Professional Documents
Culture Documents
Chapitre 03
Chapitre 03
تمهيد:
إن التطورات االقتصادية المتسارعة التي شهدها العالم خالل العقدين األخيرين جعلت معظم الدول تبحث
عن اآلليات الالزمة لالندماج في االقتصاد العالمي ،أما الدول العربية فقد وجدت نفسها تواجه مجموعة من
التحديات اإلقليمية و الدولية و هذا ما أدركته هذه األخيرة فسعت هي األخرى للعمل على التكيف مع النظام
االقتصادي العالمي الجديد من خالل تحرير تجارتها الخارجية و المفاوضة لالنضمام إلى المنظمة العالمية
للتجارة ،وكذا عقد اتفاقية شراكة مع أهم التكتالت االقتصادية كاالتحاد األوروبي والعمل على إصالح
اقتصادها و تحقيق االستقرار الكلي لجذب الشركات متعددة الجنسية لالستثمار في أراضيها و رغم هذه
المساعي إال أن هذه التحوالت االقتصادية سيترتب عليها مجموعة من اآلثار ستكون معظمها في غير صالح
الدول العربية خاصة وأنها تتعامل معها بصفة فردية وهذا ما أكد أن خلق المناخ المناسب لدفع عجلة التنمية
الشاملة في هذه الدول ال يمكن تحقيقه إال من خالل زيادة التعاون و التكامل بينها باعتباره األسلوب األمثل
لمواجهة تحديات العولمة و التكتالت العالمية ،فالدول العربية تملك من المقومات الطبيعية و االقتصادية ما
يجعلها مؤهلة لخلق تكتل اقتصادي عربي.
و لهذا سنتطرق في هذا الفصل إلى أهم االنعكاسات و اآلثار التي قد تنجم عن محاوالت اندماج الدول
العربية في النظام االقتصادي العالمي وسبل مواجهتها بخلق تكتل اقتصادي عربي و هذا من خالل المباحث
التالية:
المبحث األول :حتمية االنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة وآثارها على اقتصاديات الدول العربية.
المبحث األول :حتمية اإلنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة وآثارها على إقتصاديات
الدول العربية.
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
ا
بقيام المنظمة العالمية للتجارة التي أصبحت اإلطار الوحيد المشرف على تنفيذ االتفاقيات متعددة
األطراف الناتجة عن جولة األوروغواي تحددت معالم النظام التجاري العالمي ,مما أجبر معظم الدول
للسعي من اجل اإلنضمام إليها حتى ال تبقى خارج سيرورة النظام الجديد ،غير أن درجة اإلستفادة من
هذا األخير تختلف من دولة إلى أخرى تبعا لدرجة تقدمها االقتصادي وإ مكانيتها المالية والتكنولوجية ,و
لما كانت دول الوطن العربي تنتمي إلى الدول النامية فإن مكاسبها تصبح ضعيفة مقارنة بتلك التي تحققها
دول العالم المتقدم ،بل ستجعلها تواجه العديد من التحديات نتيجة تطبيق النظام التجاري الجديد.
هناك تسع دول عربية تعد من األعضاء المؤسسين لمنظمة التجارة العالمية ,حيث شاركت كل من
الكويت ,مصر ,جيبوتي ,تونس ,المغرب ,وموريتانيا بحكم عضويتها في اتفاقية الجات في مفاوضات
جولة األوروغواي و وقعت على الوثيقة الختامية التي تضمنت أحكام االتفاقيات التي ثم التوصل إليها،
كما شاركت الجزائر في تلك المفاوضات من أجل االنضمام الكامل إليها ،أما كل من اإلمارات العربية,
البحرينوقطر فقد وقعت على الوثيقة الختامية نتيجة عضويتها بحكم األمر الواقع في الجات عام1947
عند تطبيق قواعد فترة االنتداب البريطاني.
كما بادرت كل من األردن ,عمان ,المملكة العربية السعودية ,السودان ,لبنان بإجراءات اإلنضمام
بينما إكتفت اليمن بأن تكون عضوا مراقبا وهذا ما نالحظه من الجدول التالي:
الجدول رقم ( :)3-1موقف الدول العربية من إنضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة.
بيانات 1996
الدول خارج منظمة الدول بصدد التفاوض الدول العضاء في منظمة التجارة العالمية
التجارة العالمية لإلنضمام لمنظمة التجارة
العالمية
محسن هالل" ,اتفاقية التجارة العالمية و منطقة التجارة الحرة العربية"( ,في مجلة المستقبل العربي ,العدد ,) 262,2000ص. 83
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
الفرع الثاني :دوافع انضمام الدول العربية إلى المنظمة العالمية للتجارة.
أصبح االنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة من أهم الخطوات التي تسعى إليها الدول النامية
والدول العربية بصفة خاصة ,إلا أن التسرع في االنضمام نتائجه غير مضمونة ,كما أن التماطل سيفوت
الفرصة على الدول التي ترفض ذلك ,ألن إجراءات االنضمام أصبحت أكثر تعقيدا ,ذلك أن الدول التي
أنشأت المنظمة صارت تفرض شروطها على الدول التي تريد االنضمام بما يتوافق مع مصالحها
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
وأغراضها ،وهذا ما أدركته الدول العربية ودفعها لإلسراع باالنضمام باإلضافة إلى ذلك هناك مجموعة
من الدوافع األخرى:
–1البحث عن مكاسب تجارية جديدة أو حماية الكاسب الموجودة خصوصا أن المنظمة تمنح معاملة
تفضيلية للدول النامية ,ولهذا على الدول العربية اإلسراع باالنضمام لالستفادة من هذه المعاملة قبل انتهاء
المدة الممنوحة.
–2انتفاء األسباب التي كانت تحول دون عضوية الدول العربية و المتعلقة بقوانين وأحكام المقاطعة
اإلسرائيلية.
–3ومن بين األسباب التي دفعت الدول العربية لالنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة هي شروع
العديد منها في تنفيذ برامج طموحة لإلعادة الهيكلة واإلصالح االقتصادي وتحرير إجراءات االستثمار و
التجارة بصورة تتماشى في مجملها مع مبادئ وأحكام الجات ,األمر الذي أدى إلى تقليص األثر المتوقع
للسياسات التجارية بهذه الدول من جراء انضمامها للمنظمة العالمية للتجارة.
– 4إدراك الدول العربية أن االنضمام هو انعكاس لتيار عالمي لن تستطيع عزل نفسها عنه ،هذا
التيار الذي يتمثل في تنامي عضوية الجات بصورة كبيرة منذ نشأتها.
ومن المتوقع أن تنشأ عن طريق تطبيق اتفاقية الجات بعض المخاطر على الدول العربية خصوصا
في المدى القصير ,فباإلضافة للخسائر المالية السنوية المقدرة بحوالي 3مليار دوالر التي ستتكبدها
ميزانيات الدول العربية األعضاء في المنظمة العالمية للتجارة ,فإن اتفاقية الجات ستلغي كل اإلمتيازات
الموجودة في المعامالت االقتصادية العربية البينية ,أما الدول العربية غير األعضاء فلن تستفيد من
دخول منتجاتها إلى أسواق الدول الصناعية بالتعريفات الجمركية المخفضة على الواردات.
و المالحظ فيما يخص آثار تنفيذ اتفاقية الجات فإنها ستشمل كل الدول العربية المنضمة وغير
المنضمة مما يعني أنه ما تقره هذه المنظمة من سياسات ونظم تمثل فعليا جوهر النظام التجاري الدولي,
األمر الذي يؤدي إلى فرض شكل من أشكال العزلة على الدول غير األعضاء ،و لهذا يرى بعض
المحللين أنه مادامت الدول العربية غير المنضمة ستتأثر ال محالة بما يجري في التيار األعظم للتجارة
الدولية ,فمن األفضل لها االنضمام حتى نستطيع على األقل االستفادة من المزايا التي تقدمها المنظمة
العالمية للتجارة.
المطلب الثاني :أثر المنظمة العالمية للتجارة على القطاع الزراعي العربي.
وفقا التفاقية الزراعة المتضمنة في اتفاقية الجات ,فإن الدول العربية كدول نامية مطالبة بتحويل أية
قيود غير جمركية على وارداتها الزراعية إلى رسوم جمركية ,وااللتزام بتخفيض الرسوم الجمركية
األخرى بنسبة 24%على مدى 12سنة من تاريخ عقد االتفاقية ,فضال عن خفض متوسط قيمة الدعم
الداخلي لإلنتاج الزراعي بنسبة 13,3%خالل مدة أقصاها عشر سنوات ،ولهذا فإن القطاع الزراعي
العربي سيكون من أكثر القطاعات تأثرا بنتائج االتفاقية المبرمة في إطار الجات خصوصا في الدول
العربية التي يمثل فيها القطاع الزراعي القطاع األول من خالل مساهمته في الناتج المحلي اإلجمالي.
إن الضعف النسبي للموقف التجاري الزراعي في الدول العربية يجعلها أكثر عرضة للتأثيرات
السلبية الناجمة عن اتفاقية الجات خصوصا في المدى القصير ,حيث سينجم عنها ارتفاع أسعار السلع
الزراعية مما يؤدي إلى ارتفاع قيمة الواردات الزراعية العربية ,وبما أن الدول العربية تستورد معظم
احتياجاتها الغذائية من الخارج -تستورد ما قيمته 21مليار دوالر سنويا -فإن هذا سيؤدي إلى امتصاص
جزء كبير من مواردها مما يشكل أعباء جديدة بالنسبة لها ,ومن اآلثار السلبية األخرى
الناجمة عن اتفاقية تحرير تجارة السلع الزراعية نجد:
-1إن تخفيض الدعم الزراعي بنسبة 40%خالل فترة تنفيذ االتفاقية سوف يؤدي إلى زيادة أسعار
المنتجات الزراعية نتيجة زيادة تكلفة اإلنتاج ،مما يعني ظهور آثار سلبية على الموازين التجارية للدول
المستوردة للغذاء ,وبسبب الفجوة العميقة في الموازين التجارية الزراعية العربية فستكون في مقدمة
الدول المتأثرة من تحرير تجارة السلع الزراعية،وتبين الدراسات المعدة حول الموضوع أن األسعار
ستكون أعلى في الحبوب خاصة القمح ,حيث من المقدر أن ترتفع أسعاره إلى 30%مما يؤدي إلى
المزيد من اإلختالالت في الموازين التجارية العربية ،فضال عن تأثر اإلنتاج الحيواني نظرا لالرتفاع
المتوقع في أسعار األعالف من الحبوب الخشنة.
ولقد صرحت منظمة األغذية الزراعية أن أسعار الحبوب في األسواق العالمية ارتفعت ما بين %
40إلى 60%بعد سنتين من تطبيق اتفاقية الجات ( ,)1996وهذا راجع إلى إلغاء الدعم الزراعي
وإ لغاء دعم الصادرات وتحرير التجارة في األسواق العالمية.
صباح نعاش" ,الوطن العربي و المنظمة العالمية للتجارة") ,في مجلة المستقبل العربي ,العدد ،( 2002 ,282ص .125
إكرام عبد الرحيم ,مرجع سابق ,ص.189
سليمان المنذري ,مرجع سابق ,ص.212
عبد السالم مخلوفي ,مرجع سابق ,ص.84
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
كما أن استثناء األسماك ومنتجاتها من االتفاقية الزراعية للجات ومع استمرار ارتفاع التعريفة
الجمركية على الواردات منها يأتي في غير صالح الدول العربية ،ألنها على رأس قائمة السلع القليلة
التي تحقق فوائض تصديرية مهمة في العديد من الدول العربية كالمغرب وتونس.
-2إن االنعكاسات السلبية لتحرير تجارة السلع الزراعية لن تقتصر على زيادة أسعار الواردات الغذائية
فحسب ,بل ستشمل أيضا دخل المنتجين و المستهلكين المستوردين والمصدرين ،حيث تتوقع األمم
المتحدة أن تبلغ الخسارة الكلية لمجموع الدول العربية في مؤشرات الرفاهية االجتماعية بسبب تحرير
التجارة العالمية في السلع الزراعية حوالي 486مليون دوالر سنويا ،ويعود معضمها إلى انخفاض في
فائض المستهلك و المنتج واإليرادات الحكومية الخاصة بسلع القمح ,األرز و السكر وتكون كل من
مصر ،العراق ,الجزائر وسوريا أكثر الدول العربية تأثرا باعتبارها أولى المستوردين
لهذه السلع الزراعية.
-3إن مبدأ الدول األولى بالرعاية سيزيل اإلمتيازات التي حصلت عليها الدول العربية بموجب اتفاقيات
الشراكة مع مختلف دول العالم خاصة مع اإلتحاد األوروبي ,فاالتفاقية تطالب كل دولة عضو تعطي
ميزات تجارية ألحدى الدول أن تعم هذه الميزات على كافة الدول األعضاء.
ويعبر الجدول التالي على التغيرات التي تطرأ على أهم واردات السلع الزراعية العربية وحجم
الخسارة في الرفاهية خالل فترة الخمس سنوات األولى من تطبيق اتفاقية الجات ،و المالحظ أن القمح
الذي يشكل الغذاء األساسي للدول العربية سيرتفع سعره 4,5 %سنويا مما ينعكس على قيمة شرائه
باإلرتفاع بحوالي 298مليون دوالر سنويا ،وهذا يؤدي إلى خسارة في الرفاهية اإلجتماعية للدول
العربية بماقيمته 180مليون دوالر.
الجدول رقم ( :)3-2التغيرات في واردات السلع الغذائية العربية و الخسارة في الرفاهية خالل فترة
خمس سنوات من تطبيق اتفاقية الجات (.)1995-2000
الوحدة :مليون$
الخسارة في معدل الزيادة السنوية معدل الزيادة في كمية الواردات و قيمتها السلعة
الرفاهية القيمة النسبة % في العالمين
180 298 2,1 4,5 القمح
55 93 1,1- 3,4 السكر الخام
على الرغم من أن أثر تحرير تجارة السلع الزراعية بموجب االتفاقية لن يكون سريعا أو كامال ،إال
أن اإلجراءات التي أتفق عليها وضعت قوانين جديدة مهمة لفتح األسواق وتبين الدراسات أن االنعكاسات
ستكون أفضل على الدول العربية المنضمة إلى االتفاقية مقارنة بالدول غير المنضمة ,حيث من بين
اآلثار اإليجابية لالتفاقية نجد:
-1يمكن للدول العربية بعد تحويل القيود غير الجمركية إلى رسوم جمركية و تحديدها ثم تخفيضها,
وإ لغاء إجراءات الدعم و الوقاية واإلغراق من تقوية الكفاءة التنافسية للمنتجات الزراعية التصديرية في
أسواق الدول المتقدمة ،استغالال للفترة االنتقالية المحددة بعشر سنوات ,ولهذا سيكون لزاما على الدول
العربية تعديل سياستها االقتصادية من أجل التوافق مع نتائج دورة األورغواي ,وإ دخال تغيرات هيكلية
على بنيتها اإلنتاجية عن طريق تسهيل استخدام التكنولوجية وتطوير آليات التمويل و ترشيد استخدام
الموارد المتاحة لتخفيض تكاليف اإلنتاج وتحسين الجودة ,مما يساعدها على الصمود في األسواق الدولية
ومنافسة السلع الزراعية األجنبية وهو ما يسمح بزيادة دخل المزارعين ,ويسمح كذلك بدخول المزيد من
المشاركين إلى سوق الصادرات الزراعية ،باإلضافة إلى أنه سوف يدفعها إلى المزيد من النشاط في
المجال الزراعي و تحقيق االكتفاء الذاتي.
-2إن وضع نظام لفض المنازعات التجارية بين الدول سيترتب عليه حماية أكثر للشركاء التجاريين
األضعف اقتصاديا ,حيث يمكن للدول العربية األعضاء في المنظمة العالمية للتجارة في حالة تعرضها
لممارسات تجارية سلبية كاإلغراق في السلع الزراعية اللجوء إلى جهاز فض المنازعات ,كما يمكن لها
عاطف السيد ,الجات و العالم الثالث ،مرجع سابق ،ص.194
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
االستمرار في دعم جوانب مهمة في زراعتها وصناعاتها الغذائية الناشئة بدون التعرض إلجراءات
وتدابير انتقامية من جانب الدول األخرى.
وبالرغم من القرار الوزاري الذي أصدرته الدول المتقدمة و المرفق بنتائج األورغواي الذي سيتم
بمقتضاه تعويض الدول المستوردة للغذاء بالدرجة األولى ,إال أن سد العجز في الفجوة الغذائية للدول
العربية يتطلب تعديل اإلستراتجية الزراعية الراهنة ،وهي أمور ال يمكن أن تحدث إال على المدى
الطويل ووفقا لسياسة اقتصادية مختلفة تماما عما هو قائم حاليا ,و بمعنى آخر فإن األوضاع الراهنة
تتطلب العمل على ضمان تدفق السلع الزراعية بأسعار رخيصة نسبيا على األقل في المدى القصير ,ألن
المساعدات التي أقرتها المنظمة العالمية للتجارة تتم بالشروط التي تحددها الدول المانحة ،و بالتالي العودة
إلى التبعية الغذائية من جديد لكن مع ازدياد حدتها ألنها تتم على أساس ثنائي و ليس وفقا للجنة معينة
تشرف على ذلك و تضمن عدم إخضاع الدول الفقيرة للدول المانحة.
ويتضح مما سبق خطورة االتفاق الزراعي في إطار اتفاقية الجات على الزراعة العربية خاصة في
ظل السياسات الراهنة التي تؤثر على التركيب المحصولي و األمن الغذائي العربي.
المطلب الثالث :أثر المنظمة العالمية للتجارة على القطاع الصناعي العربي.
إن أهم ما يعوق التنمية الصناعية في الدول العربية هو إغراق أسواقها بالواردات من السلع
الصناعية و فالهيكل اإلنتاجي للصناعات التحويلية العربية-باستثناء التركيز على الصناعات النفطية –
تتميز بقلة التنوع و يعتمد على مجموعة محدودة من السلع ,وهذا يسبب عدم توافر قاعدة تقنية عربية،
وارتفاع تكاليف اإلنتاج الصناعي ,إضافة إلى عدم توظيف اإلمكانيات و الموارد العربية بطريقة مثالية,
كل هذا يجعل القطاع الصناعي أكثر عرضة لالنعكاسات التي قد تنجم عن تنفيذ أحكام اتفاقية الجات.
الفرع األول :اآلثار العامة على أهم الصناعات التحويلية في الدول العربية.
من خالل دراستنا للفصل الثاني للقطاع الصناعي العربي وخصائصه ,تبين أن القيمة المضافة لهذا
القطاع مصدرها الصناعات اإلستخراجية التي تعتمد على النفط و مشتقاته ،و بعض الصناعات التحولية
كصناعة النسيج و الصناعات البتروكماوية وصناعة الدواء ,ولهذا فإن هذه الصناعات التحويلية هي التي
ستتأثر بالدرجة األولى نتيجة تطبيق أحكام الجات.
نفس المرجع ,ص .194
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
ولن يقف تأثير هذا االتفاق إلى هذا الحد ,وإ نما سيمتد إلى السوق المحلية العربية التي ستتعرض
لمنافسة شديدة في حالة إلغاء إجراءات الحماية التجارية التي تتمتع بها هذه األخيرة ،و التي أدت إلى
ارتفاع تكاليف اإلنتاج و انخفاض إنتاجية رأس المال وتخلف المواصفات القياسية لإلنتاج ,وبما أن
تحرير هذه الصناعة ستؤدي فيها إلى تغيرات هيكلية عميقة على أساس التقسيم الدولي الجديد للعمل ,فإن
قدرة الدول العربية على المنافسة في األسواق العالمية تتوقف على تخفيض تكاليف العمل و مستلزمات
اإلنتاج المحلية.
-2صناعة البتروكماويات:
عانت صناعة البتروكماويات العربية في الماضي عدة مشاكل بسبب السياسات الحمائية (الكمية و
الجمركية) للدول الصناعية المستوردة لها ,ورغم أن اتفاقية األوروغواي لم تتضمن اتفاقية خاصة بهذا
النوع من الصناعات إال أنه يتوقع أن تكون أكثر تأثرا بهذه االتفاقية ألنها ستؤدي إلى إزالة الحواجز
الجمركية التي تواجه صادرات الدول العربية من المنتجات البتروكيماوية إلى األسواق الدولية ,خاصة
*تستوعب الدول اإلتحاد األوروبي 40%من الصادرات المصرية و 70%من الصادرات التونسية والمغربية من منسوجات و المالبس
**باإلضافة إلى هونك كونغ نجد تايوان ,الفلبين ,تركيا ودول شرق أوروبا.
أكرام عبد الرحيم ,مرجع سابق ,ص.191
سليمان المنذري ,مرجع سابق ،ص.215
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
إذا ما التزمت الدول الصناعية بتخفيض الرسوم الجمركية على الوردات من هذه المنتجات ,و بالتالي
يمكن للدول العربية توسيع حجم أسواقها باعتبار أنها تمتلك قدرة تنافسية في هذه السلع أفرزتها الميزة
الطبيعية لمدخالت هذه الصناعة و التي توفر لها فرصة أفضل لتوسيعها ،ورغم هذه اإليجابيات التي
تعود الصناعة البتروكيماوية العربية إال أنها تتعرض لمجموعة من المخاطر منها:
أ -تعتبر صناعة البتروكيماويات من الصناعات التي تحتاج إلى كثافة تكنولوجية عالية ,ونظرا لما
توفره اتفاقية حماية حقوق الملكية الفكرية من تعزيز احتكار الدول الصناعية للتكنولوجية والتصميمات
الصناعية فإن هذا سيؤدي على زيادة كلفة الحصول عليها ،وبالتالي زيادة كلفة اإلنتاج البتروكيماوي
العربي مما يؤدي إلى اإلنقاص من ميزته النسبية -إرتفاع األسعار -و اإلضرار بالموقف التنافسي للدول
العربية.
ب -سيؤدي تدهور أسعار النفط و الغاز إلى إنخفاض القدرة التنافسية للمنتجات البتروكيماوية العربية,
كما أن تزايد االعتبارات البيئية في تحديد كلفة اإلنتاج و هو ما تتحكم به الدول الصناعية سيؤدي إلى
دخول المنتجات البتروكيماوية للدول الصناعية في منافسة شديدة مع مثيالتها من المنتجات العربية في
األسواق المحلية.
ج -تشكل فترة العشر سنوات المتاحة للدول العربية مهلة غير كافية للصناعات البتروكيماوية العربية
إلنجاز مهام التكيف و االستعداد للمنافسة الحرة مع الدول الصناعية التي تتمتع بتجربة متراكمة وتفوق
تكنولوجي وقوة احتكارية في هذا النوع من الصناعات ،و بهذا يتعين على الدول العربية أن تستغل هذه
الفترة االنتقالية إليجاد الصيغة العملية إلحالل المنتجات البتروكيماوية العربية محل المنتجات المماثلة
للدول الصناعية و توسيع الطلب العربي على هذه المنتجات بتخفيض تكلفتها و تحسين جودتها من أجل
تعزيز القدرة التنافسية العربية محليا ودوليا.
ويمكن تلخيص أهم اإلنعكاسات المحتملة على صناعة الدواء العربية فيما يلي:
أ-زيادة أسعار المنتجات الدوائية نظرا لقوة االحتكار من طرف مالك البراءة ,حيث ترتفع تكلفة
الحصول على براءة االختراع ومن ثم ارتفاع تكلفة إنتاجه.
ب-ضرورة توحيد و احترام مقاييس الجودة و النوعية التي تفرضها منظمة المقاييس العالمية ,األمر
الذي يصعب من الوضع التنافسي للدول العربية ،وبالتالي التأثير في مسار و مستقبل صناعة الدواء
العربية.
ج -وجود منافسين أجانب لصناعة الدواء العربية و منافستهم لمنتجات مثيلة في األسواق المحلية ولكن
بمواصفات أرقى وأسعار أقل ،وذلك في إطار مبدأ فتح األسواق مما يهدد صناعة الدواء العربية التي
تعتبرصناعة ناشئة يصعب عليها المنافسة في سوق عالمية متفتحة.
ويمكن للدول العربية تجنب هذه اآلثار من خالل التركيز على زيادة االستثمارات في الصناعات
الدوائية و تحقيق أكبر إنتاج للتصدير وفتح األسواق العالمية أمام المنتجات الدوائية العربية.
بالمشاركة في إقامة تكتل تجاري احتكاري يهدف لرفع أسعار النفط باعتبار أنها تحدد سقفا إلنتاج هذه
السلعة وهذا ما يتنافى مع مبادئ تحرير التجارة العالمية ,كما أن أحكام الجات تمنع التسعير المزدوج
للموارد الطبيعية ومنها موارد الطاقة كون الفارق بين السعر االستهالكي المحلي وسعر التصدير يمثل
دعما مقدما للصناعات المحلية يجب إزالته ,وبالتالي فإن الدول العربية التي مازالت تمارس سياسة
التسعير المزدوج قد تتعرض إلى ضغوط من الدول األعضاء في المنظمة العالمية للتجارة إلزالة هذه
اإلجراءات.
ولهذا فليس بالضرورة و في ظل العولمة أنه من ينتج ويصدر هو المستفيد ,فحتى وإ ن لم تلجأ
الدول المتقدمة إلى فرض رسوم جمركية على وارداتها من النفط الخام ,فإنها تقوم بفرض ضرائب على
المنتجات المتكررة وهو ما يؤدي إلى رفع السعر بالنسبة للمستهلك النهائي لتقييد زيادة االستهالك،
وبالتالي تخفيض الطلب على النفط.
وإ ن كانت الدول العربية النفطية ال تحضي بالوزن التجاري على المستوى الدولي ,إلا أنها تتمتع يثقل
كبير في مجال إنتاج و تصدير النفط ،ولهذا فهي تستطيع وفي إطار تنسيقي مع الدول النفطية األخرى من
تفسير أحكام الجات بما تخدم مصالحها واالستناد إلى المبررات التالية لدعم حقها في تنسيق سياسة
اإلنتاج و التصدير:
أ -إن الدولة التي تضع سقفا لإلنتاج ,سواء بالتشاور مع دول أخرى أو بدون ذلك ال تضع قيدا على
تصديره ألي دولة أخرى ,وإ نما يكون النفط متاحا لمن يرغب في شرائه و بأسعار تحددها قوى السوق
في ظل منافسة عالمية ,ومن هنا تنتمي صفة التحيز المحظور.
ب -بالنسبة لقضية التسعير المزدوج ,فإن النفط الذي يتم استهالكه محليا يدخل عادة في عملية صناعية
تقوم بها في العادة شركة وطنية متكاملة ,و يعتبر النفط الخام منتجا وسيطا يحول داخل العمليات
الصناعية بسعر التكلفة وبناء على ذلك فإن النفط الخام الذي يستهلك محليا ليس له سعر معلن يمكن
مقارنته بأسعار التصدير.
ج -استناد الدول العربية المصدرة للنفط إلى المادة 20من اتفاقية الجات التي تتيح لها اتخاذ ما تراه
مناسبا من إجراءات للمحافظة على الموارد الطبيعية النادرة ،ولهذا تحاول دول األوبك وضع حد أعلى
لإلنتاج بقصد المحافظة على هذه المادة غير المتجددة.
وحتى تستطيع الدول العربية التكيف مع أحكام الجات في المدى الطويل عليها إنجاح إستراتجية
تنميتها الصناعية ،وذلك عن طريق تجاوز المحددات الرئيسية التي تعيق النمو االقتصادي ,ولتحقيق ذلك
البد من تطوير الخبرات الفنية و التكنولوجية المحلية وتبني وسائل تنافسية جديدة تواجه الواردات
الصناعية في األسواق المحلية ،وتحويل الصناعات المحلية الموجودة تحت غطاء الحماية إلى صناعات
منافسة في السوق الدولية ,وكذلك العمل على تدعيم تطور الصناعات التي تستفيد من المزايا النسبية التي
توفرها المنطقة العربية كالصناعات ذات العمالة الكثيفة في الدول ذات الكثافة السكانية أو صناعات ذات
االستهالك الكثيف للطاقة في الدول النفطية ,ويبقي على الدول العربية عبء اختيار القطاعات الصناعية
األساسية و العمل على تدعيمها و تطويرها كالحصول على التكنولوجية المناسبة و توفير العمالة الفنية
المناسبة و التنظيم المؤسسي بعيدا عن المركزية.
المطلب الرابع :أثر المنظمة العالمية للتجارة على القطاع الخدماتي العربي.
من أهم السمات المميزة لجولة األورغواي هو إدخال تجارة الخدمات إلى جانب تجارة السلع في
عملية تحرير التبادل الدولي ,فكانت االتفاقية العامة لتجارة الخدمات من أهم نتائج جولة األوروغواي،
ونظرا لتزايد أهمية قطاع الخدمات في الدول العربية فمن المتوقع أن تتأثر بهذه االتفاقية سواء كانت
منضمة أو غير منضمة إليها.
الفرع األول :التزامات الدول العربية المنضمة إلى اتفاقية تجارة الخدمات.
تلعب تجارة الخدمات دورا متزايدا في النشاط االقتصادي العربي ,حيث يشكل إجمالي تجارة
الخدمات ما نسبته 20%من الناتج اإلجمالي المحلي للدول العربية ,كما يمثل ما نسبته 24%من حجم
التجارة الخارجية.
وإ ن كانت تعتبر بعض الدول العربية مستوردا صافيا للخدمات ,فإن بعضها اآلخر تقوم بتصدير
الخدمات التي تعتمد أساسا على األيدي العاملة رغم عدم التوصل حتى اآلن إلى اتفاقية بشأن تحريرها ،و
وفقا لالتفاقية العامة لتجارة الخدمات منحت بعض الدول العربية إمتيازات لموردي الخدمات األجانب في
بعض القطاعات التي تتمتع فيها بميزة نسبية كالسياحة وخدمات السفر ،أما بعضها فقامت بعروض لفتح
أسواقها أمام تجارة بعض الخدمات التي تفي باحتياجاتها االقتصادية ويمكن أن تحصل من خاللها على
التقنيات الالزمة مثل خدمات اإلنشاءات و االتصاالت و النقل.
وتعهدت الكويت بتثبيت 44قطاع من نشاطات الخدمات القابلة للتجارة الدولية وتضمنت خدمات
اإلنشاء و الهندسة المدنية و البحوث وخدمات النقل ،أما المغرب فقدمت التزامات بتثبيت 46قطاع
شملت الخدمات المالية وخدمات النقل البحري و البري ,كما التزمت مصر بتحرير 26قطاع مؤهل
لتطبيق التزامات دخول السوق و المعاملة الوطنية ،باإلضافة إلى تونس التي التزمت بقائمة حوت 13
قطاع تضمنت الخدمات المصرفية و التزمت دولة البحرين بتحرير أربع قطاعات ,في حين تقدمت
الجزائر بالتزام تحرير خدمة واحدة تمثلت في الخدمات المصرفية.
و الجدول التالي يمثل أهم القطاعات الخدماتية التي التزمت بها بعض الدول األعضاء.
الجدول رقم( :)3-3القطاعات الخدماتية التي التزمت بها الدول العربية أعضاء منظمة التجارة
العالمية.
وفي هذا اإلطار نجد أن قدرة الدول العربية على المنافسة في تجارة الخدمات خاصة الواردة إلى
أسواقها من الخارج تتوقف على طبيعة هذه العروض وااللتزامات التي قدمتها هذه األخيرة ,لهذا نجد أن
ما تقدمت به قليل جدا مقارنة بأهداف االتفاقية ،و هذا ما يدل على تخوفها من اآلثار التي قد تنعكس عليها
نتيجة تحرير هذا القطاع.
الفرع الثاني :اآلثار العامة التفاقية تحرير تجارة الخدمات على اقتصاديات الدول العربية
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
شملت االتفاقية العامة لتحرير تجارة الخدمات مجموعة من اآلثار اإليجابية و التي يمكن أن تشكل
حافزا للدول النامية بما فيها الدول العربية لتطوير هذا القطاع ،وهذا بفضل المرونة الممنوحة له والسماح
بدعمه واالستفادة من األسواق الحكومية لتشجيع إنتاج قطاع الخدمات ،و في نفس الوقت فإن االتفاقية
تحمل في طياتها بعض الجوانب السلبية ,حيث تتضمن مجموعة من االستثناءات التي يجعل تطبيقها
محكوما بعوامل أخرى غير اقتصادية يربط ميزان القوى الدولي بالنظام االقتصادي العالمي.
-1اآلثار اإليجابية:
أ -خصت اتفاقية الخدمات الدول النامية بما فيها الدول العربية األعضاء بمعاملة تفضيلية من خالل
توفير التقنية الحديثة و الكوادر الفنية المؤهلة ,وهذا ما يعتبر مدخال لتطوير القطاع الخدماتي العربي.
ب -إن التزامات الدول المتقدمة بشأن تحسين قنوات نفاذ خدمـات الدول الناميـة مثل قنوات التوزيـع
وشبكات المعلومات ،وكذا إنشاء مراكز لتبادل المعلومات حول أسواق الخدمات الماليــة
والمصرفية يعتبر مصدرا لتسهيل نفاذ الخدمات العربية إلى األسواق الدولية.
ج -سوف تستفيد برامج دعم اإلصالح االقتصادي للدول العربية من البيئة التجارية الجديدة بأن يمتد
اإلصالح ليشمل قطاع الخدمات وتحرير نظام التجارة و حركة رؤوس األموال قبل الشروع في إجراءات
فتح األسواق أمام الموردين األجانب ،وبالتالي فإن التكيف مع البيئة المتغيرة يسمح بزيادة
المنافسة وتعزيزها في مجال الخدمات.
د -تخصص اتفاقية الخدمات نصوصا تحقق مرونة للدول النامية بسبب تدني أوضاعها االقتصادية،
حيث يسمح لها بفرض بعض القيود المؤقتة على المدفوعات و التحويالت الخاصة بنشاطات الخدمات
التي تعمل على تحريرها من أجل المحافظة على مستوى احتياطي مالي مناسب لتنفيذ برامج التنمية
االقتصادية وعدم تأثر ميزان المدفوعات ,وهذا ما يعود إيجابا على الدول العربية.
-2اآلثار السلبية:
أ -تعتبر بعض الخدمات وثيقة الصلة بالسياسة االقتصادية العامة للدولة إما لدورها في تعبئة المدخرات
و توجيه االستثمار كخدمات البنوك ,أو للدور الذي يمكن أن تلعبه في خدمة بعض المشروعات
االقتصادية الكبرى كبعض خدمات النقل و المقاوالت ,ومن تم فإن تحرير التبادل الدولي في هذه
الخدمات قد يؤدي بالدولة للتخلي عن حقها في توجيه هذه األخيرة في االتجاهات التي تفرضها المصالح
القومية والتي قد تتعارض مع مصالح الشركات الدولية.
ب -إذا كان فرض التعريفة الجمركية هو الوسيلة األساسية في يد الدولة لممارسة رقابتها على السلع
الواردة إليها ,فإن هذه التعريفة ال تجد نفعا فيما يخص التبادل في مجال الخدمات ألن وسائل الرقابة تتمثل
في قبول إعطاء التراخيص أو رفضها ,أو فرض القيود اإلدارية على اإلقامة وهذا حسب نوع الخدمة
المقدمة ,لهذا فهي تتسم بمرونة أقل مقارنة بالتعريفة الجمركية مما يصعب على الدول مراقبة هذا
القطاع.
ج -يتوقف تأثر الدول المنضمة إلى اتفاقية الخدمات على حجم االلتزامات المحددة التي تتعهد بها كل
دولة ,أما الدول العربية غير المنضمة ,وبالرغم من أنها ال يقع عليها أي التزام قانوني ,فإن اآلثار
المترتبة عن عدم انضمامها ستكون أشد وطأة من حيث انعدام الضمانات التعاقدية النتقال الخدمات عبر
الحدود ،باإلضافة إلى إمكانية تعرضها لإلجراءات التمييزية القائمة وفرض قيود مشددة جديدة في هذا
المجال وبخاصة من الدول المتقدمة.
الفرع الثالث :أثر اتفاقية تحرير الخدمات على القطاع المصرفي العربي.
لقد شملت االتفاقية تحرير الخدمات المالية التي سوف يكون له انعكاسات على اقتصاديات العديد
من دول العالم ,وإ ن كانت معظم المزايا ستحضى بها الدول المتقدمة ،أما فيما يخص الدول العربية فقد
اعتاد القطاع المصرفي العربي على العمل –خالل فترة سابقة-في مناخ خال من المنافسة الحرة و في
قوانين حمائية تمنع أو تعرقل دخول المؤسسات المالية األجنبية ,األمر الذي نتج عنه تدني كفاءة أداء
المصارف العربية وضعف إنتاجيتها ,ولهذا فإن انفتاح أسواقها المالية مع التوسع في تحرير التجارة
الدولية للخدمات سوق يجعل المؤسسات المالية العربية عموما تواجه تحديات كبيرة.
-1اآلثار السلبية :سنتعرض القطاع المصرفي العربيي لمجموعة من اآلثار السلبية نتيجة تحرير
قطاع الخدمات ومن أهمها:
عاطف السيد ،الجات والعالم الثالث ,مرجع سابق ,ص ص. 210-211
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
تعاني بعض الدول العربية كبر عدد المصارف فيها مقارنة باحتياجات أسواقها المحلية ,في حين
يبقى القطاع المصرفي في بعضها اآلخر ضعيفا وفي مرحلة أولية من التطور ,فضلا عن الصغر النسبي
على المستوى العالمي ,حيث بلغ مستوى موجودات البنوك العربية 400مليار فقط وهو أقل من
موجودات بنك واحد من البنوك الكبيرة في العالم ,وبهذا الوضع لن تتمكن المصارف العربية من التعامل
ومواجهة المنافسة المرتقبة على الصعيد المحلي واإلقليمي ألن تطوير القدرات التقنية واإلدارية تتطلب
زيادة الموارد المالية لهذه المصارف.
ج -التأثير على السياسات النقدية المحلية:
إن دخول فروع للمصارف األجنبية أو شركاتها التابعة إلى األسواق المالية العربية و عملها في
محيط متحرر من القيود المالية على اختالف أنواعها ومتفتح على الخارج سيكون له أثر سلبي على
السياسات النقدية و االئتمانية التي تنتهجها السلطات النقدية العربية ,ذلك أن السياسات االئتمانية
واالستثمارية لهذه الفروع و الشركات التابعة من صنع المؤسسات المصرفية و المالية األم التي تقوم
برسمها وفق أهداف بلدانها وليس أهداف البلدان المضيفة.
-2اآلثار اإليجابية:
أما عن اآلثار اإليجابية فنجد من أهمها:
أ -بموجب هذه االتفاقية أصبح بإمكان الدول العربية تعزيز انتشارها في الخارج من خالل إقامة فروع
لها في مختلف دول العالم و الحد من السياسات التمييزية التي تطبقها السلطات النقدية في بعض الدول
على فروع بعض المؤسسات العربية العاملة في أراضيها ,كما أن الحرية التي ستكتسبها المصارف
العربية في األسواق المحلية سيؤدي إلى استقطاب جزء كبير من األموال العربية في
الخارج وإ عادة اسستثمارها في الوطن العربي للمساهمة في إنماء اقتصاده.
ب -من المتوقع أن تزداد كفاءة وفعالية أسواق المال العربيةمستقبال مع تدرج عملية تحرير الخدمات
المالية ،مما يسمح بدخول المنافسة األجنبية إلى األسواق المحلية ,وبالتالي تصبح حركة هذه األسواق
خاضعة للتفاعل الحر بين العرض والطلب على الخدمات المالية ,األمر الذي يؤدي إلى تحديد السعر
التوازني لهذه الخدمات ,وهذا أفضل من تدخل الحكومات في تلك األسواق وتأثيرها على األسعار التي
تصبح غير حقيقية في كثير من األحيان.
إكرام عبد الرحيم ،مرجع سابق ،ص .193
هذه السياسات قد تكون توسعية من خالل تخفيض سعر الفائدة و هو ما يؤثر سلبا على الدول المضيفة و يزيد من الضغوط التضخمية مما يؤدي
إلى عرقلة تنميتها.
عاطف السيد ،الجات و العالم الثالث ،مرجع سابق ,ص .213
ترتبط كفاءة المؤسسات المالية وفعاليتها بدرجة شفافيتها واقتصادها المالي على أعمالها وتوفير المعلومات حول القوانين و التشريعات و
التوجيهات اإلدارية المتعلقة بالخدمات المالية وهذا ما يؤدي لالرتقاء بنوعية هذه األخيرة في الدول العربية.
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
ج -إن التحرر المالي من شأنه أن يوفر وسائل متنوعة لتقليل المخاطر التي قد تتعرض لها األسواق
المالية الصغيرة ,كما أنه سيعمق و يوسع هذه األسواق من خالل زيادة حجم التعامالت و تنوع الخدمات,
وبالتالي التقليل من تذبذب حركة هذه األسواق والتخفيض من حدة تعرضها للصدمات المالية.
ورغم هذه المزايا فإن التفاؤل الحذر هو ما يجب أن تلتزم به الدول العربية ,فبقدر ما ينتج عن
االنفتاح من الحصول على خبرات فنية تؤدي إلى تطوير القطاع المالي بقدر ما يخشى من الضغوط
التنافسية المتوقع مواجهتها من قبل الشركات األجنبية في األسواق المحلية ,وحتى تتمكن الدول العربية
من االستفادة من المزايا التي تتيحها اتفاقية تحرير الخدمات عليها القيام بإصالح المصارف العربية
بالتخلي عن دورها التقليدي وتحويلها إلى مصارف شاملة تقدم كافة الخدمات المالية واالهتمام
بالمستحدثات المالية الجديدة و العمل على تقوية رأسمال المصارف العربية مما يجعلها قادرة على
المنافسة بكفاءة.
و يتضح من خالل العرض السابق لآلثار المحتملة على اقتصاديات الدول العربية نتيجة تطبيق
اتفاقية الجات وانضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة ,أن توزيع المكاسب و التكاليف سوف تختلف من
دولة إلى أخرى ,كما أن المكاسب االقتصادية المحتملة سوف توزع بصورة غير متساوية بين الدول
العربية ,فمن المتوقع أن تحقق الدول ذات النظم االقتصادية المتحررة قدرا أكبر من المكاسب ,غير أن
ذلك ال ينفى احتماالت انعكاس أثار سلبية على الدول العربية بعد انتهاء الفترة االنتقالية المعاملة التفضيلية
التي تتيحها المنظمة العالمية للتجارة للدول النامية السيما مبدأ التحرر التدريجي ،ووضع متطلبات
التنمية االقتصادية بعين االعتبار ,وهذا ما يفرض على صانعي السياسات االقتصادية في الدول العربية
إعادة النظر في هذه السياسات من أجل تحسين القدرة التنافسية لالقتصاد العربي واندماجه في النظام
االقتصادي العالمي الجديد.
سعيد عبد الخالق محمود" ,تحرير الخدمات وانعكاسه على القطاع المصرفي العربي"( ,مجلة شؤون عربية ,العدد ,)2001 , 108ص .160
نفس المرجع ,ص .161
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
إن تنامي ظاهرة التكتالت االقتصادية في العقد األخير من القرن العشرين ,جعل منها سمة أساسية
من سيمات النظام االقتصادي العالمي الجديد ,وهذا بعد أن حل التحدي االقتصادي محل التحدي األمني,
فقد أصبحت الدول المتقدمة تحرص على وجودها ضمن أكبر التكتالت من أجل حماية مصالحها
االقتصادية ,ومن هنا نتساءل عن انعكاسات قيام هذه التكتالت على الدول العربية.
تربط الدول العربية عالقات اقتصادية و تجارية مع معظم دول العالم ,ولكن بظهور التكتالت
االقتصادية وتنامي دورها في االقتصاد العالمي ,أوجب على الدول العربية أن تنظر بطريقة مغايرة في
عالقاتها وتعامالتها مع هذه التكتالت.
لقد اتجهت الدول المتقدمة إلى إنشاء تكتالت اقتصادية فيما بينها حيث يهدف كل تكتل إلى إتاحة
سوق واسعة لمنتجات الدول األعضاء عن طريق إزالة الحواجز الجمركية و غير الجمركية بينها
باإلضافة إلى توسيع نطاق الحماية التي تتمتع بها فروع اإلنتاج القائمة في الدول األعضاء في التكتل عن
طريق إنشاء تعريفة جمركية اتجاه العالم الخارجي و التي ال بد أن تكون مرتفعة على الواردات المماثلة
لمنتجات الدول األعضاء ,وبما أن األسواق الرئيسية لصادرات الدول العربية معضمها لدول أعضاء في
تكتالت اقتصادية فهذا سيشكل خطورة على اقتصادياتها خصوصا أنها تتعامل بصفة فردية مع هذه
التكتالت مما يضعف قدرتها على المساومة في مجال التجارة الدولية ،ولهذا سعت الدول العربية إلى
توثيق عالقاتها االقتصادية مع هذه األخيرة حتى تخفف من وطأة هذه المخاطر ,أما من جانب التكتالت
االقتصادية فقد عملت على إبرام اتفاقيات شراكة مع الدول العربية من أجل تعزيز مصالحها في
المنطقة.
وإ ن كانت الدول العربية ستستفيد من هذه االتفاقيات من خالل حصولها على الدعم المالي ,وزيادة
تدفق رؤوس األموال ,فإن هذه التكتالت ستكون المستفيد األول ألنها ستضمن أكبر قدر من االنفتاح
لألسواق العربية على سلعها
وحتى نتمكن من دراسة أثر هذه التكتالت على اقتصاديات الدول العربية سنقوم بالتركيز على أبرز
هذه التكتالت وهو اإلتحاد األوروبي وتأثير قيامه وإ تمام عملية توحده على االقتصاد العربي وهذا لعدة
اعتبارات هي:
-1يعد اإلتحاد األوروبي الشريك التجاري األول لالقتصاد العربي.
محمد عبد المنعم وأحمد فريد مصطفى" ,االقتصاد الدولي"( ,شباب الجامعة ,اإلسكندرية ,)1999 ،ص.122
مجذب بدر عناد ومحي الدين محسن ,مرجع سابق ,ص.355
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
-2القرب الجغرافي بين المنطقتين مما يعكس آثاره على مجموعة العالقات االقتصادية والسياسية
واالجتماعية.
-3تمثل آثار قيام هذا التكتل االقتصادي على االقتصاد العربي نموذج تقريبي لآلثار التي يمكن أن تظهر
في العالقة مع غيره من التكتالت.
تتفاوت قوة الترابط التجاري بين اإلتحاد األوروبي بالدول العربية وذلك وفقا لثالث مستويات على النحو
التالي:
-1دول ذات روابط تجارية قوية مع اإلتحاد األوروبي استرادا وتصديرا وتمثلها الجزائر ,ليبيا ,تونس,
المغرب وموريتانيا حيث ال تقل الصادرات الموريتانية إلى اإلتحاد األوروبي عن 62%و تصل إلى %
82,5بالنسبة إلى ليبيا.
-2دول ذات روابط متوسطة في جانب الواردات ,ومتواضعة في جانب الصادرات حيث تتراوح
األهمية النسبية لإلتحاد األوروبي في واردات هذه الدول بين حد أدنى يبلغ 31%كما هو الحال في
اإلمارات وحد أقصى يبلغ 46,5%بالنسبة لدولة قطر ,وتنخفض األهمية التجارية بالنسبة لصادرات هذه
المجموعة لتتراوح بين 9,1%كحد أقصى بالنسبة للبحرين و 1,8%كحد أدنى لدولة عمان ,وتشمل هذه
المجموعة خمس دول هي اإلمارات ,البحرين ,قطر ,عمان و األردن.
-3دول ذات عالقة متوسطة القوة ومتوازنة نسبيا في جانبي الصادرات والواردات وتضم هذه
المجموعة باقي الدول العربية حيث يستوعب اإلتحاد األوروبي حوالي 17,5%من صادرات هذه الدول
كحد أدنى بالنسبة للسعودية ليصل إلى 43%كحد أقصى في مصر ,وهذا ما يوضحه الجدول التالي :
الجدول رقم ( :)3-4األهمية النسبية للتبادل التجاري بين اإلتحاد األوروبي مع الدول العربية لعامي
1999و2000
الوحدة% :
الواردات الصادرات البلدان
2000 1990 2000 1990
العيد رزق هللا " ،العالقات التجارية بين الدول العربية واإلتحاد األوروبي" ,رسالة ماجستير ,غير منشورة( ,كلية العلوم االقتصادية وعلوم
التسيير ,جامعة الجزائـر ,) 2002 ،ص ص .62-63
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
المطلب الثاني :اآلثار العامة لقيام اإلتحاد األوروبي على اقتصاديات الدول العربية.
اتضح من خالل التطرق للعالقات التجارية بين الدول العربية واإلتحاد األوروبي أهمية وقوة هذه
العالقات بين الطرفين ,غير أن اكتمال مراحل هذا التكتل وقيام اإلتحاد النقدي األوروبي من شأنه أن
يؤثر على الدول العربية في مختلف المجاالت.
إن عملية التوحيد تنتج عنها مجموعة من اآلثار الديناميكية ,من بينها تحقيق وفرات الحجم من خالل
اإلنتاج الواسع النطاق ،أين سيتم االستغالل الكامل للحجم في الصناعات ذات الكثافة الرأسمالية.
ومن خالل الدراساتالتي أجريت لقيام التكتل األوروبي ثم تقييم أثرين هما:
-1انخفاض تكاليف التداول الحقيقية بين األسواق األوروبية من خالل تبسيط اإلجراءات الجمركية
وتخفيض التكاليف الناتجة عن توحيد معايير اإلنتاج.
-2التكامل بين األسواق المنفصلة من خالل تطبيق قانون السوق الواحد بإزالة التمييز الّس عري في
أسواق المنتجات داخل اإلتحاد األوروبي.
وتوصلت الدراسة إلى أن هذه اآلثار ستظهر لألول مرة في الصناعات ذات التركيز العالي على
المهارات ,ومن ثم على الصناعات ذات الكثافة الرأسمالية التي تستفيد من وفرات الحجم ,وتعد
الصناعات الكيماوية من الصناعات ذات الكثافة الرأسمالية التي ينتظر أن تحقق مكاسب لمنتجاتها حيث
ستتغير القيمة األساسية لها بنسبة 0,5%بسبب انخفاض تكاليف التداول وبنسبة 1,4%بسبب تكامل
األسواق وتتضمن هذه الصناعة المنتجات البتروكيماوية التي تعد من أهم الصناعات الموجهة للتصدير
في الدول العربية ,وبما أن اإلتحاد األوروبي ينتج عنه مزايا في التكاليف نتيجة منافسة موردي االتحاد
األوروبي للمنتجين العرب فهذا سيؤدي بالدول العربية إلى تكبد خسارة في معدل التبادل نتيجة تخفيض
أسعار التصدير لمواجهة المزايا التنافسية التي يتمتع بها المنتجين في اإلتحاد األوروبي ,و إال فإنهم
سيتعرضون لخسارة في حصص السوق.
كما سينتج عن قيام اإلتحاد األوروبي تحديات أخرى ترتبط بوفرات الحجم الناتجة عن التقدم
التكنولوجي الموفر للموارد ,بما فيها تحقيق وفرات في استهالك الطاقة على أساس وحدة اإلنتاج ,بمعنى
فصل استهالك الموارد عن النمو في اإلنتاج ,مما يؤدي إلى انخفاض نمو الصادرات العربية من موارد
الطاقة و المواد األولية األخرى.
وبصفة عامة فإن الدول العربية ستعرف خسارة في معدل التبادل في أنظمة السوق على المدى
الطويل بسبب عدم قدرة صادرات الدول العربية للوصول إلى أسواق هذه التكتالت ,خاصة وأن هذه
األخيرة تضع في معامالتها مواصفات فنية موحدة للمنتجات التي تدخل في أسواقها.
لقد أصبح تحويل االستثمار يلعب دورا مهما في الدول النامية ,التي ترى أن وصول رأس المال
األجنبي يعتبر إسهاما في نشر التكنولوجية و تكوين المهارات ,ومن اآلثار المبكرة لقيام اإلتحاد األوروبي
كان نمو المتزايد لجاذبية االستثمارات األجنبية مقارنة بالواليات المتحدة األمريكية واليابان ،وهذا نتيجة
توفر الحوافز المشجعة كاتساع السوق وزيادة وفرات الحجم ,وفيما يتعلق باتجاه التدفقات فإن الدول
العربية أخفقت في االستفادة من أثر اإلستثمارت الناشئة في أوروبا ,بل على العكس فقد أصيبت
االستثمارات الصافية الفرنسية بالركود في دول المغرب العربي مقارنة مع الدول المضيفة األخرى،
ونفس الشيء بالنسبة لالستثمارات األلمانية في المنطقة ،وهذا راجع إلى توجه دول اإلتحاد لالستثمار
في دول أوروبا الشرقية التي تسعى إلى إعادة هيكلة اقتصادياتها وإ صالحها ,كما أنها تملك إمكانيات
زراعية وصناعية كبيرة وقدرا من التقدم التقني أكثر من الدول العربية ,مما جعل هذه الدول عامل جذب
لالستثمارات و المساعدات اإلنمائية.
وبصفة عامة فإن سوء األداء النسبي للدول العربية في اجتذاب االستثمار من اإلتحاد األوروبي كان
سببه االتجاه العام للمستثمرين في تجنب االستثمار في الدول النامية باستثناء القليل منها ذات االقتصاديات
الصناعية الجديدة وهذا نتيجة انخفاض المعامالت في هذه الدول مقارنة بالدول النامية األخرى ومنها
الدول العربية.
يعتبر اإلتحاد النقدي من المراحل المتطورة للتكتالت االقتصادية ،ولقد تمكن اإلتحاد األوروبي من
الوصول إلى هذه المرحلة بتوحيد عملته حيث أصبح الأوروالوحدة النقدية الرسمية في جميع دول
األعضاء في اإلتحاد ،ومن األكيد أن للأورو آثارا على المعامالت االقتصادية الدولية من خالل تأثيره
على المعامالت التجارية و المالية بين مختلف دول العالم و اإلتحاد األوروبي ومن هذه اآلثار السلبي و
اإليجابي و هذا حسب طبيعة الدول و قونها االقتصادية و كذا طبيعة معامالتها و ارتباطها مع االتحاد
األوروبي.
وبما أن الدول العربية تربطها عالقات تجارية مع هذ األخير فحتما ستتأثر إلنها ستقوم بتسعير
صادراتها باألورو بعد أن كانت بمجموعة من العمالت ,وفي المقابل ستقوم الدول المستوردة من اإلتحاد
األوروبي بزيادة الطلب على الأورو حتى تتمكن من دفع قيمة وارداتها منه.
ومن اآلثار الناجمة عن تطبيق وحدة الأورو على اقتصاديات الدول العربية:
-1من آثار األورو إلغاء مخاطر الصرف الناجمة عن التذبذذب في أسعار العمالت لدول اإلتحاد قبل
الأورو وهو ما ينعدم معه الحاجة لعمليات التغطية لمواجهة إحتماالت هذه التذبذبات ،مما يترتب عليه
استقرار في المعامالت التجارية.
-2يؤدي األورو إلى عدم قدرة الدول العربية على المنافسة أمام السلع األوروبية المشابهة نتيجة
انخفاض تكاليف هذه األخيرة عند استخدام الأورو و إلغاء تكاليف تحويل العملة بين دول اإلتحاد
األوروبي.
-3ينتج عن انخفاض الأورو أمام الدولار انخفاض حصيلة الصادرات للدول الشريكة مع اإلتحاد
األوروبي ،وفي المقابل يشجع على اإلستراد منه بسبب إنخفاض تكلفة الواردات مقارنة بالواردات من
الواليات المتحدة األمريكية ،وهذا ما يجعل الزيادة في حجم التجارة بين الدول العربية واإلتحاد الأوروبي
مرتبطة أساسا بزيادة وارداتها من هذا األخير.
-4يؤدي الأورو إلى تقليل نفقات اإلنتاج وتحسينها وهو ما يضر الصادرات العربية ويجعلها في موقع
تنافسي ضعيف.
-5يؤدي الأورو إلى شفافية في األسعار حيث يصبح سعر السلعة الواحدة مهما كان مصدرها من دول
اإلتحاد تحدد بعملة واحدة مما يسهل عملية الشراء ،كما أن إشتداد المنافسة بين دول اإلتحاد بهدف
تصريف منتجاتها هو في صالح انخفاض األسعار مما يؤثر إيجابا على الدول العربية المستوردة من
اإلتحاد األوروبي.
-6سيدعم الأورو النمو اإلقتصادي في دول اإلتحاد األوروبي من خالل إندماج الشركات وإ نخفاض
التكلفة مما سيكون له أثر إيجابيا على الدول العربية ،فحسب تقرير البنك الدولي فإن أي زيادة في الناتج
القومي اإلجمالي لدول الأورو سينتج عنه زيادة في صادرات دول الشرق الأوسط و شمال إفريقيا إلى
دول الأورو بنسبة ، 3%أما في حالة انكماش الناتج القومي لدول الأورو بنسبة 1%فإنه ينتج عنه
انكماش اقتصادي في هذه الدول بنسبة.0,25%
-7إن استحداث الأورو سيخضع القطاع المصرفي لعملية دمج تتيح للبنوك الناشئة العمل على مستوى
أوروبا كلها ،مما يؤدي إلى زيادة منافسة المؤسسات المالية األوروبية وهذا ما يشكل خطرا على الدول
العربية التي تعمل وفق أنظمة غير متطورة،حيث ستتأثر البنوك العربية أكثر من غيرها بسبب عدم
قدرتها على تحمل التكاليف التكنولوجية الجديدة الالزمة للتعامل مع المستجدات التي تنجم عن إستخدام
الأورو.
عبد هللا بن خالد العطية" ,انعكاسات العملة األوروبية الموحدة على االقتصاد العالمي و العربي" ,دراسات وقائع الندوة التي عقدت في االجتماع
التنسيقي السنوي العربي للغرفة التجارية العربية األجنبية المشتركة( ,الدوحة ,)1999 ,ص .19
فارس ثابت الحررادي " ,أثر اليورو على اقتصاديات الدول العربية"( ,صندوق النقد العربي ,بيروت,) 2000,ص.20
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
أدى قيام التكتالت االقتصادية إلى وجود مايسمى باقتصاديات المشاركة الدولية ،وخاصة من طرف
اإلتحاد الأوروبي الذي يسعى إلى عقد اتفاقيات شراكة مع الدول العربية ,وهذا ما أثار المخاوف حول
هذه الشراكةخاصة فيما يتعلق بالصناعة العربية ومستقبلها ،مع العلم أن الدول العربية
تتفاوض مع اإلتحاد األوروبي بصورة فردية.
-تدعيم مراكز اإلتحاد األوروبي في مواجهة التكتالت اإلقتصادية ,ومحاولة لمنع قيام أي
تكتالت إقتصادية في القسم الجنوبي و الشرقي لحدوده.
-زيادة تنمية اإلستثمارات األوروبية بالمنطقة العربية والحفاظ على مصادر الطاقة.
الفرع الثاني :تاريخ اإلتفاقيات المبرمة بين اإلتحاد األوروبي و الدول العربية.
مجذب بدر عناد ومحي الدين محسن ,مرجع سابق ,ص. 368
العيد رزق هللا ,مرجع سابق ,ص ص. 69-70
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
تضمنت معاهدة روما المنشئة للجماعة اإلقتصادية األوروبية 1957مواد تنظيم الكيفية التي تقوم
بموجبها الجماعة بعقد إتفاقيات بينها مجتمعة وبين دول أخرى غير أعضاء ,و خالل صياغة المعاهدة
أصرت فرنسا على إشراك األراضي التابعة (المستعمرات السابقة) ومنحها بعض المزايا التي تسمح
باإلحتفاظ بالعالقات الخاصة التي كانت تتعامل بموجبها ,فمنحتها تسهيالت جمركية ,إال أن جامعة الدول
العربية أصدرت قرارا في نوفمبر 1959بمعارضة إدماج المستعمرات العربية في السوق األوروبية,
وهذا ماجعل العالقات التجارية بين الطرفين تتسم بالركود طيلة الفترة الممتدة مابين 1957و 1972رغم
وجود دوافع مصلحية لإلتحاد األروبي تجعله تحدو لإلهتمام بالدول العربية ,ولكن بنمو عوائد البترول
العربية بعد 1973عرفت العالقات بين الطرفين نقطة تحول بحيث كانت بداية الحوار األوروبي العربي
الذي كان يمثل من وجهة النظر األوروبية إطارا مناسبا لمناقشة القضايا االقتصادية ,إال أن هذا الحوار قد
فشل في التوصل إلى أي صيغ للتعامل الجماعي بين الطرفين ,فقد حاولت الدول العربية الحصول على
معاملة تفضيلية من الجماعةاألوروبية ،األمر الذي لم يلق القبول من هذه األخيرة.
ومع بداية الثمانينات ثم إعادة بعث العالقات بين الطرفين حيث تصاعد االهتمام بالمنطقة المتوسطة
من طرق الجماعة األوروبية وكان نتيجة ذلك إعالن المجلس الوزاري في مارس 1985تأكيد المجموعة
األوروبية على األهمية التي توليها للتعاون مع الدول العربية.
يعد مؤتمر برشلونة نقطة تحول في العالقات المستقبلية بين دول أوروبا ودول المتوسط بصفة
عامة والدول العربية المتوسطية بصفة خاصة ،حيث ثم صياغة سياسة اإلتحاد األوروبي إتجاه الدول
العربية عن طريق إتفاقيات الشراكة األرومتوسطية.
انعقد مؤتمر برشلونة في الفترة مابين 27إلى 29نوفمبر 1995حيث شارك فيه 12دولةتقع في
جنوب وشرق المتوسط ومنها الدول العربية المتوسطية ,واستثنيت ليبيا ألسباب سياسية إلى جانب 15
دولة األعضاء في اإلتحاد األوروبي ،ولقد وافقت األطراف المشاركة في المؤثمر من حيث المبدأ على
إقامة شراكة بين اإلتحاد والدول المتوسطية تهدف بالدرجة األولى إلى تطوير العالقات االجتماعية و
الثقافية واالقتصادية وتعميق التعاون في هذه المجالت بشكل متوازن وتأكيد مبدأ احترام حقوق اإلنسان.
ولقد تضمن إعالن برشلونة ثالثة أبعاد رئيسية ,يتمثل البعد األول في المشاركة السياسية والثاني
في النواحي االجتماعية ,أما البعد الثالث فينطوي على الشراكة االقتصادية و المالية وهو ما
سنركز عليه دراستنا.
وتتضمن الشراكة االقتصادية و المالية:
أ -اإلقامة التدريجية لمنطقة تجارة حرة بين اإلتحاد األوروبي ودول جنوب المتوسط خالل الفترة من
12إلى 15سنة ,بحيث تكون مستكمـلة بحلول عام ،2010وتتضـمن المنطقة اإلزالة التدريجيـة
وبحسب جدول زمني متفق عليه للرسوم الجمركية و الكمية على التجارة بالسلع الصناعية.
ب -تصحيح البنى الاقتصادية والاجتماعية وتنظيمها وتحديثها مع إعطاء األولوية لدعم وتنمية القطاع
الخاص.
ج -تقديم مساعدات مالية من طرف اإلتحاد األوروبي بجوالي 4,6مليار وحدة نقدية أوروبية أي ما
يعادل 7مليار دوالر ,ويتضح من هذه المعونات نظرة المشروع المتوسطي إلى الشراكة من زاويـة
المساعدات من أجل ترغيب دول الجنوب على تغيير أوضاعــها بما ينسجم مع أهداف اإلتحــاد األوروبي,
و ستخصص هذه المساعدات وفقا لمشاريع تحدد في إطار األولويات والبرامج المـحدد ة
في اإلعالن.
د -زيادة التدفقات االستثمارية إلى بلدان جنوب المتوسط ورفع الكفاءة اإلنتاجية وزيادة الصادرات من
خالل وضع إطار قانوني يسمح بتنظيم وتشجيع تدفق االستثمار إلى الدول العربية.
وفي المقابل تلزم االتفاقية دول جنوب المتوسط بتوفير شروط تحقيق االستقرار االقتصادي الكلي
وتخفيف عبئ المديونية وتحقيق درجة عالية من االنفتاح في إطار ليبرالي و توفير شبكة الضمان
االجتماعي الشامل.
ولقد تمكنت مجموعة من الدول العربية من عقد اتفاقية الشراكة مع اإلتحاد األوروبي وهي تونس,
المغرب ,األردن ,الجزائر ومصر ،كما تسعى سوريا ولبنان لتحقيق الهدف نفسه.
الفرع الرابع :آثار االتفاقية الشراكة األورومتوسطية على إقتصاديات الدول العربية.
للتعرف على مضامين البعد السيلسي و البعد االجتماعي ,أنظر أكرام عبد الرحيم ،مرجع سابق ,ص .249
محمد األطرش ،حول التوحد اإلقتصادي العربي والشراكة األورو متوسطية( ,في مجلة المستقبل العربي ,العدد ,)2001 ,272ص.88
Fourume civil Euromed,"vers un nouveaux scénario de partenariat euro mediterranneen, (barcelona1996) ,p79
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
إن تحليل اآلثار المتوقعة إلتفاقيات الشراكة األورو -عربية و التي تتم في إطار سياسة
أورومتوسطية يكون من خالل خصوصية العالقة بين الطرفين بإعتبار أن اإلتحاد الأوروبي أهم شريك
للدول العربية وهذا الوضع يجعل إقتصاديات العربية أكثر حساسية إلتفاقية الشراكة من الدول الأخرى.
-1اآلثار اإليجابية:
أ -يترتب على العالقات التجارية بين الدول األوروبية في ظل الصياغة الجديدة المتمثلة في اتفاقيات
الشراكة قيام منطقة التجارة الحرة بين الطرفين ،مما يسمح بفتح أسواق اإلتحاد األوروبي أمام منتجات
الدول العربية.
ب -إن تخفيض الرسوم الجمركية وإ لغائها تدريجيا يمكن المشاريع العربية من الحصول على وسائل
الإنتاج و المعدات معفاة تماما من التعريفة الجمركية مما يجعلها أقل كلفة.
ج-تسمح عقود الشراكة بتسهيل نقل التكنولوجة وبالتالي زيادة إنتاجية العوامل ،وهذا مايتم باإلستثمار
في السلع والرأسمالية.
د-تسمح اإلتفاقية بوضع نظام تفضيلي مع إجراءات وقائية و هذا بفرض رسوم لحماية المنتجات
الصناعية الجديدة أو القطاعات التي تخضع إلعادة الهيكلة في الدول العربية.
ه -بموجب اإلتفاقية يقدم اإلتحاد األوروبي مساعدات مالية وفنية تهدف إلى دعم القدرات الاقتصادية
العربية من خالل البرامج التنموية لتشجيع القطاع الخاص وجدب اإلستثمارات األجنبية وتنفيذ إتفقيات
الشراكة ,أما المساعدات الفنية تدفع للتأقلم مع قواعد المنافسة مما يزيد من كفاءة وفعالية اإلنتاج.
-2اآلثار السلبية:
أ -تواجه الشركات العربية منافسة شديدة من الشركات األوروبية بإعتبارها منافسة غير متكافئة ،مما
يؤدي إلى إفالس عدد كبير من الشركات العربية وبالتالي إرتفاع معدالت البطالة ،كما سيضاعف فتح
األسواق العربية أمام المصنوعات األوروبية من زيادة االختالل في الموازين التجارية للدول العربية.
ب -سيكون لقيام المنطقة الحرة أثر على الصناعات العربية التحولية القائمة بالقضاء على أغلبها
أوالتأثير فيها سلبا نظرا لتقدم الصناعات التحويلية في اإلتحاد األوروبي خاصة أنها ستستفيد من
اقتصاديات اإلنتاج على نطاق واسع بسبب ضخامة سوقه.
ج -كما أن األثر الأكثر خطورة نتيجة إبرام إتفاقية الشراكة هو الحيلولة في المستقبل دون تطوير
صناعات تحويلية عربية جديدة ,إلن إنفتاح األسواق العربية المتوسطية من دون حماية لفترة كافية
سيؤدي إلى إستراد سلع مصنعة وذات تقنية عالية مما سيشكل عقبة في طريق العمل على إقامتها في
الدول العربية.
د -إن المنتجات الزراعية العربية تخضع لنظام حصص أوروبي صارم و لن تفتح إال ضمن الحدود
المسموح بها في نطاق السياسة الزراعية لإلتحاد الأوروبي الذي يتعامل بسياسة الكيل بمكيالين ,فهو
يطلب من الدول العربية المعنية أن تزيل القيود الجمركية وغير الجمركية على الصادرات األوروبية من
السلع الصناعية ,أما بالنسبة للصادررات العربية من المنتجات الزراعية فيضع أمامها عدة عراقيل حتى
ال تدخل ضمن حدود المسموح بها لإلتحاد األوروبي ,كما أن انضمام دول جنوب أوروبا ذات اإلنتاج
الزراعي الهام إلى اإلتحاد األوروبي وحصولها على حرية النفاذ إلى أسواقها أكسبها وضع أفضل مما
أضعف المزايا القليلة التي كانت للدول العربية ,خصوصا بالنسبة لدول المغرب التي أعادت بناء
اقتصادها على أساس اإلنتاج للسوق األوروبية.
هـ -سيترتب على إزالة الرسوم الجمركية تدني إيرادات الموازنات العامة للدول العربية وإ عاقة تنفيذ
مشاريع التنمية وبهذا عليها إتخاد سياسات صناعية وإ جتماعية تعويضية للتخفيف من األزمات الناجمة
عن إزالة هذه الرسوم.
ورغم التحديات التي تفرضها الشراكة األوروعربية ,والمشاكل التي الزالت تواجه الدول العربية
المتوسطية خاصة المتعلقة بمتطلبات مصالحها الوطنية ,إال أنه يبقى مشروعا طموحا يحمل في طياته
جوانب إيجابية لكافة األطراف المشاركة.
من خالل رصدنا آلثار اإلتحاد األوروبي على اقتصاديات الدول العربية و التي يمكن ان تكون
نموذجا لآلثار التي قد تنجم عن التكتالت االقتصادية األخرى تبين ان هذه األخيرة تؤثر من عدة اتجاهات
على االقتصاديات العربية في ظل عدم نجاحها في إقامة تكتل اقتصادي ,حيث بقيت المنطقة العربية
فضاء قابل لالحتواء واالستقطاب تتنافس عليه الكتل االقتصادية المختلفة وتؤثر عليه سلبا في مختلف
المجاالت.
سعت معظم الدول النامية ومنها الدول العربية منذ حصولها على استقاللها إلى تحقيق تنميتها وبناء
اقتصادها ,إلا أنها بقيت مكبلة بقيود عدم تحقيقها الستقاللها االقتصادي ,فمواردها أصبحت محصورة بيد
الشركات متعددة الجنسية ,ألن متطلبات تنميتها من تكنولوجية وتقنية متطورة ال تتوفر إال عند هذه
الشركات وهذا ما جعل هذه الدول تدور في فلك التبعية لهذه األخيرة دون أن ترغب في ذلك.
ال تختلف طبيعة تعامل الشركات متعددة الجنسة في الدول العربية عنها في الدول النامية باعتبار أن
هذه الشركات تستثمر في الدول التي تحقق فيها أكبر مكسب.
تظهر الشركات متعددة الجنسية في الدول العربية بأشكال متنوعة بعضها تقليدي واآلخر مستحدث،
ويتمثل الشكل األول الذي يتفق مع المعنى الضيق للشركات متعددة الجنسية في اإلستثمار األجنبي
المباشر وما ينشأ عنه من ملكية مستقرة ألصول ثابتة وما يظهر من أنشطة أخرى مثل عقود المقاوالت
من الباطن وتجارة التكنولوجية ,أما األشكال المستحدثة فهي تلك التي ال ترتبط بملكية مباشرة ألصول
منتجة ويشمل عدد كبيرا من األنشطة مثل عقود اإلدارة ,الخدمات اإلستثمارية الهندسية وأهمها عقود
مقوالت تسليم المفاتيح ,بأنماطها المختلفة.
ولقد اختلفت السياسات التي اعتمدتها الشركات متعددة الجنسية في الدول العربية في التعامل مع
اقتصادياتها ،حيث يعتبر عام 1973نقطة تحول بين حقيقتين مختلفتين ،شملت الحقبة األولى فترة
محمد السيد سعيد" ,الشركات عابرة القومية ومستقبل الظاهرة القومية"( ,عالم المعرفة ,الكويت ,)1986 ,ص. 214
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
االستعمار واستمرت بعد االستقالل السياسي حتى أوائل السبعينيات وقد ساد هذه الحقبة نمط اإلستثمار
المباشر وتركيز نشاطها في قطاع الخدمات و المرافق العامة و المال و التجارة واإلستخراج ,وبالتحديد
إستخراج وإ نتاج البترول العربي بإعتبارها شركات احتكارية طبقا لعقود االمتياز الذي كانت تحصل عليه
وهذا ماجعلها ذات نفوذ هائل على إقتصاديات الدول العربية المنتجة و المصدرة للنفط ,وفي عام 1967
بلغت قيمة تدفقات اإلستثمار األجنبي في 19دولة عربية نحو 3352,2بليون دوالر ,منها 13,2%فقط
في النشطات غير بترولية ,أما الباقي فقد توزع على إنتاج وتكرير البترول ،وداخل هذه الجزء إستأثر
إنتاج البترول الخام 55%من إجمالي اإلستثمارات البترولية ,أما اإلستثمارات غير البترولية فقد مالت
للتركيز الواضح في األنشطة الخدماتية كالسياحة.
أما الحقبة الثانية فقد بدأت مع تزايد عوائد الصادرات البترولية ,وفيه عمدت تلك الشركات إلى
إنتهاج أشكال تنظمية غير تقليدية كعقود مقاوالت تسليم المفتاح بأنماطها المختلفة وأشكال وسيطية أخرى
التعتبر إستثمارا من النوع التقليدي ،بمعنى أنها ال تستمد أهميتها من كونها إستثمارا وإ نما من أدائها
لوظائف حيوية في مجال اإلنتاج الدولي كالتدويل المصرفي والتوسع في إنشاء المصارف التابعة و
المشتركة لبنوك عمالقة ,ولقد توسعت هذه األشكال في الفترة التي تلت ارتفاع أسعار البترول العربي
بصورة ال نظير لها ,فمع حلول هذه الحقبة أتصح جليا أن مهمة استنزاف الفائض اإلقتصادي للدول
العربية ومواردها قد أصبح بأيدي مجموع الشركات متعددة الجنسية.
الفرع الثاني :آلية الشركات متعددة الجنسية لتكريس تبعية الدول العربية.
تستخدم الشركات متعددة الجنسية عدة آليات لتكريس تبعية الدول العربية وتخلق كل آلية من هذه
اآلليات شكل من أشكال التبعية و من أهم هذه الآليات:
تعد آلية المشاركة واحدة من أشكال هذه اآلليات ,والتي نجمت عن إضطرار الدول العربية للتعامل
مع هذه الشركات نتيجة لنقص رؤوس األموال و المهارات الفنية ،مما أدى إلى استنزاف الفائض من هذه
الدول على شكل تحويل أرباح المشاريع إلى الخارج.
كما كرست آلية التصنيع من أجل التصدير تبعية الدول العربية ,فقد قامت معظمها بوضع سياسات
تنموية لتطوير قطاعها الصناعي كي تحد وارداتها من الخارج ,وإ ستعانت في ذلك بالشركات متعددة
الجنسية ,غير أن هذه اآلخيرة سخرت جانبا كبيرا من إستثماراتها للصناعات التصديرية خاصة في الدول
العربية التي تتوفر على المواد األولية و األيدي العاملة الرخيصة ,وبذلك تتمكن الشركات متعددة الجنسية
من إعادة نشر الصناعات بحيث تقلل من تكاليفها وتحد من مخاطر البيئة في المركز األم و تحكم
مجذب بدر عناد ومحي الدين محسن ,مرجع سابق ,ص. 375
أسامة عبد المجيد العاني" ,مستقبل االقتصاد العربي في ظل الشركات متعددة الجنسية" ( ,في مجلة شؤون عربية ,العدد , 108ديسمبر,)2001
ص.137
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
سيطرتها على السوق و التسويق فتضمن معدالت ربح عالية ,أما الدول العربية فتزداد تبعيتها بسبب
إعتمادها على الخارج وتشوه هياكلها االقتصادية.
وتستخدم الشركات متعددة الجنسية آلية أخرى لتكريس تبعية الدول العربية والمتمثلة في التبعية
التكنولوجية ،األمر الذي يحرمها من إختيار التكنولوجية المالئمة لها بسبب إفتقارها ألدوات اإلنتاج,
حيث أن التكنولوجية التي تستخدمها هذه الشركات مصممة أصلا للسوق الرأسمالية ,وقد تتضمن عقود
نقل التكنولوجية قيودا على عمليات التصدير فتخضع نشاطات الدول العربية إلى مخططات الشركات
متعددة الجنسية في مجال إقتسام األسواق العالمية و التقسيم الدولي للعمل ,كما يتحتم على الدول العربية
اإللتزام بشراء مستلزمات ومعدات إنتاج من مصادر معينة (من الشركة األم وفروعها في الخارج) ،مما
يعطل نمو عالقات الترابط و التشابك بين العناصر المختلفة للجهاز اإلنتاجي على مستوى الدولة الواحدة,
ولقد أظهرت البيانات إرتفاع حجم الواردات العربية من آالت ومعدات نقل من 22,084بليون دوالر
عام 1990إلى 35,315بليون دوالر عام .1995
يعرف االستثمار األجنبي المباشر على أنه المال الوافد على دولة غير دولته و المستخدم مباشرة
للغرض الذي جاء من أجله وهو النماء و الزيادة ,فاإلستثمارات األجنبية المباشرة هي عمليات تقوم بها
الشركات متعددة الجنسية خارج موطنها األم وقد تكون على شكل شراكة مع منتج محلي أو مدعومة
بقروض محلية لكنها في الغالب تكون نتيجة مبادرة أجنبية ,وفي ظل العولمة عرفت االستثمارات
األجنبية كقطب من أقطاب العولمة و هذا ما يجعلنا نتساءل إذا ما استفادت الدول العربية من الزيادة
في تدفقات االستثمار األجنبي المباشر.
شهد تدفق االستثمار األجنبي المباشر في الدول العربية تطورا ملحوظا في خالل الفترة(-2001
)1995فقد بلغ إجمالي اإلستثمارات األجنبية إلى الدول العربية عام 2001حوالي 6,03مليار دوالر
فيما لم يتجاوز 0,26مليار دوالر سنة ,1995وبلغ ذروته عام 1998إذ وصل إلى 8,46مليار
دوالر ،ويرجع ذلك إلى القفزة النوعية التي شهدها حجم اإلستثمارات األجنبية المباشرة في السعودية
الذي بلغ 4,29مليار دوالر بعد أن كان سالبا عامي 1995و ,1996وتراجع ذلك بعد عامي 1999و
2000ليصل 4,28مليار دوالر و 2,42مليار دوالر على التوالي ،إال أنه تضاعف بشكل ملحوظ عام
2001مما كان عليه عام ,2000ويعزى ذلك بشكل أساسي إلى الزيادة التي عرفتها اإلستثمارات
اإلجنبية في المغرب عام 2001حيث بلغ حجمها 2,66مليار دوالر مقابل 0,2مليار دوالر عام
,2000وكذلك بسبب ارتفاع االستثمارات األجنبية في الجزائر من 0,4مليار دوالر إلى 1,2مليار
دوالر عام ,2001وهذا ما يبينه الجدول التالي:
الجدول رقم ( )3-5تدفقات االستثمار األجنبي المباشر الوارد إلى الدول العربية
خالل الفترة (.)1995-2001
وعلى العموم فإن اإلستثمار األجنبي المباشر لم يتجاوز في أحسن أحواله 1,5%من إجمالي
اإلستثمار األجنبي المباشر في العالم (عام ,)1997و ظل يتراوح حولي 1%في األعوام 1996و
1998و ،2001وقد بلغ متوسط نسبة اإلستثمار األجنبي المباشر من إجمالي اإلستثمارات في العالم
خالل الفترة ( )1955-2001حوالي ،0,65%كما بلغ متوسط نسبة اإلستثمارات األجنبية المباشرة إلى
الناتج اإلجمالي في الدول العربية خالل نفس الفترة حوالي ) 0,7%الجدول رقم (.3-6
الجدول رقم (:)3-6حصة الدول العربية من تدفقات االستثماراألجنبي المباشر الوارد عالميا خالل
الفترة()1995-2001
الوحدة :مليار $
2001 2000 1999 1998 1997 1996 1995
735,2 1492 1088,3 694,6 478,1 3866,1 331,1 إجمالي االستثمارات األجنبية
المباشر الوارد في العالم
6,03 2,42 4,29 8,46 7,32 3,58 0,26 إجمالي اإلستثمارات األجنبية
الوارد إلى الدول العربية
0 0 1,22 1,53 1,53 0,93 0,08 نسبة اإلستثمارات األجنبية
المباشرة الواردة إلى الدول
العربية
735 708 629 568 607 585 535 الناتج المحلي اإلجمالي للدول
العربية
0,8 0,3 0,7 1,4 1,2 0,5 0,1 نسبة االستثمار الوارد في
الدول العربية إلى الناتج
المحلي اإلجمالي%
المصدر:تقرير مناخ اإلستثمار في الدول العربية ,2002مرجع سابق ,ص.75
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
والمالحظ من هذه المعطيات ضآلة تدفق اإلستثمار في الدول العربية وهذا يدل على أنها لم تستفد من
الزيادة و النمو الذي عرفة العالم في حجم اإلستثمارات الخارجية ففي حين بلغت نسبة تدفق اإلستثمار
اإلجنبي إلى الدول المتقدمة 74%من إجمالي تدفقات العالم لم تتجاوز 1%إلى الدول العربية.
أما عن التوجهات القطاعية لالستثمار األجنبي المباشر في الدول العربية فإن نشاط الشركات
متعددة الجنسية فكان يتجه في بداية السبعينات لالستثمار في القطاع اإلستخراجي ,إال أن هذا االتجاه
عرف تحوال نحو االستثمارات غير المادية خصوصا في فترة التسعينيات فركزت نشاطها لالستثمار في
قطاع الخدمات و المقاوالت باإلضافة إلى االستثمار في القطاع المالي ،ويبين الجدول التالي أن معظم
عقود الشراكة التي وقعتها الدول العربية عام ترتكز في قطاع الخدمات و المصارف و التأمين ,حيث بلغ
عدد العقود 97عقد منها 25عقود شراكة ثنائية و 72عقد شراكة مع الشركات متعددة الجنسية ,في حين
لم تتعدى عقود الشراكة في قطاع الصناعة اإلستخراجية 37عقد شراكة مع الشركات متعددة الجنسية.
الجدول رقم( :)3-7عقود الشراكة العربية الثنائية و المبرمة مع الشركات متعددة الجنسية لعام
.1997
دوالر وهو ما يعادل 3,45 %وقد استحوذت هذه الدول السبع على 87,6 %من إجمالي التدفقات
االستثمارات البينية ومن جهة أخرى سجلت االستثمارات العربية البينية زيادة في تسع دول عربية هي
اإلمارات ,تونس ,السعودية ,السودان ,سوريا ,قطر ,لبنان ,مصر واليمن كما تراجعت في خمس دول
هي :األردن ,البحرين ,الجزائر ,ليبيا والمغرب ( الجدول رقم .)3-8
ورغم التطور الملحوظ في زيادة اإلستثمارات العربية البينية و الناتجة عن تطبيق برامج
اإلصالحات اإلقتصادية و المالية وتنامي ثقة المستثمرين لإلستثمار في الدول العربية ،إال أنه يبقى ضعيفا
قياسا باإلستثمارات العربية الموجهة لدول أجنبية حيث تبين أن كل 56دوالر استثمارات عربية خارج
الدول العربية يقابلها 1دوالر استثمارات عربية بينية.
ويرجع تدني حجم اإلستثمارات العربية البينية إلى عدة عوامل ,منها غياب التنسيق العربي في
النواحي اإلقتصادية رغم وجود الهياكل التنظيمية التي تمكنها من أن تضطلع بهذا الدور ،وانخفاض
معدل العائد الصافي للعديد من اإلستثمارات العربية البينية.
الجدول رقم ( :)3-09التوزيع القطاعي لإلستثمارات العربية البينية خالل عام .2002
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
الوحدة%: ا
الخدمات الزراعة الصناعة القطاع البلد المضيف
74,5 5 20,5 األردن
78,6 - 21,5 اإلمارات
90,5 - 9,5 البحرين
80 - 20 تونس
23 15 62 الجزائر
35,2 1,8 63 السعودية
23,9 6,7 69,4 السودان
19 38,5 42,5 سوريا
91,4 - 8,6 قطر
85,1 4,4 10,5 لبنان
35,6 14 50,4 ليبيا
21,6 20,9 57,5 مصر
95,5 0,6 3,9 المغرب
73,2 - 24,8 اليمن
المصدر:تقرير مناخ اإلستثمار في الدول العربية ,2002مرجع سابق ,ص.70
لقد أصبح اإلستثمار األجنبي المباشر من العوامل األساسية لبعث التنمية اإلقتصادية في الدول
العربية ,بسبب قلة الموارد المالية ومحدودية الوسائل التكنولوجية ,إال أن االستثمار األجنبي الوارد إلى
الدول العربية يبقى ضئيال بسبب وجود عدة معوقات أهمها:
-1تتطلب االستثمارات األجنبية توافر بنية تحتية فعالة وهياكل قاعدية وهذا ما تفتقر إليه الدول العربية،
فضعف هذه الهياكل يعتبر عائقا أساسيا في إنخفاض حجم اإلستثمارات اإلجنبية في هذه الدول ,وتشير
التقارير أن منطقة الشرق األوسط تحتاج إلى ما يقارب 500مليار دوالر لالستثمار في البنية التحتية
خالل العقدين األولين من القرن.21
-2غياب االستقرار االقتصادي إلى جانب محدودية السوق المحلية وضعف أسواق رأس المال وتدهور
قيمة العمالت الوطنية ,باإلضافة إلى ضعف وتشوه الجهاز الضريبي هي جميعها عوامل معيقة لجذب
اإلستثمار األجنبي إلى الدول العربية.
-3التعقيدات اإلدارية وعدم التنسيق في مجال الضرائب و الجمارك وتعدد األجهزة المشرفة على
اإلستثمار وضعف كفاءتها لدى هذه اإلدارات أدى إلى إنتشار البيروقراطية ,إضافة إلى غياب المعلومات
وعدم شفافيتها كل هذا يؤدي بالمستثمر األجنبي بعدم المخاطرة لإلستثمار في الدول العربية.
-4من بين العوامل المعيقة لإلستثمار األجنبي في الدول العربية تلك العوامل المرتبطة بالجانب
القانوني ,وتتمثل أساسا في عدم إستقرار التشريعات المرتبطة باالستثمارات إلى جانب القيود المفروضة
على تملك القطاعات وعلى حركة رؤوس األموال وتحويل األرباح.
-5هناك عامل أساسي ساهم في نفور اإلستثمارات عن الدول العربية هو غياب اإلستقرار السياسي
واإلضطربات األمنية في المنطقة ,إضافة إلى غياب الديموقراطية وانتشار األمية وانخفاض القوة
الشرائية نتيجة ضعف المدخيل كلها ظروف كابحة لجذب اإلستثمار األجنبي المباشر.
يترتب على االستثمار األجنبي المباشر في الدول العربية عدة آثار منها ماهو إيجابي ومنها ماهو
سلبي.
هناك عدة مزايا لإلستثمار األجنبي المباشر في الدول العربية من أهمها:
-1يؤدي االستثمار األجنبي المباشر إلى تسارع انتشار التقنيات و التكنولوجية المتطورة للدول العربية,
هذه التكنولوجية التي ال يمكن نقلها إلى عن طريق إنشاء شركات تابعة للشركة الأم في الدول المضيفة
باإلضافة إلى انتشار األصول غير المادية كالمهارات التنظيمية التي تتميز بها هذه الشركات.
-2توفر الشركات األجنبية التابعة الفرصة للشركات العربية لدخول أسواق كانت مغلقة أمامها ,كما
يمكن أن يحدث زيادة مباشرة في صادرات الشركات المحلية عن طريق إدخال منتجاتها ضمن المنتج
النهائي للشركات األجنبية ,وبالتالي فهي تساهم في زيادة صادرات الدولة المضيفة.
-3إدخال فنون إدارية جديدة و التحفيز على المنافسة في السوق المحلي ,فقد يتعرض المنتج المحلي
لنوع من المنافسة مما يقلل من حجم أرباحه ،األمر الذي يجعله يسعى إلىتحسين نوعية منتجاته وتقليل
تكاليفها حتى ترقى لمستوى المنافسة مع المستثمر األجنبي.
-4تساهم مشاريع اإلستثمار اإلجنبي المباشر في توفير فرص التوظيف المباشر ة (وإ ن كانت قليلة),
حيث أن هذه المشاريع تحتاج إلى عمالة ألداء أعمالها الخاصة ،كما تخلق فرصا وظيفية غير مباشرة من
خالل تنشيط أعمال الموردين المحليين.
-5تدريب العمال المحلين على تشغيل مشروعات الأعمال الجديدة مما يساهم في تنمية رأس المال
البشري في الدول العربية.
-6تساهم األرباح التي حققها اإلستثمار األجنبي المباشر في زيادة إيرادات الدول العربية المضيفة من
خالل الضرائب التي تفرضها على الشركات األجنبية التابعة.
قد ينجم أثار سلبية على اإلستثمار األجنبي الوارد إلى الدول العربية من أهمها:
-1تتصف االستثمارات األجنبية المباشرة بالتقلب بدرجة كبيرة حيث تتميز بسرعة تحركها جريا وراء
األرباح ,فيتنقل إلى األمكان التي تتوفر فيها التسهيالت واإلعفاءات و اليد العاملة الرخيصة ,فهو يدخل
إلى البلد لهذه األسباب وينسحب بمجرد زوالها ،وأفضل مثال على ذلك خروج رأس المال األجنبي من
دول جنوب شرق أسيا بسبب األزمة المالية التي أصابت هذه الدول في منتصف 1991فأدى إلى
إنكماش إقتصادها من 25%إلى ، 80%في حين زاد حجم اإلستثمار األجنبي في مصر إلى نحو
1104مليار دوالر وبنسبة قدرها ،43,3%وكن عندما تبين لهذه اإلستثمارات عدم مالئمة المناخ
االستثماري في مصر غادرت فانخفضت قيمت اإلستثمارات إلى 711مليون دوالر عامي 1997و
1998وبنسبة انخفاض قدرها.35,6%
-2من سلبيات اإلستثمار األجنبي هو أنها تتجه غالبا إلى مجاالت خدماتية مثل الخدمات المالية
والسياحية ,وهذا عكس االتجاه التي اتبعته في فترة السبعينيات حيث تركزت على مجال النفط.
-3إن االستثمارات تعتمد على تكنولوجية مكثفة لرأس المال وبذلك فهي ال توفر فرص عمل كافية
لتشغيل فائض العمل في الدول العربية ,كما أن التركيز على التقنية في اإلنتاج تنتج عنه ظاهرة تسريح
العمال.
مشتاق بازكر " ,االستثمار األجنبي-تجربة الشرق الأوسط"( ,المجلة االقتصادية السعودية ,العدد ,) 1998 ,1ص.137
نفس المرجع ,نفس الصفحة.
ضياء مجيد الموسوي ,مرجع سابق ,ص ص.129-130
هذه الدول هي أندونيسيا ،تايالندا وماليزيا.
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
وخالصة القول أن رأس المال األجنبي ال يهمه تنمية البلد الضيف وتطوير إقتصاده فقد يؤدي
إنسحابه المفاجئ إلى حدوث أزمات مالية وكوارث إقتصادية في الدول العربية الضيفة.
إن رأس المال األجنبي لن ينتقل من بلده األصلي إلى البلد المضيف إال إذا توافر مناخ اإلستثمار
المالئم ,لهذا بادرت الدول العربية من بداية التسعينات بخطوات مهمة لتغيير القواعد واألطر التنظيمية
الداخلية و الخارجية التي تتعلق باإلستثمار األجنبي المباشر ,فعلى المستوى الداخلي قام عدد كبير من
الدول العربية بتنقيح قوانين اإلستثمار وتوحيدها ,باإلضافة إلى تعديل القوانين الخاصة بالتملك األجنبي و
القيود المفروضة على المستثمرين األجانب في تعاملهم مع اإلقتصاد الوطني.
أما اإلصالحات و التعديالت الخاصة بالنظم الخارجية لإلستثمار وتدفق رؤوس األموال فقد أبرمت
الدول العربية حتى جانفي 1999أكثر من 280اتفاقية ثنائية لتشجيع وضمان اإلستثمار ,كما قامت
بعضها بتوقيع إتفاقيات متعددة األطراف خاصة المتعلقة بوكالة ضمان اإلستثمار المتعدد األطراف،
ورغم اإلصالحات اإلقتصادية التي أخدت الدول العربية في إتباعها و التي كانت تهدف إلى تحقيق
اإلستقرار الكلي من خالل إعادة التوازن المالي الداخلي و الخارجي و تحرير األسعار واإلصالحات في
مجال السياسة المالية و النقدية ,إال أن كل هذا لم يؤد إلى زيادة حجم اإلستثمارات بالقدر الذي كانت
ترغب فيه هذه األخيرة ولهذا عليها أن تسعى إلى إتباع سياسات أكثر نجاعة لجذب اإلستثمار وزيادة
عائداته من خالل التركيز في برنامج اإلصالح اإلستثماري على العوامل األكثر تأثيرا في مناخ
اإلستثمار )تحديد أولويات اإلصالح( ،وذلك من خالل إتباع الدول العربية لمجموعة السياسات منها:
-1توفير هيكل ضريبي لتشجيع تمويل اإلستثمار من خالل اإلعفاء التدريجي للضرائب و الرسوم
الجمركية على األنشطة االقتصادية.
-2جمع التشريعات اإلقتصادية واإلستثمارية في تشريع إقتصادي واحد يبنى على الوضوح و الحد من
اإلجراءات و التعقيدات الروتينية.
-3إلغاء جميع القيود على الصرف والتحويل واإلجراءات البنكية والعمل على استقرار العملة الوطنية
محليا حتى لو أدى ذلك إلى تدخل الدولة للحفاظ على أسعار العملة مرحليا.
-4الترويج باالستثمار من خالل اإلعالم و التعريف يفرص ومجاالت اإلستثمار في الدول العربية
وتوضيح كل الجوانب المتعلقة بالنشاط اإلستثماري التي تساعد في تسهيله وتطويره.
العربي غويني" ,واقع وآفاق اإلستثمار في الدول العربية" ,رسالة ماجيستير ,غير منشورة ),كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ,جامعة
الجزائر ,) 2001 ،ص.56
. فريد النجار " ,اإلستثمار الدولي و التسويق الضريبي") ،مؤسسة شباب الجامعة ,اإلسكندرية ،)2000 ,ص.59
الشركة العربية لمصائد األسماك ,مرجع سابق ,ص ص .197-198
مشتاق بازكر ,مرجع سابق ,ص. 142
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
-5توجه وكاالت اإلستثمار المحلية لجدب إستثمارات نوعية في مجاالت مميزة مثل أنشطة البحوث و
التطوير وذلك بتقديم التسهيالت الالزمة.
وما ستخلصه من هذا المبحث أن الشركات متعددة الجنسية ال تركز نشاطها في المنطقة العربية,
فما تخصصه من استثمارات يبقى ضعيفا مقارنة باستثماراتها في باقي مناطق العالم ،كما أن هذه
المخصصات ترتكز في قطاع الصناعة اإلستخراجية وقطاع الخدمات أو بعض الصناعات المسببة
للثلوت البيئي ,وهذا ما جعل اإلقتصاديات العربية تعاني من معضلة كبيرة تحتاج إلى آلية مناسبة للتعامل
معها ,فهي بحاجة ماسة إلى المزيد من اإلستثمارات األجنبية المباشرة وخاصة فيما يتعلق بنقل
التكنولوجية وفي نفس الوقت عليها أن تجذب اإلستثمارات في قطاع الصناعات التحويلية لكي تزداد
درجة تنافسية المنتجات العربية في األسواق العالمية.
أصبح قيام تكتل اقتصادي عربي أمرا مهما تفرضه التحوالت االقتصادية العالمية لمواجهة
التحديات التي أفرزتها العولمة ,فالدول العربية تملك من المقومات ما يمكنها من إنجاح هذا التكتل خاصة
إذا ما إستطاعت تجاوز العراقيل التي تعترضه واالستفادة من تجاربها السابقة التي لم تجد طريقها إلى
التطبيق.
تعتبر الدول العربية أكثر الدول حاجة إلى إقامة تكتل اقتصادي فيما بينها ,فباإلضافة إلى التحوالت
االقتصادية التي يشهدها العالم التي لم تترك مجاال الندماج الدول لضعيفة في االقتصاد العالمي كالدول
العربية ,هناك مجموعة من المبررات األخرى التي تستوجب إقامة تكتل اقتصادي عربي وهي:
-1حاجة كافة االقتصاديات العربية لتوسيع أسواقها مع تعاظم إنتاجها ,والشك أن االتجاه
الطبيعي لذلك هو سوق عربية مشتركة.
-2تزايد معدالت البطالة في كافة الدول العربيـة بسبب ضعف معـدالت نمو االستثمـار
واالدخار والتي ال يمكن مواجهتها إال من خالل المشاريع العربية المشتركة.
-3حاجة هذه الدول الستثمار رؤوس األموال العربية في مشروعات إنتاجية جديدة صناعية وخدمية
تستخدم تكنولوجية متقدمة وتوجه إلى التصدير ,وهو ما يمكن أن يحققه التكتل
االقتصادي العربي.
-4تنوع الهياكل اإلنتاجية والتركيب السـلعي للصادرات العربيـة وتقدم مسيرة اإلصالحات
االقتصادية في هذه الدول مما جعلها أكثر تأقلما مع االقتصاد العالمي.
- 5االستعداد لمواجهة مشاريع التعاون االقتصادية غير العربية المطروحة على الساحة الدولية.
-6تحديد مواقف موحدة ومنسقة للدول العربية من خالل تكتلها االقتصادي و التي يمكن اعتمادها داخل
المنظمة العالمية للتجارة ضمن التجمعات األخرى ,وبالتالي تعظيم فوائد االنضمام إليها والحد من
مخاطرها.
اإلتحاد البرلماني العربي ,تقرير اللجنة الخاصة لمتابعة خطوات السوق العربية المشتركة ,1999 ,ص .54
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
الدواء ناجعا يكمن بالدرجة األولى في التعرف على تاريخ هذا الداء.
ونظرا للجمود الذي أصاب تنفيذ هذه االتفاقية أوصت اللجنة السياسية للجامعة العربية في عام
1956بتأليف لجنة خاصة من الخبراء العرب تتولى إعداد مشروع كامل للوحدة االقتصادية العربية ،فتم
وضع اتفاقية الوحدة االقتصادية ليوافق عليها المجلس بتاريخ ،1957/01/03ونصت على ضرورة
الدول التي أقرت ميثاق الجامعة العربية هي :سوريا ,العراق ,لبنان ,مصر ,السعودية و اليمن.
1عبد الوهاب حميد رشيد" ,التنمية العربية و مدخل المشروعات العربية المشتركة" ) ،المؤسسة العربية للدراسات و النشر ،بيروت،1982( ،
ص .197
2تقرير اللجنة الخاصة لمتابعة خطوات السوق العربية المشتركة ,مرجع سابق ,ص.7
وقعت على االتفاقية في البداية ثالث دول هي لبنان ،األردن و مصر و في عام 1954صادقت عليها ثالث دول أخرى هي السعودية ،سوريا و
العراق ،ثم انضمت إليها الكويت في .1963
عبد الحميد براهيمي ,مرجع سابق ،ص .126
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
العمل على تحرير انتقال عناصر اإلنتاج بين الدول العربية باإلضافة تحرير تبادل البضائع و المنتجات
الوطنية و هذا من خالل مجموعة من الوسائل كتوحيد التعريفة الجمركية و أنظمة التجارة الخارجية و
تنسيق السياسات المتعلقة بالقطاعات اإلنتاجية ،ولم تصبح االتفاقية سارية المفعول إال في 1964/04/30
بعد اكتمال النصاب القانوني لنفاذها ،ولقد بلغ عدد الدول المنضمة 11دولة عربية ,وبمقتضى هذه
األخيرة تم إنشاء مجلس الوحدة االقتصادية العربية الذي أصدر بدوره القرار رقم 17عام1964القاضي
بإنشاء السوق العربية المشتركة ،وصادق عليها كل من مصر ,سوريا ,العراق واألردن ,ولقد فشل قرار
إنشاء السوق لوجود العديد من المعوقات التي حالة دون قيامها ومن أهمها عدم إدراك الدول العربية أن
مبدأ الوحدة الشاملة كان يتطلب وجود قاعدة إنتاجية قوية قادرة على التصدير وتتسم بالمرونة لتوسيع
التبادل التجاري.
و بعد النتائج المتواضعة التي أسفرت عليها جهود التكامل االقتصادي و غياب التصور المستقبلي للجهود
العربية التنموية لا سيما بعد أن توفر للعرب فرصا اقتصادية وسياسية جديدة بعد حرب أكتوبر،1973
حيث كان البد من مراجعة وتقويم أوجه النقص و الخلل في العمل االقتصادي المشترك ،وفي
1981/02/27تم إبرام اتفاقية"تيسير و تنمية التبادل التجاري بين الدول العربية" لتترجم المبادئ
األساسية التي تضمنتها وثيقتا إستراتيجية العمل االقتصادي العربي المشترك وميثاق العمل االقتصادي
اللتان أقرتهما قمة عمان الحادي عشرة في نوفمبر .1980
وكانت االتفاقية تهدف إلى تحرير التبادل التجاري بين الدول العربية من القيود المختلفة التي تفرض
عليها والتوزيع العادل للمنافع والتكاليف بين األطراف المتعاقدة ،كماحظيت هذه الأخيرة باهتمام خاص
فعقد أول مؤتمر موسع للتجارة العربية بالرياض عام 1987لمناقشة سبل ووسائل تنفيذها.
ورغم هذه الجهود إال أن هذه االتفاقية ظلت حبرا على ورق ألن العوائق التي حــالت دون تطبيق
االتفاقيات التي سبقتها كانت وال تزال قائمة.
هذه الدول هي الكويت ,مصر ,العراق ,سوريا ,األردن ,اليمن ,السودان ,اإلمارات ,الصومال ,ليبيا و فلسطين
محمود الحمصي ,مرجع سابق ,ص. 36
عبد الهادي يموت " ،التعاون االقتصادي العربي وأهمية التكامل االقتصادي في سبيل التنمية( ْ,الطبعة الثالثة ,،معهد اإلنماء العربي,بيروت,
,،)1983ص. 87
عبد المطلب عبد الرحيم ,مرجع سابق ،ص. 236
سليمان المنذري" ,مقارنة إنجازات التكامل االقتصادي العربي باألهداف المتواخاة" ,في كتاب آليات التكامل االقتصادي العربي( ,معهد البحوث
والدراسات العربية ,بيروت, ،)1993 ,ص.114
عبد المطلب عبد الرحيم ،مرجع سابق ,ص. 239
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
المبرمة ال تعبر إال عن مجرد طموحات عربية في التكامل االقتصادي لم تستطع الدول العربية ترجمتها
إلى واقع عملي بسب مجموعة من المعوقات السياسية واالقتصادية نذكر منها:
1-غياب اإلرادة السياسية:
لقد كان الختالف االتجاهات السياسية العربية دورا كبيرا في تعطيل عملية التكامل االقتصادي
العربي حيث يرتبط هذا العامل بهدف أساسي هو أن عملية التكامل العربي تعد بمثابة عملية سياسية
لكونها تتم بين دول ذات سيادة مما يفرض ضرورة تالقي اإليرادات السياسية عند مصلحة مشتركة حتى
يتم إنجاح هذا التكامل ،وهذا ما تجسد من خالل المظاهر التالية:
أ -عدم إعطاء الجامعة العربية أي سلطات فوق سلطة الدول القطرية ,ومن تم لم تملك الحق
في اتخاذ قرارات لها صفة اإللزام القانوني في مواجهة الدول األعضاء.
ب -اختالف األنظمة السياسية وأشكال نظم الحكم في الدول األعضاء مما يترتب عليه تباين
في األولويات االجتماعية واالختالف حول هدف الوحدة االقتصادية وسبلها.
ج -عدم وجود اآلليات الضرورية لترشيد القرارات السياسية المرتبطة بالعمل االقتصادي العربي فمعظم
مؤسسات التنسيق العربية ال تملك حق إصدار القرارات وإ نما مجرد توصيات ,ولقد عمدت لجنة تعديل
ميثاق الجامعة إلى دراسة أكثر من 4000قرار صدر عن مجلسها منذ 1945إلى 1981فوجدت أن
أكثر من 80%منها اتخذت باإلجماع ومع ذلك فإن هذه القرارات لم ينفذ معظمها وخلصت الدراسة إلى
أن سبب ذلك هو غياب اإلرادة السياسية
واالختيار الحر.
أ -التكامل االقتصادي يعني الذوبان في اإلطار العربي واختفاء الدولة العربية القطرية ,فبعض الدول
العربية كانت ترى أن انطالق هذا التكامل يرتبط بإجراء تحوالت دستورية ومؤسساتية على المستوى
العربي تؤثر على السيادة القطرية.
ب -اعتقاد معظم الدول العربية -خاصة ذات االقتصاديات القوية -أن التكامل االقتصادي هو فقدان
الثروة أو عدم السيطرة عليها ,غير أن التكامل في النهاية يؤدي إلى إعادة توزيع الثروات الوطنية.
ج -االعتقــاد بــأن التكتــل االقتصــادي العــري بمــا يتضــمنه من إزالــة للحــواجز التجاريــة يعــني فقــدان مصــدر
هــام من مصــادر الــدخل ،ويغفـل هــذا االعتقـاد اآلثــار البعيــدة المــدى الــتي يتيحهــا هــذا التكتــل من خالل زيــادة
فرص التصدير و االستفادة من السوق االستهالكي العربي.
3-التفاوت في الموارد االقتصادية:
تتفاوت الدول العربيـة في مواردها الطبيعيـة و البشرية والتي تتوزع بشكل متباين بين دولة وأحرى
مما أدى إلى انقسام المنطقة العربية إلى منطقة نفطية وأحرى زراعية وثالثة تفتقر إلى المواد األولية,
وهذا ما أدى إلى ارتباط االقتصاد العربي بالعالم الخارجي وإ يجاد كل دولة عربية مسارا محايدا في
عالقاتها مع العالم.
4-تماثل الهياكل اإلنتاجية وتنافسها:
لعبت طبيعة الهياكل االقتصادية العربية دورا مؤثرا في إعاقةة التكتل االقتصادي العربي من خالل
إعاقة تنمية التجارة العربية البينية ,فقد أدى افتقاد هذه الهياكل إلى التنوع فيما بينها سواء من حيث أدوات
الإنتاج أو طبيعته إلى اشتداد التنافس بين االقتصاديات العربية على عدد محدود من األسواق.
المطلب الثاني:منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى بين إمكانيات نجاحها ومعوقاتها.
فرضت التحوالت االقتصادية العالمية نفسها على نظام التجارة العالمية ,مما أحدث تغييرا في
قواعد عمل النظام التجاري الدولي ,وأصبحت قواعد المنافسة في التجارة هي التي تحكم األسواق
العالمية ،وهذا ما جعل مختلف الدول تعتمد على قدرة سلعها على المنافسة في هذه األسواق ،وبما أن
تعزيز التبادل التجاري أصبح من األولويات األساسية لمختلف الدول سعت معظمها إلى خلق مناطق
تجارة حرة بينها ,هذه األخيرة التي أصبحت من أهم مشاهد االقتصاد العالمي في العقدين األخيرين وهذا
ما أدركته الدول العربية فقررت إنشاء منطقة تجارة حرة حتى تواكب التطورات الهامة على الساحة
االقتصادية العالمية.
األردن ,اإلمارات ,السعودية ,سوريا ,مصر ,المغرب واألمانة العامة لجامعة الدول العربية إلجراء
االتصاالت الالزمة والتنسيق بين الدول المعنية للوصول إلى برنامج تنفيذي وجدول زمني الستكمال
إنشاء المنطقة ،باإلضافة إلى دعوة الدول العربية غير المنضمة إلى اتفاقية " تيسير وتنمية التبادل
التجاري بين الدول العربية " باإلسراع إلى استكمال إجراءات االنضمام.
وبتاريخ 1997/02/17أصدر المجلس االقتصادي واالجتماعي في دورته التاسعة والخمسين
قراره رقم 1317بالموافقة على البرنامج التنفيذي التفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بهدف الوصول
إلى منطقة تجارة حرة عربية.
وحرص المجلس عند تكليف اللجنة بإعداد مشروع المنطقة أن يكون قائما على اآلتي:
-أن يتم إقامة منطقة التجارة الحرة العربية من خالل تفعيل اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري فيما
بين الدول العربية خاصة أن االتفاقية تتيح ذلك.
-أن تتماشى هذه المنطقة مع أوضاع واحتياجات الدول العربية.
-أن يشمل البرنامج التنفيذي على خطة عمل وجدول زمني محدد.
-أن تتماشى المنطقة مع أحكام المنظمة العالمية للتجارة وقواعد اتفاقية الجات.
الفرع الثاني:اإلطار العام للبرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.
لقد اعتمد البرنامج التنفيذي على األحكام الواردة في اتفاقية الجات فيما يتعلق بتحديد قواعد المنشأ
والمواصفات والمقاييس واشتراطات الوقاية الصحية واألمنية والرسوم والضرائب ذات األثر المتماثل,
كما اعتمد على األسس الفنية المتبعة في منظمة التجارة العالمية فيما يتعلق بإجراءات الوقاية والإغراق
ومعالجة حالة الدعم وخلل ميزان المدفوعات ,إضافة إلى تثبيت الرسوم والضرائب الجمركية بتاريخ
محدد ألغراض تطبيق البرنامج.
و يتمثل اإلطار العام للبرنامج التنفيذي في النقاط التالية:
أ -يتولى المجلس االقتصادي واالجتماعي مهمة ومسؤولية اإلشراف على تطبيق البرنامج.
ب -تلتزم الدول األعضاء في اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية باستكمال منطقة
التجارة الحرة العربية خـالل مـدة عشر سنـوات ابتداء من 1998/01/01إلى غـاية ،2007/12/31كما
يمكن للدول األطراف االتفاق على التحرير الفوري ألية سلعة قبل نهاية فترة التنفيذ أو اإلسراع بتطبيق
اإلعفاءات وتجاوز الجدول الزمني المحدد في البرنامج.
عبد الرحمن السحياني" ,تحرير التبادل التجاري ومنطقة النجارة الحرة العربية") ,في مجلة أوراق اقتصادية ،)1997 ,ص 270
األمانة العامة لجامعة الدول العربية ,التقرير االقتصادي العربي الموحد ,1997ص.133
اعبد الوهاب الرميدي ,مرجع سابق ,ص .126
عبد الرحمن السيحاني ,مرجع سابق ,ص ص .95-96
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
ج -يتم تحرير كافة السلع المتبادلة بين الدول األعضاء من الرسوم وفقا لمبدأ التحرير التدريجي ,والتي
تم إنشاؤها على أساس الضرائب والرسوم المطبقة في كل دولة بتاريخ ,1998/01/01كما ال يتم
إخضاع السلع العربية التي يتم تبادلها في إطار البرنامج إلى أية قيود غير جمركية.
د -تعامل السلع العربية موضع التبادل في إطار البرنامج معاملة السلع الوطنية في الدول األعضاء فيما
يتعلق بقواعد المنشأ والمواصفات والمقاييس.
هـ -يتضمن البرنامج معاملة تفضيلية للدول العربية األقل نموا -طبقا لتصنيف األمم المتحدة -على أن
تتقدم الدول المعنية للمجلس االقتصادي واالجتماعي بطلب يوضح طبيعة المعاملة التفضيلية والفترة
الزمنية المحددة لذلك.
و -يقوم المجلس االقتصادي واالجتماعي بمراجعة نصف سنوية للوقوف على مدى تقدم تطبيق البرنامج
واتخاذ القرارات المناسبة لمراجعة أية عقبات ،مع تشكيل لجنة لفض المنازعات حول القضايا المرتبطة
بتطبيق البرنامج.
وتتعهد جميع الدول العربية األطراف من جهتها بموافاة المجلس االقتصادي واالجتماعي بجميع
المعلومات والبيانات واإلجراءات واللوائح الخاصة بالتبادل التجاري بما يكفل أكبر قدر من سالمة تنفيذ
االتفاقية والبرنامج التنفيذي.
ولقد شكل المجلس االقتصادي واالجتماعي لهذا الغرض مجموعة من األجهزة واللجان التنفيذية
للسهر على تنفيذ البرنامج (الشكل رقم .)03
الفرع الثالث :موقف الدول العربية من تنفيذ برنامج منطقة التجارة الحرة العربية.
صادقت 18دولة عربية على االتفاقية ودخلت المنطقة حيز التنفيذ في 1998/01/01وذلك
للوصول بعد عشر سنوات إلى إلغاء الرسوم الجمركية والضرائب المفروضة على السلع محل التبادل
بين الدول األعضاء ,ومن بين هذه الدول تطبق 14دولة عربية حاليا التخفيضات الجمركية طبقا
للبرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وهي :األردن ,اإلمارات ,مصر ,البحرين,
تونس ,السعودية ,سورية ,العراق ,عمان ,الكويت ,قطر ,ليبيا ,لبنان والمغرب ،وهذا بعد إيداعها لهيكل
تعريفتها الجمركية حتى ،1997/12/31وكذا إيداعها لدى األمانة العامة للجامعة العربية موافقة مجلس
لوزراء على البرنامج التنفيذي والتوجيهات الصادرة من الجهات المختصة لديها بتطبيق التخفيض
التدريجي وبنسبة 10 %سنويا على السلع العربية ،مع العلم أن حجم التجارة الخارجية لهذه الدول تبلغ
90 %من حجم التجارة الخارجية للدول العربية و 95 %من حجم التجارة العربية البينية.
وبما أن البرنامج أتاح للدول األعضاء في المنطقة استنادا إلى المادة 15من اتفاقية تيسير وتنمية
التبادل التجاري بين الدول العربية التقدم بطلبات استثناء لبعض السلع إما من تطبيق التخفيض التدريجي
للرسوم الجمركية ذات األثر المماثل عليها أو بفرض بعض القيود غير الجمركية ,وذلك في حالة التهديد
بوقوع ضرر اقتصادي عليها نتيجة تحريرها ,شريطة أن يكون هذا الطلب مبررا وتقبله بقية الدول
األعضاء في المنطقة.
وبهذا الصدد حصلت ست دول عربية على استثناءات لعدد من السلع التي تنتجها من التخفيض
التدريجي السنوي عند استيرادها من دول عربية أعضاء بالمنطقة ,وقد حلت هذه االستثناءات محل
اإلعفاءات التي كانت تطبقها هذه الدول بشكل فردي أو في إطار ثنائي قبل انضمامها لمنطقة التجارة
الحرة ,وبلغ عدد السلع المستثناة حوالي 2087سلعة ،وسجلت المملكة المغربية أعلى نسبة
لالستثناءات بلغت 6,4%و تليها مصر بنسبة , 4,6%بينما لم تتعدى في األردن 2,26%من مجموع
السلع المتبادلة ,أما القيمة التصديرية لهذه السلع فلم تتجاوز نسبة 6%من قيمة الصادرات للدول العربية,
وهذا أقل مما سمح به البرنامج التنفيذي ,الذي أتاح حق الطلب لالستثناءات بنسبة ال تتجاوز 15%من
قيمة صادرات الدول العربية إلى الدول العربية األعضاء في منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.
الفرع الرابع :العوائق و المشاكل التي تواجه منطقة التجارة الحرة العربية.
بالرغم من طموح البرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية إال أن هذه الأخيرة تعرف
مجموعة من النقائص و السلبيات التي حالت دون تطبيق هذا البرنامج كما كان مخططا له ومن بين هذه
النقائص:
1-لم يتضمن البرنامج أي خطة لتطوير المنطقة إلى مراحل أعلى من التكامل االقتصادي أي إلى إتحاد
جمركي تم إلى إتحاد السوق المشتركة.
2-عدم وجود قواعد منشأ عربية تفضيلية تحدد ما هي السلع التي تكتسب صفة منشأة الدولة ,وهو ما قد
يؤدي إلى وجود تالعب عن طريق وضع عالمات صنع محلية مزورة على السلع المستوردة من الخارج
وإ عادة تصديرها لبلد عضو في المنطقة الأمر الذي يضر بالصناعة الوطنية لهذه الدولة.
3-قد تحدت في سياق عملية تحرير التجارة آثار سلبية على بعض قطاعات اإلنتاج و المشروعات
المنتجة تهدد باضطراب السوق نتيجة المنافسة في سوق مفتوحة بين المنتجات المحلية ومثيلتها
المستوردة من أطراف أخرى ,وتزداد هذه اآلثار حدة في حالة دول األعضاء األقل نموا ,كما أن هناك
آثار إضافية تترتب على توحيد التعريفة الجمركية و التي قد تعاني منه الدول األعضاء التي تعتمد على
مواردها المالية اعتمادا كبيرا على حصيلة الرسوم الجمركية.
4-عدم وجود مؤسسات تتحكم في صنع وإ تحاد القرارات االقتصادية بما يضمن استمرارية السياسة
االقتصادية تجاه الدول األعضاء في منطقة التجارة الحرة العربية.
-5عدم تماشي أحكام بعض اتفاقيات إقامة مناطق تجارة حرة ثنائية مع أحكام منطقة التجارة الحرة
العربية الكبرى ,علما بأن هذه االتفاقية تمثل الحد األدنى من التعامل التفضيلي بين الدول العربية وال
يجوز أن يقل مستوى التعامل الثنائي أو المتعدد األطراف للدول العربية خارج االتفاقية عما تقدم من
تعامل تفضيلي في إطارها.
-6تعتبر الرزنامة الزراعية إحدى العقبات الهامة التي تواجه منطقة التجارة الحرة العربية بتقديم بيان
السلع الزراعية التي ترغب الدول العربية في استثنائها من تخفيض الرسوم الجمركية خالل فترة اإلنتاج,
وبما أن طبيعة اإلنتاج الزراعي العربي ونوعية المحاصيل الزراعية متشابهة خالل فترات العام ومواسم
اإلنتاج في كل الدول العربية مما حدا ببعضها إلى تحديد مواسم إنتاجها على مواسم إنتاج وتصدير دول
أخرى كأسلوب حمائي.
-7عدم وضع قواعد تجارية خاصة لمعاملة الدول األقل نموا وحسب تصنيف األمم المتحدة هي سبعة
دول :السودان ,جيبوتي ,الصومال ,اليمن ,موريتانيا ,جزر القمر ,إضافة إلى فلسطين.
-8اتساع نطاق التداخل في االختصاصات بين المجلس االقتصادي واالجتماعي ومجلس الوحدة
االقتصادية مما جعل الدول العربية تفضل االتفاقيات الثنائية.
المجلس االقتصادي واالجتماعي
ورغم هذه السلبيات والنقائص إال أن منطقة التجارة الحرة العربية تتمتع بأهمية كبيرة فمن الواضح
أن توجهات وأهداف المنطقة تتميز برؤية استراتيجية جيدة ،و يبقى أن المشكلة ال تكمن في األهداف
اللجنة الوزارية السباعية
المعلنة في االتفاقية وإ نما في البرنامج التنفيذي الذي ينحصر تقريبا التخفيض التدريجي للرسوم الجمركية
والتنفيذأهميتة ال يمكن أن يحقق األفق
المتابعة على
هام ولكن وصوال إلى إلغائها تماما خالل عشر سنوات ,وهو هدف
لجنة
االستراتيجي الوارد في أهداف االتفاقية.
أتاح البرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية مبدأ االستثناء لبعض السلع الزراعية وعدم تطبيق التخفيض التدريجي للرسوم الجمركية
ذات األثر المماثل خالل فترات زمنية محددة وهو ما اتفق على تسميته بالرزنامة الزراعية.
بشار عباس " ,نهوض التعاون االقتصادي العربي اآلفاق التكنولوجية والبنيوية" ( ,في مجلة معلومات دولية ,العدد ,)2000 ,64ص .14
إذا كانت الوحدة االقتصادية العربية أو إنشاء سوق عربية مشتركة على الصعيد القومي مسألة
صعبة التحقيق وغير عملية في الظروف الراهنة للدول العربية ,فإن األمر يختلف بالنسبة للتكتل
االقتصادي بين مجموعات من الدول العربية ,والذي يمكن أن يعتبر المدخل الصحيح لتحقيق التكامل
االقتصادي العربي.
الفرع األول :أهمية التجمعات العربية اإلقليمية ودورها في التكامل االقتصادي العربي.
تعتبر ظاهرة التجمعات اإلقليمية العربية ظاهرة حديثة في األوساط العربية ,ويرى الكثير من
الباحثين العرب أن هذه الخطوة مهمة على طريق العمل الوحدوي وتعزيز العمل العربي المشترك وذلك
لالعتبارات التالية:
-1إن قيام هذه التجمعات تعتبر استجابة للظروف الدولية التي تتجه نحو إقامة التكتالت االقتصادية
الكبرى ,حيث يفرض هذا االتجاه العالمي على الدول العربية تحديات جديدة يمكن يترتب عليها المزيد
من تبعية االقتصاديات العربية إذا ما استمرت بممارستها القطرية ,ومن هنا فإن إنشاء مثل هذه التجمعات
يمكن أن يمثل استجابة للتعامل مع هذه التحديات.
عبد الفتاح الرشوان " ,العمل العربي المشترك وسبل تدعيمه" ( ,أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية ,مركز الدراسات والبحوث ,الرياض,
,)1999ص ص .69-70
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
-2إن قيام مثل هذه التجمعات ال يتعارض مع مبادئ الجامعة العربية فالمادة التاسعة من ميثاقها
يسمح للدول العربية أن تتعامل بشكل أوثق وأقوى ليستجيب مع تطلعات وطموحات التكامل االقتصادي
العربي.
-3إن هذه التجمعات تمثل نوعا من استجابة النظم العربية لتجاوز مشكالت وأزمات الدول القطرية,
كما تمثل استجابة للحالة القومية في الوطن العربي التي لم تستطيع خلق وحدة عربية شاملة ومن قاعدة "
أن ما ال يدرك كله ال يترك جله".
-4إن الخطاب السياسي لقادة الدول األعضاء في هذه التجمعات يؤكد على ضرورة التعاون
والتنسيق بين هذه التجمعات ,وبالتالي فهي ليست تكتالت تقوم على أساس التنافس والصراع بل تهدف
في النهاية إلى إعادة بناء النظام العربي.
ولكن من المالحظ في هذه التجمعات أنها ال تعمل على إتباع سياسة تكاملية على أسس وظيفية على
غرار الجماعة األوروبية مثال ,فلم يتم اختيار قطاع محدد من قطاعات النشاط االقتصادي الستخدامه
كقاعدة للعمل المشترك في اتجاه التكامل ,كما أن هياكل التجمعات ال تتوفر على أي بناء مؤسسي جديد
مختلف على اإلنشاء المؤسسي لجامعة الدول العربية.
ومن أهم التجمعات اإلقليمية العربية مجلس التعاون لدول الخليج العربي واتحاد المغرب العربي.
ب -تسيطر حكومات دول الخليج على الثروات النفطية ,وبالتالي يعتبر اإلنفاق العام هو المحرك
األساسي لكافة النشاطات االقتصادية لهذه الدول.
ج -تخلف مستوى نمو القوى اإلنتاجية في معظم دول الخليج ,حيث تتميز بأنها دول في مرحلة
تكوين الهياكل األساسية القتصادياتها ,وتعاني من ضعف وتخلف في قطاعات اإلنتاج السلعي ,والسيما
قطاع الزراعة والصناعة التحويلية.
د -االعتماد الكبير لدول المنطقة على استقدام اليد العاملة من الخارج.
هـ -باإلضافة إلى ما سبق هناك تقارب وتشابه في القوانين على مبدأ حرية التجارة واالقتصاد الحر
بصفة عامة.
و -اعتماد دول الخليج شبه الكامل في سد معظم حاجياتها من السلع االستهالكية والوسيطية
واالستثمارية على االستيراد من الخارج.
ويعتبر هذا التجانس والتقارب في البنية االقتصادية واالجتماعية وفي صيغة النظام االقتصادي
والسياسي لدول الخليج العربي ميزة نسبية مكنتها من إنشاء وخلق هذا التعاون المشترك بينها.
أ -تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول األعضاء في جميع الميادين وصوال إلى وحدتها.
ب -تعميق وتوثيق الصالت والروابط وأوجه التعاون بين شعوب الدول األعضاء في مختلف المجاالت.
ج -إزال ــة الح ــواجز الجمركي ــة بين ال ــدول األعض ــاء وتحري ــر التج ــارة بينه ــا وس ــعي إلى توحي ــد التعريف ــة
الجمركية وصوال إلى اقتصاد موحد قادر على مواجهة متطلبات العصر وتحقيق المكاسب االقتصادية.
-3مستقبل مجلس التعاون الخليجي:
لقــد ازدادت وتــيرة االهتمــام الخليجي باإلســراع بمشــاريع التكامــل االقتصــادي الخليجي ،وذلــك مــع
اقــتراب انتهــاء فــترة الســماح لتطــبيق اتفاقيــة الجــات و دخــول المنظمــة العالميــة للتجــارة إللغــاء القيــود على
حريــة التجــارة و انســياب البضــائع و حركــة رؤوس األمــوال ،وهــو مــا يفــرض على دول المجلس الخليجي
اإلسراع بخطى تهيئة الذات و إعداد البيئة الداخلية و الخارجيـة للتفاعـل مـع هـذه التــحديات ،وهـذا مـا أكدتـه
ق ــرارات القمم األخ ــيرة للمجلس ،حيث تم االتف ــاق على إقام ــة اتح ــاد جم ــركي خليجي بحل ــول ع ــام 2005و
االنتهاء من عملية التصنيف الكامل للسلع و تعديل الرسوم الجمركية عليها.
وكــان هــذا التعــديل بإلحــاح مطالبــة االتحــاد األوروبي من دول المجلس باإلســراع واعتمــاد تعريفــة
جمركية موحدة حتى تتسنى لها التعامل معها كتجمع إقليمي موحد أو منطقة جمركية موحدة.
نزار حميد " ,مجلس التعاون اإلقليمي العرب مجلس التعاون الخليجي نموذجا" ( ,في مجلة معلومات دولية ,العدد )2000 ,64ص.97
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
وحتى تتمكن دول المجلس من تحقيق أهدافها وفقا لألسس المحددة لها عملت على تطبيق السياسات
التالية:
أ -تعزي ــز دور األمان ــة العام ــة للمجلس في المحاف ــل الدولي ــة ,والنظ ــر في كيفي ــة تمثي ــل دول المجلس في
المنضمات و هيئات اإلقليمية و الدولية كمجموعة واحدة.
ب -تنسيق سياسة التصدير واإلستراد.
ج -التوسع في الصناعات التصديرية ذات الميزة التنافسية لدول المجلس و المحافظة على حصــة متزايــدة
لها في األسواق الدولية.
د -تعميق أواصر التعاون مع الدول والمنضمات العربية واإلسالمية باعتبارها العمود اإلستراتيجي لــدول
المجلس لمواجهة التكتالت االقتصادية.
هـ -تطوير األنظمة و القوانين المتعلقة بالتجارة و االستثمار ومراجعتها من فترة إلى أخرى ,وتسهيل
اإلجراءات الداخلية بما يهيئ البيئة المنافسة لمواكبة التطورات االقتصادية العالمية ,وتشجيع الدول و
التجمعات األخرى على الدخول في مفاوضات مع دول المجلس.
ورغم طموحات مجلس التعاون الخليجي إال أنه يبقى يواجه مجموعة من التحديات كافتقارها
للموارد الطبيعية و البشرية واعتمادها على النفط في دخلها القومي وهذا ما يعمق تبعيتها للدول المتقدمة
في ظل تحديات العولمة ومظاهرها.
سميرة عبد الفتاح " ،مشروع االستراتيجية طويل المدى للعالقات و المفاوضات الخليجية مع الدول و التكتالت االقتصادية و المنظمات الدولية"،
)في مجلة آفاق اقتصادية ،العدد ، )2001 ،86ص ص .206-207
عبد الوهاب الرميدي ,مرجع سابق ,ص113
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
لمصلحة األطراف المعنية ,فأهمية هذا التكامل المغاربي تتزايد مع تزايد الأسباب الداعية إلى إقامة
التكتالت الاقتصادية.
يهدف إتحاد المغرب العربي وفي نطاق احترام السيادة القومية للدول األعضاء إلى تقوية النظام
االقتصادي واالجتماعي لدولها و النهوض بتطوير تنمية منسجمة لكل المجموعة بفضل نهضة مستمرة
ومتوازنة القتصادها ,كما تهدف السياسة االقتصادية المغاربية إلى إقامة سوق مشتركة بين الدول
األعضاء يكون هدفها إزالة العقبات أمام حرية تنقل األشخاص والأمالك ورؤوس الأموال على أن يكون
إنشاء منطقة تجارة حرة كخطوة أولية لهذه السوق بإتباع الخطوات التالية:
أ -اإلزالة التدريجية للقيود التعريفية عند التصدير واالستيراد للمنتجات األصلية من الدول األعضاء.
ب-إزالة كل تمييز أو إقامة قواعد جديدة معادلة بسبب الجنسية أو تمس بمنتجات الدول الأعضاء.
ج -إنشاء نظام تعويضي للخسائر التي تمس المداخيل الجمركية و وضع قوانين مشتركة تسمح
بالمنافسة العادلة بين المؤسسات.
المؤتمر المغاربي للمؤسسة" ،في سبيل مجموعة اقتصادية مغاربية" ) ،المعهد العربي لرؤساء المؤسسات ،سوسة،)1989 ،
ص ص .123-124
نزار حميد ,مرجع سابق ,ص.97
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
عدم التنسيق بين الدول األعضاء وعدم توحيد التعريفة الجمركية إضافة إلى ضعف وسائل التكامل
بينها ،باإلضافة إلى التبعية االقتصادية للدول الصناعية وعلى رأسها الدول األوروبية ,فقد وجدت دول
اتحاد المغرب العربي نفسها متفتحة فرادى على الدول الصناعية بينما زاد انغالقها على نفسها.
كل هذه األسباب أدت باالتحاد إلى جمود شبه كلي لمدة خمس سنوات وعرفت مؤسساته صعوبات
مالية بسبب قلة االعتمادات وعدم اجتماع الهياكل المشرفة مما أثر سلبا على المهام الموكلة لها ,وفي
مارس 2001عقد مجلس وزراء االتحاد دورته 18لتقييم مسيرة االتحاد التي كانت دون المستوى و
لهذا حرصت الدول األعضاء على إعادة تفعيله و التفكير في آليات أكثر نجاعة إلعطاء نفس جديد وإ عادة
بناء الصرح المغاربي بالتدريج و الوصول إلى عمل موحد في إطار اندماجي ينطلق من أسس موضوعية
تراعي مصلحة الشعوب وروابطها.
وانفق وزراء الخارجية لإلتحاد في أشغال هذه الدورة على تفعيل مؤسسات وهيئات االتحاد
ومواصلة التشاور بين دول المغرب العربي واالتحاد األوروبي من أجل خلق فضاء تعاوني يراعي
المصلحة المشتركة.
والجدير بالذكر أن االتحاداألوروبي وإ طار الشراكة األورومغاربية هو الذي أصر على إحياء
االتحاد المغاربي ألن ذلك سيسمح له من أن يتعامل مع دول المغرب العربي ككتلة واحدة.
ويبقى مشروع إتحاد المغرب العربي جدير ببذل جهود حقيقة من أجل إنجاحه وتفعيله ,لكن هذا لن
يتحقق إال إذا ثم تجاوز المشاكل التي تعترض تفعيله والعمل بنية صادقة وخطوات مبرمجة إلخراجه من
غيبوبته الراهنة.
إن مشروعات التكامل االقتصادي العربي على الصعيد القومي غير ممكنة حاليا ومع الظروف
االقتصادية الراهنة للدول العربية وخصوصا بعد حرب الخليج الأخيرة التي جعلت الدول العربية أكثر
تشتتا ,خاصة أن مشروع منطقة التجارة الحرة يتوقع له أن يتوقف عند مستوى التبادل التجاري دون
تتطور إلى درجات أعلى من التكامل وذلك لغياب اإلرادة السياسية وعدم التجانس بين السياسات
االقتصادية للدول العربية ,ولهذا فإن مشروعات التكامل على الصعيد اإلقليمي هي المدخل األكثر واقعية
للتكامل االقتصادي العربي باعتباره ال يتنافى مع إقامة تكتل اقتصادي عربي شامل فيما بعد.
ا المطلب الرابع :دور المشروعات العربية المشتركة وصناعة النفط والغاز كمداخل
للتكامل االقتصادي العربي ل
ركزت الدول العربية معظم جهودها التكاملية على تفعيل التجارة العربية البينية من خالل تحريرها من
القيود المباشرة وغير المباشرة ,إال أن هذا لم يؤد إلى زيادة حجمها ,وهذا ما يؤكد على أن محاوالت
التكامل بين الدول العربية ال ينبغي أن تهتم بالتجارة قدر اهتمامها بخلق هذه التجارة ,مما يعني ضرورة
التركيز في أثر قيام مشروعات التكامل على التنمية في المستقبل ,وهذا ما يلزم الدول العربية البحث عن
وسائل أكثر نجاعة لبلوغ وتحقيق التكامل ومن أهم هذه الوسائل المشروعات العربية المشتركة وصناعة
النفط والغاز.
الفرع األول:المشروعات االقتصادية العربية المشتركة ودورها في تحقيق التكامل االقتصادي ال
العربي. ع
المشروعات العربية المشتركة هي تلك المشروعات التي يتم توظيفها في دولة أو أكثر من الدول
العربية ,حيث تساهم األطراف المشاركة في إدارتها ورأس مالها بصورة مشتركة وتعود منافعها على
1
كافة األطراف بما يساهم في تحقيق التكامل االقتصادي العربي.
ويرجع تاريخ إنشاء هذا النوع من المشروعات في مطلع الخمسينيات مع بداية إنشاء المجلس االقتصادي
العربي ,فمن خالل انعقاد دورته األولى ثم إجراء العديد من الدراسات حول هذه المشروعات المشتركة
وتمت الموافقة على إنشاء عدد منها باعتبارها أحد صيغ التعاون االقتصادي بين الدول العربية ,كما أولت
اتفاقية الوحدة العربية اهتمامها بصيغة المشروعات المشتركة في إطار عمليات التكامل االقتصادي
العربي فقد نصت الفقرة "ج" من مادتها التاسعة على تنسيق اإلنماء االقتصادي ووضع برامج لتحقيق
مشاريع اإلنماء العربية المشتركة.
ولقد تركز إنشاء هذه المشروعات على بعض القطاعات كقطاع النفط و قطاع النقل وتم إنشاء بعض
الشركات كشركة المالحة البحرية ,وشركة البوتاس العربية ,أما في فترة السبعينات ونتيجة للتطورات
الكبيرة التي حدثت في أسعار النفط تجاوبت الدول العربية ذات الفوائض المالية مع جامعة الدول العربية
في إقامة العديد من المشاريع العربية المشتركة التي امتد توزيعها لمعظم الدول العربية كما تنوعت هذه
المشروعات من حيث األطراف المشاركة فيها مابين ثنائية ومتعددة.
1حسين محمد زين العابدين ",المشروعات االقتصادية العربية المشتركة كمدخل لتحقيق التكامل االقتصادي العربي"(,في مجلة دراسات
إقتصادية ,) 1994,ص.141
سليمان المنذري ,السوق المشتركة في عصر العولمة ,مرجع سابق,ص ص.248-249
حسن محمد زين العابدين ،مرجع سابق ،ص .144
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
أ -مشكلة االزدواج بين المشروعات الوطنية وبعض المشروعات المشتركة ،مما أدى إلى تنافس كبير
فيما بينها وانعدام الحوافز الكافية لضمان نجاح تلك المشروعات وعدم االلتزام بتطبيق الكثير من المزايا
و التسهيالت المنصوص عليها في نظم تأسيس هذه المشروعات.
ب -وجود مشاكل لتسويق اإلنتاج في أسواق الدول العربية وعدم التزامها بالمعاملة التفضيلية لمنتجات
المشروع وعدم وجود مؤسسات ترويجية متخصصة تعمل لترويج هذه المشروعات و التعريف بها.
ج -الصعوبات المتعلقة بالتمويل والحصول على القروض الالزمة ,وعدم تجاوب الدول المساهمة
بالسرعة المطلوبة في الوفاء بالمساهمات المتعاقد عليها.
و يبقى العائق األهم الذي اعترض عمل هذه المشروعات وهو غياب إستراتجية تحكمها ,إذ أنها لم تعمل
في إطار إستراتجية تنموية عربية محددة تصب في إطار هدف التكامل االقتصادي العربي.
د -تمثل المشروعات المشتركة أحد األشكال الهامة التي تسمح بتدفق رؤوس األموال الخاصة و العامة
من الدول العربية النفطية إلى الدول غير النفطية التي تواجه أزمة في تمويل استثماراتها ,كما أنها توفر
حجما من رأس المال للدول العربية األقل نموا لبداية المشروعات ذات الحجم االقتصادي المناسب لها.
مأمون إبراهيم حسن" ،االتفاقية الموحدة الستثمار رؤوس األموال العربية بين الدول العربية"(,في مجلة أوراق اقتصادية ,)1997 ,ص.174
حسن محمد زين العابدين ,مرجع سابق ,ص ص .145-146
عبد العزيز عجيمية "فصول في االقتصاد العربي"( ,الدار الجامعية ,بيروت ,)1988 ,ص .250
محمود عبد الفضيل" الفكر االقتصادي العربي في قضايا التحرر و التنمية و الوحدة") ،مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت ،)1982 ،ص
.172
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
-3طرق زيادة فعالية المشروعات العربية المشتركة و تطوير دورها كمدخل للتكامل
االقتصادي العربي
لم تستطع المشروعات العربية المشتركة التي تم تأسيسها إلى اآلن في تحقيق التكامل االقتصادي
بالمستوى المطلوب لهذا ال بد من العمل على زيادة فعاليتها من خالل اتباع الخطوات التالية:
أ -مرعاة الموقع الجغرافي المناسب الذي يحقق للمشروع المشترك اإلنتاج الأمثل كما ونوعا كتوفر
وسائل النقل الحديثة بالتكلفة المناسبة و البنية األساسية و القوى العاملة المدربة.
ب -إعطاء األولوية للمشروعات المشتركة التي تستخدم مستلزمات اإلنتاج أو الموارد المتاحة محليا في
الدول المشاركة و توجيه منتجاتها لصالح السوق العربية إلشباع حاجاتها األساسية من السلع االستهالكية
و اإلنتاجية.
ج-قياس اآلثار االقتصادية وتقييم أداء المشروعات المشتركة من أجل مواجهة المشاكل والصعوبات التي
تعاني منها و تحد من قدراتها على تحقيق األهداف التكاملية.
د -قيام مؤسسات ترويجية و تسويقية تؤدي خدماتها وفقا للمستوى العالمي لتسويق منتجات المشروعات
العربية المشتركة وهذا بإيجاد اآلليات المالئمة للمتابعة و التقييم.
هـ -زيادة مشاركة القطاع الخاص في المشروعات المشتركة وهذا بإزالة كل العراقيل التي قد تواجهه
كالعمل على تطوير األسواق المالية العربية و التعجيل بإنشاء السوق المالية العربية وطرح أسهم
المشروعات العربية المشتركة فيها و تسهيل تداولها ،مما يؤدي على خلق سوق نشطة للتداول وبالتالي
تشجيع القطاع الخاص للعمل بجدية في رؤوس أموال هذه الشركات.
وعلى الرغم من الدور المهم للمشروعات العربية المشتركة كمدخل للتكامل االقتصادي العربي إال
انه سيبقى مدخل محدود األثر ما لم يتم تكوينه في إطار خطة محددة سلفا لتسهيل التكامل وفقا لتصور
إستراتيجي وعلى أساس تفاوضي بين الدول العربية مما يسمح بتحقيق منافع قطرية وقومية.
الفرع الثاني :أهمية صناعة النفط و الغاز ودورها كمدخل للتكامل االقتصادي العربي.
تحتل الدول العربية مكانة هامة في الصناعة النفطية العالمية بإمكانيتها ومواردها النفطية و الغازية
ومن المتوقع أن تزداد تلك المكانة نظرا لتزايد االعتماد العالمي على بترول دولها ,وبنظرة تحليلية لوزن
الدول العربية على المستوى العالمي في المجال النفطي نجد أن هناك مفارقة واضحة ,ففي حين تمتلك
الدول العربية أكثر من 62%من إجمالي االحتياطي العالمي فإن إنتاجها ال يتعدى نسبة 31,5%من
اإلنتاج العالمي ,وفي المقابل نجد بقية دول العالم التي ال تمتلك سوى 38%من االحتياطي العالمي
وتنتج أكثر من 68,5%من اإلنتاج العالمي.
حسن محمد زين العابدين ،مرجع سابق ،ص ص .148-152
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
وهذا ما ينطبق على إنتاج الغاز الطبيعي حيث تنتج الدول العربية ما نسبته 10%من إجمالي اإلنتاج
العالمي رغم أن احتياطها من هذا األخير بلغ . 21,5%
-2تطوير صناعة النفط والغاز وتعزيز دورها كمدخل للتكامل االقتصادي العربي من خالل منظمة
األوابك.
لقد حظي النفط العربي باهتمام الجامعة العربية التي أنشأت لمتابعة تطوراته إدارة خاصة به ظلت
تعمل حتى قيام منظمة الدول العربية المصدرة للبترول األوابكفي عام 1968وكان هدفها األساسي هو
تعاون أعضائها في مختلف أوجه النشاط االقتصادي في صناعة البترول و تطوير السبل و الوسائل
للمحافظة على مصالح أعضائها المشروعة في هذه الصناعة و توحيد الجهود لتامين وصول البترول إلى
حمد محمد عبد العزيز" ,النفط و الغاز في الوطن العربي على مشارف القرن 21تقويم للواقع ورؤية للمستقبل"(,في مجلة شؤون عربية ,العدد
,)2000 ,102ص ص .185-186
نفس المرجع ,ص ص . 187-188,
الدول األعضاء في األوبك هي :الكويت ,السعودية ,اإلمارات ,قطر ,العراق ,ليبيا ,الجزائر ,وهي أعضاء في منظمة األوبك أيضا باإلضافة إلى
مصر ,سوريا ,البحرين.
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.
أسواق استهالكه بشروط عادلة ومعقولة ،باإلضافة إلى توفير الظروف المالئمة لرأس مال وخبرة
المستثمرين في صناعة البترول في الدول األعضاء.
وفي هذا اإلطار أنشأت األوابك أربع شركات تمارس نشاطها وتباشر أعمالها بصفة مستقلة من
خالل مجلس إدارتها ولقد أصبحت هذه األخيرة جزء مكمل لنشاطات الصناعة البترولية في كافة الدول
العربية وهذا من خالل ما حققته من أرباح ,ولقد ساهم في نجاح هذه الشركات عدة عوامل من أهمها
االستقالل في النشاط والإدارة ،مما أبعدها عن العوامل السياسية التي قد تؤثر في العالقات بين الدول
المساهمة فيها.
كما تعمل منظمة "األوابك" على تحقيق هدف حيوي هو إقامة المشروعات البترولية والبيتروكيماوية
المشتركة ،هذا فضال عن أن هذه المشروعات تخدم عددا من الدول العربية ,فهي تساهم أيضا في التنسيق
االقتصادي العربي الذي يجب أن تسعى إليه كل الدول العربية وتتيح لها إمكانية التنفيذ ،وقد تصبح المنظمة
بداية الطريق إلى سوق عربية مشتركة ،خاصة ما إذا تم التعاون العربي النفطي على أسس سليمة
ومدروسة تنبع من الواقع العربي وسبيل تحقيق المصالح المشتركة.
ويمكن القول أن صناعة النفط والغاز من الممكن أن تلعب دورا رئيسيا في تحقيق التكامل االقتصادي
العربي باعتبارها المحرك األساسي للتنمية الشاملة في الدول العربية وهذا ما يقتضي بذل الكثير من الجهد
وتغليب المصلحة المشتركة على المصلحة الفردية و العمل على إيجاد صيغ مناسبة للتطبيق العملي من
اجل تطوير قطاع النفط و الغاز و إنشاء سوق مشتركة للمنتجات النفطية من خالل التوسع في إنشاء
شبكات النقل و التوزيع لمختلف مصادر الطاقة و الربط بينها في إطار سياسة مرنة تأخذ بعين االعتبار
اإلمكانيات التي تمتلكها الدول العربية.
** هذه الشركات هي الشركة العربية البحرية لبناء وإصالح السفن ,الشركة العربية البحرية لنقل البترول ,الشركة العربية لالستثمارات البترولية,
الشركة العربية للخدمات البترولية.
زيادعربية" ,تقرير عن الصناعات البتروكماوية في األقطار العربية"( ,في مجلة النفط والتعاون العربي ،العدد ،)1997، 67ص .118
الفصل الثالث :أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها.