You are on page 1of 421

‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الدولت الطاهريت‬

‫عىامل النهىض وأسباب السقىط‬

‫‪1‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫حقوق الطبع زلفوظة للمؤلف‬

‫ٲبنع طبع ىذا الكتاب أك جزء منو أبم طريقة من طرؽ الطبع كالتصوير‬

‫كالنقل كالَب‪ٝ‬بة كالتسجيل ا‪٤‬برئي كا‪٤‬بسموع كا‪٢‬باسويب كغّبىا من ا‪٢‬بقوؽ‬

‫إال إبذف خطي من ا‪٤‬بؤلف‪.‬‬

‫رقم اإليداع بدار الكتب الوطنية – صنعاء‪ -‬اجلمهورية اليمنية‬

‫رقم (‪ )0011‬لسنة ‪9102‬م‬

‫الطبعت الثانيت ‪0202‬م‬

‫اجلمهىريت اليمنيت‪ .‬صنعاء‪ .‬الدائري‪ .‬جىلت اجلامعت اجلديدة‬

‫‪2‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الدولة الطاهرية‬
‫عىامل النهىض وأسباب السقىط‬

‫ادلزء ا ٔلول‬

‫" املَوك املؤسسني "‬

‫ثبًَٔف‬

‫الٔس خار‪ /‬إسٌلؾَي معَح بٔتوسوًس اذلجايج‬

‫متت ُشٍ اًعحـة اًثاهَة ‪0202‬م ويه ظحـة مزًست ومٌلحة‬

‫‪3‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‬

‫َ‪1‬‬ ‫َ ْ ُ ْ َ َ َ َ َ َّ ُ ْ َ َ َ َّ ُ‬
‫"فاقصصِ القصص لعلهم يتفكرون "‬

‫غالِ يف انتاريخِ واجعَم كُتبَــه * ين كِتابِ اهللِ يف انتقديرِ قَـــــابا‬

‫يَثَمُ انقىوِ نَســــــىا تارخيـــــــــهُى* كهقيطٍ عيّي يف انناس انتِســــابَا‬

‫أو كًَغهىبٍ عهى ذاكِــــــــرةٍ * يَشتَكي ين صِهَتِ املاضي انقِضَابا‬

‫أمحد شىقي‬

‫‪ 1‬سوزت ا ٔلؾصاف‪ ،‬الًٓة ‪.154‬‬


‫‪4‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلقدمة‬

‫ا‪٢‬بمدهلل رب العا‪٤‬بْب كالصبلة كالسبلـ على أشرؼ األنبياء كا‪٤‬برسلْب‪ ،‬أما بعد‪،،،‬‬
‫ىذا الكتاب الدكلة الطاىرية عوامل النهوض كأسباب السقوط‪ٰ ،‬بكي اتريخ الدكلة الطاىرية‬
‫كمؤسسيها كما عاصرىا من أحداث ككقائع مهمة‪ ،‬غّبت ‪٦‬برل التاريخ ُب اليمن ُب القرف التاسع‬
‫كالعاشر ا‪٥‬بجرم‪.‬‬
‫كيبْب ىذا الكتاب أصوؿ األسرة الطاىرية كنسبهم كعاصمتهم كموطنهم الذم عاشوا فيو‪ ،‬كمكانتهم‬
‫اإلجتماعية قبل قياـ دكلتهم كأتسيسهم ‪٥‬با‪ ،‬كيتطرؽ الكتاب كذلك إذل الدكلة الرسولية كقيامها كأىم‬
‫حكامها الذين حكموا اليمن‪ ،‬كدكر بِب طاىر ُب الدكلة الرسولية كعبلقتهم ابلرسوليْب‪ ،‬كتورل‬
‫الطاىريْب ا‪٤‬بناصب إابف عهدىم‪ ،‬إبعتبار أف الدكلة الطاىرية كانت إمتدادان للدكلة الرسولية ُب اليمن‪.‬‬
‫كيتحدث الكتاب عن مؤسسي كزعماء الدكلة الطاىرية ا‪٤‬بلك اجملاىد علي كا‪٤‬بلك الظافر عامر بن‬
‫طاىر مؤسسي الدكلة الطاىرية‪ ،‬كالسلطاف عبدالوىاب بن داكد‪ ،‬كا‪٤‬بلك عامر بن عبدالوىاب‪ ،‬كيبْب‬
‫صفاهتم كا‪٤‬بنهج الذم ساركا عليو‪ ،‬ككيف تعاملوا مع سنن هللا ُب بناء الدكلة‪ ،‬كسنة التدرج كسنة‬
‫األخذ ابألسباب‪ ،‬كسنة تييّب النفوس التدافع اإلبتبلء‪ ،‬ككيف حقق القادة األكائل ‪٥‬بذه الدكلة شركط‬
‫التمكْب‪ ،‬ككيف أخذكا أبسبابو ا‪٤‬بادية كا‪٤‬بعنوية‪ ،‬ككيف استطاعوا التمكن من توحيد اليمن أبكملو‪،‬‬
‫رغم التحدايت الداخلية كا‪٣‬بارجية‪ ،‬كمن ‪ٙ‬بكيم شريعة هللا ُب األرض‪ ،‬كإحبلؿ العدؿ كاألماف‬
‫كاإلستقرار كالنهوض‪ ،‬كيتحدث الكتاب عن جهادىم كدعوهتم كحبهم للعلم كالعلماء‪ ،‬كإقامتهم للعدؿ‬
‫بْب الرعية كنصرة ا‪٤‬بظلومْب‪ ،‬كتصديهم للحمبلت ا‪٣‬بارجية‪ ،‬كخاصة ا‪٢‬بملة الصليبية الربتيالية كا‪٢‬بملة‬
‫ا‪٤‬بملوكية الشركسية‪.‬‬
‫كنبْب للقارمء الكرًن أيضان أف النهوض للدكلة الطاىرية ُب اليمن كاف شامبلن ُب كافة اجملاالت العلمية‬
‫كالسياسية كاإلقتصادية كا‪٢‬بربية كاإلجتماعية‪ ،‬فملوؾ الدكلة الطاىرية أقاموا هنضة حضارية ُب ‪ٝ‬بيع‬
‫اجملاالت العلمية كاإلقتصادية كالعمرانية‪ ،‬بل إهنم ساٮبوا ُب بناء ا‪٢‬بضارة اإلسبلمية ُب اليمن‪ ،‬كالٍب ال‬
‫زالت تبدك شواىدىا العظيمة ُب كثّبان من آاثرىا البارزة كا‪٤‬بمتدة إذل عصر ا ا‪٢‬بارر‪.‬‬
‫كتبدك أٮبية ىذا الكتاب كالذم ٰبكي حقبة من أىم حقب التاريخ اليمِب‪ ،‬كفصبلن شيقان من فصولو‪،‬‬
‫كىو اتريخ الدكلة الطاىرية تبدك أٮبيتو من خبلؿ عدة أمور مهمة‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬بياف الصراع الدكرل على النفوذ ُب اليمن‪ ،‬فقد تصارعت ُب ذلك الوقت أكرب الدكؿ‬
‫كاإلمرباطورايت ُب العادل‪ ،‬لئلستيبلء على ببلد اليمن ألٮبية موقعها ا‪١‬بيراُب‪ ،‬كالذم يعترب احملطة األىم‬

‫‪5‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ُب خط ا‪٤‬ببلحة البحرية‪ ،‬كالتجارة العا‪٤‬بية بْب الشرؽ كاليرب‪ ،‬ككانت من أبرز ىذه الدكؿ الٍب‬
‫تصارعت على النفوذ ُب اليمن الدكلة العثمانية‪ ،‬كاإلمرباطورية الربتيالية‪ ،‬كدكلة ا‪٤‬بماليك‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬يبْب ىذا الكتاب اإلنقساـ السياسي كالتمزؽ ا‪١‬بيراُب الذم ظهر ُب أكاخر عهد الدكلة‬
‫الرسولية‪ ،‬كالذم أدل إذل ظهور كثّب من السلطنات كاإلمارات كا‪٤‬بشيخات ُب اليمن كصلت إذل أكثر‬
‫من عشرة تكتبلت سياسية‪ ،‬كبلن يسعى لتكوين دكلتو كسلطتو الذاتية‪ ،‬كدكر بِب طاىر عند أتسيس‬
‫دكلتهم ُب توحيد اليمن كالقضاء على ىذه التمردات السياسية‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬أف ا‪٢‬بقبة الزمنية الٍب مرت هبا الدكلة الطاىرية ىي مرحلة تيّب جذرم ُب اتريخ اليمن‬
‫اإلسبلمي‪ ،‬فكثّبه من ا‪٤‬بؤرخْب ٯبعل القرف العاشر‪ ،‬كىو اتريخ دخوؿ العثمانيْب لليمن كانتهاء الدكلة‬
‫الطاىرية‪ ،‬العهد الفاصل بْب التاريخ اإلسبلمي القدًن كا‪٢‬بديث‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬تبدك أٮبية ىذه الدراسة أيضان من خبلؿ سرد أحداث الصراع السياسي‪ ،‬بْب األئمة الزيدية ُب‬
‫مشاؿ اليمن‪ ،‬كبْب الدكلة الطاىرية‪ ،‬كالٍب كانت ‪ٛ‬بثل األغلبية الشافعية كىم أبناء ا‪٤‬بناطق الوسطى‬
‫كا‪١‬بنوب كا‪٤‬بناطق اليربية‪ ،‬فقد أثر ىذا الصراع كثّبان على األكراع السياسية كاإلقتصادية كاإلجتماعية‬
‫ُب اليمن‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬يبْب ىذا الكتاب حقيقة ا‪٢‬بمبلت الصليبية الربتيالية ُب القرف العاشر بزعامة األمّب ىنرم‬
‫ا‪٤‬ببلح كفاسكو دم جاما على العادل اإلسبلمي‪ ،‬كخاصة اليمن كالٍب حاكؿ الربتياليوف كثّبان اإلستيبلء‬
‫عليها‪ ،‬كاإلستيبلء على أىم ا‪٤‬بواينء كا‪٤‬بدف البحرية الواقعة على خط ا‪٤‬ببلحة العا‪٤‬بية‪ ،‬كخاصة عدف‬
‫كالشحر‪ ،‬كا‪٢‬بديدة كجزيرة كمراف كسوقطرل‪ ،‬كدكر الدكلة الطاىرية رغم إمكانياهتا ا‪٤‬بتوارعة ُب‬
‫التصدم ‪٥‬بذه ا‪٢‬بمبلت الصليبية‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬تبدك كذلك أٮبية ىذا الكتاب من خبلؿ الكشف عن الكثّب من ا‪٢‬بقائق التارٱبية كإزالة‬
‫اليموض عن بعض األحداث التارٱبية ا‪٤‬بهمة‪ ،‬الٍب حدثت ُب عصر الدكلة الطاىرية‪ ،‬كالٍب دل يتطرؽ‬
‫‪٥‬با كثّبه من الباحثْب كالكتاب ا‪٤‬بعاصرين‪ ،‬كذلك كدكر ملوؾ بِب طاىر ا‪١‬بهادم ُب دعم ‪٩‬بلكة عدؿ‬
‫اإلسبلمية ُب إفريقيا رد النصارل‪ ،‬ككذلك دكرىم ُب التصدم للحمبلت الربتيالية الصليبية ُب‬
‫السواحل اليمنية‪ ،‬كإمتداد نفوذ الطاىريْب إذل حضرموت كا‪٤‬بهرة كاقليم ظفار‪ ،‬كالنهضة العلمية الٍب‬
‫قاموا هبا ببناء ا‪٤‬بدارس كاإلىتماـ ابلعلم كالعلماء كجلبهم أىم ا‪٤‬بؤلفات العلمية من الدكؿ األخرل‪ ،‬كل‬
‫ىذه ا‪٢‬بقائق يبْب أٮبيتها كحقيقتها ىذا الكتاب‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬كثرة ا‪٣‬بائضْب ُب اتريخ الدكلة الطاىرية دك٭با أتصيل علمي‪ ،‬أك دراية أبصوؿ البحث العلمي‬
‫كالتوثيق التارٱبي‪ ،‬جعل كثّبان من ا‪٢‬بقائق ‪٧‬بل نزاع بْب ا‪٤‬بهتمْب كالقراء ُب اتريخ الدكلة الطاىرية‪ ،‬مثاؿ‬
‫‪6‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ما ىي عاصمة الدكلة الطاىرية كحقيقة نسبهم‪ ،‬كمنهجهم ُب ا‪٢‬بكم‪ ،‬كعبلقاهتم مع الدكؿ األخرل‬
‫كالعثمانيْب كا‪٤‬بماليك كا‪٢‬بجاز‪ ،‬كىذا ما يبْب حقيقتو ىذا الكتاب إبذف هللا‪.‬‬
‫كا‪٢‬بقيقة ال يفوتِب أف أشّب ىنا أف الكتابة ُب اتريخ الدكلة الطاىرية‪ ،‬ىو كتابة كخوض ُب حقبة‬
‫اترٱبية تيعد من أصعب ا‪٤‬براحل التارٱبية ُب اليمن الٍب قد يكتب أك ٱبوض فيها الباحث كا‪٤‬بؤرخ‪ ،‬كىذا‬
‫ما ال ٯبهلو ا‪٤‬بؤرخْب اليمنيْب‪.‬‬
‫ت لسنوات طويلة إٔبث كأقرأ حوؿ اتريخ الدكلة الطاىرية ُب ا‪٤‬براجع التارٱبية ا‪٤‬بخطوطة‬ ‫فقد مكث ي‬
‫كا‪٤‬بطبوعة‪ ،‬حٌب أجتمعت ُب مكتبٍب مادة علمية غزيرة من ا‪٤‬بؤلفات كا‪٤‬براجع التارٱبية‪ ،‬ا‪٤‬بتعلقة بتاريخ‬
‫الدكلة الطاىرية كالعصر الذم ظهرت فيو‪ ،‬كالٍب تبْب كثّبان من أحداث كتفاصيل ىذه الدكلة العظيمة‪.‬‬
‫كلعل من أبرز الصعوابت الٍب كاجهتِب كتواجو من يقراء ُب ا‪٤‬براجع التارٱبية القدٲبة رغم غزارة مادهتا‬ ‫ٌ‬
‫الٍب تتكلم كتؤرخ عن الدكلة الطاىرية‪ ،‬سواءن كانت ا‪٤‬بخطوطات احملققة كغّب احملققة‪ ،‬ىو اإل‪٫‬بياز‬
‫الوارح لكثّبه من ا‪٤‬بؤرخْب ا‪٤‬بعاصرين لعهد الدكلة الطاىرية ألحد الفريقْب ا‪٤‬بتصارعْب على ا‪٢‬بكم‪٩ ،‬با‬
‫جعل التناقض بينهما أمران كارحان ُب سرد األحداث التارٱبية لكل فريق ٕبسب رؤيتو ككالئو‪.‬‬
‫فا‪٤‬بخطوطات كا‪٤‬براجع التارٱبية سواءن الٍب عاصر مؤلفوىا الدكلة الطاىرية أك الٍب يكتًبت بعدىا بفَبة‬
‫قصّبة‪ ،‬تناكؿ كثّبه من كتاهبا األحداث التارٱبية من خبلؿ طرحها كمدل أتثرىم بتوجههم السياسي أك‬
‫ا‪٤‬بذىيب‪ ،‬كمدل إرتباطهم ببِب طاىر أك ابألئمة الزيديْب‪ ،‬كتناقل مؤلفوىا ا‪٤‬بعلومات كاألحداث من‬
‫بعضهم البعض‪ ،‬كحوت كثّبه منها على مظاىر ا‪٤‬بدح كالذـ‪ ،‬كابلتارل انعكست على السرد التارٱبي‬
‫لؤلحداث كما شوىدت أك ركيت‪ ،‬مع الكثّب من اإلسهاب دكف ‪ٙ‬بليل أك إبداء رأم‪ ،‬إال أف ىذه‬
‫العيوب ال تقلل من أٮبيتها ابعتبارىا ا‪٤‬بنهل األساسي ‪٥‬بذا الكتاب‪.‬‬
‫كٲبكن القوؿ بصفة عامة أف ا‪٤‬بخطوطات كا‪٤‬براجع التارٱبية الٍب اعتمدت عليها ُب ىذا البحث كالٍب‬
‫تكلمت عن الطاىريْب تتكوف من قسمْب‪ ،‬إستنادان إذل ا‪٤‬بذىبية السائدة ُب اليمن‪ ،‬زيدية ُب ا‪٤‬بناطق‬
‫الشمالية كسِب أك شافعي ُب بقية ا‪٤‬بناطق اليمنية الوسطى كا‪١‬بنوبية كاليربية التهامية‪.‬‬
‫فنجد ‪ٝ‬باؿ الدين بن دمحم بن شرؼ الدين كدمحم بن إ‪٠‬باعيل الكبسي كٰبي بن ا‪٢‬بسْب كعيسى بن‬
‫لطف هللا كالواسعي‪ٕ ،‬بكم أهنم كاألئمة الزيدية ينتموف ألسرة كاحدة كمذىب كاحد قد ‪٦‬بدكا األئمة‪،‬‬
‫ككالوا التيهم كالنقد ‪٣‬بصومهم الطاىريْب‪.‬‬
‫كالعكس من ذلك يظهر عند ا‪٤‬بؤرخْب الذين ينتموف للمناطق الوسطى كاليربية كا‪١‬بنوبية من اليمن‪،‬‬
‫كالعبلمة عبدالر‪ٞ‬بن الديبع الزبيدم كدمحم ابفقيو الشحرم ككماؿ الدين الذؤارل الزبيدم كالطيب‬
‫اب‪٨‬برمة كابحسن كالعيدركس كالشلي كعماد الدين ابن األنف القرمطي‪٪ ،‬بد ىؤالء على الوالء التاـ‬
‫‪7‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫للطاىريْب‪ ،‬استنادان للمذىبية السنية أك الوالء السياسي‪ ،‬كإقرارىم بواليتهم‪ ،‬فكانوا حريصْب على إبراز‬
‫‪٧‬باسن سبلطْب بِب طاىر كال يذكركف مساكئهم‪ ،‬كال يَبددكف ُب نقد خصوـ بِب طاىر من األئمة‬
‫الزيديْب‪ ،‬ألهنم خالفوا كالهتم‪ ،‬كرغم ‪٧‬باذير ىذا اإل‪٫‬بياز السياسي كالتارٱبي‪ ،‬إال أنو ساعد على كشف‬
‫كثّب من ا‪٢‬بقائق التارٱبية‪.‬‬
‫كا‪٢‬بق ييقاؿ أف التنبيو على ىذه ا‪٢‬بقيقة التارٱبية حوؿ التأثّبات السياسية على ا‪٤‬بؤلفْب ا‪٤‬بعاصرين‬
‫للدكلة الطاىرية ُب سرد األحداث التارٱبية‪ ،‬ال تقلل من فضل كمكانة ىؤالء الكوكبة من العلماء‬
‫كالفقهاء األجبلء ر‪ٞ‬بهم هللا‪ ،‬كالذم لوالىم بعد هللا ‪٤‬با حفظت لنا ىذه العلوـ ا‪١‬بليلة من الفقو‬
‫كا‪٢‬بديث كغّبىا‪ ،‬كخاصة ما ىو ‪٧‬بل ٕبثنا من ا‪٤‬بؤلفات التارٱبية‪.‬‬
‫كل ىذه الصعوابت تطلبت مِب أف استلزـ الَبيث ُب قراءة كٕبث كسرد األحداث التارٱبية‪ ،‬كسرب‬
‫أغوارىا ُب ا‪٤‬بخطوطات احملققة كغّب احملققة ُب التاريخ اليمِب بشكل عاـ كاتريخ الدكلة الطاىرية‬
‫بشكل خاص‪ ،‬كالَبجيح التارٱبي اب‪٤‬بعايّب العلمية كالتأصيلية ا‪٤‬بعلومة لدل الباحثْب‪ ،‬ك‪ٝ‬بع أقواؿ‬
‫ا‪٤‬بؤرخْب اليمنيْب كالَبجيح فيما بينها‪ ،‬كربط األحداث التارٱبية ابلعوامل احمليطة كا‪٤‬بؤثرة هبا‪ ،‬لتبدك‬
‫ا‪٢‬بقيقة جلية‪ ،‬فكاف الوصوؿ إذل ا‪٢‬بقيقة قدر اإلمكاف عمبلن شاقان‪ ،‬تطلب التحرم كالدقة كالبحث ُب‬
‫‪ٝ‬بيع ا‪٤‬براجع التارٱبية ‪١‬بميع الكتٌاب ا‪٤‬بعاصرين للدكلة الطاىرية‪.‬‬
‫كقد قسمت ىذا الكتاب إذل جزئْب‪ ،‬تكلمت ُب ا‪١‬بزء األكؿ منو حوؿ اتريخ كنشأة الدكلة الطاىرية‬
‫عوامل النهوض كا‪٤‬بلوؾ ا‪٤‬بؤسسْب‪ ،‬كا‪١‬بزء الثاين سّبة ا‪٤‬بلك عامر بن عبدالوىاب كمن بعده من ملوؾ‬
‫بِب طاىر كأسباب سقوط الدكلة الطاىرية‪.‬‬
‫فأسأؿ هللا أف أكوف قد كفقت ُب ىذا البحث‪ ،‬كأسألو تعاذل أف ٯبعل ذلك خالصان لوجهو الكرًن‬
‫سبحانو‪.‬‬

‫كتبو‪ /‬إ‪٠‬باعيل مصلح أبوسويد ا‪٢‬بجاجي‬


‫القادسية‪ .‬صنعاء‬

‫‪8‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل التمهيدي‬
‫أصول بين طاىر وموطنهم وعالقتهم ابلدولة الرسولية‬

‫كبّب ُب تييّب‬
‫أثر ه‬ ‫كاف لظهور الطاىريْب على مسرح األحداث ُب اليمن كجنوب ا‪١‬بزيرة العربية ه‬
‫األكراع السياسية ُب تلك ا‪٤‬بنطقة‪ ،‬الٍب كانت تتنازعها عدة قول فمن جهة كانت بقااي الدكلة‬
‫الرسولية الٍب حكمت اليمن عدة قركف كالٍب كانت تلفظ أنفاسها األخّبة ُب بداية القرف التاسع‪ ،‬كُب‬
‫مشاؿ اليمن كاف ىناؾ األئمة الزيدية الذين ٰباكلوف إقامة دكلة ‪٥‬بم ُب اليمن على أنقاض الدكلة‬
‫الرسولية‪ ،‬كخارجيان تصارعت كربل الدكلة العا‪٤‬بية ُب ذلك الوقت لتحتل كتسيطر على اليمن ألٮبيتو‬
‫اإلسَباتيجية كمنفذ ٕبرم مهم يربط بْب آسيا كافريقيا‪ ،‬كلوقوعو على خط ا‪٤‬ببلحة كالتجارة العا‪٤‬بية فقد‬
‫تصارعت كتنافست الدكؿ الكربل على موقع اليمن ا‪١‬بيراُب‪ ،‬كظهر ذلك جليان ُب احملاكالت الكثّبة‬
‫الٍب قاـ هبا الربتياليوف ُب عصر الدكلة الطاىرية للحصوؿ على موقع اسَباتيجي ُب خليج عدف أك‬
‫البحر األ‪ٞ‬بر أك ٕبر العرب‪ ،‬ككذلك ‪٧‬باكالت ا‪٤‬بماليك الشركس الذين كانوا ٰبكموف مصر كالشاـ ُب‬
‫ذلك الوقت كأثر ذلك ُب غزك اليمن‪ ،‬كمن ٍب ظهور الدكلة العثمانية على مسرح األحداث ُب أكاخر‬
‫عهد الدكلة الطاىرية كزكا‪٥‬با على يد العثمانيْب‪.‬‬
‫فكل ىذه األحداث السياسية ا‪٤‬بهمة كا‪٤‬بتسارعة ُب ىذه ا‪٢‬بقبة الزمنية من اتريخ الدكلة الطاىرية‪،‬‬
‫جعلت دراسة كقراءة اتريخ الدكلة الطاىرية من أىم ما يهتم بو ُب العصر ا‪٢‬بارر‪.‬‬
‫لذا فإننا سنبْب ُب ىذا الفصل ُب مبحثْب مستقلْب أكالن أصوؿ بِب طاىر كنسبهم كمكانتهم‬
‫اإلجتماعية الٍب كانوا عليها كموطنهم كببلدىم‪ٍ ،‬ب نبْب بعد ذلك كيفية ظهور بِب طاىر ُب األحداث‬
‫السياسية ُب اليمن‪ ،‬كعبلقتهم ابلدكلة الرسولية كا‪٤‬بناصب الٍب تولوىا ُب عهدىم‪ ،‬كسنبْب ذلك ُب‬
‫مبحثْب كالتارل‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬أصول بين طاىر وموطنهم‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬اتصال بين طاىر وعالقتهم ابلدولة الرسولية‬

‫‪9‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫أصول بين طاىر وموطنهم‬

‫ُب ىذا ا‪٤‬ببحث سنبْب أصوؿ بِب طاىر كحقيقة نسبهم‪ ،‬كنبْب كذلك ا‪٤‬بكانة اإلجتماعية الٍب كانت‬
‫‪٥‬بم ُب ببلدىم قبل توليهم ا‪٤‬بناصب السياسية كاإلدارية لبِب رسوؿ‪ ،‬كنبْب أيضان الببلد الٍب كانوا‬
‫يقطنوىا‪ ،‬كا‪٤‬بناطق الٍب كانت ‪ٚ‬بضع لسيطرهتم‪ ،‬كمن خبل‪٥‬با نتعرؼ على العاصمة الطاىرية الٍب كاف‬
‫ينطلق منها بِب طاىر لقيادة كحكم الببلد‪ ،‬كلنعلم كذلك مدل أتثّب ذلك على الرسوليْب‪ ،‬كسنبْب‬
‫ذلك كلو ُب ثبلثة مطالب مستقلة كاآلٌب‪:‬‬
‫ادلطلب األول‪ :‬نسب بين طاىر‬
‫ادلطلب الثاين‪ :‬مكانتهم اإلجتماعية‬
‫ادلطلب الثالث‪ :‬عاصمة بين طاىر وموطنهم‬

‫‪11‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلطلب األول‬
‫نسب بين طاىر‬

‫اختلف الباحثوف كا‪٤‬بؤرخوف حوؿ نسب بِب طاىر ملوؾ الدكلة الطاىرية كإذل أين ترجع أصو‪٥‬بم إذل‬
‫عدة أقواؿ‪ ،‬كلكن أبرز ىذه األقواؿ ىي قولْب‪ ،‬فمنهم من ذىب إذل أف نسبهم يرجع إذل بِب أمية من‬
‫قريش‪ ،‬كذىب البعض اآلخر إذل أف نسبهم يرجع إذل قبيلة الذراحنة من ايفع‪.‬‬
‫كمن خبلؿ اإلطبلع على ا‪٤‬بصادر التارٱبية ا‪٤‬بتقدمة نبلحظ أهنا دل تي ًشر إذل حصوؿ ا‪٣‬ببلؼ بْب‬
‫ا‪٤‬بؤرخْب ا‪٤‬بتقدمْب‪ ،‬أك ا‪٤‬بعاصرين لبِب طاىر كللدكلة الطاىرية حوؿ نسب الطاىريْب‪ ،‬فقد كانوا يقولوف‬
‫أبف نسب بِب طاىر يرجع إذل بِب أمية من قريش‪.‬‬
‫كإ٭با أاثر ىذا ا‪٣‬ببلؼ بعض مؤرخي الزيدية‪ ،‬كبعض ا‪٤‬بؤرخْب ا‪٤‬بتأخرين‪.‬‬
‫كأما ابلنسبة لؤلقواؿ الٍب ذكرىا ا‪٤‬بؤرخوف حوؿ نسب بِب طاىر‪ ،‬فمنهم من يقوؿ أف الطاىريْب ىم‬
‫قرشيوف من بِب أمية كما ذكر ا ذلك‪ ،‬كقد أشار ‪٥‬بذا معظم ا‪٤‬بؤرخْب كالعلماء ا‪٤‬بتقدمْب‪ ،‬كخصوصان‬
‫الذين عايشوا الدكلة الطاىرية‪.‬‬
‫كىناؾ أقواؿ أخرل تذىب إذل أف الطاىريْب ىم ٲبنيوف يرجع أصلهم إذل قبيلة الذراحنة كىي قبيلة‬
‫تنحدر أصو‪٥‬با من قبيلة ايفع ا‪٢‬بمّبية‪ ،‬كهبذا ٲبكن القوؿ إذل أف أبرز األقواؿ ُب نسب الطاىريْب ٮبا‬
‫ىذاف القوالف‪.‬‬
‫كللخبلؼ الشديد بْب الكتاب كالباحثْب ُب ىذا العصر ُب حقيقة نسب الطاىريْب فقد رأيت أف‬
‫أفصل ُب ىذه ا‪٤‬بسألة كأذكر ىذه األقواؿ كا‪٤‬بصادر التارٱبية الٍب استندت إليها‪ ،‬كما أستندكا إليو كل‬
‫فريق من حجج‪ٍ ،‬ب نبْب القوؿ الراجح ُب نسب بِب طاىر‪.‬‬
‫القول األول أن الطاىريني من بين أمية من قريش‪:‬‬
‫أسندت كثّب من ا‪٤‬بصادر التارٱبية نسب الطاىريْب اذل الفرع األموم من قريش‪ ،‬كقالت بعض تلك‬
‫ا‪٤‬بصادر أف الطاىريْب من سبللة ا‪٣‬بليفة عمر بن عبدالعزيز بن مركاف بن ا‪٢‬بكم بن أيب العاص بن أمية‬
‫بن عبدالشمس بن عبد مناؼ القرشي‪.1‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز يف حواذج اٍمين اًىداز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن إذزٌس جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬حتلِق اًـالمة دمحم جن الٔهوع‪ ،‬مًضوزاث‬
‫اًَِئة اًـامة اٍمييَة ٌَىذاة ظيـاء‪ ،‬ظحاؿة ذاز املـصفة ٌَعحاؿة واًًرش تريوث ًحيان‪ ،‬ظحـة ‪1773‬م‪ ،‬ض‪ ،41‬كالذت اًيحص يف وفِاث ٔبؾَان‬
‫‪11‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كذكرت مصادر أخرل أف نسب بِب طاىر يرجع إذل طاىر بن معورة بن اتج الدين بن معورو بن‬
‫دمحم بن سعيد بن عامر بن مسعود بن كىب بن فهر بن حرب من بِب أمية‪ ،‬من قريش‪.1‬‬
‫كعلى العموـ فإف كبل القولْب يرجع نسب بِب طاىر إذل بِب أمية من قريش‪ ،‬كىم أبناء عمومة بِب‬
‫ىاشم‪ ،‬كمن أبرز من قاؿ هبذا النسب من العلماء كا‪٤‬بؤرخْب ا‪٤‬بتقدمْب‪:‬‬
‫ُ‪ .‬العبلمة أيب الضياء عبدالر‪ٞ‬بن بن علي الديبع الشيباين الزبيدم ا‪٤‬بتوَب سنة ْْٗ ىجرية‪ُ ،‬ب كتابو‬
‫الفضل ا‪٤‬بزيد على بيية ا‪٤‬بستفيد ُب أخبار مدينة زبيد كالذم حققو الدكتور يوسف شلحدِ‪.‬‬
‫كقد ذكر ذلك أيضان نفس ا‪٤‬بؤلف ُب كتابو قرة العيوف أبخبار اليمن ا‪٤‬بيموف عند ذكره ا‪٣‬بلفاء من بِب‬
‫طاىر فقاؿ‪" :‬دكلة ا‪٤‬بلك اجملاىد مشس الدين علي بن طاىر كأخيو ا‪٤‬بلك الظافر صبلح الدين عامر‬
‫ابِب طاىر بن معورة ابن اتج الدين القرشي األموم العمرم"ّ‪.‬‬
‫ِ‪ .‬كقاؿ بنفس ىذا القوؿ العبلمة ا‪٤‬بؤرخ أيب دمحم عبدهللا الطيب بن عبدهللا بن أ‪ٞ‬بد اب‪٨‬برمة كا‪٤‬بتوَب‬
‫سنة ْٕٗىػ‪ُ ،‬ب كتاب قبلدة النحر ُب كفيات أعياف الدىر‪ ،‬حيث قاؿ ُب نسب ا‪٤‬بلك عامر بن‬
‫طاىر‪" :‬ىو السلطاف ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر بن معورو بن اتج الدين القرشي األموم‬
‫العمرم‪ ،‬ككأنو منسوب إذل عمر بن عبدالعزيز بن مركاف ا‪٣‬بليفة"ْ‪.‬‬
‫ّ‪ .‬ككذا نسبهم إذل بِب أمية ا‪٤‬بؤرخ عماد الدين إدريس بن األنف القرمطي ا‪٤‬بتوَب سنة ِٕٖىػ‪ُ ،‬ب‬
‫كتابو ركرة األخبار كنزىة األ‪٠‬بار ُب حوادث اليمن الكبار كا‪٢‬بصوف كاألمصار كالذم حققو‬
‫ا‪٤‬بؤرخ كالعبلمة دمحم بن علي االكوع ا‪٢‬بورل ا‪٢‬بمّبم‪ ،‬فقاؿ‪" :‬ىؤالء بِب معورة بن اتج الدين‬

‫ادلُص‪ٔ ،‬بتو دمحم ؾحسهللا اًعَة جن ؾحسهللا جن بٔمحس ابخمصمة اذلرضيم‪ ،‬حتلِق تو مجـة مىصي وذادل سوازي‪ ،‬ظحـة ذاز املهناح خست‬
‫اًسـوذًة‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪0226‬م‪ ،‬ض‪.350‬‬
‫‪ 1‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس يف ٔبدداز مسًية ستَس‪ ،‬ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬حتلِق ادلنخوز ًوسف صَحس‪ ،‬ظحاؿة مصنز ادلزاساث‬
‫واًححوج اٍميين ظيـاء‪ ،‬ظحـة ‪1761‬م‪ ،‬ض ‪ ،12‬اتزخي اٍمين املسمى فصخة اهلموم واذلزن يف حواذج واتزخي اٍمين‪ ،‬اًـالمة ؾحساًواسؽ جن‬
‫حيي اًواسـي‪ ،‬مىذحة اٍمين اًىربى ظيـاء ًٌَرش واًخوسًؽ‪ ،‬اًعحـة اًثاهَة ‪1771‬م‪ ،‬ض‪.010‬‬
‫‪ 0‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض ‪.101‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ اًضُداين‪ ،‬حتلِق اًـالمة دمحم جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ظحاؿة مىذحة الٕزصاذ ظيـاء‪،‬‬
‫اًعحـة ا ٔلوىل ‪0224‬م‪ ،‬ض‪. 271‬‬
‫‪ 2‬كالذت اًيحص يف وفِاث بٔؾَان ادلُص‪ٔ ،‬بتو دمحم ؾحسهللا اًعَة جن ؾحسهللا جن ٔبمحس ابخمصمة اذلرضيم‪ ،‬حتلِق تو مجـة مىصي وذادل سوازي‪،‬‬
‫ظحـة ذاز املهناح خست اًسـوذًة‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪0226‬م‪.216/4 ،‬‬
‫‪12‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫نسبهم من آؿ عمر بن عبدالعزيز بن مركاف بن ا‪٢‬بكم بن أيب العاص بن أمية بن عبدمشس بن عبد‬
‫مناؼ القرشي"ُ‪.‬‬
‫ْ‪ .‬ك‪٩‬بن نسب بِب طاىر إذل بِب أمية من قريش ا‪٤‬بؤرخ قطب الدين النهركارل ا‪٤‬بتوَب سنة َٗٗ‬
‫ىجرية‪ُ ،‬ب اترٱبو الربؽ اليماين ُب الفتح العثماين‪ ،‬فقاؿ‪" :‬عامر بن عبدالوىاب بن داكد بن طاىر‬
‫بن معورة األموم‪ ...،‬شافعيان يسنيان سنًيان قرشيانِ"‪.‬‬
‫ٓ‪ .‬كنسب كذلك ا‪٤‬بؤرخ العبلمة عبدهللا بن صبلح الدين بن داعر ا‪٤‬بتوَب سنة ََُٕىػ بِب طاىر إذل‬
‫بِب أمية من قريش ُب اترٱبو الفتوحات ا‪٤‬برادية ُب ا‪١‬بهات اليمانية‪ ،‬فقاؿ‪":‬ا‪٤‬بلك اجملاىد مشس‬
‫الدين علي كأخوه ا‪٤‬بلك الظافر صبلح الدين عامر أبناء طاىر بن معورة بن اتج الدين القرشي‬
‫العمرم"‪.3.‬‬
‫ٔ‪ .‬ك‪٩‬بن نسبهم إذل بِب أمية من قريش‪ ،‬ا‪٤‬بؤرخ دمحم بن عمر الطيب ابفقيو ا‪٤‬بتوَب تقريبان سنة َُُِىػ‬
‫ُب كتابو اتريخ الشحر كأخبار القرف العاشر‪ ،‬حيث يقوؿ‪" :‬الشيخ السلطاف عامر بن عبدالوىاب‬
‫بن داؤد بن طاىر بن معورة بن اتج الدين العمرم القرشي األموم كذا ذكره الفقيو أ‪ٞ‬بد بن‬
‫عمر الديبع ُب اترٱبو‪ ،‬كنقلت من خط السيد الشريف الشيخ عمر بن عبدهللا العيدركس ذكر‬
‫نسب الظافر فهو السلطاف عامر بن عبدالوىاب بن داؤد بن طاىر بن معورة العمرم األموم‬
‫نسبة إذل أمّب ا‪٤‬بؤمنْب عمر بن عبدالعزيز هنع هللا يض"ْ‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬كذلك ‪٩‬بن أكد إنتساب بِب طاىر إذل بِب أمية العبلمة بدر الدين حسْب بن عبدهللا األىدؿ‬
‫ا‪٢‬بسيِب ا‪٤‬بتوَب سنة ٖٓٓىػ‪ُ ،‬ب كتابو "‪ٙ‬بفة الزمن ُب اتريخ سادات اليمن"ٓ‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬كنسبهم كذلك إذل بِب أمية من قريش‪ ،‬ا‪٤‬بؤرخ العبلمة عيسى بن لطف هللا بن شرؼ الدين ا‪٤‬بتوَب‬
‫الركح ُب‬‫سنة َُْٖىػ‪ ،‬أحد أحفاد اإلماـ ا‪٤‬بتوكل ٰبي بن شرؼ الدين‪ ،‬فقد قاؿ ُب اترٱبو ىرٍكح ي‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة الاسٌلز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن إذزٌس جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪. 41‬‬
‫‪ 0‬اًربق اًاميين يف اًفذح اًـامثين‪ ،‬كعة ادلٍن دمحم جن ٔبمحس اٍهنصوايل امليك‪ ،‬مًضوزاث ذاز اًاميمة اًصايط اًسـوذًة‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪1745‬م‪،‬‬
‫ض‪.14‬‬
‫‪ 1‬اًفذوحاث املصاذًة يف ادلِاث اًاميهَة‪ ،‬ؾحسهللا ظالخ ادلٍن جن ذاؾص‪ ،‬خمعوظة زمق ‪ 757‬من مىذحة زاقة ابصا من موكؽ نخاة تَساي‪.‬‬
‫‪ 2‬اتزخي اًضحص و ٔبدداز اًلصن اًـارش‪ ،‬دمحم جن معص اًعَة ابفلَِ‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا دمحم اذلخيش‪ ،‬ظحاؿة مىذحة الٕزصاذ ظيـاء‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل‬
‫‪1777‬م‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪ 3‬حتفة اًزمن يف اتزخي ساذاث اٍمين‪ ،‬اًـالمة تسز ادلٍن اذلسني جن ؾحساًصمحن جن دمحم ا ٔلُسل اذلسُين‪ ،‬حتلِق ا ٔلس خار ؾحسهللا اذلخيش‪،‬‬
‫مىذحة الٕزصاذ ظيـاء‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل‪0210‬م‪.32/0 ،‬‬
‫‪13‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ذكر نسب عامر بن عبدالوىاب‪" :‬ىو عامر بن عبدالوىاب بن داكد بن طاىر بن معورة بن اتج‬
‫الدين بن معورة بن دمحم بن سعيد بن عامر بن مسعود بن فهر بن كىب بن حرب القرشي‬
‫األموم‪."1‬‬
‫ٗ‪ .‬ك‪٩‬بن نسبهم إذل بِب أمية من قريش العبلمة ا‪٤‬بؤرخ دمحم الشلي ا‪٤‬بتوُب سنة َُّٗىػ‪ ،‬ذكر ذلك ُب‬
‫كتابو السنا الباىر بتكميل النور السافر‪ ،‬فقاؿ‪" :‬صبلح الدين عامر بن عبدالوىاب بن داكد بن‬
‫العمرم"ِ‪.‬‬
‫طاىر بن معورة بن اتج الدين القرشي األموم ي‬
‫َُ‪ .‬كنسبهم كذلك إذل بِب أمية ا‪٤‬بؤرخ ٰبي بن ا‪٢‬بسْب بن القاسم ا‪٤‬بتوَب سنةََُُىػ‪ُ ،‬ب كتابو‬
‫غاية األماين ُب أخبار القطر اليماين‪.3‬‬
‫‪٧‬بمد أمْب بن فضل هللا احمليب ا‪٢‬بموم ا‪٤‬بتوَب سنة‬
‫ُُ‪ .‬ك‪٩‬بن رفع نسبهم إذل بِب أمية من قريش ا‪٤‬بؤرخ َّ‬
‫‪4‬‬
‫ََُُىػ‪ُ ،‬ب اترٱبو "خبلصة األثر ُب أعياف القرف ا‪٢‬بادل عشر "‪.‬‬
‫ُِ‪ .‬ك‪٩‬بن نسب بِب طاىر إذل بِب أمية العبلمة ا‪٤‬بؤرخ ‪ٝ‬باؿ الدين بن دمحم بن إبراىيم من نسل اإلماـ‬
‫ا‪٤‬بتوكل ٰبي شرؼ الدين ُب كتابو السلوؾ الذىبية ُب خبلصة السّبة ا‪٤‬بتوكلية ٓ‪.‬‬
‫ُّ‪ .‬كنسبهم كذلك إذل بِب أمية من قريش‪ ،‬العبلمة دمحم بن إ‪٠‬باعيل الكبسي الصنعاين ا‪٤‬بتوَب سنة‬
‫َُّٖىػ‪ُ ،‬ب كتابو اللطائف السنية ُب أخبار ا‪٤‬بمالك اليمنية حيث قاؿ‪" :‬كىؤالء بنو طاىر‬
‫ينتموف إذل بِب أمية ‪ ....‬كقد نسبهم بعض أىل التاريخ فقاؿ‪ :‬ىو عامر بن عبدالوىاب بن داكد‬
‫ابن طاىر بن معورة بن اتج الدين بن معورة بن دمحم بن سعيد بن عامر ابن مسعود بن كىب‬
‫بن حرب القرشي األموم"ٔ‪.‬‬

‫‪ّ 1‬زو ُخ اًصوخ فامي حسج تـس املائة اًخاسـة من اًفنت واًفذوخ‪ ،‬ؿُىس جن ًعف هللا رشف ادلٍن‪ ،‬حتلِق إجصاُمي جن ٔبمحس امللحفي‪ ،‬مصنز‬
‫ؾحاذي ٌدلزاساث واًًرش ظيـاء اٍمين‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪0221‬م‪ ،‬ض‪.11‬‬
‫‪ 0‬اًس يا اًحاُص تخمكَي اًيوز اًسافص‪ ،‬اًـالمة دمحم جن ٔبيب جىص اًضًل‪ ،‬حتلِق إجصاُمي امللحفي‪ ،‬مىذحة الٕزصاذ ظيـاء اٍمين‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل‬
‫‪0222‬م‪ ،‬ض‪.141‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين يف ٔبدداز اًلعص اًاميين‪ ،‬حيي جن اذلسني جن اًلامس‪ ،‬حتلِق ذ‪ .‬سـَس ؾحساًفذاخ ؿاصوز‪ ،‬ذاز اًىذاة اًـصيب ٌَعحاؿة واًًرش‪،‬‬
‫اًلاُصت مرص ظحـة ‪1746‬م‪.364/0 ،‬‬
‫‪ 2‬ذالظة ا ٔلثص يف بٔؾَان اًلصن اذلاذي ؾرش‪َ ،‬لَّس ٔبمني جن فضي هللا احمليب اسلوي‪ ،‬ظحـة ذاز ظاذز تريوث ًحيان‪.05/2 ،‬‬
‫‪ 3‬اًسَوك اذلُحَة يف ذالظة اًسريت املخولكَة‪ ،‬حٌلل ادلٍن جن دمحم جن إجصاُمي رشف ادلٍن‪ ،‬حتلِق ؾحساملكل جن دمحم اًعَة‪ ،‬ل ثوخس ذاز‬
‫ظحاؿة ٔبو س ية ظحاؿة‪.‬‬
‫‪ 4‬اٌَعائف اًسًِة يف ٔبدداز املٌلكل اٍمييَة‪ ،‬اًـالمة دمحم جن اسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬ض ‪.105‬‬
‫‪14‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كنسبهم كذلك إذل بِب أمية من قريش القاري عبدا‪٤‬بلك بن حسْب اآلنسي ا‪٤‬بتوَب سنة‬ ‫ُْ‪.‬‬
‫ُُّٓىػ‪ُ ،‬ب كتابو "إ‪ٙ‬باؼ ذكم الفطن ٗبختصر أنباء الزمن‪."1‬‬
‫كنسبهم كذلك القاري حسْب بن أ‪ٞ‬بد العرشي إذل بِب أمية من قريش‪ُ ،‬ب كتابو "بلوغ ا‪٤‬براـ ُب‬ ‫ُٓ‪.‬‬
‫شرح مسك ا‪٣‬بتاـ ُب من توذل ملك اليمن من ملك كإماـ"‪.2‬‬
‫كقاؿ العبلمة الشيخ عبدالواسع بن ٰبي الواسعي اليماين ر‪ٞ‬بو هللا ُب كتابو اتريخ اليمن ا‪٤‬بسمى‬ ‫ُٔ‪.‬‬
‫"فرجة ا‪٥‬بموـ كا‪٢‬بزف ُب حوادث كاتريخ اليمن"‪ ،‬فقاؿ‪" :‬كقد تقدـ ذكر بِب طاىر عند ذكر‬
‫ا‪٤‬بلك الظاىر الرسورل كأخيو الناصر كطاىر بن معورة بن اتج الدين بن معورة بن دمحم بن‬
‫سعيد بن عامر ابن مسعود بن كىب بن فهر بن حراب القرشي األموم"ّ‪.‬‬
‫كقاؿ العبلمة دمحم بن سادل البيحاين ُب اترٱبو "أشعة األنوار على مركايت األخبار‪ ،"4‬بنفس قوؿ‬ ‫ُٕ‪.‬‬
‫الواسعي كرفع نسبهم إذل بِب أمية من قريش‪.‬‬
‫كيرفع بعض ا‪٤‬بؤرخْب نسب معورة بن اتج الدين بن دمحم بن سعيد بن عامر إذل قريش كلكن‬ ‫ُٖ‪.‬‬
‫إذل فرع آخر‪ ،‬ليس إذل أمّب ا‪٤‬بؤمنْب عمر بن عبدالعزيز بل إذل كىب بن منبو بن حرب القرشي‬
‫األموم‪ ،‬كمن ىؤالء ا‪٤‬بؤرخْب العبلمة عبدهللا بن عبدالكرًن ا‪١‬براُب فقد رفع نسبهم إذل بِب أمية‬
‫ُب كتابو ا‪٤‬بقتطف ُب اتريخ اليمن‪.5‬‬
‫ك‪٩‬بن نسب بِب طاىر لبِب أمية ا‪٤‬بؤرخ دمحم بن عبدا‪٤‬بلك ا‪٤‬بركين ُب كتابو "الثناء ا‪٢‬بسن على أىل‬ ‫ُٗ‪.‬‬
‫اليمن"‪ ،‬فقاؿ‪" :‬بِب طاىر بطن من قريش يتصل نسبهم إذل ا‪٣‬بليفة عمر بن عبدالعزيز األموم‬
‫القرشي‪."6‬‬

‫‪ 1‬إحتاف روي اًفعن مبرخرص ٔبهحاء اًزمن‪ ،‬ؾحساملكل جن حسني الٓويس‪ ،‬حتلِق اًلايض إسٌلؾَي جن ٔبمحس ادلصايف‪ ،‬مَحق اًـسذ اًثاًر من‬
‫جمةل لكَة الٓذاة مًضوزاث خامـة ظيـاء مازش س ية ‪1761‬م‪ ،‬ض‪.26‬‬
‫‪ 0‬تَوغ املصام يف رشخ مسم ارلخام يف من ثوىل مكل اٍمين من مكل وٕامام‪ ،‬اًلايض حسني جن ٔبمحس اًـصيش‪ ،‬مصاحـة دمحم سامل دساة‪،‬‬
‫ظحاؿة مىذحة الٕزصاذ ظيـاء اٍمين‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪0226‬م‪ ،‬ض‪.41‬‬
‫‪ 1‬اتزخي اٍمين املسمى فصخة اهلموم واذلزن يف حواذج واتزخي اٍمين‪ ،‬اًـالمة اًواسـي‪ ،‬ض‪.010‬‬
‫‪ٔ 2‬بصـة ا ٔلهواز ؿىل مصوايث ا ٔلدداز‪ ،‬دمحم جن سامل اًحَحاين‪ ،‬ذاز إحِاء اًرتاج الٕساليم كعص اًعحـة الوىل ‪1764‬م‪.22/0 ،‬‬
‫ٔ‬
‫‪ 3‬امللذعف يف اتزخي اٍمين‪ ،‬ؾحسهللا جن ؾحساًىصمي ادلصايف‪ ،‬مؤسسة ذاز اًىذاة اذلسًر‪ ،‬تريوث ًحيان اًعحـة اًثاهَة ‪1762‬م‪ ،‬ض‪.72‬‬
‫‪ 4‬اًثياء اذلسن ؿىل ٔبُي اٍمين‪ ،‬دمحم جن ؾحساملكل املصوين‪ ،‬اًيارش ذاز اًيسى ٌَعحاؿة واًًرش تريوث ًحيان اًعحـة اًثاهَة ‪1772‬م‪ ،‬ض‪.045‬‬
‫‪15‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫َِ‪ .‬ك‪٩‬بن يرفع نسب بِب طاىر إذل قريش‪ ،‬دكف أف ينسبهم إذل عمر بن عبدالعزيز‪ ،‬ا‪٤‬بؤرخ ا‪٤‬بصرم‬
‫‪ٝ‬باؿ الدين أبو احملاسن يوسف بن تيرل بردل ا‪٤‬بتوَب سنة ْٕٖىػ‪ ،‬فقد نسبهم إذل القبائل‬
‫القرشية الٍب تسكن منطقة هتامة‪.1‬‬
‫ُِ‪ .‬ك‪٩‬بن نسب بِب طاىر إذل بِب أمية العبلمة ا‪٤‬بؤرخ خّب الدين الزركلي ُب كتابو األعبلـ فذكر علي‬
‫بن طاىر بن معورة بن اتج الدين القرشي األموم‪.2‬‬
‫ك‪٩‬بن قاؿ بنسب بِب طاىر إذل بِب أمية من الكتاب كا‪٤‬بؤرخْب ا‪٤‬بعاصرين عدة علماء كابحثْب منهم‪:‬‬
‫ُ‪ .‬من أبرز الباحثْب ا‪٤‬بعاصرين الذين نسبوا بِب طاىر لبِب أمية من قريش العبلمة علي بن عبدالكرًن‬
‫الفضيل شرؼ الدين ُب مشجراتو الٍب أكردىا ُب كتابو "األغصاف ‪٤‬بشجرات أنساب عد اف‬
‫كقحطاف"‪ ،‬كقد اعتمد ُب مشجراتو ىذه على مشجرات أيب عبلمة‪.3‬‬
‫ِ‪ .‬الدكتور دمحم عبدالعاؿ‪ ،‬حيث يقوؿ ُب كتابو بنو رسوؿ كبنو طاىر‪" :‬كينتسب بنو طاىر إذل الفرع‬
‫األموم من قريش‪ ،‬كيقاؿ أهنم من نسل ا‪٣‬بليفة عمر بن عبدالعزيز‪."4‬‬
‫ّ‪ .‬ك‪٩‬بن قاؿ بنسب بِب طاىر إذل بِب أمية من الباحثْب ا‪٤‬بعاصرين األستاذ ا‪٤‬بؤرخ عبدهللا ا‪٢‬ببشي ُب‬
‫تعليقو على حاشية ‪ٙ‬بفة الزمن ُب اتريخ سادات اليمن‪٤ ،‬بؤلفو العبلمة ا‪٢‬بسْب بن عبدالر‪ٞ‬بن بن‬
‫دمحم األىدؿ ا‪٢‬بسيِب‪ ،‬فقد قاؿ عند ذكر األىدؿ نسب معورة إذل بِب أمية‪" :‬كا‪٤‬بذكور من أجداد‬
‫آؿ طاىر مؤسسو الدكلة العامرية الطاىرية ابليمن بعد سقوط الدكلة الرسولية‪."5‬‬
‫ْ‪ .‬كنسبهم أيضان ا‪٤‬بؤرخ أ‪ٞ‬بد حسْب شرؼ الدين إذل بْب أمية من قريش‪ ،‬فقاؿ‪."6" :‬‬
‫ٓ‪ .‬كاألستاذ عبدهللا الثور ُب كتابو "ىذه ىي اليمن األرض كاإلنساف كالتاريخ"ٕ‪.‬‬

‫‪ 1‬حواذج ادلُوز يف مسى ا ٔلايم واًضِوز‪ ،‬حٌلل ادلٍن اجن ثلصى جصذى‪ ،‬حتلِق دمحم نٌلل ادلٍن‪ ،‬ؿامل اًىذة تريوث ًحيان‪ ،‬ظحـة ‪،1772‬‬
‫ض‪.151‬‬
‫‪ 0‬ا ٔلؿالم‪ ،‬ذري ادلٍن جن َلوذ جن دمحم جن ؿًل جن فازش‪ ،‬اًززلكي ادلمضلي‪ ،‬اًيارش ذاز اًـمل ٌَمالًني‪ ،‬تريوث ًحيان اًعحـة ارلامسة ؾرش‬
‫ماًو ‪0220‬م‪.074/2 ،‬‬
‫‪ 1‬ا ٔلقعان ملضجصاث ٔبوساة ؿسانن ودفعان‪ ،‬ؿًل جن ؾحساًىصمي اًفضَي رشف ادلٍن‪ ،‬مىذحة اًـزٍزًة اًصايط اًعحـة اًثاهَة ‪1773‬م‪،‬‬
‫ض‪.161‬‬
‫‪ 2‬تيو زسول وتيو ظاُص‪ ،‬ذ‪ .‬دمحم ؾحساًـال‪ ،‬ذاز املـصفة ادلامـَة الٕسىٌسزًة مرص‪ ،‬ظحـة ‪1767‬م‪ ،‬ض‪.023‬‬
‫‪ٔ 3‬بهؼص حاص َة‪ :‬حتفة اًزمن يف اتزخي ساذاث اٍمين‪ ،‬اًـالمة تسز ادلٍن اذلسني جن ؾحساًصمحن جن دمحم ا ٔلُسل اذلسُين‪ ،‬حتلِق ا ٔلس خار‬
‫ؾحسهللا اذلخيش‪ ،‬مىذحة الٕزصاذ ظيـاء‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل‪0210‬م‪.32/0 ،‬‬
‫‪ 4‬اٍمين ؿرب اًخازخي‪ٔ ،‬بمحس حسني رشف ادلٍن‪ ،‬معحـة اًس ية احملمسًة مرص‪ ،‬اًعحـة اًثاهَة ‪1742‬م‪ ،‬ض‪.005‬‬
‫‪ُ 5‬شٍ يه اٍمين ا ٔلزط والٕوسان واًخازخي‪ً ،‬لٔس خار ؾحسهللا امحس دمحم اًثوز‪ ،‬ض‪.125‬‬
‫‪16‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٔ‪ .‬كما ذكر ا‪٤‬بؤرخ عبدالواحد دمحم راغب أف بِب طاىر يرجع نسبهم إذل قريش ُب كتابو البياف ُب‬
‫اتريخ جازاف كعسّب ك‪٪‬براف‪.1‬‬
‫ٕ‪ .‬ك‪٩‬بن قاؿ كذلك بنسب الطاىريْب إذل بِب أمية األستاذ عبدهللا عبدالسبلـ ا‪٢‬بداد ُب كتابو‬
‫اإلستحكامات ا‪٢‬بربية ُب مدينة زبيد حيث يقوؿ‪" :‬الدكلة الطاىرية‪ ،‬نسبة إذل طاىر بن معورة‬
‫بن اتج الدين بن معورة بن دمحم بن سعيد بن عامر بن مسعود‪ ..‬ينتهي نسبهم إذل األمويْب"ِ‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬كأيضان ا‪٤‬بؤرخ أ‪ٞ‬بد معمور العسّبم ُب كتابو موجز التاريخ اإلسبلمي‪.3‬‬
‫ٗ‪ .‬كرفع نسبهم كذلك إذل بِب أمية من قريش األستاذ عبدالسبلـ عباس الوجيو كاألستاذ خالد قاسم‬
‫ا‪٤‬بتوكل ُب ‪ٙ‬بقيقهما لكتاب "مآثر األبرار ُب تفصيل ‪٦‬بمبلت جواىر األخبار‪."4‬‬

‫القول الثاين‪ :‬أن الطاىريني مينيون من قبيلة الذراحنة‪:‬‬


‫ينسب بعض ا‪٤‬بؤرخْب كالباحثْب بِب طاىر إذل قبيلة الذراحنة‪ 5‬ا‪٢‬بمّبية من جنب‪ ،‬كالظاىر فيما يبدك‬
‫كمن خبلؿ ما كقع ُب يدم من الكتب كا‪٤‬بؤلفات الٍب تكلمت عن الدكلة الطاىرية كالطاىريْب أف‬
‫معظم أصحاب ىذا القوؿ كمن نصره ىم من ا‪٤‬بعاصرين كمن ىؤالء ا‪٤‬بؤرخْب كالباحثْب‪:‬‬
‫ُ‪ .‬القاري العبلمة دمحم بن علي األكوع ُب ‪ٙ‬بقيقو لكتاب قرة العيوف أبخبار اليمن ا‪٤‬بيموف البن‬
‫الديبع ُب ا‪٢‬باشيةٔ‪.‬‬
‫ِ‪ .‬ككذا رجح ىذا النسب القاري إ‪٠‬باعيل بن علي األكوع ُب كتابو ىجرة العلم كمعاقلة ُب اليمنٕ‪.‬‬

‫‪ 1‬اًحَان يف اتزخي خاسان وؾسري وجنصان‪ ،‬ؾحساًواحس دمحم زاقة‪ ،‬معاتؽ مؤسسة ذاز اًخـاون ٌَعحؽ واًًرش اًلاُصت مرص‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل‬
‫‪1773‬م‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪ 0‬الٕس خحاكماث اذلصتَة يف مسًية ستَس‪ ،‬ؾحسهللا ؾحساًسالم اذلساذ‪ ،‬زساةل ذنخوزاٍ كسمت إىل لكَة الٓاثز خامـة اًلاُصت س ية ‪0222‬م‪،‬‬
‫إظساز وظحاؿة وسازت اًثلافة واًس َاحة ظيـاء‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل‪0222‬م‪ ،‬ض‪.34‬‬
‫‪ 1‬موحز اًخازخي الٕساليم مٌش ؾِس بٓذم إىل ؾرصان اذلارض‪ٔ ،‬بمحس مـموز اًـسريي‪ ،‬فِصسة مىذحة املكل فِس اًوظيَة اًصايط‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل‬
‫‪1774‬م‪.056/1 ،‬‬
‫‪ 2‬مبٓثص ا ٔلجصاز يف ثفعَي ٍلالث حواُص ا ٔلدداز وٌسمى اٌَواحق اًيسًة‪ ،‬دمحم جن ؿًل اًزحِف املـصوف ابجن فٌس‪ ،‬اًًرش ذاز الٕمام سًس جن‬
‫ؿًل اًثلافِة ًٌَرش واًخوسًؽ ظيـاء اٍمين اًعحـة ا ٔلوىل ‪0220‬م‪.1154/1 ،‬‬
‫‪ 3‬اذلزاحن‪ :‬كدَةل يف ايفؽ اًـََا‪ ،‬مه اذلزاحن جن ايفؽ جن اًرسو جن كاول جن سًس جن انؾخة جن رشحدَي جن اذلازج جن سًس جن ٍصمي ري ُزؿني‪،‬‬
‫مهنم ظائفة يف ُخنب اذلي اكن اتتـ ًا ًَافؽ يف اًلسمي‪ .‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.423/1 ،‬‬
‫‪ 4‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ اًضُداين حتلِق اًـالمة دمحم جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ض‪.223‬‬
‫‪ 5‬جهص اًـمل ومـاكةل يف اٍمين‪ ،‬اًلايض إسٌلؾَي جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ذاز اًفىص املـارص تريوث ًحيان‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪1773‬م‪ ،‬ض‪.123‬‬
‫‪17‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ّ‪ .‬كأيضان ‪٩‬بن قاؿ ابنتساب الطاىريْب إذل اليمن الدكتور دمحم عبدالعاؿ أ‪ٞ‬بد ُب كتابو بنو رسوؿ‬
‫كبنوطاىر‪ ،‬كذلك بعد أف ذكر األقواؿ الٍب ذكرت انتساهبم لبِب أمية من قريش كإذل قبيلة القريشية‬
‫ُب هتامة‪ٍ ،‬ب رجح برأيو الشخصي انتساهبم لليمنُ‪.‬‬
‫ْ‪ .‬ك‪٩‬بن قاؿ ابنتساب بِب طاىر إذل قبيلة ٲبنية من جنب‪ ،‬القاري عبدهللا بن عبدالوىاب الشماحي‪،‬‬
‫ُب كتابو "اليمن اإلنساف كا‪٢‬بضارة"‪ ،‬فيقوؿ‪" :‬بنو طاىر أصلهم من قبائل من احية جنب‪ ،‬ببلد‬
‫رداع ا‪٤‬بذحجية الكهبلنية‪ ،‬كقد عرفوا ببِب معورة نسبة إذل جدىم الشيخ معورة بن اتج‬
‫الدين‪."2‬‬
‫ٓ‪ .‬ك‪٩‬بن نسبهم إذل الذراحنة ا‪٢‬بمّبيْب‪ ،‬األستاذ أبراىيم أ‪ٞ‬بد ا‪٤‬بقحفي ُب كتابو "معجم البلداف‬
‫نب كىم آؿ طاىر بن‬ ‫ً‬
‫كالقبائل اليمنية"‪ ،‬فقاؿ‪" :‬آؿ طاىر بطن من قبيلة ال ٌذراحن ا‪٢‬بمّبية من يج ى ٍ‬
‫معورو بن اتج الدين الذين حكموا اليمن بعد بِب رسوؿ‪ ...،‬كإليهم تنسب منطقة الطاىرية‬
‫السوادية كأعماؿ البيضاء"ّ‪.‬‬
‫إحدل مراكز مديرية ي‬
‫ٔ‪ .‬كقاؿ األستاذ دمحم ٰبي ا‪٢‬بداد ُب كتابو التاريخ العامر لليمن آؿ طاىر ُب األرجح ٲبنيوف‪ ،‬من ببلد‬
‫جنب قضاء رداع لواء البيضاء‪ ،‬كليسوا قرشيْب أمويْب‪ ،‬كال من قبيلة القرشية التهامية كما ذىب إذل‬
‫كبل القولْب بعض ا‪٤‬بؤرخْب"ْ‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬ككذلك قاؿ بنسبهم إذل الذراحنة الكاتب العراقي نزار خضّب العبادم ُب كتابو اتريخ العاصمة‬
‫الطاىرية‪ ،‬كالذم أقاـ ُب مدينة جنب فَبة من الزمن تعرؼ خبل‪٥‬با على أبناء مدينة جنبٓ‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬ككذلك ‪٩‬بن نسب الطاىريْب إذل قبيلة الذراحنة األستاذ دمحم أ‪ٞ‬بد مقبل الفيصلي ُب كتابو اتريخ‬
‫الدكلة الطاىرية‪ ،‬حيث يقوؿ‪" :‬كالراجح لدينا ‪٩‬با اطلعنا عليو من مصادر كمراجع اترٱبية ‪٨‬بتلفة‪،‬‬
‫فإف أصل الطاىريْب ٲبنييوف من قبيلة الذراحنة ا‪٢‬بمّبية الٍب سكنت ُب مدينٍب جنب كا‪٤‬بقرانة مديرية‬

‫‪ 1‬تيو زسول وتيوظاُص‪ ،‬ادلنخوز دمحم ؾحساًـال ٔبمحس ض‪.025‬‬


‫‪ 0‬اٍمين الٕوسان واذلضازت‪ ،‬اًلايض ؾحسهللا جن ؾحساًوُاة اجملاُس اًضٌليح‪ ،‬مًضوزاث املسًية تريوث ًحيان‪ ،‬اًعحـة اًثاًثة ‪1763‬م‪،‬‬
‫ض‪.125‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫‪ 1‬مـجم اًحدلان واًلدائي ا مييَة‪ ،‬إجصاُمي ٔبمحس امللحفي‪ ،‬ذاز اًلكمة ٌَعحاؿة واًًرش ظيـاء ا مين واملؤسسة ادلامـَة ٌدلزاساث تريوث ًحيان‪،‬‬
‫ظحـة ‪0220‬م‪.733/1 ،‬‬
‫‪ 2‬اًخازخي اًـامص ٌَمين‪ ،‬دمحم حيي اذلساذ‪ ،‬ذاز اًخيوٍص ٌَعحاؿة واًًرش‪ ،‬تريوث ًحيان‪ ،‬اًعحـة الوىل ‪1764‬م‪.013/1 ،‬‬
‫ٔ‬
‫‪ 3‬اتزخي اًـامصة اًعاُصًة‪ ،‬ىزاز دضري اًـحاذي‪ ،‬مل ٔبخس هل نخا ًاب معحوؿ ًا هبشا ا ٔلمس وٕامنا هلي كوهل ُشا من تـسٍ من اًحاحثني اذلي اسدٌسوا‬
‫ًلوهل‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫جنب ‪٧‬بافظة الضالع حاليان من ‪٨‬ببلؼ رداع‪ ،‬كينتهي نسبهم إذل الشيخ معورة بن اتج بن دمحم بن‬
‫سعيد بن عامر ا‪١‬بيبِب ا‪٢‬بمّبم"ُ‪.‬‬

‫الراجح يف نسب بين طاىر‪:‬‬


‫ا‪٢‬بقيقة أين قد أكثرت النقل ُب بياف نسب بِب طاىر كذلك للخبلؼ الذم أثّب بكثرة حوؿ نسبهم‪،‬‬
‫كابإلستقراء كا‪٤‬بقارنة بْب أقواؿ الفريقْب ا‪٤‬بختلفْب ُب نسب بِب طاىر ‪٪‬بد أف الفريق األكؿ كىم‬
‫القائلْب أبف نسب الطاىريْب يرجع إذل بِب أمية من قريش‪ ،‬ىم من ا‪٤‬بؤرخْب ا‪٤‬بتقدمْب كأغلبهم ‪٩‬بن‬
‫عاصر الدكلة الطاىرية أك عاش ُب عصر الدكلة الرسولية قبل أتسيس الدكلة الطاىرية‪ ،‬كبل كالبعض‬
‫منهم كاف من ا‪٤‬بقربْب ‪٤‬بلوؾ بِب طاىر كأبرزىم العبلمة عبدالر‪ٞ‬بن الديبع مؤرخ الدكلة الطاىرية‪،‬‬
‫كالعبلمة أيب دمحم عبدهللا الطيب بن عبدهللا بن أ‪ٞ‬بد اب‪٨‬برمة‪ ،‬كالذين كانت ‪٥‬بما زايرات كتربطهم‬
‫عبلقات مع السلطاف عامر بن عبدالوىاب‪ ،‬ككذلك ا‪٤‬بؤرخ ا‪٤‬بعاصر لبِب طاىر عماد الدين إدريس بن‬
‫األنف القرمطي كالذم كاف معاصران كمناصران للملوؾ ا‪٤‬بؤسسْب عامر كعلي بن طاىر‪ ،‬ككانت تربطو‬
‫عبلقة سياسية اب‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر‪ ،‬ك‪٩‬بن كاف قريبان من عصرىم العبلمة بدر الدين حسْب‬
‫بن عبدهللا األىدؿ ا‪٢‬بسيِب‪ ،‬كا‪٤‬بؤرخ دمحم بن عمر الطيب ابفقيو ا‪٤‬بتوَب تقريبان سنة َُُِىػ‪.‬‬
‫فجلهم من ا‪٤‬بؤلفْب ا‪٤‬بعاصرين على اليالب‪ ،‬كقد تلقف ىذا القوؿ بعضهم‬ ‫كأما أصحاب القوؿ الثاين ي‬
‫من البعض اآلخر كىم ُب ا‪١‬بملة قد استدلوا ابستبلالت عقلية‪ ،‬ال ٲبكن العمل هبا أماـ النقل من‬
‫ا‪٤‬بصادر كا‪٤‬براجع التارٱبية ا‪٤‬بتقدمة كا‪٤‬بوثقة‪.‬‬
‫كإف افَبرنا أف ىناؾ مصدر اترٱبي متقدـ قد اعتمدكا عليو ُب نقل قو‪٥‬بم‪ ،‬مع عدـ قراءٌب ألم نقل‬
‫من نقو‪٥‬بم يعتمد على أم مصدر اترٱبي‪ ،‬مع ذلك كلو فإف أم مصدر منفرد لن يكوف بقوة ككثرة‬
‫كتواتر ا‪٤‬بصادر الٍب ذكرت القوؿ بنسب الطاىريْب إذل بِب أمية كذلك لكثرة كتواتر ا‪٤‬بصادر القائلة‬
‫مر معنا‪.‬‬
‫بذلك كما ٌ‬
‫لذا فإف الراجح أبف بِب طاىر يرجع نسبهم إذل بِب أمية من قريش‪ ،‬كا‪٢‬بقيقة أف الناظر كا‪٤‬بتأمل بْب‬
‫الفريقْب يرل أف األقرب للحق كالصواب ىو نسبة الطاىريْب لبِب أمية من قريش‪ ،‬كذلك لعدة أسباب‪:‬‬

‫‪ 1‬اتزخي ادلوةل اًعاُصًة‪ ،‬دمحم ٔبمحس ملدي اًفِعًل‪ ،‬وسازت اًثلافة واًس َاحة اًَِئة اًـامة ٌَىذاة ذاز اًىذاة ظيـاء‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪0223‬م‪،‬‬
‫ض‪.10‬‬
‫‪19‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫أوالً‪ :‬أف ا‪٤‬بؤرخْب ا‪٤‬بتقدمْب ‪٩‬بن عاصر الدكلة الطاىرية أك تقدـ عليها قليبلن أك أتخر أ‪ٝ‬بعوا تقريبان على‬
‫أف نسب بِب طاىر يرجع لبِب أمية من قريش‪ ،‬كدل ٱبالف ُب ذلك أحد من ا‪٤‬بؤرخْب كالعلماء ا‪٤‬بتقدمْب‬
‫حسب علمي كاطبلعي على ا‪٤‬بصادر التارٱبية الٍب ‪ٙ‬بدثت عن الدكلة الطاىرية‪ ،‬كإ٭با ظهر القائلْب‬
‫بيّب ذلك ُب ىذا العصر‪.‬‬
‫كأبرز ىؤالء كما ذكر ا ىو العبلمة دمحم بن علي األكوع ر‪ٞ‬بو هللا كىو مؤرخ معاصر‪ ،‬كقولو أف بِب‬
‫طاىر ليسوا أمويْب ال يستند إذل أدىن دليل أك مصدر اترٱبي!!‬
‫أما أقواؿ ا‪٤‬بؤرخْب ا‪٤‬بعاصرين اآلخرين كالدكتور دمحم عبدالعاؿ كنزار العبادم فإف غالب استدالالهتم‬
‫إف دل يكن كلها ىي استدالالت عقلية ك‪ٙ‬بليبلت قائمة على العقل فقط‪ ،‬دكف ذكر مصادر اترٱبية‬
‫يعتمد عليها‪ ،‬كىذا ال يعتد بو مقابل ا‪٤‬بصادر التارٱبية ا‪٤‬بتقدمة‪ ،‬ألف ا‪٤‬بصادر القدٲبة أكثق بكثّب‬
‫خصوصان ا‪٤‬بصادر الٍب ذكرت نسبهم قبل كصو‪٥‬بم إذل ا‪٤‬بلك‪.1‬‬
‫اثنياً‪ :‬ىناؾ مصدر أقدـ من إبن الديبع ا‪٤‬بعاصر لدكلة بِب طاىر كمؤرخ الدكلة ا‪٤‬بعتمد‪ ،‬أكد إنتساب‬
‫بِب طاىر إذل بِب أمية‪ ،‬كىو كتاب "‪ٙ‬بفة الزمن ُب اتريخ سادات اليمن" للعبلمة بدر الدين حسْب بن‬
‫عبدهللا األىدؿ ا‪٢‬بسيِب القرشي ا‪٤‬بتوَب سنة ٖٓٓ ىػ‪ ،‬ككما نبلحظ من اتريخ كفاتو أنو توُب قبل قياـ‬
‫دكلة بِب طاىر كقد نسبهم إذل بِب أمية فهذه شهادة ‪٧‬بايدة كال ٲبكن القوؿ أنو قا‪٥‬با ‪٦‬باملة ‪٥‬بم ألهنم‬
‫حكاـ فقد توُب بدر الدين األىدؿ قبل قياـ دكلتهم بثبلث سنْبِ!!‬
‫ك‪٩‬با يدؿ على تقدـ ا‪٤‬بصادر التارٱبية على قياـ الدكلة الطاىرية‪ ،‬كالٍب ذكرت نسب بِب طاىر إذل بِب‬
‫أمية‪ ،‬ما ذكره ابن األنف القرمطي ُب اترٱبو ركرة األخبار‪ ،‬كالذم ذكر فيو أنو كجد ما يدؿ على أف‬

‫‪ 1‬ثيخَِ همم‪ :‬ؿسم الٕهخلاض ٌَمؤزذني املـارصٍن‪ :‬مؽ احرتايم اًضسًس ٌَمؤزذني اذلٍن نخحوا يف ُشا اًـرص ؾن ادلوةل اًعاُصًة وكاًوا تًس حة‬
‫اًعاُصًني ًلدَةل اذلزاحٌة‪ ،‬وتَان هلغ ُشا اًلول وؿسم حصخَ‪ ،‬فإن ركل ل ًـين اهخلاظ ًا ٔل ًاي مهنم‪ ،‬وٕامنا اذلق واًخحلِق يف اًوظول إًََ ٔبوىل‬
‫تياء ؿىل ما ؾصضت من ٔبكوال املؤزذني املـارصٍن ٌدلوةل اًعاُصًة وكريمه ممن س حلِم من املؤزذني‬ ‫ٔبن ًددؽ‪ ،‬مؽ اًـمل إين كس تيُت ُشا اًلول ً‬
‫وممن خاء تـسمه‪ ،‬وُشا ما اس خلص ؿَََ اًخحلِق من حصة وس هبم ًلٔموًني وتعالن وس هبم ًلدَةل اذلزاحٌة‪ ،‬ومؽ ركل فإن احهتاذي ُشا إمنا ُو‬
‫هدِجة حبر وثبٔمي وملازهة تني ٔبكوال املؤزذني املخلسمني واملخبٔدصٍن‪ :‬ذلا فإن خماًفيت ملـؼم مؤزيخ ُشا اًـرص مؽ احرتايم هلم ل ًُـس اهخلاظ ًا‬
‫هلم‪.‬‬
‫‪ 0‬حتفة اًزمن يف اتزخي ساذاث اٍمين‪ٌَ ،‬ـالمة اذلسني جن ؾحسهللا ا ٔلُسل‪ ،‬حتلِق ا ٔلس خار ؾحسهللا اذلخيش‪.32/0 ،‬‬
‫‪21‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫نسبهم يعود لبِب أمية من قريش استنادان إذل ما ذكره ا‪٤‬بؤرخ ا‪١‬بندم‪ُ ،1‬ب كتابو السلوؾ‪ ،‬كقد كانت‬
‫كفاة ا‪٤‬بؤرخ ا‪١‬بندم ُب سنة ِّٕىػ‪.2‬‬
‫اثلثاً‪ :‬الصراع بْب ا‪٤‬بمالك ُب ذلك الزماف على السلطة كاف بْب قوتْب ٮبا‪ :‬الطاىريْب األمويْب‬
‫كاإلمامية ا‪٥‬بامشية كىؤالء أبناء عمومة‪ ،‬فقد كاف الصراع كما زاؿ بينهم منذ ا‪١‬باىلية إذل اإلسبلـ كحٌب‬
‫قياـ الدكلة الطاىرية‪ ،‬لذا فمن البديهي أف تنشأ بْب الطرفْب ا‪٢‬برب اإلعبلمية ا‪٤‬بؤثرة إلستمالة القلوب‪.‬‬
‫رابعاً‪ُ :‬ب ظل الصراع ا‪٥‬بامشي كاألموم كاف من األكذل أف ينفي الطاىريوف عن أنفسهم أم انتماء‬
‫لؤلمويْب إف كاف أصلهم حقيقة ال يرجع إذل األصل األموم ككاف البد ‪٥‬بم ُب ظل ا‪٤‬بلك كالسلطة‬
‫كاجملد كالقوة الٍب يعيشوهنا أف يفخركا ابنتمائهم إذل ‪ٞ‬بّب الٍب تعود أصوؿ جل اليمنيْب إليها ليكوف‬
‫اليمنيوف عو ان كسندان ‪٥‬بم‪.3‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.41‬‬
‫ٍ‬
‫‪ 0‬دمحم جن ًوسف جن ًـلوة‪ٔ ،‬بتو ؾحس هللا‪ ،‬هباء ادلٍن ادليسي‪ ،‬من زلاث مؤزيخ ا مين‪ ،‬من ٔبُي ادليس تٌَُ وتني ظيـاء ‪ 36‬فصخسا ويل‬
‫اذلس حة تـسن‪ ،‬واص هتص جىذاتَ اًسَوك يف ظحلاث اًـٌَلء واملَوك‪ ،‬وًـصف تعحلاث ادليسي‪ ،‬وثويف س ية ‪ُ510‬ػ‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬ا ٔلؿالم‪ ،‬ذري ادلٍن‬
‫جن َلوذ جن دمحم جن ؿًل جن فازش اًززلكي‪ ،‬اًيارش ذاز اًـمل ٌَمالًني‪ ،‬اًعحـة ارلامسة ؾرش‪ ،‬ماًو ‪ 0220‬م‪.131/5 ،‬‬
‫‪ 1‬ثيخَِ همم‪ :‬اًلول تبٔن اًعاُصًني ًًمتون ًحين ٔبمِة وحصحِحي ٔبو اهخعازي ًِشا اًلول‪ ،‬ل ًـين اهخعاز ًا ًلدَةل مـَية ؿىل ٔبدصى سواء اكهت ُشٍ‬
‫اًلدَةل اذلزاحٌة اسلريًون ٔبو اًلصص َة اٍهتامِون‪ ،‬ومن هجة ٔبدصى نشكل فإن ُشا ل ًـين زفـة ًحين ظاُص لٕهامتهئم ًحين ٔبمِة بٔو كصٌش ٔبو‬
‫اهخلاض هلم ًـسم اهامتهئم ٌَلدائي اٍمييَة‪ٔ ،‬لن ُشا من ادلاََُة كال ثـاىل‪:‬‬
‫اَّلل ؿَ َِ ٌمي َددِريٌ } الًٓة‪ ،11 :‬اذلجصاث‪.‬‬ ‫َ{اي َبُّيه َا اًيَّ ُاش اانَّ َذََ ْلٌَ ُ ْاُك ِم ْن َر َن ٍص َو ُبه ََْث َو َح َـَْ َي ُ ْاُك صُ ُـو ًاب َوكَ َدائِ َي ًِ َخ َـ َازفُوا ا َّن َب ْن َص َم ُ ُْك ِؾ ْيسَ َّ ِ‬
‫اَّلل َبثْ َل ُ ْاُك ا َّن َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كال الٕمام اًلصظيب زمحَ هللا يف ثفسري ُشٍ الًٓة‪" :‬كِي‪ :‬إن ا ىزًت يف اثتت جن كُس جن صٌلش‪ ،‬وكوهل يف اًصخي اذلي مل ًخفسح هل‪ :‬اجن‬
‫فالهة‪ ،‬فلال اًييب ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬من اذلاهص فالهة "؟ كال اثتت‪ٔ :‬بان اي زسول هللا‪ ،‬فلال اًييب ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬اهؼص يف وحوٍ اًلوم" فٌؼص‪ ،‬فلال‪" :‬ما ز ٔبًت"؟‬
‫كال ز ٔبًت ٔبتَغ و ٔبسوذ و ٔبمحص‪ ،‬فلال‪" :‬فإهم ل ثفضَِم إل ابًخلوى " فزنًت يف اثتت ُشٍ الًٓة‪.‬‬
‫ويف اًرتمشي ؾن اجن معص ٔبن زسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص دعة مبىة فلال‪:‬اي ٔبُّيا اًياش إن هللا كس ٔبرُة ؾيُك ؾَحة ادلاََُة وثـاػمِا تبٓابهئا‪ .‬فاًياش‬
‫زخالن‪ :‬زخي جص ثلي هصمي ؿىل هللا‪ ،‬وفاحص صلي ُني ؿىل هللا‪ ،‬واًياش تيو بٓذم وذَق هللا بٓذم من حصاة كال هللا ثـاىل‪{َ :‬اي َبُّيه َا اًيَّ ُاش اانَّ‬
‫ِ‬ ‫َذََ ْلٌَ ُ ْاُك ِم ْن َر َن ٍص َو ُبه ََْث َو َح َـَْيَ ُ ْاُك صُ ُـو ًاب َوكَ َدائِ َي ًِ َخ َـ َازفُوا ا َّن َب ْن َص َم ُ ُْك ِؾ ْيسَ َّ ِ‬
‫اَّلل ؿَ َِ ٌمي َددِريٌ } ٔبدصخَ ٔبمحس يف املس يس (‪.)302/0‬‬ ‫اَّلل َبثْ َل ُ ْاُك ا َّن َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وكس دصح اًعربي يف نخاة (بٓذاة اًيفوش) ؾن ٔبيب هرضت كال‪ :‬حسزين ٔبو حسزيا من صِس دعة زسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص مبىن يف وسط ٔبايم‬
‫اًدرشًق وُو ؿىل تـري فلال‪ٔ " :‬بُّيا اًياش ٔبل إن زجُك واحس وٕان ٔبابُك واحس ٔبل ل فضي ًـصيب ؿىل جعمي ول جعمي ؿىل ؾصيب ول ٔلسوذ ؿىل‬
‫ٔبمحص ول ٔلمحص ؿىل ٔبسوذ إل ابًخلوى ٔبل ُي تَلت؟ كاًوا هـم كال ًَحَف اًضاُس اًلائة" رهصٍ ا ٔلًويس يف زوخ املـاين ‪ 172/6‬من زواًة‬
‫اًحهيلي واجن مصذوًَ‪ ،‬وفَِ ؾن بٔتو ماكل ا ٔلصـصي كال‪ :‬كال زسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪" :‬إن هللا ل ًيؼص إىل ٔبحساجُك ول إىل ٔبوساجُك ول إىل ٔبحسامُك‬
‫ول إىل ٔبمواًُك وًىن ًيؼص إىل كَوجُك مفن اكن هل كَة ظاحل حتنن هللا ؿَََ وٕامنا ٔبهمت تيو بٓذم و ٔبحدُك إًََ ٔبثلاُك"‪.‬‬
‫وًـًل زيض هللا ؾيَ يف ُشا املـىن وُو مضِوز من صـصٍ‪:‬‬
‫اًياش من هجة اٍمتثَي ٔبنفاء ‪ٔ .............‬بتومه بٓذم وا ٔلم حواء‬
‫هفس نيفس و ٔبزواخ مضالكة ‪ .......‬و ٔبؾؼم ذَُلت فهيم و ٔبؾضاء‬
‫فإن ٍىن هلم من ٔبظَِم حسة ‪ً ......‬فادصون تَ فاًعني واملاء‬
‫ما اًفضي إل ٔلُي اًـمل إن م ‪ ...‬ؿىل اًِسى ملن اس هتسى ٔبذلء‬
‫‪21‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫خامساً‪ :‬أف مؤرخي الدكلة الطاىرية كعلى رأسهم ابن الديبع ككماؿ الدين الذؤارل كابن األنف‬
‫القرمطي ر‪ٞ‬بهم هللا كانوا ينسبوف الطاىريْب إذل األمويْب كذلك ُب عهدىم ك‪ٙ‬بت علمهم كدرايتهم‪،‬‬
‫حيث كاف ابن الديبع معاصران ‪٤‬بلوؾ بِب طاىر كعلى رأسهم ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن عبدالوىابُ‪ ،‬بل‬
‫أنو عرض كتابو على السلطاف عامر بن عبدالوىاب كفيو ذكر نسب بِب طاىر إذل بِب أمية كدل يعَبض‬
‫السلطاف عامر على ذلك‪ ،‬فيقوؿ العبلمة عبدالر‪ٞ‬بن ابن الديبع الشيباين الزبيدم ُب ذلك‪ٍ" :‬ب ألفت‬
‫كتايب التاريخ ا‪٤‬بسمى بيية ا‪٤‬بستفيد ُب أخبار مدينة زبيد‪ ،‬ك‪٤‬با كقف عليو موال ا السلطاف صبلح‬
‫الدين ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن عبدالوىاب‪ ،‬طلبِب إذل ‪٦‬بلسو الشريف العارل‪ ،‬كاستجاده كاستحسنو‪،‬‬
‫كدعا رل كنبهِب على إ‪٢‬باؽ أشياء فيها كنت أغفلتها كاستدراؾ فوائد دل أكن ذكرهتا‪ٍ ،‬ب اختصرت منو‬
‫كتايب ا‪٤‬بسمى العقد الباىر ُب اتريخ دكلة بِب طاىر‪ ،‬ذكرت فيها دكلة جديو ككالده‪ ،‬كمآثرىم ا‪٢‬بميدة‬
‫كدكلتو ا‪٤‬بباركة ا‪٤‬بيمونة السعيدة‪ ،‬فلما كقف عليو موال ا السلطاف‪ ،‬أفاض علي مواىب ا‪١‬بود‬
‫كاإلحساف‪ ،‬كأجازين من مواىبو ا‪٥‬بنية ٔبائزة ميمونة سنيةِ"‪.‬‬
‫كأيضان يذكر ا‪٤‬بؤرخ عماد الدين ابن األنف كىو معاصر للملوؾ ا‪٤‬بؤسسْب للدكلة الطاىرية ُب أحداث‬
‫زبيد أف "علي بن طاىر ‪ٝ‬بع العساكر كسار إذل زبيد كا‪٤‬ببادر‪ ،‬ككاف ُب تعز ككتب إذل أخيو ليوافيو‬
‫اب‪١‬بمع الكثّب‪ ،‬كأنو كقد ‪ٝ‬بع إليو القرشيْب‪ ،‬كخاطبهم قائبلن ‪٥‬بم‪ :‬إ ٌ ا ‪ٝ‬بيعان من قريش‪ ،‬كسار هبم كبكثّب‬
‫معهم من ا‪١‬بيشّ"‪.‬‬
‫فهل ييعقل أف ينسب نفسو كقد أصبح ملكان إذل قريش كىو ٱباطب القرشيْب‪ ،‬زكران كهبتا ان‪.‬‬

‫وكسز لك امصئ ما اكن حيس يَ ‪ .....‬وٌَصخال ؿىل ا ٔلفـال س اميء‬


‫وضس لك امصئ ما اكن جيِهل ‪ ......‬وادلاَُون ٔلُي اًـمل ٔبؿساء‬
‫ويف حصَح مسمل من حسًر ؾحسهللا جن معصو كال‪ :‬مسـت زسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص هجازا كري زس ًلول‪" :‬إن بل ٔبيب ًُسوا يل تبٔوًَاء ٕامنا وًيي هللا‬
‫وظاحل املؤمٌني" ٔبدصخَ مسمل يف نخاة الٕميان (‪ ،)175/1‬وكال اجن نثري زمحَ هللا‪" :‬جفمَؽ اًياش يف اًرشف ابًًس حة اًعًَِة إىل بٓذم‬
‫وحواء سواء‪ ،‬وٕامنا ًخفاضَون اب ٔلموز ادلًًِة‪ ،‬ويه ظاؿة هللا ومذاتـة زسوهل ملسو هيلع هللا ىلص؛ وًِشا كال ثـاىل تـس اٍهنيي ؾن اًلَحة واحذلاز تـغ اًياش‬
‫تـضً ا‪ ،‬مٌهبا ؿىل جساوُّيم يف اًخرشًة‪{َ :‬اي َبُّيه َا اًيَّ ُاش اانَّ َذََ ْلٌَ ُ ْاُك ِم ْن َر َن ٍص َو ُبه ََْث َو َح َـَْ َي ُ ْاُك صُ ُـ ًواب َوكَ َدائِ َي ًِ َخ َـ َازفُوا } ٔبي‪ًَ :‬حعي اًخـازف تُهنم‪،‬‬
‫ِ‬
‫لك ٍصحؽ إىل كدََخَ‪ ،‬ثفسري اجن نثري (‪ ،)163/5‬وكال ٔبتو جىص اًزباز يف مس يسٍ‪ :‬ؾن حشًفة كال‪ :‬كال زسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ " :‬لكُك تيو بٓذم‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫وبٓذم ذَق من حصاة‪ ،‬وًًَهتني كوم ًفرصون تبٓابهئم‪ٔ ،‬بو ًَىوىن ٔبُون ؿىل هللا من ا ِدل ْـالن"‪ ،‬مس يس اًزباز جصمق (‪ )1362‬واًَِمثي يف اجملمؽ‬
‫(‪.)64/6‬‬
‫‪ 1‬هشنّص لك من ًسؾي الٕهدساة إىل تين ظاُص تلول الٕمام ماكل زمحَ هللا‪" :‬اًياش مؤمتيون ؿىل ٔبوساهبم ما مل ًسؾوا رشف ًا"‪ ،‬فاًياش مؤمتيون‬
‫ؿىل ٔبوساهبم ما مل ًسؾوا اًرشف وًثخت ذالف ما ًسؾون‪ ،‬فإرا ما زخت ذالف ما ًسؾون سلعت اًلاؿست و مل ًـخس هبا ‪.‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.003‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.40‬‬
‫‪22‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كمن خبلؿ ىذه الركاايت‪ ،‬ركاية الٍب ذكرىا ابن الديبع ‪٪‬بد أف السلطاف عامر دل يعَبض على ابن‬
‫الديبع ُب ذكر نسبهم إذل بِب أمية‪ ،‬بل أنو أجازه كاستحسنو‪ ،‬فكيف ييعقل عن السلطاف عامر بن‬
‫عبدالوىاب إنكار نسبو كاإلنتساب إذل غّبه مع ما يعرؼ بو من العلم كالورع كالتقول كالشجاعة‪،‬‬
‫ككذلك ركاية ابن األنف كالٍب ذكر فيها قوؿ ا‪٤‬بلك اجملاىد بنسبتهم إذل قريش‪ ،‬كل ىذه الركاايت‬
‫تدحض أم اجتهاد يعارض ذلك‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬أف ا‪٤‬بتأمل كا‪٤‬بتتبع لسبللة كذرية بِب طاىر ككذلك بِب معورة قاطبة ُب اليمن ُب ىذا العصر‪،‬‬
‫ٯبد أف ‪ٝ‬بيع ىؤالء ينسبوف أنفسهم إذل بِب أمية‪ ،‬كيتناقلوف ذلك أابن عن جد كذلك ٕبفظ أنساهبم‪،‬‬
‫كدل ٱبالف ُب ذلك أحد إال بعض الكتاب ا‪٤‬بعاصرين‪ ،‬كىذا مستيرب أماـ قوؿ أصحاب النسب‬
‫أنفسهم كا‪٤‬بؤرخْب ا‪٤‬بتقدمْب ُب كل أ‪٫‬باء اليمن مع ‪٨‬بالفة البعض ‪٥‬بم ُب إنكار ذلك النسبُ‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬من ا‪٤‬بعلوـ أف ملوؾ الدكلة الطاىرية من خبلؿ مطالعة سّبهتم‪ ،‬ال سيما ا‪٤‬بلوؾ ا‪٤‬بؤسسْب‪ ،‬كاف‬
‫فيهم من الورع كالتقول كا‪٣‬بشية كا‪٣‬بوؼ من هللا‪ ،‬ككذلك ما كاف ‪٥‬بم من العلم الشرعي‪ ،‬كالشجاعة ُب‬
‫قوؿ ا‪٢‬بق‪ ،‬ما ال ييعقل معو انتساهبم زكران ليّب نسبهم‪ ،‬كما ال يعقل معو كذلك أف يرروا من ا‪٤‬بؤرخْب‬
‫أف يصنعوا ‪٥‬بم األكاذيب ُب عصرىم‪ ،‬فهم بعد أف أصبحوا ملوكان ال ٰبتاجوف للكذب ابنتساهبم ليّب‬
‫أىل اليمن الذين ٰبكموهنم‪.‬‬
‫مالحظات وردود‪ :‬قد يقوؿ قائل أف ذلك إ٭با حصل بعد عصرىم فهذا مردكد عليو‪ ،‬ألف العبلمة‬
‫عبدالر‪ٞ‬بن الديبع كتب مؤلفاتو ُب اتريخ الدكلة الطاىرية ُب عهدىم‪ ،‬كىو معاصر ‪٥‬بم‪ ،‬كقد عرض‬
‫مر معنا‪ ،‬ككذلك ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف القرمطي كالذم كتب‬ ‫مؤلفاتو الٍب كتبها على ا‪٤‬بلك الظافر كما ٌ‬
‫كتابو ركرة األخبار عن اتريخ الدكلة الطاىرية ُب عهد ا‪٤‬بلوؾ األكلْب‪.‬‬
‫كقد ذكر كبل ا‪٤‬بؤلفْب نسب بِب طاىر كنسبتهم إذل بِب أمية‪ ،‬كدل يعَبض على ذلك ملوؾ بِب طاىر‪،‬‬
‫فبل يعقل بعد ذلك رراؤىم ابلقوؿ بيّب ا‪٢‬بق‪ ،‬أك التزكير ُب نسبهم‪.‬‬
‫وأخرياً ‪....‬‬
‫يبت فيو‬
‫فإف البحث ُب النٌسب من األمور ا‪٤‬بعقدة الٍب ال يستطيع أم إنساف مهما بلغ علمو أف ٌ‬
‫بقوؿ فصل‪ ،‬إال ابلرجوع إذل ا‪٤‬بصادر كالواثئق التارٱبية‪ ،‬كال ٱبضع ذلك جملرد الرأم كالتحليل التنظّبم‪،‬‬

‫‪ 1‬وكس ثددـت وسبًٔت تيفيس نثري ًا ممن ًًمتون ًحين ظاُص وتين مـوضة ادلس الٔنرب ًحين ظاُص ول ٍاكذ خيخَف ٔبحس مهنم ؿىل ٔبن وس هبم‬
‫ًًهتيي ًحين ٔبمِة‪ ،‬وُشا ما ًـصفوهَ وًدٌاكَون ٔب ًاب ؾن خس‪ ،‬ومن ُؤلء تين مـوضة يف إة ورماز وتين ظاُص يف مبٔزة واًحَضاء وكريُا‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الصواب‪ ،‬ألف‬
‫كمعظم ما كتب عن األنساب قدٲبان أك حديثان إ٭با ىو ‪٦‬برد اجتهادات عررة للخطأ ك ٌ‬
‫السنْب‪ ،‬كمن ذا الذم يستطيع أف يعيد نسبو موصوالن‬ ‫مر عليو آالؼ ٌ‬ ‫اإلنساف ُب ىذه األرض قد ٌ‬
‫السبلـ! يبقى األمر كما‬‫بنسب قبيلتو ببل انقطاع إذل عد اف أك قحطاف‪ ،‬فضبل عن ساـ أك آدـ عليو ٌ‬
‫قلت ‪٦‬برد اجتهادات ‪ٚ‬بضع للبحث العلمي‪.‬‬
‫كلكن ىناؾ مسائل مهمة ال بد من ذكرىا كىي كالتارل‪:‬‬
‫ُ‪ -‬أف انتقاض بيعة بعض القرشيْب كخركجهم رد دكلة بِب طاىر ال يعِب أف بِب طاىر ليسوا‬
‫قرشيْب كإال ‪٤‬با خرج القرشيوف عن طاعتهم‪ ،‬فالتاريخ ملئ ابلقتاؿ كالتنافس بْب أبناء العمومة ال سيما‬
‫النزاع على السلطة‪ ،‬أذكر على سبيل ا‪٤‬بثاؿ عبس كذبياف كبكر كتيلب كبِب العباس كبِب أمية‪.‬‬
‫ِ‪ -‬اختلفت ا‪٤‬بصادر التارٱبية الٍب نسبت الطاىريْب إذل األمويْب على قولْب‪:‬‬
‫القوؿ األكؿ‪ :‬أف عمر بن عبدالعزيز الذم ينسب إليو بنو طاىر ليس ا‪٤‬بقصود بو ا‪٣‬بليفة العادؿ كإ٭با‬
‫عمر بن عبدالعزيز آخر من ذرية يزيد بن معاكية بن أيب سفياف‪.‬‬
‫القوؿ الثاين‪ :‬يرجع نسب الطاىريوف إذل ا‪٣‬بليفة عمر بن عبدالعزيز بن مركاف بن ا‪٢‬بكم بن أيب العاص‬
‫بن أمية‪.1‬‬
‫كلعل الصواب ىو ىذا القوؿ كأف القوؿ أبف نسبهم يعود إذل نسب يزيد ىو ‪ٙ‬بامل من قبل بعض‬
‫ا‪٤‬بؤرخْب ُب ذلك العصر‪ ،‬حٌب ال يقع ا‪٢‬بب كالوالء ‪٥‬بم‪ ،‬لكراىة الزيدية كخاصة أئمتهم ليزيد بن‬
‫معاكية لفسقو ككذلك اليالب على الزيدية حبهم للخليفة عمر بن عبدالعزيز ألنو كاف خليفة عادؿ‬
‫ككاف يقرب آؿ البيت منو‪ ،‬كيودىم ألهنم أبناء عمومتهم أم بِب ىاشم كبِب أمية‪.2‬‬
‫إال أننا كُب آخر ىذه ا‪٤‬بسألة الٍب تعمد ا اإلطالة فيها لشدة ا‪٣‬ببلؼ الواقع هبا‪٬ ،‬بلص أبف نسب بِب‬
‫طاىر يرجع لبِب أمية من قريش كهللا أعلم‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،13‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.41‬‬
‫‪ّ 0‬مص مـيا رهص املعاذز اًخازخيَة اًيت بٔوزذث وسة تين ظاُص ويه‪ :‬كصت اًـَون يف ٔبدداز اٍمين املميون لٕجن ادلًحؽ‪ ،‬تلَة املس خفِس يف اتزخي‬
‫مسًية ستَس لٕجن ادلًحؽ‪ ،‬حتفة اًزمن يف اتزخي ساذاث اٍمين ًلُٔسل‪ ،‬اًربق اًاميين يف اًفذح اًـامثين ٌَهنصوايل‪ ،‬اتزخي ؾسري ٌَحفؼي و كريُا من‬
‫املعاذز اًلسمية‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلطلب الثاين‬
‫مكانتهم اإلجتماعية‬
‫قبل قيام الدولة الطاىرية‬

‫كانت لبِب طاىر مكانة مرموقة ُب مناطقهم كالٍب تسمت اب‪٠‬بهم ُب ذلك الزمن‪ ،‬فمنذ أكاخر القرف‬
‫الثامن كبداية القرف التاسع ظهر اسم معورة ُب عصر الدكلة الرسولية ككذا برز ابنو طاىر ُب عهد‬
‫ىذه الدكلة كخاصة ُب عصر ا‪٤‬بلك الرسورل الناصر أ‪ٞ‬بد بن إ‪٠‬باعيل األشرؼ اليساين‪.‬‬
‫فقد توُب الشيخ معورة بن اتج الدين جد السبلطْب ا‪٣‬بلفاء آؿ طاىر ر‪ٞ‬بو هللا ُب ‪ٝ‬باد اآلخر سنة‬
‫ُِٖىػ كما ذكر ذلك مؤرخ الدكلة الطاىرية العبلمة عبدالر‪ٞ‬بن بن علي الديبع الشيباين‪ ،1‬كىو سيد‬
‫قومو كشيخ ا‪٤‬بناطق الوسطى كىي ببلد آؿ عمار كا‪٢‬ببيشية كالرايشية كببلد رداع ا‪١‬بنوبية كالشرقية‬
‫كحجر كىي قعطبة‬ ‫كاليربية إذل خباف كيرًن كا‪٢‬بقل من ذم رعْب‪ ،‬ككذا ا‪٤‬بقرانة كحجاج كجنب ٍ‬
‫كحجاؼ كالضالع‪ ،‬ك‪٫‬بو ذلك من ا‪٤‬بناطق كقد طالت كاليتهم ‪٥‬بذه ا‪٤‬بنطقة حٌب تسمت اب‪٠‬بهم‪ ،‬فكاف‬
‫يطلق على تلك ا‪٤‬بناطق ببلد بِب طاىر‪ ،2‬كابلتتبع كاإلستقراء ‪٪‬بد أف ىذا ما أكدتو كنقلتو ا‪٤‬براجع‬
‫كا‪٤‬بصادر التارٱبية‪ ،‬كىو ما ذكره ا‪٤‬بؤرخ عبدالر‪ٞ‬بن ابن الديبع ُب اترٱبو قرة العيوف أبخبار اليمن‬
‫ا‪٤‬بيموف‪ 3‬كبيية ا‪٤‬بستفيد‪ ،4‬كا‪٤‬بؤرخ الطيب اب‪٨‬برمة ا‪٢‬بضرمي ُب اترٱبو قبلدة النحر‪ ،5‬كا‪٤‬بؤرخ ٰبي بن‬
‫ا‪٢‬بسْب ُب اترٱبو غاية األماين‪ ،6‬كحققو ا‪٤‬بؤرخ القاري دمحم بن علي األكوع ُب قرة العيوف‪ ،7‬كأكده‬
‫أيضان ا‪٤‬بؤرخ عبدهللا ا‪٢‬ببشي ُب ‪ٙ‬بقيقو لتاريخ الدكلة الرسولية‪ ،8‬كالدكتور دمحم عبدالعاؿ ُب اترٱبو بنو‬
‫رسوؿ كبنو طاىر‪.9‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،77‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.250‬‬
‫‪ 0‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا اذلخيش‪ ،‬مىذحة ادلَي ادلسًس ظيـاء اٍمين‪ ،‬ظحـة ‪1762‬م‪ ،‬ض‪.160‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.250‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.77‬‬
‫‪ 3‬كالذت اًيحص يف وفِاث بٔؾَان ادلُص‪ ،‬اًعَة ابخمصمة‪.166/4 ،‬‬
‫‪ 4‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.342‬‬
‫‪ 5‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬حتلِق اًلايض دمحم جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ض‪.250‬‬
‫‪ 6‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا اذلخيش‪ ،‬ض‪.162‬‬
‫‪ 7‬تيو زسول وتيو ظاُص‪ ،‬ذ‪ .‬دمحم ؾحساًـال‪.012 ،‬‬
‫‪25‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كقد كاف لبِب طاىر الزعامة ُب تلك ا‪٤‬بناطق قبل قياـ دكلتهم بعشرات السنْب‪ ،‬فدانت ‪٥‬بم القبائل‬
‫ك اصرىم زعماء القبائل كأصحاب ا‪٢‬بصوف‪.‬‬
‫كالظاىر أف الدكلة الرسولية كملوكها قد استوثقوا من كالء الشيخ طاىر كأبنائو‪ ،‬كاعتمدكا عليهم ُب‬
‫إقرار األكراع ُب تلك ا‪٤‬بناطق‪ ،1‬فقد كانت ‪٥‬بم رائسة ُب دكلة بِب رسوؿ ككاف منهم كزراء كأمراء‪.2‬‬
‫كقد ذكر ابن الديبع أيضان أف الشيخ طاىر بن معورة كالد ا‪٤‬بلكْب عامر كعلي مؤسسي الدكلة‬
‫الطاىرية‪ ،‬قدـ على ا‪٤‬بلك الناصر الرسورل ُب تعز‪ ،‬ككاف مقدمو عليو ُب التاسع عشر من ‪ٝ‬باد االخرة‬
‫عاـ ُٕٖىػ‪ ،‬فأكرمو إكرامان يليق بو كأحسن إليو كإذل ‪ٝ‬بيع من صحبو‪.3‬‬
‫كابلنظر إذل ا‪٤‬بصادر التارٱبية ‪٪‬بد أف بِب طاىر كانت ‪٥‬بم سيادة كسلطة سابقة على تلك ا‪٤‬بناطق منذ‬
‫القدـ‪ ،‬كٲبكن أف نرجع سلطة بِب طاىر على تلك ا‪٤‬بناطق إذل أكثر من قرف كنصف القرف من بداية‬
‫حكمهم لليمن كإنشاء دكلتهم‪.‬‬
‫فقد كجدت أبف أىقدـ مرجع اترٱبي يتحدث عن مشيخة كسيادة بِب طاىر ىو ما نقلو كركاه العبلمة‬
‫بدر الدين أيب عبدهللا حسْب بن عبدهللا األىدؿ ا‪٢‬بسيِب ا‪٤‬بتوَب عاـ ٖٓٓىػ‪ُ ،‬ب كتابو "‪ٙ‬بفة الزمن ُب‬
‫اتريخ سادات اليمن"‪.‬‬
‫ْ‬
‫حيث ذكر قصة للشيخ معورة بن دمحم بن سعيد كىو ا‪١‬بد الرابع للشيخ طاىر بن معورة ‪ ،‬كيرجع‬
‫اتريخ ىذه القصة إذل عاـ ُّٕىػ‪ ،‬أم قبل أتسيس الدكلة الطاىرية ٗبائة ك‪ٟ‬بس كأربعْب عامان‪ ،‬كقد‬
‫ذكر بدر الدين األىدؿ مكانة الشيخ معورة ُب ذلك الوقت كامتدحو كأثُب عليو كاألىدؿ ىذا ىو‬
‫أكؿ من نسب بِب طاىر إذل بِب أمية كذلك قبل قياـ الدكلة الطاىرية أساسان‪ ،‬كالقصة الٍب ذكرىا بدر‬
‫الدين األىدؿ كيذكر فيها الشيخ معورة بن دمحم بن سعيد ىي مقتل الفقيو عمر بن دمحم بن مسعود‬
‫ا‪٤‬برم‪ُ ،‬ب قرية القاٲبة‪ 5‬من ببلد ا‪٢‬ببيشية‪.‬‬

‫‪ 1‬تيو زسول وتيو ظاُص‪ ،‬ذ‪ .‬دمحم ؾحساًـال‪ ،‬ض‪.027‬‬


‫‪ُ 0‬سًة اًزمن يف ٔبدداز مَوك ذلج وؿسن‪ٔ ،‬بمحس فضي اًـحسيل‪ ،‬املعحـة اًسَفِة ومىذحهتا اًلاُصت مرص‪ ،‬ظحـة ‪ُ1131‬ػ‪ ،‬ض‪.65‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،250‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.77‬‬
‫‪ 2‬وُو ادلس اًصاتؽ ٌَض َخ ظاُص جن مـوضة واذلي ثًسة إًََ ادلوةل اًعاُصًة وٕامسَ اًاكمي ؿىل اًلول اًصاحج ُو‪" :‬ظاُص جن مـوضَ جن‬
‫اتح ادلٍن جن مـوضَ جن دمحم جن سـَس جن مسـوذ جن فِس جن وُة جن حصة جن ؾحسهللا جن دمحم جن معص جن ؾحساًـزٍز"‪ٔ .‬بهؼص ًحَان متام امس‬
‫تين ظاُص حتفة اًزمن‪ ،‬ا ٔلُسل‪.32/0 ،‬‬
‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ٔ‬
‫‪ 3‬اًلامئة‪ :‬تدلت ؿامصت مضِوزت يف رشق ؾٌلز من مسٍصًة ذمت وبؾٌلل حمافؼة اًضاًؽ حاًَا‪ ،‬بصاز إٍهيا ادليسي‪ ،‬وكال اكن هبا حٌلؿة ًـصفون‬
‫تخين اًلس َي ومه من فلِاهئا ودعحاهئا وفهيم ٔبدِاز‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪ .1101/0 ،‬وثلؽ اًلامئة كصًح ًا من امللصاهة‬
‫ؿامصة تين ظاُص‪ ،‬وكس اكن اًض َخ مـوضة جن دمحم جن سـَس خس تين ظاُص ص َخ تالذ اًلامية‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬اًسَوك‪ ،‬هباء ادلٍن ادليسي‪.045/0 ،‬‬
‫‪26‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫حيث ٰبكي األىدؿ عن تلك الواقعة فيقوؿ‪" :‬قتلو بعض قطاع الطرؽ سنة ُّٕىػ فلزـ شيخ البلد‬
‫القاتل كاستدعى بولد للفقيو صيّب‪ ،‬فدفع إليو فأسان كقاؿ‪ :‬اررب بو رأسو فهو قاتل أبيك‪ ،‬فضربو‬
‫حٌب قتلو‪ ،‬كاسم الشيخ معورة بن دمحم بن سعيد كىو شيخ مدينة القائمة‪ ،‬يذكر ابلصياـ كالصدقة‬
‫كالعدؿ ك‪٧‬ببة الصا‪٢‬بْب كُب مدينتو الفقهاء بِب اليسيل كىم خطباء ا‪٤‬بدينة"ُ‪.‬‬
‫كقد سبق األىدؿ ‪٥‬بذا النقل التارٱبي ‪٥‬بذه الواقعة القاري ا‪٤‬بؤرخ هباء الدين دمحم بن يوسف ا‪١‬بندم‬
‫السكسكي‪ ،‬فقد ذكر من فقهاء بلد بِب حبيش ٍب من قرية القائمة الفقيو عمر بن دمحم بن مسعود‬
‫ا‪٤‬برم‪ ،‬كالذم توُب مقتوالن من بعض قطاع الطريق‪ ،‬كذلك سنة ثبلثة عشر كسبعمائة للهجرة‪ ،‬فعمل‬ ‫ٌ‬
‫شيخ البلد بلزـ القاتل كجاؤا بو إذل تربة الفقيو ُب يوـ اثلثو كاستدعى بولد للفقيو صيّب فسلم لو فأسان‪،‬‬
‫كقاؿ أررب بو ىذا فهو قاتل أبيك‪ ،‬فضربو حٌب قتلو بعد ساعة لصيره‪ ،‬كىذا الشيخ رجل خّب من‬
‫أعياف مشايخ الوقت ا‪٠‬بو معورة بن دمحم بن سعيد‪ ،‬شيخ ابؽ مالك ‪٤‬بدينة القائمة يذكر ابلدين ككثرة‬
‫الصياـ كالقياـ كالصدقة كالعدؿ‪ ،‬كدل دل يكن لو من ا‪٣‬بصاؿ احملمودة إال أخذه بثأر الفقيو ىذا‪ ،‬كيف‬
‫كىو يذكره ابلدين كالعبادة ك‪٧‬ببة العلماء كالصا‪٢‬بْب كإطعاـ الطعاـ‪ ،‬كُب مدينتو ‪ٝ‬باعة من الفقهاء‬
‫منهم بنو اليسيل خطباء ا‪٤‬بدينة‪.2‬‬
‫كىذه القصة تدؿ على أف الشيخ معورة كاف شيخان على مدينة القائمة كما حو‪٥‬با من ا‪٤‬بناطق ُب‬
‫ذلك الوقت‪ ،‬كتدؿ أيضان على مكانتو ُب قومو‪ ،‬كقوتو كقدرتو على تطبيق شرع هللا كإقامة العدؿ‬
‫كا‪٢‬بدكد‪ ،‬ككذلك يدؿ على مدل سيطرتو على األكراع ُب ببلده كردع قطاع الطرؽ كالقتلة‬
‫كا‪٤‬بفسدين‪ ،‬ك‪ٙ‬بقيق األمن كاإلستقرار‪.‬‬
‫كمن احية أخرل يدؿ على ا‪٤‬بكانة الدينية الٍب كانت للشيخ معورة كصفاتو الٍب ذكرىا ا‪٤‬بؤرخْب‪،‬‬
‫مر ذكره‪.‬‬
‫كحبو للصا‪٢‬بْب كالعلماء كالفقهاء كإايؤه ‪٥‬بم ُب ببلده كما ٌ‬
‫كتدؿ ىذه الركاايت أيضان على أنو كاف ييعترب ا‪٤‬بمثل للدكلة الرسولية ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى كىي الدكلة‬
‫السنية ُب ذلك الوقت‪ ،‬ككاف الشيخ معورة يعترب كاجهة النفوذ السِب ُب تلك ا‪٤‬بناطق‪ ،‬كالسور ا‪٤‬بنيع‬
‫للتوسع الزيدم ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى‪.‬‬

‫‪ 1‬حتفة اًزمن يف اتزخي ساذاث اٍمين‪ ،‬حسني جن ؾحسهللا ا ٔلُسل اذلسُين‪ ،‬حتلِق ا ٔلس خار ؾحسهللا اذلخيش‪.323/1 ،‬‬
‫‪ 0‬اًسَوك يف ظحلاث اًـٌَلء واملَوك‪ ،‬اًلايض هباء ادلٍن دمحم جن ًوسف ادليسي اًسىسيك‪ ،‬حتلِق دمحم جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ظحـة مىذحة الٕزصاذ‬
‫ظيـاء اٍمين‪ ،‬اًعحـة اًثاهَة ‪1773‬م‪.045/0 ،‬‬
‫‪27‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كىذا ما كرثو عنو أبناؤه كأحفاده حٌب استطاعوا أف يصلوا إذل ما كصلوا إليو من حكم اليمن كبناء‬
‫دكلتهم‪ ،‬فالذرية الصا‪٢‬بة ال أتٌب ُب اليالب إال من سبللة طيبة تربت كنشأت كترعرعت على الدين‬
‫كالفضائل كاألخبلؽ‪.‬‬
‫كهبذا نرل أف بِب طاىر كرثوا حكم ا‪٤‬بناطق الوسطى كما حو‪٥‬با عن آابئهم كأجدادىم كأهنم كانوا‬
‫ا‪٤‬بسيطرين على األمور ُب تلك ا‪٤‬بناطق الٍب ذكر اىا كٰبكموهنا قبل قياـ الدكلة الطاىرية‪ ،‬ك‪٥‬بذا‬
‫اعتمدت عليهم الدكلة الرسولية كا‪٤‬بلك الناصر الرسورل فأسند إليهم مهمة التصدم للقول الزيدية الٍب‬
‫تطمع ُب التوسع جنويب ذمار‪.1‬‬
‫فقد كاف لبِب معورة ُب أكاخر عهد الدكلة الرسولية مقاـ الوزارة كالقيادة ‪٩‬با جعلهم يتطلعوف إذل‬
‫ا‪٤‬بلك‪.2‬‬
‫ك‪٩‬با يؤكد دكر بِب طاىر ُب التصدم للتوسع الزيدم ُب مناطقهم‪ ،‬ما ركاه ابن الديبع ُب كتابو قرة‬
‫العيوف أبخبار اليمن ا‪٤‬بيموف ُب أحداث عاـ َِٖىػ‪ ،‬حوؿ ‪٧‬باكلة اإلماـ علي بن صبلح صاحب‬
‫صنعاء التوسع ابلدكلة الزيدية ‪٫‬بو ا‪٤‬بناطق الوسطى‪ ،‬كالٍب كانت تنسب لبِب طاىر‪ ،‬فقد قاؿ ابن‬
‫الديبع ُب مؤلفو‪" :‬كُب سنة َِٖىػ قصد صاحب صنعاء ببلد بِب طاىر ‪ ،ّ"...‬كىذا يدؿ على أف‬
‫الببلد كانت ‪ٙ‬بت سلطة بِب طاىر كإال ‪٤‬با تسمت اب‪٠‬بهم منذ مطلع القرف التاسعْ‪.‬‬
‫يقوؿ العبلمة دمحم بن علي األكوع ا‪٢‬بوارل ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬من ىذا يبدك أف آؿ طاىر كانت ‪٥‬بم كالية على‬
‫ببلد آؿ عمار كا‪٢‬ببيشية كالرايشية كببلد رداع ا‪١‬بنوبية كالشرقية كاليربية إذل خباف من ذم يرعْب‪ ،‬ككذا‬
‫ا‪٤‬بقرانة كجنب ك‪٫‬بو ذلك كطالت كاليتهم ‪٥‬بذه ا‪٤‬بنطقة حٌب تسمت اب‪٠‬بهم"ٓ‪.‬‬
‫كسيأٌب معنا ذكر الدكر السياسي كالعسكرم الذم قاـ بو بنو طاىر ُب عهد الدكلة الرسولية‪.‬‬

‫‪ 1‬تيو زسول وتيو ظاُص‪ ،‬ذ‪ .‬دمحم ؾحساًـال‪ ،‬ض‪.027‬‬


‫‪ 0‬اٍمين الٕوسان واذلضازت‪ ،‬اًلايض ؾحسهللا اًضٌليح‪ ،‬ض‪.125‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.250‬‬
‫‪ 2‬رهص ركل نشكل اًـالمة دمحم جن إسٌلؾَي اًىخيس يف اٌَعائف اًسًِة ض‪.124‬‬
‫‪ 3‬حاص َة كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.250‬‬
‫‪28‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلطلب الثالث‬
‫عاصمة بين طاىر وموطنهم‬

‫كانت عاصمة بِب طاىر قرية ا‪٤‬بقرانة من ببلد حجاج‪ ،‬كدل يقل بيّب ذلك أح هد من ا‪٤‬بتقدمْب‪.‬‬
‫إال أنو ظهر قوؿ آخر أبف العاصمة ىي مدينة جنب‪ ،‬كىذا القوؿ ينسب إذل كتاب كمؤرخْب‬
‫معاصرين‪ ،‬كقد استقى كبل الفريقْب قو‪٥‬بم ىذا من عدة شواىد اترٱبية‪ ،‬كلكن الوارح كالراجح ىو أف‬
‫ا‪٤‬بقرانة ىي عاصمة الطاىريْب‪ ،‬كلن يستطيع أم ابحث أك كاتب أك مؤرخ من ا‪٤‬بعاصرين إنكار القيمة‬
‫كاألٮبية التارٱبية للمقرانة‪ ،‬بل أف ا‪١‬بميع يكاد يتفق على أف ا‪٤‬بقرانة كانت عاصمة للدكلة الطاىرية‪ ،‬إال‬
‫أف بعض الباحثْب ٯبعلها عاصمة اثنية لبِب طاىر بعد جنب‪ ،‬كقد جعلها بعض الباحثْب العاصمة‬
‫العسكرية للدكلة الطاىرية كمقران لقيادهتم ك‪ٙ‬بركاهتم العسكرية‪.‬‬
‫كالبعض اآلخر من الباحثْب ‪٩‬بن قاؿ أبف جنب ىي العاصمة‪ ،‬ال ينكر ابنتقاؿ العاصمة من جنب إذل‬
‫ا‪٤‬بقرانة بعد تورل ا‪٤‬بلك عامر بن عبدالوىاب ا‪٤‬بلك بثبلثة أايـ فقط‪ ،‬فهي ُب ‪ٝ‬بيع األحواؿ كانت‬
‫عاصمة لبِب طاىر كمقران ‪٥‬بم إلدارة شؤكف الدكلة‪ ،‬ككانوا ينطلقوف منها للتوسع ُب نفوذىم‪.‬‬
‫كا‪٢‬بقيقة أين قد الحظت تكلفان من الباحثْب ُب جعل العاصمة جنب على إطبلؽ القوؿ‪ ،‬كإنكار دكر‬
‫ا‪٤‬بقرانة ا‪٤‬بهم كأهنا كانت ببلد الطاىريْب‪ ،‬بل أين الحظت ُب كثّب من ا‪٤‬بقاالت كالكتاابت‪ ،‬عدـ كجود‬
‫منهجية علمية ُب دراسة التاريخ كالبحث عن ا‪٤‬بصادر التارٱبية الصحيحة‪ ،‬كال يعدك األمر ُب بعض‬
‫األحياف من عاطفة أك تشنيع ال يصح كال ينقل دكف منهجية اترٱبية‪ ،‬كدراسة علمية على منهج‬
‫الباحثْب ا‪٤‬بعلوـ ‪٤‬بن لديو أدىن إ‪٤‬باـ أك دراسة أبصوؿ كمنهجية البحث العلمي‪.‬‬
‫كمع ذلك البد أف أبْب ىنا أف مدينة جنب لعبت كذلك دكران سياسيان مهمان‪ ،‬كأهنا كانت مدينة ا‪٤‬بلوؾ‬
‫من بِب طاىر كمن بلداهنم ا‪٤‬بهمة‪ ،‬كمركزان مهمان ‪٥‬بم ُب كثّب من شؤكف ا‪٢‬بكم‪ ،‬كسيأٌب معنا بياف دكرىا‬
‫ُب كثّب من ا‪٢‬بقائق التارٱبية الٍب سنسردىا خبلؿ اتريخ الدكلة الطاىرية‪ ،‬كلكِب ىنا سأبْب ما ذكر ُب‬
‫التاريخ حوؿ ا‪٤‬بقرانة كأهنا كانت عاصمة الدكلة الطاىرية‪ ،‬كذلك بسبب ما طرأ من إٮباؿ ‪٥‬با أدل إذل‬
‫انتهاء كزكاؿ كثّب بل معظم معا‪٤‬بها التارٱبية كاألثرية‪٩ ،‬با تركها أطبلالن مندثرة أيسف كأيسى ا‪٤‬برء عند‬
‫مشاىدهتا‪ ،‬بعد أف يقرأ عن القيمة التارٱبية كا‪٢‬بضارية الٍب كانت ‪٥‬با‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلقرانة عاصمة بين طاىر‪ :‬تدؿ أقواؿ ا‪٤‬بؤرخْب ا‪٤‬بتقدمْب على أف ا‪٤‬بقرانة ىي ببلد بِب طاىر‬
‫كموطنهم‪ ،‬كأف منطقة ا‪٤‬بقرانة ىي دار ا‪٤‬بلك كالرايسة‪ ،‬كقد ذكر العبلمة عبدالر‪ٞ‬بن الديبع مؤرخ الدكلة‬
‫الطاىرية ُب عدة مصادر أف ا‪٤‬بقرانة كانت بلد ا‪٤‬بلوؾ بِب طاىر‪ ،1‬ككذلك ذكر ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف‬
‫القرمطي أف ا‪٤‬بقرانة كانت مقران لبِب طاىر‪ ،2‬كذكر ا‪٤‬بؤرخ ٰبي بن ا‪٢‬بسْب ُب اترٱبو غاية األماين أف‬
‫ا‪٤‬بقرانة مستقر يملك ا‪٤‬بلكْب عامر بن طاىر كعلي بن طاىر‪.3‬‬
‫ك‪٩‬با يؤكد ذلك ما ذكره ا‪٤‬بؤرخ ابن الديبع ُب اترٱبو بيية ا‪٤‬بستفيد عندما زار ا‪٤‬بلك عامر بن عبدالوىاب‬
‫كىو ٰبمل إليو كتابو ا‪٤‬بذكور ىدية لو‪ ،‬فقاؿ كاصفان ا‪٤‬بقرانة‪" :‬ك‪٤‬با كقف عليو موال ا السلطاف صبلح‬
‫الدين ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن عبدالوىاب‪ ،‬طلبِب إذل ‪٦‬بلسو الشريف العارل‪ ،‬كاستجاده كاستحسنو‪ٍ ،‬ب‬
‫حصلت ىذا التاريخ ‪ٙ‬بصيبلن عظيمان‪ ،‬كتقدمت بو إذل موال ا السلطاف كىو إذ ذاؾ ُب ‪٧‬بركسة ا‪٤‬بقرانة‬
‫مقيمان‪ ،‬كقدمتو إليو فأاثبِب بثواب عظيم عليو‪ ،‬كأفاض علي من مواىب كرمو‪ ،‬كدل أزؿ عنده ُب ركض‬
‫رائض كجود فائض‪."4‬‬
‫ككذلك كانت ا‪٤‬بقرانة لبِب طاىر مركز قيادهتم ك‪ٙ‬بركاهتم العسكرية‪ ،‬كمنها كاف يديركف شؤكف الببلد‪،‬‬
‫كإليها كانوا يرسلوف مناكئيهم كأعدائهم كا‪٣‬بارجْب عليهم ليسجنوا كيؤدبوا فيها‪ ،‬ككاف اىتماـ بِب طاىر‬
‫اب‪٤‬بقرانة كبّبان‪ ،‬لدرجة أهنم بنوا فيها القصور كقد سبقهم إذل ذلك ملوؾ بِب رسوؿ‪ ،‬كبنوا فيها كذلك‬
‫ا‪٤‬بدارس العلمية لنشر العلم كا‪٤‬بساجد‪ ،‬كأكقفوا فيها األكقاؼ كشقوا القنوات ا‪٤‬بائية‪ ،‬كبنوكا ا‪٤‬بخازف‬
‫كا‪٤‬بستودعات ‪٢‬بفظ الطعاـ كا‪٤‬بؤف اليذائية‪ ،‬كقد بنوا فيها كذلك سجنان للتأديب ‪٠‬بي بدار األدب‪،‬‬
‫كانوا يؤدبوف كيضعوف فيو ا‪٣‬بارجْب عليهم كا‪٤‬بناكئْب ‪٥‬بم من األمراء كالزعماء كا‪٤‬بشايخ‪ ،‬كقد عملوا هبا‬
‫كذلك اإلستحكامات العسكرية كا‪٢‬بربية للدفاع عنها رد أعدائهم‪.‬‬
‫كقد سكن اب‪٤‬بقرانة ا‪٤‬بلوؾ بِب طاىر فقد كاف يسكن هبا األسرة الطاىرية‪ ،‬فا‪٤‬بلك عامر بن عبدالوىاب‬
‫بن داؤد أعظم ملوؾ بِب طاىر كلد هبا ُب عاـ ٖٔٔىػ‪٩ ،5‬با يدؿ على أف كالده ا‪٤‬بلك عبدالوىاب‬
‫كاف يسكنها كيقيم هبا ىو كأسرتو‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،154‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.323‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.41‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.376‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬ؾحساًصمحن اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.003‬‬
‫‪ 3‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالم ؾحساًصمحن جن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،107‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.320‬‬
‫‪31‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككذلك كاف يسكن هبا ا‪٤‬بلك عامر بن عبدالوىاب كأسرتو ك‪ٝ‬بيع أىل بيتو‪ ،‬كيدؿ على ذلك أنو‬
‫عندما دخل ا‪٤‬بماليك إذل اليمن‪ ،‬كأرادكا الوصوؿ إذل ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬سبقهم ا‪٤‬بلك عامر بن عبدالوىاب إذل‬
‫ا‪٤‬بقرانة كأخرج أىلو كنساءه منها‪ ،‬حيث أهنم كانوا يقيموف هبا‪.1‬‬
‫مباف شيدت على سفح ا‪١‬ببل متنوعة اإلستخداـ‪ ،‬منها ا‪٤‬بساجد‬ ‫كا‪٤‬بقرانة اليوـ عبارة عن أطبلؿ و‬
‫كا‪٤‬بدارس كا‪٤‬بنازؿ كالقصور كالسوؽ كا‪٢‬بمامات كغّبىا من ا‪٤‬بنشآت ا‪٤‬بعمارية األخرل‪ ،‬كينتشر بْب ىذه‬
‫ا‪٤‬بباين برؾ ا‪٤‬بياه ك‪٨‬بازف ا‪٢‬ببوب‪ ،‬كأحد ا‪٤‬بباين يرتفع عن ا‪٤‬بدينة كٰبتمل أنو كاف قصران ملكيان نظران ‪٤‬بوقعو‬
‫ا‪٤‬برتفع كأسلوبو ا‪٤‬بعمارم‪ ،‬حيث التزاؿ أجزاء من جدرانو ابقية‪ ،‬عليها عقود مبنية ابألحجار كالياجور‬
‫األ‪ٞ‬بر‪ ،‬كجدرانو مطلية من الداخل ٗبادة القضاض‪ ،‬كعلى قمة ا‪١‬ببل شيد حصن منيع ابألحجار‪ ،‬يتم‬
‫الوصوؿ إليو عرب طريق مرصوؼ ابألحجار‪ ،‬كقد شيدت ُب ا‪٤‬بقرانة مدرستاف سنبينها عند ذكر‬
‫ا‪٤‬بدارس اإلسبلمية هبا‪.‬‬
‫ادلقرانة يف ادلصادر القدمية‪ :‬كيبدك من خبلؿ إطبلعي على ا‪٤‬بصادر التارٱبية كمعاجم البلداف الٍب‬
‫تقدمت قياـ الدكلة الطاىرية أف ببلد ا‪٤‬بقرانة قد كرد ذكرىا ُب عدة مصادر‪ ،‬كأف كجودىا يسبق قياـ‬
‫الدكلة الطاىرية هبا‪.‬‬
‫فّبجع أكؿ ذكر للمقرانة كحصنها ُب ا‪٤‬بصادر التارٱبية إذل ما أكرده ا‪٤‬بؤرخ الكبّب علي بن حسن ابن‬
‫عساكر ا‪٤‬بتوُب سنة ُٕٓىػ كذلك ُب األحداث الٍب جرت بْب الصحايب فّبكز الديلمي كاألسود‬
‫العنسي بعد موت ابذاف سنة ُُمن ا‪٥‬بجرة‪ ،‬عندما سار األسود العنسي كمن معو من عنس كبِب‬
‫عامر كمراد ك‪ٞ‬بّب حٌب نزؿ هبم ا‪٤‬بقرانة‪ ،2‬كىذا يدؿ على أف ا‪٤‬بقرانة كانت تعترب ‪٧‬بطة لتجمع القبائل‬
‫ال سيما قبائل مذحج ُب ذلك الوقت‪.‬‬
‫كذكرىا أيضان ابن منظور األنصارم األفريقي ُب ‪٨‬بتصر اتريخ دمشق‪ ،3‬كقد ع ٌدىا من حصوف اليمن‬
‫ا‪٤‬بشهورة ايقوت ا‪٢‬بموم ا‪٤‬بتوَب سنة ِٔٔىػ ُب كتابو معجم البلدافْ‪ ،‬كعبدا‪٤‬بؤمن ابن مشائل البيدادم‬
‫ُب كتابو مراصد اإلطبلعُ‪.‬‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،305‬اتزخي اًضحص‪ ،‬ابفلَِ ض‪.103‬‬
‫‪ 0‬اتزخي ذمضق‪ ،‬ؿًل جن اذلسن جن ُحة هللا املـصوف ابجن ؾساهص‪ ،‬احمللق معصو جن قصامة اًـمصوي‪ ،‬ذاز اًفىص ٌَعحاؿة واًًرش واًخوسًؽ‪،‬‬
‫ظحـة ‪1773‬م‪.11/27 ،‬‬
‫‪ 1‬خمخرص اتزخي ذمضق لجن ؾساهص‪ ،‬دمحم جن مىصم اجن مٌؼوز الاهعازي اًصوًفـى الٕفصًلى‪ ،‬حتلِق زوحِة اًيحاش وبدصٍن‪ ،‬ذاز اًفىص‬
‫ٓ‬
‫ٌَعحاؿة واًخوسًؽ واًًرش‪ ،‬ذمضق سوزاي‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل‪1762 ،‬م‪.116/02 ،‬‬
‫‪ 2‬مـجم اًحدلان‪ ،‬صِاة ادلٍن ٔبتو ؾحس هللا ايكوث جن ؾحس هللا اًصويم اسلوي‪ ،‬ذاز ظاذز تريوث ًحيان‪ ،‬اًعحـة اًثاهَة‪1773 ،‬م‪.152/3 ،‬‬
‫‪31‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كقد كرح ذلك القاري ا‪٤‬بؤرخ إ‪٠‬باعيل األكوع ُب كتابو "البلداف اليمنية عند ايقوت ا‪٢‬بموم‪ُ ،"2‬ب‬
‫تعليقو على كبلـ ايقوت ا‪٢‬بموم عند ذكر ا‪٤‬بقرانة فقاؿ‪" :‬ا‪٤‬بقرانة حصن كبلدة ُب عزلة حجاج من‬
‫ احية جنب كأعماؿ رداع‪ ،‬كانت عاصمة الدكلة الطاىرية من منتصف ا‪٤‬بائة التاسعة إذل نيف كعشرين‬
‫كتسعمائة‪ ،‬ككاف ‪٥‬با شأف كبّب ُب عهد السلطاف عامر بن عبدالوىاب‪ ،‬كقد خربت كدل يبقى منها ُب‬
‫عصر ا سول بضعة بيوت حديثة كمسجد‪."3‬‬
‫كهبذا يتنب لنا أف ا‪٤‬بقرانة كاف هبا حصن قدًن من قبل اإلسبلـ‪ ،‬كىذا كارح للعياف من خبلؿ اآلاثر‬
‫ا‪٢‬بمّبية ا‪٤‬بنتشرة ُب منطقة ا‪٤‬بقرانة كحجاج كجنب بشكل عاـ‪ ،‬كيبدك من خبلؿ ىذه ا‪٤‬بصادر التارٱبية‬
‫أف ىذا ا‪٢‬بصن القدًن كا‪٤‬بشهور ٱبتلف عن قصر ا‪٢‬بكم ا‪٤‬بسمى دار النعيم الذم أمر ا‪٤‬بلك الناصر‬
‫الرسورل ببناءه عاـ ُٕٖىػْ‪.‬‬
‫إال أف من ا‪٤‬بعلوـ أيضان أف بِب طاىر قد اختطوا مدينة ا‪٤‬بقرانة قبل إبتناء دار النعيم‪ ،‬كيظهر ذلك من‬
‫خبلؿ اآلاثر الٍب ‪ٙ‬بكي كجود العلماء كالقضاة قبل أتسيسهم لدكلتهم‪ ،‬ك‪٪‬بد أيضان من خبلؿ ا‪٤‬بصادر‬
‫التارٱبية أف ا‪٤‬بقرانة كاف هبا داران لؤلدب كسجنان‪ ،‬كا‪١‬بامع الكبّب غّب ا‪٤‬بساجد الصيّبة‪ ،‬كعدة مدارس‬
‫علمية كدار للقضاء ك‪٨‬بازف للسبلح كاليذاء‪ ،‬كصهاريج كسدكد كبرؾ ‪٢‬بفظ ا‪٤‬بياه كاستيبل‪٥‬با للشرب‬
‫كالرم كالزراعة‪ ،‬كغّبىا من األماكن الٍب جعلتها حاررة كعاصمة الدكلة الطاىرية‪.‬‬
‫كسأبْب بعضان من تفصيل ىذه النهضة ا‪٢‬بضارية كالعمرانية من خبلؿ كبلـ ا‪٤‬بؤرخْب ا‪٤‬بعاصرين للدكلة‬
‫الطاىرية‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ظفي ادلٍن‪ ،‬ذاز ادلَي‪،‬‬‫مصاظس الٕظالع ؿىل ٔبسٌلء ا ٔلمىٌة واًحلاع‪ ،‬ؾحس املؤمن جن ؾحس اذلق اجن صٌلئي اًلعَـي اًحلساذي اذليحًل ّ‬
‫تريوث ًحيان‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل‪ُ1210 ،‬ػ‪.1076/1 ،‬‬
‫‪ 0‬كال تـغ اًحاحثني ٔبن امللصاهة اًخاتـة ًـزةل جحاح ًُست يه امللعوذ رهصُا يف املعاذز اًخازخيَة‪ ،‬مكـجم اًحدلان ًَاكوث اسلوي و ٔبن امللصاهة‬
‫اًيت رهصُا ايكوث اسلوي يه امللصاهة اًيت ثددؽ مسٍصًة ؾمتة مبحافؼة رماز‪ ،‬وكس ومه تلوهل ُشا وذاًف اًعواة‪ ،‬فاذللِلة ٔبن املخاتؽ ملرسخ‬
‫ا ٔلحساج اًخازخيَة ًـمل ؿمل اًَلني ٔبن امللصاهة املشهوزت اتزخيَا يف مـجم اًحدلان يه ملصاهة جحاح‪ ،‬وُشا ما ٔبنسٍ اًلايض الٔهوع يف ثـلداثَ‬
‫وثـََلاثَ ؿىل اسلوي‪ ،‬واذللِلة ٔبهين من ذالل مٌاكضايت مؽ من ظصحوا ُشا اًلول‪ ،‬وخسث ٔبن م كس حلكفوا يف وضـَ و ٔبهَ ل ثوخس ٔبي‬
‫معاذز اتزخيَة اسدٌسوا إٍهيا يف كوهلم‪ ،‬وٕامنا اكن اًِسف من ُشا اًخلكف ُو هفي ا ٔلمهَة اًخازخيَة ًحالذ امللصاهة وٕاىاكز ٔبن ا اكهت ؿامصة ادلوةل‬
‫اًعاُصًة‪.‬‬
‫ٔ‬
‫‪ 1‬اًحدلان ا مييَة ؾيس ايكوث اسلوي‪ ،‬اًلايض إسٌلؾَي جن ؿًل الهوع‪ ،‬اًيارش مؤسسة اًصساةل تريوث ًحيان‪ ،‬مىذحة ادلَي ادلسًس ظيـاء‬ ‫ٍ‬
‫اًعحـة اًثاهَة ‪1766‬م‪ ،‬ض‪.050‬‬
‫‪ 2‬اًـسجس املس حوك يف من ويل اٍمين من املَوك‪ ،‬ؿًل جن اذلسن ارلززيج‪ ،‬ذاز اًفىص ذمضق اًعحـة اًثاهَة ‪1761‬م‪ ،‬ض‪ ،327‬تلَة‬
‫املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،77‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،251‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،342‬اًخازخي اًـامص ٌَمين‪ ،‬دمحم حيي‬
‫اذلساذ ح‪ 1‬ض‪.166‬‬
‫‪32‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلقرانة دار ادللك والوالية‪ :‬كانت ا‪٤‬بقرانة ىي مقر حكم الطاىريْب‪ ،‬كيدؿ على ذلك شواىد اترٱبية‬
‫كثّبة‪ ،‬فقبل أف تكوف عاصمة لبِب طاىر كاف ا‪٤‬بلك الرسورل الناصر مهتمان هبا ‪٤‬با ‪٥‬با من أٮبية كربل‪،‬‬
‫فقد أمر ببناء قصر لو ُب ا‪٤‬بقرانة‪.‬‬
‫يقوؿ ا‪٤‬بؤرخ ا‪٣‬بزرجي ر‪ٞ‬بو هللا ُب أمر ا‪٤‬بلك الناصر الرسورل كبنائو قصران لو ُب ا‪٤‬بقرانة‪ٍ" :‬ب رجع اإلماـ‬
‫الناصر ُب سنة َِٖىػ إذل ا‪٤‬بقرانة بْب دمت كجنب من ‪٨‬ببلؼ الرايشية من أعماؿ رداع‪ ،‬كذلك ‪٤‬بعاينة‬
‫قصر النعيم الذم كاف يبُب لو فيها ابشراؼ الشيخ طاىر بن اتج الدين ائبو ُب رداع‪ ،‬كالذم كلفو‬
‫ا‪٤‬بلك الناصر ببنائو ُب ا‪٤‬بقرانة لدل زايرتو لو ُب عاـ ُٕٖىػ"ُ‪ ،‬فأعطى البنائْب عند كصولو عشرين‬
‫ألف دينار‪.2‬‬
‫فكاف بناء ىذا القصر ٗبثابة اعَباؼ أبٮبية ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬كقد ذكر ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف القرمطي أف ا‪٤‬بقرانة‬
‫كجنب كانت مقران للملكْب عامر بن طاىر كعلي بن طاىر‪ ،‬فذكر ُب اترٱبو ركرة األخبار كنزىة‬
‫األ‪٠‬بار أهنما بعد أف ملكا تعز كحصنها‪ ،‬عادا إذل مقرٮبا ُب جنب كا‪٤‬بقرانة‪.3‬‬
‫بل إف ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف يذكر أف ا‪٤‬بلكْب عامر كعلي بن طاىر دل يتخذا أم مسكنان ُب أم ببلد من‬
‫ببلد السبلطْب‪ ،‬كقد خلت دكر السبلطْب من ا‪٤‬بساكن‪ ،‬كدثر أكثر األماكن‪ ،‬ككانت ا‪٢‬بي يمر تطل‬
‫كتنهق من الطاقات كالركاشن‪ ،‬فلم يتخذا غّب ا‪٤‬بقرانة سكنان ‪٥‬بم‪.4‬‬
‫ك‪٥‬بذا ا‪ٚ‬بذىا الطاىريوف مقران ‪٥‬بم للوالية كا‪٢‬بكم كاستقباؿ الوفود كالزكار‪ ،‬فقد استقبل هبا ا‪٤‬بلكْب عامر‬
‫بن طاىر كعلي بن طاىر كالدة األمّب أيب دجانة حاكم الشحر كظفار‪ ،‬عندما جاءت لفك أسر‬
‫كلدىا من ا‪٤‬بقرانة‪.5‬‬
‫ك‪٩‬با يدؿ على أف ا‪٤‬بقرانة كانت عاصمة بِب طاىر أهنم كانوا ٯبتمعوف هبا ‪ٝ‬بيعان ُب أايـ العيد‪،‬‬
‫كيستقبلوف هبا القبائل عماء القبائل ُب ىذه ا‪٤‬بناسبة‪ ،‬كقد أكرد ا‪٤‬بؤرخ عماد الدين ابن األنف ُب اترٱبو‬
‫أف ا‪٤‬بلكْب علي بن طاىر كعامر بن طاىر كا ا ُب ا‪٤‬بقرانة ُب عيد األرحى سنة ٖٗٔىػ‪ ،‬كاستقببل‬
‫األمّب علي بن ا‪٢‬بسن عندما جاء يعلمهما ابستيبلء اإلماـ دمحم بن الناصر على صنعاء‪ ،‬فوصل كبِب‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،251‬اًـسجس املس حوك‪ ،‬ؿًل جن اذلسن ارلززيج‪ ،‬ض‪ ،327‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،77‬كاًة‬
‫ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،342‬اًخازخي اًـامص ٌَمين‪ ،‬دمحم حيي اذلساذ ح‪ 1‬ض‪.166‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،77‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪.251 ،‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.41‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.41‬‬
‫‪ 3‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض‪.022‬‬
‫‪33‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫طاىر ‪٦‬بتمعْب ‪ٝ‬بيعان ألجل العيد‪ ،‬كمعهم القبائل من فريب كبعيد‪ ،‬فاستقبلوا األمّب علي بن ا‪٢‬بسن ٍب‬
‫طلبوا كجوه القبائل إذل ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬كاجتمعوا هبم حوؿ ما جرل ُب صنعاء‪.1‬‬
‫كقد استقبل ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر ُب ا‪٤‬بقرانة مقر حكمو قادة كزعماء مصنعة عصفاف‪ ،‬فأتوه كىو ُب‬
‫ا‪٤‬بقرانة فسألوه أف يعفوا عنهم كسلموا لو تلك ا‪٤‬بصنعة‪.2‬‬
‫كقد استقبل هبا ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن عبدالوىاب أ‪ٞ‬بد بن الصديق ا‪٣‬بياط كما ذكر ذلك ابن الديبع‬
‫ككاف قد قدـ على السلطاف رسوالن من صاحب جازاف الشريف ا‪٤‬بهدم إذل ا‪٤‬بلك الظافر هبدية‪.3‬‬
‫ك‪٩‬بن استقبلهم كذلك ا‪٤‬بلك عامر بن عبدالوىاب ُب مقر إقامتو اب‪٤‬بقرانة رسوؿ ملك مصر‪ ،‬فقد قدـ‬
‫قاصد صاحب مصر السلطاف جنببلط هبدية عظيمة إذل السلطاف عامر بن عبدالوىاب‪ ،‬من ‪ٝ‬بلتها‬
‫فانوس بلور قدر قامة اإلنساف كصندكقاف من بلور كسيوؼ عظيمة كأشياء نفيسة‪.4"..‬‬
‫ك‪٩‬بن استقبلهم كذلك ا‪٤‬بلك عامر بن عبدالوىاب ُب ا‪٤‬بقرانة رسوؿ قائد ا‪٤‬بماليك حسْب الكردم ُب‬
‫عاـ ُِٗىػ‪ ،‬يقوؿ الدكتور سيد مصطفي سادل‪" :‬فأرسل الرسل كا‪٥‬بدااي إذل السلطاف عامر ُب ا‪٤‬بقرانة‬
‫الٍب كاف يتخذىا مقران لو"‪.5‬‬
‫ككاف السلطاف عامر بن عبدالوىاب غالبان ما يقيم هبا إذا ما عاكد إذل ببلده بعد أف يرسي دعائم‬
‫ا‪٢‬بكم متنقبلن بْب البلداف‪ ،‬فقد كرد أنو أقاـ هبا شهوران طويلة ُب أكاخر سنة ُٗٗىػ إذل شهر رمضاف‬
‫من عاـ َِٗىػ‪ ،6‬ككاف يقيم هبا أكثر من أم مكاف آخر‪.‬‬
‫ك‪٩‬با يدؿ كذلك على أٮبية ا‪٤‬بقرانة كمركز لبِب طاىر إلدارة الببلد كا‪٢‬بكم‪ ،‬أهنم كانوا يعقدكف الوالايت‬
‫كيعينوف األمراء كالوالة منها‪ ،‬فقد عْب السلطاف عامر بن عبدالوىاب الفقيو العبلمة شهاب الدين‬
‫أ‪ٞ‬بد ابن اإلماـ ‪ٝ‬باؿ الدين دمحم الطاىر بن جعماف‪ ،‬قضاء األعماؿ ا‪٢‬بيسية‪ ،‬ككانت توليتو اب‪٤‬بقرانة‪،‬‬
‫ٍب توجو منها إذل زبيد كمنها إذل حيس‪.7‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.021‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.001‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون ض‪.335‬‬
‫‪ 2‬اتزخي اًضحص و ٔبدداز اًلصن اًـارش‪ ،‬دمحم جن معص اًعَة ابفلَِ‪ ،‬ض‪.23‬‬
‫‪ 3‬اًفذح اًـامثين ا ٔلول ٌَمين‪ ،‬ادلنخوز س َس مععفى سامل‪ ،‬ذاز خامـة ظيـاء ًٌَرش واًخوسًؽ‪ ،‬اًعحـة اًساتـة ‪0212‬م‪ ،‬ض‪.125‬‬
‫‪ 4‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.341‬‬
‫‪ 5‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.012‬‬
‫‪34‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كإذل ا‪٤‬بقرانة كفد العبلمة ا‪٤‬بؤرخ العبلمة رياء الدين عبدالر‪ٞ‬بن بن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا على ا‪٤‬بلك الظافر‬
‫عامر بن عبدالوىاب‪ ،‬بعد أف استدعاه ا‪٤‬بلك الظافر عند أتليفو كتاب بيية ا‪٤‬بستفيد‪ ،‬كقد ذكر أبف‬
‫ا‪٤‬بقرانة كانت مقاـ ا‪٤‬بلك‪ ،‬يقوؿ ابن الديبع ُب ذلك‪" :‬ك‪٤‬با كقف عليو موال ا السلطاف ‪ ...‬طلبِب إذل‬
‫‪٦‬بلسو الشريف العارل"‪.1‬‬
‫كمن خبلؿ ىذه ا‪٤‬بصادر التارٱبية كالركاايت الٍب كردت يتضح لنا أف قرية ا‪٤‬بقرانة دل تكن ‪٦‬برد مركز‬
‫للقيادة كإدارة ا‪٤‬بملكة لبِب طاىر فقط‪ ،‬بل إهنا كانت منطقة مهمة للرسوليْب كمركزان للقيادة كا‪٢‬بكم‬
‫للببلد من ىذه ا‪٤‬بنطقة للمناطق األخرل‪ ،‬كدل تكن أقل أٮبية من ا‪٤‬بناطق األخرل‪٩ ،‬با أىلها لتكوف‬
‫عاصمة ُب عصر الطاىريْب‪.‬‬
‫ادلقرانة مركز للقيادة والتحركات العسكرية‪ :‬كانت ا‪٤‬بقرانة مركزان للقيادة العسكرية للدكلة الطاىرية‪،‬‬
‫فمنها كانت ‪ٙ‬بشد القوات كتعبأ ا‪١‬بيوش‪ ،‬كلعل سبب ذلك ىو إعتماد الطاىريْب على القبائل ا‪٤‬بوالية‬
‫‪٥‬بم ‪٢‬بشد قواهتم كالٍب كانت تقطن ا‪٤‬بناطق الوسطى من اليمن‪.‬‬
‫كمن ا‪٤‬بقرانة كانت تنطلق القوات الطاىرية لتوسيع نفوذ الدكلة أك لقمع ا‪٤‬بتمردين‪ ،‬فمنها انطلق الشيخ‬
‫طاىر كابنيو علي كعامر للتصدم لصاحب صنعاء ُب عاـ َِٖىػ‪ ،‬قبل أف يكونوا ملوكان ككانوا آنذاؾ‬
‫كالة للدكلة الرسولية‪ ،‬فحشدكا القوات من ىناؾ ىم كا‪٤‬بلك الناصر الرسورل ككسركا صاحب صنعاء ٍب‬
‫رجعوا بعد ذلك ا‪٤‬بقرانة‪.2‬‬
‫كمنها انطلقت القوات الطاىرية إذل ‪٢‬بج بقيادة الشيخ علي بن طاىر قبل استيبلئو على عدف‬
‫كأتسيس الدكلة الطاىرية‪ ،‬ككاف ذلك ُب أكؿ سنة ٖٖٓ ىػ‪.3‬‬
‫كمن ا‪٤‬بقرانة انطلقت القوات الطاىرية بقيادة ا‪٤‬بلكْب علي بن طاىر كأخيو عامر بن طاىر لئلستيبلء‬
‫على عدف عندما أسسا دكلتهما سنة ٖٖٓىػ‪.4‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.003‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،77‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون ض‪.250‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.270‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،115‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة اجن ادلًحؽ‪،‬‬
‫ض‪.272‬‬
‫‪35‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككذلك انطلقت من ا‪٤‬بقرانة جيوش ا‪٤‬بلكْب عامر بن طاىر كعلي بن طاىر بقيادة عبدالوىاب بن داكد‬
‫عندما استوليا على صنعاء سنة ٖٔٔىػ‪ٍ ،‬ب عاد عبدالوىاب بن داكد من صنعاء إذل ا‪٤‬بقرانة إذل عمو‬
‫عامر بن طاىر‪.1‬‬
‫كمن ا‪٤‬بقرانة أيضان انطلق ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر ٔبيوشو ‪٢‬بصار حصوف بعداف كالشواُب كجرب حب‬
‫كخدد كا‪٣‬بضراء‪ٍ ،‬ب عاد إذل ا‪٤‬بقرانة ىو كمن معو من األمراء كالقادة كالعسكر سنةٔٔٔىػ‪.2‬‬
‫كأيضان قاد ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر ‪ٞ‬بلتو العسكرية على اإلماـ دمحم بن الناصر عندما استوذل على صنعاء‬
‫سنة ٖٗٔىػ من ا‪٤‬بقرانة‪ٍ ،‬ب رجع إليها ىو كجنوده فكاف عيده فيها ككافاه أخوه علي بن طاىر من‬
‫جهات اليمن كنواحيها فكاف ُب ا‪٤‬بقرانة عندىم‪.3‬‬
‫من ا‪٤‬بقرانة ثبٌت ا‪٤‬بلك عبدالوىاب بن داؤد بن طاىر ملكو كأرسى قواعده‪ ،‬عندما عاررو أبناء ا‪٤‬بلك‬
‫عامر بن طاىر بعد أف صار ملكان ُب عاـ ّٖٖىػ‪ ،‬فجمع إليها ا‪٣‬بزائن كالذىب كالفضة كاألمواؿ من‬
‫عدف كببلده‪ ،‬ك‪ٝ‬بع كحشد القوات كانطلق للقضاء على مناكئيو‪.4‬‬
‫ككاف أكثر ملوؾ بِب طاىر إستقراران ُب ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬ىو ا‪٤‬بلك عامر ب عبدالوىاب كما يظهر من خبلؿ‬
‫األحداث التارٱبية‪ ،‬الٍب تشّب إذل ‪ٙ‬بركاتو السياسية كالعسكرية من ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬فقد رسخ ا‪٤‬بلك الظافر‬
‫عامر بن عبدالوىاب قواعد ملكو من عاصمتو ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬فقد استلم ا‪٤‬بلك بعد كالده ُب عاـ ْٖٗىػ‪،‬‬
‫فمكث ُب ا‪٤‬بقرانة بعد كفاة كالده ٔبنب كىناؾ استقبل الوفود من ا‪٤‬ببايعْب اب‪٤‬بلك كالقبائل ا‪٤‬بهنئْب‪،‬‬
‫حٌب راقت هبم ا‪٤‬بقرانة‪ٍ ،5‬ب إنو حشد القوات لقمع مناكئيو من الطاىريْب ُب جنب بعد استيبلئهم‬
‫عليها‪ ،‬فجمع جيشان جراران ذكر ابن الديبع أهنم يزيدكف على العشرين ألف‪ ،‬مع من انضم إليهم بعد‬
‫ذلك‪ ،6‬كسيأٌب معنا تفصيل ذلك ُب مكانو‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.142‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.152‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،376‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.027‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،134‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة اجن ادلًحؽ‪،‬‬
‫ض‪.314‬‬
‫‪ 3‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،413 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.162‬‬
‫‪ 4‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،161‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون ض‪.305‬‬
‫‪36‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كمنها أيضان جهز ا‪٤‬بلك عامر بن الوىاب جيشو الذم أخرجو لقتاؿ اليهودم الناقض للعهد الذم ببلد‬
‫بيحاف‪ ،‬ككاف ‪٨‬بالفان للسلطاف اكثان لؤلٲباف يطعن ُب دين اإلسبلـ‪ ،‬فتجهز السلطاف بعساكر عظيمة‬
‫من جهات ا‪٤‬بقرانة ‪ 1‬لقتالو‪.‬‬
‫كمن ا‪٤‬بقرانة خرج ا‪٤‬بلك عامر بن عبدالوىاب لقتاؿ ا‪٤‬بماليك الشركس الذين جاؤكا من مصر إلحتبلؿ‬
‫ببلده‪ ،‬ككاف ذلك ُب عاـ ِّٗىػ‪ ،2‬كإذل ا‪٤‬بقرانة ‪١‬بأ ا‪٤‬بلك عامر بن عبدالوىاب كدارت رحى آخر‬
‫معاركو بعد أف ‪١‬بأ إليها كمبلذ أخّب‪.3‬‬
‫دار األدب والسجن ابدلقرانة‪ :‬ككاف ملوؾ بِب طاىر قد ا‪ٚ‬بذكا ُب ا‪٤‬بقرانة داران لؤلدب‪ ،‬كىو عبارة عن‬
‫مكاف ٰبجز فيو مناكئيهم كا‪٣‬بارجْب عليهم‪ ،‬فيكوف ذلك أشبو ابلسجن أك اإلقامة ا‪١‬بربية لؤلمراء‬
‫كا‪٤‬بشايخ كالسبلطْب‪ ،‬الذين دل ٱبضعوا للدكلة الطاىرية كدل ٲبتثلوا ابلسمع كالطاعة ‪٥‬بم‪.‬‬
‫ككذلك كاف ىناؾ سجنان يسجن أك يقيد بو ا‪٣‬بارجْب على الدكلة الطاىرية كا‪٤‬بقاتلْب ‪٥‬با‪ ،‬ك‪٩‬با يدؿ‬
‫على ذلك ما ذكره العبلمة ا‪٤‬بؤرخ ابن الديبع أف السلطاف عبدالوىاب بن داؤد ُب عهد ا‪٤‬بلك علي بن‬
‫طاىر ُب عاـ ِٖٔىػ‪ ،‬قيد ‪ٝ‬باعة من القرشيْب كطلع هبم ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬منهم عفيف بن غراب كعبدالعليم‬
‫ا‪٥‬ببل كالبيذؽ كدمحم بن عفيف األحدب كآخرين‪.4‬‬
‫ك‪٩‬بن أكدعو ا‪٤‬بلكْب عامر بن طاىر كعلي بن طاىر السجن ُب ا‪٤‬بقرانة األمّب أبو دجانة أمّب الشحر‬
‫كظفار كالذم حاكؿ اإلستيبلء على عدف‪ ،‬فوقع ُب األسر سنة ُٔٔىػ‪ ،‬فلم يزؿ مسجو ان مصفدان‬
‫حٌب عمل على تسليم ما ُب يديو من حصوف شحر يعماف كمدهتا كما كاف من أموا‪٥‬با كسفنها‪.5‬‬
‫كأما دار األدب ُب ا‪٤‬بقرانة فقد ذكره كذلك ا‪٤‬بؤرخ ابن الديبع ُب حوادث سنة ٖٖٗىػ‪ ،‬كذكر فيها أف‬
‫ا‪٤‬بلك عامر بن عبدالوىاب أطلق األمّب شجاع الدين عمر بن عبدالعزيز ا‪٢‬ببيشي من السجن كالقيد‪،‬‬
‫كنقل من دار األدب اب‪٤‬بقرانة‪ ،‬إذل بيت النقيب رٰباف‪ ،‬ابلقرب من دار السلطاف‪.6‬‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.323‬‬


‫‪ 0‬اتزخي اًضحص‪ ،‬ابفلَِ ض‪ ،103‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.351‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.353‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬ؾحساًصمحن جن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.103‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.44‬‬
‫‪ 4‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬ؾحساًصمحن جن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.175‬‬
‫‪37‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ك‪٩‬بن قيد كأكدع دار األدب اب‪٤‬بقرانة الفقيو دمحم بن األمْب عجيل‪ ،‬كسبب ذلك ا‪٣‬بيانة كالنفاؽ كاطبلعو‬
‫لؤلعداء على أسرار الدكلة كٗبوافقتو ألىل الفساد كالعناد‪ ،‬فمكث مقيدان اب‪٤‬بقرانة عشر سنْب‪ ،‬كما ذكر‬
‫ذلك العبلمة ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم ُب اترٱبو ‪.1‬‬
‫ك‪٩‬بن أكدع دار األدب اب‪٤‬بقرانة الشيخ دمحم بن عامر خاؿ ا‪٤‬بلك عامر بن عبدالوىاب‪ ،‬فقد أكدعو ا‪٤‬بلك‬
‫عامر ألنو كاف خارجان عليو كقاتلو كقد حاصره السلطاف عامر ُب حصن عميقاف عاـ ٖٔٗىػ‪ٍ ،‬ب‬
‫قبض عليو ٔبحاؼ كقيد كأكدع بدار األدب اب‪٤‬بقرانة ٍب نقل إذل دار األدب برداع العرش عند إخوتو‪.2‬‬
‫ك‪٩‬بن أكدع دار األدب اب‪٤‬بقرانة كذلك األمّب دمحم سعيد ابدجانة الذم كاف سلطا ان على الشحر‬
‫كظفار‪ ،‬كيبدك ذلك من خبلؿ قصتو‪ ،‬عندما أسره بِب طاىر بعد ‪٧‬باكلتو اإلستيبلء على عدف‪.3‬‬
‫ادلدارس ودور العلم والعبادة يف ادلقرانة‪ :‬كاف بِب طاىر مهتمْب ك‪٧‬ببْب للعلم كالعلماء‪ ،‬لذا فإننا‬
‫‪٪‬بدىم قد اىتموا إبنشاء ا‪٤‬بدارس العلمية ُب ا‪٤‬بقرانة منذ القدـ‪ ،‬كيبدك ذلك من خبلؿ إنشاءىم‬
‫ا‪٤‬بساجد كا‪٤‬بدارس كدكر العلم فيها كجلب العلماء كتعيينهم للتدريس فيها قبل أتسيسهم حٌب لدكلتهم‪.‬‬
‫درس ُب ا‪٤‬بقرانة قبل اتريخ أتسيس الدكلة الطاىرية‪،‬‬ ‫فقد ذكر الربيهي ُب اترٱبو كوكبة من العلماء ‪٩‬بن ٌ‬
‫‪4‬‬
‫منهم الفقيو عفيف الدين عبد هللا بن دمحم ا‪١‬ببِب كتوُب قبل ‪ٛ‬باـ ا‪٤‬بئة الثامنة ‪ ،‬كمنهم الفقيو العبلمة‬
‫عبدهللا بن دمحم ا‪٢‬ببيشي توُب سنة َِٖىػ‪ ،‬كدمحم بن عبدهللا ا‪٢‬ببيشي أ اط بو بنو طاىر أمور الناس‬
‫لتصريفها فكاف ‪٥‬بم ٗبنزلة الوزير توُب سنة َٖٓىػ‪ ،‬كدمحم بن أيب بكر ا‪٢‬ببيشي كانت لو مشاركة ُب‬
‫الفقو توُب سنة َْٖىػ‪.5‬‬
‫كقد زاد إىتماـ بنو طاىر اب‪٤‬بقرانة بعد أتسيس الدكلة الطاىرية فأصبحت ُب عهدىم ىجرة من ىجر‬
‫العلم ُب اليمن‪ ،‬فأنشاء ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب بن داؤد مدرسة‪ 6‬عظيمة كأكقف عليها األكقاؼ‪.‬‬
‫كدل يكن ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور أكؿ من أنشاء ا‪٤‬بدارس اإلسبلمية للتعليم كنشر العلم ُب ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬فقد سبقو إذل‬
‫ىذا اإلىتماـ ا‪٤‬بلوؾ األكلْب من بِب طاىر‪ ،‬فيذكر ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم أف من العلماء‬
‫كالفقهاء الذين كانوا مقيمْب اب‪٤‬بقرانة‪ ،‬الفقيو العادل مشس الدين علي بن عيسى ا‪١‬برداين‪ ،‬ككاف من أىل‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض ‪.036‬‬
‫‪ 0‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.311‬‬
‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،232/4 ،‬وس َبٔيت مـيا رهص كعخَ وكعة اًضحص وحرضموث واسدِالء تين ظاُص ؿَهيا‪.‬‬
‫‪ 2‬ظحلاث ظَحاء اٍمين املـصوف تخازخي اًربُّييي‪ ،‬ؾحساًوُاة جن ؾحساًصمحن اًربُّييي‪.152/1 ،‬‬
‫‪ 3‬جهص اًـمل ومـاكهل‪ ،‬إسٌلؾَي جن ؿًل الٔهوع‪.0122/2 ،‬‬
‫‪ 4‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬ؾحساًصمحن جن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.157‬‬
‫‪38‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫العلم كالصبلح‪ ،1‬فقد استدعاه ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر إذل ا‪٤‬بقرانة كقرره هبا لئلفادة‪ ،‬كرتب لو‬
‫رزقان كافران فأقاـ هبا‪ ،‬ككاف غالب إقامتو اب‪٤‬بقرانة‪ ،2‬كىذا يدؿ على اىتماـ الطاىريْب منذ أتسيس دكلتهم‬
‫على نشر العلم اب‪٤‬بقرانة‪ ،‬كإف كلفهم ذلك األمواؿ الطائلة‪.‬‬
‫كقد اىتم بعمارة ا‪٤‬بساجد كا‪٤‬بدارس اإلسبلمية اب‪٤‬بقرانة كذلك ا‪٤‬بلك عامر بن عبدالوىاب ر‪ٞ‬بو هللا فبُب‬
‫ا‪١‬بامع الكبّب هبا كمسجد القبة‪.3‬‬
‫كمن مآثر أخيو الشيخ عبدا‪٤‬بلك بن عبدالوىاب ر‪ٞ‬بو هللا بناء مدرسة عظيمة اب‪٤‬بقرانة‪. 4‬‬
‫كقد ذكر تلك ا‪٤‬بدرستْب كمن بناٮبا ُب ا‪٤‬بقرانة العبلمة إ‪٠‬باعيل بن علي األكوع ر‪ٞ‬بو هللا ُب كتابو‬
‫ا‪٤‬بدارس اإلسبلمية ُب اليمن‪.5‬‬
‫كمن خبلؿ الدكر السياسي كالعسكرم الذم لعبتو حاررة ا‪٤‬بقرانة كإىتماـ بِب طاىر هبا‪ ،‬فإننا ‪٪‬بد أهنا‬
‫كانت عاصمة الدكلة الطاىرية كأكؿ بلداهنم كمعاقلهم السياسية كالعسكرية‪ ،‬ك‪٥‬بذا ‪٪‬بد ا‪٤‬بؤرخْب‬
‫ا‪٤‬بتقدمْب كا‪٤‬بعاصرين ٯبمعوف على أف ا‪٤‬بقرانة عاصمة الدكلة الطاىرية‪ ،‬ك‪٩‬بن قاؿ أبف ا‪٤‬بقرانة كانت‬
‫عاصمة الدكلة الطاىرية‪ ،‬من ا‪٤‬بؤرخْب كالباحثْب ا‪٤‬بعاصرين‪:‬‬
‫القاري إ‪٠‬باعيل بن علي األكوع ُب كتابو ىجر العلم كمعاقلو‪ ،‬فقد قاؿ ُب ا‪٤‬بقرانة‪" :‬كانت بلدة‬
‫كاسعة عامرة اب‪٤‬بدارس كا‪٤‬بساجد‪ ،‬حينما كانت حاررة الدكلة الطاىرية ُب النصف األخّب من ا‪٤‬بائة‬
‫التاسعة كصدران من ا‪٤‬بائة العاشرةٔ"‪.‬‬
‫الدكتور سيد مصطفى سادل ُب كتابو الفتح العثماين األكؿ لليمن‪ ،‬كقد سبق ذكر كبلمو‪.‬‬
‫كأيضان ‪٩‬بن قاؿ أبف ا‪٤‬بقرانة كانت عاصمة الدكلة الطاىرية ا‪٤‬بؤرخ العبلمة القاري عبدهللا ب عبدالكرًن‬
‫ا‪١‬براُب‪ ،‬فقاؿ‪" :‬كتوذل األمر منهم عامر بن طاىر الذم تلقب اب‪٤‬بلك الظافر ك اصر أخواه علي بن‬
‫طاىر كداكد بن طاىر كفتحوا كثّبان من الببلد اليمنية‪ ،‬كجعلوا عاصمة ملكهم ا‪٤‬بقرانة من ببلد رداع‪."7‬‬

‫‪ 1‬س َبٔيت مـيا رهص سريثَ وحصمجخَ يف حمهل‪.‬‬


‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض ‪.027‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،355‬اًفضي املزًس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.150‬‬
‫‪ 2‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،356‬اًفضي املزًس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.151‬‬
‫‪ 3‬املسازش الٕسالمِة يف اٍمين‪ ،‬إسٌلؾَي جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ض‪.113‬‬
‫‪ 4‬جهص اًـمل ومـاكةل يف اٍمين‪ ،‬اًلايض إسٌلؾَي جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ذاز اًفىص املـارص تريوث ًحيان‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪1773‬م‪.0120/2 ،‬‬
‫‪ 5‬امللذعف‪ ،‬ؾحسهللا جن ؾحساًىصمي ادلصايف‪ ،‬ض‪.72‬‬
‫‪39‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككذلك الباحث مصطفى ا‪٣‬بطيب ذكرىا أبهنا عاصمة الطاىريْب‪" :‬ككاف عامر بن طاىر أكؿ سبلطْب‬
‫ىذه األسرة‪ ،‬ا‪ٚ‬بذ الطاىريوف مدينة ا‪٤‬بقرانة ُب إقليم رداع عاصمة ‪٥‬بم‪ ،‬كامتد نفوذىم‬
‫إذل صنعاء كماجاكرىا‪ ،‬كأصبحت معظم أقاليم اليمن خارعة ‪٥‬بم"‪.1‬‬
‫كذكرىا كذلك الكاتب أ‪ٞ‬بد ا‪٢‬بسِب ُب معرض كبلمو عن مدينة دمت فقاؿ‪" :‬لكنها اكتسبت أٮبية‬
‫خاصة ُب عهد الدكلة الطاىرية لعدة أسباب أٮبها قرب ا‪٤‬بسافة ا‪١‬بيرافية بينها كبْب مركز حكم‬
‫الطاىرين ا‪٤‬بقرانة ُب مديرية جنب"‪.2‬‬
‫ك‪٩‬بن قاؿ أبف ا‪٤‬بقرانة عاصمة الدكلة الطاىرية‪ ،‬الدكتور عباس علوم‪ ،‬فقد ذكر أبف الطاىريْب ا‪ٚ‬بذكا‬
‫من بلدىم ا‪٤‬بقرانة عاصمة ‪٤‬بلكهم‪.3‬‬
‫كيذكر الباحث عاشور عبود سادل أف ا‪٤‬بقرانة كانت عاصمة الدلوة الطاىرية كحصنهم ا‪٢‬بصْب فيقوؿ‪:‬‬
‫"أخذ الطاى ريوف ُب تثبيت قواعد حكمهم‪ ،‬كتوسيع مناطق نفوذىم‪ ،‬كقطع دابر الرسوليْب كأعواهنم‪،‬‬
‫فا‪ٚ‬بذكا من ا‪٤‬بقرانة عاصمة لدكلتهم‪ ،‬كحصنهم ا‪٢‬بصْب الذم ٰبتموف بو عندما تشتد عليهم األمور‪."4‬‬

‫‪ . 1‬املوسوؿة اًـصتَة‪ ،‬اٍمين اًخازخي اًوس َط‪ ،‬مععفى ارلعَة‪.‬‬


‫‪ 0‬ملاةل ذمت ٔبجبسًة اٍهبجة وخالل اًخازخي‪ٔ ،‬بمحس اذلس ين‪ ،‬ص حىة املؤمتص هت الٕددازًة‪.‬‬
‫ٓ‬
‫‪ 1‬ؿسن يف ؾِس اًعاُصًني‪ ،‬ذ‪ .‬ؾحاش ؿَوي‪ ،‬زساةل ذنخوزاٍ كسمت ًلسم اًخازخي لكَة الذاة خامـة ظيـاء‪0211 ،‬م‪ ،‬ض‪.27‬‬
‫‪ 2‬اذلَات اًـَمَة يف ؾِس ادلوةل اًعاُصًة‪ ،‬ؿاصوز ؾحوذ سامل فَِح‪ ،‬زساةل ماحس خري كسمت ًلسم اًخازخي لكَة الاذاة خامـة ؿسن‪ ،‬هوكضت‬
‫س ية ‪0221‬م‪ ،‬ض‪.06‬‬
‫‪41‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫مسجد المقرانة بعد الترمٌمٌات التً أجرٌت مؤخرا‬

‫المقرانة عاصمة الدولة الطاهرٌة وتبدو بعض األطالل القدٌمة‬


‫ك‪٩‬بن قاؿ من الباحثْب كذلك أبف ا‪٤‬بقرانة كانت عاصمة الدكلة الطاىرية الباحث عبداجمليد الدرة فقاؿ‪:‬‬
‫"ا‪٤‬بقرانة حصن كبلدة أثرية ُب عزلة حجاج من مديرية يجنب كأعماؿ رداع‪ ،‬ا‪ٚ‬بذىا سبلطْب بِب طاىر‬
‫عاصمة لدكلتهم"‪.1‬‬
‫كقد تبْب لنا من ىذه الركاايت كا‪٤‬بصادر التارٱبية أف ا‪٤‬بقرانة كانت ا‪٤‬بوطن األساسي لبِب طاىر‪ ،‬ككانت‬
‫كذلك مقر عاصمتهم كحكمهم كموطنهم‪ ،‬كال ٲبنع ذلك أهنم ا‪ٚ‬بذكا مناطق أخرل لتكوف مقران ‪٥‬بم‬
‫ك‪٢‬بكمهم مثل جنب كزبيد كصنعاء كعدف كتعز كرداع كغّبىا من ا‪٤‬بناطق األخرل‪ ،‬كالٍب كاف لبِب طاىر‬
‫هبا قصوران ك‪٧‬بل إقامة‪ ،‬إال أف ا‪٤‬بقرانة كانت مقرىم األكؿ كمبلذىم عند الشدائد‪ ،‬كمقر كاليتهم‪ ،‬كمركز‬
‫قيادهتم العسكرية‪ ،‬اىيك عن أف ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن عبدالوىاب ككالده ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب‬
‫بن داؤد قد ا‪ٚ‬بذاىا ‪٧‬ببلن إلقامتهم ىم كأسرهتم كنساؤىم كما اتضح معنا‪ ،‬كأهنم كانوا يولوف كيعقدكف‬
‫اإلمارات كالتعيينات منها‪ ،‬فبل يعقل بعد ىذه الشواىد التارٱبية كا‪٤‬بصادر الٍب أكردت ىذه ا‪٢‬بقائق أف‬

‫‪ 1‬وٍىِحَساي املوسوؿة اذلصت‪ ،‬ملاةل‪ٔ .‬بمه املواكؽ ا ٔلثصًة واًخازخيَة يف ُخنب نخهبا‪ ،‬ؾحس اجملَس ادلزت‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ييقاؿ أف غّب ا‪٤‬بقرانة كانت عاصمة لبِب طاىر‪ ،‬كينكر أم متعصب أك جاىل كل ما كاف ٯبرم ُب‬
‫ا‪٤‬بقرانة‪.‬‬
‫زايدة على ذلك كألٮبية ا‪٤‬بقرانة ُب ذلك العصر‪ ،‬فالدكؿ الٍب كانت تتصارع مع الدكلة الطاىرية كانت‬
‫هتتم إبسقاط ا‪٤‬بقرانة إلعبلف هناية الدكلة الطاىرية‪ ،‬كما حدث من قًبل ا‪٤‬بماليك كمن قًبل اإلماـ شرؼ‬
‫الدين ‪.1‬‬
‫كبعد زكاؿ الدكلة الطاىرية إهنارت ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬كبدأ ‪٪‬بمها ُب األفوؿ بعد سقوط سلطاهنا الظافر عامر بن‬
‫عبدالوىاب مقتوالن عند أبواب صنعاء‪ ،‬كعندما قامت دكلة اإلماـ ا‪٤‬بطهر بن شرؼ الدين قاـ بيزك‬
‫ا‪٤‬بقرانة فسلبها ‪٧‬باسنها كنفائسها كأزاؿ عنها هباءىا ك‪ٝ‬با‪٥‬با‪ ،‬كما بْب ذلك حفيده عيسى بن لطف هللا‬
‫الركح‪ ،‬فقد ذكر "أف ج ٌده ا‪٤‬بطهر أطلع صحبتو أبواب ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬كفيها صركؼ الذىب‪،‬‬ ‫ُب اترٱبو ىركح ي‬
‫‪2‬‬
‫ككاف ‪ٝ‬بلتها فوؽ مائٍب ‪ٝ‬بل "‪ ،‬كيقوؿ القاري إ‪٠‬باعيل األكوع‪ " :‬كنقل ا‪٤‬بطهر بن شرؼ الدين‬
‫أبواب ا‪٤‬بقرانة ا‪٤‬بصنوعة من الساج كالعاج من صناعة ا‪٥‬بند فوؽ مائة ‪ٝ‬بل‪ ،‬كثبلث مئة هبيمة بعد أف‬
‫خرب حصوف ا‪٤‬بقرانة‪ 3‬كدمر معا‪٤‬بها‪ ،‬ككانت هبا من الكنوز كاآلالت ما يذىل ا‪٤‬برء‪ ،‬فيذكر ا‪٤‬بؤرخوف‬ ‫ٌ‬
‫أف "ا‪٤‬بطهر بن شرؼ الدين ‪٤‬با دخل ا‪٤‬بقرانة قبض ما فيها من السبلح على أنواعو‪ ،‬ككجد فيها ا‪٤‬بدافع‬
‫كاآلالت العظيمة من النحاس اليصاين ا‪٤‬بطعم ابلفضة‪ ،‬كأنواع الصيِب ا‪٤‬بعترب‪ ،‬كذلك ‪٩‬با خلفو بنو‬
‫طاىر‪ٍ ،‬ب انتقل ا‪٤‬بطهر إذل الفارد كىو من ‪٧‬باسن ببلد أىل عامر‪ ،‬كقد جلى عنو أىلو خوفان من سطوة‬
‫ا‪٤‬بطهر‪،‬فوجد فيو من آالت النحاس كمساغ الذىب كالفضة كاللؤلؤ كالنقد كمن الشخوص الٍب من‬
‫البلور ا‪٤‬بصنوع على أنواعو ‪ٝ‬بلة كافية‪ ،‬كذلك أف آؿ طاىر حولوا إليو ‪٤‬با دٮبتهم ا‪١‬بيوش اليورية يوـ‬
‫ذىاب عامر بن عبدالوىاب‪ٍ ،‬ب تقدـ إذل جنب‪ ،‬ك‪ٝ‬بع من كتب العلوـ ُب كل فن ما ال يكاد يقل‬
‫حاملو كينوء بو‪ ،"4‬كسيأٌب معنا ذكر تلك األحداث ابلتفصيل ُب اتريخ الدكلة الطاىرية‪ ،‬كإ٭با ا‪٤‬بقصود‬
‫ىنا بياف حاؿ ا‪٤‬بقرانة كما كانت فيو من النهضة ا‪٢‬بضارية كالعمرانية‪.‬‬

‫‪ 1‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬ؾحساًصمحن جن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،152‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬ض‪ ،353‬اتزخي‬
‫اًضحص‪ ،‬ابفلَِ‪ ،‬ض‪ ،103‬اٌَعائف اًسًِة يف بٔدداز املٌلكل اٍمييَة‪ ،‬دمحم جن إسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬ض‪.023‬‬
‫‪ 0‬زوخ اًصوخ‪ ،‬ؿُىس جن ًعف هللا‪ ،‬ض‪.57‬‬
‫‪ 1‬جهص اًـمل ومـاكهل‪ ،‬اًلايض إسٌلؾَي الٔهوع‪.0121/2 ،‬‬
‫‪ 2‬زوخ اًصوخ‪ ،‬ؿُىس جن ًعف هللا‪ ،‬ض‪.55‬‬
‫‪42‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كُب ا‪٢‬بقيقة ٲبكننا أف نقوؿ أننا إذا تتبعنا ا‪٤‬بصادر كا‪٤‬براجع كالواثئق التارٱبية‪ ،‬الدكر التارٱبي الذم لعبتو‬
‫ا‪٤‬بقرانة فإنو لن تكفي ىذه الصفحات للتعريف هبا ُب ىذا ا‪٤‬بؤلف‪ ،‬بل أننا لن نعطيها حقها التارٱبي‬
‫يد من اإلىتماـ كالبحث كالتحقيق‪ ،‬كذلك إبفراد ا‪٤‬بؤلفات كالبحوث العلمية الٍب تربز النهضة‬ ‫إال ٗبز و‬
‫ا‪٢‬بضارية الذم قامت بو ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬كغّبىا من ا‪٤‬بدف التارٱبية ا‪٤‬بهمة كىجر العلم كمدينة جنب كرداع‬
‫كدمت كغّبىا من ا‪٤‬بدف كاألماكن ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫اتصال بين طاىر وعالقتهم ابلدولة الرسولية‬

‫قبل أف نتكلم عن عبلقة الطاىريْب ابلدكلة الرسولية البد أكالن أف نذكر أحواؿ الدكلة الرسولية كملوكها‬
‫كانتهاءىا‪ ،‬ذلك أف الدكلة الطاىرية أساسان دل تقم إال على أنقارها‪ ،‬كقد تطورت العبلقات بْب‬
‫الطاىريْب كالدكلة الرسولية ُب أكاخر عهدىا حٌب كاف ‪٥‬بم من السلطة ما دل يكن ليّبىم كىو ما مهد‬
‫لقياـ الدكلة الطاىرية‪ ،‬لذا سنتكلم ىنا أكالن عن قياـ الدكلة الرسولية كملوكها ابختصار ٍب عن العبلقات‬
‫الٍب كانت قائمة بْب الطاىريْب كالرسوليْب كدكرىم كأعما‪٥‬بم الٍب تولوىا إابف الدكلة الرسولية‪ٍ ،‬ب أخّباى‬
‫نتكلم عن هناية الدكلة الرسولية كظهور الطاىريْب‪ ،‬كذلك ُب ثبلثة مطالب كاآلٌب‪:‬‬
‫ادلطلب األول‪ :‬قيام الدولة الرسولية‬
‫ادلطلب الثاين‪ :‬تويل بين طاىر ادلناصب يف الدولة الرسولية‬
‫ادلطلب الثالث‪ :‬هناية الدولة الرسولية‬

‫‪44‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلطلب األول‬
‫قيام الدولة الرسولية‬

‫كاف بِب رسوؿ كزراءن لبِب أيوب ُب اليمن‪ ،‬ككاف أكؿ من دخل اليمن من بِب أيوب السلطاف ا‪٤‬بلك‬
‫توراف شاه بن أيوب‪ ،‬كسبب دخولو أف السلطاف صبلح الدين األيويب بليو أف ابليمن إنسا ان يسمى‬
‫عبدالنيب بن مهدم قد استوذل على اليمن‪ ،‬كزعم أنو ينشر ملكو حٌب ٲبلك األرض كلها‪ ،‬فجهز لو‬
‫أخاه توراف شاه ُب جيش جرار سنة ٗٔٓىػ‪ ،‬فدخل زبيد ُب شواؿ كقاتلو عبدالنيب قتاالن شديدان فقتل‬
‫ُب ا‪٢‬برب‪.1‬‬
‫بداية ظهور بين رسول‪ :‬ككاف مبدأ أمر بِب رسوؿ أف علي بن رسوؿ كأكالده خرجوا مع سيف‬
‫اإلسبلـ طيتكْب بن أيوب فكانوا أصحاب جيشو‪ ،‬كفيهم شهامة كسياسة‪ ،2‬ككاف علي بن رسوؿ‬
‫أمّبان لبِب أيوب ُب حيس كأعما‪٥‬با‪ٍ ،‬ب أف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بسعود كاف يثق ابألمّب نور الدين عمر بن علي بن‬
‫رسوؿ‪ ،‬فلما توُب ا‪٤‬بسعود ٗبكة كاف نور الدين ائبان لو ُب اليمن‪ ،‬فقاـ حينئذ ٗبلك اليمن قيامان كليان‪،‬‬
‫كارمر ُب نفسو اإلستقبلؿ‪ ،‬كأظهر أنو ائبان لبِب أيوب فلم ييّب سكة كال خطبة كجعل يورل ُب‬
‫ا‪٢‬بصوف كا‪٤‬بدف من يثق بو كيعزؿ من ٱبشى منو حٌب قرر قواعد التهائم‪ٍ ،‬ب طلع إذل ا‪١‬بباؿ فحاصر‬
‫حصن تعز كتسلم حصن التعكر ُب سنة ِٕٔىػ‪ٍ ،‬ب تسلم خدد كصنعاء كأعما‪٥‬با كأقطعها ابن أخيو‬
‫أسد الدين دمحم بن ا‪٢‬بسن‪ٍ ،‬ب تسلم حصن حب كبيت عز‪ٍ ،‬ب حط مرة أخرل على حصن تعز‬
‫فأخذه صلحان ُب سنة ِٖٔىػ‪ٍ ،‬ب طلع السلطاف نور الدين سنة ِٗٔىػ إذل صنعاء كتسلم حصن بكر‬
‫ككوكباف كبراش‪ ،‬كبعث األمّب ابن عبداف إذل مكة مع الشريف راجح بن قتادة ٖبزانة كبّبة كىو أكؿ‬
‫جيش جهزه إذل ا‪٢‬بجاز فنزؿ األبطح كحصركا األمّب هبا من قبل ا‪٤‬بلك الكامل األيويب‪ ،‬فاستوذل‬
‫عليها‪.3‬‬
‫ادللك ادلنصور عمر بن علي بن رسول‪ :‬كُب سنة َّٔىػ أمر نور الدين ا‪٤‬بنصور عمر بن علي بن‬
‫رسوؿ بضرب السكة اب‪٠‬بو كأمر أف ٱبطب لو ُب سائر أقطار اليمن‪.4‬‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.116‬‬


‫‪ 0‬فصخة اهلموم واذلزن‪ ،‬ؾحساًواسؽ اًواسـي‪ ،‬ض‪.177‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.140‬‬
‫‪ 2‬حتفة اًزمن يف اتزخي ساذاث اٍمين‪ ،‬اذلسني جن ؾحساًصمحن ا ٔلُسل‪ ،261/0 ،‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.140‬‬
‫‪45‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫بعد أف أعلن الرسوليوف استقبل‪٥‬بم عن الدكلة األيوبية ُب مصر‪ ،‬أرسل السلطاف نور الدين سنة ُّٔ‬
‫ىػ هبدية عظيمة إذل ا‪٣‬بليفة ا‪٤‬بستنصر العباسي ببيداد‪ ،‬كطلب منو تشريفو ُب النيابة ابلسلطنة ُب قطر‬
‫اليمن‪ ،‬فعاد ا‪١‬بواب أف ذلك يصل إليك ُب عرفة فحج ا‪٤‬بنصور نور الدين تلك السنة‪ ،‬كدل تصل‬
‫التشريفة ُب سنة حج السلطاف ألف العرب قطعت الطريق على حجاج العراؽ‪ٍ ،‬ب كصلت التشريف‬
‫كالنيابة ُب سنة ِّٔىػ‪.1‬‬
‫كظل الرسوليوف على كالء للخبلفة العباسية‪ ،‬كٱبطبوف ُب مساجدىم آلخر خلفائها ا‪٤‬بستعصم دىران‬
‫طويبلن بعد كفاة دكلتهم ُب بيداد عاـ ٔٓٔ ىػ على يد ا‪٤‬بيوؿ‪ ،‬إذ يذكر ا‪٣‬بزرجى مؤرخ بِب رسوؿ‬
‫ا‪٤‬بعاصر كا‪٤‬بتوَب عاـ ُِٖ ىػ‪ ،‬أف ا‪٤‬بستعصم "ىو الذم يدعى لو على سائر ا‪٤‬بنابر إذل كقتنا ىذا من‬
‫سنة ‪ٜ‬باف كتسعْب كسبعمائة‪ ،"2‬أم بعد مائة كستة ك‪ٟ‬بسْب عامان من انتهاء ا‪٣‬ببلفة العباسية‪ ،‬كرٗبا‬
‫استمر بعد ذلك كإذل بداايت تصدع الدكلة‪.‬‬
‫كُب الرابع من شواؿ سنة ْٕٔىػ‪ ،‬استشهد ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور نور الدين عمر بن علي بن رسوؿ ُب قصر‬
‫ا‪١‬بند كثب عليو ‪ٝ‬باعة من ‪٩‬باليكو فقتلوه‪ ،‬كيقاؿ أف األمّب أسد الدين بن ا‪٢‬بسن بن علي بن رسوؿ‬
‫ىو الذم شجعهم على ذلك‪ ،‬ألف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كاف قد أقطعو صنعاء كأراد أف يعزلو بولده ا‪٤‬بظفر بن‬
‫ا‪٤‬بنصور فتعب من ذلك فعاملهم على قتلو فقتلوه‪.3‬‬
‫ادللك ادلظفر يوسف بن عمر بن علي بن رسول‪ :‬بعد مقتل ا‪٤‬بلك نور الدين عمر بن علي بن‬
‫رسوؿ نصبت ا‪٤‬بماليك بزبيد فخر الدين بن ا‪٢‬بسن بن علي بن رسوؿ‪ ،‬ككاف ا‪٤‬بظفر يوسف بن عمر‬
‫ُب ا‪٤‬بهج م قد ابين أابه كغاب عنو‪ ،‬فيلبو كفاة أبيو كما صنعو العبيد بفخر الدين فقصد زبيد ُب‬
‫‪ٝ‬بوعو‪ ،‬كحاصرىا حصاران انتهت غايتو إذل أف أخرجوا لو قتلة أبيو كابن عمو فخر الدين فحبسو‪ ،‬كقاـ‬
‫اب‪٤‬بلك ُب سنة ْٗٔىػ‪ ،‬فملك اليمن كقتل من اكأه‪ ،‬كحبس أسد الدين حٌب توُب‪ ،‬كتلقب اب‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بظفر‪ ،‬ككصل إليو عمو ا‪٢‬بسن بن علي بن رسوؿ‪ ،‬فطلع منها صاحبها‪ ،‬كتلقاه مظهران ‪٥‬بم السركر‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.141‬‬


‫‪ 0‬اًـلوذ اٌَؤًؤًة يف اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬ؿىل جن اذلسن ارلززيج‪ ،‬حتلِق دمحم ثس َوين‪ ،‬ذاز ظاذز تريوث ًحيان‪ ،‬معحـة اًِالل مرص‬
‫‪1712‬م‪.‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.152‬‬
‫‪46‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫هبم‪ٍ ،،‬ب قبض عليهم فحبسهم ُب تعز إذل أف ماتوا‪ ،‬فلهذا قاؿ ا‪٢‬بسن بن علي بن رسوؿ‪ :‬قيػبٌحت من‬
‫قلعة‪ ،‬خرجنا منك مقيدين‪ ،‬كدخلناؾ راجعْب مقيدين‪.1‬‬
‫كقد ‪ٛ‬بكن الرسوليوف كبقيادة مؤسس ملكهم ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور عمر بن علي بن رسوؿ من توحيد اليمن‬
‫كلو ‪ٙ‬بت حكمهم‪ ،‬من حضرموت جنوابن كحٌب مكة مشاالن‪ ،‬كبسطوا سيادهتم الفعلية على كل جهات‬
‫اليمن كدخلوا مناطق كحصوف دل يستطعها قبلهم األيوبيوف‪ ،‬كدانت ‪٥‬بم القبائل كاألسر ا‪٢‬باكمة كاألئمة‬
‫الزيديْب ُب صعدة كجهاهتا كآؿ حاًب ُب صنعاء كما حو‪٥‬با‪ ،‬كمع ذلك فقد جابو الرسوليوف توثبات‬
‫قول ‪٨‬بتلفة كأك‪٥‬با ‪ٛ‬برد كاليهم ُب صنعاء األمّب أسد الدين ألكثر من مرة رغم العفو ا‪٤‬بتكرر عنو‪ٍ ،‬ب‬
‫جاهبوا قول زيدية بزعامة اإلماـ ا‪٤‬بهدم أ‪ٞ‬بد بن ا‪٢‬بسْب من جهة ٍب بزعامة أبناء كأحفاد اإلماـ عبد‬
‫هللا بن ‪ٞ‬بزة كىم من تطلق عليهم ا‪٤‬بصادر إ‪ٝ‬باال لقب ا‪٢‬بمزات‪ ،‬كقد دخل األئمة ا‪٢‬بمزات ُب حرب‬
‫تنافسية على السيادة كالنفوذ مع اإلماـ ا‪٤‬بهدم أ‪ٞ‬بد بن ا‪٢‬بسْب كأيذيقوا شر ا‪٥‬بزائم كخسركا كثّبان من‬
‫مواقعهم قبل أف يتدخل ا‪٤‬بظفر الرسورل إذل جانب ا‪٢‬بمزات كٲبكنهم من النصر فاعَبؼ األئمة بسيادة‬
‫الرسوليْب على الببلد‪.‬‬
‫ادللك األشرف عمر بن ادلظفر يوسف‪ :‬كبعد ا‪٤‬بظفر قاـ اب‪٤‬بلك بعده ابنو عمر إبشارة من أبيو سنة‬
‫ْٗٔىػ‪ ،‬كتلقب اب‪٤‬بلك األشرؼ الذم توذل ا‪٤‬بلك بعد كالده كقد دخل ُب حرب قصّبة مع أخيو‬
‫ا‪٤‬بؤيد غّب ا‪٤‬بعَبؼ ٕبكم أخيو‪ ،‬فلم يزؿ بو حٌب حبسو‪ ،‬كملك الببلد مستقبلن هبا‪ ،‬كتوُب ُب الثالث‬
‫كالعشرين من احملرـ سنة ٔٗٔىػ‪.2‬‬
‫ادللك ادلؤيد داود بن ادلظفر يوسف‪ :‬توذل بعد أخيو عمر‪ ،‬فأطلق ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بؤيد من السجن‪ ،‬ككاف قد‬
‫أكدع دار األدب ٕبصن تعز عندما خالف أخيو األشرؼ‪ ،3‬كا‪٠‬بو داكد بن يوسف بن عمر بن علي‬
‫بن رسوؿ‪ ،‬فحكم اليمن ‪ٟ‬بس كعشرين سنة ‪ٛ‬بكن خبل‪٥‬با من ترسيخ ىيبة الدكلة عرب قضائو على‬
‫التمردات ُب ا‪٤‬بخبلؼ السليماين بتهامة كمقاكمتو لوثبات األئمة الزيديْب ُب ا‪١‬بباؿ‪ ،‬فما زاؿ ملكان‬

‫‪ 1‬حتفة اًزمن‪ ،‬ا ٔلُسل‪ ،262/0 ،‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،160‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،214‬فصخة اهلموم واذلزن‪،‬‬
‫اًواسـي‪ ،‬ض‪.177‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،61‬فصخة اهلموم واذلزن‪ ،‬اًواسـي‪ ،‬ض‪ ،177‬حتفة اًزمن‪ ،‬ا ٔلُسل‪.271/0 ،‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،255‬تلة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.60‬‬
‫‪47‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫مطاعان‪ ،‬كبقي ُب ا‪٤‬بلك إذل أف أشتد بو الوجع بدار الشجرة قبالة تعز‪ ،‬فأمر كلده ا‪٤‬بلك اجملاىد بطلوع‬
‫حصن تعز كدل يَبؾ كلدان سواه‪ ،‬فتوُب أكؿ ليلة من ذم ا‪٢‬بجة سنة ُِٕىػ‪.1‬‬
‫ادللك اجملاىد علي بن ادلؤيد‪ٍ :‬ب إنو خلف ا‪٤‬بؤيد كلده اجملاىد كالذم توذل ا‪٢‬بكم سنة ُِٕىػ‬
‫كاستمر حٌب العاـ ْٕٔ ىػ‪ ،‬أم أربعةن كأربعْب سنة إال شهران‪ ،‬جابو خبل‪٥‬با أعنف كأعٌب التمردات رد‬
‫ملكو من ‪٨‬بتلف األطراؼ‪ ،‬من داخل بيتو كأعوانو‪ ،‬من جيشو كمن الطا‪٧‬بْب ُب اإلستقبلؿ‪٩ ،‬با‬
‫أرطره لئلستعانة بقوة ‪٩‬بلوكية من مصر‪ ،‬لتنقلب ىذه القوة عبئان جديدان عليو فيعيدىا إذل مصر‪ ،‬بل‬
‫أنو تعرض لؤلسر ُب مكة ُب كاحدة من حجاتو‪ ،‬كنقل إذل مصر ليمكث ىناؾ عامان كامبلن‪ ،‬بعدىا أ‬
‫كرـ السلطاف ا‪٤‬بملوكي كفادتو كرده إذل ببلده مكرمان ليواصل ا‪٢‬بكم كالتصدم للصعاب‪ ،‬كقد أظهر‬
‫اجملاىد صمودان كعنادان كبطولة كحنكة ُب ‪٦‬باهبة ا‪٤‬بستجدات‪٘ ،‬بعلو ٕبق كاحدان من عمالقة الرسوليْب‪،‬‬
‫كإف كانت سِب حكمو ا‪٤‬بليئة ابالرطراابت قد أحدثت شرخان ُب شباب دكلتهم كىو الشباب الذم‬
‫داـ قر ان من الزماف احتفظ الرسوليوف خبللو ابليمن موحدان كمهاابن‪ ،‬أما السنوات األخّبة من حكم‬
‫اجملاىد فقد شهدت تصدعان ُب كحدة اليمن السياسية‪ ،‬إذ دل ٲبت ا‪٤‬بلك اجملاىد إال كقد ‪ٛ‬بكن جيل‬
‫جديد من األئمة الزيديْب ُب القسم األعلى من اليمن أمثاؿ ا‪٤‬بتوكل مطهر بن ٰبٓب كابنو دمحم بن ا‪٤‬بطهر‬
‫ٍب ا‪٤‬بهدم على بن دمحم كالناصر صبلح الدين كابنو ا‪٤‬بنصور علي من بناء قوة جديدة ‪٥‬بم مكنتهم ُب‬
‫الثلث األكؿ من القرف الثامن ا‪٥‬بجرم من السيطرة على القسم األعلى من اليمن حٌب ذمار كسلخو‬
‫من جسم الدكلة الرسولية‪.2‬‬
‫ككاف ا‪٤‬بلك اجملاىد ملكان عادالن ذكيان عاقبلن شجاعان كمقدامان مهاابن‪ ،‬رشيدان فطنان‪ ،‬كشهمان كجوادان‬
‫سخيان‪ ،‬كما كاف عا‪٤‬بان كفقيهان كأديبان لبيبان كشاعران فصيحان‪ ،‬يم ً‬
‫قرابن للعلماء كاألدابء ‪٧‬بسنان إليهم مشفقان‬
‫ٌ‬
‫‪3‬‬
‫عليهم‪ ،‬ككاف عارل ا‪٥‬بمة‪٧ ،‬ببوابن بْب الرعية ‪٧‬ببان ‪٥‬بم‪ ،‬كيقاؿ أنو كاف أعلم بِب رسوؿ ‪.‬‬
‫كتوُب ا‪٤‬بلك اجملاىد ُب دار الكوكب مدينة عدف سنة ْٕٔ ىػ‪ ،‬كنقل جثمانو إذل مدينة تعز حيث‬
‫دفن ُب مدرستو ا‪٤‬بدرسة اجملاىدية‪.4‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،62‬فصخة اهلموم واذلزن‪ ،‬اًواسـي‪ ،‬ض‪.022‬‬
‫‪ 0‬حتفة اًزمن‪ ،‬ا ٔلُسل‪ ،270/0 ،‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،200‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،272‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪،‬‬
‫ض‪ ،63‬فصخة اهلموم‪ ،‬اًواسـي‪ ،‬ض‪.022‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.66‬‬
‫‪ 2‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.222‬‬
‫‪48‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادللك األفضل العباس بن علي بن داود‪ :‬ىو ا‪٤‬بلك األفضل العباس بن علي بن داكد بن يوسف بن‬
‫عمر بن علي بن رسوؿ‪ ،‬سادس ملوؾ الدكلة الرسولية‪ ،‬توذل ا‪٤‬بلك بعد كفاة كالده ا‪٤‬بلك اجملاىد سنة‬
‫ْٕٔىػ‪ ،‬كقد اتفق كبار الدكلة على توليتو ا‪٢‬بكم ألهنم رأكا أبنو كاف األصلح للببلد كالعباد‪ ،‬فانتظمت‬
‫بيعتو بعدف‪ ،‬كسار بوالده إذل تعز فقربه ٗبدرسة اجملاىدية‪ ،‬كاستقر ىو بقصر ثعبات ُب مدينة تعػػز‪.1‬‬
‫كاف ا‪٤‬بلك األفضل ملكا عارل ا‪٥‬بمة شجاعان جدان‪ ،‬حازمان عازمان‪ ،‬شهما كرٲبان‪ ،‬عارفان ذكيان‪ ،‬أديبا‬
‫كمؤرخان‪ ،‬فقيهان عارفان‪ ،‬مشاركا للعلماء دقيق النظر ُب فنوف العلم‪ ،‬ملمان ابآلداب كاألنساب كالتواريخ‪،‬‬
‫كالنحو كاللية كسّب العرب كا‪٤‬بلوؾ لو الكثّب من ا‪٤‬بصنفات ُب علوـ ‪٨‬بتلفة‪.2‬‬
‫توُب ا‪٤‬بلك األفضل بدار ا‪٣‬بىىوٍرنىق ُب مدينة زبيد‪ ،‬سنة ٖٕٕىػ‪ ،‬كنقل إذل مدينة تعز حيث دفن ٗبدرستو‬
‫الٍب أنشأىا ىناؾ ا‪٤‬بدرسة األفضلية‪.3‬‬
‫ادللك األشرف الثاين إمساعيل بن العباس‪ :‬ىو ا‪٤‬بلك األشرؼ إ‪٠‬باعيل بن العباس بن علي بن داككد‬
‫بن يوسف بن عمر بن علي بن رسوؿ‪ ،‬سابع ملوؾ الدكلة الرسولية‪ ،‬كلد سنة ُٕٔىػ‪ ،‬كتوذل ا‪٢‬بكم‬
‫بعد كفاة كالده ا‪٤‬بلك األفضل سنة ٖٕٕىػ‪ ،‬ككاف يعمر ا‪٤‬بلك األشرؼ حينها سبعة عشر عامان‪ ،‬اتفق‬
‫رأم ا‪٢‬باررين من رؤساء دكلتو على قيامو كمبايعتو‪ ،‬فبايعو العلماء ككبار الدكلة كعظماؤىم كصلحاء‬
‫األمة كعامة الناس‪ ،‬فانتظمت األمور كتقررت أحواؿ الناس‪ٍ ،‬ب نقل كالده إذل تعز فدفنو هبا‪.4‬‬
‫كاف ا‪٤‬بلك األشرؼ ملكان حازمان مشاركان ُب علوـ ‪٨‬بتلفة برع ُب الكثّب منها‪ ،‬ذك سّبة ‪٧‬بمودة‪ ،،‬يقرب‬
‫العلماء كٯبلهم كيكرـ اليرابء‪ ،‬استقرت أحواؿ الناس ُب عصره‪ ،‬كشارؾ ُب علوـ ‪ٝ‬بة‪ ،‬ككاف ٰبب ‪ٝ‬بع‬
‫الكتب كمولعان ابلعلوـ مشيوالن هبا‪ ،‬أخذ الفقو عن الفقيو علي بن عبد هللا الشاكرم‪ ،‬كالنحو على‬
‫الفقيو عبد اللطيف الشرجي‪ ،‬ك‪٠‬بع ا‪٢‬بديث كصحيح البخارم على ‪٦‬بد الدين دمحم بن يعقوب‬
‫الفّبكزابدم‪.‬‬
‫يذكر ا‪٣‬بزرجي أبف ا‪٤‬بلك األشرؼ كاف ملكان أديبان ظريفان‪ ،‬حسن السّبة كالسياسة‪ ،‬صبوران ذا أبس‬
‫شديد‪ ،‬ليس لو مثيل ُب عصره‪ ،‬فقد كاف عا‪٤‬بان جوادان كرٲبان‪ ،‬يقدر العلم كأىلو‪ ،‬كيقصده العلماء‬
‫كيثيبهم على مصنفاهتم‪ ،‬منهم العادل األجل القاري ‪ٝ‬باؿ الدين الرٲبي‪ ،‬قاري قضاة اليمن‪ ،‬الذم‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،316‬حتفة اًزمن‪ ،‬ا ٔلُسل‪ ،303/0 ،‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.225‬‬
‫‪ 0‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.233‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،304‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.72‬‬
‫‪ 2‬حتفة اًزمن‪ ،‬ا ٔلُسل‪ ،304/0 ،‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.233‬‬
‫‪49‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كافأه ا‪٤‬بلك اجملاىد بثمانية كأربعْب ألف درىم على مصنفو التفقيو ُب شرح التنبيو ا‪٤‬بكوف من أربعة‬
‫كعشرين ‪٦‬بلدان‪ ،‬كأمر أف ‪ٙ‬بمل ُب أطباؽ الذىب كقيل الفضة ملفوفان اب‪٢‬برير كالديباج كسار بْب يديو‬
‫العلماء كالقضاة كاألمراء من بيت القاري ‪ٝ‬باؿ الدين إذل دار السلطاف‪.‬‬
‫كقد توُب ا‪٤‬بلك األشرؼ إ‪٠‬باعيل بن العباس ٗبدينة تعز ُب ربيع األكؿ سنة َّٖىػ‪ ،‬كدفن ُب مدرستو‬
‫الٍب أنشأىا ٗبدينة عدينة‪.1‬‬
‫ادللك الناصر أمحد بن إمساعيل بن العباس‪ :‬ىو ا‪٤‬بلك الناصر صبلح الدين أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬بلك األشرؼ‬
‫إ‪٠‬باعيل بن العباس بن علي بن داكد بن يوسف بن عمر بن علي بن رسوؿ‪ ،‬اثمن ملوؾ الدكلة‬
‫الرسولية‪ ،‬بويع للملك ُب عهد أبيو ُب سنة َّٖ ىػ‪ ،‬كتوذل ا‪٢‬بكم بعد كفاة كالده ُب نفس سنة َّٖ‬
‫ىػ‪ ،‬ككاف كالده قد استخلفو ُب أايـ مررو‪.2‬‬
‫كُب أايمو مات الشيخ معورة بن اتج الدين كالد الشيخ طاىر بن معورة‪ ،‬ككصل إليو طاىر بن‬
‫معورة‪ ،‬فأكرمو فكاف بنو طاىر أمناء السلطاف ا‪٤‬بلك الناصر‪ ،3‬كأيضان ُب عهده أمر بِب طاىر ببناء‬
‫قصر النعيم ُب ا‪٤‬بقرانة سنة َِٖىػ‪.4‬‬
‫توُب شهيدان بقصره ُب حصن الفص بقوارير ُب ‪ٝ‬بادل األكذل سنة ِٕٖىػ‪ ،‬ك‪ٞ‬بل إذل مدينة تعز‪،‬‬
‫كدفن ٗبدرسة كالده ا‪٤‬بدرسة األشرفية بذم عدينة‪.5‬‬
‫ادللك ادلنصور عبد هللا بن أمحد بن إمساعيل‪ :‬ىو ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور عبد هللا بن ا‪٤‬بلك الناصر صبلح‬
‫الدين أ‪ٞ‬بد بن األشرؼ إ‪٠‬باعيل‪ ،‬اتسع ملوؾ الدكلة الرسولية‪ ،‬توذل ا‪٢‬بكم بعد كفاة كالده ا‪٤‬بلك‬
‫الناصر أ‪ٞ‬بد سنة ِٕٖىػ‪.‬‬
‫كاف عدالن شجاعان ذا دين متْب‪ ،‬أزاؿ منكرات كثّبة كأاثر ساكن عزـ أىل السنة‪ ،‬ككاف لو قراءة قبل‬
‫كاليتو ُب الفقو كالعربية‪ ،‬كلذلك أبطل على النساء اليناء ابلباب إذل انقضت أايمو كأبعد الكرماين عن‬
‫اببو مدة ملكو كدل يقبلو‪ ،‬ككاف ذا رأم سديد‪ ،‬كتدبّب كسياسة رغم صير سنو‪.6‬‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،363‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.247‬‬
‫‪ 0‬حتفة اًزمن‪ ،‬ا ٔلُسل‪ ،304/0 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،75‬كاًة الماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.363‬‬
‫ٔ‬
‫‪ 1‬فصخة اهلموم‪ ،‬اًواسـي‪ ،‬ض‪.021‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.77‬‬
‫‪ 3‬حتفة اًزمن‪ ،‬ا ٔلُسل‪ ،305/0 ،‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،254‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.344‬‬
‫‪ 4‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.254‬‬
‫‪51‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كيذكر ابن الديبع ُب كتابو بيية ا‪٤‬بستفيد "أبف ا‪٤‬بنصور عبدهللا كاف ٰبضر صبلة الصبح مع ا‪١‬بماعة‬
‫ٗبسجد األشاعر بزبيد‪ ،‬كاب‪١‬بامع ا‪٤‬بظفرم بذم عدينة ُب تعز"‪ ،1‬كاستمرت فَبة حكم ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‬
‫عبدهللا بن الناصر مدة ثبلث سنوات‪ ،‬كقد توُب ُب الدار الناصرم الكبّب ٗبدينة زبيد ُب شهر ربيع‬
‫سنةَّٖ ىػ‪ ،‬كنقل جثمانو إذل مدينة تعز‪ ،‬كدفن اب‪٤‬بدرسة األشرفية عند جده ككالده‪. 2‬‬
‫ادللك األشرف الثالث إمساعيل بن أمحد بن إمساعيل‪ :‬ىو ا‪٤‬بلك األشرؼ الثالث إ‪٠‬باعيل بن ا‪٤‬بلك‬
‫الناصر صبلح الدين أ‪ٞ‬بد بن األشرؼ إ‪٠‬باعيل بن العباس‪ ،‬ا‪٤‬بلك العاشر من ملوؾ الدكلة الرسولية‪،‬‬
‫توذل ا‪٢‬بكم بعد كفاة أخيو ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور عبدهللا بن الناصر سنة َّٖىػ‪.‬‬
‫ككاف عند موت أخيو ا‪٤‬بنصور صيّب السن دل ٱبًب بعد فتوذل ا‪٤‬بلك ‪ٝ‬باعة من أعياف الدكلة كجعلوه‬
‫صورة فاختلفت كلمتهم كتفرقت آرائهم ككثر ُب أايمو فساد العرب كانتهبوا الضعيف كحدث ُب سنة‬
‫كاليتو جدب عاـ كأكل القوم الضعيف لضعف السلطاف كظهر الضرر بضعفو‪.3‬‬
‫فلما رأل كرباء دكلتو ذلك بعد مركر سنة كشهرين من حكم األشرؼ الثالث أ‪ٝ‬بع كبار كأعياف الدكلة‬
‫على تنحيتو من ا‪٤‬بلك ككرعو ُب السجن‪ٍ ،‬ب انعقدت كلمة اإل‪ٝ‬باع على إقامة كمبايعة عمو الظاىر‬
‫ٰبي بن األشرؼ الثاين إ‪٠‬باعيل بن العباس فأخرج من السجن بثعبات صبيحة ا‪١‬بمعة العاشر من‬
‫‪ٝ‬بادل االخرة سنة ُّٖىػ‪ ،‬ك‪ٛ‬بت بيعتهم لو‪.4‬‬
‫ادللك الظاىر حييي بن إمساعيل بن العباس‪ :‬ىو ا‪٤‬بلك الظاىر ٰبي بن ا‪٤‬بلك األشرؼ الثاين إ‪٠‬باعيل‬
‫بن العباس بن علي بن داكد بن يوسف بن عمر بن علي بن رسوؿ‪ ،‬ا‪٤‬بلك ا‪٢‬بادم عشر من ملوؾ‬
‫الدكلة الرسولية‪ ،‬أ‪ٝ‬بع كبار الدكلة كعلماؤىا كأعياهنا على توليتو ا‪٤‬بلك فأيخرج من السجن كنيصب‬
‫ملكان‪ ،‬بعد تنحية ابن أخيو ا‪٤‬بلك األشرؼ الثالث سنةُّٖىػ كما ذكر ا‪.‬‬
‫كبعد عامْب من كاليتو نكل اب‪١‬بند الذين خلعوا ابن أخيو أشد النكاؿ ككانوا قد طيوا كبيوا كزعموا‬
‫أهنم يقيموف من شاؤكا فأابدىم قتبلن كتيريقان كنفيان كتفريقان ٍب صادر الشرؼ العلوم كقتل أخيو الشهاب‬
‫العلوم بعد أف ٌفر الشرؼ منو‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.120‬‬


‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،345‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.255‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،255‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.345‬‬
‫‪ 2‬حتفة اًزمن‪ ،‬ا ٔلُسل‪ ،305/0 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪.121 ،‬‬
‫‪51‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كُب أايـ حكمو اتفقت الصهورة ا‪٤‬بباركة بْب ا‪٤‬بلك الظاىر كبْب الشيخ علي بن طاىر بن معورة ُب‬
‫سنة ّٖٔىػ‪ ،1‬ككاف لبِب طاىر شأف كبّب ُب أايـ حكمو‪.‬‬
‫كقد توُب ا‪٤‬بلك الظاىر ٰبي بن إ‪٠‬باعيل ٗبدينة زبيد ِْٖىػ‪ ،‬كنقل جثمانو إذل مدينة تعز كدفن ُب‬
‫مدرستو ا‪٤‬بدرسة الظاىرية‪.2‬‬
‫ادللك األشرف الرابع إمساعيل بن حيي بن إمساعيل‪ :‬ىو ا‪٤‬بلك األشرؼ الرابع إ‪٠‬باعيل بن ا‪٤‬بلك‬
‫الظاىر ٰبي بن إ‪٠‬باعيل بن عباس بن علي بن داكد بن يوسف بن عمر بن علي بن رسوؿ‪ ،‬ا‪٤‬بلك‬
‫الثاين عشر من ملوؾ الدكلة الرسولية‪ ،‬توذل ا‪٢‬بكم بعد كفاة كالده ا‪٤‬بلك الظاىر سنة ِْٖىػ‪.‬‬
‫كاف األشرؼ الرابع ملكان حسن السياسة ذا فراسة دانت لو الببلد كالعباد‪ ،‬كمشى على طريقة كالده‬
‫كظهرت للناس بسالتو ككاف يومئذ شاابن فسفك الدماء من رجاؿ كنساء كشدد على العرب ابليارات‬
‫إذل آخر سنة ّْٖىػ ككانت ا‪٢‬برب بينهما سجاالن كدل يتفق ىو كالعرب‪ ،‬ككاف األشرؼ شجاعان‬
‫مقدامان‪ ،‬قوم القلب ذا إقداـ ك‪٪‬بدة ككاف يلقب اجملنوف لشدة إقدامو كجرأتو‪.3‬‬
‫توُب ا‪٤‬بلك األشرؼ الرابع بدار السركر ٗبدينة تعز ُب سنةْٖٓىػ‪ ،‬كدفن ُب مدرسة كالده اب‪٤‬بدرسة‬
‫الظاىرية‪.4‬‬
‫ككاف األشرؼ بقية ملوؾ بِب رسوؿ ا‪٤‬بعتربين كمن توذل بعده توذل كالية غّب منتظمة لكثرة النزاع‬
‫كافَباؽ الكلمة إذل أف طلعت مشوس الدكلة الطاىرية فزحزحت ظلمات الظلم عن الربية‪. 5‬‬
‫ادللك ادلظفر يوسف بن عمر بن إمساعيل بن العباس‪ :‬ىو ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بظفر يوسف بن عمر بن إ‪٠‬باعيل‬
‫بن العباس بن علي بن داكد بن يوسف بن عمر بن علي بن رسوؿ‪ ،‬ا‪٤‬بلك الثالث عشر من ملوؾ‬
‫الدكلة الرسولية‪ ،‬توذل ا‪٢‬بكم بعد كفاة ابن عمو ا‪٤‬بلك األشرؼ الرابع إ‪٠‬باعيل بن ٰبي بن إ‪٠‬باعيل بن‬
‫العباس سنة ْٖٓىػ‪ ،‬ككاف قد ٌفر إذل كصاب من ابن عمو األشرؼ بن الظاىر عندما توذل ا‪٢‬بكم‪،‬‬
‫كأقاـ هبا عند الشيخ الصاحل ٰبي بن عمر الذابين صاحب الصنحوج مستجّبان فلما انقضت مدة‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.123‬‬


‫‪ 0‬حتفة اًزمن‪ ،‬ا ٔلُسل‪ ،305/0 ،‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،262‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.356‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،264‬حتفة اًزمن‪ ،‬ا ٔلُسل‪ ،314/0 ،‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.357‬‬
‫‪ 2‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،345‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.266‬‬
‫‪ 3‬حتفة اًزمن‪ ،‬ا ٔلُسل‪ ،314/0 ،‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.266‬‬
‫‪52‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫األشرؼ بن الظاىر‪ ،‬ا‪ٝ‬بع أىل ا‪٢‬بل كالعقد على إقامتو‪ ،‬كقد كاف الناس يلهجوف قبل كاليتو كيذكركف‬
‫عدلو كإنصافو فتسلم ا‪٤‬بلك بوصاب ٍب سار إذل تعز‪ ،‬فنزؿ بدار الشجرة ُب موكب عظيم‪.1‬‬
‫كقد كذل ا‪٤‬بماليك ُب عهده ا‪٤‬بفضل كىو دمحم بن إ‪٠‬باعيل بن عثماف بن األفضل سلطا ان بَببة الطليحة‪،‬‬
‫فدخل مدينة زبيد أكؿ سنة ْٖٔىػ كصرؼ أمواالن كثّبة كأدخل العرب زبيد كأعطاىم ‪ٝ‬بلة من ا‪٣‬بيل‬
‫كالسبلح حٌب قويت شوكتهم‪ ،‬كنزؿ من قبل ا‪٤‬بظفر الطواشي ‪٧‬بسن كالشهاب الصباحي الشيخ علي‬
‫بن طاىر بن معورة‪ ،‬فلما علم الطواشي ‪٪‬بيب بوصو‪٥‬بم ككاف بزبيد لزـ ا‪٤‬بفضل ك‪٤‬با دخلوا زبيد خرج‬
‫‪٪‬بيب اب‪٤‬بفضل إلة تعز‪ ،‬كاستشهد ا‪٤‬بفضل ُب شعب الداير عاـ ْٖٔ ى ػ‪.2‬‬
‫ٍب كذل ا‪٤‬بماليك بعده كُب أثناء حكم ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بظفر‪ ،‬أ‪ٞ‬بد الناصر بن الظاىر بن يوسف بن عبدهللا بن‬
‫اجملاىد علي الرسورل فولوه سلطا ا عاـ ْٖٔىػ‪ٍ ،‬ب لزمو ا‪٤‬بظفر أم قبض عليو ُب ربيع األكؿ من سنة‬
‫ْٕٖىػ‪ ،‬كقد استمر حكم ا‪٤‬بظفر حٌب سنة ْٕٖ ىػ‪.3‬‬
‫ادللك ادلسعود صالح الدين بن إمساعيل بن أمحد بن إمساعيل‪ :‬ىو ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بسعود صبلح الدين بن‬
‫إ‪٠‬باعيل بن الناصر أ‪ٞ‬بد بن إ‪٠‬باعيل بن العباس بن علي بن داكد بن يوسف بن عمر بن علي بن‬
‫رسوؿ‪ ،‬آخر ملوؾ الدكلة الرسولية‪ ،‬توذل سنة ْٕٖىػ كىو ابن ثبلثة عشر سنة‪ ،‬فدخل عدف كُب ‪٢‬بج‬
‫يومئذ ا‪٤‬بشايخ بنو طاىر من قبل السلطاف ا‪٤‬بظفر كعلى عملو‪ٍ ،‬ب قصد ا‪٤‬بسعود تعز فحاصر السلطاف‬
‫ا‪٤‬بظفر فيها‪ ،‬فجاءه عامر بن طاىر مظاىران للسلطاف ا‪٤‬بظفر‪ ،‬كدل يزؿ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بسعود بتعز كا‪٤‬بلك ا‪٤‬بظفر‬
‫ٕبصنها إذل أف أخرجو بنو طاىر منها سنة ِٖٓىػ‪ ،‬فخرج ا‪٤‬بسعود من موزع إذل عدف‪ٍ ،‬ب نزؿ ا‪٤‬بظفر‬
‫كنزؿ بنو طاىر إذل ‪٢‬بج‪ ،‬فحارهبما ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بسعود على عدف‪ ،‬فقتل من عسكر ا‪٤‬بسعود ‪ٝ‬باعة‪ ،‬كترؾ‬
‫ا‪٤‬بظفر حصن تعز للمسعود‪ ،‬فقبض عليو سنة ْٖٓىػ‪ ،‬فاحتفظ بو ألمر العبيد‪ ،‬ككاف ال يزاؿ ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بظفر ملكان رسوليان منذ استلم زماـ ا‪٢‬بكم ُب عاـ ْٖٓ ى ػ‪ٍ ،‬ب أقاـ العبيد ا‪٤‬بؤيد حسْب بن الظاىر بن‬
‫األشرؼ بزبيد ُب شعباف سنة ٖٓٓىػ‪ ،‬فلما علم ا‪٤‬بسعود نزؿ إذل زبيد فلم يدخلها بل استقر خارجها‬
‫ليحارب ا‪٤‬بؤيد‪ ،‬فأحس من عساكره ٗبكر كخداع فرجع إذل تعز ٍب إذل عدف‪ ،‬كهبذا كاف ىناؾ ملكاف‬
‫رسولياف ُب آف كاحد يتنافساف على ا‪٢‬بكم‪ ،‬كاستفحل ُب عهده أمر بنو طاىر كقويت شوكتهم فدخل‬
‫ُب صراع معهم كقاكمهم بشدة‪ ،‬لكن قوة الدكلة الطاىرية كانت ُب عهده ُب صعود‪ ،‬كالدكلة الرسولية‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،357‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.266‬‬
‫‪ 0‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.266‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،361‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.111‬‬
‫‪53‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫تلفظ أنفاسها األخّبة‪ ،‬ككما زالت ا‪٢‬برب بينو كبْب بْب طاىر سجاالن حٌب تعلن هناية ىذه الدكلة ٖبلع‬
‫ا‪٤‬بسعود آخر ملوكها لنفسو كإعبلف قياـ الدكلة الطاىرية سادس ‪ٝ‬باد اآلخرة من سنة ٖٖٓىػ‪.1‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،113‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،272‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،361‬فصخة اهلموم‪،‬‬
‫اًواسـي‪ ،‬ض‪.020‬‬
‫‪54‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلطلب الثاين‬
‫تويل بين طاىر ادلناصب يف الدولة الرسولية‬

‫كاف أكؿ ظهور لبِب طاىر ُب الساحة السياسية ُب أكاخر القرف الثامن كبداية القرف التاسع للهجرة‪،‬‬
‫فأكؿ ما ظهركا كشخصيات مرموقة ُب أايـ ا‪٤‬بلك األشرؼ بن األفضل ٍب ُب أايـ ا‪٤‬بلك الناصر‪ ،‬كقد‬
‫كانت ‪٥‬بم السيادة كالوالية ُب ببلدىم كما جاكرىا"ُ‪ ،‬ككانت تلك العبلقة جيدة بْب الشيخ معورة‬
‫بن اتج الدين كالرسوليْب‪.‬‬
‫كبعد كفاة الشيخ معورة بن اتج الدين جد السبلطْب ا‪٣‬بلفاء آؿ طاىر ر‪ٞ‬بو هللا ُب يوـ ا‪١‬بمعة‬
‫الثالث كالعشرين من ‪ٝ‬بادل اآلخرة سنة ُِٖىػ‪ ،‬قدـ الشيخ طاىر بن معورة بن اتج الدين ىو‬
‫ك‪ٝ‬بع من أصحابو كاتباعو على ا‪٤‬بلك الناصر أ‪ٞ‬بد بن إ‪٠‬باعيل األشرؼ‪ ،‬حيث كاف قدكمو على‬
‫الناصر إذل مدينة تعز كذلك ُب يوـ الثبلاثء التاسع عشر من ‪ٝ‬بادل اآلخرة سنة ُٕٖىػ‪ ،‬فكساه‬
‫كأنعم عليو كعلى من كصل معوِ‪.‬‬
‫فعند كصوؿ الشيخ طاىر بن معورة إذل السلطاف الناصر أحسن استقبالو كريافتو لعلمو ٗبكانتو بْب‬
‫قومو كسيادتو على ببلده‪ ،‬كىي ا‪٤‬بناطق الوسطى كما حو‪٥‬با من البلداف‪" ،‬فأكرمو إكرامان يليق بو‬
‫كأحسن إليو كإذل ‪ٝ‬بيع من صحبو"ّ‪.‬‬
‫كمنذ ىذه الوفادة على ا‪٤‬بلك الناصر أصبح الشيخ طاىر بن معورة بن اتج الدين رجل الدكلة‬
‫مر معنا ذكرىا‪.‬‬
‫الرسولية ُب مناطق بِب طاىر كىي ا‪٤‬بناطق الٍب ٌ‬
‫ْ‬
‫عمار‬
‫كقد كاف الشيخ طاىر كأبنائو أمناء لسبلطْب بِب رسوؿ ككالهتم ُب مناطق جنب كببلد آؿ ٌ‬
‫كا‪٢‬ببيشية كالرايشية كببلد رداع ا‪١‬بنوبية كالشرقية كاليربية إذل خباف من ذم رعْب‪ ،‬ككذا ا‪٤‬بقرانة‬
‫كحجاج‪.‬‬

‫‪ 1‬حتفة اًزمن يف اتزخي ساذاث اٍمين‪ ،‬حسني جن ؾحسهللا ا ٔلُسل اذلسُين‪ ،‬حتلِق ا ٔلس خار ؾحسهللا اذلخيش‪.323/1 ،‬‬
‫‪ 0‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس يف ٔبدداز مسًية ستَس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬حتلِق صَحس‪ ،‬ض‪.124‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.250‬‬
‫‪ 2‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،124‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًـالمة دمحم جن إسٌلؾَي اًىخيس‪،‬‬
‫ض‪.124‬‬
‫‪55‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫تصدي بين طاىر ذلجمات األئمة الزيدية يف ادلناطق الوسطى‪ :‬كتذكر ا‪٤‬بصادر التارٱبية دكر بنو‬
‫طاىر ُب القياـ أبعما‪٥‬بم كوالة للرسوليْب ُب مناطقهم‪ ،‬كذلك ابلتصدم ‪٥‬بجمات األئمة الزيدية‬
‫كالدفاع عن أركاف الدكلة الرسولية‪" ،‬ففي سنة عشرين ك‪ٜ‬با٭بائة قصد صاحب صنعاء ببلد بِب طاىر‬
‫يقاؿ لو الصرـ فانكسر اإلماـ كعسكره كقتل منهم‬ ‫آمنان السلطاف فتجهز السلطاف إليو فاجتمعا ٗبورع ي‬
‫ُ‬
‫‪ٝ‬بع كثّب كتبعهم السلطاف إذل كادم خباف ٍب رجع إذل ا‪٤‬بقرانة" ‪.‬‬
‫كيقوؿ ا‪٤‬بؤرخ ا‪٣‬بزرجي ر‪ٞ‬بو هللا ُب تلك احملاكلة لئلماـ الناصر التوسع بدكلتو ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى‬
‫كتصدم بِب طاىر لو‪" :‬ابدر ا‪٤‬بلك الناصر الرسورل على رأس جيشو إذل ببلد رداع للتصدم لو‪،‬‬
‫كقامت حرب بينهما اسفرت عن اهنزاـ عسكر اإلماـ بعد قتل كثّب منهم‪ ،‬كانسحب اإلماـ عائدا إذل‬
‫صنعاء‪ ،‬كطارده ا‪٤‬بلك الناصر الرسورل إذل ببلد خباف‪ٍ ،‬ب رجع اإلماـ إذل ا‪٤‬بقرانة بْب دمت كجنب من‬
‫‪٨‬ببلؼ الرايشية من أعماؿ رداع‪ ،‬كذلك ‪٤‬بعاينة قصر النعيم الذم كاف يبُب لو فيها ابشراؼ الشيخ‬
‫طاىر بن اتج الدين ائبو ُب رداع‪ ،‬كالذم كلفو ا‪٤‬بلك الناصر ببنائو ُب ا‪٤‬بقرانة لدل زايرتو لو ُب عاـ‬
‫ُٕٖىػ"ِ‪.‬‬
‫كأيضان من الوقائع الٍب تدؿ على تصدم بِب طاىر لؤلئمة الزيدية ُب عهد الدكلة الرسولية‪ ،‬ما ذكره‬
‫ا‪٤‬بؤرخ ٰبي بن ا‪٢‬بسْب بن القاسم ُب اترٱبو غاية األماين ُب أخبار القطر اليماين‪ ،‬فذكر ُب حوادث‬
‫سنة ْٖٖىػ أف آؿ عمار استدعو الناصر بن دمحم‪ ،‬فسار إليهم معينان ‪٥‬بم على بِب طاىر‪ ،‬كحط ُب‬
‫جبل النقع اجملاكر لببلد بِب طاىر كحارهبم‪ٍ ،‬ب كقع الصلح بْب ا‪١‬بميع‪ ،‬كرجع الناصر بن دمحم إذل ذمار‬
‫فلبث فيو أايمان‪ٍ ،‬ب خرج على حْب غفلة إذل ببلد بِب طاىر‪ ،‬فنهب كأخرب دكرا فيها‪ ،‬كألتجأ أىلها‬
‫إذل حصن ‪٥‬بم‪ٍ ،‬ب سار إذل ىيوة فواجو لو أىلها‪.3‬‬
‫ٍب حكى ما كقع من صلح بْب بِب طاىر كاإلماـ الناصر بن دمحم‪ ،‬سنة ِٖٓىػ‪.4‬‬
‫كهبذا يتبْب لنا أف بِب طاىر كانوا ٗبثابة السور ا‪٤‬بنيع للدكلة الرسولية ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى‪ ،‬كأهنم كانوا‬
‫ييعدكف ا‪٢‬بصن ا‪٤‬بنيع ٘باه ىجمات األئمة الزيدية‪.‬‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.250‬‬


‫‪ 0‬اًـسجس املس حوك‪ ،‬ارلززيج‪ ،‬ض‪ ،327‬اًخازخي اًـامص ٌَمين‪ ،‬دمحم حيي اذلساذ‪.166/1 ،‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين يف ٔبدداز اًلعص اًاميين‪ ،‬حيي جن اذلسني جن اًلامس‪ ،‬حتلِق ذ‪ .‬سـَس ؾحساًفذاخ ؿاصوز‪ ،‬ذاز اًىذاة اًـصيب ٌَعحاؿة واًًرش‪،‬‬
‫اًلاُصت مرص ظحـة ‪1746‬م‪.361/0 ،‬‬
‫‪ 2‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪.361/0 ،‬‬
‫‪56‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫إنعقاد الصهورة بني بين طاىر وبين رسول‪ :‬استمرت العبلقة بْب بِب طاىر كالرسوليْب كوالة كأمناء‬
‫‪٥‬بم ُب مناطق نفوذىم كىي مناطق بِب طاىر‪ ،‬ككانت الزايرة مستمرة من الشيخ طاىر ٍب من ابنائو‬
‫للملوؾ الرسوليْب‪ ،‬ككانت من أىم ىذه الزايرات الزايرة الٍب على أثرىا انعقدت الصهارة بْب الطاىريْب‬
‫كالرسوليْب ففي يوـ ا‪٣‬بميس الرابع من شهر صفر سنة ‪ٟ‬بس كثبلثْب ك‪ٜ‬با٭بائة قدـ الشيخ مشس الدين‬
‫علي بن طاىر بن معورة بن اتج الدين العمرم على ا‪٤‬بلك الظاىر ٰبي بن إ‪٠‬باعيل األشرؼ بن‬
‫العباس األفضل اليساين إذل مدينة تعز ككاجهو بدار الشجرةُ‪.‬‬
‫كالظاىر أنو خبلؿ ىذه الزايرة أراد ا‪٤‬بلك الظاىر ٰبي بن إ‪٠‬باعيل أف يقوم العبلقة بينو كبْب الطاىريْب‬
‫كذلك ٗبصاىرهتم‪ ،‬كلعل السبب الرئيسي ‪٥‬بذه ا‪٤‬بصاىرة ىو الضعف الوارح للدكلة الرسولية ُب ذلك‬
‫الوقت كبداية اهنيارىا‪ ،‬كُب ا‪٤‬بقابل تصاعد نفوذ الطاىريْب كتوسعهم ُب حكمهم‪.‬‬
‫فتذكر ا‪٤‬بصادر التارٱبية أنو ُب السنة التالية ‪٥‬بذه الزايرة "اتفقت الصهورة ا‪٤‬بباركة بْب ا‪٤‬بلك الظاىر كبْب‬
‫الشيخ علي بن طاىر بن معورة فتقدـ الفقيو علي بن دمحم ا‪٢‬بمّبم ككيبلن للسلطاف ُب زكاج ابنة‬
‫الشيخ طاىر بن معورة كتقدـ معو األمّب عفيف الدين عبدهللا بن دمحم الشمسي كمن الفقهاء الفقيو‬
‫عبدالوارل الوحصي كالفقيو أبوبكر بن دمحم العرشاين"ِ‪.‬‬
‫كهبذا يتبْب أف العبلقة بْب الطاىريْب كالرسوليْب دل تكن عبلقة عادية أك ‪٦‬برد عبلقة حاكم كعامل لو‬
‫أك كارل لو ُب منطقة من ا‪٤‬بناطق‪ ،‬بل أف العبلقة كانت عبلقة سادة ككالة فرروا أنفسهم ‪٤‬بكانتهم بْب‬
‫قومهم كنفوذىم ُب مناطقهم‪ ،‬كقوهتم الٍب كانت معلومة ُب مناطق اليمن كالٍب كاف يعلمها من كاف‬
‫ٰبكم اليمن ُب ذلك الزماف من ا‪٤‬بلوؾ الرسوليْب كاألئمة الزيديْب‪ ،‬ككاف من الطبيعي أف تنعقد‬
‫ا‪٤‬بصاىرة بْب الرسوليْب كالطاىريْب لتقوية العبلقة بْب الطرفْب من احية كلكسب ثقتهم كأمن جانبهم‬
‫كعدـ اإلنقبلب عليهم من جهة أخرل‪ ،‬كدل يكن الطاىريْب ليفعلوا ذلك لوال الضعف الشديد الذم‬
‫طرأ على الدكلة الرسولية‪ ،‬كا‪٣‬بوؼ من أف ‪ٛ‬بزؽ ىذه الدكلة العظيمة إذل دكيبلت كتقع ُب أيدم‬
‫الطامعْب من أيدم خاجية كداخلية‪ ،‬كخاصة ُب ظل الصراعات السياسية ُب ذلك العصر بْب‬
‫الرسوليْب أنفسهم‪.‬‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،261‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن‬
‫ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.111‬‬
‫‪ 0‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،261‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن‬
‫ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.111‬‬
‫‪57‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫أبرز األعمال اليت توالىا بين طاىر للدولة الرسولية‪:‬‬


‫كاألعماؿ الٍب تولوىا بِب طاىر للملوؾ الرسوليْب ٲبكن أف ‪ٙ‬بصر حسب ما يظهر ُب ا‪٤‬بصادر كا‪٤‬براجع‬
‫التارٱبية ابآلٌب‪:‬‬
‫أكالن‪ :‬كاف بِب طاىر كالة كحكاـ لبِب رسوؿ منذ زمن ا‪٤‬بلك األشرؼ الثاين بن األفضل ٍب ُب أايـ‬
‫ا‪٤‬بلك الناصر‪ ،‬أم منذ أكاخر القرف الثامن كأكائل القرف التاسع‪ ،‬كقد ‪٥‬بم كالية كاسعة ُب مناطق جنب‬
‫كببلد آؿ عمار كحبيش كا‪٢‬ببيشية كالرايشية كببلد رداع ا‪١‬بنوبية كالشرقية كاليربية إذل خباف من ذم‬
‫رعْب‪ ،‬ككذا ا‪٤‬بقرانة كحجاج‪ ،‬كقد امتدت كاليتهم إذل أبعد من ىذه ا‪٤‬بناطق ُب أكاخر الدكلة الرسولية‪،‬‬
‫فقد كصلت كاليتهم إذل مناطق ‪٢‬بج كأبْب كالضالع كإب كالبيضاء‪ ،‬حٌب أهنا كانت تصل أحيا ا إذل‬
‫عدف كما حو‪٥‬با‪.‬‬
‫اثنيان‪ :‬أكدت ا‪٤‬بصادر التارٱبية أف بِب طاىر دل يكونوا ‪٦‬برد كالة كحكاـ للرسوليْب ُب مناطقهم بل إهنم‬
‫كانوا أمناء ‪٥‬بم‪ ،‬كمؤ‪ٛ‬بنْب على نفوذىم ك‪٩‬بالكهم ُب مناطقهم‪ ،‬كىذا يدؿ على أهنم كانوا مستشارين‬
‫للملوؾ الرسوليْب ُب إدارة شؤكف اليمن‪ ،‬كذلك ‪٤‬بعرفتهم أبمور ا‪٤‬بناطق الٍب كانوا كالة عليها كما حو‪٥‬با‬
‫من ا‪٤‬بناطق األخرل‪.‬‬
‫اثلثان‪ :‬من خبلؿ ا‪٤‬بصادر التارٱبية كالركاايت الٍب كردت يتضح لنا أف قرية ا‪٤‬بقرانة دل تكن ‪٦‬برد مركز‬
‫للقيادة كإدارة ا‪٤‬بملكة لبِب طاىر فقط‪ ،‬بل إهنا كانت منطقة مهمة للرسوليْب كمركزان للقيادة كا‪٢‬بكم‬
‫للببلد من ىذه ا‪٤‬بنطقة للمناطق األخرل‪ ،‬كدل تكن أقل أٮبية من ا‪٤‬بناطق األخرل الٍب ا‪ٚ‬بذىا الرسوليوف‬
‫إلدارة كحكم اليمن‪٩ ،‬با أىلها لتكوف عاصمة ُب عصر الطاىريْب‪ ،‬ك‪٩‬با يدؿ على ذلك أف ا‪٤‬بلك‬
‫الناصر قد أمر ببناء قصر لو ُب ا‪٤‬بقرانة ككاف يسمى قصر النعيم‪ ،‬كالذم كاف يبُب لو فيها إبشراؼ‬
‫الشيخ طاىر بن اتج الدين ائبو ُب رداع‪ ،‬كقد كلفو ا‪٤‬بلك الناصر الرسورل ببنائو ُب ا‪٤‬بقرانة لدل زايرتو‬
‫لو ُب عاـ ُٕٖىػ‪.‬‬
‫رابعان‪ :‬حرهبم لؤلئمة الزيدية كاإلماـ علي بن صبلح الدين نيابة عن بِب رسوؿ ُب منطقة رداع الٍب‬
‫كانت تعترب خط الدفاع األمامي رد التوسع اإلمامي فيها كُب ا‪٤‬بناطق اجملاكرة ‪٥‬با كببلد ذمار كغّبىا‪،‬‬
‫دب الضعف ُب الدكلة الرسولية قد شددكا ىجماهتم عليها ُب كثّب من مناطق‬ ‫ككاف األئمة منذ ٌ‬
‫نفوذىا كحٌب هتامة‪ ،‬كيتنب ذلك من خبلؿ ا‪٣‬برب الذم أكرد اه من تصدم بِب طاىر كا‪٤‬بلك الناصر‬
‫سنة عشرين ك‪ٜ‬با٭بائة لئلماـ علي بن صبلح الدين صاحب صنعاء كغّبىا من األحداث‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كاب‪١‬بملة فإف الطاىريْب كانوا كالة كعماالن كحكامان كأمناء لبِب رسوؿ ُب عصر الدكلة الرسولية‪ ،‬كألٮبية‬
‫بِب طاىر ُب الدكلة الرسولية يكفي أف نعلم أهنم ٗبكانتهم ىذه قد سادكا كتولوا ا‪٤‬بناصب العالية خبلؿ‬
‫فَبة حكم عشرة من ملوؾ الدكلة الرسولية كىم‪ :‬ا‪٤‬بلك األشرؼ الثاين إ‪٠‬باعيل بن العباس كا‪٤‬بلك‬
‫الناصر أ‪ٞ‬بد بن األشرؼ إ‪٠‬باعيل بن العباس‪ ،‬كا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور عبدهللا بن الناصر أ‪ٞ‬بد‪ ،‬كا‪٤‬بلك‬
‫األشرؼ الثالث إ‪٠‬باعيل بن ا‪٤‬بنصور‪ ،‬كا‪٤‬بلك الظاىر ٰبٓب بن األشرؼ إ‪٠‬باعيل بن ا‪٤‬بنصور‪ ،‬كا‪٤‬بلك‬
‫األشرؼ الرابع إ‪٠‬باعيل بن ٰبي الظاىر‪ ،‬كا‪٤‬بلك ا‪٤‬بظفر يوسف بن ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬كا‪٤‬بلك ا‪٤‬بفضل أسد‬
‫الدين دمحم بن إ‪٠‬باعيل‪ ،‬كا‪٤‬بلك الناصر أ‪ٞ‬بد بن الظاىر بن يوسف بن عبدهللا بن اجملاىد‪ ،‬كا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بسعود أبو القاسم بن األشرؼ إ‪٠‬باعيل‪ ،‬كا‪٤‬بلك ا‪٤‬بؤيد حسْب بن ا‪٤‬بلك الظاىر بن األشرؼ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلطلب الثالث‬
‫هناية الدولة الرسولية وظهور الطاىريني‬

‫والية ادللك ادلظفر والصراع على احلكم‪:‬‬


‫‪٤‬با توذل ا‪٣‬ببلفة كا‪٤‬بلك األشرؼ الرابع إ‪٠‬باعيل بن ٰبي بن إ‪٠‬باعيل عاـ ِْٖىػ‪ٌ ،‬فر منو إذل كصاب‬
‫ابن عمو ا‪٤‬بظفر يوسف بن ا‪٤‬بنصور عمر بن ا‪٤‬بلك األشرؼ كأقاـ عند الشيخ الصاحل ٰبي الذابين‬
‫صاحب الصنحوج مستجّبان‪.‬‬
‫فلما انقضت مدة األشرؼ بن الظاىر عاـ ْٖٓىػ‪ ،‬أ‪ٝ‬بع اىل ا‪٢‬بل كالعقد على إقامة ا‪٤‬بظفر ا‪٤‬بذكور‬
‫خليفة‪ ،‬كقد كاف الناس يلهجوف قبل كاليتو كيذكركف عدلو كانصافو‪ ،‬فتسلم ا‪٤‬بلك بوصاب ٍب سار إذل‬
‫تعز فنزؿ بدار الشجرة ُب موكب عظيم ٍب ركب إذل دار النجا بتعز كدل يزؿ هبا‪ ،‬كدل يتحرؾ منها األمر‬
‫الذم شجع بعض جنده من ا‪٤‬بماليك األتراؾ كغّبىم على نقض بيعتو كا‪٣‬بركج من تعز إذل زبيد بقيادة‬
‫بشك ا‪٢‬باصيبُ‪.‬‬
‫بداية الصراع يف الدولة الرسولية وظهور بين طاىر‪:‬‬
‫بعد أف توذل ا‪٤‬بظفر ا‪٤‬بلك بشهور قليلة خرج ‪ٝ‬باعة من ا‪١‬بند كالَبؾ الذين ابيعوه على الطاعة‪ ،‬كنزؿ‬
‫ي‬
‫ا‪٤‬بماليك إذل زبيد صحبتهم بشبك ا‪٢‬باصيب‪ ،‬ككاف صاحب شدة كأبس ففعل ىو كا‪٤‬بماليك أفاعيل‪،‬‬
‫منها أهنم أقاموا أسدالدين دمحم بن إ‪٠‬باعيل بن عثماف بن األفضل سلطا ان بَببة الطليحة كلقبوه‬
‫ا‪٤‬بفضل‪ ،‬فدخل مدينة زبيد أكؿ سنة ْٖٔىػ كصرؼ أمواالن كثّبة كأدخل العرب زبيد‪ ،‬كأعطاىم ‪ٝ‬بلة‬
‫من ا‪٣‬بيل كالسبلح حٌب قويت شوكتهم‪ ،‬كأخذكا ‪٬‬بل الوادم زبيد على أىلو كاقتسمو القرشيوف كا‪٤‬بعزبة‬
‫كمنعوا أىلو منو رأسان‪.2‬‬
‫ٍب أف ا‪٤‬بماليك كالعبيد أفسدكا فسدان عظيمان ُب زبيد كهتامة‪ ،‬كجرت أمور كمفاسد من العساكر بزبيد‬
‫يطوؿ شرحها‪ ،‬فنزؿ من قبل ا‪٤‬بظفر الطواشي ‪٧‬بسن‪ ،‬كالشهاب الصباحي‪ ،‬كالوجيو بن حساف‪،‬‬
‫كالشيخ مشس الدين علي بن طاىر‪ ،‬فلما علم الطواشي ‪٪‬بيب بوصو‪٥‬بم لزـ ا‪٤‬بفضل بزبيد ك‪٤‬با دخلوا‬
‫زبيد‪ ،‬خرج النجيب اب‪٤‬بفضل إذل تعز‪ُ ،‬ب الثامن من ربيع اآلخر سنة ْٖٔىػ‪ ،‬كمات الوجيو بن‬
‫حساف ُب ذلك اليوـ‪ ،‬كاستشهد ا‪٤‬بفضل ُب شعب الداير ر‪ٞ‬بو هللا كما قتل بشبك ا‪٢‬باصيب ُب أثره‪،‬‬
‫ٍب طلع ابن طاىر ابستدعاء ا‪٤‬بظفر لو يوـ ا‪٣‬بميس اتسع الشهر ا‪٤‬بذكورّ‪.‬‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،357‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.266‬‬
‫‪ 0‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.267‬‬
‫‪ 1‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،114‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.362‬‬
‫‪61‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٍب أظهر العسكر أف ا‪٤‬بظفر رعف عن أمر ا‪٣‬ببلفة‪ ،‬كخرج ‪ٝ‬باعة من العبيد إذل حيس فبحثوا عمن هبا‬
‫من أكالد ا‪٤‬بلوؾ‪ ،‬فوجدكا أ‪ٞ‬بد الناصر بن الظاىر بن يوسف بن عبدهللا بن اجملاىد علي الرسورل‪ ،‬فولوه‬
‫سلطا ان كدخل إذل زبيد كنزؿ ابلدار الكبّب الناصرم كلقبوه ابلناصرُ‪.‬‬
‫ككاف ىذا ا‪٣‬بركج الثاين للعسكر كا‪١‬بند على ا‪٤‬بظفر خبلؿ سنة كاحدة‪ ،‬كتولية أحد أبناء عمومتو‬
‫ينازعو ُب ا‪٤‬بلك‪ ،‬كدل يكن أ‪ٞ‬بد الناصر بن الظاىر بذاؾ الرجل ا‪٤‬بستحق للخبلفة فقد انتهى أمره‬
‫بسرعة‪.‬‬
‫ٍب كانت كقعة زبيد الٍب قتل فيها الناصر من زبيد كل من كجد من صيّب ككبّب بسبب خركجهم عليو‪،‬‬
‫فلم يبق ألىل زبيد ابقية حٌب أخرجوا ما ُب اآلابر كا‪٤‬بدافن‪ ،‬كدل يسلم إال بيوت ‪ٝ‬باعة من الدكلة‬
‫ِ‬
‫كا‪٤‬بناصب‪ ،‬كأصبحت زبيد كأف دل تين ابألمس كتفرؽ أىلها شذر مذر‪ ،‬كسلم أكثر بيوت اجملنبذ‬
‫فلقب ىذا السلطاف اب‪٣‬باسر ‪٥‬بذه الوقائع الٍب كقعت أبايمو‪.‬‬
‫ٍب لزمو ا‪٤‬بظفر أم قبض عليو ُب ربيع األكؿ من سنة ْٕٖىػ‪ٍ ،‬ب خرج سا‪٤‬بان إذل الطليحة ىو كأكالده‬
‫ككاف قيامو ‪٫‬بو عشرة أشهرّ‪.‬‬
‫ٍب أقاـ ا‪٤‬بماليك بعده ابنو صبلح الدين أاب القاسم بن األشرؼ ا‪٤‬بخلوع بن الناصر بن األشرؼ كلقب‬
‫اب‪٤‬بسعود‪ ،‬كعمره ثبلثة عشر سنة ككاف تنصيبو ٗبدينة زبيد ُب ربيع األكؿ من سنة ْٕٖىػ فدخل عدف‬
‫ُب ذم القعدة‪.4‬‬
‫كا‪٤‬بشايخ بنو طاىر بلحج من حزب ا‪٤‬بذفرٓ‪ ،‬معاكنْب للملك ا‪٤‬بظفر كُب أنفسهم ما فيها من‬
‫اإلستبداد اب‪٤‬بلك ‪٤‬با يركف من رعف ا‪٤‬بملكة كا‪٫‬ببلؿ أمرىا فقاكمهم ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بسعود كأخرجهم من عدف‬
‫كدخلها ٍب أخرجهم من ‪٢‬بج كأبْب كمكن السيطرة فيها سنة ‪ٜ‬باف كأربعْبٔ‪.‬‬
‫كدل يكن بنو طاىر موالْب أك رارْب بتورل ا‪٤‬بسعود ا‪٤‬بلك‪ ،‬كمادل يرروا ألبيو الناصر بتوليها من قبل كال‬
‫للمفضل من قبلو‪ ،‬فمنذ أف خرجوا على ا‪٤‬بظفر ككالىم العساكر كالَبؾ كالعبيد‪ ،‬كاف الصراع مستمران‬
‫بْب الطاىريْب كبْب ‪ٝ‬بيع من خرجوا على ا‪٤‬بظفر كآخرىم ا‪٤‬بسعود‪.‬‬
‫"كُب سنة ْٖٗىػ قدـ األمّب زين الدين جياش بن سليماف السنبلي إذل مدينة زبيد مقدمان من قبل‬
‫ا‪٤‬بسعود‪ ،‬فاصطلح ىو كا‪٤‬بعازبة ك ابذ القرشيْب‪ ،‬فيزا األشاعر إذل ا‪٤‬بخّبيف فأخرهبا‪ ،‬كغزا القرشيْب‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.272‬‬
‫‪ 0‬اجمليحش‪ٔ :‬بحس ٔبزابع مسًية ستَس‪ .‬حاص َة تلَة املس خفِس ًلٔس خار ؾحسهللا اذلخيش‪.‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،362‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.112‬‬
‫‪ 2‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،272‬كاًة املاين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.361‬‬
‫‪ 3‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.272‬‬
‫‪ 4‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.112‬‬
‫‪61‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كنزؿ النخل ُب أايمو كصحبو ا‪٤‬بعازبة كالعبيد‪ ،‬فحمل عليو القرشيوف صبيحة مبيتو ُب النخل ُب ربيع‬
‫سنة َٖٓىػ‪ ،‬كاهنزـ األمّب جياش كىرب العبيد كالقواد‪ ،‬كقتل األمّب ٰبي بن زايد كصهره عبدهللا‬
‫الدردابشي‪ ،‬كا‪٤‬بشد دمحم بن معورة كموال ا ‪ٞ‬بزة بن ا‪٤‬بلك العادؿ‪ ،‬ك‪ٝ‬باعة من بِب إقباؿ كسلم األمّب‬
‫زين الدين جياش‪ ،‬ككانت كقعة عظيمة عرفت بعذيب جياش‪.‬‬
‫ٍب إف ا‪٤‬بسعود قصد تعز كحاصر ا‪٤‬بظفر ٕبصنها‪ ،‬فتعب ا‪٤‬بظفر من ذلك‪ ،‬كأرسل إذل بِب طاىر ككاف‬
‫ما يزاؿ متمسكان آبؿ طاىر‪ ،‬فنزؿ إليو الشيخ عامر بن طاىر مناصران لو على ا‪٤‬بسعود‪ ،‬كأقاـ بدار‬
‫القسطاؿ‪ ،‬ليحارب ا‪٤‬بسعود من قرب‪ ،‬فلم يزؿ الشهاب الصياحي يعمل ا‪٢‬بيلة ُب إخراج ابن طاىر‬
‫من القسطاؿ‪ ،‬حٌب إ‪٫‬باز إذل بلده راريان ‪٨‬بتاران‪.‬‬
‫كدل يزؿ ا‪٤‬بسعود بدار الوعد‪ ،‬من مدينة تعز‪ ،‬حٌب قاـ عليو بنو طاىر مرة أخرل كأخرجوه من تعز سا‪٤‬بان‬
‫ٔبميع ما معو‪ ،‬يوـ ا‪١‬بمعة ا‪٣‬بامس عشر من شهر رمضاف‪ ،‬سنة ِٖٓىػ فبلغ موزع ٍب ىقرة ٍب عدف‪،‬‬
‫كدخلها يوـ السادس من شواؿ‪.‬‬
‫ٍب نزؿ ا‪٤‬بشايخ بنو طاىر كا‪٤‬بظفر إذل ‪٢‬بج‪ ،‬كا‪٤‬بسعود بعدف ُب ذم القعدة‪ ،‬كحصل بينهما لقاء‪ ،‬فقتل‬
‫من عسكر ا‪٤‬بسعود ‪ٝ‬باعة‪ ،‬كقامت حرب بْب ا‪١‬بانبْب‪ ،‬دل يتمكن ا‪٤‬بتحالفاف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بظفر كبنو طاىر‬
‫خبل‪٥‬با من اإلستيبلء على عدف‪ ،‬كعاد ا‪٤‬بظفر إذل تعز‪ ،‬بينما عاد بنو طاىر إذل ببلدىم كعادهتم للمزيد‬
‫من اإلستعداد‪.1‬‬
‫كُب عاـ ْٖٓىػ ‪ٙ‬برؾ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بسعود من عدف إذل تعز‪ ،‬فخلٌى ا‪٤‬بظفر بْب ا‪٤‬بسعود كبْب حصن تعز‪،‬‬
‫فنزؿ منو كقبضو ا‪٤‬بسعود سنة ْٖٓىػِ‪ٍ ،‬ب تنازؿ لو بعد ذلك عن ا‪٢‬بكم أيضان‪.‬‬
‫كأما ابن طاىر فابتُب داران بلحج ككقف هبا مدة‪ٍ ،‬ب ار‪ٙ‬بل إذل بلده‪ٍ ،‬ب نزؿ ُب احملرـ سنة ٖٖٓىػ ُب‬
‫عسكر رليع‪ ،‬فقابلتو عسكر ا‪٤‬بسعود‪ ،‬فناؿ منهم ك الوا منو‪ٍ ،‬ب رجع إذل بلده‪.‬‬
‫كُب ىذه ا‪٤‬بدة من أايـ ا‪٤‬بظفر إذل آخر دكلة بِب رسوؿ‪ ،‬دل يزؿ أمر العبيد يستفحل بزبيد‪ ،‬حٌب استقلوا‬
‫ابألمور دكف أكليائهم‪ ،‬كفعلوا ما فعلوا‪ ،‬كأخذكا كل سفينة غصبان‪ ،‬ككلوا بزبيد ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بؤيد حسْب بن‬
‫ا‪٤‬بلك الظاىر بن األشرؼ ُب آخر يوـ من شعباف سنة ٖٓٓىػ سلطا ان ّ‪.‬‬
‫فلما علم ا‪٤‬بسعود بذلك نزؿ إذل زبيد ُب رمضاف‪ ،‬فلم يدخلها بل استقر خارجها ليحارب ا‪٤‬بؤيد‪،‬‬
‫فأحس من عساكره ٗبكر كخداع‪ ،‬كدل يظفر من ا‪٤‬بؤيد بشيء فرجع إذل تعز‪ٍ ،‬ب عاد منها إذل عدف‪.‬‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،362‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،271‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.114‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.113‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.114‬‬
‫‪62‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كما زالت ا‪٢‬برب بينو كبْب بِب طاىر سجاالن حٌب خلع نفسو‪ ،‬كخرج من عدف سادس ‪ٝ‬بادل اآلخرة‪،‬‬
‫كدخلها ا‪٤‬بؤيد يوـ السابع كالعشرين من ‪ٝ‬باد االخر سنة ٖٖٓىػ‪ ،‬ككقف هبا إذل أف نزؿ ا‪٤‬بلكاف ابنا‬
‫طاىر‪ ،‬كدل يتمكن بنو طاىر من دخو‪٥‬با لصمود حاميتها أمامهمُ‪.‬‬
‫ادللك ادلؤيد آخر ملوك بين رسول‪ :‬مع أف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بسعود قد خلع نفسو من ا‪٤‬بلك كخرج من عدف‬
‫مستسلمان لؤلمر الواقع‪ ،‬إال أف ذلك دل يعجب من لو مصلحة من استمرار الفورى كالضعف السارم‬
‫على الرسوليْب‪ ،‬فأراد أف يستمر الضعف ُب الدكلة الرسولية ُب اليمن ليتمكن من ‪ٙ‬بقيق مصا‪٢‬بو‪،‬‬
‫كبسط نفوذه على الضعفاء‪ُ ،‬ب ظل لفظ الدكلة الرسولية ألنفاسها األخّبة‪.‬‬
‫كعلى رأس ىؤالء ا‪٤‬بؤيدين للفورى كالضعف ُب الدكلة الرسولية كبقاء الصراع األسرم بْب الرسوليْب‬
‫ىم العبيد كاألتراؾ كا‪٤‬بماليك‪ ،‬الذين ظلوا مسيطرين على كثّب من مفاصل الدكلة الرسولية فيقيموف من‬
‫مر معنا‪ ،‬فبعد أف نصب العبيد ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بؤيد حسْب بن‬ ‫يريدكف من ا‪٤‬بلوؾ كٱبرجوف على من شاؤكا كما ٌ‬
‫‪2‬‬
‫ا‪٤‬بلك الظاىر بن األشرؼ ُب آخر يوـ من شعباف سنة ٖٓٓىػ سلطا ان ‪ٛ ،‬بزقت الدكلة الرسولية إذل‬
‫دكيبلت أكثر رعفان ككاف آخر ما استقر عليو أمر العبيد من ا‪٤‬بلوؾ ىو ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بؤيد‪ ،‬فقد كاف ا‪٤‬بؤيد‬
‫مستقبلن بزبيد بينما كاف ا‪٤‬بسعود مستقل ٕبكم عدف كما حو‪٥‬با‪.‬‬
‫كبعد خلع ا‪٤‬بسعود لنفسو كميادرتو عدف‪ ،‬طمع ا‪٤‬بؤيد ُب اإلستيبلء على عدف بعد أف خلت من أم‬
‫حاكم ‪٥‬با من بِب رسوؿ فبادر ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بؤيد إذل دخوؿ عدف ُب السابع كالعشرين من ‪ٝ‬بادل اآلخرة‪،‬‬
‫فاستوذل عليها كأقاـ فيها حٌب زحف ‪٫‬بوه ا‪٤‬بلكاف عامر كعلي ابِب طاىر ٔبموعهما ُب شهر رجب من‬
‫عاـ ٖٖٓىػ كعسكرا خارجها‪ ،3‬ككاف ىذا ىو ا‪٤‬بسمار األخّب ُب نعش الدكلة الرسولية‪ ،‬كبداية هنضة‬
‫الدكلة الطاىرية على ما سيأٌب معنا بيانو ُب اتريخ الدكلة الطاىرية‪.‬‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،271‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن‬
‫ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،116‬اًخازخي اًـامص ٌَمين ‪.172/1‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،114‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.270‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.270‬‬
‫‪63‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الباب األول‬
‫قيام الدولة الطاىرية وعوامل هنوضها‬

‫ُب ىذا الباب سنبْب بداية النهوض للدكلة الطاىرية‪ ،‬كاإلنقسامات الٍب ظهرت ُب أكاخر عهد الدكلة‬
‫الرسولية‪ ،‬كالعوامل الٍب أدت إذل اهنيارىا‪ ،‬كأسباب استيبلء بِب طاىر على آخر معاقل الدكلة الرسولية‪،‬‬
‫كالعوامل الٍب ساعدت على هنضة الدكلة الطاىرية‪ ،‬كاستيبلءىم على أىم ا‪٤‬بدف الٍب تبقت أبيدم‪،‬‬
‫كىي عدف كتعز كزبيد كهتامة كالشحر كحضرموت كغّبىا‪ ،‬لذا فإين سأقوـ بتقسيم ىذا الباب إذل‬
‫‪ٟ‬بسة ‪ٟ‬بسة فصوؿ كالتارل‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلنقسام السياسي وعوامل اهنيار الدولة الرسولية‬
‫الفصل الثاين‪ :‬اإلستيالء على عدن وتعز‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اإلستيالء على زبيد وإخضاع القبائل التهامية‬
‫الفصل الرابع‪ :‬اإلستيالء على الشحر وحضرموت وظفار‬

‫‪64‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل األول‬
‫اإلنقسام السياسي‬
‫وعوامل اهنيار الدولة الرسولية‬

‫مر معنا أف ا‪٤‬بوطن األصلي لبِب طاىر ىو منطقة ا‪٤‬بقرانة كحجاج كجنب من ببلد رداع حيث كانت ‪٥‬بم‬ ‫ٌ‬
‫الرايسة فيها‪ ،‬كقد صار آؿ طاىر كالة آلؿ رسوؿ ُب جهاهتم‪ ،‬بل كامتد حكمهم إذل عدف ُب فَبات‬
‫الحقة‪ ،‬كعندما أيقن آؿ طاىر من أف أمر الرسوليْب إذل زكاؿ ال ‪٧‬بالة‪ ،‬أع ٌد الشيخ علي بن طاىر بن‬
‫معورة ا‪٤‬بلقب ابجملاىد الذم سيقدر لو مع أخيو عامر ا‪٤‬بلقب ابلظافر أف يكوف أكؿ ملوؾ دكلة‬
‫الطاىريْب ‪ٞ‬بلةن ‪٢‬برب ا‪٤‬بلك الرسورل ا‪٤‬بسعود ُب عدف‪ ،‬كلكنو عاد من ‪ٞ‬بلتو خائبان كدل يتمكن من‬
‫القضاء على خصمو ا‪٤‬بسعود‪.‬‬
‫ٍب أعد نفسو إعدادان أفضل فكرر ‪ٞ‬بلتو على عدف ُب العاـ ٖٖٓىػ‪ ،‬ك‪ٛ‬بكن ىذه ا‪٤‬برة من طرد ا‪٤‬بسعود‬
‫منها‪ ،‬فتوجو ا‪٤‬بسعود إذل ببلد موزع كمنها إذل مدينة حيس بصحبة ا‪٤‬بماليك الذين أرادكا دخوؿ عدف‬
‫اثنية معو لكنو خلع نفسو ىناؾ كملك‪ ،‬ليبقى ُب الساحة ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بؤيد الذم دخل عدف إثر انسحاب‬
‫الطاىريْب الطوعي منها إذل ا‪٤‬بقرانة مقر حكمهم ‪٤‬بزيد من اإلستعداد‪ٍ ،‬ب أعادكا الكرة األخّبة ُب شهر‬
‫رجب من العاـ نفسو ك‪ٛ‬بكنوا من دخوؿ عدف كأسر ا‪٤‬بؤيد ىناؾ آخر ملوؾ دكلة بِب رسوؿ‪.‬‬
‫كقبل ذكر العوامل كاألسباب الٍب أدت إذل سقوط الدكلة الرسولية كقياـ الدكلة الطاىرية‪ ،‬البد أكالن أف‬
‫نذكر أحواؿ اليمن بشكل عاـ‪ ،‬كاإلنقسامات السياسية كالدكيبلت الٍب ظهرت على إثر الضعف‬
‫كاإلهنيار الذم أصاب الدكلة الرسولية ُب أكاخر عهدىا‪ ،‬لذا فإننا سنذكر أكالن الورع السياسي‬
‫كالدكيبلت الٍب ظهرت ُب اليمن قبل قياـ الطاىريْب ُب مبحث‪ٍ ،‬ب نتكلم ُب مبحث آخر بشكل عاـ‬
‫عن العوامل الٍب أدت إذل سقوط الدكلة الرسولية ككذلك العوامل الٍب ساعدت ُب قياـ الدكلة‬
‫الطاىرية‪ ،‬كذلك ُب مبحثْب على النحو اآلٌب‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬اإلنقسام السياسي والدويالت اليت ظهرت يف اليمن قبل قيام الدولة الطاىرية‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬عوامل إهنيار الدولة الرسولية وأسباب سقوطها والتمهيد لقيام الدولة الطاىرية‬

‫‪65‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫اإلنقسام السياسي والدويالت اليت ظهرت يف اليمن‬
‫قبل قيام الدولة الطاىرية‬

‫على إثر الضعف كاإلهنيار الذم أصاب الدكلة الرسولية ُب أكاخر عهدىا بسبب الصراعات الداخلية‬
‫بْب الرسوليْب على السلطة كا‪٢‬بكم‪ ،‬ككذلك رعف شخصيات ا‪٤‬بلوؾ الرسوليْب الذين حكموا اليمن‬
‫مؤخران كاستيبلء ا‪٤‬بماليك كالعبيد على ا‪٢‬بكم كمفاصل الدكلة ُب الباطن كمن كراء الستار كدل يكن‬
‫للرسوليْب دكر حقيقي ُب السلطة‪ ،‬فإف ذلك كلو ٔبانب انتشار الظلم كالفساد كالطيياف‪ ،‬كعدـ‬
‫اإلستقرار األمِب من قبل ا‪٤‬بماليك كالعبيد‪ ،‬أدل ذلك كلو إذل انقسامات عديدة ُب اليمن‪ ،‬كإذل ظهور‬
‫قول سياسية ُب الساحة السياسية اليمنية‪ ،‬كزعامات قبلية سعت للسيطرة على عدد من ا‪٤‬بناطق‪،‬‬
‫كتتصارع كلها لئلستيبلء على أكرب قدر ‪٩‬بكن من األرض كالنفوذ السياسي‪ ،‬ككذلك اإلستقبلؿ أبكرب‬
‫قدر من السلطة ُب ا‪٤‬بناطق الٍب ظهرت كقامت هبا‪.‬‬
‫كىذه القول الٍب ظهرت على أنقاض الدكلة الرسولية كُب أكاخر عهدىا‪ُ ،‬ب اليالب كانت عبارة عن‬
‫مناطق نفوذ رسورل اتبعة للدكلة الرسولية‪ ،‬فكانت الدكلة الرسولية تورل على ىذه ا‪٤‬بناطق حاكمان أك‬
‫كاليان من قبلها‪ ،‬كقد يكوف ىذا ا‪٢‬باكم ُب اليالب من مشايخ ا‪٤‬بنطقة الٍب كانت تقع ‪ٙ‬بت نفوذ الدكلة‬
‫الرسولية‪ ،‬كعندما رعفت الدكلة الرسولية كاهنارت كدل تستطع أف تدير شئوف الدكلة‪ ،‬استقل ىؤالء‬
‫ا‪٢‬بكاـ اب‪٤‬بناطق الٍب ٰبكموهنا كأعلنوا سيطرهتم عليها‪ ،‬كطمع البعض ُب أف يكوف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بتوج هبا‪،‬‬
‫كٲبتد نفوذه إذل مناطق أخرل على حساب الدكلة الرسولية كالضعف الذم ‪٢‬بق هبا‪.‬‬
‫كقد تكوف ىذه ا‪٤‬بناطق الٍب استقلت عن الدكلة الرسولية مناطق صراع بْب حكاـ سابقْب كبْب الدكلة‬
‫الرسولية‪ ،‬أك مناطق نفوذ ألسر أك مشايخ قبيلة أكجدت أك حاكلت أف ٘بد ‪٥‬با مكا ان ُب ظل رعف‬
‫الرسوليْب‪.‬‬
‫فعندما حل الضعف ابلدكلة الرسولية ُب أكاخر عهدىا استيل ىؤالء الفرصة كأعادكا ا‪٤‬بناطق الٍب كانت‬
‫اتبعة ‪٥‬بم إذل حكمهم كسيطرهتم‪.‬‬
‫كنستطيع القوؿ من خبلؿ ا‪٤‬بصادر كا‪٤‬براجع التارٱبية أنو قد ظهر ُب أكاخر عهد الدكلة الرسولية كقبل‬
‫قياـ الدكلة الطاىرية بسنوات قليلة فقط أكثر من عشر دكيبلت أك سلطنات أك مناطق حكم ذاٌب‪،‬‬

‫‪66‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫تتمتع كلها ٕبكم ذاٌب كسلطة مستقلة ‪ٛ‬بامان عن الدكلة الرسولية‪ ،‬ككانت اليمن ُب ذلك الوقت ي‪ٙ‬بكم‬
‫أبشبو ما يكوف ٗبلوؾ الطوائف‪ٛ ،‬بامان مثل ما كاف حاصبلن ُب األندلس ُب أكاخر عهدىا‪.‬‬
‫كمن أبرز ىذه الدكيبلت أك السلطنات الٍب ظهرت ٔبانب الوجود السياسي للدكلة الرسولية ككالية بِب‬
‫طاىر‪ُ ،‬ب أكاخر عهد الدكلة الرسولية كقبل قياـ الدكلة الطاىرية‪:‬‬
‫األئمة الزيدية كالذين كانوا ٰبكموف مشاؿ اليمن من مدينة ذمار تقريبان إذل صنعاء كحجة كصعدة‬
‫كاحملويت كا‪١‬بوؼ كعمراف كغّبىا من ا‪٤‬بناطق الواقعة مشاؿ اليمن‪ ،‬كقد ظهر ُب أكاخر عهد الدكلة‬
‫الرسولية ثبلث مناطق حكم مستقلة‪ ،‬يتنازعها فيما بينهم ثبلثة من األئمة الزيدية كلهم من آؿ البيت‪،‬‬
‫فبعد كفاة اإلماـ علي بن صبلح الدين كاإلماـ ا‪٤‬بهدم أ‪ٞ‬بد بن ٰبي ُب عاـ َْٖ ىػ‪ ،‬قاـ بعدىم‬
‫ثبلثة من األئمة تعارروا ُب عصر كاحد كىم اإلماـ ا‪٤‬بتوكل ا‪٤‬بطهر بن دمحم بن سليماف كاإلماـ ا‪٤‬بهدم‬
‫صبلح بن علي بن أيب القاسم كعاررهما اإلماـ ا‪٤‬بنصور الناصر بن دمحم‪ ،‬كقد تنازع ىؤالء األئمة‬
‫الثبلثة على اإلمامة‪ ،‬كتصارعوا كتقاتلوا فيما بينهم كبلن منهم ييريد اإلستيبلء على ا‪٢‬بق ُب اإلمامة‬
‫ابلدعوة لنفسو بذلك‪ ،‬كبسط نفوذه على حساب اآلخرين ُب مناطق اليمن األعلىُ‪ ،‬كأما مناطق‬
‫نفوذ كبلن منهم‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬اإلمام ادلتوكل ادلطهر بن دمحم بن سليمان‪ :‬كانت مناطق نفوذه تقع ُب كوكباف كحجة كقد‬
‫دخل صعدة كصنعاء مراران ك‪ٛ‬بلك ذمار من قبل الطاىريْب حٌب توُب فيها سنة ٕٕٖىػِ‪ ،‬كقد أسر‬
‫اإلماـ الناصر بن دمحم بعد أف ٌفر من ذمار خوفان من بِب طاىر‪.3‬‬
‫اثنياً‪ :‬اإلمام ادلهدي صالح بن علي بن أيب القاسم‪ :‬فقد كانت مناطق نفوذه كحكمو كاقعة ُب‬
‫صعدة كما إليها من مناطق كا‪١‬بوؼ كبعض حجة‪.4‬‬
‫اثلثاً‪ :‬اإلمام ادلنصور الناصر بن دمحم‪ :‬كقد كانت ا‪٤‬بناطق الٍب تقع ‪ٙ‬بت سيطرتو غي اليالب ىي‬
‫صنعاء كذمار كما حواليها من مناطق كمدف‪ ،‬مع صراع مستمر بْب ىؤالء األئمة فيما بينهم على‬

‫‪ 1‬اٌَعائف اًسًِة يف ٔبدداز املٌلكل اٍمييَة‪ ،‬اًـالمة دمحم جن إسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬حتلِق ا ٔلس خار ذادل ا ٔلرزؾي ض‪.147‬‬
‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،353‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض‪ ،147‬فصخة اهلموم واذلزن‪ ،‬ؾحساًواسؽ جن حيي اًواسـي‪،‬‬
‫ض‪.010‬‬
‫‪ 1‬فصخة اهلموم واذلزن‪ ،‬ؾحساًواسؽ جن حيي اًواسـي‪ ،‬ض‪.010‬‬
‫‪ 2‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.351‬‬
‫‪67‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫صنعاء كغّبىا من ا‪٤‬بناطق ككانت ا‪٢‬برب بْب الناصر كبِب طاىر مستمرة‪ ،‬كقد ملك ذمار كصنعاء‬
‫كأغلب اليمن األعلى خبلؿ فَبة إمامتوُ‪.‬‬
‫ىذه ىي ا‪٤‬بناطق الٍب استقلت عن الدكلة الرسولية ُب أكاخر عهدىا ُب ا‪٤‬بناطق الواقعة ُب مشاؿ اليمن‪،‬‬
‫كالٍب كانت ‪ٚ‬بضع لؤلئمة الزيديْب رغم الصراع الذم جرل فيما بينهم‪ ،‬كأما ابلنسبة لبقية ا‪٤‬بناطق‬
‫اليمنية فقد ظهرت كذلك دكؿ أخرل ىي‪:‬‬
‫رابعاً‪ :‬إمارة دمحم سعيد ابدجانة يف الشحر وظفار‪:‬‬
‫آؿ ابدجانة كانوا نواب ككالة الدكلة الرسولية ُب الشحر كظفار‪ ،‬كقبيلة آؿ ابدجانة من كندة كا‪٤‬بهرة‬
‫أخوا‪٥‬بم‪ ،‬كقد حكم األمّب سعيد بن مبارؾ بن فارس ابدجانة الكندم الشحر ‪٫‬بو عاـ ّٖٔىػ بعد‬
‫رعف حكم بِب رسوؿ حكاـ اليمن آنذاؾ‪ ،‬إذ كانوا ينيبوف عنهم أمراء ‪٢‬بكم الببلد كإرساؿ اإلاتكات‬
‫إذل العاصمة تعز بعد أف جعلوىا عاصمتهم بعد زبيد‪.2‬‬
‫خامساً‪ :‬شللكة آل السريي يف بعدان‪:‬‬
‫ُب أكاخر الدكلة الرسولية كُب عصر ا‪٤‬بلك األفضل ككلده ا‪٤‬بلك األشرؼ الثاين ظهر الشيخ أبوبكر بن‬
‫معورة السّبم صاحب بعداف كالذم كصفو ابن الديبع ُب ‪٨‬بطوطو قرة العيوف أبنو كاف أحد رجاالت‬
‫الدىر‪ ،‬حيث سيطر على جبل بعداف كحصن حب كحصن عزاف ا‪٤‬بطل على مدينة إب من ا‪١‬بنوب‬
‫الشرقي كمدينة إب نفسها كأعلن استقبللو عن الرسوليْب‪ ،‬ككاف مقره ُب جبل بعداف ٍب ُب قرية حقلة‬
‫من عزلة ا‪٤‬بقاطن جنوب غرب مدينة إب‪.3‬‬
‫ٍب توذل السلطة من بعده ُب ىذه ا‪٤‬بناطق الشيخ دمحم السّبم كيشّب ا‪٣‬بزرجي مؤلف العقود اللؤلؤية‬
‫ْا‪٤‬بتوَب سنة ُِٖىػ كا‪٤‬بعاصر ‪٥‬بذه ا‪٤‬بدة أف جبل بعداف كاف عاصيان على الرسوليْب منذ أايـ السلطاف‬

‫‪ 1‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض‪ ،152‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،352‬فصخة اهلموم واذلزن يف حواذج واتزخي اٍمين‪ ،‬اًـالمة‬
‫ؾحساًواسؽ جن حيي اًواسـي‪ ،‬ض‪.012‬‬
‫‪ 0‬خمخرص من نخاة اًضحص ؿرب اًخازخي‪ ،‬مخُس محسان‪ ،‬مصنز ادلزاساث واًححوج اٍميين ظيـاء‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪ ،0222‬ض ‪ ،14‬زوضة‬
‫ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪ ،43‬كالذت اًيحص‪ ،‬اًعَة ابخمصمة‪ ،232/4 ،‬اتزخي حرضموث املـصوف تخازخي صًدي‪ٔ ،‬بمحس جن ؾحسهللا‬
‫صًدي‪ ،‬ض‪.166‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن الهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪،44‬اًـلوذ اٌَؤًؤًة يف اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬ؿىل جن اذلسن ارلززيج‪ ،‬حتلِق دمحم ثس َوين‪ ،‬ذاز‬
‫ٔ‬
‫ظاذز تريوث ًحيان‪ ،‬معحـة اًِالل مرص ‪1712‬م‪.057/0 ،‬‬
‫‪ 2‬اًـلوذ اٌَؤًؤًة‪ ،‬ارلززيج‪.062/0 ،‬‬
‫‪68‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫اجملاىد كالد األفضل‪ ،‬كقد حاكؿ ا‪٤‬بلوؾ الرسوليوف استعادة جبل بعداف كحصن حب عدة مرات‬
‫كذلك إبرسا‪٥‬بم عدة ‪ٞ‬ببلت إال أهنم فشلوا ُب استعادهتا من السّبم‪.‬‬
‫كلقد استمرت سلطة عائلة السّبم على بعداف كحصن حب إذل ما بعد سقوط الرسوليْب الذين حل‬
‫‪٧‬بلهم الطاىريوف‪.1‬‬
‫سادساً‪ :‬العباس بن اجلالل احلبيشي وسلطتو يف سلالف جعفر إبب‪:‬‬
‫كانت ببلد ا‪٢‬ببيشي تقع ُب حبيش من مناطق إب‪ ،‬كقد كانت من أبرز ا‪٤‬بدف الٍب إستقل ابلسلطة‬
‫هبا مدينة جبلة كالٍب بنيت ُب عصر الدكلة الصليحية كتبعد عن مدينة إب حوارل ستة كيلو مَبات‬
‫فقط‪ ،‬كقد كاف آؿ ا‪٢‬ببيشي من ا‪٤‬بتمردين ُب أكاخر عهد الدكلة الرسولية كاستمر ‪ٛ‬بردىم كطموحهم‬
‫لئلستيبلء على السلطة إذل عصر الدكلة الطاىرية‪ ،‬ككاف معقلهم كحصنهم ا‪٤‬بنيع ىو حصن التعكر‬
‫الشهّب القريب من مدينة جبلة‪.2‬‬
‫سابعاً‪ :‬سلطنة العماري يف ادلناطق الوسطىّ‪:‬‬
‫كمن ا‪٤‬بناطق الٍب استقلت عن الدكلة الرسولية ُب أكاخر عهدىا‪ ،‬سلطنة العمارم األسد بن الورد‬
‫العمارم كابن اخيو ا‪٤‬بعافا ابن الورد كالذم كاف نفوذه ٲبتد على مصنعة ربيع كشخب ككهاؿ كحصن‬
‫القاىرة ا‪٤‬بذٱبرة‪ ،‬ككذلك كاف من رجاؿ دكلتو أخوه دمحم بن أيب ا‪٤‬بعارل الورد ا‪٢‬بجاجيْ‪ ،‬كالذم ‪ٛ‬بلك‬
‫ُب بنا ببلد التويٍبٓ‪ ،‬كببلد أىل ‪ٝ‬بيل بيت الفائق كا‪٤‬برخاـ‪ ،‬كحصن عهر‪ ،‬فيما ابن عمو دمحم بن الورد‬
‫يسيطر على العرافة كحيد ا‪١‬برادم حصن مشر كتلك ا‪٢‬بصوف تشمل ما بينها من رقعو سهليو كجبلية‪.‬‬
‫كىي ب عض ا‪٤‬بناطق الوسطى من إب الٍب مشلها سلطاف ىؤالء إذ أف ُب ذلك الزمن من يسيطر‬
‫على ا‪٢‬بصوف يبسط سيطرتو على كل ما يتبعها اك ينحصر ‪ٙ‬بت سلطاهنا‪.‬‬
‫اثمناً‪ :‬السلطان بدر الكثريي يف حضرموت‪:‬‬
‫كمن القبائل الٍب استقلت ٗبناطقها عن الدكلة الرسولية‪ ،‬ككاف ‪٥‬با نفوذىا كسلطتها ا‪٣‬باصة هبا ُب‬
‫مناطقها‪ ،‬آؿ كثّب ُب كادم حضرموت بزعامة السلطاف بدر بن دمحم الكثّبم‪ ،‬كقد كانت الصراعات‬

‫‪ 1‬اتزخي ا ّٕة‪ ،‬ذ‪ .‬دمحم مؼفص ا ٔلذمهي‪ ،‬مًضوزاث خامـة إة اٍمين‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪0225‬م‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪ ،42‬اتزخي ا ّٕة‪ ،‬ذ‪ .‬دمحم مؼفص ا ٔلذمهي‪ ،‬ض ‪.141‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.22‬‬
‫‪ 2‬وس حة اىل جحاح ددان وًُس تالذ جحاح اًيت ًًمتي إٍهيا تين ظاُص من مسٍصًة خنب‪.‬‬
‫‪ 3‬ؾزةل يف مسٍصًة اًضـص‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫مستمرة بينهم كبْب آؿ ابدجانة‪ٍ ،‬ب مع قياـ الدكلة الطاىرية تودد السلطاف بدر الكثّبم للدكلة‬
‫الطاىرية كالسلطاف عامر بن طاىر حٌب صار ائبان ‪٥‬بم ُب الشحر كحضرموت كظفار‪ ،‬ككاف ذلك بداية‬
‫لظهور أمراء آؿ كثّبُ‪.‬‬
‫اتسعاً‪ :‬ادلخالف السليماين يف جازان‪ :‬كُب مشاؿ هتامة كاف ا‪٤‬بخبلؼ السليماين من ا‪٤‬بناطق أك‬
‫اإلمارات التابعة للدكلة الرسولية ُب اليمن‪ ،‬كقد كاف حكم الرسوليْب ٲبتد ُب ‪ٝ‬بيع أرجاء اليمن‪ ،‬ككصل‬
‫حٌب مكة كا‪٤‬بدينة كهبذا كاف يشمل ا‪٤‬بخبلؼ السليماينِ‪.‬‬
‫غّب أنو ُب أكاخر عهد الدكلة الرسولية كاإلنقسامات الٍب ‪٢‬بقت ابلدكلة الرسولية جعلت الكثّب من‬
‫ا‪٤‬بناطق تستقل عنها‪ ،‬ك‪٩‬بن استقل عن الدكلة الرسولية ُب أكاخر عهدىا ا‪٤‬بخبلؼ السليماين‪ ،‬كقد‬
‫دخل أمراء ا‪٤‬بخبلؼ السليماين ُب صراع مع السلطاف الناصر كىو من أكاخر ملوؾ الدكلة الرسوليةّ‪.‬‬
‫كقد قاؿ بعض ا‪٤‬بؤرخْب أبف أمراء ا‪٤‬بخبلؼ السليماين كانوا إمارة مستقلة ُب ا‪٢‬بكم عن اليمن‪ ،‬إال أهنا‬
‫‪ٙ‬بكم ُب ظل الدكلة الرسوليةْ‪.‬‬
‫ىذه كانت أىم الدكيبلت كالسلطنات الٍب قامت ُب أكاخر عهد الدكلة الرسولية‪ ،‬كالٍب كصل عددىا‬
‫إذل أكثر من عشر إمارات كسلطنات كما ذكر ا ابإلرافة إذل الدكلة الرسولية ككالية بِب طاىر ُب‬
‫ذلك الوقت‪.‬‬
‫كقد صارع معظمها الدكلة الطاىرية عند بداية أتسيسها‪ ،‬اىيك عن أف ىناؾ التمردات القبلية كما‬
‫كانت تقوـ بو من قطع للطريق كسلب كهنب كتركيع لآلمنْب كالٍب كانت منتشرة ُب معظم أرجاء‬
‫اليمن السيما مناطق هتامة كغّبىا من ا‪٤‬بناطق‪.‬‬
‫كقد ظلت ىذه الدكيبلت كالسلطنات قائمة ُب اليمن ككانت اليمن مقسمة قبائل كشيعان كأحزاابن‬
‫تتصارع كتتناحر فيما بينها‪ ،‬كيكثير فيما بْب القبائل كىذه القول ا‪٤‬بتفرقة السلب كالنهب كقطع الطريق‬
‫كالتعدم على ا‪٢‬برمات كالظلم كا‪١‬بور كاإلستبداد‪ ،‬حٌب سخر هللا كقيض ألىل اليمن الطاىريوف كالٍب‬
‫توحدت اليمن ُب ذلك العصر على أيديهم من أقصاىا إذل أقصاىا مشاالن كجنوابن كشرقان كغرابن‪ ،‬كأرسى‬
‫بِب طاىر العدؿ كاألماف ُب أرض اليمن‪ ،‬كسيأٌب معنا ذكر ىذه الدكؿ كنشأهتا كالصراع الذم جرل‬
‫مع بِب طاىر‪ ،‬كهناية كبلن منها على يد الدكلة الطاىرية‪.‬‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬اًعَة ابخمصمة‪ ،232/4 ،‬اتزخي حرضموث املـصوف تخازخي صًدي‪ٔ ،‬بمحس جن ؾحسهللا صًدي‪ ،‬ض‪ ،166‬اًضحص ؿرب‬
‫مخُس محسان‪ ،‬ض‪.15‬‬
‫‪ 0‬اًـلوذ اٌَؤًؤًة يف اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬ؿًل جن اذلسني ارلززيج‪.107/0،‬‬
‫‪ 1‬ادلوةل اًصسوًَة يف اٍمين ذزاسة يف ٔبوضاؾِا اًس َاس َة واذلضازًة‪ ،‬دمحم اًفِفي‪ ،‬اًيارش ادلاز اًـصتَة ٌَموسوؿاث ظحـة ‪0223‬م‪.‬‬
‫‪ 2‬خمخرص اًخازخي اًس َايس ٌَمزالف اًسَاميين‪ ،‬حسني ظسًق اذلمكي‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫عوامل إهنيار الدولة الرسولية وأسباب سقوطها وهنوض الدولة الطاىرية‬

‫أدت عدة عوامل إذل اهنيار الدكلة الرسولية كزكاؿ ملك بِب رسوؿ الذم داـ ألكثر من مائتْب عاـ ُب‬
‫اليمن‪ ،‬كابجتماع ىذه العوامل الٍب أدت إذل اهنيار الدكلة الرسولية‪ ،‬كاف ذلك إيذا ان لنهوض الدكلة‬
‫الطاىرية كبداية هنضتها‪ ،‬لذلك سنبْب ىنا أكالن العوامل الٍب أدت إذل سقوط الدكلة الرسولية‪ ،‬كٍب‬
‫سنبْب بعد ذلك ُب ا‪٤‬بقابل عوامل النهوض للدكلة الطاىرية‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬العوامل اليت أدت إىل سقوط الدولة الرسولية‪:‬‬
‫ُ‪ .‬إنقساـ الرسوليْب كظهور أكثر من ملك ُب كقت كاحد فقد تنازع أمراء األسرة ا‪٢‬باكمة على‬
‫ا‪٢‬بكم‪ ،‬األمر الذم شكل مصدرا آخر لئلرراابت‪ ،‬كأرعف جانب الدكلة كابلذات ُب ا‪٤‬براحل‬
‫األخّبة من عهدىا‪ ،‬كمهد الطريق آلؿ طاىر للوصوؿ إذل ا‪٢‬بكم‪ ،‬كالصرع الذم جرل بْب ا‪٤‬بظفر‬
‫كا‪٤‬بفضل كالناصر كابنو ا‪٤‬بسعود‪ٍ ،‬ب آخر صراع رسورل الذم كاف بْب ا‪٤‬بسعود كا‪٤‬بؤيد‪.‬‬
‫ِ‪ .‬استكثار ملوؾ بِب رسوؿ من ا‪٤‬بماليك إذل جانب ‪٩‬باليك الدكلة األيوبية حٌب صار للمماليك‬
‫عمومان مراكز قيادية ُب اإلدارة كا‪١‬بيش‪ ،‬كصاركا يشكلوف مراكز قول يثّبكف اإلرطراابت‪ ،‬كيقلقوف‬
‫األمن‪ ،‬كعبثوف كيفسدكف كيسلبوف كينهبوف‪ ،‬كصاركا ُب الفَبة األخّبة من عهد الدكلة الرسولية‪،‬‬
‫ٱبلعوف ملكان كيقيموف ملكان‪ ،‬حٌب أرعفوا جانب الدكلة‪ ،‬كزعزعوا كياهنا كصدعوا صرحها كىيئوا‬
‫عن غّب قصد آلؿ طاىر أف يقيموا حكمهم على انقارها‪.‬‬
‫ّ‪ .‬تدىور األكراع السياسية كاإلقتصادية كاإلجتماعية ُب الدكلة الرسولية‪ ،‬فبسبب الصراعات‬
‫السياسية بْب الرسوليْب أدت ىذه الفًب إذل عدـ اإلستقرار السياسي ‪٩‬با أدل استنزاؼ خزائن‬
‫الدكلة ُب ىذا الصراع بدؿ أف توجو لصرفها ُب ا‪٤‬بصاحل اإلقتصادية كاإلجتماعية‪ ،‬ككل ذلك أدل‬
‫إذل تدىور ا‪٢‬بالة ا‪٤‬بعيشية لليمنيْب كسؤ ا‪٤‬بعيشة بشكل عاـ ُب اجملتمع‪.‬‬
‫ْ‪ .‬رعف ثقة ملوؾ بِب رسوؿ ابليمنيْب كاعتمادىم ُب الوظائف ا‪٥‬بامة مدنيان كعسكراين على غّب‬
‫اليمنيْب‪ ،‬األمر الذم أفقد الدكلة تعاكف اليمنيْب كاخبلصهم‪ ،‬كتفانيهم ُب خدمتها كالذكد عنها‪،‬‬
‫عدا من فرض نفسو بقوتو كىيبتو ككالء قبائلهم ‪٥‬بم كالطاىريْب‪.‬‬
‫ٓ‪ .‬النظاـ الوراثي الذم انتهجو بنو رسوؿ ُب حكمهم‪ ،‬كالذم اكصل إذل ا‪٢‬بكم رعاؼ ا‪٤‬بلوؾ‬
‫كاألحداث كا‪٤‬بسعود الذم توذل ا‪٢‬بكم كعمره ثبلثة عشر عامان كىو من آخر ملوؾ الرسوليْب‪،‬‬
‫كأاتح للماليك اإلستبداد ابألمور‪ ،‬كالعبث كالفسادكأدل إذل التنافس كالتناحر كتعميق اإلنقساـ‬

‫‪71‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫بعزؿ ىذا ا‪٤‬بلك كتنصيب ذاؾ‪ ،‬حٌب زاد رعف الدكلة كزالت ىيبتها‪ ،‬كشجع بِب طاىر على‬
‫حرب ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بؤيد آخر ملوؾ بِب رسوؿ جهران كعلنان‪.‬‬
‫ٔ‪ٛ .‬برد القبائل اليمنية على الرسوليْب ُب أكاخر عهد الدكلة الرسولية كعدـ قدرة الدكلة الرسولية على‬
‫السيطرة عليها‪ ،‬كذلك لعدـ كجود القوة الكافية لقمع التمردات من جهة‪ ،‬كمن جهة أخرل كثرة‬
‫ا‪٣‬بارجْب على الدكلة الرسولية من أبناء القبائل بسبب الظلم كسوء التعامل الرسورل كاتباعهم‬
‫ا‪٤‬بماليك كالعبيد الواقع على اليمنيْب‪.‬‬
‫كل ىذه العوامل كغّبىا أدت إذل استياء عاـ من قبل اليمنيْب من الظلم كا‪١‬بور ا‪٢‬باصل عليهم من‬
‫قبل آخر ا‪٢‬بكاـ الرسوليْب ككالهتم‪ ،‬كعدـ األمن كاإلستقرار الناتج عن اإلختبلؿ ُب السلطة كالتنافس‬
‫بْب الرسوليْب عليها ‪٩‬با أنساىم القياـ بدكرىم كحكاـ‪ ،‬كا‪٤‬بعنيْب ىنا ىم آخر ا‪٢‬بكاـ الرسوليْب كما‬
‫ذكر ا‪.‬‬
‫اثنياً‪ :‬العوامل اليت ساعدت على هنوض الدولة الطاىرية‪:‬‬
‫ُ‪ .‬إنقساـ الرسوليْب كالصراع على كرسي ا‪٢‬بكم فقد تنازع أمراء األسرة ا‪٢‬باكمة على ا‪٢‬بكم‪ ،‬كتقاتلوا‬
‫ألجل ذلك ‪٩‬با أرعفهم كفرقهم‪ ،‬األمر الذم شكل مصدرا لئلرراابت‪ ،‬كأرعف جانب الدكلة‬
‫كابلذات ُب ا‪٤‬براحل األخّبة من عهدىا‪ ،‬كمهد الطريق آلؿ طاىر للوصوؿ إذل ا‪٢‬بكم‪ ،‬كالصرع‬
‫الذم جرل بْب ا‪٤‬بظفر كا‪٤‬بفضل كالناصر كابنو ا‪٤‬بسعود‪ٍ ،‬ب آخر صراع رسورل الذم كاف بْب‬
‫ا‪٤‬بسعود كا‪٤‬بؤيد‪ ،‬كرغم ىذا الصراع إال أف كالء الطاىريْب ُب آخر عهد الرسوليْب كاف للملك‬
‫ا‪٤‬بظفر كالذم اجتمعت كلمة أىل ا‪٢‬بل كالعقد على تعيينو‪ ،‬كالظاىر اهنم دل ٱبرجوا عليو أبدان حٌب‬
‫عزؿ نفسو كترؾ ا‪٢‬بكم للخارج عليو كىو ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بسعود كمن ىنا بدأ الصراع الطاىرم الرسورل‬
‫على ا‪٢‬بكم‪.‬‬
‫ِ‪ .‬من أىم العوامل الٍب ساعدت على قياـ الدكلة الطاىرية الظلم كاإلستبداد الذم استشرل ُب عصر‬
‫الدكلة الرسولية ُب أكاخر عهدىا كذلك بسبب تورل من ال صبلح فيو شؤكف ا‪٢‬بكم كالعبيد‬
‫مر معنا‪٩ ،‬با استدعى قياـ بِب طاىر لدفع‬ ‫كا‪٤‬بماليك كاألتراؾ كأىل الفسق كالظلم كاإلستبداد كما ٌ‬
‫ىذا الظلم كرفعو عن اليمنيْب‪ ،‬ر‪ٞ‬بة هبم من الظلم ا‪٤‬بستبد‪ ،‬فقد كانوا أىل صبلح كعدؿ كما نقل‬
‫ذلك ا‪٤‬بؤرخْب كألهنم كذلك كانوا القوة العظمى ُب ذلك الوقت الٍب كاف ابسطاعتها رفع ىذا‬
‫الظلم ككانت أبصار اليمنيْب متجهة إليهم لصنع شيئان لرفع معا اة اليمنيْب‪ ،‬يقوؿ العبلمة‬
‫عبدالر‪ٞ‬بن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا كىو من ا‪٤‬بعاصرين للدكلة الطاىرية ُب كصف قياـ ىذه الدكلة بعد طوؿ‬
‫ظلم كاستبداد من أىل الزيغ كالفساد‪٤" :‬با أراد هللا تعاذل ر‪ٞ‬بة العباد‪ ،‬كمعاملتهم ابللطف‬
‫كاإلسعاد‪ ،‬كإزالة أىل الزيع كالفساد‪ ،‬كالشقاؽ كالعناد‪ ،‬نزؿ ا‪٤‬بللك اجملاىد كأخوه الظافر من‬

‫‪72‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ببلدٮبا إذل مدينة عدف‪ ،‬كقد قررا القواعد مع أىل الدرؾ‪ ،‬بتلك البلد‪ ،‬دل ٰبل بينهما بْب أخذىا‬
‫أحد‪٤ ،‬بساعدة السعادة ‪٥‬بما‪ ،‬كجرايف الفضاء بوفق مرادٮبا"ُ‪ ،‬كيقوؿ ابن الديبع كذلك ُب مؤلف‬
‫آخر لو‪" :‬اعلم كفقنا هللا كإايؾ أف هللا تعاذل بفضلو ‪٤‬با أراد ر‪ٞ‬بة عباده كببلده كمعاملة خلقو بلطفو‬
‫كإسعاده شيد للعدؿ كاألمن بنيا ان كىدـ من ا‪١‬بور كا‪٣‬بوؼ أركا ان فهيأ نزكؿ اجملاىد علي كأخيو‬
‫الظافر عامر فنزال من ببلدٮبا إذل عدف كقد قررا القواعد مع أىل الدرؾ بتلك البلد فلم ٰبل بينهما‬
‫كبْب أخذىا أحد كذلك بعد سعي شديد كجهد جهيد كصرب ‪ٞ‬بيد كترغيب كترىيب كتبعيد‬
‫كتقريب مع مساعدة السعادة كجرايف القضا بوفق اإلرادة فدخلها اجملاىد علي بن طاىر ليلة‬
‫ا‪١‬بمعة الثالث كالعشرين من شهر رجب من سنة ‪ٜ‬باف ك‪ٟ‬بسْب ك‪ٜ‬با٭بائة"ِ‪.‬‬
‫ّ‪ .‬ميل القبائل اليمنية للطاىريْب ككالئهم ‪٥‬بم‪ ،‬كحبهم لبِب طاىر ‪٤‬ببلمستهم حكمهم العادؿ كال‬
‫سيما ُب ا‪٤‬بناطق الٍب كاف ٰبكمها آؿ طاىر‪ ،‬ككذلك األمن كاإلستقرار كالعدؿ الذم عاشوه ُب‬
‫مناطقو‪ ،‬كعلى رأس ىؤالء القبائل قبائل رداع كما حو‪٥‬با كقبائل ببلد خباف كعمار كا‪٢‬ببيشية كجنب‬
‫كحجاج كا‪٤‬بقرانة كالرايشية ك‪٢‬بج كأبْب كايفع كغّبىا‪ ،‬كالٍب كاف ٰبكم مناطقهم بِب طاىر‪ ،‬فقد‬
‫كاف ‪٥‬بذه القبائل دكر كبّب ُب سيطرة الطاىريْب على كربل ا‪٤‬بدف كعدف كزبيد‪ ،‬كالنهوض بدكلتهم‬
‫كمن ىذه القبائل آؿ أ‪ٞ‬بد أكرب فخذ من قبائل ايفع كالٍب ساعدت ُب السيطرة على عدف‪،‬‬
‫كالقرشيْب الذين كالوا الطاىريْب منذ بداية األمر كساعدكىم ُب دخوؿ زبيد كما سيأٌب معنا‪.‬‬
‫ْ‪ .‬القوة الٍب كصل إليها بِب طاىر كتوسع نفوذىم ُب مقابل الضعف الذم كاف يزداد يومان بعد يوـ‬
‫ُب الدكلة الرسولية كانكماش كتقلص نفوذىم‪ ،‬كسقوط كثّب من ا‪٤‬بناطق من أيديهم على أيدم‬
‫القبائل ا‪٤‬بتمردين كا‪٤‬بماليك كالعبيد كغّبىم‪٩ ،‬با دفع الطاىريْب إذل تدارؾ ىذا التمزؽ كالشتات‬
‫كاإلنقسامات الٍب بدأت تسرم ُب جسد الدكلة الرسولية‪ ،‬فعمل الطاىريْب على استعادة اليمن‬
‫بتوحيده كتدارؾ التمزقات الٍب حدثت بدحر ا‪٤‬بتمردين ككسر شوكتهم كإمساؾ زماـ األمور بقوة‪.‬‬

‫‪ 1‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.101‬‬
‫‪ 0‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪. 272‬‬
‫‪73‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الثاين‬
‫اإلستيالء على عدن وتعز‬

‫أدت عدة عوامل كما ذكر ا إذل اهنيار الدكلة الرسولية كزكاؿ ملك بِب رسوؿ ُب اليمن‪ ،‬كابجتماع ىذه‬
‫العوامل الٍب أدت إذل اهنيار الدكلة الرسولية‪ ،‬كاف ذلك إيذا ان لنهوض الدكلة الطاىرية كبداية هنضتها‪،‬‬
‫كقد خشي بنو طاىر من كجود بعض القول السياسية الطامعة ُب اإلستيبلء على عدف‪ ،‬كخاصة ىذه‬
‫الدكيبلت أك السلطنات الٍب ظهرت ٔبانب الوجود السياسي للدكلة الرسولية ككالية بِب طاىر‪ ،‬لذلك‬
‫كلو كاف ال بد لبِب طاىر أف يعجلوا ُب اإلستيبلء على أبرز ا‪٤‬بدف الٍب ٘باكر مناطق نفوذىم كىي‬
‫عدف كتعز‪ ،‬كخاصة أف ىذه ا‪٤‬بدف تيعد ذك أٮبية إسَباتيجية من الناحية التجارية ككذلك اإلقتصادية‪،‬‬
‫لذا فإننا ُب الفصل سنبْب ُب ا‪٤‬ببحث األكؿ إستيبلء بِب طاىر على مدينة عدف‪ٍ ،‬ب نبْب ُب مبحث‬
‫آخر إستيبلء بِب طاىر على مدينة تعز‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬اإلستيالء على مدينة عدن‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬اإلستيالء على مدينة تعز‬

‫‪74‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫اإلستيالء على مدينة عدن‬

‫اىتم بنو طاىر ُب سبيل استيبلئهم على ا‪٢‬بكم ابإلستيبلء كالسيطرة على مدينة عدف أكالن‪ ،‬كذلك‬
‫لئلستعانة ٗبواردىا ا‪٤‬بالية لتحقيق ذلك‪ ،‬فقد كانت مدينة عدف من أىم ا‪٤‬بناطق اليمنية اإلقتصادية منذ‬
‫القدـ كذلك بسبب موقعها اإلسَباتيجي على خليج عدف كمضيق ابب ا‪٤‬بندب كألنو يتواجد هبا ميناء‬
‫من أىم موانئ العادل ُب ذلك الوقت لربطو بْب حركة التجارة العا‪٤‬بية بْب الشرؽ كاليرب‪.‬‬
‫ككاف الشيخ عامر بن طاىر قبل توليو ا‪٢‬بكم كثّب الَبدد إذل عدف للتجارة قبل أف يستورل عليها‪ ،‬كما‬
‫ذكر ذلك ا‪٤‬بؤرخ العبلمة الطيب اب‪٨‬برمة‪ ،‬كقاؿ إنو أخربه عبدهللا بن دمحم ابفضل ا‪٤‬بلقب ابمشتّب ككاف‬
‫ثقة قاؿ‪ :‬دخلت عدف مراران من طريق الرب ُب قافلة عامر بن طاىر للتجارة قبل أف يلي‪.1‬‬
‫لذلك كاف بِب طاىر يعلموف أٮبية عدف اإلقتصادية كالتجارية‪ ،‬فكاف البد ‪٥‬بم من السيطرة عليها‬
‫لتكوف مصدران للدخل اإلقتصادم ٲبكنهم من إدارة دكلتهم‪ ،‬كخاصة أهنم كانوا ككبلء للدكلة الرسولية‬
‫ُب ٘بارهتم بعدف كنواابن ‪٥‬بم ُب جباية ررائب ميناء عدف‪.2‬‬
‫ككل ذلك كاف ٰبتاج من الطاىريْب‪ ،‬إذل إعداد القوة كالسبلح كالرجاؿ كالَبتيب كالتنسيق مع القبائل‬
‫ا‪٤‬بوالية كغّب ا‪٤‬بوالية لكسب مواالهتا‪ ،‬كعندما أيقن آؿ طاىر من أف أمر الرسوليْب إذل زكاؿ ال ‪٧‬بالة‬
‫أعد الشيخ علي بن طاىر بن معورة ا‪٤‬بلقب ابجملاىد مع أخيو عامر ا‪٤‬بلقب ابلظافر ‪ٞ‬بلةن ‪٢‬برب ا‪٤‬بلك‬ ‫ى‬
‫الرسورل ا‪٤‬بسعود ُب عدف‪ ،‬كلكنو ُب ا‪٤‬برة األكذل عاد من ‪ٞ‬بلتو خائبان كدل يتمكن من القضاء على‬
‫خصمو ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بسعود‪ٍ ،‬ب أعد نفسو إعدادان أفضل فكرر ‪ٞ‬بلتو على عدف ُب العاـ ٖٖٓىػ‪.‬‬
‫كألجل ىذه اإلستعدادات للسيطرة على عدف ركز الطاىريوف ابتداءن على ‪٢‬بج ألهنا مدخل عدف‬
‫كالطريق الرئيسي ا‪٤‬بوصل إليها فابتُب الشيخ علي بن طاىر داران بلحج ككقف هبا مدةّ‪ ،‬ك‪ٛ‬بركز بنو‬
‫طاىر مع قواهتم ُب ‪٢‬بج‪ٍ ،‬ب ار‪ٙ‬بل الشيخ علي بن طاىر إذل بلده ا‪٤‬بقرانة‪ٍ ،‬ب نزؿ ُب احملرـ سنة ٖٖٓىػ‬
‫ُب عسكر رليع‪ ،‬فقابلتو عسكر ا‪٤‬بسعود‪ ،‬فناؿ منهم ك الوا منوْ‪ٍ ،‬ب رجع إذل بلده كما زالت ا‪٢‬برب‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬اًعَة ابخمصمة‪.216/4 ،‬‬


‫‪ 0‬ؿسن يف ؾِس اًعاُصًني‪ ،‬ؾحاش ؿَوي‪ ،‬ض‪.11‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.114‬‬
‫‪ 2‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.270‬‬
‫‪75‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫بينو كبْب بِب طاىر سجاالن حٌب خلع نفسو‪ ،‬كخرج من عدف سادس ‪ٝ‬بادل اآلخرة‪ ،‬كدخلها ا‪٤‬بؤيد‬
‫يوـ السابع كالعشرين منو‪ ،‬ككقف هبا إذل أف نزؿ ا‪٤‬بلكاف ابِب طاىر‪ ،‬كدل يتمكن بنو طاىر من دخو‪٥‬با‬
‫لصمود حاميتها أمامهم‪.‬‬
‫مرت هبا الدكلة الرسولية‬
‫كعلى ذلك استيل الشيخ علي بن طاىر كأخيو عامر بن طاىر الظركؼ الٍب ٌ‬
‫ُب أايمها األخّبة‪ ،‬كخاصة بعد خلع ا‪٤‬بسعود لنفسو كانسحابو من عدف‪ ،‬كدخوؿ ا‪٤‬بؤيد إليها‪ ،‬فقد‬
‫كانت الفرصة سا‪٫‬بة ‪٥‬بم ُب ظل عدـ اإلستقرار السياسي كاألمِب للدكلة الرسولية كانقساـ الوالءات‬
‫بْب عدة شخصيات رسولية كتفرؽ القبائل عنهم‪ ،‬فكانت ا‪٣‬بطة تقضي ابإلستيبلء على عدف كذلك‬
‫أبف يقوـ الشيخ علي بن طاىر بدخوؿ عدف من أسوارىا خفية دكف أف يشعر أحد من حاميتها‬
‫بذلك‪ٍ ،‬ب يقوـ بفتح بواابت عدف ألخيو عامر بن طاىر كجيوشهما لتستورل على عدف‪.‬‬
‫كقد استيل األخوين علي كعامر ابِب طاىر الفرصة ا‪٤‬بناسبة كالتوقيت ا‪٤‬بناسب لتنفيذ خطتهما ككاف‬
‫ذلك ُب ليلة ا‪١‬بمعة الثالث كالعشرين من شهر رجب سنة ٖٖٓىػ ليبلن فكاف توقيت دخوؿ عدف ىو‬
‫بعد دخوؿ ا‪٤‬بؤيد أبايـ قليلة كالذم دخلها ُب السابع كالعشرين من ‪ٝ‬بادل اآلخرة من عاـ ٖٖٓىػ‪،‬‬
‫كتذكر بعض الركاايت أف دخو‪٥‬بما عدف كاف ُب اليوـ الثاين من دخوؿ ا‪٤‬بؤيد‪ ،‬كذلك إلستيبلؿ‬
‫اإلرتباؾ كاإلنشياالت الكثّبة الواقع فيها ا‪٤‬بؤيد إلرساء ا‪٢‬بكم ُب عدف كلعدـ ‪ٛ‬بكنو بعد من إحكاـ‬
‫السيطرة على عدف‪.‬‬
‫كزحف جيش الطاىريْب ا‪٤‬برابط كما ذكر ا سابقان ُب ‪٢‬بج اب٘باه عدف كاستقر حوؿ أسوارىا كأحكم‬
‫القبضة على عدف كأسوارىا كبواابهتا‪ ،‬ككانت أسوار عدف صامدة كأبواهبا ميلقة ُب كجو الطاىريْب‬
‫كحاميتها‪ ،‬حريصة على عدـ دخوؿ الطاىريْب ٕبسب أكامر كتوجيهات ا‪٤‬بؤيد آخر الرسوليْب ُب‬
‫عدف‪.‬‬
‫دور قبائل آل أمحد اليافعية يف مساعدة الطاىريني على دخول عدن والسيطرة عليها‪:‬‬
‫كاف ال بد على الطاىريْب من إٯباد ثيرة ُب أسوار عدف أك بواابهتا ليستطيعوا أف ينفذكا من خبل‪٥‬با‬
‫إذل داخل عدف‪ ،‬كقد جاءت ىذه الفرصة للشيخْب علي كعامر ابِب طاىر كذلك عن طريق التحالف‬
‫مع آؿ أ‪ٞ‬بد اليافعيوف‪ ،‬كلتوريح دكر آؿ أ‪ٞ‬بد ُب مساعدة الطاىريْب لئلستيبلء على عدف‪ ،‬ال بد من‬
‫بياف الورع الذم كاف عليو آؿ أ‪ٞ‬بد كبقية اليافعيْب ُب عدف كا‪٢‬بالة اإلجتماعية الذم كانت عليها‬
‫عدف من الداخل قبل دخوؿ الطاىريْب‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كقد ‪٣‬بص العبلمة ا‪٤‬بؤرخ الطيب اب ‪٨‬برمة قضية ا‪٤‬بساندة الٍب قدمها آؿ أ‪ٞ‬بد اليافعيوف كاألسباب الٍب‬
‫أدت إذل ذلك كالثمن الذم تقاروه من بِب طاىر مقابل ذلك فقاؿ‪:‬‬
‫" كانت الفتنة قائمة ُب أايـ ا‪٤‬بسعود بْب قبيلتْب من ايفع تعرؼ إحداٮبا آبؿ أ‪ٞ‬بد كاألخرل آبؿ كلد‪،‬‬
‫ككانوا يتحاربوف ُب نفس البلد‪ ،‬كينهبوف بيوت التجار كاألغراب‪ ،‬كال يسلم منهم إال من ‪١‬بأ إذل أحد‬
‫كبار ايفع كنقبائهم‪ ،‬كرٗبا كاف التاجر قد أيخذ ‪ٝ‬باعة من ايفع اب‪١‬بامكية يبيتوف فوؽ سطح بيتو‬
‫كمعهم ا‪٢‬بجارة‪ ،‬ير‪ٝ‬بوف من قصد ذلك البيت ابلنهب‪.‬‬
‫ككانت ا‪٢‬بصوف بيد آؿ أ‪ٞ‬بد كىم رتبتها‪ ،‬كآؿ كلد ُب البلد كىم أكثر عددان من آؿ أ‪ٞ‬بد‪ ،‬كا‪٢‬برب‬
‫بينهم سجاؿ كال ينقادكف للمسعود‪ ،‬كال ٲبتثلوف أمره‪ ،‬كإ٭با ىو صورة لو ا‪٣‬بطبة كالسكة ال غّب‪.‬‬
‫خرج مرة يقرع بينهم ُب حرب كانت بينهم‪ ،‬فرموه اب‪٢‬بجارة حٌب أدموه‪ ،‬كقتل شخص منهم ُب ا‪٢‬برب‪،‬‬
‫فدفنوه قائمان تفاؤالن منهم بقياـ الشر كالفتنة نعوذ ابهلل من ا‪١‬بهل‪.‬‬
‫ك‪٤‬با رأل ا‪٤‬بسعود عدـ اإلنقياد من ايفع مع تردد ا‪٤‬بشايخ بِب طاىر ‪٢‬بصار البلد‪ ،‬خشي أهنم يسلموه‬
‫إليهم‪ ،‬فخرج من عدف إذل العارة طريق البحر‪ٍ ،‬ب خرج من العارة ىقرة‪.‬‬
‫ك‪٤‬با خشي آؿ ا‪ٞ‬بد اليلبة من آؿ كلد‪ ،‬خرج ‪ٝ‬باعة من نقبائهم منهم النقيب طاىر بن عامر كالنقيب‬
‫اب كسامة كغّبٮبا‪ ،‬كقصدكا ا‪٤‬بشايخ بِب طاىر كابعوىم البلد‪ ،‬كاشَبطوا عليهم شركطان‪ ،‬منها أف يبقوا‬
‫نقباء آؿ أ‪ٞ‬بد على نقابتهم كتقدمهم على ايفع‪ ،‬كأف ٱبرج آؿ كلد من الببلد كال يقتل منهم أحد‪،‬‬
‫كشركطان أخرل‪."1‬‬
‫كينقل أ‪ٞ‬بد مؤرخي ايفع ما حدث كما أشَبطو آؿ أ‪ٞ‬بد من شركط‪ ،‬فيقوؿ‪ :‬كعندما ألتقى الوفداف‬
‫ليبلن رتبا خطة الدخوؿ كبسرية اتمة مقابل ا‪٢‬بصوؿ على ‪٩‬بيزات ىي اآلٌب‪:‬‬
‫ُ‪ .‬اإلبقاء على آؿ أ‪ٞ‬بد ُب حراسة الثيور كأسوار عدف‪.‬‬
‫ِ‪ .‬منحهم ررائب عدف كاملة كالٍب كانت ‪ٚ‬بص آؿ كلد‪.‬‬
‫ّ‪ .‬طرد آؿ كلد من عدف ‪ٛ‬بامان‪.2‬‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬اًعَة اب خمصمة‪.203/4 ،‬‬


‫‪ 0‬وكائؽ من اتزخي ايفؽ‪ ،‬حمسن جن حمسن ذاين‪ ،‬معحـة اًاكثة اًـصيب ذمضق سوزاي‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪1777‬م‪ ،‬ض‪.131‬‬
‫‪77‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫قبل الشيخْب علي كعامر ابِب طاىر عرض آؿ أ‪ٞ‬بد اب‪٤‬بساعدة ‪٥‬بما ُب دخوؿ عدف ُب مقابل إسَبداد‬
‫مكانتهم ُب عدف‪ ،‬كطرد آؿ كلد من عدف كاإلستيبلء على ما كانوا عليو من مكانة كسلطة‪ ،‬ككعدكىم‬
‫أبف يوفوا ‪٥‬بم هبذا اإلتفاؽ إذا مكنوىم كساعدكىم ُب دخوؿ عدف‪.‬‬
‫"فلما قرر آؿ أ‪ٞ‬بد الكبلـ مع بِب طاىر على ذلك ك‪ٙ‬بالفوا على ذلك‪ ،‬نزؿ نقباء ايفع إذل عدف‪ٍ ،‬ب‬
‫نزؿ ا‪٤‬بشايخ آؿ طاىر بعدىم ُب جيش عظيم‪ ،‬كحطوا ُب ا‪٤‬بياه‪."1‬‬
‫كٰبكي العبلمة ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين موسى بن أ‪ٞ‬بد الذؤارل الزبيدم ُب كتابو اتريخ مدينة زبيد بداية‬
‫ىذا التحالف بْب الطاىريْب كقبيلة آؿ أ‪ٞ‬بد اليافعية كسببو‪ ،‬كالذم ساعد كثّبان ُب اإلستيبلء على‬
‫مدينة عدف فيقوؿ‪" :‬ككاف قد حصل بْب قبائل ايفع خبلؼ‪ ،‬كحصوف عدف حينئذ أبيديهم كبعضها‬
‫بيد أىل أ‪ٞ‬بد كبعضها بيد الكلد‪ ،‬ككاف حصن التعكر‪ 2‬بيد أىل أ‪ٞ‬بد فضيق الكلديوف على أىل‬
‫أ‪ٞ‬بد كحصركىم فخرج أبو قسامة كىو شيخ كزعيم آؿ أ‪ٞ‬بد كأخوه إذل الشيخْب مشس الدين علي‬
‫كأخيو صبلح الدين عامر ابِب طاىر كعرروا عليهم حصن التعكر كبذلوه ‪٥‬بما على خبلصهم ‪٩‬با ىم‬
‫فيو من ا‪٢‬بصار كالتضييق‪ ،‬فبادر الشيخاف إذل التجهز كا‪٣‬بركج معهما حٌب كصبل إذل ابب عدف كخرج‬
‫العسكر الذم هبا كألتقى ا‪١‬بمعاف ككقع بينهما حرب عظيم كقتل‪ ،‬كتوىم الشيخاف من أيب قسامة‬
‫ا‪٤‬بخادعة كعدـ النصح كٮبَّا ابلرجوع إذل بلدٮبا فعمد أبوقسامة إليهما كعزـ عليهما ُب الرجوع معو‬
‫فرجعا كقاؿ ‪٥‬بما‪ :‬أ ا بْب أيديكما إف دل يفتح ا‪٢‬بصن كإال فاصنعا ما شئتما‪ ،‬فتقدـ معو الشيخ مشس‬
‫الدين ُب ‪ٝ‬باعة من العسكر حٌب كصبل إذل ‪ٙ‬بت حصن التعكر الذم على ابب الرب كطلع معو من‬
‫أصحابو من كثق بو بنفسو معهم"ّ‪.‬‬
‫فاختار الشيخ علي بن طاىر لتنفيذ خطة الدخوؿ إذل عدف رجاؿ قليلْب من أشجع فرسانو لتسلق‬
‫أسوار عدف ليبلن‪ ،‬كليدخلوا برفقتو لفتح بوابة عدف ألخيو الظافر عامر بن طاىر كجيشهما ا‪٤‬برابط‬
‫حوؿ أسوار عدف‪ ،‬كيدؿ ذلك على شجاعة فائقة كفركسية رائعة كحب للميامرة للشيخ اجملاىد علي‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬اًعَة ابخمصمة‪.204/4 ،‬‬


‫‪ 0‬اًخـىص‪ :‬حدي ٌرشف وُّيمين ؿىل ابة مسًية ؿسن‪ ،‬نٌل ٔبهَ مـاهس دلحي امليعوزي‪ ،‬كري ٔبهَ ًُـصف اًَوم ابمس حدي ارل َساف‪ ،‬وكس ًـة ُشا‬
‫ِ‬
‫ادلحي ذوز ًا ابزس ًا يف اتزخي مسًية ؿسن وادلفاع ؾهنا‪ ،‬ويف سفحَ اكن ذفن ادلاؾي س حبٔ جن ٔبيب اًسـوذ مب ُسزًؽ املخوىف س ية ‪ُ310‬ػ‪ ،‬إل ٔبن مما‬
‫ًؤسف هل ٔبن اًِسم كس ظال ابة ؿسن نٌل ظال بٔحزا هحريت من ُشا ادلحي اذلي ٔبحذَخَ اًحياايث ا ٔلمسيدِة اذلسًثة‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان‬
‫واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.012/1 ،‬‬
‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.017‬‬
‫‪78‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫بن طاىر‪ ،‬كدل يررى الشيخ علي إال أف يقوـ هبذه ا‪٤‬بهمة بنفسو ىو ك‪٦‬بموعة معو من أخلص رجالو‬
‫كأشجعهم‪.‬‬
‫كتنفيذان ‪٥‬بذا اإلتفاؽ انطلق اجملاىد علي بن طاىر مع كوكبة من رجالو كفرسانو الذين اختارىم مع‬
‫زعماء آؿ أ‪ٞ‬بد فأدخلوه عدف مع ‪ٝ‬بع من عسكره‪.‬‬
‫" كدخل اجملاىد مشس الدين علي بن طاىر عدف ليلة ا‪١‬بمعة الثالث كالعشرين من شهر رجب من سنة‬
‫ٖٖٓىػ ليبلن من السور اب‪٢‬بباؿ ُب ‪ٝ‬باعة قليلة من عسكره من جانب حصن التعكر‪ ،‬ك‪٤‬با صار اجملاىد‬
‫ىم النقيب القحاط أحد ا‪٤‬برتبْب اب‪٢‬بصن اليدر بو كقطع ا‪٢‬ببل ليسقط‬ ‫اب‪٢‬ببل بْب ا‪٢‬بصن كاألرض‪ٌ ،‬‬
‫إذل األرض‪ ،‬فمنعو النقيب طاىر كالنقيب اب كسامة كالنقيب أ‪ٞ‬بد‪ ،‬كغّبىم ‪٩‬بن قد حلف لبِب طاىر‪،‬‬
‫فلذلك كاف الشيخ علي بن طاىر يراعي النقباء ا‪٤‬بذكورين كٰبَبمهم كيكرمهم‪ ،‬كدل يكن للقحاط عنده‬
‫منزلة كال ميزة ابلكلية‪ ،‬فلما استقر اجملاىد اب‪٢‬بصن رربت هبا الطبوؿ ليبلن‪ ،‬كصيح فيها ابلنصر‬
‫للمشايخ بِب طاىر‪."1‬‬
‫"ككاف أىل ا‪٣‬بضراء‪ 2‬ابعوا ا‪٢‬بصن لبِب طاىر بكثّب من ا‪٤‬باؿ كأطلعوا علي بن طاىر إليهم اب‪٢‬بباؿ‪،‬‬
‫فحْب صار علي بن طاىر رأس ا‪٣‬بضراء زعقوا ابألصوات يدعوف لو ابلنصر‪ ،‬فركن من قد استقاـ ُب‬
‫ابب عدف إذل الفرار فتفرقوا ىاربْب ُب سكك ا‪٤‬بدينةّ"‪.‬‬
‫"فلما ‪٠‬بع بذلك آؿ كلد يسقط ُب أيديهم كأيقنوا ا‪٥‬ببلؾ‪ ،‬فما أمكنهم إال لزكـ ا‪١‬بيىور كا‪٢‬بيىوط رجا‪٥‬بم‬
‫كنسائهم‪ ،‬كتركوا البيوت خلية ليس فيها ساكن‪ ،‬ك‪٤‬با كانت صبيحة تلك الليلة فتح ابب الربكد‪ ،‬كدخل‬
‫منو الشيخ عامر بن طاىر صبيحة ا‪١‬بمعة ىو كابقي العسكر‪ ،‬فاستوذل السادة كا‪٤‬بشايخ علي كعامر‬
‫ابنا طاىر بن معورة على البلد‪ ،‬كقبضا حصوهنا‪ ،‬ك ادكا فيو ابألماف لعامة الناس إال آؿ كلد‪ ،‬فلهم‬
‫مهلة ثبلثة أايـ‪ ،‬كمن كجد منهم ابلبلد بعد الثالث فدمو ىدر‪ ،‬فتفرؽ آؿ كلد شذر مذر‪ ،‬منهم من‬
‫خرج إذل زيلع كإذل بربرة‪ ،‬كإذل سائر بر العجم‪ ،‬كخرج غالبيتهم إذل الشحر‪ ،‬كلزـ ‪ٝ‬باعة ‪٩‬بن ‪ٚ‬بشى‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬اًعَة ابخمصمة‪204/4 ،‬‬


‫‪ 0‬حعن ارلرضاء‪ :‬حدي وحعن يف اًعصف ادليويب دلحي مشسان املعي من اًضٌلل ؿىل ذََج ظريت مصىس ؿسن‪ ،‬وًـصف اًَوم ابمس‬
‫امليعوزي‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.350/1 ،‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.37‬‬
‫‪79‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫معرهتم كقيدكىم كالشهاب الصياحي‪ ،‬كالنقيب ابن عثماف كغّبٮبا‪ ،‬كأخرجا األمّب جياش السنبلي من‬
‫عدف مطركدان‪ ،‬فخرج ىو كمن معو من أىلو ككانوا ‪٫‬بو الثبلثْب كاستقر ٗبوزع‪."1‬‬
‫يقوؿ العبلمة ا‪٤‬بؤرخ عبدالر‪ٞ‬بن الديبع‪" :‬نزؿ ا‪٤‬بلك اجملاىد كأخوه الظافر من ببلدٮبا إذل مدينة عدف‪،‬‬
‫كقد قررا القواعد مع أىل الدرؾ بتلك البلد‪ ،‬دل ٰبل بينهما بْب أخذىا أحد ‪٤‬بساعدة السعادة ‪٥‬بما‪،‬‬
‫كجرايف الفضاء بوفق مرادٮبا‪ ،‬فدخلها ا‪٤‬بلك اجملاىد ليلة ا‪١‬بمعة الثالث كالعشرين من شهر رجب سنة‬
‫ٖٖٓىػ ليبلن من السور اب‪٢‬بباؿ ُب ‪ٝ‬باعة قليلْب من عسكره من جانب حصن التعكر كىو جبل‬
‫حديد حاليان‪ٍ ،‬ب دخلها أخوه ا‪٤‬بللك الظافر صبيحة ا‪١‬بمعة من ابهبا كابقي العسكر‪ ،‬فاستوليا عليها‬
‫كقبضا حصوهنا‪ ،‬كرتبا فيها من قبلهما من يثقاف بو‪.‬‬
‫كأحسنا إذل ا‪٤‬بؤيد كدل ييّبا عليو‪ ،‬بل جعبله ُب بيت كأجراي عليو النفقة‪ ،‬كاشَباي ما معو من الطبلخانة‬
‫كا‪٣‬بيل كالسبلح كغّب ذلك"ِ‪.‬‬
‫" كا‪٤‬بؤيد حينئذ فيها كما تقدـ ذكره أيس من الوالية كطلب الفسح كا‪٣‬بركج من عدف كبيع ما معو من‬
‫اآلالت فساعدكه إذل ما سأؿ‪ ،‬كعوروه عما طلب"ّ‪.‬‬
‫ٍب أهنما ‪٠‬بحا للمؤيد ٗبيادرة عدف إذل زبيد كأحسنا إليو كل إحساف فلم يستوليا على شيء من‬
‫أمبلكو بل إهنما أشَبا منو السبلح كالعدة كالعتاد الذم كاف ٲبلكو‪ ،‬فركب البحر إذل مدينة زبيد‪.‬‬
‫كبعد استيبلء الشيخْب علي كعامر ابِب طاىر على عدف أعلنا نفسيهما ملكْب على اليمن‪ ،‬كلقب‬
‫الشيخ علي نفسو اب‪٤‬بلك اجملاىد كعامر اب‪٤‬بلك الظافر‪ ،‬ككل منهما معارد لآلخر كمؤازر‪ ،‬يصدراف‬
‫األمر كأنو عن كاحد كيدفعاف عن ا‪٤‬بلك عل معاند‪ ،‬كأظهرا العدؿ ُب كل ما ملكاه من الببلد كرفعا‬
‫ا‪٤‬بكر كا‪١‬بور عن العباد‪.‬‬
‫كمكث ا‪٤‬بشايخ حٌب قرركا أحوا‪٥‬با كأمنوا من طلب األماف‪ ،‬كرتبوا ُب ا‪٢‬بصوف من يثقوف هبم‪ ،‬كأمنوا‬
‫مدينة عدف بعد أف كانت الفورى تعمها كالفساد كالنهب ينتشر فيها‪ ،‬كقبضوا كما ذكر ا على‬
‫الشهاب الصياحي كخرجوا بو صحبتهم كسجنوه ُب حصن صرب‪.‬‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬اًعَة اب خمصمة‪.205/4 ،‬‬


‫مل‬ ‫ٍ‬ ‫ٔ‬
‫‪ 0‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،101‬كصت اًـَون تبدداز ا مين ا ميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن‬
‫ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.272‬‬
‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.022‬‬
‫‪81‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كأما قبيلة آؿ كلد اليافعيْب فقد خرج غالبيتهم كما ذكر ا إذل الشحر ُب حضرموت‪ ،‬ينتهزكف أم فرصة‬
‫كما سيأٌب معنا لئلنتقاـ من بِب طاىر‪ ،‬كٰباكلوف استعادة عدف‪.‬‬
‫كٗبناسبة استيبلء علي كعامر ابنا طاىر على عدف‪ ،‬ىنئهما ا‪٤‬بؤرخ عماد الدين بن األنف القرمطي كقد‬
‫كاف معاصر لدكلتهما هبذه األبيات الشعرية الٍب قاؿ فيها‪:‬‬
‫كذا تبتِب العليا كتبُب ا‪٤‬بفاخر * ك‪ٛ‬بضي القنا كا‪٤‬برىفات البواتػ ػر‬
‫عمر اجملد ا‪٤‬بوثل عامػ ػ ػ ػ ػ ػػر‬ ‫كذا شيد العلياء علي بن طاىر* كقد ٌ‬
‫ٮباماف أبقى طاىر ابن معورة * فللو ما أبقى لنا الق ػْب طاىػ ػر‬
‫ٮبا كراث األمبلؾ من آؿ جفنة * كسعدٮبا ابلنجح كاليمن طائر‬
‫رأكا ملك غساف خوين ‪٪‬بومو * كقد فرطت تلك ا‪٤‬بلوؾ األكابر‬
‫فقد قراب منو الذم ىو ن ػ ػ ػ ػازح * كردا ٕبس ػ ػن ا‪٤‬برأل ما ىو اف ػ ػر‬
‫كقد طمعت فيو الرعااي فاصبحت * تركـ سناـ ا‪٤‬بلك كا‪٤‬بلك عاثر‬
‫فقامػ ػ ػ ػا إليو قوم ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػة قرشيػ ػ ػ ػ ػ ػ ػة * تذؿ ‪٥‬با غلب ا‪٤‬بلوؾ األكابػ ػ ػ ػ ػ ػر‬
‫ىنيئان لثير ا‪٤‬بلك أف سد منهما * بقرمْب ساد ا‪٤‬بلك كالعز ظاى ػر‬
‫ببدرين ُب أفق ا‪٤‬بعارل سناٮبػ ػ ػ ػا * مضاء كبل البدرين للناس زاىػ ػر‬
‫لقد سػ ػر ا ‪٤‬با أتينػ ػ ػ ػ ػ ػا كاقبػ ػ ػ ػ ػ ػ ػلت * ٗبلكهما ا‪٤‬بلك العزيز البشائ ػ ػ ػر‬
‫لقد زينا ‪ٚ‬بت ا‪٣‬ببلفة كالع ػ ػ ػ ػ ػبل * كاتقت إذل أف ترقياى ػ ػا ا‪٤‬بناب ػ ػ ػ ػر‬
‫كقد سبقا غلب ا‪٤‬بلوؾ هبمػ ػ ػ ػ ػ ػة * تقاصػ ػ ػر عنه ػ ػ ػ ػ ػا أكؿ ٍب آخ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػر‬
‫كحازا قرار ا‪٤‬بلك ابلسيف عنوة * فما ‪٥‬بما إذ ٲبمػ ػ ػ ػ ػاه مكاب ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػر‬
‫فقد ذلت األعداء ُب كل كجهة * كدارت عليهم للهبلؾ الدكائ ػر‬
‫ُ‬
‫فمبلٮب ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا كا‪٢‬بم ػدهلل غال ػ ػ ػ ػ ػ ػب * كال أحد إال ٮبا قط ظافػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػر‬
‫كىذه القصيدة تدؿ على ا‪٤‬بكانة الٍب كصل إليو ابِب طاىر كأهنما كا ا ‪٥‬بما من السمعة الطيبة كالكفاءة‬
‫كالعدؿ كاألمانة كالقوة ما يستحقاف مع ذلك كلو أف يكو ا ملوؾ اليمن ا‪١‬بديرين فعبلن اب‪٤‬بلك‪ ،‬فقد‬
‫مر‪ ،‬كانتظر الناس بعد صرب طويل ا‪٤‬بخرج كالفرج‪ ،‬فكاف دخوؿ ابِب طاىر ر‪ٞ‬بة‬ ‫ساءت األحواؿ كما ٌ‬
‫عم الناس بدخو‪٥‬بما عدف الفرح كالسركر‪ ،‬يقوؿ العبلمة عبدالر‪ٞ‬بن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا كىو من‬ ‫كعدؿ ٌ‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز يف حواذج اٍمين اًىداز واذلعون وا ٔلمعاز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.41‬‬
‫‪81‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ا‪٤‬بعاصرين للدكلة الطاىرية ُب كصف قياـ ىذه الدكلة على يدم ابِب طاىر‪ ،‬بعد طوؿ ظلم كاستبداد‬
‫من أىل الزيغ كالفساد كأف قيامهما ابألمر كاف ر‪ٞ‬بة كعدؿ‪٤" :‬با أراد هللا تعاذل ر‪ٞ‬بة العباد‪ ،‬كمعاملتهم‬
‫ابللطف كاإلسعاد‪ ،‬كإزالة أىل الزيع كالفساد‪ ،‬كالشقاؽ كالعناد‪ ،‬نزؿ ا‪٤‬بللك اجملاىد كأخوه الظافر من‬
‫ببلدٮبا إذل مدينة عدف"ُ‪.‬‬
‫كيقوؿ ابن الديبع كذلك ُب مؤلف آخر لو‪" :‬اعلم كفقنا هللا كإايؾ أف هللا تعاذل بفضلو ‪٤‬با أراد ر‪ٞ‬بة‬
‫عباده كببلده كمعاملة خلقو بلطفو كإسعاده شيد للعدؿ كاألمن بنيا ان كىدـ من ا‪١‬بور كا‪٣‬بوؼ أركا ان‬
‫فهيأ نزكؿ اجملاىد علي كأخيو الظافر عامر"ِ‪.‬‬
‫ك‪٤‬با ملكا ابِب طاىر ا‪٤‬بلك اجملاىد علي كا‪٤‬بلك الظافر عامر‪ ،‬جاءت إليهما القبائل كدانت ‪٥‬بما‬
‫ا‪١‬بحافل كدل يبقى ‪٥‬بما فيما يلي ثير عدف معاند كخضع ‪٥‬بما كل رد كحاسد‪ ،‬كىكذا قوية شوكة‬
‫بِب طاىر كاستولوا على الببلد كاستحوذكا على مقاليد األمور كأقاموا دكلتهما عل أنقاض دكلة بِب‬
‫رسوؿ الٍب عمرت ما يقارب من مائتْب كثبلثْب سنة‪ٍ ،‬ب سّب الطاىريوف دفة ا‪٢‬بكم أبحسن حاؿ ُب‬
‫الببلد ٕبكم خربهتما السابقة ُب السلطة كإدارة الدكلة‪ ،‬ال سيما أهنما كانوا ُب أكاخر الدكلة الرسولية ُب‬
‫مقاـ الوزارة كالقيادة‪ ،‬حيث كاف منهم نواابن كعماالن للرسوليْب‪ ،‬كجرايف القضاء بوفق مرادٮبا‪ ،‬كانتهج‬
‫بنو طاىر خبلؿ حكمهم سياسة عدـ سفك الدماء كا‪٣‬بوض فيها‪ ،‬إال إذا ارطركا لذلك‪ ،‬كقد رأينا‬
‫ذلك جليان عند دخو‪٥‬بم عدف فإهنم دل يقتلوا آخر ا‪٤‬بلوؾ الرسوليْب خوفان من أف يستعيد ملكو كيطالب‬
‫بو‪ ،‬بل إنو حصل العكس من ذلك فقد ‪٠‬بحوا لو اب‪٣‬بركج من عدف مكرمان‪ ،‬ككذلك دل يقتلوا من‬
‫كاجههم من القبائل كمنع دخو‪٥‬بم إذل عدف كآؿ كلد بل إهنم أكتفوا بطردىم كإجبلئهم منها‬
‫إلستبدادىم كطييهم فيها كأعطوىم الفرصة للخركج من عدف‪.‬‬
‫ككاف الفساد مستشراين ُب مفاصل الدكلة الرسولية ُب أكاخر عهدىا كدل تكن عدف أبحسن حاؿ من‬
‫غّبىا‪" ،‬فكاف من قضاء هللا تعاذل كقدره أف ا‪٤‬بشايخ ‪٤‬با ملكوا مدينة عدف ُب التاريخ ا‪٤‬بتقدـ كاألمّب‬
‫جياش السنبلي حينئذ هبا ُب ‪ٝ‬باعة من العسكر ككاف ‪٥‬بم فيها مرتبات كجراايت كثّبة كإنعامات‪،‬‬
‫فنظر ا‪٤‬بشايخ ُب األمور كتفقدكا األحواؿ‪ ،‬فوجدكا غالب خراج البلد ينصرؼ ُب ىذا الوجو فقرركا ما‬

‫‪ 1‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.101‬‬
‫‪ 0‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.272‬‬
‫‪82‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ال بد منو من ذلك كنقصوا البعض كقطعوا البعض‪ ،‬فلم يطب خواطر العسكر كتفرقوا ُب الببلد كتوجو‬
‫األمّب جياش السنبلي إذل موزع"ُ‪.‬‬
‫كقد بداء حكم ابِب طاىر كما رأينا ابإلستيبلء على مدينة عدف ألٮبيتها اإلقتصادية‪ٍ ،‬ب ‪ٛ‬بكنا ٗبوارد‬
‫عدف ا‪٤‬بالية لدكلتهما الٍب أسساىا من التوسع ُب بسط نفوذٮبا ُب اليمن‪ ،‬كحرصا على احملافظة على‬
‫عدف كالذكد عنها ك‪ٞ‬بايتها من الربتياليْب كا‪٤‬بماليك كغّبىم حٌب سقطت من أيديهم على أيدم‬
‫العثمانيْب ُب آخر عهد الدكلة الطاىرية عاـ ْٓٗىػ‪ ،‬كما سيأٌب معنا ذكر ذلك‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪. 021‬‬
‫‪83‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫أىم نتائج إستيالء الطاىريني على عدن‪:‬‬


‫أوالً‪ :‬أتمني حركة التجارة وادلالحة البحرية يف ميناء عدن‪ :‬كىذا ىو ا‪٥‬بدؼ الرئيسي كا‪٤‬بهم ابلنسبة‬
‫للدكلة الطاىرية‪ ،‬فضماف استمرار حركة التجارة كا‪٤‬ببلحة البحرية ‪ٙ‬بت أعينهم كتصرفهم‪ ،‬يؤمن للدكلة‬
‫مصدر رئيسيان للخزانة ا‪٤‬بالية للدكلة‪ ،‬لذلك سعى بِب طاىر لتحقيق ىذا ا‪٥‬بدؼ لتكوف عدف‬
‫ن‬ ‫الطاىرية‬
‫مصدران للدخل اإلقتصادم يٲب ًكنهم من إدارة دكلتهم‪ ،‬كخاصة أهنم كانوا ككبلء للدكلة الرسولية ُب‬
‫٘بارهتم بعدف كنواابن ‪٥‬بم ُب جباية ررائب ميناء عدف‪ ،‬ككانوا مدركْب جيدان لؤلٮبية الٍب تَبتب على‬
‫‪ٙ‬بقيق ىذا ا‪٥‬بدؼ‪.‬‬
‫اثنياً‪ :‬إعطاء األمان ألىل العدن‪ :‬فأكؿ ما قاـ بو ا‪٤‬بلكْب اجملاىد علي كالظافر عامر ابِب طاىر ىو‬
‫إعطاء األماف ألىل عدف كعدـ ا‪٤‬بساس أبم كاف كانتهجوا ُب بداية حكمهما سياسة التسامح كالعفو‬
‫كعدـ سفك الدماء إال عند الضركرة‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬الوفاء آلل أمحد اليافعيني ابلوعد الذي ألتزم بو الشيخني اجملاىد علي بن طاىر والظافر‬
‫عامر بن طاىر‪ :‬كقد أكَب ‪٥‬بم الطاىريْب ٗبا أشَبط آؿ أ‪ٞ‬بد ألنفسهم كىو إسَبداد مكانتهم الٍب‬
‫سلبها منهم آؿ كلد ك ازعوىم عليها كىي حق حراسة ا‪٢‬بصوف كأبواب ا‪٤‬بدينة كأسوارىا‪ ،‬كٔبانب ذلك‬
‫فقد أخذ آؿ أ‪ٞ‬بد ما كاف عليو آؿ كلد من مكانة كىي مقاـ الشرطة كحراسة ا‪٤‬بدينة من الداخل‬
‫كجباية الضراب من التجار األسواؽ‪ٔ ،‬بانب أف آؿ طاىر أكفوا آلؿ أ‪ٞ‬بد إبشَباطهم إخراج آؿ كلد‬
‫من عدف كإجبلئهم منها‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬إمهال آل كلد ثالثة أايم إلخالء عدن وتركها وإال فدماؤىم مهدورة‪ :‬ذكر ا أبف آؿ أ‪ٞ‬بد قد‬
‫أشَبطوا على ابِب طاىر ُب مقابل مساعدهتما لدخوؿ عدف إجبلء آؿ كلد كابلفعل ًب ذلك بعد‬
‫دخوؿ ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر مباشرة‪ ،‬كقد كاف آؿ كلد يتوقعوف أسوأ من ذلك كاإلتقاـ منهم أبف‬
‫يقتلوا أك يسجنوا لوقوفهم ُب مواجهة الطاىريْب كمنعهم من دخوؿ عدف‪ ،‬فقد كانوا يظنوف أهنم‬
‫ىالكْب ال ‪٧‬بالة‪ ،‬ك‪٩‬با يدؿ على ذلك أهنم عندما علموا بدخوؿ الطاىريْب عدف ليبلن بقيادة ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد فركا من بيوهتم كأخلوىا منتظرين ما يصيبهم‪ ،‬إال أف ابِب طاىر أكتفوا إبخراجهم من عدف‬
‫فقط‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬إحساهنم إىل ادلؤيد وإجراء النفقة عليو‪ :‬مع أف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بؤيد كاف آخر ا‪٤‬بلوؾ الرسوليْب ككاف‬
‫ا‪٤‬بنافس األخّب لبِب طاىر كقد منعهم ابتداءن من دخوؿ عدف‪ ،‬إال أف ابِب طاىر ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر‬

‫‪84‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫عند دخو‪٥‬بما عدف قد أحسنا معاملتو كدل يسيئا إليو بل إهنما قد أكرما كأنعما عليو كأقاماه ُب دار من‬
‫دكر ا‪٤‬بلك‪ ،‬كأشَباي ما كاف معو من سبلح كعتاد خاص ابلدكلة‪ ،‬كعندما أراد ا‪٣‬بركج ‪٠‬بحا لو بذلك‬
‫كدل ٲبنعاه أك ٰبتجزاه خشية منو على إسَبداد ا‪٢‬بكم منهما‪ ،‬كىذا يدؿ داللة كارحة على رفعة‬
‫نفسيهما ككرـ طبعهما كتسا‪٧‬بهما البالغ‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬ترتيب عدن وتقرير أمورىا وإحكام السيطرة عليها‪ :‬أحكم ا‪٤‬بلكْب علي كعامر السيطرة‬
‫على عدف من الناحية األمنية فعينا من الرجاؿ األكفء من يتوذل أمور عدف من أقارهبما كعينا كذلك‬
‫حرسها كشرطتها كأمناء ا‪٢‬بصوف كاألسوار من أنصارٮبا آؿ أ‪ٞ‬بد كالذين كانوا قائمْب على ا‪٢‬بصوف‬
‫كاألسوار قبل دخوؿ الطاىريْب إذل عدف كغّبىم‪ ،‬ككاف ا‪٤‬بعْب من قبل الطاىريْب كاليان على عدف‬
‫الشيخ علي بن سفياف كما كرد ذلك ُب قرة العيوف للعبلمة ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬رفع الظلم عن أىل عدن‪ :‬أزاؿ ا‪٤‬بلكْب بعد توليهما شئؤكف عدف ا‪٤‬بفاسد الٍب كانت موجودة‬
‫ُب عدف كرفع الظلم الذم كاف كاقعان على أىل عدف‪.‬‬

‫لىحت فنيت تصىر مدينت عدن قدميا‬

‫‪85‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫اإلستيالء على مدينة تعز‬

‫مكث الشيخاف اجملاىد علي بن طاىر كأخيو الظافر عامر ُب عدف حٌب استتب األمر فيها كما ذكر ا‪،‬‬
‫كاستقرت األحواؿ كأمنوا الببلد كا‪٢‬بصوف كاألسوار‪ٍ ،‬ب إهنم رأكا الصعود إذل تعز كقد كانت تعز سابقان‬
‫بيد ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بظفر الرسورل الذم كاف بِب طاىر يناصركنو دكمان رد من خرجوا عليو‪ٍ ،‬ب إنو استوذل‬
‫عليها ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بسعود ُب عاـ ْٖٓىػ‪ ،‬فقد ‪ٙ‬برؾ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بسعود من عدف إذل تعز لئلستيبلء على تعز‬
‫كحصنها فخلٌى ا‪٤‬بظفر بْب ا‪٤‬بسعود كبْب حصن تعز‪ ،‬فنزؿ منو كقبضو ا‪٤‬بسعود سنة ْٖٓىػ‪ٍ ،‬ب تنازؿ‬
‫لو ا‪٤‬بظفر عن ا‪٢‬بكم أيضان‪.‬‬
‫كاستمر ا‪٤‬بسعود الرسورل متملكان لتعز حٌب تنازؿ عن ا‪٢‬بكم كخلع نفسو ُب عاـ ٖٖٓىػ‪ ،‬على أيدم‬
‫الطاىريْب بعد صراع على السلطة‪ ،‬كخرج من عدف سادس ‪ٝ‬بادل اآلخرة ككانت نيتو أف يتجو إذل‬
‫تعز‪" ،‬فبلغ ُب خركجو من عدف إذل العارة‪ٍ ،‬ب إذل ىقرة‪ ،‬كاستجار هبا عند الشيخ عبدهللا بن أيب‬
‫السركر ‪٫‬بوان من شهرين‪ٍ ،‬ب خرج إليو العبيد من زبيد كراكدكه على الدخوؿ معهم إليها فاستوثق منهم‬
‫ابألٲباف‪.‬‬
‫كأقاـ ا‪٤‬بسعود بزبيد إذل ا‪٢‬بادم كالعشرين من شواؿ سنة ٖٖٓىػ‪ ،‬كأرسل للشيخ عبدهللا بن أيب السركر‬
‫صاحب ىقرة‪ ،‬فجاءه كخرج ُب صحبتو‪ ،‬على نية السفر إذل تعز‪ ،‬فلما استقر ٗبدينة حيس خلع‬
‫نفسو‪.‬‬
‫كبلغ ا‪٤‬بسعود إذل ىقرة‪ ،‬كأقاـ عند الشيخ عبدهللا بن أيب السركر‪ٍ ،‬ب خرج من ىقرة إذل مكة ا‪٤‬بشرفة"ُ‪.‬‬
‫كهبذا بقيت تعز خالية من أم حاكم عليها بعد أف صرؼ ا‪٤‬بسعود نظره عنها كدل هتيأ لو الظركؼ‬
‫لذلك‪.‬‬
‫ٍب أف ابِب طاىر كما ذكر ا صعدا إذل تعز كاستوليا على مدينة تعز كحصن صرب ُب بقية السنة‪ ،‬يقوؿ‬
‫كفر عنهما ملوؾ اليمن‪ ،‬جاءت إليهما القبائل‬
‫ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف القرمطي‪" :‬ك‪٤‬با ملكا ابنا طاىر عدف ٌ‬
‫كدانت ‪٥‬بما ا‪١‬بحافل‪ ،‬كدل يبقى ‪٥‬بما فيما يلي ثير عدف معاند‪ ،‬كخضع ‪٥‬بما كل رد كحاسد‪ ،‬كبذال‬
‫ألىل جبل صرب األمواؿ ككعداىم بصبلح األحواؿ‪ ،‬فوافاٮبا كبارىم كسلموا حصن جبل صرب ‪٥‬بما‬

‫‪ 1‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.100‬‬
‫‪86‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كالعركس كسواه‪ ،‬كسار علي كعامر ابنا طاىر إذل مدينة تعز كعلم كارل حصنو أنو عنهما ال يعز‪ ،‬فسلم‬
‫حصن تعز إليهما‪ ،‬كأدذل إليهما فأعطياه ما راـ من ا‪٤‬باؿ كأكسعا عليو اإلفضاؿ‪ ،‬ككاف تسلمهما‬
‫ا‪٢‬بصن ُب سنة ٖٖٓىػ‪ ،‬فرتبا كاليان ُب ا‪٢‬بصن كا‪٤‬بدينة‪ ،‬كعادا إذل مقرٮبا ُب جنب كا‪٤‬بقرانة‪."1‬‬
‫كيقوؿ العبلمة ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين موسى بن أ‪ٞ‬بد الذؤارل الزبيدم‪ٍ" :‬ب استولوا على مدينة تعز كحصن‬
‫صرب بقية السنة كاستوثق ‪٥‬بم اإلستيبلء على الببلد شيئان بعد شيء"‪.2‬‬
‫ٍب ُب سنة َٖٔىػ‪ ،‬عندما "‪ٛ‬بكن ا‪٤‬بلك اجملاىد ُب زبيد ك‪ٝ‬بع إذل داره من معو من ا‪٣‬بدـ كالعبيد كصار‬
‫هبم ُب إحدل الدكر‪ ،‬كابقيها خراب يباب كقد خلت تلك‪ ،‬كرتب رتبان ‪٢‬برب الد ٍمليىوه‪ُ 3‬ب كل جانب‪،‬‬
‫كأقاما ابن ‪٧‬بسن الطواشي كمن إليو ‪٧‬بارب كقطعا ا‪٤‬بادة كا‪٤‬بواصلة لو من ‪ٝ‬بيع ا‪١‬بوانب‪ ،‬كملكا حصن‬
‫ذخر‪ ،‬كما إليو من ا‪١‬بهات الٍب ٘بي خراجها ‪٫‬بوه كتتحصل لديو كحاز حصن السمداف كما إليو من‬
‫البلداف‪ ،‬فلما طاؿ على ابن ‪٧‬بسن ا‪٣‬بصي ا‪٢‬بصار من قبل ا‪٤‬بلك اجملاىد أيقن أف ال مبلذ لو كال فرار‬
‫كأف مالو ُب حصن الدملوه قرار‪ ،‬سلم حصن الدملوه إذل ا‪٤‬بلكْب عامر كعلي كصارت إذل ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد كأخيو ا‪٤‬بلك الظافر عامر‪ ،‬فوليا فيها الوالة‪ ،‬كأقاما من يتوذل ُب نواحيها كا‪١‬بهات بعد عدة‬
‫سنْب حوصرت الدملوة فيها‪ ،‬كقد راماىا كما من ا‪٢‬بصوف الشا‪٨‬بة يليها‪ ،‬كنزؿ الطواشي ‪٧‬بسن كمعو‬
‫أمواالن ‪ٝ‬بة قد ‪ٝ‬بعها فحل ُب رابط ا‪٤‬بداجر ُب تعز‪ ،‬كجعل أموالو فيها مع الصفة بتعزْ"‪.‬‬
‫كقد كانت ىناؾ ‪٧‬باكلة إلسَبداد حصن تعز‪ ،‬ففي شهر ‪٧‬برـ من سنة ُٖٔىػ كصل العلم أبف ابن‬
‫ليبْب‪ ،‬تصيّب لنب قبض حصن تعزٓ‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.41‬‬


‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.022‬‬
‫‪ 1‬ادله مَُوٍ‪ :‬تضم ادلال واًالم‪ ،‬كَـة مٌَـة مضِوزت فوق كصًة امليعوزت من حدي اًعَو‪ ،‬ؿىل تـس حنو ‪ 42‬هََو مرت حٌوة رشق مسًية ثـز‪،‬‬
‫اص هتصث حبعاىهتا ومٌاؾهتا وًـحت ٔبذواز ًا يف اذلصوة اًيت صِسهتا امليعلة ٔبايم تين بًٔوة ومن تـسمه تين زسول‪ ،‬ويه اًَوم دصاة وفهيا بٓاثز‬
‫كسمية‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.401/1 ،‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز يف حواذج اٍمين اًىداز واذلعون وا ٔلمعاز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.42‬‬
‫‪ 3‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.101‬‬
‫‪87‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫قلعة القاهرة فً جبل صبر بتعز‬

‫قلعة الدُملوة فً مدٌرٌة الصلو تعز‬

‫‪88‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫صًرب‪ 1‬على ا‪٣‬ببلؼ كىو سبب ا‪٣‬ببلؼ من قبل ذلك على السبلطْب كراـ أف‬ ‫ككاف قد ‪ٝ‬بع أىل جبل ى‬
‫يكوف ُب حصن العركس‪ 2‬التمكْب‪ ،‬كىذا العركس ىو عمدة ا‪١‬ببل فلم يدركوه كقد أعملوا على‬
‫اإلستيبلء عليو ا‪٢‬بيل‪.‬‬
‫كأغار دمحم بن داكد بن طاىر من التعكر عجبلن فأاته أىل صرب ابللبِب مكببلن‪ ،‬فأمر دمحم بن داكد‬
‫بضرب رقبة اللبِب كعاجل أىل الفساد الذين معو اب‪٢‬بْب‪ٍ ،3‬ب كصل العلم أف العسكر ا‪٤‬بنصور‬
‫اجملاىدم نصر عليو كأسركه‪ ،‬كقتلوا من عساكره ‪٫‬بو ا‪٣‬بمسْب‪ ،‬كاستعادكا ا‪٢‬بصنْ‪.‬‬
‫حجر‪ ،‬إال كقد قضى ُب اللبِب كمن أطاعو‬‫كدل تصل غارة علي بن طاىر من زبيد‪ ،‬كعامر بن طاىر من ٍ‬
‫عاجل األمر‪ ،‬كطلب علي كعامر أىل ا‪١‬ببل فحرـ عليهم السبلح كأمرىم أف يرجعوا على عوائدىم‬
‫كقت ا‪٤‬بلوؾ ُب بيع األقشاـ كالفواكو كالزىور‪ ،‬كيَبكوا غّب ذلك من األمور حٌب خيم عليهم السبلطْب‬
‫من قبلهما كشددا األمر عليهما ُب ذلك بقو‪٥‬بما كفعلهما‪.5‬‬
‫كهبذا أصبحت ا‪٤‬بناطق الوسطى كا‪١‬بنوبية كاقعة ‪ٙ‬بت حكم الطاىريْب كىي ما يعرؼ اآلف ٗبحافظات‬
‫عدف كتعز ك‪٢‬بج كأبْب كالضالع كالبيضاء كرداع كإب‪ ،‬كبدأت القبائل تتوافد كتيقبل على الطاىريْب‬
‫لتهنئتهم كمبايعتهم على ا‪٢‬بكم‪ ،‬كتستنجد هبم للنزكؿ إذل بلداهنم ك‪ٚ‬بليصهم من ظلم الطيياة كفسادىم‬
‫كالعبيد كا‪٤‬بماليك كغّبىم‪ ،‬كمن أىم ىذه القبائل الٍب كفدت على بِب طاىر لتخليصهم من ظلم‬
‫كفساد العبيد كا‪٤‬بماليك الق بائل التهامية كعلماء كمشايخ كأعياف مدينة زبيد كىذا ما سبينو ُب الفصل‬
‫القادـ‪.‬‬

‫‪َ 1‬ظ ِرب‪ :‬حدي مضِوز ثلؽ يف سفح مٌحسزٍ اًضٌليل مسًية ثـز‪ ،‬وُو حدي ُصيم ؿىل ازثفاع ‪1222‬م من سعح اًححص‪ ،‬حتَط تَ امليحسزاث‬
‫اًسحَلة‪ ،‬ويف اؿالٍ حعن اًـصوش وتلااي نثري من اذلعون اًلسمية‪ ،‬وثلعي حواهحَ اًززاؿاث اخملخَفة وخباظة اًنب واًلاث واذلحوة‬
‫ومصؾَت وثحاصـة وكصاضة واًـازضة‬ ‫واًفوانَ‪ٔ ،‬بما اًلصى فِيي مذياثصت يف حواهحَ ومصثفـاثَ من مجَؽ ادلِاث ومن ٔبمهِا‪ ،‬املواذم وحعاة ْ‬
‫واملـلاة و ٔبذوذ وكريُا‪ ،‬وممن وسة إىل حدي ظرب اًـالمة بٔتو جىص جن دمحم اًعربي املخوىف س ية ‪ُ612‬ػ‪ ،‬واكن فلهي ًا حنو ًاي‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم‬
‫اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.673/1 ،‬‬
‫ً‬ ‫ك‬
‫‪ 0‬اًـصوش‪ٔ :‬بؿال مقة يف حدي ظرب املعي ؿىل مسًية ثـز‪ ،‬ويه مٌعلة بٔ ميت ؿَهيا حسًثا حمعاث ثلوًة اًحر الٕراؾي واًخَفزٍزين‪ ،‬وجبوازُا‬
‫مسجس كسمي يف مٌعلة املـلاة‪ً ،‬ـخلس ا ٔلُايل تبٔهَ ماكن ٔبُي اًىِف املشهوزٍن يف اًلصبٓن اًىصمي‪ ،‬وثوخس قصفة يف املسجس ًخوسعِا رضحي‬
‫اًض َخ ؾحساًصمحن جىصٍن اذلي اكن فلهيا مذعوفاً اص هتص ابًزُس‪ ،‬و ٔبؿىل املسجس مبٔرهة ٍمتزي منط تياهئا تشكل اٍمنط اذلي اكن سائس ًا يف ؾِس‬
‫ادلوةل اًصسوًَة‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1233/0 ،‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.43‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.101‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.43‬‬
‫‪89‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الثالث‬
‫اإلستيالء على زبيد وإخضاع القبائل التهامية‬

‫لؤلٮبية اإلسَباتيجية الٍب كاف يتمتع هبا أقليم هتامة ُب ذلك الوقت ُب اليمن‪ ،‬كاف ال بد أف تكوف‬
‫ا‪٣‬بطوة العسكرية التالية لبِب طاىر ىي اإل٘باه ‪٤‬بدينة زبيد عاصمة اإلقليم التهامي ُب ذلك العصر‬
‫ككربل مدنو كمن أىم ا‪٤‬بدف اليمنية‪ ،‬كقد كانت تبدك أٮبيتها من عدة نواحي فقد كانت عاصمة الدكلة‬
‫الرسولية السياسية كآخر معاقلهم الٍب توجو إليها آخر ملوؾ بِب رسوؿ ك‪ٙ‬بصنوا هبا بعد عدف‪ ،‬كمن‬
‫ احية أخرل تبدك األٮبية العسكرية ‪٤‬بدينة هتامة ُب أهنا تيعد ‪٧‬بطة ىامة إلنطبلؽ ا‪٢‬بمبلت العسكرية‬
‫للقضاء على ا‪٤‬بتمردين‪ ،‬ألهنا تتوسط األقليم التهامي‪ ،‬كقد كانت األمور فيما مهيئة فيما يبدك لبِب‬
‫طاىر لئلستيبلء على زبيد كهتامة‪ ،‬ال سيما بعد طلب مشايخ كعلماء كأعياف زبيد لبِب طاىر دخوؿ‬
‫ببلدىم‪ ،‬كخاصة بعد إفساد العبيد كا‪٤‬بماليك فيها‪ ،‬لذلك فإننا سنتكلم ُب ىذا الفصل عن أكالن عن‬
‫مدينة زبيد كنشأهتا كأٮبيتها التارٱبية ُب مبحث‪ٍ ،‬ب نتكلم بعد ذلك إستيبلء بِب طاىر على مدينة زبيد‬
‫ُب مبحث آخر‪ٍ ،‬ب نبْب ُب مبحث اثلث أبرز التمردات القبلية الٍب كاجهت بِب طاىر ُب أقليم هتامة‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬مدينة زبيد النشأة واألمهية‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬اإلستيالء على زبيد‬
‫ادلبحث الثالث‪ :‬قمع التمردات يف هتامة‬

‫‪91‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫مدينة زبيد النشأة واألمهية‬

‫تيعد مدينة زبيد من أىم ا‪٤‬بدف اليمنية ُب الفَبة ما بْب َِْىػ ػ ِّٗىػ‪ ،‬إبعتبارىا‪:‬‬
‫أكالن‪ :‬عاصمة إلقليم هتامة منذ فجر اإلسبلـ كحٌب هناية العصر العثماين‪.‬‬
‫اثنيان‪ :‬عاصمة لعدد من الدكؿ الٍب حكمت اليمن منذ نشأهتا سنة َِْىػ‪ ،‬كحٌب انتقاؿ مقر‬
‫العاصمة إذل مدينة تعز على يد طيتكْب األيويب َٖٓىػ ػ ّٗٓىػ‪.‬‬
‫كابنتقاؿ العاصمة إذل تعز أصبحت زبيد ٗبثابة ا‪٤‬بركز الدفاعي ا‪٤‬بتقدـ ‪٢‬بماية العاصمة ا‪١‬بديدة من‬
‫ا‪١‬بهة الشمالية‪ ،‬فضبلن عن كوهنا مركزان علميان مهمان بنيت فيو عشرات ا‪١‬بوامع كا‪٤‬بساجد كا‪٤‬بدارس‪،‬‬
‫كاألربطة كالكتاتيب‪ ...‬أخل‪.‬‬
‫كمن ىنا فإف أٮبية زبيد تكمن ُب أهنا كانت عاصمة لدكلة كإقليم‪ ،‬ككاف ‪٢‬بركة التاريخ اليمِب فيها دكر‬
‫كبّب ُب تطورىا العمراين‪ٗ ،‬با اشتملت عليو من منشآت دينية كمدنية‪ ،‬كاجتماعية كعسكرية‪.‬‬
‫كبنفس تلك األٮبية ‪ٛ‬بتعت زبيد إبىتماـ بِب طاىر كالدكلة الطاىرية هبا‪ ،‬كببسط نفوذىم عليها‪ ،‬كيبدك‬
‫ذلك من خبلؿ سعيهم مباشرة بعد أف استولوا على عدف كتعز إذل ا‪٤‬بسارعة للتنسيق مع علماء‬
‫كمشايخ كأعياف زبيد لدخوؿ زبيد‪ ،‬كعلى ذلك فإننا سنتكلم أكالن عن ا‪٤‬بوقع كالنشأة ‪٤‬بدينة زبيد ُب‬
‫مطلب مستقل‪ٍ ،‬ب نتكلم بعد ذلك ُب مطلب اثين عن اتريخ زبيد العاصمة‪:‬‬
‫ادلطلب األول‪ :‬موقع ونشأة مدينة زبيد‬
‫ادلطلب الثاين‪ :‬اتريخ زبيد العاصمة ومساحتها‬

‫‪91‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلطلب األول‬
‫موقع ونشأة مدينة زبيد‬

‫زبيد ك واد مشهور يصب ُب هتامة ٍب البحر األ‪ٞ‬بر كمآتيو من جباؿ العدين كأكدية بعداف‪ ،‬كاألكدية‬
‫النازلة من غرب كصاب‪ ،‬كىو من أخصب كدايف اليمن تربةن ك٭باء كتبلغ مساحتو الزراعية أكثر من‬
‫ثبلثْب ألف ىكتار‪ ،‬كيشتهر الوادم بزراعة ا‪٣‬بضركات كالفواكو كأنواع ا‪٢‬ببوب‪ ،‬كما تنتشر سلسلة‬
‫زراعية من النخيل تشمل ‪٫‬بوان من ‪ٟ‬بسْب نوعان من التمور‪ ،‬ابإلرافة إذل ما تنتجو أرض قرية ا‪٤‬بيرس‬
‫من ال يفل كالنرجس كأغلب أنواع الزىور الٍب يتم تصديره إذل كثّب من ا‪٤‬بناطق داخل كخارج اليمن‪.1‬‬
‫أوالً‪ :‬موقع زبيد‪ :‬تقع مدينة زبيد على خط طوؿ ّْدرجة شرقان كخط عرض ِٓدرجة مشاالن‪ ،‬كُب‬
‫موقع متوسط من سهل هتامة الذم ٰبتل القسم اليريب من اليمن‪ ،‬كٲبتد من عدف جنوابن حٌب حدكد‬
‫ا‪٤‬بملكة العربية السعودية مشاالن‪ ،‬كتبعد عن العاصمة صنعاء ٕبوارل ِّّ كم‪ ،‬اب٘باه ا‪١‬بنوب اليريب‪،‬‬
‫كما تبعد عن مدينة تعز ٕبوارل ُُٔ كم اب٘باه الشماؿ اليريب‪ ،‬كعن مدينة ا‪٢‬بديدة ٓٗ كم إب٘باه‬
‫ا‪١‬بنوب الشرقي‪ ،‬كما أف زبيد ‪ٙ‬بتل موقعان متوسطان بْب البحر األ‪ٞ‬بر الواقع غرب ا‪٤‬بدينة‪ ،‬كسلسلة‬
‫ا‪١‬بباؿ الواقعة إذل الشرؽ منها‪ ،‬حيث تبعد عن كل منهما مسافة ِٓ كم‪ ،‬كلذلك يصفها ابن بطوطة‬
‫أبهنا مدينة برية ال شطية‪ ،‬كيذكرىا أبو الفداء أبهنا ُب مستول من األرض عن البحر أقل من يوـ‪ ،‬أم‬
‫أهنا ترتفع عن مستول سطح البحر ٕبوارل ََُـ‪ ،‬كما تقع بْب كاديْب زراعيْب مهمْب كٮبا كادم‬
‫زبيد جنوب ا‪٤‬بدينة‪ ،‬ككادم رمع مشا‪٥‬با‪.2‬‬
‫كيقوؿ العبلمة عبدالواسع بن ٰبي الواسعي ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬زبيد مدينة كبّبة مشهورة ابلعلم كالفضل كالدين‬
‫كالصبلح‪ ،‬خرج منها علماء كبار ال ٰبصى عددىم‪ ،‬كطار ذكرىم ُب الببلد كاآلفاؽ‪ ،‬كىي مدكرة‬
‫الشكل‪ ،‬تقع بْب البحر كا‪١‬ببل‪ ،‬كُب جنوهبا كاديها ا‪٤‬بسمى ا‪٤‬ببارؾ"‪.3‬‬
‫كيقوؿ العبلمة عبدالر‪ٞ‬بن الديبع الزبيدم‪" :‬كىي ببلد العلم كالعلماء‪ ،‬كالفقو كالفقهاء كالدين كالصبلح‬
‫كا‪٣‬بّب كالفبلح‪ ،‬كدل تيعلم مدينة من مدائن اليمن ا‪٤‬بعمورات كمساكنها ا‪٤‬بشهورات‪ ،‬ظهر فيها ما ظهر‬

‫‪ 1‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.510/1 ،‬‬


‫‪ 0‬الٕس خحاكماث اذلصتَة مبسًية ستَس‪ ،‬ؾحسهللا اذلساذ‪ ،‬ض‪.01‬‬
‫‪ 1‬اتزخي اٍمين املسمى فصخة اهلموم واذلزن‪ ،‬ؾحساًواسؽ جن حيي اًواسـي‪ ،‬مىذحة اٍمين اًىربى ظيـاء اًعحـة اًثاهَة‪1771 ،‬م‪ ،‬ض‪.41‬‬
‫‪92‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ُب مدينة زبيد من العلم كالعلماء األثبات‪ ،‬ىذا مع قلة كفاية أىلها كأرزاقهم الدقيقة‪ ،‬فهم أىل السعادة‬
‫ُب الدارين حقيقة‪ ،‬كىي أـ قرل اليمن‪ ،‬ك‪٧‬بط رحاؿ العلماء ُب كل فن"‪.1‬‬
‫اثنياً‪ :‬تسمية زبيد‪ :‬زبيد اسم ألحد أشهر أكدية زبيد‪ ،2‬ينسبو ا‪٤‬بؤرخوف القدامى كعادهتم إذل إحدل‬
‫الشخصيات التارٱبية الٍب عاشت ُب عصور ما قبل اإلسبلـ‪ ،‬كىي زبيد األصير بن زمعة بن سلمة بن‬
‫سعد بن زبيد األكرب‪ ،‬كالذم ينتهي نسو إذل سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطاف جد أىل اليمن‪،‬‬
‫كىو من األكدية ا‪٤‬بباركة ابليمن‪ ،‬بسبب دعاء النيب ملسو هيلع هللا ىلص لو عندما قدـ كفد قبيلة األشاعرة برائسة‬
‫الصحايب ا‪١‬بليل أبو موسى األشعرم هنع هللا يض إلعلن إسبلمو على يديو‪ ،‬كمن ىنا جاءت تسمية ا‪٤‬بدينة‬
‫نسبة إذل الوادم‪ ،‬كقيل أف زبيد اسم ألحد ‪٨‬باليف اليمن كىو ا‪٤‬بخبلؼ الثالث عشر كقصبتو مدينة‬
‫ا‪٢‬بصيب كىو اإلسم القدًن ‪٤‬بدينة زبيد‪.3‬‬
‫ككانت تيعرؼ قدٲبان ابسم ا‪٢‬بيصيب نسبةن إذل ا‪٢‬بصيب بن عبدمشس بن كائل بن اليوث بن حيداف بن‬
‫يقطن بن عيريب بن زىّب بن أٲبن بن ا‪٥‬بيميسع بن سبأ‪ ،‬كقد غلب عليها األسم ا‪١‬بديد‪.4‬‬
‫اثلثاً‪ :‬نشأة مدينة زبيد‪ :‬كاف موقع زبيد قبل إنشائها أرران زراعية كثّبة األشجار اتبعة لوادم زبيد‬
‫ككادم رمع‪ ،‬يرعى فيها الرعاة مواشيهم كيسقوف دكاهبم من بئر قدٲبة‪ ،‬ككاف حوؿ ىذه األرض قصور‬
‫يسكنها قوـ من بِب كليب كمهلهل‪ ،‬كحوؿ القصور توجد قرل صيّبة متناثرة من أٮبها قرية ا‪٢‬بصيب‬
‫كا‪٤‬بنامة كالنقّب كجيبجر ككاسط‪ ،‬كساكنوىا إذل قبيلة األشاعر قوـ الصحايب ا‪١‬بليل أيب موسى األشعرم‬
‫هنع هللا يض‪ ،‬كالذم خرج بعد إسبلمو إذل هتامة ُب السنة العاشرة من ا‪٥‬بجرة‪ ،‬كدعاىم إذل اإلسبلـ فأسلموا‬
‫كبُب ‪٥‬بم جامع األشاعر فكاف أكؿ مسجد يبُب ُب هتامة‪ ،‬كاثلث مسجد يبُب ُب اليمن بعد جامعي‬
‫صنعاء كا‪١‬بند‪.‬‬
‫ببناء ا‪١‬بامع بدأ الناس يتجمعوف حوؿ قرية ا‪٢‬بصيب كأخذت نواة القرية تكرب كتتسع حٌب كانت سنة‬
‫َِِىػ‪ ،‬عندما كرد إذل ا‪٣‬بليفة العباسي ا‪٤‬بأموف كتاب من عاملو ُب اليمن إبراىيم األفريقي الشيباين‬
‫ٱبربه ٖبركج قبيلٍب األشاعر كعك عن الطاعة‪ ،‬فأرسل ‪ٞ‬بلة بقيادة دمحم بن عبدهللا بن زايد إلسَبداد‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.10‬‬


‫‪ٍ 0‬لوع تدلان اٍمين وكدائَِا‪ ،‬دمحم بٔمحس اذلجصي‪ ،‬حتلِق إسٌلؾَي جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ذاز اذلمكة اًاميهَة ٌَعحاؿة واًًرش‪ ،‬ظيـاء اٍمين اًعحـة اًثاهَة‬
‫‪1774‬م‪.161/1 ،‬‬
‫‪ 1‬الٕس خحاكماث اذلصتَة مبسًية ستَس‪ ،‬ؾحسهللا ؾحساًسالم اذلساذ‪ ،‬ض‪.02‬‬
‫‪ 2‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.511/1 ،‬‬
‫‪93‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫هتامة‪ ،‬فتوجو ابن زايد ‪٫‬بو اليمن كحج ُب طريقو سنة َِّىػ‪ٍ ،‬ب كصل إذل هتامة كاستوذل عليها بعد‬
‫عدة حركب مع أىلها‪ ،‬كاختط مدينة زبيد يوـ اإلثنْب الرابع من شهر شعباف من سنة َِْىػ‪ ،‬كمن‬
‫حْب ذاؾ بدأت شهرة زبيد كعاصمة إلبن زايد‪ ،‬أما قبل ذلك فكانت عبارة عن قرل متفرقة فمصرىا‬
‫ابن زايد‪.1‬‬
‫فكاف أكؿ من اختط ىذه ا‪٤‬بدينة دمحم بن عبدهللا بن زايد أبمر ا‪٤‬باموف ا‪٣‬بليفة العباسي‪ ،2‬كيرجع السبب‬
‫ُب إختيار ابن زايد ‪٤‬بوقع زبيد إذل ما يلي‪:‬‬
‫ُ‪ .‬موقعها ا‪٤‬بتوسط من سهل هتامة‪ ،‬ككذلك موقعها ا‪٤‬بتوسط بْب البحر كا‪١‬ببل جعلها تتحكم‬
‫بقسمي هتامة الشمارل كا‪١‬بنويب ككذلك ا‪١‬بباؿ كا‪٤‬بوانئ البحرية‪.‬‬
‫ِ‪ .‬كجود قرية سابقة ىي قرية ا‪٢‬بصيب‪ ،‬ككجود أقدـ جامع ُب هتامة‪ ،‬حيث أف بناء ا‪١‬بامع ُب‬
‫كسطها شرط من شركط إنشاء ا‪٤‬بدينة عند ابن أيب الربيع‪ ،‬كقد كفر كجود جامع األشاعر مسبقان‬
‫على ابن زايد استيفاء ىذا الشرط‪.‬‬
‫ّ‪ .‬توفر األرض ا‪٣‬بصبة الصا‪٢‬بة للزراعة ُب كدايف زبيد كرمع كسهاـ كالودايف اجملاكرة‪.‬‬
‫ْ‪ .‬توافر الَببة الطينية الٍب ساعدت ا‪٤‬بعمار على استخداـ الطْب كاللنب ُب بناء مدينة زبيد‪.‬‬
‫ٓ‪ .‬كقوعها على طريق ا‪٢‬بج الرئيسية ا‪٤‬بعركفة ابسم ا‪١‬بادة السلطانية‪٩ ،‬با جعل منها ‪٧‬بطة إلسَباحة‬
‫ا‪٢‬بجاج القادمْب من ا‪٥‬بند عرب عدف‪.‬‬
‫ٔ‪ .‬قرهبا من البحر كفر ‪٥‬با مصدران رئيسيان لليذاء‪ ،‬كجعل من ميناء غبلفقة ٍب ميناء البقعة بعد ذلك‬
‫ا‪٤‬بيناء الرئيسي كا‪٤‬بنفذ البحرم لتجارة زبيد‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬قرب ا‪٤‬بدينة من ا‪١‬بباؿ الواقعة إذل الشرؽ منها ذات الكثافة العالية من األمطار كفر ‪٥‬با مصدران‬
‫دائمان من ا‪٤‬بياه الٍب تتجمع كسيوؿ تسقي ا‪٤‬بزارع ك‪ٛ‬بؤل ا‪٣‬بزا ات كالسدكد‪.3‬‬

‫‪ 1‬الٕس خحاكماث اذلصتَة مبسًية ستَس‪ ،‬ؾحسهللا اذلساذ‪ ،‬ض‪.02‬‬


‫‪ 0‬اتزخي اٍمين املسمى فصخة اهلموم واذلزن‪ ،‬ؾحساًواسؽ جن حيي اًواسـي‪ ،‬ض‪.40‬‬
‫‪ 1‬الٕس خحاكماث اذلصتَة مبسًية ستَس‪ ،‬ؾحسهللا اذلساذ‪ ،‬ض‪.04‬‬
‫‪94‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلطلب الثاين‬
‫اتريخ زبيد العاصمة ومساحتها‬

‫ٲبكن تقسيم اتريخ زبيد إذل فَبتْب اترٱبيتْب لكل منهما ‪٠‬باهتا ك‪٩‬بيزاهتا‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬عندما كانت عاصمة فيما بْب سنة َِْىػ كسنة ٗٔٓىػ‪.‬‬
‫ككانت زبيد عاصمة لثبلث دكؿ متعاقبة ىي‪ :‬دكلة بِب زايد َِْىػ‪ ،‬كدكلة بِب ‪٪‬باح ُّْىػ‪ ،‬كدكلة‬
‫بِب مهدم ْٓٓىػ‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬بعد ‪ٙ‬بوؿ العاصمة من زبيد منذ سنة ٗٔٓىػ حٌب سنة ِّٗىػ‪.‬‬
‫كبدأت ىذه الفَبة بعد استيبلء األيوبيْب على زبيد‪ ،‬كقد ظهرت فيها ثبلث دكؿ متعاقبة كىي الدكلة‬
‫األيوبية ٗٔٓىػ‪ِٔٔ .‬ىػ‪ ،‬كالدكلة الرسولية ِٔٔىػ ػ ٖٖٓىػ‪ ،‬كالدكلة الطاىرية ٖٖٓىػ ػ ِّٗىػ‪،‬‬
‫كىي الفَبة الٍب سقطت فيها زبيد بيد الشركس القادمْب من مصر‪.1‬‬
‫أسوار مدينة زبيد وأبواهبا ومساحتها‪٤ :‬بدينة زبيد عدة أسوار بنيت خبلؿ الفَبة التارٱبية للدكؿ الٍب‬
‫ا‪ٚ‬بذهتا عاصمة ‪٥‬با‪ ،‬كذلك لصد ا‪٥‬بجمات الٍب كانت تقع عليها من قبل أعداء من كانوا يتخذكهنا‬
‫عاصمة ‪٥‬بم‪ ،‬أك لصد ىجمات الطامعْب ُب سلب ا‪٤‬بدينة كاإلعتداء على أىلها‪.‬‬
‫ككذلك كاف ‪٤‬بدينة زبيد عدة أبواب كىي أربعة أبواب مفتوحة اب٘باىاهتا األربعة‪.‬‬
‫يقوؿ العبلمة ابن الديبع الزبيدم‪" :‬كأكؿ من اختط ا‪٤‬بدينة دمحم بن عبدهللا بن زايد األموم‪ ،‬أبمر‬
‫سلطانو عبدهللا ا‪٤‬بأموف بن ىاركف الرشيد‪ُ ،‬ب يوـ اإلثنْب الرابع من شهر شعباف سنة أربع كمائتْب‪،‬‬
‫كأكؿ من أدار عليها سوران ا‪٢‬بسْب بن سبلمة كزير كلد أيب ا‪١‬بيش كما حكاه ابن اجملاكر ُب كتابو‬
‫ا‪٤‬بستبصر نصان‪.‬‬
‫من هللا الفاتكي ُب سنة بضع كعشرين ك‪ٟ‬بسمائة‪.‬‬ ‫ٍب أدار عليها سوران آخر الوزير ابن منصور َّ‬
‫ٍب أدير عليها سور اثلث ُب أايـ بِب مهدم‪.‬‬
‫ٍب أدير عليها سوران رابعان سيف اإلسبلـ طيتكْب بن أيوب ُب سنة تسع ك‪ٜ‬بانْب ك‪ٟ‬بسمائة‪ ،‬كسوره‬
‫الذم يلي ا‪٤‬بدينة اآلف‪ ،2‬كركب على السور أربعة أبواب‪:‬‬

‫‪ 1‬الٕس خحاكماث اذلصتَة مبسًية ستَس‪ ،‬ؾحسهللا اذلساذ‪ ،‬ض‪.06‬‬


‫‪ 0‬املخحسج ُيا ُو اًـالمة ؾحساًصمحن ادلًحؽ اًزتَسي‪ ،‬وًخحسج ؾن مسًية ستَس ٔبزياء نخاتخَ ًىذاتَ تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬وُو‬
‫ذالل حُك املكل اًعاُصي ؿامص جن ؾحساًوُاة زمحٌِل هللا مجَـ ًا‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫أحدىا‪ :‬ينفذ إذل ا‪٤‬بشرؽ كىو ا‪٤‬بسمى ابب الشبارؽ ينفذ إذل الشبارؽ قرية من قرل الوادم زبيد‪ٍ ،‬ب‬
‫إذل حصن قوارير كغّبه‪.‬‬
‫كالثاين‪ :‬إذل الشاـ كىو ا‪٤‬بسمى ابب سهاـ ينفذ إذل كادم رمع كسهاـ‪ ،‬كىو كجو ا‪٤‬بدينة كغرهتا‪.‬‬
‫كالثالث‪ :‬إذل ا‪٤‬بيرب كىو الذم ‪٠‬بى اآلف ابب النخل ككاف من قبل يسمى ابب غبلفقة كإذل األىواب‬
‫كغبلفقة قرية عظيمة مشهورة كانت بندر ا‪٤‬بدينة زبيد على ساحل البحر‪ ،‬كانتقل البندر إذل قرية‬
‫األىواب كيسمى اليوـ البقعة‪.‬‬
‫كالرابع‪ :‬إذل اليمن كىو ا‪٤‬بسمى ابب القرتب ينفذ إذل كادم زبيد‪ٍ ،‬ب إذل قرية القرتب كىي قرية من‬
‫قرل الوادم زبيد مشهورة ىنالك‪ ،‬خرج منها ‪ٝ‬باعة من العلماء كالصا‪٢‬بْب‪ ،‬ككاف بناء السور ا‪٤‬بذكور‬
‫ابللنب كالطْب‪ ،‬كأبوابو كشراريفو ابآلجر ُب ا‪٥‬بول‪٫ ،‬بو من عشرة أذرع‪.‬‬
‫قاؿ ابن اجملاكر‪ :‬عددت أبراج مدينة زبيد‪ ،‬فوجدهتا مائة برج كتسعة أبراج‪ ،‬بْب كل برج كبرج‪ٜ ،‬بانوف‬
‫ذراعان‪ ،‬قاؿ‪ :‬كيدخل ُب برج عشركف ذراعان‪ ،‬فيكوف دكر البلد عشرة آلف ذراع كتسعمائة ذراع"‪.1‬‬
‫كلكن الصحيح أف مساحة مدينة زبيد ُب زمن الدكلة الطاىرية كاف ستمائة ك‪ٜ‬بانْب معادان‪ ،2‬كما ذكر‬
‫ذلك العبلمة عبدالر‪ٞ‬بن الديبع الزبيدم‪.3‬‬
‫كمن يتجوؿ ُب أحياء ىذه ا‪٤‬بدينة ٯبد التاريخ ٗبعا‪٤‬بو التليدة يقف شا‪٨‬بان أمامك‪٩ ،‬بثبلن بقصورىا‬
‫الشاىقة كمساجدىا القدٲبة مثل قصر السبلـ الذم بِب ُب عهد الدكلة الرسولية‪ٍ ،‬ب قصر ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بنصور بن دمحم الفاتك النجاحي‪ ،‬كقصر ليبق شرؽ ا‪٤‬بدينة‪.4‬‬
‫مساجدىا كمدارسها العلمية‪ :‬أما ا‪٤‬بساجد فالباقي منها ِٖ مسجدان أٮبها مسجد األشاعر كمسجد‬
‫ا‪١‬بامع الكبّب كمسجد ا‪٢‬بوازـ كمسجد الرٲبي كمسجد البزاز كمسجد األىدؿ كمسجد ا‪٢‬بكارية‪،‬‬
‫كىناؾ عشرات ا‪٤‬بساجد منها ما ىو مهجوران كمنها ما ىو مقامان‪ ،‬اىيك عن ا‪٤‬بساجد ا‪٤‬بدفونة أبكواـ‬
‫الرماؿ‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض ‪.12‬‬


‫‪ 0‬املـاذ ٌساوي اًَوم ثلصًح ًا ‪2222‬م مصتؽ‪ٔ ،‬بي ٔبن س امتئة ومثاهني مـاذ ًا جساوي ‪ 0،502،222‬م مصتؽ ويه ما ثـاذل الٓن ‪ً 41024‬حية‬
‫ؾضازي يف املساحة املـمتست ٌَحية يف مسًية ظيـاء‪.‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ ض ‪.14‬‬
‫‪ 2‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.511/1 ،‬‬
‫‪96‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫أما مدارسها القدٲبة الٍب كانت كما تزاؿ مصدران إلشعاع العلم كا‪٤‬بعرفة فهي أكثر من ِٓ مدرسة منها‬
‫ا‪٤‬بدرسة العصامية كا‪٤‬بدرسة التاجية كا‪٤‬بزجاجية بناىا الشيخ دمحم بن دمحم ا‪٤‬بزجاجي ٔبوار داره صاحب‬
‫ا‪٤‬بلك األشرؼ ٍب صحب ابنو الناصر الرسورل‪ ،1‬كالياقوتية بزبيد غريب ا‪٣‬باف اجملاىدم بنتها ا‪٢‬برة جهة‬
‫الطواشي اختيار الدين ايقوت‪ ،2‬كالفرحانية كيقاؿ ‪٥‬با أيضان مدرسة أـ السلطاف كقد بنتها كزجة‬
‫السلطاف ا‪٤‬بلك األشرؼ الرسورل‪ ،3‬كا‪٤‬بدرسة ا‪٤‬بنصوريةبناىا ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب بن داكد بن‬
‫طاىر‪ ،‬كقد أمر بعمارهتا ُب شعباف سنة ْٖٖىػ‪ ،4‬كاحملالبية بناىا القاري شهاب الدين أ‪ٞ‬بد بن‬
‫إبراىيم احملاليب ككقف هبا كتبان عظيمة‪ ،5‬كالظافرية ابتناىا ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن عبدالوىاب بن داكد‬
‫سنة ََٗىػ‪ ،6‬كالسيفية‪ 7‬كا‪٤‬بدرسة البدرية كتسمى أيضان اللطيفية‪ ،8‬كا‪٤‬بدرسة ا‪٢‬بسينية كا‪١‬بعامنة‬
‫كا‪١‬بيشية كا‪٢‬بًسانية كا‪٣‬بارجية كا‪٣‬بريسانية كا‪٣‬بيريصانية كالييصنية كالفاخرية كالكافورية كا‪٤‬برىاد‪ ،‬كقد كرد‬
‫ذكرىا كلها ُب سجبلت أكقاؼ زبيد‪ ،9‬كمدرسة إ‪٠‬باعيل العلوم بناىا إ‪٠‬باعيل بن عبدهللا العلوم‬
‫ككقف عليها كقفان جامبلن ككاف كزيران للمنصور كاألشرؼ الرسورل‪ ،10‬فقد كانت مدينة زبيد عريقة‬
‫ٗبدارسها اإلسبلمية‪ ،‬الٍب أ‪٪‬ببت خّبة أبناء اليمن من أدابء كفقهاء كمفكرين كعلماء اللية العربية من‬
‫‪٫‬بو كصرؼ‪ ،‬كإف ‪٧‬باكلتنا حصر أ‪٠‬باء العلماء البارزين كاحملققْب كا‪٤‬بؤرخْب كأئمة الدين كاللية الذين‬
‫‪٤‬بعت أ‪٠‬باؤىم من زبيد ىي ‪٧‬باكلة شاقة لكثرة عددىم‪ ،‬فقد كانت زبيد ٗبثابة جامعة إسبلمية يتخرج‬
‫منها عشرات العلماء سنواين‪.11‬‬

‫‪ 1‬املسازش الٕسالمِة يف اٍمين‪ ،‬اًلايض اسٌلؾَي جن الٔهوع‪ ،‬مؤسسة اًصساةل تريوث ًحيان‪ ،‬مىذحة ادلَي ادلسًس‪ ،‬اًعحـة اًثاهَة ‪1764‬م‪،‬‬
‫ض‪.100‬‬
‫‪ 0‬املسازش الٕسالمِة‪ ،‬اسٌلؾَي الٔهوع‪ ،‬ض‪.126‬‬
‫‪ 1‬املسازش الٕسالمِة‪ ،‬اسٌلؾَي الٔهوع‪ ،‬ض‪.067‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.136‬‬
‫‪ 3‬املسازش الٕسالمِة يف اٍمين‪ ،‬ض‪.101‬‬
‫‪ 4‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.316‬‬
‫‪ 5‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬اًلحفي‪.511/1 ،‬‬
‫‪ 6‬املسازش الٕسالمِة يف اٍمين‪ ،‬اسٌلؾَي الٔهوع‪ ،‬ض‪.073‬‬
‫‪ 7‬املسازش الٕسالمِة‪ ،‬اسٌلؾَي الٔهوع‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪ 12‬املسازش الٕسالمِة‪ ،‬إسٌلؾَي الٔهوع‪ ،‬ض‪.124‬‬
‫‪ 11‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.511/1 ،‬‬
‫‪97‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫اإلستيالء على زبيد‬

‫أوالً‪ :‬أحوال زبيد قبل دخول الطاىريني‪:‬‬


‫كانت مدينة زبيد من أىم ا‪٤‬بدف ُب اليمن ُب القركف األكذل حٌب القرف التاسع إذل عصر الدكلة‬
‫الطاىرية بل إهنا كانت عاصمة لعدة دكؿ‪ ،‬كُب أكاخر الدكلة الرسولية كانت مقران للملك ا‪٤‬بؤيد الذم‬
‫تركها متوجهان إذل عدف بعد أف ترؾ ا‪٤‬بسعود عدف‪ٍ ،‬ب خرج ا‪٤‬بؤيد منها بعد أف استوذل عليها بنو‬
‫طاىر‪ ،‬كبقية زبيد من غّب كارل أك ملك من قبل بِب رسوؿ كبقي فيها العبيد كا‪٤‬بماليك يعبثوف فيها‬
‫كيفسدكف‪ ،‬كيثقلوف أىل زبيد ابلظلم كالطيياف‪.‬‬
‫كقد كثر فيها الفساد من العبيد كا‪٤‬بماليك كاستفحل الظلم فيها‪ ،‬كارطربت أمورىا كدل يعد األمن‬
‫مستتبان كتقا‪٠‬بت اآلراء كاألىواء ُب زبيد‪ ،‬كخشي الناس على أنفسهم من الطامعْب كالظا‪٤‬بْب كأيكلت‬
‫ا‪٢‬بقوؽ كانتهبت‪ ،‬حٌب أف أعياف مدينة زبيد كقضاهتا كعلمائها عجزكا عن ربط أمورىا كإرساء األمن‬
‫فيها كدل يستطع أف يصنعوا شيئان حياؿ العبيد كا‪٤‬بماليك‪ ،‬ككاف البد من استقرار أمر زبيد كاختيار‬
‫الشخص ا‪٤‬بناسب إلدارة أمورىا‪ ،‬كدل يكن أنسب من أىل طاىر ُب ذلك الوقت لواليتها‪.‬‬
‫يقوؿ الشيخ كماؿ الدين موسى بن أ‪ٞ‬بد الذؤارل الزبيدم كىو من علماء كفقهاء زبيد ك‪٩‬بن عاصر‬
‫ىذه األحداث ُب ذلك الوقت كعاصر بداية هنضة الدكلة الطاىرية ككتب عنها‪" :‬ككانت مدينة زبيد‬
‫قد كثر فيها الفساد من العبيد كاشتهر ُب الناس عدؿ ا‪٤‬بشايخ كحسن سّبهتم ُب الرعااي فا‪٪‬بذبت‬
‫ا‪٣‬بواطر كمالت النفوس إذل ‪٧‬ببتهم‪ ،‬فحينئذ ركبت إليهم رؤساء مدينة زبيد كأعياهنا كرغبوىم ُب الببلد‬
‫كأعلموىم ٕباؿ العبيد كما ىم عليو من الفساد‪ ،‬كحسنوا ‪٥‬بم التوجو إذل هتامة كسهلوا عليهم قصدىا‪،‬‬
‫ككاف مدار أمر أىل زبيد على قاري القضاة ‪ٝ‬باؿ الدين دمحم الطيب بن أ‪ٞ‬بد الناشرم‪ ،‬كشيخ‬
‫ا‪٤‬بشايخ شرؼ الدين إ‪٠‬باعيل بن أيب بكر ا‪١‬بربٌب‪ ،‬فكتبوا إذل ا‪٤‬بشايخ فأجابوىم إذل ما سألوا من‬
‫الوصوؿ إذل هتامة كإنقاذ ا‪٤‬بسلمْب ‪٩‬با ىم فيو من ا‪٣‬بوؼ"ُ‪.‬‬

‫اثنياً‪ :‬أبرز الشخصيات يف مدينة زبيد ومواقفهم قبل إستيالء ادللك اجملاىد وادللك الظافر عليها‪:‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.022‬‬
‫‪98‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كانت ىناؾ شخصيات عديدة كابرزة ُب مدينة زبيد‪ ،‬كمن أىم ىذه الشخصيات آخر من بقي من‬
‫ملوؾ بِب رسوؿ كٮبا ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بسعود كا‪٤‬بلك ا‪٤‬بؤيد كاألمّب جياش السنبلي كقاري القضاة ‪ٝ‬باؿ الدين‬
‫دمحم الطيب بن أ‪ٞ‬بد الناشرم‪ ،‬كشيخ ا‪٤‬بشايخ شرؼ الدين إ‪٠‬باعيل بن أيب بكر ا‪١‬بربٌب كاألمّب الركن‬
‫عبدالر‪ٞ‬بن بن دمحم بن زايد الكاملي كقاري الشريعة دمحم بن أيب الفضل الناشرم‪ ،‬كا‪٣‬بطيب الفقيو‬
‫عبدا‪٤‬بعنم بن موسى الضجاعي‪ ،‬كالشريف أبو العباس بن أيب السلطاف‪ ،‬ككاف للعبيد سطوة كبيي ُب‬
‫مدينة زبيد ككاف من رؤسائهم البارزين يوسف بن القلقل‪ ،‬كىو طاغيتهم يومئذ‪ ،‬كمن رؤساء العبيد‬
‫كذلك كأبرزىم عبدهللا بن زيتوف كفرج خّبين‪.‬‬
‫كعندما ىزـ ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر على اإلستيبلء على مدينة زبيد تباينت مواقف أعياف كمشايخ‬
‫زبيد كأبرز الشخصيات فيها من عزـ الطاىريْب اإلستيبلء على زبيد‪.‬‬
‫موقف أعيان زبيد وقضاهتا وعلمائها‪ :‬فأما ابلنسبة لرؤساء مدينة زبيد كأعياهنا فقد دعوا آؿ طاىر‬
‫لدخوؿ مدينة زبيد كرغبوىم ُب الببلد كأعلموىم ٕباؿ العبيد كما ىم عليو من الفساد‪ ،‬كحسنوا ‪٥‬بم‬
‫التوجو إذل هتامة كسهلوا عليهم قصدىا‪ ،‬ككاف مدار أمر أىل زبيد على قاري القضاة ‪ٝ‬باؿ الدين دمحم‬
‫الطيب بن أ‪ٞ‬بد الناشرم‪ ،‬كشيخ ا‪٤‬بشايخ شرؼ الدين إ‪٠‬باعيل بن أيب بكر ا‪١‬بربٌب‪ ،‬فكتبوا إذل ا‪٤‬بشايخ‬
‫فأجابوىم إذل ما سألوا من الوصوؿ إذل هتامة كإنقاذ ا‪٤‬بسلمْب ‪٩‬با ىم فيو من ا‪٣‬بوؼ‪.‬‬
‫ك‪٤‬با خلع ا‪٤‬بسعود نفسو من ا‪٤‬بلك‪ ،‬راسل كرباء أىل زبيد اإلماـ ا‪٤‬بلك اجملاىد مشس الدين علي بن‬
‫طاىر إذل مدينة عدف ببذؿ الطاعو لو‪ ،‬كتسليم األمر إليو‪ ،‬كذلك بعد أف قبض حصن التعكر ُب شهر‬
‫ذم القعدة‪.1‬‬
‫موقف ادلسعود الرسويل‪ :‬كأما ا‪٤‬بسعود فبلغ ُب خركجو من عدف كما ٌ‬
‫مر معنا إذل العارة‪ٍ ،‬ب إذل ىقرة‪،‬‬
‫كاستجار هبا عند الشيخ عبدهللا بن أيب السركر ‪٫‬بوان من شهرين‪ٍ ،‬ب خرج إليو العبيد من زبيد كراكدكه‬
‫على الدخوؿ معهم إليها فاستوثق منهم ابإلٲباف‪.‬‬
‫كدخل زبيد يوـ االثنْب اثين رمضاف كعمل ‪٠‬باطان لئلقطار‪ ،‬كدعا إليو رؤساء الناس على عادة سلفو ُب‬
‫ذلك‪ ،‬فحْب قعد الناس عليو لئلفطار تكسرت اإلسراء إذا ذاؾ من ‪ٙ‬بتهم‪ ،‬فسقط قاري الشريعة دمحم‬
‫بن أيب الفضل الناشرم‪ ،‬كا‪٣‬بطيب الفقيو عبدا‪٤‬بعنم بن موسى الضجاعي‪ ،‬كالشريف أبو العباس بن أيب‬
‫السلطاف إذل األرض كدل يتيّب منهم شيء‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،116‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض ‪.022‬‬
‫‪99‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كأقاـ ا‪٤‬بسعود بزبيد إذل ا‪٢‬بادم كالعشرين من شواؿ‪ ،‬كأرسل للشيخ عبدهللا بن أيب السركر صاحب‬
‫ىقرة‪ ،‬فجاءه كخرج ُب صحبتو‪ ،‬على نية السفر إذل تعز‪ ،‬فلما استقر ٗبدينة حيس خلع نفسو‪.‬‬
‫كرجع العبيد إذل زبيد منكسرين‪ ،‬كبلغ ا‪٤‬بسعود إذل ىقرة‪ ،‬كأقاـ عند الشيخ عبدهللا بن أيب السركر‪ٍ ،‬ب‬
‫خرج من ىقرة إذل مكة ا‪٤‬بشرفة‪.‬‬
‫فكاف خركجو من مدينة زبيد قبل دخوؿ الطاىريْب ‪٥‬با كقد انتهى أمره كما ذكر ا ابإلستقرار ُب مكة‬
‫كجاكر هبا حٌب توُب‪.1‬‬
‫موقف األمري جياش السنبلي والعبيد وادلماليك‪ :‬فأما األمّب زين الدين جياش بن سليماف السنبلي‬
‫فبعد أف خرج من عدف مطركدان مها ان‪ ،‬ىو كمن معو من أىلو‪ ،‬ككانوا ‪٫‬بو الثبلثْب‪ ،‬فاستقر ٗبدينة موزع‬
‫ككاتب العبيد ليأذنوا لو ُب دخوؿ زبيد‪ ،‬فرري بعضهم ككره البعض‪ ،‬ك‪٩‬بن رري بدخلوه يوسف بن‬
‫القلقل‪ ،‬كىو طاغيتهم يومئذ‪ ،‬فأدخلو زبيد غصب الكارىْب‪.‬‬
‫فلما استقر هبا أظهر ‪٥‬بم النصح فأمنوه‪ ،‬فكاتب ا‪٤‬بلك اجملاىد ٱبربه اب‪٫‬ببلؿ أمر العبيد كرعف‬
‫شوكتهم‪ ،‬فرد إليو ا‪١‬بواب كألزمو اإلفساد بْب العبيد كتفريق كلمتهم‪.‬‬
‫فلم يزؿ يعمل ا‪٢‬بيلة حٌب حالف عبيد السيد كعبيد الشمسي للملك اجملاىد‪ ،‬ك‪٤‬با استوثق منهم‬
‫بذلك‪ ،‬راسل ا‪٤‬بلك اجملاىد مع ‪ٝ‬باعة من كرباء البلد كقضاهتا كعلمائهاِ‪ ،‬كمنهم شيخ اإلسبلـ‬
‫القاري الطيب الناشرم كشيخ ا‪٤‬بشايخ شرؼ الدين إ‪٠‬باعيل بن أيب بكر ا‪١‬بربٌب‪.‬‬
‫كيذكر ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف القرمطي أف األمّب جياش السنبلي قد أعمل ا‪٢‬بيلة مع بِب طاىر ليتمكن من‬
‫اإلستيبلء على مدينة زبيد‪ ،‬كالتفرقة بْب ا‪٤‬بماليك‪ ،‬فيقوؿ‪" :‬ككاف جياش السنبلي ُب موزع ٍب إنو ىرب‬
‫بزعمو أنو خاؼ من بِب طاىر‪ ،‬كدخل مع ا‪٤‬بخالفْب من العبيد ُب مدينة زبيد‪ ،‬فاستأنسوا بو كقدموه‬
‫كرفعوا قدره كعظموه‪ ،‬فمكث معهم أايمان حٌب أمنوا جانبو كدل يدخلهم منو ا‪٣‬بوؼ كا‪٤‬براقبة‪ ،‬فراسل بِب‬
‫طاىر على أف يدخلهم إذل زبيد‪ ،‬برغم ا‪٤‬بخالفْب فيو من العبيد‪ ،‬كصارت ا‪٤‬بكاتبة كا‪٤‬براسلة على يد دمحم‬
‫بن أيب بكر صاحب شرعب كريساف ُب يده ُب أكاف ا‪٤‬بظفر بن عمر بن إ‪٠‬باعيل األشرؼ‪ ،‬ككاف‬
‫الرسوؿ إذل زبيد إدريس احملرايب‪."3‬‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.272‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.117‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.41‬‬
‫‪111‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫فلما كصلتو الكتب خرج من عدف اثلث شواؿ ٖٗٓىػ إذل بلده جنب‪ ،‬فجمع ا‪١‬بند ٍب نزؿ إذل تعز‪،‬‬
‫فاستدعى العساكر فوصلو إذل تعز القرشيوف‪ ،‬ككانوا يومئذ ُب غاية من الكثرة كالنجدة كاتفاؽ الكلمة‪،‬‬
‫فحلفوا لو على ما أحب فأكرمهم ككعدىم بكل ‪ٝ‬بيلُ‪.‬‬
‫"كقد ‪ٝ‬بع علي بن طاىر العساكر كسار إذل زبيد كا‪٤‬ببادر‪ ،‬ككاف ُب تعز ككتب إذل أخيو ليوافيو اب‪١‬بمع‬
‫الكثّب‪ ،‬كيكو اف مزمعْب ابلسّب‪ ،‬فلما كصل عامر إذل تعز كجد أخاه عليان قد تقدـ بعسكر إذل زبيد‬
‫‪٧‬باصران‪ ،‬فوقع مع عامر القلق كاليرؽ خوفان على أخيو من اليدر‪ ،‬كأف ال يقع لو ما أملو من األمر‪ ،‬كقد‬
‫‪ٝ‬بع علي بن طاىر إليو القرشيْب‪ ،‬كقاؿ ‪٥‬بم‪ :‬إ ٌ ا ‪ٝ‬بيعان من قريش‪ ،‬كسار هبم كبكثّب معهم من‬
‫ا‪١‬بيش‪."2‬‬
‫ٍب نزؿ اجملاىد من تعز إذل زبيد على طريق موزع‪ ،‬فلما ‪٠‬بع العبيد بذلك حاصوا حيصة ‪ٞ‬بر الوحش‪،‬‬
‫كدل ينتظم ‪٥‬بم أمر‪ ،‬فدخل موزع ُب ذم القعدة كاستقر هبا‪ ،‬كأرسل للشيخ ٰبٓب بن عمر الثابٍب صاحب‬
‫ا‪٢‬بديدة‪ ،‬ككاف قد كفد إذل ا‪٤‬بلك اجملاىد كأخيو إذل مدينة عدف‪ ،‬كحلف ‪٥‬بما كدعا إليهما‪ ،‬فأمره أف‬
‫يستقر ببيت الفقي و ابن عجيل كٲبهد قواعد العرب ىنالك‪ ،‬كأرسل لو من ا‪٤‬باؿ ٗبا يعينو على ذلك‪،‬‬
‫فوصل إليها كاستقر هبا ُب ‪ٝ‬باعة من أىلوّ‪.‬‬
‫"ككاف الشيخ الثابٍب صاحب ا‪٢‬بديدة قد حالف ‪ٝ‬باعة من العرب أيضان على الطاعة للملك اجملاىد‬
‫كأما السواد األعظم فقد امتؤلت قلوهبم ‪٧‬ببة لو ‪٤‬با بليهم من عدلو كرفقو ابلرعية"ْ‪.‬‬
‫ٍب كصل ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل مدينة حيس ليلة عيد النحر فاشتد ريق العبيد‪ ،‬كبليت منهم القلوب‬
‫ا‪٢‬بناجر‪ ،‬فلما كاف ليلة ُُ من ذم ا‪٢‬بجة‪ ،‬خرجت فرقة من العبيد ىاربْب كتسوركا الدركب كيعرفوف‬
‫بعبيد فشاؿ‪.‬‬
‫كُب صبح تلك الليلة كىو يوـ ا‪١‬بمعة‪ٝ ،‬بع األمّب زين الدين جياش السنبلي عنده أكابر العبيد‪ ،‬كأمر‬
‫مناداين ُب ا‪٤‬بدينة أبف البلد للملك اجملاىد مشس الدين علي بن طاىر‪.5‬‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.272‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.40‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.116‬‬
‫‪ 2‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.272‬‬
‫‪ 3‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.117‬‬
‫‪111‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫"فلما ‪٠‬بع من بقي من العبيد‪ ،‬كمنهم عبدهللا بن زيتوف أنكركا ذلك على األمّب جياش‪ ،‬فلما أصبحوا‬
‫اجتمع منهم ‪٫‬بو أربعمائة رجل كتوجهوا إذل دار األمّب ا‪٤‬بذكور فاستأذف لو رؤساؤىم‪ ،‬ككانوا ‪٫‬بو‬
‫ا‪٣‬بمسة‪ ،‬فأذف ‪٥‬بم كبقي الباقوف على الباب فلما طلعوا إليو‪ ،‬كفيهم عبد سفيو يقاؿ لو فرج خّبين"ُ‪.‬‬
‫ككاف البادمء ُب الكبلـ مع األمّب جياش السنبلي‪" ،‬فقاؿ لو فرج خّبم كىو من طياة العبيد ‪٤‬با ‪٠‬بع‬
‫النداء‪ :‬اي أمّب من أذف لك ُب ىذا النداء؟ كأراد إاثرة فتنة‪ ،‬فأمر األمّب زين الدين اخويو ا‪٠‬باعيل‬
‫كالصديق بضربو فضرب ابلسيف حٌب برد‪ ،‬كألقي بْب الناس ُب الشارع من كوة دار األمّب‪ ،‬كالعبيد‬
‫‪٦‬بتمعوف حوؿ البيت من ا‪٤‬بؤالفْب كا‪٤‬بخالفْب‪ٍ ،‬ب قبض على عبدهللا بن زيتوف‪ ،‬ككاف طاغية العبيد‬
‫كرأس الفتنة‪ ،‬كعلى ‪ٝ‬باعة كحفظهم‪ ،‬فلما علم بذلك ابقي العبيد تفرقوا كتشتتوا كتسوركا الدركب‬
‫ك‪ٛ‬بزقوا كل ‪٩‬بزؽ‪ ،‬ككانوا ‪٫‬بو أربعمائة كقبض من خيلهم ‪٫‬بو ‪ٟ‬بسة عشر فرسان‪.‬‬
‫ككادت ا‪١‬بمعة تفوت‪ٍ ،‬ب صلى القليل من الناس ا‪١‬بمعة كخطب لئلماـ ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر‪،‬‬
‫كاستمرت ا‪٣‬بطبة اب‪٠‬بو كىو األصير‪.2‬‬
‫"فلما انتهى ا‪٤‬بلك علي بن طاىر إذل زبيد فرؽ عساكره للقتاؿ‪ ،‬كقد تفرؽ إذل كل احية‪ ،‬ليدفعوا من‬
‫أدل هبم من أبطاؿ الرجاؿ‪ ،‬ككاف جياش السنبلي ُب احية ٗبن انضاؼ إليو كمن كااله من أىل زبيد‪،‬‬
‫كقبالو علي بن طاىر‪ ،‬كالعبيد ال يشعركف ٗبا يريد‪ ،‬فلما تداىن القوـ للقتاؿ أدخل جياش كمن معو‬
‫علي بن طاىر من احيتو كأنضاؼ إذل ‪ٝ‬بلتو‪ ،‬فلما دخل علي بن طاىر صحب العبيد ا‪٥‬بزٲبة‪ ،‬كقتل‬
‫منهم مقتلة عظيمة‪ٍ ،‬ب أمر علي بن طاىر برفع السيف بعد أف قتل كأسر كأحصى منهم األكثر‬
‫كانتهبهم ٗبن معو من العسكر‪ ،‬كأخرجهم من زبيد فلم يدع فيها أحد من العبيدّ"‪.‬‬
‫كُب ليلة السبت اثين أايـ التشريق‪ ،‬تسور ‪ٝ‬باعة من العبيد السور كاستجار ‪ٝ‬باعة منهم ُب بيوت‬
‫مناصب البلد‪ ،‬كخرج األمّب الركن عبدالر‪ٞ‬بن بن دمحم بن زايد الكاملي إذل ابب الشبارؽ‪ ،‬ككسر قفل‬
‫الباب كخرج فاران إذل ا‪٤‬بلك اجملاىد‪.4‬‬
‫هناية ادللك ادلؤيد الرسويل‪ :‬أما ا‪٤‬بؤيد كىو آخر ملك رسورل ٗبدينة عدف‪ ،‬ككاف هبا عند دخوؿ‬
‫مر معنا‪ ،‬كدل يسيئوا إليو‪ ،‬ككاف‬
‫الطاىريْب إليها كقد أحسنوا إليو ُب عدف عندما أستولوا عليها كما ٌ‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.022‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.40‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪112‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ا‪٤‬بؤيد ىذا بعدما فارؽ مدينة عدف‪ ،‬كصل إذل زبيد كحلف لو العبيد كسلطنوه عليهم كاستقرهبا‪ ،‬فكاف‬
‫استيبلء ا‪٤‬بشايخ بِب طاىر على كل كاحدة من ا‪٤‬بدينتْب كىو هبا فتيمنوا بلقيو كأحسنوا إليو‪.1‬‬
‫كقد كاف ا‪٤‬بؤيد خشي على نفسو من الطاىريْب كاتباعهم‪ ،‬فاستجار ببيت الشيخ اليزارل‪ٍ ،‬ب خرج إذل‬
‫مكة كقصد مصر فأكرمو سلطاهنا إيناؿ األجركد‪ ،‬كرتب لو مرتبان يقوـ بكفايتو ٗبكة ا‪٤‬بشرفة فرجع إذل‬
‫مكة كاستقر هبا حٌب توُب‪.2‬‬
‫كمن غريب اإلتفاؽ دخوؿ ا‪٤‬بلكْب ابِب طاىر مدينٍب عدف كزبيد كا‪٤‬بؤيد ُب كل كاحدة منهما‪ ،‬كأف‬
‫ا‪٣‬بطيب خطب يوـ ا‪٣‬بميس كىو العيد للمؤيد حسْب‪ ،‬كُب يوـ ا‪١‬بمعة بعده لعامر بن طاىر‪.3‬‬
‫اثلثاً‪ :‬دخول ادللك اجملاىد علي بن طاىر زبيد‪:‬‬
‫ككاف دخوؿ ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر زبيد آمنان مطمئنان‪ ،‬بيّب قتاؿ كال حرب‪ ،‬رحى يوـ السبت‬
‫اثين أايـ التشريق سنة ٖٗٓىػ‪ ،‬كُب صحبتو ابن أخيو الشيخ ‪ٝ‬باؿ الدين دمحم بن داككد كالعبلمة مشس‬
‫الدين يوسف بن يونس ا‪١‬ببائي ا‪٤‬بعركؼ اب‪٤‬بقرم كالقرشيوف‪ ،‬كانقادت لو العرابف‪ ،‬كذلت لو األقراف‪،‬‬
‫كدانت لو العباد‪ ،‬كأمنت بو الببلد‪ ،‬كفرح بو ا‪٤‬بسلموف‪ ،‬كانقمع بو ا‪٤‬بفسدكف‪.4‬‬
‫ككاف ُب القرشيْب طيي كبيي‪ ،‬فانتشركا ُب الببلد لنهب بيوت العبيد‪ ،‬ككاف ا‪٤‬بلك اجملاىد قد كعدىم‬
‫بنهبها‪ ،‬فيما قيل فأحس األمّب زين الدين بفعلهم فأمر بيلق ابب الشبارؽ‪ ،‬كاثر أىل زبيد كالعرب‬
‫الذين هبا عصر ذلك اليوـ على القرشيْب‪ ،‬فقتلوا منهم ‪٫‬بو ‪ٟ‬بسة عشر نفران‪ ،‬فضاؽ القرشيوف كرأكا‬
‫اهنم إف أمسوا بزبيد ىلكوا‪ ،‬فلجأكا إذل األمّب زين الدين‪ ،‬فاستأذف أمّب ا‪٤‬بؤمنْب ُب الفسح ‪٥‬بم ففعل‪،‬‬
‫كخرجوا مع غركب الشمس ذلك اليوـ مطركدين مذمومْب مدحورين‪ ،‬كأىل زبيد يتبعوهنم كيصيحوف‬
‫عليهم كيرموهنم اب‪٢‬بجارة من على السطوح‪ ،‬كاستقر الناس بعد ذلك"ٓ‪.‬‬
‫كرد ا‪٤‬بلك اجملاىد للناس أموا‪٥‬بم ا‪٤‬بيصوبة مع العبيد كغّبىم‪ ،‬كقاـ ٕبجة العامة كا‪٣‬باصة‪ ،‬كقاؿ للناس‪:‬‬
‫ٌ‬
‫حل بكم من العنف كالعسف‪ ،‬كأمرىم ٕبمل‬ ‫ليس رل حاجة ُب النزكؿ إليكم إال أمانكم ككشف ما ٌ‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.022‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.117‬‬
‫‪ 3‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،101‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل‬
‫اًزتَسي‪ ،‬ض‪.022‬‬
‫‪113‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫السبلح كال ٌذب عن أنفسهم كإنكار ما يركنو منكران كا‪٤‬بعاكنة كا‪٤‬بعاردة‪ ،‬فامتؤلت القلوب ٗبحبتو‬
‫كامتدت األايدم ابلدعاء بدكاـ مدتو‪.1‬‬
‫كأصبحت ا‪٣‬بطبة على منابر زبيد ألخيو ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر بن معورة‪ ،‬ككليا أاب طاىر دمحم‬
‫بن أيب بكر صاحب شرعب ُب زبيد‪.2‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض ‪.022‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.41‬‬
‫‪114‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫دار اإلمارة فً زبٌد‬

‫باب الشبارق فً زبٌد‬

‫سور زبٌد‬

‫جامع األشاعر فً زبٌد‬

‫‪115‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثالث‬
‫ردع التمردات القبلية يف هتامة‬

‫كاجهت الدكلة الطاىرية عدة ‪ٛ‬بردات قبلية كخركج بعض القبائل على ا‪٢‬بكم الطاىرم كعدـ اإلمتثاؿ‬
‫للدكلة ُب بداية نشأهتا كقد استمرت بعض ىذه التمردات لسنوات طويلة‪ ،‬كنظران لطبيعة اجملتمع اليمِب‬
‫القبلية‪ ،‬فإف العصبية القبلية ىي الٍب كانت سائدة على اجملتمع اليمِب خاصة ُب ظل رعف الدكلة‬
‫الرسولية ُب أكاخر عهدىا كاعتياد القبائل على ا‪٣‬بركج دكف مواجهة حا‪٠‬بة من قبل الدكلة الرسولية‪.‬‬
‫لذا فقد كرثت الدكلة الطاىرية ىذه الَباكمات من التمردات القبيلة كاعتياد القبائل على ا‪٣‬بركج على‬
‫السلطة كا‪٢‬باكم دكف مواجهة حقيقية‪ ،‬فكاف ال بد من القضاء على ىذه التمردات كإخضاع القبائل‬
‫للحكم الطاىرم كتوحيد اليمن أبكملو ‪ٙ‬بت ظل حكم الدكلة الطاىرية كالسيطرة على القبائل إما‬
‫ابستمالتها إف أمكن ذلك أك القضاء على ا‪٤‬بعاررْب كقمعهم عند الضركرة‪.‬‬
‫ككاف من أبرز ىذه التمردات ُب عهد ا‪٤‬بلك علي بن طاىر كأخيو ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر‪ ،‬التمردات‬
‫الواقعة ُب منطقة هتامة من قبل بعض قبائل هتامة ككاف أشدىا خركجان على الطاىريْب ىم قبائل ا‪٤‬بعازبة‬
‫كالقرشية كا‪٢‬بفصيْب‪ ،‬كُب ىذا الفصل فإننا سنتكلم عن ‪ٛ‬بردات كل قبلية ُب هتامة كأبرز ا‪٣‬بارجْب ىناؾ‬
‫كبلن على حدة‪ُ ،‬ب مبحثْب كاآلٌب‪:‬‬
‫ادلطلب األول‪ :‬مترد قبيلة ادلعازبة يف هتامة‬
‫ادلطلب الثاين‪ :‬مترد قبيلة القرشية وبقية قبائل هتامة‬

‫‪116‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلطلب األول‬
‫مترد قبيلة ادلعازبة يف هتامة‬

‫عند استدعاء أىل زبيد لبِب طاىر ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر كبدأ نزك‪٥‬بما لتهامة كعزمهم على ذلك‪،‬‬
‫تسارعت القبائل إلعبلف الوالء كبذؿ السمع كالطاعة للملك اجملاىد‪ ،‬فأما القرشيوف فقد ابيعوا ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد عند قدكمهم إليو ُب تعز‪ ،‬فحلفوا لو على ما أحب فأكرمهم ككعدىم بكل ‪ٝ‬بيل‪.‬‬
‫كبعد أف استقر األمر للملك اجملاىد كأخيو ُب زبيد أرسبل إذل ما حو‪٥‬با من القبائل لبذؿ الطاعة‬
‫كالكف عن الفساد كأتمْب الطرقات ككاف معظم القبائل راغبْب ‪٢‬بكمهم فرحْب بقدكمهم كاستيبلئهم‬
‫على زبيد‪٤ ،‬با سبق بيانو من أسباب دعت لذلك كلطلبهم إايىم ُب القدكـ إذل زبيد لرفع الظلم كإزالة‬
‫الفساد‪.‬‬
‫كلكن بعض القبائل رفضت ا‪٤‬ببايعة كأبت ذلك‪ ،‬كأصرت على التمرد كالبقاء خارج سلطة الدكلة‬
‫الطاىرية‪ ،‬ككاف من أبرز ىؤالء ا‪٤‬بعازبة‪ 1‬فقد استعصوا كأبوا الطاعة كاستمركا ُب ‪ٛ‬بردىم‪ ،‬كأبوا إال قطع‬
‫الطريق كالسلب‪ ،‬كالعصياف لبِب طاىر‪.‬‬
‫كقد ‪ٙ‬باشى السلطاف اجملاىد من ‪٧‬باربة قبيلة ا‪٤‬بعازبة ُب أكؿ عهد الدكلة الطاىرية فبعد سيطرتو على‬
‫زبيد كاستقراره فيها بعض الوقت عاـ ٗٓٓىػ‪ ،‬عمل على كسب كدىم‪ ،‬فأرسل إليهم يدعوىم إذل‬
‫الطاعة كالكف عن أعماؿ السلب كالنهب‪ ،‬فأبوا ميَبين بكثرة عددىم ككفرة خيلهم كمتباىْب‬
‫بشجاعتهم‪.‬‬
‫ككانت أكرب قبائل هتامة ىي قبائل ا‪٤‬بعازبة كالقرشيوف ككانت ‪٥‬بم خيوؿ كفرساف‪ ،‬كتعدايت متواصلة‬
‫على زبيد كغّبىا من حوارر هتامة‪ ،‬كقد زادت تعدايهتم كقطعهم للطريق ُب أكاخر عصر الدكلة‬
‫الرسولية كرعفها‪.‬‬

‫‪ 1‬املـاستة‪ :‬كدَةل من ا ٔلصاؾصت مسانهنم ما تني تُت اًفلَِ وامليعوزًة من بٔؾٌلل ستَس‪ ،‬ويه مٌعلة واسـة نثريت ارلرياث من اًززوع‪ ،‬ومن‬
‫ٔبكسام اًلدَةل اًززاهَق وتين دمحم وتين امللدول وتين مضِوز واًـٌلزي وتين ادليَس واًِحاًَة واٍهباذزت وكريمه‪ ،‬وكس كَة ؿَهيم إمس اًززاهَق ابمس‬
‫ٔبحس فصوؾِم‪ ،‬وركل ًضِصت اًفصع سواء ٔبايم تين زسول ٔبو يف اًـرص اذلسًر‪ ،‬ومن مضاُري اًلدَةل اًفلَِ ٔبمحس جن موىس جن ُجعَي املخويف‬
‫س ية ‪ُ472‬ػ‪ ،‬واذلي ثًسة إًََ مسًية تُت اًفلَِ‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1343/0 ،‬‬
‫‪117‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كُب أكؿ شعباف من سنة ُٖٔىػػ‪ ،‬غزا ا‪٤‬بلك اجملاىد ا‪٤‬بعازبة كقبيلة ا‪٤‬بعازبة ىم ما يعرفوف اليوـ ابلزرانيق‪،‬‬
‫كقد غزاه ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل ‪٬‬بل ا‪٤‬بديب‪ ،‬فقتل منهم ‪٫‬بو العشرين‪ٍ ،‬ب صا‪٢‬بوه على ستْب فرسان أدكىا‬
‫إليو‪.‬‬
‫ككاف سبب ىذه ا‪٢‬بملة أف ا‪٤‬بعازبة أغاركا ُب يوـ الثبلاثء الرابع عشر من ‪٧‬برـ سنة إحدل كستْب‬
‫ك‪ٜ‬با٭بائة‪ ،‬على مدينة فشاؿ كقتلوا من الدكلة ستة نفر‪ ،‬كاستقلعوا من ا‪٣‬بيل ‪٫‬بو العشرينُ‪.‬‬
‫يقوؿ العبلمة كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم‪" :‬ك‪٤‬با فرغ ا‪٤‬بلك اجملاىد من تقرير حاؿ البلد كالنظر ُب‬
‫مصاحل ا‪٤‬بملكة‪ ،‬أرسل إذل ا‪٤‬بعازبة يدعوىم إذل الطاعة كيعلمهم أف مطلوبو منهم الكف عن الفساد‬
‫كأمن الطرقات‪ ،‬فلم ٯبيبوا إذل ما سأؿ كأنكا عن الطاعة‪ ،‬فآذهنم اب‪٢‬برب كتوجو إليهم غازاين يوـ اإلثنْب‬
‫خامس عشر من احملرـ سنةَٖٔىػ"ِ‪.‬‬
‫كيقوؿ ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬فلما استقر ا‪٤‬بلك اجملاىد بزبيد كطهرت بقاعها من أ‪٪‬باس العبيد أرسل‬
‫إذل ا‪٤‬بعازبة يدعوىم إذل الطاعة كيكفهم عن هنب ا‪٤‬بسلمْب فأبوا‪ ،‬فخرج إليهم ُب شهر احملرـ من سنة‬
‫ستْب ك‪ٜ‬با٭بائةّ"‪.‬‬
‫كيقوؿ أيضان ُب مؤلف آخر لو‪" :‬ففي يوـ االثنْب‪ ،‬ا‪٣‬بامس كالعشرين من احملرـ سنةَٖٔىػ‪ ،‬غزا ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد كابن أخيو الشيخ ‪ٝ‬باؿ الدين دمحم بن داكد ا‪٤‬بعازبة"ْ‪.‬‬
‫ككاف ا‪٤‬بعازبة "يسكنوف بقرية الضجع من كادم رمع‪ ،‬كىم حينئذ متوفركف كخيلهم تنوؼ على ا‪٤‬بائة‬
‫كفيهم ‪ٝ‬باعة يزعموف الشجاعة كالبسالة‪ ،‬فالتقى الفريقاف ككاف اجملاىد كعسكره القادموف معو ُب يد‪،‬‬
‫كالقرشيوف ُب يد ىم كخيل هتامة فحملت ا‪٤‬بعازبة على العسكر ‪ٞ‬بلة رجل كاحد‪ ،‬فثبت اجملاىد كمن‬
‫معو كاهنزمت اليد األخرل كفيها أىل ا‪٢‬بديدة فحمل اجملاىد كخيلو على من كاف إبزائهم من ا‪٤‬بعازبة‬
‫فهزموىم كقتلوا منهم اثِب عشر رجبلن‪ ،‬ككصل ا‪٣‬برب إذل زبيد هبزٲبة العسكر فماج الناس‪ ،‬ك‪٪‬بم النفاؽ‬
‫كتعبت الناس غاية التعب‪ٍ ،‬ب تقرر ا‪٣‬برب بسبلمة ا‪٤‬بلك اجملاىد كنصره‪ ،‬فأمسى بقرية الَبيبة ٍب دخل‬
‫زبيد سا‪٤‬بان منصوران اثين اليزكةٓ"‪.‬‬

‫‪ 1‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪.‬‬
‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.021‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.275‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.101‬‬
‫‪ 3‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.276‬‬
‫‪118‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كأسرت ا‪٤‬بعازبة يومئذ األمّب دمحم بن حازـ لضعف فرسو كقتلوه صربان‪ ،‬ككاف شجاعان إال أنو كاف غّب‬
‫ اصح فقتلو أقرابء ا‪٤‬بقتولْب من ا‪٤‬بعازبة‪.‬‬
‫كُب الثامن كالعشرين من الشهر ا‪٤‬بذكور‪ ،‬كانت كقعة ابحملجرية بْب ا‪٤‬بلك اجملاىد كا‪٤‬بعازبة بِب يعقوب‪،‬‬
‫نصر فيها عليهم كقتل منهم فارسان يسمى مفرح بن جنيد كييعرؼ اببن جبيدة‪.‬‬
‫كُب يوـ األربعاء الرابع كالعشرين من شهر ربيع اآلخر‪ ،‬دخل ا‪٤‬بلك الظافر صبلح الدين عامر بن‬
‫طاىر مدينة زبيد دخوالن معظمان كأقاـ هبا أايمان‪.‬‬
‫ٍب طلع ىو كأخوه ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل تعز ٍب دخل ا‪٤‬بلك اجملاىد عدفُ‪.‬‬
‫كاعلم أف ا‪٤‬بلوؾ بِب طاىر مدة كاليتهم أدامها هللا تعاذل ُب كل سنة ٯبعلوف ‪٨‬برجان إذل ا‪٤‬بديب ‪٬‬بل‬
‫ا‪٤‬بعازبة‪ ،‬سواء كاف ا‪٤‬بعازبة ‪٨‬بالفْب أك مؤالفْب‪ ،‬كيقطعوف ‪ٜ‬بره كفائدة قطعو ُب كل عاـ إذال‪٥‬بم كتوطيتهم‬
‫كإرعاؼ شوكتهم‪.‬‬
‫كاعلم أيضان أف ‪٥‬بم غزكات كثّبة على العرب الشامية‪ ،‬من ابب زبيد على مور‪.‬‬
‫أم أف الدكلة الطاىرية كانت تقوـ إبرساؿ ا‪٢‬بمبلت العسكرية دكمان‪ ،‬إذل تلك ا‪٤‬بناطق كذلك ‪٢‬بفظ‬
‫األمن كاإلستقرار‪ ،‬كلقمع ا‪٤‬بتمردين الذين كانوا يتحينوف الفرص لقطع الطريق كالسطو على القوافل‬
‫كا‪٤‬بسافرين‪ ،‬ككانوا ال يكفوف األذل عن أىل القرل ُب هتامة‪ ،‬فكاف البد للدكلة الطاىرية من فرض‬
‫سيطرهتا كىيبتها على تلك ا‪٤‬بناطق كعدـ السماح للمفسدين إبلتقاط انفاسهم‪ ،‬كذلك إبخراج‬
‫ا‪٢‬بمبلت العسكرية ا‪٤‬بستمرة كا‪٤‬بتبلحقة لتحقيق األمن كالسيطرة كررب ا‪٤‬بعتدين‪.‬‬
‫كما زالت قوات الطاىريْب تتعقبهم‪ ،‬حٌب أذلتهم ككسرت شوكتهم‪ ،‬كذلك بسبب ‪ٛ‬بردىم ا‪٤‬بستمر‬
‫مر معنا إرساؿ ا‪٤‬بلك اجملاىد ‪٥‬بم ابلكف عن ذلك كعدـ‬ ‫كقطعهم للطريق‪ ،‬كهنبهم للناس كقد ن‬
‫إستجابتهم كشكول أىل هتامة كأىل زبيد منهم‪ ،‬فكانت الدكلة الطاىرية تتبعهم لكف أذاىم ك‪ٚ‬بليص‬
‫الناس من شركرىم‪ ،‬كلئلستشهاد على ذلك نكتفي بتوريح العبلمة ا‪٤‬بؤرخ عبدالر‪ٞ‬بن بن الديبع‬
‫‪٢‬بقيقتهم كما كانوا عليو من اإلفساد كالزيغ كالظلم للناس‪ ،‬كىو من أىارل زبيد كمن علمائهم البارزين‬
‫كمن ا‪٤‬بعاصرين كذلك للدكلة الطاىرية كالعارفْب أبحواؿ زبيد كهتامة كأىلها‪ ،‬ككاف أقرب إذل ا‪٢‬بقائق‬
‫ٕبكم معايشتو ‪٥‬با كللدكلة كألىل هتامة‪ ،‬يقوؿ العبلمة ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬فلما استقر ا‪٤‬بلك اجملاىد‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.100‬‬


‫‪119‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫بزبيد كطهرت بقاعها من أ‪٪‬باس العبيد أرسل إذل ا‪٤‬بعازبة يدعوىم إذل الطاعة كيكفهم عن هنب‬
‫ا‪٤‬بسلمْب فأبوا"‪.‬‬
‫ٍب يبْب ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا ما قاـ بو الطاىريوف من تصرؼ إلخضاع ‪ٛ‬برد ا‪٤‬بعازبة ككقف سطوهتم‬
‫كهنبهم للمسلمْب‪ ،‬كإرغامهم ابلطاعة‪" :‬كاعلم أف ا‪٤‬بلوؾ بِب طاىر مدة كاليتهم أدامها هللا تعاذل ُب كل‬
‫سنة ٯبعلوف ‪٨‬برجان إذل ا‪٤‬بديب ‪٬‬بل ا‪٤‬بعازبة‪ ،‬سواء كاف ا‪٤‬بعازبة ‪٨‬بالفْب أك مؤالفْب كيقطعوف ‪ٜ‬بره‪ ،‬كرٗبا‬
‫قطعوا بعض أصولو ُب بعض السنْب‪ ،‬فبل نشيل بو التاريخ إذ ليس فيو فائدة أكثر من العلم بو‪ ،‬اللهم‬
‫إال أف تتعلق بو فائدة أخرل فنذكره ‪٥‬با كفائدة قطعو ُب كل عاـ إذال‪٥‬بم كتوطيتهم كإرعاؼ‬
‫شوكتهم"ُ‪.‬‬
‫ك‪٩‬بن بْب حقيقة فساد ا‪٤‬بعازبة كقطعهم للطريق كهنبهم للعباد العبلمة كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم كىو‬
‫كذلك من علماء زبيد ك‪٩‬بن عاصر الدكلة الطاىرية كقد توُب ُب عاـ َْٗىػ‪ ،‬يقوؿ العبلمة الذؤارل‬
‫ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬ك‪٤‬با فرغ ا‪٤‬بلك اجملاىد من تقرير حاؿ البلد كالنظر ُب مصاحل ا‪٤‬بملكة‪ ،‬أرسل إذل ا‪٤‬بعازبة‬
‫يدعوىم إذل الطاعة كيعلمهم أف مطلوبو منهم الكف عن الفساد كأمن الطرقات‪ ،‬فلم ٯبيبوا إذل ما‬
‫سأؿ كأنكا عن الطاعة فآذهنم"ِ‪.‬‬
‫كهبذا يتبْب لنا أف الطاىريْب دل يكن مقصدىم قتاؿ ا‪٤‬بعازبة إال بسبب ‪ٛ‬بردىم كإساءهتم للناس بقطع‬
‫الطريق كهنبهم كسلبهم‪ ،‬فكاف كاجبان عليهم قتاؿ ا‪٤‬بعازبة لردعهم ككف أذاىم عن الناس‪ ،‬كإخضاعهم‬
‫للحق‪.‬‬
‫كيكفينا داللة على ذلك شهادة من نقلنا كبلمهم من علماءىم كٮبا العبلمة ا‪٤‬بؤرخ عبدالر‪ٞ‬بن بن‬
‫الديبع الزبيدم كالعبلمة كماؿ الدين موسى بن أ‪ٞ‬بد الذؤارل الزبيدم كٮبا ‪٩‬بن أيد صنيع ا‪٤‬بلكْب‬
‫اجملاىد كالظافر ٘باه ا‪٤‬بعازبة‪ ،‬كٮبا كما ذكر ا من العلماء ا‪٤‬بعاصرين للدكلة الطاىرية‪ ،‬كمن علماء زبيد‬
‫ا‪٤‬بشهورين‪.‬‬
‫ك‪٥‬بذا كاف للملكْب اجملاىد كالظافر ‪ٞ‬ببلت دائمة ‪ٚ‬برج تقريبان ُب كل عاـ لتأديب ا‪٤‬بعازبة كذلك بسبب‬
‫فسادىم ا‪٤‬بستمر كتعديهم على ا‪٣‬بلق كقطعهم للطريق‪ ،‬بل إنو كصل هبم الفساد إذل أف يقتلوا القضاة‬

‫‪ 1‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.022‬‬
‫‪111‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كمن تعينهم الدكلة الطاىرية ‪١‬بباية الزكاة من كتاب الدكلة كغّبىم من ا‪٤‬بشايخ‪ ،‬كما سيأٌب ذكر ذلك‬
‫معنا‪.‬‬
‫مر معنا ُب يوـ اإلثنْب خامس عشر من احملرـ سنة ستْب‪،‬‬ ‫كقد كانت أكؿ ‪ٞ‬بلة على ا‪٤‬بعازبة كما ٌ‬
‫مر معنا ذكر ذلك‪.‬‬‫كذلك حْب استوذل ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر على زبيد كقد ٌ‬
‫مر معنا‪ ،‬كاستمرت ‪ٞ‬ببلت‬ ‫ككانت ا‪٢‬بملة الثانية ُب أكؿ شعباف من سنة إحدل كستْب ك‪ٜ‬با٭بائة كما ٌ‬
‫ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر على ا‪٤‬بعازبة تقريبان ُب كل عاـ كما ذكر ذلك العبلمة ابن الديبع‪ ،‬كذلك‬
‫إلستمرارىم ابلطيي كالفساد ُب عصر الطاىريْب‪.‬‬
‫كُب ‪ٝ‬بادل اآلخر من سنة ّٖٔىػ‪ ،‬غزا األمّب دمحم بن كىباف ا‪٤‬بعازبة كانتهبهم ‪٫‬بو سبعمائة رأس بقر‪.1‬‬
‫كُب يوـ الثبلاثء‪ ،‬خامس شهر رمضاف من سنة ْٖٔىػ‪ ،‬كانت فعلة أك كقعة الفرس كا‪٤‬بعازبة بنخل‬
‫كادم زبيد‪ ،‬كقتل من الفرس ‪ٟ‬بسة نفر‪.2‬‬
‫كبعد ىذه الوقعة قدـ ا‪٤‬بلك الظافر مدينة زبيد يوـ اإلثنْب ا‪٣‬بامس كالعشرين من الشهر ا‪٤‬بذكور‪ ،‬كخرج‬
‫يوـ اثين دخولو‪ ،‬إذل ‪٬‬بل ا‪٤‬بديب كأقاـ فيها إذل الرابع كالعشرين من شواؿ‪ ،‬كغزا ا‪١‬بحبة من ىنالك كقتل‬
‫منهم ‪ٝ‬باعة‪ ،‬كلزـ آخرين كأخذ منهم ‪ٟ‬بسة عشر فرسان‪ ،‬ك‪ٝ‬بلة ما ررب من ‪٬‬بل ا‪٤‬بديب ُب مدة إقامتو‬
‫‪ٟ‬بسوف ألف عود‪.‬‬
‫قمع بقااي العبيد ادلفسدين مع ادلعازبة واإلستيالء على حصن قمرة‪:‬‬
‫كُب رمضاف أيضا من سنة ٖٓٔىػ‪ ،‬قدـ ا‪٤‬بلك اجملاىد مدينة زبيد‪ ،‬كخرج إذل ‪٬‬بل ا‪٤‬بعازبة‪ ،‬كعيد ىناؾ‬
‫عيد الفطر‪ٍ ،‬ب صاحل ا‪٤‬بعازبة على تسليم ا‪٣‬بيل الٍب معهمّ‪.‬‬
‫ككاف نية ا‪٤‬بلك اجملاىد ُب نزكلو ىذا كمكوثو ُب مدينة زبيد حٌب عيد الفطر‪ ،‬ىو ترسيخ ا‪٢‬بكم ُب‬
‫مدينة زبيد كما حو‪٥‬با ك‪ٙ‬بقيق األمن كاإلستقرار ُب مناطق هتامة‪ ،‬ككاف من أعٌب ا‪٣‬بارجْب على الدكلة‬
‫الطاىرية ُب مناطق هتامة ُب ذلك الوقت ىم ا‪٤‬بعازبة كالعبيد الذين خرجوا من مدينة زبيد فارين عند‬
‫دخوؿ الطاىرين إليها‪ ،‬فأما ا‪٤‬بعازبة فقد اصطلحوا مع ا‪٤‬بلك اجملاىد كدل يبقى إال جزءان أك ‪ٝ‬باعة منهم‬
‫كىؤالء أنضموا مع العبيد‪ٍ ،‬ب إهنم ‪ٙ‬بصنوا بقرية اللول كامتنعوا هبا ٕبصن عظيم ييقاؿ لو حصن قمرة‪،‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.103‬‬


‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.104‬‬
‫‪ 1‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كانضم معهم كذلك قطاع الطرؽ ك‪ٝ‬باعة ‪٩‬بن عليهم جناايت‪ ،‬كظنوا أف ‪٥‬بم قوة ابلباطل ٲبنعوف بو ا‪٢‬بق‬
‫كيفركف من العقاب‪.‬‬
‫كقد غزا ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر عبيد اللواء‪ ،‬اثلث يوـ من شواؿ من نفس العاـ فهزمهم كبدد‬
‫مشلهم‪ ،‬كأابد منهم أ‪٩‬بان كتسلم حصن قمرة من حصوف اللواء فا‪٫‬بسمت مادة الشر‪ٍ ،‬ب دخل زبيد يوـ‬
‫ا‪١‬بمعة اثمن شواؿ‪ ،‬كقد كاف ىؤالء العبيد من بقااي عبيد زبيد الذين فركا منها عند دخوؿ الطاىريْب‬
‫إليها‪ ،‬ككانوا بعد خركجهم من مدينة زبيد قد أرتضوا ألنفسهم عيش السلب كالنهب كقطع الطريق‬
‫كإخافة السبيل كا‪٤‬بسافرين‪ ،‬كقد أنضم إليهم كقول من شكيمتهم ‪ٝ‬باعة من ا‪٤‬بعازبة‪.‬‬
‫يقوؿ ا‪٤‬بؤرخ العبلمة كماؿ الدين الذؤارل ُب تفاصيل ىذه ا‪٢‬بملة على العبيد ا‪٤‬بفسدين "ٍب غزا ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد من ا‪٤‬بديب إذل قرية اللول‪ ،‬ككاف قد اجتمع هبا خلق من العبيد ا‪٤‬بخرجْب من زبيد‪ ،‬ككثر منهم‬
‫السلب كالنهب كإخافة السبيل كانضم إليهم طائفة من ا‪٤‬بعازبة‪ ،‬فتوجو إليهم ُب طريق ريقة ال ٲبر فيها‬
‫إال كاحد بعد كاحد‪ ،‬حٌب أف احململ الذم ركب فيو ا‪٤‬بلك اجملاىد دل ٲبكن إدخالو على ىيئتو حٌب فرؽ‬
‫شقْب‪ ،‬كأظلم الليل على العسكر كىم ُب أثناء ىذه الطريق الضيقة‪ ،‬فناموا على حالة غّب طيبة حٌب‬
‫أصبحوا كتوجهوا ‪٫‬بو العدك‪ ،‬فنصر هللا عليهم‪ ،‬كتفرقوا شذر مذر على أقبح حاؿ‪ ،‬فأقاـ ا‪٤‬بلك اجملاىد‬
‫بقرية اللول‪ ،‬كملك ا‪٢‬بصن ا‪٤‬بطل على القرية ا‪٤‬بذكورة ا‪٤‬بسمى حصن قمرة‪ ،‬كرتب فيو طائفة من‬
‫العسكر كانقطعت أطماع أىل الفساد كأرابب البيي كالعناد من تلك ا‪١‬بهة‪ ،‬ألف ا‪٢‬بصن كأىلو كانوا‬
‫معتمدىم كمأكاىم‪ ،‬فحصل للمسلمْب سركر عظيم‪ ،‬كابتهج ا‪٤‬بلك اجملاىد هبذا الفتح ك‪ٞ‬بد هللا كشكره‬
‫على ما يسره لو‪ ،‬كا‪٢‬بمدهلل رب العا‪٤‬بْب"ُ‪.‬‬
‫كهبذه ا‪٢‬بملة انكسر ا‪٤‬بعازبة لسنْب كرعفت شوكتهم كخف رررىم لثبلث سنْب على األقل‪ ،‬فلم‬
‫ييذكر تعدم ‪٥‬بم حٌب عاكدكا ذلك بعد ثبلث سنْب‪ ،‬بل إنو دل يعاكد السلب كالنهب إال ‪ٝ‬باعة منهم‬
‫فقط كابلتعاكف مع بعض القرشيْب الذين كافقوىم ُب السلب كالنهب‪.‬‬
‫ككاف ىذا التعدم من قبل بعض ا‪٤‬بعازبة ُب ذم القعدة من سنة ٖٖٔىػ‪ ،‬فقد هنب ‪ٝ‬باعة من ا‪٤‬بعازبة‬
‫من أىل ا‪٤‬بديب‪ ،‬من قرابة العجيلي‪ ،‬كغّبىم ك‪ٝ‬باعة من القرشيْب قرية التحيتا‪ ،‬كىي قرية الشيخ ابن‬
‫بكر بن حساف‪ ،‬كقتلوا اثنْب من أىلها‪ ،‬كىجمو تربة الشيخ أيب بكر بن حسافِ‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.024‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.111‬‬
‫‪112‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫قتل ادلعازبة للقاضي عبدالقادر بن اجلمال دمحم اسحاق‪ :‬كُب ربيع األكؿ من سنة ٖٗٔىػ‪ ،‬خرج‬
‫شرذمة من ا‪٤‬بعازبة كقتلوا القاري عبدالقادر بن ا‪١‬بماؿ دمحم اسحاؽ الوزير ككاف صهر السلطاف ا‪٤‬بلك‬
‫الناصر ك‪٩‬بن قتل كذلك علي بن جعفر النخلي‪ ،‬ككاف ٱبرج كل عاـ إذل ‪٬‬بل ا‪٤‬بديب يعده كٯبِب أموالو‬
‫كقد قتبل ُب ‪ٝ‬باعة معهما‪ ،‬ككاف ا‪٤‬بعازبة قد أرمركا اليدر بو غّب مرة‪ ،‬فلما فرغ أجلو قتلوه‪ ،‬كمثلوا بو‬
‫كقتلوا ‪ٞ‬باره بيدهُ‪.‬‬
‫ككاف سبب ىذه الوقعة أنو خرج من الكتاب ُب عسكر قليل ‪٤‬بباشرة زرع ببلد ا‪٤‬بعازب ك‪٬‬بل ا‪٤‬بديب‪،‬‬
‫كا‪٤‬بلك اجملاىد كأخوه إذ ذاؾ مشتيبلف ٕبرب صنعاء‪ ،‬كقد أاثر مقتل القاري عبدالقادر غضب‬
‫الطاىريْب من ا‪٤‬بعازبة‪ ،‬ككاف ىذا سببان لعدة ‪ٞ‬ببلت على ا‪٤‬بعازبة‪.‬‬
‫فيزاىم أ‪ٞ‬بد بن عيسى ا‪٥‬ببل القرشي ُب ‪ٝ‬باعة من أصحابو‪ ،‬كقتل منهم اثنْب كغزاىم األمّب أ‪ٞ‬بد بن‬
‫شقراء‪ ،‬كأحرؽ ببلدىم‪.‬‬
‫ٍب ‪ٝ‬بع ابن سفياف ‪ٝ‬بوعان كثّبة كجاءتو معونة من ا‪١‬ببل‪ ،‬فخرج إذل قرية ا‪٤‬برة‪ٍ ،‬ب إذل بيت الفقيو ابن‬
‫عجيل كاستقر ىنالك‪ ،‬كغزاىم كقتل منهم ‪ٝ‬باعة كأسر آخرين‪.‬‬
‫كُب ‪ٝ‬بادل األكذل قبض ابن سفياف على الشيخ دمحم بن يوسف بن الزقاؽ شيخ ا‪٤‬بعازبة ا‪٤‬بديب‪ ،‬بيّب‬
‫سببان ظاىر ألف ا‪٤‬بذكور كاف اصحان للدكلة قائمان ٗبصا‪٢‬بها‪ ،‬ككاف القبض عليو بقرية بيت الفقيو ابن‬
‫عجيل‪ ،‬كرٗبا أف الشيخ ابن سفياف قبض على الشيخ دمحم بن يوسف الزقاؽ لكونو شيخ ا‪٤‬بعازبة‪ ،‬كقد‬
‫يكوف تقاعس عن منع أصحابو من التعدم أك أنو دل يقم بواجبو كما ينبيي من منعهم كقتاؿ ا‪٤‬بفسدين‬
‫كقيطاع الطرؽ‪ ،‬كقد يكوف ىذا ريط من قبل الشيخ ابن سفياف على شيخ ا‪٤‬بعازبة ابن الزقاؽ لكف‬
‫أذل ا‪٤‬بفسدين منهمِ‪.‬‬
‫كيقاؿ إف الذم غمز عليو الفقيو دمحم بن األمْب‪ ،‬ألف ا‪٤‬بذكور كاف ال يقيم لو كز ان‪ ،‬ككاف ا‪٤‬بلك اجملاىد‬
‫عا‪٤‬بان ٗبناصحة ابن الزقاؽ ال يقبل فيو قوؿ أحد‪ٍ ،‬ب ‪ٞ‬بل مقيدان إذل زبيد فتكلم أكالن ‪ٝ‬باعة الذين‬
‫يعلموف ‪٧‬ببتو كنصحو مع ا‪٤‬بلك اجملاىد منهم القاري مشس الدين ا‪٤‬بقرم كغّبه‪ ،‬فأفلتو من القيد كدل‬
‫تطل مدتو بعد ذلك‪ ،‬ككاف ا‪٤‬بذكور قد حكم على قرابتو كاستخرج للدكلة أمواالن ‪ٝ‬بة ك‪ٝ‬بع ىو لنفسو‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض ‪.024‬‬
‫‪ 0‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪113‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ماالن عظيمان أكدعو ‪ٝ‬باعة‪ ،‬فلما مات جحده أكثرىم كأجود ا‪١‬بماعة الشيخ الشنيِب‪ ،‬فإنو سلٌم ما‬
‫عنده إذل كرثتو‪ٍ ،‬ب أكدع ذلك ا‪٤‬باؿ عند الفقيو إبراىيم بن جعماف‪ ،‬فصرفو على كرثتو إذل أف نفذُ‪.‬‬
‫كُب شهر ذم ا‪٢‬بجة منها كانت كاقعة الشبارؽ قتلت فيها ا‪٤‬بعازبة من عبيد السيد كأىل الَببية ‪٫‬بو‬
‫الثبلثْب‪ ،‬كفيهم النقيب ا‪٠‬باعيل بن أ‪ٞ‬بد بن أقباؿِ‪.‬‬
‫كُب منتصف ربيع األكؿ سنة َٕٖىػ‪ ،‬رايق الشيخ علي ابن سفياف حصن الشريف‪ ،‬كىو من‬
‫ا‪٢‬بصوف ا‪٤‬بنيعة كا‪٤‬بعاقل النافعة كنصب عليو ا‪٢‬برب من جهة ما كاف يقابل ا‪٢‬بصن ا‪٤‬بذكور‪ ،‬كدل يزؿ‬
‫كذلك إذل أف سلموه ا‪٢‬بصن ا‪٤‬بذكور‪ ،‬فتسلمو كرتب فيو رتبة جيدة‪ ،‬ككاف ىذا ا‪٢‬بصن مأكل ألىل‬
‫الفساد كا‪٤‬بتمردين‪ ،‬كال يزاؿ ُب ‪ٞ‬باية ىذا ا‪٢‬بصن ‪ٝ‬باعة من ا‪٤‬بفسدين كمن ينهبوف كٱبيفوف السبيل‪،‬‬
‫فكفى هللا شرىم كىدـ ركنهمّ‪.‬‬
‫ٍب إف الشيخ علي بن سفياف عمره كعمر حصنان آخر ٗبورع يسمى القاىرة ‪ٙ‬بت ا‪٢‬بصن ا‪٤‬بذكور‬
‫فعظم النفع بو كحسن كقعو كجعل فيو رتبة افعة‪.‬‬
‫ٍب إف الشيخ علي بن سفياف خرج من زبيد إذل احية بيت الفقيو ابن عجيل فمر بقرية ا‪٤‬بعازبة كىي‬
‫ا‪٢‬بسينية‪.‬‬
‫كغزا ا‪٤‬بعازبة ك‪ٝ‬بعهم متوفر كقد مؤلت مواشيهم الفجاج‪ ،‬فقتل منهم ‪ٝ‬باعة‪ ،‬كانتهب ما معهم من‬
‫ا‪٤‬بواشي كغّبىا‪ ،‬كىم إذ ذاؾ بقرية ا‪٢‬بسينيةْ‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض ‪.024‬‬
‫‪ 0‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض ‪.024‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.113‬‬
‫‪114‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلطلب الثاين‬
‫مترد قبيلة القرشية وبقية قبائل هتامة‬

‫األصل أف قبائل القرشيْبُ كانوا من ا‪٤‬ببايعْب للدكلة الطاىرية‪ ،‬كدل ٰبصل منهم ‪٨‬بالفة للدكلة الطاىرية‬
‫ابتداءن‪ ،‬كقد ابيعوا ا‪٤‬بلك اجملاىد عند قدكمهم إليو ُب تعز‪ ،‬فحلفوا لو على ما أحب فأكرمهم ككعدىم‬
‫بكل ‪ٝ‬بيل‪.‬‬
‫كلعل أكؿ ‪٨‬بالفة ‪٥‬بم كانت بعد كفاة شيخهم الصديق بن دمحم بن غراب‪ ،‬ففي يوـ الثبلاثء الثامن‬
‫كالعشرين من ذم ا‪٢‬بجة من عاـ َٖٔىػ‪ ،‬فقد توُب شيخ القرشيْب الصديق بن دمحم بن غرابِ‪.‬‬
‫كبعد موت شيخ القرشيْب مباشرة اختلف القرشيوف فيما بينهم كرعفت شوكتهم‪ ،‬كانقلبوا على بِب‬
‫طاىر كخرج ‪ٝ‬باعة منهم عليهم ك‪ٛ‬بردكا‪ ،‬كأفسد سفهائهم ُب األرض‪.‬‬
‫ٍب أف ا‪٤‬بلك اجملاىد قدـ إذل زبيد ُب يوـ ا‪١‬بمعة خامس احملرـ سنة ُٖٔىػ‪ ،‬قدـ ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل‬
‫زبيد‪ ،‬كطالب اب‪٤‬بفسدين من القرشيْب‪ ،‬فأستجاركا عند الشيخ ا‪٠‬باعيل ا‪١‬بربٌب فقبض خيلهم ٍب ردىا‬
‫‪٥‬بم‪ ،‬كرفع أيديهم عن ‪٬‬بل الوادم زبيد كرده على أىلوّ‪.‬‬
‫"ٍب رمن مشاٱبهم ٗبا ٰبدث من شرىم فرد خيلهم كرسم اجملاىد على القرشيْب أبف يضربوا ا‪٤‬ببلؾ‬
‫النخل بسهم ُب ‪ٜ‬برتو ككاف أبيديهم مدة ففعلوا ذلك مدة ٍب أمر برفع أيديهم من ‪٬‬بل الوادم زبيد‬
‫ابلكلية فتصرؼ الناس ُب أمبلكهم"ْ‪.‬‬
‫كُب سنة ِٖٔىػ منع ا‪٤‬بلك اجملاىد القرشيْب كدل يعطهم من ماؿ النخل شيئا‪ ،‬بل قيد منهم ‪ٝ‬باعة‬
‫كطلع هبم ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬منهم عفيف بن غراب كعبدالعليم ا‪٥‬ببل كالبيذؽ كدمحم بن عفيف األحدب من‬
‫القرشية‪.5‬‬

‫‪ 1‬اًلصص َون‪ :‬كدَةل من ا ٔلصاؾصت مه اً ِلصاص َة اًلاظيني يف قصيب مسًية ستَس‪ ،‬ويه كدَةل هحريت اكهت من ٔبكوى كدائي هتامة و ٔبنرثُا ؿسذ ًا‬
‫و ٔبؾؼمِا تبٔس ًا وجنست‪ ،‬ومن فصوؾِم تين قصاة وتين اًِحي وتين ٔبجىص وتين ارلحُيت وتين ذؾسني‪ ،‬ومن كصامه اًحىريًة واًلامسَة واًِحَََة‬
‫واملسمن واجملََُس واًفاست وٕاٍهيم ًًُسة اًفلَِ حسن جن مفصخ اًلصيش‪ ،‬وُو من ؿٌَلء اًرشًـة يف اًلصن اًساتؽ اًِجصي‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان‬
‫واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪ .1041/0 ،‬وًلال تبٔن ٔبظوهلم حصحؽ ٕاىل كدَةل كصٌش‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬اجن اجملاوز‪.16/0،‬‬
‫‪ 0‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.103‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.101‬‬
‫‪ 2‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.276‬‬
‫‪ 3‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،103‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.322‬‬
‫‪115‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كُب سنة ِٖٔىػ اثرت فتنة بْب قبيلتْب من القرشيْب فيما بينهم‪ ،‬كىم بنو بكر كبنو علي‪" ،‬ففي اثلث‬
‫عشر من ذم ا‪٢‬بجة من سنة ِٖٔىػ اثرت فتنة بْب القرشيْب كىم بنو علي كبنو بكر فالتقوا بقرية‬
‫القرشية فاهنزـ بنو بكر كقتل منهم ستة كهنبت بيوهتم كأحرقت كخرجوا إذل قرية ا‪٤‬برة"ُ‪ ،‬كخرج بنو بكر‬
‫من القرشية‪.2‬‬
‫ٍب إف ا‪٤‬بلك اجملاىد دخل زبيد ُب عشية السبت اثمن ربيع األكؿ سنة ّٖٔىػ‪ ،‬كُب أكؿ ربيع الثاين‬
‫صاحل بْب القرشيْب‪ ،‬كرد بِب بكر إذل القرشية بعد أف خرجوا منها‪ ،‬كأمرىم أف يسكنوا قرية القرشية‬
‫‪ٝ‬بيعا‪ ،‬كأىدر ما بينهم من القتلى كغّب ذلك ككذل دمحم بن كىباف أحكاـ زبيد‪.3‬‬
‫كُب رمضاف سنة ّٖٔىػ‪ ،‬دخل ا‪٤‬بلك اجملاىد زبيد‪ ،‬كرسم على ‪ٝ‬باعة من القرشيْب كقيد بعضهم‪،‬‬
‫كصادرىم ُب عشرين ألف دينارْ‪.‬‬
‫كُب ‪ٝ‬بادل األخرل غزا ابن سفياف العبيد العامريْب‪ ،‬كىم ُب ‪٨‬ببلؼ منيع فدخل عليهم‪ ،‬كبدد مشلهم‪،‬‬
‫كقيد منهم ‪ٝ‬باعة كانتهب ببلدىم‪ ،‬كاخذ حصن الضامر الذم ال ٲبكن أخذه‪ ،‬فاهند ركنهم كانكسرت‬
‫شوكتهم‪.5‬‬
‫أىم نتائج اإلستيالء على زبيد وادلدن التهامية وودايهنا‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬توحيد األراري اليمنية كذلك بضم ا‪٤‬بناطق التهامية كا‪٤‬بناطق ا‪١‬بنوبية ‪ٙ‬بت سلطة كاحدة كىي‬
‫سلطة ابِب طاىر بقيادة ا‪٤‬بلكْب اجملاىد علي بن طاىر كأخيو ا‪٤‬بلك الظافر‪.‬‬
‫اثنياً‪ :‬إزالة الفساد كالبيي كرفع ا‪٤‬بظادل عن أىل زبيد كيبدك ذلك جليان من الظلم الذم كاف كاقعان على‬
‫زبيد كرفع ذلك إذل ا‪٤‬بلكْب ابِب طاىر من قبل أىل زبيد عند قدكمهم إليو كىو ُب عدف‪ ،‬ككاف على‬
‫رأس القادمْب إذل بِب طاىر كإعبلف أتييدىم آلؿ طاىر كترغيبهم بدخوؿ زبيد أعياف كفقهاء كقضاة‬
‫كمشايخ مدينة زبيد ككاف مدار أمر أىل زبيد على قاري القضاة ‪ٝ‬باؿ الدين دمحم الطيب بن أ‪ٞ‬بد‬
‫الناشرم‪ ،‬كشيخ ا‪٤‬بشايخ شرؼ الدين إ‪٠‬باعيل بن أيب بكر ا‪١‬بربٌب‪ ،‬فكتبوا إذل ا‪٤‬بشايخ فأجابوىم إذل‬
‫ما سألوا من الوصوؿ إذل هتامة كإنقاذ ا‪٤‬بسلمْب ‪٩‬با ىم فيو من ا‪٣‬بوؼ‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض ‪.023‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.103‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.103‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.103‬‬
‫‪ 3‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.113‬‬
‫‪116‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫اثلثاً‪ :‬بياف الطاىريْب ‪٤‬بقصدىم من نزكؿ مدينة زبيد كسبب دخو‪٥‬با‪ ،‬كقد اتضح ذلك من صنيع ا‪٤‬بلك‬
‫رد للناس أموا‪٥‬بم ا‪٤‬بيصوبة مع العبيد‬
‫اجملاىد فقد كاف أكؿ ما قاـ بو عند دخولو مدينة زبيد ىو أف ٌ‬
‫كغّبىم‪ ،‬كقاـ ٕبجة العامة كا‪٣‬باصة‪ ،‬كقاؿ للناس‪ :‬ليس رل حاجة ُب النزكؿ إليكم إال أمانكم ككشف‬
‫حل بكم من العنف كالعسف‪.‬‬‫ما ٌ‬
‫بل إنو دل يكتفي بذلك بل حثهم عل األمر اب‪٤‬بعركؼ كالنهي عن ا‪٤‬بنكر كقمع ا‪٤‬بتمردين كالدفاع عن‬
‫أنفسهم رد ا‪٤‬بفسدين فأمرىم ٕبمل السبلح كال ٌذب عن أنفسهم كإنكار ما يركنو منكران كا‪٤‬بعاكنة‬
‫كا‪٤‬بعاردة‪.1‬‬
‫رابعاً‪ :‬قمع التمردات ُب هتامة كا‪٣‬بارجْب على الدكلة ككاف على رأس ىؤالء ا‪٤‬بتمردين قبائل ا‪٤‬بعازبة‬
‫كالذين كانوا يفسدكف كينهبوف الناس كيقطعوف الطريق‪ ،‬كقد بْب حا‪٥‬بم العبلمة كماؿ الدين الذؤارل‬
‫الزبيدم فيقوؿ‪" :‬ك‪٤‬با فرغ ا‪٤‬بلك اجملاىد من تقرير حاؿ البلد كالنظر ُب مصاحل ا‪٤‬بملكة‪ ،‬أرسل إذل‬
‫ا‪٤‬بعازبة يدعوىم إذل الطاعة كيعلمهم أف مطلوبو منهم الكف عن الفساد كأمن الطرقات‪ ،‬فلم ٯبيبوا إذل‬
‫ما سأؿ كأنكا عن الطاعة‪ ،‬فآذهنم اب‪٢‬برب كتوجو إليهم غازاين "‪.2‬‬
‫خامساً‪ :‬انتهاء أمر العبيد كا‪٤‬بماليك كالذم كاف قد استفحل أمرىم كأشتدت كطئتهم على أىل زبيد‪،‬‬
‫يقوؿ الشيخ كماؿ الدين موسى بن أ‪ٞ‬بد الذؤارل الزبيدم كىو من علماء كفقهاء زبيد ك‪٩‬بن عاصر‬
‫ىذه األحداث ُب ذلك الوقت كعاصر بداية هنضة الدكلة الطاىرية ككتب عنها‪" :‬ككانت مدينة زبيد‬
‫قد كثر فيها الفساد من العبيد"‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬العفو كاإلحساف إذل معارريهم ُب زبيد ككانت ىذه سياسة الطاىريْب كما سبق معنا توريح‬
‫ذلك عند دخو‪٥‬بم إذل عدف‪ ،‬فقد أحسنوا إذل ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بؤيد عند دخو‪٥‬بم إذل مدينة زبيد‪ ،‬كالذم سبق‬
‫كأحسنوا إليو ُب عدف رغم ‪٧‬باكلتو الثانية ‪٤‬بعاررتهم ‪٩‬با أقنعو اب‪٣‬بركج من اليمن هنائيا كىجرتو إذل مكة‬
‫كمن ٍب إذل مصر‪ ،‬كقد أحسنوا كذلك ‪٤‬بعارريهم ُب زبيد من مشايخ القبائل ا‪٤‬بعاررْب كالعبيد‬
‫كا‪٤‬بماليك كأطلقوىم كدل يقتلوا إال من كاف قاتبلن أك داعيان إذل إاثرة فتنة‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.021‬‬
‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.021‬‬
‫‪117‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الرابع‬
‫اإلستيالء على الشحر وحضرموت وظفار‬

‫كانت من أبرز ا‪٤‬بناطق كاألقاليم اإلسَباٯبية ُب اليمن ُب ذلك العصر مدينة الشحر كأقليم ظفار‪ ،‬كلعل‬
‫أبرز ما جعل بِب طاىر يفكركف ُب اإلستيبلء على أقليم ظفار كمدينة الشحر كحضرموت‪ ،‬ىي‬
‫األطماع الٍب أبداىا أمّب الشحر ُب ذلك الوقت كىو أيب دجانة من نيتو اإلستيبلء على عدف‪،‬‬
‫كخاصة بعد توسع إمارتو كبعد أف أطمعو ُب ذلك بعض زعماء قبيلة ايفع كىم آؿ كلد‪ ،‬كالذين نزحزا‬
‫إذل مدينة الشحر بعد أف نفاىم بِب طاىر منها‪ ،‬إال أف ابدجانة خسر ملكو كإمارتو بسبب سوء‬
‫تصرفو‪ ،‬كُب ىذا الفصل سنورح األٮبية اإلسَباتيجية ‪٤‬بدينة الشحر كمكانتها قبل دخوؿ بِب طاىر‬
‫إليها ُب مبحث أكؿ‪ٍ ،‬ب نبْب ُب مبحث آخر أطماع ابدجانة ُب اإلستيبلء على عدف‪ ،‬كالٍب انتهت‬
‫ٖبسارتو للشحر كألقليم ظفار كحضرموت‪ٍ ،‬ب نورح استخبلص كالدة أبو دجانة إلبنها من األسر‬
‫مقابل تسليم الشحر‪ُ ،‬ب أربعة مباحث كاآلٌب‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬الشحر قبل الطاىريني‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬زلاولة ابدجانة لإلستيالء على عدن‬
‫ادلبحث الثالث‪ :‬ىزمية ابدجانة ووقوعو يف األسر‬
‫ادلبحث الرابع‪ :‬تنازل ابدجانة عن الشحر للدولة الطاىرية‬

‫‪118‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫الشحر قبل الطاىريني‬

‫أوالً‪ :‬اتريخ وحال الشحر قبل دخول الطاىريني إليها‪ :‬الشحر‪ 1‬مدينة تقع ُب شرؽ اليمن على‬
‫‪2‬‬
‫كعماف على ٕبر العرب‪،‬‬ ‫سواحل حضرموت كتقع بْب احمليط ا‪٥‬بندم كالبحر األ‪ٞ‬بر فهي بْب عدف ي‬
‫كىذا ا‪٤‬بوقع جعلها مركز إتصاؿ بْب ا‪٥‬بند كأفريقيا الشرقية كببلد الصوماؿ جنوابن كمصر غرابن‪ ،‬كيعتربىا‬
‫أىل السفن ا‪٤‬بوقع الوسط ُب رحبلهتم الذاىبة شرقان كالقادمة من اليرب‪.‬‬
‫كتعترب ىي ا‪٤‬بيناء البحرم الوحيد ُب عصر الدكلة الرسولية كالطاىرية كما قبلها من دكؿ سابقة‪ ،‬ا‪٤‬بزكد‬
‫‪١‬بميع مناطق حضرموت الداخل اب‪٤‬بؤف كالبضائع‪.‬‬

‫‪ 1‬اًضحص‪ :‬جىرس ٔبوهل وسىون اثهََ كال اًضحصت اًضط اًضَق واًضحص اًضط وُو ظلؽ ؿىل ساحي حبص اًِيس من انحِة اٍمين كال ا ٔلمصـي‬
‫ُو تني ؿسن وؾٌلن كس وسة إًََ تـغ اًصوات وٕاًََ ًًسة اًـيرب اًضحصي ٔلهَ ًوخس يف سواحهل وُياك ؿست مسن ًدٌاوًِا ُشا الٕمس‪ٔ .‬بهؼص‪:‬‬
‫مـجم اًحدلان‪ ،‬ايكوث جن ؾحس هللا اسلوي ٔبتو ؾحس هللا‪ ،‬ظحاؿة ذاز اًفىص تريوث ًحيان‪.105/1 ،‬‬
‫‪ 0‬حرضموث‪ :‬ظلؽ مرتايم ا ٔلظصاف يف رشيق اٍمين‪ٌ ،‬ضلك يف ٔبؾٌلهل اًَوم واحست من حمافؼاث ازلِوزًة‪ ،‬كِي ٔبن امسَ اًلسمي واذي‬
‫ا ٔلحلاف اسدٌاذ ًا إىل كوهل ثـاىل‪" :‬و ٔبرهص ٔبذا ؿاذ إر ٔبهشز كومَ اب ٔلحلاف"‪ ،‬و ٔبصاز املسـوذي يف نخاتَ مصوح اذلُة إىل ٔبن اًدسمَة ؿائست‬
‫إىل املكل حرضموث جن دفعان جن ؿاتس جن صاخل جن ٔبزخفضش جن سام جن هوخ اذل ٔبكام ذوًخَ ؿىل ٔبهلاط ذوةل ؿاذ‪ ،‬و ٔبن ُشٍ ادلوةل ثبٔسست‬
‫كدي مثاهَة ؾرش كص ًان من مِالذ املس َح‪ ،‬وكِي ٔبن ا مسَت حرضموث ًسخة رهصٍ تـغ املؤزذني وركل ٔبن ؿامص جن دفعان ٔبول من ىزل‬
‫ا ٔلحلاف فاكن إرا حرض حص ًاب ٔبنرث من اًلذي‪ ،‬فعازوا ًلوًون ؾيس حضوزٍ حرض موث‪ ،‬مث ظاز ركل ؿَََ ًلد ًا وظازوا ًلوًون ًلٔزط‬
‫اًرصذف واكهت ُُتَة‪ٔ ،‬بمه ؾضائصمه وكذئش‪ ،‬مث ثلَة ؿَهيا اسلريًون‬ ‫اًيت هبا كدََخَ ُشٍ حرضموث‪ ،‬وكس سىن حبرضموث يف ادلاََُة ّ ْ‬
‫واس خوًوا ؿَهيا وحمكوا زًسان وس حبٔ وتـس ػِوز الٕسالم ثياوٍهتا ٔبًسي ارلَفاء اًصاصسٍن مث ذَفاء ادلوًخني ا ٔلموًة واًـحاس َة‪ ،‬وتـس ٔبن اس خلي‬
‫دمحم جن سايذ جزتَس امذسثت ًسٍ إىل حرضموث‪ ،‬مث ذَف سايذ تيو مـن مَوك ؿسن‪ ،‬مث ؿاذث لل زص َس تعن من نيست وؿازضِم ؾامثن‬
‫اًزجنازي من كدي تين ٔبًوة‪ ،‬مث امذسث إٍهيا ًس اًسَعان املؼفص معص جن ؿًل جن زسول مفن تـسٍ‪ ،‬وحصث ؿَهيا إمازت بل اًعرباث وبل مياين‬
‫وبل زاظؽ‪ ،‬مث كَحت ؿَهيا إمازت بل نثري وؿازضِم كريمه‪ ،‬وكس اهدسة إىل حرضموث مجؽ قفري من اًـٌَلء وا ٔلذابء واًفلِاء واًضـصاء‬
‫وا ٔلؾَان‪ ،‬ومن ُؤلء وائي جن جحص اذلرضيم ٔبحس ٔبكِال حرضموث املضِوزٍن وكس صِس الٕسالم واكن ؿىل ز ٔبش وفس حرضموث اذلي وفس‬
‫ؿىل اًصسول ملسو هيلع هللا ىلص وكس كال فَِ اًصسول‪ُ" :‬شا وائي س َس ا ٔلكِال"‪ ،‬ومن ٔبصِص اًلدائي اًيت ثـُش يف حرضموث اًَوم كدائي اًعَـص واًىصة‬
‫وسُدان وهوخ وارلياثضة واملياَُي واذلاًىة واًـواتثة وبل نثري وبل خاجص واًـوامص وادلـست وايفؽ تين ٔبزط وكريمه‪ ،‬وثيلسم حرضموث حلصافِاً‬
‫إىل صعصٍن حرضموث اًساحي وحرضموث اًواذي‪ ،‬وٌضمي اًساحي مسًية املالك اًـامصة ونشا واذي جحص وقَي ابوسٍص واًضحص واًصاين‬
‫وجصوم وواذي املس َةل وكريُا و ٔبما اًضعص ادلاذًل فميخس من اًعَـص إىل املِصت رشك ًا وًضم ؿست وذاين مهنا واذي ذوؾن وواذي معس وواذي‬
‫اًـني وواذي وكريُا‪ ،‬و ٔبصِص تدلاهَ ص حام وحصمي وسُئون واًلصفة واًلعن وكريُا‪ ،‬ومتخكل حرضموث ٔبز ًاث حضاز ًاي ؾؼاميً ًـوذ إىل ؾعوز ما‬
‫كدي اًخازخي ل ًدِح ًيا اجملال ً ٕالصازت إىل ثفاظَهل‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.254/1 ،‬‬
‫‪119‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككانت حدكد الشحر الساحلية قدٲبان ‪ٛ‬بتد على الشريط الساحلي من يعماف شرقان إذل أبْب غرابن كما‬
‫ذكر صاحب ا‪٤‬بنجد‪ ،‬فهي ٘بمع ظفار‪ 1‬كببلد ا‪٤‬بهرة‪ ،2‬كريدة بن عبدالودكد كقصيعر كقرف الديس‬
‫كا‪٤‬بدينة كملحقاهتا كمدينة ا‪٢‬بامي كمدينة الشحر كشحّب كرككب كا‪٤‬بكبل كبركـ كبلحاؼ كشقرة كىكذا‬
‫ُب استمرار الشاطئ حٌب أبْب‪.‬‬
‫فكانت الشحر إذا أطلقت قدٲبا يقصد هبا ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بناطق كالشريط الساحلي من ظفار إذل أبْب‬
‫كعاصمتها مدينة الشحر الٍب دل يكن مدينة أىم منها ُب ذلك الوقت‪ ،‬كدل تكن مدينة ا‪٤‬بكبل كمينائها‬
‫موجودة كمشهورة آنذاؾ‪.‬‬
‫ك‪٥‬بذه األٮبية كانت الشحر ‪٧‬بط أنظار كل من كاف ٰبكم اليمن فقد كانت اتبعة لليمن منذ بداية‬
‫اإلسبلـ ككانت الشحر ُب عهد الدكلة األموية كالعباسية ‪ٚ‬بضع ‪٢‬بكم كارل اليمن ا‪٤‬بعْب من قبل‬
‫ا‪٣‬ببلفة اإلسبلمية‪ ،‬ككاف الوالة يعهدكف ٕبكم الشحر لوالة من كندة‪ ،‬كأكؿ دكلة من كندة جعلت‬
‫الشحر عاصمتها كغّب خارعة لوارل اليمن ىي دكلة آؿ فارس عاـ ْٕٖىػ‪.‬‬

‫‪ 1‬ػفاز‪ :‬امس مضرتك تني حمالث نثريت‪ ،‬مهنا ػفاز اذلحوػي مسًية ؿىل ساحي حرضموث ابًلصة من ؾٌلن‪ ،‬وػفاز املضِوزت اًَوم فَُست‬
‫إل مسًية ؿىل ساحي اًححص اًِيسي تُهنا وتني مصابظ مخسة فصاخس ويه من بٔؾٌلل اًضحص‪ ،‬وكصًحة من حصاز تُهنا وتني مصابظ‪ ،‬وحسج زخي‬
‫من ٔبُي مصابظ ٔبن مصابظ فهيا املصىس وػفاز ل مصىس هبا‪ ،‬وكال يل إن اٌَحان ل ًوخس يف ادلهَا إل يف حدال ػفاز وُو كةل ًسَعان ا و ٔبهَ‬
‫دسصت ًيخت يف ركل املوضؽ مسريت زالزة ٔبايم يف مثَِا‪ ،‬وؾيسٍ ابذًة هحريت انسةل وجيخًَِ ٔبُي ثكل اًياحِة وراك ٔبن م جيَئون إىل دسصثَ‬
‫وجيصحون ا ابًسىني فُس َي اٌَحان إىل ا ٔلزط وجيمـوهَ وحيمَوهَ إىل ػفاز فِبٔذش اًسَعان كسعَ وًـعهيم كسعِم ول ًلسزون حيمَوهَ إىل‬
‫كري ػفاز ٔبتس ًا وٕان تَلَ ؾن بٔحس مهنم ٔبهَ حيمهل إىل تدل كريٍ ٔبَُىَ‪ ،‬ووسة إىل ػفاز اذلحوػي ارلعَة ٔبتو حـفص جن فازش اًلحعاين واتيَ‬
‫ارلعَة معص‪ٔ .‬بهؼص‪ٍ :‬لوع تدلان اٍمين وكدائَِا‪ ،‬دمحم جن ٔبمحس اذلجصي‪.344 ،‬‬
‫‪ 0‬املِصت‪ :‬كدَةل هحريت ثًمتي إىل كضاؿة من محري‪ ،‬وُو ؾيس اًًساتة همصت جن حِسان جن معصو جن اذلاف جن كضاؿة جن معصو جن مصت جن سًس جن‬
‫ماكل جن محري جن س حبٔ‪ ،‬وًعَق امس اًلدَةل ؿىل حمافؼة املِصت اًيت ثلؽ يف اًزاوًة اًرشكِة من اٍمين‪ ،‬ؿىل ظول ا ٔلزط املواسًة ٌَححص اًـصيب فامي‬
‫تني حرضموث وؾٌلن‪ ،‬نٌل متخس يف ادلاذي صٌل ًل ًدضمي حزء ًا من اًصتؽ ارلايل‪ ،‬وكدائي املِصت نثريون مهنم بل اًزيًسي يف س َحوث وبل جن‬
‫لكضاث ابًلَضة وحعوًي وبل جن سؾحياث تحاذًة اًلَضة وبل ؾفصاز وفهيم اًزؿامة وكريمه‪ ،‬وًلدائي املِصت ًلة كري اًـصتَة ًلال ٔبن ا ًلة ؿاذ‪،‬‬
‫وحمتزي املِصت ثرشًط ساحًل زمًل وُضحة حدََة ثًهتيي مبياد مـخسل ؿىل هفس اًرشًط‪ ،‬وحصصاوي ؿىل اًرشًط اًعحصاوي‪ ،‬وميخس ساحي‬
‫املِصت ؿىل ظول ‪ 332‬مِ ًال‪ ،‬وخيزتن حبص ُشٍ احملافؼة ٔبظياف ًا ؿسًست من اًرثواث اًسمىِة دعوظ ًا ٔبسٌلك اًرشود اًعرصي‪ ،‬ويف ادلاهة‬
‫اًززاؾي جض هتص جززاؿة اذلزت اًصفِـة وادلدن‪ ،‬وثـس دسصت اٌَحان ٔبمه احملاظَي اًززاؾَة يف مصثفـاث وحدال حوف‪ ،‬ويه اًضجصت اًيت اس متسث‬
‫ٔبمهَهتا اًخازخيَة هسَـة ملسسة يف اًـعوز اًلسمية‪ ،‬وجض هتص ابًـسًس من املـامل ا ٔلثصًة امليدرشت يف ٔبكَة املسٍصايث واملياظق‪ ،‬ومهنا موكؽ ٔبٍصوة‬
‫املضِوز ابًلدة اًس حـة واملوحوذ حواز مسًية اًلَضة ؿىل تـس ‪ 13‬هََو مرت‪ ،‬ونشا مِياء ذملوث اًلسمي اذلي اكن خيخط تخعسٍص اٌَحان يف‬
‫اًـِوذ اًلسمية‪ ،‬نٌل ثوخس ؿسذ من اذلعون واًلالع ا ٔلثصًة مثي حعن اًاكفص يف حريجي وحعن تُت اًسوٍصي يف مٌـص وحعن ذملوث اذلي‬
‫اص هتص يف ملاومة اًلزو اًربثلايل‪ ،‬ونشا امللازاث يف حربوث وذسن وفهيا تلااي نخاابث س حئِة‪ ،‬وكس اكهت س َحوث من املسن اًلسمية املـصوفة‬
‫كدي الٕسالم‪ ،‬مث ظازث تـس الٕسالم ؿامصة دلوةل دمحم سـَس ابذخاهة‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1452/0 ،‬‬
‫‪121‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٍب كقعت الشحر ‪ٙ‬بت حكم ابن مهدم اليمِب ُب عاـ ُٓٔىػ‪ٍ ،‬ب استوذل عليها األمّب سادل بن‬
‫أدريس ا‪٢‬ببوظي القادـ من ظفار‪.‬‬
‫كُب عاـ ٕٖٔىػ ىجم بنو رسوؿ حكاـ اليمن ُب ذلك الوقت على ظفار كاعتقلت ‪ٝ‬بيع أسرة‬
‫ا‪٢‬ببوظي كقتل األمّب سادل ا‪٢‬ببوظي ُب معركة رارية كانتهت إمارة آؿ ا‪٢‬ببوظي كابتدأت سلطة الدكلة‬
‫الرسولية ُب الشحر كحضرموت‪.1‬‬
‫اثنياً‪ :‬إمارة دمحم سعيد ابدجانة‪ :‬آؿ ابدجانة كانوا نواب ككالة الدكلة الرسولية ُب الشحر كظفار‪،‬‬
‫كقبيلة آؿ ابدجانة من كندة كا‪٤‬بهرة أخوا‪٥‬بم‪ ،‬كقد حكم األمّب سعيد بن مبارؾ بن فارس ابدجانة‬
‫الكندم الشحر ‪٫‬بو عاـ ّٖٔىػ بعد رعف حكم بِب رسوؿ حكاـ اليمن آنذاؾ‪ ،‬إذ كانوا ينيبوف‬
‫عنهم أمراء ‪٢‬بكم الببلد كإرساؿ اإلاتكات إذل العاصمة تعز بعد أف جعلوىا عاصمتهم بعد زبيد‪.‬‬
‫كقد حاكؿ الرسوليوف استعادة الشحر ُب عصر ا‪٤‬بلك الظاىر ابن األشرؼ فأرسلوا ‪ٞ‬بلة عسكرية لقتاؿ‬
‫األمّب سعيد بن مبارؾ ابدجانة‪ ،‬إال أف ‪ٞ‬بلة الظاىر ابءت ابلفشل‪ ،‬كظلت الشحر ‪ٙ‬بت سيطرة األمّب‬
‫سعيد ابدجانة إذل أف توُب سنة ُٖٔىػ ٍب توذل بعده ابنو دمحم بن سعيد ابدجانةِ‪.‬‬
‫كُب عهد دمحم بن سعيد بن بن مبارؾ بن فارس الكندم ا‪٤‬بعركؼ إبسم دمحم بن سعيد ابدجانو توسعت‬
‫ىذه اإلماره كساعده على ذلك رعف الدكلة الرسولية كقد استقر آؿ ابدجانة ٗبدينة الشحر سنة‬
‫ّٖٔىػ كجعلها األمّب دمحم بن سعيد ابدجانة مركزان إلمارتو بدالن من حّبيج‪.‬‬
‫كبعد سقوط الدكلو الرسولية كقياـ الدكلو الطاىرية كإستيبلئهم على عدف سنة ٖٖٓىػ‪ ،‬كانت أحواؿ‬
‫عدف ُب ارطراب كالدكلة الطاىرية ُب بداية نشأهتا كانت تعاين من ‪٧‬باكلة السيطرة على أ‪٫‬باء اليمن‬
‫كإرساء األمن‪ ،‬ك‪ٙ‬بقيق اإلستقرار ُب مناطق اليمن‪.‬‬
‫كسبق أبف ذكر ا أبف قبائل ايفع "آؿ أ‪ٞ‬بد‪ ،‬آؿ كلد"‪ ،‬كانت ا‪٤‬بسيطر ا‪٢‬بقيقي على عدف كىم الذين‬
‫مكنوا الرسوليْب من قبل من السيطرة عليها ككاف يقوـ آؿ أ‪ٞ‬بد ٕبراسة ا‪٤‬بدينة كأسوارىا كحصوهنا بينما‬
‫يقوـ آؿ كلد ٔبمع الضرائب داخل ا‪٤‬بدينة من التجار ابإلرافة إذل دكر الشرطة ُب ا‪٤‬بدينة‪ ،‬كقد دخلها‬
‫الطاىريْب ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر كا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر كلكن ٗبساعدة آؿ أ‪ٞ‬بد فقط‪،‬‬
‫كعلى إثر ذلك كٕبسب اإلتفاؽ مع آؿ أ‪ٞ‬بد كشرطهم ٖبركج كإجبلء آؿ كلد‪ ،‬تشرد آؿ كلد إذل‬

‫‪ 1‬اًضحص ؿرب اًخازخي‪ ،‬مخُس محسان‪ ،‬مصنز ادلزاساث واًححوج اٍميين‪ ،‬ظيـاء اٍمين اًعحـة ا ٔلوىل ‪0222‬م‪ ،‬ض‪ 12‬وما تـسُا‪.‬‬
‫‪ 0‬ابدذعاز من نخاة‪ :‬اًضحص ؿرب اًخازخي‪ ،‬مخُس محسان‪ ،‬ض ‪.14‬‬
‫‪121‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫حاررهتم خنفر كمنهم من ذىب إذل ا‪٤‬بكبل بقيادة مبارؾ بن صاحل الثابٍب الكلدم كجيشاف السنيدم‬
‫الكلدمُ‪.‬‬
‫كل ىذه األمور كالٍب كانت ُب بداية نشأة الدكلة الطاىرية أغرت األمّب دمحم سعيد ابدجانو كدفعتو‬
‫للتفكّب ُب إحتبلؿ عدف كزادت رغبتو ُب إحتبلؿ عدف بعد الفتنو الداخليو الٍب شهدهتا عدف بْب‬
‫القبائل اليافعية "آؿ أ‪ٞ‬بد كآؿ كلد" كمناصرة الطاىريْب آلؿ أ‪ٞ‬بد كتوجو الشيخ مبارؾ الكلدم إذل‬
‫الشحر داعيان أابدجانو إلحتبلؿ عدف كاعدان إايه ابلدعم كا‪٤‬بساندة‪.‬‬
‫كقد كاف كصوؿ آؿ كلد بزعامة مبارؾ بن صاحل الكلدم كجيشاف السنيدم قبل كفاة األمّب سعيد بن‬
‫مبارؾ ابدجانة‪ ،‬كمن خبلؿ بقائهم قريبوف من األمّب أغركا األمّب اب دجانة على التحالف معهم‬
‫إلستعادة عدف من أيدم الطاىريْب‪ ،‬لكنو توُب ُب الوقت الذم أبدل بو استعداده‪.2‬‬
‫كعندما توذل األمّب دمحم بن سعيد ابدجانة بعد كالده‪ ،‬كانت ىناؾ عدة عوامل دفعتو إذل اإلستيبلء‬
‫على عدف‪:‬‬
‫العامل األول‪ :‬سقوط عدف بيد الطاىريْب‪ ،‬كإنتهاء كسقوط الدكلة الرسولية مع سقوط عدف‪٩ ،‬با‬
‫شجع األمّب ابدجانة إذل التفكّب ابإلستيبلء على عدف‪ ،‬ألٮبيتها اإلقتصادية كالعسكرية كالسياسية‪،‬‬
‫كألنو كاف يطمح لئلستيبلء على الساحل ا‪١‬بنويب لليمن أبكملو كرمو إلمارتو ُب الشحر‪.‬‬
‫العامل الثاين‪ :‬رعف الدكلة الطاىرية ُب تصور ابدجانة كال سيما أهنا ُب بداية نشأهتا‪ ،‬ككانت‬
‫معاركها كحركهبا كثّبة كُب عدة جهات من اليمن‪٩ ،‬با شيلهم كشتت قواىم ُب عدة مناطق كأماكن‬
‫حملاكلة السيطرة على أكثر كأىم ا‪٤‬بناطق كا‪٤‬بدف اليمنية‪.‬‬
‫العامل الثالث‪ :‬إغراء القبائل اليافعية حملمد بن سعيد ابدجانة كعلى رأسهم قبيلة آؿ كلد الٍب خرجت‬
‫من عدف إذل الشحر‪ ،‬ككانت ‪٥‬با أىدافها إبستعادة مكانتها ُب عدف‪ ،‬كقد عررت عليو التحالف‬
‫كالقتاؿ معو ٔبميع رجا‪٥‬با كعلى رأسهم زعماء آؿ كلد الشيخ مبارؾ الثابٍب الكلدم كجيشاف السنيدم‬
‫الكلدم‪.‬‬
‫كل ىذه العوامل كغّبىا دفعت ابدجانة للتصور أبف قواتو ابلتحالف مع آؿ كلد كغّبىم من القبائل‬
‫تستطيع اإلستيبلء على عدف‪ ،‬كإخراج بِب طاىر منها‪.‬‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،232/4 ،‬وكائؽ من اتزخي ايفؽ‪ ،‬حمسن ذاين‪ ،‬ض‪.131‬‬
‫‪ 0‬وكائؽ من اتزخي ايفؽ‪ ،‬حمسن ذاين‪ ،‬ض‪.132‬‬
‫‪122‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫زلاولة ابدجانة لإلستيالء على عدن‬

‫أوالً‪ :‬إست ت ت ت تتتعداد ابدجانت ت ت ت تتة لإلست ت ت ت تتتيالء علت ت ت ت تتى ع ت ت ت ت تدن‪ :‬بع ػ ػ ػ ػػد خ ػ ػ ػ ػػركج كإج ػ ػ ػ ػػبلء آؿ كل ػ ػ ػ ػػد م ػ ػ ػ ػػن‬
‫ع ػ ػ ػ ػ ػ ػػدف عل ػ ػ ػ ػ ػ ػػى أي ػ ػ ػ ػ ػ ػػدم الط ػ ػ ػ ػ ػ ػػاىريْب كٕبس ػ ػ ػ ػ ػ ػػب اإلتف ػ ػ ػ ػ ػ ػػاؽ م ػ ػ ػ ػ ػ ػػع الط ػ ػ ػ ػ ػ ػػاىريْب كآؿ أ‪ٞ‬ب ػ ػ ػ ػ ػ ػػد مقاب ػ ػ ػ ػ ػ ػػل‬
‫مس ػ ػ ػ ػػاعدهتم ُب دخ ػ ػ ػ ػػوؿ ع ػ ػ ػ ػػدف‪ ،‬توج ػ ػ ػ ػػو الش ػ ػ ػ ػػيخ مب ػ ػ ػ ػػارؾ ب ػ ػ ػ ػػن ص ػ ػ ػ ػػاحل الث ػ ػ ػ ػػابٍب الكل ػ ػ ػ ػػدم كالش ػ ػ ػ ػػيخ‬
‫جيشػ ػ ػ ػ ػ ػػاف السػ ػ ػ ػ ػ ػػنيدم زعمػ ػ ػ ػ ػ ػػاء آؿ كلػ ػ ػ ػ ػ ػػد إذل الش ػ ػ ػ ػ ػ ػػحر‪ ،‬كىػ ػ ػ ػ ػ ػػدفهم دعػ ػ ػ ػ ػ ػػوة أابدجانػ ػ ػ ػ ػ ػػو إلح ػ ػ ػ ػ ػ ػػتبلؿ‬
‫عدف كاعدان إايه ابلدعم كا‪٤‬بساندة‪.‬‬
‫كبسػ ػ ػ ػ ػ ػػبب توافػ ػ ػ ػ ػ ػػق األىػ ػ ػ ػ ػ ػػداؼ كالطموحػ ػ ػ ػ ػ ػػات لػ ػ ػ ػ ػ ػػدل ابدجانػ ػ ػ ػ ػ ػػة كآؿ كلػ ػ ػ ػ ػ ػػد‪ ،‬فإنػ ػ ػ ػ ػ ػػو قػ ػ ػ ػ ػ ػػد حصػ ػ ػ ػ ػ ػػل‬
‫بي ػ ػ ػػنهم تق ػ ػ ػػارب كب ػ ػ ػػّب ن ػ ػ ػػتج عن ػ ػ ػػو أبف يكونػ ػ ػ ػوا قػ ػ ػ ػريبْب م ػ ػ ػػن األم ػ ػ ػػّب كم ػ ػ ػػن رأس الس ػ ػ ػػلطة‪ ،‬ب ػ ػ ػػل إن ػ ػ ػػو‬
‫جعله ػ ػ ػػم م ػ ػ ػػن قي ػ ػ ػػادات دكلت ػ ػ ػػو فعن ػ ػ ػػدما ت ػ ػ ػػوذل األم ػ ػ ػػّب دمحم ب ػ ػ ػػن س ػ ػ ػػعيد إم ػ ػ ػػارة الش ػ ػ ػػحر بع ػ ػ ػػد كف ػ ػ ػػاة‬
‫كالػ ػ ػ ػػده عػ ػ ػ ػػْب الشػ ػ ػ ػػيخ مبػ ػ ػ ػػارؾ ائب ػ ػ ػ ػان لػ ػ ػ ػػو كمستشػ ػ ػ ػػاران خاص ػ ػ ػ ػان‪ ،‬ككػ ػ ػ ػػذلك عػ ػ ػ ػػْب جيشػ ػ ػ ػػاف السػ ػ ػ ػػنيدم‬
‫قائدان ‪١‬بيشو ُب إمارة الشحر‪.1‬‬
‫ككػ ػ ػ ػػل ذلػ ػ ػ ػػك بسػ ػ ػ ػػبب إطمػ ػ ػ ػػاعهم لػ ػ ػ ػػو ابإلسػ ػ ػ ػػتيبلء علػ ػ ػ ػػى عػ ػ ػ ػػدف كخػ ػ ػ ػػط ا‪٤‬ببلحػ ػ ػ ػػة مػ ػ ػ ػػن الشػ ػ ػ ػػحر إذل‬
‫ع ػ ػ ػ ػػدف‪" ،‬كذل ػ ػ ػ ػػك أف ايف ػ ػ ػ ػػع ال ػ ػ ػ ػػذين خرج ػ ػ ػ ػوا م ػ ػ ػ ػػن كل ػ ػ ػ ػػد كغ ػ ػ ػ ػػّبىم حس ػ ػ ػ ػػنوا ل ػ ػ ػ ػػو ذل ػ ػ ػ ػػك‪ ،‬كرغب ػ ػ ػ ػػوه ُب‬
‫أخ ػ ػ ػ ػػذىا‪ ،‬كزعم ػ ػ ػ ػوا أهن ػ ػ ػ ػػم يعرف ػ ػ ػ ػػوف موار ػ ػ ػ ػػع ييػ ػ ػ ػػدخل منه ػ ػ ػ ػػا إذل البل ػ ػ ػ ػػد م ػ ػ ػ ػػن غ ػ ػ ػ ػػّب األب ػ ػ ػ ػواب‪ ،‬منه ػ ػ ػ ػػا‬
‫ا‪٤‬بورػ ػ ػ ػ ػػع الػ ػ ػ ػ ػػذم فيػ ػ ػ ػ ػػو ا‪٢‬بصػ ػ ػ ػ ػػن ا‪٤‬بعػ ػ ػ ػ ػػركؼ ابلقفػ ػ ػ ػ ػػل‪ ،‬كدل يكػ ػ ػ ػ ػػن إذ ذاؾ بػ ػ ػ ػ ػػو حصػ ػ ػ ػ ػػن‪ ،‬كإ٭بػ ػ ػ ػ ػػا بػ ػ ػ ػ ػػِب‬
‫بعد ذلك‪ ،‬ك‪٠‬بي ابلقفل ألنو كالقفل على ا‪٤‬بدينة‪.2‬‬
‫كقػ ػ ػ ػػد ظهػ ػ ػ ػػرت رغبػ ػ ػ ػػة ابدجانػ ػ ػ ػػة ُب إحػ ػ ػ ػػتبلؿ عػ ػ ػ ػػدف علػ ػ ػ ػػى أف تكػ ػ ػ ػػوف قبيلػ ػ ػ ػػة كلػ ػ ػ ػػد اليافعيػ ػ ػ ػػة ع ػ ػ ػ ػػو ان‬
‫لػ ػ ػ ػ ػػو‪ ،‬كعلػ ػ ػ ػ ػػى رأسػ ػ ػ ػ ػػها زعمائهػ ػ ػ ػ ػػا الػ ػ ػ ػ ػػداعْب لػ ػ ػ ػ ػػو لئلسػ ػ ػ ػ ػػتيبلء عليهػ ػ ػ ػ ػػا‪ ،‬كىػ ػ ػ ػ ػػم كمػ ػ ػ ػ ػػا ذك ػ ػ ػ ػ ػر ا الشػ ػ ػ ػ ػػيخ‬
‫مبارؾ بن صاحل الثابٍب الكلدم كجيشاف السنيدم‪.‬‬
‫قطع خط ادلالحة البحرية إىل عدن‪ :‬كقد بدأ األمّب ابدجانة بتحقيق أطماعو تلك ابلفعل‪ ،‬ككانت‬
‫أكؿ خطوة قاـ هبا ىو قطع خط ا‪٤‬ببلحة البحرية ا‪٤‬بوصل من ا‪٥‬بند كشرؽ آسيا إذل عدف كالبحر‬

‫‪ 1‬وكائؽ من اتزخي ايفؽ‪ ،‬حمسن ذاين‪ ،‬ض‪.134‬‬


‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.232/4 ،‬‬
‫‪123‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫األ‪ٞ‬بر‪ ،‬كذلك بتلقي السفن التجارية على خط ا‪٤‬ببلحة البحرم كمنعها من الوصوؿ إذل عدف‪ ،‬كهبذه‬
‫الطريقة يضيق على الدكلة الطاىرية كٰباصرىا اقتصاداين من كصوؿ البضائع كالتموينات كا‪٤‬بوارد ا‪٤‬بالية‬
‫إليها‪٩ ،‬با يؤدم إذل تعطيل حركة التجارة كالنقل ُب ميناء كمدينة عدف‪ ،‬كابلتارل سيؤثر ذلك سلبان على‬
‫اقتصاد الدكلة الطاىرية‪.‬‬
‫كينقل لنا ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف القرمطي ىذا ا‪٢‬بدث فيقوؿ‪" :‬ككاف صاحب الشحر قد قطع السفن عن‬
‫الوصوؿ إذل ثير عدف‪ ،‬كتلقاىم ابلسفن ُب البحر يصدىم من الوصوؿ ببندر اليمن‪ ،‬فشق ذلك على‬
‫علي كعامر كأرادا أف ٯبهزا السفن إليو كٲبؤلىا من العساكر‪."1‬‬
‫كملوؾ الدكلة الطاىرية كخاصة ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر يعرؼ ‪ٛ‬بامان مدل أتثّب ىذا ا‪٢‬بصار البحرم‬
‫كقطع خط ا‪٤‬ببلحة البحرية من ا‪٥‬بند كشرؽ آسيا إذل عدف‪ ،‬فقد كاف متمرسان ابلتجارة قبل سيطرهتم‬
‫على عدف‪ ،‬ككاف كثّب الَبدد إذل عدف للتجارة قبل أف يستورل عليها‪ ،‬كما ذكر ذلك ا‪٤‬بؤرخ العبلمة‬
‫الطيب اب‪٨‬برمة‪ ،‬كقاؿ إنو أخربه عبدهللا بن دمحم ابفضل ا‪٤‬بلقب ابمشتّب ككاف ثقة قاؿ‪ :‬دخلت عدف‬
‫مراران من طريق الرب ُب قافلة عامر بن طاىر للتجارة قبل أف يليِ‪.‬‬
‫لذلك كاف بِب طاىر يعلموف أٮبية عدف اإلقتصادية كالتجارية‪ ،‬فكاف البد ‪٥‬بم من السيطرة عليها‬
‫لتكوف مصدران للدخل اإلقتصادم ليتمكنوا من إدارة دكلتهم‪ ،‬كخاصة اهنم كانوا كخاصة أهنم كانوا‬
‫ككبلء للدكلة الرسولية ُب ٘بارهتم بعدف كنواابن ‪٥‬بم ُب جباية ررائب ميناء عدفّ‪.‬‬
‫كإزاء ىذا الطموح ُب اإلستيبلء على عدف‪ ،‬جهز األمّب دمحم بن سعيد ابدجانة ما ‪ٝ‬بعو من عسكر‬
‫من ا‪٤‬بهرة كايفع كا‪٢‬بموـ‪ ،‬كجهز سفنان ٕبرية تقدر بتسع سفن ‪٦‬بهزة ابليذاء كالعتاد‪ ،4‬كذكرت بعض‬
‫ا‪٤‬بصادر أهنا حوارل إثُب عشر سفينةٓ‪.‬‬
‫إعرتاضات ونصائح‪ :‬كقد اعَبرت كالدة دمحم بن سعيد ابدجانة ابنها دمحم على ىذا الزحف ككانت‬
‫معاشرية مهرية ذات ذكاء كرجاحة عقل‪ ،6‬إال أف ابدجانة أصر على رأيو كدل يستمع لنصيحة كالدتو‪،‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.43‬‬


‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬اًعَة ابخمصمة‪.216/4 ،‬‬
‫‪ 1‬ؿسن يف ؾِس اًعاُصًني‪ ،‬ؾحاش ؿَوي‪ ،‬ض‪.11‬‬
‫‪ 2‬اًوحوذ املمَويك يف اٍمين‪ٔ ،‬بمحس سامل جن صُدان‪ ،‬ض‪.25‬‬
‫‪ 3‬اًضحص ؿرب اًخازخي‪ ،‬مخُس محسان‪ ،‬ض ‪.14‬‬
‫‪ 4‬اًضحص ؿرب اًخازخي‪ ،‬مخُس محسان‪ ،‬ض ‪.14‬‬
‫‪124‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كالذم كاف ‪٥‬با دكر كبّب ُب إدارة شئوف ا‪٢‬بكم كالببلد‪ ،‬كخاصة بعد كقوع ابدجانة ُب األسر بعد ‪ٞ‬بلتو‬
‫الفاشلة لئلستيبلء على عدف‪.‬‬
‫ك‪٩‬بن أعَبرو كذلك قاري الشحر القاري سليماف بن عبود ابن اتئو الشحرم الذم دل ٰببذ ىذه‬
‫الفكرة كمربراهتا‪ ،‬كماؿ إذل أٮبية العمل على ‪ٙ‬بصْب الشحر ك‪ٞ‬بايتها من أم غارات كإجراء احَبازم‪،‬‬
‫ٍب مصا‪٢‬بة الطاىريْب كخلق عبلقة حسن ا‪١‬بوار‪ ،1‬فاستاء ابدجانة من إعَباض قاريو كدل يستجب‬
‫لنصائحو‪ ،‬بل إنو دل يكتفي بعدـ األخذ بنصيحتو كلكنو سجنو بسجن البلد حٌب مات القاري ابن‬
‫اتئو ر‪ٞ‬بو هللا ُب سجنوِ‪ ،‬كعْب بدالن منو كزيران مهراين يوافقو ُب رأيو‪.3‬‬
‫كقد يكوف القاري ابن اتئو قد دعا على ابن دجانة ‪٩‬با القاه من ظلم قبيح‪ ،‬فأيستجيب لدعوتو‪.‬‬
‫كدل يكن القاري ابن اتئو أكؿ من تعدل عليو ابدجانة‪ ،‬بل إف ذلك كاف ديدنو فقد تعدل ابدجانة‬
‫على أحد العلماء‪ ،‬كىناؾ ركاية تقوؿ إف ابدجانة قبل ‪ٙ‬بركو لئلستيبلء على عدف كأثناء استعداده‬
‫لذلك قد أساء األدب مع أحد األكلياء‪ ،‬يقوؿ ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا عن تصرؼ ابدجانة مع أحد‬
‫العلماء‪" :‬كدل يكن أىبلن لذلك كلكنو أساء األدب على بعض األكلياء فدعا عليو فتحرؾ حركة‬
‫انعكست عليو"ْ‪.‬‬
‫كيقوؿ ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل‪" :‬ككل ما جرل على أيب دجانة من كرامات الشيخ الكبّب السيد‬
‫الشهّب عفيف الدين عبدهللا بن أيب بكر ابعلوم فإنو كاف ينابذه كيعاكسو فدعا عليو فجرل عليو ما‬
‫جرل‪ ،‬كدل ينتفع بنفسو بعد ذلك"ٓ‪.‬‬
‫كإف عاقبة من تعدل على العلماء كالصا‪٢‬بْب كخيمة كخا‪ٛ‬بة ملكو زائلة ال ‪٧‬بالة‪ ،‬كُب التاريخ عربة‬
‫كعجل‬‫كدركس فإننا ما ‪٠‬بعنا ٕباكم أك كاليان أساء األدب مع علماء األمة أك صا‪٢‬بيها أك دعاهتا‪ ،‬إال ي‬
‫لو عقوبتو ُب الدنيا ما دل يتيب‪ ،‬ككم من دكؿ ك‪٩‬بالك انتهت كزالت كمضت كدالت عليها دكؿ أخرل‬
‫ك‪ٛ‬بلكت بسبب تعدم ملوكها كحكامها على علمائها‪ ،‬كتوقّب العلماء كأىل العلم كالدين كتقريبهم‬
‫كاستشارهتم كاألخذ برأيهم كنصائحهم ىو من أسباب ترسيخ ا‪٢‬بكم كإستقراره‪.‬‬

‫‪ 1‬اًضِساء اًس حـة‪ ،‬دمحم ؾحساًلاذز ابمعصف‪ ،‬ذاز اذلصًة ٌَعحاؿة تلساذ اًـصاق‪ ،‬ظحـة ‪1752‬م‪ ،‬ض‪ ،05‬ؿسن يف ؾِس اًعاُصًني‪ ،‬ؾحاش‬
‫ؿَوي‪ ،‬ض‪.31‬‬
‫‪ 0‬اًضحص ؿرب اًخازخي‪ ،‬مخُس محسان‪ ،‬ض ‪.14‬‬
‫‪ 1‬اًضِساء اًس حـة‪ ،‬ابمعصف‪ ،‬ض‪.05‬‬
‫‪ 2‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.276‬‬
‫‪ 3‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض ‪.022‬‬
‫‪125‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كانصرؼ أبو دجانة إلعداد ‪ٞ‬بلتو كأحاطها بشيء من السرية حٌب ال يصل خربىا إذل عدف‪ ،‬ك‪ٛ‬بكن‬
‫من قبض ‪ٝ‬بيع سنابيق أىل الشحر‪ ،‬كخصوصان العازمة منها لئلٕبار إذل عدف‪ ،‬إال أف سنبوقان كاحدان فر‬
‫‪1‬‬
‫"حّب السنابيق عن‬‫خفية ككصل عدف‪ ،‬كأخربىم بنيات أيب دجانة ‪ ،‬كذكر ا‪٤‬بؤرخ اب‪٨‬برمة أف ابدجانة ٌ‬
‫الوصوؿ إذل عدف‪ ،‬لئبل يردكا العلم بتجهيزه‪ ،‬فخرج سنبوؽ من الشحر خفية ُب الليل‪ ،‬ككصل إذل‬
‫عدف كأخرب ابلتجهيز‪."2‬‬
‫تولية بنت معاشر حكم الشحر ابلنيابة‪ :‬كانت كالدة دمحم بن سعيد ابدجانة حاكلت أف تثِب ابنها‬
‫دمحم عن ىذا الزحف كلكنو دل يستجب ‪٥‬با كما ذكر ا‪ ،‬كقبل ميادرتو أ اب عنو كالدتو بنت معاشر عند‬
‫ميادرتو الشحر إذل عدف‪ ،‬ككانت إمرأة كاملة ذات حزـ كعزـ كما ذكر ذلك ا‪٤‬بؤرخ اب‪٨‬برمة‪ ،3‬ككانت‬
‫معاشرية مهرية ذات ذكاء كرجاحة عقلْ‪ ،‬كىي أكؿ أمرأة حضرمية تولت ا‪٢‬بكم ُب الشحر‪ ،5‬كىي‬
‫الٍب ربطت الشحر ُب غيبة كلدىا‪.6‬‬

‫‪ 1‬اًـلدة ذزاسة حتََََة دلاهة من ؿسن‪ ،‬ؾحسهللا بٔمحس حمريس‪ ،‬وسازت اًثلافة مؤسسة ‪ٔ 12‬بنخوجص ٌَعحافة واًعحاؿة واًًرش ؿسن‪ ،‬ض‪.144‬‬
‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.232/4 ،‬‬
‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.232/4 ،‬‬
‫‪ 2‬اًضحص ؿرب اًخازخي‪ ،‬مخُس محسان‪ ،‬ض ‪.14‬‬
‫‪ 3‬اتزخي حرضموث اًس َايس‪ ،‬ظالخ اًحىصي اًَافـي‪ ،‬املعحـة اًسَفِة مرص اًعحـة ا ٔلوىل ‪ُ1132‬ػ‪.117/1 ،‬‬
‫‪ 4‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.232/4 ،‬‬
‫‪126‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثالث‬
‫ىزمية ابدجانة ووقوعو يف األسر‬

‫ذكر ا قبل ذلك أف "صاحب الشحر قد قطع السفن عن الوصوؿ إذل ثير عدف‪ ،‬كتلقاىم ابلسفن ُب‬
‫البحر يصدىم من الوصوؿ ببندر اليمن‪ ،‬فشق ذلك على علي كعامر كأرادا أف ٯبهزا السفن إليو‬
‫كٲبؤلىا من العساكر فهم ُب ذلك ‪٦‬بدكف كمعدكف كمستعدكفُ"‪.‬‬
‫كبدأ أبو دجانة ٔبمع ا‪٤‬بقاتلْب من القبائل كالعساكر كغّبىم‪ ،‬ك‪ٝ‬بٌع من بيت زايد كبيت دمحم‪ ،‬كجهزكا‬
‫ُب مراكب إذل عدف حملاربة ابن طاىر‪ ،2‬فأعد الكندم جيشان خليطان من قومو كمن ايفع كمن ا‪٢‬بموـ‬
‫كمن ا‪٤‬بهرة‪.3‬‬
‫كُب أكاخر شهر ربيع من سنة ُٖٔىػ‪ٙ ،‬برؾ أبو دجانة دمحم بن سعد بن فارس صاحب الشحر‪ ،‬من‬
‫مدينتو الشحر ليأخذ مدينة عدف‪ ،‬فجاء معو تسعة مراكب إذل عدف‪ ،‬كدل يكن إذ ذاؾ هبا أحد من‬
‫ا‪٤‬بلوؾْ‪.‬‬
‫إال أنو كابلرغم من تكتمو الشديد على ‪ٙ‬بركاتو‪ ،‬هبدؼ مفاجئة ا‪٤‬بدينة كاإلستيبلء عليها دكف مقاكمة‬
‫من الطاىريْب‪ ،‬فقد تسرب خرب ‪ٞ‬بلتو إذل الطاىريْب‪ ،5‬حيث تسلل لفيف من ا‪٤‬بوالْب لبِب طاىر‬
‫كا‪٤‬بعادين أليب دجانة ُب قارب من ميناء الشحر خفية ُب الليل ك‪ٛ‬بكنوا من الوصوؿ إذل عدف قبل‬
‫كصوؿ ا‪٢‬بملة‪ ،‬كأبليوا األمر إذل كاليها الشريف علي بن سفياف الذم دل يكن لديو حينذاؾ القوة‬
‫الكافية من ا‪١‬بند ‪٤‬بواجهة ‪ٞ‬بلة األمّب دمحم بن سعيد ابدجانة‪ ،‬ك‪٥‬بذا ابدر كارل عدف إذل ا‪٤‬بلك الظافر‬
‫عامر بن طاىر كا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر‪ ،‬ليحثهما على إنقاذ مدينة عدف من ‪ٞ‬بلة ابدجانة‪.6‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.43‬‬


‫‪ 0‬اتزخي حرضموث املـصوف تخازخي صًدي‪ٔ ،‬بمحس جن ؾحسهللا صًدي‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا اذلخيش‪ ،‬اًيارش مىذحة ظيـاء ا ٔلثصًة ظيـاء اٍمين اًعحـة‬
‫اًثاهَة ‪0221‬م‪ ،‬ض‪166‬‬
‫‪ 1‬اتزخي حرضموث اًس َايس‪ ،‬ظالخ اًحىصي‪ ،‬ض‪.117‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.104‬‬
‫‪ 3‬اًوحوذ املمَويك يف اٍمين‪ٔ ،‬بمحس سامل جن صُدان‪ ،‬ض‪.25‬‬
‫‪ 4‬اًضحص ؿرب اًخازخي‪ ،‬مخُس محسان‪ ،‬ض ‪.15‬‬
‫‪127‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كعلى إثر ذلك ا‪ٚ‬بذ األمّب علي بن سفياف احتياطاتو‪ ،‬فقد "أخرب الواصلوف ُب السنبوؽ أف غرض أيب‬
‫دجانة كأصحابو الدخوؿ إذل البلد من ا‪٤‬بورع الذم منو حصن القفل اآلف‪ ،‬فجعل فيو ابن سفياف‬
‫رتبة من الربابر كا‪٢‬ببوش‪ ،‬لعدـ العسكر ُب البلد‪ ،"1‬كأيضا حصنوا البلد أىل ايفع آؿ أ‪ٞ‬بد‪.2‬‬
‫كذكر اب‪٨‬برمة أهنم أرادكا نصب ا‪٤‬بدافع على الدركب‪ ،‬لّبموا إذل جهة التجهيز‪ ،‬فلم ٯبدكا ُب البلد إال‬
‫أربعة أك ‪ٟ‬بسة مدافع صيّبة كذلك لضعف البلدّ‪ ،‬كمن ا‪٤‬بعلوـ أف ىذه ا‪٤‬بدافع ال تفي ابليرض‪ ،‬كىذا‬
‫إف دؿ على شي إ٭با يدؿ على رعف حامية عدف كقلة عتادىا ا‪٢‬بريب آنذاؾ‪.4‬‬
‫كعند كصوؿ ابدجانة إذل سواحل عدف‪ ،‬أشار لو كبار جيشو أف يَباجعوا ٗبراكبهم إذل البحر كيتظاىركا‬
‫ابإلندحار‪ ،‬حٌب إذا أطمئن األعداء على أنفسهم أعادكا الكرة على غرة‪ ،‬كلكن الكندم أىب إال‬
‫ا‪٥‬بجوـ ُب ‪٠‬باء ذلك اليوـ غّب مباؿ بكثرة جيش أعدائو‪.5‬‬
‫كحاكؿ دخوؿ عدف ىو كمن معو من قبيلة آؿ كلد الذين شاركوا معو ُب ىذه ا‪٢‬بملة ٕبسب اإلتفاؽ‬
‫بينو كبينهم‪ ،‬فلم ٲبكنو ذلك‪ ،‬كأرشدتو قبائل آؿ كلد إذل مواقع تعرفها كي تسهل على قواتو اقتحاـ‬
‫مدينة عدف‪ ،‬كقد كاف آؿ كلد يعرفوف ىذه ا‪٤‬بواقع منذ كانوا ُب مدينة عدف فقد كاف ‪٥‬بم معرفة ٗبداخل‬
‫عدف كأسوارىا كحصوهنا‪ ،‬إال أف آؿ أ‪ٞ‬بد كانوا مستعدين ‪٥‬بذه ا‪٢‬بملة بسبب التنبيو الذم جاءىم من‬
‫رجا‪٥‬بم ُب الشحر‪ ،‬فقد أحكموا السيطرة على سواحل عدف كسدكا كأغلقوا ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بنافذ كالثيرات‬
‫ا‪٤‬بؤدية إذل عدف‪ ،‬كقد كاف آؿ أ‪ٞ‬بد استولوا على حراسات كحصوف كأسوار عدف كأككلوا بذلك من‬
‫قبل ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر‪.‬‬
‫"فبينما ىم ُب ذلك ‪٦‬بدكف كمعدكف كمستعدكف‪ ،‬إذ كصل أبو دجانة صاحب الشحر إذل ساحل الثير‬
‫كراـ أف يكوف لو ُب اليمن ملك األمر‪ ،‬ككصل إذل عامر علمو فوقع معو الشجن كخاؼ منو الفساد‬
‫ُب ثير عدف كطلب إدريس بن دمحم بن إدريس‪ ،‬كقاؿ ٘بد معي ا‪٤‬بسّب أنت كعبدهللا بن علي بن‬
‫حسْب لنجالد على ا‪٤‬بملكة ك‪٫‬بامي من بيى علينا لعل هللا يوقعو ُب ا‪٥‬بلكة‪ ،‬كخشي إدريس بن دمحم أف‬
‫يطوؿ ُب ذلك الوقت كاعتذر‪ ،‬كقاؿ أنو قد اعَباين الكرب كرعفت فبل أطيق السفر كابن عمي عبدهللا‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.232/4 ،‬‬


‫‪ 0‬اتزخي حرضموث اًس َايس‪ ،‬ظالخ اًحىصي‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.232/1 ،‬‬
‫‪ 2‬ؿسن يف ؾِس اًعاُصًني‪ ،‬ذ‪ .‬ؾحاش ؿَوي‪ ،‬ض‪.32‬‬
‫‪ 3‬اتزخي حرضموث اًس َايس‪ ،‬ظالخ اًحىصي‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪128‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫بن علي ال يررى كالده بتعبو كال يسر‪ ،‬فخرج عامر بن طاىر فيمن حضره من العساكر ككاَب عدف‬
‫كقد ىرب أىل مراكب الشحر كعادكا راجعْب ُب البحرُ"‪.‬‬
‫ككصل أبو دجانة ُب تسعة مراكب إذل فوؽ البندر‪ ،‬كراـ دخوؿ البندر فلم يقدر‪ ،‬فقد ىبت رايح‬
‫عاصفة قوية كمستمرة‪ ،‬كدل تستطع سفن ابدجانة الصمود كا‪٤‬بقاكمة كأصاب ا‪٤‬براكب ريح عظيمة‬
‫انكسر من مراكبو اثناف‪.2‬‬
‫كأغرقت بعض مراكبو ٗبا فيها من مؤف كذخّبة‪ ،‬فارطر ألف يرجع إذل البحر فركب ىو كبعض رجالو‬
‫مركبان فانقلب هبم ا‪٤‬بركب لشدة العاصفة ككاد األمّب الكندم ييرؽ لوال أنو آكل إذل الساحل ىو كمن‬
‫معو‪.3‬‬
‫كينقل لنا ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل ما جرل أليب دجانة فيقوؿ‪" :‬كُب ذلك الوقت قدـ ا‪٤‬بلك الظافر‬
‫عدف بقبيل ميرب يوـ اإلثنْب ِْ من شهر ربيع اآلخر سنة ُٖٔىػ‪ ،‬كابت الناس أبماف فرحْب‬
‫بوصولو‪ ،‬كقويت الريح ُب تلك الليلة قوة عظيمة فانقطع رجاء صاحب الشحر‪ ،‬فأصبح يوـ الثبلاثء‬
‫متوجهان ‪٫‬بو بلده ىارابن‪ ،‬فانفتح ا‪٤‬بركب الذم ىو فيو‪ ،‬كنبذه البحر إذل ساحل ا‪٤‬بكسر‪ ،‬خور مكسر‬
‫حاليان‪."4‬‬
‫كقبض هللا أف الريح ساقت ملكهم أاب دجانة ُب سفينة إذل حيث ال ‪٨‬برج لو كأدخلتو من عدف إذل‬
‫ا‪٤‬بخرج الضيق ا‪٢‬برج‪ ،‬فقبض عليو عامر ببل تعب كال نصب‪.5‬‬
‫يقوؿ ا‪٤‬بؤرخ الطيب اب‪٨‬برمة‪" :‬كقوم الريح ُب تلك الليلة الٍب كصل هبا ا‪٤‬بلك الظافر قوة عظيمة‪،‬‬
‫كانقطع رجاء صاحب الشحر من البلد‪ ،‬فأصبح يوـ اإلثنْب متوجهان ‪٫‬بو بلده ىارابن‪ ،‬فانفتح ا‪٤‬بركب‬
‫الذم ىو فيو‪ ،‬كنبذه إذل ساحل ا‪٤‬بكسر‪."6‬‬
‫فخرج لو ا‪٤‬بلك الظافر بعساكره من ابب الرب كأسره‪ ،‬كأسر ابن أخيو‪ ،‬كقتل مبارؾ الثابٍب من نقباء‬
‫ايفع‪ ،‬كىو الذم كاف جسر ا‪٤‬بذكور كأطعمو ُب البلد‪ ،‬كقتل ابن عمو"‪.1‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.43‬‬


‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.232/4 ،‬‬
‫‪ 1‬اتزخي حرضموث اًس َايس‪ ،‬ظالخ اًحىصي‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪ 2‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض‪.021‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.44‬‬
‫‪ 4‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.231/4 ،‬‬
‫‪129‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫حسب أف خرجا‬ ‫ككاف ا‪٤‬ببادر لقتل مبارؾ الثابٍب نقباء ايفع آؿ أ‪ٞ‬بد‪ ،‬كابدركا أيضان إذل قتل ابن عمو ٍ‬
‫من البحر‪ ،‬خشية أف يؤسرا‪ ،‬فيكيداىم ابلصحيح كالسقيم‪ ،‬كالـ ا‪٤‬بلك الظافر نقباء ايفع على قتل‬
‫الثابٍب‪ ،‬ككاف غررو أسره‪.2‬‬
‫كأسر ‪ٝ‬باعة من أصحابو كدخل هبم مدينة عدف‪ ،‬كأركب أاب دجانة على ‪ٝ‬بل لّباه الناس‪ ،‬ككاف يومان‬
‫مشهودان معظمان"ّ‪.‬‬
‫كصعد ا‪٤‬بلك الظافر إذل دار السعادة الٍب تشرؼ على ا‪٤‬بيداف معربان عن انتصاره على تلك ا‪٢‬بملة‪.4‬‬
‫كٰبى أنو قيل للشيخ عامر بن طاىر كأبو دجانة ُب ا‪٤‬بيداف كا‪٣‬بيل تلعب فيو‪ :‬إنو ‪٧‬بسوب أليب دجانة‬
‫أف يشرؼ من دار السعادة‪ ،‬فأمر ابطبلعو إليو مقيدان‪ ،‬كأمر أبف يشرؼ من الركشن على الذين يلعبوف‬
‫ُب ا‪٤‬بيداف‪.5‬‬
‫حجر كنواحيو‪ ،‬فأكدعو‬
‫ككصل ا‪٤‬بلك علي بن طاىر كأبو دجانة ُب يد أخيو كقد أسره كسار بو إذل ٍ‬
‫السجن ُب ا‪٤‬بقرانة كأذلو هللا كأىانو فلم يزؿ مسجو ان مصفدان حٌب عمل على تسليم ما ُب يديو من‬
‫حصوف شحر عيماف كمدهنا‪ ،‬كما كاف من أموا‪٥‬با كسفنها‪.6‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض ‪ ،021‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض‪ ،161‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة‬
‫املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.104‬‬
‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.232/4 ،‬‬
‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض ‪ ،021‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل‬
‫ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.104‬‬
‫‪ 2‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،232/1 ،‬ؿسن يف ؾِس اًعاُصًني‪ ،‬ؾحاش ؿَوي‪ ،‬ض‪.32‬‬
‫‪ 3‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.232/4 ،‬‬
‫‪ 4‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.44‬‬
‫‪131‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الرابع‬
‫تنازل ابدجانة عن الشحر للدولة الطاىرية‬

‫كاف ابدجانة قد أ اب عنو أمو بنت معاشر عند ميادرتو الشحر إذل عدف‪ ،‬ككانت إمرأة كاملة ذات‬
‫مر معنا أهنا أبدت إعَبارها على ىذه‬ ‫حزـ كعزـ فقامت أبمر الببلد أثناء غيابو خّب قياـ‪ ،‬كقد ٌ‬
‫ا‪٢‬بملة‪ ،‬كلكنو دل أيخذ برأيها‪.‬‬
‫ك‪٤‬با بلغ ذلك إذل الشحر ‪ٝ‬بعت أمو ا‪٢‬باكمة ابلنيابة األعياف كاستشارهتم ُب أمر ابنها‪ ،‬فانكمشوا‬
‫ٌ‬
‫كقبعوا خوفان من أف ييتا‪٥‬بم آؿ طاىر ُب عدف‪ ،‬فسافرت ىي ٗبفردىا إذل عدف‪ ،‬كاجتمعت ابلسلطاف‬
‫الظافر عامر بن طاىر كفاكرتو ليطلق سراح ابنها من السجن‪ ،‬فامتنع السلطاف ُب ابدمء بدء‪ ،‬كلكنو‬
‫ُب النهاية خضع لقوة أتثّبىا كببلغتها كصراحتها فأجاهبا إذل ذلك‪.1‬‬
‫ككاف ذلك من حسن طالعهم‪ ،‬فقد جاء ابدجانة لئلستيبلء على عدف‪ ،‬ففقد ببلده كعرشو كحياتو‪،‬‬
‫ذلك أف ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر كافق على العرض الذم تقدمت بو أـ ابدجانة‪ ،‬فأمر إبطبلؽ‬
‫ابنها من السجن‪ ،‬كلكنو استبقاه ُب عدف حٌب يتم تسليم الشحر لنائب بِب طاىر األمّب جياش‬
‫السنبلي‪.‬‬
‫كالظاىر أف ابدجانة عندما ًب أسره ُب عدف أنو اعتقل فَبة بسيطة ُب سجوف عدف للتحفظ بو ٍب ًب‬
‫إرسالو مباشرة إذل ببلد ا‪٤‬بقرانة عاصمة الدكلة الطاىرية‪ ،‬فقد توجهت بنت معاشر كالدة أيب دجانة إذل‬
‫ا‪٤‬بقرانة كأطلقت سراح كلدىا بعد أف قضى ُب السجن ‪٫‬بو عامْب‪.2‬‬
‫كقد قاؿ بذلك العبلمة كماؿ الدين موسى بن أ‪ٞ‬بد الذؤارل ُب حكايتو جمليء كالدة ابدجانة إذل‬
‫ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر إذل ا‪٤‬بقرانة عاصمتهم ُب كتابو اتريخ زبيد‪ ،‬يقوؿ ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬ككصلت كالدة أيب‬
‫دجانة إذل ا‪٤‬بلكْب الظافر كاجملاىد إذل جنب كا‪٤‬بقرانة كتكلمت ُب إطبلؽ كلدىا كفكاكو‪ ،‬فساعدا ُب‬
‫ذلك على عادهتما ُب ‪٧‬باسن األفعاؿ كمكارـ األخبلؽ‪ ،‬كأيطلق األمّب كعاد مع أمو إذل بلده"ّ‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي حرضموث اًس َايس‪ ،‬ظالخ اًحىصي‪ ،‬ض‪.102‬‬


‫‪ 0‬اًضِساء اًس حـة‪ ،‬ابمعصف‪ ،‬ض‪.13‬‬
‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.022‬‬
‫‪131‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كما قاؿ بذلك ا‪٤‬بؤرخْب ابن األنف القرمطي كعبدهللا ابن شنبل ُب اترٱبهما كٮبا مؤرخْب معاصرين‬
‫للدكلة الطاىرية كأقرب إذل األحداث كحقيقتها‪ ،‬فقد توُب ابن شنبل ُب عاـ َِٗ ىػُ‪.‬‬
‫كٯبب أف نورح ىنا إذل أف الفَبة ما بْب أسر أيب دجانة كتسليم مدينة الشحر للدكلة الطاىرية قد‬
‫طالت إذل سنتْب‪ ،‬لذلك ‪٪‬بد أف ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بصادر التارٱبية تتفق أف أاب دجانة كقع ُب األسر ُب ِْ ربيع‬
‫اآلخر سنة ُٖٔىػ‪ ،‬كأف إطبلقو ككصولو إذل ببلده حّبيج ُب أقليم ظفار كاف ُب أكخر سنة ّٖٔىػ‪،‬‬
‫كدل يدخل األمّب جياش السنبلي الشحر إال ُب شهر ذم القعدة سنة ّٖٔىػ‪ ،2‬كهبذا يتضح لنا أف ما‬
‫بْب تسليم القبض على أيب دجانة كاستبلـ بْب طاىر للشحر ما يقارب السنتْب‪.‬‬
‫ٍب إف ابدجانة كخبلؿ مكوثو ُب دار األدب ُب ا‪٤‬بقرانة ك‪٦‬بيء كالدتو إلخراجو ٕبسب اإلتفاؽ بينها‬
‫كبْب الطاىريْب‪ ،‬أرسل ا‪٤‬بلك الظافر إذل ا‪٤‬بقرانة إلرساؿ ابدجانة إذل عدف كالتحفظ بو ُب عدف إذل أف‬
‫يتم اإلتفاؽ كيتم تسليم مدينة الشحر لنائب بِب طاىر‪.‬‬
‫كأثناء مكوث األمّب ابدجانو ُب سجوف ا‪٣‬بساؼ بعدف أكفدت الدكلو الطاىريو قوه عسكريو إذل‬
‫الشحر بقيادة األمّب زين الدين جياش السنبلي‪ ،‬كلكن الظاىر أف ىذا اإلتفاؽ القى بعض ا‪٤‬بعاررة‬
‫من أىل الشحر ك‪٩‬بن بقي ُب السلطة من آؿ ابدجانة‪ ،‬فقد كاجو األمّب جياش السنبلي صعوابت ُب‬
‫إستبلمو مدينة الشحر كتنفيذ اإلتفاؽ‪ ،‬كحصلت ىناؾ معركة شرسة ُب مدينة الشحر كاستمرت لعدة‬
‫أايـ‪.‬‬
‫كلعل سبب التأخّب ُب إطبلؽ أيب دجانة كتسليم مدينة الشحر يرجع إذل الفتنة الٍب حدثت ُب الشحر‬
‫جراء كقوع أاب دجانة ُب األسر‪ ،‬فيذكر ا‪٤‬بؤرخ ابن شنبل أنو كبعد كقوع اب دجانة ُب األسر ىو‬
‫كأصحابو كساركا هبم إذل ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬كقع ا‪٣‬ببلؼ ُب الشحر بْب أىلها كأكالد فارس بن سعد كأخوا‪٥‬بم آؿ‬
‫عفرار فحصركىا كانفضوا بيّب شيء‪.3‬‬
‫كمع ذلك فقد إلتزمت الدكلة الطاىرية ٔبانبها من اإلتفاؽ‪ ،‬فأطلقت أيب دجانة من القيد كا‪٢‬ببس‬
‫كلكنها بقيت متحفظةن هبا حٌب يوفوا ٗبا عليهم من اإللتزاـ‪ ،‬فّبكم ا‪٤‬بؤرخ اب‪٨‬برمة أف ا‪٤‬بلك الظافر أطلق‬

‫‪ 1‬اتزخي اجن صًدي‪ ،‬ؾحسهللا جن صًدي‪ ،‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.43‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.103‬‬
‫‪ 1‬اتزخي حرضموث‪ ،‬اجن صًدي‪ ،‬ض‪.166‬‬
‫‪132‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫أبو دجانة من القيد كا‪٢‬ببس‪ ،‬كجعلو ىو ككالدتو ُب بيت ‪ٙ‬بت ا‪٢‬بفظ إذل أف قبض ائبهم الشحر‪،‬‬
‫فأطلقوه ىو ككالدتو‪ ،‬فسارا إذل بلدىم حّبيجُ‪.‬‬
‫كقد يكوف السبب ُب عدـ تسليم الشحر أف كالدة ابدجانة دل تطمئن ‪٥‬بذه اإلتفاقية‪ ،‬كرٗبا شعرت أف‬
‫ا‪٤‬بلك الظافر قد ال يصدؽ معها ُب إطبلؽ سراح كلدىا ابدجانة‪ ،‬كمع ذلك كأاين كانت األسباب الٍب‬
‫أخرت تنفيذ اإلتفاقية‪ ،‬بشأف تسليم مدينة الشحر لنائب بِب طاىر األمّب جياش السنبلي‪.‬‬
‫فقد ًب إرساؿ ‪ٞ‬بلة عسكرية بقيادة األمّب جياش السنبلي ا‪٤‬بعْب من قبل الدكلة الطاىرية كاليان على‬
‫مدينة الشحر كما حو‪٥‬با من ا‪٤‬بناطق‪ ،‬كقد ‪ٛ‬بكنت تلك ا‪٢‬بملة من إحتبلؿ النصف الشرقي من مدينة‬
‫توسط‬
‫الشحر أما النصف اليريب فقد ظل ‪ٙ‬بت سيطرة كالدة األمّب أابدجانو‪ ،‬كبعد مناكشات طويلة ٌ‬
‫بعض رجاالت الشحر ‪٢‬بل ا‪٤‬بشكلة كانتهت تلك ا‪٤‬بفاكرات على إطبلؽ سراح األمّب دمحم بن سعيد‬
‫ابدجانو على أف يذىب إذل حّبيج كأيضان تيادر كالدتو معو الشحر‪.‬‬
‫كقد كاف إطبلؽ سراح األمّب أابدجانو ُب سنة ّٖٔىػ‪ ،‬كغادرت كالدتو الشحر‪ ،‬كُب ذم القعدة‬
‫منها دخل األمّب جياش السنبلي مدينة الشحر‪.2‬‬
‫"كقد أطلقو عامر بن طاىر من السجن ككتب لو ابلدعة كاألمن‪ ،‬بعد أف سلم ما ُب يديو كأعطاه‬
‫عامر ما ملكو كرد أمره إليو فأجرل عليو عامر ما يقوتو ُب السجن‪ ،‬كأطلقو بعد أف ملك دكنو األمر‬
‫كأرسل عامر مواليو‪ ،‬كأراؼ إليو من جهاتو من يليو‪."3‬‬
‫تولية األمري جياش السنبلي مدينة الشحر‪ُ :‬ب ‪ٝ‬بيع األحواؿ فإف مدينة الشحر دخلت على ىذا‬
‫النحو ُب ملك الدكلة الطاىرية كدكف حرب‪ٍ ،‬ب أسند بِب طاىر كاليتها إذل األمّب جياش السنبلي‬
‫ّٖٔىػ‪ ،‬الذم دخلها نيابة عن بِب طاىر ُب ذم القعدة من تلك السنة‪.4‬‬
‫كًب القبض على الظٌفارم كخادـ آؿ اب دجانة‪ ،‬قبضو أخداـ آؿ طاىر ابلشحر كقيدكه‪.5‬‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.231/4 ،‬‬


‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.103‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.44‬‬
‫‪ٕ ً 2‬السزتاذت زاحؽ اًىذة اًخاًَة‪ :‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،104‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين‬
‫املميون اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،276‬اًضحص ؿرب اًخازخي‪ ،‬مخُس محسان‪ ،‬ض ‪ ،14‬اتزخي حرضموث املـصوف تخازخي اجن‬
‫صًدي‪ ،‬ؾحسهللا جن صًدي‪ ،‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز يف حواذج اٍمين اًىداز واذلعون وا ٔلمعاز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪،‬‬
‫ض‪ ،43‬كالذت اًيحص‪ ،‬اًعَة ابخمصمة‪ ،232/4 ،‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض‪ ،161‬واتزخي حرضموث اًس َايس‪ ،‬ظالخ اًحىصي‬
‫اًَافـي‪ ،‬ض‪.117‬‬
‫‪ 3‬اتزخي حرضموث‪ ،‬اجن صًدي‪ ،‬ض‪.167‬‬
‫‪133‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٍب إف ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر تراجع عن إسناد إمارة الشحر ‪١‬بياش السنبلي‪ ،‬كرده عن ذلك‪ ،‬كقاؿ‪ :‬ال‬
‫أرتضيو كأين أخاؼ منو ا‪٣‬ببلؼ كأف يقبض خراجو كال يؤديو‪.1‬‬
‫ك‪٩‬با ييركل أف أاب دجانة ‪٤‬با كصل إذل فوؽ بندر عدف‪ ،‬خاؼ أىل البلد من دخولو للبلد‪ ،‬ألف غالب‬
‫عسكره أكابش ي‪٦‬ب ٌمع‪ ،‬فرأل بعضهم ُب النوـ كأف ابب الساحل مفتوحان‪ ،‬كأف الشيخ دمحم برسة ا‪١‬بربٌب‬
‫مادان ذراعيو بْب البابْب‪ ،‬كطالت ذراعو حٌب بليت من الباب إذل الباب كا‪٤‬بانع للناس من الدخوؿ‪،‬‬
‫فأصبح ٱبرب الناس بذلك كيبشرىم ابألماف‪.2‬‬

‫لىحت فنيت تقريبيت مليناءعدن يف العصر القديم‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.44‬‬


‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.232/4 ،‬‬
‫‪134‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الباب الثاين‬
‫حرب بين طاىر مع األئمة الزيدية‬

‫ُب أكاخر الدكلة الرسولية كانت ا‪٤‬بناطق ا‪١‬ببلية ُب اليمن تقريبان مقسومة إذل قسمْب ُب ذلك العصر‪،‬‬
‫فكاف القسم األعلى من اليمن ٱبضع لؤلئمة الزيدية‪ ،‬كالقسم األسفل كهتامة ٱبضع ‪٢‬بكم الدكلة‬
‫الرسولية‪ ،‬كمن بعدىا الدكلة الطاىرية أم الذين على مذىب الشافعية أك عقيدة أىل السنة‪ ،‬كقد عرب‬
‫ا‪٤‬بؤرخ العبلمة دمحم بن إ‪٠‬باعيل الكبسي عن ذلك ُب كتابو اللطائف السنية عند ذكر أحداث الصراع‬
‫بْب الطاىريْب كاألئمة الزيدية‪ ،‬ففي مؤلفو ىذا دائمان ما يسرد العبلمة الكبسي األحداث كالوقائع‬
‫التارٱبية على قسمْب‪ ،‬كىي األحداث كالوقائع التارٱبية ُب اليمن األعلى كاألحداث كالوقائع التارٱبية‬
‫ُب اليمن األسفل‪ ،‬كعندما يذكر أخبار اليمن األعلى فإنو يذكر أخبار األئمة الزيديْب كمناطق صنعاء‬
‫كحجة كصعدة كما حو‪٥‬باُ‪.‬‬
‫كإذا سرد األحداث الٍب جرت ُب اليمن األسفل فهو يقصد أخبار الدكلة الرسولية‪ ،‬كمن بعدىا‬
‫الطاىرية ُب مناطق رداع كإب كتعز كهتامة ك‪٢‬بج كعدف كحضرموت كغّبىا من ا‪٤‬بناطق ا‪١‬بنوبية كبقية‬
‫اليمن‪.‬‬
‫كلنورح حقيقة كبداية الصراع بْب األئمة الزيدية كالطاىريْب البد من الرجوع إذل ا‪٣‬بلف لعشرات‬
‫السنْب لنبْب مٌب بدأ الصراع بْب الطاىريْب كاألئمة الزيديْب‪ ،‬لذلك سنبْب ابتداءن بداية الصراع بْب‬
‫األئمة الزيديْب كالطاىريْب ٍب أبْب بعد ذلك صراع األئمة فيما بينهم كحقيقتو خبلؿ حكم ك‪ٛ‬بلك‬
‫الطاىريْب‪ٍ ،‬ب أخّبان نسرد األحداث كالوقائع التارٱبية الٍب جرت بْب الطاىريْب كاألئمة الزيديْب‪ُ ،‬ب‬
‫فصلْب كالتارل‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬احلرب بني بين طاىر واألئمة الزيدية يف عهد الدولة الرسولية‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الصراع بني الدولة الطاىرية واإلمام الناصر صاحب صنعاء‬

‫‪ 1‬اٌَعائف اًسًِة يف ٔبدداز املٌلكل اٍمييَة‪ ،‬اًـالمة دمحم جن إسٌلؾَي اًىخيس‪.‬‬


‫‪135‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل األول‬
‫احلرب بني بين طاىر واألئمة الزيدية‬
‫يف عهد الدولة الرسولية‬

‫نستطيع أف نقوؿ أف أىم الصراعات على السلطة خبلؿ حكم بِب طاىر كاف مع األئمة الزيدية‪ ،‬كدل‬
‫يكن بداية ىذا الصراع مع استيبلء بِب طاىر على السلطة كتكوين دكلتهم‪ ،‬بل يرجع ىذا الصراع إذل‬
‫عصر الدكلة الرسولية عندما كاف بِب طاىر كالة للرسوليْب ُب مناطقهم‪ ،‬فقد كاف بنو طاىر الدرع‬
‫األكؿ للدكلة الرسولية ٘باه مناطق نفوذ األئمة الزيدية‪ ،‬كمع نشأة الدكلة الطاىرية كاف ال بد لبِب طاىر‬
‫أف يقضوا على مناكئيهم كيبسطوا نفوذىم ‪٫‬بو مشاؿ اليمن‪٥ ،‬بذا بدأت سلسلة من الصراعات‬
‫السياسية على السلطة بْب الدكلة الطاىرية كاألئمة الزيديْب‪ ،‬كُب ىذا الفصل سنبْب الصراع بْب بِب‬
‫طاىر كأئمة الزيدية ُب أكاخر عهد الدكلة الرسولية كنبْب قبل ذلك حاؿ األئمة الزيدية فيما بينهم قبل‬
‫قياـ الدكلة الطاىرية كسيكوف ذلك ُب مبحثْب كالتارل‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬حال أئمة الزيدية قبل الدولة الطاىرية‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬الصراع بني الطاىريني واألئمة الزيديية يف عهد الدولة الرسولية‬

‫‪136‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫حال أئمة الزيدية قبل الدولة الطاىرية‬

‫رعفت الدكلة الرسولية كثّبان ُب أكاخر عهدىا كخاصة ُب ظل صراع الرسوليْب فيما بينهم‪ ،‬كظهور‬
‫عدة ملوؾ ُب آف كاحد‪ ،‬كُب ا‪٤‬بقابل كاف األئمة الزيديْب يتحينوف الفرصة لبسط نفوذىم كمد سلطتهم‬
‫كالتوسع ُب مناطق أخرل خارج مناطق حكمهم على حساب الدكلة الرسولية ُب ظل رعفها‪ ،‬إال أف‬
‫األئمة الزيدية كانوا ُب بعض األحياف ٱبتلفوف فيما بينهم كيتنازعوف اإلمامة‪ ،‬فقد كاف يظهر أحيا ان‬
‫عدة أئمة ُب كقت كاحد يدعوا كبلن منهم ابألمر لنفسو‪.‬‬
‫ككانت اإلمامة ُب اليمن األعلى من جهات صعدة كحجة ُب أكاخر عهد الدكلة الرسولية للناصر‬
‫صبلح الدين دمحم بن علي‪ ،1‬كعندما توُب ُب عاـ ّٕٗىػ اختلف األئمة فيما بينهم كتنازعوا اإلمامة‪،‬‬
‫كدعى ثبلثة أئمة إذل أنفسهم ُب كقت كاحد‪ ،‬فقد خلفو كلده اإلماـ ا‪٤‬بنصور علي بن صبلح الدين‪،2‬‬
‫كدعا لنفسو ابإلمامة كابيعو على ذلك ‪ٝ‬باعة من أىل العلم‪ ،3‬كقد كانت لئلماـ علي بن صبلح‬
‫الدين خبلؿ دعوتو ابإلمامة مواقع عديدة مع الطاىريْب فقد حاكؿ عدة مرات التقدـ كاإلستيبلء على‬
‫ببلدىم‪ ،‬ككاف ذلك خبلؿ حكم الدكلة الرسولية ككاف الطاىريْب كالة للرسوليْب ُب مناطقهم الٍب‬
‫ذكر اىا‪.‬‬

‫‪ 1‬الٕمام ظالخ ادلٍن دمحم جن ؿًل جن دمحم جن ؿًل جن حيىي جن مٌعوز جن املفضي جن اذلجاح جن ؿًل جن ا ٔلمري املـخضس حيىي جن اًلامس جن‬
‫الٕمام ادلاؾي ًوسف جن حيىي جن الٕمام اًيارص دلٍن هللا ٔبمحس جن الٕمام اًِاذي حيىي جن اذلسني جن اًلامس جن إجصاُمي جن إسٌلؾَي جن إجصاُمي‬
‫جن اذلسن جن اذلسن جن ؿًل جن ٔبيب ظاًة اذلس ين‪ ،‬اًلامسي‪ ،‬اًِسوي‪ ،‬ودل س ية ‪ُ517‬ػ وثويف يف ؿام ‪ُ571‬ػ‪ٔ ..‬بهؼص‪ :‬ظحلاث اًزًسًة‬
‫اًىربى‪ ،‬وٌسمى تَوغ املصاذ إىل مـصفة الٕس ياذ‪ٌَ ،‬س َس اًـالمة إجصاُمي اجن اًلامس جن املؤًسابهلل‪ ،‬من إظسازاث مؤسسة الٕمام سًس جن ؿًل‬
‫اًثلافِة‪ ،‬ا ٔلزذن‪.‬‬
‫‪ 0‬الامام امليعوز ؿىل جن دمحم اًيارص ظالخ ادلٍن اجن ؿىل املِسى ودل س ية ‪ُ553‬ػ‪ ،‬وملا ماث وادلٍ الامام ظالخ ادلٍن دمحم جن ؿىل جن‬
‫دمحم ىف س ية ‪ُ571‬ػ‪ ،‬واكهت ذالفذَ كس متىٌت ىف ادلايز اٍمييَة وؾؼمت سعوثَ ونرثث حِوصَ وتـس ظَخَ ٔبزسي امصاءٍ ووسزاءٍ اىل‬
‫اًلاىض اًـالمة ؾحس هللا جن اذلسن ادلوازى اىل ظـست فوظي اىل ظيـاء مث ٔبمجؽ ز ٔبًَ وز ٔبى ٔبزابة ادلوةل ؿىل مداًـة ظاحة اًرتمجة وز ٔبوا‬
‫ىف ركل ظالحا ًىوهَ انُضا ابملكل والا فِو مل ٍىن كس انل من اًـمل‪ ،‬واص خلي ابملـازف اًـَمَة ىف ذالفذَ حىت فاق ىف نثري من املـازف‬
‫وًلس ٔبزىن ؿَََ اًس َس الامام اًـالمة دمحم جن اجصاُمي اًوسٍص زياء ظائال وظيف ىف ركل معيفا سٌلٍ اذلسام املضِوز ىف اذلة ؾن ذوةل الٕمام‬
‫امليعوز‪ ،‬ماث ىف ساتؽ وؾرشٍن صِص ظفص س ية ‪ُ622‬ػ‪ٔ ..‬بهؼص‪ :‬اًحسز اًعاًؽ مبحاسن من تـس اًلصن اًساتؽ‪ ،‬الٕمام دمحم جن ؿًل اًضواكين‪،‬‬
‫اًيارش ذاز اًىذاة الٕساليم اًلاُصت مرص‪.243/1 ،‬‬
‫‪ 1‬ذالظة من اتزخي اٍمين‪ ،‬ممحمس جن ٔبمحس اذلجصي‪ ،‬مىذحة الٕزصاذ ظيـاء اٍمين‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪0225‬م‪ ،‬ض‪ ،01‬اٌَعائف اًسًِة يف‬
‫ٔبدداز املٌلكل اٍمييَة‪ ،‬اًـالمة دمحم جن إسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬ض‪ ،137‬فصخة اهلموم‪ ،‬اًواسـي‪ ،‬ض‪.025‬‬
‫‪137‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كقد ازعو اإلمامة كالدعوة لنفسو اإلماـ ا‪٤‬بهدم أ‪ٞ‬بد بن ٰبي ا‪٤‬برتضى‪ ،1‬ككانت دعوتو بعد موت‬
‫اإلماـ الناصر صبلح الدين‪ ،‬كاجتمع عليو العلماء ٗبدينة صنعاء كابيعوه ٍب خرج منها كشرعت أموره‬
‫ُب اإلنتظاـ حٌب كقع ُب األسر كاستوذل جنود علي بن صبلح الدين على ‪٧‬بطتو ُب بلد معرب من‬
‫ احية جهرافِ‪.‬‬
‫كقد ازعهما ُب اإلمامة كذلك اإلماـ ا‪٥‬بادم علي بن ا‪٤‬بؤيد‪ ،3‬كقد كانت دعوتو هبجرة قيطابرْ من‬
‫أرض خوالف‪ُ ،‬ب شهر شعباف سنة ٕٔٗ ىػ‪ ،‬كقد توُب عاـ ّٖٔ ىػٓ‪.‬‬
‫ٍب أنو كانت كفاة اإلماـ علي بن صبلح الدين ُب شهر احملرـ من عاـ َْٖ ىػ‪ ،‬كُب شهر رجب من‬
‫عاـ َْٖىػ كذلك توُب اإلماـ ا‪٤‬بهدم أ‪ٞ‬بد بن ٰبي ا‪٤‬برتضى ٕبصن الظَّفّب من ببلد حجة‪.6‬‬
‫كقاـ بعد كفاتو ككفاة اإلماـ ا‪٤‬بنصور علي بن صبلح الدين ثبلثة من األئمة تعارروا ُب عصر كاحد‬
‫كىم اإلماـ ا‪٤‬بتوكل ا‪٤‬بطهر بن دمحم بن سليماف‪ ،7‬كاإلماـ ا‪٤‬بهدم صبلح بن علي بن أيب القاسم‪،1‬‬
‫كعاررهما اإلماـ ا‪٤‬بنصور الناصر‪ 2‬بن دمحمّ‪.‬‬

‫‪ 1‬املِسي دلٍن هللا ٔبمحس جن حيىي جن املصثىض جن املفضي اجن مٌعوز اذلس ين‪ ،‬من سالةل اًِاذي‪ ،‬ودل س ية ‪ُ553‬ػ‪ ،‬ؿامل ابدلٍن والاذة‪،‬‬
‫من ٔبمئة اًزًسًة ابٍمين‪ ،‬ودل يف رماز‪ ،‬وتوًؽ ابلمامة تـس موث اًيارص (س ية ‪ُ 571‬ػ يف ظيـاء‪ ،‬وًلة املِسي دلٍن هللا‪ ،‬وكس توًؽ يف اًَوم‬
‫هفسَ ٌَميعوز ؿًل اجن ظالخ ادلٍن‪ ،‬فًضخت فذية اىهتت تبٔزس ظاحة اًرتمجة وحخسَ يف كرص ظيـاء س ية ‪ُ 621 - 572‬ػ ودصح من‬
‫جسيَ ذَسة‪ ،‬فـىف ؿىل اًخعيَف إىل ٔبن ثويف يف حدي جحة قصيب ظيـاء س ية ‪ُ622‬ػ‪ ،‬من نخحَ اًححص اًزذاز ادلامؽ ملشاُة ؿٌَلء‬
‫الامعاز‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬ا ٔلؿالم‪ ،‬ذري ادلٍن جن َلوذ جن دمحم جن ؿًل جن فازش اًززلكي ادلمضلي‪ ،‬اًيارش ذاز اًـمل ٌَمالًني‪ ،‬اًعحـة ارلامسة ؾرشت‬
‫‪0220‬م‪.047/1 ،‬‬
‫‪ 0‬اٌَعائف اًسًِة يف ٔبدداز املٌلكل اٍمييَة‪ ،‬اًـالمة دمحم جن إسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬ض‪ ،137‬ذالظة من اتزخي اٍمين‪ ،‬اذلجصي‪ ،‬ض‪ ،01‬فصخة‬
‫اهلموم‪ ،‬اًواسـي‪ ،‬ض‪.026‬‬
‫‪ 1‬اًِاذي ؿًل جن املؤًس جن خربًي جن املؤًس جن بٔمحس جن حيىي‪ٔ ،‬بتو اذلسن‪ ،‬املَلة ابًِاذي دلٍن هللا‪ ،‬ودل س ية ‪ُ535‬ػ‪ ،‬من ٔبمئة اًزًسًة يف‬
‫اٍمين‪ .‬كام ابدلؾوت يف جهصت " كعاجص " من ٔبزط دولن تين ؿامص تعـست‪ ،‬ملا جسن املِسي ٔبمحس اجن حيىي‪ .‬واهخسعت ًسٍ يف ادلِاث ارلولهَة‬
‫والاُيومِة واًرشفِة‪ ،‬وظافِا مصازا‪ .‬وملا ٔبظَق املِسي‪ ،‬اس متص ظاحة اًرتمجة ؿىل ذؾوثَ إىل ٔبن ثويف س ية ‪ُ614‬ػ‪ ،‬وذفن يف " فَهل‪ٔ .‬بهؼص‪:‬‬
‫ا ٔلؿالم‪ ،‬ذري ادلٍن جن َلوذ جن دمحم جن ؿًل جن فازش اًززلكي ادلمضلي‪ ،‬اًيارش ذاز اًـمل ٌَمالًني‪ ،‬اًعحـة ارلامسة ؾرشت ‪0220‬م‪،‬‬
‫‪.05/3‬‬
‫‪ 2‬كُعاجص‪ :‬من ٔبكسم اًِجص يف هوايح ظـست‪ ،‬سىهنا ؿسذ هحري من اًـٌَلء‪.‬‬
‫‪ 3‬ذالظة من اتزخي اٍمين‪ ،‬اذلجصي‪ ،‬ض‪ ،01‬فصخة اهلموم‪ ،‬اًواسـي‪ ،‬ض‪ ،011‬اٌَعائف اًسًِة يف ٔبدداز املٌلكل اٍمييَة‪ ،‬اًـالمة دمحم جن‬
‫إسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬ض‪.141‬‬
‫ٍ‬
‫‪ 4‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض‪ ،147‬ذالظة من اتزخي ا مين‪ ،‬اذلجصي‪ ،‬ض‪ ،01‬فصخة اهلموم‪ ،‬اًواسـي‪ ،‬ض‪.026‬‬
‫‪ 5‬الٕمام املخولك ؿىل هللا املعِص جن دمحم جن سَامين اجن حيىي اذلسني جن ؿىل جن دمحم اجن محزت جن اذلسن جن ؾحس اًصمحن جن حيىي جن ؾحس هللا‬
‫جن اذلسني اجن اًلامس جن إجصاُمي جن امسـَي جن إجصاُمي جن اذلسن جن اذلسن جن ؿىل اجن ٔبىب ظاًة سالم هللا ؿَََ وؿَهيم ُو ٔبحس ٔبمئة‬
‫اًزًسًة اًلامئني ابدلايز اٍمييَة ودل يف ٔبول اًلصن اًخاسؽ وذؿا إىل هفسَ تـس موث الٕمام امليعوز ؿىل جن ظالخ املخلسم رهصٍ يف س ية ‪622‬‬
‫و ٔبخاتَ حٌلؿة من اًزًسًة واكن ؿاملا هحريا ٔبذش اًـمل ؾن الٕمام املِسى امحس جن حيىي ولسمَ مست ظوًةل ٔبذش ؾن كريٍ ومكل وحالن وكريٍ من‬
‫‪138‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كقد تنازع ىؤالء األئمة الثبلثة على اإلمامة‪ ،‬كتصارعوا كتقاتلوا فيما بينهم كبلن منهم ييريد اإلستيبلء‬
‫على ا‪٢‬بق ُب اإلمامة ابلدعوة لنفسو بذلك‪ ،‬كبسط نفوذه على حساب اآلخرين ُب مناطق اليمن‬
‫األعلى‪.‬‬
‫ٍب أف اإلماـ الناصر بن دمحم لزـ اإلماـ ا‪٤‬بطهر ُب قريش من احية جهراف‪ ،‬ككاف ازالن ىو كقاسم سنقر‬
‫إذل جهة ذمار‪ ،‬ككاف قاسم سنقر من ‪٩‬باليك علي بن صبلح‪ ،‬استقل ابألمر بعد موت مواله‪ ،‬ككاف‬
‫و‬
‫مستوؿ على األمر‪ ،‬أمل‬ ‫دخل صبلحان مرةن إذل صنعاء كاإلماـ مطهر مرة‪ ،‬فلما رأل اإلماـ صبلح أنو‬ ‫ي ً‬
‫ي‬
‫ُب نفسو أف يقبض عليو كيستقل ابألمر‪ ،‬ألنو كاف يواجهو حينان كمعو خدمو‪ ،‬كحينان كحده‪ ،‬فتواطأ‬
‫اإلماـ صبلح ىو كعدةه من خواصو على أف قاسم ىسنٍقر مٌب دخل قبضو ‪ٝ‬باعة قد عينهم‪ ،‬فعلم سنقر‬
‫ذلك‪ ،‬كنيقل إليو ما أ‪ٝ‬بعوا عليو‪ ،‬فطلع على عادتو يمصبحان لئلماـ‪ ،‬فكاف أكؿ كلمةن قا‪٥‬با‪" :‬أنت أيها‬
‫ا‪٣‬بادـ الفبلين كفبلف كفبلف‪ ،‬تريدكف ‪ٛ‬بسكوين كتر‪٠‬بوا علي‪ ،‬ىذا جزائي كفعلي مع موال ا ا‪٤‬بعركؼ"‪،‬‬
‫يعِب اإلماـ صبلح‪ٍ ،‬ب أشار إذل خدمو أف اقتلوىم قبل أف يقتلوكم‪ ،‬فقتلوىم كرموا برؤكسهم إذل‬
‫ا‪٤‬بيداف‪ ،‬كنصركا سنقر كأسركا اإلماـ صبلح‪ ،‬فبقي ملزكمان حٌب احتالت الشريفة فاطمة بنت ا‪٢‬بسن بن‬
‫ىم سنقر بلزكـ الناصر‪،‬‬‫صبلح كىي زكجتو ُب فكاكو من ا‪٢‬ببس‪ٍ ،‬ب انتقلت ىي كىو إذل صعدة‪ٍ ،‬ب َّ‬
‫فاختفى كخرج من صنعاء متنكران بْب سبع نسوة حرائر كإماء حٌب دخل ًىٌراف‪ ،‬كأنضاؼ إليو بقية‬

‫حعون امللازة مث مكل رماز وؿازضَ املِسي ظالخ جن ؿىل اجن دمحم جن ٔبىب اًلامس وؿازضٌِل امليعوز ابهلل اًيارص جن دمحم جن اًيارص جن امحس‬
‫جن املعِص جن حيىي فبٔزس ُشا ظاحة اًرتمجة وجسيَ مباكن ًلال هل اًصتلة فبٔوضبٔ ظاحة اًرتمجة كعَست ًخوسي هبا ٔبوًِا ( مارا ٔبكول وما ب ٓىت‬
‫وما ٔبرز *** يف مسخ من مضيت مسحا هل اًسوز ) فٌَل ٔبمتِا تَلت إىل وسٍص اًيارص فلال اهؼصوا فإرىُك ُتسون اًصخي كس دصح من اًسجن‬
‫تربنة ُشا اًضـص فاكن ا ٔلمص نٌل كال وتـس دصوخَ من اًسجن ماساًت بٔحواهل خمخَفة اتزت ًلوى واتزت ًضـف إىل ٔبن ماث يف ظفص س ية‬
‫‪ُ657‬ػ تشماز وذفن هبا‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬اًحسز اًعاًؽ‪ ،‬الٕمام اًضواكين‪ ،121/0 ،‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًـالمة اًىخيس‪ ،‬ض‪.151‬‬
‫‪ 1‬الٕمام املِسى ظالخ جن ؿىل جن دمحم جن ٔبىب اًلامس اذلس ىن اكن من ٔباكجص ؿٌَلء ؾرصٍ ومن مؤًفاثَ اًيجم اًثاكة ثرشخ اكفِة اجن اذلاحة‬
‫وذؿا تعيـاء يف س ية ‪ُ622‬ػ‪ ،‬مث كدغ ؿَََ ا ٔلمري س يلص وحخسَ تعيـاء مث دصح من اذلخس وساز إىل ظـست مث ؿاذ إٍهيا جبُش ؾؼمي يف‬
‫س ية ‪ 620‬واكن ازسٍ حول ظيـاء وٕاًساؿَ اًسجن هبا حىت ماث فَِ يف س ية ‪ُ627‬ػ‪ ،‬وكربٍ ترصخ مسجس موىس املـصوف تعيـاء‪ .‬اهؼص‪:‬‬
‫اًحسز اًعاًؽ‪ ،‬الٕمام اًضواكين‪.247/0 ،‬‬
‫ٍ‬
‫‪ٔ 0‬بمحس اًيارص جن دمحم املعِص جن حيىي‪ ،‬من ٔبمئة اًزًسًة اب مين‪ ،‬زىب يف جحص ارلالفة ٔلن ٔبمَ مصمي تًت الٕمام امليعوز ؿًل جن ظالخ‪،‬كال‬
‫اًىخيس يف اٌَعائف اًسًِة‪" :‬فسؾخَ مهخَ اًـاًَة ؿىل مـازضة الٕمام املعِص والٕمام ظالخ ؿىل حسازة س يَ وكعوز ؿَمَ ؾهنٌل‪ ،‬كاذ ادلَوص‬
‫و ٔبزس مـازضََ املشهوزٍن وكريٌُل من مَوك سماهَ" واس خوىل ؿىل نثري من حعون ا‪ .‬ومكل رمازا وظيـاء وظـست‪ ،‬وكاثي تين ظاُص سمٌا‪ ،‬مث‬
‫ضـف ٔبمصٍ وػفص تَ املخولك ؿىل هللا املعِص جن دمحم اجن سَامين جن حيىي جن محزت فلدغ ؿَََ س ية ‪ُ644‬ػ وحخسَ يف هوهحان‪ ،‬مفاث يف‬
‫حخسَ س ية ‪ُ645‬ػ وهلي إىل ظيـاء‪ .‬اهؼص‪ :‬ا ٔلؿالم‪ ،‬ذريادلٍن اًززلكي‪ ،012/1 ،‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًـالمة اًىخيس‪ ،‬ض‪.152‬‬
‫‪ 1‬ذالظة من اتزخي اٍمين‪ ،‬اذلجصي‪ ،‬ض‪ ،03‬فصخة اهلموم‪ ،‬اًواسـي‪ ،‬ض‪ ،013‬اٌَعائف اًسًِة يف ٔبدداز املٌلكل اٍمييَة‪ ،‬اًـالمة دمحم جن‬
‫إسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬ض ‪.147‬‬
‫‪139‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫أمر‬
‫عبيد علي بن صبلح ألهنم أنفوا عن خدمة سنقر‪ ،‬فاستقول الناصر هبم‪ ،‬ككقع من سنقر مع ذلك ه‬
‫عظيم‪ ،‬فاستدعى اإلماـ ا‪٤‬بطهر كاجتمعا على نزكؿ اليمن‪ ،‬فظفر هبما الناصر ُب قريش‪ ،‬كأ ًيسر اإلماـ‬
‫ا‪٤‬بطهر كسنقر‪ ،‬كقتل سنقر ُب السجن كحبس اإلماـ ا‪٤‬بطهر ُب حصن الربعة‪ ،‬غريب مدينة ذمار‪ ،‬فأنشأ‬
‫اإلماـ ا‪٤‬بطهر القصيدة ا‪٤‬بشهورة ُب مدح خّب ا‪٣‬بلق دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪:‬‬
‫السور‬
‫رمنت مدحان لو ي‬ ‫مدح من ي‬
‫أذر * ُب ً‬
‫ماذا أقوؿ كما آٌب كما ي‬
‫فلما أ‪ٛ‬بها بليت إذل كزير الناصر فقاؿ انظركا فإذنكم ٘بدكف الرجل قد خرج من السجن بربكة ىذا‬
‫الشعر فكاف األمر كما قاؿ‪ ،‬كقد كاف اإلماـ ا‪٤‬بطهر ُب خبلؿ حبسو علَّم كلد كارل ا‪٢‬بصن القرآف‬
‫العظيم‪ ،‬فأ‪ٛ‬بو ُب مدة قريبة‪ ،‬ففرح ذلك الولد‪ ،‬كقاؿ لئلماـ‪" :‬ما جزاؤؾ اي موال ا إال أف أخرجك"‪،‬‬
‫فأحتاؿ الولد ُب فك حلقة من قيده‪ ،‬ك‪ٞ‬بلو على ظهره طوؿ ليلتو‪ ،‬فأصبحا كقد جاكزا ببلد الدكلة‪،‬‬
‫فلحقهما أىل ا‪٢‬بصن فلم يظفركا ألهنم دخلوا ببلد اليىز‪ ،‬كبعد خركجو من السجن مازالت أحوالو‬
‫يفَب‪ ،‬كدخل صنعاء مراران على التبعية‬‫‪٨‬بتلفة اترة يقول كاترة يضعف‪ ،‬كاترة ٯبيش على صنعاء كاترة ي‬
‫لفاطمة بنت ا‪٢‬بسن‪ ،‬كمرة مع األشراؼ ا‪٢‬بمزيْب ‪٤‬با ملكوىا‪ ،‬كملك كوكباف كغّبهي‪ ،‬كدل يزؿ ‪٦‬باىدان إذل‬
‫أف ملك ذمار كاستوطنها كبُب مسجده ا‪٤‬بعركؼ كمشهده شرقيو‪ ،‬ككاف ملكو ‪٥‬با من جهة بِب طاىر‬
‫ىذاف القائماف على ما بينهما من ا‪٤‬بباعدة كاإلختبلؼِ‪ ،‬حٌب كفاتو بذمار ُب‬ ‫أعطوه إايىا‪ ،1‬كاستمر ً‬
‫صفر سنة ٕٕٖىػ بذمار‪ ،‬كتكوف مدة خبلفتو ّٖ عامان‪.3‬‬
‫أما اإلماـ ا‪٤‬بهدم صبلح الدين فلما جرل لو مع سنقر ما قدمناه قريبان كخرج من السجن كرحل إذل‬
‫صعدة‪ ،‬كىي بيد زكجتو الشريفة فاطمة بنت ا‪٢‬بسن بن صبلح معا ًررة اإلماـ ا‪٤‬بطهر‪ ،‬كاستمد من‬
‫األشراؼ بِب ‪ٞ‬بزة جندان كحط على صعدة‪ ،‬ككاف اإلماـ صبلح خارجان عنها‪ ،‬ككقع مع الشريفة فاطمة‬
‫كأعواهنا ا‪٣‬بوؼ على صعدة‪ ،‬فسار اإلماـ صبلح ٔبنده ليبلن كهناران ميّبان على صعدة‪ ،‬كبلغ اإلماـ‬
‫ا‪٤‬بطهر كمن معو فتلقوه إذل درب ا‪٢‬بناجر‪ ،4‬فخالفهم إذل طريق ا‪١‬ببل جبل بِب عوٲبر كببلد ا‪٤‬بهاذر‪،‬‬
‫فلما دخل اإلماـ صبلح صعدة رجع اإلماـ مطهر إذل اليمن‪ ،‬فثبت اإلماـ صبلح ُب صعدة كقبض‬

‫‪ 1‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض‪.152‬‬


‫‪ 0‬فصخة اهلموم واذلزن يف حواذج واتزخي اٍمين‪ ،‬اًـالمة ؾحساًواسؽ جن حيي اًواسـي‪ ،‬ض‪ ،012‬ذالظة من اتزخي اٍمين‪ ،‬اذلجصي‪ ،‬ض‪.03‬‬
‫‪ 1‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض‪.151‬‬
‫‪ 2‬اذلياحص‪ :‬من كدائي مهسان‪ ،‬إٍهيم ثًسة كصًة اذلياحص اًواكـة ابًلصة من تدلت امليلة‪ ،‬ؿىل دط ظصًق ظيـاء إىل ص حام هوهحان‪ .‬مـجم‬
‫اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.315/1 ،‬‬
‫‪141‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫فيها أمواالن ‪ٝ‬بة كتقدـ إذل اليمن‪ ،‬فأشار إليو بعض خواصو أال يتعرض لصنعاء فلم يسعدىم كتقدـ إذل‬
‫‪ٞ‬براء علب ٲباينٌ صنعاء‪ ،‬فخرجت ‪٢‬بربو صنعاء ٗبن فيها‪ ،‬ككقع طرؼ القتاؿ‪ ،‬فأ‪٪‬بلت ا‪٤‬بعركة على‬
‫أسر اإلماـ ا‪٤‬بهدم صبلح كانتهب ما معو من الثقل‪ ،‬كقوم أمر الناصر من تلك الساعة‪ ،‬كبقي اإلماـ‬
‫صبلح مسجو ان إذل أف توُب ُب السجن ُب سنة ْٖٗىػ‪.1‬‬
‫كهبذا بقيت القوة الزيدية متمثلة ُب اإلماـ الناصر‪ ،‬كاستمرت ا‪٢‬برب بْب الناصر كبِب طاىر من عهد‬
‫الرسوليْب‪ ،‬كقد ملك ذمار كصنعاء كأغلب اليمن األعلى خبلؿ فَبة إمامتو‪ٍ ،‬ب انعكست عليو األمور‬
‫آخر مدتو فخرج إذل ذمار ٍب ٌفر من ذمار إذل ىراف خوفان من بِب طاىر بعد أف أكقعوا بو ا‪٥‬بزٲبة‪ٍ ،‬ب‬
‫خرج من ىراف قاصدان كخالف الطريق ا‪٤‬بعتادة كماؿ عنها إذل طريق عرقب كىو ك واد من جهة ببلد‬
‫ا‪٢‬بداء فيدر بو أىل عرقب بعد أف أرافوه كقبضوا كسلموه إذل اإلماـ ا‪٤‬بطهر فحبسو بكوكباف حٌب‬
‫مات عاـ ٕٖٔىػِ‪.‬‬
‫كسيأٌب معنا ذكر ما جرل لو ُب سرد الوقائع الٍب جرت بينو كبْب ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر ابِب طاىر‪.‬‬

‫‪ 1‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض‪.151‬‬


‫‪ 0‬فصخة اهلموم‪ ،‬اًواسـي‪ ،‬ض ‪ ،010‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض ‪.53‬‬
‫‪141‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫الصراع بني الطاىريني واألئمة الزيديني‬
‫يف عهد الدولة الرسولية‬

‫ذكر نشأة الدكلة الطاىرية كدكرىم السياسي خبلؿ الدكلة الرسولية‪ ،‬أف الطاىريْب‬ ‫مر معنا سابقان عند ٌ‬ ‫ٌ‬
‫كانت ‪٥‬بم سلطة كاسعة كنفوذ قوم ُب مناطقهم منذ بداية القرف التاسع‪ ،‬كقد كاف الشيخ طاىر كأبنائو‬
‫أمناء لسبلطْب بِب رسوؿُككالهتم ُب مناطق جنب كببلد آؿ عمار كحبيش كا‪٢‬ببيشية كالرايشية كببلد‬
‫رداع ا‪١‬بنوبية كالشرقية كاليربية إذل خباف من ذم رعْب‪ ،‬ككذا ا‪٤‬بقرانة كحجاج‪.‬‬
‫كتذكر ا‪٤‬بصادر التارٱبية دكر بنو طاىر ُب القياـ أبعما‪٥‬بم كوالة للرسوليْب ُب مناطقهم‪ ،‬كذلك‬
‫ابلتصدم ‪٥‬بجمات األئمة الزيدية كالدفاع عن أركاف الدكلة الرسولية‪ ،‬كلعل أقدـ ا‪٤‬بصادر التارٱبية الٍب‬
‫ذكرت دكر بِب طاىر للتصدم لؤلئمة الزيدية ُب عهد الدكلة الرسولية‪ ،‬ىو ما أكرده أحد مؤرخي‬
‫الدكلة الرسولية ُب أحداث العاـ ُُٖىػ‪ ،‬فقد ذكر أنو اتصل العلم ٖبركج اإلماـ إذل ببلد معورة بن‬
‫اتج الدين هنار ٕ من شهر ذم القعدة سنة ُُٖىػ‪ ،2‬كقد كاف ذلك قبل كفاة الشيخ معورة بن‬
‫اتج الدين‪ ،‬كالذم ظل يقوـ بدكره كا‪٤‬بهمة ا‪٤‬بوكلة إليو من قبل الدكلة الرسولية ُب التصدم ألئمة‬
‫الزيدية‪ ،‬حٌب توُب ُب هنار ا‪١‬بمعة ِّ من شهر ‪ٝ‬باد اآلخر سنة ُِٖىػ‪.3‬‬
‫كاستمر دكر بِب طاىر ُب التصدم ‪٢‬بمبلت اإلماـ علي بن صبلح كخط دفاع أكؿ للدكلة الرسولية‪،‬‬
‫كُب عاـ ُٕٖ ىػ سار الشيخ طاىر بن معورة إذل الناصر أ‪ٞ‬بد بن إ‪٠‬باعيل‪ ،‬فأكرمو غاية اإلكراـ‪،‬‬
‫كأمره أف يبِب لو داران ُب ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬فبُب لو داران ‪٠‬باىا دار النعيم‪ ،4‬لتكوف ٗبثابة مقران عسكراين يدير‬
‫العمليات العسكرية رد قوات األئمة الزيدية‪.‬‬

‫‪ 1‬اًفضي املزًس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،124‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًـالمة دمحم جن إسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬ض‪.124‬‬
‫‪ 0‬اًىذاة اًؼاُصي اتزخي ادلوةل اًصسوًَة ابٍمين‪ ،‬حٌلل ادلٍن دمحم جن ؿًل اذلاسة املرصي‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا اذلخيش‪ ،‬مىذحة الٕزصاذ ظيـاء‬
‫اٍمين‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪0213‬م‪ ،‬ض‪ ،144‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة يف اٍمين‪ ،‬مؤًف جمِول ؿاص يف اًلصن اًخاسؽ‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا اذلخيش‪،‬‬
‫معحـة اًىذاة اًـصيب ذمضق سوزاي‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪1762‬م‪ ،‬ض‪.131‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،250‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬ض‪ ،134‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬اجن اذلاسة املرصي‪،‬‬
‫ض‪.146‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،77‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬ض‪ ،150‬كاًة ا ٔلماين يف ٔبدداز اًلعص اًاميين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪،‬‬
‫ض‪.341‬‬
‫‪142‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ك‪٤‬بعرفة مدل العبلقة بْب بِب طاىر كملوؾ الدكلة الرسولية‪٪ ،‬بد ذلك ُب اإلستقباؿ الكبّب الذم‬
‫استقبل بو ا‪٤‬بنصور ابن ا‪٤‬بلك الناصر الرسورل الشيخ طاىر بن معورة فتشّب بعض ا‪٤‬بصادر التارٱبية أنو‬
‫ُب شهر ‪٧‬برـ بداية العاـ ُٖٖىػ "كصل ا‪٤‬بلك الناصر إذل تعز كدخل ابلطنب إذل دار العدؿ السعيد‪،‬‬
‫كتقدمو ابنو ا‪٤‬بنصور كاألمّب بدر الدين الشمسي للقاء كلد الشيخ معورة بن اتج الدين كالشهاب‬
‫السعيدم معان‪ ،‬ككرد أمر ا‪٤‬بلك الناصر على األمراء كا‪٤‬بقدمْب أف يلقوا ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬ىو كاألمّب بدر‬
‫ابلعدد كالسبلح‪ ،‬كدخلوا ا‪١‬بميع دخلة‬ ‫الدين الشمسي ككلد الشيخ معورة بن اتج الدين فلقوىم ي‬
‫عجيبة ابلطنب كا‪٤‬بواكب إذل دار العدؿ‪ ،‬كقابل ا‪٤‬بلك الرسورل كلد الشيخ معورة بن اتج الدين بكل‬
‫خّب كأحسن إليو اإلحساف التاـ‪ ،‬كٔبلو غاية التبجيل‪."1‬‬
‫ٍب ُب عاـ ُٖٖىػ قصد اإلماـ علي بن صبلح الدين ببلد بِب طاىر فاستعانوا ابلسلطاف أ‪ٞ‬بد بن‬
‫إ‪٠‬باعيل الرسورل‪٤ ،2‬بساعدهتم ُب التصدم ‪٢‬بملة اإلماـ العسكرية‪.‬‬
‫كُب ذم القعدة سنة ُٖٗىػ‪ ،‬نزؿ اإلماـ علي بن صبلح إذل ببلد طاىر بن معورة كأخذ موارع من‬
‫أطراؼ ببلده‪ ،‬فلما علم ا‪٤‬بلك الناصر أرسل جريدة من ا‪٣‬بيل كالرجل كمقدمهم األمّب صارـ الدين‬
‫كمقدـ ا‪٤‬بماليك سيف الدين مقبل الناصرم‪.3‬‬ ‫السنبلي‪ ،‬ي‬
‫كُب حوادث سنة َِٖىػ‪ ،‬كانت كقعة الصرـ‪ ،‬فيقوؿ ا‪٤‬بؤرخ العبلمة ابن الديبع‪ُ" :‬ب سنة َِٖىػ قصد‬
‫ٔ‬ ‫‪5‬‬ ‫ْ‬
‫يقاؿ لو الصرـ‬
‫صاحب صنعاء ببلد بِب طاىر آمنان السلطاف فتجهز السلطاف إليو فاجتمعا ٗبورع ي‬
‫فانكسر اإلماـ الناصر كعسكره كقتل منهم ‪ٝ‬بع كثّب كتبعهم السلطاف إذل كادم يخباف‪ٍ 7‬ب رجع إذل‬

‫‪ 1‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬ض‪.152‬‬


‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪.342 ،‬‬
‫‪ 1‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬اجن اذلاسة املرصي‪ ،‬ض‪ ،170‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬ض‪.160‬‬
‫‪ 2‬اكن ظاحة ظيـاء يف ركل اًوكت ؿام ‪ُ 602‬ػ ُو الٕمام امليعوز ؿًل جن ظالخ ادلٍن‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬اٌَعائف اًسًِة يف ٔبدداز املٌلكل اٍمييَة‪،‬‬
‫اًـالمة دمحم جن إسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬ض‪.141‬‬
‫‪ً 3‬لول اًـالمة دمحم جن ؿًل الٔهوع‪" :‬من ُشا ًحسو ٔبن بل ظاُص اكهت هلم ولًة ؿىل تالذ بل ؾٌلز وحدُش اذلحُض َة واًصايص َة وتالذ زذاع‬
‫ادليوتَة واًرشكِة واًلصتَة إىل ددان من ري زؿني‪ ،‬ونشا امللصاهة وخنب وحنو ركل وظاًت ولٍهتم ًِشٍ امليعلة حىت جسمت ابمسِم‪ ،‬وامفام ُو‬
‫الٕمام اًيارص" ٔبهؼص حاص َة كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ اًضُداين‪ ،‬ض‪.250‬‬
‫‪ 4‬ويف اٌَعائف اًسًِة ٌَىخيس رهص تبٔن ا كصًة ًُلال ًِا اً ُـصام ويه كصًة هحريت يف مبٓيت واذي ستَس من مٌعلة ؿًس من ٔبؾٌلل رماز‪ ،‬اكهت‬
‫ٔبحس مصانز اًـمل يف اًلصن اًثامن اًِجصي‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬اٌَعائف اًسًِة يف ٔبدداز املٌلكل اٍمييَة‪ ،‬اًـالمة دمحم جن إسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬حتلِق ا ٔلس خار‬
‫ذادل ا ٔلرزؾي‪.‬‬
‫‪ 5‬واذي دُدان‪ :‬تضم ارلاء‪ ،‬ظلؽ مـصوف من ري زؿني‪ ،‬ابًرشق ادليويب من مسًية ٍصمي‪ً ،‬ـصف اًَوم ابمس مسٍصًة اًصمضة ومسٍصًة اًسست‪،‬‬
‫وُو مٌعلة ملَوةل راث ؾَون و ٔبن از خازًة ًعي مساُا ًرتوي ٔبزايض ذًخا ٔبتني‪ ،‬مث ثًهتيي يف حبص ؿسن‪ ،‬وٕاىل ددان ًًسة اًـالمة دمحم جن‬
‫ًصيس‪ ،‬نٌل ٔبن ا حمي سىن بل اذلازي وبل اًـٌلذ وبل‬ ‫حيي ارلحاين املخوىف س ية ‪ُ1122‬ػ‪ ،‬وُو من رزًة اًِاذي حيي جن اذلسني جن اًلامس ا ّ‬
‫‪143‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ا‪٤‬بقرانةُ"‪ٍ" ،‬ب دخل ا‪٤‬بقرانة كنظر الدار ا‪٤‬بعمورة بر‪٠‬بو‪ ،‬فأعطى البنائْب عشرين ألف دينار‪ ،‬كيشّب‬
‫ا‪٤‬بؤرخ ٰبي بن ا‪٢‬بسْب ُب اترٱبو غاية األماين أف ىذه األحداث جرت ُب سنة ُٖٖىػ‪."2‬‬
‫كيقوؿ ا‪٤‬بؤرخ ا‪٣‬بزرجي ر‪ٞ‬بو هللا ُب ىذا التصدم‪" :‬ابدر ا‪٤‬بلك الناصر على رأس جيشو إذل ببلد رداع‬
‫للتصدم لو‪ ،‬كقامت حرب بينهما أسفرت عن إهنزاـ عسكر اإلماـ بعد قتل كثّب منهم‪ ،‬كانسحب‬
‫اإلماـ عائدا إذل صنعاء‪ ،‬كطارده ا‪٤‬بلك الناصر إذل ببلد يخباف‪ٍ ،‬ب رجع اإلماـ إذل ا‪٤‬بقرانة بْب دمت‬
‫كجنب من ‪٨‬ببلؼ الرايشية من أعماؿ رداع‪ ،‬كذلك ‪٤‬بعاينة قصر النعيم الذم كاف يبُب لو فيها إبشراؼ‬
‫الشيخ طاىر بن اتج الدين ائبو ُب رداع‪ ،‬كالذم كلفو ا‪٤‬بلك الناصر ببنائو ُب ا‪٤‬بقرانة لدل زايرتو لو‬
‫ُب عاـ ُٕٖىػ"ّ‪.‬‬
‫كُب ‪٧‬برـ سنة َِٖىػ اتصل العلم أف األمّب صارـ الدين قتل ُب ببلد طاىر بن معورة‪ ،‬كذلك أف‬
‫سنقر مقدـ اإلماـ نزؿ ببلد طاىر بن معورة ٖبيل كرجل كثّب كقصدكا ‪٧‬بطة األمّب صارـ الدين فلما‬
‫علم هبم خرج ىو كمن معو من العسكر ‪٤‬بقاتلتهم كبدر األمّب الصارـ من أصحابو كقيتل‪.4‬‬
‫كُب شهر شواؿ سنة َِٖىػ‪ ،‬اتصل العلم أف اإلماـ علي بن صبلح أخذ حصن الدارـ‪ 5‬كىو قريب‬
‫من ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬كأف طاىر بن معورة تصاحل معو‪.6‬‬
‫كُب شهر ذم القعدة سنة ُِٖىػ نزؿ اإلماـ علي بن صبلح إذل ببلد طاىر بن معورة كأخذ عليو‬
‫حصنْب بلق‪ 1‬كال يقلٌة‪ ،2‬فخرج األمّب بدر الدين الكاملي ‪٤‬بقاتلة اإلماـ إذل ببلد طاىر آخر ذم القعدة‪،‬‬

‫اذلجصي وكريمه‪ ،‬ودُدان كصًة جبواز اًياذزت‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪ ،336/1 ،‬وكال اًلايض اسٌلؾَي الٔهوع‪ :‬وددان‬
‫انحِة من بٔؾٌلل ٍصمي من خمالف ري زؿني‪ ،‬واكهت جهصت اذلازي مصنزُا‪ ،‬مث كسمت س ية ‪1750‬م إىل انحِخني‪ ،‬إحساٌُل ددان اًـََا مصنزُا‬
‫تدلت اًسست‪ ،‬وكس مسَت تياحِة اًسست‪ ،‬مث ٔبضَفت إٍهيا ؾزل من خمالف اًضـص اذل اكن اتتـ ًا ٌَياذزت‪ ،‬مث حتول إىل انحِة مس خلةل اتتـة ٌَواء‬
‫إة مدارشت‪ ،‬واًياحِة ا ٔلدصى‪ ،‬ددان اًسفىل‪ ،‬وحـي مصنزُا اًصمضة‪ ،‬كصًة من كصى من ؾزةل تين كُس‪ ،‬مث ٔبضَف إٍهيا ؿسذ من اًـزل من‬
‫خمالف بٓسال اذلي اكن ًددؽ اًياذزت‪ ،‬وتـغ ؾزل من خمالف ظحاخ اذلي ًددؽ زذاع‪ .‬خماًَف اٍمين‪ ،‬اًـالمة إسٌلؾَي جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬حتلِق‬
‫ؾحسهللا اًرسايج‪ ،‬ظحاؿة ادلَي ادلسًس ظيـاء اٍمين‪ ،‬اًعحـة اًثاًثة ‪0227‬م‪ ،‬ض‪.024‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون ض‪.250‬‬
‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.342‬‬
‫‪ 1‬اًـسجس املس حوك‪ ،‬ارلززيج‪ ،‬ض‪ ،327‬اًخازخي اًـامص ٌَمين‪ ،‬دمحم حيي اذلساذ‪.166/1 ،‬‬
‫‪ 2‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬ض‪.162‬‬
‫‪ 3‬ادلازم‪ :‬ثحة ثلؽ يف كصًة ُص حاؿة من تالذ جحاح يف مسٍصًة خنب من بٔؾٌلل حمافؼة اًضاًؽ حاًَ ًا‪ ،‬وًعَق ؿَََ حاًَ ًا امس ادلازمَ‪ ،‬ويه اتتـة‬
‫ًلصًة ص حاؿة اًيت ثلؽ ؿىل ارلط الٕسفَيت املاز من زذاع إىل اًصايص َة مث جحاح مث ًخفصع إىل ذمت وخنب‪ ،‬وًوخس يف ص حاؿة اًىثري من الٓاثز‬
‫اك ٔلحواط واًربك املائَة املحًِة مباذت اًلضاط‪ ،‬وامللصاهة كصًة ثلؽ يف جحاح وًفعي تُهنا وتني ادلازمَ حدي ًـصف ابمس جصاكن‪.‬‬
‫‪ 4‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬ض‪.163‬‬
‫‪144‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫حجر أكؿ ذم ا‪٢‬بجة سنة ُِٖىػ‪ ،‬فاتصل العلم ابرتفاع‬ ‫كخرج ا‪٤‬بلك الناصر من تعز إذل جهات ٍ‬
‫اإلماـ من ببلد طاىر بن معورة ‪٤‬با بليو خركج ا‪٤‬بلك الناصر إذل تلك ا‪١‬بهات‪ٍ ،‬ب تسلم بدر الدين‬
‫حجر‪ٍ ،‬ب كصلت البشائر ُب شهر ‪٧‬برـ سنة ِِٖىػ أف األمّب بدر الدين بن زايد‬ ‫عدة حصوف ُب ٍ‬
‫الكاملي انتصر على عسكر اإلماـ كأسر ا‪١‬بميع منهم‪ ،‬ككانت خيلهم قدر مائة ك‪ٟ‬بسْب فارسان‬
‫كرجلهم يزيد على ألف ك‪ٟ‬بسمائة‪ ،‬فتعطف عليهم كأطلق ا‪١‬بميع منهم كدل يبقى منهم ُب األسر إال‬
‫مقدماف مفتاح البلوم كاآلخر مبارؾ مقدـ صعدة‪ ،‬ك‪ٝ‬باعة من أكابر عسكرىم كتسلموا األمراء ‪ٝ‬بيع‬
‫ا‪٢‬بصوف الٍب كاف اإلماـ قبضها على طاىر بن معورة قهران ابلسيف‪ ،‬كدل يبقى لئلماـ شيء ُب تلك‬
‫ا‪١‬بهات‪.3‬‬
‫كُب شهر ‪ٝ‬باد اآلخر سنة ِٖٓىػ أرسل اإلماـ علي بن صبلح ٔبريدة كمقدـ إذل بلد طاىر بن‬
‫معورة‪ ،‬كخرج لو مقدـ آخر إذل جهة عراس فأرسل ا‪٤‬بلك الناصر األمّب شرؼ الدين السنبلي ٔبريدة‬
‫من ا‪٣‬بيل كالرجل‪ ،‬كخرج قبلو األمّب صارـ إبراىيم بن األنف إذل جهة إرايب‪ ،‬ككصلت البشائر أف‬
‫عبد اإلماـ ايقوت ككصلوا برأسو‬
‫جريدة اإلماـ الٍب خرجت إذل جهة عراس انكسرت كقتل ا‪٤‬بقدـ ي‬
‫ا‪٤‬بلك الناصر‪.4‬‬
‫كُب شهر ذم ا‪٢‬بجة سنة ُّٖىػ شعرت الدكلة الرسولية ٖبطورة ىجمات اإلماـ علي بن صبلح‬
‫فأرسلت رئيس كزرائها على رأس ‪ٞ‬بلة للتصدم لو فتقدـ سيد الوزراء ‪ٝ‬باؿ الدين بن إسحاؽ إذل بلد‬
‫طاىر بن معورة من زبيد‪ ،‬كجرت معركة بينو كبْب اإلماـ علي بن صبلح ُب دمت‪ ،‬انتصر فيها الدكلة‬
‫الرسولية كالشيخ طاىر بن معورة‪ٍ ،‬ب رجع اإلماـ إذل بلده مكسوران ‪٨‬بذكالن كقتل من عسكره أكرب‬
‫مقدميو كىو الشيخ ٰبي بن أ‪ٞ‬بد صاحب دمت‪ ،‬فلما قتل دل يستقر لئلماـ حاؿ من بعد قتلو فرجع‬
‫إذل بلده ُب ‪٧‬برـ سنة ِّٖىػ‪.5‬‬

‫‪ 1‬تَََ ْق‪ :‬وٌسمى ٔبًض ًا رو تَق‪ ،‬وُو ما ٌسمة واذي اًلضُة يف مٌعلة تين كُس من مسٍصًة اًصمضة دُدان ابدليوة اًرشيق من مسٍصًة ٍصمي‪.‬‬
‫ٔبهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.172/1 ،‬‬
‫‪ 0‬اً ُل َّةل‪ :‬من املـصوف ٔبهَ ًلعس ة اًلهل ما ٔبزثفؽ من ادلحال‪ ،‬وُو امس ًـست كصى وحعون‪ ،‬هشهص ما اكن كصًحا من مرسخ ا ٔلحساج اًخازخيَة‬
‫ً‬
‫ٌدلوةل اًعاُصًة‪ ،‬مهنا كصًة يف حدي ادلاز من مسٍصًة ؿًس وبٔؾٌلل حمافؼة رماز‪ ،‬واً ُلةل كصًة يف حدي ًحـوش من مسٍصًة ايفؽ و ٔبؾٌلل حمافؼة‬
‫ذلج‪ ،‬وكةل تين مسمل تدلت يف ٔبؿىل حدي ٍصمي ويه املـصوفة يف نخة اًخازخي ابمس كَـة حسمص‪ ،‬واًؼاُص ٔبن ا يه امللعوذت ٔلن ا ُشٍ املـازك‬
‫حصث يف مٌعلة ٍصمي‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1072/0 ،‬‬
‫‪ 1‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬ض‪.166‬‬
‫‪ 2‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬ض‪.021‬‬
‫‪ 3‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬ض‪.010‬‬
‫‪145‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كهبذا نرل أف سلسلة ا‪٤‬بعارؾ بْب بِب طاىر كالدكلة الرسولية من جهة‪ ،‬كبْب اإلماـ علي بن صبلح‬
‫كحلفائو ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى كانت متواصلة ال تنقطع‪ ،‬كتذكر ا‪٤‬بصادر التارٱبية أف بِب طاىر كانوا قد‬
‫كانوا مستولْب كابسطي نفوذىم على رداع كما حو‪٥‬با من ا‪٢‬بصوف منذ العاـ َْٖىػ‪ ،‬كقد يرجع سبب‬
‫ذلك إذل كفاة اإلماـ علي بن صبلح‪ ،‬فإنو عندما توُب ُب سنة َْٖىػ‪ ،‬اختلف األئمة الزيدية بعد‬
‫كفاتو فيما بينهم كظهر ثبلثة أئمة زيدية ُب كقت كاحد كبلن يدعو لنفسو ابإلمامة‪ ،‬فأدل ذلك إذل‬
‫مر معنا‪.‬‬
‫صراع على السلطة فيما بينهم كما ٌ‬
‫الصراع بني بين طاىر على السلطة وحصن ادلقرانة‪ :‬إال أف من أىم الصراعات الٍب كاجهت األسرة‬
‫الطاىرية ىو ما جرل من ‪٨‬بالفة ابن أخ ا‪٤‬بلكْب علي كعامر بن طاىر‪ ،‬علي بن اتج الدين بن طاىر‬
‫بن معورة‪ ،‬كالذم توُب كالده مع جده سنة َْٖىػ‪ ،‬فخالف بعد ذلك على عميو علي كعامر كمعو‬
‫يعبية الطاىرم ُب حصن ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬فمالوا أبف طردكا ‪ٝ‬باعة منهم‪ ،‬ففركا إليو فلما دخلوا فرح علي بن‬
‫اتج الدين ألف يكوف لو هبم قوة‪.1‬‬
‫كُب نفس عاـ َْٖىػ كصلت البشائر أبف الشيخ علي بن طاىر قبض حصن ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬كقد كاف‬
‫خالف فيو ابن أخيو ك‪ٝ‬باعة من ا‪٤‬برتبْب‪ ،‬كأظهر الفساد فحصل النصر عليو كالظفر بو‪ ،‬كذلك‬
‫ٗبساعدة ا‪٤‬بلك الظاىر الرسورل‪ ،‬كأمر ا‪٤‬بلك الظاىر الرسورل ابلفرح كررب الطبلخانة ثبلثة أايـ‪ ،‬كذلك‬
‫ُب هنار اإلثنْب سابع كعشرين ربيع األكؿ سنة َْٖىػ‪.2‬‬
‫كذلك أف علي كعامر جعلوا ‪٤‬برتيب كحراسات حصن ا‪٤‬بقرانة جعبلن‪ ،‬كأابحا ‪٥‬بم العطاء الوافر كا‪٤‬بنوف‪،‬‬
‫فلما دخلوا إذل ا‪٤‬بقرانة أدخلوا عليان كعامران إليها فاستوليا عليها‪ ،‬كطرد علي كعامر ىذا ا‪٤‬بخالف عليهما‬
‫علي بن اتج الدين‪ ،‬كحبسا يعبية الطاىرم ُب السجن‪ ،‬كأرادا أف يكوف فيو من ا‪٤‬بخلدين‪ ،‬ففر عبية‬
‫من ا‪٢‬ببس ىارابن كصار اتبعان لدكلة أىل صنعاء‪ ،‬ك‪٤‬بن حارهبم ‪٧‬بارابن‪ ،‬كعلي بن اتج الدين جعل يدكر‬
‫إذل بعداف كأيٌب إذل صنعاء‪ٍ ،‬ب ألتقاه عماه علي كعامر كصار إلبان ‪٥‬بما حيث يريد أف ينهى كأيمر‪.3‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.115‬‬


‫‪ 0‬اًىذاة اًؼاُصي يف اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬اجن اذلاسة املرصي‪ ،‬ض‪ ،121‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬ض‪.122‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.116‬‬
‫‪146‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كيقوؿ ابن األنف القرمطي ُب سيطرة كاستيبلء بِب طاىر على ا‪٢‬بصوف ُب تلك ا‪٤‬بناطق‪" :‬ككاف أمراء‬
‫ا‪٤‬بلك الظاىر الرسورل قد استولوا على حصن رداع‪ 1‬أبمره‪ ،‬كتركوه ُب أيدم بِب طاىر‪ ،‬كبنو طاىر قد‬
‫‪2‬‬
‫حازكا كثّبان ‪٩‬با يليهم من حصوف الدكلتْب السلطانية كاإلمامية بعد سنة َْٖىػ‪ ،‬ككاف أىل دمت‬
‫معادكف كإذل حرهبم راٰبوف كغادكف‪ ،‬كىم الذين ٯبركف ‪٢‬برهبم من صنعاء كذمار أىل الدكلة‪ ،‬كال يزاؿ‬
‫عنهم هبؤالء الصولة‪ ،‬فكاف ملك ىذه الببلد ‪٩‬با قول أمرىم‪ ،‬كرفع للقياـ على ا‪٤‬بلوؾ بِب رسوؿ قدرىم‪،‬‬
‫ككانوا لعدف ٰباكلوف كللدكلتْب ُب اليمن كا‪١‬ببل يطاكلوف‪."3‬‬
‫كمن خبلؿ كبلـ ابن األنف القرمطي ‪٪‬بد أف بِب طاىر كانوا قد بدأكا بتوسعة نفوذىم على حساب‬
‫األئمة الزيدية كالدكلة الرسولية ُب آكاخر عهدىا‪ ،‬ك‪ٙ‬بديدان من بعد العاـ َْٖىػ‪ ،‬إال أف سيطرهتم على‬
‫مدينٍب رداع كدمت قد تكوف قبل ذلك التاريخ كذلك بوالية من ا‪٤‬بلك الظاىر الرسورل عندما سيطر‬

‫‪ 1‬حعن زذاع‪ :‬مسًية يف رشيق رماز مبسافة ‪ 31‬هََو مرت‪ ،‬ثلؽ يف ُضحة حمفوفة ابًىصوم واًفوانَ واذلسائق اًلياء‪ ،‬اًيت حتَط هبا ادلحال من‬
‫مجَؽ ادلِاث‪ ،‬وٌَمسًية اًلسمية سوز جحصي إل ٔبن اًـمصان اذلسًر كس ُتاوسُا وثياثصث اًلعوز واملحاين ازلَةل وسط حلول وتني اًِضاة‪،‬‬
‫ومن مـاملِا ا ٔلثصًة كَـهتا اًضاخمة اًيت ًـوذ اتزخيِا إىل ؾِس مشص ٍصؾش‪ ،‬ونشا مسجسُا املـصوف مبسجس اًـامصًة اذلي تياٍ اًسَعان ؿامص جن‬
‫ؾحساًوُاة اًعاُصي س ية ‪ُ672‬ػ‪ ،‬واملسجس يف ظاتلني ا ٔلول ٌَـحاذت واًثاين ًخسزٌس اًـمل وُو يف كاًة من اًزدصفة والٕثلان‪ ،‬كال اًلايض‬
‫دمحم جن ؿًل الٔهوع‪ :‬زذاع مسًية من ٔبمجي و ٔبحسن مسن اٍمين اًيجسًة موكـ ًا‪ ،‬و ٔبمجَِا مٌؼص ًا وبًٔعفِا ُواء ًا مؽ اؾخسال املزاح وحصة املياد وزكة‬
‫اًًس مي‪ ،‬ويه ؾصوش راث حسائق قياء‪ ،‬وكعوز صٌلء‪ ،‬وُواء ظَق ٍىسة الٕوسان حصة وكوت ووضاظ ًا وحٌل ًل‪ ،‬كال اًـالمة ؾحساًصمحن‬
‫الٓويس املخويف س ية ‪ُ1032‬ػ من كعَست هل‪:‬‬
‫بٔس يس اًعصف مصس ًال اًسٌلع* إن ذري اًحلاع تدلت زذاع‬
‫وثلؽ يف كَة واذي زحة‪ً ،‬خعي هبا كَـة صِحاء إمذعت ُضحة حدََة يف كَة املسًية وكٔن ا ؾصص مَىة ازلال‪ٔ ،‬بو دعَة معلؽ ًلط‬
‫ؿَهيم وكائؽ ادلُص‪ ،‬وجضلك زذاع وما حوًِا س حؽ مسٍصايث اتتـة حملافؼة اًحَضاء‪ ،‬ثضم املصانز الٕذازًة اًخاًَة‪ :‬كِفة بل حمن ٍزًس وكِفة ودل زتَؽ‬
‫وكِفة بل قيمي‪ ،‬وظحاخ واًصايص َة واًـصص ومسٍصًة مسًية زذاع‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪ ،.461/1 ،‬وكال اًلايض‬
‫اسٌلؾَي الٔهوع‪ :‬مسًية ؿامصت‪ ،‬ويه من املسن اًلسمية‪ ،‬وزذ رهصُا يف اًىذاابث املزتوزت ؿىل ا ٔلجحاز اٌَلة اسلريًة‪ ،‬وثلؽ إىل اًرشق من رماز‬
‫ؿىل مسافة مخسني هََو مرت‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬خماًَف اٍمين‪ ،‬اسٌلؾَي الٔهوع‪ ،‬ض‪.15‬‬
‫‪ 0‬ذمت‪ :‬مسًية ابًرشق ادليويب من ٍصمي مبسافة حنو ‪ 23‬هََو مرت‪ ،‬جضلك اًَوم إحسي مسٍصايث حمافؼة اًضاًؽ واكهت ساتل ًا اتتـة حملافؼة‬
‫إة‪ ،‬وكس اص هتصث مسًية ذمت ابًلصن اًخاسؽ اًِجصي يف ٔبايم اًسَعان ؿامص جن ؾحساًوُاة اًعاُصي‪ ،‬حِر اكهت يف هوايح ؿامصة ممَىذَ‪،‬‬
‫وًىن صِصت ذمت حصحؽ إىل ادلحال اًرباكهَة املوحوذت فهيا ومهنا حدي اذلصضة‪ ،‬ونشا مٌاتؽ املَاٍ اذلازت اًيت ثعي إىل حنو ‪ 26‬ؾَي ًا‪ ،‬ويه‬
‫مٌاظق ًلعسُا اًياش ً ٕالسدضفاء‪ ،‬وثـخرب املياظق اًلصًحة من حٌلم ذمت كري ظاذلة ٌَززاؿة‪ ،‬ركل ٔبن املَاٍ ادلوفِة حازت وماذلة‪ ،‬وجضمي‬
‫مسٍصًة ذمت ؿسذ ًا من اًحدلان ٔبصِصُا‪ :‬زمخة وا ٔلحصوم وكِالن ومٌلري واًؼاُصت ومِفـان ومحة ًِة ونية واملثَي واًسوذاء وكريُا‪ٔ .‬بهؼص‪:‬‬
‫مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪ .402/1 ،‬ويف ذمت اًىثري من املـامل اًخازخيَة وحعن ذمت اذلي ًلؽ يف ذمت اًلسمية وحرس ؿامص‬
‫اذلي تين يف ؾِس اًسَعان ؿامص جن ؾحساًوُاة‪.‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.12‬‬
‫‪147‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫مر معنا‪ ،‬كقد كاف ا‪٤‬بلك الظاىر ٰبي بن األشرؼ الرسورل قد‬ ‫عليها أمرائو على رداع كما حو‪٥‬با كما ٌ‬
‫توذل ا‪٢‬بكم ُب ‪ٝ‬بادل االخرة سنة ُّٖىػ‪ ،‬كتوُب ُب سنة ِْٖىػُ‪.‬‬
‫ككاف بِب طاىر قد عينوا رٰباف بن سعيد كاليان عليها‪ ،‬كقد كاف رٰباف بن سعيد خرج من صنعاء عندما‬
‫سيطر قاسم سنقر على صنعاء سنة َْٖىػ‪ ،2‬فماؿ رٰباف إذل علي بن كامل كىو ُب منيف ككقع ‪٥‬بم‬
‫خبلؼ ُب حجر سدين‪ ،‬كدخل ‪ٝ‬باعة من أىل ا‪٢‬باكرم على أيديهم‪ ،‬فأخرج أىل ا‪٢‬باكرم علي بن‬
‫ا‪٢‬بسن كإ‪٠‬باعيل بن أدريس بعد قتاؿ‪ ،‬كخاؼ رٰباف من ٮبداف فخرج إذل األشراؼ صبلح كأخوتو ٍب‬
‫ذىب إذل علي كعامر ابِب طاىر حْب ارطهد كخاؼ‪ ،‬فالتقياه ابإلحساف كاإلنعاـ ككلياه حصن‬
‫رداع‪ ،‬كجعبل لو فيو ا‪٢‬بل كاإلبراـ‪.3‬‬
‫كقد كاف رٰباف بن سعيد يىًف يد إذل اإلماـ الناصر بن دمحم بعد سيطرتو على صنعاء‪ ،‬ككاف ُب رداع من‬
‫قبل بِب طاىر كما ذكر ا‪ ،‬ككاف الناصر يتلقاه ابإليناس كا‪١‬بميل‪ ،‬كيرفع قدره عند األصاغر من أىل‬
‫دكلتو كاألكابر‪ ،‬كصرؼ إليو أمن أىل اببو كما كاف كقت علي بن صبلح كأراؼ إليو خدامو من‬
‫‪ٝ‬بيع أىل السبلح‪.4‬‬
‫إال أف ا‪٢‬باؿ تيّب بْب اإلماـ الناصر كرٰباف بن سعيد‪ ،‬كدل تدـ سيطرة بِب طاىر طويبلن على حصن‬
‫رداع ‪ٙ‬بت كالية رٰباف بن سعيد‪ ،‬فقد سقطت رداع ُب يد اإلماـ الناصر بسبب ا‪٣‬بيانة الٍب حصلت‬
‫من أحد أصهار رٰباف بن سعيد كىو علي بن الكامل‪ ،‬كأدت ىذه ا‪٣‬بيانة إذل تسليم حصن رداع‪،‬‬
‫ككاف اإلماـ الناصر ٰبكم معظم ا‪٤‬بناطق الزيدية‪ ،‬خاصة صنعاء كما كاف من جهة ذمار‪.‬‬
‫كيذكر ابن األنف القرمطي أحداث ما جرل ُب رداع‪ ،‬فيقوؿ‪" :‬أقاـ رٰباف بن سعيد ُب خدمة الناصر‪،‬‬
‫كبنو طاىر مبقوف لو حصن رداع كما إليو‪ ،‬كىي تفد ا‪٢‬ببوب الكثّبة من رداع إذل اإلماـ الناصر‪.‬‬
‫كىذه رداع عمدة ما مع أىل دكلة صنعاء كذمار‪ ،‬كما ‪ٙ‬بمل مشاقهم ك‪٧‬باطهم كتكاليف حصوهنم على‬
‫اإلستمرار ‪٤‬با فيها من الزراعات كا‪٢‬ببوب الٍب ىي جل ما لديهم كأكثر ما ‪ٙ‬بصل جباهتم إليهم‪.‬‬
‫فلما كانت تصل إذل رٰباف بن سعيد ا‪٢‬ببوب الكثّبة كأتٌب إليو من نواحي رداع ا‪٤‬بّبة‪ ،‬قاؿ علي بن‬
‫كامل للناصر‪ :‬ما الذم عندؾ كلديك أك كالذم يصل إليك كرداع مع مع رٰباف بن سعيد كسائر ما‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪.121 ،‬‬


‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،351‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض‪ ،152‬زوضة الدداز‪ ،‬اجن الهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.12‬‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.12‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.21‬‬
‫‪148‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ُب ببلدؾ سواىا ال تيِب كال تفيد‪ ،‬ككثر ا‪٢‬بديث من ابن علي بن كامل كغّبه إذل اإلماـ‪ ،‬كقالوا لو‬
‫ليكن إذل رداع منك القصد كا‪٤‬براـ‪ ،‬كقالوا لو احتل ُب قبض ىذا ا‪٤‬بكاف كخذ ما ٯبيء من حب كال‬
‫تبارل برٰباف كأنت تعطيو أقل من ىذا كىو ينفعو‪ ،‬كتقبض يده من ىذا ا‪٤‬بكاف رداع‪ ،‬كعنو تردعو‪،‬‬
‫ككاف رٰباف مصاىران البن علي بن كامل زكجتو ابنتو‪ ،‬ككانت عنده أختو بعد أف ماتت عنو‪ ،‬ككاف‬
‫مورع سره‪ ،‬كرٰباف مرتكن عليو ُب سره كجهره‪ ،‬كقاؿ الناصر لعلي بن كامل‪ ،‬در ُب ذلك ا‪٢‬بيلة ككن‬
‫إذل الرأم فيو كسيلة‪ ،‬فقاؿ الرأم أف تصفدين كإايه ُب ا‪٢‬بديد كتطلب منو ما تشاء كتزيد‪ ،‬فدخبل إذل‬
‫الناصر للصباح على العادة فلما خرجا من عنده أمر من أكثقهما ‪٤‬با دبره من اإلرادة‪ ،‬فقاؿ ابن كامل‪:‬‬
‫ىل رل سبيل إذل أف أكافق صاحب أمرم كأكلمو عساه أف يزيل عِب أصرم‪ ،‬فأمر الناصر بدخولو‪،‬‬
‫فقاؿ لو أكثقنا اب‪٢‬بديد كابدر ا‪٣‬بركج ابلعساكر لتناؿ ما تريد‪ ،‬كأخرجنا مصفدين أمامك لتبلغ فيما‬
‫أملتو مرامك‪ ،‬فبادر الناصر ا‪٣‬بركج كمعو العساكر‪ ،‬كأخرجهما أماـ عسكره مصفدين على ‪ٞ‬بارين كدل‬
‫يشاكر‪ ،‬فلما أنتهى إذل رداع طلب من كاليو التسليم‪ ،‬فامتنع الوارل كقاؿ‪ :‬ال أفعل كال ٱبطر على ابرل‪،‬‬
‫فقاؿ الناصر لعسكره‪ :‬ابدركا إذل ا‪٢‬بصن ابلقتاؿ كاجعلوا رٰباف بن سعيد حينئذ ‪٤‬با يرشقوف بو من‬
‫ا‪٢‬بجار كالنباؿ‪ ،‬فقاموا لقتاؿ أىل ا‪٢‬بصن كجعلوا رٰباف بن سعيد رد جنبهم بعد أف لبسوا للحرب‬
‫المتهم‪ ،‬فلما رأم رٰباف بن سعيد ذلك اجاىم ابلتسليم‪ ،‬كصاح ‪٥‬بم أهنم طابوا فيو كىو مليم‪ ،‬فسلموا‬
‫حصن رداع إذل الناصر‪ ،‬كفك رٰباف بن سعيد‪ ،‬ككاف ُب عسكره الناىي كاآلمر‪ ،‬كعاد إذل صنعاء بعد‬
‫أف افتتح رداع كانتقض الصلح بينو كبْب بِب طاىر‪ ،‬كصار ما عقدكه إذل انقطاع‪.1‬‬
‫ٍب أف اإلماـ الناصر لزـ األكراد بِب سكر كأكدعهم ا‪٢‬ببوس حٌب سلموا لو ىم ٍع ًسج‪ُ 2‬ب ببلد عنس‪ ،‬كدل‬
‫يذكر قتا‪٥‬بم معو ُب ىراف‪ ،‬كلوالىم كاف ُب الضيق كا‪٢‬برج‪.3‬‬
‫كبعد استيبلء الناصر على رداع كحصنها صاحل بِب طاىر‪ ،‬ك‪ٝ‬بع عساكره كأعد العدة كسار ٔبيوشو إذل‬
‫مدينة صعدة‪ ،‬كاصطلح ىو كبنت ا‪٢‬بسن على أف زكجتو ابنتها بدرة بنت دمحم بن علي بن صبلحْ‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.21‬‬


‫ً‬
‫‪َ 0‬م ْـ ِسج‪ :‬سائةل مـسج‪ ،‬واذ ومٌعلة يف ؿًس‪ ،‬ابًلصة من مسًية رماز يف قصجهيا‪ ،‬ثضم ٍلوؿة كصى جضلك يف ٔبؾٌلًِا مصنزا إذازاي من مسٍصًة‬
‫ً‬
‫ؿًس‪ ،‬ومن ُشٍ اًلصى ذفِية ودصاز ومازًَ ومِفؽ ودصاتة امللاذصة ومصوحان وكريُا‪ ،‬ويه من اًحدلان اسلريًة وفهيا بٓاثز كسمية‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم‬
‫اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1356/0 ،‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.23‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.23‬‬
‫‪149‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كالراجح أف كاقعة استيبلء اإلماـ الناصر على رداع كاف ُب أكاخر سنة ْٕٖىػ‪ ،‬ألف ابن ا‪٤‬بؤرخ األنف‬
‫القرمطي يذكر أف اإلماـ الناصر بعد ىذه الواقعة قد أعد العدة كا‪١‬بيوش للطلوع إذل صعدة‪ ،‬كقد ذكر‬
‫ا‪٤‬بؤرخ ٰبي بن ا‪٢‬بسْب أف اإلماـ الناصر ُب بداية سنة ْٖٖىػ سار إذل صعدة فلبث فيها ثبلثة أشهر‪،‬‬
‫ككقع الصلح فيما بينو كبْب الشريفة فاطمة بنت دمحم بن علي بن صبلح‪ٍ ،‬ب رجع إذل صنعاء‪.1‬‬
‫كُب نفس عاـ ْٖٖىػ كاف اإلماـ الناصر ُب صنعاء كماؿ إليو آؿ عمار‪ ،‬كخالفوا على بِب طاىر‪،‬‬
‫ككقعت بينهم حركب شديدة‪ ،‬فاستدعوا الناصر بن دمحم‪ ،‬فسار إليهم معينان ‪٥‬بم على بِب طاىر‪ ،‬كحط‬
‫ُب جبل النٌػ ٍقع اجملاكر لببلد بِب طاىر كحارهبم‪ٍ ،‬ب كقع الصلح بْب ا‪١‬بميع‪ ،‬كرجع الناصر بن دمحم إذل‬
‫ذمار فلبث فيو أايمان‪.2‬‬
‫ٍب خرج الناصر إذل ذمار فجمع أحزابو كعب كالسيل عبابو‪ ،‬كخرج على غفلة إذل بِب طاىر فدخل‬
‫مدينة دمت عنوة‪ ،‬كدل يكن ‪٤‬بن فيها كقعة قوة‪ ،‬كهنب كأخرب كألتجأ أىلها إذل ا‪٢‬بصن ُب دمت‬
‫كدخل بعض العسكر دار داكد بن طاىر كفيها أىلو كأكالده‪ ،‬فانتهبها‪.3‬‬
‫كعاد فقصد حصن ىيوة‪ ،4‬فيشى من فيها ا‪١‬بنب فسلموا ا‪٢‬بصن‪ ،‬كىو من ا‪٢‬بصوف الرفيعة كا‪٤‬بعاقل‬
‫ا‪٤‬بنيعة‪ ،‬كلكن أحدث من فيو الذؿ كالرىب كأرىبوا ‪٤‬با كاف عليو ا‪٢‬برب‪.5‬‬
‫كُب سنة ِٖٓىػ كقع الصلح بْب الناصر بن دمحم كبِب طاىر‪.6‬‬
‫كمن خبلؿ ىذا األخبار الٍب كقعت قبل قياـ الدكلة الطاىرية‪ ،‬يتبْب لنا أف حرب الطاىريْب رد‬
‫األئمة الزيدية كاإلماـ علي بن صبلح الدين ٍب من بعده اإلماـ الناصر بن دمحم‪ ،‬كانت نيابة عن بِب‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.361‬‬


‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.361‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.24‬‬
‫‪ 2‬حعن َُوت‪ :‬كصًة يف ز ٔبش حدي ؿساذُا من مسٍصًة ظحاخ من ٔبمعي زذاع و ٔبؾٌلل حمافؼة اًحَضاء‪ ،‬من اًلصى اجملاوزت ًِا فُصكان وكصن كاسس‬
‫ومسوزت‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪ .1622/0 ،‬وكال اًلايض دمحم جن ؿًل الٔهوع‪ََُ :‬وت تفذح اًِاء‬
‫وامليعوزت ودصتة حصاذت ْ‬
‫وسىون اًَاء‪ ،‬تدلت مـَلة يف اًِواء ويه مكـلي بٔص حَ ٔبُهل ابًساكن من بل ؿالو وؿساذُا من خمالف بل ؾٌلز ظحاخ‪ً ،‬لول فهيا اًفلَِ ٔبمحس‬
‫جن كامس اًضايم حيغ ا ٔلمة اًفوضوًني تلعَست هحريت خاء فهيا‪:‬‬
‫ُال سبًٔت معِصا وظالحا * ُي حعال ٌَمسَمني ظالحا‬
‫ٔبو ًُس ٔبمالك املخوح ظاُص* مَىوا زذاع وَُوت وظحاحا‬
‫وزىم ؿًل يف ددان تـسىص* و ٔبظاة ذمت ون صُا اًسفاحا‬
‫ٔبهؼص‪ :‬حاص َة زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.24‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.24‬‬
‫‪ 4‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.361‬‬
‫‪151‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫رسوؿ ُب منطقة رداع كا‪٤‬بناطق الوسطى من إب الٍب كانت تعترب خط الدفاع األكؿ رد التوسع‬
‫دب الضعف ُب الدكلة‬ ‫اإلمامي فيها كُب ا‪٤‬بناطق اجملاكرة ‪٥‬با كببلد ذمار كغّبىا‪ ،‬ككاف األئمة منذ ٌ‬
‫الرسولية قد شددكا ىجماهتم عليها ُب كثّب من مناطق نفوذىا كحٌب هتامة‪ ،‬كيتبْب ذلك من خبلؿ‬
‫ا‪٣‬برب الذم أكرد اه عن تصدم بِب طاىر كا‪٤‬بلك الناصر الرسورل سنة َِٖىػ لئلماـ علي بن صبلح‬
‫الدين صاحب صنعاء كغّبىا من األحداث‪.‬‬
‫فقد كانت حرب الطاىريْب ابتداءن ىو نيابة عن الدكلة الرسولية ُب ذلك الوقت كالٍب كانت ىي الدكلة‬
‫الشرعية ُب اليمن ك‪ٚ‬بضع ‪٥‬با ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بناطق اليمنية كٱباطبها ملوؾ األرض‪ ،‬كتؤيدىا ا‪٣‬ببلفة العباسية ُب‬
‫ذلك الوقت‪.‬‬
‫ٍب إف حرب الطاىريْب لؤلئمة الزيديْب ُب ذلك الوقت كانت عبارة عن دفاع عن مناطقهم كنفوذىم‬
‫كردع للتوسع الزيدم ُب ا‪٤‬بناطق الٍب كانت خارعة لسيطرة الطاىريْب‪ ،‬كىم كالة الدكلة الرسولية‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الثاين‬
‫الصراع بني الدولة الطاىرية واإلمام الناصر صاحب صنعاء‬

‫بعد سقوط الدكلة الرسولية على يدم ا‪٤‬بلكْب اجملاىد علي بن طاىر كأخيو الظافر عامر بن طاىر‪،‬‬
‫كذلك ابستيبلءىم على مدينة عدف كإخراج ا‪٤‬بؤيد آخر ا‪٤‬بلوؾ الرسوليْب منها ُب عاـ ٖٖٓ ىػ‪،1‬‬
‫بدأت األمور تسهل ‪٥‬بم ُب بقية مناطق اليمن كأتتيهم الوفود من القبائل اليمنية مبايعة ‪٥‬بم كمطالبة‬
‫مر معنا‪ ،‬فكاف بعد ذلك استيبلءىم على مدينة تعز ٍب مدينة‬ ‫إايىم ُب بسط نفوذىم على بلداهنم كما ٌ‬
‫زبيد‪.‬‬
‫كُب ا‪٤‬بقابل فإف أطماع اإلماـ الناصر بن دمحم قد بدأت تتسع كخاصة بعد سقوط الرسوليْب فقد أراد‬
‫أف يوسع نفوذه على حساب رعف الرسوليْب كاهنيار دكلتهم‪ ،‬كلكن الطاىريْب كانوا أقدر منو‬
‫ألسباب كثّبة أٮبها أهنم كانوا ‪٧‬بل ثقة أغلب ا‪٤‬بناطق كالقبائل اليمنية الٍب سارعت إلعبلف الوالء ‪٥‬بم‪،‬‬
‫ٍب أهنم كانوا الورثة الشرعيْب للدكلة الرسولية فقد كانوا كالة للرسوليْب ألكثر من نصف قرف ُب أغلب‬
‫ا‪٤‬بناطق الوسطى‪ ،‬كٗبقاـ خط الدفاع األكؿ للتوسع اإلمامي‪ ،‬كأخّبان فإف أطماع اإلماـ الناصر كانت ُب‬
‫ا‪٢‬بقيقة على حساب مناطق بِب طاىر‪ ،‬كالٍب كاف يعلم ا‪١‬بميع أهنا خارعة لنفوذىم منذ زمن بعيد‬
‫كأهنا ببلدىم الٍب كانوا مشاٱبها كزعمائها‪ ،‬فلم يكن ليقبل بنو طاىر توسع اإلماـ الناصر كغّبه من‬
‫مر معنا ذكر صراعهم من أجل ذلك كتصديهم للتوسع‬ ‫األئمة ُب مناطقهم كىم كالة للرسوليْب‪ ،‬كقد ٌ‬
‫اإلمامي خبلؿ فَبة حكم الرسوليْب‪ ،‬فكيف كقد أصبحوا ملوكان لليمن خلفان للرسوليْب‪.‬‬
‫لذا كاف من أىم أىداؼ بِب طاىر اإلستيبلء على مدينٍب رداع كذمار كما حو‪٥‬با من مناطق ما ‪ٙ‬بت‬
‫النقيل كىي ما كانت تعرؼ ابليمن األسفل عند بعض ا‪٤‬بؤرخْب‪ ،‬كذلك للح ٌد من نفوذ الناصر كعدـ‬
‫توسعو ُب ا‪٤‬بناطق الٍب تيعد اتبعة ‪٥‬بم‪ ،‬كُب ىذا ا‪٤‬ببحث فإننا سنتكلم أكالن عن اإلستيبلء على مدينة‬
‫رداع‪ٍ ،‬ب نتكلم بعد ذلك عن استيبلء الطاىريْب على مدينة ذمار‪ ،‬كذلك ُب ثبلثة مباحث كاآلٌب‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬ابتداء الصراع بني بين طاىر واإلمام الناصر يف ادلناطق الوسطى‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬إستيالء الدولة الطاىرية على رداع‬
‫ادلبحث الثالث‪ :‬إستيالء الدولة الطاىرية على ذمار‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.115‬‬


‫‪152‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫ابتداء الصراع بني الدولة الطاىرية واإلمام الناصر‬
‫يف ادلناطق الوسطى‬

‫استمر الصلح الذم ذكر اه كالذم كقع ُب عاـ عاـ ِٖٓىػُبْب اإلماـ الناصر كبِب طاىر ‪٤‬بدة عشر‬
‫سنوات‪ ،‬ككاف كبلن من الطرفْب مشيوؿ إبقامة دكلتو كتثبيت أركاهنا كترسيخ ا‪٢‬بكم ُب ا‪٤‬بناطق الٍب‬
‫‪ٙ‬بت سيطرتو‪ ،‬لذلك دل يرد أاين من الطرفْب استفزاز اآلخر ُب ابدمء نشأة الدكلة الطاىرية‪ ،‬فلم يذكر‬
‫أم أحد من ا‪٤‬بؤرخْب أم أحداث كقعت بْب اإلماـ الناصر كا‪٤‬بلكْب عامر كعلي ابِب طاىر بن‬
‫معورة ما بْب عامي ِٖٓىػ كِٖٔىػ‪.‬‬
‫ٍب أف بِب طاىر ‪٤‬با رأكا أف اإلماـ الناصر قد بدأت أطماعو تتضح ٘باه ا‪٤‬بناطق الٍب كانت ‪ٙ‬بت سلطة‬
‫الدكلة الرسولية‪ ،‬أرادكا أف ٰب ٌدكا اإلماـ الناصر من التوسع ٘باه مناطق نفوذىم‪ ،‬لذا كاف البد ‪٥‬بم كما‬
‫ذكر ا أف يبسطوا كامل نفوذىم على مدينٍب رداع كذمار كما حو‪٥‬بما من ا‪٤‬بناطق الوسطى‪ ،‬ككاف أكؿ‬
‫مواجهة بْب اإلماـ الناصر كا‪٤‬بلكْب ا‪١‬باىد كالظافر ابِب طاىر بعد أتسيس دكلتهما ىي ُب عاـ‬
‫ِٖٔىػ‪.‬‬
‫كقد أكرده ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف القرمطي ُب اترٱبو أحداث ما جرل فقاؿ‪" :‬إف عامر بن طاىر أسعر‬
‫ا‪٢‬برب‪ ،‬كأنو عن نواحيو غّب متواين‪ ،‬كُب ا‪٤‬بقابل خرج اإلماـ بعساكره من كادم لؤلؤة كعربكا قمرة‬
‫ككادم رلع‪ ،‬كقد أصدر من نظر ُب القلعة احملركسة اطلع فرأل فيها األشراؼ كٮبداف‪ 2‬أسود الكفاح‪،‬‬
‫كقد استعدكا اب‪٣‬بيل كالقياس كالنبل كاستبلموا ابلسبلح فحْب علم اإلماـ ذلك أعرض عنهم كنزؿ من‬
‫رلع فبات ُب قرية ذىباف‪ 3‬كسار برجالو كخيلو إذل ذم راف‪ ،‬كأغار من القلعة الرماة كا‪٢‬بماة ككاف‬
‫طريقهم عراـ‪ ،‬كقالوا ال نبلقي الناصر حيث قصد كراـ كقد ‪ٝ‬بع الصنو علي بن ا‪٢‬بسن األحبلؼ كمعو‬
‫عساكر ٮبداف كاألشراؼ كقد أكرمهم كأحسن إليهم كتلقاىم اب‪ٝ‬بل ما يتلقى األرياؼ‪ ،‬كعاد الناصر‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.361‬‬


‫ٔ‬
‫‪ 0‬مهسان‪ :‬امللعوذ هبمسان ُيا يه نٌل رهص اًـالمة دمحم جن ؿًل الهوع‪ :‬مهسان ادلهَا انحِة من ظيـاء يف صٌلًِا‪ ،‬ومهسان ؾيس املؤزذني يه ما‬
‫مشَت يح حاصس وجىِي‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬حاص َة زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.10‬‬
‫‪ 1‬رُحان‪ :‬كصًة من اًسسش اًثاين من تين اذلازج صٌلل ظيـاء تلصة ؿىل مسافة حنو ازين ؾرش هََو مرت ًا ثلصًح ًا‪ .‬خماًَف اٍمين‪ ،‬اسٌلؾَي‬
‫الٔهوع‪ ،‬ض‪.151‬‬
‫‪153‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫إذل صنعاء ٗبن معو من العساكر كرتب فيها‪ ،‬كدخل فيها من ٰبميها‪ ،‬كتوجو ‪٤‬ببلقاة بِب طاىر‪ٍ ،‬ب كقع‬
‫الصلح بينهم‪ ،‬كدخل ٮبداف كمن إليهم ُب صلح ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر‪."1‬‬
‫كقد كانت قبائل ٮبداف حلفاء لبِب طاىر فشملهم ذلك الصلح‪.2‬‬
‫كقد أخرب ٮبداف كثّب من البيوت كالبور عند صنعاء كما حو‪٥‬با كأخربوا ُب رسبلف‪ ،‬كأخربوا إذل ما‬
‫حوؿ صنعاء من البلداف كأما قصر ا‪٤‬بيسر‪ ،‬فإف أىل الدكلة ٯبعلوه إذل كادم رلع كرتبوىم فيو ليكتفوا‬
‫بو شر ٮبداف‪ ،‬فلما كصل كتاب عامر بن طاىر إبنعقاد الصلح سر الناس كتركوا ا‪٢‬برب كحصل‬
‫ابلصلح اإليناس‪.3‬‬
‫كدل تسفر ا‪٤‬بواجهة عن قتاؿ مباشر كمواجهة حقيقية بْب ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر كاإلماـ الناصر‪ ،‬بل‬
‫انتهت ابلصلح بينهما كما ذكر ا‪ ،‬ففي احملرـ أك صفر من سنة ِٖٔىػ‪ ،‬نزؿ اإلماـ الناصر دمحم‬
‫صاحب صنعاء من بلده قاصدان احية جنب بلد بِب طاىر‪ ،‬فتلقاه ا‪٤‬بلك الظافر كقاكمو‪ ،‬كاصطلحا من‬
‫غّب قتاؿ كرجع الناصر صاحب صنعاء إذل بلدهْ‪.‬‬
‫كلكن يبدك أف ىذا الصلح دل يكن صلحان هنائيان أك أنو دل يكن اتفاقية ملزمة‪ ،‬فسرعاف ما قامت ا‪٢‬برب‬
‫بْب الطرفْب الطاىريْب كاإلماـ الناصر بعد سنة كبضعة أشهر تقريبان‪٩ ،‬با يدؿ على أف الصلح بْب‬
‫الطرفْب كاف مؤقتان‪.‬‬
‫"ففي رجب أك ُب شعباف من سنة ّٖٔىػ‪ ،‬قامت ا‪٢‬برب بْب صاحب صنعاء كا‪٤‬بلكْب ابِب طاىر‪،‬‬
‫كما ذكر ذلك العبلمة ابن الديبع‪ ،‬كىجم األمّب زين الدين جياش السنبلي على ‪٧‬بطة صاحب‬
‫صنعاء‪ ،‬كقتل من أصحابو ‪ٝ‬باعة كأخذ خيلهمٓ‪.‬‬
‫كيذكر ابن األنف القرمطي أحداث ما جرل بْب ا‪٤‬بلك عامر كاإلماـ الناصر فيقوؿ‪" :‬أف ا‪٤‬بلك عامر‬
‫‪ٝ‬بع العساكر كقاـ ٕبرب الناصر قومة ا‪٤‬بسارع ا‪٤‬ببادر كخرج إذل ببلد عنس‪ 1‬كما إليها فعاث ُب الببلد‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.60‬‬


‫‪ 0‬رهص ُشا اًخحاًف تني مهسان وتين ظاُص اجن ا ٔلهف اًلصمعي يف نخاتَ زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬وكس اكن املكل اًيارص اًصسويل كس‬
‫حاًف تني اًض َخ ظاُص جن مـوضة و ٔبدَِ اذلسني جن اذلسن واذلي اكن حيُك مهسان يف ركل اًـرص‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‬
‫اًلصمعي‪ ،‬ض‪.42‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.63‬‬
‫‪ 2‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬حتلِق ذ‪ً .‬وسف صَحس ض ‪ ،105‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن‬
‫موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا اذلخيش ض ‪.022‬‬
‫‪ 3‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬حتلِق ذ‪ً .‬وسف صَحس‪ ،‬ض ‪.105‬‬
‫‪154‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كأخرب فيها‪ ،‬كتسلم خبج من يزبيد‪ 2‬كنواحيها‪ ،‬كدل يبقى فيها إال موارع قليلة كامتنعت ‪٢‬بصانتها‬
‫ك‪ٞ‬باية أىلها‪ ،‬كقاتلوا من ‪١‬بأ إليها كأداركا دائرة السوء عليها‪.‬‬
‫ككفد كبار عنس إذل اإلماـ الناصر يصطرخوف كيقولوف‪ :‬إف عساكر عامر قد قربت من ذمار فالبدار‬
‫البدار‪ ،‬قبل أف يسبقوؾ إذل مدينة ذمار‪ ،‬كأيتونك من كرائك فبل ٲبكنك منهم اإلنتصار‪ ،‬فرفع الناصر‬
‫خيامو ك‪٧‬بطتو كأسرع إذل ببلد عنس غارتو‪ ،‬خشية أف يبادر عامر فرصتو ككقع بينهم القتاؿ ُب تلك‬
‫الببلد‪ ،‬ككصل ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر إذل أخيو ُب خيل هتامة مع ا‪١‬بياد كرجا‪٥‬با السمادعة‬
‫األجواد فوقفنا ٕبد الناصر‪ ،‬فلما كاف الليل كثبت بنو طاىر على الناصر إذل ‪٧‬بطتو كانتهى أكائل‬
‫عسكرىم إذل قرب خيمتو كقتلوا ‪ٝ‬باعة عند ا‪٣‬بيمة كخرج ابن علي بن الكامل فقاتل عند خيمة‬
‫الناصر كانتدل كرفع صوتو ابإلىَباء‪ ،‬فاجتمع إليو من اجتمع كشجع من تشجع‪ ،‬كأتى إليو من على‬
‫ا‪٥‬برب أزمع‪ ،‬كحٌب كاف أصحاب الناصر ٮبوا ابلفرار فلم ٯبدكا إليو سبيبلن‪ ،‬كقد أحاط هبم عسكر بِب‬
‫طاىر من ‪ٝ‬بيع األقطار‪ ،‬فلما كاف الصباح رجع كل من مع بِب طاىر إذل مكاهنم ُب احملطة‪ ،‬كأقرء ‪٥‬بم‬
‫بنو طاىر ا‪٣‬بطة‪.‬‬
‫كقد كاف عامر لقي القوـ أرادكا أف يشحنوا حصن ىيوة أبمر الناصر فلزمهم ‪ٝ‬بيعان كأخذ ما معهم من‬
‫الطعاـ‪ ،‬كزقم ابن الشريف منصور‪ ،‬ككصل كأنو يعلمنا بذلك أعز هللا نصره كأمضى أمره‪ ،‬ككصل إذل‬
‫بِب طاىر عطيفة بن ا‪٤‬بنتصر‪ ،‬ككاف ‪٤‬بودهتم يظهر خبلؼ ما عليو أخوه دمحم بن ا‪٤‬بنتصر فخاطب ابِب‬
‫علي بذلك ا‪٤‬بنة‪ ،‬فأجاابه إذل ما طلب‪ ،‬ككاف أدلٌ مع بعض أكالد عامر بن‬ ‫طاىر اب‪٥‬بدنة كقاؿ لكما ٌ‬
‫طاىر‪ ،‬فأجاب إذل الصلح فهو لذلك السبب‪.‬‬
‫ككاف الناصر قد أهتم أكرب أىل عسكره كمقدمتو أف ابن طاىر بذؿ ‪٥‬بم ُب اف يفتكوا بو أك برمتو‬
‫يسلموه‪ ،‬فأحسن بنو طاىر إذل عطيفة بن األمّب كأعطوه بييتو من الذىب كا‪٢‬برير‪ ،‬كعاد الناصر إذل‬

‫‪ 1‬ؿًس‪ :‬خمالف مضِوز‪ ،‬وًسذي حتخَ الان نثري من اخملاًَف‪ ،‬مثي خمالف حدي ادلاز وخمالف إسخِي وخمالف مٌلشت‪ ،‬وؿًس ًلة سًس‬
‫جن ماكل جن ٔبذذ جن سًس جن ٌضجة جن ؾصًة جن سًس جن وِالن‪ ،‬وماكل ًحَ مشجح ٔبتو كدَةل من اٍمين من مشجح‪ ،‬وًلال إهَ مًسوة ًـًس‬
‫جن سًس جن سسذ جن سزؿة جن س حبٔ ا ٔلظلص‪ ،‬وُو خمالف هفُس نثري ارلري‪ ،‬ؾخَق ارلَي‪ ،‬نثري ا ٔلؾياة واملزازع واملبٓثص‪ ،‬تَ تٌُون وُىص‬
‫وكعوز كس مضن رهصُا نخاة الٕلكَي‪ ،‬ومهنا مساكة وتوسان وزمخة وحدي ًحؤت جن ؿًس‪ ،‬وحدي إسخِي مٌلسم هعفني فٌعف إىل خمالف‬
‫زذاع وهعف إىل خمالف ؿًس‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬خماًف اٍمين‪ ،‬اسٌلؾَي الٔهوع‪ ،‬ض‪.15،22‬‬
‫‪ُ 0‬ستَس تضم اًزاي‪ ،‬إحسى اًلدائي املشجحَة املضِوزت وُشٍ ستَس ؿًس‪ ،‬و ُد َدج تضم ارلاء وفذح اًحاء‪ ،‬تدلت ؿامصت يف ؿًس رشيق حٌوة رماز‬
‫ومن اؾٌلل رماز‪ ،‬واًرباق كصًة ُياك وًِشا ثلول ا ٔلؾصاة ددان واًرباق ٔبسٌلن مذالسمان‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬حاص َة زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن‬
‫ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ثـََق اًلايض دمحم جن ؿًل الٔهوع‪.‬‬
‫‪155‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫حجر‪ ،1‬كنزؿ ا‪٤‬بلك اجملاىد علي‬


‫ذمار‪ ،‬كبنو طاىر إذل ببلدىم‪ ،‬فوقف ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر ُب ٍ‬
‫بن طاىر إذل هتامة لصبلح ما ىنالك من أمر‪."2‬‬
‫استيالء الناصر على حصن كحالن‪ :3‬كاف اليىز ُب ذمار ككثّب ‪٩‬بن عندىم قد أركنوا عامر بن طاىر‬
‫ككعدكه أف أيخذكا الناصر إذا خرج إذل صبلة ا‪١‬بمعة برمتو‪ ،‬كيسلموه إذل بِب طاىر حْب قيامو ‪٣‬بطبتو‬
‫فهم بذلك الرأم ٰبكموف‪ ،‬كألمره يربموف إذ جاءىم علم كحبلف‪ ،‬كاستيبلء القاري علي بن أيب‬
‫ا‪٢‬بسْب اليحّبم عليو فارتعدت فرائص الناس ككجلت قلوهبم ُب كل مكاف‪ ،4‬كقد كاف حصن كحبلف‬
‫من أمبلؾ كحصوف الدكلة الطاىرية‪.‬‬
‫كقد كاف استيبلء اإلماـ الناصر على حصن كحبلف بواسطة حلفائو‪ ،‬كبسبب خيانة حصلت من قبل‬
‫حراسات ا‪٢‬بصن ُب شهر رجب من سنة ْٖٔىػ‪ ،‬كذلك بعد القتاؿ الذم جرل مع ا‪٤‬بلكْب علي‬
‫ٓ‬
‫ررم ُب رداع كالٍب جرت ُب نفس عاـ ْٖٔىػ‪.6‬‬ ‫كعامر ابِب طاىر ‪ ،‬كقبل موقعة ى‬
‫كيذكر ابن األنف القرمطي األسباب الٍب أدت إذل سقوط حصن كحبلف بيد اإلماـ الناصر ك‪ٛ‬بكن‬
‫أعوانو من اإلستيبلء‪ ،‬فيقوؿ‪" :‬كسبب ذلك أف عامر بن طاىر بذؿ ليحي بن عباس على أف ٲبيل إليو‬

‫‪ 1‬جحْص‪ :‬من كدائي رو زؿني من محري‪ ،‬ومه تيو جحْص جن ري زؿني وامسَ ٍصمي جن سًس جن سِي جن معصو جن كُس جن مـاوًة جن حضم جن‬
‫ؾحسمشس‪ ،‬إٍهيم ًًسة بل اذلجصي ٔبُي واذي تيا يف اًسست مهنم املؤزد اًًساتة اًلايض دمحم جن ٔبمحس اذلجصي مؤًف نخاة ٍلوع تدلان‬
‫وكدائي اٍمين‪ ،‬وصلَِ اًصئُس اًلايض اًـالمة ؾحسهللا جن ٔبمحس اذلجصي وُو ؿامل فاضي ثوىل ٔبؾٌللً حىومِة‪ ،‬ومن اولذٍ ٔبمحس جن ؾحسهللا‬
‫اذلجصي اذلي اكن حمافؼ ًا ًخـز‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪ ،217/1 ،‬وكال اًـالمة اسٌلؾَي الٔهوع‪ :‬جحص ظلؽ ًلؽ إىل‬
‫اًضٌلل من حدي اذلضا‪ ،‬وميخس صٌل ًل إىل ا ٔلؾضوز‪ ،‬ورشك ًا إىل اًضـَة‪ ،‬ومٌَ كـعحة وهواحهيا‪ ،‬وكال اذلجصي يف ٍلوع تدلان اٍمين وكدائَِا‪:‬‬
‫تالذ جحص يه املـصوفة اًَوم تحالذ اًَويب‪ ،‬وسبًٔت ؾيَ تـغ اًـازفني فلال‪ٔ :‬بهَ مىون من محص اًساذت ومحص ٔبتو ُسال ومحص اًضـة واًسلمة‬
‫واًلوس‪ ،‬وكال الٔهوع‪ :‬وجحص ُشٍ جسمى جحص زؿني‪ ،‬ومهنا ؿَوان ادلحسزي من ٔبؾَان املائة اًساتـة وهل رهص يف اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ٔ .‬بهؼص‪:‬‬
‫خماًَف اٍمين‪ ،‬اسٌلؾَي الٔهوع‪ ،‬ض‪.12‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.100‬‬
‫‪ 1‬حعن وحالن‪ :‬وحالن ري زؿني وُو مصنز إذازي من مسٍصًة اًصمضة و ٔبؾٌلل حمافؼة إة‪ً ،‬لؽ رشيق مسًية ٍصمي مبسافة ‪ 01‬هََو مرت‪،‬‬
‫مسي وس حة إىل وحالن جن منصان جن ُفان اًصؾَين من ودل ٍصمي ري زؿني الٔنرب جن سِي جن سًس جن معصو جن كُس جن مـاوًة جن مشس جن‬
‫وائي جن زسذذ جن سزؿة جن س حبٔ ا ٔلظلص‪ً ،‬ـس من املياظق ا ٔلثصًة اًِامة وفَِ حعن مٌسثص‪ ،‬واكن ا ٔلمري ٔبسـس جن ٔبيب ًـفص اذلوايل كس‬
‫اس خوظن وحالن ري زؿني واختشُا كاؿست ملمَىذَ‪ ،‬حِر اس خلص هبا من س ية ‪ُ124‬ػ‪ ،‬إىل ٔبن ماث هبا س ية ‪ُ110‬ػ‪ ،‬وكس هلي حامثن ا ٔلمري‬
‫ٔبسـس إىل صاُصت مبيعلة ضالع مهسان ابًلصة اًضٌليل من ظيـاء حِر ذفن يف ثس خاهَ املوكوف ؿىل ادلامؽ اًىدري تعيـاء‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم‬
‫اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1112/0 ،‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.101‬‬
‫‪ 3‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،105‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.101‬‬
‫‪ 4‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،322‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،104‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.106‬‬
‫‪156‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ماؿ‬
‫من أجانب الناصر كقد أراد القياـ على القاري كما إليو من الببلد كمالو ٰباكر‪ ،‬ككرع لو عطاء ى‬
‫إليو قلبو كاشتاؽ إليو‪ ،‬كفيو ما يعجبو فسار ٰبي إليو مبادران‪ ،‬كدل يكن على حصن كحبلف ‪٧‬باذران‪.‬‬
‫فحسده ابن عمو دمحم بن جسار‪ ،‬كقاؿ‪ :‬أ ا شريكو ُب الدرىم كالدينار كىؤالء بنو طاىر قد أقبلوا عليو‬
‫كتركوين ظهراين‪ ،‬كلنا قسيمو كمشاركة‪ ،‬كقد استأثر ٗبا يصل إليو كدل يعطِب شيئان فحصل التسهيل ُب‬
‫حراسة كحبلف‪ ،‬كقد سار أجواد رتبتو مع ٰبي يرموف أف ينيلهم معو اإلحساف‪.‬‬
‫ككاف ‪ٝ‬باعة من أىل بلد كحبلف قد قلت آداهبم كصار السرؽ عملهم كالفساد ُب الببلد دأهبم‪،‬‬
‫فعاقبهم ٰبي أشد العقوبة كدل يقبل ‪٥‬بم أبدان توبة‪ ،‬فكانوا ُب عساسة كحبلف راتبْب‪ ،‬أم حراسات‬
‫منتظمة ‪٢‬براسة حصن كحبلف‪ ،‬كُب إزالة بِب ا‪٤‬بعمرم منو راغبْب‪ ،‬كقد بذؿ ‪٥‬بم القاري بن أيب ا‪٢‬بسْب‬
‫البدائل كىو ‪٥‬بم على أخذ حصن كحبلف متيافل‪ ،‬فما برحوا ُب ذلك كال زالوا كعليو إذا ‪ٝ‬بع أمرىم‬
‫إليو آلوا‪ ،‬كجاءت إذل دمحم بن جسار النذارة‪ ،‬أف ٰبرس كحبلف كٯبمع إليو الرجاؿ‪ ،‬قبل كثوب أىل‬
‫العدكاف‪ ،‬كقبل أف يطلع ‪ٝ‬باعة من مزيج‪ ،‬كاحَبزكا على العهدة قبل أف يصّبكا ُب أمر مريج‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬
‫كأمر ٰبي بن عباس لو من ا‪٤‬بلوؾ اليُب ك‪٫‬بن نبعث ُب ريافة من أتى إلينا كسعى‪ ،‬كجاءت إليهم كتب‬
‫ٗبا ذلك معناه‪ ،‬فلم يفتح دمحم بن جسار الكتب‪ ،‬كال نظر إذل تلك الورؽ‪ ،‬حٌب فتحها القاري بعد أف‬
‫طلع إذل رأس كحبلف كحلق‪.‬‬
‫ك‪٤‬با كاف ُب بعض الليارل رجب من سنة ْٖٔىػ جاء إذل القاري من أىل بلد كحبلف الطاغوف كقالوا‬
‫إ ا كلينا على كحبلف العساسة أم ا‪٢‬براسة‪ ،‬ككجد ا من فيو ليس ‪٥‬بم حراسة‪ ،‬كقد غاب خيارىم مع‬
‫ابن عباس‪ ،‬فبادر قبل أف يرجعوا كيكوف ‪٥‬بم اإلحَباس‪.‬‬
‫فجمع القاري من لديو كأظهر أنو قاصد ‪٤‬بوكل‪ ،‬ككانوا قد هنبوا عسكره قبل ذلك كىرب عنو خوفان‬
‫قبل أف يقتل‪ٍ ،‬ب استحلف من معو أهنم على رأم كلو أكردىم البحر‪ ،‬ككتم عنهم ذلك األمر‪ ،‬كسار ُب‬
‫ليلة ظلماء قد طبق فيها السحاب كاهنمر السماء فلما صار إذل القوفعة‪ ،1‬طرؼ جبل أسس كعرفوا‬
‫أف ا‪٤‬بداد كحبلف جبنوا كأرجفوا‪ ،‬كقالوا‪ :‬ىذا أمر ما سهل كال ىاف فخطبهم ا‪١‬بماعة اليادركف‪ ،‬كقالوا‪:‬‬
‫ال رّب عليكم فنادكا لتكونوا اليالبْب كالظافرين فشجعوىم كحظوىم كأطلعوىم‪ ،‬فلما قربوا من ا‪٢‬بيد‬
‫فشلوا ككقفوا عن الطلوع كنكلوا‪.‬‬

‫‪ 1‬اً َلوفـة‪ :‬تفذح اًلاف تدلت من ؾزةل صزيز‪ٔ .‬بهؼص حاص َة اًلايض دمحم جن ؿًل الٔهوع ؿىل زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪157‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫فطلع ا‪١‬بماعة أىل العيب مبادرين كقد نصبوا سلمان ليطلعوا فيو‪ ،‬كطلع من بعدىم دمحم بن أيب ا‪٢‬بسْب‬
‫كبعده العسكر على توالية‪ ،‬كأسقط قوـ بيضة من ا‪٢‬بديد من رأس السلم‪ ،‬كأراد أف يينبو من ُب ا‪٢‬بصن‬
‫كيعلم‪ ،‬فلم يكن من أىل ا‪٢‬بصن حركة بل أهنم ُب ا‪٤‬بناـ حٌب أرأس القوـ عليهم ابإلعتزاـ‪ ،‬كأكثر الناس‬
‫ُب ا‪٤‬بسجد رقود‪ ،‬كدمحم بن جسار كالنساء كاألطفاؿ ُب القصر ىجود‪ ،‬ككانت انتبهت بنت دمحم بن‬
‫جسار إمرأة ٰبي بن عباس كقالت‪ :‬معنا الرحى العساس‪ ،‬كقالت إمرأة دمحم بن جسار‪ :‬أرقدم فما‬ ‫ٌ‬
‫عليك من أبس‪ ،‬فلم يشعركا إال كالقوـ ُب داخل ا‪٢‬بصن‪ ،‬كدخلوا بيت ا‪٤‬بهتار‪ ،‬فضربوا الطبل كجاءهتم‬
‫العساكر‪ ،‬كاجتمعت إليهم القبائل كالعشائر‪ ،‬كدخل أىل مزيج ميربين حٌب كادكا يصلوا الباب‪ ،‬ككاف‬
‫قد ألتقاىم أخو القاري ُب عسكر معو فردكىم على األعقاب‪.1‬‬
‫فوقف القاري اليحّبم ابن أيب ا‪٢‬بسْب ساعة ُب ا‪٤‬بيداف كدخل العمارم ٱباطب ُب األماف‪ ،‬فأمن‬
‫القاري النساء كأسر الرجاؿ الكبار من ا‪٤‬بعامرة كاألطفاؿ‪ ،‬كأرسل هبم إذل مصنعة بِب قيس‪ ،‬فقيدىم‬
‫كُب ا‪٢‬بديد صفدىم كىم دمحم بن ٰبي كبنو جسار ثبلثة كإدريس بن دمحم بن عمراف ككلهم مصفدكف‪،‬‬
‫إال ٰبي بن عباس األصير‪ ،‬كيسمى الناصر بن عباس فلم يقيد لكونو طفبلن‪ ،‬كقاؿ يَبؾ ُب ىذا األكاف‬
‫كٱبلى‪ ،‬كجعل عليهم مع القيود الرسم ‪٩‬بن معو ُب ا‪٣‬بدـ‪ ،‬كأطلق النساء ٍب ندـ على إطبلقهن ك‪ٛ‬بُب لو‬
‫أنو عمل على كاثقهن‪.‬‬
‫ك‪٤‬با كصل العلم إذل ٰبي بن عباس كىو مع ا‪٤‬بلوؾ بِب طاىر ُب ا‪٤‬بخيم كعلي كعامر ‪٦‬بتمعاف كبنو داكد‬
‫ُب ا‪١‬بيش األعظم‪ ،‬فنزؿ اببن ا‪٤‬بعمرم بذلك الببلء ا‪٤‬بربـ‪.‬‬
‫كخرج علي كعامر ٗبن معهما من العساكر‪ ،‬كقيل ‪٥‬بما أف قصر كحبلف دل يصل إليو أحد‪ ،‬كأنو ‪٧‬بفوظ‬
‫حٌب يصل إليو ا‪٤‬بدد‪ ،‬فقاال‪ :‬إذا القصر ‪٧‬بفوظ ي‪ٞ‬بلنا إذل حيد ا‪٣‬بطر كأطلعنا إليو الرجاؿ‪ ،‬كلو تناكلو ا‬
‫كأدلو ا اب‪٢‬بباؿ‪ ،‬فواصبل بعسكرٮبا إذل الربكة عند بِب قيس كمن معهما‪ ،‬ككاف القاري ‪٤‬با أستوذل على‬
‫الطود األشم‪ ،‬قد نزؿ إذل ًم ًزيج كجاء يعبية الطاىرم‪ 2‬من ذمار‪ ،‬كقد أمره الناصر للقاري مادة‪ ،‬كقد‬
‫أمره أف ٲبده كيرسل إليو أجناده‪ ،‬فلقيهم أىل مزيج ابإلذعاف كسألوىم األماف‪ ،‬فأمنهم القاري كأمر‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.101‬‬


‫‪ 0‬ؾُحَة وًلال هل ؾُحَة اًعاُصي من تالذ تين ظاُص وكس ثلَحخَ ا ٔلحوال إىل ٔبن كذي مؽ الٕمام اًيارص نٌل س َبٔيت ركل‪ ،‬ويف مسًية رماز تُت‬
‫ًلال هل تُت ؾُحَة ًـَِم من ؾحَة ُشا‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬حاص َة اًـالمة الٔهوع ؿىل زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪ .32‬وكال امللحفي‪ :‬بل‬
‫ؾحَة كدَةل يف واذي ضالع مهسان ابًضٌلل اًلصيب من ظيـاء تيحو ‪ٔ 6‬بهَال‪ً ،‬ـخلس ٔبن ا اهخلَت يف ا ٔلظي من هوايح مسًية رماز‪ .‬مـجم‬
‫اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪ .1211/0 ،‬وؾُحَة ٔبًض ًا ٔبزست يف كصًة اًلوًني من تالذ اذلحُض َة من مسٍصًة ذمت نٌل مسـت تشكل‪.‬‬
‫‪158‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٖبراب الدرب كما فيو من األحجار‪ ،‬كقد كنا عمر اه عمارة أكيدة كراعفنا فيو ا‪١‬بدار كقلنا ىذا يرد‬
‫ا‪٤‬بلوؾ الكبار‪ ،‬كإ٭با ذلك إذل جنب كحبلف إذ ىو حصنو الشامخ الرفيع األركاف‪.‬‬
‫فأسرع القاري كمن إليو ُب خراب الدرب كقالوا ىذا عامر بن طاىر يركـ على بِب قيس ا‪٢‬برب‪ ،‬كتركوا‬
‫ما بقي من الدائر كاثركا ميّبين كىم ‪٩‬با قد صاركا إليو من الطاغْب ا‪٤‬بتكربين‪.‬‬
‫ك‪٤‬با كجد بنو طاىر قصر كحبلف قد تسلمو القاري رجعوا إذل ببلدىم بعساكرىم ك‪ٝ‬بيع من معهم من‬
‫أبنائهم كعشائرىم كٰبي بن عباس ا‪٤‬بعمرم‪ ،‬كىو لًما صار معو من الضيق ال يستطيع الصرب كال‬
‫يطيق‪."1‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.101‬‬


‫‪159‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫إستيالء الدولة الطاىرية على رداع‬

‫مر‬
‫كانت مدينة رداع قبل أف تكوف بيد اإلماـ الناصر من ا‪٤‬بناطق الٍب تيعد من مناطق بِب طاىر‪ ،‬كما ٌ‬
‫معنا أف أمراء ا‪٤‬بلك الظاىر الرسورل قد استولوا على حصن رداع أبمره‪ ،‬كتركوه ُب أيدم بِب طاىر منذ‬
‫سنة َْٖىػ‪ ،‬ككاف بنو طاىر قد عينوا على رداع من قبلهم على حصن رداع رٰباف بن سعيد عندما‬
‫‪١‬بأ إليهم خوفان من ٮبداف كجعبل لو فيو ا‪٢‬بل كاإلبراـُ‪.‬‬
‫إال أف حصن رداع سرعاف ما سقط ُب يد اإلماـ الناصر عندما كاف رٰباف بن سعيد كاليان على رداع‬
‫من قبل بِب طاىر كذلك جراء ا‪٣‬بيانة الٍب حدثت من صهره علي بن الكامل‪ ،‬كانتقض الصلح بينو‬
‫كبْب بِب طاىر‪ ،‬كصار ما عقدكه إذل انقطاع‪ٍ ....،‬ب أف الناصر صاحل بِب طاىر‪ ،2‬كالراجح أف كاقعة‬
‫استيبلء اإلماـ الناصر على رداع كاف ُب أكاخر سنة ْٕٖىػّ‪.‬‬
‫ٍب خرج الناصر إذل ذمار سنة ْٖٖىػ‪ ،‬فجمع أحزابو كعب كالسيل عبابو‪ ،‬كخرج على غفلة إذل بِب‬
‫طاىر فدخل مدينة دمت عنوة‪ ،‬كدل يكن ‪٤‬بن فيها كقعة قوة‪ ،‬كهنب كأخرب كألتجأ أىلها إذل ا‪٢‬بصن‬
‫ُب دمت كدخل بعض العسكر دار داكد بن طاىر كفيها أىلو كأكالده‪ ،‬فانتهبهاْ‪ٍ ،‬ب قصد حصن‬
‫ىيوة‪ ،‬كىو حصن ُب مديرية صباح من أعماؿ رداع‪ ،‬فيشى من فيها ا‪١‬بنب فسلموا ا‪٢‬بصن‪ ،‬كىو من‬
‫ا‪٢‬بصوف الرفيعة كا‪٤‬بعاقل ا‪٤‬بنيعة‪ ،‬كلكن أحدث من فيو الذؿ كالرىب كارىبوا ‪٤‬با كاف عليو ا‪٢‬بربٓ‪.‬‬
‫كعندما استوذل بِب طاىر على السلطة كأقاموا دكلتهم على أنقاض دكلة بِب رسوؿ‪ ،‬جرت بينهم كبْب‬
‫اإلماـ الناصر أحداث ككقائع‪ ،‬جعلت اإلماـ الناصر ٱبشى على دكلتو من نفوذ الدكلة الطاىرية‬
‫ا‪٤‬بتسارع ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى‪.‬‬
‫دل يسكت الناصر على ذلك األمر فقد بدأ ابإلستعداد ‪٢‬برب الطاىريْب‪ ،‬خاصة كأنو قد بدأ ٱبشى‬
‫على نفسو من التوسع الطاىرم ُب ا‪٤‬بناطق اليمنية‪ ،‬كال سيما بعد كقوع مدينة الشحر كحضرموت‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.12‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.21‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.361‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.24‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.24‬‬
‫‪161‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كظفار ‪ٙ‬بت سيطرة الدكلة الطاىرية‪ ،‬كأغلب ا‪٤‬بناطق اليمنية كدل يبقى ‪٥‬بم إال ذمار كمناطق اليمن‬
‫األعلى كصنعاء كصعدة كعمراف كحجة كغّبىا ‪٩‬با حو‪٥‬با‪ ،‬لذلك بدأ اإلماـ الناصر إبعداد العدة‬
‫لئلستيبلء على مناطق الطاىريْب كتوسيع نفوذه‪.‬‬
‫موقعة رضم‪ :‬ررم منطقة تقع ابلقرب من مدينة رداع‪ ،‬كقد جرت فيها معركة شهّبة بْب بِب طاىر‬
‫كاإلماـ الناصر بن دمحم‪" ،‬ففي شهر رمضاف من سنة ْٖٔىػ كصل اإلماـ الناصر دمحم من صنعاء ُب‬
‫عساكر كثّبة إذل جهة بِب طاىر‪ ،‬فلقيو ا‪٤‬بلك الظافر ُب مورع ييقاؿ لو رفعُ‪.‬‬
‫كذكر العبلمة ابن الديبع مؤرخ الدكلة الطاىرية أف ا‪٤‬بورع الذم التقيا فيو إ‪٠‬بو ىررم كىو مورع ُب‬
‫ظاىر مدينة رداع‪ ،‬كما ذكر ذلك العبلمة دمحم بن علي األكوعِ‪.‬‬
‫كنرجع إذل خرب الوقعة الٍب كانت بْب الناصر صاحب صنعاء كبْب ا‪٤‬بلك الظافر كلبياف ما جرل ُب‬
‫ىذه الواقعة نَبؾ ركاية ما حدث للعبلمة ا‪٤‬بؤرخ عبدالر‪ٞ‬بن الديبع مؤرخ الدكلة الطاىرية فهو أقرب إذل‬
‫ا‪٢‬بدث منا‪ ،‬يقوؿ ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬كفيها أم ُب رمضاف سنة ْٖٔىػ‪ ،‬أقبل صاحب صنعاء ُب‬
‫عسكر إذل بلد ا‪٤‬بشايخ فخرج ا‪٤‬بلك الظافر مبادران إذل مبلقاتو قبل تكامل العسكر فالتقت الفئتاف‬
‫ٗبورع يسمى ررم فاستظهر أىل صنعاء لكثرهتم كحصل ُب العسكر الظافرم جولة قتل فيها الشيخ‬
‫دمحم بن طاىر ُب ‪ٝ‬باعة‪ ،‬كقتل من أىل صنعاء ‪ٝ‬باعة منهم ابن كامل ا‪٤‬بشهور كقتل منهم سلطاف‬

‫‪ 1‬اٌَعائف اًسًِة يف ٔبدداز املٌلكل اٍمييَة‪ ،‬اًـالمة دمحم جن إسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬حتلِق ا ٔلس خار ذادل ا ٔلرزؾي‪ ،‬ض ‪.162‬‬
‫‪ 0‬زمض‪ً :‬لول اًـالمة دمحم جن ؿًل الٔهوع‪ :‬زمض تفذح اًصاء وهرسُا مث ضاذ مـجم وممي‪ ،‬موضؽ يف ػاُص مسًية زذاع‪ ،‬ورهصٍ ًسان ا مين يف‬
‫ٍ‬
‫ظفة حزٍصت اًـصة‪ ،‬وكس ومهيا يف كصت اًـَون وثومهيا ٔبن ا اًصمضة وكس حصحيا ركل يف اًعحـة اًثاًثة‪ٔ .‬بهؼص حاص َة‪ :‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة‬
‫ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪ .104‬ومن ابة ا ٔلماهة اًـَمَة فإهيا هيلي كول الٔهوع زمحَ هللا اًساتق يف امللعوذ مبوضؽ زمض يف حاص َة‬
‫كصت اًـَون‪ ،‬كال زمحَ هللا‪ :‬ا ًَصمض يف ا ٔلظي اذلجازت واًعروز اجملمتـة وُشا املوضؽ ُو ما ٌسمى اًَوم اًصمضة ويه كصًة هحريت راث سوز‬
‫ثعي ؿىل واذي س حان ويف رشكِا حعن ٔبوسة املضِوز ورهصٍ ايكوث وؿساذُا من خمالف ددان اًرشكِة املصتوظة مبسًية ٍصمي ويه حٌوة‬
‫كصًة اذلازي املضِوزت يف ؾرصان‪ٔ .‬بهؼص حاص َة‪ :‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬حتلِق اًـالمة دمحم جن ؿًل‬
‫الٔهوع‪ ،‬ض ‪ .322‬مالحؼة من اًاكثة‪ً :‬وخس ماكن ٌسمى زضام ًلؽ تني كصًة ضَق زوابن وحدي حبضان من تالذ جحاح مسٍصًة خنب‪ ،‬ومن‬
‫ادلسٍص ابذلهص ٔبن امللصاهة ؿامصة تين ظاُص ثلؽ ٔبًض ًا يف تالذ جحاح‪ ،‬ول ًفعي تُهنٌل سوى سَسةل حدََة ثـصف ابمس اًىوال واملرشفة ل‬
‫ثخـسى ‪ 12‬هََومرت مصتؽ‪ ،‬وكصن ا ٔلسس كصًة اتتـة ًحالذ اًـصص من ٔبؾٌلل زذاع‪ ،‬ويه ثلؽ يف هفس ارلط املوظي إىل تالذ جحاح‪ ،‬وهبشا جنس‬
‫ٔبن ُياك ثلازة تني مٌعلة زضام يف جحاح واًيت ثلؽ يف اًوسط تني امللصاهة ؿامصة ادلوةل اًعاُصًة‪ ،‬وكصن ا ٔلسس احملعة اًـسىصًة اًيت ٔبمص‬
‫تخٌاءُا املكل ؿامص جن ظاُص‪ ،‬ويف ثعوزي ٔبن ا امللعوذت مباكن املـصنة ذاظة إرا ؿَميا ٔبن تالذ زايم واًيت اوسحة إٍهيا ؿامص يه حمارًة‬
‫وجماوزت ًحالذ جحاح ٔبًض ًا من هجة اًرشق‪ ،‬وُشا ُو املصحج ؾيسي‪.‬‬
‫‪161‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ا‪١‬بوؼ علي بن ‪٨‬بارش الذم كاف ‪٧‬بسوابن عندىم ٗبائة فارس‪ ،‬طعنو ا‪٥‬بماـ الضرغاـ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‬
‫عبدالوىاب بن داكدُ‪" ،‬طعنة دل بسمع ٗبثلها‪ ،‬فإنو طعنو ُب رقبتو فقطع حلقومو كمريوِ‪.‬‬
‫كقتل من أصحاب ا‪١‬بوؼ‪ٝ 3‬باعة‪ ،‬كقيتل الشيخ دمحم بن طاىر أخو ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظاىر ٗبكاف‬
‫يسمى ررم‪ ،‬كأسر ُب ىذه الوقعة الفقيو عبدالصمد بن دمحم كلبث ُب السر سنْب‪ٍ ،‬ب خلصو هللا تعاذل‬
‫بربكة سلفو من غّب سعي ُب فكاكو"ْ‪.‬‬
‫كيسرد أيضان أحداث ىذه الواقعة العبلمة كماؿ الدين موسى الذؤارل الزبيدم ُب كتابو اتريخ مدينة‬
‫زبيد كىو ‪٩‬بن عاصر ىذه األحداث كالوقائع‪ ،‬يقوؿ ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬كُب سنة ْٖٔىػ اجتمع عساكر‬
‫الزيدية مع إمامهم الناصر صاحب صنعاء ك٘باكزكا ا‪٢‬بدكد الٍب إذل جهة ا‪٤‬بشايخ فاسرع الظافر النهضة‬
‫إليهم قبل اجتماع عساكره كابىتهم فحمل عساكر صنعاء على أصحاب ا‪٤‬بلك الظافر فصربكا مع‬
‫قلتهم ككثرة أكلئك كاجتماعهم‪ ،‬ككاف يومان عظيمان ظهر فيو ‪٪‬بدة أصحاب ا‪٤‬بلك الظافر كشجاعتهم‬
‫غّب أف الدائرة كانت ألىل صنعاء ف يقتًل ‪ٝ‬باعة من أصحاب الشيخ عامر منهم أخوه دمحم بن طاىر‪،‬‬
‫كقتل من عسكر صنعاء الفارس ا‪٤‬بشهور علي بن ‪٨‬بارش قتلو ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور عفيف الدين عبدالوىاب‬
‫بن داككد مبارزة"ٓ‪.‬‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬حتلِق اًـالمة دمحم جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ض‪.322‬‬
‫‪ 0‬واكان كس ثحازسا حسة ما وزذ يف اتزخي ستَس ًىٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض ‪.023‬‬
‫‪ 1‬ادلوف‪ :‬واذ ومٌعلة صٌلل رشق ظيـاء مبسافة ‪ 123‬هََو مرت‪ ،‬ؿىل ٔبظصاف اًصتؽ ارلايل ويف اذلسوذ اًلصتَة واًضٌلًَة من حمافؼة مبٔزة‪،‬‬
‫ويه مٌعلة متخس يف سِي مٌخسط حتَط تَ املصثفـاث ادلحََة‪ ،‬وزمباث ٔبن جسمَة ادلوف خاءث نخـحري ثلصًيب ًعحَـهتا اذلاضية ٌَس َول‬
‫اًلاذمة من حدال ظيـاء اًضٌلًَة واًرشكِة وحدال دولن اًـاًَة وحدال ن م ومهسان‪ ،‬ونشا اًس َول اًلاذمة من حدال جنصان ومن حدال‬
‫ظـست‪ ،‬ومٌعلة ادلوف من ٔبدعة املياظق اًززاؾَة يف اٍمين ويه حززع اًىثري من امليخجاث مثي اسلضَاث واٍمتوز واذلحوة واًفوانَ‪،‬‬
‫وجضمي حمافؼة ادلوف مسٍصايث دة واًضـف واًزاُص واًلَي واملعَوة واذلزم واسلَساث واملعمة وارلَق واملخون وجصظ اًـيان ودصاة‬
‫املصايش وزحوست‪ ،‬وثـخرب دة واًضـف ٔبنرب املسٍصايث حِر جضلك ٔبنرث من هعف مساحة احملافؼة‪ ،‬وكس كامت فهيا ٔبكسم اذلضازاثت‬
‫اًخازخيَة فِو موظن ذوةل مـني وجصاكش‪ ،‬ومن بٔمه املياظق اًخازخيَة فهيا دصائة وضق ومـني وجصاكش واًسوذاء وكصان وزواثن واًحَضاء وُصم‬
‫ومكية وكريُا‪ ،‬نٌل ٔبن واذي ادلوف ُو املوظن ا ٔلظًل ًلدَةل مصاذ املضِوزت مث ٔبخَهتا ؾيَ مهسان يف حصة ُزسم مالحا يف اًس ية اًثاهَة من‬
‫اًِجصت‪ ،‬وجسىن اًواذي اًَوم ٔبذالظ من كدائي رو حسني جن قَالن وكدائي مهسان ادلوف‪ ،‬مث كدائي تين هوف من تعون ذمهة من ذمه جن‬
‫صاهص من جىِي‪ ،‬وكدائي احملاتُة وكدائي بل مسمل من ا ٔلؾصوص ارلولهَة‪ ،‬نٌل ٔبن يف ادلوف ظائفة من رزًة امليعوز ؾحسهللا جن محزت‬
‫اذلس ين املخوىف س ية ‪ُ412‬ػ‪ ،‬ومه بل اًضمني وبل حواذت‪ ،‬ومه من اكهوا ٌسمون اسلزاث‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪،‬‬
‫‪.151/1‬‬
‫‪ 2‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬حتلِق ذ‪ً .‬وسف صَحس‪ ،‬ض ‪.106‬‬
‫‪ 3‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا اذلخيش‪ ،‬ض‪.023‬‬
‫‪162‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كابن األنف القرمطي ا‪٤‬بؤرخ الذم عاصر ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر كعاصر ىذه األحداث‪ ،‬ىو‬
‫أكثر من كتب حوؿ ىذه الوقعة‪ ،‬فقد فصل كأجاد كأسهب ُب ذكر ‪٦‬برايت ىذه ا‪٤‬بعركة كما آلت‬
‫إليو‪.‬‬
‫فيقوؿ‪" :‬كأما حديث كقعة ررم كما جرل بْب ا‪٤‬بلوؾ بِب طاىر كبْب اإلماـ‪ ،‬فإف ا‪٤‬بلك الظافر عامر‬
‫بن طاىر استحسن عمارة قرف األسد‪ُ 1‬ب نواحي عزاف بِب كىيب‪ ،2‬كقد ملك تلك الببلد ككقف‬
‫أخاه دمحم بن طاىر عنده كمعو مقدمو ًم ٍعرب‪ ،‬ككاف يظهر أكيد كده‪ ،‬كيقدمو على جنده‪ ،‬كٯبيز ما‬
‫فعلو من حلو كعقده‪ ،‬كٯبعلو رقيبان مع أخيو دمحم بن طاىر‪ ،‬كٮبا مقيماف ُب أرض ردماف‪ 3‬فوقفا ابحملطة‬
‫عند قرف األسد كمعهما عسكر من األجناد‪.‬‬
‫كخرج الناصر من ذمار خركج ا‪٤‬ببادر كمعو ا‪١‬بموع كالعساكر كقد أقبل الناس إليو بعد استيبلئو على‬
‫حصوف كحبلف‪ ،‬كجاءه من كل جهة كمكاف رغبان كرىبان‪ ،‬كجاءه القاري علي بن أيب ا‪٢‬بسْب اليحّبم‬
‫ٗبن معو من العسكر الكثّب العرمرـ‪ ،‬كمعو خيل كثّب من أىل السراة كأىل ا‪١‬بوؼ قد أتى هبم علي بن‬
‫‪٨‬بارش ا‪١‬بوُب كابن مداعس الصعدم‪ ،‬كانتهى الناصر إذل جانب رداع كحط فيو بعساكره‪ ،‬كمعو‬
‫اإلحتفاؿ كاإلجتماع‪.‬‬
‫ككاف عامر قد أخرب الوادم ُب رداع كتوسط من توسط بْب الناصر كعامر بن طاىر على أف‬
‫يصطلحا كيَبكا كل الناصر من القبائل كالعشائر‪ ،‬كيَبكوا ا‪٤‬بخالفْب ككل منهما ‪٣‬بصمو يبادر كال‬
‫يعَبرو منهما اآلخر‪ ،‬كقصد بنو طاىر هتامة كاليمن‪ ،‬كقصد الناصر ا‪٢‬بقل كببلد ٮبداف‪ ،‬فهم ُب ذلك‬
‫كل يركـ أف يصفو لو الزمن‪ ،‬كالرسل بينهما تَبدد كىم ال ٰبفلوف من سائر الناس ابألقرب كاألبعد‪.‬‬

‫‪ 1‬كصن ا ٔلسس‪ :‬كصًة يف مسٍصًة اًـصص من مسٍصايث زذاع ٔبؾٌلل حمافؼة اًحَضاء‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1044/0 ،‬‬
‫وكصن ا ٔلسس ادذعِا وتياُا اًسَعان اًؼافص ؿامص جن جن ظاُص مؤسس ادلوةل اًعاُصًة ؿام ‪ُ642‬ػ‪ً ،‬خىون حمعة ؾسىصًة هل جباهة زذاع‬
‫وؿىل ظصًق تالذٍ وؿامصخَ امللصاهة‪ ،‬نٌل رهص ركل اجن ا ٔلهف اًلصمعي يف اتزخيَ زوضة ا ٔلدداز ض‪ ،104‬وثحـس كصن ا ٔلسس ؾن مسًية زذاع‬
‫ثلصًحا مخسة هََو مرتاث ابُتاٍ ادليوة اًلصيب ؿىل ظصًق خنب‪ ،‬ويه اًَوم مسًية بُٓةل ابًساكن‪.‬‬
‫‪ 0‬ؾزان تين وَُة‪ِ :‬ؾ ّزان جىرس اًـني إمس مضرتك تني ؿسذ من اذلعون واًحدلان اًواكـة يف ٔبؿايل ادلحال‪ ،‬مهنا ؾزان اًـصص املشهوزت ُيا‪،‬‬
‫ويه مسًية مضِوزت يف مٌعلة اًـصص ابًلصة ادليويب من زذاع مبسافة ‪ 16‬هََو مرت‪ ،‬من سانيهيا املضاخئ بل اًعريي‪ ،‬وٕاٍهيا ًًسة بل‬
‫اًـزاين ومه تَوث نثريت‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1242/0 ،‬‬
‫‪ 1‬زذمان‪ :‬كدَةل مييَة كسمية حمكت اٍمين كدي الٕسالم‪ًِ ،‬ا تلِة يف تالذ اًسواذًة رشيق زذاع‪ ،‬جبواز سازع‪ ،‬ومن ذايزمه اًَوم اًزاُص‬
‫وس َالن واًيجس وزُحان واًلضةل واًـَاص َة‪ ،‬كال الٕزايين‪ :‬زذمان كدَةل هممة ًِا رهص يف ؿسذ من اًيلوص‪ ،‬وًـَِا اكهت جضمي كِفة وزذاع‬
‫واًسواذًة‪ ،‬ول حزال زذمان مـصوفة اًَوم يف ٔبسافي كِفة‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍميَية‪ ،‬امللحفي‪ ،461/1 ،‬وكال اًلايض اسٌلؾَي‬
‫الٔهوع‪ :‬زذمان خمالف من خمالف مشجح‪ ،‬وُو من ٔبؾٌلل زذاع‪ ،‬وفَِ مٌاظق ٔبثصًة و ٔبمهِا املـسال‪ ،‬املـصوف كسمي ًا توؿالن‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬خماًَف‬
‫اٍمين‪ ،‬اسٌلؾَي اًىوع‪ ،‬ض‪.150‬‬
‫‪163‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫فأغارت خيل الناصر على ‪٧‬بطة ابن طاىر‪ ،‬كتواترت إليو اليوائر كجاء عامر بن طاىر ميّبان غارة‬
‫ا‪٤‬ببادر‪ ،‬كمعو ا‪٣‬بيل زىاء مائٍب فارس‪ ،‬كالرجاؿ قليل كدل ٘بمع كالتو على الصلح قد أزمع‪ ،‬فانتهى إذل‬
‫‪٧‬بطة أخيو دمحم كالناس ُب القتاؿ‪ ،‬كجاء الناصر ٗبن معو كىم ُب اإلجتماع كاإلحتفاؿ فحمل عبدهللا‬
‫كامل ‪ٞ‬بلة الرئباؿ كىو يفتخر كينتدم كيزعق عند مبلزمتو القتاؿ‪ ،‬ك‪ٞ‬بل على عسكر بِب طاىر كىو‬
‫كاألسد ا‪٣‬بادر فاعَبرو عبدالوىاب بن داكد كطعنو بسنانو ُب النحر حٌب غاب السناف‪ ،‬كبعض العود‬
‫فرجع عن حومة الكفاح كقد اثخنو ما فيو من ا‪١‬براح‪ ،‬فلقي الناصر كىو ُب الكره‪ ،‬كقاؿ إف يب طعنةن‬
‫أثخنتِب اب‪٤‬برة‪ ،‬فقاؿ لو الناصر ما عليك أبس‪ ،‬فارجع إذل ا‪٣‬بيمة كدع الناس كما ىم فيو من الفتنة‪،‬‬
‫فمضى كعاجلوه حينو كالناس ُب القتاؿ‪ ،‬كقد بليو مبل‪ٞ‬بة عسكر بِب طاىر‪ ،‬فقاؿ‪ :‬قولوا لئلماـ ال‬
‫تلقهم ُب ىذا ا‪٢‬باؿ كاغتنم الفرصة منهم كابدر كال تفَب عنهم كمعك العساكر‪.‬‬
‫ك‪ٞ‬بل ‪٨‬بارش ا‪١‬بوُب على دمحم بن طاىر كطعنو فأرداه‪ ،‬كاعَبض علي بن ‪٨‬بارش عبدالوىاب بن داكد‬
‫فطعنو ُب صدره فانتفذت الطعنة إذل ظهره كقيل بل طعن ابن ‪٨‬بارش بعض الفرساف الذم مع بِب‬
‫طاىر فقتلو قتبلن بْب ا‪١‬بياد الضوامر‪ ،‬كعظم القتاؿ كاشتد ك‪ٞ‬بل كل فارس يعد‪ ،‬كقاتل عامر بن طاىر‬
‫كمعو من أىل ا‪٣‬بيل فأحسن قتالو كقلت معو الرجاؿ‪ ،‬كحامى فيمن معو من الفرساف ‪٧‬باماة األبطاؿ‬
‫ساعة الطعاف‪ ،‬فما قصركا كحاموا ‪٧‬باماة األ‪٦‬باد‪ ،‬كتذامركا ككثرت رجاالت اإلماـ كصارت معهم‬
‫م ذحج كفيهم كم من بطل كفارس ٯبيد النصاؿ كال ٱبطيء النبل كالنصاؿ‪ ،‬فقتل كثّب من عسكر‬
‫الناصر ك‪ٞ‬بلت مذحج كخيل السراة على عسكر بِب طاىر فأصاب من مع عامر ا‪١‬براح‪ ،‬كقاؿ ‪٥‬بم ال‬
‫ذىاب كال براح‪ ،‬حٌب كثير القتل عليهم كاصيبوا ابلنبل كا‪٢‬بجارة‪ ،‬إذ صارت إليهم فحمي الوطيس ُب‬
‫ا‪٤‬بعركة‪ ،‬ك‪ٞ‬بل كل قرف على قرنو فادركو فافَبؽ عسكر عامر‪ ،‬كطلع منهم من طلع ا‪١‬ببل يبادر‪.‬‬
‫كخرج عبدالوىاب ُب ‪ٝ‬باعة من ا‪٣‬بيل فقصد ردماف إذ علم أف عمو دمحم بن طاىر قد قتل ر‪ٞ‬بو هللا ُب‬
‫تلك األكاف‪ ،‬كلوال مبادرتو إذل تلك الببلد لوقع ا‪٣‬ببلؼ فيها‪ ،‬كطلع عامر النجادة‪ ،‬كعسر طلوع‬
‫الشناخب على ا‪٣‬بيل‪ ،‬فَبكت السوابق كراح فرساهنا يفركف كال يقركف‪ ،‬كيدعوف ابلثبور كالويل‪ ،‬كتبعهم‬
‫أصحاب الناصر يقتلوف كيسلبوف‪ ،‬كعليهم ُب ا‪٢‬بمبلت يصيحوف كٯبلبوف‪ ،‬كأخذت ا‪٣‬بيل على‬
‫عسكر بِب طاىر كالسلب‪ ،‬ككاف لعسكر الناصر اليلب ُب ذلك كأمعنوا خلفهم على آاثرىم ُب‬
‫الطلب‪ ،‬فقيل أخذكا من ا‪٣‬بيل سبعْب كقيل تسعْب‪ ،‬ككاف القتلى كما ييقاؿ ا‪٤‬بائة كهللا أعلم بصحة‬
‫قوؿ الراكم‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ك‪٪‬بى عامر بنفسو كفر جنده كافَبؽ بعد قتاؿ شديد دل يداخلو فيو الفرؽ‪ ،‬لكن اليلب لؤلكثر‬
‫كأصحاب عامر صار منهم قتلى كثّبة ُب ا‪٤‬بكر ال سيما رجاالتو فإهنم قلوا‪ ،‬كما أهنزمت خيلو إال بعد‬
‫الصرب الشديد كال كلوا‪ ،‬كجزت من عسكر بِب طاىر ا‪٣‬بياـ كما فيها‪ ،‬كأخذت السوابغ كالبيض كالزكد‬
‫ككثّب من ا‪٢‬برير كالذىب كالفضة يزيد على ما يقاس كٰبسب‪.‬‬
‫كأابح الناصر لكل كاحد من عسكره ما انتهب‪ ،‬كتفرقت العدة كالنهب مع أىل رداع كسواىم من‬
‫أىل ا‪١‬بوؼ كالسراة كأىل الظاىر كغّبىم من السواس كا‪٣‬بداـ ُب عسكر الناصر‪ ،‬كأٌب ٗبً ٍعرب إذل‬
‫اإلماـ أسّبان فأمبل بعض عبيده بضرب رقبتو‪ ،‬فقطع من صدره‪ ،‬كقطعت رؤكس إبذف الناصر كأمره‪،‬‬
‫كقد قاؿ الناصر ‪٤‬بًٍعرب‪ :‬أنت معرب‪ ،‬قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬فأمر كما ذكر ا أف تضرب عنقو كال يرحم‪ ،‬ككانت‬
‫تلك الوقعة من أشد الوقائع‪ ،‬كدل ينج فيها مع عامر إال القليل ‪٩‬بن يقاتل كيدافع‪.‬‬
‫كقتل ٰبي ا‪٤‬بعمرم صاحب كحبلف ُب تلك ا‪٢‬بملة‪ ،‬فكاف مع القتلى ُب ا‪٢‬بملة‪ ،‬كدل يوجد رأسو كال‬
‫جثتو حٌب شهد ‪ٝ‬باعة من عدكؿ ‪٧‬بطة اإلماـ أنو دخل كهفان فمات فيو ر‪ٞ‬بو هللا‪ ،‬كقطع رأس دمحم بن‬
‫طاىر فأخذه أبمر الناصر عيبية الطاىرم فكفنو كأمر بو إذل أخيو عامر بن طاىر‪ ،‬ك‪ٞ‬بل رأس معرب‬
‫مع رؤكس ‪٩‬بن قتل فكانت ُب صنعاء صيحة عظيمة كجذؿ‪ ،‬كقد ىمشتوا اببن طاىر‪ ،‬فاجتمعت األرذاؿ‬
‫كالسوقة يصيحوف كيتشدقوف كيطوفوف برأس معرب‪ ،‬كيقولوف‪ ،‬ألف مرحب ٗبعرب‪ ،‬كىو ما كجد‬
‫مهربُ"‪.‬‬
‫ككانت ىذه أكؿ كاقعة بْب الطاىريْب كالزيديْب بقيادة اإلماـ الناصر بن دمحم بعد استيبلئو على حصن‬
‫كحبلف‪.‬‬
‫أسباب ا‪٥‬بزٲبة‪ :‬كا‪٢‬بقيقة أف ىذه ا‪٥‬بزٲبة ٲبكن أف نرجعها لعدة أسباب أٮبها‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬استعداد اإلماـ الناصر بن دمحم ‪٥‬بذه ا‪٢‬بملة جيدان فقد استعاف ابلكثّب من القبائل ا‪٤‬بوالية لو حٌب‬
‫أنو استعاف ابلسلطاف علي بن ‪٨‬بارش سيد ا‪١‬بوؼ كبيّبه من القبائل للتوسع ُب ا‪٤‬بناطق الٍب كانت‬
‫‪ٚ‬بضع ‪٢‬بكم الرسوليْب كمن بعدىم الطاىريْب‪.‬‬
‫اثنياً‪ُ :‬ب ا‪٤‬بقابل انشيل الطاىريْب ُب إرساء ا‪٢‬بكم ُب أغلب ا‪٤‬بناطق اليمنية كالتصدم للمتمردين ُب‬
‫هتامة كتعز كإب كالشحر كعدف كغّبىا من ا‪٤‬بناطق‪٩ ،‬با شتت جهودىم كقواىم ُب ىذه ا‪٤‬بناطق‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.104‬‬


‫‪165‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫اثلثاً‪ :‬تسرع الظافر للتصدم لئلماـ الناصر كعساكره قبل اجتماع العساكر إليو‪ ،‬كمع ذلك فقد ابىتهم‬
‫كقتل منهم‪ ،‬ككاف عساكر الناصر أكثر بكثّب من عساكر ا‪٤‬بلك الظافر كرغم ذلك فقد صربكا مع‬
‫قلتهم ككثرة أكلئك كاجتماعهم‪.‬‬
‫اسرتداد بنو طاىر حصن كحالن‪ٍ :‬ب كاف فتح بِب طاىر ‪٢‬بصن كحبلف كاسَبداده من القاري علي‬
‫بن أيب ا‪٢‬بسْب اليحّبم‪ ،‬كذلك أنو أسرؼ ُب الظلم كاإلستبداد رد أىل تلك ا‪٤‬بناطق‪ ،‬فعاكنوا بِب‬
‫طاىر ُب اسَبداد ا‪٢‬بصن‪ ،1‬كسيأٌب معنا تفاصيل استيبلء بِب طاىر على حصن كحبلف ُب أخبار‬
‫السلطنة العمارية‪.‬‬
‫كقد كاف لفتح حصن كحبلف كاسَبداده‪ ،‬األثر الكبّب ُب رفع ٮبة كمعنوايت بِب طاىر كخاصة ا‪٤‬بلك‬
‫عامر بن طاىر إلعداد العدة كاسَبداد أمبلكهم من اإلماـ الناصر‪ ،‬كاإلنتقاـ منو كالثأر ألخيهم دمحم بن‬
‫طاىر جراء ما كقع ُب موقعة ررم‪ ،‬فبدأكا ٘بهيزاهتم لئلستيبلء على رداع‪.‬‬
‫اإلستيالء على رداع‪ :‬بعد ىذه الوقعة ُب منطقة ررم بْب ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر كاإلماـ الناصر‬
‫بن دمحم‪ ،‬كالٍب نزؿ فيها اإلماـ الناصر من ببلده صنعاء إذل ببلد بِب طاىر أدرؾ ا‪٤‬بلكْب اجملاىد‬
‫كالظافر‪ ،‬ا‪٣‬بطر كالتحدم الذم يواجهونو من قبل األئمة الزيديْب‪ ،‬خاصة كأهنم ُب بداية أتسيس‬
‫دكلتهم كاألماـ الناصر يسيطر على الكثّب من مناطقها الٍب كرثتها عن الدكلة الرسولية‪ ،‬كاحتماؿ‬
‫توسعو قائم إذا ما انشيلت الدكلة الطاىرية أبم طارمء‪.‬‬
‫فكاف البد ‪٥‬بم من أتمْب ببلدىم من ا‪٥‬بجمات الزيدية كمن التوسع ٘باه بلداهنم‪ ،‬كألجل ذلك بدأ‬
‫التفكّب ابإلستيبلء على مدينة رداع كأتمْب ما حو‪٥‬با من ا‪٤‬بخاليف‪.‬‬
‫يدم من ا‪٤‬بصادر كا‪٤‬براجع التارٱبية‪ ،‬كخاصة ا‪٤‬بؤرخْب ا‪٤‬بعاصرين‬
‫كا‪٢‬بقيقة أين دل أجد فيما كقع بْب ٌ‬
‫للدكلة الطاىرية‪ ،‬من يذكر أك ٰبكي أية تفاصيل تتعلق ابإلستيبلء على رداع كما حو‪٥‬با من الببلد‪،‬‬
‫سول ما أكرده ابن األنف القرمطي ُب اترٱبو ركرة األخبار كنزىة األ‪٠‬بار‪ ،‬فقد كانت رداع لفَبة ‪٧‬بل‬
‫صراع بْب الدكلة الطاىرية كاألئمة الزيدية‪.‬‬
‫كسبب ذلك الصراع على منطقة رداع كما حو‪٥‬با كما تقدـ معنا‪ ،‬أف ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر‬
‫استحسن عمارة قرف األسد ُب نواحي عزاف بِب كىيب كقد ملك تلك الببلد‪ ،‬كىي قريبة جدان من‬
‫رداع‪ ،‬فكانت موقعة ررم الٍب جرت ُب رمضاف سنة ْٖٔىػ بْب بِب طاىر كالناصر‪ ،‬كقتل فيها أخو‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.110‬‬


‫‪166‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ا‪٤‬بلك عامر‪ ،‬الشيخ دمحم بن طاىر كقائد ‪٧‬بطة قرف األسد معرب‪ ،‬كالشيخ ٰبي بن عباس ا‪٤‬بعمرم أمّب‬
‫كحبلف‪.‬‬
‫فبقيت تلك ا‪٥‬بزٲبة ُب نفوس بِب طاىر‪ ،‬كأعدكا العدة لئلستيبلء على مدينة رداع ككسر شوكة الناصر‬
‫كالثأر ألخيهم كللهزٲبة الٍب ‪٢‬بقت هبم‪ ،‬كلكن قبل ذلك كاف البد ‪٥‬بما من بسط نفوذىم حوؿ رداع‬
‫كذمار‪ ،‬كعقد التحالفات مع القبائل الٍب تقطن ىذه ا‪٤‬بناطق‪ ،‬كالٍب تعرؼ اب‪٤‬بناطق الوسطى‪ ،‬ك‪ٝ‬بع‬
‫ا‪١‬بيوش الكافية لتأمْب ىذه ا‪٤‬بناطق ك‪ٙ‬بقيق ما يهدفوف إليو‪.‬‬
‫كُب بداية سنة ٖٓٔىػ أم قبل استيبلء بِب طاىر على مدينة ذمار‪ٝ" ،‬بع ا‪٤‬بلكاف اجملاىد كالظافر‬
‫العساكر كخرجا إذل ببلد عنس فاستوليا عليها‪ ،‬كقبضت اثه‪ 1‬كما ينضاؼ إليها‪ ،‬ككثبا على رداع‬
‫كالعساكر معهما ُب اإلجتماع‪ ،‬فحاصراىا من كل مكاف كمنعا الدخوؿ إليها من الناصر كمن كافق‬
‫الناصر من األعواف‪ ،‬كأمر الناصر إذل أىل ا‪١‬بوؼ كأىل السراة بطلب منهم ا‪٤‬بادة‪ ،‬كجعل ينفق على‬
‫ا‪٣‬بداـ كيكثر استعداده‪ ،‬كرمى ا‪٤‬بلكاف علي كعامر رداع اب‪٤‬بدافع كاألحجار‪ ،‬ك‪ٝ‬بعا من انضاؼ إليهما‬
‫من القول كاألمصار‪ ،‬كأمر أىل األكراؼ كالقياس‪ ،‬أف يرموا إليها ابألحجار كالسهاـ‪ ،‬كأف يبليوا ُب‬
‫دخو‪٥‬با ا‪٤‬براـ كقد ‪ٞ‬بل ا‪٢‬بجارة على ا‪١‬بماؿ كأمر أف تصب ىي كالنبل ُب مورع القتاؿ‪ٍ ،‬ب أهنم صبوا‬
‫الذىب كالفضة كاخرجوا من ا‪٢‬برير كأنواعو ما ىاؿ من نظره‪ ،‬كااثر ار جاحم ا‪٢‬برب كاسعره‪ ،‬كقالوا‬
‫من دخل الدركب ُب القرية فإ ا معطوه فوؽ ظنو كالبيية‪ ،‬فتواثب الناس كدخلوا الداير ككسركا الباب‪،‬‬
‫كدخلوا على من ُب قرية رداع بعد أف اصابوىم اب‪٢‬بجارة كالنشاب فقتلوا قتبلن كثّبان كسلبوا كاخذكا ما‬
‫ُب القرية كجاءكىم إذل ‪ٙ‬بت ا‪٢‬بصن بنساءىم كالعياؿ كدل يدخلهم من ُب ا‪٢‬بصن خوفان أف ينجحوا‬

‫اثث‪ ،‬تعن من ُح ْجص زؿني اسلريًة‪ًً ،‬س حون إىل اًلِي ري اثث اجن ؾصًة جن ٔبمين جن اذلازج جن سًس جن ٍصمي ري‬ ‫‪ 1‬اثٍ‪ :‬واكهت جسمى ْ‬
‫زؿني‪ ،‬مٌاسهلم يف اًواذي اذلي حيمي امسِم واذي اثث اًواكؽ ابًلصة اًضٌليل من مسًية زذاع مبسافة س خة هََو مرت‪ ،‬واكهت واذ ًاي مََئ ًا‬
‫ابًخساثني وكال اًلايض ؾحساًصمحن الٓويس ميسخ اًواذي‪:‬‬
‫فإن حىن يف ا ٔلزط حٌ ٌة مـج ٌةل* جفية ادلهَا اثٍ‬
‫حٌلل مصبُٓا وحس ي َُ ما ٔبكدهل* يف ا ٔلزط ما ٔبظَة زابٍ‬
‫وكصًة اثث اًواكـة يف اًواذي املشهوز مـموزت فوق ٔبهلاط اًلصًة اًلسمية اًيت اكهت ٔبدصتت‪ ،‬وًلال ًِا اًَوم اثٍ ابًِاء ل ابًخاء‪ ،‬وكس اكهت اًلصًة‬
‫يف اًلصن اًثاًر اًِجصي ملص ًا ٌَزؾٌلء بل اًصوًة املشجحَني اذلٍن ًـحوا ٔبذوازا ابزست يف اتزخي اٍمين‪ ،‬ومما ًشهص ٔبن اًزؾمي ٔبتو اًـضريت ٔبمحس جن دمحم‬
‫اًصوًة املشجحي ملا ٔبختش موكف ًا من كواث ؿًل جن اًفضي اًزاحفة ؿىل ظيـاء تلِاذت را اًعوق اًَافـي‪ ،‬فلس اكن ٔبتو اًـضريت ُسف ًا ًِشٍ اًلواث‪،‬‬
‫فذـلدَ إىل تدلت اثٍ وكذهل تـس كذال مصٍص ظال جسؽ ًَي‪ ،‬اس خخِحت فَِ اًحدلت‪ ،‬ولر اًضـفاء واًًساء وا ٔلظفال إىل مسجسُا ادلامؽ اذلي ما‬
‫سال كامئ ًا إىل اًَوم‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪ ،027/1 ،‬وكال اًلايض اسٌلؾَي الٔهوع‪ :‬واثث كصًة ؿامصت مديَة ؿىل ٔبهلاط‬
‫اًلصًة ا ٔلثصًة اًلسمية‪ ،‬ويه يف اًلصة إىل اًضٌلل من زذاع‪ ،‬ويف اتح اًـصوش اثث خمالف ابٍمين‪ ،‬ومٌَ رو اثث اسلريي‪ ،‬وُو كِي من‬
‫ٔبكِاًِا‪ ،‬وُو رو اثث جن ؾصًة جن ٔبمين جن رشحدَي جن اذلازج جن سًس جن ري زؿني‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬خماًَف اٍمين‪ ،‬اسٌلؾَي الٔهوع‪ ،‬ض‪.15‬‬
‫‪167‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ا‪٤‬بتاع عليهم كا‪٤‬باء الزالؿ‪ ،‬فوقفوا ثبلثة أايـ يصيحوف كيولولو كينادكا إذل علي كعامر كيهللوف كيطلبوف‬
‫أف يرفقوا كينزلوا كيبذؿ ‪٥‬بم األماف كيتوسلوا فامتنع عامر بن طاىر عن إجابتهم كقد أىلك كثّبان منهم‬
‫الظمأ كمات من مات من أطفا‪٥‬بم كلقوا لذلك أ‪٤‬بان فر‪ٞ‬بهم علي بن طاىر كأمر ابلركااي على البياؿ‬
‫كا‪١‬بماؿ لتحمل إليهم فيها ا‪٤‬باء‪ ،‬فكادت أف تصل إليهم كأمر عامر من فراىا كردىا كمنع عن ايصا‪٥‬با‬
‫كصدىا فاستشاط علي لذلك رجران كقاؿ ال ٰبل لنا أف نقتلهم عطشان كجوعان فيكوف ذلك منكران‪،‬‬
‫كإ ا ‪٬‬باؼ هللا‪ ،‬كليس عليو اجَبار‪ ،‬فحصل بينهما ا‪٣‬بصاـ كا‪٤‬بشاجرة كجرت بينهما ا‪٤‬بكابرة حٌب كاد‬
‫ذلك أف يفضي إذل ا‪٤‬بواقعة كيكوف منهما ابلسبلح ا‪٤‬بدافعة‪ ،‬فدخل الفقهاء كالعقبلء إذل عامر كقالوا‬
‫اطع أخاؾ األكرب كال تنازعو فيما هنى كأمر فعمل على أف أمنهم ليسركا ُب الببلد كينزلوا آمنْب كما‬
‫شاء علي كأراد‪ ،‬كأمر علي كعامر ٕبصار من ُب حصن رداع كرتبا عليهم من ٰباصرىم من جنودىم‬
‫كاألتباع‪ ،‬كرجعا فعاد علي إذل هتامة ككقف عامر ُب ببلده فتسلم رداع كرتب فيو بعد أف خرج أىلو‬
‫احملاصركف على السبلمة‪."1‬‬
‫كابلَبتيب التارٱبي لؤلحداث نستطيع أف نقوؿ أف استيبلء الناصر على حصن كحبلف كاف ُب رجب‬
‫سنة ْٖٔىػِ‪ٍ ،‬ب كانت موقعة ررم ُب رداع ُب شهر رمضاف من نفس العاـّ‪ٍ ،‬ب كاف استيبلء ا‪٤‬بلك‬
‫الظافر عامر بن طاىر على مدينة ذمار ُب شهر رجب سنة ٖٓٔىػْ‪ ،‬ككاف اسَبداد حصن كحبلف‬
‫كحصن رداع قبل دخوؿ مدينة ذمارٓ‪ ،‬أم أف بِب طاىر استطاعوا اسَبداد حصن كحبلف كقلعة رداع‬
‫كما حو‪٥‬با من ا‪٤‬بناطق كاف ُب بداية سنة ٖٓٔىػ‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.114‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.101‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،322‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.104‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.105‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.110‬‬
‫‪168‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫منظر لقلعة رداع من وسط المدٌنة الجهة‬


‫الشمالٌة من جهة مدرسة العامرٌة‬

‫قلعة رداع التارٌخٌة من الجهة الجنوبٌة‬

‫‪169‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثالث‬
‫إستيالء الدولة الطاىرية على ذمار‬

‫بعد استيبلء ا‪٤‬بلكْب عامر كعلي ابِب طاىر على مدينة رداع‪ ،‬كأتمْب ما حو‪٥‬با من القرل كببلد عنس‬
‫كجهراف‪ ،‬كاف ا‪٥‬بدؼ التارل ‪٥‬بما ىو مدينة ذمار‪ ،‬كقد كانت مدينة ذمار ىي خط القتاؿ األكؿ بْب‬
‫الطرفْب فمنها يستطيع اإلماـ الناصر أف يتقدـ ٘باه ببلد يرًن كخباف ككحبلف كإب غرابن‪ ،‬ك‪٨‬ببلؼ‬
‫رداع جنوابن كجنب كا‪٤‬بقرانة كببلد بِب طاىر‪ ،‬ككذلك ا‪٢‬باؿ ابلنسبة للطاىريْب فإف اإلستيبلء على مدينة‬
‫ذمار ٲبهد ‪٥‬بم الطريق لئلستيبلء على مدينة صنعاء كمناطق اليمن األعلى كالقضاء على حكم األئمة‬
‫ُب اليمن األعلى‪ ،‬فمدينة ذمار كانت عبارة عن ‪٧‬بطة مهمة جدان كمطمعان لكبل الطرفْب ا‪٤‬بتصارعْب‬
‫على السلطة‪.‬‬
‫ككاف السلطاف عامر بن طاىر قبل استيبلءه على مدينة رداع "قد أقاـ الشريف دمحم بن قاسم عندؿ ُب‬
‫ر‪ٟ‬بة‪ ،1‬كانفق على أىل ر‪ٟ‬بة ما ٰبملهم كأغناىم ليقاتلوا من ُب مدينة ذمار‪ ،‬كىي مدانية ‪٥‬با غّب ازحة‬
‫كذلك من أكؿ حرب الناصر لعامر‪ ،‬فكانوا ييّبكف إذل ذمار خصوصان من أكاف أقاـ فيهم عندؿ‪،‬‬
‫كعندؿ ىذا من جهراف‪ 2‬من األشراؼ بِب سليماف‪ ،‬كقد كاف الناصر طرده ‪٩‬با لو من الداير كُب حربو‬
‫جهراف من الزماف فكاف عندؿ ُب خيلو معو دائم اليارات إذل ذمار‪ ،‬ٲبنعوف من أيتيو من القبائل كمن‬
‫أىلو كٲبتار كاشتيل الناصر ٕبرب عامر عن حرهبم كتركهم ظهراين كدل ٰبفل هبم‪ ،‬ككقعت كقعة بينهم كبْب‬
‫أىل ذمار كقتل من أىل ذمار رجاؿ كفرساف‪ ،‬كقتل ابن العندؿ من فرساف عنس ُب مكر الطعاف‪."3‬‬
‫كاستمر ابن عندؿ ُب مناكشة اإلماـ الناصر كإقبلقو كزعزعة قواتو ُب ذمار كقطع اإلمدادات عنهم‪،‬‬
‫فكانت ىذه بعد ا‪٢‬برب اإلستنزافية الٍب شنها بِب طاىر على اإلماـ الناصر بواسطة رجلهم ابن عندؿ‪،‬‬
‫‪ٛ‬بهيدان لئلستيبلء على مدينة ذمار الٍب دل يتبقى سواىا من ا‪٤‬بدف ُب تلك ا‪٤‬بناطق‪.‬‬

‫‪ 1‬زمخة تدلت من خمالف ؿًس رشيق رماز‪ٔ .‬بهؼص حاص َة اًلايض دمحم جن ؿًل الٔهوع ؿىل زوضة ارلحاز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪،114‬‬
‫خماًَف اٍمين‪ ،‬اسٌلؾَي الٔهوع‪ ،‬ض‪.22‬‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪ 0‬هجصان‪ :‬وًلال هل حلي وكاع هجصان‪ ،‬صٌلل رماز‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬حاص َة اًلايض دمحم جن ؿًل الهوع ؿىل زوضة الدداز‪ ،‬اجن الهف اًلصمعي‪،‬‬
‫ض‪ ،114‬وكال اًـالمة اسٌلؾَي الٔهوع‪ :‬خمالف هجصان‪ :‬ابًلصة من ظيـاء‪ ،‬وًـس من تالذ مهسان‪ ،‬وفَِ كصى مهنا ضاف وثفاضي وكصن‬
‫وؾسم وكصن حصاحة وكصن كداثي ًًسة إىل هجصان جن حيعة جن ذٌُلن جن سـس جن ؿسي جن ماكل جن سًس جن سسذ جن محري جن س حبٔ‪،‬‬
‫وكال اٌَحجي هجصان من تالذ ؿًس‪ ،‬وهجصان انحِة اتتـة لٓوس‪ .‬خماًَف اٍمين‪ ،‬اسٌلؾَي الٔهوع‪ ،‬ض‪.37‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.114‬‬
‫‪171‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫فاستعد الطاىريوف جيدان كأعدكا العدة لئلستيبلء على مدينة ذمار بعد كقعة ررم ُب رداع‪ ،‬كالٍب كانت‬
‫ُب شهر رمضاف من سنة ْٖٔىػ‪ ،‬فبعد ذلك أبشهر فقط كخبلؿ أقل من عاـ استطاع ا‪٤‬بلك الظافر‬
‫ُب أكؿ شهر رجب من سنة ٖٓٔىػ اإلستيبلء على مدينة ذمار كما ذكر ذلك العبلمة ابن الديبعُ‪.‬‬
‫ككاف اإلماـ الناصر ُب ذلك الوقت ُب ذمار كقد ٌفر منها إذل حصن ًىراف‪ٍ 2‬ب إذل صنعاءّ‪.‬‬
‫كيركم ابن األنف القرمطي أحداث استيبلء ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر على ذمار فيقوؿ‪ٍ" :‬ب أف عامر أقبل‬
‫اب‪١‬بنود كقد أصدر إليو ا‪٣‬بيوؿ من هتامة كجائتو ا‪١‬بحافل ‪٦‬بحفلة كاجتمعت لو خبليق ‪٨‬بتلفة حٌب‬
‫غطى جيشو األقطار كصاركا كالبحر التيار‪ ،‬كقد خاؼ الناصر من الذين معو ا‪٤‬بكر كخشى منهم‬
‫السّبم كمعها ابن طفل للناصر إذل ىراف‪ ،‬كرفع أكثر ما معو إذل‬ ‫ا‪٣‬بديعة كاليدر‪ ،‬فأخرج إمرأتو بنت ٌ‬
‫ىناؾ ُب ذلك األكاف‪.‬‬
‫كخرج الناصر آخر الليل ُب قليل ‪٩‬بن معو إذل معسج كىو ال يلوم على مكاف كال يعرج‪ ،‬بل قاصد‬
‫صنعاء ٯبد ُب ذلك كيسعى فأمسكو أىل معسج حٌب سلم من ا‪٤‬باؿ النقد كالقماش كسار فَبكوه ببل‬
‫تلبث كال انكماش‪ ،‬حٌب انتهى إذل صنعاء مورع قراره‪.‬‬
‫كأرسل إذل كافة جنوده كأنصاره كأصدر إذل أىل ا‪١‬بوؼ كأىل السراة يستحثهم أف يصلوا إليهم خيبلن‬
‫كرجبلن‪ ،‬كعاقب من استقدر عليو من أىل صنعاء كغّبه أمكن كأسبغ للناس عطاءن كبذالن كجاء عامر‬
‫بن طاىر فأصبح ُب ‪٨‬بيمو عند ذمار‪ ،‬كخرج إليو ا‪٢‬بسن بن إبراىيم بن ٰبي ا‪٤‬بقمحي كإبراىيم بن‬
‫قاسم سنقر‪ ،‬ك‪ٝ‬بيع اليز بنو األسد كبنو سكر كأىل ذمار ‪٦‬بمعْب‪ ،‬كجاؤا إليو مهطعْب فسألوه األماف‬
‫كعقركا بقران أمامو كحلفوا لو جليل اإلٲباف‪.‬‬
‫فدخل عامر بن طاىر ا‪٤‬برة األكذل ذمار بيّب قتاؿ كاستوذل على ما فيها ببل إنظار كال إمهاؿ‪ ،‬كصرؼ‬
‫من دراٮبو لعساكره ما يتقوتوف كسار فيهم ابلعدؿ كاإلنصاؼ‪ ،‬فما أح هد منهم أرىب كال خاؼ‪،‬‬

‫‪ 1‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬حتلِق ذ‪ً .‬وسف صَحس ض ‪.106‬‬
‫‪ 0‬حعن ُصان‪ :‬حدي جصاكين ٔبسوذ‪ ،‬كِي ٔبن كدَةل حٌْة اًيت اص هتصث يف اًلصن اًخاسؽ اًِجصي اكهت جسىن يف ا ٔلزط احملَعة تَ‪ ،‬وملا ثواًت‬
‫ؿَهيا احملن اهخلَت إىل ملصة ؿًس ابمليعلة املـصوفة اًَوم ابمس ادلييب‪ ،‬وكس اثعي معصان مسًية رماز جبحي ُصان‪ ،‬وثلوم يف مواهجة ادلحي‬
‫حاًَا مداين خامـة رماز‪ ،‬نٌل متص جبوازٍ ظصًق رماز إىل ظيـاء‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1612/0 ،‬‬
‫‪ُ 1‬شٍ يه اٍمين‪ .‬ا ٔلزط والٕوسان واًخازخي‪ ،‬ؾحسهللا ٔبمحس اًثوز‪ ،‬ض‪.126‬‬
‫‪171‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫فوقف فيها أايمان ككذل فيها ابن أخيو علي بن اتج الدين‪ ،1‬كخرج ٗبن معو من العساكر‪ ،2‬كعاد إذل‬
‫ببلده ابلنصر كالتمكْب‪."3‬‬
‫العمارية‪،‬‬
‫كُب ركاية ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف القرمطي أنو عاد ‪٢‬بصار مصنعة بِب قيس كالقضاء على السلطنة ٌ‬
‫كُب كبل الركايتْب إلبن الديبع كابن األنف فإف ا‪٤‬بلك عامر قد عاد إذل ببلده كالٍب ُب طريقو إليها‬
‫العمارية‪.‬‬
‫عمار كذم يرعْب‪ ،‬كسيأٌب معنا ذكر ذلك ُب السلطنة ٌ‬ ‫سيمر على ببلد آؿ ٌ‬
‫ابلتأكيد ي‬
‫كقد ذكر العبلمة كماؿ الدين الذؤارل أف استيبلء ا‪٤‬بلك الظافر على ذمار كاف قبل ذلك بنحو شهرين‬
‫حيث يقوؿ‪" :‬كُب ليلة ا‪١‬بمعة اثلث شهر ‪ٝ‬بادل األكذل سنة ٖٓٔىػ ىملًك ا‪٤‬بلك الظافر مدينة ذمار‬
‫كاستوذل عليها كانقطع منها حكم صاحب صنعاء‪ ،‬ككاف أكؿ فتوح ملك ببلد القبلة"ْ‪.‬‬
‫كالصحيح أنو دخل ذمار ُب أكؿ شهر رجب من سنة ٖٓٔىػ‪ ،‬كما ذكر ذلك ابن الديبع كالكبسي‬
‫كابن األنف القرمطي مؤرخي الدكلة الطاىريةٓ‪.‬‬

‫‪ 1‬ؿًل جن اتح ادلٍن جن ظاُص جن مـوضة‪ ،‬اجن ٔبد املَىني ؿًل وؿامص جن ظاُص‪ ،‬ثويف وادلٍ مؽ خسٍ س ية ‪ُ622‬ػ‪ ،‬خفاًف تـس ركل ؿىل‬
‫معََ ؿًل وؿامص ومـَ ؾُحَة اًعاُصي يف حعن امللصاهة‪ ،‬مفاًوا تبٔن ظصذوا حٌلؿة مهنم‪ ،‬ففصوا إًََ فٌَل ذذَوا فصخ ؿًل جن اتح ادلٍن ٔلن ٍىون‬
‫هل هبم كوت‪ ،‬وكس حـي هلٌل ؿًل وؿامص حـ ًال‪ ،‬و ٔبابحا هلٌل اًـعاء اًوافص وامليون‪ ،‬فٌَل ذذَوا إىل امللصاهة ٔبذذَوا ؿََ ًا وؿامص ًا إٍهيا فاس خوًَا ؿَهيا‬
‫وظصذ ؿًل وؿامص ُشا اخملاًف ؿَهيٌل ؿًل جن اتح ادلٍن‪ ،‬وحخسا ؾُحَة اًعاُصي يف اًسجن‪ ،‬و ٔبزاذا ٔبن ٍىون فَِ من اخملدلٍن‪ ،‬ففص ؾحَة من‬
‫اذلخس ُاز ًاب وظاز ثحؽ ذوةل ٔبُي ظيـاء‪ ،‬وملن حازهبم حماز ًاب‪ ،‬وؿًل جن اتح ادلٍن حـي ًسوز إىل تـسان وًبٔيت إىل ظيـاء‪ ،‬مث ٔبًخلاٍ ؾٌلٍ ؿًل‬
‫وؿامص وظاز إًح ًا هلٌل حِر ٍصًس ٔبن ٍهنيى وًبٔمص‪ .‬بٔهؼص‪ :‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.115‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.114‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،106‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،321‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًـالمة اًىخيس‪ ،‬ض‪ ،162‬زوضة ا ٔلدداز‪،‬‬
‫اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.115‬‬
‫‪ 2‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا اذلخيش ض ‪.023‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز يف حواذج اٍمين اًىداز واذلعون وا ٔلمعاز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض ‪.115‬‬
‫‪172‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الباب الثالث‬
‫ادلعارضة والتمردات السياسية يف إب‬

‫ُب ىذا الباب أ‪٠‬بيت التمردات الٍب كقعت ُب إب ُب أكاخر الدكلة الرسولية اب‪٤‬بعاررة السياسية‬
‫لئلنصاؼ‪ ،‬فا‪٢‬بقيقة دل تكن ىذه ا‪٤‬بعاررة كا‪٤‬بعاررة القبلية ُب هتامة‪ ،‬كا‪٤‬بتصفة ابلطابع القبلي‬
‫كالعشوائية كعدـ كجود أىداؼ غّب السلب كالنهب كقطع الطرؽ‪ ،‬بل كانت معاررة منظمة كرٗبا‬
‫كانت أشبو ما يكوف اب‪٢‬بكم الذاٌب أك األقليمي‪ ،‬ألف ا‪٤‬بعاررْب ىنا كانوا يسعوف للحكم السياسي‬
‫كتكوين دكلة كسلطة خاصة هبم‪ ،‬أكثر من ‪٦‬برد األطماع ا‪٤‬بادية‪ ،‬كقد بُب كبلن من ا‪٤‬بعاررْب ُب أب‬
‫سلطتو ا‪٤‬بصيرة ا‪٤‬بستقلة‪ٕ ،‬بيث أهنا كانت أشبو ما يكوف ٗبمالك صيّبه ككانوا أمرائها كمشائخها أشبو‬
‫ما يكونوا ٗبلوؾ الطوائف ُب أكاخر عهد ببلد األندلس‪ ،‬فقد كانت دكيبلت داخل الدكلة اليمنية‪،‬‬
‫استقلت عندما سنحت ‪٥‬با الفرصة لذلك بسبب رعف الدكلة الرسولية ُب أكاخر عهدىا كعدـ‬
‫استطاعتها السيطرة على ‪ٝ‬بيع الببلد‪ ،‬ككاف من أبرز ا‪٣‬بارجْب ُب إب سياسيان كا‪٤‬بستقلْب اب‪٢‬بكم ُب‬
‫مناطقهم‪ ،‬آؿ السّبم كالذين أنشاؤا ما كاف يعرؼ ٗبملكة بعداف ككاف ٰبكمها الشيخ أبوبكر‬
‫السّبم‪ ،‬ككذلك كاف من أبرز ا‪٣‬بارجْب على الدكلة الرسولية آؿ ا‪٢‬ببيشي كالذم استقلوا ٕبكم ‪٨‬ببلؼ‬
‫عمار‪ ،‬لذا سنتكلم ُب ىذا الباب عن كبلن من ىذه‬ ‫العمارم ُب ٌ‬
‫جعفر‪ ،‬كسلطنة األسد بن الورد ٌ‬
‫ا‪٤‬بعاررات السياسية ُب ثبلثة فصوؿ مستقلة كالتارل‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬معارضة الشيخ دمحم السريي صاحب بعدان‬
‫الفصل الثاين‪ :‬معارضة العباس بن اجلالل احلبيشي اإلستيالء على مدينة إب‬
‫الفصل الثالث‪ :‬قيام السلطنة العمارية يف ادلناطق الوسطى‬

‫‪173‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل األول‬
‫معارضة السريي صاحب بعدان‬

‫كانت سلطة آؿ السّبم ُب ا‪٤‬بناطق كالوسطى كإب من أقول السلطنات كاإلمارات الٍب ظهرت ُب‬
‫أكاخر الدكلة الرسولية كبداية عهد الدكلة الطاىرية‪ ،‬خاصة إذا علمنا أف سلطة آؿ السّبم ُب مناطقهم‬
‫قد أمتدت إذل ما يقارب ا‪٤‬بائة كا‪٣‬بمسْب عامان‪ ،‬كأف نفوذىم قد أمتد إذل مدينة إب كجبلة‪ ،‬كإذل جبل‬
‫السّبم‬
‫بعداف كحصن حب‪ ،‬كإذل منطقة سناح كحصن ا‪٢‬بمراء ُب الضالع‪ ،‬ككال شك أف عصياف ٌ‬
‫على الرسوليْب كاف جزءان من حالة عامة عاشها الرسوليوف أايـ السلطاف األفضل العباس بن اجملاىد‪،‬‬
‫الذم كاجو عند تسلمو ا‪٢‬بكم مقاكمة إخوتو ككاجو أيضان اإلمامية الزيدية كعصياف كثّب من القبائل‬
‫فعمل على القضا عليهم‪٥ ،‬بذا فإننا ُب الفصل سنبْب بداية ظهور آؿ السّبم ُب أكاخر الدكلة الرسولية‬
‫كصراعهم على السلطة‪ٍ ،‬ب نبْب بعد ذلك حصار بِب طاىر آلؿ السّبم كالقضاء على إمارهتم‪ ،‬كذلك‬
‫ُب مبحثْب كالتارل‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬معارضة السريي يف عهد الدولة الرسولية‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬القضاء على معارضة آل السريي يف عهد الدولة الطاىرية‬

‫‪174‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫معارضة السريي يف عهد الدولة الرسولية‬

‫ُب عهد الدكلة الرسولية كُب عصر ا‪٤‬بلك األفضل ابلتحديد ككلده ا‪٤‬بلك األشرؼ الثاين ظهر الشيخ‬
‫أبوبكر بن معورة السّبم‪ 1‬صاحب بعداف‪ ،2‬كالذم كصفو ابن الديبع ُب قرة العيوف أبنو كاف أحد‬
‫رجاالت الدىر‪ ،‬ككاف قد استوذل على حصن بعداف كنزع يده من الطاعة‪ ،3‬كحصن حب كحصن‬
‫عزاف‪ 4‬ا‪٤‬بطل على مدينة إب‪ 5‬من ا‪١‬بنوب الشرقي كمدينة إب نفسها كأعلن استقبللو عن الرسوليْب‪،‬‬
‫ككاف مقره ُب جبل بعداف ٍب ُب قرية حقلة من عزلة ا‪٤‬بقاطن‪ 1‬جنوب غرب مدينة إب‪.2‬‬

‫‪ 1‬اًسريي‪ :‬وس حة إىل َس ْري مصنز إذازي من مسٍصًة تـسان وبٔؾٌلل إة‪ ،‬وسة إًََ اًض َخ خالل ادلٍن جن دمحم جن ٔبيب جىص اًسريي‪ ،‬ص َخ‬
‫خمالف تـسان يف اًلصن اًخاسؽ اًِجصي‪ ،‬وُو ابين مسزسة ادلالًَة اًيت اكهت كامئة يف مسًية إة اًلسمية‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪،‬‬
‫امللحفي‪.613/1 ،‬‬
‫ُ‬
‫‪ 0‬تَـسان‪ :‬حدي مضِوز ًعي ؿىل مسًية إة من ادلِة اًرشكِة‪ ،‬وسة إىل تـسان جن ُحضم جن ؾحسمشس جن وائي اجن اًلوج جن حِسان جن‬
‫ُؾصًة جن كعن جن ُسُري جن ٔبمين جن اًُِمُسؽ جن محري جن س حبٔ‪ ،‬وُو من ادلحال راث املزازع وا ٔلن از واًـَون وفَِ كصى وحعون نثريت‪ ،‬وُو‬
‫من مسٍصًة من مسٍصايث حمافؼة إة‪ ،‬ثضم املصانز الٕذازًة الٓثَة‪ ،‬املياز‪ ،‬سري‪ ،‬ذلل‪ ،‬اًـشازة‪ ،‬تين ؾواط‪ ،‬تين مٌعوز‪ ،‬حُسان‪ ،‬اذلَر‪،‬‬
‫املضيك‪ ،‬ضايب‪ُ ،‬حصاهة‪ ،‬ادلؿُس‪ ،‬ري ٔبدفم‪ ،‬ومهنا حعن ًـمس وحعن حة وحعن ػفاز وحعن هؤاذٍ وحعن مٌلشٍ وكصًة اًيؼازي‬
‫وكريُا‪ ،‬وممن وسة إىل حدي تـسان من اًـٌَلء وا ٔلؾَان هشهص اًفلَِ ؿًل جن دمحم اًحـساين وسٍص اًسَعان ؿامص جن ؾحساًوُاة وُو اذلي‬
‫ٔبرشف ؿىل تياء املسزسة اًـامصًة يف مسًية زذاع س ية ‪712‬جهصًة‪ ،‬واًض َخ دمحم جن ؿُىس اًحـساين اكن مذوًَ ًا ؾٌلةل مسًية ظيـاء يف س ية‬
‫‪ٌَِ 647‬جصت‪ ،‬وًلول ا ٔلس خار دمحم ادلؿُس‪ :‬نٌل ُو مـَوم ٔبن مسٍصًة تـسان من ٔبمه املياظق اًس َاحِة وادلشاتة يف تالذان ًُس مبياػصُا ازلَةل‬
‫ارلالتة وحسة‪ ،‬وًىن ٔبًض ًا مبـاملِا اًخازخيَة مثي حعن حة وحعن ادلكِق وحعن اًـعاة وحعن املياز‪ ،‬ونشا املساخس اًلسمية مثي‬
‫املسجس اًعاُصي ومٌازاثَ اًـاًَة يف ا ٔلزثفاع ومسجس اًصفاؾي‪ ،‬وا ٔلول ابًـشازة واًثاين تلصًة اًصظس‪ ،‬وُشٍ املـامل اًخازخيَة ًِا بٔمهَهتا‬
‫اًس َاحِة‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪ ،161/1 ،‬وكال اًـالمة اسٌلؾَي الٔهوع‪ ،‬تـسان خمالف هحري من خماًَف إة‪،‬‬
‫وٌضمي ؿسذ ًا من اًـزل وكس حتول إىل انحِة س ية ‪1726‬م يف ؾِس الٕمام ٔبمحس جن حيي محَسادلٍن‪ .‬خماًَف اٍمين‪ ،‬اسٌلؾَي الٔهوع‪،‬‬
‫ض‪.134‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.231‬‬
‫‪ 2‬حعن ؾزان‪ :‬ؾزان امس مضرتك تني ؿسذ من اذلعون واًحدلان اًواكـة يف ٔبؿايل ادلحال‪ ،‬وامللعوذ تـزان ُيا حعن ٔبؿىل حدي زميان املعي‬
‫ؿىل مسًية إة من اًزاوًة اًرشكِة اًضٌلًَة‪ ،‬وُو ؿىل ٕازثفاع ‪ 1132‬مرت ًا ؾن سعح اًححص‪ ،‬وفَِ كرب املفضي جن ٔبيب اًرباكث اسلريي كائس‬
‫خُش تين اًعََحي واملخويف س ية ‪273‬م‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1242/0 ،‬‬
‫‪ 3‬إة‪ :‬مسًية حٌويب ظيـاء مبسافة ‪ 122‬هََو مرت‪ ،‬ثلوم ؿىل زتوت ابًسفح اًلصيب دلحي زميان من تـسان‪ ،‬وحصثفؽ ؾن سعح اًححص ‪4022‬‬
‫كسم ًا‪ ،‬ويه كسمية الٕدذعاظ حصحؽ إىل ؾِس ادلوةل اسلريًة‪ ،‬وكس اكهت ذوةل ظلريت ًِا سوز‪ ،‬وفهيا من الٓاثز اًلسمية كرص اًحَضاء اسلريي‪ ،‬مث‬
‫إسذاذث صِصهتا تـس اًلصن اًصاتؽ اًِجصي‪ ،‬وجضري نخة اًخازخي الٕساليم ٔبن ا ٔلمري ؾحسهللا جن دفعان اذلوايل ُامجِا س ية ‪ُ162‬ػ‪ ،‬وكس حصك‬
‫فهيا اًعََحَون نثري ًا من بٓاثزمه‪ ،‬ومن ركل سوايق املاء املمسوذت إٍهيا من حدي تـسان واملحًِة اب ٔلجحاز امليجوزت اًيت اكهت متس املسًية مبَاٍ‬
‫اًرشة‪ ،‬ومتخاس مسًية إة اًلسمية تبٔن صوازؾِا مصظوفة اب ٔلجحاز اًىدريت‪ ،‬وًِا سوز كسمي ل ٍزال كامئ ًا وذاظة اًلعاع اًلصيب مٌَ‪ ،‬واكن ًخضمن‬
‫اًسوز ٔبزتـة ٔبتواة يف ادلِاث ا ٔلزتؽ يه اًحاة اًىدري وابة سًدي وابة اًيرص وابة اًصانزت‪ ،‬ويف مسًية إة اًىثري من ادلوامؽ ٔبمهِا ادلامؽ‬
‫ارلعايب اذلي ًلال ٔبهَ تين تبٔمص من ارلََفة معص جن ارلعاة زيض هللا ؾيَ‪ ،‬ونشا خامؽ ومسزسة ا ٔلسسًة‪ ،‬ومسجس ادلالًَة‪ ،‬وخامؽ ومسزسة‬
‫‪175‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كيشّب ا‪٣‬بزرجي مؤلف العقود اللؤلؤيةّ ا‪٤‬بتوَب سنة ُِٖىػ‪ ،‬كا‪٤‬بعاصر ‪٥‬بذه ا‪٤‬بدة أف جبل بعداف كاف‬
‫عاصيان على الرسوليْب منذ أايـ السلطاف اجملاىد كالد األفضل‪ ،‬كقد حاكؿ ا‪٤‬بلوؾ الرسوليوف استعادة‬
‫جبل بعداف كحصن حب عدة مرات كذلك إبرسا‪٥‬بم عدة ‪ٞ‬ببلت إال أهنم فشلوا ُب استعادهتا من‬
‫السّبم‪.‬‬
‫ٌ‬
‫كلعل أكؿ ذكر لؤلحداث الٍب جرت بْب الشيخ أبو بكر السّبم كالرسوليْب‪ ،‬ىو ما أكرده ا‪١‬بندم ُب‬ ‫ٌ‬
‫أحداث سنة ِٕٕىػ‪ ،‬حيث ذكر أبف السلطاف اجملاىد الرسورل طلع ُب أكؿ سنة ِٕٕىػ إذل حصن‬
‫التعكر كاستدعى من مرتبيها‪ٍ ،‬ب أرسل القاري ابن مؤمن إذل جبلة لفتح ا‪١‬ببل ا‪٤‬بعركؼ ببعداف‪ ،‬فطلع‬
‫بعسكره جبل اليالب من العسكر الذم كصل معو من مصر‪ ،‬كرحل كثّب بعد أف كصل ابن الشوع إذل‬
‫تعز كمعو ابن شكر فقابلهم السلطاف مقابلة جيدة كخلع كأحسن‪ ،‬ككاف معهم ‪ٝ‬باعة من مشائخ‬
‫مذحج كأعياهنم‪ ،‬كطلبوا ماالن يبذؿ ‪٥‬بم على فتح ا‪١‬ببل‪ ،‬كطلع مذحج بعداف كفتحوا فيو ا‪٢‬برب كدل يتم‬
‫ذلك‪.4‬‬
‫كاستمر ىذا اإلستقبلؿ من الشيخ أبوبكر بن معورة السّبم ُب عهد ا‪٤‬بلكي األفضل الرسورل‪ ،‬حٌب‬
‫‪ٛ‬بكن من قتلو غيلة ُب فراشو عاـ ٕٕٓىػ‪ ،‬بعد أف عجزكا على التيلب عليو عسكراين‪ ،‬كاحتز رأسو‬
‫ك‪ٞ‬بل رأسو إذل السلطاف األفضل الرسورل‪ ،‬ك‪٤‬با قتل كتب كلده دمحم بن أيب السّبم إذل اإلماـ صبلح‬
‫الدين بن دمحم بن علي ا‪٥‬بدكم يستنجده على ببلد السلطاف‪ ،‬فأ‪٪‬بده بنفسو كٗبا يشاء من خيل كرجل‬
‫ك‪ٝ‬بع السّبم ‪ٝ‬باعة كسارا ‪ٝ‬بيعان يريداف تعز فوصبل ا‪١‬بند فأقاما ثبلثة كاستخدـ السلطاف ‪ٝ‬بعان عظيمان‬
‫ككتب إذل كافة القبائل ٕبفظ الطريق الذم مر اإلماـ فيها فاستقبح اإلماـ أمره ككاف يقدـ ا‪٢‬بزـ ُب‬

‫اًاكػمي‪ ،‬وخامؽ حصافة‪ ،‬وكريُا من املساخس اًيت اكهت جس خزسم مكجاًس ٌَـمل ًخوىل ٔبمصُا ؿسذ من ؿٌَلء اًرشًـة واًفلَ‪ ،‬ومسًية إة يه‬
‫ؿامصة حمافؼة إة وجض متي ؿىل ٍلوؿة وحساث إذازًة يه مسٍصايث اًلفص وٍصمي واًصػمة واًياذزت واًضـص وتـسان واًسست وحدُش واخملاذز‬
‫وحزم اًـسٍن وفصع اًـسٍن واًـسٍن وحدةل وٕاة واًسربت واًس َاين وري سفال ومشخيصت‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪،‬‬
‫‪.12/1‬‬
‫‪ 1‬ؾزةل امللاظن‪ :‬مٌعلة يف رشيق مسًية إة من حدي تـسان‪ ،‬كِي ٔبن ا مسَت وس حة إىل ا ٔلكعون جن سًس جن سُدان جن اذلُس جن ٍصمي ري‬
‫زؿني‪ ،‬وثضم امليعلة ٍلوؿة كصى وحعون‪ٔ ،‬بمهِا اًـلدة وز ٔبش اًيلِي واًـجاٍص واًسواًي وادلحجة واًؼِصت واًـىست واً ِوُازي وحِاث‬
‫واًضواًؽ وزحدان وحلةل وادلـاصن وحول اًضوايف وتُت ادلايل وتُت ذزموص واًسواذي واًعافِة وتُت اًرسحيي واملـرب وتُت مصاذ ومزنل‬
‫ؿامص واًفجصت وحـصان واًض َايح واملواسعة وامليسم وكريُا‪ .‬وحلةل كصًة من مصنز امللاظن يف رشيق مسًية إة‪ ،‬اكن هبا مسزسة كسمية تياُا‬
‫اًض َخ ادلالل جن دمحم اًسريي ص َخ خمالف تـسان واملخوىف س ية ‪ُ613‬ػ‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪،264/1 ،‬‬
‫‪.1425/0‬‬
‫‪ 0‬اتزخي إة‪ ،‬ذ‪ .‬دمحم مؼفص ادلمهي‪ ،‬مًضوزاث خامـة إة‪ ،‬ظحـة ‪0225‬م‪ ،‬ض‪.65‬‬
‫‪ 1‬اًـلوذ اٌَؤًؤًة‪ ،‬ارلززيج‪.057/0 ،‬‬
‫‪ 2‬اًسَوك يف ظحلاث اًـٌَل واملَوك‪ ،‬هباء ادلٍن ادليسي اًسىسيك‪ ،421/0 ،‬اًـلوذ اٌَؤًؤًة‪ ،‬ارلززيج‪.23/0 ،‬‬
‫‪176‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫أموره فاستمر راجعان ُب غّب طريقو الٍب جاء فيو كجد ُب السّب حٌب خرج من ببلد السلطاف‪ ،‬كتعلق‬
‫ابن السّبم ببلده كحصونو‪.1‬‬
‫كقد توذل عدة مشايخ من آؿ السّبم حكم حصن حب كبعداف كإب‪ ،‬كيذكر من ىؤالء دمحم بن أيب‬
‫بكر الذم توذل بعد مقتل كالده عاـ ٕٕٓىػ‪ ،‬كالذم تقدـ السلطاف األشرؼ الرسورل ُب عهده عاـ‬
‫ُٖٕىػ إذل مدينة إب فأخذىا قهران ابلسيف‪.2‬‬
‫فقدـ إليو الشيخ أ‪ٞ‬بد بن أيب بكر السّبم‬ ‫كُب عاـ ُٕٗىػ تقدـ السلطاف األشرؼ الثاين إذل جبلة‪ً ،‬‬
‫مبعواثن من أخيو دمحم يطلب الصلح كاألماف‪ ،‬فقبل السلطاف ذلك كتقدـ إذل مدينة إب حيث نزؿ إليو‬
‫الشيخ دمحم السّبم من بعداف كأعلن كالءه كاستعداده لتسليم ما ‪ٙ‬بت يده من ا‪٢‬بصوف‪ ،‬فطلب إليو‬
‫السلطاف أف يعود إذل كرعو كأف يبقي ما ‪ٙ‬بت يده من ا‪٤‬بناطق ما داـ قد أعلن كالءه للرسوليْب‪،‬‬
‫كلكي يثبت السّبم ىذا الوالء فقد قاتل أىل بعداف بقيادتو قوات اإلماـ الزيدم ُب حصن نعم ُب‬
‫احملطة أبمر من السلطاف‪.3‬‬
‫كقد استمر الوالء بْب آؿ السّبم كالرسوليْب‪ ،‬ففي عاـ ٖٕٗىػ قدـ ابن دمحم السّبم إذل السلطاف‬
‫الرسورل فكساه كأنعم عليو كصرؼ لو حصا ان أخضر كبيلة كانصرؼ راجعان إذل أبيو‪ ،4‬إال أف ىذا‬
‫الصلح انتهى ُب نفس عاـ ٖٕٗىػ‪ ،‬كسبب ذلك أف السلطاف األشرؼ أرسل من يبحث عن حاؿ‬
‫السّبم فوجده على أقبح سّبة كأخبث سريرة‪ ،‬فأر‪ٙ‬بل السلطاف إذل دار السبلـ من جبلة فأقاـ بو‬
‫كأرسل للقبائل كاستخدـ الرجاؿ كأرسل إذل ابن السّبم يطلب منو عسكران اب‪١‬بامكية‪ ،‬فلم يفعل‬
‫فتحقق السلطاف فساده كإفساده كمكره كعناده ككاف ‪٩‬بن ‪ٚ‬بلف عن الوصوؿ إذل ابب السلطاف‪ ،‬ككاف‬
‫‪ٝ‬بلة من ‪ٚ‬بلف عن الوصوؿ إذل السلطاف من القبائل يومئذ ابن السّبم صاحب بعداف‪ ،‬كعبدالباقي‬
‫الصهباين كعلي بن داكد ا‪٢‬ببيشي صاحب ا‪٣‬بضراء من جبل الشواُب‪.5‬‬
‫كقد امتنع ابن السّبم عن تقدًن العوف فقرر السلطاف التحرؾ من مدينة جبلة الٍب كاف قد كصل إليها‬
‫ُب ‪٧‬برـ سنة ُٖٗىػ‪ ،‬كتوجو إذل مدين إب حيث ىيأ ابن السّبم نفسو للقتاؿ كالدفاع عن ا‪٤‬بدينة‬
‫بقوات تعدادىا ألفي راجل‪ ،‬فلما اقَبب األشرؼ الثاين من مدينة إب "أغلق ا‪٤‬بدافعوف أبواهبا‪ ،‬كقاتلوا‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.232‬‬


‫‪ 0‬اًـلوذ اٌَؤًؤًة‪ ،‬ارلززيج‪.122/0 ،‬‬
‫‪ 1‬اًـلوذ اٌَؤًؤًة‪ ،‬ارلززيج‪.153/0 ،‬‬
‫‪ 2‬اًـلوذ اٌَؤًؤًة‪ ،‬ارلززيج‪.057/0 ،‬‬
‫‪ 3‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،243‬اًـلوذ اٌَؤًؤًة‪ ،‬ارلززيج‪.057/0 ،‬‬
‫‪177‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ساعة من هنار قتاالن شديدان‪ ،‬فاهنزـ العسكر السلطاين ىزٲبة شديدة‪ ،‬كثبت السلطاف ككلده الناصر‬
‫ثبااتن حسنان‪ ،‬كأعاد ٘بميع قواهتم‪ ،‬ك‪ٛ‬بكنوا من دخوؿ مدينة إب ابلقوة‪ ،‬كأخرهبا العسكر خراابن كليان‬
‫كهنبوا ما كجدكا فيها كقتلوا من أىلها ‪ٝ‬باعة كرجع السلطاف إذل درا السبلـ ظافران منصوران‪."1‬‬
‫كدل يكتفي السلطاف األشرؼ الثاين بذلك بل أرسل قوات أخرل بقيادة الطواشي ‪ٝ‬بيل إذل احية‬
‫بعداف فقاتلوا أىبل قتاالن شديدان كدمركا ‪ٟ‬بس قرل كهنبوا كثّبان من أمواؿ أىلها كعادكا إذل السلطاف إذل‬
‫مدينة جبلة‪.2‬‬
‫كيبدك أف ىذه ا‪٤‬بعارؾ الٍب جرت دل تنهي سلطة آؿ السّبم‪ ،‬كلذلك بقيت بعداف عصية على‬
‫الرسوليْب‪ ،‬كالدليل على ذلك ما جرل من معارؾ بْب السلطاف الناصر الرسورل كالسّبم ُب عاـ‬
‫َّٖىػ‪ ،‬فقد كاف ابن السّبم قد حط على حصن ا‪٢‬بمراء ُب مدة مرض كالد الناصر الرسورل‪،‬‬
‫كساعده كلد مهدم صاحب سناح فخرج الناصر ُب أكؿ كاليتو فأخذ سناح كغّبه كرفع السّبم من‬
‫مكانو‪ ،‬كهنب ما معهم ٍب عاد منصوران‪.3‬‬
‫ٍب توذل بعد دمحم بن أيب بكر السّبم ابنو عبدالنيب بن دمحم‪ ،‬كدخل مدينة إب ُب آخر يوـ من كاليتو‬
‫كما ذكر ذلك ا‪٤‬بؤرخ الربيهي‪ ،‬فييقوؿ الربيهي‪" :‬أف شيخ بعداف كىو عبد النيب بن دمحم السّبم عاـ‬
‫ُِٖىػ تقريبان‪ ،‬نزؿ ُب حاؿ كاليتو من حصن حب إذل مدينة إب بعساكر كثّبة كأىبة عظيمة من آلة‬
‫ا‪٢‬برب كفرح أىل البلد بدخولو فقاؿ الفقيو ‪ٞ‬بزة اليوـ فرح كبكرة ترح كجعل يكرر ىذه اللفظة كدل‬
‫يعرؼ أكثر الناس معُب ذلك فكاف تلك الليلة خالف عليو صنوه الشيخ ا‪١‬ببلؿ بن دمحم السّبم ُب‬
‫حصن حب فاستقاـ ابلوالية كخرج الشيخ عبد النيب عن الوالية فعرؼ الناس معُب كبلـ الفقيو ‪ٞ‬بزة‬
‫كعدكا ذلك من كراماتو‪."4‬‬
‫ٍب بعد ىذه الواقعة توذل ‪ٝ‬باؿ الدين ا‪١‬ببلؿ بن دمحم السّبم كيذكر أنو كاف ‪٧‬ببان للعلماء كالفقهاء‬
‫كالصا‪٢‬بْب‪ ،‬فقد استدعى القاري العادل الصاحل كجيو الدين عبد الر‪ٞ‬بن بن دمحم النحواين عندما راقت‬

‫‪ 1‬اًـلوذ اٌَؤًؤًة‪ ،‬ارلززيج‪ ،057/0 ،‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.244‬‬


‫‪ 0‬اًـلوذ اٌَؤًؤًة‪ ،‬ارلززيج‪.062/0 ،‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،75‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.252‬‬
‫‪ 2‬ظحلاث ظَحاء اٍمين املـصوف تخازخي اًربُّييي‪ ،‬ؾحس اًوُاة اًربُّييي اًسىسيك اٍميين‪ ،‬حتلِق ؾحس هللا دمحم اذلخيش‪ ،‬اًيارش مىذحة الٕزصاذ‬
‫ظيـاء اٍمين‪ ،‬ظحـة ‪1772‬م‪.106/1 ،‬‬
‫‪178‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫عليو األمور‪ ،‬فرتبو إمامان كمدرسان ُب مدرستو الٍب أنشأىا ٗبدينة إب كأراؼ إليو خطبة ا‪١‬بامع ا‪٤‬ببارؾ‬
‫ككاله القضاء على السحوؿ كما إليو كقابلو ٗبا يقابل بو مثلو ٍب استقاـ بوظيفة القضاء ٗبدينة إب‪.1‬‬
‫كيقوؿ مؤرخ الدكلة الرسولية ابن ا‪٢‬باسب ا‪٤‬بصرم‪" :‬ارتفعت يد عبدالنيب السّبم من ا‪٤‬بشيخة ُب‬
‫وروي بسعاية كالدهتم كررى أىل الببلد أبخيو ا‪١‬ببلؿ‪ ،‬كوف‬ ‫ً‬
‫حصن حب‪ ،‬كاستمر أخوه الشيخ جبلؿ ع ى‬
‫عبدالنيب أساء سّبتو مع الرعية كذلك ُب شهر ‪ٝ‬باد اآلخر سنة ُِٖىػ‪."2‬‬
‫كقد بُب ا‪١‬ببلؿ بن دمحم السّبم مدرسة ا‪١‬ببللية العليا ُب مدينة إب سنة ُٖٓىػ‪ ،3‬كدرس هبا القاري‬
‫كجيو الدين عبدالر‪ٞ‬بن النحواين‪ ،‬كالفقيو عثماف بن عمر الناشرم كا‪٤‬بقرمء تقي الدين معورة بن‬
‫حسن العنسي كالفقيو دمحم بن عبدهللا ا‪٢‬بجرم كالقاري عمر بن دمحم ا‪٤‬بسلمي ا‪٤‬بشهور ابلّبٲبي كغّبىم‬
‫من العلماء كالفقهاء‪.4‬‬
‫ٍب توذل ‪٨‬ببلؼ بعداف بعد ذلك الشيخ شهاب الدين أ‪ٞ‬بد بن الليث السّبم‪ ،‬كقد أكرد ذكره العبلمة‬
‫الربيهي ُب كتابو طبقات صلحاء اليمن عندما ترجم للفقيو ا‪٤‬بقرلء عفيف الدين عثماف بن عمر‬
‫الناشرم‪ ،‬فقاؿ الربيهي ُب تر‪ٝ‬بة الناشرم‪" :‬كقد انتقل إذل تعز كرتبو السلطاف الظاىر مدرسان ٗبدرسة‬
‫الظاىرية كا‪٤‬برشدية فأقاـ هبا ‪٫‬بو عشر سنْب ٍب ‪٤‬با بعد تيّب حاؿ تعز سنة ْٖٖىػ‪ ،‬كاتفق فيها ما اتفق‬
‫من الفًب انتقل إذل مدينة إب‪ ،‬فتلقاه الشيخ شهاب الدين أ‪ٞ‬بد بن الليث السّبم أحسن ملقى‬
‫كأكرمو كقابلو ٗبا يقابل مثلو كاراؼ إليو تدريس مدرستو األسدية كغّبىا‪ ،‬كرتب لو من النفقة ما يقوـ‬
‫ٕبالو كأحسن إليو إحسا ان اتما فلم تطل مدة إقامتو حٌب عاجلتو ا‪٤‬بنية ٗبرض الطاعوف ُب ذم ا‪٢‬بجة‬
‫سنة ْٖٖىػ‪."5‬‬
‫ٍب توذل بعده ابنو دمحم بن أ‪ٞ‬بد بن الليث السّبم‪ ،‬ككاف ذكره ُب عهد بِب طاىر‪.‬‬

‫‪ 1‬اًضوء اًالمؽ ٔلُي اًلصن اًخاسؽ‪ ،‬مشس ادلٍن ٔبتو ارلري دمحم جن ؾحس اًصمحن اًسزاوي‪ ،‬مًضوزاث ذاز مىذحة اذلَات مرص‪ ،1/1 ،‬ظحلاث‬
‫ظَحاء اٍمين‪ ،‬اًربُّييي‪.71/1 ،‬‬
‫‪ 0‬اًىذاة اًؼاُصي يف اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬اجن اذلاسة املرصي‪ ،‬ض‪ ،132‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬ض‪.133‬‬
‫‪ 1‬ادلالل جن دمحم اًسريي تىن املسزسة ادلالًَة اًـََا يف مسًية إة‪ ،‬وثلؽ حاًَ ًا يف كَة املسًية اًلسمية املسوزت يف ٔبؿىل ماكن من املسًية‪ ،‬ما‬
‫حزال ؿامصت صاخمة مبئشىهتا اًساملة ازلَةل اًيت تيُت يف ؾِس مذبٔدص ؾن تياء املسزسة‪ ،‬اتدٌاُا اًض َخ خالل ادلٍن ادلالل جن دمحم جن ٔبيب جىص‬
‫اًسريي‪ ،‬ص َخ خمالف تـسان‪ ،‬من ٔبؾَان ن اًة املائة اًثامٌة وتساًة املائة اًخاسـة‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬املسازش الٕسالمِة يف اٍمين‪ ،‬اسٌلؾَي الٔهوع‪،‬‬
‫ض‪.111‬‬
‫‪ 2‬املسازش الٕسالمِة‪ ،‬اسٌلؾَي الٔهوع‪ ،‬ض‪.111‬‬
‫‪ 3‬ظحلاث ظَحاء اٍمين‪ ،‬اًربُّييي‪.114/1 ،‬‬
‫‪179‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫القضاء على معارضة آل السريي‬
‫يف عهد الدولة الطاىرية‬

‫لقد استمرت سلطة عائلة السّبم على بعداف كحصن حب إذل ما بعد سقوط الدكلة الرسولية كالذم‬
‫حل ‪٧‬بلها الدكلة الطاىرية‪ ،‬ك‪٤‬بعرفة طبيعة ا‪٤‬بنطقة الٍب سيطر عليها آؿ السّبم‪ ،‬البد أف نتعرؼ على‬
‫حصن حب الذم أ‪ٚ‬بذه آؿ السّبم مقران ‪٢‬بكمهم كقلعةن يتحصنوف هبا رد أعداءىم‪.‬‬
‫حصن حب‪ :‬يقع حصن حب على صخرة جبلية كاسعة كشاىقة كسط منخفضات فسيحة كُب‬
‫إب يشاىد تلك الصخرة الصماء الٍب‬ ‫منطقة جبلية‪ ،‬كلذلك فإف الصاعد على سطح رٲباف من مدينة ٌ‬
‫يقع عليها ا‪٢‬بصن حا‪٤‬با يصل إذل أعلى رٲباف كبعداف‪.‬‬
‫يقوؿ ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل ُب كصف عظمة ىذا ا‪٢‬بصن‪" :‬حصن حب كىي القلعة العظيمة الٍب‬
‫ال ٱباؼ صاحبها إال غضب هللا تعاذل أك عدـ ا‪٢‬بب"ُ‪.‬‬
‫كقد أشارت ا‪٤‬بصادر التارٱبية كا‪١‬بيرافية إذل قدـ حصن حب‪ ،‬فقد ذكر ا‪١‬بعدم ُب طبقات فقهاء‬
‫اليمن أف حصن حب أساسو منذ ‪ٜ‬با٭بائة سنةِ‪.‬‬
‫ك‪٤‬با كاف ا‪١‬بعدم قد عاش ُب النصف الثاين من القرف السادس ا‪٥‬بجرم كتوُب ُب عاـ ٖٔٓىػ‪ ،‬فإف‬
‫ىذا يعِب أف حصن حب قد أقيم ُب حوارل القرف الرابع ا‪٤‬بيبلدم أم قبل ا‪٥‬بجرة ٗبائتْب سنةّ‪.‬‬
‫كعندما استلم الطاىريوف السلطة بعد الرسوليْب قرركا القضاء على آؿ السّبم‪ ،‬كاإلستيبلء على‬
‫‪٩‬بلكتهم كببلدىم بعداف كما حو‪٥‬با من مناطق إب‪ ،‬كخاصة حصن حب كحصن عزاف‪.‬‬
‫لذا بعد أف استوذل الطاىريْب على ا‪٢‬بكم بعد الدكلة الرسولية كاستيبلئهم على عدف كزبيد كتعز‪ ،‬ابتدأ‬
‫حصارىم ‪٢‬بصن حب‪ ،‬كقد استولوا خبلؿ فَبة حصارىم ‪٢‬بصن حب على ا‪٤‬بناطق الواقعة إبب‬
‫كبعداف كالٍب كانت كاقعة ‪ٙ‬بت نفوذ آؿ السّبم‪ ،‬كدل يبقى من ‪٩‬بلكة آؿ السّبم إال حصن حب‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.033‬‬
‫‪ 0‬ظحلاث فلِاء اٍمين‪ ،‬معص جن ؿًل ادلـسي‪ ،‬ض‪.137‬‬
‫‪ 1‬اتزخي ا ّٕة‪ ،‬ذ‪ .‬دمحم مؼفص ا ٔلذمهي‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪181‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫حصن حب فً جبل بعدان محافظة إب‬

‫منظر لحصن حب من أسفل جبل بعدان‬

‫‪181‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫السّبم مستوليان على حصن حب‪ ،‬كاستوذل ا‪٤‬بلوؾ بنو طاىر على حصوف أل‪ٞ‬بد‬ ‫ككاف أ‪ٞ‬بد بن الليث ٌ‬
‫السّبم صاحب بعداف‪ ،‬كىو ال يبارل ٗبا ملك عليو من ا‪٢‬بصوف كالبلداف‪ ،‬كىو مع ذلك‬ ‫بن الليث ٌ‬
‫مقبل على اللهو كالشراب‪ ،‬ال يشتيل بيّب ذلك ُب ‪ٝ‬بيع األسباب‪ ،‬ككاف أيخذ الوسائد كٰبضر ما‬
‫لديو من ا‪٣‬بداـ كالوالئد كأيمرىم اف يضربوىا ابلسيوؼ كيقوؿ‪ :‬ىذا عامر بن طاىر فلقوه ا‪٢‬بتوؼ‪،‬‬
‫فلما كاف بذلك اشتيالو كعليو أايـ عمره إقبالو‪ ،‬عزلو أىل بعداف كأقاموا ابنو كخرج أ‪ٞ‬بد بن الليث إذل‬
‫رابط ا‪٤‬بعائن كىو مقبل على اللهو ال يشتيل ٗبا ىو كائن‪.1‬‬
‫السّبم مشيخة بعداف‪ ،‬بعد عزؿ كالده‪" ،‬كُب رجب من سنة ٖٗٔىػ‪،‬‬ ‫فتوذل دمحم بن أ‪ٞ‬بد بن الليث ٌ‬
‫اصطلح ا‪٤‬بلكاف اجملاىد كالظافر كا‪٢‬ببيشي مع صاحب بعداف‪ ،‬الشيخ دمحم بن أ‪ٞ‬بد بن الليث‬
‫السّبم"ِ‪.‬‬
‫كالظاىر أف الصلح كاف مع الشيخ أ‪ٞ‬بد السّبم كذلك بعد أف استوذل كلده دمحم على ا‪٢‬بصن كإخراجو‬
‫مر‬
‫منو‪ ،‬ككاف أىل البلد قد ملوا كالية أبيو أ‪ٞ‬بد لفساده‪ ،‬فأخرجوه من ا‪٢‬بصن كشيخوا كلده دمحمان كما ٌ‬
‫معنا‪.‬‬
‫ٍب إنو ابتدأ التدبّب للسيطرة كاإلستيبلء على حصن حب كذلك بفرض ا‪٢‬بصار على ا‪٢‬بصن ألنو ال‬
‫ٲبكن اقتحامو ابلقوة فقاـ السلطاف اجملاىد ٕبصار حصن حب إبحكاـ كشدة لدرجة أنو قطع عنهم‬
‫ا‪٤‬بؤف كالقوت حٌب نفذ ما لديهم ُب ا‪٢‬بصن من ا‪٢‬ببوب ‪٩‬با ارطر دمحم بن أ‪ٞ‬بد السّبم إذل اإلستسبلـ‬
‫بعد أف أشرؼ أىل ا‪٢‬بصن على ا‪٤‬بوت كا‪٥‬ببلؾ‪ ،‬ككاف ذلك ُب رجب َٕٖىػ‪.‬‬
‫يقوؿ الشيخ ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل ُب أخذ الطاىريْب ‪٥‬بذا ا‪٢‬بصن‪" :‬كُب شهر رجب من سنة‬
‫َٕٖىػ‪ ،‬ملك اجملاىد حصن حب كىي القلعة العظيمة الٍب ال ٱباؼ صاحبها إال غضب هللا تعاذل أك‬
‫عدـ ا‪٢‬بب‪ ،‬بعد حصار طويل كمرابطة شديدة ُب سنْب عديدة‪ ،‬فملك أكالن معاشّب ا‪٢‬بصن كعزلو ٍب‬
‫كقل عددىم إذل أف عدموا القوت‬ ‫انتهى ا‪٢‬باؿ إذل أف حاصر بقيتو كقطع ا‪٤‬بّبة عنهم فتفرؽ ‪ٝ‬بعهم ٌ‬
‫أايمان فبذلوا تسليم ا‪٢‬بصن على ماؿ كعلى أف ٰبملوا ما قدركا على ‪ٞ‬بلو من ا‪٤‬بتاع كالسبلح‪ ،‬فتسلمو‬
‫ا‪٤‬بلك اجملاىد‪ ،‬ككَب ‪٥‬بم ٗبا كقع اإلتفاؽ عليو‪ ،‬ككاف يوـ تسليمو كقبضو كخركج ابن السّبم منو يومان‬
‫مشهودان مسعودان كمن أايـ األعياد معدكدان ‪٤‬با حصل للملك اجملاىد من السركر على ‪ٛ‬بلك ىذه ا‪٤‬بملكة‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.44‬‬


‫‪ 0‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪182‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الضخمة ك‪ٞ‬بد هللا كشكره كتصدؽ بصدقة عظيمة من الذىب الكثّب كالطعاـ كا‪٢‬بنطة كالسكر كحصل‬
‫للفقهاء كالفقراء ٗبا كصل إليهم‪ ،‬ككاف الناظر على الصدقة القاري شهاب الدين أ‪ٞ‬بد بن علي‬
‫ا‪٢‬بلواين نعم الرجل كاف‪ ،‬ككاف معظم الصدقة ُب شهر رمضاف من السنة ا‪٤‬بذكورة"ُ‪.‬‬
‫كيقوؿ العبلمة ابن الديبع ُب ا‪٤‬بعا اة الٍب عا اىا ا‪٤‬بلك اجملاىد ُب سبيل اإلستيبلء على حصن حب‪:‬‬
‫"قبض اجملاىد حصن حب ا‪٤‬بشهور بعد حصار طويل كماؿ جزيل كمقاساة شديدة كىو حصن ذم‬
‫رعْب ككاف للقاري دمحم الربيهي ُب فتح ىذا ا‪٢‬بصن سعي ك‪٨‬باطرة كسبب تسليمهم ا‪٢‬بصن أف حبٌهم‬
‫نفذ‪ ،‬كأشرفوا على ا‪٥‬ببلؾ فسلموا ا‪٢‬بصن كنزلوا‪ ،‬ككاف الذم سلمو دمحم بن أ‪ٞ‬بد بن الليث السّبم‪،‬‬
‫ككاف أىل البلد قد ملوا كالية أبيو أ‪ٞ‬بد فأخرجوه من ا‪٢‬بصن‪ ،‬كشيخوا كلده دمحمان ككاف الصلح على‬
‫أهنم يسلمونو‪ ،‬كٱبرجوف ٗبا قدركا عليو فلما خرج دمحم السّبم ٗبا معو كاف كالده حينئذ حيان‪ ،‬فادعى‬
‫كثّبان من الذخائر أهنا مشَباة‪ ،‬كرسم على الولد اب‪٤‬بدرسة األشرفية‪ ،‬كآؿ أمره إذل أف أصلح كالده على‬
‫ماؿ يسلمو إليو"ِ‪.‬‬
‫كيقوؿ أيضان ُب كتابو بيية ا‪٤‬بستفيد ُب اتريخ مدينة زبيد‪" :‬كُب رجب من سنة َٕٖىػ استوذل اجملاىد‬
‫على حصن حب‪ ،‬ا‪٤‬بشهور اب‪٤‬بنعة ٗبخبلؼ بعداف‪ ،‬بعد حصار طويل‪ ،‬كىو حصن ذم رعْب"ّ‪.‬‬
‫كيقوؿ العبلمة السخاكم ُب شأف ىذا ا‪٢‬بصن ا‪٤‬بنيع‪" :‬كملك حصن حب كىو حصن ا‪٤‬بلك ذك يرعْب‬
‫من ملوؾ ‪ٞ‬بّب ا‪٤‬بعقل الذم ليس ُب اليمن مثلو حضانة كمنعة بعد ‪٧‬باصرتو إايه سبع سنْب‪."4‬‬
‫كقد كاف فتح حصن حب كا‪٤‬بلك عامر ُب ذمار يستعد ‪٢‬بملة عسكرية على صنعاء‪ ،‬فينما ىو كذلك‬
‫جاءت البشرل أف ا‪٤‬بلك اجملاىد افتتح ا‪٤‬بعقل الشامخ كالطود الباذخ حصن حب مقر ا‪٤‬بلوؾ بِب‬
‫السّبم الذين كانوا فيو كابران عن كابر‪ ،‬كذلك أنو ‪٤‬با طاؿ عليو ا‪٢‬بصار كريق على الذين فيو أف‬
‫خرجوا لؤلكطاف‪ ،‬راؽ هبم ا‪٢‬باؿ كاستأمنو كثّب ‪٩‬بن فيو من النساء كالعياؿ كالرجاؿ‪ ،‬فامنهم كخرجوا‬
‫كمنهم ‪ٝ‬باعة من أىل عمار الذين شردىم أخوه إليهم‪ ،‬ك‪١‬بأكا كىم من ا‪٤‬بقاتلْب لداكد كعبدالباقي ابِب‬
‫طاىر كىم الذين حفظوا حصن حب ككانوا فيو على من حارب السّبم‪ ،‬فلما خرجوا راؽ ا‪٢‬باؿ ٗبن‬
‫فيو كعظمت عليهم البلية‪ ،‬حٌب انتهوا إذل أكل ‪٢‬بوـ ا‪٢‬بمر األىلية‪ ،‬فنزؿ دمحم بن أ‪ٞ‬بد الليث السّبم‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.033‬‬
‫‪ 0‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.323‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.113‬‬
‫‪ 2‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.52/1 ،‬‬
‫‪183‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫إذل ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر كما ذكر ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف‪ ،‬كألقى بنفسو كىو صاغر كقاؿ‪ :‬ىا أ ا بْب‬
‫يديك كنسلم حصن حب إليك‪ ،‬كسلم إليو حب كملكو بعد أف حاربو سبع سنْب بعد أف أفتتح إابن‪،‬‬
‫كُب آخرىا شدد عليو ا‪٢‬بصار ببل تواف كال إقصار‪.1‬‬
‫كهبذا انتهت ‪٩‬بلكة آؿ السّبم كىي ‪٩‬بلكة بعداف األكذل كالٍب انتهت كانقضت على أيدم الدكلة‬
‫الطاىرية‪ ،‬بعد أف ظلت مسيطرة على حصن حب كمناطق بعداف كما حو‪٥‬با ‪٤‬بدة تزيد على مائة‬
‫ك‪ٟ‬بسْب عامان بدأت منذ حكم ا‪٤‬بلك اجملاىد الرسورل ُب عاـ َِٕق‪ ،‬كانتهت ُب عصر الدكلة‬
‫الطاىرية عاـ َٕٖىػ على يد ا‪٤‬بلك اجملاىد الطاىرم‪.‬‬
‫كقد كانت ىذه ا‪٤‬بنطقة يطلق عليها مسمى ‪٩‬بلكة بعداف ككانت من الضخامة كالقوة‪ ،‬ما جعل‬
‫ا‪٤‬بؤرخْب ُب ذلك العصر يعظموهنا كيعظموف حصنها حصن حب‪ ،‬ك‪٩‬بن ذكر ذلك العبلمة كماؿ‬
‫الدين الذؤارل ُب اترٱبو اتريخ مدينة زبيد فقد قاؿ عن استبلـ ا‪٤‬بلك اجملاىد ‪٥‬بذه ا‪٤‬بملكة العظيمة‪:‬‬
‫"ككاف يوـ تسليمو كقبضو كخركج ابن السّبم منو يومان مشهودان مسعودان كمن أايـ األعياد معدكدان ‪٤‬با‬
‫حصل للملك اجملاىد من السركر على ‪ٛ‬بلك ىذه ا‪٤‬بملكة الضخمة ك‪ٞ‬بد هللا كشكره كتصدؽ بصدقة‬
‫عظيمة"ِ‪.‬‬
‫كقد انتهت ىذه ا‪٤‬بملكة كما ذكر ا ُب عصر الدكلة الطاىرية‪ ،‬كلكنها ظهرت مرة أخرل على يد‬
‫النظارم ُب أكاخر الدكلة الطاىرية بعد مقتل ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن عبدالوىاب عاـ ِّٗىػ‪ ،‬كالٍب‬
‫سيأٌب معنا ذكرىا الحقان‪.‬‬
‫كرغم انتهاء سلطة آؿ السّبم ُب بعداف كإب إال أف الطاىريْب كعلى رأسهم ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر دل‬
‫يستينوا عن خربات أىل بعداف كإب كمعونتهم ُب القيادة كالقتاؿ فقد كاف أبرز قادة الدكلة الطاىرية‬
‫من بعداف كعلى رأسهم القائد دمحم بن عيسى البعداين‪ ،‬ككذلك ابنو القائد الفذ علي دمحم البعداين‬
‫كغّبىم كما سيأٌب معنا ذكرىمّ‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.001‬‬


‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض ‪.033‬‬
‫‪ 1‬س َبٔيت رهص ركل مـيا تـس وفات املكل ؿامص جن ؾحساًوُاة وكِام ممَىة تـسان تـس ؿام ‪ُ 701‬ػ ؿًل ٔبًسي تين اًيؼازي‪.‬‬
‫‪184‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الثاين‬
‫معارضة العباس بن اجلالل احلبيشي‬
‫واإلستيالء على مدينة إب‬

‫كاف من أعٌب كأطوؿ التمردات السياسية ُب مناطق إب رد الدكلة الطاىرية‪ ،‬التمرد الذم قاـ بو‬
‫الشيخ العباس بن ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬ببيشي ُب ‪٨‬ببلؼ جعفر كما حولو من ا‪٤‬بناطق‪ ،‬كقد كانت تصل سلطة‬
‫ا‪٢‬ببيشي أحيا ان حٌب تشمل مدينة إب كجبلة كالشواُب كذم سفاؿ‪ ،‬كمن ا‪٤‬بعلوـ أف ‪ٛ‬برد بنو ا‪٢‬ببيشي‬
‫قد إبتدأ منذ أكاخر عهد الدكلة الرسولية كاستمر إذل ما بعد مقتل ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر‪ ،‬كُب‬
‫ىذا الفصل سنبْب التمرد الذم قاـ بو العباس بن ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬ببيشي كا‪٤‬بناطق الٍب كانت تقع ‪ٙ‬بت‬
‫سيطرتو‪ٍ ،‬ب نبْب استيبلء بِب طاىر على مدينة إب كدخو‪٥‬با ‪ٙ‬بت سلطة الدكلة الطاىرية‪ ،‬مورحْب‬
‫ذلك ُب مبحثْب كالتارل‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬مترد العباس بن اجلالل احلبيشي‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬استيالء بين طاىر على إب‬

‫‪185‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫مترد العباس بن اجلالل احلبيشي‬

‫كانت ببلد ا‪٢‬ببيشي تقع ُب يحبيش‪ 1‬من مناطق إب‪ ،‬كقد كانت من أبرز ا‪٤‬بدف مدينة جبلة‪ 2‬الٍب‬
‫بنيت ُب عصر الدكلة الصليحية كالٍب تبعد عن مدينة إب حوارل ستة كيلو مَبات فقط‪ ،‬كقد كاف آؿ‬
‫ا‪٢‬ببيشي من ا‪٤‬بتمردين ُب أكاخر عهد الدكلة الرسولية كاستمر ‪ٛ‬بردىم كطموحهم لئلستيبلء على السلطة‬
‫إذل عصر الدكلة الطاىرية‪ ،‬ككاف معقلهم كحصنهم ا‪٤‬بنيع ىو حصن التعكر الشهّب القريب من مدينة‬
‫جبلة‪.‬‬
‫مدينة جبلة وحصن التعكر‪:‬‬
‫مدينة جبلة‪ :‬تسمى أيضان ذم جبلة كتقع ُب قاعدة سفح جبل التعكر ُب الشماؿ الشرقي منو كُب‬
‫ا‪١‬بنوب اليريب من مدينة إب‪ ،‬كقد ‪٠‬بيت جبلة هبذا اإلسم نسبة إذل رجل ٲبِب يهودم كاف يبيع‬
‫الفخار ُب ا‪٤‬بورع الذم بنيت فيو‪ ،‬ا‪٠‬بو ذك جبلة‪.‬‬
‫كمدينة جبلة حديثة العهد قياسان بقدـ ٗبدينة إب‪ ،‬فقد بنيت مدينة جبلة ُب بداية عصر الصليحيْب‪،‬‬
‫عندما اختطها كبناىا عبدهللا دمحم الصليحي سنة ْٖٓىػ‪ ،‬حْب كاف كاليان على حصن التعكر كأبمر‬
‫من أخيو مؤسس الدكلة الصليحية ا‪٤‬بلك علي دمحم الصليحي‪.‬‬

‫‪ُ 1‬حدُش‪ :‬مسٍصًة يف اًضٌلل اًلصيب من مسًية إة مبسافة ‪ 20‬هََو مرت‪ ،‬مصنزُا ػَمَ ويه مٌعلة حدََة جضمي ؿىل ؿسذ من املصانز‬
‫الٕذازًة مهنا‪ :‬حدي معلة وتين اًضاحذني وظائص وحدي درضاء وهلِي ؾلاة واًفصاؾي وادلـافصت وص حاؿة وهومان‪ ،‬واكهت حدُش واًـسٍن وري‬
‫سفال ثسؾى كسمي ًا ابمس ري اًالكع‪ ،‬واكن كس سىهنا تيو اذلحُيش من ٔبُي إة فًس حوا إٍهيا ومه من كدَةل مشجح املضِوزت واًيت من تعون ا‬
‫ؿًس ومصاذ وتَحازج وسـس اًـضريت وكريمه‪ ،‬ومن مضاُري ٔبؿالهمم هشهص‪ :‬دمحم جن ؾحسهللا اذلحُيش املخوىف س ية ‪ُ632‬ػ‪ ،‬اكن مبزنةل اًوسٍص يف‬
‫ذوةل تين ظاُص‪ ،‬وكس اانظوا تَ ٔبموز اًياش ًخرصًفِا‪ ،‬وؾحسهللا جن دمحم جن ٔبيب جىص اذلحُيش من ٔبؿالم املائة اًخاسـة‪ ،‬واكن مفيت مسًية امللصاهة‬
‫واملسزش هبا‪ ،‬نٌل اكن وادلٍ كاضَ ًا ًحالذ خنب يف زذاع‪ ،‬وثوخس هبا كالع ٔبثصًة من خمخَف اًـعوز ٔبصِصُا‪ :‬كَـة ذسذ وكَـة حدي ارلرضاء‪.‬‬
‫ٔبهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.210/1 ،‬‬
‫ً‬
‫‪ 0‬حدةل‪ :‬مسًية مضِوزت ابدليوة اًلصيب من مسًية إة‪ ،‬تُهنٌل ٔبزتـة ٔبمِال ثلصًحا‪ ،‬كال اتو خمصمة ٔبن ٔبول من ٔبدذعِا ُو ؾحسهللا جن دمحم‬
‫اًعََحي‪ ،‬وكس ولٍ حعن اًخـىص املعي ؿَهيا‪ ،‬فدياُا ؿىل سفح حدي اًخـىص وحرش اًصؿااي إٍهيا من خمالف حـفص و ٔبسٌلُا حدةل ابمس ُّيوذي‬
‫اكن ًخِؽ اًفزاز فهيا كدي ؾٌلزهتا‪ ،‬مث اهخلي إٍهيا املىصم ٔبمحس جن ؿًل اًعََحي وسوحذَ املَىة ٔبزوى تًت ٔبمحس اًعََحي اذلي فو املىصم ٔبمص‬
‫املمَىة إٍهيا‪ ،‬وظازث حدةل ؿامصة ٌدلوةل اًعََحَة‪ ،‬وهبا ذفٌت اًس َست ٔبزوى‪ ،‬وثلؽ حدةل ؿىل ُضحة مسعحة مذسزخة حصثفؽ حنو ‪4523‬‬
‫كسم ًا ؾن سعح اًححص‪ ،‬ويه مسًية تني ن صٍن خازًني ص خ ًا وظَف ًا‪ ،‬وٌَس َست تًت ٔبمحس مبٓثص نثريت يف حدةل مهنا تياء ادلامؽ وثحََط املسًية‬
‫ابًلضاط وا ٔلجحاز‪ ،‬نٌل ٔبن هبا بٓاثز ذازُا اًضِريت تساز اًـز يف موضـِا املـصوف حبافة ادلاز‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪،‬‬
‫‪.063/1‬‬
‫‪186‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫من جانب آخر انتهت أٮبية مدينة جبلة السياسية ابنتهاء حكم الصليحيْب بعد كفاة ا‪٤‬بلكة أركل‬
‫بنت أ‪ٞ‬بد الصليحي عاـ ِّٓىػ ُ‪.‬‬
‫حصن التعكر‪ :‬ارتبط اسم جبل التعكر ٕبصنو الشهّب ا‪٤‬بسمى حصن التعكر الذم كصفو ايقوت‬
‫ا‪٢‬بموم ُب ‪٨‬بطوطو معجم البلداف ابلقوؿ‪" :‬أنو قلعة حصينة عظيمة مكينة ابليمن من ‪٨‬ببلؼ جعفر‪،‬‬
‫مطلة على ذم جبلة ليس ُب اليمن قلعة أحصن منها"ِ‪.‬‬
‫كيقوؿ ا‪٥‬بمداين ُب كتابو صفة جزيرة العرب‪" :‬أف التعكر من ا‪١‬بباؿ ا‪٤‬بشهورة‪ ،‬كىو من شوامخ ا‪١‬بباؿ‬
‫الٍب ُب رؤكسها ا‪٤‬بساجد الشريفة‪ ،‬كموارع ا‪٤‬بساجد‪ ،‬كحصنو من ا‪٢‬بصوف الشهّبة ُب اليمن"ّ‪.‬‬
‫كيرجع قدـ بناء حصن التعكر إذل حوارل ثبلثة آالؼ ك‪ٟ‬بسمائة سنة‪ ،‬كما ذكر ذلك العبلمة عمر بن‬
‫علي بن ‪٠‬برة ا‪١‬بعدم ُب كتابو طبقات فقهاء اليمن‪ ،‬ك‪٤‬با كاف قولو ىذا قبل اتريخ كفاتو كىو ٖٔٓىػ‬
‫فإف حصن التعكر قد بِب قبل أكثر من أربعة آالؼ سنةْ‪.‬‬
‫‪٨‬ببلؼ جعفر ُب إب قبل الطاىريْب‪ُ :‬ب أكاخر الدكلة الرسولية ارطربت أحواؿ ‪٨‬ببلؼ جعفر‪ 5‬من‬
‫إب كساءت أحوالو األمنية‪ ،‬كيصف ابن عبداجمليد ُب كتابو هبجة الزمن األحواؿ ا‪٤‬بضطربة ُب ‪٨‬ببلؼ‬
‫جعفر كغّبه‪ ،‬كيقوؿ عن جبلة أف رؤساء القبائل كأتباعهم "ملكوا أمبلؾ ا‪٤‬بلوؾ‪ ،‬كهنبوا مدينة جبلة‬
‫كأخذكا ما هبا حٌب حصر ا‪١‬بامع"ٔ‪.‬‬
‫كعندما استقل بِب طاىر اب‪٤‬بلك بعد الرسوليْب‪ ،‬بسطوا نفوذىم ُب عدف كزبيد كتعز كتبقى ‪٥‬بم ُب‬
‫ا‪٤‬بناطق الوسطى من اليمن بعض ا‪٤‬بناطق من إب كمنها ‪٨‬ببلؼ جعفر ك‪٨‬ببلؼ بعداف‪ ،‬كالٍب أراد‬
‫زعمائها كمشاٱبها أف ٰبتفظوا ‪٥‬بم ٗبكانة بعد انتهاء الدكلة الرسولية‪ ،‬كقياـ الدكلة الطاىرية كا‪٤‬بلكْب‬
‫اجملاىد كالظافر اب‪٤‬بلك ُب اليمن‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي ا ّٕة‪ ،‬ذ‪ .‬دمحم مؼفص ا ٔلذمهي‪ ،‬ض‪.141‬‬


‫‪ 0‬مـجم اًحدلان‪ ،‬صِاة ادلٍن ٔبتوؾحسهللا ايكوث اسلوي‪ ،‬حتلِق فصًس ؾحساًـزٍز ادليسي‪ ،‬ذاز اًفىص تريوث ًحيان ‪1772‬م‪.‬ض‪.22‬‬
‫‪ 1‬ظفة حزٍصت اًـصة‪ٔ ،‬بتو اذلسن جن ٔبمحس جن ًـلوة اهلمساين‪ ،‬حتلِق دمحم جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬مىذحة الٕزصاذ ظيـاء اٍمين اًعحـة اًثاهَة‬
‫‪0226‬م‪ ،‬ض‪.016‬‬
‫‪ 2‬ظحلاث فلِاء اٍمين‪ ،‬اًـالمة معص جن ؿًل جن مسصت ادلـسي‪ ،‬ض‪.136‬‬
‫‪ 3‬خمالف حـفص‪ُ :‬و ما ٌسمى اًَوم اًـسٍن وٕاة واملشخيصت واًسحول‪ ،‬كِي ٔبهَ ؾصف تشكل وس حة إىل ادلـافص مَوك اًالكع يف الٕسالم‪،‬‬
‫ومهنم ا ٔلمري حـفص جن إجصاُمي امليايخ اسلريي‪ ،‬اذلي حُك امليعلة لٔنرث من مخسني ؿام ًا إىل ٔبن كذهل يف مسًية املشخيصت ؿًل جن اًفضي ٔبزياء‬
‫حصة كامت تُهنٌل‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.115/1 ،‬‬
‫‪ 4‬هبجة اًزمن‪ ،‬اجن ؾحساجملَس ا ٔلُسل‪ ،‬ض‪.116‬‬
‫‪187‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كُب ذم ا‪٢‬بجة من سنة ُٖٔىػ‪ ،‬إبتدأ التمرد من قبل العباس بن ا‪١‬ببلؿ بن عبدالباقي ا‪٢‬ببيشي‬
‫صاحب حبيش‪ ،‬فاستوذل العباس ا‪٢‬ببيشي على ‪٨‬ببلفوُ‪ ،‬كىو ‪٨‬ببلؼ جعفر كا‪٤‬بقصود بو ما يقع بو‬
‫جبل التعكر كحصنو ا‪٤‬بنيع كمدينة جبلة كببلد حبيش‪.‬‬
‫ككاف العباس بن ا‪١‬ببلؿ بن عبدالباقي ا‪٢‬ببيشي قبل ذلك ‪٧‬بارابن للعباس بن علي بن ا‪٢‬بساـ الزاىر‪،‬‬
‫كقد تقول ا‪٢‬ببيشي ك‪ٝ‬بع كثّبان من القبائل كالعشائر‪ ،‬فسلم أخوة العباس بن علي بن ا‪٢‬بساـ الزاىر‬
‫حصوف الشواُب إذل علي كعامر‪ٍ ،‬ب أف ا‪٢‬ببيشي أطلق العباس بن علي بن ا‪٢‬بساـ ‪٤‬با صارت ا‪٢‬بصوف‬
‫إذل بِب طاىرػ‬
‫كترؾ ا‪٤‬بلك اجملاىد كا‪٤‬بلك الظافر حصوف الشواُب إذل أكالد علي بن ا‪٢‬بساـ الزاىر‪ ،‬كردىا إليهم‬
‫ليمتنعوا هبا عمن يعاديهم فلم يبقوا فيها إال أايمان‪ ،‬كصاؿ عليهما ا‪٢‬ببيشي عباس ككاف شجاعان شديد‬
‫البأس أىوج ال يرد ردان عند الناس‪ ،‬فاسَبجع حصوف علي بن ا‪٢‬بساـ الزاىر كملكها‪ ،‬كأراد أبمره كهنيو‬
‫فملكها‪.2‬‬
‫فبلغ العلم ا‪٤‬بلك اجملاىد فنزؿ إليو من بلده‪ ،‬كابدر إذل ذم جبلة كاستقر ٔببلة من الشهر ا‪٤‬بذكور إذل‬
‫شهر ربيع األكؿ من سنة ِٖٔىػ‪ ،‬ككقع قتاؿ بينو كبْب ا‪٢‬ببيشي فاهنزـ ا‪٢‬ببيشي كقتل من أصحابو‬
‫‪ٝ‬بوعان ال تنحصر‪ ،‬كرجع اجملاىد إذل بلدهّ‪.‬‬
‫كعند ذلك هنض ا‪٤‬بلكاف علي كعامر لقتالو كقاما ‪٤‬بطاكلتو كتقصّب حالو‪ ،‬فاسَبجعا بعض ا‪٢‬بصوف من‬
‫يديو كملكا نصف الببلد ‪٩‬با صار إليو كعمرا حصن فركاف‪.‬‬
‫ككاف ‪١‬بياش السنبلي ُب ذلك القتاؿ الشديد كا‪٢‬بمبلت على ا‪١‬بواد الٍب ىو منها ال ٰبيد‪ ،‬ككاف‬
‫ا‪٤‬بلكاف قد غضبا عليو ألمر منو أغاظهما‪ ،‬فلما رأل علي بن طاىر ‪ٞ‬ببلتو كصوالتو قاؿ ألخيو‪ :‬أىذا‬
‫يَبؾ كيستحقر‪ ،‬كأرجعا لو ما أخذ عليو كزادا لو على ما كاف ُب يديو‪ ،‬كقاـ دمحم بن داكد حملاربة‬
‫كعماه ٲبدانو اب‪١‬بيوش كيوسعاف عليو العطاء كال يَبكانو اب‪١‬بملة‪.4‬‬
‫ا‪٢‬ببيشي من التعكر كجبلة‪ٌ ،‬‬
‫كُب ذم القعدة سنة ِٖٔىػ‪ ،‬توجو الشيخ عبدالوىاب بن داككد ُب العسكر ا‪٤‬بنصور إذل احية‬
‫ا‪٢‬ببيشية فالتقيا كاهنزـ ا‪٢‬ببيشي‪ ،‬كأخذ عبدالوىاب بن داكد ‪ٝ‬بلة من حصوف ا‪٢‬ببيشي‪.5‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.102‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.42‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،102‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.277‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.43‬‬
‫‪ 3‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،322‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.103‬‬
‫‪188‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫حصن التعكر‬

‫جامع جبلة التارٌخً‬

‫مدٌنة جبلة التارٌخٌة‬

‫‪189‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫استيالء بين طاىر على إب‬

‫للقضاء على التمردات السياسية ُب إب بشكل عاـ‪ ،‬كاف ال بد على بِب طاىر اإلستيبلء على مدينة‬
‫إب‪ ،‬كدحر ‪ٝ‬بيع التشكيبلت العسكرية ا‪٤‬بتواجدة هبا‪ ،‬ككانت أبرز التمردات السياسية ا‪٤‬بتواجدة ُب‬
‫السّبم ُب ‪٨‬ببلؼ بعداف‪ ،‬كالعباس بن ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬ببيشي ُب‬ ‫مر معنا‪ ،‬الشيخ أ‪ٞ‬بد بن الليث ٌ‬ ‫إب كما ٌ‬
‫‪٨‬ببلؼ جعفر‪ ،‬كقد أدرؾ كبل الرجلْب أف كبلن منهما ٗبفرده‪ ،‬كبقدراهتم البسيطة لن يستطيع أف يقاكـ‬
‫القوة العسكرية للدكلة الطاىرية‪.‬‬
‫لذا فقد ًب التحالف بْب الشيخ العباس بن ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬ببيشي صاحب ‪٨‬ببلؼ جعفر‪ ،‬كالشيخ أ‪ٞ‬بد بن‬
‫السّبم صاحب حصن حب‪ ،‬كاصطلح ا‪٢‬ببيشي كأىل بعداف‪ ،‬ككاف بينهم على حرب بِب‬ ‫الليث ٌ‬
‫طاىر األٲباف‪ ،1‬كعقدا اإلتفاؽ فيما بينهم‪ ،‬كتعاىدا على عدـ ا‪٣‬بذالف‪.‬‬
‫كأيضان ‪٩‬بن انضم إذل حلف الشيخ العباس بن ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬ببيشي الشيخ علي بن ا‪٤‬بعبل إذ قاـ بتسليم‬
‫حصوف علب كررائمو‪ 2‬كأ ىك ٍن‪ 3‬للحبيشي‪ ،‬كمع تنامي قوة ا‪٢‬ببيشي كازدايد نفوذه أنضم إليو أيضان آؿ‬
‫الزاىر بعد أف نقضوا حلفهم مع الدكلة الطاىرية‪.4‬‬
‫كمن احية أخرل استشعر بِب طاىر خطورة ىذا التحالف بْب قبائل إب‪ ،‬فبدأ ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر‬
‫السّبم كمن معهم‪ ،‬ككاف البد لو من‬ ‫إعداد العدة لئلستيبلء على إب كالقضاء على ا‪٢‬ببيشي ك ٌ‬
‫اإلستعانة ٕبلفائو ‪٤‬بواجهة ىذا التحدم‪ ،‬لذا فقد أرسل ا‪٤‬بلك الظافر إذل حلفائو إلمداده ككاف من أبرز‬
‫حلفائو قبائل ٮبداف‪" ،‬فأصدر ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر إذل علي بن ا‪٢‬بسن يطلب منو ا‪٤‬بادة من‬
‫ٮبداف‪ ،‬كأف يصل من الناس حسب اإلمكاف‪ ،‬فأرسل إذل حاًب بن إبراىيم بن إدريس ٗبائٍب رجل من‬
‫يرامي كينارل‪ ،‬فلما كصلوا إذل ا‪٤‬بلك الظافر سار هبم صحبتو كقد ‪ٝ‬بع عسكره كىيأ عدتو‪."5‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.116‬‬


‫‪ 0‬رضامئَ‪ :‬حعن يف ٔبؿىل حدي ا ٔلفِوص من تالذ اًـسٍن‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.722/1 ،‬‬
‫‪ٔ 1‬ب َن ْن‪ :‬حعن يف مٌعلة ا ٔلفِوص من مسٍصًة املشخيصت و ٔبؾٌلل حمافؼة إة‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.76/1 ،‬‬
‫‪ 2‬زوضة ارلحاز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.144‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.116‬‬
‫‪191‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كقد أكرد ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف القرمطي معركة إب الٍب جرت بْب ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر كمعو قبائل ٮبداف‬
‫السّبم من جهة أخرل‪ ،‬كيبدك أف اإلستيبلء على مدينة إب ك‪٦‬برايت ىذه‬ ‫من جهة‪ ،‬كبْب ا‪٢‬ببيشي ك ٌ‬
‫ا‪٤‬بعركة قد كقعت ُب سنة ّٖٔىػ‪ ،‬كذلك قبيل إستعداد كنزكؿ اإلماـ الناصر لنجدة حلفائو من عنس‬
‫كا‪٤‬بناطق الوسطى من بِب طاىرُ‪.‬‬
‫ك‪٩‬با يدؿ على أف استيبلء الدكلة الطاىرية على مدينة إب كاف ُب سنة ّٖٔىػ‪ ،‬أف ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف‬
‫ُب كتابو ركرة األخبار ذكر أف استيبلء بِب طاىر على حصن حب ُب بعداف كاف ُب سنة َٕٖىػ‬
‫بعد سبع سنوات من إستيبلئهم على مدينة إب‪.2‬‬
‫كٰبكي ابن األنف ما جرل فيقوؿ‪" :‬فوصل عامر إذل قرب مدينة إب كقد ‪ٝ‬بع فيها القبائل من أىل‬
‫بعداف فكاف بينهما القتاؿ‪ ،‬كخرج أىل بعداف فصفوا عسكرىم خلف درب إب كتنازؿ األبطاؿ‪،‬‬
‫فسأؿ حاًب بن إبراىيم عامر أف تقاتل ٮبداف مع العساكر‪ ،‬فتلكأ ٍب أذف ‪٥‬بم فتقدـ ٮبداف كرموا أىل‬
‫بعداف فأصابوىم ابلعيداف‪ ،‬ككاف يقع ُب كل رجل سهم أك اثناف فلما أصابت أىل بعداف السهاـ‬
‫أتخركا عن اإلقداـ‪ ،‬كنظر إليهم عامر كقد تدحرجوا ‪٤‬با أصيبوا ابلنبل‪ ،‬ككثر فيهم ا‪١‬براح كالقتل‪ ،‬فلما‬
‫رآىم عامر قد فشلوا‪ ،‬كعن موارعهم تزلزلوا‪ ،‬قاؿ أراىم يبعدكف كأصحابنا إليهم يقربوف فأمر عسكره‬
‫اب‪٢‬بملة عليهم فولوا األدابر كألتجأكا إذل الفرار‪ ،‬كحاز منهم جند عامر أربعة فضربوا ابلسيوؼ‬
‫كا‪٣‬بناجر‪ ،‬كفركا إذل داخل ا‪٤‬بدينة من عسكر عامر‪ ،‬كدخل عليهم جنود عامر ا‪٤‬بدينة كانتهبوا منها هنبان‪،‬‬
‫كسلبوا ‪٩‬با فيها سلبان‪ ،‬ككانت ‪٥‬بمداف ا‪١‬بميلة كحاًب بن إبراىيم أكؿ من ‪ٞ‬بل إذل دائر ا‪٤‬بدينة كمعو‬
‫حسن بن داكد ا‪١‬بشمي صاحب بيت غفر فارساف‪ ،‬كشكر عامر ٮبداف كقد عرؼ أف تبْب ‪٥‬بم سبب‬
‫ىربة أىل بعداف‪ ،‬كقاتل أيضان عامر ا‪٢‬ببيشي فأمر من معو من عسكره اب‪٢‬بملة‪ ،‬كترؾ رماة ٮبداف‬
‫حولو‪ ،‬كعاد عامر إذل ببلده ىح ٍجر كمعو ٮبداف فأعطاىم بعض الشيء‪ ،‬كقاؿ‪ :‬أرجعوا إذل ببلدكم فإين‬
‫أخاؼ أف ينتقص ما بيننا ا‪٢‬برب كابن اإلماـ‪ ،‬فبل آمن عليكم ُب الطريق أف ييقطع عليكم من أماـ‪،‬‬
‫ككاف اإلماـ الناصر قد صار إليو كأراؼ أىل ببلد شيزر كأىل بلد سوداف إليو‪."3‬‬
‫كُب نفس الوقت جملرايت معركة إب أككل ا‪٤‬بلك عامر لكبلن من دمحم بن داكد كأخيو عبدالوىاب‬
‫كإدريس بن دمحم القرمطي قيادة القوة ا‪٤‬بتوجهة إذل دمت كنواحيها كدارت بينهم موقعة األكمة‪،‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.103‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.001‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.116‬‬
‫‪191‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫انتصرت فيها قوات الدكلة الطاىرية‪ ،‬كتقدمت حٌب استولت على جبل ز‪٤‬باف‪ ،‬فاستسلم علي بن ا‪٤‬بعبل‬
‫كسلم كل ما بيده من حصوف للطاىريْب بعد أف انسحبت منها قوات ا‪٢‬ببيشي‪ ،‬كما استأنفت القوة‬
‫الطاىرية تقدمها اب٘باه الشواُب ‪٢‬برب آؿ الزاىر كعباس ا‪٢‬ببيشي‪ ،‬فَباجعت قوات التحالف أماـ‬
‫زحف الطاىريْب فاستولوا على حصن نعماف الشواُب‪ 1‬كا‪٢‬بصوف التابعة لو‪.2‬‬
‫الس يحوؿ‪.4‬‬ ‫‪3‬‬
‫ٍب ا٘بو بِب طاىر إذل مناطق ا‪٢‬ببيشي فاستولوا على أغلب معاقلهم كعلى رأسها قلعة َّ‬
‫كبعد ىذه ا‪٤‬بعارؾ كسيطرة ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر على مدينة إب كما حو‪٥‬با من ا‪٢‬بصوف‬
‫السّبم ُب حصن حب‪ ،‬ككاف انتهاء معاررتو ابإلستيبلء على حصن حب‬ ‫كالقبلع كا‪٤‬بناطق‪ ،‬إ‪٫‬بصر ٌ‬
‫مر معنا سنة َٕٖىػ‪.‬‬‫كما ٌ‬
‫كأما العباس بن ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬ببيشي فقد استمر ُب عملياتو العسكرية رد الدكلة الطاىرية ُب إب‪ ،‬ففي‬
‫‪ٝ‬بادل األخرل من سنة ٖٔٔىػ استوذل على حصن علب‪5‬كما كااله‪.6‬‬
‫كنظران ألٮبية ا‪٤‬بنطقة الٍب خرج فيها ا‪٢‬ببيشي على الدكلة الطاىرية‪ ،‬عمل السلطاف اجملاىد ابإلسراع ُب‬
‫قمع ىذه ا‪٢‬بركة حٌب ال تقول كيكثر أنصارىا كيصعب إ‪ٟ‬بادىا‪ ،‬كخاصة بعد أف استوذل ا‪٢‬ببيشي على‬
‫حصن علب‪ ،‬فأستأنف السلطاف مها‪ٝ‬بة ا‪٢‬ببيشي ُب ‪ٝ‬بادل اآلخرة من عاـ ٖٔٔىػ‪ ،7‬فجهز لو‬
‫ا‪٤‬بلك اجملاىد العساكر‪ ،‬فانتزع منو بعد مدة‪.8‬‬

‫‪ 1‬هـٌلن‪ :‬حدي صِري فوق كصًة ادلُ هوت من ادلِة ادليوتَة اًلصتَة والكٌُل يف زؤوش مسًية إة‪ ،‬وهـٌلن كصًة يف مصنز املـضاز من مسٍصًة اخملاذز‬
‫و ٔبؾٌلل حمافؼة إة‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1525/0 ،‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.143‬‬
‫‪1‬‬
‫اًس ُحول‪ :‬حلي واسؽ من ٔبزط اًالكع‪ ،‬ميخس من سفح حدي سٌلزت وحىت سفح ؾلدة مسًية إة حٌو ًاب‪ ،‬مسي وس حة إىل اًسحول جن سواذٍ‬ ‫َّ‬
‫جن معصو جن سـس جن ؾوف جن ؿسي جن ماكل جن سًس جن زسذذ جن سزؿة وُو محري ا ٔلظلص‪ ،‬نٌل مسي ابمس ا ٔلمري حـفص جن اجصاُمي امليايخ‬
‫اسلريي‪ ،‬واتزت حسول جن انيج‪ ،‬وس حة إىل انيج جن ٔبسـس اًخحاؾي اسلريي‪ ،‬وجضلك تدلان اًسحول مصنز ًا إذاز ًاي من مسٍصًة اخملاذز و ٔبؾٌلل‬
‫إة‪ ،‬و ٔبمه ُشٍ اًلصى مٌلشٍ ومََي واملَحمة وتُت ؾيان ومسحان‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.553/1 ،‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.144‬‬
‫‪ 3‬حعن ؿَة‪ :‬حعن كسمي ًلؽ ٔبؿىل حدي حدُش من ؾزةل حدي درضاء مٌسزش ٔبهلاط‪ .‬حىصز رهصٍ يف حصوة ادلوةل اًعاُصًة وُو اًَوم‬
‫دصائة و ٔبظالل‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬حاص َة كصت اًـَون‪ٌَ ،‬لايض دمحم جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ض‪ ،320‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1122/0 ،‬‬
‫‪ 4‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،104‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.320‬‬
‫‪ 5‬اًوحوذ املمَويك يف اٍمين‪ٔ ،‬بمحس سامل جن صُدان‪ ،‬ض‪.103‬‬
‫‪ 6‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.320‬‬
‫‪192‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كُب نفس العاـ أيضان استوذل ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر على حصن ٕبرانة‪ 1‬كما كاالىا من ا‪٢‬بصن‬
‫كالقبلع‪ ،2‬من أعماؿ ذم السفاؿ‪.3‬‬
‫كاستمر التمرد كاإلعتداءات من قبل العباس بن ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬ببيشي‪ ،‬إال أف ‪٧‬باكالتو كلها ابءت ابلفشل‬
‫كدل يستطع ا‪٢‬ببيشي أف يناؿ شيئان‪ ،‬فقد كانت الدكلة الطاىرية ىي القوة الضاربة ُب اليمن مع مواالة‬
‫معظم القبائل ‪٥‬با‪ ،‬لذا رأل العباس ا‪٢‬ببيشي أف األفضل لو أف يصاحل ا‪٤‬بلكْب الظافر كاجملاىد كأف‬
‫ٱبضع لسلطتهما كحكمهما لعلو يناؿ بذلك شرفان كيكوف لو يدان عندىم‪ ،‬كابلفعل ًب ذلك‪.‬‬
‫ففي شهر ذم ا‪٢‬بجة أكاخر عاـ ٖٔٔىػ‪ ،‬اصطلح ا‪٤‬بلكاف اجملاىد كالظافر مع ا‪٢‬ببيشي الشيخ عباس‬
‫بن ا‪١‬ببلؿ بن عبدالباقي صاحب حصن خدد‪ ،4‬ككاجههما كأنعما عليو كرريا عنوٓ‪.‬‬
‫كقد كاف ‪٥‬بذا الصلح الذم ًب بْب بِب طاىر كا‪٢‬ببيشي األثر الكبّب ُب إجراء الصلح أيضان بْب بْب‬
‫طاىر كا‪٢‬ببيشي من جهة‪ ،‬كبْب آؿ السّبم من جهة أخرل‪ ،‬كالذم يقع سلطاهنم اب‪١‬بوار من سلطنة‬
‫ا‪٢‬ببيشي‪ ،‬فيذكر ابن الديبع أنو بعد أشهر قليلة فقط من الصلح السابق‪ُ" ،‬ب شهر رجب سنة‬
‫السّبم‪."6‬‬
‫ٖٗٔىػ‪ ،‬اصطلح ا‪٤‬بلكاف كا‪٢‬ببيشي‪ ،‬مع صاحب بعداف الشيخ دمحم بن أ‪ٞ‬بد لليث ٌ‬
‫كلكن دل يدـ الصلح بْب السلطاف كأدريس ا‪٢‬ببيشي طويبلن‪ ،‬فقد عاد لتمرده بعد مقتل ا‪٤‬بلك الظافر‪،‬‬
‫ففي الوقت الذم كاصل فيو عباس ا‪٢‬ببيشي الطاعة للطاىريْب تزعم أخوه أدريس ا‪٢‬بركة من بعده عاـ‬
‫َٕٖىػ‪ ،‬كابدر السلطاف اجملاىد إذل ‪٧‬باربتو فاستوذل السلطاف علي بن طاىر ابتداءن على حصن حب‬
‫ا‪٤‬بشهور ٗبخبلؼ بعداف بعد حصار طويل‪.‬‬

‫‪ 1‬حعن َحب َْصاهة‪ :‬حعن ذازة يف ٔبؿىل مٌعلة اًس َف اًواكـة يف اًلصة اًضٌليل من مسٍصًة ري اًسفال ومن ٔبؾٌلًِا‪ ،‬ثلؽ يف سفحَ كصًة‬
‫حتمي امسَ‪ ،‬ويه ؿامصت وجبوازُا تدليت إزاية واًـسىص‪ ،‬نٌل جرشف ؿىل اذلمية اًـََا وؿىل كصًة اًـلريٍ‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪،‬‬
‫امللحفي‪.117/1 ،‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،107‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪.320 ،‬‬
‫‪ 1‬ري اًسفال‪ :‬مسًية مضِوزتت صٌلل اًلاؿست مبسافة ‪ 12‬هََو مرت‪ ،‬ما تني مسًًيت حدةل وثـز‪ ،‬ويه يف مٌعلة نثريت اًززوع وا ٔلدساز‬
‫وا ٔلن از‪ ،‬وًلال ٔبن ا كامت ؿىل ٔبهلاط مسًية ري اً ُـال اًيت رهصُا اهلمساين يف ظفةت حزٍصت اًـصة‪ ،‬مث ٔبسذُصث يف ؾِس ادلوةل اًعََحَة‪ ،‬وكس‬
‫دصح مهنا ؿسذ من اًـٌَلء وا ٔلذابء ٔبمثال املُعوع وبل اًـَلمة وبل اًَحَوي وبل اًربُّييي وبل ادليَس وبل اًَلؼان وكريمه‪ ،‬وجضلك ري سفال‬
‫مسٍصًة من بٔؾٌلل حمافؼة إة‪ ،‬وجضمي املصانز الٕذازًة اًخاًَة اًـساين و ُحدري وري اذلوذ ومـاٍن وزًست وزًس‪ ،‬وتين ؾحسهللا واذل ْحةل واًعفة‬
‫ُوزؿاص واًـًس َني وادلذال و ِدٌوت وواذي ضُ حا وصوائط وكريُا‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.572/1 ،‬‬
‫‪ 2‬حعن َذ ِسذ‪ :‬حعن ٔبثصي مضِوز ابمليـة‪ً ،‬لؽ يف مٌعلة اًـازضة من حدي حدُش‪ ،‬صٌلل مسًية إة‪ ،‬فَِ تلِة من بٓاثز اًـٌلئص اسلريًة‬
‫واًعِازجي واًسسوذ احملفوزت يف ادلحي‪ ،‬وكس حصذذ رهصٍ يف نثري من اًىذة اًلسمية‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.341/1 ،‬‬
‫‪ 3‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.104‬‬
‫‪ 4‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،112‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.322‬‬
‫‪193‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٍب أف ا‪٤‬بلك اجملاىد بعد أف سلم بنو ا‪٢‬ببيشي للدكلة الطاىرية‪ ،‬أراد أف يستميلهم كيستعْب هبم ُب أمور‬
‫الوالية كشؤكف ا‪٢‬بكم‪" ،‬ففي ‪٧‬برـ سنة ٕٖٔىػ‪ ،‬أقطع ا‪٤‬بلك اجملاىد األمّب عمر بن عبدالعزيز ا‪٢‬ببيشي‬
‫الببلد الشامية‪ ،‬فخرج إليها ُب عساكر كخيل كثّبة سادس الشهر ا‪٤‬بذكور‪ ،‬ككقف ُب ا‪٤‬براكعة أايمان‪ٍ ،‬ب‬
‫دخل عليو ُب أثنائها علي بن أيب الييث بن حفيص‪ ،‬كالفقيو دمحم بن أيب بن حسْب‪ ،‬كالفقيو علي بن‬
‫حشيرب فأسرىم‪ ،‬كأرسل هبم إذل مدينة زبيد‪ٍ ،‬ب غزا البجليْب فقتل منهم ‪٫‬بو العشرين‪ ،‬كسىب نساءىم‬
‫كهنب مواشيهم‪ٍ ،‬ب صا‪٢‬بوه على ‪ٜ‬بانية عشر فرسان يؤدكهنا إليو‪.‬‬
‫ٍب غزا األمّب عمر بن عبدالعزيز ا‪٢‬ببيشي ا‪٤‬بعازبة كأىل ا‪١‬بحبة‪ ،‬بعد أف غدركا إب‪٠‬باعيل بن ‪٧‬بفوظ‬
‫ا‪٤‬بصرم‪ ،‬ك‪ٝ‬باعة من الفرساف كالعبيد كانوا ىنالك يستخلصوف من ا‪١‬بحبة ماالن‪ ،‬فانكسر ا‪٤‬بعازبة‬
‫كا‪١‬بحبة‪ ،‬فقتل منهم ذلك اليوـ نيفان على ا‪٤‬بائتْب‪ ،‬كاحتز من رؤكسهم قريب ا‪٤‬بائة‪ ،‬كدخل هبم بيت‬
‫الفقيو ابن عجيل دخوالن معظمان‪ٍ ،‬ب اصطلحوا بعد ذلك‪ ،‬كسلم ا‪٤‬بعازبة عشرة أفراس‪ ،‬كا‪١‬بحبة تسعة‬
‫آالؼ دينار‪ٍ ،‬ب دخل زبيد عقب ذلك‪.‬‬
‫ٍب خرج األمّب عمر بن عبدالعزيز ا‪٢‬ببيشي من زبيد غازاين أىل مشّب‪ ،‬فأغار على بِب حسْب األٮبوؿ‪،‬‬
‫كقتل منهم ثبلثْب نفران كأسر آخرين‪ ،‬كهنب مواشيهم‪ ،‬كدخل هبم زبيد يوـ ا‪٣‬بميس من ربيع األكؿ‪."1‬‬
‫إال أف األعماؿ كالتصرفات الٍب قاـ هبا األمّب عمر بن عبدالعزيز ا‪٢‬ببيشي ابسم الدكلة‪ ،‬كالٍب أسرؼ‬
‫فيها ابلقتل كالنهب كالسلب كسيب النساء‪ ،‬أاثرت استياء كحنق ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر‪ ،‬فرغم أف‬
‫ا‪٤‬بلك اجملاىد قد كذل األمّب عمر بن العزيز ا‪٢‬ببيشي ككثق بو‪ ،‬إال أنو دل ٯبعلو ُب معزؿ من الرقابة‬
‫كاحملاسبة على أعمالو ك٘باكزاتو‪ ،‬كاإلفراط ُب اإلساءة للناس كالتعدم على حقوقهم‪ ،‬كإف كانوا قد‬
‫أجرموا كسفكوا الدماء‪.‬‬
‫فبعد ىذه ا‪٢‬بوادث كاألعماؿ الٍب صدرت من األمّب ا‪٢‬ببيشي أرسل ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر‬
‫الشيخ عبدالوىاب بن داكد بن طاىر ُب يوـ األحد شهر ربيع سنة ٕٕٖىػ إذل زبيد‪ً ،‬‬
‫فقدـ مدينة زبيد‬
‫بيتة كقت الظهر‪ ،‬فقرر أمور الرعية‪ ،‬كدل يعلم أحد ٗبقصوده‪ ،‬حٌب قبض على األمّب عمر بن‬
‫عبدالعزيز‪ ،‬كعزـ بو ُب صحبتو ُب أعياف الكتاب يوـ السبت ُٖ الشهر ا‪٤‬بذكور‪ ،‬فواجهوا ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد بتعز‪ ،‬كأنكر ا‪٤‬بلك اجملاىد على األمّب عمر بن عبدالعزيز أموران أحدثها‪ ،‬كأفعاالن ارتكبها ككٖبو‬
‫توبيخان عظيمان‪ ،‬كحاسب الكتاب ُب عدف‪ٍ ،‬ب قيد األمّب عمر بن عبدالعزيز‪ ،‬كخرج بو صحبتو من‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،312‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.121‬‬
‫‪194‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫عدف إذل تعز‪ٍ ،‬ب أطلقو بعد مدة على ماؿ سلمو‪ ،1‬كيذكر العبلمة ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم‬
‫أبف الذم حصل لؤلمّب عمر بن العزيز ىو مكيدة كمؤامرة دبرت لو إلفساد العبلقة بينو كبْب ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد‪ ،‬فيقوؿ الشيخ كماؿ الدين‪" :‬قدـ الشيخ عفيف الدين عبدالوىاب إذل زبيد على حْب غفلة‬
‫من أىلها ‪٤‬بكيدة أكيد هبا األمّب عبدالعزيز ‪ ،...‬فأعلمو بطرؼ من ا‪٤‬بكيدة فقاؿ‪ :‬ىا أ ا ذا بْب‬
‫يديك‪ ،‬كبدا ا‪٤‬بحقق للشيخ عفيف الدين أهنا مكيدة‪ ،‬كلكنو دل يسعو إال امتثاؿ أمر عمو ا‪٤‬بلك‬
‫ي‬
‫اجملاىدِ"‪ٍ ،‬ب أف ا‪٤‬بلك اجملاىد أعاده إذل الوالية فجعلو مقدمان على زبيد ُب أكؿ سنة ٖٕٖىػ‪.3‬‬
‫ط ا‪٤‬بلك اجملاىد علي‬‫ٍب كبعد كفاة ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر‪ ،‬كبعد غدر الشيخ أدريس ا‪٢‬ببيشي‪ ،‬ح ٌ‬
‫بن طاىر ُب سنة ٕٕٖىػ‪ ،‬على الشيخ أدريس بن ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬ببيشي‪ٖ ،‬بدد كما كااله‪ٍ ،‬ب ارتفع عنو‪.4‬‬
‫كُب الثالث من شواؿ سنة ٕٕٖىػ‪ ،‬طلع ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل تعز ٍب إذل جبلة‪ ،‬ككقعت بينو كبْب ا‪٢‬ببيشي‬
‫كقائع عظيمة‪ ،‬نصر اجملاىد فيها عليو‪ ،‬كأخذ لو عدة حصوف كمنها ا‪٤‬بصينعة حصن ا‪٣‬بضراء‪ٍ 5‬ب رجع‬
‫إذل تعز‪.6‬‬
‫كعلى أثر ىذه ا‪٥‬بزائم ا‪٤‬بتوالية الٍب ‪٢‬بقت ابلشيخ أدريس ا‪٢‬ببيشي‪ ،‬كخركج ا‪٢‬بصوف كالقبلع من ‪ٙ‬بت‬
‫سيطرتو‪ ،‬أرطر أدريس بن ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬ببيشي إذل عقد الصلح مع ا‪٤‬بلك اجملاىد‪ ،‬ففي ربيع أكؿ عاـ‬
‫ٕٖٗىػ حصل صلح اتـ‪ ،‬كدخل ا‪٢‬ببيشي ُب صحبة ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل تعز‪.7‬‬
‫إال أف ىذا الصلح دل يدـ طويبلن‪ ،‬فقد بدر من الشيخ أدريس ما جعل ا‪٤‬بلك اجملاىد ُب شهر ذم‬
‫القعدة ينصب على حصن ا‪٣‬بضراء ا‪٤‬بنجنيقات كٰباصرهٖ‪ ،‬كاستمر الصراع حٌب قتل الشيخ أدريس‬
‫ا‪٢‬ببيشي كما سيأٌب معنا ُب األحداث الٍب جرت بعد مقتل ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.122‬‬


‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا اذلخيش‪ ،‬ض‪.044‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.311‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.123‬‬
‫‪ 3‬حعن ارلرضاء‪ :‬حعن يف مقة حدي حدُش‪ ،‬صٌلل قصة مسًية إة‪ ،‬تلصة ذسذ‪ٌ ،‬ضلك مصنزاً إذاز ًاي ًضم ؿسذ من اًلصى مهنا كصًة اًرس‬
‫واًضوايف وتُت ُالل واًثوماين وكريُا‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.350/1 ،‬‬
‫‪ 4‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،312‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.123‬‬
‫‪ 5‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،125‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،311‬اًوحوذ املمَويك يف اٍمين‪ٔ ،‬بمحس سامل جن صُدان‪ ،‬ض‪.104‬‬
‫‪ 6‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.131‬‬
‫‪195‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الثالث‬
‫السلطنة العمارية يف إب‬

‫كاف من أشرس الصراعات الدموية على النفوذ كالسلطة ُب اتريخ بِب طاىر قبل أف يتولوا ا‪٢‬بكم‬
‫عمار ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى من إب‪ ،‬كقد كاف بداية‬
‫كيقوموا بتأسيس دكلتهم‪ ،‬ىو صراعهم مع قبائل آؿ ٌ‬
‫ىذا الصراع ُب أكخر عهد الدكلة الرسولية‪ ،‬كبداية ظهور بِب طاىر ُب مسرح األحداث السياسية‬
‫كنواب للدكلة الرسولية ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى كرداع كما حو‪٥‬با‪ ،‬لذا فإننا ُب ىذا الفصل سنبْب قياـ‬
‫السلطنة العمارية ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى ُب أكاخر عهد الرسوليْب‪ ،‬كصراعهم مع بِب طاىر بصفتهم نواابن‬
‫للدكلة الرسولية ُب تلك ا‪٤‬بناطق‪ٍ ،‬ب نبْب بعد ذلك سقوط كزكاؿ السلطنة العمارية على يد الدكلة‬
‫الطاىرية‪ ،‬كذلك ُب مبحثْب كاآلٌب‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬قيام السلطنة العمارية يف أواخر الدولة الرسولية‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬الصراع بني بين طاىر والسلطنة العمارية يف أواخر عهد الدولة الرسولية‬
‫ادلبحث الثالث‪ :‬الصراع بني الدولة الطاىرية والسلطنة العمارية‬
‫ادلبحث الرابع‪ :‬استيالء بين طاىر على حصن كحالن ويرمي وزوال السلطنة العمارية‬

‫‪196‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫قيام السلطنة العمارية يف أواخر الدولة الرسولية‬

‫كانت الدكلة الرسولية كىي ُب أكج قوهتا تبسط نفوذىا ُب كافة أ‪٫‬باء اليمن‪ ،‬ككاف بِب طاىر نواهبم ُب‬
‫كثّب من‬
‫ا‪٤‬بناطق الوسطى إب كرداع كما حو‪٥‬با‪ ،‬ك‪٤‬با رعفت الدكلة الرسولية ُب أكاخر عهدىا استقلت ه‬
‫ا‪٤‬بناطق كا‪٤‬بخاليف عنها‪ ،‬كمن ا‪٤‬بناطق الٍب استقلت عن الدكلة الرسولية ُب أكاخر عهدىا‪ ،‬سلطنة‬
‫العمارم بزعامة األسد بن الورد العمارم‪ ،‬كابن أخيو ا‪٤‬بعافا ابن الورد كالذم كاف نفوذه ٲبتد على‬ ‫ٌ‬
‫مصنعة ربيع كشخب ككهاؿ كالقائمة كحصن القاىرة‪.‬‬
‫عمار‪ ،‬كالٍب تعترب حاليان مركزان إداراين من مديرية‬
‫العمارم نسبةن إذل منطقة أك ببلد آؿ ٌ‬
‫كأطلق اسم ٌ‬
‫عمار ترتبط من جهة‬ ‫الررمة ‪٧‬بافظة إب‪ ،‬كييعرؼ حاليان ٗبركز آزاؿ‪ ،‬ك‪٩‬با ٘بدر اإلشارة إليو أف ببلد ٌ‬
‫كعمار أيضان جبل عاؿ‬ ‫الشرؽ الشمارل أبرض قبيلة قيفة كخاصة قراىم ىيوة كا‪٤‬بنصورة كاليريرة كالكولة‪ٌ ،‬‬
‫منيف ُب ببلد النادرة‪ ،‬أعبله حصِب شخب كيكهاؿ‪.1‬‬
‫كالبد من اإلشارة إذل أف أىل بلد يسوداف‪ 2‬كاف ‪٥‬بم الوالية ُب ببلد ذم يرعْبّ‪ ،‬كقت اإلماـ صبلح‬
‫الدين دمحم بن علي إماـ الزيدية ُب ذلك الوقتْ‪ ،‬كالذم توُب ُب عاـ ّٕٗىػ‪ ،‬كابنو علي بن صبلح‬
‫الدين ا‪٤‬بتوَب ُب عاـ َْٖىػٓ‪ ،‬كما ذكر ذلك ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف القرمطي ُب اترٱبو ركرة األخبار‪.1‬‬

‫‪ 1‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1113/0 ،‬‬


‫‪ُ 0‬سوذان‪ :‬مصنز إذازي من مسٍصًة اًصمضة وبٔؾٌلل حمافؼة إة‪ ،‬مٌَ كصًة ري ٔبرشع ا ٔلثصًة راث اًلعوز وارلرضت ازلَةل‪ ،‬وري ٔبرشع كصًة‬
‫ٔبثصًة ثلوم ؿىل واذي س حان املضِوز وحوازُا اًعصًق اذلاُحة من ٍصمي إىل اًصمضة مث إىل ذمت‪ ،‬ويه حمي مساهن املضاخي بل ظالخ نٌل اكن‬
‫فهيا مودل املؤزد دمحم جن ٔبمحس اذلجصي مؤًف نخاة ٍلوع تدلان اٍمين وكدائَِا‪ .‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.52/1 ،605/1 ،‬‬
‫‪ 1‬خمالف ري زؿني‪ :‬مٌَ معاهؽ زؿني ومٌَ رسة ووِال ومن ا ٔلوذًة واذي ّس حان وواذي ددان ورو تَق وواذي حصذ وواذي ري ًـزس‬
‫اًعوًؽ وًحو واملواؿةل ومََان وُريت وظالف فإىل ما حا ّذ حُضان فِحعة اًـَو‬ ‫وثصًس‪ ،‬ومن املعاهؽ حعن وحالن وحعن مثوت ووِال ومهنا ّ‬
‫من انحِة ػفاز فصاحـ ًا إىل خمالف مِمت وحسوذ مشجح من تين حخش‪ ،‬وحلي ظاحل من ٔبزط ّاًصتَـَني واًزايذًّني وكس ًـس من خمالف زؿني‬
‫اًرتامخ مثي تيا ورشاذ وارلحاز ومِمت ورشؿة وماوت واكهوا مَوك زؿني ومه من ودل ري حصمخ جن مصمي ري اًصحمني جن جعصذ من س حبٔ اًعلصى‬
‫ومجَؽ خمالف زؿني ل ٌسىٌَ إل بل ري زؿني مثي حيريو وسن وا ٔلمَوك وا ٔلحصوج وكريمه و ٔبحِاء بل ري زؿني هبشا اخملالف ٔبوفص مهنم يف‬
‫حٌوة تدل زؿني ومرشكِا اذلٍن كَة ؿىل ٔبنرثمه مشجح‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬ظفة حزٍصت اًـصة‪ ،‬بٔتو دمحم اذلسن اهلمساين‪ ،‬ابة زسو مشجح‪.31/1 ،‬‬
‫‪ 2‬الٕمام ظالخ ادلٍن دمحم جن ؿًل جن دمحم جن ؿًل جن حيي من رزًة اذلسن جن اذلسن جن ؿًل جن ٔبيب ظاًة اذلس ين‪ ،‬اًلامسي‪ ،‬اًِسوي‪ ،‬ودل‬
‫س ية ‪ُ517‬ػ وثويف يف ؿام ‪ُ571‬ػ‪ٔ ..‬بهؼص‪ :‬ظحلاث اًزًسًة اًىربى‪ ،‬وٌسمى تَوغ املصاذ إىل مـصفة الٕس ياذ‪ٌَ ،‬س َس اًـالمة إجصاُمي اجن اًلامس‬
‫جن املؤًسابهلل‪ ،‬من إظسازاث مؤسسة الٕمام سًس جن ؿًل اًثلافِة‪ ،‬ا ٔلزذن‪.‬‬
‫‪ 3‬الٕمام امليعوز ؿىل جن دمحم اًيارص ظالخ ادلٍن اجن ؿىل املِسى ودل س ية ‪ُ553‬ػ‪ ،‬اس خزَف ملا ماث وادلٍ الٕمام ظالخ ادلٍن دمحم جن‬
‫ؿىل جن دمحم ىف س ية ‪ُ571‬ػ‪ ،‬واكهت ذالفذَ كس متىٌت ىف ادلايز اٍمييَة وؾؼمت سعوثَ ونرثث حِوصَ وتـس ظَخَ ٔبزسي امصاءٍ ووسزاءٍ‬
‫‪197‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كمن خبلؿ ىذه الركاية يتضح لنا أف السلطنة العمارية ُب تلك ا‪٤‬بناطق قد نشأت قبل العاـ ّٕٗىػ‬
‫أم قبل كفاة اإلماـ صبلح الدين دمحم بن علي‪ ،‬كأف ا‪٢‬بركب كانت مستمرة بْب بِب طاىر نواب الدكلة‬
‫عمار كىم نواب اإلماـ علي بن صبلح‪ ،‬ككل طرؼ يستعْب ٗبن كرائو من ا‪٤‬بلوؾ‬ ‫الرسولية‪ ،‬كبْب آؿ ٌ‬
‫كاألئمة‪.‬‬
‫فتيشّب أحد ا‪٤‬بصادر التارٱبية كىو غاية األماين إذل أف أكؿ صداـ عسكرم حصل ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى‬
‫كاف ُب سنة َِٖىػ‪ ،‬إذ يقوؿ ا‪٤‬بؤرخ ٰبي بن ا‪٢‬بسْب ُب أحداث سنة َِٖىػ‪" :‬أف اإلماـ علي بن‬
‫صبلح كصل إليو كتاب من أىل قرية ُب ا‪٢‬ب ٍقل‪ 2‬تسمى طىٍيبة‪ ،3‬يطلبوف منو الوصوؿ إليهم لقبض‬
‫بلدىم‪ ،‬ككانت راجعة إذل كالية سلطاف اليمن األسفل‪ ،‬كفيها ‪ٝ‬باعة من أصحابو فطردكىم كاستدعوا‬
‫علي بن صبلح الدين‪ ،‬فسار إليهم من غّب أف يطلب منهم رىينة‪ ،‬فلما أكغل ُب تلك ا‪١‬بهة‪ ،‬اثر‬
‫عليو كمْب من ابطنية تلك الببلد فدافعهم‪ ،‬كقتل منهم ‪ٝ‬باعة‪ ،‬كانتظر كصوؿ ا‪٤‬بستدعْب لو فلم يصلوا‪،‬‬
‫كأتلبت عليو ابطنية عراسْ ككحبلف كإرايب‪ 5‬كآؿ حجاج‪ ،‬فرجع إذل ذمار كقيتل من أصحابو ‪ٝ‬باعة‬
‫حاؿ ا‪٥‬بزٲبة‪ ،‬كظهر أف تلك القرية إ٭با أرادكا ا‪٤‬بكر بو‪."6‬‬

‫اىل اًلاىض اًـالمة ؾحس هللا جن اذلسن ادلوازى اىل ظـست فوظي اىل ظيـاء مث ٔبمجؽ ز ٔبًَ وز ٔبى بٔزابة ادلوةل ؿىل مداًـة ظاحة اًرتمجة‬
‫وزبٔوا ىف ركل ظالحا ًىوهَ انُض ًا ابملكل‪ ،‬ماث ىف ساتؽ وؾرشٍن صِص ظفص س ية ‪ُ622‬ػ‪ٔ ..‬بهؼص‪ :‬اًحسز اًعاًؽ مبحاسن من تـس اًلصن‬
‫اًساتؽ‪ ،‬الٕمام دمحم جن ؿًل اًضواكين‪.243/1 ،‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.117‬‬
‫‪ 0‬اذل َ ْلي‪ُ :‬و ما ٔبجسؽ من ا ٔلزط حتَط تَ ادلحال‪ ،‬واذللي املـين ُيا حلي ِكذاة يف تالذ ٍصمي ًًُسة إىل كذاة جن ماكل جن سًس جن سسذ‬
‫جن سزؿَ‪ً ،‬ـصف اًَوم حبلي نخاة ابًاكف تس ًل ؾن اًلاف‪ ،‬وساتلا ابمس حلي حيعة‪ٌ ،‬رشف ؿَََ من اًرشق حدي ػفاز اذلي اكن ؿامصة‬
‫اسلريًني تـس مبٔزة‪ ،‬واكن اذللي يف سمن اسلريًني مزنزؿ ًا اب ٔلؾياة واًفوانَ وفَِ املَاٍ ادلوفَِ وافصت‪ ،‬نٌل اكن يف ٍصمي ويف كاؾِا ٔبايم اسلريًني‬
‫اًـسًس من اًسسوذ اًيت ثخجاوس اًامثهني سس ًا‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.263/1 ،‬‬
‫ٍ‬
‫‪ 1‬ظَحة‪ :‬كدَةل ومصنز إذازي من ملصة ؿًس وبٔؾٌلل رماز‪ ،‬زؤساهئم تيو اًوزذ‪ .‬مـجم اًحدلان واًلدائي ا مييَة‪.746/1 ،‬‬
‫‪ 2‬ؾصاش‪ :‬مٌعلة حٌوة مسًية ٍصمي ومذعةل هبا‪ٕ ،‬اٍهيا وُسة اًلايض اًـالمة دمحم جن ٔبمحس حمي ادلٍن اًـصايس املخوىف س ية ‪ُ1114‬ػ‪ ،‬واكن‬
‫من هحاز زخال الٕفذاء تعيـاء‪ ،‬وخسٍ ؾحسهللا جن حمي ادلٍن اًـصايس ُو ظاحة نخاة اٍمثصاث يف ثفسري الٓايث وكريٍ من املؤًفاث واكهت‬
‫وفاثَ ‪ُ1165‬ػ‪ ،‬ومن ُشا اًحُت ظائفة اس خعوهت ؿسن ابًلصن اذلاذي ؾرش اًِجصي‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪،‬‬
‫‪.1215/0‬‬
‫‪ 3‬إزاية‪ :‬حدي ًُعي ؿىل هلِي ُسٌلزت ظَس‪ً ،‬حـس ؾن مسًية ٍصمي حٌو ًاب تيحو ؾرشٍن هََو مرت‪ ،‬اكن تَ كرص محريي كسمي ٔبصاز إًََ ا ٔلؾىش‬
‫يف صـصٍ‪ ،‬وٕاًََ ًًسة مصنز إزاية اًخاتؽ ملسٍصًة ٍصمي‪ ،‬وًضم تـض ًا ومخسني كصًة هما املصاحة ونخاة وتَسحة وؾُلس وتُت ؿخسني وكريُا‪.‬‬
‫مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.30/1 ،‬‬
‫‪ 4‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.334‬‬
‫‪198‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كلكن أكؿ صداـ ذيكر فيو القتاؿ بْب بِب طاىر كاإلماـ علي بن صبلح ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى‪ ،‬كاف ُب‬
‫عاـ ُٖٖىػ‪ ،‬كما أشار لذلك أيضان صاحب غاية األماين‪ ،‬كىو عندما قصد اإلماـ علي بن صبلح‬
‫الدين ببلد بِب طاىر فاستعانوا ابلسلطاف أ‪ٞ‬بد بن إ‪٠‬باعيل الرسورلُ‪.‬‬
‫كيذكر بعض ا‪٤‬بؤرخْب أف ىذه الواقعة ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى كانت ُب سنة َِٖىػ‪ ،‬فيقوؿ ا‪٤‬بؤرخ العبلمة‬
‫ابن الديبع‪ُ" :‬ب سنة َِٖىػ قصد صاحب صنعاءِ ببلد بِب طاىرّ آمنان السلطاف‪ ،‬فتجهز السلطاف‬
‫يقاؿ لو الصرـ فانكسر اإلماـ الناصر كعسكره كقتل منهم ‪ٝ‬بع كثّب كتبعهم‬ ‫إليو فاجتمعا ٗبورع ي‬
‫السلطاف إذل كادم يخبافْ ٍب رجع إذل ا‪٤‬بقرانةٓ"‪.‬‬
‫كيقوؿ ا‪٤‬بؤرخ ا‪٣‬بزرجي ر‪ٞ‬بو هللا ُب ىذا التصدم‪" :‬ابدر ا‪٤‬بلك الناصر على رأس جيشو إذل ببلد رداع‬
‫للتصدم لو‪ ،‬كقامت حرب بينهما أسفرت عن إهنزاـ عسكر اإلماـ بعد قتل كثّب منهم‪ ،‬كانسحب‬
‫اإلماـ عائدا إذل صنعاء‪ ،‬كطارده ا‪٤‬بلك الناصر إذل ببلد يخباف‪ٍ ،‬ب رجع اإلماـ إذل ا‪٤‬بقرانة بْب دمت‬
‫كجنب من ‪٨‬ببلؼ الرايشية من أعماؿ رداع‪ ،‬كذلك ‪٤‬بعاينة قصر النعيم الذم كاف يبُب لو فيها إبشراؼ‬
‫الشيخ طاىر بن معورة ائبو ُب رداع‪ ،‬كالذم كلفو ا‪٤‬بلك الناصر ببنائو ُب ا‪٤‬بقرانة لدل زايرتو لو ُب‬
‫عاـ ُٕٖىػ"ٔ‪.‬‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪.342 ،‬‬


‫ٍ‬
‫‪ 0‬اكن ظاحة ظيـاء يف ركل اًوكت ؿام ‪ُ602‬ػ ُو الٕمام امليعوز ؿًل جن ظالخ ادلٍن‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬اٌَعائف اًسًِة يف ٔبدداز املٌلكل ا مييَة‪،‬‬
‫اًـالمة دمحم جن إسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬ض‪.141‬‬
‫‪ً 1‬لول اًـالمة دمحم جن ؿًل الٔهوع‪" :‬من ُشا ًحسو ٔبن بل ظاُص اكهت هلم ولًة ؿىل تالذ بل ؾٌلز وحدُش اذلحُض َة واًصايص َة وتالذ زذاع‬
‫ادليوتَة واًرشكِة واًلصتَة إىل ددان من ري زؿني‪ ،‬ونشا امللصاهة وخنب وحنو ركل وظاًت ولٍهتم ًِشٍ امليعلة حىت جسمت ابمسِم" ٔبهؼص‬
‫حاص َة الٔهوع ؿىل كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ اًضُداين‪ ،‬ض‪.250‬‬
‫‪ 2‬واذي ددان‪ :‬تضم ارلاء‪ ،‬ظلؽ مـصوف من ري زؿني‪ ،‬ابًرشق ادليويب من مسًية ٍصمي‪ً ،‬ـصف اًَوم ابمس مسٍصًة اًصمضة ومسٍصًة اًسست‪،‬‬
‫وُو مٌعلة ملَوةل راث ؾَون و ٔبن از خازًة ًعي مساُا ًرتوي ٔبزايض ذًخا ٔبتني‪ ،‬مث ثًهتيي يف حبص ؿسن‪ ،‬وٕاىل ددان ًًسة اًـالمة دمحم جن‬
‫ًصيس‪ ،‬نٌل ٔبن ا حمي سىن بل اذلازي وبل اًـٌلذ وبل‬ ‫حيي ارلحاين املخوىف س ية ‪ُ1122‬ػ‪ ،‬وُو من رزًة اًِاذي حيي جن اذلسني جن اًلامس ا ّ‬
‫اذلجصي وكريمه‪ ،‬ودُدان كصًة جبواز اًياذزت‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪ ،336/1 ،‬وكال اًلايض اسٌلؾَي الٔهوع‪ :‬وددان‬
‫انحِة من بٔؾٌلل ٍصمي من خمالف ري زؿني‪ ،‬واكهت جهصت اذلازي مصنزُا‪ ،‬مث كسمت س ية ‪1750‬م إىل انحِخني‪ ،‬إحساٌُل ددان اًـََا مصنزُا‬
‫تدلت اًسست‪ ،‬وكس مسَت تياحِة اًسست‪ ،‬مث ٔبضَفت إٍهيا ؾزل من خمالف اًضـص اذل اكن اتتـ ًا ٌَياذزت‪ ،‬مث حتول إىل انحِة مس خلةل اتتـة ٌَواء‬
‫إة مدارشت‪ ،‬واًياحِة ا ٔلدصى‪ ،‬ددان اًسفىل‪ ،‬وحـي مصنزُا اًصمضة‪ ،‬كصًة من كصى من ؾزةل تين كُس‪ ،‬مث ٔبضَف إٍهيا ؿسذ من اًـزل من‬
‫خمالف بٓسال اذلي اكن ًددؽ اًياذزت‪ ،‬وتـغ ؾزل من خمالف ظحاخ اذلي ًددؽ زذاع‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬خماًَف اٍمين‪ ،‬اًـالمة إسٌلؾَي جن ؿًل الٔهوع‪،‬‬
‫حتلِق ؾحسهللا اًرسايج‪ ،‬ظحاؿة ادلَي ادلسًس ظيـاء اٍمين‪ ،‬اًعحـة اًثاًثة ‪0227‬م‪ ،‬ض‪.024‬‬
‫‪ 3‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون ض‪. 250‬‬
‫‪ 4‬اًـسجس املس حوك‪ ،‬ارلززيج‪ ،‬ض‪ ،327‬اًخازخي اًـامص ٌَمين‪ ،‬دمحم حيي اذلساذ‪.166/1 ،‬‬
‫‪199‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كاليريب أين دل أجد ُب ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬براجع التارٱبية كالٍب تكلمت عن الدكلة الطاىرية‪ ،‬أم مرجع يتكلم عن‬
‫السلطنة العمارية أك عن األحداث كالوقائع الٍب جرت ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى‪ ،‬غّب ما أكرده ا‪٤‬بؤرخ عماد‬
‫الدين بن األنف القرمطي ُب اترٱبو ركرة األخبار كنزىة األ‪٠‬بار ُب حوادث اليمن الكبار كا‪٢‬بصوف‬
‫كاألمصار‪ ،‬كأشارت بعض ا‪٤‬براجع التارٱبية إشارة بسيطة لبعض األحداث الٍب ارتبطت ابألئمة الزيدية‬
‫ُب ذلك العهد كما جاء ُب اتريخ غاية األماين لصاحبو ٰبي بن ا‪٢‬بسْب‪ ،1‬كاتريخ الدكلة الرسولية‬
‫‪٤‬بؤلف ‪٦‬بهوؿ ُب ذلك العصر‪ ،2‬كقد يرجع سبب اىتماـ عماد الدين ابن األنف القرمطي بتدكين‬
‫أحداث ا‪٤‬بناطق الوسطى كالسلطنة العمارية ألسباب رئيسية‪ ،‬أٮبها أف ابن األنف القرمطي كاف يقطن‬
‫ببلد عراس من يرًن كالٍب كانت من تيعد من ‪٨‬ببلؼ ذك يرعْب‪ ،‬كىي ا‪٤‬بنطقة الٍب شهدت الصراع بْب‬
‫عمار‪ ،‬ككاف أيضان معاصران للملوؾ ا‪٤‬بؤسسْب للدكلة الطاىرية‪ ،‬ا‪٤‬بلك الظافر كا‪٤‬بلك‬‫بِب طاىر كآؿ ٌ‬
‫اجملاىد‪ ،‬كمتحالفان معهما كمؤيدان كمناصران ‪٥‬بما‪.‬‬
‫لذلك ‪٪‬بد ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف القرمطي يدكف األحداث التارٱبية الٍب جرت ُب تلك ا‪٢‬بقبة كُب تلك‬
‫ا‪٤‬بناطق ابلتفصيل‪ ،‬فيقوؿ عن تلك ا‪٢‬بركب‪" :‬كاف ال يزاؿ ا‪٢‬برب بْب بِب طاىر بن معورة بن اتج‬
‫ٕ‬ ‫ٔ‬ ‫ٓ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫العمارم‬
‫عمار أىل مصنعة ربيع كشخب ككهاؿ كالقائمة ُب أكاف األسد بن الورد ٌ‬ ‫الدين كأىل ٌ‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.334‬‬


‫‪ 0‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬ض‪.043‬‬
‫‪ّ 1‬معاز‪ :‬مصنز إذازي من مسٍصًة اًصمضة وبٔؾٌلل حمافؼة إة‪ً ،‬ـصف اًَوم مبصنز بٓسال‪ ،‬من ٔبمه تدلاهَ ا ٔلخَة وتُت اذلًش واًخوٍص وارلصاتة‬
‫وتُت س َسم وتُت تسز وادلحُة‪ ،‬ويه من املياظق ا ٔلثصًة اًِامة وجسىهنا تـغ كدائي ري زؿني ومهنم بل اًفصخ وبل اًعَة وتُت اًزواوي‬
‫وتُت تسز وكريمه‪ ،‬وٕاىل ؾٌلز ًًسة بل اًـٌلزي ٔبُي ظيـاء‪ ،‬ومما ُتسز الٕصازت إًََ ٔبن تالذ ّمعاز حصثحط من هجة اًرشق اًضٌليل تبٔزط كدَةل‬
‫كِفة وذاظة كصامه اًخاًَة‪َُ :‬وت وامليعوزت واًلصٍصت واًىوةل‪ ،‬و ّمعاز ٔبًض ًا حدي ؿال مٌَف يف تالذ اًياذزت‪ٔ ،‬بؿالٍ حعين رسة و ُنِال‪ٔ .‬بهؼص‪:‬‬
‫مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1113/0 ،‬‬
‫‪ 2‬معيـة زتَؽ‪ُ :‬مفصذ معاهؽ‪ ،‬وًلعس هبا اذلعون واًلالع‪ .‬ومعيـة زتَؽ دصاة يف ؾزةل ماكل ورسة ووِال‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬ثـََق اًلايض دمحم جن ؿًل‬
‫الٔهوع ؿىل حاص َة زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪ ،25‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1326/0 ،‬‬
‫‪ 3‬رسة‪ :‬حعن ؿايل مٌَف يف حدال ؾٌلز من تالذ اًياذزت و ٔبؾٌلل إة‪ ،‬ل ٍصثلى إًََ إل تعـوتة وؿرب سالمل مٌحوثة يف ٔبظي ادلحي‪ ،‬وٕاًََ‬
‫ًًسة مصنز رسة وٌضمي تدلت ُنِال وتُت مرشخ وسَحة وتُت اًوؾَي وكريُا‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.632/1 ،‬‬
‫‪ُ 4‬نِال‪ :‬كصًة مضِوزت يف رشيق اًياذزت‪ ،‬ومن ٔبؾٌلًِا مسَت وس حة إىل ُنِال جن ؿسي جن ماكل جن سًس جن هخت جن محري‪ ،‬ويه مٌعلة ٔبثصًة‬
‫ثعي ؿَهيا كَـة صٌلء مسامذَ ذلعن رسة‪ ،‬حتخوي ؿىل دصائة و ٔبظالل كسمية‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1132/0 ،‬‬
‫‪ 5‬اًلامئة‪ :‬تدلت ؿامصت مضِوزت يف رشق ّمعاز من مسٍصًة ذمت وبٔؾٌلل حمافؼة إة ساتل ًا‪ ،‬وبٔؾٌلل حمافؼة اًضاًؽ حاًَ ًا‪ٔ ،‬بصاز إٍهيا ادليسي‬
‫اًسىسيك يف ٔبحساج س ية ‪ُ511‬ػ‪ ،‬ورهص اًض َخ مـوضة جن دمحم جن سـَس خس تين ظاُص‪ ،‬وؿسُا ادليسي من تالذ اذلحُض َة اًخاتـة ملسٍصًة‬
‫ذمت‪ ،‬ويه كري حدُش‪ ،‬وكال‪ :‬وص َخ اًحدل زخي ذري من ٔبؾَان مضاخي اًوكت امسَ مـوضة جن دمحم جن سـَس ص َخ ابق ماكل ملسًية اًلامئة‬
‫ًشهص ابدلٍن ونرثت اًعَام واًلِام واًعسكة واًـسل‪ ،‬ومل مل ٍىن هل من ارلعال احملموذت إل ٔبذشٍ تثبٔز اًفلَِ ُشا هَف وُو ًشهص ابدلٍن واًـحاذت‬
‫‪211‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫العمارم يستنصراف بصاحب صنعاء‪ ،‬كىو إذل ا‪٤‬بضرة على بِب طاىر ال‬ ‫كابن أخيو ا‪٤‬بعارل بن الورد‪ ،‬ك ٌ‬
‫يزاؿ يكدح كيسعىُ‪.‬‬
‫كعمار مع بِب طاىر‪ ،‬البد لنا من التعرؼ على‬ ‫ك‪٤‬بعرفة طبيعة الصراع ُب مناطق ذم يرعْب كىي يخباف ٌ‬
‫أبرز القبائل كالشخصيات الٍب كانت متواجدة ُب ا‪٤‬بنطقة ُب ذلك الوقت‪ ،‬كالٍب كاف ‪٥‬با الدكر الكبّب‬
‫ُب صناعة ىذه ا‪٢‬بقبة التارٱبية ا‪٤‬بهمة‪ ،‬كمن كاف من ىؤالء مواليان للدكلة الرسولية كمن بعدىم الدكلة‬
‫الطاىرية ُب ذلك الوقت‪ ،‬ككذلك من كاف مواليان كيقف ُب ا‪١‬بانب اآلخر مع األئمة الزيدية‪.‬‬
‫كإذا نظر ا ألبرز ا‪٤‬بشايخ كالشخصيات كالقبائل الٍب كانت موالية لبِب طاىر ُب ذلك الوقت‪٪ ،‬بد ُب‬
‫ا‪٤‬بقدمة كعلى رأسهم ا‪٤‬بعامرة ككانوا مشايخ حصن كحبلفِ‪ ،‬كأبرزىم كاف الشيخ ٰبي بن عباس‬
‫ا‪٤‬بعمرم كُب آخر عهده استوذل اإلماـ الناصر على حصن كحبلف‪ ،‬كقد قتل ُب سنة ْٖٔىػ ُب منطقة‬
‫ّ‬
‫جسار ا‪٤‬بعمرم‪ ،‬كقد توذل‬‫ررم ُب رداع كىو يقاتل مع بِب طاىر ‪ ،‬كأيضان ابن عمو الشيخ دمحم بن ٌ‬ ‫ى‬
‫إمارة حصن كحبلف بعد ابن عمو‪.‬‬
‫كمن حلفاء بِب طاىر ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى بنو اللميسي كعلى رأسهم الشيخ عمراف بن أ‪ٞ‬بد اللميسي‬
‫صاحب حصن حيد ا‪١‬برادمْ‪ ،‬كأيضان ‪٩‬بن كاف كالءىم لبِب طاىر عماد الدين إدريس بن األنف‬
‫القرمطي صاحب كتاب اتريخ ركرة األخبار‪ ،‬ككاف إماـ دعوة اإل‪٠‬باعيلية ُب تلك ا‪٤‬بناطق كابن أخيو‬

‫وحمحة اًـٌَلء واًعاذلني وٕاظـام اًعـام ويف مسًًذَ حٌلؿة من اًفلِاء مهنم تيو اًلس َي دعحاء املسًية‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬اًسَوك يف ظحلاث اًـٌَلء‬
‫واملَوك‪ ،‬ادليسي اًسىسيك‪ ،044/0 ،‬حتفة اًزمن‪ ،‬تسز ادلٍن ا ٔلُسل‪ ،323/1 ،‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1012/0 ،‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.25‬‬
‫‪ُ 0‬نحالن ري ُزؿني‪ :‬مصنز إذازي من مسٍصًة اًصمضة و ٔبؾٌلل حمافؼة إة‪ً ،‬لؽ رشيق مسًية ٍصمي مبسافة ‪ 01‬هََو مرت‪ ،‬مسي وس حة إىل وحالن‬
‫جن منصان جن ُفان اًصؾَين‪ ،‬من ودل ٍصمي ري زؿني الٔنرب جن سِي جن سًس جن كُس جن مـاوًة جن مشس جن وائي جن سسذ جن سزؿة جن س حبٔ‬
‫ا ٔلظلص‪ً ،‬ـس من املياظق ا ٔلثصًة اًِامة وفَِ حعن مٌسثص‪ ،‬واكن ا ٔلمري ٔبسـس جن ٔبيب ًـفص اذلوايل كس إس خوظن وحالن ري زؿني‪ ،‬واختشُا‬
‫كاؿست ملمَىذَ‪ ،‬حِر اس خلص هبا من س ية ‪ُ124‬ػ‪ ،‬إىل ٔبن ماث هبا س ية ‪ُ 114‬ػ‪ ،‬واكن انئحا ؾيَ ؿىل ظيـاء وخماًَفِا ٔبدوٍ ؾحسهللا‬
‫و ٔبتواًفذوخ‪ ،‬وكس هلي حامثن ا ٔلمري ٔبسـس إىل صاُصت مبيعلة ضالع مهسان‪ ،‬ابًلصة اًضٌليل من ظيـاء‪ ،‬حِر ذفن يف ثس خاهَ املوكوف ؿىل‬
‫ادلامؽ اًىدري تعيـاء‪ ،‬نٌل ُتسز الٕصازت إىل ان من وذاين ُشٍ امليعلة واذي حصذ وواذي ري ًـزز‪ ،‬نٌل ُتسز الٕصازت إىل ٔبن وفات املؤزد‬
‫اًىدري دمحم جن اذلسني اًوحاػي اًالكؾي اكهت يف ُشٍ امليعلة ؿام ‪ُ221‬ػ‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1111/0 ،‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.104‬‬
‫ٔ‬
‫‪ 2‬حِس ادلصاذي‪ُ :‬و ما ٌسمى حعن مشص ًعي ؿىل اًـصافة من اًرشق وؿىل واذي ؾعام من اًلصة من دُدان ري ُزؿني‪ .‬بهؼص‪ :‬حاص َة‬
‫اًلايض دمحم جن ؿًل الٔهوع ؿىل زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪ .27‬وُو حعن يف قصيب واذي ؾُعام من تالذ اًسست‪ ،‬وكس ًلال هل‬
‫حعن َ ْمشص‪ .‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.321/1 ،‬‬
‫‪211‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كإدريس بن دمحم أمّب ببلد عراس‪ ،‬ككاف ‪٥‬بم دكر ابرز ُب مساندة ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر ُب حركبو رد‬
‫اإلماـ الناصر كآؿ العمارم ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى‪.1‬‬
‫العمارم كابنيو األسد بن الورد كا‪٤‬بعافا بن‬
‫العمارية تتمثل ابلشيخ ٌ‬
‫كُب ا‪١‬بانب اآلخر كانت السلطنة ٌ‬
‫العمارم بنو ا‪٢‬بجاجي على رأسهم الشيخ أبو ا‪٤‬بعارل ا‪٢‬بجاجي كأبنائو‬ ‫الورد‪ ،‬ككاف من أبرز حلفاء ٌ‬
‫ِ‬
‫ككاف من أبرز رجاؿ دكلتو دمحم بن أيب ا‪٤‬بعارل الورد ا‪٢‬بجاجي ‪ ،‬كالذم كاف لو دكر كبّب ُب ىزٲبة ا‪٤‬بلك‬
‫العمارم‪ ،‬كقد ملك الشيخ دمحم بن أيب‬ ‫الظافر عامر بن طاىر كمقتل أخويو ُب إحدل ا‪٤‬بعارؾ مع ٌ‬
‫ا‪٤‬بعارل ا‪٢‬بجاجي كثّبان ‪٩‬با حولو ُب بنا كبلد بيت ‪ٝ‬بيل‪ 3‬كقصر التويٍبْ كا‪٤‬برخاـٓ كحصن عهر‪ ،‬فيما‬
‫ابن عمو دمحم بن الورد يسيطر على العرافة كحيد ا‪١‬برادم (حصن مشر) كتلك ا‪٢‬بصوف تشمل ما بينها‬
‫من رقعو سهليو كجبلية‪.‬‬
‫كىي بعض ا‪٤‬بناطق الوسطى من إب الٍب مشلها سلطاف ىؤالء‪ ،‬إذ أف ُب ذلك الزمن من يسيطر على‬
‫ا‪٢‬بصوف يبسط سيطرتو على كل ما يتبعها أك ينحصر ‪ٙ‬بت سلطاهنأ‪.‬‬
‫العمارم أيضان القاري علي بن أيب ا‪٢‬بسْب اليحّبم ا‪٤‬بعْب من قبل اإلماـ الناصر‬ ‫كمن أبرز حلفاء بِب ٌ‬
‫ُب تلك ا‪٤‬بناطق‪ ،‬كاألمّب دمحم بن ا‪٤‬بنتصر كالذم كاف كالية ُب يرًن من قبل اإلماـ الناصر‪.‬‬
‫كسنذكر ىنا أىم األحداث الٍب جرت ُب ببلد ذم يرعْب من ا‪٤‬بناطق الوسطى قبل قياـ الدكلة‬
‫الطاىرية‪ ،‬كالصراعات الدموية على ا‪٢‬بصوف كالقبلع‪ ،‬كىي استيبلء أبو ا‪٤‬بعارل على حصن عهر‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.102‬‬


‫‪ 0‬وس حة اىل جحاح ددان وًُس تالذ جحاح اًيت ًًمتي إٍهيا تين ظاُص من مسٍصًة خنب‪.‬‬
‫‪ٔ 1‬بُي مجَي‪ :‬يف تُت اًفائق من خمالف اًضـص من ري زؿني‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬حاص َة اًلايض دمحم الٔهوع ؿىل زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪،‬‬
‫ض‪.27‬‬
‫‪ 2‬اًخوًيت‪ :‬من مسٍصًة اًسست من ري زؿني‪ً ،‬لؽ ابًضٌلل اًرشيق من مسًية اًضـص‪ ،‬حتَط تَ ؿسذ من اذلعون والااكم املمَوءت ابلٓاثز‬
‫اًلسمية‪ ،‬مهنا حعن اًيّواش‪ ،‬وحعن املرشاق‪ ،‬وحعن اًربص ودوال وبٔمكة املصاكَ‪ ،‬وُو حدي مدسؽ من ٔبؿالٍ تلسز مِي وفَِ تًِان كوي‬
‫تبٔجحاز خضمة مٌجوزت‪ ،‬ول ًمت اًعـوذ إىل ٔبؿىل ادلحي إل ؿرب ظصًق واحست‪ ،‬وٌضمي حدي اًخوًيت ؿسذ ًا من اًلصى‪ ،‬مهنا ادلصاحص وتدلاد‬
‫وحصف املودل وري صٌلء واملـزتة وادلهوت و ُاًعول‪ ،‬ويف رشيق كصًة اًعول زسذاة كسمي يف ساًةل ادلسهل معوى تـٌلزت محريًة وخيصح مٌَ قَي‪.‬‬ ‫ْ‬
‫ٔبهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.024/1 ،‬‬
‫‪ 3‬املصذام‪ :‬مصنز إذازي من مسٍصًة اًسست و ٔبؾٌلل حمافؼة إة‪ ،‬من تدلاهَ تُت اًضايم وادلصامز وتُت وحُش وتُت وس مي وماوز واًـسن‬
‫وادلَيب‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًلدائي واًحدلان اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1265/0 ،‬‬
‫‪ 4‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز يف حواذج اٍمين اًىداز واذلعون وا ٔلمعاز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.127‬‬
‫‪212‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫استيالء أيب ادلعايل احلجاجي على حصن عهر‪" :‬كاف ا‪٢‬باج دمحم بن أيب ا‪٤‬بعارل قد صاحب عسكر‬
‫ا‪٢‬بيبارل‪ ،‬فكانت بينو كبْب ا‪٢‬ببارل صحبة كألفة كمصاىرة‪ ،‬كا‪١‬ببلؿ بن أيب ا‪٤‬بعارل أمو أخت عسكر‬
‫ا‪٢‬بيبارل‪ ،‬كىذا عسكر ا‪٢‬ببارل كاف صاحب حصن عهر‪.‬‬
‫ككاف عسكر ا‪٢‬بيبارل لو ابن أخت ا‪٠‬بو علي بن الليث‪ ،‬قيتل كالده الليث اللميسي ككاف عمراف بن‬
‫أ‪ٞ‬بد اللميسي قد قتل كالد علي بن الليث‪ ،‬كأخرجو كىو طفل من حصن حيد ا‪١‬برادم‪.‬‬
‫فآكاه خالو عسكر كجعلو صاحب أمره‪ ،‬كرابه كاختصو كتبناه كىو طفل فلما كرب كشب أصدر إذل ابن‬
‫خالتو من قضاة األكمة فأصدر إليو ‪ٝ‬باعة من أكمة أىل ٰبّب أرسلهم القاري صاحب األكمة‪،‬‬
‫عسكر ا‪٢‬بيبارل صهران ‪٥‬بذا صاحب أكمة أىل ٰبّب‪ ،‬كىو أيضان ابن أخت عسكر ا‪٢‬بيبارل‪،‬‬ ‫ككاف أيضان ٍ‬
‫فَبكهم علي بن الليث إذل أف نزؿ الذين مع عسكر إذل البلد لليداء‪ ،‬فخباىم معو اللميسي ا‪٤‬بذكور ُب‬
‫بيتو من الليل حٌب كجدكا غرة من خالو عسكر ا‪٢‬ببارل‪ ،‬فخرج الذين معو على خالو فقتلو كقتل جدتو‬
‫كالدة عسكر كفعل هبم ا‪٤‬بنكر‪.‬‬
‫ككثب أبو ا‪٤‬بعارل ككاف متزكجاي ألخت عسكر كىي كالدة ا‪١‬ببلؿ بن أيب ا‪٤‬بعارل‪ ،‬فحط أبو ا‪٤‬بعارل على‬
‫عهر كحاصره‪ ،‬ك‪٤‬با راقت أحواؿ الذين فيو كثبوا على ابن الليث اللميسي قاتل عسكر فقتلوه كسلموا‬
‫عهر إذل أيب ا‪٤‬بعارل ا‪٢‬بجاجي‪ ،‬فأقاـ أبو ا‪٤‬بعارل قاسم ا‪٢‬بيبارل ابن عم عسكر ُب حصن عهر فسلمو‬
‫إليو‪ ،‬فقاـ قاسم ا‪٢‬بيبارل فيو إذل سنة َْٖىػ كمات فيها‪ ،‬ككذلك مات فيها أبو ا‪٤‬بعارل ا‪٢‬بجاجي‪.1‬‬
‫ككلٌيا بعد قاسم على حصن عهر دمحم بن حجاج ا‪٢‬بيبارل‪ ،‬ابدلو دمحم بن أيب ا‪٤‬بعارل على ما بينهم من‬
‫الصحبة كاأللفة كا‪٤‬بصاىرة‪ ،2‬ككاف دمحم بن حجاج مواليان أليب ا‪٤‬بعارل بن عمراف بن أ‪ٞ‬بد اللميسي كلبِب‬
‫طاىر‪ ،‬فخالف بِب ا‪٢‬بجاجي‪.‬‬
‫والية دمحم بن أيب ادلعايل‪ :‬كقاـ بعد أبو ا‪٤‬بعارل ابنو دمحم بن أيب ا‪٤‬بعارل ا‪٢‬بجاجي‪ ،‬ككاف صاحل األحواؿ‬
‫ُب دينو كدنياه ‪٦‬بانبان لسّب السفهاء كا‪١‬بهاؿ‪ ،‬كأقاـ بعد أبيو خّب قياـ كحج بيت هللا ا‪٢‬براـ‪ ،‬كملك كثّبان‬
‫‪٩‬با حولو ُب بنا كبلد أىل ‪ٝ‬بيل كقصر التويٍب كا‪٤‬برخاـ‪ ،‬كذؿ لو من حولو ابإلرغاـ‪ٍ ،‬ب إنو خطب من‬
‫دمحم بن حجاج ابنة عمو‪ ،‬فأجابو إذل مطلوبو برغمو‪.3‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.127‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.27‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.127‬‬
‫‪213‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٍب أف دمحم بن حجاج ا‪٢‬بيبارل أقسم على دمحم بن أيب ا‪٤‬بعارل ا‪٢‬بجاجي ليدخل معو ُب حصن عهر‬
‫للضيافة‪ ،‬فأجابو إذل ذلك كدل يكن منو خيفة‪ ،‬فلما فرغ من ريافتو ككقف إذل الليل كقد أمر كأرسل‬
‫أليب ا‪٤‬بعارل بن عمراف بن أ‪ٞ‬بد اللميسي صاحب حيد ا‪١‬برادم‪ ،‬فوافاه ُب ‪ٝ‬باعة كبّبة كدل يعلم بو دمحم‬
‫بن أيب ا‪٤‬بعارل‪.1‬‬
‫كاجتمع أبو ا‪٤‬بعارل اللميسي كدمحم بن حجاج كمن معهما على قتل دمحم بن أيب ا‪٤‬بعارل ا‪٢‬بجاجي‪،‬‬
‫ككحلوا من كاف مع ا‪٢‬بجاجي من خواص خدمو كا‪٤‬بقربْب من حشمو‪ ،2‬فقتلوا ا‪٢‬باج دمحم بن أيب‬
‫ا‪٤‬بعارل غدران كسطوا عليو خديعة كمكران‪ ،‬كقتلوا معو من أعياف رجالو بعد أف ريفوه كقاموا ٕبالوّ‪.‬‬
‫كقد جرت ىذه األحداث ُب سنة ْٖٖىػ كىو نفس العاـ الذم كقعت فيو كقعة جبل اليىػ ٍفع بْب بِب‬
‫طاىر كاإلماـ الناصر‪.4‬‬
‫والية اجلالل بن أيب ادلعايل احلجاجي‪ :‬كقاـ بعد دمحم بن أيب ا‪٤‬بعارل ا‪٢‬بجاجي أخوه ا‪١‬ببلؿ بن أيب‬
‫ا‪٤‬بعارل ا‪٢‬بجاجي‪ ،‬فأحرب اللميسي صاحب حيد ا‪١‬برادم كا‪٢‬بيبارل صاحب حصن عهر‪ ،‬كمع ا‪١‬ببلؿ‬
‫ابن عمو دمحم بن الورد ا‪٢‬بجاجي صاحب حصن العرافة‪.5‬‬
‫فجرت بينهم ا‪٢‬بركب كما زاؿ بينهما القتاؿ حٌب قتل دمحم بن حجاج ا‪٢‬بيبارل بسهم رماه بعض‬
‫أصحاب ا‪١‬ببلؿ كاف سبب موتو بعد أايـ‪.6‬‬
‫كىو مناصر ىو كابن عمو صاحب العرافة كبينهم ا‪٤‬بودة كالرأفة كمكث ا‪١‬ببلؿ مدة ُب حرهبم ٍب أنو‬
‫بذؿ بعد سنْب ‪٤‬بن أدخلو حصن عهر‪ ،‬كقتبل ابن دمحم بن حجاج ا‪٢‬بيبارل كأثركا كأدركوا من غدر أبخيو‬
‫كلو كتر‪."7‬‬
‫ككاف فعل ا‪١‬ببلؿ ال ٰبمده هللا كال يرريو من فعل ا‪٤‬بنكرات كظلم من حوت عليو يده من أىل‬
‫ا‪١‬بهات‪ ،‬ككانت سّبتو غّب سّبة أىلو‪ ،‬كىو منهمك ُب غوايتو كجهلو‪.8‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.127‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.32‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.127‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.32‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.32‬‬
‫‪ 4‬زوضة ارلحاز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.112‬‬
‫‪ 5‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.27‬‬
‫‪ 6‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.112‬‬
‫‪214‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫عمار يتضح لنا أف‬ ‫كمن خبلؿ ىذه األخبار الٍب كقعت قبل قياـ الدكلة الطاىرية‪ ،‬بْب بِب طاىر كآؿ ٌ‬
‫حرب الطاىريْب رد األئمة الزيدية كاإلماـ علي بن صبلح الدين ٍب من بعده اإلماـ الناصر بن دمحم‬
‫عمار‪ ،‬كانت نيابة عن بِب رسوؿ ُب منطقة رداع كا‪٤‬بناطق الوسطى من إب‪ ،‬كالٍب‬ ‫كأعواهنم من آؿ ٌ‬
‫كانت تعترب كتيعد ُب األصل ببلد بِب طاىر كمناطق نفوذىم كخط الدفاع األكؿ رد توسع الزيدية‬
‫فيها كُب ا‪٤‬بناطق اجملاكرة‪.‬‬
‫كيذكر ا‪٤‬بؤرخ الزيدم ٰبي بن ا‪٢‬بسْب ُب اترٱبو غاية األماين أف ا‪٤‬بخالفة كا‪٤‬بعاررة إ٭با كقعت من آؿ‬
‫عمار لبِب طاىر نواب ككالة الدكلة الرسولية ُب تلك ا‪٤‬بناطق‪ ،‬كذلك إستعانتهم ابإلماـ الناصر بن دمحم‬ ‫ٌ‬
‫‪1‬‬
‫دب الضعف ُب الدكلة الرسولية قد استيلوا الفرصة‪،‬‬‫إماـ الزيدية ُب ذلك العصر ‪ ،‬ككاف األئمة كمنذ ٌ‬
‫كشددكا ىجماهتم عليها ُب كثّب من مناطق نفوذىا‪ ،‬كخاصة أهنم كجدكا ‪٥‬بم أعوا ان ُب ا‪٤‬بناطق‬
‫الوسطى‪ ،‬كقد تبْب ذلك من خبلؿ ا‪٣‬برب الذم أكرد اه عن تصدم بِب طاىر كا‪٤‬بلك الناصر الرسورل‬
‫سنة َِٖىػ لئلماـ علي بن صبلح الدين صاحب صنعاء‪ 2‬كغّبىا من األحداث‪.‬‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.361‬‬


‫‪ 0‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.250‬‬
‫‪215‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫الصراع بني بين طاىر والسلطنة العمارية‬
‫يف أواخر عهد الدولة الرسولية‬

‫مر معنا أف الصراع ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى بْب بِب طاىر كنواب للدكلة الرسولية‪ ،‬كبْب آؿ العمارم كنواب‬ ‫ٌ‬
‫لؤلئمة الزيدية قد بدأ منذ العاـ َِٖىػ ُب عهد اإلماـ علي بن صبلح‪ ،‬كما أشارت لذلك ا‪٤‬بصادر‬
‫التارٱبية‪.1‬‬
‫كقد يكوف أكؿ مصدر ذكرت فيها كالءات بعض مشايخ ا‪٤‬بناطق الوسطى لئلماـ علي بن صبلح ىو‬
‫دمت كاف كالئو لئلماـ علي بن صبلح كأنو نزؿ ٕبملة‬ ‫ما كرد ُب اتريخ الدكلة الرسولية‪ ،‬أف صاحب ٍ‬
‫عسكرية إذل تلك ا‪١‬بهات‪ ،‬كىو ما جعل الدكلة الرسولية توجو ‪ٞ‬بلة عسكرية لردعو‪" ،‬ففي شهر ذم‬
‫ا‪٢‬بجة سنة ُّٖىػ شعرت الدكلة الرسولية ٖبطورة ىجمات اإلماـ علي بن صبلح فأرسلت رئيس‬
‫كزرائها على رأس ‪ٞ‬بلة للتصدم لو فتقدـ سيد الوزراء ‪ٝ‬باؿ الدين بن إسحاؽ إذل بلد طاىر بن‬
‫معورة من زبيد‪ ،‬كجرت معركة بينو كبْب اإلماـ علي بن صبلح ُب دمت‪ ،‬انتصر فيها الدكلة الرسولية‬
‫كالشيخ طاىر بن معورة‪ٍ ،‬ب رجع اإلماـ إذل بلده مكسوران ‪٨‬بذكالن كقتل من عسكره أكرب مقدميو كىو‬
‫الشيخ ٰبي بن أ‪ٞ‬بد صاحب دمت فلما قتل دل يستقر لئلماـ حاؿ من بعد قتلو فرجع إذل بلده ُب‬
‫‪٧‬برـ سنة ِّٖىػِ‪.‬‬
‫كُب شهر ذم القعدة سنة ّّٖىػ كصل العلم أبف مشائخ ا‪٢‬ب ٍقل ا‪٤‬بعمرم كاللميسي كغّبىم غزكا ‪٧‬بطة‬
‫اإلماـ علي بن صبلح‪ ،‬كقتلوا من عسكره قتبلن ذريعان كاستقلعوا خيبلن كثّبة كأخذكا سبلحان كثّبان‪ ،‬كدل‬
‫ينج من عسكره إال اليسّب كرجع إذل بلده ذمار مكسوران خائبان‪.3‬‬
‫ٍب خرج اإلماـ علي بن صبلح ٕبملة أخرل ُب شواؿ سنة ّٖٔىػ على ذرع من مناطق ا‪٢‬ب ٍقل‪،‬‬
‫فاجتمعوا مشايخ ا‪٢‬بقل ككسركه كعاد خائبان إذل ذمار‪ ،4‬كُب ُٓ شهر ربيع األكؿ سنة ّٕٖىػ كقع‬
‫الصلح بْب اإلماـ علي بن صبلح كالدكلة الرسولية كبِب طاىر‪ ،‬ككاف ‪٩‬بثبلن عن الدكلة الرسولية األمّب‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،250‬اًـسجس املس حوك‪ ،‬ارلززيج‪ ،‬ض‪.325‬‬
‫‪ 0‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬ض‪.010‬‬
‫‪ 1‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬ض‪.007‬‬
‫‪ 2‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬ض‪.043‬‬
‫‪216‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫إبراىيم بن عبدهللا ابن األنف صاحب عراس‪ ،1‬فتوقفت على إثر ىذا الصلح ا‪٢‬بركب ُب ا‪٤‬بناطق‬
‫الوسطى لسنوات طويلة حٌب توذل اإلماـ الناصر بن دمحم‪.‬‬
‫ّ‬
‫كعندما توذل اإلماـ الناصر بن دمحم اإلمامة سنة َْٖىػِ بعد اإلماـ علي بن صبلح‪ ،‬كاف أىل دمت‬
‫معادكف لبِب طاىر كإذل حرهبم راٰبوف كغادكف‪ ،‬كىم الذين ٯبركف ‪٢‬برهبم من صنعاء كذمار أىل الدكلة‪،‬‬
‫كال يزاؿ عنهم هبؤالء الصولة‪ ،‬فكاف ملك ىذه الببلد ‪٩‬با قول أمر بِب طاىر‪ ،‬كرفع للقياـ على ا‪٤‬بلوؾ‬
‫بِب رسوؿ قدرىم‪ ،‬ككانوا لعدف ٰباكلوف كللدكلتْب ُب اليمن كا‪١‬ببل يطاكلوفْ"‪.‬‬
‫عمار كاإلماـ الناصر ‪٤‬بعاكنتهم ُب حرب بِب طاىر‪،‬‬ ‫كعلى إثر ىذه ا‪٢‬بركب جرت ا‪٤‬براسبلت بْب أىل ٌ‬
‫"ك‪٤‬با كاف ُب سنة ْٖٖىػ خرج الناصر إذل ذمار فجمع أحزابو كعب كالسيل عبابو‪ ،‬كخرج على غفلة‬
‫إذل بِب طاىر فدخل مدينة دمت عنوة‪ ،‬كدل يكن ‪٤‬بن فيها كقعة قوة‪ ،‬كهنب كأخرب كألتجأ أىلها إذل‬
‫ا‪٢‬بصن ُب دمت كدخل بعض العسكر دار داكد بن طاىر كفيها أىلو كأكالده‪ ،‬فانتهبهآ"‪.‬‬
‫كعاد اإلماـ الناصر فقصد حصن ىيوةٔ‪ ،‬كالذم يقع ُب ببلد صباح بْب رداع كدمت‪ ،‬فيشى من فيها‬
‫ا‪١‬بنب فسلموا ا‪٢‬بصن‪ ،‬كىو من ا‪٢‬بصوف الرفيعة كا‪٤‬بعاقل ا‪٤‬بنيعة‪ ،‬كلكن أحدث من فيو الذؿ كالرىب‬
‫كارىبوا ‪٤‬با كاف عليو ا‪٢‬بربُ‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬مؤًف جمِول‪ ،‬ض‪.052‬‬


‫‪ 0‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض‪.147‬‬
‫ً‬
‫‪ 1‬ذمت‪ :‬مسًية ابًرشق ادليويب من ٍصمي مبسافة حنو ‪ 23‬هََو مرت‪ ،‬جضلك اًَوم إحسي مسٍصايث حمافؼة اًضاًؽ واكهت ساتلا اتتـة حملافؼة‬
‫إة‪ ،‬وكس اص هتصث مسًية ذمت ابًلصن اًخاسؽ اًِجصي يف ٔبايم اًسَعان ؿامص جن ؾحساًوُاة اًعاُصي‪ ،‬حِر اكهت يف هوايح ؿامصة ممَىذَ‪،‬‬
‫وًىن صِصت ذمت حصحؽ إىل ادلحال اًرباكهَة املوحوذت فهيا ومهنا حدي اذلصضة‪ ،‬ونشا مٌاتؽ املَاٍ اذلازت اًيت ثعي إىل حنو ‪ 26‬ؾَي ًا‪ ،‬ويه‬
‫مٌاظق ًلعسُا اًياش ً ٕالسدضفاء‪ ،‬وثـخرب املياظق اًلصًحة من حٌلم ذمت كري ظاذلة ٌَززاؿة‪ ،‬ركل ٔبن املَاٍ ادلوفِة حازت وماذلة‪ ،‬وجضمي‬
‫مسٍصًة ذمت ؿسذ ًا من اًحدلان ٔبصِصُا‪ :‬زمخة وا ٔلحصوم وكِالن ومٌلري واًؼاُصت ومِفـان ومحة ًِة ونية واملثَي واًسوذاء وكريُا‪ٔ .‬بهؼص‪:‬‬
‫مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪ .402/1 ،‬ويف ذمت اًىثري من املـامل اًخازخيَة وحعن ذمت اذلي ًلؽ يف ذمت اًلسمية وحرس ؿامص‬
‫اذلي تين يف ؾِس اًسَعان ؿامص جن ؾحساًوُاة‪.‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.12‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.24‬‬
‫‪ 4‬حعن َُوت‪ :‬كصًة يف ز ٔبش حدي ؿساذُا من مسٍصًة ظحاخ من ٔبمعي زذاع و ٔبؾٌلل حمافؼة اًحَضاء‪ ،‬من اًلصى اجملاوزت ًِا فُصكان وكصن كاسس‬
‫ومسوزت‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪ .1622/0 ،‬وكال اًلايض دمحم جن ؿًل الٔهوع‪ََُ :‬وت تفذح اًِاء‬ ‫وامليعوزت ودصتة حصاذت ْ‬
‫وسىون اًَاء‪ ،‬تدلت مـَلة يف اًِواء ويه مكـلي بٔص حَ ٔبُهل ابًساكن من بل ؿالو وؿساذُا من خمالف بل ؾٌلز ظحاخ‪ً ،‬لول فهيا اًفلَِ ٔبمحس‬
‫جن كامس اًضايم حيغ ا ٔلمة اًفوضوًني تلعَست هحريت خاء فهيا‪:‬‬
‫ُال سبًٔت معِصا وظالحا * ُي حعال ٌَمسَمني ظالحا‬
‫ٔبو ًُس ٔبمالك املخوح ظاُص* مَىوا زذاع وَُوت وظحاحا‬
‫وزىم ؿًل يف ددان تـسىص* و ٔبظاة ذمت ون صُا اًسفاحا‬
‫‪217‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٍب يستمر ابن األنف القرمطي ُب سرد األحداث الٍب جرت بْب آؿ عمار يساندىم اإلماـ الناصر بن‬
‫دمحم من جهة‪ ،‬كبْب بِب طاىر نواب الدكلة الرسولية ُب ذلك الوقت‪ ،‬فيقوؿ ابن األنف‪" :‬فلما قوم‬
‫بنو طاىر بن معورة كملكوا أرض ردمافِ كدمت كغّب ذلك من ا‪٢‬بصوف كالبلداف رجعوا لقتاؿ‬
‫العمارم كحربو كتقليل اتباعو كحزبو‪.‬‬
‫كالناصر حْب ملك صنعاء كذمار‪ ،‬كأدعى إمامة الزيدية ُب ا‪١‬بهر كاإلسرار قائم ُب ا‪٢‬برب من أىل‬
‫عمار‪ ،‬كبنو طاىر ييّبكف كييزكف إذل جبل صباحّ كببلد عنس‪ ،‬كما كاذل ذلك من ببلد اإلماـ‪ ،‬كىم‬ ‫ٌ‬
‫أكلوا قوة كٮبة كاعتزاـ مٌب صا‪٢‬بوا السلطاف من ملوؾ غساف عادكا ‪٢‬برب العمارم‪ ،‬كتناكلوا األطراؼ‬
‫من ببلد اإلماـ‪.‬‬
‫كُب عاـ ْٖٗىػ‪ ،‬توجو الشيخ علي بن طاىر إذل ا‪٢‬بج‪ ،‬ك‪٦‬باكرتو ُب سنة َٖٓىػ كما ذكر ذلك ا‪٤‬بؤرخ‬
‫العبلمة كماؿ الدين الذؤارلْ‪ ،‬فأقاـ سنْب ‪٦‬باكران للبيت ا‪٢‬براـ‪ ،5‬كأشار العبلمة الربيهي ُب اترٱبو أنو‬
‫جاكر ُب ا‪٤‬بدينة ثبلث سنْب‪ ،6‬كأخيو عامر بن طاىر ُب ببلدىم منتصب ‪٢‬برب الناصر‪.7‬‬
‫كيبدك أف ىجرة علي بن طاىر إذل مكة كا‪٤‬بدينة كغيابو ىناؾ استمر لثبلث سنوات‪ ،‬كقد أثر ذلك ُب‬
‫‪٦‬برايت ا‪٤‬بعارؾ ُب ببلد بِب طاىر ‪٩‬با أدل إذل ىزٲبة الشيخ عامر بن طاىر ىزٲبة قاسية نتج عنها مقتل‬
‫أخويو خبلؿ تلك الفَبة‪ ،‬فقد كاف للشيخ علي بن طاىر األخ األكرب لعامر‪ ،‬أتثّبه كبّب على القبائل‬
‫ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى كذلك لقوة شخصيتو كتقواه ككرعو الشديد ُب التعامل مع اآلخرين‪.‬‬
‫كلعل تلك ا‪٤‬بعركة ىي أقسى ا‪٤‬بعارؾ كأشدىا فتكان رد بِب طاىر ُب سنة ْٖٗىػ‪ ،1‬كٰبكي تفاصي‬
‫تلك ا‪٤‬بعركة ابن األنف القرمطي فيقوؿ‪ٍ" :‬ب إف عامر بن طاىر بعد أف راح أخيو علي بن طاىر‬

‫ٔبهؼص‪ :‬حاص َة زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.24‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.24‬‬
‫‪ 0‬زذمان‪ :‬كدَةل مييَة كسمية حمكت اٍمين كدي الٕسالم‪ًِ ،‬ا تلِة يف تالذ اًسواذًة رشيق زذاع‪ ،‬جبواز سازع‪ ،‬ومن ذايزمه اًَوم اًزاُص‬
‫وس َالن واًيجس وزُحان واًلضةل واًـَاص َة‪ ،‬كال الٕزايين‪ :‬زذمان كدَةل هممة ًِا رهص يف ؿسذ من اًيلوص‪ ،‬وًـَِا اكهت جضمي كِفة وزذاع‬
‫واًسواذًة‪ ،‬ول حزال زذمان مـصوفة اًَوم يف ٔبسافي كِفة‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍميَية‪ ،‬امللحفي‪.461/1 ،‬‬
‫‪ 1‬ظحاخ‪ :‬مصنز إذازي من مسٍصًة زذاع وبٔؾٌلل اًحَضاء‪ ،‬من ٔبمه تدلاهَ ْمولك وحواث وسمخ وفُ ْصكان ومسوزت واًحَضاء ظحاخ وا ٔلذريت يه‬
‫كصًة اًلايض اًـالمة ٔبمحس جن ؿامص مب دمحم اذلمازي اًعحايح‪ ،‬اكن ؿامل ًا ابًفصوع وثوىل اًلضاء إىل وفاثَ س ية ‪ُ1223‬ػ‪ .‬مـجم اًحدلان واًلدائي‬
‫اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.671/1 ،‬‬
‫‪ 2‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪. 055‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.25‬‬
‫‪ 4‬ظحلاث اًعحاء اٍمين‪ ،‬ؾحساًوُاة اًربُّييي اًسىسيك‪.017/1 ،‬‬
‫‪ 5‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.25‬‬
‫‪218‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫للحج‪ٝ ،‬بع من العساكر ما استطاع إليو كساركا معو إخوتو كمن أنضاؼ إليهم فاخربوا ببلد أىل‬
‫عمار كعادكا بعد خراب األكدية إذل تسنم األكعار فطلعوا ذات يوـ ‪٦‬بمعْب إذل ما توعر من ببلد آؿ‬
‫عمار‪ ،‬كقد ‪ٝ‬بع العمارم القبائل من أىل عمار كحلفائهم كرم منهم عساكر كثّبة لديو فحمل عليهم‬
‫ٔبمعو عامر كمن معو من العساكر‪ ،‬كطلع عليهم ُب الوعر العسّب ككقع عليهم القتاؿ الشديد الكثّب‬
‫ك‪ٞ‬با عامر كأخوتو ُب تلك ا‪١‬بباؿ كالشعوب كالتبلؿ‪ ،‬فعثر بداكد بن طاىر جواده ككقع على األرض‪،‬‬
‫كقد ‪ٞ‬بل عليو أىل عمار ررابن ابلسيوؼ كرميان اب‪٢‬بجارة ك‪ٞ‬بل أخوه عبدالباقي بن طاىر ليدفع عنو‬
‫العداء‪ ،‬فوقع بعبدالباقي جواده ُب تلك ا‪٥‬بيجاء فقتل داكد كعبدالباقي ابِب طاىر ر‪ٞ‬بة هللا عليهما‪،‬‬
‫كاستلب أىل عمار كمن لديهم خيبلن ‪٥‬بم كدركعان كاهنزـ جند ابن طاىر حْب ذلك‪ ،‬كتعطف عامر ُب‬
‫تلك األكعار كا‪٤‬بسالك فلم يصل أخوتو إال كقد حقت ‪٤‬بن حف بو ا‪٥‬بزٲبة‪ ،‬كتقلب عامر بعد أف كاد‬
‫ك‪٪‬باه من رجالو كحامى عليو األجواد‪.‬‬
‫فلما قتل أخواه داكد كعبدالباقي أمعن ُب حرب أىل عمار‪ ،‬كأررـ قلبو عليهم كعلى من كاصلهم‬
‫النار‪ ،‬كشرد ُب أكديتهم كرقي ُب جبلهم إذل أصعب ا‪٤‬براقي‪.‬‬
‫عمار‪ ،‬كىم ‪٩‬بن قاتل قتاؿ‬‫ككاف ا‪٢‬باج دمحم بن أيب ا‪٤‬بعارل ا‪٢‬بجاجي كقومو ُب تلك ا‪٢‬بملة مع أىل ٌ‬
‫األبطاؿ‪ ،‬كلوالىم لركن أصحاب العمارم إذل الفرار‪ ،‬فا‪ٚ‬بذ عامر البن أيب ا‪٤‬بعارل لذلك حنة ُب‬
‫صدره‪ ،‬كأسر لو الفعل فيما كاف من أمره ككاف ا‪٢‬باج دمحم بن ا‪٤‬بعاَب قد ملك ُب بناِ ببلد أىل ‪ٝ‬بيل‬
‫كقصر التويٍب كا‪٤‬برخاـ‪ ،‬فقوم أمره ُب تلك ا‪١‬بهات كحاز أكثر بنا إذل مالو من ا‪٢‬بصوف العاليات‪،‬‬
‫فهابو من حولو ككثر على القبائل طولو ككاف ابن عمو ا‪٢‬باج دمحم بن الورد قد أزمعا أف ييزكا حيد‬
‫ا‪١‬برادم‪ ،‬كىو ُب ملك ابن ا‪٤‬بعارل بن عمراف اللميسي‪ ،‬ككاف مع الناصر ىو كٰبي بن عباس ا‪٤‬بعمرم‬
‫ُب البوف‪ ،‬فحضر دمحم بن أيب ا‪٤‬بعارل كدمحم بن الورد صاحب العرافة‪ ،‬كجرت بينهم مكابرة كمنافرة ُب‬
‫ظاىر أمرٮبا كتواعدا للحرب بينهما‪ ،‬كراح كل كاحد منهما فجمع عسكره‪ ،‬فلما كاف من الليل اتفقا‬

‫‪ 1‬ؿسن يف ؾِس اًعاُصًني‪ ،‬ذ‪ .‬ؾحاش ؿَوي فصحان‪ ،‬لكَة الٓذاة خامـة ؿسن‪0211 ،‬م‪ ،‬ض‪.13‬‬
‫‪ 0‬تيا‪ :‬واذي تيا ُو ٔبصِص وذاين اٍمين‪ ،‬وثبٔيت مساكعَ من تالذ ٍصمي وكاع اذللي حيعة وميص ابًسست‪ ،‬حِر ًَخلي مبَاٍ ْ‬
‫حوزت اًيت ثخبًٔف من‬
‫حدال ا ٔلؾٌلش واملصذام وحدي جحاح‪ ،‬وحصفسٍ مِاٍ واذي اذلحايل ومِاٍ املسلات‪ ،‬ونشا مس َي ادللين اًياسل من ز ٔبش حدي اًضـص وحدال‬
‫اًـوذ‪ ،‬مث ٌس َي اًواذي إىل ذمت فَِخلي مبَاٍ اًضالةل واذلازي وخنب ورشيق تالذ اًياذزت‪ ،‬مث مييض فَِخلي مبَاٍ مصٌس من تالذ كـعحة‪،‬‬
‫وجيمتؽ مبَاٍ ايفؽ اًـََا‪ ،‬ومهنا ًشُة إىل مٌعلة ٔبتني فُسلي ٔبزايض ادلًخا اًليَة جززوع اًلعن واًفوانَ وكريُا‪ ،‬ومن ٔبصِص املياظق يف واذي تيا‬
‫اًسس وري ظَي ومعَلَ وهَـان واملسلات واًياذزت وذمت وخنب‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.175/1 ،‬‬
‫‪219‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٗبن كاف معهما كقصدكا حيد ا‪١‬برادم‪ ،‬فانتهوا إذل رأسو كدخلوا اببو كدل يبقى إال الدار‪ ،‬فتحاسدكا‬
‫على ا‪٢‬بصن كدل يتفقا على أمر كاحد‪ ،‬فنزؿ دمحم بن أيب ا‪٤‬بعارل كنزؿ معو الورد بعدهُ"‪.‬‬
‫كقد بقيت ىذه ا‪٥‬بزٲبة القاسية كا‪٤‬بؤ‪٤‬بة ُب نفس الشيخ عامر بن طاىر‪ ،‬فأراد أف يثأر ‪٤‬بقتل أخويو داكد‬
‫كعبدالباقي‪" ،‬كما زاؿ بينو كبْب أىل عمار ا‪٢‬برب متواترة فأخرب أكثر الببلد عليهم كساؽ ا‪٤‬بكركه‬
‫الشر إليهم ككاف يقوـ بنفسو ٕبرهبم كال ٲبل كال يفَب من غزكىم كاليارات إليهم ليبلن كهناران حٌب أرر‬
‫العمارم ابإلماـ الناصر بعد أف اشتد عليهم القتاؿ من عامر بن‬ ‫هبم‪ ،‬فاستنصر أبو ا‪٤‬بعارل بن الورد ٌ‬
‫طاىر‪ ،‬كأ‪٢‬بوا عليو أف يعينهم كيؤازرىم‪ ،‬فجمع الناصر جنوده كحشد حشوده كطلع الناصر جبل‬
‫اليىػ ىفعِ‪ ،‬كىو جبل مطل على ببلد بِب طاىر‪ ،‬كقد أشار على من لديو ‪٩‬بن يرجع ُب رأيو إليو أف يقحم‬
‫إذل ىذا ا‪١‬ببل فيضيق عليو ا‪٤‬بوارد كا‪٤‬بصادر فلم يقبل ذلك ‪٥‬بمتو‪ ،‬ك‪٠‬با إذل ذلك ا‪١‬ببل مع كعورتو‬
‫كارتفع إذل أعلى قمتو كنصب ُب ذلك ا‪١‬ببل خيامو ككقف فيو ٖبيلو كرجلو كملك كعوره كآكامو‪.‬‬
‫ط على مصنعة ا‪١‬بهميّ العليا ُب عسكر كبّب عدة‪ ،‬كىي ُب احية جبل اليىػ ٍفع‬ ‫كأمر عيبية الطاىرم فح ٌ‬
‫ككقف ُب ا‪١‬ببل ليعضده كيشده كقد ‪ٝ‬بع الناصر إليو أعوانو كجنده‪ ،‬كأحاط من حولو ا‪٤‬بصنعة هبا من‬
‫‪ٝ‬بيع ا‪١‬بهات‪ ،‬كرموىا اب‪٤‬بدافع كالنفط ا‪٤‬بصيبات ‪٥‬با الواقعات‪ ،‬ك٘بلد من فيها كصربكا كقالوا قلوا ‪٩‬با‬
‫عندكم ككثركا فما لكم فينا حيلة ‪٤‬بن ٰبتاؿ كال يداخلنا كجاؿ‪ ،‬كأصاب عامر لذلك ا‪٤‬بقيم ا‪٤‬بقعد كجعل‬
‫ٯبمع للناصر كٰبشد‪ ،‬كيبذؿ الدراىم كالد انّب لؤلبطاؿ‪ ،‬كيزأر لذلك زئّب الرئباؿ‪ ،‬كبذؿ ‪٤‬بن حاز أكمة‬
‫ُب ذلك ا‪١‬ببل بذالن كثّبان‪.‬‬
‫فحازىا من أىل حجاج كأىل مزيج من استسهل من ذلك عسّبان‪ ،‬ككاف كثوهبم الليل فلما طلع‬
‫الصباح قصد الناصر ‪٥‬بم برجلو كا‪٣‬بيل فأحاطوا هبا من ‪ٝ‬بيع ا‪١‬بوانب‪ ،‬كقاتل من فيها قتاالن غّب‬
‫مكَبث كال راىب‪ ،‬فعند ذلك قصده عامر بن طاىر بعساكره كرجالو‪ ،‬كعمد غّب خائف كأرىب‬
‫لقتالو‪ ،‬كقاـ الناصر بن دمحم ٔبنوده يكافح كٰبامي ك‪ٞ‬بلت خيلو كمن يضارب كيرامي‪ ،‬كسقط من‬
‫أصحاب ابن طاىر ‪ٝ‬باعة ُب ذلك القتاؿ‪ ،‬كٯبالد عليهم األبطاؿ فحمل فارس من الَبؾ من أصحاب‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.25‬‬


‫‪ 0‬حدي ًَفَؽ‪ :‬حدي يف تالذ زذاع من ٔبؾٌلل حمافؼة اًحَضاء‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪ .1702/0 ،‬وكال اًلايض دمحم جن‬
‫ؿًل الٔهوع‪ً :‬فؽ تسون ٔبًف ولم من حدال اًصايص َة يف زذاع‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬حاص َة زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.26‬‬
‫‪ 1‬معيـة ادلِمي‪ :‬كال اًلايض دمحم جن ؿًل الٔهوع‪ :‬معيـة ادلِمي ل ساًت مـصوفة وتيو ادلِمي كدَةل يف اًصايص َة مـصوفة يف ُشا اًـرص‪.‬‬
‫ٔبهؼص‪ :‬حاص َة زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.32‬‬
‫‪211‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ابن طاىر يسمى برقوؽ فجعل العثار خلفو كمعو فرساف ابن طاىر كلهم للقاء مشوؽ‪ ،‬كا‪٤‬بوذل الفارس‬
‫ا‪٤‬بشهور كغّبه من كل بطل ال ينكل كال ٱبور‪.‬‬
‫كرت من أصحاب اإلماـ الناصر ا‪٣‬بيوؿ‪،‬‬ ‫ك‪ٞ‬بل عامر بن طاىر بنفسو عند ا‪١‬ببلد ٯبوؿ كيصوؿ‪ ،‬ك ٌ‬
‫فقاـ ‪٥‬بم قياـ من أبيض ا‪٢‬بياة كأحب ا‪٤‬بمات كدل يفَب عن الكر كاحملامات‪ ،‬فعند ذلك ركن أصحاب‬
‫الناصر إذل ا‪٥‬بزٲبة كجاؿ عليهم أصحاب ابن طاىر جولة عظيمة‪ ،‬ككقف الناصر مكانو ال يتزحزح‬
‫كعاد عليو ‪ٞ‬باة عسكره ككمأهتم‪ ،‬كىو ُب مكانو ال يربح فعجب الناس من صربه‪ ،‬إذ دل ٰبل عن ذلك‬
‫ا‪٤‬بكاف كدل يدخلو ا‪١‬بنب عند ‪ٞ‬بلة الرجاؿ كالفرساف‪ ،‬كعاد عامر بعساكره بعد أف خلص أىل األكمة‬
‫كرجع الناصر فبات ٗبخيمو فرجع إليو من فر من عساكره‪ ،‬كألذكابو ‪٧‬بتمْب ‪٧‬بامْب بعد أف قتل ‪ٝ‬باعة‬
‫من ‪ٞ‬باتو كقساكرتو‪ ،‬ككقع من أصحاب الناصر ا‪١‬بنب‪ ،‬كقالوا كيف ا‪٤‬بقاـ كأين لنا ا‪٣‬ببلص بعدما حق‬
‫علينا من اإلهنزاـ‪ ،‬كابتوا ليلتهم ُب أمر عظيم ككل منهم للهرب يقصد كيركـ فأما ا‪٢‬بسن بن إبراىيم‬
‫ا‪٤‬بقمحي فركم انو أحدث ُب سراكيلو‪ ،‬كأصابو من ا‪٣‬بوؼ كالذعر ما أ‪٬‬بب فؤاده‪ ،‬كأررـ جا‪ٞ‬بان ُب‬
‫غليلو من فؤاده‪.‬‬
‫العمارم‬
‫كىم الناصر أف يستل من عسكره متنكران‪ ،‬كقد ا‪٥‬بم من الركع كالفزع شيء ما فيو مراء‪ ،‬فباكر ٌ‬
‫ٌ‬
‫إليهم اب‪١‬بيش الكبّب فآنسوا ٔبمعو كقويت قلوهبم‪ ،‬كزاؿ عن كل أحد منهم ما داخلو من ركعة كبلغ‬
‫ذلك األمر دمحم بن ا‪٤‬بنتصر كىو ُب ذمار فخرج يصيح اي للثأر كالدمار‪ ،‬كأمر القضاة فحرروا على‬
‫ا‪١‬ب هاد ُب خطبهم كأف يقوموا بنصر مذىبهم‪ ،‬فيارت مع ابن ا‪٤‬بنتصر ‪ٝ‬باعة كثّبة من ا‪٢‬بشود‪ ،‬ككافقوا‬
‫الناصر إذل ‪٧‬بطتو كاجتمعت لو العساكر كا‪١‬بنود‪ ،‬كقويت احملطة على ا‪٤‬بصنعة العليا كحاصركىا من كل‬
‫جانب كراقت على من فيها ا‪٤‬بصادر كا‪٤‬بذاىب‪.‬‬
‫فعندئذ مشر عامر بن طاىر تشمّب األسد كحرض من معو كصار ال يلوم على أحد ُب ليلة ظلماء‬
‫كثّبة األمطار‪ ،‬كتقدـ عسكره إذل احملطة ُب األكعار‪ ،‬فلم يشعر يعبية الطاىريي كمن معو إال كقد‬
‫ىجموا العسكر كصاركا معهم ُب ‪٧‬بطتهم عند الكر‪ ،‬كركن يعبية كمن معو إذل الفرار‪ ،‬كتركوا خيامهم‬
‫ك‪٧‬بطتهم فلم يكن ‪٥‬بم فيها قرار‪ ،‬كا‪٬‬بب فؤاد يعبية الذعر كدل يستطع حْب حولو أصحاب ابن طاىر‬
‫الكر‪ ،‬فحملو على ظهورىم الرجاؿ كىربوا كقد حفت هبم ا‪٤‬بخاكؼ كاألكجاؿ‪ ،‬فالتقاىم من ‪٧‬بطة‬
‫الناصر رٰباف بن سعيد‪ ،‬كجعل علي بن كامل يصيح أبرفع صوتو ال فرار كال ‪٧‬بيط‪ ،‬فتقررت احملطة بعد‬

‫‪211‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫حاز ما حو‪٥‬با من‬‫أف تزعزعت‪ ،‬كتوقفت عن ا‪٥‬برب كتورعت‪ ،‬ككقف عامر بن طاىر عند العليا كقد ى‬
‫سلب احملطة كاستوذل عليها كقتل منهم رجاالن كأسر فوؽ ا‪٤‬بائة إذ دل ٯبدكا ‪٦‬باالن‪.‬‬
‫فعند ذلك نزؿ دمحم بن ا‪٤‬بنتصر إذل عامر كقصد إليو قصد ا‪٤‬بسارع ا‪٤‬ببادر كقد كاف سعى قبل ذلك ُب‬
‫الصلح فلم ٯببو الناصر‪ ،‬فقاؿ لعامر ما الذم منا تركـ‪ ،‬ك‪٫‬بن ثبل‪ٜ‬بائة فارس ‪٢‬بربكم كل منا ٰبوـ‪ ،‬فما‬
‫ترل دكف كاحدان منا إال كقد أردينا ‪ٝ‬باعة منكم كإ ا ال ‪٫‬بيد كال نفر عنكم‪.‬‬
‫كقد كاف أصحاب عامر تلقوا ‪٥‬بم الطرقات‪ ،‬كقطعوا عليهم ا‪٤‬بّبة‪ ،‬كأيقن أصحاب الناصر أف ال سبيل‬
‫‪٥‬بم إذل النجاة‪.‬‬
‫كقاؿ دمحم بن ا‪٤‬بنتصر لعامر‪ :‬ىل لك ُب الصلح الذم ىو خّب كأف تسكن الدٮباء ك‪ٙ‬بقن الدماء ُب‬
‫ذلك كال رّب‪ ،‬فأجابو عامر إذل ما سئل على أف يسلم لو القصر‪ ،‬قصر آؿ سعيدُ ُب جبل صباح أك‬
‫ٱبرب‪ ،‬على أف يرجع كبلن إذل مكانو‪ ،‬كيتم لؤلمّب ما من الصلح طلب‪ ،‬فيي ىسّب عامر بن طاىر دمحم بن‬
‫جسار ا‪٤‬بعمرم إذل قصر صباح ُب ‪ٝ‬باعة انتقاىم‪ ،‬كأمرىم أف يتسلموه كيقفوا فيو كقدمهم إليو ككالىم‬
‫ككقع الصلح‪.‬‬
‫كسار الناصر بعسكره راجعْب كفرحوا بذلك‪ ،‬كساركا إليو مسارعْب‪ ،‬كسارت ا‪١‬بماؿ اب‪٣‬بياـ كالثقل‪،‬‬
‫كلزـ عامر ذلك ا‪٤‬بكاف كقد كقع معو ا‪١‬بذؿ‪.‬‬
‫كمن عليهم ك‪٢‬بقوا عسكر الناصر كساركا إليهم‪ ،‬كندـ‬ ‫كأمر ابألسرل فعرض هبم ُب ‪٧‬بطتو ٍب أطلقهم ٌ‬
‫عامر إذ كاف الناصر قد كقع ُب ا‪٥‬بفوة‪ ،‬كقاؿ لو أ ٌ ا طلبنا منهم تسليم ىيوة‪ ،‬لكن خدعنا األمّب كمكر‬
‫بنا فيما بو نشّب‪.‬‬
‫فلما ىخليص الناصر كمن معو من العساكر‪ ،‬قاؿ إ ٌ ا نريد القتاؿ على قصر بِب سعيد ُب صباح كنقتل‬
‫من فيو كنرميهم ُب الضياح‪ ،‬فقاؿ األمّب بن ا‪٤‬بنتصر ال نساعدؾ أف تيدر هبم كقد أمنتهم‪ ،‬أك نقصدىم‬
‫ٗبكر كقد رمنتهم‪ ،‬كلكن ‪٬‬برب ىذا ا‪٤‬بكاف فقد شرطت خرابو إف دل تَبكو ُب أيديهم‪ ،‬كذلك أقرب ما‬
‫جسار إذل عامر كمن معو‪ ،‬ككانوا قد أيقنوا ال خبلص ‪٥‬بم ‪٤‬با‬ ‫كانوا فأخربوا ذلك القصر‪ ،‬كعاد ابن ٌ‬
‫ِ‬
‫أرمر الناصر فيهم من اليدر هبم كمن حشده ك‪ٝ‬بعو كعاد الناصر إذل ذمار "‪.‬‬

‫‪ 1‬كرص بل سـَس‪ :‬وُو ما ٌسمى اًلرص من خمالف بل ؿامص ظحاخ وُو دصاة‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬حاص َة اًلايض الٔهوع ؿىل زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن‬
‫ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.30‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.32‬‬
‫‪212‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كقد كقعت ىذه ا‪٤‬بعركة الثانية أيضان بْب بِب طاىر كاإلماـ الناصر ُب جبل اليىػ ىفع ُب سنة ْٖٖىػ كما‬
‫ذكر ذلك ا‪٤‬بؤرخ القاري دمحم بن علي األكوع ُب حاشيتو على ركرة األخبار‪ ،‬حيث ذكر ىذه الوقعة‬
‫ا‪٤‬بؤرخ ٰبي بن ا‪٢‬بسْب ُب اترٱبو غاية األماين ُب أحداث سنة ْٖٖىػ‪ ،‬فقاؿ‪" :‬ككاف اإلماـ الناصر ُب‬
‫عمار‪ ،‬كخالفوا على بِب طاىر‪ ،‬ككقعت بينهم حركب شديدة‪ ،‬فاستدعوا الناصر‬ ‫صنعاء كماؿ إليو آؿ ٌ‬
‫بن دمحم‪ ،‬فسار إليهم معينان ‪٥‬بم على بِب طاىر‪ ،‬كحط ُب جبل النٌػ ٍقع اجملاكر لببلد بِب طاىر كحارهبم‪ٍ ،‬ب‬
‫كقع الصلح بْب ا‪١‬بميع‪ ،‬كرجع الناصر بن دمحم إذل ذمار فلبث فيو أايمانُ"‪.‬‬
‫أنو كقع الصلح بْب الناصر بن دمحم كبِب طاىرِ‪.‬‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.361‬‬


‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.361‬‬
‫‪213‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثالث‬
‫الصراع بني الدولة الطاىرية والسلطنة العمارية‬

‫عند قياـ ا‪٤‬بلكْب علي كعامر بن طاىر بتأسيس الدكلة الطاىرية ُب سنة ٖٖٓىػ‪ ،‬حاكؿ الكثّب ‪٩‬بن‬
‫سبق الصراع معهم على السلطة مداىنتم ككسب ثقتهم‪ ،‬ككاف من بْب ىؤالء القاري علي بن أيب‬
‫ا‪٢‬بسْب اليحّبم ائب اإلماـ الناصر بن دمحم ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى‪.‬‬
‫ككاف "اإلماـ الناصر بن دمحم قد كذل من قبلو ائبان على تلك ا‪١‬بهات القاري اليحّبم علي بن أيب‬
‫ا‪٢‬بسْب‪.1‬‬
‫استيالء الناصر واليحريي على حصن حيد اجلرادي‪ :‬كاف أكؿ مهمة كلف هبا اإلماـ الناصر‬
‫القاري اليحّبم ىو استيبلئو على حصن حيد ا‪١‬برادم‪ ،‬كىو من ا‪٢‬بصوف القدٲبة ككاف معركفان ابسم‬
‫حصن مشر‪.2‬‬
‫ككاف صاحب حصن حيد ا‪١‬برادم الشيخ أبوا‪٤‬بعارل بن عمراف اللميسي‪ ،‬كأنو ‪٤‬با كذل الناصر القاري‬
‫اليحّبم أكثر الببلد كجعل لو فيها اإلصدار كاإليراد‪ ،‬احتاؿ على ابن اللميسي صاحب ا‪٢‬بيد ككاف‬
‫ّ‬
‫بعض ىمن مع‬
‫كثّب اإلختبلؼ إذل ببلده عصاـ كالَبدد إليها ليجمع ما ٰبتاج إليو من ا‪٢‬بطاـ‪ ،‬فأفسد ي‬
‫اللميسي من ا‪٣‬بيداـ‪ ،‬كأفسد رجبلن من كبار أىل عصاـ‪ ،‬فكاف اللميسي يطوؼ ُب ببلده كٲبشي فيها‬
‫ٖبدامو فبيتو القاري ابن أيب ا‪٢‬بسْب ليلة‪ ،‬كقد كعد بعض أىل ا‪٢‬بيد‪ ،‬كىو العصامي اليادر‪.‬‬
‫فتوجو فلزـ أيب ا‪٤‬بعارل اللميسي ا‪٤‬بسجد كأسره‪ ،‬كقد أطلع إذل ا‪٢‬بيد عسكره فأدخلهم ذلك اليادر كقد‬
‫ائتمنو اللميسي‪ ،‬ك‪٢‬بفظ ا‪٢‬بيد أمره فاستوذل على ا‪٢‬بيد قاري أىل ٰبّب‪ ،4‬كفعل مع صاحبو بعد أف‬
‫أسره النكّب كأدخلو إذل مصنعة بِب قيسُ فسجنو كقيده كامتحنوِ‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.117‬‬


‫‪ 0‬حِس ادلصاذي‪ُ :‬و ما ٌسمى حعن مشص ًعي ؿىل اًـصافة من اًرشق وؿىل واذي ؾعام من اًلصة من دُدان ري ُزؿني‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬حاص َة‬
‫اًلايض دمحم جن ؿًل الٔهوع ؿىل زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.27‬‬
‫‪ِ 1‬ؾ َعام‪ :‬واذ وحدي من دُدان ُزؿني يف حٌوة ٍصمي‪ٌ ،‬ضالكن مصنزان إذازاين من مسٍصًة اًسست و ٔبؾٌلل حمافؼة إة‪ ،‬ومن تدلان حدي‬
‫اًسوًق‪ .‬مـجم‬‫ؾعام ذساز واذللَني وتُت فائق وُجازت‪ٔ ،‬بما بٔمه تدلان واذي ؾعام فِيي تُت حَحوة وتُت اًضلسزي و ٔبملان وادلحاهة و ُ‬
‫اًحدلاهواًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1254/0 ،‬‬
‫‪َ 2‬حيري‪ :‬تعن من ري ُزؿني‪ ،‬تَ مسَت مٌعلة حيري من مسٍصًة اًصمضة دُدان ساتل ًا اًيت ثلؽ رشيق مسًية ٍصمي ومن ٔبؾٌلل حمافؼة إة‪ ،‬ويه‬
‫مصنز إذازي ٌضمي من اًلصى موسس وتُت اًُِوًسي وتُت اً ُـحاة وتُت معَح وا ّسلة وتُت اًزوم وكصًة اذلصف وتُت ؾحساًصساق وكريُا‪،‬‬
‫‪214‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫فمكث اللميسي ُب السجن مدة من األايـ‪ٍ ،‬ب ىرب من ا‪٤‬بصنعة إذل ا‪٤‬بشائخ ا‪٤‬بعامرة أىل كحبلف‪،‬‬
‫فصار معهم ُب األمن كىو مصاىر ليحي بن عباس ا‪٤‬بعمرم‪ ،‬كٰبي زكج ابنة أخيو‪ ،‬كىو ُب صحبتو ال‬
‫ٲبَبم‪.‬‬
‫صاحب القاري بن أيب ا‪٢‬بسْب اليحّبم‪ ،‬ٱبافو لشره ليأمن منو أف ٰبيط بو‬ ‫ٍب أف ٰبي بن عباس ى‬
‫ٗبكره كليناؿ على يديو من الناصر بعض ٌبره‪ ،‬كاشَبط القاري اليحّبم على ا‪٤‬بعمرم أف ٱبرج صهره‬
‫من حصن كحبلف فأخرجو كسكن ُب منكث مع األمّبّ"‪.‬‬
‫"ككاف القاري اليحّبم مكاران خبيثان غداران‪ ،‬ككاف ٱبالط ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر‪ ،‬كيريد الصحبة‬
‫كصدؽ ا‪٤‬بودة كاحملبة ككاف أكؿ أمره ٱبالطو متخفيان بزعمو متسَبان ٍب أنو خالطو مظهران متفهمان ككاف‬
‫يناؿ من إحسانو‪ ،‬ككاف يقوؿ لعامر إين منك كإليك‪ ،‬كما معي من ا‪٢‬بصوف إليك إف مات الناصر أك‬
‫إف رعف أمره كدارت عليو الدكائر‪ ،‬فأمهلِب حٌب أ‪ٛ‬بكن ُب الببلد‪ ،‬كأ ا أجلب إليك من الناصر‬
‫ا‪٤‬بصلحة كالسداد‪ ،‬كإين منك كإليك كإ٭با أدارم الناصر كمعورل ُب أمرم عليك‪.4‬‬
‫ٍب أف ا‪٤‬بصادر التارٱبية تشّب إذل أف ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬بجاجي قد صاحل الشيخ عامر بن طاىر‪" ،‬ككاف ا‪١‬ببلؿ‬
‫بن أيب ا‪٤‬بعارل ا‪٢‬بجاجي قد أصدر إذل عامر ابن أخيو دمحم رىينة‪ ،‬فأحسن عامر إذل ابن أخيو كقربو ٍب‬
‫أنو بعد عاـ سأؿ عامر أف يصدر إليو ابن أخيو‪ ،‬كأنو ال ٱبالف ما أعجبو فأصدر عامر ابن أخيو إليو‬
‫على قولو كظن أنو ٲبن عليو بذلك ليجتلب منو الشكر‪ ،‬كأنو ال ٱبالفو ُب األمر فطالب ا‪١‬ببلؿ‬
‫ا‪٢‬بجاجي أف يزيده عامر ُب العطاء‪ ،‬كامتنع عامر أف يعطيو إال القليل‪ ،‬ككاف القبائل أيلفوف من ملوؾ‬
‫غساف الرسوليْب أف يرروىم إذا غضبوا إبفارة ا‪٤‬باؿ كتعرفوا عما فعلوا إليهم من األحواؿ‪ ،‬كابن طاىر‬

‫وممن وسة إىل مٌعلة حيري ا ٔلذًة اًضاؾص سَامين اًَحريي ُاًصؾَين بٔحس ٔبؾَان اًلصن ارلامس‪ ،‬واًفلَِ كامس جن ٔبمحس اًَحريي املخوىف‬
‫س ية‪ُ616‬ػ‪ .‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1722/0 ،‬‬
‫‪ 1‬معيـة تين كُس‪ :‬كال اًلايض دمحم جن ؿًل الٔهوع‪ :‬معيـة تين كُس دصاة واكن فهيا بٓاثز ًا نثريت‪ ،‬ومواخي ومساخس لكِا ٔبظالل ودصائة‪،‬‬
‫وتيو كُس كدَي ووظن من ددان ري زؿني ومن كصامه اًصمضة املضِوزت اًَوم ورصم تين كُس اًيت مهنا اًـالمة ًوسف جن ٔبمحس جن ؾامثن‬
‫املخوىف س ية ‪ُ610‬ػ ظاحة اٍمثصاث‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬حاص َة اًلايض دمحم ؿًل الٔهوع ؿىل زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪ .116‬وتيو كُس‪:‬‬
‫مصنز إذازي من مسٍصًة اًصمضة و ٔبؾٌلل حمافؼة إة‪ٌ ،‬ضمي ٍلوؿة كصى‪ ،‬واكن اًـٌَلء بل ؾامثن وبل املـال كس سىٌوا ُشٍ امليعلة‪ ،‬ذلكل‬
‫كعسمه ظَحة اًـمل ًلٔذش ؾهنم‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬إجصاُمي ٔبمحس امللحفي‪ ،‬ذاز اًلكمة ٌَعحاؿة واًًرش ظيـاء اٍمين واملؤسسة‬
‫ادلامـَة ٌدلزاساث تريوث ًحيان‪ ،‬ظحـة ‪0220‬م‪.1127/0 ،‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.117‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪215‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ال يبارل ٗبن غضب من الناس أك رري‪ ،‬كىو كأخاه قائماف ُب إقامة ا‪٤‬بلك‪ ،‬ككبلٮبا عن ا‪٢‬بقد ال‬
‫ييفل كال يقضى‪ ،‬فحالف ا‪٢‬بجاجي علي بن طاىر‪.‬‬
‫للعمارم على أف يقاتل‬
‫إال أف ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬بجاجي كاف مداىنان للطرفْب‪ ،‬فقد كاف ُب نفس الوقت ‪٧‬بالفان ٌ‬
‫العمارم على أنو معارد ‪٥‬بم ُب‬
‫معو بِب طاىر‪ ،‬فيذكر ابن األنف القرمطي أف ا‪١‬ببلؿ "حالف ٌ‬
‫ا‪٢‬برب‪ ،‬كعليهم مناصر‪ ،‬كسطو على رابط ُب ببلد بِب طاىر‪ ،‬فقتلوا ‪ٝ‬باعة اب‪٣‬بناجر فاستشاط من‬
‫ذلك عامر بن طاىر غضبان‪ ،‬كبقي عاتبان متعبان‪ ،‬كذكر ما تقدـ من األحقاد كمعاكنة أىل حجاج‬
‫العمارم ُب دخوؿ الببلد‪.1‬‬
‫للعمارم يوـ قتل داكد كعبدالباقي ابِب طاىر‪ ،‬حٌب توغلوا على ٌ‬
‫ٌ‬
‫استيالء الناصر والقاضي اليحريي على حصن عهر‪ :‬كاتب اإلماـ الناصر علي بن القاري‬
‫اليحّبم أف يقوـ معو إذل أف ينفي ا‪٢‬بجاجي من الببلد كيتبعو‪ ،‬فجمع ا‪٢‬بشود من ا‪١‬بهات كجاء‬
‫القاري اليحّبم كقد ‪ٝ‬بع العساكر كماأل أىل ا‪٢‬بيبارل‪ ،2‬فقالوا لو‪ :‬سارع إذل عهر ما داـ ا‪٢‬بجاجي‬
‫فيو كابدر‪ ،‬ككاف إذل القاري كما ذكر ا أكثر ببلد الناصر‪ ،‬ككاف األمّب دمحم بن ا‪٤‬بنتصر ُب حرب أىل‬
‫حجاج ‪٦‬بتهدان‪ ،‬كأحب أف يصّب حصن ظبية‪ 3‬لو إف عدا‪ ،‬ككاف ابن أيب ا‪٤‬بعارل كقوفو ُب عهر‪ ،‬كىو‬
‫ابللهو كاللعب مشتهر خبلؼ أىلو كسّبهتم‪ ،‬كقد طرد أىل ببلده من أىل حجاج بظلمهم كالتعدم‬
‫ُب أموا‪٥‬بم ك‪٧‬بنتهم‪ ،‬كابدر القاري إذل عهر كقد ساعده أىل ا‪٢‬بيبارل فقتل ‪ٝ‬باعة من أصحاب ابن أيب‬
‫ا‪٤‬بعارل ُب القرية كحازكا ا‪١‬ببلؿ ُب عهر كقاتلوا عليو‪ ،‬ككقع فيو سهم كدل يتهيأ لو أف يقيم ُب ا‪٢‬بصن كال‬
‫يقر‪ ،‬حٌب رافقو كطلع إذل اليهودية‪ ،‬كاستوذل القاري على عهر كىو عدك صادؽ النية‪.4‬‬
‫كخرج الناصر إذل منكث كىو ُب قوة قوية‪ ،‬كطلعت احملطة ُب حصن على ظبية مع بِب دمحم بن ا‪٤‬بنتصر‬
‫كرجا أف ٰبوز الببلد‪ ،‬كرمى ظبية ابلعرادة جند الناصر كطلعت مقاكمتو إذل ما حو‪٥‬با‪ ،‬كأغار إدريس بن‬
‫دمحم إذل اليهودية كأمر ا‪١‬ببلؿ أف اب‪٤‬بسّب إذل عراس لّبجع من فوره إذل اليهودية‪ ،‬كيركنوا إذل اإليناس فلم‬
‫ٯبد منهم إال قليبلن كاستخدـ فيها من أىل مزيج كأىل كحبلف كأكالىم ‪ٝ‬بيبلن‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.102‬‬


‫‪ 0‬اذلُحايل‪ :‬واذ وحدي يف مسٍصًة اًسست من حمافؼة إة‪ٌ ،‬ضالكن مصنزان إذازاين ًضٌلن ٍلوؿة كصى‪ ،‬مفن ٔبمه كصى اًواذي تدلت املسلات وحمي‬
‫اذلصف واًحَاضة‪ٔ ،‬بما حدي اذلُحايل ففَِ من اًلصى امللصتة وارلصِتة وري ادلُصف و ُنحاز وكري ركل‪ .‬مـجم اًحدلان‬
‫بل اًضايم وه َْـان وادلحوتة و ْ‬
‫واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.221/1 ،‬‬
‫‪ 1‬ػحَة‪ :‬كصًخان ػحَة اًـََا وػحَة اًسفىل تُهنٌل اذلعن دصاة وؿساذٌُل من ؾزةل جحاح دُدان‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬حاص َة اًلايض دمحم جن ؿًل الٔهوع ؿىل‬
‫زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.101‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.101‬‬
‫‪216‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٍب أنو ‪٤‬با خاؼ أدريس بن دمحم على الببلد أف تفوت كيستورل عليها األعداء‪ ،‬كقل معو األصحاب‬
‫كاألكلياء تقدـ إذل عامر بن طاىر‪ ،‬كقاؿ لو أتريد أف ٲبلك عدك ا الببلد‪ ،‬كأف يقطع ما بيننا كبينك‬
‫الوداد‪ ،‬ككثر عليو ُب الكبلـ كطاؿ عليو ُب ذلك ا‪٤‬ببلـ‪ ،‬كتقدـ قاري أىل ٰبّب إذل عامر بن طاىر‬
‫كىو ما فيو من النفاؽ‪ ،‬كرجاء أف يكتم كذبو كيكوف لو نفاؽ‪ ،‬كجاء دمحم بن ا‪٤‬بنتصر إذل عامر يداجيو‬
‫كابلبهتاف يعده كيرجيو‪ ،‬ككانت بْب إدريس بن دمحم كالقاري اليحّبم ا‪٤‬بكابرة كا‪٤‬بنابذة ابلقوؿ كاجملاىرة‪،‬‬
‫كقاؿ القاري إلدريس بن دمحم‪ :‬ىل تسلموا جهات أىل حجاج لعامر بن طاىر كتَبؾ ما أكثرت فيو‬
‫من اللجاج‪ ،‬فقاؿ إدريس بن دمحم‪٫ :‬بن نسلم إذل يديو اليهودية كظبية كالعرافة‪ ،‬كإ ا ال نشجن منو كال‬
‫‪٬‬بافو‪ ،‬كأنت سلم ما لديك من ا‪٢‬بصوف كدع السخافة‪.‬‬
‫ككاف دمحم بن الورد ا‪٢‬بجاجي صاحب العرافة مع إدريس بن دمحم‪ ،‬فأمر عامر ٗبائة رجل إذل اليهودية‬
‫كسبعْب إذل العرافة‪.1‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.101‬‬


‫‪217‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الرابع‬
‫اإلستيالء على حصن كحالن ويرمي‬
‫وزوال السلطنة العمارية‬

‫مر معنا أف القاري علي بن أيب ا‪٢‬بسْب اليحّبم كالذم كاله‬ ‫اسرتداد بنو طاىر حصن كحالن‪ٌ :‬‬
‫اإلماـ الناصر بن دمحم ببلد ذم يرعْب كا‪٤‬بناطق الوسطى‪ ،‬قد استوذل على حصن كحبلف الواقع ُب ببلد‬
‫ذم يرعْب ُب شهر رجب سنة ْٖٔىػ‪ ،‬كذلك بسبب خيانة حصلت من ا‪٢‬براسة ا‪٤‬بكلفة ٕبراسة‬
‫ا‪٢‬بصن‪ ،‬ككاف ٰبي بن عباس ا‪٤‬بعمرم أمّب ا‪٢‬بصن متييبان ُب ذلك الوقت مع ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر ُب‬
‫حركبو رد الناصر‪.1‬‬
‫"ٍب كاف فتح حصن كحبلف كذلك أنو ‪٤‬با استوذل القاري اليحّبم ذك الظلم كالعدكاف‪ ،‬على حصن‬
‫كحبلف أظهر الظلم كسطا اب‪١‬بور على أىل اإلٲباف كتكرب ك٘برب كدل يراقب خالق البشر‪ ،‬كسار خبث‬
‫السّب كأظهر ا‪٢‬بن كتوعد ابحملن كأبدا ما أجن كأساء إذل من كاف ُب الببلد‪ ،‬كسعى ُب األرض ابلفساد‬
‫كاستخف أبىل كحبلف كأىل مزيج‪ ،‬كاستحقرىم كهتاكف هبم كتعدل عليهم فيما هناىم كأمرىم‪.‬‬
‫فقاـ قاري القضاة الفضبلء كككيل الدعاة األجبلء دمحم بن أ‪ٞ‬بد قعيش بطلب الفرج بعد الشدة‪،‬‬
‫كيبذؿ إلسَبجاع الطود ا‪٤‬بنيع جهده‪ ،‬حٌب كافق رجبلن من أىل بلد كحبلف كاف ُب بلد أىل سوداف‪،‬‬
‫ككاف أىل سوداف من حراس حصن كحبلف‪ ،‬ككاف أىل سوداف قد ملوا القاري كظلمو كجوره‪ ،‬كقد‬
‫زاد ُب عتوه كتعدم طوره ككانوا يركموف ا‪٣‬ببلؼ عليو فوقعت قضية كحبلف كصاركا أذؿ من فقع‬
‫القيعاف‪ ،‬فقاؿ القاري قعيش للكحبلين‪ :‬ىل من حيلة كأ ا أبذؿ من قاـ ُب اسَبجاع ا‪٢‬بصن ما‬
‫طلب بذيلو مكن لنا إذل من كجدت منو ا‪٤‬بليح الوسيلة‪ ،‬كصادؼ ‪ٝ‬باعة من أىل سوداف كانوا حراس‬
‫ا‪٢‬بصن فأطمعهم ُب بذؿ ا‪٤‬باؿ‪ ،‬كأعطاىم ما اقَبحوه من السؤاؿ‪ ،‬ككاف أىل مزيج قد لقوا من الذؿ‬
‫كا‪٥‬بواف‪ ،‬فاجتمع إليهم من اختاركه من أىل كحبلف‪ ،‬ككافاىم ‪ٝ‬باعة من أىل عراس قد جاءىم الليلة‬
‫األكذل ككصلوا فلم يتم أمرىم‪ ،‬كعادكا كقد كادكا ييأسوا ‪٩‬با أملوا‪ ،‬كعادكا الليلة الثانية فأجتمعوا ‪ٝ‬بيعان‬
‫كتوقلوا ذلك ا‪١‬ببل ا‪٤‬بنيف ا‪٤‬بنيع‪ ،‬كقسموا الببلد إذل الطور الرفيع‪ ،‬ككانت قد كصلت النذرات إذل‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.101‬‬


‫‪218‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫القاري كىو ُب بِب قيس‪ ،‬فقاؿ‪ :‬كمن النساء أك من ٯبمعهم كقد مضى ٰبي بن عباس كىؤالء ا‪٤‬بعامرة‬
‫ُب سجِب‪ ،‬كمن ذا الذم يسطو كال ٱباؼ مِب‪.‬‬
‫كأطلعهم ا‪٢‬براس الذين عاىدكا القاري قعيش فاستولوا على كحبلف احملركس‪ ،‬ككاف الداخلوف أكؿ مرة‬
‫أربعوف رجبلن‪ ،‬كُب ا‪٢‬بصن سبعوف رجبلن‪ ،‬فنصرىم هللا تعاذل كىو حسب من يتوكل عليو كبو يستعْب‪،‬‬
‫كا‪٫‬باز أصحاب القاري إذل القصر كفتح الباب ألىل مزيج كبلد كحبلف كمن كافاىم من البلداف‪،‬‬
‫كصار ا‪٢‬بصن احملركس كىو من أىل الدعوة ملئاف‪ ،‬كاستسلم الذين كانوا ُب القصر من الظا‪٤‬بْب‪،‬‬
‫من هللا عليهم ٕبسن النية‪ ،‬كقالوا ما قصد ا غّب ىذا‬
‫كأمنوىم فخرجوا سا‪٤‬بْب‪ ،‬كجعلوا أماهنم صدقة ‪٤‬با ٌ‬
‫ا‪٢‬بصن‪ ،‬كقد بلينا إليو بصجق الطوية‪ ،‬كطلع إليو القاري قعيش ُب الصباح كقد إمتؤل كساير أىل‬
‫الدعوة من األفراح‪ ،‬ككانت مسّبة عظيمة كحقت ابلظا‪٤‬بْب اليامشْب ا‪٥‬بزٲبة‪ ،‬كأغار القاري اليحّبم‬
‫من مصنع بِب قيس كىو يدعو ابلويل كالثبور‪ ،‬فجاء كقد شدت سبلو‪ ،‬كقد لقيو الرجاؿ إذل الوادم‬
‫الذين هبم ‪ٙ‬بمى الثيور‪ ،‬كسارت البشرل إذل عامر بن طاىر كىو ما بْب تعز كجبلة‪ ،‬فابتهج لذلك‬
‫كأكثر ا‪٢‬بمدهلل كشكرىم على ىذه الفعلة‪ ،‬ككاف القاري اللعْب يوـ ررم كاقف رأسان لبعض ا‪٤‬بقتولْب‪،‬‬
‫كقاؿ ىذا رأس عامر كلعن كشتم‪ٍ ،‬ب كجده رأس رجبلن من األشراؼ كاف معنا فخاب ظنو"ُ‪.‬‬
‫إال أف القاري قيعيش كالذم كاف لو الدكر الكبّب ُب التخطيط كاإلعداد كاإلستيبلء على حصن‬
‫عمر كثّبان‪ ،‬فقد "طلع القاري قعيش بن أ‪ٞ‬بد إذل ‪٧‬بركس كحبلف‪ ،‬فلم يقف فيو أكثر‬ ‫كحبلف‪ ،‬دل يي ٌ‬
‫من سبعة أايـ كأصابو األدل فأنزؿ إذل منصورة مزيج فمات فيها ر‪ٞ‬بو هللا"ِ‪.‬‬
‫كقد كاف لفتح حصن كحبلف كاسَبداده‪ ،‬األثر الكبّب ُب رفع ٮبة كمعنوايت بِب طاىر كخاصة ا‪٤‬بلك‬
‫عامر بن طاىر إلعداد العدة كاسَبداد أمبلكهم من اإلماـ الناصر‪ُ ،‬ب مناطق رداع كما حو‪٥‬با‪،‬‬
‫كاإلنتقاـ منو كالثأر ألخيهم دمحم بن طاىر جراء ما كقع ُب موقعة ررم‪ ،‬فتم ‪٥‬بم اإلستيبلء على رداع ُب‬
‫بداية سنةٖٓٔىػ‪ٍ ،‬ب ‪ٛ‬بكنوا من اإلستيبلء أيضان على مدينة ذمار ُب شهر رجب سنة ٖٓٔىػ‪.‬‬
‫ككاف عرض ىذه األمور كقبل استيبلء ا‪٤‬بلك الظافر على ذمار‪ ،‬خركج بِب ا‪٤‬بعمرم من السجن الذم‬
‫كانوا بو ُب مصنعة بِب قيس‪ ،‬كىم الشيخ دمحم بن جسار ا‪٤‬بعمرم كأكالد ٰبي بن عباس ا‪٤‬بعمرم‬
‫كإدريس بن أ‪ٞ‬بد بن عمراف اللميسيّ‪ ،‬فخرجوا من السجن فتلقاىم رتبة من أىل ‪ٞ‬باؾ اتبعْب للملك‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.111‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.113‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.123‬‬
‫‪219‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫عامر بن طاىر كانوا ٱبرجوف ُب الليل كيدكركف حوؿ ا‪٤‬بصنعة فلما ‪٠‬بعوا صلصلة القيود أسرعو إليهم‬
‫فعرفوا ا‪٤‬بعامرة كساركا هبم إذل بلد عامر ٍب إذل منصورة مزيج‪ ،‬فأزيلت عنهم القيود ُب ا‪٤‬بنصورة كطلعوا‬
‫حصن كحبلف‪ ،‬كبعد أف كصل دمحم بن جسار كابن ٰبي بن عباس إذل عامر فأذف ‪٥‬بم ُب دخوؿ‬
‫حصنهم كحبلف كأحسن إليهمُ‪ ،‬ككاف ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر قد اسَبده قبل ذلك من القاري‬
‫اليحّبم كاإلماـ الناصر‪.‬‬
‫اإلستيالء على يرمي‪ :‬بعد استيبلء ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر على مدينة ذمار‪ ،‬كانت آخر ا‪٤‬بهاـ لو ُب‬
‫ا‪٤‬بناطق الوسطى ىو اإلستيبلء على بقية ا‪٢‬بصوف كالقبلع ا‪٤‬بتبقية من يخباف ذم يرعْب كببلد عمار‪،‬‬
‫كالقضاء على آخر معاقل السلطنة العمارية‪.‬‬
‫فعاد ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر إذل ببلد بِب قيس‪ ،‬كرتب ُب ‪ٝ‬بيعها كأمر على القاري بن أيب ا‪٢‬بسْب‬
‫اليحّبم ا‪٤‬بعامر‪ ،‬كرتب فيها الرتب‪ ،‬كأمر كلهم أف يقوـ على مصنعة بِب قيس كهبا ٰباصر‪ ،‬كحارب‬
‫على مصنعة بِب قيس من معو من العساكر كىو لذلك الضاؿ حاصر‪ ،‬فأخرب قريتها‪ ،‬كأمر دمحم بن‬
‫جسار كأصحابو كىم متحولوف إذل القاري اليحّبم أف أيذف ‪٥‬بم لينظركا القتاؿ من ا‪٤‬بصنعة كىم كما‬
‫جسار‪ ،‬أك ما الذم يرجوه كلو أعلم أف عامر ينتصر‬ ‫ذكر ا أسارل معو‪ ،‬فقاؿ القاري‪ :‬ما يركـ ابن ٌ‬
‫علي لطرحتكم إذل ا‪٢‬بيود‪ ،‬قبل أف يظفر كيبلغ مِب ما يريد‪.‬‬
‫كبذؿ عامر أليب ا‪٤‬بعارل اللميسي كأمره أف يعمر على حيد ا‪١‬برادم ا‪٤‬بعامر‪ ،‬كٰبارب عليو بقومو كأىل‬
‫عصاـ كلو ٰباصر‪.‬‬
‫كسار عامر بعساكره إذل بلد ذم رعْب‪ ،‬كلقيو إدريس بن دمحم بن إدريس بعساكره أىل الدعوة من أىل‬
‫عراس كأىل حجاج‪ 2‬كأىل كحبلف كأىل مزيج‪ 3‬كأىل ًعمراف‪.1‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.124‬‬


‫‪ 0‬جحّاح‪ :‬مصنز إذازي من مسٍصًة خنب وثددؽ حاًَ ًا حمافؼة اًضاًؽ‪ ،‬وٕان اكهت من كدي من ٔبؾٌلل خمالف زذاع‪ ،‬وجحاح مٌعلة واسـة حلصافِ ًا‬
‫حِر ثُـخرب ٔبنرب مصنز إذازي يف حمافؼة اًضاًؽ‪ ،‬وحيسُا ؿست مسٍصايث‪ ،‬وثخوسط زالج مسن اتزخيَة زذاع صٌل ًل وذمت قص ًاب وخنب حٌو ًاب‪،‬‬
‫وحيسُا من اًضٌلل اًصايص َة واًـصص‪ ،‬وقص ًاب ذمت وحٌو ًاب خنب واذلحُض َة ورشك ًا تين ػحَان وكِفة بل قيمي‪ ،‬وًددـِا ما ًلازة زالزني كصًة‬
‫ٔبصِصُا امللصاهة واًيت اكهت ؿامصة ادلوةل اًعاُصًة‪ ،‬واًلفصت وص حاؿة ومس َىة وواذي محُسان واٌَمَحَة وحدوة دوةل واحملصم وارلضريًة‬
‫وكريُا‪ ،‬وًوخس هبا اًىثري من الٓاثز اًلسمية اسلريًة واًيت ًسل ؿىل ركل اًيلوص واًىذاابث اسلريًة يف اًلصى‪ ،‬و ٔبًض ًا ًوخس هبا اًىثري من‬
‫اًـٌلئص وتلااي بٓاثز إسالمِة واًيت تين مـؼمِا يف سمن ادلوةل اًعاُصًة‪ ،‬وذاظة املساخس واذلعون واًلالع امليدرشت يف مـؼم اًلصى اكمللصاهة‬
‫واًلفصت وواذي محُسان‪ ،‬و ٔبًض ًا املواخي واًربًم وا ٔلحواط املائَة‪.‬‬
‫ٔ‬
‫‪ 1‬مزجي‪ :‬تيو مزجي جىرس املمي واًزاي‪ ،‬تدلت هحريت من ؾزةل وحالن‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬حاص َة اًلايض الهوع ؿىل زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪،‬‬
‫ض‪ ،31‬وٕاًََ ًًُسة بل املزجيي ٔبُي رماز‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1325/0 ،‬‬
‫‪221‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كتىسلم عامر يرًن‪ ،2‬ككاله إدريس بن دمحم بن إدريس‪ ،‬فوذل فيو من ‪ٙ‬بت يده الشماحي بن قاسم‪.‬‬
‫كتسلم أيضان خاك‪ ،3‬ككذل فيو ا‪٤‬بشايخ الذم كاف لو قبل أف ٲبلكو اإلماـ‪.‬‬
‫كجاء إليو هنشل مع أبيو دمحم بن ا‪٤‬بنتصر كسلم لو ما صار إليهما يوـ رايـ‪ 4‬من ا‪٣‬بيل كالدركع كالعدة‬
‫كا‪٣‬بياـ كعرؼ منها درع أخيو دمحم بن طاىر كبيضتو الٍب أخذت يوـ قتل ر‪ٞ‬بو هللا‪.‬‬
‫العمارم‪ ،‬ك‪ٙ‬بدث‬
‫كقد ذكر ا‪٤‬بؤلف ابن األنف القرمطي هناية ىذا الصراع بْب الطاىريْب كبنو الورد ٌ‬
‫أيضان عن العبلقة الٍب كانت تربط بنو الورد ابلطاىريْب كخصوصان عبلقة األب دمحم بن الورد الذم أهنى‬
‫عمار للطاىريْب‪ ،‬كهبذا انتهت سلطنة العمارم‬ ‫الصراع ا‪٤‬برير ابلصلح‪ ،‬كالتنازؿ عن سلطتو ُب ببلد آؿ ٌ‬
‫‪ٛ‬بامان من ا‪٤‬بناطق الوسطى ُب اليمن"ٓ‪.‬‬

‫‪ِ 1‬معصان‪ :‬مٌاظق نثريت يف اٍمين هبشا ا ٔلمس‪ ،‬وهؼصا ٔلن ا ٔلحساج حصث يف ٍصمي ورماز وما حوًِا فإن امللعوذ هبم ُيا ِمعصان خبفغ اًـني من‬
‫مضاخي حدي ادلاز يف حٌويب رماز‪ ،‬هلم كصًة ابمسِم ًلال ًِا زابظ معصان‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1117/0 ،‬‬
‫‪ٍ 0‬صمي‪ :‬مسًية يف كاع اذللي ما تني رماز وٕاة‪ ،‬مسَت ابمس اًلِي اسلريي‪ٍ :‬صمي ري زؿني الٔنرب جن سًس جن سِي جن معصو جن كُس جن‬
‫مـاوًة جن حضم جن ؾحسمشس جن وائي جن اًلوج جن كعن جن ؾصًة جن سُري جن ٔبمين جن جن اهلمُسؽ جن محري جن س حبٔ‪ ،‬ويه مسًية مضِوزت‬
‫من ٔبز حيعة‪ ،‬ثلؽ تني حدَني‪ٔ ،‬بحسٌُل حدي ًُعحح اذلي ًعي ؿَهيا من انحِة اًضٌلل اًرشيق‪ ،‬وال ٓدص ُو حدي رشهوة من ادليوة‬
‫اًلصيب‪ ،‬نٌل ٔبن ا مسًية كسمية وفهيا اًىثري من املـامل ا ٔلثصًة وتلااي ؾٌلئص اسلريًني‪ ،‬ذاظة امليعلة املـصوفة الٓن تبٓاكم املصامي حواز املسًية اذلسًر‪،‬‬
‫ونشا اًلَـة اًخازخيَة املوحوذت يف وسط املسًية اًيت ًعي ازثفاؾِا إىل مخسني مرت ًا‪ ،‬ويه ابزثفاؾِا ُشا ثعي ؿىل مجَؽ ٔبحِاء املسًية‪ ،‬وحيَط‬
‫هبا سوز من مجَؽ ادلِاث مديَ ًا من اذلجص ا ٔلسوذ وهل تواتة واحست‪ ،‬نٌل ًوخس يف املسًية زسذاة حتت ا ٔلزط ًـصف حاًَا ابمس ا ِملـَان‬
‫وحواهحَ مديَة من اذلجص ا ٔلسوذ‪ ،‬وسلفَ ؿىل َُئة كدة‪ ،‬وفَِ اكهت متص املَاٍ إىل ٔبحِاء املسًية اخملخَفة‪ ،‬ومن مـامل ٍصمي ا ٔلثصًة ٔبتواهبا اًلسمية‬
‫اًيت ٔبهسثص تـضِا واًحـغ ل ٍزال كامئ ًا‪ ،‬ويه ابة اًس حح‪ ،‬ابة ظيـاء‪ ،‬ابة اًلصضة‪ ،‬ابة ادلزة‪ ،‬ابة ارلان‪ ،‬ابة اٍمين‪ ،‬ابة اًضوزٍن‪،‬‬
‫ابة املياد‪ُ ،‬شا ؿسا الٓاثز املوحوذت يف حدي ؾٌلمة ونشا يف مسًية ػفاز اًلصًحة من ٍصمي واًيت ل ثحـس ؾهنا سوى مخسة هََو مرتاث‪ ،‬وثضم‬
‫مسٍصًة ٍصمي اًخاتـة يف ٔبؾٌلًِا حملافؼة إة‪ ،‬ؿسذ ًا من املصانز الٕذازًة يه‪ :‬ذاو‪ ،‬زؿني‪ ،‬ؾحَسٍ‪ ،‬ؾصاش‪ ،‬تين معص‪ ،‬تين س حبٔ‪ ،‬تين مسمل‪ ،‬دوذان‪،‬‬
‫تين مٌحَ‪ ،‬إزاية‪ .‬ومجَـِا مٌاظق قيَة ابًضواُس ا ٔلثصًة اًلسمية‪ ،‬فلس اكهت من مواظن ادلوةل اسلريًة‪ ،‬نٌل ان ا حزء من ٔبزط حيعة اًضِريت‬
‫خبعوتة حصجهتا‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1725/0 ،‬‬
‫‪ 1‬ذاو‪ :‬تعن من رو زؿني ثًسة إًََ كصًة ذاو اًواكـة رشيق مسًية ٍصمي تيحو ست هََو مرت‪ ،‬ؿىل دط اًعصًق إىل ذمت‪ ،‬ويه من‬
‫مساهن كدَةل اً ُرتامخ اسلريًني‪ ،‬وٕاىل ذاو ًًمتي اًعويف اًضِري ٔبمحس جن ؿَوان ارلاوي اًصؾَين‪ ،‬ظاحة ًفصش‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي‬
‫اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.335/1 ،‬‬
‫‪ 2‬زايم‪ :‬مصنز إذازي من مسٍصًة اًرشًة كِفة بل قيمي‪ ،‬من ٔبؾٌلل زذاع‪ ،‬فهيا تيو اًصاييم من بل ابؿَوي ٔبُي حرضموث‪ .‬مـجم اًحدلان‬
‫واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.515/1 ،‬‬
‫‪ 3‬حاص َة زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز يف حواذج اٍمين اًىداز واذلعون وا ٔلمعاز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬حتلِق اًـالمة دمحم جن‬
‫ؿًل الٔهوع‪.‬‬
‫‪221‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫العمارم البكرة‪ ،1‬كدخل ُب طاعتو بعد أف طرد الذين تولوا قتل أخيو‬ ‫ٍب عاد ا‪٤‬بلك الظافر كسلم لو ٌ‬
‫داكد بن طاىر من ‪ٝ‬باعتو‪ ،‬فراحوا إذل جبل حب ببعداف كخلوا ما كاف منو من البيوت كاألمواؿ‪،‬‬
‫كتسلم القاىرة‪ 2‬بعد أف كاف حاصرىا مدة من الزمن‪ ،‬كىي من ا‪٢‬بصوف ا‪٤‬بانعة الشا‪٨‬بة األركاف‪.3‬‬
‫العمارية ُب ا‪٤‬بناطق‬
‫كيقوؿ العبلمة ا‪٤‬بؤرخ دمحم بن علي األكوع ُب هناية ىذا ا‪٤‬بشهد التارٱبي للسلطنة ٌ‬
‫الوسطى‪" :‬كلك أف تعلم مدل ما بذؿ الطاىريْب من قوة كسنوات إلخضاعهم ابلقوة الٍب دل ٘بدم ُب‬
‫تسليم ا‪٢‬بصوف الٍب سيطركا عليها إال صلحان كأٮبها حصن البكرة كالقاىرة كحصن حب‪ ،‬رغم ا‪٢‬بقد‬
‫ا‪٤‬برير الذم أكرثو مقتل األخوين عبد الباقي كداكد ابِب طاىر على أىل عمار كبنو الورد بصفة خاصة‬
‫كالذم ‪٪‬بده مستمر كمبلحظ ُب حركة التهجّب القسرية إذا علمنا أف من كرثة ا‪٢‬بكم كأشهر ملوكها‬
‫ا‪٤‬بلك عبد الوىاب بن داكد‪ ،‬كمن ٍب ابنو عامر ابن عبدالوىاب ىم أبناء أحد القتيلْب"‪.‬‬
‫العمارم بعد ذلك أكَب بعهده مع الدكلة الطاىرية كدل ينقضو‪ ،‬عندما‬ ‫كيذكر ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف أف ٌ‬
‫العمارم ا‪٢‬بصوف لبِب طاىر حٌب رجع ا‪٤‬بلك الظافر من الشحر‪.‬‬ ‫استعاد اإلماـ الناصر ذمار‪ ،‬فحفظ ٌ‬
‫كلكن بقيت ىناؾ بعض ا‪٢‬بصوف كالقبلع بيد القاري علي بن أيب ا‪٢‬بسْب اليحّبم ا‪٢‬باكم ا‪٤‬بعْب من‬
‫قًبل اإلماـ الناصر ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى‪ ،‬فلما أسر اإلماـ الناصر كسقطت ذمار بيد الدكلة الطاىرية ُب‬
‫شهر رجب سنة ٖٔٔىػ‪" ،‬جاء القاري علي بن أيب ا‪٢‬بسْب اليحّبم إذل ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن‬
‫طاىر فسلم إليو مصنعة بِب قيس‪ ،‬كحصن أنسب ُب كادم يخباف‪ ،‬كحيد ا‪١‬برادم‪ ،‬كعفى عن القاري‬
‫ا‪٤‬بذكور كترؾ لو أكمة ٰبّب الٍب ىي لو كألىلو‪ ،‬فوذل ا‪٤‬بلك الظافر ُب ا‪٢‬بصوف‪ ،‬كأسكن ابن أيب ا‪٢‬بسْب‬
‫ُب قرية جنب ككجو لو ما يقوـ بقوتو كأنعم عليو كأحسن بقدر الذم أمكن‪."4‬‬

‫‪ 1‬حعن اًحىصت‪ :‬اًحىصت سهة اًحىصت من الٕتي ؾزةل من خمالف ؾٌلز‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬حاص َة اًلايض الٔهوع ؿىل زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪،‬‬
‫ض‪.117‬‬
‫‪ 0‬حعن اًلاُصت‪ :‬اًلاُصت امس ًىثري من اذلعون جسمت هبشا الٕمس يف اٍمين‪ ،‬وامللعوذ ُيا "حعن يف كصًة ؾصاش من مسٍصًة ٍصمي و ٔبؾٌلل‬
‫حمافؼة إة"‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1020/0 ،‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.116‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.142‬‬
‫‪222‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الباب الرابع‬
‫مترد األمري أابدجانة يف الشحر‬
‫وتويل آل كثري الشحر‬

‫علمنا قبل ىذا أف األمّب ابدجانة قد حاكؿ اإلستيبلء على مدينة عدف عاـ ُٖٔىػ‪ ،‬كأف ‪٧‬باكلتو ىذه‬
‫قد ابءت ابلفشل الذريع ككاف من نتائجها كقوعو ُب األسر‪ٍ ،‬ب إف كالدتو كالٍب كانت تنوب عنو ُب‬
‫إدارة أمور ا‪٤‬بلك قد سعت بفكاؾ أسره كقد كافق ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر على إطبلقو من السجن‬
‫مقابل تنازلو عن إمارة الشحر كخركجو منها‪.‬‬
‫كُب سنة ّٖٔىػ أطلق سراح األمّب أابدجانو كغادرت كالدتو الشحر‪ ،‬فاستوذل األمّب جياش السنبلي‬
‫على بقية أجزاء مدينة الشحر‪.‬‬
‫كُب ‪ٝ‬بيع األحواؿ فإف مدينة الشحر دخلت على ىذا النحو ُب ملك الدكلة الطاىرية‪ٍ ،‬ب أسند بِب‬
‫طاىر كاليتها إذل األمّب جياش السنبلي ّٖٔىػ‪ ،‬الذم دخلها نيابة عن بِب طاىر ُب ذم القعدة سنة‬
‫ّٖٔىػ‪.‬‬
‫كمع ذلك فإف األمّب الذم خلف أاب دجانة‪ ،‬كانت لو أطماع ابسَبداد الشحر ‪٩‬با شجعو على التحرؾ‬
‫كالتمرد على بِب طاىر‪ ،‬كنقض العهد الذم بينهما‪ ،‬ككل ذلك أدل إذل قياـ الصراع مرة أخرل بينهما‬
‫كإستيبلء أيب دجانة على مدينة الشحر مركز أقليم ظفار‪ ،‬كُب ىذا الفصل سنبْب استيبلء أيب دجانة‬
‫على الشحر‪ٍ ،‬ب استعادة ا‪٤‬بلك الظافر ‪٥‬با كتوليتو لبِب كثّب على الشحر‪ُ ،‬ب ثبلث فصوؿ كاآلٌب‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مترد األمري أابدجانة وإستيالئو على الشحر‬
‫الفصل الثاين‪ :‬إستعادة ادللك الظافر للشحر‬
‫الفصل الثالث‪ :‬تويل آل كثري للشحر من قبل الطاىريني‬

‫‪223‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل األول‬
‫مترد األمري أابدجانة وإستيالئو على الشحر‬

‫بعد خركج األمّب اب دجانة من السجن كتسليم كالدتو مدينة الشحر لبِب طاىر توجو مباشرة إذل ببلد‬
‫أخوالو ُب ا‪٤‬بهرة كسكن راحية تسمى حّبيجُ‪ ،‬كبلدة حّبيج قرية تقع ُب ببلد ا‪٤‬بهرة بْب الشحر‬
‫كا‪٤‬بسيلة‪.2‬‬
‫كلكنو سرعاف ما توُب كدل ٲبهلو ا‪٤‬بوت من ‪ٙ‬بقيق مراده ابسَبجاع الشحر‪ ،‬فقد كاف كفاة دمحم بن سعيد‬
‫ابدجانة بعد رجوعو إذل حّبيج‪ُ 3‬ب نفس عاـ ّٖٔىػ‪.4‬‬
‫كلقد أبدت أمو من الرزانة كرابطة ا‪١‬بأش‪ ،‬فقد ادت ُب الناس بوفاة ابنها كالدموع تنحدر من عينيها‬
‫هبدكء كىدأت ركعهم ككاستهم ُب فقده‪.5‬‬
‫كيقوؿ ا‪٤‬بؤرخ اب‪٨‬برمة‪" :‬كتوُب أبو دجانة عقب كصولو إذل بلده‪ ،‬كيقاؿ أنو دل ٱبرج من عدف إال‬
‫مسمومان‪ ،‬كهللا أعلم ٕبقيقة األمر‪."6‬‬
‫كقد توذل بعده كالية حّبيج كبقية إمارهتم ابن أخيو مبارؾ ابدجانةٕ‪.‬‬
‫ك‪٤‬بعرفة حاؿ األمّب الذم توذل بعد أيب دجانة دمحم بن سعيد‪ ،‬كاألكراع الٍب أدت إذل نقض العهد‪،‬‬
‫نورد ما ذكره عن شخصيتو أحد مؤرخي حضرموت‪ ،‬حيث يقوؿ‪" :‬بعد أف توُب األمّب دمحم بن سعيد‬
‫الكندم‪ ،‬دل ٘برم األمور كما كانت ُب عهده ابلرغم من ا‪١‬بهود الٍب بذلتها أمو إلعادة الطمأنينة‬
‫كالسبلـ ُب أرجاء الببلد‪ ،‬كذلك ألف الذم توذل ا‪٢‬بكم أخوه ككاف ىذا رعيف الرأم قصّب النظر‬
‫سريع اليضب كثّب البطش‪ ،‬كلقد حاكلت أمو أف هتديو آبرائها الصائبة كأفكارىا ا‪٢‬بكيمة‪ ،‬كلكنو كاف‬

‫‪ 1‬اًضحص ؿرب اًخازخي‪ ،‬مخُس محسان‪ ،‬ض ‪.15‬‬


‫‪ 0‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.323/1 ،‬‬
‫‪ِ 1‬حريِ جي‪ :‬تيسز يف واذي املس َةل يف خاهحَ اًلصيب ما تني اًضحص وس َحوث من تالذ املِصت‪ ،‬اكن فَِ تدلت كسمية حصذذ رهصُا يف اذلواذج‬
‫ادلازًة تني سالظني بل نثري ودعوهمم حِامن ًدداذًون ا ٔلزسى ؿَهيا‪ ،‬وكس إهسثصث اًلصًة ومل ًحلى مهنا إل اًلََي‪ ،‬وفهيا مسجس اًض َخ‬
‫ؾحسهللا اًلسمي ؾ ّحاذ‪ ،‬وكس ٔبصاز اًعَة ابخمصمة إىل ٔبن من سانين حريجي ا ٔلصـصًون من رزًة ا ٔلصـر جن كُس اًىٌسي‪ ،‬وبٔن تيسزُا ًلعسٍ‬
‫اًخجاز وٌس خزسموهَ ًيلي اًىٌسز واًعحلة إىل ؿسن وجصجصت وكريُا‪ .‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.323/1 ،‬‬
‫‪ 2‬اتزخي حرضموث‪ ،‬اجن صًدي‪ ،‬ض‪.166‬‬
‫‪ 3‬اتزخي حرضموث اًس َايس‪ ،‬ظالخ اًحىصي‪ ،‬ض‪.102‬‬
‫‪ 4‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.231/4 ،‬‬
‫‪ 5‬اتزخي حرضموث املـصوف تخازخي اجن صًدي‪ٔ ،‬بمحس جن ؾحسهللا صًدي‪ ،‬ض ‪.167‬‬
‫‪224‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫متعصبان لرأيو لدرجة ا‪١‬بمود‪ ،‬كقد قطع ما كاف ٲبنحو أخوه لرؤساء قبائل البادية من ا‪٥‬بدااي الكرٲبة‪،‬‬
‫فانقطعت بذلك الصبلت بينو كبْب قبائل البادية‪ ،‬كما قطع صبلتو آبؿ ‪٧‬بفوظ كآؿ مساعد كآؿ‬
‫مرتع‪ ،‬حيث دل يسع إلزالة ما حصل بينهم من خبلؼ كشقاؽ كلعلو عاجز عن ذلك كل العجز‪."1‬‬
‫إستيالء ابدجانة على الشحر‪ :‬ككاف أكؿ عمل قاـ بو األمّب الذم توذل السلطة مؤخران ىو نقض‬
‫العهود الٍب أبرمت مع الدكلة الطاىرية‪ ،‬كيذكر ا‪٤‬بؤرخ اب‪٨‬برمة أف أاب دجانة قد أخذ الشحر من نواب‬
‫بِب طاىر‪ ،‬كاستوذل عليها ُب سنة ٖٔٔىػ‪.2‬‬
‫كقد كاف مبارؾ ابدجانة أعد ك‪ٝ‬بع أنصاره من القبائل من كل مكاف كعلى رأسهم أخوالو من ا‪٤‬بهرة‪،‬‬
‫كنقض العهود الٍب بْب آؿ ابدجانة كبْب ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر كغدر ٗبن كاف ُب الشحر كُب عاـ‬
‫ٖٓٔىػ‪ ،‬كاستطاع مبارؾ ابدجانة أف يستورل على مدينة الشحر‪.‬‬
‫قطع ابدجانة طرق ادلالحة البحرية‪ :‬دل يلبث ابدجانة أف استخدـ نفس األسلوب السابق الذم‬
‫استخدمو سلفو األمّب دمحمبن سعيد ابدجانة‪ ،‬كىو قطع طريق ا‪٤‬ببلحة البحرية كمنع السفن التجارية‬
‫القادمة من ا‪٥‬بند كشرؽ آسيا كا‪٤‬بوصل إذل ميناء كمدينة عدف‪ ،‬عند استيبلئو على مدينة الشحر أف‬
‫‪ٙ‬بكم ُب طرؽ ا‪٤‬ببلحة البحرية كأخذ يعَبض ا‪٤‬براكب ا‪٤‬بتجهة إذل عدف‪ ،‬ككاف قد ىدد ىذا العمل‬
‫ا‪٤‬ببلحة البحرية ا‪٤‬بتجهة إذل عدف ‪٩‬با يتطلب ‪ٙ‬بركان سريعان ّ‪.‬‬
‫كمن ا‪٤‬بعلوـ كما ذكر ا سابقان أف قطع طريق ا‪٤‬ببلحة البحرية على السفن التجارية القادمة من ا‪٥‬بند‬
‫كشرؽ آسيا إذل ميناء عدف‪ ،‬يعترب هتديدان حقيقيان كخطّبان إلقتصاد الدكلة الطاىرية‪ ،‬إلف أكرب اعتمادىا‬
‫على ا‪٤‬بوارد ا‪٤‬بالية القادمة من ميناء عدف‪ ،‬ابعتبارىا الرافد الرئيس لدخل ا‪٣‬بزانة العامة الٍب تعد أىم‬
‫مقومات ا‪٢‬بكم كرأس دعائم كأركاف الدكلة القوية‪ ،‬حٌب كإف أتثر دخل عدف أكاخر عصر الرسوليْب‬
‫لتضاؤؿ نشاط ا‪٤‬بيناء إذل حد الركود‪ ،‬إال أف أٮبيتها تظل قائمة ُب كل العصور كلكل األجياؿ‪.4‬‬
‫كينقل ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف القرمطي ىذه األحداث فيقوؿ‪ٍ" :‬ب أهنا تواترت األخبار إذل ا‪٤‬بلك اجملاىد‬
‫كا‪٤‬بلك الظافر علي كعامر إف أاب دجانة قد أاته ا‪٢‬بيماـ‪ ،‬كأف أىل شحر يعماف أقاموا رجبلن من بِب‬

‫‪ 1‬اتزخي حرضموث اًس َايس‪ ،‬ظالخ اًحىصي‪ ،‬ض‪.101‬‬


‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.232/4 ،‬‬
‫‪ 1‬اًوحوذ املمَويك يف اٍمين‪ٔ ،‬بمحس سامل جن صُدان‪ ،‬ض‪.104‬‬
‫‪ 2‬ؿسن يف ؾِس اًعاُصًني‪ ،‬ذ‪ .‬ؾحاش ؿَوي‪ ،‬ض‪.24‬‬
‫‪225‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫عمو كخالفوا على عامر كأ‪ٝ‬بع كافتهم عليو‪ ،‬كأهنم جردكا مراكبهم لقطع السفن كا‪٤‬بسافرين ُب البحر‬
‫إذل تعز كعدف فعملوا على مقاـ علي بن طاىر ا‪٤‬بلك اجملاىد ُب هتامة الٍب ٯبمع فيها األمواؿُ"‪.‬‬
‫كقد أًشارت ا‪٤‬بصادر التارٱبية إذل أف مشايخ بِب طاىر قد اشتيلوا ابلتجارة كتعلقوا هبا‪ ،2‬كما كانوا ُب‬
‫كقت سابق ككبلء سبلطْب بِب رسوؿ لتجارهتم ُب عدف‪ ،‬كبناءن على ذلك تصدرت عدف أكلوايت‬
‫ا‪٢‬براؾ السياسي كا‪٢‬بريب الذم قاـ بو الطاىريوف كذلك ‪٢‬بماية مصا‪٢‬بهم التجارية ُب ميناء الثير‪.3‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.117‬‬


‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،216/4 ،‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪ ،21‬حواذج ادلُوز‪ ،‬اجن ثلصى جصذى‪ ،‬ض‪.152‬‬
‫‪ 1‬ؿسن يف ؾِس اًعاُصًني‪ ،‬ذ‪ .‬ؾحاش ؿَوي‪ ،‬ض‪.24‬‬
‫‪226‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الثاين‬
‫إستعادة ادللك الظافر للشحر‬

‫جتهز ادللك الظافر إلستعادة الشحر ووفاة العالمة مشس الدين اجلرداين‪ :‬عندما علم ا‪٤‬بلكْب‬
‫اجملاىد كالظافر هبذا األمر أستاءا جدان كأاثرت تلك التصرفات اثئرة ا‪٤‬بلك الظافر كأخيو اجملاىد‪،‬‬
‫كخاصة أهنما كا ا مشيولْب ُب حرهبم رد اإلماـ الناصر‪.‬‬
‫فأعدا العدة لقتاؿ ابدجانة كجهزا جيشهما كاستدعى ا‪٤‬بلك الظافر قادة جيوشو كا‪٤‬بشايخ من بِب‬
‫طاىر ككاف ‪٩‬بن استدعاىم الشيخ عبدا‪٤‬بلك بن داكد بن طاىر كالشيخ جياش السنبلي كغّبىم‪ ،‬كقد‬
‫كاف ‪٧‬بل إقامة ا‪٤‬بلك الظافر ُب ا‪٤‬بقرانة‪.‬‬
‫ٍب إف ا‪٤‬بلك الظافر ُب أكائل عاـ ٖٔٔىػ استدعى العبلمة مشس الدين علي بن عيسى ا‪١‬برداين من‬
‫ببلده‪ ،‬ككاف ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر قد كتب إليو بتوجهو إذل الشحر‪ ،‬فتجهز كتوجو اليها‪،‬‬
‫فمرض ُب الطريق فقاؿ ردكين فردكه‪ ،‬فمرض سبعة أايـ كتوُب إذل ر‪ٞ‬بة هللا ككاف من أىل الدين‬
‫كالصبلح ر‪ٞ‬بو هللاُ‪.‬‬
‫يقوؿ عنو ا‪٤‬بؤرخ العبلمة كماؿ الدين الذؤارل‪" :‬توُب الفقيو األجل العادل مشس الدين علي بن عيسى‬
‫ا‪١‬برداين‪ ،‬ككاف من أىل العلم كالصبلح ‪ ...‬كاشتهرت ‪٪‬بابتو‪ٍ ،‬ب استدعاه ا‪٤‬بلك الظافر إذل ا‪٤‬بقرانة‬
‫كقرره هبا لئلفادة ‪ ،...‬ككاف غالب إقامتو ُب ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬فلما عزـ ا‪٤‬بلك الظافر على التوجو إذل الشحر‪،‬‬
‫ككاف الفقيو ببلده فأرسل إليو كطلب ا‪٤‬بواجهة إذل الشحر‪ ،‬فخرج إليو فصار أايمان‪ٍ ،‬ب عرض لو ا‪٤‬برض‬
‫كاشتد بو فمرض أايمان يسّبة"ِ‪.‬‬
‫كقاؿ عنو ا‪٤‬بؤرخ العبلمة اب‪٨‬برمة‪" :‬مشس الدين علي بن عيسى ا‪١‬برداين الفقيو اإلماـ العادل الصاحل‪ ،‬كاف‬
‫حقيق بذلك‪."3‬‬ ‫‪٧‬بَبمان مقبوؿ الكلمة عند ا‪٤‬بلكْب علي كعامر ابنا طاىر‪ ،‬ك‪٥‬بما فيو حسن اعتقاد كىو ه‬
‫كقد كلفت ىذه ا‪٢‬بملة العسكرية الدكلة الطاىرية الكثّب من األمواؿ‪ ،‬فقد "٘بهز ا‪٤‬بلك الظافر إذل‬
‫الشحر ُب عسكر كبّب من ا‪٣‬بيل كالرجالة‪ ،‬كأخرب الثقة من ال يكتاب أف كراء ا‪١‬بمل الٍب ‪ٙ‬بمل ا‪٣‬بياـ‬

‫‪ 1‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.107‬‬


‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا اذلخيش ض‪.025‬‬
‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.210/4 ،‬‬
‫‪227‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الزاد خارجان عن ما ‪ٞ‬بل ُب البحر بلغ اثِب عشر ألف دينارُ"‪ ،‬كىذه ما ذكره أيضان ا‪٤‬بؤرخ‬
‫كاآلالت ك َّ‬
‫ابن الديبع ُب اترٱبوِ‪.‬‬
‫حترك ادللك الظافر إىل الشحر‪ٍ :‬ب كُب خبلؿ سنة ٖٔٔىػ أنطلق ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر على‬
‫رأس قوةو عسكريو عظيمة إذل الشحر إلستعادة ا‪٤‬بدينة كاإلستيبلء على أقليم ظفار‪ ،‬ككانت ا‪٣‬بطة الٍب‬
‫كرعها ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر تقتضي أف تتحرؾ ىذه القوة على قسمْب‪.‬‬
‫القسم األكؿ‪ :‬القوة العسكرية الربية ا‪٤‬بتحركة عن طريق الرب كقد سلكت الطريق الساحلي حٌب كصلت‬
‫إذل مدينة الشحر ككاف ُب مقدمتها الشيخ عبدا‪٤‬بلك بن داككد بن طاىر كالشيخ جياش السنبلي‪،‬‬
‫ككانت مهمة ىذه القوة العسكرية إمداد القوة البحرية اب‪٤‬بؤف اليذائية من ا‪٤‬باء كالطعاـ‪ ،‬ك‪٧‬باصرة مدينة‬
‫الشحر بران عند كصو‪٥‬با إليها‪ ،‬كمنع اإلمدادات العسكرية الربية من القبائل اجملاكرة‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬القوة العسكرية البحرية ككاف على رأسها ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر‪ ،‬كتتحرؾ إذل‬
‫مدينة الشحر عن طريق البحر بواسطة السفن كا‪٤‬براكب ٗبحاذاة ساحل أبْب كشبوة كحضرموت‪ ،‬كقد‬
‫انطلقت من مواينء عدف‪ ،‬ككانت إمداداهتا اليذئية أتٌب من ٘باه القوة الربية كالٍب تسّب على الساحل‬
‫ٗبحاذاهتا‪ ،‬كمهمتها ‪٧‬باصرة مدينة الشحر كمينائها عن طريق البحر‪ ،‬كقطع أم إمدادات قد ‪ٙ‬باكؿ‬
‫الوصوؿ للشحر عن طريق البحر‪.‬‬
‫ككاف ا‪٥‬بدؼ الرئيسي للملك عامر بن طاىر‪ ،‬أف ٰباصر مدينة الشحر من ‪ٝ‬بيع ا‪١‬بهات الربية‬
‫كٰبكم السيطرة عليها‪ ،‬كقطع اإلمدادات العسكرية‪ ،‬كأم إمدادات أخرل حٌب يستسلم‬ ‫كالبحرية ي‬
‫ابدجانة دكف أية خسائر بشرية‪.‬‬
‫ك‪٩‬بن ذكر ىذه القوة العسكرية الٍب تقدـ هبا ا‪٤‬بلك الظافر على الشحر أحد ا‪٤‬بؤرخْب ا‪٤‬بعاصرين للملك‬
‫الظافر كىو ابن األنف القرمطي‪ ،‬فيقوؿ‪" :‬كهنض ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر إذل ثير عدف‪ ،‬فشحن ا‪٤‬براكب‬
‫من ا‪٤‬باء كالزاد كسّب فيها عساكر أمرىم أف يعارروه ُب البحر كيوافوه كعسكره إذل الرب ٗبا ٰبتاجوف من‬
‫الطعاـ كا‪٤‬باء ُب ا‪٤‬براد فكانوا يعارروه ُب البحر كأيتوه إذل الربّ"‪.‬‬
‫فقد قاؿ كاصفان ىذه القوة الٍب أرسلها الظافر كاجملاىد عن طريق الرب كالبحر‪:‬‬
‫فإنكم ػ ػا أعليتم ػا كل مف ػ ػ ػ ػخػ ػ ػ ػر * كدكختما ابلصارـ القاطع الشحرا‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪.025 ،‬‬


‫‪ 0‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.107‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.122‬‬
‫‪228‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كسقتم ػا ا‪١‬بيش العرمػ ػ ػ ػرـ للػ ػ ػراب * كافعتما ابلعسك ػ ػ ػ ػر الرب كالبح ػ ػ ػ ػ ػرا‬
‫كدكخها ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بمج ػ ػد عام ػ ػ ػر * كطبقها ا‪١‬بيش الكبّب الذم جػ ػ ػرا‬
‫ُ‬
‫كسار إليها فاستطاعت ألسره * كلقي هبا الباغْب حْب عبت أمػ ػرا‬
‫كرغم أف ا‪٤‬بلك الظافر عامر قد إ‪ٚ‬بذ ‪ٝ‬بيع اإلحتياطات العسكرية ‪٥‬بذه ا‪٢‬بملة كرسم ا‪٣‬بطة جيدان‪ ،‬إال‬
‫أنو كأثناء سّب ىذه ا‪٢‬بملة العسكرية انقطعت ا‪٢‬بملة البحرية عن ا‪٢‬بملة العسكرية ُب الرب‪" ،‬فكاد‬
‫عسكر ا‪٤‬ب لك الظافر أف يهلكوا لشدة الظمأ‪ ،‬كمات بعض الناس كا‪٣‬بيل كا‪١‬بماؿ كأيقنوا اب‪٥‬ببلؾ‪،‬‬
‫فمر هبم كىم على تلك ا‪٢‬باؿ فشربوا كما‬ ‫ككقفوا عن السّب فهم كذلك إذ جاءىم اآلٌب من السيل‪ٌ ،‬‬
‫معهم من األنعاـ‪ ،‬كاستقوا من ا‪٤‬باء الزالؿ‪ ،‬كال يعلموف اب‪٤‬بطر أين كقع كال بذلك السيل من أم جهة‬
‫اندفع‪ ،‬كساركا حٌب انتهوا إذل الشحر‪ ،‬كقصدكا ا‪٤‬بدينة كا‪٤‬بصرِ"‪.‬‬
‫حصار مدينة الشحر‪ :‬فوصل ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر إذل مدينة الشحر كحاصرىا‪ ،‬كحصل من‬
‫الطائفتْب مناكشاتّ‪ ،‬فقاتلوا عليها‪ ،‬كعليها الدركب ا‪٤‬بنيعة‪ ،‬فلم ٲبكن عسكره اإلقتحاـ لتلك‬
‫الدركب‪ ،‬كال كانت لو مستطيعة‪ ،‬فأمر ببناء برزخ يطل كيرتفع على الدركب‪ ،‬كرماىم من أعلى منهم‬
‫كأرشق إليهم عسكره النبل كا‪٢‬بجارة‪ ،‬ككقف على ذلك أايمان حٌب أطاعو كرباءىم كرتب ُب مدهنم‬
‫كببلدىم ككذل فيها الوالةْ‪.‬‬
‫ككاف مبارؾ ابدجانة ُب مدينة الشحر‪ ،‬فلما شاىد إمارات القهر كاليلبة‪ ،‬خرج منها ىارابن ليلة ا‪١‬بمعة‬
‫السابع عشر من صفر"ٓ‪.‬‬
‫كافتتحها األمّب زين الدين جياش السنبلي‪ ،‬كأرسل كلده علم الدين بشّبان ابلفتح‪ٍ ،‬ب دخلها الشيخ‬
‫عبدا‪٤‬بلك بن داكد بعده كهنبها العساكر هنبان ذريعان‪ٍ ،‬ب دخلها ا‪٤‬بلك الظافر كأمر ابلكف عن النهبٔ‪،‬‬
‫ك ادل ابألماف كأسر ‪ٝ‬باعة من عسكرىا الذين قاتلوه كأسر ‪ٝ‬باعة كأرسل هبم إذل عدفٕ‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز يف حواذج اٍمين اًىداز واذلعون وا ٔلمعاز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي ض ‪.141‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.122‬‬
‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض‪.025‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.122‬‬
‫‪ 3‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا اذلخيش‪ ،‬ض‪.025‬‬
‫‪ 4‬اًفضي املزًس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪.112 ،‬‬
‫‪ 5‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اذلؤايل‪ ،‬ض‪.025‬‬
‫‪229‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٍب قرر أمور البلد‪ ،‬كجعل األمّب أ‪ٞ‬بد بن إ‪٠‬باعيل بن شقراء النميُ أمّبان فيها‪ ،‬كألزـ الكثّبم صاحب‬
‫ظفارِ إعانتو‪ٍ ،‬ب خرج إذل عدف ُب الرب يوـ ا‪١‬بمعة‪ ،‬أكؿ يوـ من ربيع األكؿ"ّ‪.‬‬
‫ضم أقليم ظفار إىل الدولة الطاىرية‪ :‬أىل تلك الببلد من مهرة بن حيداف قبيلة من العرب‪ ،‬ينسب‬
‫مر معنا أف صاحب ظفار كاف السلطاف الكثّبمٓ‪ ،‬كقد‬ ‫ْ‬
‫إليها ا‪٤‬بهرية من اإلبل ا‪٢‬بساف الشأف ‪ ،‬كقد ٌ‬
‫ألزمو ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر إبعانة أمّب الشحر ا‪٤‬بعْب من قبل الدكلة الطاىرية شهاب الدين أ‪ٞ‬بد بن‬
‫إ‪٠‬باعيل بن شقراء النمي‪.‬‬
‫كقد ذكر ا‪٤‬بؤرخ اب‪٨‬برمة أف السلطاف بدر الكثّبم كاف صاحب ظفار كحضرموت كأف كاف خصمان‬
‫للمهرة أخواؿ أيب دجانة كجندهٔ‪.‬‬
‫ٍب إف ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر رتب ُب تلك ا‪١‬بهات من ا‪٣‬بيل كالرجاؿ كشحن فيها ما ٰبتاجوف من‬
‫الطعاـ كأعطاىم حوائجهم من ا‪٤‬باؿ‪ ،‬كصاحل صاحب ظفار على أف ٰبمل إليو صاحب ظفار من‬
‫األمواؿ ‪ٝ‬بلة‪ ،‬كأنو مناصر على من أراد من الفساد ُب تلك الببلد لو‪ ،‬كرجع إذل اليمن مظفران منصوران‬
‫كقد ترؾ عدكه ذليبلن مقهوران‪ ،‬ككافاه إذل ثير عدف على السرعة‪ ،‬كأرجع معو حشده ك‪ٝ‬بعو سول من‬
‫رتب كعاد من الشحر ككذلٕ‪.‬‬
‫كهبذا أصبحت الشحر كأقليم ظفار كصاحبها اتبعان للدكلة الطاىرية‪ ،‬كاتسع نفوذ بِب طاىر‪ ،‬كاستقر‬
‫‪٥‬بم ا‪٢‬بكم بعد ىذه التعيينات األخّبة ُب مدف كأقليم ظفار‪.‬‬

‫‪ 1‬يف وسزة اٍمتميي‪ ،‬ويف كصت اًـَون‪ :‬اٍميين‪.130/0 ،‬‬


‫‪ 0‬ػفاز‪ :‬ػفاز املضِوزت اًَوم فَُست إل مسًية ؿىل ساحي حبص اًِيس تُهنا وتني مصابظ مخسة فصاخس ويه من ٔبؾٌلل اًضحص وكصًحة من‬
‫حصاز تُهنا وتني مصابظ وحسج زخي من ٔبُي مصابظ‪ٔ ،‬بن مصابظ فهيا املصىس وػفاز ل مصىس هبا‪ ،‬وكال يل إن اٌَحان ل ًوخس يف ادلهَا إل‬
‫يف حدال ػفاز وُو كةل ًسَعان ا وٕاهَ دسص ًيخت يف ثكل املواضؽ مسريت زالزة ٔبايم يف مثَِا وؾيسٍ ابذًة هحريت انسةل وجيخًَِ ٔبُي ثكل اًحاذًة‪.‬‬
‫مـجم اًحدلان‪ ،‬ايكوث اسلوي‪ ،42/2 ،‬وكال اًلايض دمحم جن ؿًل الٔهوع‪ :‬ػفاز حيخفغ ابمسَ إىل اًَوم‪ ،‬وفَِ ًيخت اٌَحان اًضحصي وجسمى‬
‫ػفاز اذلحوط‪ ،‬وذؾوت ػفاز يف همصت وكس متت املعاذلة تني اًسَعان كاتوش وزئُس ازلِوزًة املوحست ؿىل إذلاكِا ت ُـٌلن سالمة من سفم‬
‫ادلماء ودصاة ادلايز ولكِا مياهَة‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬حاص َة زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ثـََق اًلايض الٔهوع‪ ،‬ض‪.122‬‬
‫‪ 1‬اًفضي املزًس ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬حتلِق ذ‪ً .‬وسف صَحس‪ ،‬ض ‪.107‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.122‬‬
‫‪ 3‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اذلؤايل‪ ،‬ض‪ ،025‬اًفضي املزًس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.112‬‬
‫‪ 4‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.233/4 ،‬‬
‫‪ 5‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.122‬‬
‫‪231‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الثالث‬
‫تويل آل كثري للشحر وظفار من قبل الطاىريني‬

‫استقرت أحواؿ الشحر بعد ىذه ا‪٢‬بملة العسكرية لسنْب طويلة‪ٍ ،‬ب إف الكثّبم كىو السلطاف بدر بن‬
‫دمحم بن عبدهللا الكثّبم تطلع أف ٰبكم الشحر‪ ،‬كقد كاف ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر ألزمو إعانة كارل‬
‫الشحر األمّب أ‪ٞ‬بد بن إ‪٠‬باعيل بن شقراء النمي كمعاردتو‪ ،‬كالذم عينو الظافر كاليان من قبلو على‬
‫الشحرُ‪.‬‬
‫ككاف السلطاف بدر بن دمحم الكثّبم ٰبكم ُب ذلك الوقت منطقة ظفار أبكملها كحضرموت‪ ،‬ك‪ٛ‬بتد‬
‫ىذه ا‪٤‬بنطقة الٍب كانت ‪ٙ‬بت سيطرتو من يعماف شرقان إذل شبوة كأبْب غرابن‪ ،‬ككانت عاصمتو كقاعدة‬
‫حكمو مدينة شباـ ُب كادم حضرموت‪.‬‬
‫ك‪٤‬با أف كصلت إذل حضرموت أخبار استيبلء الطاىريْب على الشحر‪ ،‬تنفس السلطاف الكثّبم‬
‫الصعداء كطفق يتصل اب‪٤‬بلك عامر كيكاتبو كيواده‪.‬‬
‫كمن ىنا تطلع السلطاف بدر بن دمحم الكثّبم أف ٰبكم الشحر فبلطف ا‪٤‬بلك الظافر على أف يكوف‬
‫ ائبان لبِب طاىر ُب الشحر كحضرموت‪ ،‬كنفع التودد فكتب لو عهدان عل الشحر عاـ ٕٖٔىػ‪ ،‬فدخل‬
‫السلطاف بدر بن دمحم الكثّبم الشحر حاكمان ‪٥‬با‪ ،‬ككاف ذلك بداية لظهور أمراء آؿ كثّبِ‪.‬‬
‫كتشّب مصادر اترٱبية أخرل أف السلطاف بدر بن دمحم ‪٤‬با عزـ على التوجو إذل الشحر من حضرموت‬
‫ليباشر عملو‪ ،‬إذا بعمو بدر بن عبدهللا سادس سبلطْب ىذه الدكلة يسبقو إليها كيستورل عليها ابسم‬
‫الدكلة الكثّبية بدكف تعب كال نصب‪ ،‬كدل يشأ السلطاف بدر بن دمحم أف ٰبدث خصومة بينو كبْب‬
‫عمو‪ ،‬كال يزاؿ نصب عينيو ما فعلو أبخيو علي بن دمحم سنة ٖٖٓىػ‪ ،‬فمكث ىادائن حٌب عاد عمو‬
‫كأمره ابلشخوص إذل الشحر كاليان عليها من قبلو فسافر إليها كاستقر هبا كاليان‪."3‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اذلؤايل‪ ،‬ض‪ ،025‬اًفضي املزًس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،112‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.233/4 ،‬‬
‫‪ 0‬اًضحص ؿرب اًخازخي‪ ،‬مخُس محسان‪ ،‬ض‪.15‬‬
‫‪ 1‬اتزخي ادلوةل اًىثريًة‪ ،‬دمحم ُامش‪ ،‬حصمي ٌدلزاساث واًًرش حرضموث اٍمين اًعحـة ا ٔلوىل ‪0220‬م‪ ،‬ض‪.31‬‬
‫‪231‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كىذا ما أشار إليو ا‪٤‬بؤرخ ا‪٢‬بضرمي ُب ذلك الوقت أ‪ٞ‬بد بن عبدهللا بن شنبل كىو من ا‪٤‬بعاصرين للدكلة‬
‫الطاىرية كمن ا‪٤‬بعاصرين كذلك ‪٥‬بذه األحداث كونو من مؤرخي كأبناء حضرموت‪ ،‬يقوؿ عن كالية‬
‫السلطاف بدر الكثّبم ُب سنة ٕٖٔىػ‪" :‬سار بدر بن دمحم بن كثّب استخلفوه ُب الشحرُ‪.‬‬
‫ٍب يقوؿ ُب أحداث سنة ٖٖٔىػ‪" :‬كفيها أخذ السلطاف بدر بن عبدهللا الشحر من غّب قتاؿ كال تعب‬
‫كذلك أكؿ دكلتهم ُب الشحر"ِ‪.‬‬
‫كُب كبل ا‪٢‬بالتْب فإف السلطاف بدر بن دمحم الكثّبم كاف أكؿ حاكمان للشحر من بِب كثّب‪ ،‬ككاف ذلك‬
‫بداية سلطنتهم على الشحر‪ ،‬كذلك بكتابة عهد الوالية لو من ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر ُب سنة‬
‫ٕٖٔىػ‪.‬‬

‫قصر السلطان الكثٌري فً سٌئون‬

‫كقد استمرت كالية بدر بن دمحم الكثّبم إذل عاـ ٕٖٖىػ‪.‬‬


‫ككاف أبو دجانة مقيمان ُب ببلده حّبيج يتحْب الفرصة إلسَبداد الشحر من الكثّبيْب‪ ،‬كُب سنة‬
‫ّٖٖىػ جهز عليها بران كٕبران كامتلكها بعد أف نزؿ منها بدر بن دمحم الكثّبم إذل حضرموت كدل ٲبكث‬

‫‪ٔ 1‬بي ٔبن تين ظاُص اس خزَفوٍ يف اًضحص تـس ٔبن اكهت ُياك ماكثحاث مٌَ تعَة ركل وكس اكن هلم ٔبمري ًا مـني من كدَِم وكس رهصان ركل‪.‬‬
‫‪ 0‬اتزخي حرضموث املـصوف تخازخي اجن صًدي‪ٔ ،‬بمحس جن ؾحسهللا جن صًدي‪ ،‬ض‪.171‬‬
‫‪232‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫غّب قليل ريثما استجمع قواه كاستيل خصمو ٍب أعاد الكرة على الشحر فطرد منها أاب دجانة‬
‫كأسَبدىا‪.‬‬
‫كُب سنة ٕٖٖىػ جهز أاب دجانة فارس بن مبارؾ على الشحر فدخلها كفيها بدر بن دمحم فخرج عليو‬
‫السلطاف بدر ُب ثلة من العساكر‪ ،‬كألتقى الفريقاف ُب الشوارع كتقاتلوا ابلسبلح األبيض كاستحر‬
‫القتل ُب الطرفْب‪ ،‬فقتل فارس بن مبارؾ كقتل أيضان السلطاف بدر بن دمحم‪ ،‬كأهنزـ قوـ اب دجانة كاستمر‬
‫هبا دمحم بن بدر حٌب كافاه من حضرموت نعي عمو بدر بن عبدهللا فارطرتو الظركؼ إذل العودة إذل‬
‫حضرموت كا‪١‬بلوس على عرش آابئو سبلطْب القطر بشباـ‪ ،‬كترؾ سلطنة الشحر البن عمو عبدهللا بن‬
‫جعفر السلطاف الثامن من سبلطْب ىذه الدكلة كتفرغ ىو إلدارة الشؤكف ا‪٢‬بضرمية الداخلية‪.1‬‬
‫كهبذا كاف آؿ كثّب ىم كالة الدكلة الطاىرية ُب الشحر كحضرموت كظفار‪ ،‬كمقابل ذلك كاف سبلطْب‬
‫آؿ كثّب يدفعوف إاتكات سنوية ‪٢‬باكم عدف نظّب إقرارىم على الشحر‪ ،‬كالٍب تقدر بعشرين ألف ذىب‬
‫أشرُب‪ ،‬ككميات من القمح كالتمر كاألقمشة كا‪٤‬بواشي‪ ،‬كشيئان من العنرب األصلي‪.2‬‬
‫كييشّب بعض الباحثْب إذل أف بِب طاىر قد أككلوا شئوف حضرموت آلؿ الكثّبم الذين قاموا بدكرىم‬
‫بشن الكثّب من ا‪٢‬بركب ابلوكالة‪ ،‬كالظاىر أنو حصل تفاىم بْب ا‪١‬بانبْب رمن آؿ كثّب للطاىريْب‬
‫خراج حضرموت‪ ،‬كالذم يقدر أبربعة آالؼ دينار أشرُب ذىبان‪ ،‬كعشرين رطبلن من العنرب األصلي‬
‫ككميات من السلع اليذائية‪ ،3‬كبذلك اؿ بنو طاىر نصيبان كافران من خّبات حضرموت‪.4‬‬
‫غّب أف أىم رماف قدمو آؿ كثّب للدكلة الطاىرية ُب تصورم‪ ،‬ىو تعهدىم ٕبماية طريق ا‪٤‬ببلحة‬
‫البحرية كأتمْب كصوؿ السفن التجارية عرب الطرؽ التجارية ا‪٤‬بعهودة من ا‪٥‬بند كشرؽ آسيا إذل عدف‪،‬‬
‫كمقاتلة كل من تسوؿ لو نفسو أك يسعى لذلك‪ ،‬فقد كاف ذلك ىو السبب الرئيسي لقتاؿ الدكلة‬
‫الطاىرية ُب الشحر كلتوليتهم آؿ كثّب‪ ،‬حٌب يوفركا على أنفسهم بتوليتهم مشقة كمؤنة كتكاليف إدارة‬
‫الشحر من ببلدىم‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي ادلوةل اًىثريًة‪ ،‬دمحم ُامش‪ ،‬ض‪.30‬‬


‫‪ 0‬اًضِساء اًس حـة‪ ،‬دمحم ؾحساًلاذز ابمعصف‪ ،‬ذاز اهلمساين ٌَعحاؿة واًًرش ؿسن‪ ،‬اًعحـة اًثاهَة ‪1761‬م‪ ،‬ض‪ ،76‬ؿسن يف ؾِس اًعاُصًني‪،‬‬
‫ذ‪ .‬ؾحاش ؿَوي‪ ،‬ض‪.50‬‬
‫‪ 1‬اخملخرص يف اتزخي حرضموث اًـام‪ ،‬دمحم ؾحساًلاذز ابمعصف‪ ،‬املصنز اٍميين ًلٔحباج اًثلافِة والٓاثز واملخاحف‪ ،‬املالك حرضموث‪ ،‬ظحـة‬
‫‪1751‬م‪ ،‬ض‪.60‬‬
‫‪ 2‬رصاع اًعاُصًني مؽ ٔبمئة اًزًسًة‪ ،‬ؿًل ُاذي اًعَازي‪ ،‬زساةل ماحس خري ملسمة ًلسم اًخازخي لكَة الٓذاة خامـة ؿسن‪ ،‬هوكضت ‪0211‬م‪،‬‬
‫ض‪.22‬‬
‫‪233‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ك‪٩‬با ال شك فيو أف الشحر كحدىا قد أرىقت الطاىريْب ماداين كعسكراين ‪٤‬بشقتها كبعدىا عن مركز‬
‫ا‪٢‬بكم‪ ،‬لذا صار لزامان عليهم صرؼ النظر عنها كتركها أبيدم من يثقوف بو من أىل حضرموت‪ ،‬بعد‬
‫أف أرحى أمر اإلحتفاظ هبا صعبان للياية‪ ،‬كهبذا كفركا طاقتهم ك‪٦‬بهوداهتم العسكرية لضرب األئمة‬
‫كالقبائل ا‪٤‬بتمردة‪.1‬‬

‫‪ 1‬ؿسن يف ؾِس اًعاُصًني‪ ،‬ذ‪ .‬ؾحاش ؿَوي‪ ،‬ض‪.34‬‬


‫‪234‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الباب اخلامس‬
‫الصراع بني الدولة الطاىرية واإلمام الناصر بن دمحم‬

‫بعد سيطرة بِب طاىر على ذمار دل يستقر اإلماـ الناصر سياسيان‪ ،‬فسعى إلسَبداد ذمار بكافة‬
‫الوسائل‪ ،‬فتطورت األحداث السياسية سريعان بْب بِب طاىر كاإلماـ الناصر ابسَبداد الناصر لذمار مرة‬
‫أخرل‪ٍ ،‬ب سقوطها مرة أخرل بيد الطاىريْب‪ ،‬لذا فإننا سنبْب ُب ىذا الباب تطور األحداث السياسية‬
‫بْب بِب طاىر كاإلماـ الناصر ككيفية انتهاء كزكاؿ ملكو‪ ،‬كاتساع نفوذ بِب طاىر على حساب نفوذ‬
‫الناصر كسيطرهتم على صنعاء أىم مراكز الزيدية ُب اليمن‪ ،‬كعلى ذلك فإننا سنقسم ىذا الفصل إذل‬
‫الفصوؿ التالية‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬إستيالء اإلمام الناصر على ذمار‬
‫الفصل الثاين‪ :‬هناية حكم اإلمام الناصر وأسره ووفاتو‬
‫الفصل الثالث‪ :‬إستيالء الدولة الطاىرية على صنعاء‬

‫‪235‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل األول‬
‫إستيالء اإلمام الناصر على ذمار‬

‫رأل اإلماـ الناصر بن دمحم ُب سفر ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر إذل الشحر‪ ،‬فرصة ‪ٜ‬بينة ليستيلها ُب‬
‫استعادة نفوذه ُب ذمار‪ ،‬خاصة كأف ا‪٢‬بملة العسكرية الٍب ذىب هبا ا‪٤‬بلك الظافر إذل حضرموت‬
‫ستطوؿ كأهنا عبيدة‪ ،‬ك‪٩‬با زاد من أطماعو أف األخبار كالشائعات كصلت ٗبقتل ا‪٤‬بلك الظافر كىبلكو‬
‫عطشان كجوعان‪ ،‬فكانت ىذه األمور سببان لنشوب الصراع من جديد بْب الناصر كالدكلة الطاىرية‪٩ ،‬با‬
‫جعل ا‪٤‬بلك الظافر بعد عودتو من الشحر ييعد العدة كيراسل حلفائو للقضاء على ىذا التمرد‪ ،‬كُب ىذا‬
‫الفصل سنبْب ىذه األحداث ُب ثبلثة مباحث كالتارل‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬استيالء اإلمام الناصر على ذمار‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬إعداد ادللك الظافر ومراسلتو حللفائو‬
‫ادلبحث الثالث‪ :‬إسرتداد ادللك عامر لذمار‬

‫‪236‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫استيالء اإلمام الناصر على ذمار‬

‫بعد خركج اإلماـ الناصر بن دمحم من مدينة ذمار إذل حصن ىراف‪ ،‬كذلك بعد إستيبلء ا‪٤‬بلك الظافر‬
‫عليها عاـ ٖٓٔىػ‪ ،‬توجو الناصر إذل مدينة صنعاء‪ ،‬ككاف أكؿ ما قاـ بو الناصر عند كصولو صنعاء أف‬
‫اجتمع أبىل صنعاء كطلب‪ ،‬منهم ا‪٤‬بعونة للجهاد‪ ،‬كقاؿ ‪٥‬بم‪ :‬ىذا مذىب يريد أف يبطل مذىبنا‬
‫كيسعى ُب أررنا ابلفساد‪.‬‬
‫كأخرج ا‪٥‬بادم بن األمّب ا‪٢‬بسْب الذم كاف رىينان‪ ،‬كا‪٤‬بهدم بن عز الدين الذم أسره ُب صعدة كجاء‬
‫بو إليو فسجنو‪ ،‬كقاؿ ‪٥‬بما يذىبا إذل األمّب ا‪٢‬بسْب كبنو اإلماـ أخوتو األشراؼ‪ ،‬كيقوال ‪٥‬بم ابننا سوؼ‬
‫نعطيهم ما يركنو من الصدقة كاإلحساف كاألنصاؼ من ا‪٤‬باؿ‪ ،‬ىو كمن كاف إليو ينضاؼ‪ ،‬كيعطيو من‬
‫ا‪٤‬باؿ كيركبو من ا‪٣‬بيل ما أراد كيكوف لو ‪ٝ‬بلة من األكالد‪ ،‬كأعطاه الكسا كأركبهما من خيلو ا‪١‬بيادُ‪.‬‬
‫ك‪٤‬با سار عامر بن طاىر إذل الشحر ككثرت الشوائع عليو كعلى الذين معو اب‪٤‬برض كا‪٤‬بوت كقل النصر‪،‬‬
‫كأرجف بذلك ا‪٤‬برجفوف كقول شوائعو ا‪٤‬بخالفوف‪ ،‬فازداد الناصر بذلك جذالن‪ ،‬كرجا أف يعود لو ما‬
‫فات على الوالء‪ ،‬كقد كردت األخبار هببلؾ ا‪٤‬بلك عامر كمن معو من العطش‪.2‬‬
‫كاغتنم سفر ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر إذل الشحر‪ ،‬ككثرة الشائعات عليو‪ ،‬كاستعجل أىل السراة‬
‫كا‪١‬بوؼ أف يلي يموا (ٰبضركا)‪ ،‬ككتب إليهم أف ابدركا إلينا اب‪٣‬بيل كالرجاؿ‪ ،‬كىلموا كعند ا لكم فوؽ ما‬
‫تطلبوف‪ ،‬كأتخذكف من عدك ا ما تسلبوف كتنهبوف كما فعلتم يوـ الوقعة ُب ررمّ‪ ،‬كلكم منا أف نطلق‬
‫أيديكم فيما أخذ‪ٛ‬بوه من ا‪٤‬باؿ كالنعم‪.4‬‬
‫فأجابو منهم من أجاب‪ ،‬كأعتذر بعضهم أنو دل يوفهم ا‪٤‬برة األكذل ما شرط ‪٥‬بم كأ‪٢‬بوا ُب الطبلب‪ ،‬ك‪ٝ‬بع‬
‫إليو عساكر كثّبة كجنود موفورة‪ ،‬كأرسل إذل ا‪٢‬بسن بن إبراىيم ا‪٤‬بقحمي‪ ،‬كقاؿ‪ :‬أنت شريكنا ُب‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.122‬‬


‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.371‬‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪ 1‬زمض‪ّ :‬مص مـيا ٔبن ا موضؽ يف هوايح زذاع ؿىل اًعحَح ونٌل ظوة ركل اًـالمة دمحم جن ؿًل الهوع يف حاص َة زوضة الدداز‪ ،‬اجن الهف‬
‫اًلصمعي‪ ،‬حتلِق اًـالمة دمحم جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ض‪.104‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.122‬‬
‫‪237‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الببلد‪ ،‬كلك منا ما تراه من األطواؿ‪ ،‬فبل أعز عند ا من حصن األسبلؼُكىو إليك ببل م ون كال‬
‫اختبلؼ‪ ،‬ككرع لبِب األسد حصن ىىراف‪ ،‬كقاؿ ىو ملجأ لكم إذا احتجتموه ُب الزماف‪ ،‬فأنتم ‪١‬بدم‬
‫علي بن صبلح أخواؿ‪ ،‬كىو علينا أف تكونوا أسوة ُب ‪ٝ‬بيع األحواؿ‪ ،‬كما بسطتم إليو ُب ذمار فهو‬
‫لكم دائمان على اإلستمرار‪ ،‬ك‪٫‬بن ‪٬‬برج لكم ٗبا كاف لك من عتب كنضع لكم ما تركف ببل اختبلؼ‬
‫كال كذب‪.2‬‬
‫كقاؿ لبِب ا‪٤‬بنتصر أنتم شركاء ُب األمر‪ ،‬كال أخالف قولكم ُب السر كا‪١‬بهر‪ ،‬أيديكم فيما ملكت يدام‬
‫مبسوطة‪ ،‬كليست ‪٩‬با لكي عنكم ‪٧‬بوطة‪ ،‬فالبدار البدار‪ ،‬كتعالوا ندفع أمر ىذا ا‪١‬ببار‪ ،‬فاجتمع الناس‬
‫إليو كاحتفلوا كجاؤا إليو من حدب كصوب‪.‬‬
‫كأما األمّب ا‪٢‬بسْب فإنو غالطو ُب القوؿ‪ ،‬كقالوا لوال عامر دل يطلق كلدم‪ ،‬كلقيت منك ا‪٥‬بوؿ‪ ،‬كال‬
‫مذىب رل إال إذل اإلماـ ا‪٤‬بطهر كحلفائنا من ٮبداف‪ ،‬كال ‪٬‬بالفهم بقدر ا‪١‬بهد كاإلمكاف‪.3‬‬
‫إستيالء الناصر على ذمار‪ :‬ككاف اإلماـ الناصر قد سار إذل ذمار فاستوذل عليو كعلى أكثر جهاتو‪،‬‬
‫بعد أف أخرج منو علي بن اتج الدين بن طاىر عامل الظافر‪.4‬‬
‫كقد أخرج اإلماـ الناصر كاليها الطاىرم علي بن اتج الدين إذل ر‪ٟ‬بة‪ ،‬كاسَبجع الناصر مدينة ذمار‬
‫عاـ ٖٔٔىػ ٗبساعدة من سكاهنا من آؿ ا‪٤‬بقحمي كا‪١‬براشْب كغّبىم من ا‪٤‬بتعاكنْب معهم‪ ،‬كاحتفل بو‬
‫أىلها كالقبائل الذين حو‪٥‬با من األحبلؼ كاألنصار‪ ،‬كجاء إليو بنو ا‪٤‬بنتصر من دركاف‪ ،‬كرجا كإايىم أف‬
‫يعود أمرىم كما كاف‪ ،‬كطلع عبدالوىاب إذل جبل كحصن بِب سعيد صباح‪ ،‬كاستعد للمبلقاة ابلعدة‬
‫كالسبلح‪ ،‬ك‪ٝ‬بع من أمكنو من العساكر كهتيأ للكفاح‪.5‬‬
‫استيالء الناصر على قرن األسد‪ :‬كخرج الناصر فاستوذل على قرف اآلساد كما يليو من الببلد كقد‬
‫أرعب إليو كثّب من الناس ُب األ‪ٝ‬باع كاألحشاد‪ ،‬كقد أكقفو قاري أىل ٰبّب ُب ما أمكنو من الرجاؿ‪،‬‬
‫كاتسع ‪٥‬بم ُب غفلة عامر اجملاؿ‪.‬‬

‫‪ 1‬ا ٔلسالف‪ :‬كصًة صٌلل مسًية ٍصمي مبسافة حنو هََوٍن‪ ،‬ثلؽ ؿىل احملجة إىل مسًية رماز‪ ،‬ويه مديَة ؿىل ٔبمكة ًعـة اًعـوذ إٍهيا نثري ًا‪ ،‬ويه‬
‫يف اذللِلة جض حَ اًلالع ٔبنرث مما جض حَ اًلصى‪ ،‬و ٔبسفَِا ًلؽ جنس ا ٔلسالف يف حدال وؾصٍ ومساكل ظـحة وفَِ سس كسمي‪ ،‬نٌل ًًسة إٍهيا ابة‬
‫ا ٔلسالف اذلي رهصٍ اهلمساين مضن ٔبتواة مسًية ػفاز محري‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.42/1 ،‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.121‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.121‬‬
‫‪ 2‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.371‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪.120 ،‬‬
‫‪238‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كزادت أطماع اإلماـ الناصر فقرر التوسع إذل ما خلف رداع كتوجو إذل ببلد ردماف ُب البيضاء‪" ،‬فيزا‬
‫الناصر ردماف الطاىرم ٖبيلو كرجالو‪ ،‬فتأخركا عنو حٌب أكغل ُب الدخوؿ ٍب خرجوا عليهم فهزموا‬
‫عسكره كمن معو من الرجاؿ كا‪٣‬بيوؿ فرجع منهزمان‪ ،‬كسقط ذلك عنده ما كاف معتربان‪ ،‬كقتل من‬
‫عسكر الناصر أربعة رربوا ابلسيوؼ كا‪٣‬بناجر‪."1‬‬
‫استيال الناصر على يرمي‪ :‬كىرب كارل يرًن الذم كاف فيو من قبل الدكلة الطاىرية على يرًن‪ ،‬كخاؼ‬
‫من الناصر أف يبيت كيقيم‪ ،‬كدخل أىل يرًن إليو كطلبوا من الناصر كاليان فأصدره ككاله عليهم كأمره‪.2‬‬
‫العمارم فقد حفظوا العهد الذم ًب بينهم كبْب بِب طاىر‪ ،‬فلم ينكثوا أك يستيلوا غياب ا‪٤‬بلك‬ ‫كأما بنو ٌ‬
‫الظافر عامر بن طاىر كاإلشاعات الٍب انتشرت عن مقتلو‪.‬‬
‫العمارم ُب من معو إذل جبل بِب قيس‬ ‫العمارم فقاؿ‪" :‬كأغار ٌ‬ ‫فقد أكرد ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف موقف آؿ ٌ‬
‫فحفظوا ما فيو من ا‪٢‬بصوف‪ ،‬كتقربوا بذلك إذل بِب طاىر ليحسن فيهم الظنوفّ‪.‬‬
‫كهبذا ا‪٤‬بخطط كاإلعداد الذم أعده الناصر‪ ،‬كاستيبللو ليياب عامر بن طاىر ُب الشحر ٕبضرموت‪،‬‬
‫كبث اإلشاعات حوؿ مقتلو‪ ،‬استطاع اإلماـ الناصر من اإلستيبلء على مدينة ذمار كما حو‪٥‬با‪،‬‬
‫ككذلك على مدينة يرًن كقرف األسد كما حو‪٥‬با حٌب تقدـ بعساكره إذل منطقة ردماف من ببلد‬
‫السوادية‪.‬‬
‫كقد اعتمد اإلماـ الناصر كما الحظنا على عدة عوامل ساعدتو ُب ‪ٙ‬بركو بقواتو الٍب ‪ٝ‬بعها ‪٫‬بو ذمار‪،‬‬
‫كمن أىم ىذه العوامل‪:‬‬
‫أكالن‪ :‬تركيج اإلماـ الناصر أف حربو رد الطاىريْب حرب مذىبية كطائفية‪ ،‬كقد ٘بلى ىذا كارحان‬
‫عندما اجتمع أبىل صنعاء لطلب ا‪٤‬بعونة كا‪٤‬بساعدة فكاف أكؿ ما "قاؿ ‪٥‬بم‪ :‬ىذا مذىب يريد أف‬
‫يبطل مذىبنا كيسعى ُب أررنا ابلفساد"‪ ،‬كالناصر هبذه ا‪٤‬بقولة يكوف قد حوؿ ىذه ا‪٢‬برب كالصراع‬
‫على السلطة إذل صراع طائفي كمذىيب‪ ،‬كىو هبذا أراد أف يوىم أىل صنعاء كغّبىم أف ىذه ا‪٢‬برب‬
‫دينية كمذىبية ليكسب تعاطفهم كيستمد العوف منهم‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.120‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.120‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.120‬‬
‫‪239‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫اثنيان‪ :‬اجتماع اإلماـ الناصر مباشرة أبىل صنعاء كطلب منهم ا‪٤‬بعونة للجهاد‪ ،‬ألنو دل يكن يستطيع أف‬
‫يقوـ اب‪٢‬برب رد الطاىريْب لوحده فاحتاج إذل مساعدة أىل صنعاء من األعياف كالسادة كالتجار‬
‫ليعاكنوه ُب حربو رد الطاىرييْب كاسَبداد مدينة ذمار‪.‬‬
‫اثلثان‪ :‬حشد اإلماـ الناصر للقبائل من كل مكاف كإرساؿ الرسل إليهم‪ ،‬كإطماعهم ٗبا يقع ُب أيديهم‬
‫جراء النهب كالسلب ككاف ‪٩‬بن استدعاىم أىل السراة كا‪١‬بوؼ فجاء منهم من أجاب ك‪ٝ‬بع إليو‬
‫عساكر كثّبة كجنود موفورة‪ ،‬كأرسل إذل ا‪٢‬بسْب بن إبراىيم ا‪٤‬بقحمي من أعياف ذمار‪ ،‬ككذلك بِب‬
‫األسد كبِب ا‪٤‬بنتصر كأطمعهم ‪ٝ‬بيعان كمناىم ككعدىم بوعود كثّبة سبق ذكرىا‪.‬‬
‫رابعان‪ :‬أطلق اإلماـ الناصر األسرل كالرىائن‪ ،‬كالذم سبق كأف ازعوه ُب اإلمامة كعارروه‪ ،‬ككاف غررو‬
‫حرب طائفية‬
‫اإلستفادة منهم ُب أتليب أتباعهم كمن كراءىم من القبائل‪ ،‬بدعول أف ىذه ا‪٢‬برب ه‬
‫سيعم خطرىا ا‪١‬بميع‪ ،‬كمن ىؤالء الذين أطلقهم ا‪٥‬بادم بن األمّب ا‪٢‬بسْب الذم كاف رىينة عنده‬ ‫ي‬
‫كا‪٤‬بهدم بن عز الدين الذم أسره ُب صعدة كسجنو كطلب منهما أف يذىبا إذل األمّب ا‪٢‬بسْب كبنو‬
‫اإلماـ إخوتو األشراؼ كيقوال ‪٥‬بم أبننا سوؼ نعطيهم ما يركنو من الصدقة كاإلحساف كاألنصاؼ من‬
‫ا‪٤‬باؿ‪ ،‬كىو هبذا أراد أف أيمن لنفسو من األمّب ا‪٢‬بسْب من أف يستيل حربو رد الطاىريْب كانشيالو هبا‬
‫فييزك صنعاء‪ ،‬فأراد إبطبلؽ ابنو أف ٯبعل لو يدان عنده كأيمنو‪.‬‬
‫خامسان‪ :‬اغتنم اإلماـ الناصر سفر ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر إذل الشحر‪ ،‬كحربو رد ابدجانة ككثرة‬
‫الشائعات عليو كعلى الذين معو اب‪٤‬برض كا‪٤‬بوت ُب الشحر‪ ،‬ككل ىذه الشائعات عن مرض كموت‬
‫ا‪٤‬بلك الظافر كانت عبارة عن شائعات كأكاذيب بثها رجاؿ الناصر لرفع معنوايت من معو‪ ،‬فقد كانوا‬
‫يهابوف لقاء ا‪٤‬بلك الظافر‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫إعداد ادللك الظافر ومراسلتو حللفائو‬

‫بينما الناصر يتقدـ إذل ذمار كما كراءىا‪ ،‬كيعْب رجالو ُب ا‪٤‬بناطق الٍب حو‪٥‬با‪ ،‬كيبث الشائعات أبف‬
‫ا‪٤‬بلك الظافر كأصحابو قد ىلكوا ُب حضرموت‪ ،‬إذ جاءت البشائر بوصوؿ عامر كجنوده إذل عدف‬
‫كأهنم كصلوا سا‪٤‬بْب غا٭بْب‪ ،‬دل يلقوا رران بعد أف شاعت الشوايع ‪٩‬بن يكرىو كالشمات‪ ،‬فحْب كصل‬
‫ساءت من أعاديو الظنوف‪ ،‬كأيقنوا بوقوع ا‪٢‬برب الزبوفُ‪.‬‬
‫كبعد عودة ا‪٤‬بلك الظافر من الشحر توجو مباشرة إذل عدف ككاف خركجو إذل عدف ُب الرب يوـ ا‪١‬بمعة‪،‬‬
‫أكؿ يوـ من ربيع األكؿ‪ ،2‬كقد رجع إذل عدف على طريق الساحل‪ ،3‬فلما دخلها كصل إليو العلم أف‬
‫صاحب صنعاء أخذ ذمار‪ ،‬ككاف عبدالوىاب بن داككد إذ ذالك قريبان منو‪ ،‬فجمع ا‪١‬بموع كقاكمهم إذل‬
‫أف جاء عمو ا‪٤‬بلك الظافرْ‪.‬‬
‫فلما عاد السلطاف عامر بن طاىر إذل ببلده سكن األطراؼ‪ ،‬كأعرض عمن ارمر إليو ا‪٣‬ببلؼ‪،‬‬
‫ك‪ٛ‬بكن ُب أموره ك‪ٛ‬بهل كدل أيخذه فيما رامو العجل‪ ،5‬كاستقر الظافر ُب عدف ٍب بدأ ٗبكاتبة حلفائو‬
‫اإلماـ ا‪٤‬بطهر بن دمحم بن سليماف كاألمّب علي بن ا‪٢‬بسن قائد ٮبداف‪ ،6‬كغّبىم من حلفائو‪.‬‬
‫ككاف من أبرز حلفاء بِب طاىر‪ ،‬أىل ٮبداف كاإلماـ ا‪٤‬بطهر بن سليماف كا‪٢‬بمزات كمشائخ ا‪٢‬ب ٍقل ُب‬
‫ا‪٤‬بناطق الوسطى‪ ،‬كالبد لنا ىنا من استعراض ىؤالء ا‪٢‬بلفاء ليتضح لنا دكرىم ُب مساعدة الدكلة‬
‫الطاىرية ُب حرهبم رد األئمة الزيدية كاإلستيبلء على صنعاء‪.‬‬
‫كىذا التحالف بْب بِب طاىر كمشايخ ا‪٤‬بناطق الوسطى كغّبىم كاف منذ عهد الدكلة الرسولية‪ ،‬كقد‬
‫حالف بينهم السلطاف الناصر الرسورل‪ ،‬يقوؿ ابن األنف القرمطي‪" :‬ككانت احملالفة بيننا كا‪٤‬بلوؾ بْب‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.120‬‬


‫‪ 0‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.106‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.371‬‬
‫‪ 2‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.320‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.121‬‬
‫‪ 4‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.171‬‬
‫‪241‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫طاىر من عهد أبيهم ككاف السلطاف الناصر قد حالف بْب أخي ا‪٢‬بسْب بن ا‪٢‬بسن كالشيخ طاىر بن‬
‫معورة بن اتج الدين‪ ،‬ككافقو أيضان الصنو علي بن ا‪٢‬بسن مع األمّب ابن ا‪٤‬بنتصر كمشايخ ا‪٢‬بقل‪."1‬‬
‫كقد ٘بدد ىذا ا‪٢‬بلف مرة أخرل بْب بِب طاىر كٮبداف ُب زمن ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر عندما اشتدت‬
‫ىجمات اإلماـ الناصر عليهم‪ ،‬كما ذكر ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف القرمطي‪ ،‬فقاؿ‪" :‬فأرسل ىاشم بن دمحم بن‬
‫إدريس إذل عامر بن طاىر ليعاقده على ٘بديد الصداقة كأف يكوف صلحهما معان‪ ،‬كإف حارب الناصر‬
‫تعاك ا على حربو كاجتمعا‪ ،‬فوافق ذلك ما ُب نفس عامر‪ ،‬كسار بذلك منو ا‪٣‬باطر‪ٍ ،‬ب رافق ا‪٤‬بلك‬
‫عامر بن طاىر من بِب األنف عبدهللا بن علي بن ا‪٢‬بسن‪ ،‬فألتقاه عامر ابإليناس كقربو إليو ككذلك‬
‫كاف إدريس بن دمحم بن إدريس ‪٩‬بن لو تواصل كثيق اب‪٤‬بلك عامر‪."2‬‬
‫ككاف عماد الدين أدريس ابن األنف قد "ككطد حياتو ابلدكلة الفتية الطاىرية السنية‪ ،‬كربط عجلة‬
‫سياستو بسياستهم لدرء شراسة أعدائو ُب زعمو أئمة الزيدية‪ ،‬كاستطاع ابلقاسم ا‪٤‬بشَبؾ أف ينتظم مع‬
‫األمراء ا‪٢‬بمزيْب‪ ،‬ككاف إدريس ىو الذم يدير كفة ا‪٢‬برب بْب اإل‪٠‬باعيلية كا‪٢‬بمزات من جهة‪ ،‬كبْب‬
‫اإلماـ الناصر بن دمحم من جهة أخرل‪."3‬‬
‫حروب حلفاء بين طاىر حول صنعاء‪ :‬بعد استيبلء اإلماـ الناصر بن دمحم على ذمار راسل ا‪٤‬بلك‬
‫عامر بن طاىر حلفائو ٰبررهم على حرب الناصر‪" ،4‬فأرسل إذل أمّب ٮبداف علي بن ا‪٢‬بسْب أف‬
‫يوافق اإلماـ ا‪٤‬بطهر‪ ،5‬كيضم األشراؼ إليك‪ ،‬ك‪ٙ‬باكر صنعاء‪ ،‬ك‪٫‬بن معك قائموف على الباغْب عليك‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.42‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.53‬‬
‫‪ 1‬ملسمة اًلايض دمحم جن ؿًل الٔهوع ؿىل زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.01‬‬
‫‪ 2‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.170‬‬
‫‪ 3‬املعِص جن دمحم جن سَامين جن حيىي جن اذلسني جن محزت جن ؿًل جن دمحم جن محزت جن ٔبيب ُامش اذلسن جن ؾحس اًصمحن جن حيىي جن ؾحس هللا‬
‫جن اذلسني جن اًلامس جن إجصاُمي جن إسٌلؾَي جن إجصاُمي جن اذلسن جن اذلسن جن ؿًل جن ٔبيب ظاًة اذلس ين اًلامسي اسلزي‪ ،‬مودلٍ يف‬
‫اًـرش تـس مثامنائة ثلصًح ًا‪ ،‬وضبٔ ؿىل ما وضبٔ ؿَََ سَفَ اًعاحل‪ ،‬لسم الٕمام املِسي ٔبمحس جن حيىي فلص ٔب ؿَََ يف مجَؽ اًفٌون من ٔبظول وفصوع‬
‫وحسًر وكري ركل‪ ،‬ملا ماث الٕمام ؿًل جن ظالخ يف حمصم س ية ‪ُ622‬ػ‪ ،‬ذؿا ؾلِة موثَ وثـازط ُو وظالخ جن ؿًل‪ ،‬وؿازضٌِل اًيارص‬
‫وُو ٔبظلص مهنٌل س ي ًا‪ً ،‬ىٌَ ٔبكدَت هل ا ٔلايم فَزم الٕمام املعِص يف فصش موضؽ جبِصان‪ ،‬و ٔبمص تَ إىل حعن امسَ اًصفـة فبٔوضبٔ ُياكل كعَست‬
‫مس هتَِا‪:‬‬
‫مارا ٔبكول وما ٔبيت وما ٔبرز ‪ ....‬يف مسخ من مضيت مسحا هل اًسوز‬
‫فٌَل ٔبمتِا تَلت إىل وسٍص اذلاثس هل فلال اهؼصوا فإرىُك ُتسون اًصخي كس دصح من اًسجن تربنة ُشا اًضـص فاكن ا ٔلمص نٌل كال وتـس دصوخَ‬
‫من اًسجن‪ ،‬وما ساًت ا ٔلحوال ثلوى تَ مصت وثضـف ادصى‪ ،‬وذذي ظـست ويف ذالل ركل حزوح اًرشًفة تسزت تًت دمحم جن ؿًل جن‬
‫ظالخ‪ ،‬واكن كس حزوهجا اًيارص وخاءث هل تحًت تـس ٔبن فسخ ىاكخ اًيارص ٌَلَحة‪ ،‬وخاءث ٌَمعِص تودلٍ ؾحس هللا جن املعِص‪ ،‬ومكل هوهحان‬
‫واًـصوص وكريٌُل‪ ،‬واكن ً ٔلرشاف تين محزت إًََ مِي‪ ،‬ومكل وحالن وامللازة‪ ،‬مث مكل مسًية رماز وتلِت رماز تَسٍ حىت ثويف‪ ،‬واكن‬
‫‪242‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كأرسل كذلك إذل ا‪٤‬بطهر كقاـ ُب حرب الناصر كمشر ككتب إذل مطهر ٗبا أمر عليو‪ ،‬كقد كاف رأل فيو‬
‫ابن ا‪٤‬بطهر بعد أخذه ذمار ا‪٤‬برة األكذل‪ ،‬فأحسن إليو كجلى ابلقوؿ كره‪ ،‬فوصل ا‪٥‬بادم بن األمّب‬
‫ا‪٢‬بسْب من عياؿ اإلماـ إذل ببلد ٮبداف ٔبماعة من الفرساف كأمر األمّب علي بن ا‪٢‬بسْب أف يواجههم‬
‫إذل حيث أراد من البلداف‪ ،‬فأرسل إليهم أف يوافقوه إذل كادم رلع‪ ،1‬كأمراء ىربة بعمارة ا‪٤‬بصنعة‬
‫كحصن ا‪٢‬برث‪ ،‬كأرسل إذل ٮبداف ك‪ٝ‬بع‪.‬‬
‫ككاف ليوسف ابن القاري دمحم بن يوسف الصليحي بعمارة الصليحي ُب ىذه العمارة عناية‪ ،‬كأبلغ من‬
‫جهده كاجتهاده ُب ذلك الياية‪ ،‬كقد كاف الناصر إذل صنعاء رجع فأرسل إذل أىل ربلع يلومهم ُب‬
‫العمارة‪ٍ ،‬ب أمنهم لئبل يفتح على نفسو ا‪٢‬برب كقاؿ ال يركف منا إال األمور السارة‪.2‬‬
‫ٍب جاء مطهر اإلماـ من كوكباف‪ 3‬حٌب كصل الػ يمنقب كأرسل إذل أمّب ٮبداف علي بن ا‪٢‬بسن أف‬
‫يوافيو‪ ،‬ككعد بصدؽ ا‪٤‬بصادقة كرغب‪ ،‬كقاؿ الصداقة بيننا كبِب ‪ٞ‬بزة كبينكم قدٲبة‪ ،‬كدل نزؿ نظهر ‪٤‬بن‬
‫عاندكم ا‪٣‬بصومة‪ ،‬فلقيو علي بن ا‪٢‬بسن إذل الدموـ ُب من كصل من األشراؼ كمن ٮبداف كساركا مع‬
‫اإلماـ إذل القبلط ُب الرجل كالفرساف‪ ،‬فطلبوا من أىلو الزكوات كقالوا من كافقو من بِب شهاب‪ 4‬فنحن‬
‫حيث يظنوف‪ ،‬كأرسلوا بذلك إذل من كافاىم من أىل ا‪١‬بهات‪ ،‬ككاف الناصر أخرب على بِب شهاب‬
‫بيت بوس‪ ،‬بعد أف أخذه يعبية اب‪٤‬بكر‪ ،‬كلقاىم فيو كل النكر‪ ،‬فخالط مطهر من خالط كرجو لبيت‬
‫بوس العمارة‪ ،‬كقالوا ال ‪٬‬بالفكم ُب قوؿ كال إشارة‪.‬‬

‫املعِص من ٔبؾَان ٔبمئة اًزًسًة ؿٌَلً وفعاحة‪ ،‬ونرثت ٔبثحاع ص َـخَ حنازٍص وساذت ٔباكجص‪ ،‬وفضائهل وؿَومَ مجة قزٍصت‪ ،‬واكن وفاثَ تشماز يف ظفص‬
‫س ية ‪ُ657‬ػ‪ ،‬وكربٍ جبية مسجسٍ اذلي تياٍ‪ ،‬وؿَََ كدة مـصوفة‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬اًحسز اًعاًؽ‪ ،‬اًضواكين‪ ،111/1،‬ظحلاث اًزًسًة اًىربى‪ ،‬املؤًس‪،‬‬
‫‪ ،17/1‬ا ٔلؿالم‪ ،‬ذري ادلٍن اًززلكي‪.032/5،‬‬
‫‪ 1‬واذي ضالع‪ :‬تدلو وواذي يف اًضٌلل اًلصيب من مسًية ظيـاء مبسافة حنو‪ 12‬هََو مرت‪ ،‬وُو من اًوذاين ارلعحة املضِوزت جززاؿة اًلاث‬
‫اًضالؾي‪ ،‬وثزنل إهل س َول ا ٔلمعاز اًلاذمة من سس زًـان‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.724/1 ،‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.121‬‬
‫‪ 1‬هوهحان‪ :‬ثثًِة هوهة حعن ومـق صِري ًعي من اًضٌلل اًرشيق ؿىل مسًية ص حام ًـفص ونشا ؿىل كاع امليلة اذلي متص مٌَ ظصًق ظيـاء‬
‫إىل زال وحداتة وتين ثضري‪ ،‬وًعي من هجة اًلصة اًضٌليل ؿىل واذي اًيـمي وًَََ واذي ا ٔلجهص املضِوز اذلي جس َي مٌَ مِاٍ هوهحان‪ ،‬وكِي‬
‫مسي هوهحان ٔلهَ اكن تَ كرصان معصسان اب ٔلجحاز اًىصمية اٍمثَية واًيلوص ازلَةل‪ ،‬واكن ًِا جصًق ًَمؽ ابٌََي نٌل ًَمؽ اًىوهة فسمي تشكل‪،‬‬
‫وٍصثفَ حعن هوهحان ؾن سعح اًححص تيحو زالزة بلف مرت يف ٔبؿىل ادلحي ويف ظصفَ اًرشيق ثلف مسًية هوهحان اًيت حيَط هبا سوز من‬
‫ٔبكَة حواىهبا‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1135/0 ،‬‬
‫ٔ‬
‫‪ 2‬تين صِاة‪ :‬مصنز إذازي من مسٍصًة تين معص يف قصيب ظيـاء‪ ،‬مسي وس حة إىل صِاة جن اًـاكي جن السمؽ جن دولن جن معصو جن اذلاف‬
‫جن كضاؿة‪ ،‬إًََ ًًسة اًـالمة معصف جن صِاة جن معصو جن ؾحاذ اًضِايب من ٔبؿالم املائة اًصاتـة ٌَِجص وُو مؤسس مشُة املُعصفِة‬
‫اذلي ؾصف ابمسَ‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.657/1 ،‬‬
‫‪243‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٍب نزؿ مطهر إذل عرض ا‪٤‬بصنعة ُب رلع كمعو عياؿ اإلماـ فرساف ا‪٢‬بركب كليوث يوـ الصداـ‪ ،‬كعلي‬
‫بن ا‪٢‬بسن ال يفارؽ مطهران ككل منهم للصداقة قد أظهر‪ ،‬كحلف مطهر اإلماـ األٲباف أنو ال غدر كال‬
‫خاف‪ ،‬كأف ‪٥‬بم ما حازكا من بلد ٮبداف كالعركس كذىباف‪ٍ ،‬ب أهنا كقعت اليواير بينهم‪.‬‬
‫كقد جاء ابن ‪٨‬بارش إذل صنعاء يناصر كأعاف األشراؼ عياؿ اإلماـ ُب ‪ٝ‬باعة ٮبداف‪ ،‬فخرج من‬
‫صنعاء يع بية كسادل بن مسعود مقدـ صنعاء ُب من معو من الرجالة كالفرساف كمعهم ابن ‪٨‬بارش كىم ُب‬
‫عدة كقوة كشدة فالتقا القوـ كاقتتلوا كما خابوا كال نكلوا‪ ،‬فلما اشتد القتاؿ كذل دمحم بن مطهر اإلماـ‬
‫ككاف معو‪ ،‬فقاؿ ا‪٥‬بادم ابن ا‪٢‬بسْب‪ ،‬أين تريد كسبٌو كعابو كثلبو‪.‬‬
‫ك‪ٞ‬بل األشراؼ عياؿ اإلماـ كقد سقط عبد لؤلمّب ا‪٢‬بسْب يدعى جرباف ككاف فارسان شجاعان فصاؿ‬
‫عليو أىل صنعاء‪ ،‬ك‪ٞ‬بل عليهم ا‪٥‬بادم بن ا‪٢‬بسْب كعياؿ اإلماـ فا‪٪‬بوا عبدىم ككقع مع أىل صنعاء‬
‫اإلهنزاـ كاستقاـ ابن ‪٨‬بارش كمن معو من ا‪١‬بوؼ فاقتتلوا كاهنزـ األشراؼ‪ ،‬كقتل مقدـ صنعاء سادل بن‬
‫مسعود ررابن ابلسيف كقتل ‪ٝ‬باعة من أىل صنعاء‪ ،‬قيل تسعة كقيل أثُب عشر كانكسر أىل صنعاء‪،‬‬
‫ككاف الناصر خارجان من القصر ُب مسجد فوقعت الصيحة‪ ،‬كدخل القصر كقد دخل أكؿ ىزًن‬
‫أصحابو‪.1‬‬
‫كُب ىذه ا‪٢‬بركب الٍب جرت بْب حلفاء الدكلة الطاىرية كاإلماـ الناصر يقوؿ ا‪٤‬بؤرخ ٰبي بن ا‪٢‬بسْب‪:‬‬
‫" فخرج اإلماـ ا‪٤‬بطهر من كوكباف إذل القبلظ‪ ،‬كلقاه األمّب علي بن ا‪٢‬بسن ٔبموع ٮبداف‪ ،‬ككقعت‬
‫بينهم كبْب عسكر الناصر بن دمحم مصاكلة شديدة على صنعاء كذم مرمر‪ ،‬كفيو عامل الناصر فتوذل‬
‫السر‪ٍ ،‬ب أخربو كما حولو من الدركب كقطع‬ ‫‪٧‬باربتو عبدهللا بن علي بن حاًب‪ ،‬كاستوذل على حصن ٌ‬
‫األعناب‪ ،‬كدل يزؿ ا‪٢‬برب بْب ٮبداف كعسكر الناصر سجاالن‪ ،‬كدخل اإلماـ ا‪٤‬بطهر قلعة رهر‪ ،‬فأكرمو‬
‫األمّب علي بن ا‪٢‬بسن غاية اإلكراـ‪."2‬‬
‫كجرت مناكشات كثّبة بْب حلفاء بِب طاىر من ٮبداف كا‪٢‬بمزات كا‪٤‬بطهر كا‪٥‬بادم بن ا‪٢‬بسْب من‬
‫جهة‪ ،‬كبْب اإلماـ الناصر كاتباعو من أىل صنعاء كابن ‪٨‬بارش ا‪١‬بوُب‪ ،‬ككل ذلك كاف خبلؿ ‪ٝ‬بع‬
‫ا‪٤‬بلك الظافر لقواتو لئلستيبلء على ذمار‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.120‬‬


‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.170‬‬
‫‪244‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككقف ا‪٤‬بلك عامر ٰبشد ا‪٢‬بشود كٯبمع ا‪١‬بنود‪ ،‬كمطهر اإلماـ ُب احية القلعة ا‪٣‬بارجة‪ ،‬كاألشراؼ‬
‫عياؿ اإلماـ كٮبداف ٱبربوف ُب دكاير صنعاء كيقتلوف من داخل ا‪٤‬بدينة‪.1‬‬
‫حروب حلفاء بين طاىر ضد الناصر يف ادلناطق الوسطى‪ٌ :‬‬
‫مر معنا أف من رجاؿ الدكلة الطاىرية ُب‬
‫ا‪٤‬بناطق الوسطى بنو ا‪٤‬بعمرم مشايخ حصن كحبلف كبنو اللميسي مشايخ حصن حيد ا‪١‬برادم‪ ،‬كقد‬
‫كقعوا ُب األسر أثناء استيبلء القاري اليحّبم كاإلماـ الناصر على حصن كحبلف‪.‬‬
‫فاسَبد ا‪٤‬بلك الظافر حصن كحبلف كرداع كذمار‪ٍ ،‬ب جرت ىذه الفتنة فكاف إعداد ا‪٤‬بلك الظافر‬
‫للقضاء على ‪ٛ‬برد الناصر ُب ذمار عندما اسَبدىا‪"،‬كاف عرض ىذه األمور خركج بِب ا‪٤‬بعمرم من‬
‫السجن الذم كانوا بو ُب مصنعة بِب قيس‪ ،‬كىم الشيخ دمحم بن جسار ا‪٤‬بعمرم كأكالد ٰبي بن عباس‬
‫‪3‬‬
‫ا‪٤‬بعمرم كإدريس بن أ‪ٞ‬بد بن عمراف اللميسيِ‪ ،‬فخرجوا من السجن فتلقاىم رتبة من أىل ‪ٞ‬باؾ‬
‫اتبعْب للملك عامر بن طاىر كانوا ٱبرجوف ُب الليل كيدكركف حوؿ ا‪٤‬بصنعة فلما ‪٠‬بعوا صلصلة القيود‬
‫أسرعو إليهم فعرفوا ا‪٤‬بعامرة كساركا هبم إذل بلد عامر ٍب إذل منصورة مزيج‪ ،‬فأزيلت عنهم القيود ُب‬
‫ا‪٤‬بنصورة كطلعوا حصن كحبلف‪ ،‬كبعد أف كصل دمحم بن جسار كابن ٰبي بن عباس إذل عامر فأذف ‪٥‬بم‬
‫ُب دخوؿ حصنهم كحبلف كأحسن إليهم‪ ،4‬ككاف ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر قد اسَبده قبل ذلك من‬
‫القاري اليحّبم كاإلماـ الناصر‪.‬‬
‫كقد توجو الناصر إذل ذمار كدعاه بنو ا‪٤‬بنتصر للمحطة على خاك‪ ،‬فقصد إليهم عيبية الطاىرم كابن‬
‫مداعس الصعدم فيما أمكنو من القوة‪ ،‬كتقدموا مع عطيفة بن ا‪٤‬بنتصر كهنشل بن دمحم بن ا‪٤‬بنتصر‪،‬‬
‫فدخلوا قرية خاك كقاتلوا على ا‪٢‬بصن أشد القتاؿ كاجتمعت العساكر إذل عراس أبمر عامر‪ ،‬كأصدر‬
‫عامر خيبلن فجاؤا إذل مزيج كاجتمع معو أىل مزيج كأىل كحبلف‪.5‬‬
‫كنزؿ العسكر الذين ُب عراس احية يخباف فهرب بنو ا‪٤‬بنتصر كمقادمة الناصر إذل يرًن كدخل الناس‬
‫قرية خاك‪ ،‬فقتلوا ‪ٝ‬باعة كانتهبوا بعض ما كاف ُب احملطة‪ ،‬ككصل عبدالوىاب بن داكد ُب عسكر إذل‬
‫مزيج فوجد احملطة من خاك كقد مرت كاألمور قد قرت‪ ،‬فعاد إذل عمو ابلعسكر‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.125‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.123‬‬
‫ٍ‬
‫‪ 1‬حٌلك‪ :‬من كصى ؾصص زذاع ثلؽ جبواز تدلت ماوز‪ .‬مـجم اًحدلان واًلدائي ا مييَة‪ ،‬امللحفي‪.277/1 ،‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.124‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.125‬‬
‫‪245‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككثب األشراؼ كعياؿ اإلماـ كٮبداف مع عبدهللا بن علي كحاًب بن إبراىيم فاستولوا على قصر البشر‬
‫كأخربوه كأخربوا ما حولو من األعناب كالدركب‪ ،‬ككذلك دار السيد بن عبدهللا ُب شعوب كأخربوا‬
‫على أىل ما حو‪٥‬با من البيوت‪ ،‬كذلك أبمر من ا‪٤‬بطهر‪ ،‬كاتفق استيبلء دمحم بن اإلماـ ا‪٤‬بطهر على‬
‫العركس‪.1‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.125‬‬


‫‪246‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثالث‬
‫إسرتداد ادللك عامر لذمار‬

‫"طلب ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر األمّب ا‪٥‬بادم بن ا‪٢‬بسْب أف يوافيو إذل ذمار‪ ،‬كتلقاه الذين معو من عياؿ‬
‫اإلماـ كمعهم عبدهللا بن علي بن األنف فسايرىم ككانت طريقهم الكميم بعد كنن‪ ،‬كقد كانوا خالفوا‬
‫على الناصر‪٤ ،‬با أخذ عليو ذمار ا‪٤‬برة األكذل كىي موارعهم‪ ،‬ككصلوا إذل ا‪٤‬بلك عامر كقد قرب ذمار‬
‫ابلعساكر ففرح عامر بوصو‪٥‬بم كألتقاىم ابلرحب كالسعة‪ ،‬كابتوا ُب ‪٧‬بطتو قرب ذمار ُب العساكر الذين‬
‫معو‪ ،‬كقد كصلت عامر النذر أف قبائل كثّبة من الزيدية آتْب عليو كقاصدين ابلشر إليو فجمع من‬
‫لديو من أىل حجاج كأىل عراس كأىل مزيج ككحبلف كجعلهم حولو‪.‬‬
‫ٍب قاـ عبدهللا بن علي كفرساف عياؿ اإلماـ بتحريض ا‪٤‬بلك عامر على ذمار‪ ،‬كقالوا ليس فيو من يواجو‬
‫عسكرؾ ا‪١‬برار ك‪٫‬بن الكفبلء بعوف هللا إف اقدمت عليهم ابلظفر‪ ،‬ك‪٫‬بن نقدـ إقداـ من ال يفر عن‬
‫ا‪٤‬بكر‪ ،‬كهتيأكا للقتاؿ من الصباح‪ ،‬كقالوا ٘بمع لنا أىل الدعوة من مذحج‪ ،‬كأمسى عامر بن طاىر‬
‫‪٧‬بَبزان ٗبن حولو غّب آمن من قبائل الزيدية الصولة‪ ،‬كابت الناصر لوثبة من أنسل إليو من القبائل الذين‬
‫مع عامر بن طاىر‪ ،‬ينتظر ليلتو مستعدان ال يهجع كال يقر‪ ،‬فلما أمسى عامر ‪٧‬بَبسان ُب ‪٧‬بطتو‪ ،‬دل ٯبد‬
‫أكلئك فيما أرمركا حيلة كال كجدكا سبيبلن‪ ،‬فلما دل يسمع الناصر ‪٥‬بم صيحة‪ ،‬كقد ىالتو عسكر عامر‬
‫ا‪٤‬بهيلة‪ ،‬ركب ‪ٝ‬ببلن كسار ُب آخر الليل ٗبن خف معو ‪٧‬بتمبلن‪ ،‬كترؾ قصر ذمار كخبل إذل قصر ىراف‪،‬‬
‫كدل ٰبفل ٗبا معو بل سار غّب متواف‪ ،‬ككاَب إذل ا‪٤‬بلك الظافر صيحة ا‪٣‬برب أف الناصر قد فر منو كخبل‬
‫كترؾ ذمار كما فيها كأجلىُ"‪.‬‬
‫زلاولة اإلمام الناصر التصاحل مع بين طاىر‪ٍ :‬ب كصل كتاب من الناصر إذل ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن‬
‫طاىر يطلب أف يسلم للملك الظافر حصن ًىراف‪ ،‬كيكوف ما خلف النقيل ‪٩‬با يلي صنعاء للناصر‪،‬‬
‫كأف يكوف للظافر ما كراء نقيل يسلح إذل ذمار‪ ،2‬كييلق ابب ا‪٢‬بركب كاإلفتتاف‪ ،‬فأجابو ا‪٤‬بلك الظافر‬
‫أف ال ‪٪‬بيبك إذل الصلح حٌب تسلم ًىراف كترد ذم مرمر ألىلو‪ ،‬كتعطي األشراؼ حيث ما طلبوا من‬
‫ا‪٢‬بصوف كتزيل عنها رتبتك كتظهر منها كتكوف إذل غّبؾ‪ ،‬فكرب ذلك على الناصر كترؾ ا‪١‬بواب‪ ،‬كظن‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.127‬‬


‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪.370،‬‬
‫‪247‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫أنو سينجو ٗبسّبه إذل صنعاء‪ ،‬كيكوف من ىناؾ ا‪٣‬بطاب‪ ،‬فَبؾ امرأتو بنت السّبم ككلده منها كىو‬
‫طفل ُب ًىراف كجعل أمره إذل بِب األسد ككعدىم بذمار أف عاد لو ُب األزماف كخرج من ًىراف أبكثر‬
‫من بقي معو من ا‪٣‬بيل كالرجاؿ كماؿ عن السبيل ا‪٤‬بعهودُ‪ ،‬كأراد أف يؤسس الصداقة عندىم ٍب ٱبتلف‬
‫إذل ىراف كيعود بعد أف ٯبمع العساكر كيكثر من ا‪١‬بنود‪ ،‬كسلك ‪ٝ‬باعة من عبيده الطريق القريب‬
‫ا‪٤‬بألوؼ كابن رٰباف بن سعيد ك‪ٝ‬باعة معو من العبيد فوصلوا إذل صنعاء‪ ،‬كاعلموا بوصولو مبشرين‬
‫كرربت الطبلخانة‪ ،‬كخرج الناس للقائو ٍب رجعوا من الطريق كدل ٯبدكا لوصولو علم ‪ٙ‬بقيقِ‪.‬‬
‫دخول ادللك عامر بن طاىر ذمار‪ٍ :‬ب هنض السلطاف عامر ٔبيش كموج البحر الزاخر‪ ،‬فلما كصل‬
‫ذمار علم الناصر بن دمحم أنو ال طاقة لو بقتاؿ عامر‪ ،‬فانتقل إذل حصن ىراف‪ ،‬كخرج أىل ذمار إذل‬
‫السلطاف عامر يصطرخوف‪.3‬‬
‫فأمر ا‪٤‬بلك الظافر أبماف الناس كأمنهم من كل شر كأبس‪ ،‬كسارت إذل كل الببلد البشائر‪ ،‬كملك‬
‫ا‪٤‬بلك الظافر ذمار ُب شهر رجب سنة ٖٔٔىػ‪.4‬‬
‫كحاز ما ُب قصر ذمار من الطبل خا ات كالتجافيف كالدركع كا‪٣‬بياـ كأنواع ا‪٥‬بررل كالطعاـ‪ ،‬كاستوذل‬
‫كذلك على خزانة ذمار‪.5‬‬
‫ككاف اإلماـ مطهر كعلي بن ا‪٢‬بسن قد ‪ٝ‬بعا ٮبداف ليديركا أخذ الثارات من أىل صنعا مرة أخرل‪ ،‬إذ‬
‫جاءهتم بفتح ا‪٤‬بلك الظافر ‪٤‬بدينة ذمار البشرل‪.6‬‬
‫كأمر ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر ٖبراب قصر ذمار‪ ،‬فأخرب كالناصر ينظر من ىراف كُب قلبو لواعج‬
‫األحزاف‪ ،‬ككذلك أمر ٖبراب دكر ا‪٤‬بقمحي كدار األمّب دمحم بن ا‪٤‬بنتصر كدكر اليز بِب األسد فأخرب‬
‫مبانيها بعد أف انتهب ‪٩‬با فيها كعطلت ميانيها‪ ،‬ككذلك ا‪١‬براجيش أمر ٖبراهبا بعد أخذ ما فيها‬
‫كانتهاهبا‪ ،‬كا‪١‬براجيش خلف قصر ذمار‪ ،‬كذلك ألف ىؤالء ‪٩‬بن قاـ اب‪٣‬ببلؼ مع الناصر‪ ،‬أثناء ما كاف‬
‫ا‪٤‬بلك الظافر ُب الشحر كعادكا ُب الفساد‪.‬‬

‫‪ 1‬اًعصًق املـِوذ املـصوف ُو ظصًق هلِي ٌسَح واًعصًق اًحـَس يه اًيت مضاُا اًيارص‪ ،‬هل ًال ؾن حاص َة الٔهوع ؿىل زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬ؾٌلذ‬
‫ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.130‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.132‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.370‬‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،106‬زوضة الدداز‪ ،‬اجن الهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.132‬‬
‫‪ 3‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.370‬‬
‫‪ 4‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.127‬‬
‫‪248‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٍب كصل إذل ‪٨‬بيم ا‪٤‬بلك الظافر‪ ،‬ا‪٢‬بسن بن إبراىيم ا‪٤‬بقمحي اتئبان بزعمو فأمنو ا‪٤‬بلك عامر على أف‬
‫يسلم إليو حصن األسبلؼ‪ ،1‬فاستنظر منو أايمان كقاؿ ما ألمرؾ خبلؼ‪.2‬‬
‫ككتب عماد الدين إدريس بن األنف القرمطي بيواتن من الشعر هتنئة منو للملك الظافر ٗبناسبة استيبلئو‬
‫على ذمار كحصن ىراف‪ ،‬جاء ُب بعضها‪:‬‬
‫لقد جاء نصر هللا ‪٫‬بوؾ كالفتح * كحاف ٗبلك األرض طرا لك النجح‬
‫أمن بعد أسر الناصػ ػ ػ ػ ػ ػر بن دمحم * عػ ػ ػ ػ ػ ػلو كرب ػ ػ ػ ػ ػح كلمػ ػ ػ ػا ذك ػ ػ ػ ػر الرب ػ ػ ػح‬
‫‪ٛ‬بادل بو سكر اليواية قائم ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػان * ‪٢‬بربك فهو اآلف من سكره يصحػ ػو‬
‫أسّبان ذليبلن ُب القيود مكب ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػبلن * ففي رجلو قيػ ػ ػ ػد كُب قلب ػ ػ ػ ػ ػ ػو جػ ػ ػ ػ ػ ػ ػرح‬
‫أاي كيلو لو جاء ‪٫‬بوؾ ابخعػ ػ ػ ػ ػ ػان * ٗبا ملكت كفػ ػ ػ ػ ػ ػاه كػ ػ ػاف ل ػ ػو الصل ػ ػح‬
‫ّ‬
‫ككاف لو من قبل يبطل كي ػ ػ ػ ػ ػده * يرجى لو من غفوؾ العفو كالصفػ ػ ػ ػ ػح‬

‫‪ 1‬حعن ا ٔلسالف‪ :‬كصًة صٌلل مسًية ٍصمي مبسافة حنو هََوٍن‪ ،‬ثلؽ ؿىل احملجة إىل مسًية رماز‪ ،‬ويه مديَة ؿىل ٔبمكة ًعـة اًعـوذ إٍهيا‬
‫نثري ًا ويه يف اذللِلة جض حَ اًلالع ٔبنرث مما جض حَ اًلصى‪ ،‬و ٔبسفَِا ًلؽ جنس ا ٔلسالف يف حدال وؾصت ومساكل ظـحة وفَِ سس كسمي‪ ،‬نٌل‬
‫ًًسة إٍهيا ابة ا ٔلسالف اذلي ًشهص اهلمساين ٔبهَ مضن ٔبتواة مسًية ػفاز محري‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.42/1 ،‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.131‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز يف حواذج اٍمين اًىداز واذلعون وا ٔلمعاز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي ض‪.130‬‬
‫‪249‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الثاين‬
‫هناية حكم اإلمام الناصر وأسره ووفاتو‬

‫عندما سقطت ذمار‪ ،‬أدرؾ الناصر أبنو ال بقاء لو فيها فآثر أف ينجو بنفسو‪ ،‬كيهرب من ذمار إذل‬
‫صنعاء لّبتب أموره فيعاكد الكرة مرة أخرل‪ ،‬كلكن دل يسعفو حظو أبف يصل إذل صنعاء‪ ،‬فقد ًب أسره‬
‫كاإليقاع بو‪ ،‬كقد كانت ىناؾ مساعي للملك عامر بن طاىر لتخليص اإلماـ الناصر من األسر إال‬
‫أهنا فشلت‪ ،‬كُب ىذا الفصل سنبْب فرار اإلماـ الناصر من ذمار ككقوعو ُب األسر‪ٍ ،‬ب نبْب مساعي‬
‫ا‪٤‬بلك الظافر لتخليصو من األسر ككفاة اإلماـ الناصر ُب مبحثْب كالتارل‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬فرار اإلمام الناصر من ذمار‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬سعي ادللك عامر بن طاىر لفك أسر اإلمام الناصر‬

‫‪251‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫فرار اإلمام الناصر من ذمار‬

‫علم اإلماـ الناصر من سّب األحداث أف عهده انتهى ُب ذمار‪ ،‬كأنو مهزكـ ال ‪٧‬بالة‪ ،‬كأف دكلة ا‪٤‬بلك‬
‫الظافر أقبلت‪ ،‬كأف السنة الكونية جارية ُب تقلب ا‪٤‬بلك كتلك األايـ نداك‪٥‬با بْب الناس‪ ،‬لذا فقد آثر‬
‫أف ينجو بنفسو كٲبضي إذل صنعاء حيث رجاؿ دكلتو كعسكره كحلفائو من القبائل‪ ،‬ليعيد ترتيب‬
‫صفوفو من جديد‪ ،‬كيعاكد الكرة مرة أخرل إلستعادة ذمار من الدكلة الطاىرية كا‪٤‬بلك الظافر عامر بن‬
‫طاىر‪.‬‬
‫ليمر على‬
‫ككاف اإلماـ الناصر عندما خرج من حصن ىراف ماؿ عن الطريق ا‪٤‬بعهود كغّب مسّبه ٌ‬
‫القبائل ُب ىذه الطريق األخرل ليعقد معهم الصداقات كالتحالفات لئلعداد ‪٢‬بربو القادمة على ما‬
‫يبدك‪ ،‬ككانت الطريق ا‪٤‬بعهودة ىي الطريق ا‪٤‬بعركفة حاليان كىي طريق نقيل يسلح‪.1‬‬
‫"ففر من ذمار خوفان من بِب طاىر إذل ًىٌراف‪ٍ ،‬ب‬
‫يقوؿ العبلمة الكبسي ُب اترٱبو اللطائف السنية‪ٌ :‬‬
‫‪2‬‬
‫خرج من ىراف قاصدان صنعاء‪ ،‬كخالف الطريق ا‪٤‬بعتادة‪ ،‬كماؿ عنها إذل طريق يعرقيب من ببلد ا‪٢‬بدا‪،‬‬
‫من أرض أصالة‪ ،‬فيدر بو أىل عيرقيب بعد أف أرافوه‪."3‬‬
‫فأستقبلو أىل عرقب مبدين لو الَبحيب‪" ،‬فتبادركا أىل تلك القرية للقائو كأظهركا ا‪١‬بذؿ بوصولو‪،‬‬
‫كأهنم من حزبو كأنصاره فأستحلف كربائهم على ذلك ككساىم كطلبوه الوصوؿ للضيافة فأجاهبم إذل‬
‫ذلك‪ ،‬فأطعموا من معو الزبيب كذٕبوا ‪٥‬بم األغناـ كلقوىم ابلَبحيب كما يلقى بو األرياؼ الكراـ‬
‫كفرقوا ُب قراىم عسكر الناصر كأدخلوه معهم حصنهم ىداد فيمن معو من األكابر‪ ،‬فلما فرغوا من‬
‫العشاء كصلوا ا‪٤‬بيرب كالعًشاء‪ ،‬اصطحب كل منهم من عسكر الناصر من آككا إليو ككاف ُب الضيافة‬ ‫ى‬
‫ْ‬
‫لديو ‪.‬‬

‫‪ 1‬حاص َة اًلايض الٔهوع ؿىل زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.130‬‬
‫‪ُ 0‬ؾصكة‪ :‬واذي سزاؾي يف مٌعلة بُٓةل إىل اًضٌلل اًرشيق من رماز‪ ،‬رهصٍ اهلمساين يف ظفة حزٍصت اًـصة ٔبهؼص‪ :‬حاص َة ذادل ا ٔلرزؾي ؿىل‬
‫اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًـالمة دمحم جن إسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬ض‪.153‬‬
‫‪ 1‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًـالمة اًىخيس‪ ،‬ض‪.155‬‬
‫‪ 2‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،370‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.130‬‬
‫‪251‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كدخل كرباؤىم على الناصر فلزموه كسبوه كشتموه كسلبوه كمن معو ما كاف من اللباس كالسبلح كا‪٤‬باؿ‬
‫معهم كلقوىم ٗبا ىا‪٥‬بم كأفزعهم كسلبوه خيلو كخيل من معو من العبيد كا‪٣‬بدـ‪ ،‬كما معهم من الدركع‬
‫كالسبلح‪ ،‬كأكردكا عبيد الناصر ليسنوا على البقر بعد أف ألبسوىم الصوؼ كصّبكىم عربة من العربُ‪.‬‬
‫كسار منهم من سار إذل ا‪٤‬بلك الظافر عامر أبمواؿ كثّبة كألزمهم أف ٯبيئوا ابلناصر ككعدىم ابلعطاء‬
‫الكثّب‪ ،‬كسار إليهم دمحم بن قاسم عندؿ ابلقيود كأمره أف ٰبتاط على الناصر كمن معو كأيتيو بو‪.‬‬
‫ككاف مع اإلماـ الناصر‪ ،‬هنشل بن دمحم بن ا‪٤‬بنتصر فأطلقوه كقالوا إف كالده شفع لنا ُب مطالب للدكلة‬
‫كأعطوه عدتو كجواده‪ ،‬كابقوا الناصر عندىم كمن اختاركه كسلبوا أجناده كدل يبقى مع الناصر ُب األسر‬
‫إال يعبية الطاىرم كعبدهللا بن دمحم بن مداعس الصعدمِ‪.‬‬
‫كجاءىم الفقهاء من الزيدية فقالوا ال ‪ٚ‬برموا ا‪٤‬بذىب كتسلموا الناصر إذل عامر بن طاىر بل سلموه إذل‬
‫اإلماـ ا‪٤‬بطهر كلكم بذلك األجر الوافر‪.‬‬
‫كأتى عندؿ ابلقيود كالٍب كاف أرسلو هبا ا‪٤‬بلك الظافر لتقييد الناصر كاجمليء بو إليو‪ ،‬ككاف الناصر قد‬
‫قيد عندؿ قبل ذلك ُب ذمار كفر كراح من حبسو‪ ،‬فقاؿ للناصر‪ :‬ىذا جزاء ما صنعت معي‪.‬‬
‫ٍب قاؿ ألىل عرقب‪ :‬إف كنتم تريدكف األمواؿ فسلموه إذل ا‪٤‬بلك الظافر‪ ،‬كإف كنتم تريدكف اآلخرة‬
‫كالثواب فسلموه إذل ا‪٤‬بطهر‪ ،‬ككاف قد خرج إليهم السيد عبدهللا بن ٰبي كىو عندىم أكرب من يكوف‬
‫كخرج معو من صنعاء فقهاء كسادة ‪٣‬ببلص الناصر فلم يصلوا إذل ىناؾ كرجعوا ىاربْب‪ ،‬كعادكا إذل‬
‫صنعاء خائفْبّ‪.‬‬

‫‪ًُ 1‬ـس ُشا من اًلسز املـَة وما اكن ًًدلي ٔلُي ؾصكة ٔبن ًلسزوا ابلٕمام اًيارص وًبٔزسوٍ وكس ٔبمٌوٍ وحَفوا هل ا ٔلميان تشكل و ٔبضافوٍ‪،‬‬
‫وًُس ركل من ٔبذالق ٔبُي ادلٍن ول من ٔبذالق اًـصة واًلدائي بٔن ًلسزوا تضَفِم تـس إؾعاءٍ ا ٔلمان واذلَف هل ؿىل ؿسم اًلسز وضَافذَ‬
‫وًيا يف ركل ٔبسوت حس ية ما فـهل اًييب ملسو هيلع هللا ىلص فلس ٔبكص ٔبم ُاينء تًت ٔبيب ظاًة زيض هللا ؾهنا ؾيسما ٔبخازث بٔحس املرشنني واكن اًييب ملسو هيلع هللا ىلص‬
‫كس ٔبُسز ذمَ و ٔبزاذ ؿًل جن ٔبيب ظاًة زيض هللا ؾيَ ٔبن ًلذهل‪ ،‬وًىن اًييب ؿَََ اًسالم ٔبكص فـي ٔبم ُاينء و ٔبخاز من ٔبخازثَ و ٔبمٌخَ‪ُ ،‬شا‬
‫حُك من ُجيري مرشاكً مفا ابكل إن اكن مسٌَلً‪ ،‬وكس ن يى اًييب ملسو هيلع هللا ىلص ؾن اًلسز فلس زوى اذلاُك يف املس خسزك ؾن ؿامص جن صساذ كال‪ :‬نيت ٔبتعن‬
‫يشء ابًىشاة ٔبذذي ؿَََ ثس َفي‪ ،‬فسذَت ؿَََ راث ًوم فلال‪ :‬حئخين وهللا وًلس كام خربًي ؾن ُشا اًىصيس‪ ،‬فبُٔوًت إىل كامئ س َفي‬
‫فلَت‪ :‬ما ٔبهخؼص ٔبن ٔبميش تني ز ٔبسَ وحسسٍ حىت رهصث حسًثا‪ ،‬حسزياٍ معصو جن اسلق زيض هللا ؾيَ كال‪ :‬مسـت زسول هللا ظىل هللا‬
‫ؿَََ و سمل ًلول‪ :‬إرا اظمبٔن اًصخي إىل اًصخي مث كذهل تـسما اظمبٔن إًََ‪ ،‬هعة هل ًوم اًلِامة ًواء كسز‪ .‬كال اذلاُك‪ُ :‬شا حسًر حصَح‬
‫الٕس ياذ ومل خيصخاٍ ووافلَ اذلُيب جصمق (‪ .)171/2‬وس َبٔيت مـيا اهخلام دمحم اجن الٕمام اًيارص من ٔبُي ؾصكة حزاء ما ظيـوٍ تبٔتََ‪.‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.130‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.130‬‬
‫‪252‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككتب الفقيو الذم ُب عرقب إذل اإلماـ ا‪٤‬بطهر أف ٰبضر كال يتأخر ألخذ الناصر إليو‪ ،‬فإين قد حدثت‬
‫من توذل أسره ككعظتهم كبفضلك ذكرهتم ليسلموه إليك كيصّبكه ُب يديك‪ ،‬فجمع ا‪٤‬بطهر كثّبان من‬
‫الزيدية كاجتمع بو األشراؼ من أكالد ٰبي كأكالد اإلماـ‪ ،‬كسار مع ا‪٤‬بطهر من عياؿ سريح كأىل‬
‫الظاىر كأىل البوف كغّبىم‪.‬‬
‫كعبية من بِب طاىر‪ ،‬كىم مقيدين مكبلْب‪ ،‬كرجع مطهر من‬ ‫فسلموا إليو الناصر كابن مداعس التاجر ي‬
‫فوره كمضى عرب صنعاء‪ ،‬كقد أزمع ابن ‪٨‬بارش كمن معو على أف يتقطعوا للمطهر كمن معو لكي‬
‫يطلقوا الناصر‪ ،‬إال أنو دل ٰبدث ذلك حيث مضى ا‪٤‬بطهر ابلناصر كمن معو من أماـ صنعاء‪ ،‬كأىل‬
‫الناصر ُب صنعاء ينظركف‪ ،‬كنساؤه تولوؿ أبصواهتا كجواريو يبكوف عليو‪.1‬‬
‫ك‪٤‬با كصل خارج صنعاء‪ ،‬أراد من فيها من عسكره ا‪٣‬بركج إلستنقاذه‪ ،‬كلو كاف فيو ىبلكهم‪ ،‬ككانت‬
‫الشريفة فاطمة بنت ا‪٢‬بسن ساكنة ُب دار دمحم بن الناصر ا‪٤‬بعركفة اآلف بدار الكيخيا‪ ،‬كقد راعفت‬
‫ا‪٣‬بدـ على كره من دمحم بن الناصر كٰبي الكراز ا‪٤‬بتورل لكثّب من أعماؿ دمحم بن الناصر‪ ،‬فانتهزت‬
‫الفرصة كظنت أنو يتأتى لئلماـ ا‪٤‬بطهر دخوؿ صنعاء ُب ذلك اآلكاف‪ ،‬فأمرت خدمها أف يصيحوا‬
‫كمر بو‬
‫ابسم اإلماـ ا‪٤‬بطهر من سطح الدار‪ ،‬فانتقض على جند الناصر ما أبرموه من ا‪٣‬بركج لتخليصو‪ٌ ،‬‬
‫اإلماـ ا‪٤‬بطهر من خارج صنعاء كأىلو يبكوف‪ ،‬فقصد دمحم بن الناصر كالكراز دار الشريفة فاطمة بنت‬
‫ا‪٢‬بسن‪ ،‬كأرادكا الدخوؿ عليها‪ ،‬فمنعهم خدمها كرموىم ابلنبل كا‪٢‬بجارة‪ ،‬فأحرؽ عليهم أصحاب‬
‫الناصر ابب الدار‪ ،‬كدخلوا عليهم كانتهبوا ما ُب الدار‪ ،‬كقاـ دمحم بن الناصر على ابب ا‪٤‬بنزؿ الذم فيو‬
‫الشريفة ‪٤‬بنع من يريد الدخوؿ عليها‪.2‬‬
‫ٍب سار بو ا‪٤‬بطهر إذل كوكباف‪ ،‬كبعد ذلك نقل الناصر من حصن كوكباف إذل حصن العركس‪ 3‬كىناؾ‬
‫أكدع أريق ا‪٢‬ببوس‪ ،‬كقيد بقيد ا‪٢‬بديد الثقيل كلوقي ابلتضييق كالتنكيل كقيل إنو دخل عليو دمحم بن‬
‫اإلماـ ا‪٤‬بطهر فقاؿ‪ :‬عندم لك بشارة كىدية أنبئك هبا لتأسف على أايمك ا‪٥‬بنية‪.‬‬
‫فقاؿ الناصر‪ :‬ىات ما لديك من البشارة كبْب رل فيها العبارة‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أبشرؾ أف األمّب ا‪٢‬بسْب بن‬
‫علي بن قاسم قد استوذل على صعدة كمعو األشراؼ ا‪٢‬بمزيوف‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.131‬‬


‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.371‬‬
‫‪ 1‬اًـصوش‪ :‬حدي من تني معص يف قصيب ظيـاء‪ ،‬حياري حدي هوهحان من هجة ادليوة وًضم ٍلوؿة كصى حتَعِا املسزخاث اًززاؾَة ارلرضاء‪.‬‬
‫مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1233/0 ،‬‬
‫‪253‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫فقاؿ الناصر‪ :‬ثوب الشرؼ كاحد كأ ا لذلك غّب آسف ككاجد فنبئِب اب‪٥‬بدية الٍب لديك كىاهتا كال لوـ‬
‫عليك‪.‬‬
‫فأراه قيدان من ا‪٢‬بديد ثقيبلن قد عمل ُب صعدة كقاؿ لو‪ :‬ىذا قد عمل لتدخل فيو رجليك ٍب قيده‬
‫بذلك القيد ا‪٢‬بديدُ‪.‬‬
‫أما ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر ‪٤‬با علم ٗبصّب الناصر بعد أف سار أسّبان إذل ا‪٤‬بطهر قول احملطة على‬
‫حصن ًىراف كرحل بعساكره عائدان إذل جنب‪.2‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.162‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.133‬‬
‫‪254‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫سعي ادللك عامر بن طاىر لفك أسر اإلمام الناصر‬

‫كاف ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر قد طلب من اإلماـ ا‪٤‬بطهر أف ٲبين على الناصر ابإلطبلؽ كيفك‬
‫عنو الواثؽ أك يسلمو إليو ليكوف إطبلقو على يديو كبذؿ لو ُب ذلك البذايل كما يرريو من ا‪٤‬باؿ‬
‫‪1‬‬
‫دؿ على شيء فإ٭با يدؿ على مكانة ا‪٤‬بلك‬ ‫ا‪٢‬بارر العاجل فامتنع عن ذلك اإلماـ ا‪٤‬بطهر ‪ ،‬كىذا إف ٌ‬
‫الظافر كعلو نفسو ك‪٠‬بو أخبلقو ككرـ طبعو‪ ،‬كىذه األخبلؽ ىي ا‪٤‬بعهودة دكمان من ا‪٤‬بلك الظافر ُب كل‬
‫مواقفو مع أعدائو كمن ٱبالفوه كإف نقضوا العهود كأصركا على حربو‪ ،‬كمع أف اإلماـ الناصر قد سعى‬
‫ُب حربو كقاتلو كحشد لو العساكر كالقبائل فإنو مع ذلك كلو قد سعى ُب خبلصو كفك أسره‪ ،‬بل أنو‬
‫استعد لبذؿ األمواؿ ألجل ذلك كطالب اإلماـ ا‪٤‬بطهر أف ٲبين عليو كيطلقو من األسر كىو أقرب إليو‬
‫منو قرابة كنسبان‪.‬‬
‫ك‪٩‬با يدؿ على ذلك أنو كانت بينهما مكاتبات كمراسبلت‪ ،‬فمن ذلك ما ذكره ككقف عليو ا‪٤‬بؤرخ‬
‫ا‪٤‬بعاصر ‪٥‬بما عماد الدين إدريس ابن األنف القرمطي من جواب ا‪٤‬بلك الظافر لئلماـ ا‪٤‬بطهر كقد أكرده‬
‫ابن األنف القرمطي حسب قولو كسرده على التماـ كىو قولو بعد البسملة كالعبلمة اب‪٠‬بو إذ كتبو‬
‫الكاتب اب‪٠‬بو‪:‬‬
‫أداـ هللا علو ا‪٤‬بقاـ الشريف اإلمامي ا‪٤‬بتوكلي ك‪٦‬بده كحدد سعده كجده كال فٍبء ُب مركز الفخار‬
‫كطيب اجملد كالنجار‪ ،‬كأىديو أطيب التسليم يعم اديو كما أعلن بو مناديو‪ ،‬كبعد كركد كرًن كتابو‬
‫كرسم خطابو ك‪٫‬بن ُب جبل بعداف‪ ،‬بعد أف أطاع منهم كل قاص كداف‪ٕ ،‬بمدهلل ا‪٤‬بلك الدايف يكمنوا‬
‫ُب األٲباف كالعهود‪ ،‬فأمكن هللا منهم الواحد ا‪٤‬بعبود كصارت أموا‪٥‬بم ىدران كتقطعوا شذرا مذرا ففركا‬
‫ اكصْب على أعقاهبم ككقعوا ُب اليم اعجاهبم فا‪٢‬بمدهلل على ما أكذل فنعم ما أكذل كنعم ا‪٤‬بوذل ‪...‬‬
‫ك‪٤‬با تصفحنا مشرفكم الكرًن كاسررًب فيو كاعلنتم من أجل الناصر ككقوعو ُب شرؾ ا‪٤‬بهالك‪ ،‬فبل راد‬
‫‪٤‬بقدكر هللا سبحانو ُب ا‪٤‬بضايق كا‪٤‬بسالك‪.‬‬
‫أما ما رأيتموه عليو من القياـ فرران فلوال ‪٫‬بن ىدمنا قواعد ملكو طوالن كعرران ‪٤‬با أمكنكم النهوض إليو‬
‫كال اإلرجاؼ ابلقدكـ عليو كيف كأنتم التجأًب إذل معقل مرصد فانيان منيع كطود للعز كا‪٤‬بنعة رفيع‪ ،‬كإال‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.160‬‬


‫‪255‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ىيهات كيف كنتم تقدموف على عرين األسد أك ترموف بقوس العز كالرأم األسد كلوال أمر قاسر فإف‬
‫عز ا بْب البيع كاليرب ‪٤‬با قضيتم من مرادكم التبع اليرب‪ ،‬كإف ُب ا‪٤‬بثل كما قيل عنقاء ميرب كدل يكن‬
‫أبسره لساف يعرب‪ ،‬كحديث ما تر‪ٝ‬بوف من الظنوف كتفرعونو من السجوف فبعض الظن إٍب كقصد ا‬
‫الوفاء ٗبا عاىد ا عليو أىلو كعفو ا عنو فعلو كجهلو‪ ،‬كقولكم أبقاكم هللا تعاذل لسنا ‪٩‬بن يبيع دينو‬
‫ابلدراىم كالد انّب‪ ،‬أنسيتم اقتناص عقيلتو ٕبيلة ‪ٝ‬بع القناطّب طوىب ‪٤‬بن شيلو عيبو عن عيوب الناس كدل‬
‫يعاررو الوسواس ا‪٣‬بناس فتمثلنا بقوؿ بعضهم‪:‬‬
‫جاء شقيػ ػ ػ ػق ع ػ ػ ػارض ر‪٧‬ب ػ ػ ػ ػ ػو * أف بِب عمك فيهم رمػ ػ ػاح‬
‫أعرض فإ ا أف سطون ػ ػ ػا على * طود تركنا ك ػذرل الريػ ػ ػ ػ ػاح‬
‫سل عن معالينا القُب كالضبا * إف ‪ٞ‬بانػا أب ػ ػ ػ ػدان ال يب ػ ػ ػ ػ ػاح‬
‫ذاؾ ٕبمػ ػ ػ ػ ػ ػد هللا ال ٕبولن ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا * بل جمليء ليلػ ػة ابلصب ػػػ ػ ػ ػ ػ ػاح‬
‫فمن تعدل ط ػ ػ ػ ػوره جاىػ ػ ػ ػ ػبلن * فعند ا ‪٠‬بر القن ػ ػا كالصفاح‬
‫كأنت اي سب ػ ػ ػط بِب غال ػ ػ ػ ػب * ا‪٢‬بوؿ القلػ ػ ػ ػب ال يسػتبػ ػاح‬
‫فإف يتعد للفضل عد ا إذل * اإلحساف جدان غّب أمر ا‪٤‬بزاح‬
‫كما إ ا نقَبح عليكم إلزامو ما ‪ٙ‬بت فبل حاجة لنا إذل اطبلقو إذل أيدينا إال ليبقى آللو ٗبا ٯبب‪ ،‬فإف‬
‫رأيتم إبقاء الصحب سارعتم إذل ما عولنا عليكم كُب مقابلة ذلك سوؽ ما كرعنا لكم كفوؽ ذلك‬
‫إليكم‪ ،‬كأما خزائن هللا تعاذل فنعم ىي ‪٩‬بلؤة من ر‪ٞ‬بتو‪ ،‬كأعراض الدنيا فعلها كالنقّب ُب جنب قدرتو‪.‬‬
‫كمثلك حرسك هللا تعاذل من ال ينبو اب‪٢‬بصى كال يقرع ابب حلمو ابلعصا‪ ،‬كالسبلـ كصلى هللا على‬
‫سيد ادمحم كسلم"ُ‪.‬‬
‫كمن خبلؿ ىذه الرسالة الٍب بعثها ا‪٤‬بلك الظافر إذل اإلماـ ا‪٤‬بطهر‪ ،‬يتضح لنا أف ا‪٤‬بلك الظافر قد‬
‫حرص أشد ا‪٢‬برص على إطبلؽ اإلماـ الناصر كقد بذؿ لذلك أمواالن طائلة بل إنو ُب ىذه الرسالة الٍب‬
‫كانت ردان على ا‪٤‬بطهر‪ ،‬استعد ا‪٤‬بلك الظافر أف يبذؿ زايدة على ما كعد‪ ،‬ككل ذلك ألنو كاف قد قطع‬
‫على نفسو عهدان ككعد كألىل الناصر ببذؿ جهده لفك أسره كعودتو إذل أىلو كما ىو كارح من‬
‫الرسالة‪ ،‬بل إف ا‪٤‬بلك الظافر قد ربط الصحب كالسبلـ مع ا‪٤‬بطهر ٗبسألة إطبلؽ ا‪٤‬بطهر للناصر من‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.162‬‬


‫‪256‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫األسر فقاؿ لو‪" :‬فإف رأيتم إبقاء الصحب سارعتم إذل ما عولنا عليكم كُب مقابلة ذلك سوؽ ما‬
‫كرعنا لكم كفوؽ ذلك إليكم"‪ ،‬فللو درؾ أيها الظافر من ملك كرًن شجاع جواد‪.‬‬
‫ككاف كذلك اإلماـ الناصر يكتب كىو ُب ا‪٢‬ببس إذل اإلماـ ا‪٤‬بطهر كيتلطف كيبذؿ لو ما ُب ملكو‬
‫كطاقتو لعلو ير‪ٞ‬بو كيطلقو من السجن‪ ،‬كيبدك من كتاب الناصر إذل ا‪٤‬بطهر أف الناصر قد قنع من‬
‫الدنيا كا‪٤‬بلك كدل يكن يريد شيئان من الدنيا غّب إطبلؽ سراحو كفك أسره كالعيش مع عائلتو كأكالده‬
‫بقية العمر كالعودة إذل هللا كعبادتو فقد رؽ قلبو ُب السجن كماؿ إذل اعتزاؿ الدنيا كقد كانت رسالتو‬
‫مؤثرة جدان كلكن ذلك كلو دل ٯبدم ُب إطبلؽ سراحو‪ ،‬كىذا نص الكتاب الذم بعثو الناصر إذل‬
‫اإلماـ ا‪٤‬بطهر‪:‬‬
‫" بسمميحرلا نمحرلا هللا كصلى هللا على سيد ا دمحم كآلو كسلم أفضل التحيات كأٲبن الربكات‪ ،‬إذل‬
‫كجو موال ا ككالد ا أمّب ا‪٤‬بؤمنْب كخليفة الرسوؿ األمْب‪ ،‬كقف العبد على ا‪٤‬بسطور الكرًن كا‪٤‬بقاـ ا‪٤‬بقابل‬
‫ابلتعظيم‪ ،‬كما ذكره عليو السبلـ من كقوُب كٔبنودم مدة سنْب بعد التسليم ‪٤‬با ُب كسعي من ا‪٢‬بصوف‬
‫كا‪٤‬باؿ كاألكالد كالفقيو ا‪٤‬بعاَب‪ ،‬كحاشا حسبو الشريف كاصلو ا‪٤‬بنيف أف يريد يعنفِب كيسومِب خطو‬
‫ا‪٣‬بسف بعد بذرل لوسعي كمقدرٌب حاشاه ٍب حاشاه ٍب حاشاه‪ ،‬بل ٱبتار موال ا عليو السبلـ لنفسو‬
‫رجبلن جيدان ثقة ُب بعض حصونو ىذه كيعدلِب معو‪ ،‬فما بكرت تلك الليلة إف شاء هللا إال كقد كصلوا‬
‫أكالدم اب‪٤‬باؿ كابلفقيو ا‪٤‬بعافا إذل بْب يديو إف شاء هللا كأ ا أبقى ‪ٙ‬بت يد العديل‪ ،‬حٌب يصلوا الوالة‬
‫كيسلموا ‪ٝ‬بيع ا‪٢‬بصوف إذل يده الكرٲبة إف شاء هللا من ا‪٢‬بصوف الشامية كالظاىرية كالصنعانية فإذا‬
‫صارت كلها بكما‪٥‬با ُب يده أطلقِب العديل‪ ،‬أتوجو إذل هللا إلراتد لنفسي مورعان من ىجر ا‪٤‬بسلمْب‪،‬‬
‫ا‪ٝ‬بع عائلٍب ا‪٤‬بتشتتو كأقف بينهم بقية العمر حٌب ٰبصل ا‪٤‬بوت إف شاء هللا كأكالدم رىائن معو‪ ،‬كما‬
‫أحب ُب طاعات هللا كطاعتو‪ ،‬كإف خالفت كتعررت لشيء ‪٩‬با كنت فيو ذٕبوين كما تذبح الشاة‪،‬‬
‫فحاشا هلل ما عاد ُب نفسي شيء كلو ‪ٙ‬برـ علي الشمس ٕبرمتها‪ ،‬كأكالدم أظن علي من نفسي كمن‬
‫ُب دينك كحسبك كال ‪٠‬بعت ُب‬ ‫ركحي كما عاد ُب يدم كما عاد أفعل‪ ،‬فأسألك ابهلل كبرسولو لَباجع ٌ‬
‫كبلـ كاحد‪ ،‬فقد استيفرت هللا كتبت إليو من ‪ٝ‬بيع ما كنت فيو كأنت اشفق يب كأرفق من نفسي‬
‫فأر‪ٞ‬بِب كاعتق رقبٍب كا‪ٝ‬بع مشلي بعائلٍب لوجو هللا‪ ،‬كاقصد كجو هللا ُب ‪ٝ‬بع مشل ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬كحفظ ىذه‬
‫ُب أحد فأنت أىل الفضل كا‪٤‬بعركؼ كما عاد معي كما عاد ُب‬ ‫ا‪٤‬بعاقل كحفظ ىذا ا‪٤‬باؿ كال تساعد ٌ‬
‫يدم اعتقل ألجلو كقد ىلكت كراح ركحي من السجن كا‪٢‬ببس كالقيد كالربد‪ ،‬كا‪٢‬بصوف ال توافقِب كُب‬

‫‪257‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫جسمي ‪٫‬بوؿ كرعف كقد ذىبت قوٌب كطعنت ُب السن كما قاؿ هللا تعاذل‪" :‬قد كىن العظم مِب‬
‫كاشتعل الرأس شيبان"‪...‬‬
‫فأسألك ابهلل العظيم ٍب أسألك ابهلل العظيم كبكتابو الكرًن كبنبيو الرؤكؼ الرحيم‪ ،‬كٗبا بيِب كبينك من‬
‫الرحم ا‪٤‬باسة‪ ،‬لَبؽ لضعفي كعجزم كتقبل مِب ما ُب كسعي كمقدرٌب كال تسومِب ما ال أقدر عليو‪:‬‬
‫إذل ىا ىنا أهني حديثي كانتهى * فما شئت من أمرم من ا‪٣‬بّب فاصنع‬
‫كالسبلـ عليكم كر‪ٞ‬بة هللا‪.‬‬
‫ٍب قاؿ ُب آخر الكتاب‪ :‬كالرحم الذم بيِب كبينو الٍب توسلت هبا إليو ىي أف كالدتو صفية بنت داككد‬
‫من ذرية إبراىيم بن ا‪٤‬بطهر بن ٰبي عليو السبلـُ‪.‬‬
‫كلكن ىذا الكتاب دل يؤثر على اإلماـ ا‪٤‬بطهر أبدان كدل ٱبرج الناصر من السجن‪ ،‬كسبب سجن ا‪٤‬بطهر‬
‫للناصر أنو كاف عاررو كسجن ا‪٤‬بطهر ُب حصن الربعة غريب ذمارِ‪ ،‬كيبدك أف ا‪٤‬بطهر كاف ما زاؿ ُب‬
‫نفسو من ا‪٢‬بقد على الناصر منذ أف كاف أسّبان لديو قبل ذلك‪ ،‬فقد أسر اإلماـ الناصر ا‪٤‬بطهر ُب‬
‫قريش من احية جهراف ُب بداية حكمو‪ ،‬كحبس ُب حصن الربعة غريب مدينة ذمار‪ ،‬فأنشاء اإلماـ‬
‫ا‪٤‬بطهر القصيدة اليراء ا‪٤‬بشهورة ُب مدح خّب ا‪٣‬بلق سيد الربية دمحم رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كىي طويلة قدر‬
‫مائة كاثنْب كثبلثْب بيتان‪.‬‬
‫السور‬ ‫ماذا أقػوؿ كمػ ػ ػ ػ ػا آٌب كمػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا أذر* ُب مدح من ً‬
‫رمنت مدحان لو ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫يعجز البشػ ػ ػ ػير‬ ‫ً‬
‫عن الثنػ ػ ػ ػ ػاء ‪٤‬بن جػ ػ ػ ػ ػ ػ ػاء الثناءي لو* ُب معػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػجزات ا‪٤‬بثػاين ي‬
‫دح إال ذاؾ يٰبتق ػ ػ ػ ػ ػير‬ ‫ً‬
‫من كاف مادحػ ػ ػ ػ ػ ػ ػوي الديػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا يف ُب* سور القرآف فا‪٤‬ب ػ ػ ػ ي‬
‫‪3‬‬
‫ب الط ًه ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػير‬ ‫ىذا أبو القاس ًم ا‪٤‬باحي الضبللة* ذا ي‬
‫‪٧‬بمد اجملتب ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا العاق ػ ػ ػ ػ ي‬
‫كقد كاف اإلماـ ا‪٤‬بطهر ُب خبلؿ حبسو علَّم كلد كارل ا‪٢‬بصن القرآف العظيم‪ ،‬فاحتاؿ الولد ُب فك‬
‫أسر ا‪٤‬بطهر حٌب خرج معو كأكصلو إذل ببلده‪ ،‬كدل تزؿ األحواؿ تتقلب بو اترة يقول أمره‪ ،‬كاترة‬
‫مر معنا ا‪٤‬بهدم كالناصر‪ ،‬فأما ا‪٤‬بهدم‬ ‫يضعف‪ ،‬كاترة ٯبيش على صنعاء كحينان يفَب‪ ،‬كقد عاررو كما ٌ‬
‫‪4‬‬
‫فقد كقع ُب األسر بيد الناصر كبقي مسجو ان إذل أف توُب ُب سجوف الناصر ُب سنة ْٖٗ ىػ ‪ ،‬كأما‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.133‬‬


‫‪ 0‬فصخة اهلموم‪ ،‬اًـالمة ؾحساًواسؽ جن حيي اًواسـي‪ ،‬ض‪.111‬‬
‫‪ 1‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًـالمة اًىخيس‪ ،‬ض‪.151‬‬
‫‪ 2‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًـالمة اًىخيس‪ ،‬ض‪.152‬‬
‫‪258‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الناصر فيدر بو أىل عرقب ككقع كما ذكر ا ُب األسر على أيديهم‪ ،‬كمن ٍب سلموه إذل ا‪٤‬بطهر فكاف‬
‫ُب األسر كما كاف قبلو من األئمة ُب سجونو‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬موت اإلمام الناصر‪ :‬فكاف عاقبة الناصر كمن مضى من األئمة ‪٩‬بن مات ُب األسر‪ ،‬فقد‬
‫مكث ُب األسر حٌب عاـ ٖٗٔىػ كُب التاسع من صفر من ىذا التاريخ توُب الناصر بن دمحم ُب حصن‬
‫العركس ُب أسر اإلماـ ا‪٤‬بطهر بن سليماف ا‪٢‬بمزم مكببلن اب‪٢‬بديد مصفدان ابلقيود ال حبيب لديو كال‬
‫كديد فسبحاف هللا‪.‬‬
‫"كقد طلبت كالدتو مرًن بنت علي بن صبلح الدين بن مطهر أف يقرب ُب صنعاء فمن عليهم بذلك كدل‬
‫يضيق بو ذرعان كما علم أف الثعالب تقتنص األسود‪ ،‬كال أف البياث للصقور تصيد‪ ،‬كال أف ا‪٥‬بجارس‬
‫تعدكا على الصيد‪.‬‬
‫فقبل الطلب كانزلت جثتو إذل صنعاء‪ ،‬كقد شد على ظهر ‪ٝ‬بل‪ ،‬كمضى كأنو ‪٩‬با ال يكوف كأكصلوه إذل‬
‫صنعاء‪ ،‬ك‪٤‬با أرادكا أف يقربكه فتحوا أكفانو ككجدكه مقتوالن‪ ،‬كفيو طعن كررب كاف بو ىبلكو كما كاف‬
‫عليبلن‪.‬‬
‫كحضركا السادة كالفقهاء ك‪٩‬بن حضر من القبائل الرؤساء بعد أف أركا السيد عبدهللا بن ٰبي الذم ىو‬
‫قدكة أىل مذىبو فشهد على ما بو من الطعاف كالضرابت كقع بو كقيل أهنم أكردكه إذل بركة ُب العركس‬
‫فيها ا‪٤‬باء حٌب ابتل دمو كغسلو دمحم بن اإلماـ ا‪٤‬بطهر كخدمو كجعلوا ُب موارع الطعنات الشمع‬
‫كالكافور كراموا اخفاء ما فيو كقد أذف هللا لو ابلظهور‪ ،‬قالوا كتبعو دمحم بن ا‪٤‬بطهر لّبده إذل ظيلماف‬
‫فوجد ا‪١‬بمل قد رحل بو كصار ُب أرض ٮبدافُ"‪.‬‬
‫كهبذا انتهى أمر اإلماـ الناصر كقد توذل بعده اإلمامة ابنو ا‪٤‬بؤيد دمحم بن الناصر‪ ،‬كسيأٌب معنا ذكره‪.‬‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،372‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.133‬‬
‫‪259‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الثالث‬
‫إستيالء ادللك الظافر على صنعاء‬

‫بعد استيبلء بِب طاىر على ذمار ككقوع اإلماـ الناصر ُب األسر بيد اإلماـ ا‪٤‬بطهر‪ ،‬بدأ ا‪٤‬بلك الظافر‬
‫عامر بن طاىر ابلتخطيط لئلستيبلء على صنعاء‪ ،‬كُب نفس الوقت طمع ا‪٤‬بطهر ابإلستيبلء على‬
‫صنعاء كبدأ العمل بذلك‪ ،‬إال أف اإلماـ دمحم بن الناصر كالذم توذل بعد كالده‪ ،‬فضل التواصل مع‬
‫ا‪٤‬بلك الظافر ألسباب سنبينها ُب ىذا الفصل كالذم سنقوـ بتقسيمو إذل مبحثْب كالتارل‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬تويل دمحم بن الناصر اإلمامة بعد أبيو‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬استيالء ادللك عامر بن طاىر على صنعاء‬

‫‪261‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫تويل دمحم بن الناصر اإلمامة بعد أبيو‬

‫استخلف اإلماـ الناصر بن دمحم قبل أف يؤسر ُب عرقب كلده الشريف دمحم بن الناصر على صنعاء‪،1‬‬
‫مر معنا توذل اإلمامة كا‪٢‬بكم ُب صنعاء كتلقب اب‪٤‬بؤيد دمحم بن الناصر‪،‬‬
‫كبعد أف أسر اإلماـ الناصر كما ٌ‬
‫كقد كاف صيّب السن لكنو كامل العقل حسن التدبّب ‪٧‬بببان إذل الناس حسن السّبة ُب رعيتو‪ ،‬ككاف‬
‫سيدان جليبلن كقوران نبيبلن‪.2‬‬
‫كعلى الرغم من صير سنو إال أف رجاؿ أبيو التفوا حولو كساندكه‪ ،‬كاستطاع اإلماـ دمحم بن الناصر‬
‫إحكاـ قبضتو على صنعاء‪ ،‬على الرغم من كجود الكثّب من ا‪٤‬بؤيدين كا‪٤‬بناصرين إلمامة ا‪٤‬بطهر داخل‬
‫مدينة صنعاء‪ ،‬كمنهم الشريفة فاطمة بنت ا‪٢‬بسن الٍب أفشلت ‪٧‬باكلة إطبلؽ الناصر من األسر‪.3‬‬
‫كذلك أف الناصر ‪٤‬با كصل بو ا‪٤‬بطهر خارج صنعاء‪ ،‬أراد من فيها من عسكره ا‪٣‬بركج إلستنقاذه‪ ،‬كلو‬
‫كاف فيو ىبلكهم‪ ،‬كلكن الشريفة فاطمة بنت ا‪٢‬بسن أمرت خدمها أف يصيحوا ابسم اإلماـ ا‪٤‬بطهر‬
‫كمر بو اإلماـ ا‪٤‬بطهر من‬
‫من سطح الدار‪ ،‬فانتقض على جند الناصر ما أبرموه من ا‪٣‬بركج لتخليصو‪ٌ ،‬‬
‫خارج صنعاء كأىلو يبكوف‪ ،‬فقصد دمحم بن الناصر كالكراز دار الشريفة فاطمة بنت ا‪٢‬بسن‪ ،‬كأرادكا‬
‫الدخوؿ عليها‪ ،‬فمنعهم خدمها كجرل بينهم مناكشة انتهت‪ ،‬بدخو‪٥‬بم دار الشريفة كهنبها‪ ،‬كمنع دمحم‬
‫بن الناصر من يريد الدخوؿ عليهاْ‪ ،‬فكاف أكؿ أعماؿ ا‪٤‬بؤيد دمحم بن الناصر بعد أسر كالده قمع‬
‫التمرد الذم كاف من الشريفة فاطمة بنت ا‪٢‬بسن‪ ،‬كربط أمور صنعاء الداخلية فقد ا‪٫‬بصرت دكلتو‬
‫داخل حدكدىا فقط‪.‬‬
‫ٍب إف دمحم بن الناصر دل ينسى ما صنع أىل عرقب ُب كالده من خيانتو كاليدر بو كتسليمو للمطهر‪،‬‬
‫فقاـ ابلثأر ألبيو ‪٩‬بن غدر بو من أىل عرقب‪ ،‬فقد غزا أىل عيرقيب‪ ،‬فقتل منهم قتبلن ذريعان كاد‬
‫يستأصل ‪ٝ‬بعهم‪ ،‬فقاؿ ُب ذلك السيد العبلمة دمحم بن عبدهللا ا‪٥‬بادم بن إبراىيم الوزير‪ ،‬القصيدة‬
‫ا‪٤‬بشهورة ُب ذلك أك‪٥‬با‪:‬‬

‫‪ 1‬رصاع اًعاُصًني مؽ ٔبمئة اًزًسًة‪ ،‬ؿًل ُاذي اًعَازي‪ ،‬زساةل ماحس خري ملسمة ًلسم اًخازخي لكَة الٓذاة خامـة ؿسن‪0211 ،‬م‪ ،‬ض‪.61‬‬
‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.371‬‬
‫‪ 1‬رصاع اًعاُصًني مؽ ٔبمئة اًزًسًة‪ ،‬ؿًل اًعَازي‪ ،‬ض‪.60‬‬
‫‪ 2‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.371‬‬
‫‪261‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ب‬ ‫أشبعت منهم كل طّب ٗبوقػ ػ ػ ػ ػ ً‬‫نقمت بثأ ًر الديػ ػ ػ ػ ػ ػ ػن أى ػل عرقػ ػ ػ ػ ػب * ك ى‬ ‫ى‬
‫ب‬‫كصبحته ػ ػ ػ ػ ػم اب‪٤‬بػ ػرىف ػ ػات كابلقن ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا * كقيدت إليهم موكبان بعد موك ػ ػ ػ ػ ػ ً‬
‫يدينػ ػوف أف اليػ ػ ػ ػ ػ ػدر عػ ػ ػ ػ ػ هار كسب ػ ػ ػ ػ ػةه * كيستنكركف العيب من كل أعيب‬
‫فبل عيب إال دكف عيب ابن راش ػ ود * كأعوانو األشرار من أىل يعرق ػ ػ ػ ػب‬
‫توالوا على فعػ ػ ػ ػ ًل القبيح كأ‪ٝ‬بع ػ ػ ػ ػ ػ ػوا * على اليدر اب‪٤‬بلك األغر ا‪٤‬بحجب‬
‫ي‬ ‫و‬
‫ب‬‫‪ٞ‬بيد السجااي الناص ػر بن ‪٧‬بم ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػد * كغوث الربااي ُب الزماف ا‪٤‬بقطػ ػ ػ ػ ػ ى‬
‫ب‬‫يٮبيوا نقضوا األٲباف من بعد عقدىا * كحلوا عن األٲباف من غّب موج ػ ً‬
‫صرؼ ُب ربللت ػ ػو غب‬ ‫كىم ساعدكا عمراف فيمػ ػا يري ػ ػ ػ ػ ػ ػده * كعم ػ ػ ػ ػ ػراف ه‬
‫فقلنا ‪٥‬بم ُب منطق الييػ ػ ػ ػ ػ ػب اثئ ػ ػ ػهر * كلكػ ػ ػن ال تدركف م ػ ػ ػ ػ ػ ػا ُب ا‪٤‬بيي ػ ػب‬
‫ُ‬
‫مؤيػ ػ ػد دين هللا جػ ػ ػ ػ ػ ػ ػاء من ذم ػ ػاره * ككاسطة النقصاف من خّب منصػب‬
‫كييذكر أف اإلماـ دمحم بن الناصر بن دمحم قد ‪ٛ‬بلك غالب جباؿ اليمن‪ ،‬كعاررو ُب ببلد صعدة فقط عز‬
‫الدين بن ا‪٢‬بسن بن ا‪٥‬بادم‪ ،‬كأما صنعاء كأكثر ا‪١‬بباؿ فالنفوذ البن الناصر‪.2‬‬

‫‪ 1‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬دمحم جن إسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬ض‪.154‬‬


‫‪ 0‬ذالظة من اتزخي اٍمين‪ ،‬دمحم جن ٔبمحس اذلجصي‪ ،‬مىذحة الٕزصاذ ظيـاء اٍمين‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪0225‬م‪ ،‬ض‪.03‬‬
‫‪262‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫استيالء ادللك عامر بن طاىر على صنعاء‬

‫بعد أف استوذل ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر على مدينة ذمار كحصن ىراف الذم ٌفر منهما اإلماـ‬
‫الناصر بن دمحم‪ ،‬بدأ الظافر بتجهيز جيشان كبّبان كإعداد العدة لئلستيبلء على صنعاء‪ ،‬خاصة كأف‬
‫الطريق قد مهد لو كدل يبقى أمامو من مدف أك ‪٧‬بطات أم شيء ُب سبيل اإلستيبلء على صنعاء فقد‬
‫سقطت مدينة ذمار كحصن ىراف بيد الظافر‪ ،‬كأسر اإلماـ الناصر كىو حاكم صنعاء ك‪ٙ‬بطم جيشو‬
‫‪ٛ‬بامان بعد ا‪٥‬بزٲبة الٍب يمِب هبا ُب ذمار ككقوعو ُب األسر ُب عرقب‪.‬‬
‫كتيشّب بعض الركاايت إذل أف ا‪٤‬بلك الظافر إنطلق ‪٫‬بو صنعاء ُب شهر شواؿ من عاـ ٖٔٔىػ‪ ،‬كعند‬
‫كصولو إذل صنعاء ررب عليهم طوقان شديدان ٔبيشو ا‪١‬برار ‪٩‬با أرعف أىلها عن الصمود كأعجز اإلماـ‬
‫ا‪٤‬بؤيد دمحم بن اإلماـ الناصر بن دمحم عن ا‪٤‬بقاكمة‪ ،‬كارطر إذل مصا‪٢‬بة ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر‬
‫على تسليم صنعاء مقابل ‪ٟ‬بسْب ألف دينار‪ ،‬كدفعها إليو ا‪٤‬بلك الظافر كعلى أف يبقى األمّب ا‪٤‬بؤيد ُب‬
‫قصره بصنعاء‪ ،‬ليس لو من األمر شيءُ‪ ،‬ككذا يبقى ألصحابو كُب مقدمتهم دمحم بن عيسى شارب‬
‫حصن ذم ىم ٍر ٍمر‪ 2‬كحصناف آخراف ُب ا‪٤‬بنطقة‪ ،‬ككافق ا‪٤‬بلك الظافر عامر األكؿ‪ ،‬كعقد اإلتفاؽ بينهما‬
‫حسن التدبّب‬
‫على ذلك‪ ،‬ككاف اإلماـ ا‪٤‬بؤيد قد توذل بعد أبيو‪ ،‬ككاف صيّب السن لكنو كامل العقل ي‬
‫حسن السّبة ُب رعيتوّ‪.‬‬
‫‪٦‬بببان إذل الناس ى‬
‫كىناؾ ركاية أخرل تقوؿ أبف اإلماـ دمحم بن الناصر ىو من طلب ا‪٤‬بلك الظافر أبف أيخذ صنعاء‪،‬‬
‫خشية من اإلماـ ا‪٤‬بطهر كخوفان منو من أف يهجم من كوكباف على صنعاء‪ ،4‬خاصة كأنو دل تبقى لو‬
‫القوة الكافية للتصدم للمطهر بعد أف فقد اإلماـ الناصر قواتو أماـ ا‪٤‬بلك الظافر ُب ذمار‪ ،‬ك‪٩‬بن قاؿ‬
‫ٓ‬
‫هبذا القوؿ العبلمة كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم ككذلك ا‪٤‬بؤرخ عماد الدين ابن األنف القرمطي‬

‫‪ 1‬اًخازخي اًـامص ٌَمين‪ ،‬دمحم حيي اذلساذ‪.001/1 ،‬‬


‫اًرس من مسٍصًة تين حضُش وبٔؾٌلل حمافؼة ظيـاء‪ً ،‬حـس ؾن ظيـاء مبسافة ‪ 13‬هََو مرت‬ ‫‪ 0‬ري َم ْصمص‪ :‬حعن اتزخيي صِري يف واذي ّ‬
‫ْ‬
‫ابًضٌلل اًرشيق‪ ،‬وكس وزذ امس اذلعن يف ؿسذ من اًيلوص اًلسمية‪ ،‬وًعَق امسَ اًَوم ؿىل مصنز إذازي ًضم كصى اذلخازص واحملجي‬
‫حامسرمي واًضـاة وا ٔلسساذ واًـوٍصاء ويه مٌاظق نثريت اًززوع ذاظة ا ٔلؾياة‪ .‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1272/0 ،‬‬
‫وص ُ‬
‫‪ 1‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض‪.162‬‬
‫‪ 2‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.372‬‬
‫‪ 3‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل‪ ،‬ض‪ ،026‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.142‬‬
‫‪263‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كىذاف ا‪٤‬بؤرخْب ‪٩‬بن عاصر حكم ا‪٤‬بلكْب الظافر كاجملاىد‪ ،‬فقد ذكر العبلمة ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل‬
‫ىذه الركاية فقاؿ‪" :‬فلما رأل اإلماـ دمحم بن الناصر إقباؿ دكلة ا‪٤‬بطهر ‪ ..‬فكاف من ا‪٢‬باؿ راسل ا‪٤‬بلك‬
‫الظافر كحصل اإلتفاؽ على تسليم صنعاء فوافقو ا‪٤‬بلك الظافر على ذلك‪ ،‬كسلم إليو صنعاء ُب شهر‬
‫شواؿ من سنة ٖٔٔىػ‪ ،‬فأرسل من يقبضها فدخلها كقرر حا‪٥‬با‪ ،‬كقرر ابن الناصر فيها كرتبوا لو من‬
‫خراج البلد ما يكفيو‪ ،‬كتوالىا الشيخ عفيف الدين عبدالوىاب مدة‪ٍ ،‬ب استدعاه ا‪٤‬بلك الظافر‪ ،‬كدل‬
‫يزؿ ا‪٤‬بلك الظافر يورل فيها بعد أمّب كابن الناصر هبا"ُ‪.‬‬
‫كىذا ما ذكره العبلمة دمحم بن إ‪٠‬باعيل الكبسي ُب اترٱبو اللطائف السنية فقاؿ‪" :‬كُب شواؿ استوذل‬
‫الظافر على صنعاء طوعان كدخلها ُب سنة ٕٖٔىػ‪ٍ ،‬ب دخلها الشيخ عبدالوىاب بن داكد من جهة‬
‫عمو‪ ،‬ككاف فيها من قبل السيد ا‪٤‬بؤيد دمحم بن الناصر‪ ،‬توذل بعد أبيو‪ ،‬فلما حط عليها عامر بن طاىر‪،‬‬
‫كرعف أىلها من ا‪٢‬بصار‪ ،‬ترجح لو بيعها من عامر ٗباؿ كثّب كشرط عليو أف يبقى ُب صنعاء‪ ،‬كيبقي‬ ‫ي‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫حصونو ُب ذم مرمر‪ ،‬كال يفصْب بيد أصحابو‪ ،‬كيبقى ُب ا‪٤‬بدينة من ‪ٝ‬بلة أىلها "‪.‬‬
‫كأما ركاية ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف كىو من ا‪٤‬بعاصرين لتلك األحداث فقد ذكر أف ابن الناصر كالكراز قد‬
‫خافا من اإلماـ ا‪٤‬بطهر أف يستورل على صنعاء‪ ،‬كأف يكوف لو فيها الظفر كقد أساءا إذل ابنة ا‪٢‬بسن‬
‫كال أيمناىا أف ظهر ا‪٤‬بطهر‪ ،‬فجرت ا‪٤‬بكاتبة بينهما كبْب عامر بن طاىر ُب تسليم صنعاء إليو‪ ،‬كأف‬
‫يسلم هبما من الدراىم ‪ٟ‬بسْب ألف دينار‪ ،‬ك‪٤‬بن لديهما من السادة كأىل الدكلة الكبار‪.‬‬
‫فأجاهبما إذل ذلك عامر كدل يتواىن عن ذلك كما أتخر‪ ،‬ككانت تلك ا‪٤‬بساعي بواسطة ٰبي الكراز‪،‬‬
‫كقالوا يكوف ابن عدالف صاحب جنات البوف‪ 4‬العديل‪ ،‬كأصدر إليو الكراز أف يبادر ابلوصوؿ فوصل‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،233/4 ،‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل‪ ،‬ض‪.026‬‬
‫‪ 0‬اً ُفعني‪ :‬حعيان ًلال ٔلحسٌُل اً ُفط اًىدري والٓدص اً ُفط اًعلري‪ ،‬وًـخلس ٔبن ٌل ابًلصة من حدي ري مصمص تين حضُش و ٔبؾٌلل ظيـاء‪،‬‬
‫تُامن ٍصى اًحـغ ٔبن ٌل جبواز حدي هوهحان‪ ،‬ومل ًـس الٕمس مـصوف ًا اًَوم وكس اكن هلٌل رهص يف اًلصن اًساذش اًِجصي حِر حتعن هبٌل اًسَعاهني‬
‫ؿَوان ومعص اتين اًسَعان حامت اذلامتي يف مواهجة كواث ظلخىني ا ٔلًويب‪ٔ .‬بهؼص‪ٍ :‬لوع تدلان اٍمين وكدائَِا‪ ،‬اذلجصي‪ ،413 ،‬مـجم اًحدلان‬
‫واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1014/0 ،‬‬
‫‪ 1‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض‪.162‬‬
‫‪ 2‬حٌاث اًحون‪ :‬مسًية ٔبثصًة ُامة يف كاع اًحون‪ ،‬ثلؽ ابًضٌلل اًرشيق من مسًية معصان مبسافة حنو زالزة هََو مرت‪ ،‬جض هتص مبـاملِا ا ٔلثصًة‬
‫وكعوزُا وكالؾِا ومـاملِا اًخازخيَة‪ ،‬وًلال ان ا مسَت هبشا ا ٔلمس ٔلن ا اكهت مضِوزت ابًززاؿة وجىرثت ادرضاز ٔبزضِا هدِجة ثسفق املَاٍ‬
‫واًلَول‪ ،‬وًوخس يف مسًية ادلياث اًىثري من املـامل ا ٔلثصًة ومهنا اًلعوز املحًِة من اًعني واملزدصفة مباذت ادلخس واًيوزت اًحَضاء‪ ،‬نٌل ثوخس‬
‫اًـسًس من مسافن اذلحوة‪ ،‬وحيَط ابملسًية اًلسمية سوز ٔبثصي ؾحازت ؾن مداين من اًلعوز واملياسل املرتاظة حول تـضِا ثضلك ذائصي‪ ،‬وحيُك‬
‫ُشا اًسوز تواتخان هحرياتن حممكخا اًحياء وحمعيخان تبٔتواة دضخِة‪ ،‬وثوخس يف ز ٔبش حدي ادلياث مبٓثص كعوز كسمية وؿسذ من اًربك وا ٔلجحاز‬
‫امليلوصة ابًىذاابث اسلريًة واًس حئِة‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.134/1 ،‬‬
‫‪264‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫القلعة ٍب إذل صنعاء‪ ،‬فقاـ مفتاح العديل ُب القصر‪ ،‬كقاؿ إ ا حافظوف لو ابليلبة كالقهر‪ ،‬كمنع الكراز‬
‫كقد دخل إليو ا‪٣‬بركج كقاؿ إنك ال ‪ٚ‬برج عن القصر‪.‬‬
‫كقاؿ إ ا ‪٫‬بفظ ىذا القصر حٌب أنخذ من الناصر األمر كإال فمطهر أكذل بو أك ال نصده عن دخوؿ‬
‫اببو‪ ،‬فخرج ابن الناصر ككالدتو كصاحوا اببن ‪٨‬بارش كمن معو اب‪٤‬بعونة‪ ،‬كقالوا ال ٲبنعنا مانع دكنو كقاـ‬
‫من بقي من الدكلة مع ابن الناصر‪ ،‬كقالوا ال ‪٬‬بالف قولو كال نيادر‪.‬‬
‫فخرج ا‪٢‬بويلي عن صنعاء شاردان‪ ،‬كرجع الكراز إذل ما كاف عليو من ا‪٢‬بديث معاكدان فوصل علي بن‬
‫ا‪٢‬بسْب صاحب ىر ى‪ٟ‬بة‪ 1‬إذل ٰبي الكراز كحده‪ ،‬كقاؿ قد أرسلِب عامر إليك فإف كنت صادقان سلمت‬
‫إرل قصر صنعاء كإال رجعت كحدم كدل يشعر أحد بوركدم‪.‬‬
‫كقد كصل بكتاب ا‪٤‬بلك الظافر إذل ٰبي الكراز كطلب منو التماـ كاإل‪٪‬باز‪ ،‬فأخرج ابن اإلماـ ككالدتو‬
‫كما كاف معهما من القصر كأكَب بتماـ األمر‪ ،‬ككاف النوح كالعويل ُب قصر صنعاء‪ ،‬كصاركا إذل بيت‬
‫دمحم بن ا لناصر كسكن فيو ابن الناصر ككالدتو مرًن بنت علي بن صبلح‪ ،‬كتسلم قصر غمداف‪ 2‬علي‬
‫بن ا‪٢‬بسن الر‪ٟ‬بي للملك الظافر‪ ،‬فاستخدـ من قد عرفو خدـ مع عامر ‪٩‬بن كجده من رتبة القصر من‬
‫أىل الظاىر‪ ،‬كأرسل إذل علي بن ا‪٢‬بسن أمّب ٮبداف أف ابدركا إرل هبمداف‪ ،‬فإين على غّب أماف لتحفظ‬
‫القصر حٌب يصل العلم من ا‪٤‬بلك الظافر ببل تواف‪ ،‬فأمر علي بن ا‪٢‬بسن ٗبائٍب فارس من ٮبداف‪،3‬‬
‫فدخلوا قصر صنعاء آزاؿ‪ 4‬كرربت الطبلخانة كدعوا ابلنصر للملك الظافر ذلك اآلكاف‪ ،‬كصاحوا ‪٤‬بن‬
‫ُب صنعاء كمن كرد إليها عن عامر بن طاىر ابألماف‪.‬‬

‫‪َ 1‬ز َمخة‪ :‬كصًة هحريت يف مٌعلة مٌلشٍ من مسٍصًة ؿًس يف اًرشق اًضٌليل من مسًية رماز مبسافة مخسة هََو مرت‪ ،‬ويه كصًة قيَة ابلٓاثز‬
‫اسلريًة‪ ،‬واكهت ثـصضت ٌَرصاة يف س ية ‪ُ712‬ػ‪ ،‬ؿىل ًس ا ٔلمري دمحم جن ؿًل اًلمًل من زخال ادلوةل اًعاُصًة‪ ،‬وركل ًـسم إًزتام ٔبَُِا تسفؽ‬
‫اًواحداث‪ ،‬مث ؿاذث إٍهيا اذلَات‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.462/1 ،‬‬
‫‪ 0‬كرص مغسان‪ :‬كرص كسمي اًحياء يف مسًية ظيـاء ما ساًت بٓاثزٍ كامئة إىل اًَوم‪ ،‬رشيق ادلامؽ اًىدري يف سفح حدي هلم‪ً ،‬لال ٔبن ابهََ ُو إًي‬
‫رشخ حيضة جن فصع ٍهنة املكل ارلامس من مَوك س حبٔ وري زًسان ‪ 13‬ق‪.‬م‪ ،‬اكن كرص ًا صاخم ًا مدسـ ًا رهص اهلمساين ٔبهَ اكن ؾرشٍن سلف ًا‬
‫ٔبي ؾرشٍن ظاتل ًا لك سلف ؾرشت ؿىل ٔبرزع‪ ،‬واكهت قصفة اًص ٔبش اًـََا جمَس املكل ٔبزين ؾرش رزاؿ ًا‪ ،‬ؿَهيا جحص من زذام صفاف‪ ،‬واكن يف‬
‫سوااي اًلرص ٔبزتـة ٔبسوذ من اًيحاش ذازخة ظسوزُا‪ ،‬فإرا ُحت اًصحي يف ٔبحوافِا س ٔبزث نٌل ٍز ٔبز ا ٔلسس‪ ،‬وٍصحؽ اتزخي هتسم كرص مغسان إىل‬
‫ٔبوائي اًلصن اًساذش املَالذي‪ ،‬ورهص اذلجصي ٔبهَ دصة يف سمن ؾامثن جن ؾفان زيض هللا ؾيَ‪ ،‬وكس هلَت ٔبجحازٍ واسعواانثَ وتـغ اًيلوص‬
‫ًحياء ادلامؽ اًىدري يف ٔبايم ادلوةل اًَـفصًة اسلريًة‪ ،‬وتلااي اًلرص اًَوم يه خماسن ٌدلوةل‪ ،‬وذاذهل خمزب ٌَجُش ومسجسان‪ ،‬وًـصف ابمس كرص‬
‫اًسالخ‪ٔ .‬بهؼص‪ٍ :‬لوع تدلان اٍمين وكدائَِا‪ ،‬اذلجصي‪ ،‬ض‪ ،404‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1162/0 ،‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،372‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.142‬‬
‫‪ 2‬كرص ظيـاء بٓسال‪ُ :‬و كرص مغسان وٌسمى كرص ٔبسال وس حة إىل ا ٔلمس اًلسمي ملسًية ظيـاء‪ ،‬وكِي مسَت وس حة إىل ابىهيا ٔبسال جن ًلعن جن‬
‫ؿاجص جن صاخل جن ٔبزخفضش‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.33/1 ،‬‬
‫‪265‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كقامت لعلي كعامر ابِب طاىر ا‪٣‬بطبة ُب ا‪١‬بامع كملكا صنعاء‪ ،‬ككاف تسلم كارل ا‪٤‬بلك الناصر ُب آخر‬
‫يوـ من شهر رمضاف سنة ٖٔٔىػ‪ ،‬كا‪٣‬بطيب ىو خطيب الناصر كىو عبدالر‪ٞ‬بن بن دمحم الشاكرم‪،‬‬
‫كصار كقت أخوٮبا األصير كمذىبهما مذىب الشافعي‪ ،‬ككاف أبوٮبا كجدٮبا يدارايف‪.1‬‬
‫كاب‪١‬بمع بْب ىذه الركاايت يكوف األقرب إذل الصواب إذل أف قد ًب إذل تسليم صنعاء طوعان كصلحان‪،‬‬
‫كمع ذلك ال ٲبنع ذلك من أف ا‪٤‬بلك الظافر قد صعد إذل صنعاء عند استبلمو ‪٥‬با ٔبيش‪ ،‬كأعدة العدة‬
‫‪ٙ‬بيطان ‪٤‬با قد ٰبصل من مكيدة أك ىجوـ سواءن من قبل ا‪٤‬بؤيد بن الناصر أك من قبل اإلماـ ا‪٤‬بطهر‪ٍ ،‬ب‬
‫إنو قد ررب كذلك ا‪٢‬بصار على صنعاء حٌب يتم األمر لو‪ٍ ،‬ب أخذىا صلحان مع اإلماـ دمحم بن‬
‫الناصر حقنان للدماء‪.‬‬
‫كيبدك من خبلؿ ا‪١‬بمع بْب ا‪٤‬بصادر التارٱبية الٍب ذكرت ىذه الواقعة‪ ،‬أف اإلماـ دمحم بن الناصر خشي‬
‫على نفسو من اإلماـ ا‪٤‬بطهر‪ ،‬فراسل ىو كابن الكراز ا‪٤‬بلك الظافر‪ ،‬فأرسل ا‪٤‬بلك عامر من قبلو ُب‬
‫آخر شهر رمضاف كبداية شواؿ سنة ٖٔٔىػ من يتأكد من ذلك يقبض صنعاء‪ ،‬كقد اشَبط لنفسو‬
‫عدة أمور كيبدك أف ا‪٤‬بلك الظافر قد اختصو أبمور كثّبة كذلك كقد خرج اإلماـ دمحم بن الناصر من‬
‫خبلؿ تسليمو صنعاء للملك الظافر ابلنقاط أك النتائج اآلتية‪:‬‬
‫ُ‪ .‬يكوف لئلماـ دمحم بن الناصر ا‪٢‬بصوف كالقرل كا‪٤‬بعاقل الٍب ًب اإلتفاؽ عليها بْب الطرفْب‪ ،‬ككذا‬
‫يبقى ألصحابو كُب مقدمتهم دمحم بن عيسى شارب حصن ذم مرمر كحصنا ال يفصْب كٮبا ُب نفس‬
‫ا‪٤‬بنطقة‪.‬‬
‫ِ‪ٰ .‬بق لئلماـ دمحم بن الناصر أف يبقى ُب صنعاء بقصره‪ ،‬غّب أنو ال يكوف من أمر صنعاء أم شيء‪،‬‬
‫فبل يتدخل ُب شؤكف ا‪٢‬بكم كالٍب ٱبتص األمّب ا‪٤‬بعْب من قبل ا‪٤‬بلك الظافر‪.‬‬
‫ّ‪ .‬يدفع ا‪٤‬بلك الظافر لئلماـ دمحم بن الناصر مبلغ كقدره ‪ٟ‬بسْب ألف دينار مقابل تسليم صنعاء‪.‬‬
‫ْ‪ .‬بعد دخوؿ ا‪٤‬بلك الظافر إذل صنعاء كاإلتفاؽ مع اإلماـ دمحم بن الناصر رتب لو من خراج البلد ما‬
‫يكفيو كاتباعو‪.‬‬
‫ٓ‪ .‬يبدك كذلك أف اإلماـ دمحم بن الناصر قد طلب من ا‪٤‬بلك الظافر أف يسعى ُب إطبلؽ كالده من‬
‫سجن اإلماـ ا‪٤‬بطهر‪ ،‬كقد كعده ا‪٤‬بلك الظافر بذلك كفعبلن سعى ُب إطبلؽ اإلماـ الناصر كقد‬
‫مر معنا‪.‬‬
‫حاكؿ بذؿ األمواؿ لئلماـ ا‪٤‬بطهر إلطبلقو إال أنو رفض إطبلقو كما ٌ‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.142‬‬


‫‪266‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫قصر غمدان فً شعوب صنعاء القدٌمة والمسمى حالٌا دار السالح‬

‫سور صنعاء القدٌمة وباب الٌمن‬

‫لوحة بالخط المسند فً بوابة قصر غمدان بصنعاء‬

‫‪267‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫دخول عبدالوىاب بن داود صنعاء‪ :‬بعد أف تسلم علي بن ا‪٢‬بسن الر‪ٟ‬بي صنعاء من اإلماـ دمحم بن‬
‫الناصر ُب شهر شواؿ سنة ٖٔٔىػ‪ ،‬كاف يعترب أكؿ كارل يتوذل صنعاء من قبل الدكلة الطاىرية‪ ،‬كبعد‬
‫أف استتب األمر للملكاف اجملاىد كالظافر على مدينة صنعاء‪ٍ ،‬ب دخلها عبدالوىاب بن داكد بن طاىر‬
‫متوليان أمرىا من قبل عمو ا‪٤‬بلك الظافرُ‪.‬‬
‫فأرسل ا‪٤‬بلك الظافر ابن أخيو الشيخ عبدالوىاب بن داكد كاليان على صنعاء‪" ،‬كأقاـ ٮبداف مع كارل‬
‫قصر غمداف حٌب كصل عبدالوىاب بن داكد بن طاىر‪ٍ ،‬ب جاء معو من ا‪١‬بنود كالعساكر فدخل‬
‫صنعاء على حْب غفلة‪ ،‬كجاء علي بن ا‪٢‬بسْب ُب عسكر كافر من ٮبداف‪ ،‬فألتقاىم عبدالوىاب إذل‬
‫ا‪٤‬بيداف فآنس هبم ككاف كا‪٥‬بايب‪ ،‬ككردت إليو بعد ذلك من ‪ٝ‬بيع ا‪١‬بهات ا‪٤‬براكب‪ ،‬كابتوا ‪ٝ‬بيعان ُب‬
‫قصر صنعاء كخضع ‪ٝ‬بيع من حو‪٥‬با كرىان كطوعان‪ ،‬كأقاـ عبدالوىاب ُب عبدالوىاب ُب صنعاء أايمان ٍب‬
‫رجع إذل عند عامر بن طاىر إذل ا‪٤‬بقرانة‪.2‬‬
‫دخول ادللك الظافر عامر بن طاىر إىل صنعاء‪ :‬كمكث ا‪٤‬بلك الظافر إذل شهر شواؿ سنة ٕٖٔىػ‪،‬‬
‫كطلع صنعاء ُب عساكر ‪ٝ‬بة قيل أف ا‪٣‬بيل تزيد على ألف فارس‪ ،‬كأما الرجالة فلم يستطع أحد حصر‬
‫عددىم لكثرهتم‪ ،‬كلقيو األمّب علي بن ا‪٢‬بسن إذل حزيز ُب ألف راجل من ٮبداف أك يزيدكف ُب سبعْب‬
‫فارسان‪ ،‬فأعجب عامر كمن معو بعسكر ٮبداف كما ‪٥‬بم من الزىو الذم ال يوجد مع غّبىم‪.3‬‬
‫كقد كقف عامر عن الركوب‪ ،‬فلما سلموا عليو كعرروا بْب يديو‪ٌ ،‬قرب علي بن ا‪٢‬بسن إليو كركب‬
‫عامر كسار الناس‪ ،‬كأراد ٮبداف أف يكونوا حوؿ عامر‪ ،‬فمنعهم من حولو من العساكر ككاد أف يكوف‬
‫بينهم التحاجز كالتنافر‪ ،‬فأمر عامر جنده أف ٱبلوا عسكر ٮبداف عنده‪ ،‬فسار الناس كبعدكا عنو كقرب‬
‫إليو ٮبداف كىو على ا‪٢‬بمل ُب احململ فرفع الستاير كجعل ٰبدث من قرب إليو من ٮبداف كيؤنسهم‪.‬‬
‫كدخل دمحم بن داكد بن طاىر ٔبنده ُب أكؿ العساكر كتبله أخوه عبدا‪٤‬بلك بن داكد بن طاىر‪ ،‬كمع‬
‫كل كاحد ‪ٝ‬بلة من ا‪١‬بنود كمضافان إليو من ا‪١‬بند الوافر‪ ،‬كأتٌب الناس كل ٗبن ينضاؼ إليو‪ٍ ،‬ب دخل‬
‫يوـ عظيم البهاء كا‪٥‬بيبة كاإلقباؿ كالزىاء‪ ،‬كعرب أىل‬
‫عامر كٮبداف بْب يديو‪ ،‬فكاف ذلك كما يقاؿ ه‬
‫ا‪٣‬بيل اب‪٤‬بوكب ُب ا‪٤‬بيداف‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.107‬‬


‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،372‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.142‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪ ،150‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.372‬‬
‫‪268‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككاف دمحم بن داكد القادـ للفرساف كأخوه عبدا‪٤‬بلك خا‪ٛ‬بهم ُب ذلك اآلكاف فعجب الناس لفركسيتهما‬
‫كحسن ىيئتهما‪ٍ ،‬ب تقدمت القبائل اب‪٣‬بيل أكالن أبكؿ كدخلوا ا‪٤‬بيداف ‪ٝ‬ببلن‪ ،‬كدخل ا‪٤‬بلك الظافر قصر‬
‫آزاؿ كأدخل معو علي بن ا‪٢‬بسن‪ ،‬فحْب انتهيا إذل ا‪٤‬بنظرة العليا الٍب كاف اإلماـ يقف فيها كملوؾ‬
‫صنعاء‪ ،‬قاؿ عامر بن طاىر لعلي بن ا‪٢‬بسن‪ :‬نصلي ركعتْب شكران هلل إذ كصلنا ىذا ا‪٤‬بكاف‪ ،‬كأزاؿ عنا‬
‫أعدائنا أىل ا‪١‬بور كالعدكاف‪ ،‬فصلى كل كاحد منهما ركعتْب ك‪ٞ‬بد هللا تعاذل إذ أزاؿ أىل العدكاف ُب‬
‫ا‪١‬بانبْبُ‪.‬‬
‫ككتب عماد الدين أدريس بن األنف القرمطي هتنئة للملك الظافر أببيات شعرية ٗبناسبة استيبلئو على‬
‫صنعاء كقصر آزاؿِ‪ ،‬قاؿ فيها‪:‬‬
‫ىنيئان لقد أكالؾ خالقك النص ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػرا * كاعطاؾ صنعاء ا‪٤‬بدينة كالقصرا‬
‫مدينة ساـ ملك أبن ػ ػ ػ ػ ػ ػاء تبػ ػ ػ ػ ػ ػع * كتلك الٍب كانت تفوؽ على مصرا‬
‫إذا افتخرت أمبلؾ كسرل كقيصر * فليس يداين من يفاخرؾ الفخرا‬
‫كمن ُب ا‪٤‬بلوؾ األكلْب إذا عل ػوا * كمثلك اي من فاؽ كل الورل قدرا‬
‫رفعت العبل اي عام ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػر كعمرهتا * فمد إلػ ػ ػو العا‪٤‬بيػ ػ ػ ػ ػن لك العم ػ ػ ػ ػ ػرا‬
‫فمالك إال صنوؾ ا‪٤‬بلك حسبو * إذا ذكرت األمبلؾ كافتػخركا كاطرا‬
‫لقد زينتما الدنيا كشيد‪ٛ‬با العبل * كاسستها التقول كاعليت ػ ػما الذك ػ ػ ػرا‬
‫ملكتم زبيدان ملك غساف عنوة * كقد حز‪ٛ‬با صنعاء كانت ػم هب ػا أحرل‬
‫فجاءت ببل كره إليكم مطيع ػ ػ ػة * كلو صعبت حزًب ‪٩‬بالكهػ ػ ػا قه ػ ػ ػ ػ ػ ػرا‬
‫كأنت الذم شردت مالك ملكها * كطردت حٌب صار من ‪ٝ‬بلة األسرل‬
‫تطاكؿ حٌب طلت قدران كفقتػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػو * عل ػ ػ ػ ػ ػوا ك‪٤‬بػ ػ ػ ػ ػا طاؿ اكسيت ػو قصرا‬
‫لك اليمن األعلى مع األسفل الذم * ملكت فما ملك الشاـ كال بصرل‬
‫غدا كل من عاداؾ ُب شر حالو * كصارت يداه من ‪٩‬بالكػ ػ ػ ػ ػ ػو صفػ ػ ػ ػرا‬
‫كىل لبيات الطّب ُب ا‪١‬بو منقذ * إذا ىي القت حْب فارقػ ػت الصقرا‬
‫فأنك ليث من ‪٨‬بالبك القنا * كبيض الطبا صارت لك الناب كالظفرا‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.151‬‬


‫‪ُ 0‬و ما ًـصف الٓن تلرص مغسان‪.‬‬
‫‪269‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫فبل عار أف ذللت كل معانػ ػ ػ ػ ػ ػد * عليػ ػ ػ ػ ػ ػو كال ينجيو منػ ػ ػ ػ ػ ػك إذا فػ ػ ػ ػ ػ ػرا‬
‫ىناء كما ابِب طاىر بن معورة * لقد حز‪ٛ‬با ما دل ٰبز م ػ ػلك قهػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػرا‬
‫ملكتم زبيد ٍب صنعاء كبعدىػ ػ ػ ػ ػا * مع عدف تلك الٍب عظم ػ ػ ػ ػ ػ ػت قدرا‬
‫كفاقت ذمار حْب قاـ خطيبه ػا * لذكركما اي حب ػ ػذا تلكم ػ ػ ػ ػ ػا الذكػ ػ ػ ػ ػرا‬
‫كما بكما عزت تعػ ػ ػز كجبلػ ػ ػ ػ ػ ػة * كىل كتعػ ػ ػ ػ ػز الع ػ ػ ػز ُب ا‪٤‬بدف الكبػرل‬
‫فإنكم ػ ػ ػا اعليتما كل مفخ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػر * كدكختما ابلصارـ القاطع الشحرا‬
‫كسقتما ا‪١‬بيش العرمرـ للربػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا * كافعمتما ابلعسكر الرب كالبحػ ػ ػ ػ ػرا‬
‫كدكخهما ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بمجد عامػ ػ ػر * كطبقها ا‪١‬بيش الكبّب الذم جػرا‬
‫كسار إليها فاستطاعت ألسره * كلقي هبا الباغْب حْب عبت أم ػرا‬
‫كتلك خيار األرض ال شيء مثلها * كمن حو‪٥‬با األهنار كالركرة ا‪٣‬بضرا‬
‫كطيب ىواىا ال يقاس بيّبىا * إذا ىبت األركاح كانتشرت بش ػ ػ ػرا‬
‫ُ‬
‫فحمدان لرب العا‪٤‬بْب فإننػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا * سجد ا لو إذ جاء ا علم ذا شكػرا‬
‫ٍب أ اب ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر فيها األمّب دمحم بن عيسى البعداين كغادرىا إذل ببلده ُب جنب ٍب‬
‫عاد على عدفِ‪.‬‬
‫ككاف اإلماـ ا‪٤‬بؤيد دمحم بن الناصر بعد ىذا اإلتفاؽ الرجل ا‪٤‬بقدـ للدكلة الطاىرية ُب ا‪١‬بهات الٍب تلي‬
‫صنعاء من جهة صعدة كاليمن األعلى‪ ،‬كقد "أقطع بنو طاىر ابن اإلماـ الناصر قرل كمعاقل كثّبة‬
‫كجعلوه مقدمان فيها"‪ ،‬أما ابلنسبة ‪٤‬بدينة صنعاء فقد شرط عليو ا‪٤‬بلك الظافر أف يبقى ُب داره ُب‬
‫صنعاء‪ ،‬كيبقى ُب حصونو ذم مرمر كال يفصْب بيد أصحابو كيبقى ُب ا‪٤‬بدينة من ‪ٝ‬بلة أىلهاّ‪.‬‬
‫تعيني حيي بن الكراز انئباً حلاكم صنعاء‪ٌ :‬‬
‫مر معنا أف الذم سعى للصلح بْب اإلماـ دمحم بن الناصر‬
‫كا‪٤‬بلك الظافر كتسليم صنعاء إليو الشيخ ٰبي الكراز‪ ،‬كمن ىنا ٘بذرت العبلقة بْب الكراز كالدكلة‬
‫الطاىرية كقويت الصداقة بينهما ‪٩‬با جعل ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر يستعْب بو ُب أمور صنعاء‬

‫‪1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.140‬‬


‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.374‬‬
‫‪ 1‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض‪.162‬‬
‫‪271‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كشؤكف ا‪٢‬بكم‪ ،‬ففي سنة ٖٖٔىػ‪" ،‬سار ٰبي الكراز إذل بِب طاىر هبدااي عظيمة من ا‪٣‬بيل كالسركج‬
‫كالعدد‪ ،‬فأكرموه غاية اإلكراـ‪ ،‬كجعلوه مشاركان لنائبهم ُب صنعاء‪ ،‬كىو دمحم بن عيسى البعداينُ"‪.‬‬
‫كابلنسبة لئلماـ ا‪٤‬بؤيد فإنو دل يكن لو من األمر شيء ُب صنعاء بل أنو كاف ماكثان ُب قصره ُب صنعاء‪،‬‬
‫كقد اشتيل اإلماـ ا‪٤‬بؤيد بعد استيبلء الطاىريْب على صنعاء ابلدركس كالعلوـ الشرعية ُب جامعها كىو‬
‫ا‪١‬بامع الكبّب بصنعاءِ‪.‬‬
‫العوامل اليت ساعدت الدولة الطاىرية لإلستيالء على صنعاء‪:‬‬
‫ال شك أف ىناؾ عوامل ساعدت ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر لئلستيبلء على صنعاء‪ ،‬فبل يتحقق أم‬
‫نصر ك‪ٛ‬بكْب إال أبسباب كعوامل أدت إليو‪ ،‬كمن أىم العوامل الٍب ساعدت الدكلة الطاىرية لئلستيبلء‬
‫على صنعاء‪:‬‬
‫ُ‪ .‬سقوط مدينة ذمار بيد الدكلة الطاىرية ككانت تعترب ٗبثابة خط الدفاع األكؿ لئلماـ الناصر‪،‬‬
‫كاهنيار الناصر كقواتو كعدـ ‪ٛ‬باسكها ‪٤‬بواجهة قوات الدكلة الطاىرية‪ ،‬كيتضح ذلك من انسحابو‬
‫غّب ا‪٤‬برتب من ذمار‪.‬‬
‫ِ‪ُ .‬ب ا‪٤‬بقابل استطاع ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر بقوة شخصيتو كسيطرتو على ا‪٤‬بوقف كىدكء أعصابو أف‬
‫ٯبمع قوات عسكرية كبّبة جدان من رجالو كقبائلو كحلفائو ُب كل مكاف‪ ،‬فلم يستعجل ابإلنتقاـ‬
‫مباشرة ابسَبجاع ذمار بل تريث حٌب ييعد نفسو جيدان كٯبهز القوات البلزمة لذلك‪.‬‬
‫ّ‪ .‬كقوع اإلماـ الناصر ُب األسر كاليدر بو من قبل أىل يعرقب‪ ،‬أربك ا‪٤‬بوقف كثّبان فلم يتوقع ابنو‬
‫ا‪٤‬بؤيد كرجاؿ دكلتو أف يؤسر خاصة كأنو كقع ُب يدم ألد أعدائو كىو اإلماـ ا‪٤‬بطهر‪ ،‬كالذم كاف‬
‫سجينان سابقان لدل الناصر‪.‬‬
‫ْ‪ .‬خوؼ ا‪٤‬بؤيد ابن الناصر كرجاؿ دكلتو من بطش ا‪٤‬بطهر هبم خاصة بعد كقوع الناصر ُب األسر‪،‬‬
‫كظهور ‪ٛ‬برد الشريفة بنت ا‪٢‬بسن كالذم يدؿ على كجود معاررة قوية داخل صنعاء‪ ،‬قد تساعد‬
‫على كقوع صنعاء بيد ا‪٤‬بطهر ُب أم ‪٢‬بظة‪.‬‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،374‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.175‬‬
‫‪ 0‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض‪.162‬‬
‫‪271‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٓ‪ .‬بعد استيبلء الدكلة الطاىرية على ذمار كاهنيار قوات اإلماـ الناصر ككقوعو ُب األسر‪ ،‬فقد ابنو‬
‫ا‪٤‬بؤيد الذم خلفو ُب حكم صنعاء كل ا‪٤‬بقومات العسكرية الٍب تساعده على ا‪٤‬بقاكمة‪ ،‬خاصة كأنو‬
‫دل يتبقى أمامو للدفاع عن صنعاء سول أسوارىا‪.‬‬
‫ٔ‪ .‬اإلنقسامات بْب أئمة الزيدية‪ ،‬كالٍب ظهرت كارحة من ‪ٙ‬بالف ‪ٝ‬بيع األئمة مع الدكلة الطاىرية‬
‫للقضاء على اإلماـ الناصر‪ ،‬فقد استيل ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر ذلك جيدان‪ ،‬خاصة كأف ‪ٝ‬بيع‬
‫حلفائو من الزيدية لديهم خصومة كعداكة سابقة مع الناصر بسبب بطشو ٖبصومة كمناكئيو‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬أيضان من العوامل ا‪٤‬بهمة الٍب أدت إذل استيبلء الدكلة الطاىرية على صنعاء‪ ،‬أف ا‪٤‬بلك عامر قد‬
‫سهل عملية ا‪٤‬بفاكرات مع ابن الناصر‪ ،‬كعرب كسطاء من رجاؿ دكلة الناصر كابن الكراز كغّبه‪،‬‬
‫فقد كافق على ‪ٝ‬بيع شركطو ٗبا فيها استقراره ُب صنعاء كالسعي لفك أسر كالده‪ ،‬كإبقاء بعض‬
‫ا‪٢‬بصوف ألنصاره‪.‬‬
‫كال شك أف ىذا اإلنتصار كاف من العوامل ا‪٤‬بهمة إلستقرار الدكلة الطاىرية كدافعان ‪٥‬با لزايدة رقعتها‬
‫كمساحتها على حساب اآلخرين‪ ،‬كالتقليل من أٮبية القول األخرل ا‪٤‬بنافسة لسلطاهنا‪ ،‬كىذا ما دفعهم‬
‫للسيطرة على ا‪٢‬بصوف احمليطة بصنعاء كما سيأٌب معنا‪.‬‬

‫‪272‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الباب السادس‬
‫األوضاع السياسية بعد استيالء بين طاىر على صنعاء‬

‫بعد أف استوذل ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر على مدينة صنعاء كترتيب شؤكف الوالية فيها‪ ،‬بدأت الدكلة‬
‫الطاىرية ُب التوسع إب٘باه ا‪٤‬بناطق الٍب حوؿ صنعاء لتأمْب مدينة صنعاء‪ ،‬ككاف ا‪٤‬بفَبض أف تستقر‬
‫أحواؿ اليمن كيبدأ ا‪٤‬بلكْب ُب إجراءات اإلصبلحات اإلقتصادية الداخلية للببلد‪ ،‬كاإللتفات ألمور‬
‫ا‪٢‬بكم األخرل‪ ،‬إال أهنما قد كاجها ‪ٛ‬برد اإلماـ الناصر ُب صنعاء إلستعادة ملك أبيو‪ ،‬لذا فإننا ُب ىذا‬
‫الباب سنتكلم أكالن عن توسعات ا‪٤‬بلك الظافر كمد نفوذ الدكلة الطاىرية إذل ا‪٤‬بناطق كا‪٢‬بصوف احمليطة‬
‫بصنعاء‪ٍ ،‬ب نتكلم فيو عن ‪ٛ‬برد اإلماـ الناصر كإستعادتو ‪٤‬بدينة صنعاء كمقتل ا‪٤‬بلك الظافر خبلؿ‬
‫‪٧‬باكالتو العديدة إلسَبداد صنعاء‪ٍ ،‬ب نبْب ُب فصل اثلث التمردات القبلية الٍب قامت بعد مقتل ا‪٤‬بلك‬
‫الظافر‪ ،‬كتصدم ا‪٤‬بلك اجملاىد ‪٥‬با‪ٍ ،‬ب نبْب ُب فصل رابع كفاة ا‪٤‬بلك اجملاىد كنربز فيو أىم اآلاثر الٍب‬
‫تركها بعد كفاتو‪ٍ ،‬ب ‪٬‬بتم ىذا الباب بذكر العبلقات ا‪٣‬بارجية مع الدكؿ اجملاكرة للدكلة الطاىرم‪ ،‬كعلى‬
‫ذلك سنقسم ىذا الباب إذل ‪ٟ‬بسة فصوؿ على النحو اآلٌب‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬التحركات السياسية والعسكرية بعد اإلستيالء على صنعاء‬
‫الفصل الثاين‪ :‬إستعادة اإلمام الناصر صنعاء ومقتل ادللك الظافر‬
‫الفصل الثالث‪ :‬األوضاع السياسية بعد مقتل ادللك عامر بن طاىر‬
‫الفصل الرابع‪ :‬وفاة ادللك اجملاىد علي بن طاىر‬
‫الفصل اخلامس‪ :‬العالقات اخلارجية يف عهد الدولة الطاىرية‬

‫‪273‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل األول‬
‫التحركات السياسية والعسكرية‬
‫بعد اإلستيالء على صنعاء‬

‫كانت ىناؾ عدة ‪ٙ‬بركات سياسية كعسكرية من قبل نواب الدكلة الطاىرية ُب صنعاء كا‪٤‬بناطق احمليطة‬
‫هبا كذمار ككذلك صعدة‪ ،‬ككاف ا‪٥‬بدؼ من تلك األعماؿ الٍب سعت الدكلة الطاىرية لتحقيقها ىو‬
‫أتمْب مدينة صنعاء‪ ،‬كذلك ابلسيطرة على ا‪٢‬بصوف كالقبلع كا‪٤‬بناطق احمليطة بصنعاء‪ ،‬كمن ٍب التوسع‬
‫إب٘باه مناطق مشاؿ اليمن كاحملويت كا‪١‬بوؼ كصعدة‪ ،‬كذلك إلكتماؿ توحيد اليمن أبكملو ‪ٙ‬بت مظلة‬
‫الدكلة الطاىرية‪ ،‬إال أف التمردات القبلية ا‪٤‬بستمرة ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى كهتامة دل تساعد الدكلة الطاىرية‬
‫لتحقيق ذلك ا‪٥‬بدؼ‪ ،‬كُب ىذا الفصل سنبْب فتح ا‪٤‬بلك الظافر للحصوف الٍب حوؿ صنعاء‪ ،‬كمساعيو‬
‫للتوسع ُب مناطق أخرل ُب مبحثْب كالتارل‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬اإلستيالء على احلصون العسكرية حول صنعاء‬
‫مرمر واجلوف‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬زلاولة اإلستيالء على حصن ذي ْ‬

‫‪274‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫اإلستيالء على احلصون العسكرية حول صنعاء‬

‫ُب ىذا ا‪٤‬ببحث سنبْب إستيبلء الدكلة الطاىرية على أىم ا‪٢‬بصوف العسكرية حوؿ صنعاء‪ ،‬كىي‬
‫حصوف حدة كذىباف كبىراش كاألسبلؼ كخربة جهراف كتلمص‪.‬‬
‫فبعد إستيبلء ا‪٤‬بلك الظافر على صنعاء كدخولو إايىا ُب شهر شواؿ سنة ٕٖٔىػ‪ ،‬أقاـ ُب صنعاء أايمان‬
‫كأمر ٕبصار ذىباف‪ ،1‬كفيو قوـ خالفوا على الناصر إذل مطهر رئيسهم رجل يدعى ابن حدب‪ٍ ،‬ب أهنم‬
‫انتهبوا الطرقات كفعلوا ُب إخافة السبيل األفعاؿ ا‪٤‬بنكرات‪ ،‬فأمر ٖبراب كادم ذىباف كما فيو من مزارع‬
‫كبستاف كلزـ ‪ٝ‬باعة كسّبىم مصفدينِ‪ ،‬كيبدك أف ا‪٤‬بلك الظافر قد أرسل هبؤالء األسرل إذل مقر‬
‫حكمو ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬ألنو أطلقهم من ىناؾ عندما نزؿ أمّب ٮبداف إذل ا‪٤‬بلك الظافر اب‪٤‬بقرانة للسعي ُب إ‪ٛ‬باـ‬
‫الصلح بْب زعيم ٮبداف كالدكلة الطاىرية‪ ،‬كما سيأٌب معنا‪.‬‬
‫اإلستيالء على حصن حدة‪ :‬كأما قرية حدة‪ 3‬فإف ا‪٤‬بلك الظافر عندما انتهى من أتديب قاطعي‬
‫الطريق الذين من ذىباف‪ ،‬توجو ‪٫‬بو حدة "كأمر أمرائو فحطوا على معمر حدة‪ ،‬كقاتلوا عليها كأرادكا‬
‫قطع أشجارىا كما فيها فنادل أىلها ٔبملة من ا‪٤‬باؿ‪ ،‬كدخلوا ُب الطاعة ‪ٙ‬بت من أقيم عليهم من‬
‫العماؿْ‪ ،‬كسّب القبائل من عسكره دمحم بن عيسى كاليو فطلعوا حضور كانتهوا إذل البوف كعادكا إذل‬
‫صنعاء‪ ،‬كىو قد أزمع على السّب إذ كاف أصحاب ا‪٢‬ببيشي كأىل بعداف قاموا للخبلؼ كأخذكا‬
‫حصو انٓ"‪.‬‬

‫‪ 1‬رُحان‪ :‬كصًة من مسٍصًة تين اذلازج يف صٌلل ظيـاء ما تني ز ْلدان وادلصاف‪ ،‬وكس ظلى ؿَهيا اًـمصان واثعي تعيـاء‪ ،‬وسخت إىل رُحان جن‬
‫هوف جن زـَحان جن رشحدَي جن اذلازج جن ماكل جن سًس جن سسذ جن سزؿة جن محري جن س حبٔ ا ٔلظلص‪ .‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪،‬‬
‫‪.431/1‬‬
‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،372‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.140‬‬
‫‪ 1‬حست‪ :‬كصًة يف سفح حدي ؾَحان‪ ،‬ابًعصف اًلصيب من مسًية ظيـاء‪ ،‬اكن هبا قَي مضِوز ًـصف تلَي ُمحُس‪ ،‬مٌحـَ من اًـني يف ز ٔبش‬
‫حسٍ‪ ،‬وجبوازٍ ظاحون كسمي ٌض خلي ؿىل كوت املاء ارلازح من ٔبسفي اًربنة املـموزت حتت اًـني‪ ،‬إل ٔبن اًـني كس حف‪ ،‬واكهت حست مسىن‬
‫اًـسًس من اًـٌَلء يف اًلصن اًساذش اًِجصي‪ .‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.211/1 ،‬‬
‫‪ 2‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،372‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.150‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.150‬‬
‫‪275‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫اإلستيالء على حصن ذىبان‪ُ :‬ب آخر سنة ٕٖٔىػ‪ ،‬خرج ابن حدب من ذىباف ليبلن فا٘بو إذل‬
‫اإلماـ مطهر كإذل األمّب ا‪٢‬بسْب بطلب النصرة فلم ٯبد من أحد منهما مسرة‪ ،‬فأيس ‪٩‬با رجاهُ‪ ،‬كىو‬
‫ٰباكؿ أف يكسب دعمهم لقتاؿ الدكلة الطاىرية‪.‬‬
‫ك‪٤‬باٌ دل ٯبد فائدة منهما‪ ،‬علم أنو لن يستطيع مواجهة الدكلة الطاىرية بقوهتا كجيوشها كحلفائها‪" ،‬فعاد‬
‫إذل قلعة ٮبداف كأستأذف على األمّب علي بن ا‪٢‬بسن‪ ،‬كقاؿ أين أردت أف أسلم ذىباف‪ ،‬كأخذ ما فيو‬
‫ما أمكن من الدراىم كأطلب األماف‪ ،‬فسار علي بن ا‪٢‬بسن إذل صنعاء ككافق أمراء ا‪٤‬بلك الظافر‪.‬‬
‫كقاؿ ابن حدب قد عزـ على تسليم ذىباف كىو يطلب شيئان من الدراىم كاألماف‪ ،‬فقالوا‪ :‬صاحب‬
‫حجر كنستشّبه ُب ىذا األمر‪.‬‬‫أمر ا غائب عنا‪ ،‬ك‪٫‬بن نراجع إذل ٍ‬
‫فقاؿ علي بن ا‪٢‬بسن‪ :‬ليس ىذا كقت مؤذانو ‪ٙ‬بسبوىا كالفرص ميتنمة فاغتنموىا‪ ،‬فقاؿ دمحم بن‬
‫عيسى أنت فينا مكاف صاحب أمر ا‪٫ ،‬بن ال ‪٬‬بالف قولك فيما طلبتنا‪ ،‬فافَبقوا بينهم ‪ٜ‬بانية آالؼ‬
‫درىم كقبضها علي بن ا‪٢‬بسن فأعطاىا ابن حدب‪ ،‬كأصدر ابنيو عبدهللا كأ‪ٞ‬بد فتسلما حصن ذىباف‪،‬‬
‫كصار ذىباف للملك الظافر بعد أف أعلن الصايح ُب صنعاء ‪٤‬بن كاف فيو األماف‪ ،‬كأدخل كارل قصر‬
‫صنعاء أخاه فتواله‪ ،‬كنزؿ علي بن ا‪٢‬بسن إذل ا‪٤‬بلك الظافر إذل ا‪٤‬بقرانة فأطلق أصحاب ابن حدب‬
‫كأكرـ منهم من أىانو‪ ،‬كسكنوا ُب بيوهتم من قرية ذىباف كقد فازكا ابإلحساف كاألماف‪.‬‬
‫ككاف تسليم ذىباف إذل كارل ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر ُب شهر ذم ا‪٢‬بجة آخر سنة ٕٖٔىػِ"‪.‬‬
‫استالم حصن بَراش يف الطويلة احملويت‪ :‬بعد استبلـ حصن ذىباف بدأ توسع نواب الدكلة الطاىرية‬
‫إب٘باه احملويت‪ ،‬كذلك ابلتوجو ‪٫‬بو حصن بىراش كالذم يقع ُب منطقة الطويلة من أعماؿ احملويت‪ ،‬ففي‬
‫سنة ٖٖٔىػ‪" ،‬خرج دمحم بن عيسى البعداين ائب ا‪٤‬بلك الظافر على صنعاء حملاصرة حصن براشّ‪،‬‬
‫كىو ُب يد القاسم بن مظفر‪ ،‬أحد نواب الناصر بن دمحم‪ ،‬فاستعاف ٗبحمد بن الناصر‪ ،‬فلم يقدر على‬
‫إعانتو‪ ،‬فتسلم ا‪٢‬بصن إذل يد األمّب علي بن ا‪٢‬بسن ا‪٥‬بمداينْ"‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪.151 ،‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.153‬‬
‫‪ 1‬حعن جصاص‪ً :‬عَق امس جصاص ؿىل ؿسذ من اذلعون‪ ،‬وامللعوذ ُيا حعن وكصًة يف مٌعلة اًضُ الع ا ٔلسفي من مسٍصًة اًعوًةل و ٔبؾٌلل‬
‫احملوًت‪ً ،‬حـس ؾن اًعوًةل حٌو ًاب مبسافة ‪ 12‬هََو مرت‪ ،‬وًلؽ ؿىل ملصتة من كصًة تُت مٌـني‪ ،‬وًوخس تساذهل خماسن و ٔبجصاح ذفاؾَة ػاُصٍ وُو‬
‫املـصوف حبعن جصاص اًحاكص‪ .‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.127/1 ،‬‬
‫‪ 2‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.373‬‬
‫‪276‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كقد كاف جاء إذل دمحم بن عيسى البعداين رجاؿ إذل صنعاء‪ ،‬كقالوا لو إف حصن براش قد خبل من‬
‫الشحنة كذىب كاليو قاسم بن مظفر إذل ذم مرمر كمشارفو يطلب القوت‪ ،‬فقاـ كارل صنعاء دمحم بن‬
‫عيسى البعداين كمشر ك‪ٝ‬بع إليو من كجد كما تواىن كال أتخر‪ ،‬فكاف قد خرج إذل مشارؼ صنعاء فداس‬
‫أىل ا‪٣‬ببلؼ كسكن األطراؼ‪ٍ ،‬ب خرج للمحطة على حصن براش فجمع بِب هبلوؿ كسنحاف كمن‬
‫حو‪٥‬بم من أىل البلداف‪ ،‬ففرقهم للمحطة حوؿ حصن براش‪ ،‬كجاء كارل ا‪٢‬بصن قاسم بن مظفر‬
‫ابل رجاؿ من هنم كغّبىم من ا‪٤‬بشارؽ‪ ،‬كأراد أف يهجم احملطة فتفرؽ الذين معو كتركوه‪ٍ ،‬ب أنو ذىب إذل‬
‫صنعاء فدخل ليبلن متخفيان إذل ابن الناصر كدل يعلم بو أحد‪ ،‬كقاؿ إف أمددتِب اب‪٤‬باؿ ‪ٝ‬بعت الرجاؿ‬
‫كأحسنت القتاؿ‪ ،‬فرده عليو ابن الناصر أف ال شيء معو ليعينو‪ ،‬فرجو قاسم بن مظفر خائبان كدخل‬
‫براش ليبلن متخفياي‪ ،‬فلما أصبح أرسل إذل البعداين أين رجل غّب آمن فأرسل إذل علي بن ا‪٢‬بسن ألسلم‬
‫لو براش‪ ،‬فأرسل علي بن ا‪٢‬بسن ابنو عبدهللا فجرت بينهما ا‪٤‬بفاكرات على تسليم حصن براش‪ ،‬فوافق‬
‫كأعطوا كارل ا‪٢‬بصن كمن معو األماف‪ ،‬كتسلم البعداين كارل صنعاء ا‪٢‬بصن ككذل عليو عبدهللا بن علي‬
‫بن ا‪٢‬بسن كابن عمو ىاشم بن دمحم بن إدريس ككاف ذلك ُب شهر ربيع األكؿ من سنة ٖٖٔىػ‪.1‬‬
‫استيالء الظافر على حصن األسالف يف ذمار‪ٌ :‬‬
‫مر معنا أف ا‪٤‬بقمحي قد سلم نفسو للملك الظافر‬
‫عند سقوط ذمار بيد الدكلة الطاىرية‪ ،‬كطلب األماف من عامر بن طاىر مقابل تسليمو ‪٢‬بصن‬
‫األسبلؼ‪ ،‬كلكن ا‪٤‬بقمحي دل يفي بوعده كظل يراكغ ا‪٤‬بلك الظافر‪٩ ،‬با أرطره إذل أف يضرب ا‪٢‬بصار‬
‫على حصن األسبلؼ‪" ،‬كُب أكاخر شهر ربيع األكؿ سنة ٖٖٔىػ‪ ،‬استوذل ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن‬
‫طاىر على حصن األسبلؼ كتسلمو من ا‪٢‬بسن بن إبراىيم ا‪٤‬بقمحي ككاف ىذا األسبلؼ قد جعلو‬
‫الناصر إذل ا‪٤‬بقمحي‪ ،‬فأقاـ فيو ييالطا‪٤‬بلك الظافر ُب تسليمو كٱبتلف كشحنو‪ ،‬كظن أف ٲبنعو كيصد‬
‫عنو جيش عامر كيدفعو فأمر ا‪٤‬بلك الظافر عليو إبقامة ا‪٤‬بعامر من حواليو‪ ،‬كمؤلىا من العساكر‬
‫فحصركه أف ٱبرج عنو أحد أك يدخل إليو فآؿ أمره إذل تسليمو إذل عامر ‪٤‬با طاؿ عليو ا‪٢‬بصار‬
‫كأحاطت بو ا‪٤‬بعامر‪ ،‬كىو من ا‪٤‬بعاقل العالية كا‪٢‬بصوف السامية‪ ،‬ككاف ذخر أىل صنعاء كذمار ُب‬
‫ا‪١‬بهات ا‪٢‬بقلية كعدهتم على من عصاىم كأدركتو ا‪٢‬بمية فصار إذل ا‪٤‬بلك الظافر كخرج منو ا‪٤‬بقمحي‬
‫كىو داحر‪."2‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.166‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.170‬‬
‫‪277‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫استيالء الظافر على خرابة جهران يف ذمار‪ :‬كتسلم ا‪٤‬بلك الظافر خربة جهراف كتعرؼ ابسم حصن‬
‫عندؿ‪ ،‬حصن دمحم بن قاسم عندؿ كأصحابو األشراؼ بِب سليماف‪ ،‬ككاف ا‪٤‬بلك الظافر قد أقاـ بركات‬
‫بن عثماف ُب ببلد جهراف فحط على ا‪٣‬بربة حٌب تسلمها ا‪٤‬بلك الظافر ُب العشر األكذل من ربيع‬
‫اآلخر سنة ٖٖٔىػ‪ ،‬كخرج منها أىلها ُب ىذا اآلكاف‪.1‬‬
‫اإلستيالء على حصن تُتلُ ُمص يف صعدة‪ُ :‬ب شهر ربيع اآلخر من سنة ٖٖٔىػ‪ ،‬تسلم األمّب ا‪٢‬بسْب‬
‫بن علي بن قاسم ا‪٥‬بادم ا‪٢‬بمزم حصن تيػليمص‪ 2‬بعد أف حاصر ابنة ا‪٥‬بادم بن ا‪٢‬بسْب أايمان‪ ،‬كانتظر‬
‫الوارل اليارة من ا‪٤‬بلوؾ بِب طاىر‪ ،‬كقد كانوا ُب ‪ٝ‬بيع العساكر‪ ،‬فعجل كارل تلمص تسليمو‪ ،‬كقيل أنو‬
‫أفرغو من الشحنة‪ ،‬ككاف عامر قد شراه من ابن الناصر كخلف فيو ىذا الذم كاف متوليو‪ ،‬كفرؽ‬
‫ا‪٥‬بادم بن ا‪٢‬بسْب على أىل صعدة ‪ٟ‬بسة كعشرين ألف درىم صعدية‪ ،‬كأعطاىا كارل تلمص حْب‬
‫سلم إليو‪ ،‬كقد اشَبط تسليمها عليو‪.3‬‬
‫إال أف األمّب ا‪٢‬بسْب بن علي قد خالف على ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر كاستوذل على ا‪٢‬بصن لنفسو‪ ،‬بعد‬
‫أف كاله ا‪٤‬بلك الظافر ا‪٢‬بصن كأستأمنو أف يستلمو من عماؿ ابن الناصر‪٩ ،‬با استدعى تفكّب ا‪٤‬بلك‬
‫الظافر إبرساؿ ‪ٞ‬بلة عسكرية إذل األمّب ا‪٢‬بسْب بن علي ُب ا‪١‬بوؼ كما سيأٌب معنا‪.‬‬
‫كابستيبلء ا‪٤‬بلكْب الظافر كاجملاىد على مدينة صنعاء‪ ،‬كما حو‪٥‬با من ا‪٤‬بناطق كا‪٢‬بصوف كحصن ذىباف‬
‫ربلع‪ ،‬كحصن األسبلؼ كخربة جهراف بذمار كحصن تلمص ُب صعدة‪،‬‬ ‫كحدة كحصن بىراش ُب ي‬
‫استطاعت الدكلة الطاىرية أف توحد اليمن أبكملو تقريبان ‪ٙ‬بت حكم كسلطة الدكلة الطاىرية كدل يبقى‬
‫سول بعض ا‪٤‬بناطق ا‪٣‬بارجة عن سيطرة الطاىريْب كصعدة كبعض مناطق حجة كما حو‪٥‬با كالٍب كانت‬
‫خارعة لئلماـ ا‪٤‬بطهر كغّبه من األئمة الزيديْب‪ ،‬كابإلستيبلء على صنعاء ىدأت األكراع ُب اليمن‬
‫لسنوات قليلة‪ ،‬كبدأ ا‪٤‬بلكْب الظافر كاجملاىد يلتفتاف للببلد كالعباد رغم عدـ انشيا‪٥‬بما عن ذلك‪ ،‬إال‬
‫أهنما قد أكثرا من اإلصبلحات اإلقتصادية كالسياسية‪ ،‬كأقاما العدؿ كرفعا الظلم عن الناس‪ ،‬كما‬
‫يتضح من خبلؿ األحداث التارٱبية الٍب ستأٌب‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.170‬‬


‫‪ 0‬ثَُُ همط‪ :‬حعن كسمي ابدليوة اًلصيب من مسًية ظـست تيحو مِي‪ ،‬اكهت ثلوم يف سفحَ اًضٌليل املسًية اًلسمية‪ ،‬وكال اًلايض دمحم جن ؿًل‬
‫الٔهوع‪ :‬اكهت املَوك من محري و ٔبمصاهئا اذلٍن ًخوًون خمالف ظـست وادلِة اًضٌلًَة ًزنًون فَِ‪ ،‬وممن سىٌَ يف ادلاََُة هوال جن ؾخَم وايل‬
‫املكل س َف جن ري ٍزن اسلريي واكن ًَلة تياسع الٔنخاف‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.016/1 ،‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.171‬‬
‫‪278‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫مرمر واجلوف‬
‫زلاولة اإلستيالء على حصن ذي ْ‬

‫مر‪ :‬كاف من رمن شركط اإلتفاؽ بْب اإلماـ دمحم بن الناصر‬ ‫زلاولة اإلستيالء على حصن ذي َم ْر ْ‬
‫كا‪٤‬بلك عامر بن طاىر أف يبقى حصن ذم مرمر بيد اإلماـ دمحم بن الناصر ككاف ا‪٤‬بتورل على ا‪٢‬بصن‬
‫من قبل ابن الناصر دمحم بن عيسى شارب‪ ،‬كلكن يبدك أف ابن شارب قد خالف كنقض من قبلو‬
‫اإلتفاقية‪٩ ،‬با جعل الدكلة الطاىرية تكلف األمّب علي بن ا‪٢‬بسن ٗبحاربتو كاإلستيبلء على ا‪٢‬بصن‪،‬‬
‫"ففي سنة ٕٖٔىػ‪ ،‬سار األمّب علي بن ا‪٢‬بسن ا‪٥‬بمداين إذل الظافر‪ ،‬فأكرمو كأمره ٗبحاربة ذم مرمر‪،‬‬
‫كفيو دمحم بن عيسى شارب األسدم‪ ،‬من أايـ الناصر بن دمحم‪ ،‬فاستناب األمّب علي بن ا‪٢‬بسن ابن‬
‫عمو ىاشم بن دمحم حملاربة ا‪٢‬بصن ا‪٤‬بذكور‪ ،‬فلم يزؿ ا‪٢‬برب بينو كبْب دمحم بن عيسى سجاالن‪."1‬‬
‫ٍب أف علي بن ا‪٢‬بسن رفع ‪٧‬بطتو عن ذم مرمر ُب شهر ربيع اآلخر سنة ٖٖٔىػ‪ ،‬حٌب يتشاكر مع‬
‫عامر بن طاىر بشأف ابن الناصر كالكراز ألهنما كاف يدعماف دمحم بن عيسى شارب كارل حصن ذم‬
‫ىم ٍرمر كال يفصْب اب‪٤‬باؿ الذم بذلو ‪٥‬بما ا‪٤‬بلك عامر ُب صنعاء‪ ،‬كاستطاع بو ابن شارب أف ٯبمع هبذا‬
‫ا‪٤‬باؿ قبائل هنم كذيباف‪.2‬‬
‫زلاولة اإلستيالء على اجلوف‪ٍ :‬ب أراد ا‪٤‬بلك الظافر أف يوسع نفوذه إب٘باه مناطق الشماؿ‪ ،‬كىي‬
‫ا‪٤‬بناطق الٍب يسيطر عليها األئمة‪ ،‬إال أف ىذه احملاكلة دل تنجح‪ ،‬فقد كصل الشيخ عبدالوىاب بن داكد‬
‫إذل صنعاء ُب سنة ٖٖٔىػ‪ ،‬قاصدان للمسّب إذل ا‪١‬بوؼ‪.3‬‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،373‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.154‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.171‬‬
‫‪ 1‬ادلوف‪ :‬واذ ومٌعلة صٌلل رشق ظيـاء مبسافة ‪ 123‬هََو مرت‪ ،‬ؿىل ٔبظصاف اًصتؽ ارلايل ويف اذلسوذ اًلصتَة واًضٌلًَة من حمافؼة مبٔزة‪،‬‬
‫ويه مٌعلة متخس يف سِي مٌخسط حتَط تَ املصثفـاث ادلحََة‪ ،‬وزمبا ٔبن جسمَة ادلوف خاءث نخـحري ثلصًيب ًعحَـهتا اذلاضية ٌَس َول اًلاذمة‬
‫من حدال ظيـاء اًضٌلًَة واًرشكِة وحدال دولن اًـاًَة وحدال ن م ومهسان‪ ،‬ونشا اًس َول اًلاذمة من حدال جنصان ومن حدال ظـست‪،‬‬
‫ومٌعلة ادلوف من ٔبدعة املياظق اًززاؾَة يف اٍمين ويه حززع اًىثري من امليخجاث مثي اسلضَاث واٍمتوز واذلحوة واًفوانَ‪ ،‬وجضمي‬
‫حمافؼة ادلوف مسٍصايث دة واًضـف واًزاُص واًلَي واملعَوة واذلزم واسلَساث واملعمة وارلَق واملخون وجصظ اًـيان ودصاة املصايش‬
‫وزحوست‪ ،‬وثـخرب دة واًضـف ٔبنرب املسٍصايث حِر جضلك ٔبنرث من هعف مساحة احملافؼة‪ ،‬وكس كامت فهيا ٔبكسم اذلضازاثت اًخازخيَة فِو‬
‫موظن ذوةل مـني وجصاكش‪ ،‬ومن ٔبمه املياظق اًخازخيَة فهيا دصائة وضق ومـني وجصاكش واًسوذاء وكصان وزواثن واًحَضاء وُصم ومكية وكريُا‪،‬‬
‫نٌل ٔبن واذي ادلوف ُو املوظن ا ٔلظًل ًلدَةل مصاذ املضِوزت مث ٔبخَهتا ؾيَ مهسان يف حصة ُزسم مالحا يف اًس ية اًثاهَة من اًِجصت‪ ،‬وجسىن‬
‫اًواذي اًَوم ٔبذالظ من كدائي رو حسني جن قَالن وكدائي مهسان ادلوف‪ ،‬مث كدائي تين هوف من تعون ذمهة من ذمه جن صاهص من جىِي‪،‬‬
‫‪279‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كقد كصل عبدالوىاب بن داكد بن طاىر إذل صنعاء ُب ‪ٝ‬باعة من العساكر‪ ،‬ككاف قصدىم إذل‬
‫ا‪٢‬بسْب بن علي بن قاسم ا‪١‬بوُب‪ ،‬كأف يرسلوا إليو ا‪٤‬بقمحي كإبراىيم بن قاسم سنقر ُب ‪ٝ‬بلة من‬
‫العساكر‪ ،‬فأكقفو األمّب علي بن ا‪٢‬بسن ا‪٥‬بمداين كراجع عامر بن طاىر‪ ،‬كقاؿ إف ا‪٣‬بركج إذل ا‪١‬بوؼ‬
‫ٰبتاج إذل القوة كبقاء الشريف ا‪٢‬بسْب على الصداقة أكذل من فتح ابب ا‪٢‬برب عليو كخركج العساكر‬
‫إليو‪ ،‬فأجاب ا‪٤‬بلك الظافر أف ا‪٢‬بسْب قد استوذل على تلمص ككاف كاليان كال بد من مناجزتو‪.1‬‬
‫فمكث عبدالوىاب بن داكد ُب صنعاء أايمان ٍب كتب إذل الظافر يعلمو أف دخوؿ ا‪١‬بوؼ ُب تلك ا‪٤‬بدة‬
‫غّب ‪٩‬بكن‪ ،‬فجنح الظافر إذل قولو كأسره ابستخداـ العساكر لقصد ببلد دثينة كالتوالف‪ ،‬فجمع‬
‫عسكران من صنعاء كالظاىر‪ ،‬كتوجو هبم إذل عمو ٍب ساركا ‪ٝ‬بيعان إذل تلك ا‪١‬بهات‪ ،‬فاستولوا عليها‪،‬‬
‫ك‪ٙ‬برؾ بعد مسّبىم إليها أىل بعداف للخبلؼ‪ ،‬فحارهبم اجملاىد علي بن طاىر‪ ،‬كأخرب كثّبان من‬
‫قراىم‪ ،‬كشدد ‪٧‬باصرة حصن حب‪.2‬‬
‫كأما مناطق حراز كما إليها من ا‪٤‬بناطق كا‪٢‬بصوف كالقبلع‪ ،‬فإهنا كانت بيد بِب إدريس القرمطي‪ ،‬كقد‬
‫كانوا حلفاء للدكلة الطاىرية كمسيطرين على تلك ا‪٤‬بناطق ‪ٙ‬بت مظلة الدكلة الطاىرية‪ ،‬كقد توسع‬
‫عماد الدين ابن األنف القرمطي ُب ذكر أخبار حراز كالصراع الذم دار فيها ُب اترٱبو ركرة األخبار‬
‫كنزىة األ‪٠‬بار‪.3‬‬

‫وكدائي احملاتُة وكدائي بل مسمل من ا ٔلؾصوص ارلولهَة‪ ،‬نٌل ٔبن يف ادلوف ظائفة من رزًة امليعوز ؾحسهللا جن محزت اذلس ين املخوىف س ية‬
‫‪ُ412‬ػ‪ ،‬ومه بل اًضمني وبل حواذت‪ ،‬ومه من اكهوا ٌسمون اسلزاث‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.151/1 ،‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.171‬‬
‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.373‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.155‬‬
‫‪281‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الثاين‬
‫إستعادة اإلمام الناصر صنعاء ومقتل ادللك الظافر‬

‫كانت مدينة صنعاء تعترب من أىم ا‪٤‬بدف اليمنية‪ ،‬ككانت تيعد ُب ذلك العصر عاصمة اليمن األعلى‪،‬‬
‫كالعاصمة السياسية لؤلئمة الزيدية‪ ،‬لذلك كاف يسعى كل إماـ يظهر من األئمة الزيدية ُب تلك‬
‫العصور لئلستيبلء عليها‪ ،‬كبعد صراع األئمة الزيدية على مدينة صنعاء كظهور ا‪٤‬بلك الظافر كاستيبلئو‬
‫عليها‪ ،‬دل تطب نفس اإلماـ الناصر بسقوط مدينة صنعاء بيد ا‪٤‬بلك الظافر‪ ،‬فنقض العهد الذم كاف‬
‫بينو كبْب ا‪٤‬بلك الظافر‪ ،‬كبدأ ييعد العدة لئلستيبلء على صنعاء‪ ،‬كٯبمع الرجاؿ كالقبائل لّبسم خطتو‬
‫رد ا‪٤‬بلك الظافر‪ٍ ،‬ب أف ا‪٤‬بلك الظافر أراد إستعادة صنعاء فجرت بْب الطرفْب مواقع انتهت ٗبقتل‬
‫ا‪٤‬بلك الظافر‪ ،‬كاستيبلء اإلماـ الناصر على صنعاء‪ ،‬كىذا ما سنبينو ُب ىذا الفصل ُب مبحثْب كالتارل‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬إستيالء اإلمام دمحم بن الناصر على صنعاء‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬زلاوالت ادللك الظافر اإلستيالء على صنعاء‬
‫ادلبحث الثالث‪ :‬مقتل ادللك الظافر‬

‫‪281‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫استيالء اإلمام دمحم بن الناصر على صنعاء‬

‫نقض اإلمام دمحم بن الناصر ابلعهد‪ :‬بعد أف استوذل ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر على صنعاء ُب‬
‫شهر شواؿ من عاـ ٖٔٔىػ رتب أمورىا كأكراعها‪" ،‬كتوالىا الشيخ عفيف الدين عبدالوىاب بن‬
‫داككد مدة‪ٍ ،‬ب استدعاه ا‪٤‬بلك الظافرُ‪ ،‬كعْب عوران عنو األمّب دمحم بن عيسى البعداين‪ ،‬كٰبي الكراز‬
‫ ائبان لوِ‪ ،‬كقد استمر كاليان من قبل ا‪٤‬بلك الظافر حٌب سقوط صنعاء بيد اإلماـ دمحم بن الناصر‪.‬‬
‫كاختلفت ا‪٤‬بصادر التارٱبية ُب السبب الذم دفع اإلماـ دمحم بن الناصر لنقض العهد الذم بينو كبْب‬
‫ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر‪ ،‬فبينما تيشّب ا‪٤‬بصادر التارٱبية ا‪٤‬بوالية لئلماـ ابن الناصر إذل أف الذم دفعو‬
‫لذلك ىو خشيتو من غدر ا‪٤‬بلك الظافر بعد طلبو إايه للنزكؿ إليو إذل تعز‪ ،‬أشارت ا‪٤‬بصادر التارٱبية‬
‫للمؤرخْب ا‪٤‬بوالْب للدكلة الطاىرية إذل أف سبب نقضو للعهد ىو عزمو على اسَبجاع صنعاء بتحريض‬
‫من األمّب دمحم بن عيسى شارب‪.‬‬
‫كإذا نظر ا إذل الركاية ا‪٤‬بنقولة عن مؤرخي الزيدية ‪٪‬بد أهنم يذكركف أف الذم كانت لو نية اليدر ىو‬
‫ا‪٤‬بلك الظافر‪ ،‬ألنو طلب ابن الناصر للنزكؿ إذل تعز كمبلقاتو‪ ،‬فبادر ابن الناصر للفرار من صنعاء‬
‫ٗبساعدة ابن شارب إذل حصن ذم مرمر‪ ،‬كلكن الظركؼ اتيحت ‪٥‬بما للسيطرة على قصر غمداف‬
‫‪4‬‬
‫كمدينة صنعاء‪ ،3‬ففي ركاية الكبسي أنو دل يكن قصد شارب عند كصولو صنعاء إال الفرار بسيده‬
‫كلكن ا‪٢‬بقيقة كما ىو كارح من ركاايت ا‪٤‬بؤرخْب ا‪٤‬بعاصرين للدكلة الطاىرية‪ ،‬أف مؤامرة اإلستيبلء‬
‫على صنعاء قد أعد ‪٥‬با مسبقان من قبل ابن الناصر كابن شارب‪ ،‬كأف دكر كل كاحد من ىؤالء ‪٨‬بطط‬
‫لو كمرسوـ‪.‬‬
‫كا‪٢‬بقيقة أننا البد اف نعلم أف من أىم األسباب الٍب أدت إذل سقوط صنعاء‪ ،‬ىو تساىل ا‪٤‬بلك الظافر‬
‫كاصيائو البن الكراز كثقتو ا‪٤‬بفرطة بو‪ ،‬كالذم عينو ائبان لوارل صنعاء كعدـ اصيائو ‪٢‬بلفائو من الزيدية‬
‫كالذين كانوا مطلعْب على أكراع صنعاء‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض‪.027‬‬


‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.374‬‬
‫‪ 1‬فصخة اهلموم‪ ،‬اًواسـي‪ ،‬ض‪ ،012‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،374‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض‪.163‬‬
‫‪ 2‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًىخيس‪ ،‬ض‪.163‬‬
‫‪282‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫فيذكر ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف أف ا‪٤‬بلك الظافر قد جعل كالية صنعاء ليحي بن الكراز كعزؿ عنها ا‪٤‬بقدمْب‪،‬‬
‫كدل يَبؾ معو من أىل ا‪٣‬بيل إال قليبلن كا‪٤‬بستخدمْب‪ ،‬كذلك بعد أف ىوف ٰبي بن الكراز أمر ابن الناصر‬
‫كاألشراؼ كقاؿ ال ‪ٙ‬بذر منهم كال ‪ٚ‬باؼ‪ ،‬كأ ا أ‪ٞ‬بل إليك ما ُب صنعاء من األمواؿ كأكفرىا لك ُب‬
‫‪ٝ‬بيع األحواؿ‪ ،‬فكتب األمّب علي بن ا‪٢‬بسن يعرؼ ا‪٤‬بلك الظافر أف دمحم بن عيسى البعداين من‬
‫الناصحْب‪ ،‬كأنو خّب من ُب مدينة صنعاء من ا‪٤‬بقدمْب‪ ،‬فأبقاه ا‪٤‬بلك الظافر مع الكراز‪ ،‬كجعل مصاحل‬
‫صنعاء إذل ٰبي الكراز كلو فيها اإلنفاذ كاإل‪٪‬باز ‪.1‬‬
‫ٍب أف ابن الناصر عْب دمحم بن عيسى شارب على حصوف ذم مرمر كال يفصْب‪ ،‬كجعل أمرىا إليو رأسان‪،‬‬
‫فعند ذلك سعى شارب على ا‪٣‬ببلؼ على ا‪٤‬بلوؾ بِب طاىر‪ ،‬كما زاؿ ُب ذلك يراكد دمحم بن الناصر‬
‫كيلقيو سران ُب الليل كلو يشاكر‪.2‬‬
‫كيذكر ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم أف ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر قد كصلت إليو ‪ٙ‬بذيرات عن عزـ‬
‫ابن الناصر على ا‪٣‬بيانة كاليدر‪ ،‬فيقوؿ‪" :‬كدل يزؿ ا‪٤‬بلك الظافر يورل فيها امّبان بعد أمّبان كابن الناصر‬
‫هبا‪ ،‬فقاؿ بعض أشراؼ صنعاء للملك الظافر‪ :‬ال ينبيي إقامة ابن الناصر‪.‬‬
‫ّ‬
‫فقاؿ ا‪٤‬بلك الظافر‪ :‬قد حلفت لو على ذلك كال أحنث ٲبيِب أبدان‪ ،‬فقاؿ لو‪ :‬سوؼ تسمع ‪.‬‬
‫كىذا ما أيده ا‪٤‬بؤرخ أ‪ٞ‬بد شرؼ الدين أف نقض العهد كا‪٤‬بخالفة كانت من قبل دمحم بن الناصر‪،‬‬
‫فيقوؿ‪" :‬كدل ٲبضي على دمحم بن الناصر عاـ كاحد حٌب قاـ بتحركات سرية بصنعاء رد حكم آؿ‬
‫طاىر‪ ،‬كفطن لذلك الظافر ككاف اب‪٤‬بقرانة فأبلغ ائبو على صنعاء دمحم بن عيسى البعداين أف يشخصو‬
‫إليو عند أف يظفر بو‪ ،‬كما أف أيبلغ دمحم بن الناصر بذلك حٌب أكعز إذل صديقو ك ائب أبيو على حصن‬
‫ذم ٍمرمر دمحم بن عيسى شارب األسدم أف يبادر إلنقاذهْ"‪.‬‬
‫كىذا ما ذكره أيضان ا‪٤‬بؤرخ عماد الدين بن إدريس ابن األنف ككبلٮبا مؤرخْب معاصرين لتلك‬
‫األحداث‪ ،‬فيقوؿ ابن األنف‪" :‬كما زاؿ ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر يطلب األمّب علي بن ا‪٢‬بسن يوليو بو‬
‫كيكرر طلبو ليواجهو ُب كتبو‪ ،‬كعلي بن ا‪٢‬بسن يذكر لو إٮباؿ صنعاء من الرتب كيصف لو ما تكرر لو‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.175‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.175‬‬
‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض ‪.027‬‬
‫‪ 2‬اٍمين ؿرب اًخازخي‪ٔ ،‬بمحس رشف ادلٍن‪ ،‬ض‪.007‬‬
‫‪283‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫من اإلنذار ُب ذلك كاليو ُب قوهتا يرغب‪ ،‬كٰبي الكراز يكرر األمر كيقوؿ أ ا رمينك على ابن الناصر‬
‫أف ال ٱبالف لك ُب األمر كأعاره سره كا‪١‬بهر‪."1‬‬
‫كدل يكتفي األمّب علي بن ا‪٢‬بسن بتحذير ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر بل أنو حذر األمّب دمحم بن عيسى‬
‫البعداين كٰبي الكاراز أيضان‪ ،‬ففي عشرين ذم ا‪٢‬بجة سنة ٖٖٔىػ‪ ،‬دخل إذل صنعاء كقابل البعداين‬
‫كقاؿ لو قوكا رتبة القصر‪ ،‬فقاؿ البعداين‪ :‬ال أستطيع ذلك األمر فيحي الكراز قد زين لو أنو يكفيو ما‬
‫فيها من الرتبة‪ ،‬كا ا عازـ على صحبتك إذل ا‪٤‬بلك الظافر فإذا كصلنا أهنينا إليو األمر كانتظر ا ما بو‬
‫يشّب‪ ،‬فكاف خركجهما ُب ِّ من شهر ذم ا‪٢‬بجة‪.2‬‬
‫كيذكر ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل أنو ‪٤‬با كاف ُب أكؿ احملرـ سنة ٖٗٔىػ أعمل األمّب دمحم بن عيسى بن‬
‫شارب ا‪٢‬بيلة ُب اسَبجاع صنعاء‪ ،‬كغدر اإلماـ دمحم بن الناصر ُب استعادة صنعاء من أمراء ا‪٤‬بلك‬
‫الظافر‪ ،‬كيقاؿ أف ا‪٢‬بامل لو على اليدر دمحم بن عيسى بن شارب‪ ،‬ككاف كاليها من قبل ا‪٤‬بلك الظافر‬
‫األمّب دمحم بن عيسى البعداين‪ ،‬فخرج منها متنزىان أك ‪٢‬باجة‪.3‬‬
‫كُب ركاية ابن األنف‪ ،‬أف دمحم بن الناصر أظهر ُب مدينة صنعاء ا‪٣‬ببلؼ كقد رم إليو ‪ٝ‬باعة من بِب‬
‫ا‪٥‬بادم األشراؼ كاستخدـ من مذحج ‪ٟ‬بسْب رجبلن‪ ،‬كقد كااته أكثر أىل صنعاء على أمره‪.‬‬
‫كأرسل إذل دمحم بن عيسى شارب ليبلن أف يلم بو على عجل‪ ،‬فإف ا‪٤‬بكاف من علي بن ا‪٢‬بسن كدمحم بن‬
‫عيسى شارب قد تعطل‪ ،‬فوافاه بن شارب كقد ىيأ ثبل‪ٜ‬بائة رجل كانتقاىم من كل جانب كمعهم عشرة‬
‫من أىل ا‪١‬ببل قد دججوا ُب ا‪٢‬بديد كسار هبم كىم سامعوف ‪٤‬با يريد‪ ،‬ف ٌكر ُب آخر ليلتو من ابب‬
‫شعوب‪.4‬‬
‫كيقاؿ إف دمحم بن عيسى بن شارب ‪٤‬با كصل ابب صنعاء ُب ‪ٝ‬باعة من ا‪١‬بند‪ ،‬صاحوا ابلنقيب بفتح‬
‫الباب‪ ،‬فقاؿ من؟ فقالوا األمّب دمحم بن عيسى‪ ،‬فظن أنو األمّب دمحم بن عيسى البعداين‪ ،‬ففتح الباب‬
‫فدخل شارب كمن معو فقتلوا النقيب كغّبه‪ ،‬كأخرجوا بقية الرتبة‪ ،‬كاستولوا على القصر بعد أف أغلقوا‬
‫أبواب ا‪٤‬بدينة‪.5‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.176‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.176‬‬
‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض ‪.030‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.177‬‬
‫‪ 3‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.236/4 ،‬‬
‫‪284‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كدخل بن شارب ا‪٤‬بدينة ككل أىلها لو ‪٦‬بيب‪ ،‬فكاف قصده إذل ٰبي الكراز ُب غيلتو كدخل داره‬
‫كانتهب ما فيها ٔبملتو كأخذ الكراز أسّبان‪ ،‬كسار إذل قصر صنعاء ميّبان ككاف ُب القصر الرري من‬
‫أىل يخبج كاليان كأمّبان‪ ،‬كقيل أف ابن الناصر قد ماأله على أف يدخلو القصر كأعطاه ماالن‪.1‬‬
‫كُب ركاية الكبسي‪" :‬ككاف من التيسّب أف عامل عامر خرج من صنعاء يستخلص ا‪٢‬بقوؽ‪ ،‬كفرغت‬
‫ا‪٤‬بدينة من أكثر ا‪١‬بنود‪ ،‬كدل يكن قصد شارب عند كصولو صنعاء إال الفرار بسيده‪ ،‬فلما استخرجو‬
‫كأركبو متوجهان إذل ذم مرمر‪ ،‬انتشر ا‪٣‬برب ُب ا‪٤‬بدينة‪ ،‬فجاءٮبا أىل صنعاء ييهرعوف‪ ،‬كقالوا لشارب‪ :‬ال‬
‫ٱبرج ا‪٤‬بؤيد ك‪٫‬بن معكما على جند بِب طاىر‪ٍ ،‬ب انثالوا على بيت ابن الكراز أحد خواص عامر كالذم‬
‫سعى ُب تسليم صنعاء إليو‪ ،‬ككاف عنده أثّبان ألنو الذم ملكو صنعاء‪ ،‬فاجتمعوا على دار الكراز‬
‫ككسركا ابهبا كانتهبوا ما فيها‪ ،‬ككاف فيها لعامر كللكراز أمواالن عظيمة‪ ،‬فما ًب هنب بيت الكراز إال كقد‬
‫اجتمع أىل صنعاء أبسرىم‪ ،‬كقصدكا القصر فطلبت الرتبة الذم فيو الرفاقة من أىل صنعاء"‪.2‬‬
‫ككاف ُب القصر ‪ٟ‬بسوف رجبلن فقط ‪ٟ‬بسة كعشركف من ٮبداف كمثلهم من أصحاب الرري كغّبىم‬
‫‪٦‬بتمعْب‪ ،‬فحْب نظركا كثرة من اقبل عليهم راموا الدخوؿ إذل ذركة القصر كأف يفتح ‪٥‬بم األبواب‬
‫ليقاتلوا فيو كٰبرزكا حرٲبهم كأكالدىم ُب أمنع جانب‪ ،‬فقاؿ الرري الوارل إف مفاتيح القصر ليست معي‬
‫كىي مع ثقة ُب ا‪٤‬بدينة‪ ،‬فخرجوا إذل الداير ا‪٣‬بارجي ليقاتلوا كبسهامهم ينارلوا فأجلب عليهم اىل‬
‫صنعاء مع ابن الناصر يرموهنم اب‪٢‬بجارة كالنبل كيتوعدكهنم ابلقتل‪ ،‬كأخرجوا السبلدل من بيوت أىل‬
‫صنعاء كنصبوىا على الدكاير فكثرت عليهم األصوات كالقتاؿ من ا‪١‬بهات‪ ،‬ففشلوا كذلوا ككلوا على‬
‫أعقاهبم كفركا‪.3‬‬
‫فوثب أىل صنعاء على ا‪٤‬برتبْب ابلقصر كحصركىم ككثركىم‪ ،‬فصا‪٢‬بوا على أنفسهم كسلموا القصر ٗبا‬
‫فيو كخرجوا سا‪٤‬بْب‪ ،4‬بسبلحهم كثياهبم كعوجلوا ُب بيوهتم‪ ،‬كمنهممن انتهب ككقع بو ما يسوء كلقيتهم‬
‫أكائل اليواير ُب ا‪٤‬بنجل مشاؿ غرب صنعاء على طريق كادم رهر كقد ظهركا ك‪ٞ‬بلوا عاران منو أكقركا‪،‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.177‬‬


‫ٔ‬
‫‪ 0‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬اًـالمة دمحم جن اسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬ض‪ ،163‬كاًة الماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.375‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.177‬‬
‫‪ 2‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض‪ ،030‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.375‬‬
‫‪285‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫فسبهم الذين كافوىم كقالوا كاف القتل لكم أشرؼ ك‪ٞ‬بلوا من العار ما ال يوصف‪ ،‬كقاؿ ‪٥‬بم ٮبداف لقد‬
‫‪ٞ‬بلتم عاران كشناران‪.1‬‬
‫فلما كصل ا‪٣‬برب بذلك إذل ا‪٤‬بلك الظافر علم أنو قد فرط كترؾ ا‪٢‬بزـ‪ ،‬ككاف أمر هللا قدران مقدكران ِ‪.‬‬
‫كىكذا ‪٪‬بحت خطة اإلماـ دمحم بن الناصر على ‪٫‬بو ٘باكز كل التوقعات‪ ،‬فاستوذل على مدينة صنعاء‬
‫ُب شهر ‪٧‬برـ سنةٖٗٔىػ‪٩ ،‬با ارطر عاملها من قبل الطاىريْب األمّب دمحم بن عيسى البعداين إذل‬
‫اإلنسحاب إذل ذمار كمنها إذل ا‪٤‬بقرانة‪.3‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.022‬‬


‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض ‪.030‬‬
‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.236/4 ،‬‬
‫‪286‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫زلاوالت ادللك الظافر اإلستيالء على صنعاء‬

‫استشعر ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر أف هنضة اإلماـ دمحم بن الناصر رده لن تتوقف عند استعادة صنعاء‬
‫فقد‪ ،‬بل إنو سيحاكؿ اسَبجاع ‪ٝ‬بيع ا‪٢‬بصوف الٍب كقعت بيد الدكلة الطاىرية كسيستمر ُب الزحف‬
‫جنوابن ‪٫‬بو ذمار‪ ،‬لذا فقد أعلن التعبئة العامة للدفاع عن ذمار‪ ،‬ألف سقوطها يعِب مزيدان من التوغل‬
‫‪٫‬بو ا‪٢‬بدكد الشمالية لدكلتو‪ ،‬لذلك كاف رأم ا‪٤‬بلك الظافر ىو ا‪٥‬بجوـ على اإلماـ ابن الناصر ك‪٧‬باكؿ‬
‫استعادة صنعاء منو‪.‬‬
‫أما األمّب دمحم بن عيسى البعداين فقد رجع إذل حصن براش ككاف الوارل عليو علي بن ٰبي ا‪٤‬بعمرم من‬
‫أىل كحبلف كمعو أربعوف رجبلن من ‪ٞ‬باتو ىم رتبة براش ذلك األكاف‪ ،1‬كأما األمّب علي بن ا‪٢‬بسن‬
‫ا‪٥‬بمداين فقد سار إذل ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر فوصل إذل ذمار ٍب كصل إذل ا‪٤‬بقرانة كعلي كعامر ابِب‬
‫طاىر كأبناء داكد بن طاىر ‪٦‬بتمعْب ألجل العيد‪ ،‬كمعهم القبائل من قريب كبعيد‪ ،‬فتلقوه ابإلنصاؼ‬
‫كاإلكراـ كقالوا ما عليك فيما كاف من مبلـ‪ ،‬فقد كنت ذكرت لنا اإلحتياط كظننا أف ابن الناصر ال‬
‫ينكر إحساننا كفعلنا ا‪١‬بميل الذم بو أحاط‪.‬‬
‫كطلبوا كجوه القبائل علي كعامر كقاال دل نطلب تسليم صنعاء من ابن الناصر بل ىو الذم طلبنا‬
‫شراءىا‪ ،‬فسلمنا لو من األمواؿ ما أقَبح كزد ا على ما طلبو‪ ،2‬كشرحوا لزعماء القبائل ما جرل منهم‬
‫البن الناصر من إحساف كما قابلو ‪٥‬بم من غدر كخيانة‪.‬‬
‫احلملة األوىل للملك الظافر على صنعاء‪٤ :‬با بلغ ا‪٤‬بلك الظافر استيبلء اإلماـ دمحم بن الناصر على‬
‫صنعاء‪ ،‬اثرت حفيظتو فتجهز كسار إذل صنعاء ٔبمع عظيم‪ ،‬أزيد من ألف كثلثمائة فارس‪ ،‬كما ال‬
‫ٰبصى من الرجاؿّ‪ ،‬كأمر إذل مشايخ القبائل أف يصلوا التعبئة إذل مدينة ذمار كأف يكونوا على أىبة‬
‫اإلستعداد ابلسّب إذل مدينة صنعاء‪ ،‬ككاف ‪٦‬بتمعان ىو أخوه ا‪٤‬بلك اجملاىد ُب ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬كتشاكرا على‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.020‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.021‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض ‪.111‬‬
‫‪287‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫اإلعتزاـ فسار ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل جبلة لكوهنا بْب اليمن كا‪١‬ببل لينقطع ‪٩‬بن يركـ ا‪٣‬ببلؼ األمل‪،1‬‬
‫كتوجو ا‪٤‬بلك الظافر إذل صنعاء فنزؿ عليها كأذاقهم ا‪٤‬بر كأحرؽ بساتينهم ك‪ٙ‬بصن أىل صنعاء هباِ‪.‬‬
‫كمن جهة أخرل فإف اإلماـ ابن الناصر كاف يرصد ‪ٙ‬بركات الدكلة الطاىرية‪ ،‬فلما علم ٕبشودىم ُب‬
‫ذمار استنهض قبائل هنم كبِب جرب‪ ،‬كاستعد للدفاع عن صنعاء‪ ،‬كعلى الرغم من ذلك دب ا‪٣‬بوؼ ُب‬
‫قلوب أىارل صنعاء‪ ،‬فتعمد اإلماـ إببلغ مناصريو ابرطراب قبائل هتامة على الدكلة الطاىرية لرفع‬
‫معنوايت أىل صنعاء‪ ،‬كقد ىرب كثّب من أىل صنعاء من خوؼ ا‪٢‬بصار كتفرقوا إذل مدينة ثبل كغّبىا‬
‫من الداير‪ ،‬كبقي األكثر‪.3‬‬
‫كتواصل ا‪٤‬بلك الظافر مع حلفائو من أىل ٮبداف بزعامة األمّب علي بن ا‪٢‬بسن‪ ،‬كمع اإلماـ ا‪٤‬بطهر بن‬
‫دمحم كأكالد األشراؼ ا‪٢‬بمزات‪ ،‬ككعد عياؿ اإلماـ ابألمواؿ ا‪١‬بزيلة كأف ٯبعل ‪٥‬بم البوف كالظاىر كما ُب‬
‫أيديهم من صعدة كحصوهنا كظفار كما إليهم‪ ،‬كأف يوليهم من حصوف صعدة النعماف كاللجاـ إذا صارا‬
‫ُب يديو‪.4‬‬
‫يقوؿ ابن األنف القرمطي ُب حصار ا‪٤‬بلك الظافر ‪٤‬بدينة صنعاء عاـ ٗٔٔىػ‪" :‬فلم يشعر أىل صنعاء‬
‫إال كعامر قد كصل إذل حزيز ُب أكؿ شهر ذم القعدة‪ ،‬كقد ‪ٝ‬بع العساكر الكثّبة‪ ،‬فواَب أىل حزيز‬
‫كفركا عن مساكنهم‪ ،‬فأمر ابنتهاهبا ٍب أصبح اثين ذم القعدة كقصد صنعاء كقصدت عساكره احملطة‬
‫على صنعاء‪ ،‬ككصوؿ ا‪٤‬بلك الظافر اب‪١‬بيوش كالعساكر فخيم مقابل لباب اليمن‪ ،‬كبث عساكره إذل‬
‫حوؿ صنعاء كأحاطوا بصنعاء من ‪ٝ‬بيع ا‪١‬بهات‪ ،‬كأخذ ُب ‪٧‬باصرة صنعاء أكثر من شهر‪ ،‬كأراد أف‬
‫يقيم ُب ‪٧‬بطتو كيكوف فيو العيد كأف ال يربح حٌب يناؿ من صنعاء ما يريد‪."5‬‬
‫كنصبوا على صنعاء العرادات‪ ،‬كىدموا ما حو‪٥‬با من الدكر كالبساتْب ا‪١‬بامعة ألنواع األشجار كالزىور‪،‬‬
‫كطموا اآلابر كغوركا األهنار‪ ،‬كاتصل رررىم بناحية ذم مرمر‪ ،‬كأخربوا فيها شباـ بِب السحيمي‪ ،‬كُب‬
‫خبلؿ ‪٧‬بطتو على صنعاء أقبل عيد األرحى‪ ،‬فسألو كبّب من قومو أف أيذف ‪٥‬بم ابلعود إذل ببلدىم‬
‫لئلجتماع فيو أبىلهم كأكالدىم‪.6‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.022‬‬


‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض‪.031‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.022‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.024‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.024‬‬
‫‪ 4‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.376‬‬
‫‪288‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫"فجاءتو الفقهاء كالصوفية يعاملونو ابلقرآف العظيم أف يفسح ألىل احملطة أايـ العيد ليعيدكا مع أىلهم‬
‫كيرجع بعد ذلك إذل ما يريد‪ ،‬فأستجار هبمُ‪.‬‬
‫كقيل أنو تصاحل مع اإلماـ دمحم بن الناصر على ماؿ يؤديو إليو مقابل فك ا‪٢‬بصار على صنعاء‪ ،‬كرفع‬
‫ا‪٤‬بلك الظافر ‪٧‬بطتو من حصار صنعاء ُب الثالث عشر من شهر ذم القعدة‪ ،‬كسّب معو عساكره‬
‫كجنوده‪ ،‬كرجع سا‪٤‬بان إذل بلده ا‪٤‬بقرانة فكاف عيده فيها‪ ،‬كقاؿ إذل أف أرجع إليكم ُب شهر احملرـ سنة‬
‫َٕٖىػ"ِ‪.‬‬
‫كهبذا الصلح ارتفع ا‪٤‬بلك الظافر عن حصار مدينة صنعاء ككاف الصلح مؤقتان فقط‪ ،‬كذلك لفك‬
‫ا‪٢‬بصار عن صنعاء كاإلرتفاع عنها كليس ابلتخلي عنها أك ترؾ ا‪٢‬بكم فيها حملمد الناصر‪ ،‬كرجع ا‪٤‬بلك‬
‫الظافر إذل بلده ليعد العدة كٲبكن جنوده من الراحة كاإلعداد النفسي ‪٥‬بم ابلراحة فَبة العيد مع‬
‫أىاليهم‪ ،‬كمن ٍب يعاكر الكرة ُب قتاؿ دمحم بن الناصر كدمحم بن عيسى بن شارب كاستعادة صنعاء‬
‫منهما‪ ،‬كىكذا أخفق ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر ُب استعادة مدينة صنعاء ُب ا‪٢‬بملة األكذل‪ ،‬كقد كاف ا‪٤‬بلك‬
‫الظافر اجتمع ٗبشايخ كزعماء القبائل كشرح ‪٥‬بم نقض اإلماـ الناصر للعهد الذم بينهما‪.3‬‬
‫ككذل عامر مدينة ذمار مقدمو دمحم بن عيسى البعداين‪ ،‬فكاف ييّب على جهات جهراف كميارب‬
‫ذمار‪.4‬‬
‫كأما ابلنسبة لئلماـ دمحم بن الناصر كدمحم بن عيسى شارب فقد علما أف ا‪٤‬بلك الظافر لن يَبؾ صنعاء‬
‫‪٥‬بما خاصة كقد غدرا بو كنكثا ابلعهود كاإلتفاقيات الٍب بينهما‪ ،‬كأنو سيعاكد إذل صنعاء ‪٢‬بصارىا‬
‫قريبان‪.‬‬
‫لذا فكاف ال بد ‪٥‬بما من إعداد العدة ك‪ٙ‬بصيل األمواؿ ك‪ٚ‬بزين ا‪٤‬بؤنة استعدادان لذلك‪ ،‬ككاف أكؿ ما قاما‬
‫بو بعد رجوع ا‪٤‬بلك الظافر "أف عادا على أىل صنعاء فأخذكا منهم أربعة آالؼ أكقية من الذىب‪،‬‬
‫كأعطوىا من ‪ٝ‬بعوه إذل صنعاء للقتاؿ فيها كا‪٢‬بمية‪ٍ ،‬ب ‪٤‬با انقضى العيد سار شارب إذل الشرفة فقاتل‬
‫على مورع فيها يدعى العرقةٓ‪ ،‬فأخربو كأنتهبو كسار ُب ا‪٤‬بشارؽ كما قرب من صنعاء من ببلد بِب‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.012‬‬


‫‪ 0‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،322‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،111‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.012‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.026‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.027‬‬
‫‪ 3‬اًـصكة‪ :‬كصًة يف حدي اٌَوس من مسٍصًة دولن اًـاًَة مبضازق ظيـاء‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1226/0 ،‬‬
‫‪289‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫هبلوؿ كببلد سنحاف يعمهم هنبان كأيخذ أموا‪٥‬بم غصبان‪ ،‬كمؤل قصر صنعاء من ا‪٢‬بب كالزبيب خوفان من‬
‫رجوع ا‪٤‬بلك الظافرُ"‪.‬‬
‫كابليوا ُب اإلستعداد كالتأىب للحرب كا‪١‬ببلد‪ ،‬كقد كاف بعث دمحم بن الناصر صبلح بن عيسى‬
‫شارب أخا دمحم بن عيسى إذل بِب جرب ليحشد القبائل‪ ،‬فقتلو ىناؾ داكد ا‪١‬بربم ككاف من ا‪٤‬بائلْب‬
‫كا‪٤‬بوالْب للدكلة الطاىرية‪ ،‬فقتلو كمعو سبعة فرساف من أصحابو‪.2‬‬
‫احلملة العسكرية الثانية للملك الظافر على صنعاء‪ :‬بعد ذلك بشهرين فقط عاد ا‪٤‬بلك الظافر ‪٤‬با‬
‫توعد بو اإلماـ دمحم بن الناصر‪ ،‬فخرج ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر قاصدان احملطة على صنعاء‬
‫ابلعساكر فكاف خركجو من ا‪٤‬بقرانة آخر يوـ من شهر احملرـ بعد أف صاحت صواٰبو ُب ‪ٝ‬بيع البلداف‬
‫ابإلحتشاد كٕبرب صنعاء‪ ،‬فجاء رداع ٍب إذل ذمار‪ ،‬ككقف ُب ذمار ٰبشد ا‪٢‬بشود كٯبمع ا‪١‬بنود إذل‬
‫العشر اآلخر من شهر صفر‪ٍ ،‬ب خرج إذل جهراف ُب جنود مؤلت القيعاف من الرجاؿ كالفرساف‪ ،3‬كقد‬
‫‪ٝ‬بع من البقر ألف رأس‪ ،‬لتيوير ما بقي من اآلابر كاألهنار حوؿ صنعاء‪ ،‬ك‪٤‬با انتهى إذل سفج بيت‬
‫بوس‪ ،‬أمر بتيوير غيل آالؼ كغيل الربمكي ككاف غيبل مباركان كثّب العطوؼ على أكطاف صنعاء‪ ،‬دائم‬
‫ا‪١‬برم فعفى آاثره‪ ،‬كأمر أيضان بقطع أشجار حدة كتيوير أهنارىا‪ ،‬كاجتهد ُب ذلك حٌب كاف ٲبر بنفسو‬
‫على ا‪٤‬بأمورين ‪٤‬بعرفة ما يفعلونو‪ٍ ،4،‬ب تقدـ إذل خارج صنعاء فحط ٗبورع يسمى احملاريق بقرب ابب‬
‫اليمن كعفى أثر الييل الكبّب ككاف يسقي ما حوؿ صنعاء من كطن‪ ،‬كىو أكرب ما حوؿ صنعاء من‬
‫األهنار‪.5‬‬
‫كيذكر ا‪٤‬بؤرخ ابن األنف القرمطي أنو أثناء ىذه احملطة خرج أىل صنعاء ٖبيل كرجاؿ إذل قرب احملطة‬
‫كىي ُب آكاـ الزبيب يتعرروف للقتاؿ فمنع عامر أىل ‪٧‬بطتو أف ٱبرج إليهم أحد‪ٍ ،‬ب خرج عامر من‬
‫‪٧‬بطتو يتفقد القتاؿ حوؿ صنعاء‪ ،‬كىجم فرساف من صنعاء على ‪٧‬بطة عامر فجرل بينهم قتاؿ‬
‫كماكشات كثّبة‪ ،‬انتهى ٗبواجهة عنس لفرساف صنعاء كمبلحقتهم إذل أسوار صنعاء‪ٍ ،‬ب ‪٢‬بقهم‬
‫عبدالوىاب بن داكد ليساندىم كجرل قتاؿ شديد قتل فيو من الطرفْب الكثّب‪.6‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز وىزُة ا ٔلسٌلز‪ ،‬ؾٌلذ ادلٍن جن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض ‪.012‬‬
‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،376‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.022‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.011‬‬
‫‪ 2‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.377‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.011‬‬
‫‪ 4‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.011‬‬
‫‪291‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫حصن ثال فً مدٌنة ثال بالمحوٌت‬

‫حصن كوكبان ومدٌنة كوكبان األثرٌة بالمحوٌت‬

‫‪291‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككصل إذل ا‪٤‬بلك عامر دمحم بن اإلماـ ا‪٤‬بطهر ٗبن عنده من عسكر كوكباف‪ ،‬فلما عرؼ دمحم بن صبلح‬
‫الظربوه صاحب ثبل ٖبلو كوكباف عن العسكر‪ ،‬أطمعتو نفسو أبخذ كوكباف كاإلستيبلء على اإلماـ‬
‫ا‪٤‬بطهر فكتب إذل ابن الناصر ٲبده بعسكر لقصد كوكباف‪ ،‬كقبض اإلماـ ا‪٤‬بطهر‪ ،‬فأرسل إليو ‪ٝ‬باعة ‪٩‬بن‬
‫عنده ككاف الظربوه يوارل ا‪٤‬بطهر ُب ظاىر األمر‪ ،‬كُب نفسو ما فيها من عداكتو‪ ،‬فقصده يوما إذل‬
‫كوكباف ُب ‪ٟ‬بسْب رجبلن‪ ،‬كصمد ‪٫‬بو الدار الٍب فيها اإلماـ فخرج رجل من أصحاب بفرسو فقاتل‬
‫حٌب قتل‪ ،‬فأشرؼ اإلماـ على الظربوه كقاؿ لو‪ :‬الرأم رجوعك قبل كصوؿ القبائل‪ ،‬فأغلظ لئلماـ ُب‬
‫الكبلـ فقاؿ اإلماـ ‪٤‬بن حولو‪ :‬ال مقاـ لنا بعد ىذا كال عذر لنا عن ا‪٣‬بركج إليهم حٌب نيقتل كال‬
‫أيخذك ا أسارل‪ٍ ،‬ب تقلد سيفو كخرج إليهم فقاتلهم حٌب كصل أىل ا‪٥‬بجر كٮبداف‪ ،‬كفتح ‪٥‬بم ابب‬
‫كوكباف فدخلوا‪ ،‬كقتلوا أىل ثبل عن آخرىم‪ ،‬كمنهم من ترل من الشواىق‪ ،‬كأخذ الظربوه أسّبان‪ ،‬كأكدع‬
‫ُب السجن ملوماي مدحوران‪ ،‬ككاف الطيش قد استخفو فبعث بشّبان إذل دمحم بن الناصر ٱبربه بدخوؿ‬
‫كوكباف‪ ،‬فضربت البشارة ُب صنعاء‪ ،‬كتيّب حاؿ دمحم بن ا‪٤‬بطهر من ذلك خوفان على كالده‪ ،‬فطلب من‬
‫السلطاف عامر اإلعانة لو‪ ،‬فبعث معو ‪ٝ‬باعة من عسكره‪ ،‬قائدىم حسن بن إبراىيم ا‪٤‬بقمحي‪ ،‬فانتهبوا‬
‫ثبل كأخربوا جانبان منها‪ ،‬كساركا إذل ا‪٤‬بطهر بن دمحم‪ٍ ،‬ب رجعوا إذل ‪٧‬بطة السلطاف عامر كمعهم رؤكس‬
‫القتلى من أىل ثبل‪ ،‬فطافوا هبا ُب العسكر‪ ،‬كدل يلبث السلطاف عامر أف فوض أطنابو كرحل عن‬
‫صنعاء بعد أف دامت ‪٧‬بطتو ثبلثة كعشرين يومان ُب حصار صنعاء‪.1‬‬
‫كقبل ميادرة ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر أمر بعمارة ا‪٣‬بطفة‪ 2‬من ببلد سنحاف ليكوف ‪٥‬بما ردءان من أىل‬
‫صنعاء لكي ال يلقوا منهم ا‪٥‬بواف‪ ،‬كأمر بتحصْب غيماف‪ ،3‬كرتب رتبة ُب غيماف‪ 4‬بعد أف حصنو‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،377‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.012‬‬
‫‪ 0‬ارل ََعفَة‪ :‬حدي مضِوز يف س يحان حٌويب ظيـا‪ً ،‬عي ؿىل كصًة حزٍز وكصًة اًخرصاف‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي ا مييَة‪ ،‬امللحفي‪،‬‬
‫ٍ‬
‫‪.352/1‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.012‬‬
‫‪ 2‬حعن قامين‪ :‬تدلت اتزخيَة كسمية يف مسٍصًة تين هبَول ابًرشق ادليويب من مسًية ظيـاء تيحو ‪14‬هََو مرت‪ ،‬ما ساًت بٓاثزُا مازةل ٌَـَان‬
‫و ٔبؿالُا حعن هل سوز صامخ مدين من ا ٔلجحاز اًسوذاء امللعوظة تعصًلة مجَةل‪ ،‬وًلال ٔبهَ اكن كامئ ًا ؿَََ كرص امللالة املضِوز كسمي ًا‪ ،‬وؿىل‬
‫سفح ادلحي ًلؽ واذي قامين وفَِ سس ٔبثصي ٌسمى سس ٔبسـس وس حة إىل ري قامين ٔبحس فصوع كدَةل ري ُحصث ٔبي ما ًـصف اًَوم تحالذ‬
‫س يحان‪ ،‬نٌل ٔبن فهيا من الٓاثز ارلزاانث اًـسًست اًيت حفصث وكُضضت يف مٌحسز اًلَـة ويف مجَؽ ادلِاث‪ ،‬وفهيا ٔبًض ًا ثةل ًـوق اًيت ادذازُا‬
‫ٔبُي ُشٍ اًحدلت دلفن مواتمه‪ ،‬واكهت تـثة ٔبثصًة كس كامت يف اًـام ‪1726‬م ابذلفص واًخيلِة ؾن الٓاثز اًِامة ومهنا اًص ٔبش اذلُيب اذلي ٔبُساٍ‬
‫الٕمام حيي إىل املكل حوزح اًساذش مبياس حة اؾخالء ا ٔلذري ؾصص الٕمرباظوزًة اًربًعاهَة‪ ،‬واكن اهلمساين كس ٔبفاط اذلسًر ؾن قامين يف‬
‫نخاتَ الٕلكَي ووظف مـاملِا وكعوزُا وكال ٔبن ا نثريت اًىصوم واًززوع وبٔوزذ كول اًضاؾص‪:‬‬
‫وقامين حمفوفة ابًىصوم * ًِا هبجة وًِا مٌؼص‬
‫‪292‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككقف فيو خيبلن كرجبلن ُب عدة كىيأة حسنة‪ ،‬كجعل عليهم ا‪٢‬بسن بن إبراىيمم ا‪٤‬بقمحي‪ ،‬كأمر دمحم بن‬
‫عيسى البعداين أف يستخدـ رتبة ُب قلعة ٮبداف‪.1‬‬
‫ٍب أنو رحل من صنعاء متوجهان ‪٫‬بو ا‪٤‬بشارؽ حٌب بلغ قريب من مأرب‪ٍ ،‬ب رجع إذل ببلده‪.2‬‬
‫احلملة الثالثة للملك الظافر على صنعاء‪ :‬بعد رجوع عامر إذل ببلده ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬بدأ اإلعداد كالتجهيز‬
‫للحملة العسكرية الثالثة على صنعاء‪ ،‬ككاف ابن الناصر متابعان كراصدان ألخبار كإستعدادات ا‪٤‬بلك‬
‫عامر فقد جاءت العيوف كا‪١‬بواسيس إليو ٱبربكه عن ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر أنو قد أقبل ٗبا ال قبل لو بو‬
‫من ا‪١‬بيوش كالعساكر‪ ،‬فعاد دمحم بن عيسى شارب إذل صنعاء عودة ا‪٤‬ببادر كاستشعركا ا‪٣‬بوؼ كا‪٢‬بذر‬
‫من عامر‪.3‬‬
‫ككاف عامر قد قدـ ابن أخيو عبدالوىاب بن داكد بن طاىر إذل عبيدة ا‪٤‬بلح‪ ،‬كقد عاثوا كأفسدكا‬
‫فأخرب ببلدىم كعاقبهم من أموا‪٥‬بم الذم كجدكا‪ ،‬كخرج ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر اب‪١‬بموع الوافرة‬
‫كالعساكر ا‪٤‬بتكاثرة فمر رداع كانتهى إذل ذمار‪ ،‬كىناؾ جاءت البشرل أف ا‪٤‬بلك اجملاىد افتتح ا‪٤‬بعقل‬
‫الشامخ كالطود الباذخ حصن حب مقر ا‪٤‬بلوؾ بِب السّبم‪.4‬‬
‫كيذكر ا‪٤‬بؤرخ ابن الديبع أف ىذه ا‪٢‬بملة الثالثة كانت "ُب شهر رجب من سنة َٕٖىػ غزا ا‪٤‬بلك‬
‫الظافر صنعاء فعقر زرعها‪ ،‬كأخرب معاقلها‪ٍ ،‬ب رجع إذل بلده سا‪٤‬بان كأخوه اجملاىد هبا ٍب نزال إذل‬
‫زبيد"ٓ‪.‬‬
‫كُب ىذه ا‪٢‬بملة للملك عامر جاءت طريقو كادم عرقب كتسلم ما فيو من ا‪٢‬بصوف مع ىداد‪ ،‬بعد أف‬
‫صفاف‪ 6‬قد رجعوا إذل قولو فأتوه كىو ُب ا‪٤‬بقرانة‪،‬‬ ‫طفق يرىب كيرغب ككاف ا‪٤‬بخالفوف ُب مصنعة ىع ي‬
‫‪1‬‬
‫فسألوه أف يعفي عنهم كسلموا لو تلك ا‪٤‬بصنعة فعفى عنهم ‪.‬‬

‫هبا اكن ًلرب من كس مىض * من بٓابئيا وهبا هلري‬


‫ٍ‬
‫إرا ما ملاجصان تـرثث * حفضو ملاجصان ادلوُص‪ٔ ،‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي ا ميَية‪ ،‬امللحفي‪.1174/0 ،‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.017‬‬
‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،422‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.002‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.001‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.001‬‬
‫‪ 3‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض ‪ ،113‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.322‬‬
‫‪4‬‬
‫وؾعفان ٔبًض ًا كصًة ومزازع حواز تدل بٔس ياف من دولن اًـاًَة ابًرشق‬
‫ؾ َُعفان‪ :‬موضؽ يف حدي مٌاذة من تالذ حصاس ابًلصة من ُوسان‪ُ ،‬‬
‫ؾعفان من تالذ دولن من ذالل سري املـازك حول ظيـاء‪ ،‬و ٔلن ُ‬
‫ؾعفان من تالذ حصاس اكهت‬ ‫من ظيـاء‪ ،‬وًؼِص ٔبن امللعوذ ُيا يه ُ‬
‫مواًَة ومذحاًفة مؽ ادلوةل اًعاُصًة‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1255/0 ،‬‬
‫‪293‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كتقدـ عامر إذل صنعاء فوصل إذل ما حو‪٥‬با‪ ،‬كحط ُب حدة ُب اليوـ السادس من شهر شعباف سنة‬
‫ضداف‪ ،2‬فأخرب ما حولو من بستاف كأمر ابنتقاؿ ما أحاط بو من األشجار‬ ‫َٕٖىػ‪ ،‬فقصد حصن ىع ي‬
‫فأخرهبا‪ ،3‬كدل يشعر أىل صنعاء إال بوصوؿ السلطاف عامر ٔبنده ا‪٤‬بتكاثر‪ ،‬فحط ُب حدة ٍب تقدـ إذل‬
‫آكاـ الزبيب ُب سفح نقم‪ ،‬كأىلك ما حوؿ صنعاء من ا‪٤‬بزارع‪ ،‬كدل يبقى منها بقية‪.4‬‬
‫ٍب إف عامر رتب رتبة ُب مصنعة ربلع مائة فارس مع ىربة‪ ،‬كقول الرتبة مع حسن ا‪٤‬بقمحي ُب‬
‫غيماف كرتب خيبلن كرجاالن ُب ذىباف ككذلك ُب خطفة سنحاف‪ ،‬كعاد من احملطة سابع عشر من شهر‬
‫شعباف سنة َٕٖىػ إذل ببلده‪ ،‬ككعد أف يعود إذل صنعاء ُب شهر شواؿ أبجناده‪.5‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اكصمعي‪ ،‬ض‪.001‬‬


‫‪ 0‬حعن ؾَضُ سان‪ :‬كصًة وحعن قصيب مسًيةظيـاء‪ ،‬ما تني جف ؾعان ومٌزتٍ حست‪ ،‬وٌُل ٔبؿال حدي مصتؽ ممضوق ادلواهة‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان‬
‫واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1257/0 ،‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.003‬‬
‫‪ 2‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.422‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.003‬‬
‫‪294‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثالث‬
‫مقتل ادللك الظافر‬

‫أوالً‪ :‬إرسال أىل صنعاء للملك عامر بن طاىر‪ :‬كُب ذم القعدة من سنة َٕٖىػ اجتمع ا‪٤‬بلكاف‬
‫اجملاىد كالظافر بعدف‪ ،1‬فبعد أف استوذل ا‪٤‬بلك اجملاىد على حصن حب نزؿ إذل ثير عدف‪ ،‬كتبعو أخوه‬
‫مبادران فوصل إليو كأجاال الرأم كتشاكرا‪ ،‬كقيل أف علي بن طاىر أشار على أخيو عامر أف ال يعجل‪،‬‬
‫كأف يتمكن فيما رجاه كأمل فلم يقف عامر ُب ثير عدف أكثر من ثبلثة أايـ‪.2‬‬
‫كيذكر ا‪٤‬بؤرخْب كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم كابن الديبع أف السبب الذم دعى ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر‬
‫‪٤‬بيادرة عدف‪ ،‬ىو أنو جاءتو كتب ا‪٤‬بنافقْب من أىل صنعاء ‪ٚ‬برب أف البيعة لو قد اتفقت كأنو يصل‬
‫ليستلم البلد‪ ،‬كأف أىل صنعاء ‪٧‬ببوف لو كارىوف ليّبه كأنو ٗبجرد كصولو إليهم مسلموف البلد لو طاعة‬
‫فاستبشر من ذلك‪ ،3‬فخرج من عدف مبادران بيّب ررا من أخيو فوصل بلده كابت هبا ليلة‪ٍ ،‬ب خرج‬
‫إذل احية صنعاء فوصل إليها سابع خركجو من عدف كأراد النزكؿ بظاىرىا ككاف أمّبىا دمحم بن عيسى‬
‫شارب غائبان ُب مشارؽ صنعاءْ‪.‬‬
‫كقد أمر ابن أخيو دمحم بن داكد بن طاىر أف أيمر من أمكنو من العسكر ابإلحتشاد كاإللتثاـ‪ ،‬فسار‬
‫دمحم بن داكد إذل ذمار كاجتمع إليو ‪٩‬بن قصد إليو كأغار فلما خرج من ذمار إذل جهراف كافاىم عامر‬
‫بن طاىر فيمن معو من الرجاؿ كالفرساف‪ ،‬كقد سار من ثير عدف حكم ا‪٤‬ببادرة كىو معجل‪ ،‬فباتوا ُب‬
‫سياف كمن ُب صنعاء ال يشعركف هبم ُب ذلك األكاف‪.5‬‬
‫ككاف اإلماـ دمحم بن الناصر ُب صنعاء بذلك الوقت كعندما كصل ا‪٤‬بلك الظافر إذل مدينة ذمار متوجهان‬
‫إذل صنعاء‪ ،‬سبقو إذل صنعاء من بلغ ا‪٤‬بؤيد ابن الناصر ٗبجيء ا‪٤‬بلك الظافر‪ ،‬فكاف منو أف أمر من‬
‫فوره إذل دمحم بن عيسى شارب يقوؿ لو اليارة اليارة فإ ا لوصوؿ عامر بن طاىر نَباقبٔ‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،113‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،323‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض‪.033‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.006‬‬
‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اذلؤايل‪ ،‬ض‪ ،033‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،113‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.422‬‬
‫‪ 2‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،323‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،113‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اذلؤايل‪ ،‬ض‪.033‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.006‬‬
‫‪ 4‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.007‬‬
‫‪295‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫فلما كاف الصباح كصل ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر إذل علب كمعو قدر ثبلثة آالؼ رجل كزىاء‬
‫ثبل‪ٜ‬بائة فارس اب‪٣‬بيوؿ كالناس من أثره قد صاركا ُب الطرقات ‪٦‬بيبوف‪ ،‬فلما كصل إذل علب‪ ،‬أخرج‬
‫ا‪٤‬بقراين‪ 1‬كىو أحد فرسانو ا‪٤‬بشهورين كالرجاؿ ا‪٤‬بذكورين ُب ‪ٟ‬بسْب فارسان كخرجت عْب صنعاء‪ ،‬فوقع‬
‫بينهم الطراد فطعن ا‪٤‬بقراين كسقط ا‪١‬بواد فعاد‪ ،‬فلما أتى إذل ا‪٤‬بلك الظافر عامر‪ ،‬كرعو ُب احململ على‬
‫ظهر ا‪١‬بمل‪.‬‬
‫ٍب قاؿ نيتنم الفرصة على من ُب صنعاء ابلقتاؿ كنناكرىم قبل أف يصل خيلهم كالرجاؿ‪.‬‬
‫فقاؿ علي بن ا‪٤‬بنتصر صاحب قلعة سحمر‪ ،2‬أتىن كاصرب كاملك أمرؾ حٌب ٘بتمع عساكرؾ‪ ،‬فأىب‬
‫ذلك‪.‬‬
‫فقاؿ‪ :‬أأٍمر الناس ليسَبٰبوا كيصطبحوا فلم ٯببو إذل ذلك‪ ،‬كفرؽ الناس كقسم من معو أثبلاثن‪ ،‬إبراىيم‬
‫بن حسن ا‪٤‬بقمحي ُب ثلث العسكر إذل ابب اليمن كابب النصر‪ ،‬كفرقة إذل ابب شعوب‪ ،‬كتوجو إذل‬
‫ابب السبحة ككجو الثقل كا‪١‬بماؿ كا‪٣‬بياـ ‪٫‬بو ا‪١‬بنوب إذل آكاـ الزبيب‪.‬‬
‫كقد صار ابن الناصر يطوؼ بْب أىل صنعاء ُب الشوارع كٰبثهم كٰبررهم على القتاؿ‪ ،‬كىو ‪٥‬بم‬
‫للقتاؿ جامع ككجههم إذل جانب ا‪٤‬بدينة كقد اعتادكا للقتاؿ كأخذكا السبلح خبلؼ عادهتم الٍب‬
‫نشأككا عليها من ا‪١‬بنب اليالب عليهم ُب األحواؿ‪.‬‬
‫بل لقد تشجعوا كصاركا إذل القتاؿ يسرعوا‪ ،‬فرماىم جيش عامر اب‪٢‬بجارة من األكراؼ إذل داخل‬
‫الدكائر كقاتلوىم حٌب اتعبوىم‪ ،‬كأخرجوىم عن األطبلؿ ُب الدرب كا‪٤‬بناظرّ‪.‬‬
‫اثنياً‪ :‬الغدر واإلستيالء على زلطة ادللك عامر‪ :‬كتقدـ فارس من جهة إبراىيم ا‪٤‬بقمحي كعنس‪،‬‬
‫فقاؿ ألىل صنعاء إف األثقاؿ كا‪٣‬بياـ ُب آكم الزبيب فاخرجوا إليها كما أحد يقاتل عليها‪.‬‬
‫فقالوا‪٥ :‬بم ‪٬‬باؼ منكم اليدر كأف نلقى منكم البأس كالشر‪.‬‬
‫فقالوا‪ :‬ال أبس عليكم كال أحد منا يوجو شران إليكم‪.‬‬

‫‪ 1‬امللصاين فازش مضِوز وس حة إىل كصًة امللصاهة من تالذ جحاح‪.‬‬


‫حس ّمص‪ :‬كصًة يف ؾصط حدي تين مسمل‪ ،‬قصة مسًية ٍصمي مبسافة ‪ 02‬هََو مرت‪ ،‬سىهنا يف ٔبوائي اًلصن اًساتؽ اًِجصي مصمغ اًعويف‬ ‫‪ََ 0‬‬
‫اسلريي‪ ،‬اكن من هحاز اًعوفِة يف ؾرصٍ‪ ،‬واكن ًَلة ابًـحس اًعاحل‪ ،‬انَُ ًا ؾن اًؼمل واًـسف وادلربوث إىل ٔبن كذي تـس س ية ‪ُ401‬ػ‪.‬‬
‫ٔبهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.552/1 ،‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.007‬‬
‫‪296‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ففتحوا ابب اليمن كابب النصر كخرجوا لؤلثقاؿ‪ ،‬كما عندىا من الظهر‪ ،‬فلما خرجوا انزاح ا‪٤‬بقمحي‬
‫كمن معو عن الطريق كانفرجوا غدران كمكران ابلتحقيق‪.‬‬
‫ككاف ا‪٤‬بلك الظافر راكنان عليهم أف اثقالو قد صارت من خلفهم كأهنم ال ٲبيلوف عن صفهم‪.‬‬
‫فخرج أىل صنعاء فاستولوا على ا‪١‬بماؿ كاغتنموا ما فيها من األثقاؿ من خياـ كعدة كسبلح كأثقاؿ‬
‫من ا‪٢‬برير ا‪٤‬بذىب كا‪٤‬بلبوس الذم أعدىا ابن طاىر ‪٤‬بن أيتيو‪ ،‬ككسوتو كذكيو الرفيعة اليالية الٍب يلبسها‬
‫ا‪٤‬بلوؾ ا‪٣‬باصة كاحملامل الٍب ترؾ كأخويو فيها على ا‪١‬بماؿ كالزينة ا‪٢‬بسنة ا‪٤‬بلوكية كا‪١‬بماؿ‪.‬‬
‫كىرب أحد عبيد عامر كآخر لعبدالصمد ا‪٤‬بوكلْب ابلنقد من الذىب كالفضة إذل براش كببعض شيء‬
‫من الزينة كجاؤكا إذل ا‪٤‬بلك الظافر عامر كىو ُب القتاؿ كقالوا قد انتهت ما ُب ‪٧‬بطتك من ا‪١‬بماؿ‬
‫كأخذت ا‪٣‬بياـ ك‪ٝ‬بيع ا‪٤‬باؿُ‪.‬‬
‫كأما ابلنسبة حملمد بن عيسى شارب فإنو ‪٤‬با استدعاه اإلماـ دمحم بن الناصر‪" ،‬ك‪٠‬بع بوصوؿ الظافر‬
‫أقبل ليدخل صنعاء فلما تراءل العسكراف أقبل كل فريق على اآلخر فثار العجاج كاشتيل العسكر‬
‫على حفظ األثقاؿ كاألمواؿ كىي على البياؿ كا‪١‬بماؿ ألف القصة اتفقت حاؿ كصو‪٥‬بم البلد كدل ٰبطوا‬
‫أثقا‪٥‬بم ككاف أىل صنعاء يشاىدكف ا‪٢‬باؿ فخرج ‪ٝ‬باعة من صنعاء فساقوا البياؿ كا‪١‬بماؿِ‪.‬‬
‫"كقد اقبل دمحم بن عيسى شارب ميّبان من نقيل عصر ٗبن معو كقصد ابب السبحة ٗبن أطاعو كاتبعو‬
‫فظنهم ا‪٤‬بلك عامر كمن ُب صنعاء غارة من ٮبداف ا‪٤‬بوالْب للملك الظافر عامر‪ ،‬فلما ‪ٙ‬بقق للملك‬
‫الظافر أهنم مادة إذل أىل صنعاء‪ٞ ،‬بل عليهم ‪ٞ‬بلة الليث اليضوب الذم ٰبوط من لديو كيرعى فقاتل‬
‫أشد القتاؿ كقتل أربعْب ‪٩‬بن مع شارب من الرجاؿ كقاؿ ‪٤‬بن معو من الفرساف ييّب منكم ‪ٟ‬بسوف‬
‫فارسان ليستدركوا ما هنب من ا‪٤‬باؿ كا‪١‬بماؿ كا‪٣‬بياـ كما عليها من األثقاؿ‪.‬‬
‫فخرج ابن الناصر أبىل صنعاء ‪٫‬بو ا‪٤‬بلك الظافر عامر حْب أقبل ابن شارب كقد أأيس ا‪٤‬بلك الظافر‬
‫من نفسو كقاؿ ما لنا عن الناصر كابن شارب كقوؼ كنقتل مقدمْب خّب لنا من ا‪٤‬بقاـ بْب النساء‬
‫ننظر من خلف الدكاير كنشوؼ‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬مقتل ادللك عامر بن طاىر‪ :‬فلما اهنزـ الناس قاؿ داككد بن إبراىيم بن عبدهللا األنف‪ :‬اي عامر‬
‫فانج بنفسك قبل ا‪٥‬ببلؾ كالبوار‪ ،‬فلم يلتفت إذل قوؿ من قاؿ ك‪ٞ‬بل ‪ٞ‬بلة‬
‫إف الناس قد ركنوا إذل الفرار ي‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.007‬‬


‫‪ 0‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.323‬‬
‫‪297‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الرجاؿ كقتل ‪ٝ‬باعة من الرجاؿ كعثر بو ا‪١‬بواد كقد أصيب بسهم كاركبو بعض عبيده على حصاف آخر‬
‫فكبا ا‪٢‬بصاف الثاين ككقع عامر على األرض ايئسان بعد شدة العزـ كأمعن عسكره ُب الفرارُ‪.‬‬
‫كُب ىذه ا‪٣‬با‪ٛ‬بة البطولية ٰبكي العبلمة كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم كاصفان حاؿ ا‪٤‬بعركة كشجاعة ا‪٤‬بلك‬
‫الظافر عامر النادرة كاستبسالو للقتاؿ كعدـ فراره أك استسبلمو‪ ،‬رغم أنو كاف ُب كسعو الفرار كمعاكدة‬
‫كفر‪ ،‬إال أف نفسو األبية أبت الفرار كاإلنسحاب‪.‬‬‫كر ٌ‬ ‫القتاؿ مرة أخرل فالقتاؿ ٌّ‬
‫فيقوؿ كماؿ الدين الذؤارل‪" :‬كارطرب العسكر الظافرم كجالوا جولة كاهنزموا كدل ييلبوا عن قلة‪ ،‬ككاف‬
‫ا‪٤‬بلك الظافر صاحب ‪ٞ‬بية كنفس أبية‪ ،‬كقاؿ لنفسو‪ :‬مكانك ‪ٙ‬بمدم أك تسَبٰبي‪ ،‬كقاتل حٌب قتل ُب‬
‫‪ٝ‬باعة من خاصتو كأىل بلده‪ ،‬كقاؿ لساف ا‪٢‬باؿ‪ :‬ليس الكرًن على القنا ٗبحرـ‪ ،‬كلو أسوة ٔبماعة‬
‫ا‪٣‬بلفاء كا‪٤‬بلوؾ كاألمراء"ِ‪.‬‬
‫كتيرؾ ليس معو إال قليل من ا‪٢‬بماة كدار بو األعداء فصرع كاحتز رأسو بعد أف انتزع عنو لباسو كجاء‬
‫أحد العبيد إذل دمحم بن داككد بن طاىر كىو يقاتل ُب احية فقاؿ لو‪ :‬إف عمك قد قتل فانج بنفسك‬
‫ال تكن ابلقتل اثنية‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أين أفر عن عمي‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬كاحد كال اثناف فأنج‪ ،‬فساركا كاجتمع إليو ‪ٝ‬باعة من الرجاؿ كا‪٣‬بيل‪ ،‬كجاءكا بيت علب منهزمْب‬
‫يدعوف ابلثبور كالويل كىرب كثّب من الرجالة إذل براش كمن أىل ا‪٣‬بيل كتركوا خيلهم ينتهبها األكابش‬
‫ككانت ٮبتهم النجاة‪.‬‬
‫كقد قتل كثّب من الناس عند عامر من ا‪٢‬بماة قيل مائة ك‪ٟ‬بسوف قتيبلن كقيل مائة‪ ،‬كهللا أعلمّ‪.‬‬
‫كيقوؿ العبلمة ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا ُب ذكر ىذه ا‪٢‬بادثة كمقتل ا‪٤‬بلك الظافر‪ٍ" :‬ب خرج الظافر منها‬
‫قاصدان صنعاء ابستدعاء من أىلها‪ ،‬كما قيل‪ ،‬فعملوا عليو ا‪٤‬بكيدة حٌب كصلها ُب ‪ٝ‬بوع عظيمو‪ ،‬غّب‬
‫حازـ كال متهيء للقتاؿ‪ ،‬فحمل عليو أمّبىا دمحم بن عيسى شارب ُب ‪ٝ‬بوعو‪ ،‬فاهنزـ العسكر السلطاين‬
‫كثبت ا‪٤‬بلك الظافر فيمن معو‪ ،‬كقاتلوا قتاالن شديدا حٌب قتل ا‪٤‬بلك الظافر بظاىرىا‪ُ ،‬ب طائفة من‬
‫أصحابو‪ ،‬يوـ االثنْب السابع من شهر ذم القعدة َٕٖىػ‪ ،‬ككاف أمر هللا قدران مقدكران‪ ،‬فعظم بذلك‬
‫مصاب ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬فإ ا هلل كإ ا إليو راجعوف‪ ،‬كال حوؿ كال قوة إال ابهلل "ْ‪.‬‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،421‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.007‬‬
‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض‪.034‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.011‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.113‬‬
‫‪298‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كذكر ابن األنف أف مقتل عامر كاف يوـ الرابع عشر من ذم القعدة كخركجو من ثير عدف يوـ‬
‫السابع من ذم القعدة سنة َٕٖىػ‪ ،1‬كىذا يوافق ما ذكره ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل أف عامر كصل‬
‫سابع يوـ عن خركجو من عدف كقتل ُب يوـ كصولو‪.2‬‬
‫كجيء برأس عامر إذل دمحم بن الناصر دل يعرؼ الرأس حٌب غسل ما فيو من الدـ كعرفو كثّب من الناس‪،‬‬
‫فأمر ٔبمع رأسو كبدنو كتصدؽ عليو بعض ا‪٢‬باررين بكفنو كدل ٰبصل لو كفن ‪٩‬با كنز‪ ،‬ك‪ٝ‬بع ككرع‬
‫ُب حفرة ُب مورع يقاؿ لو قبة خواجو‪ ،‬كحزف عليو ابن الناصر إذ دل يكن ُب مقدكره أسره فيستورل‬
‫على ‪٩‬بالكو كما كاف يدخر حٌب كأنو ا‪٤‬بهزكـ ‪٤‬با إعَباه من الندـ‪.3‬‬
‫كقد أرسل ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر إذل اإلماـ دمحم بن الناصر كما ذكر ذلك ا‪٤‬بؤرخ السخاكم‪،‬‬
‫يسألو ُب نقلو إذل ا‪٤‬بقرانة فما أذعنوا لذلك ‪٧‬بتجْب أب ا نتربؾ بقربه ككأنو لبلستهزاء‪ ،‬كيقاؿ إنو نقلْ‪.‬‬
‫كسار دمحم بن داكد ٗبن اجتمع معو الليل كالنهار حٌب كصل إذل ذمار ٍب إذل ببلده‪ ،‬كقد أصدر إذل‬
‫عمو علي بن طاىر يعلمو اب‪٢‬بادث الذم خر لو اجملد من عارل أطواده‪.5‬‬
‫قاؿ عنو العبلمة ا‪٤‬بؤرخ السخاكم ُب تر‪ٝ‬بتو‪ ":‬كلد ًُب سنة إُُٖىػ ىكقتل على ىابب صنعاء ًُب سنة‬
‫َٕٖىػ‪ ،‬كىكا ىف عفيفان ص ًادقان جوادا مقدامان شجاعان‪ ،‬لى ًكن دل يكن أىخوه علي ر ً‬
‫اريان ٗبىا ىكا ىف يػى ٍف ىعلو من‬‫يي ى ٌى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫شن اليارات‪ ،‬كإتبلؼ الزركع كطم االهنار ك‪ٙ‬بريك االشجار على أىل صنعاء ‪٩‬بَّا يلجئو إلىٍيو ا ٍ‪٢‬بىٍرب‪،‬‬
‫ىخوهي الٍ ىم ٍذ يكور بكفالتهم كمصا‪٢‬بهم‬ ‫ّبىا‪ ،‬ىكخلف ىسٍبػ ىعة ذي يكور قى ىاـ أ ي‬
‫اعة من شعراء زبيد ىك ىغ ى‬
‫ىكقد راثه ‪ٝ‬بى ى‬
‫ات‪."6‬‬‫ىح ٌَّب ىم ى‬
‫رابعاً‪ :‬أسباب سقوط صنعاء وىزمية ادللك الظافر عامر بن طاىر ومقتلو‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬إبقاء ا‪٤‬بلك الظافر عامر لئلماـ دمحم بن الناصر ُب صنعاء كسكنو هبا‪٩ ،‬با جعلو يطمع ُب‬
‫اإلستيبلء عليها كٱبطط إلسَبدادىا‪ ،‬كقد جعلو ذلك على دراية كبينة بكل ما يدكر ُب صنعاء ُب ظل‬
‫حكم كالة بِب طاىر‪ ،‬كمعرفة نقاط رعف الوالة الطاىريْب‪ ،‬كنقاط القوة ُب مفاصل ا‪٢‬بكم كىذا ما‬
‫سهل مهمة دمحم بن الناصر ُب اإلعداد كالتهيئة كإعادة استيبلئو على صنعاء‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.011‬‬


‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اذلؤايل‪ ،‬ض‪.033‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.012‬‬
‫‪ 2‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.143/0 ،‬‬
‫‪ 3‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.010‬‬
‫‪ 4‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.14/2 ،‬‬
‫‪299‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫اثنياً‪ :‬ترؾ صنعاء من غّب ‪ٞ‬باية تكفي لقمع أم ‪ٛ‬برد ككاف ىذا اإلٮباؿ األمِب السبب الرئيسي لسقوط‬
‫صنعاء‪ ،‬فقد خرج أغلب ا‪١‬بنود الذين كانوا مرتبْب فيها ففرغت صنعاء منهم بسبب النائب ٰبي‬
‫الكراز الذم عينو ائبا للبعداين فكاف يوٮبو أبف ابن الناصر ‪٧‬بل ثقة‪ ،‬كزايدة على ذلك خركج البعداين‬
‫عامل صنعاء من قبل ا‪٤‬بلك عامر إلستخبلص ا‪٢‬بقوؽ من ا‪٤‬بناطق الٍب حوؿ صنعاء‪ ،‬كدل يبقى إال‬
‫القليل من ا‪٢‬براسة كالذين استسلموا مباشرة دكف أم مقاكمة تذكر‪ ،‬كاليريب أف ييقاؿ أف شارب دل‬
‫يكن ىدفو إال ‪ٚ‬بليص دمحم بن الناصر كهتريبو من صنعاء إذل حصن ذم مرمر‪ ،‬كدل يكن لئلستيبلء على‬
‫صنعاء بل شجعو على ذلك أىل صنعاء عندما علموا بقدكمو إلخراج ا‪٤‬بؤيد‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬خيانة بعض قادة جيش ا‪٤‬بلك الظافر ُب أايـ ا‪٢‬برب كخاصة ‪٩‬بن كانت بينو كبينهم عداكة‬
‫سابقة‪ ،‬ككانوا يتظاىركف لو ابلوالء كاإلخبلص ُب الظاىر‪ ،‬كىم يبطنوف خبلؼ ما يظهركف‪ ،‬كمنهم‬
‫مر معنا ذكره‪،‬‬
‫حسن ا‪٤‬بقمحي‪ ،‬الذين أفسحوا ألىل صنعاء بنهب ‪٧‬بطة ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر كما ٌ‬
‫فقد كانت ىناؾ مؤامرة اتضحت بْب ا‪٤‬بقمحي كأكراد ذمار من جهة كشارب كابن الناصر من جهة‬
‫أخرل‪ ،‬كما يذكر ذلك القاري ا‪٤‬بؤرخ دمحم بن علي األكوع ُب التعليق على مقتل ا‪٤‬بلك عامر بن‬
‫طاىر فيقوؿ‪ :‬فلم ينسى ا‪٤‬بقمحي كأكراد ذمار ما حل هبم من عامر من خراب قصورىم كسلب‬
‫معنوايهتم كانتزاع حصوف أسبلؼ من أيديهم كىو قفل اليمن األعلى كاألسفل لذلك األكاف كإف‬
‫أظهركا الصداقة كاإلخبلص كالتذلل‪ ،‬فذلك من خداع السياسة‪ ،‬كما بقاء ابن شارب خارج صنعاء إال‬
‫خيط من خيوط ا‪٤‬بؤامرة‪ ،‬يصل إذل صنعاء فيفشل ا‪٤‬بعركة كيهزـ عامر كيدخل عليو ا‪٣‬بوؼ‪.1‬‬
‫رابعاً‪ :‬إنفراد ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر ابلقرار ُب ا‪٢‬برب كعدـ إشراؾ اآلخرين أك األخذ برأيهم‪ ،‬فقد‬
‫نصحو علي بن ا‪٤‬بنتصر صاحب قلعة سحمر عند كصو‪٥‬بم مباشرة إذل صنعاء‪ ،‬أف يتأىن كيصرب حٌب‬
‫٘بتمع ‪ٝ‬بيع العساكر فيستطيع أف ٰباصرىا كيطبق عليها بكل قواتو‪ ،‬فأىب ذلك فقاؿ أأمر الناس‬
‫ليسَبٰبوا كيصطبحوا فلم ٯببو إذل ذلك أيضان‪ ،2‬كىذا ما شتت قوات ا‪٤‬بلك عامر كفرؽ ‪ٝ‬بعهم ككاف‬
‫سببان رئيسيان للهزٲبة‪ ،‬ككل ذلك لعدـ أخذه اب‪٤‬بشورة‪ ،‬كتفرده ابلرأم كييعد ىذا ا‪٣‬بطأ من أخطر‬
‫األخطاء ُب إدارة ا‪٤‬بلك كقيادة ا‪٤‬بعارؾ‪ ،‬فكاف ال بد لو من إعماؿ الشورل كاستشارة أىل ا‪٢‬بل كالعقد‬
‫من قادتو كأعوانو الذين يثق هبم كأال ينفرد برأيو‪.‬‬

‫‪ 1‬حاص َة اًلايض دمحم جن ؿًل الٔهوع ؿىل زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.013‬‬
‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.007‬‬
‫‪311‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫خامساً‪ :‬اإلعتداءات الٍب كاف يقوـ هبا جيش ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر على الزراعات كاآلابر كينابيع ا‪٤‬بياه‬
‫الٍب حوؿ مدينة صنعاء كلما حاصرىا‪٩ ،‬با كاف يلحق أشد الضرر اب‪٤‬بواطنْب‪٩ ،‬با جعلهم يقفوف ُب‬
‫صف دمحم بن الناصر‪ ،1‬رغم عدـ إعتيادىم على القتاؿ من قبل ذلك كىو خبلؼ عادهتم‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬ثقة ا‪٤‬بلك الظافر ا‪٤‬بفرطة اببن الناصر كذلك حسب ا‪٤‬بعلومات الٍب كانت تصلو من ائب‬
‫حاكم صنعاء ابن الكراز‪٩ ،‬با جعلو يطمئن ‪٤‬بكوثو ُب صنعاء كاستقراره هبا‪ ،‬كقد مكن ىذا ابن الناصر‬
‫من توطيد عبلقتو أبىل صنعاء كالتواصل معهم كابلتارل جعلهم يثقوف بو كيقاتلوف ٔبانبو عند حصار‬
‫صنعاء‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬من األسباب الرئيسية كذلك الٍب أدت إذل ىزٲبة ا‪٤‬بلك الظافر تركو أمر كالية بعض ا‪٢‬بصوف‬
‫الٍب استوذل عليها ُب صنعاء كما حو‪٥‬با‪٤ ،‬بن كانوا قائمْب عليها ُب عهد دمحم بن الناصر‪ ،‬الذين تظاىركا‬
‫لو ابلوالء كالطاعة ُب الظاىر‪ ،‬كىم ٱبططوف كيعدكف لئلستيبلء على صنعاء كعلى رأسهم دمحم بن‬
‫شارب‪ ،‬فكانت تيعد ىذه ا‪٢‬بصوف ٗبثابة خط اإلسناد كالتموين حملمد بن الناصر‪.‬‬
‫اثمناً‪ :‬تعجل ا‪٤‬بلك الظافر ُب بدأ القتاؿ قبل اسَباحة قواتو كتكامل كصوؿ جيشو ك٘بمعو‪٩ ،‬با أدل‬
‫إذل خوض رأس جيشو كمقدمتو للمعركة دكف بقية ا‪١‬بيش كىم منهكْب من السفر دكف اسَباحتهم‪،‬‬
‫ككاف ذلك بسبب ثقة ا‪٤‬بلك الظافر الزائدة عن اللزكـ ابلنصر‪ ،‬كرٗبا اغَباره ابلنصر كبسهولة خوض‬
‫مر معنا‬
‫ا‪٤‬بعركة ككذلك شجاعتو ا‪٤‬بفرطة ىي الٍب أدت إذل خوض ا‪٤‬بعركة دكف كصوؿ بقية قواتو كقد ٌ‬
‫نصح علي بن ا‪٤‬بنتصر لو ابلتأين كالصرب حٌب كصوؿ بقية القوات كعدـ استجابتو لذلك‪.2‬‬
‫اتسعاً‪ :‬خركج ا‪٤‬بلك الظافر عامر من عدف متوجهان إذل صنعاء‪ ،‬بعد أف كصلت إليو مراسبلت أىل‬
‫صنعاء لو بتسليم صنعاء لو‪ ،‬فلم يكن مستعدان اإلستعداد الكاُب للقتاؿ‪ ،‬اعتمادان على ما كعده بو أىل‬
‫صنعاء‪ ،‬فلم ٰبشد األعداد الكافية من ا‪١‬بيش كما حشد سابقان عند تقدمو من ذمار إذل صنعاء‪ ،‬بل‬
‫أنو دل يستمع إذل أخيو ا‪٤‬بلك اجملاىد ك‪ٙ‬بذيراتو أبال يركن على أىل صنعاء ككعودىم لو‪ ،‬كنصحو أبف‬
‫أيخذ ا‪٢‬بيطة‪ ،‬ك‪ٚ‬بويفو من الوقوع ُب ا‪٤‬بكيدة كلكنو دل يستمع لو‪.3‬‬

‫‪ 1‬حاص َة اًلايض الٔهوع ؿىل زوضة ارلحاز‪ ،‬ض‪.012‬‬


‫‪ 0‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.007‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،113‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اذلؤايل‪ ،‬ض‪.033‬‬
‫‪311‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫عاشران‪ :‬يضاؼ إذل ذلك أف جيش عامر قد سئم ا‪٢‬برب كالتكرار ‪٢‬بصار صنعاء‪ ،‬كاستا من أعماؿ‬
‫عامر التعسفية فوذل األدابر‪ ،‬ال يلوف على شي‪.1‬‬
‫ككاف ا‪٤‬بلك الظافر عفيفان صادقان جوادان مقدامان شجاعان‪ ،‬لكن دل يكن أخوه ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن‬
‫طاىر راريان ٗبا كاف يفعلو من شن اليارات كاتبلؼ الزركع كطم االهنار ك‪ٙ‬بريك االشجار على أىل‬
‫صنعاء ‪٩‬با يلجئو إليو ا‪٢‬برب‪ ،‬كقد راثه ‪ٝ‬باعة من شعراء زبيد كغّبىا‪ ،‬كخلف سبعة ذكور قاـ أخوه‬
‫ا‪٤‬بذكور بكفالتهم كمصا‪٢‬بهم حٌب مات‪.2‬‬

‫‪ 1‬حاص َة الٔهوع ؿىل زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.013‬‬


‫‪ 0‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.174/0 ،‬‬
‫‪312‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الثالث‬
‫األوضاع السياسية بعد مقتل‬
‫ادللك عامر بن طاىر‬

‫‪٤‬با استشهد ا‪٤‬بلك الظافر بصنعاء كما ذكر ا‪ ،‬اتصل العلم أبخيو ا‪٤‬بلك اجملاىد‪ ،‬كىو إذ ذاؾ بعدف‪،1‬‬
‫كقد اشتد عليو ذلك‪ ،‬كعظم عنده فقد ا‪٢‬بميم‪ ،‬فاستخدـ عسكران كخرج إذل مقره فوصل حبيل بدر‬
‫فتحقق األخبار كتقدـ إذل دار السبلـ ٔببلة كمتوسط بْب ا‪٢‬بدكد فأقاـ بو مدة يصدر كيورد كيورل‬
‫كعىرؼ ا‪٤‬بوارل كا‪٤‬بعادم كعامل كبلن ٗبا يستحقِ‪.‬‬
‫كيعزؿ ى‬
‫كأكثر خوفو كغارتو إذل حصن حب كجبل بعداف خشي من فيو ا‪٣‬ببلؼ‪ ،‬ككصل كأمر أل‪ٞ‬بد الليث‬
‫الذم كاف ُب حب فأدخلهما السجن خوفان على بعداف كما إليو من البلداف‪ ،‬ككجل من إدريس ابن‬
‫ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬ببيشي‪.3‬‬
‫كأما أىل زبيد فإنو ‪٤‬با كصل ا‪٣‬برب إليهم بذلك‪ ،‬ككاف الشيخ علي بن سفياف بزبيد‪ ،‬كقد أذؿ ا‪٤‬بعازبة‬
‫كشردىم كطردىم فَباجعوا كاجتمعوا كدل يبليوا مبليان‪ ،‬فسكن اإلرطراب ُب الببلد كحفظها‪ ،‬كأمر‬
‫ابلصبلة على ا‪٤‬بلك الظافر يوـ ا‪١‬بمعة‪ ،‬ك ادل ابلقراءة عليو سبعة أايـ دل تنقطع بزبيد‪ ،‬ككاف غالب‬
‫الناس يصلوف الصبح اب‪١‬بامع كيصلي هبم كل يوـ القاري عفيف الدين عبدهللا بن الطيب الناشرم ٍب‬
‫يشرع الشعراء ُب الَباثي من يوـ الثالث‪ ،‬فراثه الفقيو عبدالر‪ٞ‬بن الشويهر‪ ،‬كالبدر الصياحي‪ ،‬كالفقيو‬
‫‪ٞ‬بزة الناشرم كغّبىم‪ ،‬إذل انقضاء السبعة األايـ‪.4‬‬

‫‪ 1‬حييك اًـالمة املؤزد اًعَة جن ؾحسهللا ابخمصمة يف اتزخيَ ٔبن املكل ؿًل جن ظاُص اكن يف ركل اًوكت يف ؿسن‪ ،‬و ٔبهَ ٔبزاذ اًعَوع إىل حدي‬
‫ظريت‪ ،‬ملـاًية اًحرئ اًيت فَِ‪ ،‬تـس بٔن مسؽ ٔبن اًلايض اجن ننب ظَؽ ز ٔبش ُشا ادلحي‪ ،‬ومـَ مج ٌؽ من ٔبؾَان اًحدل فبٔذًوا يف اًحرئ املشهوزت حد ًال مث‬
‫زفـوٍ وكس ٔبحرتق ظصفَ‪ ،‬فٌَل حىِت ُشٍ اًلعة ٌَض َخ ؿًل جن ظاُص‪ ،‬وُو إر راك تـسن ٔبزاذ اًعَوع إىل حدي ظريت‪ ،‬وٌضاُس ركل‬
‫اًيشء‪ ،‬فـَيوا ًوم ًا مـَوم ًا ٌَعَوع‪ ،‬فاثفق وظول ذرب كذي ٔبدَِ اًض َخ ؿامص حتت ظيـاء إىل ؿسن يف ٔبول ركل اًَوم اذلي ؾَيوٍ ٌَعَوع‬
‫فَِ‪ ،‬خفصح اًض َخ ؿًل جن ظاُص مداذز ًا إىل ادلحي دوف ثوكؽ فذية فَِ‪ ،‬وتعَوا ما ّمهوا تَ من ظَوع ادلحي‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬اتزخي زلص ؿسن وحصامج‬
‫ؿٌَلهئا‪ ،‬الٕمام اًعَة جن ؾحسهللا ابخمصمة‪ ،‬حتلِق ؿًل حسن اذلَيب‪ ،‬ذاز ادلَي تريوث ًحيان‪ ،‬اًعحـة اًثاهَة ‪1765‬م‪ ،‬ض‪.04‬‬
‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،421‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.034‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.010‬‬
‫‪ 2‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪.324 ،‬‬
‫‪313‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككاف البد للملك اجملاىد من إ‪ٟ‬باد ىذه التمردات كتسكْب القبائل كإخضاعهم للدكلة الطاىرية‬
‫كاستعادة السيطرة على الببلد‪ ،‬كغالبان ما كانت القبائل تثور ُب تلك األايـ أك ُب ذلك العصر‪ ،‬كمن‬
‫الصعب إقناعها‪.‬‬
‫كرٗبا أف أبرز ما كاجهو ا‪٤‬بلك اجملاىد بعد مقتل أخيو الظافر عامر األكؿ‪ ،‬ىو التمردات القبلية فقد كل‬
‫اىتماـ الدكلة منصبان على اخضاع القبائل كخاصة ُب هتامة كما حو‪٥‬با كإحكاـ السيطرة على اليمن‪،‬‬
‫لذا فإف الفَبة التارٱبية من حكم ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل حْب كفاتو دل تكن زاخرة ابألحداث ا‪٤‬بتنوعة‬
‫كالصراعات مع سلطنات أك ‪٩‬بالك أخرل ألهنا كانت كما ذكر ا ُب اليالب ردع للتمردات القبلية‪.‬‬
‫كدل يتجدد الصراع ُب عهد ا‪٤‬بلك اجملاىد مع األئمة الزيدية‪ ،‬فقد شيل ا‪٤‬بلك اجملاىد كما ذكر ا بردع‬
‫التمردات القبلية فَبؾ قتاؿ األئمة الزيدية إذل حْب كفاتو‪ ،‬ككاف ال يستحسن قتا‪٥‬بم حٌب ُب أثناء قتاؿ‬
‫أخيو عامر األكؿ ‪٥‬بم‪.‬‬
‫يقوؿ العبلمة ا‪٤‬بؤرخ دمحم بن إ‪٠‬باعيل الكبسي‪" :‬كبعد قتل السلطاف عامر بن طاىر تفرد اب‪٤‬بلك اجملاىد‬
‫علي بن طاىر‪ ،‬فأعرض عن الفًب كاقتصر على ببلده كببلد أخيو عامر‪ ،‬كترؾ ببلد الزيدية كقتا‪٥‬بم‪،‬‬
‫كأحسن السياسة كتدبّب ا‪٤‬بملكة كبناء ا‪٤‬بساجد كالربط‪ ،‬كعود العوائد كأعطى العطااي ا‪٤‬بستكثرة"ُ‪.‬‬
‫كلكن أىم ما كاجهو ا‪٤‬بلك اجملاىد بعد مقتل ا‪٤‬بلك الظافر ىو ارطراب أحواؿ اليمن‪ ،‬فقد كاجو‬
‫ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر بعد مقتل أخيو الظافر الكثّب من ا‪٤‬بتاعب بسبب التمردات الٍب اعتادهتا‬
‫قبائل هتامة‪ ،‬كقبائل ‪٨‬ببلؼ جعفر كلما كانت الفرصة سا‪٫‬بة ‪٥‬با للتخلص من ا‪٢‬بكم القائم‪ ،‬كما كاف‬
‫حا‪٥‬با ُب عهد بِب رسوؿ قبل ذلك‪ ،‬ككاف من أبرز ىذه التمردات القبلية على ا‪٤‬بلك اجملاىد ىو ‪ٛ‬برد‬
‫القبائل ُب هتامة كعلى رأسهم ا‪٤‬بعازبة‪ ،‬كبِب حفيص من الزيدية ُب هتامة ككذلك ‪ٛ‬برد الشيخ إدريس‬
‫ا‪٢‬ببيشي ُب ‪٨‬ببلؼ جعفر‪ ،‬كُب ىذا الفصل سنبْب ىذه التمردات على النحو التارل‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬مترد احلبيشي مبخالف جعفر‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬مترد ادلعازبة يف هتامة‬
‫ادلبحث الثالث‪ :‬مترد قبيلة بين حفيص الزيديني بتهامة‬
‫ادلبحث الرابع‪ :‬مترد قبائل أخرى‬
‫ادلبحث األول‬

‫‪ 1‬اٌَعائف اًسًِة يف ٔبدداز املٌلكل اٍمييَة‪ ،‬دمحم جن إسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬ض‪.164‬‬


‫‪314‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫مترد احلبيشي مبخالف جعفر‬

‫أوالً‪ :‬مترد إدريس احلبيشي صاحب سلالف جعفر‪:‬‬


‫مر معنا أف ببلد ا‪٢‬ببيشي تقع ُب حبيش من مناطق إب‪ ،‬كقد كانت من أبرز ا‪٤‬بدف مدينة جبلة الٍب‬ ‫ٌ‬
‫بنيت ُب عصر الدكلة الصليحية‪ ،‬كقد كاف آؿ ا‪٢‬ببيشي من ا‪٤‬بتمردين ُب أكاخر عهد الدكلة الرسولية‬
‫كاستمر ‪ٛ‬بردىم كطموحهم لئلستيبلء على السلطة إذل عصر الدكلة الطاىرية‪ ،‬ككاف معقلهم كحصنهم‬
‫ا‪٤‬بنيع ىو حصن التعكر الشهّب القريب من مدينة جبلة‪.‬‬
‫كُب أكاخر الدكلة الرسولية ارطربت أحواؿ ‪٨‬ببلؼ جعفر من إب كساءت أحوالو األمنية‪ ،‬كعندما‬
‫استقل بِب طاىر اب‪٤‬بلك بعد الرسوليْب‪ ،‬إستطاعوا أف يبسطوا نفوذىم على ‪٨‬ببلؼ جعفر كغّبه من‬
‫ا‪٤‬بناطق‪.‬‬
‫كاستمر التمرد كاإلعتداءات من قبل العباس بن ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬ببيشي‪ ،‬إال أف ‪٧‬باكالتو كلها ابءت ابلفشل‬
‫كدل يستطع ا‪٢‬ببيشي أف يناؿ شيئان‪ ،‬حٌب ًب الصلح بينو كبْب بِب طاىر ُب ُب أكاخر عاـ ٖٔٔىػ‪،‬‬
‫كاصطلح ا‪٤‬بلكاف اجملاىد كالظافر مع ا‪٢‬ببيشي الشيخ عباس بن ا‪١‬ببلؿ بن عبدالباقي صاحب خدد‪،‬‬
‫ككاجههما كأنعما عليو كرريا عنوُ‪ ،‬كىكذا سكنت األكراع ُب ‪٨‬ببلؼ جعفر كاستقر األمر لبِب‬
‫طاىر‪.‬‬
‫"ك‪٤‬با جرل على ا‪٤‬بلك الظافر ما جرل كصل ا‪٣‬برب إذل ا‪٤‬بلك اجملاىد بعدف فخرج منها مبادران‪ ،‬كتوجو‬
‫إذل بلده كدل يدخل جنب كال إذل ا‪٤‬بقرانة‪ ،‬بل أقاـ ٕببيل بدر أايمان‪ٍ ،‬ب توجو إذل دار السبلـ خارج جبلة‬
‫الحتياط ا‪٤‬بخاليف خصوصان ‪٨‬ببلؼ إدريس ا‪٢‬ببيشي‪ ،‬فإنو كاف مع ا‪٤‬بلك الظافر ليخرج صنعاء‪ ،‬فلما‬
‫رجع غدر قبل الوصوؿ إذل بيتو كأظهر ا‪٣‬ببلؼ‪ ،‬كأخذ حصوف ‪٩‬با كانت قد أحصرت منو‪ ،‬فأقاـ‬
‫ا‪٤‬بلك اجملاىد ىناؾ إذل أف س ٌكنها"ِ‪.‬‬
‫ككاف طلوع ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل جبلة مباشرة‪ ،‬أنو كجل كخاؼ من غدر من إدريس ابن ا‪١‬ببلؿ‬
‫ا‪٢‬ببيشيّ‪.‬‬

‫‪ 1‬س حق و ٔبن رهصان ركل لكَ ابًخفعَي يف رهص اٍمتصذاث يف إة والٕسدِالء ؿَهيا‪ٍ ،‬صاحؽ ًلٔسزتاذت يف ماكهَ‪.‬‬
‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،421‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض‪.035‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.010‬‬
‫‪315‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫فبعد كفاة ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر‪ ،‬كغدر الشيخ أدريس ا‪٢‬ببيشي‪ ،‬حاكؿ ا‪٤‬بلك اجملاىد استعادة‬
‫ما استوذل عليو أدريس ا‪٢‬ببيشي من حصوف إال أنو دل يطل ا‪٤‬بكوث ُب ببلد ا‪٢‬ببيشي‪ ،‬ففي سنة‬
‫ط ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر على الشيخ أدريس بن ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬ببيشي‪ٖ ،‬بدد كما كااله‪،‬‬ ‫ٕٕٖىػ‪ ،‬ح ٌ‬
‫ٍب ارتفع عنو‪ ،‬كدخل مدينة زبيد ليلة ا‪٣‬بميس ِٗ شعباف ٕٕٖىػ‪ ،‬كُب صحبتو ابن أخيو الشيخ‬
‫يوسف بن عامرُ‪.‬‬
‫كُب الثالث من شواؿ سنة ٕٕٖىػ‪ ،‬طلع ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل تعز ٍب إذل جبلة‪ ،‬ككقعت بينو كبْب ا‪٢‬ببيشي‬
‫كقائع عظيمة‪ ،‬نصر اجملاىد فيها عليو‪ ،‬كأخذ لو عدة حصوف كمنها ا‪٤‬بصينعة حصن ا‪٣‬بضراء‪ٍ 2‬ب رجع‬
‫إذل تعزّ‪.‬‬
‫كعلى أثر ىذه ا‪٥‬بزائم ا‪٤‬بتوالية الٍب ‪٢‬بقت ابلشيخ أدريس ا‪٢‬ببيشي‪ ،‬كخركج ا‪٢‬بصوف كالقبلع من ‪ٙ‬بت‬
‫سيطرتو‪ ،‬أرطر أدريس بن ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬ببيشي إذل عقد الصلح مع ا‪٤‬بلك اجملاىد‪ ،‬ففي ربيع أكؿ عاـ‬
‫ٕٖٗىػ حصل صلح اتـ‪ ،‬كدخل ا‪٢‬ببيشي ُب صحبة ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل تعزْ‪.‬‬
‫كيبدك أف ىذا الصلح دل يدـ طويبلن فالظاىر أف ا‪٢‬ببيشي قد نقض الصلح كاستطاع أف يستعيد‬
‫ا‪٢‬بصوف الٍب كقعت أبيدم الطاىريْب‪ ،‬أك أف ا‪٤‬بلك اجملاىد رٗبا يكوف قد سلمها لو خبلؿ الصلح‬
‫الذم جرل فطمع ا‪٢‬ببيشي ُب نقض الصلح بعد ذلك‪ ،‬ككاف من رمن ا‪٢‬بصوف الٍب استوذل عليها‬
‫أدريس ا‪٢‬ببيشي حصن ا‪٣‬بضراء كىو من أمنع ا‪٢‬بصوف ُب ‪٨‬ببلؼ جعفر‪ ،‬فا٘بو إليو ا‪٤‬بلك اجملاىد بعد‬
‫استقرت أمور ا‪٤‬بلك ُب ذم القعدة من عاـ ِٖٖىػ‪ ،‬كاحتل حصن خدد الذم ييعد معقبلن منيعان‬
‫كيتحكم ُب ا‪٤‬بناطق الٍب حولو‪ٍ ،‬ب توجو إذل حصن ا‪٣‬بضراء كنصب ا‪٤‬بلك اجملاىد ا‪٤‬بنجنيقات على‬
‫حصن الشيخ أدريس ا‪٢‬ببيشي ا‪٤‬بعركؼ اب‪٣‬بضراء‪ ،‬بقرب خدد‪ ،‬كأخرب أكثرىا‪ٍ ،‬ب نزؿ إليو ا‪٢‬ببيشي‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.123‬‬


‫‪ 0‬حعن ارلرضاء‪ :‬حعن يف مقة حدي حدُش‪ ،‬صٌلل قصة مسًية إة‪ ،‬تلصة ذسذ ٌضلك مصنزا إذازاي ًضم ؿسذا من اًلصى مهنا كصًة اًرس‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واًضوايف وتُت ُالل واًثوماين وكريُا‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.550/1 ،‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،312‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.123‬‬
‫‪ 2‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،244/4 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،125‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،311‬اًوحوذ املمَويك يف اٍمين‪ٔ ،‬بمحس‬
‫سامل جن صُدان‪ ،‬ض‪.104‬‬
‫‪316‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ابذالن الطاعة‪ ،‬كسلم ا‪٢‬بصن‪ ،‬كمضى ‪ٙ‬بت ركابو كخدمتو‪ ،1‬فاستسلم أدريس ا‪٢‬ببيشي كأخذه السلطاف‬
‫معو إذل عدفِ ‪.‬‬
‫اثنياً‪ :‬مقتل الشيخ إدريس احلبيشي‪:‬‬
‫كبعد نزكؿ الشيخ أدريس ا‪٢‬ببيشي إذل عدف بشهر تقريبان كابلتحديد ُب يوـ ا‪١‬بمعة ِٖ من احملرـ سنة‬
‫ّٖٖىػ‪ ،‬قيتًل الشيخ إدريس بن دمحم بن ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬ببيشي صاحب خدد‪.‬‬
‫ككاف قتلو ٗبدينة عدف‪ ،‬كالقاتل لو األمّب عمر بن عبدالعزيز ا‪٢‬ببيشي‪ ،‬زعم أنو قتل أابه‪ ،‬فاستأذف‬
‫ا‪٤‬بلك اجملاىد ُب قتلو فأذف لو‪.‬‬
‫فدخل عليو بيتو بعد أف احتاؿ كفرؽ أصحابو عنو‪ٍ ،‬ب ىجم عليو بيتة ُب ثبلثة من العبيد فقتلوه ر‪ٞ‬بو‬
‫هللا"ّ‪.‬‬
‫كٗبقتل الشيخ أدريس ا‪٢‬ببيشي انتهت صفحة من صفحات التاريخ‪ ،‬سطر فيها ا‪٢‬ببيشي ‪٧‬باكلة ‪ٛ‬بلكو‬
‫على ببلد حبيش ك‪٨‬ببلؼ جعفر‪ ،‬كالذم دامت لعقود طويلة كعاصرت فيها ىذه السلطنة أكاخر عهد‬
‫الدكلة الرسولية كدامت إذل أكاخر حكم ا‪٤‬بلك اجملاىد فانتهت عاـ ّٖٖ ىػ‪ ،‬كىو نفس العاـ الذم‬
‫توُب فيو ا‪٤‬بلك اجملاىد‪ ،‬فاستمرت معاصرة للدكلة الطاىرية ما يقرب من ربع القرف‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.131‬‬


‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،270/4 ،‬اًوحوذ املمَويك يف اٍمين‪ٔ ،‬بمحس سامل جن صُدان‪ ،‬ض‪.104‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،427‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،131‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.270/4 ،‬‬
‫‪317‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫مترد ادلعازبة يف هتامة‬

‫أوالً‪ :‬مترد ادلعازبة يف هتامة‪:‬‬


‫مر معنا التمرد الدائم لقبيلة ا‪٤‬بعازبة كالذم كانوا يتحينوف الفرص إلنشياؿ الطاىريْب أبم أمر‬
‫سبق كأف ٌ‬
‫أك ‪ٛ‬برد فيثوركف‪ ،‬كيتمردكف كيبدأككف ابلسلب كالنهب كقطع الطريق كالتعدم على القبائل األخرل‪.‬‬
‫ككاف الفرصة ا‪٤‬بواتية ‪٥‬بم ُب تصورىم ىو مقتل ا‪٤‬بلك عامر‪ ،‬فعندما مقتل ا‪٤‬بلك الظافر ُب صنعاء كاف‬
‫الشيخ علي بن سفياف بتهامة‪ ،‬كىاجت عرب هتامة للخبلؼ‪ ،‬كعلم النفاؽ ككل من ُب قلبو مرض‪،‬‬
‫فخرج ابن سفياف إذل مدينة فشاؿ كأقاـ هبا مرابطان كمدافعان للمعازبة‪ ،‬كىو يكاتب ا‪٤‬بلك اجملاىد‬
‫كيستميلو كيستنجدهُ‪.‬‬
‫ككاف ا‪٤‬بلك اجملاىد ُب مدينة عدف‪ ،‬فإنو ‪٤‬با استشهد ا‪٤‬بلك الظافر بصنعاء كما ذكر ا‪ ،‬اتصل العلم‬
‫أبخيو ا‪٤‬بلك اجملاىد‪ ،‬كىو إذ ذاؾ بعدف فخرج منها مبادران إذل جهة بلده‪ ،‬فأقاـ ٔببيل بدر أايمان‪ٍ ،‬ب‬
‫نزؿ إذل ذم جبلة‪ ،‬كأقاـ بدار السبلـ منها أايمان حٌب سكن ا‪٢‬باؿِ‪.‬‬
‫"فقدـ ا‪٤‬بلك إذل هتامة ُب شهر ربيع األكؿ سنة ُٕٕىػ‪ٍ ،‬ب خرج منها إذل ا‪٤‬بعازبة كىم ٗبورع يعرؼ‬
‫ٗبلقى الواديْب فصفوا لو كقابلهم العسكر فهزموه‪ٍ ،‬ب أرسل ا‪٤‬بلك طائفة من العسكر فردكىم‪ ،‬فصلى‬
‫الظهر كركب‪ ،‬فحمل عليهم فهبت ريح النصر فهزمهم كبدد مشلهم كمزقهمّ"‪.‬‬
‫فقتل منهم ‪٫‬بو تسعة ‪ٝ‬باعة كأثخن آخرين‪ ،‬كاهنزموا فرجعوا إذل بيت الفقيوْ‪" ،‬كخلفوا النساء كالعياؿ‬
‫كاستباح العسكر آلتهم كماعوهنم‪ ،‬كتفرقوا شذر مذر‪ ،‬كرجع إذل بيت الفقيو ابن عجيل فبات هبم ٍب‬
‫أغار عليهم اليوـ الثاين فهزمهم كحصل عليهم ما دل يكن ُب ا‪٢‬بسباف حٌب قتل كثّب من رعفتهم‬
‫كمشاٱبهم ك‪٢‬بقهم من ‪٨‬ببلؼ إذل ‪٨‬ببلؼ‪ ،‬كدخلوا ببلد العامريْب كأقاـ ىو بقرية شجينة‪ٍ ،‬ب إهنم‬
‫أذعنوا للصلح كبذلوا ‪٫‬بو ستْب فرسان كارتفع عنهم كقفل إذل مدينة زبيد يوـ األربعاء ُٖ ربيع الثاين"ٓ‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا اذلخيش‪ ،‬ض ‪.035‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.113‬‬
‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اذلؤايل‪ ،‬ض‪.035‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،114‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.232/4 ،‬‬
‫‪ 3‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،242/4 ،‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.035‬‬
‫‪318‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كيقوؿ ابن الديبع ُب غزكة ا‪٤‬بلك اجملاىد للمعازبة لليوـ الثاين جزاء ‪ٛ‬بردىم كخيانتهم حٌب أدكا الطاعة‪:‬‬
‫"كأغار عليهم ُب اليوـ الثاين‪ ،‬فهزىم حٌب بلغ هبم مورعان يقاؿ لو نقب ميلوخ‪ ،‬كقتل منهم ‪ٟ‬بسة عشر‬
‫نفران كأسر نسائهم كهنب مواشيهم‪ ،‬كحاصرىم فضاقوا ٍب ىربوا إذل مورع آخر‪ ،‬فتبعهم كدل يزؿ يتابعهم‬
‫حٌب دخلوا ىيجة العامريْب‪.‬‬
‫كأقاـ ا‪٤‬بلك اجملاىد بقرية شجينة‪ ،‬كحصرىم ‪٫‬بو ‪ٜ‬بانية عشر يومان‪ٍ ،‬ب أدكا الطاعة كسلموا اثنْب ك‪ٟ‬بسْب‬
‫فرسان‪ ،‬فارتفع عنهم كدخل زبيد يوـ األربعاء ُٖ من ربيع اآلخر‪.‬‬
‫كا‪٤‬بلقى مورع بْب خبت ذؤاؿ ككادم رماف"ُ‪.‬‬
‫كهبذا قضى ا‪٤‬بلك اجملاىد على ‪ٛ‬برد ا‪٤‬بعازبة إذل فَبة ال أبس هبا كأمن كيدىم كقطعهم للطريق‪ ،‬كلكنهم دل‬
‫يهدأكا هنائيان كإ٭با كاف ذلك إخضاع ‪٥‬بم لفَبة مؤقتة حٌب يَبسخ ا‪٤‬بلك للملك اجملاىد‪ ،‬فقد كاف‬
‫ا‪٤‬بعازبة معتادين على التمرد كاإلسَبزاؽ عن طريق السلب كالنهب كقطع الطريق‪.‬‬
‫كدل يكف ا‪٤‬بلك اجملاىد كأمرائو ككالتو عن مبلحقة للمعازبة كغّبىم ُب زبيد كهتامة بل إهنم استمركا ُب‬
‫ذلك ُب السنوات الٍب تلت سنة مقتل ا‪٤‬بلك الظافر‪ ،‬كخبلؿ سنوات حكم ا‪٤‬بلك اجملاىد كانت لو‬
‫عدة غارات على ا‪٤‬بعازبة لكف أذاىم كاخضاعهم للدكلة‪.‬‬
‫ففي يوـ الثبلاثء اثين احملرـ من سنة ِٕٖىػ‪ ،‬غزا ا‪٤‬بلك اجملاىد ا‪٤‬بعازبة بِب يعقوب كقتل منهم ستة‬
‫نفر‪.2‬‬
‫كُب أكؿ يوـ من احملرـ سنة ٕٖٓىػ‪ ،‬دخل موال ا عبدالوىاب بن داكد مدينة زبيد كابن سفياف ُب‬
‫صحبتو‪ُ ،‬ب عساكر عظيمة‪ ،‬كا‪٤‬بلك اجملاىد إذ ذاؾ هبا‪ ،‬كخرجا ُب صحبة اجملاىد إذل ‪٬‬بل ا‪٤‬بعازبة على‬
‫طريق بيت الفقيو ابن عجيل‪ ،‬فقتلوا منهم ‪ٝ‬باعة‪ ،‬كهنبوىم هنبان ذريعان‪ ،‬ككقعوا على ‪ٛ‬بر عظيم ‪٥‬بم‬
‫فانتهبوه‪ٍ ،‬ب رجع ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل زبيد‪.3‬‬
‫كُب يوـ اإلثنْب ٕ من ربيع األكؿ من عاـ ٕٖٓىػ‪ ،‬خرج ا‪٤‬بلك اجملاىد غازاين ا‪٤‬بعازبة‪ ،‬فقتل منهم ‪٫‬بو‬
‫‪ٜ‬بانْب رجبلن كهنب إببلن كبقران كغنمان‪ٍ ،‬ب غزا الرماة كقتل منهم ‪ٝ‬باعة‪ ،‬كدخل زبيد يوـ السبت ا‪٢‬بادم‬
‫عشر من ربيع األكؿ‪.4‬‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،421‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.114‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.115‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،422‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.121‬‬
‫‪ 2‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،327‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.121‬‬
‫‪319‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫اثنياً‪ :‬مقتل شيخ ادلعازبة والصلح مع الدولة الطاىرية‪:‬‬


‫كُب سنة ٕٖٓىػ كانت هناية رأس الفتنة ُب قبيلة ا‪٤‬بعازبة كىو شيخهم عبدهللا بن حسن العنيزم‪،‬‬
‫فيذكر ا‪٤‬بؤرخ ابن الديبع أنو ُب ليلة السبت ِٓ من ربيع اآلخر‪ ،‬غزا ا‪٤‬بلك اجملاىد ا‪٤‬بعازبة‪ ،‬فقتل‬
‫شيخهم عبدهللا بن حسن العنيزم‪ٍ ،‬ب اصطلحوا على تسليم ‪ٟ‬بسة كثبلثْب فرسانُ‪.‬‬
‫يقوؿ العبلمة كماؿ الدين الذؤارل شيخ ا‪٤‬بعازبة عبدهللا بن حسن‪" :‬غزا ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل كادم رمع‬
‫ككاف فيو زرع ككانوا يَبددكف إليو للنهب فظفر بعبدهللا بن حسن العنربم‪ ،‬كاف من كماهتم كأبطا‪٥‬بم‪،‬‬
‫كأكؿ من يقابل الفرساف منهم فقتلو‪ ،‬فكاف فتحان عظيمان كاهند بذلك طودان من ا‪١‬بهاؿ"ِ‪.‬‬
‫إال أف ا‪٤‬بعازبة كرغم ذلك كلو دل يكفوا أذاىم عن اآلخرين‪ ،‬كىذه ا‪٤‬برة أدرؾ ا‪٤‬بعازبة أهنم أرعف من أف‬
‫يواجهوا الدكلة الطاىرية لوحدىم‪ ،‬فتحالفوا مع قبائل أخرل ليزك أىل الفرس كالسطو عليهم‪ ،‬كما ذكر‬
‫ذلك ا‪٤‬بؤرخ ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا‪ ،‬أبف ا‪٤‬بعازبة قاموا بيزك أىل الفرس ىم كالقرشيوف كالرماة‪ُ ،‬ب ُٔ من‬
‫شواؿ من عاـ ٕٕٔىػ‪ ،‬كقاموا بقتل علي بن معورة من عسكر ا‪٤‬بلك اجملاىد‪ٍ ،‬ب خربت ا‪٤‬برة‪ ،‬كغشي‬
‫أىل البوادم مدينة زبيد‪ ،‬كجرت أمور عظيمة تعبت الناس منها‪.3‬‬
‫"فقدـ ا‪٤‬بلك اجملاىد على إثر ذلك من عدف إذل زبيد ُب ذم القعدة‪ ،‬كُب صحبتو ابنا أخيو أ‪ٞ‬بد‬
‫كيوسف أبناء عامر‪ ،‬كاألمّب عمر بن عبدالعزيز ا‪٢‬ببيشي فدخل زبيد ليلة الثبلاثء ُٕ من ذم القعدة‬
‫ٍب دارؾ غزك ا‪٤‬بعازبة كمن انضم إليهم من القرشيْب مدة قيتل ُب أثناءىا زعيم القرشيْب البيذؽ‪ُ ،‬ب‬
‫‪ٝ‬باعة كثّبين من ا‪٤‬بعازبة كالقرشيْب‪ ،‬يوـ ا‪١‬بمعة َِ من ذم القعدةْ"‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬تولية األمري عمر بن عبدالعزيز احلبيشي البالد الشامية‪:‬‬
‫"ففي ‪٧‬برـ سنة ٕٖٔىػ‪ ،‬أقطع ا‪٤‬بلك اجملاىد األمّب عمر بن عبدالعزيز ا‪٢‬ببيشي الببلد الشامية‪ ،‬فخرج‬
‫إليها ُب عساكر كخيل كثّبة سادس الشهر ا‪٤‬بذكور‪ ،‬ككقف ُب ا‪٤‬براكعة أايمان‪ٍ ،‬ب دخل عليو ُب أثنائها‬
‫علي بن أيب الييث بن حفيص‪ ،‬كالفقيو دمحم بن أيب بن حسْب‪ ،‬كالفقيو علي بن حشيرب فأسرىم‪،‬‬
‫كأرسل هبم إذل مدينة زبيد‪ٍ ،‬ب غزا البجليْب فقتل منهم ‪٫‬بو العشرين‪ ،‬كسىب نساءىم كهنب مواشيهم‪ٍ ،‬ب‬
‫صا‪٢‬بوه على ‪ٜ‬بانية عشر فرسان يؤدكهنا إليو‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.120‬‬


‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا اذلخيش‪ ،‬ض‪.041‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.121‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.121‬‬
‫‪311‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٍب غزا األمّب عمر بن عبدالعزيز ا‪٢‬ببيشي ا‪٤‬بعازبة كأىل ا‪١‬بحبة‪ ،‬بعد أف غدركا إب‪٠‬باعيل بن ‪٧‬بفوظ‬
‫ا‪٤‬بصرم‪ ،‬ك‪ٝ‬باعة من الفرساف كالعبيد كانوا ىنالك يستخلصوف من ا‪١‬بحبة ماالن‪ ،‬فانكسر ا‪٤‬بعازبة‬
‫كا‪١‬بحبة‪ ،‬فقتل منهم ذلك اليوـ نيفان على ا‪٤‬بائتْب‪ ،‬كاحتز من رؤكسهم قريب ا‪٤‬بائة‪ ،‬كدخل هبم بيت‬
‫الفقيو ابن عجيل دخوالن معظمان‪ٍ ،‬ب اصطلحوا بعد ذلك‪ ،‬كسلم ا‪٤‬بعازبة عشرة أفراس‪ ،‬كا‪١‬بحبة تسعة‬
‫آالؼ دينار‪ٍ ،‬ب دخل زبيد عقب ذلك‪.‬‬
‫ٍب خرج األمّب عمر بن عبدالعزيز ا‪٢‬ببيشي من زبيد غازاين أىل مشّب‪ ،‬فأغار على بِب حسْب األٮبوؿ‪،‬‬
‫كقتل منهم ثبلثْب نفران كأسر آخرين‪ ،‬كهنب مواشيهم‪ ،‬كدخل هبم زبيد يوـ ا‪٣‬بميس من ربيع األكؿُ"‪.‬‬
‫إال أف األعماؿ كالتصرفات الٍب قاـ هبا األمّب عمر بن عبدالعزيز ا‪٢‬ببيشي ابسم الدكلة‪ ،‬كالٍب أسرؼ‬
‫فيها ابلقتل كالنهب كالسلب كسيب النساء‪ ،‬أاثرت استياء كحنق ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر‪ ،‬فرغم أف‬
‫ا‪٤‬بلك اجملاىد قد كذل األمّب عمر بن العزيز ا‪٢‬ببيشي ككثق بو‪ ،‬إال أنو دل ٯبعلو ُب معزؿ من الرقابة‬
‫كاحملاسبة على أعمالو ك٘باكزاتو‪ ،‬كاإلفراط ُب اإلساءة للناس كالتعدم على حقوقهم‪ ،‬كإف كانوا قد‬
‫أجرموا كسفكوا الدماء‪.‬‬
‫فبعد ىذه ا‪٢‬بوادث كاألعماؿ الٍب صدرت من األمّب ا‪٢‬ببيشي أرسل ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر‬
‫الشيخ عبدالوىاب بن داكد بن طاىر ُب يوـ األحد شهر ربيع سنة ٕٕٖىػ إذل زبيد‪ً ،‬‬
‫فقدـ مدينة زبيد‬
‫بيتة كقت الظهر‪ ،‬فقرر أمور الرعية‪ ،‬كدل يعلم أحد ٗبقصوده‪ ،‬حٌب قبض على األمّب عمر بن‬
‫عبدالعزيز‪ ،‬كعزـ بو ُب صحبتو ُب أعياف الكتاب يوـ السبت ُٖ الشهر ا‪٤‬بذكور‪ ،‬فواجهوا ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد بتعز‪ ،‬كأنكر ا‪٤‬بلك اجملاىد على األمّب عمر بن عبدالعزيز أموران أحدثها‪ ،‬كأفعاالن ارتكبها ككٖبو‬
‫توبيخان عظيمان‪ ،‬كحاسب الكتاب ُب عدف‪ٍ ،‬ب قيد األمّب عمر بن عبدالعزيز‪ ،‬كخرج بو صحبتو من‬
‫عدف إذل تعز‪ٍ ،‬ب أطلقو بعد مدة على ماؿ سلموِ‪ٍ ،‬ب أعاده إذل الوالية فجعلو مقدمان على زبيد ُب‬
‫أكؿ سنة ٖٕٖىػّ‪.‬‬
‫ككاف األمّب عمر بن العزيز ا‪٢‬ببيشي قائدان فذان كشجاعان‪ ،‬كفارسان من فرساف العرب‪ ،‬فقد أخضع القبائل‬
‫ا‪٤‬بتمردة رغم قصر فَبة توليو‪ ،‬ككسر شوكتهم كحد من خطرىم كتعديهم كسلبهم كقطعهم للطريق‪ ،‬حٌب‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،242/4 ،‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،423 ،‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،312‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪،‬‬
‫ض‪.121‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.122‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،311‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.424‬‬
‫‪311‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫أف ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم دل يكن يسميو كيدعوه ُب اترٱبو إال ابألمّب الشجاع‪ ،‬فقد كاف‬
‫الشيخ كماؿ الدين ‪٩‬بن عاصر األمّب عمر بن عبدالعزيز ا‪٢‬ببيشي كعلم أبخباره ألنو من أبناء زبيد‬
‫كعلمائهاُ‪.‬‬
‫إال أنو كسرعاف ما ًب عزؿ األمّب عمر بن عبدالعزيز من قبل ا‪٤‬بلك اجملاىد‪ ،‬ففي يوـ األحد اثين شهر‬
‫ربيع اآلخر من ٕٕٖىػ‪ ،‬قدـ الشيخ عبدالوىاب بن داكد مدينة زبيد بيتة كقت الظهر‪ ،‬فقرر أمور‬
‫الرعية كدل يعلم أحد ٗبقصوده حٌب قبض على األمّب عمر بن عبدالعزيز‪ ،‬كعزـ بو صحبتو ُب أعياف‬
‫الكتاب‪ ،‬يوـ السبت اثمن الشهر ا‪٤‬بذكور فواجهوا ا‪٤‬بلك اجملاىد بتعز‪ ،‬كأنكر ا‪٤‬بلك اجملاىد على األمّب‬
‫عمر بن عبدالعزيز أموران أحدثها كأفعاالن ارتكبها‪ ،‬ككٖبو توبيخان عظيمان‪ ،‬كحاسب الكتاب ُب عدف‪ٍ ،‬ب‬
‫قيد عمر بن عبدالعزيز‪ ،‬كخرج بو صحبتو من عدف إذل تعز‪ٍ ،‬ب أطلقو بعد مدة على ماؿ سلموِ‪.‬‬
‫كيذكر العبلمة ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم أبف الذم حصل لؤلمّب عمر بن العزيز ىو مكيدة‬
‫أيكيد هبا كمؤامرة دبرت لو إلفساد العبلقة بينو كبْب ا‪٤‬بلك اجملاىد‪ ،‬فيقوؿ الشيخ كماؿ الدين‪" :‬قدـ‬
‫الشيخ عفيف الدين عبدالوىاب إذل زبيد على حْب غفلة من أىلها ‪٤‬بكيدة أكيد هبا األمّب عبدالعزيز‬
‫‪ ،...‬فأعلمو بطرؼ من ا‪٤‬بكيدة فقاؿ‪ :‬ىا أ ا ذا بْب يديك‪ ،‬كبدا ا‪٤‬بحقق للشيخ عفيف الدين أهنا‬
‫ي‬
‫مكيدة‪ ،‬كلكنو دل يسعو إال امتثاؿ أمر عمو ا‪٤‬بلك اجملاىد فرسم على األمّب ا‪٤‬بذكور كعزـ بو صحبتو إذل‬
‫ا‪٤‬بلك اجملاىد بثير عدف‪ ،‬كصحبتهم من كجوه الكتاب‪ ،‬فلما كصل ذكر لو ا‪٤‬بكيدة‪ ،‬فأنكر كصمم‬
‫على ذلك كظهر صدقو‪ ،‬فأمر ا‪٤‬بلك اجملاىد بتقييده‪ ،‬كخرج بو ٗبعيتو إذل تعز فمكث مدة ٍب أفرج عنو‬
‫ٗباؿّ"‪.‬‬
‫كبعد إقالة األمّب عمر بن عبدالعزيز من منصبو‪ ،‬استمر ‪ٛ‬برد ا‪٤‬بعازبة على الدكلة الطاىرية‪ ،‬كُب ا‪٤‬بقابل‬
‫استمر الطاىريوف ُب ردع ا‪٤‬بسيئْب من قبيلة ا‪٤‬بعازبة كا‪٤‬بعتدين كقطاع الطرؽ‪ ،‬ففي يوـ األربعاء ِّ من‬
‫شهر شعباف من عاـ ٕٖٗىػ‪ ،‬غزا الشيخ يوسف ابن عامر ا‪٤‬بعازبة بيت األكيد إذل قرية ا‪٤‬بدارية‪،‬‬
‫فكسرىم كسرة شنيعة‪ ،‬كقتل منهم أزيد من عشرين نفسان‪ ،‬كانتهب بيوهتم كمواشيهم‪ ،‬كدخل برؤكسهم‬
‫زبيد يوـ ا‪٣‬بميس اثين اليزكةْ‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا اذلخيش‪ ،‬ض‪.043‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.122‬‬
‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا اذلخيش‪ ،‬ض‪.044‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.126‬‬
‫‪312‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككانت ىذه تقريبان ىي آخر كقعة مهمة بْب الدكلة الطاىرية كا‪٤‬بعازبة‪ ،‬خضع بعدىا ا‪٤‬بعازبة لفَبة من‬
‫الزمن إذل حْب كفاة ا‪٤‬بلك اجملاىد‪ ،‬كدل يكن ‪٥‬بم نشاط حريب أك تعدايت أك أعماؿ سلب أك هنب‬
‫تذكر أك اب‪٣‬بطّبة على الدكلة الطاىرية خبلؿ بقية حكم ا‪٤‬بلك اجملاىد‪.‬‬

‫‪313‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثالث‬
‫مترد قبيلة بين حفيص الزيديني بتهامة‬

‫ربطت قبائل الزيدية‪ 0‬ابلدكلة الطاىرية عبلقة طيبة خبلؿ الستة عشر عامان األكذل من قيامها‪ ،‬كىي‬
‫الفَبة الٍب كاف السلطاف عامر األكؿ شريكان ُب معظمها مع أخيو اجملاىد ُب السلطة كا‪٢‬بكم‪ ،‬فقد كاف‬
‫بِب حفيص ‪٩‬بتثلْب لبِب طاىر ابلسمع كالطاعة‪ ،‬ككانوا مقرين ٗبلكهم على اليمن كغّب طامعْب اب‪٣‬بركج‬
‫عليهم أك إاثرة الفتنة كالنزاع ُب الببلد التهامية‪.‬‬
‫كقد يكوف مرد ذلك إذل السلطاف عامر األكؿ‪ ،‬إذ أنو أيٌب ُب ا‪٤‬بقاـ األكؿ من بْب بِب طاىر‪ ،‬من‬
‫حيث ا‪١‬بهد العسكرم الذم بذؿ ُب سبيل قياـ الدكلة الطاىرية‪.2‬‬
‫أوالً‪ :‬قدوم مجاعة من بين حفيص على اجملاىد‪ :‬كقد كاف أكؿ قدكـ مشايخ بِب حفيص الزيديْب إذل‬
‫ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل مدينة زبيد ُب عاـ ٕٖٔىػ‪ ،‬كذلك لبذؿ السمع كالطاعة كاإلعَباؼ ٗبلك كسلطاف‬
‫بِب طاىر‪ ،‬ككاف من بينهم الشيخ أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث زعيم قبائل الزيدية كدمحم بن أيب القاسم كآخركف‪،‬‬
‫كأكرمهم السلطاف اجملاىد علي‪.‬‬
‫يقوؿ العبلمة ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬كُب ‪ٝ‬بادل اآلخر سنة ٕٖٔىػ‪ ،‬قدـ مشايخ بِب حفيص كمنهم‬
‫أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث كدمحم بن أيب القاسم على ا‪٤‬بلك اجملاىد بزبيد‪ ،‬فوصلهما ٔبوائز سنية‪."3‬‬
‫ٍب إنو كاف القدكـ الثاين ‪١‬بماعة من بِب حفيص ُب شهر شعباف من عاـ ٖٖٔىػ‪ ،‬فيهم الشيخ فيهم‬
‫أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث‪،‬‬
‫فوصل العلم بعد قدكمهم أف بِب حفيص قتل منهم الزيديوف ‪٫‬بو ‪ٟ‬بسة كعشرين رجبلن‪ ،‬فعزـ بنو‬
‫حفيص مسارعْب إذل بلدىمْ‪.‬‬
‫ككاف بداية الصراع بْب الدكلة الطاىرية كبْب بِب حفيص الزيديْب ُب عاـ ْٕٖىػ‪ ،‬كذلك بعد مقتل‬
‫السلطاف عامر األكؿ بنحو أربع سنوات‪.‬‬

‫‪ 1‬سىٌت كدائي اًزًسًة يف هتامة‪ ،‬حِر ثلؽ مسًية اًزًسًة املسٌلت ابمسِم واًواكـة ؿىل صط واذي زسذوذ ُتاٍ حزٍصت مكصان‪ ،‬وسؿامة كدائي‬
‫اًزًسًة يف تيو حفِط‪ ،‬وكدائي اًزًسًة سًِة املشُة ول ميخون ٌَمشُة اًزًسي تبٔي ظةل‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬اتزخي تيو زسول وتيو ظاُص‪ ،‬ؾحساًـال‪،‬‬
‫ض‪ ،122‬حاص َة كصت اًـَون‪ ،‬دمحم جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ض‪.175‬‬
‫‪ 0‬اًوحوذ املمَويك يف اٍمين‪ٔ ،‬بمحس سامل جن صُدان‪ ،‬ض‪.114‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.107‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.107‬‬
‫‪314‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫يقوؿ ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬كُب يوـ الثبلاثء ُّ شهر رجب من عاـ ْٕٖىػ‪ ،‬خرج ابن سفياف إذل‬
‫ببلد الزيدية‪ ،‬ككانت بينو كبْب بِب حفيص كقعة يوـ األحد ُٖ من الشهر ا‪٤‬بذكور‪ ،‬قتل فيها أبو‬
‫الييث بن دمحم بن حفيص‪ُ ،‬ب ‪ٝ‬باعة من أىلو‪ ،‬ك‪ٝ‬باعة من العرب يزيدكف على الثبل‪ٜ‬بائة‪ ،‬كاستجار‬
‫أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث ببيت الفقو ابن حشيرب‪ ،‬كأخذ ابن سفياف قرية الشريج‪ ،‬بعد أف كاف أ‪ٞ‬بد بن‬
‫حفيص قد عمرىا ليتحصن فيها فانعكس أملو‪.‬‬
‫فلما أخذ ابن سفياف قرية الشريج‪ ،‬عمرىا كحصنها كرتب فيها عسكران‪ ،‬كأمر عليهم األمّب علم الدين‬
‫سليماف بن جياش السنبلي‪ٍ ،‬ب رجع إذل زبيدُ"‪.‬‬
‫كٰبكي العبلمة ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم عن ىذه الوقعة كالسبب الذم أدل إذل قتاؿ ابن‬
‫سفياف لبِب حفيص‪ ،‬كىو إغارهتم على أبيات حسْب كقتلهم أىلها كىتك عوراهتم كهنبهم كعملهم من‬
‫ا‪٤‬بنكرات ما دل يسمع ٗبثلو‪ ،‬فاستحقوا تلك اليارة من قبل الدكلة الطاىرية عليهم لفسادىم ُب األرض‬
‫كقتل األنفس كىتك العورات‪ ،‬يقوؿ كماؿ الدين الذؤارل ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬فالتقى الطائفتاف يوـ األحد من‬
‫عشر الشهر ا‪٤‬بذكور كالتحم القتاؿ كاشتدت ا‪٢‬برب كقامت على ساقها‪ ،‬فنصر هللا العسكر ا‪٤‬بنصور‬
‫كاهنزـ بنو حفيص ُب خلق ‪٫‬بو الثبلثْب‪ ،‬كاستجار أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث بقرية الفقهاء بِب حشيرب‪،‬‬
‫فأخرب العسكر قرية بيت غراب‪ ،‬ككانت أكرب قراىم كلسكُب مشاٱبهم‪ ،‬فصارت خراابن يباابن خاكية‬
‫على عركشها‪ ،‬كأحرقت القرل كتفرؽ ا‪١‬بمع‪ ،‬ككانوا قد طلعوا كغاركا كأخربوا أبيات حسْب ككاف فيها‬
‫‪ٟ‬بس ‪ٝ‬بع فأخربوىا‪ ،‬كقتلوا أىلها كعملوا يوـ هنب أبيات حسْب من ا‪٤‬بنكرات كقتل األنفس كىتك‬
‫العورات ما دل يسمع ٗبثلو‪ ،‬فاخَببت دايرىم كىتكت ‪٧‬بارمهم‪ ،‬كذلك بعض ما يستحقوف‪ٍ ،‬ب إف أ‪ٞ‬بد‬
‫بن أيب الييث ىرب إذل جازاف ٍب رجعِ"‪.‬‬
‫عاد أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث إذل ببلده عقب رجوع ابن سفياف إذل زبيد‪ ،‬ككانت تلك ا‪٥‬بزٲبة ما زالت مؤثرة‬
‫ُب نفسو فأراد أف ينتقم من من الطاىريْب كرجاؿ دكلتهم‪ ،‬فجمع قومو كأغراىم ٗبها‪ٝ‬بة القوة الطاىرية‬
‫الٍب تركها ابن سفياف ترابط مع السنبلي بقرية الشريج‪.‬‬
‫فيقوؿ ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬كُب يوـ ا‪١‬بمعة ِٔ من رمضاف عاـْٕٖىػ‪ ،‬غدر الزيديوف ٗبن عندىم‬
‫من الدكلة بقرية الشيخ الٍب كانت الدكلة قد أخذهتا على أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث بن حفيص قهران‪ ،‬ككاف‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،240/4 ،‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيَنب اذلسني‪ ،‬ض‪ ،422‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.117‬‬
‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬حتلِق ؾحسهللا اذلخيش‪ ،‬ض‪.037‬‬
‫‪315‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫فيها من الدكلة حينئذ األمّب سليماف بن جياش كعيسى بن حاًب ك‪ٝ‬بلة من العسكر غّب متهيئْب‬
‫للقتاؿ كال حازمْب‪ ،‬فقتلوا منهم ‪ٝ‬بعان كثّبان‪ ،‬ك‪٪‬با األمّب سليماف كابن حاًب ككاف يومان عظيمانُ"‪.‬‬
‫كبسبب ىذا اليدر كاف البد للدكلة الطاىرية أف تنتقم من بِب حفيص كزعيمهم الشيخ أ‪ٞ‬بد بن أيب‬
‫ا‪٢‬بفيص‪ ،‬كردع ا‪٤‬بعتدين كقمعهم كاستعادة ما فقدت من مكانتها ُب تلك ا‪٤‬بناطق‪ ،‬فأعد الطاىريوف‬
‫لذلك العدة‪" ،‬ففي أكؿ يوـ من احملرـ سنة ٕٕٓىػ‪ ،‬كصل الشيخ عفيف الدين عبدالوىاب بن داكد‬
‫إذل زبيد معينان البن سفياف على حرب بِب حفيص كالزيديْب كا‪٤‬بلك اجملاىد بزبيد‪ٍ ،‬ب انفصل ا‪١‬بميع‬
‫من زبيد إذل بيت الفقيو كعزـ ابن سفياف كالشيخ عبدالوىاب إذل جهة الزيديْب كرجع ا‪٤‬بلك اجملاىد‬
‫إذل زبيدِ"‪.‬‬
‫كاب‪٤‬بثل بدأ ا‪٢‬بفصيْب يعدكف جيشهم بقيادة زعيمهم الشيح أ‪ٞ‬بد بن أيب ا‪٢‬بفيص بعد أف ‪٠‬بعوا بقدكـ‬
‫الشيخ عبدالوىاب كابن سفياف كجيشهم‪ ،‬للثأر ‪٩‬با قاـ بو ا‪٢‬بفيصيْب من غدر للقوة الطاىرية‪.‬‬
‫"كتقدـ الشيخ عبدالوىاب كابن سفياف إذل بيت حسْب كبلد الزيديْب‪ ،‬ليأخذكا بثأر من قتل ُب قرية‬
‫الشريج من الدكلةّ"‪.‬‬
‫يقوؿ العبلمة كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم ُب كصف ىذه ا‪٤‬بعركة كالوقعة بتفاصيلها‪" :‬فسار العسكر‬
‫صحبة ا‪٤‬بذكورين إذل تلك ا‪١‬بهة فالتقوا كصف كل فريق لآلخر‪ ،‬فكاف ُب ميمنة العساكر السلطانية‬
‫األمّب علم الدين سليماف بن جياش السنبلي ُب كجوه الفرساف‪ ،‬كُب مقابلتو أيب الييث ُب معظم‬
‫فرساف الزيديْب‪ ،‬فحمل األمّب علم الدين سليماف على من ُب ا‪٤‬بيمنة فهزمهم‪ ،‬كُب ميسرة العسكر ابن‬
‫سفياف كُب مقابلتو من اليمْب دمحم بن األقزؿ ك‪ٝ‬باعة‪.‬‬
‫كالشيخ عبدالوىاب ُب القلب فأبعد األمّب علم الدين كمن معو خلف ا‪٤‬بنهزمْب إذل مكاف بعيد‪ ،‬ك‪ٞ‬بل‬
‫األقزؿ على من ُب مقابلتو فهزمهم‪ ،‬كدل يعلم كل طائفة ٕباؿ األخرل إال بعد شوط طويل‪ ،‬فتحقق‬
‫سليماف كأصحابو صوت ا‪٤‬بوكب إليو فرجعوا إذل مكاف الوقعة فوجدكا القتلى‪ ،‬ك‪ٙ‬بققوا ىزٲبة ا‪٤‬بيسرة‬
‫كمن فيها كقتل ابن سفياف‪ ،‬كاحتمى الشيخ عبدالوىاب ىو كمن معو‪ ،‬ككاف ذلك يوـ األحد ِِ من‬
‫احملرـ كجاء ا‪٣‬برب ٗبا جرل إذل ا‪٤‬بلك اجملاىد فعظم ذلك‪ ،‬ككاف عمل الشريج على غّب ررا ا‪٤‬بلك‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،240/4 ،‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.117‬‬
‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،422‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض‪.040‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.121‬‬
‫‪316‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫اجملاىد إال أنو كافق ابن سفياف كدل ييّب ما صنعوُ"‪ ،‬أم أف ا‪٤‬بلك اجملاىد دل يكن راريان على بناء قرية‬
‫الشريج الٍب بناىا ابن سفياف‪ ،‬كجعلها معقبلن للجيوش الطاىرية ُب ببلد الزيديْب ألهنا كانت السبب‬
‫جر ىذه ا‪٤‬بعارؾ‪.‬‬
‫ُب ٌ‬
‫إال أنو كرغم مقتل ابن سفياف فإف الطاىريْب قد انتصركا ُب ىذه الوقعة‪ ،‬فرغم شراسة القتاؿ بْب الدكلة‬
‫الطاىرية كبِب حفيص‪ ،‬كانكسار ميسرة كل فريق من ا‪٤‬بتقاتلْب إال أف ابن سفياف كاف ثبت كقاتل ُب‬
‫مكانو كأذاؽ ا‪٢‬بفصيْب مرارة القتاؿ قبل أف يقتل‪ ،‬ككذلك فقد اؿ الشيخ عبدالوىاب كاألمّب علم‬
‫الدين السنبلي من ا‪٢‬بفصيْب‪ ،‬كانتصر الطاىريوف على الزيديْب كىزـ أ‪ٞ‬بد بن أيب ا‪٢‬بفيص ىزٲبة‬
‫ساحقة‪ ،‬يقوؿ ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬كنصر عليهم موال ا عبدالوىاب نصران عظيمان‪ ،‬كقتل منهم نيفان‬
‫على ا‪٤‬بائتْب‪ٍ ،‬ب قدـ زبيد ليلة ا‪١‬بمعة الرابع من صفر كطلع إذل ا‪١‬ببل يوـ السبت ُٔالشهر ا‪٤‬بذكور‪،‬‬
‫كبقي اجملاىد بزبيدِ"‪.‬‬
‫اثنياً‪ :‬استسالم بين حفيص وطلب الصلح مع الدولة الطاىرية‪:‬‬
‫كبعد ىذه الضرابت ا‪٤‬بؤ‪٤‬بة كا‪٥‬بزائم الساحقة للحفصيْب‪ ،‬كغّبىم من قبائل هتامة ا‪٣‬بارجْب على الدكلة‬
‫الطاىرية‪ ،‬أذعن ا‪٢‬بفصيْب للصلح كخضعوا للسلطة الطاىرية‪.‬‬
‫ففي ليلة السبت ِٓ من ربيع اآلخر من عاـ ٕٖٓىػ‪ ،‬كىو نفس العاـ الذم ‪٢‬بقت بو ا‪٥‬بزٲبة‬
‫ا‪٢‬بفصيْب‪ ،‬غزا ا‪٤‬بلك اجملاىد ا‪٤‬بعازبة فقتل شيخهم‪ٍ ،‬ب صا‪٢‬بوه على تسليم ‪ٟ‬بسة كثبلثْب فرسان‪.‬‬
‫كيبدك أف بِب حفيص كزعيمهم أ‪ٞ‬بد بن أيب ا‪٢‬بفيص قد شعر بقوة الدكلة الطاىرية كعدـ إمكانية‬
‫ا‪٤‬بقاكمة كأنو ال سبيل للتمرد ُب ظل ىذه الدكلة القوية‪ ،‬الٍب توالت ررابهتا عليو كعلى قبائل هتامة‬
‫ا‪٣‬بارجْب دكمان على الدكلة الطاىرية‪ ،‬كخاصة بعد استسبلـ ا‪٤‬بعازبة كطلبهم الصلح كىي أقول القبائل‬
‫التهامية‪.‬‬
‫فبعد أف دخل ا‪٤‬بلك اجملاىد بيت الفقيو ابن عجيل صبح اليزكة الٍب غزا هبا ا‪٤‬بعازبة كاستسلموا على‬
‫إثرىا‪ ،‬أقاـ هبا ‪ٟ‬بسة أايـ‪ٍ ،‬ب توجو إذل ببلد بِب حفيص‪ ،‬فصا‪٢‬بوه على ما أحب‪ٍ ،‬ب رجع ا‪٤‬بدينة‬
‫فدخلها ليلة اإلثنْب الثالث من ‪ٝ‬بادل اآلخرة‪ٍ ،‬ب دخل بعده القاري ‪ٝ‬باؿ الدين دمحم الربيهي كابقي‬
‫العسكر يوـ السبت السادس من رجبّ‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض‪.040‬‬


‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،240/4 ،‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.121‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.120‬‬
‫‪317‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كلكن كبعد ‪ٟ‬بس سنوات من ىذا الصلح يبدك أف ا‪٢‬بفصيْب قد بدر منهم ما ينقض الصلح الذم‬
‫جرل بينهم كبْب الطاىريْب‪٩ ،‬با استدعى أتديب الدكلة الطاىرية ‪٥‬بم رغم أف الصلح كاف قائمان بينهم‪،‬‬
‫كدل ٘برم بْب الفريقْب أية معارؾ طواؿ مدة ‪ٟ‬بس سنْب‪.‬‬
‫ففي يوـ اإلثنْب الثاين من ‪ٝ‬بادل اآلخرة من عاـ َٖٖىػ‪ ،‬دخل الشيخ عبدالوىاب بن داكد كالشيخ‬
‫أ‪ٞ‬بد بن عامر زبيد‪ُ ،‬ب عساكر عظيمة‪ٍ ،‬ب خرج ا‪٤‬بلك اجملاىد كبنو أخيو موال ا عبدالوىاب الشيخاف‬
‫أ‪ٞ‬بد كيوسف أبناء عامر‪ ،‬إذل ببلد بِب حفيص‪ ،‬فلما بليوىا طلب أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث األماف‪،‬‬
‫كاستشفع ابلعلماء كالصا‪٢‬بْب‪ ،‬ك‪ٞ‬بل القرآف العظيم على رأسو‪ ،‬كدخل على ا‪٤‬بلك اجملاىد فقبلو كعفا‬
‫عنو‪ ،‬كقدـ ابن أيب الييث للملك اجملاىد خيوالن معظمة‪ ،‬كبذؿ لو أمواالن كثّبة‪ ،‬كاستنابو ا‪٤‬بلك اجملاىد‬
‫ُب الزيدية‪ ،‬كعضده بعز الدين بن حفيص‪ ،‬كترؾ لقبض ا‪٣‬براج ىنالك الشرؼ األ‪ٞ‬بر‪ ،‬كا‪١‬بماؿ احملاليب‬
‫كالشيخ ٕبّب بن دمحم بن كىباف‪ٍ ،‬ب رجع إذل زبيد منصوران‪ ،‬فدخلها ليلة الرابع من رجب كبنو أخيو‬
‫صحبتوُ‪.‬‬
‫كلكن الطاىريْب دل أيمنوا رغم ذلك أف يلتزـ بِب حفيص ابلصلح فكاف ينزلوف بقواهتم إذل الزيدية ُب‬
‫كل فَبة‪ ،‬كُب ا‪٤‬بقابل كاف بِب حفيص أيتوف إليهم كيبدكف إلتزامهم ابلصلح كعدـ نقضو‪ ،‬كيعلنوف ُب‬
‫الوقت نفسو كالئهم للدكلة الطاىرية كالتزامهم ابلسمع كالطاعة‪.‬‬
‫ففي شعباف سنة ُٖٖىػ‪ ،‬جهز ا‪٤‬بلك اجملاىد ابن أخيو الشيخ يوسف بن عامر من زبيد إذل بِب‬
‫حفيص كاستقر اب‪٤‬براكعة ‪٧‬بل السادة بِب األىدؿ‪ ،‬فأرسل إليو ابن حفيص ابلسمع كالطاعة‪ ،‬كبذلوا لو‬
‫ا‪٣‬براج‪ ،‬فأرسل لقبضو الشيخ مكرد بن عمر العلجمي كا‪١‬بماؿ احملاليب‪ ،‬فقبضوا أمواالن جليلة‪ ،‬ككفد إذل‬
‫الشيخ يوسف قبائل العرب فأحسن جوارىم‪ٍ ،‬ب رجع إذل زبيد‪ ،‬فدخلها على النصف من شهر‬
‫رمضاف‪.2‬‬
‫كُب شعباف أيضان من العاـ اآلخر ِٖٖىػ‪" ،‬خرج الشيخ يوسف بن عامر من زبيد إذل الببلد الشامية‪،‬‬
‫كاستقر ابلقرار‪ ،‬ككفدت إليو قبائل العرب‪ ،‬فأجازىم ٔبوائز سنية‪ٍ ،‬ب قبض خراجي البلد من الزيدية إذل‬
‫قريب حرض‪ ،‬كحصل ماالن جزيبلن كخيبلن تنيف على األربعْب‪ ،‬كرجع إذل زبيد منصوران فدخلها يوـ‬
‫ا‪١‬بمعة منتصف شواؿّ‪.‬‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،245/4 ،‬اتزخي ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض‪ ،051‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض ‪.127‬‬
‫‪ 0‬اتزخي ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض‪ ،050‬كالذت ااحنص‪ ،‬ابخمصمة‪.272/4 ،‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.130‬‬
‫‪318‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الرابع‬
‫مترد قبائل أخرى‬
‫أوالً‪ :‬مترد قبائل الرماة يف هتامة‪ :‬كانت من رمن القبائل الٍب خرجت على الدكلة الطاىرية بعد‬
‫مقتل ا‪٤‬بلك عامر األكؿ قبيلة الرماة‪ ،‬كىي من قبائل هتامة ككاف ىذا تقريبان أكؿ خركج لقبيلة الرماة‬
‫على الدكلة الطاىرية‪.‬‬
‫يقوؿ العبلمة ا‪٤‬بؤرخ ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا‪ُ" :‬ب يوـ اإلثنْب اثلث شهر ربيع اآلخر من عاـ ّٕٖىػ‪،‬‬
‫توجو أيضان إذل الرماة ‪٣‬بركجهم عن الطاعة كتيلبهم عن ا‪٢‬بقوؽ فوقع ا‪٤‬بصاؼ بينهم كبْب العسكر‬
‫فنصر هللا اإلسبلـ كأىلو كىزـ البياة ا‪٤‬بفسدين‪ ،‬فقتل منهم مقتلة عظيمة يزيد على مائة نفس كأسر من‬
‫رجا‪٥‬بم فوؽ ا‪٣‬بمسْب‪ ،‬كهنبت أموا‪٥‬بم كأخذت خيو‪٥‬بم‪ ،‬ككاف نصران عظيمان كفتحان جليبلن نظمت فيع‬
‫الشعراء القصائد للتهنئة منهم البدر الصياحي كغّبه"ُ‪.‬‬
‫كُب يوـ اإلثنْب اثلث ربيع اآلخر من عاـ ْٕٖىػ‪ ،‬غزا ابن سفياف الرماة كقتل منهم فوؽ ا‪٤‬بائة‪ ،‬كلزـ‬
‫منهم فوؽ ا‪٣‬بمسْب من رؤسائهم‪ ،‬كهنب ما ال ٰبصى من ا‪٤‬بواشي كاستقلع ‪ٟ‬بس رؤكس من ا‪٣‬بيل‪،‬‬
‫ككاف يومان عظيمان‪.2‬‬
‫كقد حاكؿ ا‪٤‬بلك اجملاىد استمالت عرب هتامة ككف أذاىم ككسبهم للدكلة الطاىرية‪ ،‬كعدـ ا‪٣‬بوض‬
‫ُب القتاؿ معهم‪ ،‬ففي عاـ ٕٖٓىػ قدـ ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل مدينة زبيد‪ ،‬كعْب ‪٥‬بذه ا‪٤‬بهمة الشيخ عزالدين‬
‫بن حفيص‪ ،‬كىي ‪٧‬باكلة استمالت عرب هتامة ككسبهم كإهناء الصراع‪ ،‬يقوؿ ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا‪:‬‬
‫"ككاف ا‪٤‬بلك اجملاىد قبل كصولو‪ ،‬قد خلع على عز الدين بن حفيص كعلى قرابتو خلعان عظيمة‬
‫كأعطاىم ذىب‪ٍ ،‬ب أرسل صحبتهم ابثِب عشر ألف دينار‪ ،‬ليستميلوا هبا ‪ٝ‬باعة من العرب‪.‬‬
‫ٍب توجهوا إذل ببلدىم‪ ،‬فلما بليوا ببلد الرماة خرجوا عليهم‪ ،‬كهنبوا ‪ٝ‬بيع ما معهم‪ ،‬كأخذكا خيلهم‬
‫كعدهتا ثبلثة عشر فرسان‪ ،‬كدخل عز الدين كقرابتو القارا‪ ،‬فلما بلغ ا‪٤‬بلك اجملاىد ا‪٣‬برب‪ ،‬خرج غازاين‬
‫ا‪٤‬بعازبة ليلة الثبلاثء من ربيع األكؿ‪ ،‬فقتل منهم ‪٫‬بو ‪ٜ‬بانْب رجبلن‪ ،‬كهنب إببلن كبقران كغنمان‪ٍ ،‬ب غزا الرماة‬
‫كقتل منهم ‪ٝ‬باعة‪ ،‬كدخل زبيد يوـ السبت ا‪٢‬بادم عشر من ربيع األكؿ سنةٕٖٓىػّ"‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.036‬‬


‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،240/4 ،‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.421‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬ؾحساًصمحن جن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،132‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.422‬‬
‫‪319‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫مر معنا أف قبيلة القرشيْب من القبائل الٍب سبق كأف خرجت على الدكلة‬ ‫اثنياً‪ :‬مترد قبيلة القرشيني‪ٌ :‬‬
‫الطاىرية ُب أايـ ا‪٤‬بلك عامر األكؿ‪ ،‬إال أف قبيلة القرشية ىي أقل خركجان ك‪ٛ‬بردان قياسان ابلقبائل األخرل‬
‫كا‪٤‬بعازبة‪ ،‬كرغم ذلك فقد أخضع الطاىريوف قبيلة القرشيْب للسلطة الطاىرية‪ ،‬كسكنت قبائل القرشية‬
‫كدل يكن ‪٥‬بم إال نشاطات بسيطة ٘باه الدكلة الطاىرية‪.‬‬
‫كٰبكي العبلمة ابن الديبع عن ردع الدكلة الطاىرية للقرشيْب كقتا‪٥‬بم ‪٥‬بم‪ ،‬كعن الدافع لقتاؿ بِب طاىر‬
‫للقرشيْب كىو اعتداءاهتم على القبائل األخرل كسلبهم كقتلهم اآلمنْب‪ ،‬ككذلك قتلهم أحد رجاؿ‬
‫الدكلة الطاىرية‪.‬‬
‫فيقوؿ العبلمة ابن الديبع‪" :‬كُب يوـ ُٔ من شواؿ من عاـ ٕٖٓىػ‪ ،‬غزا القرشيوف كا‪٤‬بعازبة كالرماة أىل‬
‫الفرس‪ ،‬بنخل الوادم زبيد‪ ،‬فقتلوا علي بن معورة من عسكر ا‪٤‬بلك اجملاىد ٍب خرجت ا‪٤‬برة‪ ،‬كغشي‬
‫أىلها البوادم مدينة زبيد‪ ،‬كجرت أمور عظيمة تعب الناس منها‪ ،‬كُب ذم القعدة من نفس العاـ‪ ،‬قدـ‬
‫ا‪٤‬بلك اجملاىد من عدف كُب صحبتو ابنا اخيو أ‪ٞ‬بد كيوسف‪ ،‬ابنا عامر‪ ،‬كاألمّب عمر بن عبدالعزيز‬
‫فدخل زبيد ليلة الثبلاثء ُٕ من ذم القعدة‪ٍ ،‬ب دارؾ غزك ا‪٤‬بعازبة كمن انضم إليهم من القرشيْب مدة‬
‫قتل ُب أثنائها زعيم القرشيْب البيذؽ‪ُ ،‬ب ‪ٝ‬باعة كثّبين من ا‪٤‬بعازبة كالقرشيْب‪ ،‬يوـ ا‪١‬بمعة َِ من‬
‫شهر ذم القعدة‪.1‬‬
‫كُب عشية ليلة السبت ُِ من صفر عاـ ٖٕٖىػ‪ ،‬قيد األمّب عمر بن عبدالعزيز ‪ٝ‬باعة من القرشيْب‪،‬‬
‫بْب البابْب من ابب سهاـ‪ ،‬منهم عبدهللا بن غراب ككلداه ككلد أ‪ٞ‬بد بن عيسى ا‪٥‬ببل كيوسف بن عقد‬
‫كحسْب بن أيب بكر ا‪٤‬بعزيب كأ‪ٞ‬بد بن يوسف ا‪٢‬بيقي ا‪٤‬بعزيب‪ ،‬كاحتفظ هبم إذل أف طلع هبم إذل تعز ُب‬
‫ٔ من ربيع األكؿ‪ ،‬كخرج األمّب إذل ا‪١‬بهات الشامية‪ ،‬كدل يزؿ هبا حٌب رجع منها إذل زبيد ُب‬
‫رمضافِ"‪.‬‬
‫كُب يوـ السبت َُ من ربيع األكؿ عاـ ِٖٖىػ‪ ،‬قيتًل رجل من القرشيْب يقاؿ لو عبدهللا الرحباين من‬
‫كبار ا‪٤‬بفسدين‪ ،‬كاآلمر بقتلو الشيخ يوسف بن عامر‪ ،‬ككاف قتلو بقرية الركية على ابب بيتوّ‪ ،‬كأىلو‬
‫كقرابتو ينظركف إليو‪ ،‬كذلك أف الشيخ يوسف أفتاه الفقهاء إبابحة كإراقة دمو فأمر بقتلوْ"‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.121‬‬


‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.124‬‬
‫‪1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.130‬‬
‫‪ 2‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.052‬‬
‫‪321‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫اثلثاً‪ :‬مترد بين سليمان بني زبيد وتعز‪ :‬كانت قبيلة بِب سلماف‪ 1‬أك كما ذكر ابن الديبع بِب سليماف‬
‫تقطن بْب تعز كزبيد‪ ،‬كتقطع الطريق كتفسد ُب األرض كذلك ُب الطريق ا‪٤‬بوصلة من زبيد إذل تعز‪،‬‬
‫فكاف البد من أتديبهم كقمعهم ككف أذاىم عن الناس‪.‬‬
‫ككاف سبب تعجيل ا‪٤‬بلك اجملاىد العقوبة ‪٥‬بم كما يذكر ا‪٤‬بؤرخ الذؤارل قطعهم للطريق كقتلهم ‪٢‬بسْب بن‬
‫علي الشرعيب ُب عاـ ّٕٖىػ‪ ،‬كالذم كاف من اتباع ا‪٤‬بلك اجملاىد كرجاؿ دكلتو‪ ،‬فيقوؿ العبلمة‬
‫الذؤارل‪" :‬ففي يوـ السبت اثمن ذم ا‪٢‬بجة توُب ا‪٢‬باج حسْب بن علي الشرعيب مقتوالن أبيدم‬
‫الشياطْب قطاع الطريق بِب سلماف‪ ،‬كذلك أهنم كانوا يقطعوا السبيل‪ ،‬أعِب الطريق من زبيد إذل تعز‬
‫ككاف للمذكور سفارة ‪ٙ‬بضر كلو مصاحل ُب أمن الطريق فقضى إذل ا‪٤‬بلك اجملاىد‪ ،‬ككاف اجملاىد ُب‬
‫٘بهيز عسكر ليزك ا‪٤‬بذكورين فتجهزكا إليهم‪ ،‬فلما رأكا أكائل العسكر طلعوا إذل ا‪١‬بباؿ ك‪ٙ‬بصنوا هبا‬
‫كسلكوا الشعاب الضيقة إذل العسكر ُب ببلدىم ٍب خرجوا فلحقوىم‪ٍ ،‬ب خرج العسكر ‪٨‬بيمْب فوصل‬
‫ا‪٢‬باج حسْب ا‪٤‬بذكور ميضاؼ حجر فحمل ‪٦‬بركحان كدخل زبيد ميتان‪ ،‬فجهزكه منها كدفنوه إذل جنب‬
‫مشهد الشيخ أ‪ٞ‬بد الصياد‪ ،‬كدل يصب من الناس غّبه ر‪ٞ‬بو هللاِ"‪.‬‬
‫ٍب إف بِب سليماف سكنوا لفَبة طويلة ُب أماكنهم‪ ،‬كشيلت الدكلة الطاىرية ٗبشاغل أخرل عن‬
‫مبلحقتهم كدل تتفرغ ‪٥‬بم حٌب العاـ ُٖٖىػ‪ ،‬ففي شواؿ عاـ ُٖٖىػ‪ ،‬غزا الشيخ يوسف بِب سليماف‬
‫بطريق تعز‪ ،‬كتسلم حصوهنم كقتل منهم ‪ٝ‬باعة‪ ،‬كأخرب معاقلهم ٍب طلع مع ا‪٤‬بلك اجملاىد كالشيخ‬
‫عبدالباقي إذل تعز ُب آخر الشهر ا‪٤‬بذكورّ‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬مترد قبيلة البجليني‪ :‬قبيلة البجليْبْ دل يسبق ‪٥‬با ا‪٣‬بركج على الدكلة الطاىرية‪ ،‬إال أهنم‬
‫كلفسادىم ُب األرض كقطعهم للطريق كاف البد للدكلة الطاىرية من أتديبهم كقمعهم ككف أذاىم كدفع‬
‫شرىم‪.‬‬
‫كُب شهر ‪٧‬برـ من عاـ ٕٖٔىػ‪ ،‬غزا األمّب عمر بن عبدالعزيز ا‪٢‬ببيشي الببلد الشامية‪ ،‬فخرج إليها ُب‬
‫عساكر كخيل كثّبة سادس الشهر ا‪٤‬بذكور‪ٍ ،‬ب إنو غزا البجليْب فقتل منهم ‪٫‬بو العشرين كسىب نساءىم‬
‫كهنب مواشيهم‪ٍ ،‬ب صا‪٢‬بوه على ‪ٜ‬بانية عشر فرسان يؤدكهنا إليوُ‪.‬‬

‫‪ 1‬تيو سَامين‪ :‬من ا ٔلصاؾص ومه ما تني مشري وملدية ورشؾة وحُس‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬حاص َة دمحم ؿًل الٔهوع ؿىل كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.326‬‬
‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.041‬‬
‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،272/4 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.131‬‬
‫‪ 2‬اًحجََون‪ :‬كدَةل من ؿم‪ ،‬وهلم تلِة حواىل واذي سِام ويف جصع‪ .‬حاص َة الٔهوع ؿىل كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.173‬‬
‫‪321‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫يقوؿ العبلمة ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل‪" :‬كىم عرب كعبيد مفسدكف يسكنوف ُب مكاف كعر كثّب‬
‫الشجر‪ ،‬كلو طريق ريقة ال ٲبكن ا‪٤‬بشي فيها إال الواحد بعد الواحد‪ ،‬فدخل عليهم كنصره هللا عليهم‪،‬‬
‫كقتل منهم عشرين‪ ،‬كأسر نسائهم كهنب مواشيهم‪ٍ ،‬ب صا‪٢‬بوه على ‪ٜ‬باين عشر فرسان كسلموىا لو‪،‬‬
‫كرجع إذل زبيد مظفران منصوران يوـ اإلثنْب اثلث صفرِ"‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬مترد الكعبيني‪ :‬تعرض الكعبيوفّ ليزك الدكلة الطاىرية عاـ ّٕٕىػ ألفعاؿ حصلت منهم‪،‬‬
‫ففي احملرـ سنة ّٕٖىػ‪ ،‬قدـ ابن سفياف مدينة زبيد من الببلد الشامية‪ ،‬بعد ايقاعو ابلكعبيْب لذنب‬
‫تقدـ منهم‪ ،‬كقبض خيو‪٥‬بم كأسر منهم ‪ٝ‬باعةْ‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬مترد آل أيوب اجلحافل يف حلج‪ :‬بعد أف قضى ا‪٤‬بلك اجملاىد على ‪ٛ‬برد ا‪٤‬بعازبة كما ذكر ا‬
‫كاف دخولو زبيد يوـ األربعاء ُٖ من ربيع اآلخر سنة ُٕٖىػ‪ٍ ،‬ب طلع ا‪١‬ببل أم تعز ُب ِِ من‬
‫الشهر ا‪٤‬بذكور مبادران‪٤ ،‬با بليو أف آؿ أيوب ا‪١‬بحافل ىجموا قرية بنا أبو من كادم ‪٢‬بج‪ ،‬كهنبوا كقتلوا‬
‫كسبوا النساء كفعلوا كل منكر كفعلوا فعل ا‪١‬باىلية ٓ‪.‬‬
‫فتوجو إليهم ا‪٤‬بلك اجملاىد كمهد خللها كأقاـ أكدىأ‪ ،‬كقضى ا‪٤‬بلك اجملاىد على ىذه التمرد القبيح من‬
‫قبل بِب أيوب‪ ،‬كا‪٤‬ببلحظ أف كل ىذه التمردات ىي عبارة عن سلب كهنب كمطامع على حساب‬
‫اآلخرين من اآلمنْب كا‪٤‬بسا‪٤‬بْب من الناس البسطاء‪ ،‬كالذم يعيشوف ُب ظل الدكلة الطاىرية‪ ،‬فكاف ال‬
‫بد للملك اجملاىد أف يسارع للقضاء على أمثاؿ ىؤالء اجملرمْب من قطاع الطرؽ كالقتلة‪ ،‬حٌب ال‬
‫يتشجع أبفعا‪٥‬بم من ُب قلبو مرض كخبث على صنع صنيعهم‪ ،‬كلكي أيمن الرعية على أنفسهم‬
‫كأعرارهم كأالدىم كأموا‪٥‬بم ُب ظل دكلة قوية ‪ٙ‬بمي مصاحل األمة‪ ،‬كال يَبؾ اجملاؿ أماـ ا‪٤‬بفسدين ُب‬
‫األرض ليفسدكا أحواؿ الببلد كالعباد‪ ،‬فجزل هللا خّبان ا‪٤‬بلك اجملاىد على ىذا ا‪٢‬بزـ كالقوة ُب قمع‬
‫أمثاؿ ىؤالء كأتديبهم‪.‬‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،423‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.122‬‬
‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.044‬‬
‫‪ 1‬اًىـحَون‪ :‬كدَةل مـصوفة يف تعن هتامة‪ ،‬من ؿم صٌلل ستَس‪ .‬حاص َة الٔهوع ؿىل كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل‬
‫ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.325‬‬
‫‪ 2‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،241/4 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.116‬‬
‫‪ 3‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض ‪ ،325‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪،‬‬
‫ض‪.115‬‬
‫‪ 4‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.036‬‬
‫‪322‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫سابعاً‪ :‬قمع بعض التمردات يف ايفع‪ :‬كانت ىناؾ بعض القبائل األخرل ا‪٣‬بارجة على الدكلة‬
‫الطاىرية كلكنها ال تذكر ابلنسبة للقبائل الٍب ذكر ا من احية التمرد كاإلعتداء على اآلخرين‪.‬‬
‫فمما جرل للملك اجملاىد خبلؿ فَبة حكمو مع القبائل األخرل‪ ،‬ما جرل لو مع بعض أبناء ايفع ُب‬
‫عاـ ٕٖٓىػ‪ ،‬عندما كاف ُب مدينة عدف كعيد هبا عيد الفطر‪ ،‬فقد جرت لو مع ايفع كىو خارج إذل‬
‫صبلة العيد‪ ،‬قضية اقتضت إذل تقييد من قيد منهم كنفي من نفىُ‪ " ،‬كذلك أنو عربد ‪ٝ‬باعة من قبيلة‬
‫ايفع على العسكر كتراموا اب‪٢‬بجارة‪ ،‬فأمر ا‪٤‬بلك اجملاىد ابلقبض على ايفع بسبب ذلك كقيد بعضهم‬
‫كنفى بعضهمِ"‪.‬‬
‫اثمناً‪ :‬مترد قبيلة األىنوم يف مشري‪ :‬ككذلك من القبائل الٍب كانت ‪٥‬با اعتداءات خبلؿ فَبة حكم‬
‫اجملاىد قبيلة األٮبوؿ من مشّب‪ ،‬ففي عاـ ٕٖٔىػ يوـ ا‪١‬بمعة‪ ،‬ا‪٢‬بادم كالعشرين من شهر صفر‪ ،‬خرج‬
‫فمر‬
‫األمّب عمر بن عبدالعزيز ا‪٢‬ببيشي من زبيد غازاين أىل مشّب ا‪٤‬بفسدين القاطعْب للطريق إذل تعز‪ٌ ،‬‬
‫على بِب حسْب األٮبوؿ مفسدكف أيضان‪ ،‬فقتل منهم ‪٫‬بو ثبلثْب كأسر ‪ٝ‬باعة كهنب مواشيهم‪ ،‬كدخل‬
‫برؤكس القتلى إذل زبيد يوـ ا‪٣‬بميس خامس شهر ربيع األكؿّ‪.‬‬
‫اتسعاً‪ :‬متر قبيلة العامريني يف هتامة‪ :‬كمن القبائل الٍب كانت ‪٥‬با كقائع مع الدكلة الطاىرية بسبب‬
‫‪ٛ‬بردىا على الطاىريْب قبيلة العامريْب‪ ،‬ففي يوـ اإلثنْب الثاين من ‪ٝ‬بادل اآلخرة من عاـ َٖٖ ىػ‪ ،‬كُب‬
‫أثناء إقامة الشيخ يوسف بن عامر ُب الزيدية‪ ،‬غزا الشيخ يوسف العبيد العامريْب‪ ،‬كهنب بيوهتم كقتل‬
‫منهم ‪ٝ‬باعةْ‪.‬‬
‫كىكذا استمرت فَبة حكم ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر السياسية كالعسكرية بعد مقتل أخيو ا‪٤‬بلك‬
‫الظافر‪ُ ،‬ب قمع التمردات القبلية كالٍب كاف معظمها ُب مناطق هتامة‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.120‬‬


‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.042‬‬
‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.044‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.132‬‬
‫‪323‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الرابع‬
‫وفاة ادللك اجملاىد علي بن طاىر‬

‫قبل أف ‪٬‬بتم سّبة ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر‪ ،‬كننتقل إذل سّبة إذل من بعده من ملوؾ الدكلة‬
‫الطاىرية‪ ،‬كاف البد أف نبْب أىم أعمالو العظيمة‪ ،‬ك‪٪‬بلي حقائق اترٱبية من أ‪ٝ‬بل صفحات التاريخ‬
‫اإلسبلمي ُب اليمن ‪٥‬بذا ا‪٤‬بلك العظيم‪ ،‬كالذم دل أيخذ حقو ُب الكتابة عنو‪ ،‬كسنبلحظ من خبلؿ ما‬
‫كصل إلينا من ندرة اترٱبية حوؿ سّبة ا‪٤‬بلك اجملاىد ر‪ٞ‬بو هللا عظمة ىذا ا‪٤‬بلك‪ ،‬فهو ملكان عادالن‬
‫كإمامان عابدان‪ ،‬كعا‪٤‬بان زاىدان‪ ،‬ك‪٦‬باىدان اصران للمستضعفْب‪ ،‬كُب ىذا الفصل سنينب كفاتو كآخر سّبتو ُب‬
‫ثبلث مباحث ىي‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬بداية مرض ادللك اجملاىد علي بن طاىر رمحو هللا ووفاتو‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬أىم أعمالو العظيمة يف سبيل نصرة اإلسالم‬
‫ادلبحث الثالث‪ :‬مآثره وأعمالو اإلدارية يف الدولة الطاىرية‬
‫ادلبحث الرابع‪ :‬تقريبو للعلماء وحبو للعلم وجهوده العلمية‬

‫‪324‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫بداية مرض ادللك اجملاىد علي بن طاىر رمحو هللا ووفاتو‬

‫ُب شهر احملرـ من سنة ّٖٖىػ‪ ،‬طلع ا‪٤‬بلك اجملاىد من عدف إذل بلده مريضان ككقف ُب ‪٢‬بج أايمان‪،‬‬
‫كُب حبيل بدر أايمان‪ٍ ،‬ب دخل جنب كاستدعى الفقيو ‪ٝ‬باؿ الدين دمحم بن حسْب القماط من مدينة‬
‫زبيد‪ ،‬فطلع إليو كلقيو ببلده جنب‪ ،‬فواله قضاء مدينة عدف ُب آخر شهر ربيع األكؿ كدل يزؿ ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد ببلده حٌب توَب هبا ليلة السبت العاشر من شهر ربيع اآلخر كدفن هبا‪ ،‬قابلو هللا برروانو كملكة‬
‫أعبل مرتبو ُب جنانو‪.1‬‬
‫كقد كانت مدة ملكو تقريبان ‪ٟ‬بسة كعشرين عامان‪ ،‬بدأت منذ عاـ ٖٖٓىػ كتوُب ُب احملرـ من سنة‬
‫ّٖٖىػ‪.‬‬
‫كذكر ا‪٤‬بؤرخ عبدا‪٢‬بي ابن العماد العكرم ا‪٢‬بنبلي أف كفاتو كانت ُب ربيع الثاين عن عن عمر يناىز‬
‫بضع كسبعْب سنة‪.2‬‬
‫صفة عبادتو وقيامو الليل وصومو النهار وحفظو لكتاب هللا‪:‬‬
‫كاف ا‪٤‬بلك اجملاىد ر‪ٞ‬بو هللا حافظان لكتاب هللا‪ ،‬كمبلزمان لتبلكتو دكمان‪ ،‬بل إنو كاف لو ختمة يقرؤىا‬
‫كمبلزمان لذلك عن ظهر قلب‪ ،‬كما يقوؿ العبلمة كماؿ الدين الذؤارل ر‪ٞ‬بو هللا ُب كتابو اتريخ مدينة‬
‫زبيد‪" :‬ككاف ا‪٤‬بلك اجملاىد ر‪ٞ‬بو هللا اسكان كثّب العبادة مبلزمان على تبلكة القرآف ابلليل كالنهار‪ ،‬لو‬
‫ختمة يقرؤىا عن ظهر قلب‪ ،‬كلو أخرل يقرؤىا اب‪٤‬بصحف‪ ،‬كلو أكراد كدعوات ال يَبكها سفران كال‬
‫حضران‪ ،‬كيصحب الفقهاء كالصلحاء كالقراء لكتاب هللا تعاذل‪ ،‬حج إذل مكة ا‪٤‬بشرفة كجاكر هبا كزار‬
‫ا‪٤‬بدينة الشريفة كأقاـ هبا‪ ،‬ككاف حجو ُب سنة ْٖٗىػ‪ ،‬ك‪٦‬باكرتو ُب سنة َٖٓىػ"‪.3‬‬
‫كيذكر ا‪٤‬بؤرخ عماد الدين ابن األنف أنو أقاـ سنْب ‪٦‬باكران للبيت ا‪٢‬براـْ‪ ،‬كأشار العبلمة الربيهي ُب‬
‫اترٱبو طبقات الصلحاء أنو جاكر ُب ا‪٤‬بدينة ثبلث سنْبُ‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،132‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،311 ،‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اذلؤايل‪ ،‬ض‪ ،054‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪،‬‬
‫‪ ،270/4‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.412‬‬
‫‪ 0‬صشزاث اذلُة يف ٔبدداز من رُة‪ ،‬ؾحس اذلي اجن اًـٌلذ اً َـىصي اذليحًل‪ٔ ،‬بتو اًفالخ‪ ،‬حتلِق َلوذ ا ٔلزانؤوظ‪ ،‬دصح ٔبحاذًثَ ؾحس اًلاذز‬
‫ا ٔلزانؤوظ‪ ،‬اًيارش ذاز اجن نثري ذمضق – تريوث‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪1764‬م‪.324/7 ،‬‬
‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.055‬‬
‫‪ 2‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.25‬‬
‫‪325‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككاف ا‪٤‬بلك اجملاىد معظمان لكتاب هللا‪ ،‬ككاف من عادتو أف ٱبتم القرآف الكرًن ُب صبلة الَباكيح كل‬
‫عاـ ُب ليلة السابع كالعشرين من رمضاف‪ ،‬فإذا ختمو كال سيما ُب رمضاف يصنع لذلك الوالئم‬
‫العظيمة‪ ،‬كٯبمع لذلك الناس‪.‬‬
‫فيقوؿ العبلمة ا‪٤‬بؤرخ عبدالر‪ٞ‬بن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا ُب ختم ا‪٤‬بلك اجملاىد للقرآف ُب صبلة الَباكيح ُب سنة‬
‫ٕٕٖىػ‪" :‬كُب ليلة السابع كالعشرين من رمضاف‪ ،‬ختم ا‪٤‬بلك اجملاىد القرآف العظيم ُب صبلة الَبكايح‬
‫ٗبدينة زبيد‪ ،‬كعمل ‪٠‬باطان عظيمان ‪ٝ‬بع لو الناس على اختبلؼ طبقاهتم‪.2‬‬
‫كقد كانت ىذه عادة للملك اجملاىد ُب كل عاـ فقد أكرد ابن الديبع أنو ختم القرآف ُب سنة ٕٖٗىػ‪:‬‬
‫"كعمل السلطاف ‪٣‬بتم القرآف العظيم ُب صبلة الَباكيح ليلة السابع كالعشرين من رمضاف ‪٠‬باطان‬
‫معظمان‪ ،‬كطلب الناس إليو على اختبلؼ طبقاهتم‪."3‬‬
‫كيقوؿ العبلمة الذؤارل ُب ذلك‪" :‬كصاـ ا‪٤‬بلك اجملاىد بزبيد‪ ،‬كصلى ُب ‪ٝ‬باعة صبلة الَباكيح‪ٍ ،‬ب ختموا‬
‫القرآف ليلة السابع كالعشرين من رمضاف كم ٌد ‪٠‬باطان عظيمان حشر إليو الناس على طبقاهتم‪ ،‬ككانت ليلة‬
‫مشهودة من الليارل ا‪٤‬بعظمة معدكدة‪.4‬‬
‫كقد أتثر بصنيعو ىذا األمراء كا‪٤‬بلوؾ كاألعياف خاصة من األسرة الطاىرية‪ ،‬كأحبوا صنع ا‪٣‬بّب كفعلو‬
‫‪٧‬ببة كأتثران اب‪٤‬بلك اجملاىد فالناس على دين ملوكهم‪ ،‬فقد عمل ابن أخيو الشيخ يوسف بن عامر بن‬
‫طاىر ليلة التاسع كالعشرين من شهر رمضاف ‪٠‬باطان آخر ‪٣‬بتم القرآف العظيم أيضان عنده ابلدار الكبّب‬
‫الناصرم‪ ،‬ككاف أعظم من ‪٠‬باط عمو‪ ،‬كعمل طلعة على ابب الدار زينها أبنواع الثمار كاألشجار‬
‫كررب النفوطات ا‪٤‬بختلفة‪ ،‬كأحيا للناس ما دثر من مآثر ا‪٤‬بلوؾ‪ ،‬كأحبو الناس كافة‪.‬‬
‫ٍب قرره ا‪٤‬بلك اجملاىد ائبان عنو بزبيد‪ ،‬فضبط األمور أحسن ربط‪ ،‬كأحب أىل العلم كحصل ‪ٝ‬بلة من‬
‫الكتب النفيسة‪ ،‬ك‪ٝ‬بع النساخ عنده كا‪٤‬بقابلْب لذلك كسار ابلناس سّبة حسنةٓ‪.‬‬
‫كقد أكثر العبلمة دمحم بن عبدالر‪ٞ‬بن السخاكم ا‪٤‬بصرم ُب تر‪ٝ‬بتو كالثناء عليو ُب عدة كتب من‬
‫توارٱبو‪ ،‬ككاف من ا‪٤‬بؤرخْب كالعلماء ا‪٤‬بعاصرين للملك علي بن طاىر‪ ،‬فقاؿ ُب اترٱبو الضوء البلمع‪:‬‬

‫‪ 1‬ظحلاث اًعحاء اٍمين‪ ،‬ؾحساًوُاة اًربُّييي اًسىسيك‪.017/1 ،‬‬


‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.123‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.125‬‬
‫‪ 2‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.045‬‬
‫‪ 3‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.125‬‬
‫‪326‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫"ربط اليمن كأمنت الطرقات كأحيا الببلد بعد خراهبا كأحبو الكافة‪ ،‬ككاف ملكان عادالن شجاعان عاقبلن‪،‬‬
‫كللمعركؼ ابذالن كعلى الفقراء ك‪٫‬بوىم غيثان ىامبلن‪ ،‬صدقاتو كمرباتو كمعركفو فوؽ الوصف‪ ،‬كمن مآثره‬
‫إحياء اجملرل الذم بزبيد بعد خراهبا‪ ،‬ك٘بديد جامع بيت الفقيو ابن عجيل مع الوقف عليو‪ ،‬كمسجد‬
‫الدرسة بعدف بعد تزلزلو بل زاد فيو‪ ،‬كعمل عليها من البساتْب كالنخيل داخل زبيد كخارجها ما عم‬
‫االنتفاع بو‪ ،‬كأنشأ مدرسة بتعز كأخرل ببلده‪ ،‬كيقاؿ أنو كقف ‪ٝ‬بيع ما ُب ملكو من عقار على‬
‫ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬كجعل النظر ُب ذلك للمتورل من أكالد أخيو‪ .‬ككاف يرسل أبلف دينار لفقراء مكة على يد‬
‫ابن عطيف‪."1‬‬
‫كقاؿ أيضان عنو ُب اترٱبو التحفة اللطيفة ُب اتريخ ا‪٤‬بدينة الشريفة‪" :‬علي بن طاىر بن معورة بن اتج‬
‫الدين‪ ،‬الشيخ مشس الدين أبو ا‪٢‬بسن ملك اليمن ُب عصر ا‪ ،‬كيعرؼ اببن طاىر جاكر قبل ‪ٛ‬بلكو‬
‫اب‪٤‬بدينة كتزكج ابنة أيب الفتح بن علبك كعائشة القطانية كاحدة بعد األخرل‪ ،‬ككاف مدٲبان للتبلكة‬
‫كاإلستياثة ٕبيث كاف ‪٤‬با ‪ٙ‬برؾ لليمن صار يتوسل بذلك‪ ،‬إذل أف استوذل على ‪٩‬بلكة اليمن "‪٩‬بلكة بِب‬
‫رسوؿ" ابلسيف‪ ،‬ككاف ‪ٛ‬بلكو عدف ُب سنة ٖٖٓىػ‪ ،‬كزبيد ُب الٍب تليها كتعز فيما بينهما كملك‬
‫حصن حب‪ ،‬كىو حصن ا‪٤‬بلك ذك يرعْب من ملوؾ ‪ٞ‬بّب ا‪٤‬بعقل الذم ليس ُب اليمن مثلو حصانة‬
‫كمنعة بعد ‪٧‬باصرتو إايه سبع سنْب‪ ،‬كيقاؿ إنو كقف ‪ٝ‬بيع ما ُب ملكو من عقار ا‪٤‬بسلمْب كجعل النظر‬
‫ُب ذلك للمتورل من أكالد أخيو مات ُب ربيع الثاين سنة ٖٖىػ عن أربع كسبعْب فإنو كلد ُب سنة‬
‫َٖٗىػ‪."2‬‬
‫ك‪٩‬بن ترجم لو كأثُب عليو العبلمة ا‪٤‬بؤرخ دمحم بن أيب بكر الشلي ا‪٢‬بضرمي ُب كتابو السنا الباىر بتكميل‬
‫النور السافر‪ ،‬فقاؿ‪" :‬ككاف ٰبب ا‪٣‬بّب كالفقراء كالعلماء‪٧ ،‬بسنان إليهم على الدكاـ حٌب أنو تصدؽ سنة‬
‫ُٖٔىػ بزبيد أبلف مد كمن النقدين ٗباؿ جسيم‪ ،‬ككاف كثّب التبلكة‪ ،‬ككاف ٰبفظ القرآف عن ظهر‬
‫قلب‪ ،‬كمع ذلك ال يقرأ إال اب‪٤‬بصحف‪ ،‬ككاف ٰبضر ‪٦‬بلس ا‪٢‬بديث اب‪١‬بامع‪ ،‬ك‪٠‬بع ‪ٝ‬باعة كثّبين‪،‬‬
‫ككاف غالب أكقاتو ُب قراءة التفسّب كا‪٢‬بديث‪ ،‬كفرح الناس بواليتو‪ ،‬فإف العبيد كالعرابف أفسدكا ُب‬
‫البلداف فجاىدىم حٌب أابدىم‪ ،‬ككاف ينفق على األرامل كا‪٤‬بنقطعْب ٗبا يكفيهم‪ ،‬كبُب مدرسة كجامعان‬

‫‪ 1‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪،52/1 ،‬وخزي اًالكم يف اذلًي ؿىل ذول الٕسالم‪ ،‬دمحم جن ؾحساًصمحن اًسزاوي‪ ،‬حتلِق ثضاز ؾواذ مـصوف‬
‫وبٓدصون‪ ،‬مؤسسة اًصساةل تريوث ًحيان‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪1773‬م‪.674/1 ،‬‬
‫‪ 0‬اًخحفة اٌَعَفة يف اتزخي املسًية اًرشًفة‪ ،‬دمحم جن ؾحس اًصمحن اًسزاوي‪ ،‬اًيارش اًىذة اًـَمََ‪ ،‬تريوث ًحيان‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪1771‬م‪،‬‬
‫‪.057/0‬‬
‫‪327‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٗبدينة جنب كٗبدينة تعز كجدد مدارس عدف‪ ،‬كأنشأ سبيبلن للمسلمْب كىو الذم غرس النخل كقصب‬
‫السكر ُب كادم زبيد كغّبىا ككذا األرزُ"‪.‬‬
‫كقاؿ عنو العبلمة ا‪٤‬بؤرخ خّب الدين الزركلي‪" :‬ككاف أحب إذل أىل زمانو من أخيو كأكرب سنان‪ ،‬فاربلن‬
‫قوم الشكيمة على ا‪٤‬بفسدين‪ ،‬كرٲبان لو آاثر ُب تعز كعدف كزبيد‪ ،‬كىو الذم غرس النخل كقصب‬
‫السكر كاالرز ُب كادم زبيد‪."2‬‬

‫‪ 1‬اًس يا اًحاُص تخمكَي اًيوز اًسافص‪ ،‬اًـالمة دمحم جن ٔبيب جىص اًضًل‪ ،‬حتلِق إجصاُمي امللحفي‪ ،‬مىذحة الٕزصاذ ظيـاء اٍمين‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل‬
‫‪0222‬م‪ ،‬ض‪.140‬‬
‫‪ 0‬ا ٔلؿالم‪ ،‬ذري ادلٍن اًززلكي‪.074/2 ،‬‬
‫‪328‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫أىم أعمالو العظيمة يف سبيل نصرة اإلسالم‬

‫كاف ا‪٤‬بلك اجملاىد عا‪٤‬بان كفقيهان كحافظان لكتاب هللا‪ ،‬كلكن ا‪٤‬بلك شيلو عن العلم كالتأليف‪ ،‬كلو كتاب‬
‫من أتليفو ا‪٠‬باه كتاب ا‪١‬بهاد‪ ،‬كلو كتاب أ‪٠‬باه كتاب ا‪١‬بهاد ذكره ا‪٤‬بؤرخ خّب الدين الزركليُ‪.‬‬
‫كذكره أيضان األستاذ احملقق عبدهللا دمحم ا‪٢‬ببشي ُب ‪ٙ‬بقيقو لكتاب اتريخ زبيد لكماؿ الدين الذؤارل‬
‫الزبيدم‪ ،‬فقاؿ تعليقان على قوؿ العبلمة الذؤارل عن ا‪٤‬بلك اجملاىد "ككاف يتأسف على حضور ا‪١‬بهاد"‪،‬‬
‫كيقصد ىنا ا‪١‬بهاد رد النصارل ا‪٤‬بعتدين على ا‪٤‬بسلمْب ُب ا‪٢‬ببشة‪ ،‬يقوؿ األستاذ عبدهللا ا‪٢‬ببشي‬
‫تعليقان على ذلك‪" :‬لعل ىذا التأسف كا‪٢‬بسرة دفعا ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل أف يؤلف كتابو ا‪٤‬بسمى اب‪١‬بهاد‬
‫منو نسخة ‪٨‬بطوطة ابلظاىرية (ُُْٓ)‪ ،‬أنظر كتابنا مصادر الفكر اإلسبلمي صٕٕٔ الطبعة‬
‫الثالثة"ِ‪.‬‬
‫حبو للجهاد وإعانتو للمسلمني ضد النصارى ادلعتدين‪:‬‬
‫كمن ذلك إعانتو للمجاىدين ُب ا‪٢‬ببشة رد النصارل ا‪٤‬بعتدين على إمارة عدؿ اإلسبلمية‪ ،‬كإستعانة‬
‫السلطاف مشس الدين دمحم بن بزالم سلطاف ا‪٤‬بسلمْب اب‪٢‬ببشة بو ‪٤‬بده اب‪٤‬باؿ كالعتاد كالسبلح ‪٤‬بقاكمة‬
‫النصارل ا‪٤‬بعتدين‪ ،‬كقد لىب لو ذلك ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر كأمده ابلكثّب من ا‪٤‬باؿ كالسبلح‬
‫كا‪٣‬بيوؿ العربية‪ ،‬كدل يكتفي ا‪٤‬بلك اجملاىد هبذا الدعم ا‪٤‬بادم فقط بل إنو كاف يتمُب الذىاب بنفسو‬
‫للجهاد ُب سبيل هللا رد العدك الصائل من النصارل ا‪٤‬بعتدين على إخوانو ُب ا‪٢‬ببشة‪ ،‬ككاف على‬
‫كشك الذىاب لوال انشيالو بدفع ا‪٤‬بتمردين من القبائل كخصوصان ُب تلك الفَبة من بعد كفاة أخيو‬
‫ا‪٤‬بلك الظافر‪ ،‬كرغم ذلك كلو فقد كاف ا‪٤‬بلك اجملاىد يتأسف على عدـ ذىابو للجهاد ُب ا‪٢‬ببشة لنيل‬
‫الثواب كاألجر‪.‬‬
‫فيذكر العبلمة كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم ر‪ٞ‬بو هللا تلك الواقعة ُب أحداث سنة ٕٖٗىػ فيقوؿ‪" :‬كُب‬
‫أكؿ ليلة من شهر رمضاف جهز ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر ا‪٤‬بلك السلطاف اجملاىد ُب سبيل هللا مشس‬
‫الدين دمحم بن بزالم بن سعد الدين ٗبائة فرس ك‪ٟ‬بسة أفراس من ا‪٣‬بيل العربية ا‪١‬بيدة‪ ،‬ك‪ٝ‬بلة من‬

‫‪ 1‬ا ٔلؿالم‪ ،‬ذري ادلٍن اًززلكي‪.074/2 ،‬‬


‫‪ 0‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.047‬‬
‫‪329‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫السبلح كالدركع إعانة على جهاد الكفار‪ ،‬ككاف يتأسف على حضور ا‪١‬بهاد‪ ،‬كيود أف يذىب بنفسو‬
‫كٯباىد ا‪٤‬بشركْب رغبة ُب ثواب اجملاىدين بلٌيو هللا ذلك ٗبنو ككرمو فوقعت تلك ا‪٥‬بدية من ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بذكور موقعان عظيمانُ"‪.‬‬

‫‪ 1‬حاص َة ا ٔلس خار ؾحسهللا اذلخيش ؿىل اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.047‬‬
‫‪331‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثالث‬
‫مآثره وأعمالو اإلدارية يف الدولة الطاىرية‬

‫أوالً‪ :‬إقامتو للعدل ورفع الظلم عن الرعية‪:‬‬


‫ك‪٩‬با يدؿ على عدلو عزلو لبعض الوالة الظا‪٤‬بْب‪ ،‬الذين شكى منهم الرعية كثبت لديو ظلمهم للرعية‪،‬‬
‫كاستبدا‪٥‬بم ٗبن كاف عادالن‪ ،‬كقد رد اجملاىد إذل الناس كثّب من ا‪٤‬بظادل الٍب ثبتت‪.‬‬
‫كرفع الظلم عن الناس كمن ذلك ما أكرده العبلمة ابن الديبع عندما أفحش أبو القاسم ا‪٢‬بوارل ُب‬
‫الظلم كأمعن‪ ،‬فتظلم بو فعزلو ا‪٤‬بلك اجملاىد كأمر أبحضاره إذل ‪٦‬بلس الشرع الشريف‪ ،‬كمن أقاـ عليو‬
‫بينة غرمو‪ٍ ،‬ب تصدؽ ا‪٤‬بلك اجملاىد على ا‪٤‬بظلومْب أبربعمائة أشرُب ذىبانُ‪.‬‬
‫كرمو‪٩ :‬با يبْب كرمو فعلو للخّب كالصدقات‪ ،‬ككذلك ‪٩‬با يبْب كرمو إعطائو ا‪٥‬بدااي كإجزالو العطااي‬
‫للقبائل كا‪٤‬بشايخ‪ ،‬كمن ذلك دخوؿ القبائل عليو عاـ ُٖٖىػ فأجازىم ا‪١‬بوائز السنية‪.2‬‬
‫اثنياً‪ :‬إىتمامو ابألوقاف واإلشراف عليها ومراقبة من يقوم هبا من عمالو‪:‬‬
‫ك‪٩‬با يدؿ على ذلك ما ذكره العبلمة ابن الديبع من تفقد ا‪٤‬بلك اجملاىد لؤلكقاؼ‪ ،‬كتعيينو الفقهاء‬
‫كالعلماء بتورل األكقاؼ‪" :‬كُب شهر صفر من سنة َٖٖىػ‪ ،‬طلع ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل تعز‪ ،‬كُب صحبتو‬
‫الفقيو تقي الدين عمر بن دمحم الفتا‪ ،‬كالفقيو ‪ٝ‬باؿ الدين دمحم بن حسْب القماط‪ ،‬كالفقيو عبدهللا ا‪٥‬بيب‪،‬‬
‫كأمرىم ابفتقاد أمر الوقف ُب مدينة تعز‪ ،‬كما فعل بزبيد كعزؿ من دل يكن أىبلن للوالية ُب ذلك فلم‬
‫يتفق شيء من ذلكّ"‪.‬‬
‫ككذل الفقيو عمر بن دمحم السراج أبوحفص اليماىن الزبيدل الشافعى كيعرؼ ابلفٌب‪ ،‬كلد سنة َُٖىػ‬
‫بزبيد كنشأ هبا كقرأ على الفقيو دمحم بن صاحل كالشرؼ بن ا‪٤‬بقرل كالزمو‪ٍ ،‬ب انتقل اذل ببلد أصاب‬
‫فمكث ببعض قراىا كار‪ٙ‬بل اليو الطلبة كاشتيل ابلتدريس كالتصنيف‪ ،‬كقصده الطلبة من االماكن‬
‫البعيدة كل ذلك ُب حياة شيخو ك‪٤‬با استوذل على بن طاىر على اليمن أكرـ صاحب الفقيو السراج‬
‫كرتب لو من الوقف ما يكفيو‪ٍ ،‬ب قلده أمر األكقاؼ كصرفها ‪٤‬بستحقها‪.4‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.112‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.131‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.132‬‬
‫‪ 2‬اًحسز اًعاًؽ‪ ،‬اًضواكين‪ ،311/1 ،‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.002/1 ،‬‬
‫‪331‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫اثلثاً‪ :‬توزيعو للصدقات للفقراء وادلساكني واإلكثار من ذلك‪:‬‬


‫كاف ا‪٤‬بلك اجملاىد ر‪ٞ‬بو هللا ‪٧‬ببان لفعل ا‪٣‬بّب كمكثران من التصدؽ كا‪٤‬بربة للفقراء كا‪٤‬بساكْب كيتفقد لرعيتو‬
‫دكمان‪ ،‬كال ينساىم من األعطيات كالصدقات‪ ،‬يقوؿ العبلمة عبدالر‪ٞ‬بن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا ُب كصفو‬
‫فيقوؿ‪" :‬ككاف ا‪٤‬بلك اجملاىد ر‪ٞ‬بو هللا تعاذل شديد الرغبة ُب الصدقة ‪٧‬ببان للفقراء ‪٧‬بسنان إليهم مداكمان‬
‫على ذلك ال يفَبؽ عنو كال ييفل حٌب أنو تصدؽ ُب سنة ُٖٖىػ بزبيد أبلف مد من الطعاـ كمن‬
‫الذىب ٗببلغ عظيم‪."1‬‬
‫ك‪٩‬با يدؿ كذلك على إكثاره من التصدؽ كفعلو ا‪٣‬بّب للفقراء كا‪٤‬بساكْب تصدقو ُب عاـ ٖٕٖىػ‪،‬‬
‫بصدقة عظيمة من الذىب كالطعاـ كالتمر كالثيابِ‪.‬‬
‫كتصدقو كذلك عاـ َٖٖىػ ُب آخر رمضاف‪ ،‬بصدقة جليلة تنيف على أربعة آالؼ ذىبان أشرُب‪ ،‬من‬
‫البز كالنقد كالطعاـ كاألرز كالسكر كغّب ذلك‪ ،‬تقبل هللا منوّ‪.‬‬
‫كيقوؿ العبلمة كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم ر‪ٞ‬بو هللا ُب سّبة ا‪٤‬بلك اجملاىد كإكثاره من الصدقات‪:‬‬
‫"ككاف كثّب الصدقة يتصدؽ ُب كل سنة ٔبملة من الذىب كٔبملة من الطعاـ‪ُ ،‬ب زبيد كتعز كعدف‬
‫كا‪٤‬بقرانة كجنب ما يقوـ بكفاية ‪ٝ‬باعة من الفقهاء كالطلبة مرتبان ‪٥‬بم طعامان ٰبمل إذل بيوهتم كيكسوىم‬
‫كيتفضل عليهم‪ ،‬كىذا دأبو كعادتو ُب الببلد كلها"‪ ،‬كالتاريخ مليء بذكر سّبتو كقصصو كحكاايتو ُب‬
‫التصدؽ كفعلو للخّب للفقراء كا‪٤‬بساكْبْ"‪.‬‬
‫"كحببب هللا إليو الصدقة كفعل ا‪٤‬بعركؼ فكاف ال ٲبل منها كال يضجر فتصدؽ ُب سنة ُٖٖىػ‬
‫بستمائة من الطعاـ ُب مدة لطيفة ٍب كمل بقية العاـ األلف كتصدؽ من الذىب بنحو أربعة آالؼ‬
‫ديناران ذىبان كمن الثياب السواد كاألبيض ٔبملة مستكثرة‪ ،‬ككاف إذا غبل الطعاـ تصدؽ بو كإذا رخص‬
‫تصدؽ ابلذىب‪ ،‬كدل يزؿ على طريقتو ا‪٤‬بررية من اإلحساف مع الفقراء‪ ،‬كالعدؿ ُب األثرايء‪ ،‬حٌب أنو‬
‫قنع من رعية كادم زبيد ككادم رمع بعشر ما ٰبصل منو من الطعاـ كغّبه‪ ،‬كىذا شيء دل يفعلو سواه‬
‫ككاف قد نزؿ ىذا لرعية ا‪١‬باح الشامي كذؤاؿ‪ ،‬ككتب ‪٥‬بم بذلك كما كتب ألىل زبيد‪."5‬‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.312‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.124‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.132‬‬
‫‪ 2‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.055‬‬
‫‪ 3‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.055‬‬
‫‪332‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫رابعاً‪ :‬اىتمامو ابأليتام واألرامل وكفالتهم شهرايً بنفقة جتري عليهم‪:‬‬


‫"ككاف ر‪ٞ‬بو هللا يؤثر فعل ا‪٣‬بّبات ككثرة ا‪٤‬بربات‪ ،‬ككانت نفقات اليتامى كاألرامل كا‪٤‬بنقطعْب ٗبدينة زبيد‬
‫جارية من بيت ا‪٤‬باؿ مدة حياتو‪ُ ،‬ب عْب كل شهر ٗبا يكفيهم‪ ،‬فانقطع ذلك ٗبوتو‪ ،‬أكرـ هللا مثواه‬
‫كجعل جنة الفردكس مأكاه كصلي عليو ُب سائر مدائن ملكو‪ ،‬كعظمت ا‪٤‬بصيبة ٗبوتو كىبلكو أدخلو‬
‫هللا ُب ر‪ٞ‬بتو الواسعة كغفر لو ميفرة ‪٣‬بّب الدارين جامعة‪.1‬‬
‫كقاؿ عنو العبلمة ا‪٤‬بؤرخ دمحم بن أيب بكر الشلي ا‪٢‬بضرمي ُب ذكر عطفو على الفقراء كاأليتاـ كاألرامل‪:‬‬
‫"ككاف ينفق على األرامل كا‪٤‬بنقطعْب ٗبا يكفيهمِ"‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬اىتمامو ابلزراعة والري وحفظ ادلياه‪:‬‬
‫من أركع ما ٲبكن أف ييذكر من سّبة ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر ر‪ٞ‬بو هللا ىو اىتمامو ابلزراعة كالرم‬
‫ككل ما يتعلق هبما‪ ،‬ككاف اىتمامو ىذا ىو اللبنة األكذل الٍب أسسها ا‪٤‬بلك اجملاىد ‪٤‬بن بعده من ا‪٤‬بلوؾ‬
‫من األسرة الطاىرية‪ ،‬كالذين اىتموا كثّبان ٗبا يساعد على النهضة الزراعية كتنمية الثركة الزراعية كا‪٢‬بفاظ‬
‫على ا‪٤‬بياه‪ ،‬فزرعوا كاىتموا ابحملاصيل الزراعية كساعدكا كذلك ا‪٤‬بزارعْب ُب غرس األشجار كالفواكو‬
‫كا‪٤‬بنتجات الزراعية‪ ،‬كقاموا إبسقاط ككرع ا‪٤‬بكوس الٍب كانت قائمة كىي ما يعرؼ اليوـ ابلضرائب‪،‬‬
‫كذلك لتشجيع ا‪٤‬بزارعْب على الزراعة كاإلنتاج‪.‬‬
‫ك‪٩‬با اىتم بو ا‪٤‬بلك اجملاىد كذلك إقامة كبناء السدكد كالصهاريج ‪٢‬بفظ ا‪٤‬بياه كاإلستفادة منها ُب الرم‪،‬‬
‫ككذلك شق القنوات ا‪٤‬بائية‪ ،‬كمن جهوده ُب حفظ ا‪٤‬بياه حٌب يستفاد منها ُب الشرب كالرم كالزراعة‬
‫عمر هبا صهرٯبان ٔبوار ا‪٤‬بسجدّ"‪.‬‬
‫كال تذىب ىدران ُب عدف أنو ٌ‬
‫كيكفي أف نعرؼ جهود ا‪٤‬بلك اجملاىد ُب أحياء األرض كزراعتها كغرسها ُب كل أ‪٫‬باء اليمن من‬
‫خبلؿ ما ذكره العبلمة ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم من بعض أعمالو مثل إصبلح قنوات الرم‬
‫ُب زبيد كاىتمامو بيرس النخل األشجار ُب كل أ‪٫‬باء اليمن‪ ،‬يقوؿ ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل ُب‬
‫ذلك‪" :‬ك‪٤‬با استقر ملكو على مدينة زبيد‪ ،‬ككاف اجملرل الذم يدخلها من الناحية الشرقية قد انقطع‬
‫كاندرست آاثره من مدة قدٲبة‪ ،‬فشرع ُب عمارتو كإصبلحو‪ ،‬كعاد كما كاف فيرس فيو النخل كغّبه‪ٍ ،‬ب‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.132‬‬
‫ٔ‬ ‫ٍ‬
‫‪ 0‬اًس يا اًحاُص تخمكَي اًيوز اًسافص‪ ،‬اًـالمة دمحم جن ٔبيب جىص اًضًل‪ ،‬حتلِق إجصاُمي امللحفي‪ ،‬مىذحة الٕزصاذ ظيـاء ا مين‪ ،‬اًعحـة الوىل‬
‫‪0222‬م‪ ،‬ض‪.140‬‬
‫‪ 1‬املسازش الٕسالمِة يف اٍمين‪ ،‬إسٌلؾَي جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ض‪.106‬‬
‫‪333‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫غرس سائر النخل ا‪٤‬بوجود بداخل زبيد كخارجها‪ٍ ،‬ب غرس النخل بوادم زبيد‪ٍ ،‬ب ابلصحارم‬
‫كابألكشج‪ٍ ،‬ب بواحجة‪ ،‬فعمل من ذلك ما يتحصل منو أمواالن ‪ٝ‬بة ٍب غرس بوادم ‪٢‬بج كحائط عدف‪،‬‬
‫كغرس من قصب السكر كحضائر العنب شيئان كثّبان كأحيا بتعز كحواليها ‪ٝ‬بلة بساتْب‪ ،‬كا‪٢‬باصل انو‬
‫أحيا الببلد بعد موهتا‪.1‬‬
‫كذكر العبلمة الشلي ا‪٢‬بضرمي جهود ا‪٤‬بلك اجملاىد ُب ‪٦‬باؿ الزراعة فقاؿ‪" :‬كأنشأ سبيبلن للمسلمْب‬
‫كىو الذم غرس النخل كقصب السكر ُب كادم زبيد كغّبىا ككذا األرزِ"‪.‬‬
‫كلك أف تتخيل أم عبقرية كتنظيم كفكر إقتصادم كاسع جعل ا‪٤‬بلك اجملاىد ينظر كيفكر كٱبطط‬
‫لتحقيق اإلكتفاء الذاٌب من اليذاء‪ ،‬حٌب يزرع كييرس كيستصلح ‪ٝ‬بيع ىذه األراري الزراعية ُب كل‬
‫مكاف‪ ،‬فاستصلح كغرس الودايف كاألراري الشاسعة ُب هتامة كأبْب ك‪٢‬بج كعدف كتعز‪ ،‬كدل يكتفي‬
‫بذلك بل كصل إذل استصبلح كغرس الصحراء‪ ،‬كٰبقق أيضان إ‪٪‬بازان بتنويع ىذه ا‪٤‬بزركعات لتتنوع‬
‫ا‪٤‬بنتوجات الزراعية من التمر كالعنب كالسكر كاألرز‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬مآثر وأعمال كثرية يف شؤون احلكم واإلدارة‪:‬‬
‫كأٮبها دفعو كقتالو للمفسدين‪ ،‬كعفوه عن ا‪٣‬بارجْب عليو‪ ،‬كقبولو شفاعة العلماء عن ا‪٤‬بطلوبْب كمن‬
‫ذلك قبوؿ شفاعة العبلمة مشس ا‪٤‬بقرمء ُب إطبلؽ سراح الشيخ دمحم بن يوسف شيخ ا‪٤‬بعازبة من‬
‫القيد‪ ،3‬كقبولو شفاعة العلماء عندما طلب أ‪ٞ‬بد بن الييث األماف‪ ،‬كاستشفع ابلعلماء كالصا‪٢‬بْب‬
‫فقبلو كعفا عنو‪.4‬‬
‫سابعاً‪ :‬تعيني اإلكفاء واألمناء للوظائف العامة‪ :‬كمن اىتمامو بشؤكف ا‪٢‬بكم تعيينو الوالة الصا‪٢‬بْب‬
‫من العلماء كالقضاة كالفقهاء‪ ،‬كمن ذلك توليتو القاري شرؼ الدين إ‪٠‬باعيل بن دمحم األ‪ٞ‬بر أمور‬
‫الرعية بزبيد‪ ،5‬كجعلو مستوفيان لؤلمواؿ الديوانية ُب زبيد‪ ،6‬كمن القضاة الذين تولوا الوالايت ُب عهد‬
‫ا‪٤‬بلك اجملاىد القاري عفيف الدين عبدالصمد بن إ‪٠‬باعيل بن عمر ا‪٣‬بلٌي ا‪٤‬بسلي‪ ،‬فقد عينو ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد على عدف اظران عليها كككيبلن لو فيها كابشر القاري عفيف الدين كالية عدف مدة طويلة‬

‫‪ 1‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪ ،52/1 ،‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل‪ ،‬ض‪.055‬‬
‫‪ 0‬اًس يا اًحاُص تخمكَي اًيوز اًسافص‪ ،‬اًـالمة دمحم جن ٔبيب جىص اًضًل‪ ،‬ض‪.140‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.112‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.127‬‬
‫‪ 3‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.120‬‬
‫‪ 4‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.041‬‬
‫‪334‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫فحسنت سّبتو كشكرت طريقتو‪ ... ،‬كأكؿ كاليتو لعدف ُب سنة ّٕٖىػ‪ ،‬كدل يزؿ على الوالية إذل أف‬
‫توُب‪.1‬‬
‫ككذلك تعيينو الفقيو عبدهللا بن إ‪٠‬باعيل احملاليب استيفاء األمواؿ الديوانية للملك اجملاىد ُب الدكلة‪،‬‬
‫ككاف على يده كذلك تسفّب ا‪٤‬براكب كحساب الفوة‪ ،2‬كغّب ذلك كما ذكر العبلمة الذؤارل‪.3‬‬
‫كمن تعيينو للوالة الصا‪٢‬بْب تعيينو الفقيو سعد بن علي الناشرم ائبان لؤلحكاـ الشرعية‪.4‬‬
‫كمن توليتو للفقهاء كا‪٤‬بوظفْب الصا‪٢‬بْب تعيينو الفقيو عفيف الدين عبد اللطيف بن أ‪ٞ‬بد ا‪١‬ببِب‪ ،‬كالية‬
‫القضاء بدمت كصباح كرداع كما كاذل ذلك‪ ،‬كدل يزؿ على ا‪٢‬باؿ ا‪٤‬برري إذل أف توُب سنة ّٖٖىػٓ‪.‬‬
‫كمن توليتو للقضاة تولية القاري ‪ٝ‬باؿ الدين دمحم بن أ‪ٞ‬بد الشويهي النظر ُب أمر بعداف بعد االستيبلء‬
‫عليها كانقضاء ‪٩‬بلكة بعداف كالٍب كانت بيد السّبم‪.6‬‬
‫كتوليتو القاري العبلمة كجيو الدين عبدالر‪ٞ‬بن بن عبدالعليم ا‪٤‬بخادرم قضاء عدف‪ٍ ،‬ب كذل بعد كفاتو‬
‫قضاء عدف القاري الفقيو ‪ٝ‬باؿ الدين دمحم بن حسْب القماط‪.7‬‬
‫كتوليتو للقاري اتج الدين عبدالوىاب بن عبدالر‪ٞ‬بن الربيهي صاحب كتاب طبقات صلحاء اليمن‬
‫قضاء إب‪ ،‬ككاف ىذا القاري رجبلن فاربلن مباركان‪.8‬‬
‫كيكفي ما ذكر ا كبينا ىنا من التعيينات لؤلمراء كا‪٤‬بوظفْب كالقضاة اإلكفاء‪ ،‬كقد فصلنا ذلك كبيناه ُب‬
‫كتابنا النهضة ا‪٢‬بضارية ُب عهد الدكلة الطاىرية‪.9‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.052‬‬
‫‪ 0‬اًفوت‪ :‬ؾصوق ذكاق ظوال محص ًعحف هبا وًساوى‪ ،‬حاص َة ؾحسهللا اذلخيش ؿىل تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪.‬‬
‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.035‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.132‬‬
‫‪ 3‬ظحلاث اًعَحاء‪ ،‬اًربُّييي‪.151/1 ،‬‬
‫‪ 4‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.053‬‬
‫‪ 5‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.131‬‬
‫‪ 6‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.037‬‬
‫ٔ‬
‫‪ 7‬سُمت إن صاءهللا ثـاىل ظحاؿة ُشا اًىذاة اٍهنضة اذلضازًة يف ؾِس ادلوةل اًعاُصًة‪ ،‬وبتني فَِ جمالث اٍهنضة اذلضازًة يف ؾِس ادلوةل‬
‫اًعاُصًة يف جمال هؼام اذلُك والٕذازت واٍهنضة الٕكذعاذًة واملمتثةل تعم اًيلوذ وثحاذًِاو حصنة اًخجازت ادلوًَة ومِياء ؿسن‪ ،‬واٍهنضة اًـَمَة‬
‫وادلِوذ اًـَمَة ًحين ظاُص اًـَمَة وتياء املسازش‪ ،‬واٍهنضة اًـمصاهَة‪ ،‬وكريُا من جمالث اٍهنضة اذلضازًة يف ركل اًـرص املرشق‪.‬‬
‫‪335‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الرابع‬
‫تقريبو للعلماء وحبو للعلم وجهوده العلمية‬

‫كاف للملك اجملاىد علي بن طاىر كثّب من ا‪١‬بهود العلمية ساٮبت ُب ‪٦‬باؿ النهضة العلمية ُب عصر‬
‫الدكلة الطاىرية‪ ،‬كمن أٮبها اإلنفاؽ ا‪٤‬بنتظم سنواين كشهراين على العلماء كطلبة العلم‪ ،‬كبناء ا‪٤‬بدارس‬
‫العلمية اإلسبلمية‪ ،‬كترتيب ما يلزـ ‪٥‬با من األكقاؼ‪ ،‬كاىتمامو كتقريبو للعلماء‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬إنفاقو سنوايً على العلماء والفقهاء وطلبة العلم‪:‬‬
‫كاف ا‪٤‬بلك اجملاىد ينفق على العلماء كطلبة العلم‪ ،‬كيساعدىم على طلب العلم بتيسّب األمواؿ حٌب‬
‫يتمكنوا من طلب العلم كييدؽ عليهم األمواؿ‪ ،‬بل إنو جعل ميزانية سنوية ‪٨‬بصصة للعلماء كالفقهاء‬
‫كطلبة العلم‪ ،‬تيطي احتياجاهتم ككفايتهم ُب كل عاـ من مسكن كطعاـ كملبس كغّبىا من احتياجات‬
‫العلماء كالفقهاء كطلبة العلم‪.‬‬
‫فيذكر ا‪٤‬بؤرخ ا‪٤‬بعاصر للملك اجملاىد العبلمة كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم ر‪ٞ‬بو هللا‪ُ ،‬ب سّبة ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد كعنايتو ابلعلم كالعلماء فيقوؿ‪" :‬ككاف كثّب الصدقة يتصدؽ ُب كل سنة ٔبملة من الذىب‬
‫كٔبملة من الطعاـ‪ُ ،‬ب زبيد كتعز كعدف كا‪٤‬بقرانة كجنب ما يقوـ بكفاية ‪ٝ‬باعة من الفقهاء كالطلبة مرتبان‬
‫‪٥‬بم طعامان ٰبمل إذل بيوهتم كيكسوىم كيتفضل عليهم‪ ،‬كىذا دأبو كعادتو ُب الببلد كلها"‪ ،‬كالتاريخ‬
‫مليء بذكر سّبتو كقصصو كحكاايتو ُب التصدؽ كفعلو للخّب للفقراء كا‪٤‬بساكْبُ"‪.‬‬
‫كدل تقتصر صدقات ا‪٤‬بلك اجملاىد على ا‪٤‬بيزانية السنوية الٍب تيطي احتياجات العلماء كالفقهاء كطلبة‬
‫العلم من ‪ٝ‬بيع احتياجاهتم‪ ،‬بل كاف ينفق على العلماء كطلبة العلم حٌب ُب خارج حدكد سلطنتو‬
‫كدكلتو‪ ،‬فكاف يرسل النفقات كل عاـ إذل مكة ا‪٤‬بشرفة لتوزع على احملتاجْب من طلبة العلم كالعلماء‬
‫ىناؾ‪ ،‬فكاف يرسل ألف دينار ذىب أشرُب إذل يد الفقيو ابن عفيف لينفقها ُب مكة‪ ،‬ككاف عا‪٤‬بان‬
‫مقيمان ُب مكة للتدريسِ‪.‬‬
‫‪٩‬بن كاف يواسيهم كينفق عليهم ا‪٤‬بلك اجملاىد من العلماء الفقيو مشس الدين علي بن دمحم بن مهدم‬
‫بن سبا ا‪٤‬برشى بلدان كىي قرية ٔببل بعداف قرأ ابلقراءات على ا‪٤‬بقرلء مشس الدين الشرعيب كشارؾ‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس جن ٔبمحس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.055‬‬
‫‪ 0‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.113/1 ،52/1 ،‬‬
‫‪336‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫بسائر علم الفقو كا‪٢‬بديث كأريف إليو من األسباب ٗبدينة تعز إمامة الظاىرية كالشمسية ككاف معو‬
‫كتب نفيسة حصلها كربطها أحسن ربط‪ٍ ،‬ب إف ا‪٤‬بقرلء مشس الدين سافر إذل مكة ا‪٤‬بشرفة فحج‬
‫كزار قرب النيب صلى هللا عليو كسلم فوافق ا‪٤‬بقاـ ا‪٤‬بلك مشس الدين علي بن طاىر اب‪٤‬بدينة ا‪٤‬بشرفة فقاـ‬
‫بكفايتو كجعلو من أصحابو‪ ،‬فرجعا إذل اليمن بعد إقامتهما ‪ٝ‬بيعا اب‪٤‬بدينة الشريفة قدر ثبلث سنْب‪،‬‬
‫فكاف ا‪٤‬بقاـ مشس الدين علي بن طاىر ٰبسن إليو كيواسيو ٗبا ٰبتاجو ُب مدينة تعز‪ ،‬إذل أف توُب هبا‬
‫بشهر رجب سنة ٖٗٔىػ كدفن ابألجيناد‪.1‬‬
‫ك‪٤‬با استلم ا‪٤‬بلك اجملاىد ا‪٢‬بكم كاستلم زبيد‪ ،‬قرر الفقهاء ُب األكقاؼ كقرر للفقيو عمر بن دمحم بن‬
‫معيبد السراج أبو حفص األشعرم الزبيدم اليماين الشافعي‪ ،‬بعد أف قدـ عليو فأكرمو كرتب لو ُب‬
‫الوقف ما يكفيو كعيالوِ‪.‬‬
‫ككاف يقضي عن العلماء ديوهنم كمنهم اإلماـ الشيخ العبلمة أبو إسحاؽ إبراىيم بن نظاـ بن منصور‬
‫الشّبازم‪ ،‬فقد سئل عن سبب دخولو اليمن فذكر أنو لزمو دين ‪٫‬بو ثبل‪ٜ‬بئة أشرُب ذىب كعجز عن‬
‫قضائو كىو يطلب قضاء دينو فحصل لو من سلطاف الوقت أمّب ا‪٤‬بؤمنْب علي بن طاىر كمن أىل‬
‫األماكن الٍب دخلها ما يقوـ بقضائها سنةّٕٖىػ‪.3‬‬
‫اثنياً‪ :‬اىتمامو ابلعلم والعلماء ومواساهتم وزايرهتم وتشييعهم‪:‬‬
‫كاف ا‪٤‬بلك اجملاىد ر‪ٞ‬بو هللا ‪٧‬ببان للعلم كالعلماء كما ىو كارح من سّبتو‪ ،‬فكاف مقرابن للعلماء كالفقهاء‬
‫كمصاحبان ‪٥‬بم‪ ،‬كأيسف على من مات منهم ألنو يدرؾ أٮبية أىل العلم‪ ،‬كيذكر ا‪٤‬بؤرخْب أنو شهد‬
‫تشييع كثّب من العلماء‪ ،‬فيذكر العبلمة السخاكم كالعبلمة الربيهي أنو شهد تشييع جنازة الشيخ الورل‬
‫الصاحل شهاب الدين أ‪ٞ‬بد بن دمحم بن أفلح كانت لو عبادة كزىادة كدأبو اإلعتكاؼ ُب ا‪٤‬بساجد‬
‫كالصبلة كالتبلكة لكتاب هللا تعاذل كالذكر‪ ،‬كتوُب سنة َٖٔىػ‪ ،‬فشيعو معظم أىل زبيد كتزا‪ٞ‬بوا على‬
‫‪ٞ‬بل جنازتو ككاف ‪٩‬بن ‪ٞ‬بلها خليفة الوقت ا‪٤‬بقاـ مشس الدين علي بن طاىرْ‪.‬‬

‫‪ 1‬ظحلاث ظَحاء اٍمين املـصوف تخازخي اًربُّييي‪ ،‬ؾحس اًوُاة جن ؾحس اًصمحن اًربُّييي‪ ،‬ؾحس هللا دمحم اذلخيش‪ ،‬مىذحة الازصاذ ظحـة‬
‫‪1772‬م‪.017/1 ،‬‬
‫‪ 0‬اًحسز اًعاًؽ‪ ،‬اًضواكين‪ ،311/1 ،‬ضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.002/1 ،‬‬
‫‪ 1‬ظحلاث اًعَحاء املسمى اتزخي اًربُّييي‪ ،‬اًربُّييي‪ ،130/1 ،‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.011/3 ،‬‬
‫‪ 2‬ظحلاث ظَحاء اٍمين املـصوف تخازخي اًربُّييي‪ ،‬ؾحس اًوُاة جن ؾحس اًصمحن اًربُّييي‪ ،‬ؾحس هللا دمحم اذلخيش‪ ،‬مىذحة الازصاذ ظحـة‬
‫‪1772‬م‪ ،112/1 ،‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.131/1 ،‬‬
‫‪337‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كما شهد تشييع جنازة اإلماـ العبلمة ‪ٝ‬باؿ الدين دمحم الطيب بن أ‪ٞ‬بد الناشرم ر‪ٞ‬بو ُب سنة‬
‫كعزل اجملاىد أىلوُ‪.‬‬
‫ُٖٖىػ‪ ،‬فحضر القراءة عليو ٌ‬
‫ككاف يتفقد العلماء كالفقهاء عند مررهم‪ ،‬فقد زار الفقيو العبلمة دمحم ا‪١‬بماؿ أبو عبد هللا الشافعي ُب‬
‫مررو‪ ،‬ككاف لو عند علي بن طاىر حرمة عظيمة‪ٕ ،‬بيث عاده ُب مررو كمعو القاري الشمس يوسف‬
‫ابن يونس ا‪١‬ببائي التعزمِ‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬حضوره رلالس العلم والعلماء‪:‬‬
‫كما أف ا‪٤‬بلك اجملاىد كاف ‪٧‬ببان للعلم فكاف ٰبضر ‪٦‬بالس العلم‪ ،‬فكاف استماعو للحديث طوؿ مكثو‬
‫مر معنا أف‬
‫ُب زبيد‪ ،‬كُب بلده ا‪٤‬بقرانة ككذلك استماعو للقرآف كحفظو لو‪ ،‬كال عجب ُب ذلك إذ قد ٌ‬
‫ا‪٤‬بلك اجملاىد كاف حافظان لكتاب هللا كعا‪٤‬بان ‪٧‬ببان للعلم‪ ،‬كلكن شيلو عن ذلك شؤكف ا‪٢‬بكم‪.‬‬
‫كيذكر العبلمة ا‪٤‬بؤرخ دمحم بن أيب الشلي حضور ا‪٤‬بلك اجملاىد ‪٦‬بالس العلم كاىتمامو بسماع العلوـ‬
‫ا‪٤‬بختلفة فيقوؿ‪" :‬ككاف كثّب التبلكة‪ ،‬ككاف ٰبفظ القرآف عن ظهر قلب‪ ،‬كمع ذلك ال يقرأ إال‬
‫اب‪٤‬بصحف‪ ،‬ككاف ٰبضر ‪٦‬بلس ا‪٢‬بديث اب‪١‬بامع‪ ،‬ك‪٠‬بع ‪ٝ‬باعة كثّبين‪ ،‬ككاف غالب أكقاتو ُب قراءة‬
‫التفسّب كا‪٢‬بديثّ"‪.‬‬
‫فقد ذكر العبلمة السخاكم أف الفقيو شرؼ بن عبد هللا بن ‪٧‬بمود الشّبازم القاري الشيفكي‬
‫الشافعي‪٩ ،‬بن قدـ زبيد لئلقراء كالتعليم‪ ،‬كحصلوا لو كتبان جليلة فأقبل عليو ا‪٤‬بلك علي بن طاىر ٍب‬
‫رجع إذل ببلده‪.4‬‬
‫رابعاً‪ :‬بناءه للمدارس العلمية وترتيب ما يلزم من األوقاف للنفقات التعليمية‪:‬‬
‫‪٩‬با يدؿ على اىتماـ ا‪٤‬بلك اجملاىد ابلعلم كالعلماء انشائو عدة مدارس علمية إسبلمية ُب اليمن‪ ،‬فقد‬
‫أكرد العبلمة ا‪٤‬بؤرخ ابن الديبع أنو بُب مدارس عظيمة‪ ،‬يقوؿ ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬كمن مآثرة الدينية‬
‫مدرسة عظيمة ٗبدينة تعز حرسها هللا تعاذل‪ ،‬كا‪٤‬بدرسة اجملاىدية ُب مدينة جنب‪ ،‬الٍب بناىا كأنشأىا‬
‫ا‪٤‬بلك اجملاىد مشس الدين علي بن طاىر بن معورة‪ ،‬كقد ذكرىا العبلمة ابن الديبع ُب اترٱبو‪.5‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.122‬‬


‫‪ 0‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.105/1 ،‬‬
‫ٔ‬
‫‪ 1‬اًس يا اًحاُص تخمكَي اًيوز اًسافص‪ ،‬اًـالمة دمحم جن بيب جىص اًضًل‪ ،‬ض‪.140‬‬
‫‪ 2‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.151/0 ،‬‬
‫‪ 3‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.132‬‬
‫‪338‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ك‪٩‬بن ذكر ىذه ا‪٤‬بدارس العلمية العبلمة ا‪٤‬بؤرخ السخاكم ُب كتابو الضوء البلمع‪ ،‬فقاؿ‪" :‬أنشأ مدرسة‬
‫بتعز كأخرل ببلده‪ ،‬كييقاؿ إنو كقف ‪ٝ‬بيع ما ُب ملكو من عقار على ا‪٤‬بسلمْب كجعل النظر ُب ذلك‬
‫للمتورل من أكالد أخيوُ"‪.‬‬
‫كيذكر ا‪٤‬بؤرخ الربيهي أنو ‪٩‬بن قاـ ابلتدريس اب‪٤‬بدرسة اجملاىدية ُب جنب العبلمة إبراىيم بن علي بن دمحم‬
‫ا‪٢‬برازم‪ ،‬عادل ‪٧‬بقق ُب القراءات السبع كالنحو كفد إذل جنب‪ ،‬فدرس هبا علم النحو كالقراءات‪ٍ ،‬ب رتب‬
‫مدرسان ٗبدرسة جنب‪.2‬‬
‫ك‪٩‬بن ذكر ىذه ا‪٤‬بنجزات العلمية العظيمة للملك اجملاىد‪ ،‬العبلمة ا‪٤‬بؤرخ الشلي فيقوؿ‪" :‬كبُب مدرسة‬
‫كجامعان ٗبدينة جنب كٗبدينة تعز كجدد مدارس عدفّ"‪.‬‬
‫كأيضان ذكر تلك ا‪٤‬بدارس العلمية ا‪٤‬بؤرخ ٰبي بن ا‪٢‬بسْب فذكر أف من مآثر ا‪٤‬بلك اجملاىد مدرسة ُب تعز‬
‫كأخرل ُب ىحٍيس‪.4‬‬
‫كذكر ىذه ا‪٤‬بنجزات أيضان القاري إ‪٠‬باعيل بن علي األكوع فقاؿ‪" :‬من مآثره جامع جنب ما يزاؿ‬
‫عامران كمدرسة ٗبدينة تعز‪ ،‬كقاـ بتجديد جامع بيت الفقيو ابن عجيل‪ ،‬ككقف عليو ماالن‪ ،‬ك٘بديد‬
‫كعمر هبا صهرٯبان ٔبوار ا‪٤‬بسجدٓ"‪.‬‬
‫مسجد الدرسة بعدف‪ٌ ،‬‬
‫كبذلك نستطيع من خبلؿ ا‪٤‬بصادر التارٱبية أف نرصد أربعة مدارس علمية بناىا ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن‬
‫طاىر‪ ،‬كىي مدرسة ٔبنب كتعز كحيس كعدف‪ ،‬كأكقف مع بناء ىذه ا‪٤‬بدارس ما يلزـ من األكقاؼ‪،‬‬
‫لتكوف رافدان كمصدران ماليان يعتمد عليو للنفقات البلزمة لتسيّب ىذه ا‪٤‬بدارس العلمية كاستمرار حركة‬
‫التعليم من نفقات للعلماء كا‪٤‬بعلمْب كطلبة العلم كما ٰبتاجونو من اليذاء كا‪٤‬بلبس كغّبىا من‬
‫ا‪٤‬بصاريف‪ ،‬ككذلك كاف يتبع تلك ا‪٤‬بدارس العلمية مسجدان كقاعات التدريس كمساكن للطلبةٔ‪.‬‬

‫‪ 1‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.52/1 ،‬‬


‫‪ 0‬ظحلاث ظَحاء اٍمين‪ ،‬ؾحساًوُاة اًربُّييي‪ ،152/1 ،‬املسازش الٕسالمِة يف اٍمين‪ ،‬إسٌلؾَي جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ض‪.106‬‬
‫‪ 1‬اًس يا اًحاُص تخمكَي اًيوز اًسافص‪ ،‬اًـالمة دمحم جن ٔبيب جىص اًضًل‪ ،‬حتلِق إجصاُمي امللحفي‪ ،‬مىذحة الٕزصاذ ظيـاء اٍمين‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل‬
‫‪0222‬م‪ ،‬ض‪.140‬‬
‫‪ 2‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.412‬‬
‫ٔ‬
‫‪ 3‬املسازش الٕسالمِة يف اٍمين‪ ،‬إسٌلؾَي جن ؿًل الهوع‪ ،‬ض‪.104‬‬
‫‪ 4‬املسازش الٕسالمِة يف اٍمين‪ ،‬إسٌلؾَي جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ض‪.106‬‬
‫‪339‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كيكفي أف نعلم من عظيم نفس ىذا ا‪٤‬بلك اجملاىد‪ ،‬ككرـ طبعو كرقي تفكّبه‪ ،‬أنو أكقف ‪ٝ‬بيع ما ٲبلك‬
‫من عقار‪ 1‬كغّبه ‪٥‬بذه ا‪٤‬بدارس العلمية كالعلماء كطلبة العلم‪ ،‬ليكوف مؤسس النهضة ا‪٢‬بضارية ُب عهد‬
‫الدكلة الطاىرية كُب القرف التاسع ا‪٥‬بجرمِ‪ ،‬كاب‪١‬بملة فإف مآثره كثّبة ال ‪ٙ‬بصى ر‪ٞ‬بو هللا تعاذل‪.3‬‬

‫‪ 1‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪ ،52/1 ،‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اذلؤايل‪ ،‬ض‪ ،055‬املسازش الٕسالمِة‪ ،‬الٔهوع‪.105 ،‬‬
‫‪ٕ ً 0‬السزتاذت زاحؽ نخايب اٍهنضة اذلضازًة يف ؾِس ادلوةل اًعاُصًة‪ ،‬واذلي سُمت ظحاؾخَ إن صاءهللا ثـاىل يف ٔبكصة وكت‪ ،‬و ٔبتني فَِ جمالث‬
‫اٍهنضة اذلضازًة يف ؾِس ادلوةل اًعاُصًة يف جمال هؼام اذلُك والٕذازت واٍهنضة الٕكذعاذًة واملمتثةل تعم اًيلوذ وثحاذًِا وحصنة اًخجازت ادلوًَة‬
‫ومِياء ؿسن‪ ،‬واٍهنضة اًـَمَة وادلِوذ اًـَمَة ًحين ظاُص وتياء املسازش‪ ،‬واٍهنضة اًـمصاهَة‪ ،‬هحياء اًسسوذ وا ٔلحواط املائَة واًعِازجي‬
‫واًلعوز وذوز اًضَافة‪ ،‬وكريُا من جمالث اٍهنضة اذلضازًة يف ركل اًـرص املرشق‪.‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.132‬‬
‫‪341‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل اخلامس‬
‫العالقات اخلارجية يف عهد الدولة الطاىرية‬

‫إىتم ملوؾ بِب طاىر بتوطيد العبلقات مع الدكؿ كاإلمارت الٍب حو‪٥‬بم‪ ،‬كألف الدكلة الطاىرية كانت‬
‫ُب بداية أتسيسها‪ ،‬فقد أخذت اإلصبلحات الداخلية كالقضاء على التمردات السياسية كالقبلية‬
‫كتنظيم إدارة الدكلة أكثر كقت ملوؾ بِب طاىر‪٩ ،‬با شيلهم عن اإللتفات الكلي للسياسات ا‪٣‬بارجية‬
‫مع الدكؿ اجملاكرة كبناء عبلقات مع الدكؿ األخرل‪ ،‬إال أف ذلك دل ٲبنع الدكلة الطاىرية من اإلتصاؿ‬
‫ابلدكؿ اجملاكرة حسب ا‪٢‬باجة‪ ،‬كخاصة دكؿ ا‪١‬بزيرة العربية ُب ذلك الوقت‪ ،‬ك‪٩‬بلكة عدؿ اإلسبلمية ُب‬
‫ا‪٢‬ببشة‪ ،‬لذلك سنبْب طبيعة العبلقات للدكلة الطاىرية مع ىذه الدكؿ‪ُ ،‬ب ثبلثة مباحث كالتارل‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬العالقات بني الدولة الطاىرية وشللكة عدل اإلسالمية يف احلبشة‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬عالقة الدولة الطاىرية مع الشريف بركات أمري مكة‬
‫ادلبحث الثالث‪ :‬عالقة الدولة الطاىرية مع صاحب جازان‬

‫‪341‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫العالقات بني الدولة الطاىرية وشللكة عدل اإلسالمية يف احلبشة‬

‫أوالً‪ :‬بداية اإلسالم يف احلبشة‪ :‬كاف القائمْب على ا‪٢‬بكم ُب ا‪٢‬ببشة من النصارل ا‪٤‬بتعصبْب‪ ،‬كالذين‬
‫كانوا ٰبقدكف على اإلسبلـ كا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬فكاف ا‪٤‬بسلمْب ُب ا‪٢‬ببشة مضطهدين كُب حالة إستضعاؼ‬
‫كقمع من قبل النصارل ا‪٤‬بتعصبْب‪.‬‬
‫كمتجذرا ُب عداكة العادل اإلسبلمي‪ ،‬على‬
‫ن‬ ‫كبّبا‬
‫٘بسيدا حقيقيًّا كاترٱبنا ن‬
‫ن‬ ‫كانت ا‪٢‬ببشة أك أثيوبياُ ‪ٛ‬بثل‬
‫الرغم من كوهنا ا‪٤‬بركز الثاين ُب األرض الذم كصلت إليو دعوة اإلسبلـ‪ ،‬عندما ىاجر إليها عدد من‬
‫الصحابة ا‪٥‬بجرتْب األكذل كالثانية‪ُ ،‬ب شهر رجب من العاـ ا‪٣‬بامس للنبوة‪ ،‬حيث ىبطوا ُب مدينة‬
‫مصوع‪ ،‬كأحسن النجاشي استقبا‪٥‬بم كصدقهم‪ٍ ،‬ب آمن النجاشي ابإلسبلـ كاختلف مع بطارقتو‬
‫كقساكستو الذين أرمركا ا‪٢‬بقد كا‪٢‬بسد على ا‪٤‬بسلمْب كاإلسبلـ‪ ،‬كأصبح ىذا ا‪٢‬بقد كالبيضاء مّباث‬
‫الكنيسة ا‪٢‬ببشية الٍب ٰبرص القساكسة كالرىباف األحباش على نقلو كتوريثو من جيل إذل آخر‪،‬‬
‫انتصارا كفتحوا‬
‫ن‬ ‫كيتضخم عرب العصور كيزداد مع الزماف‪ ،‬كتشحنو األحداث‪ ،‬فكلما حقق ا‪٤‬بسلموف‬
‫بلدا‪ ،‬إزدادت عداكة األحباش كأتججت ار أحقادىم رد ا‪٤‬بسلمْبِ‪ّ.‬‬ ‫ن‬

‫‪ 1‬اذلخضة‪ :‬يه ما ًـصف اًَوم جبمِوزًة إزَوتَا الاحتاذًة ادلميوكصاظَة‪ ،‬وؿامصهتا ٔبذٌس ٔباباب وحيسُا من ادليوة واًرشق اًعومال‪ ،‬ومن‬
‫اًرشق حدَويت‪ ،‬ومن اًرشق واًضٌلل ٕازًرتاي‪ ،‬ومن اًضٌلل واًلصة اًسوذان‪ ،‬ومن ادليوة هًَِا‪ ،‬وؿسذ اًساكن ‪ 52‬مََون وسمة‪.‬‬
‫ازلاؿاث الٕزًِة‪ :‬ا ٔلوزومو (‪ ،)%22‬ا ٔلهمص واًخَجصاي (‪ ،)%10‬اًس َسامو (‪ ،)%7‬اًعوماًَون (‪ ،)%4‬اًضاىىِال (‪ ،)%4‬اًـفص‬
‫(‪ ،)%2‬بٓدصون (‪.)%1‬‬
‫ا ٔلذاين‪ :‬املسَمون (‪ ،)%43 - %33‬ا ٔلززورهس (‪ ،)%12 - %02‬مـخلساث ثلََسًة (‪ ،)%10‬بٓدصون (‪ٔ .)%6 - %1‬بهؼص‪ :‬ذًَي‬
‫ادلول الٕفصًلِة‪ .‬ذ‪ .‬دمحم ؿاصوز همسي‪ ،‬مـِس اًححوج وادلزاساث الٕفصًلِة‪ ،‬ظحـة ‪0225‬م‪.‬‬
‫‪0‬‬
‫مل ًًذ َِ اًلصن اًِجصي ا ٔلول حىت تىن املسَمون مسًية ُصز‪ ،‬واًيت كسث ً‬
‫مصنزا إسالمًِّا مس خل ًّال متا ًما ؾن اذلخضة‪ ،‬وػَت ُصز مس خلةل ؾن‬
‫سَعان ا ٔلهمصًة اذلخض َة حىت س ية ‪ُ1112‬ػ‪1674/‬م‪ ،‬وكامت ُصز تسوز ابزس يف ورش الٕسالم يف اًلصن الٕفصًلي ذاظة يف ٕازًرتاي اًيت‬
‫ٔبظححت إسالمِة ابًاكمي يف تساًة ارلالفة اًـحاس َة‪ ،‬ودضـت ٕازًرتاي ٌَزالفة اًـحاس َة و ُؾصفت ابمس إكَمي "ابضؽ"‪ ،‬وُاحص إٍهيا اًىثري من‬
‫املسَمني اًـصة‪.‬‬
‫وثبٔسست ممَىة إسالمِة ظلريت يف رشق إكَمي "صوا" ؾصفت ابمس اًسَعية اخملزومِة‪ ،‬وركل س ية ‪ُ061‬ػ؛ فاهدرش الٕسالم يف ٔبكاًمي‬
‫اذلخضة‪ ،‬وزذ ا ٔلحداص ؿىل ُشا املس الٕساليم ادلازف يف تالذمه ابلضعِاذ واًخيىِي واًخلذَي ملسَمي اذلخضة‪ ،‬ومن صست الٕضعِاذ‬
‫اسدٌجس مسَمو اذلخضة ابًسَعان ٔبمحس جن ظوًون يف اًلصن اًثاًر اًِجصي‪ ،‬ومن تـسٍ مبَوك املسَمني يف لك سمان‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬اذلخضة واًـامل‬
‫الٕساليم‪ ..‬ؿساوت كسمية‪ ،‬رشًف ؾحس اًـزٍز‪ ،‬ملاةل يف موكؽ كعة الٕسالم‪.‬‬
‫‪ 1‬اذلخضة واًـامل الٕساليم‪ ..‬ؿساوت كسمية‪ ،‬رشًف ؾحس اًـزٍز‪ ،‬موكؽ إًىرتوين كعة الٕسالم‪.‬‬
‫‪342‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كقد ىاجرت عدد من القبائل العربية كاستقرت ُب السهوؿ الساحلية احمليطة أبرض ا‪٢‬ببشة‪ ،‬كٗبضي‬
‫الوقت ‪ٙ‬بولت ا‪٤‬براكز اإلسبلمية إذل إمارات أك ‪٩‬بالك إسبلمية‪ ،‬أطلق عليها بعض ا‪٤‬بؤرخْب اسم‬
‫إمارات أك سلطنات الزيلع اإلسبلمية‪ ،‬كأطلق عليها ا‪٤‬بؤرخ ا‪٤‬بقريزم ‪٩‬بالك الطراز اإلسبلميُ‪.‬‬
‫كقد ‪ٙ‬بدث تقي الدين ا‪٤‬بقريزم ُب كتابو "اإل‪٤‬باـ ٗبن ُب ا‪٢‬ببشة من ملوؾ اإلسبلـ"‪ ،‬عن الدكيبلت‬
‫اإلسبلمية الٍب كانت ٘باكر ا‪٢‬ببشة كالٍب أطلق عليها ُب تلك األزماف الدكؿ أك السلطنات ا‪٢‬ببشية‬
‫ا‪٤‬بسلمة‪ ،‬فأرخ لقياـ دكلة سعد الدين ُب ىرر ك‪ٙ‬برشات ا‪٢‬ببشة هباِ‪.‬‬
‫ٍب أف النصارل قاموا ٗبحاربة ا‪٤‬بسلمْب فيذكر ا‪٤‬بؤرخ ابن تيرل بردل ُب أخبار سنة ِٕٖ ىػ‪ ،‬أنو كرد‬
‫على السلطاف ا‪٤‬بملوكي ٗبصر أف متملك ا‪٢‬ببشة كىو أبرـ‪ ،‬كيقاؿ إسحاؽ بن داكد بن سيف أرعد‪،‬‬
‫قد غضب بسبب غلق كنيسة القيامة ابلقدس‪ ،‬كقتل عامة من كاف ُب ببلده من رجاؿ ا‪٤‬بسلمْب‪،‬‬
‫كاسَبؽ نساءىم كأكالدىم كعذهبم عذااب شديدا‪ ،‬كىدـ ما ُب ‪٩‬بلكتو من ا‪٤‬بساجد‪ ،‬كركب إذل ببلد‬
‫جربت فقاتلهم حٌب ىزمهم‪ ،‬كقتل عامة من كاف هبا كسىب نساءىم‪ ،‬كىدـ مساجدىم‪ ،‬فكانت ُب‬
‫ا‪٤‬بسلمْب ملحمة عظيمة ُب ىذه السنة ال ٰبصى فيها من قتل من ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬فاشتاط السلطاف غضبا‬
‫كأراد قتل بطرؾ النصارل ك‪ٝ‬بيع من ُب ‪٩‬بلكتو من النصارل‪ ،‬كرجع عن ذلكّ‪.‬‬
‫دل يكتفي ملك ا‪٢‬ببشة إسحاؽ بن داكد ابرطهاد ا‪٤‬بسلمْب ُب ببلده كالتنكيل هبم‪ ،‬بل قاـ ٗبراسلة‬
‫م لوؾ الفرنج للتحالف معهم رد ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬كإعداد ‪ٞ‬بلة صليبية مشَبكة رد مصر‪ٕ ،‬بيث تقوـ‬
‫جيوش الفرنج ٗبها‪ٝ‬بتها من الشماؿ‪ ،‬كتتوذل جيوشو اإلطباؽ عليها من ا‪١‬بنوب‪ ،‬ك‪٤‬با كاف ىذا اإلتفاؽ‬
‫‪٦‬برد مشركع دل يدخل حيز التنفيذ‪ ،‬فقد تبُب ا‪٤‬بلك زرع يعقوب ىذه السياسة كتوسع ُب تنفيذىا‬
‫كعاكد مراسلة ملوؾ الفرنج‪ ،‬كخاصة ألفونسو ا‪٣‬بامس ملك أرغونة ا‪٤‬بشهور بتعصبو كعدائو للمسلمْب‪.‬‬

‫‪ 1‬اًسَوك يف مـصفة ذول املَوك‪ ،‬ثلي ادلٍن بٔمحس جن ؿًل امللصٍزي‪ ،‬هتشًة ادلنخوز زحة َلوذ خبَت‪ ،‬مىذحة حزٍصت اًوزذ اًلاُصت مرص‪،‬‬
‫اًعحـة ا ٔلوىل ‪0212‬م‪ ،‬الٕملام تبٔدداز من تبٔزط اذلخضة من مَوك الٕسالم‪ ،‬ثلي ادلٍن ٔبمحس جن ؿًل امللصٍزي‪ ،‬حتلِق ؾحساًيـمي ضَفي‪،‬‬
‫اًيارش املىذحة ا ٔلسُصًة ٌَرتاج اًلاُصت مرص‪ ،‬ظحـة ‪0224‬م‪.‬‬
‫‪ 0‬فرتت مرشكة ٌَجِاذ الٕساليم يف اذلخضة‪ ،‬فِمي دمحم صَخوث‪ ،‬جمةل اًححوج الٕسالمِة‪ ،‬اًصايط املمَىة اًـصتَة اًسـوذًة‪ ،‬جمةل ذوزًة ثعسز‬
‫ؾن اًصئاسة اًـامة لٕذازاث اًححوج اًـَمَة والٕفذاء وادلؾوت والٕزصاذ‪.032/11 ،‬‬
‫‪ 1‬اًيجوم اًزاُصت يف مَوك مرص واًلاُصت‪ً ،‬وسف جن ثلصي جصذي‪ ،‬هتشًة زحة َلوذ خبَت‪ ،‬اًيارش مىذحة حزٍصت اًوزذ ومىذحة الٕميان‬
‫اًلاُصت مرص‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪0227‬م‪.042/12 ،‬‬
‫‪343‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ك‪ٛ‬بادل زرع يعقوب ُب تعصبو كعدائو للمسلمْب‪ ،‬ككصلت ا‪٣‬ببار إذل مصر أنو قاـ عاـ ّٖٓىػ إبعداد‬
‫أسطوؿ رخم لئلغارة بو على ببلد ا‪٢‬بجاز كانتهاؾ حرمة ا‪٤‬بقدسات اإلسبلميةُ‪.‬‬
‫تلك الصورة البشعة كانت ‪ٛ‬بثل السمات ا‪٤‬بميزة ‪٤‬بوقف ا‪٢‬ببشة العدائي لئلسبلـ‪ ،‬فا‪٢‬بقائق التارٱبية أف‬
‫موجات ا‪١‬بهاد ا‪٤‬بتصلة لسبلطْب ا‪٤‬بسلمْب ُب ىذه ا‪٤‬بنطقة إ٭با كانت بقصد الدفاع عن أررهم‬
‫كقيمهم اإلسبلمية كعقيدهتم الٍب كاف ييار عليها ُب الفينة بعد الفينة‪ ،‬كدل يكن ىناؾ مفر من مواصلة‬
‫ا‪١‬بهادِ‪.‬‬
‫اثنياً‪ :‬شللكة َع َدل اإلسالمية واجلهاد ضد النصارى يف احلبشة‪:‬‬
‫كاف ‪٦‬بيء اإلسبلـ ‪٥‬بذه ا‪٤‬بناطق عن طريق الدعوة من ا‪١‬بزيرة العربية منذ عهد الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬كمن‬
‫ا‪٤‬بناطق الٍب انتشر فيها اإلسبلـ مبكران زيلع الٍب ىاجر إليها مسلموف من ا‪١‬بزيرة العربية‪ ،‬كتكونت هبا‬
‫سلطنة إسبلمية‪ ،‬كأخذت تتوسع كتكونت عدة ‪٩‬بالك إسبلمية أخرل‪ ،‬ككانت من رمنها أكفات‬
‫كىرر‪ ،‬إال أف ىرر كانت ‪ٙ‬بت سيطرة األحباش‪ ،‬ك‪٤‬با قوم أمر أكفات كرعف أمر األحباش استطاعت‬
‫أكفات أف تنتزع ىرر من األحباش‪ ،‬كأصبحت ىرر قاعدة ا‪٢‬برب بْب ا‪٤‬بسلمْب كالنصارل األحباش‪ٍ ،‬ب‬
‫تكونت ‪٩‬بلكة عدؿ الٍب رمت أكثر الصوماؿ الشمارل‪ ،‬كدارت رحى ا‪٢‬برب بينها كبْب األحباش‪،‬‬
‫ك‪ٛ‬بكن ا‪٤‬بسلموف من إحراز انتصارات كبّبة فيهاّ‪.‬‬
‫كيقوؿ ا‪٤‬بؤرخ تقي الدين ا‪٤‬بقريزم‪" :‬أف ىذه الدكلة قاـ هبا قوـ من قريش‪ ،‬كىي من أراري الزيلع‬
‫كاستوطنوىا كأقاموا ٗبدينة أكفات‪ ،‬كعرؼ ‪ٝ‬باعة منهم اب‪٣‬بّب كاشتهركا ابلصبلح إذل أف كاف منهم عمر‬
‫ييقاؿ لو لشمع‪ ،‬كاله ا‪٢‬بطي ملك ا‪٢‬ببشة مدينة أكفات كأعما‪٥‬با‪ٍ ،‬ب كاف من أحفاده حق الدين بن‬
‫أ‪ٞ‬بد بن علي بن صرب الدين بن دمحم بن عمر لشمع‪ ،‬ككاف حق الدين أكؿ من خالف من أىل بيتو‬
‫على ا‪٢‬بطى ملك أ‪٧‬برة من ا‪٢‬ببشة الكفرة كخرج عن طاعتو‪ ،‬كىو أكؿ من استبد منهم ابألمر‪ ،‬كما‬
‫زالت ا‪٢‬بركب بينهم كاتسعت ‪٩‬بلكة حق الدين ككانت لو انتصارات كثّبة‪ ،‬إذل أف قتل سنة ٕٕٔىػ ُب‬
‫إحدل ا‪٤‬بعارؾ‪.‬‬

‫‪ 1‬تيو زسول وتيو ظاُص‪ ،‬ذ‪ .‬دمحم ؾحساًـال‪ ،‬ض‪ ،246‬فرتت مرشكة ٌَجِاذ الٕساليم يف اذلخضة‪ ،‬فِمي دمحم صَخوث‪.‬‬
‫‪ 0‬فرتت مرشكة ٌَجِاذ الٕساليم يف اذلخضة‪ ،‬فِمي دمحم صَخوث‪.‬‬
‫‪ 1‬املوسوؿة املُرست يف اًخازخي الٕساليم‪ ،‬ثلسمي ذ‪ .‬زاقة اًرسخاين‪ ،‬إؿساذ فصًق اًححوج وادلزاساث الٕسالمِة (فسا)‪ ،‬مؤسسة إكص ٔب اًلاُصت‪،‬‬
‫اًعحـة ا ٔلوىل ‪0211‬م‪.133/0 ،‬‬
‫‪344‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٍب قاـ بعده أخوه سعد الدين فمضى على سّبة أخوه ُب جهاد أ‪٧‬برة لكن بتؤدة كسياسة حسنة‪،‬‬
‫فكثرت عساكره كتعددت غاراتو كاتسعت ‪٩‬بلكتو‪ ،‬كانتصر ُب كثّب من ا‪٤‬بعارؾ حٌب حاصره ملك‬
‫ا‪٢‬ببشة ُب جزيرة زيلع ُب كسط البحر‪ ،‬فقتل ىناؾ بعد أف خانو أحدىم فد‪٥‬بم على دخوؿ ا‪١‬بزيرة سنة‬
‫َٖٓىػُ‪.‬‬
‫سلطنة ع َدل اإلسالمية ‪279-708‬ىت‪:‬‬
‫إقليما من األقاليم الٌب خضعت لسبلطْب أكفات‪ ،‬كليس ببعيد أف تكوف قد أتسست‬ ‫كانت ىع ىدؿ ن‬
‫فيها إمارة ‪٧‬بلية تدين ابلوالء لبُب كلشمع‪ ،‬كيبدك أف موقعها ا‪٤‬بتطرؼ قد ساعد على ‪٪‬باهتا من التوسع‬
‫ا‪٢‬ببشي الذل أطاح ابإلمارات السابقة‪ ،‬ككاف طبيعيان أف أيكم بنو سعد الدين إذل إقليم قريب من‬
‫بعيدا عن مناطق النفوذ ا‪٢‬ببشى‪ ،‬ككانت تلك السلطنة تضم‬ ‫البحر يتيح ‪٥‬بم اإلتصاؿ بببلد اليمن ن‬
‫الببلد الواقعة بْب ميناء زيلع كىرر كتشمل ما يعرؼ ابلصوماؿ الشمارل كاليرىب كإقليم أكجادين‪،‬‬
‫‪ٚ‬بليدا لسعد الدين الذل مات بزيلع كدفن هباِ‪.‬‬
‫ك‪٠‬بيت ىذه الببلد بر سعد الدين ن‬
‫ككاف أكالد سعد الدين قد فركا بعد مقتل أبيهم إذل بر العرب اليمن‪ ،‬كىم عشرة أكربىم صرب الدين‬
‫علي‪ ،‬فأكرمهم ا‪٤‬بلك الناصر أ‪ٞ‬بد بن األشرؼ الرسورل ملك اليمن‪ ،‬فقد ذكر ا‪٤‬بؤرخ اليمِب ابن الديبع‬
‫أنو ُب سنة ُُٖق‪ ،‬كصل إذل ا‪٤‬بلك الناصر أبناء سعد الدين صاحب ا‪٢‬ببشة‪ ،‬مستنجدين بو على‬
‫ا‪٢‬بطي الكافر‪ ،‬ككاجهو ٗبدينة تعز فأكرمهما ككعدٮبا النصرّ‪.‬‬
‫كاستأنف سبلطْب عدؿ ا‪١‬بهاد مرة أخرل ُب عهد السلطاف صرب الدين بن سعدالدين‪ ،‬كالذم أسس‬
‫‪٩‬بلكتو ككاف بداية حكمو ُب عاـ ُٕٖىػ‪ ،‬فقد أكرمهم ا‪٤‬بلك الناصر الرسورل كأنز‪٥‬بم ٍب جهزىم إذل‬
‫ا‪٢‬ببشة‪ ،‬حٌب فتح هللا عليهم ك‪٢‬بق هبم عساكر أبيهم‪ ،‬فقاـ أبمرىم صرب الدين بن سعد الدين كاستعاد‬
‫‪٩‬بلكة آابئو‪ ،‬كما زاؿ يلي أمر ا‪٤‬بسلمْب إذل أف مات على فراشو بعد ‪ٜ‬باين سنوات من ا‪١‬بهاد ُب سنة‬
‫ِٖٓىػْ"‪.‬‬
‫كقد إستطاع سعد الدين اإلستيبلء على عدة ببلد حبشية‪ ،‬كبعد كفاتو عاـ ِٖٓىػ خلفو أخوه‬
‫السلطاف منصور الذم بدأ ‪ٞ‬بلة ىاجم هبا ملك ا‪٢‬ببشة كقتل صهره‪ ،‬كحاصر منهم ‪٫‬بو ثبلثْب ألفان‬

‫‪ 1‬الٕملام‪ ،‬امللصٍزي‪ ،‬ض‪.65‬‬


‫‪ 0‬املوسوؿة املوحزت يف اًخازخي ا ٕلساليم‪ ،‬هلال ؾن‪ :‬موسوؿة سفري ٌَخازخي الٕسالم‪.71/7 ،‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،77‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪.250 ،‬‬
‫‪ 2‬الٕملام‪ ،‬امللصٍزي‪ ،‬ض‪.71‬‬
‫‪345‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫مدة تزيد على شهرين‪ ،‬ك‪٤‬با طلبوا األماف خّبىم بْب الدخوؿ ُب اإلسبلـ أك العودة إذل قومهم سا‪٤‬بْب‪،‬‬
‫فأسلم منهم ‪٫‬بو عشرة آالؼ كعاد الباقوف إذل ببلدىم‪ ،‬فلم يقتلهم منصور كدل يستعبدىم‪ ،‬كما كاف‬
‫يفعل ملوؾ ا‪٢‬ببشة ٔبنود ا‪٤‬بسلمْب الذين كانوا يقعوف ُب أسرىمُ‪.‬‬
‫ٍب قبض على ا‪٤‬بنصور بن سعد الدين سنة ِٖٖىػ‪ ،‬فقاـ بعده أخوه ‪ٝ‬باؿ الدينِ دمحم بن سعد الدين‪،‬‬
‫فوجو الربابر ُب عهده كانتصر عليهم‪ٍ ،‬ب ‪ٝ‬بع لو ا‪٢‬بطي ملك أ‪٧‬برة ا‪١‬بيوش فانتصر عليو كطارده حٌب‬
‫أكصلو إذل رأس هنر النيل‪ ،‬فعاد ‪ٝ‬باؿ الدين بينائم ال تعد كال ‪ٙ‬بد‪.‬‬
‫ٍب سار على ‪ٝ‬باؿ الدين بنو عمو كحسدكه كقتلوه ُب ‪ٝ‬باد اآلخرة سنة ّٖٓىػ‪ ،‬ك‪٤‬با استشهد ‪ٝ‬باؿ‬
‫الدين‪ ،‬كاستقر بعده ُب ‪٩‬بلكة ا‪٤‬بسلمْب أخوه شهاب الدين أ‪ٞ‬بد كيلقب بدالم‪ ،‬فأكؿ ما صنع جد‬
‫حٌب كجد قاتل أخيو فاقتص منوّ‪ ،‬فجرل على سنة أخيو ُب غزك ا‪٧‬برة‪ ،‬كفتح من ببلدىم عدة أعماؿ‬
‫كقتل طائفة من أمراءىم‪ٍ ،‬ب ىدأت بينهم ا‪٢‬بركب ُب عاـ ّٖٗىػ كىي سنة الطاعوف الذم أصابت‬
‫ا‪٢‬ببشةْ‪ ،‬ككاف مقيمان ُب ببلد دكر‪ ،‬كأخوه خّب الدين ُب ببلد ركلةٓ‪.‬‬
‫كحارب أ‪ٞ‬بد بن بدالم األحباش كاسَبد إمارة ابذل اإلسبلمية من أيديهم‪ ،‬كلكنو كقع صر نيعا أماـ‬
‫األحباش َب سنة ْٖٖىػ‪ ،‬نتيجة ‪٣‬بيانة أحد األمراء الذم أظهر التحالف معو‪ ،‬كمن ٍب ‪ٛ‬بكن‬
‫األحباش من اجتياح سلطنة ىع ىدؿ كبقية ا‪٤‬بمالك الزيلعية األخرل‪ ،‬كأصبحت ا‪٢‬ببشة إمرباطورية كبّبة‬
‫امتدت مشاالن حٌب مصوع كسهوؿ السوداف كرمت أكفات كفطجار كدكارك كابذل كىدية‪ ،‬كمنحت‬
‫ىذه اإلمارات استقبل‪٥‬با الذاتى‪ ،‬ككلت عليها عامبلن يسمى ا‪١‬براد ينحدر من البيت ا‪٤‬بالك القدًن‪.‬‬
‫كيبدك أف الرغبة الصادقة َب ا‪١‬بهاد الٌب عرؼ هبا ا‪١‬بيل األكؿ من سبلطْب أكفات قد فَبت عند‬
‫أحفادىم سبلطْب عدؿ‪ ،‬فقد سئموا القتاؿ كجنحوا إذل ا‪٤‬بسا‪٤‬بة كلكن الشعب ا‪٤‬بسلم دل يتخل عن‬

‫‪ 1‬اًرصاع ماتني الٕسالم واًعََة يف اذلخضة‪ ،‬جصُان سًيو امحس‪.‬‬


‫‪0‬حٌلل ادلٍن جن سـس ادلٍن‪ :‬اكن ذري مَوك سماهَ ذًي ًا ومـصفة وكوت ودساؿة وهماتة‪ ،‬وهجاذا يف ٔبؿساء هللا حبَر ٔبهَ مكل نثري ًا من تالذ‬
‫اذلعي و ٔبؾٌلهل‪ ،‬وذذي حٌلؿاث من ؾٌلل اذلعي وولت ٔبؾٌلهل يف ظاؾخَ‪ ،‬وكذي و ٍبٔز من ٔبحمصت اًىفصت ما ل ًسذي حتت حرص حىت إمذلٔث‬
‫تالذ اًِيس واٍمين وُصمز واذلجاس ومرص واًضام واًصوم واًـصاق وفازش من زكِق اذلخضة اذلٍن بٔزسمه وس حامه يف قزواثَ‪ ،‬واكن ًعحة‬
‫اًفلفِاء واًفلصاء من اًعاذلني‪ ،‬وورش اًـسل يف بٔؾٌلهل حىت يف ٔبُهل وودلٍ‪ ،‬وًلس ٔبسمل ؿىل ًسًَ ؿامل من ٔبحمصت ل حيىص ؿسذمه ُسامه هللا تَ‪.‬‬
‫ٔبهؼص‪ :‬إهحاء اًلمص تبٔتياء اًـمص‪ ،‬اجن جحص اًـسلالين‪ ،266/1 ،‬الٕملام‪ ،‬ثلي ادلٍن امللصٍزي‪ ،‬ض‪.73‬‬
‫‪ 1‬إهحاء اًلمص تبٔتياء اًـمص‪ ،‬اجن جحص اًـسلالين‪.266/1 ،‬‬
‫‪ 2‬اًعاؾون يف س ية ‪ُ617‬ػ نٌل جضري املعاذز اًخازخيَة اهدرش ومع مجَؽ ثكل اًحالذ من اٍمين واذلجاس ومرص واذلخضة وافصًلِا‪.‬‬
‫‪ 3‬اًيجوم اًزاُصت يف مَوك مرص واًلاُصت‪ً ،‬وسف جن ثلصي جصذي‪ ،‬هتشًة زحة َلوذ خبَت‪ ،‬اًيارش مىذحة حزٍصت اًوزذ ومىذحة الٕميان‬
‫اًلاُصت مرص‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪0227‬م‪ ،003/13 ،‬الٕملام‪ ،‬امللصٍزي‪ ،‬ض‪.75‬‬
‫‪346‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫سياستو التقليدية َب جهاد األحباش كمقاكمتهم‪ ،‬ككاف ‪ٚ‬باذؿ سبلطْب عدؿ ك‪ٙ‬بمس الشعب للجهاد‬
‫مؤذ ا ببداية الدكر األخّب من أدكار ا‪١‬بهاد كىو دكر ىرر‪ ،‬ك‪ٛ‬بيز ىذا الدكر بظهور طائفة من األمراء‬
‫ن‬
‫األئمة أشربت قلوهبم حب ا‪١‬بهاد كصارت ‪٥‬بم السلطة الفعلية َب الببلد‪ ،‬كبذلك أصبح َب اجملتمع‬
‫الع ىدذل حزابف‪ ،‬ا‪٢‬بزب الشعىب الذل يتزعمو األمراء األئمة‪ ،‬كذلك ا‪٢‬بزب الذل يريد أف يسادل األحباش‬
‫ى‬
‫كيتكوف من الطبقة األرستقراطية كالتجار‪ ،‬كعلى رأسو سبلطْب عدؿ التقليديوف‪.‬‬
‫ظهورا ىو الداعى عثماف حاكم زيلع الذم أعلن ا‪١‬بهاد بعد كفاة السلطاف دمحم‬
‫ككاف أكؿ ىؤالء األئمة ن‬
‫بن بدالل مباشرة عاـ ٕٖٔىػُ‪ ،‬كىو أكؿ سبلطْب ‪٩‬بلكة عدؿ اإلسبلمية كانت لو عبلقة ابلدكلة‬
‫الطاىرية‪.‬‬
‫ككما رأينا فمن تلك ا‪٤‬بناطق اإلسبلمية كبزعامة بنو سعد الدين‪ ،‬أعلن ا‪٤‬بسلمْب ُب ا‪٢‬ببشة ا‪١‬بهاد ُب‬
‫سبيل هللا رد النصارل ُب ا‪٢‬ببشة كذلك للدفاع عن دينهم كأنفسهم‪ ،‬كلضعف إمكانياهتم كقدراهتم‬
‫العسكرية كاف مسلمي ا‪٢‬ببشة يستنجدكف كيطلبوف العوف من داير ا‪٤‬بسلمْب كحكامها‪ ،‬ككانت أقرب‬
‫ىذه الدكؿ إذل ا‪٢‬ببشة ىي مصر كاليمن‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬إعانة الدولة الطاىرية للمسلمني يف احلبشة ضد النصارى ادلعتدين‪:‬‬
‫مر التاريخ ال يدخركف جهدان كال ماالن ‪٤‬بساعدة إخواهنم اجملاىدين ُب ا‪٢‬ببشة‪،‬‬
‫كاف ملوؾ اليمن على ٌ‬
‫ككاف ملوؾ اليمن ال يَبددكف ُب ا‪٤‬ببادرة إبرساؿ النجدات من الرجاؿ كا‪٤‬باؿ كالسبلح‪ ،‬كذلك حسب‬
‫إمكانياهتم ا‪٤‬بتاحة‪ ،‬كالظاىر أف قرب ا‪٤‬بكاف كسيطرة مسلمي ا‪٢‬ببشة على بعض ا‪٤‬بنافذ البحرية أدل‬
‫إذل سهولة التواصل بْب اليمنيْب كمسلمي ا‪٢‬ببشة‪٩ ،‬با أدل إذل بركز كتكوين عبلقات قوية بْب ملوؾ‬
‫اليمن كمسلمي ا‪٢‬ببشة كمن كاف يتوذل أمرىم كشؤكهنم‪.‬‬
‫كقد تبْب لنا أف بداية ىذه العبلقات كاف ُب عصر دكلة بِب رسوؿ ُب أايـ ا‪٤‬بلك الناصر‪ ،‬فقد كاف‬
‫‪٤‬بلوؾ الدكلة الرسولية مساعدات مادية كبشرية ‪٤‬بلوؾ إمارات ا‪٢‬ببشة ا‪٤‬بسلمة السبع‪ ،‬ا‪٤‬بعركفة إبمارات‬
‫الطراز اإلسبلمي ُب جهادىم رد الصليبيْبِ‪.‬‬
‫كاستمرت ىذه العبلقات بْب ا‪٤‬بسلمْب ُب ا‪٢‬ببشة كالدكلة الطاىرية منذ بداية عهدىا‪ ،‬كقد تطورت‬
‫ىذه العبلقات ُب عهد الطاىريْب مع بِب سعدالدين أمراء منطقة عدؿ ا‪٢‬ببشية ُب عهد الدكلة‬

‫‪ 1‬املوسوؿة املوحزت يف اًخازخي الٕساليم‪ ،‬هلال ؾن‪ :‬موسوؿة سفري ٌَخازخي الٕساليم‪.007/12 ،‬‬
‫‪ 0‬الٕس خحاكماث اذلصتَة‪ ،‬ؾحسهللا اذلساذ‪ ،‬ض‪ ،211‬تيو زسول وتيو ظاُص‪ ،‬دمحم ؾحساًـال‪ ،‬ض‪ ،216‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.77‬‬
‫‪347‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الطاىرية‪ ،‬كالذين ‪ٞ‬بلوا على عاتقهم مهمة مقاكمة ارطهاد ملوؾ ا‪٢‬ببشة للمسلمْب‪ ،‬ككانوا ىم أمراء‬
‫ا‪٤‬بناطق اإلسبلمية ُب ا‪٢‬ببشة كقادة ا‪١‬بهاد ُب تلك ا‪٤‬بناطق‪.‬‬
‫كُب بداية عهد الدكلة الطاىرية كخبلؿ تورل ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر على اليمن‪ ،‬كاف ا‪٢‬باكم‬
‫لتلك ا‪٤‬بناطق اإلسبلمية ُب ا‪٢‬ببشة كما ذكر ذلك العبلمة ا‪٤‬بؤرخ كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم ىو‬
‫السلطاف اجملاىد ُب سبيل هللا مشس الدين دمحم بن أ‪ٞ‬بد بدالم بن سعد الدين‪.‬‬
‫كقد استعاف السلطاف مشس الدين دمحم بن بدالم ابلدكلة الطاىرية ُب عاـ ٕٖٗىػ ‪٤‬بده اب‪٤‬باؿ كالعتاد‬
‫كالسبلح ‪٤‬بقاكمة النصارل ا‪٤‬بعتدين‪ ،‬كقد لىب لو ذلك ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر كأمده ابلكثّب من‬
‫ا‪٤‬باؿ كالسبلح كا‪٣‬بيوؿ العربية‪ ،‬كدل يكتفي ا‪٤‬بلك اجملاىد هبذا الدعم ا‪٤‬بادم فقط بل إنو كاف يتمُب‬
‫الذىاب بنفسو للجهاد ُب سبيل هللا رد العدك الصائل من النصارل ا‪٤‬بعتدين على إخوانو ُب ا‪٢‬ببشة‪،‬‬
‫ككاف على كشك الذىاب لوال انشيالو بدفع ا‪٤‬بتمردين من القبائل كخصوصان ُب تلك الفَبة من بعد‬
‫كفاة أخيو ا‪٤‬بلك الظافر‪ ،‬كرغم ذلك كلو فقد كاف ا‪٤‬بلك اجملاىد يتأسف على عدـ ذىابو للجهاد ُب‬
‫ا‪٢‬ببشة لنيل الثواب كاألجر‪.‬‬
‫يقوؿ العبلمة كماؿ الدين الذؤارل الزبيدم ر‪ٞ‬بو هللا ُب أحداث سنة ٕٖٗىػ‪" :‬كُب أكؿ ليلة من شهر‬
‫رمضاف جهز ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر ا‪٤‬بلك السلطاف اجملاىد ُب سبيل هللا مشس الدين دمحم بن‬
‫بزالم بن سعد الدين ٗبائة فرس ك‪ٟ‬بسة أفراس من ا‪٣‬بيل العربية ا‪١‬بيدة‪ ،‬ك‪ٝ‬بلة من السبلح كالدركع‬
‫إعانة على جهاد الكفار‪ ،‬ككاف يتأسف على حضور ا‪١‬بهاد‪ ،‬كيود أف يذىب بنفسو كٯباىد ا‪٤‬بشركْب‬
‫رغبة ُب ثواب اجملاىدين بلٌيو هللا ذلك ٗبنو ككرمو فوقعت تلك ا‪٥‬بدية من ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بذكور موقعان‬
‫عظيمان"ُ‪.‬‬
‫ِ‬
‫كىذا ما ذكره أيضان ا‪٤‬بؤرخْب الطيب اب‪٨‬برمة كعبدالر‪ٞ‬بن الديبع‪ ،‬كيقوؿ كذلك العبلمة ا‪٤‬بؤرخ‬
‫عبدالر‪ٞ‬بن ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا عن ىذا الدعم السخي من ا‪٤‬بلك اجملاىد للمجاىدين ُب ا‪٢‬ببشة‬
‫كلسلطاهنم‪" :‬كُب أكائل شعباف جهز ا‪٤‬بلك اجملاىد ُب سبيل هللا عزكجل‪ ،‬على اجملاىد ُب سبيل هللا‬
‫مشس الدين دمحم بن بذالم بن سعد الدين صاحب ا‪٢‬ببشة‪ ،‬مائة ك‪ٟ‬بسة أفراس من ا‪٣‬بيل العربية‪،‬‬
‫كالسيوؼ كالرماح كالدركع شيئانكثّبان‪ ،‬إعانة لو‪ ،‬تقبل هللا منو"ّ‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض‪.047‬‬


‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.244/4 ،‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.125‬‬
‫‪348‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كقد كاف ‪٥‬بذا الدعم كا‪٤‬بساعدة أٮبية كأتثّب ُب ‪٦‬برايت ا‪٢‬برب بْب ا‪٤‬بسلمْب من جهة كالنصارل من‬
‫جهة أخرل‪ ،‬كدل يكن ىذا الدعم كالتواصل بْب ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر كالسلطاف دمحم بن بزالم‬
‫كاجملاىدين ُب ا‪٢‬ببشة ىو األخّب فقد استمرت ىذه ا‪٤‬بساعدات من قبل ا‪٤‬بلك اجملاىد لسنوات أخرل‬
‫أيضاى‪.‬‬
‫ففي عاـ ُٖٖىػ أرسل ا‪٤‬بلك اجملاىد مساعدات أخرل للسلطاف مشس دمحم بن بزالم‪ ،‬كىذه ا‪٤‬برة‬
‫أرسل ىذه ا‪٤‬بساعدات من ا‪٤‬باؿ كالسبلح من مدينة عدف حيث كاف مستقران ُب ذلك الوقت كقد‬
‫كانت ىذه اإلعانة من ا‪٤‬بلك اجملاىد للمجاىدين ُب سبيل هللا ُب ا‪٢‬ببشة رد النصارل ىي للمرة‬
‫الثانية‪.‬‬
‫يقوؿ ا‪٤‬بؤرخْب ابن الديبع كاب‪٨‬برمة ُب ذكر ىذه ا‪٤‬بساعدة كاإلعانة‪" :‬كُب ‪ٝ‬بادل األكذل من سنة‬
‫ُٖٖىػ‪ ،‬جهز ا‪٤‬بلك اجملاىد من مدينة عدف نيفان ك‪ٟ‬بسْب فرسان مكملة العدة‪ ،‬ككجهها إذل اجملاىد ابن‬
‫سعد الدين اب‪٢‬ببشة‪ ،‬إعانة ُب سبيل هللا عزكجل تقبل هللا منو"ُ‪.‬‬
‫إال أنو كرغم ذلك الدعم ا‪٤‬بقدـ من الدكلة الطاىرية كا‪٤‬بلك اجملاىد ‪٤‬بسلمي ا‪٢‬ببشة كالسلطاف دمحم بن‬
‫بذالم رد نصارل ا‪٢‬ببشة‪ ،‬دل يكن ىذا كافيان ‪٢‬بسم الصراع كانتصار ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬فقد استمرت ىذه‬
‫الصراعات إذل أف دخل العثمانيوف إذل اليمن‪ٍ ،‬ب قاموا ىم بدعم مسلمي ا‪٢‬ببشة رد النصارل‪،‬‬
‫كقدموا ‪٥‬بم ا‪٤‬بساعدات ُب كقت الحق‪.‬‬
‫كلعل السبب الرئيسي ُب عدـ تقدًن الدعم الكاُب جملاىدم ا‪٢‬ببشة رد النصارل ا‪٤‬بعتدين‪ ،‬ىو رعف‬
‫إمكانيات الدكلة الطاىرية ‪٣‬بوض صراعات خارجية كدكلية‪ ،‬كسبب ىذا الضعف ىو استهبلؾ‬
‫جهودىم العسكرية كتركيز طاقاهتم كمواردىم لصد التمردات القبلية كا‪٢‬بركات ا‪٤‬بناكئة ُب اليمن ككذلك‬
‫انشيا‪٥‬بم بتثبيت ملكهم كترسيخو رد أعداءىم كمناكئيهم‪.‬‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،272/4 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ ض‪.131‬‬
‫‪349‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫عالقة الدولة الطاىرية مع الشريف بركات أمري مكة‬

‫عالقة الدولة الطاىرية مع الشريف دمحم بن بركات ملك مكة واحلجاز‪ :‬كانت العبلقة بْب اليمن‬
‫كا‪٢‬بجاز ُب أكاخر عهد الدكلة الرسولية قد ساءت بسبب إقداـ أشراؼ مكة ابلتعدم على التجار‬
‫كا‪٢‬بجاج اليمنيْبُ‪ ،‬كابلرغم من ازدايد حركة التجارة البحرية ُب جدة بعد أف ‪ٛ‬بكنت السفن ا‪٥‬بندية‬
‫كالصينية ُب التوجو مباشرة إذل جدة كقاطعت ثير عدف‪ ،‬إال أف ذلك دل يعرقل حركة ا‪٤‬ببلحة ُب ثير‬
‫عدف‪ ،‬كيرجع الفضل ُب ذلك إذل السياسة الٍب أنتهجها بنو طاىر ُب تنشيط ا‪٢‬بركة التجارية ُب ىذا‬
‫الثير من جديد‪ ،‬بعد أف استقرت األكراع ُب اليمن كتوطدت دعائم دكلة بِب طاىر‪٩ ،‬با أدل إذل‬
‫عودة بعض السفن التجارية للتعامل مع ثير عدف‪.‬‬
‫ا‪١‬بدير ابلذكر أف بِب طاىر صرفوا جانبان كبّبان من اىتمامهم على التجارة ٕبكم خرباهتم السابقة ُب‬
‫‪٦‬باؿ التجارة‪ ،‬كقد أدل اىتماـ بِب طاىر بتنمية ٘بارة عدف إذل عودة التبادؿ التجارم بينها كبْب‬
‫جدة‪ ،‬حيث أخذ ٘بار اليمن يقصدكهنا بسفنهم‪ ،‬كدل تلبث العبلقات الطبيعية أف إستؤنفت من جديد‬
‫بعد أف تدىورت لفَبة ليست بقصّبة ُب أكاخر عصر الدكلة الرسوليةِ‪.‬‬
‫قدكـ الشريف إدريس بن قاسم بن حسن بن عجبلف ا‪٢‬بسِب‪:‬‬
‫ككانت أكؿ زايرة ر‪٠‬بية من قبل أشراؼ مكة إؿ السبلطْب بِب طاىر ىي ُب عاـ ٖٖٔىػ‪ ،‬أم بعد‬
‫عشر سنوات منذ أتسيس كقياـ الدكلة الطاىرية‪ ،‬ككاف ملك ا‪٢‬بجاز ُب ذلك الوقت ىو الشريف دمحم‬
‫بن بركات بن حسن بن عجبلف‪ ،‬كقد كاف أمر ا‪٢‬بجاز ككاليتها آلؿ بركات بن حسن بن عجبلف‪.‬‬
‫تورل األشراؼ آؿ بركات حكم مكة كا‪٢‬بجاز‪:‬‬
‫عندما قتل علي بن عجبلف‪ ،‬حكم أخوه حسن بن عجبلف مكة منفردان من سنة ٖٕٗىػػ‪ُّٗٔ/‬ـ‬
‫إذل سنة َُٖىػػ‪َُْٖ/‬ـ‪ٍ ،‬ب أشرؾ معو ابنو بركات ُب نصف اإلمرة‪ ،‬ككاف ذلك ٗبباركة من السلطاف‬
‫ا‪٤‬بملوكي الناصر فرج بن برقوؽ كبعد ذلك بسنو‪ ،‬أشرؾ ابنو الثاين أ‪ٞ‬بد مع أخيو بركات ُب النصف‬

‫‪ 1‬اًـلس اٍمثني يف اتزخي اًحدل ا ٔلمني‪ ،‬دمحم جن ٔبمحس اًفايس امليك‪ ،‬حتلِق دمحم ؾحساًلاذز ؾعَة‪ ،‬مًضوزاث دمحم تَضوي ذاز اًىذة اًـَمَة‬
‫تريوث ًحيان‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪1776‬م‪ ،103/1 ،‬تيو زسول وتيو ظاُص‪ ،‬دمحم ؾحساًـال‪ ،‬ض‪.241‬‬
‫‪ 0‬تيو زسول وتيو ظاُص‪ ،‬دمحم ؾحساًـال‪ ،‬ض‪ ،241‬اتزخي ادلوةل اًعاُصًة‪ ،‬دمحم ٔبمحس ملدي اًفِعًل‪ ،‬ض‪.157‬‬
‫‪351‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫اآلخر‪ ،‬كاحتفظ الشريف حسن بلقب ائب السلطنة ُب ا‪٢‬بجاز ذلك اللقب الذم يطلق ألكؿ مرة‬
‫على شريف من أشراؼ مكةُ‪.‬‬
‫فاستمر كل منهم ُب عملو حٌب عزلوا ‪ٝ‬بيعا ُب سنة ُٖٖىػػ‪ ،‬من قبل السلطاف ا‪٤‬بملوكي ا‪٤‬بؤيد شيخ‪،‬‬
‫كتوذل حكم مكة كنيابة السلطاف ُب ا‪٢‬بجاز بدالن منهم الشريف رميثة بن دمحم ابن عجبلفِ‪.‬‬
‫غّب أف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بؤيد سلطاف ا‪٤‬بماليك ٗبصر‪ ،‬ما لبث أف رري عن حسن ابن عجبلف‪ ،‬كأعاده إذل‬
‫إمارة مكة ُب السنة التاليةّ‪ٍ ،‬ب أشرؾ حسن ابن عجبلف ابنو بركات معو ُب الدعاء على قبة زمزـ‪،‬‬
‫عندما قدـ األخّب إذل مكة من مصر ُب سنة َِٖى ػْ‪ ،‬ككانت ىذه ا‪٣‬بطوة ٗبثابة ‪ٛ‬بهيد لتقليد بركات‬
‫إمارة مكة ا‪٤‬بكرمة‪ ،‬حيث دل ٲبض عاـ كاحد على ىذه ا‪٤‬بشاركة حٌب أبدل الشريف حسن رغبتو ُب‬
‫التخلي عن ا‪٢‬بكم البنو بركات ُب سنة ُِٖىػ كحلف أتباعو ٲبْب الوالء لؤلخّبٓ‪.‬‬
‫ٍب أشرؾ معو أخاه إبراىيم بن حسن بن عجبلف ُب سنة ِْٖىػ‪ ،‬على أف يكوف لكل منهما ثلث‬
‫إيرادات اإلمارة‪ ،‬كالثلث الباقي للشريف حسن نفسؤ‪ ،‬فوافقت السلطات ا‪٤‬بملوكية على مشاركة‬
‫بركات لوالده‪ ،‬ككصل تفويضهما إمارة مكة من قبل السلطاف ا‪٤‬بملوكي ا‪٤‬بظفر أ‪ٞ‬بد بن ا‪٤‬بؤيد شيخ ُب‬
‫ربيع األكؿ من السنة ا‪٤‬بذكورةٕ‪.‬‬

‫‪ 1‬اًـلس اٍمثني يف اتزخي اًحدل ا ٔلمني‪ ،‬ثلي ادلٍن دمحم اذلسُين اًفايس‪123/2 ،‬؛ إحتاف اًوزى تبٔدداز ٔبم اًلصى‪ ،‬معص جن فِس‪ ،‬حتلِق فِمي‬
‫صَخوث‪ ،‬ظحـة مصنز اًححر اًـَمي وٕاحِاء اًرتاج يف خامـة ام اًلصى‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪ُ1221‬ػ‪240/1 ،‬؛ ذالظة اًالكم يف تَان ٔبمصاء‬
‫اًحدل اذلصام‪ٔ ،‬بمحس جن سًين ذحالن‪ ،‬املعحـة ارلريًة مرص اًعحـة ا ٔلوىل ‪ُ1123‬ػ‪ ،.‬ض‪.33‬‬
‫‪ 0‬إحتاف اًوزى‪ ،‬اجن فِس‪ ،303/2 ،‬اًضوء اًالمؽ ٔلُي اًلصن اًخاسؽ‪ ،‬دمحم جن ؾحس اًصمحن اًسزاوي‪ ،‬ذاز اذلَات تريوث ًحيان‪ ،‬كري‬
‫مؤزذة‪122/1 ،‬؛ مسط اًيجوم اًـوايل يف ٔبهحاء ا ٔلوائي واًخوايل‪ ،‬ؾحساملكل جن حسني اًـعايم امليك‪ ،‬ؾحساملوحوذ مـوط‪ ،‬ادلاز اًـَمَة‬
‫تريوث ًحيان‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل ‪1776‬م‪031/2 ،‬ػ‪.2‬‬
‫‪ 1‬اًـلس اٍمثني‪ ،‬اًفايس‪100/2 ،‬؛ ادلامؽ اٌَعَف يف فضي مىة و ٔبَُِا وتياء اًحُت اًرشًف‪ ،‬دمحم جن دمحم ػِريت‪ ،‬مىذحة اًثلافة ادلًًِة‪،‬‬
‫اًعحـة ا ٔلوىل ‪ُ1201‬ػ‪ ،‬ض‪175‬؛ مسط اًيجوم اًـوايل‪ ،‬اًـعايم‪.035/2 ،‬‬
‫‪ 2‬إحتاف اًوزى‪ ،‬اجن فِس‪362/1 ،‬؛ اًححص اًزادص يف ٔبدداز ا ٔلوائي وا ٔلوادص‪ ،‬مععفى جن حسن ادليايب‪ ،‬املعحـة ا ٔلمريًة تولق مرص‪،‬‬
‫اًعحـة ا ٔلوىل ‪ُ1110‬ػ‪ ،‬ض‪215‬؛ ٔبمصاء اًحدل اذلصام‪ ،‬ذحالن‪ ،‬ض‪.37‬‬
‫‪ 3‬ادلز اًمكني تشًي اًـلس اٍمثني‪ ،‬معص جن فِس اًِامشي امليك‪ ،‬حتلِق ؾحساملكل جن ذُُش‪ ،‬ذاز درض ٌَعحاؿة واًًرش تريوث ًحيان‪ ،‬اًعحـة‬
‫ا ٔلوىل ‪0222‬م‪.106/2 ،‬‬
‫‪ 4‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪ ،122/1 ،‬اًـلس ا مثني‪ ،‬اًفايس‪.121/2 ،‬‬
‫ٍ‬
‫‪ 5‬صفاء اًلصام‪ ،‬صفاء اًلصام تبٔدداز اًحدل اذلصام‪ٔ ،‬بتو اًعَة دمحم جن ٔبمحس امليك اذلس ين اًفايس‪ ،‬ذاز اًىذة اًـَمَة تريوث ًحيان‪ ،‬اًعحـة‬
‫ا ٔلوىل ‪0222‬م‪012/0 ،‬؛ اًـلس اٍمثني‪ ،‬اًفايس‪.117/2 ،‬‬
‫‪351‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كلكن ىذا التفويض دل يتضمن ا‪٤‬بوافقة على مشاركة إبراىيم بن حسن بن عجبلف لوالده حسن كأخيو‬
‫بركات‪ ،‬األمر الذم جعلو سببان ُب إاثرة ا‪٤‬بتاعب ألبيو كأخيو معانُ‪.‬‬
‫ك‪٤‬با توُب الشريف حسن ُب سنة ِٖٗىػ‪ ،‬آؿ أمر مكة إذل ابنو الشريف بركات الذم حكمها منفردا‬
‫حٌب عزلو السلطاف ا‪٤‬بملوكي‪ ،‬جقمق ُب سنة ْٖٓىػ‪ ،‬كأسند إمارة مكة عوض عنو إذل أخيو الشريف‬
‫علي ابن حسن بن عجبلفِ‪.‬‬
‫ٍب عزؿ ُب السنة التالية أبخيو أيب القاسم بن حسن بن عجبلف‪ ،‬ك‪٤‬با فشل أبو القاسم ُب العمل على‬
‫استقرار األمور ُب مكة‪ ،‬عزؿ عنها ُب سنة َٖٓىػػ‪ ،‬كعاد بركات الذم كرل عليها مرة أخرل ليمارس‬
‫سلطانو من جديد كأمّب ‪٤‬بكة ا‪٤‬بكرمةّ‪.‬‬
‫ك‪٤‬با أحس بركات بعدـ مقدرتو على ‪٩‬بارسة سلطانو بسبب تقدمو ُب السن ابإلرافة إذل رغبتو ُب هتيئة‬
‫األمور لتولية ابنو دمحم إمارة مكة بعد ‪٩‬باتو‪ ،‬طلب من السلطات ا‪٤‬بملوكية أف توافق كترسم لو على ىذا‬
‫الطلب ككصل ا‪٤‬برسوـ الذم يتضمن تعيْب دمحم بن بركات أمّب على مكة‪ ،‬بعد كفاة كالده بركات ُب‬
‫شعباف سنة ٖٗٓىػْ‪.‬‬
‫ككانت كالية الشريف دمحم بن بركات كحكمو معاصران لبداية نشأة الدكلة الطاىرية كمتزامنان مع حكم‬
‫ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر‪ ،‬كقد حكم دمحم مكة منفردان حٌب سنة ٖٕٖىػ‪ ،‬عندما أشرؾ سلطاف مصر‬
‫ا‪٤‬بملوكي قايتبام مع دمحم ُب ا‪٢‬بكم كلده بركات بن دمحم بن بركاتٓ‪.‬‬
‫كيبدك أف بركات ىذا أثبت كفاءتو كمقدرتو ُب ا‪٢‬بكم حٌب أف اإلماـ السخاكم كصفو أبنو "كاف أجل‬
‫بِب أبيو كأقرهبم إذل خبلفتو‪ ،‬كما أعتربه من احية أخرل قسيم كالده كشريكو ُب السلطنة‪ٕ ،‬بيث دل‬
‫يتعرض على قرار تعيينو أحد من أفراد األسرة ا‪٢‬باكمة ُب حياة كالدهٔ‪.‬‬
‫كعندما توُب دمحم بن بركات ُب مطلع سنة َّٗ ىػ‪ ،‬آؿ أمر مكة تلقائيان إذل ابنو كشريكو سابقان‪،‬‬
‫بركات بن دمحم بن بركات بن حسن بن عجبلف‪.‬‬

‫‪ 1‬إحتاف اًوزى‪ ،‬اجن فِس‪357/1 ،‬؛ مسط اًيجوم اًـوايل‪ ،‬اًـعايم‪037/2،‬؛ ٔبمصاء اًحدل اذلصام‪ ،‬ذحالن‪ ،‬ض‪.37‬‬
‫‪ 0‬إهحاء اًلمص تبٔتياء اًـمص‪ٔ ،‬بمحس جن جحص اًـسلالين‪ ،‬احمللق ذ حسن حخيش‪ ،‬اًيارش اجملَس ا ٔلؿىل ٌَض ئون الٕسالمِة دلية إحِاء اًرتاج‬
‫الٕساليم مرص‪ ،‬ظحـة ‪1747‬م‪142/7 ،110/6 ،‬؛ إحتاف اًوزى‪ ،‬اجن فِس‪ ،410/1 ،‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.11/1 ،،‬‬
‫‪ 1‬إحتاف اًوزى‪ ،‬اجن فِس‪ ،‬حواذج س ية ‪ُ632‬ػ؛ ادلامؽ اٌَعَف‪ ،‬اجن ػِريت‪ ،‬ض‪176‬؛ اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.11/1 ،‬‬
‫‪ 2‬اًححص اًزادص‪ ،‬ادليايب‪ ،‬ض‪216‬؛ ادلامؽ اٌَعَف‪ ،‬اجن ػِريت‪ ،‬ض‪176‬؛ مسط اًيجوم اًـوايل‪ ،‬اًـعايم‪.053/2 ،‬‬
‫‪ 3‬ادلزز اًمكني‪ ،‬اجن فِس‪ ،‬ض‪17‬؛ اًححص اًزادص‪ ،‬ادليايب‪ ،‬ض‪.221‬‬
‫‪ 4‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.130/5 ،12/1 ،‬‬
‫‪352‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كهبذا استمر حكم الشريف دمحم بن بركات ‪٤‬بكة كا‪٢‬بجاز طويبلن‪ ،‬فقد استمر حكمو كابلشراكة مع ابنو‬
‫إذل حْب كفاتو قرابة األربع كاألربعْب عامان‪ ،‬كقد كانت عبلقتو ابلدكلة الطاىرية عبلقة جيدة‪ ،‬كعاصر‬
‫الشريف دمحم بن بركات حكم ا‪٤‬بلكْب الظافر كاجملاىد ككذلك عاصر حكم ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب‬
‫بن داكد بن طاىر إذل حْب كفاتو عاـ ْٖٗىػ‪ ،‬كعاصر كذلك حكم ابنو ا‪٤‬بلك عامر بن عبدالوىاب‪،‬‬
‫كيكوف هبذا قد عاصر أقول أربعة سبلطْب من حكاـ الدكلة الطاىرية‪ ،‬كقد كاف بدأ ىذه العبلقة بْب‬
‫مر معنا‪.‬‬
‫الدكلتْب كما ذكر ا بعد عشر سنوات منذ قياـ الدكلة الطاىرية كما ٌ‬
‫ككاف ذلك ُب شهر رمضاف من عاـ ٖٖٔىػ‪ ،‬عندما أرسل الشريف دمحم بن بركات كفدان إذل اليمن‬
‫برائسة ابن عمو الشريف إدريس بن قاسم بن حسن بن عجبلف ا‪٢‬بسِب ُب زايرة إذل اليمن‪ ،‬لتوطيد‬
‫كترسيخ العبلقات بْب األشراؼ آؿ بركات كىم كالة مكة كا‪٢‬بجاز كبْب بِب طاىر ملوؾ اليمن‬
‫كحكامها‪ ،‬كقد أحسن بِب طاىر ملوؾ اليمن استقباؿ ىذا الوفد أحسن استقباؿ كأكرموىم كرمان يليق‬
‫هبم‪.‬‬
‫يقوؿ العبلمة ا‪٤‬بؤرخ ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا عن ىذه الزايرة‪ُ" :‬ب يوـ االثنْب التاسع عشر من رمضاف عاـ‬
‫ٖٖٔىػ‪ ،‬قدـ الشريف إدريس بن قاسم بن حسن بن عجبلف ا‪٢‬بسِب‪ ،‬ابن عم الشريف دمحم بن بركات‬
‫ُب ‪ٝ‬باعة من خواصو على ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل زبيد‪ ،‬فأجزؿ صلتو كأكرـ منزلتو كأعطاه من الذىب‬
‫كالفضة كالثياب كا‪٣‬بيل ‪ٝ‬بلة مستكثرة‪ٍ ،‬ب توجو إذل ا‪٤‬بلك الظافر ببلده‪ ،‬فقابلو أبحسن من ذلكُ‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،111‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.235/4 ،‬‬
‫‪353‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثالث‬
‫عالقة الدولة الطاىرية مع صاحب جازان‬

‫كاف ا‪٤‬بخبلؼ السليماين من ا‪٤‬بناطق أك اإلمارات التابعة للدكلة الرسولية ُب اليمن‪ ،‬كقد كاف حكم‬
‫الرسوليْب ٲبتد ُب ‪ٝ‬بيع أرجاء اليمن‪ ،‬ككصل حٌب مكة كا‪٤‬بدينة كهبذا كاف يشمل ا‪٤‬بخبلؼ السليماينُ‪.‬‬
‫غّب أنو ُب أكاخر عهد الدكلة الرسولية كاإلنقسامات الٍب ‪٢‬بقت ابلدكلة الرسولية جعلت الكثّب من‬
‫ا‪٤‬بناطق تستقل عنها‪ ،‬ك‪٩‬بن استقل عن الدكلة الرسولية ُب أكاخر عهدىا ا‪٤‬بخبلؼ السليماين‪ ،‬كقد‬
‫دخل أمراء ا‪٤‬بخبلؼ السليماين ُب صراع مع السلطاف الناصر كىو من أكاخر ملوؾ الدكلة الرسوليةِ‪.‬‬
‫كقد قاؿ بعض ا‪٤‬بؤرخْب أبف أمراء ا‪٤‬بخبلؼ السليماين كانوا إمارة مستقلة ُب ا‪٢‬بكم عن اليمن‪ ،‬إال أهنا‬
‫‪ٙ‬بكم ُب ظل الدكلة الرسوليةّ‪.‬‬
‫ك‪٩‬با ىو جدير ابلذكر أف ثورات القبائل التهامية كا‪٤‬بعازبة كالقرشية كبِب حفيص مشارل زبيد‪ ،‬جعل تلك‬
‫القبائل تشكل حاجزان بْب زبيد كمناطق هتامة الشمالية‪ ،‬ك‪٥‬بذا دل يتمكن سبلطْب بِب طاىر من مد‬
‫نفوذىم كالسيطرة على تلك ا‪٤‬بناطق‪ ،‬فاستقل كالهتا ٕبكمها مثل مدينة جازاف‪ ،‬الٍب كانت ‪ٙ‬بت حكم‬
‫الشريف أبو اليواير أ‪ٞ‬بد بن دريب بن خالدْ‪.‬‬
‫كبعد أف استوذل الطاىريوف على السلطة‪ ،‬كاف ا‪٤‬بخبلؼ السليماين ‪٦‬باكران للدكلة الطاىرية‪ ،‬ككانت‬
‫العبلقات بْب الدكلة الطاىرية كأمراء ا‪٤‬بخبلؼ السليماين عبلقات جيدة منذ نشأة الدكلة الطاىرية‪،‬‬
‫فقد حرص كبل الطرفْب على بناء عبلقة متينة كجيدة كأف يسودىا السبلـ‪.‬‬
‫ك‪٩‬با يدؿ على ذلك الزايرات الدبلوماسية الٍب كاف يقوـ هبا أمراء ا‪٤‬بخبلؼ السليماين للدكلة الطاىرية‪،‬‬
‫فقد ذكر العبلمة ابن الديبع مؤرخ الدكلة الطاىرية أف صاحب جازاف قد قاـ إبرساؿ كلده بوفادة إذل‬
‫الدكلة الطاىرية‪ ،‬يقوؿ ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬ففي شهر ذم القعدة سنة ِٖٖىػ قدـ كلد صاحب‬
‫جازاف إذل زبيد‪ ،‬ككاف صاحب جازاف ُب ذلك الوقت ىو الشريف أ‪ٞ‬بد بن دريب بن خالد الشهاب‬

‫‪ 1‬اًـلوذ اٌَؤًؤًة يف اتزخي ادلوةل اًصسوًَة‪ ،‬ؿًل جن اذلسني ارلززيج‪.107/0 ،‬‬


‫‪ 0‬ادلوةل اًصسوًَة يف اٍمين ذزاسة يف ٔبوضاؾِا اًس َاس َة واذلضازًة‪ ،‬دمحم اًفِفي‪ ،‬اًيارش ادلاز اًـصتَة ٌَموسوؿاث ظحـة ‪0223‬م‪.‬‬
‫‪ 1‬خمخرص اًخازخي اًس َايس ٌَمزالف اًسَاميين‪ ،‬حسني ظسًق اذلمكي‪.‬‬
‫‪ 2‬تيو زسول وتيو ظاُص‪ ،‬دمحم ؾحساًـال‪ ،‬ض‪.243‬‬
‫‪354‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫أبو اليواير بن قطب الدين ا‪٢‬بسِب صاحب جازاف كابن صاحبها‪ ،‬حاصره السيد دمحم بن بركات ُب‬
‫سنة ِٖٖىػُ‪ ،‬ككاف الشريف أ‪ٞ‬بد بن دريب ىو أمّب ا‪٤‬بخبلؼ السليماين ُب ذلك العصرِ‪.‬‬
‫كعندما قدـ الفهد ابن الشريف أ‪ٞ‬بد بن دريب إذل اليمن‪" ،‬كاف بزبيد ُب ذلك الوقت الشيخ يوسف‬
‫بن عامر بن طاىر‪ ،‬فكساه كأنعم عليو كسّبه إذل عمو ا‪٤‬بلك اجملاىد بعدف‪ُ ،‬ب ‪ٝ‬بلة فرساف‪ ،‬فلقيو هبا‬
‫كأنعم عليو كأعطاه ماالن جزيبلن‪ ،‬كرده إذل بلده مكرمان"ّ‪.‬‬
‫كىذا ما ذكره أيضان العبلمة كماؿ الدين الذؤارل فيقوؿ ُب أحداث سنة ِٖٖ ىػ‪" :‬كفيها قدـ الفهد‬
‫كلد صاحب جازاف إذل زبيد‪ ،‬كفيها الشيخ يوسف فقابلو ابإلجبلؿ كالتعظيم ككساه كسوة الئقة ٕبالو‬
‫عنده‪ ،‬كجهزه إذل عمو بعدف فأكرمو كأحسن جائزتو‪ ،‬كرجع إذل ببلده مكرمان"ْ‪.‬‬
‫ك‪٩‬با ينبيي ذكره أف قدكـ كلد صاحب جازاف إذل الدكلة الطاىرية كاف بعد الوقعة الٍب جرت بينو كبْب‬
‫صاحب مكة الشريف دمحم بن بركات‪ ،‬كالٍب ىزـ فيها صاحب جازاف كانكسر‪ ،‬فكانت ىذه الزايرة‬
‫لتوطيد العبلقات بْب صاحب جازاف كالدكلة الطاىرية‪ ،‬كاإلحتفاظ ٗبكانتو عند الدكلة الطاىرية بعد‬
‫ا‪٥‬بزٲبة الٍب ‪٢‬بقت بو من قبل صاحب مكة‪.‬‬
‫كيذكر ا‪٤‬بؤرخ خّب الدين الزركلي أف عبلقة ا‪٤‬بخبلؼ السليماين للدكلة الطاىرية كانت عبلقة تبعية‪ ،‬كأف‬
‫أمراء جازاف كانوا يؤدكف خراج ا‪٤‬بخبلؼ السليماين إذل ملوؾ الدكلة الطاىرية كل عاـ‪ ،‬كإف كانت‬
‫إمارة جازاف تتمتع اب‪٢‬بكم الذاٌب إال أف أمرائها يتبعوف الدكلة الطاىرية‪.‬‬
‫فيقوؿ الزركلي عن طبيعة ىذه العبلقة السياسية أبف ا‪٤‬بلكْب علي بن طاىر كأخيو عامر بن طاىر بعد‬
‫أف‪" :‬امتلكا سنة ٖٖٓىػ ‪ٝ‬بيع هتامة‪ ،‬من عدف إذل حرض‪ ،‬ىادهنما ملك جازاف‪ ،‬فكاف يهدم إليهما‬
‫كل عاـ ألف دينارٓ"‪.‬‬
‫فكاف السبب الرئيسي لزايرة الفهد ابن أمّب جازاف ىو إعبلف كأتكيد الوالء للدكلة الطاىرية‪ ،‬كُب‬
‫نفس الوقت اإلستعانة هبم ‪٤‬بدىم ُب ‪٧‬باربة شريف مكة‪ ،‬بصفتهم حكاـ كملوؾ اليمن بشكل عاـ‪.‬‬

‫‪ 1‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬دمحم جن ؾحس اًصمحن اًسزاوي‪ ،‬ض ‪.047‬‬


‫‪ 0‬اخملالف اًسَاميين مٌعلة خاسان حاًَ ًا ُو ؾحازت ؾن ٔبحس اخملاًَف اًلسمية يف فرتت ‪ُ132‬ـازياء حُك ذوةل تين اذلُك واكن اخملالف ميخس‬
‫من حصط حاًَ ًا صٌلل اٍمين اىل كصة مىة املىصمة وػَت جسمَة اخملالف اًسَاميين هبشا الٕمس إىل مٌخعف اًلصن اًصاتؽ ؾرش اًِجصي‪ٔ .‬بهؼص‪:‬‬
‫خماًَف اٍمين‪ ،‬اًلايض إسٌلؾَي جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬مـجم اًحدلان‪ ،‬ايكوث اسلوي‪.‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.131‬‬
‫‪ 2‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن موىس اذلؤايل اًزتَسي‪ ،‬ض‪.053‬‬
‫‪ 3‬ا ٔلؿالم‪ ،‬ذري ادلٍن اًززلكي‪.074/2 ،‬‬
‫‪355‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كىذا ما ذكره بعض ا‪٤‬بؤرخْب‪ ،‬فقد ‪ٛ‬بكن صاحب جازاف من الفرار من الشريف دمحم بن بركات عندما‬
‫استوذل على جازاف‪ ،‬فأرسل ابنو إذل السلطاف اجملاىد علي بن طاىر ُب عدف‪ ،‬لبذؿ الطاعة لو‪ ،‬كطلب‬
‫معاكنتو ُب استعادة ببلده‪ ،‬فأنعم عليو اجملاىد كأمده ٗباؿ كثّب‪.‬‬
‫كُب نفس الوقت خشي السلطاف اجملاىد أف تكوف ىزٲبة صاحب جازاف دافعان للشريف دمحم بن بركات‬
‫على مواصلة التوغل جنوابن‪ ،‬مستيبلن ُب ذلك ‪ٛ‬برد القبائل الطامعة ُب اإلستيبلء على زبيد‪ ،‬ك‪٤‬با كاف‬
‫يفتقد القدرة على مواجهة ىذا ا‪٤‬بوقف ٕبكم ظركفو الدقيقة الٍب ‪ٛ‬بر هبا دكلتو‪ ،‬فقد رأل أف ٱباطب‬
‫قايتبام سلطاف مصر الذم كانت لو الكلمة على شريف مكةُ‪.‬‬
‫‪٥‬بذا السبب كخوؼ اجملاىد من تطرؽ الشريف دمحم بن بركات إذل زبيد كأعما‪٥‬با‪ ،‬قرر أف يهاديو‬
‫كٱبطب كده‪ ،‬فأرسل إذل سلطاف مصر قايتبام ىدية عظيمة ككتاب فيو شفاعة لصاحب جازاف‬
‫يقصر الشريف دمحم بن بركات عن العودة إذل مها‪ٝ‬بة جازاف‪،‬‬ ‫الشريف أيب اليواير أ‪ٞ‬بد بن دريب‪ ،‬أبف ي‬
‫فاستجاب لو السلطاف ا‪٤‬بملوكي قايتبام فكتب إذل الشريف دمحم بن بركات أبف جازاف بلد ا‪ ،‬كأ ا قد‬
‫تصدقنا على الشريف أ‪ٞ‬بد بن دريب‪ ،‬فبل لك إليو اعَباض بعد ىذاِ‪.‬‬
‫كىكذا كاف ‪٤‬بوقف السلطاف قايتبام أثره ُب توقف نشاط الشريف دمحم بن بركات‪ ،‬ككف يده عن‬
‫القياـ أبعماؿ معادية لليمن‪ ،‬كيتضح ذلك من موقف الشريف من ىذا الصراع الذم نشأ على عرش‬
‫السلطنة بْب السلطاف ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب بن داكد كبْب أبناء عمو‪ ،‬فيذكر ا‪٤‬بؤرخوف أف الشيخ يوسف‬
‫بن عامر ُب عاـ ّٖٖىػ‪" ،‬ركب البحر كتوجو ‪٫‬بو مكة فوصل إذل صاحبها الشريف دمحم بن بركات‪،‬‬
‫ككاف ازالن قريبان منو فأكرمو كدل يساعده إذل شيء ‪٩‬با طلبو‪ ،‬فرجع إذل جازاف ككذلك دل يستجب لوّ"‪.‬‬
‫فنجد أف العبلقات الٍب رسخها ا‪٤‬بلك اجملاىد مع شريف جازاف كشريف مكة‪ ،‬قد أ‪ٜ‬برت ُب عدـ‬
‫تدخلهما ُب الشؤكف الداخلية ُب ا‪٢‬بكم لليمن‪ ،‬كإحَباـ الدكلة الطاىرية كتقديرىا كعدـ استيبل‪٥‬بما‬
‫‪٥‬بذا النزاع األسرم‪ ،‬كقد استمرت العبلقات ا‪١‬بيدة بْب الدكلة الطاىرية كأمراء ا‪٤‬بخبلؼ السليماين ُب‬
‫عهد ا‪٤‬بلك اجملاىد كالظافر‪ ،‬كدل يشوهبا أم سوء‪.‬‬
‫العالقات بني الدولة الطاىرية وصاحب جازان يف عهد ادللك ادلنصور عبدالوىاب بن داود‪:‬‬

‫‪ 1‬تيو زسول وتيو ظاُص‪ ،‬ذ‪ .‬دمحم ؾحساًـال‪ ،‬ض‪.244‬‬


‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.271/4 ،‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،411‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،315‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.272/4 ،‬‬
‫‪356‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫استمرت العبلقات الطيبة كا‪١‬بيدة بْب الدكلة الطاىرية كأمراء ا‪٤‬بخبلؼ السليماين ُب عصر ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب بن داكد‪ ،‬ككانت الزايرات الر‪٠‬بية كالوفود الدبلوماسية مستمرة بْب الطرفْب‪.‬‬
‫ككاف من أىم ىذه الزايرات على اإلطبلؽ ىي زايرة صاحب جازاف للدكلة الطاىرية‪ُ ،‬ب عاـ ٖٖٔىػ‪،‬‬
‫كقد ذكر كأرخ ىذه الزايرة العبلمة ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا بتفاصيلها‪ ،‬يقوؿ ابن الديبع‪:‬‬
‫"كُب اإلثنْب العاشر من ذم القعدة ا‪٢‬براـ عاـ ٖٖٔىػ‪ ،‬قدـ الشريف أبو اليواير أ‪ٞ‬بد بن دريب بن‬
‫خالد صاحب جازاف‪ ،‬على ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ٗبدينة زبيد ُب عسكر كثّب من ا‪٣‬بيل كالرجاؿ ك‪٤‬با علم‬
‫ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور بقدكمو احتفل بو كأرسل إذل بلده لآلالت السلطانية‪ ،‬كاألىبة ا‪٤‬بلوكية الٍب دل تكن توجد‬
‫إال ُب خزائنهم‪ ،‬كىيأ لو الضيافة العامة كا‪٣‬باصة‪ ،‬كخرج للقائو على ظاىر مدينة زبيد‪ُ ،‬ب جيوشو‬
‫كجنده كأىبتو‪ ،‬ك‪٤‬با كاجهو نزؿ عن فرسو كترجل لو‪ ،‬فكاف ىو السابق بذلك توارعان منو كإكرامان‪ٍ ،‬ب‬
‫نزؿ الشريف كاعتنقو كحياه‪ٍ ،‬ب ركبا معان كقدمو ا‪٤‬بنصور عليو‪ ،‬ك‪ٛ‬باشيا ساعة كتفرقا‪ ،‬فدخل ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بنصور من ابب سهاـ الذم خرج للقائو منو‪ ،‬كأرسل مع الشريف طائفة من جنده كأمرائو إذل بستاف‬
‫حائط لبيق كقىػيىل الشريف ىناؾ إذل العصر ٍب دخل من ابب الشبارؽ دخوالن معظمان‪ ،‬كلعبت ا‪٣‬بيل‬
‫برحبة الدار الكبّب الناصرم‪ ،‬كدخل الشريف على ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ُب الدار ا‪٤‬بذكور‪ ،‬فأكرمو كعظمو‬
‫كأعبل منزلتو‪ ،‬كطلب القضاة كالعلماء األمراء ‪٢‬بضور الضيافة فحضركا‪ ،‬ككاف يومان معظمان‪ ،‬أظهر فيو‬
‫ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور التوارع كالرب لذرية رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كالقياـ بواجب حقهم جزاه هللا خّبان‪ٍ ،‬ب أنزلو بدار‬
‫ا‪٤‬بعاصر‪ ،‬كأعطاه ماالن جزيبلن كحبان ‪ٝ‬بيبلن كدل يزؿ عنده ‪٦‬بلبلن ‪٧‬بَبمان إذل أف طلع ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور إذل مدينة‬
‫تعز‪ ،‬يوـ االثنْب السابع عشر من الشهر ا‪٤‬بذكور‪ ،‬كخرج الشريف ا‪٤‬بذكور لوداعو‪.‬‬
‫فلما رجع منع من دخوؿ ا‪٤‬بدينة‪ ،‬كعادة ا‪٤‬بلوؾ ُب ذلك ٍب نزؿ الشريف بقرية النويدرة كأقاـ هبا أايمان ٍب‬
‫توجو إذل بلده‪ ،‬فجر يوـ األحد الثالث كالعشرين من الشهر ا‪٤‬بذكورُ"‪.‬‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،275/4 ،‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،411‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.142‬‬
‫‪357‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الباب السابع‬
‫ادللك ادلنصور عبدالوىاب بن داوود بن طاىر‬

‫قبل كفاة ا‪٤‬بلك اجملاىد بسنوات كاف قد عهد اب‪٣‬ببلفة إذل ا‪٤‬بنصور ابن أخيو داكد‪ ،‬كذلك ألنو كاف من‬
‫خّب ا‪٤‬بوجودين لتورل ا‪٤‬بلك من بِب طاىر‪ ،‬حيث كأنو أثبت أبنو قائدان فذان كسياسيان ‪٧‬بنكان‪ ،‬فقد توذل‬
‫الكثّب من األمور كالسلطات ُب عهد ا‪٤‬بلكْب عامر بن طاىر كأخيو علي بن طاىر‪.‬‬
‫إال أف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كاجو الكثّب من ا‪٤‬بعاررات سواء من داخل البيت الطاىرم أك من القبائل‬
‫األخرل ال سيما ُب هتامة‪٩ ،‬با أخذ منو الوقت الكبّب ُب قمعها كأعاقو عن عمل الكثّب ُب سبيل بناء‬
‫دكلتو‪ ،‬كجعل كذلك العبلقات ا‪٣‬بارجية مع الدكؿ األخرل ‪٧‬بدكدة‪ ،‬كُب ىذا الباب سنبْب ُب ىذه‬
‫مرت هبا الدكلة الطاىرية خبلؿ حكم ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬لذا فإننا‬ ‫الفصوؿ القادمة ا‪٤‬برحلة التارٱبية الٍب ٌ‬
‫سنتحدث ىنا عن ىذه ا‪٤‬برحلة من عمر الدكلة الطاىرية كعن سّبة ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ُب ‪ٟ‬بسة فصوؿ‪،‬‬
‫مورحْب ُب الفصل األكؿ منها تورل ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور حكم الدكلة الطاىرية ُب اليمن‪ ،‬كسيكوف الفصل‬
‫الثاين حوؿ الصراع األسرم على السلطة بْب الطاىريْب كخركج أبناء عامر األكؿ على ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪،‬‬
‫ٍب سيكوف الفصل الثالث حوؿ التمردات القبلية الٍب كانت ُب عهد ا‪٤‬بنصور‪ ،‬كُب الفصل الرابع‬
‫سنذكر أىم األحداث الٍب جرت أثناء حكمو كاإلستيبلء على ذمار كحصن خدد كالعبلقات ا‪٣‬بارجية‬
‫ُب عهده‪ ،‬كسنتحدث ُب الفصل األخّب عن كفاة ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كمآثره كأىم ا‪٪‬بازاتو‪ ،‬كسنستعرض‬
‫ىذه ا‪٤‬برحلة التارٱبية ُب ‪ٟ‬بسة فصوؿ مقسمة كالتارل‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬تويل ادللك ادلنصور للسلطة‬
‫الفصل الثاين‪ :‬ادلعارضة الطاىرية للملك عبدالوىاب بن داوود‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التمردات القبلية يف هتامة‬
‫الفصل الرابع‪ :‬أىم األحداث يف عهد ادلنصور‬
‫الفصل اخلامس‪ :‬العالقات اخلارجية مع الدول ووفاة ادللك ادلنصور‬

‫‪358‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل األول‬
‫تويل ادللك ادلنصور للسلطة‬

‫كاف البد قبل ا‪٣‬بوض ُب ا‪٤‬برحلة التارٱبية ‪٢‬بكم ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬أف نستعرض سّبة ىذا ا‪٤‬بلك الفذ‬
‫كالقائد احملنك‪ ،‬كنذكر الظركؼ الٍب ساعدتو على تورل ا‪٤‬بلك‪ ،‬ك‪٤‬با اختاره عمو ا‪٤‬بلك اجملاىد دكف بقية‬
‫بِب طاىر رغم كجود كفاءات أخرل من بِب طاىر‪ ،‬كُب ىذا الفصل نبْب سّبة ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور قبل توليو‬
‫ا‪٢‬بكم‪ٍ ،‬ب نبْب كيفية توليو للملك‪ُ ،‬ب مبحثْب مستقلْب‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬ادلنصور قبل توليو احلكم‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬استخالف ادللك اجملاىد للملك عبدالوىاب بن داود وتوليو احلكم‬

‫‪359‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫ادلنصور قبل توليو ادللك‬

‫ككاف ‪٩‬با اشتهر بو ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب قبل توليو ا‪٤‬بلك فركسيتو كشجاعتو‪ ،‬ك‪٩‬با يشهد على‬
‫ذلك ما ركاه ا‪٤‬بؤرخْب ابن الديبع كابن األنف ُب ا‪٤‬بعركة الٍب جرت بْب صاحب صنعاء كبْب ا‪٤‬بلك‬
‫الظافر عامر بن طاىر‪ ،‬كذكر فيها ا‪٤‬ببارزة الٍب جرت بْب ا‪٤‬بنصور كابن ‪٨‬بارش الفارس الذم كاف‬
‫‪٧‬بسوابن عند صاحب صنعاء ٗبائة فارس‪ ،‬يقوؿ ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬كفيها أقبل صاحب صنعاء ُب‬
‫عسكر إذل بلد ا‪٤‬بشايخ‪ ،‬فخرج ا‪٤‬بلك الظافر مبادران إذل مبلقاتو قبل تكامل العسكر فالتقت الفئتاف‬
‫ٗبورع يسمى ررم فاستظهر أىل صنعاء لكثرهتم كحصل ُب العسكر الظافرم جولة قتل فيها الشيخ‬
‫دمحم بن طاىر ُب ‪ٝ‬باعة‪ ،‬كقتل من أىل صنعاء ‪ٝ‬باعة منهم ابن كامل ا‪٤‬بشهور كقتل منهم سلطاف‬
‫ا‪١‬بوؼ علي بن ‪٨‬بارش الذم كاف ‪٧‬بسوابن عندىم ٗبائة فارس‪ ،‬طعنو ا‪٥‬بماـ الضرغاـ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‬
‫عبدالوىاب بن داكدُ‪" ،‬طعنة دل بسمع ٗبثلها‪ ،‬فإنو طعنو ُب رقبتو فقطع حلقومو كمريوِ‪.‬‬
‫كمن مشاركات عبدالوىاب بن داكد العسكرية أنو ساىم ُب معركة إب سنة ّٖٔىػ‪ ،‬فقد أككل ا‪٤‬بلك‬
‫عامر لكبلن من دمحم بن داكد كأخيو عبدالوىاب كإدريس بن دمحم القرمطي قيادة القوة ا‪٤‬بتوجهة إذل دمت‬
‫كنواحيها كدارت بينهم موقعة األكمة‪ ،‬انتصرت فيها قوات الدكلة الطاىرية‪ ،‬كتقدمت حٌب استولت‬
‫على جبل ز‪٤‬باف‪ ،‬فاستسلم علي بن ا‪٤‬بعبل كسلم كل ما بيده من حصوف للطاىريْبّ‪.‬‬
‫كمن ا‪٤‬بواقف كذلك الٍب أثبتت جدارة ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب ابإلمارة كالقيادة‪ ،‬تصديو لئلماـ الناصر‬
‫عند ‪٧‬باكلتو اإلستيبلء على مدينة ذمار ككانت آنذاؾ ‪ٙ‬بت حكم الطاىريْب‪ ،‬ككاف ا‪٤‬بلك عامر بن‬
‫طاىر مشيوالن ٕبركبو ُب شرؽ كجنوب اليمن ُب الشحر كحضرموت‪ ،‬كبعد عودة ا‪٤‬بلك الظافر من‬
‫الشحر توجو مباشرة إذل عدف‪ ،‬ككاف ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب بن داككد إذ ذالك قريبان منو‪ ،‬فجمع ا‪١‬بموع‬
‫كقاكمهم إذل أف جاء عمو ا‪٤‬بلك الظافر‪ ،‬كاستعادىا منوْ‪.‬‬

‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪ ،104‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.322‬‬
‫‪ 0‬واكان كس ثحازسا حسة ما وزذ يف زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪ ،104‬اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬نٌلل ادلٍن اذلؤايل‪ ،‬ض‪.023‬‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.143‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.106‬‬
‫‪361‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٍب أنو كبعد ىذه ا‪٤‬بواقف القيادية توذل إمارة صنعاء عندما فتحها عمو ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر‪،‬‬
‫فأرسلو ا‪٤‬بلط الظافر ُب شهر شواؿ سنة ٖٔٔىػ‪ ،‬فكاف يعترب أكؿ كارل يتوذل صنعاء من قبل الدكلة‬
‫الطاىرية‪ ،‬من قبل عمو ا‪٤‬بلك الظافرُ‪.‬‬
‫كاستعاف بو عمو الظافر إلستيبلء على ا‪١‬بوؼ فأرسلو إذل صنعاء ُب ‪ٝ‬باعة من العساكر‪ ،‬ككاف‬
‫قصدىم إذل ا‪٢‬بسْب بن علي بن قاسم ا‪١‬بوُب‪ ،‬فَباجع الظافر عن ذلكِ‪.‬‬
‫كعند استيبلء اإلماـ ابن الناصر على صنعاء‪ ،‬شارؾ عمو الظافر ُب ا‪٢‬بملة العسكرية الٍب شنها‬
‫حملاصرة صنعاء ُب ٖٗٔىػ‪ ،‬فقاـ بقيادة ‪٦‬بموعة ‪٤‬بقاتلة فرساف صنعاء‪ ،‬كجرل قتاؿ شديد قتل فيو من‬
‫الطرفْب الكثّبّ‪.‬‬
‫كمن خبلؿ ىذا ا‪٤‬بوقف كالذم ابدر فيو ا‪٤‬بنصور اب‪ٚ‬باذ اجراءات ا‪٤‬بقاكمة للناصر‪ ،‬علم ا‪٤‬بلكْب عامر‬
‫كعلي ابِب طاىر أف ابن أخيهما عبدالوىاب ٲبكن اإلعتماد عليو ُب اإلمارة كالقيادة‪.‬‬
‫كبعد مقتل ا‪٤‬بلك الظافر كاف عمو ا‪٤‬بلك اجملاىد يستعْب بو ُب قيادة ا‪٢‬بمبلت العسكرية‪ ،‬فقاد ا‪٤‬بنصور‬
‫جيشان للدكلة الطاىرية ُب عاـ ٕٖٓىػ‪ ،‬بتولية من عمو ا‪٤‬بلك اجملاىد‪ ،‬ككاف ىذا لقمع ا‪٤‬بتمردين ُب‬
‫زبيد كالذين كانوا قد قتلوا رجاؿ من الدكلة الطاىرية‪ ،‬كنصر فيها ا‪٤‬بنصور كقتل منهم ما يزيد على‬
‫مائتْب‪ٍ ،4‬ب توذل بعدىا ا‪٤‬بنصور عدة أعماؿ كقاـ ابلقضاء على عدة ‪ٛ‬بردات قبلية‪.‬‬
‫ككذلك كاف لو دكر كبّب ُب إرساء ا‪٢‬بكم الطاىرم ك‪ٙ‬بقيق األمن كاإلستقرار‪ ،‬ففي عاـ ٕٕٖىػ قدـ‬
‫ا‪٤‬بنصور إذل زبيد بيتة كقت الظهر‪ ،‬فقرر أمور الرعية كدل يعلم أحد ٗبقصوده‪ ،‬حٌب قبض على األمّب‬
‫عمر بن عبدالعزيز‪ ،‬ككاف ذلك أبمر ا‪٤‬بلك اجملاىد ككاف ذلك ألمور أحدثها كأفعاالن ارتكبها‪ ،‬أدت إذل‬
‫ذلك‪.5‬‬
‫كقد مدحو العبلمة ا‪٤‬بؤرخ السخاكم فقاؿ عنو‪" :‬ككاف ا‪٤‬بلك عبدالوىاب بن داكد شجاعان جليبلن‬
‫يم ٍك ًرمان للوافدين سخيان عدالن ُب رعيتؤ"‪.‬‬
‫كقاؿ عنو ا‪٤‬بؤرخ خّب الدين الزركلي‪" :‬كاف حليما ذا رأم كأبس‪ ،‬لو آاثر ُب اليمنُ"‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.107‬‬


‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،373‬زوضة الدداز‪ ،‬اجن الهف اًلصمعي‪ ،‬ض‪.171‬‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪ 1‬زوضة ا ٔلدداز‪ ،‬اجن ا ٔلهف‪ ،‬ض‪.011‬‬
‫‪ 2‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.327‬‬
‫‪ 3‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.122‬‬
‫‪ 4‬وخزي اًالكم‪ ،‬اًسزاوي‪.1126/1 ،‬‬
‫‪361‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كاب‪١‬بملة فإف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب بن داكد كانت لو قبل توليو ا‪٢‬بكم مساٮبات كمشاركات كثّبة‬
‫كمهمة ُب ترسيخ قوة الدكلة الطاىرية كبسط نفوذىا‪ ،‬جعلتو ا‪٤‬برشح األكؿ كاألبرز لتورل ا‪٢‬بكم بعد‬
‫عمو ا‪٤‬بلك اجملاىد‪.‬‬

‫‪ 1‬ا ٔلؿالم‪ ،‬ذري ادلٍن اًززلكي‪.160/2 ،‬‬


‫‪362‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫استخالف ادللك اجملاىد للملك عبدالوىاب بن داود وتوليو احلكم‬

‫بعد اعتماد ا‪٤‬بلك اجملاىد على ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب بن داككد ُب كثّب من شؤكف ا‪٢‬بكم‪ ،‬كخاصة ُب‬
‫أمور القيادة العسكرية كقمع ا‪٤‬بتمردين‪ ،‬رأل ا‪٤‬بلك اجملاىد ُب ا‪٤‬بنصور خّب خلف لو‪ ،‬كقد صدؽ‬
‫حدسو فيما رأل‪ ،‬فقد جعلو كليان للعهد من بعده عندما مرض كاشتد عليو ا‪٤‬برض‪ ،‬يقوؿ ابن الديبع‬
‫ر‪ٞ‬بو هللا‪ُ" :‬ب شهر ‪٧‬برـ من ٕٕٖىػ‪ ،‬حصل على السلطاف ا‪٤‬بلك اجملاىد مرض عظيم ٗبدينة زبيد‬
‫كخيف عليو منو‪ ،‬فاستخلف ابن أخيو موال ا عبدالوىاب بن داكد‪ ،‬كقلده أمر ا‪٤‬بلك كحلف لو العرب‬
‫كسائر العسكر‪ ،‬ككاف ذلك عصر يوـ اإلثنْب خامس عشر ‪٧‬برـ من سنةٕٕٖىػ‪ٍ ،‬ب من هللا عليو‬
‫ابلعافية بعد ذلك"ُ‪.‬‬
‫كهبذا ٲبكن أف نقوؿ أف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كاف كليان للعهد قبل كفاة عمو بست سنوات تقريبان‪ ،‬فقد عهد‬
‫إليو عمو ا‪٤‬بلك اجملاىد اب‪٤‬بلك من بعده كابيعو العرب على السمع كالطاعة كحلفوا لو‪ ،‬كدل يكن ىناؾ‬
‫معارض على ما قاـ إب‪ٚ‬باذه ا‪٤‬بلك اجملاىد حينئذ من تولية ا‪٤‬بنصور الوالية من بعده ال من العرب كال‬
‫من األسرة الطاىرية‪.‬‬
‫ك‪٤‬با أشتد ا‪٤‬برض على ا‪٤‬بلك اجملاىد كتوُب ُب جنب ُب ليلة السبت العاشر من شهر ربيع اآلخر من عاـ‬
‫مر معنا ذكره "كاف كلد أخيو‪ ،‬السلطاف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور اتج الدين عبدالوىاب‬ ‫ّٖٖىػ‪ ،‬كدفن هبا كما ٌ‬
‫بن داكد بن طاىر‪ ،‬كأخوه الشيخ عبدا‪٤‬بلك بن داكد‪ ،‬كابن عمو الشيخ أ‪ٞ‬بد بن عامر حينئذ ىناؾ‪،‬‬
‫ككاف عمو ا‪٤‬بلك اجملاىد قد عهد إليو اب‪٣‬ببلفة ُب مررو القدًن‪ ،‬كما ذكر ا أكالن‪ ،‬فخرج ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‬
‫بعد اتفاؽ كلمتو ككلمة ا‪٤‬بذكورين‪ُ ،‬ب ليلة كفاة عمو إذل مدينة عدف مبادران‪ ،‬كُب صحبتو القاري ‪ٝ‬باؿ‬
‫الدين القماط‪ ،‬فدخلها يوـ الثبلاثء اثلث عشر من شهر ربيع اآلخر بيتة‪ ،‬من غّب أف يعلم أىل البلد‬
‫بوفاة عمو‪ُ ،‬ب عسكر كخيل قليلْب جدان‪ٍ ،‬ب تتابعت العساكر ا‪٤‬بنصورة كدخلها القماط بعده‪.‬‬
‫ك‪٤‬با دخلها أشاع العلم ٗبوت عمو‪ ،‬كطلب مرتيب ا‪٢‬بصوف كنقباء ايفع كاستحلفهم‪ ،‬كمهد قواعد البلد‬
‫كرتبها‪ ،‬كمشى ابلناس مشيان حسنان‪ ،‬كسار سّبة ‪ٞ‬بيدة ٍب فرؽ ُب العساكر أمواالن جزيلة ككسوات‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.122‬‬


‫‪363‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫‪ٝ‬بيلة‪ ،‬كجدد للقاري ‪ٝ‬باؿ الدين دمحم بن حسْب القماط كالية القضاء بعدف‪ ،‬كأقاـ هبا إذل أخر‬
‫الشهر ا‪٤‬بذكور‪ ،‬كخرج إذل تعز ٍب نزؿ منها إذل زبيد ُب ‪ٝ‬بادل األكؿ"ُ‪.‬‬
‫كأقاـ الشيخ أ‪ٞ‬بد بن عامر ٔبنب أايمان قبلئل جهز فيها عمو كقرأ عليو‪ ،‬ك‪ٝ‬بع العساكر كنزؿ هبم إذل‬
‫عدف‪ ،‬كأقاـ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور بعدف أايمان‪ ،‬فدبر أمورىا كقرر قواعدىا‪ ،‬كسار ابلناس سّبة ‪ٝ‬بيلة‪ ،‬كفرؽ ُب‬
‫العساكر أموالن جزيلة ككسوة جليلة‪ ،‬كجدد للشيخ القاري دمحم بن حسْب القماط كالية القضاء بعدف‪،‬‬
‫كأقاـ هبا آلخر الشهر‪ٍ ،‬ب خرج منها ىو كابن عمو الشيخ أ‪ٞ‬بد بن عامر‪ ،‬ك‪ٞ‬بل أمواالن جزيلة عظيمة‬
‫إذل ا‪٤‬بقرانة يقاؿ إف مبليو ‪ٟ‬بسة لكوؾ ذىب‪ ،‬كمن الفضة ما ال ٰبصى‪ٍ ،‬ب نزؿ من ا‪٤‬بقرانة إذل تعز‪ٍ ،‬ب‬
‫إذل زبيدِ‪.‬‬
‫كقد كاجهت ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ‪ٙ‬بدايت عديدة‪ ،‬كاف أخطرىا ىو اإلنقساـ األسرم بْب الطاىريْب ك‪٨‬بالفة‬
‫بعض الطاىريْب لو كىم أبناء عمو ا‪٤‬بلك الظافر‪ ،‬كمن التحدايت الٍب كاجهها ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كذلك‬
‫التمردات القبلية ُب هتامة‪ ،‬كتقريبان كانت ىذه ٕبسب ا‪٤‬بصادر التارٱبية أبرز كأىم ما كاجهو ا‪٤‬بنصور‬
‫خبلؿ سنْب حكمو‪.‬‬
‫كاب‪١‬بملة دل يكن ىناؾ من مستجدات خبلؿ حكم ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ابلنسبة للنفوذ الطاىرم أك مد‬
‫ا‪٤‬بساحة ا‪١‬بيرافية ُب مناطق أخرل ابليمن‪ ،‬فقد اكتفى ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور بتثبيت أمبلؾ كسلطاف الدكلة‬
‫الطاىرية الٍب كانت ‪ٙ‬بت سيطرهتم منذ حكم ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر‪ ،‬كحاكؿ قدر استطاعتو أال يفتح‬
‫جبهات أخرل ُب الصراع على السلطة‪ ،‬كُب ا‪١‬ببهة الشمالية ُب مناطق حكم األئمة الزيدية دل يكن‬
‫ىناؾ من جديد خبلؿ حكم ا‪٤‬بنصور‪ ،‬بل إف الصراع يكاد يكوف متوقفان بْب الطاىريْب كاألئمة‬
‫الزيديْب‪ ،‬سول ما ذكره ا‪٤‬بؤرخوف مناستيبلءه على مدينة ذمار‪.‬‬
‫كهبذه التحركات السياسية كالعسكرية البسيطة‪ ،‬استطاع ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور أف يتفرغ إلدارة الدكلة الطاىرية‬
‫ك‪ٙ‬بقيق األ من كاإلستقرار هبا‪ ،‬كإخضاع خصومو كردع التمردات السياسية كالقبلية‪ ،‬كفشا األمن ُب‬
‫أايمو ُب اليمن كلو كدانت لو الرقاب‪.3‬‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،412‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،133‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.270/4 ،‬‬
‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،270/4 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،133‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.412‬‬
‫‪ 1‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.262/0 ،‬‬
‫‪364‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الثاين‬
‫ادلعارضة الطاىرية للملك عبدالوىاب بن داوود‬

‫منذ أتسيس الدكلة الطاىرية كاف ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر كأخيو ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر‪ ،‬حريصاف‬
‫كل ا‪٢‬برص على ٘بنب كقوع أم صراعات بينهما على عرش ا‪٢‬بكم‪ ،‬مستفيدين ‪٩‬با حدث من‬
‫صراعات كتنافس بْب آخر ملوؾ الدكلة الرسولية على العرش‪ ،‬ألف ذلك كاف من أىم أسباب اهنيار‬
‫الدكلة الرسوليةُ‪.‬‬
‫كرغم كل ىذه اإلحتياطات الٍب عمل هبا ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر كحاكال أف يؤصبلىا ُب أبناءٮبا كمن‬
‫بعدٮبا من األسرة الطاىرية‪ ،‬إال أف ذلك دل ٯبدم نفعان‪ ،‬فما إف مات ا‪٤‬بلك اجملاىد حٌب انفجر الصراع‬ ‫ى‬
‫بْب الطاىرييْب كعانوا منو كثّبان كأسبلفهم الرسوليْب‪ ،‬ككاف أكؿ ا‪٣‬بارجْب على ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ىم أبناء‬
‫ا‪٤‬بلك عامر كعلى رأسهم يوسف بن عامر كإبراىيم بن عامر‪ ،‬كُب ىذا الفصل سنورح أسباب ىذا‬
‫ا‪٣‬بركج كتداعياتو على الدكلة الطاىرية كهنايتو‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬بداية الصراع الطاىري‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬مترد أبناء ادللك عامر بن طاىر على ادللك ادلنصور‬
‫ادلبحث الثالث‪ :‬هناية الشيخ يوسف بن عامر وسجنو‬
‫ادلبحث الرابع‪ :‬مترد الشيخ إبراىيم بن عامر بن طاىر‬

‫‪ 1‬اتزخي ادلوةل اًعاُصًة‪ ،‬دمحم ٔبمحس ملدي اًفِعًل‪ ،‬ض‪.47‬‬


‫‪365‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫بداية الصراع الطاىري‬

‫مر معنا أنو كمنذ أتسيس الدكلة الطاىرية كاف ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر كأخيو ا‪٤‬بلك عامر بن‬ ‫ٌ‬
‫طاىر‪ ،‬حريصاف كل ا‪٢‬برص على ٘بنب كقوع أم صراعات بينهما على عرش ا‪٢‬بكم‪ ،‬مستفيدين ‪٩‬با‬
‫حدث من صراعات كتنافس بْب آخر ملوؾ الدكلة الرسولية على العرش‪ ،‬ألف ذلك كاف من أىم‬
‫أسباب اهنيار الدكلة الرسوليةُ‪.‬‬
‫فقد ك اف ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر يعلماف أف بداية اهنيار ا‪٤‬بمالك كانقضائها ىو ا‪٣‬ببلؼ األسرم الذم‬
‫يفرؽ ا‪١‬بهود كيشتتها كيضعف قوهتم‪ ،‬لذا فقد عمل بنو طاىر منذ بداية حكمهم ببعض القواعد‬
‫خشية بركز صراع بينهم على السلطة‪ ،‬من بينها اشَباؾ السلطاف الظافر عامر األكؿ كالسلطاف اجملاىد‬
‫على القياـ معان أبمور السلطنةِ‪.‬‬
‫لذلك كاف ا‪٤‬بلكاف اجملاىد كالظافر متقا‪٠‬باف السلطة منذ استيبلءٮبا على عدف كتعز‪ ،‬فيذكر ا‪٤‬بؤرخ‬
‫خّب الدين الزركلي أف ا‪٤‬بلك اجملاىد اشَبؾ مع أخيو عامر ُب إنشاء دكلتهم على أنقاض الدكلة‬
‫الرسولية‪ ،‬كاقتسما بينهما الببلد‪ ،‬فأخذ علي أرض هتامة من حرض إذل حيس‪ ،‬مدهنا كبنادرىا كبرىا‬
‫كٕبرىا مع ما يتصل بذلك من جزائر فرساف ككمراف‪ ،‬كأخذ عامر من حيس إذل عدف كما يلحق بذلك‬
‫من ا‪١‬بباؿ كتعز كإب كجبلة‪ ،‬كرم إليها من ببلد الزيدية ذمار كما حولوّ"‪.‬‬
‫كحٌب عندما جرت الوحشة بْب ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر ُب عاـ ٖٖٔىػ‪ ،‬دل يظهر ا‪٤‬بلكْب ا‪٤‬بؤسسْب‬
‫ذلك كدل يكن ذلك سببان للصراع على ا‪٤‬بلك‪ ،‬بل إف كل كاحد منهما أراد أف يؤثر أخاه اب‪٤‬بلك كيَبؾ‬
‫السلطة‪.‬‬
‫كلكن كرغم كل ىذه اإلحتياطات الٍب عمل هبا ا‪٤‬بلكْب اجملاىد كالظافر كحاكال أف يؤصبلىا ُب أبناءٮبا‬
‫بعدٮبا من األسرة الطاىرية‪ ،‬إال أف ذلك دل ٯبدم نفعان‪ ،‬فما إف مات ا‪٤‬بلك اجملاىد حٌب انفجر‬ ‫كمن ى‬
‫الصراع بْب الطاىرييْب كعانوا منو كثّبان كأسبلفهم الرسوليْب‪.‬‬

‫‪ 1‬اتزخي ادلوةل اًعاُصًة‪ ،‬اًفِعًل‪ ،‬ض‪.47‬‬


‫‪ 0‬اًوحوذ املمَويك يف اٍمين‪ٔ ،‬بمحس سامل جن صُدان‪ ،‬ض‪.61‬‬
‫‪ 1‬ا ٔلؿالم‪ ،‬ذري ادلٍن اًززلكي‪.075/2 ،‬‬
‫‪366‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫"كيظهر أف نظاـ ا‪٢‬بكم الوراثي ٰبمل ُب طياتو أسباب ىذه الصراعات‪ ،‬فأمراء األسرة ا‪٢‬باكمة‬
‫ٰبصلوف على نصيب كبّب من التعليم إذا ما قورنوا بيّبىم من عامة الناس‪.‬‬
‫كيتدربوف على ‪ٞ‬بل السبلح ككل فنوف ا‪٢‬برب كالقتاؿ‪ ،‬كييقلدكف مناصب عسكرية كمدنية‪ ،‬فيكوف‬
‫األمّب ُب اليالب قائدان عسكراين أك كاليان أك اإلثناف معان‪.‬‬
‫فيحتكم كل أمّب على عدد من ا‪١‬بند كاألتباع‪٩ ،‬با ٱبلق فهمان لدل بعض منهم ابمتبلكهم مقدرات‬
‫أفضل ‪٩‬با ىي لدل السلطاف ا‪٢‬بارل‪ ،‬فينافسونو ُب ا‪٢‬بكم"ُ‪.‬‬
‫كقد كاف بداية الصراع بْب األسرة الطاىرية‪ ،‬على إثر كفاة ا‪٤‬بلك اجملاىد كالذم دل يكن لو عقب أكالد‬
‫يرثونو السلطة أك غّبىا‪ ،‬ككاف األمر ‪٧‬بصور بْب أبناء اخوتو من األسرة الطاىرية‪ ،‬إال أننا سبق كأف‬
‫ذكر ا أبف ا‪٤‬بلك اجملاىد قد حسم مسألة ا‪٤‬بلك ككالية العهد‪ ،‬عندما عهد ابلسلطة كُب كقت سابق‬
‫‪٤‬بوتو إلبن أخيو الشيخ عبدالوىاب بن داككد بن طاىر‪ ،‬كذلك ُب عاـ ٕٕٖىػ ِ‪.‬‬
‫كهبذا كاف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كليان للعهد قبل كفاة عمو بست سنوات تقريبان‪ ،‬فقد عهد إليو عمو ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد اب‪٤‬بلك من بعده كابيعو العرب على السمع كالطاعة كحلفوا لو‪ ،‬كدل يكن ىناؾ معارض على ما‬
‫قاـ إب‪ٚ‬باذه ا‪٤‬بلك اجملاىد حينئذ من تولية ا‪٤‬بنصور الوالية من بعده‪ ،‬ال من العرب كال من األسرة‬
‫الطاىرية‪ ،‬ككذلك دل يكن ىناؾ أم معاررة من أبناء ا‪٤‬بلك عامر األكؿ سواءن الشيخ يوسف بن عامر‬
‫أك إخوانو اآلخرين‪ ،‬فلم تشر ات‪٤‬بصادر التارٱبية إذل أم إعَباض بدر من قبل أبناء ا‪٤‬بلك عامر‪ ،‬كقد‬
‫يرجع ذلك ‪٥‬بيبتهم كاحَبامو الشديد عمهم ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر فلم يبدكا أم اعَباض ُب‬
‫حياتو‪ ،‬كرٗبا يرجع أيضان إذل موافقتهم ا‪٤‬ببدئية على أف يكوف ابن عمهم عبدالوىاب بن داكد حاكمان‬
‫للدكلة الطاىرية‪.‬‬

‫‪ 1‬اًوحوذ املمَويك يف اٍمين‪ٔ ،‬بمحس سامل جن صُدان‪ ،‬ض‪.60‬‬


‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.122‬‬
‫‪367‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫مترد أبناء ادللك عامر بن طاىر على ادللك ادلنصور‬

‫عندما توذل السلطاف عبدالوىاب بن داككد بن طاىر السلطة تلقب اب‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬كقد استشعر‬
‫ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور منافستو ُب ا‪٢‬بكم من بعض أفراد األسرة الطاىرية‪ ،‬لذا فقد كتم خرب كفاة عمو ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد‪ ،‬كخرج ليلة كفاة عمو سران إذل عدف‪ ،‬بعد أف ابيعو أخوانو كأبناء أعمامو الذين حضركا الوفاة‬
‫كتبعتو عساكره‪ ،‬كبعد أف أطمأف إذل استقرار األكراع ُب ا‪٤‬بدينة أعلن كفاة عمو ا‪٤‬بلك اجملاىدُ‪.‬‬
‫كرغم ذلك كلو إال أف أبناء ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر كعلى رأسهم الشيخ يوسف بن عامر‪ ،‬كانوا أكؿ‬
‫ا‪٤‬بعاررْب للملك ا‪٤‬بنصور ُب توليو ا‪٤‬بلك‪.‬‬
‫كقد كاف للملك عامر بن طاىر العديد من األبناء‪ ،‬كيذكر ا‪٤‬بؤرخ السخاكم أنو خلف سبعة ذكور قاـ‬
‫أخوه ا‪٤‬بلك اجملاىد بكفالتهم كمصا‪٢‬بهم حٌب ماتِ‪ ،‬برز منهم ُب ىذا الصراع األسرم على السلطة‬
‫يوسف كأ‪ٞ‬بد كإبراىيم كعبدهللا كعمر كدمحم‪.‬‬
‫أما أ‪ٞ‬بد بن عامر فقد كاف مواليان للملك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬كحافظان للعهد الذم أخذه منهم ا‪٤‬بلك اجملاىد ُب‬
‫تولية ا‪٤‬بنصور من بعده‪ ،‬كدل يعارض ذلك أبدان حٌب قتل كما سيأٌب معنا‪ ،‬بل إنو قد سعى للصلح‬
‫كالتوفيق بْب ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كأخوه يوسف بن عامر‪ ،‬حٌب ال يفَبؽ مشل األسرة الطاىرية‪ ،‬فيتشتت‬
‫أمرىم كينزع ملكهم كتذىب رٰبهم‪.‬‬
‫كلكن أبناء ا‪٤‬بلك عامر أبوا اإلعَباؼ بتورل ا‪٤‬بنصور للملك كالسلطنة‪ ،‬ككانوا يركف ُب أنفسهم ا‪١‬بدارة‬
‫لذلك ككاف على رأس ىؤالء الشيخ يوسف بن عامر‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬مكانة الشيخ يوسف بن عامر‪ :‬ىو الشيخ يوسف ابن ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر بن معورة كالده‬
‫مر معنا مقتل ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر على أبواب صنعاء‪.‬‬
‫كاف أحد مؤسسي الدكلة الطاىرية‪ ،‬كقد ٌ‬
‫كا‪٢‬بقيقة أف الشيخ يوسف بن عامر كاف من أبرز الشخصيات ُب األسرة الطاىرية‪ ،‬ككانت لو صفات‬
‫جيدة ك‪ٞ‬بيدة‪ ،‬ككذلك كاف لو دكر ابرز ُب استقرار الدكلة الطاىرية ُب عصر عمو ا‪٤‬بلك اجملاىد‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،133‬كصت اًـَون‪ً ،‬يفس املؤًف‪.‬‬
‫‪ 0‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.174/0 ،‬‬
‫‪368‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككذلك ال ننسى أبنو ابن ا‪٤‬بلك الظافر عامر األكؿ مؤسس الدكلة الطاىرية‪ ،‬لذلك كلو فإنو كاف يرل‬
‫ُب نفسو أبنو أكذل من غّبه بتورل ا‪٤‬بلك‪ ،‬كجدير أبف يتزعم بِب طاىر‪.‬‬
‫كقد كاف لو دكر كبّب كما ذكر ا ُب إرساء ا‪٢‬بكم ُب الدكلة الطاىرية‪ ،‬فقد توذل إمارات كأعماالن خبلؿ‬
‫حكم عمو ا‪٤‬بلك اجملاىد‪.‬‬
‫كقد كاف الشيخ يوسف مصاحبان لعمو ا‪٤‬بلك اجملاىد كمبلزمان لو‪ ،‬ففي سنة ٖٕٖىػ قدـ بصحبة ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد إذل زبيد‪ٍ ،1‬ب إف عمو ا‪٤‬بلك اجملاىد رأل فيو صبلحيتو لتورل شؤكف ا‪٢‬بكم كاإلمارة‪.‬‬
‫فقد توذل الشيخ يوسف بن عامر‪ ،‬كالية زبيد من قبل عمو ا‪٤‬بلك اجملاىد ُب شهر شعباف من عاـ‬
‫ٕٖٗىػ‪ ،‬ككاف أكؿ ما قاـ بو ىو قمع ا‪٤‬بتمردين ا‪٤‬بعازبة ببيت األكيد إذل بلدىم ككسرىم كسرة شنيعة‪،‬‬
‫كقتل منهم فوؽ العشرين كانتهب بيوهتم كمواشيهم‪ ،‬كدخل برؤكسهم زبيد‪.2‬‬
‫كمن األعماؿ الٍب قاـ الشيخ يوسف بن عامر إلرساء حكم الدكلة الطاىرية ُب عاـ ُٖٖىػ‪ ،‬قمع‬
‫ا‪٤‬بفسدين من بِب سليماف كالذين كانوا يقطعوف الطريق كيفسدكف ُب األرض بطريق تعز‪ ،‬كتسلم‬
‫حصوهنم كقتل منهم ‪ٝ‬باعة‪ ،‬كأخرب معاقلهم‪.3‬‬
‫كمن األعماؿ الٍب قاـ بو الشيخ يوسف بن عامر على ا‪٤‬بستول السياسي‪ ،‬كبعيدان عن األعماؿ‬
‫العسكرية‪ ،‬استقبالو للوفود من كل مكاف‪ ،‬من قبائل اليمن كمن خارجها‪.‬‬
‫ففي عاـ ِٖٖىػ كاف خركجو من زبيد إذل الببلد الشامية‪ ،‬كاستقر ابلقرار ككفدت إليو قبائل العرب‬
‫فأجازىم ٔبوائز سنية‪ٍ ،‬ب قبض خراجي البلد‪ ،‬من الزيدية إذل قريب حرض‪ ،‬كحصل ماالن جزيبلن كخيبلن‬
‫تنيف على األربعْب‪ ،‬كرجع إذل زبيد منصوران‪.4‬‬
‫كُب نفس العاـ كذلك قدـ كلد صاحب جازاف إذل زبيد‪ ،‬كذلك بعد ىزٲبتهم الٍب ‪٢‬بقت هبم من قبل‬
‫صاحب مكة الشريف دمحم بن بركات‪ ،5‬كهبا يومئذ الشيخ يوسف بن عامر‪ ،‬فكساه كانعم عليو كسّبه‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.311‬‬


‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،126‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.310‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،311‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.131‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،131‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.311‬‬
‫‪ 3‬ويف هفس اًـام اذلي كسم تَ إىل ادلوةل اًعاُصًة يف صِص زتَؽ ا ٔلول من ‪ُ 660‬ػ‪ ،‬اكهت كس حصث وكـة خاسان‪ ،‬وركل ٔبن اًرشًف دمحم جن‬
‫جصاكث ظاحة مىة وكؽ تٌَُ وتني ا ٔلمري ٔبمحس جن ذًة ظاحة خاسان وحضة ثسخة مضِوز‪ ،‬فذجِز ظاحة مىة تـسىص ؾؼمي ويف‬
‫ؾؼ‬
‫حصحخَ ػـيَ وسوخاثَ وزسازًَ هن تعححخَ يف اذلج‪ ،‬فوظي إىل واذي خاسان وحصذذث اًصسي تُهنٌل فمل ًًذؼم ظَح‪ ،‬ووكؽ تُهنٌل وكـة مية‬
‫ان زم فهيا ظاحة خاسان تـس ٔبن كذي حٌلؿة من ٔبحصاتَ ووىل ُاز ًاب‪ ،‬فاسدداخ ظاحة مىة خاسان و ٔبَُِا و ٔبحصكِا و ٔبدصة سوزُا‪ ،‬وحصوِا‬
‫ذاوًة ؿىل ؾصوصِا‪ ،‬وحصى ؿىل ٔبُي خاسان من اذلل والُٕاهة وُخم اذلجاة ووضف اًـوزاث ما مل خيعص تحال بٔحس‪ ،‬ون حت دزائيَ وفهيا‬
‫‪369‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫إذل عمو ا‪٤‬بلك اجملاىد بعدف‪ُ ،‬ب ‪ٝ‬بلة فرساف‪ ،‬فلقيو هبا كأنعم عليو كأعطاه ماالن جزيبلن‪ ،‬كرده إذل بلده‬
‫مكرمان‪.1‬‬
‫كيتضح لنا من خبلؿ األعماؿ الٍب قاـ هبا الشيخ يوسف بن عامر‪ ،‬أنو كاف من رجاؿ الدكلة الطاىرية‬
‫ا‪٤‬بعددكين‪ ،‬كأنو كاف ذك منصب كجاه كسلطة كقوة كنفوذ‪.‬‬
‫لذلك كلو كاف من ا‪٤‬برشحْب كا‪٤‬بتوقع ‪٥‬بم أف يتولوا ا‪٤‬بلك بعد كفاة ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر‪ ،‬ال‬
‫سيما كأف ا‪٤‬بلك اجملاىد دل يكن لو أبناء ٱبلفونو ُب ا‪٤‬بلك‪ ،‬ككاف التنافس قواين بْب أبناء أخوتو‪ ،‬كخاصة‬
‫بْب الشيخ يوسف بن عامر كابن عمو ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب بن داكد‪ ،‬بل إف الشيخ يوسف بن عامر‬
‫كاف يرل ُب نفسو خصلة ٘بعلو األكذل ُب تورل ا‪٤‬بلك‪ ،‬كىي أنو ابن مؤسس الدكلة الطاىرية كقاىر‬
‫أعدائها كموسع نفوذىا‪ ،‬ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن طاىر‪ ،‬لذلك كلو قامت ثورة الشيخ يوسف بن عامر‬
‫رد ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬كأىب أف يستسلم أك ٱبضع للملك ا‪٤‬بنصور‪.‬‬
‫اثنياً‪ :‬مترد الشيخ يوسف بن عامر‪ :‬بعد أف توذل ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب بن داكد السلطة مباشرة‪،‬‬
‫كاف أكؿ ما قاـ بو ىو التوجو إذل مدينة عدف‪ ،‬كىي أىم مدينة ٲبنية ُب ذلك الوقت ألٮبيتها التجارية‬
‫كاإلقتصادية‪ ،‬فلما ‪ٛ‬بكن منها كأخذ العهود كا‪٤‬بواثيق من أىلها كمن نقباء القبائل فيها‪ ،‬بدأ يلتفت إذل‬
‫بقية ا‪٤‬بدف األخرل ُب أقاليم اليمنِ‪.‬‬
‫ككاف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور قد اتفق مع من حضر معو كفاة ا‪٤‬بلك اجملاىد‪ ،‬على كتم كإخفاء خرب كفاة ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد‪ ،‬حٌب ال يثور الناس كينقض العهد من كاف ُب قلبو مرض‪ ،‬كليتمكن ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور من إرساء‬
‫ا‪٢‬بكم ُب الببلد‪ ،‬ككاف من أبرز ا‪٤‬بوجودين ُب جنب عند كفاة ا‪٤‬بلك اجملاىد ٔبانب ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‬
‫عبدالوىاب بن داكد‪ ،‬الشيخ عبدا‪٤‬بلك بن داكد كالشيخ أ‪ٞ‬بد بن عامر بن طاىر كالفقيو يوسف‬
‫ا‪٤‬بقرم‪ ،‬كُب سبيل التمكْب للملك ا‪٤‬بنصور كقمع ا‪٤‬بتمردين‪ ،‬اتفق ا‪٤‬بذكورين على اآلٌب‪:‬‬
‫مر معنا ُب‬
‫ُ‪ .‬يتوجو ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور إذل عدف‪ ،‬للحفاظ على نفوذ الدكلة الطاىرية فيها‪ ،‬كقد ‪٪‬بح كما ٌ‬
‫ذلك‪.‬‬

‫من اًىذة اًيفُسة يشء ؾؼمي ومن اًسالخ واًثَاة ما مجـَ ٔبتوٍ وخسٍ‪ ،‬واكهت كعة ؾؼمية ول حول ول كوت إل ابهلل‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬كصت اًـَون‬
‫تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.310‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.131‬‬
‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،270/4 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،133‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.412‬‬
‫‪371‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ِ‪ .‬يتوجو الشيخ أ‪ٞ‬بد بن عامر ُب نفس الوقت إذل مناطق إب كىي بعداف كالشواُب‪ ،1‬كقد ‪٪‬بح‬
‫الشيخ أ‪ٞ‬بد بن عامر ُب مهمتو‪ ،‬كىي إرساء السلطة للملك ا‪٤‬بنصور ُب تلك ا‪٤‬بناطق‪ ،‬كاستطاع أف‬
‫أيخذ الوالء كالعهود من القبائل للمنصور‪.‬‬
‫ّ‪ .‬يتوجو الفقيو يوسف ا‪٤‬بقرم إذل مدينة تعز‪ ،‬كذلك ألٮبيتها فقد كانت من كربل ا‪٤‬بدف اليمنية‪،‬‬
‫كىي إذل عهد قريب عاصمة الدكلة الرسولية‪ ،‬كلكن الفقيو يوسف ا‪٤‬بقرم دل ينجح ُب مهمتو‪،‬‬
‫كذلك بسبب امتناع الشيخ يوسف بن عامر عن الطاعة كا‪٣‬بضوع للملك ا‪٤‬بنصور‪.‬‬
‫فعندما توجو الفقيو يوسف ا‪٤‬بقرم إذل تعز كاف يقطن تعز ُب ذلك الوقت أـ يوسف بن عامر‬
‫كأكالدىا‪ ،‬ككانوا من ا‪٤‬بعاررْب للملك ا‪٤‬بنصور‪.‬‬
‫"فلما كصل ا‪٤‬بقرم إذل تعز ك‪ٙ‬بقق أىلها موت ا‪٤‬بلك اجملاىد ىاج الناس فأعلمهم ا‪٤‬بقرم ابستقامة‬
‫ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور لكونو أكربىم كأرشدىم كأصلحهم ‪٥‬بذا الشأف‪ ،‬ككانت أـ يوسف بن عامر كأكالدىا‬
‫بقلعة تعز‪ ،‬فشحنوا ا‪٢‬بصن كدل يوافقهم قوؿ ا‪٤‬بقرم كٮبوا بو‪ ،‬فخرج إذل جبا‪."2‬‬
‫كمن ىنا كاف ابتداء اإلنقساـ لؤلسرة الطاىرية‪ ،‬كالتمرد ألبناء الشيخ عامر بن طاىر رد ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بنصور‪ ،‬كقد كاف ألـ يوسف بن عامر دكر كبّب كما الحظنا ُب ترسيخ ىذا الصراع األسرم‪ ،‬ككاف‬
‫الشيخ يوسف بن عامر آنذاؾ ُب مدينة زبيد‪ ،‬يتواصل مع كالدتو كأخوانو ُب تعز‪ ،‬كيَبقب األحداث‬
‫مر معنا‪.‬‬
‫اض بتورل ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كما ٌ‬‫غّب ر و‬
‫كا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ال يزاؿ ُب عدف يثبت هبا سلطانو‪ ،‬كيرقب ما تسفر عنو األمور ُب تعز‪.‬‬
‫للملك‪،‬‬
‫يقوؿ العبلمة ا‪٤‬بؤرخ عبدالر‪ٞ‬بن ابن الديبع ُب األحداث الٍب جرت بعد تورل ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ي‬
‫كعدـ امتثاؿ الشيخ عامر ككراىيتو كعدـ ررائو بذلك‪" :‬ككاف ابن عمو الشيخ يوسف بن عامر إذ‬
‫ذاؾ بزبيد‪ ،‬فكاتبو ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور اب‪٤‬ببلطفة‪ ،‬ككعده بتقريره على ما كاف عليو زمن عمو ا‪٤‬بلك اجملاىد‪،‬‬
‫كأرسل لو ٗباؿ صحبة الشرؼ األ‪ٞ‬بر فأىب ذلك ك ابذه كأستعد لقتالو‪ ،‬كأصر على خبلفو كنزع اليد‬
‫عن طاعتو"‪.3‬‬
‫فلما رأل ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور أنو ال فائدة إلستمالة الشيخ يوسف أعد العدة للقضاء على ىذا التمرد‪،‬‬
‫ك‪ٙ‬بقيق اإلستقرار للدكلة الطاىرية‪.‬‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض ‪.314‬‬


‫‪ 0‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.314‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،412‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.134‬‬
‫‪371‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫" فخرج ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور من مدينة عدف ك‪ٞ‬بل ما كجد من خزائنها إذل ا‪٤‬بقرانة كمبليها من الذىب ينيف‬
‫على ‪ٟ‬بسة لكوؾ‪ ،‬كمن نقد البلد الفضة مبلغ جزيل‪ ،‬فأكصل ذلك إذل ا‪٤‬بقرانة‪."1‬‬
‫"ٍب توجو إذل تعز كأطاعو من هبا‪ ،‬فاستوذل على قلعة تعز كأنزؿ ا‪٤‬بتيلبْب هبا‪ ،‬فتبلشى أمرىم‪."2‬‬
‫كهبذا قضى على ا‪٤‬بتمردين ُب تعز‪ ،‬كأحكم السيطرة عليها كعلى قلعتها‪ ،‬كدل يبقى للشيخ يوسف إال‬
‫زبيد كبعض مناطق هتامة‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬ىزمية الشيخ يوسف بن عامر واإلستيالء على زبيد‪٤ :‬با علم الشيخ يوسف ابستيبلء ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بنصور على تعز‪ ،‬أستعد لذلك كأحكم األمور ُب تصوره ُب زبيد‪" ،‬كشحن ا‪٢‬بجارة على الدركب‪،‬‬
‫ككلف أىل زبيد ‪ٞ‬بل السبلح كطلوع الدركب‪ ،‬كأكرث الناس متاعب‪ ،‬كأكثر التوعدات ألىل زبيد‬
‫ابلنهب كغّب ذلك إف دل ينصركه‪ ،‬كأمر ا‪٣‬بطيب أف ٱبطب لبِب طاىر على العموـ‪."3‬‬
‫"ٍب أف ا‪٤‬بنصور توجو من تعز إذل زبيد كُب صحبتو الشيخ أ‪ٞ‬بد بن عامر‪ ،‬فوصل إذل ظاىر زبيد ليلة‬
‫اثين عشر ‪ٝ‬بادل األكذل من سنة ّٖٖىػ‪.4‬‬
‫كا‪٢‬بقيقة أف أىارل زبيد كا‪١‬بنود الطاىريْب كانوا ُب ابطنهم مع ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كظاىرىم مع الشيخ‬
‫يوسف‪ ،‬كما يبدك ىذا كارحان من الركاايت التارٱبية الٍب كصلت إلينا من ا‪٤‬بؤرخ ابن الديبع‪ ،‬كأف‬
‫ا‪٥‬بزٲبة الٍب ‪٢‬بقت ابلشيخ يوسف بن عامر‪ ،‬بسبب أف اتباع الدكلة الطاىرية دل يكونوا يريدكف خوض‬
‫ىذه ا‪٢‬برب بْب األسرة الطاىرية‪.‬‬
‫يقوؿ ا‪٤‬بؤرخ العبلمة ابن الديبع‪" :‬فطلب الشيخ يوسف ا‪١‬بند الذين معو كندهبم إذل ا‪٢‬برب فأجابوه‪،‬‬
‫كىم مضمركف خبلفو‪ ،‬فلما غابت الشمس كأغلقت األبواب ُب ا‪٤‬بدينة ككقف ىو بباب القرتب مقاببلن‬
‫حملطة ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور فلما خرجوا من الباب كأخرج العبيد إذل ظاىر زبيد ‪٢‬براسة الدرب‪٩ ،‬بن عساه أف‬
‫يتسور من عسكر ا‪٤‬بنصور‪ ،‬فلما خرجوا من الباب كجاكزكا ا‪١‬بند أظهركا ا‪٣‬ببلؼ كتوجهوا إذل ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بنصور‪ ،‬فجاءه ا‪٣‬برب بذلك فانزعج كخرج لردىم‪.5‬‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،271/4 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،134‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،314‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪،‬‬
‫ض‪.412‬‬
‫‪ 0‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.314‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،134‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.271/4 ،‬‬
‫‪ 2‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.314‬‬
‫‪ 3‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.314‬‬
‫‪372‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٍب يقوؿ ُب مصدر آخر‪" :‬كقاـ الشيخ ٕبّب بن دمحم بن كىباف ُب ىذا األمر قيامان عظيمان‪ ،‬ككاف ابطنو‬
‫مع ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كظاىره مع الشيخ يوسف‪ ،‬فلما ‪ٙ‬بقق الشيخ يوسف ذىاب العبيد إذل ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بنصور علم أنو ميلوب ال ‪٧‬بالة‪ ،‬كأنو ال طاقة لو على مقابلة ابن عمو‪ ،‬فخرج لّبد العبيد‪ ،‬فأغلق‬
‫الشيخ ٕبّب ُب كجهو الباب‪ ،‬فرجع يريد فتح الباب فلم ينفتح لو‪ ،‬فتوجو إذل حصن قوارير‪ 1‬ككاف قد‬
‫شحنو ٗبا ٰبتاج إليو"‪.2‬‬
‫"ككانت ليلة مظلمة فلم ٯبد من يرشده الطريق‪ ،‬ككاف معو ‪ٟ‬بسة فرساف فأشاركا عليو ابلتوجو إذل ابن‬
‫عمو كتسليم األمر إليو"‪.3‬‬
‫"كأمر الشيخ ٕبّب أصحاب األبواب ابلدعاء ابلنصر للملك ا‪٤‬بنصور ٍب أشار على الشيخ يوسف بن‬
‫عامر بعض خواصو ابلرجوع إذل طاعة ابن عمو‪ ،‬كتسليم األمر إليو‪ ،‬فذىب إليو إذل ‪٧‬بطتو تلك الليلة‪،‬‬
‫فلما كصل إذل احملطة‪ ،‬كقيل ىذا الشيخ يوسف ماجت احملطة‪ ،‬كارطرب الناس ظنان أنو جاء ‪٢‬برب‪،‬‬
‫فلما ظهر ا‪٢‬باؿ سكن الناس‪ ،‬فدخل على ابن عمو كسلم عليو‪ ،‬فعاتبو عتاابن لطيفان كقابلو ابإلكراـ‬
‫كاإلحساف‪."4‬‬
‫"كقاؿ لو‪ :‬اي يوسف ما الذم سويت بك حٌب تفعل مثل ىذا‪."5‬‬
‫"كأمره ابلتوجو إذل خيمة أخيو أ‪ٞ‬بد كالنوـ عنده ففعل‪ ،‬كدخل صحبتو ُب دخولو زبيد يوـ الثبلاثء‬
‫الثاين عشر من ‪ٝ‬بادم األكذل‪ ،‬دخوالن معظمان ُب عساكر كثّبة‪ ،‬من ا‪٣‬بيل ‪٫‬بو ‪ٟ‬بسمائة فارس‪ ،‬كمن‬
‫الرجاؿ مثل ذلك فأقاـ ُب زبيد مدة ٲبهد قواعدىا‪ ،‬كيقرر أمورىا ككفدت إليو قبائل العرب فأجزؿ‬
‫صبلهتا كل ىذا كابن عمو الشيخ شهاب الدين أ‪ٞ‬بد بن عامر ُب صحبتو‪ ،‬إال دخوؿ مدينة عدف‪،‬‬
‫فإنو دخلها بعده الشتيالو بدفن عمو ك‪ٝ‬بع العساكر‪."6‬‬

‫‪ 1‬حعن كوازٍص‪ :‬حعن مضِوز يف حدي ادلارش من مسٍصًة وظاة اًسافي وبٔؾٌلل حمافؼة رماز‪ ،‬وُو من اذلعون امليَـة وًعي ؿىل مسًية‬
‫ستَس من رشكهيا‪ ،‬اكهت فَِ كعوز ومداين صاخمة حصحؽ إىل اًلصن اًخاسؽ اًِجصي‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬مـجم اًحدلان واًلدائي اٍمييَة‪ ،‬امللحفي‪.1121/0 ،‬‬
‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،412‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،136‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.271/4 ،‬‬
‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،271/4 ،‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.315‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،136‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.271/4 ،‬‬
‫‪ 3‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،412‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.315‬‬
‫‪ 4‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.135‬‬
‫‪373‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٍب إف الشيخ يوسف اشتد غمو كدل يرزؽ صربان‪" ،1‬فلم يطب لو ا‪٤‬بقاـ بزبيد‪ ،‬كاشتد غمو كعظم كربو‬
‫ك‪ٚ‬بوؼ من ابن عمو ‪٤‬با سبق منو‪ ،‬فاستشفع إليو أبخيو الشيخ أ‪ٞ‬بد ك‪ٞ‬بل إليو القرآف ليفسح لو ُب‬
‫ا‪٣‬بركج كالذىاب حيث يشاء‪ ،‬ففعل بعد امتناع شديد‪ ،‬حياءن من الشيخ أ‪ٞ‬بد كمراعاة لو‪.‬‬
‫فخرج يوـ األربعاء اثين دخوؿ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كخرج ُب صحبتو ا‪٢‬باج دمحم صاحب الذراع‪ ،‬كالشيخ ‪٧‬برـ‬
‫العنسي "ُب ‪٫‬بو ‪ٟ‬بسْب رجبلن‪ ،‬فكاد أف يفتك هبما لشدة غيظو فوصل إذل بندر البقعة كقد أعدت لو‬
‫ىناؾ سفينة‪ ،‬فركبها يوـ ا‪٣‬بميس رابع عشر الشهر ا‪٤‬بذكور‪."2‬‬
‫"ٍب ركب البحر كتوجو ‪٫‬بو مكة فوصل إذل صاحبها الشريف دمحم بن بركات‪ ،‬ككاف ازالن قريبان منو‬
‫فأكرمو كدل يساعده إذل شيء ‪٩‬با طلبو‪ ،‬فرجع إذل جازاف ٍب إذل أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث بن حفيظ فأكرمو‬
‫كزكجو ابنتو كأقاـ عنده‪."3‬‬
‫ككاف قد أكدع ماالن كثياابن كسبلحان عند ‪ٝ‬باعة من أىل زبيد‪ ،‬كالقاري علي بن أ‪ٞ‬بد الناشرم كا‪١‬بماؿ‬
‫الفهرم‪ ،‬كأشياء كثّبة ببيت الشيخ اليزارل‪ ،‬كأشياء عند الشيخ أ‪ٞ‬بد الشنيِب صاحب القرشية‪ ،‬فطالب‬
‫ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور هبا فسلموىا إليو إال القاري عليان فإنو أنكر ذلك فطلب ا‪٤‬بنصور ٲبينو فحلف‪ ،‬إذ كاف‬
‫ٯبوز لو ذلك كىو أعلم ٔبوازه‪ ،‬فكاف ذلك سبب سقوطو عند ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬فعزلو من القضاء‬
‫ابلقاري تقي الدين عمر بن عبداجمليد الناشرم‪ ،‬يوـ ا‪١‬بمعة منتصف ‪ٝ‬بادل األكؿْ‪.‬‬
‫ٍب إف الشيخ عبدالوىاب طلع ا‪١‬بهات العليا "كيقصد هبا ا‪٤‬بناطق ا‪١‬ببلية غّب التهامية"‪ ،‬فأقاـ هبا مدة‬
‫يقرر قواعد العدؿ فيها‪.‬‬
‫كاستقرت األكراع لفَبة من الزمن‪ ،‬كبدأ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ابإللتفات ألمور الببلد‪ ،‬كتقرير أكراعها كإدارة‬
‫شؤكف ا‪٢‬بكم‪ ،‬كقمع التمردات القبلية الٍب اشتدت بعد موت ا‪٤‬بلك اجملاىد‪ ،‬كخاصة ُب اقليم هتامة‪.‬‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.315‬‬


‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،272/4 ،‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،411‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.135‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،315‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،411‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.272/4 ،‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،135‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،315‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪،‬‬
‫‪.272/4‬‬
‫‪374‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثالث‬
‫هناية الشيخ يوسف بن عامر وسجنو‬

‫بعد أف استأذف الشيخ يوسف بن عامر من ا‪٤‬بلك عبدالوىاب بن داكد كخركجو من عنده‪ ،‬بلغ ُب‬
‫خركجو ذلك إذل قريب مكة‪ُ ،‬ب ا‪٤‬بكاف الذم كاف الشريف دمحم بن بركات ازالن فيو‪ ،‬فواجو الشريف‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫مر معنا‪.‬‬
‫فأكرمو كاحسن نزلو‪ ،‬فلبث عنده مدة كما ٌ‬
‫ٍب رجع إذل صاحب جازاف الشريف أيب اليواير‪ ،‬فأكرمو كذلك ‪٤‬با سبق منو من اإلحساف إليو كإذل‬
‫مر معنا زايرة صاحب جازاف للشيخ يوسف أثناء كاليتو ُب زبيد كإكرامو لو‪.‬‬ ‫كالده‪ ،‬كقد ٌ‬
‫كمر معنا أنو دخل ببلد بِب حفيص فأكرمو الشيخ أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث كأحسن نزلو‪ ،‬كزكجو بنتان لو‬ ‫ٌ‬
‫فلبث عندىم إذل أف نزؿ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كأخوه الشيخ أ‪ٞ‬بد بن عامر إذل مدينة زبيد‪ُ ،‬ب شهر شواؿ‬
‫من سنة ْٖٖىػ‪.‬‬
‫ككاف بِب حفيص من ا‪٤‬بتمردين على ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬كقد أعدكا العدة كأتىبوا لقتالو‪.‬‬
‫كيبدك أف الشيخ يوسف دل يكن موافقان ‪٥‬بم ُب ‪ٛ‬بردىم ىذا‪ ،‬رغم النسب الذم جرل بينو كبْب زعيم بِب‬
‫حفيص الشيخ أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث‪٥ ،‬بذا أراد ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور تنبيهو أبف ينحاز إليو كيَبؾ بِب حفيص‪.‬‬
‫يقوؿ ابن الديبع "ككاف الشيخ يوسف قد أذعن للصلح يظن أف بِب حفيص يريدكف ذلك‪ ،‬فلما دل‬
‫ٯبيبوا إليو أرسل ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور أ‪ٞ‬بد بن عامر إذل يوسف‪ ،‬كأمره أف يتحيز إليهما‪."2‬‬
‫"كقد خرج ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كالشيخ أ‪ٞ‬بد بن عامر مسرعْب من زبيد إذل ببلد بِب حفيص كحاكؿ ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بنصور صلحهم فلم ٯبيبوا إذل ذلك‪.‬‬
‫فقاتلهم يوـ ا‪٣‬بميس مستهل ذم القعدة ككاف الشيخ أ‪ٞ‬بد بن عامر ُب خيل عنس كطائفة من‬
‫العسكر‪ ،‬فلما حصلت ا‪٢‬بملة عليهم انكشفوا عنو‪ ،‬فشب بو الفرس ككاف مظاىران بْب درعْب‪ ،‬فسقط‬
‫عن فرسو كجرح جراحات مثخنة‪ ،‬فمات بعد ساعة ُب ذلك اليوـ‪ ،‬ك‪ٞ‬بل إذل قرية الضحى كىي قرية‬
‫الفقيو إ‪٠‬باعيل ا‪٢‬بضرمي‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.137‬‬


‫‪ 0‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.316‬‬
‫‪375‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫فيسل ككفن كصلي عليو هبا‪ٍ ،‬ب ‪ٞ‬بل إذل بيت الفقيو ابن عجيل‪ ،‬كدفن هبا مع السيد الفقيو أ‪ٞ‬بد بن‬
‫موسى بن عجيل ُب قربه‪ ،‬ر‪ٞ‬بهما هللا تعاذل كعورو ا‪١‬بنة‪.‬‬
‫ككاف ابطن الشيخ يوسف فيما قيل مع ابن عمو كأخيو‪ ،‬ككا ا قد أرسبل إليو أنو إذا التقى ا‪١‬بمعاف‬
‫‪ٞ‬بلت ك‪ٞ‬بلنا ككانت الدائرة على بِب حفيص فحمل ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ك‪ٞ‬بل الشيخ يوسف حٌب التقيا‪ٍ ،‬ب‬
‫كر الشيخ يوسف ىو كجند ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور على بِب حفيص فهزمهم كقتل منهم أكثر من أربعمائة‬
‫قتيل ٍب دخل الشيخ يوسف زبيد ُب صحبة ابن عمو ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ٍ ،‬ب طلع معو إذل تعزُ"‪.‬‬
‫كبعد طلوع ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور إذل تعز سن ْٖٖىػ‪ ،‬كبصحبتو الشيخ يوسف بن عامر أبايـ‪ ،‬ترجح‬
‫للمنصور القبض على الشيخ يوسف كجعلو بقلعة تعز‪ٍ ،‬ب نقلو إذل قلعة رداع العرش‪ ،‬فأقاـ ىنالك‬
‫حٌب انتقل إذل ر‪ٞ‬بة هللا تعاذل سنة ٖٖٗ ىػ‪."2‬‬
‫كرٗبا أنو قد ظهرت للمنصور منو مكيدة كما ذكر ا‪٤‬بؤرخْب ابن الديبع ُب اترٱبو بيية ا‪٤‬بستفيد كاب‪٨‬برمة‬
‫ُب قبلدة النحر‪ ،‬أفضت إذل القبض عليو بتعز كتقييده‪ُ ،‬ب أكائل سنة ٖٖٓىػ‪ ،‬كما يزاؿ ينقلو من‬
‫سجن إذل سجن‪ ،‬كمن بلد إذل بلد‪ ،‬حٌب استقر ُب رداع العرش إذل أف مات هباّ‪.‬‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،273/4 ،‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،411‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،137‬كصت‬
‫اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.316‬‬
‫‪ 0‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،317‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.411‬‬
‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،274/4 ،‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.137‬‬
‫‪376‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الرابع‬
‫مترد الشيخ إبراىيم بن عامر بن طاىر‬

‫دل يكن ‪ٛ‬برد الشيخ يوسف بن عامر آخر التمردات ألبناء ا‪٤‬بلك عامر‪ ،‬بل ظل أبناء ا‪٤‬بلك عامر يركف‬
‫ُب أنفسهم ا‪٢‬بق ُب تورل ا‪٤‬بلك‪ ،‬كدل تطب أنفسهم أف يسلموا للملك ا‪٤‬بنصور بزماـ األمور فلم يذعنوا‬
‫لو‪ ،‬كخاصة بعد أف ًب القضاء على أخيهم يوسف كالزج بو ُب قلعة رداع‪ ،‬فقد أراد أخيو إبراىيم رٗبا‬
‫‪ٚ‬بليصو من أسره‪ ،‬كقد ساءت األمور بينو كبْب ا‪٤‬بنصور ألسباب‪.‬‬
‫"ففي شهر ‪ٝ‬بادم األكذل من سنة ُٖٗىػ‪ ،‬خرج الشيخ إبراىيم بن عامر مياربان البن عمو ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بنصور‪ ،‬إذل بلد بِب حبيش‪.1‬‬
‫كُب ركاية أخرل إلبن الديبع أنو خرج عن طاعة ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور إذل بلد ‪ٟ‬بيس‪.2‬‬
‫كلكن يبدك أف ‪ٛ‬برد الشيخ إبراىيم دل يطل ‪ٛ‬برده‪ ،‬فسرعاف ما ًب القبض عليو "فلزمو النقيب دمحم‬
‫ا‪٢‬بفصي كأرسل بو إذل ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬فقيده كأكدعو دار األدب عند أخيو الشيخ يوسف‪ٕ ،‬بصن رداع‬
‫العرش‪ ،‬فلم يزؿ بو إذل ما بعد كفاة ا‪٤‬بنصور‪."3‬‬
‫كهبذا انتهت مرحلة من مراحل حكم ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬كانتهت التمردات الطاىرية من أبناء ا‪٤‬بلك عامر‬
‫بن طاىر‪ ،‬رد ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ُب حياتو‪ ،‬كلكنها ظهرت مرة أخرل ُب زمن ابنو ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن‬
‫عبدالوىاب‪ ،‬كسيأٌب معنا ذكر ذلك ُب سّبتو‪.‬‬
‫كقد خسرت األسرة الطاىرية ُب ىذه ا‪٤‬برحلة ا‪٤‬بريرة من الصراع األسرم‪ ،‬ثبلثة من أبناء ا‪٤‬بلك عامر‪،‬‬
‫الشيخ أ‪ٞ‬بد بن عامر كالذم قتل ُب الوقعة الٍب مع بِب حفيص‪ ،‬كالشيخ يوسف بن عامر كأخيو‬
‫إبراىيم كالذم انتهى األمر هبما ابلسجن ُب قلعة رداع‪.‬‬
‫كلو أف بِب طاىر استقاـ األمر بينهم كدل ‪ٙ‬بصل ىذه الفتنة بينهم لكاف ٲبكن اإلستفادة ‪٩‬بن فقدكا ُب‬
‫ىذا الصراع كىم أبناء ا‪٤‬بلك عامر‪ ،‬فقد كانوا قادة كرجاؿ سلطة كإمارة‪.‬‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،320/4 ،‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.150‬‬
‫‪ 0‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.300‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اًـالمة ؾحساًصمحن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،150‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.320/4 ،‬‬
‫‪377‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الثالث‬
‫التمردات القبلية يف هتامة‬

‫كاف أبرز التمردات القبلية الٍب حدثت بعد تورل ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور للحكم‪ ،‬ىو التمردات القبلية ُب هتامة‪،‬‬
‫مر معنا ذكر ‪ٛ‬بردىم كمقتل الشيخ‬ ‫ككاف أبرز ىذه القبائل كأشدىا ُب هتامة قبيلة بِب حفيص‪ ،‬كالذم ٌ‬
‫أ‪ٞ‬بد بن عامر ُب إحدل ا‪٤‬بواقع خبلؿ ىذا التمرد‪ ،‬كقد ‪ٛ‬بردت قبائل أخرل من هتامة‪ ،‬غّب أنو دل يكن‬
‫الصراع معها كالصراع مع بِب حفيص‪ ،‬لذا فإننا ُب ىذا الفصل سنقسمو إذل مبحثْب‪ ،‬سيكوف‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ حوؿ ‪ٛ‬برد بِب حفيص‪ ،‬كا‪٤‬ببحث الثاين حوؿ التمردات القبلية األخرل ُب هتامة‪.‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬مترد قبيلة بين حفيص الزيديني‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬التمردات القبلية يف هتامة‬

‫‪378‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫مترد قبيلة بين حفيص الزيديني‬

‫أوالً‪ :‬بدأ مترد قبيلة بين حفيص‪:‬‬


‫ساءت العبلقة بْب بِب حفيصُ الزيديْب كالدكلة الطاىرية حْب أجازكا يوسف بن السلطاف الظافر‬
‫عامر األكؿ ُب بداية عهد السلطاف ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب‪.‬‬
‫مر معنا أف الشيخ يوسف بن عامر بن طاىر كاف قد خرج على ابن عمو ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ٍب أهنما‬ ‫كقد ٌ‬
‫تصا‪٢‬با بواسطة أخيو الشيخ أ‪ٞ‬بد بن عامر‪ ،‬كخرج بعدىا الشيخ يوسف إذل مكة كمنها رجع إذل ببلد‬
‫بِب حفيص‪ ،‬ككانت أكؿ كقعة بْب ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كبِب حفيص ىي الٍب شارؾ فيها الشيخ يوسف‬
‫كقتل فيها أخيو الشيخ أ‪ٞ‬بد بن عامر‪ ،‬كقد تكبد فيها ا‪٢‬بفصيوف خسائر فادحة كىزموا شر ىزٲبة كقتل‬
‫منهم أكثر من أربعمائة قتيل‪.‬‬
‫كدل هتدأ قبائل بِب حفيص بعد ىذه الوقعة‪ ،‬بل إهنم استمركا ُب خركجهم على ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪٩ ،‬با‬
‫استدعى ا‪٤‬بنصور أف ٱبرج ‪ٞ‬بلة عسكرية لقمعهم‪.‬‬
‫مر معنا ذكر أف بِب حفيص ىم من ببلد الزيدية كأبرز قبائلها‪ ،‬كالزيدية منطقة ُب هتامة كهبا مدينة‬
‫كقد ٌ‬
‫الزيدية مسماة اب‪٠‬بهم‪ ،‬كقبائل الزيدية سنية ا‪٤‬بذىب‪ ،‬كال ٲبتوف للمذىب الزيدم أبم صلة‪.2‬‬
‫كقد كاف عهد السلطاف ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب بن داكد شران على قبائل الزيدية ‪٤‬با ‪٢‬بق هبم من أذل‬
‫خبللو‪ ،‬فقد كاف ييركىم ُب كل عاـ إذل أف خضعوا ككفوا عن التمرد‪ ،‬كاستسلموا للدكلة الطاىرية‪.‬‬
‫ففي "شواؿ من عاـ ٖٖٓىػ‪ ،‬غزا ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور من زبيد ببلد بِب حفيص كجعل طريقو على الرماة‪،‬‬
‫فهربوا ك‪١‬بأكا إذل حازة ببلدىم‪ ،‬فحرقها كظفر ‪٥‬بم بطعاـ كثّب ُب مدافن كاستباحو‪.‬‬

‫‪ 1‬وزذ جسمَهتم تخين حفِغ يف كصت اًـَون لٕجن ادلًحؽ ًيفس املؤًف‪ ،‬واًعواة تين حفِط وهللا ٔبؿمل‪ ،‬وًحسو ٔبن ارلعبٔ مل ٍىن من اجن‬
‫ادلًحؽ‪ ،‬تي ُو سلط ٔبو حتصًف وكَة ٔبو دعبٔ معحـي‪ ،‬وكس اذرتث يف نخايب هلي مسمى تين حفِط‪ٔ ،‬لن ُشا ا ٔلمس هلهل زالزة حمللني ومه‬
‫ؾحسهللا دمحم اذلخيش يف تلَة املس خفِس‪ ،‬وادلنخوز ًوسف صَحس يف اًفضي املزًس‪ ،‬والك اًىذاتني لجن ادلًحؽ‪ ،‬ونشكل رهص امس تين حفِط‬
‫اًحاحر ٔبمحس سامل جن صُدان يف نخاتَ اًوحوذ املمَويك يف اٍمين‪.‬‬
‫ٔ‬
‫‪ 0‬اتزخي تيو زسول وتيو ظاُص‪ ،‬ؾحساًـال‪ ،‬ض‪ ،122‬حاص َة كصت اًـَون‪ ،‬دمحم جن ؿًل الهوع‪ ،‬ض‪ ،175‬اًوحوذ املمَويك يف اٍمين‪ ،‬صُدان‪،‬‬
‫ض‪.114‬‬
‫‪379‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٍب بلغ ببلد الزيديْب كتقابل الفريقاف‪ ،‬ككانت الدائرة على بِب حفيص كقتل منهم ‪ٝ‬باعة‪ ،‬فاهنزموا‬
‫كتشتتوا فحرؽ ببلدىم‪ ،‬كأخرب بيوهتم‪ ،‬ككقف فيها مدة ٍب رجع إذل زبيد منصوران‪ ،‬فدخلها ٍب طلع إذل‬
‫تعز"‪.1‬‬
‫الصلح مع بين حفيص‪" :‬كُب اتسع شعباف من عاـ ٖٖٔىػ‪ ،‬قدـ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور إذل زبيد‪ ،‬كجهز‬
‫األمّب عمر بن عبدالعزيز‪ ،‬كسليماف بن جياش إذل الزيدية‪ُ ،‬ب عسكر عظيم فخرجا حٌب بليا كقيهة‪.2‬‬
‫ٍب رجعا إذل زبيد‪ ،‬على صلح من بِب حفيص كالزيديْب كافة ككصل معهم ‪ٝ‬باعة من بِب حفيص‪،‬‬
‫كالفقهاء بِب حشيرب‪ ،‬كبِب مطّب كالقاري ‪ٝ‬باؿ الدين دمحم بن أ‪ٞ‬بد بن األشخر‪ ،‬ككصلوا أبكالد أ‪ٞ‬بد‬
‫بن أيب الييث على سبيل الرىائن‪.3‬‬
‫كقد أخذكا أكالد الشيخ أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث رىائن لدل ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬رما ان إلستمرار موقف بِب‬
‫حفيص كقبائل الزيدية ا‪٤‬بسادل‪ ،‬كلكي ال ينقضوا العهد كالصلح الذم جرل بينهم كبْب ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪،‬‬
‫كخاصة أهنم قد نقضوه من قبل عدة مرات كدل ٰبفظوه‪.‬‬
‫كاستقر األمر لفَبة بسيطة ففي سنة ٖٖٔىػ‪" ،‬انتظم الصلح على ذلك كخرج األمّباف دمحم بن عيسى‬
‫البعداين كسليماف بن جياش‪ ،‬كالقاري ‪ٝ‬باؿ الدين احملاليب‪ ،‬كدمحم بن ‪٧‬بفوظ ا‪٤‬بصرم لقبض ا‪٣‬براج من‬
‫العرب‪ ،‬من بيت الفقيو ابن عجيل إذل الواعظات‪ ،‬فقبضوا كجاءكا ُب شواؿ أبمواؿ عظيمة كخيل تزيد‬
‫على التسعْب كنزؿ موال ا صبلح الدين عامر ابن ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور إذل زبيد ُب شعباف كرمضاف‪ ،‬كنزؿ‬
‫أيضان الشيخاف عبدهللا بن عامر كعبدالباقي بن دمحم بن طاىر كاجتمعوا بزبيد كصاموا هبا كطلع الشيخ‬
‫عبدهللا قبلهم بسبب توعك حصل لو‪ٍ ،‬ب طلع موال ا صبلح الدين عامر كأخوه دمحم ُب شواؿْ"‪.‬‬
‫كلكن سرعاف ما انتقض الصلح الذم جرل بْب بِب حفيص كبْب ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬فقد نقض قبائل‬
‫الزيدية الصلح كرفضوا اإلنصياع ألكامر شيخهم أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث‪.‬‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،411‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.141‬‬
‫‪ 0‬كصًة وكهية‪ :‬كصًة ثلؽ كصة اًزًسًة ؿىل صط واذي زسذوذ‪ .‬حاص َة الٔهوع ؿىل كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.302‬‬
‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،275/4 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.140‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.141‬‬
‫‪381‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫لذلك خشي بن أيب الييث زعيم قبائل الزيدية أف يلحق الضرر أبكالده الرىائن لدل السلطاف‬
‫ا‪٤‬بنصور‪ ،‬لعدـ إلتزاـ قبائل الزيدية ابلطاعة للدكلة الطاىرية‪ ،‬كرفض اإلنصياع ألكامره‪ ،‬فخرج من ببلده‬
‫إذل قرية أيب عريش‪ 1‬من قرل جازاف‪.2‬‬
‫كبعد أف نقضت قبائل الزيدية الصلح‪ ،‬كىركب الشيخ أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث من ببلده إذل قرية أيب‬
‫عريش‪ ،‬ارطر ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور للتصرؼ بنفسو ٘باه ىذه القبائل ا‪٤‬بستعصية كا‪٤‬بتمردة على الدكلة‬
‫الطاىرية‪.‬‬
‫"ففي شواؿ عاـ ٕٖٖىػ‪ ،‬قدـ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور إذل مدينة زبيد‪ ،‬كُب صحبتو األمّباف عمر بن عبدالعزيز‬
‫ا‪٢‬ببيشي‪ ،‬كدمحم بن عيسى البعداين‪ ،‬ككاف األمّب ٕبّب بن دمحم بن كىباف قد ٘بهز إذل الببلد الشامية‪،‬‬
‫قبل قدكـ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور إبشارتو‪ ،‬كمع األمّب ٕبّب األمّباف سليماف بن جياش السنبلي كىبلؿ بن فهد‬
‫ا‪٤‬بخبلُب‪ ،‬كالقاري ‪ٝ‬باؿ الدين احملاليب‪.‬‬
‫مر معنا‪.‬‬‫ككاف الشيخ أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث بن حفيص قد ىرب إذل قرية أيب عريش كما ٌ‬
‫"كأقاـ هبا مدة ٍب أ‪١‬باه القدر كعمي البصر حٌب رجع إذل الزيدية ‪٨‬بتفيان‪ ،‬فظفر هللا بو فأسره األمّباف‬
‫ٕبّب كىبلؿ بعد تعب عظيم‪ ،‬كسياسة كسعي‪ ،‬كتوجو بو ىبلؿ إذل زبيد كا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور إذ ذاؾ هبا‬
‫فدخل بو عاشر عشرة من أكالده كأقاربو‪ ،‬على ‪ٝ‬بل حاصر الرأس مفردان رحى يوـ ا‪٣‬بميس‪ ،‬مستهل‬
‫ذم القعدة ا‪٢‬براـ‪.‬‬
‫ككاف يوـ دخولو يومان مشهودان مشهوران‪ ،‬احتفل بو الناس كانتعشوا من كل فج‪ ،‬كخرجت العوالق‬
‫كا‪٤‬بخدرات كالعجائز كالرجاؿ كالشباف كاألطفاؿ للنظارة‪ ،‬كىنأت الشعراء بذلك كلعبت ا‪٣‬بيل سبعة‬
‫أايـ بكرة كعشية‪ ،‬كاستعملت الفرحة حٌب أىل البوادم ٍب أمر ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور إببداؿ قيودىم أبثقل‬
‫منها‪ ،‬كطلع هبم صحبتو إذل تعز كدخل هبم إليها‪ُ ،‬ب أكؿ ذم ا‪٢‬بجة‪ ،‬دخلة عظيمة انتعش الناس ‪٥‬با‬
‫من كل جانب‪."3‬‬

‫‪ٔ 1‬بيب ؾصٌش‪ :‬كصًة ؿامصت يف اخملالف اًسَاميين واكهت كس اسذُت ٔبايم اًرشًف محوذ يف اًلصن اًثاًر ؾرش اًِجصي‪ .‬حاص َة كصت اًـَون‪ ،‬دمحم‬
‫جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ض‪.301‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.140‬‬
‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،277/4 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.142‬‬
‫‪381‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫"كتشتت مشل بِب حفيص كتفرقوا أايدم سبأ كصاركا أذالء بعد العزة كالطيياف فللو العزة كلرسولو‬
‫كللمؤمنْب‪ ،‬ككاف دخولو أكؿ ذم ا‪٢‬بجة‪ٍ ،‬ب أكدعهم دار األدب ٕبصن تعز مقيدين‪."1‬‬
‫كقد أاثر ىذا األمر حفيظة قبائل الزيدية‪ ،‬كأرادكا اإلنتقاـ كالثأر لزعيمهم أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث‪.‬‬
‫"ففي شهر صفر سنة ٖٖٖىػ‪ ،‬عدا الزيديوف على األمّب ىبلؿ كالقاري شرؼ الدين األ‪ٞ‬بر كمن‬
‫معهما من الدكلة‪ ،‬فقتلوا ىبلالن كابنو‪ ،‬كفارسان من أىل الَبيبة كأخر من أىل ا‪١‬ببل كجرح الشرؼ‬
‫األ‪ٞ‬بر جراحات ‪٫‬بو الست لكنها غّب مثخنة‪ ،‬كسلمو هللا تعاذل كأفلت منهم‪ ،‬فلق ٗبدينة زبيد‪.‬‬
‫ك‪٤‬با بلغ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور العلم بذلك ككاف اب‪١‬ببل‪ ،‬اثرت حفيظتو كجهز األمّب عمر بن عبدالعزيز ُب‬
‫عساكر عظيمة إذل الزيدية‪ٍ ،‬ب ٘بهز ىو بنفسو إليها بعده كنزؿ من ا‪١‬ببل‪ ،‬كدخل زبيد ُب ‪ٝ‬بادم‬
‫اآلخرة‪ ،‬كخرج إذل الزيدية مسرعان‪ ،‬ككقف ُب الضحي‪ ،‬كأمر بنهب قرل الزيدية‪ ،‬كحرقت بيت الفقيو‬
‫ابن حشيرب كصاعل كتلفت للزيديْب ‪ٝ‬بلة أمواؿ كطعاـ ككثّب ٍب جعل األمّب سليماف بن جياش‬
‫السنبلي مقدمان ىناؾ‪ُ ،‬ب عساكر كثّبة‪ٍ ،‬ب رجع إذل زبيد"‪.2‬‬
‫"كُب شهر ربيع األخر سنة ٖٖٗىػ‪ ،‬توُب الشيخ أ‪ٞ‬بد بن أيب الييث بن حفيص أسّبان ٕبصن تعز‪،‬‬
‫كأنزؿ كغسل ككفن كصلي عليو ُب ‪ٝ‬بع ٍب دفن ر‪ٞ‬بو هللاّ"‪.‬‬
‫"كُب شواؿ سنة ٖٖٗىػ‪ ،‬قدـ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور إذل زبيد يوـ السبت السابع عشر منو‪ ،‬كُب صحبتو‬
‫الشيخ عبدهللا بن عامر‪ ،‬كأخوه إبراىيم‪ ،‬كالشيخ عبدالباقي بن دمحم بن طاىر‪ ،‬فأقاـ هبا ثبلثة أايـ‪ٍ ،‬ب‬
‫خرج إذل الزيدية كدل يلق كيدانْ"‪.‬‬
‫عمل السلطاف ا‪٤‬بنصور بعد ذلك على انتهاز كل فرصة ‪٤‬بها‪ٝ‬بة الزيدية‪ ،‬على أمل افقادىم ا‪٤‬بقاكمة‪،‬‬
‫كجعلهم مسا‪٤‬بْب على الدكاـ ككف أذاىم‪ ،‬كقد أككل ىذه ا‪٤‬بهمة لعناصر الدكلة ُب زبيد‪.‬‬
‫يقوؿ مؤرخ الدكلة الطاىرية العبلمة ابن الديبع‪" :‬كُب يوـ األحد الرابع عشر من شواؿ سنة َٖٗىػ‪،‬‬
‫قدـ موال ا صبلح الدين عامر بن عبدالوىاب إذل مدينة زبيد‪ُ ،‬ب عسكر عظيم‪ ،‬كُب صحبتو كلدا‬
‫عمو دمحم بن داكد ككلدا عمو عبدا‪٤‬بلك‪ ،‬كخرج إذل الزيدية‪ ،‬كحاصر الفئة الباغية منهم ُب حازة بلدىم‪،‬‬
‫كقطع عليهم ا‪٤‬باء حٌب أدكا الطاعة‪ ،‬كسلموا مائة كثبلثْب فرسان كأربعْب ‪ٝ‬ببلن من ا‪١‬بماؿ البحرية‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.301‬‬


‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،145‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.277/4 ،‬‬
‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.322/4 ،‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،147‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.321/4 ،‬‬
‫‪382‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫النفيسة‪ ،‬كأربعْب ألف دينار كأعطاىم ذمة كخرجوا من ا‪٢‬بصار‪ ،‬كأمرىم أف يسكنوا القرل القدٲبة من‬
‫ا‪٣‬ببت‪ ،‬كأف ال يتديركا ببيت الفقيو ابن حشيربُ"‪.‬‬
‫كيذكر ا‪٤‬بؤرخوف أنو "ُب سنة ُٖٗىػ‪ ،‬كبعد طلوع ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور إذل ا‪١‬ببل‪ ،‬أقاـ األمّب شجاع الدين‬
‫عمر بن عبدالعزيز ا‪٢‬ببيشي ابلببلد الشامية مدة يَبدد فيها‪ ،‬كٯبيب خراجها كترؾ ُب بيت الفقيو ابن‬
‫حشيرب كاتبْب من قبلو‪ ،‬ٮبا ا‪١‬بماؿ دمحم أبو الفتح األ‪ٞ‬بر‪ ،‬كالفقيو أبو القاسم بن علي راجح‪ ،‬فأفحشا‬
‫ُب الظلم كالعسف‪ ،‬فوثب عليهما أ اس من غبيق فقتلوٮبا قتلة شنيعة‪ُ ،‬ب العاشر من ربيع اآلخر من‬
‫سنة ُٖٗىػ‪.‬‬
‫كا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور إذ ذاؾ ٗبدينة تعز‪ ،‬فنزؿ إذل زبيد ‪٤‬با بليو ا‪٣‬برب‪ ،‬كدخلها عصر يوـ األربعاء التاسع من‬
‫‪ٝ‬بادل األكؿ من السنة ا‪٤‬بذكورة فلما علم الزيديوف بوصولو إذل زبيد‪ ،‬كأبو القاسم الشرايين إذ ذاؾ‬
‫معهم ‪ٞ‬بلوا ىم كالشرايين على األمّب عمر بن عبدالعزيز كمن معو‪ُ ،‬ب بللد ا‪٢‬برائج‪ ،‬صبح يوـ السبت‬
‫الثاين عشر من ‪ٝ‬بادم اآلخرة‪ ،‬كعسكر األمّب قليلوف‪ ،‬فانكسر األمّب كعسكره‪ ،‬كىرب األمّب إذل‬
‫ببلد الزعليْب‪ ،‬فوقف فيها إذل أف خرج ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور إليها‪ُ ،‬ب التاريخ اآلٌب ذكره"‪.2‬‬
‫"كُب يوـ الثبلاثء سادس ‪ٝ‬بادم الثانية سنة ُٖٗىػ‪ ،‬قصد ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ببلد الزيدية‪ُ ،‬ب ‪ٝ‬بع كثيف‬
‫كخيل كثّبة يقاؿ أهنا بليت فوؽ األلف فلما بلغ الزيدية دل يقم لو أحد من أىلها‪ ،‬فخرهبا كنقض‬
‫ابنيتها كأحرقها‪.‬‬
‫كرجع إذل زبيد من غّب قتاؿ‪ ،‬فدخلها ليلة ا‪١‬بمعة مستهل شهر رجب ٍب طلع إذل تعز ُب سادسو‪ٍ ،‬ب‬
‫نزؿ إذل عدف‪ٍ ،‬ب رجع إذل تعز‪ٍ ،‬ب طلع إذل بلده أبىلو‪ ،‬متنقبلن إذل داره الٍب بناىا ٔبنب الٍب كاف‬
‫يضرب هبا ا‪٤‬بثل‪ ،‬كيقاؿ إهنا اشتملت على ثلثمائة مقصورةّ"‪.‬‬
‫"كُب شهر ذم القعدة سنة ِٖٗىػ قدـ الشيخ أ‪ٞ‬بد بن دمحم بن داكد زبيد أمّبان من قبل عمو ُب‬
‫عسكر رليع‪ ،‬كأقاـ بزبيد‪ ،‬كأرسل العساكر إذل األمّب عمر بن عبدالعزيز إذل الزيدية تقوية لو‪ ،‬كلبث‬
‫بزبيد إذل شهر احملرـ من سنة ثبلث كتسعْب‪ ،‬كخرج ُب أثناء مقامو هبا إذل النخل كالبحرْ"‪.‬‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،321/4 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.151‬‬
‫‪ 0‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،300‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،152‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،‬ض‪.321‬‬
‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،‬ض‪ ،321‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،300‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.152‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،152‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،‬ض‪ ،321‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.300‬‬
‫‪383‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كُب السابع عشر من شهر ربيع أكؿ سنة ّٖٗىػ قصد ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور الببلد الشامية‪ ،‬كُب صحبتو‬
‫كلده عامر كابن أخيو دمحم بن عبدا‪٤‬بلك‪ ،‬ككلد الشي عبدالباقي بن دمحم بن طاىر‪ ،‬ككصل الشيخ عبدهللا‬
‫بن عامر من ا‪١‬ببل ليلة خركجهم‪ ،‬فخرج معهم حٌب بلغ الزيدية‪ ،‬كأقاموا هبا مدة طويلة‪ ،‬كا‪٫‬باز‬
‫الزيديوف إذل حازة ببلدىم‪ ،‬فمشى بينهم الصوفية كالفقهاء ُب الصلح‪ ،‬على ماؿ كخيل يؤدكهنا‪،‬‬
‫كسلموا ذلك كقوروا خيامو عنهم‪ ،‬كار‪ٙ‬بل إذل زبيدُ‪.‬‬
‫كاستمر ‪ٛ‬برد قبائل الزيدية إذل قبيل موت السلطاف ا‪٤‬بنصور‪ ،‬يقوؿ ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا‪:‬‬
‫فيقوؿ ا‪٤‬بؤرخ ابن الديبع أنو "ُب يوـ ا‪٣‬بميس منتصف شهر احملرـ سنة ْٗٗىػ‪ ،‬قدـ موال ا صبلح‬
‫الدين عامر بن عبدالوىاب مدينة زبيد‪ ،‬كُب صحبتو ابن عمو الشيخ أ‪ٞ‬بد بن دمحم بن داكد‪ُ ،‬ب خيل‬
‫كعساكر كثّبة‪ٍ ،‬ب أمر العساكر اب‪٣‬بركج إذل الزيدية‪ ،‬كأمر عليهم األمّب دمحم بن عيسى البعداين‪ ،‬فخرج‬
‫ليلة األحد الثامن عشر من شهر ‪٧‬برـ‪ ،‬فلبث ُب الزيدية إذل آخر شهر صفر‪ٍ ،‬ب عاد إذل زبيد فدخلها‬
‫دخلة معظمة‪ٗ ،‬باؿ كثّب كخيل كثّبة أداىا الزيديوف كالعرب‪ ،‬بعد أف قرر معهم رسومان كقواعد‪ ،‬ككفدت‬
‫معو مشايخ العرب فدخلوا على موال ا صبلح الدين‪ ،‬فأنعم عليهم كقرر أحوا‪٥‬بم‪ ،‬كمن ‪ٝ‬بلة من دخل‬
‫عليو أبو القاسم الشرايين‪ ،‬فكساه كسوة عظيمة‪ ،‬كتصدؽ موال ا صبلح الدين ُب ىذا التاريخ‬
‫بصدقات كثّبة‪ ،‬كاستدعى ابلفناجرة من عدف‪ ،‬فوصلوا كلعبوا لعبان كثّبان عجيبان‪ ،‬كأطلق أكالد أ‪ٞ‬بد ابن‬
‫أيب الييث بن حفيص من القيود‪ ،‬كقد كاف نزؿ هبم ُب صحبتو‪ ،‬فكساىم كأنعم عليهم كصرؼ ‪٥‬بم‬
‫خيبلن يركبوهنا‪ ،‬بعد أف توثق منهم ابإلٲباف كالرىائن من نسائهم كأكالدىمِ"‪.‬‬
‫كىكذا انتهت مرحلة من أىم مراحل حكم ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬كىي أشد ما كاجهو ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور إذا ما‬
‫نظر ا إذل سنوات حكمو‪ ،‬فقد بدأت منذ أكؿ عاـ توذل فيو ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ا‪١‬بكم كاستمرت إذل آخر‬
‫سنة من حكمو‪.‬‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،302‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،154‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،‬ض‪.321‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،156‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.323/4 ،‬‬
‫‪384‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫التمردات القبلية يف هتامة‬

‫أوالً‪ :‬مترد قبيلة العامريني‪:‬‬


‫كانت قبيلة العامريْب من القبائل ا‪٤‬بتمردة على الدكلة الطاىرية‪ ،‬كقد دخلت ُب صراع مع الدكلة‬
‫الطاىرية منذ عهد ا‪٤‬بلك اجملاىد عاـ َٕٖىػ‪ ،‬كقبيلة العامريْب كانت تسكن ابلقرب من ببلد ا‪٤‬بعازبة‬
‫ُب هتامة‪ ،‬كقد سبق أف لقنهم ا‪٤‬بلك اجملاىد درسان بسبب قطعهم للطريق كإخافتهم للسبيل‪ ،‬كاستوذل‬
‫على حصنهم ا‪٤‬بعركؼ ابلضامر ُب عاـ َٖٖىػ‪.‬‬
‫كاستمر العامريْب ُب طيياهنم فعادكا لقطع الطريق كإخافة الناس‪ُ ،‬ب عهد ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪.‬‬
‫يقوؿ ابن الديبع‪" :‬كُب عاـ ٖٖٔىػ كُب أثناء إقامة ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور بتعز‪ ،‬أغزل جيشان على العبيد‬
‫العامريْب كانوا يقطعوف الطريق كٱبيفوف السبل كأمر عليهم األمّبين عمر بن عبدالعزيز كعلي بن دمحم‬
‫بن كىباف فدخل ابن كىباف بلدىم‪ ،‬كتوعر فيها‪ ،‬فحمل عليو العبيد كريقوا عليو‪ ،‬فقاتل قتاالن شديدان‬
‫حٌب قتل مع أكثر العسكر الذين معو‪ُ ،‬ب أكائل ذم القعدة"‪.1‬‬
‫ككانت ببلد العامريْب "متوعرة الطريق إليها‪ ،‬ال يدخلها إال كاحد بعد كاحد‪ ،‬فدخل إليهم ابن كىباف‬
‫كتوعر فعطفوا عليو فقاتل حٌب قتل ُب ‪ٝ‬باعة"‪.2‬‬
‫اثنياً‪ :‬مترد بعض القبائل التهامية األخرى‪:‬‬
‫كانت ىناؾ قبائل أخرل ‪ٛ‬بردت على الدكلة الطاىرية‪ ،‬كلكنها دل تكن بقوة الزيدية كبِب حفيص‪ ،‬كدل‬
‫يستمر خركجهم عن الطاعة كثّبان‪ ،‬فسرعاف ما ىدأت األمور بينهم كبْب الدكلة الطاىرية كأبرز ىذه‬
‫القبائل الزعليْب كالصميوف كالرماة كالبلميْب‪.‬‬
‫يقوؿ ابن الديبع‪" :‬كُب سنة ُٖٗىػ‪ ،‬خرج األمّب قاسم بن كىباف إذل ببلد الزيدية مقدمان فيها‪ ،‬ك٘باكز‬
‫إذل مور‪ ،‬كقهر العرب كعنف عليهم ُب ا‪٣‬براج‪ ،‬فضاقوا منو ك‪ٛ‬باأل عليو الزعليوف كالصميوف ‪٤‬با خرج من‬
‫مور إذل الزيدية‪ ،‬فقتلوه ُب ‪ٝ‬باعة من عسكره يوـ ا‪٣‬بميس الثالث من شعباف‪ ،‬كقتل معو الفقيو علي‬
‫بن الطيب النجار‪ ،‬الذم كاف يدعي الوصوؿ إذل علم الكيمياء‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.146‬‬


‫‪ 0‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.301‬‬
‫‪385‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككاف األمّب ا‪٤‬بذكور قد جعلو اظران على أكقاؼ ا‪٤‬بساجد كاآلابر ىناؾ‪ ،‬ككاف معو ‪ٝ‬باعة من الكتاب‬
‫كالعبيد‪ ،‬كالفقيو دمحم الشجوف‪ ،‬كالعفيف عبدهللا بن حسْب الشرعيب‪ ،‬كالشهاب اليصْب‪ ،‬كالنقيب‬
‫الوجيو بن إقباؿ‪ ،‬ك‪ٝ‬باعة من العبيد‪ ،‬فسلموا لكوهنم دل ٱبرجوا معو كا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور إذ ذاؾ برداع‬
‫العرش‪ ،‬فلما بليو ا‪٣‬برب نزؿ إذل زبيد‪ ،‬فدخلها ظهر يوـ اإلثنْب الثامن كالعشرين من الشهر ا‪٤‬بذكور‬
‫ككاف قد أرسل األمّب الشجاع عمر بن عبدالعزيز إذل الزيدية ُب عسكر عظيم قبل كصولو إذل زبيد‪،‬‬
‫فبلغ ا‪٤‬بذكور إذل كاسط مور‪ ،‬فأذعن الرعية للطاعة كسلما ا‪٣‬براج كا‪٣‬بيل‪ ،‬كأخذ ا‪٣‬براج من الواعظات‬
‫كالصميْب كالزعليْب كالزيديْب‪ ،‬كأدكا إليو أكثر من مائة رأس من ا‪٣‬بيل‪ ،‬فأرسل هبا إذل ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‬
‫كىو إذ ذاؾ بزبيد"‪.1‬‬
‫"كُب ليلة السبت‪ ،‬السابع عشر من شهر ربيع األكؿ سنة ّٗٗىػ‪ ،‬قصد ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور الببلد الشامية‪،‬‬
‫كُب صحبتو كلده موال ا صبلح الدين‪ ،‬كابن أخيو الشيخ دمحم بن عبدا‪٤‬بلك‪ ،‬ككلد الشيخ عبدالباقي بن‬
‫دمحم بن طاىر‪ ،‬ككصل الشيخ عبدهللا بن عامر من ا‪١‬ببل ليلة خركجهم‪ ،‬فخرج معهم حٌب بليوا‬
‫الزيديوف إذل حازة ببلدىم‪ ،‬فمشى بينهم الصوفية كالفقهاء ُب الصلح‪ ،‬على ماؿ كخيل يؤدكهنا‪،‬‬
‫كسلموا ذلك فقوض خيامو عنهم كار‪ٙ‬بل إذل زبيد‪ ،‬كمر ابلرماة كالبلميْب كغّبىم من العرب فقبض‬
‫منهم نيفان على سبعْب فرسان‪ ،‬كدخل بذلك زبيد صبح ا‪١‬بمعة السادس من ‪ٝ‬بادل األكذل‪ُ ،‬ب أهبة‬
‫عظيمة‪.2‬‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،320/4 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.150‬‬


‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.154‬‬
‫‪386‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الرابع‬
‫أىم األحداث يف عهد ادللك ادلنصور‬

‫ا‪٢‬بقيقة الٍب تظهر لنا من خبلؿ قراءة سّبة ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬أف الدكلة الطاىرية عانت الكثّب من جراء‬
‫‪ٛ‬برد بِب حفيص كالزيدية‪ ،‬كخسر الطرفاف الكثّب من الرجاؿ كا‪٤‬باؿ كا‪١‬بهد‪ ،‬ككل ذلك أدل إذل تعطل‬
‫ا‪٢‬بركة التوسعية للدكلة الطاىرية ُب اليمن لفَبة من الزمن ىي فَبة حكم ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬فلم يستطع‬
‫ا‪٤‬بنصور خبلؿ سنوات حكمو أف ٲبد نفوذ الدكلة الطاىرية رغم أنو كاف قائدان فذان‪ ،‬كلكن كرغم ذلك‬
‫كلو دل ‪ٛ‬بنع تلك العقبات ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور من إسَبداد مدينة ذمار من أيدم األئمة الزيدية‪ ،‬كمن‬
‫حصوؿ بعض األحداث ا‪٤‬بهمة األخرل كاإلستيبلء على حصن خدد من يد ا‪٢‬ببيشي ُب ‪٨‬ببلؼ‬
‫جعفر‪ ،‬لذا فإننا ُب ىذا الفصل سنستعرض ىذه األحداث ُب مبحثْب كالتارل‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬اإلستيالء على ذمار‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬اإلستيالء على حصن خدد‬

‫‪387‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫اإلستيالء على ذمار‬

‫مر معنا دكر كبّب ُب توسع الدكلة الطاىرية خبلؿ حكم عميو الظافر‬ ‫كاف للملك ا‪٤‬بنصور كما ٌ‬
‫كاجملاىد‪ ،‬إال أف الفًب الٍب يشيل هبا عرقلتو عن مد نفوذ ملكو‪ ،‬كجعلتو مشيوالن إبرساء حكمو ُب‬
‫ا‪٤‬بناطق التابعة ‪٥‬بم‪ ،‬كقمع التمردات كالفًب كالقبائل ا‪٣‬بارجة على الدكلة‪.‬‬
‫كرغم ذلك كلو دل ‪ٛ‬بنع ىذه التمردات ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور من أف يفكر ُب إسَبداد ذمار من بْب أيدم‬
‫مر معنا‪ ،‬فهي خط الدفاع أك ا‪٥‬بجوـ األكؿ بْب‬ ‫األئمة الزيديْب‪ ،‬فقد كانت ذمار مدينة مهمة كما ٌ‬
‫الدكلة الطاىرية كالدكلة الزيدية‪ ،‬كتعترب أكؿ نقطة للتوسع ‪٫‬بو صنعاء كاليمن األعلى‪ ،‬كالٍب كانت ‪ٙ‬بت‬
‫سيطرة األئمة الزيدية‪.‬‬
‫كقد سقطت ذمار أبيدم األئمة الزيدية‪ ،‬بعد مقتل ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر ُب عاـ َٕٖىػ‪ ،‬فعقب‬
‫مصرع السلطاف الظافر عامر بن طاىر‪ ،‬استوذل اإلماـ ا‪٤‬بطهر بن دمحم بن سليماف‪ 1‬على ذمار‪ ،‬كىو‬
‫أحد األئمة الثبلثة الذين تصارعوا على اإلمامة عقب كفاة اإلماـ ا‪٤‬بنصور علي بن صبلح الدين سنة‬
‫َْٖىػ‪ ،‬كقد سبق معنا ذكر ذلك‪.2‬‬
‫ٍب أنو جرل الصلح بْب ا‪٤‬بلك اجملاىد كاإلماـ ا‪٤‬بطهر بن دمحم‪ ،‬يقوؿ العبلمة ا‪٤‬بؤرخ عبدالواسع بن ٰبي‬
‫الواسعي‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫"ٍب صا‪٢‬بهم فَبكوا لو ذماران‪ ،‬كببلدىا كحصوهنا‪ ،‬فما ازعوه عليها‪ ،‬كال حارهبم بعد "‪.‬‬
‫كقد سادت بعد ىذا الصلح فَبة من ا‪٥‬بدؤ بْب ا‪٤‬بلك اجملاىد كاألئمة الزيديْب‪ ،‬حيث أعرض ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد عن ا‪٢‬بركب‪ ،‬كانشيل إبرساء حكمو ُب ا‪٤‬بناطق التابعة لدكلتو‪ ،‬كاستمر حكم ذمار كملكها بيد‬
‫اإلماـ ا‪٤‬بطهر حٌب كانت كفاتو بذمار ُب صفر سنة ٕٖٗىػْ‪.‬‬

‫‪ 1‬اكن إمام ًا خامـ ًا ٌَرشوظ‪ ،‬كام ابدلؾوت تـس موث ؿًل جن ظالخ وموث الٕمام املِسي وثويف تشماز س ية ‪ُ 664‬ػ وكربٍ هبا مضِوز يف‬
‫املسجس اذلي معصٍ وؿازضَ اًيارص جن دمحم‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬فصخة اهلموم واذلزن يف حواذج واتزخي اٍمين‪ ،‬ض‪.010‬‬
‫‪ 0‬اٌَعائف اًسًِة‪ ،‬دمحم جن إسٌلؾَي اًىخيس‪ ،‬ض‪.147‬‬
‫‪ 1‬فصخة اهلموم واذلزن يف حواذج واتزخي اٍمين‪ ،‬ض‪.010‬‬
‫‪ 2‬اًحسز اًعاًؽ‪ ،‬اًضواكين‪ ،111/1،‬ظحلاث اًزًسًة اًىربى‪ ،‬املؤًس‪ ،17/1 ،‬ا ٔلؿالم‪ ،‬ذري ادلٍن اًززلكي‪ ،032/5،‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن‬
‫اذلسني‪ ،‬ض‪.424‬‬
‫‪388‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككيذكر أنو ‪٤‬با توُب ا‪٤‬بطهر ُب مدينة ذمار‪ ،‬كدفن ُب مسجده‪ ،‬قاـ بعده ُب ذمار ابنو عبدهللا ‪٧‬بتسبان ُب‬
‫نفس عاـ ٕٖٗىػُ‪.‬‬
‫كاستمرت العبلقات ىادئة بْب ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر كاإلماـ عبدهللا بن ا‪٤‬بطهر حٌب توُب ا‪٤‬بلك‬
‫اجملاىد سنة ّٖٖىػ‪ ،‬كبعد أف توذل السلطة من بعده ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب بن داكد‪ ،‬استمر لفَبة‬
‫من الزمن على الصلح الذم مضى بْب ا‪٤‬بلك اجملاىد كاإلماـ ا‪٤‬بطهر بن دمحم كأبنائو‪ٍ ،‬ب بقي أكالده‬
‫مدة‪ ،‬كىم عبدهللا كأخواه‪ ،‬كتيّبت ا‪٢‬باؿ بينهم كبْب بِب طاىر‪ ،‬فرحلوا إذل صنعاء أايـ ابن الناصر‪،‬‬
‫فتلقاىم ابلقبوؿ‪ ،‬كدل يسمعهم شيئان يكرىونو‪ ،‬مع ما كاف منهم ‪٫‬بو أبيو‪.2‬‬
‫كيذكر اإلماـ الشوكاين أف الذم قاـ إبخراج اإلماـ عبدهللا بن ا‪٤‬بطهر ىم أىل ذمار‪ ،‬فيقوؿ‪ :‬كاف‬
‫اإلماـ ا‪٤‬بطهر استخلف ابنو عبدهللا بن ا‪٤‬بطهر ُب مدينة ذمارّ‪ٍ ،‬ب فسد ما بينو كبْب أىل ا‪٤‬بدينة‬
‫فأخرجوه فدخل صنعاء فأخذكا عليو من دركعو كآلة ملكو شيئا كثّباْ‪.‬‬
‫كلعل سبب استيبلء ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور على مدينة ذمار‪ ،‬أنو رأل أبف أكالد ا‪٤‬بطهر دل يفوا ابلعهد كأبيهم‪،‬‬
‫فكاف ذلك داعيان لو لئلستيبلء على مدينة ذمار‪ ،‬فبعد ثبلث سنوات فقط من كفاة اإلماـ ا‪٤‬بطهر‬
‫استعاد ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ذمار من أيدم أكالد اإلماـ ا‪٤‬بطهر‪.‬‬
‫فقد ذكر ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا‪" :‬أنو ُب السادس كالعشرين من رمضاف عاـ ٖٖٗ ىػ‪ ،‬أخذ ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بنصور ببلد ذمار قهران ابلسيف‪ ،‬كأخرج منها كلد الشريف مطهر مقهوران"‪.5‬‬
‫كىذا ما ذكره صاحب غاية األماين ُب أحداث سنة ٖٖٗىػ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬فيها استوؿ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور على‬
‫مدينة ذمار قهران ابلسيف‪ ،‬كفر منها صاحبها كىو عبدهللا بن اإلماـ ا‪٤‬بطهر بن دمحم بن سليماف أبىلو‬
‫ككلده إذل صنعاء‪ ،‬فأحسن إليو دمحم بن الناصر‪ ،‬كدل يعاملو ٗبا فعلو أبوه مع أبيو‪.6‬‬
‫كهبذا عادت ذمار إذل ملك الدكلة الطاىرية بعد كقوعها لسنوات ُب أيدم األئمة الزيدية‪ ،‬فكانت مدة‬
‫‪ٛ‬بلك اإلماـ ا‪٤‬بطهر ككلده عبدهللا لذمار ست عشر سنةٕ‪.‬‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.424‬‬


‫‪ 0‬فصخة اهلموم واذلزن يف حواذج واتزخي اٍمين‪ ،‬اًواسـي‪ ،‬ض‪.013‬‬
‫‪ 1‬ؾحس هللا جن املعِص جن دمحم جن سَامين اسلزي‪ :‬ؿامل سًسي‪ ،‬من تُت الامامة يف اٍمين‪ ،‬اس خزَفَ ٔبتوٍ يف رماز‪ ،‬و ٔبدصخَ ٔبَُِا‪ ،‬وثويف وادلٍ‬
‫س ية ‪ُ657‬ػ فسذي ظيـاء‪ ،‬وظوذز هبا يف نثري من ٔبمواهل‪ ،‬وملا ذذَِا ؿامص اجن ؾحس اًوُاة‪ ،‬فاحتا‪ ،‬سريٍ مـَ ٕاىل ثـز فذويف هبا‪ ،‬هل‬
‫ثبًَف‪ ،‬مهنا املسائي اخملخازت‪ ،‬وزايحني الاهفاش يف املـجزاث اًيحوًة‪ ،‬واًَاكوث امليؼم رشخ كعَست ًوادلٍ‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬ا ٔلؿالم‪ ،‬اًززلكي‪.117/2 ،‬‬
‫‪ 2‬اًحسز اًعاًؽ‪ ،‬اًضواكين‪.177/1 ،‬‬
‫‪ 3‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس ‪ /‬اًـالمة ؾحساًصمحن جن ؿًل ادلًحؽ ض ‪.147‬‬
‫‪ 4‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.412‬‬
‫‪ 5‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.412‬‬
‫‪389‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫اإلستيالء على حصن خدد‬

‫اإلستيالء على حصن خدد التابع للشيخ إدريس احلبيشي‪:‬‬


‫من أبرز األحداث الٍب كقعت ُب زمن ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ىو اإلستيبلء على حصن خدد ُب حبيش إبب‬
‫بعد أف استمر حصاره لسنوات طويلة حٌب اتريخ اإلستيبلء عليو ُب عاـ ٖٖٔىػ‪.‬‬
‫"ففي ربيع الثاين من عاـ ٖٖٔىػ‪ ،‬تسلم ا‪٤‬بنصور حصن خدد ا‪٤‬بشهور اب‪٤‬بنعة‪ ،‬بعد أكؿ حصاره من‬
‫كعددانكثّبة‪."1‬‬
‫دكلة عمو ا‪٤‬بلك اجملاىد إذل التاريخ ا‪٤‬بذكور‪ ،‬ككجد فيو ذخائر ي‬
‫كقد ذكر ابن الديبع أف ا‪٤‬بنصور "قبض حصن خدد بعد حصار مدة طويلة ‪ ...‬حٌب نفذ طعامهم‬
‫كذخائرىم فطلبوا األماف‪ ،‬فأجيبوا فخرجوا ٗبا معهم من السبلح كانتهت أايمهم ‪."2‬‬
‫مر معنا ذكر ‪ٛ‬برد الشيخ‬ ‫كقد كاف حصن خدد اتبعان للشيخ إدريس ا‪٢‬ببيشي صاحب خدد‪ ،‬كقد ٌ‬
‫إدريس ا‪٢‬ببيشي كالقضاء على ‪ٛ‬برده كمقتلو ُب عدف‪ ،‬على يد عمر بن عبدالعزيز ا‪٢‬ببيش الذم زعم أنو‬
‫قتل كالده‪.‬‬
‫مر معنا ذكره ُب عصر ا‪٤‬بلك اجملاىد‪.‬‬
‫كهبذا انتهت آخر معاقل ‪ٛ‬برد الشيخ ا‪٢‬ببيشي الذم ٌ‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،274/2 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.140‬‬
‫‪ 0‬كصت اًـَون تبٔدداز اٍمين املميون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.317‬‬
‫‪391‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل اخلامس‬
‫مآثر ادللك ادلنصور ووفاتو‬

‫سنذكر ُب ىذا الفصل أىم مآثر ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كأىم أعمالو خبلؿ فَبة حكمو‪ ،‬فقد سار ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بنصور على سّبة من سبقو من ملوؾ الدكلة الطاىرية الظافر كاجملاىد‪ ،‬فمن أىم مآثره إرساء العدؿ‬
‫كرفع الظلم‪ ،‬ك‪ٙ‬بصْب مدينة زبيد من ا‪٥‬بجمات ببناء ا‪٣‬بنادؽ‪ ،‬كاىتمامو كاألكقاؼ كالرب كالصدقات‪،‬‬
‫كاىتمامو ابلعلم كالعلماء كبناء ا‪٤‬بدارس العلمية كغّبىا الكثّب من األعماؿ‪ ،‬كىذا ما سنبينو ُب مبحثْب‬
‫مستقلْب األكؿ من ىذا الفصل نبْب فيو أىم األعماؿ للملك ا‪٤‬بنصور ُب حياتو‪ٍ ،‬ب نبْب ُب ا‪٤‬ببحث‬
‫الثاين ا‪٢‬بياة العلمية ُب عصر ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كاىتمامو ابلعلم كالعلماء ألٮبية ىذا ا‪١‬بانب‪ٍ ،‬ب نبْب ُب‬
‫مبحث اثلث هناية عهد ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ككفاتو كاآلٌب‪:‬‬
‫ادلبحث األول‪ :‬مآثر ادللك ادلنصور وأىم أعمالو‬
‫ادلبحث الثاين‪ :‬احلياة العلمية يف عصر ادللك ادلنصور واىتمامو ابلعلم والعلماء‬
‫ادلبحث الثالث‪ :‬وفاة ادللك ادلنصور‬

‫‪391‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث األول‬
‫مآثر ادللك ادلنصور وأىم أعمالو‬

‫مر معنا أف للملك ا‪٤‬بنصور العديد من األعماؿ العظيمة الٍب قاـ هبا خبلؿ فَبة ملكو كمن أٮبها‪:‬‬
‫ٌ‬
‫أوالً‪ :‬عدلو ورفعو الظلم عن الرعية‪:‬‬
‫ك‪٩‬با يدؿ على عدؿ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬ما ذكره ابن الديبع ُب اترٱبو ُب أحداث سنة ٖٖٔىػ‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬
‫" كمن بعض ‪٧‬باسنو الٍب عم نفعها األ اـ كشكرىا الناس على الدكاـ أتكيده على نوابو ُب سقي أراري‬
‫الوادم زبيد كغّبىا‪ ،‬أف يسقى األعلى فاألعلى كال يعدؿ ألحد بقناعة‪ ،‬كجعل نفسو ُب ذلك كآحاد‬
‫ا‪٤‬بسلمْب‪ ،‬كىذا على ما تقتضيو الشريعة ا‪٤‬بطهرة فاستمر األمر كذلك بيّب نزاع"‪.1‬‬
‫ك‪٩‬با يدؿ على مراقبتو للقضاة كعمالو كموظفيو أنو ُب عاـ ّٖٗىػ‪ ،‬كٌذل الفقيو عيسى بن دمحم الناشرم‬
‫قضاء مدينة حيس‪ ،‬يوـ ا‪١‬بمعة ا‪٣‬بامس كالعشرين من الشهر ا‪٤‬بذكور‪ ،‬بعد أف عزؿ الفقيو أ‪ٞ‬بد‬
‫البجلي عن الوظيفة ا‪٤‬بذكورة‪٤ ،‬بوجبات أكجبت ذلك ٍب رري عنو كرده إذل كظيفتو ُب شعباف من‬
‫السنة ا‪٤‬بذكورة‪.2‬‬
‫اثنياً‪ :‬عملو للرب والتصدق‪:‬‬
‫ففي عاـ ٖٖٔىػ‪ ،‬تصدؽ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور بصدقات جليلة‪ ،‬تنيف على أربعْب ألف أشرُب من الذىب‪،‬‬
‫ك‪ٟ‬بسة كستْب ألف دينار من الفضة كصدقاتو ُب ىذا العاـ جليلة‪ ،‬دل يسبق إذل مثلها‪ ،‬ككقعت من‬
‫الناس موقعان عظيمان ‪٢‬بصو‪٥‬با ُب كقت ا‪٢‬باجة إليها‪ ،‬كلعمومها ‪١‬بميع الناس‪ ،‬تقبل هللا منو كأجزؿ‬
‫ثوابو‪.3‬‬
‫كُب سنة ّٖٗىػ نزؿ إذل زبيد كلبث هبا أايمان تصدؽ فيها بنحو ثبل‪ٜ‬بائة أشرُب ذىبان‪ ،‬كثبل‪ٜ‬بائة مد من‬
‫الطعاـ اب‪٤‬بد الزبيدمْ‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬اىتمامو ابألوقاف وأتديب من تعدى‪:‬‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.303‬‬


‫املس‬
‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،323/4 ،‬تلَة خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.154‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،140‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.275/4 ،‬‬
‫‪ 2‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،322/4 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.154‬‬
‫‪392‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كاف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ر‪ٞ‬بو هللا متعففان عن األكقاؼ‪ ،‬كٰبرص على احملافظ عليها كعدـ ا‪٤‬بساس هبا‪ ،‬ككاف‬
‫يورل على األكقاؼ أىل العلم كالدين من العلماء كالفقهاء‪ ،‬بل أنو كاف ٰبرص على اإلشراؼ عليها‬
‫كمراقبة متوليها كمعاقبة من يتعدل أك يستورل عليها‪.‬‬
‫ك‪٩‬با يدؿ على اىتماـ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ابألكقاؼ كتولية أىل العلم كالدين نظرىا كإدارهتا‪.‬‬
‫ففي شهر رمضاف من عاـ ٖٖٔىػ‪ ،‬جعل ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور النظر كالكبلـ ُب الوقف‪ٗ ،‬بدينة زبيد كأعما‪٥‬با‬
‫للشيخ كجيو الدين عبدالر‪ٞ‬بن بن الطيب الناشرم‪ ،‬كىو شيخ العبلمة ا‪٤‬بؤرخ عبدالر‪ٞ‬بن الديبع‪ ،‬كدل يزؿ‬
‫على ذلك حٌب توُب‪.1‬‬
‫ٍب استدعى ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ابلقاري شرؼ الدين أيب القاسم بن دمحم ا‪١‬ببلد من مدينة عدف فواله‬
‫كظيفة اإلستيفاء بزبيد‪ُ ،‬ب أكائل ذم القعدة من سنة ٖٖٔىػ ‪ ،2‬فباشر كظيفة اإلستيفاء مباشرة حسنة‬
‫ك‪ٞ‬بدت سّبتو إذل أف مات ككل أحد راض عنو‪.3‬‬
‫كأما كقف مدينة زبيد ففي يوـ ا‪٣‬بميس منتصف شهر ربيع األكؿ سنة ّٖٗىػ‪ ،‬قدـ ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‬
‫مدينة زبيد ُب عسكر جرار‪ ،‬ككذل الشهاب أ‪ٞ‬بد بن عبدالقادر السباؾ ا‪٤‬بعركؼ ابلدنح‪ ،‬نظر الوقف‬
‫كا‪٤‬بساجد كا‪٤‬بدارس بزبيد كأعما‪٥‬با‪ ،‬من ‪ٙ‬بت نظر شيخ اإلسبلـ كجيو الدين الناشرم‪ ،‬ككاف القاري‬
‫ا‪٤‬بذكور ىو الساعي ُب ذلك‪.4‬‬
‫كدل يكتفي ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور على تولية الصا‪٢‬بْب من الفقهاء كالعلماء نظر الوقف كإدارهتا‪ ،‬بل إنو كاف‬
‫يشرؼ على القائمْب على األكقاؼ كيراقب نظرىم ُب األكقاؼ كإدارهتم لو‪ ،‬فيكرـ من يستحق‬
‫كيعاقب من يراه مفرطان أك متعداين على امواؿ الوقف‪.‬‬
‫ك‪٩‬بن أدهبم ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ُب تعديهم على األكقاؼ كُب التعدم على أمواؿ السلطاف‪٦ ،‬بموعة من‬
‫عماؿ الدكلة‪ ،‬ففي أثناء إقامة ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ٗبدينة زبيد عاـ ٖٖٔىػ‪ ،‬اثرت فتنة بْب الكتاب ُب‬
‫شعباف اب‪٤‬برافعة فيما بينهم فكاف الفقيو عبدهللا اللهيب كعبدالر‪ٞ‬بن بن الصديق احملاليب‪ ،‬كالفضل بن‬
‫علي دغشر كسعيد الرصاعة ُب حزب‪ ،‬كبنو األ‪ٞ‬بر كغّبىم ُب حزب فرع اللهيب كأصحابو على‬
‫الشرؼ األ‪ٞ‬بر كاصحابو كمنهم الفقيو دمحم الشجوف‪ ،‬أهنم أخذكا من ماؿ السلطاف أشياء ‪٨‬بتلفة‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،275/4 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.142‬‬
‫‪0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.143‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.301‬‬
‫‪ 2‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،154‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،302‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.322/4 ،‬‬
‫‪393‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫األنواع‪ ،‬فرسم عليهم كأدبوا كعزلوا من كظائفهم كغربوا عن أكطاهنم ككرل الفقيو كجيو الدين عبدالر‪ٞ‬بن‬
‫بن إبراىيم العلوم‪ ،‬كالفقيو دمحم ا‪٥‬بماـ ُب عمالة الديواف كقاري حيس الفقيو أ‪ٞ‬بد البجلي اإلستيفاء‬
‫بزبيد ُب أكائل ذم القعدة سنة ٖٖٔىػ‪.1‬‬
‫رابعاً‪ :‬قصر ودار ادلنصور يف جنب‪ :‬كىي دار عبدالوىاب بن داكد الٍب بناىا ٔبنب ككاف يضرب هبا‬
‫ا‪٤‬بثل‪ ،‬كيقاؿ إهنا اشتملت على ثلثمائة مقصورة‪ ،‬كقد ذكرىا ا‪٤‬بؤرخْب العبلمة عبدالر‪ٞ‬بن ابن الديبع‬
‫اترٱبو بيية ا‪٤‬بستفيد‪ ،‬كالطيب اب‪٨‬برمة ُب اترٱبو قبلدة النحر‪ ،‬كٰبي بن ا‪٢‬بسْب ُب اترٱبو غاية‬
‫األماينِ"‪ ،‬كيبدك أف ىذه الدار دل يبقى منها الكثّب فقد ذكر ا‪٤‬بؤرخوف أف أكالد ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر‬
‫عندما خالفوا ا‪٤‬بلك عامر بن عبدالوىاب ُب بداية حكمو سنة ْٖٗىػ‪ ،‬انتهبوا الدار الٍب بناىا‬
‫ا‪٤‬بنصور ٔبنب‪ ،‬كخربوا بعضهاّ‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬اإلستحكامات احلربية مبدينة زبيد‪:‬‬
‫عندما توذل ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور السلطة‪ ،‬أراد أف ٰبصن مدينة زبيد ألٮبيتها من ىجمات ا‪٤‬بعتدين كا‪٤‬بيّبين‬
‫عليها من القبائل ا‪٤‬بعتدية أك من أعداء الدكلة الطاىرية‪ ،‬ككاف من أىم اإلنشاءات العسكرية الٍب قاـ‬
‫هبا ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ُب عهده ىي‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫ُ‪ .‬حفر ا‪٣‬بندؽ‪ :‬ففي نفس العاـ الذم توذل فيو ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ُب عاـ ّٖٖىػ‪ ،‬أمر ٕبفر خندؽ‬
‫من داخل مدينة زبيد‪ ،‬دائران على حصن دار السبلح على ابب الشبارؽ‪ ،5‬كييعد ىذا ا‪٣‬بندؽ‬
‫خندقان جزئيان يدكر حوؿ حصن دار السبلح كما ذكر ابن الديبع كذلك ‪٢‬بماية ىذا ا‪٢‬بصن‬
‫ألٮبيتو من اإلستيبلء عليو‪.‬‬

‫‪ 1‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،276/4 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،143‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.301‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،152‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،‬ض‪ ،321‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.414‬‬
‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪ ،414‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،‬ض‪ ،324‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.161‬‬
‫‪ 2‬اكن ًزتَس دٌسكني حيَط ا ٔلول ابًسوز ا ٔلول‪ ،‬وُو اًسوز اذلي تياٍ اذلسني جن سالمة ‪ُ204‬ػ‪ ،‬واذلي مت ُتسًسٍ يف ؾِس ذوًيت تين‬
‫جناخ ‪ُ332‬ػ‪ ،‬وتين همسي ‪ُ347‬ػ‪ ،‬وخسذٍ ٔبًض ًا ظلخىني ا ٔلًويب ‪ُ367‬ػ‪ ،‬وًحسو ٔبن ظلخىني تـس تيائَ ًسوز بٓدص حيَط ابملسًية س ية‬
‫‪ُ371‬ػ وُو املشهوز ُيا ابًسوز اًثاين ٔبحاظَ ُو الٓدص خبيسق وُو املشهوز ُيا ابمس ارليسق اًثاين‪ ،‬وُشا ًـين ٔبن ارليسق ا ٔلول اكن ًلؽ‬
‫يف املساحة اًيت ثفعي تني اًسوزٍن واًيت اكن كس ٔبمص ابٕكامة اًـسىص فهيا‪ ،‬نٌل رهصث املعاذز وحوذ دٌسق اثًر يف ستَس ًىٌَ دٌسق حزيئ‬
‫وُو اذلي ٔبمص اًسَعان اًعاُصي امليعوز ؾحساًوُاة حبفصٍ س ية ‪ُ661‬ػ ذاذي مسًية ستَس حول ذاز اًسالخ اًيت تياُا ؿىل ابة‬
‫اًض حازق‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬الٕس خحاكماث اذلصتَة مبسًية ستَس‪ ،‬ؾحسهللا اذلساذ‪ ،‬وسازت اًثلافة واًس َاحة‪ ،‬ظيـاء ظ‪0222‬م‪ ،‬ض‪.126‬‬
‫‪ 3‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.136‬‬
‫‪394‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ِ‪٘ .‬بديد برج كابب النخل‪ :‬من ا‪٤‬برجح أف ابب النخل كمعو الطابق األرري من برجو ا‪٤‬بثمن يعود‬
‫إذل عهد الدكلة األيوبية ُب اليمن كابلتحديد إذل فَبة بناء السور الثاين لزبيد علي يد السلطاف‬
‫طيتكْب األيويب سنة ّٗٓىػ‪ ،‬حيث أف ىذا الباب ىو الوحيد الذم جاء منكسران‪ ،‬كما أف‬
‫الطابق األرري من الربج ىو الوحيد الذم جاء شكلو مثمنان بْب أبراج سور ا‪٤‬بدينة كالقلعة‪ ،‬أما‬
‫الطابق األكؿ من الربج فذك شكل اسطواين كمن احملتمل أنو يعود إذل التجديد الطاىرم للباب‬
‫سنة َٖٖىػ على يد السلطاف ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب بن داكد‪.1‬‬

‫‪ 1‬الٕس خحاكماث اذلصتَة مبسًية ستَس‪ ،‬اذلساذ‪ ،‬ض‪.202‬‬


‫‪395‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثاين‬
‫احلياة العلمية يف عصر ادللك ادلنصور واىتمامو ابلعلم والعلماء‬

‫أوالً‪ :‬اىتمامو ابلعلم والعلماء‪ :‬كاف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ‪٧‬ببان للعلم كالعلماء‪ ،‬فكانت تعقد ُب حضرتو‬
‫‪٦‬بالس العلم‪ ،‬كتقرأ الكتب العلمية كالشرعية ٕبضوره كبقراءة كحضور كبار العلماء‪ ،‬ككاف مشجعان‬
‫لطبلب العلم كالعلماء‪.‬‬
‫كيذكر العبلمة ا‪٤‬بؤرخ عبدالر‪ٞ‬بن ابن الديبع بعضان من ‪٦‬بالس العلم‪ ،‬الٍب كانت تعقد ُب حضور ا‪٤‬بلك‬
‫ا‪٤‬بنصور ككبار علماء اليمن‪ ،‬فذكر ابن الديبع أنو ُب يوـ األحد العاشر من ربيع األكؿ سنة َٖٗىػ‪،‬‬
‫عمل ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ‪٠‬باطان معظمان ٗبدينة زبيد ُب الدار الكبّب منها‪ ،‬كحشد إليو كجوه الناس‪ ،‬كأمر‬
‫بقراءة مولد النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ُ ،‬ب مدرستو ا‪٤‬بباركة فقرئ ليلة االثنْب ا‪٢‬بادم عشرة منو‪ ،‬ككاف القارئ لو شيخنا‬
‫القاري ‪ٝ‬باؿ الدين دمحم بن عبدالسبلـ الناشرم كحضر القراءة ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬كشيخنا شيخ االسبلـ‬
‫كجيو الدين عبدالر‪ٞ‬بن بن الطيب الناشرم ُب ‪ٝ‬بع عظيم‪.1‬‬
‫كيذكر العبلمة ابن الديبع أيضان بعض ‪٦‬بالس العلم‪ ،‬كالٍب كاف حارران كقارائن فيها كبار مشاٱبو ُب ذلك‬
‫الوقت كىم من كبار علماء اليمن‪ ،‬ففي عاـ ُٖٗىػ كصل السلطاف إذل زبيد كأقاـ هبا‪ٍ ،‬ب قرئ‬
‫ٕبضرتو كتاب الشفا للقاري عياض‪ ،‬ابلدار الكبّب الناصرم‪ ،‬كالقارئ لو حينئذ شيخنا القاري ‪ٝ‬باؿ‬
‫الدين دمحم بن عبدالسبلـ الناشرم‪ ،‬كشيخ اجمللس شيخنا شيخ اإلسبلـ كجيو الدين عبدا لر‪ٞ‬بن بن‬
‫الطيب الناشرم‪.2‬‬
‫مر معنا شيخ اإلسبلـ‬‫تقريبو ومصاحبتو للعلماء‪ :‬من العلماء الذين كاف يقرهبم ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كما ٌ‬
‫كجيو الدين عبدالر‪ٞ‬بن بن الطيب الناشرم‪ ،‬ك‪ٝ‬باؿ الدين دمحم بن عبدالسبلـ الناشرم‪ ،‬كمن الذين كاف‬
‫يقرهبم ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كيستعْب هبم ُب إدارة شؤكف الببلد‪ ،‬القاري شرؼ الدين أيب القاسم بن دمحم‬
‫ا‪١‬ببلد فقد كاله كظيفة اإلستيفاء بزبيد‪ ،‬كالقاري تقي الدين عمر بن عبداجمليد الناشرم‪ ،‬كالشهاب‬
‫أ‪ٞ‬بد بن عبدالقادر السباؾ ا‪٤‬بعركؼ ابلدنح فقد كاله نظر الوقف كا‪٤‬بساجد كا‪٤‬بدارس بزبيد كأعما‪٥‬با‪،‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،152‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.321/4 ،‬‬
‫‪ 0‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪ ،320/4 ،‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.150‬‬
‫‪396‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككرل الفقيو كجيو الدين عبدالر‪ٞ‬بن بن إبراىيم العلوم كالفقيو دمحم ا‪٥‬بماـ ُب عمالة الديواف‪ ،‬كقاري‬
‫حيس الفقيو أ‪ٞ‬بد البجلي اإلستيفاء‪.1‬‬
‫كمن العلماء الذين أحبهم ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬كقربو كجعلو ُب صحبتو كصحبة ابنو عامر‪ ،‬الشيخ علي بن‬
‫مر معنا أف الشيخ يوسف بن عامر بن طاىر كاف قد أكدع ماالن عند ‪ٝ‬باعة من‬ ‫أ‪ٞ‬بد الناشرم فقد ٌ‬
‫أىل البلد زبيد‪ ،‬كالقاري علي بن أ‪ٞ‬بد الناشرم‪ ،‬فطالب ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور هبا فسلموىا إليو إال القاري‬
‫عليان فإنو أنكر ذلك فطلب ا‪٤‬بنصور ٲبينو فحلف‪ ،‬إذ كاف ٯبوز لو ذلك كىو أعلم ٔبوازه‪ ،‬فكاف ذلك‬
‫سبب سقوطو عند ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪ ،‬فعزلو من القضاء ابلقاري تقي الدين عمر بن عبداجمليد الناشرم‪.‬‬
‫"ٍب رري عنو بعد ذلك‪ ،‬كألزمو صحبتو كأعلى ‪٧‬بلتو‪ٍ ،‬ب اتصل بصحبة كلده ا‪٤‬بلك الظافر صبلح‬
‫الدين عامر بن عبدالوىاب فسافر معو كأنس بو كحصل بينهما ا‪ٙ‬باد عظيم‪ ،‬كأحبو ا‪٤‬بلك الظافر حبان‬
‫شديدان كبقي على أسبابو دل يذىب عنو إال ‪٧‬بنة ا‪٢‬بكم بْب الناس‪ ،‬كدل تطل مدة القاري عمر بن‬
‫عبداجمليد بعد ذلك بل توُب إذل ر‪ٞ‬بة هللا ُب يوـ ا‪١‬بمعة الرابع كالعشرين من شعباف من السنة ا‪٤‬بذكورة‪،‬‬
‫كاستمر عورو شيخنا القاري ‪ٝ‬باؿ الدين دمحم بن عبد السبلـ الناشرم قاريان بزبيد عصر يوـ‬
‫ا‪٣‬بميس الثامن من رمضاف إذل كقتنا ىذا ك اب ُب القضاء مدة مرض القاري عمر بن عبداجمليد كبعد‬
‫كفاتو إذل كالية القاري ‪ٝ‬باؿ الدين‪ ،‬شيخنا العبلمة تقي الدين ‪ٞ‬بزة بن عبدهللا الناشرم إبذف شيخنا‬
‫شيخ االسبلـ كجيو الدين عبدالر‪ٞ‬بن بْب الطيب الناشرم لو ُب ذلك‪.2‬‬
‫اثنياً‪ :‬بنائو ادلدارس العلمية وادلساجد‪:‬‬
‫كاف للملك ا‪٤‬بنصور دكر كبّب ُب بناء ا‪٤‬بدارس العلمية‪ ،‬كاىتمامان كارحان ابلعلم كالعلماء‪ ،‬لذلك‬
‫هنضت ا‪٢‬بركة العلمية ُب عصر الدكلة الطاىرية‪ ،‬كاىتم ملوؾ بِب طاىر بنشر العلم ُب اليمن‪ ،‬كبنوا‬
‫لذلك ا‪٤‬بدارس العلمية كأكقفوا ‪٥‬با األكقاؼ‪ ،‬كأجركا عليها األمواؿ‪ ،‬كعينوا ‪٥‬با ا‪٤‬بدرسْب من العلماء‬
‫كالفقهاء‪ ،‬كاستدعوىم من ‪ٝ‬بيع أ‪٫‬باء اليمن للقياـ على ىذه ا‪٤‬بدارس كتعليم أبناء اليمن أىم العلوـ‬
‫الشرعية كالدنيوية‪ ،‬كمن أىم ا‪٤‬بدارس العلمية الٍب بناىا ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور‪:‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ ض‪ ،143‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.301‬‬
‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.136‬‬
‫‪397‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫‪ .0‬ادلدرسة ادلنصورية بزبيد‪ :‬أمر السلطاف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور بعمارة مدرستو ا‪٤‬بنصورية ٗبدينة زبيد‪،‬‬
‫فابتدمء ُب ذلك صبح يوـ األحد السادس من شعباف من سنة ْٖٖ ىػ كما ذكر ذلك ا‪٤‬بؤرخ‬
‫ابن الديبع‪ ،1‬كذكرىا ٰبي بن ا‪٢‬بسْب ُب غاية األماينِ‪.‬‬
‫كتعرؼ ىذه ا‪٤‬بدرسة كذلك اب‪٤‬بدرسة الوىابية‪ ،‬كقاؿ اإلماـ السخاكم ُب تر‪ٝ‬بة علي بن دمحم بن عيسى‬
‫بن عيطيف العدين أنو درس الفقو ُب ا‪٤‬بدرسة الٍب جددىا عبدالوىاب بن داكد‪.3‬‬
‫كقد توذل نظارة ا‪٤‬بدرسة ا‪٤‬بنصورية بزبيد عفيف الدين عبدا‪٢‬بفيظ بن عمر البزاز ا‪٤‬بتوُب يوـ الثبلاثء‬
‫الثاين من ‪٧‬برـ ُْٗىػ‪ ،‬كخلفو كلده عبدالر‪ٞ‬بن ُب كظيفتو‪.‬‬
‫ك‪٩‬بن درس هبذه ا‪٤‬بدرسة الفقيو علي بن دمحم بن عيسى بن يعطيف العدين‪ ،‬ا‪٤‬بلقب نور الدين الشافعي‪.‬‬
‫للصردُب ‪٫‬بو ‪ٜ‬بانْب مرة‪ٍ ،‬ب ار‪ٙ‬بل إذل عدف‪ ،‬فأخذ عن قاريها ا‪١‬بماؿ ابن‬ ‫تفقو أببيو فقرأ عليو الكاُب ٌ‬
‫يك ٌنب الفقو كالزمو ‪٫‬بو ثبلث سنوات فانتفع بو‪ٍ ،‬ب الزـ دمحم بن مسعود األنصارم‪ ،‬كلزـ قاري عدف‬
‫أاب عبدهللا دمحم بن عمر ا‪١‬بزيرم‪.‬‬
‫سكن مكة ا‪٤‬بكرمة‪ ،‬كرحل إذل الداير ا‪٤‬بصرية مرتْب‪ ،‬فأخذ عن ا‪١‬ببلؿ احمللي كالشرؼ ا‪٤‬بناكم‪ ،‬كرحل‬
‫إذل الشاـ كأخذ عن الببلطلسي‪ ،‬كالبدر ابن قاري شهبة‪ ،‬كأيذف لو ُب اإلفتاء كالتدريس كزار بيت‬
‫ا‪٤‬بقدس‪ ،‬كقرأ فيو على أيب اللطف ا‪٢‬بصكفي‪ ،‬كرجع إذل مكة فتصدل إلقراء الفقو هبا كالفتيا‪ ،‬كانتفع‬
‫بو ‪ٝ‬باعة‪ ،‬كاستقر ُب صوفية الزمامية كا‪١‬بمالية‪ٍ ،‬ب تركها‪ ،‬كاف على صلة ابجملاىد علي بن طاىر‪،‬‬
‫فكاف يرسل إليو بصدقتو‪ ،‬كىي ألف دينار ليفرقها على فقراء مكة‪ ،‬فتبسط كاتسع حالو من ٍبٌ‪ ،‬كابتُب‬
‫لو دكران عظيمة‪.‬‬
‫ٍب بدا لو التوجو لببلده للزايرة أك غّبىا‪ ،‬فوجد ا‪٤‬بدرسة الٍب جددىا ا‪٤‬بلك عبدالوىاب بن داكد بن‬
‫طاىر بزبيد قد انتهت فعينو لتدريسها‪ ،‬فأقرأ هبا ُب شهر رمضاف سنة ٖٖٓىػ البخارم‪ ،‬كسافر ُب‬
‫شواؿ إذل مكة بعد أف استناب ُب تدريسها الفقيو الكماؿ موسى بن الرداد‪ ،‬كدخل مكة كىو‬
‫متوعك‪ ،‬فأقاـ كذلك مدة إذل أف مات ُب ليلة اإلثنْب رابع ‪ٝ‬بادل األكذل سنة ٖٖٔىػ‪ ،‬ككاف مولده‬
‫ُب قرية السبلمة سنة ُِٖىػْ‪.‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.136‬‬


‫‪ 0‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ض‪.413‬‬
‫ٔ‬
‫‪ 1‬املسازش الٕسالمِة يف اٍمين‪ ،‬إسٌلؾَي جن ؿًل الهوع‪ ،‬ظحـة مؤسسة اًصساةل تريوث ًحيان‪ ،‬اًعحـة اًثاهَة ‪1764‬م‪ ،‬ض‪.106‬‬
‫‪ 2‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪ ،113/1 ،‬املسازش الٕسالمِة‪ ،‬إسٌلؾَي جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ض‪.106‬‬
‫‪398‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫درس ُب ا‪٤‬بدرسة ا‪٤‬بنصورية بزبيد الفقيو العبلمة موسى بن دمحم بن موسى بن أ‪ٞ‬بد بن أيب بكر‬ ‫ك‪٩‬بن ٌ‬
‫الشهّب جده ابلرداد‪ ،‬فقيوي زبيد‪.‬‬
‫أخذ الفقو كأصولو عن عمر ا‪٤‬بفٍب‪ ،‬كالنور بن عطييف‪ ،‬كالقاري ا‪١‬بماؿ دمحم الطيب الناشرم‪،‬‬
‫كالشمس علي بن دمحم الشرعيب‪ ،‬كيوسف بن يونس ا‪١‬ببائي ا‪٤‬بقرمء‪ ،‬كشرؼ بن عبدهللا بن ‪٧‬بمود‬
‫ي‬
‫الشيفكي الشّبازم‪ ،‬حْب قدـ عليهم زبيد‪.‬‬
‫استقر ُب مدرسة ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب الطاىرم بعد شيخو الفٌب‪ ،‬كانتفع بو الفضبلء ُب الفقو‪ ،‬كىو‬
‫خاؿ عن اعتقاد جده‪1‬كما ذكر العبلمة السخاكم‪ ،2‬كمن آاثره شرح اإلرشاد‪.‬‬ ‫و‬
‫كقاؿ عنو اإلماـ الشوكاين ُب البدر الطالع‪ :‬كلد سنة ِْٖىػ كحفظ ‪٨‬بتصرات كأخذ عن ا‪١‬بماؿ دمحم‬
‫بن أىب بكر‪ ،‬كعمر الفٌب كالعفيف الناشرل‪ ،‬كبرع ال سيما ُب الفقو كصنف شرحا لئلرشاد‪ ،‬كدار عليو‬
‫الفتيا ببلده كعظمو سبلطينها فكثرت جهاتو كأموالو كمات يوـ ا‪١‬بمعة التاسع كالعشرين من شهر ‪٧‬برـ‬
‫سنة ِّٗىػ بزبيد كدفن هباّ‪.‬‬
‫ك‪٩‬بن درس هبا دمحم بن إ‪٠‬باعيل بن دمحم بن أ‪ٞ‬بد بن مبارز‪.‬‬
‫السراج‪ ،‬ا‪٤‬بعركؼ ابلفٌب‪.‬‬
‫كدرس هبا أبو حفص عمر بن دمحم بن يمعيبد ٌ‬
‫كدرس هبا الفقو اإلماـ عبدالر‪ٞ‬بن بن عبدالكرًن الييثي الزبيدم‪.‬‬
‫كدرس هبا بعده ابنو الشيخ عبدالسبلـ بن عبدالر‪ٞ‬بن الييثي‪.‬‬
‫كأـ هبا دمحم بن سليماف ا‪٤‬بعركؼ اببن الطويل‪ ،‬كاف عا‪٤‬بان ُب التفسّب كالفقو كا‪٢‬بديث‪.‬‬
‫كلد ُب بيت الفقيو ُب ذم ا‪٢‬بجة سنة ْٖٔىػ‪ ،‬ككاف حيان إذل سنة ٕٖٗىػ‪.4‬‬
‫‪ .9‬ادلدرسة ادلنصورية جبنب‪:‬‬
‫ُب جنب ما تزاؿ عامرة كإف كاف ا‪٣‬براب قد بدأ يسرم ُب أطرافها‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫كقد بناىا السلطاف ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب كقد ذكر ذلك ابن الديبع ُب بيية ا‪٤‬بستفيد ‪ ،‬كذكرىا أيضان‬
‫ٰبي بن ا‪٢‬بسْب ُب غاية األماينُ‪.‬‬

‫‪ 1‬خسٍ‪ُ :‬و ٔبمحس اًصذاذ اكن من ٔبثحاع اجن ؾصيب اًلائي توحست اًوحوذ وكري ركل من اًضعحاث اًلصًحة‪ٔ .‬بهؼص‪ :‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪،‬‬
‫‪ ،122/3‬املسازش الٕسالمِة يف اٍمين‪ ،‬إسٌلؾَي جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ض‪.112‬‬
‫‪ 0‬اًضوء اًالمؽ‪ ،‬اًسزاوي‪.122/3 ،‬‬
‫‪ 1‬اًحسز اًعاًؽ‪ ،‬اًضواكين‪.124/0 ،‬‬
‫‪ 2‬املسازش الٕسالمِة يف اٍمين‪ ،‬إسٌلؾَي جن ؿًل الٔهوع‪ ،‬ض‪.111‬‬
‫‪ 3‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.157‬‬
‫‪399‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫كفرغ من بنائها سنة ٕٖٖىػ‪ ،‬كقد استخدـ ُب بنائها إسطوا ات رشيقة دعائم ‪ٝ‬بيلة من ا‪٤‬برمر‪ ،‬كمن‬
‫احملتمل أف ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب قد أمر بنقل تلك اإلسطوا ات الٍب يقوـ عليها صحن ا‪٤‬بدرسة كأركقتها‬
‫من ظفار ذم ريداف العاصمة ا‪٢‬بمّبيةِ‪.‬‬
‫‪ .3‬ادلدرسة ادلنصورية يف ادلقرانة‪:‬‬
‫بناىا ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ُب ا‪٤‬بقرانة عاصمة الدكلة الطاىرية كموطنهم‪ ،‬كما ذكر ذلك ابن الديبع ُب اترٱبو‬
‫قرة العيوف ككتابو بيية ا‪٤‬بستفيدّ‪ ،‬كذكرىا أيضان ٰبي بن ا‪٢‬بسْب ُب غاية األماينْ‪.‬‬
‫كا‪٤‬بقرانة قرية تقع ُب عزلة حجاج من مديرية جنب‪ ،‬كقد اندثرت ىذه ا‪٤‬بدرسة كدل يبقى منها إال أطبلالن‬
‫مر عليها الزماف‪ ،‬كالظاىر أهنا قد ًب تدمّبىا عند دخوؿ الشراكسة ا‪٤‬بماليك إذل‬ ‫كبقااي ركاـ‪ ،‬بعد أف ٌ‬
‫ا‪٤‬بقرانة عاصمة الدكلة الطاىرية كاإلستيبلء عليها‪ ،‬أك عند استيبلء األئمة الزيدية عليها بعد ذلك‪،‬‬
‫كسنتكلم عن ذلك عند ذكر سّبة ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن عبدالوىاب‪.‬‬
‫ْ‪ .‬ادلدرسة ادلنصورية يف ُخبان‪ :‬كىذه ا‪٤‬بدرسة ذكرىا كذلك ابن الديبع ُب اترٱبو‪ ،‬يقوؿ ر‪ٞ‬بو هللا‪:‬‬
‫"كمدرسة عظيمة ٗبدينة خباف"‪ ،5‬كخباف ىي من ا‪٤‬بناطق الوسطى ُب ‪٧‬بافظة إب ُب كسط اليمن‪.‬‬
‫ٓ‪ .‬مدرسة جسار‪ :‬ذكرىا العبلمة ا‪٤‬بؤرخ دمحم الشلي ُب كتابو السنا الباىر بتكميل النور السافرٔ‪.‬‬
‫كقاؿ القاري إ‪٠‬باعيل األكوع دل يعرؼ اإلسم الصحيح للمدينة ُب ا‪٤‬براجع كلها‪ ،‬كقد كتبها القاري‬
‫دمحم بن علي األكوع ُب تعليقو على قرة العيوف خباف مع أنو ال يوجد ُب خباف مدينة ‪ٙ‬بمل ىذا‬
‫اإلسم‪ ،‬كلعلها قرية يحبٌاف ٔبوار النادرة‪ ،‬أك قرية ىحبٌاف ُب رواحي مدينة رداع‪ ،‬كال أثر لوجود ا‪٤‬بدرسة‬
‫ُب ىاتْب القريتْب‪ ،‬مع أف الديبو كصفها ُب بيية ا‪٤‬بستفيد أبهنا مدرسة عظيمة‪ ،‬كُب السنا الباىر ‪٠‬باىا‬
‫جسارٕ‪.‬‬

‫‪ 1‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ظط‪.413‬‬


‫ٔ‬
‫‪ 0‬املسازش الٕسالمِة يف اٍمين‪ ،‬إسٌلؾَي جن ؿًل الهوع‪ ،‬ض‪.111‬‬
‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،303‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.157‬‬
‫‪ 2‬كاًة ا ٔلماين‪ ،‬حيي جن اذلسني‪ ،‬ظط‪.413‬‬
‫‪ 3‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪ ،303‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.160‬‬
‫ٔ‬ ‫ٍ‬
‫‪ 4‬اًس يا اًحاُص تخمكَي اًيوز اًسافص‪ ،‬اًـالمة دمحم جن ٔبيب جىص اًضًل‪ ،‬حتلِق إجصاُمي امللحفي‪ ،‬مىذحة الٕزصاذ ظيـاء ا مين‪ ،‬اًعحـة الوىل‬
‫‪0222‬م‪ ،‬ض‪.141‬‬
‫‪ 5‬املسازش الٕسالمِة‪ ،‬اسٌلؾَي الٔهوع‪ ،‬ض‪ ،107‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.303‬‬
‫‪411‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ككاف للملك ا‪٤‬بنصور كما ذكر ا اىتماـ إبنشاء ا‪٤‬بدارس اإلسبلمية كا‪٤‬بساجد‪ ،‬ككذلك عمارة ما تشعث‬
‫منها أك ٰبتاج إذل ترميم‪ ،‬ففي ربيع الثاين من عاـ ُٖٗىػ‪ ،‬أمر ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور بعمارة مسجد األشاعر‬
‫بزبيد ككاف قد أشرؼ على ا‪٣‬براب فعمر كما قدمنا أكالن‪.1‬‬
‫"كُب مدة إقامتو بزبيد أمر القضاة كالعلماء بزبيد بعمارة ما تشعث من ا‪٤‬بدارس كا‪٤‬بساجد‪ ،‬فامتثلوا‬
‫طائعْب كعمرت كما رسم كأبرـ"‪.2‬‬
‫كمآثر ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ُب عمارة كإنشاء ا‪٤‬بدارس العلمية كا‪٤‬بساجد كثّبة جدان‪ ،‬كقد ذكر منها العبلمة‬
‫ا‪٤‬بؤرخ ابن الديبع ر‪ٞ‬بو هللا فقاؿ‪" :‬كمن مآثره الدينية‪ ،‬ا‪٤‬بنصورية ٗبدينة زبيد‪ ،‬كعمارة مسجد األشاعر‬
‫هبا‪ ،‬كزايدة جامع عدينة من تعز‪ ،‬كمنرب ا‪٣‬بطبة الذم نصبو ُب الزايدة ا‪٤‬بذكورة ليس لو ُب اليمن نظّب‪،‬‬
‫كمدرسة اب‪٤‬بقرانة كأخرل ٔبنب‪ ،‬كالربكة الصيرل ٔبامع زبيد كمرافقها‪ ،‬كمدرسة عظيمة ٗبدينة خباف‪،‬‬
‫كمسجد ٗبدينة إب‪ ،‬كما ال ٰبصى ر‪ٞ‬بو هللا تعاذل"‪.3‬‬
‫كقد أمر ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور بعمارة مسجد األشاعر‪ ،‬ككاف قد أشرؼ على ا‪٣‬براب‪ ،‬فعمره عمارة جيدةْ‪.‬‬
‫كُب األخّب ٯبب أف نعلم أف ‪ٝ‬بيع ا‪٤‬بؤرخْب قد أ‪ٝ‬بعوا على أنو كاف لبِب طاىر الدكر األكرب ُب النهضة‬
‫ا‪٢‬بضارية الٍب برزت ُب القرف التاسع كالعاشر ا‪٥‬بجرم‪" ،‬فقد كاف لبِب طاىر إسهامات حضارية جيدة‬
‫ُب اليمن فهم بنوا مدينة ا‪٤‬بقرانة ُب رداع‪ ،‬كشيدكا العمراف كا‪٤‬بدارس كا‪٤‬بساجد‪ ،‬كشهدت الببلد هنضة‬
‫علمية ‪٩‬بتازة ُب ىذا العهد‪."5‬‬

‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.151‬‬


‫‪ 0‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.157‬‬
‫‪ 1‬تلَة املس خفِس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.160‬‬
‫‪ 2‬كالذت اًيحص‪ ،‬ابخمصمة‪.320/4 ،‬‬
‫‪ 3‬موحز اًخازخي الٕساليم مٌش ؾِس بٓذم إىل ؾرصان اذلارض‪ٔ ،‬بمحس مـموز اًـسريي‪ ،‬فِصسة مىذحة املكل فِس اًوظيَة اًصايط‪ ،‬اًعحـة ا ٔلوىل‬
‫‪1774‬م‪.056/1 ،‬‬
‫‪411‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ادلبحث الثالث‬
‫وفاة ادللك ادلنصور‬

‫كاف ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور مقيمان ُب مدينة جنب ُب أكاخر حياتو‪ ،‬كُب مررو الذم توُب فيو‪" ،‬ككاف ا‪٤‬بلك‬
‫الظافر عامر بن عبدالوىاب ُب ذلك الوقت بدينة زبيد‪ ،‬حيث أمر القضاة كالعلماء بزبيد بعمارة ما‬
‫تشعث من ا‪٤‬بدارس كا‪٤‬بساجد‪ ،‬فامتثلوا طائعْب‪ ،‬كعمرت كما رسم كأبرـ‪ٍ ،‬ب طلع ُب سنة ْٖٗىػ إذل‬
‫تعز يوـ السبت السادس من ربيع األكؿ‪ٍ ،‬ب طلع إذل جنب فاجتمع بولده ىناؾ‪.1‬‬
‫ٍب مرض كالده ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور مرض ا‪٤‬بوت‪ ،‬كذلك ابلرايح الٍب كانت تعتاده ُب رجلو‪ ،‬فلم يزؿ عنده‬
‫ابنو عامر إذل أف توفاه هللا تعاذل عشية الثبلاثء السابع من ‪ٝ‬بادم األكذل سنة ْٖٗىػ ببلده جنب‪،‬‬
‫كدفن هبا صبح يوـ ا‪٣‬بميس التاسع من الشهر ا‪٤‬بذكور‪ ،‬كعظم بو مصاب ا‪٤‬بسلمْب أدخلو هللا بر‪ٞ‬بتو ُب‬
‫عباده الصا‪٢‬بْب‪ ،‬كملكو أعلى مرتبة ُب عليْب آمْب‪ ،‬أمْب‪.‬‬
‫كدخل ا‪٤‬بلك الظافر بذلك زبيد صبح ا‪١‬بمعة السادس من ‪ٝ‬بادل األكذل‪ُ ،‬ب أهبة عظيمة‪ ،‬فلبث بزبيد‬
‫أايمان تصدؽ فيها بنحو ثبل‪ٜ‬بائة أشرُب ذىبان‪ ،‬كثبل‪ٜ‬بائة مد من الطعاـ اب‪٤‬بد الزبيدم"‪.2‬‬
‫ككاف ا‪٤‬بلك عبدالوىاب بن داكد شجاعان جليبلن يم ٍك ًرمان للوافدين سخيان عدالن ُب رعيتو‪.3‬‬
‫كهبذا انتهت سّبة ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب بن داكد بن طاىر ر‪ٞ‬بو هللا تعاذل‪ ،‬كقد خلفو بعد كفاتو‬
‫ا‪٤‬بلك الظافر عامر بن عبدالوىاب‪ ،‬كىو أعظم كأقول ملوؾ بِب طاىر‪ ،‬كسنذكر سّبتو ُب ا‪١‬بزء الثاين‬
‫من ىذا التاريخ العظيم اتريخ الدكلة الطاىرية‪.‬‬
‫ىذا ما انتهيت إليو ُب ىذه الدراسة التارٱبية "الدكلة الطاىرية عوامل النهوض كأسباب السقوط‪ ،‬ا‪١‬بزء‬
‫األكؿ ا‪٤‬بلوؾ ا‪٤‬بؤسسْب"‪ ،‬أسأؿ هللا عزكجل أف أكوف قد كفقت ُب ىذه الدراسة‪ ،‬كأسألو تعاذل أف‬

‫‪ 1‬كصت اًـَون‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.302‬‬


‫‪ 0‬تلَة املس خفِس يف اتزخي مسًية ستَس‪ ،‬اجن ادلًحؽ‪ ،‬ض‪.154‬‬
‫‪ 1‬وخزي اًالكم‪ ،‬اًسزاوي‪.1126/1 ،‬‬
‫‪412‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٯبعلها خالصة لوجهو الكرًن‪ ،‬كأف يتقبل منا صاحل أعمالنا‪ ،‬كأف ينفعِب كا‪٤‬بسلمْب هبذا‪ ،‬كابهلل التوفيق‬
‫كهللا أعلم‪ ،‬كصلى هللا على سيد ا دمحم كعلى آلو كصحبو كسلم‪.‬‬

‫" مت حبمدهلل تعاىل "‬


‫كتبو‪ .‬إمساعيل مصلح أبوسويد‬
‫يف مجاد اآلخر ‪0331‬ىت ادلوافق ‪9109‬م‬
‫ومت مراجعتو يف يوم اخلميس ‪9102/0/93‬م‪.‬‬

‫‪413‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫قائمة ادلراجع‬

‫أوالً‪ :‬كتب التفسري‪:‬‬


‫ُ‪ .‬تفسّب القرآف العظيم‪ ،‬عماد الدين إ‪٠‬باعيل بن كثّب‪ ،‬دار إحياء الَباث العريب بّبكت لبناف‪ ،‬الطبعة‬
‫األكذل سنة َََِـ‪.‬‬
‫ِ‪ .‬ا‪١‬بامع ألحكاـ القرآف‪ ،‬أيب عبدهللا دمحم بن أ‪ٞ‬بد األنصارم القرطيب‪ ،‬دار ا‪٢‬بديث القاىرة‪ ،‬طبعة‬
‫ََِِـ‪.‬‬
‫ّ‪ .‬ركح ا‪٤‬بعاين ُب تفسّب القرآف العظيم‪ ،‬شهاب الدين السيد ‪٧‬بمود األلوسي البيدادم‪ ،‬دار إحياء‬
‫الَباث العريب بّبكت لبناف‪.‬‬
‫اثنياً‪ :‬كتب احلديث‪:‬‬
‫ْ‪ .‬ا‪٤‬بنهاج بشرح صحيح مسلم بن ا‪٢‬بجاج‪ ،‬اإلماـ ابو زكراي ٰبي بن شرؼ النوكم‪ ،‬مؤسسة ا‪٤‬بختار‬
‫للنشر كالتوزيع القاىرة‪ ،‬الطبعة األكذل ََُِـ‪.‬‬
‫ٓ‪ .‬صحيح اإلماـ البخارم‪ ،‬دمحم بن إ‪٠‬باعيل البخارم‪ ،‬مكتبة اإلٲباف ا‪٤‬بنصورة‪ ،‬مصر الطبعة األكذل‪.‬‬
‫ٔ‪ .‬سنن الَبمذم‪ ،‬أيب عيسى دمحم بن عيسى بن سورة الَبمذم‪ٙ ،‬بقيق د‪ .‬مصطفى الذىيب‪ ،‬دار‬
‫ا‪٢‬بديث القاىرة مصر الطبعة األكذلُٗٗٗـ‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬كتب التاريخ‪:‬‬
‫ٕ‪ .‬اإل‪٤‬باـ أبخبار من أبرض ا‪٢‬ببشة من ملوؾ اإلسبلـ‪ ،‬تقي الدين أ‪ٞ‬بد بن علي ا‪٤‬بقريزم‪ٙ ،‬بقيق‬
‫عبدالنعيم ريفي‪ ،‬الناشر ا‪٤‬بكتبة األزىرية للَباث القاىرة مصر‪ ،‬طبعة ََِٔـ‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬إ‪ٙ‬باؼ ذكم الفطن ٗبختصر أنباء الزمن‪ ،‬عبدا‪٤‬بلك بن حسْب اآلنسي‪ٙ ،‬بقيق القاري إ‪٠‬باعيل بن‬
‫أ‪ٞ‬بد ا‪١‬براُب‪ ،‬ملحق العدد الثالث من ‪٦‬بلة كلية اآلداب منشورات جامعة صنعاء مارس سنة‬
‫ُُٖٗـ‪.‬‬
‫ٗ‪ .‬إ‪ٙ‬باؼ الورل أبخبار أـ القرل‪ ،‬عمر بن فهد‪ٙ ،‬بقيق فهيم شلتوت‪ ،‬طبعة مركز البحث العلمي‬
‫كإحياء الَباث ُب جامعة اـ القرل‪ ،‬الطبعة األكذل َُّْىػ‪.‬‬
‫َُ‪ .‬إنباء اليمر أببناء العمر‪ ،‬أ‪ٞ‬بد بن حجر العسقبلين‪ ،‬احملقق د حسن حبشي‪ ،‬الناشر اجمللس‬
‫األعلى للشئوف اإلسبلمية ‪١‬بنة إحياء الَباث اإلسبلمي مصر‪ ،‬طبعة ُٗٔٗـ‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ُُ‪ .‬أشعة األنوار على مركايت األخبار‪ ،‬دمحم بن سادل البيحاين‪ ،‬دار إحياء الَباث اإلسبلمي قطر‬
‫الطبعة األكذل ُٖٔٗـ‪.‬‬
‫ُِ‪ .‬البداية كالنهاية‪ ،‬إ‪٠‬باعيل ابن كثّب الدمشقي‪ٙ ،‬بقيق دمحم بيومي كعبدهللا ا‪٤‬بنشاكم كدمحم ررواف‬
‫مهنا‪ ،‬الناشر مكتبة اإلٲباف ا‪٤‬بنصورة مصر‪.‬‬
‫ُّ‪ .‬البحر الزاخر ُب أخبار األكائل كاألكاخر‪ ،‬مصطفى بن حسن ا‪١‬بنايب‪ ،‬ا‪٤‬بطبعة األمّبية بوالؽ‬
‫مصر‪ ،‬الطبعة األكذل ُُِّىػ‪.‬‬
‫ُْ‪ .‬الربؽ اليماين ُب الفتح العثماين‪ ،‬قطب الدين دمحم بن أ‪ٞ‬بد النهركارل ا‪٤‬بكي‪ ،‬منشورات دار‬
‫اليمامة الرايض السعودية‪ ،‬الطبعة األكذل ُٕٔٗـ‪.‬‬
‫ُٓ‪ .‬بيية ا‪٤‬بستفيد ُب اتريخ زبيد‪ ،‬عبدالر‪ٞ‬بن بن علي بن الديبع الزبيدم‪ٙ ،‬بقيق عبدهللا ا‪٢‬ببشي‪،‬‬
‫مكتبة اإلرشاد صنعاء اليمن‪ ،‬الطبعة الثانية ََِٔـ‪.‬‬
‫ُٔ‪ .‬بلوغ ا‪٤‬براـ ُب شرح مسك ا‪٣‬بتاـ ُب من توذل ملك اليمن من ملك كإماـ‪ ،‬القاري حسْب بن‬
‫أ‪ٞ‬بد العرشي‪ ،‬مراجعة دمحم سادل شجاب‪ ،‬طباعة مكتبة اإلرشاد صنعاء اليمن‪ ،‬الطبعة األكذل‬
‫ََِٖـ‪.‬‬
‫ُٕ‪ .‬بنو رسوؿ كبنو طاىر‪ ،‬د‪ .‬دمحم عبدالعاؿ‪ ،‬دار ا‪٤‬بعرفة ا‪١‬بامعية اإلسكندرية مصر‪ ،‬طبعة‬
‫ُٖٗٗـ‪.‬‬
‫ُٖ‪ .‬البياف ُب اتريخ جازاف كعسّب ك‪٪‬براف‪ ،‬عبدالواحد دمحم راغب‪ ،‬مطابع مؤسسة دار التعاكف‬
‫للطبع كالنشر القاىرة مصر‪ ،‬الطبعة األكذل ُٓٗٗـ‪.‬‬
‫إب دراسة ‪٤‬بدينة إب كما حو‪٥‬با‪ ،‬د‪ .‬دمحم مظفر األدٮبي‪ ،‬منشورات جامعة إب اليمن‪،‬‬ ‫ُٗ‪ .‬اتريخ ٌ‬
‫الطبعة األكذل ََِٕـ‪.‬‬
‫َِ‪ .‬اتريخ ثير عدف كتراجم علمائها‪ ،‬اإلماـ الطيب بن عبدهللا اب‪٨‬برمة‪ٙ ،‬بقيق علي حسن ا‪٢‬بليب‪،‬‬
‫دار ا‪١‬بيل بّبكت لبناف‪ ،‬الطبعة الثانية ُٕٖٗـ‪.‬‬
‫ُِ‪ .‬اتريخ حضرموت السياسي‪ ،‬صبلح البكرم اليافعي‪ ،‬ا‪٤‬بطبعة السلفية مصر الطبعة األكذل‬
‫ُّْٓ ىػ‪.‬‬
‫ِِ‪ .‬اتريخ حضرموت ا‪٤‬بعركؼ بتاريخ شنبل‪ ،‬أ‪ٞ‬بد بن عبدهللا شنبل‪ٙ ،‬بقيق عبدهللا ا‪٢‬ببشي‪ ،‬الناشر‬
‫مكتبة صنعاء األثرية صنعاء اليمن الطبعة الثانية ََِّـ‪.‬‬

‫‪415‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ِّ‪ .‬اتريخ دمشق‪ ،‬علي بن ا‪٢‬بسن بن ىبة هللا ا‪٤‬بعركؼ اببن عساكر‪ ،‬احملقق عمرك بن غرامة‬
‫العمركم‪ ،‬دار الفكر للطباعة كالنشر كالتوزيع‪ ،‬طبعة ُٓٗٗـ‪.‬‬
‫ِْ‪ .‬اتريخ الدكلة الرسولية ُب اليمن‪ ،‬مؤلف ‪٦‬بهوؿ عاش ُب القرف التاسع‪ٙ ،‬بقيق عبدهللا ا‪٢‬ببشي‪،‬‬
‫مطبعة الكتاب العريب دمشق سوراي‪ ،‬الطبعة األكذل ُْٖٗـ‪.‬‬
‫ِٓ‪ .‬اتريخ الدكلة الكثّبية‪ ،‬دمحم ىاشم‪ ،‬ترًن للدراسات كالنشر حضرموت اليمن الطبعة األكذل‬
‫ََِِـ‪.‬‬
‫ِٔ‪ .‬اتريخ الشحر كأخبار القرف العاشر‪ ،‬دمحم بن عمر الطيب ابفقيو‪ٙ ،‬بقيق عبدهللا دمحم ا‪٢‬ببشي‪،‬‬
‫طباعة مكتبة اإلرشاد صنعاء‪ ،‬الطبعة األكذل ُٗٗٗـ‪.‬‬
‫ِٕ‪ .‬اتريخ الدكلة الطاىرية‪ ،‬دمحم أ‪ٞ‬بد مقبل الفيصلي‪ ،‬كزارة الثقافة كالسياحة ا‪٥‬بيئة العامة للكتاب‬
‫دار الكتاب صنعاء‪ ،‬الطبعة األكذل ََِٓـ‪.‬‬
‫ِٖ‪ .‬اتريخ العاصمة الطاىرية‪ ،‬نزار خضّب العبادم‪ ،‬دل أجد لو كتاابن مطبوعان هبذا األسم كإ٭با نقل‬
‫قولو ىذا من بعده من الباحثْب الذم استندكا لقولو‪.‬‬
‫ِٗ‪ .‬التاريخ العامر لليمن‪ ،‬دمحم ٰبي ا‪٢‬بداد‪ ،‬دار التنوير للطباعة كالنشر‪ ،‬بّبكت لبناف‪ ،‬الطبعة األكذل‬
‫ُٖٔٗـ‪.‬‬
‫َّ‪ .‬اتريخ عسّب‪ ،‬إبراىيم بن علي زين العابدين ا‪٢‬بفظي‪ٙ ،‬بقيق دمحم بن مسلط ا‪٢‬بفظي‪.‬‬
‫ُّ‪ .‬اتريخ مدينة زبيد‪ ،‬كماؿ الدين موسى بن أ‪ٞ‬بد الذؤارل الزبيدم‪ٙ ،‬بقيق عبدهللا ا‪٢‬ببشي‪،‬‬
‫طباعة مكتبة اإلرشاد صنعاء اليمن‪ ،‬الطبعة الثانية ََِٔـ‪.‬‬
‫ِّ‪ .‬اتريخ اليمن ا‪٤‬بسمى فرجة ا‪٥‬بموـ كا‪٢‬بزف ُب حوادث كاتريخ اليمن‪ ،‬العبلمة عبدالواسع بن ٰبي‬
‫الواسعي‪ ،‬مكتبة اليمن الكربل صنعاء للنشر كالتوزيع‪ ،‬الطبعة الثانية ُُٗٗـ‪.‬‬
‫ّّ‪ٙ .‬بفة الزمن ُب اتريخ سادات اليمن‪ ،‬العبلمة بدر الدين ا‪٢‬بسْب بن عبدالر‪ٞ‬بن بن دمحم األىدؿ‬
‫ا‪٢‬بسيِب‪ٙ ،‬بقيق األستاذ عبدهللا ا‪٢‬ببشي‪،‬مكتبة اإلرشاد صنعاء‪ ،‬الطبعة األكذلَُِِـ‪.‬‬
‫ّْ‪ .‬التحفة اللطيفة ُب اتريخ ا‪٤‬بدينة الشريفة‪ ،‬دمحم بن عبد الر‪ٞ‬بن السخاكم‪ ،‬الناشر الكتب‬
‫العلميو‪ ،‬بّبكت لبناف‪ ،‬الطبعة االكذل ُّٗٗـ‪.‬‬
‫ّٓ‪ .‬الثناء ا‪٢‬بسن على أىل اليمن‪ ،‬دمحم بن عبدا‪٤‬بلك ا‪٤‬بركين‪ ،‬الناشر دار الندل للطباعة كالنشر‬
‫بّبكت لبناف الطبعة الثانية َُٗٗـ‪.‬‬

‫‪416‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ّٔ‪ .‬ا‪١‬بامع اللطيف ُب فضل مكة كأىلها كبناء البيت الشريف‪ ،‬دمحم بن دمحم ظهّبة‪ ،‬مكتبة الثقافة‬
‫الدينية‪ ،‬الطبعة األكذل ُِّْىػ‪.‬‬
‫ّٕ‪ .‬حوادث الدىور ُب مدل األايـ كالشهور‪ٝ ،‬باؿ الدين ابن تيرل بردل‪ٙ ،‬بقيق دمحم كماؿ‬
‫الدين‪ ،‬عادل الكتب بّبكت لبناف‪ ،‬طبعة َُٗٗـ‪.‬‬
‫‪٧‬بمد أمْب بن فضل هللا احمليب ا‪٢‬بموم‪ ،‬طبعة دار‬
‫ّٖ‪ .‬خبلصة األثر ُب أعياف القرف ا‪٢‬بادم عشر‪َّ ،‬‬
‫صادر بّبكت لبناف‪.‬‬
‫ّٗ‪ .‬خبلصة من اتريخ اليمن‪٩ ،‬بحمد بن أ‪ٞ‬بد ا‪٢‬بجرم‪ ،‬مكتبة اإلرشاد صنعاء اليمن‪ ،‬الطبعة‬
‫األكذل ََِٕـ‪.‬‬
‫َْ‪ .‬خبلصة السبلؼ ُب أخبار صبيا كا‪٤‬بخبلؼ‪ ،‬العبلمة أ‪ٞ‬بد بن دمحم النمازم الصبياين‪ٙ ،‬بقيق‬
‫د‪ .‬دركيش دمحم األىدؿ كدمحم عفيف األىدؿ‪ ،‬دار الكتب اليمنية‪ ،‬الطبعة األكذل َُُِـ‪.‬‬
‫ُْ‪ .‬الدر الكمْب بذيل العقد الثمْب‪ ،‬عمر بن فهد ا‪٥‬بامشي ا‪٤‬بكي‪ٙ ،‬بقيق عبدا‪٤‬بلك بن دىيش‪،‬‬
‫دار خضر للطباعة كالنشر بّبكت لبناف‪ ،‬الطبعة األكذل َََِـ‪.‬‬
‫ِْ‪ .‬الدكلة األموية‪ ،‬د‪ .‬علي الصبليب‪ ،‬مؤسسة إقرأ للنشر كالتوزيع القاىرة مصر الطبعة األكذل‬
‫ََِٓـ‪.‬‬
‫ّْ‪ .‬الدكلة الرسولية ُب اليمن دراسة ُب أكراعها السياسية كا‪٢‬بضارية‪ ،‬دمحم الفيفي‪ ،‬الناشر الدار‬
‫العربية للموسوعات طبعة ََِٓـ‪.‬‬
‫ْْ‪ٌ .‬رك يح الركح فيما حدث بعد ا‪٤‬بائة التاسعة من الفًب كالفتوح‪ ،‬عيسى بن لطف هللا شرؼ‬
‫الدين‪ٙ ،‬بقيق إبراىيم بن أ‪ٞ‬بد ا‪٤‬بقحفي‪ ،‬مركز عبادم للدراسات كالنشر صنعاء اليمن‪ ،‬الطبعة‬
‫األكذل ََِّـ‪.‬‬
‫ْٓ‪ .‬ركرة األخبار كنزىة األ‪٠‬بار ُب حوادث اليمن الكبار‪ ،‬عماد الدين إدريس بن األنف‬
‫القرمطي‪ٙ ،‬بقيق العبلمة دمحم بن األكوع‪ ،‬منشورات ا‪٥‬بيئة العامة اليمنية للكتاب صنعاء‪ ،‬طباعة‬
‫دار ا‪٤‬بعرفة للطباعة كالنشر بّبكت لبناف‪ ،‬طبعة ُٓٗٗـ‪.‬‬
‫ْٔ‪ .‬السلوؾ الذىبية ُب خبلصة السّبة ا‪٤‬بتوكلية‪ٝ ،‬باؿ الدين بن دمحم بن إبراىيم شرؼ الدين‪،‬‬
‫‪ٙ‬بقيق عبدا‪٤‬بلك بن دمحم الطيب‪ ،‬ال توجد دار طباعة أك سنة طباعة‪.‬‬

‫‪417‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ْٕ‪ .‬السلوؾ ُب معرفة دكؿ ا‪٤‬بلوؾ‪ ،‬تقي الدين أ‪ٞ‬بد بن علي ا‪٤‬بقريزم‪ ،‬هتذيب الدكتور رجب ‪٧‬بمود‬
‫ٖبيت‪ ،‬مكتبة جزيرة الورد القاىرة مصر‪ ،‬الطبعة األكذل ََُِـ‪.‬‬
‫ْٖ‪٠ .‬بط النجوـ العوارل ُب أنباء األكائل كالتوارل‪ ،‬عبدا‪٤‬بلك بن حسْب العصامي ا‪٤‬بكي‪،‬‬
‫عبدا‪٤‬بوجود معوض‪ ،‬الدار العلمية بّبكت لبناف‪ ،‬الطبعة األكذل ُٖٗٗـ‪.‬‬
‫ْٗ‪ .‬السنا الباىر بتكميل النور السافر‪ ،‬العبلمة دمحم بن أيب بكر الشلي‪ٙ ،‬بقيق إبراىيم ا‪٤‬بقحفي‪،‬‬
‫مكتبة اإلرشاد صنعاء اليمن‪ ،‬الطبعة األكذل ََِْـ‪.‬‬
‫َٓ‪ .‬الشحر عرب التاريخ‪ٟ ،‬بيس ‪ٞ‬بداف‪ ،‬مركز الدراسات كالبحوث اليمِب صنعاء‪ ،‬الطبعة األكذل‬
‫ََِْ‪.‬‬
‫العكرم ا‪٢‬بنبلي‪ ،‬أبو الفبلح‪،‬‬
‫ُٓ‪ .‬شذرات الذىب ُب أخبار من ذىب‪ ،‬عبد ا‪٢‬بي ابن العماد ى‬
‫‪ٙ‬بقيق ‪٧‬بمود األر اؤكط‪ ،‬خرج أحاديثو عبد القادر األر اؤكط‪ ،‬الناشر دار ابن كثّب دمشق –‬
‫بّبكت‪ ،‬الطبعة األكذل ُٖٔٗـ‪.‬‬
‫ِٓ‪ .‬شفاء اليراـ‪ ،‬شفاء اليراـ أبخبار البلد ا‪٢‬براـ‪ ،‬أبو الطيب دمحم بن أ‪ٞ‬بد ا‪٤‬بكي ا‪٢‬بسِب الفاسي‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية بّبكت لبناف‪ ،‬الطبعة األكذلَََِـ‪.‬‬
‫ّٓ‪ .‬الشهداء السبعة‪ ،‬دمحم عبدالقادر ابمطرؼ‪ ،‬دار ا‪٢‬برية للطباعة بيداد العراؽ‪ ،‬طبعة ُْٕٗـ‪.‬‬
‫ْٓ‪ .‬الشهداء السبعة‪ ،‬دمحم عبدالقادر ابمطرؼ‪ ،‬دار ا‪٥‬بمداين للطباعة كالنشر عدف‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫ُّٖٗـ‪.‬‬
‫ٓٓ‪ .‬الصراع مابْب اإلسبلـ كالصليب ُب ا‪٢‬ببشة‪ ،‬برىاف زينو أ‪ٞ‬بد‪.‬‬
‫ٔٓ‪ .‬العسجد ا‪٤‬بسبوؾ ُب من كرل اليمن من ا‪٤‬بلوؾ‪ ،‬علي بن ا‪٢‬بسن ا‪٣‬بزرجي‪ ،‬دار الفكر دمشق‬
‫الطبعة الثانية ُُٖٗـ‪.‬‬
‫ٕٓ‪ .‬العقبة دراسة ‪ٙ‬بليلية ‪١‬بانب من عدف‪ ،‬عبدهللا أ‪ٞ‬بد ‪٧‬بّبز‪ ،‬كزارة الثقافة مؤسسة ُْ أكتوبر‬
‫للصحافة كالطباعة كالنشر عدف‪.‬‬
‫ٖٓ‪ .‬العقد الثمْب ُب اتريخ البلد األمْب‪ ،‬دمحم بن أ‪ٞ‬بد الفاسي ا‪٤‬بكي‪ ،‬دار الكتب العلمية بّبكت‬
‫لبناف‪ ،‬الطبعة األكذل ُٖٗٗـ‪.‬‬
‫ٗٓ‪ .‬العقود اللؤلؤية ُب اتريخ الدكلة الرسولية‪ ،‬على بن ا‪٢‬بسن ا‪٣‬بزرجي‪ٙ ،‬بقيق دمحم بسيوين‪ ،‬دار‬
‫صادر بّبكت لبناف‪ ،‬مطبعة ا‪٥‬ببلؿ مصر ُُْٗـ‪.‬‬

‫‪418‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫َٔ‪ .‬غاية األماين ُب أخبار القطر اليماين‪ٰ ،‬بي بن ا‪٢‬بسْب بن القاسم‪ٙ ،‬بقيق د‪ .‬سعيد عبدالفتاح‬
‫عاشور‪ ،‬دار الكتاب العريب للطباعة كالنشر‪ ،‬القاىرة مصر طبعة ُٖٔٗـ‪.‬‬
‫ُٔ‪ .‬الفتح العثماين األكؿ لليمن‪ ،‬الدكتور سيد مصطفى سادل‪ ،‬دار جامعة صنعاء للنشر كالتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة السابعة ََُِـ‪.‬‬
‫ِٔ‪ .‬الفتوحات ا‪٤‬برادية ُب ا‪١‬بهات اليمانية‪ ،‬عبدهللا صبلح الدين بن داعر‪٨ ،‬بطوطة رقم ٕٗٗ من‬
‫مكتبة راغب ابشا من موقع كتاب بيداي‪.‬‬
‫ّٔ‪ .‬الفضل ا‪٤‬بزيد على بيية ا‪٤‬بستفيد ُب أخبار مدينة زبيد‪ ،‬عبدالر‪ٞ‬بن بن علي الديبع‪ٙ ،‬بقيق‬
‫الدكتور يوسف شلحد‪ ،‬طباعة مركز الدراسات كالبحوث اليمِب صنعاء‪ ،‬طبعة ُّٖٗـ‪.‬‬
‫ْٔ‪ .‬قرة العيوف أبخبار اليمن ا‪٤‬بيموف‪ ،‬عبدالر‪ٞ‬بن بن علي الديبع الشيباين‪ٙ ،‬بقيق العبلمة دمحم بن‬
‫علي األكوع‪ ،‬طباعة مكتبة اإلرشاد صنعاء‪ ،‬الطبعة األكذل ََِٔـ‪.‬‬
‫ٓٔ‪ .‬قبلدة النحر ُب كفيات أعياف الدىر‪ ،‬أبو دمحم عبدهللا الطيب بن عبدهللا بن ا‪ٞ‬بد اب‪٨‬برمة‬
‫ا‪٢‬بضرمي‪ٙ ،‬بقيق بو ‪ٝ‬بعة مكرم كخالد زكارم‪ ،‬طبعة دار ا‪٤‬بنهاج جدة السعودية‪ ،‬الطبعة األكذل‬
‫ََِٖـ‪.‬‬
‫ٔٔ‪ .‬الكتاب الظاىرم اتريخ الدكلة الرسولية ابليمن‪ٝ ،‬باؿ الدين دمحم بن علي ا‪٢‬باسب ا‪٤‬بصرم‪،‬‬
‫‪ٙ‬بقيق عبدهللا ا‪٢‬ببشي‪ ،‬مكتبة اإلرشاد صنعاء اليمن‪ ،‬الطبعة األكذل َُِٓـ‪.‬‬
‫ٕٔ‪ .‬اللطائف السنية ُب أخبار ا‪٤‬بمالك اليمنية‪ ،‬العبلمة دمحم بن ا‪٠‬باعيل الكبسي‪ٙ ،‬بقيق خالد‬
‫األذرعي‪ ،‬طباعة مكتبة ا‪١‬بيل ا‪١‬بديد صنعاء اليمن‪ ،‬الطبعة األكذل ََِٓـ‪.‬‬
‫ٖٔ‪ .‬مآثر األبرار ُب تفصيل ‪٦‬بمبلت جواىر األخبار كيسمى اللواحق الندية‪ ،‬دمحم بن علي الزحيف‬
‫ا‪٤‬بعركؼ اببن فند‪ ،‬النشر دار اإلماـ زيد بن علي الثقافية للنشر كالتوزيع صنعاء اليمن الطبعة‬
‫األكذل ََِِـ‪.‬‬
‫ٗٔ‪٨ .‬بتصر اتريخ دمشق البن عساكر‪ ،‬دمحم بن مكرـ ابن منظور االنصارم الركيفعى اإلفريقى‪،‬‬
‫‪ٙ‬بقيق ركحية النحاس كآخرين‪ ،‬دار الفكر للطباعة كالتوزيع كالنشر‪ ،‬دمشق سوراي‪ ،‬الطبعة األكذل‪،‬‬
‫ُْٖٗـ‪.‬‬
‫َٕ‪ .‬ا‪٤‬بختصر ُب اتريخ حضرموت العاـ‪ ،‬دمحم عبدالقادر ابمطرؼ‪ ،‬ا‪٤‬بركز اليمِب لؤلٕباث الثقافية‬
‫كاآلاثر كا‪٤‬بتاحف‪ ،‬ا‪٤‬بكبل حضرموت‪ ،‬طبعة ُّٕٗـ‪.‬‬

‫‪419‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ُٕ‪٨ .‬بتصر التاريخ السياسي للمخبلؼ السليماين‪ ،‬حسْب صديق ا‪٢‬بكمي‪.‬‬


‫ِٕ‪ .‬ا‪٤‬بدارس اإلسبلمية ُب اليمن‪ ،‬القاري ا‪٠‬باعيل بن األكوع‪ ،‬مؤسسة الرسالة بّبكت لبناف‪،‬‬
‫مكتبة ا‪١‬بيل ا‪١‬بديد‪ ،‬الطبعة الثانية ُٖٔٗـ‪.‬‬
‫ّٕ‪ .‬ا‪٤‬بقتطف ُب اتريخ اليمن‪ ،‬عبدهللا بن عبدالكرًن ا‪١‬براُب‪ ،‬بّبكت لبناف ُٖٔٗـ‪.‬‬
‫ْٕ‪ .‬موجز التاريخ اإلسبلمي منذ عهد آدـ إذل عصر ا ا‪٢‬بارر‪ ،‬أ‪ٞ‬بد معمور العسّبم‪ ،‬فهرسة‬
‫مكتبة ا‪٤‬بلك فهد الوطنية الرايض‪ ،‬الطبعة األكذل ُٔٗٗـ‪.‬‬
‫ٕٓ‪ .‬ا‪٤‬بوسوعة ا‪٤‬بيسرة ُب التاريخ اإلسبلمي‪ ،‬تقدًن د‪ .‬راغب السرجاين‪ ،‬إعداد فريق البحوث‬
‫كالدراسات اإلسبلمية (فدا)‪ ،‬مؤسسة إقرأ القاىرة‪ ،‬الطبعة األكذل َُِّـ‪.‬‬
‫ٕٔ‪ .‬النجوـ الزاىرة ُب ملوؾ مصر كالقاىرة‪ ،‬يوسف بن تيرم بردم‪ ،‬هتذيب رجب ‪٧‬بمود ٖبيت‪،‬‬
‫الناشر مكتبة جزيرة الورد كمكتبة اإلٲباف القاىرة مصر‪ ،‬الطبعة األكذل ََِٗـ‪.‬‬
‫ٕٕ‪ .‬ىجر العلم كمعاقلة ُب اليمن‪ ،‬القاري إ‪٠‬باعيل بن علي األكوع‪ ،‬دار الفكر ا‪٤‬بعاصر بّبكت‬
‫لبناف‪ ،‬الطبعة األكذل ُٓٗٗـ‪.‬‬
‫ٖٕ‪ .‬ىذه ىي اليمن األرض كاإلنساف كالتاريخ‪ ،‬لؤلستاذ عبدهللا ا‪ٞ‬بد دمحم الثور‪ُٗٔٗ ،‬ـ‪.‬‬
‫ٕٗ‪ .‬كقائع من اتريخ ايفع‪٧ ،‬بسن بن ‪٧‬بسن دايف‪ ،‬مطبعة الكاتب العريب دمشق سوراي‪ ،‬الطبعة‬
‫األكذل ُٗٗٗـ‪.‬‬
‫َٖ‪ .‬كجيز الكبلـ ُب الذيل على دكؿ اإلسبلـ‪ ،‬دمحم بن عبدالر‪ٞ‬بن السخاكم‪ٙ ،‬بقيق بشار عواد‬
‫معركؼ كآخركف‪ ،‬مؤسسة الرسالة بّبكت لبناف‪ ،‬الطبعة األكذل ُٓٗٗـ‪.‬‬
‫ُٖ‪ .‬اليمن اإلنساف كا‪٢‬بضارة‪ ،‬القاري عبدهللا بن عبدالوىاب اجملاىد الشماحي‪ ،‬منشورات ا‪٤‬بدينة‬
‫بّبكت لبناف‪ ،‬الطبعة الثالثة ُٖٓٗـ‪.‬‬
‫ِٖ‪ .‬اليمن عرب التاريخ‪ ،‬أ‪ٞ‬بد حسْب شرؼ الدين‪ ،‬مطبعة السنة احملمدية مصر‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫ُْٔٗـ‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬كتب الرتاجم واألعالم‪:‬‬
‫ّٖ‪ .‬األغصاف ‪٤‬بشجرات أنساب عد اف كقحطاف‪ ،‬علي بن عبدالكرًن الفضيل شرؼ الدين‪ ،‬مكتبة‬
‫العزيزية الرايض الطبعة الثانية ُٓٗٗـ‪.‬‬

‫‪411‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫األعبلـ‪ ،‬خّب الدين بن ‪٧‬بمود بن دمحم بن علي بن فارس‪ ،‬الزركلي الدمشقي‪ ،‬الناشر دار العلم‬ ‫ْٖ‪.‬‬
‫للمبليْب‪ ،‬بّبكت لبناف الطبعة ا‪٣‬بامسة عشر مايو ََِِـ‪.‬‬
‫اإلماـ زيد بن علي‪ ،‬دمحم أبو زىرة‪ ،‬دار الفكر العريب ا‪٤‬بعاصر مصر‪.‬‬ ‫ٖٓ‪.‬‬
‫البدر الطالع ٗبحاسن من بعد القرف السابع‪ ،‬اإلماـ دمحم بن علي الشوكاين‪ ،‬الناشر دار الكتاب‬ ‫ٖٔ‪.‬‬
‫اإلسبلمي القاىرة مصر‪.‬‬
‫خبلصة الكبلـ ُب بياف أمراء البلد ا‪٢‬براـ‪ ،‬أ‪ٞ‬بد بن زيِب دحبلف‪ ،‬ا‪٤‬بطبعة ا‪٣‬بّبية مصر الطبعة‬ ‫ٕٖ‪.‬‬
‫األكذل َُّٓىػ‪.‬‬
‫الضوء البلمع ألىل القرف التاسع‪ ،‬مشس الدين أبو ا‪٣‬بّب دمحم بن عبد الر‪ٞ‬بن السخاكم‪،‬‬ ‫ٖٖ‪.‬‬
‫منشورات دار مكتبة ا‪٢‬بياة مصر‪.‬‬
‫طبقات صلحاء اليمن ا‪٤‬بعركؼ بتاريخ الربيهي‪ ،‬عبد الوىاب الربيهي السكسكي اليمِب‪ٙ ،‬بقيق‬ ‫ٖٗ‪.‬‬
‫عبد هللا دمحم ا‪٢‬ببشي‪ ،‬الناشر مكتبة االرشاد صنعاء اليمن‪ ،‬طبعة ُْٗٗـ‪.‬‬
‫طبقات الزيدية الكربل‪ ،‬كيسمى بلوغ ا‪٤‬براد إذل معرفة اإلسناد‪ ،‬للسيد العبلمة إبراىيم ابن القاسم‬ ‫َٗ‪.‬‬
‫بن ا‪٤‬بؤيدابهلل‪ ،‬من إصدارات مؤسسة اإلماـ زيد بن علي الثقافية‪ ،‬األردف‪.‬‬
‫طبقات فقهاء اليمن‪ ،‬عمر بن علي ا‪١‬بعدم‪ٙ ،‬بقيق فؤاد السيد‪ ،‬بّبكت لبناف‪ ،‬الطبعة األكذل‬ ‫ُٗ‪.‬‬
‫ُُٖٗـ‪.‬‬
‫السلوؾ ُب طبقات العلماء كا‪٤‬بلوؾ‪ ،‬القاري هباء الدين دمحم بن يوسف ا‪١‬بندم السكسكي‪،‬‬ ‫ِٗ‪.‬‬
‫‪ٙ‬بقيق دمحم بن علي األكوع‪ ،‬طبعة مكتبة اإلرشاد صنعاء اليمن‪ ،‬الطبعة الثانية ُٓٗٗـ‪.‬‬
‫سّب أعبلـ النببلء‪ ،‬مشس الدين الذىيب‪ ،‬مؤسسة الرسالة بّبكت لبناف‪.‬‬ ‫ّٗ‪.‬‬
‫مناقب أيب حنيفة‪ ،‬حافظ اليِب الكردم‪ ،‬دار الكتاب العريب بّبكت لبناف‪ ،‬طبعة َُُْىػ‪.‬‬ ‫ْٗ‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬كتب معاجم البلدان والقبائل وللغات‪:‬‬
‫ٓٗ‪ .‬البلداف اليمنية عند ايقوت ا‪٢‬بموم‪ ،‬القاري إ‪٠‬باعيل بن علي األكوع‪ ،‬الناشر مؤسسة الرسالة‬
‫بّبكت لبناف‪ ،‬مكتبة ا‪١‬بيل ا‪١‬بديد صنعاء الطبعة الثانية ُٖٖٗـ‪.‬‬
‫ٔٗ‪ .‬صفة جزيرة العرب‪ ،‬أبو ا‪٢‬بسن بن أ‪ٞ‬بد بن يعقوب ا‪٥‬بمداين‪ٙ ،‬بقيق دمحم بن علي األكوع‪،‬‬
‫مكتبة اإلرشاد صنعاء اليمن الطبعة الثانية ََِٖـ‪.‬‬

‫‪411‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ٕٗ‪٦ .‬بموع بلداف اليمن كقبائلها‪ ،‬دمحم أ‪ٞ‬بد ا‪٢‬بجرم‪ٙ ،‬بقيق إ‪٠‬باعيل بن علي األكوع‪ ،‬دار ا‪٢‬بكمة‬
‫اليمانية للطباعة كالنشر‪ ،‬صنعاء اليمن الطبعة الثانية ُٔٗٗـ‪.‬‬
‫ٖٗ‪٨ .‬باليف اليمن‪ ،‬العبلمة إ‪٠‬باعيل بن علي األكوع‪ٙ ،‬بقيق عبدهللا السراجي‪ ،‬طباعة ا‪١‬بيل ا‪١‬بديد‬
‫صنعاء اليمن‪ ،‬الطبعة الثالثة ََِٗـ‪.‬‬
‫ٗٗ‪ .‬مراصد االطبلع على أ‪٠‬باء األمكنة كالبقاع‪ ،‬عبد ا‪٤‬بؤمن بن عبد ا‪٢‬بق ابن مشائل القطيعي‬
‫صفي الدين‪ ،‬دار ا‪١‬بيل‪ ،‬بّبكت لبناف‪ ،‬الطبعة األكذل‪ُُِْ ،‬ىػ‪.‬‬
‫البيدادم ا‪٢‬بنبلي ٌ‬
‫ََُ‪ .‬معجم البلداف‪ ،‬شهاب الدين أبوعبدهللا ايقوت ا‪٢‬بموم‪ٙ ،‬بقيق فريد عبدالعزيز ا‪١‬بندم‪ ،‬دار‬
‫الفكر بّبكت لبناف َُٗٗـ‪.‬‬
‫َُُ‪ .‬معجم البلداف‪ ،‬شهاب الدين أبو عبد هللا ايقوت بن عبد هللا الركمي ا‪٢‬بموم‪ ،‬دار صادر‬
‫بّبكت لبناف‪ ،‬الطبعة الثانية‪ُٗٗٓ ،‬ـ‪.‬‬
‫َُِ‪ .‬معجم البلداف كالقبائل اليمنية‪ ،‬إبراىيم أ‪ٞ‬بد ا‪٤‬بقحفي‪ ،‬دار الكلمة للطباعة كالنشر صنعاء‬
‫اليمن كا‪٤‬بؤسسة ا‪١‬بامعية للدراسات بّبكت لبناف‪ ،‬طبعة ََِِـ‪.‬‬
‫َُّ‪ .‬دليل الدكؿ اإلفريقية‪ ،‬د‪ .‬دمحم عاشور مهدم‪ ،‬الناشر معهد البحوث كالدراسات اإلفريقية‪،‬‬
‫طبعة ََِٕـ‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬فرق وأداين‪:‬‬
‫َُْ‪ .‬اإلماـ زيد بن علي كدعاكل الفرؽ‪ ،‬إعداد مركز ا‪٢‬بقيقة للدراسات كالبحوث‪ ،‬الطبعة األكذل‬
‫ُِْٗىػ‪.‬‬
‫َُٓ‪ .‬الرسالة الوازعة‪ ،‬ا‪٤‬بؤيد ابهلل ٰبي بن ‪ٞ‬بزة ا‪٢‬بسيِب‪ ،‬دار النشر للجامعات صنعاء اليمن‪ ،‬الطبعة‬
‫األكذل َُُِـ‪.‬‬
‫َُٔ‪ .‬الزيدية نشأهتا كمعتقداهتا‪ ،‬ا‪٠‬باعيل بن علي األكوع‪ ،‬الناشر ا‪١‬بيل ا‪١‬بديد صنعاء اليمن‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة ََِٕ‪.‬‬
‫َُٕ‪ .‬الشيعة كالتشيع‪ ،‬إحساف إ‪٥‬بي ظهّب‪ ،‬الناشر إدارة تر‪ٝ‬باف السنة‪ ،‬الىور ابكستاف‪ ،‬الطبعة‬
‫العاشرة ُٓٗٗـ‪.‬‬
‫َُٖ‪ .‬فرؽ كأدايف معاصرة‪ ،‬السيد أ‪ٞ‬بد أبوسيف‪ ،‬مكتبة اإلٲباف ا‪٤‬بنصورة مصر طبعة ََِٖـ‪.‬‬
‫َُٗ‪ .‬فرؽ الشيعة‪ ،‬ا‪٢‬بسن بن موسى النوٖبٍب‪ ،‬دار أرواء بّبكت لبناف‪ ،‬الطبعة الثانية َُِْىػ‪.‬‬

‫‪412‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫َُُ‪ .‬الفرؽ بْب الفرؽ‪ ،‬عبد القاىر بن طاىر بن دمحم البيدادم‪ ،‬دار اآلفاؽ ا‪١‬بديدة بّبكت‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ُٕٕٗـ‪.‬‬
‫ُُُ‪ .‬الفهرست للندًن‪ ،‬دمحم بن يعقوب بن إسحاؽ‪ٙ ،‬بقيق ررا ٘بدد‪ ،‬مطبعة دانكشاه طهراف‪.‬‬
‫ُُِ‪ .‬مسائل اإلمامة‪ ،‬عبدهللا بن دمحم الناشيء األكرب‪ٙ ،‬بقيق يوسف فاف إس‪ ،‬دار النشر فرانتش‬
‫شتاينر بّبكت‪ ،‬طبعة ُُٕٗـ‪.‬‬
‫ُُّ‪ .‬ا‪٤‬بلل كالنحل‪ ،‬دمحم بن عبد الكرًن الشهرستاين‪ٙ ،‬بقيق دمحم سيد كيبلين‪ ،‬الناشر دار ا‪٤‬بعرفة‬
‫بّبكت لبناف طبعة َُْْىػ‪ُِٖٗ/‬ـ‪.‬‬
‫ُُْ‪ .‬ا‪٤‬بنية كاألمل ُب شرح ا‪٤‬بلل كالنحل‪ ،‬ا‪٤‬بهدم أ‪ٞ‬بد بن ٰبي ا‪٤‬برتضى‪ٙ ،‬بقيق الدكتور دمحم جواد‬
‫مشكور‪ ،‬دار الندل‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬الرسائل العلمية‪:‬‬
‫ُُٓ‪ .‬األحواؿ السياسية كا‪٤‬بظاىر ا‪٢‬بضارية ُب عصر السلطاف عامر بن عبدالوىاب‪ ،‬دمحم ربيع‬
‫ا‪٤‬بدخلي‪ ،‬رسالة ماجستّب مقدمة إذل كلية الشريعة اإلسبلمية جامعة اـ القرل ا‪٤‬بملكة العربية‬
‫السعودية سنة ُٖٓٗـ‪.‬‬
‫ُُٔ‪ .‬اإلستحكامات ا‪٢‬بربية ُب مدينة زبيد‪ ،‬عبدهللا عبدالسبلـ ا‪٢‬بداد‪ ،‬رسالة دكتوراه قدمت إذل‬
‫كلية اآلاثر جامعة القاىرة سنة َََِـ‪ ،‬إصدار كطباعة كزارة الثقافة كالسياحة صنعاء‪ ،‬الطبعة‬
‫األكذلََِْـ‪.‬‬
‫ُُٕ‪ .‬ا‪٢‬بياة العلمية ُب عهد الدكلة الطاىرية‪ ،‬عاشور عبود سادل‪ ،‬رسالة ماجستّب قدمت لقسم‬
‫التاريخ كلية االداب جامعة عدف سنة ََِّـ‪.‬‬
‫ُُٖ‪ .‬ا‪٢‬بياة العلمية ُب اليمن من بداية القرف التاسع حٌب سيطرة العثمانيْب عليها‪ ،‬عبداليِب‬
‫األىجرم‪ ،‬رسالة دكتوراه مقدمة لقسم التاريخ كلية اآلداب جامعة ا‪٤‬بنصورة مصر‪ ،‬سنة‬
‫ََِٖـ‪.‬‬
‫ُُٗ‪ .‬صراع الطاىريْب مع أئمة الزيدية‪ ،‬علي ىادم الطيارم‪ ،‬رسالة ماجستّب مقدمة لقسم التاريخ‬
‫كلية اآلداب جامعة عدف‪ ،‬نوقشت َُِّـ‪.‬‬
‫َُِ‪ .‬عدف ُب عهد الطاىريْب‪ ،‬د‪ .‬عباس علوم‪ ،‬رسالة دكتوراه قدمت لقسم التاريخ كلية اآلداب‬
‫جامعة صنعاء‪َُُِ ،‬ـ‪.‬‬

‫‪413‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ُُِ‪ .‬الوجود ا‪٤‬بملوكي ُب اليمن‪ ،‬أ‪ٞ‬بد سادل بن شيباف‪ ،‬رسالة ماجستّب مقدمة لقسم التاريخ كلية‬
‫االداب جامعة عدف سنة ُٖٗٗـ‪ ،‬طباعة دار الثقافة العربية الشارقة اإلمارات‪ ،‬الطبعة األكذل‬
‫ََِِـ‪.‬‬
‫اثمناً‪ :‬ادلواقع اإللكرتونية‪:‬‬
‫ُِِ‪ .‬اتريخ النقود ُب مدينة عدف‪ ،‬دمحم زكراي‪ ،‬مقالة صحفية‪ ،‬صحيفة ُْ أكتوبر العدد رقم‬
‫(ُُّٖٔ) ِٕ‪ََِٕ/ٖ/‬ـ‪ ،‬موقع صحيفة ُْ أكتوبر‪.‬‬
‫ُِّ‪ .‬ا‪٢‬ببشة كالعادل اإلسبلمي ‪ ..‬عداكة قدٲبة‪ ،‬شريف عبد العزيز‪ ،‬مقالة ُب موقع قصة اإلسبلـ‪.‬‬
‫ُِْ‪ .‬العملة كالتداكؿ النقدم بعدف ُب عصر الدكلة الطاىرية‪ ،‬د‪ .‬دمحم صاحل بلعفّب‪٦ ،‬بلة سبأ‪ ،‬العدد‬
‫ُْ‪ ُٓ،‬يوليو ََِٕـ‪.‬‬
‫ُِٓ‪ .‬فَبة مشرقة للجهاد اإلسبلمي ُب ا‪٢‬ببشة‪ ،‬فهيم دمحم شلتوت‪٦ ،‬بلة البحوث اإلسبلمية‪ ،‬الرايض‬
‫ا‪٤‬بملكة العربية السعودية‪٦ ،‬بلة دكرية تصدر عن الرائسة العامة إلدارات البحوث العلمية كاإلفتاء‬
‫كالدعوة كاإلرشاد‪.‬‬
‫ُِٔ‪ .‬مقالة دمت أٔبدية البهجة كجبلؿ التاريخ‪ ،‬أ‪ٞ‬بد ا‪٢‬بسِب‪ ،‬شبكة ا‪٤‬بؤ‪ٛ‬بر نت اإلخبارية‪.‬‬
‫ُِٕ‪ .‬ا‪٤‬بوسوعة العربية‪ ،‬اليمن التاريخ الوسيط‪ ،‬مصطفى ا‪٣‬بطيب‪.‬‬
‫ُِٖ‪ .‬كيكيبيداي ا‪٤‬بوسوعة ا‪٢‬برة‪ ،‬مقالة أىم ا‪٤‬بواقع األثرية كالتارٱبية ُب يجنب كتبها‪ ،‬عبد اجمليد الدرة‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفهرس‬

‫ا‪٤‬بقدمة ‪ٓ ............................................................................‬‬
‫الفصل التمهيدم‪ :‬أصوؿ بِب طاىر كموطنهم كعبلقتهم ابلدكلة الرسولية ‪ٗ ...................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬أصوؿ بِب طاىر كموطنهم ‪َُ ............................................‬‬
‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬نسب آؿ طاىر ‪ُُ .....................................................‬‬
‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬مكانتهم اإلجتماعية ‪ِٓ .................................................‬‬
‫ا‪٤‬بطلب الثالث‪ :‬عاصمة بِب طاىر كموطنهم ‪ِٗ ..........................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬اتصاؿ بِب طاىر كعبلقتهم ابلدكلة الرسولية ‪ْْ ............................‬‬
‫ا‪٤‬بطلب األكؿ‪ :‬قياـ الدكلة الرسولية ‪ْٓ ..................................................‬‬
‫ا‪٤‬بطلب الثاين‪ :‬تورل بِب طاىر ا‪٤‬بناصب ُب الدكلة الرسولية ‪ْٓ ..............................‬‬
‫ا‪٤‬بطلب الثالث‪ :‬هناية الدكلة الرسولية ‪َٔ .................................................‬‬
‫الباب األكؿ ‪ :‬قياـ الدكلة الطاىرية كعوامل هنورها ‪ْٔ ....................................‬‬
‫الفصل األكؿ‪ :‬اإلنقساـ السياسي كعوامل اهنيار الدكلة الرسولية ‪ٔٓ .........................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬اإلنقساـ السياسي كالدكيبلت الٍب ظهرت ُب اليمن قبل قياـ الطاىريْب ‪ٔٔ ....‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬عوامل إهنيار الدكلة الرسولية كأسباب سقوطها كالتمهيد لقياـ الدكلة الطاىرية ُٕ‬
‫الفصل الثاين‪ :‬اإلستيبلء على عدف كتعز ‪ْٕ ..............................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ ‪ :‬اإلستيبلء على عدف ‪ٕٓ .................................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين ‪ :‬اإلستيبلء على تعز ‪ٖٔ ...................................................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اإلستيبلء على زبيد كإخضاع القبائل التهامية ‪َٗ ............................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬مدينة زبيد النشأة كاألٮبية ‪ُٗ .............................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬اإلستيبلء على زبيد ‪ٖٗ ...................................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬قمع التمردات ُب هتامة ‪َُٔ ..............................................‬‬
‫الفصل الرابع ‪ :‬اإلستيبلء على الشحر كحضرموت كظفار ‪ُُٖ ..............................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬الشحر قبل الطاىريْب ‪ُُٗ ................................................‬‬

‫‪415‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪٧ :‬باكلة ابدجانة لئلستيبلء على عدف ‪ُِّ ................................‬‬


‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬ىزٲبة ابدجانة ككقوعو ُب األسر ‪ُِٕ ...................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ :‬تنازؿ ابدجانة عن الشحر للدكلة الطاىرية ‪ُُّ ...........................‬‬
‫الباب الثاين ‪ :‬ا‪٢‬برب مع األئمة الزيدية ‪ُّٓ ...........................................‬‬
‫الفصل األكؿ‪ :‬ا‪٢‬برب بْب بِب طاىر كاألئمة الزيدية ُب عهد الدكلة الرسولية ‪ُّٔ ...........‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬حاؿ أئمة الزيدية قبل الدكلة الطاىرية ‪ُّٕ ...............................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬الصراع بْب الطاىريْب كاألئمة الزيديية ُب عهد الدكلة الرسولية ‪ُِْ ..........‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الصراع بْب الدكلة الطاىرية كاإلماـ الناصر صاحب صنعاء ‪ُِٓ .............‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬ابتداء الصراع بْب بِب طاىر كاإلماـ الناصر ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى ‪ُّٓ ........‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬إستيبلء الدكلة الطاىرية على رداع ‪َُٔ ..................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬إستيبلء الدكلة الطاىرية على ذمار ‪َُٕ ................................‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬ا‪٤‬بعاررة كالتمردات السياسية ُب إب ‪ُّٕ ................................‬‬
‫الفصل األكؿ‪ :‬معاررة الشيخ دمحم السّبم صاحب بعداف ‪ُْٕ ..........................‬‬
‫لسّبم ُب عهد الدكلة الرسولية ‪ُٕٓ ............................‬‬ ‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬معاررة ا ٌ‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬القضاء على معاررة آؿ السّبم ُب عهد الدكلة الطاىرية ‪َُٖ .............‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬معاررة العباس بن ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬ببيشي اإلستيبلء على مدينة إب ‪ُٖٓ ..........‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ٛ :‬برد العباس بن ا‪١‬ببلؿ ا‪٢‬ببيشي ‪ُٖٔ ....................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬استيبلء بِب طاىر على إب ‪َُٗ ........................................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬قياـ السلطنة العمارية ُب ا‪٤‬بناطق الوسطى ‪ُٗٔ ...........................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬قياـ السلطنة العمارية ُب أكاخر الدكلة الرسولية ‪ُٕٗ ......................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬الصراع بْب بِب طاىر كالسلطنة العمارية ُب أكاخر عهد الدكلة الرسولية‪َِٔ ..‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬الصراع بْب الدكلة الطاىرية كالسلطنة العمارية ‪ُِْ ......................‬‬
‫العمارية ‪ُِٖ ...‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ :‬استيبلء بِب طاىر على حصن كحبلف كيرًن كزكاؿ السلطنة ٌ‬
‫الباب الرابع‪ٛ :‬برد األمّب أابدجانة ُب الشحر كتورل آؿ كثّب الشحر ‪ِِّ ..................‬‬
‫الفصل األكؿ‪ٛ :‬برد األمّب أابدجانة كإستيبلئو على الشحر ‪ِِْ ..........................‬‬

‫‪416‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل الثاين‪ :‬إستعادة ا‪٤‬بلك الظافر للشحر ‪ِِٕ ......................................‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬تورل آؿ كثّب للشحر من قبل الطاىريْب ‪ُِّ ...........................‬‬
‫الباب ا‪٣‬بامس‪ :‬الصراع بْب الدكلة الطاىرية كاإلماـ الناصر بن دمحم ‪ِّٓ ...................‬‬
‫الفصل األكؿ‪ :‬إستيبلء اإلماـ الناصر على ذمار ‪ِّٔ ...................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬استيبلء اإلماـ الناصر على ذمار ‪ِّٕ ...................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬إعداد ا‪٤‬بلك الظافر كمراسلتو ‪٢‬بلفائو ‪ُِْ ................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬إسَبداد ا‪٤‬بلك عامر لذمار ‪ِْٕ ........................................‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬هناية حكم اإلماـ الناصر كأسره ‪َِٓ .....................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬فرار اإلماـ الناصر من ذمار ‪ُِٓ ........................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬سعي ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر لفك أسر اإلماـ الناصر ‪ِٓٓ ...................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬إستيبلء الدكلة الطاىرية على صنعاء ‪َِٔ .................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬تورل دمحم بن الناصر اإلمامة بعد أبيو ‪ُِٔ .................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬استيبلء ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر على صنعاء ‪ِّٔ.............................‬‬
‫الباب السادس‪ :‬األكراع السياسية بعد استيبلء بِب طاىر على صنعاء ‪ِّٕ .................‬‬
‫الفصل األكؿ‪ :‬التحركات السياسية كالعسكرية بعد اإلستيبلء على صنعاء ‪ِْٕ ...............‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬اإلستيبلء على ا‪٢‬بصوف العسكرية حوؿ صنعاء ‪ِٕٓ ........................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪٧ :‬باكلة اإلستيبلء على حصن ذم ٍمرمر كا‪١‬بوؼ ‪ِٕٗ ........................‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬إستعادة اإلماـ الناصر صنعاء كمقتل ا‪٤‬بلك الظافر ‪ُِٖ ......................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬إستيبلء اإلماـ دمحم بن الناصر على صنعاء ‪ِِٖ ............................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪٧ :‬باكالت ا‪٤‬بلك الظافر اإلستيبلء على صنعاء ‪ِٖٕ ..........................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬مقتل ا‪٤‬بلك الظافر ‪ِٗٓ ................................................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬األكراع السياسية بعد مقتل ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر ‪َّّ ....................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ٛ :‬برد ا‪٢‬ببيشي ٗبخبلؼ جعفر ‪َّٓ .......................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ٛ :‬برد ا‪٤‬بعازبة ُب هتامة ‪َّٖ ................................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ٛ :‬برد قبيلة بِب حفيص الزيديْب بتهامة ‪ُّْ ...............................‬‬

‫‪417‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ٛ :‬برد قبائل أخرل ‪ُّٗ ...............................................‬‬


‫الفصل الرابع‪ :‬كفاة ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر ‪ِّْ .................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬بداية مرض ا‪٤‬بلك اجملاىد علي بن طاىر ر‪ٞ‬بو هللا ككفاتو ‪ِّٓ ............‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬أىم أعمالو العظيمة ُب سبيل نصرة اإلسبلـ ‪ِّٗ .......................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬مآثره كأعمالو اإلدارية ُب الدكلة الطاىرية ‪ُّّ .........................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ :‬تقريبو للعلماء كحبو للعلم كجهوده العلمية ‪ّّٔ .........................‬‬
‫الفصل ا‪٣‬بامس‪ :‬العبلقات ا‪٣‬بارجية ُب عهد الدكلة الطاىرية ‪ُّْ .......................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬العبلقات بْب الدكلة الطاىرية ك‪٩‬بلكة عدؿ اإلسبلمية ُب ا‪٢‬ببشة ‪ِّْ ......‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬عبلقة الدكلة الطاىرية مع الشريف بركات أمّب مكة ‪ُّٓ .................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬عبلقة الدكلة الطاىرية مع صاحب جازاف ‪ّٓٓ .........................‬‬
‫الباب السابع‪ :‬ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور عبدالوىاب بن داككد بن طاىر ‪ّٖٓ .......................‬‬
‫الفصل األكؿ‪ :‬تورل ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ا‪٤‬بلك ‪ّٓٗ ..........................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬ا‪٤‬بنصور قبل توليو ا‪٢‬بكم ‪َّٔ ..........................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬استخبلؼ ا‪٤‬بلك اجملاىد للملك عبدالوىاب بن داكد كتوليو ا‪٢‬بكم‪ّّٔ .....‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬ا‪٤‬بعاررة الطاىرية للملك عبدالوىاب بن داككد ‪ّٔٓ ......................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬بداية الصراع الطاىرم ‪ّٔٔ ...........................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ٛ :‬برد أبناء ا‪٤‬بلك عامر بن طاىر على ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ‪ّٖٔ ...................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬هناية الشيخ يوسف بن عامر كسجنو ‪ّٕٓ ..............................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الرابع‪ٛ :‬برد الشيخ إبراىيم بن عامر بن طاىر ‪ّٕٕ ...............................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التمردات القبلية ُب هتامة ‪ّٕٖ .........................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ٛ :‬برد قبيلة بِب حفيص الزيديْب ‪ّٕٗ .....................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬التمردات القبلية ُب هتامة ‪ّٖٓ ..........................................‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬أىم األحداث ُب عهد ا‪٤‬بنصور ‪ّٖٕ ......................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬اإلستيبلء على ذمار ‪ّٖٖ ...............................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬اإلستيبلء على حصن خدد ‪َّٗ .........................................‬‬

‫‪418‬‬
‫اجلزء األول " امللوك املؤسشني "‬ ‫الدولة الطاهرٌة عوامل النهوض وأسباب السقوط‬

‫الفصل ا‪٣‬بامس‪ :‬مآثر ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ككفاتو ‪ُّٗ ........................................‬‬


‫ا‪٤‬ببحث األكؿ‪ :‬مآثر ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كأىم أعمالو ‪ِّٗ ....................................‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثاين‪ :‬ا‪٢‬بياة العلمية ُب عصر ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور كاىتمامو ابلعلم كالعلماء‪ّٗٔ ...........‬‬
‫ا‪٤‬ببحث الثالث‪ :‬كفاة ا‪٤‬بلك ا‪٤‬بنصور ‪َِْ ...............................................‬‬
‫قائمة ا‪٤‬براجع ‪َْْ ...................................................................‬‬
‫فهرس العناكين ‪ُْٓ .................................................................‬‬

‫‪419‬‬

You might also like