Professional Documents
Culture Documents
مذكرة مكممة لمتطمبات الحصول عمى شهادة الماستر في تاريخ المغرب العربي الوسيط والحديث
لجنة المناقشة
مؤسسة االنتساب الصفة األستاذ
شهد المغرب اإلسالمي منذ الفتوحات اإلسالمية تعاقب العديد من الدويالت على
حكمه وعلى الرغم من اختالف مذاهبها وتوجهاتها إال أن أهدافها كانت في معظمها موحدة
تمثلت في بسط النفوذ وتحقيق وحدة المغرب اإلسالمي تحت لواء كل واحدة منها ،فدخلت
بذلك الكثير من هذه الدويالت في صراع دائم ومنافسة مستمرة جعلت المنطقة مسرحا
لألحداث السياسية والعسكرية .حيث تعتبر معركة حصن العقاب بداية نهاية الدولة الموحدية
التي لبثت زمنا طويال توحد المغرب واألندلس ونجد أن هذه المعركة أضعفت قواها
وتعاظمت قوة المتمردين والخارجين عليها في الداخل والخارج إلى أن سقطت مخلفة أربعة
دول الحفصية والزيانية والمرينية وبني األحمر في األندلس ،ودخول المغرب اإلسالمي
واألندلس في حالة من الفوضى و اإلضطرابات السياسية والعسكرية ،وقد حاولت هذه الدول
أن تخلف الدولة الموحدية في بسط نفوذها و سيطرتها على المغرب فدخلت في صراع طويل
ويعتبر الصراع الحفصي المريني نموذجا لذلك وهذا ما يندرج تحته عنوان موضوع مذكرتنا
المسماة بـ :الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين (723ه759 /ه)( 1221م/
1251م) .
أهمية الموضوع وسبب إختياره :
إن اختيارنا للموضوع الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين تحدده أسباب متعددة أهمها
مايلي :
أ
مقدمة
اإلشكالية :
ومن خالل إطلعنا للموضوع الص ارع السياسي بين الحفصيين المرينيين أردنا أن نعالج
اإلشكالية التالي:
ماهي القوى التي ظهرت في المغرب اإلسالمي بعد سقوط دولة الموحدين ؟
ماهي األسباب التي أدت إلى ظهور هذا الصراع السياسي فيما بينها؟
ماهي مجريات هذا الصراع السياسي؟
ماهي أثار الصراع السياسي على القوتين المتصارعتين وعلى الدولة الزيانية
واألندلس ؟
وبناء على اإلشكاليات قسمنا بحثنا إلى مدخل وثالث فصول وخاتمة:
المقدمة :حيث تطرقنا فيها إلى الموضوع وأهميته ،وذكرنا فيها اإلشكالية الرئيسية
والتساؤالت الفرعية ،واألسباب أو الدوافع التي دفعتنا إلختيار هذا الموضوع
باإلضافة إلى الخطة والمنهج المتبعة في الدراسة وعرض ألهم المصادر والمراجع.
المدخل :فقد عالجنا فيه أوضاع المغرب اإلسالمي قبيل سقوط الدولة الموحدية .
ب
مقدمة
الفصل األول:
تناولنا في الفصل األول ظهور القوى السياسية في بالد المغرب االسالمي بعد سقوط
الدولة الموحدية(7ه01/ه) (01م06/م) ،وقد وقسمناه إلى ثالث مباحث األول يتعلق
بالدولة الحفصية والثاني بالدولة المرينية أما الثالث فتحدثنا على الدولة الزيانية ودولة بني
األحمر باألندلس .
الفصل الثاني:
أما الفصل الثاني فيتضمن مجريات الص ارع السياسي بين القوى المتصارعة ( الحفصية
والمرينية ) ،وقسمناه إلى ثالث مباحث األول تحت عنوان اإلستيالء المريني على تونس
وتطرقنا فيه إلى العالقات قبل الصراع السياسي ،واألسباب التي أدت إلى اإلستيالء المريني
على تونس خالل عهد أبي الحسن وأبي عنان ،أما الثاني فتطرقنا إلى اإلستيالء المريني
لبجاية في عهد أبي الحسن وأبي عنان ،أما الثالث فتطرقنا فيه إلى اإلستيالء المريني على
قسنطينة .
الفصل الثالث:
أما الفصل الثالث واألخير فيتضمن أثر هذا الصراع السياسي على القوى المتصارعة
وعلى بني عبد الواد وعلى بني األحمر في األندلس .وقسمناه إلى ثالث مباحث األول
تطرقنا فيه إلى أثر الصراع السياسي على القوتين المتصارعتين ،أما الثاني فتحدثنا فيه
على أثر الصراع السياسي على الدولة الزيانية ،أما المبحث الثالث فيتعلق بأثر الصراع
السياسي على بني األحمر باألندلس .
الخاتمة :فكانت عبارة عن حوصلة تضمنت مجموعة من اإلستنتاجات التى توصلنا
إليها من خالل هذه الدراسة.
ج
مقدمة
المنهج المتبع :
إن هذا النوع من الدراسة يحتاج إلى كثير من البحث ،لما تحمله المصادر التاريخية من
تناقضات ال تخلو من الذاتية عند بعض المؤرخين .وبالتالي فإن الموضوع يحتاج إلى
اعتماد المنهج التاريخي عموما ،الذي ال يستغني أحيانا كثيرة عن المنهج اإلستقصائي
التحليلي .
الشك أن طبيعة الموضوع المتعلق بالصراع السياسي بين البلدين تفرض علينا االعتماد
على مجموعة من المصادر التي خاضت في تاريخ اإلقليمين المطبوعة منها العامة ،إضافة
إلى كتب الجغرافيات والرحالت وكذلك الدراسات الحديثة العربية واألجنبية التي إهتمت بهذا
الموضوع .
أهم المصادر
_0األنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار الملوك المغرب وتاريخ فاس :لصاحبه
علي بن محمد بن احمد بن عمر بن أبي زرع الفاسي .ويتناول في هذا الكتاب تاريخ
المغرب األقصى من سنة 041ه _ 724ه والمالحظة أن ابن أبي زرع اعتمد في كتابه
على عدة مصادر أخرى .كما اعتمد على وثائق رسمية خاصة عندما يتحدث عن األسرة
المرينية وحكمها.
_2كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من
ذي السلطان األكبر (868ه0416/م) ،لصاحبه عبد الرحمان بن خلدون ،ويتضمن هذا
الكتاب معلومات أهمها عن تاريخ الدويالت المغرب اإلسالمي بما فيه دولة بني عبد الواد
د
مقدمة
وبني مرين وبني حفص وما كان قائما بينهم من عالقات ،وقد اعتمدت بشكل خاص على
جزئيه السادس والسابع ،لما فيهما من مادة تاريخية متعلقة بالموضوع البحث حيث استفدنا
منه كثير على الدولة المرينية والحفصية خاصة مجريات الصارع بينهما .
_1الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية البن أبي زرع وهو كتاب مشحون باألخبار
السياسية والعلمية وبعض المعلومات االقتصادية واالجتماعية .
_4كتاب روضة النسرين في دولة بني مرين ألبي إسماعيل بن األحمر النصري األمير
الغرناطي ،يتناول هذا الكتاب تاريخ بني مرين بشكل خاص ،فهو بمثابة سجل يتضمن
أسماء ملوكهم وألقابهم وأنسابهم وتواريخ ميالدهم ووفاتهم ،مع وصف مالحم الخليفة فهو
يشبه الى حد ما سجالت الحالة المدنية في أيامنا هذه .
باإلضافة الى مجموعة أخرى هامة من المصادر التاريخية ككتاب االستقصا ألخبار
دول المغرب ألبي العباس احمد بن خالد الناصري المغرب ،ووصف افريقيا لحسن الوزان
وغيرها كثر مما ال يسعنا ذكرها كاملة.
ه
مقدمة
الصعوبات:
أثناء دراستنا لهذا الموضوع واجهتنا مجموعة من الصعوبات نذكر منها على سبيل
المثال
أن معظم الدراسات حول الحفصيين والمرينيين تطرق إلى دراسة العالقات الثقافية
واإلقتصادية.
ـصعوبات التعامل مع الموضوع كونه ال توجد دراسات سابقة تشمل دراسة عملية لهذا
الموضوع .
تنوع وتوزع مادة البحث لهذا وجب علينا التعامل مع هذه المادة العلمية المختلفة
لكتب التاريخ ،وبكتب الجغرافيا المعجم والتراجم وغيرها.
وختاما ال يفوتنا أن نوجه جزيل الشكر إلى كل من قدم لنا يد العون من قريب أو بعيد على
إنجاز هذا البحث واخراجه بهذه الصورة ،ونخص بالذكر أستاذنا المشرف نويوة واعظ الذي
منحنا من وقته الكثير رغم مشاغله الكثيرة ،وأخي ار أتمنى أن نكون قد وفقنا في إنجاز البحث
في أبهى حلة ،واهلل الموفق المستعان وعليه االتكال سبحانه وتعالى.
و
أوضاع المغرب قبيل سقوط
الدولة الموحدية
أوضاع المغرب االسالمي قبيل سقوط الدولة الموحدية المدخل
لقد كانت الدولة الموحدية 1دولة قوية مترامية األطراف ،استطاعت أن تحقق الوحدة
السياسية للمغرب االسالمي واألندلس تحت لوائها فترة زمنية طويلة بل استطاعت على
وحدتها الترابية الممتدة من برقة شرقا إلى المحيط األطلسي غربا ،والبحر ا ستم اررية
األبيض المتوسط في األندلس شماال ،إلى الصحراء جنوبا تحت نظام إداري مركزي موحد
في قوة سياسية فاعلة وقوة عسكرية ضاربة في غرب البحر األبيض المتوسط .
وفي الوقت الذي كان فيه العالم اإلسالمي يعاني من وطأة الحروب الكاسح ولالسترداد
اإلسباني المضطهد فقد كان الموحدون في ذلك الوقت حماة دار اإلسالم في بالد المغرب
واألندلس إال أنه في مطلع القرن السابع الهجري الثالث عشر ميالدي ،بدأت بوادر
اإلنحالل والضعف السياسي تنهش الكيان الموحدي .وشيئا فشيئا اختل النظام السياسي
وانه ار الهيكل اإلداري الذي كان له األثر البالغ في التنظيم العسكري الذي يعد الميزة
األساسية لهم غير أنه فقدت كل هذه المميزات بعد حكم الناصر.2
دولة الموحدين :تأسست هذه الدولة رسميا( 145ه 5544/م) على يد المهدي بن تومرت في شكل دعوة دينية وفكرة 1
روحية إصالحية ،وتطورت إلى كيان سياسي واستطاع خليفته عبد المؤمن ابن علي أن يبسط نفوذ دولته على كامل
المغرب اإلسالمي وبالد األندلس بعد مقاومته اإلسبان والتصدي لهم .انظر أبو بكر الصنهاجي ( البيذق ) :أخبار
المهدي ابن تومرت ،تح و تع :عبد الحميد حاجيات ،الشركة الوطنية للتوزيع ،الجزائر 5794م ،ص .571انظر ايضا
ابن القطان :نظم الجمان ،تح :محمود علي مكي ،دار الغرب االسالمي ،دط ،بيروت 5799 ،م ،ص.541
محمد بن عمر الطمار :تلمسان عبر العصور ودورها في تأسيس وحضارة الجزائر ،المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية 2
1
أوضاع المغرب االسالمي قبيل سقوط الدولة الموحدية المدخل
ولعل واقعة العقاب( 907ه 5454/م) 1هي خير دليل على ذلك في األندلس 2التي
تسببت في سريان الضعف بالنسبة للموحدين واعتبرت بداية النهاية في األندلس .
أما بالنسبة للنصارى فقد كرست التفوق السياسي والعسكري وجعلت من هذا اليوم عيد
إنتصار الصليب،3فنتج عن ذلك زيادة الهجومات من طرف المماليك النصرانية على دولة
الموحدين أرغون من الشرق وقشتالة من الشمال والبرتغال من الغرب وفشلهم في صد تلك
الهجمات ، 4فتعددت الثورات على الموحدين حتى بلغت ثالث وثالثون ببالد المغرب وثمانية
6
عشرة باألندلس 5وكان أخطرها ثورة بني غانية.
وكانت هذه الهزائم المتتالية لهم سبب في ضعفهم وضياع هيبتهم ،ومما زاد من تفاقم
األوضاع وتأزمها وفاة محمد الناصر ( 950ه 5451/م) في ظروف غامضة في السنة
الموالية للهزيمة الشنعاء ( معركة العقاب ) بعد عودته من األندلس ولقد شكلت وفاة هذا
معركة العقاب :هي معركة كانت بين الموحدين بقيادة محمد الناصر وبين الصلبين بقيادة ألفونسو الثامن وانتهت بانهزام 1
المسلمين ،وكانت أول وهن دخل فيه الموحدين فلم تقم لهم بعد ذلك قائمة.انظر ابن ابي زرع :االنيس المطرب بروض
القرطاس في اخبار المغرب وتاريخ مدينة فاس دار المنصور ،رباط ،5794،ص ص .590,519أنظر أيضا ابن أبي
زرع :الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية ،تح :عبد الوهاب ابن منصور ،الرباط ، 5794 ،ص .44
2
عبد العزيز فياللي :تلمسان في العهد الزياني،ج ،5المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ،الجزائر ،4004،ص.51
3
محمد العروسي المطوي :الحروب الصليبية في المشرق والمغرب ،تونس ( 5194ه 5714 /م) ،ص .595
4
خالد بالعربي :الدولة الزيانية في عهد يغمراس بن زيان ،ط ،5مطبعة تلمسان 4001 ،م ،ص .19
5
لخضر سيفر :التاريخ السياسي لدولة المغرب االسالمي ،ج ، 5االمل للدراسات 4009 ،م ،ص . 100
6
ثورة ابن غانية :بنو غانية ينتسبون الى قبيلة مسوفة الصنهاجية وقد عرفوا بهذا االسم نسبة الى أمهم غانية أعلنوا والئهم
للعباسيين ثم ثاروا على الموحدين (190ه5594/م)وغزو بجاية و مليانة و قسنطينة محاولين إحياء دولة المرابطين ،وقد أحدثت
ثورتهم إضطرابا كبي ار في المغرب اإلسالمي ،انظر :عبد الواحد المراكشي :المعجب في تلخيص اخبار المغرب ،تح :خليل
عمران المنصور ،دار الكتب العلمية ،بيروت 5771 ،م ،ص. 597انظر ايضا أبوا محمد عبد اهلل التجاني :رحلة التجاني ،
تونس 5199( ،ه 5719/م ) ،ص .541
2
أوضاع المغرب االسالمي قبيل سقوط الدولة الموحدية المدخل
األخير بداية انهيار البيت الموحدي وأيضا نهاية عصر القوة والعظمة وبداية عصر التفرقة
1
و اإلنحالل والتنافس على عرش الخالفة.
حيث تولى الخالفة أشخاص صغار السن لم يبلغ بعضهم حتى سن الحلم ولم تكن لهم
فكرة واضحة عن المسؤولية وعن األخطار التي تحدق بدولتهم مما جعلهم عرضة للمؤامرات
الداخلية والخارجية التي هزت كيان الدولة ،حيث نذكر من بين هؤالء الخلفاء الصغار إبنه
(أبو يعقوب يوسف) الملقب "بالمستنصر باهلل " الذي تولى زمام الحكم بعد وفاة والده مباشرة
(950ه ـ940ه) وعمره ستة عشرة سنة ،فكان بعيدا عن أمور اإلدارة ومياال للهو فظهر
خلل في اإلدارة الموحدية وكثر الفساد وقيام القبائل وخروج رجالهم عن طاعة الموحدين.
وبعد وفاته 940ه تولى أبو محمد عبد الواحد ( 940ه ـ 126ه) .فكان شيخا يتجاوز
الستين من عمره غير قادر على التحكم تولي األمور وقد بويع بعده عدة خلفاء أهمهم :أبو
2
العالء إدريس المأمون ،أبو محمد عبد الواحد الرشيد.
فضال عن الحروب التي كانت بين بني مرين والموحدين خاصة منها معركة المشعله
(951ه 5459/م) التي أعتبرت فاتحة عهد المرينيين الذين اندفعت جنودهم صوب شمال
المغرب االقصى تشن الغارات على أمالك الدولة الموحدية وبذلك تصدعت وحدة القبائل
بفعل العوامل السابقة إضافة إلى تأزم الوضع بين سادة أمراء األسرة المؤمنة واألشياخ
ممثلي القبائل 3وأخي ار اإلنقسام الخطير الذي إنحلت به وحدة المغرب اإلسالمي كان ذلك
عامال قويا في إنكسار شوكتهم فتقلص ظلهم و إنقرضت دولتهم.4
1عبد اهلل عنان :عصر المرابطين والموحدين في األندلس والمغرب ،ج،4القاهرة،5794،ص ص .159,470
2عبد اهلل عنان :المرجع نفسه،ج ،4ص .159
3عبد الحميد حاجيات :أبو حمو موسى الزياني حياته وأثاره ،ط،5دار بن مرابط ،4005،ص ص .59 ،51
4
يحي بوعزيز :الموجز في تاريخ الجزائر ،دار البصائر ،الجزائر4007،م ،ص591
3
أوضاع المغرب االسالمي قبيل سقوط الدولة الموحدية المدخل
حيث إستغلت القبائل المغربية ضعف ووهن الموحدين وعدم قدرتهم على التصدي على
محاوالت اإلنفصال ،التي إستنزفت طاقات الدولة وأعتبرت هذه الحركات اإلنفصالية ضربة
قاسية للجيش الموحدي الذي لم يعد قاد ار على حماية الخلفاء حتى في قصورهم وأسفارهم
ففهي هذه األونة بادر زعماء القبائل إلى استغالل األوضاع المتردية .وتحقيق طموح الكيان
السياسي المستقل عن وحدة الموحدين وبدؤوا التخطيط إلى ذلك س ار وجه ار.
فكان أول من بادر بذلك هم الحفصيون بزعامة أبي زكرياء يحي الحفصي الذين
1
إستطاع تأسيس دولته في الجزء الشرقي للدولة وجعل عاصمتها تونس (941ه5449/م)
"يغمراس بن زيان"2 وسار على نهجهم بنو زيان بحيث تمكن الزعيم بني عبد الواد
( 911ه 5411/م ) أن يؤسس دولته وجعل عاصمتها تلمسان.
وأيضا نجد المرنيين الذين تم على أيديهم القضاء على ما تبقى من نفوذ الموحدين
نهائيا ،بتأسيس دولتهم ( 999ه 5497/م) في "فاس " عاصمة لهم وهي من أقوى الدول
3
واستطاع بني األحمر استخالص الحكم ألنفسهم في الجزء الجنوبي التي إنفصلت
4
باألندلس.
ويمكن إعتبار فشل الموحدين سبب رئيسيا من أسباب اإلنحطاط السياسي والحضاري
بالمغرب ،إذ أنه أدى إلى عودة المغاربة إلى التشتت ،وهذا ماجعلهم منهمكين في إثارة الفتن
1
ابن االحمر :تاريخ الدولة الزيانية بتلمسان ،تح :هاني سالمة ،ط ،5مكتبة الثقافة الدينية 4005 ،م ،ص54
2
يغمراس ابن زيان :وهو أبو يحي يغمراس بن زيان بن ثابت بن محمد العبد الوادي األصل بويع بعد وفاة أخوه أبو عزة
لحكم بني زيان في تلمسان (911ه5411/م) وكان معروفا بالدهاء السياسي والشجاعة والحزم .انظر :ـ يحي ابن خلدون
:بغية الرواد في ذكر الملوك عبد الواد ،ج ،5الجزائر 5790 ،م ،ص 577ـ محمد ابن عبد اهلل التنسي :تاريخ بني زيان
ملوك تلمسان ،تح :محمود بو عياد ،الجزائر 5791م ،ص .509
3
الدينية ،القاهرة لسان الدين ابن الخطيب :تاريخ إسبانيا اإلسالمي ،تح :ليفي بروفسال ،مكتبة الثقافة
،4009،ص.474
4
إسماعيل العربي:المدن المغربية ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،الجزائر 5794 ،م ،ص .500
4
أوضاع المغرب االسالمي قبيل سقوط الدولة الموحدية المدخل
والحروب فيما بينهم منشغلين عن مواجهة العدو الحقيقي والدفاع على أراضي المسلمين
1
باألندلس.
وبذلك توزعت هذه الدول المستقلة سياسيا بكياناتها األربعة بعد األنقسام الذي لحق بها
2
إلى دويالت ،كنتيجة لسقوط دولة الموحدين:
3
5 ـ دولة بني حفص في المغرب األدنى (إفريقية ).
4
4 ـ دولة بني زيان في المغرب األوسط.
5
1ـ دولة بني مرين في المغرب األقصى.
1ابن صاحب الصالة :المن باإلمامة على المستضعفين بأن جعلهم اهلل أئمة وجعلهم الوارثين ،تح :عبد الهادي التازي
،ط،5دار األندلس ،5794،ص ص .541,519
2
الملحق رقم ( 5الخريطة توضيح تقسيم الدول الثالث )
3مغرب أدنى :تمتد من غرب االسكندرية الى مدينة بجاية غربا ،يشمل على االقاليم االربعة (برقة ،طرابلس ،تونس شرق
الجزائر ) انظر أبو إسحاق ابرهيم بن محمد الفاسي األصطخري:مسالك الممالك ،مطبعة بريل ،لندن ،5719،ص .19
وعاصمته االولى القيروان بناها عقبة ابن نافع ( 10ه ـ 11ه999/م ـ 994م) ثم تونس ،التي عرفت اوج عزها خالل
القرن (1ه و7ه)فكانت مرك از ثقافيا وصناعي هامة ومحطة للقوافل التجارية .انظر ابن االثير الجزري :الكامل في التاريخ
،ج ،1دار الكتاب العربي ،بيروت ، 5779 ،ص .59انظر أيضا ياقوت الحموي :معجم البلدان ،ج،4تح :عبد العزيز
الجندي دار صادر ،بيروت ،5799 ،ص.414
4مغرب أوسط :يطلق إسم المغرب األوسط على األقليم الواقع بين إفريقية والمغرب األقصى ،وتحديدا من بالد الزاب شرقا
إلى ملويا غربا .أنظر أبو القاسم ين حوقل النصيبي :صورة األرض،ج،5ط ، 4ليدن ،5719،ص ص .70,90أنظر ابن
حزم األندلس :جمهرة أنساب العرب ،تح :عبد السالم قارون ،دار المعارف ،مصر 5794 ،ص.471
5مغرب أقصى :يمتد من وادي ملوية شرقا إلى المحيط األطلسي غربا تسكنه في األغلب قبائل المصامدة
(صنهاجة،مطغرة .)...انظر موسى لقبال :المغرب اإلسالمي ،ط ،4الوطنية للنشر و التوزيع ،الجزائر5795،م،ص.54
أنظر أيضا محمد علي دبوز:تاريخ المغرب الكبير ،ج،5ط،5مطبعة عيسى الحلبي5794،م ،ص ص.4,1
5
أوضاع المغرب االسالمي قبيل سقوط الدولة الموحدية المدخل
وبقيام هذه الكيانات السياسية الجديدة عادت منطقة المغرب اإلسالمي في حياتها
السياسية إلى الصراع القبلي الذي كان سائدا قبل عصر المرابطين.
وعلى الرغم من أن هذه القبائل كانت في تشكيالت سياسية إال أن الصراع بينها تفاقم
نتيجة العداء القائم والحروب المستمرة من أجل بسط النفوذ والسيطرة على كامل المغرب،
ولقد إستغلوا كل الظروف و مختلف الطرق والوسائل لتحقيق ذلك وظلت العالقة بينها
متوترة على طول التاريخ وكانت بينهم بعض فترات الهدنة والسلم على حسب إختالف
1
شخصيات السالطين وسياساتهم وأهدافهم.
كما أن هذه الدول لم تعترف لبعضها لبعض باإلستقالل ،فأستمرت الحروب بينها
وتقاربت قواتهم الحربية والسياسية ،لكن الظاهرة التي تستحق التسجيل ،فيما يتعلق بهذه
المحاوالت هي أنها لم تنطلق من منطلق إنفصالي ،بل أن كل واحد من الذين ثاروا على
السلطة المركزية كان يحاولون أن يحققوا تحت ظلها نفس الوحدة التي كانت موجودة في
عهد الموحدين .ومن هنا سنحاول إلقاء الضوء على نموذج من هذه النزاعات والصراعات
بين هذه الدول :وهو الصراع السياسي الحفصي المريني .
1
عبد الرحمان ابن خلدون :المعبر وديوان المبتداوالخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان
االكبر،ج، 9دار الكتاب اللبناني ،بيروت ، 5797 ،ص 194ص .199
6
الفصل األول
ظهور القوئ السياسية في بالد المغرب اإلسالمي:
الفصلللل اللول:ظهللللور القللللوى السياسلللية المتصلللارعة فلللي بلللال د المرلللر اإسلللالمي بعللل د الللل دلول
الملوح دية
اختلف المؤرخون حول نسب الحفصيين إذ يرجعه البعض إلى سيدنا عمر بن الخطاب
رضي اهلل عنه حيث يقولون عنه هو من بني أبي حفص عمر بن يحي بن محمد بن والد بن
علي بن أحمد بن والل بن إدريس بن خالد بن اليسع بن إلياس بن عمر بن وافتن بن محمد بن
1
وهناك محبه بن كعب بن محمد بن سالم بن عبد اهلل بن عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه.
من يرجعه إلى قبيلة هنتاته 2،التي تعتبر من أهم القبائل المصامدة 3على وجه الخصوص ومن
أكبر قبائل البربر في المغرب ،وموطنها بجبال درن القريبة لمراكش ،فيقولون هو أبو حفص
4
الهنتانتي.
وما يعرف عن بالد المغرب من إختالف األنساب إلى البيت الشريف فمثال زناتة كانت
تدعي أنها من العرب وأبناء زيان ملوك تلمسان أيضا .ولعل الحفصيين تأثروا بهذه الموجة
1
أبو العباس أحمد القلقشندي :صبح األعشى في صناعة األنشا ،دار الكتب الخيدبوية ،د ط،القاهرة 9191 ،م،ص733
أنظر أيضا إبن ابي دينار:المؤنس في أخبار إفريقية وتونس ،ط ،9تونس ،د ت،ص .911
2هنتاتة :قبيلة بربرية من أهم قبائل المصامدة تقع جنوب مراكش وكانت من أهم القبائل المساهمة في دعوة بني حفص
انظر ابن القنفذ القسنطيني :الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية ،تحقيق محمد الشاذلي وعبد المجيد التركي ،ط ،9دار
التونسية للنشر 9191 ،م ،ص. 901
3المصامدة :تنسب هذه القبيلة إلى أ يالن بن مصمود بن يازيغ وقد أقاموا بالمغرب االقصى .وهو ولد مصمود بن يونس
أكبر قبائل البربر و اوفرهم من بطونهم برغواطة و غمارة اهل جبل الدرن .انظر :عبد الرحمان ابن خلدون :المصدر السابق
،ج ،9ص .131
4بحوث في تاريخ الحضارة االسالمية مجموعة من البحوث التي القيت في ندوة الحضارة االسالمي في ذكر االستاذ أحمد فكري
10 /99اكتوبر 9139م ،شباب الجامعة ،ص .110
8
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
المنتشرة في بالد المغرب وقتئذ فزعموا أنهم ينسبون إلى عمر بن الخطاب وهذا النسب لم يذكره
إال مؤرخ واحد وهو (ابن نخيل ).1
وهذا هو الواقع ألن العرب كانت تحافظ على أنسابها وتبتعد عن اإلختالط في األنساب
فلربما قصد الحفصيون من إنتسابهم إلى الخليفة عمر بن الخطاب إكساب حكمهم الصبغة
الشرعية وليتميزوا عن غيرهم من قبائل البربر بالنسب الشريف.2
وكان الشيخ أبو حفص ذو مكانة رفيعة لدى دولة الموحدين وهو من العشرة السابقين
لدعوته والمسمون بالجماعة.3الذين بايعوا المهدي بن تومرت ،4ولقد بذل قصارى جهده في
مناصرته .
1
جميلة مبطي المسعودي :المظاهر الحضارية في عصر دولة بن حفص منذ قيامها( سنة 999ه وحتى سنة 117ه)،
مذ كرة ماجستير في التاريخ االسالمي ،قسم الدراسات العليا التاريخية والحضارية ،جامعة أم القرى ،المملكة العربية
السعودية 9119( ،ه 1000/م) ،ص .901
2
روبار بريشفيك :تاريخ إفريقية في العهد الحفصي من القرن 97الى نهاية القرن 91م ،ج ،1ط ،9دار الغرب
االسالمي 9111م ،ص .1
3
المسمون بالجماعة :هم المقربين الى المهدي بن تومرت عبد الواحد الشرقي عبد المؤمن بن علي ،عمر بن عبد اهلل
الصنهاجي ،الشيخ عمر بن ابي حفص يوسف بن سليمان ،عبد اهلل بن سليمان ،ابو عمران موسى بن علي الضرير ،ابو
ابراهيم اإلسماعيل الهزرجي بن بخيت وايوب الجدميوى ،انظر عبد الواحد المراكشي :المصدر السابق،ص ص 131
.139
4
إبن تومرت :هو أبو عبد اهلل محمد بن عبد اهلل بن تومرت ،المنعوت بالمهدي الهرغي ،نسبة إلى قبيلة هرغة ،بطن من
بطون القبيلة البربرية الكبرى مصمودة ،لكن هناك اختالف حول نسبه فيما إذا كان هذا السب بربريا خالصا أو أنه منتهيا إلى
الرسول صلى اهلل عليه وسلم.صاحب دعوة عبد المؤمن بن علي هو من جبل السوس في أقصى بالد المغرب.انظر عبد
المجيد النجار:المهدي بن تومرت ،دار الغرب اإلسالم،ط ،9بيروت 1983،م،ص. 24أنظر أيضا أبو العباس بن خلكان
:وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان،ج،7تح إحسان عباس ،دار الثقافة ،بيروت ،د ت،ص. 201
9
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
وكان يأتي بعد عبد المؤمن في المنزلة عند الموحدين من غير منازع ويشترك معه في
األلقاب الرئيسية ،فبينما كان يسمى ابن تومرت باإلمام وعبد المؤمن بن علي بالخليفة أما هو
بالشيخ. 1فكان الشيخ صاحب الحل والعقد في عهد عبد المؤمن ،فكان عبد المؤمن يرسل في
مقدمة الجيوش ،ومن ذلك أنه أرسله في مقدمة جيشه حين زحف إلى المغرب األوسط قبل فتح
2
مراكش سنة 173ه فحمل البربر على طاعته
1عبد الكريم غالب :قراءة جديد في تاريخ المغرب العربي ( عهد العصر التركي في تونس والجزائر ) ،ج ،1ط،9دار
الغرب االسالمي ،بيروت 1001 ،م ،ص .113
عبد الرحمان بن خلدون :المصدر السابق ،ج ،9ص.739 2
أبو محمد عبد الواحد بن أبي حفص :جلس على كرسي اإلمارة بقصبة تونس سنة (907ه 9103/م) كان ذكي فطنا 3
شجاعا توفي سنة( 991ه) ودفن بالقصبة .انظر عبد اهلل محمد بن ابي ابراهيم الزركشي :تاريخ الدولتين الموحدية
والحفصية ،تح محمد مأخود ،ط ، 1المكتبة العتيقة ،تونس 9190 ،م ،ص .91
بني غانية :ينتمون الى قبيلة مسوفة الصنهاجية ،وقد عرفوا بهم االسم نسبة إلي أمهم غانية ،اعلنوا والئهم للعباسيين ثم 4
ثاروا على الموحدين محاولين احياء دولة المرابطين منقرضة سنة 110ه ولقد احدثت اضطرابا كبي ار في المغرب االسالمي
باكمله :عبد العزيز سالم :المغرب الكبير العصر االسالمي ( دراسة تاريخية وعمرانية واثرية ) ،ج ،1دار النهضة العربية ،
بيروت 9119 ،م ،ص 107ـ .101
عبد الرحمان ابن خلدون :المصدر السابق ،ج ، 9ص.737 5
01
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
وكان من شروط أبي محمد الحفصي على الخليفة الموحدي أن يقيم ثالث سنوات ،ريثما
تترتب أحوال وتنقطع أطماع بني غانية عنها ،ويحكمه الناصر في من يبقيه معه من الجند
ويرضاه من أهل الكفاية .وأن ال يتعقب أمره في والية وال عزل ،فوافق الناصر بشروطه ورجع
إلى مراكش سنة ( 907ه9109 /م).1
الدولة الموحدية بسبب النظرة البعيدة بقي الحكم في إفريقية لبني حفص بعد سقوط
لألحداث والحنكة السياسية التي كان يتمتع بها بنو حفص وخاصة أبو محمد عبد الواحد حيث
إستغل قربه من بالط الحكم ليتعرف عن كثب عن مصادر القوة بإتخاذ الق اررات العامة في
الدولة الموحدية ومنها يبني أهدافه المستقبلة وهي الظفر بدولة المغرب األدنى ،كما لعبت
القبائل العربية دو ار مهما في قيام الدولة الحفصية.2
وبعد وفاة أبي محمد عبد الواحد بني حفص سنة( 991ه) و دفن بالقصبة ،3نجد أن
األحوال قد تغيرت حيث اختلف الناس على من يخلف أبو محمد عبد الواحد وانقسموا إلي
فريقين فريق مال إلى ابن الشيخ أبي زيد وفريق مال إلى ابن أخيه إبراهيم ابن إسماعيل بن
الشيخ أبي حفص نائبا له .غير أن الخليفة الموحدي أمر بتولي أبي العالء بن أبي يعقوب
4
الحكم في تونس ،وأمر أوالد الشيخ بالرجوع الى مراكش.
1
محمد بن محمد مخلوف :شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ،مطبعة السلفية ومكتبتها ،د ط ،القاهرة 9710 ،ه،
ص . 971انظر ايضا الزركشي :المصدر السابق ،ص.91
2
عبد الفتاح المقلد الغنيمي :موسوعة تاريخ المغرب العربي ،ج ، 1ط ،9مكتبة مدبولى ،القاهرة 9111 ،م ،ص. 11
3
أبو عبد اهلل محمد بن الشماع :االدلة النورانية في مفاخر الدولة الحفصية ،تح ،الطاهر بن محمد المعموري ،ط ،9
دار العربية للكتاب ،تونس 9111 ،م ،ص .11
4
ابن القنفذ الفلسطيني :المصدر السابق ،ص. 909
00
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
وعقب مقتل الخليفة أبو محمد العادل ،إستولى والي إشبيله أبو العالء إدريس على مراكش
واستولى على الخالفة ولقب بالمأمون ،وبعث إلى والي إفريقية يطلب منه البيعة والوالء لكن
أبا محمد رفض ذلك ،فاتصل المأمون بأخيه أبي زكرياء فوافق وأخذ له البيعة على قابس
وبعث له الخليفة الموحدي بالتقليد على كامل والية إفريقية ،حيث كسب أبو زكريا في البداية
تأييد أعيان قابس ،ثم أعلن واليته على كامل إفريقية سنة ( 911ه 9113/م ) ولما علم أخوه
1
أبو محمد بذلك خرج لقتاله لكن شيوخ الموحدين تخلو عنه ثم بايعوا أبا زكرياء يحي.
ويعتبر اإلنفصال الرسمي للدولة الموحدية بالنسبة للحفصيين كان على يد أبي زكرياء
المؤسسة الفعلي للدولة الحفصية حيث إمتدت واليته إلفريقية من سنة (911ه9113/م).2إلى
سنة (913ه 9111م) .و إستطاع أن يشكل إمارة تونس وأعلن إستقالل إفريقية عن الدولة
الموحدية وذلك من خالل ماقاله إبن قنفذ حيث قال ( :أسقط المير أبلو زكرياء ابن الشيخ
محم د اسم أمير زكرياء ابن الناصر من الخطبة في بال د أفريقية لواقتصر على ال دعاء للمه دى
لوللخلفاء الراش دين ،لوكان ذلك ألول درجة في اإستب دا د ،ثم بلويعة ألول عام ستة لوعشرين
لوستمائة لوهذه هي البيعة اللولى من الملوح دين).
لما بسط نفوذه على إقليم تونس زحف أبو زكرياء سنة 911ه على المغرب األوسط
واستولى على قسنطينة وبجاية ثم مدينة الجزائر سنة ( 971ه 9171 /م ) .وفي سنة
3
(971ه 9173 /م) بويع البيعة الثانية .وأصبح يذكر إسمه في الخطبة.
1
ابن القنفذ الفلسطيني :المصدر السابق ،ص 903ـ انظر ايضا :الزركشي :المصدر السابق ،ص 11ـ انظر ايضا
ابن الشماع :المصدر السابق ،ص . 11
2
عبد الرحمان الجيالني :تاريخ الجزائر العام ،ج ، 1ط،9دار الثقافة ،لبنان 9117 ،م ،ص .13
3
ابن القنفذ القسنطيني :المصدر السابق ،ص ص .901,901
01
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
وفي سنة 971ه 9111/م توجه إلى تلمسان وضمها إلى حكمه وفي سنة ( 910ه
3
9117/م) وصلت البيعة من سجلماسة 1وطنجة 2ثم توالت البيعات من مدن األندلسية إشبيليه
والمرية 4وغرناطة. 5
ومن أهم إنجازاته أنه اكتسب محبة الناس حيث شدد الرقابة على العمال وقرب إليه
الفقهاء واستعان بيهم ،كما كون قوة عسكرية ال يستهان بها في إفريقية ورسخ دعائم الدولة واهتم
بالتعليم وفتح عدة مدارس .وتعد فترة أبي زكريا من أزهى فترات الدولة الحفصية .وتوفي في
( 913ه9111/م )وعمره 11سنة .وقد عمل قبل وافته على أخذ والية جمادى األخرسنة
العهد إلبنه ،وهذا يعني أن الدولة قامت على أساس وراثي. 6
وبعد وفاة أبي زكرياء تولى إبنه المستنصر الذي بويع في التاسع والعشرين من جمادى
األخر سنة 913ه ،ولم يكن األمر ممهدا للمستنصر عندما استلم زمام أمور الحكم فقد
واجهته عدة ثورات وكانت ثورة عمه اللحياني أولها الذي أراد الحد من سلطة المستنصر ونفوذ
1
سجلماسة :هي مدينة بنيت سنة (910ه313/م) وهي مدينة بجنوب المغرب سهلية أرضيها خصبة ،ولها بساتين وهي
في اول الصحراء ال يعرف في غربيها وال قبلها عمران .انظر البكري أبو عبيد عبد اهلل بن عبد العزيز :المغرب في ذكر
بالد إفريقية والمغرب ،د ط،دار الكتاب االسالمي ،القاهر،ص ص.911,911
طنجة :مدينة عظيمة ازلية ،وهي على بعد 70ميال عن أعمدة هرقل و 910ميال عن فاس .انظر حسن الوزان : 2
وصف إفريقيا،تح محمد محي ومحمد االقصر ،ط،1دار الغرب االسالمي ،رباط9111،م،ص.791
3إشبيلية :مدينة عظيمة باألندلس وهي أعظم مدنها بها قاعدة ملك األندلس وبها كان بنو عباد وهي غربي قرطبة بينهما
ثالثين فرسخا وهي قريبة من البحر انظر ياقوت الحموي :المصدر السابق،ج ،9ص .111
4
المرية :مدينة كبيرة جنوب شرقي االندلس وهي عبارة عن جبالن بينهما خندق معمور،وعلى الجبل الواحد قصبتها المشهورة
بالحصانة،وفي الجبل الثاني ربضها ،والسور يحيط بالمدينة ،ولها أبواب عدة،والمدينة كثيرة الخيرات.انظر محمد بن عبد المنعم
الحميري:الروض المعطار في خبر األقطار،تح إحسان عباس،ط،9مكتبة لبنان،بيروت ، 9131،ص.171
5عبد الرحمان باالعرج :عالقات دول المغرب االسالمي بدون المماليك سياسيا وثقافيا بين القرنين السابع والتاسع الهجريين
،مذكرة لنيل الدكتوراة ،تخصص تاريخ المغرب االسالمي ،قسم التاريخ علم االثار ،كلية العلوم االنسانية واالجتماعية ،
جامعة ابي بكر بلقايد تلمسان 1091(،م1097/م) ص . 11انظر ايضا ابن القنفذ القسنطيني :المصدر السابق ،ص 901ـ
. 901
6ابن الشماع :المصدر السابق ،ص.90
01
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
األندليسين الذين احتلوا المناصب العليا في الدولة الحفصية ،لكن هذه الثورة كان مصيرها
1
الفشل.
ولقد ذاع صيت المستنصر الحفصي في العالم اإلسالمي حتى وصلته بيعته من مكة
سنة( 913ه9111/م) ،كان حامل الرسالة من مكة الى تونس أبا أحمد بن برطله األشبيلي
حيث أعطاه شريف مكة لقب الخليفة وأمير المؤمنين ،ألنه كان هو األجدر في ذلك الوقت بعد
سقوط الخالفة العباسية.2
وفي عهده شن الملك الفرنسي لويس السابع حملة عسكرية بحرية على تونس قوامها أربعين
ألف عسكريا ،وتم ذلك بإيعاز من أخيه دانجو حاكم جزيرة صقلية ،ومساندة البابا ،ولما نزل
بقرطاجه سنة( 991ه9130/م) تصدى له الجيش الحفصي ودامت المعركة بينهما ستة أشهر
فرى شارل دانجو مفاوضة
ولم تتوقف إال بظهور وباء الطاعون بتونس ومات لويس ملك فرنسا .أ
المسلمين ،و إ تفق الطرفان على عهد صلح الذي يقوم على دفع غرامة حربية قدرها مائتان
3
وعشرة األف وقية ذهبا ،يسددون نصفها عند اإلتفاق والنصف األخر خالل عامين.
توفي المستنصر باهلل بمرض أصابه (99ذي الحجة 931ه9133/م) وهو ابن خمسين
سنة فدامت واليته 11سنة و 1اشهر و99يوم .وتولى زمام الحكم بعد وفاته ابنه يحي الواثق
وكان حسن السيرة غير أن أمره لم يستمر واستولى على الحكم بعده عمه أبا إسحاق إبراهيم
(931ه9131/م) .واستطاع أن يمسك زمام األمور بعد إن دانت له كل إفريقية ويقال سنة
عنه أنه كان ملك شجاعا وفيه غلظة.1
وفي عهده قام بالقيروان الفضل بن الواثق وادعى أنه أحق بالخالفة خلفا ألبيه الذي قال
أنها إنتزعت منه وعظم أمر الفضل حيث ملك واحتوى أكثر البالد (919ه9111/م) ،ولم
يستطع السلطان الحفصي أبو إسحاق القضاء عليه ،وتنازل على الخالفة البنه أبي فارس
وتلقب بالمعتمد على اهلل وجهز الجيوش وخرج للقاء الفضل بن الواثق إال أن أنصار السلطان
2
أبي فارس خانته فهزم وقتل سنة (911ه9117/م) هو واخوته.
وبعد ذلك تداول عدة أمراء 3على الدولة فكانوا ضعافا لم ينهضوا بالدولة .وبدأ نفوذ
األوروبيين يكبر بعدما إستعانة بهم األخوة الفرقاء المتنافسون على العرش الحفصي ،وأصبح
األوروبيون يتدخلون بشكل مباشر في الشؤون الداخلية للدولة .وبعد أن سيطروا على طرابلس
تنبه سالطين بني حفص للخطر األجنبي ما إستدعى تدخل طرف الثالث وهم العثمانيون
1
ابن الشماع :المصدر نفسه ،ص .39 ،31وانظر ايضا :ابن القنفذ :المصدر السابق ص . 973
2
لغشيم مصطفى :هجرة العلماء بين المغربين االوسط واالقصى دراسة اجتماعية ثقافية (القرن ه3ـ 1ه 97 /م ـ91م)،
مذكرة مقدمة لنيل ماجستير في العلوم االسالمية ،تخ :تاريخ وحضارة ،قسم اللغة والحضارة العربية االسالمية ،كلية العلوم
االسالمية ،جامعة الجزائر 1097/1091 ،9م ،ص. 91,91
3الملحق رقم (1ملوك الحفصيين ).
01
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
األتراك ( 119ه 9131 /م ) ودخلوا في معارك طاحنة وانتهت بإنتصار العثمانيين على
1
اإلسبان لتنتهي مرحلة من تاريخ المغرب األدنى وسقوط الدولة الحفصية.
1محمد بن محمد مخلوف :المصدر السابق ،ص911ـ .911انظر عبد الرحمان بن األعرج :المرجع السابق ،ص .11أنظر
ايضا :محمد الهادي الشريف :تاريخ تونس من عصور ماقبل التاريخ الى االستقالل ،تع محمد الشاوش ومحمد عجينة ،
ط ،7دار سراس ،تونس 9117 ،م،ص.99
01
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
أللللل أصلهم:
يرجع نسب بني مرين إلى قبيلة زناتة البربرية ،وهم فرع من البربر البتر ،حيث يرجع
نسبهم إلى جدهم األعلى مرين بن ورتاجن بن مأخوج بن جديح بن فاتن بن بدر بن بخفت
إبن عبد اهلل بن ورتنيص بن المعز بن إبراهيم بن سجيك بن واسين بن يصلتين بن مسرى
بن زاكيا بن وسيد بن زانات بن جانا بن يحيا بن نمزيت بن ضريس ،وهو جالوت ملك
البربر ،إبن رجيح بن مادغيس األبتر بن بر بن قيس عيالن بن مضر بن نزار بن معد بن
1
عدنان .فهم عرب األصل من ولد ن ازربن معد وهو األصح ماذكر.
ويقول إبن أبي زرع في هذا الشأن أيضا « :فمن زنات بن جانا تفرقت قبائل زناته فهم
عرب صريحون».2
وكان بنو مرين يمثلون قسما قويا له عراقته وسطوته بين قبائل زناته فهم أعلى قبائل
حسبا، 3وأحسنها شيما وأشرفها نسبا ،وأغزرها كرما ،وأشدها في الحروب بأسا واقداما
زناته ً
عددا .4
وأكثرها دينا ،وأحسنها ظنا ،وأوفرها ً
وقد حاول بعض المؤرخين أن يضفى على النسب المريني هالة من التكريم فرفع نسبهم
الشريف من جدهم األمير عبد الحق إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اهلل عنه
فقالوا « :هلو عب د الحق بن محي بن أبي بكر بن حمامة بن زيان بن محم د بن علي بن
تاشفين بن يحي بن علي بن إبراهيم بن إسماعيل بن عمر بن أمير المؤمنين الحسن بن
رضي اهلل عنهم ،» .وهناك من المؤرخين قالوا أنهم من أمير المؤمنين علي بن أبي طال
زناته ،وزناته كلهم من العرب األصل من مضر حيث يجمع نسبهم نسب رسول صلى اهلل
عليه وسلم هم من ولد بر بن قيس بن عيالن بن نزار بن معد بن عدنان . 1
ويقول الفقية األديب مالك بن المرحل وهو ينصح األمير يوسف بن يعقوب بن عبد
الحق المريني قائال :
فخر و هو للو ار فخر إذا إفتخروا أنتم ألبناء عبد الحق كلكم
2
بر بن قيس وقيس جده مضر فحسبكم شرفا أن كان جدكم
أما قبائل بني مرين فكثير العدد منها :بنو عبد الحق ،وبنو عسكر وبنو وطاس ،وبنو
3
الكاس ،وبنو يابان ،وبنو فودود ،وبنو يرنيان .
ومن الوثائق المهمة التي قدمت لنا موقفا واضحا في نسبهم ما نقله مؤلف الذخيرة
السنية في عروبة قبائل زناته وهي أنه لما فتح القائد حسان بن نعمان 4إفريقية والمغرب
1
ابن األحمر :روضة النسرين في دولة بني مرين ،طبعة ملكية ،الرباط ،9191 ،ص.1
2
إبن أبي زرع :المصدر السابق ،ص .91
3
إبن األحمر :المصدر نفسه ،ص .99
4
حسان إبن نعمان :قائد عربي من بالد الشام ،عين لقيادة الجيش العربي في بالد المغرب في عهد عبد الملك بن مروان
،وتوفي بعد عزله عودته إلى المشرف :انظر أبو الحكيم عبد الرحمن بن عبد اهلل بن الحكم :فتوح مصر والمغرب ،
مطبعة بريل ،بغداد 9170 ،م ،ص ،100وأنظر أيضا عبد الحميد سعد زغلول :تاريخ المغرب العربي ج ،9ص ص
.171 ،191
08
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
وكانت أكثر جيوشه من قبائل قيس ،فلما وصل جبل أوراس وجد أن قبيلة زناته قد
إجتمعت لقتاله ،فدعاهم إلى اإلسالم وقال لهم ( :يا معشر زناته أنتم إخلواننا في
،فلم تخالفلونا لوتعينلون علينا أع داءنا ? أليس أبلوكم ،بر بن قيس بن عيالن النس
?قاللو بلى ? لولكنكم معشر العر تنكرلون لنا ذلك لوت دفعلوننا عنه ،فإذا أقررتم بالحق
لورجعتم إليه فأشه دلوا لنا به على أنفسكم ). 1
ورغم ذلك نجد أن صاحب الذخير السنية لم يقدم أي مصدر الذي إعتمد عليه في
نقل هذه المعلومة بل إكتفى بقوله « لم نزل نعرف ذلك لونتلوارث علمه لوصحته من أبائنا
منا ،يأخذه كابر عن كابر ،لوعا دل من لومشايخنا لوأهل العلم بالتاريخ لوالمعرفة بالنسا
عا دل ».
/ملوطنهم :
عند دراستنا حول مواطن بني مرين قبل دخولهم إلى المغرب األقصى نجد أنهم كانوا
يعيشون حالة من الالستقرار وذلك بسبب الحياة البداوية التي فرضت عليهم ذلك ،فكان
موطنهم األول هو الصحراء بين الزاب إفريقية إلى سلجماسة ،2وأحيانا من مدينة القيروان
3
ينتقلون في تلك القفار والصحارى ال يدخلون تحت حكم سلطان إلى صحراء بالد السودان
وال يرضون بذل وال هوان ،لهم همم ونفوس عالية ،ال يعرفون الحرث وال التجارة وال
يشتغلون بغير الصيد وطرد الخيل والغارات على أطراف البالد و جل أموالهم اإلبل والخيل
1
مزاحم عالوي الشاهري :الحضارة العربية اإلسالمية في المغرب ( العصر المريني ) ،ط،9مركز الكتاب األكاديمي ،
عمان ،1099ص.91
2
أبو العباس أحمد بن خالد الناصري :اإلسقصا ألخبار دول المغرب األقصى ( الدولة المرنية ج( ، )7د ط)،تح جعفر
محمد الناصري ،دار الكتاب ،9111ص .01أنظر أيضا شوقي عطا اهلل الجمل :المغرب العربي الكبير في العصر
الحديث ( ليبيا –تونس -الجزائر – المغرب ) ،مكتبة األنجلو المصرية ،ط ،9القاهرة ،9133ص .11
3
بن أبي زرع :الذخيرة السنية ،المصدر السابق ،ص .11القيروان :هي بسط من األرض مديد من الجوف منها بحر
تونس وفي الشرق عبر سوسة والمهدية ،وفي القبلة بحر السفاقس وقابس ،وأقربها من البحر الشرقي .أنظر البكري :
المصدر السابق ،ص . 11
09
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
وشيمتهم إكرام الضيف وضرب أعدائهم بالسيف 1وعندما نتعمق أكثر في موطنهم نجد
4
ويذكر إبن مرزوق في مسنده أن قبائل القلقشندي حدده بين فيجيج 2وملوية 3فقط
المرينية كانت تملك مساحات شاسعة تنقلت فيها من بالد الجريد إلى ناحية الغرب حيث
5
شمل ملكهم من بالد الزاب إلى تاهرات
أما صاحب الحلل الموشية فيرى أن أصل بني مرين من تلمسان قاعدة المغرب
األوسط ودار مملكة زناته على قديم الزمان ،وكان وطنهم ما بينها وبين تاهرت من
6
شرقيها.
ومنه نقول أن تلمسان هي المركز الذي إنتشرت منه قبائل بني مرين شرقا وغربا فكان
إنتشارهم في األول من تلمسان إلى الشرق في إتجاه تاهرت ،ثم تقدمت منها بعد ذلك نحو
بالد الزاب 7وبالد الجريد ،ثم بعدها نزحت نحو الغرب من هذه المواطن إلى المغرب
8
األقصى وبذلك أصبحو يقفون على مداخل المغرب األقصى.
وكانت رياسة بني مرين في أول أيام الموحدين لبني عسكر وكانوا يقطنون الزاب إلى
تلمسان ،عندما بدأ عبد المؤمن يكتسح المغرب األوسط استعان على بني مرين بإخوانهم
1
إبن أبي زرع :األنيس المطرب ،المصدر السابق ،ص .131انظر ايضا أحمد الشلبي :التاريخ اإلسالمي والحضارة
اإلسالمي ،مكتبة النهضة المصرية ،ط،9197 ،9ص .917
2فجيج :عبارة عن ثالثة قصور في الصحراء في منطقة المغرب االوسط تحيط بها غابة من النخيل ،وهي على بعد مائتين
وخمسين ميال شرقي سجلماسة .انظر حسن الوزان :المصدر السابق،ج،1ص .977,971
3
ملوية :نهر يقع شرق المغرب االقصى ويصب في البحر االبيض المتوسط وكان في أغلب األوقات الحد الفاصل بين
المغرب األوسط والمغرب االقصى .انظر التنسي :المصدر السابق،ص .113
4
القلقشندي :المصدر السابق ،ج ،1ص .911
5
إبن مرزوق :المسند الصحيح ،ص .91
6
مؤلف مجهول :الحلل الموشية ،د ط ،دم ن ،د ت ،ص .911
بالد الزاب:هي منطقة واسعة كانت تستغل المساحة الواقعة في جنوب جبال أوراس وتشمل بسكرة وماحولها ،واقعة في 7
المغرب األدني على بالد الصحراء.أنظر حسين مؤنس :التنظيم اإلدراي والمالي األفريقية والمغرب خالل عصر الوالة مجلة
كلية األدب والتربية،العدد،9الكويت9137،م،ص.11
8
إبن األحمر :روضة النسرين ،المصدر السابق،ص ص .1,1
11
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
بني عبد الواد الذين بددوا جموعهم سنة 110ه فنزلوا جنوبا إلى الصحراء يعيشون حياة
البداوة والترحال ،وينتقلون خالل الربيع والصيف إلى أعالي ملوية حتى ناحية تا از
وكريسيف 1فيتزودون بالحبوب الزراعية التي يقتاتون بها شتاءا في صحرائهم.2
ومنه نقول أن مواطنهم لم تكن ثابته بل تخضع لنمط حياتهم البدوية الرعوية القائمة
3
على الترحال بحثا عن موارد الماء والكأل.
تعاقب على رياسة بني مرين رؤوسا كثيرون قبل دخولهم المغرب حيث كانت لمحمد
بنو رزير بن فكوس بن كرماط بن مرين ولما توفي قام بأمرهم أكبر أوالده حمامة بن محمد
ثم خلفه عسكر وولده المخضب الذي ظل على زعامة قومه حيث كانت له جيوش قادت
القبيلة إلى إنتصارات عديدة إذ سيطر على جميع بوادي زناتة وبالد الزاب .
وقد مكنته هذه اإلنتصارات على المرابطين 4والحماديين معا على بسط نفوذه في بوادي
بوادي زنانة بالمغرب وكذلك ممتلكات الحماديين في بجاية والقلعة حتى إضطر إلى مهادنته
ومصالحته بتقديم الهدايا وظلوا على ذلك حتى سقوط دولتهم. 5وقتل المخضب بن عسكر
كريسف (:إجريسف) مدينة في أحواز تلمسان من أرض المغرب الكبيرة لها بساتين كثيرة .انظر الحميري:المصدر 1
السابق،ص .91
2إبرهيم حركات :المغرب عبر التاريخ من بداية المرينيين إلى نهاية السعديين ،ج،1ط،9دار الرشاد الحديثة ،البيضاء
،9131،ص .99
أحمد مختار العبادي :دراسات في تاريخ المغرب واألندلس ،اإلسكندرية ،9191،ص .101 3
4المرابطين :هي دولة إسالمية ظهرت خالل القرن الخامس والسادس الهجري في منطقة المغرب االسالمي اسسها يوسف
ابن تاشفين .انظر ابن ابي زرع :المصدر السابق،ص.911
5
إبن أبي زرع :الذخيرة السنية ،المصدر السابق،ص.10
10
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
في موقعة .1قادها ضد الموحدين في مكان يعرف بفحص مسون 2سنة 110هـ9911-م.3
بعد هذه األحداث تولى أمرهم أبو بكر بن حمامة وهو بن عمر المخضب ويبدو أن
المرينين على عهده عاشوا في سالم في صحراء وتوفى سنة 199ه9991/م 4بعد وفاته
تولى إبنه محيو بن أبي بكر ،وفي عهده شارك المرينيون المنصور يعقوب بن يوسف خليفة
الموحدين في غزوة األرك الكبرى في األندلس سنة119هـ9911/م .5وقد أبلى فيها المرينيون
المرينيون بالء حسنا في هذه المعركة ،غير أن األمير محيو بن أبي بكر أصيب بجراح
بالغة أرغمته على العودة إلى بالده ومات على إثرها في شهر صفر في نفس السنة بصحراء
الزاب.6
ثم تولى الحكم بعده ولده عبد الحق بن محيو ويعتبر أول من نقل بني مرين من حالة
البدواة في الصحراء إلى حالة التفكير في إقامة دولة لهم بالمغرب األقصى 7.وكان عبد
دائما إلى توحيد صفوفهم لتحقيق أملهم في العزه والسلطان يقول
الحق يدعو أبناء بني مرين ً
لهم(:يامعشر بني مرين أما ما دمتم في أمركم مجتمعين لوفي أرائكم متفقين لوكنتم على
1
موقعه قادها بن عسكر لإلستيالء على أموال وذخائر الموحدين التي بعثها عبد المؤمن إلى تنمل وكانت في وادي تالغ
جيشا من 700فارس السعادتها :ابن أبي زرع :الذخير السنية،المصدر
ً وأستولوا على أموالهم فأرسل عبد المؤمن
نفسه،ص.19
2
فحص مسون :منطقة قرب منطقة ملوية بالمغرب األوسط ،أنظر إبن األحمر :المصدر السابق،ص.11
3
أبو عبد اهلل بن محمد بن أحمد بن عبد اهلل البزيوني :تاريخ دولة اإلسالم في المغرب األقصى ،بغداد،ص.31
4
عبد الرحمن إبن خلدون :المصدر السابق،ج،3ص.993
5
معركة األرك:هي معركة سنة( 119ه9911/م ) بين قوات الموحدين بقيادة السلطان ابو يوسف المنصور وقوات ملك
قشتالة ألفونسو الثامن وانتصر فيها الموحدين .ابن ابي زرع :الذخيرة السنية ،المصدر نفسه ،ص .19
6
عبد الرحمان ابن خلدون :المصدر السابق،ج،3ص.993وانظر ايضا محمد عبد اهلل عنان:المرجع السابق،ج9
،ص.779
7
إبن أبي زرع :الذخير السنية،المصدر نفسه،ص ص.19-10
11
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
حر أع دائكم أعلوا ًنا لوفي ذلك اهلل ...لوان إختلفت أهلواؤكم لوشتت آراؤكم طفركم أع داؤكم).1
وفي أيام إمارته على بني مرين والتي دامت ثالثة أعوام وستة أشهر بدأ ضعف
الموحدين وزحف المرينيون نحو الشمال ،حيث دخلوا أراضي المغرب األقصى عن طريق
وادي تالغ ،2وأقامو ببالد الريف وضيق على الموحدين .فشكا الناس حالهم إلى الخليفة
الموحدي أبي يعقوب يوسف الثاني الملقب بالمستنصر باهلل(999ه910-ه9191/م-
9111م) الذي أمر بتشكيل قوة بقيادة الشيخ الحسن بن واندين وكلف عامل فاس إسحاق بن
يوسف بمساندته ،وكانت القوة مكونة من عشرة آالف مقتل ثم أصبح عشرين ألف مقاتل
بقيادة السيد أبي إبراهيم بن يوسف بن عبد المؤمن بن على والى فاس ،حيث إنظم إليه من
مقاتلين من قبائل مكناسة وتسول والبرانس وسدراته وهوارة وصنهاجة وقشتالة وغيرهم من
قبائل فاس والرباط ،وكانت األوامر الصادر من الخليفة المستنصر مشدده تطلب إبادة
المرينين واستئصالهم والتقت القوتان عند وادي نكور 3لفحص الوادي مابين رباط تا از
والمقرمدة سنة (997ه9199/م)فمنيت قوة الموحدين بهزيمة منكرة وأطلق على هذا العام
عام المشعلة.4
وبدأ إنتصارات بني مرين تتوالى فعمد الموحدون إلى توظيف بني عسكر ،الذين
أغاضهم إنتصارات بني حمامة أبناء عمومتهم ،فتحالفوا مع عرب رياح5ضد بني مرين
1
ابن ابي زرع:المصدر نفسه،ص.77,71
2
وادي تالغ :وادي سهل مالصق لنهر الملوية من جهة الشرق وهوليس بعيد عن كرسيف .انظ اربن أبي زرع :األنيس
المطرب،ص.111
3
وادى نكور :يقع هذا الواد بين رباط تا از والمقرمدة.انظر الناصري:المصدر السابق،ج،7ص.9
4
إبن عذاري المراكشي :البيان المغرب في أخبار األندلس والمغرب،ج،1تح:جون كوالن وليفي بروفنسال ،دار
الثقافة،بيروت،ط ،9117 ،7ص.119
5
عرب رياح:كانت من أعز قبائل هالل وا كثرهم جمعا عند دخولهم إفريقية وهم فيما ذكره ابن الكلبي رياح بن أبي ربيعة
بن نهيك بن هالل بن عامر ،انظر عبد الرحمان ابن خلدون :المصدر السابق،ج،9ص.17وهي من أقوى قبائل العرب في
المغرب األقصى وأكثرهم أمواالً ،ولقوتهم هذه أوكل الموحدين إليهم حماية بالد الهبط وحراستها ،محمد الفاسي :نشأة الدولة
المرينية ومميزات العصر األدبي ،مجلة البينة،العدد الثامن ،سنة األول،9197،ص.91
11
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
بالغرب من وادي سبو على أميال من تافر طاست بواجرمان ،ونتج عن تلك الواقعة مقتل
األمير عبد الحق وولده إدريس اللذين دفنا في تافرطاست في الموضع المعروف بسوق
الجمعة.1
غضب بنو مرين وهاجموا بني عسكر وبني رياح ثم عقدوا اإلمارة ألبي سعيد عثمان
بن عبد الحق في سنة (991ه9193/م) وتمكنوا من إخضاع عرب رياح لطاعتهم وارغامهم
2
عدة قبائل
على دفع ضريبة ،وقتل "بوادي ردات" سنة(971ه9110/م).بعد أن أخضع ّ
أخرى لنفوده كهوارة وزكارة وتسول ومكناسة ومطوية وقشتالة ...كما فرض على أهالي فاس
3
وقصر عبد الكريم ضريبة سنوية لقاء حمايتهم وفي سنة ومكناسة ورباط تا از
(911ه9113/م) أخضع كل القبائل التي سكنت وقتئذ وادي ملوية 4إلى رباط الفتح.5
ولقد حقق أبو سعيد عثمان انتصارات كبرى للمرينين حيث جعلت الرشيد الموحدي يرسل
إلى بني مرين أحماال من الكساء الشرقية البديعة ومتنوعة لتوزع على بن عبد الحق وأشياخ
6
غدر ،في واد ردات سنة(973ه9171/م).
بني مرين.وقتل أبو سعيد عثمان بن عبد الحق ًا
6
سنة(973ه9171/م).
1
مزاحم عالوي :المرجع السابق،ص.13
2
أبن أبي زرع :الذخيرة السنية ،المصدر السابق ،ص.11انظر ايضاإبن أبي زرع :األنيس المطرب ،المصدر السابق
ص .119
3
تا از:أسسها األفارقة القدماء على بعد نحو خمسة أميال من األطلس ،وتبعد تقريبا عن فاس نحو 10ميال،وعن البحر
المحيط ب 970ميال ،وعن البحر المتوسط 3أميال.حسن الوزان :المصدر السابق،ج.711 ،9
4
وادي ملوي :يقع بين تلمسان ورباط تا از ويصب في البحر المتوسط .أنظر ابن عذاري المراكش:المرجع السابق،ص
.791
5
هوارية بكارى :العالقات السياسية والروابط الثقافية بين المغربين األوسط واألقصى خالل القرنين السابع والعاشر
الهجريين(977ه191/ه)(9177م9111/م) ،قسم التاريخ وعلم اآلثار ،جامعة تلمسان،1091،ص.91وأنظر أيضا إبن
أبي زرع:الذخير السنية ،المصدر نفسه ،ص ص .73 ،79رباط الفتح :مدينة أسسها يوسف بإتشفين (117ه100 /ه)
(9099م 9909 /م) عند مصب نهر أبي رقراق على ساحل البحر المحيط ،فهي على النهر من جهة وعلى البحر من
جهة األخر.أنظر حسن الوزان :المصدر السابق ،ج،9ص.109
6أبن أبي زرع :الذخيرة السنية ،المصدر السابق،ص.73
11
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
ثم بايع المرينيون أخاه محمد بن عبد الحق ،ولقد جهز الموحدون لقتاله سنة
1
(911ه9111/م) ،وتمكن الموحدين من تحقيق هزيمة كبيرة للمرينين بالقرب من فاس
بمنطقة تدعى أغالن ،وولى أخو األمر أبا بكر بن عبد الحق في نفس السنة.2
تمكن المرنييون في عهد أميرهم أبى بكر بن عبد الحق من السيطرة على مكناسة صلحا
فبايعه أهلها سنة (917ه9111/م) وكان ذلك بمساعدة أخيه أبي يعقوب الذي إستطاع
بفضل حنكته السياسية وعالقاته الطيبة مع شيوخ المدينة إقناعهم بأهمية اإلنظواء تحت
طاعة أبي بكر وتأييد المرينين .3وبعده إنتزع حصون ملوية ثم السيطرة على فاس ،و مقتل
الخليفة السعيد الموحدي سنة (919ه9111/م) الذي جاء مصرعه على يد بنى عبد الواد لم
تستقر األوضاع فيها(911ه9110/م) بعد أن تمكنوا بنو مرين من تصفية العناصر الموالية
للموحدين4،واستطاعوا أيضا السيطرة على سال ورباط الفتح في سنة (911ه9119/م) وولى
وولى عليها ابن أخيه يعقوب بن عبد اهلل بن عبد الحق.
ولكن إقامة المرينين لم تظل في سال حيث تمكن المرتضى من استرجاعها بجيش
أرسله إليها سنة (910ه9111/م).ثم سيطر األمير أبو بكر على سجلماسه ،وبعدها دخل
فاس:من أهم المدن في تاريخ المغرب،وقد إتخذها عدد من ملوك الدول المختلفة التي قامت هناك عاصمة لملكهم،وهي 1
من بناء مؤسس الدولة اإلدريسة إدريس بن عبد اهلل بن الحسن بن علي بن ابي طالب في سنة 931ه،وأتم إدريس الثاني
بناءها سنة917ه.انظر ياقوت الحموي :المصدر السابق،ج،1ص .170
2
إبن أبي زرع :الذخيرة السنية ،المصدر نفسه ،ص ص. 97,91وأنظر ايضاإبن أبي زرع :األنيس المطرب ،ص.110
3
أحمد عودات وأخرون :تاريخ المغرب واألندلس من القرن 1حتى القرن90م،دار األمل ،9110،ص
ص.111,971وأنظر أيضا :مزاحم عالوي :المرجع السابق،ص.11
4إبن أبي زرع :الذخيرة السنية،ص.31,31وأنظر بن أبي زرع :األنيس المطرب ،ص.119
11
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
1
في حرب مع الخليفة الموحدي أبي حفص عمر الملقب المرتضى فإستولى على بالد تادال
وسجلماسة ودرعه2التي سقطت في قبضتهم سنة(911ه9113/م).3
توفى سنة (919ه9111/م) وتولى بعده إبنه عمر في حين فضل أشياخ بني مرين
عمه يعقوب بن عبد الحق الذي وصل إلى فاس ،بعد أن كان في تا از.فتمت له البيعه في
نفس السنة ،حيث واصل سياسة أخيه أبى بكر في فتح األمصار ومد النفوذ المريني إلى
4
المناطق والنواحي وقد واجه في فترة حكمه العديد من الثورات الداخلية والخارجية.
6
تمكن األمير يعقوب بن عبد الحق سنة(911ه9111-م) من إخضاع أنفا 5و تامسنا
وفي سنة ( 990ه9199 /م) توجه قاصدا مراكش ،فتصدت قوات المرتضى بقيادة إدريس
الملقب بأبي دبوس فإشبكت القوتان ،إال أن القوات المرينية إنسحبت على إثر مقتل عبد اهلل
بن يعقوب ،وكان الخليفة المرتضى قد أدرك خطورة األمر فأرسل تعزية لألمير يعقوب
وتعهد للمرينين بدفع ضريبة لألمير يعقوب المريني ،إال أن يعقوب لم يوافق على ذلك ألنه
كان يحلم بحكم مراكش.7
5أنفا :مدينة أسسها األفارقة الرومان على شاطئ البحر المحيط على غوستنبن ميال شمال األطلس ونحو ستين ميال شرق
أزمور .انظر حسن الوزان :المصدر نفسه،ج ،9ص .919
6
تامسنا :أسسها الرومان على بعد نحو ستنين ميال شمال األطلس .انظر حسن الوزان :المصدر نفسه ،ص.913,919
7
مراكش :من أعظم مدن المغرب وأجلها ،بنها يوسف بن تاشفين سنة 111ه،تقع شمال دون الذي يبعد عنها ثالثة
أيضا أمين واصف:
فراسخ ،ومراكش تعني بالبربرية »أسرع المشي« ياقوت الحموي :المصدر السابق،ج،1ص.171أنظر ً
معجم في خريطة التاريخية للممالك اإلسالمية ،مؤسسة هنداوي للتليم والثقافة ،1091،ص .19
11
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
وحدث أن هرب قائد الجيش الموحدي أبو دبوس إلى األمير يعقوب المريني طلبا
مساعدته فساعده مقابل إقتسام نصف األرض التي يسيطر عليها ،فوافق األمير وحشد
الجيوش وساعده مع خلفائه القبليين ،فتمكن من هزيمة الخليفة المرتضى الموحدي ودخل أبو
دبوس مراكش .وحينما تخلى على وعوده التي قطعها لألمير المريني واضطر األمير يعقوب
لمواجته في وادي تالغ سنة ( 999ه9193 /م) وبعدها إشتبكت القوتان وكان من نتائج
مقتل أبو دبوس ( 991ه9191/م) . 1
2
وبذلك إنتهت دولة الموحدين فدخل األمير يعقوب مراكش سنة ( 991م9191 /م)
3
وب سطت الدولة المرينية سلطانها على المغرب األقصى جمعية جنوبية وشمالية حتى سبته
وطنجة 4وبهذا يعد السلطان يعقوب المؤسس الحقيقي للدولة المرينية ،حيث إتخذ مدينة فاس
فاس عاصمة لهم ثم عبر السلطان يعقوب إلى األندلس للجهاد .
وفي عهده تالحمت الحروب بين بني عبد الواد وبني مرين ،وكانت هنا واقعة بأسلى
قرب وجده في الشمال سنة ( 930ه9131/م) إنتصر فيها يعقوب وحاصر تلمسان لمدة
ثالثة أشهر ثم رفع الحصار وعاد إلى فاس ،وفي سنة939ه هاجم سجلماسة واستخدم في
حصارها البارود ألول مرة في المغرب األقصى ،وفي سنة ( 931ه9139/م) بنئ مدينة
قليال.5 الجنوب إلى المدينة غربي ميل مسافة على الجديدة فاس
1
مزاحم عالوي :المرجع السابق،ص،79-70إبراهيم حركات :المرجع السابق ج،1ص.91إبن أبي زرع :األنيس المطرب،
المصدر السابق،ص ص .703.709
2
إبن خلدون :المصدر السابق،ج،9ص.717
3
سبتة :مدينة عظيمة دعاها الرومان سيفيطاس ،وسماها البرتغاليون سوبتة.أنظر حسن الوزان :المصدر السابق،
ص.799
4
طنجة :تدعى طنجه عند البرتغاليين طنجيرة ،وهي مدينة عظيمة أزلية ،وهي على بعد 70ميال عن أعمد هرقل
و910ميال من فاس.انظر حسن الوران،المصدر نفسه،ص.791
5
إبن أبي زرع :الذخيرة السنية،ص ص.991,993,999
11
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
وعندما كان في الجزيرة الخضراء 1وقبل عودته للمغرب أصابه مرض فتوفي هناك باألندلس
ودفن بجامع قصره في البنية سنة ( 911ه9119/م) ثم نقل جثمانه إلى مسجد شالة .وكل
ما أستولى عليه من الحصون والبالد كان يتركه ألصحاب غرناطة بني األحمر ألنه لم
2
يجاهد من أجل الغنيمة بل من أجل نصرة المسلمين ضد أعداء اإلسالم نصارى اإلسبان.
بويع بعده للحكم األمير يوسف سنة (911ه9119 /م) وسار سيرته في الجهاد ،فعبر
البحر إلى األندلس م ار ار ،كما سار سيرة العدل الذي ال تصلح حياة الشعوب بدونه ،ونازل
عثمان سلطان الزياني مرار ،وفي سنة ( 911ه9111 /م) حاصرها وظل محاصراتها لها
غدر 3وتولى بعده عامر بن عبد اهلل ،وعهد صلح مع المرينين
ثمانى سنوات ،لكنه قتل ًا
لينصرف إلى سبته التي كان إبن األحمر إستولى عليها .
وفي سنة (301ه9701/م) بني مدينة تطوان لتكون مق ار لجيوشه ،واستقر هو في
طنجة إلى أن مات فيها في نفس السنة ،وبعده تولى أخوه المسمى سليمان ،وكان عصر
يمتاز برغد العيش واستتباب األمن وتوفي سنة ( 390ه9799/م) وتولى عثمان بن يعقوب
حيث أنشأ األساطيل الحربة وأغار على تلمسان سنة ( 391ه9791/م) وتوفي وخلفه إبنه
أبو الحسن.4
الجزيرة الخضراء :الجزيرة الخضراء بينها وبين قشتالة أربعة وستون ميال ،وهي على ربوة مشرفة على البحر سورها 1
متصل به وبشرقيها فيها خندق وغربية اشجار تين وأنهار عذبة .انظر الحميري :المصدر السابق،ص .991
2
نضال مؤيد مال اهلل عزيز األعرجي :المرجع السابق:ص.97أنظر أيضا ابن األحمر:المصدر السابق،ص.91
3
شوهنده محمد حامد محمد الخطيب :المرجع السابق،ص. 91انظر أيضا محمد األمين ومحمد على الرحماني :المفيد في
أيضا ابن أبي زرع:األنيس المطرب،ص.719
تاريخ المغرب،ص .911وأنظر ً
4إبراهيم حركات :المرجع السابق :ص ص .17,11محمد األمين :المرجع نفسه:ص ص .999-990
18
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
تولى أبو الحسن الحكم المشهور بالسلطان األكحل لسمرة لونه .وكانت من أعماله في
المغرب أنه بنى كثي ار من مدارس العلم ،وقد قضى عمره كله في الحروب سعيا وراء توحيد
شمال إفريقية ،كما كان على عهد الموحدين ،ودفاعا عن دولة بنى األحمر في األندلس.
وفعال تمكن من اإلستيالء على المغرب اإلسالمي تحت قيادته من السوس األقصئ إلى
مصراته قرب الحدود المصرية .كما تمكن من إحراز النصر على النصارى في معركة
الطريف ال بحرية جرت بين أساطيله وأساطيلهم وتوالت المعارك الحربية وكان النصر حليفا
إلسبان سنة 319ه ،بين أبي الحسن و القشتاليين والبرتغاليين .بعد ذلك توجه أبو الحسن
إلى تونس إلخماد ما بها من ثورات وقبل أن يسافر ترك ابنه أبا عنان نائبا عنه في
تلمسان.ولكن أبا الحسن لم ينجح في حركته الحربية ضد الحفصيين ،وسمع أباعنان ذلك
1
فترك تلمسان وتوجه إلى المغرب األقصى خوفا من أن تقوم به ثو ارت ضد المرينين أيضا.
واضطربت أوضاع الدولة المرينية بغياب أبو الحسن ،حيث أعلن إبنه األمير عنان
نفسه سلطان على البالد ،حينئذ شعر السلطان أبو الحسن بضرورة العودة إلى المغرب
لإلستيراد ملكه لكن األمير أبو عنان جهز جيش لمحاربة أبيه ،و إلتقى الطرفان في موضع
يعرف بتامرغوست سنة ( 319ه9710/م) و انتهت بهزيمة أبي الحسن ،وتوفي سنة
2
(311ه9711/م).
ثم تولى الحكم أبا عنان ( 311ه311/ه) حيث جمع جميع الصفات التى جعلته
شخصية قوية متألقة محبوبة بين قومه وعشيرته .وكانت قضايا التوسع السترداد النفوذ
هي ما تميز عهده ،وبالفعل تم توحيد المغرب المريني في المغرب األوسط وافريقية
اإلسالمي في عهده ،لكن سرعان ما أخذ في التراجع بسب تأثرها بعدة عوامل منها ضعف
1
عبد الرحمان ابن خلدون :المصدر السابق ،ج ،3ص.130وانظر ايضا محمد األمين ومحمد الريحاني :المرجع
السابق،ص ص.997,991
2
ابن األحمر :المصدر السابق ص .11أنظر أيضا الناصرى :االستقصاء ،المصدر السابق،ج ،7ص .931
19
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
الجيش بعد موقعتي طريف والقيروان ،وفشلت محاوالت إستعادة ما كان يسعى إليه وهو
1
إستعادة اإلمبراطورية الموحدية في شمال إفريقية .
وبسبب ضعف الدولة في فترة ما بعد أبي عنان كان من نتائجها تعرض عدد من
الملوك المرينيين للحجر من طرف الوزراء 2.وال نمضى طويال في القرن التاسع الهجري
على سبته (191ه9191/م) إذ حتى نشعر بضعف المرنيين فقد إستولى البرتغاليون
تحولت الحرب المقدسة إلى أرض المغرب ،إستولو أيضا على الدار البيضاء سنة 131ه
وعلى طنجة ومدينتي أصيال 3والعرائش سنة (139ه9139/م) ،وخرجت عن طاعة الدولة
مراكش ومنطقة الريف في الشمال وسلجماسة ودرعة والسوس في الجنوب .وبذلك إنتهت
4
دولة المرينية بعد أن دامت 117عاما.
1
مجلة دعوة الحق:تعريف بالدولة المرينية ،و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمي المغرب ( ،محمد المنوني ) .
2
الملحق (7ملوك دولة بني مرين )
3
أصيالً :يسميها األفارقة أزيال مدينة كبيرة ،أسسها روما على شاطئ المحيط بعيدة عن مصيف أعمدة هرقل بنحو سبعين
ميالً ،وعن فاس بنحو مائة وأربعين ميالً.انظر حسن الوزان :المصدر السابق:ص .799
ص.19,11 أحمد عودات و أخرون :المرجع السابق،ص . 911أنظر أيضا إبراهيم حركات :المرجع السابق، 4
11
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
تنسب الدولة الزيانية إلى بني عبد الواد وهم فرع من فروع الطبقة الثانية من زناته وتتفرع
1
زناته إلى قبائل متعددة منها مرين ،مغرواة ،راشد باإلضافة إلى بني عبد الواد.
ضمت قبيلة عبد الواد عدد من القبائل إلى إتحدت فيما بينها تحت إسم عبد الواد ،وهذه
القبائل شملت كل من (أولو ورهطف ونصوحة وبنو ياتكين ،وبنو تومرت وبنو
2
القاسم.)...والفرع االخير هو الذي كانت إليه الرئاسة خالل عهد الموحدين.
وكان بنوعبد الواد قبل الملك يستوطنون المناطق الجنوبية من المغرب األوسط ويجوبون
الصحراء بمواشيهم ،ويترددون مابين فكيك ومديونة إلى جبل بني راشد ومصاب.وبقوا على
تلك الحال حتى تغلب الموحدون على أعمال المغرب األوسط ،فكان بنو عبد الواد سباقين
إلى طاعتهم ،ومن أخلص أوليائهم وأنصارهم فاتخذهم الموحدون حماة لقطر تلمسان وبالد
3
زناته.
1
محمد بن عميرة :دورة زناتة في الحركة المذهبية بالمغرب اإلسالمي :المؤسسة الوطنية للكتاب ،بالجزائر،9111،ص
.10
2
يحي إبن خلدون :المصدر السابق،ص .919
3
إبن االحمر :تاريخ الدولة الزيانية بتلمسان،المصدر السابق،ص .90
10
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
نشأت الدولة الزيانية في النصف الثاني من القرن السابع الهجري، 1حيث إجتمعت
مجموعة من الظروف ساعدت على إستقالل بني عبد الواد بالمغرب األوسط ،واإلعالن عن
قيام دولتهم .
حيث تعود جذورها حسب ما يذكر كل من يحي بن خلدون وعبد الرحمن بن خلدون
و التنسي إلى ثورة إسماعيل بن عالن الصنهاجي اللمتوني على أبي سعيد شقيق المأمون
سلطان الموحدون ،والي تلمسان بعدما رفض شفاعته في إطالق سراح مشايخ بني عبد الواد
الذين إعتقلهم 2.حيث قام إسماعيل بن عالن بإعتقال أبي سعيد وأطلق سراح مشايخ بني
عبد الواد ،بل ذهب إلى أكثر من ذلك اذ خلع طاعة الموحدين وحاول إحياء الدولة المرابطية
من جديد ،و إعتقد أن ذلك لن يتم له إال بالقضاء على كبار بني عبد الواد،فأراد ذلك
بالتحايل على مشايخ القبيل ،وقتلهم فأعدلهم وليمة دعاهم إليها بغرض إغتيالهم ،لكن
مشايخ بني عبد الواد وعلى رأسهم آنذاك جابر بن يوسف كان قد بلغهم ما عزم عليه
إسماعيل بن عالن ،فتوقفوا خارج البلد يتدبرون أمرهم ،وبعد ما بلغة قدومهم خرج إليهم
3
مسرعا يستقبلهم ،فوقع أسي ار هو وأصحابه بين أيديهم.
ودخل جابر بن يوسف تلمسان وأعلن الدعوة للمأمون وبعث إليه معلنا الطاعة فعهد له
المأمون بوالية تلمسان وتسير أمورها وما يليها من بالد زناتة سنة ( 913ه 9111/م )،ومن
1
لخضر عبدلي :المرجع السابق،ص ص . 11,19
2هوارية بكاي :العالقات الزيانية المرينة سياسيا وثقافيا ،مذكرة ماجستير ،قسم التاريخ ،جامعة تلمسان 1003( ،م1001/
م)،ص .99
3التنسي :المصدر السابق ،ص ص.997,991
11
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
ثم أصبح بنو عبد الواد سادة على تلمسان وضواحيها ،وبذلك كانت هذه الخطوة األولى
1
لتأسيس دولتهم.
حاول جابر بن يوسف توسيع نفوذة ،بإخضاع جيرانه فأطاعه كثيرون ،ثم قصد أهل
ندرومة يطلب منهم الطاعة فأبوا ،فحاصر المدنية ،لكنه أصيب بسهم من سورها رماه به
2
يوسف الغفاري التلمساني فقتله سنة 911ه.
وبعد وفاته تولى إبنه الحسن الذي تولى لمدة ستة أشهر ،ثم تخلى على الحكم لعمه
عثمان ابن يوسف بداية من ( 970ه 9171/م) ،وخلفه أبو عزة زيدان بن زيان وكان قويا
وشجاعا،فأطاعته جميع البطون والقبائل ،لكن إمتنعت عن مبايعته بنو مطهر وبنو راشد
فحاربهم .وقتل في إحدى المعارك سنة( 977ه 9171 /م) ،3وبموته إنقطع نفوذ الموحدين
من تلمسان وبالد المغرب األوسط.فبويع أخوه يغمراسن بن زيان بن ثابت بن محمد الذي
تمكن من إخضاع بني مطهر وبني راشد وجمع كلمتهم تحت راية الدولة العبد الوادية التى
4
أعلن يغمراسن إستقاللها عن دولة الموحدين ،متخذا تلمسان عاصمة لبالده.
1
لخضر عبدلي :المرجع السابق،ص.11
2
عبد الحميد حاجيات :المرجع السابق،ص. 91
3
بوعنيني سهام:أبو عبد اهلل التنسي وكتابه نظم الدر والعقيان في بيان شرف بني زيان وذكر ملوكهم األعيان ومن ملك
من أسالفهم فيما مضئ من الزمان،رسالة ماجستير في التاريخ والحضارة اإلسالمية،قسم الحضارة اإلسالمية،جامعة
وهران1001،م،ص.1
4
سام كامل عبد الرزاق شقدان :تلمسان في العهد الزياني ( 977ه 191/ه )( 9171م 9111/م)،مذكرة ماجستير في
التاريخ،قسم التاريخ ،جامعة النجاح الوطنية،فلسطين1001،م،ص.97أنظر أيضا عبد الرحمان الجيالني :تاريخ الجزائر العام
،ج،9ديوان المطبوعات الجامعية ،دار الثقافية ،الجزائر9111،م،ص.911
11
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
على حساب أقاليم الدولة الموحدية التي كانت في تتداعى إلى سقوط.و أقام يغمراسن بن زيان
الدولة على قواعد متينة ،فأتخذا الوزراء والكتاب والقضاة مما مكنه من توطيد ملكه وتأسيس
1
نظم دولة جديدة بالمغرب األوسط.
بعد وفاة يغمراسن خلفه إبنه السلطان عثمان الذي إستمر على نفس سياسته على توسيع
سلطة تلمسان داخل المغرب األوسط.2وفي عهد أبي حمو موسى األول وابنه أبي تاشفين
عبد الرحمان األول،وتوغلت جيوش بني عبد الواد إلى األراضي الحفصية شرقا وبلغت بجاية
وقسنطينة وعنابة و حاصرتها ،لكنها تراجعت إلى حدود بجاية حيث كان ذلك أقصى إتساع
للدولة من جهة الشرق .
ومنه نقول أن الدولة الزيانية كانت تمتد من تخوم بجاية وبالد الزاب شرقا إلى وادي ملويا
غربا،ومن ساحة البحر شماال إلى إقليم توات جنوبا،حيث بقيت هذه الحدود في مد وجزر
3
بسبب الصراعات في المغرب اإلسالمي.
ينتسب ملوك بني األحمر أو بني نصر لمؤسس دولتهم محمد بن يوسف بن محمد بن
أحمد بن حسين بن نصر بن قيس األنصاري والذي ُعرف بالشيخ وبإبن األحمر ولقب بأبي
دبوش ،فسميت الدولة بإسمه.4ويرجع نسب ابن األحمر إلى سيد أنصار رسول اهلل صلى اهلل
عليه وسلم.وسيد الخزرج سعد بن عبادة رضي اهلل عنه بن الصامت الخزرجي ،5وقد هاجر
1
عبد العزيز فياللي :المرجع السابق،ص.11
2
بسام كامل عبد الرزاق :المرجع السابق ،ص .99
3
التنسي:المصدر السابق،ص ص.911 ،979انظر أيضا يحي ابن خلدون :المصدر السابق،ج،9ص ص .199 ،197
4
لسان الدين بن الخطيب :رقم الحلل في نظم الدول ،المطبعة العمومية ،تونس9799،هـ ،ص.991
5
ابن عبد البر القرطبي :االستعاب في معرفة األصحاب ،تحقيق عادل مرشد،ط،9دار األعالم ،عمان
1001،م،ص.191
11
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
أسالفه من المشرق واستقروا مع بداية الفتح اإلسالمي لألندلس بقرية تعرف بقرية الخزرج ،ثم
إستوطنوا مدينة أرجونه إحدى حصون قرطبة ،وبعد اضطراب أحوال األندلس وضعف قوتها
أواخر عنهد الموحدين إستغل محمد بن األحمر ذلك ودعا لنفسه سنة911هـ.1
ولقد وصفو في مختلف المصادر التاريخية بالخصال الحميدة التي عرفوا بها :إذا كانوا
يعدون من خيار األمة األندلسية كما ذكر ابن الخطيب «في كتابه لوجمع اهلل الن دلس على
معاشهم ،لوالنج دة شهرتهم ،لوالى سع د بن
قلوم من خيار المة ممن الجها د شأنهم ،لوالفلح ً
عبا دة سي د أنصار رسلول اهلل صلى اهلل عليه لوسلم» .2أما فيما يخص عن تسميتهم بني
األحمر فترجع للمؤسس األول محمد بن يوسف الذي أطلق عليه لقب ابن األحمر نسبة لجده
شعار لهم حيث أنه أصبح ظاهر
ًا عقيل الذي كان أشقر الشعر مائل للحمرة فإتخذوا من ذلك
في مختلف مظاهر حياتهم.3
/نشأة ال دلولة:
لقد كان العامل األساسي لظهور دولة بني األحمر على مسرح األحداث األندلسية هو
حدة الهجمات النصرانية على المدن األندلسية ،والتي
ضعف دولة الموحدين وتصاعد ّ
أخذت تتهاوى الواحدة تلو األخرى ،ولم يكن في استطاعت ابن هود رد تلك الهجمات.4
كان معظم األندلس في النصف األول من القرن السابع الهجري ،الثالث عشر ميالدي
في يد محمد بن يوسف بن هود ،الذي تغلب على شرف األندلس ،وقد تصدى له محمد بن
وبأسا بويع
يوسف بن نصر الذي يعرف بالشيخ ،و بابن األحمر وبعدما ما أظهر شجاعة ً
له باإلمارة سنة( 911هـ9771/م) بضواحي جيان ،ثم استولى على غرناطة ،وأتخذها
1
عبد الرحمان ابن خلدون :المصدر السابق،ج ،1ص .191
2
لسان الدين بن الخطيب :اللمحة البدرية في الدول النصرية ،مطبعة السلفية ،القاهرة9713 ،هـ ،ص.19
3
عامر أحمد عبد اهلل حسن :دولة بني مرين تاريخها وسياستها تجاه مملكة غرناطة األندلسية والممالك النصرنية في
إسبانيا،مذكرة ماجستر في التاريخ ،جامعة النجاح ،فلسطين 1007،م ،ص .19
4
ابن الخطيب :رقم الحلل في نظم الدول ،المصدر السابق،ص . 901
11
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
عاصمة لملكه ( 971هـ9171/م) .1و إنحصرت حدود هذه المملكة في جنوب األندلس
جنوبا ،وضمنت ثالث واليات كبرى هي:
بين نهر الوادي الكبير شماالً والبحر المتوسط ً
1
ابن الخطيب :اللمحة البدرية في الدول النصرية ،المصدر السابق ،ص ص .11,19
2
وادي اش :هي رصيف تجتمع فيه طرق كثيرة بين الجبال ،أهلها أهل بادية أنظر أبو عبد اهلل محمد بن عبد العزيز
الشريف اإلدريسي :القارة اإلفريقية و جزيزة األندلسي (مقتبس من كتاب نزيهة المشتاق في اختراف األفاق) ،تح :إسماعيل
العربي ،ديوان مطبوعات الجامعية ،الجزائر 9117 ،م ،ص .111انظر أيضا الحميري :صفة جزيرة األندلس من كتاب
الروض المعطاء في خبر األقطار،دار الجيل ،بيروت ،ط 9111 ،1م ،ص ص .917 ، 911
3
رندة :احدئ معاقل األندلس الممتنعه وقواعدها السامية المرتفعة ،أنظر ابن السعيد الغرناطي :المغرب في حلى المغرب
ج ،9ط ،9تح خليل منصور،د ار الكتب العلمية ،بيروت 9113،م،ص .113
4الجزيرة الخضراء :من أحسن مدن األندلس وأطيبها ،وأجمعها لخيرى البر والبحر ،أرضها أرض زرع مزع .أنظر ابن
سعيد :المصدر نفسه ،ص .113
5
لسان الدين الخطيب :كناسة الدكان بعد إنتقال السكان ،تح محمد كمال سبانه ،ط،9دار الكتاب العربي،مصر،دت ،ص
ص .93.99
6
ابن الخطيب:المصدر نفسه،ص.91.93
11
الفصل اللول القلوى السياسية المتصارعة في بال د المرر اإسالمي بع د ال دلولة الملوح دية
1
عبد القادر بوحسون :العالقات الثقافية بين المغرب األوسط واألندلس خالل العهد الزياني(397ه311/ه)(9791
م 9711/م) ،مذكرة ماجستر في تاريخ المغرب اإلسالمي قسم التاريخ ،جامعة تلسمان بلقايد ،الجزائر 1001،م،ص.93
11
الفصل الثاني
مجريات الصراع السياسي بين القوئ المتصارعة
عند دراستنا إلى تاريخ العالقات السياسية بين الدولتين الحفصية و المرينية نجد أنها
برزت منذ بيعة أبو بكر بن عبد الحق المريني للسلطان الحفصي أبا زكريا .حيث كان من
الطامعين في إنفصال نهائيا عن الدولة الموحدية ،وبفعل تم اإلنفصال نهائي(526ه
8221/م) حيث تذرع أبو زكرياء يحي بخروج الخليفة الموحدي إدريس المأمون عن تعاليم
المهدي بن تومرت وقيامه بقتل المعارضين له من قبيلة هنتاتة .لذا بدأ األمير الحفصي
بالتوجه إلى التحالف مع قبيلة زناته وخصوصا بني مرين وهنا بدأت تبرز العالقات بين
1
الطرفين.
ولقد كان إعتراف أبو بكر بن عبد الحق المريني له مغزاه حيث أن هذا االعتراف يضفي
على أعماله العسكرية نوعا من الشرعية أمام العامة في بالد المغرب األقصى وجذبهم إلى
صفوفهم .وقد ذهب المرينيون في تبعيتهم هذه إلى أبعد الحدود حتى ال يقاومهم الحفصيون
ويقدمون لهم العون والمساعدة ضد الموحدين 2ولقد ترتب على توطيد العالقات السياسية أن
بتقديم المساعدات الحربية لحلفائهم المرينيين ،فأثناء حصار السلطان قام الحفصيون
المريني يعقوب بن عبد الحق لمراكش سنة (556ه 8255/م) أرسل لنظيره الحفصي
المستنصر بطلب منه المدد إلعانته على فتحها ،وأرسل طلبه هذا مع وفد رفيع المستوى،وقد
رد المستنصر بسفارة مماثلة سنة (556ه8221/م) .وقد حافظ عليها أيضا الواثق حيث
93
مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين الفصل الثاني
أرسل بالهداية إلى السلطان المريني يعقوب سنة (522ه8221/م) مع قاضي بجاية أبي
1
العباس الغماري.
ولقد تدهورت العالقات بينهما لفترة ثم تحسنت العالقات مرة ثانية بإرسال أبي عبد اهلل
يرسه محمد بن
محمد الثاني الملقب بالمستنصر وأبو عصيدة سنة (211ه8111/م) وفد أ
أكمازير لتحسين العالقات بين الطرفين ،2وبعدها تعددت سفارات الحفصية بعد ذلك .وقد
أدى التحسين في العالقات على هذا النحو إلى توطيدها ،مما دعا السلطان يوسف إبن
يعقوب إلى اإلستعانة باألسطول الحفصي إلحكام الحصار على تلمسان.3وبعد وفاة يوسف
بن يعقوب المريني حتى عهد أبي سعيد عثمان الثاني لم يكن هناك تواصل بينهما بسبب
إنشغال كل منهما في شؤونه الخاصة .
بدأت العالقات السياسية تعود لسابق عهدها في عهد أبي بكر الحفصي وذلك عندما
تعرضت الدولة الحفصية إلى غزو زياني نتج عنه السيطر على مدينة تونس سنة
(226ه8121/م) حيث هرب أبو يحي بن أبي بكر خارجها ،ونصبوا على ملك الحفصيين
أحد عمالئهم وهو محمد بن عمران ،وطلب أبو يحي بن أبي بكر الحفصي المساعدة من
السلطان أبي سعيد عثمان المريني لدفع خطر بني عبد الواد .وذلك بإرسال إليهم وفد
حفصي رفيع المستوى ،فكان جواب السلطان المريني للحفصيين ( واهلل لقد أكبر قومنا
قصدك وموصلك واهلل ال بذلن في مظاهرتكم مالي وقومي ونفسي وألسيرن بعسكري إلى
تلمسان فأنزلها ) .وبالفعل خرج السلطان أبو سعيد ،وولي عهده أبو الحسن بالجيوش
المرينية سنة (211ه8126 /م) ووصلوا إلى وادي ملوية حتى وصلتهم األنباء بإستعادة
1
الحفصيين ملكهم في تونس.
و إنتهز أبو سعيد المريني هذا التقارب بين الدولتين فرصة لتقوية العالقات بينهما فأرسل
في خطبة إبنة السلطان الحفصي أبي يحي لولده األمير أبو الحسن ،وبفعل تم زواج
ووصلت العروس سنة ( 218ه 8111/م) ويمكن أن نطلق على هذا الزواج بمصلحة
2
الزواج السياسي.
وتوفي أبو سعيد في نفس سنة ودفن بمقبرة شالة بعد حكم دام عشرين سنة و أربعة
أشهر وتولى الحكم ولده أبو الحسن .و ساعدت العالقات القوية بين الدولتين السلطان أبي
الحسن على إتمام مشروعاتها التوسعية التي كان يأمل في تحقيقها في المغرب األوسط.
حاول السلطان الحفصي أن يجني الثمار الحربية لهذه المصاهرة السياسية ،وكان ذلك
عندما قام بنو زيان بمهاجمة بجاية ،حيث طلب النجدة من صهره السلطان أبو الحسن
والذي يدوره قام بفرض حصار على تلمسان سنة (212ه8118 /م) بعد رفض بني زيان
التراجع عن مضايقة بجاية كما قام بإرسال جيش وقطع بحريه لنجدة بجاية ،وفعال تم لهم
النصر .ونجد أيضا أن الحفصيين بدورهم لبو طلب المرينيين بإمدادهم بالسفن والجند عندما
1
سالم ابو القاسم محمد غومة :النظم الحربية في دولة بني مرين ( 156/551هجري 8256/م ـ ،) 8465رسالة مقدمة
لنيل درجة الدكتوراء في التاريخ اإلسالمي ،قسم التاريخ ،كلية األداب ،جامعة عين شمس 2188،م ،ص .84
عبد العزيز فياللي :التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير،ج،1ط، 8شركة ناس للطباعة ، 2115،ص ص 845,845 2
04
مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين الفصل الثاني
قام السلطان أبا الحسن بتجهيز جيش لغزو النصارى باألندلس جهادا في سبيل اهلل ،فأرسلوا
له قوى بحرية تضم له ستة عشر من األساطيل اإلفريقية مع قائد أسطول بجاية زيد بن
1
فرحون ،حيث خاض أبو الحسن حروبه باألندلس وحقق إنتصارات باهرة .
توفيت فاطمة الحفصية زوجة السطان المريني أبي الحسن في موقعة الطريف(248ه
8141/م ) بين المرنيين والقشتاليين ،حيث توترت العالقات بينهما و إستمرت على هذا
الحال إلى أن تقدم السلطان أبي الحسن بخطبة إحدى بنات السلطان أبي يحي وبالفعل تمت
الموافقة وأرسلت العروس من تونس مع الوفد المريني سنة (242ه 8125/م) وقبل وصول
العروس إلى السلطان أبي الحسن بأيام توفي أبوها السلطان الحفصي أبي بكر .وتغير
الوضع في إفريقية بسبب الصراع على الحكم ومن هنا بدأت العالقات السياسية تأخذ منحى
جديد لم نعهده من قبل .2
ثانيا :األسباب الرئسية التي أدت لظهر الصراع السياسي بين الحفصي المريني:
وبعدما وضحنا أهم العناصرالتي تثبت أنه كانت هناك عالقات ودية حسنة بينهما ،والتي
شهدت بعد ذلك صراع سياسي بينهما لبسط نفوذها وسيطرتها على المغرب اإلسالمي ،حيث
كان النزاع سيد الموقف فكلما سمحت الفرصة إلحدها إستغلها بهدف القضاء على األخر
،لهذا سنعرض السياق التاريخي لهذا الصراع عبر مختلف مراحله وخاصة في عهدي
السلطانين علي أبي الحسن المنصور وفارس أبي عنان المتوكل ،وهي المرحلة التي شهدت
اقوى وأهم التوسعات وكان لهذا اإلختيار أساسه ونتائجه .
1
عبد الرحمان ابن خلدون:المصدر السابق،ج ،2ص.146انظر أيضا محمد عيسئ الحريري :المرجع السابق ،ص.881
2الناصري:المصدر السابق ،ج ،1ص ،861أنظر أيضا الزركشي :المصدر السابق ،ص .21
04
مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين الفصل الثاني
ولتكون لدينا نظرة عامة حول األوضاع الداخلية لكل من الحفصيين والمرينيين وقبل
الخوض في موضوع التوسع سنتطرق لكل واحدة منها على حدى :
الحفصيين :إضطربت لديهم األوضاع جراء الصراع والتمزق الداخلي بين أمراء األمصار أي
تونس ،بجاية ،قسنطينة .
المرينيون:عرفت دولتهم فترة من الضعف منذ وفاة أبي يعقوب يوسف( 215ه8112/م)
إلى حين تولي أبي الحسن (218ه8118/م) حيث إهتموا بشؤونهم الداخلية التي عرفتها
إضافة إلى الصراعات حول الحكم بين السلطان عثمان أبو سعيد األول وابنه عمر أبي
1
علي.
كانت سياسة بني مرين منذ أن تولى السلطان أبي الحسن مقاليد األمور في الدولة
المرينية على التوسع في بالد المغرب األوسط وافريقية ،رغبة منه في تحقيق الوحدة المغربية
التي كانت قائمة أيام المرابطين والموحدين ،ويبدوا أن أمر الوحدة كان حلما يراود القوى
الثالث ويرجع التوسع المريني في بالد إفريقية إلى عدة عوامل سياسية واقتصادية .
كان بنو مرين يلتقون إلتقاء الند للند أمام موقف بني حفص من الدولة الموحدين في أن
كالهما ثائر ضد الدولة األم مقتطع ألجزاء من أمالكها ،واذا كان المجد القبلي دعا الهنتاتين
إلى تكوين دولة ،فإن الزناتين ليسوا أقل حظا من الحصول على ذلك الشرف واكتساب ذلك
المجد ،2ومن منطق أنهم هم المتميزون من بين سائر القوى في بالد المغرب الذين حملوا
العبء األكبر في سبيل القضاء على دولة الموحدين ،و إنتقل المرينيون إلى مرحلة التوسع
1عبد اهلل العروي :مجمل تاريخ المغرب ،ج ،2المركز الثقافي العربي ،الدار البيضاء 8664 ،م ص.211
2إبراهيم حركات :المرجع السابق،ج،2ص .26
09
مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين الفصل الثاني
هذه بفضل ما وصلت إليه دولتهم من القوة واإلستقرار وما حققته من إزدهار في ذلك الوقت
حيث وصف السيالوي أبا الحسن الذي بدأ عهد التوسع في كتابه ( قائال وهو أفخم ملوك
بني مرين وأضخمهم ملكا وأ بعدهم صيتا وأعظمهم ،وأكرمهم أثار بالمغربين األوسط
1
واألدنى واألندلس).
فقد كان سالطين األندلس دائما يستصرخونه كلما أحسوا بالخطر وأضحى خالل تلك
الفترة أقوى سلطان إسالمي في المنطقة ،وكانت األمم النصرانية المطلة على الحوض
الغربي للبحر المتوسط تدرك ذلك وبهذه القوة أراد المرينيون أن يقضو على الدولة الزيانية
2
والدولة الحفصية.
ــ السيطرة على الدولة الزيانية (تلمسان بين شقي رحى ):
كان موقع الدولة الزيانية بالمغرب األوسط وعاصمتها تلمسان مهددة في وجودها بسبب
موقعها المعقد بين مملكتين بني مرين غربا والحفصيين شرقا ،جعل منها بؤرة توتر ومسرح
فسيحا للصراع بين هاتين الدولتين ،ألن الصراع المريني الزياني والصراع الحفصي الزياني
ماهو إال صراع حفصي مريني ،أي أن الدولة الزيانية أضحت مكان نفوذ لدى الطرفين
3
ومن العوامل السياسية التي شجعت القوتين المتصارعتين إلى اقتحامها (حصار تلمسان)
بحيث ظلت حدود الدولة الزيانية بين مد وجزر طول فترة حكمها ،إذ لم تكن ثابتة ومستقرة
فكانت تتقلص حين وتتسع أحيانا أخرى ،وحسب إستعدادات بني زيان وقوتهم العسكرية
4
واإلقتصادية واستقرارهم وأمنهم ووحدة أمرائهم وانسجام قبائلهم وصدق والئهم.
بلغ األمر لولي العهد األمير أبا العباس أحمد ،فجهز جيشا سار به إلى أخيه األمير
عمر ،الذي خرج هو االخر بجيوشه لحرب أخيه أبي العباس وكان يصاحبه في حملته
2
الحاجب إبن تافراجين ،الذي لم يطمئن إلى نوايا األمير عمر نحوه.
ففر ابن تافراجين هاربا إلى السلطان أبي الحسن المريني ،وقد أحدث هروب ابن
تافراجين خلال في صفوف جيش األمير عمر وجعله يبادر بتغيير خطته ويفضل عدم
مجابهة جيوش خصومه ،فتراجع بقواته إلى باجة تاركا الطريق مفتوح لتونس العاصمة
فدخلها أبوالعباس أحمد (242ه 8145 /م) ،وبادر بإطالق صراح أخيه أبي البقاء خالد
وتقبل البيعة من الناس ولقب بالمعتمد باهلل .
ثم إنتقل إلى القصر السلطاني بالقصبة ،ولم تمض أيام حتى وصل األمير عمر بقواته
من باجة ،وأصبح يوم السبت السادس عشر من رمضان المعظم فرق خيله ورجاال على
أبواب المدينة ،وكسرت األقفال وفتحت األبواب.فاقتحمت جيوشه المدينة واستولت عليها
وانظمت إليه عامة الناس .فلم يأت وقت الضحى حتى إستولئ عليها واقتحم القصر وقتل
أخاه األمير أحمد ونصب رأسه على قناة ،وقطع أيدي أخويه أبي البقاء خالد وأبي فارس
عبد العزيز ،فمات عبد العزيز في الحين وأجهز على خالد حتى قتل ،وقتل في ذلك اليوم في
المدينة وفي الربض إثنين وثمانون رجل من العرب الواصلين صحبة أبي العباس أحمد
1
بتونس ،منهم أبو الهول بن حمزة بن عمر بن أبي الليل.
وهكذا أسدل الستار على سلطنة أبي العباس أحمد التي لم تدم إال سبعة أيام ،وظن أبو
حفص عمر أن األمور إستتبت له غير متوقع لما قد يترتب على فتكه بإخوته سواء داخل
البالد أو خارجها ،وكان أهم شئ في ذلك هو موقف أبي الحسن من الحالة في السلطنة
2
الحفصية حيث استغل ذلك لتحقيق مطامحه السياسية.
لقد ربطت عالقة المصاهرة بين الدولتين برباط قوي ومتين ودليل على ذلك أن السلطان
أبي بكر الحفصي جعل السلطان أبا الحسن المريني في منزلة الوصي على العرش عند
وفاته ،فحين كتب السلطان وثيقة واليه العهد ألبنه أبي العباس أحمد جعل صهره أبا الحسن
كضامن لسريانها في حالة وفاة السلطان الحفصي ،ولعل السلطان الحفصي من ذلك
إشعار أبنائه بقوة هذه الوثيقة و فاعليتها فال يتصارعون على الخالفة فيقول
ورى أن األمير عمر إرتكب مذاهب
الزركشي(...فإمتعض السلطان (أبو الحسن) من ذلك أ
العقوق في إخوته وخرق السياج الذي فرضه بخطة عليهم ،فأجمع أبو الحسن على إفريقيا
وقوى عزمه على ذلك قدوم الوزير إبن تافراجين.).....فكانت سبيال في تدخل أبي الحسن
1
في إفريقية ومبر ار لتنفيذ مشروعه التوسعي.
وهي السيطرة على مجموع الطرق التجارية والتحكم في كل السواحل ،لذا فقد كان
العامل اإلقتصادي حاض ار من وراء المحاوالت الحفصية والزيانية والمرينية إلخضاع أكبر
مجال طرق ممكن في المنطقة لضمان التحكم في المنطقة،2وكانت إفريقية لها دور مهم
في تجارة الحوض الغربي للبحر المتوسط حيث كثرت بها الفنادق األجنبية والقناصل للحفاظ
على ممتلكات األجانب ،ونشطت تجارتها مع المدن اإليطالية و فرنسا وأراغون ،حتى أن
كل السفن سواء المارة إلي المشرق أو األتية منه كانت تحط وتقلع من ميناء تونس ،3الذي
4
كان يصدر الحبوب ويستورد الخمور والتوابل والحرير.
إنقالب الموازين بالمياه المتوسطية لفائدة البحرية المسيحية على المستوى التجاري
والعسكري إبتداء من القرن الرابع عشر للميالد ،وتزامن ذلك مع ظهور الحركات الحدودية
مع البوادر االولى للتحول الجذري الذي سيعرفه العالم كما أحس إبن خلدون وسجله في
مقدمته ذلك أن الغرب أخذ في التطوراإلقتصادي في حين أخذ العالم اإلسالمي في التقوقع
5
واإلنهيار.
1عبد الرحمان بن خلدون :المصدر السابق،ج ،5ص .166أنظر أيضا إبن أبي دينا :المصدر السابق،ص.845
2محمد القبلي :الدولة والوالية والمجال في المغرب الوسيط ،ط،8دار تبقال ،الدار البيضاء،8662 ،ص .22
3
إبن فضل اهلل شهاب الدين العمري:مسالك األبصار في ممالك األمصار،تح وتع مصطفئ ابو ضيف احمد ،ط،8661 8
ص.12
4
جوليان شارل اندري :تاريخ افريقيا الشمالية (تونس،الجزائر،المغرب االقصى من الفتح االسالمي الي سنة ،)8116ج 2
،تح البشير بن سالم ،الدار تونسية للنشر ،تونس،8621،ص.862
5محمد القبالي :مراجعات حول المجتمع والثقافة بالمغرب األوسط،ط ،8دار تبقال،8612 ،ص.82
04
مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين الفصل الثاني
أ ـــ التوسع المريني في تونس في عهد السلطان أبي الحسن المريني :
ـ ـ البيعات والتمهيدات لدخول مدينة تونس :كان حلم أبي الحسن المريني 1ال يتوقف عن
السيطر على المغرب األوسط فقط ،بل كان يريد أيضا توسع في بالد المغرب األدنى بغية
إحياء اإلمبراطورية الموحدية ،فتحرك نحوها بجيوشه في صفر (241ه8142/م ) 2،بعد أن
والى ابنه أبي عنان ووكل إليه مهمة إدارة شؤون المغرب األوسط وأحواله ،فنادى بالناس
بالمسير إلى إفريقية وفي طريقه توافدة عليه المبايعون الذين من بينهم والة النواحي والقبائل:
3
وقسطيلة ،يقدمهم أحمد بن مكي امير فلما احتل بوهران ووافاه وفد من بالد الجريد
جربة وأحمد بن عامربن العابد رئيس نفطة فلقية هؤالء الرؤساء بوهران في مأل وجه
بالدهم،فأتوه بيعتهم وقضوا حق طاعته ،وتثاقل محمد بن ثابت أمير طرابلس عن اللحاق به
4
فبعث بيعته معهم،فأكرم وفدهم وعقد لهم على أمصارهم وصرفهم إلى أعمالهم.
وبالقرب من بجاية :بايعه يوسف بن منصور بن مزني حاكم بسكرة وبالد الزاب ويعقوب
بن علي سيد الدواوودة .كما إنظم إلى أبي الحسن وبايعه عدد كبير من أمراء الحفصيين منهم
1أبو الحسن المريني :هو أبا الحسن علي بن عثمان الملقب بالمنصور ولد (561ه 8261/م) من أم حبشية لذلك عرف
باألكحل فكان قوي الجسم والشخصية متمسك بالقيم وكان عالما مولعا ،حكم المغرب االقصى (218ه 262/ه )عرف
بتوسعاته المختلفة حيث إستولى على تلمسان 211ه واسترجع الجزيرة الخضراء 244ه ودخل تونس 241ه انظر :ابراهيم
حركات المرجع السابق ،ص15
2الزركشي :المصدر السابق،ص .12
3بالد الجريد :يمتد هذا اإلقليم من تخوم بسكرة إلى تخوم جزيرة جربة ويبعد جزء منه كثي ار عن البحر المتوسط و سميت بهذا
اإلسم لكثرة النخيل بها فهي مدن كثيرة واقطار واسعة وهائل متصلة .انظر :ابن مرزوق الخطيب :المسند الصحيح الحسن
في ماثر ومحاسن موالنا الحسن ،تح،مريا خيسوسة ،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ،الجزائر ،8681 ،ص.81
4عبد الرحمان بن خلدون :المصدر السابق،ج،5ص.166
04
مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين الفصل الثاني
أبو عبد اهلل بن أبي زكريا أمير بجاية ،وكذلك أمير قسنطينة أبو زيد حفيد السلطان أبي يحي
1
الحفصي وسائر إخواته.
بعد هذه البيعات إتخذ السلطان سياسة قام بها بتحويل هؤالء األمراء إلى مجرد عمال
وموظفين كباقي العمال ،أي له الحق في نقلهم من مكان إلي أخر ،وهنا تظهر مدى قوة
مبررات السلطان ونواياه بالمقابلة مع بمدى قبول حكام األقاليم بهذا التدخل المريني ،الذي اتخذ
كتدخل لحل مشكلة النزاع حول الحكم و إكتساب أبو الحسن المريني الشرعية في ذلك (وثيقة
والية العهد سابقا) وعلى هذا المبدأ قام بنقل أمير بجاية أبو عبد اهلل بن أبي زكريا إلى ندرومة
في المغرب األوسط ،ونقل أمير قسنطينة أبو زيد عبد اهلل بن أبي زكريا إلى وجدة .وحل
مكانهم حلفائهم لتكثيف الوجود المريني في إفريقيه .أما حكام أقاليم الذين بايعوا أبا الحسن من
غير األمراء الحفصيين فقد أكرمهم .وكانت هذه خطوة هامة نحو تحويل األقليم من اإلدارة
الحفصية إلى اإلدارة المرينية ،ومن ناحية ثانية حصرت نفوذ األمير عمر في منطقة تونس
2
العاصمة .
وبعد هذه االجراءات أخذ يستعد للمرحلة األخيرة توجه إلى تونس ،وفي هذه األثناء وصل
الخبر للسلطان أبي الحسن أن األمير عمر الحفصي خرج من تونس ومعه أوالد مهلهل من
العرب متجها إلى ناحية قابس وأن هذه هي فرصة للقضاء عليه وماكان على السلطان المريني
3
إالأن يقوم بإرسال جيشه من أجل مالحقة عمر الحفصي .
أخذ أبو الحسن يستعد للمرحلة األخير من توجهه إلى تونس ،فبعث وفي قسنطينة
بجيشين لتمهيد األمر الجيش األول بقيادة حمو بن يحي وأبناء حمزة أحد زعماء الكعوب من
محرضي السلطان المريني في إحتالل للحفصيين ،فقاموا بتتبع أثار عمر الحفصي الذي غادر
1
عبد الرحمان ابن خلدون :المصدر السابق،ص .165
2
الزركشي :المصدر السابق،ص .12
3
عبد الرحمان بن خلدون :السابق نفسه،ص .162
03
مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين الفصل الثاني
مدينة تونس عندما سمع بتوجه المرينيه إليها فسار هذا الجيش إلى الجنوب التونسي حيث يوجد
عمر الحفصي فأدركه بموضع يعرف بالمباركة بقرب من جبل السباغ ،حيث جرت معركة
حاسمة هزم فيها عمر الحفصي بسبب خذالن جنود له ،حيث عثر جواده في حفرة مما جعله
يواصل الفرار على رجله ،فقبض عليه حمو بن يحي مع مواله ظافر السنان وقتلهما ذبحا
وبعث برأسيهما إلى سلطان أبي الحسن سنة (241ه8142/م) عندما وصل لمدينة باجة وهو
1
في طريقه إلى تونس.
وبمقتل األمير عمر أصبح الطريق مفتوحا أمام السلطان أبي الحسن إلستيالء على
تونس ،وقام بإرسال الجيش الثاني ،والذي كان بقيادة زوج إبنته يحي بن سليمان ،حيث كانت
وجهته تونس العاصمة ،ولم يجد هذا الجيش أي مقاومة تذكر بعد أن أحاط ب ار وبح ار بمدينة
تونس ،التي فتحت أبوابها وخرج الوجهاء والعلماء واألعيان يترقبون وصول السلطان أبي
)241ه8142/م )،فكان دخوله في إحتفال عظيم كما وصفه الحسن في جمادي الثاني
السيالوي( ..وتلقاه وفد تونس وشيوخها من أهل وأرباب الشورى فأتوه طاعتهم وانقلبوا مسرورين
2
بواليته،مغتبطين بملكه) .
ودخل السلطان المريني مدينة تونس صحبة إبن تافراجين وأعطاه فرسه ولجامه ،وطاف
معه غرف قصور بني حفص واحدة تلو األخرى ،ثم نصب حاكما على تونس وهو قائده
وصهره يحي إبن سليمان العسكري ،ثم قام بجولة داخل القيروان وسوسة والمهدية ،ثم عاد
إلى العاصمة وشرع في ترتيب شؤون سلطته الواسعة التي إمتدت من مصراته إلى السوس
3
األقصى والى رندة باألندلس.
1
محمد العروسي المطوي :المرجع السابق،ص .111أنظر أيضا الزركشي :المصدر السابق،ص .11
2
عيسى الحريري :المرجع السابق،ص.886
3عبادة كحلية :المغرب في تاريخ االندلس والمغرب ،ط8481( ،8هـ8662م) ،ص.848
44
مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين الفصل الثاني
وبإستيالء أبي الحسن المريني على السلطنة الحفصية يكون قد جمع مخلفات الدولة
الموحدية في عز مجدها واكتسبت شهرة عظيم في العالم اإلسالمي ،حتى أصبحت سلطنة
المماليك تخشى بأسه وتحذر قدومه.
رغم البيعات الكثيرة التي توافدت عليها في تونس والتحريضات المختلفة التي كانت تدعوه
لغزو إفريقية إال أنه لم يجد االستقرار في تونس وذلك راجع لعدة أسباب منها :
ـ ـ سياسة أبي الحسن المريني في أسلوب معاملته لرجال السلطة الحفصية وأصهاره تمثلت
في إبعادهم عن مركز السلطنة الحفصية ،باإلضافة إلى تنكره للعهد الذي قطعه لصهره أبي
العباس الفضل بن أبي بكر لمساعدته إسترجاع حقه في ملك أبيه ،ولكنه جعله أمير على عنابة
1
فقط.
ـ ـ إبن تافراجين :2هذه الشخصية التي كانت تتمتع بالنفوذ الواسع والتفويض الكامل في مباشرة
اإلدارة على عهد السلطان الحفصي أبي بكر الذي إتخذه كحاجب ،ولكن بمجيء السلطان
المريني خابت أماله ولم يرضى منصبه كوزير ألنه ال يعطي النفوذ والسيطرة كما كان في
السابق ،لذا شعر هذا األخير بالكراهية والحقد على السلطة الجديدة وظل ينتظر الفرصة
المواتية لإلنتفاض ،مثلما كان ينتظرها أمير عنابة الحفصي أبو العباس الفضل.
ـ ـ ـ سياسة إبعاد النخبة من الحظوة واإلمتيازات في المناصب العليا ،فشعرت بالتنقيص من شأنها
مما أدى هذا الحقد ثاني عليه مثل (موقف ابن تافراجين ) .وأيضا مما ازد الوضع تعقيدا موقف
القبائل واألعراب من الحكم في البالد فقد تغير حالهم ،عما كانوا عليه في عهد الحفصيين
1
محمد العروسي المطوي :المرجع السابق ،ص ص .111,112
2
ابن تافراجين :هو ابا محمد عبد اهلل ابن تافراجين الحاجب السابق البي بكر الحفصي ثم البنه ابي حفص من بعده وهو
الذي سعى الى نقض وثيقة واليته العهد حتى توبى السلطنة ابو حفص عمر ليستمر هو في حظه الحجابة .انظر محمد
العروسي المطوي ،المرجع نفسه ص .125
44
مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين الفصل الثاني
واجراء السلطان الذي وضع حد لتلك اإلقطاعات وعوضهم بعطايا تفرض لهم من ديوان
السلطان مثل بقية الجنود،كما إستكثر الجبايات التي كانوا يفرضونها على الناس فنقص
منها(بعد أن إشتكت إليه الرعية من أوالئك األعراب وما ينالونهم به من الظالمات وضروب
األ تاوة التي يسمونها "الخفارة " فقبض أيديهم على ذلك كله وتقدم إلى الرعايا بمنعهم
1
منها).
ومن الطبيعي أن هذه اإلجراء الجديد سوف ال يرضى عنها العرب ،فبدا الحالة يسوء
بينهم وبين السلطان المريني ،وتهيأ زعماء القبائل إلنتهاز أي فرصة لتغير الوضع
الجديد ،ووصلت األخبار إلى السلطان المريني بأن األعراب زادو من إشاعتهم للفوضى
واضطربات األمن حتى وصل بيهم التحدي إلى اإلغارة على ضواحي مدينة تونس واستولوا
على دواب بني مرين فعظم ذلك في نفس أبي الحسن فزداد الحقد عليهم .
فأخذ األعراب يجمعون األنصار واألحالف وقد دفعهم ذلك إلى التحالف مع أعدائهم
ومنافسيه من أوالد مهلهل2 ،وذلك بعد إرسالهم إليهم وفد فيه قتيبة بن حمزة وأمه ونساء
ليصالحوهم ويطلبون مناصرتهم معهم ضد السلطان أبو الحسن ،فقبلوا ذلك التصالح
والتحالف ،وأخذت القبائل تتجمع في بالد الجريد ،وهكذا إجتمعت أحياء سليم من بن كعب
وبني حكيم مع أوالد مهلهل في توزر ،وتعاهدوا على االستماتة وتبايعوا على الموت
وكالعادة إختاروا من يقاتلون بإسمه فوقع إختيارهم إبن أبي دبوس الخياط 3،وبيعته وألبسوه
لباس السلطنة ،وتهيأ األعراب بزعامته للزحف إلى تونس ومحاربة أبي الحسن المريني ،كما
إستعد هو األخير من جهته عندما بلغته األخبار ما حصل في توزر ،والتقى الجمعان في
نصف الطريق بين تونس والقيروان ،وكان جيش بني مرين ثالثين ألفا أو أكثر لهذا تجنب
44
مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين الفصل الثاني
ابن أبي دبوس مجابهته فتراجعوا إلى أن وصلوا القيروان وما أن عزموا على الثبات فكانت
بعد هذه المواجهة معركة شهيرة وهي معركة القيروان .
وكانت المجابهة بين فريقين في محرم ( 246ه8141 /م) بعدما إستطاعت قوات
المرينيين في بادئ األمر أن تحرز إنتصارات أولية في موقع الثنية بالقرب من قيروان ولكن
قوات العرب صمدت وردت الكرة فإختل مصاف السلطان أبي الحسن ونهبت محلته بكل
مافيها وكان جيشه يزيد عن ثالثين الف فارس ونجى السلطان بنفسه في شر ذمة فتحصن في
القيروان وقد أعتبرت هذه الهزيمة الساحقة أشد وقعا عليه من معركة طريف رغم كثرة جيشه
ورغم بدائية أعدائه أوالد كعوب وحكيم ومهلهل .1
واجتمعت عدة عوامل ساهمة في هذه الهزيمة ألبي الحسن المريني نذكر أهمها :
ألن الجيش المريني كان عدد كبي ار منه من بني عبد الواد الذي تغلب عليه أبو
الحسن المريني واستولى على عاصمتهم باإلضافة إلى أن الجيش كان يضم أيضا رجاال من
بني توجين ومغراوة ،ممن يحمل نفس إحساس بني زيان فانتهزوا كلهم الفرصة ،وتوطئوا مع
عرب كعوب وحكيم مهلهل على الخديعة ،بل هي التي حددت لهم الوقت المناسب لبدئ
القتال ،فما إن بدأ األعراب بالهجوم حتى إنحازت إليهم جيوشبي عبد الواد ومغراوة وبني
توجين ، 2فإختل نظام جيش السلطان المريني وانهزم هزيمة شنعاء ،فتسابقت العرب إلى
معسكره فنهبوا بما فيه من المضارب والعدد واألالت ودخلوا قسطاط السلطان فإستولوا على
3
ذخيرته والكثير من حرمه وترتب عن هذه الهزيمة ضياع كل من تلمسان وتونس وقسنطينة
البداوة وفي عدائهم للزيانيين طيلة حكمهم وتضم أرضهم قلعة بني سالمة التي أقام إبن خلدون بها .أنظرعبد الرحمان ابن
خلدون :المصدر السابق ،ج،2ص.286
3
الزركشي :المصدر السابق،ص.11
49
مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين الفصل الثاني
من قبضة المرينيين وعودتها للسيادة الحفصية وفرار أبي الحسن المريني الى مدينة القيروان
محتميا بأسوارها فطاردته العرب وحاصروا القيروان من جميع جهاتها.
تواطئ إبن تافراجين مع األعراب و كانت هذه الهزيمة بالنسبة إلى إبن تأفرجين فرصة
هامة جدا من أجل إظهار أحقاده إتجاه بني مرين ،حيث دفعه األمر إلى أن يتفاوض مع
األعراب ،واجراء خطة من أجل هروبه وقد تمثلت تلك الخطة في أن يبعث زعماء األعراب
إلى أبي الحسن ليرسل إليهم ابن تافراجين ليتفاوضوا معه في رفع الحصار على القيروان،
فسمح أبا الحسن إلبن تافراجين بالخروج إلى األعراب بعنوان التفاوض معهم على شروط
المصالحة إال أن ابن تافراجين خرج ولم يعد وتم اإلتفاق بينه وبين األعراب على أن يتولى
الحجابه لسلطانهم الجديد أحمد بن أبي دبوس فأعتبرت فرصة إلبن تافراجين حتى يحقق
مطامحه وأحالمه في السلطنة والنفوذ إن لم يكن هذا السلطان سوى رجل ساذج بسيط كانت
حرفته الخياطة في توزر ومعنى ذلك أنه إذا تم األمر فسيصبح إبن تافراجين صاحب األمر
والنهي أكثر مما كان ذلك في عهد السلطان أبي بكر الحفصي ،فسار على ذلك ثم دفعه
1
األعراب في حرب مع بني مرين الذين إحتموا بقصبة تونس.
باإلضافة إلى أن أبا الحسن كان يفرض على كل مدينة يدخلها وظيفة المعاونة التي قد
وضعها لتغطية عجز بيت المال على تمويل حملته إلمداد الجيش بالمال والسالح فضال عن
2
أنه قلص من رواتب الجنود و نصيب مشايخ القبائل من الغنائم ،مما أثار تذمرهم.
حرضت قبائل أوالد مهلهل وبني أبي الليل السلطان أبي عنان 1المريني على اإلستيالء
على مدينة تونس ،وما إن انتهى أبو عنان من اإلستيالء على بجاية وقسنطينة أوال ،ثم بعد
ذلك إتجهت أنظاره نحو العاصمة تونس إلى أنه في بداية األمر لم يختار األسلوب العسكري
بل فضل سبيل التفاوض وحاول التواطؤ مع أقوى شخصية في البالط الحفصي ،فراسل ابن
تافراجين حاجب المستنصر يدعوا إلى أخذ بطاعته والتنازل له عن تونس ،إعتماد على ما
كان بينهما من مهاداة وعلى التساندة التي كان قائما بينهما ضد األمير أبي زيد صاحب
قسنطينة ،عندما سولت له نفسه محاربة عمه المستنصر ،إذ كان سياسيا إبن تافراجين ـ
على تحريض أبي عنان بعد إمتالكه تلمسان على مهاجمة قسنطينة ،حتى يضطر صاحبها
(أبو زيد ) إلى اإلقالع على غزو إفريقية.
ولكن رغم كل ذلك لم يستجب ابن تافراجين لرغبة أبي عنان لهذا العرض ،ألن ذلك
يتنافى مع مطامحه منذ عهد أبي بكر الحفصي في أن يكون صاحب األمر والنهي في
إفريقية ،كما أن التجربة السابقة مع أبي الحسن المريني لقنته درسا و أقنعته بأنه ال أمل في
تحقيق مطالبه مع بني مرين ،ومن ناحية أخرى كان لها عالقة بفساد العالقات بين أبي
تافرجين ،هي أن أباعنان أراد أن يسلك مسلك أبيه في التقرب من البالط
عنان وابن ا
تافرجين الذي كان سبب في إتمام المصاهرة
الحفصي عن طريق المصاهرة ،وبما أن ابن ا
بين أبي الحسن المريني وأبي بكر الحفصي ،فقد أراد أبو عنان أن يتزوج إحدى بنات
فرجين لم يقم بدور الوسيط هذه المرة ،فلم تتم
السلطان أبي بكر ،لكن ابن تا ا
1أبو عنان المريني :هو أبو عنان المتوكل على اهلل من أم رومية تدعى أم شمس الضحى جمع أبا عنان جميع الصفات
الحسن التي جعلته محبوب من طرف عشير ه وكان غارسا شهما شجاعا يقوم في الحرب مقام جنوده عرف عهده
بالتوسعات في المغرب اإلسالمي .أنظر إبن القاضي :درة الحجال في عزة أسماء الرجال ،ج،،8تح محمد األحمدي أبو
النور ،ط ،8دار التراث ،المكتبة العتيقة ،تونس ،8621،ص .121
44
مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين الفصل الثاني
المصاهرة.1وأمام هذا الموقف الذي أحدثه ابن تافراجين وعدم تلبيته لرغبة السلطان أبي عنان
قرر هذا األخير توجيه حملة عسكرية إلحتالل تونس.
وتمثلت حملته في أسطول بحري بقيادة محمد بن يوسف المعروف باألبكم من بني
األحمر أصحاب غرناطة ،وفي جيش بري يقوده يحي بن عبد الرحمن بن تاشفين ،وكان
معه جيش أوالد مهلهل الوافدين على أبي عنان لحثه على اإلستيالء على تونس ،وعندما
وصلت األنباء لتونس تفيد إستعداد أبي عنان بقي ابن تافراجين في تونس وجهز جيشا
لسلطانه المستنصر مع أوالد أبي الليل ومن إنظم إليهم من األعراب لمالقات الجيوش البرية
القادمة من قسنطينة ،وكان األسطول المريني أسبق وصوال إلى تونس فضرب عليها
الحصار واستطاع اإلستيالء عليها بعد قتال يوم أو بعض يوم ،إذ لم يستطع ابن تافراجين
الثبات والمقاومة أمام األسطول المريني فخرج هاربا من العاصمة والتجأإلى المهدية وقد تم
ذلك في رمضان (261ه /أوت 8162م )ثم وصل الجيش البري بقيادة ابن روح (....
2
فدخل البلد وأمضى فيها أوامر السلطان المريني )..
عند إحتالل مدينة تونس شرع في تنظيم األوضاع بها وأصدر أوامره بمنع عرب رياح
عن تحصيل األتاوة التي كانوا يفرضونها على المواطنين ويسمونها الخفارة ،كما الحال في
عهد أبي الحسن فتوافدت له البيعات من أطراف تونس مثل :نفطة وتوزر وقابس ،ومن
األعراب قدم عليه يعقوب بن علي شيخ وكان تأيد قبيلة بني ريح للسلطان إال طمعا
فياإلكتساب ،واطالق اليد في نهب وابتزاز األموال واألرزاق ،فما إن أحس بنو رياح أنأبا
1
سياسيا وثقافيا ،رسالة ماجستير في التاريخ الوسيط ،قسم التاريخ ،جامعة بكاي هوراية :العالقات الزيانية
تلمسان،2111،ص.281
2
الزركشي :المصدر السابق،ص .62
44
مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين الفصل الثاني
عنان ال يماشيهم في رغباتهم الجامحة وأنه يراوغهم عندما طلب منهم الرهائن توثقا لطاعتهم
وانقيادهم وما إن أحسوا ذلك حتى جاهروه بالعصيان كمل فعلوا سابقا.
لقد إجتمعت العديد من العوامل والضروف ساهمت في فشل أبي عنان في سيطرته
على مدينة تونس نذكر منها :
أ/إنتفاض بني رياح :برغم من بيعتها واعالن والئها والمبالغة في إستضافة السلطان
المريني إال أن األوضاع حالت دون رضاهم ومستوى تطلعاتهم ورغباتهم فما أن أحسوا
بالخذالن حتى إلتفوا على أميرهم يعقوب بن علي ،وانطلقوا نحو ال ازب والسلطان ورائهم
بجيوشه يحاول القضاء على حركتهم ولكنهم توغلوا بالصحراء،فما كان أبي عنان إال أن
خرب حصونهم وقصور أميرهم يعقوب بن على ومنزله بالتل والصحراء فحال بينهم وبين
السلطان المريني فعاد هذا األخير إلى قسنطينة بعد أن فقد سندا كبي ار من الذين كان يعول
عليهم .
ب /تخاذل الجيش المريني :أحدثت مطاردت بني رياح أثار نفسية سيئة في نفس الجند
المريني المصاحب ألبي عنان ،وضاقوا ذرعا بالحرب وخافوا أن يصيبهم في إفريقية ما
أصابهم في المرة األولى مع أبي الحسن المر ونادو بالرجوع إلى المغرب (.وداخلوا الوزير
فارس بن ميمون فوافقهم على ذلك وأذن المشيخة والنقياء لمن تحت أيدهم من القبائل في
اللحاق بالمغرب ) ،وبلغ السلطان أبي عنان من خالل هذه األحداث أن الجند تامروا في قتله
وتنصيب إدريس بن أبي عثمان بن أبي العالء ،فأخذ السلطان أبو عنان قلة ما معه من
1
الجنود إنسحب راجعا إلى المغرب.
أوفد السلطان المريني الشيخ الفقيه إبن مرزوق التلمساني ليخطب له إحدى بنات
السلطان أبي بكر الحفصي ،بعد أن فشلت مساعيه في ذلك مع الحاجب ابن تافراجين ،فكانت
رغبة السلطان في ذلك أن تزف اليه عروس حفصة يوم أن تزف إليه مدينة تونس ،ولكن
بنت السلطان الحفصي رفضت الزواج به وذلك راجع لموقف شخصي منها إذ قالت عنه (أن
فيه قلقا يمنعني من عشرته).
ولكن مجرى األحداث قد يبعد أن يكون ذلك هو السبب الحقيقي لرفض تلك الخطوبة
إلختالف الظروف التي تمت فيها المصاهرة السابقة التي تمت بين العائلتين المرينية
والحفصية ،ففي عهد أبي الحسن لم يكن فيه المريني ضد بني حفص ،ولم يقدم بعد على
إزالة سلطانهم وكانت التكافؤ بين المتصاهرين يكاد يكون تاما ،أما هذه المرة فإن أبا عنان
المريني كان قادما إلى إفريقية غازيا محاربا ،مزيال لسيادتهم وملكهم عن بجاية وقسنطينة .ولم
يكن قبول الزواج منه إال تنفيذ من المغلوب على الغالب .
فأعتبر السلطان هذا الرفض خدشا في هيبته ،وكان يعتزم تنفيذه بالقوه ،وقد عاقب ابن
مرزوق على ذلك إلنه لم يجد البنت ولم يقبض عليها .فقال له أبو عنان :لماذا لم تضع اليد
فيها وكان جوابه ابن مرزوق( بنت سلطان يخطبها سلطان كيف أضع يدي فيها ،وقد حبسة
1
ستة أشهر بسبب ذلك).
إذا كان السلطان أبو الحسن المريني قد إلتمس في خالفات البيت الحفصي مبرار كبير
إلقتحام إفريقية ،فقد كان لهذه المبررات قوتها في نظير الكثير من حكام األقاليم في الدول
الحفصية ،أي أن في عهد السلطان أبو الحسن ال يعتبر اإلستيالء على بجاية إحتالل مباشرة
بواسطة عسكرية بل على طواعية من حكامها الذين انظموا إليه يباركوه على دخولها ،ولعل
أقوى دليل على ذلك إقبال وفد بجاية من يوسف بن منصور بني مزني حاكم بسكرة بالد الزاب
وأميرها أبوعبد اهلل بن أبي زكريا ،ولكن رغم ذلك إتخذ السلطان الحضر من العائلة الحفصية
1
وقام بتحويلهم إلى المغرب األوسط .
أما في عهد السلطان أبي عنان المريني فإن األمر إختلف فقد عزم هذا األخير على
إسترجاع ما إستولى عليه أبوه في المغرب األدنى واألوسط مبتدئا بمملكة تلمسان الزيانية وفي
هذه األثناء قتل أبو عنان أبي سعيد عثمان واحتل تلمسان ولكن أخو أبو ثابت أفلت من
األسر ونزل بوادي شلف من مغراوة على العزم في مواصلة المقاومة ضد أبي عنان وجيشه
واستطاع أن يتوغل بعيدا عن عساكر بني مرين ،وتم إعتقاله بضواحي بجاية وجاؤوا به إلى
أمير بجاية فأرسله إلى سلطان أبي عنان ،فأستبشر أبو عبد اهلل الحفصي بحمله وظن أنه
سيزداد حظوة واعتبا ار عند السلطان المريني ويزداد التوسيع وسلطنة في إماراته وعندما التقى
2
أبوعنان بالمدية بأمير بجاية إستقبله أحسن قبول وأكرم .
في إحدى خلوات األمير أبي عنان مع األمير عبد اهلل الحفصي إشتكى هذا األخير مما
يعانيه في إمارته ومما يلقاه من رعايته من اإلمتناع من الجيابة والسعي في الفساد وما تبع
ذلك من شقاق الحماية كثرة الخالفات الحادة بين جنده وبطانته .وكان مقصده من هذه
الشكوى أن يلقى من السلطان المريني ،على األقل مما يثبت قدمه على إمارة بجاية ويقوى
نفوذه فيها.
لكن في المقابل أعتبر السلطان المريني هذه الفرصة هامة وال تعوض ،فقدم له عرضا
مغريا أن يتخلى عن تلك اإلمارة وأنه سوف يعوضه بدال عنها لما هو خير وهو أن يوليه
على مكناسة الزيتونة بالمغرب األقصى ،1وفي تلك الجلسة من التعظيم و اإلطمئنان مع
السلطان المريني لم يكن بإمكان أبي عبد اهلل الحفصي الرفض واإلمتناع ،فإستجابة لعرض
السلطان المريني (على يأس وكره) وقد تشرط عليه أن يعلن هذا التفاهم أمام المأل من بني
2
مرين وأن يكتب بخطه إلى عاملة بجاية بالتنازل عنها ،وتمكين عمال السلطان المريني منها.
لم يكن هذا التنازل محل قبول و اإلستحسان من أهل الحل والعقد في بجاية ،وحتى من
مواله فارح الذي كان له النفوذ و السطوة في عهده ،ولهذا فما إن وصل فارح مع العامل
المريني إلى بجاية حتى بدأ أهل العقد والحل فيها بالتعاون مع هذا األخير في العمل على
إيجاد خطة للتخلص من الوالي المريني الجديد بقيادة منصور بن إبراهيم زعيم الصنهاجيين
في بجاية ،وكانت الخطة أنهم يذهبوا إلى الوالي المريني بدعوى التسليم عليه في القصبة
وغدا عليه بداره في القصبة فأكب عليه منصور بن إبراهيم يناجيه فطعنه ثم أجهز عليه
برقابة الداخلين فقتلوه كما طعن القاضي إبن فركان المشايع لبني مرين ،فمات بمنزله .
عندئذ شاعت الفوضى في المدينة ،ونادت الجماهير بالدعوة إلبن أبي زيد الحفصي
صاحب قسنطينة ،إال أن هذا األخير تريث في أمره ولم يستجب لدعوة أهل بجاية ،وعندما
بلغ الخبر إلى أبي عنان وهو في تلمسان بما حدث أتهم أبي عبد اهلل الحفصي بذلك وأودعه
السجن.واستمر عصيان بجاية أياما حتى هدأت الضجة ،خاصة بعدما تبين ألعيانها سوء
المصير بعملهم ذلك خاصة أن صاحب قسنطينة لم يجارهم فيما فعلوه ولم يلب تحريضهم
1
للقدوم عليهم.
برسه إلى
فخافوا من بطش المريني بهم ،فقاموا بثورة مضادة على فارح وقتلوه وبعثوا أ
أبي عنان بتلمسان ،فأبعد التهمة على أبي عبد اهلل الحفي ،وعين واليا جديدا على بجاية وبعث
إليها بحاجبه محمد بن أبي عمر فعاقب المتأمرين ،وفر الكثير منهم إلى تونس ،وهكذا تم
إلحاق إمارة بجاية الحفصية بسلطنة بني مرين للمرة ثانية في (246ه 8161/م) 2.ولكن قبل
إلحاق بجاية بسلطنة بني مرين ألحقت بهذه السلطنة مدن أخرى :الجزائر ،متيجة والمدية أما
بسكرة ونواحيها من الجنوب الشرقي الجزائري فقد إنقادت إلى أبي عنان المريني رغم بعدها
عنه إذ وفد عليه بالمدية واليها يوسف بن مزني ومشايخ الدواوودة فبايعوه على الطاعة والوالء
ولو أنه استبقى أبنائهم رهينة عنده توثيقا النقيادهم وخوفا من انتفاضهم .وبذلك لم يبقى من
3
الحفصية الغربية خارجا عن نفوذ أبي عنان المريني إال إمارة قسنطينة.
1
السيالوي :المصدر السابق ،ج،4ص .816,814انظر ايضا محمد العروسي المطوي :المرجع السابق ،ص .424
2العبادي أحمد مختار :دراسات في تاريخ المغرب واألندلس ،مؤسسة شباب الجامعة ،اإلسكندرية ،ص.21
3الفاسي محمد :نشأة الدولة المرينية ومميزات العصر المريني األدبية ،مجلة البينة ،العدد الثامن ،السنة األولى،8652،ص
.61
44
مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين الفصل الثاني
كلف السلطان أبوعنان المريني واليه الجديد على بجاية بمهمة غزو مدينة قسنطينة
فإستعد لذلك محمد ابن أبي عمرو ،وحينما بلغت األخبار مسامع أبي زيد الحفصي أخذ
يستعد لمجابهة المرينيين ،وصادف أن كان عند أبناء السلطان أبي الحسن المريني محبوسا
المسمى أبا عمر تاشنفين ،1فأطلقه من سجنه ونادى به سلطانا مرينيا نكاية في أخيه أبي
عنان ،وكان هدف ذلك صرف هذا أبي عنان عن التطلع إلفريقية إال أن هذه الخطة التي قام
بها أبو زيد عبد الرحمان لم تجدي رغم اإلنحياز بعض المرينيين إليه ،وبعد جوالت عديدة
بين القوات المرينية وجيش أبي زيد صاحب قسنطينة ،أظهر هذا األخير الميل إلى هدنة
والكف عن المقاومة مقابل تسليمه للمرينيين (أبي عمر تاشنفين )إلى عامل بجاية الذي بعثه
بدوره إلى أخيه أبي عنان فأنزله ببعض الحجر ورتب عليه الحرس ،ورغم ذلك فقد أمر أبو
2
عنان على ضم عمالة قسنطينة إلى سلطته.
وبعد وفاة صاحب بجاية محمد بن أبي عمرو سنة (266ه 8164 /م ) عين واليا
جديدا على بجاية وهو وزيره عبد اهلل بن علي بن سعيد ،وأوكل إليه مهمة القضاء على
السلطنة الحفصية في قسنطينة ،إيمانا من السلطان بأن الوصول إلى إفريقية لم يتم إال
بإستيالء الكامل على الحفصية الغربية ،ولهذا بدأ أبو زيد صاحب قسنطينة يشعر بشدة
الضغط المريني عليه فبعث إلى أخيه أبي العباس أحمد يستنجد به ويطلب منه أن يقدم عليه
من تونس ،حيث كان أبو العباس أحمد يواصل الحرب في تونس ضد المستنصر وحاجبه
ابن تافراجين ،فإستجاب لنداء أخيه وأقبل لنجدته صحبت خالد ابن أبي الليل من أجل تعزيز
المقاومة الحفصية أمام القوات المرينية ،ولكن بعد هذا اإلستنجاد نجد أن أبي زيد قد ترك أخاه
1أبا عمر تاشفين :هو إبن السلطان أبي الحسن المر وكان محبوس كرهينة عند أبي زيد الحفي حيث طهرت هذه
الشخصية عند المواجهة بين أبا عنان المر وأبو زيد صاحب قسنطينة ،نكاية في أخيه ،أمدوه بالمعدات والرجال ليجابة
جيوش بني مرين .انظر محمد العروسي المطوي،المرجع السابق.111،
2
عبد الرحمان ابن خلدون :المصدر السابق،ص .168
44
مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين الفصل الثاني
أبا العباس في قسنطينة مبر ار منه أنه كانت تشغله تحركات عمه المستنصر وابن تافراجين
هناك ( تونس ) ومن أجل القضاء عليها .
ولكن األمير أبا زيد خسر الصفقة وخرج صفر اليدين من مغامرته تلك فهو من ناحية لم
يستطع أن يفعل شيئا في تونس إذ صده ابن تافراجين ورجع على أعقابه يائسا من إحتالل
تونس ،ومن ناحية أخرى تنكر له أخوه أبو العباس أحمد واستبد باألمر دونه في قسنطينة
ألن موقف األهالي كان مشجعا له على ذلك التنكير والعصيان ،وتمسكوا بواليهم أبي العباس
أحمد لديانته وعقله ،فوافق وباشر المحاصرين قبل بيعته ،وكتب رسم شهد فيه جماعة من
كبرائها البلد أن األمير أبا زيد ال قدرة له على مدافعه ماوقع بالبلد وال على القيام بأمره لعجزه
عن ذلك،وأن أولى األمراء بالمبايعة للمدافعة أخوه أبو العباس أحمد فبويعه في شعبان
سنة 265ه.
فعند رجوع أبي زيد خائبا من حملته على تونس ،وجد أبواب عاصمته قسنطينة موصدة
أمامه فتركها وتوجه إلى عنابة ،ومن هناك بعث إلى خصميه بتونس عمه المستنصر
وحاجبه ابن تافراجين يطلب منهما العفو والسماح له باإلقامة في تونس مقابل التنازل لهما عن
مدينة عنابة ،وهي المدينة الوحيدة التي بقيت على والئها له .واستجاب ابن تافراجين إلى
طلبه ونزل ـ أبا زيد عند عمه المستنصر فأوسع له المنزل ،وأسنى له الجرايات والجوائز
1
وأقام في كفالته.
ظل أبو العباس أحمد يحاول صد الحمالت المرينية على قسنطينة ،واستطاع في الجوالت
االولى أن يسجل عدة إنتصارات على الجيوش المرينية التي جاءت تحاصر قسنطينة ،خاصة
المعركة التي سجل فيها إنتصا ار باه ار ضد جيوش موسى بن إبراهيم ،بسبب تقاعس والي
بجاية عند مساعدته ،وعندما بلغ الخبر هذه الهزيمة إلى السلطان أبي عنان نزل عليه
كالصاعقة وقرر أن يقود بنفسه حمله عسكرية ضد بني حفص في قسنطينة ومن هناك يتوجه
إلى العاصمة ( تونس ).
فظل هذا األخير عدة أشهر يستعد لتلك الحملة وفي ربيع األول ( 261ه 8162/م)
أعلن التعبة 1.فتحركت طائع الجيوش المريني بقيادة فارس ابن ميمون ـ بينما صار أبو عنان
خلفه بالقوات الرئيسية ،وقد أحدث تقدم للقوات المرينية على هذا النحو المنظم ذكرى كبيرة بين
أهالي قسنطينة ،خاصةأن النجدة التي طلبها أبو العباس من عمه صاحب تونس لم تجد اذانا
صاغية وال وجوه لإلستجابة ،فحوصر أبو العباس الحفصي في قسنطينة حتى طلب هذا
األخير األمان مستسلما لسلطان بني مرين ،فمنح األمير الحفصي األمان فخرج من الحصار
ولكنه في نفس الوقت أرسله في األسطول إلى سبته وتم إعتقاله هناك .
وقد أحدث إستيالء أبي عنان على قسنطينة على هذا النحو ردود فعل عظيم حيث بادرة
األطراف في بعث البيعات من المناطق المختلفة ،إذ وصلته بيعات نفطة وتوزر وقابس
وغيرها بل ولم يقف األمير عند هذا الحد ،بل أسرعت مجموعات من القبائل الكبرى إلى
قسنطينة من أجل إعالن والئها ألبي عنان 2،أمثال :أوالد مهلهل أمراء بن كعب من سليم
وبني أبي الليل ،وأخذوا يحرضونه على إمتالك تونس وانتزاعها من بقية الحفصيين الممثلين
1
كريمة ماجدة :العالقات بين المغرب والسودان في العصر المريني ،رسالة لنيل علوم الدراسات العليا في التاريخ جامعة
محمد الخامس،الرباط ،)8611 /8612(،ص .826أنظر أيضا عبد الفتاح ملقد الغنيمي :المرجع السابق ،ج ،6ص.52
2
الزركشي:المصدر السابق،ص.66
40
مجريات الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين الفصل الثاني
في السلطان المستنصر وحاجبه إبن تافراجين وعادت من جديد صورة التخاذل التي ظهرت
1
سابقا في عهد أبي الحسن المريني .
واذا كانت نتائج تلك الصورة انتهت بهزيمة المرينيين و انسحابهم من إفريقية ،وأن قبائل
األعراب وأمراء لم يثبتوا على عهدهم ،فإن تلك النتائج لم تكفي ألخذ الموعظة والحذر ألبي
عنان ،بما حصل ألبيه سابقا فقد استجابة هو أيضا للنداءات والتحريضات الجديدة ،فتقبل
بيعة عمال أطراف وعزم على غزو تونس وجمع أقطار المغرب اإلسالمي تحت نفوذه ،كما
حاول أبوه من قبله .
وهكذا سقطت قسنطينة واستولى أبوعنان على كامل الحفصية الغربية وكان هذا اإلستيالء
نتيجة حتمية للخالفات واإلنقسامات والفتن بين أفراد األسرة الحفصية ،إذ بدل أن يتحدوا ضد
2
عدوهم المشترك كانوا يتقاتلون ويخون بعضهم بعضا.
44
الفصل الثالث
المبحث الول:أثر الصراع السياسي على القوتين
المتصارعتين
المبحث الثاني :أثر الصراع السياسي على الدولة الزيانية
المبحث الثالث:أثر الصراع السياسي على بني الحمر
بالندلس
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
الفصل الثالث :أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس
كانت فترة سيطرة بني مرين على مقاليد األمور في تونس لمدة عامين وستة أشهر
وخمسة عشرة يوما في عهد أبي الحسن ,و أشار إلى ذلك إبن أبي دينار وكان للثورة التي
قادتها القبائل العربية أثرها كبير في طرد بني مرين من البالد ,بعد أجمع أمراء األسرة
الحفصية على طردهم من البالد باعتبارهم غزاة وليس ساعين لوحدة المغرب.1
إبرهيم الهنتاتي
آلت أمور البالد إلى ابن العباس الفضل بن يحي أبي بكر بن أبي زكريا ا
وقد بويع باإلمارة سنة (750ه1350/م).ولما تولى الحكم لم يقم بأدنى مجهود عسكري
لتأمين حدود الدولة بل ركن للراحة ,و إشتغل باللهو واحتوت العرب على دولته ,وكان
حاجبه أبو العباس أحمد بن عتو المعروف بإبن عنهقة.وشاركته العرب في الديوان ,وجبايه
الماشية ,والطعام ,وزوج أخته إلبي الليل بن حمزه المعروف بقتيبة2,ومن المؤامرات التي
كانت في فترة حمكه مؤامرة شارك في تدبيرها أبو القاسم بن عتو ,الحاجب الجديد ووزيره
محمد بن الشواش التي ألقت بذور الشقاق بين الشيخ الكعوبي أبي الليل قتيبة وبين أخيه
خالد .وترتب على ذلك التهديد بحصول إضطربات دامية جديدة,ولم يتم تجنب ذلك الخطر
إال بحصول حادث مفاجئ ,تمثل في عودة إبن تافراجين من الحج إلى الساحة السياسية .3
رجع إبن تافراجين إلى إفريقية مصحوبا بالشيخ عمر بن حمزة شقيق إبن الليل وخالد,وقد
إلتقى به في مكة خالل موسم الحج( 057ه9431/م ) وربطته به عالقة مودة .
1
عبد الفتاح مقلد الغنيمي :موسوعة المغرب العربي,مج,4مكتبة مديولي ,القاهرة ,ص43
2
إبن الشماع :المصدر السابق,ص ص .979,977
3
روبار برنشفيك:المرجع السابق,ج,9ص .272انظر ايضا إبن القنفذ القسنطيني :المصدر السابق,ص .904
66
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
فصالح عمر بين أخويه وزحف ثالثتهم إلى تونس بجيوشهم .وتم خلع األمير أبي
العباس الفضل بن يحي الحفصي وكانوا قد بعثوا إليه فخرج مع جماعة له فقبضوا عليه
وعلى أصحابه وجردوهم من أسلحتهم ,ودخل إبن تافراجين وزعيم العرب وأوالد أبو الليل إلى
تونس ,وبايعوا أحد إخوة السلطان ,وهو أبو إسحاق إبراهيم البالغ من العمر ثالث عشرة سنة
وفي الحين أعدم الفضل وحاجبه إبن عتو .1وأقاموا األمير أبا إسحاق إبراهيم في الخالفة
وأوله منصب شكليا وأجلس بمجلس لخالفة لكن إبن تافراجين هو الذي أمسك في الواقع
بمقاليد الحكم بصفة حاجب حيث جعل كل البالد في يده بدال من العرب وانتبه بالشؤون
الداخلية وجعل القيروان وباجة وسوسة وقرطاجة تحت حكمه وفي معظم بقية القرن السابع
الهجري كانت الدولة الحفصية مقسمة إلى ثالثة أقسام تونس و بجاية و قسنطينة.2
ولقد كانت أقوى مناهضة على سلطة الحفصية ,نتيجة لما كان يحظى به إبن تافرجين
من نفوذ قوي في العداوة التي أبداها في وقت مبكر األخوان أبنا مكي ,صاحبا قابس
وجربة .إذ أنهما لم يكتفيا برفض الخضوع للسلطان الجديد ,بل إتحد مع القبائل المتمردة
ومع العدوين الغربيين ,أمير قسنطينة الحفصي والسلطان المريني ,وساعداهما على تنفيذ
مشاريعها ضد البالد التونسية .و افتك أحمد بن مكي صفاقس من الدولة الحفصية التي
كانت مشغولة أنذاك بالخطر المريني وأصبح بمساعدة أخيه عبد الملك ,على أرس دولة
3
ممتدة األطراف تضم المناطق الساحلية من صفاقس إلى مصراته ,بما في ذلك جزر جربة
كانت الدولة الحفصية تتمتع في الجريد وقفصة بنوع من الوصاية أكثر مما تتمتع
بالسلطة الحقيقية ,وفي أوئل محاولة أبي الحسن ذاتها ,ظهر الزعماء المحليون هناك من
جديد,وهم ال يخضعون إال للوالي المعين من قبل السلطان المريني و بعد إسترجاع الدولة
الحفصية لسلطتها ,عاد الزعماء المحليون إلى ممارسة الحكم بصورة مستقلة ,وهم ال
يعترفون بصالحيات السلطان الحفصي إال بصورة شكلية ,نخص بالذكر منهم يحي بن
محمد بن يملول في توزر وعلي بن مدافع وأبنائه الثالثة من بعده في نفطة ,وهم على
التوالي محمد وعبد اهلل والخلف ,وأحمد بن عمر بن العيد ثم إبنه محمد في قفصة.
أما منطقة القيروان بقيت وفيه للسلطة المركزية ولكن سكانها كانوا كاظيمين لغيظهم
تحت حكم قائد جائر قاسي ,وااله عليهم إبن تافراجين إلشباع غليله الشخصي ,إال أن أكبر
خطر سيأتي من الغرب من قسنطنية التي كانت تحت حكم الحفص أبي إسحاق ,حيث أنه
سنة( ,األولى متتالتين مرتين إفريقية زيد أبو إحتل الدواودة بمساعدة
752ه1351/م),والثانية في سنة 753ه1352/م وفي منطقة التل األعلى ,وبلغت
جيوشه في المرة األولى حتى بلدة أبة وحاصرت مدينة تونس في المرة الثانية ,ولكن اإلعالن
عن زحف السلطان المريني على الجزائر ,قد أجبره على الرجوع من حيث أتى ,تاركا في
إفريقية الشرقية لدى األعراب ,ونجد أن أخاه أبا العباس أحمد الذي حاول مرة أخرى وبدون
جدوى الهجوم على مدينة تونس سنة 754ه1353/م.1
وفي السنة الموالية حصل تغير في التحالفات بالنسبة إلى السياسة المتبعة من
الحفصيين مع األعراب ,فقد تخاصم زعيم أوالد أبي الليل خالد بن حمزه مع إبن تافراجين
وانضم إلى أمير قسنطينة ,وبمقتض القانون الطبيعي لإلنقالب ,تخلى أوالد مهلهل عن
األمير المذكور وأيدوا أبا إسحاق ,ولكن ذلك لم يخفف من الخطر الذي كان يهدد مدينة
تونس,فقد أعاد الكرة ضدها على التوالي أبو زيد ثم أخوه أبو العباس .وفي سنة(
1
روبار برتشفيك :المرجع السابق,ج,9ص .274
66
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
756ه1355/م),أزاج أبو العباس من قسنطية أبا زيد ,وسلم عنابة إلى أبي إسحاق والتجأ
عنده. 1
وبعد سيطرة على إفريقية للمرة ثانية من طرف أبي عنان وطردهم للمرة الثانية تولى
مقاليد الحكم في إفريقية أبو إسحاق إبرهيم لمدة وأعوام كامل دون أي منازعات داخل حدود
دولته وسيطرة العرب .وفي عام 760ه1359/م أخذت النصاري بالد الحمامات ونقلت
جميع ما فيها لبالدهم وأقاموا بها يومين ينقلون ثم إنصرافوا عنها .وفي سنة(
761ه1360/م) توجه المولى أبو إسحاق إلى بجاية فأخذها من بني مرين وأقام بها إلى
عام (765ه1364/م).وفي سنة (766ه1364/م) نزل بإبن تافراجين مانزل بالناس مرض
الطاعون وتوفي في ربيع األول .
وبعد وفاة ابن تافراجين إستولى المولى أبو إسحاق بأمور الحكم .و توفي أبو إسحاق
سنة (770ه1369/م) وتولى األمير أبو البقاء خالد الحكم ,وتولى الحجابه أحمد بن إبرهيم
المالقى ,فلم يترك لألمير شيئا فنهب األموال من الناس وأهان العلماء وقتل األفراد وكانت
أمورالبالد في يد زعيم عرب أبو الليل منصور بن حمزه. 2
وبعد ذلك تولي الحكم أبي العباس أحمد خليفة للبالد وبويع في تونس سنة 002ه الذي
يعتبر مجدد شباب الدولة الحفصية .ومرجع الوحدة واألمن والهدوء واألستقرار الداخلي للبالد
بصعوبة في أواخر حكمه.وأن يعيد إلى األذهان صورة أقرب ماتكون إلى حالة القوة التي
كانت عليها الدولة في عهد أبي زكريا يحي بن عبد الواحد بن يحي بن بكر بن أبي حفص.3
1
عبد الفتاح ملقد :المرجع السابق ,ص .44انظر أيضا محمد العروسي المطوي :المرجع السابق,ص ص .391 ,394
2
إبن الشماع :المصدر السابق,ص ص .974,975
3
إبن الشماع :المرجع نفسه,ص ص .997,971
66
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
وكان من بين ما قام به إسترجع اإلقطاعات التى منحها أسالفه للعرب وسحق ثوراتهم
وعمل على القضاء على نفوذهم ,وأقام عالقات طبية مع السلطان أبى سالم المريني ورفع
أنواع الفساد وكبح جماح العرب و إنتزع ما بايدهم من األمصار وسيطر أبو العباس على
كل بالد أفريقية ولم يترك قرية وال مدنية إال أخضعها لنفوذ الدولة الحفصية ,وقضى على
نفوذ العرب قضاءا نهائيا ,ولم يسمع صوت في البالد يعارض سياسته أويخرج على طاعته
أو يتحدى سلطته ,وفي الحقيقة أقامة دولة قوية طول فترة حكمه ,وبعده خلفه إبنه ابو فارس
عبد العزيز حيث إتبع سياسة والده في إدارة أمور الحكم ,لكن بعد وافاته عادت إلى اإلنقسام
بعد ذلك واتسع نفوذ األوربيين من خالل المنافسين الذين إستعانو بيهم على العرش ,واسترد
العرب سيادتهم وأصبحت وحدة الدولة الحفصية مجرد سرابا ,وتفككت الدولة وظهر التنافس
بين أبناء األسرة على الحكم ,وتدخل األوربيون في هذا الصراع وانقسامة الدولة الحفصية
إلى قسمين وسقطت بعض أجزاء الدولة في أيدي األوربيين وسقطت نهائيا في عام
149ه9554/م.1
أما الجانب الثقافي لم يتأثر كثي ار باألوضاع السياسية التي كانت قائمة بين بني حفص
وبني مرين حيث كان جو العلم والتعاون بين تلمسان وفاس والمدارس التي أنشاها سالطين
بني مرين في المغرب األوسط ومدن المختلفة ,وحركة تنقل في المخطوطات بين البلدين
ومدارس الزيتونة والقروين وتعاون تونس وفاس ,واستقبال الطالب للدراسة والعلماء للتدريس
كل هذا كان يجري على قدم وساق في أقصى الظروف ,فنجد أن أبا الحسن المريني عندما
أبحر من تونس عائدا إلى بالده إثر فشله في البقاء في إفريقية إصطحب معه نحو أربعمائة
عالم. 2
1
عبد الرحمن حسين العزاوي :المغرب العربي في العصر اإلسالمي,ط ,9دار الخليج,عمان,2797,ص ص
.950,955
2
عيسئ الحريري :المرجع السابق,ص .294
67
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
وكان العلماء يتنقلون من إفريقية إلى المغرب األقصى في يسر وسهولة دون أدنى
إعتراض وواصل بعض طالب بني مرين الدراسة في تونس وكذلك وصل بعض من علماء
بني مرين للتدريس في هذه المدرسة. 1
أما الجانب اإلقتصادي نجد أنه يتأثر بجو اإلضطربات السياسية حيث كانت العالقات
اإلقتصادية تنشط عند السلم والود حين يصبح الطريق أمنا أمام حركة القوافل التجارية
,وكانت قوافل الحج المتجهة إلى مصر والمشرق العربي بدور رئيسي في هذا النشاط
االقتصادي .2
بسبب الصراع القائم بين الدولتين الحفصية والمرينية لبسط نفوذ والسيطرة على بالد
إضطربات ,خاصة في عهد أبي الحسن
ا المغرب اإلسالمي ,جعل من الدولة المرينية تعيش
عند إستيالء على تونس ,حيث عهد األمير أبو عنان إلى إصدار وثيقة تشهد بوفاة أبي
الحسن بعد إنهزامه في موقعه القيروان ,وشاع خبر وفاة السلطان أبي الحسن ,وبمقتض هذه
الوثيقة أصبح ألبي عنان الحق في إعتالء العرش المريني ,وبويع سلطان علي بني مرين
سنة (749ه1348/م).3
وعندما علم أبو عنان أن والده علي قيد الحياة ,بعث لجميع عماله أن يصدوا أباه عندما
توجه إليهم وبادر إلى إرسال األمراء الحفصيين العاملين في المغرب األوسط إلى والياتهم
بإفريقية ليخوضوا الحرب ضد أبي الحسن إلسترجاع ملك أبائهم في إفريقية .واستغلت القبائل
1
المقرئ:المصدر السابق,ج,4ص.374
2
الزركشي:المصدر السابق ,ص .41
3
الزركشي :المصدر نفسه ,ص .45
67
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
العربية هذا الجو المالئم ,فإنضمت إلى األمير أبي العباس الفضل الحفصي تعاونه على
1
إسترجاع ملك أبائه.
وبسبب هذه اإلضطرابات شعر أبو الحسن بضرورة العودة إلى المغرب ,وأن ال فائدة
من بقائه في إفريقيه ,حيث أصبح الخطر يحدق به من جميع الجهات ,وأصبح يرى ضياع
اإلنتصارات التي أحرزها بعد جهود كبيرة .فتمكن عثمان بن عبد الرحمان بن يحي بن
يغمراسن بن زيان من اإلستيالء على تلمسان سنة (031ه9434/م) .وكانت المعركة
تحتدم في المغرب األقصى بين ولده أبي عنان وحفيده منصور بن أبي مالك ,واستعانة أبو
عنان على منصور بن أبي مالك ,بإدريس بن عثمان إبن أبي العالء.
رأى أبو الحسن في ذلك إحياء ألطماع بني أبي العالء في تولي الحكم .و أمام كل
مؤشرات الخطر هذه التي كانت تنذر بضياع الدولة المرينية ,قرر أبو الحسن الرحيل إلى
المغرب األقصى لمواجهة كل هذه األطماع .2
عقد أبو الحسن إلبنه أبي الفضل على تونس .وركب أساطيله في البحر ,والتي تقدر
من ستمائة سفينة .وقد هاج البحر بهذه السفن ,وفارق من كان مع السلطان من الفقهاء
والعلماء والكتاب واألشراف ,وقذفت األمواج بأبي الحسن إلى شاطئ الجزائر وكان أهلها
مازالوا على طاعته .3
تمكن أبو الحسن من إستجماع بعض قوته وأنصاره من عرب سويد في الجزائر ,واتجه
نحو تلمسان بهدف الحصول على أي إنتصار يدعم موقفه في المغرب األوسط ,ولكنه منى
بهزيمة فادحة ألحقها به أبو ثابت أخو عثمان سلطان بني عبد الواد الجديد .وأفلت
1
إبن القنفذ القسنطيني :المصدر السابق,ص ص.904,902
2
عبد الرحمان إبن خلدون :المصدر السابق,ج,0ص.201
3الزركشي :المصدر السابق,ص.17
67
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
أبوالحسن من معركة إلى الصحراء .متجها نحو سلجماسة ,ولكنه لم يستقر بها إلن ولده
أبا عنان تقدم بجيوشه نحو سلجماسة ,وتوجه أبو الحسن إلى مراكش. 1
كان أبو عنان قد عاد من سلجماسة إلى فاس لتجهيز جيوشه لجولة جديدة مع والده أبو
الحسن ,الذي كان يستعد هو األخر للقاء أبا عنان ,والتقى الجمعان بتامرغوست في صفر
سنة (059ه 9457/م) وانتهت بهزيمة أبي الحسن ,2ولوالء فرسان بني مرين ودفاع أمير
الزواودة أبو دينار عنه لقتل في هذه المعركة ,وفر أبو الحسن إلى جبل هنتاته حيث نزل في
حماية عبد العزيز بن علي الهنتاتي ,وبقي أبا عنان يلحق أبوه وحاصره بجبل هنتاته ,و
طالت مدة الحصار فلم يتحمل أبو الحسن ذلك وأرسل إلى ولده أبو عنان أن يكف عن
3
الحصار وكتب له بالبيعة وتوفي أبو الحسن سنة (052ه9459/م).
وبعد هذه األحداث التي جرت في عهد أبي الحسن وما نتج عنها تولى إبنه أبي عنان
الحكم و إستكمل مكان يفعله أبيه أبو الحسن في اإلستيالء على المغرب األدنى ,وبالفعل
هاجمها وسيطر عليها مما نتج عن هذا الصراع السياسي ,إنشقاق في الجيش المريني عند
مطاردته لزعيم العرب وانصرف كثير منهم إلى المغرب وخشيت القبائل المرينية أن يكون
مصيرها مصير قوات أبا الحسن من الهزيمة المخجلة فتسللوا من جيش السلطان ,فإنسحب
أبو عنان إلى المغرب ,بعد أن لجأت قوات األسطول المريني إلى سفنها ,وتركوا ما كان
معهم من العدة والعتاد وأبحروا من تونس.4
ولم يمضي كثي ار على عودة أبي عنان حتى مرض ولزم فراشه ,ومضت األحداث تتابع
في شكل مريب في القصر السلطان ,وأصبح السلطان في غيبوبة تامة وال يدري ما يجري
1
الزركشي :المصدر السابق,ص .17
2
لخضر عبدلي :المرجع السابق,ص.14
3
إبن األحمر :المصدر السابق,ص.25
4
عبد الفتاح مقلد الغنيمي :المرجع السابق,ج,5ص.41
67
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
حوله حيث انقلب وزيره الحسن بن عمر الفودودي على إبنه ولي العهد األمير أبي زيان
حيث تم قتله وقتل وزيره موسى بن عيسى وعمر بن ميمون وتمت بيعة السلطان الصغير
السعيد بن ابي عنان واستقل الحسن بن عمر باالمر سنة( 051ه 9454 /م) ,1وتوفي أبو
عنان مقتول حيث تم خنقه بكتم أنفاسه من طرف وزيره الحسن بن عمر وكان ألنباء وفاته
أثر بالغ في سائر أنحاء المغرب وخاصة بني عبد الواد وبني حفص تلقوا هذا الخبر بإرتياح
كبير ,وكلهم أمال في تحقيق مطامعهم.2
وبعد مقتل أبرز السالطين بني مرين أبا عنان الذي نجح لفترة قصيرة في إحياء
إمبراطورية الموحدين بدأ المغرب األقصى في مرحلة جديدة في نظامها السياسي ,وكان أهم
عناصر هذا التحول ,هي إنتقال السلطة المركزية من يد السالطين إلى الوزراء ,حيث
كانت مقاليد السلطة كلها قبل ذلك في قبضة السلطان المريني وحده .وكان الوزراء مجرد
أدوات لتنفيذ أوامره ,وأصبح هذا التحول داللة قوية واضحة على إنتهاء عصر القوة في
الدولة المرينية.3
وصاحب هذه التطورات الخطيرة في جهاز الحكم في الدولة المرينية ,عودة الدولة
وتقلصها داخل حدودها السابقة في المغرب ,حيث حاصر الحفصيون قسنطينة واستردوا
بجاية,وتمكن أبو حمو موسى الزياني في ربيع األول سنة ( 047ه9451/م) ,من إستعادة
تلمسان بمعاونه بني عامر بن زغبة ,وهم من العرب بني هالل. 4
وبطبيعة الحال كانت هذه األحداث نهاية لسياسة المرينيين التوسعية ,وضياع كثير من
التضحيات المادية والعسكرية التي بذلها المرينيون في بالد المغرب األدنى والمغرب األوسط
1
إبن الخطيب :اللمحة البدرية ,المصدر السابق,ص.975,973
2
عبد الحميد حاجيات:ابو حمو موسئ الزياني ,المرجع السابق,ص.43
3
عيسى الحريري:المرجع السابق,ص.950
4
يحي إبن خلدون:المصدر السابق,ج ,2ص ص.21,20
67
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
وكانت هذه الخسائر المادية الفادحة التي خسرها المرينيون طيلة السنوات تنفيذهم لهذه
السياسة من أهم األسباب ضعف دولتهم واندفاعها نحو اإلنحالل والتفكك .حتى أصبحت
الفترة األخيرة من حياة الدولة المرينية تقترن سياسيا بهؤالء الوزراء المستبدين بها أكثر من
إقترانها بسالطين الدولة الذين كانوا أما صغا ار محجوبين بهؤالء الوزراء ,أو كبا ار ولكنهم في
أغلب األحيان ضعاف مجردون من السلطة والنفوذ.1
وانعكس إضطراب أوضاع السلطة المركزية وضعفها بتقلص رقعة بالد المخزن ( بالد
الخاضعة للحكومة ) واتساع رقعة بالد الخارجية عن الحكومة وذلك لحساب قوى اإلقتصادية
أو دينية او قبلية .مما ساعدة على ضعف السلطة ألن بني مرين كانوا يعتمدون على سند
قبلي ( بني مرين ) في حين كان أسالفهم المرابطون والموحدين يعتمدون على سند قبلي
وسند ديني ,مماإضطر المرينيين على اإلعتماد على بعض القبائل البدوية مقابل منحها
إقطاعات أرضية واعفاءات ضريبية .
ورافق األزمة السياسية واإلجتماعية أزمة إقتصادية حادة فقد ,تقلصت مساحة األراضي
المزروعة وتعطلت إلى حد بعيد التجارة الداخلية وتحولت التجارة اإلفريقية نحو تلمسان ونحو
ممتلكات الحفصيين في الشمال الشرقي .واستعادة تلمسان الزيانية قوتها وصراعاتها مع
عرب معقل أ سياد تافللت الواحة الهامة التي كانت تهيمن على التجارة االفريقية عبر
الصحراء .
وكانت الدولة المرينية في المغرب في أواخر القرن الرابع عشر ميالدي تعاني إقتصاديا
مما تعاني منه سائر البالد المغرب .فقد شهدت هذه البالد عددا من الكوارث واألوبئة التي
أطاحت بكثير من عناصر قوتها اإلقتصادية ,وأدت إلى ضعف عام شمل دول بالد
1
عيسى الحريري :المرجع السابق,ص.950
67
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
المغرب ومن بينها الدولة المرينية ,وكانت أخطر هذه الكوارث ,وباء الطاعون الذي إنتشر
في الشرق والغرب في منتصف القرن الثامن الهجري ,وشمل بالد المغرب بكاملها. 1
حيث قال إبن خلدون >> :نزل بالعمران شرقا وغربا في منتصف هذه المائة الثامنة
من الطاعون الجارف الذي تحيف األمم وذهب باهل الجيل وطوى كثي ار من محاسن
العمران ومحاها وحاء للدول على حين هرمها ،وبلوغ الغابة من مداها فقلص من ظاللها
وفل من حدها واوهن من سلطانها وتداعت الى تالشي واالضمحالل احوالها وانتقص
عمران االرض بانتقاص البشر فخربت االمصار والمصانع ودرست السبل والمعالم وخلت
2
الديار والمنازل وضعفت الدول والقبائل <<.
ولم تكن األوبئة هي كل ماأثر على الحياة اإلقتصادية في بالد المغرب األقصى فهناك
المجاعات ,التي يسببها النقص الشديد في المواد الغذائية ,نتيجة لفقر مصادرها ,وخاصة
مانعتمد عليه من مصادر الطبيعية كنقص في مياه األمطار ,ومن هذه المجاعات الشديدة
التي أضعفت الدولة المرينية وشمل أثرها سائر دول المغرب األخرى المجاعات العظيمة
التي حدثت في الربع األخير من القرن الثامن الهجري وبالتحديد في سنة (004ه/
9403م).3
وفي الخير نقول أن الدولة المرينية لبسط نفوذها والسيطرة وارجاع اإلمبراطورية أدت بها
إلى الضعف واإلنهيار في النهاية مما إستغل البرتغاليون فإستولوا على سبتة سنة (494ه/
9395م) .ولقد أدت الى عجز المرينيون عن صدهم إلى قيام ثورة قضت على األسرة
المرينية .
1محمد خير فارس :تاريخ المغرب العربي الحديث ( المغرب االقصئ لبيا),منشورات جامعة دمشق ,2777,ص.95
2عبد الرحمان ابن خلدون :المصدر السابق,ج,9ص.54,52
3
محمد خير فارس :المرجع نفسه,ص.27
66
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
المبحث الثاني :أثر الصراع السياسي على الدولة الزيانية (بني عبد الواد)
لقد كانت الدولة الزيانية معجزة تاريخية ببقائها نظ ار لما واجهته من أخطار وعواقب على
عدة مستويات ,حيث كان موقعها الجغرافي والسياسي حساسا ,بوقوعها بين دولتين تتنافسان
على الزعامة وعلى بسط نفودها في المنطقة ,وكانت كل تدعي لنفسها أن لها شرعية وأحقية
لخالفة الدولة الموحدية .ولقد كان هناك أثر واضح لهذا الصراع القائم على دولة بني عبد
الواد والذي تمثل في :
حيث قرر السلطان يعقوب المريني السيطرة على تلمسان بسبب إفريقية النها ليست
وضع باآلمن من خطر بني زيان فبعث في شهر صفر سنة (407ه9209/م) ولده االمير
عبد الواحد إلى مراكش لحشد الجيوش من القبائل العربية من مرين وغمارة
وصنهاجه,....لكن نجد أن السلطان المريني إضطر إلى طلب الصلح من يغمراسن بن زيان
التلمساني للتفرغ لمواجهة الخطر النصراني في األندلس,لكن السلطان تلمساني رفضت ذلك
بشدة مما مهد الطريق نحو المواجهة فإلتقى الجيشان في وادي إيلسى على مقربة من وجدة
وهزم الجيش الزياني ولم يكتفي المرينيون بهذا اإلنتصار بل قاموا بحصار تلمسان .1
أحاط الجيش المرينين بتلمسان وضرب حولها سياجاً من األسوار وبني مدينة سماها
المنصورة وهي مدينة حربية مجاورة لتلمسان لزيادة الحصار قوة وشدة حيث شيد بها قصره
وبنى بجواره مسجد ومنارة على رأسها تفاحات من ذهب وبنى الناس حول قصره المنازل
1
عامر أحمد عبد اهلل حسن :دولة بني مرين (تاريخها وسياستها تجاه مملكة غرناطة األندلسية والمماليك النصرانية في
إسبانيا (444ه ـ ـ 441ه),مذكرة ماجستير في التاريخ ,بكلية الدراسات العليا,جامعة النجاح ,فلسطين ,2774,ص
ص.994,990
66
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
سور لكن عندما عادة لبني عبد الواد نجد أنهم هدموها
والقصور وأداروا على المدينة أ ًا
1
وخربوها وطمسوا معالمها.
وتوفي عثمان بن يغمراسن سنة (703ه9474/م )وبويع بعده أبو زيان محمد حيث
تولى الحكم في أحرج الظروف وأعسر األوقات فعاصمتهم مهددة بالسقوط ودولتهم منهارة
وحياتهم في إظمحالل وذلك كما نزل بهم من الحصار ,واستمر الحصار إلى ما بعد ثالث
سنوات أخرى وثالثة أشهر .لكن بعد قتل السلطان يوسف بن يعقوب إنتهى الحصار بعد أن
أياما(414ه706( )9214/ه1306/م).2بعد أن عان بنو
دام ثمان سنين وثالثة أشهر و ً
عبد الواد الجهد والجوع مالم تنله أمه من األمم ,حيث أشرفت حامية الجند وقبيلهم على
الهالك ,ومات فيها من رجالهم ونسائهم زهاء مائه وعشرين ألف نسمة ونالهم من الجهد
3
وغالء األسعارها ال نظير له في التاريخ.
أما في عهد أبي الحسن بن أبي سعيد المريني نجد أنه عندما تربع على العرش إتبع
وفدا
سياسة والده مع بني حفص ,وبني زيان ,إذ إستكمل مساعي والده ,حيث نجد أنه أرسل ً
دبلوماسيا إلى تلمسان ,في محاولة منه إلقناع العاهل الزياني على االقالع عن مهاجمة
أراضي الحفصية خاصة مدينة بجاية ,لكن أبا تاشفين رأى في هذه المطالب تدخال في
وتهديدا لسيادته واستقالله .4
ً شؤونه
يحي إبن خلدون :المصدر السابق,ج,9ص.297أنظر أيضا عبد الرحمان ابن خلدون:المصدر السابق,ص 1
ص250,254
2عبد الرحمان حسين العزاوي :المرجع السابق,ص909
3لخضر عبدلي :المرجع السابق ,ص40
4
يحي إبن خلدون:المصدر نفسه,ج,9ص.294
66
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
فنهض إليه أبو الحسن في جيش كبير سنة 732ه1332/م.واتجه نحو تاسالة ,وضرب
حصار وأطال المقام بها ,ولقد إستطاعت الجيوش المرينية الحفصية المشتركة ,أن
ًا عليها
تضرب الحامية الزيانية في الحصن الشرقي سنة 733ه1333/م حيث تمكنت من تقليص
نفوذ بني زيان في المنطقة الشرقية لكنها عجزت عن القضاء عليهم .1
ولما تغلب السلطان أبو الحسن المريني على أخيه الثاني وقتله سنة( 734ه1334/م
),وأعاد اإلستقرار لبالده ,قرر العودة مرة ثانيه لتلمسان سنة 735ه فحاصر وجدة واستولى
على ندرومة 2وهنين 3ونزالة وتاسالة ,وبايعته توجين ومغراوة وانبثت سراياه في الجهات
فأخضعت له سنة 736ه9444/م تنس ,ومليانة ,وسائر أنحاء المغرب األوسط,فولى بها
العمال وتوجه لحصار تلمسان فخندق أبو الحسن بمعسكره وقام ببناء المنصورة بعد أن
مقر له ولحاشيه ,ودام الحصار
هدمها التلمسانيون عندما إنتهى الحصار الطويل ليصبح ًا
أكثر من ثالثين شهر قاوم بني زيان أثناءها مقاومة شديد أمام الحصار وأالت الضخمة.4
ودخل أبا الحسن المدينة بعد أن تفطن لمصدر المياه التي كانت تزود المدينة فقطعه عنها
وسقطت الدولة الزيانية سنة( 737ه1337/م ) ,فإنحاز أبو تاشفين وثالثة من أبنائه ووزيره
موسئ بن علي الكردي إلى باب القصر وبقوا يقاتلون دون توقف إلى أن إستشهدوا جميعا
ماعدا سعيد بن موسئ الذي هرب مجراح مذبوحا من القفا ,وقد وصل عدد القتلى على ما
يروى 47ألفا 5واستولى السلطان أبو الحسن على تلك المملكة المؤثلة بما إستملت عليه من
1
عبد الرحمان إبن خلدون:المصدر السابق,ج,0ص.224
2
ندرومة:مدينة تقع شمال غرب تلمسان وهي قريبة من ميناء هنين.انظر حسن الوزان ,المصدر السابق,ج,2ص.94
3هنين :مدينة صغير بتلمسان ,لها ميناء صغير محروس ببرجين ,وتحيط بها أسوار علية ال سيما من جهة البحر .انظر
.94 حسن الوزان :المصدر نفسه,ج,2ص
4
عبد العزيز فياللي :المرجع السابق,ص ص.30,34
5
يحي بن خلدون :المصدر السابق,ج,9ص ص.291,294
66
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
نفيس الحلى وثمين الذخيرة وفاخر المتاع ,وبديع اآلنية وصامت المال وضروب الرقيق.1
واختفت رسومها وزال نفودها .وحل محلهم بنو مرين في المغرب األوسط لمدة زمنية زادت
عن إثني عشر سنه ,وهو االختفاء األطوال في تاريخ بني زيان .
ج/حصار السلطان المريني أبي عنان( 773هـ 777/ه) (8373م 8377/م) تلمسان.
في عهد أبي عنان بدأت اإلستعدادات العسكرية تجري في فاس الجديد على قدم وساق
,ولم تكن هذه اإلستعدادات التي تجري في فاس بخافية عن أبي سعيد عثمان بن عبد
الرحمن الزياني وأخيه أبي ثابت اللذين أخذا في اإلستعداد لمالقاة أبي عنان ,و إلتقى
الجمعان في أخر ربيع الثاني (054ه9452/م) فإنهزم بنو عبد الواد بعد خديعه بني عامر
لهم.فكبا بالسلطان أبي سعيد فرسه فأسر وجئ به إلى أبي عنان فأمر بقتله وفي نفس الشهر
دخل أبو عنان تلمسان وسط مظاهر القوة والغلبة .2
أما أبو ثابت ,فقد تابعته حملة مرينيه بقيادة الوزير فارس بن ميمون ,وألحقت هذه
الحملة بأبي ثابت ومن معه من زناته هزيمة فادحة بناحية شلف ,وفر أبو ثابت على أثرها
إلى شرق المغرب األوسط ,ولسوء حظه واعترضته قبائل زواوة ,وألقت القبض عليه وعلى
أبي زيان إبن أخيه سعيد ووزيرهم يحي بن داود وقام أبي عبد اهلل محمد بن أبي زكريا
الحفصي أمير بجاية ,بتسليمهم إلى السلطان أبي عنان .فأصدر أوامر بقتل أبي ثابت ووزيره
يحي بن داود بينما سجن أبا زيان بن أبي سعيد .3
1
ابن الخطيب:رقم الحلل في نظم الدول,المصدر السابق,ص ص.03,04
2
عيسئ الحريري :المرجع السابق,ص .942
3
يحي بن خلدون :المصدر السابق,ج,9ص .234انظر أيضا التنسي :المصدر السابق,ص ص .955,953
67
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
وبذلك إستقرت األوضاع للمرينين في المغرب األوسط ثانية ,وبقيت تلمسان وبالد
المغرب األوسط تابعة لسلطة بني مرين لمدة سبع سنوات أخرى إلى أن كانت الكرة الثالثة
1
.على يد أبي حمو موسى بن يوسف إبن عبد الرحمن الذي تمكن من إنتزاعها منهم.
أما على الجانب االقتصادي لدولة الزيانية نجد أنه مرة بمختلف مراحل وذلك بتأثير
العوامل السياسية واإلجتماعية التي شهدتها تلمسان وخاصة خالل حصارها من قبل المرينين
لكنا نستطيع القول حين ننظر إلى الحياة االقتصادية نظرة عامة ,نرى أنها كانت في رقي
إقتصادي حيث إنتقل الناس به من البداوة إلى الحضارة ,وتعتبر الدولة الزيانية من أعظم
2
الدولة التي أكتسبت المغرب األوسط حضارة مادية نادرة .
1
لخضر عبدلي :المرجع السابق ,ص ص .979,977
2
لخضر عبدلي :المرجع نفسه,ص .944
67
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
المبحث الثالث :أثر الصراع السياسي بين الحفصيين والمرينيين على األندلس :
شهد النصف الثاني من القرن التاسع الهجري الخامس عشر للميالدي أحداثا كبيرة
وأخطار جسيمة ساهم كل منها بطريقة أو بأخر في سقوط دولة بني أحمر ,وقد وقعت هذه
األحداث في شمال إفريقية وباألخص الصراع السياسي الذي حدث بين الدولة الحفصية
والدولة المرينية بسبب سياسة النفوذ التوسعية لبسط النفوذ والسيطرة واعادة المجد
اإلمبراطورية الموحدية .ولقد أضعف هذا الصراع بني مرين سياسيا واقتصاديا وعسكريا
وكذلك بني حفص مما أدى إلى ظهور فتن وثورات وتمردات التي أدت إلى ضعف ميزانية
الدولة وضعف أسطولها البحري.1
وكان جل إعتماد بني األحمر في سياسته على تحالفه مع بني مرين ملوك المغرب
األقصى ,وبفضل هذا التحالف إستطاع بنو األحمر رد هجمات ملك قشتالة عام (447ه
9249/م) وفي عهد أبو عبد اهلل محمد الثالث وكان حاكما قدي ار نجد أن أخاه نصر إنقلب
عليه واغتصب منه العرش فإنتهز القشتاليون الفرصة وجددوا هجومهم على غرناطة .2
وساعدهم ملك أرغون ,واضطر نصر إلى دفع الجزية فإستاء الشعب والفقهاء بغرناطة
وخلعوه سنة( 494ه9493/م) ,وبعد تنازله نفى الملك أبو الجيوش إلى وادي اش ,وظل
فيها حتى وفاته المنيه في سنة (022ه 9444/م )3.وكان عهد أبو الحجاج يوسف مزدهر
ونعم الناس بالعيش الرغيد حيث إستمر حكمه 49سنة .
1
أحمد توفيق محمد محاسنة :الحياة السياسية في دولة بني األحمر من 421ه9242/م الى 410ه9312/م ,رسالة
ماجستر في التاريخ ,كلية الدراسات العليا الجامعة األردنية ,سنة 9110م ,ص .944
2
حسين خليفة :تاريخ العرب في إفريقيه واألندلس ,دار العلوم العليا ,ط9144 ,9م,ص.249
3
إبن الحطيب :األحاطة أخبار غرناطة ,ج ,4تح :محمد عبد اهلل عنان دار المعارف ,مصر ,ج.433
67
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
وبعده خلفه إبنه محمد الغني باهلل وكان أخر ملوك تاريخ غرناطة وفي عهد جمع ملك
قشتالة قوات ضخمة من القشتاليون ,وانضمت إليهم قوات أخرى من األرغونين والبرتغاليون
وسار الجميع ووجهتهم مدينة طريف لإلستيالء عليه بصورة نهائية لقطع الطريق بين
األندلس والمغرب ,وبالفعل إلتقى المسلمون والنصارى وانهزم المسلمون في هذا اللقاء
ودارت عليهم هزيمة حاسمة في تاريخ األندلس ,هي هزيمة طريف سنة 039ه9437/م
وعقب تلك الهزيمة سقطت طريف وتمهد الطريق لسقوط جبل طارق والفصل النهائي بين
1
األندلس والمغرب .وكانت هذه المعركة نهاية للمعاونة المرينية باألندلس.
إذ هاجم المسيحيون على غرناطة ومع أنهم هزموا شر هزيمة عند قدومهم إال أنهم
خربوا ماحول غرناطة ,وعاد داء الفتن واإلنقسام يدب دبيبه في جسم الدولة الباقية للمسلمين
في اإلندلس ومرت خمسة سنوات كانت كلها في تطاحن داخلي زاد المسلمين وهنا على وهن
ومما زاد األمر سوءا إجتياح الطاعون غرناطة سنة 433ه 9339 /م ,فهرب الكثيرون من
أهلها إلى مالقة .ثم أغار القشتاليون على غرناطة واستمرت الحرب طويال ,فخربت كل
عامر في أرجاء االمارة من قصور وحصون وأصبحت ترابا .وأحدقوا بغرناطة ,فاضطر
أ ميرها ابن اسماعيل ان يعترف بالخضوع لهنري الرابع ويحكم البالد بإسمه ويدفع له الجزية
سنوية مقدارها 92ألف دينار واستمر هذا العهد قائما حتى وفاته سنة 407ه9344/م .2
1
حسين مؤنس :معالم تاريخ المغرب واألندلس ,مكتبة األسرة .352 ,2773 ,
2
حسين مؤنس :المرجع السابق ,ص244
67
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
خلفه إبن إسماعيل اكبر أوالده أبو الحسن علي حيث كان له زوجتان أحدهما إبنه عمه
مسلمه عائشة والثانية مسيحية إسمها إيزبيال وهي المعروفة بالزهرة ,حيث كانت موضع حبه
وذات الحظ هي وأوالدها .مما أحقد عليه زوجته عائشة وابنه وأدت ثورة اإلبن ضد أبيه
إلى ضياع ما تبقى من ملك اإلسالم األندلس .1
وكان هناك زواج يعقد في الدولة اإلسبانية المسيحية يبشر المسيحيين بالنصر ,وهو
زواج فردنايد أمير قشتالة من إيزابيال ملكة أرغونه عام 403ه 9341/م مما ترتب عليه
إتحاد ملكيهما وانضم إليهم ليون بعد ذلك وكان كل من الزوجين متعصبا يكره المسلمين
2
فصمما على طردهم من غرناطة وانتظر الفرصة لذلك .
بعد أن إستقرت األمور ألبي الحسن لمحاربة النصارة فهاجم أراضيهم وافتتح عدة
أماكن ,وذلك في أواخر عهد ملك قشتالة هنري الرابع .وبعد وفاته هاجم أبو الحسن على
النصارى ,فطلب النصارى أن تعقد هدنة بين الطرفين ,وعندئذ أرسل أبو الحسن موافقته ,
ولكن فرناند وايزابيال إشترطا أن تعترف مملكة بني األحمر بطاعتها لهم ,وأن تؤدي الجزية
لهما ,فرفض أبو الحسن مما جر على نفسه كل من التعصب والبغضاء المسحية ,
وأصبحت أيام بني األحمر محدود ة ,ورد المسحيون سريعا بعد مهاجمة أبو الحسن الزهراء
واحتللها وقتلو حاشيتها من النصرانية .3
المقرى :نفح الطيب من غصن االندلس الرطيب ,جزء , 5تح ,احسان عباس ,دار صادر ,بيروت 9144 ,م, 1
ص 592
2
محمد عبد اهلل عنان :نهاية االندلس وتاريخ العرب المنتصرين ( وهو العصر الرابع من كتاب دولة االسالم في االندلس)
,ط ,2القاهرة 9154 ,م ,ص .997
ارسالن شكيب :خالصة تاريخ االندلس ,دار مكتبة الحياة بيروت 9144 ,م,ص.942 3
67
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
واستولى المسحيون على الحمة 1وهي مدينة حصينة على بعد 57ميال من غرناطة
وهي مفتاح الطريق إليها .ولما سقطت في أيديهم أحرقوها بعد أن نهبوا مافيها وقتلوا جميع
من بها من الرجال والنساء واألطفال ,فوقع الرعب والفزع في أهل غرناطة .وتم أيضا
تدمير إمارة مالقة .لكن الزغل إستطاع أن يهزم المسحيين وأصبح على كل لسان في
غرناطة ,فأراد أبو عبد اهلل أن ينافسه ويقلده في مواجهة المسحيين لكن هزم وأسروه ,ومن
ثم أطالق سراحه من طرف فرديناند وايزابيال لتحقيق ماكان يسعيان إليه من نشر التفرق
واإلنقسام حيث أطلق صراحه ومده بالمال والرجال ليحارب عمه الزغل ,واستطاع بفعل أن
يستولي على أحدى ضواحي غرناطة ,وتحالف فرديناند مع أبي عبد اهلل على إعطائه البالد
التي يقوم بفتحها م ن إمارة الزغل ,وكان المغرب اإلسالمي في ذلك الوقت عندما إستغاث
بهم المسلمون باألندلس كانوا منشغلين بجروبهم وصراعاتهم الداخلية مما إضطر الزغل
2
الخروج إلى إفريقية.
وبدأ فرديناند حصاره لغرناطة سنة 414ه9319/م وأنشا لعساكره مدينة سماها شنتقي
3
أي (اإليمان المقدس) على مقربة من غرناطة ,حتى تكون ملجا لهم خالل فصل الشتاء
مما أدى إلى إنقطاع الجالبة ونقص في الطعام واشتد الغالء وعظم البالء ومنع المسلمين
4
من الحرب .
الحمة او الحامة :مدينة تقع في قلب دولة بني االحمر الى الجنوب الغربي من غرناطة .وقد وصفها ابن الخطيب انها 1
تشتهر بزراعة الجنوب ,وخاصة القمح ,وتعتمد فرالزراعة على مياه االمطار .انظر ابن الخطيب :معيار االختيار في
ذكر المعاهد والديار ,تح :محمد كمال شبانه ,مكتبة الثقافة الدينية 2772 ,م ,ص.923
2حسين خليفة :المرجع السابق ,ص245
3عبد الحكيم ذنون :افاق غرناطة ,ط , 9دار المعرفة ,دمشق 9144 ,ص .57
4محمود السيد :تاريخ العرب في بالد االندلس ,مؤسسة شباب الجامعة ,االسكندرية 2777م ,ص .997_970
67
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
وخالل فترة الحصار الطويلة كانت تحدث بين الفينة واالخرى مناوشات ومعارك جانبية
بين الطرفين ,ولكنها لم تكن حاسمة رغم سقوط الكثير من القتلى والجرحى بين صفوف
الطرفين ,وأمام قوة العدو وكثرة عدده كان لزاما على األندلسيين تجنب المواجهات المباشرة
في ساحات القتال المكشوفة ,إذ كانوا في أغلب األحيان يبادرون بالهجوم على معسكر
العدو تحت جنح الليل ,ويتعرضون لقوات العدو في الطرقات بنصب الكمائن ,وبفضل هذه
اإلستراتيجية إستطاع المسلمون أن يشتتوا قوات العدو في الكثير من مرات ,وأن يغتنموا
الكثير من الغنائم من خيل وبعال وغنم وبقر وغير ذلك ,مما ساهم بشكل كبير في التقليل
من تبعيات الحصار خالل تزويد السكان بالمؤن .1
وقد أبلى المسلمون بالء حسنا في الدفاع عن مدينتهم وقراهم ,إلى أن طال عليهم
األمد وأصبحت األوضاع كارثية داخل المدينة ,لعدم وصول أي إمدادات من خارجها ,إذ
شدد األ سبان عليها الخناق ,وكان يصادرون أي سلعة مهما كان نوعها في طريقها إلى
المدينة فتفشت األمراض وانتشرت المجاعة ,وزاد األمر سوء بدخول فصل الشتاء وهطول
كميات كبيرة من الثلوج على المدينة .2
وأمام هذه األوضاع الكارثية وجد أبو عبد اهلل الصغير نفسه أمام خيارين ,أما تسليم
المدينة للنصارى أو بقاء المدينة تحت الحصار إلى أن يموت أهلها جوعا ,ومال غالبية
القادة إلى الرأي األول وهو تسليم المدينة للنصاري.3
1مؤلف مجهول :نبذة العصر في اخبار بني نصر :تع الفريد البستاني .ط ,9مكتبة الثقافية الدينية ,2772 ,ص ص
.41,44,40
2مؤلف مجهول :نبذة العصر ,المصدر السابق ,ص . 41
3عبد الحكيم دنون :المرجع السابق .ص.59
66
أثر الصراع السياسي على القوى المتصارعة وبني زيان وبني األحمر في األ ندلس الفصل الثالث
وبعد عدة مفاوضات ومحادثات تم اإلجماع في األخير على تشكيل وفد للتفاوض مع
الملكين فرديناند وايزبيال ,وانتهت تلك المفاوضات بتوقيع المعاهدة من قبل الملكين فرديناند
وايزبيال سنة 410ه 9319/م وكانت من أهم الشروط التي تم اإلتفاق عليها مايلي :
يتم تسليم غرناطة بعد ستين يوما من تاريخ توقيع المعاهدة وأن يقدم الملك أبو عبد اهلل
خمسمائة رهينة من أعيان غرناطة ضمانا لعدم الغدر ويتعهد الملكان وخلفائهما إلى األبد
1
بأن يترك للمسلمين حريتهم الدينية ,وأن يقصي بينهم وفق شريعتهم وعلى يد قضاتهم.
وبعد إخالء مدينة غرناطة في أعقاب توقيع المعاهدة فتحت أبواب غرناطة وقصورها
للنصارى ,فدخلوها واحتلوا المدينة في 410ه9312/م وخرج أبو عبد اهلل الصغير وحاشيته
في اليوم نفسه الذي إحتلها فيه القشتاليون فقد حملوا أمتعتهم واموالهم إلى حصن اندرش في
منطقة البشرات جنوب جبل شلير ,وفي العام التالي أمره ملك قشتالة بالجوار إلى المغرب ,
وأعد له المراكب ,فرحل ومعه كثير من المسلمين واستقر في فاس حتى وفاته سنة( 137ه
2
9544/م).
أما عن الملكان الكاثوليكيان فقد أظهر للمسلمين في البداية إلتزامها بالشروط وبكل
ماتضمنته المعاهدة من إلتزامات تجاه المسلمين ,ولكن ذلك لم يكن سوى ذر للرماد في
العيون ,فما أن إطمئن بهما المقام في غرناطة ,واستقر النصارى فيها حتى أخذا ينقصان
3
المعاهدة فصال فصال ,إلى أن نقضاها جميعها .
الناصري :االستقصاء ,ج,3ص 973وانظر ايضا اسراء احمد :مقال حول بنو نصر ( بنو االحمر ) بغرناطة , 1
2792/74/92م,ص.9
2المقري :نفج الطيب ,ج ,3ص .521_525انظر حسين خليفة :مرجع السابق ,ص.241
3المقرئ :أخبار الرياض في أخبار عياض ,ج,9تح :الكتور احسان عباس,دار صادر,بيروت ,9144,ص ص.41,44
انظر أيضا سعد بن عبد اهلل البشرى :جماعات الحرمان الدينية االسبانية و حروبها مع المسلمين في االندلس ,مجلة
جامعة ام القرى ,السنة الخامسة ,العدد السابع 9394 ,ه ,ص .290
66
الخاتمة
الخاتمة
ما نستخلصه في األخير من خالل تتبعنا المسار التاريخي لصراع السياسي الحفصي
المريني نالحظ أنها كانت بين مد وجزر ،تارة تجمعها حروب وصراعات و تارة أخرى صلح
وهدنة ،ولقد إعتمد الطرفان في ذلك على عدة عوامل ،مستغلين ظروف بعضهما السياسة
واإلقتصادية واإلجتماعية ـ ولعل ما استخلصنا منه من خالل طبيعة هذا الصراع السياسي
نجد أنه في بداية األمر لم يكن صراع محتدم بل كانت هناك عالقات ودية بينهما فقد أعلن
المرينيون تبعيتهم لبني حفص ،ولكن الغرض من إعالن تبعيتهم واإللتزام بها هو إضافة نوع
من الشرعية على حركتهم في تصفية الموحدية .
ولقد ذهبوا بتبعتهم إلى أبعد حدود ،وأصبحت بينهما تبادالت في مساعدات الحربية
ولكن في عهد أبي الحسن وأبي عنان هذا الود لم يدم طويال ،بسبب طموحاتهم في تنفيذ
مشروع التوسع وبسط نفوذهم والسيطرة على المغرب األدنى والمغرب األوسط ،وإلحياء
الخالفة الموحدية ،وكانت الفرصة مواتية عندما توفي أبو يحي ابن أبي زكريا الحفصي
وظهور الصراع حول الملك في إفريقية فكانت الفرصة للمرينيين التدخل في إفريقية والسيطرة
عليها وبفعل تم سيطرة عليها في عهدي أبي الحسن ثم إبنه أبي عنان .
ولقد كانت القبائل البربرية والعربية لها دور في تزكية هذا الصراع ،والتي كانت تتحالف
مع بني حفص تارة وبني مرين تارة أخرى ،حسب ما تقتضيه مصالحها ،إذ صارت محل
إسترضاء سالطين الدولتين ،حتى أصبحت عصبا هاما يحرك سياسة هؤالء السالطين بعد
إن اعتمد بعضهم اعتمادا كليا على هذه القبائل للحفاظ على ملكهم ،فما إن تضطرب
األحوال السياسية حتى نرى بعضهم ثائرين أو مؤيدين للحركات الخارجية عليها.
كان من أثار الصراع السياسي على القوتين المتصارعتين فشل المرينيين في خطتهم
الحربية في األندلس بسبب انشغال جيوشها في عدة مواجهات في الشمال اإلفريقي مما أدى
إلى ضعف الجيش وانهاك قوته الحربية وضعف خزينة الدولة .وبعد وفاة أبي عنان انتهى
98
الخاتمة
عصر سالطين بني مرين األقوياء وبدأت مرحلة جديدة اتسمت بالضعف وتغلغل نفوذ
الوزراء مما سيؤدي في النهاية إلى سقوط الدولة .
أما الدولة الحفصية فكانت من أبرز أثار هذا الصراع أنها بقيت منقسمة فيما بينها
وتولت القبائل العربية مقاليد الحكم طيلة فترة الصراع ،مما أدى بعد ذلك إلى إنقسامها
وتدخل األروبيين بشؤونها.
أما إفريقية نجد أن األهالي كانوا يرفضون الحكم المريني أو حتى المجرد الوالء أو
التبعية له ،ألنهم كانوا في ظل حكم الحفصيين يتمتعون بكثير من الحرية ،حيث لم يحكم
الحفصيون قبضتهم كثي ار على رعاياهم ،أما بنو مرين فكانوا يحاولون أن يطبقوا في إفريقية
نفس السياسية التي كانوا يتبعونها في دولتهم بالمغرب األقصى ،تلك السياسة التى لم تجد
قبوال لدى الكثيرين ،ويبدو أن تحقيق الوحدة بين األقاليم باختالف القوى السياسية التي
حكمتها بعد إنهيار الدولة الموحدية وأحدثت هذه القوى تغيرات جذرية في نظامها ،وبالتالي
في طباع شعوبها وأنماط حياتها ،فبانت هذه الشعوب ترفض اإلستجابة أو التعاون مع أي
نظام جديد ـ
على الدولة الزيانية أما عن األثار التي نتجت عن الصراع الحفصي المريني
بحصارها عدة مرات من قبل المرينيين و الحفصيين خاصة في عهد أبو الحسن و أبو
وذلك بسبب موقعها الحساس الذي يقع بين الدولتين عنان مما أدى إلى سقوطها
المتصارعتين ،ورغم ذلك نجد أن الدولة الزيانية رغم سقوطها عدة مرات إال أنها بقيت
صامدة وفي كل مرة تنهض مما جعل منها معجزة تاريخية ببقائها رغم هذه األخطار.
ومن أهم األثار التي نتجت عن هذا الصراع الحفصي المريني هو سقوط غرناطة في أيدي
النصارى و إنتهاء وجود اإلسالم في األندلس .
89
المالحق
المالحق
29
المالحق
29
المالحق
29
المالحق
29
المالحق
29
قائمة المصادر
والمراجع
قائمة المصادر والمراجع
أوال:المصادر
89
قائمة المصادر والمراجع
.88ابن خلدون ,يحي :بغية الرواد في ذكر الملوك عبد الواد ,ج,1تح:عبد الحميد
حاجيات ,دط ,المكتبة الوطنية ,الجزائر 1721 ,م.
.84ابن خلكان,شمس الدين(ت121.ه1828/م) :وفيات األعيان وأنباء أبناء
الزمان,ج ,4د ط,تح :إحسان عباس ,دار الثقافة ,بيروت.1773,
.83ابن صاحب الصالة :المن باإلمامة على المستضعفين بأن جعلهم اهلل أئمة
وجعلهم الوارثين ,تح :عبد الهادي التازي ,دط,دار األندلس 1763,م.
.85ابن عبد البر القرطبي :االستعاب في معرفة األصحاب ,تح:عادل مرشد,ط,1دار
األعالم ,عمان .8118,
.81ابن مرزوق الخطيب :المسند الصحيح الحسن في مأثر ومحاسن موالنا الحسن
,تح :مريا خيسوسة,دط ,الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ,الجزائر .1712 ,
.86أبو محمد عبد اهلل التجاني :رحلة التجاني ,دط ,دن ,تونس 1752 ,م .
.82اإلدريسي,أبو عبد اهلل محمد بن عبد العزيز الشريف :القارة اإلفريقية وجزيزة
األفاق ,تح إسماعيل األندلسي مقتبس من كتاب نزيهة المشتاق في اختراف
العربي ,د ط,ديوان مطبوعات الجامعية ,الجزائر.1724,
.87البزيوني أبو عبد اهلل بن محمد بن أحمد بن عبد اهلل :تاريخ دولة اإلسالم في
المغرب األقصى ,دط ,دن,بغداد,دت.
.41البكري ,عبد اهلل بن عبد العزيز بن محمد بن أيوب :المغرب في ذكر بالد إفريقية
والمغرب ,دط ,نشر دي الن .1715 ,
.41البيذق ,أبو بكر علي الصنهاجي :أخبار المهدي بن تومرت ,تح و تع :عبد
الحميد حاجيات ,دط ,الشركة الوطنية للتوزيع ,الجزائر 1763م .
.48التنسي ,محمد ابن عبد اهلل :تاريخ بني زيان ملوك تلمسان مقتطف من نظم
الدرر والعقبان في بيان شرف بني زيان ,تح :محمود بو عياد ,المكتبة الوطنية
الجزائرية ,دط ,الجزائر1725 ,م
.43ذنون عبد الحكيم :افاق غرناطة ,ط , 1دار المعرفة ,دمشق . 1722 ,
.45الزركشي ,عبد اهلل محمد بن ابي ابراهيم :تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية ,
تح محمد ماخود ,ط , 8المكتبة العتيقة ,تونس 1711 ,م.
.41شكيب ارسالن :خالصة تاريخ االندلس ,دار مكتبة الحياة بيروت 1724 ,م.
.46العمري ,بن فضل اهلل شهاب الدين :مسالك األبصار في ممالك األمصار,تح :وتع
مصطفئ ابو ضيف احمد ,ط,1دن.1772 ,
.42القلقشندي ,أبو العباس أحمد بن علي :صبح األعشى في صناعة األنشا ,دار
الكتب الخيدبوية ,دط ,القاهرة 1715 ,م.
.47مخلوف محمد بن محمد :شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ,مطبعة السلفية
ومكتبتها ,دط ,القاهرة 1451 ,ه.
.31المراكشي ,عبد الواحد :المعجب في تلخيص أخبار المغرب ,تح :خليل عمران
المنصور ,دار الكتب العلمية ,بيروت 1775 ,م .
.31المقري ,أحمد بن أحمد التلمساني :نفح الطيب من غصن االندلس الرطيب ,ج5
,تح ,إحسان عباس ,دار صادر ,بيروت 1712 ,م.
.38مؤلف مجهول :نبذة العصر في اخبار بني نصر :تع الفريد البستاني ,ط1
مكتبة الثقافية الدينية .8118 ,
.34الناصري ,أبو العباس أحمد بن خالد :اإلستقصاء ألخبار دول المغرب األقصى
(الدولة المرنية ج , )4تح جعفر محمد الناصري ,دار الكتاب 1753م,
.33الوزان حسن :وصف إفريقيا ,تر :محمد محي ومحمد األقصر ,ط,8دار الغرب
االسالمي, ,رباط.1728,
.35ياقوت الحموي :معجم البلدان ,ج ,8تح :عبد العزيز الجندي ,دار صادر
,بيروت .1721 ,
.31المقرئ ,أحمد بن أحمد التلمساني :أخبار الرياض في أخبار عياض ,ج,1تح:
احسان عباس,دار صادر,بيروت .1712,
010
قائمة المصادر والمراجع
.1حركات إبراهيم :المغرب عبر التاريخ من بداية المرينيين إلى نهاية السعديين
,ج,8ط,1دار الرشاد الحديثة ,البيضاء .1762,
.8أحمد الشلبي :التاريخ اإلسالمي والحضارة اإلسالمي ,مكتبة النهضة المصرية ,ط,1
.1714
011
قائمة المصادر والمراجع
.13شوقي عطا اهلل الجمل :المغرب العربي الكبير في العصر الحديث ,ط ,1مكتبة
االنجلو المصرية ,القاهرة 1766 ,م.
.15عبادة كحلية :المغرب في تاريخ االندلس والمغرب ,ط1312( ,1هـ1776م) .
.84عمار بوحوش :التاريخ السياسي الجزائري من البداية ولغاية 1718م .دار الغرب
االسالمي ,ط ,1بيروت 1776 ,م .
.83عمار عمور :موجز في تاريخ الجزائر ,دار ريحانة ,ط ,1الجزائر 8118 ,م .
.85عنان محمد عبد اهلل :نهاية االندلس وتاريخ العرب المنتصرين ( وهو العصر الرابع
من كتاب دولة االسالم في االندلس ,ط ,8القاهرة 1752 ,م.
.81عن ـ ـ ـ ـ ـ ــان محم ـ ـ ـ ـ ـ ــد عب ـ ـ ـ ـ ـ ــد اهلل :عص ـ ـ ـ ـ ـ ــر المـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرابطين والموح ـ ـ ـ ـ ـ ــدين ف ـ ـ ـ ـ ـ ــي األن ـ ـ ـ ـ ـ ــدلس
والمغرب,ج,8القاهرة.1713,
011
قائمة المصادر والمراجع
.86الغنيمي عبد الفتاح المقلد :موسوعة تاريخ المغرب العربي ,ج , 5ط ,1مكتبة
مدبولى ,القاهرة 1773 ,م.
.82فياللي عبد العزيز :تلمسان في العهد الزياني,ج ,1المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية
,الجزائر .8118,
محمد الهادي العامري :تاريخ المغرب العربي في سبعة قرون ,تونس.1763, .46
.42محمد بن عميرة :دورة زناتة في الحركة المذهبية بالمغرب اإلسالمي :المؤسسة
الوطنية للكتاب ,بالجزائر.1723,
.47محمد تيتاو :الحرب والمجتمع بالعصر المريني,منشورات مؤسسة الملك عبد
العزيز,الدار البيضاء.8117,
011
قائمة المصادر والمراجع
مقاالت :
1ـ احمد إسراء :مقال حول بنو نصر ( بنو االحمر ) بغرناطة 8118/14/18 ,م,
8ـ سعد بن عبد اهلل البشرى :جماعات الحرمان الدينية االسبانية و حروبها مع المسلمين في
االندلس ,مجلة جامعة ام القرى ,السنة الخامسة ,العدد السابع 1314 ,ه.
4ـ محمد الفاسي :نشأة الدولة المرينية ومميزات العصر األدبي ,مجلةالبينة,العدد الثامن
,سنة األول.1714,
3ـ محمد الفاسي :نشأة الدولة المرينية ومميزات العصر المريني األدبية ,مجلة البينة ,العدد
الثامن ,السنة األولى1718,
5ـ ـ منوني محمد :مجلة دعوة الحق:تعريف بالدولة المرينية ,و ازرة األوقاف والشؤون
اإلسالمي المغرب.
1ـ مؤنس حسين :التنظيم اإلدراي والمالي األفريقية والمغرب خالل عصر الوالة ,مجلة كلية
األدب والتربية,العدد,1الكويت1764,م.
011
قائمة المصادر والمراجع
بحوث في تاريخ الحضارة االسالمية مجموعة من البحوث التي القيت في ندوة الحضارة
الجامعة. االسالمي في ذكر االستاذ احمد فكري 11ـ81اكتوبر 1761م ,شباب
.1
األعرجي نضال مؤيد مال اهلل عزيز:الدولة المرينية على عهد السلطان يوسف بن يعقوب
المريني(125ه611/ه)(1821م1411/م),مذكرة ماجستير ,كلية التربية ,جامعة الموصل
8113,م .
.8باألعرج عبد الرحمان :عالقات دول المغرب االسالمي بدون المماليك سياسيا وثقافيا
بين القرنين ال سابع والتاسع الهجريين ,مذكرة لنيل الدكتوراة ,تخصص تاريخ المغرب
االسالمي ,قسم التاريخ علم االثار ,كلية العلوم االنسانية واالجتماعية جامعة ابي بكر
بلقايد تلمسان 8118(,م8114/م) .
.1بوحسون عبد القادر :العالقات الثقافية بين المغرب األوسط واألندلس خالل العهد
الزياني(685-614هـ1485-1413/م) مذكرة ماجستر في تاريخ المغرب اإلسالمي قسم
التاريخ ,جامعة تلسمان بلقايد ,الجزائر8112,م,
.1سهام بوعنيني :أبو عبد اهلل التنسي وكتابه نظم الدر والعقيان في بيان شرف بني زيان
وذكر ملوكهم األعيان ومن ملك من أسالفهم فيما مضئ من الزمان,رسالة ماجستير في
التاريخ والحضارة اإلسالمية,قسم الحضارة اإلسالمية,جامعة وهران8117,
كامل عبد الرزاق :تلمسان في العهد الزياني (144هـ718ه1845/م .1شقدان سام
ـ1555م),مذكرة ماجستير في التاريخ,قسم التاريخ ,جامعة النجاح الوطنية,فلسطين8118,م.
.1عبد اهلل حسن عامر أحمد:دولة بني مرين (تاريخها وسياستها تجاه مملكة غرناطة
األندلسية والمماليك النصرانية في إسبانيا (112ه ـ ـ 217ه),مذكرة ماجستير في التاريخ
,بكلية الدراسات العليا,جامعة النجاح ,فلسطين .8114,
011
قائمة المصادر والمراجع
6ـ غومة سالم ابو القاسم محمد :النظم الحربية في دولة بني مرين ( 217/112هجري
1817/م ـ ,) 1351رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراء في التاريخ اإلسالمي ,قسم التاريخ
,كلية األداب ,جامعة عين شمس 8111,م .
2ـ ـ محاسنة أحمد توفيق محمد :الحياة السياسية في دولة بني األحمر من
187ه1848/م الى 276ه1378/م ,رسالة ماجستر في التاريخ ,كلية الدراسات العليا
الجامعة األردنية ,سنة 1776م.
7ـ ـ محمد حامد محمد الخطيب شو هنده :مصادر التاريخ المحلي لبالد المغرب خالل
القرنين الثامن والتاسع هجري 13 ,م و15م ,مذكرة ماجستير ,قسم التاريخ اإلسالمي
وحضارة اإلسالمي ,جامعة القاهرة 1101,م
11ـ ـ المسعودي جميلة مبطي :المظاهر الحضارية في عصر دولة بن حفص منذ قيامها(
سنة 111ه وحتى سنة 274ه) ,مذكرة ماجستير في التاريخ االسالمي ,قسم الدراسات
العليا التاريخية والحضارية ,جامعة أم القرى ,المملكة العربية السعودية 1381( ,
ه 8111/م) .
11ـ هوارية بكارى :العالقات السياسية والروابط الثقافية بين المغربين األوسط واألقصى
خالل القرنين السابع والعاشر الهجريين(1844/718-144م1553-م) ,رسالة دكتوراء,قسم
التاريخ وعلم اآلثار ,جامعة تلمسان. 8113,
18ـ هوراية بكاي :العالقات الزيانية سياسيا وثقافيا ,رسالة ماجستير في التاريخ الوسيط
,قسم التاريخ ,جامعة تلمسان.8112,
14ـ ماجدة كريمة :العالقات بين المغرب والسودان في العصر المريني ,رسالة لنيل
علوم الدراسات العليا في التاريخ ,جامعة محمد الخامس,الرباط1726( ,م1722 /م)
13ـ مصطفى لغشيم :هجرة العلماء بين المغربين االوسط واالقصى دراسة اجتماعية ثقافية
(القرن ه6ـ 7ه 14 /م ـ15م) ,مذكرة مقدمة لنيل ماجستير في العلوم االسالمية ,تخ :تاريخ
011
قائمة المصادر والمراجع
وحضارة ,قسم اللغة والحضارة العربية االسالمية ,كلية العلوم االسالمية ,جامعة الجزائر ,1
8114/8118م.
019
الفهرس
الفهرس
شكر والعرفان
قائمة المختصرات
أ مقدمة
1 مدخل :أوضاع المغرب قبول سقوط الدولة الموحدية
81 المبحث الثالث :اثر الصراع السياسي على بني األحمر باألندلس
88 الخاتمة
11 المالحق
18 قائمة المصادر والمراجع
110 الفهرس