أسلوب معين بسيسو‪.‬‬
‫‪24‬‬ ‫مسرحيا‪.‬‬
‫ً‬ ‫توظيف التراث وصياغته‬
‫‪27‬‬ ‫مقارنة بين أسلوبه وأسلوب عبد الصبور المقالح والشرقاوي‬
‫‪29‬‬ ‫أهم الدراسات التي قدمت حول مسرحه الشعري‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬جماليات المسرح الشعري في مسرحية ثورة الزنج"لمعين بسيسو"‬
‫‪30‬‬ ‫أوالً‪ :‬موضوعات مسرحية ثورة الزنج‪.‬‬
‫‪30‬‬ ‫ثانيا‪ :‬بناء الشخصيات في المسرحية‪.‬‬
‫ً‬
‫‪42‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬الحدث في مسرحية ثورة الزنج‪.‬‬
‫‪54‬‬ ‫ابعا‪ :‬الحوار في مسرحية ثورة الزنج‪.‬‬
‫رً‬
‫‪58‬‬ ‫خامسا‪ :‬الزمان والمكان في مسرحية ثورة الزنج‪.‬‬
‫ً‬
‫‪70‬‬ ‫سادسا‪ :‬ظاهرة التكرار في مسرحية ثورة الزنج‪.‬‬
‫ً‬
‫‪81‬‬ ‫سابعا‪ :‬اللغة الشعرية في مسرحية ثورة الزنج‪.‬‬
‫ً‬
‫‪89‬‬ ‫ثامنا‪ :‬الرمز الشعري في المسرحية‪.‬‬
‫ً‬
‫خاتمة‪.‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪.‬‬
‫ملخص المسرحية‪.‬‬
:‫ملخص المسرحية‬

‫ بحيث يكون مكتوب شعرًيا أو بلغة نثرية ذات‬،‫قائما بذاته‬ ً ‫يعتبر المسرح الشعري ًفنا‬
ً ‫أدبيا‬
‫ ويتضمن بناء النص المسرح الشعري مجموعة من الخصائص والجماليات‬،‫طابع شعري‬
"‫ حيث تناولت مسرحية "ثورة الزنج‬.‫التي تميزه عن باقي الفنون واألجناس األدبية األخرى‬
‫للشاعر الفلسطيني "معين بسيسو" هذه الجماليات من لغة وحوار وشخصيات ورموز وأحداث‬
.‫وغيرها‬

:‫الكلمات المفتاحية‬

."‫ "ثورة الزنج‬، "‫ "معين بسيسو‬،‫ الشعر المعاصر‬،‫ المسرح‬،‫القضية الفلسطينية‬

Play summary:

Poetic theater is a literary art in itself, written in poetry or in a


language of prose with a poetic character, and the construction of
the text includes poetic theater a set of characteristics and aesthetics
that distinguish it from the rest of the arts and other literary genres.
The play "The Zinj Revolution" by the Palestinian poet "Moein Bseiso"
dealt with these aesthetics of language, dialogue, characters,
symbols, events, and others.

key words:

The Palestinian issue, theater, contemporary poetry, "Moein Bseiso",


"The Zinj Revolution".

You might also like