‫في الرواية‬

‫إضاءة في المصطلح‬

‫عرفت الرواية في اللغة الفرنسية ‪ roman‬بكونها ‪:‬‬

‫العمل الخيالي السردي الشعري‪ .‬وتطور في القرن السادس لكونه‪:‬‬
‫ا إلبداع الخيالي النثري‪ ،‬الطويل نسبيا‪ ،‬يقوم على رسم شخصيات‪ ،‬ثم تحليل‬
‫نفسياتها واهوائها‪ ،‬وتقصي مصيرها‪ ،‬ووصف مغامراتها‪.‬‬

‫عرفها الناقد عبد الملك مرتاض بـ ‪:‬‬

‫الجنس الدبي الراقي‪ ،‬هي ذات بنية شديدة التعقيد‪ ،‬تشكل اللغة مادتها الولى‪،‬‬
‫ويسقيها الخيال فتنمو‪ ،‬تقوم على السرد الذي يشكل حكاياها المركزية والفرعية‪،‬‬
‫وتشكل الشخصية مكونها الول‪ .‬وتقوم الرواية الحديثة على تدمير البنية التقليدية‬
‫للرواية بحيث ل ترغب في احترام الحبكة ‪ ،‬والتسلسل المنطقي للزمن‪.‬‬
 ‫في طول الرواية‬
‫ميالن كونديرا‬

‫يتطلب إادراك تعقد الوجود في العالم الحديث تقنية ا إليجاز والتكـثيف‪ ،‬و إال‬
‫وقعت في فخ إالطالة إالى ما ل نهاية‪ ..‬تخيل قصرا هو من الفخامة بحيث ل يسعك‬
‫ان تحيط به بنظرة واحدة‪ ..‬ثمة حدود ل يجب تجاوزها‪ ..‬يتوجب ان تكون في نهاية‬
‫قراءتك قادرا على تذكر البداية‪ ،‬و إال تغدو الرواية بال شكل فضال عن ان وضوحها‬
‫المعماري مغطى بالضباب ‪..‬‬
‫الرواية والخيال‬
‫نجيب محفوظ‬
‫«الفن الذي يوفق ما بين شغف ا إلنسان الحديث بالحقائق وحنينه الدائم إالى‬
‫الخيال‪ ..‬ما بين غنى الحقيقة وتموج الخيال ‪»..‬‬
 ‫عربيا ‪:‬‬
‫اقترنت الرواية العربية في بداياتها الولى في اواخر القرن ‪ 19‬م بوظيفة التسلية‬
‫والفكاهة‪ ،‬ثم وظفت لغايات التعليم والوعظ وا إلرشاد‪.،‬‬

‫وقد كـتبت عدة روايات ممتزجة بقلم السيرة الذاتية‪ ،‬يذكر منها‪:‬‬

‫زينب‪ ،‬لكاتبها محمد حسين هيكل‬

‫دعاء الكروان ‪ ،‬طه حسين ‪.‬‬
‫سارة ‪ ،‬عباس محمود العقاد ‪.‬‬
‫ثم انطلقت الرواية العربية بصورتها الواقعية‪ :‬نجيب محفوظ رائدا‪،‬‬
‫حتى وصلت مدارج الرواية الجديدة ‪ /‬التجريبية ‪ /‬الطليعية‪ ،‬حيث عبرت‬
‫عن حدة الزمات المصيرية التي تواجه إالنسان‪ ،‬وطرحت اسئلة‬
‫وجودية‪ ،‬واثارت السئلة الشائكة بطريقة فنية اعتمدت التفكيك ‪ ،‬وعدم‬
‫احترام الحبكة‪ ،‬والتسلسل المنطقي للزمن ‪.‬‬
 ‫في انماط الرواية ‪:‬‬

‫رواية استباق‬
‫تدور احداثها في فضاءات وازمنة خيالية ‪ ،‬تنتمي إالى مستقبل افتراضي مفارق‬
‫للعالم المرجعي‪ .‬فهذه الروايات تستند في بناء عوالمها الحكائية إالى ال كـتشافات‬
‫العلمية‪ ،‬والفتراضات التي يضعها العلماء‪ ،‬ويتوقعون الوصول إالى إاثباتها في زمن‬
‫بعيد عن زمنهم‪.‬‬

‫عدت هذه الرواية بمثابة التمثيل الدبي للخيال العلمي‪ ،‬تخرج قارئها من محدودية‬
‫الواقع إالى رحابة الحلم بواقع اخر عجيب‪ ،‬لتحقق حلم ا إلنسان بالتحرر من الرض‪.‬‬

‫اسفار إالى القمر‪ ،‬سيرانو برجورواك ) ‪. (1657‬‬

‫الة الزمن ‪ ،‬ه‪ .‬ويلز )‪.(1895‬‬
 ‫رواية بوليسية‬

‫تدور احداثها حول جريمة قتل غامضة‪ ،‬يتكـفل مفوض الشرطة او‬
‫المحقق الخاص بفك الغازها‪ ،‬إالى ان يتوج عمله باكـتشاف المجرم‬
‫الحقيقي‪.‬‬
‫ارتبط ظهورها في اواخر القرن ‪ 19‬وبدايات الـ ‪ 20‬بتطور المجتمع‬
‫الراسمالي‪ ،‬واتساع المدن الصناعية الحديثة‪ ،‬وتعقد اشكال الجريمة‬
‫تعقدا جعل الشرطة عاجزة عن الوصول إالى الحقيقة‪ ،‬لذا ابتدعت هذه‬
‫الرواية مع إادغار الن بو واجاثا كريستي شخصية المحقق الخاص بالغ‬
‫الذكاء‪ ،‬وهو يصل دائما للمجرم متفوقا على الشرطي‪.‬‬
 ‫رواية تاريخية‬

‫تزامن ظهورها مع الحركة الرومنسية التي اهتم اصحابها بالبطولت‬

‫القومية‪ ،‬وسعوا إالى إابرازها متوسلين بها إلحياء روح الشعب و إانعاشها‪.‬‬

‫يتجاذب الرواية التاريخية هاجسان‪:‬‬

‫‪ -‬احدهما المانة التاريخية التي تقضي عليها بال تبتعد عن المصادر‬
‫التاريخية الواقعية‪.‬‬
‫‪ -‬الخر‪ :‬مقتضيات الفن الروائي من قبيل‪ :‬القص‪ ،‬والتبئير‪ ،‬وخلق‬
‫الشخصيات الخيالية ‪ ..‬إالخ ‪.‬‬
 ‫تنبه الدارسون منذ وقت مبكر إالى ان الرواية التاريخية مهما ارتبطت بالماضي‪،‬‬
‫إفانها تظل على صلة بالحاضر ول يمكنها ان تتملص منه‪.‬‬

‫في التراث العربي عرفنا روايات‪ :‬عنترة‪ ،‬وبني هالل‪ ،‬وذات الهمة ‪ ...‬إالخ ‪.‬‬

‫وحديثا‪ ،‬كـتب سليم البستاني ‪ :‬زنوبيا‪.‬‬

‫وكـتب جورجي زيدان‪ :‬سلسلة روايات تاريخ ا إلسالم‪..‬‬

‫إان هذا الفن الروائي التاريخي بدا يشتد عوده ‪ ،‬ويتطور حتى كان تمهيدا للمرحلة الواقعية عند‬
‫نجيب محفوظ‪ ،‬ثم غدا ميدانا للتجريب على نحو ما نجد عند جمال الغيطاني في الزيني بركات ‪.‬‬
 ‫الرواية الترسلية‬

‫يقوم النص على رسائل تخييلية تنهض بوظيفة السرد‪ ،‬او تؤدي دورا هاما‬
‫في سياق احداث الحكاية‪ ،‬حيث ل يمكن للقارئ ان يدخل عالم الرواية‬
‫إال من خالل هذه الرسائل‪.‬‬

‫يميل الراوي في هذه الرواية إالى الغياب عن النص غيابا تاما او شبه تام‪،‬‬
‫حيث تاخذ الرسالة وظيفته في السرد‪ ،‬ودفع احداث النص ‪.‬‬
 ‫للرواية الترسلية اشكال منوعة ‪ ،‬فمنها ‪:‬‬

‫‪ -‬ذات الصوت الواحد‪ ،‬وتجري فيها المراسلة بين شخصيتين‪ ،‬تكـتب‬

‫إاحداهما إالى الخرى‪ ،‬ولكن دون ان تبدر عن المرسل إاليه اية ردود‪،‬‬
‫فيكون الترسل اقرب ما يمكن للمنولوغ ‪.‬‬
‫‪ -‬ثنائي الصوت‪ ،‬وذلك حين يتوافر متراسالن يتبادلن الرسائل بصفة‬
‫منتظمة‪.‬‬
‫‪ -‬من الروايات الترسلية ما يشبه السيمفونية في تنسيقه ومزاوجته بين‬
‫رسائل المتراسلين المتعددين‪ ،‬الذين يتبادلون الرسائل في وقت‬
‫متزامن‪.‬‬
 ‫رواية سوداء‬

‫تعد هذه الرواية فرعا من فروع رواية المغامرات؛ لما يالقي ابطالها من اهوال‬
‫وشدائد‪ ،‬ويطغى في عالمها ظواهر خارقة لقوانين الطبيعة‪ ،‬واحداث قائمة على‬
‫الرعب ‪ ،‬والقتل‪ ،‬والتعذيب‪ ،‬والموت المفاجئ‪ ،‬وحضور الفضاءات الغريبة المظلمة‬
‫النائية التي تعمرها الشياطين!‪.‬‬

‫شخصيات الرواية السوداء منقسمة عادة إالى ‪:‬‬

‫فئة الضحايا البرياء الذين يكادون ل يفقهون شيائ عن هذا العالم الوحشي‪.‬‬
‫فئة المجرمين المتوحشين الذين يتعطشون إالى الدم‪ ،‬فيندفعون فيما يشبه‬
‫الجنون للقتل‪.‬‬
 ‫الرواية الفلسفية‬

‫جنس روائي نشا في احضان الفلسفة الوجودية‪ ،‬ولذا يطلق عليها‬

‫«الرواية الوجودية»‪ ،‬حيث تعالج موضوعات مخصوصة كالحرية‪،‬‬
‫والذات‪ ،‬واللتزام‪ ،‬وعبثية الوجود‪ ... ،‬إالخ ‪.‬‬
‫فنيا‪ ،‬تتميز الرواية الفلسفية بانتظام احداثها حول بطل مازوم‪،‬‬
‫غالبا ما يكون مرغما على مجابهة اوضاع متناقضة‪ ،‬وتكون سائر‬
‫شخصياتها اقل تعلقا بالحياة‪ ،‬من عامة الناس‪ ،‬لكنها مسكونة بقضايا‬
‫فلسفية متنوعة‪ ،‬وتطرح السئلة الفكرية المجردة‪ ،‬وحواراتها زاخرة‬
‫بالتامالت وباعثة على التفكير في عالقة ا إلنسان بالوجود والعدم !‪..‬‬