Professional Documents
Culture Documents
Conclusion Générale
Conclusion Générale
لقد جاء بحثنا هذا إجابة عن اإلش كالية الرئيس ية واألس ئلة الفرعي ة ،واختب ارا للفرض يات المقترح ة في
المقدمة العامة .وقد رأينا من خالل طرح اإلش كال ،أن االقتص اد الع المي يم ر بظ روف جدي دة ،وح دثت علي ه
تغيرات هيكلية مهمة أدت إلى تغير هيكل وتنظيم التجارة الدولية .ونظ را ألهمي ة قط اع التج ارة الخارجي ة في
االقتصاد الجزائ ري ،وم ع تق دم الجزائ ر بطلب العض وية في المنظم ة العالمي ة للتج ارة ،ك ان من الض روري
التساؤل عن مدى تماشي السياسة التجارية الجزائرية وإمكانية تكيفيها ومقتضيات االندماج في النظام التجاري
العالمي الجديد لالستفادة من ما قد يتيحه النظام الجديد للتجارة العالمية من فرص ،ولتف ادي م ا ق د ينتج عن ه من
أضرار من دون اإلخالل بالبنية االقتصادية أو انهيارها .وجاءت اإلجابة في خمس 05فصول نح اول فيم ا يلي
تلخصيها لنواصل إلى استخالص النتائج و تقديم االقتراحات .
من خالل الفصل األول الذي تناول النظريات المفسرة لقيام لتجارة الخارجية في الفكر االقتصادي .أجبنا
على السؤل الفرعي األول ،واختبرنا الفرضية األولى .وحاولنا تقديم األساس النظري للتبادل الدولي والسياسات
ال تي تس يره ،وإعط اء م بررات لج وء الدول ة إلى تب ادل س لعها في األس واق الدولي ة .ووج دنا أن المفك رون
االقتصاديين يعطون مبررات وتفسيرات منطقية لقيام التبادل الدولي .وقد انقسموا فيما يخص السياس ة التجاري ة
التي على الدولة إتباعها إلى تيار تج اري من ادي بت دخل الدول ة في إدارة تجارته ا الخارجي ة ،وم ذهب لي برالي
منادي بتحريرها .فالتج اريون ك انوا أول من أولى التج ارة الخارجي ة أهمي ة ك بري ،و ك انوا أول من اس تعمل
مفهوم الميزان التجاري وجعلوا الغاية من التجارة الخارجية هي تحقيق ميزان التجاري موافق .وللوص ول إلى
هذه الغاية نادوا بتدخل الدولة في تسير القطاع الخارجي بما تتخذه من وسائل تكف ل تحقي ق ف ائض في الم يزان
التجاري ،و بالتالي الحصول على المعدن النفيس الذي يمثل الثروة الحقيقية عندهم .وقد اختلفت تطبيق ات ه ذه
األفكار من بلد إلى آلخر حسب الظ روف االقتص ادية وخصوص ية ك ل دول ة .فظه رت المركنتيلي ة اإلس بانية
المرتكزة على الفكرة المعدنية ،المركنتيلية الفرنسية المعتمدة على الصناعة ،والمركنتيلية اإلنجليزية التجارية .
وعلى عكس التجاريين ،جاءت المدرسة الكالسيكية رافعة لواء الحري ة االقتص ادية .حيث أق رت مب دأ
تحرير التجارة الدولية ،ودحضت أفكار التجاريين وبينت عيوبها ،ومســاوئ تدخل الدولة في التجارة الخارجية.
وقد بين آدم سميث في تحليليه أن االزدهار و التقدم االقتصادي مرتبط بتقسيم العمل الذي يناسب طبيعة اإلنس ان
وميله إلى التعاون والتبادل .وهكذا رأى ضرورة قيام تبادل دولي للتغلب على ضيق الس وق المحلي وتص ريف
فائض إنتاج الدولة .وجعل الميزة المطلقة شرطا أساسيا لقيام التبدل .فيتخصص كل بلد في إنتاج الس لع ال تي ل ه
فيها ميزة مطلقة.
أما دافيد ريكاردوا فقد ذهب أبعد من ذلك حيث برهن أنه حتى بالنسبة لبل د ينتج بأق ل كف اءة من البل د
اآلخر ،له أن يعتمد حرية التجارة ويحقق فائدة .وهكذا ظهرت نظرية الميزة النسبية ال تي أوض حت أن الش رط
الضروري و الكافي إلمكانية قيام التبدل الدولي هو وجود اختالف بين معدل التبادل ال داخلي للس لع بين ال دول.
وبتحقق هذا الشرط فإنه من صالح الدولة أن تعتمد حرية التجارة و تخصص في إنتاج السلع تتف وق فيه ا بم يزة
156
نسبية وستجني فائدة من مشاركتها في التبادل الدولي و تحس ن ك ل ال دول المش اركة من مس توي رفاهيته ا ألن
كمية السلع المتاحة تكون أكبر من وضع العزلة .
أما النظرية النيوكالسكية فقد جاءت لتش رح أس باب اختالف مع دالت التب ادل ال داخلي ،حيث أرجعت
ذلك إلى اختالف الوفرة النسبية لعوامل اإلنتاج ،فتتخصص كل دول ة في إنت اج الس لع ال تي يحت اج إنتاجه ا إلى
عامل اإلنتاج المتوفر نسبيا و تقوم بتصدير فائض إنتاجها و تستورد السلع التي تنتج باستخدامها العامل الن ادر
نسبيا و هكذا تحقق الدولتين المتبادلتين مستوى إشباع أكبر من إمكانيات الدولتين.
وجدت النظريات سابقة الذكر تطبيقات له ا في الواق ع العملي ،وانعكس ت إلى سياس ات تجاري ة اتبعته ا
الدول بغرض تحقيق مصالحها القومية .و هكذا تطرقنا في الفصل الثاني إلى هاته السياس ة التجاري ة ال تي هي
مجموعة اإلجراءات ،اللوائح والتشريعات التي تطبقها الدولة في نطاق عالقاتها الخارجية بقصد تحقيق أه دافها
في تنمية اقتصادها ،حماية صناعاتها المحلية ،وتحقيق توازن ميزان مدفوعاتها.
ويتم اللجوء إلى السياسة التجاري ة الحمائي ة تحت ذرائ ع عدي دة منه ا غ ير االقتص ادية كحج ة ال دفاع و
األمن أو حج ة المحافظ ة على الط ابع الوط ني و تجنب التبعي ة أو بحجج ديني ة و أخالقي ة .وأخ رى اقتص ادية
كحجة حماية الصناعات الناشئة و التي وجدت رواجا كبيرا ،أو حجة جذب رؤوس الموال األجنبي ة لالس تثمار
في البلد المطبق للحماية ،أو بحجة السياسة التجارية االستراتيجية التي تس مح بتحوي ل ري ع االحتك ار في س وق
معينة من الشركات األجنبية إلى الشركات الوطنية.
إن تحقي ق أه داف السياس ة التجاري ة يعتم د على أس اليب وأدوات متع ددة ،ومن دون الخ وض في
التقسيمات النظرية تطرقنا إلى أهمها و بينا آثار كل منها على االقتصاد الوطني .فالرسوم الجمركية المفروضة
على السلع العابرة للحدود الوطنية تعتبر من األدوات األساسية التي تلج أ إليه ا الحكوم ات لحماي ة االقتص اد أو
بغرض تحقيق إيرادات مالية للخزينة الدولة أو للتحقيق الغرضين معا .ويترتب على تط بيق الرس وم الجمركي ة
آثار على كل من اإلنتاج ،الدخل ،االستهالك ،اإليرادات المالية للدولة .
إن ف رض رس م جم ركي ي ؤدي بالمس تهلكين المحلين للس لع األجنبي ة إلى دف ع أس عار أعلى فيتقلص
استهالكهم من هذه السلع ويتحولون إلى استهالك سلعا محلية الصنع و بالتالي يحصل المنتج ون المحلي ون على
أرباح نتيجة المبيعات اإلضافية و يؤدي تقليص االستيراد إلى تخفيض المدفوعات الخارجية بالعملة الصعبة .
أما نظام الحصص فهو النظام الذي بمقتضاه تحدد الدولة سقف معين بالحجم أو القيمة للواردات من سلع
معينة .ويمكن لهذه الحصص أن تكون مفروضة من جانب واحد أو متفاوض حولها كاتفاقية األلياف المتعددة أو
التحديدات اإلرادية عند التصدير .ويترتب على تطيق هذا النظام آثار اقتصادية عدي دة منه ا م ا يتص ل بتوزي ع
األرباح اإلضافية الناتجة عن تفاوت السعر في الداخل والخارج ،ومنها ما يتصل باألسعار الداخلية .كما يترتب
عن هذا النظام ارتفاع الكميات المنتجة محليا ،ويحصل بذلك المنتجون المحليون أرباحا إضافية.
157
ومن أدوات السياسة التجارية أيضا اإلعانات .التي هي تل ك المس اعدات والمنح المالي ة المباش رة وغ ير
المباشرة التي تقدمها الدول ة لص ناعة أو منتج ات معين ة .كم ا يمكن أن تك ون في ش كل تس هيالت أو إج راءات
تحفيزية يقصد بها تدعيم المصدرين المحليين وجعلهم في مركز تنافسي .ويمكن لإلعانة أن تك ون عن د اإلنت اج
كان تقدم الدولة مساعدة مالية إلنتاج سلع معينة أو تقدم إعفاءات ض ريبية أو تك ون اإلعان ة عن د التص دير ك ان
تقدم الدولة بعض الخدمات تسهل وص ول المص درين إلى األس واق العالمي ة كالدعاي ة ،المع ارض ،دعم النق ل
البحري....الخ .وتعرف المنظمة العالمية للتجارة اإلعانة بأنها كل تدخل للسلطات العمومي ة من ش انه أن يمنح
ميزة للمستفيد من هذا التدخل.
لإلعانات آثار اقتصادية على المستهلكين والمنتجين ومستوى األس عار .حيث تتس بب االعان ات في رف ع
أسعار السلع المحلية ،مما يؤدي إلى تراجع الطلب المحلي عليها ،ويتم اس تهالك كمي ات أق ل منه ا محلي ا ،مم ا
يؤدي إلى نقص رفاهية المستهلك ويتم تحويل هذا الفائض من المستهلك إلى المنتج ،ال ذي يح ول ف ائض إنتاج ه
إلى الخارج ويحقق بذلك أرباح إضافية نتيجة ارتفاع الكميات المصدرة من هاته السلع .
يمثل اإلغراق أحد التحديات التي تجابه الدول النامية ،فهذه التقني ة يص عب تحدي دها بوض وح ،ل ذا فه و
يستعمل كأداة للسياسة التجارية .أما اإلغراق فهو بيع السلعة في األسواق الدولية بثمن يقل عن الثمن ال ذي تب اع
به نفس السلعة و بنفس الشروط في السوق الداخلية و تجد كثير من الدول و خاصة منها النامية صعوبات كبيرة
في الكشف عن مثل هذه السياسات العدوانية التي تخالف قواعد المنافسة الشريفة التي كثيرا ما تلجأ إليه ا دول و
مؤسسات من أجل فتح أسواق جديدة يستفيد البلد المطب ق لإلغ راق من زي ادة في حجم ص ادراته و تس تغل ك ل
طاقاته المتاحة فيزيد دخله ويستفيد منتجوه من اتساع السوق .في حين يؤدي بالبلد المغرق فيه إلى القض اء على
الصناعة المحلية و يتض رر المس تهلكون بس بب ارتف اع األس عار بع دما ك انت منخفض ة .ولمواجه ة مث ل ه ذه
المعامالت غير الشريفة أصبحت الدول تفرض رسوم مكافحة اإلغراق و التي قد تص بح أيض ا تف رض بص فة
مبالغ فيها لتصبح وسيلة حماية جديدة.
كما يمكن للدولة أن تتخذ من الوسائل غير المباشرة للتأثير في السياسة التجارية كاعتمادها على المعايير
الصحية ،الفنية أو البيئية و كذا اإلجراءات اإلدارية التي يمكن أن تعرقل من انسياب الس لع ع بر الح دود .و في
مقابل هذه التدخالت من طرف الدول و فرضها قيود على التجارة ،وجد من الدول من يدعو إلى رفع هذه القيود
والتمتع بالحرية التجارية .التي تض من منافس ة أك ثر من ش أنها أن ت ؤدي إلى تحقي ق مردودي ة أك بر وتض من
توزيع أفضل للموارد عبر العالم ،وتتسع األسواق و تنخفض األثمان و يت وافر للمس تهلك نط اق اختي ار أوس ع.
كما أن الحرية تشجع التقدم التقني في فروع اإلنتاج.
وقد تدعم هذا التوجه بوجود منظمات دولية واتفاقات س عت إلى تحقي ق ه ذه الغاي ة ،ولق د لعب ص ندوق
النقد الدولي من خالل برامج التصحيح الهيكلي دور كب ير في دف ع العدي د من ال دول إلى تحري ر تجارته ا .كم ا
ارتبطت الحرية التجارية بمستوى التنمية االقتصادية فكلما كانت الدول ة أك ثر تط ورا كلم ا ك انت أك ثر انفتاح ا
على الخارج كما الحظنا أنه في الفترة األخيرة أن كل السياسات التجارية تقترب من بعضها واتجهت إلى تكوين
تكتالت جهوية و التزمت بمقررات المنظمة العالمية للتجارة .
158
أما الفصل الثالث فقد خصص لدراسة النظ ام التج اري ال دولي وتطورات ه ح تى الوص ول إلى المرحل ة
الراهنة .فقد شهدت فترة نهاية الح رب العالمي ة الثاني ة ظه ور ق وة سياس ية عس كرية واقتص ادية جدي دة ،وهي
الواليات المتحدة األمريكية .ومن موقعها الريادي هذا أصبحت ت تزعم تش كيل نظ ام دولي جدي د ،ب دأت معالم ه
األولى تتضح منذ مؤتمر بروتن وودز المنعقد بالواليات المتحدة سنة . 1944
لم تكن المؤسسات المنبثقة عن مؤتمر بروتن وودز مؤهلة لالهتمام بالمشاكل البحتة للتجارة الدولية ،ل ذا
اتجه اهتمام المجموعة الدولية لمحاولة إيجاد تنظيم مشابه لصندوق النقد الدولي والبنك ال دولي ي ؤطر العالق ات
التجارية الدولية ،و تجلى ذلك في المؤتمر الدولي للتجارة والتشغيل المنعقد في هافانا .1947وبعد فشل تجسيد
مشروع المنظمة الدولية للتجارة المقترحة في هذا المؤتمر أبرمت 23دولة معاهدة دولية متع ددة األط راف من
أجل العمل على تقليص القيود التي كانت تعرقل حرية التجارة ،وهذا بتخفيض الرسوم الجمركي ة وإلغ اء القي ود
الكمية .ولقد عرفت هذه االتفاقية باسم GATTكان من أهدافها تحرير التج ارة وفق ا لمب ادئ الحري ة التجاري ة
المتض منة في النظري ة الكالس يكية والنيوكالس كية ،رف ع مس توى ال دخل الق ومي الحقيقي ،االس تغالل الكام ل
للموارد االقتصادية العالمية ،ضمان زيادة حجم التجارة الدولية و إزالة القيود المحلي ة من خالل تخفيض القي ود
الكمية و الجمركية.
من أجل تحقيق أهدافها في تحرير التجارة ،تبنت GATTالمبادئ التالية :
-مبدأ عدم التمييز بمعنى أن يعام ل المنت وج المس تورد من أي دول ة متعاق دة بالطريق ة نفس ها ال تي يعام ل به ا
المنتوج المستورد من أية دولة أخرى و قد بني هذا المبدأ على قواعد ثالث ة هي ش رط الدول ة األولى بالرعاي ة،
شرط المعاملة الوطنية ،شرط المعاملة بالمثل.
-مبدأ تخفيض التعريفة الجمركية حيث يتم التفاوض دوريا بين األطراف المتعاقدة لتقديم تخفيضات متبادل ة في
التعريفة الجمركية خالل الدورات المنعقدة بهذا الغرض.
-مبدأ حضر القيود الكمية :حيث منعت االتفاقية استعمال القيود الكمية والحصص ألنها تقت ل المنافس ة و تقس م
األسواق باستثناء حاالت معينة.
-مبدأ عدم اإلغراق :ألنه يتعارض و المنافسة الحرة و الشريفة.
أما تنظيميا ،فقد عملت GATTعلى جمع األطراف المتعاق د في دورات للتعريف ة الجمركي ة يتم فيه ا
التفاوض على تخفيض الرسوم الجمركية وتقديم التنازالت لذا فقد نظمت GATTالعدي د من الج والت أثم رت
جلها ،ولكن تبقى أهمها الجوالت الثالثة األخيرة .والمالحظ في كل هذه الج والت ،أن ال دول المتقدم ة هي ال تي
كانت تقترح موضوعاتها و تسيرها وفقا لمصالحها و تناقش البيان الختامي
لقد حققت الجوالت األولى من جنيف إلى ديلون راوند نتائج معتبرة ،فقد أدت إلى تخفيضات متتالي ة في
الرسوم الجمركية ،أما جولة كنيدي ( )67-64فقد حققت نت ائج معت برة فيم ا يخص التخفيض ات الجمركي ة كم ا
توص لت األط راف إلى اتف اق لمكافح ة اإلغ راق وخ رجت دورة طوكي و ( )79-73زي ادة على التخفيض ات
الجمركية بتسع اتفاقيات خصت الدعم ،القي ود الفني ة على التج ارة ،مكافح ة اإلغ راق ،القيم ة ل دى الجم ارك،
تراخيص االستيراد اللحوم والثروة الحيوانية ،تجارة الطائرات المدنية.
159
أما جولة األرغ واي ( )94-86فتعت بر آخ ر وأهم جول ة للمفاوض ات التجاري ة متع ددة األط راف ،وق د
تضافرت عدة عوامل جعلتها تحتل هذه المنزلة ،و لعل أهمها:
-اختالل النظام التجاري الدولي و التحايل على االتفاقية العامة ،وزيادة درج ة الص راع بين ال دول الص ناعية
على حماية أسواقها و محاولة فتحها ألسواق جديدة.
-أدى التسارع التكنولوجي إلى إحداث تغييرات في هيكل التجارة الدولية حيث ظهرت سلع جدي دة و اس تحدثت
أنش طة تجاري ة ذات أهمي ة قص وى تعلقت بتب ادل التكنولوجي ا والمع ارف كم ا تع اظمت أهمي ة الخ دمات في
المبادالت الدولية.
وقد توصلت هذه الجولة إلى عدة اتفاقي ات خاص ة بتج ارة الس لع وأخ رى بش أن االس تثمارات المتص لة
بالتجارة ،واتفاق حول تجارة الخدمات ،واتفاق آخر حول الملكية الفكرية ،اتفاق اإلجراءات الوقائية ،اتفاق بشأن
مواجهة سياسات اإلغراق .وكان من أبرز وأهم إنجازات جولة اإلرغواي هو إنشاء المنظم ة العالمي ة للتج ارة.
والتي جاءت نتيجة للمعطيات الجديدة في االقتصاد الدولي والوتيرة المتسارعة في تغيير العالقات االقتصادية.
إن المنظمة العالمية للتجارة هي منظم ة دولي ة تتمت ع بالشخص ية االعتباري ة للمنظم ات الدولي ة ،تتمت ع
بسلطات تعاقدية لوضع القواعد واتخ اذ الت دابير وإص دار األحك ام بش أن كاف ة المواض يع ذات الص لة بالتب ادل
التجاري في السلع والخدمات .وهي تعتمد على نفس مبادئ ،GATTتهدف إلى تحقيق حري ة التج ارة الدولي ة
واإلشراف على تط بيق االتفاقي ات وتنظيم المفاوض ات ،والفص ل في المنازع ات ومتابع ة ومراقب ة السياس ات
التجارية للدول األعضاء.
ولقد أنيط بالمنظمة ،اإلشراف على تنفيذ االتفاقيات التجارية الدولية ومتابعة ومراقبة السياسات التجاري ة
للدول األعضاء حتى تضمن اتفاق هذه السياسات مع التزامات هذه الدول في إطار المنظم ة ،كم ا عملت ال دول
المرشحة لالنضمام إليها على مالئمة سياساتها التجارية ومبادئ المنظم ة .وهك ذا خصص نا الفص ل الراب ع من
هذه الرسالة إلى السياسة التجارية الجزائرية وتطورها ومحاوالت االندماج اإلقليمي والجهوي .حيث في غم رة
التغيرات الحاصلة في العالق ات التجاري ة واالقتص ادية الدولي ة ،ت زامن ك ل من عولم ة النش اط االقتص ادي و
الركون إلى الجهوية بإقامة التكتالت االقتص ادية والتجاري ة الجهوي ة وهك ذا فق د ك ان للجزائ ر حظه ا من ه ذه
التغيرات والتوجهات ،وهذا ما قمنا بدراسته في هذا الفصل.
لقد مرت السياسة التجارية الجزائرية بثالث مراحل مهم ة هي مرحل ة الرقاب ة ،االحتك ار ،ثم التحري ر.
ففي مرحلة الرقابة على التجارة الخارجية ( )73-62والتي كانت بمثابة المرحلة التمهيدية لتدخل الدولة الكلي و
تحكمها في قطاع التجارة الخارجي ة وتحكمه ا في قط اع التج ارة الخارجي ة بع دما تم اختي ار طري ق اش تراكية
كمنهج اقتصادي .و قد اعتمد على نظام الحصص ومراقبة الصرف باإلض افة إلى التعريف ة الجمركي ة ك أدوات
لتطبيق هذه السياسة الهادفة إلى اقتصاد العملة الصعبة و الحد من الواردات الكمالية و حماية اإلنتاج الوطني.
أما عن تطور أدوات السياسة التجاري ة فيمكن مالحظ ة أنه ا تط ورت وفق ا لمتطلب ات ك ل مرحل ة ،فق د
تميزت أول تعريفة جمركية جزائرية 1963بتشجيعها ل واردات الم واد األولي ة والس لع التجهيزي ة الض رورية
لبناء االقتصاد الوطني .فاعتمدت على تصنيفين حسب المنتوج وحسب الدول ،فالتصنيف األول أعطى األولوي ة
لسلع التجهيز والمواد األولية التي أخضعت لرسم بـ % 10بينما وصلت النس بة إلى % 50بالنس بة للص ناعة
160
النهائية .أما التصنيف حسب الدول فقد ميز فرنسا و دول المجموعة األوروبية عن غيرها من الدول .هذا النظام
التفضيلي لصالح هذه الدول ،ونس بة الرس وم المنخفض ة نس بيا لم يكن له ا المفع ول المطل وب لتنمي ة االقتص اد
الجزائري .ومراجعة لسلبيات التعريفة األولى ،وتلبية لمتطلب ات إس تراتيجية التنمي ة القائم ة على عملي ة إحالل
الواردات جاءت تعريفة 1968بمعدالت جدي دة من أج ل مس اعدة الص ناعات الناش ئة وح ذف العم ود الخ اص
بفرنسا.
بعدها دخلت الجزائر في سياسة تنموية جديدة قائمة على التصنيع (إستراتيجية الص ناعات المص نعة) ،
وقد استجابت السياسة التجاري ة لمتطلب ات ه ذه المرحل ة باتخاذه ا اتجاه ا حمائي ا .ودخلت الجزائ ر في مرحل ة
احتكار الدولة لقطاع التجارة الخارجية ،وصممت تعريفة جديدة لتدعيم السياسة التنموي ة الوطني ة ( )1973كم ا
تم اتباع نظام ال تراخيص اإلجمالي ة لالس تيراد . AGIوفي س نة 1978تم ت أميم التج ارة الخارجي ة بم وجب
المرسوم 02-78وحلت كل مؤسسات االستيراد والتصدير الخاصة بقوة القانون ،وكان هذا القانون يهدف إلى:
-حماية االقتصاد الوطني
-تقوية القوة التفاوضية الجزائرية
-مراقبة حركة رؤوس األموال
وفي منتصف الثمانينيات وتحت ضغط األزمة االقتصادية العالمية ،أدى االنخفاض الكبير ألسعار النف ط
بالسلطات الجزائرية إلى مباشرة إصالحات اقتصادية بهدف تصحيح اإلختالالت الهيكلية لالقتص اد الجزائ ري.
تراجعت بموجبها عن التوجه المركزي ،وبدأت التحوالت االقتصادية نح و اقتص اد اك ثر انفتاح ا .وك انت س نة
1988سنة تقنين هذه الخيارات ،حيث صدرت القوانين التالية:
-القانون 01-88المؤرخ في جانفي 1988المتض من الق انون الت وجيهي للمؤسس ات العمومي ة،ال ذي أعطاه ا
الشخصية القانونية واالستقاللية المالية ومنح المسيرين حرية اكبر في إدارتها.
-المرسوم التشريعي 29-88المؤرخ في 19جويلية 1988المتعلق بممارسة احتكار الدول ة للتج ارة الخارجي ة
عن طريق الوكالة أو االمتياز الذي تمنحه للمؤسسات أو مجمعات المصالح.
-المرسوم 01-89في جانفي 1989المحدد لحقوق وواجبات الوكالء وأصحاب االمتياز لتحقيق مص الحهم في
إطار تحقيق المصالح العامة للدولة .وبموجب هذا القانون اصبح بإمكان المؤسسات الخاصة التدخل في التج ارة
الخارجية.
بعدها دخلت الجزائر في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي ك ان من نتائجه ا إب رام اتف اق أول في 30
ماي ،1989وثاني في جوان ،31وثالث في ماي .1994وسمح للجزائر بإعادة جدولة ديونها العمومي ة(ن ادي
ب اريس) في جويلي ة ،1996وال ديون المالي ة والتجاري ة(ن ادي لن دن) في ج وان .1996وك ان من نت ائج ه ذه
االتفاقات قيام السلطات الجزائرية بتخفيض سعر الصرف وإلغاء رقابة عليه ،وتحرير التجارة الخارجية بإلغاء
القيود الكمية واإلدارية مع بداية .1995
161
إن تحول الجزائر إلى االنفتاح وتحرير تجارتها الخارجية ،جاء استجابة لظروف داخلي ة ( االختالالت
الهيكلي ة) وخارجي ة (التغ يرات الحاص لة في االقتص اد ال دولي) ،وض غوط المنظم ات الدولي ة(ص ندوق النق د
الدولي) .ولم يكن في اإلمكان المواصلة على نفس النهج في إدارة القطاع االقتصادي وقطاع التج ارة الخارجي ة
خاصة .ففي هذه الظروف الدولية المتم يزة بظه ور التكتالت والتجمع ات االقتص ادية وحيث أص بحت م وازين
القوة العالمية مرتبطة بقوة هذه التجمعات ،اتضح جليا أن دولة نامية كالجزائر ال يمكنها أن تقاوم تيار التغييرات
الحاصلة على المستوى الدولي ،وأن عليها أن تسعى -كباقي الدول -لالندماج في هذا االقتصاد العالمي.
وكانت أولى خطوات ذلك ما شهدته نهاية الثمانيني ات حيث ت وجهت الجزائ ر إلى جيرانه ا المغ اربيين من
اجل تنسيق سياساتهم االقتصادية والتجارية ،وهكذا ظهر اتحاد المغرب الع ربي في ذات 17فيف ري 1989من
اجل تحقي ق حري ة انتق ال األش خاص ،الس لع ورؤوس األم وال .غ ير أن غي اب الرؤي ة اإلس تراتيجية ،وعم ق
الخالف ات السياس ية وع دم التج انس في األنظم ة الحاكم ة لل دول المغاربي ة ،وض عف الهياك ل االقتص ادية
وهشاشتها ،وع دم االرتب اط فين ا بين القطاع ات جع ل من المس يرة المغاربي ة ت راوح مكانه ا ب الرغم من البع د
االستراتيجي ال ذي يمثل ه االتح اد المغ اربي لل دول األعض اء .الي وم وبع د ه ذا الفش ل اص بح تحقي ق االن دماج
المغاربي مطلبا أوروبيا ودولي ا حيث اص بح ش ركاء ال دول المغاربي ة يطالبونه ا ب ذلك كم ا ح دث م ع االتح اد
األوربي.
ففي مبادرة من االتحاد األوروبي ،دع ا ال دول جن وب المتوس ط إلى ن دوة برش لونة لوض ع إط ار جدي د
للشراكة بغية إنشاء منطقة للتبادل الحر في حدود .2010ومن هنا دخلت الجزائر في مفاوضات مع U.Eحتى
تضمن اندماجها الجهوي ويسهل عليها المفاوضات مع المنظمة العالمية للتجارة .وفي 19ديس مبر 2001وقعت
الجزائر على اتفاق ش راكة م ع االتح اد األوروبي ،من اج ل تحري ر وتط وير المب ادالت في الس لع ،الخ دمات،
ورؤوس األموال .حتى الوصول إلى إقامة منطقة للتبادل الحر خالل مدة أثنى عشر سنة من دخول االتفاق حيز
التنفيذ .و بذلك تحقق أولى الخطوات نحو االندماج في النظام العالمي للتجارة.
بدأت الجزائر في اتباع الخطوات العملية من اجل االنضمام إلى المنظمة العالمي ة للتج ارة ،وق د ق دمت
مذكرة السياسة التجارية لسكرتارية المنظمة في جوان 96لتبدأ المفاوضات الفعلية .وتلقت الجزائر ع دة أس ئلة
من الدول المتعاقدة فينما يخص السياسة التجارية ،وهي اآلن في مرحلة متقدم ة من اج ل تحقي ق ه ذا المس عى.
غير أن هذا االنضمام يمكن أن يشكل تهديدا لالقتصاد الجزائري إذا لم يح رص الط رف الجزائ ري المف اوض
على االستفادة من أقصى االمتيازات والفترات االنتقالية.
إن انضمام الجزائر ال يجب أن يكون غاية في حد ذاته ،بل يجب أن تكون هذه الخطوة من اج ل تحقي ق
أهداف السياسة التجارية الجزائرية المتمثلة خاصة في :
-تنويع المبادالت ،وتجاوز التخصص الضيق في إنتاج وتصدير المحروقات.
-رفع مستوى تنافسية القطاع اإلنتاجي الوطني وخاصة القطاع الصناعي.
-التحكم ومراقبة الواردات من السلع االستهالكية خاصة السلع الغذائية.
من اجل تحقي ق ه ذه األه داف على الجزائ ر أن تتخ ذ من اإلج راءات و المع ايير ال تي من ش أنها توف ير بعض
الحماية لالقتصاد الوطني و تسمح بإع ادة تأهيل ه والرف ع من مس توى تنافس يته وتحض يره االن دماج في النظ ام
العالمي للتجارة .وتتمثل هذه اإلجراءات في :
-إعادة تنظيم القطاع االقتصادي والتجاري الوطني بما يحقق االستخدام األمثل للموارد و الطاقات الوطنية.
-إعادة تأهيل المؤسسات الجزائرية العمومية والخاصة على جميع المس تويات التنظيمي ة ،اإلداري ة ،التمويلي ة،
اإلنتاجية والتسويقية.واعتمادها المقاييس الدولية في االنتاج ،التوزيع وتقديم الخدمات.
162
-إصالح كل من المنظومتين الجبائية و البنكية.
-تنسيق السياسات االقتصادية مع الدول المغاربية و البحث على تكامل بين القطاعات بوضع مشاريع مشتركة.
-السعي وبكل جدية إلى تطبيق االتفاقية التجارية والتعريفية المغاربية التي تسمح بإنش اء منطق ة التب ادل الح ر
المغاربية .
-إدراج حماية المنتوج الوطني ضمن العمل التكاملي المغاربي والشراكة مع االتحاد األوروبي.
-تثمين اتفاق الشراكة مع االتحاد األوروبي و االستفادة من الخبرة واألموال األوروبي ة من اج ل رف ع مس توى
أداء المؤسسات الجزائرية .وجعل هذا االتفاق إطار للش راكة المتوازن ة وباب ا لالن دماج اإليج ابي في االقتص اد
العالمي.
وفي آخر هذا البحث يمكن أن نتوقع آفاق مستقبلية لموضوع الدراسة كما يلي:
-1كون إنجاز بحثنا تزامن والتوقيع على اتفاق الشراكة ،يمكن إنجاز دراسة إحصائية لنتائج هذا االتفاق.
-2إنجاز دراسة حول المكاسب الممكن اغتنامها من تفعيل االتفاقية التجارية والتعريفية المغاربية.
- 3إمكانية وحدود حماية المنتجات والصناعات الوطنية في ظل انضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة.
163