You are on page 1of 80

‫زارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة غرداية‬

‫كلية العلوم االجتماعية واالنسانية‬


‫قسم العلوم اإلنسانية‬
‫‪-‬شعبة التاريخ‪-‬‬

‫المؤسسان عبد الرحمان بن رستم وحماد بن بلكين‬


‫(دراسة مقارنة)‬
‫مذكرة مقدمة الستكمال متطلبات نيل شهادة املاسرت يف التاريخ‬
‫ختصص‪ :‬ماستر تاريخ وحضارة المغرب األوسط‬

‫اعداد الطالبتان‪:‬‬
‫‪ -‬إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫‪ -‬مصباح مباركة‬
‫إبراهيم بحاز‬ ‫‪ -‬مزي حليمة‬

‫الموسم الجامعي‪:‬‬
‫‪1438-1439‬ه‪2018-2017/‬م‬
‫قائمة الرموز والمختصرات‬

‫معنى الرمز‬ ‫الرمز‬


‫الطبعة‬ ‫ط‬
‫الصفحة‬ ‫ص‬
‫الجزء‬ ‫ج‬
‫تحقيق‬ ‫تح‬
‫ترجمة‬ ‫تر‬
‫تعليق‬ ‫تع‬
‫تقديم‬ ‫تق‬
‫المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية‬ ‫موفم‬
‫المقدمة‬
‫مقدمــــــــــــــــة‬

‫مقدمة‬
‫لقد مسعنا الكثري عن الدول اإلسالمية اليت نشأت وسقطت على مر التاريخ اإلسالمي كالدولة‬
‫األموية والدولة العباسية باملشرق‪ ،‬والدولة املدرارية واإلدريسية والفاطمية باملغرب‪.‬‬
‫و غريها من الدول اإلسالمية األخرى اليت فصل التاريخ ذكرها‪ .‬وهذه الدول هلا إجيابياهتا‬
‫وسلبياهتا‪ ،‬وقد قدمت لألمة اإلسالمية حماسن إال أهنا كذلك مل ختل من املساوئ‪ .‬ومن هذه الدول‬
‫اليت وجدت يف إقليم املغرب األوسط املكان األمثل لتأسيسها‪ :‬الدولة الرستمية‪ ،‬والدولة احلمادية وإن‬
‫ذكرنا الدولة فاحلديث يقودنا إىل ذكر مؤسسها فقوها بالطبع تستمد من قوة مؤسسها وحاكمها‪.‬‬
‫وأبينا يف موضوعنا هذا إال أن خنتار شخصيتني بارزتني كان هلما الفضل يف تأسيس دولتيهما‬
‫يف املغرب األوسط‪ .‬أال ومها "عبد الرمحن بن رستم" و "محاد بن بلكني" فجاء عنوان مذكرتنا كالتايل‬
‫‪:‬‬
‫"المؤسسان عبد الرحمن بن رستم و حماد بن بلكين "‬
‫‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬
‫أما عن أسباب اختيار هذا املوضوع فقد متثلت يف مجع بعض املعلومات حول هاتني‬
‫الشخصيتني كما أن معظم الدراسات التارخيية جاءت قليلة حول هذا اجلانب املقارن‪.‬‬
‫وللموضوع أهمية كبيرة‪ ،‬ألنه يسلط الضوء على أشهر شخصيتني يف تاريخ وحضارة‬
‫املغرب األوسط‪ ،‬ويتعرض إىل سرد أهم احملطات التارخيية هلاتني الشخصيتني منذ بداية ظهورمها على‬
‫مسرح األحداث‪ .‬و نأمل أننا مل نوفهما احلق يف كشف الغموض ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمــــــــــــــــة‬

‫ومن خالل ما سبق ميكن أن نطرح اإلشكالية التالية‪:‬‬


‫ماهي اجلهود اليت قام هبا كل من "عبد الرمحن بن رستم" و" محاد بن بلكني" من أجل تأسيس‬
‫دولتيهما؟‬
‫وتفرعت عن هذه اإلشكالية جمموعة من التساؤالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬العوامل اليت ساعدت عبد الرمحن بن رستم أن حيط رحاله باملغرب األوسط‪ ،‬ويرسخ قدم‬
‫املذهب اإلباضي به‪ ،‬ويؤسس مدينته املشهورة "تيهرت "‬
‫‪ -‬كيف استطاع محاد أن يكون دولته املستقلة عن الفاطميني و الزيريني ويؤسس دولته اليت‬
‫محلت امسه؟‬
‫‪-‬ما هي نقاط التشابه واالختالف بني الشخصيتني (الدراسة املقارنة)؟‬
‫ولإلجابة على اإلشكالية وفروعها وضعنا اخلطة التالية‪:‬‬
‫فالمقدمة حتتوي على متهيد للموضوع‪ ،‬كما أبرزنا فيها أمهية املوضوع‪ ،‬وأسباب اختياره وطرحنا‬
‫فيها إشكالية ختدم املوضوع الذي حنن بصدد دراسته‪ .‬باإلضافة إىل اخلطة‪ ،‬والدراسة النقدية للمصادر‬
‫واملراجع اليت اعتمدناها‪ .‬وقد بدأنا موضوعنا مبدخل تلته فصول ثالثة ‪.‬‬
‫فاملدخل عنواه ب‪ :‬أوضاع المغرب األوسط بعد الفتح اإلسالمي‪.‬‬
‫تناولنا فيه نقطتني ومها‪ :‬أوضاع املغرب األوسط بعد عصر الوالة‪ .‬تطرقنا إىل ذكر أهم الفرق‬
‫اإلسالمية اليت انتشرت باملغرب األوسط وخصصنا بالذكر املذهب اإلباضي‪.‬‬
‫أما النقطة الثانية ركزنا فيها على ذكر‪ :‬الدول املستقلة وقيامها باملغرب األوسط حيث‬
‫اعتمدنا على أهم النقاط األساسية لكل دولة من بداية التأسيس إىل سقوطها معتمدين أسلوب‬
‫االختصار يف هذا اجلانب‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مقدمــــــــــــــــة‬

‫وتال املدخل فصول ثالثة‪.‬‬


‫فالفصل األول‪ :‬املعنون ب‪ :‬عبد الرحمن بن رستم إماما للدولة الرستمية‪.‬‬
‫أدرجنا حتته وفق أربعة مباحث بدءا حبياته‪ ،‬ونسبه و علمه وصفاته‪ ،‬مث تأسيسه للدولة‬
‫الرستمية‪.‬‬
‫فثالثا تناولنا إجنازاته احلضارية‪ ،‬وختمنا الفصل بوفاته‪.‬‬
‫والفصل الثاني ‪ :‬تتبعنا نفس خطوات الفصل األول بالنسبة ملؤسس الدولة احلمادية "حماد بن‬
‫بلكين"‪.‬‬
‫والفصل الثالث خصصناه لعقد مقارنة بني املؤسسيني‪ ،‬ومحل مبحثني‪ :‬األول بعنوان أوجه‬
‫الشبه والثاين أوجه االختالف‪.‬‬
‫ويف ختام حبثنا استخلصنا جمموعة من اإلستنتاجات‪ ،‬واعتمدنا على بعض املالحق اليت تناولت‬
‫قائمة للحكام وبعضا من اخلرائط اليت ختص حدود الدولة الرستمية وإقليم الدولة احلمادية ‪.‬‬
‫ولدراسة حبثنا بطريقة منهجية اتبعنا املنهج التارخيي العلمي القائم على الوصف‪ ،‬والسرد أي‬
‫وصف كل من الشخصيتني من حيث األعمال اليت قام هبا‪ ،‬واملنجزات احلضارية‪ .‬واعتمدنا املنهج‬
‫املقارن خاصة يف مواطن الشبه واالختالف بني الشخصيتني‪.‬‬
‫واعتمدنا على عدد من املصادر واملراجع تناولت املوضوع املدروس ولو أهنا كانت حمدودة‪.‬‬
‫منها ماخص بالدولة الرستمية‪ ،‬والدولة احلمادية‪ ،‬ومنها ما تعلق بكتب الرتاجم والسري و الطبقات‪،‬‬
‫وكتب التاريخ‪ .‬ومنها نذكر‪:‬‬
‫أ‪ -‬كتب التاريخ العام‪:‬‬
‫‪ -1‬كتاب ابن الصغير ‪ :‬أخب••ار األئم••ة الرس••تميني و ه••و املؤرخ املعاص••ر ألح••داث الرس••تميني‪،‬‬
‫ويعترب املصدر الذي أمدنا باألخبار الصحيحة‪ ،‬فكان اعتمادنا عليه أساسيا‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مقدمــــــــــــــــة‬

‫‪ -2‬كتاب البيان املغرب يف أخبار األندلس واملغرب" البن عذارى املراكشي وهو كتاب مهم يف‬
‫تاريخ املغرب‪ .‬يتناول كل احملطات التارخيية بالنسبة لبالد املغرب وفق ستة أجزاء اعتمدنا على اجلزء‬
‫الثاين الذي أفادنا كثريا خاصة يف التواريخ‬
‫‪ - 3‬کتاب‪" :‬العرب وديوان املبتدأ واخلرب يف أيام العرب والعجم والرببر ومن عاصرهم من ذوي الشأن‬
‫األكرب "" لعبد الرمحن بن خلدون "املتضمن سبعة أجزاء استفدنا من جزئه السادس خاصة‬
‫فيما تعلق بالدولة احلمادية‪.‬‬
‫ب ‪ -‬كتب التراجم والسير‪:‬‬
‫‪-1‬کتاب ‪:‬طبقات املشايخ ملؤلفه "الدرجيين" (ت حوايل ‪670‬ھ) استفدنا منه يف الفصل األول‬
‫اخلاص برتمجة شخصية "عبد الرمحن بن رستم"‪ .‬ج‪ -‬كتب اجلغرافيا والرحالت‪ :‬کتاب‪ :‬معجم‬
‫البلدان ملؤلفه يقوت احلموي (ت ‪ 626‬ھ ‪1228/‬م) افادنا يف جغرافية العامل االسالمي وتضاريسه‪.‬‬
‫د‪ -‬المراجع‪:‬‬
‫لقد استفدنا الكثري من بعض املراجع اليت ساعدتنا يف إمتام هذا البحث خاصة فيما يتعلق بالدولة‬
‫احلمادية‪ ،‬ومن بني هذه الكتب اليت غطت النقص نذكر‪:‬‬
‫‪ - 1‬کتاب ‪ :‬األزهار الرياضية ملؤلفه " الباروين" أفادنا كثريا يف وصف مدينة " تيهرت" حيث سرد‬
‫يف کتابه تعريفا مفصال لبعض األقاليم‪ ،‬وذكر لنا أقوال املؤرخني وتعريفهم إلقليم تيهرت‪.‬‬
‫‪ -2‬كتاب الدكتور إبراهيم حباز الوافر باملعلومات اليت أفادتنا يف الفصل األول املعروف حتت عنوان‪:‬‬
‫احلياة االقتصادية و االجتماعية للدولة الرستمية‪ ،‬و كتابه املعرف ب‪" :‬عبد الرمحن بن رستم" ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مقدمــــــــــــــــة‬

‫‪ -3‬کتاب ‪ :‬دولة بين محاد "لعبد احلليم عويس" و کتاب "الدولة احلمادية " لرشيد بورويبة"‪،‬‬

‫وكتاب املغرب العريب تارخيه وثقافته" لرابح بونار و کتاب تاريخ اجلزائر لعبد الرمحن اجلياليل "‬

‫إستفدنا من جزئه الثاين وال ننسى املرجع الذي احتوى على معلومات قيمة ساعدتنا يف إمتام عملنا‬

‫کتاب " تاريخ املغرب يف العصر اإلسالمي" ملؤلفه عبد العزيز سامل حيوي معلومات قيمة من الفتح‬

‫اإلسالمي ملنطقة املغرب إىل قيام الدول املستقلة به‪ .‬وكتاب "الدولة الرستمية باملغرب اإلسالمي"‬

‫ملؤلفه "حممد عيسى احلريري" تناول جانبا مفصال للدولة الرستمية ‪ .‬وكتاب تاریخ املغرب اجلزء الثاين‬

‫ملؤلفه " سعد زغول" ‪.‬‬

‫ويف اخلتام نعرتف أن ماجاء يف حبثنا ماهو إال حماولة منا إلبراز بعض احملطات التارخيية لبالد املغرب‬

‫األوسط‪ .‬وال ننسى العراقيل اليت واجهتنا من بينها قلة املصادر وال ننكر أن معظمها كان إلكرتونيا‬

‫صعب علينا االستحواذ على النسخ الورقية للمصادر‪.‬‬

‫ولكن كل هذا انتهى بتوجيهات األستاذ املشرف "الدكتور ابراهیم حباز" جزاه اهلل أحسن اجلزاء الذي‬

‫رافقنا من كل حمطات البحث ابتداءا من وضع اخلطة مث مجع املادة‪ ،‬وواصل معنا يف تصحيح ماكنا‬

‫حنرره أوال بأول إىل أن استقام هذا العمل حبثا مقروءا‪.‬‬

‫وهلل احلمد واملنة أوال مث لألستاذ املشرف الذي نتقدم له جبزيل الشكر والعرفان‪.‬‬

‫""واهلل الموفق على ما نقول ""‬

‫‪7‬‬
‫المدخل‪:‬‬
‫أوضاع المغرب األوسط بعد الفتح االسالمي‬
‫أوضاع المغرب األوسط بعد الفتح االسالمي‬ ‫المدخل‪:‬‬

‫المدخل‪ :‬أوضاع المغرب األوسط بعد الفتح االسالمي‬


‫أوال ‪ :‬أوضاع المغرب األوسط بعد عصر الوالة‬
‫اإلباضية فرقة من الفرق اإلسالمية‪ ،‬يرجع بروزها إىل النصف الثاين من القرن األول للهجري‪،‬‬

‫إىل عبد اهلل بن إباض التميمي الذي كان يف احلقيقة ال يصدر يف أمره شيء إال عن اإلمام جابر بن‬

‫زيد األزدي التابعي‪ . 1‬وهم أقل فرق احملكمة تطرفا‪ ،‬وأقرهبم إىل أهل السنة وكانت نزعتهم إىل السلم‬

‫‪2‬‬
‫أميل ‪.‬‬

‫وحرصوا يف نشر دعوهتم على عدم ذكر مذهب من املذاهب‪ ،‬وإمنا نشروها حتت شعار املناداة باسم‬

‫‪4‬‬
‫اإلصالح‪ ،‬والعمل بالكتاب والسنة‪ .3‬كما أهنا انتشرت يف صمت وسرية‪.‬‬

‫حيث تبلورت أفكار اإلباضية أكثر يف شكل مجاعة بعد عودة عبد اهلل بن إباض التميمي من مكة إىل‬

‫البصرة بعد ذهابه إليها للدفاع عنها مع ابن الزبري ضد اجليش األموي‪ ،‬وكان رسوخ قدم املذهب‬

‫اإلباضي يف جبل نفوسة سببا يف انتشاره بني القبائل األخرى يف بالد املغرب‪.‬‬

‫‪ - 1‬ابن الصغري‪ :‬أخبار األئمة الرستميني‪ ،‬تح وتع الدكتور حممد ناصر‪ ،‬إبراهيم حباز‪ ،‬بد ط‪ ،‬ص ‪ 25‬من املقدمة‪.‬‬
‫‪ - 2‬حممود إمساعيل عبد الرزاق ‪ :‬اخلوارج يف بالد املغرب حىت منتصف القرن الرابع اهلجري‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‬
‫‪ ،1985‬ص‪.54‬‬
‫‪ - 3‬حممد زينهم حممد عزب‪ :‬قیام وتطور الدولة الرستمية يف املغرب‪ ،‬دار العامل العريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪ ، ،2013 ،1‬ص ‪.46‬‬
‫‪ - 4‬سعد زغلول عبد احلمید‪ :‬تاريخ املغرب العريب‪ ،‬منشأة املعارف اإلسكندرية‪ ،‬ط‪ ،1963 ،1‬ج‪ ،1‬ص‪.285‬‬
‫‪9‬‬
‫أوضاع المغرب األوسط بعد الفتح االسالمي‬ ‫المدخل‪:‬‬

‫وأول من أدخل املذهب اإلباضي إىل بالد املغرب سلمة بن سعد احلضرمي‪ ،‬وكان قد بعثه من‬

‫البصرة أبو عبيدة مسلم ابن أيب كرمية‪ ،‬الذي توىل إمامة اإلباضية يف البصرة سنة ‪95‬ه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ولذلك فمن املرجح أن إرساله لسلمه بن سعد احلضرمي إىل املغرب كان بعد هذا التاريخ‪.‬‬

‫هكذا انتشر املذهب اإلباضي يف مشال املغرب اإلسالمي من برقة ونفوسة شرقا إىل وادي‬

‫ملوية غربا وانتشر يف قبائل هوارة وملاية‪، 2‬وزناته وسدراته وزواغه‪ ، 3‬ولواته‪ .‬أما مطماطة فلم تعتنق‬

‫مذهب اإلباضية إال يف عهد عبد الرمحن بن رستم ‪ 4‬فيصبح املال كله لإلباضية ابتداءا من القرن الثاين‬

‫اهلجري‪ ،‬ويستمر إىل سقوط الرستميني على يد الفاطميني ‪296‬ھ‪909/‬م‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد العزيز سامل‪ :‬تاريخ املغرب يف العصر اإلسالمي‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ - 2‬املاية ‪ :‬من أكرب قبائل ضريسه‪ ،‬وأوفرها عددا‪ ،‬كانوا ظواعن بإفريقية واملغرب ومجهورهم موطنا بالتخوم اجلنوبية مما يلي إىل الصحراء‪ ،‬وهم الذين‬
‫نزل عليهم عبد الرمحن بن رستم مؤسس الدولة الرستمية فبايعوه باخلالفة وبنوا له مدينة تيهرت‪ .‬أنظر عبد الوهاب منصور قبائل املغرب‪ ،‬ج‪ ،1‬املطبعة‬
‫امللكية‪ ،‬الرباط ‪1388‬ه‪1968 /‬م‪ ،‬ص ‪309‬‬
‫‪ - 3‬زواغه‪ :‬بنو مسكان بن حيي اخوة زواوة‪ ،‬ينقسمون إىل ثالثة بطون‪ :‬بنو دمر بن زواغ‪ ،‬وبنو واطيل بن زحيك بن زواغ‪ ،‬و بنو ماجربن تيفونني‬
‫زواغ‪ ،‬وهم أزواغ يف القبائل منتشرون يف مجيع البالد املغربية منهم قبيلة معروفة بامسهم اجلامع يف ناحية فج مزاله بالقطر اجلزائري‪ .‬ينظر عبد الوهاب‬
‫منصور‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.311‬‬
‫‪ - 4‬حممود إمساعيل عبد الرزاق‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪10‬‬
‫أوضاع المغرب األوسط بعد الفتح االسالمي‬ ‫المدخل‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدول المستقلة وقيامها بالمغرب األوسط‬


‫أ‪ /‬الدولة الرستمية ‪ 160‬ه ‪ 296-‬ه‪776 /‬م ‪909 -‬م‬

‫" عبد الرمحن بن رستم مؤسس الدولة الرستمية‪ ،‬وصل إل بالد املغرب اإلسالمي وكانت‬

‫الثورات مشتعلة ضد جور احلكام األمويني‪ ،‬فوجد اجلو مالئما لنشر أفكار املذهب اإلباضي‪ ،‬وألن‬

‫سكاهنا قد اعتنقوه من قبل جميئه‪ ،‬وذلك جبهود السالف من الدعاة االباضيني‪ .‬بويع إماما للخالفة سنة‬

‫‪1‬‬
‫‪ 160‬هر وبذلك حتققت آماال لإلباضني يف تأسيس أول دولتهم يف املغرب األوسط‪.‬‬

‫حيد هذه اإلمامة مشاال "تلول منداس" إىل قرب "غليزان‪ ،‬ويذهب اخلط جنوبا من هناك إىل‬

‫‪2‬‬
‫"فرندة "‪ ،‬وينعطف شرقي "جبل عمور "‪ ،‬ومن هناك إىل وطن " میزاب " وإىل " وارجلة‪.‬‬

‫إن ظهور الدولة يف زمن متقدم‪ ،‬وموقع جغرايف بالنسبة لالتصال بني املشرق واملغرب اإلسالمي منح‬

‫تيهرت حق السبق يف توسيع دائرة التجارة اإلسالمية وفتح هلا آفاقا جديدة وهامة يف تطورها كميا‬

‫ونوعيا‪.‬‬

‫‪ - 1‬عمورة عمارة ‪:‬موجز يف تاريخ اجلزائر ‪ ,‬دار رحيانة للنشر والتوزيع اجلزائر ‪ ,‬ط‪ ،2002 1‬ص ‪.43‬‬
‫‪ - 2‬عبد الرمحن بن حممد اجلياليل ‪ :‬تاريخ اجلزائر العام ‪ ,‬منشورات دار مكتبة احلياة ‪ ,‬اجلزائر ‪,‬ط‪ 1348 2‬ه \‪ 1965‬م ج‪ , 2‬ص‪.221.‬‬
‫‪11‬‬
‫أوضاع المغرب األوسط بعد الفتح االسالمي‬ ‫المدخل‪:‬‬

‫ويف اجملال يربز دور الدولة الرستمية يف جتارة الذهب‪ ،‬الرقيق األسود‪ ،‬وامللح حيث مثلت هذه‬

‫الثالثية وحسب األمهية مصدر دعم اقتصاد املغرب اإلسالمي وحىت الشرق منه‪.‬‬

‫تعاقب على حكمها كل من األئمة اآلتية أمساؤهم " عبد الرمحن بن رستم‪ ،‬أفلح بن عبد‬

‫الوهاب‪ ،‬أبو اليقظان بن أفلح‪ ،‬أبو حامت بن أيب اليقظان‪ ،‬يعقوب بن أفلح‪ .‬وأخريا اليقظان بن أيب‬

‫‪1‬‬
‫اليقظان‪.‬‬

‫ومن النقاط السلبية للدولة الرستمية أهنا مل تعنت باجلانب العسكري‪ ،‬وهذا ماسهل سقوطها‬

‫بسرعة على يد الشيعة العبيديني الفاطميني‪ ،‬واالستيالء على عاصمتها "تيهرت " سنة ‪ 296‬ه‪،‬‬

‫وأرغم سكاهنا على احلروب واللجوء إىل بسدراته‪ 2‬املوجودة بضواحي مدينة ورقلة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬عمورة عمارة‪ :‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.45‬‬


‫‪ - 2‬سدراته‪ :‬وهم بطون كثرية اختلطت بقبائل مغرواد وبطوها‪ ،‬وهلذه القبيلة فروع كثرية‪ ،‬وبطون عديدة مستقلة بنفسها ومعروفة بامسها األصلي أو‬
‫مندجمة يف غريها ومعروفة بأمساء فرعية منها قبيلة سدراته قرب مدينة برج بوعريريج باملغرب األوسط‪ ،‬وقبائل آیت سدرات القريبة من وادي درعة‬
‫باملغرب األقصى‪ .‬انظر عبد الوهاب منصور ‪ :‬قبائل املغرب‪ ،‬ص ‪.305‬‬
‫‪12‬‬
‫أوضاع المغرب األوسط بعد الفتح االسالمي‬ ‫المدخل‪:‬‬

‫ب‪/‬الدولة الفاطمية‪296‬ه‪362-‬ه‪/‬م ‪908-973‬م‬

‫استطاع الداعي أبو عبد اهلل الشيعي أن يقيم خالفة العبيديني يف املغرب سنة ‪296‬ه بفضل‬

‫شيوخ كتامة " وأبنائها وأن يقضي على األغالبة‪ ،‬والرستميني‪ ،‬واملدراربني‪ ،‬واألدارسة‪.‬‬

‫واخلالفة الفاطمية خالفة وراثية تقوم على أساس املذهب الشيعي اإلمساعيلي‪.‬‬

‫قال الوراق ‪ ":‬مل تزل الشيعة منذ مات علي بن أيب طالب تدعو ‪-‬رضه ‪ -‬إىل إمام معصوم‬

‫يقوم باحلق على زعمهم فرتسل الدعاة إىل النواحي فلم ينجح هلم سعي مث تفاوضوا و تراسلوا على أن‬

‫يرسلوا داعيا إىل املغرب‪.1‬‬

‫وكانت بدايتها على يد رجلني كالمها جاءا من املشرق سنة ‪279‬ھ‪892/‬م لبث الدعاية ضد‬

‫اخلالفة العباسية‪ ،‬ونشر مبادئ الشيعة اليت ترمي إىل إقامة اخلالفة اإلسالمية يف آل البيت ‪2‬وقد حدث‬

‫أن قام أحد زعمائها بتخريب مدينة تيهرت عاصمة بين رستم‪ ،‬واستوىل على املغرب األوسط وعليه‬

‫أضحى املغرب األوسط والية فاطمية مذهبا‪.‬‬

‫‪ - 1‬ابن عذارى املراكشي البيان املغرب يف أخبار األندلس واملغرب تح‪ /‬ج س کوالن وليفي بروفنسال‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بريوت لبنان ‪ ،‬ط‪ ،1983، 3‬ج‬
‫‪ ،1‬ص ‪.124‬‬
‫‪ - 2‬عبد الرمحن بن حممد اجلياليل‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.277‬‬
‫‪13‬‬
‫أوضاع المغرب األوسط بعد الفتح االسالمي‬ ‫المدخل‪:‬‬

‫وسياسة‪ 1‬وقد اختذ عبيد اهلل الذي لقب باملهدي عاصمة ملكه املهدية‪ ،‬ولقد نالت أرض املغرب‬
‫األوسط يف أيام اإلدارة الفاطمية ‪.‬‬

‫راحة وهناءا وعاد هلا ما كادت تفقده أيام الفنت السالفة من االزدهار والرفاهية‪،‬‬

‫وشيدت الدولة الفاطمية أسطوال ذا أمهية كربى يف البحر املتوسط‪ ،‬كما أن اجلزائريني كانوا واسطة‬

‫نقل التجارة إىل السودان بواسطة الصحراء‪ ،‬وكان الرستمیون مهدا لتلك الطرق يف التجارة الواسعة‬
‫‪2‬‬
‫النطاق‪.‬‬

‫والفضل يف نشر املذهب الشيعي يف أوساط املغرب األوسط يعود إىل شخصية عبید اهلل‬

‫الشيعي الذي استمال الكتاميني الذين قصدوا احلج إىل صفه لتحقيق مأربه فكان له ماأراد وكون‬

‫منهم جيشا قويا ضرب به الدول القائمة يف بالد املغرب‪ ،‬وأسقطها‪.‬‬

‫وأحرز أبو عبد اهلل من النجاح ما جعل شهرته تتعدى ايكجانوتازولت و بالد املغرب إىل بالد‬

‫املشرق‪.‬‬

‫وأصبح املغرب كله بيد الشيعة اإلمساعيلية الفاطمية‪ ،‬وتوىل خالفة الفاطميني يف بالد املغرب‬

‫يف الفرتة‪298‬م ‪909/‬م وهم‪ :‬املهدي عبيد اهلل الشيعي مث القائم بن عبيد اهلل مث املنصور بن القائم‪،‬‬

‫وأخريا املعز لدين اهلل الفاطمي وهو ابن املنصور‪.‬‬

‫‪ - 1‬حممد كمال شبانة ‪ ،‬الدويالت اإلسالمية يف املغرب ‪ ،‬منشورات دار مكتبة احلياة ‪ ،‬بريوت ط‪ 1429/2008 ،1‬ه ‪ ،‬ص ‪.120‬‬
‫‪ - 2‬أمحد توفيق املديين ‪ :‬كتاب اجلزائر ‪ ،‬املطبعة العربية ‪ ،‬اجلزائر ‪،1931 ،‬ص‪.24‬‬
‫‪14‬‬
‫أوضاع المغرب األوسط بعد الفتح االسالمي‬ ‫المدخل‪:‬‬

‫والدولة الفاطمية دولة عاصمتها املهدية يف املغرب األدىن‪ ،‬ولكن نشأهتا وقوهتا الضاربة‪،‬‬

‫ومیدان انتصاراهتا يف بالد املغرب األوسط‪.‬‬

‫ج‪ /‬الدولة الحمادية ‪398‬ھ –‪547‬ھ ‪1007/‬م‪1152-‬م‬

‫تويف املنصور يف يوم اخلميس ‪ 3‬ربيع األول ‪386‬ه فبويع ولده باديس الذي كان حائزا على‬

‫سجل والية عهد أبيه العزيز الفاطمي ‪381‬ه‪ 1‬ترك له مهمة قتال زناتة وإرسال اجليوش للقضاء عليها‬

‫لكن مل تتمكن قوات بين زيري من القضاء على قوات مغراوة‪ .2‬عندما عجز بنو زیري على بسط‬
‫‪3‬‬
‫سلطاهنم وهيمنتهم على كل أحناء املغرب األديب واألوسط بسبب الثورات املتعددة من زنانه ‪.‬‬

‫كل أحناء املغرب األديب واألوسط بسبب الثورات املتعددة من زناتة‪ ،‬قرر باديس أن يستعني بعمه محاد‬

‫للقضاء على قبيلة زناتة املعادية له‪ ،‬فقبل محاد وأمد يد املساعدة إىل ابن أخيه باديس الذي استضعفته‬
‫‪4‬‬
‫زناتة لصغر سنه وخالفوا عليه‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد الرمحن اجلياليل‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.251‬‬


‫‪ - 2‬كانت بأرض املغرب األوسط إىل تلمسان غلى جبل مذبولة وما إليها ‪ .‬كان ملغراوة يف بدو هو ملك كبري أدركهم عليهم اإلسالم فاقرمهلهم‪،‬‬
‫وحسن إسالمهم‪ ،‬وكانت قبائل مغراوة من أوسع بطون زناتة الذين ينتسبون إىل مغراو بن بصلتني بن مسر بن زاكيا بن ألديرت بن جانا إخوة بين‬
‫يفرن‪ ،‬وبين زيان ‪ .‬أنظر ابن خلدون‪ ،‬ج‪ ،7‬العرب‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ - 3‬حسن خضريي أمحد‪ :‬عالقات الفاطميني يف مصر بدول املغرب (‪362‬ھ – ‪567‬ھ ‪973/‬م ‪1171-‬م)‪ ،‬مكتبة مبدول بالقاهرة‪ ،‬ط‪ ، 1‬ص‬
‫‪.77‬‬
‫‪ - 4‬حسن خضريي ‪ ،‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪15‬‬
‫أوضاع المغرب األوسط بعد الفتح االسالمي‬ ‫المدخل‪:‬‬

‫فاشرتط محاد شروطا كثرية تشطط‪ 1‬فيها فأعطاه اخليل والسالح ‪ ،‬وشيئا كثريا من املال‪،‬‬

‫وهذا ما ذكره ابن عذارى املراكشي‪" :‬أن يف شهر صفر ‪ 387‬هر عقد باديس والية أشري احلماد بن‬

‫أيب الفتوح يوسف بن زيري بن مناد فخرج عامال عليها وأعطاه خيال كثريا وکسی جليلة مث اتسعت‬
‫‪2‬‬
‫عمالته وكثرت عساکره ‪ ،‬وعظم شأنه‪.‬‬

‫قام محاد مبهمته حبذاقة‪ ،‬واستطاع أن يقهر زناتة‪ ،‬ويف سنة ‪ 398‬ه شرع يف بناء قلعته مبدينة‬

‫املعاضيد‪ 3‬فنزل هبا وجعلها مقرا له فاتضح لباديس موقف عمه العدائي اجتاه ملکه‪ ،‬والدعوة الشيعية‬

‫وأدرك منه هذا امليل‪ ،‬واإلستقالل فأراد أن خيترب مدى والئه له فكتب إليه لطيفا يأمره فيه أن يسلم‬

‫العمل الذي بيد أيب زعبل وهو مدينة تيجس‪ 4‬وقصر اإلفريقي وقسنطينة البنه املنصور فأيب ‪.‬‬

‫تداول ملوك بين محاد يوطدون األمن وينشرون العلم ويوسعون دائرة التجارة والصناعة حىت‬

‫أصبحت بالد املغرب األوسط من أكثر أقطار اإلسالم رفاهية ورخاء‪ ،‬وأمنا‪ .‬وهؤالء امللوك هم "محاد‬

‫بن بلكني الصنهاجي‪ ،‬والقائد بن محاد‪ ،‬حمسن بن القائد‪ ،‬بلكني بن حممد بن محاد‪ ،‬الناصر على ناس‬

‫بن محاد‪ ،‬املنصور بن الناصر‪ ،‬باديس بن املنصور ‪ ،‬العزيز بن املنصور و حييني العزيز احلمادي‪.‬‬

‫‪ - 1‬ابن اخلطيب لسان الدين تاريخ املغرب العريب يف العصر الوسيط من كتاب أعمال األعالم‪ ،‬دار الكتاب ط‪ ،1974‬ص ‪.70‬‬
‫‪ - 2‬ابن عذارى املراكشي‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.248‬‬
‫‪ - 3‬عمار بوحوش ‪ :‬التاريخ السياسي للجزائر من البداية ولغاية ‪ ،1962‬ط‪ ،1‬دار الغرب اإلسالمي بريوت لبنان‪ ،1997 ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪ - 4‬كانت مكان إقامة الدوق الذي كان يقود القوات البيزنطية أيام الفتح اإلسالمي لعبت دورا هاما يف العهد الفاطمي‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫أوضاع المغرب األوسط بعد الفتح االسالمي‬ ‫المدخل‪:‬‬

‫واشتهرت بعلمائها وشعرائها وحكامها ممن ألفت فيهم ويف أعماهلم اجمللدات من أمثال حممد‬

‫بن علي الصنهاجي صاحب كتاب "نبذة احملتاجة يف تاريخ صنهاجة " واملؤرخ ابن علي واللغوي ابن‬

‫العفراء واجملتهد ابن الرماح ‪ ،‬ومئات من أمثاهلم‪.‬‬

‫دامت دولة بين محاد ‪ 139‬عاما توىل أمرها تسعة من امللوك كان هلم السلطان املطلق‬

‫د‪ /‬الدولة الزيانية ‪633‬ھ ‪962-‬ه ‪1236‬م‪1514-‬م‪.‬‬

‫كان بنو زیان والة املغرب األوسط بعد املوحدين فلما ضعف سلطان املوحدين‪ ،‬وأعلن احلفصيون‬

‫يف تونس استقالهلم عنهم مل ير بنو زیان بدا من استقالهلم هم االخرون واختذوا من تلمسان عاصمة‬

‫هلم‪.‬‬

‫وينتسب بنو زبان إىل قبيلة بين عبد الواد الزناتية كما جيمعهم نسب بنو مرين ‪1‬کانت‬

‫مواطنهم مابني جبال سعيدة شرقا ووادي ملوية غربا ومنهم فصيلة متوطنة جببل أوراس وهم من أهل‬

‫الرببر يعيشون معيشة النجعة يرتادون صحراء املغرب األوسط مابني مصاب ‪ -‬مزاب ‪ -‬إمللوية‬

‫وفيجيج مث إىل سلجماسة ‪ -‬تافياللت‪.‬‬

‫‪ - 1‬حممد كمال شبانة‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.128‬‬


‫‪17‬‬
‫أوضاع المغرب األوسط بعد الفتح االسالمي‬ ‫المدخل‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ومنها أيضا إىل أرض الزاب وهم تلوا بين مرين يف الكثرية والغلبة‪.‬‬

‫وأول ملوكها األمري يغمراسن بن زيان بن عبد الواد‪ .2‬كان كرميا شجاعا فاضال حليما‬
‫‪3‬‬
‫متواضعا ذا سداد وعفاف‪.‬‬

‫وقد أطلق ملوك بنو زيان على أنفسهم اسم أمري املؤمنني وأحاطوا الدولة بسياج من األمة‬

‫واجلالل‪ ،‬وقسموا السلطة إىل ثالث شعب ‪ :‬الشعبة العسكرية يتوالها "صاحب السيف " والسلطة‬

‫اإلدارية يتوالها "قاضي القضاة " وكان املزاول أو الوزير األكرب يتوىل االشراف على كل اإلدارات‬

‫وحتت سلطته صاحب األشغال أو وزير املالية والتعمري‪ ،‬وديوان اإلنشاء املكلف باملراسالت العامة‬

‫والذي اشتغل فيه رجال من كبار العلماء واألدباء سجل التاريخ أمساءهم‪.‬‬

‫والدولة الزيانية دامت أكثر من ‪ 300‬سنة تداول عليها أكثر من ‪ 24‬سلطانا أوهلم" يغمراسن‬

‫مث ابنه مث أبو محو موسى األول إىل أن سقطت بيد اإلخوة بربروس‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد الرمحن بن حممد اجلياليل‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.125‬‬


‫‪ - 2‬ابن األمحر ‪ :‬تاريخ الدولة الزيانية بتلمسان‪ ،‬تق وتح هاين سالمة‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪1421 ،1‬ه‪2001/‬م‪ ،‬ص ‪.95‬‬
‫‪ - 3‬ابن خلدون حيي‪ .‬بغية الرواد يف دكر ملوك بين عبد الواد‪ ،‬ج ‪ ، 1‬اجلزائر ‪ ،‬مطبعة بيري بونطانا الشرقية‪ ، ،‬ط‪1321|1903‬ه‪ ،‬ص ‪.109‬‬
‫‪18‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬


‫المبحث األول‪ :‬حياته ( نسبه‪ ،‬علمه‪ ،‬صفاته)‬
‫‪-1‬نسبه‪ :‬هو عبد الرمحان بن رستم بن هبرام‪ 1‬من موايل عثمان بن عفان‪ 2‬بن سام بن کسری أبو‬

‫شروان امللك الفارسي املشهور ‪.3‬‬

‫ولد اإلمام عبد الرمحان‪ ،‬يف العراق من أب فارسي‪ ،‬من ساللة كسرى‪ 4‬وكان أبوه منجما‬

‫وكان يرى يف علم مدخر عندهم أن ذريته ستلى‪ 5‬أرض املغرب‪.6‬‬

‫ويف صباه غادر‪ ،‬عبد الرمحان العراق‪ ،‬رفقة والديه ألداء فريضة احلج‪ 7‬ويبدو أن هذين الوالدين‬
‫‪8‬‬
‫ال يزاالن يف طور الشباب‪ ،‬ويؤكد ذلك وجود ولد وحيد هلما‪ ،‬هو عبد الرمحان بن رستم‪.‬‬

‫‪ - 1‬ابو الربيع سليمان الباروين‪ :‬خمتصر تاریخ االباضية‪ ،‬مكتبة الضامري‪ ،‬سلطنة عمان‪ ،‬ط ‪3،1423‬ھ‪2003/‬م‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪ - 2‬إبراهيم فرغلي‪ :‬تاريخ الدول املستقلة يف املغرب العريب‪ ،‬مطبعة املدين‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ ،20061‬ص ‪ - .57‬أبو الربيع سليمان الباروين‪ :‬املصدر السابق‪،‬‬
‫ص‪.37‬‬
‫‪ - 3‬أبو الربيع سليمان الباروين‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪ - 4‬حساين خمتار‪ :‬تاريخ اجلزائر الوسیط‪ ،‬دار اهلدى‪ ،‬اجلزائر‪ ،2013 ،‬ص‪ .26‬أما الدكتور إبراهيم حباز فريى رأي املسعودي الذي يقول بأن عبد‬
‫الرمحان بن رستم أصله من اللذراقة من األندلس ينظر إبراهيم حبار‪ :‬الدولة الرستمية ‪296‬م ‪909-777/‬م‪ ،‬دراسة يف األوضاع االقتصادية واحلياة‬
‫الفكرية ‪ ،‬املطبعة العربية‪ ،‬غرداية‪ ،‬ط‪1993 ،2‬م‪ ،‬ص ‪ ،92‬هامش ‪ 44‬وما بعدها‪ .‬وكذلك‪ :‬نفسه‪ ،‬عبد الرمحان بن رستم (‪171-160‬ه ‪-777-‬‬
‫‪788‬م) موفم للنشر‪ ،‬اجلزائر ‪2011 ،‬م ص‪.7‬‬
‫‪ - 5‬أبو العباس امحد بن سعيد الدرجيين‪ :‬طبقات املشايخ‪ ،‬ابراهیم طالي‪ ،‬مطبعة البعث‪ ،‬اجلزائر ‪ ،1974‬ج‪ ،1‬ص ‪.19‬‬
‫‪ - 6‬املغرب‪ :‬يرتبط ظهوره ‪ ،‬بعصر الفتنه بني علي ومعاوية قبل منتصف القرن األول اهلجري ويظهر انه استعمل يف هذه الفرتة للداللة على اجلزء الغريب‬
‫من العامل اإلسالمي الذي كان يشمل مصر مبلحقاهتا والشام وما جاوره ويقابله من اجلهة األخرى املشرق اإلسالمي الذي كان يشمل العراق وفاس‬
‫وماوراء النهر‪ .‬ينظر ‪ :‬الدكتور موسى لقبال ‪ ،‬املغرب اإلسالمي‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ‪ ،‬اجلزائر‪ ،1951 ،‬ط‪ ،‬ص‪.15-14‬‬
‫‪ - 7‬عمار عمورة ‪ :‬اجلزائر بوابة التاريخ ماقبل التاريخ إىل اجلزائر عامة دار املعرفة‪ ،‬اجلزائر ‪ ،1962‬ط‪ ،2006‬ج‪ ،1‬ص ‪.85-84‬‬
‫‪- 8‬ابراهيم جباز عبد الرمحان بن رستم ينظر‪ ،‬ص‪.9-7‬‬
‫‪20‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فمات أبوه إثر مرض أصابه‪ ،‬مبكة فتزوجت أمه حاجة من القريوان‪ 1‬فانتقل عبد الرمحان مع‬
‫‪3‬‬
‫أمه‪ 2‬وزوجها إىل القريوان‪.‬‬

‫يف العراق مسقط رأس عبد الرمحان‪ ،‬وال نعلم بالضبط املدينة اليت ولد فيها‪ ،‬وال السنة ولكن‬

‫االحتمال األكرب جيعل عبد الرمحان من مواليد العقد األول من القرن الثاين اهلجري (‪100‬م ‪-‬‬

‫‪ 110‬م) إن انتقال عبد الرمحان بن رستم مع أمه من املشرق إىل املغرب كان يف بداية القرن الثاين‬

‫اهلجري إذ يف هذه الفرتة تسربت معتقدات مذهيب اإلباضية‪ 4‬والصفرية‪ 5‬إىل بالد املغرب‪.‬‬

‫وقد وجد فيهما املغاربة ملجأ هلم‪ ،‬من جور بعض الوالة األمويني‪ ،‬ورأوا يف تلك املعتقدات اإلسالم‪.‬‬

‫احلقيقي كما يقول شيخ البكري‪ « :‬ووجدوا يف مبادئهما ما يطابق ميوهلم وعقليتهم احملبة‬

‫لالستقالل والعدل» وقد عمل بذلك املذهبان اإلباضية والصفرية‪ ،‬على تعميق جدور اإلسالم يف‬
‫‪6‬‬
‫نفوس املغاربة‪ ،‬حىت األستاذ ألفرد بل يذكر أن دعاة اخلوارج‪.‬‬

‫‪ - 1‬عمار عمورة ‪ :‬اجلزائر بوابة التاريخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.85-84‬‬


‫‪ - 2‬تادایو شليفسكي‪ :‬املؤرخون االباضيون يف افريقيا الشمالية‪ ،‬ترمجة ماهر جرار ورميا جرار‪ ،‬مؤسسة تاوالت الثقافة‪ ،2007 ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ - 3‬القريوان‪ :‬مدينة بتونس احلالية‪ ،‬احتاطها عقبة بن نافع الفهري سنة ‪55‬ھ ‪650-‬م بىن هبا املسجد املنسوب إليه حىت اآلن و لفظ القريوان فارسي‬
‫األصل و معناد معسكر اجليش ‪ .‬ينظر‪ :‬حسن حسين عبد الوهاب‪ ،‬خالصة تاريخ تونس‪ ،‬الدار التونسية للنشر و التوزيع‪1968 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ص ‪.56‬‬
‫‪ - 4‬اإلباضية‪ :‬تنسب إىل عبد اهلل بن أباض (املتويف ‪86‬م) بن ثعلبة التميمي بن مرة بن عبيد بن رهط األحدف بن قیس کان يف زمان معاوية بن أيب‬
‫سفيان (‪ 86-65‬م) و عاش إىل زمان عبد امللك بن مروان بكسر األلف يف أكثر الروايات و بالضم يف بعضها ‪ .‬ينظر‪ :‬عبد القادر بن طاهر البغدادي‪،‬‬
‫الفرق بني الفرق‪ ،‬بريوت لبنان‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ص ‪ .62-61‬ينظر إبراهيم باز وآخرون‪ ،‬معجم مصطلحات اإلباضية‪ ،‬نشر وزارة األوقاف سلطنة عمان‪،‬‬
‫‪.2009‬‬
‫‪ - 5‬الصفرية‪ :‬هم أتباع عبد اهلل الصفار‪ ،‬و إليه ينسب و قيل مسوا بذلك لصفرة وجوههم من كثرة العبادة‪ .‬ينظر‪ :‬الشهرستاين أبو الفتح حممد بن عبد‬
‫الكرمي ‪ :‬امللل و النحل‪ ،‬صححه و علق عليه أمحد فهمي‪ ،‬ج ‪ ،1‬بريوت لبنان‪ ،‬دار السرور‪1368 ،‬ه ‪1948 -‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ص ‪.137‬‬
‫‪ - 6‬اخلوارج ‪ :‬ظهر اخلوارج بعد موقعة صفني وهو موضع قرب الرقة على شاطئ الفرات من اجلهة الغربية اليت دارت رحاها على شاطئ الفرات من‬
‫اجلهة الغربية اليت دارت رحاها الفرات سنة (‪37‬ھ ‪657 -‬م ) بني اإلمام علي كرم اهلل وجهه و معاوية بن أيب سفيان رضي اهلل عنهما‪ ،‬ذلك أن معاوية‬
‫جلأ إىل تشتيت جيش علي بن أي طالب بعد أن رأى أن جيشه أوشك على االتزام‪ ،‬وطلب وقف القتال و اجياد سلمي عن طريق التحكيم إىل كتاب اهلل‬
‫و ملا تبني لعلي و أصحابه أن معاوية خدعهم حاولوا استئناف تقتال إال أن مجاعة منهم اعتربت قبول التحكيم كبرية و طالبت من على أن يتوب‪ ،‬و‬
‫عندما وقعت شعار ال "حكم إال هلل" خرجت طائفة و أطلق عليهم اخلوارج‪ ،‬و كان عددهم أربعة أالف و أصبحوا حياربون كل من علي و معاوية لقد‬
‫قاتلهم علي يف معركة ( ‪ 37‬ه ‪ 658 -‬م) ‪ ،‬و قتل زعيمهم عبد اهلل بن وهب الراسي ‪ .‬وهلا عدة أمساء‪ :‬احملكمة ‪ -‬الشراة وفرقها‪ .‬منها ( األزارقة‬
‫‪21‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫(ويقصد هبم اإلباضية والصفرية ) «كانوا خري رسل لإلسالم يف بالد املغرب منذ بداية القرن الثاين‬
‫‪1‬‬
‫للهجرة »‬

‫كان عبد الرمحان بن رستم عريب املولد واملنشأ واملرىب والثقافة واللغة‪ ،‬ولد بالعراق وترىب‬

‫بالقريوان‪ 2‬وحفظ القرآن الكرمي وتعلم السنة النبوية حتت رعاية أمه وزوجها‪ 3‬مث عاد إىل العراق فتعلم‬
‫‪4‬‬
‫بالبصرة‪.‬‬

‫يقول حممد عيسى احلريري نقال عن البكري«‪ ...‬يرتفع بنسب عبد الرمحان بن رستم إىل أصل‬

‫ملكي‪ ،‬يرتبط بأكاسرة الفرس الساسانيني فجده هو‪« :‬هبرام بن ذي شرار بن سابور بن يابکاننب‬
‫‪5‬‬
‫سابور ذي األكتاف امللك الفارسي ونفس الرواية جندها النسب اىل األصلي امللكي الفارسي‪....‬‬

‫إذن يف هذا اجلو املضبب الذي ال تظهر فيه الرؤية جيدا‪ ،‬عاش عبد الرمحان بن رستم صباه‬

‫وشبابه‪ ،‬األول ‪ ،‬وكان مهه طلب العلم وإصالح الوضع يف املغرب اإلسالمي ومع بدايات تسرب‬
‫‪6‬‬
‫معتقدات اإلباضية إىل املغرب وصل داعية اإلباضية‪ ،‬سالمة بن سعيد القريوان‪.‬‬

‫النجدان ‪ ،‬الصفرية‪ ،‬اإلباضية ) ‪ .‬ينظر ‪ :‬أبو عمار الكويف اإلباضي‪ ،‬املوجز (أراء اخلوارج الكالمية ) حتقيق و تقدمي ‪ :‬عمار طاليب‪ ،‬ج‪ ،1‬اجلزائر‪،‬‬
‫الشركة الوطنية للنشر و التوزيع (‪ 1398‬ه ‪ 1978 -‬م ) ‪ ،‬ص ‪ 79-95‬؛ صبار طعيمة‪ ،‬اإلباضية عقيدة ومذهبا‪ ،‬بريوت لبنان‪ ،‬دار اجليل‪ ،‬ص‬
‫‪ .17-18‬حباز وآخرون‪ ،‬معجم مصطلحات‪.‬‬
‫‪ - 1‬إبراهيم حباز بكري‪ :‬عبد الرمحان بن رستم ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.10-7‬‬
‫‪ - 2‬ابراهیم حباز‪ :‬الدولة الرستمية‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫‪ - 3‬ابراهیم حباز‪ :‬عبدالرمحان بن رستم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.9-7‬‬
‫‪ - 4‬ابراهیم حباز‪ :‬الدولة الرستمية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫‪ - 5‬حممد عيسى احلريري‪ :‬الدولة الرستمية باملغرب اإلسالمي حضارها وعالقاهتا اخلارجية باملغرب واألندلس (‪296-160‬ه) دار القلم لنشر والتوزيع‬
‫الكويت‪ ،‬ط ‪1408 ،3‬م ‪1987-‬م‪ ،‬ص ‪.74-73‬‬
‫‪ - 6‬إبراهيم حباز‪ :‬عبدالرمحان بن رستم‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪22‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -2‬علمه ‪ :‬ملا نضج عبد الرمحان بن رستم‪ ،‬بعثه داعية اإلباضية سلمة بن سعيد‪ ،‬يف بعثة‬

‫علمية إىل العراق ‪ 1‬قال له‪« :‬یا فيت إن كنت طالبا ما أراك تطلبه فاقصد إىل أيب عبيدة مسلم بن أيب‬

‫كرمية التميمي ‪ ...‬حتد عنده مارجوت»‪ 2‬ويف البصرة تتلمذ على يد شيخها الزعيم الروحي لإلباضية‬

‫اإلمام أيب عبيدة مسلم أيب كرمية التميمي‪ 3‬وأختار سلمة بن سعيد‪ 4‬هلذه املهمة أربعة من التالميذ‬

‫املخلصني‪.‬‬

‫هم عبد الرمحان بن رستم وعاصم السدرايت‪ 5‬و أبو داود النفراوي‪ 6‬وإمساعيل بن درار‬

‫الغدامسي‪ 7‬وراعي سلمة يف هذا اإلختيار أن يكونوا من أماكن متفرقة‪ ،‬حىت يتيحوا لدعوة اإلباضية‬

‫فرصة اإلنتشار‪ ،‬يف أكرب مساحة ممكنة يف بالد املغرب بعد عودهتم‪ .‬وكانت البعثة العلمية اليت مسي‬

‫أصحاهبا محلة العلم‪ ،‬هي أول الثمار احلقيقية اليت جناها دعاة اإلباضية‪ ،‬يف املغرب إذ أن هذه البعثة‬

‫متثل مرحلة اإلعداد الفكري لألشخاص الذين سيقومون بالتطبيق العلمي‪ ،‬املبادئ الفكر اإلباضي يف‬
‫‪8‬‬
‫بالد املغرب‪.‬‬

‫‪ - 1‬احلريري‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬


‫‪ - 2‬إبراهيم حباز‪ :‬عبدالرمحان بن رستم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ - 3‬أبو عبيدة مسلم‪ :‬تلميذ جابر بن زيد األزدي التابعي املشهور (تويف سنة ‪93‬ه تقریبا ) امام مذهب اإلباضية واسه قبل عبد عبد اهلل بن اباض‬
‫التميمي ‪ ،‬امنا مثل عبد اهلل بن اباض بالنسبة جلابر بن زيد األزدي رضي اهلل عنه كمثل ايب يوسف يعقوب بن ابراهیم رضي اهلل عنه بالنسبة أليب حنيفة‬
‫النعمان ابن ثابت رضي اهلل عنه (ت ‪ 150‬ه) امام مذهب األحناف ال غري ‪ ،‬كان الشيخ ابوعبيدة يعرف بالقفاف لتظاهرة بصناعة القفاف اثناء القاء‬
‫دروسه السرية احملظورة و تظاهر تالميذه بتعلم الصنعه منه ‪ .‬ينظر‪ :‬حباز عبد الرمحان بن رستم‪ ،‬املرجع السابق‪.19-12 ،‬‬
‫‪ - 4‬سلمة بن سعيد‪ :‬من دعاة اإلباضية الذي جاء من البصرة ووصل إىل املغرب يدعو الناس إىل املذهب اإلباضي وهو يتمىن أن أن لو ظهرت و لو يوما‬
‫واحدا من أول النهار إىل آخره وال يأسف إنا ضربت عنقه بعد ذلك‪ .‬ينظر‪ :‬حاز‪ ،‬عبد الرمحان بن رستم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 5‬عاصم السدراين ‪ :‬ينتمي إىل قبيلة سدراتة و موطنها غرييب األوراس‪ ،‬قتل مسموما أثناء حصار أيب اخلطاب املعافري للقريوان ‪ .‬ينظر ‪ :‬عبد املقصود‬
‫باشا‪ ،‬الرستميون‪ ،‬صفحة رائدة من التاريخ اجلزائري‪ ،‬ص ‪.18‬‬
‫‪ - 6‬أبو داود النفراوي‪ :‬ينتمي إىل قبيلة تقراوة الرببرية‪ ،‬موطنها جنوب تونس‪ .‬أنظر‪ :‬عبد املقصود‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪18‬‬
‫‪ - 7‬إمساعيل بن درار الغدامسي‪ :‬ينتمي إىل قبيلة غدامس جنوب طرابلس‪ .‬ينظر‪ :‬عبد املقصود‪ ،‬املرجع نفسه‪.18 ،‬‬
‫‪ - 8‬احلريري‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬

‫‪23‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إن عبد الرمحان بن رستم يف طريقه من القريوان إىل البصرة ويف رحلته فكرة واحدة هو ذاهب‬

‫إىل تعميقها واإلستزادة من علومها إهنا فكرة املذهب اإلباضي‪ ،‬أراد أن يرتقي بفكرته من العشق‬

‫واحلماسة إىل التدبر والعلم والرسوخ‪ ،‬فيه أقام مع رفاقه مخس سنوات من (‪135‬ه ‪140 -‬م )‪.‬‬

‫تعلم يف مدرسة سرية‪ ،‬هي عبارة عن سرداب أرضي‪ ،‬ال يعرفه إال التالميذ الذين يطلق عليهم‬

‫محلة العلم» أما من حيث التأليف‪ ،‬ألف كتابني أحدمها يف التفسري والكتاب والثاين مجع فيه خطبه اليت‬
‫‪1‬‬
‫كان يلقيها يف صالة اجلمعة‪ ،‬وغريها من املناسبات ‪.‬‬

‫كان عبد الرمحان بن رستم من كبار العلماء يف عصره‪ ،‬ومن األدباء يف الدين ويف العلوم‬

‫الشرعية ويف اللغة العربية وأسلوبه يف رسائله ومواعظه تدل على فصاحته‪ ،‬وكانت له الرباعة القوية‬

‫والدراية الواسعة يف الفلك والنجوم‪.2‬‬

‫نشأ يف كنف أب قريواين (تبناه) وتعاطي النحلة اإلباضية يف القريوان‪ ،‬ومنها سافر إىل البصرة‬
‫‪3‬‬
‫حيث استكمل تعليمه مث قفل إىل إفريقية‪.‬‬

‫نزل بسرت لنشر الدعوة اإلباضية يف أول القرن الثاين للهجرة‪ 4،‬سار عبد الرمحان بن رستم‬

‫إىل أيب عبيدة مسلم بن أيب كرمية التميمي يف البصرة‪ ،‬فاجتمع بالنفر فقصدوا أيب عبيدة فصافحهم‬

‫وسأهلم عن أحواهلم ومن أين أقبلوا فأخربوه أهنم أرادوا تعلم العلم فأجاهبم إىل ذلك‪.‬‬

‫‪ - 1‬إبراهيم حباز‪ :‬عبد الرمحان بن رستم ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.21-17‬‬


‫‪ - 2‬حممد علي دبوز ‪ :‬املغرب العريب الكبري‪ ،‬مؤسسة تاوالت التقافية ‪ ،‬ط‪ ، 2010‬ج ‪ ،1‬ص‪. 282‬‬
‫‪ - 3‬عشرايت سليمان‪ :‬الشخصية اجلزائرية األرضية التارخيية واحملددات احلضارية‪ ،‬دار الغرب لنشر وتوزيع‪ ،‬اجلزائر ‪ 2002،‬ج‪ 1‬ص ‪.130-129‬‬
‫‪ - 4‬إبراهيم فرغلي‪ :‬تاريخ الدول املستقلة يف املغرب العريب‪ ،‬العريب لنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مطبعة املدين‪ ،‬املؤسسة السعودية مبصر‪ ،‬ط‪ ،2006 ،1‬ص‬
‫‪.47‬‬
‫‪24‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وكان أيب عبيدة رمحه اهلل متخفيا خوفا من بعض أمراء البصرة‪ ،‬فأدخلهم سردابا وجعل فيه‬

‫سلسلة وطفق يعمل القفاف بباب السرب فمىت رأى شخصا مقبال حرك السلسلة فسكنوا فإذا‬
‫‪1‬‬
‫انصرف حركها فيأخذون يف دراستهم‪.‬‬

‫انتقل عبد الرمحان بن رستم إىل البصرة‪ ،‬حيث أبو عبيدة مسلم بن کرمية يدرس الفقه‬

‫اإلباضي‪ ،‬وتعاليمه يف كتمان تام وقضى هناك مخس سنوات كانت أساس علمه وفقهه الذي سريشح‬
‫‪2‬‬
‫بسبها إىل منصب اإلمامة‪.‬‬

‫‪-3‬صفاته ‪:‬‬

‫عرف عنه من اهلمة والنشاط والصرب على الشدائد والزهد يف الدنيا واحلكم بالكتاب والسنة‬
‫‪3‬‬
‫أقام احلدود وبالغ يف األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬

‫ورحمه يف متناول يديه‪ ،‬بينما كان سيفه مربوطا إىل عضده وبابه‪ ،‬فإن ذلك ال يعين أنه كان‬
‫‪4‬‬
‫حيكم اجلماعة حكما إستبداديا وإن كان صاحلا‪.‬‬

‫كان عبد الرمحان بن رستم من ذكائه العلمي املمتاز الذي بوأه أرفع درجات وأناله من‬
‫‪5‬‬
‫العرفان ما يزيد على ذكاء إجتماعي ممتاز‪ ،‬يؤتى لعامل يف مثل درجته يف العلم‪.‬‬

‫‪ - 1‬أبو العباس أمحد بن سعيد الدرجيين‪ :‬طبقات املشايخ باملغرب‪ ،‬حتقيق إبراهيم طالي‪ ،‬مطبعة البعث قسنطينة‪ ،‬جلزائر ‪ ،1974‬ج‪ ،1‬ص ‪. 20‬‬
‫‪ - 2‬إبراهيم حباز‪ :‬الدولة الرستمية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪124‬‬
‫‪ - 3‬عبد اهلل الباروين‪ :‬األزهار الرياضية يف أئمة وملوك اإلباضية‪ ،‬مطبعة األزهار البارونية‪ ،‬مصر ص ‪.38‬‬
‫‪ - 4‬سعد زغلول عبد احلميد‪ :‬تاريخ املغرب العريب‪ ،‬تاريخ دولة األغالبة والرمستني وبين مدرار واألدارسة حىت قيام الفاطميني منشأة املعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية ‪ ،1993‬ج‪ ،1‬ص‪.306-302‬‬
‫‪ - 5‬حممد علي دبوز املرجع السابق‪ ،‬ص‪.283‬‬
‫‪25‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬تأسيسه للدولة الرستمية ‪.‬‬


‫عاد عبد الرمحان بن رستم مع زمالئه محلة العلم من البصرة وأصبح أقوى مساعدي أيب‬

‫اخلطاب فقد واله منصب القضاء يف طرابلس وبعد إستيالء أيب اخلطاب على القريوان ‪141‬ه‪758/‬م‬

‫أسند إىل عبد الرمحان بن رستم إدارة شؤوهنا باإلضافة إىل قسم من بالد املغرب األوسط‪ 1‬كان‬

‫سكاهنا من اإلباضية ميتد من جزائر بين مزغنة إىل وهران ومن القريوان استطاع أن يراقب املغرب‬

‫األوسط عن كثب إذ رأى يف املغرب امتدادا حيمي الدولة الناشئة من‪ 2‬طرابلس‪.3‬‬

‫خرج أبو اخلطاب عبد األعلى إمام اإلباضية ملواجهة اجليش الذي أرسله اخلليفة أبو جعفر‬

‫املنصور مؤسس الدولة العباسية بقيادة ابن األشعث اخلزاعي‪ 4‬للقضاء على اإلباضية والستعادة عاصمة‬

‫القريوان فاهنزم جيش أيب اخلطاب سنة ‪144‬ه وقتل اإلمام نفسه‪ .‬وملا يئس الرببر من تأسیس دولة يف‬

‫القريوان فكروا يف اللجوء إىل املغرب األوسط حيث عبد الرمحان بن رستم وهكذا يبايع إماما للدولة‬
‫‪5‬‬
‫الرستمية عام ‪160‬ه‪777/‬ه ‪.‬‬

‫‪ - 1‬املغرب األوسط‪ :‬يشمل بالد اجلزائر‪ ،‬وكانت عاصمته تيهرت يف عهد الدولة الرستمية اإلباضية و أشهر مدنه‪ :‬تلمسان‪ ،‬وهران‪ ،‬فريوة و سلمة و‬
‫سليمة‪ ،‬و هذه املدن األخرية مل يبق إال امسها فال يعرف موقعها‪ .‬ينظر‪ :‬أمحد خمتار العبادي‪ ،‬يف تاريخ املغرب و األندلس‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬املؤسسة الثقافية‬
‫العربية‪ ،‬ص ‪ ،13‬حممد بن رمضان شاوش‪ ،‬الدر الوقاد من شعر بكر بن محاد التاهريت مستغامن‪ ،‬املطبعة العلوية‪ 1385 ،‬ه‪1966 -‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ص ‪109‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ - 2‬حممد عيسى احلريري‪ :‬الدولة الرستمية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪ - 3‬طرابلس‪ :‬تكتب أيضا اطرابلس " ويعين امسها جمموعة املدن الثالثة ‪ :‬صربة‪ ،‬أبا وليدة و فتح طرابلس وايل مصر عمر بن العاص و هي أقصى‬
‫فتوحاته غربا‪ .‬ينظر‪ :‬لسان الدين‪ ،‬املغرب العريب ‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 4‬حممد بن األشعث بن عقبة اخلزاعي ‪ :‬كان واليا على مصر وهو أحد كبار القادة يف خالفة أيب جعفر املنصور كلف مبهمة القضاء على فتنة اخلوارج‬
‫بأفريقية‪ .‬ينظر ‪ :‬أبو عمر حممد بن يوسف املصري الكندي‪ ،‬الوالة و القضاة‪ ،‬تقدمي‪ :‬حسن أمحد حممود مصر‪ ،‬الدار املصرية للتأليف و الرتمجة‪ ،‬ص‬
‫‪.113‬‬
‫‪ - 5‬عشرايت سليمان‪ :‬الشخصية اجلزائرية‪ ،‬األرضية التارخيية واحملددات احلضارية‪ ،‬دار الغرب للنشر التوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬وهران ‪ ،2002‬ص ‪.128‬‬
‫‪26‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ولقد كان ابن رستم من أعوان أيب اخلطاب بن السمح اإلباضي‪ ،‬وقد استخلفه علی القريوان‬

‫حني هب اإلباضية يستنقذوها من براثن أتباع عاصم الرببري من فتنة احملن‪ ،‬فيما توجه ابو اخلطاب‬

‫ملالقاة ابن األشعث لكن املواجهة أسفرت عن تبدد اجليش اإلباضي‪ ،‬فلم يسع ابن رستم إال أن يعود‬

‫من الطريق إىل القريوان وقد كان هب إلغاثة رئيسه ايب اخلطاب ليخرج من القريوان بأهله وليقصد‬

‫بالد املغرب األوسط فنزل من ملجئه لينشئ مدينته تيهرت‪ 1.‬ويقيم للخارجية عاصمة‪ 2‬بعد هزمية‬

‫النفوسيني واهلواريني أمام يزيد بن أيب حامت ‪3‬فاتفقوا مع عبد الرمحان على بناء مدينة جتمعهم وهذا‬

‫يرجح أن يكون البناء سنة ‪161‬ه‪777/‬ه واختيار تيهرت عاصمة للدولة يدل على معرفة عبد‬

‫الرمحان بن رستم مبوقع املنطقة‪ ،‬فهي بعيدة عن القريوان يفصل بينهما منطقة الزاب‪ 4‬وجبال األوراس‬

‫هي يف مأمن من ضربات األساطيل البيزنطية لوجودها يف الداخل‬


‫‪6‬‬
‫تقع على الطريق التجاري العابر لبالد املغرب الكبري يربط بالد املشرق ببالده‪ 5‬األندلس‪،‬‬

‫التجأ عبد الرمحان بن رستم إىل املغرب األوسط ووجد من األسلم له وألتباعه النجاة إىل املغرب‬

‫األوسط فهناك يستطيع بفضل أنصاره وأتباعه أن يقيم دولة على الذهب اإلباضي على غرار دولة أيب‬
‫‪ - 1‬تبهرت‪ :‬تيهرت أو تاهرت كما يسميها املؤرخون‪ ،‬و لقد اختلف يف سنة بنائها‪ ،‬حيث يرى الرقيق القريواين أهنا بنيت سنة ‪144‬ه ‪ .‬ينظر‪ :‬حباز‬
‫ابراهیم‪ ،‬الدولة الرستمية‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ - 2‬إبراهيم حباز‪ :‬عبد الرمحان بن رستم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33-25‬‬
‫‪ -- 3‬أبو حامت‪ :‬هو يعقوب بن لبيب املازوزي بن حبيب الكندي بالوالء ثار على كثري من الرببر يف سنة ‪151‬ه‪ ،‬وهزم جيوش عمر بن حفص أمري‬
‫إفريقية عند طرابلس و ظل يغزو و يقتل يف البالد متخذا يف ذلك جبل نفوسة قاعدة له‪ .‬ينظر‪ :‬أبو زکریا حيمي بن أيب بكر‪ ،‬سري األئمة و أخبارهم‪،‬‬
‫حققه امساعيل العريب‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬دیوان املطبوعات اجلامعية‪1984 ،‬م ط‪ ،3‬ص ‪.49‬‬
‫‪ - 4‬الزاب‪ :‬هو تعريف قدمي للقسم اجلنويب من عمالة قسنطينة و قاعدة مدينة بسكرة ‪ .‬ينظر‪ :‬حسن عبد الوهاب حسن‪ ،‬خالصة تاریخ تونس‪ ،‬ص‬
‫‪.57‬‬
‫‪ - 5‬د حساين خمتار‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23-22‬‬
‫‪ - 6‬األندلس‪ :‬هي جزيرة كبرية تغلب عليها املياه اجلارية و الشجر و التمر و الرخص و السعة يف األحوال وهي األحوال عبارة عن مثلث حييط به البحر‬
‫من جهاهتا الثالث‪ ،‬و هي مقسومة من وسطها جببال الشارات و تسمى اسبانيا ‪ .‬ينظر ‪ :‬ياقوت احلموي‪ ،‬معجم البلدان‪ ،‬ج‪ ،1‬بريوت لبنان‪ ،‬دار صادر‬
‫للطباعة للنشر‪ 1375 ،‬ه ‪1956-‬م‪ ،‬ص‪.263-262‬‬
‫‪27‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫اخلطاب يف طرابلس فخرج متخفيا إىل املغرب األوسط وما وصل عبد الرمحان إىل جبل سوفجج‬

‫حىت مسع هبا وجوه اإلباضية وعلماؤهم فقصدوه من كل النواحي حىت اجتمع عنده من طرابلس‬

‫وجبل نفوسة من العلماء عدد معترب‪ 2.‬ملا نزلت اإلباضية مدينة تيهرت وأرادوا عمارها اجتمع‬

‫رؤساؤهم (االباضية) فقالوا‪" :‬قد علمتم أنه ال يقيم أمرنا اإلمام نرجع إليه يف أحكامنا وينصف‬

‫مظلومنا من ظاملنا فتشاوروا فيما بينهم فوقع االختيار على عبد الرمحان بن رستم وقد كان اإلمام أبو‬

‫اخلطاب رضي لكم عبد الرمحان فإن عدل فذلك الذي أردمت وإن سارفيكم بغري عدل عزلتموه‬
‫‪3‬‬
‫فأمجعوا رأيهم على ذلك فنهضوا إليه وألقوا إليه بأيديهم‪.‬‬

‫استطاع عبد الرمحان بن رستم بفضل خربته وبفضل تارخيه يف نصرة املذهب اإلباضي أن‬

‫جيمع مشل اإلباضية يف منطقة املغرب األوسط كما أنه مل يدخر جهدا يف حماربة والة العباسيني‬

‫واتسعت الدول الرستمية يف عهده من تلمسان غربا حىت طرابلس شرقا أما احلدود الشرقية فامتدت‬

‫من خليج سريت إىل قابس وال تدخل فيها مدينة طرابلس اليت خضعت حلكم األغالبة وحدودها‬

‫الغربية من غرب وهران وشرق جبال تلمسان إىل جنوهبا‪ ،‬وتنحدر حىت الصحراء الكربى واحلدود‬
‫‪4‬‬
‫الشمالية تشمل ساحل البحر من شرق شرشال إىل غرب وهران‪.‬‬

‫‪ - 1‬جبل سوفجج‪ :‬هو جبل منيع يقع بني مدينيت قصر الشاللة شرقا و السوقر غربا و جنويب مدينة تيهرت و معروف حاليا جببل بوشیيف ينظر ‪ :‬حممد‬
‫دبوز علي‪ ،‬تاريخ املغرب الكبري‪ ،‬ج‪ ،3‬دار إحياء الكتب العربية‪1963- 1383 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ص ‪.256‬‬
‫‪ - 2‬حممد زينهم حممد عزب‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.81-80‬‬
‫‪ - 3‬إبن الصغري ‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.27-25‬‬
‫‪ - 4‬ابراهیم فرغلي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪28‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫عبد الرمحان بن رستم (‪171-160‬م) هو اإلمام املؤسس هلذه الدولة‪ ،‬بويع اإلمامة بعد وفاة‬

‫إمامهم أيب حامت امللزوزي‪ 1‬عبد الرمحان بن رستم ويل تيهرت سنة ستني ومئة وذكر أنه إمنا ويل على‬
‫‪2‬‬
‫رأس اثنني وستني ومائة سنة واهلل أعلم أي التارخيني أنفد‪.‬‬

‫وسبب واليته أن مجاعة املسلمني اتفقوا أن ينتخبوا موضعا يبنون فيه مدينة تكون حرزا‬

‫وحصنا لإلسالم فأرسلوا الروافد يف األرض‪ ،‬فرجعوا فدلوهم على تيهرت‪ ،‬فاتفق مجهور املسلمني مع‬

‫أصل تيهرت القدمية على أشياء معلومة أن يأخذوها من غلتها وقد كانت قبل ذلك غياضا عامرة‬

‫بالوحوش والسباع واهلوام فلما اتفقوا على عمارهتا أمروا مناديا ينادي يف احليوانات لكي تغادر‬

‫وأجلوا هلا ثالثة أيام‪ 3‬فخرجت منها بإذن اهلل حتمل أوالدها يف أفواهها‪ ،‬فبنوا به تيهرت الفيحاء دار‬
‫‪4‬‬
‫العدل واملدنية والعلم والعمران فيما بعد‪.‬‬

‫عبد الرمحان بن رستم ‪171-160‬م وهو األمام املؤسس هلذه الدولة وكان عبد الرمحان بن‬

‫رستم رجال شعبيا متواضعا جيلس للناس يف املسجد و يقول إبن الصغري‪« :‬سريته واحدة وقضاته‬

‫خمتارة وبيوت أمواله ممتلئة وأصحاب شرطته والطائفون به قائمون مبا جيب»‪ 5‬وعرفه به من اهلمة‬

‫والنشاط والصرب على الشدائد والزهد يف الدنيا واحلكم بالكتاب والسنة فأقام احلدود وبالغ يف األمر‬

‫باملعروف والنهي عن املنكر ‪.‬‬

‫‪ - 1‬رابح بونار‪ :‬املغرب العريب تارخيه ثقافته‪ ،‬الشركة الوطنية لإلنتاج والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط ‪ ،1981‬ص ‪.36‬‬
‫‪ - 2‬ابو زكريا حيي ابن ايب بكر‪ :‬سري االئمة واخبارهم‪ ،‬امساعيل العريب ‪ ،‬املكتبة الوطنية‪ ،‬اجلزائر ‪1399‬ه ‪1979‬م‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪ - 3‬د أبو زكريا‪ :‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪ - 4‬أبو زکریا‪ .‬نفسه‪ ،‬ص ‪ ،53‬وأنظر كذلك‪ :‬ابو الربيع سليمان الباروين ‪ :‬خمتصر تاریخ االباضية‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪ .- 5‬ابن الصغري ‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪ .35‬وانظر كذلك رابح بونار‪ :‬املغرب العريب تارخيه ثقافته‪ ،‬الشركة الوطنية لإلنتاج و التوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،1981‬ص ‪.36‬‬

‫‪29‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫توىل عبد الرمحان بن رستم منصب اإلمامة عام ‪171‬ه‪787/‬م وكاننذاك يف الثانية واخلمسني‬
‫‪1‬‬
‫من عمرها‪.‬‬

‫كما هو شأن األئمة العادلني أول اإلستقامة يف الدين واإلخالص لألمة فانتشر عدله وعم‬

‫الرعية فضله وذاع يف األفق صيته مبا مشل من اململكة من األمن والعدل فتوافد الناس من كل حدب‬
‫‪2‬‬
‫وسهل‪.‬‬

‫إن اإلمامة الرستمية ملا أعلنت وطار صيتها يف األفاق كما يقول ابن الصغري مسع إباضية‬

‫املشرق بنبئها وهللواهلا «وقال بعضهم لبعض قد ظهر باملغرب إمام مأله عدال وسوف ميلك املشرق‬

‫وميأله عدال فاغضوا إليه مبا معكم من هذه األموال حىت تردوا املدينة اليت سكنها فإن كان الذي نقل‬

‫لنا من حسن طريقته وصحة سريته فادفعوها إليه وإن كان على غري ذلك فانظروا إىل افعاله وما يتواله‬
‫‪3‬‬
‫من األحكام بني الرعية مت اتونا بذلك كله»‬

‫كان عبد الرمحان ال يشيد برأي وإمنا كان يشاور أهل الرأي والنظر يف جملس الشورى‬

‫فانتشرت سريته احلسنة يف املشرق اإلسالمي فكثر أنصاره ومؤيدوه يف املغرب والعراق ومصر‬

‫واعتزت إباضية البصرة هبذه الدولة املستقلة يف املغرب األوسط حيث حتققت هبا أمنيتهم يف قيام إمامة‬

‫على املذهب اإلباضي هلا قوهتا وسلطاهنا‪.‬‬

‫‪ - 1‬احلريري‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.111‬‬


‫‪ - 2‬ابو الربيع سليمان الباروين‪ :‬خمتصر تاریخ االباضية‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫‪ - 3‬إبراهيم حباز‪ :‬عبد الرمحان بن رستم ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪30‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فبعثوا له بثالثة أمحال من األموال‪ 1‬ملا وصلت رسل البصرة إىل تيهرت جعلوا يسألون عن دار اإلمام‬

‫وقد تركوا األمحال خبارج املدينة‪ ،‬فلما وصلوا الدار وجدوا اإلمام عبد الرمحان بن رستم منشغال بناء‬

‫سقف بيته ومعه عبد يناوله الطني‪ ،‬فطلبوا من العبد أن يأذن هلم اإلمام‪ ،‬فنزل عبد الرمحان وأذن هلم‬

‫ودخلوا فسلموا عليه وأمر خببز ومسن فقدم بني أيديهم فلما أكلوا استأذنوا للتناجي‪ ،‬فأذن هلم فتناجوا‬

‫واتفقوا أن يدفعوا له املال وأهنم راضون ما عاينوه من أحواله‪ ،‬وملا وصلت األموال قام اإلمام مبشاورة‬

‫أصحابه فيها فطلبوا منه أن يأخذها ويبين صرح الدولة وما تبقى منها تقسم على فقراء اجملتمع‪.‬‬

‫ويف عهده حتسنت أحوال الرعية وشيدت دعائم الدولة وتقوت‪ ،‬وعم الرخاء أرجاءها وتوسع‬

‫العمران وغرست البساتني وأحييت املوات‪ 2‬وأجريت األهنار‪ ،‬واختذت الرحى وزرعت الغلة وغري‬

‫ذلك‪ ،‬وبذلك عظم شأن البلد واتسعت وأصبح الوفود يأتوها من كل األقطار‪ 3‬وعكف اإلمام عبد‬

‫الرمحان بن رستم على تنظيم شؤون دولته وتوطيد سلطاهنا‪.‬‬

‫وهذا إن دل على شيء فإمنا يدل على عبقريته يف االستفادة من سياسة الفرس‪ ،‬يف احلكم‬

‫واإلدارة وفق املذهب اإلباضي‪ ،‬وهذا كله أسهم يف تطور العمران ومنت التجارة واتسعت املوارد‬

‫االقتصادية‪ .‬ومتيزت هذه الفرتة باألمن والسلم مل يعرفها املغرب األوسط من قبل‪ .‬وهدا راجع إىل‬

‫قدرته على القضاء على العصبيات املختلفة داخل اجملتمع الرستمي ومل ينقم على عبد الرمحان أحد من‬
‫‪4‬‬
‫رعیته يف خصومة أوحكم ومل يكن على يديه افرتاق وال انشقاق‪.‬‬
‫‪ - 1‬ابن الصغري ‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪ .28‬وانظر كذلك عوض خلفيات‪ :‬النظم االجتماعية والرتبوية عند اإلباضية يف مشال إفريقيا يف مرحلة الكتمان‬
‫األردن‪ 1982 ،‬م‪ ،‬ص‪10‬‬
‫‪ - 2‬أحييت املوات ‪ :‬احياء االراضي امليتة‪.‬‬
‫‪ - 3‬ابن الصغري ‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.36-33‬‬
‫‪ - 4‬إمساعيل عبد الرزاق ‪ :‬اخلوارج يف املغرب اإلسالمي‪ ،‬ليبيا‪ ،‬مكتبة مدبويل‪1976 ،‬م‪ ،‬ص‪.33-32‬‬
‫‪31‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫امتاز عهده باالستقرار السياسي واالجتماعي وهدا باعتماده على رجال اكفاء استعان هبم يف‬

‫إقامة العدل بني الناس وخلق انسجام بني فئات اجملتمع على اختالف عناصر السكان وتعدد لغاهتم‬

‫وتنوع عاداهتم كما أن عهده سلم من الفنت السياسية‪ .‬وهكذا عبد الرمحان بن رستم بعد مبايعته‬
‫‪1‬‬
‫باإلمامة من قبل إخوانه يف املذهب يعترب أول إمام للدولة الرستمية يف املغرب األوسط‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬انجازاته الحضارية‪.‬‬


‫أقام عبدالرمحان يف القريوان واليا وقاضيا اليب اخلطاب سنوات ثالثة؛ رتب أمورها وأصلح‬

‫أحواهلا واهتم باقتصادها وضرب فيها فلسا حناسيا ودينار ذهبيا ال يزاالن موجدين‪ ،‬إىل يومنا هذا‪.‬‬

‫‪ - 1‬مسرية شيخاوي‪ .‬لينده کیحال ‪ :‬نظام الدولة الرستمية (دراسة لنظم احلكم واالدارة ونظام املايل والقضائي ‪296‬م ‪908-776/‬م)‪ ،‬رسالة ماسرت‬
‫يف التاريخ الوسيط‪ ،‬حتت اشراف‪ :‬زینب شليب‪ ،‬البويرة ‪2015- 2014،‬م‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وهو الذي وضع بيوت األموال جلباية الصدقات وتوزيعها واختار القضاة لتوفري أسباب العدل وأسس‬
‫‪1‬‬
‫اجليش وزوده باألسلحة الضرورية وعني الشرطة حلفظ األمن‪.‬‬

‫بذل عبد الرمحان وهو مل يبايع باإلمامة جهده مع من معه من العلماء يف بناء تيهرت حىت‬

‫تكون على أمجل هيئة بين اجلامع لتقام جبانبه دار اإلمارة والسوق‪ 2‬وملا انتشرت يف املشرق اإلسالمي‬

‫سرية عبد الرمحان بن رستم وصلت أخباره وعدله إىل مدينة البصرة وهي مركز املذهب اإلباضي يف‬

‫العراق‪ ،‬أبلغوا ابن رستم بأمر مساعدة إباضية املشرق له يف متكني دولته فشرع اإلمام يف شراء الكراع‬

‫والسالح وحتسنت أحوال الناس‪.‬‬

‫عندئذ أخد أهل تيهرت يشرعون يف العمارة والبناء وغرس البساتني بفضل أعمال الري من‬
‫‪3‬‬
‫شق القنوات وإجراء األهنار واختاذ األرحاء عليها لطحن الغالل‪.‬‬

‫‪ - 1‬إبراهيم حباز‪ :‬عبدالرمحان بن رستم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬


‫‪ - 2‬حساين خمتار‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.25-24‬‬
‫‪ - 3‬ابراهیم فرغلى‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.64-63‬‬
‫‪33‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫رأي عبد الرمحان بن رستم قبل مبايعته باإلمامة أن يتخذ لنفسه عاصمة يباشر منها مهام‬
‫احلكم وكان عليه أن يوفر هلذه العاصمة كل عناصر األمن والرخاء وقد استعان بأهل العلم واخلربة‬
‫‪1‬‬
‫باألرض‪.‬‬

‫فكان بناء مدينة تيهرت عام ‪144‬ه يف مكان أعجبه مناخه املعتدل وكانت تتوفر فيها دواعي األمن‬
‫واحلماية مث شرع يف ختطيط تيهرت املدينة اجلديدة وأسس مسجدها اجلامع وكان يتألف من أربع‬
‫بالطات وكان هبذا اجلامع مصلى للجنائز على حنو جامع الزيتون بتونس وجامع القرويني بفاس‪ ،‬مت‬
‫أقبل الناس على بناء القصور واحلمامات والفنادق واحلوانيت واألسواق فأصبحت تيهرت مدينة‬
‫‪2‬‬
‫عامرة‪.‬‬

‫مارس ابن رستم سلطاته ممارسة شورية اي حسب أصول الشورى املتعارف عليها عند مجاعة‬
‫املسلمني األوائل على عهد الرسول صلى اهلل عليه وسلم والراشدين وآثار الصاحلني حقيقة‪ ،‬و كان‬
‫ميارس وظيفة إمام الصالة اقتداء بالرعيل األول من الصحابة‪.‬‬

‫استطاع عبد الرمحان بن رستم بذلك أن خيلق حالة من االستقرار السياسي يف دولته الناشئة‪،‬‬
‫وبني سائر القوى السياسة األخرى يف بالد املغرب‪ ،‬فكان لذلك أثره يف تدعيم أوتاد الدولة الرستمية‬
‫واجلماعة اإلباضية فلم تعرتض عليه يف أمر‪ 3‬فكان لذلك أثره يف ازدهار الدولة ومنو حتارها واتساع‬
‫مواردها االقتصادية لذا فقد نعم املغرب يف عهد عبد الرمحان بن رستم باهلدوء واألمن الذي مل‬
‫يعرفهما من قبل‪ ،‬فأصبحت دولة قوية يهاهبا جرياهنا وهاجر إليها الكثريون من أهل املشرق واملغرب‬
‫‪4‬‬
‫واألندلس وقصدها التجار والعلماء والكتاب ورجال الصناعة والفن وأرباب احلرف‪.‬‬

‫‪ - 1‬احلريري‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.95‬‬


‫‪ - 2‬إبراهيم فرغلي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.66-65‬‬
‫‪ - 3‬سعد زغلول عبد احلميد‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.306‬‬
‫‪ - 4‬احلريري‪ :‬الدولة الرستمية باملغرب‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.107‬‬
‫‪34‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إن عبد الرمحان بن رستم ملا أسس هذه الدولة قضى هبا على الفوضى الضاربة أطناهبا يف‬
‫املغربني األوسط واألدىن وأنقذ البالد من الثورات املتعاقبة‪ ،‬ولقد شهد املغرب األوسط خاصة كما‬
‫يقول الدكتور إبراهيم حباز نقال عن عبد العزيز سامل يف عهد عبد الرمحان شيئا من اهلدوء واألمن مل‬
‫‪1‬‬
‫يعرفهما من قبل بينما كان املغرب األدىن يضطرم بنار الفنت والثورات‪.‬‬

‫أما سياسته اخلارجية فقد اتسمت باحلكمة والتسامح إذ وادعه صاحب إفريقية فوادعه وأمن‬
‫شره واحته ببصره حنو دولة بين مدرار الصفرية بسجلماسة فربطها إليه بعقد املصاهرة إذ قدم ابنته‬
‫أروى ملدرار بن االمام إليسع بن أيب القاسم مسكو بن واسول وهكذا يكون عبد الرمحان قد هيأ‬
‫لدولته كل أسباب االستقرار والدميومة‪ :‬نظم إدارهتا ورتب أجهزها وأمن شر جريانه الغريب والشرقي‪.‬‬

‫لقد كانت سياسة عبد الرمحان عموما سياسة داخلية ترمي إىل الرقي االقتصادي واالجتماعي‬
‫‪2‬‬
‫وإقامة دعائم دولة قوية ثابتة‪.‬‬

‫‪ - 1‬إبراهيم حباز‪ :‬الدولة الرستمية دراسة يف األوضاع االقتصادية واحلياة الفكرية‪ ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪ - 2‬إبراهيم حباز‪ :‬عبد الرمحان بن رستم‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.44-38‬‬
‫‪35‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬وفاته وتولية ابنه عبد الوهاب‪.‬‬


‫‪-1‬وفاته‪ :‬رغم اقتناع عبد الرمحان بن رستم بكفاءة ابنه عبد الوهاب‪ 1‬السياسية والعلمية والعسكرية‬
‫فكان من املمكن أن يعينه لتويل اإلمامة من بعده وكان يتوقع إمامة ابنه مبا أوتيه عبد الرمحان من‬
‫‪2‬‬
‫حنكة سياسية ونظر عميق إىل األمور ولكنه مال إىل الشوری اقتداء بعمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه‪.‬‬

‫وآخر عمل سياسي لعبد الرمحان بن رستم استقبل به آخرته وودع به دنياه‪ ،‬وهو على فراش‬
‫‪3‬‬
‫املوت تعينه جملس استشاري يتكون من أعالم الدولة الرستمية وعلمائه‪.‬‬

‫أحس عبد الرمحان بن رستم بدنو أجله فجعل اإلمامة شورى يف سبعة نفر وهم خرية رجال‬
‫اإلمامة ممن كان يتوسم فيهم الصالح والعلم والنزاهة وهم مسعود األندلسي وكان رجال فاضال‬
‫فقيها ورعا من شيوخ املسلمني اإلباضيني وأبو قدامة يزيد بن فندين اليفرين ورجل يقال له عمران بن‬
‫‪4‬‬
‫مروان األندلسي وعبد الوهاب بن عبد الرمحان بن رستم ومصعب بن سلمان"‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫وأوصى عبد الرمحان هؤالء السبعة باالجتماع والتشاور فيما بينهم الختيار إمام من بينهم‪.‬‬

‫تويف عبد الرمحان بن رستم عام ‪171‬م ‪6‬اما ابن عذاري املراكشي فيجعل تاريخ وفاته سنة (‪1‬‬
‫‪68‬ه‪784/‬م) وارتضى هذا األخري زامباور يف معجمه والتاريخ األول اوىل بالصحة‪ ،‬وترك دولة‬
‫‪7‬‬
‫قائمة بذاهتا‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد الوهاب بن عبد الرمحان‪ :‬نشأ يف كنف والده و أخذ عنه اخلصال احلميدة و تعلم علوم الدين واللغة على يديه فكان عاملا يستعمل اللغة العربية و‬
‫الفارسية و الرببرية‪ ،‬وقد شهد فتح طرابلس و القريوان وحصار طبنة‪ ،‬فاكتسب خربة سياسية و عسكرية و ربط نفلسه بقبيلة زناتة برباط النسب فكان‬
‫صهره جارون بن القمرون الزنايت اشتهر باسم "مسائل نفوسة واشتهر بقوة الشكيمة و الدهاء السياسي‪ .‬ينظر‪ :‬جودت عبد الكرمي يوسف‪ ،‬العالقات‬
‫اخلارجية للدولة الرستمية‪ ،‬ص ‪63‬؛ عبد الرمحان اجلياليل‪ ،‬تاريخ اجلزائر العام‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.168‬‬
‫‪ -2‬عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه‪ ،‬اخلليفة الثاين املعروف بالفاروق حكم من (‪13‬ه ‪23 -‬ه) بعد خالفة أيب بكر الصديق رضي اهلل عنه‪ .‬ينظر‪ :‬حممد‬
‫رضا‪ ،‬حممد صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬حتقيق‪ :‬حممد اإلسكندراين‪ ،‬بريوت‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ 1425 ،‬ه ‪ 2005‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪.102‬‬
‫‪ -3‬إبراهيم حباز‪ :‬عبدالرمحان بن رستم‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪ - 4‬بوركبة حممد‪ :‬اجلزائر االجتماعية يف عهد الدولة الرستمية (‪160‬ه ‪296-‬م‪777/‬م ‪909 -‬م)‪ ،‬دار الكفاية اجلزائر ‪ ،‬ط ‪ ،2013‬ص ‪.95-93‬‬
‫‪ - 5‬حممد زينهم حممد عزب‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫‪ - 6‬عبد العزيز سامل‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.465‬‬
‫‪ - 7‬احلريري‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.108‬‬
‫‪36‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تولية ابنه عبد الوهاب‪ :‬اجتمع أهل الشوری بعد وفاة اإلمام عبد الرمحان بن رستم على من يولونه‬
‫أمر املسلمني فتدافع بعضهم إىل بعض إال أن عامة املسلمني مالت إىل اثنني منهم‪ :‬أحدمها مسعود‬
‫األندلسي واآلخر عبد الوهاب بن عبد الرمحان فمكثوا حوايل شهرين يرون الرأي املصيب ووقع‬
‫اختيار العامة على مسعود األندلسي لكنه رفض هذا األمر‪ ،1‬وكان ينفر من الرئاسة ويزهد فيها‪ 2‬وفر‬
‫هاربا وابتدروا على مبايعة عبد الوهاب بن رستم‪ 3‬اجتمع املرشحون لإلمامة وطال اجتماعهم وانتهوا‬
‫أخريا إىل اختيار عبد الوهاب بن عبد الرمحان وبويع له باإلمامة يف جامع تيهرت‪ 4.‬نشأ عبد الوهاب‬
‫يف كنف والده فأخدعنه اخلصال احلميدة ومجيل األخالق وتعلم علوم علوم الدين واللغة العربية‬
‫‪5‬‬
‫والفارسية والرببرية وكانت له خربة سياسية وعسكرية‪.‬‬

‫بويع عبد الوهاب‪ 6‬بن رستم بعد وفاة أبيه‪ ،‬ووقعت فنت يف عهده متكن من امخادها بدهائه‬
‫وسياسته قال ابن الصغري «كان عبد الوهاب ملكا ضخما وسلطانا قاهرا اجتمع له من أمر االباضية‬
‫‪7‬‬
‫وغريهم ما مل جيتمع اإلباضي قبله‪ ،‬ودان له ما مل يدن لغريه‪.‬‬

‫فاإلمام عبد الوهاب مل يبايع باإلمامة لكونه ابن اإلمام السابق‪ ،‬بل توافرت يف اإلمام عبد‬
‫الوهاب املواصفات اليت أهلته هلذا املنصب اخلطري‪ ،‬مل يتأخر العلماء من أهل احلل والعقد يف مبايعته‬
‫حيث هناية الفتنة النكارية‪ 8‬بداية احلكم الفعلية لإلمام سنة ‪208-171‬م بعد تولية السلطة‪ 9‬بزعامة‬

‫‪ - 1‬بوركبة حممد‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.95‬‬


‫‪ - 2‬عبد العزيز سامل‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.465‬‬
‫‪ - 3‬بوركبة حممد‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪ - 4‬عبد العزيز سامل‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.465‬‬
‫‪ - 5‬جودت عبد الكرمي يوسف‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ -6‬األرجح أن عبد الوهاب توىل اإلمامة بعد وفاة والده بشهر يف سنة (‪171‬ه)‪ ،‬إال أن املؤرخني خيتلفون يف هذه القضية‪ ،‬و الشائع بينهم أن إمامة عبد‬
‫الوهاب دامت ‪ 40‬سنة باعتباره توىل اإلمامة ‪168‬ه‪ .‬وتويف يف سنة ‪ 208‬ه‪ ،‬وكان يطلق على عبد الوهاب عبد الوارث‪ .‬ينظر‪ :‬أبو زكريا حيي بن‬
‫أيب بكر‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.87‬‬
‫‪ - 7‬ابن الصغري ‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.39-37‬‬
‫‪ - 8‬النكارية ‪ :‬هم أتباع يزيد بن فندين أبو قدامة النكاري‪ ،‬ومسوا بذلك إلنكارهم إمامة عبد الوهاب و ثاروا ضده و لقد تطورت هذه الفرقة اليت‬
‫انسلخت عن اإلباضية األم‪ .‬ينظر‪ :‬ابن الصغري‪ ،‬املصدر السابق ص ‪.43‬‬
‫‪ - 9‬حساين خمتار‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.30-29‬‬
‫‪37‬‬
‫عبد الرحمان بن رستم إماما للدولة الرستمية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يزيد بن فندين‪ 1‬فكان سياسيا حكيما اشتهر مثل أبيه بالزهد والتواضع فواصل مسريته بنجاح إال أن‬
‫عهده عرف ببعض االضطرابات بسبب مطالبته أنصار يزيد بن فندين من اإلمام عبد الوهاب بقبول‬
‫تنحيته من اإلمامة وتطور هذا اخلالف فقضى اإلمام سبع سنوات يف نفوسة سخرها يف الدعوة‬
‫‪2‬‬
‫والتدريس مث عاد إىل تيهرت حيث قضى بقية حياته يف هدوء إىل حني وفاته عام ‪208‬م‪.‬‬

‫‪ - 1‬ابن فندين‪ :‬هو أحد الرجال السبعة الدين عهد إليهم عبد الرمحان بن رستم بأمر الشورى بعده وهو أحد زعماء النكارية‪ .‬ينظر‪ :‬عبد الرمحان‬
‫اجلياليل‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.168‬‬
‫‪ - 2‬عمار عمورة‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.89-87‬‬
‫‪38‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫حماد بن بلكين أميرا للدولة الحمادية‬
‫حماد بن بلكين أميرا للدولة الحمادية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬حماد بن بلكين أميرا للدولة الحمادية‬
‫المبحث األول ‪ :‬حياته (نسبه‪ ،‬علمه‪ ،‬صفاته)‬
‫بذل محاد بن بلكني جهودا مضنية لالنفصال عن الدولة الزيرية ومتكن من تأسيس دولة‬
‫بسطت نفوذها على معظم املغرب األوسط وسعى األمراء التسعة الذين تولوا شؤوهنا من بعده إىل‬
‫توفري األمن هلا وتعزيز مكانتها حمليا واقليميا‪.‬‬

‫‪ -1‬نسب حماد ‪:‬‬

‫يعود نسب محاد بن بلكني إىل زيري بن مناد بن منقوش بن صنهاج األصغر بن صنهاج‬
‫االكرب وهو ينحدر من قبيلة صنهاجة‪ 1‬اليت اختلف املؤرخون يف أصلها وتعود قبيلة صنهاجة إىل‬
‫صنهاج أحد أبناء برنس بن ما زیغ بن کنعان بن نوح عليه السالم‪ 2‬كان محاد من قبيلة صنهاجة اليت‬
‫كانت على قول ابن خلدون «من اوفر قبائل الرببر حىت لقد زعم كثري من الناس أهنم الثلث من أمم‬
‫الرببر» وتنقسم هذه القبيلة إىل بطون عديدة بلغ عددها سبعني بطنا أمهها تلكاتة بطن الزيريني و‬
‫‪4‬‬
‫احلماد بني واحنفة وشرطة وملتونة‪ ،‬ومسوفة بطنا املرابطني‪ 3‬وكدالة ومندلة وبنو وارت وبنو يتيس‪.‬‬

‫تنسب الدولة احلمادية اىل مؤسسها محاد بن بلكني بن زيري بن مناد منقوش بن صنهاج‬
‫االصغر من قبيلة صنهاجة وكانت تتوفر على مجلة من املميزات منها كثرة عدد الصنهاجني حبيث ال‬
‫يكاد جزء من أجزاء بالد املغرب خيلو من بطن من بطوهم يف جبل أو بسط حىت لقد زعم كثري من‬
‫الناس أهنم الثلث من أهم الرببر » وتنقسم إىل أهل وبر وهم البدو الرحل يف الصحراء وأهل مدر‬

‫‪ - 1‬تنطق كلمة صنهاجة بضم الصاد وكسرها ينظر‪ :‬ابن خلکان‪ ،‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪ ،‬دار صادر بریوت‪ ،‬بدون تاریخ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.265‬‬
‫و «وصنهاج هو صناك بالصاد املشمة بالزاي والكاف القريبة من اجليم اال أن العرب عربته وزادت فيه اهلاء بني النون واأللف فصار صنهاج»‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫ابن خلدون‪ :‬العرب وديوان املبتدأ واخلرب يف ايام العرب والعجم والرببر ومن عاصرهم من ذوي السلطان األكرب‪ ،‬دار الفکر للطباعة والنشر بريوت‪ ،‬ط‬
‫‪ ،1421‬ج‪ ،6‬ص ‪.201‬‬
‫‪ - 2‬عبد احلميد حاجيات‪ :‬تاريخ اجلزائر يف العصر الوسيط‪ ،‬منشورات املركز الوطين للدراسات والبحث‪ ،‬طبعة خاصة اجلزائر ‪ ،2007 ،‬ص ‪.136‬‬
‫‪ - 3‬رشید بورويبة‪ :‬الدولة احلمادية‪ ،‬تارخيها وحضارها‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية اجلزائر ‪1977‬م‪ 1397/‬ص ‪.6‬‬
‫‪ - 4‬ابن خلدون‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.202‬‬
‫‪40‬‬
‫حماد بن بلكين أميرا للدولة الحمادية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫وهم احلضر املستقرون يف الشمال وينتمي محاد بن بلكني إىل أعظم فروع قبيلة صنهاجة وهو فرع‬
‫‪1‬‬
‫تلكاته الذي ميتد انتشاره «ما بني املغرب األوسط وافريقية‪.‬‬

‫كان ابتداء ظهور شخصية محاد وتألقها يف عامل احلكم وميدان السياسة مند سنة ‪387‬ھ‪/‬‬
‫‪997‬م حيت والة األمري باديس أعمال اجلزائر الشرقية واقطعه مدينة اشري ونواحيها ومنحه لقب‬
‫‪2‬‬
‫نائب األمري بتلك النواحي‪.‬‬

‫يقول لسان الدين ابن اخلطيب يف وصف محاد هذا بأنه كان نسيج وحده وفريد عصره وفحل‬
‫قومه ملکا كبريا وشجاعا ثبتا وداهية وكان من أكمل امللوك قرأ الفقه بالقريوان للشخصية العظيمة‪،‬‬
‫ومحاد مل يكن فريدا يف منط الشخصيات اليت يقدمها التاريخ باسم األبطال العسكريني‪.‬‬

‫لقد كان محاد جيمع بني الشجاعة واحلزم وامليل إىل اخليانة والغدر واملكيدة وال يعبأ مبا يعرتض‬
‫مطاحمه الشخصية من املبادئ األخالقية واالعتبارات االنسانية ‪ ،‬كان يتمتع مبواهب سياسية كثرية‪،‬‬
‫وكان من املمكن أن تشغل مكانا أوسع يف التاريخ‪ 3‬العام عموما وتاريخ املغرب األوسط خصوصا‪.‬‬

‫مل تذك ر املصادر تارخيا حمددا مليالد محاد لكن بعضها اشار إىل تاريخ وفاته يف سنة (‪419‬ه‪/‬‬
‫‪1028‬مم) مما فسح اجملال لبعض املتأخرين لتقدير الفرتة اليت عاشها فمنهم من رجح ميالده مابني (‬
‫‪5‬‬
‫‪353‬م‪35-‬ه)‪ 4‬ومنهم من أشار ان االجل وفاه يف سن الثمانني‪.‬‬

‫كان جده زيري بن مناد مؤسس مدينة أشري سنة (‪324‬ھ–‪935‬م)‪ 6‬وتوىل أبوه بلكني بن‬
‫‪7‬‬
‫زيري إدارة شؤون معظم بالد املغرب نيابة عن الفاطميني ملا رحلوا إىل مصر سنة (‪361‬ھ ‪972/‬م)‬

‫‪ - 1‬ابن خلدون‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ج ‪ ،6‬ص ‪.303-301‬‬


‫‪ - 2‬عبد الرمحان جياليل ‪ :‬املرج السابق‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.363‬‬
‫‪ - 3‬إمساعيل العريب ‪ :‬دولة بين محاد ملوك القلعة وجباية‪ ،‬الشركة الوطنية لنشر و التوزيع‪ ،‬مطبعة امحد زبانه ‪ 1980‬اجلزائر ‪ ،‬ص‪. 118-117‬‬
‫‪ - 4‬عبد الفتاح املقلد الغنيمي‪ :‬موسوعة تاريخ املغرب العرب‪ ،‬مکتبة مدبويل القاهرة‪ ،‬ط‪1414 ،1‬ه ‪1994-‬م‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪.268‬‬
‫‪ - 5‬عويس عبد احلليم‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪ - 6‬النويري‪ :‬غاية األرب يف فنون األدب‪ ،‬تح عبد اجمليد ترحيين‪ ،‬منشورات حممد علي بيضون‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت لبنان‪ ،‬ج‪ ،24‬ص‪.88‬‬
‫‪ - 7‬ابن األثري‪ :‬الكامل يف التاريخ‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬بريوت لبنان‪ ،‬ج ‪ ،6‬ص ‪.45‬‬
‫‪41‬‬
‫حماد بن بلكين أميرا للدولة الحمادية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫أما اخوه املنصور فكان أول من منحه فرصة الظهور على الساحة السياسية ملا اسند له إدارة والييت‬
‫‪1‬‬
‫أشري ومسيلة‪.‬‬

‫‪ -2‬صفاته‬

‫كان محاد شجاعا صارما عاملا بالفقه واجلدل تقيا يصوم ثالثة أشهر يف السنة وال يشرب‬
‫اخلمر فكان كرميا مع خلفائه وأقسى من احلجر مع أعدائه‪ .‬وإمتاز حبيلته فذكر البكري‪ :‬أنه كان‬
‫يقول‪« :‬مانداهي أحد قط علي وال خدعين إال إمراة وكعاء من الرببر »‪ 2‬مت أضاف إىل ذلك قائال‪:‬‬
‫«ان صاحبا كان يل بالقريوان نشا معي نشأه واحدة مل يفرق بيننا مكتب وال مشهد وكنت قد‬
‫خلطته بنفسي وجعلته حمل أنسي فلم يزل على ذلك حىت صرت إىل ما أنا فيه فقدته فجعلت إفتقده‬
‫فال أقدر عليه وال أجد سببا للوصول إليه فلما أن عتبت على أهل باغاية وشنت عليها الغارات مل‬
‫انشب صبيحة دلك اليوم أن مسعت مناديا ينادي يا اهلل يا لألمري فقلت ما بالك ومن انت فقال أنا‬
‫فالن بن فالن فادا به صاحيب املطلوب قد حبسه عين نسكه وغلب على هواه ورع ميلكه فأظهرت‬
‫البشر مبكانه واجلدل بشأنه ولو شفع يف مجيع أهل باغاية لشفعته فجعلت لطفه وأنسه وهو كالوهلان‬
‫فسألته عن امره فقال انه فقد بنته فيمن فقد من النساء فقلت له واهلل لو خرجت ايل باألمس حلقنت‬
‫دماء أهل بلدك حلرمتك عندي فقال القدر غالب واحملروم خايب قال محاد مت امرت القواد فاحضروا‬
‫مجيعا ما كان يف جيوشهم من النساء فعرف فيهن بنته قال فامرت بسرتها ومحلها مع ابيها فرفعت‬
‫صوهتا قائلة ال واهلل يا محاد ال رجعت مع ايب وال رجعت مع الذي غصبين قلت فما تريدين ويلك‬
‫قالت اين ال اصلح اال للملوك فال حاجة يل يف السوقة فلما مسع ذلك ابوها سكن ما كان يف نفسه هلا‬
‫وظن أهنا قد فتنت وفسدت عليه قال محاد فقلت هلا ومن این ال تصلح اال للملوك قالت الن عندي‬
‫علما اشارك فيه وال يدعيه غريي قلت إال أريتنا شئا من ذلك فقالت نعم تامر بقتل‪ 3‬انسان وحتضر‬

‫‪ - 1‬ابن خلدون‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ج ‪ ،6‬ص ‪.227‬‬


‫‪ - 2‬البكري ‪ :‬املغرب يف ذكر بالد الفريقيا واملغرب (املسالك واملمالك) مكتبة املثىن‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط‪ ،1851‬ص ‪ ،187‬ينظر كذلك كذلك رشید بورويبة‪،‬‬
‫املرجع سابق‪ ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ - 3‬رشيد بورويبة ‪ :‬الدولة احلمادية تارخيها وحضارها‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪42‬‬
‫حماد بن بلكين أميرا للدولة الحمادية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫امضی سیف اتكلم عليه بكلمات متنع من تأثريه وتعود بيدي حامله اكل من قائمة قال محاد الدي‬
‫جيرب هذا فيه ملغرور قالت اويتهم احد انه يريد قتل نفسه قال ال قالت فاين اريد ان جيرب ذلك يف‬
‫فتكلمت على سيف اختاروه ومدت عنقها فضرهبا السياف ضربة ابان راسها فاستيقظت من غفليت‬
‫‪1‬‬
‫وعلمت اهنا تداهت علي وكرهت العيش بعد الذي جرى هلا وعليها»‪.‬‬

‫وكان محاد يعيش معيشة بسيطة وحيكم بنفسه بني رعيته فقال البكري يف هذا الصدد ذكروا‬
‫أن رجال شیخا خرج مع أمراته وكانت شابة يريد قلعة محاد فصحبه يف بعض الطريق فىت شاب‬
‫كلف بتلك املرأة وكلفت به فتواطيا على أن يدعي كل واحد منهما زوجية االخر ويسقطا الشيخ‬
‫فلما وصال إىل القلعة شكا ذلك الشيخ مادمهه من أمرمها ووصف له حاله معهما فوقف محاد الشاب‬
‫واملرأة فتقارا على نكاحهما وأنكرا ما يدعيه الشيخ فجعل محاد يباحث الشيخ هل صحبهم يف‬
‫طريقهم أحد أو هل شبهة فقال ماصحبنا يف طريقنا غري هذا الكلب فاندىل لكلب كان معه فأمر‬
‫الشيخ بربط الكلب إىل مترة أو وقد كان هناك مث أمر املرأة حبله فذهبت اليه فأرسلته مت أمرها بربطته‬
‫والكلب ال ينكر شيئا من ذلك‪ ،‬وأمر الفىت بربط الكلب فنبحه الكلب وأنکره فقال للمرأة هذه‬
‫‪2‬‬
‫زوجك الشيخ وهذا الفاسق خيلفك عليه وأمر بضرب عنق الفيت‪.‬‬

‫كان محاد على علم كبري بالقرآن الكرمي و علم احلديث ‪ ,‬وكان مهتما بالقتال حيث برزت‬
‫شخصيته على مركز األحداث يف عهد أخيه "املنصور بن بلكني " عندما استعان به لقتال زناتة‬
‫‪3‬‬
‫املنافسة لصنهاجة على حكم املغرب‪.‬‬

‫‪ - 1‬البكري‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.188‬‬


‫‪ - 2‬رشيد بورويبة‪ :‬الدولة احلمادية تارخيها وحضارهتا‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.37‬‬
‫‪ - 3‬لسان الدين بن اخلطيب‪ :‬أعمال األعالم فيمن بويع قبل االحتالم‪ ،‬تح‪ ،‬سید کسروي حسن‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪43‬‬
‫حماد بن بلكين أميرا للدولة الحمادية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تأسيسه للدولة الحمادية‪.‬‬
‫هي ثاين دولة مسلمة نظامية تأسست بعد الدولة الرستمية على يد مؤسس القلعة محاد بن‬
‫بلكني بن زيري الصنهاجي ‪1‬فظهور شخصية محاد کرجل قادر على قيادة دولة ينفرد هبا لوحده‬
‫ويورثها ألبنائه‪ 2‬لقد كان نظام احلكم يف دولة بين محاد وراثيا منحصرا يف أسرة محاد ومل يتغري هذا‬
‫‪3‬‬
‫النظام إال يف ظروف قاهرة‪.‬‬

‫الملك حماد بن بلكين بن زيري واليته ‪419-405‬ھ ‪1028-1014/‬م‪ 4‬يف عهد‬


‫‪5‬‬
‫املنصور بن بلكني الصنهاجي عقد ألخيه محاد على والية أشري واملسيلة مقابل مواجهة ثورات زناته‬
‫لقد أظهر محاد يف واليته هذه مقدرة عظيمة يف السياسة والبطولة احلربية وقيادة اجليش‪ 6‬فكان أعظم‬
‫آل زيري بطولة هو محاد وكلوا إليه حروب زناته فأوقع هبم مرارا وكان مظفرا عليهم ورأى أن جيين‬
‫مثرة انتصاراته فاستوثق من باديس سنة ‪95‬م بتلك الشروط مت احتاط لنفسه بتأسيس القلعة وشحنها‬
‫بأوليائه وذخائره إذ مل تكن له ثقه بأشري‪ 7‬استغل محاد االضطرابات السياسية اليت عرفتها الدولة‬
‫الزيزية مند عهد أخيه املنصور بن بلكني الصنهاجي (‪373/386‬ھ‪996-984/‬م)‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد الرمحان جياليل‪ :‬تاريخ اجلزائر‪ ،‬ج‪ ،1‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.357‬‬


‫‪ - 2‬عبد احلليم عويس‪ :‬دولة بين محاد صفحات رائعة من تاريخ اجلزائر‪ ،‬دار الصحرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1411 ،2‬ه‪1991/‬م ص ‪.47‬‬
‫‪ - 3‬حاجيات‪ :‬تاريخ اجلزائر يف العصر الوسيط‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.142‬‬
‫‪ - 4‬رابح بونار‪ :‬املغرب العريب تارخيه تقافته‪ ،‬دار اهلدى‪ ،2000 ،‬اجلزائر ‪ ،‬ص ‪.219‬‬
‫‪ - 5‬صاحل فركوس‪ :‬تاريخ اجلزائر من ماقبل التاريخ إىل غاية االستقالل «املراحل الكربى»‪ ،‬دار العلوم عنابة‪ ،2005 ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ - 6‬عبدالرمحان اجلياليل‪ :‬تاريخ اجلزائر‪ ،‬ج‪ ،1‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.357‬‬
‫‪ - 7‬مبارك امليلي‪ :‬تاريخ اجلزائر يف القدمي واحلديت‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬اجلزائر ‪ ،2007 ،‬ج ‪ ،2‬ص‪.231‬‬
‫‪44‬‬
‫حماد بن بلكين أميرا للدولة الحمادية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫وبذل أقصى ما ميكن من اجلهد من أجل االنفصال عنها وتأسيس دولة خاصة به‪ ، 1‬وتعترب الفرتة‬
‫املمتدة من سنة ‪ 395‬إىل ‪408‬ھ ‪1004/‬م ‪ 1018 -‬ما الفرتة املهمة اليت حتدد قيام الدولة‬
‫‪2‬‬
‫احلمادية‪.‬‬

‫شيد محاد عاصمة جديدة هي اليت ستحمل فيما بعد امسه قلعة محاد يف موقع حصني على‬
‫منحدر وعر فوق سفوح جبل تافریست سنة ‪398‬ھ‪1007/‬م واملعروف اليوم جببل املعاضيد يقع‬
‫على حنو ‪ 15‬كلم جنوب برج بوعريريج وعلى حنو‪ 20‬كلم مشال شرق املسيلة وعلى ‪ 15‬كلم‬
‫‪3‬‬
‫شرقي برج غدير‪.‬‬

‫استغرق بناؤها ثالث سنوات وشيد هبا قصورا وأحاطها بأسوار وأبواب فأثار هذا العمل‬
‫الكبري حسد شیوخ صنهاجة واهتموا محاد لدى باديس بأنه يسعى لالستيالء على السلطة فبعث له‬
‫األمري باديس القائد هاشم بن جعفر ومعه عمه إبراهيم يطلب منه التنازل عن مدينة تيجس وقسنطينة‬
‫‪4‬‬
‫البنه املعز‪ ،‬رفض محاد وأعلن الطالق مع الدولة الزيرية واستبدل اخلالفة الفاطمية باخلالفة العباسية‬
‫عام ‪387‬م‪ ،‬وانفصل على صنهاجة اليت كان يتوالها ابن اخيه باديس‪ 5‬وقامت حروب عديدة انتهت‬
‫‪7‬‬
‫بتأسيس الدولة احلمادية بالقلعة عام ‪408‬ھ ‪1018/‬م‪408 6‬ھ‪1018/‬م وتويف خالهلا باديس‪.‬‬

‫كان محاد كما يقول عنه لسان الدين بن اخلطيب «نسيج وحده وفريد دهره وفحل قومه‬
‫ملكا كبريا وشجاعا ثبتا وداهية حصيفا قد قرا الفقه بالقريوان ونظر يف كتب اجلدال»‬

‫‪ - 1‬ابن خلدون‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ج ‪ ،6‬ص ‪.209‬‬


‫‪ - 2‬عبد احلليم عويس‪ :‬دولة بين محاد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫‪ - 3‬عبد الرمحان جياليل‪ :‬تاريخ اجلزائر العام‪ ،‬ج‪ ،1‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.235‬‬
‫‪ - 4‬عمار عمورة ‪ :‬اجلزائر بوابة التاريخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫‪ - 5‬صاحل فركوس‪ :‬تاريخ اجلزائر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ - 6‬حيي بوعزيز ‪ :‬املوجز يف تاريخ اجلزائر‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬ط‪1995 ،2‬م‪ ،‬وهران‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.148‬‬
‫‪ - 7‬صاحل فركوس ‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪45‬‬
‫حماد بن بلكين أميرا للدولة الحمادية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫وهو مؤسس الدولة وقد اعلن استقالله عن القريوان سنة ‪405‬ھ واصطلح مع املعز سنة‬
‫‪408‬ه وجد يف تدعيم مملكته الفتية وتزوج ابنه عبد اهلل اخت املعز فازدادت املودة واستحكمت‬
‫‪1‬‬
‫الصلة بينهما ‪ ،‬وعاش بعد ذلك رضيا قرير العني مبملكته إىل أن تويف يف شهر رجب سنة ‪419‬م‪.‬‬

‫هذه الدولة أول دولة بربرية باجلزائر اإلسالمية وكانت مستقلة استقالال تاما غري أهنم مل‬
‫جيرؤوا على دعوى اخلالفة اليت كانت للعباسيني مت اصطلح مع املعز فدعا للفاطميني ‪ ،‬فلما خلع املعز‬
‫العبيديني دعا القائد هلم خالفا البن عمه وتوقيا من شر احلملة اهلاللية ظنا أن ذلك يفيده مت عاد من‬
‫‪2‬‬
‫بعده إىل الدعوة العباسية‪.‬‬

‫أقام محاد دولته على أساس صلح بينه وبني أبناء عمومته‪ ،‬دخلت الدولة يف فرتة سالم مع‬
‫الزيريني امتدت قرابة ربع قرن ‪ ،‬فقد شغرت مدة حكم محاد وقد قضى محاد الفرتة الباقية من عمره‬
‫‪3‬‬
‫بعد أن اصطلح مع املعز بن باديس جادا يف تدعيم مملكته الفتية‪.‬‬

‫اإلتفاق الحمادي ‪ -‬الزيري‪:‬‬

‫وبعد املفاوضات اليت جرت بني املعز ومحاد‪ ،‬استقل هذا األخري «بعمل املسيلة وطبنة و الزاب‬
‫وأشري وتاهرت وما يفتح من بالد املغرب وعقد املعز للقائد بن محاد على طبنة ومرسی الدجاج وبالد‬
‫زواوة ومقرة ودکامة وبلزمة وسوق محزة» ‪.‬‬

‫وهكذا حسب االتفاق احلمادي ‪ -‬الزيري ‪ ،‬اصبح محاد أمريا مستقال على املغرب األوسط‬
‫ولكن يظهر أنه ختلى عن األعمال الثالثة ‪ :‬قسنطينة وحتيس وقصر األفريقي بسبب احلرب اليت شبت‬
‫بينه وبني باديس من حيث أن هذه العماالت مل تذكر من بني املدن اليت عقد عليها املعز حلماد والبنه‬
‫القائد ‪.‬‬

‫وهكذا ابتداء من سنة ‪408‬ھ‪1018/‬م تفرعت صنهاجة إىل دولتني‪ :‬الدولة الزيرية اليت‬
‫‪4‬‬
‫حکمت يف أفريقية والدولة احلمادية اليت تولت األمر يف املغرب األوسط‪.‬‬

‫‪ - 1‬رابح بونار‪ :‬املغرب العريب تارخيه ثقافته‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.208-207‬‬


‫‪ - 2‬مبارك امليلي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.239-236‬‬
‫‪ - 3‬عبد احلليم عويس‪ :‬دولة بين محاد صفحات رائعة من التاريخ اجلزائري )‪ ،‬دار وفاء للنشر و التوزيع‪ ،‬القاهرة ط‪1411‬ه‪1991/‬م‪ ،‬ص‪.114‬‬
‫‪ - 4‬رشید بورويبة‪ :‬الدولة احلمادية‪ ،‬تارخيها وحضارها‪ ،‬ص ‪.34-33‬‬
‫‪46‬‬
‫حماد بن بلكين أميرا للدولة الحمادية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬انجازاته الحضارية‬
‫أنشأ محاد القلعة وهي قلعة كبرية ذات منعه وحصانة وتصرت عند خراب القريوان انتقل إليها‬
‫أكثر أهل أفريقية‪ 1‬وأمت حتصينها يف عامني ومكث فيها‪ 2‬أسس محاد الصنهاجي مدينة القلعة جببل‬
‫املعاضيد احلصني شرق املسيلة ‪ ،‬واليت تعرف اآلن باسم قلعة بين محاد‪ 3‬الذي يساوي ارتفاعها‬
‫‪6‬‬
‫‪1418‬م‪ 4‬وتقع على حافة املرتفعات‪ 5‬وهو موقع عسکري هام‪.‬‬

‫كان محاد بن بلكني بن زيري متوليا حروب زنانه البن أخيه باديس ‪ ،‬وكانت زناته صعبة‬
‫املراس وكول باديس منافسني حلماد فخشى أن يتغري عنه يوما ما باديس أو حتيط به زناته فارتاد‬
‫مكانا يفوق أشري حربيا واقتصاديا موئال من زنانه وبادیس ‪ ،‬فوقع اختياره على جبل کيانة حيث‬
‫انشأ القلعة سنة ‪398‬ھ‪1007/‬م ومكان القلعة كان قلعة أيب طويل تقرب منه مدينة الغدير على حنو‬
‫مخسة جهات يف اجلهة الشرقية وكانت الطرق خترج منها إىل سائر اجلهات‪ 7‬يف سنة ‪405‬ه أحاط‬
‫محاد حببل کيانة سورة من احلجارة يقرب ارتفاعه من دراعني وميتد حوله على استدارة سبعة أميال‬
‫ونقل محاد إىل القلعة قبيلة جرواة من أسافل وادي ملوية وأهل املسيلة ومحزة وشيد هبا قصورة وفنادق‬
‫واستكثر من املساجد فاستبحر عمراهنا ورحل إليها اهل البالد النائية وحىت ‪ ،‬هبا ابناءه من بعده وكان‬
‫هلا أبواب منها باب اجلنان خيرج منه على جسر إىل املسيلة وباب جرواة به جسر على وادي الفرج‬
‫‪8‬‬
‫وباب األقواس يفضي إىل حارة جرواة‪.‬‬

‫بعد أن اصطلح محاد مع املعز‪ ،‬دخلت القلعة يف دور التحضري كعاصمة الئقة بدولة بين محاد‬
‫إىل جانب مهمتها العسكرية وأما قبل ذلك فكانت مهمتها ذات طابع عسكري فقط ‪.‬‬
‫‪ - 1‬البكري‪ :‬املغرب يف دكر افريقية واملغرب (املسالك واملمالك)‪ ،‬مكتبة املثىن‪ ،‬بغداد‪ ،1851 ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ - 2‬عبد الرمحان اجلياليل ‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.357‬‬
‫‪ - 3‬صاحل فركوس‪ :‬تاريخ اجلزائر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ - 4‬رشيد بورويبة‪ :‬مدن مندثرة تاهرت‪ ،‬سدراته‪ ،‬اشري‪ ،‬وقلعة‪ ،‬بين محاد‪ ،‬بن مرابط‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ 2013 ،‬م‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ - 5‬عبد القادر جغلول ‪ :‬تاريخ اجلزائر واملغرب العريب‪ ،‬ترمجة فضيلة احلكيم ‪ ،‬فيصل عباس‪ ،‬اجمللد‪ ،1‬داكرة الناس‪2013 ،‬م‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪ - 6‬عتمان الكعاك‪ :‬موجز التاريخ العام للجزائر من العصر احلجري اىل االحتالل الفرنسي‪ ،‬تقاسيم ومراجعة ابراهيم حباز واخرون‪ ،‬دار الغرب‬
‫االسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪ 2003 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.168‬‬
‫‪ - 7‬مبارك امليلي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.274-273‬‬
‫‪ - 8‬مبارك امليلي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.274-273‬‬
‫‪47‬‬
‫حماد بن بلكين أميرا للدولة الحمادية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫أختذ محاد هبا القصور العالية والقصاب املنيعة واملساجد اجلامعة والبساتني األنيقة كما أن‬
‫‪1‬‬
‫عدادا كبريا قد هاجر اليها يف هذه الفرتة بعد أن صارت عاصمة دولة هادئة معرتف هبا‪.‬‬

‫ويبدو لنا أن محاد قد أحسن اختيار موقع القلعة من الناحية العسكرية ‪ ،‬فهي حمصورة بني‬
‫سفحني شديدي االحندار وإيل جانبها األمين شق وادي فرج الدي ينحدر جنوبا إىل شط‬
‫احلضنة‪ 2.‬وجند بقلعة بين محاد منار مبنيا على ضفة وادي فرج حيمل اسم املنار كان بدون شك يرتاسل‬
‫‪3‬‬
‫مع منار جباية‪.‬‬

‫يقول لسان الدين بن اخلطيب‪« :‬إن محادا كان نسيج وحده وفريد دهره وفحل قومه ملكا‬
‫كبريا وشجاعا قد قرأ الفقه بالقريوان وناظر يف كتب اجلدل و أخباره املشهورة وهو الذي بىن القلعة‬
‫املنسوبة اليه فاختذ هبا القصور العالية والقصاب املنيعة واملساجد اجلامعة والبساتني األنيقة ونقل اليها‬
‫‪4‬‬
‫الناس من سائر البالد‪.‬‬

‫وكونه كان قائدا للجيوش الصنهاجية يف اجلهة الغربية للبالد ‪ ،‬وقد وعده املنصور بأن مينحه‬
‫حكم البالد اليت ينتزعها من أيادي الزناتية ‪ ،‬وألن احلروب كانت طويلة و مرتبطة مع بعضها البعض‬
‫‪6‬‬
‫اضطر محاد اىل اختاد أشري‪ 5‬عاصمة له‪.‬‬

‫ويف عهده شهدت عاصمة احلماديني (القلعة ) ازدهارا كبريا من الناحية احلضارية خاصة‬
‫اجلانب العمراين منها وكان عهده متميزا بكثرة البناء والتشييد وقوة احلكم و ‪ ،‬كان الفن املعماري‬
‫فيها عبارة عن خليط من الفن العراقي و األندلسي كما عمل محاد على توطيد دعائم الدولة بتقريبه‬
‫الرجال الفكر والعلم من جملسه اضافة إىل أنه كان يزيد من التوسع العمراين والزراعي للدولة ويشجع‬
‫على اهلجرة إليها‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد احلليم عويس‪ :‬دولة بين محاد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ - 2‬عبد احلليم عويس‪ :‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.94-39‬‬
‫‪ - 3‬رشید بورويبة‪ :‬احلياة االقتصادية والفنون يف جباية احلمادية‪ ،‬امللتقى الثامن للفكر االسالمي النقطة الثالثة‪ ،‬حماضرة ‪1394 ،14‬هر‪1974-‬م‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪ - 4‬لسان الدين بن اخلطيب‪ :‬أعمال األعالم فيمن بويع قبل االحتالم‪ ،‬تح‪ ،‬سید کسروي حسن‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ص ‪.68‬‬
‫‪ - 5‬اشري ‪ :‬مدينة اشري تقع يف سفح جبال التيطري فوق سهل او ربوة تطل على بلدية الكاف األخضر باجلنوب‪.‬‬
‫‪ - 6‬لسان الدين بن اخلطيب‪ :‬املصدر السابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪48‬‬
‫حماد بن بلكين أميرا للدولة الحمادية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫المبحث الرابع ‪ :‬والية عهده البنه القائد‬
‫وفاته‪:‬‬

‫كان محاد يعيش عيشة بسيطة حيكم بنفسه بني رعيته‪ 1‬قضى شيخوخته يف ظالل السالم‬
‫الورافة إىل أن اعتل ووافته املنية سنة ‪419‬ھ ‪1029/‬م وكانت وفاته يف تازمرت‪ ، 2‬أربعة سنني بعد‬
‫زواج ابنه عبد اهلل بأخت األمري الزيري املعز‪ ،‬توين محاد مؤسس الدولة احلمادية على إثر مرض أصابه‬
‫‪3‬‬
‫وهو يف نزهة ودفن يف القلعة اليت بناها وحتمل امسه بعده‪.‬‬

‫واليتة البنه القائد‪:‬‬


‫‪4‬‬
‫القائد بن محاد بن بلكني بن زيري واليته من ‪419‬ھ–‪446‬ھ‪1054-1028/‬م‬

‫بعد وفاة محاد خلفه ابنه القائد بدون صعوبة وإن أهم األحداث السياسية اليت وقعت يف عهد‬
‫‪5‬‬
‫القائد بن محاد هو انقطاع العالقات الزيرية – الفاطمية‪.‬‬

‫لعب هذا األمري دورا رئيسيا يف حتسني العالقة بني الدولتني احلمادية والزيرية يف عهد محاد‬
‫كما استلم اإلمارة بعد أبيه واستتب له األمر وعال سلطانه ووىل إخوانه على األعمال والواليات ‪.‬‬

‫متكن ا لقائد من حتقيق نصر على محامة بن زيري بن عطية أمري زناتة يف املغرب األقصى ‪،‬‬
‫‪ 1039/430‬م‪ .‬وأظهر القائد طاعة الفاطميني وخطب هلم على منابره‪ 6‬كان القائد بن محاد سديد‬
‫الراي عظيم القدر وسلم إلخوته أهم أعمال اململكة ‪ ،‬توىل يوسف على املغرب‪ ،‬ويغالن على سوق‬

‫‪ - 1‬رشید بورويبة‪ :‬الدولة احلمادية‪ ،‬تارخيها وحضارها‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ - 2‬تازمرت‪ :‬ميكن أن تكون تازمالت احلالية إمساعيل العريب‪ :‬بين محاد‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 117‬‬
‫‪ - 3‬رشيد بورويبة ‪ :‬الدولة احلمادية تارخيها وحضارها‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.39‬‬
‫‪ - 4‬رابح بونار‪ :‬املغرب العريب تارخيه تقافته‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.219‬‬
‫‪ - 5‬رشيد بورويبة ‪ :‬الدولة احلمادية تارخيها وحضارها‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪ - 6‬حسايب خمتار‪ :‬تاريخ اجلزائر الوسيط‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.137-136‬‬
‫‪49‬‬
‫حماد بن بلكين أميرا للدولة الحمادية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫محزة‪ ،‬واستمر مع املعز على ما كان عليه والده مت خلف عليه سنة ‪432‬ھ فخطب للعباسيني ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وزحف اليه املعز فحاصره بالقلعة حنو سنتني وحاصر أشري‪.‬‬

‫دخل القائد يف حرب مع األمري الزيري املعز الدي انتصر عليه ومل جيد القائد خمرجا ‪ ،‬فتوجه‬
‫إىل املعز وطلب العفو فعفا عنه إعرتف القائد بالسيادة الفاطمية ‪ ،‬وكمكافأة على ذلك لقبه اخلليفة‬
‫‪2‬‬
‫الفاطمي بشرف الدولة‪.‬‬

‫قد ساعدت عدة عوامل على أن يستقيم أمر الدولة يف احلقبة األوىل من عهد القائد بن محاد‬
‫ومن أبرز هذه العوامل أن القائد بن محاد نفسه كان قد لعب دورا يف توطيد أسس الصفاء بني ابيه‬
‫وبني املعز بن باديس إذ كان هو السفري كما أن العالقة بني املعز والفاطميني يف القاهرة كانت متر‬
‫بفرتة قلق واضطراب ‪ ،‬وكان هذا من مصلحة القائد كما أن القائد نتيجة حياته السياسية الطويلة يف‬
‫عهد أبيه كان سديد الرأي عظيم القدر ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫وقد اعتربنا هذه الفرتة من حكم القائد امتدادا للفرتة األخرية من حكم والده محاد بن بلكني‬
‫وكان القائد بن محاد ملکا مهاما شجاعا حازما سديد الرأي واعرتف بسيادة الفاطميني وعاكس املعز‬
‫بن باديس الذي مترد عليهم فجاءه لقب شرف الدولة من قبل الفاطميني بالقاهرة وكانت عالقته‬
‫باملعز بن باديس غري مرضية وغزاه جبيوش سنة ‪434‬ھ مت صاحله وعجز بعد ذلك عن حماربته ملا دمهه‬
‫من أمر العرب ‪.‬‬

‫وعاش القائد باقي أيامه راضيا بدولته مطمئنا على مصري مملكته ومل يهاجم اهلالليون بالد‬
‫اجلزائر على عهده‪ 4‬و تويف يف دي القعدة عام ‪446‬ھ ‪/‬أكتوبر ‪1054‬م ودام حكمه مخسة وعشرون‬
‫‪5‬‬
‫سنة‪.‬‬

‫‪ - 1‬مبارك امليلي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.240‬‬


‫‪ - 2‬عمار عمورة‪ :‬اجلزائر بوابة التاريخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.140‬‬
‫‪ - 3‬عبد احلليم عويس‪ :‬دولة بين محاد‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.114‬‬
‫‪ - 4‬رابح بونار‪ :‬املغرب العريب تارخيه ثقافته‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.209-208‬‬
‫‪ - 5‬عمار عمورة‪ :‬اجلزائر بوابة التاريخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.140‬‬
‫‪50‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬‬
‫أوجه االختالف والتشابه بين المؤسسين‬
‫أوجه االختالف والتشابه بين المؤسسين‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬أوجه االختالف والتشابه بين المؤسسين‬


‫أوال‪ :‬أوجه الشبه‬
‫أ‪ /‬من حيث تأسيسهما للدولة‬

‫إن تأسیس دولة مرتامية األطراف تتحدث عنها املؤلفات والكتب التارخيية ال يكون بالسهل‪.‬‬
‫فقد اجتهد كل من "عبد الرمحن بن رستم" و "محاد بن بلكني" يف هذا اجلانب رغم كل الصعاب اليت‬
‫واجهتهما‪.‬‬

‫فعبد الرمحن بن رستم كان رجل علم و دین وهذا ما ساعده يف حتقيق هدفه‪ ،‬وقد وصفت‬
‫مدينته اليت شيدها من طرف املؤرخني بأهنا كانت مدينة تضاهي بالد املشرق‪ ،‬وقال عنها املسعودي‬
‫يف كتابه "مروج الذهب ومعادن اجلوهر" بأهنا بلخ املغرب‪ .‬وساعده يف هذا ما كان يتميز به من‬
‫صفات وأخالق سردناها يف الفصل األول‪.‬‬

‫فهذا " ابن الصغري مؤرخ الدولة الرستمية يعدد صفات عبد الرمحن بن رستم قائال‪" :‬فسار هبم‬
‫بسرية محيدة أوهلم وآخرهم‪ ،‬ومل ينقموا عليه يف أحكامه وال يف سريته‪ ،‬وسارت بذلك الركبان إىل‬
‫البلدان وقوي الضعيف وانتعش الفقري وحسنت أحواهلم‪" .‬‬

‫ومل يكتف عبد الرمحن بتأسيس الدولة ونشر املذهب‪ ،‬بل اشتغل بالتأليف وكان أحد محلة‬
‫العلم اخلمسة إىل املغرب‪ .‬وكان يشجع العلم والعلماء فكثرت املناظرات وعم األمن واالستقرار يف‬
‫عهده‪.‬‬

‫وحلماد شخصية فذة اكتسبها منذ صغره‪ ،‬فقد ترعرع يف البيت الفاطمي فكان أبوه وجده‬
‫ميثالن اليد اليمىن للدولة الفاطمية وهناك توضحت مالمح شخصية "محاد"‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫أوجه االختالف والتشابه بين المؤسسين‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫وكان على علم كبري بالقرآن وبساطة يف العيش‪ ،‬وقوة شخصيته أعطته اإلصرار على‬
‫االستقالل‪ .‬وتأسيس دولة خاصة به يف موقع حصني مسيت على امسه قلعة بين محاد واستطاع بقوته‬
‫هذه أن يفتح مدنا وقاتل الشيعيني‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫أوجه االختالف والتشابه بين المؤسسين‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫من حيث القوة العسكرية‪:‬‬

‫الركيزة األساسية اليت تستند إليها الدول عادة لتثبيت كياهنا‪ ،‬ورعايتها على املستوى الداخلي‬
‫حبفظ النظام‪ ،‬ودفع السكان إىل االلتزام باألوامر و بالقوانني اليت تسريهم‪ ،‬وعلى املستوى اخلارجي‬
‫بصد األخطار اليت حتددها‪ ،‬ورد األعداء الراغبني يف التوسع على حساب أراضيها‪.‬‬

‫وبرز كل من "عبد الرمحن "و "محاد " يف اجلانب العسكري من أجل توفري األمن ومحاية‬
‫حدود دولتيهما‪.‬‬

‫فعبد الرمحن قاد جيشا يتكون من إباضية القريوان‪ ،‬وقابس وضواحيها ملساندة اإلمام أيب‬
‫اخلطاب يف معركة "تاورغا‪144‬ه" غري أنه فوجئ خبرب احلزام اإلمام قبل أن يصل إليه‪.‬‬

‫ويف منطقة تيهرت بالغرب اجلزائري حاليا‪ .‬اعتصم عبد الرمحن جببل "سوفجج" هو ومجاعته‬
‫الذين اتبعوه فرارا من "حممد بن األشعث اخلزاعي" قائد جيوش العباسيني املوجهة إىل املغرب‪.‬‬

‫لكن اجلانب العسكري للدولة الرستمية مل يأخذ حظه الوافري الكتب‪ ،‬واملصادر اإلباضية مل‬
‫متددنا مبعلومات عن جيش الدولة الرستمية‪ .‬وكون محاد بن بلکني جيشا قويا ضرب به األعداء‬
‫وعمل على تنظيم اجليش وكان اجليش احلمادي مقسما إىل فرق مما أهلهم لتحقيق الكثري من‬
‫االنتصارات على خصومهم الزيريني واملرابطني الساعني للتوسع على حساهبم عرب تلمسان غربا‪ 1‬كما‬
‫كان يقود اجليش‪ 2‬بنفسه ‪.‬‬

‫وقد جنح خالل هذه الفرتة يف أن يكون أقوى شخصية يف املغرب األوسط كله إىل احلد الذي‬
‫جعل باديس يتخوف على مستقبل الدولة الزيرية ‪.‬‬

‫فكال املؤسسني سعوا يف احتيار املكان املناسب من أجل تأسيس دولتهما‪ ،‬وضبط حدودمها‪.‬‬

‫‪ - 1‬ابن خلدون‪ ،‬العرب‪ ،‬ج ‪ ،6‬ص ‪.380‬‬


‫‪ - 2‬ابن خلدون‪ ،‬املصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.359‬‬
‫‪54‬‬
‫أوجه االختالف والتشابه بين المؤسسين‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬أوجه االختالف‬


‫أ‪ /‬من حيث تقلد الحكم‪:‬‬

‫لقب حاكم الدولة الرستمية باإلمام‪ ،‬وأول حاكم هلا يف بالد املغرب األوسط عبد الرمحن‬
‫الذي لقب باإلمام وكان يكره الرئاسة واإلمارة فقد عرضت عليه اإلمامة يف طرابلس فأىب ذلك وفر‬
‫منهم‪ .1‬وقد عني ستة من العلماء خلالفته قبل وفاته‪ ،‬وجعل األمر شوری بینهم اقتداءا بفعل "عمربن‬
‫اخلطاب –رضه ‪ . -‬أما محاد فعني ابنه مباشرة بعد وفاته وليا للعهد‪ ،‬بدون صعوبة وسار على هنج‬
‫أبيه‪ ،‬وأطلق اسم األمري على حاكم الدولة احلمادية‪ .‬وكان األمري هو احلاكم هو األمري يف حدود‬
‫‪2‬‬
‫اململكة اليت تشمل بالد اجلزائر‪ ،‬وبعض املغرب األقصى واململكة التونسية يف بعض األدوار‪.‬‬

‫ب‪ /‬من حيث المذهب‬

‫قدم عبد الرمحن بن رستم من املشرق‪ ،‬وعمل على بث الدعاية لنشر املذهب اإلباضي يف إقليم‬
‫املغرب األوسط‪ ،‬و على حد قول الكاتب "عوض خليفات" يف كتابه "نشأة احلركة اإلباضية " أن‬
‫هذا املذهب ‪ " :‬كان معروفا لدى قلة من الناس يف املغرب األديين قبل وصول سلمة بن سعد‬
‫‪3‬‬
‫احلضرمي‪ ،‬وقد استقر يف نفوسة يف منطقة طرابلس حيث تسكن قبائل هوارة الرببرية‪.‬‬

‫‪ - 1‬حممد علي دبوز ‪ :‬املرجع السابق ‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.278‬‬


‫‪ - 2‬عثمان العكاك‪ ،‬موجز التاريخ العام للجزائر من العصر احلجري إىل اإلحتالل الفرنسي‪ ،‬تر و تح أبو القاسم سعد اهلل_ناصر سعيدوين حممد البشري‬
‫شنييت إبراهيم حباز‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ص‪.173‬‬
‫‪ - 3‬عوض خلیفات ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.136‬‬
‫‪55‬‬
‫أوجه االختالف والتشابه بين المؤسسين‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫وحتقق له ما كان يصبوا إليه حيث خياطب أصحابه ويقول‪" :‬وددت أن يظهر هذا املذهب‬
‫بأرض املغرب يوما واحدا من غدوه إىل الزوال فما أبايل إن ضربت عنقي ‪ " .‬وتوطدت دعائم‬
‫املذهب اإلباضي أكثر بعد ظهور عبد الرمحن بن رستم وإعالنه عن قيام قيام دولته باملغرب األوسط‬
‫وبويع إماما هلا عام ‪160‬ه‪776/‬م‪.‬‬

‫وتعترب دولة محاد أول دولة بربرية مسقلة حتكم استطاع أن يعلن حركته اإلستقاللية سياسيا‬
‫ومذهبا عن الدولة الزيرية واخلالفة الفاطمية و مذهبها الشيعي‪ ،‬واعتناق املذهب السين ابتداءا من‬
‫‪405‬ه‪ .‬رستم‪.‬‬

‫ج‪/‬من حيث مدة الحكم‪:‬‬

‫عبد الرمحن بن أقام دولته سنة ‪160‬ه واليت دامت قرابة قرن من الزمن ظهرت فيها الدولة‬
‫على أحسن حلتها وأقام العالقات مع الدول اجملاورة ‪.‬‬

‫فاملدة اليت حكم فيها عبد الرمحن بن رستم دامت قرابة ‪ 11‬سنة (‪171‬م‪787/‬م) شهدت‬
‫خالهلا دولته الرفاهية واالزدهار يف شىت جماالت احلياة ‪ .‬فنعم املغرب حينها باهلدوء‪ ،‬واألمن اليت‬
‫كانت تفتقرمها‪.‬‬

‫ومتيزت فرتة حكم محاد بن بلكني (‪398‬ھ ‪419-‬ه‪1007/‬م‪1029 -‬م) بالتطور الثقايف والعمراين‬
‫واالقتصادي‪ ،‬وكانت القلعة اليت بناها "محاد" ذات موقع اسرتاتيجي بنت عالقاهتا مع دول اجلوار يف‬
‫جمال التجارة واملبادالت‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫خاتمة‬
‫خاتمة‬

‫خاتمة‬
‫تعاقب على بالد املغرب األوسط بعد الفتح اإلسالمي له دوال محلت لواء اإلسالم وجعلت‬
‫منه إقليما ال خيتلف عن املشرق اإلسالمي وألن أرض املغرب األوسط كانت املكان املهيأ واملناسب‬
‫لغرس جدور بعض املذاهب فيه وذالك لبعده من اخلطر العباسي وخنص بذكر أول دولة مستقلة‬
‫ظهرت على مسرح األحداث يف الفرتة ‪160‬ه‪296/‬م وهي الدولة الرستمية على يد مؤسسيها عبد‬
‫الرمحان بن رستم الذي جاء مبذهب جديد وحتقق له ماكان يصبوا إليه فنتشر مذهبه يف أوساط اجملتمع‬
‫املغريب وبين دولته العظيمة "تيهرت " وسار على هنجه احلكام الذين تلوه يف احلكم‪.‬‬

‫والنتيجة املتوصل إليها ظهور أول دولة مستقلة يف املغرب األوسط على اخلالفة اإلسالمية يف‬
‫املشرق بفضل مؤسسها الذي وطد دعائم دولته املرتامية األطراف "عبد الرمحان بن رستم"‬

‫أما الدولة احلمادية اليت حلت حمل القلعة فهي ثاين عاصمة الدولة احلمادية فقد شهدت إحنازة‬
‫حضاريا بلغ األفاق رغم عدم وصوله إىل الدرجة اليت عرفتها تيهرت الرستمية إال حكامها كانوا‬
‫بذلوا جهدهم يف تثبيت العقيدة اإلسالمية يف نفوس الرببر رغم ما كانت تتلقاه هذه الدولة من‬
‫اعتداءات من القبائل املعادية هلا فحققت النصر واالستقالل البيت الفاطمي واملذهب الشيعي وكونت‬
‫دولتها املزدهرة فكريا وحضاريا وعمرانیا والفضل يعود إىل قوة وعزم مؤسسها محاد بن بلکني‪.‬‬

‫والنتيجة املتوصل إليها من خالل سرد أحداث وإجنازات كل من البطلني أن كل واحد منهما‬
‫ترك بصمته التارخيية اليت حتكي عنها املؤلفات التارخيية والكتب‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫المالحق‬
‫المالحق‬

‫الملحق رقم ‪:01‬‬


‫‪1‬‬
‫حكام الدولة الرستمية‬
‫(‪160‬ه ‪171 -‬ه‪776/‬م ‪787 -‬م)‬ ‫‪ - 1‬عبد الرمحن بن رستم‬

‫(‪171‬ه ‪208-‬ھ‪787/‬م‪826-‬م)‬ ‫‪-2‬عبد الوهاب بن عبد الرمحن‬

‫(‪208‬ھ–‪258‬ھ ‪826‬م ‪854-‬م)‬ ‫‪ -3‬أفلح بن عبد الوهاب‬

‫(‪258‬ھ ‪261 -‬ھ‪855/‬م‪858-‬م)‬ ‫‪ - 4‬أبو بكر بن أفلح‬

‫(‪261‬ھ ‪281 -‬م ‪858/‬م ‪894 -‬م)‬ ‫‪ -5‬أبو اليقظان بن أفلح‬

‫( ‪ 294 - 1281‬ه ‪894/‬م ‪ 906 -‬م)‬ ‫‪ - 6‬أبو حامت يوسف بن أيب اليقظان‬

‫(‪ 296 - 294‬ه ‪ 906 /‬م ‪909 -‬م )‬ ‫‪ -7‬اليقظان بن أيب اليقظان‬

‫الملحق رقم (‪)02‬‬

‫‪ - 1‬حممد عيسى احلريري‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.174 – 166 - 155 - 139 -109-91‬‬
‫‪60‬‬
‫المالحق‬

‫‪1‬‬
‫حكام الدولة الحمادية‬

‫(‪408‬ھ – ‪ 419‬ه ‪1028 /‬م )‬ ‫‪ -1‬محاد بن بلكني‬

‫(‪ 446 - 419‬ه ‪ 1028 /‬م ‪1054‬م)‬ ‫‪ -2‬القائد بن محاد‬

‫(‪446‬ھ – ‪447‬ھ ‪ 1054/‬م ‪ 1055 -‬م)‬ ‫‪ -3‬حمسن بن القائد‬

‫(‪447‬ھ – ‪ 454‬ه ‪ 1055 /‬م ‪ 1062 -‬م)‬ ‫‪-4‬بن حممد بن مناد‬

‫( ‪ 454‬ه ‪ 481 -‬ه ‪ 1062 /‬م – ‪ 1088‬م)‬ ‫‪ -5‬الناصر علناس بن محاد‬

‫( ‪ 481‬ه ‪ 498 -‬ه ‪ 1088/‬م ‪ 1104 -‬م)‬ ‫‪ -6‬املنصور بن الناصر‬

‫(‪ 498‬ه ‪ 500 -‬ه‪ 1104 /‬م ‪ 1106 -‬م)‬ ‫‪ -7‬باديس بن املنصور‬

‫(‪500‬ھ ‪ 515-‬ه ‪ 1106/‬م ‪1121 -‬م)‬ ‫‪ -8‬العزيز بن املنصور‬

‫(‪ 515‬ھ ‪ 547 -‬ھ ‪ 1121 /‬م ‪ 1152 -‬م)‬ ‫‪ -9‬حيي بن العزيز‬

‫‪ - 1‬عبد احلليم عويس‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.287‬‬


‫‪61‬‬
‫المالحق‬

‫الملحق رقم (‪)03‬‬


‫‪1‬‬
‫خريطة تيهرت‬

‫الملحق رقم‪04 :‬‬

‫‪- 1‬حممد عيسى احلريري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.248‬‬


‫‪62‬‬
‫المالحق‬

‫‪1‬‬
‫خمطط جباية احلمادية‬

‫‪ - 1‬عزوق عبد الكرمي‪ ،‬املعامل األثرية اسالمية ببجاية ونواحيها‪ ،‬أطروحة لنيل شهادةدكتور‪ ،‬يف اآلثار االسالمية‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،2008-2007 ،‬ص‬
‫‪.197‬‬
‫‪63‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫المصادر والمراجع‬
‫المصادر والمراجع‬
‫أ‪-‬المصادر‪:‬‬
‫‪ . 1‬إبراهيم فرغلي‪ :‬تاريخ الدول املستقلة يف املغرب العريب‪ ،‬العريب لنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مطبعة‬
‫املديين‪ ،‬املؤسسة السعودية مبصر‪ ،‬ط‪.2006 ،1‬‬
‫‪ .2‬د‪ .‬إبراهيم فرغلي‪ :‬تاريخ الدول املستقلة يف املغرب العريب‪ ،‬مطبعة املديين‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪.2006 ،1‬‬
‫‪ .3‬ابن األثري‪ :‬الكامل يف التاريخ‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬بريوت لبنان‪ ،‬ج‪.6‬‬
‫‪ .4‬ابن اخلطيب لسان الدين تاريخ املغرب العريب يف العصر الوسيط من كتاب أعمال األعالم‪ ،‬دار‬
‫الكتاب ط‪.1974‬‬
‫‪ .5‬ابن الصغري‪ :‬أخبار األئمة الرستميني‪ ،‬تح وتع الدكتور حممد ناصر‪ ،‬إبراهيم حباز‪،‬‬
‫‪ .6‬ابن خلدون عبد الرمحن‪ :‬العرب و ديوان املبتدأ واخلرب يف أيام العرب و العجم و الرببر ومن‬
‫عاصرهم من ذوي السلطان األكرب ‪ :‬دار الفكر للطباعة والنشر‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان ط‪1421‬ه‪.‬‬
‫‪ .7‬ابن خلدون حيي‪ .‬بغية الرواد يف دكر ملوك بين عبد الواد‪ ،‬ج ‪ ،1‬اجلزائر ‪ ،‬مطبعة بيري مونطانا‬
‫الشرقية‪ ،‬الشرقية ‪ ،‬ط ‪ 1321/1903‬ھ‪.‬‬
‫‪ .8‬ابن عذارى املراكشي البيان املغرب يف أخبار األندلس واملغرب تح‪ /‬ج س كوالن ولیفی‬
‫بروفنسال‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بریوت لبنان‪ ،‬ط‪ ، 1983، 3‬ج ‪.1‬‬
‫‪ .9‬ابو الربيع سليمان الباروين‪ :‬خمتصر تاريخ االباضية‪ ،‬مكتبة الضامري‪ ،‬سلطنة عمان‪ ،‬ط‪، 3‬‬
‫‪1423‬ھ‪2003/‬م‪.‬‬
‫‪ . 10‬أبو العباس أمحد بن سعيد الدرجيين‪ :‬طبقات املشايخ باملغرب‪ ،‬حتقيق إبراهيم طالي‪ ،‬مطبعة‬
‫البعث قسنطينة‪ ،‬جلزائر ‪ ،1974‬ج‪.1‬‬
‫‪ .11‬أبو العباس أمحد بن سعيد الدرجيين‪ :‬طبقات املشايخ باملغرب‪ ،‬تح‪ /‬إبراهيم طالي‪ ،‬مطبعة‬
‫البعث‬
‫قسنطينة اجلزائر ‪.1977‬‬

‫‪65‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪ .12‬أبو الفتح حممد بن عبد الكرمي الشهر ستاين‪ :‬امللل والنحل‪ ،‬تح\أمحد فهيمي حممد‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬ط‪1413 ،2‬ه\ ‪.1992‬‬
‫‪ . 13‬أبو زكرياء حيي ابن ايب بكر‪ :‬سري األئمة و أخبارهم‪ ،‬حتا امساعيل العريب‪ ،‬املكتبة الوطنية ‪:‬‬
‫اجلزائر ‪1399‬ه \‪.1979‬‬
‫‪ .14‬البكري‪ :‬املغرب يف دكر افريقية واملغرب (املسالك واملمالك)‪ ،‬مكتبة املثىن‪ ،‬بغداد‪.1851 ،‬‬
‫‪ . 15‬بن األمحر‪ :‬تاريخ الدولة الزيانية بتلمسان‪ ،‬تق وتح هاين سالمة‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ط‪1421 ،1‬ه‪2001/‬م‪.‬‬
‫‪ .16‬بن عذارى املراكشي‪ :‬البيان املغرب يف أخبار املغرب األندلس و املغرب‪ ،‬حتج س کوالن و‬
‫إليفي بروفنسال‪ ،‬دار الثقافة بريوت ‪ -‬لبنان‪ ،‬ط‪.1983 ،3‬‬
‫‪ .17‬الشهرستاين أبو الفتح حممد بن عبد الكرمي ‪ :‬امللل و النحل‪ ،‬صححه و علق عليه أمحد فهمي‪،‬‬
‫ج ‪ ،1‬بريوت لبنان‪ ،‬دار السرور‪1368 ،‬ه ‪1948 -‬م‪ ،‬ط‪.1‬‬
‫‪ .18‬عبد القادر بن طاهر البغدادي‪ ،‬الفرق بني الفرق‪ ،‬بریوت لبنان‪ ،‬دار صادر‪.‬‬
‫‪ .19‬لسان الدين بن اخلطيب‪ :‬أعمال األعالم فيمن بويع قبل االحتالم‪ ،‬تح‪ ،‬سید کسروي حسن‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ .20‬النويري‪ :‬هناية األرب يف فنون األدب‪ ،‬تح عبد اجمليد ترحيين‪ ،‬منشورات حممد علي بيضون‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بريوت لبنان‪ ،‬ج‪.24‬‬
‫‪ .21‬ياقوت احلموي‪ ،‬معجم البلدان‪ ،‬ج ‪ ،1‬بريوت لبنان‪ ،‬دار صادر للطباعة وللنشر‪ 1375،‬ه ‪-‬‬
‫‪1956‬م‪.‬‬
‫ب‪ -‬المراجع‪:‬‬
‫‪ .22‬إبراهيم حباز بكري‪ :‬الدولة الرستمية (‪296 -160‬ه‪909-777/‬م)‪ ،‬دراسة يف أوضاع‬
‫االقتصادية واحلياة الفكرية‪ ،‬املطبعة العربية‪ ،‬غرداية‪ ،‬ط‪.1993 ،2‬‬
‫‪ .23‬إبراهيم حباز‪ :‬الدولة الرستمية ‪296-160‬ھ‪909-777/‬م‪ ،‬دراسة يف األوضاع االقتصادية‬
‫واحلياة الفكرية ‪ ،‬منشورات ألفا‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪.2010 ،3‬‬
‫‪66‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪ . 24‬إبراهيم بكري حباز‪ :‬معجم مصطلحات اإلباضية‪ ،‬نشر وزارة األوقاف والشؤون الدينية‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪.2009‬‬
‫‪ .25‬أبو الربيع سليمان الباروين‪ :‬خمتصر تاريخ اإلباضية‪ ،‬مكتبة الضامري‪ ،‬سلطنة عمان‪ ،‬ط ‪،3‬‬
‫‪1423‬ه‪2003/‬م‪.‬‬
‫‪ . 26‬أبو عمار الكويف اإلباضي‪ ،‬املوجز (أراء اخلوارج الكالمية ) حتقيق و تقدمي‪ :‬عمار طاليب‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫اجلزائر‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر و التوزيع (‪ 1398‬ه ‪ 1978 -‬م)‪.‬‬
‫‪ .27‬أبو عمر حممد بن يوسف املصري الكندي‪ ،‬الوالة و القضاة‪ ،‬تقدمي‪ :‬حسن أمحد حممود مصر‪،‬‬
‫الدار املصرية للتأليف و الرتمجة‪.‬‬
‫‪ .28‬أمحد توفيق املديين ‪ :‬كتاب اجلزائر ‪ ،‬املطبعة العربية ‪.‬‬
‫‪ . 29‬إمساعيل العريب ‪ :‬دولة بين محاد ملوك القلعة وجباية‪ ،‬الشركة الوطنية لنشر و التوزيع‪ ،‬مطبعة‬
‫امحد‬
‫زبانه ‪ 1980‬اجلزائر‪.‬‬
‫‪ .30‬بار طعيمة‪ ،‬اإلباضية عقيدة ومذهبا‪ ،‬بریوت لبنان‪ ،‬دار اجليل‪ ،‬ص ‪.17-18‬‬
‫‪ . 31‬تادايوش ليفيسكي‪ :‬املؤرخون االباضيون يف افريقيا الشمالية‪ ،‬ترمجة ماهر جرار ورميا جرار‪،‬‬
‫مؤسسة تاوالت الثقافة‪.2007 ،‬‬
‫‪ .32‬جودت عبد الكرمي يوسف‪ :‬العالقات اخلارجية للدولة الرستمية‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪،‬‬
‫اجلزائر ‪.1984 ،‬‬
‫‪ .33‬حساين خمتار ‪ :‬تاريخ اجلزائر الوسیط‪ ،‬دار اهلدى للطباعة والنشر والتوزيع اجلزائر‪. ،‬‬
‫‪ .34‬حسن حسين عبد الوهاب‪ ،‬خالصة تاريخ تونس‪ ،‬الدار التونسية للنشر و التوزيع‪1968 ،‬م‪ ،‬ط‬
‫‪.1‬‬
‫‪ .35‬حسن خضريي أمحد‪ :‬عالقات الفاطميني يف مصر بدول املغرب (‪362‬ه ‪567 -‬ھ ‪973/‬م‬
‫‪1171-‬م)‪ ،‬مكتبة مبدويل القاهرة‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫‪67‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪ . 36‬الدكتور موسى لقبال ‪ ،‬املغرب اإلسالمي‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ‪ ،‬اجلزائر‪،1951 ،‬‬
‫ط‪.‬‬
‫‪ .37‬رابح بونار‪ :‬املغرب العريب تارخيه تقافته‪ ،‬دار اهلدی‪ ،2000،‬اجلزائر‪.‬‬
‫‪ . 38‬رابح بونار ‪ :‬املغرب العريب تارخيه ثقافته‪ ،‬الشركة الوطنية لإلنتاج والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪، 1‬‬
‫‪.1981‬‬
‫‪ . 39‬رشيد بورويبة‪ :‬احلياة االقتصادية والفنون يف جباية احلمادية‪ ،‬امللتقى الثامن للفكر االسالمي‬
‫النقطة الثالثة‪ ،‬حماضرة ‪1394 ،14‬ه ‪.1974-‬‬
‫‪ . 40‬رشيد بورويبة‪ :‬الدولة احلمادية‪ ،‬تارخيها وحضارهتا‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية املركز الوطين‬
‫اجلزائر ‪1977‬م‪1397/‬ه ‪ .41‬رشيد بورويبة‪ :‬مدن مندثرة تاهرت‪ ،‬سدراته‪ ،‬اشري‪ ،‬وقلعة‪ ،‬بين‬
‫محاد‪ ،‬بن مرابط‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر‪ 2013 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .42‬سعد زغلول عبد احلمید‪ :‬تاريخ املغرب العريب‪ ،‬منشأة املعارف اإلسكندرية‪ ،‬ط ‪،1 ،1963‬‬
‫ج‪.1‬‬
‫‪ .43‬صاحل فركوس‪ :‬تاريخ اجلزائر من ماقبل التاريخ إىل غاية االستقالل «املراحل الكربى»‪ ،‬دار‬
‫العلوم عنابة‪.‬‬
‫‪ . 44‬عبد احلليم عويس‪ :‬دولة بين محاد صفحات رائعة من تاريخ اجلزائر‪ ،‬دار الصحرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‬
‫‪1411 ،2‬ه‪1991/‬م ‪ .45‬عبد الرمحان بن رستم (‪171-160‬م ‪788-777-‬م) موفم للنشر‪،‬‬
‫اجلزائر‪2011 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .46‬عبد الرمحان جياليل ‪ :‬تاريخ اجلزائر العام‪ ،‬دار مكتبة احلياة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1384 ،2‬ه‪1965/‬م‪،‬‬
‫ج‪.1‬‬
‫‪ .47‬عبد العزيز سامل‪ :‬تاريخ املغرب يف العصر اإلسالمي‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة‪.‬‬
‫‪ .48‬عبد الفتاح املقلد الغنيمي‪ :‬موسوعة تاريخ املغرب العرب‪ ،‬مكتبة مدبويل القاهرة‪ ،‬ط‪،1414‬‬
‫‪1994-1‬م‪ ،‬ج‪.4‬‬

‫‪68‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪ .49‬عبد القادر جغلول ‪ :‬تاريخ اجلزائر واملغرب العريب‪ ،‬ترمجة فضيلة احلكيم ‪ ،‬فیصل عباس‪ ،‬اجمللد‬
‫‪ ،1‬داكرة الناس‪ 2013 ،‬م‪ .50 ،‬عبد اهلل الباروين‪ :‬األزهار الرياضية يف أئمة وملوك اإلباضية‪،‬‬
‫مطبعة األزهار البارونية‪ ،‬مصر ‪ .51‬عبد الوهاب منصور قبائل املغرب‪ ،‬ج‪ ،1‬املطبعة امللكية‪ ،‬الرباط‬
‫‪1388‬ه ‪1968 -‬م‪.‬‬
‫‪ .52‬عبدا لرمحن بن حممد اجلياليل ‪ :‬تاريخ اجلزائر العام ‪ ,‬منشورات دار مكتبة احلياة ‪ ,‬اجلزائر ‪,‬ط‪2‬‬
‫‪ 1348‬ه \‪ 1965‬م ‪ ,‬ج‪.2‬‬
‫‪ .53‬عتمان الكعاك‪ :‬موجز التاريخ العام للجزائر من العصر احلجري اىل االحتالل الفرنسي‪ ،‬تقدمي‬
‫ومراجعة ابراهيم حباز واخرون‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪ 2003 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ .54‬عثمان العكاك‪ ،‬موجز التاريخ العام للجزائر من العصر احلجري إىل اإلحتالل الفرنسي‪ ،‬تر و تح‬
‫أبو القاسم سعد اهلل ناصر سعيدوين حممد البشري شنييت إبراهيم مبحاز‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ . 55‬عشرايت سليمان‪ :‬الشخصية اجلزائرية األرضية التارخيية واحملددات احلضارية‪ ،‬دار الغرب لنشر‬
‫وتوزيع‪ ،‬اجلزائر ‪ 2002،‬ج‪ .56 .1‬عمار بوحوش ‪ :‬التاريخ السياسي للجزائر من البداية ولغاية‬
‫‪ ،1962‬ط‪ ،1‬دار الغرب اإلسالمي بريوت لبنان‪.1997 ،‬‬
‫‪ . 57‬عمار عمورة‪ :‬اجلزائر بوابة التاريخ ما قبل التاريخ إىل اجلزائر عامة دار املعرفة‪ ،‬اجلزائر ‪،1962‬‬
‫ط‪ ،2006‬ج ‪.1‬‬
‫‪ .58‬عمورة عمارة ‪ :‬موجز يف تاريخ اجلزائر ‪ ,‬دار رحيانة للنشر والتوزيع اجلزائر ‪ ,‬ط‪.2002 1‬‬
‫‪ . 59‬عوض خلفيات‪ :‬النظم االجتماعية والرتبوية عند اإلباضية يف مشال إفريقيا يف مرحلة الكتمان‬
‫األردن‪ 1982 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .60‬مبارك امليلي‪ :‬تاريخ اجلزائر يف القدمي واحلديت‪ ،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬اجلزائر‪ ،2007 ،‬ج ‪.2‬‬
‫‪ .61‬حممد دبوز علي‪ ،‬تاريخ املغرب الكبري‪ ،‬ج‪ ،3‬دار إحياء الكتب العربية‪1383 ،‬ه ‪1963 -‬م‪،‬‬
‫ط ‪.1‬‬
‫‪ .62‬حممد زينهم حممد عزب‪ :‬قيام الدولة الرستمية املغرب‪ ،‬دار العامل العريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪2013 1‬‬
‫م‪1434-‬ه‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪ .63‬حممد زينهم حممد عزب‪ :‬قيام وتطور الدولة الرستمية يف املغرب‪ ،‬دار العامل العريب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‬
‫‪.2013 ،1‬‬
‫‪ . 64‬حممد علي دبوز لول عبد احلميد ‪ :‬تاريخ املغرب العريب‪ ،‬تاريخ دولة األغالبة والرستميني وبين‬
‫مدرار واألدارسة حىت قيام الفاطميني منشأة املعارف‪ ،‬االسكندرية‪.‬‬
‫‪ .65‬حممد علي دبوز ‪ :‬املغرب العريب الكبري‪ ،‬مؤسسة تاوالتالتقافية ‪ ،‬ط‪ ،2010‬ج‪.1‬‬
‫‪ . 66‬حممد عيسى احلريري‪ :‬الدولة الرستمية باملغرب اإلسالمي حضارهتا وعالقاهتا اخلارجية باملغرب‬
‫واألندلس (‪296-160‬ه) دار القلم لنشر والتوزيع الكويت‪ ،‬ط ‪1408 ،3‬ه – ‪.1987‬‬
‫‪ .67‬حممد كمال شبانة ‪ ،‬الدويالت اإلسالمية يف املغرب ‪ ،‬منشورات دار مكتبة احلياة ‪ ،‬بريوت ط‬
‫‪ 1429 ،1،2008‬ه ‪.‬‬
‫‪ .68‬حممود إمساعيل عبد الرزاق ‪ :‬اخلوارج يف بالد املغرب حىت منتصف القرن الرابع اهلجري‪ ،‬دار‬
‫الثقافة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة ‪.1985‬‬
‫‪ .69‬حيي عزيز‪ :‬املوجز يف تاريخ اجلزائر‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬ط‪1995 ،2‬م‪ ،‬وهران‪ ،‬ج ‪،1‬‬
‫المذكرات‪:‬‬
‫‪ . 70‬عزوق عبد الكرمي ‪ ،‬املعامل األثرية إسالمية ببجاية و نواحيها ‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة دكتورة ‪.‬‬
‫يف اآلثار اإلسالمية ‪ ،‬جامعة اجلزائر‪.2008- 2007 ،‬‬
‫‪ . 71‬مسرية شيخاوي‪ .‬ليندة كحيال‪ :‬نظام الدولة الرستمية (دراسة النظم احلكم واالدارة ونظام املايل‬
‫والقضائي ‪296-160‬ھ‪908-776/‬م)‪ ،‬رسالة ماسرت يف التاريخ الوسيط‪ ،‬حتت اشراف ‪ :‬زینب‬
‫شليب‪ ،‬البويرة‪2015- 2014،‬م‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫ملخص‬
‫ملخص‬

‫ملخص‬
‫مما سبق ذكره تلخصت لدينا بعض األفكار نسردها يف النقاط التالية‪:‬‬

‫يعترب كل من " عبد الرمحن بن رستم" و "محاد بن بلكني" قائدين متيزا بالقوة و العزم‪ ،‬جتلى‬
‫ذلك يف اجنازاهتما احلضارية اليت ظهرت جليا يف كل من عاصميت دولتيهما‪ :‬تيهرت الرستمية و القلعة‬
‫احلمادية‪.‬‬

‫ومتيزت فرتة حكم كل منهما باألمن‪ ،‬وعم االستقرار و ازدهرت احلياة الفكرية و االقتصادية‪،‬‬
‫ملا كان مييز الدولتني من عالقات مع جرياهنما‪.‬‬

‫متكن "عبد الرمحن بن رستم " من بسط نفوذ املذهب اإلباضي يف أوساط الرببر الذين‬
‫اعتنقوه‪ .‬وعمل جاهدا على تطوير دولته اليت عدد الباروين صفاهتا يف كتابه "األزهار الرياضية"‬
‫حسب أقوال املؤرخني كالتسامح والعدل واالزدهار و الرفاهية واألمن‪.‬‬

‫ونشطت يف عهده احلركة العلمية و العمرانية و االقتصادية وسار على هنجه من توىل اإلمام‬
‫بعده إىل أن سقطت على يد الشيعيني الذين متكن منهم " محاد بن بلكني " رغم أنه ترىب يف قصر‬
‫اخلالفة الفاطمية‪ ،‬إال أنه مل يكن ماال لتعلم املذهب الشيعي‪.‬‬

‫كان محاد بن بلكني مهتما باجلانب القتايل‪ ،‬لذلك برز على مسرح األحداث العسكرية‪ .‬اعتنق‬
‫املذهب املالكي‪ ،‬وأعلن استقالته عن الفاطميني و شهدت دولته اليت شیدها ازدهارا كبريا من ناحية‬
‫العمران‪ ،‬وقوة احلكم‪.‬‬

‫و للشخصيتني مواطن تشابه واختالف؛ وطدا حكمهما وعم األمن يف عهدمها إىل أن وافامها‬
‫األجل و سار على هنجهما من تقلد احلكم بعدمها‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬املؤسسان ‪ -‬عبد الرمحن بن رستم‪ -‬محاد بن بلكني ‪ -‬املقارنة‪.‬‬


‫ملخص‬

Abstract:

From the above we summed up some of the ideas we list in the


following points: Both Abdurrahman bin Rustam and Hammad bin Belkin are
distinguished leaders of strength and determination. This was manifested in
their cultural achievements, which were evident in both capitals of their
respective states: Teher at Al Rustamiya and Al Hamadiya Castle. Their reign
was characterized by security, stability, and intellectual and economic life. The
two countries did not distinguish from their neigh bors. Abdul Rahman bin
Rustam was able to extend the influence of the Abadi doctrine among the
Berbers who embracedhim. He worked hard to develophis nation, which the
Barone ssenumerates in his book "The Flower of Sports," in the words of
historian ssuch as tolerance, justice, prosperity, welfare and security And was
active in the era of the scientific movement, urban and economic and marched
on the approach of the imam after thatfell to the hands of the Shiites who
managed to "Hammad bin Balkin" although he was raised in the palace of the
Fatimid Caliphate, but was not inclined to learn Shiite doctrine. Hammad Ben
Belkin was interested in the combat side, chested out on the scene of military
events. He converted to the Maliki school, and announce dehisce signation
from the Fatimids and witnessed the state he built a great prosperity in terms of
architecture and power. The two personalities have similarities and differences;
their rule and the security of their time have been extended until they have
fulfilled their term, and they have followed their approach of taking power
after them. Keywords: The founders - Abdul Rahman bin Rustam - Hammad
bin Belkin – Comparative
‫فهرس المحتويات‬
‫الفهرس‬

You might also like