You are on page 1of 122

‫جامعــــــــة الشهيد حمه لخضر‪ -‬بالوادي‬

‫كمية العموم االجتماعية واإلنسانية‬


‫قسم العموم اإلنسانية‬

‫الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬


‫(‪732‬ه‪759 /‬ه)( ‪1331‬م‪1358 /‬م)‬

‫مذكرة مكممة لمتطمبات الحصول عمى شهادة الماستر في تاريخ المغرب العربي الوسيط والحديث‬

‫األستاذ المشرف‬ ‫إعداد الطالبتين‪:‬‬


‫ــــ أــــ واعظ نويوة‬ ‫ـــ مروة مهرية‬
‫ــ عقيمة والبي‬

‫لجنة المناقشة‬
‫مؤسسة االنتساب‬ ‫الصفة‬ ‫األستاذ‬

‫جامعة الشهيد حمه لخضر ‪-‬الوادي‬ ‫رئيـــس الجلسة‬ ‫أ ــ شعوة علي‬


‫جامعة الشهيد حمه لخضر ‪-‬الوادي‬ ‫مشرفا ومقررا‬ ‫أ ــ نويوة واعظ‬
‫جامعة الشهيد حمه لخضر ‪-‬الوادي‬ ‫عضوا مناقشـــا‬ ‫أــ بن عمر عالل‬

‫السنة الجامعية‪1438-1437 :‬ه‪2016/‬م‪2017-‬م‬


‫قائمة المختصرات‬

‫دون طبعة‬ ‫د‪.‬ط‪:‬‬


‫دون سنة نشر‬ ‫د‪.‬م‪.‬ن‪:‬‬
‫دون مكان نشر‬ ‫د‪.‬م ‪.‬ن‪:‬‬
‫التاريخ الميالدي‬ ‫م‪:‬‬
‫التاريخ الهجري‬ ‫هـ‪:‬‬
‫دون تاريخ‬ ‫د ‪.‬ت ‪:‬‬
‫الصفحة‬ ‫ص‪:‬‬
‫جزء‬ ‫ج‪:‬‬
‫مجلد‬ ‫مج‪:‬‬
‫تحقيق‬ ‫تح‪:‬‬
‫طبعة‬ ‫ط‪:‬‬
‫مقـــدمـــة‬
‫مقدمة‬

‫شهد المغرب اإلسالمي منذ الفتوحات اإلسالمية تعاقب العديد من الدويالت على‬
‫حكمه وعلى الرغم من اختالف مذاهبها وتوجهاتها إال أن أهدافها كانت في معظمها موحدة‬
‫تمثلت في بسط النفوذ وتحقيق وحدة المغرب اإلسالمي تحت لواء كل واحدة منها ‪ ،‬فدخلت‬
‫بذلك الكثير من هذه الدويالت في صراع دائم ومنافسة مستمرة جعلت المنطقة مسرحا‬
‫لألحداث السياسية والعسكرية ‪ .‬حيث تعتبر معركة حصن العقاب بداية نهاية الدولة الموحدية‬
‫التي لبثت زمنا طويال توحد المغرب واألندلس ونجد أن هذه المعركة أضعفت قواها‬
‫وتعاظمت قوة المتمردين والخارجين عليها في الداخل والخارج إلى أن سقطت مخلفة أربعة‬
‫دول الحفصية والزيانية والمرينية وبني األحمر في األندلس ‪ ،‬ودخول المغرب اإلسالمي‬
‫واألندلس في حالة من الفوضى و اإلضطرابات السياسية والعسكرية ‪ ،‬وقد حاولت هذه الدول‬
‫أن تخلف الدولة الموحدية في بسط نفوذها و سيطرتها على المغرب فدخلت في صراع طويل‬
‫ويعتبر الصراع الحفصي المريني نموذجا لذلك وهذا ما يندرج تحته عنوان موضوع مذكرتنا‬
‫المسماة بـ ‪:‬الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين (‪723‬ه‪759 /‬ه)( ‪1221‬م‪/‬‬
‫‪1251‬م) ‪.‬‬
‫أهمية الموضوع وسبب إختياره ‪:‬‬

‫إن اختيارنا للموضوع الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين تحدده أسباب متعددة أهمها‬
‫مايلي ‪:‬‬

‫‪ ‬تسليط الضوء على طبيعة هذا الصراع السياسي ‪.‬‬


‫‪ ‬قلة الدارسات العلمية متخصصة ومفصلة في مثل هذا الموضوع ‪ ،‬وان وجدت فهي‬
‫ليست بالكيفية التي وضعناها في بحثنا ‪.‬‬
‫‪ ‬لم يحظ الصراع السياسية بين الحفصيين والمرينيين حقها من البحث والدراسة وذلك‬
‫أن معظم الدراسات واألبحاث اقتصرت على الجانب االقتصادي والثقافي ‪.‬‬

‫‌أ‬
‫مقدمة‬
‫اإلشكالية ‪:‬‬

‫ومن خالل إطلعنا للموضوع الص ارع السياسي بين الحفصيين المرينيين أردنا أن نعالج‬
‫اإلشكالية التالي‪:‬‬

‫‪ ‬ماهي مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين ؟‬

‫ويتفرع عن اإلشكالية العامة جملة من اإلشكاليات الثانوية أهمها ‪:‬‬

‫‪ ‬ماهي القوى التي ظهرت في المغرب اإلسالمي بعد سقوط دولة الموحدين ؟‬
‫‪ ‬ماهي األسباب التي أدت إلى ظهور هذا الصراع السياسي فيما بينها؟‬
‫‪ ‬ماهي مجريات هذا الصراع السياسي؟‬
‫‪ ‬ماهي أثار الصراع السياسي على القوتين المتصارعتين وعلى الدولة الزيانية‬
‫واألندلس ؟‬

‫الخطة المتبعة ‪:‬‬

‫وبناء على اإلشكاليات قسمنا بحثنا إلى مدخل وثالث فصول وخاتمة‪:‬‬

‫‪ ‬المقدمة‪ :‬حيث تطرقنا فيها إلى الموضوع وأهميته ‪ ،‬وذكرنا فيها اإلشكالية الرئيسية‬
‫والتساؤالت الفرعية ‪ ،‬واألسباب أو الدوافع التي دفعتنا إلختيار هذا الموضوع‬
‫باإلضافة إلى الخطة والمنهج المتبعة في الدراسة وعرض ألهم المصادر والمراجع‪.‬‬
‫‪ ‬المدخل ‪ :‬فقد عالجنا فيه أوضاع المغرب اإلسالمي قبيل سقوط الدولة الموحدية ‪.‬‬

‫‌ب‬
‫مقدمة‬
‫‪ ‬الفصل األول‪:‬‬
‫تناولنا في الفصل األول ظهور القوى السياسية في بالد المغرب االسالمي بعد سقوط‬
‫الدولة الموحدية(‪7‬ه‪01/‬ه) (‪01‬م‪06/‬م) ‪ ،‬وقد وقسمناه إلى ثالث مباحث األول يتعلق‬
‫بالدولة الحفصية والثاني بالدولة المرينية أما الثالث فتحدثنا على الدولة الزيانية ودولة بني‬
‫األحمر باألندلس ‪.‬‬
‫‪ ‬الفصل الثاني‪:‬‬
‫أما الفصل الثاني فيتضمن مجريات الص ارع السياسي بين القوى المتصارعة ( الحفصية‬
‫والمرينية )‪ ،‬وقسمناه إلى ثالث مباحث األول تحت عنوان اإلستيالء المريني على تونس‬
‫وتطرقنا فيه إلى العالقات قبل الصراع السياسي‪ ،‬واألسباب التي أدت إلى اإلستيالء المريني‬
‫على تونس خالل عهد أبي الحسن وأبي عنان ‪ ،‬أما الثاني فتطرقنا إلى اإلستيالء المريني‬
‫لبجاية في عهد أبي الحسن وأبي عنان ‪ ،‬أما الثالث فتطرقنا فيه إلى اإلستيالء المريني على‬
‫قسنطينة ‪.‬‬
‫‪ ‬الفصل الثالث‪:‬‬
‫أما الفصل الثالث واألخير فيتضمن أثر هذا الصراع السياسي على القوى المتصارعة‬
‫وعلى بني عبد الواد وعلى بني األحمر في األندلس ‪ .‬وقسمناه إلى ثالث مباحث األول‬
‫تطرقنا فيه إلى أثر الصراع السياسي على القوتين المتصارعتين ‪ ،‬أما الثاني فتحدثنا فيه‬
‫على أثر الصراع السياسي على الدولة الزيانية ‪ ،‬أما المبحث الثالث فيتعلق بأثر الصراع‬
‫السياسي على بني األحمر باألندلس ‪.‬‬
‫‪ ‬الخاتمة‪ :‬فكانت عبارة عن حوصلة تضمنت مجموعة من اإلستنتاجات التى توصلنا‬
‫إليها من خالل هذه الدراسة‪.‬‬

‫‌ج‬
‫مقدمة‬
‫المنهج المتبع ‪:‬‬

‫إن هذا النوع من الدراسة يحتاج إلى كثير من البحث‪ ،‬لما تحمله المصادر التاريخية من‬
‫تناقضات ال تخلو من الذاتية عند بعض المؤرخين ‪ .‬وبالتالي فإن الموضوع يحتاج إلى‬
‫اعتماد المنهج التاريخي عموما ‪ ،‬الذي ال يستغني أحيانا كثيرة عن المنهج اإلستقصائي‬
‫التحليلي ‪.‬‬

‫عرض أهم المصادر والمراجع ‪:‬‬

‫الشك أن طبيعة الموضوع المتعلق بالصراع السياسي بين البلدين تفرض علينا االعتماد‬
‫على مجموعة من المصادر التي خاضت في تاريخ اإلقليمين المطبوعة منها العامة‪ ،‬إضافة‬
‫إلى كتب الجغرافيات والرحالت وكذلك الدراسات الحديثة العربية واألجنبية التي إهتمت بهذا‬
‫الموضوع ‪.‬‬

‫أهم المصادر‬

‫كانت أهم المصادر التي اعتمدنا عنها ‪:‬‬

‫‪ _0‬األنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار الملوك المغرب وتاريخ فاس ‪ :‬لصاحبه‬
‫علي بن محمد بن احمد بن عمر بن أبي زرع الفاسي ‪ .‬ويتناول في هذا الكتاب تاريخ‬
‫المغرب األقصى من سنة ‪041‬ه _ ‪724‬ه والمالحظة أن ابن أبي زرع اعتمد في كتابه‬
‫على عدة مصادر أخرى ‪ .‬كما اعتمد على وثائق رسمية خاصة عندما يتحدث عن األسرة‬
‫المرينية وحكمها‪.‬‬

‫‪ _2‬كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من‬
‫ذي السلطان األكبر (‪868‬ه‪0416/‬م)‪ ،‬لصاحبه عبد الرحمان بن خلدون ‪ ،‬ويتضمن هذا‬
‫الكتاب معلومات أهمها عن تاريخ الدويالت المغرب اإلسالمي بما فيه دولة بني عبد الواد‬

‫‌د‬
‫مقدمة‬
‫وبني مرين وبني حفص وما كان قائما بينهم من عالقات ‪ ،‬وقد اعتمدت بشكل خاص على‬
‫جزئيه السادس والسابع ‪ ،‬لما فيهما من مادة تاريخية متعلقة بالموضوع البحث حيث استفدنا‬
‫منه كثير على الدولة المرينية والحفصية خاصة مجريات الصارع بينهما ‪.‬‬

‫‪ _1‬الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية البن أبي زرع وهو كتاب مشحون باألخبار‬
‫السياسية والعلمية وبعض المعلومات االقتصادية واالجتماعية ‪.‬‬

‫‪ _4‬كتاب روضة النسرين في دولة بني مرين ألبي إسماعيل بن األحمر النصري األمير‬
‫الغرناطي ‪ ،‬يتناول هذا الكتاب تاريخ بني مرين بشكل خاص ‪ ،‬فهو بمثابة سجل يتضمن‬
‫أسماء ملوكهم وألقابهم وأنسابهم وتواريخ ميالدهم ووفاتهم ‪ ،‬مع وصف مالحم الخليفة فهو‬
‫يشبه الى حد ما سجالت الحالة المدنية في أيامنا هذه ‪.‬‬

‫باإلضافة الى مجموعة أخرى هامة من المصادر التاريخية ككتاب االستقصا ألخبار‬
‫دول المغرب ألبي العباس احمد بن خالد الناصري المغرب ‪ ،‬ووصف افريقيا لحسن الوزان‬
‫وغيرها كثر مما ال يسعنا ذكرها كاملة‪.‬‬

‫أهم المراجع ‪:‬‬

‫وكانت من أهم المراجع التي اعتمدنا عليها متمثل في‪:‬‬


‫ـ ـ تاريخ المغرب االسالمي و األندلس في العصر المريني(‪601‬ه‪0201/‬م)(‪868‬ه‪0461/‬م)‬
‫لمحمد عيسى الحريري الذي كان من أهم المراجع المعتمدة فيما يتعلق بالجانب السياسي‬
‫لدولة المرينية ‪.‬‬
‫ـ ـ المغرب عبر التاريخ من بداية المرينيين الى نهاية السعديين إلبراهيم حركات ‪.‬‬
‫ـ ـ تاريخ إفريقية في العهد الحفصي من القرن ‪ 01‬الى نهاية القرن ‪ 01‬لروبار برتشفيك‪.‬‬

‫‌ه‬
‫مقدمة‬
‫الصعوبات‪:‬‬

‫أثناء دراستنا لهذا الموضوع واجهتنا مجموعة من الصعوبات نذكر منها على سبيل‬
‫المثال‬

‫‪ ‬أن معظم الدراسات حول الحفصيين والمرينيين تطرق إلى دراسة العالقات الثقافية‬
‫واإلقتصادية‪.‬‬
‫‪ ‬ـصعوبات التعامل مع الموضوع كونه ال توجد دراسات سابقة تشمل دراسة عملية لهذا‬
‫الموضوع ‪.‬‬
‫‪ ‬تنوع وتوزع مادة البحث لهذا وجب علينا التعامل مع هذه المادة العلمية المختلفة‬
‫لكتب التاريخ ‪ ،‬وبكتب الجغرافيا المعجم والتراجم وغيرها‪.‬‬

‫وختاما ال يفوتنا أن نوجه جزيل الشكر إلى كل من قدم لنا يد العون من قريب أو بعيد على‬
‫إنجاز هذا البحث واخراجه بهذه الصورة ‪ ،‬ونخص بالذكر أستاذنا المشرف نويوة واعظ الذي‬
‫منحنا من وقته الكثير رغم مشاغله الكثيرة ‪ ،‬وأخي ار أتمنى أن نكون قد وفقنا في إنجاز البحث‬
‫في أبهى حلة ‪ ،‬واهلل الموفق المستعان وعليه االتكال سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫‌و‬
‫أوضاع المغرب قبيل سقوط‬
‫الدولة الموحدية‬
‫أوضاع المغرب االسالمي قبيل سقوط الدولة الموحدية‬ ‫المدخل‬

‫المدخل‪ :‬أوضاع المغرب اإلسالمي قبيل سقوط الدولة الموحدية‬

‫لقد كانت الدولة الموحدية ‪1‬دولة قوية مترامية األطراف ‪ ،‬استطاعت أن تحقق الوحدة‬
‫السياسية للمغرب االسالمي واألندلس تحت لوائها فترة زمنية طويلة بل استطاعت على‬
‫وحدتها الترابية الممتدة من برقة شرقا إلى المحيط األطلسي غربا ‪ ،‬والبحر‬ ‫ا ستم اررية‬
‫األبيض المتوسط في األندلس شماال ‪ ،‬إلى الصحراء جنوبا تحت نظام إداري مركزي موحد‬
‫في قوة سياسية فاعلة وقوة عسكرية ضاربة في غرب البحر األبيض المتوسط ‪.‬‬

‫وفي الوقت الذي كان فيه العالم اإلسالمي يعاني من وطأة الحروب الكاسح ولالسترداد‬
‫اإلسباني المضطهد فقد كان الموحدون في ذلك الوقت حماة دار اإلسالم في بالد المغرب‬
‫واألندلس إال أنه في مطلع القرن السابع الهجري الثالث عشر ميالدي ‪ ،‬بدأت بوادر‬
‫اإلنحالل والضعف السياسي تنهش الكيان الموحدي ‪.‬وشيئا فشيئا اختل النظام السياسي‬
‫وانه ار الهيكل اإلداري الذي كان له األثر البالغ في التنظيم العسكري الذي يعد الميزة‬
‫األساسية لهم غير أنه فقدت كل هذه المميزات بعد حكم الناصر‪.2‬‬

‫دولة الموحدين ‪ :‬تأسست هذه الدولة رسميا( ‪145‬ه ‪ 5544/‬م) على يد المهدي بن تومرت في شكل دعوة دينية وفكرة‬ ‫‪1‬‬

‫روحية إصالحية ‪ ،‬وتطورت إلى كيان سياسي واستطاع خليفته عبد المؤمن ابن علي أن يبسط نفوذ دولته على كامل‬
‫المغرب اإلسالمي وبالد األندلس بعد مقاومته اإلسبان والتصدي لهم ‪ .‬انظر أبو بكر الصنهاجي ( البيذق )‪ :‬أخبار‬
‫المهدي ابن تومرت ‪ ،‬تح و تع ‪ :‬عبد الحميد حاجيات ‪ ،‬الشركة الوطنية للتوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪5794‬م ‪ ،‬ص ‪.571‬انظر ايضا‬
‫ابن القطان ‪ :‬نظم الجمان ‪ ،‬تح ‪ :‬محمود علي مكي ‪ ،‬دار الغرب االسالمي ‪،‬دط ‪ ،‬بيروت ‪ 5799 ،‬م ‪ ،‬ص‪.541‬‬
‫محمد بن عمر الطمار ‪ :‬تلمسان عبر العصور ودورها في تأسيس وحضارة الجزائر ‪ ،‬المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية‬ ‫‪2‬‬

‫‪5794 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.97‬‬

‫‪1‬‬
‫أوضاع المغرب االسالمي قبيل سقوط الدولة الموحدية‬ ‫المدخل‬

‫ولعل واقعة العقاب( ‪907‬ه ‪ 5454/‬م)‪ 1‬هي خير دليل على ذلك في األندلس‪ 2‬التي‬
‫تسببت في سريان الضعف بالنسبة للموحدين واعتبرت بداية النهاية في األندلس ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للنصارى فقد كرست التفوق السياسي والعسكري وجعلت من هذا اليوم عيد‬
‫إنتصار الصليب‪،3‬فنتج عن ذلك زيادة الهجومات من طرف المماليك النصرانية على دولة‬
‫الموحدين أرغون من الشرق وقشتالة من الشمال والبرتغال من الغرب وفشلهم في صد تلك‬
‫الهجمات‪ ، 4‬فتعددت الثورات على الموحدين حتى بلغت ثالث وثالثون ببالد المغرب وثمانية‬
‫‪6‬‬
‫عشرة باألندلس‪ 5‬وكان أخطرها ثورة بني غانية‪.‬‬

‫وكانت هذه الهزائم المتتالية لهم سبب في ضعفهم وضياع هيبتهم ‪ ،‬ومما زاد من تفاقم‬
‫األوضاع وتأزمها وفاة محمد الناصر (‪ 950‬ه ‪5451/‬م) في ظروف غامضة في السنة‬
‫الموالية للهزيمة الشنعاء ( معركة العقاب ) بعد عودته من األندلس ولقد شكلت وفاة هذا‬

‫معركة العقاب ‪ :‬هي معركة كانت بين الموحدين بقيادة محمد الناصر وبين الصلبين بقيادة ألفونسو الثامن وانتهت بانهزام‬ ‫‪1‬‬

‫المسلمين ‪ ،‬وكانت أول وهن دخل فيه الموحدين فلم تقم لهم بعد ذلك قائمة‪.‬انظر ابن ابي زرع‪ :‬االنيس المطرب بروض‬
‫القرطاس في اخبار المغرب وتاريخ مدينة فاس دار المنصور ‪،‬رباط ‪،5794،‬ص ص ‪ .590,519‬أنظر أيضا ابن أبي‬
‫زرع ‪ :‬الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية‪ ،‬تح ‪ :‬عبد الوهاب ابن منصور ‪ ،‬الرباط ‪ ، 5794 ،‬ص ‪.44‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد العزيز فياللي ‪ :‬تلمسان في العهد الزياني‪،‬ج‪ ،5‬المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ‪،‬الجزائر ‪،4004،‬ص‪.51‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد العروسي المطوي ‪ :‬الحروب الصليبية في المشرق والمغرب ‪ ،‬تونس ( ‪5194‬ه ‪ 5714 /‬م) ‪ ،‬ص ‪.595‬‬
‫‪4‬‬
‫خالد بالعربي ‪ :‬الدولة الزيانية في عهد يغمراس بن زيان ‪ ،‬ط‪ ،5‬مطبعة تلمسان ‪4001 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪5‬‬
‫لخضر سيفر ‪ :‬التاريخ السياسي لدولة المغرب االسالمي ‪ ،‬ج‪ ، 5‬االمل للدراسات ‪4009 ،‬م ‪،‬ص ‪. 100‬‬
‫‪6‬‬
‫ثورة ابن غانية ‪ :‬بنو غانية ينتسبون الى قبيلة مسوفة الصنهاجية وقد عرفوا بهذا االسم نسبة الى أمهم غانية أعلنوا والئهم‬
‫للعباسيين ثم ثاروا على الموحدين (‪190‬ه‪5594/‬م)وغزو بجاية و مليانة و قسنطينة محاولين إحياء دولة المرابطين ‪ ،‬وقد أحدثت‬
‫ثورتهم إضطرابا كبي ار في المغرب اإلسالمي ‪ ،‬انظر ‪ :‬عبد الواحد المراكشي ‪ :‬المعجب في تلخيص اخبار المغرب‪ ،‬تح ‪ :‬خليل‬
‫عمران المنصور ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪5771 ،‬م ‪ ،‬ص‪. 597‬انظر ايضا أبوا محمد عبد اهلل التجاني ‪:‬رحلة التجاني ‪،‬‬
‫تونس ‪5199( ،‬ه ‪5719/‬م ) ‪ ،‬ص ‪.541‬‬
‫‪2‬‬
‫أوضاع المغرب االسالمي قبيل سقوط الدولة الموحدية‬ ‫المدخل‬

‫األخير بداية انهيار البيت الموحدي وأيضا نهاية عصر القوة والعظمة وبداية عصر التفرقة‬
‫‪1‬‬
‫و اإلنحالل والتنافس على عرش الخالفة‪.‬‬

‫حيث تولى الخالفة أشخاص صغار السن لم يبلغ بعضهم حتى سن الحلم ولم تكن لهم‬
‫فكرة واضحة عن المسؤولية وعن األخطار التي تحدق بدولتهم مما جعلهم عرضة للمؤامرات‬
‫الداخلية والخارجية التي هزت كيان الدولة ‪ ،‬حيث نذكر من بين هؤالء الخلفاء الصغار إبنه‬
‫(أبو يعقوب يوسف) الملقب "بالمستنصر باهلل " الذي تولى زمام الحكم بعد وفاة والده مباشرة‬
‫(‪950‬ه ـ‪940‬ه) وعمره ستة عشرة سنة ‪ ،‬فكان بعيدا عن أمور اإلدارة ومياال للهو فظهر‬
‫خلل في اإلدارة الموحدية وكثر الفساد وقيام القبائل وخروج رجالهم عن طاعة الموحدين‪.‬‬

‫وبعد وفاته ‪940‬ه تولى أبو محمد عبد الواحد ( ‪ 940‬ه ـ ‪126‬ه) ‪ .‬فكان شيخا يتجاوز‬
‫الستين من عمره غير قادر على التحكم تولي األمور وقد بويع بعده عدة خلفاء أهمهم‪ :‬أبو‬
‫‪2‬‬
‫العالء إدريس المأمون ‪ ،‬أبو محمد عبد الواحد الرشيد‪.‬‬

‫فضال عن الحروب التي كانت بين بني مرين والموحدين خاصة منها معركة المشعله‬
‫(‪951‬ه ‪5459/‬م) التي أعتبرت فاتحة عهد المرينيين الذين اندفعت جنودهم صوب شمال‬
‫المغرب االقصى تشن الغارات على أمالك الدولة الموحدية وبذلك تصدعت وحدة القبائل‬
‫بفعل العوامل السابقة إضافة إلى تأزم الوضع بين سادة أمراء األسرة المؤمنة واألشياخ‬
‫ممثلي القبائل‪ 3‬وأخي ار اإلنقسام الخطير الذي إنحلت به وحدة المغرب اإلسالمي كان ذلك‬
‫عامال قويا في إنكسار شوكتهم فتقلص ظلهم و إنقرضت دولتهم‪.4‬‬

‫‪ 1‬عبد اهلل عنان ‪ :‬عصر المرابطين والموحدين في األندلس والمغرب ‪،‬ج‪،4‬القاهرة‪،5794،‬ص ص ‪.159,470‬‬
‫‪ 2‬عبد اهلل عنان ‪ :‬المرجع نفسه‪،‬ج‪ ،4‬ص ‪.159‬‬
‫‪3‬عبد الحميد حاجيات ‪ :‬أبو حمو موسى الزياني حياته وأثاره ‪ ،‬ط‪،5‬دار بن مرابط ‪،4005،‬ص ص ‪.59 ،51‬‬
‫‪4‬‬
‫يحي بوعزيز‪ :‬الموجز في تاريخ الجزائر ‪ ،‬دار البصائر ‪ ،‬الجزائر‪4007،‬م ‪ ،‬ص‪591‬‬
‫‪3‬‬
‫أوضاع المغرب االسالمي قبيل سقوط الدولة الموحدية‬ ‫المدخل‬

‫حيث إستغلت القبائل المغربية ضعف ووهن الموحدين وعدم قدرتهم على التصدي على‬
‫محاوالت اإلنفصال ‪ ،‬التي إستنزفت طاقات الدولة وأعتبرت هذه الحركات اإلنفصالية ضربة‬
‫قاسية للجيش الموحدي الذي لم يعد قاد ار على حماية الخلفاء حتى في قصورهم وأسفارهم‬
‫ففهي هذه األونة بادر زعماء القبائل إلى استغالل األوضاع المتردية ‪ .‬وتحقيق طموح الكيان‬
‫السياسي المستقل عن وحدة الموحدين وبدؤوا التخطيط إلى ذلك س ار وجه ار‪.‬‬

‫فكان أول من بادر بذلك هم الحفصيون بزعامة أبي زكرياء يحي الحفصي الذين‬
‫‪1‬‬
‫إستطاع تأسيس دولته في الجزء الشرقي للدولة وجعل عاصمتها تونس (‪941‬ه‪5449/‬م)‬
‫"يغمراس بن زيان‪"2‬‬ ‫وسار على نهجهم بنو زيان بحيث تمكن الزعيم بني عبد الواد‬
‫(‪ 911‬ه ‪5411/‬م ) أن يؤسس دولته وجعل عاصمتها تلمسان‪.‬‬

‫وأيضا نجد المرنيين الذين تم على أيديهم القضاء على ما تبقى من نفوذ الموحدين‬
‫نهائيا ‪ ،‬بتأسيس دولتهم ( ‪999‬ه ‪5497/‬م) في "فاس " عاصمة لهم وهي من أقوى الدول‬
‫‪3‬‬
‫واستطاع بني األحمر استخالص الحكم ألنفسهم في الجزء الجنوبي‬ ‫التي إنفصلت‬
‫‪4‬‬
‫باألندلس‪.‬‬

‫ويمكن إعتبار فشل الموحدين سبب رئيسيا من أسباب اإلنحطاط السياسي والحضاري‬
‫بالمغرب‪ ،‬إذ أنه أدى إلى عودة المغاربة إلى التشتت‪ ،‬وهذا ماجعلهم منهمكين في إثارة الفتن‬

‫‪1‬‬
‫ابن االحمر ‪ :‬تاريخ الدولة الزيانية بتلمسان ‪ ،‬تح ‪ :‬هاني سالمة ‪ ،‬ط‪ ،5‬مكتبة الثقافة الدينية ‪4005 ،‬م ‪ ،‬ص‪54‬‬
‫‪2‬‬
‫يغمراس ابن زيان ‪ :‬وهو أبو يحي يغمراس بن زيان بن ثابت بن محمد العبد الوادي األصل بويع بعد وفاة أخوه أبو عزة‬
‫لحكم بني زيان في تلمسان (‪911‬ه‪5411/‬م) وكان معروفا بالدهاء السياسي والشجاعة والحزم ‪ .‬انظر ‪:‬ـ يحي ابن خلدون‬
‫‪:‬بغية الرواد في ذكر الملوك عبد الواد ‪،‬ج‪ ،5‬الجزائر ‪5790 ،‬م‪ ،‬ص ‪577‬ـ محمد ابن عبد اهلل التنسي ‪ :‬تاريخ بني زيان‬
‫ملوك تلمسان ‪ ،‬تح ‪ :‬محمود بو عياد ‪ ،‬الجزائر ‪5791‬م‪ ،‬ص ‪.509‬‬
‫‪3‬‬
‫الدينية ‪ ،‬القاهرة‬ ‫لسان الدين ابن الخطيب ‪ :‬تاريخ إسبانيا اإلسالمي ‪ ،‬تح ‪:‬ليفي بروفسال ‪،‬مكتبة الثقافة‬
‫‪،4009،‬ص‪.474‬‬
‫‪4‬‬
‫إسماعيل العربي‪:‬المدن المغربية ‪،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر ‪5794 ،‬م‪ ،‬ص ‪.500‬‬
‫‪4‬‬
‫أوضاع المغرب االسالمي قبيل سقوط الدولة الموحدية‬ ‫المدخل‬

‫والحروب فيما بينهم منشغلين عن مواجهة العدو الحقيقي والدفاع على أراضي المسلمين‬
‫‪1‬‬
‫باألندلس‪.‬‬

‫وبذلك توزعت هذه الدول المستقلة سياسيا بكياناتها األربعة بعد األنقسام الذي لحق بها‬
‫‪2‬‬
‫إلى دويالت‪ ،‬كنتيجة لسقوط دولة الموحدين‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫‪5 ‬ـ دولة بني حفص في المغرب األدنى (إفريقية )‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪4 ‬ـ دولة بني زيان في المغرب األوسط‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪1‬ـ دولة بني مرين في المغرب األقصى‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ 4‬ـ دولة بني األحمر في األندلس ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬ابن صاحب الصالة ‪ :‬المن باإلمامة على المستضعفين بأن جعلهم اهلل أئمة وجعلهم الوارثين ‪،‬تح ‪:‬عبد الهادي التازي‬
‫‪،‬ط‪،5‬دار األندلس ‪،5794،‬ص ص ‪.541,519‬‬
‫‪2‬‬
‫الملحق رقم ‪( 5‬الخريطة توضيح تقسيم الدول الثالث )‬
‫‪3‬مغرب أدنى ‪ :‬تمتد من غرب االسكندرية الى مدينة بجاية غربا ‪ ،‬يشمل على االقاليم االربعة (برقة ‪،‬طرابلس‪ ،‬تونس شرق‬
‫الجزائر ) انظر أبو إسحاق ابرهيم بن محمد الفاسي األصطخري‪:‬مسالك الممالك ‪،‬مطبعة بريل ‪،‬لندن ‪،5719،‬ص ‪.19‬‬
‫وعاصمته االولى القيروان بناها عقبة ابن نافع ( ‪10‬ه ـ ‪11‬ه‪999/‬م ـ ‪994‬م) ثم تونس ‪ ،‬التي عرفت اوج عزها خالل‬
‫القرن (‪1‬ه و‪7‬ه)فكانت مرك از ثقافيا وصناعي هامة ومحطة للقوافل التجارية ‪.‬انظر ابن االثير الجزري‪ :‬الكامل في التاريخ‬
‫‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الكتاب العربي ‪ ،‬بيروت ‪، 5779 ،‬ص ‪.59‬انظر أيضا ياقوت الحموي ‪ :‬معجم البلدان‪ ،‬ج‪،4‬تح‪ :‬عبد العزيز‬
‫الجندي دار صادر ‪ ،‬بيروت ‪ ،5799 ،‬ص‪.414‬‬
‫‪4‬مغرب أوسط‪ :‬يطلق إسم المغرب األوسط على األقليم الواقع بين إفريقية والمغرب األقصى ‪،‬وتحديدا من بالد الزاب شرقا‬
‫إلى ملويا غربا ‪ .‬أنظر أبو القاسم ين حوقل النصيبي ‪ :‬صورة األرض‪،‬ج‪،5‬ط ‪، 4‬ليدن ‪،5719،‬ص ص ‪ .70,90‬أنظر ابن‬
‫حزم األندلس ‪ :‬جمهرة أنساب العرب ‪ ،‬تح ‪ :‬عبد السالم قارون ‪ ،‬دار المعارف ‪،‬مصر ‪5794 ،‬ص‪.471‬‬
‫‪5‬مغرب أقصى‪ :‬يمتد من وادي ملوية شرقا إلى المحيط األطلسي غربا تسكنه في األغلب قبائل المصامدة‬
‫(صنهاجة‪،‬مطغرة‪ .)...‬انظر موسى لقبال ‪:‬المغرب اإلسالمي ‪،‬ط‪ ،4‬الوطنية للنشر و التوزيع ‪ ،‬الجزائر‪5795،‬م‪،‬ص‪.54‬‬
‫أنظر أيضا محمد علي دبوز‪:‬تاريخ المغرب الكبير ‪،‬ج‪،5‬ط‪،5‬مطبعة عيسى الحلبي‪5794،‬م‪ ،‬ص ص‪.4,1‬‬
‫‪5‬‬
‫أوضاع المغرب االسالمي قبيل سقوط الدولة الموحدية‬ ‫المدخل‬

‫وبقيام هذه الكيانات السياسية الجديدة عادت منطقة المغرب اإلسالمي في حياتها‬
‫السياسية إلى الصراع القبلي الذي كان سائدا قبل عصر المرابطين‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن هذه القبائل كانت في تشكيالت سياسية إال أن الصراع بينها تفاقم‬
‫نتيجة العداء القائم والحروب المستمرة من أجل بسط النفوذ والسيطرة على كامل المغرب‪،‬‬
‫ولقد إستغلوا كل الظروف و مختلف الطرق والوسائل لتحقيق ذلك وظلت العالقة بينها‬
‫متوترة على طول التاريخ وكانت بينهم بعض فترات الهدنة والسلم على حسب إختالف‬
‫‪1‬‬
‫شخصيات السالطين وسياساتهم وأهدافهم‪.‬‬

‫كما أن هذه الدول لم تعترف لبعضها لبعض باإلستقالل ‪ ،‬فأستمرت الحروب بينها‬
‫وتقاربت قواتهم الحربية والسياسية ‪،‬لكن الظاهرة التي تستحق التسجيل ‪،‬فيما يتعلق بهذه‬
‫المحاوالت هي أنها لم تنطلق من منطلق إنفصالي ‪ ،‬بل أن كل واحد من الذين ثاروا على‬
‫السلطة المركزية كان يحاولون أن يحققوا تحت ظلها نفس الوحدة التي كانت موجودة في‬
‫عهد الموحدين ‪.‬ومن هنا سنحاول إلقاء الضوء على نموذج من هذه النزاعات والصراعات‬
‫بين هذه الدول ‪ :‬وهو الصراع السياسي الحفصي المريني ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحمان ابن خلدون‪ :‬المعبر وديوان المبتداوالخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان‬
‫االكبر‪،‬ج‪، 9‬دار الكتاب اللبناني ‪ ،‬بيروت ‪ ، 5797 ،‬ص ‪ 194‬ص ‪.199‬‬

‫‪6‬‬
‫الفصل األول‬
‫ظهور القوئ السياسية في بالد المغرب اإلسالمي‪:‬‬

‫‪ ‬المبحث االول‪ :‬الدولة الحفصية‬


‫‪ ‬المبحث الثاني‪:‬الدولة المرينية‬
‫‪ ‬المبحث الثالث‪:‬الدولة الزيانية ودولة بني االحمر‬
‫بال ندلس‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫الفصلللل اللول‪:‬ظهللللور القللللوى السياسلللية المتصلللارعة فلللي بلللال د المرلللر اإسلللالمي بعللل د الللل دلول‬
‫الملوح دية‬

‫المبحث اللول ‪ :‬المرر ال دنى في عه د الحفصيين‬

‫‪1‬للل أصل لونس الحفصيين ‪:‬‬

‫اختلف المؤرخون حول نسب الحفصيين إذ يرجعه البعض إلى سيدنا عمر بن الخطاب‬
‫رضي اهلل عنه حيث يقولون عنه هو من بني أبي حفص عمر بن يحي بن محمد بن والد بن‬
‫علي بن أحمد بن والل بن إدريس بن خالد بن اليسع بن إلياس بن عمر بن وافتن بن محمد بن‬
‫‪1‬‬
‫وهناك‬ ‫محبه بن كعب بن محمد بن سالم بن عبد اهلل بن عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه‪.‬‬
‫من يرجعه إلى قبيلة هنتاته‪ 2،‬التي تعتبر من أهم القبائل المصامدة ‪3‬على وجه الخصوص ومن‬
‫أكبر قبائل البربر في المغرب ‪ ،‬وموطنها بجبال درن القريبة لمراكش‪ ،‬فيقولون هو أبو حفص‬
‫‪4‬‬
‫الهنتانتي‪.‬‬

‫وما يعرف عن بالد المغرب من إختالف األنساب إلى البيت الشريف فمثال زناتة كانت‬
‫تدعي أنها من العرب وأبناء زيان ملوك تلمسان أيضا ‪ .‬ولعل الحفصيين تأثروا بهذه الموجة‬

‫‪1‬‬
‫أبو العباس أحمد القلقشندي ‪ :‬صبح األعشى في صناعة األنشا‪ ،‬دار الكتب الخيدبوية ‪ ،‬د ط‪،‬القاهرة ‪9191 ،‬م‪،‬ص‪733‬‬
‫أنظر أيضا إبن ابي دينار‪:‬المؤنس في أخبار إفريقية وتونس ‪ ،‬ط ‪ ،9‬تونس‪ ،‬د ت‪،‬ص ‪.911‬‬
‫‪2‬هنتاتة ‪ :‬قبيلة بربرية من أهم قبائل المصامدة تقع جنوب مراكش وكانت من أهم القبائل المساهمة في دعوة بني حفص‬
‫انظر ابن القنفذ القسنطيني ‪ :‬الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية ‪ ،‬تحقيق محمد الشاذلي وعبد المجيد التركي ‪،‬ط‪ ،9‬دار‬
‫التونسية للنشر ‪9191 ،‬م ‪ ،‬ص‪. 901‬‬
‫‪3‬المصامدة ‪ :‬تنسب هذه القبيلة إلى أ يالن بن مصمود بن يازيغ وقد أقاموا بالمغرب االقصى ‪ .‬وهو ولد مصمود بن يونس‬
‫أكبر قبائل البربر و اوفرهم من بطونهم برغواطة و غمارة اهل جبل الدرن ‪ .‬انظر ‪ :‬عبد الرحمان ابن خلدون ‪ :‬المصدر السابق‬
‫‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ‪.131‬‬
‫‪4‬بحوث في تاريخ الحضارة االسالمية مجموعة من البحوث التي القيت في ندوة الحضارة االسالمي في ذكر االستاذ أحمد فكري‬
‫‪ 10 /99‬اكتوبر ‪ 9139‬م ‪ ،‬شباب الجامعة ‪ ،‬ص ‪.110‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫المنتشرة في بالد المغرب وقتئذ فزعموا أنهم ينسبون إلى عمر بن الخطاب وهذا النسب لم يذكره‬
‫إال مؤرخ واحد وهو (ابن نخيل )‪.1‬‬

‫وهذا هو الواقع ألن العرب كانت تحافظ على أنسابها وتبتعد عن اإلختالط في األنساب‬
‫فلربما قصد الحفصيون من إنتسابهم إلى الخليفة عمر بن الخطاب إكساب حكمهم الصبغة‬
‫الشرعية وليتميزوا عن غيرهم من قبائل البربر بالنسب الشريف‪.2‬‬

‫وكان الشيخ أبو حفص ذو مكانة رفيعة لدى دولة الموحدين وهو من العشرة السابقين‬
‫لدعوته والمسمون بالجماعة‪.3‬الذين بايعوا المهدي بن تومرت ‪ ،4‬ولقد بذل قصارى جهده في‬
‫مناصرته ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫جميلة مبطي المسعودي ‪ :‬المظاهر الحضارية في عصر دولة بن حفص منذ قيامها( سنة ‪999‬ه وحتى سنة ‪117‬ه)‪،‬‬
‫مذ كرة ماجستير في التاريخ االسالمي ‪ ،‬قسم الدراسات العليا التاريخية والحضارية ‪ ،‬جامعة أم القرى ‪ ،‬المملكة العربية‬
‫السعودية ‪ 9119( ،‬ه‪ 1000/‬م) ‪ ،‬ص ‪.901‬‬
‫‪2‬‬
‫روبار بريشفيك‪ :‬تاريخ إفريقية في العهد الحفصي من القرن ‪ 97‬الى نهاية القرن ‪ 91‬م ‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،9‬دار الغرب‬
‫االسالمي ‪ 9111‬م‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪3‬‬
‫المسمون بالجماعة ‪ :‬هم المقربين الى المهدي بن تومرت عبد الواحد الشرقي عبد المؤمن بن علي ‪ ،‬عمر بن عبد اهلل‬
‫الصنهاجي ‪ ،‬الشيخ عمر بن ابي حفص يوسف بن سليمان ‪ ،‬عبد اهلل بن سليمان ‪ ،‬ابو عمران موسى بن علي الضرير ‪ ،‬ابو‬
‫ابراهيم اإلسماعيل الهزرجي بن بخيت وايوب الجدميوى ‪ ،‬انظر عبد الواحد المراكشي ‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص ص ‪131‬‬
‫‪.139‬‬

‫‪4‬‬
‫إبن تومرت ‪:‬هو أبو عبد اهلل محمد بن عبد اهلل بن تومرت ‪ ،‬المنعوت بالمهدي الهرغي‪ ،‬نسبة إلى قبيلة هرغة ‪ ،‬بطن من‬
‫بطون القبيلة البربرية الكبرى مصمودة ‪ ،‬لكن هناك اختالف حول نسبه فيما إذا كان هذا السب بربريا خالصا أو أنه منتهيا إلى‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪.‬صاحب دعوة عبد المؤمن بن علي هو من جبل السوس في أقصى بالد المغرب‪.‬انظر عبد‬
‫المجيد النجار‪:‬المهدي بن تومرت ‪،‬دار الغرب اإلسالم‪،‬ط‪ ،9‬بيروت ‪ 1983،‬م‪،‬ص‪. 24‬أنظر أيضا أبو العباس بن خلكان‬
‫‪:‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪،‬ج‪،7‬تح إحسان عباس‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ت‪،‬ص‪. 201‬‬

‫‪9‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫وكان يأتي بعد عبد المؤمن في المنزلة عند الموحدين من غير منازع ويشترك معه في‬
‫األلقاب الرئيسية ‪ ،‬فبينما كان يسمى ابن تومرت باإلمام وعبد المؤمن بن علي بالخليفة أما هو‬
‫بالشيخ‪. 1‬فكان الشيخ صاحب الحل والعقد في عهد عبد المؤمن ‪ ،‬فكان عبد المؤمن يرسل في‬
‫مقدمة الجيوش‪ ،‬ومن ذلك أنه أرسله في مقدمة جيشه حين زحف إلى المغرب األوسط قبل فتح‬
‫‪2‬‬
‫مراكش سنة ‪173‬ه فحمل البربر على طاعته‬

‫‪2‬لل نشأت ال دلولة الحفصية‪:‬‬

‫عندما تولى الناصر بن المنصور الحكم في الدولة الموحدية(‪119‬ه‪9111/‬م) أسند إلى‬


‫أبي محمد عبد الواحد أبي حفص‪ 3‬الهنتاتي أمر إفريقية ‪ ،‬وأعطاه مطلق التصرف في إدارتها ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫كي يستطيع القيام بأ عبائها ويقضي على الفتن والثورات المستمرة هناك بزعامة بني غانية‬
‫وأخالفهم من العرب الداودة حيث تعد هذه الثورة من أكثر الثورات التي أضعفت كاهل الدولة‬
‫الموحدية‪ ،‬وبعد القضاء على هذه الثورة إزدادت ثقة الموحدين ببني حفص وخاصة الشيخ أبي‬
‫محمد عبد الواحد ‪ ،‬حيث عرض عليه الخليفة محمد الناصر المنصب ليكون نائبا له على‬
‫إفريقية فرفض في بادئ األمر وبعد أن ألح عليه بقوله ‪ ( :‬إما أن تتلوجه أنت إلى المرر‬
‫لوأجلس أنا بإفريقية لواما أن تجلس أنت لوأنصرف أنا )‪.5‬‬

‫‪1‬عبد الكريم غالب ‪ :‬قراءة جديد في تاريخ المغرب العربي ( عهد العصر التركي في تونس والجزائر ) ‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪،9‬دار‬
‫الغرب االسالمي ‪ ،‬بيروت ‪1001 ،‬م‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫عبد الرحمان بن خلدون ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.739‬‬ ‫‪2‬‬

‫أبو محمد عبد الواحد بن أبي حفص ‪ :‬جلس على كرسي اإلمارة بقصبة تونس سنة (‪907‬ه ‪9103/‬م) كان ذكي فطنا‬ ‫‪3‬‬

‫شجاعا توفي سنة( ‪ 991‬ه) ودفن بالقصبة ‪ .‬انظر عبد اهلل محمد بن ابي ابراهيم الزركشي ‪ :‬تاريخ الدولتين الموحدية‬
‫والحفصية ‪ ،‬تح محمد مأخود ‪ ،‬ط‪ ، 1‬المكتبة العتيقة ‪ ،‬تونس ‪9190 ،‬م‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫بني غانية ‪ :‬ينتمون الى قبيلة مسوفة الصنهاجية ‪ ،‬وقد عرفوا بهم االسم نسبة إلي أمهم غانية ‪ ،‬اعلنوا والئهم للعباسيين ثم‬ ‫‪4‬‬

‫ثاروا على الموحدين محاولين احياء دولة المرابطين منقرضة سنة ‪110‬ه ولقد احدثت اضطرابا كبي ار في المغرب االسالمي‬
‫باكمله ‪ :‬عبد العزيز سالم ‪ :‬المغرب الكبير العصر االسالمي ( دراسة تاريخية وعمرانية واثرية ) ‪ ،‬ج‪ ،1‬دار النهضة العربية ‪،‬‬
‫بيروت ‪9119 ،‬م ‪ ،‬ص ‪107‬ـ ‪.101‬‬
‫عبد الرحمان ابن خلدون ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ج‪ ، 9‬ص‪.737‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪01‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫وكان من شروط أبي محمد الحفصي على الخليفة الموحدي أن يقيم ثالث سنوات ‪ ،‬ريثما‬
‫تترتب أحوال وتنقطع أطماع بني غانية عنها ‪،‬ويحكمه الناصر في من يبقيه معه من الجند‬
‫ويرضاه من أهل الكفاية‪ .‬وأن ال يتعقب أمره في والية وال عزل ‪ ،‬فوافق الناصر بشروطه ورجع‬
‫إلى مراكش سنة ( ‪907‬ه‪9109 /‬م)‪.1‬‬

‫الدولة الموحدية بسبب النظرة البعيدة‬ ‫بقي الحكم في إفريقية لبني حفص بعد سقوط‬
‫لألحداث والحنكة السياسية التي كان يتمتع بها بنو حفص وخاصة أبو محمد عبد الواحد حيث‬
‫إستغل قربه من بالط الحكم ليتعرف عن كثب عن مصادر القوة بإتخاذ الق اررات العامة في‬
‫الدولة الموحدية ومنها يبني أهدافه المستقبلة وهي الظفر بدولة المغرب األدنى ‪ ،‬كما لعبت‬
‫القبائل العربية دو ار مهما في قيام الدولة الحفصية‪.2‬‬

‫وبعد وفاة أبي محمد عبد الواحد بني حفص سنة( ‪991‬ه) و دفن بالقصبة ‪ ،3‬نجد أن‬
‫األحوال قد تغيرت حيث اختلف الناس على من يخلف أبو محمد عبد الواحد وانقسموا إلي‬
‫فريقين فريق مال إلى ابن الشيخ أبي زيد وفريق مال إلى ابن أخيه إبراهيم ابن إسماعيل بن‬
‫الشيخ أبي حفص نائبا له ‪ .‬غير أن الخليفة الموحدي أمر بتولي أبي العالء بن أبي يعقوب‬
‫‪4‬‬
‫الحكم في تونس ‪ ،‬وأمر أوالد الشيخ بالرجوع الى مراكش‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد بن محمد مخلوف ‪ :‬شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ‪،‬مطبعة السلفية ومكتبتها ‪،‬د ط‪ ،‬القاهرة ‪9710 ،‬ه‪،‬‬
‫ص ‪ . 971‬انظر ايضا الزركشي ‪ :‬المصدر السابق ‪،‬ص‪.91‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الفتاح المقلد الغنيمي ‪ :‬موسوعة تاريخ المغرب العربي ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ط‪ ،9‬مكتبة مدبولى ‪ ،‬القاهرة ‪9111 ،‬م ‪ ،‬ص‪. 11‬‬
‫‪3‬‬
‫أبو عبد اهلل محمد بن الشماع ‪ :‬االدلة النورانية في مفاخر الدولة الحفصية ‪ ،‬تح ‪ ،‬الطاهر بن محمد المعموري ‪ ،‬ط ‪،9‬‬
‫دار العربية للكتاب ‪ ،‬تونس ‪ 9111 ،‬م‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪4‬‬
‫ابن القنفذ الفلسطيني ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪. 909‬‬
‫‪00‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫وعقب مقتل الخليفة أبو محمد العادل ‪،‬إستولى والي إشبيله أبو العالء إدريس على مراكش‬
‫واستولى على الخالفة ولقب بالمأمون ‪ ،‬وبعث إلى والي إفريقية يطلب منه البيعة والوالء لكن‬
‫أبا محمد رفض ذلك ‪ ،‬فاتصل المأمون بأخيه أبي زكرياء فوافق وأخذ له البيعة على قابس‬
‫وبعث له الخليفة الموحدي بالتقليد على كامل والية إفريقية ‪ ،‬حيث كسب أبو زكريا في البداية‬
‫تأييد أعيان قابس ‪ ،‬ثم أعلن واليته على كامل إفريقية سنة ( ‪911‬ه ‪9113/‬م ) ولما علم أخوه‬
‫‪1‬‬
‫أبو محمد بذلك خرج لقتاله لكن شيوخ الموحدين تخلو عنه ثم بايعوا أبا زكرياء يحي‪.‬‬

‫ويعتبر اإلنفصال الرسمي للدولة الموحدية بالنسبة للحفصيين كان على يد أبي زكرياء‬
‫المؤسسة الفعلي للدولة الحفصية حيث إمتدت واليته إلفريقية من سنة (‪911‬ه‪9113/‬م)‪.2‬إلى‬
‫سنة (‪913‬ه ‪9111‬م) ‪ .‬و إستطاع أن يشكل إمارة تونس وأعلن إستقالل إفريقية عن الدولة‬
‫الموحدية وذلك من خالل ماقاله إبن قنفذ حيث قال ‪ ( :‬أسقط المير أبلو زكرياء ابن الشيخ‬
‫محم د اسم أمير زكرياء ابن الناصر من الخطبة في بال د أفريقية لواقتصر على ال دعاء للمه دى‬
‫لوللخلفاء الراش دين ‪ ،‬لوكان ذلك ألول درجة في اإستب دا د ‪ ،‬ثم بلويعة ألول عام ستة لوعشرين‬
‫لوستمائة لوهذه هي البيعة اللولى من الملوح دين)‪.‬‬

‫لما بسط نفوذه على إقليم تونس زحف أبو زكرياء سنة ‪911‬ه على المغرب األوسط‬
‫واستولى على قسنطينة وبجاية ثم مدينة الجزائر سنة ( ‪971‬ه ‪9171 /‬م ) ‪ .‬وفي سنة‬
‫‪3‬‬
‫(‪971‬ه ‪9173 /‬م) بويع البيعة الثانية ‪ .‬وأصبح يذكر إسمه في الخطبة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ابن القنفذ الفلسطيني ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪903‬ـ انظر ايضا ‪ :‬الزركشي ‪ :‬المصدر السابق ‪،‬ص ‪11‬ـ انظر ايضا‬
‫ابن الشماع ‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 11‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الرحمان الجيالني ‪ :‬تاريخ الجزائر العام ‪ ،‬ج‪ ، 1‬ط‪،9‬دار الثقافة ‪ ،‬لبنان ‪9117 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪3‬‬
‫ابن القنفذ القسنطيني ‪ :‬المصدر السابق ‪،‬ص ص ‪.901,901‬‬

‫‪01‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫وفي سنة ‪971‬ه ‪9111/‬م توجه إلى تلمسان وضمها إلى حكمه وفي سنة ( ‪910‬ه‬
‫‪3‬‬
‫‪9117/‬م) وصلت البيعة من سجلماسة‪ 1‬وطنجة‪ 2‬ثم توالت البيعات من مدن األندلسية إشبيليه‬
‫والمرية‪ 4‬وغرناطة‪. 5‬‬

‫ومن أهم إنجازاته أنه اكتسب محبة الناس حيث شدد الرقابة على العمال وقرب إليه‬
‫الفقهاء واستعان بيهم ‪،‬كما كون قوة عسكرية ال يستهان بها في إفريقية ورسخ دعائم الدولة واهتم‬
‫بالتعليم وفتح عدة مدارس‪ .‬وتعد فترة أبي زكريا من أزهى فترات الدولة الحفصية‪ .‬وتوفي في‬
‫(‪ 913‬ه‪9111/‬م )وعمره ‪ 11‬سنة‪ .‬وقد عمل قبل وافته على أخذ والية‬ ‫جمادى األخرسنة‬
‫العهد إلبنه ‪،‬وهذا يعني أن الدولة قامت على أساس وراثي‪. 6‬‬

‫وبعد وفاة أبي زكرياء تولى إبنه المستنصر الذي بويع في التاسع والعشرين من جمادى‬
‫األخر سنة ‪913‬ه ‪ ،‬ولم يكن األمر ممهدا للمستنصر عندما استلم زمام أمور الحكم فقد‬
‫واجهته عدة ثورات وكانت ثورة عمه اللحياني أولها الذي أراد الحد من سلطة المستنصر ونفوذ‬

‫‪1‬‬
‫سجلماسة‪ :‬هي مدينة بنيت سنة (‪910‬ه‪313/‬م) وهي مدينة بجنوب المغرب سهلية أرضيها خصبة ‪،‬ولها بساتين وهي‬
‫في اول الصحراء ال يعرف في غربيها وال قبلها عمران ‪ .‬انظر البكري أبو عبيد عبد اهلل بن عبد العزيز ‪:‬المغرب في ذكر‬
‫بالد إفريقية والمغرب ‪ ،‬د ط‪،‬دار الكتاب االسالمي ‪،‬القاهر‪،‬ص ص‪.911,911‬‬
‫طنجة ‪ :‬مدينة عظيمة ازلية ‪،‬وهي على بعد ‪ 70‬ميال عن أعمدة هرقل و ‪ 910‬ميال عن فاس ‪.‬انظر حسن الوزان ‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫وصف إفريقيا‪،‬تح محمد محي ومحمد االقصر‪ ،‬ط‪،1‬دار الغرب االسالمي‪ ،‬رباط‪9111،‬م‪،‬ص‪.791‬‬
‫‪3‬إشبيلية ‪ :‬مدينة عظيمة باألندلس وهي أعظم مدنها بها قاعدة ملك األندلس وبها كان بنو عباد وهي غربي قرطبة بينهما‬
‫ثالثين فرسخا وهي قريبة من البحر انظر ياقوت الحموي ‪ :‬المصدر السابق‪،‬ج‪ ،9‬ص ‪.111‬‬
‫‪4‬‬
‫المرية ‪ :‬مدينة كبيرة جنوب شرقي االندلس وهي عبارة عن جبالن بينهما خندق معمور‪،‬وعلى الجبل الواحد قصبتها المشهورة‬
‫بالحصانة‪،‬وفي الجبل الثاني ربضها ‪،‬والسور يحيط بالمدينة ‪،‬ولها أبواب عدة‪،‬والمدينة كثيرة الخيرات‪.‬انظر محمد بن عبد المنعم‬
‫الحميري‪:‬الروض المعطار في خبر األقطار‪،‬تح إحسان عباس‪،‬ط‪،9‬مكتبة لبنان‪،‬بيروت‪ ، 9131،‬ص‪.171‬‬
‫‪5‬عبد الرحمان باالعرج ‪ :‬عالقات دول المغرب االسالمي بدون المماليك سياسيا وثقافيا بين القرنين السابع والتاسع الهجريين‬
‫‪ ،‬مذكرة لنيل الدكتوراة ‪ ،‬تخصص تاريخ المغرب االسالمي ‪ ،‬قسم التاريخ علم االثار ‪ ،‬كلية العلوم االنسانية واالجتماعية ‪،‬‬
‫جامعة ابي بكر بلقايد تلمسان ‪1091(،‬م‪1097/‬م) ص‪ . 11‬انظر ايضا ابن القنفذ القسنطيني ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪ 901‬ـ‬
‫‪. 901‬‬
‫‪6‬ابن الشماع ‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫‪01‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫األندليسين الذين احتلوا المناصب العليا في الدولة الحفصية ‪ ،‬لكن هذه الثورة كان مصيرها‬
‫‪1‬‬
‫الفشل‪.‬‬

‫ولقد ذاع صيت المستنصر الحفصي في العالم اإلسالمي حتى وصلته بيعته من مكة‬
‫سنة( ‪913‬ه‪9111/‬م)‪ ،‬كان حامل الرسالة من مكة الى تونس أبا أحمد بن برطله األشبيلي‬
‫حيث أعطاه شريف مكة لقب الخليفة وأمير المؤمنين‪ ،‬ألنه كان هو األجدر في ذلك الوقت بعد‬
‫سقوط الخالفة العباسية‪.2‬‬

‫وفي عهده شن الملك الفرنسي لويس السابع حملة عسكرية بحرية على تونس قوامها أربعين‬
‫ألف عسكريا‪ ،‬وتم ذلك بإيعاز من أخيه دانجو حاكم جزيرة صقلية ‪،‬ومساندة البابا ‪ ،‬ولما نزل‬
‫بقرطاجه سنة( ‪991‬ه‪9130/‬م) تصدى له الجيش الحفصي ودامت المعركة بينهما ستة أشهر‬
‫فرى شارل دانجو مفاوضة‬
‫ولم تتوقف إال بظهور وباء الطاعون بتونس ومات لويس ملك فرنسا‪ .‬أ‬
‫المسلمين‪ ،‬و إ تفق الطرفان على عهد صلح الذي يقوم على دفع غرامة حربية قدرها مائتان‬
‫‪3‬‬
‫وعشرة األف وقية ذهبا ‪ ،‬يسددون نصفها عند اإلتفاق والنصف األخر خالل عامين‪.‬‬

‫‪1‬الزركشي ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪.991‬ابن القنفذ ‪ :‬المصدر السابق ‪ :‬ص‪.911 ،993‬‬


‫‪2‬جميلة مبطي المسعودي ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪3‬عبد الرحمان ابن خلدون ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ج‪ ،9‬ص ص ‪. 111 ، 111‬انظر ايضا‪ :‬عمار عمور ‪ :‬موجز في تاريخ‬
‫الجزائر‪،‬ط‪ ، 9‬دار ريحانة ‪ ،‬الجزائر ‪1001 ،‬م ‪،‬ص ‪ . 33‬انظر ايضا ‪ :‬ابن الشماع ‪ :‬المصدر السابق ‪ :‬ص ‪ .31‬انظر‬
‫ايضا عمار بوحوش ‪ :‬التاريخ السياسي الجزائري من البداية ولغاية ‪9191‬م‪ .‬دار الغرب االسالمي‪،‬ط‪ 9‬بيروت ‪9113 ،‬م‬
‫‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪01‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫توفي المستنصر باهلل بمرض أصابه (‪99‬ذي الحجة ‪931‬ه‪9133/‬م) وهو ابن خمسين‬
‫سنة فدامت واليته ‪ 11‬سنة و‪ 1‬اشهر و‪99‬يوم ‪ .‬وتولى زمام الحكم بعد وفاته ابنه يحي الواثق‬
‫وكان حسن السيرة غير أن أمره لم يستمر واستولى على الحكم بعده عمه أبا إسحاق إبراهيم‬
‫(‪931‬ه‪9131/‬م)‪ .‬واستطاع أن يمسك زمام األمور بعد إن دانت له كل إفريقية ويقال‬ ‫سنة‬
‫عنه أنه كان ملك شجاعا وفيه غلظة‪.1‬‬

‫وفي عهده قام بالقيروان الفضل بن الواثق وادعى أنه أحق بالخالفة خلفا ألبيه الذي قال‬
‫أنها إنتزعت منه وعظم أمر الفضل حيث ملك واحتوى أكثر البالد (‪919‬ه‪9111/‬م) ‪ ،‬ولم‬
‫يستطع السلطان الحفصي أبو إسحاق القضاء عليه‪ ،‬وتنازل على الخالفة البنه أبي فارس‬
‫وتلقب بالمعتمد على اهلل وجهز الجيوش وخرج للقاء الفضل بن الواثق إال أن أنصار السلطان‬
‫‪2‬‬
‫أبي فارس خانته فهزم وقتل سنة (‪911‬ه‪9117/‬م) هو واخوته‪.‬‬

‫وبعد ذلك تداول عدة أمراء‪ 3‬على الدولة فكانوا ضعافا لم ينهضوا بالدولة ‪ .‬وبدأ نفوذ‬
‫األوروبيين يكبر بعدما إستعانة بهم األخوة الفرقاء المتنافسون على العرش الحفصي ‪ ،‬وأصبح‬
‫األوروبيون يتدخلون بشكل مباشر في الشؤون الداخلية للدولة ‪ .‬وبعد أن سيطروا على طرابلس‬
‫تنبه سالطين بني حفص للخطر األجنبي ما إستدعى تدخل طرف الثالث وهم العثمانيون‬

‫‪1‬‬
‫ابن الشماع ‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪ .39 ،31‬وانظر ايضا ‪ :‬ابن القنفذ ‪ :‬المصدر السابق ص ‪. 973‬‬
‫‪2‬‬
‫لغشيم مصطفى ‪ :‬هجرة العلماء بين المغربين االوسط واالقصى دراسة اجتماعية ثقافية (القرن ه‪3‬ـ ‪1‬ه ‪97 /‬م ـ‪91‬م)‪،‬‬
‫مذكرة مقدمة لنيل ماجستير في العلوم االسالمية‪ ،‬تخ‪ :‬تاريخ وحضارة ‪ ،‬قسم اللغة والحضارة العربية االسالمية ‪،‬كلية العلوم‬
‫االسالمية ‪ ،‬جامعة الجزائر ‪1097/1091 ،9‬م‪ ،‬ص‪. 91,91‬‬
‫‪3‬الملحق رقم ‪ (1‬ملوك الحفصيين )‪.‬‬
‫‪01‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫األتراك ( ‪119‬ه ‪9131 /‬م ) ودخلوا في معارك طاحنة وانتهت بإنتصار العثمانيين على‬
‫‪1‬‬
‫اإلسبان لتنتهي مرحلة من تاريخ المغرب األدنى وسقوط الدولة الحفصية‪.‬‬

‫‪1‬محمد بن محمد مخلوف ‪ :‬المصدر السابق ‪،‬ص‪911‬ـ‪ .911‬انظر عبد الرحمان بن األعرج ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ .11‬أنظر‬
‫ايضا ‪ :‬محمد الهادي الشريف ‪ :‬تاريخ تونس من عصور ماقبل التاريخ الى االستقالل ‪ ،‬تع محمد الشاوش ومحمد عجينة ‪،‬‬
‫ط‪ ،7‬دار سراس ‪ ،‬تونس ‪9117 ،‬م‪،‬ص‪.99‬‬

‫‪01‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ال دلولة المرينية في المرر القصى‬

‫‪/1‬أصلهم لوملوطنهم ‪:‬‬

‫أللللل أصلهم‪:‬‬
‫يرجع نسب بني مرين إلى قبيلة زناتة البربرية‪ ،‬وهم فرع من البربر البتر‪ ،‬حيث يرجع‬
‫نسبهم إلى جدهم األعلى مرين بن ورتاجن بن مأخوج بن جديح بن فاتن بن بدر بن بخفت‬
‫إبن عبد اهلل بن ورتنيص بن المعز بن إبراهيم بن سجيك بن واسين بن يصلتين بن مسرى‬
‫بن زاكيا بن وسيد بن زانات بن جانا بن يحيا بن نمزيت بن ضريس ‪ ،‬وهو جالوت ملك‬
‫البربر ‪ ،‬إبن رجيح بن مادغيس األبتر بن بر بن قيس عيالن بن مضر بن نزار بن معد بن‬
‫‪1‬‬
‫عدنان ‪ .‬فهم عرب األصل من ولد ن ازربن معد وهو األصح ماذكر‪.‬‬
‫ويقول إبن أبي زرع في هذا الشأن أيضا ‪« :‬فمن زنات بن جانا تفرقت قبائل زناته فهم‬
‫عرب صريحون»‪.2‬‬
‫وكان بنو مرين يمثلون قسما قويا له عراقته وسطوته بين قبائل زناته فهم أعلى قبائل‬
‫حسبا‪، 3‬وأحسنها شيما وأشرفها نسبا‪ ،‬وأغزرها كرما ‪ ،‬وأشدها في الحروب بأسا واقداما‬
‫زناته ً‬
‫عددا ‪.4‬‬
‫وأكثرها دينا ‪ ،‬وأحسنها ظنا ‪ ،‬وأوفرها ً‬

‫‪ 1‬عبد الرحمان إبن خلدون‪:‬المصدر السابق ‪،‬ج‪،3‬ص ‪.119‬‬


‫‪2‬‬
‫نجد أن المؤرخين لم يتفقو على تسلسل واحد ألجداد المرنيين ولعل مرجع هذا اإلختالف هو أن البعض كان يذكر اإلسم‬
‫الحقيقي للجد وبعضهم كان يذكر لقبه الذي كان يدعى به بين البربر ‪ .‬أنظر القلقشندي ‪ :‬صبح األعشى في صناعة‬
‫اإلنشاء‪ ،‬ج‪،1‬دار الكتب الخيدبوية‪،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.911‬وانظر ايضا ابن ابي زرع‪:‬المصدر السابق‪ ،‬االنيس‬
‫المطرب‪،‬ص‪.911‬ويذكر إبن حزم أن زنات جد المرينين ينحدر أصله من ولد كنعان بن حام بن نوح النبي عليه‬
‫السالم‪.‬انظر إبن حزم االندلسي ‪:‬المصدر السابق ‪،‬ص‪.111‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد عيسى الحريري ‪ :‬تاريخ المغرب اإلسالمي في العصر المريني ( ‪990‬ه‪9197/‬م) (‪191‬ه‪9191/‬م)‪ ،‬دار القلم‬
‫‪،‬ط‪ ،9‬القاهرة ‪9113،‬م ‪ ،‬ص‪.07‬‬
‫‪4‬‬
‫شو هنده محمد حامد محمد الخطيب ‪ :‬مصادر التاريخ المحلي لبالد المغرب خالل القرنين الثامن والتاسع هجري(‬
‫‪91‬م و‪91‬م) ‪ ،‬مذكرة ماجستير ‪ ،‬قسم التاريخ اإلسالمي وحضارة اإلسالمي ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ ، 1099 ،‬ص ‪.93‬‬
‫‪01‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫وقد حاول بعض المؤرخين أن يضفى على النسب المريني هالة من التكريم فرفع نسبهم‬
‫الشريف من جدهم األمير عبد الحق إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه‬
‫فقالوا ‪« :‬هلو عب د الحق بن محي بن أبي بكر بن حمامة بن زيان بن محم د بن علي بن‬
‫تاشفين بن يحي بن علي بن إبراهيم بن إسماعيل بن عمر بن أمير المؤمنين الحسن بن‬
‫رضي اهلل عنهم ‪،» .‬وهناك من المؤرخين قالوا أنهم من‬ ‫أمير المؤمنين علي بن أبي طال‬
‫زناته ‪ ،‬وزناته كلهم من العرب األصل من مضر حيث يجمع نسبهم نسب رسول صلى اهلل‬
‫عليه وسلم هم من ولد بر بن قيس بن عيالن بن نزار بن معد بن عدنان ‪. 1‬‬
‫ويقول الفقية األديب مالك بن المرحل وهو ينصح األمير يوسف بن يعقوب بن عبد‬
‫الحق المريني قائال ‪:‬‬
‫فخر و هو للو ار فخر إذا إفتخروا‬ ‫أنتم ألبناء عبد الحق كلكم‬

‫‪2‬‬
‫بر بن قيس وقيس جده مضر‬ ‫فحسبكم شرفا أن كان جدكم‬

‫أما قبائل بني مرين فكثير العدد منها ‪ :‬بنو عبد الحق ‪ ،‬وبنو عسكر وبنو وطاس ‪ ،‬وبنو‬
‫‪3‬‬
‫الكاس ‪ ،‬وبنو يابان ‪ ،‬وبنو فودود ‪ ،‬وبنو يرنيان ‪.‬‬

‫ومن الوثائق المهمة التي قدمت لنا موقفا واضحا في نسبهم ما نقله مؤلف الذخيرة‬
‫السنية في عروبة قبائل زناته وهي أنه لما فتح القائد حسان بن نعمان ‪ 4‬إفريقية والمغرب‬

‫‪1‬‬
‫ابن األحمر‪ :‬روضة النسرين في دولة بني مرين‪ ،‬طبعة ملكية ‪ ،‬الرباط ‪ ،9191 ،‬ص‪.1‬‬
‫‪2‬‬
‫إبن أبي زرع ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪3‬‬
‫إبن األحمر ‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪4‬‬
‫حسان إبن نعمان ‪ :‬قائد عربي من بالد الشام ‪ ،‬عين لقيادة الجيش العربي في بالد المغرب في عهد عبد الملك بن مروان‬
‫‪ ،‬وتوفي بعد عزله عودته إلى المشرف ‪ :‬انظر أبو الحكيم عبد الرحمن بن عبد اهلل بن الحكم‪ :‬فتوح مصر والمغرب ‪،‬‬
‫مطبعة بريل ‪ ،‬بغداد ‪9170 ،‬م‪ ،‬ص‪ ،100‬وأنظر أيضا عبد الحميد سعد زغلول ‪ :‬تاريخ المغرب العربي ج‪ ،9‬ص ص‬
‫‪.171 ،191‬‬
‫‪08‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫وكانت أكثر جيوشه من قبائل قيس ‪ ،‬فلما وصل جبل أوراس وجد أن قبيلة زناته قد‬
‫إجتمعت لقتاله ‪ ،‬فدعاهم إلى اإلسالم وقال لهم ‪ ( :‬يا معشر زناته أنتم إخلواننا في‬
‫‪ ،‬فلم تخالفلونا لوتعينلون علينا أع داءنا ? أليس أبلوكم‪ ،‬بر بن قيس بن عيالن‬ ‫النس‬
‫?قاللو بلى ? لولكنكم معشر العر تنكرلون لنا ذلك لوت دفعلوننا عنه ‪ ،‬فإذا أقررتم بالحق‬
‫لورجعتم إليه فأشه دلوا لنا به على أنفسكم )‪. 1‬‬

‫ورغم ذلك نجد أن صاحب الذخير السنية لم يقدم أي مصدر الذي إعتمد عليه في‬
‫نقل هذه المعلومة بل إكتفى بقوله « لم نزل نعرف ذلك لونتلوارث علمه لوصحته من أبائنا‬
‫منا ‪ ،‬يأخذه كابر عن كابر ‪ ،‬لوعا دل من‬ ‫لومشايخنا لوأهل العلم بالتاريخ لوالمعرفة بالنسا‬
‫عا دل »‪.‬‬

‫‪ /‬ملوطنهم ‪:‬‬

‫عند دراستنا حول مواطن بني مرين قبل دخولهم إلى المغرب األقصى نجد أنهم كانوا‬
‫يعيشون حالة من الالستقرار وذلك بسبب الحياة البداوية التي فرضت عليهم ذلك ‪ ،‬فكان‬
‫موطنهم األول هو الصحراء بين الزاب إفريقية إلى سلجماسة ‪ ،2‬وأحيانا من مدينة القيروان‬
‫‪3‬‬
‫ينتقلون في تلك القفار والصحارى ال يدخلون تحت حكم سلطان‬ ‫إلى صحراء بالد السودان‬
‫وال يرضون بذل وال هوان ‪ ،‬لهم همم ونفوس عالية ‪ ،‬ال يعرفون الحرث وال التجارة وال‬
‫يشتغلون بغير الصيد وطرد الخيل والغارات على أطراف البالد و جل أموالهم اإلبل والخيل‬

‫‪1‬‬
‫مزاحم عالوي الشاهري ‪ :‬الحضارة العربية اإلسالمية في المغرب ( العصر المريني ) ‪ ،‬ط‪،9‬مركز الكتاب األكاديمي ‪،‬‬
‫عمان ‪ ،1099‬ص‪.91‬‬
‫‪2‬‬
‫أبو العباس أحمد بن خالد الناصري ‪:‬اإلسقصا ألخبار دول المغرب األقصى ( الدولة المرنية ج‪( ، )7‬د ط)‪،‬تح جعفر‬
‫محمد الناصري ‪ ،‬دار الكتاب ‪ ،9111‬ص ‪ .01‬أنظر أيضا شوقي عطا اهلل الجمل ‪ :‬المغرب العربي الكبير في العصر‬
‫الحديث ( ليبيا –تونس‪ -‬الجزائر – المغرب ) ‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية ‪ ،‬ط‪ ،9‬القاهرة ‪ ،9133‬ص ‪.11‬‬
‫‪3‬‬
‫بن أبي زرع ‪ :‬الذخيرة السنية ‪،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪ .11‬القيروان ‪ :‬هي بسط من األرض مديد من الجوف منها بحر‬
‫تونس وفي الشرق عبر سوسة والمهدية ‪ ،‬وفي القبلة بحر السفاقس وقابس ‪ ،‬وأقربها من البحر الشرقي ‪ .‬أنظر البكري ‪:‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. 11‬‬
‫‪09‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫وشيمتهم إكرام الضيف وضرب أعدائهم بالسيف‪ 1‬وعندما نتعمق أكثر في موطنهم نجد‬
‫‪4‬‬
‫ويذكر إبن مرزوق في مسنده أن قبائل‬ ‫القلقشندي حدده بين فيجيج‪ 2‬وملوية‪ 3‬فقط‬
‫المرينية كانت تملك مساحات شاسعة تنقلت فيها من بالد الجريد إلى ناحية الغرب حيث‬
‫‪5‬‬
‫شمل ملكهم من بالد الزاب إلى تاهرات‬

‫أما صاحب الحلل الموشية فيرى أن أصل بني مرين من تلمسان قاعدة المغرب‬
‫األوسط ودار مملكة زناته على قديم الزمان ‪ ،‬وكان وطنهم ما بينها وبين تاهرت من‬
‫‪6‬‬
‫شرقيها‪.‬‬

‫ومنه نقول أن تلمسان هي المركز الذي إنتشرت منه قبائل بني مرين شرقا وغربا فكان‬
‫إنتشارهم في األول من تلمسان إلى الشرق في إتجاه تاهرت ‪ ،‬ثم تقدمت منها بعد ذلك نحو‬
‫بالد الزاب‪ 7‬وبالد الجريد ‪ ،‬ثم بعدها نزحت نحو الغرب من هذه المواطن إلى المغرب‬
‫‪8‬‬
‫األقصى وبذلك أصبحو يقفون على مداخل المغرب األقصى‪.‬‬

‫وكانت رياسة بني مرين في أول أيام الموحدين لبني عسكر وكانوا يقطنون الزاب إلى‬
‫تلمسان ‪ ،‬عندما بدأ عبد المؤمن يكتسح المغرب األوسط استعان على بني مرين بإخوانهم‬

‫‪1‬‬
‫إبن أبي زرع ‪ :‬األنيس المطرب ‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪ .131‬انظر ايضا أحمد الشلبي ‪ :‬التاريخ اإلسالمي والحضارة‬
‫اإلسالمي ‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية ‪ ،‬ط‪،9197 ،9‬ص ‪.917‬‬
‫‪ 2‬فجيج‪ :‬عبارة عن ثالثة قصور في الصحراء في منطقة المغرب االوسط تحيط بها غابة من النخيل‪ ،‬وهي على بعد مائتين‬
‫وخمسين ميال شرقي سجلماسة ‪.‬انظر حسن الوزان ‪:‬المصدر السابق‪،‬ج‪،1‬ص ‪.977,971‬‬
‫‪3‬‬
‫ملوية‪ :‬نهر يقع شرق المغرب االقصى ويصب في البحر االبيض المتوسط وكان في أغلب األوقات الحد الفاصل بين‬
‫المغرب األوسط والمغرب االقصى‪ .‬انظر التنسي‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.113‬‬
‫‪4‬‬
‫القلقشندي ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.911‬‬
‫‪5‬‬
‫إبن مرزوق ‪ :‬المسند الصحيح ‪،‬ص ‪.91‬‬
‫‪6‬‬
‫مؤلف مجهول ‪ :‬الحلل الموشية ‪،‬د ط‪ ،‬دم ن‪ ،‬د ت‪ ،‬ص ‪.911‬‬
‫بالد الزاب‪:‬هي منطقة واسعة كانت تستغل المساحة الواقعة في جنوب جبال أوراس وتشمل بسكرة وماحولها‪ ،‬واقعة في‬ ‫‪7‬‬

‫المغرب األدني على بالد الصحراء‪.‬أنظر حسين مؤنس‪ :‬التنظيم اإلدراي والمالي األفريقية والمغرب خالل عصر الوالة مجلة‬
‫كلية األدب والتربية‪،‬العدد‪،9‬الكويت‪9137،‬م‪،‬ص‪.11‬‬
‫‪8‬‬
‫إبن األحمر ‪:‬روضة النسرين‪ ،‬المصدر السابق‪،‬ص ص ‪.1,1‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫بني عبد الواد الذين بددوا جموعهم سنة ‪110‬ه فنزلوا جنوبا إلى الصحراء يعيشون حياة‬
‫البداوة والترحال ‪ ،‬وينتقلون خالل الربيع والصيف إلى أعالي ملوية حتى ناحية تا از‬
‫وكريسيف‪ 1‬فيتزودون بالحبوب الزراعية التي يقتاتون بها شتاءا في صحرائهم‪.2‬‬

‫ومنه نقول أن مواطنهم لم تكن ثابته بل تخضع لنمط حياتهم البدوية الرعوية القائمة‬
‫‪3‬‬
‫على الترحال بحثا عن موارد الماء والكأل‪.‬‬

‫‪/ 2‬نشأة ال دلولة المرينية ‪:‬‬

‫تعاقب على رياسة بني مرين رؤوسا كثيرون قبل دخولهم المغرب حيث كانت لمحمد‬
‫بنو رزير بن فكوس بن كرماط بن مرين ولما توفي قام بأمرهم أكبر أوالده حمامة بن محمد‬
‫ثم خلفه عسكر وولده المخضب الذي ظل على زعامة قومه حيث كانت له جيوش قادت‬
‫القبيلة إلى إنتصارات عديدة إذ سيطر على جميع بوادي زناتة وبالد الزاب ‪.‬‬

‫وقد مكنته هذه اإلنتصارات على المرابطين‪ 4‬والحماديين معا على بسط نفوذه في بوادي‬
‫بوادي زنانة بالمغرب وكذلك ممتلكات الحماديين في بجاية والقلعة حتى إضطر إلى مهادنته‬
‫ومصالحته بتقديم الهدايا وظلوا على ذلك حتى سقوط دولتهم‪. 5‬وقتل المخضب بن عسكر‬

‫كريسف‪ (:‬إجريسف) مدينة في أحواز تلمسان من أرض المغرب الكبيرة لها بساتين كثيرة ‪ .‬انظر الحميري‪:‬المصدر‬ ‫‪1‬‬

‫السابق‪،‬ص ‪.91‬‬
‫‪2‬إبرهيم حركات ‪:‬المغرب عبر التاريخ من بداية المرينيين إلى نهاية السعديين ‪،‬ج‪،1‬ط‪،9‬دار الرشاد الحديثة ‪،‬البيضاء‬
‫‪،9131،‬ص ‪.99‬‬
‫أحمد مختار العبادي ‪:‬دراسات في تاريخ المغرب واألندلس ‪ ،‬اإلسكندرية ‪،9191،‬ص ‪.101‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 4‬المرابطين ‪:‬هي دولة إسالمية ظهرت خالل القرن الخامس والسادس الهجري في منطقة المغرب االسالمي اسسها يوسف‬
‫ابن تاشفين‪ .‬انظر ابن ابي زرع‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص‪.911‬‬
‫‪5‬‬
‫إبن أبي زرع‪ :‬الذخيرة السنية ‪،‬المصدر السابق‪،‬ص‪.10‬‬
‫‪10‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫في موقعة ‪ .1‬قادها ضد الموحدين في مكان يعرف بفحص مسون‪ 2‬سنة ‪110‬هـ‪9911-‬م‪.3‬‬

‫بعد هذه األحداث تولى أمرهم أبو بكر بن حمامة وهو بن عمر المخضب ويبدو أن‬
‫المرينين على عهده عاشوا في سالم في صحراء وتوفى سنة ‪199‬ه‪9991/‬م‪ 4‬بعد وفاته‬
‫تولى إبنه محيو بن أبي بكر‪ ،‬وفي عهده شارك المرينيون المنصور يعقوب بن يوسف خليفة‬
‫الموحدين في غزوة األرك الكبرى في األندلس سنة‪119‬هـ‪9911/‬م‪ .5‬وقد أبلى فيها المرينيون‬
‫المرينيون بالء حسنا في هذه المعركة ‪ ،‬غير أن األمير محيو بن أبي بكر أصيب بجراح‬
‫بالغة أرغمته على العودة إلى بالده ومات على إثرها في شهر صفر في نفس السنة بصحراء‬
‫الزاب‪.6‬‬

‫ثم تولى الحكم بعده ولده عبد الحق بن محيو ويعتبر أول من نقل بني مرين من حالة‬
‫البدواة في الصحراء إلى حالة التفكير في إقامة دولة لهم بالمغرب األقصى ‪7.‬وكان عبد‬
‫دائما إلى توحيد صفوفهم لتحقيق أملهم في العزه والسلطان يقول‬
‫الحق يدعو أبناء بني مرين ً‬
‫لهم‪(:‬يامعشر بني مرين أما ما دمتم في أمركم مجتمعين لوفي أرائكم متفقين لوكنتم على‬

‫‪1‬‬
‫موقعه قادها بن عسكر لإلستيالء على أموال وذخائر الموحدين التي بعثها عبد المؤمن إلى تنمل وكانت في وادي تالغ‬
‫جيشا من ‪ 700‬فارس السعادتها‪ :‬ابن أبي زرع ‪ :‬الذخير السنية‪،‬المصدر‬
‫ً‬ ‫وأستولوا على أموالهم فأرسل عبد المؤمن‬
‫نفسه‪،‬ص‪.19‬‬
‫‪2‬‬
‫فحص مسون‪ :‬منطقة قرب منطقة ملوية بالمغرب األوسط‪ ،‬أنظر إبن األحمر ‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص‪.11‬‬
‫‪3‬‬
‫أبو عبد اهلل بن محمد بن أحمد بن عبد اهلل البزيوني‪ :‬تاريخ دولة اإلسالم في المغرب األقصى ‪،‬بغداد‪،‬ص‪.31‬‬
‫‪4‬‬
‫عبد الرحمن إبن خلدون‪ :‬المصدر السابق‪،‬ج‪،3‬ص‪.993‬‬
‫‪5‬‬
‫معركة األرك‪:‬هي معركة سنة( ‪119‬ه‪9911/‬م ) بين قوات الموحدين بقيادة السلطان ابو يوسف المنصور وقوات ملك‬
‫قشتالة ألفونسو الثامن وانتصر فيها الموحدين‪ .‬ابن ابي زرع ‪ :‬الذخيرة السنية ‪،‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪6‬‬
‫عبد الرحمان ابن خلدون ‪ :‬المصدر السابق‪،‬ج‪،3‬ص‪.993‬وانظر ايضا محمد عبد اهلل عنان‪:‬المرجع السابق‪،‬ج‪9‬‬
‫‪،‬ص‪.779‬‬
‫‪7‬‬
‫إبن أبي زرع ‪ :‬الذخير السنية‪،‬المصدر نفسه‪،‬ص ص‪.19-10‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫حر أع دائكم أعلوا ًنا لوفي ذلك اهلل‪ ...‬لوان إختلفت أهلواؤكم لوشتت آراؤكم طفركم أع داؤكم)‪.1‬‬

‫وفي أيام إمارته على بني مرين والتي دامت ثالثة أعوام وستة أشهر بدأ ضعف‬
‫الموحدين وزحف المرينيون نحو الشمال‪ ،‬حيث دخلوا أراضي المغرب األقصى عن طريق‬
‫وادي تالغ‪ ،2‬وأقامو ببالد الريف وضيق على الموحدين‪ .‬فشكا الناس حالهم إلى الخليفة‬
‫الموحدي أبي يعقوب يوسف الثاني الملقب بالمستنصر باهلل(‪999‬ه‪910-‬ه‪9191/‬م‪-‬‬
‫‪9111‬م) الذي أمر بتشكيل قوة بقيادة الشيخ الحسن بن واندين وكلف عامل فاس إسحاق بن‬
‫يوسف بمساندته‪ ،‬وكانت القوة مكونة من عشرة آالف مقتل ثم أصبح عشرين ألف مقاتل‬
‫بقيادة السيد أبي إبراهيم بن يوسف بن عبد المؤمن بن على والى فاس‪ ،‬حيث إنظم إليه من‬
‫مقاتلين من قبائل مكناسة وتسول والبرانس وسدراته وهوارة وصنهاجة وقشتالة وغيرهم من‬
‫قبائل فاس والرباط‪ ،‬وكانت األوامر الصادر من الخليفة المستنصر مشدده تطلب إبادة‬
‫المرينين واستئصالهم والتقت القوتان عند وادي نكور‪ 3‬لفحص الوادي مابين رباط تا از‬
‫والمقرمدة سنة (‪997‬ه‪9199/‬م)فمنيت قوة الموحدين بهزيمة منكرة وأطلق على هذا العام‬
‫عام المشعلة‪.4‬‬

‫وبدأ إنتصارات بني مرين تتوالى فعمد الموحدون إلى توظيف بني عسكر‪ ،‬الذين‬
‫أغاضهم إنتصارات بني حمامة أبناء عمومتهم‪ ،‬فتحالفوا مع عرب رياح‪5‬ضد بني مرين‬

‫‪1‬‬
‫ابن ابي زرع‪:‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.77,71‬‬
‫‪2‬‬
‫وادي تالغ‪ :‬وادي سهل مالصق لنهر الملوية من جهة الشرق وهوليس بعيد عن كرسيف ‪.‬انظ اربن أبي زرع‪ :‬األنيس‬
‫المطرب‪،‬ص‪.111‬‬
‫‪3‬‬
‫وادى نكور‪ :‬يقع هذا الواد بين رباط تا از والمقرمدة‪.‬انظر الناصري‪:‬المصدر السابق‪،‬ج‪،7‬ص‪.9‬‬
‫‪4‬‬
‫إبن عذاري المراكشي‪ :‬البيان المغرب في أخبار األندلس والمغرب‪،‬ج‪،1‬تح‪:‬جون كوالن وليفي بروفنسال‪ ،‬دار‬
‫الثقافة‪،‬بيروت‪،‬ط‪ ،9117 ،7‬ص‪.119‬‬
‫‪5‬‬
‫عرب رياح‪:‬كانت من أعز قبائل هالل وا كثرهم جمعا عند دخولهم إفريقية وهم فيما ذكره ابن الكلبي رياح بن أبي ربيعة‬
‫بن نهيك بن هالل بن عامر ‪،‬انظر عبد الرحمان ابن خلدون ‪:‬المصدر السابق‪،‬ج‪،9‬ص‪.17‬وهي من أقوى قبائل العرب في‬
‫المغرب األقصى وأكثرهم أمواالً‪ ،‬ولقوتهم هذه أوكل الموحدين إليهم حماية بالد الهبط وحراستها‪ ،‬محمد الفاسي‪ :‬نشأة الدولة‬
‫المرينية ومميزات العصر األدبي ‪،‬مجلة البينة‪،‬العدد الثامن ‪،‬سنة األول‪،9197،‬ص‪.91‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫بالغرب من وادي سبو على أميال من تافر طاست بواجرمان‪ ،‬ونتج عن تلك الواقعة مقتل‬
‫األمير عبد الحق وولده إدريس اللذين دفنا في تافرطاست في الموضع المعروف بسوق‬
‫الجمعة‪.1‬‬

‫غضب بنو مرين وهاجموا بني عسكر وبني رياح ثم عقدوا اإلمارة ألبي سعيد عثمان‬
‫بن عبد الحق في سنة (‪991‬ه‪9193/‬م) وتمكنوا من إخضاع عرب رياح لطاعتهم وارغامهم‬
‫‪2‬‬
‫عدة قبائل‬
‫على دفع ضريبة ‪،‬وقتل "بوادي ردات" سنة(‪971‬ه‪9110/‬م)‪.‬بعد أن أخضع ّ‬
‫أخرى لنفوده كهوارة وزكارة وتسول ومكناسة ومطوية وقشتالة‪ ...‬كما فرض على أهالي فاس‬
‫‪3‬‬
‫وقصر عبد الكريم ضريبة سنوية لقاء حمايتهم وفي سنة‬ ‫ومكناسة ورباط تا از‬
‫(‪911‬ه‪9113/‬م) أخضع كل القبائل التي سكنت وقتئذ وادي ملوية‪ 4‬إلى رباط الفتح‪.5‬‬

‫ولقد حقق أبو سعيد عثمان انتصارات كبرى للمرينين حيث جعلت الرشيد الموحدي يرسل‬
‫إلى بني مرين أحماال من الكساء الشرقية البديعة ومتنوعة لتوزع على بن عبد الحق وأشياخ‬
‫‪6‬‬
‫غدر‪ ،‬في واد ردات سنة(‪973‬ه‪9171/‬م)‪.‬‬
‫بني مرين‪.‬وقتل أبو سعيد عثمان بن عبد الحق ًا‬

‫‪6‬‬
‫سنة(‪973‬ه‪9171/‬م)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مزاحم عالوي ‪:‬المرجع السابق‪،‬ص‪.13‬‬
‫‪2‬‬
‫أبن أبي زرع ‪ :‬الذخيرة السنية‪ ،‬المصدر السابق ‪،‬ص‪.11‬انظر ايضاإبن أبي زرع ‪:‬األنيس المطرب ‪ ،‬المصدر السابق‬
‫ص ‪.119‬‬
‫‪3‬‬
‫تا از‪:‬أسسها األفارقة القدماء على بعد نحو خمسة أميال من األطلس ‪،‬وتبعد تقريبا عن فاس نحو ‪10‬ميال‪،‬وعن البحر‬
‫المحيط ب‪ 970‬ميال ‪ ،‬وعن البحر المتوسط ‪ 3‬أميال‪.‬حسن الوزان‪ :‬المصدر السابق‪،‬ج‪.711 ،9‬‬
‫‪4‬‬
‫وادي ملوي ‪:‬يقع بين تلمسان ورباط تا از ويصب في البحر المتوسط ‪.‬أنظر ابن عذاري المراكش‪:‬المرجع السابق‪،‬ص‬
‫‪.791‬‬
‫‪5‬‬
‫هوارية بكارى‪ :‬العالقات السياسية والروابط الثقافية بين المغربين األوسط واألقصى خالل القرنين السابع والعاشر‬
‫الهجريين(‪977‬ه‪191/‬ه)(‪9177‬م‪9111/‬م) ‪،‬قسم التاريخ وعلم اآلثار ‪،‬جامعة تلمسان‪،1091،‬ص‪.91‬وأنظر أيضا إبن‬
‫أبي زرع‪:‬الذخير السنية‪ ،‬المصدر نفسه ‪،‬ص ص‪ .73 ،79‬رباط الفتح‪ :‬مدينة أسسها يوسف بإتشفين (‪117‬ه‪100 /‬ه)‬
‫(‪9099‬م ‪9909 /‬م) عند مصب نهر أبي رقراق على ساحل البحر المحيط‪ ،‬فهي على النهر من جهة وعلى البحر من‬
‫جهة األخر‪.‬أنظر حسن الوزان ‪:‬المصدر السابق ‪،‬ج‪،9‬ص‪.109‬‬
‫‪6‬أبن أبي زرع ‪ :‬الذخيرة السنية‪ ،‬المصدر السابق‪،‬ص‪.73‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫ثم بايع المرينيون أخاه محمد بن عبد الحق‪ ،‬ولقد جهز الموحدون لقتاله سنة‬
‫‪1‬‬
‫(‪911‬ه‪9111/‬م)‪ ،‬وتمكن الموحدين من تحقيق هزيمة كبيرة للمرينين بالقرب من فاس‬
‫بمنطقة تدعى أغالن ‪ ،‬وولى أخو األمر أبا بكر بن عبد الحق في نفس السنة‪.2‬‬

‫تمكن المرنييون في عهد أميرهم أبى بكر بن عبد الحق من السيطرة على مكناسة صلحا‬
‫فبايعه أهلها سنة (‪917‬ه‪9111/‬م) وكان ذلك بمساعدة أخيه أبي يعقوب الذي إستطاع‬
‫بفضل حنكته السياسية وعالقاته الطيبة مع شيوخ المدينة إقناعهم بأهمية اإلنظواء تحت‬
‫طاعة أبي بكر وتأييد المرينين‪ .3‬وبعده إنتزع حصون ملوية ثم السيطرة على فاس ‪،‬و مقتل‬
‫الخليفة السعيد الموحدي سنة (‪919‬ه‪9111/‬م) الذي جاء مصرعه على يد بنى عبد الواد لم‬
‫تستقر األوضاع فيها(‪911‬ه‪9110/‬م) بعد أن تمكنوا بنو مرين من تصفية العناصر الموالية‬
‫للموحدين‪4،‬واستطاعوا أيضا السيطرة على سال ورباط الفتح في سنة (‪911‬ه‪9119/‬م) وولى‬
‫وولى عليها ابن أخيه يعقوب بن عبد اهلل بن عبد الحق‪.‬‬

‫ولكن إقامة المرينين لم تظل في سال حيث تمكن المرتضى من استرجاعها بجيش‬
‫أرسله إليها سنة (‪910‬ه‪9111/‬م)‪.‬ثم سيطر األمير أبو بكر على سجلماسه‪ ،‬وبعدها دخل‬

‫فاس‪:‬من أهم المدن في تاريخ المغرب‪،‬وقد إتخذها عدد من ملوك الدول المختلفة التي قامت هناك عاصمة لملكهم‪،‬وهي‬ ‫‪1‬‬

‫من بناء مؤسس الدولة اإلدريسة إدريس بن عبد اهلل بن الحسن بن علي بن ابي طالب في سنة ‪931‬ه‪،‬وأتم إدريس الثاني‬
‫بناءها سنة‪917‬ه‪.‬انظر ياقوت الحموي‪ :‬المصدر السابق‪،‬ج‪،1‬ص ‪.170‬‬
‫‪2‬‬
‫إبن أبي زرع ‪ :‬الذخيرة السنية‪ ،‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ص‪. 97,91‬وأنظر ايضاإبن أبي زرع‪ :‬األنيس المطرب‪ ،‬ص‪.110‬‬
‫‪3‬‬
‫أحمد عودات وأخرون‪ :‬تاريخ المغرب واألندلس من القرن ‪1‬حتى القرن‪90‬م‪،‬دار األمل‪ ،9110،‬ص‬
‫ص‪.111,971‬وأنظر أيضا‪ :‬مزاحم عالوي‪ :‬المرجع السابق‪،‬ص‪.11‬‬
‫‪4‬إبن أبي زرع ‪ :‬الذخيرة السنية‪،‬ص‪.31,31‬وأنظر بن أبي زرع‪ :‬األنيس المطرب‪ ،‬ص‪.119‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫‪1‬‬
‫في حرب مع الخليفة الموحدي أبي حفص عمر الملقب المرتضى فإستولى على بالد تادال‬
‫وسجلماسة ودرعه‪2‬التي سقطت في قبضتهم سنة(‪911‬ه‪9113/‬م)‪.3‬‬

‫توفى سنة (‪919‬ه‪9111/‬م) وتولى بعده إبنه عمر في حين فضل أشياخ بني مرين‬
‫عمه يعقوب بن عبد الحق الذي وصل إلى فاس‪ ،‬بعد أن كان في تا از‪.‬فتمت له البيعه في‬
‫نفس السنة‪ ،‬حيث واصل سياسة أخيه أبى بكر في فتح األمصار ومد النفوذ المريني إلى‬
‫‪4‬‬
‫المناطق والنواحي وقد واجه في فترة حكمه العديد من الثورات الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫تمكن األمير يعقوب بن عبد الحق سنة(‪911‬ه‪9111-‬م) من إخضاع أنفا ‪5‬و تامسنا‬
‫وفي سنة ( ‪990‬ه‪9199 /‬م) توجه قاصدا مراكش‪ ،‬فتصدت قوات المرتضى بقيادة إدريس‬
‫الملقب بأبي دبوس فإشبكت القوتان ‪ ،‬إال أن القوات المرينية إنسحبت على إثر مقتل عبد اهلل‬
‫بن يعقوب ‪ ،‬وكان الخليفة المرتضى قد أدرك خطورة األمر فأرسل تعزية لألمير يعقوب‬
‫وتعهد للمرينين بدفع ضريبة لألمير يعقوب المريني‪ ،‬إال أن يعقوب لم يوافق على ذلك ألنه‬
‫كان يحلم بحكم مراكش‪.7‬‬

‫جنوبا بين جبال األطلس‪،‬وشماالً‬


‫ً‬ ‫‪ 1‬تادال‪ :‬إقليم غير شاسع يبتدئ من نهر العبيد عند نهر أم الربيع عند منبعه‪،‬كما ينتهي‬
‫في المنطقة في شكل مثلث‪ ،‬حسن الوزان ‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.939‬‬
‫‪2‬‬
‫درعة‪ :‬مدينة صغير تقع جنوب المغرب تبعد عن سلجماسة أربعة فراسخ‪،‬وهي ليست بمدينة يحوطها سور وانماهي قرى‬
‫متصلة وعمارات متقاربة ومزارع كبيرة ‪.‬انظر الحميري‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص‪.179‬‬
‫يعقوب‬ ‫بن‬ ‫يوسف‬ ‫السلطان‬ ‫عهد‬ ‫على‬ ‫المرينية‬ ‫األعرجي‪:‬الدولة‬ ‫عزيز‬ ‫اهلل‬ ‫مال‬ ‫مؤيد‬ ‫نضال‬ ‫‪3‬‬

‫المريني(‪911‬ه‪309/‬ه)(‪9119‬م‪9709/‬م)‪،‬مذكرة ماجستير ‪،‬كلية التربية ‪،‬جامعة الموصل ‪1001،‬م‪،‬ص‪. 99‬‬


‫إبراهيم حركات‪ :‬المرجع السابق‪،‬ص‪.91‬أبن أبي زرع‪ :‬األنيس المطرب‪ ،‬ص‪.113‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪5‬أنفا‪ :‬مدينة أسسها األفارقة الرومان على شاطئ البحر المحيط على غوستنبن ميال شمال األطلس ونحو ستين ميال شرق‬
‫أزمور‪ .‬انظر حسن الوزان‪ :‬المصدر نفسه‪،‬ج ‪،9‬ص ‪.919‬‬
‫‪6‬‬
‫تامسنا‪ :‬أسسها الرومان على بعد نحو ستنين ميال شمال األطلس ‪.‬انظر حسن الوزان‪ :‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.913,919‬‬
‫‪7‬‬
‫مراكش‪ :‬من أعظم مدن المغرب وأجلها ‪ ،‬بنها يوسف بن تاشفين سنة ‪ 111‬ه‪،‬تقع شمال دون الذي يبعد عنها ثالثة‬
‫أيضا أمين واصف‪:‬‬
‫فراسخ ‪،‬ومراكش تعني بالبربرية »أسرع المشي« ياقوت الحموي‪ :‬المصدر السابق‪،‬ج‪،1‬ص‪.171‬أنظر ً‬
‫معجم في خريطة التاريخية للممالك اإلسالمية‪ ،‬مؤسسة هنداوي للتليم والثقافة ‪،1091،‬ص ‪.19‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫وحدث أن هرب قائد الجيش الموحدي أبو دبوس إلى األمير يعقوب المريني طلبا‬
‫مساعدته فساعده مقابل إقتسام نصف األرض التي يسيطر عليها‪ ،‬فوافق األمير وحشد‬
‫الجيوش وساعده مع خلفائه القبليين‪ ،‬فتمكن من هزيمة الخليفة المرتضى الموحدي ودخل أبو‬
‫دبوس مراكش ‪.‬وحينما تخلى على وعوده التي قطعها لألمير المريني واضطر األمير يعقوب‬
‫لمواجته في وادي تالغ سنة ( ‪999‬ه‪9193 /‬م) وبعدها إشتبكت القوتان وكان من نتائج‬
‫مقتل أبو دبوس ( ‪991‬ه‪9191/‬م) ‪. 1‬‬

‫‪2‬‬
‫وبذلك إنتهت دولة الموحدين‬ ‫فدخل األمير يعقوب مراكش سنة ( ‪991‬م‪9191 /‬م)‬
‫‪3‬‬
‫وب سطت الدولة المرينية سلطانها على المغرب األقصى جمعية جنوبية وشمالية حتى سبته‬
‫وطنجة ‪ 4‬وبهذا يعد السلطان يعقوب المؤسس الحقيقي للدولة المرينية ‪،‬حيث إتخذ مدينة فاس‬
‫فاس عاصمة لهم ثم عبر السلطان يعقوب إلى األندلس للجهاد ‪.‬‬

‫وفي عهده تالحمت الحروب بين بني عبد الواد وبني مرين ‪،‬وكانت هنا واقعة بأسلى‬
‫قرب وجده في الشمال سنة ( ‪930‬ه‪9131/‬م) إنتصر فيها يعقوب وحاصر تلمسان لمدة‬
‫ثالثة أشهر ثم رفع الحصار وعاد إلى فاس ‪ ،‬وفي سنة‪939‬ه هاجم سجلماسة واستخدم في‬
‫حصارها البارود ألول مرة في المغرب األقصى‪ ،‬وفي سنة ( ‪931‬ه‪9139/‬م) بنئ مدينة‬
‫قليال‪.5‬‬ ‫الجنوب‬ ‫إلى‬ ‫المدينة‬ ‫غربي‬ ‫ميل‬ ‫مسافة‬ ‫على‬ ‫الجديدة‬ ‫فاس‬

‫‪1‬‬
‫مزاحم عالوي‪ :‬المرجع السابق‪،‬ص‪،79-70‬إبراهيم حركات‪ :‬المرجع السابق ج‪،1‬ص‪.91‬إبن أبي زرع ‪ :‬األنيس المطرب‪،‬‬
‫المصدر السابق‪،‬ص ص ‪.703.709‬‬
‫‪2‬‬
‫إبن خلدون‪ :‬المصدر السابق‪،‬ج‪،9‬ص‪.717‬‬
‫‪3‬‬
‫سبتة‪ :‬مدينة عظيمة دعاها الرومان سيفيطاس‪ ،‬وسماها البرتغاليون سوبتة‪.‬أنظر حسن الوزان ‪:‬المصدر السابق‪،‬‬
‫ص‪.799‬‬
‫‪4‬‬
‫طنجة‪ :‬تدعى طنجه عند البرتغاليين طنجيرة ‪ ،‬وهي مدينة عظيمة أزلية‪ ،‬وهي على بعد ‪70‬ميال عن أعمد هرقل‬
‫و‪910‬ميال من فاس‪.‬انظر حسن الوران‪،‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.791‬‬
‫‪5‬‬
‫إبن أبي زرع ‪ :‬الذخيرة السنية‪،‬ص ص‪.991,993,999‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫وعندما كان في الجزيرة الخضراء‪ 1‬وقبل عودته للمغرب أصابه مرض فتوفي هناك باألندلس‬
‫ودفن بجامع قصره في البنية سنة ( ‪911‬ه‪9119/‬م) ثم نقل جثمانه إلى مسجد شالة‪ .‬وكل‬
‫ما أستولى عليه من الحصون والبالد كان يتركه ألصحاب غرناطة بني األحمر ألنه لم‬
‫‪2‬‬
‫يجاهد من أجل الغنيمة بل من أجل نصرة المسلمين ضد أعداء اإلسالم نصارى اإلسبان‪.‬‬

‫بويع بعده للحكم األمير يوسف سنة (‪911‬ه‪9119 /‬م) وسار سيرته في الجهاد‪ ،‬فعبر‬
‫البحر إلى األندلس م ار ار ‪ ،‬كما سار سيرة العدل الذي ال تصلح حياة الشعوب بدونه‪ ،‬ونازل‬
‫عثمان سلطان الزياني مرار ‪ ،‬وفي سنة ( ‪911‬ه‪9111 /‬م) حاصرها وظل محاصراتها لها‬
‫غدر‪ 3‬وتولى بعده عامر بن عبد اهلل ‪ ،‬وعهد صلح مع المرينين‬
‫ثمانى سنوات ‪ ،‬لكنه قتل ًا‬
‫لينصرف إلى سبته التي كان إبن األحمر إستولى عليها ‪.‬‬

‫وفي سنة (‪301‬ه‪9701/‬م) بني مدينة تطوان لتكون مق ار لجيوشه‪ ،‬واستقر هو في‬
‫طنجة إلى أن مات فيها في نفس السنة ‪ ،‬وبعده تولى أخوه المسمى سليمان ‪ ،‬وكان عصر‬
‫يمتاز برغد العيش واستتباب األمن وتوفي سنة ( ‪390‬ه‪9799/‬م) وتولى عثمان بن يعقوب‬
‫حيث أنشأ األساطيل الحربة وأغار على تلمسان سنة ( ‪391‬ه‪9791/‬م) وتوفي وخلفه إبنه‬
‫أبو الحسن‪.4‬‬

‫الجزيرة الخضراء‪ :‬الجزيرة الخضراء بينها وبين قشتالة أربعة وستون ميال ‪،‬وهي على ربوة مشرفة على البحر سورها‬ ‫‪1‬‬

‫متصل به وبشرقيها فيها خندق وغربية اشجار تين وأنهار عذبة‪ .‬انظر الحميري‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.991‬‬
‫‪2‬‬
‫نضال مؤيد مال اهلل عزيز األعرجي‪ :‬المرجع السابق‪:‬ص‪.97‬أنظر أيضا ابن األحمر‪:‬المصدر السابق‪،‬ص‪.91‬‬
‫‪3‬‬
‫شوهنده محمد حامد محمد الخطيب‪ :‬المرجع السابق‪،‬ص‪. 91‬انظر أيضا محمد األمين ومحمد على الرحماني‪ :‬المفيد في‬
‫أيضا ابن أبي زرع‪:‬األنيس المطرب‪،‬ص‪.719‬‬
‫تاريخ المغرب‪،‬ص‪ .911‬وأنظر ً‬
‫‪ 4‬إبراهيم حركات ‪ :‬المرجع السابق‪ :‬ص ص ‪ .17,11‬محمد األمين ‪ :‬المرجع نفسه‪:‬ص ص ‪.999-990‬‬
‫‪18‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫تولى أبو الحسن الحكم المشهور بالسلطان األكحل لسمرة لونه ‪.‬وكانت من أعماله في‬
‫المغرب أنه بنى كثي ار من مدارس العلم ‪،‬وقد قضى عمره كله في الحروب سعيا وراء توحيد‬
‫شمال إفريقية ‪،‬كما كان على عهد الموحدين‪ ،‬ودفاعا عن دولة بنى األحمر في األندلس‪.‬‬
‫وفعال تمكن من اإلستيالء على المغرب اإلسالمي تحت قيادته من السوس األقصئ إلى‬
‫مصراته قرب الحدود المصرية‪ .‬كما تمكن من إحراز النصر على النصارى في معركة‬
‫الطريف ال بحرية جرت بين أساطيله وأساطيلهم وتوالت المعارك الحربية وكان النصر حليفا‬
‫إلسبان سنة ‪319‬ه ‪،‬بين أبي الحسن و القشتاليين والبرتغاليين‪ .‬بعد ذلك توجه أبو الحسن‬
‫إلى تونس إلخماد ما بها من ثورات وقبل أن يسافر ترك ابنه أبا عنان نائبا عنه في‬
‫تلمسان‪.‬ولكن أبا الحسن لم ينجح في حركته الحربية ضد الحفصيين‪ ،‬وسمع أباعنان ذلك‬
‫‪1‬‬
‫فترك تلمسان وتوجه إلى المغرب األقصى خوفا من أن تقوم به ثو ارت ضد المرينين أيضا‪.‬‬

‫واضطربت أوضاع الدولة المرينية بغياب أبو الحسن ‪ ،‬حيث أعلن إبنه األمير عنان‬
‫نفسه سلطان على البالد ‪ ،‬حينئذ شعر السلطان أبو الحسن بضرورة العودة إلى المغرب‬
‫لإلستيراد ملكه لكن األمير أبو عنان جهز جيش لمحاربة أبيه‪ ،‬و إلتقى الطرفان في موضع‬
‫يعرف بتامرغوست سنة (‪ 319‬ه‪9710/‬م) و انتهت بهزيمة أبي الحسن ‪ ،‬وتوفي سنة‬
‫‪2‬‬
‫(‪311‬ه‪9711/‬م)‪.‬‬

‫ثم تولى الحكم أبا عنان (‪ 311‬ه‪311/‬ه) حيث جمع جميع الصفات التى جعلته‬
‫شخصية قوية متألقة محبوبة بين قومه وعشيرته ‪ .‬وكانت قضايا التوسع السترداد النفوذ‬
‫هي ما تميز عهده ‪ ،‬وبالفعل تم توحيد المغرب‬ ‫المريني في المغرب األوسط وافريقية‬
‫اإلسالمي في عهده ‪ ،‬لكن سرعان ما أخذ في التراجع بسب تأثرها بعدة عوامل منها ضعف‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحمان ابن خلدون ‪ :‬المصدر السابق ‪،‬ج‪ ،3‬ص‪.130‬وانظر ايضا محمد األمين ومحمد الريحاني ‪:‬المرجع‬
‫السابق‪،‬ص ص‪.997,991‬‬
‫‪2‬‬
‫ابن األحمر‪ :‬المصدر السابق ص ‪.11‬أنظر أيضا الناصرى ‪ :‬االستقصاء‪ ،‬المصدر السابق‪،‬ج ‪،7‬ص ‪.931‬‬
‫‪19‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫الجيش بعد موقعتي طريف والقيروان ‪ ،‬وفشلت محاوالت إستعادة ما كان يسعى إليه وهو‬
‫‪1‬‬
‫إستعادة اإلمبراطورية الموحدية في شمال إفريقية ‪.‬‬

‫وبسبب ضعف الدولة في فترة ما بعد أبي عنان كان من نتائجها تعرض عدد من‬
‫الملوك المرينيين للحجر من طرف الوزراء‪ 2.‬وال نمضى طويال في القرن التاسع الهجري‬
‫على سبته (‪191‬ه‪9191/‬م) إذ‬ ‫حتى نشعر بضعف المرنيين فقد إستولى البرتغاليون‬
‫تحولت الحرب المقدسة إلى أرض المغرب ‪ ،‬إستولو أيضا على الدار البيضاء سنة ‪131‬ه‬
‫وعلى طنجة ومدينتي أصيال‪ 3‬والعرائش سنة (‪139‬ه‪9139/‬م) ‪ ،‬وخرجت عن طاعة الدولة‬
‫مراكش ومنطقة الريف في الشمال وسلجماسة ودرعة والسوس في الجنوب ‪ .‬وبذلك إنتهت‬
‫‪4‬‬
‫دولة المرينية بعد أن دامت ‪ 117‬عاما‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مجلة دعوة الحق‪:‬تعريف بالدولة المرينية‪ ،‬و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمي المغرب ‪( ،‬محمد المنوني ) ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الملحق ‪(7‬ملوك دولة بني مرين )‬
‫‪3‬‬
‫أصيالً‪ :‬يسميها األفارقة أزيال مدينة كبيرة‪ ،‬أسسها روما على شاطئ المحيط بعيدة عن مصيف أعمدة هرقل بنحو سبعين‬
‫ميالً‪ ،‬وعن فاس بنحو مائة وأربعين ميالً‪.‬انظر حسن الوزان ‪ :‬المصدر السابق‪:‬ص ‪.799‬‬
‫ص‪.19,11‬‬ ‫أحمد عودات و أخرون ‪ :‬المرجع السابق‪،‬ص ‪. 911‬أنظر أيضا إبراهيم حركات ‪ :‬المرجع السابق‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫المبحث الثالث‪ :‬ال دلولة الزيانية لو دلولة بني الحمر في ال ن دلس‪.‬‬

‫ألوال‪ :‬ال دلولة الزيانية (بنلو عب د اللوا د)‪.‬‬

‫أ‪ /‬أصلهم لوملوطنهم ‪:‬‬

‫تنسب الدولة الزيانية إلى بني عبد الواد وهم فرع من فروع الطبقة الثانية من زناته وتتفرع‬
‫‪1‬‬
‫زناته إلى قبائل متعددة منها مرين ‪،‬مغرواة ‪،‬راشد باإلضافة إلى بني عبد الواد‪.‬‬

‫ضمت قبيلة عبد الواد عدد من القبائل إلى إتحدت فيما بينها تحت إسم عبد الواد ‪،‬وهذه‬
‫القبائل شملت كل من (أولو ورهطف ونصوحة وبنو ياتكين ‪،‬وبنو تومرت وبنو‬
‫‪2‬‬
‫القاسم‪.)...‬والفرع االخير هو الذي كانت إليه الرئاسة خالل عهد الموحدين‪.‬‬

‫وكان بنوعبد الواد قبل الملك يستوطنون المناطق الجنوبية من المغرب األوسط ويجوبون‬
‫الصحراء بمواشيهم ‪،‬ويترددون مابين فكيك ومديونة إلى جبل بني راشد ومصاب‪.‬وبقوا على‬
‫تلك الحال حتى تغلب الموحدون على أعمال المغرب األوسط ‪،‬فكان بنو عبد الواد سباقين‬
‫إلى طاعتهم ‪ ،‬ومن أخلص أوليائهم وأنصارهم فاتخذهم الموحدون حماة لقطر تلمسان وبالد‬
‫‪3‬‬
‫زناته‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد بن عميرة‪ :‬دورة زناتة في الحركة المذهبية بالمغرب اإلسالمي ‪:‬المؤسسة الوطنية للكتاب ‪،‬بالجزائر‪،9111،‬ص‬
‫‪.10‬‬
‫‪2‬‬
‫يحي إبن خلدون ‪:‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.919‬‬
‫‪3‬‬
‫إبن االحمر‪ :‬تاريخ الدولة الزيانية بتلمسان‪،‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.90‬‬
‫‪10‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫‪:‬‬ ‫‪ /‬نشأت ال دلولة الزيانية‬

‫نشأت الدولة الزيانية في النصف الثاني من القرن السابع الهجري‪، 1‬حيث إجتمعت‬
‫مجموعة من الظروف ساعدت على إستقالل بني عبد الواد بالمغرب األوسط ‪،‬واإلعالن عن‬
‫قيام دولتهم ‪.‬‬

‫حيث تعود جذورها حسب ما يذكر كل من يحي بن خلدون وعبد الرحمن بن خلدون‬
‫و التنسي إلى ثورة إسماعيل بن عالن الصنهاجي اللمتوني على أبي سعيد شقيق المأمون‬
‫سلطان الموحدون‪ ،‬والي تلمسان بعدما رفض شفاعته في إطالق سراح مشايخ بني عبد الواد‬
‫الذين إعتقلهم‪ 2.‬حيث قام إسماعيل بن عالن بإعتقال أبي سعيد وأطلق سراح مشايخ بني‬
‫عبد الواد ‪،‬بل ذهب إلى أكثر من ذلك اذ خلع طاعة الموحدين وحاول إحياء الدولة المرابطية‬
‫من جديد ‪،‬و إعتقد أن ذلك لن يتم له إال بالقضاء على كبار بني عبد الواد‪،‬فأراد ذلك‬
‫بالتحايل على مشايخ القبيل ‪،‬وقتلهم فأعدلهم وليمة دعاهم إليها بغرض إغتيالهم ‪،‬لكن‬
‫مشايخ بني عبد الواد وعلى رأسهم آنذاك جابر بن يوسف كان قد بلغهم ما عزم عليه‬
‫إسماعيل بن عالن ‪،‬فتوقفوا خارج البلد يتدبرون أمرهم ‪،‬وبعد ما بلغة قدومهم خرج إليهم‬
‫‪3‬‬
‫مسرعا يستقبلهم ‪،‬فوقع أسي ار هو وأصحابه بين أيديهم‪.‬‬

‫ودخل جابر بن يوسف تلمسان وأعلن الدعوة للمأمون وبعث إليه معلنا الطاعة فعهد له‬
‫المأمون بوالية تلمسان وتسير أمورها وما يليها من بالد زناتة سنة ( ‪ 913‬ه‪ 9111/‬م )‪،‬ومن‬

‫‪1‬‬
‫لخضر عبدلي ‪:‬المرجع السابق‪،‬ص ص ‪. 11,19‬‬
‫‪2‬هوارية بكاي ‪:‬العالقات الزيانية المرينة سياسيا وثقافيا ‪ ،‬مذكرة ماجستير ‪ ،‬قسم التاريخ ‪ ،‬جامعة تلمسان ‪ 1003( ،‬م‪1001/‬‬
‫م)‪،‬ص ‪.99‬‬
‫‪3‬التنسي‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ص‪.997,991‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫ثم أصبح بنو عبد الواد سادة على تلمسان وضواحيها‪ ،‬وبذلك كانت هذه الخطوة األولى‬
‫‪1‬‬
‫لتأسيس دولتهم‪.‬‬

‫حاول جابر بن يوسف توسيع نفوذة ‪،‬بإخضاع جيرانه فأطاعه كثيرون ‪،‬ثم قصد أهل‬
‫ندرومة يطلب منهم الطاعة فأبوا ‪،‬فحاصر المدنية ‪،‬لكنه أصيب بسهم من سورها رماه به‬
‫‪2‬‬
‫يوسف الغفاري التلمساني فقتله سنة ‪911‬ه‪.‬‬

‫وبعد وفاته تولى إبنه الحسن الذي تولى لمدة ستة أشهر ‪ ،‬ثم تخلى على الحكم لعمه‬
‫عثمان ابن يوسف بداية من (‪ 970‬ه‪ 9171/‬م) ‪ ،‬وخلفه أبو عزة زيدان بن زيان وكان قويا‬
‫وشجاعا‪،‬فأطاعته جميع البطون والقبائل‪ ،‬لكن إمتنعت عن مبايعته بنو مطهر وبنو راشد‬
‫فحاربهم‪ .‬وقتل في إحدى المعارك سنة(‪ 977‬ه ‪ 9171 /‬م)‪ ،3‬وبموته إنقطع نفوذ الموحدين‬
‫من تلمسان وبالد المغرب األوسط‪.‬فبويع أخوه يغمراسن بن زيان بن ثابت بن محمد الذي‬
‫تمكن من إخضاع بني مطهر وبني راشد وجمع كلمتهم تحت راية الدولة العبد الوادية التى‬
‫‪4‬‬
‫أعلن يغمراسن إستقاللها عن دولة الموحدين ‪ ،‬متخذا تلمسان عاصمة لبالده‪.‬‬

‫حكم يغمراسن بن زيان ما يقارب الخمسين سنة (‪ 977‬ه ‪ 919/‬ه) (‪9171‬‬


‫م‪9111/‬م)‪.‬كان يتميز بصفات وخصال أهلته للقيام بدور كبير في وضع األسس المتينة‬
‫للدولة بني عبد الوادى‪،‬وتميز بموافقة الحربية الكثير ‪،‬خاصة ضد قبائل بني توجين ومغراوة‬
‫حيث خرب مواطنهم محاولة منه إلخضاعهم وضمهم إلى سلطته ‪ ،‬وبدأ في توسيع حدودها‬

‫‪1‬‬
‫لخضر عبدلي ‪:‬المرجع السابق‪،‬ص‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الحميد حاجيات ‪:‬المرجع السابق‪،‬ص‪. 91‬‬
‫‪3‬‬
‫بوعنيني سهام‪:‬أبو عبد اهلل التنسي وكتابه نظم الدر والعقيان في بيان شرف بني زيان وذكر ملوكهم األعيان ومن ملك‬
‫من أسالفهم فيما مضئ من الزمان‪،‬رسالة ماجستير في التاريخ والحضارة اإلسالمية‪،‬قسم الحضارة اإلسالمية‪،‬جامعة‬
‫وهران‪1001،‬م‪،‬ص‪.1‬‬
‫‪4‬‬
‫سام كامل عبد الرزاق شقدان‪ :‬تلمسان في العهد الزياني (‪ 977‬ه‪ 191/‬ه )( ‪9171‬م ‪ 9111/‬م)‪،‬مذكرة ماجستير في‬
‫التاريخ‪،‬قسم التاريخ ‪،‬جامعة النجاح الوطنية‪،‬فلسطين‪1001،‬م‪،‬ص‪.97‬أنظر أيضا عبد الرحمان الجيالني ‪:‬تاريخ الجزائر العام‬
‫‪،‬ج‪،9‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪،‬دار الثقافية ‪ ،‬الجزائر‪9111،‬م‪،‬ص‪.911‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫على حساب أقاليم الدولة الموحدية التي كانت في تتداعى إلى سقوط‪.‬و أقام يغمراسن بن زيان‬
‫الدولة على قواعد متينة ‪ ،‬فأتخذا الوزراء والكتاب والقضاة مما مكنه من توطيد ملكه وتأسيس‬
‫‪1‬‬
‫نظم دولة جديدة بالمغرب األوسط‪.‬‬

‫بعد وفاة يغمراسن خلفه إبنه السلطان عثمان الذي إستمر على نفس سياسته على توسيع‬
‫سلطة تلمسان داخل المغرب األوسط‪.2‬وفي عهد أبي حمو موسى األول وابنه أبي تاشفين‬
‫عبد الرحمان األول‪،‬وتوغلت جيوش بني عبد الواد إلى األراضي الحفصية شرقا وبلغت بجاية‬
‫وقسنطينة وعنابة و حاصرتها‪ ،‬لكنها تراجعت إلى حدود بجاية حيث كان ذلك أقصى إتساع‬
‫للدولة من جهة الشرق ‪.‬‬

‫ومنه نقول أن الدولة الزيانية كانت تمتد من تخوم بجاية وبالد الزاب شرقا إلى وادي ملويا‬
‫غربا‪،‬ومن ساحة البحر شماال إلى إقليم توات جنوبا‪،‬حيث بقيت هذه الحدود في مد وجزر‬
‫‪3‬‬
‫بسبب الصراعات في المغرب اإلسالمي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬دلولة بنلو الحمر في الن دلس‬

‫أ‪ -/‬أصل بني األحمر ‪:‬‬

‫ينتسب ملوك بني األحمر أو بني نصر لمؤسس دولتهم محمد بن يوسف بن محمد بن‬
‫أحمد بن حسين بن نصر بن قيس األنصاري والذي ُعرف بالشيخ وبإبن األحمر ولقب بأبي‬
‫دبوش‪ ،‬فسميت الدولة بإسمه‪.4‬ويرجع نسب ابن األحمر إلى سيد أنصار رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪.‬وسيد الخزرج سعد بن عبادة رضي اهلل عنه بن الصامت الخزرجي‪ ،5‬وقد هاجر‬

‫‪1‬‬
‫عبد العزيز فياللي‪ :‬المرجع السابق‪،‬ص‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫بسام كامل عبد الرزاق‪ :‬المرجع السابق ‪،‬ص ‪.99‬‬
‫‪3‬‬
‫التنسي‪:‬المصدر السابق‪،‬ص ص‪.911 ،979‬انظر أيضا يحي ابن خلدون ‪:‬المصدر السابق‪،‬ج‪،9‬ص ص ‪.199 ،197‬‬
‫‪4‬‬
‫لسان الدين بن الخطيب‪ :‬رقم الحلل في نظم الدول‪ ،‬المطبعة العمومية‪ ،‬تونس‪9799،‬هـ ‪،‬ص‪.991‬‬
‫‪5‬‬
‫ابن عبد البر القرطبي‪ :‬االستعاب في معرفة األصحاب‪ ،‬تحقيق عادل مرشد‪،‬ط‪،9‬دار األعالم ‪ ،‬عمان‬
‫‪1001،‬م‪،‬ص‪.191‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫أسالفه من المشرق واستقروا مع بداية الفتح اإلسالمي لألندلس بقرية تعرف بقرية الخزرج‪ ،‬ثم‬
‫إستوطنوا مدينة أرجونه إحدى حصون قرطبة ‪ ،‬وبعد اضطراب أحوال األندلس وضعف قوتها‬
‫أواخر عنهد الموحدين إستغل محمد بن األحمر ذلك ودعا لنفسه سنة‪911‬هـ‪.1‬‬

‫ولقد وصفو في مختلف المصادر التاريخية بالخصال الحميدة التي عرفوا بها‪ :‬إذا كانوا‬
‫يعدون من خيار األمة األندلسية كما ذكر ابن الخطيب «في كتابه لوجمع اهلل الن دلس على‬
‫معاشهم ‪ ،‬لوالنج دة شهرتهم‪ ،‬لوالى سع د بن‬
‫قلوم من خيار المة ممن الجها د شأنهم‪ ،‬لوالفلح ً‬
‫عبا دة سي د أنصار رسلول اهلل صلى اهلل عليه لوسلم»‪ .2‬أما فيما يخص عن تسميتهم بني‬
‫األحمر فترجع للمؤسس األول محمد بن يوسف الذي أطلق عليه لقب ابن األحمر نسبة لجده‬
‫شعار لهم حيث أنه أصبح ظاهر‬
‫ًا‬ ‫عقيل الذي كان أشقر الشعر مائل للحمرة فإتخذوا من ذلك‬
‫في مختلف مظاهر حياتهم‪.3‬‬

‫‪ /‬نشأة ال دلولة‪:‬‬

‫لقد كان العامل األساسي لظهور دولة بني األحمر على مسرح األحداث األندلسية هو‬
‫حدة الهجمات النصرانية على المدن األندلسية ‪ ،‬والتي‬
‫ضعف دولة الموحدين وتصاعد ّ‬
‫أخذت تتهاوى الواحدة تلو األخرى‪ ،‬ولم يكن في استطاعت ابن هود رد تلك الهجمات‪.4‬‬

‫كان معظم األندلس في النصف األول من القرن السابع الهجري‪ ،‬الثالث عشر ميالدي‬
‫في يد محمد بن يوسف بن هود‪ ،‬الذي تغلب على شرف األندلس‪ ،‬وقد تصدى له محمد بن‬
‫وبأسا بويع‬
‫يوسف بن نصر الذي يعرف بالشيخ ‪ ،‬و بابن األحمر وبعدما ما أظهر شجاعة ً‬
‫له باإلمارة سنة(‪ 911‬هـ‪9771/‬م) بضواحي جيان ‪ ،‬ثم استولى على غرناطة ‪ ،‬وأتخذها‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحمان ابن خلدون‪ :‬المصدر السابق‪،‬ج ‪،1‬ص ‪.191‬‬
‫‪2‬‬
‫لسان الدين بن الخطيب‪ :‬اللمحة البدرية في الدول النصرية ‪ ،‬مطبعة السلفية‪ ،‬القاهرة‪9713 ،‬هـ‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪3‬‬
‫عامر أحمد عبد اهلل حسن‪ :‬دولة بني مرين تاريخها وسياستها تجاه مملكة غرناطة األندلسية والممالك النصرنية في‬
‫إسبانيا‪،‬مذكرة ماجستر في التاريخ‪ ،‬جامعة النجاح ‪،‬فلسطين‪ 1007،‬م‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪4‬‬
‫ابن الخطيب‪ :‬رقم الحلل في نظم الدول‪ ،‬المصدر السابق‪،‬ص ‪. 901‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫عاصمة لملكه (‪ 971‬هـ‪9171/‬م)‪ .1‬و إنحصرت حدود هذه المملكة في جنوب األندلس‬
‫جنوبا‪ ،‬وضمنت ثالث واليات كبرى هي‪:‬‬
‫بين نهر الوادي الكبير شماالً والبحر المتوسط ً‬

‫‪ ‬غرناطة وأهم مدنها غرناطة‪ ،‬لوشة ‪،‬وادى اش‪.2‬‬


‫‪ ‬مالقة وأهم مدنها مالقة‪ ،‬رندة‪ 3‬الجزيرة الخضراء‪ 4‬وجبل طارق‪.‬‬
‫‪ ‬ألمرية وأهم مدنها ألمرية برجة‪ ،‬بيرة‪.5‬‬
‫عدة مشاكل‬
‫اثيا‪ ،‬ولقد واجه إبن األحمر ّ‬
‫ملكيا ور ً‬
‫ولقد كان نظام الحكم الذي قامت عليه ً‬
‫جمة‪ ،‬من أبرزها الثورات المناهضة له من جهة ‪ ،‬وضربات الممالك النصرانية‬
‫وصعوبات ّ‬
‫من جهة أخرى ‪ ،‬ولقد عرفت هذه المملكة بعدة نشأتها تدفق العديد من المهاجرين الذين‬
‫هاجروا إليها من مختلف المدن األندلسية األخرى التي سقطت بأيدي النصارى‪ ،‬و أصبحت‬
‫دولة بني األحمر المعقل الوحيد للمسلمين باألندلس‪.6‬‬
‫ولقد تعاقب على حكم دولة بني األحمر عدد من الحكام تراوحت فترات حكمهم ما بين‬
‫الطويلة والقصيرة ‪ ،‬عرفت األندلس خالل بعضها قوة و ازدها ار في مختلف المجاالت ‪،‬وفي‬
‫بعضها األخر ضعف وهوانا و انحطاطا كبير ومن أبرز ملوك بني األحمر نذكر‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ابن الخطيب‪ :‬اللمحة البدرية في الدول النصرية‪ ،‬المصدر السابق ‪،‬ص ص ‪.11,19‬‬
‫‪2‬‬
‫وادي اش‪ :‬هي رصيف تجتمع فيه طرق كثيرة بين الجبال‪ ،‬أهلها أهل بادية أنظر أبو عبد اهلل محمد بن عبد العزيز‬
‫الشريف اإلدريسي‪ :‬القارة اإلفريقية و جزيزة األندلسي (مقتبس من كتاب نزيهة المشتاق في اختراف األفاق) ‪ ،‬تح‪ :‬إسماعيل‬
‫العربي‪ ،‬ديوان مطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر ‪ 9117 ،‬م ‪،‬ص ‪.111‬انظر أيضا الحميري ‪ :‬صفة جزيرة األندلس من كتاب‬
‫الروض المعطاء في خبر األقطار‪،‬دار الجيل ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ط‪ 9111 ،1‬م‪ ،‬ص ص ‪.917 ، 911‬‬
‫‪3‬‬
‫رندة‪ :‬احدئ معاقل األندلس الممتنعه وقواعدها السامية المرتفعة ‪ ،‬أنظر ابن السعيد الغرناطي ‪:‬المغرب في حلى المغرب‬
‫ج‪ ،9‬ط‪ ،9‬تح خليل منصور‪،‬د ار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪ 9113،‬م‪،‬ص ‪.113‬‬
‫‪4‬الجزيرة الخضراء ‪ :‬من أحسن مدن األندلس وأطيبها‪ ،‬وأجمعها لخيرى البر والبحر‪ ،‬أرضها أرض زرع مزع‪ .‬أنظر ابن‬
‫سعيد ‪ :‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪5‬‬
‫لسان الدين الخطيب‪ :‬كناسة الدكان بعد إنتقال السكان ‪،‬تح محمد كمال سبانه‪ ،‬ط‪،9‬دار الكتاب العربي‪،‬مصر‪،‬دت ‪،‬ص‬
‫ص ‪.93.99‬‬
‫‪6‬‬
‫ابن الخطيب‪:‬المصدر نفسه‪،‬ص‪.91.93‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية‬

‫محم د بن يلوسف بن الحمر (‪971-926‬هل‪1227-1222/‬م)‪ :‬أول ملوك بني نصر‬


‫ومؤسس دولتهم ثم تولى بعده الملك محمد الثاني المعروفي بالفقية(‪309/939‬هـ)(‪-9131‬‬
‫‪9701‬م) ‪،‬ثم إسماعيل األول ابن فرج(‪311-397‬هـ‪9711-9791/‬م)المعروف بحسن‬
‫الخلق والعدل ‪،‬ثم محمد بن إسماعيل فرج(‪311‬هـ‪9777-9711/‬م) كان "أكثر الحكام‬
‫حراسة وشهامة وشجاعة –ويوسف األول أبو الحجاج الغالب باهلل (‪311-377‬هـ‪-9777/‬‬
‫‪9711‬م) وفي عهده وقعت معركة طريف والتي إنهزم فيها المسلمون أمام النصارى سنة‬
‫(‪319‬هـ‪9710/‬م) أما أخر السالطين بن نصر فهو محمد أبو عبد اهلل‪ ،‬الذي حاصر‬
‫اإلسبان عاصمته غرناطة‪ ،‬واضطر إلى تسليميها سنة( ‪113‬هـ‪9111/‬م)‪ ،‬وبسقوط غرناطة‬
‫إنتهى الحكم اإلسالمي باألندلس الذي دام أكثر من ثمانية قرون‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد القادر بوحسون ‪ :‬العالقات الثقافية بين المغرب األوسط واألندلس خالل العهد الزياني(‪397‬ه‪311/‬ه)(‪9791‬‬
‫م‪ 9711/‬م) ‪،‬مذكرة ماجستر في تاريخ المغرب اإلسالمي قسم التاريخ ‪ ،‬جامعة تلسمان بلقايد‪ ،‬الجزائر‪ 1001،‬م‪،‬ص‪.93‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫مجريات الصراع السياسي بين القوئ المتصارعة‬

‫‪ ‬المبحث الول‪:‬اإلستيالء على تونس‬


‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬اإلستيالء على بجاية‬
‫‪ ‬المبحث الثالث‪ :‬اإلستيالء على قسنطينة‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفصل الثاني ‪:‬طبيعة مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬اإلستيالء المريني على تونس‪:‬‬

‫أوال‪:‬طبيعة العالقات السياسية قبل ظهور الصراعات السياسية بينهما ‪:‬‬

‫عند دراستنا إلى تاريخ العالقات السياسية بين الدولتين الحفصية و المرينية نجد أنها‬
‫برزت منذ بيعة أبو بكر بن عبد الحق المريني للسلطان الحفصي أبا زكريا ‪.‬حيث كان من‬
‫الطامعين في إنفصال نهائيا عن الدولة الموحدية ‪ ،‬وبفعل تم اإلنفصال نهائي(‪526‬ه‬
‫‪8221/‬م) حيث تذرع أبو زكرياء يحي بخروج الخليفة الموحدي إدريس المأمون عن تعاليم‬
‫المهدي بن تومرت وقيامه بقتل المعارضين له من قبيلة هنتاتة ‪ .‬لذا بدأ األمير الحفصي‬
‫بالتوجه إلى التحالف مع قبيلة زناته وخصوصا بني مرين وهنا بدأت تبرز العالقات بين‬
‫‪1‬‬
‫الطرفين‪.‬‬
‫ولقد كان إعتراف أبو بكر بن عبد الحق المريني له مغزاه حيث أن هذا االعتراف يضفي‬
‫على أعماله العسكرية نوعا من الشرعية أمام العامة في بالد المغرب األقصى وجذبهم إلى‬
‫صفوفهم ‪.‬وقد ذهب المرينيون في تبعيتهم هذه إلى أبعد الحدود حتى ال يقاومهم الحفصيون‬
‫ويقدمون لهم العون والمساعدة ضد الموحدين‪ 2‬ولقد ترتب على توطيد العالقات السياسية أن‬
‫بتقديم المساعدات الحربية لحلفائهم المرينيين ‪ ،‬فأثناء حصار السلطان‬ ‫قام الحفصيون‬
‫المريني يعقوب بن عبد الحق لمراكش سنة (‪556‬ه ‪8255/‬م) أرسل لنظيره الحفصي‬
‫المستنصر بطلب منه المدد إلعانته على فتحها‪ ،‬وأرسل طلبه هذا مع وفد رفيع المستوى‪،‬وقد‬
‫رد المستنصر بسفارة مماثلة سنة (‪556‬ه‪8221/‬م) ‪ .‬وقد حافظ عليها أيضا الواثق حيث‬

‫عبد الرحمان ابن خلدون ‪:‬المصدر السابق ‪،‬ج‪،5‬ص ص ‪.118,111‬‬ ‫‪1‬‬

‫السيد عبد العزيز سالم ‪:‬المرجع السابق ‪،‬ص ص‪.125,126‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪93‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أرسل بالهداية إلى السلطان المريني يعقوب سنة (‪522‬ه‪8221/‬م) مع قاضي بجاية أبي‬
‫‪1‬‬
‫العباس الغماري‪.‬‬

‫ولقد تدهورت العالقات بينهما لفترة ثم تحسنت العالقات مرة ثانية بإرسال أبي عبد اهلل‬
‫يرسه محمد بن‬
‫محمد الثاني الملقب بالمستنصر وأبو عصيدة سنة (‪211‬ه‪8111/‬م) وفد أ‬
‫أكمازير لتحسين العالقات بين الطرفين‪ ،2‬وبعدها تعددت سفارات الحفصية بعد ذلك ‪ .‬وقد‬
‫أدى التحسين في العالقات على هذا النحو إلى توطيدها‪ ،‬مما دعا السلطان يوسف إبن‬
‫يعقوب إلى اإلستعانة باألسطول الحفصي إلحكام الحصار على تلمسان‪.3‬وبعد وفاة يوسف‬
‫بن يعقوب المريني حتى عهد أبي سعيد عثمان الثاني لم يكن هناك تواصل بينهما بسبب‬
‫إنشغال كل منهما في شؤونه الخاصة ‪.‬‬

‫بدأت العالقات السياسية تعود لسابق عهدها في عهد أبي بكر الحفصي وذلك عندما‬
‫تعرضت الدولة الحفصية إلى غزو زياني نتج عنه السيطر على مدينة تونس سنة‬
‫(‪226‬ه‪8121/‬م) حيث هرب أبو يحي بن أبي بكر خارجها ‪ ،‬ونصبوا على ملك الحفصيين‬
‫أحد عمالئهم وهو محمد بن عمران ‪ ،‬وطلب أبو يحي بن أبي بكر الحفصي المساعدة من‬
‫السلطان أبي سعيد عثمان المريني لدفع خطر بني عبد الواد ‪.‬وذلك بإرسال إليهم وفد‬
‫حفصي رفيع المستوى ‪ ،‬فكان جواب السلطان المريني للحفصيين ( واهلل لقد أكبر قومنا‬
‫قصدك وموصلك واهلل ال بذلن في مظاهرتكم مالي وقومي ونفسي وألسيرن بعسكري إلى‬
‫تلمسان فأنزلها ) ‪ .‬وبالفعل خرج السلطان أبو سعيد ‪ ،‬وولي عهده أبو الحسن بالجيوش‬

‫عبد الرحمان ابن خلدون ‪:‬المرجع نفسه ‪،‬ج‪،2‬ص‪. 241‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬محمد عيسئ الحريري ‪ :‬المرجع السابق ‪،‬ص‪281‬‬


‫‪3‬عبد الرحمان ابن خلدون ‪ :‬المصدر السابق ‪،‬ج‪،2‬ص ص‪.261,262‬‬
‫‪04‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المرينية سنة (‪211‬ه‪8126 /‬م) ووصلوا إلى وادي ملوية حتى وصلتهم األنباء بإستعادة‬
‫‪1‬‬
‫الحفصيين ملكهم في تونس‪.‬‬

‫و إنتهز أبو سعيد المريني هذا التقارب بين الدولتين فرصة لتقوية العالقات بينهما فأرسل‬
‫في خطبة إبنة السلطان الحفصي أبي يحي لولده األمير أبو الحسن‪ ،‬وبفعل تم زواج‬
‫ووصلت العروس سنة ( ‪218‬ه ‪8111/‬م) ويمكن أن نطلق على هذا الزواج بمصلحة‬
‫‪2‬‬
‫الزواج السياسي‪.‬‬

‫وتوفي أبو سعيد في نفس سنة ودفن بمقبرة شالة بعد حكم دام عشرين سنة و أربعة‬
‫أشهر وتولى الحكم ولده أبو الحسن ‪ .‬و ساعدت العالقات القوية بين الدولتين السلطان أبي‬
‫الحسن على إتمام مشروعاتها التوسعية التي كان يأمل في تحقيقها في المغرب األوسط‪.‬‬

‫حيث أعطت المصاهرة حق للمرينيين أن ينتقموا ويدافعوا عن أصهارهم الحفصيين في‬


‫إفريقية ‪ .‬الذين كانوا يعانون كثي ار من مضايقات بني عبد الواد في المغرب االوسط ‪ ،‬ومما‬
‫ساعد أبي الحسن على المضيء قدما في سياسته التوسيعية ‪ ،‬أن بني عبد الواد رفضوا أي‬
‫مظهر من مظاهر التعاون مع بني مرين‪ ،‬لخلق صيغة والتعايش السلمي وحسن الحوار بين‬
‫‪3‬‬
‫القوى الثالث في بالد المغرب‪.‬‬

‫حاول السلطان الحفصي أن يجني الثمار الحربية لهذه المصاهرة السياسية ‪،‬وكان ذلك‬
‫عندما قام بنو زيان بمهاجمة بجاية ‪ ،‬حيث طلب النجدة من صهره السلطان أبو الحسن‬
‫والذي يدوره قام بفرض حصار على تلمسان سنة (‪212‬ه‪8118 /‬م) بعد رفض بني زيان‬
‫التراجع عن مضايقة بجاية كما قام بإرسال جيش وقطع بحريه لنجدة بجاية ‪ ،‬وفعال تم لهم‬
‫النصر‪ .‬ونجد أيضا أن الحفصيين بدورهم لبو طلب المرينيين بإمدادهم بالسفن والجند عندما‬

‫‪1‬‬
‫سالم ابو القاسم محمد غومة ‪ :‬النظم الحربية في دولة بني مرين (‪ 156/551‬هجري ‪8256/‬م ـ‪ ،) 8465‬رسالة مقدمة‬
‫لنيل درجة الدكتوراء في التاريخ اإلسالمي ‪،‬قسم التاريخ ‪،‬كلية األداب ‪،‬جامعة عين شمس ‪2188،‬م ‪،‬ص ‪.84‬‬

‫عبد العزيز فياللي ‪:‬التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير‪،‬ج‪،1‬ط‪، 8‬شركة ناس للطباعة ‪، 2115،‬ص ص ‪845,845‬‬ ‫‪2‬‬

‫عبد الرحمان ابن خلدون ‪:‬المصدر السابق ‪،‬ج‪،5‬ص ص ‪.115,116‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪04‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫قام السلطان أبا الحسن بتجهيز جيش لغزو النصارى باألندلس جهادا في سبيل اهلل ‪،‬فأرسلوا‬
‫له قوى بحرية تضم له ستة عشر من األساطيل اإلفريقية مع قائد أسطول بجاية زيد بن‬
‫‪1‬‬
‫فرحون ‪ ،‬حيث خاض أبو الحسن حروبه باألندلس وحقق إنتصارات باهرة ‪.‬‬

‫توفيت فاطمة الحفصية زوجة السطان المريني أبي الحسن في موقعة الطريف(‪248‬ه‬
‫‪8141/‬م ) بين المرنيين والقشتاليين ‪ ،‬حيث توترت العالقات بينهما و إستمرت على هذا‬
‫الحال إلى أن تقدم السلطان أبي الحسن بخطبة إحدى بنات السلطان أبي يحي وبالفعل تمت‬
‫الموافقة وأرسلت العروس من تونس مع الوفد المريني سنة (‪242‬ه ‪8125/‬م) وقبل وصول‬
‫العروس إلى السلطان أبي الحسن بأيام توفي أبوها السلطان الحفصي أبي بكر‪ .‬وتغير‬
‫الوضع في إفريقية بسبب الصراع على الحكم ومن هنا بدأت العالقات السياسية تأخذ منحى‬
‫جديد لم نعهده من قبل ‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬األسباب الرئسية التي أدت لظهر الصراع السياسي بين الحفصي المريني‪:‬‬

‫وبعدما وضحنا أهم العناصرالتي تثبت أنه كانت هناك عالقات ودية حسنة بينهما‪ ،‬والتي‬
‫شهدت بعد ذلك صراع سياسي بينهما لبسط نفوذها وسيطرتها على المغرب اإلسالمي‪ ،‬حيث‬
‫كان النزاع سيد الموقف فكلما سمحت الفرصة إلحدها إستغلها بهدف القضاء على األخر‬
‫‪،‬لهذا سنعرض السياق التاريخي لهذا الصراع عبر مختلف مراحله وخاصة في عهدي‬
‫السلطانين علي أبي الحسن المنصور وفارس أبي عنان المتوكل ‪،‬وهي المرحلة التي شهدت‬
‫اقوى وأهم التوسعات وكان لهذا اإلختيار أساسه ونتائجه ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحمان ابن خلدون‪:‬المصدر السابق‪،‬ج ‪ ،2‬ص‪.146‬انظر أيضا محمد عيسئ الحريري ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.881‬‬
‫‪2‬الناصري‪:‬المصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪،861‬أنظر أيضا الزركشي ‪:‬المصدر السابق ‪،‬ص ‪.21‬‬

‫‪04‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ولتكون لدينا نظرة عامة حول األوضاع الداخلية لكل من الحفصيين والمرينيين وقبل‬
‫الخوض في موضوع التوسع سنتطرق لكل واحدة منها على حدى ‪:‬‬

‫الحفصيين ‪:‬إضطربت لديهم األوضاع جراء الصراع والتمزق الداخلي بين أمراء األمصار أي‬
‫تونس ‪ ،‬بجاية ‪ ،‬قسنطينة ‪.‬‬

‫المرينيون‪:‬عرفت دولتهم فترة من الضعف منذ وفاة أبي يعقوب يوسف( ‪215‬ه‪8112/‬م)‬
‫إلى حين تولي أبي الحسن (‪218‬ه‪8118/‬م) حيث إهتموا بشؤونهم الداخلية التي عرفتها‬
‫إضافة إلى الصراعات حول الحكم بين السلطان عثمان أبو سعيد األول وابنه عمر أبي‬
‫‪1‬‬
‫علي‪.‬‬

‫كانت سياسة بني مرين منذ أن تولى السلطان أبي الحسن مقاليد األمور في الدولة‬
‫المرينية على التوسع في بالد المغرب األوسط وافريقية‪ ،‬رغبة منه في تحقيق الوحدة المغربية‬
‫التي كانت قائمة أيام المرابطين والموحدين ‪ ،‬ويبدوا أن أمر الوحدة كان حلما يراود القوى‬
‫الثالث ويرجع التوسع المريني في بالد إفريقية إلى عدة عوامل سياسية واقتصادية ‪.‬‬

‫أ‪ :‬العوامل السياسية ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ـــ إعتبار المرينيون أنهم الورثة الشرعيين لدولة الموحدين ‪:‬‬

‫كان بنو مرين يلتقون إلتقاء الند للند أمام موقف بني حفص من الدولة الموحدين في أن‬
‫كالهما ثائر ضد الدولة األم مقتطع ألجزاء من أمالكها ‪،‬واذا كان المجد القبلي دعا الهنتاتين‬
‫إلى تكوين دولة ‪،‬فإن الزناتين ليسوا أقل حظا من الحصول على ذلك الشرف واكتساب ذلك‬
‫المجد ‪ ،2‬ومن منطق أنهم هم المتميزون من بين سائر القوى في بالد المغرب الذين حملوا‬
‫العبء األكبر في سبيل القضاء على دولة الموحدين ‪ ،‬و إنتقل المرينيون إلى مرحلة التوسع‬

‫‪1‬عبد اهلل العروي ‪ :‬مجمل تاريخ المغرب ‪،‬ج ‪،2‬المركز الثقافي العربي ‪ ،‬الدار البيضاء ‪8664 ،‬م ص‪.211‬‬
‫‪2‬إبراهيم حركات ‪:‬المرجع السابق‪،‬ج‪،2‬ص ‪.26‬‬
‫‪09‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫هذه بفضل ما وصلت إليه دولتهم من القوة واإلستقرار وما حققته من إزدهار في ذلك الوقت‬
‫حيث وصف السيالوي أبا الحسن الذي بدأ عهد التوسع في كتابه ( قائال وهو أفخم ملوك‬
‫بني مرين وأضخمهم ملكا وأ بعدهم صيتا وأعظمهم ‪ ،‬وأكرمهم أثار بالمغربين األوسط‬
‫‪1‬‬
‫واألدنى واألندلس)‪.‬‬

‫فقد كان سالطين األندلس دائما يستصرخونه كلما أحسوا بالخطر وأضحى خالل تلك‬
‫الفترة أقوى سلطان إسالمي في المنطقة ‪،‬وكانت األمم النصرانية المطلة على الحوض‬
‫الغربي للبحر المتوسط تدرك ذلك وبهذه القوة أراد المرينيون أن يقضو على الدولة الزيانية‬
‫‪2‬‬
‫والدولة الحفصية‪.‬‬

‫ــ السيطرة على الدولة الزيانية (تلمسان بين شقي رحى )‪:‬‬

‫كان موقع الدولة الزيانية بالمغرب األوسط وعاصمتها تلمسان مهددة في وجودها بسبب‬
‫موقعها المعقد بين مملكتين بني مرين غربا والحفصيين شرقا ‪ ،‬جعل منها بؤرة توتر ومسرح‬
‫فسيحا للصراع بين هاتين الدولتين ‪ ،‬ألن الصراع المريني الزياني والصراع الحفصي الزياني‬
‫ماهو إال صراع حفصي مريني ‪ ،‬أي أن الدولة الزيانية أضحت مكان نفوذ لدى الطرفين‬
‫‪3‬‬
‫ومن العوامل السياسية التي شجعت القوتين المتصارعتين إلى اقتحامها (حصار تلمسان)‬
‫بحيث ظلت حدود الدولة الزيانية بين مد وجزر طول فترة حكمها ‪ ،‬إذ لم تكن ثابتة ومستقرة‬
‫فكانت تتقلص حين وتتسع أحيانا أخرى ‪ ،‬وحسب إستعدادات بني زيان وقوتهم العسكرية‬
‫‪4‬‬
‫واإلقتصادية واستقرارهم وأمنهم ووحدة أمرائهم وانسجام قبائلهم وصدق والئهم‪.‬‬

‫‪1‬السيالوي ‪:‬المصدر السابق‪،‬ج‪،2‬ص ‪.881‬‬


‫‪2‬‬
‫‪CONEVIN (ROBERI ), Histoire de LAfrique ,payot paris ,1967, tomel,p342‬‬
‫‪3‬مختار حساني‪:‬تاريخ الدولة الزيانية (األحوال السياسية)‪،‬ج‪،8‬منشورات الحضارة‪ ،2118 ،‬ص‪.81‬‬
‫‪4‬عبد العزيز فياللي‪ :‬المرجع السابق ‪،‬ص‪ .41‬انظر أيضا يحي بن خلدون‪:‬المصدر السابق‪،‬ج‪،8‬ص ‪.281‬‬
‫‪00‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ــــ النزاع حول الحكم داخل البيت الحفصي ‪:‬‬

‫في كيان البيت‬ ‫كبير‬


‫ا‬ ‫لزال‬
‫أحدث وفاة أبي بكر الحفصي (‪242‬ه‪8145/‬م) ز ا‬
‫الحفصي‪ ،‬وكان من قبل السلطان أبي بكر الحفصي قد أقر أبناءه والة على مختلف عواصم‬
‫السلطنة الحفصية بقسميها الشرقي والغربي على حد سواء ‪ ،‬و قد جعل والية العهد إلبنه أبي‬
‫العباس أحمد المتولي على مناطق الجنوب بكاملها ‪ ،‬ولكن ما أن توفي السلطان أبو بكر‬
‫فجأة حتى دبرت مؤامرات‪ ،‬إذ ووثب األمير عمر الحفصي ألخذ األمر لنفسه دون أخيه أبي‬
‫العباس أحمد ‪،‬وتملك قصر السلطان وضبط أبوابه‪ ،‬واستطاع بمعاونة الحاجب إبن تافراجين‬
‫أن يأخذ البيعة لنفسه‪ ،‬فسارع ابن تافراجين واستدعى وجوه الموحدين وبعض وجوه‬
‫‪1‬‬
‫البلد(تونس) وأخرج لهم األمير عمر فبايعوه‪.‬‬

‫بلغ األمر لولي العهد األمير أبا العباس أحمد‪ ،‬فجهز جيشا سار به إلى أخيه األمير‬
‫عمر‪ ،‬الذي خرج هو االخر بجيوشه لحرب أخيه أبي العباس وكان يصاحبه في حملته‬
‫‪2‬‬
‫الحاجب إبن تافراجين‪ ،‬الذي لم يطمئن إلى نوايا األمير عمر نحوه‪.‬‬

‫ففر ابن تافراجين هاربا إلى السلطان أبي الحسن المريني‪ ،‬وقد أحدث هروب ابن‬
‫تافراجين خلال في صفوف جيش األمير عمر وجعله يبادر بتغيير خطته ويفضل عدم‬
‫مجابهة جيوش خصومه‪ ،‬فتراجع بقواته إلى باجة تاركا الطريق مفتوح لتونس العاصمة‬
‫فدخلها أبوالعباس أحمد (‪242‬ه ‪8145 /‬م)‪ ،‬وبادر بإطالق صراح أخيه أبي البقاء خالد‬
‫وتقبل البيعة من الناس ولقب بالمعتمد باهلل ‪.‬‬

‫ثم إنتقل إلى القصر السلطاني بالقصبة ‪،‬ولم تمض أيام حتى وصل األمير عمر بقواته‬
‫من باجة ‪ ،‬وأصبح يوم السبت السادس عشر من رمضان المعظم فرق خيله ورجاال على‬

‫‪1‬السيالوي ‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.866‬‬


‫‪2‬إبن القنفذ القسنطيني ‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص‪ .856‬أنظر أيضا محمد العروسي المطوي‪:‬المرجع السابق‪،‬ص‬
‫ص‪.121,222‬‬
‫‪04‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أبواب المدينة‪ ،‬وكسرت األقفال وفتحت األبواب‪.‬فاقتحمت جيوشه المدينة واستولت عليها‬
‫وانظمت إليه عامة الناس‪ .‬فلم يأت وقت الضحى حتى إستولئ عليها واقتحم القصر وقتل‬
‫أخاه األمير أحمد ونصب رأسه على قناة ‪ ،‬وقطع أيدي أخويه أبي البقاء خالد وأبي فارس‬
‫عبد العزيز ‪،‬فمات عبد العزيز في الحين وأجهز على خالد حتى قتل‪ ،‬وقتل في ذلك اليوم في‬
‫المدينة وفي الربض إثنين وثمانون رجل من العرب الواصلين صحبة أبي العباس أحمد‬
‫‪1‬‬
‫بتونس‪ ،‬منهم أبو الهول بن حمزة بن عمر بن أبي الليل‪.‬‬

‫وهكذا أسدل الستار على سلطنة أبي العباس أحمد التي لم تدم إال سبعة أيام‪ ،‬وظن أبو‬
‫حفص عمر أن األمور إستتبت له غير متوقع لما قد يترتب على فتكه بإخوته سواء داخل‬
‫البالد أو خارجها ‪ ،‬وكان أهم شئ في ذلك هو موقف أبي الحسن من الحالة في السلطنة‬
‫‪2‬‬
‫الحفصية حيث استغل ذلك لتحقيق مطامحه السياسية‪.‬‬

‫ــ وثيقة والية العهد والتدخل في شؤون تونس‪:‬‬

‫لقد ربطت عالقة المصاهرة بين الدولتين برباط قوي ومتين ودليل على ذلك أن السلطان‬
‫أبي بكر الحفصي جعل السلطان أبا الحسن المريني في منزلة الوصي على العرش عند‬
‫وفاته ‪ ،‬فحين كتب السلطان وثيقة واليه العهد ألبنه أبي العباس أحمد جعل صهره أبا الحسن‬
‫كضامن لسريانها في حالة وفاة السلطان الحفصي ‪ ،‬ولعل السلطان الحفصي من ذلك‬
‫إشعار أبنائه بقوة هذه الوثيقة و فاعليتها فال يتصارعون على الخالفة فيقول‬
‫ورى أن األمير عمر إرتكب مذاهب‬
‫الزركشي(‪...‬فإمتعض السلطان (أبو الحسن) من ذلك أ‬
‫العقوق في إخوته وخرق السياج الذي فرضه بخطة عليهم ‪،‬فأجمع أبو الحسن على إفريقيا‬

‫‪1‬الزركشي ‪:‬المصدر السابق‪،‬ص‪.18‬‬


‫‪2‬‬
‫محمد الهادي العامري‪ :‬تاريخ المغرب العربي في سبعة قرون ‪،‬تونس‪،8624،‬ص‪.61‬‬
‫‪04‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وقوى عزمه على ذلك قدوم الوزير إبن تافراجين‪.).....‬فكانت سبيال في تدخل أبي الحسن‬
‫‪1‬‬
‫في إفريقية ومبر ار لتنفيذ مشروعه التوسعي‪.‬‬

‫‪ ‬ب ‪ :‬العوامل اإلقتصادية ‪:‬‬

‫وهي السيطرة على مجموع الطرق التجارية والتحكم في كل السواحل ‪ ،‬لذا فقد كان‬
‫العامل اإلقتصادي حاض ار من وراء المحاوالت الحفصية والزيانية والمرينية إلخضاع أكبر‬
‫مجال طرق ممكن في المنطقة لضمان التحكم في المنطقة‪،2‬وكانت إفريقية لها دور مهم‬
‫في تجارة الحوض الغربي للبحر المتوسط حيث كثرت بها الفنادق األجنبية والقناصل للحفاظ‬
‫على ممتلكات األجانب ‪،‬ونشطت تجارتها مع المدن اإليطالية و فرنسا وأراغون‪ ،‬حتى أن‬
‫كل السفن سواء المارة إلي المشرق أو األتية منه كانت تحط وتقلع من ميناء تونس‪ ،3‬الذي‬
‫‪4‬‬
‫كان يصدر الحبوب ويستورد الخمور والتوابل والحرير‪.‬‬

‫إنقالب الموازين بالمياه المتوسطية لفائدة البحرية المسيحية على المستوى التجاري‬
‫والعسكري إبتداء من القرن الرابع عشر للميالد ‪ ،‬وتزامن ذلك مع ظهور الحركات الحدودية‬
‫مع البوادر االولى للتحول الجذري الذي سيعرفه العالم كما أحس إبن خلدون وسجله في‬
‫مقدمته ذلك أن الغرب أخذ في التطوراإلقتصادي في حين أخذ العالم اإلسالمي في التقوقع‬
‫‪5‬‬
‫واإلنهيار‪.‬‬

‫‪1‬عبد الرحمان بن خلدون ‪:‬المصدر السابق‪،‬ج ‪،5‬ص ‪ .166‬أنظر أيضا إبن أبي دينا‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص‪.845‬‬
‫‪2‬محمد القبلي ‪:‬الدولة والوالية والمجال في المغرب الوسيط‪ ،‬ط‪،8‬دار تبقال‪ ،‬الدار البيضاء‪،8662 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪3‬‬
‫إبن فضل اهلل شهاب الدين العمري‪:‬مسالك األبصار في ممالك األمصار‪،‬تح وتع مصطفئ ابو ضيف احمد ‪،‬ط‪،8661 8‬‬
‫ص‪.12‬‬
‫‪4‬‬
‫جوليان شارل اندري‪ :‬تاريخ افريقيا الشمالية (تونس‪،‬الجزائر‪،‬المغرب االقصى من الفتح االسالمي الي سنة ‪،)8116‬ج ‪2‬‬
‫‪ ،‬تح البشير بن سالم ‪،‬الدار تونسية للنشر ‪،‬تونس‪،8621،‬ص‪.862‬‬
‫‪5‬محمد القبالي‪ :‬مراجعات حول المجتمع والثقافة بالمغرب األوسط‪،‬ط‪ ،8‬دار تبقال‪،8612 ،‬ص‪.82‬‬
‫‪04‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ثالثا‪ :‬اإلستيالء المريني على تونس ‪:‬‬

‫أ ـــ التوسع المريني في تونس في عهد السلطان أبي الحسن المريني ‪:‬‬

‫ـ ـ البيعات والتمهيدات لدخول مدينة تونس ‪ :‬كان حلم أبي الحسن المريني‪ 1‬ال يتوقف عن‬
‫السيطر على المغرب األوسط فقط ‪ ،‬بل كان يريد أيضا توسع في بالد المغرب األدنى بغية‬
‫إحياء اإلمبراطورية الموحدية ‪،‬فتحرك نحوها بجيوشه في صفر (‪241‬ه‪8142/‬م )‪ 2،‬بعد أن‬
‫والى ابنه أبي عنان ووكل إليه مهمة إدارة شؤون المغرب األوسط وأحواله ‪ ،‬فنادى بالناس‬
‫بالمسير إلى إفريقية وفي طريقه توافدة عليه المبايعون الذين من بينهم والة النواحي والقبائل‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫وقسطيلة ‪ ،‬يقدمهم أحمد بن مكي امير‬ ‫فلما احتل بوهران ووافاه وفد من بالد الجريد‬
‫جربة وأحمد بن عامربن العابد رئيس نفطة فلقية هؤالء الرؤساء بوهران في مأل وجه‬
‫بالدهم‪،‬فأتوه بيعتهم وقضوا حق طاعته ‪،‬وتثاقل محمد بن ثابت أمير طرابلس عن اللحاق به‬
‫‪4‬‬
‫فبعث بيعته معهم‪،‬فأكرم وفدهم وعقد لهم على أمصارهم وصرفهم إلى أعمالهم‪.‬‬

‫وبالقرب من بجاية ‪ :‬بايعه يوسف بن منصور بن مزني حاكم بسكرة وبالد الزاب ويعقوب‬
‫بن علي سيد الدواوودة ‪ .‬كما إنظم إلى أبي الحسن وبايعه عدد كبير من أمراء الحفصيين منهم‬

‫‪1‬أبو الحسن المريني ‪:‬هو أبا الحسن علي بن عثمان الملقب بالمنصور ولد (‪561‬ه ‪8261/‬م) من أم حبشية لذلك عرف‬
‫باألكحل فكان قوي الجسم والشخصية متمسك بالقيم وكان عالما مولعا ‪ ،‬حكم المغرب االقصى (‪218‬ه ‪262/‬ه )عرف‬
‫بتوسعاته المختلفة حيث إستولى على تلمسان ‪211‬ه واسترجع الجزيرة الخضراء ‪244‬ه ودخل تونس ‪241‬ه انظر ‪:‬ابراهيم‬
‫حركات المرجع السابق ‪ ،‬ص‪15‬‬
‫‪2‬الزركشي ‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.12‬‬
‫‪3‬بالد الجريد ‪ :‬يمتد هذا اإلقليم من تخوم بسكرة إلى تخوم جزيرة جربة ويبعد جزء منه كثي ار عن البحر المتوسط و سميت بهذا‬
‫اإلسم لكثرة النخيل بها فهي مدن كثيرة واقطار واسعة وهائل متصلة ‪ .‬انظر ‪ :‬ابن مرزوق الخطيب ‪ :‬المسند الصحيح الحسن‬
‫في ماثر ومحاسن موالنا الحسن ‪ ،‬تح‪،‬مريا خيسوسة ‪،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪ ،8681 ،‬ص‪.81‬‬
‫‪4‬عبد الرحمان بن خلدون‪ :‬المصدر السابق‪،‬ج‪،5‬ص‪.166‬‬
‫‪04‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أبو عبد اهلل بن أبي زكريا أمير بجاية ‪ ،‬وكذلك أمير قسنطينة أبو زيد حفيد السلطان أبي يحي‬
‫‪1‬‬
‫الحفصي وسائر إخواته‪.‬‬

‫بعد هذه البيعات إتخذ السلطان سياسة قام بها بتحويل هؤالء األمراء إلى مجرد عمال‬
‫وموظفين كباقي العمال ‪ ،‬أي له الحق في نقلهم من مكان إلي أخر ‪ ،‬وهنا تظهر مدى قوة‬
‫مبررات السلطان ونواياه بالمقابلة مع بمدى قبول حكام األقاليم بهذا التدخل المريني‪ ،‬الذي اتخذ‬
‫كتدخل لحل مشكلة النزاع حول الحكم و إكتساب أبو الحسن المريني الشرعية في ذلك (وثيقة‬
‫والية العهد سابقا) وعلى هذا المبدأ قام بنقل أمير بجاية أبو عبد اهلل بن أبي زكريا إلى ندرومة‬
‫في المغرب األوسط ‪ ،‬ونقل أمير قسنطينة أبو زيد عبد اهلل بن أبي زكريا إلى وجدة ‪ .‬وحل‬
‫مكانهم حلفائهم لتكثيف الوجود المريني في إفريقيه‪ .‬أما حكام أقاليم الذين بايعوا أبا الحسن من‬
‫غير األمراء الحفصيين فقد أكرمهم ‪.‬وكانت هذه خطوة هامة نحو تحويل األقليم من اإلدارة‬
‫الحفصية إلى اإلدارة المرينية ‪ ،‬ومن ناحية ثانية حصرت نفوذ األمير عمر في منطقة تونس‬
‫‪2‬‬
‫العاصمة ‪.‬‬

‫وبعد هذه االجراءات أخذ يستعد للمرحلة األخيرة توجه إلى تونس ‪،‬وفي هذه األثناء وصل‬
‫الخبر للسلطان أبي الحسن أن األمير عمر الحفصي خرج من تونس ومعه أوالد مهلهل من‬
‫العرب متجها إلى ناحية قابس وأن هذه هي فرصة للقضاء عليه وماكان على السلطان المريني‬
‫‪3‬‬
‫إالأن يقوم بإرسال جيشه من أجل مالحقة عمر الحفصي ‪.‬‬

‫أخذ أبو الحسن يستعد للمرحلة األخير من توجهه إلى تونس‪ ،‬فبعث‬ ‫وفي قسنطينة‬
‫بجيشين لتمهيد األمر الجيش األول بقيادة حمو بن يحي وأبناء حمزة أحد زعماء الكعوب من‬
‫محرضي السلطان المريني في إحتالل للحفصيين ‪ ،‬فقاموا بتتبع أثار عمر الحفصي الذي غادر‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحمان ابن خلدون ‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.165‬‬
‫‪2‬‬
‫الزركشي ‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.12‬‬
‫‪3‬‬
‫عبد الرحمان بن خلدون‪ :‬السابق نفسه‪،‬ص ‪.162‬‬
‫‪03‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مدينة تونس عندما سمع بتوجه المرينيه إليها فسار هذا الجيش إلى الجنوب التونسي حيث يوجد‬
‫عمر الحفصي فأدركه بموضع يعرف بالمباركة بقرب من جبل السباغ ‪ ،‬حيث جرت معركة‬
‫حاسمة هزم فيها عمر الحفصي بسبب خذالن جنود له‪ ،‬حيث عثر جواده في حفرة مما جعله‬
‫يواصل الفرار على رجله‪ ،‬فقبض عليه حمو بن يحي مع مواله ظافر السنان وقتلهما ذبحا‬
‫وبعث برأسيهما إلى سلطان أبي الحسن سنة (‪241‬ه‪8142/‬م) عندما وصل لمدينة باجة وهو‬
‫‪1‬‬
‫في طريقه إلى تونس‪.‬‬

‫وبمقتل األمير عمر أصبح الطريق مفتوحا أمام السلطان أبي الحسن إلستيالء على‬
‫تونس‪ ،‬وقام بإرسال الجيش الثاني‪ ،‬والذي كان بقيادة زوج إبنته يحي بن سليمان‪ ،‬حيث كانت‬
‫وجهته تونس العاصمة‪ ،‬ولم يجد هذا الجيش أي مقاومة تذكر بعد أن أحاط ب ار وبح ار بمدينة‬
‫تونس‪ ،‬التي فتحت أبوابها وخرج الوجهاء والعلماء واألعيان يترقبون وصول السلطان أبي‬
‫)‪241‬ه‪8142/‬م )‪،‬فكان دخوله في إحتفال عظيم كما وصفه‬ ‫الحسن في جمادي الثاني‬
‫السيالوي( ‪..‬وتلقاه وفد تونس وشيوخها من أهل وأرباب الشورى فأتوه طاعتهم وانقلبوا مسرورين‬
‫‪2‬‬
‫بواليته‪،‬مغتبطين بملكه) ‪.‬‬

‫ب) دخول مدينة تونس ‪:‬‬

‫ودخل السلطان المريني مدينة تونس صحبة إبن تافراجين وأعطاه فرسه ولجامه‪ ،‬وطاف‬
‫معه غرف قصور بني حفص واحدة تلو األخرى‪ ،‬ثم نصب حاكما على تونس وهو قائده‬
‫وصهره يحي إبن سليمان العسكري‪ ،‬ثم قام بجولة داخل القيروان وسوسة والمهدية‪ ،‬ثم عاد‬
‫إلى العاصمة وشرع في ترتيب شؤون سلطته الواسعة التي إمتدت من مصراته إلى السوس‬
‫‪3‬‬
‫األقصى والى رندة باألندلس‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد العروسي المطوي‪ :‬المرجع السابق‪،‬ص ‪ .111‬أنظر أيضا الزركشي ‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.11‬‬
‫‪2‬‬
‫عيسى الحريري‪ :‬المرجع السابق‪،‬ص‪.886‬‬
‫‪ 3‬عبادة كحلية ‪ :‬المغرب في تاريخ االندلس والمغرب ‪ ،‬ط‪8481( ،8‬هـ‪8662‬م) ‪ ،‬ص‪.848‬‬

‫‪44‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وبإستيالء أبي الحسن المريني على السلطنة الحفصية يكون قد جمع مخلفات الدولة‬
‫الموحدية في عز مجدها واكتسبت شهرة عظيم في العالم اإلسالمي‪ ،‬حتى أصبحت سلطنة‬
‫المماليك تخشى بأسه وتحذر قدومه‪.‬‬

‫ج) أبو الحسن المريني في تونس (األوضاع والمواقف) ‪:‬‬

‫رغم البيعات الكثيرة التي توافدت عليها في تونس والتحريضات المختلفة التي كانت تدعوه‬
‫لغزو إفريقية إال أنه لم يجد االستقرار في تونس وذلك راجع لعدة أسباب منها ‪:‬‬

‫ـ ـ سياسة أبي الحسن المريني في أسلوب معاملته لرجال السلطة الحفصية وأصهاره تمثلت‬
‫في إبعادهم عن مركز السلطنة الحفصية ‪ ،‬باإلضافة إلى تنكره للعهد الذي قطعه لصهره أبي‬
‫العباس الفضل بن أبي بكر لمساعدته إسترجاع حقه في ملك أبيه‪ ،‬ولكنه جعله أمير على عنابة‬
‫‪1‬‬
‫فقط‪.‬‬

‫ـ ـ إبن تافراجين‪ :2‬هذه الشخصية التي كانت تتمتع بالنفوذ الواسع والتفويض الكامل في مباشرة‬
‫اإلدارة على عهد السلطان الحفصي أبي بكر الذي إتخذه كحاجب‪ ،‬ولكن بمجيء السلطان‬
‫المريني خابت أماله ولم يرضى منصبه كوزير ألنه ال يعطي النفوذ والسيطرة كما كان في‬
‫السابق ‪ ،‬لذا شعر هذا األخير بالكراهية والحقد على السلطة الجديدة وظل ينتظر الفرصة‬
‫المواتية لإلنتفاض ‪،‬مثلما كان ينتظرها أمير عنابة الحفصي أبو العباس الفضل‪.‬‬

‫ـ ـ ـ سياسة إبعاد النخبة من الحظوة واإلمتيازات في المناصب العليا‪ ،‬فشعرت بالتنقيص من شأنها‬
‫مما أدى هذا الحقد ثاني عليه مثل (موقف ابن تافراجين )‪ .‬وأيضا مما ازد الوضع تعقيدا موقف‬
‫القبائل واألعراب من الحكم في البالد فقد تغير حالهم‪ ،‬عما كانوا عليه في عهد الحفصيين‬

‫‪1‬‬
‫محمد العروسي المطوي ‪:‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪.111,112‬‬
‫‪2‬‬
‫ابن تافراجين ‪ :‬هو ابا محمد عبد اهلل ابن تافراجين الحاجب السابق البي بكر الحفصي ثم البنه ابي حفص من بعده وهو‬
‫الذي سعى الى نقض وثيقة واليته العهد حتى توبى السلطنة ابو حفص عمر ليستمر هو في حظه الحجابة ‪ .‬انظر محمد‬
‫العروسي المطوي ‪ ،‬المرجع نفسه ص ‪.125‬‬

‫‪44‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫واجراء السلطان الذي وضع حد لتلك اإلقطاعات وعوضهم بعطايا تفرض لهم من ديوان‬
‫السلطان مثل بقية الجنود‪،‬كما إستكثر الجبايات التي كانوا يفرضونها على الناس فنقص‬
‫منها(بعد أن إشتكت إليه الرعية من أوالئك األعراب وما ينالونهم به من الظالمات وضروب‬
‫األ تاوة التي يسمونها "الخفارة " فقبض أيديهم على ذلك كله وتقدم إلى الرعايا بمنعهم‬
‫‪1‬‬
‫منها)‪.‬‬

‫ومن الطبيعي أن هذه اإلجراء الجديد سوف ال يرضى عنها العرب‪ ،‬فبدا الحالة يسوء‬
‫بينهم وبين السلطان المريني ‪ ،‬وتهيأ زعماء القبائل إلنتهاز أي فرصة لتغير الوضع‬
‫الجديد‪ ،‬ووصلت األخبار إلى السلطان المريني بأن األعراب زادو من إشاعتهم للفوضى‬
‫واضطربات األمن حتى وصل بيهم التحدي إلى اإلغارة على ضواحي مدينة تونس واستولوا‬
‫على دواب بني مرين فعظم ذلك في نفس أبي الحسن فزداد الحقد عليهم ‪.‬‬

‫فأخذ األعراب يجمعون األنصار واألحالف وقد دفعهم ذلك إلى التحالف مع أعدائهم‬
‫ومنافسيه من أوالد مهلهل‪2 ،‬وذلك بعد إرسالهم إليهم وفد فيه قتيبة بن حمزة وأمه ونساء‬
‫ليصالحوهم ويطلبون مناصرتهم معهم ضد السلطان أبو الحسن ‪ ،‬فقبلوا ذلك التصالح‬
‫والتحالف‪ ،‬وأخذت القبائل تتجمع في بالد الجريد ‪ ،‬وهكذا إجتمعت أحياء سليم من بن كعب‬
‫وبني حكيم مع أوالد مهلهل في توزر ‪ ،‬وتعاهدوا على االستماتة وتبايعوا على الموت‬
‫وكالعادة إختاروا من يقاتلون بإسمه فوقع إختيارهم إبن أبي دبوس الخياط ‪ 3،‬وبيعته وألبسوه‬
‫لباس السلطنة‪ ،‬وتهيأ األعراب بزعامته للزحف إلى تونس ومحاربة أبي الحسن المريني ‪ ،‬كما‬
‫إستعد هو األخير من جهته عندما بلغته األخبار ما حصل في توزر ‪ ،‬والتقى الجمعان في‬
‫نصف الطريق بين تونس والقيروان ‪ ،‬وكان جيش بني مرين ثالثين ألفا أو أكثر لهذا تجنب‬

‫‪1‬إبن القنفذ القسنطيني‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.821‬‬


‫‪2‬الناصري ‪:‬المصدر السابق‪،‬ج‪،1‬ص ‪.866‬‬
‫‪3‬‬
‫إبن ابي دبوس الخياط ‪ :‬هو حفيد عبد المؤمن بن علي كان يشتغل خياطا بتوزر وهو احمد بن عبد السالم بن عثمان بن‬
‫ابي دبوس ‪ ،‬اخر خلفاء بني عبد المومن‪ .‬أنظر الزركشي ‪ ،‬المصدر السابق ص‪.14‬‬

‫‪44‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ابن أبي دبوس مجابهته فتراجعوا إلى أن وصلوا القيروان وما أن عزموا على الثبات فكانت‬
‫بعد هذه المواجهة معركة شهيرة وهي معركة القيروان ‪.‬‬

‫د ‪/‬معركة القيروان واجالء المرينيين عن تونس ‪:‬‬

‫وكانت المجابهة بين فريقين في محرم ( ‪ 246‬ه‪8141 /‬م) بعدما إستطاعت قوات‬
‫المرينيين في بادئ األمر أن تحرز إنتصارات أولية في موقع الثنية بالقرب من قيروان ولكن‬
‫قوات العرب صمدت وردت الكرة فإختل مصاف السلطان أبي الحسن ونهبت محلته بكل‬
‫مافيها وكان جيشه يزيد عن ثالثين الف فارس ونجى السلطان بنفسه في شر ذمة فتحصن في‬
‫القيروان وقد أعتبرت هذه الهزيمة الساحقة أشد وقعا عليه من معركة طريف رغم كثرة جيشه‬
‫ورغم بدائية أعدائه أوالد كعوب وحكيم ومهلهل ‪.1‬‬

‫واجتمعت عدة عوامل ساهمة في هذه الهزيمة ألبي الحسن المريني نذكر أهمها ‪:‬‬

‫ألن الجيش المريني كان عدد كبي ار منه من بني عبد الواد الذي تغلب عليه أبو‬ ‫‪‬‬
‫الحسن المريني واستولى على عاصمتهم باإلضافة إلى أن الجيش كان يضم أيضا رجاال من‬
‫بني توجين ومغراوة ‪ ،‬ممن يحمل نفس إحساس بني زيان فانتهزوا كلهم الفرصة‪ ،‬وتوطئوا مع‬
‫عرب كعوب وحكيم مهلهل على الخديعة ‪ ،‬بل هي التي حددت لهم الوقت المناسب لبدئ‬
‫القتال‪ ،‬فما إن بدأ األعراب بالهجوم حتى إنحازت إليهم جيوشبي عبد الواد ومغراوة وبني‬
‫توجين‪ ، 2‬فإختل نظام جيش السلطان المريني وانهزم هزيمة شنعاء‪ ،‬فتسابقت العرب إلى‬
‫معسكره فنهبوا بما فيه من المضارب والعدد واألالت ودخلوا قسطاط السلطان فإستولوا على‬
‫‪3‬‬
‫ذخيرته والكثير من حرمه وترتب عن هذه الهزيمة ضياع كل من تلمسان وتونس وقسنطينة‬

‫‪1‬عبد اهلل العروي‪ :‬مجمل تاريخ المغرب ‪،‬الدار البيضاء ‪،‬المغرب‪،‬ص‪.216,218‬‬


‫بنو توجين‪ :‬ينتسبون إلى زناته ‪ ،‬إستوطنوا شرقي بني عبد الواد وجنوبا مغراوة في ما بيت سعيدة والمدية ‪ ،‬عاشوا حياة‬ ‫‪2‬‬

‫البداوة وفي عدائهم للزيانيين طيلة حكمهم وتضم أرضهم قلعة بني سالمة التي أقام إبن خلدون بها ‪.‬أنظرعبد الرحمان ابن‬
‫خلدون ‪ :‬المصدر السابق ‪،‬ج‪،2‬ص‪.286‬‬
‫‪3‬‬
‫الزركشي‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص‪.11‬‬
‫‪49‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫من قبضة المرينيين وعودتها للسيادة الحفصية وفرار أبي الحسن المريني الى مدينة القيروان‬
‫محتميا بأسوارها فطاردته العرب وحاصروا القيروان من جميع جهاتها‪.‬‬
‫تواطئ إبن تافراجين مع األعراب و كانت هذه الهزيمة بالنسبة إلى إبن تأفرجين فرصة‬ ‫‪‬‬

‫هامة جدا من أجل إظهار أحقاده إتجاه بني مرين ‪ ،‬حيث دفعه األمر إلى أن يتفاوض مع‬
‫األعراب‪ ،‬واجراء خطة من أجل هروبه وقد تمثلت تلك الخطة في أن يبعث زعماء األعراب‬
‫إلى أبي الحسن ليرسل إليهم ابن تافراجين ليتفاوضوا معه في رفع الحصار على القيروان‪،‬‬
‫فسمح أبا الحسن إلبن تافراجين بالخروج إلى األعراب بعنوان التفاوض معهم على شروط‬
‫المصالحة إال أن ابن تافراجين خرج ولم يعد وتم اإلتفاق بينه وبين األعراب على أن يتولى‬
‫الحجابه لسلطانهم الجديد أحمد بن أبي دبوس فأعتبرت فرصة إلبن تافراجين حتى يحقق‬
‫مطامحه وأحالمه في السلطنة والنفوذ إن لم يكن هذا السلطان سوى رجل ساذج بسيط كانت‬
‫حرفته الخياطة في توزر ومعنى ذلك أنه إذا تم األمر فسيصبح إبن تافراجين صاحب األمر‬
‫والنهي أكثر مما كان ذلك في عهد السلطان أبي بكر الحفصي ‪ ،‬فسار على ذلك ثم دفعه‬
‫‪1‬‬
‫األعراب في حرب مع بني مرين الذين إحتموا بقصبة تونس‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أن أبا الحسن كان يفرض على كل مدينة يدخلها وظيفة المعاونة التي قد‬ ‫‪‬‬

‫وضعها لتغطية عجز بيت المال على تمويل حملته إلمداد الجيش بالمال والسالح فضال عن‬
‫‪2‬‬
‫أنه قلص من رواتب الجنود و نصيب مشايخ القبائل من الغنائم ‪ ،‬مما أثار تذمرهم‪.‬‬

‫‪ 1‬الزركشي‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص‪.14‬‬


‫‪2‬حميد تيتاو‪ :‬الحرب والمجتمع بالعصر المريني‪،‬منشورات مؤسسة الملك عبد العزيز‪،‬الدار البيضاء‪،2116،‬ص ص‬
‫‪.865,866‬‬
‫‪40‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬
‫د‪:‬التوسع المريني في تونس في عهد السلطان ابي عنان‪:‬‬

‫حرضت قبائل أوالد مهلهل وبني أبي الليل السلطان أبي عنان‪ 1‬المريني على اإلستيالء‬
‫على مدينة تونس ‪ ،‬وما إن انتهى أبو عنان من اإلستيالء على بجاية وقسنطينة أوال ‪ ،‬ثم بعد‬
‫ذلك إتجهت أنظاره نحو العاصمة تونس إلى أنه في بداية األمر لم يختار األسلوب العسكري‬
‫بل فضل سبيل التفاوض وحاول التواطؤ مع أقوى شخصية في البالط الحفصي ‪ ،‬فراسل ابن‬
‫تافراجين حاجب المستنصر يدعوا إلى أخذ بطاعته والتنازل له عن تونس‪ ،‬إعتماد على ما‬
‫كان بينهما من مهاداة وعلى التساندة التي كان قائما بينهما ضد األمير أبي زيد صاحب‬
‫قسنطينة ‪ ،‬عندما سولت له نفسه محاربة عمه المستنصر ‪ ،‬إذ كان سياسيا إبن تافراجين ـ‬
‫على تحريض أبي عنان بعد إمتالكه تلمسان على مهاجمة قسنطينة ‪ ،‬حتى يضطر صاحبها‬
‫(أبو زيد ) إلى اإلقالع على غزو إفريقية‪.‬‬

‫ولكن رغم كل ذلك لم يستجب ابن تافراجين لرغبة أبي عنان لهذا العرض ‪ ،‬ألن ذلك‬
‫يتنافى مع مطامحه منذ عهد أبي بكر الحفصي في أن يكون صاحب األمر والنهي في‬
‫إفريقية ‪ ،‬كما أن التجربة السابقة مع أبي الحسن المريني لقنته درسا و أقنعته بأنه ال أمل في‬
‫تحقيق مطالبه مع بني مرين ‪ ،‬ومن ناحية أخرى كان لها عالقة بفساد العالقات بين أبي‬
‫تافرجين‪ ،‬هي أن أباعنان أراد أن يسلك مسلك أبيه في التقرب من البالط‬
‫عنان وابن ا‬
‫تافرجين الذي كان سبب في إتمام المصاهرة‬
‫الحفصي عن طريق المصاهرة ‪ ،‬وبما أن ابن ا‬
‫بين أبي الحسن المريني وأبي بكر الحفصي ‪ ،‬فقد أراد أبو عنان أن يتزوج إحدى بنات‬
‫فرجين لم يقم بدور الوسيط هذه المرة ‪ ،‬فلم تتم‬
‫السلطان أبي بكر ‪ ،‬لكن ابن تا ا‬

‫‪1‬أبو عنان المريني ‪ :‬هو أبو عنان المتوكل على اهلل من أم رومية تدعى أم شمس الضحى جمع أبا عنان جميع الصفات‬
‫الحسن التي جعلته محبوب من طرف عشير ه وكان غارسا شهما شجاعا يقوم في الحرب مقام جنوده عرف عهده‬
‫بالتوسعات في المغرب اإلسالمي ‪.‬أنظر إبن القاضي ‪ :‬درة الحجال في عزة أسماء الرجال ‪،‬ج‪،،8‬تح محمد األحمدي أبو‬
‫النور‪ ،‬ط‪ ،8‬دار التراث ‪ ،‬المكتبة العتيقة ‪ ،‬تونس ‪،8621،‬ص ‪.121‬‬
‫‪44‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المصاهرة‪.1‬وأمام هذا الموقف الذي أحدثه ابن تافراجين وعدم تلبيته لرغبة السلطان أبي عنان‬
‫قرر هذا األخير توجيه حملة عسكرية إلحتالل تونس‪.‬‬

‫ه ــ دخول مدينة تونس من طرف السلطان أبي عنان المريني ‪:‬‬

‫وتمثلت حملته في أسطول بحري بقيادة محمد بن يوسف المعروف باألبكم من بني‬
‫األحمر أصحاب غرناطة ‪ ،‬وفي جيش بري يقوده يحي بن عبد الرحمن بن تاشفين‪ ،‬وكان‬
‫معه جيش أوالد مهلهل الوافدين على أبي عنان لحثه على اإلستيالء على تونس ‪ ،‬وعندما‬
‫وصلت األنباء لتونس تفيد إستعداد أبي عنان بقي ابن تافراجين في تونس وجهز جيشا‬
‫لسلطانه المستنصر مع أوالد أبي الليل ومن إنظم إليهم من األعراب لمالقات الجيوش البرية‬
‫القادمة من قسنطينة‪ ،‬وكان األسطول المريني أسبق وصوال إلى تونس فضرب عليها‬
‫الحصار واستطاع اإلستيالء عليها بعد قتال يوم أو بعض يوم ‪ ،‬إذ لم يستطع ابن تافراجين‬
‫الثبات والمقاومة أمام األسطول المريني فخرج هاربا من العاصمة والتجأإلى المهدية وقد تم‬
‫ذلك في رمضان (‪261‬ه ‪ /‬أوت ‪8162‬م )ثم وصل الجيش البري بقيادة ابن روح (‪....‬‬
‫‪2‬‬
‫فدخل البلد وأمضى فيها أوامر السلطان المريني ‪)..‬‬

‫‪ -‬أبو عنان في تونس (االوضاع والمواقف )‪:‬‬

‫عند إحتالل مدينة تونس شرع في تنظيم األوضاع بها وأصدر أوامره بمنع عرب رياح‬
‫عن تحصيل األتاوة التي كانوا يفرضونها على المواطنين ويسمونها الخفارة ‪ ،‬كما الحال في‬
‫عهد أبي الحسن فتوافدت له البيعات من أطراف تونس مثل ‪ :‬نفطة وتوزر وقابس ‪ ،‬ومن‬
‫األعراب قدم عليه يعقوب بن علي شيخ وكان تأيد قبيلة بني ريح للسلطان إال طمعا‬
‫فياإلكتساب‪ ،‬واطالق اليد في نهب وابتزاز األموال واألرزاق ‪ ،‬فما إن أحس بنو رياح أنأبا‬

‫‪1‬‬
‫سياسيا وثقافيا‪ ،‬رسالة ماجستير في التاريخ الوسيط ‪،‬قسم التاريخ ‪،‬جامعة‬ ‫بكاي هوراية ‪ :‬العالقات الزيانية‬
‫تلمسان‪،2111،‬ص‪.281‬‬
‫‪2‬‬
‫الزركشي‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.62‬‬
‫‪44‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫عنان ال يماشيهم في رغباتهم الجامحة وأنه يراوغهم عندما طلب منهم الرهائن توثقا لطاعتهم‬
‫وانقيادهم وما إن أحسوا ذلك حتى جاهروه بالعصيان كمل فعلوا سابقا‪.‬‬

‫لقد إجتمعت العديد من العوامل والضروف ساهمت في فشل أبي عنان في سيطرته‬
‫على مدينة تونس نذكر منها ‪:‬‬

‫أ‪/‬إنتفاض بني رياح ‪ :‬برغم من بيعتها واعالن والئها والمبالغة في إستضافة السلطان‬
‫المريني إال أن األوضاع حالت دون رضاهم ومستوى تطلعاتهم ورغباتهم فما أن أحسوا‬
‫بالخذالن حتى إلتفوا على أميرهم يعقوب بن علي ‪ ،‬وانطلقوا نحو ال ازب والسلطان ورائهم‬
‫بجيوشه يحاول القضاء على حركتهم ولكنهم توغلوا بالصحراء‪،‬فما كان أبي عنان إال أن‬
‫خرب حصونهم وقصور أميرهم يعقوب بن على ومنزله بالتل والصحراء فحال بينهم وبين‬
‫السلطان المريني فعاد هذا األخير إلى قسنطينة بعد أن فقد سندا كبي ار من الذين كان يعول‬
‫عليهم ‪.‬‬

‫ب‪ /‬تخاذل الجيش المريني ‪:‬أحدثت مطاردت بني رياح أثار نفسية سيئة في نفس الجند‬
‫المريني المصاحب ألبي عنان ‪،‬وضاقوا ذرعا بالحرب وخافوا أن يصيبهم في إفريقية ما‬
‫أصابهم في المرة األولى مع أبي الحسن المر ونادو بالرجوع إلى المغرب‪ (.‬وداخلوا الوزير‬
‫فارس بن ميمون فوافقهم على ذلك وأذن المشيخة والنقياء لمن تحت أيدهم من القبائل في‬
‫اللحاق بالمغرب )‪ ،‬وبلغ السلطان أبي عنان من خالل هذه األحداث أن الجند تامروا في قتله‬
‫وتنصيب إدريس بن أبي عثمان بن أبي العالء ‪ ،‬فأخذ السلطان أبو عنان قلة ما معه من‬
‫‪1‬‬
‫الجنود إنسحب راجعا إلى المغرب‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد العروسي المطوي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.411‬‬


‫‪44‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫ج‪/‬المصاهرة المرفوضة ‪:‬‬

‫أوفد السلطان المريني الشيخ الفقيه إبن مرزوق التلمساني ليخطب له إحدى بنات‬
‫السلطان أبي بكر الحفصي‪ ،‬بعد أن فشلت مساعيه في ذلك مع الحاجب ابن تافراجين‪ ،‬فكانت‬
‫رغبة السلطان في ذلك أن تزف اليه عروس حفصة يوم أن تزف إليه مدينة تونس ‪ ،‬ولكن‬
‫بنت السلطان الحفصي رفضت الزواج به وذلك راجع لموقف شخصي منها إذ قالت عنه (أن‬
‫فيه قلقا يمنعني من عشرته)‪.‬‬

‫ولكن مجرى األحداث قد يبعد أن يكون ذلك هو السبب الحقيقي لرفض تلك الخطوبة‬
‫إلختالف الظروف التي تمت فيها المصاهرة السابقة التي تمت بين العائلتين المرينية‬
‫والحفصية ‪،‬ففي عهد أبي الحسن لم يكن فيه المريني ضد بني حفص ‪ ،‬ولم يقدم بعد على‬
‫إزالة سلطانهم وكانت التكافؤ بين المتصاهرين يكاد يكون تاما ‪ ،‬أما هذه المرة فإن أبا عنان‬
‫المريني كان قادما إلى إفريقية غازيا محاربا ‪،‬مزيال لسيادتهم وملكهم عن بجاية وقسنطينة‪ .‬ولم‬
‫يكن قبول الزواج منه إال تنفيذ من المغلوب على الغالب ‪.‬‬

‫فأعتبر السلطان هذا الرفض خدشا في هيبته ‪،‬وكان يعتزم تنفيذه بالقوه ‪،‬وقد عاقب ابن‬
‫مرزوق على ذلك إلنه لم يجد البنت ولم يقبض عليها‪ .‬فقال له أبو عنان ‪:‬لماذا لم تضع اليد‬
‫فيها وكان جوابه ابن مرزوق( بنت سلطان يخطبها سلطان كيف أضع يدي فيها ‪،‬وقد حبسة‬
‫‪1‬‬
‫ستة أشهر بسبب ذلك)‪.‬‬

‫‪1‬إبن القنفذ القسنطيني‪:‬المصدر السابق‪،‬ص ص ‪.826,824‬‬


‫‪44‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الثاني ‪:‬اإلستيالء المريني على بجاية ‪،‬‬

‫أوال ‪:‬اإلستيالء على مدينة بجاية ‪:‬‬

‫إذا كان السلطان أبو الحسن المريني قد إلتمس في خالفات البيت الحفصي مبرار كبير‬
‫إلقتحام إفريقية ‪،‬فقد كان لهذه المبررات قوتها في نظير الكثير من حكام األقاليم في الدول‬
‫الحفصية ‪ ،‬أي أن في عهد السلطان أبو الحسن ال يعتبر اإلستيالء على بجاية إحتالل مباشرة‬
‫بواسطة عسكرية بل على طواعية من حكامها الذين انظموا إليه يباركوه على دخولها‪ ،‬ولعل‬
‫أقوى دليل على ذلك إقبال وفد بجاية من يوسف بن منصور بني مزني حاكم بسكرة بالد الزاب‬
‫وأميرها أبوعبد اهلل بن أبي زكريا ‪ ،‬ولكن رغم ذلك إتخذ السلطان الحضر من العائلة الحفصية‬
‫‪1‬‬
‫وقام بتحويلهم إلى المغرب األوسط ‪.‬‬

‫أما في عهد السلطان أبي عنان المريني فإن األمر إختلف فقد عزم هذا األخير على‬
‫إسترجاع ما إستولى عليه أبوه في المغرب األدنى واألوسط مبتدئا بمملكة تلمسان الزيانية وفي‬
‫هذه األثناء قتل أبو عنان أبي سعيد عثمان واحتل تلمسان ولكن أخو أبو ثابت أفلت من‬
‫األسر ونزل بوادي شلف من مغراوة على العزم في مواصلة المقاومة ضد أبي عنان وجيشه‬
‫واستطاع أن يتوغل بعيدا عن عساكر بني مرين ‪ ،‬وتم إعتقاله بضواحي بجاية وجاؤوا به إلى‬
‫أمير بجاية فأرسله إلى سلطان أبي عنان ‪ ،‬فأستبشر أبو عبد اهلل الحفصي بحمله وظن أنه‬
‫سيزداد حظوة واعتبا ار عند السلطان المريني ويزداد التوسيع وسلطنة في إماراته وعندما التقى‬
‫‪2‬‬
‫أبوعنان بالمدية بأمير بجاية إستقبله أحسن قبول وأكرم ‪.‬‬

‫‪1‬عيسئ الحريري‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.881‬‬


‫‪2‬الزركشي‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.64‬‬
‫‪43‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫و‪ :‬السيطرة على بجاية من طرف أبي عنان المريني ‪:‬‬

‫في إحدى خلوات األمير أبي عنان مع األمير عبد اهلل الحفصي إشتكى هذا األخير مما‬
‫يعانيه في إمارته ومما يلقاه من رعايته من اإلمتناع من الجيابة والسعي في الفساد وما تبع‬
‫ذلك من شقاق الحماية كثرة الخالفات الحادة بين جنده وبطانته ‪.‬وكان مقصده من هذه‬
‫الشكوى أن يلقى من السلطان المريني ‪ ،‬على األقل مما يثبت قدمه على إمارة بجاية ويقوى‬
‫نفوذه فيها‪.‬‬

‫لكن في المقابل أعتبر السلطان المريني هذه الفرصة هامة وال تعوض ‪ ،‬فقدم له عرضا‬
‫مغريا أن يتخلى عن تلك اإلمارة وأنه سوف يعوضه بدال عنها لما هو خير وهو أن يوليه‬
‫على مكناسة الزيتونة بالمغرب األقصى ‪ ،1‬وفي تلك الجلسة من التعظيم و اإلطمئنان مع‬
‫السلطان المريني لم يكن بإمكان أبي عبد اهلل الحفصي الرفض واإلمتناع ‪ ،‬فإستجابة لعرض‬
‫السلطان المريني (على يأس وكره) وقد تشرط عليه أن يعلن هذا التفاهم أمام المأل من بني‬
‫‪2‬‬
‫مرين وأن يكتب بخطه إلى عاملة بجاية بالتنازل عنها‪ ،‬وتمكين عمال السلطان المريني منها‪.‬‬

‫لم يكن هذا التنازل محل قبول و اإلستحسان من أهل الحل والعقد في بجاية‪ ،‬وحتى من‬
‫مواله فارح الذي كان له النفوذ و السطوة في عهده ‪ ،‬ولهذا فما إن وصل فارح مع العامل‬
‫المريني إلى بجاية حتى بدأ أهل العقد والحل فيها بالتعاون مع هذا األخير في العمل على‬
‫إيجاد خطة للتخلص من الوالي المريني الجديد بقيادة منصور بن إبراهيم زعيم الصنهاجيين‬
‫في بجاية ‪ ،‬وكانت الخطة أنهم يذهبوا إلى الوالي المريني بدعوى التسليم عليه في القصبة‬
‫وغدا عليه بداره في القصبة فأكب عليه منصور بن إبراهيم يناجيه فطعنه ثم أجهز عليه‬
‫برقابة الداخلين فقتلوه كما طعن القاضي إبن فركان المشايع لبني مرين ‪ ،‬فمات بمنزله ‪.‬‬

‫‪1‬الزركشي ‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.64‬‬


‫‪2‬عبد الحميد حاجيات ‪:‬دراسات حول التاريخ السياسي والحضاري لتلمسان والمغرب‪،‬ج‪،8‬ط‪،8‬عالم والمعرفة للنشر والتوزيع‬
‫‪ ،2188،‬ص ‪.62‬‬
‫‪44‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫عندئذ شاعت الفوضى في المدينة ‪ ،‬ونادت الجماهير بالدعوة إلبن أبي زيد الحفصي‬
‫صاحب قسنطينة ‪ ،‬إال أن هذا األخير تريث في أمره ولم يستجب لدعوة أهل بجاية ‪،‬وعندما‬
‫بلغ الخبر إلى أبي عنان وهو في تلمسان بما حدث أتهم أبي عبد اهلل الحفصي بذلك وأودعه‬
‫السجن‪.‬واستمر عصيان بجاية أياما حتى هدأت الضجة ‪ ،‬خاصة بعدما تبين ألعيانها سوء‬
‫المصير بعملهم ذلك خاصة أن صاحب قسنطينة لم يجارهم فيما فعلوه ولم يلب تحريضهم‬
‫‪1‬‬
‫للقدوم عليهم‪.‬‬

‫برسه إلى‬
‫فخافوا من بطش المريني بهم ‪ ،‬فقاموا بثورة مضادة على فارح وقتلوه وبعثوا أ‬
‫أبي عنان بتلمسان‪ ،‬فأبعد التهمة على أبي عبد اهلل الحفي‪ ،‬وعين واليا جديدا على بجاية وبعث‬
‫إليها بحاجبه محمد بن أبي عمر فعاقب المتأمرين‪ ،‬وفر الكثير منهم إلى تونس‪ ،‬وهكذا تم‬
‫إلحاق إمارة بجاية الحفصية بسلطنة بني مرين للمرة ثانية في (‪246‬ه ‪8161/‬م)‪ 2.‬ولكن قبل‬
‫إلحاق بجاية بسلطنة بني مرين ألحقت بهذه السلطنة مدن أخرى ‪:‬الجزائر ‪ ،‬متيجة والمدية أما‬
‫بسكرة ونواحيها من الجنوب الشرقي الجزائري فقد إنقادت إلى أبي عنان المريني رغم بعدها‬
‫عنه إذ وفد عليه بالمدية واليها يوسف بن مزني ومشايخ الدواوودة فبايعوه على الطاعة والوالء‬
‫ولو أنه استبقى أبنائهم رهينة عنده توثيقا النقيادهم وخوفا من انتفاضهم‪ .‬وبذلك لم يبقى من‬
‫‪3‬‬
‫الحفصية الغربية خارجا عن نفوذ أبي عنان المريني إال إمارة قسنطينة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫السيالوي‪ :‬المصدر السابق ‪،‬ج‪،4‬ص ‪.816,814‬انظر ايضا محمد العروسي المطوي ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.424‬‬
‫‪2‬العبادي أحمد مختار ‪ :‬دراسات في تاريخ المغرب واألندلس ‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة ‪ ،‬اإلسكندرية ‪،‬ص‪.21‬‬
‫‪3‬الفاسي محمد‪ :‬نشأة الدولة المرينية ومميزات العصر المريني األدبية‪ ،‬مجلة البينة ‪ ،‬العدد الثامن ‪،‬السنة األولى‪،8652،‬ص‬
‫‪.61‬‬
‫‪44‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المبحث الثالث‪ :‬اإلستيالء المريني على قسنطينة ‪:‬‬

‫كلف السلطان أبوعنان المريني واليه الجديد على بجاية بمهمة غزو مدينة قسنطينة‬
‫فإستعد لذلك محمد ابن أبي عمرو ‪ ،‬وحينما بلغت األخبار مسامع أبي زيد الحفصي أخذ‬
‫يستعد لمجابهة المرينيين ‪،‬وصادف أن كان عند أبناء السلطان أبي الحسن المريني محبوسا‬
‫المسمى أبا عمر تاشنفين ‪ ،1‬فأطلقه من سجنه ونادى به سلطانا مرينيا نكاية في أخيه أبي‬
‫عنان‪ ،‬وكان هدف ذلك صرف هذا أبي عنان عن التطلع إلفريقية إال أن هذه الخطة التي قام‬
‫بها أبو زيد عبد الرحمان لم تجدي رغم اإلنحياز بعض المرينيين إليه ‪ ،‬وبعد جوالت عديدة‬
‫بين القوات المرينية وجيش أبي زيد صاحب قسنطينة ‪،‬أظهر هذا األخير الميل إلى هدنة‬
‫والكف عن المقاومة مقابل تسليمه للمرينيين (أبي عمر تاشنفين )إلى عامل بجاية الذي بعثه‬
‫بدوره إلى أخيه أبي عنان فأنزله ببعض الحجر ورتب عليه الحرس‪ ،‬ورغم ذلك فقد أمر أبو‬
‫‪2‬‬
‫عنان على ضم عمالة قسنطينة إلى سلطته‪.‬‬

‫وبعد وفاة صاحب بجاية محمد بن أبي عمرو سنة (‪266‬ه ‪8164 /‬م ) عين واليا‬
‫جديدا على بجاية وهو وزيره عبد اهلل بن علي بن سعيد‪ ،‬وأوكل إليه مهمة القضاء على‬
‫السلطنة الحفصية في قسنطينة‪ ،‬إيمانا من السلطان بأن الوصول إلى إفريقية لم يتم إال‬
‫بإستيالء الكامل على الحفصية الغربية‪ ،‬ولهذا بدأ أبو زيد صاحب قسنطينة يشعر بشدة‬
‫الضغط المريني عليه فبعث إلى أخيه أبي العباس أحمد يستنجد به ويطلب منه أن يقدم عليه‬
‫من تونس ‪ ،‬حيث كان أبو العباس أحمد يواصل الحرب في تونس ضد المستنصر وحاجبه‬
‫ابن تافراجين‪ ،‬فإستجاب لنداء أخيه وأقبل لنجدته صحبت خالد ابن أبي الليل من أجل تعزيز‬
‫المقاومة الحفصية أمام القوات المرينية ‪،‬ولكن بعد هذا اإلستنجاد نجد أن أبي زيد قد ترك أخاه‬

‫‪1‬أبا عمر تاشفين ‪ :‬هو إبن السلطان أبي الحسن المر وكان محبوس كرهينة عند أبي زيد الحفي حيث طهرت هذه‬
‫الشخصية عند المواجهة بين أبا عنان المر وأبو زيد صاحب قسنطينة ‪،‬نكاية في أخيه‪ ،‬أمدوه بالمعدات والرجال ليجابة‬
‫جيوش بني مرين ‪ .‬انظر محمد العروسي المطوي‪،‬المرجع السابق‪.111،‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الرحمان ابن خلدون ‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.168‬‬
‫‪44‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أبا العباس في قسنطينة مبر ار منه أنه كانت تشغله تحركات عمه المستنصر وابن تافراجين‬
‫هناك ( تونس ) ومن أجل القضاء عليها ‪.‬‬

‫ولكن األمير أبا زيد خسر الصفقة وخرج صفر اليدين من مغامرته تلك فهو من ناحية لم‬
‫يستطع أن يفعل شيئا في تونس إذ صده ابن تافراجين ورجع على أعقابه يائسا من إحتالل‬
‫تونس ‪ ،‬ومن ناحية أخرى تنكر له أخوه أبو العباس أحمد واستبد باألمر دونه في قسنطينة‬
‫ألن موقف األهالي كان مشجعا له على ذلك التنكير والعصيان‪ ،‬وتمسكوا بواليهم أبي العباس‬
‫أحمد لديانته وعقله ‪ ،‬فوافق وباشر المحاصرين قبل بيعته ‪ ،‬وكتب رسم شهد فيه جماعة من‬
‫كبرائها البلد أن األمير أبا زيد ال قدرة له على مدافعه ماوقع بالبلد وال على القيام بأمره لعجزه‬
‫عن ذلك‪،‬وأن أولى األمراء بالمبايعة للمدافعة أخوه أبو العباس أحمد فبويعه في شعبان‬
‫سنة‪ 265‬ه‪.‬‬

‫فعند رجوع أبي زيد خائبا من حملته على تونس‪ ،‬وجد أبواب عاصمته قسنطينة موصدة‬
‫أمامه فتركها وتوجه إلى عنابة ‪ ،‬ومن هناك بعث إلى خصميه بتونس عمه المستنصر‬
‫وحاجبه ابن تافراجين يطلب منهما العفو والسماح له باإلقامة في تونس مقابل التنازل لهما عن‬
‫مدينة عنابة ‪ ،‬وهي المدينة الوحيدة التي بقيت على والئها له ‪.‬واستجاب ابن تافراجين إلى‬
‫طلبه ونزل ـ أبا زيد عند عمه المستنصر فأوسع له المنزل ‪ ،‬وأسنى له الجرايات والجوائز‬
‫‪1‬‬
‫وأقام في كفالته‪.‬‬

‫‪1‬الزركشي‪ :‬المصدر السابق‪،‬ص ‪.66‬‬


‫‪49‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪:2‬دخول مدينة قسنطينة من طرف أبي عنان المريني ‪:‬‬

‫ظل أبو العباس أحمد يحاول صد الحمالت المرينية على قسنطينة‪ ،‬واستطاع في الجوالت‬
‫االولى أن يسجل عدة إنتصارات على الجيوش المرينية التي جاءت تحاصر قسنطينة ‪،‬خاصة‬
‫المعركة التي سجل فيها إنتصا ار باه ار ضد جيوش موسى بن إبراهيم‪ ،‬بسبب تقاعس والي‬
‫بجاية عند مساعدته‪ ،‬وعندما بلغ الخبر هذه الهزيمة إلى السلطان أبي عنان نزل عليه‬
‫كالصاعقة وقرر أن يقود بنفسه حمله عسكرية ضد بني حفص في قسنطينة ومن هناك يتوجه‬
‫إلى العاصمة ( تونس )‪.‬‬

‫فظل هذا األخير عدة أشهر يستعد لتلك الحملة وفي ربيع األول (‪ 261‬ه‪ 8162/‬م)‬
‫أعلن التعبة‪ 1.‬فتحركت طائع الجيوش المريني بقيادة فارس ابن ميمون ـ بينما صار أبو عنان‬
‫خلفه بالقوات الرئيسية‪ ،‬وقد أحدث تقدم للقوات المرينية على هذا النحو المنظم ذكرى كبيرة بين‬
‫أهالي قسنطينة ‪ ،‬خاصةأن النجدة التي طلبها أبو العباس من عمه صاحب تونس لم تجد اذانا‬
‫صاغية وال وجوه لإلستجابة ‪ ،‬فحوصر أبو العباس الحفصي في قسنطينة حتى طلب هذا‬
‫األخير األمان مستسلما لسلطان بني مرين‪ ،‬فمنح األمير الحفصي األمان فخرج من الحصار‬
‫ولكنه في نفس الوقت أرسله في األسطول إلى سبته وتم إعتقاله هناك ‪.‬‬

‫وقد أحدث إستيالء أبي عنان على قسنطينة على هذا النحو ردود فعل عظيم حيث بادرة‬
‫األطراف في بعث البيعات من المناطق المختلفة ‪ ،‬إذ وصلته بيعات نفطة وتوزر وقابس‬
‫وغيرها بل ولم يقف األمير عند هذا الحد‪ ،‬بل أسرعت مجموعات من القبائل الكبرى إلى‬
‫قسنطينة من أجل إعالن والئها ألبي عنان‪ 2،‬أمثال ‪ :‬أوالد مهلهل أمراء بن كعب من سليم‬
‫وبني أبي الليل ‪ ،‬وأخذوا يحرضونه على إمتالك تونس وانتزاعها من بقية الحفصيين الممثلين‬

‫‪1‬‬
‫كريمة ماجدة ‪ :‬العالقات بين المغرب والسودان في العصر المريني ‪ ،‬رسالة لنيل علوم الدراسات العليا في التاريخ جامعة‬
‫محمد الخامس‪،‬الرباط‪ ،)8611 /8612(،‬ص ‪ .826‬أنظر أيضا عبد الفتاح ملقد الغنيمي ‪:‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.52‬‬
‫‪2‬‬
‫الزركشي‪:‬المصدر السابق‪،‬ص‪.66‬‬
‫‪40‬‬
‫مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين‬ ‫الفصل الثاني‬

‫في السلطان المستنصر وحاجبه إبن تافراجين وعادت من جديد صورة التخاذل التي ظهرت‬
‫‪1‬‬
‫سابقا في عهد أبي الحسن المريني ‪.‬‬

‫واذا كانت نتائج تلك الصورة انتهت بهزيمة المرينيين و انسحابهم من إفريقية ‪ ،‬وأن قبائل‬
‫األعراب وأمراء لم يثبتوا على عهدهم ‪ ،‬فإن تلك النتائج لم تكفي ألخذ الموعظة والحذر ألبي‬
‫عنان‪ ،‬بما حصل ألبيه سابقا فقد استجابة هو أيضا للنداءات والتحريضات الجديدة‪ ،‬فتقبل‬
‫بيعة عمال أطراف وعزم على غزو تونس وجمع أقطار المغرب اإلسالمي تحت نفوذه‪ ،‬كما‬
‫حاول أبوه من قبله ‪.‬‬

‫وهكذا سقطت قسنطينة واستولى أبوعنان على كامل الحفصية الغربية وكان هذا اإلستيالء‬
‫نتيجة حتمية للخالفات واإلنقسامات والفتن بين أفراد األسرة الحفصية ‪ ،‬إذ بدل أن يتحدوا ضد‬
‫‪2‬‬
‫عدوهم المشترك كانوا يتقاتلون ويخون بعضهم بعضا‪.‬‬

‫‪1‬محمد العروسي المطوي ‪:‬المرجع السابق ص ص ‪.421,422‬‬


‫ضيف شوقي‪ :‬عصر الدول واإلمارات‪ ،‬ط‪،8‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة ص‪.211‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪44‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫‪ ‬المبحث الول‪:‬أثر الصراع السياسي على القوتين‬
‫المتصارعتين‬
‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬أثر الصراع السياسي على الدولة الزيانية‬
‫‪ ‬المبحث الثالث‪:‬أثر الصراع السياسي على بني الحمر‬
‫بالندلس‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الفصل الثالث ‪ :‬أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬

‫المبحث االول ‪ :‬أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة‬

‫‪ 1‬ـ أثر الصراع السياسي على الدولة الحفصية ‪:‬‬

‫كانت فترة سيطرة بني مرين على مقاليد األمور في تونس لمدة عامين وستة أشهر‬
‫وخمسة عشرة يوما في عهد أبي الحسن ‪ ,‬و أشار إلى ذلك إبن أبي دينار وكان للثورة التي‬
‫قادتها القبائل العربية أثرها كبير في طرد بني مرين من البالد ‪ ,‬بعد أجمع أمراء األسرة‬
‫الحفصية على طردهم من البالد باعتبارهم غزاة وليس ساعين لوحدة المغرب‪.1‬‬

‫إبرهيم الهنتاتي‬
‫آلت أمور البالد إلى ابن العباس الفضل بن يحي أبي بكر بن أبي زكريا ا‬
‫وقد بويع باإلمارة سنة (‪750‬ه‪1350/‬م)‪.‬ولما تولى الحكم لم يقم بأدنى مجهود عسكري‬
‫لتأمين حدود الدولة بل ركن للراحة ‪,‬و إشتغل باللهو واحتوت العرب على دولته‪ ,‬وكان‬
‫حاجبه أبو العباس أحمد بن عتو المعروف بإبن عنهقة‪.‬وشاركته العرب في الديوان ‪,‬وجبايه‬
‫الماشية ‪,‬والطعام‪ ,‬وزوج أخته إلبي الليل بن حمزه المعروف بقتيبة‪2,‬ومن المؤامرات التي‬
‫كانت في فترة حمكه مؤامرة شارك في تدبيرها أبو القاسم بن عتو ‪,‬الحاجب الجديد ووزيره‬
‫محمد بن الشواش التي ألقت بذور الشقاق بين الشيخ الكعوبي أبي الليل قتيبة وبين أخيه‬
‫خالد ‪.‬وترتب على ذلك التهديد بحصول إضطربات دامية جديدة‪,‬ولم يتم تجنب ذلك الخطر‬
‫إال بحصول حادث مفاجئ ‪,‬تمثل في عودة إبن تافراجين من الحج إلى الساحة السياسية ‪.3‬‬

‫رجع إبن تافراجين إلى إفريقية مصحوبا بالشيخ عمر بن حمزة شقيق إبن الليل وخالد‪,‬وقد‬
‫إلتقى به في مكة خالل موسم الحج( ‪057‬ه‪9431/‬م ) وربطته به عالقة مودة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الفتاح مقلد الغنيمي ‪ :‬موسوعة المغرب العربي‪,‬مج‪,4‬مكتبة مديولي‪ ,‬القاهرة ‪,‬ص‪43‬‬
‫‪2‬‬
‫إبن الشماع ‪ :‬المصدر السابق‪,‬ص ص ‪.979,977‬‬
‫‪3‬‬
‫روبار برنشفيك‪:‬المرجع السابق‪,‬ج‪,9‬ص ‪ .272‬انظر ايضا إبن القنفذ القسنطيني‪ :‬المصدر السابق‪,‬ص ‪.904‬‬

‫‪66‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫فصالح عمر بين أخويه وزحف ثالثتهم إلى تونس بجيوشهم ‪ .‬وتم خلع األمير أبي‬
‫العباس الفضل بن يحي الحفصي وكانوا قد بعثوا إليه فخرج مع جماعة له فقبضوا عليه‬
‫وعلى أصحابه وجردوهم من أسلحتهم ‪ ,‬ودخل إبن تافراجين وزعيم العرب وأوالد أبو الليل إلى‬
‫تونس‪ ,‬وبايعوا أحد إخوة السلطان‪ ,‬وهو أبو إسحاق إبراهيم البالغ من العمر ثالث عشرة سنة‬
‫وفي الحين أعدم الفضل وحاجبه إبن عتو‪ .1‬وأقاموا األمير أبا إسحاق إبراهيم في الخالفة‬
‫وأوله منصب شكليا وأجلس بمجلس لخالفة لكن إبن تافراجين هو الذي أمسك في الواقع‬
‫بمقاليد الحكم بصفة حاجب حيث جعل كل البالد في يده بدال من العرب وانتبه بالشؤون‬
‫الداخلية وجعل القيروان وباجة وسوسة وقرطاجة تحت حكمه وفي معظم بقية القرن السابع‬
‫الهجري كانت الدولة الحفصية مقسمة إلى ثالثة أقسام تونس و بجاية و قسنطينة‪.2‬‬

‫ولقد كانت أقوى مناهضة على سلطة الحفصية ‪ ,‬نتيجة لما كان يحظى به إبن تافرجين‬
‫من نفوذ قوي في العداوة التي أبداها في وقت مبكر األخوان أبنا مكي ‪ ,‬صاحبا قابس‬
‫وجربة‪ .‬إذ أنهما لم يكتفيا برفض الخضوع للسلطان الجديد ‪ ,‬بل إتحد مع القبائل المتمردة‬
‫ومع العدوين الغربيين ‪ ,‬أمير قسنطينة الحفصي والسلطان المريني ‪ ,‬وساعداهما على تنفيذ‬
‫مشاريعها ضد البالد التونسية ‪ .‬و افتك أحمد بن مكي صفاقس من الدولة الحفصية التي‬
‫كانت مشغولة أنذاك بالخطر المريني وأصبح بمساعدة أخيه عبد الملك ‪,‬على أرس دولة‬
‫‪3‬‬
‫ممتدة األطراف تضم المناطق الساحلية من صفاقس إلى مصراته ‪ ,‬بما في ذلك جزر جربة‬

‫كانت الدولة الحفصية تتمتع في الجريد وقفصة بنوع من الوصاية أكثر مما تتمتع‬
‫بالسلطة الحقيقية ‪,‬وفي أوئل محاولة أبي الحسن ذاتها ‪,‬ظهر الزعماء المحليون هناك من‬
‫جديد‪,‬وهم ال يخضعون إال للوالي المعين من قبل السلطان المريني و بعد إسترجاع الدولة‬

‫‪ 9‬روباربرنشفيك‪:‬المرجع السابق‪,‬ص ‪.272‬‬


‫‪2‬‬
‫عبد الفتاح مقلد الغنمي ‪:‬المرجع السابق‪,‬ص ‪.43‬‬
‫‪3‬‬
‫روبار برنشيفيك‪ :‬المرجع نفسه‪,‬ص‪.275‬‬
‫‪66‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫الحفصية لسلطتها ‪ ,‬عاد الزعماء المحليون إلى ممارسة الحكم بصورة مستقلة ‪ ,‬وهم ال‬
‫يعترفون بصالحيات السلطان الحفصي إال بصورة شكلية ‪ ,‬نخص بالذكر منهم يحي بن‬
‫محمد بن يملول في توزر وعلي بن مدافع وأبنائه الثالثة من بعده في نفطة ‪ ,‬وهم على‬
‫التوالي محمد وعبد اهلل والخلف ‪ ,‬وأحمد بن عمر بن العيد ثم إبنه محمد في قفصة‪.‬‬

‫أما منطقة القيروان بقيت وفيه للسلطة المركزية ولكن سكانها كانوا كاظيمين لغيظهم‬
‫تحت حكم قائد جائر قاسي ‪,‬وااله عليهم إبن تافراجين إلشباع غليله الشخصي‪ ,‬إال أن أكبر‬
‫خطر سيأتي من الغرب من قسنطنية التي كانت تحت حكم الحفص أبي إسحاق ‪,‬حيث أنه‬
‫سنة(‬ ‫‪,‬األولى‬ ‫متتالتين‬ ‫مرتين‬ ‫إفريقية‬ ‫زيد‬ ‫أبو‬ ‫إحتل‬ ‫الدواودة‬ ‫بمساعدة‬
‫‪752‬ه‪1351/‬م)‪,‬والثانية في سنة ‪ 753‬ه‪1352/‬م وفي منطقة التل األعلى ‪,‬وبلغت‬
‫جيوشه في المرة األولى حتى بلدة أبة وحاصرت مدينة تونس في المرة الثانية ‪,‬ولكن اإلعالن‬
‫عن زحف السلطان المريني على الجزائر ‪,‬قد أجبره على الرجوع من حيث أتى ‪,‬تاركا في‬
‫إفريقية الشرقية لدى األعراب ‪,‬ونجد أن أخاه أبا العباس أحمد الذي حاول مرة أخرى وبدون‬
‫جدوى الهجوم على مدينة تونس سنة ‪754‬ه‪1353/‬م‪.1‬‬

‫وفي السنة الموالية حصل تغير في التحالفات بالنسبة إلى السياسة المتبعة من‬
‫الحفصيين مع األعراب ‪,‬فقد تخاصم زعيم أوالد أبي الليل خالد بن حمزه مع إبن تافراجين‬
‫وانضم إلى أمير قسنطينة ‪,‬وبمقتض القانون الطبيعي لإلنقالب ‪,‬تخلى أوالد مهلهل عن‬
‫األمير المذكور وأيدوا أبا إسحاق‪ ,‬ولكن ذلك لم يخفف من الخطر الذي كان يهدد مدينة‬
‫تونس‪,‬فقد أعاد الكرة ضدها على التوالي أبو زيد ثم أخوه أبو العباس ‪.‬وفي سنة(‬

‫‪1‬‬
‫روبار برتشفيك‪ :‬المرجع السابق‪,‬ج‪,9‬ص ‪.274‬‬
‫‪66‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫‪756‬ه‪1355/‬م)‪,‬أزاج أبو العباس من قسنطية أبا زيد ‪,‬وسلم عنابة إلى أبي إسحاق والتجأ‬
‫عنده‪. 1‬‬

‫وبعد سيطرة على إفريقية للمرة ثانية من طرف أبي عنان وطردهم للمرة الثانية تولى‬
‫مقاليد الحكم في إفريقية أبو إسحاق إبرهيم لمدة وأعوام كامل دون أي منازعات داخل حدود‬
‫دولته وسيطرة العرب ‪.‬وفي عام ‪760‬ه‪1359/‬م أخذت النصاري بالد الحمامات ونقلت‬
‫جميع ما فيها لبالدهم وأقاموا بها يومين ينقلون ثم إنصرافوا عنها ‪.‬وفي سنة(‬
‫‪761‬ه‪1360/‬م) توجه المولى أبو إسحاق إلى بجاية فأخذها من بني مرين وأقام بها إلى‬
‫عام (‪765‬ه‪1364/‬م)‪.‬وفي سنة (‪766‬ه‪1364/‬م) نزل بإبن تافراجين مانزل بالناس مرض‬
‫الطاعون وتوفي في ربيع األول ‪.‬‬

‫وبعد وفاة ابن تافراجين إستولى المولى أبو إسحاق بأمور الحكم ‪ .‬و توفي أبو إسحاق‬
‫سنة (‪770‬ه‪1369/‬م) وتولى األمير أبو البقاء خالد الحكم‪ ,‬وتولى الحجابه أحمد بن إبرهيم‬
‫المالقى‪ ,‬فلم يترك لألمير شيئا فنهب األموال من الناس وأهان العلماء وقتل األفراد وكانت‬
‫أمورالبالد في يد زعيم عرب أبو الليل منصور بن حمزه‪. 2‬‬

‫وبعد ذلك تولي الحكم أبي العباس أحمد خليفة للبالد وبويع في تونس سنة ‪002‬ه الذي‬
‫يعتبر مجدد شباب الدولة الحفصية ‪.‬ومرجع الوحدة واألمن والهدوء واألستقرار الداخلي للبالد‬
‫بصعوبة في أواخر حكمه‪.‬وأن يعيد إلى األذهان صورة أقرب ماتكون إلى حالة القوة التي‬
‫كانت عليها الدولة في عهد أبي زكريا يحي بن عبد الواحد بن يحي بن بكر بن أبي حفص‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الفتاح ملقد ‪ :‬المرجع السابق ‪,‬ص‪ .44‬انظر أيضا محمد العروسي المطوي‪ :‬المرجع السابق‪,‬ص ص ‪.391 ,394‬‬
‫‪2‬‬
‫إبن الشماع ‪ :‬المصدر السابق‪,‬ص ص ‪.974,975‬‬
‫‪3‬‬
‫إبن الشماع‪ :‬المرجع نفسه‪,‬ص ص ‪.997,971‬‬
‫‪66‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وكان من بين ما قام به إسترجع اإلقطاعات التى منحها أسالفه للعرب وسحق ثوراتهم‬
‫وعمل على القضاء على نفوذهم ‪,‬وأقام عالقات طبية مع السلطان أبى سالم المريني ورفع‬
‫أنواع الفساد وكبح جماح العرب و إنتزع ما بايدهم من األمصار وسيطر أبو العباس على‬
‫كل بالد أفريقية ولم يترك قرية وال مدنية إال أخضعها لنفوذ الدولة الحفصية‪ ,‬وقضى على‬
‫نفوذ العرب قضاءا نهائيا‪ ,‬ولم يسمع صوت في البالد يعارض سياسته أويخرج على طاعته‬
‫أو يتحدى سلطته‪ ,‬وفي الحقيقة أقامة دولة قوية طول فترة حكمه‪ ,‬وبعده خلفه إبنه ابو فارس‬
‫عبد العزيز حيث إتبع سياسة والده في إدارة أمور الحكم ‪,‬لكن بعد وافاته عادت إلى اإلنقسام‬
‫بعد ذلك واتسع نفوذ األوربيين من خالل المنافسين الذين إستعانو بيهم على العرش‪ ,‬واسترد‬
‫العرب سيادتهم وأصبحت وحدة الدولة الحفصية مجرد سرابا‪ ,‬وتفككت الدولة وظهر التنافس‬
‫بين أبناء األسرة على الحكم‪ ,‬وتدخل األوربيون في هذا الصراع وانقسامة الدولة الحفصية‬
‫إلى قسمين وسقطت بعض أجزاء الدولة في أيدي األوربيين وسقطت نهائيا في عام‬
‫‪149‬ه‪9554/‬م‪.1‬‬

‫أما الجانب الثقافي لم يتأثر كثي ار باألوضاع السياسية التي كانت قائمة بين بني حفص‬
‫وبني مرين حيث كان جو العلم والتعاون بين تلمسان وفاس والمدارس التي أنشاها سالطين‬
‫بني مرين في المغرب األوسط ومدن المختلفة‪ ,‬وحركة تنقل في المخطوطات بين البلدين‬
‫ومدارس الزيتونة والقروين وتعاون تونس وفاس‪ ,‬واستقبال الطالب للدراسة والعلماء للتدريس‬
‫كل هذا كان يجري على قدم وساق في أقصى الظروف‪ ,‬فنجد أن أبا الحسن المريني عندما‬
‫أبحر من تونس عائدا إلى بالده إثر فشله في البقاء في إفريقية إصطحب معه نحو أربعمائة‬
‫عالم‪. 2‬‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحمن حسين العزاوي ‪ :‬المغرب العربي في العصر اإلسالمي‪,‬ط‪ ,9‬دار الخليج‪,‬عمان‪,2797,‬ص ص‬
‫‪.950,955‬‬
‫‪2‬‬
‫عيسئ الحريري‪ :‬المرجع السابق‪,‬ص ‪.294‬‬
‫‪67‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وكان العلماء يتنقلون من إفريقية إلى المغرب األقصى في يسر وسهولة دون أدنى‬
‫إعتراض وواصل بعض طالب بني مرين الدراسة في تونس وكذلك وصل بعض من علماء‬
‫بني مرين للتدريس في هذه المدرسة‪. 1‬‬

‫أما الجانب اإلقتصادي نجد أنه يتأثر بجو اإلضطربات السياسية حيث كانت العالقات‬
‫اإلقتصادية تنشط عند السلم والود حين يصبح الطريق أمنا أمام حركة القوافل التجارية‬
‫‪,‬وكانت قوافل الحج المتجهة إلى مصر والمشرق العربي بدور رئيسي في هذا النشاط‬
‫االقتصادي ‪.2‬‬

‫‪2‬ـ أثر الصراع السياسي على الدولة المرينية ‪:‬‬

‫بسبب الصراع القائم بين الدولتين الحفصية والمرينية لبسط نفوذ والسيطرة على بالد‬
‫إضطربات‪ ,‬خاصة في عهد أبي الحسن‬
‫ا‬ ‫المغرب اإلسالمي‪ ,‬جعل من الدولة المرينية تعيش‬
‫عند إستيالء على تونس ‪,‬حيث عهد األمير أبو عنان إلى إصدار وثيقة تشهد بوفاة أبي‬
‫الحسن بعد إنهزامه في موقعه القيروان‪ ,‬وشاع خبر وفاة السلطان أبي الحسن ‪,‬وبمقتض هذه‬
‫الوثيقة أصبح ألبي عنان الحق في إعتالء العرش المريني ‪,‬وبويع سلطان علي بني مرين‬
‫سنة (‪749‬ه‪1348/‬م)‪.3‬‬

‫وعندما علم أبو عنان أن والده علي قيد الحياة ‪,‬بعث لجميع عماله أن يصدوا أباه عندما‬
‫توجه إليهم وبادر إلى إرسال األمراء الحفصيين العاملين في المغرب األوسط إلى والياتهم‬
‫بإفريقية ليخوضوا الحرب ضد أبي الحسن إلسترجاع ملك أبائهم في إفريقية ‪.‬واستغلت القبائل‬

‫‪1‬‬
‫المقرئ‪:‬المصدر السابق‪,‬ج‪,4‬ص‪.374‬‬
‫‪2‬‬
‫الزركشي‪:‬المصدر السابق ‪,‬ص ‪.41‬‬
‫‪3‬‬
‫الزركشي ‪ :‬المصدر نفسه ‪,‬ص ‪.45‬‬
‫‪67‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫العربية هذا الجو المالئم ‪ ,‬فإنضمت إلى األمير أبي العباس الفضل الحفصي تعاونه على‬
‫‪1‬‬
‫إسترجاع ملك أبائه‪.‬‬

‫وبسبب هذه اإلضطرابات شعر أبو الحسن بضرورة العودة إلى المغرب ‪ ,‬وأن ال فائدة‬
‫من بقائه في إفريقيه ‪ ,‬حيث أصبح الخطر يحدق به من جميع الجهات ‪ ,‬وأصبح يرى ضياع‬
‫اإلنتصارات التي أحرزها بعد جهود كبيرة ‪ .‬فتمكن عثمان بن عبد الرحمان بن يحي بن‬
‫يغمراسن بن زيان من اإلستيالء على تلمسان سنة (‪031‬ه‪9434/‬م) ‪ .‬وكانت المعركة‬
‫تحتدم في المغرب األقصى بين ولده أبي عنان وحفيده منصور بن أبي مالك ‪ ,‬واستعانة أبو‬
‫عنان على منصور بن أبي مالك ‪ ,‬بإدريس بن عثمان إبن أبي العالء‪.‬‬

‫رأى أبو الحسن في ذلك إحياء ألطماع بني أبي العالء في تولي الحكم ‪.‬و أمام كل‬
‫مؤشرات الخطر هذه التي كانت تنذر بضياع الدولة المرينية ‪ ,‬قرر أبو الحسن الرحيل إلى‬
‫المغرب األقصى لمواجهة كل هذه األطماع ‪.2‬‬

‫عقد أبو الحسن إلبنه أبي الفضل على تونس ‪ .‬وركب أساطيله في البحر ‪ ,‬والتي تقدر‬
‫من ستمائة سفينة ‪ .‬وقد هاج البحر بهذه السفن ‪ ,‬وفارق من كان مع السلطان من الفقهاء‬
‫والعلماء والكتاب واألشراف ‪ ,‬وقذفت األمواج بأبي الحسن إلى شاطئ الجزائر وكان أهلها‬
‫مازالوا على طاعته ‪.3‬‬

‫تمكن أبو الحسن من إستجماع بعض قوته وأنصاره من عرب سويد في الجزائر ‪ ,‬واتجه‬
‫نحو تلمسان بهدف الحصول على أي إنتصار يدعم موقفه في المغرب األوسط ‪ ,‬ولكنه منى‬
‫بهزيمة فادحة ألحقها به أبو ثابت أخو عثمان سلطان بني عبد الواد الجديد ‪ .‬وأفلت‬

‫‪1‬‬
‫إبن القنفذ القسنطيني ‪:‬المصدر السابق‪,‬ص ص‪.904,902‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الرحمان إبن خلدون ‪:‬المصدر السابق‪,‬ج‪,0‬ص‪.201‬‬
‫‪ 3‬الزركشي‪ :‬المصدر السابق‪,‬ص‪.17‬‬
‫‪67‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫أبوالحسن من معركة إلى الصحراء ‪ .‬متجها نحو سلجماسة ‪ ,‬ولكنه لم يستقر بها إلن ولده‬
‫أبا عنان تقدم بجيوشه نحو سلجماسة ‪ ,‬وتوجه أبو الحسن إلى مراكش‪. 1‬‬

‫كان أبو عنان قد عاد من سلجماسة إلى فاس لتجهيز جيوشه لجولة جديدة مع والده أبو‬
‫الحسن ‪ ,‬الذي كان يستعد هو األخر للقاء أبا عنان ‪ ,‬والتقى الجمعان بتامرغوست في صفر‬
‫سنة (‪059‬ه ‪9457/‬م) وانتهت بهزيمة أبي الحسن ‪,2‬ولوالء فرسان بني مرين ودفاع أمير‬
‫الزواودة أبو دينار عنه لقتل في هذه المعركة‪ ,‬وفر أبو الحسن إلى جبل هنتاته حيث نزل في‬
‫حماية عبد العزيز بن علي الهنتاتي ‪ ,‬وبقي أبا عنان يلحق أبوه وحاصره بجبل هنتاته‪ ,‬و‬
‫طالت مدة الحصار فلم يتحمل أبو الحسن ذلك وأرسل إلى ولده أبو عنان أن يكف عن‬
‫‪3‬‬
‫الحصار وكتب له بالبيعة وتوفي أبو الحسن سنة (‪052‬ه‪9459/‬م)‪.‬‬

‫وبعد هذه األحداث التي جرت في عهد أبي الحسن وما نتج عنها تولى إبنه أبي عنان‬
‫الحكم و إستكمل مكان يفعله أبيه أبو الحسن في اإلستيالء على المغرب األدنى‪ ,‬وبالفعل‬
‫هاجمها وسيطر عليها مما نتج عن هذا الصراع السياسي‪ ,‬إنشقاق في الجيش المريني عند‬
‫مطاردته لزعيم العرب وانصرف كثير منهم إلى المغرب وخشيت القبائل المرينية أن يكون‬
‫مصيرها مصير قوات أبا الحسن من الهزيمة المخجلة فتسللوا من جيش السلطان ‪ ,‬فإنسحب‬
‫أبو عنان إلى المغرب‪ ,‬بعد أن لجأت قوات األسطول المريني إلى سفنها‪ ,‬وتركوا ما كان‬
‫معهم من العدة والعتاد وأبحروا من تونس‪.4‬‬

‫ولم يمضي كثي ار على عودة أبي عنان حتى مرض ولزم فراشه‪ ,‬ومضت األحداث تتابع‬
‫في شكل مريب في القصر السلطان‪ ,‬وأصبح السلطان في غيبوبة تامة وال يدري ما يجري‬

‫‪1‬‬
‫الزركشي ‪:‬المصدر السابق‪,‬ص ‪.17‬‬
‫‪2‬‬
‫لخضر عبدلي‪ :‬المرجع السابق‪,‬ص‪.14‬‬
‫‪3‬‬
‫إبن األحمر‪ :‬المصدر السابق‪,‬ص‪.25‬‬
‫‪4‬‬
‫عبد الفتاح مقلد الغنيمي‪ :‬المرجع السابق‪,‬ج‪,5‬ص‪.41‬‬
‫‪67‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫حوله حيث انقلب وزيره الحسن بن عمر الفودودي على إبنه ولي العهد األمير أبي زيان‬
‫حيث تم قتله وقتل وزيره موسى بن عيسى وعمر بن ميمون وتمت بيعة السلطان الصغير‬
‫السعيد بن ابي عنان واستقل الحسن بن عمر باالمر سنة( ‪051‬ه ‪9454 /‬م) ‪ ,1‬وتوفي أبو‬
‫عنان مقتول حيث تم خنقه بكتم أنفاسه من طرف وزيره الحسن بن عمر وكان ألنباء وفاته‬
‫أثر بالغ في سائر أنحاء المغرب وخاصة بني عبد الواد وبني حفص تلقوا هذا الخبر بإرتياح‬
‫كبير ‪ ,‬وكلهم أمال في تحقيق مطامعهم‪.2‬‬

‫وبعد مقتل أبرز السالطين بني مرين أبا عنان الذي نجح لفترة قصيرة في إحياء‬
‫إمبراطورية الموحدين بدأ المغرب األقصى في مرحلة جديدة في نظامها السياسي ‪ ,‬وكان أهم‬
‫عناصر هذا التحول ‪ ,‬هي إنتقال السلطة المركزية من يد السالطين إلى الوزراء ‪ ,‬حيث‬
‫كانت مقاليد السلطة كلها قبل ذلك في قبضة السلطان المريني وحده ‪ .‬وكان الوزراء مجرد‬
‫أدوات لتنفيذ أوامره ‪ ,‬وأصبح هذا التحول داللة قوية واضحة على إنتهاء عصر القوة في‬
‫الدولة المرينية‪.3‬‬

‫وصاحب هذه التطورات الخطيرة في جهاز الحكم في الدولة المرينية ‪ ,‬عودة الدولة‬
‫وتقلصها داخل حدودها السابقة في المغرب ‪ ,‬حيث حاصر الحفصيون قسنطينة واستردوا‬
‫بجاية‪,‬وتمكن أبو حمو موسى الزياني في ربيع األول سنة ( ‪047‬ه‪9451/‬م) ‪ ,‬من إستعادة‬
‫تلمسان بمعاونه بني عامر بن زغبة ‪ ,‬وهم من العرب بني هالل‪. 4‬‬

‫وبطبيعة الحال كانت هذه األحداث نهاية لسياسة المرينيين التوسعية ‪ ,‬وضياع كثير من‬
‫التضحيات المادية والعسكرية التي بذلها المرينيون في بالد المغرب األدنى والمغرب األوسط‬

‫‪1‬‬
‫إبن الخطيب‪ :‬اللمحة البدرية ‪ ,‬المصدر السابق‪,‬ص‪.975,973‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد الحميد حاجيات‪:‬ابو حمو موسئ الزياني‪ ,‬المرجع السابق‪,‬ص‪.43‬‬
‫‪3‬‬
‫عيسى الحريري‪:‬المرجع السابق‪,‬ص‪.950‬‬
‫‪4‬‬
‫يحي إبن خلدون‪:‬المصدر السابق‪,‬ج‪ ,2‬ص ص‪.21,20‬‬
‫‪67‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وكانت هذه الخسائر المادية الفادحة التي خسرها المرينيون طيلة السنوات تنفيذهم لهذه‬
‫السياسة من أهم األسباب ضعف دولتهم واندفاعها نحو اإلنحالل والتفكك ‪.‬حتى أصبحت‬
‫الفترة األخيرة من حياة الدولة المرينية تقترن سياسيا بهؤالء الوزراء المستبدين بها أكثر من‬
‫إقترانها بسالطين الدولة الذين كانوا أما صغا ار محجوبين بهؤالء الوزراء ‪ ,‬أو كبا ار ولكنهم في‬
‫أغلب األحيان ضعاف مجردون من السلطة والنفوذ‪.1‬‬

‫وانعكس إضطراب أوضاع السلطة المركزية وضعفها بتقلص رقعة بالد المخزن ( بالد‬
‫الخاضعة للحكومة ) واتساع رقعة بالد الخارجية عن الحكومة وذلك لحساب قوى اإلقتصادية‬
‫أو دينية او قبلية ‪ .‬مما ساعدة على ضعف السلطة ألن بني مرين كانوا يعتمدون على سند‬
‫قبلي ( بني مرين ) في حين كان أسالفهم المرابطون والموحدين يعتمدون على سند قبلي‬
‫وسند ديني ‪ ,‬مماإضطر المرينيين على اإلعتماد على بعض القبائل البدوية مقابل منحها‬
‫إقطاعات أرضية واعفاءات ضريبية ‪.‬‬

‫ورافق األزمة السياسية واإلجتماعية أزمة إقتصادية حادة فقد‪ ,‬تقلصت مساحة األراضي‬
‫المزروعة وتعطلت إلى حد بعيد التجارة الداخلية وتحولت التجارة اإلفريقية نحو تلمسان ونحو‬
‫ممتلكات الحفصيين في الشمال الشرقي ‪ .‬واستعادة تلمسان الزيانية قوتها وصراعاتها مع‬
‫عرب معقل أ سياد تافللت الواحة الهامة التي كانت تهيمن على التجارة االفريقية عبر‬
‫الصحراء ‪.‬‬

‫وكانت الدولة المرينية في المغرب في أواخر القرن الرابع عشر ميالدي تعاني إقتصاديا‬
‫مما تعاني منه سائر البالد المغرب ‪ .‬فقد شهدت هذه البالد عددا من الكوارث واألوبئة التي‬
‫أطاحت بكثير من عناصر قوتها اإلقتصادية ‪ ,‬وأدت إلى ضعف عام شمل دول بالد‬

‫‪1‬‬
‫عيسى الحريري‪ :‬المرجع السابق‪,‬ص‪.950‬‬
‫‪67‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المغرب ومن بينها الدولة المرينية ‪ ,‬وكانت أخطر هذه الكوارث ‪ ,‬وباء الطاعون الذي إنتشر‬
‫في الشرق والغرب في منتصف القرن الثامن الهجري ‪ ,‬وشمل بالد المغرب بكاملها‪. 1‬‬

‫حيث قال إبن خلدون ‪ >> :‬نزل بالعمران شرقا وغربا في منتصف هذه المائة الثامنة‬
‫من الطاعون الجارف الذي تحيف األمم وذهب باهل الجيل وطوى كثي ار من محاسن‬
‫العمران ومحاها وحاء للدول على حين هرمها ‪ ،‬وبلوغ الغابة من مداها فقلص من ظاللها‬
‫وفل من حدها واوهن من سلطانها وتداعت الى تالشي واالضمحالل احوالها وانتقص‬
‫عمران االرض بانتقاص البشر فخربت االمصار والمصانع ودرست السبل والمعالم وخلت‬
‫‪2‬‬
‫الديار والمنازل وضعفت الدول والقبائل ‪<<.‬‬

‫ولم تكن األوبئة هي كل ماأثر على الحياة اإلقتصادية في بالد المغرب األقصى فهناك‬
‫المجاعات ‪ ,‬التي يسببها النقص الشديد في المواد الغذائية ‪ ,‬نتيجة لفقر مصادرها ‪ ,‬وخاصة‬
‫مانعتمد عليه من مصادر الطبيعية كنقص في مياه األمطار ‪ ,‬ومن هذه المجاعات الشديدة‬
‫التي أضعفت الدولة المرينية وشمل أثرها سائر دول المغرب األخرى المجاعات العظيمة‬
‫التي حدثت في الربع األخير من القرن الثامن الهجري وبالتحديد في سنة (‪004‬ه‪/‬‬
‫‪9403‬م)‪.3‬‬

‫وفي الخير نقول أن الدولة المرينية لبسط نفوذها والسيطرة وارجاع اإلمبراطورية أدت بها‬
‫إلى الضعف واإلنهيار في النهاية مما إستغل البرتغاليون فإستولوا على سبتة سنة (‪494‬ه‪/‬‬
‫‪9395‬م) ‪ .‬ولقد أدت الى عجز المرينيون عن صدهم إلى قيام ثورة قضت على األسرة‬
‫المرينية ‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد خير فارس‪ :‬تاريخ المغرب العربي الحديث ( المغرب االقصئ لبيا)‪,‬منشورات جامعة دمشق‪ ,2777,‬ص‪.95‬‬
‫‪ 2‬عبد الرحمان ابن خلدون‪ :‬المصدر السابق‪,‬ج‪,9‬ص‪.54,52‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد خير فارس‪ :‬المرجع نفسه‪,‬ص‪.27‬‬
‫‪66‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أثر الصراع السياسي على الدولة الزيانية (بني عبد الواد)‬

‫لقد كانت الدولة الزيانية معجزة تاريخية ببقائها نظ ار لما واجهته من أخطار وعواقب على‬
‫عدة مستويات ‪ ,‬حيث كان موقعها الجغرافي والسياسي حساسا ‪,‬بوقوعها بين دولتين تتنافسان‬
‫على الزعامة وعلى بسط نفودها في المنطقة ‪,‬وكانت كل تدعي لنفسها أن لها شرعية وأحقية‬
‫لخالفة الدولة الموحدية ‪.‬ولقد كان هناك أثر واضح لهذا الصراع القائم على دولة بني عبد‬
‫الواد والذي تمثل في ‪:‬‬

‫أ ــ حصار السلطان المريني يوسف بن يعقوب (‪896‬ه‪8996/‬م)‪.‬‬

‫حيث قرر السلطان يعقوب المريني السيطرة على تلمسان بسبب إفريقية النها ليست‬
‫وضع باآلمن من خطر بني زيان فبعث في شهر صفر سنة (‪407‬ه‪9209/‬م) ولده االمير‬
‫عبد الواحد إلى مراكش لحشد الجيوش من القبائل العربية من مرين وغمارة‬
‫وصنهاجه‪,....‬لكن نجد أن السلطان المريني إضطر إلى طلب الصلح من يغمراسن بن زيان‬
‫التلمساني للتفرغ لمواجهة الخطر النصراني في األندلس‪,‬لكن السلطان تلمساني رفضت ذلك‬
‫بشدة مما مهد الطريق نحو المواجهة فإلتقى الجيشان في وادي إيلسى على مقربة من وجدة‬
‫وهزم الجيش الزياني ولم يكتفي المرينيون بهذا اإلنتصار بل قاموا بحصار تلمسان ‪.1‬‬

‫أحاط الجيش المرينين بتلمسان وضرب حولها سياجاً من األسوار وبني مدينة سماها‬
‫المنصورة وهي مدينة حربية مجاورة لتلمسان لزيادة الحصار قوة وشدة حيث شيد بها قصره‬
‫وبنى بجواره مسجد ومنارة على رأسها تفاحات من ذهب وبنى الناس حول قصره المنازل‬

‫‪1‬‬
‫عامر أحمد عبد اهلل حسن ‪:‬دولة بني مرين (تاريخها وسياستها تجاه مملكة غرناطة األندلسية والمماليك النصرانية في‬
‫إسبانيا (‪444‬ه ـ ـ ‪441‬ه)‪,‬مذكرة ماجستير في التاريخ ‪,‬بكلية الدراسات العليا‪,‬جامعة النجاح ‪,‬فلسطين ‪,2774,‬ص‬
‫ص‪.994,990‬‬
‫‪66‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫سور لكن عندما عادة لبني عبد الواد نجد أنهم هدموها‬
‫والقصور وأداروا على المدينة أ ًا‬
‫‪1‬‬
‫وخربوها وطمسوا معالمها‪.‬‬

‫وتوفي عثمان بن يغمراسن سنة (‪703‬ه‪9474/‬م )وبويع بعده أبو زيان محمد حيث‬
‫تولى الحكم في أحرج الظروف وأعسر األوقات فعاصمتهم مهددة بالسقوط ودولتهم منهارة‬
‫وحياتهم في إظمحالل وذلك كما نزل بهم من الحصار ‪,‬واستمر الحصار إلى ما بعد ثالث‬
‫سنوات أخرى وثالثة أشهر ‪.‬لكن بعد قتل السلطان يوسف بن يعقوب إنتهى الحصار بعد أن‬
‫أياما(‪414‬ه‪706( )9214/‬ه‪1306/‬م)‪.2‬بعد أن عان بنو‬
‫دام ثمان سنين وثالثة أشهر و ً‬
‫عبد الواد الجهد والجوع مالم تنله أمه من األمم ‪,‬حيث أشرفت حامية الجند وقبيلهم على‬
‫الهالك ‪,‬ومات فيها من رجالهم ونسائهم زهاء مائه وعشرين ألف نسمة ونالهم من الجهد‬
‫‪3‬‬
‫وغالء األسعارها ال نظير له في التاريخ‪.‬‬

‫ب‪/‬حصار السلطان أبا الحسن المريني(‪735‬ه‪737/‬ه)‬

‫أما في عهد أبي الحسن بن أبي سعيد المريني نجد أنه عندما تربع على العرش إتبع‬
‫وفدا‬
‫سياسة والده مع بني حفص ‪,‬وبني زيان ‪,‬إذ إستكمل مساعي والده‪ ,‬حيث نجد أنه أرسل ً‬
‫دبلوماسيا إلى تلمسان ‪,‬في محاولة منه إلقناع العاهل الزياني على االقالع عن مهاجمة‬
‫أراضي الحفصية خاصة مدينة بجاية ‪,‬لكن أبا تاشفين رأى في هذه المطالب تدخال في‬
‫وتهديدا لسيادته واستقالله ‪.4‬‬
‫ً‬ ‫شؤونه‬

‫يحي إبن خلدون ‪:‬المصدر السابق‪,‬ج‪,9‬ص‪.297‬أنظر أيضا عبد الرحمان ابن خلدون‪:‬المصدر السابق‪,‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫ص‪250,254‬‬
‫‪ 2‬عبد الرحمان حسين العزاوي ‪:‬المرجع السابق‪,‬ص‪909‬‬
‫‪ 3‬لخضر عبدلي ‪:‬المرجع السابق‪ ,‬ص‪40‬‬
‫‪4‬‬
‫يحي إبن خلدون‪:‬المصدر نفسه‪,‬ج‪,9‬ص‪.294‬‬
‫‪66‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫فنهض إليه أبو الحسن في جيش كبير سنة ‪732‬ه‪1332/‬م‪.‬واتجه نحو تاسالة ‪,‬وضرب‬
‫حصار وأطال المقام بها ‪,‬ولقد إستطاعت الجيوش المرينية الحفصية المشتركة ‪,‬أن‬
‫ًا‬ ‫عليها‬
‫تضرب الحامية الزيانية في الحصن الشرقي سنة ‪733‬ه‪1333/‬م حيث تمكنت من تقليص‬
‫نفوذ بني زيان في المنطقة الشرقية لكنها عجزت عن القضاء عليهم ‪.1‬‬

‫ولما تغلب السلطان أبو الحسن المريني على أخيه الثاني وقتله سنة( ‪734‬ه‪1334/‬م‬
‫)‪,‬وأعاد اإلستقرار لبالده ‪,‬قرر العودة مرة ثانيه لتلمسان سنة ‪735‬ه فحاصر وجدة واستولى‬
‫على ندرومة‪ 2‬وهنين‪ 3‬ونزالة وتاسالة ‪,‬وبايعته توجين ومغراوة وانبثت سراياه في الجهات‬
‫فأخضعت له سنة ‪736‬ه‪9444/‬م تنس ‪,‬ومليانة ‪,‬وسائر أنحاء المغرب األوسط‪,‬فولى بها‬
‫العمال وتوجه لحصار تلمسان فخندق أبو الحسن بمعسكره وقام ببناء المنصورة بعد أن‬
‫مقر له ولحاشيه ‪,‬ودام الحصار‬
‫هدمها التلمسانيون عندما إنتهى الحصار الطويل ليصبح ًا‬
‫أكثر من ثالثين شهر قاوم بني زيان أثناءها مقاومة شديد أمام الحصار وأالت الضخمة‪.4‬‬

‫ودخل أبا الحسن المدينة بعد أن تفطن لمصدر المياه التي كانت تزود المدينة فقطعه عنها‬
‫وسقطت الدولة الزيانية سنة( ‪737‬ه‪1337/‬م )‪ ,‬فإنحاز أبو تاشفين وثالثة من أبنائه ووزيره‬
‫موسئ بن علي الكردي إلى باب القصر وبقوا يقاتلون دون توقف إلى أن إستشهدوا جميعا‬
‫ماعدا سعيد بن موسئ الذي هرب مجراح مذبوحا من القفا ‪,‬وقد وصل عدد القتلى على ما‬
‫يروى ‪ 47‬ألفا‪ 5‬واستولى السلطان أبو الحسن على تلك المملكة المؤثلة بما إستملت عليه من‬

‫‪1‬‬
‫عبد الرحمان إبن خلدون‪:‬المصدر السابق‪,‬ج‪,0‬ص‪.224‬‬
‫‪2‬‬
‫ندرومة‪:‬مدينة تقع شمال غرب تلمسان وهي قريبة من ميناء هنين‪.‬انظر حسن الوزان ‪,‬المصدر السابق‪,‬ج‪,2‬ص‪.94‬‬
‫‪ 3‬هنين ‪:‬مدينة صغير بتلمسان ‪,‬لها ميناء صغير محروس ببرجين ‪ ,‬وتحيط بها أسوار علية ال سيما من جهة البحر‪ .‬انظر‬
‫‪.94‬‬ ‫حسن الوزان ‪:‬المصدر نفسه‪,‬ج‪,2‬ص‬
‫‪4‬‬
‫عبد العزيز فياللي ‪:‬المرجع السابق‪,‬ص ص‪.30,34‬‬
‫‪5‬‬
‫يحي بن خلدون ‪:‬المصدر السابق‪,‬ج‪,9‬ص ص‪.291,294‬‬
‫‪66‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫نفيس الحلى وثمين الذخيرة وفاخر المتاع ‪,‬وبديع اآلنية وصامت المال وضروب الرقيق‪.1‬‬
‫واختفت رسومها وزال نفودها ‪.‬وحل محلهم بنو مرين في المغرب األوسط لمدة زمنية زادت‬
‫عن إثني عشر سنه ‪,‬وهو االختفاء األطوال في تاريخ بني زيان ‪.‬‬

‫ج‪/‬حصار السلطان المريني أبي عنان( ‪773‬هـ ‪777/‬ه) (‪8373‬م ‪8377/‬م) تلمسان‪.‬‬

‫في عهد أبي عنان بدأت اإلستعدادات العسكرية تجري في فاس الجديد على قدم وساق‬
‫‪ ,‬ولم تكن هذه اإلستعدادات التي تجري في فاس بخافية عن أبي سعيد عثمان بن عبد‬
‫الرحمن الزياني وأخيه أبي ثابت اللذين أخذا في اإلستعداد لمالقاة أبي عنان ‪,‬و إلتقى‬
‫الجمعان في أخر ربيع الثاني (‪054‬ه‪9452/‬م) فإنهزم بنو عبد الواد بعد خديعه بني عامر‬
‫لهم‪.‬فكبا بالسلطان أبي سعيد فرسه فأسر وجئ به إلى أبي عنان فأمر بقتله وفي نفس الشهر‬
‫دخل أبو عنان تلمسان وسط مظاهر القوة والغلبة ‪.2‬‬

‫أما أبو ثابت ‪,‬فقد تابعته حملة مرينيه بقيادة الوزير فارس بن ميمون ‪,‬وألحقت هذه‬
‫الحملة بأبي ثابت ومن معه من زناته هزيمة فادحة بناحية شلف ‪,‬وفر أبو ثابت على أثرها‬
‫إلى شرق المغرب األوسط ‪,‬ولسوء حظه واعترضته قبائل زواوة ‪,‬وألقت القبض عليه وعلى‬
‫أبي زيان إبن أخيه سعيد ووزيرهم يحي بن داود وقام أبي عبد اهلل محمد بن أبي زكريا‬
‫الحفصي أمير بجاية ‪,‬بتسليمهم إلى السلطان أبي عنان ‪.‬فأصدر أوامر بقتل أبي ثابت ووزيره‬
‫يحي بن داود بينما سجن أبا زيان بن أبي سعيد ‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫ابن الخطيب‪:‬رقم الحلل في نظم الدول‪,‬المصدر السابق‪,‬ص ص‪.03,04‬‬
‫‪2‬‬
‫عيسئ الحريري ‪ :‬المرجع السابق‪,‬ص ‪.942‬‬
‫‪3‬‬
‫يحي بن خلدون ‪ :‬المصدر السابق‪,‬ج‪,9‬ص ‪ .234‬انظر أيضا التنسي‪ :‬المصدر السابق‪,‬ص ص ‪.955,953‬‬
‫‪67‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وبذلك إستقرت األوضاع للمرينين في المغرب األوسط ثانية ‪,‬وبقيت تلمسان وبالد‬
‫المغرب األوسط تابعة لسلطة بني مرين لمدة سبع سنوات أخرى إلى أن كانت الكرة الثالثة‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬على يد أبي حمو موسى بن يوسف إبن عبد الرحمن الذي تمكن من إنتزاعها منهم‪.‬‬

‫أما على الجانب االقتصادي لدولة الزيانية نجد أنه مرة بمختلف مراحل وذلك بتأثير‬
‫العوامل السياسية واإلجتماعية التي شهدتها تلمسان وخاصة خالل حصارها من قبل المرينين‬
‫لكنا نستطيع القول حين ننظر إلى الحياة االقتصادية نظرة عامة ‪,‬نرى أنها كانت في رقي‬
‫إقتصادي حيث إنتقل الناس به من البداوة إلى الحضارة ‪,‬وتعتبر الدولة الزيانية من أعظم‬
‫‪2‬‬
‫الدولة التي أكتسبت المغرب األوسط حضارة مادية نادرة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫لخضر عبدلي‪ :‬المرجع السابق ‪,‬ص ص ‪.979,977‬‬
‫‪2‬‬
‫لخضر عبدلي ‪ :‬المرجع نفسه‪,‬ص ‪.944‬‬
‫‪67‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫المبحث الثالث ‪:‬أثر الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين على األندلس ‪:‬‬

‫شهد النصف الثاني من القرن التاسع الهجري الخامس عشر للميالدي أحداثا كبيرة‬
‫وأخطار جسيمة ساهم كل منها بطريقة أو بأخر في سقوط دولة بني أحمر ‪ ,‬وقد وقعت هذه‬
‫األحداث في شمال إفريقية وباألخص الصراع السياسي الذي حدث بين الدولة الحفصية‬
‫والدولة المرينية بسبب سياسة النفوذ التوسعية لبسط النفوذ والسيطرة واعادة المجد‬
‫اإلمبراطورية الموحدية ‪ .‬ولقد أضعف هذا الصراع بني مرين سياسيا واقتصاديا وعسكريا‬
‫وكذلك بني حفص مما أدى إلى ظهور فتن وثورات وتمردات التي أدت إلى ضعف ميزانية‬
‫الدولة وضعف أسطولها البحري‪.1‬‬

‫وكان جل إعتماد بني األحمر في سياسته على تحالفه مع بني مرين ملوك المغرب‬
‫األقصى‪ ,‬وبفضل هذا التحالف إستطاع بنو األحمر رد هجمات ملك قشتالة عام (‪447‬ه‬
‫‪9249/‬م) وفي عهد أبو عبد اهلل محمد الثالث وكان حاكما قدي ار نجد أن أخاه نصر إنقلب‬
‫عليه واغتصب منه العرش فإنتهز القشتاليون الفرصة وجددوا هجومهم على غرناطة ‪.2‬‬

‫وساعدهم ملك أرغون ‪ ,‬واضطر نصر إلى دفع الجزية فإستاء الشعب والفقهاء بغرناطة‬
‫وخلعوه سنة( ‪494‬ه‪9493/‬م) ‪ ,‬وبعد تنازله نفى الملك أبو الجيوش إلى وادي اش ‪ ,‬وظل‬
‫فيها حتى وفاته المنيه في سنة (‪022‬ه ‪9444/‬م )‪3.‬وكان عهد أبو الحجاج يوسف مزدهر‬
‫ونعم الناس بالعيش الرغيد حيث إستمر حكمه ‪ 49‬سنة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أحمد توفيق محمد محاسنة ‪ :‬الحياة السياسية في دولة بني األحمر من ‪421‬ه‪9242/‬م الى ‪410‬ه‪9312/‬م ‪ ,‬رسالة‬
‫ماجستر في التاريخ ‪ ,‬كلية الدراسات العليا الجامعة األردنية ‪ ,‬سنة ‪9110‬م‪ ,‬ص ‪.944‬‬
‫‪2‬‬
‫حسين خليفة ‪ :‬تاريخ العرب في إفريقيه واألندلس ‪ ,‬دار العلوم العليا ‪ ,‬ط‪9144 ,9‬م‪,‬ص‪.249‬‬
‫‪3‬‬
‫إبن الحطيب ‪ :‬األحاطة أخبار غرناطة ‪ ,‬ج‪ ,4‬تح‪ :‬محمد عبد اهلل عنان دار المعارف ‪ ,‬مصر ‪ ,‬ج‪.433‬‬

‫‪67‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وبعده خلفه إبنه محمد الغني باهلل وكان أخر ملوك تاريخ غرناطة وفي عهد جمع ملك‬
‫قشتالة قوات ضخمة من القشتاليون ‪ ,‬وانضمت إليهم قوات أخرى من األرغونين والبرتغاليون‬
‫وسار الجميع ووجهتهم مدينة طريف لإلستيالء عليه بصورة نهائية لقطع الطريق بين‬
‫األندلس والمغرب ‪ ,‬وبالفعل إلتقى المسلمون والنصارى وانهزم المسلمون في هذا اللقاء‬
‫ودارت عليهم هزيمة حاسمة في تاريخ األندلس ‪ ,‬هي هزيمة طريف سنة ‪039‬ه‪9437/‬م‬
‫وعقب تلك الهزيمة سقطت طريف وتمهد الطريق لسقوط جبل طارق والفصل النهائي بين‬
‫‪1‬‬
‫األندلس والمغرب ‪ .‬وكانت هذه المعركة نهاية للمعاونة المرينية باألندلس‪.‬‬

‫إذ هاجم المسيحيون على غرناطة ومع أنهم هزموا شر هزيمة عند قدومهم إال أنهم‬
‫خربوا ماحول غرناطة ‪ ,‬وعاد داء الفتن واإلنقسام يدب دبيبه في جسم الدولة الباقية للمسلمين‬
‫في اإلندلس ومرت خمسة سنوات كانت كلها في تطاحن داخلي زاد المسلمين وهنا على وهن‬
‫ومما زاد األمر سوءا إجتياح الطاعون غرناطة سنة ‪433‬ه ‪9339 /‬م‪ ,‬فهرب الكثيرون من‬
‫أهلها إلى مالقة ‪ .‬ثم أغار القشتاليون على غرناطة واستمرت الحرب طويال‪ ,‬فخربت كل‬
‫عامر في أرجاء االمارة من قصور وحصون وأصبحت ترابا ‪.‬وأحدقوا بغرناطة‪ ,‬فاضطر‬
‫أ ميرها ابن اسماعيل ان يعترف بالخضوع لهنري الرابع ويحكم البالد بإسمه ويدفع له الجزية‬
‫سنوية مقدارها ‪ 92‬ألف دينار واستمر هذا العهد قائما حتى وفاته سنة ‪407‬ه‪9344/‬م ‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫حسين مؤنس ‪ :‬معالم تاريخ المغرب واألندلس ‪ ,‬مكتبة األسرة ‪.352 ,2773 ,‬‬
‫‪2‬‬
‫حسين مؤنس ‪:‬المرجع السابق‪ ,‬ص‪244‬‬
‫‪67‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫سقوط غرناطة ‪:‬‬

‫خلفه إبن إسماعيل اكبر أوالده أبو الحسن علي حيث كان له زوجتان أحدهما إبنه عمه‬
‫مسلمه عائشة والثانية مسيحية إسمها إيزبيال وهي المعروفة بالزهرة ‪ ,‬حيث كانت موضع حبه‬
‫وذات الحظ هي وأوالدها ‪ .‬مما أحقد عليه زوجته عائشة وابنه وأدت ثورة اإلبن ضد أبيه‬
‫إلى ضياع ما تبقى من ملك اإلسالم األندلس ‪.1‬‬

‫وكان هناك زواج يعقد في الدولة اإلسبانية المسيحية يبشر المسيحيين بالنصر ‪ ,‬وهو‬
‫زواج فردنايد أمير قشتالة من إيزابيال ملكة أرغونه عام ‪403‬ه ‪9341/‬م مما ترتب عليه‬
‫إتحاد ملكيهما وانضم إليهم ليون بعد ذلك وكان كل من الزوجين متعصبا يكره المسلمين‬
‫‪2‬‬
‫فصمما على طردهم من غرناطة وانتظر الفرصة لذلك ‪.‬‬

‫بعد أن إستقرت األمور ألبي الحسن لمحاربة النصارة فهاجم أراضيهم وافتتح عدة‬
‫أماكن ‪ ,‬وذلك في أواخر عهد ملك قشتالة هنري الرابع ‪ .‬وبعد وفاته هاجم أبو الحسن على‬
‫النصارى ‪ ,‬فطلب النصارى أن تعقد هدنة بين الطرفين ‪ ,‬وعندئذ أرسل أبو الحسن موافقته ‪,‬‬
‫ولكن فرناند وايزابيال إشترطا أن تعترف مملكة بني األحمر بطاعتها لهم ‪ ,‬وأن تؤدي الجزية‬
‫لهما ‪ ,‬فرفض أبو الحسن مما جر على نفسه كل من التعصب والبغضاء المسحية ‪,‬‬
‫وأصبحت أيام بني األحمر محدود ة ‪ ,‬ورد المسحيون سريعا بعد مهاجمة أبو الحسن الزهراء‬
‫واحتللها وقتلو حاشيتها من النصرانية ‪.3‬‬

‫المقرى ‪ :‬نفح الطيب من غصن االندلس الرطيب ‪ ,‬جزء ‪ , 5‬تح ‪ ,‬احسان عباس ‪ ,‬دار صادر ‪ ,‬بيروت ‪9144 ,‬م‪,‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪592‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد عبد اهلل عنان ‪ :‬نهاية االندلس وتاريخ العرب المنتصرين ( وهو العصر الرابع من كتاب دولة االسالم في االندلس)‬
‫‪ ,‬ط‪ ,2‬القاهرة ‪9154 ,‬م‪ ,‬ص ‪.997‬‬

‫ارسالن شكيب ‪ :‬خالصة تاريخ االندلس ‪ ,‬دار مكتبة الحياة بيروت ‪9144 ,‬م‪,‬ص‪.942‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪67‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫واستولى المسحيون على الحمة ‪1‬وهي مدينة حصينة على بعد ‪ 57‬ميال من غرناطة‬
‫وهي مفتاح الطريق إليها ‪ .‬ولما سقطت في أيديهم أحرقوها بعد أن نهبوا مافيها وقتلوا جميع‬
‫من بها من الرجال والنساء واألطفال ‪ ,‬فوقع الرعب والفزع في أهل غرناطة ‪ .‬وتم أيضا‬
‫تدمير إمارة مالقة ‪ .‬لكن الزغل إستطاع أن يهزم المسحيين وأصبح على كل لسان في‬
‫غرناطة ‪ ,‬فأراد أبو عبد اهلل أن ينافسه ويقلده في مواجهة المسحيين لكن هزم وأسروه ‪ ,‬ومن‬
‫ثم أطالق سراحه من طرف فرديناند وايزابيال لتحقيق ماكان يسعيان إليه من نشر التفرق‬
‫واإلنقسام حيث أطلق صراحه ومده بالمال والرجال ليحارب عمه الزغل ‪ ,‬واستطاع بفعل أن‬
‫يستولي على أحدى ضواحي غرناطة ‪ ,‬وتحالف فرديناند مع أبي عبد اهلل على إعطائه البالد‬
‫التي يقوم بفتحها م ن إمارة الزغل ‪ ,‬وكان المغرب اإلسالمي في ذلك الوقت عندما إستغاث‬
‫بهم المسلمون باألندلس كانوا منشغلين بجروبهم وصراعاتهم الداخلية مما إضطر الزغل‬
‫‪2‬‬
‫الخروج إلى إفريقية‪.‬‬

‫وبدأ فرديناند حصاره لغرناطة سنة ‪414‬ه‪9319/‬م وأنشا لعساكره مدينة سماها شنتقي‬
‫‪3‬‬
‫أي (اإليمان المقدس) على مقربة من غرناطة ‪ ,‬حتى تكون ملجا لهم خالل فصل الشتاء‬
‫مما أدى إلى إنقطاع الجالبة ونقص في الطعام واشتد الغالء وعظم البالء ومنع المسلمين‬
‫‪4‬‬
‫من الحرب ‪.‬‬

‫الحمة او الحامة ‪ :‬مدينة تقع في قلب دولة بني االحمر الى الجنوب الغربي من غرناطة ‪ .‬وقد وصفها ابن الخطيب انها‬ ‫‪1‬‬

‫تشتهر بزراعة الجنوب ‪ ,‬وخاصة القمح ‪ ,‬وتعتمد فرالزراعة على مياه االمطار ‪ .‬انظر ابن الخطيب ‪ :‬معيار االختيار في‬
‫ذكر المعاهد والديار ‪ ,‬تح ‪ :‬محمد كمال شبانه ‪ ,‬مكتبة الثقافة الدينية ‪2772 ,‬م‪ ,‬ص‪.923‬‬
‫‪ 2‬حسين خليفة ‪ :‬المرجع السابق ‪ ,‬ص‪245‬‬
‫‪ 3‬عبد الحكيم ذنون ‪ :‬افاق غرناطة ‪ ,‬ط ‪ , 9‬دار المعرفة ‪ ,‬دمشق ‪ 9144 ,‬ص ‪.57‬‬
‫‪ 4‬محمود السيد ‪ :‬تاريخ العرب في بالد االندلس ‪ ,‬مؤسسة شباب الجامعة ‪ ,‬االسكندرية ‪2777‬م‪ ,‬ص ‪.997_970‬‬

‫‪67‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وخالل فترة الحصار الطويلة كانت تحدث بين الفينة واالخرى مناوشات ومعارك جانبية‬
‫بين الطرفين ‪ ,‬ولكنها لم تكن حاسمة رغم سقوط الكثير من القتلى والجرحى بين صفوف‬
‫الطرفين ‪ ,‬وأمام قوة العدو وكثرة عدده كان لزاما على األندلسيين تجنب المواجهات المباشرة‬
‫في ساحات القتال المكشوفة ‪ ,‬إذ كانوا في أغلب األحيان يبادرون بالهجوم على معسكر‬
‫العدو تحت جنح الليل ‪ ,‬ويتعرضون لقوات العدو في الطرقات بنصب الكمائن ‪ ,‬وبفضل هذه‬
‫اإلستراتيجية إستطاع المسلمون أن يشتتوا قوات العدو في الكثير من مرات ‪ ,‬وأن يغتنموا‬
‫الكثير من الغنائم من خيل وبعال وغنم وبقر وغير ذلك ‪ ,‬مما ساهم بشكل كبير في التقليل‬
‫من تبعيات الحصار خالل تزويد السكان بالمؤن ‪.1‬‬

‫وقد أبلى المسلمون بالء حسنا في الدفاع عن مدينتهم وقراهم ‪ ,‬إلى أن طال عليهم‬
‫األمد وأصبحت األوضاع كارثية داخل المدينة ‪ ,‬لعدم وصول أي إمدادات من خارجها ‪ ,‬إذ‬
‫شدد األ سبان عليها الخناق ‪ ,‬وكان يصادرون أي سلعة مهما كان نوعها في طريقها إلى‬
‫المدينة فتفشت األمراض وانتشرت المجاعة ‪ ,‬وزاد األمر سوء بدخول فصل الشتاء وهطول‬
‫كميات كبيرة من الثلوج على المدينة ‪.2‬‬

‫وأمام هذه األوضاع الكارثية وجد أبو عبد اهلل الصغير نفسه أمام خيارين ‪ ,‬أما تسليم‬
‫المدينة للنصارى أو بقاء المدينة تحت الحصار إلى أن يموت أهلها جوعا ‪ ,‬ومال غالبية‬
‫القادة إلى الرأي األول وهو تسليم المدينة للنصاري‪.3‬‬

‫‪ 1‬مؤلف مجهول ‪ :‬نبذة العصر في اخبار بني نصر ‪ :‬تع الفريد البستاني ‪ .‬ط‪ ,9‬مكتبة الثقافية الدينية ‪,2772 ,‬ص ص‬
‫‪.41,44,40‬‬
‫‪ 2‬مؤلف مجهول ‪ :‬نبذة العصر ‪ ,‬المصدر السابق ‪ ,‬ص ‪. 41‬‬
‫‪ 3‬عبد الحكيم دنون ‪ :‬المرجع السابق ‪.‬ص‪.59‬‬

‫‪66‬‬
‫أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس‬ ‫الفصل الثالث‬

‫وبعد عدة مفاوضات ومحادثات تم اإلجماع في األخير على تشكيل وفد للتفاوض مع‬
‫الملكين فرديناند وايزبيال ‪ ,‬وانتهت تلك المفاوضات بتوقيع المعاهدة من قبل الملكين فرديناند‬
‫وايزبيال سنة ‪410‬ه ‪9319/‬م وكانت من أهم الشروط التي تم اإلتفاق عليها مايلي ‪:‬‬

‫يتم تسليم غرناطة بعد ستين يوما من تاريخ توقيع المعاهدة وأن يقدم الملك أبو عبد اهلل‬
‫خمسمائة رهينة من أعيان غرناطة ضمانا لعدم الغدر ويتعهد الملكان وخلفائهما إلى األبد‬
‫‪1‬‬
‫بأن يترك للمسلمين حريتهم الدينية ‪ ,‬وأن يقصي بينهم وفق شريعتهم وعلى يد قضاتهم‪.‬‬

‫وبعد إخالء مدينة غرناطة في أعقاب توقيع المعاهدة فتحت أبواب غرناطة وقصورها‬
‫للنصارى ‪ ,‬فدخلوها واحتلوا المدينة في ‪410‬ه‪9312/‬م وخرج أبو عبد اهلل الصغير وحاشيته‬
‫في اليوم نفسه الذي إحتلها فيه القشتاليون فقد حملوا أمتعتهم واموالهم إلى حصن اندرش في‬
‫منطقة البشرات جنوب جبل شلير ‪ ,‬وفي العام التالي أمره ملك قشتالة بالجوار إلى المغرب ‪,‬‬
‫وأعد له المراكب ‪ ,‬فرحل ومعه كثير من المسلمين واستقر في فاس حتى وفاته سنة( ‪137‬ه‬
‫‪2‬‬
‫‪9544/‬م‪).‬‬

‫أما عن الملكان الكاثوليكيان فقد أظهر للمسلمين في البداية إلتزامها بالشروط وبكل‬
‫ماتضمنته المعاهدة من إلتزامات تجاه المسلمين ‪ ,‬ولكن ذلك لم يكن سوى ذر للرماد في‬
‫العيون ‪ ,‬فما أن إطمئن بهما المقام في غرناطة ‪ ,‬واستقر النصارى فيها حتى أخذا ينقصان‬
‫‪3‬‬
‫المعاهدة فصال فصال ‪ ,‬إلى أن نقضاها جميعها ‪.‬‬

‫الناصري ‪ :‬االستقصاء ‪ ,‬ج‪,3‬ص‪ 973‬وانظر ايضا اسراء احمد ‪ :‬مقال حول بنو نصر ( بنو االحمر ) بغرناطة ‪,‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2792/74/92‬م‪,‬ص‪.9‬‬
‫‪ 2‬المقري ‪ :‬نفج الطيب ‪ ,‬ج‪ ,3‬ص ‪ .521_525‬انظر حسين خليفة ‪ :‬مرجع السابق ‪ ,‬ص‪.241‬‬
‫‪ 3‬المقرئ ‪ :‬أخبار الرياض في أخبار عياض ‪ ,‬ج‪,9‬تح‪ :‬الكتور احسان عباس‪,‬دار صادر‪,‬بيروت ‪,9144,‬ص ص‪.41,44‬‬
‫انظر أيضا سعد بن عبد اهلل البشرى ‪ :‬جماعات الحرمان الدينية االسبانية و حروبها مع المسلمين في االندلس ‪ ,‬مجلة‬
‫جامعة ام القرى ‪ ,‬السنة الخامسة ‪ ,‬العدد السابع ‪9394 ,‬ه ‪ ,‬ص ‪.290‬‬
‫‪66‬‬
‫الخاتمة‬
‫الخاتمة‬
‫ما نستخلصه في األخير من خالل تتبعنا المسار التاريخي لصراع السياسي الحفصي‬
‫المريني نالحظ أنها كانت بين مد وجزر‪ ،‬تارة تجمعها حروب وصراعات و تارة أخرى صلح‬
‫وهدنة ‪ ،‬ولقد إعتمد الطرفان في ذلك على عدة عوامل ‪ ،‬مستغلين ظروف بعضهما السياسة‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية ـ ولعل ما استخلصنا منه من خالل طبيعة هذا الصراع السياسي‬
‫نجد أنه في بداية األمر لم يكن صراع محتدم بل كانت هناك عالقات ودية بينهما فقد أعلن‬
‫المرينيون تبعيتهم لبني حفص‪ ،‬ولكن الغرض من إعالن تبعيتهم واإللتزام بها هو إضافة نوع‬
‫من الشرعية على حركتهم في تصفية الموحدية ‪.‬‬

‫ولقد ذهبوا بتبعتهم إلى أبعد حدود ‪ ،‬وأصبحت بينهما تبادالت في مساعدات الحربية‬
‫ولكن في عهد أبي الحسن وأبي عنان هذا الود لم يدم طويال‪ ،‬بسبب طموحاتهم في تنفيذ‬
‫مشروع التوسع وبسط نفوذهم والسيطرة على المغرب األدنى والمغرب األوسط‪ ،‬وإلحياء‬
‫الخالفة الموحدية‪ ،‬وكانت الفرصة مواتية عندما توفي أبو يحي ابن أبي زكريا الحفصي‬
‫وظهور الصراع حول الملك في إفريقية فكانت الفرصة للمرينيين التدخل في إفريقية والسيطرة‬
‫عليها وبفعل تم سيطرة عليها في عهدي أبي الحسن ثم إبنه أبي عنان ‪.‬‬

‫ولقد كانت القبائل البربرية والعربية لها دور في تزكية هذا الصراع ‪ ،‬والتي كانت تتحالف‬
‫مع بني حفص تارة وبني مرين تارة أخرى ‪ ،‬حسب ما تقتضيه مصالحها ‪ ،‬إذ صارت محل‬
‫إسترضاء سالطين الدولتين ‪ ،‬حتى أصبحت عصبا هاما يحرك سياسة هؤالء السالطين بعد‬
‫إن اعتمد بعضهم اعتمادا كليا على هذه القبائل للحفاظ على ملكهم ‪ ،‬فما إن تضطرب‬
‫األحوال السياسية حتى نرى بعضهم ثائرين أو مؤيدين للحركات الخارجية عليها‪.‬‬

‫كان من أثار الصراع السياسي على القوتين المتصارعتين فشل المرينيين في خطتهم‬
‫الحربية في األندلس بسبب انشغال جيوشها في عدة مواجهات في الشمال اإلفريقي مما أدى‬
‫إلى ضعف الجيش وانهاك قوته الحربية وضعف خزينة الدولة‪ .‬وبعد وفاة أبي عنان انتهى‬

‫‪98‬‬
‫الخاتمة‬
‫عصر سالطين بني مرين األقوياء وبدأت مرحلة جديدة اتسمت بالضعف وتغلغل نفوذ‬
‫الوزراء مما سيؤدي في النهاية إلى سقوط الدولة ‪.‬‬

‫أما الدولة الحفصية فكانت من أبرز أثار هذا الصراع أنها بقيت منقسمة فيما بينها‬
‫وتولت القبائل العربية مقاليد الحكم طيلة فترة الصراع ‪ ،‬مما أدى بعد ذلك إلى إنقسامها‬
‫وتدخل األروبيين بشؤونها‪.‬‬

‫أما إفريقية نجد أن األهالي كانوا يرفضون الحكم المريني أو حتى المجرد الوالء أو‬
‫التبعية له ‪ ،‬ألنهم كانوا في ظل حكم الحفصيين يتمتعون بكثير من الحرية ‪،‬حيث لم يحكم‬
‫الحفصيون قبضتهم كثي ار على رعاياهم ‪ ،‬أما بنو مرين فكانوا يحاولون أن يطبقوا في إفريقية‬
‫نفس السياسية التي كانوا يتبعونها في دولتهم بالمغرب األقصى‪ ،‬تلك السياسة التى لم تجد‬
‫قبوال لدى الكثيرين ‪ ،‬ويبدو أن تحقيق الوحدة بين األقاليم باختالف القوى السياسية التي‬
‫حكمتها بعد إنهيار الدولة الموحدية وأحدثت هذه القوى تغيرات جذرية في نظامها ‪ ،‬وبالتالي‬
‫في طباع شعوبها وأنماط حياتها ‪ ،‬فبانت هذه الشعوب ترفض اإلستجابة أو التعاون مع أي‬
‫نظام جديد ـ‬

‫على الدولة الزيانية‬ ‫أما عن األثار التي نتجت عن الصراع الحفصي المريني‬
‫بحصارها عدة مرات من قبل المرينيين و الحفصيين خاصة في عهد أبو الحسن و أبو‬
‫وذلك بسبب موقعها الحساس الذي يقع بين الدولتين‬ ‫عنان مما أدى إلى سقوطها‬
‫المتصارعتين ‪ ،‬ورغم ذلك نجد أن الدولة الزيانية رغم سقوطها عدة مرات إال أنها بقيت‬
‫صامدة وفي كل مرة تنهض مما جعل منها معجزة تاريخية ببقائها رغم هذه األخطار‪.‬‬

‫ومن أهم األثار التي نتجت عن هذا الصراع الحفصي المريني هو سقوط غرناطة في أيدي‬
‫النصارى و إنتهاء وجود اإلسالم في األندلس ‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫المالحق‬
‫المالحق‬

‫الملحق رقم ‪ :10‬خريطة توضح تقسم الدول الثالثة‬

‫حسين مؤنس‪:‬اطلس تاريخ االسالمي‪,‬ط‪,0‬الزهراء لالعالم األلي‪,0891,‬ص‪.98‬‬

‫‪29‬‬
‫المالحق‬

‫الملحق رقم ‪ : 2‬ملوك الحفصيين‬


‫‪ .1‬أبو محمد عبد الواحد (‪306‬ه‪316/‬ه)(‪1111‬م‪1101/‬م)‬
‫‪ .1‬أبو زكريا يحي األول(‪316‬ه‪341/‬ه)(‪1116‬م‪1141/‬م)‬
‫‪ .6‬أبو عبد اهلل محمد المستنصر(‪341‬ه‪316/‬ه)(‪1141‬م‪1111/‬م)‬
‫‪ .4‬أبو زكريا يحي الثاني الواثق(‪316‬ه‪316/‬ه)(‪1111‬م‪1111/‬م)‬
‫‪ .6‬أبو إسحاق إبراهيم األول(‪316‬ه‪361/‬ه)(‪1111‬م‪1166/‬م)‬
‫‪ .3‬الدعي أحمد بن مرزوق بن أبي عمارة(‪361‬ه‪366/‬ه)(‪1166‬م‪1164/‬م)‬
‫‪ .1‬أبو حفص(‪366‬ه‪314/‬ه)(‪1164‬م‪1116/‬م)‬
‫‪ .6‬أبو عبد اهلل محمد أبو عصيدة (‪314‬ه‪101/‬ه)(‪1116‬م‪1601/‬م)‬
‫‪ .1‬أبو يحي أبو بكر الشهيد ‪ 10‬ربيع االخر(‪101‬ه‪1601/‬م) ‪ 11‬سنة‬
‫‪ .10‬أبو البقاء خالد االول (‪101‬ه‪111/‬ه) (‪1601‬م‪1611/‬م)‬
‫‪ .11‬أبو يحي زكرياء االول ابن اللحياني (‪111‬ه‪ 111/‬ه) (‪1611‬م‪1611/‬م)‬
‫‪ .11‬أبو عبد اهلل محمد ابو خربة( ‪111‬ه‪116/‬ه) (‪1611‬م‪1616/‬م)‬
‫‪ .16‬أبو بكر( ‪116‬ه‪141/‬ه) ( ‪1616‬م‪1643/‬م)‬
‫‪ .14‬أبو حفص عمر( ‪141‬ه‪1643 /‬م)‬
‫‪ .16‬أبو العباس احمد (‪141‬ه‪1643 /‬م)‬
‫‪ .13‬أبو حفص عمر الثاني( ‪146‬ه‪1641 /‬م)‬
‫‪ .11‬أبو الحسن المريني( ‪146‬ه‪ 160 /‬ه) (‪1641‬م‪1660/‬م)‬
‫‪ .16‬أبو العباس أحمد الفضل(‪160‬ه‪161/‬ه)(‪1660‬م‪1661/‬م)‬
‫‪ .11‬أبو إسحاق إبرهيم الثاني(‪161‬ه‪110/‬ه)(‪1661‬م‪1631/‬م)‬
‫‪ .10‬أبو البقاء خالد الثاني(‪110‬ه‪111/‬ه)(‪1631‬م‪1610/‬م)‬
‫‪ .11‬أبو العباس أحمد(‪111‬ه‪113/‬ه)(‪1610‬م‪1614/‬م)‬

‫‪29‬‬
‫المالحق‬

‫‪ .11‬أبو فارس عبد العزيز(‪113‬ه‪661/‬ه)(‪1614‬م‪1464/‬م)‬


‫‪ .16‬أبوعبد اهلل محمد السادس المنتصر(‪661‬ه‪661/‬ه)(‪1464‬م‪1466/‬م)‬
‫‪ .14‬أبو عمرو عثمان (‪661‬ه‪614/‬ه)(‪1466‬م‪1466/‬م)‬
‫‪ .16‬أبو زكريا يحي الثالث( ‪614‬ه‪616/‬ه)(‪1466‬م‪1461/‬م)‬
‫‪ .13‬عبد المؤمن ‪616‬ه‪1461/‬م‬
‫‪ .11‬أبو يحي زكريا الثاني(‪616‬ه‪611/‬ه)(‪1461‬م‪1411/‬م)‬
‫‪ .16‬أبو عبد اهلل محمد الخامس(‪611‬ه‪161/‬ه)(‪1414‬م‪1613/‬م)‬

‫‪ )1‬إبن الشماع ‪ :‬المصدر السابق‪,‬ص ص ‪.140,161‬‬

‫‪29‬‬
‫المالحق‬

‫الملحق رقم ‪ :3‬سالطين دولة بني مرين‬


‫‪ .1‬أبو محمد عبد الحق بن محبو بن أبي بكر بن حمامة بن محمد المريني‬
‫(‪611‬ه‪314/‬ه) (‪1113‬م ‪1111 /‬م)‬
‫‪ .1‬أبو سعيد عثمان بن عبد الحق( ‪314‬ه‪ 361/‬ه) (‪ 1111‬م‪1161 /‬م )‬
‫‪ .6‬محمد االول بن عبد الحق (‪ 361‬ه‪341 /‬ه) ( ‪1161‬م ‪1144 /‬م)‬
‫‪ .4‬أبو يحي ابو بكر بن عبد الحق( ‪ 341‬ه‪363/‬ه) ‪1144 (/‬م ‪1166 /‬م)‬
‫‪ .6‬أبو يسف يعقوب بن عبد الحق( ‪ 363‬ه‪366 /‬ه) ( ‪1166‬م ‪)1163 /‬‬
‫‪ .3‬أبو يعقوب يوسف بن يعقوب( ‪366‬ه‪103 /‬ه) ( ‪ 1163‬م‪1603 /‬م )‬
‫‪ .1‬أبو ثابت عامر بن ابي عامر( ‪ 103‬ه‪106 /‬ه) (‪1603‬م ‪1606 /‬م‬
‫‪ .6‬أبو الربيع سليمان بن ابي عامر( ‪ 106‬ه‪110/‬ه) ( ‪1606‬م ‪1610 /‬م)‬
‫‪ .1‬أبو سعيد عثمان الثاني بن يعقوب (‪110‬ه ‪161 /‬ه) ( ‪1610‬م‪1661 /‬م)‬
‫‪ .10‬أبو الحسن علي بن عثمان( ‪161‬ه ‪141 /‬ه) ( ‪ 1661‬م‪1646 /‬م)‬
‫‪ .11‬أبو عنان فارس بن ابي الحسن علي( ‪ 141‬ه‪161/‬ه) ( ‪ 1646‬م‪1666 /‬م)‬
‫‪ .11‬محمد السعيد بن ابي عنان ولي وعمره خمس سنوات (‪161‬ه‪130 /‬ه)( ‪1666‬م‪/‬‬
‫‪1661‬م)‬
‫‪ .16‬أبو سالم ابراهيم بن علي( ‪) 1631 / 1661 () 131 /130‬‬
‫‪ .14‬أبو عامر تاشفيني بن علي ذو القعدة (‪131‬ه محرم ‪)1631 / 136‬‬
‫‪ .16‬عبد الحليم بن ابي علي عمر ربيع االول( ‪ 136‬ه‪1631 /‬م)‬
‫‪ .13‬أبو زيان محمد الثاني بن ابي عبد الرحمان( ‪136‬ه ‪136 /‬ه) ( ‪1631‬م ‪/‬‬
‫‪1633‬م)‬
‫‪ .11‬أبو فارس عبد العزيز بن علي ( ‪136‬ه‪114/‬ه )( ‪1633‬م ‪1611 /‬م)‬
‫‪ .16‬أبو زيان محمد السعيد بن عبد العزيز( ‪1614 _ 1611 / 113 _114‬‬

‫‪29‬‬
‫المالحق‬

‫‪ .11‬أبو العباس احمد بن ابراهيم محرم (‪113‬ه‪163 /‬ه)( ‪1614‬م‪1664/‬م)‬


‫‪ .10‬موسى بن ابي عنان فارس (‪ 1664( ) 166 /163‬م‪1663 /‬م)‬
‫‪ .11‬أبو زيان محمد بن احمد رمضان( ‪ 166‬شوال ‪ 166‬ه‪1663 /‬م)‬
‫‪ .11‬أبو زيام محمد بن ابي الفضل( ‪166‬ه‪113/‬ه)(‪1663‬م‪1616 /‬م)‬
‫‪ .16‬أبو فارس بن احمد( ‪ 113‬ه‪ 111 /‬ه) (‪1616‬م‪1613 /‬م)‬
‫‪ .14‬عبد العزيز بن احمد (‪111‬ه ‪600 /‬ه) (‪1613‬م ‪1611/‬م)‬
‫‪ .16‬عبد اهلل بن احمد (‪ 600‬ه‪601/‬ه) ( ‪1611‬م ‪1616 /‬م)‬
‫‪ .13‬أبو سعيد عثمان الثاني بن احمد( ‪601‬ه‪661 /‬ه) (‪1616‬م ‪1411 /‬م)‬
‫‪ .11‬أبو محمد عبد الحق بن ابي سعيد عثمان ثاني( ‪661‬ه‪1411 /‬م)‬

‫هواري بكاي‪ :‬المرجع السابق‪,‬ص‪.110‬‬

‫‪29‬‬
‫قائمة المصادر‬
‫والمراجع‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫قائمة المصادر و المراجع ‪:‬‬

‫أوال‪:‬المصادر‬

‫‪ .1‬دينار‪ ,‬محمد بن أبي القاسم القيرواني‪:‬المؤنس في أخبار إفريقية وتونس‬


‫‪,‬ط‪,1‬تونس‪1821,‬ه‪.‬‬
‫‪ .8‬زرع‪,‬أبي الحسن علي بن عبد اهلل الفاسي(ت‪681.‬ه‪1431/‬م) ‪ :‬األنيس المطرب‬
‫بروض القرطاس في أخبار المغرب وتاريخ مدينة فاس‪,‬د ط‪ ,‬دار المنصور ‪,‬رباط‬
‫‪.1768,‬‬
‫‪ .4‬زرع‪,‬أبي الحسن علي بن عبد اهلل الفاسي(ت‪681.‬ه‪1431/‬م)‪ :‬الذخيرة السنية في‬
‫تاريخ الدولة المرينية‪ ,‬تح ‪ :‬عبد الوهاب ابن منصور ‪,‬د ط‪,‬دن ‪ ,‬الرباط ‪.1768 ,‬‬
‫‪ .3‬ابن األثير‪ ,‬أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن عبد الواحد‬
‫الشيباني(ت‪141.‬ه‪1848/‬م)‪ :‬الكامل في التاريخ ‪ ,‬ج‪ ,4‬دط‪ ,‬دار الكتاب العربي ‪,‬‬
‫بيروت ‪.1776,‬‬
‫‪ .5‬ابن األحمر‪,‬أبي الوليد إسماعيل ‪:‬تاريخ الدولة الزيانية بتلمسان ‪ ,‬تح ‪ :‬هاني سالمة‬
‫ط‪ ,1‬مكتبة الثقافة الدينية ‪.8111 ,‬‬
‫‪ .1‬ابن األحمر‪ ,‬أبي الوليد إسماعيل‪ :‬روضة النسرين في دولة بني مرين‪ ,‬طبعة ملكية‬
‫‪,‬د ط‪,‬الرباط ‪.1718 ,‬‬
‫‪ .6‬ابن الحكم‪,‬أبو الحكيم عبد الرحمن بن عبد اهلل ‪ :‬فتوح مصر والمغرب ‪ ,‬مطبعة بريل‬
‫دط‪ ,‬بغداد ‪1741 ,‬م ‪.‬‬

‫‪ .2‬ابن الخطيب‪,‬محمد بن عبد اهلل بن سعيد السلماني الغرناطي(‪661‬ه‪1463/‬م)‪:‬‬


‫األحاطة أخبار غرناطة ‪ ,‬ج‪ ,4‬تح‪ :‬محمد عبد اهلل عنان‪ ,‬د ط ‪,‬دار المعارف ‪,‬‬
‫مصر ‪.8118,‬‬
‫‪ .7‬ابن الخطيب‪ ,‬محمد بن عبد اهلل بن سعيد السلماني الغرناطي(‪661‬ه‪1463/‬م)‪:‬رقم‬
‫الحلل في نظم الدول‪,‬دط‪ ,‬المطبعة العمومية‪ ,‬تونس‪1411,‬هـ‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .11‬ابن الخطيب‪ ,‬لسان الدين(‪661‬ه‪1463/‬م) ‪:‬معيار االختيار في ذكر المعاهد‬


‫والديار ‪ ,‬تح ‪ :‬محمد كمال شبانه ‪ ,‬مكتبة الثقافة الدينية ‪8118 ,‬م‪.‬‬
‫‪ .11‬ابن الخطيب‪,‬لسان الدين(‪661‬ه‪1463/‬م)‪:‬اللمحة البدرية في الدول النصرية ‪,‬‬
‫مطبعة السلفية‪ ,‬دط‪,‬القاهرة‪1436 ,‬هـ‪.‬‬
‫‪ .18‬ابن الخطيب‪,‬لسان الدين(‪661‬ه‪1463/‬م)‪:‬تاريخ إسبانيا اإلسالمي ‪ ,‬تح ‪:‬ليفي‬
‫بروفسال ‪,‬مكتبة دط‪,‬الثقافة الدينية ‪ ,‬القاهرة ‪.8111,‬‬
‫‪ .14‬ابن الخطيب‪,‬لسان الدين(‪661‬ه‪1463/‬م)‪ :‬كناسة الدكان بعد إنتقال السكان‪ ,‬تح‪:‬‬
‫محمد كمال سبانه‪ ,‬ط‪,1‬دار الكتاب العربي‪ ,‬دت‪,‬مصر ‪.‬‬
‫‪:‬المغرب في على المغرب‪ ,‬ج‪,1‬تح‪ :‬خليل منصور‪,‬د ار‬ ‫‪ .13‬ابن السعيد األندلسي‬
‫الكتب العلمية‪,‬ط‪,1‬بيروت‪1776,‬م‪.‬‬
‫‪ .15‬الشماع أبو عبد اهلل محمد ‪ :‬األدلة النورانية في مفاخر الدولة الحفصية ‪ ,‬تح ‪:‬‬
‫الطاهر بن محمد المعموري ‪ ,‬دار العربية للكتاب ‪ ,‬تونس ‪1723 ,‬م ‪.‬‬
‫‪ .11‬المراكشي‪ ,‬أبو العباس أحمد ‪:‬البيان المغرب في أخبار األندلس والمغرب‪,‬ج‪,3‬‬
‫تح‪:‬جون كوالن وليفي بروفنسال‪ ,‬ط‪,4‬دار الثقافة‪ ,‬بيروت‪.1724 ,‬‬
‫‪ .16‬ابن القاضي ‪,‬أبي عباس احمد بن محمد المكناسي‪ :‬درة الحجال في عزة أسماء‬
‫الرجال ‪,‬ج‪,,1‬تح محمد األحمدي أبو النور‪ ,‬ط‪ ,1‬دار التراث ‪ ,‬المكتبة العتيقة ‪,‬‬
‫تونس ‪.1761,‬‬
‫‪ .12‬ابن القطان ‪ :‬نظم الجمان ‪ ,‬تح ‪ :‬محمود علي مكي ‪ ,‬دار الغرب االسالمي ‪,‬‬
‫دط‪ ,‬بيروت ‪ 1726 ,‬م‪.‬‬
‫‪ .17‬ابن القنفذ القسنطيني‪ :‬الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية ‪ ,‬تح‪ :‬محمد الشاذلي‬
‫وعبد المجيد التركي ‪,‬ط‪ ,1‬دار التونسية للنشر ‪1712 ,‬م ‪.‬‬
‫‪ .81‬ابن حزم األندلسي‪ :‬جمهرة أنساب العرب ‪ ,‬تح ‪ :‬عبد السالم قارون‪,‬ط‪ , 4‬دار‬
‫المعارف‪ ,‬مصر ‪.1718 ,‬‬
‫‪ .81‬ابن خلدون‪ ,‬عبد الرحمان بن محمد (ت‪212.‬ه‪1311/‬م) ‪ :‬العبر وديوان المبتدأ‬
‫والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان االكبر‪,‬ج ‪1‬و‬
‫ج‪, 6‬دار الكتاب اللبناني ‪ ,‬بيروت ‪1717 ,‬م‬
‫‪88‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .88‬ابن خلدون‪ ,‬يحي ‪ :‬بغية الرواد في ذكر الملوك عبد الواد ‪,‬ج‪,1‬تح‪:‬عبد الحميد‬
‫حاجيات‪ ,‬دط ‪,‬المكتبة الوطنية‪ ,‬الجزائر ‪1721 ,‬م‪.‬‬
‫‪ .84‬ابن خلكان‪,‬شمس الدين(ت‪121.‬ه‪1828/‬م)‪ :‬وفيات األعيان وأنباء أبناء‬
‫الزمان‪,‬ج‪ ,4‬د ط‪,‬تح ‪:‬إحسان عباس‪ ,‬دار الثقافة‪ ,‬بيروت‪.1773,‬‬

‫‪ .83‬ابن صاحب الصالة ‪ :‬المن باإلمامة على المستضعفين بأن جعلهم اهلل أئمة‬
‫وجعلهم الوارثين ‪,‬تح ‪:‬عبد الهادي التازي ‪,‬دط‪,‬دار األندلس ‪1763,‬م‪.‬‬
‫‪ .85‬ابن عبد البر القرطبي‪ :‬االستعاب في معرفة األصحاب‪ ,‬تح‪:‬عادل مرشد‪,‬ط‪,1‬دار‬
‫األعالم ‪ ,‬عمان ‪.8118,‬‬
‫‪ .81‬ابن مرزوق الخطيب‪ :‬المسند الصحيح الحسن في مأثر ومحاسن موالنا الحسن‬
‫‪,‬تح‪ :‬مريا خيسوسة‪,‬دط‪ ,‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ‪ ,‬الجزائر ‪.1712 ,‬‬
‫‪ .86‬أبو محمد عبد اهلل التجاني ‪:‬رحلة التجاني ‪,‬دط‪ ,‬دن‪ ,‬تونس ‪1752 ,‬م ‪.‬‬

‫‪ .82‬اإلدريسي‪,‬أبو عبد اهلل محمد بن عبد العزيز الشريف ‪ :‬القارة اإلفريقية وجزيزة‬
‫األفاق ‪ ,‬تح إسماعيل‬ ‫األندلسي مقتبس من كتاب نزيهة المشتاق في اختراف‬
‫العربي‪ ,‬د ط‪,‬ديوان مطبوعات الجامعية‪ ,‬الجزائر‪.1724,‬‬
‫‪ .87‬البزيوني أبو عبد اهلل بن محمد بن أحمد بن عبد اهلل‪ :‬تاريخ دولة اإلسالم في‬
‫المغرب األقصى ‪,‬دط ‪,‬دن‪,‬بغداد‪,‬دت‪.‬‬
‫‪ .41‬البكري‪ ,‬عبد اهلل بن عبد العزيز بن محمد بن أيوب ‪ :‬المغرب في ذكر بالد إفريقية‬
‫والمغرب ‪,‬دط‪ ,‬نشر دي الن ‪.1715 ,‬‬
‫‪ .41‬البيذق‪ ,‬أبو بكر علي الصنهاجي ‪ :‬أخبار المهدي بن تومرت ‪ ,‬تح و تع ‪ :‬عبد‬
‫الحميد حاجيات ‪ ,‬دط‪ ,‬الشركة الوطنية للتوزيع ‪ ,‬الجزائر ‪1763‬م ‪.‬‬
‫‪ .48‬التنسي‪ ,‬محمد ابن عبد اهلل ‪ :‬تاريخ بني زيان ملوك تلمسان مقتطف من نظم‬
‫الدرر والعقبان في بيان شرف بني زيان ‪ ,‬تح ‪ :‬محمود بو عياد ‪ ,‬المكتبة الوطنية‬
‫الجزائرية ‪,‬دط‪ ,‬الجزائر‪1725 ,‬م‬

‫‪ .44‬الحميري‪ :‬صفة جزيرة األندلس من كتاب الروض المعطاء في خبر‬


‫األقطار‪,‬ط‪,1‬دار الجيل‪,‬بيروت‪.1722 , ,‬‬
‫‪011‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .43‬ذنون عبد الحكيم ‪ :‬افاق غرناطة ‪ ,‬ط ‪ , 1‬دار المعرفة ‪ ,‬دمشق ‪. 1722 ,‬‬
‫‪ .45‬الزركشي ‪,‬عبد اهلل محمد بن ابي ابراهيم ‪ :‬تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية ‪,‬‬
‫تح محمد ماخود ‪ ,‬ط‪ , 8‬المكتبة العتيقة ‪ ,‬تونس ‪1711 ,‬م‪.‬‬
‫‪ .41‬شكيب ارسالن ‪ :‬خالصة تاريخ االندلس ‪ ,‬دار مكتبة الحياة بيروت ‪1724 ,‬م‪.‬‬
‫‪ .46‬العمري‪ ,‬بن فضل اهلل شهاب الدين ‪:‬مسالك األبصار في ممالك األمصار‪,‬تح‪ :‬وتع‬
‫مصطفئ ابو ضيف احمد ‪,‬ط‪,1‬دن‪.1772 ,‬‬

‫‪ .42‬القلقشندي‪ ,‬أبو العباس أحمد بن علي ‪ :‬صبح األعشى في صناعة األنشا‪ ,‬دار‬
‫الكتب الخيدبوية ‪ ,‬دط ‪,‬القاهرة ‪1715 ,‬م‪.‬‬
‫‪ .47‬مخلوف محمد بن محمد‪ :‬شجرة النور الزكية في طبقات المالكية‪ ,‬مطبعة السلفية‬
‫ومكتبتها‪ ,‬دط‪ ,‬القاهرة ‪1451 ,‬ه‪.‬‬
‫‪ .31‬المراكشي‪ ,‬عبد الواحد‪ :‬المعجب في تلخيص أخبار المغرب‪ ,‬تح ‪ :‬خليل عمران‬
‫المنصور ‪ ,‬دار الكتب العلمية ‪ ,‬بيروت ‪1775 ,‬م ‪.‬‬
‫‪ .31‬المقري‪ ,‬أحمد بن أحمد التلمساني ‪ :‬نفح الطيب من غصن االندلس الرطيب ‪ ,‬ج‪5‬‬
‫‪ ,‬تح ‪ ,‬إحسان عباس ‪ ,‬دار صادر ‪ ,‬بيروت ‪1712 ,‬م‪.‬‬
‫‪ .38‬مؤلف مجهول ‪ :‬نبذة العصر في اخبار بني نصر ‪ :‬تع الفريد البستاني ‪ ,‬ط‪1‬‬
‫مكتبة الثقافية الدينية ‪.8118 ,‬‬
‫‪ .34‬الناصري‪ ,‬أبو العباس أحمد بن خالد ‪:‬اإلستقصاء ألخبار دول المغرب األقصى‬
‫(الدولة المرنية ج‪ , )4‬تح جعفر محمد الناصري ‪ ,‬دار الكتاب ‪1753‬م‪,‬‬
‫‪ .33‬الوزان حسن ‪ :‬وصف إفريقيا‪ ,‬تر‪ :‬محمد محي ومحمد األقصر‪ ,‬ط‪,8‬دار الغرب‬
‫االسالمي‪, ,‬رباط‪.1728,‬‬
‫‪ .35‬ياقوت الحموي ‪ :‬معجم البلدان‪ ,‬ج‪ ,8‬تح‪ :‬عبد العزيز الجندي ‪ ,‬دار صادر‬
‫‪,‬بيروت ‪.1721 ,‬‬
‫‪ .31‬المقرئ‪ ,‬أحمد بن أحمد التلمساني‪ :‬أخبار الرياض في أخبار عياض ‪ ,‬ج‪,1‬تح‪:‬‬
‫احسان عباس‪,‬دار صادر‪,‬بيروت ‪.1712,‬‬

‫‪010‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .36‬مؤلف مجهول‪:‬الحلل الموشية في ذكر األخبار المراكشية‪,‬تح‪ :‬بن علوش‪,‬‬


‫دط‪,‬طبعة رباط الفتح‪.1741,‬‬
‫قائمة المراجع ‪:‬‬

‫‪ .1‬حركات إبراهيم ‪:‬المغرب عبر التاريخ من بداية المرينيين إلى نهاية السعديين‬
‫‪,‬ج‪,8‬ط‪,1‬دار الرشاد الحديثة ‪,‬البيضاء ‪.1762,‬‬
‫‪ .8‬أحمد الشلبي ‪ :‬التاريخ اإلسالمي والحضارة اإلسالمي ‪ ,‬مكتبة النهضة المصرية ‪ ,‬ط‪,1‬‬
‫‪.1714‬‬

‫‪ .4‬عودات أحمد وأخرون‪ :‬تاريخ المغرب واألندلس من القرن (‪3‬حتى القرن‪11‬م)‪,‬دار‬


‫األمل‪.1771,‬‬
‫‪ .3‬العربي إسماعيل‪:‬المدن المغربية ‪,‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ,‬الجزائر ‪1723 ,‬م‪.‬‬
‫‪ .5‬أمين واصف‪ :‬معجم في خريطة التاريخية للممالك اإلسالمية‪( .‬ب‪,‬ط) (ب ت ن)‪.‬‬
‫‪ .1‬حسين خليفة ‪ :‬تاريخ العرب في إفريقيه واألندلس ‪ ,‬دار العلوم العليا ‪ ,‬ط‪1742 ,1‬م‪.‬‬
‫‪ .6‬حسين مؤنس‪ :‬معالم تاريخ المغرب واألندلس ‪ ,‬مكتبة األسرة ‪.8113 ,‬‬
‫‪ .2‬خالد بالعربي ‪ :‬الدولة الزيانية في عهد يغمراس بن زيان ‪ ,‬ط‪ ,1‬مطبعة تلمسان ‪,‬‬
‫‪8115‬م ‪.‬‬
‫‪ .7‬دبوز محمد علي‪:‬تاريخ المغرب الكبير ‪,‬ج‪,1‬ط‪,1‬مطبعة عيسى الحلبي‪1713,‬م‪.‬‬
‫‪ .11‬روبار بريشفيك ‪:‬تاريخ إفريقية في العهد الحفصي من القرن ‪ 14‬الى نهاية القرن‬
‫‪15‬م‪ ,‬ج‪,8‬ط‪, 1‬دار الغرب االسالمي ‪1722 ,‬م‪.‬‬
‫‪ .11‬سالم عبد العزيز ‪ :‬المغرب الكبير العصر االسالمي( دراسة تاريخية وعمرانية واثرية‬
‫) ‪ ,‬ج‪ ,8‬دار النهضة العربية ‪ ,‬بيروت ‪1721 ,‬م ‪.‬‬

‫‪ .18‬الشاهري مزاحم عالوي ‪ :‬الحضارة العربية اإلسالمية في المغرب ( العصر المريني )‬


‫‪,‬مركز الكتاب األكاديمي ‪ ,‬عمان ‪.8111 ,‬‬
‫‪ .14‬ضيف شوقي ‪ :‬عصر الدول واإلمارات‪ ,‬ط‪,1‬دار المعارف‪ ,‬القاهرة ص‪.821‬‬

‫‪011‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .13‬شوقي عطا اهلل الجمل ‪ :‬المغرب العربي الكبير في العصر الحديث ‪ ,‬ط‪ ,1‬مكتبة‬
‫االنجلو المصرية ‪ ,‬القاهرة ‪1766 ,‬م‪.‬‬
‫‪ .15‬عبادة كحلية ‪ :‬المغرب في تاريخ االندلس والمغرب ‪ ,‬ط‪1312( ,1‬هـ‪1776‬م) ‪.‬‬

‫شباب‬ ‫‪ .11‬العبادي أحمد مختار ‪ :‬دراسات في تاريخ المغرب واألندلس ‪ ,‬مؤسسة‬


‫الجامعة ‪ ,‬اإلسكندرية‪.1712,‬‬
‫‪ .16‬عبد الحميد حاجيات‪ :‬أبو حمو موسى الزياني حياته وأثاره ‪ ,‬ط‪,1‬دار بن مرابط‬
‫‪.8111,‬‬
‫‪ .12‬عبد الرحمان الجيالني ‪:‬تاريخ الجزائر العام ‪,‬ج‪ 1‬وج‪,8‬ديوان المطبوعات الجامعية‬
‫‪,‬دار الثقافية ‪ ,‬الجزائر‪.1728,‬‬
‫‪ .17‬عبد الكريم غالب‪ :‬قراءة جديد في تاريخ المغرب العربي ( عهد العصر التركي في‬
‫تونس والجزائر ) ‪ ,‬ج‪ ,8‬دار الغرب االسالمي ‪ ,‬بيروت ‪8115 ,‬م‪.‬‬
‫عبد المجيد النجار‪:‬المهدي بن تومرت ‪,‬دار الغرب اإلسالم‪,‬ط‪,1‬بيروت‪,‬‬ ‫‪.81‬‬
‫‪.1983‬‬

‫لتلمسان‬ ‫والحضاري‬ ‫السياسي‬ ‫التاريخ‬ ‫حول‬ ‫حاجيات‪:‬دراسات‬ ‫‪ .81‬عبدالحميد‬


‫والمغرب‪,‬ج‪,1‬عالم والمعرفة للنشر والتوزيع ‪.8111,‬‬
‫‪ :‬مجمل تاريخ المغرب ‪,‬ج ‪,8‬المركز الثقافي العربي ‪ ,‬الدار‬ ‫‪ .88‬العروي عبد اهلل‬
‫البيضاء ‪1773 ,‬م‬

‫‪ .84‬عمار بوحوش‪ :‬التاريخ السياسي الجزائري من البداية ولغاية ‪1718‬م‪ .‬دار الغرب‬
‫االسالمي ‪ ,‬ط‪ ,1‬بيروت ‪1776 ,‬م ‪.‬‬
‫‪ .83‬عمار عمور ‪ :‬موجز في تاريخ الجزائر ‪ ,‬دار ريحانة ‪ ,‬ط‪ ,1‬الجزائر ‪8118 ,‬م ‪.‬‬
‫‪ .85‬عنان محمد عبد اهلل ‪ :‬نهاية االندلس وتاريخ العرب المنتصرين ( وهو العصر الرابع‬
‫من كتاب دولة االسالم في االندلس ‪ ,‬ط‪ ,8‬القاهرة ‪1752 ,‬م‪.‬‬
‫‪ .81‬عن ـ ـ ـ ـ ـ ــان محم ـ ـ ـ ـ ـ ــد عب ـ ـ ـ ـ ـ ــد اهلل ‪:‬عص ـ ـ ـ ـ ـ ــر المـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرابطين والموح ـ ـ ـ ـ ـ ــدين ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي األن ـ ـ ـ ـ ـ ــدلس‬
‫والمغرب‪,‬ج‪,8‬القاهرة‪.1713,‬‬

‫‪011‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ .86‬الغنيمي عبد الفتاح المقلد ‪ :‬موسوعة تاريخ المغرب العربي ‪ ,‬ج‪ , 5‬ط‪ ,1‬مكتبة‬
‫مدبولى ‪ ,‬القاهرة ‪1773 ,‬م‪.‬‬

‫‪ .82‬فياللي عبد العزيز‪ :‬تلمسان في العهد الزياني‪,‬ج‪ ,1‬المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية‬
‫‪,‬الجزائر ‪.8118,‬‬

‫‪ .87‬فياللي عبد العزيز‪:‬التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير‪,‬ج‪,4‬ط‪, 1‬شركة ناس‬


‫للطباعة ‪. 8111,‬‬
‫‪ .41‬القبالي محمد ‪ :‬مراجعات حول المجتمع والثقافة بالمغرب األوسط‪,‬ط‪ ,1‬دار تبقال‪,‬‬
‫‪.1726‬‬
‫‪ .41‬القبلي محمد ‪:‬الدولة والوالية والمجال في المغرب الوسيط‪ ,‬ط‪,1‬دار تبقال‪ ,‬الدار‬
‫البيضاء‪.1776 ,‬‬
‫لخضر سفير ‪ :‬التاريخ السياسي لدولة المغرب االسالمي ‪ ,‬ج‪ , 1‬االمل للدراسات ‪,‬‬ ‫‪.48‬‬
‫‪8111‬م ‪.‬‬
‫‪ .44‬محمد ابن عمر الطمار ‪ :‬تلمسان عبر العصور ودورها في تأسيس وحضارة الجزائر ‪,‬‬
‫المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ‪1723 ,‬م‬
‫‪ .43‬محمد األمين ومحمدعلى الرحماني‪ :‬المفيد في تاريخ المغرب‪,‬ط‪.1774 ,1‬‬
‫‪ .45‬محمد العروسي المطوي ‪ :‬الحروب الصليبية في المشرق والمغرب ‪ ,‬تونس‪. 1753 ,‬‬
‫‪ .41‬محمد الهادي الشريف ‪ :‬تاريخ تونس من عصور ماقبل التاريخ الى االستقالل ‪ ,‬تع‬
‫محمد الشاوش ومحمد عجينة ‪ ,‬ط‪ ,4‬دار سراس ‪ ,‬تونس ‪1774 ,‬م‪.‬‬

‫محمد الهادي العامري‪ :‬تاريخ المغرب العربي في سبعة قرون ‪,‬تونس‪.1763,‬‬ ‫‪.46‬‬
‫‪ .42‬محمد بن عميرة‪ :‬دورة زناتة في الحركة المذهبية بالمغرب اإلسالمي ‪:‬المؤسسة‬
‫الوطنية للكتاب ‪,‬بالجزائر‪.1723,‬‬
‫‪ .47‬محمد تيتاو ‪ :‬الحرب والمجتمع بالعصر المريني‪,‬منشورات مؤسسة الملك عبد‬
‫العزيز‪,‬الدار البيضاء‪.8117,‬‬

‫‪011‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫محمد حساني ‪:‬تاريخ الدولة الزيانية (األحوال السياسية)‪,‬ج‪,1‬منشورات الحضارة‪,‬‬ ‫‪.31‬‬


‫‪.8111‬‬
‫‪ .31‬محمد خير فارس‪ :‬تاريخ المغرب العربي الحديث ( المغرب االقصئ ليبيا)‪,‬منشورات‬
‫جامعة دمشق‪.8111,‬‬
‫‪ .38‬محمـ ـ ـ ــد عيسـ ـ ـ ــى الحريـ ـ ـ ــري‪:‬المغـ ـ ـ ــرب اإلسـ ـ ـ ــالمي واالنـ ـ ـ ــدلس‪,‬فـ ـ ـ ــي العصـ ـ ـ ــر المرينـ ـ ـ ــي‬
‫(‪111‬ه‪217/‬ه)(‪1814‬م‪1315/‬م) ط‪,1‬دار العلم‪.1727,‬‬
‫‪ .34‬محمود السيد ‪ :‬تاريخ العرب في بالد االندلس ‪ ,‬مؤسسة شباب الجامعة ‪ ,‬االسكندرية‬
‫‪8111‬م‪.‬‬
‫‪ .33‬موسى لقبال ‪ :‬المغرب اإلسالمي ‪,‬ط‪ ,8‬الوطنية للنشر و التوزيع ‪ ,‬الجزائر‪1721,‬م‪.‬‬
‫‪ .35‬يحي بوعزيز‪ :‬الموجز في تاريخ الجزائر ‪ ,‬دار البصائر ‪ ,‬الجزائر‪8117,‬م ‪.‬‬

‫مقاالت ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ احمد إسراء ‪ :‬مقال حول بنو نصر ( بنو االحمر ) بغرناطة ‪8118/14/18 ,‬م‪,‬‬
‫‪ 8‬ـ سعد بن عبد اهلل البشرى ‪ :‬جماعات الحرمان الدينية االسبانية و حروبها مع المسلمين في‬
‫االندلس ‪ ,‬مجلة جامعة ام القرى ‪ ,‬السنة الخامسة ‪ ,‬العدد السابع ‪1314 ,‬ه‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ محمد الفاسي‪ :‬نشأة الدولة المرينية ومميزات العصر األدبي ‪,‬مجلةالبينة‪,‬العدد الثامن‬
‫‪,‬سنة األول‪.1714,‬‬

‫‪ 3‬ـ محمد الفاسي‪ :‬نشأة الدولة المرينية ومميزات العصر المريني األدبية‪ ,‬مجلة البينة ‪ ,‬العدد‬
‫الثامن ‪,‬السنة األولى‪1718,‬‬
‫‪5‬ـ ـ منوني محمد ‪:‬مجلة دعوة الحق‪:‬تعريف بالدولة المرينية‪ ,‬و ازرة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمي المغرب‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ مؤنس حسين ‪:‬التنظيم اإلدراي والمالي األفريقية والمغرب خالل عصر الوالة‪ ,‬مجلة كلية‬
‫األدب والتربية‪,‬العدد‪,1‬الكويت‪1764,‬م‪.‬‬

‫‪011‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫بحوث في تاريخ الحضارة االسالمية مجموعة من البحوث التي القيت في ندوة الحضارة‬
‫الجامعة‪.‬‬ ‫االسالمي في ذكر االستاذ احمد فكري ‪11‬ـ‪81‬اكتوبر ‪1761‬م ‪ ,‬شباب‬

‫الرسائل الجامعية ‪:‬‬

‫‪.1‬‬
‫األعرجي نضال مؤيد مال اهلل عزيز‪:‬الدولة المرينية على عهد السلطان يوسف بن يعقوب‬
‫المريني(‪125‬ه‪611/‬ه)(‪1821‬م‪1411/‬م)‪,‬مذكرة ماجستير ‪,‬كلية التربية ‪,‬جامعة الموصل‬
‫‪8113,‬م ‪.‬‬
‫‪ .8‬باألعرج عبد الرحمان ‪ :‬عالقات دول المغرب االسالمي بدون المماليك سياسيا وثقافيا‬
‫بين القرنين ال سابع والتاسع الهجريين ‪ ,‬مذكرة لنيل الدكتوراة ‪ ,‬تخصص تاريخ المغرب‬
‫االسالمي ‪ ,‬قسم التاريخ علم االثار ‪ ,‬كلية العلوم االنسانية واالجتماعية جامعة ابي بكر‬
‫بلقايد تلمسان ‪8118(,‬م‪8114/‬م) ‪.‬‬
‫‪ .1‬بوحسون عبد القادر‪ :‬العالقات الثقافية بين المغرب األوسط واألندلس خالل العهد‬
‫الزياني(‪685-614‬هـ‪1485-1413/‬م) مذكرة ماجستر في تاريخ المغرب اإلسالمي قسم‬
‫التاريخ ‪ ,‬جامعة تلسمان بلقايد‪ ,‬الجزائر‪8112,‬م‪,‬‬
‫‪ .1‬سهام بوعنيني‪ :‬أبو عبد اهلل التنسي وكتابه نظم الدر والعقيان في بيان شرف بني زيان‬
‫وذكر ملوكهم األعيان ومن ملك من أسالفهم فيما مضئ من الزمان‪,‬رسالة ماجستير في‬
‫التاريخ والحضارة اإلسالمية‪,‬قسم الحضارة اإلسالمية‪,‬جامعة وهران‪8117,‬‬
‫كامل عبد الرزاق‪ :‬تلمسان في العهد الزياني (‪144‬هـ‪718‬ه‪1845/‬م‬ ‫‪ .1‬شقدان سام‬
‫ـ‪1555‬م)‪,‬مذكرة ماجستير في التاريخ‪,‬قسم التاريخ ‪,‬جامعة النجاح الوطنية‪,‬فلسطين‪8118,‬م‪.‬‬

‫‪ .1‬عبد اهلل حسن عامر أحمد‪:‬دولة بني مرين (تاريخها وسياستها تجاه مملكة غرناطة‬
‫األندلسية والمماليك النصرانية في إسبانيا (‪112‬ه ـ ـ ‪217‬ه)‪,‬مذكرة ماجستير في التاريخ‬
‫‪,‬بكلية الدراسات العليا‪,‬جامعة النجاح ‪,‬فلسطين ‪.8114,‬‬

‫‪011‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ 6‬ـ غومة سالم ابو القاسم محمد ‪ :‬النظم الحربية في دولة بني مرين (‪ 217/112‬هجري‬
‫‪1817/‬م ـ‪ ,) 1351‬رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراء في التاريخ اإلسالمي ‪,‬قسم التاريخ‬
‫‪,‬كلية األداب ‪,‬جامعة عين شمس ‪8111,‬م ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ محاسنة أحمد توفيق محمد ‪ :‬الحياة السياسية في دولة بني األحمر من‬
‫‪187‬ه‪1848/‬م الى ‪276‬ه‪1378/‬م ‪ ,‬رسالة ماجستر في التاريخ ‪ ,‬كلية الدراسات العليا‬
‫الجامعة األردنية ‪ ,‬سنة ‪1776‬م‪.‬‬

‫‪7‬ـ ـ محمد حامد محمد الخطيب شو هنده‪ :‬مصادر التاريخ المحلي لبالد المغرب خالل‬
‫القرنين الثامن والتاسع هجري ‪13 ,‬م و‪15‬م ‪ ,‬مذكرة ماجستير ‪ ,‬قسم التاريخ اإلسالمي‬
‫وحضارة اإلسالمي ‪ ,‬جامعة القاهرة ‪1101,‬م‬

‫‪11‬ـ ـ المسعودي جميلة مبطي ‪ :‬المظاهر الحضارية في عصر دولة بن حفص منذ قيامها(‬
‫سنة ‪111‬ه وحتى سنة ‪274‬ه)‪ ,‬مذكرة ماجستير في التاريخ االسالمي ‪ ,‬قسم الدراسات‬
‫العليا التاريخية والحضارية ‪ ,‬جامعة أم القرى ‪ ,‬المملكة العربية السعودية ‪1381( ,‬‬
‫ه‪ 8111/‬م) ‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ هوارية بكارى‪ :‬العالقات السياسية والروابط الثقافية بين المغربين األوسط واألقصى‬
‫خالل القرنين السابع والعاشر الهجريين(‪1844/718-144‬م‪1553-‬م) ‪,‬رسالة دكتوراء‪,‬قسم‬
‫التاريخ وعلم اآلثار ‪,‬جامعة تلمسان‪. 8113,‬‬
‫‪ 18‬ـ هوراية بكاي ‪ :‬العالقات الزيانية سياسيا وثقافيا‪ ,‬رسالة ماجستير في التاريخ الوسيط‬
‫‪,‬قسم التاريخ ‪,‬جامعة تلمسان‪.8112,‬‬

‫‪14‬ـ ماجدة كريمة ‪ :‬العالقات بين المغرب والسودان في العصر المريني ‪ ,‬رسالة لنيل‬
‫علوم الدراسات العليا في التاريخ ‪,‬جامعة محمد الخامس‪,‬الرباط‪1726( ,‬م‪1722 /‬م)‬

‫‪ 13‬ـ مصطفى لغشيم ‪ :‬هجرة العلماء بين المغربين االوسط واالقصى دراسة اجتماعية ثقافية‬
‫(القرن ه‪6‬ـ ‪7‬ه ‪14 /‬م ـ‪15‬م)‪ ,‬مذكرة مقدمة لنيل ماجستير في العلوم االسالمية‪ ,‬تخ‪ :‬تاريخ‬

‫‪011‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫وحضارة ‪ ,‬قسم اللغة والحضارة العربية االسالمية ‪,‬كلية العلوم االسالمية ‪ ,‬جامعة الجزائر ‪,1‬‬
‫‪8114/8118‬م‪.‬‬

‫‪019‬‬
‫الفهرس‬
‫الفهرس‬

‫شكر والعرفان‬
‫قائمة المختصرات‬
‫أ‬ ‫مقدمة‬
‫‪1‬‬ ‫مدخل ‪ :‬أوضاع المغرب قبول سقوط الدولة الموحدية‬

‫الفصل األول ‪ :‬ظهور القوى السياسية في بالد المغرب اإلسالمي‬


‫‪8‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬دولة الحفصية في المغرب األدنى‬
‫‪8‬‬ ‫‪ .1‬أصلهم وموطنهم‬
‫‪10‬‬ ‫نشأة الدولة الحفصية‬
‫‪11‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬الدولة المرينية في المغرب األقصى‬
‫‪11‬‬ ‫‪1‬ـ أصل موطنهم‬
‫‪21‬‬ ‫‪2‬ـ نشأة الدولة المرينية‬
‫‪30‬‬ ‫المبحث الثالث ‪ :‬الدولة الزيانية ودولة بني االحمر في األندلس‬
‫‪30‬‬ ‫أوال ‪ :‬الدولة الزيانية ( بنو عبد الواد ) في المغرب األوسط‬
‫‪30‬‬ ‫‪ .1‬اصلهم وموطنهم‬
‫‪31‬‬ ‫‪ .2‬نشأة الدولة الزيانية‬
‫‪33‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬دولة بنو االحمر في االندلس‬
‫‪33‬‬ ‫أ) أصلهم وموطنهم‬
‫‪33‬‬ ‫ب) نشأة دولة بني األحمر‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين‬
‫والمرينيين‪.‬‬
‫‪38‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬اإلستيالء المريني على تونس‬
‫‪38‬‬ ‫أ)طبيعة العالقات السياسية قبل ظهور الصراعات السياسية بينهما‬
‫‪31‬‬ ‫ب)األسباب الرئيسية التي أدت لظهور الصراع السياسي‬
‫‪31‬‬ ‫ج) اإلستيالء المريني على تونس‬
‫‪88‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬اإلستيالء المريني على بجاية‬
‫‪11‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬اإلستيالء المريني على قسنطينة‬
‫الفصل الثالث‪:‬أثار الصراع السياسي على القوى المتصارعة وعلى‬
‫الدولة الزيانية وعلى بني األحمر باألندلس‬
‫‪11‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬أثار الصراع السياسي على القوى المتصارعة‬
‫‪11‬‬ ‫‪:1‬أثر الصراع السياسي على الدولة الحفصية‬
‫‪11‬‬ ‫‪ :2‬أثر الصراع السياسي على الدولة المرينية‬
‫‪11‬‬ ‫المبحث الثاني‪:‬أثر الصراع السياسي على الدولة الزيانية‬
‫الفهرس‬

‫‪81‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬اثر الصراع السياسي على بني األحمر باألندلس‬
‫‪88‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪11‬‬ ‫المالحق‬
‫‪18‬‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫‪110‬‬ ‫الفهرس‬

You might also like