Professional Documents
Culture Documents
محاضرات الحراك المهني والاجتماعي في الجزائر2
محاضرات الحراك المهني والاجتماعي في الجزائر2
إف البحث في موضوع الحراؾ الميني واالجتماعي في الجزائر ،ال يمكف تناولو بشكؿ واضح دوف
إدراجو ضمف السياؽ العاـ لممراحؿ التي مر بيا االقتصاد الوطني ،فمقد عاشت الجزائر ظاىرة الحراؾ
االجتماعي والميني في ظؿ ظروؼ اقتصادية واجتماعية وديمغرافية صاحبت واقع المؤسسة االقتصادية
مف مرحمة إلى أخرى وما ترتب عنيا مف مظاىر تارة سمبية وايجابية تارة أخرى ،لذلؾ يمكف القوؿ أف ىذه
الظاىرة ارتبطت أساسا بظاىرتي النمو االقتصادي والنمو الديمغرافي ،إذ نعتقد أنو كمما كاف النمو
االقتصادي مرتفعا والنمو الديموغرافي منخفضا زادت احتماالت الحراؾ الصاعد وأنو كمما كاف النمو
االقتصادي منخفضا والنمو الديموغرافي مرتفعا زادت احتماالت الحراؾ النازؿ وىكذا .
كما أشرنا سالفا بأنو ال يمكننا تحميؿ ظاىرة الحراؾ الميني واالجتماعي بعيدا عف ظاىرة التنمية
االقتصادية لممجتمع ،وبالتالي ما يمكف قولو بصفة مختصرة حوؿ حالة الجزائر االقتصادية قبؿ االستقالؿ
ىو أنيا امتداد لسياسة تنموية استعمارية ،تحاوؿ مف جية تحويؿ نظرة الشعب الجزائري عف الكفاح بتوفير
الحاجيات األساسية ،ومف جية أخرى دعـ االقتصاد الفرنسي مف ثروات الجزائر الكبيرة الباطنية
والخارجية ،فكؿ االستثمارات كانت تيدؼ إلى تكريس االستعمار ،وقد كاف اليدؼ مف وراء ذلؾ تعزيز
اندماج الجزائر في السوؽ العالمية عف طريؽ االستعمار الكولونيالي.
فقد تميز المجتمع الجزائري قبؿ مرحمة االحتالؿ الفرنسي بوجود بنية اجتماعية متميزة ،ذلؾ أف
الجزائر كانت تتصؼ بأنيا بمد زراعي ،إذ كاف اقتصادىا يستند إلى نشاطيف أساسييف ىما :زراعة
الحبوب وتربية الماشية فقد كاف النشاطاف متشابكيف يدعـ الواحد منيما اآلخر في أغمب المناطؽ ،وكانت
نسبة ىذيف النشاطيف تتغير تبعا لالتجاه شماال أو جنوبا لمبالد ،وعميو فقد اتسـ المجتمع الجزائري في ىذه
المرحمة بمظاىر النمو االقتصادي ،خاصة في قطاع الزراعة حيث كانت الجزائر تعد مف بيف البمداف
الرائدة في تصدير القمح ألوروبا مما جعميا تقدـ قروضا ومساعدات لفرنسا لذلؾ كاف الواقع االجتماعي
1
أثناء المرحمة ما قبؿ االحتالؿ الفرنسي يتسـ بازدواج نمط الحياة الحضري والبدوي ،غير أف الحياة
الريفية ىي الغالبة بحيث أف البمد ريفي مع وجود دائـ لتجمعات سكنية مدينية.
لذلؾ فإف الحراؾ الميني واالجتماعي في ىذه الفترة ارتبط بالمكانة االجتماعية أكثر منيا بالمينية وفؽ
النموذج القبمي السائد آنذاؾ ،المبني أساسا عمى الممكية الجماعية لألراضي الزراعية مف خالؿ رفع شعار
الجد المشترؾ ونشر فكرة القرابة االجتماعية لتعزيز األيديولوجية األبوية وعدـ جواز تقسيـ أرض الجماعة
القبمية النابع مف إرادة المجموعة في التكيؼ مع المعطيات الطبيعية ،كؿ ذلؾ يثبت وجود اجتماعي يتسـ
بنوع مف الثبات يجعؿ مف الحراؾ االجتماعي والميني يتسـ أيضا بنوع مف الثبات والرتابة ،ىذا إلى جانب
بعض الصناعات الحرفية البسيطة المرتبطة باإلنتاج الزراعي ،حيث سادت عالقات إنتاج منسجمة
تعاونية (غير استغاللية) رغـ تنوع الممكية ،أي عموما يمكف القوؿ أنو اقتصاد متطور يتصؼ باالنسجاـ
و التكامؿ بيف القطاعات و ال توجد فجوة بيف االستيالؾ و اإلنتاج.
ومع بداية االحتالؿ الفرنسي عمؿ عمى تحطيـ ىذه البنى االجتماعية ،فقد أدت الرغبة في خمؽ
مستعمرة استيطانية مف منطقة مأىولة فعال بالسكاف إلى سياسة طرد السكاف المحمييف مف أفضؿ
األراضي الصالحة لمزراعة ،وال شؾ أف ىذه العممية أدت إلى تغيرات جوىرية تتعمؽ بنظاـ الممكية،
والنظاـ المؤسساتي الذي كاف سائدا ،حيث تغيرت عالقة األفراد بممكية األراضي ،وانيارت بعض
المؤسسات القبمية كالزوايا بوصفيا مؤسسة خيرية ،مما يعتبر حراكا مينيا واجتماعيا نازال حيث أدى ىذا
الحراؾ إلى التحوؿ القسري لممكية وسائؿ اإلنتاج والمكانة االجتماعية ألفراد المجتمع الجزائري ،حيث
وتدريجيا أصبح الفالح الجزائري الذي كاف في وقت مف األوقات يممؾ أرضا تمنحو مينة ومكانة
اجتماعية داخؿ المجتمع ،إلى مجرد خماس أو عامال يوميا في ىيئة عبيد عند المعمر ،أما أولئؾ الذيف
كانوا عاجزيف عف التكيؼ مع وضعيـ المادي الجديد نزحوا إلى مناطؽ نائية داخؿ البالد ،فمقد كاف ليذه
اإلجراءات األثر الكبير في التغيير الجذري في بنية الممكية ومف ثـ في التنظيـ االجتماعي لمقبائؿ
الجزائرية ككؿ ،إذ أف عممية التشتيت ىذه اكتممت بواسطة اإلجراءات اإلدارية والقانونية التي جردت الفرد
الجزائري مف ما يرمز إلى عزتو وكرامتو مما يعتبر حراكا تقيقريا بكؿ معنى الكممة.
ب -أثناء االحتالل:
لقد ترتب عف االحتالؿ الفرنسي في الجزائر خالؿ الفترة ( )0851-0721تشوىات كبيرة في ىيكؿ
االقتصاد الجزائري لما قبؿ االحتالؿ ،حيث عمؿ االستعمار عمى خمؽ قطاع اقتصادي مزدوج ،األوؿ
قطاع عصري أوروبي متطور يستعمؿ وسائؿ إنتاج متطورة ويستغؿ أجود األراضي وتميز بالتوجو نحو
2
منتجات زراعية صناعية كالحمضيات والكروـ لتصدير الخمور ،والثاني قطاع تقميدي ريفي جزائري يغمب
عميو الطابع الزراعي يستعمؿ وسائؿ إنتاج بدائية ويستغؿ األراضي غير الخصبة عمى سفوح الجباؿ
والودياف ،وقد لعبت الصادرات الزراعية وخاصة تصدير الخمور دو ار أساسيا في نمو االقتصاد
االستعماري لمج ازئػر ،وىذا ما دفع السمطات االستعمارية إلى تركيز وتثبيت ممكية األراضي الزراعية أكثر
في يد المعمريف خاصة منذ 0811مما أدى إلى أثر انكماشي في توزيع الدخؿ عمى الفرد الجزائري ،مما
زاد في ارتفاع نسب الحراؾ النازؿ مف جية والحراؾ الديموغرافي مف جية أخرى مف خالؿ النزوح الريفي
بحثا عف لقمة العيش ،نتيجة تحويؿ الفائض المنتج في الريؼ الجزائري خارج الج ازئ ػ ػػر مما أدى إلى
تخمؼ الريؼ وارتفاع نسب البطالة ،حيث تقوؿ التقارير آنذاؾ أنو مثال في الفترة ما بيف ()0843-0821
ارتفع عدد سكاف المدف مف 411.111ساكف سنة 0821إلى 1مميوف ساكف سنة ،0851ىذا الحراؾ
الميني واالجتماعي أدى إلى اختالؿ التوازف بيف المدف واألرياؼ والى التبايف في توزيع الدخوؿ كما أف
أغمب ىؤالء النازحيف كانوا يقطنوف البيوت القصديرية واألكواخ مما يعتبر حراكا تقيريا في المكانة
االجتماعية ،والذي أدى بدوره إلى تفكؾ العالقات االقتصادية (المينية) واالجتماعية لممجتمع الجزائري.
3
( 2ماستر تنظيم وعمل ) محاضرات الحراك المهني واالجتماعي في الجزائر
كما سبؽ وأف أشرنا أف الحراؾ الميني واالجتماعي يرتبط أساسا بظاىرتي النمو االقتصادي والنمو
الديمغرافي ،فكمما كاف النمو االقتصادي مرتفعا والنمو الديموغرافي منخفضا زادت احتماالت الحراؾ
الصاعد واألفقي ،وأنو كمما كاف النمو االقتصادي منخفضا والنمو الديموغرافي مرتفعا زادت احتماالت
الحراؾ النازؿ ،فإنو يمكف القوؿ أف الجزائر بعد االستقالؿ قد شيدت الحالتيف المتناقضتيف معا ،حيث
شيدت الفترة الممتدة مف االستقالؿ إلى غاية منتصؼ الثمانينيات حالة النمو االقتصادي متزايد والنمو
الديموغرافي البطيئ نوعا ما (مرحمة التسيير االشتراكي) ،ثـ شيدت الفترة مف متصؼ الثمانينيات حتى
بداية األلفية الحالية حالة انكماش النمو االقتصادي وتزايد النمو الديموغرافي (استقاللية المؤسسات
واقتصاد السوؽ) ،لتشيد الفترة الالحقة مف األلفية الحالية نوعا مف االنتعاش االقتصادي الناتج عف ارتفاع
سعر البتروؿ ونموا الديموغرافيا اتسـ بالثبات نوعا ما (اإلنعاش االقتصادي).
لقد ساىمت الوضعية االقتصادية واالجتماعية العسيرة والخانقة والتبعية شبو الكمية لالقتصاد الفرنسي
التي خمفيا االحتالؿ الفرنسي مثمما ذكرنا سالفا ،في عجز شبو تاـ لمدولة الجزائرية المستقمة ،حيث خمؼ
االحتالؿ دما ار كبي ار في البنى التحتية نتيجة حرب التحرير ،باإلضافة إلى أكثر مف تسعيف مف المائة مف
البطاليف ،ومثمو مف اليد العاممة غير المؤىمة ،وكذا المشرديف والالجئيف واأليتاـ وىذا سياسة االستيطانية
لمدة 021سنة كاممة ،أماـ ىذا الواقع كاف عمى الحكومة الجزائرية المستقمة الدخوؿ في ما سمي أنذلؾ
بمرحمة البناء والتشييد إلعادة اإلعمار ،وكاف اليدؼ منيا محو اآلثار التي خمفيا االحتالؿ مف خالؿ
انتياج سياسة المخططات التنموية مع األخذ بعيف االعتبار البعد االجتماعي في التخطيط االقتصادي،
فتـ االعتماد عمى التصنيع واالستثمار المكثؼ لغرض توفير فرص عمؿ متزايدة.
وعرفت ىذه السياسة بالتسيير االشتراكي ولعؿ أىـ ما يشار إليو في ىذه التجربة ىو ذلؾ التوجو الذي
يدعو إلى الممكية الجماعية لوسائؿ اإلنتاج ،واالشتراكية socialismeنظاـ اقتصادي اجتماعي يقوـ
عمى الممكية االجتماعية لوسائؿ اإلنتاج األساسية ،مف أجؿ تمبية حاجات المجتمع عمى الوجو األمثؿ.
والقاعدة االقتصادية األساسية في ىذا النظاـ ىي إلغاء التقسيـ الطبقي في المجتمع والغاء استغالؿ
4
اإلنساف لإلنساف ،بيدؼ تحقيؽ العدؿ والمساواة بيف أفراد المجتمع .وقد تعددت المذاىب والنظريات التي
تناولت الفكر االشتراكي ،إال أف النظرية الماركسية المينينية وحدىا ىي التي نقمت ىذا الفكر إلى الواقع
وكانت األساس الذي قامت عميو أنظمة اشتراكية سادت بمداناً عدة في القرف العشريف ،ولذلؾ فإف البحث
في أسس النظاـ االشتراكي ومرتكزاتو يعني في جوىره وجية نظر الماركسية المينينية إلى ىذا الموضوع.
كما يستمد ىذه األسس مف واقع التجارب االشتراكية خاصة تجربة االتحاد السوفياتي باعتباره أوؿ دولة
تنجح في إقامة نظاـ اقتصادي اشتراكي ،وتجربة الصيف الشعبية ،كما ساىـ "لينيف" و "ماوتسي تونج" في
إرساء بعض الدعائـ الفكرية لمنظاـ االقتصادي االشتراكي.
واالشتراكية مصطمح يعبر عف نظاـ اقتصادي اجتماعي يقوـ عمى إيديولوجيا تقوؿ أف الجماىير العاممة
مف الشعوب ىي التي يجب أف تمتمؾ وسائؿ اإلنتاج ،كما قد تكوف إشراؾ طبقة قميمة أو طبقة واسعة في
تقاسـ ثروات الوطف ،وىو ما عرؼ بالقطاع العاـ في الجزائر الذي استمد توجياتو ومحاوره انطالقا مف
بياف نوفمبر 0843ـ وتأكيدا مف مؤتمر الصوماـ عاـ 0845ـ ووصوال المؤتمر طرابمس ،0851فقد
نظرت الدولة الجزائرية آنذاؾ إلى القطاع العاـ كمحور مركزي لمسياسة االقتصادية ،وأداة رئيسية إلحداث
تحوؿ اجتماعي ،وتحقيؽ التوازف الجيوي ،وخمؽ مناصب عمؿ ،لذلؾ عرفت بمرحمة التشغيؿ الواسع نظ ار
لكوف معظـ المناصب كانت ال تتطمب تأىيال خاصا ،وقد سمحت ىذه السياسة المنتيجة باستحداث
عشرات اآلالؼ المناصب كنتيجة لمنشاط االستثماري الياـ ،ففي سنة 1962وغداة االستقالؿ غادر حوالي
900ألؼ فرنسي الجزائر ،مما ترؾ مناصب شغؿ شاغرة آنذاؾ ،والجزائر لـ تكف تتحكـ إال في 300ألؼ
بيف إطار وعامؿ مؤىؿ ،لكف استطاعت الجزائر تشغيؿ حوالي 17000بطاؿ إلى غاية سنة ،0853حيث
ارتفع معدؿ التشغيؿ في ىذه الفترة إلى حوالي ،%71ألف أىداؼ التنمية آنذاؾ ىو ضرورة القضاء عمى
البطالة وتمكيف كؿ مواطف مف حقو في العمؿ ،وىو ما يعتبر حراكا مينيا واجتماعيا ايجابيا حيث تحرؾ
وانتقؿ فيو عدد كبير مف المواطنيف مف حالة البطالة إلى حالة الشغؿ مف خالؿ سياسة التشغيؿ الواسع،
وىذا يعتبر حراكا صاعدا ،حيث أصبحت الجزائر ورشة مفتوحة الستقباؿ اليد العاممة ألف العرض كاف
أكثر مف الطمب ،فاكت ظت الورشات والمصانع بالعماؿ وىذا خمؽ حراكا ديناميكيا غير مسبوؽ ،ونتج عف
ىذا الواقع شجع بدوره حراكا اجتماعيا آخر وىو النزوح الريفي.
5
كما أف مبادئ االشتراكية تنص عمى أف العامؿ منتج ومسيير في نفس الوقت ،وىذا يعني إتاحة
الفرصة لمعامؿ الجزائري لتسيير المؤسسة التي يعمؿ بيا ،وذلؾ مف خالؿ ممثمييـ في الييئات المنتخبة
لتسيير المؤسسات،أدى إلى الحراؾ الميني لمعامؿ في التسمسؿ اليرمي لممؤسسة مف جية ،وفي المكانة
االجتماعية مف جية أخرى ،كما دفعت وفرت مناصب العمؿ في ىذه الفترة إلى تزايد معدالت دوراف
العمؿ لـ يسبؽ ليا مثيؿ ،والذي يعتبر بدوره حراكا مينيا أفقيا حيث كثر تجواؿ اليد العاممة مف مؤسسة
ألخرى سعيا وراء األجر المرتفع ،كما ساىـ النمو االقتصادي المرتفع إلى رفاه أفراد المجتمع كشكؿ مف
أشكاؿ الحراؾ الميني واالجتماعي الصاعد مف حالة البؤس والحرماف فترة االحتالؿ إلى الرفاىة فترة
التسيير االشتراكي نتيجة التوجو االجتماعي لممؤسسات االقتصادية.
إال أنو وبسبب ىذا التوجو االجتماعي لممؤسسات واالىتماـ المتزايد بالنشاطات االجتماعية لمعماؿ،
وسوء الفيـ الذي وقع فيو العماؿ لمتسيير االشتراكي جعؿ المؤسسات االقتصادية تسير نحو تمبية رغبات
العماؿ عمى حساب تحقيؽ األىداؼ الحقيقية لممؤسسة ،أدى إلى بروز اختالالت عديد داخؿ المؤسسات
االقتصادية ،وىناؾ مف يرى أف ىذه االضطرابات الداخمية والتي تعود إلى سبب رئيسي وىو ضعؼ تنظيـ
التسيير االشتراكي لممؤسسات ،عمما أف تقارير الندوة الوطنية األولى والثانية()0864-0863
والثالثة ، 0868وكذا تصريحات المسؤوليف آنذاؾ ثبت أف المؤسسة المسيرة اشتراكيا عرفت مشاكؿ جدية
ساىمت في ارتفاع نزاعات داخؿ المؤسسات والتي أدت إلى تعطؿ في عممية اإلنتاج ،بحيث لـ توضح
طبيعة العالقات بيف مجمس العماؿ ومجمس اإلدارة مف جية ،وبيف مجمس العماؿ وباقي الييئات األخرى
في المؤسسة ،ويعتبر الفراغ القانوني السائد آنذاؾ أدى إلى نشوء نزاعات وعدـ تفاىـ بيف ىذه اليياكؿ
وىو ما يمكف اعتباره حراؾ اجتماعي وميني نازال أو سمبي.
ويمكف أف نمخص أىـ الصعوبات التي واجيت التسيير االشتراكي لممؤسسات إلى9
.1نظام تسيير الموارد البشرية 9ما مف شؾ أف العامؿ البشري في المؤسسة االقتصادية ىو عامؿ
أساسي وحاسـ في مصير المؤسسة ،وذلؾ مف حيث تحقيؽ ألىدافيا واستمرار نشاطيا.
-وعميو فنظاـ التوظيؼ واألجور والمناصب وغيرىا ،في المؤسسة يستوجب تسيي ار وتحكما مقبوال إال أف
المؤسسة االقتصادية آنذاؾ لـ تكف كذلؾ ،فقد وقع المسؤولوف في أخطاء وتصرفات غير عقالنية ويعود
ىذا إلى سوء التحكـ في نظاـ الموارد البشرية ،ويبرز ىذا في صعوبة تحديد المنصب وصعوبة تصنيؼ
وتقييـ العماؿ .فقد افتقرت المؤسسة االقتصادية لسمـ المناصب ،والسمـ الوطني لممناصب النموذجية لـ
يصدر إال في ،0867إذ جاء في فترة متأخرة ،ولـ يتـ تطبيقو إال بعد ىذا التاريخ ،ومنو كانت العشوائية
في تحديد المناصب واألجور ،وعدـ ربطيا بمؤشرات تقنية عف نشاط ومردودية المؤسسة ،مما خمؽ فوارؽ
كبيرة بيف المؤسسات لنفس المناصب وداخؿ نفس المؤسسة في أحياف أخرى ،وىو ما كاف لو أثر سمبي
6
عمى سير اإلنتاج في المؤسسات وبروز نزاعات وخالفات مع اإلدارة ،إضافة إلى حركة عالية سريعة بيف
الفروع أو القطاعات سعيا وراء األجور المرتفعة.
-أما العنصر الثاني الذي يمثؿ صعوبة تقييـ األفراد ،وربط مناصب العماؿ بالخطة الوطنية لمتنمية
وتوجيياتيا ،وبالجانب االجتماعي والسياسي .حيث لـ تكف سياسة التشغيؿ تخضع لمبادئ عقالنية
اقتصادية سواء مف حيث العدد والنوعية ،وعدـ خضوع نظاـ التشغيؿ واألجور إلى القواعد العممية
واإلدارية التي تتميز بالعقالنية وربطيا بوضعية المؤسسة.
-باإلضافة إلى عدـ تحسيس مسيري المؤسسات العمومية بالدور الرئيسي لممؤسسة و المتمثؿ في خمؽ
الثروة و النمو ،واىماؿ لمفيوـ المردودية واالىتماـ بمراقبة التدفقات المالية لممؤسسات العمومية بغض
النظر عف نتائجيا ،واالختالؿ الدائـ في مالية المؤسسات العمومية و ذلؾ بسبب ارتفاع األعباء المختمفة
وارتفاع مصاريؼ المستخدميف التي تمتص مف %40إلى% 81مف نفقات االستغالؿ ،و ىذا ما أدى
إلى ارتفاع تكمفة اإلنتاج باإلضافة إلى ارتفاع التكاليؼ اإلضافية لالستثمارات و الناتجة عف التأخر في
اإلنجاز.
-مركزية اتخاذ القرار الناجـ عف التدخؿ المباشر لممديريات المركزية ،مما نتج عنو بطء عممية اتخاذ
القرار لتعدد الجيات المكمفة باتخاذه ،وىذا أدى إلى كثرة االجتماعات ونقص فعالتيا.
-ضعؼ المستوى العممي لمعديد مف المسيريف الذيف ترقوا عف طريؽ األقدمية ،مما غمب عمى عمميـ
استغالؿ المصب واحتكار المعمومة واتخاذ القرار.
-أما بالنسبة لممثمي العماؿ فقد تميز معظميـ بغياب الخبرة التسييرية ،مما جعؿ مساىمتيـ في التسيير
شكمية بؿ معرقمة لمعممية في بعض األحياف ،مما أدى إلى كثرة األخطاء التسييرية .ىذا وكاف وصوؿ
المعمومة ليؤالء الممثميف وصوال متأخ ار مما جعميـ عمى ىامش األحداث داخؿ المؤسسة.
باإلضافة إلى غموض دور ىؤالء الممثميف وعدـ وضوح صالحياتيـ ،واستغالؿ بعضيـ لممنصب لتمبية
مطالبيـ الخاصة عمى حساب مطالب العماؿ.
-وبالنسبة لالنعكاسات القيمية عمى سموكيات العماؿ فقد انتشرت ذىنية البايميؾ الناتجة عف الفيـ الخطأ
لمعنى المشاركة والتعاوف والممكية الجماعية لوسائؿ اإلنتاج ،ىذا باإلضافة لمظاىر التسيب واإلىماؿ
والركوف إلى الكسؿ فاألمف الميني والخدمات واالمتيازات الممنوحة لمعامؿ جعمو وكأنو يعمؿ في ممكو
الخاص ،ألف المؤسسة حسبو ممؾ لمدولة وليس مف حؽ أحد مراقبتو واجباره عمى األداء ،ودعـ ىذا
السموؾ عدـ وجود قواعد وآليات لمعاقبة المتياونيف واستحالت طردىـ لصيغة التوظيؼ الدائـ وفمسفة
االشتراكية.
-الجياد الذىني والبدني والميني الناجـ عف غياب نظاـ حوافز يكافأ المجديف ،أو يعاقب المتسيبيف مما
أدى إلى نقص الدافعية لمعمؿ لتساوي تقييـ المجد مع الميمؿ.
7
-برزت ظاىرة اإلتكالية في المؤسسات واىماؿ ممتمكات الدولة وغياب االنضباط و الصرامة كعدـ إنجاز
المشاريع في آجاليا المحددة و عدـ االستخداـ األمثؿ لمطاقات و اإلمكانيات المادية والبشرية المتوفرة ،و
تفشي أسموب التبذير والالمباالة والتيرب مف المسؤوليات.
.1النظام اإلنتاجي 9تعتبر إذف ىذه المرحمة مرحمة البناء و اإلنجاز ،ففييا حظيت التنمية الصناعية
باألولوية و األىمية الخاصة التي استأثرت بحصة األسد مف قيمة االستثمارات و تـ فييا تأميـ المحروقات
التي أصبحت عائداتيا المموؿ الرئيسي لمتنمية الصناعية ،والكنز الثميف الذي تتسابؽ الشركات األجنبية
لمحصوؿ عميو ،ف تمييز المؤسسة االقتصادية العمومية بوجود آالت ومعدات ذات تكنولوجيا عالية ،حسب
اإلستراتيجية المخططة لمتنمية ،إضافة إلى عماؿ واطارات مكونة في الجزائر وأخرى مكونة في الخارج.
لكف رغـ ذلؾ فاف الجياز اإلنتاجي لـ يكف في مستوى ىذه اإلمكانيات ،فقد سجؿ خمؿ في التكامؿ
االقتصادي بيف الصناعات مما جعؿ ىذه األخيرة تشكو مف نقص قطع الغيار والمواد األولية ،وظير ىذا
في االرتباط الوثيؽ بيف مختمؼ وحدات المؤسسة والتعقيدات التي تتـ بو ،يجعؿ توقؼ أحدىا يتسبب في
توقؼ كؿ المركب الصناعي ،إذ فقداف أو نقص قطعة غيار بسيطة آللة يكفي لتوقيؼ مركب بأكممو.
-زيادة عمى ذلؾ فاف االستعانة ببرامج ليست معدة مف عمؽ و خصوصيات المجتمع الجزائري الثقافية
والقيمية األمر الذي أثر عمى فعالية المشروع التنموي في الجزائر منذ بدايتو ،كؿ ىذا جعؿ المؤسسة
العمومية ال ترقى إلى مستوى الطموحات المنتظرة ،فالمؤسسات العمومية التي كاف ينتظر منيا أف تبمغ
مستوى النضج في بداية الثمانينات لـ تقـ بالدور الموكؿ إلييا مما دفع بالدولة إلى ضرورة فتح سجؿ
اإلصالحات مع بداية الثمانينات .
-كما أف سوء فيـ التسيير االشتراكي لممؤسسات وتوجيياتو جعؿ المؤسسة تتجو إلى تمبية الحاجات
االجتماعية لمعماؿ ،ابتداء مف التعاونيات االستيالكية ،ومحو األمية ،والصحة...وانتياء بدور الحضانة
والمخيمات الصيفية ألبناء العماؿ .مما أدى إلى ارتفاع نسبة األجور والنفقات مف رقـ األعماؿ ،التي قد
تصؿ أحيانا إلى ،% 41مع ارتفاع األعباء االجتماعية ،وانخفاض مردودية العامؿ النعداـ العالقة بيف
العمؿ المقدـ واألجر المتحصؿ عميو.
-عدـ لعب العماؿ الدور المنتظر منيـ ،والسبب يعود إلى انتشار األمية بينيـ ،أو يعود لنقص في
التكويف الصناعي(ثقافة صناعية) ،أو نقص فيـ األىداؼ التي جاء مف أجميا التسيير االشتراكي
لممؤسسات ،كما نشير أف ىذه الفترة بالذات عرفت نزوحا ريفيا مف جية ،باحثة عمى أجر أكبر مف
أجور الزراعة في األرياؼ ،واجيو ارتفاع األسعار في السنوات األخيرة مف تطبيؽ التسيير االشتراكي
لممؤسسات (0866ػ )0868مف جية أخرى .مما صعد مف االضطرابات واإلضرابات العمالية مطالبة
رفع األجور.
وىذا ما عجؿ بالدخوؿ في مرحمة تصحيح االشتراكية والتي عرفت بمرحمة إعادة الييكمة ،والتي كانت
تيدؼ إلى محاولة التحسيف الكمي والنوعي إلنتاج المؤسسات مع تحديد مياـ كؿ مؤسسة وتكييؼ مجاؿ
8
نشاطيا مع األىداؼ الموكمة ليا ،مف خالؿ إعادة النظر في حجـ المؤسسات االقتصادية مع تطبيؽ مبدأ
الالمركزية وذلؾ بتحويؿ المقرات االجتماعية مف العاصمة إلى داخؿ الوطف مع تقريبيا مف مراكز
اإلنتاج ،مع خمؽ مؤسسات محمية وجيوية مختصة ،وكذا إصالح منيجية اإلدارة والتسيير مف خالؿ
إعطاء حرية المبادرة واتخاذ القرار ،ومراقبة عدد العماؿ مف خالؿ تنظيـ عممية التوظيؼ وتأطير سياسة
األجور لمقضاء عمى ظاىرة دوراف العمؿ ،وىي بدورىا مرحمة أخرى مف الحراؾ االجتماعي والميني تمثؿ
أساسا في الييكمة العضوية لممؤسسات مف خالؿ تقسيميا إلى مؤسسات فرعية موزعة عبر مختمؼ
مناطؽ الوطف ،مما خمؽ حركية تنموية عبر استحداث مناطؽ صناعية جديدة ،مما عمؿ عمى استحداث
مناصب شغؿ جديدة أفقيا ورأسيا أي منفذيف واطارات ومسيريف وىو ما يمكف اعتباره حراؾ اجتماعي
وميني صاعدا أو ايجابي.
وفي المقابؿ أفز ىذا التصحيح وضعية تشغيؿ جديدة تمثمت في انخفاض نسبة التوظيؼ خاصة في
قطاع البناء األشغاؿ الكبرى بسبب انتياء مرحمة التشييد ودخوؿ مرحمة التصنيع الفعمي ،ومنو برزت
مشكمة التأىيؿ والكفاءة وىذا يعني تغير في تركيبة مناصب العمؿ ،فقد بدأ التخمي تدريجيا عمى أولوية
التصنيع ،في المشروع التنموي لفائدة قطاع البناء واألشغاؿ العمومية الذي أصبح يساىـ بأكبر معدالت
التشغيؿ ،وقطاع اإلدارة الذي تمكف مف االحتفاظ بقدرة التشغيؿ ثابتة.
9
( 2ماستر تنظيم وعمل ) محاضرات الحراك المهني واالجتماعي في الجزائر
ب -الحراك المهني واالجتماعي خالل مرحمة استقاللية المؤسسات واقتصاد السوق:
وىنا دخمت الجزائر حراكا مينيا واجتماعيا جديدا وىي مرحمة حالة االنكماش في النمو االقتصادي
وتزايد في النمو الديموغرافي ،فمقد أفرز االنييار المفاجئ ألسعار النفط خالؿ سنة 1986تداعيات كبيرة
عمى البناء االجتماعي لممجتمع الجزائري ليشمؿ جميع المستويات ،إذ ظيرت األزمة االقتصادية في
الجزائر والتي نتج عنيا عدة مشاكؿ ،وىنا بدأت ظاىرة الحراؾ الميني النازؿ تطرح بحدة إذ تراجعت
معدالت التشغيؿ بشكؿ كبير ،إذ ارتفع عدد العاطميف عف العمؿ مف 830ألؼ عاطؿ سنة 1986إلى
4.033.000عاطؿ سنة ،1989أي تضاعؼ أربعة مرات خالؿ فترة ثالث سنوات مما يؤكد عمى
االنخفاض المستمر لخمؽ مناصب الشغؿ ،االرتفاع المستمر لمحراؾ السمبي النازؿ ،وكؿ ذلؾ راجع أساسا
إلى إعادة ىيكمة المؤسسات آنذاؾ واالعتماد عمى قطاعات خدمية أكثر منيا إنتاجية ،وقد زاد في تأزـ
الوضع تزايد طالبي العمؿ مع ارتفاع نسب النمو الديمغرافي ،وبمغ ذروتو مع أحداث أكتوبر 0877والتي
تمثمت في انفجار شعبي بشعارات تندد ببيروقراطية اإلدارة وسموكات بعض المسيريف ذوي النفوذ ،وكذلؾ
نقص الطمب عمى اليد العاممة وارتفاع البطالة ،وىذه األحداث أدت إلى تسارع كبير في اإلصالحات
االقتصادية ،وأماـ ىذه الوضعية قررت الجزائر الدخوؿ في إصالحات اقتصادية جديدة عرفت باستقاللية
المؤسسات قصد إعطاء دفع جديد لمتنمية الوطنية.
وقد تمثؿ ىذا الحراؾ الميني واالجتماعي النازؿ في حالة التراجع الكبير في مناصب العمؿ والمكانة
االجتماعية ،ألف المؤسسات االقتصادية أصبحت بموجب قوانيف االستقاللية مطالبة بتقميص عدد العماؿ
لترشيد النفقات المالية وعقمنة المورد البشري ،وبذلؾ برزت ظاىرة تسريح العماؿ حيث بمغ عدد المسرحيف
إلى سنة 0883حوالي 251.111مسرح ،إف ظاىرة فقداف مناصب العمؿ بصفة ال إرادية وألسباب
اقتصادية ،تطورت بشكؿ سريع منذ صدور المنظومة التشريعية الجديدة ،والتي قننت عممية تقميص العماؿ
ضمف مخططات التقويـ الداخمي لممؤسسات االقتصادية العمومية ،ونشير ىنا إلى أف المقصود مف
التسريح الجماعي لمعماؿ بفصؿ أكثر مف عامميف دفعة واحدة أو وفؽ جدوؿ زمني محدد بصفة متالحقة
نظ ار ألسباب اقتصادية ،وىذا ما انعكس عمى األوضاع االجتماعية وانتشار البطالة وتقميص الدخؿ
الفردي ،كما ارتفعت معدالت اإلضرابات احتجاجا عمى ق اررات التسريح داخؿ المؤسسات.
وأماـ ىذه األسباب أخذت السمطة تفكر جدياً في البحث عف البديؿ لتفادي المشاكؿ التي وقعت فييا
في السابؽ ،ومف ىنا بدأت التمييدات إلدخاؿ المؤسسات العمومية ضمف اقتصاد مفتوح عمى العالـ فبدأ
التحضير القتصاد السوؽ ،عف طريؽ تغيير القوانيف السابقة وترؾ األسعار تتحدد عف طريؽ العرض
والطمب تدريجياً ،والتخمي عف النظاـ االشتراكي بالتخمي عف أمالؾ الدولة لصالح المواطنيف ،مف خالؿ
إصدار بعض القوانيف الميمة التي تحدد مستقبؿ المؤسسة العمومية االقتصادية ،وذلؾ بفتح المجاؿ أماـ
11
القطاع الخاص ،وبالتالي يعني مفيوـ الخوصصة في المشرع الجزائري حسب األستاذ" بوكرامي "رئيس
بورصة الجزائر بأنيا :التخمي عف التأميـ وتحويؿ الممكية العمومية إلى القطاع الخاص الوطني أو
األجنبي ،كما تعني المنافسة وديناميكية السوؽ التي تشمؿ كؿ المتعامميف .فيي عبارة عف كؿ معاممة
تؤدي إلى تحويؿ تسيير مؤسسة عمومية إلى أشخاص طبيعييف أو معنوييف تابعيف لمقانوف الخاص ،وذلؾ
بواسطة صيغ تعاقدية يجب أف تحدد كيفية تحديد تحويؿ التسيير وشروطو وممارستو" ،وبالتالي ىي
مجموعة مف السياسات المتكاممة التي تستيدؼ اعتماد أكبر عمى آليات السوؽ ومبادرات القطاع الخاص
و المنافسة مف أجؿ تحقيؽ أىداؼ التنمية و العدالة االجتماعية ومواكبة النظاـ العالمي الجديد.
إال أف عممية خوصصة المؤسسات العمومية لـ تكف باألمر السيؿ والييف كما يبدو لمكثير ،ألنيا تالقي
صعوبات متعددة قد تعرقؿ عممية تطبيقيا ومف أىـ ىذه العراقيؿ مف الناحية االجتماعية الخوؼ مف فقداف
الوظائؼ والبطالة ،فالعمالة في القطاع العاـ ال تقاس في كثير مف األحياف بمقاييس الكفاءة عمى العكس
تماما في القطاع الخاص ،فمعايير اإلدارة الجديدة عند تحويؿ الممكية تفرض تسريح العماؿ وتعديؿ
االمتيازات والمكانة االجتماعية لمعامؿ ،لذا رفضت الطبقة العاممة ىذه الفكرة والتي ترى أف مستقبميا
مرىوف ببقاء الممكية العامة ،ألف كممة خوصصة أصبحت تعني لمكثير عممية مرادفة لمبطالة وفقداف
لممنصب والمكانة االجتماعية ،حيث تصاحبيا في كثير مف األحياف إقاالت بالجممة لمعماؿ ،فاألمف
الوظيفي واالطمئناف حوؿ منصب العمؿ الذي كاف ينعـ بو العماؿ في المؤسسات العمومية االقتصادية
مرحمة االشتراكية لف يجد لو مكانة في الخوصصة ،ألف أرباب العمؿ ال يقبموف إطالقا فائض في العمالة،
وىو ما يمثؿ أكبر حاجز في وجو برنامج الخوصصة ،فالمؤسسات العمومية سابقا لعبت دو ار اجتماعيا
ميما ولمدة طويمة خاصة في ميداف إحداث مناصب العمؿ ،والرفاه العمالي وىذا راجع لسياسات التشغيؿ
السابقة والتي كانت ال تراعي المعايير االقتصادية والكفاءة المينية بؿ تخضع لمعايير االجتماعية وىذا ما
تترجمو العمالة الزائدة والتي تفوؽ الطاقات النظرية لممؤسسة.
وبالمقابؿ خمقت ىذه المرحمة أيضا حراكا مينيا واجتماعيا ايجابيا حيث أف الخوصصة أدت إلى
المنافسة بيف المؤسسات االقتصادية الخاصة ،مما أدى إلى تحسيف كـ وكيؼ السمع والخدمات المقدمة،
باإلضافة النخفاض ممحوظ لألسعار بتحرير السوؽ داخميا وخارجيا ،كما أدى بيع أصوؿ المؤسسات
العمومية إلى توفير عائدات مالية معتبرة أضيفت إلى خزينة الدولة ،وتـ توظيؼ ىذه العائدات في مشاريع
أخرى ميمة تدعـ االقتصاد وتخمؽ مناصب عمؿ جديدة ،كما أف الخوؼ مف فقداف مناصب العمؿ أدى
بالعماؿ إلى زيادة نشاطيـ وفعاليتيـ في تقديـ أحسف الخدمات واألداء ،مما خمؽ حركية جديدة ساىمت
في بمورة ذىنية عمؿ أكثر عقالنية.
كما يؤدي تطبيؽ برنامج الخوصصة في حاالت عديدة إلى ظيور نسبة محدودة مف المجتمع تتميز
بدخؿ نقدي عاؿ ،مما يؤدي إلى حدوث تفاوت واضح في دخوؿ أفراد المجتمع ،وينعكس بالتالي عمى
المكانة االجتماعية لألفراد كحراؾ اجتماعي نازؿ.
11