You are on page 1of 8

‫المحاضرة الثالثة‪:‬‬

‫االتجاه التاريخي في الرواية العربية‬

‫‪ -1‬مفهوم الرواية التاريخية‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫الرواية التاريخية ضرب من الرواية يمتزج فيه التاريخ بالخيال‪ ،‬تهدف إلى تصوير عهد من‬
‫العهود أو حدث من األحداث الضخام بأسلوب روائي سائغ مبني على معطيات التاريخ‪ ،‬حيث لعبت‬
‫الرواية التاريخية في األدب العربي دورا بارزا في تحقيق أهداف سعت إلى بلوغها‪ ،‬فق‪..‬د ه‪..‬دفت إلى‬
‫بث ال‪.‬روح في الماض‪.‬ي من أج‪.‬ل ق‪.‬راءة الحاض‪.‬ر واستش‪.‬راف المس‪.‬تقبل واالس‪.‬تفادة من ع‪.‬بر الت‪.‬اريخ ‪.‬‬
‫وإ ذا ك‪.. .‬ان الت‪.. .‬اريخ يع‪.. .‬رف بأن‪.. .‬ه‪ :‬األح‪.. .‬داث والوق ‪.. .‬ائع ال‪.. .‬تي وقعت في األزم‪.. .‬ان الماض ‪.. .‬ية‪ ،‬فالرواي‪.. .‬ة‬
‫التاريخي‪.. .‬ة كم‪.. .‬ا يعرفه‪.. .‬ا ال‪.. .‬دكتور محم‪.. .‬د القاض‪.. .‬ي‪ ،‬هي “نّص تخّي لي نس‪.. .‬ج ح‪.. .‬ول وق‪.. .‬ائع وشخص‪.. .‬يات‬
‫تاريخية”‪.‬‬
‫أم‪..‬ا عن‪..‬د الك‪..‬اتب س‪..‬عيد يقطين فالرواي‪..‬ة التاريخي‪..‬ة هي‪“ :‬عمٌل سردي ي رمي إلى إع ادة بن اء حقب ة‬
‫من الماضي بطريقة تخّي لية حيث تتداخل شخصيات تاريخية مع شخصيات متخيلة“‪.‬‬
‫فالم‪..‬ادة التاريخي‪..‬ة تحض‪..‬ر بق‪..‬وة في الرواي‪..‬ة التاريخي‪..‬ة‪ ،‬ولكنه‪..‬ا غ‪..‬ير جام‪..‬دة‪ ،‬ب‪..‬ل تق‪..‬دم بطريق‪..‬ة فني‪..‬ة‬
‫وإ بداعي‪..‬ة‪ ،‬ل‪..‬ذلك ال‪..‬ذين درس‪..‬وها يلج‪..‬ؤون إلى المقارن‪..‬ة بين الس‪..‬رد الت‪..‬اريخي والرواي‪..‬ة التاريخي‪..‬ة مف‪..‬رقين‬
‫بينهما من جهة الحقيقة والخيال‪ .‬فالس‪.‬رد الت‪.‬اريخي يق‪.‬دم الحقيق‪.‬ة ويس‪.‬رد األح‪.‬داث المطابق‪.‬ة للوق‪..‬ائع‪ ،‬بينم‪.‬ا‬
‫الرواية التاريخية أقرب إلى التخيل و اإلبداع‪.‬‬
‫يقول األردني محمد أحمد القضاة أن "هناك نوعين من الرواية التاريخية‪ :‬الن‪..‬وع األول تعي‪..‬دك في‪..‬ه‬
‫الرواي‪.‬ة إلى الت‪.‬اريخ بك‪.‬ل تفاص‪.‬يله وطقوس‪.‬ه‪ ،‬وكأنه‪.‬ا ت‪.‬ردك إلى الحي‪.‬اة في‪.‬ه‪ ،‬أم‪.‬ا الن‪.‬وع الث‪.‬اني فإن‪.‬ه يس‪.‬تعيد‬
‫المناخ التاريخي فقط ثم يترك لنفسه قدًر ا من الحرية النسبية داخل إطاره"‪.‬‬

‫‪ -2‬عوامل ظهور الرواية التاريخية ‪:‬‬


‫‪ -‬الت‪.. .‬أثر بالقص‪.. .‬ص التاريخي‪.. .‬ة الرومانس‪.. .‬ية االنجليزي‪.. .‬ة والفرنس‪.. .‬ية‪ ،‬على طريق‪.. .‬ة "وال‪.. .‬تر س‪.. .‬كوت"‬
‫و"الكس ‪..‬ندر دوم ‪..‬اس األب"‪ ،‬حيث ع ‪..‬زب بش ‪..‬ارة ش ‪..‬ديد توم ‪..‬اس األب " دي م ‪..‬ونت كريس ‪..‬تو " ونش ‪..‬رها في‬
‫(‪)1‬‬
‫القاهرة عام ‪ 1871‬وكذا عرب الحداد رواية " الفرسان الثالثة " عام ‪.1888‬‬
‫‪ -‬اض‪.. .‬افة إلى ذل‪.. .‬ك االس‪.. .‬تعداد الت‪.. .‬ام للروائ‪.. .‬يين الع‪.. .‬رب في المرحل‪.. .‬ة األولى من تج‪.. .‬ريب الكتاب‪.. .‬ة‬
‫الروائية إلى العودة إلى التاريخ العربي للتعزير بعد اجتياح المد الغربي ‪.‬‬

‫الصادق قسومة‪ ،‬الرواية‪ ،‬مقوماتها‪ ،‬ونشأتها في األدب العربي الحديث‪ ،‬مركز النشر الجامعي‪ ،‬تونس‪ ،‬دط‪ ،2000 ،‬ص‪،81 :‬‬ ‫‪)1‬‬

‫‪.82‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬من األسباب أيضا التي دفعت العرب إلى كتابة الرواية التاريخية في مرحلة مبكرة هو محاول‪..‬ة‬
‫االمتداد مع طبيعة المسرودات الموجودة سابقا كالسيرة الشعبية والمقامة لما فيهما من مغ‪.‬امرة و اده‪.‬اش‬
‫للق‪..‬ارئ وقص‪..‬ص بطول‪..‬ة وغيره‪..‬ا‪ ،‬فح‪..‬اولت الرواي‪..‬ة التاريخي‪..‬ة أن ال تص‪..‬دم الق‪..‬ارئ مباش‪..‬رة وأن ت‪..‬راعي‬
‫ذوقه الذي لم يتطور بشكل ملحوظ بعد‪.‬‬
‫‪ -3‬أعالم الرواية التاريخية‪:‬‬
‫قس ‪.. .‬م الب ‪.. .‬احثون الرواي ‪.. .‬ات التاريخي ‪.. .‬ة العربي ‪.. .‬ة إلى ثالث ‪.. .‬ة أجي ‪.. .‬ال‪ ،‬وه ‪.. .‬ذا من منطل ‪.. .‬ق‬
‫اختالف ‪ .‬الرواية التاريخية بينهم‪.‬‬
‫‪ - 3-1‬من أهم الروائيين في مجال الرواية التاريخية في الجيل األول ‪:‬‬
‫* س ليم بط رس البس تاني ‪ ) 1884-1848 ( :‬ه ‪..‬و ابن بط ‪..‬رس البس ‪..‬تاني ص ‪..‬احب ع ‪..‬دة جرائ ‪..‬د‬
‫ومجالت منه‪..‬ا مجل‪..‬ه "الجن‪..‬ان" ال‪..‬تي ك‪..‬ان ينش‪..‬ر فيه‪..‬ا س‪..‬ليم البس‪..‬تاني‪ .‬ولق‪.‬د رائ‪..‬دا في كتاب‪..‬ة القص‪..‬ة وه‪..‬و من‬
‫األوائل الذين كتبوا القص‪..‬ة التاريخي‪.‬ة‪ ،‬ت‪.‬ذكر منه‪.‬ا ‪ :‬زنوبي‪.‬ا ملك‪.‬ة ت‪.‬دمر ‪ 21873‬ب‪.‬دور ‪ ،1872‬الهي‪.‬ام في‬
‫ربوع الشام ‪ ،1874‬اإلسكندر‪ ،‬قيس وليلي ‪.‬‬
‫* فرح أنطوان ‪ :‬نشر قصصا اجتماعية من قبل‪ ،‬وتتناول روايته التاريخية "أورشليم الجديدة" أو‬
‫فتح العرب لبيت المقدس ‪ ،1904‬زحف العرب المس‪..‬لمين على بالد الش‪..‬ام وحص‪..‬ارهم ب‪..‬بيت المق‪..‬دس‪ ،‬ثم‬
‫س‪..‬فر الخليف‪..‬ة عم‪..‬ر بن الخط‪..‬اب ليتس‪..‬لم مفاتيحه‪..‬ا من البطري‪..‬رك ص‪..‬فرونيوس‪ ،‬وفي الرواي‪..‬ة ش‪..‬رح أس‪..‬باب‬
‫ض‪..‬عف اإلمبراطوري‪..‬ة الروماني‪..‬ة‪ ،‬لكن الرواي‪..‬ة لم ت‪..‬وثر كث‪..‬يرا ألنه‪..‬ا تن‪..‬اولت نزع‪..‬ات ومش‪..‬اكل اجتماعي‪..‬ة‬
‫غربية ال عالقة لها بالمجتمع العربي‪.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫* يعق وب ص روف‪ :‬ك‪..‬ان ق‪..‬د نش‪..‬ر قصص‪..‬ا اجتماعي‪..‬ة من قب‪..‬ل ويتح‪..‬دث في روايت‪..‬ه التاريخي‪..‬ة در‬
‫لبنان " ‪ 1907‬عن الفتنة التي وقعت في ‪ 1860‬بين ال‪.‬دروز والم‪.‬ارونيين بتح‪.‬ريض من الدول‪.‬ة العثماني‪.‬ة‬
‫و الس‪.. .‬يطرة على البالد في ذل‪.. .‬ك ال‪.. .‬وقت‪ ،‬ويتخل‪.. .‬ل القص‪.. .‬ة ح‪.. .‬دث غ‪.. .‬رامي يق‪.. .‬ع بين ه‪.. .‬ر م‪.. .‬اري برم‪.. .‬ونت‬
‫واألميرة سلمى ابنة األمير عباس الشهابي(‪. )3‬‬
‫*‪ -‬ج رجي زي دان ‪ ، ) 1914-1861 ( :‬ه‪..‬اجر إلى مص‪..‬ر ونش‪..‬ط فيه‪..‬ا ع‪..‬ام ‪ ، 1881‬ص‪..‬احب‬
‫مجلة الهالل بمصر ‪ ،‬أصدرها عام ‪ 1892‬ثم أنشأ دار نش‪..‬ر باالس‪..‬م نفس‪..‬ه ( الهالل) ‪ ،‬ل‪..‬ه زخم كب‪..‬ير من‬
‫المنش‪..‬ورات في الص‪..‬حافة والت‪..‬اريخ األدب ‪ ،‬ل‪..‬ه اثن‪..‬ان وعش‪..‬رون رواي‪..‬ة من بينه‪..‬ا رواي‪..‬ة اجتماعي‪..‬ة واح‪..‬دة‬
‫وهي " جهاد المحبين " ‪ ،‬أما رواياته التاريخية فهي ‪ :‬المملوك الش‪..‬ارد ‪ ، 1891‬أس‪..‬ير المتمه‪..‬دي ‪1892‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪81 ،80 :‬‬ ‫‪)(2‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.83-82 :‬‬ ‫‪)(3‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ ،‬استبداد المماليك ‪ ، 1893-1892‬أرمانوسة المص‪..‬رية ‪ 17 ، 1899 1895‬رمض‪..‬ان ‪ ، 1900‬غ‪.‬ادة‬
‫(‪)4‬‬
‫كربالء ‪ ، 1901‬الحجاج بن يوسف ‪ ، 1902‬فتح األندلس‪1903.‬‬
‫‪-‬خصائص الكتابة التاريخية لدى الجيل األول ‪:‬‬
‫‪ -‬تفتق‪..‬ر ه‪..‬ذه الرواي‪..‬ات إلى الوح‪..‬دة الفني‪..‬ة داخ‪..‬ل الوح‪..‬دة التاريخي‪..‬ة للموض‪..‬وع المع‪..‬الج ‪ ،‬فق‪..‬د ك‪..‬ان‬
‫نش‪..‬اط الك‪..‬اتب يرتك‪..‬ز باألس‪..‬اس على قدرت‪..‬ه ب‪..‬الخروج من فك‪..‬رة إلى أخ‪..‬رى بحيوي‪..‬ة من أج‪..‬ل إرض‪..‬اء ذوق‬
‫الجمهور ووضعه في حالة مريحة ليقضي وقته بها(‪.)5‬‬
‫‪ -‬غالبيتها عادت إلى أحداث من التاريخ العربي اإلسالمي‬
‫‪ -‬إدخ‪..‬ال قص‪..‬ص الحب والمغ‪..‬امرة في متن األح‪..‬داث والترك‪..‬يز عليه‪..‬ا وغالب‪..‬ا م‪..‬ا تنتهي باالنتص‪..‬ار‬
‫للحب وتك‪..‬ون النهاي‪..‬ات س‪..‬عيدة ‪ -‬اإلس‪..‬هاب في عنص‪..‬ر التش‪..‬ويق بالتماط‪..‬ل في الس‪..‬رد والوص‪..‬ف إلح‪..‬داث‬
‫عنصر المفاجأة ‪.‬‬
‫‪ -‬عدم ترك الحرية للشخصيات ‪ ،‬حيث يش‪.‬عر الق‪.‬ارئ أنه‪.‬ا محرك‪.‬ة ومقي‪.‬دة من ط‪.‬رف الك‪.‬اتب وال‬
‫تنفلت من بين يدبه ‪.‬‬
‫‪ -‬ته‪.‬دف " ه‪.‬ذه الرواي‪.‬ات إلى ج‪.‬انب ه‪.‬دفها التعليمي ‪ ،‬إلى تس‪.‬لية الق‪.‬راء وتفكههم بأح‪.‬داث مش‪.‬وقة‬
‫وأخالق تنطري على قيمة نفعية‪.‬‬
‫(‪)6‬‬

‫"‪ -‬ك‪.. .‬انت رواي‪.. .‬ات ج‪.. .‬رجي زي‪.. .‬دان رواي‪.. .‬ات ذات ص‪.. .‬بغة واح‪.. .‬دة ‪ ،‬ف‪.. .‬المؤلف يخت‪.. .‬ار موض‪.. .‬وعات‬
‫وشخصيات ذات ش‪.‬هرة تاريخي‪.‬ة ‪ ،‬ويقيم من خالله‪.‬ا أح‪.‬داث روايت‪.‬ه ال‪.‬تي تك‪.‬ون مقي‪.‬دة باألم‪.‬اكن التاريخي‪.‬ة‬
‫وباألح ‪..‬داث والشخص ‪..‬يات التاريخي ‪..‬ة ك ‪..‬ذلك ‪ ،‬وذل ‪..‬ك في إط ‪..‬ار موض ‪..‬وع غ ‪..‬رامي تق ‪..‬ف في ‪..‬ه العوائ ‪..‬ق بين‬
‫العاشقين ‪ ،‬ثم تزول ويجتمع الشمل مع اقتراب الموضوع التاريخي من نهایته‪.‬‬
‫وهكذا " ه‪.‬دف ج‪.‬رجي زي‪.‬دان ومن س‪.‬ار على منهج‪.‬ه أمث‪.‬ال عب‪.‬د المس‪.‬يح األنط‪.‬اكي ‪ ،‬وعب‪.‬د الحمي‪.‬د‬
‫الزهاوي ‪ ،‬ومعروف األرناؤوط في سوريا ‪ ،‬إلى أن يكونوا معلمي تاريخ يهتمون في دراستهم بالتاريخ‬
‫باعتباره أحداثا تدور داخل إطار حضاري(‪.)7‬‬
‫‪ - 3-2‬أعالم الجيل الثاني للرواية التاريخية ‪:‬‬
‫" ق ‪..‬دم فري ‪..‬د أب ‪..‬و حدي ‪..‬د وعلي الج ‪..‬ارم ومحم ‪..‬د س ‪..‬عيد العرب ‪..‬ان ومحم ‪..‬د ع ‪..‬وض وع ‪..‬ادل كام ‪..‬ل وعب ‪..‬د‬
‫الحميد جودة الحار‪ ،‬وعلي أحمد باكثير ونجيب محفوظ ع‪.‬ددا من الرواي‪..‬ات التاريخي‪..‬ة ال‪..‬تي اس‪..‬توحت من‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.99-87 :‬‬ ‫‪)(4‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪83 :‬‬ ‫‪)(5‬‬

‫السعيد الورقي‪ ،‬اتجاهات الرواية العربية المعاصرة‪ ،‬ص ‪.30‬‬ ‫‪)(6‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.32 :‬‬ ‫‪)(7‬‬

‫‪3‬‬
‫التاريخ اإلسالمي الع‪.‬ربي والت‪.‬اريخ الفرع‪.‬وني المص‪.‬ري ‪ ،‬وتف‪.‬اوتت أعم‪.‬الهم على حس‪.‬ب فهمهم لتوظي‪.‬ف‬
‫(‪)8‬‬
‫التاريخ في هذه األعمال"‬
‫‪ -‬فب‪..‬الرغم من أن موض‪..‬وع رواي‪..‬ة عبث األق‪..‬دار لنجيب محف‪..‬وظ موض‪..‬وع ملحمي يتن‪..‬اول ص‪..‬راع‬
‫االنسان مع القدر‪ ،‬مقتربا بهذا مع ص‪.‬راع الي‪.‬وس وأوديب في المأس‪.‬اة اليوناني‪.‬ة ‪ ،‬إال أنن‪.‬ا ن‪.‬رى فيه‪.‬ا ملك‪.‬ا‬
‫يتمتع بديمقراطية فكرية عالية تجعله يعجب بالطفل الذي تنبأت العرافة له من قبل بأنه س‪..‬يقتله‪ ،‬ب‪..‬ل أك‪..‬ثر‬
‫من ه‪..‬ذا يتن‪..‬ازل ل‪..‬ه عن الع‪..‬رش حيث رأه أج‪..‬در من‪..‬ه ‪ .‬وق‪..‬د ج‪..‬اءت الرواي‪..‬ة مرتبط‪..‬ة بظ‪..‬روف البالد ال‪..‬تي‬
‫ك ‪..‬انت تحكم أن ‪..‬ذاك بديكتاتوري ‪..‬ة متس ‪..‬لطة مس ‪..‬تبدة ‪ ،‬فك ‪..‬انت من ثم أح ‪..‬وج إلى مث ‪..‬ل ه ‪..‬ذا الح ‪..‬اكم ال ‪..‬ذي يعي‬
‫الصالح وينفض عن بالده منطق التوالي والسلبية إيمانا منه بمنطق العقل والفكر وإ يجابية اإلنسان(‪. )9‬‬
‫‪ -‬خصائص الكتابة التاريخية عند الجيل الثاني ‪:‬‬
‫‪ " -‬اهتم الجيل الثاني من كتاب الرواية التاريخية بإحياء الماضي الق‪.‬ديم ‪ ،‬مت‪.‬أثرين في ه‪.‬ذا أک‪.‬ثر‬
‫بالرواي‪.. .‬ة التاريخي‪.. .‬ة ال‪.. .‬تي تع‪.. .‬رفت عليه‪.. .‬ا أورب‪.. .‬ا في الف‪.. .‬ترة الرومانس‪.. .‬ية في مؤلف‪.. .‬ات " وال‪.. .‬تر س‪.. .‬كوت "‬
‫(‪)10‬‬
‫اإلنجليزي و " الكسندر دوماس األب الفرنسي‪.‬‬
‫‪ -‬فيها حس قومي ‪.‬‬
‫‪ -‬متطورة فنيا عن رواية الجيل األول ‪ ،‬تجد مثال على أحمد باكثير ومحمد عوض وع‪..‬ادل كام‪..‬ل‬
‫يح ‪..‬اولون تص ‪..‬وير انعك ‪..‬اس األح ‪..‬داث التاريخي ‪..‬ة على الشخص ‪..‬يات كنم ‪..‬اذج بش ‪..‬رية ‪ ،‬وأثره ‪..‬ا بالت ‪..‬الي في‬
‫تطوير الحدث الروائي وإ نمانه ‪.‬‬
‫وعلى ه‪.. .‬ذه المالحظ‪.. .‬ة األخ‪.. .‬يرة ق‪.. .‬امت رواي‪.. .‬ات نجيب محف‪.. .‬وظ التاريخي‪.. .‬ة الثالث‪.. .‬ة‪ :‬عبث األق‪.. .‬دار‬
‫‪ ،1939‬رادوبيس ‪ ،1943‬وكف ‪.. . .‬اح طيب ‪.. . .‬ة ‪ ،1944‬فموض ‪.. . .‬وعات الرواي ‪.. . .‬ات الثالث موض ‪.. . .‬وعات له ‪.. . .‬ا‬
‫ومن ه ‪..‬ذا ك ‪..‬ان الت ‪..‬اريخ في روايات ‪..‬ه إط ‪..‬ارا له ‪..‬ذا المع ‪..‬نى ال ‪..‬ذي‬ ‫إس ‪..‬قاطات على الواق ‪..‬ع المعاص ‪..‬ر له ‪..‬ا‪.‬‬
‫(‪)11‬‬

‫تمش‪..‬ى م‪..‬ع احتياج‪..‬ات مرحلت‪..‬ه من ناحي‪..‬ة وأزم‪..‬ة حيات‪..‬ه الخاص‪..‬ة والعام‪..‬ة من ناحي‪..‬ة أخ‪..‬رى ثم الخ‪..‬روج ب‪..‬ه‬
‫(‪)12‬‬
‫إلى الشمولية العامة الملتصقة بكل ما هو إنساني من ناحية ثالثة"‪.‬‬
‫وبهذا يكون االتجاه التاريخي للرواية العربية قد قطع مرحلتين إلى أن نضج فنيا بالرغم من ك‪..‬ون‬
‫روايات جرجي زي‪..‬دان هي الرواي‪..‬ات التاريخي‪..‬ة األش‪..‬هر عربي‪..‬ا إال أنه‪..‬ا تبقى ض‪..‬من المرحل‪..‬ة األولى ال‪..‬تي‬
‫أسست لالتجاه التاريخي‪ ،‬لكنها كانت ناقصة فني‪..‬ا‪ ،‬وتع‪..‬ود ش‪..‬هرتها إلى غ‪.‬زارة االنت‪..‬اج الت‪..‬اريخي ال‪..‬روائي‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪32-31 :‬‬ ‫‪)(8‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.33 :‬‬ ‫‪)(9‬‬

‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.32 :‬‬ ‫‪)(10‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪33 :‬‬ ‫‪)(11‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪34 :‬‬ ‫‪)(12‬‬

‫‪4‬‬
‫ل ‪..‬دى ج ‪..‬رجي زي ‪..‬دان وخل ‪..‬و الس ‪..‬احة وقته ‪..‬ا من الرواي ‪..‬ة تقريب ‪..‬ا‪ ،‬وايض ‪..‬ا الى اهتمامه ‪..‬ا بالشخص ‪..‬يات في‬
‫التاريخ اإلسالمي ‪.‬‬
‫‪-3-3‬الرواية التاريخية الجديدة (الجيل الثالث)‬
‫كتبت الرواي ‪..‬ة العربي ‪..‬ة الت ‪..‬اريخ المعاص ‪..‬ر ال ‪..‬ذي لم يكتب ‪..‬ه المؤرخ ‪..‬ون‪ ،‬متطلع ‪..‬ة إلى ت ‪..‬اريخ س ‪..‬وي‬
‫محتمل ‪ ،‬وحالمة بم‪.‬دن تعطي الرواي‪.‬ة ق‪.‬راءة مجتمعي‪.‬ة ‪ ،‬تق‪ّ.‬د م إجاب‪.‬ات بق‪.‬در م‪.‬ا تط‪.‬رح أس‪.‬ئلة ‪ ،‬ومن أج‪.‬ل‬
‫ذل ‪..‬ك غ ‪..‬دت الرواي ‪..‬ة " عملي ‪..‬ة اس ‪..‬تبطان مس ‪..‬تمر الس ‪..‬تجالء اللحظ ‪..‬ات ال ‪..‬تي ينش ‪..‬ق فيه ‪..‬ا اإلنس ‪..‬ان عن ذات ‪..‬ه‬
‫ويحاور أشياءه بعيدا عن جوهره اإلنساني العصي عن الثبات ‪.‬‬
‫هذه المرحلة تمث‪.‬ل مرحل‪.‬ة الرواي‪.‬ة الحديث‪.‬ة ‪ ،‬حيث ع‪.‬اد كت‪.‬اب الرواي‪.‬ة الى الت‪.‬اريخ باعتب‪.‬اره مس‪.‬لكا‬
‫تجريبي‪.. .‬ا‪ ،‬ومث‪.. .‬ل ه‪.. .‬ذا المنحى ك‪.. .‬ل من جم‪.. .‬ال الغيط‪.. .‬اني ويوس‪.. .‬ف العقي‪.. .‬د في مص‪.. .‬ر ‪ ،‬واس‪.. .‬يني االع‪.. .‬رج‬
‫وبوجدرة والحبيب السايح والطاهر وطار في الجزائر ‪ ،‬وبن سالم حميش والميلودي شلغوم في المغرب‬
‫‪.‬‬
‫وق ‪..‬د اعتم ‪..‬د ه ‪..‬ؤالء على اس ‪..‬تثمار الم ‪..‬ادة التاريخي ‪..‬ة من منظ ‪..‬ورهم الخ ‪..‬اص‪ ،‬محاول ‪..‬ة منهم إس ‪..‬قاط‬
‫الماض‪..‬ي على الحاض‪..‬ر على أس‪..‬اس االس‪..‬تمرارية ‪.‬وك‪..‬ل من ه‪..‬ؤالء انتهج طريق‪..‬ا خاص‪..‬ا ب‪..‬ه في اس‪..‬تثمار‬
‫الم ‪..‬ادة التاريخي ‪..‬ة ‪ ،‬ليص ‪..‬بح التخيي ‪..‬ل الت ‪..‬اريخي ناتج ‪..‬ا عن العالق ‪..‬ة المتفاعل ‪..‬ة بين الس ‪..‬رد المع ‪..‬زز بالخي ‪..‬ال‬
‫والت ‪..‬اريخ الم ‪..‬دعم بالوق ‪..‬ائع ‪ ،‬ف ‪..‬انتقلت الرواي ‪..‬ة من تعليمي ‪..‬ة الى نفعي ‪..‬ة الى مس ‪..‬اءلة وإ ع ‪..‬ادة كتاب ‪..‬ة لتفض ‪..‬ح‬
‫ماس‪.‬كت عن‪.‬ه الت‪.‬اريخ ‪ ،‬س‪.‬ردا تاريخ‪.‬ا آخ‪.‬ر على لس‪.‬ان شخص‪.‬يات تنتمي لله‪.‬امش ‪،‬وال ت‪.‬ؤرخ للمنتص‪.‬ر أو‬
‫للسلطان‪.‬‬
‫‪ -4‬أعالم الرواية التاريخية الجزائرية المعاصرة‪:‬‬
‫لقد استطاعت الرواية الجزائرية أن تفرض نفسها وتحقق كينونتها س‪..‬واء في س‪..‬بقها وجودي‪..‬ا – م‪..‬ع‬
‫أول نص روائي “الحمار الذهبي ” لصاحبه لوكيوس أبوليوس ق‪..‬ديما وم‪.‬رورا بالعم‪.‬ل ال‪.‬روائي “إدريس ”‬
‫لعلي الحّم امي ووصوال الى الرواية الحديثة والمعاصرة سواء المكتوبة باللغة العربي‪..‬ة أو الفرنس‪..‬ية‪ ،‬م‪..‬ع‬
‫الط ‪..‬اهر ج ‪..‬اووت ” رواي ‪..‬ة اخ ‪..‬تراع القف ‪..‬ار “أو م ‪..‬ا كتب ‪..‬ه ك ‪..‬ل من الط ‪..‬اهر وط ‪..‬ار وابن هدوق ‪..‬ة و واس ‪..‬يني‬
‫األعرج في “كتاب األمير “أو ح‪.‬بيب الس‪.‬ايح في “كولوني‪.‬ل الزبرب‪.‬ر” – أو بحث‪.‬ا عن المض‪..‬امين التاريخي‪.‬ة‬
‫والفلس‪.‬فية واالجتماعي‪.‬ة والثقافي‪.‬ة للمجتم‪.‬ع الجزائ‪.‬ري ع‪.‬بر محط‪.‬ات تاريخي‪.‬ة هام‪.‬ة و متباين‪.‬ة ‪ ،‬ناهي‪.‬ك عن‬
‫النقلة النوعية والفنية التي امتازت بها الكتابة الّس ردية في الجزائرومن بين الذين أب‪..‬دعوا في ه‪..‬ذا المج‪..‬ال‬
‫نذكر‪:‬‬
‫*واسيني األعرج (كتاب األمير ‪ ،‬مسالك أبواب الحديد )‬
‫يع ‪..‬د واس ‪..‬يني من اب ‪..‬رز الروائ ‪..‬يين الجزائ ‪..‬ريين وه ‪..‬و أك ‪..‬ثرهم قرب ‪..‬ا من ح ‪..‬رب ف ‪..‬ترة ح ‪..‬رب‬
‫التحرير ‪ ،‬وهذا ما جعله يستلهم التاريخ الوطني ليجعل منه مادة روائي‪.‬ة بامتي‪.‬از‪ .‬فتوظي‪.‬ف الت‪.‬اريخ عن‪.‬ده‬
‫ليس عش ‪..‬وائيا ‪ ،‬ب ‪..‬ل ملمح ‪..‬ا من مالمح التج ‪..‬ريب ( وق ‪..‬د بل ‪..‬غ واس ‪..‬يني قم ‪..‬ة الت ‪..‬اريخ مح ‪..‬اوال م ‪..‬زج المك ‪..‬ون‬
‫‪5‬‬
‫الت‪.. .‬اريخي ب‪.. .‬المكون ال‪.. .‬روائي ‪،‬إن ق‪.. .‬وة واس‪.. .‬يني التجريبي‪.. .‬ة التجديدي‪.. .‬ة تجلت بش‪.. .‬كل واض‪.. .‬ح في الرواي‪.. .‬ات‬
‫األخ‪..‬يرة ال‪..‬تي يكتبه‪..‬ا ويح‪..‬اول من خالله‪..‬ا مس‪..‬اءلة الت‪..‬اريخ‪ ،‬مم‪..‬ا يث‪..‬ير ج‪..‬دال نق‪..‬ديا كب‪..‬يرا‪ ،‬إذ ثم‪..‬ة ف‪..‬ارق بين‬
‫الت ‪.. .‬اريخ والمتخي ‪.. .‬ل ‪ .‬وه ‪.. .‬ذه الرواي ‪.. .‬ة (كت ‪.. .‬اب األم ‪.. .‬ير ) أث ‪.. .‬ارت الكث ‪.. .‬ير من الج ‪.. .‬دل في األوس ‪.. .‬اط األدبي ‪.. .‬ة‬
‫والنقدية ) وهي ليست األولى التي استقت مادتها من التاريخ ولكنها أول رواية نالت الس‪..‬بق في الكش‪..‬ف‬
‫عن بعض الحقائق المنسية في حياة شخصية األمير عبد القادر الجزائري ‪.‬‬
‫ه‪..‬ذه الرواي‪..‬ة ال تق‪..‬ول الت‪..‬اريخ وال تتقص‪..‬ى األح‪..‬داث والوق‪..‬ائع الختباره‪..‬ا‪ ،‬ب‪..‬ل تس‪..‬ند على‬
‫الم ‪..‬ادة التاريخي ‪..‬ة‪ ،‬وت ‪..‬دفع به ‪..‬ا إلى ق ‪..‬ول م ‪..‬ا ال يس ‪..‬تطيع الت ‪..‬اريخ قول ‪..‬ه‪ .‬تس ‪..‬تمع إلى أنين الن ‪..‬اس وأف ‪..‬راحهم‬
‫وانكساراتهم‪ ،‬إلى وقع خطى مونسيني ورديبوش‪ ،‬قس الجزائر الكبير‪ ،‬وهو يركض باستماتة بين غرف‪..‬ة‬
‫الش‪..‬عب بب‪..‬اريس وبيت‪..‬ه لل‪..‬دفاع عن األم‪..‬ير الس‪..‬جين ب‪..‬أمبواز‪ .‬وهي رواي‪..‬ة ف‪..‬وق ك‪..‬ل ه‪..‬ذا‪ ،‬درس في ح‪..‬وار‬
‫الحضارات ومحاورة كبيرة بين المسيحية واإلس‪..‬الم‪ ،‬بين األم‪..‬ير من جه‪..‬ة ومونس‪..‬ني ورديب‪..‬وش من جه‪..‬ة‬
‫ثانية‪ ،‬تفند نظرية تص‪..‬ادم الحض‪..‬ارات إذ أن روح التس‪..‬امح اإلنس‪..‬اني تجم‪..‬ع شخص‪..‬ين مختلفين ديان‪..‬ة وهي‬
‫بذلك تجسد صورة من صور التعايش ‪.‬‬
‫ولقد استطاع “واسيني األعرج” أن ينقل لن‪.‬ا ص‪.‬ورة حي‪.‬ة للواق‪.‬ع األليم ال‪.‬ذي واجه‪.‬ه األم‪.‬ير‬
‫عبد الق‪.‬ادر الجزائ‪.‬ري ومعانات‪.‬ه النفس‪.‬ية أي‪.‬ام الجه‪.‬اد‪ ،‬ومعانات‪.‬ه أي‪.‬ام األس‪..‬ر ‪ .‬والرواي‪.‬ة نقل‪.‬ة نوعي‪.‬ة لألدب‬
‫الروائي العربي‪ ،‬بالرغم من وجود تباين في قراءة هذا النص من خالل أكثر من ناق‪..‬د أو ق‪..‬ارئ‪ ،‬إال أن‬
‫ذل‪..‬ك ال يقل‪..‬ل من ش‪..‬أن ه‪..‬ذا الكت‪..‬اب ومن الجه‪..‬د الطيب ال‪..‬ذي ق‪..‬ام ب‪..‬ه المؤل‪..‬ف بتس‪..‬ليطه الض‪..‬وء على حقب‪..‬ة‬
‫تاريخية من النضال الجزائري ضد الفرنسيين‪ ،‬وإ عادة األذه‪.‬ان ألح‪.‬د أبط‪.‬ال الجه‪.‬اد المب‪.‬ارك األم‪.‬ير عب‪.‬د‬
‫القادر الجزائري‪.‬‬
‫ي‪..‬روى واس‪..‬يني س‪..‬يرة األم‪..‬ير عب‪..‬د الق‪..‬ادر الجزائ‪..‬ري والقس ديب‪..‬وش على لس‪..‬ان راويين أح‪..‬دهما‬
‫هو جون موبي واآلخر غير مذكور الهوية ومن خاللهما استطاع واسيني بسرده الع‪..‬ذب أن يق‪..‬دم ص‪..‬ورة‬
‫جميل‪..‬ة لك‪..‬ل منهم‪..‬ا‪ ,‬ف‪..‬األمير ذاك الف‪..‬ارس النبي‪..‬ل ال‪..‬ذي ق‪..‬دم مص‪..‬لحة بالده على أي‪..‬ة مص‪..‬الح شخص‪..‬ية ق‪..‬اوم‬
‫الفرنس ‪..‬يين في مع ‪..‬ارك دامي ‪..‬ة وكّب دها خس ‪..‬ائر بالجمل ‪..‬ة بمعدات ‪..‬ه الض ‪..‬عيفة‪ ,‬أش ‪..‬عل الحب في نفس ك ‪..‬ل من‬
‫اتبع‪..‬وه و منح‪..‬وه ص‪..‬فاءهم وثقتهم وحبهم الكب‪..‬ير واتخ‪..‬ذوه مث‪..‬اال وق‪..‬دوة وقائ‪..‬دا‪ ,‬تتك‪..‬رر اللق‪.‬اءات والزي‪..‬ارات‬
‫من قب‪.. .‬ل القس لألم‪.. .‬ير وفي فالش ب‪.. .‬اك متك‪.. .‬رر يقص األم‪.. .‬ير أح‪.. .‬داث الح‪.. .‬رب واالنتص‪.. .‬ارات واله‪.. .‬زائم‬
‫واألخطاء‪.‬‬
‫يق ‪..‬ول واس ‪..‬يني عن كت ‪..‬اب األم ‪..‬ير م ‪..‬ا أردت قول ‪..‬ه في ه ‪..‬ذا العم ‪..‬ل أن مس ‪..‬ألة التس ‪..‬امح ال ‪..‬ديني‬
‫موج‪..‬ودة‪ ،‬وق‪..‬د لعبت دورًا كب‪..‬يرًا في العالق‪..‬ات الص‪..‬حيحة بين مختل‪..‬ف الطوائ‪..‬ف والم‪..‬ذاهب‪ .‬وفي الحقيق‪..‬ة‬
‫إن كتاب‪.. .‬ة ه‪.. .‬ذه الرواي‪.. .‬ة ج‪.. .‬اءت نتيج‪.. .‬ة مجموع‪.. .‬ة من التس‪.. .‬اؤالت ح‪.. .‬ول س‪.. .‬ؤال األدي‪.. .‬ان‪ ،‬وس‪.. .‬ؤال ح‪.. .‬وار‬
‫الحض ‪..‬ارات‪ .‬مؤك ‪..‬دًا فيه ‪..‬ا على ح ‪..‬وار الحض ‪..‬ارات ال ‪..‬ذي يتم ح ‪..‬تى في أص ‪..‬عب الظ ‪..‬روف‪ ،‬والرواي ‪..‬ة كله ‪..‬ا‬
‫مبنية في هذا السياق‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫*الحبيب السايح ( رواية كولونيل الزبربر)‬
‫يتب‪..‬وأ إنت‪..‬اج الح‪..‬بيب الس‪..‬ايح ال‪..‬روائي مكان‪..‬ة كب‪..‬يرة عن‪..‬د الدارس‪..‬ين والنق‪..‬اد ‪ ،‬إذ تأس‪..‬س كقطب‬
‫رحى في عملي‪..‬ة انه‪..‬اك المض‪..‬مر اإلب‪..‬داعي ‪ ،‬ح‪..‬تى يخ‪..‬رج من تس‪..‬تراته الكامن‪..‬ة خل‪..‬ف الالوعي بإنتاج‪..‬ات‬
‫الوعي والذاكرة ‪،‬حيث تالزم كل عملية إبداعية عمال نقديا يزيد من المبدع تألقا ومتع‪..‬ة في الكتاب‪..‬ة ‪ .‬ولم‬
‫يكن الس‪..‬ايح في من‪..‬أى عن ت‪..‬اريخ الجزائ‪..‬ر انطالق‪..‬ا من الث‪..‬ورة وم‪..‬رورا بالعش‪..‬رية الس‪..‬وداء ووص‪..‬وال إلى‬
‫إسقاط ذلك كله على الواقع المعيش مستدعيا ومسائال التاريخ زمانا ومكانا وأحداثا وشخصيات ‪..‬‬
‫وفي الفع‪..‬ل الكت‪..‬ابي للت‪..‬اريخ ي‪..‬رى الس‪..‬ايح أن‪..‬ه ليس تس‪..‬جيال للواق‪..‬ع ‪ ،‬ب‪..‬ل ه‪..‬و نص‪..‬ا مختلف‪..‬ا نابع‪..‬ا من‬
‫موقع فكري وتاريخي تجاه محنة الجزائر‪ ،‬ل‪.‬ذلك لم تكن الرواي‪.‬ة س‪.‬وى نص‪.‬ا يص‪.‬ور واقع‪.‬ا آخ‪.‬ر مختلف‪.‬ا ‪.‬‬
‫ففي رواي‪..‬ة” كولوني‪..‬ل الزبرب‪..‬ر” يجم‪..‬ع الح‪..‬بيب الس‪..‬ايح بين ذاك‪..‬رتين ذاك‪..‬رة الت‪..‬اريخ وذاك‪..‬رة الجغرافي‪..‬ا في‬
‫سرد هذه الرواي‪.‬ة ‪،‬الزبرب‪.‬ر المك‪.‬ان ال‪.‬ذي ك‪.‬ان اب‪.‬ان الث‪.‬ورة معقال لجيش التحري‪.‬ر (‪1954‬م – ‪ 1962‬م)‪،‬‬
‫يصبح مركزا لكتائب الجامعات المسلحة ‪1992‬م ‪.‬‬
‫تعرض الرواية مشاهد تاريخية كبرى على غرار ‪ 01‬نوفمبر واندالع الث‪..‬ورة ‪ ،‬إض‪..‬راب الطلب‪..‬ة‬
‫‪ 19‬م‪.. . . .‬اي ‪، 56‬اح‪.. . . .‬داث ‪ 1958‬معرك‪.. . . .‬ة الح‪.. . . .‬دود (خطي ش‪.. . . .‬ال وم‪.. . . .‬وريس ) ‪،‬حادث‪.. . . .‬ة نق‪.. . . .‬ل األس‪.. . . .‬ير‬
‫انطوان ‪،‬استش‪.‬هاد زيغ‪.‬ود يوس‪.‬ف ‪ ،25/09/1956‬استش‪.‬هاد س‪.‬ي مس‪.‬عود ش‪.‬يهاني ‪ 25/10/1955‬ومقت‪.‬ل‬
‫بن ب ‪.. .‬و العي ‪.. .‬د ‪ ، 22/03/1956‬واستش ‪.. .‬هاد عب ‪.. .‬اد رمض ‪.. .‬ان ‪(. 26/12/1957‬مفاوض ‪.. .‬ات بين الوف ‪.. .‬دين‬
‫الجزائ‪..‬ري والفرنس‪..‬ي ) ثم االس‪..‬تفتاء فاالس‪..‬تقالل ‪.‬ثم إع‪.‬دام العقي‪..‬د ش‪..‬عباني ‪.‬أم‪..‬ا بالنس‪..‬بة لكولوني‪..‬ل الزبرب‪..‬ر‬
‫فقد عاش هو كذلك ذكريات في جبل الزبربر محاوال القضاء على الجماعات المسلحة ‪.‬‬
‫هذه الرواية هي أول نص روائي يتجرأ على المسكوت عن‪.‬ه في ح‪.‬رب التحري‪.‬ر والعش‪.‬رية‬
‫الس‪..‬وداء فجب‪..‬ل الزبرب‪..‬ر يحم‪..‬ل الكث‪..‬ير من أس‪..‬رار ح‪..‬رب التحري‪..‬ر ‪،‬والعش‪..‬رية الس‪..‬وداء ‪،‬فالس‪..‬ايح يتع‪..‬رض‬
‫الى بعض التفاصيل التي لم يذكرها التاريخ ‪ ،‬تعكس اخطاء وتجاوزات فيقدم صورة جديدة واقعية عنه‪..‬ا‬
‫‪ ،‬حيث ان البطل (بوزقرة )عاش جحيم الثورة وذاق مرارة الخيانة ‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫وعلي‪.. .‬ه يمكن الق‪.. .‬ول‪ ،‬أن‪.. .‬ه توج‪.. .‬د عالق‪.. .‬ة وطي‪.. .‬دة بين األدب والرواي‪.. .‬ة والّس رد الت‪.. .‬اريخي ‪ ،‬ال‬
‫يفص‪..‬ل بينه‪..‬ا س‪..‬وى ش‪..‬عرة رهيف‪..‬ة تمنح لك‪..‬ل منه‪..‬ا اختصاص‪..‬ه وخصوص‪..‬يته ‪،‬فللرواي‪..‬ة مهم‪..‬ا ك‪..‬ان طابعه‪..‬ا‬
‫فهي ال تسرد سوى التاريخ ‪ ،‬مادامت ال تستطيع االستغناء عن الزمان والمكان والشخص‪..‬يات واألح‪..‬داث‬
‫‪ ،‬وما التاريخ إال تلك العناصر المكونة للسرد ‪.‬وهي أي الرواية بدون ذلك رؤى فكرية وفلس‪..‬فية مج‪..‬ردة‬
‫‪.‬‬
‫إن الرواي‪..‬ة في محاورته‪..‬ا للت‪..‬اريخ تح‪..‬اول إث‪..‬ارة الحاض‪..‬ر اس‪..‬تنادا الى م‪..‬ا ح‪..‬دث في الماض‪..‬ي ‪،‬‬
‫تهدف إما الى منح تلك القداسة الى ذلك الماضي الذي ال تراه اال مجيدا ‪ ،‬وإ ما الى نقده وتبيان ما أغفله‬

‫‪7‬‬
‫التاريخ أو تجاوزه ‪ ،‬أو لم يمنحه حقه باعتبار أن التاريخ يكتب‪.‬ه المنتص‪..‬ر‪ .‬ومن‪.‬ه ف‪..‬إن الرواي‪.‬ة تح‪.‬اول فهم‬
‫بعض ما يعتمل راهنها ‪،‬استنادا إلى ما عاشته في ماضيها‪.‬‬
‫فالتع‪.‬اطي م‪.‬ع الت‪.‬اريخ ليس معن‪.‬اه االحاط‪.‬ة بهال‪.‬ة من القداس‪.‬ة ‪ ،‬وال تع‪.‬ني معادات‪.‬ه كلي‪.‬ا ‪ ،‬ألن‬
‫التعامل والبحث عن التفاصيل وعدم التسرع في الحكم أمور في غاية األهمية ‪ ،‬بل دورها ووزنها كبير‬
‫لحظة الحديث عن عالقة الرواية بالتاريخ ‪.‬‬

‫‪8‬‬

You might also like