You are on page 1of 63

‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.

‬‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫إن التطورات االقتصادية المتسارعة التي شهدها العالم خالل العقدين األخيرين جعلت معظم الدول تبحث‬
‫عن اآلليات الالزمة لالندماج في االقتصاد العالمي‪ ،‬أما الدول العربية فقد وجدت نفسها تواجه مجموعة من‬
‫التحديات اإلقليمية و الدولية و هذا ما أدركته هذه األخيرة فسعت هي األخرى للعمل على التكيف مع النظام‬
‫االقتصادي العالمي الجديد من خالل تحرير تجارتها الخارجية و المفاوضة لالنضمام إلى المنظمة العالمية‬
‫للتجارة‪ ،‬وكذا عقد اتفاقية شراكة مع أهم التكتالت االقتصادية كاالتحاد األوروبي والعمل على إصالح‬
‫اقتصادها و تحقيق االستقرار الكلي لجذب الشركات متعددة الجنسية لالستثمار في أراضيها و رغم هذه‬
‫المساعي إال أن هذه التحوالت االقتصادية سيترتب عليها مجموعة من اآلثار ستكون معظمها في غير صالح‬
‫الدول العربية خاصة وأنها تتعامل معها بصفة فردية وهذا ما أكد أن خلق المناخ المناسب لدفع عجلة التنمية‬
‫الشاملة في هذه الدول ال يمكن تحقيقه إال من خالل زيادة التعاون و التكامل بينها باعتباره األسلوب األمثل‬
‫لمواجهة تحديات العولمة و التكتالت العالمية‪ ،‬فالدول العربية تملك من المقومات الطبيعية و االقتصادية ما‬
‫يجعلها مؤهلة لخلق تكتل اقتصادي عربي‪.‬‬
‫و لهذا سنتطرق في هذا الفصل إلى أهم االنعكاسات و اآلثار التي قد تنجم عن محاوالت اندماج الدول‬
‫العربية في النظام االقتصادي العالمي وسبل مواجهتها بخلق تكتل اقتصادي عربي و هذا من خالل المباحث‬
‫التالية‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬حتمية االنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة وآثارها على اقتصاديات الدول العربية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التكثالت االقتصادية وآثارها اقتصاديات الدول العربية‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الشركات متعددة الجنسية وآثارها على اإلقتصاديات العربية‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬حتمية التكتل االقتصادي العربي في ظل التحوالت االقتصادية العالمية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬حتمية اإلنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة وآثارها على إقتصاديات‬
‫الدول العربية‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫ا‬
‫بقيام المنظمة العالمية للتجارة التي أصبحت اإلطار الوحيد المشرف على تنفيذ االتفاقيات متعددة‬
‫األطراف الناتجة عن جولة األوروغواي تحددت معالم النظام التجاري العالمي‪ ,‬مما أجبر معظم الدول‬
‫للسعي من اجل اإلنضمام إليها حتى ال تبقى خارج سيرورة النظام الجديد‪ ،‬غير أن درجة اإلستفادة من‬
‫هذا األخير تختلف من دولة إلى أخرى تبعا لدرجة تقدمها االقتصادي وإ مكانيتها المالية والتكنولوجية‪ ,‬و‬
‫لما كانت دول الوطن العربي تنتمي إلى الدول النامية فإن مكاسبها تصبح ضعيفة مقارنة بتلك التي تحققها‬
‫دول العالم المتقدم‪ ،‬بل ستجعلها تواجه العديد من التحديات نتيجة تطبيق النظام التجاري الجديد‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬موقف الدول العربية من اإلنضمام إلىالمنظمة العالمية للتجارة‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬عالقة الدول العربية بالمنظمة العالمية للتجارة‪.‬‬

‫هناك تسع دول عربية تعد من األعضاء المؤسسين لمنظمة التجارة العالمية‪ ,‬حيث شاركت كل من‬
‫الكويت‪ ,‬مصر‪ ,‬جيبوتي‪ ,‬تونس‪ ,‬المغرب‪ ,‬وموريتانيا بحكم عضويتها في اتفاقية الجات في مفاوضات‬
‫جولة األوروغواي و وقعت على الوثيقة الختامية التي تضمنت أحكام االتفاقيات التي ثم التوصل إليها‪،‬‬
‫كما شاركت الجزائر في تلك المفاوضات من أجل االنضمام الكامل إليها‪ ،‬أما كل من اإلمارات العربية‪,‬‬
‫البحرينوقطر فقد وقعت على الوثيقة الختامية نتيجة عضويتها بحكم األمر الواقع في الجات عام‪1947‬‬
‫‪‬‬
‫عند تطبيق قواعد فترة االنتداب البريطاني‪.‬‬
‫كما بادرت كل من األردن‪ ,‬عمان‪ ,‬المملكة العربية السعودية‪ ,‬السودان‪ ,‬لبنان بإجراءات اإلنضمام‬
‫بينما إكتفت اليمن بأن تكون عضوا مراقبا وهذا ما نالحظه من الجدول التالي‪:‬‬

‫الجدول رقم (‪ :)3-1‬موقف الدول العربية من إنضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة‪.‬‬
‫بيانات ‪1996‬‬
‫الدول خارج منظمة‬ ‫الدول بصدد التفاوض‬ ‫الدول العضاء في منظمة التجارة العالمية‬
‫التجارة العالمية‬ ‫لإلنضمام لمنظمة التجارة‬
‫العالمية‬

‫‪ ‬محسن هالل‪" ,‬اتفاقية التجارة العالمية و منطقة التجارة الحرة العربية"‪( ,‬في مجلة المستقبل العربي‪ ,‬العدد‪ ,) 262,2000‬ص‪. 83‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫‪ -1‬سوريا‬ ‫‪ -1‬األردن‬ ‫أ‪ -‬الدول أعضاء إتفاقية جات‪1947‬‬


‫‪ – 2‬العراق‬ ‫‪ – 2‬الجزائر‬ ‫‪ -‬الكويت‬
‫‪ –3‬ليبيا‬ ‫‪ – 3‬السعودية‬ ‫‪ -‬جيبوتي‬
‫‪ – 4‬اليمن‬ ‫‪ – 4‬السودان‬ ‫‪ -‬مصر‬
‫ب‪ -‬الدول التي انضمت خالل جولة األوروغواي ‪ – 5‬عمان‬
‫‪ - 6‬لبنان‬ ‫‪ -‬المغرب‬
‫‪ -‬موريتانيا‬
‫‪ -‬تونس‬
‫ج‪-‬الدول التي إنضمت بحكم األمر الواقع‬
‫‪ -‬البحرين‬
‫‪ -‬اإلمارات‬
‫‪ -‬قطر‬
‫المجموع‪3 :‬‬ ‫المجموع‪6:‬‬ ‫المجموع‪9 :‬‬
‫المصدر‪ :‬عبد السالم مخلوني‪ ،‬آثار جولة األوروغواي على الدول النامية و العربية‪ ,‬رسالة ماجستير‪,‬‬
‫غير منشورة‪( ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ,‬جامعة الجزائر‪ ,) 2001 ،‬ص ‪90.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬دوافع انضمام الدول العربية إلى المنظمة العالمية للتجارة‪.‬‬

‫أصبح االنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة من أهم الخطوات التي تسعى إليها الدول النامية‬
‫والدول العربية بصفة خاصة‪ ,‬إلا أن التسرع في االنضمام نتائجه غير مضمونة‪ ,‬كما أن التماطل سيفوت‬
‫الفرصة على الدول التي ترفض ذلك‪ ,‬ألن إجراءات االنضمام أصبحت أكثر تعقيدا‪ ,‬ذلك أن الدول التي‬
‫أنشأت المنظمة صارت تفرض شروطها على الدول التي تريد االنضمام بما يتوافق مع مصالحها‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫وأغراضها‪ ،‬وهذا ما أدركته الدول العربية ودفعها لإلسراع باالنضمام باإلضافة إلى ذلك هناك مجموعة‬
‫‪‬‬
‫من الدوافع األخرى‪:‬‬

‫‪ –1‬البحث عن مكاسب تجارية جديدة أو حماية الكاسب الموجودة خصوصا أن المنظمة تمنح معاملة‬
‫تفضيلية للدول النامية‪ ,‬ولهذا على الدول العربية اإلسراع باالنضمام لالستفادة من هذه المعاملة قبل انتهاء‬
‫المدة الممنوحة‪.‬‬

‫‪ –2‬انتفاء األسباب التي كانت تحول دون عضوية الدول العربية و المتعلقة بقوانين وأحكام المقاطعة‬
‫اإلسرائيلية‪.‬‬

‫‪ –3‬ومن بين األسباب التي دفعت الدول العربية لالنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة هي شروع‬
‫العديد منها في تنفيذ برامج طموحة لإلعادة الهيكلة واإلصالح االقتصادي وتحرير إجراءات االستثمار و‬
‫التجارة بصورة تتماشى في مجملها مع مبادئ وأحكام الجات‪ ,‬األمر الذي أدى إلى تقليص األثر المتوقع‬
‫للسياسات التجارية بهذه الدول من جراء انضمامها للمنظمة العالمية للتجارة‪.‬‬

‫‪ – 4‬إدراك الدول العربية أن االنضمام هو انعكاس لتيار عالمي لن تستطيع عزل نفسها عنه‪ ،‬هذا‬
‫التيار الذي يتمثل في تنامي عضوية الجات بصورة كبيرة منذ نشأتها‪.‬‬

‫ومن المتوقع أن تنشأ عن طريق تطبيق اتفاقية الجات بعض المخاطر على الدول العربية خصوصا‬
‫في المدى القصير‪ ,‬فباإلضافة للخسائر المالية السنوية المقدرة بحوالي ‪ 3‬مليار دوالر التي ستتكبدها‬
‫ميزانيات الدول العربية األعضاء في المنظمة العالمية للتجارة‪ ,‬فإن اتفاقية الجات ستلغي كل اإلمتيازات‬
‫الموجودة في المعامالت االقتصادية العربية البينية‪ ,‬أما الدول العربية غير األعضاء فلن تستفيد من‬
‫دخول منتجاتها إلى أسواق الدول الصناعية بالتعريفات الجمركية المخفضة على الواردات‪.‬‬

‫و المالحظ فيما يخص آثار تنفيذ اتفاقية الجات فإنها ستشمل كل الدول العربية المنضمة وغير‬
‫المنضمة مما يعني أنه ما تقره هذه المنظمة من سياسات ونظم تمثل فعليا جوهر النظام التجاري الدولي‪,‬‬
‫األمر الذي يؤدي إلى فرض شكل من أشكال العزلة على الدول غير األعضاء‪ ،‬و لهذا يرى بعض‬
‫المحللين أنه مادامت الدول العربية غير المنضمة ستتأثر ال محالة بما يجري في التيار األعظم للتجارة‬
‫الدولية‪ ,‬فمن األفضل لها االنضمام حتى نستطيع على األقل االستفادة من المزايا التي تقدمها المنظمة‬
‫العالمية للتجارة‪.‬‬

‫‪ ‬إكرام عبد الرحيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ,‬ص ص ‪.184-185‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أثر المنظمة العالمية للتجارة على القطاع الزراعي العربي‪.‬‬

‫وفقا التفاقية الزراعة المتضمنة في اتفاقية الجات‪ ,‬فإن الدول العربية كدول نامية مطالبة بتحويل أية‬
‫قيود غير جمركية على وارداتها الزراعية إلى رسوم جمركية‪ ,‬وااللتزام بتخفيض الرسوم الجمركية‬
‫األخرى بنسبة ‪ 24%‬على مدى ‪ 12‬سنة من تاريخ عقد االتفاقية‪ ,‬فضال عن خفض متوسط قيمة الدعم‬
‫الداخلي لإلنتاج الزراعي بنسبة ‪ 13,3%‬خالل مدة أقصاها عشر سنوات‪ ،‬ولهذا فإن القطاع الزراعي‬
‫العربي سيكون من أكثر القطاعات تأثرا بنتائج االتفاقية المبرمة في إطار الجات خصوصا في الدول‬
‫العربية التي يمثل فيها القطاع الزراعي القطاع األول من خالل مساهمته في الناتج المحلي اإلجمالي‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اآلثار السلبية لتحرير تجارة السلع الزراعية العربية‪.‬‬

‫إن الضعف النسبي للموقف التجاري الزراعي في الدول العربية يجعلها أكثر عرضة للتأثيرات‬
‫السلبية الناجمة عن اتفاقية الجات خصوصا في المدى القصير‪ ,‬حيث سينجم عنها ارتفاع أسعار السلع‬
‫الزراعية مما يؤدي إلى ارتفاع قيمة الواردات الزراعية العربية‪ ,‬وبما أن الدول العربية تستورد معظم‬
‫احتياجاتها الغذائية من الخارج ‪-‬تستورد ما قيمته ‪ 21‬مليار دوالر سنويا‪ -‬فإن هذا سيؤدي إلى امتصاص‬
‫جزء كبير من مواردها مما يشكل أعباء جديدة بالنسبة لها‪ ,‬ومن اآلثار السلبية األخرى‬
‫الناجمة عن اتفاقية تحرير تجارة السلع الزراعية نجد‪:‬‬

‫‪ -1‬إن تخفيض الدعم الزراعي بنسبة ‪ 40%‬خالل فترة تنفيذ االتفاقية سوف يؤدي إلى زيادة أسعار‬
‫المنتجات الزراعية نتيجة زيادة تكلفة اإلنتاج‪ ،‬مما يعني ظهور آثار سلبية على الموازين التجارية للدول‬
‫المستوردة للغذاء‪ ,‬وبسبب الفجوة العميقة في الموازين التجارية الزراعية العربية فستكون في مقدمة‬
‫الدول المتأثرة من تحرير تجارة السلع الزراعية‪،‬وتبين الدراسات المعدة حول الموضوع أن األسعار‬
‫ستكون أعلى في الحبوب خاصة القمح‪ ,‬حيث من المقدر أن ترتفع أسعاره إلى ‪ 30%‬مما يؤدي إلى‬
‫المزيد من اإلختالالت في الموازين التجارية العربية‪ ،‬فضال عن تأثر اإلنتاج الحيواني نظرا لالرتفاع‬
‫‪‬‬
‫المتوقع في أسعار األعالف من الحبوب الخشنة‪.‬‬
‫ولقد صرحت منظمة األغذية الزراعية أن أسعار الحبوب في األسواق العالمية ارتفعت ما بين ‪%‬‬
‫‪ 40‬إلى ‪ 60%‬بعد سنتين من تطبيق اتفاقية الجات (‪ ,)1996‬وهذا راجع إلى إلغاء الدعم الزراعي‬
‫وإ لغاء دعم الصادرات وتحرير التجارة في األسواق العالمية‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪ ‬صباح نعاش‪" ,‬الوطن العربي و المنظمة العالمية للتجارة"‪) ,‬في مجلة المستقبل العربي‪ ,‬العدد ‪ ،( 2002 ,282‬ص ‪.125‬‬
‫‪ ‬إكرام عبد الرحيم‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.189‬‬
‫‪ ‬سليمان المنذري‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.212‬‬
‫‪ ‬عبد السالم مخلوفي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.84‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫كما أن استثناء األسماك ومنتجاتها من االتفاقية الزراعية للجات ومع استمرار ارتفاع التعريفة‬
‫الجمركية على الواردات منها يأتي في غير صالح الدول العربية‪ ،‬ألنها على رأس قائمة السلع القليلة‬
‫التي تحقق فوائض تصديرية مهمة في العديد من الدول العربية كالمغرب وتونس‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪ -2‬إن االنعكاسات السلبية لتحرير تجارة السلع الزراعية لن تقتصر على زيادة أسعار الواردات الغذائية‬
‫فحسب‪ ,‬بل ستشمل أيضا دخل المنتجين و المستهلكين المستوردين والمصدرين‪ ،‬حيث تتوقع األمم‬
‫المتحدة أن تبلغ الخسارة الكلية لمجموع الدول العربية في مؤشرات الرفاهية االجتماعية بسبب تحرير‬
‫التجارة العالمية في السلع الزراعية حوالي ‪ 486‬مليون دوالر سنويا‪ ،‬ويعود معضمها إلى انخفاض في‬
‫فائض المستهلك و المنتج واإليرادات الحكومية الخاصة بسلع القمح‪ ,‬األرز و السكر وتكون كل من‬
‫مصر‪ ،‬العراق‪ ,‬الجزائر وسوريا أكثر الدول العربية تأثرا باعتبارها أولى المستوردين‬
‫لهذه السلع الزراعية‪.‬‬

‫‪ -3‬إن مبدأ الدول األولى بالرعاية سيزيل اإلمتيازات التي حصلت عليها الدول العربية بموجب اتفاقيات‬
‫الشراكة مع مختلف دول العالم خاصة مع اإلتحاد األوروبي‪ ,‬فاالتفاقية تطالب كل دولة عضو تعطي‬
‫‪‬‬
‫ميزات تجارية ألحدى الدول أن تعم هذه الميزات على كافة الدول األعضاء‪.‬‬

‫ويعبر الجدول التالي على التغيرات التي تطرأ على أهم واردات السلع الزراعية العربية وحجم‬
‫الخسارة في الرفاهية خالل فترة الخمس سنوات األولى من تطبيق اتفاقية الجات‪ ،‬و المالحظ أن القمح‬
‫الذي يشكل الغذاء األساسي للدول العربية سيرتفع سعره ‪ 4,5 %‬سنويا مما ينعكس على قيمة شرائه‬
‫باإلرتفاع بحوالي ‪ 298‬مليون دوالر سنويا‪ ،‬وهذا يؤدي إلى خسارة في الرفاهية اإلجتماعية للدول‬
‫العربية بماقيمته ‪180‬مليون دوالر‪.‬‬

‫الجدول رقم (‪ :)3-2‬التغيرات في واردات السلع الغذائية العربية و الخسارة في الرفاهية خالل فترة‬
‫خمس سنوات من تطبيق اتفاقية الجات (‪.)1995-2000‬‬
‫الوحدة‪ :‬مليون‪$‬‬
‫الخسارة في‬ ‫معدل الزيادة السنوية معدل الزيادة في كمية الواردات و قيمتها‬ ‫السلعة‬
‫الرفاهية‬ ‫القيمة‬ ‫النسبة ‪%‬‬ ‫في العالمين‬
‫‪180‬‬ ‫‪298‬‬ ‫‪2,1‬‬ ‫‪4,5‬‬ ‫القمح‬
‫‪55‬‬ ‫‪93‬‬ ‫‪1,1-‬‬ ‫‪3,4‬‬ ‫السكر الخام‬

‫‪ ‬عاطف السيد‪ ,‬الجات و العالم الثالث‪ ،‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.196‬‬


‫‪ ‬إكرام عبد الرحيم‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.190‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫‪36‬‬ ‫‪101‬‬ ‫‪1,1-‬‬ ‫‪3,8‬‬ ‫اللحوم الحمراء‬


‫‪16‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪2,6‬‬ ‫‪2,7‬‬ ‫الدواجن‬
‫‪65‬‬ ‫‪94‬‬ ‫‪2,2‬‬ ‫‪4,6‬‬ ‫الزيوت النباتية‬
‫‪47‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪5,7-‬‬ ‫‪7,2‬‬ ‫الزبدة‬
‫‪30‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪2-‬‬ ‫‪5,4‬‬ ‫األجبان‬
‫‪39‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪3,5‬‬ ‫‪7,7‬‬ ‫الحليب المجفف‬
‫‪468‬‬ ‫‪280‬‬ ‫المجموع‬
‫المصدر‪ :‬عبد السالم مخلوفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.48‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬اآلثار اإليجابية لتحرير تجارة السلع الزراعية العربية‪.‬‬

‫على الرغم من أن أثر تحرير تجارة السلع الزراعية بموجب االتفاقية لن يكون سريعا أو كامال‪ ،‬إال‬
‫أن اإلجراءات التي أتفق عليها وضعت قوانين جديدة مهمة لفتح األسواق وتبين الدراسات أن االنعكاسات‬
‫ستكون أفضل على الدول العربية المنضمة إلى االتفاقية مقارنة بالدول غير المنضمة‪ ,‬حيث من بين‬
‫اآلثار اإليجابية لالتفاقية نجد‪:‬‬
‫‪ -1‬يمكن للدول العربية بعد تحويل القيود غير الجمركية إلى رسوم جمركية و تحديدها ثم تخفيضها‪,‬‬
‫وإ لغاء إجراءات الدعم و الوقاية واإلغراق من تقوية الكفاءة التنافسية للمنتجات الزراعية التصديرية في‬
‫أسواق الدول المتقدمة‪ ،‬استغالال للفترة االنتقالية المحددة بعشر سنوات‪ ,‬ولهذا سيكون لزاما على الدول‬
‫العربية تعديل سياستها االقتصادية من أجل التوافق مع نتائج دورة األورغواي‪ ,‬وإ دخال تغيرات هيكلية‬
‫على بنيتها اإلنتاجية عن طريق تسهيل استخدام التكنولوجية وتطوير آليات التمويل و ترشيد استخدام‬
‫الموارد المتاحة لتخفيض تكاليف اإلنتاج وتحسين الجودة‪ ,‬مما يساعدها على الصمود في األسواق الدولية‬
‫ومنافسة السلع الزراعية األجنبية وهو ما يسمح بزيادة دخل المزارعين‪ ,‬ويسمح كذلك بدخول المزيد من‬
‫المشاركين إلى سوق الصادرات الزراعية‪ ،‬باإلضافة إلى أنه سوف يدفعها إلى المزيد من النشاط في‬
‫‪‬‬
‫المجال الزراعي و تحقيق االكتفاء الذاتي‪.‬‬

‫‪ -2‬إن وضع نظام لفض المنازعات التجارية بين الدول سيترتب عليه حماية أكثر للشركاء التجاريين‬
‫األضعف اقتصاديا‪ ,‬حيث يمكن للدول العربية األعضاء في المنظمة العالمية للتجارة في حالة تعرضها‬
‫لممارسات تجارية سلبية كاإلغراق في السلع الزراعية اللجوء إلى جهاز فض المنازعات‪ ,‬كما يمكن لها‬

‫‪‬‬
‫عاطف السيد‪ ,‬الجات و العالم الثالث‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.194‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫االستمرار في دعم جوانب مهمة في زراعتها وصناعاتها الغذائية الناشئة بدون التعرض إلجراءات‬
‫وتدابير انتقامية من جانب الدول األخرى‪.‬‬
‫‪‬‬

‫وبالرغم من القرار الوزاري الذي أصدرته الدول المتقدمة و المرفق بنتائج األورغواي الذي سيتم‬
‫بمقتضاه تعويض الدول المستوردة للغذاء بالدرجة األولى‪ ,‬إال أن سد العجز في الفجوة الغذائية للدول‬
‫العربية يتطلب تعديل اإلستراتجية الزراعية الراهنة‪ ،‬وهي أمور ال يمكن أن تحدث إال على المدى‬
‫الطويل ووفقا لسياسة اقتصادية مختلفة تماما عما هو قائم حاليا‪ ,‬و بمعنى آخر فإن األوضاع الراهنة‬
‫تتطلب العمل على ضمان تدفق السلع الزراعية بأسعار رخيصة نسبيا على األقل في المدى القصير‪ ,‬ألن‬
‫المساعدات التي أقرتها المنظمة العالمية للتجارة تتم بالشروط التي تحددها الدول المانحة‪ ،‬و بالتالي العودة‬
‫إلى التبعية الغذائية من جديد لكن مع ازدياد حدتها ألنها تتم على أساس ثنائي و ليس وفقا للجنة معينة‬
‫تشرف على ذلك و تضمن عدم إخضاع الدول الفقيرة للدول المانحة‪.‬‬

‫ويتضح مما سبق خطورة االتفاق الزراعي في إطار اتفاقية الجات على الزراعة العربية خاصة في‬
‫ظل السياسات الراهنة التي تؤثر على التركيب المحصولي و األمن الغذائي العربي‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أثر المنظمة العالمية للتجارة على القطاع الصناعي العربي‪.‬‬

‫إن أهم ما يعوق التنمية الصناعية في الدول العربية هو إغراق أسواقها بالواردات من السلع‬
‫الصناعية و فالهيكل اإلنتاجي للصناعات التحويلية العربية‪-‬باستثناء التركيز على الصناعات النفطية –‬
‫تتميز بقلة التنوع و يعتمد على مجموعة محدودة من السلع‪ ,‬وهذا يسبب عدم توافر قاعدة تقنية عربية‪،‬‬
‫وارتفاع تكاليف اإلنتاج الصناعي‪ ,‬إضافة إلى عدم توظيف اإلمكانيات و الموارد العربية بطريقة مثالية‪,‬‬
‫كل هذا يجعل القطاع الصناعي أكثر عرضة لالنعكاسات التي قد تنجم عن تنفيذ أحكام اتفاقية الجات‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اآلثار العامة على أهم الصناعات التحويلية في الدول العربية‪.‬‬

‫من خالل دراستنا للفصل الثاني للقطاع الصناعي العربي وخصائصه‪ ,‬تبين أن القيمة المضافة لهذا‬
‫القطاع مصدرها الصناعات اإلستخراجية التي تعتمد على النفط و مشتقاته‪ ،‬و بعض الصناعات التحولية‬
‫كصناعة النسيج و الصناعات البتروكماوية وصناعة الدواء‪ ,‬ولهذا فإن هذه الصناعات التحويلية هي التي‬
‫ستتأثر بالدرجة األولى نتيجة تطبيق أحكام الجات‪.‬‬
‫‪‬‬
‫نفس المرجع‪ ,‬ص ‪.194‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫‪ -1‬صناعة المتسوجات و المالبس‪:‬‬


‫لقد طالبت الدول النامية خالل مفاوضات جولة األورغواي بشمول تحرير تجارة المنسوجات‬
‫والمالبس من خالل اإللغاء التدريجي لقيود الحصص المفروضة بموجب اتفاقية األلياف المتعددة‪,‬‬
‫فأثمرت المفاوضات على إزالة جميع الحصص الباقية الواردة في االتفاقية بحلول عام ‪ ,2000‬ولهذا فإنه‬
‫من المتوقع أن يكون لفتح باب المنافسة الكاملة في سوق المنسوجات و المالبس تأثير كبير على الدول‬
‫العربية ألنها تمثل إحدى الصناعات األساسية الموجهة للتصدير‪ ،‬ولما كانت سوق اإلتحاد األوروبي أهم‬
‫األسواق المستوردة لصادرات العربية من المالبس و المنسوجات‪ ،‬فإن الحصص الكمية التي تمتعت بها‬
‫صادرات الدول العربية في هذه السوق كانت تضمن لها حدا مستقرا من الصادرات‪ ،‬كما كانت تمثل في‬
‫نفس الوقت عائقا أمام قدرة صناعاتها على التطور و التوسع الكمي لعدم وجود منافذ لهذه المنتجات‪,‬‬
‫وسيؤدي إزالة نظام الحصص في هذه الحالة إلى اإلطالق في حرية االتجار لهذه السلع وفقا لمعايير‬
‫الجودة واحتياجات السوق وهذا ما ينطوي على جانب سلبي يتمثل في تعرض الصادرات العربية لمنافسة‬
‫قوية من الدول النامية األخرى المصدرة للمالبس و المنسوجات‬
‫خصوصا من جانب الدول األسياوية كهونك كنغ ** التي تعتبر من أكبر المصدرين لدول اإلتحاد‬
‫األوروبي‪ ,‬وهذا ما يؤدي إلى تضيق نطاق السوق الخارجي المتاح أمام الصادرات العربية من‬
‫المنسوجات و المالبس‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ولن يقف تأثير هذا االتفاق إلى هذا الحد‪ ,‬وإ نما سيمتد إلى السوق المحلية العربية التي ستتعرض‬
‫لمنافسة شديدة في حالة إلغاء إجراءات الحماية التجارية التي تتمتع بها هذه األخيرة‪ ،‬و التي أدت إلى‬
‫ارتفاع تكاليف اإلنتاج و انخفاض إنتاجية رأس المال وتخلف المواصفات القياسية لإلنتاج‪ ,‬وبما أن‬
‫تحرير هذه الصناعة ستؤدي فيها إلى تغيرات هيكلية عميقة على أساس التقسيم الدولي الجديد للعمل‪ ,‬فإن‬
‫قدرة الدول العربية على المنافسة في األسواق العالمية تتوقف على تخفيض تكاليف العمل و مستلزمات‬
‫اإلنتاج المحلية‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪-2‬صناعة البتروكماويات‪:‬‬
‫عانت صناعة البتروكماويات العربية في الماضي عدة مشاكل بسبب السياسات الحمائية (الكمية و‬
‫الجمركية) للدول الصناعية المستوردة لها‪ ,‬ورغم أن اتفاقية األوروغواي لم تتضمن اتفاقية خاصة بهذا‬
‫النوع من الصناعات إال أنه يتوقع أن تكون أكثر تأثرا بهذه االتفاقية ألنها ستؤدي إلى إزالة الحواجز‬
‫الجمركية التي تواجه صادرات الدول العربية من المنتجات البتروكيماوية إلى األسواق الدولية‪ ,‬خاصة‬
‫‪ *‬تستوعب الدول اإلتحاد األوروبي ‪ 40%‬من الصادرات المصرية و‪ 70%‬من الصادرات التونسية والمغربية من منسوجات و المالبس‬
‫‪ **‬باإلضافة إلى هونك كونغ نجد تايوان‪ ,‬الفلبين‪ ,‬تركيا ودول شرق أوروبا‪.‬‬
‫‪ ‬أكرام عبد الرحيم‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.191‬‬
‫‪ ‬سليمان المنذري‪ ,‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.215‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫إذا ما التزمت الدول الصناعية بتخفيض الرسوم الجمركية على الوردات من هذه المنتجات‪ ,‬و بالتالي‬
‫يمكن للدول العربية توسيع حجم أسواقها باعتبار أنها تمتلك قدرة تنافسية في هذه السلع أفرزتها الميزة‬
‫الطبيعية لمدخالت هذه الصناعة و التي توفر لها فرصة أفضل لتوسيعها‪ ،‬ورغم هذه اإليجابيات التي‬
‫‪‬‬
‫تعود الصناعة البتروكيماوية العربية إال أنها تتعرض لمجموعة من المخاطر منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬تعتبر صناعة البتروكيماويات من الصناعات التي تحتاج إلى كثافة تكنولوجية عالية‪ ,‬ونظرا لما‬
‫توفره اتفاقية حماية حقوق الملكية الفكرية من تعزيز احتكار الدول الصناعية للتكنولوجية والتصميمات‬
‫الصناعية فإن هذا سيؤدي على زيادة كلفة الحصول عليها‪ ،‬وبالتالي زيادة كلفة اإلنتاج البتروكيماوي‬
‫العربي مما يؤدي إلى اإلنقاص من ميزته النسبية ‪-‬إرتفاع األسعار‪ -‬و اإلضرار بالموقف التنافسي للدول‬
‫العربية‪.‬‬

‫ب‪ -‬سيؤدي تدهور أسعار النفط و الغاز إلى إنخفاض القدرة التنافسية للمنتجات البتروكيماوية العربية‪,‬‬
‫كما أن تزايد االعتبارات البيئية في تحديد كلفة اإلنتاج و هو ما تتحكم به الدول الصناعية سيؤدي إلى‬
‫دخول المنتجات البتروكيماوية للدول الصناعية في منافسة شديدة مع مثيالتها من المنتجات العربية في‬
‫األسواق المحلية‪.‬‬

‫ج‪ -‬تشكل فترة العشر سنوات المتاحة للدول العربية مهلة غير كافية للصناعات البتروكيماوية العربية‬
‫إلنجاز مهام التكيف و االستعداد للمنافسة الحرة مع الدول الصناعية التي تتمتع بتجربة متراكمة وتفوق‬
‫تكنولوجي وقوة احتكارية في هذا النوع من الصناعات‪ ،‬و بهذا يتعين على الدول العربية أن تستغل هذه‬
‫الفترة االنتقالية إليجاد الصيغة العملية إلحالل المنتجات البتروكيماوية العربية محل المنتجات المماثلة‬
‫للدول الصناعية و توسيع الطلب العربي على هذه المنتجات بتخفيض تكلفتها و تحسين جودتها من أجل‬
‫تعزيز القدرة التنافسية العربية محليا ودوليا‪.‬‬

‫‪ -3‬الصناعات الدوائية ‪:‬‬


‫للصناعات الدوائية دور إستراتيجي في األسواق العربية‪ ,‬ويتم إنتاج الدواء في عدد كبير من‬
‫الشركات العربية الوطنية و المشتركة‪ ,‬وتواجه صناعة الدواء العربية مشكلة تطبيق اتفاقية حماية حقوق‬
‫الملكية الفكرية التي نصت عليها اتفاقية الجات لما يترتب عليها من ارتفاع في تكلفة الحصول على براءة‬
‫االختراع بسبب تحكم مراكز األبحاث العالمية في المستحضرات الطبية و المواد الخام وسيطرة الدول‬
‫المتقدمة على المركبات الدوائية الجديدة المتالكها لتقنيات متقدمة في هذا النوع من الصناعات خصوصا‬
‫أن الدواء العربي مازال في مرحلة التطوير و التقليد‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪ ‬عبد السالم مخلوفي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.21‬‬


‫‪ ‬عاطف السيد‪ ،‬الجات و العالم الثالث‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.174‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫ويمكن تلخيص أهم اإلنعكاسات المحتملة على صناعة الدواء العربية فيما يلي‪:‬‬
‫‪‬‬

‫أ‪-‬زيادة أسعار المنتجات الدوائية نظرا لقوة االحتكار من طرف مالك البراءة‪ ,‬حيث ترتفع تكلفة‬
‫الحصول على براءة االختراع ومن ثم ارتفاع تكلفة إنتاجه‪.‬‬
‫ب‪-‬ضرورة توحيد و احترام مقاييس الجودة و النوعية التي تفرضها منظمة المقاييس العالمية‪ ,‬األمر‬
‫الذي يصعب من الوضع التنافسي للدول العربية‪ ،‬وبالتالي التأثير في مسار و مستقبل صناعة الدواء‬
‫العربية‪.‬‬
‫ج‪ -‬وجود منافسين أجانب لصناعة الدواء العربية و منافستهم لمنتجات مثيلة في األسواق المحلية ولكن‬
‫بمواصفات أرقى وأسعار أقل‪ ،‬وذلك في إطار مبدأ فتح األسواق مما يهدد صناعة الدواء العربية التي‬
‫تعتبرصناعة ناشئة يصعب عليها المنافسة في سوق عالمية متفتحة‪.‬‬
‫ويمكن للدول العربية تجنب هذه اآلثار من خالل التركيز على زيادة االستثمارات في الصناعات‬
‫الدوائية و تحقيق أكبر إنتاج للتصدير وفتح األسواق العالمية أمام المنتجات الدوائية العربية‪.‬‬

‫فرع الثاني‪ :‬أثر اتفاقية الجات على النفط العربي‪.‬‬


‫حرصت الدول الصناعية بحكم سيطرتها على التجارة العالمية على استبعاد النفط الذي ال تملك فيه‬
‫ميزة نسبية من إطار مفاوضات الجات‪ ،‬و هذا بعدم إخضاعه لخفض الرسوم الجمركية من أجل الوصول‬
‫إلى أسواقها‪ ،‬وبما أن إنتاج النفط و تصديره يعتبر عصب االقتصاد القومي في أغلب الدول المصدرة‬
‫للنفط ومنها‬
‫الدول العربية‪ ,‬فإن فرض قيود على حرية تلك الدول في العمل على استقرار أسعار النفط‪ ,‬معناه أن‬
‫يترك لقوى السوق التي تسيطر عليها الدول الصناعية كي تحدد تلك األسعار يما يتناسب مع اقتصادياتها‪,‬‬
‫فمثلا قام اإلتحاد األوروبي بإخضاع الواردات البترولية عام‪ 1995‬إلى تعريفة جمركية على أساس ‪%‬‬
‫‪ 50‬من التعريفة المطبقة في ‪ 1994‬و‪ 100%‬على التعريفة المطبقة في جانفي‪ ،1996‬كما فرض‬
‫اإلتحاد األوروبي على وارداته البترولية من السعودية نسبة ‪ 100%‬من قيم الرسوم الجمركية التي‬
‫تفرضها على وارداتها الصناعية من الدول المتقدمة‪،‬وهذا ما يؤثر سلبا على اقتصاديات الدول المصدرة‬
‫‪‬‬
‫للنفط و التي تعتبر معظمها دوال نامية تعتمد على مداخيل النفط كمصدر وحيد لتمويل خططها التنموية‪.‬‬
‫وإ ذا كان لم يرد بشأن النفط نصوص مباشرة و صريحة‪ ,‬فإن االتفاقية تحمل من اآلثار ما يمكن أن‬
‫ينعكس سلبا على صناعة النفط ألنها لم تستثني النفط من معاملته معاملة مماثلة مع بقية السلع األخرى‪,‬‬
‫ومع ذلك فإن الدول العربية في منظمة األوبك يمكن أن تواجه االتهامات الموجهة من طرف الجات‬

‫‪ ‬عبد السالم مخلوفي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.92‬‬


‫‪ ‬لقد قام اإلتحاد األوروبي في ‪ 1992‬بفرض ضريبة على الطاقة عرفت بضريبة الكربون‪ ,‬حيث تفرض على برميل البترول في دوالر تزداد‬
‫تدريجيا كل سنة بـ‪ 1‬دوالر لتصل‪ 10‬دوالرات عام ‪ 2000‬و هذا تذرعا بحماية البيئة‪.‬‬
‫‪ ‬سليمان المندري ‪ ،‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.216‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫بالمشاركة في إقامة تكتل تجاري احتكاري يهدف لرفع أسعار النفط باعتبار أنها تحدد سقفا إلنتاج هذه‬
‫السلعة وهذا ما يتنافى مع مبادئ تحرير التجارة العالمية‪ ,‬كما أن أحكام الجات تمنع التسعير المزدوج‬
‫للموارد الطبيعية ومنها موارد الطاقة كون الفارق بين السعر االستهالكي المحلي وسعر التصدير يمثل‬
‫دعما مقدما للصناعات المحلية يجب إزالته‪ ,‬وبالتالي فإن الدول العربية التي مازالت تمارس سياسة‬
‫التسعير المزدوج قد تتعرض إلى ضغوط من الدول األعضاء في المنظمة العالمية للتجارة إلزالة هذه‬
‫اإلجراءات‪.‬‬
‫ولهذا فليس بالضرورة و في ظل العولمة أنه من ينتج ويصدر هو المستفيد‪ ,‬فحتى وإ ن لم تلجأ‬
‫الدول المتقدمة إلى فرض رسوم جمركية على وارداتها من النفط الخام‪ ,‬فإنها تقوم بفرض ضرائب على‬
‫المنتجات المتكررة وهو ما يؤدي إلى رفع السعر بالنسبة للمستهلك النهائي لتقييد زيادة االستهالك‪،‬‬
‫وبالتالي تخفيض الطلب على النفط‪.‬‬
‫‪‬‬

‫وإ ن كانت الدول العربية النفطية ال تحضي بالوزن التجاري على المستوى الدولي‪ ,‬إلا أنها تتمتع يثقل‬
‫كبير في مجال إنتاج و تصدير النفط‪ ،‬ولهذا فهي تستطيع وفي إطار تنسيقي مع الدول النفطية األخرى من‬
‫تفسير أحكام الجات بما تخدم مصالحها واالستناد إلى المبررات التالية لدعم حقها في تنسيق سياسة‬
‫‪‬‬
‫اإلنتاج و التصدير‪:‬‬
‫أ‪ -‬إن الدولة التي تضع سقفا لإلنتاج‪ ,‬سواء بالتشاور مع دول أخرى أو بدون ذلك ال تضع قيدا على‬
‫تصديره ألي دولة أخرى‪ ,‬وإ نما يكون النفط متاحا لمن يرغب في شرائه و بأسعار تحددها قوى السوق‬
‫في ظل منافسة عالمية‪ ,‬ومن هنا تنتمي صفة التحيز المحظور‪.‬‬

‫ب‪ -‬بالنسبة لقضية التسعير المزدوج‪ ,‬فإن النفط الذي يتم استهالكه محليا يدخل عادة في عملية صناعية‬
‫تقوم بها في العادة شركة وطنية متكاملة‪ ,‬و يعتبر النفط الخام منتجا وسيطا يحول داخل العمليات‬
‫الصناعية بسعر التكلفة وبناء على ذلك فإن النفط الخام الذي يستهلك محليا ليس له سعر معلن يمكن‬
‫مقارنته بأسعار التصدير‪.‬‬

‫ج‪ -‬استناد الدول العربية المصدرة للنفط إلى المادة ‪ 20‬من اتفاقية الجات التي تتيح لها اتخاذ ما تراه‬
‫مناسبا من إجراءات للمحافظة على الموارد الطبيعية النادرة‪ ،‬ولهذا تحاول دول األوبك وضع حد أعلى‬
‫لإلنتاج بقصد المحافظة على هذه المادة غير المتجددة‪.‬‬

‫‪ ‬عاطف السيد‪ ,‬الجات و العالم الثالث‪ ،‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.171‬‬


‫‪ ‬حسين عبد هللا‪" ,‬التحديات التي تفرضها أحكام الجات وتدابير الحماية البيئية على النفط العربي"‪( ,‬مجلة شؤون العربية‪ ,‬العدد ‪,)2002 ,110‬‬
‫ص ص ‪.221-224‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫وحتى تستطيع الدول العربية التكيف مع أحكام الجات في المدى الطويل عليها إنجاح إستراتجية‬
‫تنميتها الصناعية‪ ،‬وذلك عن طريق تجاوز المحددات الرئيسية التي تعيق النمو االقتصادي‪ ,‬ولتحقيق ذلك‬
‫البد من تطوير الخبرات الفنية و التكنولوجية المحلية وتبني وسائل تنافسية جديدة تواجه الواردات‬
‫الصناعية في األسواق المحلية‪ ،‬وتحويل الصناعات المحلية الموجودة تحت غطاء الحماية إلى صناعات‬
‫منافسة في السوق الدولية‪ ,‬وكذلك العمل على تدعيم تطور الصناعات التي تستفيد من المزايا النسبية التي‬
‫توفرها المنطقة العربية كالصناعات ذات العمالة الكثيفة في الدول ذات الكثافة السكانية أو صناعات ذات‬
‫االستهالك الكثيف للطاقة في الدول النفطية‪ ,‬ويبقي على الدول العربية عبء اختيار القطاعات الصناعية‬
‫األساسية و العمل على تدعيمها و تطويرها كالحصول على التكنولوجية المناسبة و توفير العمالة الفنية‬
‫المناسبة و التنظيم المؤسسي بعيدا عن المركزية‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬أثر المنظمة العالمية للتجارة على القطاع الخدماتي العربي‪.‬‬

‫من أهم السمات المميزة لجولة األورغواي هو إدخال تجارة الخدمات إلى جانب تجارة السلع في‬
‫عملية تحرير التبادل الدولي‪ ,‬فكانت االتفاقية العامة لتجارة الخدمات من أهم نتائج جولة األوروغواي‪،‬‬
‫ونظرا لتزايد أهمية قطاع الخدمات في الدول العربية فمن المتوقع أن تتأثر بهذه االتفاقية سواء كانت‬
‫منضمة أو غير منضمة إليها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التزامات الدول العربية المنضمة إلى اتفاقية تجارة الخدمات‪.‬‬

‫تلعب تجارة الخدمات دورا متزايدا في النشاط االقتصادي العربي‪ ,‬حيث يشكل إجمالي تجارة‬
‫الخدمات ما نسبته ‪ 20%‬من الناتج اإلجمالي المحلي للدول العربية‪ ,‬كما يمثل ما نسبته ‪ 24%‬من حجم‬
‫‪‬‬
‫التجارة الخارجية‪.‬‬
‫وإ ن كانت تعتبر بعض الدول العربية مستوردا صافيا للخدمات‪ ,‬فإن بعضها اآلخر تقوم بتصدير‬
‫الخدمات التي تعتمد أساسا على األيدي العاملة رغم عدم التوصل حتى اآلن إلى اتفاقية بشأن تحريرها‪ ،‬و‬
‫وفقا لالتفاقية العامة لتجارة الخدمات منحت بعض الدول العربية إمتيازات لموردي الخدمات األجانب في‬
‫بعض القطاعات التي تتمتع فيها بميزة نسبية كالسياحة وخدمات السفر‪ ،‬أما بعضها فقامت بعروض لفتح‬
‫أسواقها أمام تجارة بعض الخدمات التي تفي باحتياجاتها االقتصادية ويمكن أن تحصل من خاللها على‬
‫التقنيات الالزمة مثل خدمات اإلنشاءات و االتصاالت و النقل‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪ ‬عاطفالسيد‪ ,‬الجات و العالم الثالث‪ ,‬مرجع سلبق‪ ,‬ص ص ‪. 199- 200‬‬


‫‪ ‬التقرير االقتصادي العربي الموحد‪ ,2002‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.174‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫وتعهدت الكويت بتثبيت ‪ 44‬قطاع من نشاطات الخدمات القابلة للتجارة الدولية وتضمنت خدمات‬
‫اإلنشاء و الهندسة المدنية و البحوث وخدمات النقل‪ ،‬أما المغرب فقدمت التزامات بتثبيت ‪ 46‬قطاع‬
‫شملت الخدمات المالية وخدمات النقل البحري و البري‪ ,‬كما التزمت مصر بتحرير ‪ 26‬قطاع مؤهل‬
‫لتطبيق التزامات دخول السوق و المعاملة الوطنية‪ ،‬باإلضافة إلى تونس التي التزمت بقائمة حوت ‪13‬‬
‫قطاع تضمنت الخدمات المصرفية و التزمت دولة البحرين بتحرير أربع قطاعات‪ ,‬في حين تقدمت‬
‫الجزائر بالتزام تحرير خدمة واحدة تمثلت في الخدمات المصرفية‪.‬‬
‫و الجدول التالي يمثل أهم القطاعات الخدماتية التي التزمت بها بعض الدول األعضاء‪.‬‬

‫الجدول رقم(‪ :)3-3‬القطاعات الخدماتية التي التزمت بها الدول العربية أعضاء منظمة التجارة‬
‫العالمية‪.‬‬

‫القطاعات الخدماتية المقترحة في إطار إتفاقية الخدمات‬ ‫الدول األعضاء‬


‫األعمال واإلنشاءات‪ ,‬الخدمات الهندسية‪ ,‬الخدمات الفنية‪ ,‬الخدمات الصحية‬ ‫الكويت‬
‫واالجتماعية‪ ,‬السياحة والسفر‬
‫بعض خدمات األعمال و البريد السريع‪ ,‬الخدمات المالية السياحة النقل‬ ‫اإلمارات العربية‬
‫بعض خدمات المهنية (االستثمارات الهندسية‪ ,‬الطبية‪ ,‬البحوث)‪ ,‬البريد‪,‬‬ ‫قطر‬
‫الخدمات المالية و السياحية‬
‫األعمال واإلنشاءات‪ ,‬الخدمات الهندسية‪ ,‬السياحة والسفر‪ ,‬الخدمات المصرفية‬ ‫مصر‬
‫والتأمين‬
‫المصارف‪ ,‬السمسرة‪ ,‬التامين‪ ,‬خدمات السفر والسياحة‪.‬‬ ‫تونس‬
‫غير متوفر التزامها حيث أن الدول األقل نموا أعطيت فترة زمنية أطول لتقدم‪.‬‬ ‫موريتانيا‬
‫المصدر‪ :‬محسن هالل‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.84‬‬

‫وفي هذا اإلطار نجد أن قدرة الدول العربية على المنافسة في تجارة الخدمات خاصة الواردة إلى‬
‫أسواقها من الخارج تتوقف على طبيعة هذه العروض وااللتزامات التي قدمتها هذه األخيرة‪ ,‬لهذا نجد أن‬
‫ما تقدمت به قليل جدا مقارنة بأهداف االتفاقية‪ ،‬و هذا ما يدل على تخوفها من اآلثار التي قد تنعكس عليها‬
‫نتيجة تحرير هذا القطاع‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اآلثار العامة التفاقية تحرير تجارة الخدمات على اقتصاديات الدول العربية‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫شملت االتفاقية العامة لتحرير تجارة الخدمات مجموعة من اآلثار اإليجابية و التي يمكن أن تشكل‬
‫حافزا للدول النامية بما فيها الدول العربية لتطوير هذا القطاع‪ ،‬وهذا بفضل المرونة الممنوحة له والسماح‬
‫بدعمه واالستفادة من األسواق الحكومية لتشجيع إنتاج قطاع الخدمات‪ ،‬و في نفس الوقت فإن االتفاقية‬
‫تحمل في طياتها بعض الجوانب السلبية‪ ,‬حيث تتضمن مجموعة من االستثناءات التي يجعل تطبيقها‬
‫محكوما بعوامل أخرى غير اقتصادية يربط ميزان القوى الدولي بالنظام االقتصادي العالمي‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪ -1‬اآلثار اإليجابية‪:‬‬
‫أ‪ -‬خصت اتفاقية الخدمات الدول النامية بما فيها الدول العربية األعضاء بمعاملة تفضيلية من خالل‬
‫توفير التقنية الحديثة و الكوادر الفنية المؤهلة‪ ,‬وهذا ما يعتبر مدخال لتطوير القطاع الخدماتي العربي‪.‬‬
‫ب‪ -‬إن التزامات الدول المتقدمة بشأن تحسين قنوات نفاذ خدمـات الدول الناميـة مثل قنوات التوزيـع‬
‫وشبكات المعلومات‪ ،‬وكذا إنشاء مراكز لتبادل المعلومات حول أسواق الخدمات الماليــة‬
‫والمصرفية يعتبر مصدرا لتسهيل نفاذ الخدمات العربية إلى األسواق الدولية‪.‬‬

‫ج‪ -‬سوف تستفيد برامج دعم اإلصالح االقتصادي للدول العربية من البيئة التجارية الجديدة بأن يمتد‬
‫اإلصالح ليشمل قطاع الخدمات وتحرير نظام التجارة و حركة رؤوس األموال قبل الشروع في إجراءات‬
‫فتح األسواق أمام الموردين األجانب‪ ،‬وبالتالي فإن التكيف مع البيئة المتغيرة يسمح بزيادة‬
‫المنافسة وتعزيزها في مجال الخدمات‪.‬‬

‫د‪ -‬تخصص اتفاقية الخدمات نصوصا تحقق مرونة للدول النامية بسبب تدني أوضاعها االقتصادية‪،‬‬
‫حيث يسمح لها بفرض بعض القيود المؤقتة على المدفوعات و التحويالت الخاصة بنشاطات الخدمات‬
‫التي تعمل على تحريرها من أجل المحافظة على مستوى احتياطي مالي مناسب لتنفيذ برامج التنمية‬
‫االقتصادية وعدم تأثر ميزان المدفوعات‪ ,‬وهذا ما يعود إيجابا على الدول العربية‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪ -2‬اآلثار السلبية‪:‬‬
‫أ‪ -‬تعتبر بعض الخدمات وثيقة الصلة بالسياسة االقتصادية العامة للدولة إما لدورها في تعبئة المدخرات‬
‫و توجيه االستثمار كخدمات البنوك‪ ,‬أو للدور الذي يمكن أن تلعبه في خدمة بعض المشروعات‬
‫االقتصادية الكبرى كبعض خدمات النقل و المقاوالت‪ ,‬ومن تم فإن تحرير التبادل الدولي في هذه‬
‫الخدمات قد يؤدي بالدولة للتخلي عن حقها في توجيه هذه األخيرة في االتجاهات التي تفرضها المصالح‬
‫القومية والتي قد تتعارض مع مصالح الشركات الدولية‪.‬‬

‫‪ ‬عاطف السيد‪ ,‬الجات و العالم الثالث‪ ،‬مرجع سابق‪ ,‬ص ص ‪.180-181‬‬


‫‪ ‬جالل أمين‪ ,‬العولمة و التنمية العربية "من حملة نابوليون إلى جولة األورغواي ‪( ," 1998- 1798‬مركز دراسات الوحدة العربية ‪,‬بيروت‪,‬‬
‫‪,)1999‬ص ص‪170-173‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫ب‪ -‬إذا كان فرض التعريفة الجمركية هو الوسيلة األساسية في يد الدولة لممارسة رقابتها على السلع‬
‫الواردة إليها‪ ,‬فإن هذه التعريفة ال تجد نفعا فيما يخص التبادل في مجال الخدمات ألن وسائل الرقابة تتمثل‬
‫في قبول إعطاء التراخيص أو رفضها‪ ,‬أو فرض القيود اإلدارية على اإلقامة وهذا حسب نوع الخدمة‬
‫المقدمة‪ ,‬لهذا فهي تتسم بمرونة أقل مقارنة بالتعريفة الجمركية مما يصعب على الدول مراقبة هذا‬
‫القطاع‪.‬‬
‫ج‪ -‬يتوقف تأثر الدول المنضمة إلى اتفاقية الخدمات على حجم االلتزامات المحددة التي تتعهد بها كل‬
‫دولة‪ ,‬أما الدول العربية غير المنضمة‪ ,‬وبالرغم من أنها ال يقع عليها أي التزام قانوني‪ ,‬فإن اآلثار‬
‫المترتبة عن عدم انضمامها ستكون أشد وطأة من حيث انعدام الضمانات التعاقدية النتقال الخدمات عبر‬
‫الحدود‪ ،‬باإلضافة إلى إمكانية تعرضها لإلجراءات التمييزية القائمة وفرض قيود مشددة جديدة في هذا‬
‫المجال وبخاصة من الدول المتقدمة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬أثر اتفاقية تحرير الخدمات على القطاع المصرفي العربي‪.‬‬

‫لقد شملت االتفاقية تحرير الخدمات المالية التي سوف يكون له انعكاسات على اقتصاديات العديد‬
‫من دول العالم‪ ,‬وإ ن كانت معظم المزايا ستحضى بها الدول المتقدمة‪ ،‬أما فيما يخص الدول العربية فقد‬
‫اعتاد القطاع المصرفي العربي على العمل –خالل فترة سابقة‪-‬في مناخ خال من المنافسة الحرة و في‬
‫قوانين حمائية تمنع أو تعرقل دخول المؤسسات المالية األجنبية‪ ,‬األمر الذي نتج عنه تدني كفاءة أداء‬
‫المصارف العربية وضعف إنتاجيتها‪ ,‬ولهذا فإن انفتاح أسواقها المالية مع التوسع في تحرير التجارة‬
‫الدولية للخدمات سوق يجعل المؤسسات المالية العربية عموما تواجه تحديات كبيرة‪.‬‬
‫‪ -1‬اآلثار السلبية ‪ :‬سنتعرض القطاع المصرفي العربيي لمجموعة من اآلثار السلبية نتيجة تحرير‬
‫قطاع الخدمات ومن أهمها‪:‬‬
‫‪‬‬

‫أ‪ -‬مجابهة التكتالت المالية العالمية‪:‬‬


‫إن عملية اإلنتاج و التحرير التي ستبدأ في نطاق اتفاقية تحرير الخدمات سيكون له أثر سلبي على‬
‫الوحدات المالية و المصرفية العربية سواء في الخارج أو الداخل‪ ,‬فهي لن تستطيع الوقوف في وجه‬
‫التكتالت المصرفية و المالية العمالقة‪ ,‬كما أنها ستخسر جزء كبير من حصتها في األسواق المحليـة نتيجة‬
‫الفـروع التي تنشئها هذه التكتالت في األسواق العربية و هذا بسبب التقدم التقني الذي تتمتع به هذه‬
‫األخيرة‪.‬‬

‫ب‪ -‬اشتداد المنافسة على الصعيد المحلي واإلقليمي‪:‬‬

‫‪ ‬عاطف السيد‪ ،‬الجات والعالم الثالث‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ص‪. 210-211‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫تعاني بعض الدول العربية كبر عدد المصارف فيها مقارنة باحتياجات أسواقها المحلية‪ ,‬في حين‬
‫يبقى القطاع المصرفي في بعضها اآلخر ضعيفا وفي مرحلة أولية من التطور‪ ,‬فضلا عن الصغر النسبي‬
‫على المستوى العالمي‪ ,‬حيث بلغ مستوى موجودات البنوك العربية ‪ 400‬مليار فقط وهو أقل من‬
‫موجودات بنك واحد من البنوك الكبيرة في العالم‪ ,‬وبهذا الوضع لن تتمكن المصارف العربية من التعامل‬
‫ومواجهة المنافسة المرتقبة على الصعيد المحلي واإلقليمي ألن تطوير القدرات التقنية واإلدارية تتطلب‬
‫زيادة الموارد المالية لهذه المصارف‪.‬‬

‫‪‬‬
‫ج‪ -‬التأثير على السياسات النقدية المحلية‪:‬‬
‫إن دخول فروع للمصارف األجنبية أو شركاتها التابعة إلى األسواق المالية العربية و عملها في‬
‫محيط متحرر من القيود المالية على اختالف أنواعها ومتفتح على الخارج سيكون له أثر سلبي على‬
‫السياسات النقدية و االئتمانية التي تنتهجها السلطات النقدية العربية‪ ,‬ذلك أن السياسات االئتمانية‬
‫واالستثمارية لهذه الفروع و الشركات التابعة من صنع المؤسسات المصرفية و المالية األم التي تقوم‬
‫‪‬‬
‫برسمها وفق أهداف بلدانها وليس أهداف البلدان المضيفة‪.‬‬

‫‪ -2‬اآلثار اإليجابية‪:‬‬
‫‪‬‬
‫أما عن اآلثار اإليجابية فنجد من أهمها‪:‬‬

‫أ‪ -‬بموجب هذه االتفاقية أصبح بإمكان الدول العربية تعزيز انتشارها في الخارج من خالل إقامة فروع‬
‫لها في مختلف دول العالم و الحد من السياسات التمييزية التي تطبقها السلطات النقدية في بعض الدول‬
‫على فروع بعض المؤسسات العربية العاملة في أراضيها‪ ,‬كما أن الحرية التي ستكتسبها المصارف‬
‫العربية في األسواق المحلية سيؤدي إلى استقطاب جزء كبير من األموال العربية في‬
‫الخارج وإ عادة اسستثمارها في الوطن العربي للمساهمة في إنماء اقتصاده‪.‬‬

‫ب‪ -‬من المتوقع أن تزداد كفاءة وفعالية أسواق المال العربية‪‬مستقبال مع تدرج عملية تحرير الخدمات‬
‫المالية‪ ،‬مما يسمح بدخول المنافسة األجنبية إلى األسواق المحلية‪ ,‬وبالتالي تصبح حركة هذه األسواق‬
‫خاضعة للتفاعل الحر بين العرض والطلب على الخدمات المالية‪ ,‬األمر الذي يؤدي إلى تحديد السعر‬
‫التوازني لهذه الخدمات‪ ,‬وهذا أفضل من تدخل الحكومات في تلك األسواق وتأثيرها على األسعار التي‬
‫تصبح غير حقيقية في كثير من األحيان‪.‬‬
‫‪ ‬إكرام عبد الرحيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.193‬‬
‫‪ ‬هذه السياسات قد تكون توسعية من خالل تخفيض سعر الفائدة و هو ما يؤثر سلبا على الدول المضيفة و يزيد من الضغوط التضخمية مما يؤدي‬
‫إلى عرقلة تنميتها‪.‬‬
‫‪ ‬عاطف السيد‪ ،‬الجات و العالم الثالث‪ ،‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.213‬‬
‫‪ ‬ترتبط كفاءة المؤسسات المالية وفعاليتها بدرجة شفافيتها واقتصادها المالي على أعمالها وتوفير المعلومات حول القوانين و التشريعات و‬
‫التوجيهات اإلدارية المتعلقة بالخدمات المالية وهذا ما يؤدي لالرتقاء بنوعية هذه األخيرة في الدول العربية‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫ج‪ -‬إن التحرر المالي من شأنه أن يوفر وسائل متنوعة لتقليل المخاطر التي قد تتعرض لها األسواق‬
‫المالية الصغيرة‪ ,‬كما أنه سيعمق و يوسع هذه األسواق من خالل زيادة حجم التعامالت و تنوع الخدمات‪,‬‬
‫‪‬‬
‫وبالتالي التقليل من تذبذب حركة هذه األسواق والتخفيض من حدة تعرضها للصدمات المالية‪.‬‬
‫ورغم هذه المزايا فإن التفاؤل الحذر هو ما يجب أن تلتزم به الدول العربية‪ ,‬فبقدر ما ينتج عن‬
‫االنفتاح من الحصول على خبرات فنية تؤدي إلى تطوير القطاع المالي بقدر ما يخشى من الضغوط‬
‫التنافسية المتوقع مواجهتها من قبل الشركات األجنبية في األسواق المحلية‪ ,‬وحتى تتمكن الدول العربية‬
‫من االستفادة من المزايا التي تتيحها اتفاقية تحرير الخدمات عليها القيام بإصالح المصارف العربية‬
‫بالتخلي عن دورها التقليدي وتحويلها إلى مصارف شاملة تقدم كافة الخدمات المالية واالهتمام‬
‫بالمستحدثات المالية الجديدة و العمل على تقوية رأسمال المصارف العربية مما يجعلها قادرة على‬
‫‪‬‬
‫المنافسة بكفاءة‪.‬‬

‫و يتضح من خالل العرض السابق لآلثار المحتملة على اقتصاديات الدول العربية نتيجة تطبيق‬
‫اتفاقية الجات وانضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة‪ ,‬أن توزيع المكاسب و التكاليف سوف تختلف من‬
‫دولة إلى أخرى‪ ,‬كما أن المكاسب االقتصادية المحتملة سوف توزع بصورة غير متساوية بين الدول‬
‫العربية‪ ,‬فمن المتوقع أن تحقق الدول ذات النظم االقتصادية المتحررة قدرا أكبر من المكاسب‪ ,‬غير أن‬
‫ذلك ال ينفى احتماالت انعكاس أثار سلبية على الدول العربية بعد انتهاء الفترة االنتقالية المعاملة التفضيلية‬
‫التي تتيحها المنظمة العالمية للتجارة للدول النامية السيما مبدأ التحرر التدريجي‪ ،‬ووضع متطلبات‬
‫التنمية االقتصادية بعين االعتبار‪ ,‬وهذا ما يفرض على صانعي السياسات االقتصادية في الدول العربية‬
‫إعادة النظر في هذه السياسات من أجل تحسين القدرة التنافسية لالقتصاد العربي واندماجه في النظام‬
‫االقتصادي العالمي الجديد‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التكتالت االقتصادية وآثارها على اقتصاديات الدول العربية‪.‬‬

‫‪ ‬سعيد عبد الخالق محمود‪" ,‬تحرير الخدمات وانعكاسه على القطاع المصرفي العربي"‪( ,‬مجلة شؤون عربية‪ ,‬العدد‪ ,)2001 , 108‬ص ‪.160‬‬
‫‪ ‬نفس المرجع‪ ,‬ص ‪.161‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫إن تنامي ظاهرة التكتالت االقتصادية في العقد األخير من القرن العشرين‪ ,‬جعل منها سمة أساسية‬
‫من سيمات النظام االقتصادي العالمي الجديد‪ ,‬وهذا بعد أن حل التحدي االقتصادي محل التحدي األمني‪,‬‬
‫فقد أصبحت الدول المتقدمة تحرص على وجودها ضمن أكبر التكتالت من أجل حماية مصالحها‬
‫االقتصادية‪ ,‬ومن هنا نتساءل عن انعكاسات قيام هذه التكتالت على الدول العربية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬موقف الدول العربية من التكتالت االقتصادية‪.‬‬

‫تربط الدول العربية عالقات اقتصادية و تجارية مع معظم دول العالم‪ ,‬ولكن بظهور التكتالت‬
‫االقتصادية وتنامي دورها في االقتصاد العالمي‪ ,‬أوجب على الدول العربية أن تنظر بطريقة مغايرة في‬
‫عالقاتها وتعامالتها مع هذه التكتالت‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أهمية التكتالت االقتصادية للدول العربية‪.‬‬

‫لقد اتجهت الدول المتقدمة إلى إنشاء تكتالت اقتصادية فيما بينها حيث يهدف كل تكتل إلى إتاحة‬
‫سوق واسعة لمنتجات الدول األعضاء عن طريق إزالة الحواجز الجمركية و غير الجمركية بينها‬
‫باإلضافة إلى توسيع نطاق الحماية التي تتمتع بها فروع اإلنتاج القائمة في الدول األعضاء في التكتل عن‬
‫طريق إنشاء تعريفة جمركية اتجاه العالم الخارجي و التي ال بد أن تكون مرتفعة على الواردات المماثلة‬
‫لمنتجات الدول األعضاء‪ ,‬وبما أن األسواق الرئيسية لصادرات الدول العربية معضمها لدول أعضاء في‬
‫تكتالت اقتصادية فهذا سيشكل خطورة على اقتصادياتها خصوصا أنها تتعامل بصفة فردية مع هذه‬
‫التكتالت مما يضعف قدرتها على المساومة في مجال التجارة الدولية‪ ،‬ولهذا سعت الدول العربية إلى‬
‫توثيق عالقاتها االقتصادية مع هذه األخيرة حتى تخفف من وطأة هذه المخاطر‪ ,‬أما من جانب التكتالت‬
‫االقتصادية فقد عملت على إبرام اتفاقيات شراكة مع الدول العربية من أجل تعزيز مصالحها في‬
‫المنطقة‪.‬‬
‫وإ ن كانت الدول العربية ستستفيد من هذه االتفاقيات من خالل حصولها على الدعم المالي‪ ,‬وزيادة‬
‫تدفق رؤوس األموال‪ ,‬فإن هذه التكتالت ستكون المستفيد األول ألنها ستضمن أكبر قدر من االنفتاح‬
‫لألسواق العربية على سلعها‬
‫وحتى نتمكن من دراسة أثر هذه التكتالت على اقتصاديات الدول العربية سنقوم بالتركيز على أبرز‬
‫هذه التكتالت وهو اإلتحاد األوروبي وتأثير قيامه وإ تمام عملية توحده على االقتصاد العربي وهذا لعدة‬
‫‪‬‬
‫اعتبارات هي‪:‬‬
‫‪ -1‬يعد اإلتحاد األوروبي الشريك التجاري األول لالقتصاد العربي‪.‬‬
‫‪ ‬محمد عبد المنعم وأحمد فريد مصطفى‪" ,‬االقتصاد الدولي"‪( ,‬شباب الجامعة‪ ,‬اإلسكندرية‪ ,)1999 ،‬ص‪.122‬‬
‫‪ ‬مجذب بدر عناد ومحي الدين محسن‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.355‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫‪-2‬القرب الجغرافي بين المنطقتين مما يعكس آثاره على مجموعة العالقات االقتصادية والسياسية‬
‫واالجتماعية‪.‬‬
‫‪-3‬تمثل آثار قيام هذا التكتل االقتصادي على االقتصاد العربي نموذج تقريبي لآلثار التي يمكن أن تظهر‬
‫في العالقة مع غيره من التكتالت‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬األهمية النسبية لإلتحاد األوروبي حسب الدول العربية‪.‬‬

‫تتفاوت قوة الترابط التجاري بين اإلتحاد األوروبي بالدول العربية وذلك وفقا لثالث مستويات على النحو‬
‫‪‬‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬دول ذات روابط تجارية قوية مع اإلتحاد األوروبي استرادا وتصديرا وتمثلها الجزائر‪ ,‬ليبيا‪ ,‬تونس‪,‬‬
‫المغرب وموريتانيا حيث ال تقل الصادرات الموريتانية إلى اإلتحاد األوروبي عن‪ 62%‬و تصل إلى ‪%‬‬
‫‪ 82,5‬بالنسبة إلى ليبيا‪.‬‬

‫‪ -2‬دول ذات روابط متوسطة في جانب الواردات‪ ,‬ومتواضعة في جانب الصادرات حيث تتراوح‬
‫األهمية النسبية لإلتحاد األوروبي في واردات هذه الدول بين حد أدنى يبلغ ‪ 31%‬كما هو الحال في‬
‫اإلمارات وحد أقصى يبلغ ‪ 46,5%‬بالنسبة لدولة قطر‪ ,‬وتنخفض األهمية التجارية بالنسبة لصادرات هذه‬
‫المجموعة لتتراوح بين ‪ 9,1%‬كحد أقصى بالنسبة للبحرين و ‪ 1,8%‬كحد أدنى لدولة عمان‪ ,‬وتشمل هذه‬
‫المجموعة خمس دول هي اإلمارات‪ ,‬البحرين‪ ,‬قطر‪ ,‬عمان و األردن‪.‬‬

‫‪ -3‬دول ذات عالقة متوسطة القوة ومتوازنة نسبيا في جانبي الصادرات والواردات وتضم هذه‬
‫المجموعة باقي الدول العربية حيث يستوعب اإلتحاد األوروبي حوالي ‪ 17,5%‬من صادرات هذه الدول‬
‫كحد أدنى بالنسبة للسعودية ليصل إلى ‪ 43%‬كحد أقصى في مصر‪ ,‬وهذا ما يوضحه الجدول التالي ‪:‬‬

‫الجدول رقم (‪ :)3-4‬األهمية النسبية للتبادل التجاري بين اإلتحاد األوروبي مع الدول العربية لعامي‬
‫‪1999‬و‪2000‬‬

‫الوحدة‪% :‬‬
‫الواردات‬ ‫الصادرات‬ ‫البلدان‬
‫‪2000‬‬ ‫‪1990‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪1990‬‬
‫‪ ‬العيد رزق هللا‪ " ،‬العالقات التجارية بين الدول العربية واإلتحاد األوروبي"‪ ,‬رسالة ماجستير‪ ,‬غير منشورة‪( ,‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم‬
‫التسيير‪ ,‬جامعة الجزائـر‪ ,) 2002 ،‬ص ص ‪.62-63‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫‪37‬‬ ‫‪29,6‬‬ ‫‪13,7‬‬ ‫‪4,3‬‬ ‫األردن‬


‫‪31‬‬ ‫‪29,6‬‬ ‫‪13,7‬‬ ‫‪7,8‬‬ ‫اإلمارات‬
‫‪33‬‬ ‫‪30,1‬‬ ‫‪7,7‬‬ ‫‪4,4‬‬ ‫البحرين‬
‫‪70,7‬‬ ‫‪20,6‬‬ ‫‪9,1‬‬ ‫‪73,4‬‬ ‫تونس‬
‫‪62‬‬ ‫‪68,2‬‬ ‫‪81,5‬‬ ‫‪67,4‬‬ ‫الجزائر‬
‫‪31‬‬ ‫‪65,8‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪20,2‬‬ ‫السعودية‬
‫‪35‬‬ ‫‪35,5‬‬ ‫‪17,5‬‬ ‫‪34,2‬‬ ‫السودان‬
‫‪38‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪25,2‬‬ ‫‪49,2‬‬ ‫سوريا‬
‫‪-‬‬ ‫‪38,4‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪23,7‬‬ ‫الصومال‬
‫‪36,5‬‬ ‫‪40,7‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪24‬‬ ‫العراق‬
‫‪20‬‬ ‫‪38,6‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪4‬‬ ‫عمان‬
‫‪46,5‬‬ ‫‪25,7‬‬ ‫‪1,3‬‬ ‫‪64‬‬ ‫قطر‬
‫‪28,9‬‬ ‫‪39,5‬‬ ‫‪14,3‬‬ ‫‪25,1‬‬ ‫الكويت‬
‫‪50,6‬‬ ‫‪30,9‬‬ ‫‪20,9‬‬ ‫‪21‬‬ ‫لبنان‬
‫‪58‬‬ ‫‪44,4‬‬ ‫‪82,5‬‬ ‫‪83‬‬ ‫ليبيا‬
‫‪34‬‬ ‫‪62,6‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪47,5‬‬ ‫مصر‬
‫‪70‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪64,6‬‬ ‫المغرب‬
‫‪61‬‬ ‫‪64,8‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪53,7‬‬ ‫موريتانيا‬
‫‪17‬‬ ‫‪24,7‬‬ ‫‪1,3‬‬ ‫‪49,1‬‬ ‫اليمن‬
‫المصدر‪:‬من إعداد الطالب بناء على إحصائيات تقرير صندوق النقد العربي‪ ,‬التجارة الخارجية للدول‬
‫العربية (‪ ,)1990-2000‬العدد‪.l9،2001‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اآلثار العامة لقيام اإلتحاد األوروبي على اقتصاديات الدول العربية‪.‬‬

‫اتضح من خالل التطرق للعالقات التجارية بين الدول العربية واإلتحاد األوروبي أهمية وقوة هذه‬
‫العالقات بين الطرفين‪ ,‬غير أن اكتمال مراحل هذا التكتل وقيام اإلتحاد النقدي األوروبي من شأنه أن‬
‫يؤثر على الدول العربية في مختلف المجاالت‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬األثر التجاري‪.‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫إن عملية التوحيد تنتج عنها مجموعة من اآلثار الديناميكية‪ ,‬من بينها تحقيق وفرات الحجم من خالل‬
‫اإلنتاج الواسع النطاق‪ ،‬أين سيتم االستغالل الكامل للحجم في الصناعات ذات الكثافة الرأسمالية‪.‬‬
‫ومن خالل الدراسات‪‬التي أجريت لقيام التكتل األوروبي ثم تقييم أثرين هما‪:‬‬
‫‪‬‬

‫‪ -1‬انخفاض تكاليف التداول الحقيقية بين األسواق األوروبية من خالل تبسيط اإلجراءات الجمركية‬
‫وتخفيض التكاليف الناتجة عن توحيد معايير اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -2‬التكامل بين األسواق المنفصلة من خالل تطبيق قانون السوق الواحد بإزالة التمييز الّس عري في‬
‫أسواق المنتجات داخل اإلتحاد األوروبي‪.‬‬
‫وتوصلت الدراسة إلى أن هذه اآلثار ستظهر لألول مرة في الصناعات ذات التركيز العالي على‬
‫المهارات‪ ,‬ومن ثم على الصناعات ذات الكثافة الرأسمالية التي تستفيد من وفرات الحجم‪ ,‬وتعد‬
‫الصناعات الكيماوية من الصناعات ذات الكثافة الرأسمالية التي ينتظر أن تحقق مكاسب لمنتجاتها حيث‬
‫ستتغير القيمة األساسية لها بنسبة ‪ 0,5%‬بسبب انخفاض تكاليف التداول وبنسبة ‪ 1,4%‬بسبب تكامل‬
‫األسواق وتتضمن هذه الصناعة المنتجات البتروكيماوية التي تعد من أهم الصناعات الموجهة للتصدير‬
‫في الدول العربية ‪,‬وبما أن اإلتحاد األوروبي ينتج عنه مزايا في التكاليف نتيجة منافسة موردي االتحاد‬
‫األوروبي للمنتجين العرب فهذا سيؤدي بالدول العربية إلى تكبد خسارة في معدل التبادل نتيجة تخفيض‬
‫أسعار التصدير لمواجهة المزايا التنافسية التي يتمتع بها المنتجين في اإلتحاد األوروبي‪ ,‬و إال فإنهم‬
‫سيتعرضون لخسارة في حصص السوق‪.‬‬
‫كما سينتج عن قيام اإلتحاد األوروبي تحديات أخرى ترتبط بوفرات الحجم الناتجة عن التقدم‬
‫التكنولوجي الموفر للموارد‪ ,‬بما فيها تحقيق وفرات في استهالك الطاقة على أساس وحدة اإلنتاج‪ ,‬بمعنى‬
‫فصل استهالك الموارد عن النمو في اإلنتاج‪ ,‬مما يؤدي إلى انخفاض نمو الصادرات العربية من موارد‬
‫الطاقة و المواد األولية األخرى‪.‬‬
‫وبصفة عامة فإن الدول العربية ستعرف خسارة في معدل التبادل في أنظمة السوق على المدى‬
‫الطويل بسبب عدم قدرة صادرات الدول العربية للوصول إلى أسواق هذه التكتالت‪ ,‬خاصة وأن هذه‬
‫‪‬‬
‫األخيرة تضع في معامالتها مواصفات فنية موحدة للمنتجات التي تدخل في أسواقها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬األثر االستثماري‪.‬‬

‫لقد أصبح تحويل االستثمار يلعب دورا مهما في الدول النامية‪ ,‬التي ترى أن وصول رأس المال‬
‫األجنبي يعتبر إسهاما في نشر التكنولوجية و تكوين المهارات‪ ,‬ومن اآلثار المبكرة لقيام اإلتحاد األوروبي‬

‫‪ ‬الدراسات قام بها الندرفورمان عام ‪.1992‬‬


‫‪ ‬بدر عناد ومحي الدين محسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ,‬ص ص‪. 362 -365‬‬
‫‪ ‬عبد المطلب عبد الحميد‪ ,‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.247‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫كان نمو المتزايد لجاذبية االستثمارات األجنبية مقارنة بالواليات المتحدة األمريكية واليابان‪ ،‬وهذا نتيجة‬
‫توفر الحوافز المشجعة كاتساع السوق وزيادة وفرات الحجم‪ ,‬وفيما يتعلق باتجاه التدفقات فإن الدول‬
‫العربية أخفقت في االستفادة من أثر اإلستثمارت الناشئة في أوروبا‪ ,‬بل على العكس فقد أصيبت‬
‫االستثمارات الصافية الفرنسية بالركود في دول المغرب العربي مقارنة مع الدول المضيفة األخرى‪،‬‬
‫ونفس الشيء بالنسبة لالستثمارات األلمانية في المنطقة‪ ،‬وهذا راجع إلى توجه دول اإلتحاد لالستثمار‬
‫في دول أوروبا الشرقية التي تسعى إلى إعادة هيكلة اقتصادياتها وإ صالحها‪ ,‬كما أنها تملك إمكانيات‬
‫زراعية وصناعية كبيرة وقدرا من التقدم التقني أكثر من الدول العربية‪ ,‬مما جعل هذه الدول عامل جذب‬
‫‪‬‬
‫لالستثمارات و المساعدات اإلنمائية‪.‬‬
‫وبصفة عامة فإن سوء األداء النسبي للدول العربية في اجتذاب االستثمار من اإلتحاد األوروبي كان‬
‫سببه االتجاه العام للمستثمرين في تجنب االستثمار في الدول النامية باستثناء القليل منها ذات االقتصاديات‬
‫الصناعية الجديدة وهذا نتيجة انخفاض المعامالت في هذه الدول مقارنة بالدول النامية األخرى ومنها‬
‫الدول العربية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬أثر الأورو على الدول العربية‪.‬‬

‫يعتبر اإلتحاد النقدي من المراحل المتطورة للتكتالت االقتصادية‪ ،‬ولقد تمكن اإلتحاد األوروبي من‬
‫الوصول إلى هذه المرحلة بتوحيد عملته حيث أصبح الأوروالوحدة النقدية الرسمية في جميع دول‬
‫األعضاء في اإلتحاد‪ ،‬ومن األكيد أن للأورو آثارا على المعامالت االقتصادية الدولية من خالل تأثيره‬
‫على المعامالت التجارية و المالية بين مختلف دول العالم و اإلتحاد األوروبي ومن هذه اآلثار السلبي و‬
‫اإليجابي و هذا حسب طبيعة الدول و قونها االقتصادية و كذا طبيعة معامالتها و ارتباطها مع االتحاد‬
‫األوروبي‪.‬‬
‫وبما أن الدول العربية تربطها عالقات تجارية مع هذ األخير فحتما ستتأثر إلنها ستقوم بتسعير‬
‫صادراتها باألورو بعد أن كانت بمجموعة من العمالت‪ ,‬وفي المقابل ستقوم الدول المستوردة من اإلتحاد‬
‫األوروبي بزيادة الطلب على الأورو حتى تتمكن من دفع قيمة وارداتها منه‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫ومن اآلثار الناجمة عن تطبيق وحدة الأورو على اقتصاديات الدول العربية‪:‬‬

‫‪ ‬بدر عناد ومحي الدين محسن‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.367‬‬


‫‪ ‬عبد المطلب عبد الحميد‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.247‬‬
‫‪ ‬مغاوري شلبي علي‪" ,‬أثر اليورو على البلدان العربية و العالم "‪( ,‬زهراء الشرق‪ ,‬القاهرة‪ ,) 2000,‬ص‪.93‬‬
‫‪ ‬لعلجة حاجي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ص ‪.389-390‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫‪ -1‬من آثار األورو إلغاء مخاطر الصرف الناجمة عن التذبذذب في أسعار العمالت لدول اإلتحاد قبل‬
‫الأورو وهو ما ينعدم معه الحاجة لعمليات التغطية لمواجهة إحتماالت هذه التذبذبات‪ ،‬مما يترتب عليه‬
‫استقرار في المعامالت التجارية‪.‬‬
‫‪ -2‬يؤدي األورو إلى عدم قدرة الدول العربية على المنافسة أمام السلع األوروبية المشابهة نتيجة‬
‫انخفاض تكاليف هذه األخيرة عند استخدام الأورو و إلغاء تكاليف تحويل العملة بين دول اإلتحاد‬
‫األوروبي‪.‬‬
‫‪ -3‬ينتج عن انخفاض الأورو أمام الدولار انخفاض حصيلة الصادرات للدول الشريكة مع اإلتحاد‬
‫األوروبي‪ ،‬وفي المقابل يشجع على اإلستراد منه بسبب إنخفاض تكلفة الواردات مقارنة بالواردات من‬
‫الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وهذا ما يجعل الزيادة في حجم التجارة بين الدول العربية واإلتحاد الأوروبي‬
‫مرتبطة أساسا بزيادة وارداتها من هذا األخير‪.‬‬
‫‪ -4‬يؤدي الأورو إلى تقليل نفقات اإلنتاج وتحسينها وهو ما يضر الصادرات العربية ويجعلها في موقع‬
‫تنافسي ضعيف‪.‬‬
‫‪ -5‬يؤدي الأورو إلى شفافية في األسعار حيث يصبح سعر السلعة الواحدة مهما كان مصدرها من دول‬
‫اإلتحاد تحدد بعملة واحدة مما يسهل عملية الشراء‪ ،‬كما أن إشتداد المنافسة بين دول اإلتحاد بهدف‬
‫تصريف منتجاتها هو في صالح انخفاض األسعار مما يؤثر إيجابا على الدول العربية المستوردة من‬
‫اإلتحاد األوروبي‪.‬‬
‫‪ -6‬سيدعم الأورو النمو اإلقتصادي في دول اإلتحاد األوروبي من خالل إندماج الشركات وإ نخفاض‬
‫التكلفة مما سيكون له أثر إيجابيا على الدول العربية‪ ،‬فحسب تقرير البنك الدولي فإن أي زيادة في الناتج‬
‫القومي اإلجمالي لدول الأورو سينتج عنه زيادة في صادرات دول الشرق الأوسط و شمال إفريقيا إلى‬
‫دول الأورو بنسبة ‪ ، 3%‬أما في حالة انكماش الناتج القومي لدول الأورو بنسبة‪ 1%‬فإنه ينتج عنه‬
‫‪‬‬
‫انكماش اقتصادي في هذه الدول بنسبة‪.0,25%‬‬

‫‪ -7‬إن استحداث الأورو سيخضع القطاع المصرفي لعملية دمج تتيح للبنوك الناشئة العمل على مستوى‬
‫أوروبا كلها‪ ،‬مما يؤدي إلى زيادة منافسة المؤسسات المالية األوروبية وهذا ما يشكل خطرا على الدول‬
‫العربية التي تعمل وفق أنظمة غير متطورة‪،‬حيث ستتأثر البنوك العربية أكثر من غيرها بسبب عدم‬
‫قدرتها على تحمل التكاليف التكنولوجية الجديدة الالزمة للتعامل مع المستجدات التي تنجم عن إستخدام‬
‫‪‬‬
‫الأورو‪.‬‬

‫‪ ‬عبد هللا بن خالد العطية‪" ,‬انعكاسات العملة األوروبية الموحدة على االقتصاد العالمي و العربي"‪ ,‬دراسات وقائع الندوة التي عقدت في االجتماع‬
‫التنسيقي السنوي العربي للغرفة التجارية العربية األجنبية المشتركة‪( ,‬الدوحة‪ ,)1999 ,‬ص ‪.19‬‬
‫‪ ‬فارس ثابت الحررادي‪ " ,‬أثر اليورو على اقتصاديات الدول العربية"‪( ,‬صندوق النقد العربي‪ ,‬بيروت‪,) 2000,‬ص‪.20‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الشراكة األورو عربية وآثارها على االقتصاديات العربية‪.‬‬

‫أدى قيام التكتالت االقتصادية إلى وجود مايسمى باقتصاديات المشاركة الدولية‪ ،‬وخاصة من طرف‬
‫اإلتحاد الأوروبي الذي يسعى إلى عقد اتفاقيات شراكة مع الدول العربية‪ ,‬وهذا ما أثار المخاوف حول‬
‫هذه الشراكةخاصة فيما يتعلق بالصناعة العربية ومستقبلها‪ ،‬مع العلم أن الدول العربية‬
‫تتفاوض مع اإلتحاد األوروبي بصورة فردية‪.‬‬
‫‪‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أهمية ومبررات إتفاقية الشراكة األوروعربية‪.‬‬

‫‪ -1‬بالنسبة لإلتحاد األوروبي‪:‬‬


‫يهدف اإلتحاد األوروبي للحفاظ على مصالحه التجارية واالقتصادية من خالل‪:‬‬
‫‪‬‬

‫‪ -‬توسيع السوق العربية لصالح صادراته‪.‬‬

‫‪ -‬تدعيم مراكز اإلتحاد األوروبي في مواجهة التكتالت اإلقتصادية‪ ,‬ومحاولة لمنع قيام أي‬
‫تكتالت إقتصادية في القسم الجنوبي و الشرقي لحدوده‪.‬‬

‫‪ -‬زيادة تنمية اإلستثمارات األوروبية بالمنطقة العربية والحفاظ على مصادر الطاقة‪.‬‬

‫‪ -‬إيجاد حل لمشكلة الهجرة غير المشروعة‪.‬‬

‫‪ -2‬بالنسبة للدول العربية‪:‬‬


‫أما عن مبررات الدول العربية لعقد إتفاقيات الشراكة مع اإلتحاد األوروبي فتتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬ضمان سوق أكثر إتساعا للمنتجات العربية‪.‬‬

‫‪ -‬اإلستفادة من برامج التمويل األوروبي و التسويق ومواصفات الجودة و الخبرة العلمية‬


‫والتكنولوجية الحديثة‪.‬‬

‫‪ -‬أهمية اإلتحاد األوروبي كمصدر للمساعدات المالية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تاريخ اإلتفاقيات المبرمة بين اإلتحاد األوروبي و الدول العربية‪.‬‬

‫‪ ‬مجذب بدر عناد ومحي الدين محسن‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪. 368‬‬
‫‪ ‬العيد رزق هللا‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ص‪. 69-70‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫تضمنت معاهدة روما المنشئة للجماعة اإلقتصادية األوروبية ‪ 1957‬مواد تنظيم الكيفية التي تقوم‬
‫بموجبها الجماعة بعقد إتفاقيات بينها مجتمعة وبين دول أخرى غير أعضاء‪ ,‬و خالل صياغة المعاهدة‬
‫أصرت فرنسا على إشراك األراضي التابعة (المستعمرات السابقة) ومنحها بعض المزايا التي تسمح‬
‫باإلحتفاظ بالعالقات الخاصة التي كانت تتعامل بموجبها‪ ,‬فمنحتها تسهيالت جمركية‪ ,‬إال أن جامعة الدول‬
‫العربية أصدرت قرارا في نوفمبر ‪ 1959‬بمعارضة إدماج المستعمرات العربية في السوق األوروبية‪,‬‬
‫وهذا ماجعل العالقات التجارية بين الطرفين تتسم بالركود طيلة الفترة الممتدة مابين ‪1957‬و‪ 1972‬رغم‬
‫وجود دوافع مصلحية لإلتحاد األروبي تجعله تحدو لإلهتمام بالدول العربية‪ ,‬ولكن بنمو عوائد البترول‬
‫العربية بعد ‪ 1973‬عرفت العالقات بين الطرفين نقطة تحول بحيث كانت بداية الحوار األوروبي العربي‬
‫الذي كان يمثل من وجهة النظر األوروبية إطارا مناسبا لمناقشة القضايا االقتصادية‪ ,‬إال أن هذا الحوار قد‬
‫فشل في التوصل إلى أي صيغ للتعامل الجماعي بين الطرفين‪ ,‬فقد حاولت الدول العربية الحصول على‬
‫معاملة تفضيلية من الجماعةاألوروبية‪ ،‬األمر الذي لم يلق القبول من هذه األخيرة‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ومع بداية الثمانينات ثم إعادة بعث العالقات بين الطرفين حيث تصاعد االهتمام بالمنطقة المتوسطة‬
‫من طرق الجماعة األوروبية وكان نتيجة ذلك إعالن المجلس الوزاري في مارس‪ 1985‬تأكيد المجموعة‬
‫األوروبية على األهمية التي توليها للتعاون مع الدول العربية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬اتفاقية برشلونة اآلليات واألهداف‪.‬‬

‫يعد مؤتمر برشلونة نقطة تحول في العالقات المستقبلية بين دول أوروبا ودول المتوسط بصفة‬
‫عامة والدول العربية المتوسطية بصفة خاصة‪ ،‬حيث ثم صياغة سياسة اإلتحاد األوروبي إتجاه الدول‬
‫العربية عن طريق إتفاقيات الشراكة األرومتوسطية‪.‬‬
‫انعقد مؤتمر برشلونة في الفترة مابين ‪ 27‬إلى‪ 29‬نوفمبر ‪ 1995‬حيث شارك فيه ‪12‬دولة‪‬تقع في‬
‫جنوب وشرق المتوسط ومنها الدول العربية المتوسطية‪ ,‬واستثنيت ليبيا ألسباب سياسية إلى جانب ‪15‬‬
‫دولة األعضاء في اإلتحاد األوروبي‪ ،‬ولقد وافقت األطراف المشاركة في المؤثمر من حيث المبدأ على‬
‫إقامة شراكة بين اإلتحاد والدول المتوسطية تهدف بالدرجة األولى إلى تطوير العالقات االجتماعية و‬
‫الثقافية واالقتصادية وتعميق التعاون في هذه المجالت بشكل متوازن وتأكيد مبدأ احترام حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪ ‬إكرام عبد الرحيم‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ص‪. 242-243‬‬


‫‪ ‬هذه الدول هي مصر‪ ،‬األردن‪ ،‬سوريا‪ ،‬لبنان‪ ،‬السلطة الفلسطينية‪ ،‬تونس‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المغرب‪ ،‬تركيا‪ ،‬مالطا‪ ،‬قبرص وإسرائيل‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪Khader Bichar ,"Le partenariat Euro-mediterranin après la Conférence de Barcelone", (l'harmattan, paris1997), pp77-78‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫ولقد تضمن إعالن برشلونة ثالثة أبعاد رئيسية‪ ,‬يتمثل البعد األول في المشاركة السياسية والثاني‬
‫في النواحي االجتماعية‪ ,‬أما البعد الثالث فينطوي على الشراكة االقتصادية و المالية وهو ما‬
‫سنركز عليه دراستنا‪.‬‬

‫‪‬‬
‫وتتضمن الشراكة االقتصادية و المالية‪:‬‬

‫أ‪ -‬اإلقامة التدريجية لمنطقة تجارة حرة بين اإلتحاد األوروبي ودول جنوب المتوسط خالل الفترة من‬
‫‪ 12‬إلى ‪ 15‬سنة‪ ,‬بحيث تكون مستكمـلة بحلول عام ‪ ،2010‬وتتضـمن المنطقة اإلزالة التدريجيـة‬
‫وبحسب جدول زمني متفق عليه للرسوم الجمركية و الكمية على التجارة بالسلع الصناعية‪.‬‬

‫ب‪ -‬تصحيح البنى الاقتصادية والاجتماعية وتنظيمها وتحديثها مع إعطاء األولوية لدعم وتنمية القطاع‬
‫الخاص‪.‬‬
‫ج‪ -‬تقديم مساعدات مالية من طرف اإلتحاد األوروبي بجوالي ‪ 4,6‬مليار وحدة نقدية أوروبية أي ما‬
‫يعادل ‪ 7‬مليار دوالر‪ ,‬ويتضح من هذه المعونات نظرة المشروع المتوسطي إلى الشراكة من زاويـة‬
‫المساعدات من أجل ترغيب دول الجنوب على تغيير أوضاعــها بما ينسجم مع أهداف اإلتحــاد األوروبي‪,‬‬
‫و ستخصص هذه المساعدات وفقا لمشاريع تحدد في إطار األولويات والبرامج المـحدد ة‬
‫في اإلعالن‪.‬‬

‫د‪ -‬زيادة التدفقات االستثمارية إلى بلدان جنوب المتوسط ورفع الكفاءة اإلنتاجية وزيادة الصادرات من‬
‫‪‬‬
‫خالل وضع إطار قانوني يسمح بتنظيم وتشجيع تدفق االستثمار إلى الدول العربية‪.‬‬

‫وفي المقابل تلزم االتفاقية دول جنوب المتوسط بتوفير شروط تحقيق االستقرار االقتصادي الكلي‬
‫وتخفيف عبئ المديونية وتحقيق درجة عالية من االنفتاح في إطار ليبرالي و توفير شبكة الضمان‬
‫االجتماعي الشامل‪.‬‬
‫ولقد تمكنت مجموعة من الدول العربية من عقد اتفاقية الشراكة مع اإلتحاد األوروبي وهي تونس‪,‬‬
‫المغرب‪ ,‬األردن‪ ,‬الجزائر ومصر‪ ،‬كما تسعى سوريا ولبنان لتحقيق الهدف نفسه‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬آثار االتفاقية الشراكة األورومتوسطية على إقتصاديات الدول العربية‪.‬‬

‫‪ ‬للتعرف على مضامين البعد السيلسي و البعد االجتماعي‪ ,‬أنظر أكرام عبد الرحيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.249‬‬
‫‪ ‬محمد األطرش‪ ،‬حول التوحد اإلقتصادي العربي والشراكة األورو متوسطية‪( ,‬في مجلة المستقبل العربي‪ ,‬العدد‪ ,)2001 ,272‬ص‪.88‬‬
‫‪‬‬
‫‪Fourume civil Euromed,"vers un nouveaux scénario de partenariat euro mediterranneen, (barcelona1996) ,p79‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫إن تحليل اآلثار المتوقعة إلتفاقيات الشراكة األورو‪ -‬عربية و التي تتم في إطار سياسة‬
‫أورومتوسطية يكون من خالل خصوصية العالقة بين الطرفين بإعتبار أن اإلتحاد الأوروبي أهم شريك‬
‫للدول العربية وهذا الوضع يجعل إقتصاديات العربية أكثر حساسية إلتفاقية الشراكة من الدول الأخرى‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪-1‬اآلثار اإليجابية‪:‬‬

‫أ‪ -‬يترتب على العالقات التجارية بين الدول األوروبية في ظل الصياغة الجديدة المتمثلة في اتفاقيات‬
‫الشراكة قيام منطقة التجارة الحرة بين الطرفين‪ ،‬مما يسمح بفتح أسواق اإلتحاد األوروبي أمام منتجات‬
‫الدول العربية‪.‬‬

‫ب‪ -‬إن تخفيض الرسوم الجمركية وإ لغائها تدريجيا يمكن المشاريع العربية من الحصول على وسائل‬
‫الإنتاج و المعدات معفاة تماما من التعريفة الجمركية مما يجعلها أقل كلفة‪.‬‬

‫ج‪-‬تسمح عقود الشراكة بتسهيل نقل التكنولوجة وبالتالي زيادة إنتاجية العوامل‪ ،‬وهذا مايتم باإلستثمار‬
‫في السلع والرأسمالية‪.‬‬

‫د‪-‬تسمح اإلتفاقية بوضع نظام تفضيلي مع إجراءات وقائية و هذا بفرض رسوم لحماية المنتجات‬
‫الصناعية الجديدة أو القطاعات التي تخضع إلعادة الهيكلة في الدول العربية‪.‬‬

‫ه‪ -‬بموجب اإلتفاقية يقدم اإلتحاد األوروبي مساعدات مالية وفنية تهدف إلى دعم القدرات الاقتصادية‬
‫العربية من خالل البرامج التنموية لتشجيع القطاع الخاص وجدب اإلستثمارات األجنبية وتنفيذ إتفقيات‬
‫الشراكة‪ ,‬أما المساعدات الفنية تدفع للتأقلم مع قواعد المنافسة مما يزيد من كفاءة وفعالية اإلنتاج‪.‬‬

‫‪-2‬اآلثار السلبية‪:‬‬
‫‪‬‬

‫أ‪ -‬تواجه الشركات العربية منافسة شديدة من الشركات األوروبية بإعتبارها منافسة غير متكافئة‪ ،‬مما‬
‫يؤدي إلى إفالس عدد كبير من الشركات العربية وبالتالي إرتفاع معدالت البطالة‪ ،‬كما سيضاعف فتح‬
‫األسواق العربية أمام المصنوعات األوروبية من زيادة االختالل في الموازين التجارية للدول العربية‪.‬‬

‫ب‪ -‬سيكون لقيام المنطقة الحرة أثر على الصناعات العربية التحولية القائمة بالقضاء على أغلبها‬
‫أوالتأثير فيها سلبا نظرا لتقدم الصناعات التحويلية في اإلتحاد األوروبي خاصة أنها ستستفيد من‬
‫اقتصاديات اإلنتاج على نطاق واسع بسبب ضخامة سوقه‪.‬‬

‫‪ ‬العيد رزق هللا‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.101‬‬


‫‪ ‬إكرام عبد الرحيم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.356-357‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫ج‪ -‬كما أن األثر الأكثر خطورة نتيجة إبرام إتفاقية الشراكة هو الحيلولة في المستقبل دون تطوير‬
‫صناعات تحويلية عربية جديدة‪ ,‬إلن إنفتاح األسواق العربية المتوسطية من دون حماية لفترة كافية‬
‫سيؤدي إلى إستراد سلع مصنعة وذات تقنية عالية مما سيشكل عقبة في طريق العمل على إقامتها في‬
‫الدول العربية‪.‬‬
‫‪‬‬

‫د‪ -‬إن المنتجات الزراعية العربية تخضع لنظام حصص أوروبي صارم و لن تفتح إال ضمن الحدود‬
‫المسموح بها في نطاق السياسة الزراعية لإلتحاد الأوروبي الذي يتعامل بسياسة الكيل بمكيالين‪ ,‬فهو‬
‫يطلب من الدول العربية المعنية أن تزيل القيود الجمركية وغير الجمركية على الصادرات األوروبية من‬
‫السلع الصناعية‪ ,‬أما بالنسبة للصادررات العربية من المنتجات الزراعية فيضع أمامها عدة عراقيل حتى‬
‫ال تدخل ضمن حدود المسموح بها لإلتحاد األوروبي‪ ,‬كما أن انضمام دول جنوب أوروبا ذات اإلنتاج‬
‫الزراعي الهام إلى اإلتحاد األوروبي وحصولها على حرية النفاذ إلى أسواقها أكسبها وضع أفضل مما‬
‫أضعف المزايا القليلة التي كانت للدول العربية‪ ,‬خصوصا بالنسبة لدول المغرب التي أعادت بناء‬
‫اقتصادها على أساس اإلنتاج للسوق األوروبية‪.‬‬

‫هـ‪ -‬سيترتب على إزالة الرسوم الجمركية تدني إيرادات الموازنات العامة للدول العربية وإ عاقة تنفيذ‬
‫مشاريع التنمية وبهذا عليها إتخاد سياسات صناعية وإ جتماعية تعويضية للتخفيف من األزمات الناجمة‬
‫‪‬‬
‫عن إزالة هذه الرسوم‪.‬‬

‫ورغم التحديات التي تفرضها الشراكة األوروعربية‪ ,‬والمشاكل التي الزالت تواجه الدول العربية‬
‫المتوسطية خاصة المتعلقة بمتطلبات مصالحها الوطنية‪ ,‬إال أنه يبقى مشروعا طموحا يحمل في طياته‬
‫جوانب إيجابية لكافة األطراف المشاركة‪.‬‬

‫من خالل رصدنا آلثار اإلتحاد األوروبي على اقتصاديات الدول العربية و التي يمكن ان تكون‬
‫نموذجا لآلثار التي قد تنجم عن التكتالت االقتصادية األخرى تبين ان هذه األخيرة تؤثر من عدة اتجاهات‬
‫على االقتصاديات العربية في ظل عدم نجاحها في إقامة تكتل اقتصادي‪ ,‬حيث بقيت المنطقة العربية‬
‫فضاء قابل لالحتواء واالستقطاب تتنافس عليه الكتل االقتصادية المختلفة وتؤثر عليه سلبا في مختلف‬
‫المجاالت‪.‬‬

‫‪ ‬محمد األطرش‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪91‬‬


‫‪ ‬سليمان المنذري‪ ،‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪228‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الشركات متعددة الجنسية وآثارها على االقتصاديات العربية‪.‬‬

‫سعت معظم الدول النامية ومنها الدول العربية منذ حصولها على استقاللها إلى تحقيق تنميتها وبناء‬
‫اقتصادها‪ ,‬إلا أنها بقيت مكبلة بقيود عدم تحقيقها الستقاللها االقتصادي‪ ,‬فمواردها أصبحت محصورة بيد‬
‫الشركات متعددة الجنسية‪ ,‬ألن متطلبات تنميتها من تكنولوجية وتقنية متطورة ال تتوفر إال عند هذه‬
‫الشركات وهذا ما جعل هذه الدول تدور في فلك التبعية لهذه األخيرة دون أن ترغب في ذلك‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬طبيعة تعامل الشركات متعددة الجنسية مع الدول العربية‪.‬‬

‫ال تختلف طبيعة تعامل الشركات متعددة الجنسة في الدول العربية عنها في الدول النامية باعتبار أن‬
‫هذه الشركات تستثمر في الدول التي تحقق فيها أكبر مكسب‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬السياسات المنتهجة للشركات متعددة الجنسية في الدول العربية‪.‬‬

‫تظهر الشركات متعددة الجنسية في الدول العربية بأشكال متنوعة بعضها تقليدي واآلخر مستحدث‪،‬‬
‫ويتمثل الشكل األول الذي يتفق مع المعنى الضيق للشركات متعددة الجنسية في اإلستثمار األجنبي‬
‫المباشر وما ينشأ عنه من ملكية مستقرة ألصول ثابتة وما يظهر من أنشطة أخرى مثل عقود المقاوالت‬
‫من الباطن وتجارة التكنولوجية‪ ,‬أما األشكال المستحدثة فهي تلك التي ال ترتبط بملكية مباشرة ألصول‬
‫منتجة ويشمل عدد كبيرا من األنشطة مثل عقود اإلدارة‪ ,‬الخدمات اإلستثمارية الهندسية وأهمها عقود‬
‫‪‬‬
‫مقوالت تسليم المفاتيح‪ ,‬بأنماطها المختلفة‪.‬‬
‫ولقد اختلفت السياسات التي اعتمدتها الشركات متعددة الجنسية في الدول العربية في التعامل مع‬
‫اقتصادياتها‪ ،‬حيث يعتبر عام ‪ 1973‬نقطة تحول بين حقيقتين مختلفتين‪ ،‬شملت الحقبة األولى فترة‬

‫‪‬‬
‫محمد السيد سعيد‪" ,‬الشركات عابرة القومية ومستقبل الظاهرة القومية"‪( ,‬عالم المعرفة‪ ,‬الكويت‪ ,)1986 ,‬ص‪. 214‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫االستعمار واستمرت بعد االستقالل السياسي حتى أوائل السبعينيات وقد ساد هذه الحقبة نمط اإلستثمار‬
‫المباشر وتركيز نشاطها في قطاع الخدمات و المرافق العامة و المال و التجارة واإلستخراج‪ ,‬وبالتحديد‬
‫إستخراج وإ نتاج البترول العربي بإعتبارها شركات احتكارية طبقا لعقود االمتياز الذي كانت تحصل عليه‬
‫وهذا ماجعلها ذات نفوذ هائل على إقتصاديات الدول العربية المنتجة و المصدرة للنفط‪ ,‬وفي عام ‪1967‬‬
‫بلغت قيمة تدفقات اإلستثمار األجنبي في‪ 19‬دولة عربية نحو ‪ 3352,2‬بليون دوالر‪ ,‬منها ‪ 13,2%‬فقط‬
‫في النشطات غير بترولية ‪ ,‬أما الباقي فقد توزع على إنتاج وتكرير البترول‪ ،‬وداخل هذه الجزء إستأثر‬
‫إنتاج البترول الخام ‪ 55%‬من إجمالي اإلستثمارات البترولية‪ ,‬أما اإلستثمارات غير البترولية فقد مالت‬
‫للتركيز الواضح في األنشطة الخدماتية كالسياحة‪.‬‬
‫أما الحقبة الثانية فقد بدأت مع تزايد عوائد الصادرات البترولية‪ ,‬وفيه عمدت تلك الشركات إلى‬
‫إنتهاج أشكال تنظمية غير تقليدية كعقود مقاوالت تسليم المفتاح بأنماطها المختلفة وأشكال وسيطية أخرى‬
‫التعتبر إستثمارا من النوع التقليدي‪ ،‬بمعنى أنها ال تستمد أهميتها من كونها إستثمارا وإ نما من أدائها‬
‫لوظائف حيوية في مجال اإلنتاج الدولي كالتدويل المصرفي والتوسع في إنشاء المصارف التابعة و‬
‫المشتركة لبنوك عمالقة‪ ,‬ولقد توسعت هذه األشكال في الفترة التي تلت ارتفاع أسعار البترول العربي‬
‫بصورة ال نظير لها‪ ,‬فمع حلول هذه الحقبة أتصح جليا أن مهمة استنزاف الفائض اإلقتصادي للدول‬
‫العربية ومواردها قد أصبح بأيدي مجموع الشركات متعددة الجنسية‪.‬‬
‫‪‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬آلية الشركات متعددة الجنسية لتكريس تبعية الدول العربية‪.‬‬

‫تستخدم الشركات متعددة الجنسية عدة آليات لتكريس تبعية الدول العربية وتخلق كل آلية من هذه‬
‫‪‬‬
‫اآلليات شكل من أشكال التبعية و من أهم هذه الآليات‪:‬‬
‫تعد آلية المشاركة واحدة من أشكال هذه اآلليات‪ ,‬والتي نجمت عن إضطرار الدول العربية للتعامل‬
‫مع هذه الشركات نتيجة لنقص رؤوس األموال و المهارات الفنية‪ ،‬مما أدى إلى استنزاف الفائض من هذه‬
‫الدول على شكل تحويل أرباح المشاريع إلى الخارج‪.‬‬
‫كما كرست آلية التصنيع من أجل التصدير تبعية الدول العربية‪ ,‬فقد قامت معظمها بوضع سياسات‬
‫تنموية لتطوير قطاعها الصناعي كي تحد وارداتها من الخارج‪ ,‬وإ ستعانت في ذلك بالشركات متعددة‬
‫الجنسية‪ ,‬غير أن هذه اآلخيرة سخرت جانبا كبيرا من إستثماراتها للصناعات التصديرية خاصة في الدول‬
‫العربية التي تتوفر على المواد األولية و األيدي العاملة الرخيصة‪ ,‬وبذلك تتمكن الشركات متعددة الجنسية‬
‫من إعادة نشر الصناعات بحيث تقلل من تكاليفها وتحد من مخاطر البيئة في المركز األم و تحكم‬

‫‪ ‬مجذب بدر عناد ومحي الدين محسن‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪. 375‬‬
‫‪ ‬أسامة عبد المجيد العاني‪" ,‬مستقبل االقتصاد العربي في ظل الشركات متعددة الجنسية"‪ ( ,‬في مجلة شؤون عربية‪ ,‬العدد‪ , 108‬ديسمبر‪,)2001‬‬
‫ص‪.137‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫سيطرتها على السوق و التسويق فتضمن معدالت ربح عالية‪ ,‬أما الدول العربية فتزداد تبعيتها بسبب‬
‫إعتمادها على الخارج وتشوه هياكلها االقتصادية‪.‬‬
‫وتستخدم الشركات متعددة الجنسية آلية أخرى لتكريس تبعية الدول العربية والمتمثلة في التبعية‬
‫التكنولوجية‪ ،‬األمر الذي يحرمها من إختيار التكنولوجية المالئمة لها بسبب إفتقارها ألدوات اإلنتاج‪,‬‬
‫حيث أن التكنولوجية التي تستخدمها هذه الشركات مصممة أصلا للسوق الرأسمالية‪ ,‬وقد تتضمن عقود‬
‫نقل التكنولوجية قيودا على عمليات التصدير فتخضع نشاطات الدول العربية إلى مخططات الشركات‬
‫متعددة الجنسية في مجال إقتسام األسواق العالمية و التقسيم الدولي للعمل‪ ,‬كما يتحتم على الدول العربية‬
‫اإللتزام بشراء مستلزمات ومعدات إنتاج من مصادر معينة (من الشركة األم وفروعها في الخارج)‪ ،‬مما‬
‫يعطل نمو عالقات الترابط و التشابك بين العناصر المختلفة للجهاز اإلنتاجي على مستوى الدولة الواحدة‪,‬‬
‫ولقد أظهرت البيانات إرتفاع حجم الواردات العربية من آالت ومعدات نقل من ‪ 22,084‬بليون دوالر‬
‫‪‬‬
‫عام‪ 1990‬إلى‪ 35,315‬بليون دوالر عام ‪.1995‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬النشاط التقليدي للشركات المتعددة الجنسية في الدول العربية‪.‬‬


‫(االستثمار األجنبي المباشر)‪.‬‬

‫يعرف االستثمار األجنبي المباشر على أنه المال الوافد على دولة غير دولته و المستخدم مباشرة‬
‫للغرض الذي جاء من أجله وهو النماء و الزيادة‪ ,‬فاإلستثمارات األجنبية المباشرة هي عمليات تقوم بها‬
‫الشركات متعددة الجنسية خارج موطنها األم وقد تكون على شكل شراكة مع منتج محلي أو مدعومة‬
‫بقروض محلية لكنها في الغالب تكون نتيجة مبادرة أجنبية‪ ,‬وفي ظل العولمة عرفت االستثمارات‬
‫األجنبية كقطب من أقطاب العولمة‪ ‬و هذا ما يجعلنا نتساءل إذا ما استفادت الدول العربية من الزيادة‬
‫في تدفقات االستثمار األجنبي المباشر‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬واقع االستثمار األجنبي المباشر في الدول العربية‪.‬‬

‫شهد تدفق االستثمار األجنبي المباشر في الدول العربية تطورا ملحوظا في خالل الفترة(‪-2001‬‬
‫‪ )1995‬فقد بلغ إجمالي اإلستثمارات األجنبية إلى الدول العربية عام ‪ 2001‬حوالي ‪ 6,03‬مليار دوالر‬
‫فيما لم يتجاوز ‪ 0,26‬مليار دوالر سنة ‪ ,1995‬وبلغ ذروته عام ‪ 1998‬إذ وصل إلى ‪ 8,46‬مليار‬
‫دوالر‪ ،‬ويرجع ذلك إلى القفزة النوعية التي شهدها حجم اإلستثمارات األجنبية المباشرة في السعودية‬

‫‪ ‬نفس المرجع‪ ,‬ص‪. 142‬‬


‫‪ ‬الشركة العربية لمصائد األسماك‪" ,‬اإلستثمار األجنبي المباشر بالدول العربية المشكلة و الحل"‪( ,‬المؤسسة العربية لضمان اإلستثمار‪,)1997 ،‬‬
‫ص‪.177‬‬
‫‪ ‬لعلجة حاجي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.52‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫الذي بلغ ‪ 4,29‬مليار دوالر بعد أن كان سالبا عامي ‪1995‬و‪ ,1996‬وتراجع ذلك بعد عامي ‪1999‬و‬
‫‪ 2000‬ليصل ‪ 4,28‬مليار دوالر و ‪ 2,42‬مليار دوالر على التوالي‪ ،‬إال أنه تضاعف بشكل ملحوظ عام‬
‫‪ 2001‬مما كان عليه عام ‪ ,2000‬ويعزى ذلك بشكل أساسي إلى الزيادة التي عرفتها اإلستثمارات‬
‫اإلجنبية في المغرب عام ‪ 2001‬حيث بلغ حجمها ‪ 2,66‬مليار دوالر مقابل ‪ 0,2‬مليار دوالر عام‬
‫‪,2000‬وكذلك بسبب ارتفاع االستثمارات األجنبية في الجزائر من ‪ 0,4‬مليار دوالر إلى ‪ 1,2‬مليار‬
‫دوالر عام ‪,2001‬وهذا ما يبينه الجدول التالي‪:‬‬
‫الجدول رقم (‪ )3-5‬تدفقات االستثمار األجنبي المباشر الوارد إلى الدول العربية‬
‫خالل الفترة (‪.)1995-2001‬‬

‫‪2001‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪1998‬‬ ‫‪1997‬‬ ‫‪1996‬‬ ‫‪1995‬‬ ‫الدولة السنة‬


‫‪169‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪157‬‬ ‫‪310‬‬ ‫‪361‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪13‬‬ ‫األردن‬
‫‪162-‬‬ ‫‪260‬‬ ‫‪985-‬‬ ‫‪258‬‬ ‫‪232‬‬ ‫‪301‬‬ ‫‪399‬‬ ‫اإلمارات‬
‫‪92‬‬ ‫‪357‬‬ ‫‪404‬‬ ‫‪180‬‬ ‫‪329‬‬ ‫‪2048‬‬ ‫‪431‬‬ ‫البحرين‬
‫‪486‬‬ ‫‪779‬‬ ‫‪368‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪365‬‬ ‫‪351‬‬ ‫‪378‬‬ ‫تونس‬
‫‪1169‬‬ ‫‪438‬‬ ‫‪507‬‬ ‫‪501‬‬ ‫‪260‬‬ ‫‪270‬‬ ‫‪25‬‬ ‫الجزائر‬
‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫جيبوتي‬
‫‪20-‬‬ ‫‪1884‬‬ ‫‪780-‬‬ ‫‪4,289‬‬ ‫‪3044‬‬ ‫‪1,129- 1,877-‬‬ ‫السعودية‬
‫‪574‬‬ ‫‪392‬‬ ‫‪371‬‬ ‫‪371‬‬ ‫‪98‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫السودان‬
‫‪205‬‬ ‫‪270‬‬ ‫‪263‬‬ ‫‪82‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪100‬‬ ‫سوريا‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫الصومال‬
‫‪1-‬‬ ‫‪3-‬‬ ‫‪7-‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫العراق‬
‫‪49‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪101‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪29‬‬ ‫سلطنة عمان‬
‫‪49‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪101‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪-‬‬ ‫فلسطين‬
‫‪51‬‬ ‫‪76‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪149‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪-‬‬ ‫قطر‬
‫‪40-‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪347‬‬ ‫‪7‬‬ ‫الكويت‬
‫‪249‬‬ ‫‪258‬‬ ‫‪250‬‬ ‫‪200‬‬ ‫‪150‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪35‬‬ ‫لبنان‬
‫‪101-‬‬ ‫‪142-‬‬ ‫‪118-‬‬ ‫‪150-‬‬ ‫‪82-‬‬ ‫‪136-‬‬ ‫‪107-‬‬ ‫ليبيا‬
‫‪510‬‬ ‫‪1235‬‬ ‫‪2919‬‬ ‫‪1056‬‬ ‫‪887‬‬ ‫‪636‬‬ ‫‪598‬‬ ‫مصر‬
‫‪2658‬‬ ‫‪201‬‬ ‫‪850‬‬ ‫‪333‬‬ ‫‪1079‬‬ ‫‪357‬‬ ‫‪335‬‬ ‫المغرب‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫‪30‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪7‬‬ ‫موريتانيا‬


‫‪205-‬‬ ‫‪201-‬‬ ‫‪194-‬‬ ‫‪219-‬‬ ‫‪139-‬‬ ‫‪60-‬‬ ‫‪218-‬‬ ‫اليمن‬
‫المصدر‪:‬المؤسسة العربية لضمان اإلستثمار‪ ,‬تقرير مناخ اإلستثمار في الدول العربية ‪ ,2002‬ص‪.74‬‬

‫وعلى العموم فإن اإلستثمار األجنبي المباشر لم يتجاوز في أحسن أحواله‪ 1,5%‬من إجمالي‬
‫اإلستثمار األجنبي المباشر في العالم (عام ‪,)1997‬و ظل يتراوح حولي ‪ 1%‬في األعوام ‪1996‬و‬
‫‪1998‬و‪ ،2001‬وقد بلغ متوسط نسبة اإلستثمار األجنبي المباشر من إجمالي اإلستثمارات في العالم‬
‫خالل الفترة (‪ )1955-2001‬حوالي ‪ ،0,65%‬كما بلغ متوسط نسبة اإلستثمارات األجنبية المباشرة إلى‬
‫الناتج اإلجمالي في الدول العربية خالل نفس الفترة حوالي ‪) 0,7%‬الجدول رقم (‪.3-6‬‬

‫الجدول رقم (‪:)3-6‬حصة الدول العربية من تدفقات االستثماراألجنبي المباشر الوارد عالميا خالل‬
‫الفترة(‪)1995-2001‬‬
‫الوحدة‪ :‬مليار ‪$‬‬
‫‪2001 2000‬‬ ‫‪1999 1998‬‬ ‫‪1997‬‬ ‫‪1996 1995‬‬
‫‪735,2‬‬ ‫‪1492 1088,3 694,6‬‬ ‫‪478,1 3866,1 331,1‬‬ ‫إجمالي االستثمارات األجنبية‬
‫المباشر الوارد في العالم‬
‫‪6,03‬‬ ‫‪2,42‬‬ ‫‪4,29‬‬ ‫‪8,46‬‬ ‫‪7,32‬‬ ‫‪3,58‬‬ ‫‪0,26‬‬ ‫إجمالي اإلستثمارات األجنبية‬
‫الوارد إلى الدول العربية‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1,22‬‬ ‫‪1,53‬‬ ‫‪1,53‬‬ ‫‪0,93‬‬ ‫‪0,08‬‬ ‫نسبة اإلستثمارات األجنبية‬
‫المباشرة الواردة إلى الدول‬
‫العربية‬
‫‪735‬‬ ‫‪708‬‬ ‫‪629‬‬ ‫‪568‬‬ ‫‪607‬‬ ‫‪585‬‬ ‫‪535‬‬ ‫الناتج المحلي اإلجمالي للدول‬
‫العربية‬
‫‪0,8‬‬ ‫‪0,3‬‬ ‫‪0,7‬‬ ‫‪1,4‬‬ ‫‪1,2‬‬ ‫‪0,5‬‬ ‫‪0,1‬‬ ‫نسبة االستثمار الوارد في‬
‫الدول العربية إلى الناتج‬
‫المحلي اإلجمالي‪%‬‬
‫المصدر‪:‬تقرير مناخ اإلستثمار في الدول العربية ‪ ,2002‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.75‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫والمالحظ من هذه المعطيات ضآلة تدفق اإلستثمار في الدول العربية وهذا يدل على أنها لم تستفد من‬
‫الزيادة و النمو الذي عرفة العالم في حجم اإلستثمارات الخارجية ففي حين بلغت نسبة تدفق اإلستثمار‬
‫اإلجنبي إلى الدول المتقدمة ‪ 74%‬من إجمالي تدفقات العالم لم تتجاوز ‪ 1%‬إلى الدول العربية‪.‬‬
‫أما عن التوجهات القطاعية لالستثمار األجنبي المباشر في الدول العربية فإن نشاط الشركات‬
‫متعددة الجنسية فكان يتجه في بداية السبعينات لالستثمار في القطاع اإلستخراجي‪ ,‬إال أن هذا االتجاه‬
‫عرف تحوال نحو االستثمارات غير المادية خصوصا في فترة التسعينيات فركزت نشاطها لالستثمار في‬
‫قطاع الخدمات و المقاوالت باإلضافة إلى االستثمار في القطاع المالي‪ ،‬ويبين الجدول التالي أن معظم‬
‫عقود الشراكة التي وقعتها الدول العربية عام ترتكز في قطاع الخدمات و المصارف و التأمين‪ ,‬حيث بلغ‬
‫عدد العقود ‪ 97‬عقد منها ‪ 25‬عقود شراكة ثنائية و‪ 72‬عقد شراكة مع الشركات متعددة الجنسية‪ ,‬في حين‬
‫لم تتعدى عقود الشراكة في قطاع الصناعة اإلستخراجية‪ 37‬عقد شراكة مع الشركات متعددة الجنسية‪.‬‬

‫الجدول رقم(‪ :)3-7‬عقود الشراكة العربية الثنائية و المبرمة مع الشركات متعددة الجنسية لعام‬
‫‪.1997‬‬

‫اإلجمالي‬ ‫الشركات متعددة الجنسية‬ ‫الثنائية‬ ‫هيكل االستثمار‬


‫النشاط‬
‫‪38‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪17‬‬ ‫الصناعات اإلستخراجية‬
‫‪64‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪27‬‬ ‫الصناعات التحويلية‬
‫‪98‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪25‬‬ ‫المصارف‪ ,‬التأمين‪ ,‬الخدمات‬
‫المصدر‪ :‬فريد النجار‪ ,‬االستثمار الدولي والتنسيق الضريبي‪( ,‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ,‬اإلسكندرية‪,‬‬
‫‪ ,) 2000‬ص ‪.50‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االستثمارات العربية البينية وإ تجاهاتها‪.‬‬

‫‪ -1‬واقع االستثمار العربي البيني‪.‬‬


‫يعتبر االستثمار البيني في الدول العربية ضعيفا مقارنة باالستثمار األجنبي المباشر فقد سجلت‬
‫االستثمارات العربية البينية ألربعة عشر دولة عربية حوالي ‪ 2912,3‬مليون دوالر عام ‪ 2002‬مقابل‬
‫‪ 2646,9‬مليون دوالر عام ‪ 2001‬بزيادة نسبتها ‪ 10 %‬وقد جاءت السعودية على رأس قائمة الدول‬
‫المضيفة لالستثمارات العربية قدرها ‪ 716,9‬مليون دوالر أي ما نسبته ‪ 24,6 %‬من إجمالي‬
‫االستثمارات العربية البينية خالل العام تليها لبنان بنسبة ‪ 19,5 %‬أما البحرين واإلمارات فقد بلغت نسبة‬
‫االستثمارات العربية فيها ‪ 5,48 %‬و ‪ 7,47 %‬على التوالي كما استقبلت مصر حوالي ‪ 100,4‬مليون‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫دوالر وهو ما يعادل ‪ 3,45 %‬وقد استحوذت هذه الدول السبع على ‪ 87,6 %‬من إجمالي التدفقات‬
‫االستثمارات البينية ومن جهة أخرى سجلت االستثمارات العربية البينية زيادة في تسع دول عربية هي‬
‫اإلمارات‪ ,‬تونس‪ ,‬السعودية‪ ,‬السودان‪ ,‬سوريا‪ ,‬قطر‪ ,‬لبنان‪ ,‬مصر واليمن كما تراجعت في خمس دول‬
‫هي ‪ :‬األردن‪ ,‬البحرين‪ ,‬الجزائر‪ ,‬ليبيا والمغرب ( الجدول رقم ‪.)3-8‬‬

‫الجدول رقم (‪ :)3-8‬االستثمارات العربية البينية خالل عامي(‪.)2001-2002‬‬


‫الوحدة‪ :‬‬
‫‪2002‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫الدول‬
‫النسبة‬ ‫القيمة‬ ‫النسبة‬ ‫القيمة‬
‫‪0,72‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪1,04‬‬ ‫‪27,6‬‬ ‫األردن‬
‫‪70,7‬‬ ‫‪217,5‬‬ ‫‪8,13‬‬ ‫‪215‬‬ ‫اإلمارات‬
‫‪2,57‬‬ ‫‪159,6‬‬ ‫‪8,21‬‬ ‫‪217‬‬ ‫البحرين‬
‫‪5,48‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪2,61‬‬ ‫‪69,1‬‬ ‫تونس‬
‫‪1,87‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪13,22‬‬ ‫‪350‬‬ ‫الجزائر‬
‫‪24,62‬‬ ‫‪716‬‬ ‫‪24,61‬‬ ‫‪6514‬‬ ‫السعودية‬
‫‪19,48‬‬ ‫‪567,4‬‬ ‫‪20,96‬‬ ‫‪554,9‬‬ ‫السودان‬
‫‪1,6‬‬ ‫‪46,5‬‬ ‫‪1,64‬‬ ‫‪43,5‬‬ ‫سوريا‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫العراق‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫عمان‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫فلسطين‬
‫‪2,35‬‬ ‫‪68,5‬‬ ‫‪2,48‬‬ ‫‪65,5‬‬ ‫قطر‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫الكويت‬
‫‪22,32‬‬ ‫‪650‬‬ ‫‪8,5‬‬ ‫‪225‬‬ ‫لبنان‬
‫‪2,84‬‬ ‫‪82,7‬‬ ‫‪3,21‬‬ ‫‪85‬‬ ‫ليبيا‬
‫‪3,45‬‬ ‫‪100,4‬‬ ‫‪3,65‬‬ ‫‪96,5‬‬ ‫مصر‬
‫‪0,44‬‬ ‫‪12,8‬‬ ‫‪1,49‬‬ ‫‪39,5‬‬ ‫المغرب‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫موريتانيا‬
‫‪4,79‬‬ ‫‪13,94‬‬ ‫‪0,25‬‬ ‫‪6,5‬‬ ‫اليمن‬
‫‪100‬‬ ‫‪2912,3‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪2646,9‬‬ ‫اإلجمالي‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬تقرير مناخ اإلستثمار في الدول العربية‪ , 2002,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.69‬‬

‫ورغم التطور الملحوظ في زيادة اإلستثمارات العربية البينية و الناتجة عن تطبيق برامج‬
‫اإلصالحات اإلقتصادية و المالية وتنامي ثقة المستثمرين لإلستثمار في الدول العربية‪ ،‬إال أنه يبقى ضعيفا‬
‫قياسا باإلستثمارات العربية الموجهة لدول أجنبية حيث تبين أن كل ‪ 56‬دوالر استثمارات عربية خارج‬
‫الدول العربية يقابلها ‪1‬دوالر استثمارات عربية بينية‪.‬‬
‫ويرجع تدني حجم اإلستثمارات العربية البينية إلى عدة عوامل‪ ,‬منها غياب التنسيق العربي في‬
‫النواحي اإلقتصادية رغم وجود الهياكل التنظيمية التي تمكنها من أن تضطلع بهذا الدور‪ ،‬وانخفاض‬
‫معدل العائد الصافي للعديد من اإلستثمارات العربية البينية‪.‬‬

‫‪ -2‬االتجاهات القطاعية لالستثمارات العربية البينية‪.‬‬


‫ترتكز اإلستثمارات العربية البينية على المستوى القطاعي في قطاع الخدمات‪,‬إذ استحوذ في‬
‫المتوسط على أكثر من نصف اإلستثمارات‪ ,‬فقد بلغ أقصاه في المغرب‪ ,‬قطر واإلمارات بنسب ‪%‬‬
‫‪ 90,5%, 91,5%, 95,5‬من حجم اإلستثمارات العربية الواردة لكل بلد على التوالي‪ ,‬وتاله قطاع‬
‫الصناعة بحوالي الثلث من مجموع اإلستثمارات العربية البينية ووصلت نسبته في كل من السودان‪,‬‬
‫السعودية والجزائر إلى ‪ 62% , 63% , 69,4%‬على التوالي‪ ،‬بينما لم يتجاوز ‪ 8,6%‬في قطر و‪3,9‬‬
‫في المغرب‪ ,‬ويأتي القطاع الزراعي في األخير من حيث استحواذه على الاستثمارات العربية البينية بأقل‬
‫من العشر ليتراوح مابين ‪ 38,5%‬في سوريا و‪ 20,5%‬في مصر و ‪ 15%‬في الجزائر الجدول رقم ) (‬
‫‪.3-09‬‬

‫الجدول رقم (‪ :)3-09‬التوزيع القطاعي لإلستثمارات العربية البينية خالل عام ‪.2002‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫الوحدة‪%:‬‬ ‫ا‬
‫الخدمات‬ ‫الزراعة‬ ‫الصناعة‬ ‫القطاع‬ ‫البلد المضيف‬
‫‪74,5‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪20,5‬‬ ‫األردن‬
‫‪78,6‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪21,5‬‬ ‫اإلمارات‬
‫‪90,5‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪9,5‬‬ ‫البحرين‬
‫‪80‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪20‬‬ ‫تونس‬
‫‪23‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪62‬‬ ‫الجزائر‬
‫‪35,2‬‬ ‫‪1,8‬‬ ‫‪63‬‬ ‫السعودية‬
‫‪23,9‬‬ ‫‪6,7‬‬ ‫‪69,4‬‬ ‫السودان‬
‫‪19‬‬ ‫‪38,5‬‬ ‫‪42,5‬‬ ‫سوريا‬
‫‪91,4‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪8,6‬‬ ‫قطر‬
‫‪85,1‬‬ ‫‪4,4‬‬ ‫‪10,5‬‬ ‫لبنان‬
‫‪35,6‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪50,4‬‬ ‫ليبيا‬
‫‪21,6‬‬ ‫‪20,9‬‬ ‫‪57,5‬‬ ‫مصر‬
‫‪95,5‬‬ ‫‪0,6‬‬ ‫‪3,9‬‬ ‫المغرب‬
‫‪73,2‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪24,8‬‬ ‫اليمن‬
‫المصدر‪:‬تقرير مناخ اإلستثمار في الدول العربية‪ ,2002‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.70‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬معوقات االستثمار األجنبي المباشر في الدول العربية‪.‬‬

‫لقد أصبح اإلستثمار األجنبي المباشر من العوامل األساسية لبعث التنمية اإلقتصادية في الدول‬
‫العربية‪ ,‬بسبب قلة الموارد المالية ومحدودية الوسائل التكنولوجية‪ ,‬إال أن االستثمار األجنبي الوارد إلى‬
‫‪‬‬
‫الدول العربية يبقى ضئيال بسبب وجود عدة معوقات أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬تتطلب االستثمارات األجنبية توافر بنية تحتية فعالة وهياكل قاعدية وهذا ما تفتقر إليه الدول العربية‪،‬‬
‫فضعف هذه الهياكل يعتبر عائقا أساسيا في إنخفاض حجم اإلستثمارات اإلجنبية في هذه الدول‪ ,‬وتشير‬
‫التقارير أن منطقة الشرق األوسط تحتاج إلى ما يقارب ‪ 500‬مليار دوالر لالستثمار في البنية التحتية‬
‫خالل العقدين األولين من القرن‪.21‬‬
‫‪‬‬

‫‪ ‬الشركة العربية لمصائد األسماك‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ص‪. 189-190‬‬


‫‪ ‬ضياء مجيد الموسوي‪" ,‬العولمة االقتصادية واقتصاديات السوق الحرة"‪( ,‬ديوان المطبوعات الجماعية‪ ,‬الجزائر‪ ,) 2003,‬ص‪.139‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫‪ -2‬غياب االستقرار االقتصادي إلى جانب محدودية السوق المحلية وضعف أسواق رأس المال وتدهور‬
‫قيمة العمالت الوطنية‪ ,‬باإلضافة إلى ضعف وتشوه الجهاز الضريبي هي جميعها عوامل معيقة لجذب‬
‫‪‬‬
‫اإلستثمار األجنبي إلى الدول العربية‪.‬‬
‫‪ -3‬التعقيدات اإلدارية وعدم التنسيق في مجال الضرائب و الجمارك وتعدد األجهزة المشرفة على‬
‫اإلستثمار وضعف كفاءتها لدى هذه اإلدارات أدى إلى إنتشار البيروقراطية‪ ,‬إضافة إلى غياب المعلومات‬
‫وعدم شفافيتها كل هذا يؤدي بالمستثمر األجنبي بعدم المخاطرة لإلستثمار في الدول العربية‪.‬‬
‫‪ -4‬من بين العوامل المعيقة لإلستثمار األجنبي في الدول العربية تلك العوامل المرتبطة بالجانب‬
‫القانوني‪ ,‬وتتمثل أساسا في عدم إستقرار التشريعات المرتبطة باالستثمارات إلى جانب القيود المفروضة‬
‫على تملك القطاعات وعلى حركة رؤوس األموال وتحويل األرباح‪.‬‬
‫‪-5‬هناك عامل أساسي ساهم في نفور اإلستثمارات عن الدول العربية هو غياب اإلستقرار السياسي‬
‫واإلضطربات األمنية في المنطقة‪ ,‬إضافة إلى غياب الديموقراطية وانتشار األمية وانخفاض القوة‬
‫الشرائية نتيجة ضعف المدخيل كلها ظروف كابحة لجذب اإلستثمار األجنبي المباشر‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬آثار االستثمار األجنبي المباشر على اقتصاديات الدول العربية‪.‬‬

‫يترتب على االستثمار األجنبي المباشر في الدول العربية عدة آثار منها ماهو إيجابي ومنها ماهو‬

‫سلبي‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬اآلثار اإليجابية‪.‬‬

‫‪‬‬
‫هناك عدة مزايا لإلستثمار األجنبي المباشر في الدول العربية من أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬يؤدي االستثمار األجنبي المباشر إلى تسارع انتشار التقنيات و التكنولوجية المتطورة للدول العربية‪,‬‬
‫هذه التكنولوجية التي ال يمكن نقلها إلى عن طريق إنشاء شركات تابعة للشركة الأم في الدول المضيفة‬
‫باإلضافة إلى انتشار األصول غير المادية كالمهارات التنظيمية التي تتميز بها هذه الشركات‪.‬‬
‫‪ -2‬توفر الشركات األجنبية التابعة الفرصة للشركات العربية لدخول أسواق كانت مغلقة أمامها‪ ,‬كما‬
‫يمكن أن يحدث زيادة مباشرة في صادرات الشركات المحلية عن طريق إدخال منتجاتها ضمن المنتج‬
‫النهائي للشركات األجنبية‪ ,‬وبالتالي فهي تساهم في زيادة صادرات الدولة المضيفة‪.‬‬

‫‪ ‬لعلجة حاجي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.56‬‬


‫‪ ‬محمد العريان ومحمود الجمال‪" ,‬جذب االستثمارات األجنبية المباشرة إلى الدول العربية‪ ،‬االتجاه نحو السياسيات الصحيحة"‪( ,‬المؤسسة العربية‬
‫لضمان االستثمار‪ ،)1997,‬ص ص‪. 45-46‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫‪ -3‬إدخال فنون إدارية جديدة و التحفيز على المنافسة في السوق المحلي‪ ,‬فقد يتعرض المنتج المحلي‬
‫لنوع من المنافسة مما يقلل من حجم أرباحه‪ ،‬األمر الذي يجعله يسعى إلىتحسين نوعية منتجاته وتقليل‬
‫تكاليفها حتى ترقى لمستوى المنافسة مع المستثمر األجنبي‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪ -4‬تساهم مشاريع اإلستثمار اإلجنبي المباشر في توفير فرص التوظيف المباشر ة (وإ ن كانت قليلة)‪,‬‬
‫حيث أن هذه المشاريع تحتاج إلى عمالة ألداء أعمالها الخاصة‪ ،‬كما تخلق فرصا وظيفية غير مباشرة من‬
‫‪‬‬
‫خالل تنشيط أعمال الموردين المحليين‪.‬‬
‫‪ -5‬تدريب العمال المحلين على تشغيل مشروعات الأعمال الجديدة مما يساهم في تنمية رأس المال‬
‫البشري في الدول العربية‪.‬‬
‫‪ -6‬تساهم األرباح التي حققها اإلستثمار األجنبي المباشر في زيادة إيرادات الدول العربية المضيفة من‬
‫خالل الضرائب التي تفرضها على الشركات األجنبية التابعة‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اآلثار السلبية‪.‬‬

‫‪‬‬
‫قد ينجم أثار سلبية على اإلستثمار األجنبي الوارد إلى الدول العربية من أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬تتصف االستثمارات األجنبية المباشرة بالتقلب بدرجة كبيرة حيث تتميز بسرعة تحركها جريا وراء‬
‫األرباح‪ ,‬فيتنقل إلى األمكان التي تتوفر فيها التسهيالت واإلعفاءات و اليد العاملة الرخيصة‪ ,‬فهو يدخل‬
‫إلى البلد لهذه األسباب وينسحب بمجرد زوالها‪ ،‬وأفضل مثال على ذلك خروج رأس المال األجنبي من‬
‫دول جنوب شرق أسيا‪ ‬بسبب األزمة المالية التي أصابت هذه الدول في منتصف ‪ 1991‬فأدى إلى‬
‫إنكماش إقتصادها من ‪ 25%‬إلى ‪ ، 80%‬في حين زاد حجم اإلستثمار األجنبي في مصر إلى نحو‬
‫‪1104‬مليار دوالر وبنسبة قدرها ‪ ،43,3%‬وكن عندما تبين لهذه اإلستثمارات عدم مالئمة المناخ‬
‫االستثماري في مصر غادرت فانخفضت قيمت اإلستثمارات إلى ‪ 711‬مليون دوالر عامي ‪1997‬و‬
‫‪ 1998‬وبنسبة انخفاض قدرها‪.35,6%‬‬
‫‪ -2‬من سلبيات اإلستثمار األجنبي هو أنها تتجه غالبا إلى مجاالت خدماتية مثل الخدمات المالية‬
‫والسياحية‪ ,‬وهذا عكس االتجاه التي اتبعته في فترة السبعينيات حيث تركزت على مجال النفط‪.‬‬
‫‪ -3‬إن االستثمارات تعتمد على تكنولوجية مكثفة لرأس المال وبذلك فهي ال توفر فرص عمل كافية‬
‫لتشغيل فائض العمل في الدول العربية‪ ,‬كما أن التركيز على التقنية في اإلنتاج تنتج عنه ظاهرة تسريح‬
‫العمال‪.‬‬

‫‪ ‬مشتاق بازكر‪ " ,‬االستثمار األجنبي‪-‬تجربة الشرق الأوسط"‪( ,‬المجلة االقتصادية السعودية‪ ,‬العدد ‪ ,) 1998 ,1‬ص‪.137‬‬
‫‪ ‬نفس المرجع‪ ,‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ ‬ضياء مجيد الموسوي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ص‪.129-130‬‬
‫‪ ‬هذه الدول هي أندونيسيا‪ ،‬تايالندا وماليزيا‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫وخالصة القول أن رأس المال األجنبي ال يهمه تنمية البلد الضيف وتطوير إقتصاده فقد يؤدي‬
‫إنسحابه المفاجئ إلى حدوث أزمات مالية وكوارث إقتصادية في الدول العربية الضيفة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬سياسات جذب اإلستثمار األجنبي إلى الدول العربية‪.‬‬

‫إن رأس المال األجنبي لن ينتقل من بلده األصلي إلى البلد المضيف إال إذا توافر مناخ اإلستثمار‬
‫المالئم‪ ,‬لهذا بادرت الدول العربية من بداية التسعينات بخطوات مهمة لتغيير القواعد واألطر التنظيمية‬
‫الداخلية و الخارجية التي تتعلق باإلستثمار األجنبي المباشر‪ ,‬فعلى المستوى الداخلي قام عدد كبير من‬
‫الدول العربية بتنقيح قوانين اإلستثمار وتوحيدها‪ ,‬باإلضافة إلى تعديل القوانين الخاصة بالتملك األجنبي و‬
‫القيود المفروضة على المستثمرين األجانب في تعاملهم مع اإلقتصاد الوطني‪.‬‬
‫أما اإلصالحات و التعديالت الخاصة بالنظم الخارجية لإلستثمار وتدفق رؤوس األموال فقد أبرمت‬
‫الدول العربية حتى جانفي ‪ 1999‬أكثر من ‪ 280‬اتفاقية ثنائية لتشجيع وضمان اإلستثمار‪ ,‬كما قامت‬
‫بعضها بتوقيع إتفاقيات متعددة األطراف خاصة المتعلقة بوكالة ضمان اإلستثمار المتعدد األطراف‪،‬‬
‫ورغم اإلصالحات اإلقتصادية التي أخدت الدول العربية في إتباعها و التي كانت تهدف إلى تحقيق‬
‫اإلستقرار الكلي من خالل إعادة التوازن المالي الداخلي و الخارجي و تحرير األسعار واإلصالحات في‬
‫مجال السياسة المالية و النقدية ‪,‬إال أن كل هذا لم يؤد إلى زيادة حجم اإلستثمارات بالقدر الذي كانت‬
‫ترغب فيه هذه األخيرة ولهذا عليها أن تسعى إلى إتباع سياسات أكثر نجاعة لجذب اإلستثمار وزيادة‬
‫عائداته من خالل التركيز في برنامج اإلصالح اإلستثماري على العوامل األكثر تأثيرا في مناخ‬
‫اإلستثمار‪ )‬تحديد أولويات اإلصالح(‪ ،‬وذلك من خالل إتباع الدول العربية لمجموعة السياسات منها‪:‬‬
‫‪‬‬

‫‪-1‬توفير هيكل ضريبي لتشجيع تمويل اإلستثمار من خالل اإلعفاء التدريجي للضرائب و الرسوم‬
‫الجمركية على األنشطة االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -2‬جمع التشريعات اإلقتصادية واإلستثمارية في تشريع إقتصادي واحد يبنى على الوضوح و الحد من‬
‫اإلجراءات و التعقيدات الروتينية‪.‬‬
‫‪ -3‬إلغاء جميع القيود على الصرف والتحويل واإلجراءات البنكية والعمل على استقرار العملة الوطنية‬
‫محليا حتى لو أدى ذلك إلى تدخل الدولة للحفاظ على أسعار العملة مرحليا‪.‬‬
‫‪ -4‬الترويج باالستثمار من خالل اإلعالم و التعريف يفرص ومجاالت اإلستثمار في الدول العربية‬
‫‪‬‬
‫وتوضيح كل الجوانب المتعلقة بالنشاط اإلستثماري التي تساعد في تسهيله وتطويره‪.‬‬

‫‪ ‬العربي غويني‪" ,‬واقع وآفاق اإلستثمار في الدول العربية"‪ ,‬رسالة ماجيستير‪ ,‬غير منشورة‪ ),‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ‪,‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ,) 2001 ،‬ص‪.56‬‬
‫‪. ‬فريد النجار‪ " ,‬اإلستثمار الدولي و التسويق الضريبي"‪) ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ,‬اإلسكندرية‪ ،)2000 ,‬ص‪.59‬‬
‫‪ ‬الشركة العربية لمصائد األسماك‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ص ‪.197-198‬‬
‫‪ ‬مشتاق بازكر‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪. 142‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫‪ -5‬توجه وكاالت اإلستثمار المحلية لجدب إستثمارات نوعية في مجاالت مميزة مثل أنشطة البحوث و‬
‫التطوير وذلك بتقديم التسهيالت الالزمة‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪-6‬العمل على تشجيع اإلستثمارات في الصناعات التي تخلق وفورات الحجم‪.‬‬


‫‪-7‬إلغاء أي قيود على حركة رؤوس األموال المستثمرة وعوائدها والسماح بدخولها وخروجها بدون‬
‫إجراءات أو موافقات‪.‬‬
‫ويبقى على الدول العربية أن تقوم بجذب النوع الصحيح من اإلستثمارات بمعنى أن تختار نوعية‬
‫اإلستثمارات األجنبية القادرة على خلق وفرات خارجية إيجابية لبقية القطاعات اإلقتصادية‪.‬‬

‫وما ستخلصه من هذا المبحث أن الشركات متعددة الجنسية ال تركز نشاطها في المنطقة العربية‪,‬‬
‫فما تخصصه من استثمارات يبقى ضعيفا مقارنة باستثماراتها في باقي مناطق العالم‪ ،‬كما أن هذه‬
‫المخصصات ترتكز في قطاع الصناعة اإلستخراجية وقطاع الخدمات أو بعض الصناعات المسببة‬
‫للثلوت البيئي‪ ,‬وهذا ما جعل اإلقتصاديات العربية تعاني من معضلة كبيرة تحتاج إلى آلية مناسبة للتعامل‬
‫معها‪ ,‬فهي بحاجة ماسة إلى المزيد من اإلستثمارات األجنبية المباشرة وخاصة فيما يتعلق بنقل‬
‫التكنولوجية وفي نفس الوقت عليها أن تجذب اإلستثمارات في قطاع الصناعات التحويلية لكي تزداد‬
‫درجة تنافسية المنتجات العربية في األسواق العالمية‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬حتمية التكتل االقتصادي العربي في ظل التحوالت االقتصادية‬


‫العالمية‪.‬‬

‫أصبح قيام تكتل اقتصادي عربي أمرا مهما تفرضه التحوالت االقتصادية العالمية لمواجهة‬
‫التحديات التي أفرزتها العولمة‪ ,‬فالدول العربية تملك من المقومات ما يمكنها من إنجاح هذا التكتل خاصة‬
‫إذا ما إستطاعت تجاوز العراقيل التي تعترضه واالستفادة من تجاربها السابقة التي لم تجد طريقها إلى‬
‫التطبيق‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مبررات التكتل االقتصادي العربي مراحله ومعوقاته‪.‬‬

‫‪ ‬العربي غويني‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.60‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مبررات التكتل االقتصادي العربي‪.‬‬

‫تعتبر الدول العربية أكثر الدول حاجة إلى إقامة تكتل اقتصادي فيما بينها‪ ,‬فباإلضافة إلى التحوالت‬
‫االقتصادية التي يشهدها العالم التي لم تترك مجاال الندماج الدول لضعيفة في االقتصاد العالمي كالدول‬
‫العربية‪ ,‬هناك مجموعة من المبررات األخرى التي تستوجب إقامة تكتل اقتصادي عربي وهي‪:‬‬
‫‪‬‬

‫‪ -1‬حاجة كافة االقتصاديات العربية لتوسيع أسواقها مع تعاظم إنتاجها‪ ,‬والشك أن االتجاه‬
‫الطبيعي لذلك هو سوق عربية مشتركة‪.‬‬

‫‪ -2‬تزايد معدالت البطالة في كافة الدول العربيـة بسبب ضعف معـدالت نمو االستثمـار‬
‫واالدخار والتي ال يمكن مواجهتها إال من خالل المشاريع العربية المشتركة‪.‬‬

‫‪ -3‬حاجة هذه الدول الستثمار رؤوس األموال العربية في مشروعات إنتاجية جديدة صناعية وخدمية‬
‫تستخدم تكنولوجية متقدمة وتوجه إلى التصدير‪ ,‬وهو ما يمكن أن يحققه التكتل‬
‫االقتصادي العربي‪.‬‬

‫‪ -4‬تنوع الهياكل اإلنتاجية والتركيب السـلعي للصادرات العربيـة وتقدم مسيرة اإلصالحات‬
‫االقتصادية في هذه الدول مما جعلها أكثر تأقلما مع االقتصاد العالمي‪.‬‬

‫‪ - 5‬االستعداد لمواجهة مشاريع التعاون االقتصادية غير العربية المطروحة على الساحة الدولية‪.‬‬
‫‪ -6‬تحديد مواقف موحدة ومنسقة للدول العربية من خالل تكتلها االقتصادي و التي يمكن اعتمادها داخل‬
‫المنظمة العالمية للتجارة ضمن التجمعات األخرى‪ ,‬وبالتالي تعظيم فوائد االنضمام إليها والحد من‬
‫مخاطرها‪.‬‬

‫‪ 7-‬امتالك الدول العربية لمجموعة من المقومات االقتصادية والطبيعية و الديموغرافية‪ ,‬باإلضافة‬


‫إلى المقومات الحضارية المشتركة ما يجعلها مؤهلة إلنشاء تكتل اقتصادي عربي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬محاوالت التكتل االقتصادي العربي‪.‬‬


‫قد يكون من المفيد إعطاء خلفية تاريخية موجزة لمراحل التي مر بها العمل االقتصادي العربي‪,‬‬
‫ذلك أن الحاضر ليس منقطع الصلة عن الماضي وأن معظم ما يعاني منه التكامل االقتصادي العربي إلى‬
‫اآلن من مشكالت وما يتعرض سبله من عقبات ما هي إال امتداد لما عانى منه عبر مسيرته الطويلة‬
‫الماضية مع حدوث بعض التحوالت‪ ,‬ال في نوعية المشكالت ولكن في الهيكل والبنية االقتصادية‬
‫العربية‪ ،‬كما أن التشخيص الصحيح ألي داء وحتى يكون‬

‫‪ ‬اإلتحاد البرلماني العربي‪ ,‬تقرير اللجنة الخاصة لمتابعة خطوات السوق العربية المشتركة‪ ,1999 ,‬ص ‪.54‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫الدواء ناجعا يكمن بالدرجة األولى في التعرف على تاريخ هذا الداء‪.‬‬

‫‪ -1‬مرجعية العمل االقتصادي العربي المشترك‬


‫يستمد العمل االقتصادي العربي المشترك مرجعيته من مجموعة المواثيق والمعاهدات واالتفاقيات‬
‫التي أقرتها مؤتمرات القمة والمجالس الوزارية العربية منذ إنشاء الجامعة العربية التي تعد لبنة التعاون‬
‫العربي‪ ,‬حيث تم إنشاؤها بعد التوقيع على بروتوكول اإلسكندرية بتاريخ ‪ 1944/10/07‬والذي أعلن‬
‫عن إنشاء الجامعة العربية‪‬في ‪ ,1945 03//22‬ولقد جاء إنشاؤها تزامنا مع تزايد االهتمام بالتعاون‬
‫‪1‬‬
‫الدولي واإلقليمي على صعيد العالقات الدولية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫ويعتبر ميثاق الجامعة حجر الزاوية في إرساء قواعد النظام اإلقليمي العربي فقد نص في مادته‬
‫الرابعة على إنشاء لجنة الشؤون االقتصادية والمالية لوضع قواعد التعاون االقتصادي العربي‪ ,‬ليكـون‬
‫‪2‬‬
‫بذلك هدف الجامعة توحيد األمة العربية وتوثيق الصالت المشتركة فيها‪.‬‬

‫‪ 2-‬مراحل التكتل االقتصادي العربي‪:‬‬


‫لقد بدأ التفكير في تعزيز التعاون االقتصادي بين الدول العربية في مرحلة مبكرة جدا وقبل أن‬
‫يظهر أي اتجاه مماثل في مناطق أخرى خطت فيما بعد خطوات عمالقة في هذا المجال‪ ,‬وهذا إدراكا من‬
‫األمة العربية منذ البداية بأن الدفاع عن كيانها مرتبط كل االرتباط بتعزيز قدرتها االقتصادية‪ ,‬فكان إبرام‬
‫معاهدة "الدفاع المشترك والتعاون االقتصادي" في ‪ 1950/04/13‬التي كانت تهدف إلى تنظيم النشاط‬
‫االقتصادي العربي وتنسيقه‪ ,‬كما نصت هذه االتفاقية على إنشاء المجلس االقتصادي العربي الذي كلف‬
‫بمهمة اقتراح ما يراه مناسبا مع الغايات المذكورة‪.‬‬
‫ليليها بعد ذلك إبرام اتفاقية "تسهيل التبادل التجاري و تنظيم تجارة الترانزيت" في‬
‫‪1953/09/07‬و كان الهدف منها أن يقوم نظام تجاري تفضيلي عن طريق اإلعفاء التدريجي للتعريفة‬
‫الجمركية لعدد من السلع الزراعية والحيوانية والثروات الطبيعية وبعض السلع الصناعية شرط أن يكون‬
‫منشؤها إحدى الدول المتعاقدة‪.‬‬
‫‪‬‬

‫ونظرا للجمود الذي أصاب تنفيذ هذه االتفاقية أوصت اللجنة السياسية للجامعة العربية في عام‬
‫‪ 1956‬بتأليف لجنة خاصة من الخبراء العرب تتولى إعداد مشروع كامل للوحدة االقتصادية العربية‪ ،‬فتم‬
‫وضع اتفاقية الوحدة االقتصادية ليوافق عليها المجلس بتاريخ ‪ ،1957/01/03‬ونصت على ضرورة‬

‫‪ ‬الدول التي أقرت ميثاق الجامعة العربية هي ‪ :‬سوريا‪ ,‬العراق‪ ,‬لبنان‪ ,‬مصر‪ ,‬السعودية و اليمن‪.‬‬
‫‪ 1‬عبد الوهاب حميد رشيد‪" ,‬التنمية العربية و مدخل المشروعات العربية المشتركة" ‪ ) ،‬المؤسسة العربية للدراسات و النشر‪ ،‬بيروت‪،1982( ،‬‬
‫ص ‪.197‬‬
‫‪ 2‬تقرير اللجنة الخاصة لمتابعة خطوات السوق العربية المشتركة‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.7‬‬
‫‪ ‬وقعت على االتفاقية في البداية ثالث دول هي لبنان‪ ،‬األردن و مصر و في عام ‪ 1954‬صادقت عليها ثالث دول أخرى هي السعودية‪ ،‬سوريا و‬
‫العراق‪ ،‬ثم انضمت إليها الكويت في ‪.1963‬‬
‫‪ ‬عبد الحميد براهيمي‪ ,‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.126‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫العمل على تحرير انتقال عناصر اإلنتاج بين الدول العربية باإلضافة تحرير تبادل البضائع و المنتجات‬
‫الوطنية و هذا من خالل مجموعة من الوسائل كتوحيد التعريفة الجمركية و أنظمة التجارة الخارجية و‬
‫تنسيق السياسات المتعلقة بالقطاعات اإلنتاجية‪ ،‬ولم تصبح االتفاقية سارية المفعول إال في ‪1964/04/30‬‬
‫بعد اكتمال النصاب القانوني لنفاذها‪ ،‬ولقد بلغ عدد الدول المنضمة ‪11‬دولة عربية‪ ,‬وبمقتضى هذه‬
‫األخيرة تم إنشاء مجلس الوحدة االقتصادية العربية الذي أصدر بدوره القرار رقم ‪ 17‬عام‪1964‬القاضي‬
‫بإنشاء السوق العربية المشتركة‪ ،‬وصادق عليها كل من مصر‪ ,‬سوريا‪ ,‬العراق واألردن‪ ,‬ولقد فشل قرار‬
‫إنشاء السوق لوجود العديد من المعوقات التي حالة دون قيامها ومن أهمها عدم إدراك الدول العربية أن‬
‫مبدأ الوحدة الشاملة كان يتطلب وجود قاعدة إنتاجية قوية قادرة على التصدير وتتسم بالمرونة لتوسيع‬
‫‪‬‬
‫التبادل التجاري‪.‬‬

‫و بعد النتائج المتواضعة التي أسفرت عليها جهود التكامل االقتصادي و غياب التصور المستقبلي للجهود‬
‫العربية التنموية لا سيما بعد أن توفر للعرب فرصا اقتصادية وسياسية جديدة بعد حرب أكتوبر‪،1973‬‬
‫حيث كان البد من مراجعة وتقويم أوجه النقص و الخلل في العمل االقتصادي المشترك‪ ،‬وفي‬
‫‪ 1981/02/27‬تم إبرام اتفاقية"تيسير و تنمية التبادل التجاري بين الدول العربية" لتترجم المبادئ‬
‫األساسية التي تضمنتها وثيقتا إستراتيجية العمل االقتصادي العربي المشترك وميثاق العمل االقتصادي‬
‫‪‬‬
‫اللتان أقرتهما قمة عمان الحادي عشرة في نوفمبر ‪.1980‬‬
‫وكانت االتفاقية تهدف إلى تحرير التبادل التجاري بين الدول العربية من القيود المختلفة التي تفرض‬
‫عليها والتوزيع العادل للمنافع والتكاليف بين األطراف المتعاقدة‪ ،‬كماحظيت هذه الأخيرة باهتمام خاص‬
‫‪‬‬
‫فعقد أول مؤتمر موسع للتجارة العربية بالرياض عام‪ 1987‬لمناقشة سبل ووسائل تنفيذها‪.‬‬
‫ورغم هذه الجهود إال أن هذه االتفاقية ظلت حبرا على ورق ألن العوائق التي حــالت دون تطبيق‬
‫االتفاقيات التي سبقتها كانت وال تزال قائمة‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬معوقات التكتل االقتصادي العربي‪.‬‬


‫على الرغم من أن تجربة العمل االقتصادي العربي المشترك تعود إلى أوائل الخمسينيات إال إنها لم‬
‫تحقق النجاح المطلوب مقارنة بالتجارب األخرى على مستوى العالم‪ ,‬فقد ظلت األطر القانونية لإلتفاقيات‬

‫‪‬هذه الدول هي الكويت‪ ,‬مصر‪ ,‬العراق‪ ,‬سوريا‪ ,‬األردن‪ ,‬اليمن‪ ,‬السودان‪ ,‬اإلمارات‪ ,‬الصومال‪ ,‬ليبيا و فلسطين‬
‫‪ ‬محمود الحمصي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪. 36‬‬
‫‪ ‬عبد الهادي يموت‪ " ،‬التعاون االقتصادي العربي وأهمية التكامل االقتصادي في سبيل التنمية‪( ْ,‬الطبعة الثالثة‪ ,،‬معهد اإلنماء العربي‪,‬بيروت‪,‬‬
‫‪,،)1983‬ص‪. 87‬‬
‫‪ ‬عبد المطلب عبد الرحيم‪ ,‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 236‬‬
‫‪ ‬سليمان المنذري‪" ,‬مقارنة إنجازات التكامل االقتصادي العربي باألهداف المتواخاة"‪ ,‬في كتاب آليات التكامل االقتصادي العربي‪( ,‬معهد البحوث‬
‫والدراسات العربية‪ ,‬بيروت‪, ،)1993 ,‬ص‪.114‬‬
‫‪ ‬عبد المطلب عبد الرحيم‪ ،‬مرجع سابق ‪,‬ص‪. 239‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫المبرمة ال تعبر إال عن مجرد طموحات عربية في التكامل االقتصادي لم تستطع الدول العربية ترجمتها‬
‫إلى واقع عملي بسب مجموعة من المعوقات السياسية واالقتصادية نذكر منها‪:‬‬
‫‪ 1-‬غياب اإلرادة السياسية‪:‬‬
‫لقد كان الختالف االتجاهات السياسية العربية دورا كبيرا في تعطيل عملية التكامل االقتصادي‬
‫العربي حيث يرتبط هذا العامل بهدف أساسي هو أن عملية التكامل العربي تعد بمثابة عملية سياسية‬
‫لكونها تتم بين دول ذات سيادة مما يفرض ضرورة تالقي اإليرادات السياسية عند مصلحة مشتركة حتى‬
‫‪‬‬
‫يتم إنجاح هذا التكامل‪ ،‬وهذا ما تجسد من خالل المظاهر التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬عدم إعطاء الجامعة العربية أي سلطات فوق سلطة الدول القطرية‪ ,‬ومن تم لم تملك الحق‬
‫في اتخاذ قرارات لها صفة اإللزام القانوني في مواجهة الدول األعضاء‪.‬‬

‫ب‪ -‬اختالف األنظمة السياسية وأشكال نظم الحكم في الدول األعضاء مما يترتب عليه تباين‬
‫في األولويات االجتماعية واالختالف حول هدف الوحدة االقتصادية وسبلها‪.‬‬

‫ج‪ -‬عدم وجود اآلليات الضرورية لترشيد القرارات السياسية المرتبطة بالعمل االقتصادي العربي فمعظم‬
‫مؤسسات التنسيق العربية ال تملك حق إصدار القرارات وإ نما مجرد توصيات‪ ,‬ولقد عمدت لجنة تعديل‬
‫ميثاق الجامعة إلى دراسة أكثر من ‪ 4000‬قرار صدر عن مجلسها منذ ‪ 1945‬إلى ‪ 1981‬فوجدت أن‬
‫أكثر من ‪ 80%‬منها اتخذت باإلجماع ومع ذلك فإن هذه القرارات لم ينفذ معظمها وخلصت الدراسة إلى‬
‫أن سبب ذلك هو غياب اإلرادة السياسية‬
‫‪‬‬
‫واالختيار الحر‪.‬‬

‫‪– 2‬المعتقدات الخاطئة بشأن أثار التكامل االقتصادي العربي‪:‬‬


‫لقد ارتبطت المشروعات الخاصة بالتكامل االقتصادي العربي بمجموعة من المعتقدات الخاطئة‬
‫بشأن آثاره‪ ,‬حيث تم التركيز على اآلثار قصيرة المدى وإ همال البعيدة منها‪ ,‬ومن أهم هذه المعتقدات‪:‬‬
‫‪‬‬

‫أ‪ -‬التكامل االقتصادي يعني الذوبان في اإلطار العربي واختفاء الدولة العربية القطرية‪ ,‬فبعض الدول‬
‫العربية كانت ترى أن انطالق هذا التكامل يرتبط بإجراء تحوالت دستورية ومؤسساتية على المستوى‬
‫العربي تؤثر على السيادة القطرية‪.‬‬
‫ب‪ -‬اعتقاد معظم الدول العربية‪ -‬خاصة ذات االقتصاديات القوية‪ -‬أن التكامل االقتصادي هو فقدان‬
‫الثروة أو عدم السيطرة عليها‪ ,‬غير أن التكامل في النهاية يؤدي إلى إعادة توزيع الثروات الوطنية‪.‬‬

‫‪ ‬مصطفى علي محمود‪," ،‬معوقات العمل االقتصادي المشترك"‬


‫‪http://www.muslimworldleague.org/paper/1790/Articles/p6-a1-htm, /17/07/2004,p01 ,‬‬
‫‪ ‬محمدي حامد‪" ,‬محددات السياسية التي واجهة التكامل االقتصادي العربي" في كتاب آليات التكامل االقتصادي العربي‪( ,‬معهد البحوت‬
‫والدراسات العربية‪ ,‬بيروت‪, ) 1993,‬ص ص ‪. 295-296‬‬
‫‪ ‬مصطفى علي محمود‪ ,‬مرحع سابق‪ ,‬ص ‪.04‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫ج‪ -‬االعتقــاد بــأن التكتــل االقتصــادي العــري بمــا يتضــمنه من إزالــة للحــواجز التجاريــة يعــني فقــدان مصــدر‬
‫هــام من مصــادر الــدخل‪ ،‬ويغفـل هــذا االعتقـاد اآلثــار البعيــدة المــدى الــتي يتيحهــا هــذا التكتــل من خالل زيــادة‬
‫فرص التصدير و االستفادة من السوق االستهالكي العربي‪.‬‬
‫‪ 3-‬التفاوت في الموارد االقتصادية‪:‬‬
‫تتفاوت الدول العربيـة في مواردها الطبيعيـة و البشرية والتي تتوزع بشكل متباين بين دولة وأحرى‬
‫مما أدى إلى انقسام المنطقة العربية إلى منطقة نفطية وأحرى زراعية وثالثة تفتقر إلى المواد األولية‪,‬‬
‫وهذا ما أدى إلى ارتباط االقتصاد العربي بالعالم الخارجي وإ يجاد كل دولة عربية مسارا محايدا في‬
‫‪‬‬
‫عالقاتها مع العالم‪.‬‬
‫‪ 4-‬تماثل الهياكل اإلنتاجية وتنافسها‪:‬‬
‫لعبت طبيعة الهياكل االقتصادية العربية دورا مؤثرا في إعاقةة التكتل االقتصادي العربي من خالل‬
‫إعاقة تنمية التجارة العربية البينية‪ ,‬فقد أدى افتقاد هذه الهياكل إلى التنوع فيما بينها سواء من حيث أدوات‬
‫‪‬‬
‫الإنتاج أو طبيعته إلى اشتداد التنافس بين االقتصاديات العربية على عدد محدود من األسواق‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى بين إمكانيات نجاحها ومعوقاتها‪.‬‬

‫فرضت التحوالت االقتصادية العالمية نفسها على نظام التجارة العالمية‪ ,‬مما أحدث تغييرا في‬
‫قواعد عمل النظام التجاري الدولي‪ ,‬وأصبحت قواعد المنافسة في التجارة هي التي تحكم األسواق‬
‫العالمية‪ ،‬وهذا ما جعل مختلف الدول تعتمد على قدرة سلعها على المنافسة في هذه األسواق‪ ،‬وبما أن‬
‫تعزيز التبادل التجاري أصبح من األولويات األساسية لمختلف الدول سعت معظمها إلى خلق مناطق‬
‫تجارة حرة بينها‪ ,‬هذه األخيرة التي أصبحت من أهم مشاهد االقتصاد العالمي في العقدين األخيرين وهذا‬
‫ما أدركته الدول العربية فقررت إنشاء منطقة تجارة حرة حتى تواكب التطورات الهامة على الساحة‬
‫‪‬‬
‫االقتصادية العالمية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬إنشاء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى‪.‬‬


‫تم إقرار إنشاء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى في إطار مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في‬
‫جويلية ‪ ,1996‬ويأتي هذا القرار استكماال لقراري المجلس االقتصادي واالجتماعي‪‬بالدعوة إلى تفعيل‬
‫اتفاقية" تيسير و تنميةالتبادل التجاري بين الدول العربية" بهدف تحقيق إقامة منطقة تجارة حرة عربية‬
‫تضم كافة الدول العربية‪ ,‬ولهذا الغرض تم تشكيل لجنة وزارية من المجلس االقتصادي ضمت كل من‬

‫‪ ‬عبد الوهاب الرميدي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.103‬‬


‫‪ ‬مصطفى علي محمود‪ ،‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.05‬‬
‫‪ ‬ناهد الزين نعماني‪" ,‬منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى في ضوء التجارب والتوقعات"‪ ( ,‬في مجلة أوراق اقتصادية‪ ,)1997 ,‬ص ‪.260‬‬
‫‪ ‬تم إصدار القرار بتاريخ ‪ 13-09-1995‬والقرار الثاني بتاريخ ‪.16-03-1996‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫األردن‪ ,‬اإلمارات‪ ,‬السعودية‪ ,‬سوريا‪ ,‬مصر‪ ,‬المغرب واألمانة العامة لجامعة الدول العربية إلجراء‬
‫االتصاالت الالزمة والتنسيق بين الدول المعنية للوصول إلى برنامج تنفيذي وجدول زمني الستكمال‬
‫إنشاء المنطقة‪ ،‬باإلضافة إلى دعوة الدول العربية غير المنضمة إلى اتفاقية " تيسير وتنمية التبادل‬
‫‪‬‬
‫التجاري بين الدول العربية " باإلسراع إلى استكمال إجراءات االنضمام‪.‬‬
‫وبتاريخ ‪ 1997/02/17‬أصدر المجلس االقتصادي واالجتماعي في دورته التاسعة والخمسين‬
‫قراره رقم ‪ 1317‬بالموافقة على البرنامج التنفيذي التفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بهدف الوصول‬
‫إلى منطقة تجارة حرة عربية‪.‬‬
‫وحرص المجلس عند تكليف اللجنة بإعداد مشروع المنطقة أن يكون قائما على اآلتي‪:‬‬
‫‪‬‬

‫‪ -‬أن يتم إقامة منطقة التجارة الحرة العربية من خالل تفعيل اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري فيما‬
‫بين الدول العربية خاصة أن االتفاقية تتيح ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬أن تتماشى هذه المنطقة مع أوضاع واحتياجات الدول العربية‪.‬‬
‫‪ -‬أن يشمل البرنامج التنفيذي على خطة عمل وجدول زمني محدد‪.‬‬
‫‪ -‬أن تتماشى المنطقة مع أحكام المنظمة العالمية للتجارة وقواعد اتفاقية الجات‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬اإلطار العام للبرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى‪.‬‬
‫لقد اعتمد البرنامج التنفيذي على األحكام الواردة في اتفاقية الجات فيما يتعلق بتحديد قواعد المنشأ‬
‫والمواصفات والمقاييس واشتراطات الوقاية الصحية واألمنية والرسوم والضرائب ذات األثر المتماثل‪,‬‬
‫كما اعتمد على األسس الفنية المتبعة في منظمة التجارة العالمية فيما يتعلق بإجراءات الوقاية والإغراق‬
‫ومعالجة حالة الدعم وخلل ميزان المدفوعات‪ ,‬إضافة إلى تثبيت الرسوم والضرائب الجمركية بتاريخ‬
‫محدد ألغراض تطبيق البرنامج‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬
‫و يتمثل اإلطار العام للبرنامج التنفيذي في النقاط التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬يتولى المجلس االقتصادي واالجتماعي مهمة ومسؤولية اإلشراف على تطبيق البرنامج‪.‬‬

‫ب‪ -‬تلتزم الدول األعضاء في اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية باستكمال منطقة‬
‫التجارة الحرة العربية خـالل مـدة عشر سنـوات ابتداء من ‪ 1998/01/01‬إلى غـاية ‪ ،2007/12/31‬كما‬
‫يمكن للدول األطراف االتفاق على التحرير الفوري ألية سلعة قبل نهاية فترة التنفيذ أو اإلسراع بتطبيق‬
‫اإلعفاءات وتجاوز الجدول الزمني المحدد في البرنامج‪.‬‬

‫‪ ‬عبد الرحمن السحياني‪" ,‬تحرير التبادل التجاري ومنطقة النجارة الحرة العربية"‪) ,‬في مجلة أوراق اقتصادية‪ ،)1997 ,‬ص ‪270‬‬
‫‪ ‬األمانة العامة لجامعة الدول العربية‪ ,‬التقرير االقتصادي العربي الموحد ‪ ,1997‬ص‪.133‬‬
‫‪ ‬اعبد الوهاب الرميدي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.126‬‬
‫‪ ‬عبد الرحمن السيحاني‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ص ‪.95-96‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫ج‪ -‬يتم تحرير كافة السلع المتبادلة بين الدول األعضاء من الرسوم وفقا لمبدأ التحرير التدريجي‪ ,‬والتي‬
‫تم إنشاؤها على أساس الضرائب والرسوم المطبقة في كل دولة بتاريخ ‪ ,1998/01/01‬كما ال يتم‬
‫إخضاع السلع العربية التي يتم تبادلها في إطار البرنامج إلى أية قيود غير جمركية‪.‬‬
‫د‪ -‬تعامل السلع العربية موضع التبادل في إطار البرنامج معاملة السلع الوطنية في الدول األعضاء فيما‬
‫يتعلق بقواعد المنشأ والمواصفات والمقاييس‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬يتضمن البرنامج معاملة تفضيلية للدول العربية األقل نموا ‪ -‬طبقا لتصنيف األمم المتحدة‪ -‬على أن‬
‫تتقدم الدول المعنية للمجلس االقتصادي واالجتماعي بطلب يوضح طبيعة المعاملة التفضيلية والفترة‬
‫الزمنية المحددة لذلك‪.‬‬
‫و‪ -‬يقوم المجلس االقتصادي واالجتماعي بمراجعة نصف سنوية للوقوف على مدى تقدم تطبيق البرنامج‬
‫واتخاذ القرارات المناسبة لمراجعة أية عقبات‪ ،‬مع تشكيل لجنة لفض المنازعات حول القضايا المرتبطة‬
‫بتطبيق البرنامج‪.‬‬
‫وتتعهد جميع الدول العربية األطراف من جهتها بموافاة المجلس االقتصادي واالجتماعي بجميع‬
‫المعلومات والبيانات واإلجراءات واللوائح الخاصة بالتبادل التجاري بما يكفل أكبر قدر من سالمة تنفيذ‬
‫االتفاقية والبرنامج التنفيذي‪.‬‬
‫ولقد شكل المجلس االقتصادي واالجتماعي لهذا الغرض مجموعة من األجهزة واللجان التنفيذية‬
‫للسهر على تنفيذ البرنامج (الشكل رقم ‪.)03‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬موقف الدول العربية من تنفيذ برنامج منطقة التجارة الحرة العربية‪.‬‬
‫صادقت ‪ 18‬دولة عربية على االتفاقية ودخلت المنطقة حيز التنفيذ في ‪ 1998/01/01‬وذلك‬
‫للوصول بعد عشر سنوات إلى إلغاء الرسوم الجمركية والضرائب المفروضة على السلع محل التبادل‬
‫بين الدول األعضاء‪ ,‬ومن بين هذه الدول تطبق ‪ 14‬دولة عربية حاليا التخفيضات الجمركية طبقا‬
‫للبرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وهي‪ :‬األردن‪ ,‬اإلمارات‪ ,‬مصر‪ ,‬البحرين‪,‬‬
‫تونس‪ ,‬السعودية‪ ,‬سورية‪ ,‬العراق‪ ,‬عمان‪ ,‬الكويت‪ ,‬قطر‪ ,‬ليبيا‪ ,‬لبنان والمغرب‪ ،‬وهذا بعد إيداعها لهيكل‬
‫تعريفتها الجمركية حتى ‪ ،1997/12/31‬وكذا إيداعها لدى األمانة العامة للجامعة العربية موافقة مجلس‬
‫لوزراء على البرنامج التنفيذي والتوجيهات الصادرة من الجهات المختصة لديها بتطبيق التخفيض‬
‫التدريجي وبنسبة ‪ 10 %‬سنويا على السلع العربية‪ ،‬مع العلم أن حجم التجارة الخارجية لهذه الدول تبلغ‬
‫‪ 90 %‬من حجم التجارة الخارجية للدول العربية و‪ 95 %‬من حجم التجارة العربية البينية‪.‬‬
‫‪‬‬

‫وبما أن البرنامج أتاح للدول األعضاء في المنطقة استنادا إلى المادة ‪ 15‬من اتفاقية تيسير وتنمية‬
‫التبادل التجاري بين الدول العربية التقدم بطلبات استثناء لبعض السلع إما من تطبيق التخفيض التدريجي‬

‫‪ ‬التقرير االقتصادي العربي الموحد ‪ ,2002‬مرجع سابق‪ ,‬ص ص ‪.210-212‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫للرسوم الجمركية ذات األثر المماثل عليها أو بفرض بعض القيود غير الجمركية‪ ,‬وذلك في حالة التهديد‬
‫بوقوع ضرر اقتصادي عليها نتيجة تحريرها‪ ,‬شريطة أن يكون هذا الطلب مبررا وتقبله بقية الدول‬
‫األعضاء في المنطقة‪.‬‬
‫وبهذا الصدد حصلت ست دول عربية‪ ‬على استثناءات لعدد من السلع التي تنتجها من التخفيض‬
‫التدريجي السنوي عند استيرادها من دول عربية أعضاء بالمنطقة‪ ,‬وقد حلت هذه االستثناءات محل‬
‫اإلعفاءات التي كانت تطبقها هذه الدول بشكل فردي أو في إطار ثنائي قبل انضمامها لمنطقة التجارة‬
‫الحرة‪ ,‬وبلغ عدد السلع المستثناة حوالي ‪ 2087‬سلعة‪ ،‬وسجلت المملكة المغربية أعلى نسبة‬
‫لالستثناءات بلغت ‪ 6,4%‬و تليها مصر بنسبة ‪, 4,6%‬بينما لم تتعدى في األردن ‪ 2,26%‬من مجموع‬
‫السلع المتبادلة ‪,‬أما القيمة التصديرية لهذه السلع فلم تتجاوز نسبة‪ 6%‬من قيمة الصادرات للدول العربية‪,‬‬
‫وهذا أقل مما سمح به البرنامج التنفيذي‪ ,‬الذي أتاح حق الطلب لالستثناءات بنسبة ال تتجاوز ‪ 15%‬من‬
‫قيمة صادرات الدول العربية إلى الدول العربية األعضاء في منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى‪.‬‬
‫‪‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬العوائق و المشاكل التي تواجه منطقة التجارة الحرة العربية‪.‬‬
‫بالرغم من طموح البرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية إال أن هذه الأخيرة تعرف‬
‫مجموعة من النقائص و السلبيات التي حالت دون تطبيق هذا البرنامج كما كان مخططا له ومن بين هذه‬
‫‪‬‬
‫النقائص‪:‬‬
‫‪ 1-‬لم يتضمن البرنامج أي خطة لتطوير المنطقة إلى مراحل أعلى من التكامل االقتصادي أي إلى إتحاد‬
‫جمركي تم إلى إتحاد السوق المشتركة‪.‬‬
‫‪ 2-‬عدم وجود قواعد منشأ عربية تفضيلية تحدد ما هي السلع التي تكتسب صفة منشأة الدولة‪ ,‬وهو ما قد‬
‫يؤدي إلى وجود تالعب عن طريق وضع عالمات صنع محلية مزورة على السلع المستوردة من الخارج‬
‫وإ عادة تصديرها لبلد عضو في المنطقة الأمر الذي يضر بالصناعة الوطنية لهذه الدولة‪.‬‬
‫‪ 3-‬قد تحدت في سياق عملية تحرير التجارة آثار سلبية على بعض قطاعات اإلنتاج و المشروعات‬
‫المنتجة تهدد باضطراب السوق نتيجة المنافسة في سوق مفتوحة بين المنتجات المحلية ومثيلتها‬
‫المستوردة من أطراف أخرى‪ ,‬وتزداد هذه اآلثار حدة في حالة دول األعضاء األقل نموا‪ ,‬كما أن هناك‬
‫آثار إضافية تترتب على توحيد التعريفة الجمركية و التي قد تعاني منه الدول األعضاء التي تعتمد على‬
‫مواردها المالية اعتمادا كبيرا على حصيلة الرسوم الجمركية‪.‬‬
‫‪ 4-‬عدم وجود مؤسسات تتحكم في صنع وإ تحاد القرارات االقتصادية بما يضمن استمرارية السياسة‬
‫االقتصادية تجاه الدول األعضاء في منطقة التجارة الحرة العربية‪.‬‬

‫‪ ‬هذه الدول هي األردن‪ ,‬تونس‪ ,‬لبنان‪ ,‬مصر‪ ,‬المغرب‪.‬‬


‫‪ ‬التقرير االقتصادي العربي الموحد ‪ ,2002‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪. 213‬‬
‫‪ ‬تقرير اللجنة الخاصة لمتابعة خطوات السوق العربية المشتركة‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ص‪.31-33 ,‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫‪ -5‬عدم تماشي أحكام بعض اتفاقيات إقامة مناطق تجارة حرة ثنائية مع أحكام منطقة التجارة الحرة‬
‫العربية الكبرى‪ ,‬علما بأن هذه االتفاقية تمثل الحد األدنى من التعامل التفضيلي بين الدول العربية وال‬
‫يجوز أن يقل مستوى التعامل الثنائي أو المتعدد األطراف للدول العربية خارج االتفاقية عما تقدم من‬
‫تعامل تفضيلي في إطارها‪.‬‬
‫‪ -6‬تعتبر الرزنامة الزراعية‪ ‬إحدى العقبات الهامة التي تواجه منطقة التجارة الحرة العربية بتقديم بيان‬
‫السلع الزراعية التي ترغب الدول العربية في استثنائها من تخفيض الرسوم الجمركية خالل فترة اإلنتاج‪,‬‬
‫وبما أن طبيعة اإلنتاج الزراعي العربي ونوعية المحاصيل الزراعية متشابهة خالل فترات العام ومواسم‬
‫اإلنتاج في كل الدول العربية مما حدا ببعضها إلى تحديد مواسم إنتاجها على مواسم إنتاج وتصدير دول‬
‫أخرى كأسلوب حمائي‪.‬‬
‫‪ -7‬عدم وضع قواعد تجارية خاصة لمعاملة الدول األقل نموا وحسب تصنيف األمم المتحدة هي سبعة‬
‫دول‪ :‬السودان‪ ,‬جيبوتي‪ ,‬الصومال‪ ,‬اليمن‪ ,‬موريتانيا‪ ,‬جزر القمر‪ ,‬إضافة إلى فلسطين‪.‬‬
‫‪ -8‬اتساع نطاق التداخل في االختصاصات بين المجلس االقتصادي واالجتماعي ومجلس الوحدة‬
‫االقتصادية مما جعل الدول العربية تفضل االتفاقيات الثنائية‪.‬‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي‬
‫ورغم هذه السلبيات والنقائص إال أن منطقة التجارة الحرة العربية تتمتع بأهمية كبيرة فمن الواضح‬
‫أن توجهات وأهداف المنطقة تتميز برؤية استراتيجية جيدة‪ ،‬و يبقى أن المشكلة ال تكمن في األهداف‬
‫اللجنة الوزارية السباعية‬
‫المعلنة في االتفاقية وإ نما في البرنامج التنفيذي الذي ينحصر تقريبا التخفيض التدريجي للرسوم الجمركية‬
‫والتنفيذأهميتة ال يمكن أن يحقق األفق‬
‫المتابعة على‬
‫هام ولكن‬ ‫وصوال إلى إلغائها تماما خالل عشر سنوات‪ ,‬وهو هدف‬
‫لجنة‬
‫‪‬‬
‫االستراتيجي الوارد في أهداف االتفاقية‪.‬‬

‫لجنة قواعد المنشأ‬ ‫جهاز فض المنازعات‬ ‫لجنة المفاوضات التجارية‬


‫الشكل رقم ‪ 03‬أجهزة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى‬
‫المواصفات والمقاييس‬ ‫اللجنة الفنية الوزارية‬

‫اجتماع مدراء الجمارك‬

‫لجنة‬ ‫لجنة تنسيق‬


‫المعلوماتية‬ ‫التعريفة‬
‫الجمركية‬ ‫الجمركية‬ ‫‪3.‬‬

‫‪ ‬أتاح البرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية مبدأ االستثناء لبعض السلع الزراعية وعدم تطبيق التخفيض التدريجي للرسوم الجمركية‬
‫ذات األثر المماثل خالل فترات زمنية محددة وهو ما اتفق على تسميته بالرزنامة الزراعية‪.‬‬
‫‪ ‬بشار عباس‪ " ,‬نهوض التعاون االقتصادي العربي اآلفاق التكنولوجية والبنيوية"‪ ( ,‬في مجلة معلومات دولية‪ ,‬العدد ‪ ,)2000 ,64‬ص ‪.14‬‬

‫وحدة منطقة التجارة الحرة‬


‫العربية الكبرى األمانة الفنية‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫المصدر‪ :‬عبد الرحمن السيجاني‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.104‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬تفعيل التجمعات اإلقليمية العربية‪.‬‬

‫إذا كانت الوحدة االقتصادية العربية أو إنشاء سوق عربية مشتركة على الصعيد القومي مسألة‬
‫صعبة التحقيق وغير عملية في الظروف الراهنة للدول العربية‪ ,‬فإن األمر يختلف بالنسبة للتكتل‬
‫االقتصادي بين مجموعات من الدول العربية‪ ,‬والذي يمكن أن يعتبر المدخل الصحيح لتحقيق التكامل‬
‫االقتصادي العربي‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬أهمية التجمعات العربية اإلقليمية ودورها في التكامل االقتصادي العربي‪.‬‬
‫تعتبر ظاهرة التجمعات اإلقليمية العربية ظاهرة حديثة في األوساط العربية‪ ,‬ويرى الكثير من‬
‫الباحثين العرب أن هذه الخطوة مهمة على طريق العمل الوحدوي وتعزيز العمل العربي المشترك وذلك‬
‫‪‬‬
‫لالعتبارات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬إن قيام هذه التجمعات تعتبر استجابة للظروف الدولية التي تتجه نحو إقامة التكتالت االقتصادية‬
‫الكبرى‪ ,‬حيث يفرض هذا االتجاه العالمي على الدول العربية تحديات جديدة يمكن يترتب عليها المزيد‬
‫من تبعية االقتصاديات العربية إذا ما استمرت بممارستها القطرية‪ ,‬ومن هنا فإن إنشاء مثل هذه التجمعات‬
‫يمكن أن يمثل استجابة للتعامل مع هذه التحديات‪.‬‬

‫‪ ‬عبد الفتاح الرشوان‪ " ,‬العمل العربي المشترك وسبل تدعيمه"‪ ( ,‬أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية‪ ,‬مركز الدراسات والبحوث‪ ,‬الرياض‪,‬‬
‫‪ ,)1999‬ص ص ‪.69-70‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫‪ -2‬إن قيام مثل هذه التجمعات ال يتعارض مع مبادئ الجامعة العربية فالمادة التاسعة من ميثاقها‬
‫يسمح للدول العربية أن تتعامل بشكل أوثق وأقوى ليستجيب مع تطلعات وطموحات التكامل االقتصادي‬
‫العربي‪.‬‬
‫‪ -3‬إن هذه التجمعات تمثل نوعا من استجابة النظم العربية لتجاوز مشكالت وأزمات الدول القطرية‪,‬‬
‫كما تمثل استجابة للحالة القومية في الوطن العربي التي لم تستطيع خلق وحدة عربية شاملة ومن قاعدة "‬
‫أن ما ال يدرك كله ال يترك جله"‪.‬‬
‫‪ -4‬إن الخطاب السياسي لقادة الدول األعضاء في هذه التجمعات يؤكد على ضرورة التعاون‬
‫والتنسيق بين هذه التجمعات‪ ,‬وبالتالي فهي ليست تكتالت تقوم على أساس التنافس والصراع بل تهدف‬
‫في النهاية إلى إعادة بناء النظام العربي‪.‬‬
‫ولكن من المالحظ في هذه التجمعات أنها ال تعمل على إتباع سياسة تكاملية على أسس وظيفية على‬
‫غرار الجماعة األوروبية مثال‪ ,‬فلم يتم اختيار قطاع محدد من قطاعات النشاط االقتصادي الستخدامه‬
‫كقاعدة للعمل المشترك في اتجاه التكامل‪ ,‬كما أن هياكل التجمعات ال تتوفر على أي بناء مؤسسي جديد‬
‫مختلف على اإلنشاء المؤسسي لجامعة الدول العربية‪.‬‬
‫ومن أهم التجمعات اإلقليمية العربية مجلس التعاون لدول الخليج العربي واتحاد المغرب العربي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مجلس التعاون لدول الخليج العربي‪.‬‬


‫يعتبر مجلس التعاون لدول الخليج العربي التجربة االقتصادية األكثر نجاحا على صعيد التجمعات‬
‫اإلقليمية العربية‪ ،‬تأسس المجلس في فيفري ‪1981‬وضم في عضويته ست دول عربية خليجية هي‬
‫المملكة العربية السعودية‪ ,‬الكويت‪ ,‬قطر‪ ,‬البحرين‪ ,‬اإلمارات العربية المتحدة‪ ,‬وسلطنة عمان أي دول‬
‫شبه الجزيرة العربية باستثناء اليمن‪ ,‬ويعد المجلس منظمة سياسية‪ ,‬اقتصادية‪ ,‬اجتماعية‪ ,‬كما يمثل تنظيما‬
‫‪‬‬
‫تعاونيا بين دولها لمواجهة التحديات التي فرضها الظروف الدولية‪.‬‬

‫‪ -1‬مقومات التجمع اإلقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي‪:‬‬


‫تتميز دول المجلس بأنها دول عربية ذات رقعة جغرافية متصلة تطل على الخليج العربي ويربط‬
‫بينها تراث تاريخي مشترك في العادات والتقاليد ونمط الحياة‪ ,‬وتكاد تتميز دول المجلس عن غيرها من‬
‫المجموعات العربية األخرى بالتجانس والتقارب الشديد في مقومات البنية االقتصادية واالجتماعية‪ ,‬فكافة‬
‫‪‬‬
‫دول الخليج ( باستثناء العراق ) تجمع بينها خصائص اقتصادية مشتركة من أهمها‪:‬‬
‫أ‪ -‬الدور القيادي لقطاع النفط في الحياة االقتصادية لمجموعة دول الخليج‪ ,‬حيث تشكل عائدات النفط‬
‫المورد الرئيسي في تكوين الناتج المحلي اإلجمالي وفي تكوين حصيلة الصادرات‪.‬‬
‫‪ ‬محسن عوض‪ ,‬محاوالت التكامل اإلقليمي في الوطن العربي‪ ( ,‬في مجلة المستقبل العربي‪ ,‬العدد ‪ ,)1998 ,236‬ص ‪.88‬‬
‫‪ ‬محمود عبد الفضيل‪ ,‬النفط والمشكالت المعاصرة للتنمية‪ ( ,‬مجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ,‬الكويت‪ ،)1989 ,‬ص ص ‪.197-198‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫ب‪ -‬تسيطر حكومات دول الخليج على الثروات النفطية‪ ,‬وبالتالي يعتبر اإلنفاق العام هو المحرك‬
‫األساسي لكافة النشاطات االقتصادية لهذه الدول‪.‬‬
‫ج‪ -‬تخلف مستوى نمو القوى اإلنتاجية في معظم دول الخليج‪ ,‬حيث تتميز بأنها دول في مرحلة‬
‫تكوين الهياكل األساسية القتصادياتها‪ ,‬وتعاني من ضعف وتخلف في قطاعات اإلنتاج السلعي‪ ,‬والسيما‬
‫قطاع الزراعة والصناعة التحويلية‪.‬‬
‫د‪ -‬االعتماد الكبير لدول المنطقة على استقدام اليد العاملة من الخارج‪.‬‬
‫هـ‪ -‬باإلضافة إلى ما سبق هناك تقارب وتشابه في القوانين على مبدأ حرية التجارة واالقتصاد الحر‬
‫بصفة عامة‪.‬‬
‫و‪ -‬اعتماد دول الخليج شبه الكامل في سد معظم حاجياتها من السلع االستهالكية والوسيطية‬
‫واالستثمارية على االستيراد من الخارج‪.‬‬
‫ويعتبر هذا التجانس والتقارب في البنية االقتصادية واالجتماعية وفي صيغة النظام االقتصادي‬
‫والسياسي لدول الخليج العربي ميزة نسبية مكنتها من إنشاء وخلق هذا التعاون المشترك بينها‪.‬‬

‫‪ -2‬أهداف مجلس التعاون الخليجي‪:‬‬


‫لق ــد أدركت دول مجلس التع ــاون الخليجي أن نج ــاح وح ــدتها يجب أن تب ــني على تحقي ــق الوح ــدة‬
‫االقتصادية باعتبارها من أهم عوامل الوحدة السياسية ولتحقيقها تم وضع مجموعة من األهداف‪:‬‬
‫‪‬‬

‫أ‪ -‬تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول األعضاء في جميع الميادين وصوال إلى وحدتها‪.‬‬
‫ب‪ -‬تعميق وتوثيق الصالت والروابط وأوجه التعاون بين شعوب الدول األعضاء في مختلف المجاالت‪.‬‬
‫ج‪ -‬إزال ــة الح ــواجز الجمركي ــة بين ال ــدول األعض ــاء وتحري ــر التج ــارة بينه ــا وس ــعي إلى توحي ــد التعريف ــة‬
‫الجمركية وصوال إلى اقتصاد موحد قادر على مواجهة متطلبات العصر وتحقيق المكاسب االقتصادية‪.‬‬
‫‪ -3‬مستقبل مجلس التعاون الخليجي‪:‬‬
‫لقــد ازدادت وتــيرة االهتمــام الخليجي باإلســراع بمشــاريع التكامــل االقتصــادي الخليجي‪ ،‬وذلــك مــع‬
‫اقــتراب انتهــاء فــترة الســماح لتطــبيق اتفاقيــة الجــات و دخــول المنظمــة العالميــة للتجــارة إللغــاء القيــود على‬
‫حريــة التجــارة و انســياب البضــائع و حركــة رؤوس األمــوال‪ ،‬وهــو مــا يفــرض على دول المجلس الخليجي‬
‫اإلسراع بخطى تهيئة الذات و إعداد البيئة الداخلية و الخارجيـة للتفاعـل مـع هـذه التــحديات‪ ،‬وهـذا مـا أكدتـه‬
‫ق ــرارات القمم األخ ــيرة للمجلس‪ ،‬حيث تم االتف ــاق على إقام ــة اتح ــاد جم ــركي خليجي بحل ــول ع ــام ‪2005‬و‬
‫االنتهاء من عملية التصنيف الكامل للسلع و تعديل الرسوم الجمركية عليها‪.‬‬
‫وكــان هــذا التعــديل بإلحــاح مطالبــة االتحــاد األوروبي من دول المجلس باإلســراع واعتمــاد تعريفــة‬
‫جمركية موحدة حتى تتسنى لها التعامل معها كتجمع إقليمي موحد أو منطقة جمركية موحدة‪.‬‬

‫‪ ‬نزار حميد‪ " ,‬مجلس التعاون اإلقليمي العرب مجلس التعاون الخليجي نموذجا" ‪ ( ,‬في مجلة معلومات دولية‪ ,‬العدد ‪ )2000 ,64‬ص‪.97‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫وحتى تتمكن دول المجلس من تحقيق أهدافها وفقا لألسس المحددة لها عملت على تطبيق السياسات‬
‫‪‬‬
‫التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬تعزي ــز دور األمان ــة العام ــة للمجلس في المحاف ــل الدولي ــة‪ ,‬والنظ ــر في كيفي ــة تمثي ــل دول المجلس في‬
‫المنضمات و هيئات اإلقليمية و الدولية كمجموعة واحدة‪.‬‬
‫ب‪ -‬تنسيق سياسة التصدير واإلستراد‪.‬‬
‫ج‪ -‬التوسع في الصناعات التصديرية ذات الميزة التنافسية لدول المجلس و المحافظة على حصــة متزايــدة‬
‫لها في األسواق الدولية‪.‬‬
‫د‪ -‬تعميق أواصر التعاون مع الدول والمنضمات العربية واإلسالمية باعتبارها العمود اإلستراتيجي لــدول‬
‫المجلس لمواجهة التكتالت االقتصادية‪.‬‬
‫هـ‪ -‬تطوير األنظمة و القوانين المتعلقة بالتجارة و االستثمار ومراجعتها من فترة إلى أخرى‪ ,‬وتسهيل‬
‫اإلجراءات الداخلية بما يهيئ البيئة المنافسة لمواكبة التطورات االقتصادية العالمية‪ ,‬وتشجيع الدول و‬
‫التجمعات األخرى على الدخول في مفاوضات مع دول المجلس‪.‬‬

‫ورغم طموحات مجلس التعاون الخليجي إال أنه يبقى يواجه مجموعة من التحديات كافتقارها‬
‫للموارد الطبيعية و البشرية واعتمادها على النفط في دخلها القومي وهذا ما يعمق تبعيتها للدول المتقدمة‬
‫في ظل تحديات العولمة ومظاهرها‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬إتحاد المغرب العربي‪.‬‬


‫ويعتبر النموذج الثاني للتكامل االقتصادي اإلقليمي العربي غير أنه لم يستطع تحقيق النجاح الذي‬
‫حققه مجلس التعاون الخليجي‪.‬‬
‫لقد كانت بداية محاوالت بناء المغرب العربي منذ الستينات لكن كلها باءت بالفشل‪ ,‬وبتاريخ‬
‫‪ 1986/06/10‬أقيم مؤتمرا مغاربيا بالجزائر ضم قادة دول المغرب العربي الخمس‪ ,‬وتمخض عنه‬
‫تشكيل لجنة سياسية مغاربية كبرى وخمس لجان متخصصة‪ ,‬ثم انعقد مؤتمر مراكش في‬
‫‪ 1989/02/17‬الذي نتج عنه معاهدة إتحاد المغرب العربي الذي ضم كل من الجزائر‪ ,‬ليبيا‪ ,‬تونس‪,‬‬
‫‪‬‬
‫المغرب وموريتانيا‪.‬‬
‫وتتوفر دول المغرب العربي على مجموعة من المقومات الطبيعية و الثقافية والحضارية ما يجعل‬
‫إقامة تكتل اقتصادي بينها وسيلة عملية لتجاوز الخالفات الحدودية بإقامة مشروعات مشتركة متكاملة‬

‫‪ ‬سميرة عبد الفتاح‪ " ،‬مشروع االستراتيجية طويل المدى للعالقات و المفاوضات الخليجية مع الدول و التكتالت االقتصادية و المنظمات الدولية"‪،‬‬
‫)في مجلة آفاق اقتصادية‪ ،‬العدد ‪ ، )2001 ،86‬ص ص ‪.206-207‬‬
‫‪ ‬عبد الوهاب الرميدي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪113‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫لمصلحة األطراف المعنية‪ ,‬فأهمية هذا التكامل المغاربي تتزايد مع تزايد الأسباب الداعية إلى إقامة‬
‫التكتالت الاقتصادية‪.‬‬

‫‪-1‬األهداف و المبادئ العامة التي قام عليها إتحاد المغرب العربي‪.‬‬


‫‪‬‬

‫يهدف إتحاد المغرب العربي وفي نطاق احترام السيادة القومية للدول األعضاء إلى تقوية النظام‬
‫االقتصادي واالجتماعي لدولها و النهوض بتطوير تنمية منسجمة لكل المجموعة بفضل نهضة مستمرة‬
‫ومتوازنة القتصادها‪ ,‬كما تهدف السياسة االقتصادية المغاربية إلى إقامة سوق مشتركة بين الدول‬
‫األعضاء يكون هدفها إزالة العقبات أمام حرية تنقل األشخاص والأمالك ورؤوس الأموال على أن يكون‬
‫إنشاء منطقة تجارة حرة كخطوة أولية لهذه السوق بإتباع الخطوات التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬اإلزالة التدريجية للقيود التعريفية عند التصدير واالستيراد للمنتجات األصلية من الدول األعضاء‪.‬‬
‫ب‪-‬إزالة كل تمييز أو إقامة قواعد جديدة معادلة بسبب الجنسية أو تمس بمنتجات الدول الأعضاء‪.‬‬
‫ج‪ -‬إنشاء نظام تعويضي للخسائر التي تمس المداخيل الجمركية و وضع قوانين مشتركة تسمح‬
‫بالمنافسة العادلة بين المؤسسات‪.‬‬

‫‪ -2‬واقع إتحاد المغرب العربي‪:‬‬


‫لقد توفرت الأسباب واالعتبارات الالزمة لخلق مشروع وحدوي حقيقي لدول المغرب العربي‪,‬‬
‫إال أن هذا المشروع عرف نوعا من الجمود ألنه لم يستطيع أن يتجاوز أدنى مستوى من العقبات التي‬
‫تواجهه دول المنطقة لتفعيل اإلتحاد أو إقامة عالقات ثنائية جيدة على أقل تقدير‪ ,‬وبدأ هذا الجمود عندما‬
‫رفضت ليبيا تولى رئاسة قمة اإلتحاد في جانفي ‪ 1995‬و التي بقيت رسميا في يد الجزائر ويعود أسباب‬
‫‪‬‬
‫إخفاق اإلتحاد في تحقيق أهدافه إلى‪:‬‬
‫أ‪ -‬عوامل سياسية‪:‬‬
‫األزمة السياسية في الجزائر منذ ‪ 1990‬و من ثم تدهور العالقات الجزائرية المغربية مع بداية‬
‫‪ , 1995‬ثم بروز أزمة لوكربي وفرض الحصار على ليبيا عام ‪ 1992‬والتزام الدول األعضاء في‬
‫االتحاد بالقرارات الدولية‪ ،‬إضافة إلى انعدام اإلرادة السياسية لدى الدول األعضاء في ظل عدم التخلي‬
‫عن جزء من السيادة الفطرية لصالح االتحاد واختالف وجهات النظر فيما يتعلق بتوسيع عضوية االتحاد‪.‬‬
‫ب‪ -‬عوامل اقتصادية‪:‬‬

‫‪ ‬المؤتمر المغاربي للمؤسسة‪" ،‬في سبيل مجموعة اقتصادية مغاربية"‪ ) ،‬المعهد العربي لرؤساء المؤسسات‪ ،‬سوسة‪،)1989 ،‬‬
‫ص ص ‪.123-124‬‬
‫‪ ‬نزار حميد‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص‪.97‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫عدم التنسيق بين الدول األعضاء وعدم توحيد التعريفة الجمركية إضافة إلى ضعف وسائل التكامل‬
‫بينها‪ ،‬باإلضافة إلى التبعية االقتصادية للدول الصناعية وعلى رأسها الدول األوروبية‪ ,‬فقد وجدت دول‬
‫اتحاد المغرب العربي نفسها متفتحة فرادى على الدول الصناعية بينما زاد انغالقها على نفسها‪.‬‬
‫كل هذه األسباب أدت باالتحاد إلى جمود شبه كلي لمدة خمس سنوات وعرفت مؤسساته صعوبات‬
‫مالية بسبب قلة االعتمادات وعدم اجتماع الهياكل المشرفة مما أثر سلبا على المهام الموكلة لها‪ ,‬وفي‬
‫مارس ‪ 2001‬عقد مجلس وزراء االتحاد دورته ‪ 18‬لتقييم مسيرة االتحاد التي كانت دون المستوى و‬
‫لهذا حرصت الدول األعضاء على إعادة تفعيله و التفكير في آليات أكثر نجاعة إلعطاء نفس جديد وإ عادة‬
‫بناء الصرح المغاربي بالتدريج و الوصول إلى عمل موحد في إطار اندماجي ينطلق من أسس موضوعية‬
‫تراعي مصلحة الشعوب وروابطها‪.‬‬
‫وانفق وزراء الخارجية لإلتحاد في أشغال هذه الدورة على تفعيل مؤسسات وهيئات االتحاد‬
‫ومواصلة التشاور بين دول المغرب العربي واالتحاد األوروبي من أجل خلق فضاء تعاوني يراعي‬
‫‪‬‬
‫المصلحة المشتركة‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أن االتحاداألوروبي وإ طار الشراكة األورومغاربية هو الذي أصر على إحياء‬
‫االتحاد المغاربي ألن ذلك سيسمح له من أن يتعامل مع دول المغرب العربي ككتلة واحدة‪.‬‬
‫ويبقى مشروع إتحاد المغرب العربي جدير ببذل جهود حقيقة من أجل إنجاحه وتفعيله‪ ,‬لكن هذا لن‬
‫يتحقق إال إذا ثم تجاوز المشاكل التي تعترض تفعيله والعمل بنية صادقة وخطوات مبرمجة إلخراجه من‬
‫غيبوبته الراهنة‪.‬‬

‫إن مشروعات التكامل االقتصادي العربي على الصعيد القومي غير ممكنة حاليا ومع الظروف‬
‫االقتصادية الراهنة للدول العربية وخصوصا بعد حرب الخليج الأخيرة التي جعلت الدول العربية أكثر‬
‫تشتتا‪ ,‬خاصة أن مشروع منطقة التجارة الحرة يتوقع له أن يتوقف عند مستوى التبادل التجاري دون‬
‫تتطور إلى درجات أعلى من التكامل وذلك لغياب اإلرادة السياسية وعدم التجانس بين السياسات‬
‫االقتصادية للدول العربية‪ ,‬ولهذا فإن مشروعات التكامل على الصعيد اإلقليمي هي المدخل األكثر واقعية‬
‫للتكامل االقتصادي العربي باعتباره ال يتنافى مع إقامة تكتل اقتصادي عربي شامل فيما بعد‪.‬‬

‫ا‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬دور المشروعات العربية المشتركة وصناعة النفط والغاز كمداخل‬
‫للتكامل االقتصادي العربي‬ ‫ل‬
‫ركزت الدول العربية معظم جهودها التكاملية على تفعيل التجارة العربية البينية من خالل تحريرها من‬
‫القيود المباشرة وغير المباشرة‪ ,‬إال أن هذا لم يؤد إلى زيادة حجمها‪ ,‬وهذا ما يؤكد على أن محاوالت‬

‫‪ ‬عبد الوهاب الرميدي‪,‬مرجع سابق‪,‬ص‪.134‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫التكامل بين الدول العربية ال ينبغي أن تهتم بالتجارة قدر اهتمامها بخلق هذه التجارة‪ ,‬مما يعني ضرورة‬
‫التركيز في أثر قيام مشروعات التكامل على التنمية في المستقبل‪ ,‬وهذا ما يلزم الدول العربية البحث عن‬
‫وسائل أكثر نجاعة لبلوغ وتحقيق التكامل ومن أهم هذه الوسائل المشروعات العربية المشتركة وصناعة‬
‫النفط والغاز‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬المشروعات االقتصادية العربية المشتركة ودورها في تحقيق التكامل االقتصادي ال‬
‫العربي‪.‬‬ ‫ع‬
‫المشروعات العربية المشتركة هي تلك المشروعات التي يتم توظيفها في دولة أو أكثر من الدول‬
‫العربية‪ ,‬حيث تساهم األطراف المشاركة في إدارتها ورأس مالها بصورة مشتركة وتعود منافعها على‬
‫‪1‬‬
‫كافة األطراف بما يساهم في تحقيق التكامل االقتصادي العربي‪.‬‬
‫ويرجع تاريخ إنشاء هذا النوع من المشروعات في مطلع الخمسينيات مع بداية إنشاء المجلس االقتصادي‬
‫العربي‪ ,‬فمن خالل انعقاد دورته األولى ثم إجراء العديد من الدراسات حول هذه المشروعات المشتركة‬
‫وتمت الموافقة على إنشاء عدد منها باعتبارها أحد صيغ التعاون االقتصادي بين الدول العربية‪ ,‬كما أولت‬
‫اتفاقية الوحدة العربية اهتمامها بصيغة المشروعات المشتركة في إطار عمليات التكامل االقتصادي‬
‫العربي فقد نصت الفقرة "ج" من مادتها التاسعة على تنسيق اإلنماء االقتصادي ووضع برامج لتحقيق‬
‫مشاريع اإلنماء العربية المشتركة‪.‬‬
‫ولقد تركز إنشاء هذه المشروعات على بعض القطاعات كقطاع النفط و قطاع النقل وتم إنشاء بعض‬
‫الشركات كشركة المالحة البحرية‪ ,‬وشركة البوتاس العربية‪ ,‬أما في فترة السبعينات ونتيجة للتطورات‬
‫الكبيرة التي حدثت في أسعار النفط تجاوبت الدول العربية ذات الفوائض المالية مع جامعة الدول العربية‬
‫في إقامة العديد من المشاريع العربية المشتركة التي امتد توزيعها لمعظم الدول العربية كما تنوعت هذه‬
‫‪‬‬
‫المشروعات من حيث األطراف المشاركة فيها مابين ثنائية ومتعددة‪.‬‬

‫‪-1‬معوقات المشروعات العربية المشتركة‪:‬‬


‫بالرغم من أن صيغة المشروعات العربية المشتركة تمثل أحد مداخل التكامل االقتصادي العربي إال‬
‫أن آثارها مازالت محدودة في تحقيق هذا الهدف نظرا لضعف أو انعدام التنسيق فيما بينها و المعوقات و‬
‫‪‬‬
‫الصعوبات التي تواجهها وتحد من أدائها ومن بين هذه المعوقات‪:‬‬

‫‪ 1‬حسين محمد زين العابدين‪ ",‬المشروعات االقتصادية العربية المشتركة كمدخل لتحقيق التكامل االقتصادي العربي"‪(,‬في مجلة دراسات‬
‫إقتصادية‪ ,) 1994,‬ص‪.141‬‬
‫‪ ‬سليمان المنذري‪ ,‬السوق المشتركة في عصر العولمة‪ ,‬مرجع سابق‪,‬ص ص‪.248-249‬‬
‫‪ ‬حسن محمد زين العابدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫أ‪ -‬مشكلة االزدواج بين المشروعات الوطنية وبعض المشروعات المشتركة‪ ،‬مما أدى إلى تنافس كبير‬
‫فيما بينها وانعدام الحوافز الكافية لضمان نجاح تلك المشروعات وعدم االلتزام بتطبيق الكثير من المزايا‬
‫و التسهيالت المنصوص عليها في نظم تأسيس هذه المشروعات‪.‬‬
‫ب‪ -‬وجود مشاكل لتسويق اإلنتاج في أسواق الدول العربية وعدم التزامها بالمعاملة التفضيلية لمنتجات‬
‫المشروع وعدم وجود مؤسسات ترويجية متخصصة تعمل لترويج هذه المشروعات و التعريف بها‪.‬‬
‫ج‪ -‬الصعوبات المتعلقة بالتمويل والحصول على القروض الالزمة‪ ,‬وعدم تجاوب الدول المساهمة‬
‫‪‬‬
‫بالسرعة المطلوبة في الوفاء بالمساهمات المتعاقد عليها‪.‬‬
‫و يبقى العائق األهم الذي اعترض عمل هذه المشروعات وهو غياب إستراتجية تحكمها‪ ,‬إذ أنها لم تعمل‬
‫في إطار إستراتجية تنموية عربية محددة تصب في إطار هدف التكامل االقتصادي العربي‪.‬‬

‫‪ -2‬األهمية االقتصادية للمشروعات العربية المشتركة ودورها في تحقيق التكامل االقتصادي‬


‫إن اتجاه الدول العربية نحو إقامة المشروعات العربية المشتركة بهدف التكامل االقتصادي قد يكون‬
‫أفضل صيغ التعاون االقتصادي العربي في هذه المرحلة ويرجع إلى أن المشروع المشترك ال يخص إال‬
‫جزء من االقتصاد القومي‪ ,‬كما ال يتعدى تعاون الدول في قطاعات محددة سلفا ولذا فإن مشاكلها أقل‬
‫‪‬‬
‫وأكثر قابلية للحل ويتجسد دور هذه المشروعات في التكامل االقتصادي العربي كالتالي‪:‬‬
‫أ‪ -‬إن المشروعات المشتركة تساهم في إنشاء وحدات إنتاجية تتمتع بمزايا اإلنتاج الكبير و بالقدرة على‬
‫االستفادة من الوفرات الداخلية وخلق التشابك بين القطاعات اإلنتاجية و الخدماتية على المستويين‬
‫القطري واإلقليمي لكن على خطوات ومراحل متتابعة‪.‬‬
‫ب‪ -‬إن نجاح المشروعات العربية المشتركة في تحقيق أهدافها يؤدي إلى حركة انسياب السلع وعناصر‬
‫اإلنتاج بين الدول العربية‪ ،‬األمر الذي يساهم في التنسيق بين القطاعات االقتصادية المختلفة في الدول‬
‫العربية المشاركة‪.‬‬
‫ج‪-‬زيادة القدرة التفاوضية للدول العربية نتيجة لما تتمتع به هذه المشروعات من قدرة على اإلنتاج وعلى‬
‫التصدير و المنافسة في األسواق العالمية وتمكنها بسياسة مشتركة في التفاوض مع الشركات متعددة‬
‫الجنسية مما تتيح لها الحصول على مستلزمات اإلنتاج و التكنولوجية الالزمة بشروط مناسبة‪.‬‬
‫‪‬‬

‫د‪ -‬تمثل المشروعات المشتركة أحد األشكال الهامة التي تسمح بتدفق رؤوس األموال الخاصة و العامة‬
‫من الدول العربية النفطية إلى الدول غير النفطية التي تواجه أزمة في تمويل استثماراتها‪ ,‬كما أنها توفر‬
‫حجما من رأس المال للدول العربية األقل نموا لبداية المشروعات ذات الحجم االقتصادي المناسب لها‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪ ‬مأمون إبراهيم حسن‪" ،‬االتفاقية الموحدة الستثمار رؤوس األموال العربية بين الدول العربية"‪(,‬في مجلة أوراق اقتصادية‪ ,)1997 ,‬ص‪.174‬‬
‫‪ ‬حسن محمد زين العابدين‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ص ‪.145-146‬‬
‫‪ ‬عبد العزيز عجيمية "فصول في االقتصاد العربي"‪( ,‬الدار الجامعية‪ ,‬بيروت‪ ,)1988 ,‬ص ‪.250‬‬
‫‪ ‬محمود عبد الفضيل" الفكر االقتصادي العربي في قضايا التحرر و التنمية و الوحدة"‪) ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،)1982 ،‬ص‬
‫‪.172‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫‪ -3‬طرق زيادة فعالية المشروعات العربية المشتركة و تطوير دورها كمدخل للتكامل‬
‫االقتصادي العربي‬

‫لم تستطع المشروعات العربية المشتركة التي تم تأسيسها إلى اآلن في تحقيق التكامل االقتصادي‬
‫بالمستوى المطلوب لهذا ال بد من العمل على زيادة فعاليتها من خالل اتباع الخطوات التالية‪:‬‬
‫‪‬‬

‫أ‪ -‬مرعاة الموقع الجغرافي المناسب الذي يحقق للمشروع المشترك اإلنتاج الأمثل كما ونوعا كتوفر‬
‫وسائل النقل الحديثة بالتكلفة المناسبة و البنية األساسية و القوى العاملة المدربة‪.‬‬
‫ب‪ -‬إعطاء األولوية للمشروعات المشتركة التي تستخدم مستلزمات اإلنتاج أو الموارد المتاحة محليا في‬
‫الدول المشاركة و توجيه منتجاتها لصالح السوق العربية إلشباع حاجاتها األساسية من السلع االستهالكية‬
‫و اإلنتاجية‪.‬‬
‫ج‪-‬قياس اآلثار االقتصادية وتقييم أداء المشروعات المشتركة من أجل مواجهة المشاكل والصعوبات التي‬
‫تعاني منها و تحد من قدراتها على تحقيق األهداف التكاملية‪.‬‬
‫د‪ -‬قيام مؤسسات ترويجية و تسويقية تؤدي خدماتها وفقا للمستوى العالمي لتسويق منتجات المشروعات‬
‫العربية المشتركة وهذا بإيجاد اآلليات المالئمة للمتابعة و التقييم‪.‬‬
‫هـ‪ -‬زيادة مشاركة القطاع الخاص في المشروعات المشتركة وهذا بإزالة كل العراقيل التي قد تواجهه‬
‫كالعمل على تطوير األسواق المالية العربية و التعجيل بإنشاء السوق المالية العربية وطرح أسهم‬
‫المشروعات العربية المشتركة فيها و تسهيل تداولها‪ ،‬مما يؤدي على خلق سوق نشطة للتداول وبالتالي‬
‫تشجيع القطاع الخاص للعمل بجدية في رؤوس أموال هذه الشركات‪.‬‬
‫وعلى الرغم من الدور المهم للمشروعات العربية المشتركة كمدخل للتكامل االقتصادي العربي إال‬
‫انه سيبقى مدخل محدود األثر ما لم يتم تكوينه في إطار خطة محددة سلفا لتسهيل التكامل وفقا لتصور‬
‫إستراتيجي وعلى أساس تفاوضي بين الدول العربية مما يسمح بتحقيق منافع قطرية وقومية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أهمية صناعة النفط و الغاز ودورها كمدخل للتكامل االقتصادي العربي‪.‬‬
‫تحتل الدول العربية مكانة هامة في الصناعة النفطية العالمية بإمكانيتها ومواردها النفطية و الغازية‬
‫ومن المتوقع أن تزداد تلك المكانة نظرا لتزايد االعتماد العالمي على بترول دولها‪ ,‬وبنظرة تحليلية لوزن‬
‫الدول العربية على المستوى العالمي في المجال النفطي نجد أن هناك مفارقة واضحة‪ ,‬ففي حين تمتلك‬
‫الدول العربية أكثر من ‪ 62%‬من إجمالي االحتياطي العالمي فإن إنتاجها ال يتعدى نسبة ‪ 31,5%‬من‬
‫اإلنتاج العالمي ‪ ,‬وفي المقابل نجد بقية دول العالم التي ال تمتلك سوى ‪ 38%‬من االحتياطي العالمي‬
‫وتنتج أكثر من ‪ 68,5%‬من اإلنتاج العالمي‪.‬‬
‫‪ ‬حسن محمد زين العابدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.148-152‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫وهذا ما ينطبق على إنتاج الغاز الطبيعي حيث تنتج الدول العربية ما نسبته ‪ 10%‬من إجمالي اإلنتاج‬
‫‪‬‬
‫العالمي رغم أن احتياطها من هذا األخير بلغ ‪. 21,5%‬‬

‫‪ -1‬األهمية االقتصادية لصناعة النفط والغاز ودورها في التكامل االقتصادي العربي‪.‬‬


‫تعتبر صناعة النفط والغاز في طليعة األنشطة التي يمكن أن يكون لها دور كبير في زيادة التعاون و‬
‫التكامل العربيين‪ ,‬وذلك لكون الصناعة البترولية تشمل سلسلة طويلة من مراحل اإلنتاج‪ ,‬وتمثل كل منها‬
‫صناعة بمفردها‪ ,‬وتتيج فرصا للتعاون الثنائي أو اإلقليمي‪.‬‬
‫فأهم ما تتميز به هذه الصناعة هو وجود عالقة عضوية بين مراحلها فنجد قطاع البحث‬
‫واالستكشاف و اإلنتاج أو يطلق عليه قطاع العمليات السابقة‪ ,‬وقطاع التكرير والتسويق أو يطلق عليه‬
‫العمليات الالحقة تربطهما عالقة إذا أن عناصر االستثمار و التكلفة في احد القطاعيين ترتبط بالقطاع‬
‫اآلخر وتعتمد عليه‪ ,‬فإمتدادت الزيت مثال يجب أن ترتبط بخطط الطلب على المنتجات المتكررة‪ ،‬ولهذا‬
‫يجب على الدول العربية أن تلجأ إلى أسلوب التعامل الواقعي مع الشركات العالمية بحيث تراعي‬
‫المصالح المتبادلة‪ ,‬وتطوير العالقة بينهما بحيث تشعر الشركات العالمية أن لديها مصلحة هامة في‬
‫توسيع االستثمار في قطاع البحث واإلنتاج‪ ,‬وإ يجاد أنواع جديدة من المشروعات العربية المشتركة في‬
‫هذا المجال تكون بداية من أجل التكامل و المحافظة على االستقرار في سوق البترول العربي‪.‬‬
‫وال شك أن التطور الكبير الذي تجسد في البنية األساسية لصناعة النفط و الغاز وما تملكه الدول‬
‫العربية من إمكانيات ضخمة في المجال النفطي سيؤدي إلى تمهيد الطريق لزيادة التعاون البترولي بين‬
‫‪‬‬
‫الدول العربية‪.‬‬

‫‪-2‬تطوير صناعة النفط والغاز وتعزيز دورها كمدخل للتكامل االقتصادي العربي من خالل منظمة‬
‫األوابك‪.‬‬
‫لقد حظي النفط العربي باهتمام الجامعة العربية التي أنشأت لمتابعة تطوراته إدارة خاصة به ظلت‬
‫تعمل حتى قيام منظمة الدول العربية المصدرة للبترول األوابك‪‬في عام ‪ 1968‬وكان هدفها األساسي هو‬
‫تعاون أعضائها في مختلف أوجه النشاط االقتصادي في صناعة البترول و تطوير السبل و الوسائل‬
‫للمحافظة على مصالح أعضائها المشروعة في هذه الصناعة و توحيد الجهود لتامين وصول البترول إلى‬

‫‪ ‬حمد محمد عبد العزيز‪" ,‬النفط و الغاز في الوطن العربي على مشارف القرن ‪ 21‬تقويم للواقع ورؤية للمستقبل"‪(,‬في مجلة شؤون عربية ‪,‬العدد‬
‫‪ ,)2000 ,102‬ص ص ‪.185-186‬‬
‫‪ ‬نفس المرجع‪ ,‬ص ص ‪. 187-188,‬‬
‫‪ ‬الدول األعضاء في األوبك هي‪ :‬الكويت‪ ,‬السعودية‪ ,‬اإلمارات‪ ,‬قطر‪ ,‬العراق‪ ,‬ليبيا‪ ,‬الجزائر‪ ,‬وهي أعضاء في منظمة األوبك أيضا باإلضافة إلى‬
‫مصر‪ ,‬سوريا‪ ,‬البحرين‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫أسواق استهالكه بشروط عادلة ومعقولة‪ ،‬باإلضافة إلى توفير الظروف المالئمة لرأس مال وخبرة‬
‫المستثمرين في صناعة البترول في الدول األعضاء‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار أنشأت األوابك أربع شركات‪ ‬تمارس نشاطها وتباشر أعمالها بصفة مستقلة من‬
‫خالل مجلس إدارتها ولقد أصبحت هذه األخيرة جزء مكمل لنشاطات الصناعة البترولية في كافة الدول‬
‫العربية وهذا من خالل ما حققته من أرباح‪ ,‬ولقد ساهم في نجاح هذه الشركات عدة عوامل من أهمها‬
‫االستقالل في النشاط والإدارة‪ ،‬مما أبعدها عن العوامل السياسية التي قد تؤثر في العالقات بين الدول‬
‫‪‬‬
‫المساهمة فيها‪.‬‬
‫كما تعمل منظمة "األوابك" على تحقيق هدف حيوي هو إقامة المشروعات البترولية والبيتروكيماوية‬
‫المشتركة‪ ،‬هذا فضال عن أن هذه المشروعات تخدم عددا من الدول العربية‪ ,‬فهي تساهم أيضا في التنسيق‬
‫االقتصادي العربي الذي يجب أن تسعى إليه كل الدول العربية وتتيح لها إمكانية التنفيذ‪ ،‬وقد تصبح المنظمة‬
‫بداية الطريق إلى سوق عربية مشتركة‪ ،‬خاصة ما إذا تم التعاون العربي النفطي على أسس سليمة‬
‫ومدروسة تنبع من الواقع العربي وسبيل تحقيق المصالح المشتركة‪.‬‬

‫ويمكن القول أن صناعة النفط والغاز من الممكن أن تلعب دورا رئيسيا في تحقيق التكامل االقتصادي‬
‫العربي باعتبارها المحرك األساسي للتنمية الشاملة في الدول العربية وهذا ما يقتضي بذل الكثير من الجهد‬
‫وتغليب المصلحة المشتركة على المصلحة الفردية و العمل على إيجاد صيغ مناسبة للتطبيق العملي من‬
‫اجل تطوير قطاع النفط و الغاز و إنشاء سوق مشتركة للمنتجات النفطية من خالل التوسع في إنشاء‬
‫شبكات النقل و التوزيع لمختلف مصادر الطاقة و الربط بينها في إطار سياسة مرنة تأخذ بعين االعتبار‬
‫اإلمكانيات التي تمتلكها الدول العربية‪.‬‬

‫‪ ** ‬هذه الشركات هي الشركة العربية البحرية لبناء وإصالح السفن‪ ,‬الشركة العربية البحرية لنقل البترول‪ ,‬الشركة العربية لالستثمارات البترولية‪,‬‬
‫الشركة العربية للخدمات البترولية‪.‬‬
‫‪ ‬زيادعربية‪" ,‬تقرير عن الصناعات البتروكماوية في األقطار العربية"‪( ,‬في مجلة النفط والتعاون العربي‪ ،‬العدد ‪ ،)1997، 67‬ص ‪.118‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أثر التحوالت االقتصادية العالمية على اقتصاديات الدول العربية و سبل مواجهتها‪.‬‬

‫خالصة الفصل الثالث‪:‬‬


‫تبين من التحليل السابق أن مجمل التحوالت االقتصادية العالمية لها تأثير مباشر على الدول العربية‬
‫التي أصبحت تشكل تحديا لها خاصة و أنها تتعامل معها بصفة فردية‪ ،‬فقبول الدول العربية لالنضمام إلى‬
‫المنظمة العالمية للتجارة لم يعد أمرا قابال للجدال‪ ،‬حيث أصبحت حقيقة واضحة بانضمام أكثر منن ‪135‬‬
‫دولة‪ ،‬و رغم اآلثار السلبية التي قد تنعكس على الدول العربية نتيجة انضمامها إال أنها تبقى أقل خطورة‬
‫فيما لو بقيت خارج هذا التيار العالمي‪.‬‬
‫أما بالنسبة للتكتالت االقتصادية الكبرى في العالم‪ ،‬ونظرا للعالقات االقتصادية والتجارية التي تربط‬
‫الدول العربية بهذه األخيرة فإن هذه التكتالت ستؤثر عليها سلبا أكثر منه إيجابا‪ ،‬و هذا ما يخدم مصلحة‬
‫تلك التكتالت من خالل تسويق منتجاتها في السوق العربية‪ ،‬وتعرض المنتجات العربية للمنافسة الشديدة‪.‬‬
‫وفيما يخص الشركات متعددة الجنسية التي تستثمر في الدول العربية فهي تسعى للتدخل في‬
‫السياسات االقتصادية لهذه األخيرة وفرض نفوذها عليها‪ ،‬ألن متطلبات تنميتها من تكنولوجية و تقنية‬
‫متطورة ال تتوفر إال عند هذه الشركات و هذا جعل الدول العربية في تبعية دائمة لها‪.‬‬
‫وهكذا أصبحت األوضاع االقتصادية للدول العربية بحاجة لرؤية أشمل و أعمق لتواجه ما هو‬
‫حاصل عالميا‪ ،‬ولن يكون ذلك إال بالعمل على خلق تكتل اقتصادي عربي‪ ،‬خاصة أنها تملك من المقومات‬
‫ما يجعلها تتمتع بميزة تنافسية تفوق الدول األخرى و في مجاالت متعددة و لهذا عليها أن تتجاوز كل‬
‫المعوقات التي حالت دون قيام هذا التكتل و تحاول التركيز على الشراكة العربية – عربية‪ ،‬و السيما أن‬
‫استكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي تقوم على أسس تستند لمعايير و قواعد التجارة‬
‫العالمية‪ ،‬و لهذا فإن نجاحها يحتاج إلى تعزيز العالقات العربية و كذا العمل على خلق نوع من التكامل‬
‫القطاعي بإقامة و تكثيف المشروعات العربية المشتركة خاصة في مجال النفط والغاز‪ ،‬و هذا ما‬
‫سيساعدها على تحقيق نوع من التخصص و تقسيم العمل بين الدول العربية و تقوية قدراتها التفاوضية‬
‫مما يجعل منها قوة اقتصادية مـؤثرة عالميا و تسـاهم بدور بارز في األحــداث الدولية واإلقليمية‪.‬‬

You might also like