Professional Documents
Culture Documents
صديق من كتاب عبد هللا بن المقفّع وردت هذه ال ّرسالة في نهاية باب ال ّ
.األدب الكبير
:عبد هللا بن المقفّع
اسمه روزبه بن داذويه ،فارس ّي األصلّ ،ولد في قرية جور من بالد
فارس ،دعي بعبد هللا بعد إسالمه ،وتكنّى بأبي مح ّمد ،أ ّما المقفّع فهو
لقب لوالده الذي تقفّعت يده ،أي تيبست ،عندما عذبه الحجّاج بن يوسف
الثّقفي الذي كان واليا ً على العراق وبالد فارس ،ألنّه م ّد يده على أموال
الخراج التي كان مسؤوالً عنها فسمي حينئذ ال ُمقَفَّع .تلقّى ابن المقفع في
قرية جور الثقافة الفارسية ،ث ّم رحل إلى البصرة واستكمل فيها ثقافته
.العربيّة ،باختالطه بمواليه من آل األهتم
رسالة ابن المقفّع في وصف أحد إخوانه
كتب وهو في العشرين من عمره لعمر بن هبيرة والي العراق في عهد الخليفة
.األموي هشام بن عبد الملك
وفي العهد العباسي كتب لسليمان بن علي ع ّم المنصور وواليه على البصرة ،
وانتقل إلى األهواز وكتب ألخيه عيسى بن علي ،وعلى يديه أعلن إسالمه .ولم
يمت ّد به العمر طويالً ،فقتل قبل أن يتجاوز السّادسة والثالثين ،وكان مقتله على ي ّد
سفيان بن معاوية الذي أصبح والي البصرة في عهد الخليفة المنصور ،إذ راح
.يقطعه عضواً عضواً ويلقيه في تنّور أع ّد لذلك
رسالة ابن المقفّع في وصف أحد إخوانه
وقد تعددت األسباب لمقتله؛ فقيل إنّه اتهم بالزندقة ،وهي كلمة كان يتهم بها
الماجنون من أصحاب اللهو والعبث ،ومن اعتنق الدين اإلسالمي دون إيمان
صحيح تقربا ً من ذوي الجاه والسلطان ،وأصحاب الديانة المجوسيّة ،فنقل عن
سفيان قوله وهو يقتله" :ليس علي في هذه المثلة بك حرج ألنك زنديق وقد أفسدت
الناس" كما ذكر من أسباب مقتله تشدده في كتابة صيغة األمان لعم المنصور عبد
هللا بن علي الذي بايع نفسه بالخالفة بعد موت أبي العباس السفاح ،فتصدى له أبو
مسلم الخراساني وقضى على جيشه؛ فالتجأ إلى أخويه سليمان وعيسى في
البصرة ،وكان سليمان واليا ً عليها ،وبقي متخفيا ً عندهما سنتين ،ولما عرف
المنصور طلبه منهما ،فاستعطفاه ،واشترطا تسليمه إليه بأن يأخذا عهداً منه بأالّ
.يغدر به
رسالة ابن المقفّع في وصف أحد إخوانه
لقد بالغ ابن المقفع الذي عهد إليه بكتابة صيغة العهد في الحرص ،وتش ّدد في
الشروط؛ فلم يترك للمنصور ثغرة ينفذ منها ،ليتخلص من تعهّده ،فقد ذكر فيها:
"إن المنصور إذا أخ ّل بشرط من شروط األمان كانت نساؤه طوالق وكان الناس
في ح ّل من بيعته"! مما أغضب المنصور وقال" :أ ّما أحد يكفينيه!" ث ّم أوعز إلى
عامله على البصرة حيئذ سفيان بن معاوية المهلبي أن يقتله ،وقد كانت له أحقاد
..على ابن المقفع ،ألنه كان يسخر منه
أن سبب مقتله لم يكن الزندقة ،وال تشدده في خطاب األمان، ويرى طه حسين ّ
وإنّما رسالته التي تسمى رسالة الصحابة التي نقد فيها نظام الحكم ،ووضع فيها
.وجوه اإلصالح معتمداً على ما للفرس من نظم
رسالة ابن المقفّع في وصف أحد إخوانه
شخصيته وأخالقه
كان ابن المقفّع من أقوى الشخصيات في األدب العربي ،عرف بسعة العلم،
والذوق السليم ،والتحلي بالمنطق حتى قيل عنه :علمه أكثر من عقله ،وقيل إنّه
اشتهر بالكرم واإليثار والحفاظ على الصديق والوفاء ،والتشدد في الخلق ،وصيانة
النفس ،ومن الشواهد على إيثاره الصديق محاولته افتداء صديقه عبد الحميد الكاتب
بنفسه عندما جاء جند العباسيين يسألون عنه في منزله؛ أما بالنسبة إلى تش ّدده في
صيانة النفس .فقال األصمعي :سئل ابن المقفع من أدبك؟ فقال نفسي! إذا رأيت من
«غيري حسنا ً أتيته ،وإن رأيت قبيحا ً أبيته
و قيل إن ابن المقفع لم يسلم إالّ لضمان مصالحه ،فقد كان مجوسيا ً على مذهب
المانوية التي تعتقد بوجود إلهين في العالم :إله النور وإله الظلمة ،وأنّه كان
رسالة ابن المقفّع في وصف أحد إخوانه
آثاره
هدفت آثار ابن المقفع إلى إحياء تاريخ الفرس وسياستهم وآدابهم،
وإصالح المجتمع العباسي وسياسته بتطبيق الصالح من نظم الفرس.
وقد ضاعت معظم آثاره ،وبخاصة تلك التي كانت في التاريخ وما إليه،
مثل كتب ":خداي نامه " في تاريخ الفرس وسير ملوكهم .أيين نامه"
في نظم الفرس وعاداتهم وآدابهم".التاج" في سيرة أنوشردان" .مزدك"
في سيرة مزدك صاحب أحد المذاهب الدينية الفارسية (المزدكية) .كما
ضاعت كتبه في الفلسفة ،التي نقلها عن الفارسية ألرسطو ،وهي:
.المقوالت العشر ،وتحليل القياس ،وفي العبارة
رسالة ابن المقفّع في وصف أحد إخوانه
وهنالك شك في نسبة هذه الكتب إليه .أما ما تبقى من كتبه فكانت في األدب
واالجتماع واإلخوانيات ،وهي :كليلة ودمنة ،واألدب الصغير ،واألدب الكبير،
والدرة اليتيمة والجوهرة الثمينة في األدب ،واليتيمة في الرسائل ،ورسالة
.الصحابة
رسالة ابن المقفّع في وصف أحد إخوانه
يعيني" ي وكان رأَ yسما عظّمه yفyyy إyنّيمخبركعن صyاحب لyيكyان أyعظم yلنّاyyاس فyyy
يعين ،
ف yyyيyyتشهّىما ال yيyyجد ،وال
طنه ،yال يعينه ،yكyان خyارجاً من سyلطان بyyy ِص yغُ yر لاyyدنيا فyyy
ف yyyيyyدعو ليإyyه yريب ًة ،وال يّ yy
ستخف رجه ،yال يyyثِ ُر إذا َو َجد ،وكان خyارجاً من سyلطان َ فyyyُك
بyyyاً ،وكانال yيyyأش َر عند نyعمة ،وال يyyستكينعند مصيبة ،لyه yرأyياً وال دن
رسالة ابن المقفّع في وصف أحد إخوانه
وكان خارجا ً من سلطان لسانه ،فال يتكلّم بما ال يعلم ،وال يماري فيما علم ،وكان
خارجا ً من سلطان الجهالة ،فال يتق ّدم أبداً إالّ على ثق ٍة بمنفعة ،وكان أكث َر دهره
صامتاً ،فإذا نطق ب َّذ القائلين ،وكان يُرى ضعيفا ً مستضعفاً ،فإذا ج َّد الج ُّد فهو اللَّ ُ
يث
عاديا ،وكان ال يدخل في دعوى ،وال يشارك في ِمراء ،وال يُدلي بح ّج ٍة حتى يرى
قاضيا ً فهما ً وشهوداّ ُعدوالً ،وكان ال يلوم أحداً على ما قد يكون العُذ ُر في مثله حتى
يعل َم ما اعتذارُه ،وكان ال يش ُكو و َج َعهُ إال إلى من يرجو عنده البُرْ َء ،وال يستشير
صاحبا ً إال من يرجون عنده النّصيحة ،وكان ال يتبرَّم وال يتس ّخط ،وال يتش ّكى وال
يتشهَّى وكان ال ينقِ ُم على الول ّي ،وال يغفل عن العد ّو وال يخصّ نفسه دون إخوانه
بشيء من اهتمامه وحيلته وقوته .فعليك بهذه األخالق إن أطقتها – ولن تطيق –
"ولكن أخذ القليل خير من ترك الجميع
رسالة ابن المقفّع في وصف أحد إخوانه
:معاني الكلمات
دفعه yلإyyى)(1
جادل يyyنازع .يyyأشر :يyyبطر .يyyستخف لyه :yبyyy
ماري ي. yy
وفاق ي: yy ب yyyغلب . ّذ:
.لاyyخالعة
.عyاديا :واyثباً )(2
يyyتب ّرم :yيyyتضجر .ع: y
دول غير مطعyون بyyشyهyادتهم .yلاyyمراء :لاyyجداyyلمن جهyة )(3
لاyyشك فyyي yلاyyقضية لاyyمطروحة .قyيyyول لاyyرسول صلyىهللا yyyعليه yوسلم ":yدع لاyyمراء وإyن
" كyنتمحقyاً
.يyyتسخط :يyyبدي سyخطه(4) y
.يyyتش ّك :ى يyyل
باyyغ yفyyي yلاyyشكوى)(5
رسالة ابن المقفّع في وصف أحد إخوانه
.يyyتشه ّ:ى يyyكثر من لاّ yyشهyواyت)(6
ولي لاyyصّديق)(7
.لا:ّ yy
أن هذه الرسالة تبين الصفات ،التي يحسن أن تتوافر في أي رجل من المالحظ ّ
فاضل أو إنسان مثالي ،وليس في صاحب بعينه ،وهي على قصرها تحمل كثيراً
من ميزات أسلوب ابن المقفع في الكتابة ،بوصفه ممثالً لمدرسة جديدة في الكتابة
:والتفكير .وميزات الرسالة من ناحيتي المعنى والمبنى تبدو فيما يلي
.االهتمام بإشاعة الحكمة بشكل واضح
.التأثر باألخالق والتعاليم اإلسالمية
رسالة ابن المقفّع في وصف أحد إخوانه