You are on page 1of 15

‫الرواية وا�شتغال املتخيل التاريخي‬

‫األزمنة احلديثة‬
‫العدد ‪13‬‬

‫‪� -‬سرق�سطة للميلودي �شغموم �أمنوذجا‪-‬‬

‫سعيد سهمي‬
‫باحث من المغرب‬

‫جهة ثانية»(سعيد يقطين‪.)41 :2003 ،‬‬ ‫مدخل‪:‬‬


‫في هذا السياق ظهرت أعمال روائية تجريبية‬
‫جادة‪ ،‬انخرطت في هذا االتجاه الجديد الذي يعيد‬ ‫الرواية من أكثر األجناس األدبية انفتاحا على التراث‬
‫األهمية للجذور الثقافية‪ ،‬بغية رسم ملمح عربي‬ ‫وعلى المرجعيات الثقافية المختلفة‪ ،‬وذلك لطبيعتها‬
‫خاص يتجاوز التقليد الغربي كما يتجاوز النموذج‬ ‫الحوارية التي تجعلها قابلة الحتواء سجالت متعددة‬
‫العربي السائد‪ ،‬والمتمثل أساسا في تجربة نجيب‬ ‫وخطابات متخللة وأجناس أدبية وغير أدبية‪ ،‬مما‬
‫محفوظ‪ ،‬مع روائيين جددوا في إبداعهم الروائي؛‬ ‫يجعلها فضاء قابال الحتواء مشارب معرفية وثقافية‬
‫أبرزهم إميل حبيبي وجمال الغيطاني ‪ ،‬ومن حذا‬ ‫متعددة ومتنوعة؛ فقد ارتبط هذا الجنس األدبي‬
‫حذوهما‪ ،‬أمثال الطاهر وطار وواسيني األعرج‬ ‫السردي منذ نشأته بمبدأ التنوع‪ ،‬راسما عالمه‬
‫وأﺤﻤﺩ ﺍﻟﺘﻭﻓﻴﻕ وبنسالم حميش ﻭﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﻬﺭﺍﺩﻱ‬ ‫الخيالي من المرجعيات الثقافية للمجتمع الذي‬
‫وغيرهم‪ ،‬والذين تفاعلت أعمالهم الروائية مع التراث‬ ‫نشأ فيه‪ ،‬والذي يتخذه الروائي منطلقا للتعبير عن‬
‫تاريخا وحكاية وأسطورة‪ ،‬ﻓﺎﺨﺘﻠﻔﺕ ﻁﺭﻕ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋل‬ ‫رهانات ورؤى جديدة‪.‬‬
‫معه وطرق ﺍﻻﻨﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﻨﺼﻭﺼﻪ عبر ﺍﻟﻤﺤﺎﻜﺎﺓ‬ ‫وتعتبر السبعينيات من القرن العشرين مرحلة‬
‫ﻭﺍﻟﺘﺤﻭﻴل ﻭﺍﻟﺘﻀﻤﻴﻥ ﻭﺍﻻﺴﺘﻴﻌﺎﺏ ﻭﺍﻟﻨﻘل واألسلبة‬ ‫حاسمة في تحويل مسار الرواية المغربية من طور‬
‫والتهجين وغيرها من أشكال التفاعل النصي‪.‬‬ ‫التقليد إلى طور التحديث والتجريب والتأصيل‪،‬‬
‫ويعتبر الميلودي شغموم من رواد التجريب في‬ ‫عبر الرجوع إلى الجذور الثقافية العربية والمغربية‬
‫الرواية المغربية‪ ،‬حيث تتخذ رواياته طابعا خاصا‪،‬‬ ‫األصيلة‪ ،‬وعن طريق العودة إلى التراث بمختلف‬
‫يجمع بين استيعاب التراث والثقافة بمختلف‬ ‫مشاربه‪ ،‬والذي يعتبر التاريخ من أبرز مكوناته‪،‬‬
‫مشاربها‪ ،‬وبين النفس التعجيبي والتغريبي الذي‬ ‫باعتباره يمثل الذاكرة العربية التي تعتبر إحدى‬
‫ال تكاد تخلو منه رواية من رواياته‪ ،‬وذلك في سياق‬ ‫ركائز التجديد في الرواية المعاصرة الساعية إلى‬
‫دفاعه عن البعد المغربي في الكتابة واإلبداع عبر‬ ‫إثبات هويتها الخاصة‪.‬‬
‫«خلق عوالم روائية متعددة المصادر‪ ،‬يتداخل‬ ‫فالكتابة الروائية من هذا المنطلق أخذت تسعى‬
‫فيها الغرائبي والعجائبي والصوفي واألسطوري‪،‬‬ ‫إلى إثبات الذات العربية المتشرذمة عبر استنطاق‬
‫ويتراوح فيها السرد بين الحكي الشعبي والتراثي‬ ‫التاريخ والتراث‪ ،‬على اعتبار أن واقعنا اليوم يرتبط‬
‫والحداثي‪ ،‬في أفق تمييز الخطاب الروائي المغربي»‬ ‫ارتباطا وثيقا بالموروث الثقافي والحضاري الضارب‬
‫(بديعة الطاهري‪ ،)13-14 :2009 ،‬مما جعل من‬ ‫في القدم‪ ،‬ولذلك نحت األجناس األدبية الجديدة إلى‬
‫تجربته الروائية نموذجا يحتذى‪ ،‬سار على منواله‬ ‫جانب فنون أخرى إلى إعادة االعتبار لهذا التراث‪:‬‬
‫عدد من الروائيين التجريبيين في مرحلة ما بعد‬ ‫«وستظهر آثار ذلك بينة على الرواية العربية التي‬
‫السبعينيات‪.‬‬ ‫تفاعلت مع التراث السردي العربي باعتباره مادة‬
‫تشكل نصوص الميلودي شغموم مختبرا للتجريب‬ ‫للحكي من جهة‪ ،‬أو من حيث هو طرائق للسرد‪ ،‬من‬

‫‪27‬‬
‫الرواية واشتغال المتخيل التاريخي ‪ -‬سرقسطة للميلودي شغموم أنموذجا‪-‬‬ ‫األزمنة احلديثة‬
‫العدد ‪13‬‬

‫باعتباره»عتب���ة للنص ال يمه���د في روايات الميلودي‬ ‫والتجديد‪ ،‬تتوزعه فضاءات إبداعية متنوعة قابلة‬
‫ش���غموم لق���راءة بس���يطة يس���يرة‪ ،‬كما أن���ه ال يعكس‬ ‫للقراءة من زوايا متعددة‪ ،‬لقيامها على المخاتلة‬
‫ب���راءة عل���ى مس���توى الكتابة‪ ،‬ب���ل يخلق توت���را بين‬ ‫والمواربة الداللية‪ ،‬والتي تجعل الرؤيا موسومة‬
‫محف���ل اإلنت���اج ومحف���ل التلق���ي» ( أحم���د اليابوري‪،‬‬ ‫بالضبابية‪ ،‬وهذا ما تعكسه روايته سرقسطة‬
‫‪ ،)901:3991‬لغاي���ة جمالية هدفها األس���اس هو دفع‬ ‫موضوع الدراسة‪ ،‬والتي تشكل نوعا من الفرادة في‬
‫القارئ إلى التعامل الحذر مع النص‪ ،‬ومع المتخيل‪.‬‬ ‫روايات الميلودي شغموم‪ ،‬تتمثل في االشتغال على‬
‫إال أن رواية سرقسطة استطاعت تجاوز الطابع التعجيبي‬ ‫التاريخ والذاكرة والوعي بالزمن‪.‬‬
‫للعن����وان لتعبر م����ن خالله عن الفضاء ال����ذي تجري فيه‬ ‫تهدف هذه الدراسة إلى البحث في أشكال وطرق‬
‫أح����داث الرواي����ة‪ ،‬هذا الفضاء الذي بق����در ما يحيل على‬ ‫اشتغال التاريخ في رواية سرقسطة‪ ،‬وتسعى إلى‬
‫المكان بقدر ما يوحي للمتلقي برمزية تاريخية أساسية‬ ‫البحث في شعرية األسلوب الذي تقوم عليه‪ ،‬من‬
‫في المتخيل العربي‪ ،‬وهي البيئة األندلس����ية التي كانت‬ ‫خالل استقراء حدود التخيل التاريخي والتخيل‬
‫امتدادا للحضارة العربية والمغربية‪.‬‬ ‫اإلبداعي‪ ،‬وفق منهجية تناصية تتقصى أشكال‬
‫يحيلنا العنوان على مدينة سرقسطة األندلسية التي‬ ‫التفاعل والتداخل بين النصوص واألشكال األدبية‬
‫تقع في ش���مال شرق إس���بانيا اآلن‪ ،‬والتي كانت ذات‬ ‫والتراثية والثقافية التي تميز هذه الرواية‪ ،‬في ضوء‬
‫أهمية بالغة في تاريخ المس���لمين باألندلس‪ ،‬ال سيما‬ ‫ثالثة أسئلة إشكالية‪:‬‬
‫في القرن الثاني عشر الميالدي‪ ،‬وتتمثل هذه األهمية‬ ‫كيف يتم اشتغال المعطى التاريخي داخل النص‬
‫في الصراع بين المرابطين في عهد علي بن يوس���ف‬ ‫الروائي؟‬
‫بن تاش���فين من جهة‪ ،‬وبين ألفونس���و المحارب ملك‬ ‫ما الوظيفة الجمالية والداللية لهذا االشتغال؟‬
‫أراغون‪ ،‬من جهة ثانية‪.‬‬
‫وما تأثير هذا االشتغال على شعرية الرواية؟‬
‫إن الرب���ط بي���ن العنوان وس���ياق الحكاي���ة‪ ،‬من خالل‬
‫ق���راءة الفق���رات األولى منه���ا‪ ،‬يؤكد أن ه���ذا العنوان‬ ‫ارتأينا اختيار ه��ذه ال��رواي��ة ألسباب ثالثة؛ أولها‬
‫ج���اء مبينا لفض���اء األحداث‪ ،‬وهو فضاء سرقس���طة‪،‬‬ ‫اش��ت��غ��ال سرقسطة على ال��ت��راث وال��ت��اري��خ‪ ،‬حيث‬
‫المدينة األندلس���ية التي سيتوجه إليها بطل الرواية‬ ‫اتخذتهما اس��ت��ع��ارة ل��م��س��اءل��ة ال��واق��ع السياسي‬
‫فا ًّرا من مراكش باح ًثا عن صديق لش���يخه المراكشي‬ ‫واالجتماعي والفكري المعاصر‪ ،‬ثم نظرا لراهنيتها‬
‫بمدين���ة سرقس���طة‪ ،‬ومن ث���م فإن العنوان يش���ير إلى‬ ‫باعتبارها نصا معاصرا يسعفنا في ق��راءة تجربة‬
‫هذه التجربة الجديدة للميلودي ش���غموم‪ ،‬والمتمثلة‬ ‫روائية مغربية جديدة‪ ،‬وهو سياق يشغل الباحث‬
‫ف���ي االش���تغال عل���ى التاريخ س���يرا على من���وال عدد‬ ‫المغربي في أشكال التجديد في الرواية المغربية‬
‫م���ن الروائيي���ن المغاربيي���ن الذين رأوا ف���ي التاريخ‬ ‫وال��ع��رب��ي��ة ع��م��وم��ا‪ ،‬وأخ���ي���را ل��ب��ن��ي��ت��ه��ا الشعرية‬
‫والت���راث مالذا إلبداع رواية عربية خالصة‪ ،‬تتخلص‬ ‫واألسلوبية التي يتجاور فيها التاريخ والتراث مع‬
‫من النموذج الغربي الذي عمر طويال‪ ،‬عبر استنطاق‬ ‫المتخيل األسطوري والمعتقد الشعبي‪ ،‬فهذه الرواية‬
‫الذاكرة العربية الغنية بتراثها‪ ،‬مثل واسيني األعرج‬ ‫بقدر ما تالمس التاريخ وتنتقده بقدر ما تتجاوزه‬
‫والطاهر وطار وأحمد التوفيق وبنسالم حميش‪.‬‬ ‫على مستوى التخييل حين تركن إلى متخيالت أخرى‬
‫شعبية وأسطورية عبر التفاعل النصي والتفاعل‬
‫‪ - 1-2‬المعطى الداللي‪:‬‬ ‫األجناسي‪.‬‬

‫تع���ود بنا الرواية إل���ى القرن الثاني عش���ر الميالدي‬ ‫‪-1‬تقديم الرواية‪:‬‬
‫لتحكي سيرة بطل‪ ،‬غادر مراكش إلى مدينة سرقسطة‬
‫األندلس���ية‪ ،‬حامال كتابا من ش���يخه أبي العباس إلى‬ ‫‪ - 1-1‬قراءة في العنوان‪:‬‬
‫صديقه ابن عياش بسرقسطة‪ ،‬وفي خضم هذه الرحلة‬ ‫إن رواي���ات الميلودي ش���غموم في مجملها قد أبدعت‬
‫تحك���ي تفاصيل األزمات التي حل���ت بكل من المغرب‬ ‫عناوي���ن يتخ���ذ فيه���ا التعجيب���ي والتغريب���ي مكانة‬
‫واألندلس في القرن الثاني عشر‪.‬‬ ‫خاصة‪ ،‬كما هو الحال لعين الفرس وش���جر الخالطة‬
‫فبع���د أن س���اءت أحوال مراكش عاصم���ة المرابطين‪،‬‬ ‫ونجمة ترق���ص معي وبدر زمان���ه وغيرها‪ ،‬فالعنوان‬

‫‪28‬‬
‫األزمنة احلديثة‬ ‫سعيد سهمي‬
‫العدد ‪13‬‬

‫محاربة المشركين‪.‬‬ ‫وكثر فيها الفساد والجفاف واألوبئة والظلم والتنكيل‬


‫وتنته���ي الرواية بس���قوط سرقس���طة ف���ي قبضة ملك‬ ‫بالعلماء‪ ،‬س���يغادر بط���ل الرواية قريت���ه أغمات التي‬
‫برش���لونة‪ ،‬وفي المعركة يموت السلطان عبد المالك‪،‬‬ ‫تقع قرب مراكش‪ ،‬وذلك بطلب من ش���يخه الفيلسوف‬
‫ويحاول البطل الهرب مع أصدقائه‪ ،‬وقد أخبره أحدهم‬ ‫أبي العباس المهدي المراكشي الذي أخبره أن الفتن‬
‫أن صفحات الكتاب البيضاء ستمأل من جديد مع كل‬ ‫حلت أيضا في األندلس‪ ،‬حيث س���يدعوه للتوجه إلى‬
‫نكبة أو ستمحى مع الزمن‪.‬‬ ‫سرقس���طة التي لم تس���لم بدورها م���ن الفتن والجهل‬
‫وتس���فيه العلم���اء والتنكيل بهم‪ ،‬أرس���له الش���يخ إلى‬
‫زميله في الدراس���ة الش���يخ ابن عياش في سرقس���طة‬
‫‪ - 2‬اشتغال التاريخ‪:‬‬ ‫حام�ل�ا رس���الة تخل���و م���ن الكلم���ات وكتاب���ا يلخص‬
‫اعتم���دت رواي���ة سرقس���طة ع���ددا م���ن اآللي���ات‬ ‫الديان���ات الس���ماوية بغية توحيدها ف���ي دين واحد‪،‬‬
‫والميكانيزم���ات الناظمة لحض���ور التاريخ‪ ،‬وإذا كان‬ ‫هذا الكتاب الذي يش���به الس���حر حي���ث تظهر كلماته‬
‫عم���ل الروائ���ي غير عم���ل الم���ؤرخ المل���زم بالتوثيق‬ ‫أحيانا وتختفي أحيانا أخرى‪.‬‬
‫والتدقي���ق وتنظيم األحداث وفق تط���ور الزمن‪ ،‬وكان‬ ‫وتق���ف الرواية على مجموعة من األح���داث والوقائع‬
‫الطاب���ع التغريب���ي واألس���طرة والتعجي���ب والخيال‬ ‫التاريخي���ة الت���ي يختل���ط فيه���ا الواقع���ي بالخرافي‬
‫حاض���را ف���ي هذه الرواي���ة‪ ،‬فإن مؤش���رات عدة تحدد‬ ‫والعجي���ب‪ ،‬حيث رأى الش���اب أثن���اء رحلته ما خلفه‬
‫آف���اق المتخي���ل التاريخ���ي‪ ،‬أبرزه���ا إي���راد الح���دث‬ ‫الجفاف المخيم عل���ى مراكش وعلى المغرب عموما‪،‬‬
‫التاريخي‪ ،‬وتوظيف الش���خصية التاريخية‪ ،‬واعتماد‬ ‫من آثار على الناس‪ ،‬حتى صار يأكل بعضهم بعضا‪،‬‬
‫الوثيقة التاريخية‪.‬‬ ‫بعد أن أكلوا الجيف والحيوانات والزواحف‪ ،‬وكيف‬
‫أن البعض باعوا أبناءهم ونساءهم للغرباء‪ ،‬وقد زاد‬
‫‪ - 2-1‬الرواية والحدث التاريخي‪:‬‬ ‫م���ن ه���م الوباء الفت���نُ والحروب التي لم يس���لم منها‬
‫تنس���ج رواي���ة سرقس���طة مادته���ا عل���ى الذاك���رة‬ ‫عامة الناس‪.‬‬
‫والتاريخ‪ ،‬حيث انطلق���ت من معطيات حكائية تلتقي‬ ‫وف���ي أثناء الرحلة إلى سرقس���طة‪ ،‬لق���ي مجموعة من‬
‫بالمرجعي���ات التاريخي���ة كم���ا أثبته���ا المؤرخ���ون‪،‬‬ ‫النس���اء كمبروك���ة الداودي���ة والمحج���وب‪ ،‬وهو رجل‬
‫وأضف���ت على أح���داث تاريخية أخ���رى طابع الغرابة‬ ‫ملث���م يعبر ب���ه البحر ويخب���ره أن مبروك���ة الداودية‬
‫والتعجيب‪ ،‬فهي تبس���ط نفوذها على مرحلة أساسية‬ ‫كان���ت امتحان���ا ول���و أن���ه أطلعه���ا عل���ى س���ره لهلك‪،‬‬
‫م���ن تاري���خ المغ���رب‪ ،‬ويتعل���ق األم���ر بمرحلة ضعف‬ ‫وتزي���ل لثامها ف���ي آخر األمر لتخب���ره أنها محجوبة‬
‫الدولة المرابطية في عهد علي بن يوس���ف والمرحلة‬ ‫وليس���ت محجوبا‪ ،‬قبل أن تساعده على الوصول إلى‬
‫الت���ي س���ينتقل فيها الحك���م إلى الموحدي���ن‪ ،‬ومن ثم‬ ‫جب���ل ط���ارق وتطلعه على كلمة س���ر ال يعرفها إال من‬
‫مارست التأريخ وطبعته بنفسها التخيلي في مواقف‬ ‫سينتظره في الضفة األخرى‪.‬‬
‫حكائية متعددة‪.‬‬ ‫وفي جبل طارق س���يقابل البطل فارسا ملثما سيكون‬
‫وقف���ت الرواية على مجموع���ة من األحداث التاريخية‬ ‫ه���و أيضا امرأة اس���مها بويريكة بن���ت بويريك التي‬
‫الت���ي ميزت المرحل���ة التي تحكي عنه���ا‪ ،‬وهي القرن‬ ‫تؤمن له الطريق إلى‬‫توصيه بالحذر وتعطيه كلمة سر ِّ‬
‫الثاني عش���ر الميالدي‪ ،‬حيث انطلق���ت‪ ،‬منذ بدايتها‪،‬‬ ‫سرقس���طة التي اعتبرها مدينة أس���طورية كما يحكي‬
‫م���ن جملة تحيل على المرابطين‪« :‬تذكرت كالم الرجل‬ ‫عنها التاريخ‪ ،‬وفيها يقابل أناسا في منتهى الخطورة‬
‫الملث���م» (الرواية‪ ،‬ص‪ ،)3.‬قبل أن تصرح‪« :‬أو ليس���ت‬ ‫يب���دون له ما ال يخف���ون‪ ،‬وحذرا منهم ارتأى أن يعمل‬
‫هذه ح���ال المرابطين الي���وم» (الرواية‪ ،‬ص‪ ،)3.‬وبين‬ ‫وراق���ا ليعرف ماذا يقرأ الناس وفي���م يفكرون‪. ،‬ولكن‬
‫الذاك���رة «تذك���رت» والعص���ر ال���ذي تدور في���ه أحداث‬ ‫الفتن التي هرب منها في مراكش وجدها تنتظره في‬
‫الرواي���ة حال المرابطي���ن اليوم» مس���افة زمنية تبئر‬ ‫سرقس���طة في نهاية حكم الس���لطان المستعين أحمد‬
‫على التحول السلبي الذي آل إليه المغرب واألندلس‪،‬‬ ‫وتولي أخيه عبد المالك‪.‬‬
‫ف���ي تلك المرحلة‪ ،‬ومن ثم تبن���ي الرواية فكرتها على‬ ‫وف���ي سرقس���طة تعرف ثالث���ة أصدق���اء؛ الطبيب ابن‬
‫ن���وع من النوس���طالجيا‪ ،‬بالحال نفس���ه الذي يعتمله‬ ‫دحمان والفقيه ابن عياش والتاجر ابن سعدون وهو‬
‫العرب اليوم تأسفا على الماضي الزاهر‪.‬‬ ‫حاجب الس���لطان عبد المالك الذي ضاق بابن دحمان‬
‫تتعدد في هذه الرواية األحداث والوقائع التاريخية‪،‬‬ ‫وموقفه من المسلمين ومن محاربة بيع الخمر عوض‬
‫منها اإلش���ارة‪ ،‬في مطلع الرواي���ة‪ ،‬إلى طارق بن زياد‬

‫‪29‬‬
‫الرواية واشتغال المتخيل التاريخي ‪ -‬سرقسطة للميلودي شغموم أنموذجا‪-‬‬ ‫األزمنة احلديثة‬
‫العدد ‪13‬‬

‫هرغ���ة المصمودي���ة المس���تقرة باألطل���س الصغي���ر‬ ‫وفت���ح األندل���س‪ ،‬اعتم���ادا عل���ى االس���ترجاع وعل���ى‬
‫بمنطقة س���وس األقصى ف���ي المغ���رب‪ ،‬الرجل الورع‬ ‫اس���تدعاء الذاكرة‪« :‬وفيم أفك���ر حقا إن كنت أفكر؟ في‬
‫التقي»(الرواي���ة‪ ،‬ص‪ ،)17 .‬ه���ذا الرج���ل التق���ي الذي‬ ‫س���ليمان ب���ن الوليد‪ ،‬وهو في دمش���ق‪ ،‬يأمر طارق بن‬
‫سينش���ر مذهب���ه‪ ،‬حي���ث ص���دق المغارب���ة بقوله‪»:‬إنه‬ ‫زياد وموس���ى ب���ن نصير بع���دم الدخول إلى دمش���ق‬
‫ف���رد زمان���ه صادق في قول���ه‪ ،‬وأنه يمأله���ا (األرض)‬ ‫(‪ )...‬كنت أش���اهد طارق بن زي���اد هناك يخطب‪« :‬أيها‬
‫بالعدل كما ملئت بالجور‪ ،‬وأن أمره قائم إلى أن تقوم‬ ‫الناس‪ ،‬أين المفر « (الرواية‪ ،‬ص‪.)4 .‬‬
‫الساعة» (ابن تومرت‪.)256 :1985 ،‬‬ ‫كما تقف على حدث عزل س���ليمان بن الوليد لموس���ى‬
‫كم���ا تس���ترجع الرواية محطات من تاريخ سرقس���طة‬ ‫بن نصير‪« :‬وعندما تولى الخالفة عزل موسى وأوالده‬
‫وقت���ل ابنه عبد العزيز بن موس���ى» (الرواية‪ ،‬ص‪،)6.‬‬
‫وم���ا نس���ج عنه���ا م���ن أس���اطير م���ن قب���ل المؤرخين‬
‫وتصور الصراع القبل���ي في عهد المرابطين‪« :‬ألم تر‬
‫الذين اعتبروها «أس���طورية ب���كل معاني الكلمة فهي‬
‫كيف أن المرابطين عملوا على تهميش���نا ومراقبتنا‪،‬‬
‫مدينة ال يدخلها عقرب أو ثعبان من قبل نفس���ه‪ ،‬وإذا‬
‫وكيف يديرون الصراع القبلي بين مجموعة صنهاجة‬
‫أدخ���ل إليها مات من س���اعته»(الرواية‪ ،‬ص‪ ،)48 .‬مع‬
‫الصحراء التي ينتمون إليها وباقي القبائل األخرى»‬
‫اس���تحضار وقائ���ع ذات عالق���ة ببعض الش���خصيات‬
‫(الرواي���ة‪ ،‬ص‪ ،)7 .‬إضاف���ة إل���ى تصويره���ا مظاه���ر‬
‫التاريخية‪ ،‬كاإلش���ارة إلى ابن عياش وهو ش���خصية‬ ‫الوب���اء والجفاف الذي حل بالمغرب في القرن الثاني‬
‫علمي���ة وديني���ة ف���ي تاري���خ األندل���س‪ ،‬والمقص���ود‬ ‫عش���ر أواخ���ر حك���م المرابطي���ن‪ ،‬وما س���مي بالمحنة‬
‫بالرس���الة التي أرس���لها ش���يخ البطل إلى سرقسطة‪،‬‬ ‫الكب���رى‪« :‬إنن���ا ق���د نص���دق أو ال نص���دق أي ش���يء‬
‫الح َكم لمدينة وش���قة األندلسية‪،‬‬
‫واإلش���ارة إلى والية َ‬ ‫أيام المحنة الكبرى‪ ،‬وما لم تر ش���يئا مما يش���يب له‬
‫ووص���ف التنكي���ل ب���ه من ط���رف الس���لطان من خالل‬ ‫الول���دان من غل���ب أو تنكر الزمان مما ي���ذل بعد العز‬
‫مكيدة دبرها له‪ُ ( .‬تنظر الرواية‪ ،‬ص‪.)82 .‬‬ ‫أو فق���ط بعد الس���تر (‪ )...‬مم���ا يجعلك تبي���ع ابنك أو‬
‫وقد اس���تطاعت الرواية أن تقف‪ ،‬في س���ياق التأريخ‪،‬‬ ‫أمك أو زوجك‪ ،‬تبيع نفس���ك للشيطان أو ملك الموت»‬
‫على مواقف متع���ددة ذات ارتباط بالذاكرة الجماعية‬ ‫(الرواية‪ ،‬ص‪.)9.‬‬
‫عموم���ا‪ ،‬فالتاري���خ يلتق���ي دائما بمؤش���رات وتيمات‬ ‫ومم���ا يش���ير إل���ى الح���دث التاريخ���ي إش���اعة فك���رة‬
‫أخ���رى يتخذ فيها التراث بكل مش���اربه‪ ،‬مكانة هامة‪،‬‬ ‫المه���دي المنتظر التي تبش���ر ببداية عهد حكم جديد‬
‫هك���ذا نج���د أن الرواية اس���تحضرت مقوم���ات أخرى‬ ‫هو الحكم الموحدي وظهور المهدي بن تومرت‪ ،‬عبر‬
‫ذات أبعاد سياس���ية وفكري���ة ودينية وثقافية وصفت‬ ‫تكرار الرواية الزمة‪:‬‬
‫المرحلة التي تحكي عنها‪.‬‬ ‫«بسم الله‬
‫فسياس���يا؛ اس���تحضرت الص���راع ال���ذي نش���ب إبان‬ ‫إنه يفتح الدنيا شرقها وغربها‬
‫حكم علي بن يوس���ف والفتن التي طغت‪ ،‬وكيف فشل‬ ‫والحمد لله»‬
‫األمير في تس���يير أمور مراكش‪ ،‬كما صورت الصراع‬ ‫(الرواية‪ ،‬ص‪.)9.‬‬
‫السياس���ي بين ملوك الطوائ���ف‪ ،‬والصراع بين حكام‬
‫األندلس وملك قش���تالة الذي كان له النصر في نهاية‬ ‫وإشاعة المهدوية في الفترة التي تحكي عنها‪ ،‬كانت‬
‫المط���اف‪ ،‬وتذك���ر بسياس���ة المرابطي���ن ف���ي محاولة‬ ‫بداي���ة لدعوة ابن تومرت الموس���وم بالمهدي‪ ،‬والذي‬
‫إخماد الثورات والحروب والفتن في األندلس‪.‬‬ ‫أق���ام دعوت���ه ف���ي المغرب بن���اء على فك���رة المهدوية‬
‫مدعيا أنه المقصود بالمهدي الذي بش���ر به الرس���ول‬
‫وعلى المس���توى الفكري والعلمي‪ ،‬تقف الرواية على‬ ‫عليه السالم والذي يأتي في آخر الزمان ليمأل األرض‬
‫كس���اد س���وق العلم والثقافة في تلك المرحلة‪ ،‬س���واء‬ ‫ع���دال بعد أن ملئت ج���ورا‪ ،‬حيث صدقه المغاربة‪ ،‬كما‬
‫ف���ي ب�ل�اد المغرب التي يمثلها البطل وش���يخه واألب‬ ‫وق���ف على ذلك المؤخون‪ ،‬كم���ا يقول ابن خلدون» لما‬
‫كذلك‪ ،‬أو في األندلس حيث يمثلها الشيخ ابن عياش‬ ‫كمل���ت بيعته لقبوه بالمهدي‪ ،‬وكان لقبه قبلها اإلمام»‬
‫الذي كان موضوع سخرية حكام األندلس‪ ،‬كما تسخر‬ ‫(ابن خلدون‪.)228 :1868 ،‬‬
‫م���ن انش���غال بعض العلماء باألم���ور الثانوية إرضاء‬
‫للس���لطان كتحري���م بي���ع الخمر ع���وض الخوض في‬ ‫وق���د راهنت عليه الرواية باعتباره المنقذ من كل تلك‬
‫مواجهة النصارى‪.‬‬ ‫المحن التي وقعت في نهاية عهد المرابطين‪« :‬فازداد‬
‫إيمان���ي وتمس���كي بدعوة أب���ي عبد الله اب���ن قبيلتي‬

‫‪30‬‬
‫األزمنة احلديثة‬ ‫سعيد سهمي‬
‫العدد ‪13‬‬

‫ولم تكتف بالشخصيات السياسية‪ ،‬بل أشارت إلى‬ ‫واجتماعي���ا ص���ورت الرواي���ة تفاصي���ل المعان���اة‬
‫شخصيات أخ���رى ذات ارت��ب��اط بالعلم والمعرفة‪،‬‬ ‫االجتماعية التي عاشها سكان المغرب‪ ،‬بشكل خاص‪،‬‬
‫أبرزها أبو العباس المراكشي ال��ذي قد يشير إلى‬ ‫في القرن الثاني عش���ر‪ ،‬بسبب الجفاف‪ ،‬وما نتج عنه‬
‫أب��ي العباس السبتي‪ ،‬واب��ن عياش ال��ذي ع��رف في‬ ‫م���ن مجاعات أدت إلى أكل الجيف والنبات‪ ،‬وبس���بب‬
‫كتب التاريخ بابن عياش الزناتي‪ ،‬وهو أحد شيوخ‬ ‫الحروب والصراعات القبلية والمذهبية والسياسية‬
‫المالكية المتوفى سنة ‪618‬هــ‪ ،‬كما أشار إلى الشاعر‬ ‫الت���ي جعل���ت الدولة تهمل المواطنين وتنش���غل بأمر‬
‫ابن حمدان أبي العشائر وعَ ْبر التضليل ذاته سماه‬ ‫إخماد الثورات والنعرات الطائفية‪.‬‬
‫اب���ن دح��م��ان‪ ،‬وق���د ذك���ره ال��م��ق��ري ف��ي ن��ف��ح الطيب‬
‫واستشهد ببعض شعره‪ ،‬مثل قوله‪:‬‬ ‫‪ - 2-3‬الرواية والشخصية التاريخية‪:‬‬
‫أق��رأت منه ما تخط يد ال��وغ��ى‪ ///‬والبيض تشكل‬ ‫وظ���ف���ت س��رق��س��ط��ة ش��خ��ص��ي��ات ت��خ��ي��ل��ي��ة‪ ،‬وهي‬
‫واألسنة تنقط‪( .‬المقري التلمساني‪.)466 :1968 ،‬‬ ‫الشخصيات المشكلة ل�لأب��ط��ال‪ ،‬وأب��رزه��ا السارد‬
‫الذي اتخذ له اسم أبي البهاء‪ ،‬والذي يتمحور حوله‬
‫إن الشخصية التاريخية في الرواية الجديدة تلعب‬ ‫الحكي‪ ،‬والشخصيات التي ساعدته في الرحلة إلى‬
‫وظيفة داللية ورمزية‪ ،‬حيث تميل إلى إضفاء الطابع‬ ‫سرقسطة والتي اتخذت طابعا تغريبيا مثل مبروكة‬
‫ال��واق��ع��ي والتوثيقي ال��ف��وت��وغ��راف��ي على التاريخ‬ ‫أو بويريكة بنت بويريك ومحجوبة اللتين انتحلتا‬
‫المروي‪ ،‬وفي الوقت نفسه تسعى إلى التماهي مع‬ ‫شخصية رجل‪.‬‬
‫ال��واق��ع‪ ،‬م��ن خ�لال محاولة رس��م شخصية نمطية‬
‫تراهن عليها في العصر الراهن الذي تبئر عليه من‬ ‫والواقع أن البطل الذي اتخذ له الروائي اسم أبي‬
‫حيث الرؤيا‪.‬‬ ‫البهاء‪ ،‬قد يكون استعارة فنية لشخصية تاريخية‬
‫عرفت بهذا االس��م وع��اش��ت المرحلة التي تتحدث‬
‫ومن ثم أمكن القول إن سرقسطة في الواقع تراهن‬ ‫عنها الرواية‪ ،‬وإن اختلفت البيئة التي عاشت فيها‪،‬‬
‫على شخص مثل ابن تومرت له صفات غير عادية‪،‬‬ ‫ويتعلق األمر ببهاء الدين زهير الملقب بالبهاء زهير‪،‬‬
‫تشبه صفات المهدي ال��ذي يمأل األرض ع��دال بعد‬ ‫وهو شاعر مصري ينتمي إلى العصر األيوبي عاش‬
‫أن ملئت ج��ورا‪ ،‬وال��ذي نحتاجه اليوم للخروج من‬ ‫بين ‪ 1186‬و‪ 1258‬للميالد‪.‬‬
‫أزماتنا المتعددة‪ ،‬حيث «يمكن أن نفسر اهتمام‬
‫الرواية العربية المعاصرة بالشخصيات التاريخية‬ ‫وقد تعايشت هذه الشخوص مع شخصيات وأعالم‬
‫التي اختارت المواجهة والتحدي‪ ،‬والنضال ضد‬ ‫تاريخية ذكرت أثناء الحكي‪ ،‬وهي المؤطرة للرؤيا‬
‫السلطة‪ ،‬برغبة الروائيين في إسقاط تاريخ هؤالء‬ ‫وللحكاية وللذاكرة التاريخية‪ ،‬فالرواية حين تسترجع‬
‫الثوريين على الحاضر‪ ،‬ال��ذي هو أح��وج ما يكون‬ ‫ال��ت��اري��خ‪ ،‬ت��ق��وم ب��ذل��ك ع��ب��ر ح��ك��اي��ات الشخصيات‬
‫إل��ى شخصيات ثورية تواجه الظلم‪ ،‬وتقف بوجه‬ ‫التاريخية «وإذ تروي الرواية حكاياتهم فإنها ال تحكي‬
‫الظالمين»‪( .‬محمد رياض وتار‪.)123 :2002 ،‬‬ ‫عن حقيقة وجودهم وحسب‪ ،‬بل تتناول أيضا معنى‬
‫هذا الوجود في وصفه حركة من الزوال والحضور‪.‬‬
‫‪ - 3-4‬الرواية ومحاكاة الوثيقة التاريخية‪:‬‬ ‫فهي إذ تروي حقيقة المروي بحقيقة التأريخ‪ ،‬تطرح‬
‫لم تص���رح الرواية بالكتب والمصادر التي اش���تغلت‬ ‫سؤالها على قدرة هذا المتخيل حين يواجه الكون‬
‫عليه���ا‪ ،‬كما نجد ذلك عند بع���ض الروائيين اآلخرين؛‬ ‫وال محدودية زمنه»‪( .‬يمنى العيد‪.)287 :2011 ،‬‬
‫مثل بنسالم حميش في العالمة ومجنون الحكم وهذا‬ ‫فقد وقفت الرواية في بدايتها على شخصية طارق بن‬
‫إشارات العتماد الروائي على‬
‫ٍ‬ ‫األندلسي‪ ،‬غير أن هناك‬ ‫زياد وفتحه األندلس‪ ،‬ثم موسى بن نصير المعروف‬
‫المؤرخي���ن كما يتضح ذلك في قول الس���ارد مصرحا‬ ‫تاريخيا بدوره العسكري في عهد األمويين‪ ،‬وسليمان‬
‫بمرجعية التخيل‪»:‬وهذه سرقس���طة كما وقفت عليها‬ ‫بن عبد الملك الذي عرف تاريخيا بدوره الكبير في‬
‫ف���ي بع���ض أوراق المؤرخين»(الرواي���ة‪ ،‬ص‪ ،)48 .‬أو‬ ‫الفتوحات اإلسالمية‪ ،‬والذي تسمه الرواية بسليمان‬
‫إشارته إلى خطبة طارق بن زياد‪.‬‬ ‫بن الوليد ( ُتنظر ال��رواي��ة‪ ،‬ص‪ ،)6.‬وشخصية ابن‬
‫كما يعمد الس����رد‪ ،‬بين الفينة واألخرى‪ ،‬إلى االقتباس‬ ‫ت��وم��رت ال��ذي ك��ان ل��ه الفضل ف��ي إع���ادة جمع كلمة‬
‫م����ن كتب أرخ����ت للمرحلة‪ ،‬وذلك بغي����ر إظهار المصدر‬ ‫المسلمين وإخماد الثورات والنزاعات في كل من‬
‫المغرب واألندلس‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الرواية واشتغال المتخيل التاريخي ‪ -‬سرقسطة للميلودي شغموم أنموذجا‪-‬‬ ‫األزمنة احلديثة‬
‫العدد ‪13‬‬

‫ع���دد م���ن الروائيي���ن الذي���ن ينتم���ون إل���ى المرحل���ة‬ ‫إال م����ن خالل وض����ع ال����كالم المنقول بي����ن مزدوجين‪،‬‬
‫الجديدة‪ ،‬حيث يكمن الجانب الفني اإلبداعي للروائي‬ ‫وإس����ناده إل����ى راو من الرواة‪ ،‬كما ه����و الحال لحديث‬
‫ف���ي م���ا يضيفه إل���ى الوثيق���ة التاريخية م���ن خياله‪،‬‬ ‫السارد عما وقع لمدينة بربشتر من غزو «روى شهود‬
‫فبعض الرواي���ات كانت وفية للوثيقة كما هو الحال‬ ‫عي����ان م����ن الفاري����ن أو الناجي����ن‪ ،‬م����ن الواقع����ة‪« :‬لق����د‬
‫لرواي���ة مجن���ون الحكم لبنس���الم حمي���ش‪ ،‬وروايات‬ ‫انه����ارت القن����اة التي كان يجري فيه����ا الماء من النهر‬
‫أخ���رى تج���اوزت الوثيق���ة ومال���ت أكثر إل���ى التخيل‬ ‫إلى المدينة‪ ،‬ففسد الماء‪ ...‬وسلب منها قائد الروم ألفا‬
‫عب���ر المحاكاة‪ ،‬كما هو الحال لرواية هذا األندلس���ي‬ ‫وخمس����مائة جارية‪( »...‬الرواي����ة‪ ،‬ص‪ ،)66 .‬وهو نص‬
‫لحميش‪ ،‬والرواية قيد الدراس���ة التي خلقت نوعا من‬ ‫مقتب����س ف����ي الواقع م����ن كتاب نفح الطي����ب من غصن‬
‫المفارقة بين المرجع���ي والروائي‪ ،‬مما جعلها قريبة‬ ‫األندلس الرطيب للمقري التلمساني‪ ،‬وقد تم تحويره‪.‬‬
‫إل���ى روح العصر‪ ،‬فالهدف ف���ي الرواية التاريخية «ال‬ ‫( ُينظر‪ :‬المقري التلمساني‪.)450 449- :1968 ،‬‬
‫ينحص���ر ف���ي إمتاع الق���ارئ فقط باإلف���راط في تقديم‬ ‫والواضح أن الميلودي ش���غموم الكاتب الفيلس���وف‪،‬‬
‫األح���داث بل اس���تخدام الماضي لتصوي���ر الحاضر‪،‬‬ ‫وال���ذي ال َي ْخفى اهتمامه بالتاريخ وفلس���فة التاريخ‪،‬‬
‫والمستقبل‪ ،‬واستنباط القيم منه» (ألن روجر‪:1986 ،‬‬ ‫يدفع المتلقي إلى الغوص في بعض الوثائق والكتب‬
‫‪.)62‬‬ ‫التاريخية قصد إعادة معالجتها ونقدها ومساءلتها‪،‬‬
‫‪ -2-5‬الرواية والوعي بالزمن‪ :‬بين اشتغال‬ ‫كالكت���ب التي أرخت لعه���د المرابطين مثل كتاب نفح‬
‫الطي���ب المذك���ور‪ ،‬والكت���ب الت���ي تحدث���ت ع���ن دعوة‬
‫الذاكرة وراهنية الرؤيا‬ ‫المهدي ابن توم���رت؛ من قبيل كتاب تجربة اإلصالح‬
‫ال تكتف���ي رواي���ة سرقس���طة بالتوثي���ق التاريخي‪ ،‬بل‬ ‫ف���ي حركة المهدي ب���ن تومرت لعب���د المجيد النجار‪،‬‬
‫لجأت إلى نقد ومساءلة ما يقدمه التاريخ‪ ،‬وهذا النقد‬ ‫وكت���اب أخب���ار المهدي بن تومرت ألب���ي بكر بن علي‬
‫يتضح من خالل اعتمادها أسلوب السخرية واألسلبة‬ ‫الصنهاجي‪ ،‬حيث قام بتحويرها وتجاوز مضامينها‬
‫والتهجي���ن‪ ،‬حيث تختلط المس���رودات والمرجعيات‬ ‫عبر السخرية والمبالغة والتغريب‪.‬‬
‫لخدم���ة هدف واحد أس���اس‪ ،‬هو العمل على تقويض‬ ‫لق���د اس���تطاع الميل���ودي ش���غموم تجاوز م���ا يحكيه‬
‫الوثيقة التاريخية للتفاعل مع العصر والواقع‪.‬‬ ‫المؤرخ���ون ف���ي تعامله م���ع الوثيق���ة التاريخية‪ ،‬ذلك‬
‫إن حض���ور ه���ذه الخصوصية النقدي���ة التي تتماهى‬ ‫أن التحوي���ر والتص���رف ف���ي األس���ماء كان واضح���ا‪،‬‬
‫م���ع التاريخ والتراث بغية نقده ومس���اءلته هي التي‬ ‫واألم���ر نفس���ه بالنس���بة لألح���داث التاريخي���ة الت���ي‬
‫تعطي للنص الروائي فرادته وخصوصيته‪ ،‬وتجعله‬ ‫ل���م تكن نس���خة طبق األصل لم���ا يوثقه الم���ؤرخ‪ ،‬بل‬
‫قابال للحياة‪ ،‬حيث إن الروائي العربي «وهو يخترق‬ ‫اتخذت ش���كال مواربا ومخاتال يماهي بين التاريخي‬
‫عوال���م الت���راث المختلف���ة والمتع���ددة‪ ،‬مطالب بعدم‬ ‫والروائي‪ ،‬ويترك مس���افة بي���ن المرجعي والمتخيل‪،‬‬
‫الوق���وف عن���د بعض المظاه���ر واخت���زال التراث من‬ ‫وه���ذا م���ا يدع���و الق���ارئ إل���ى إدراكه‪ ،‬حت���ى يتجنب‬
‫خاللها‪ .‬إذ ال بد في كل الحاالت‪ ،‬وفي كل المحطات من‬ ‫تل���ك القراءة التأويلية للوثائ���ق التي تم التخيل على‬
‫اتخ���اذ الرؤية العميقة من الواقع بما هي رؤية حيال‬ ‫ضوئها‪ ،‬أو التناص معها‪.‬‬
‫الواقع‪ ،‬والذات‪ ،‬والعالم»(س���عيد يقطين‪ ،‬عالمات‪ ،‬ع‪.‬‬ ‫والش���خصيات الت���ي صنع���ت الح���دث التاريخي في‬
‫‪.)44 :2003 ،20‬‬ ‫الرواي���ة اتخذت‪ ،‬في مواقف متعددة‪ ،‬بعدا أس���طوريا‬
‫تستحضر سرقسطة الماضي لنقد الواقع واستشراف‬ ‫وتعجيبي���ا‪ ،‬لتكس���ير أف���ق انتظ���ار المتلق���ي‪ ،‬وجعله‬
‫المس���تقبل من خالل أبعاد ورهانات تس���تقي مادتها‬ ‫يعيش متاهة البحث والمساءلة عبر تقنية التشويق‪،‬‬
‫من التاريخ نفسه‪ ،‬وأبرز ما يحددها أسلوبيا اعتماد‬ ‫فتغ���دو الش���خصية التاريخية بذل���ك «مصدر إمتاع و‬
‫المح���اكاة الس���اخرة والنقد الالذع الذي يكش���ف عن‬ ‫تش���ويق‪ ،‬يس���تمدها الكاتب من الحي���اة المحيطة به‪،‬‬
‫رؤي���ا الكاتب‪ ،‬إذ ينتقد السياس���ي والديني والثقافي‬ ‫فتكون متماسكة منفردة متكاملة منسجمة‪ ،‬و ممتلئة‬
‫م���ن خ�ل�ال وضع ح���د فاصل بي���ن التاري���خ والذاكرة‬ ‫حرارة و مقنعة فنيا‪ ،‬تترك في أنفسنا أثرا أل َّنها أكمل‬
‫المس���ترجعة وبي���ن الواق���ع المعي���ش‪ ،‬عب���ر ط���رح‬ ‫من الواقع» (أحمد طالب‪.)10 :2002 ،‬‬
‫تساؤالت أو اس���تعراض رأي أو السخرية من موقف‬ ‫إن محاكاة الوثيقة التاريخية هو عملية فنية اعتمدها‬
‫من المواقف على لس���ان الشخصيات‪ ،‬ذلك أن الرواية‬

‫‪32‬‬
‫األزمنة احلديثة‬ ‫سعيد سهمي‬
‫العدد ‪13‬‬

‫النص األدبي يصبح أدبيا بالضرورة «فال شيء يمنع‬ ‫تق���وم « باس���تدعاء التاري���خ لي���س من أج���ل التأريخ‬
‫م���ن إزال���ة صفة األدبية عن القص���ة التي تحكي حدثا‬ ‫فحسب‪ ،‬لتغدوالرواية تأريخا كما علم التاريخ سواء‬
‫واقعيا (‪ )...‬فس���ؤال الحقيقة ينتفي عندما نكون أمام‬ ‫بس���واء‪ ،‬وإنما هواس���تدعاء من نوع آخر؛ اس���تدعاء‬
‫نص أدبي» (‪،)Tzvetan Todorov, 1987 : 12-13‬‬ ‫إيح���اء وإحياء‪ ،‬لمعالجة واقعة أومجموعة وقائع في‬
‫وم���ن ثم ض���رورة النظر إل���ى المعط���ى التاريخي في‬ ‫حي���اة األمة العربي���ة» (‪ ‬أحمد بق���ار‪revues. ،2016 ،‬‬
‫الن���ص الروائي باعتبار وظيفت���ه األدبية والجمالية‪،‬‬ ‫‪.)univ-ouargla.dz‬‬
‫ومن ثم وضع مسافة بين الوثيقة التاريخية ومحتوى‬ ‫فالس���ارد إذ يص���ف ح���ال الن���اس ف���ي ب�ل�اد المغرب‬
‫الوثيقة داخل المتخيل الروائي‪.‬‬ ‫واألندلس في القرن الثاني عش���ر‪ ،‬يذكر القارئ حتما‬
‫هذه المس���افة التي تتركها الرواية بين سرد التاريخ‬ ‫بما يعيشه اإلنسان العربي اليوم من مأساة التشرذم‬
‫بش���كل مباش���ر‪ ،‬واإلحالة عليه في ظروف وس���ياقات‬ ‫والصراع���ات الطائفي���ة والمذهبي���ة‪ ،‬وع���دم التصدي‬
‫مختلفة‪ ،‬هو ما ترك الحرية لألبطال باعتبارهم يمثلون‬ ‫للمش���اكل الحقيقية التي يتخبط فيها المجتمع‪ ،‬ومن‬
‫ره���ان الرواي���ة وأبعادها‪ ،‬في البوح بما ال يس���تطيع‬ ‫نماذج ذلك‪:‬‬
‫التاري���خ قوله‪ ،‬وبذلك فالتخي���ل حاضر من خالل ترك‬ ‫«ص���ار بيننا قوم يصلون بالن���اس وهم ال يعلمون ما‬
‫الحرية للسارد في تجاوز المعطى التاريخي‪.‬‬ ‫يقولون (‪ )...‬ولكنهم يصدرون الفتاوى ويؤمون الناس‬
‫فق���د حرصت الرواية عل���ى تصوير الصراع الذي كان‬ ‫ويس���فهون كبار العلماء‪ ،‬حتى أصبح أهل الفلس���فة‪،‬‬
‫عل���ى أش���ده من أجل الس���لطة ف���ي األندل���س وتكالب‬ ‫وعل���وم الرياضة والتنجي���م‪ ،‬واالجته���اد والنصيحة‬
‫الح���كام الع���رب عل���ى مصالحه���م‪ ،‬وفض�ل�ا ع���ن ذلك‬ ‫يخافون من بطش���هم (‪ )...‬وكث���ر بيننا األمراء الطغاة‬
‫تنتقد اس���تغالل الس���لطة والنفوذ س���واء في المغرب‬ ‫الناهبون (‪ )...‬وعظم ش���أن النس���اء باستيالئهن على‬
‫أو األندلس‪ ،‬وتسخير الفقهاء لقمع الحريات الفكرية‬ ‫األحوال واس���تبدادهن باألمور (‪ )...‬وتش���بهت هؤالء‬
‫والفلس���فية‪ ،‬والتي أدت إل���ى إحراق تاريخ فكري هام‬ ‫النس���وة بالرج���ال ومحاكاتهم والمنافس���ة لهم حتى‬
‫ف���ي الق���رن الثان���ي عش���ر المي�ل�ادي‪ ،‬وه���و موقف تم‬ ‫أصب���ح الرج���ال يتش���بهون بالنس���اء « (الرواية‪ ،‬ص‪.‬‬
‫التعام���ل ب���ه م���ع كل من خ���رج عن الطريق المرس���وم‬ ‫‪.)51‬‬
‫الموافق لما تم التواضع عليه‪.‬‬ ‫والرواية تتجاوز الفترة التي تحكي عنها لتتماهى مع‬
‫إن سرقس���طة تمثل نموذج الرواي���ة الجديدة الواعية‬ ‫العص���ر الراهن‪ ،‬وهنا تكمن أهمية الرواية التاريخية‬
‫بالزم���ن‪ ،‬ويتمثل هذا الوعي في جمعها بين الماضي‬ ‫الجديدة على مس���توى الرؤيا‪ ،‬حي���ث تختار التاريخ‬
‫والحاضر‪ ،‬واس���تحضارها لقيم تاريخية لمس���اءلتها‬ ‫لتنتق���د أو تصور أو تس���ائل الراه���ن‪ ،‬فهي تعود إلى‬
‫وطرح بدائل ورهانات مس���تقبلية‪ ،‬وهي‪ ،‬ش���أنها في‬ ‫التاريخ «لتقول قولها في معنى الزمن وفكرة الوجود»‬
‫ذلك ش���أن الرواية الجديدة بش���كل عام‪ ،‬تكسر مفهوم‬ ‫(يمنى العيد‪.)294 :2011 ،‬‬
‫زم���ن الحكاية لتش���تغل على الماضي بلغ���ة الحاضر‬ ‫ولعل الزم���ن الحكائي الذي اخت���اره الروائي ينطبق‬
‫ورؤي���ا الراه���ن‪ ،‬فنتحدث بذلك ال ع���ن زمن‪ ،‬ولكن عن‬ ‫كثي���را عل���ى المرحل���ة الراهن���ة‪ ،‬ال س���يما ف���ي تراجع‬
‫زمانية كما عبرت عن ذلك يمنى العيد‪« :‬ينحو خطاب‬ ‫العرب عن القيادة‪ ،‬وانتصار الغرب أو الفرنج‪ ،‬بعد أن‬
‫الرواي���ة الذي يروي ع���ن التاريخ‪ ،‬أي عن زمن مضى‪،‬‬ ‫أهم���ل العرب العلم والمعرفة‪»:‬لم يعد الناس يقرؤون‪،‬‬
‫إلى زمانية‪ ،‬أي إلى فهم يتعدى الماضي إلى مستقبل‬ ‫عكس ما كانوا يفعلون من قبل (‪ )...‬أصبت بشيء من‬
‫ه���و إمكان يخ���ص الوج���ود اإلنس���اني برمته»(يمنى‬ ‫الخيبة‪ :‬كنت أريد‪ ،‬من عمل الوراقة‪ ،‬أن أعرف ما يقرأ‬
‫العيد‪.)293 :2011 ،‬‬ ‫الن���اس‪ ،‬كل الن���اس في هذه المدين���ة‪ ،‬وفيما يفكرون‪،‬‬
‫يتأتى هذا الوعي من خالل تعالق الماضي والحاضر‬ ‫بينما عيني على بالد الفرنج» (الرواية‪ ،‬ص‪.)67 .‬‬
‫والنظرة المس���تقبلية‪ ،‬وبالتال���ي تحقق على نحو ما‬ ‫إن رواية سرقس���طة ال تنس���ج مادتها الحكائية على‬
‫الوعيي���ن الكائن والممك���ن الكولدماني‪ ،‬وبذلك «يمكن‬ ‫التاريخ بش���كل مباش���ر‪ ،‬وإنما تس���تعير ه���ذه المادة‬
‫أن نعتب���ر الرواي���ة التاريخي���ة (‪ )...‬المح���ل األفض���ل‬ ‫التاريخية واألبطال التاريخيين‪ ،‬والعلماء في عالقتهم‬
‫ال���ذي تجد في���ه جدلية الواقع والممكن أنس���ب مجال‬ ‫بالساس���ة والفقهاء والصوفية‪ ،‬لخدمة رؤيا يصنعها‬
‫للتحق���ق» (‪Michel Vanoostyse , 1996 : 63‬‬ ‫المتخي���ل الروائي ال الواقع‪ ،‬على اعتبار أن ما يدخل‬

‫‪33‬‬
‫الرواية واشتغال المتخيل التاريخي ‪ -‬سرقسطة للميلودي شغموم أنموذجا‪-‬‬ ‫األزمنة احلديثة‬
‫العدد ‪13‬‬

‫م���ع النص���وص األخ���رى وم���ن مخزون���ات الذاك���رة‬ ‫)‪ ،‬وم���ن خ�ل�ال رؤيته���ا االستش���رافية الت���ي توصف‬
‫والالوعي»(محم���د ب���رادة‪ ،)7 :2003 ،‬ف���إن ه���ذه‬ ‫بأنها «رؤيا جامحة في ثنايا المس���تقبل‪ ،‬رؤيا فكرية‬
‫الخاصي���ة تتأكد أكثر في الرواي���ة‪ ،‬حيث يمكن القول‬ ‫وأدبي���ة وإبداعي���ة تقف���ز فوق ش���رفات متع���ددة (‪)...‬‬
‫إن���ه ال تخل���و رواية م���ن الروايات من طاب���ع التناص‬ ‫فاالستش���راف قف���زة فوق المس���لمات الس���ائدة‪ ،‬قفزة‬
‫والتعدد الصوتي‪ ،‬مهما اختلفت أشكالها وتجاربها‪،‬‬ ‫تكش���فها رؤيا األديب‪ ،‬الفن���ان وترصدها قبل وقوعها‬
‫وم���ن هن���ا الحضور الق���وي لنظرية باختي���ن النقدية‬ ‫لتس���كب ضوءا فوق جسد األحداث والتحوالت» (عبد‬
‫في الرواية‪ ،‬فكالم الش���خصيات ومواقفها‪ ،‬وتدخالت‬ ‫الرحمان العكيمي‪.)17-18 :2010 ،‬‬
‫الروائ���ي عبر الش���خصيات أو عبر الس���ارد‪ ،‬ال يمكن‬ ‫هك���ذا يصب���ح الوع���ي بالزم���ن في سرقس���طة متمثال‬
‫أن تغني���ه عن التفاعل مع أص���وات أخرى اجتماعية‪،‬‬ ‫في استرجاع الس���ارد لألحداث التاريخية الماضية‪،‬‬
‫أو ع���ن نص���وص أخ���رى أو حت���ى أجن���اس أدبية أو‬ ‫ومحاول���ة صهره���ا في الحاضر ال���ذي يتعايش معه‪،‬‬
‫غي���ر أدبية‪ ،‬وه���و ما يضمن الحي���اد للمؤلف ويجعل‬ ‫من أجل تجاوزه بالنظر للمس���تقبل واستشراف واقع‬
‫النص���وص تنت���ج ذاته���ا عب���ر تفاعله���ا م���ع بعضها‬ ‫ممكن قادم‪ ،‬فيك���ون التأويل الداللي الرامز‪ ،‬المحتمل‬
‫البعض»فاألعمال األدبية تنتج نفس���ها‪ ،‬والنصوص‬ ‫طبع���ا‪ ،‬ه���و أن عصرن���ا ش���بيه‪ ،‬إل���ى حد م���ا‪ ،‬بالفترة‬
‫هي التي تنتج النصوص‪ ،‬وتخاطب ذاتها بمعزل عن‬ ‫المتأخ���رة للدول���ة المرابطي���ة‪ ،‬حيث يصب���ح الرهان‬
‫مقصدية الكاتب» (‪.)Heinrich Plett, 1991 : 193‬‬ ‫قائما على تحول اجتماعي ممكن‪.‬‬
‫والرواي���ة المغربي���ة الجدي���دة احتف���ت بش���كل أكب���ر‬ ‫ونظرا لكون المثقف الذي يمكن المراهنة عليه لقيادة‬
‫بالتناص من خالل رجوعها إلى التراث العربي‪ ،‬وذلك‬ ‫هذا التحول‪ ،‬والذي مثله في الرواية أبو البهاء‪ ،‬نظرا‬
‫رغب���ة منه���ا في «توكي���د الهوية ورس���م االختالف من‬ ‫لكونه يعيش بدوره األزمة‪ ،‬ومن ثم استحالة التغيير‪،‬‬
‫خ�ل�ال المقاومة اإلبداعية التي تعتبر محاولة لنقض‬ ‫فقد راهنت الرواية على األسطوري كما يمثله المهدي‪،‬‬
‫المفه���وم الكولونيال���ي للعالمي���ة» (أحم���د فرش���وخ‪،‬‬ ‫غي���ر أن الصعوبة تكمن في ك���ون الواقع الحديث من‬
‫‪ ،)9 :2010‬عبر التفاعل مع المكون الثقافي والتراثي‬ ‫الصعب أن يؤمن بهذا األسطوري بالطريقة التي آمن‬
‫العرب���ي وإدماجه في عملي���ة التخيل؛ ويمكن أن نقف‬ ‫به���ا مغاربة القرن الثاني عش���ر‪ ،‬وهن���ا تبقى القراءة‬
‫عل���ى بعض أش���كال التفاع���ل النصي في سرقس���طة‪،‬‬ ‫مفتوحة والتأويل ساريا‪.‬‬
‫عبر تقنية المناصات‪ ،‬واعتماد استراتيجية التناص‬
‫والتفاعل مع األجناس األدبية والسردية‪.‬‬ ‫وم���ن هن���ا أمكن التأكيد على أن وع���ي المبدع بالزمن‬
‫حاضر في عملية الكتابة‪ ،‬وهو وعي منبثق عن تجربة‬
‫‪ - 3-1‬المناصات بين وظيفة التبويب‬ ‫الكاتب من خالل ما راكمه من تجارب إبداعية سابقة‪،‬‬
‫والمواربة الداللية‪:‬‬ ‫وم���ن تجارب أخ���رى ذات صلة بالحي���اة وبالمجتمع‪،‬‬
‫عل���ى اعتبار أن «الموضوعات األدبية تتبلور وتكتمل‬
‫تق���وم الرواي���ة على ع���دد من المناص���ات‪ ،‬التي تدخل‬ ‫خصوصيته���ا ع���ن طري���ق تراك���م المع���ارف وتعاقب‬
‫فيم���ا يس���ميه محمد بنيس بالنص الموازي وس���عيد‬ ‫األيديولوجي���ات داخ���ل وع���ي المبدعين»(عبد الفتاح‬
‫يقطي���ن بالمن���اص‪ ،‬والت���ي اتخ���ذت ش���كل عناوي���ن‬ ‫أحمد يوس���ف‪ ،)176 :2007 ،‬وذلك ما ال يمكن إنكاره‬
‫متفرع���ة نظم���ت فصول الرواي���ة‪ ،‬وق���د انتظمت وفق‬ ‫ف���ي أي تجرب���ة إبداعي���ة‪ ،‬وه���و م���ا يجعلن���ا نؤكد أن‬
‫بنية تسلسلية وافقت تطور األحداث‪ ،‬وإن كان الغالب‬ ‫الرواي���ة الجدي���دة رواي���ة تحم���ل رؤية للعال���م ورؤيا‬
‫عل���ى ه���ذه الرواي���ة كونه���ا ال تخض���ع لبنية ونس���ق‬ ‫متط���ورة تعب���ر ع���ن وع���ي الكات���ب ووع���ي الجماعة‬
‫وحبك���ة بالمفهوم الش���كالني‪ ،‬بحيث تب���دو األحداث‬ ‫أيضا‪.‬‬
‫مرتبكة والمش���اهد متشظية‪ ،‬وهي خاصية أيضا من‬
‫خصائص الرواية الجديدة‪.‬‬ ‫‪ -3‬سرقسطة بين التفاعل النصي‬
‫اعتمدت الرواية على أربعة وعش���رين مناصا‪ ،‬شيدت‬
‫فص���ول الرواي���ة وأدت وظيفة التبوي���ب‪ ،‬وقد جمعت‬
‫وتفاعل األجناس السردية‪:‬‬
‫بي���ن طابع التأريخ وطابع التخي���ل الذي يطغى عليه‬ ‫إذا كان األدب بش���كل ع���ام لي���س ل���ه موض���وع ثابت‪،‬‬
‫األسلوب العجائبي‪ .‬فمن جملة المناصات التي تحمل‬ ‫كم���ا يق���ول محمد ب���رادة‪ ،‬وإنما « ينوج���د على تخوم‬
‫حمول���ة تاريخية عبر اإلش���ارة إلى الزمان أو الفضاء‬ ‫األجن���اس التعبيرية والخطابية ويتغذى من التفاعل‬

‫‪34‬‬
‫األزمنة احلديثة‬ ‫سعيد سهمي‬
‫العدد ‪13‬‬

‫مركب موجود س���لفا‪ ،‬وأن أي نص هو (تحويل) لهذا‬ ‫التاريخ���ي «ب���اب األندل���س» و»خ���ان إب���رة» و»قنطرة‬
‫المركب»‪.)Tzvetan Todorov,1970 :11( .‬‬ ‫بربشتر» و»يوم سرقسطة»‪.‬‬
‫ورواية سرقس���طة تبني كيانها على سجالت مختلفة‬ ‫وم���ن المناصات الدال���ة على التاري���خ والتي اتخذت‬
‫ومتنوع���ة؛ تاريخي���ة وديني���ة وأس���طورية وصوفية‪،‬‬ ‫بعدا تغريبيا وتعجيبيا؛ «المشعل المنير» التي تشير‬
‫ولعل المس���افات الزمنية بين ه���ذه النصوص فضال‬ ‫إلى المهدي في ثقافة الموحدين والدالة بشكل خاص‬
‫عن اختالف مقاماتها وسياقاتها الثقافية والتاريخية‬ ‫على ابن تومرت‪ ،‬ومناص «كما كان يكون» في إش���ارة‬
‫ه���و ما يجع���ل القارئ متفاعال معه���ا مدعوا إلى ملء‬ ‫إلى أن المهدي يمأل األرض عدال بعد أن ملئت جورا‪،‬‬
‫فراغاتها وإعادة بنائها‪.‬‬ ‫وم���ن ذل���ك «حم���ار حصن المنك���ب» ال���ذي يحيل على‬
‫هك���ذا نج���د ه���ذه الرواي���ة تس���تحضر المقتبس���ات‬ ‫مدينة المنكب وهي من المدن األندلسية المعروفة‪.‬‬
‫النصي���ة والتضمين���ات المرجعية الت���ي امتزجت مع‬ ‫والواض���ح أن اعتماد المناص في سرقس���طة لم يكن‬
‫الن���ص األصل���ي وتفاعل���ت مع���ه‪ ،‬مما جع���ل الخطاب‬ ‫ش���ارحا وموضحا للسياق‪ ،‬كما هو الحال للمناصات‬
‫الروائي موس���وما بالتعددية واالنفتاح الداللي خدمة‬ ‫والعناوين الشارحة التي تعتمدها الرواية التاريخية‬
‫للرهان���ات األساس���ية للكاتب‪ ،‬والت���ي يهمنا منها في‬ ‫لمس���اعدة المتلق���ي على فهم الس���ياق‪ ،‬ب���ل كانت في‬
‫هذا الصدد الجانب التاريخي أي أهمية اس���تحضار‬ ‫األع���م األغل���ب تمي���ل إل���ى التغري���ب وإل���ى المخاتلة‬
‫المعطيات التاريخية التي يصورها الس���ارد‪ ،‬ينقدها‬ ‫إلرباك المتلقي‪ ،‬ودفعه إلى وضع مسافة بين المرجع‬
‫ويراهن من خاللها على الحاضر والمستقبل‪.‬‬ ‫التاريخي واإلطار التخيلي للحكي‪.‬‬
‫وم���ن ث���م يمك���ن اعتبار التن���اص في ه���ذه الرواية ذا‬ ‫وم���ن جه���ة أخ���رى‪ ،‬تحق���ق ه���ذه المراوغ���ة الداللي���ة‬
‫أهمية كبيرة في إضاءة أحداث الرواية التي تش���تغل‬ ‫للمناصات‪ ،‬في عالقتها بالنص‪ ،‬تكس���ير أفق انتظار‬
‫على التاريخ‪ ،‬كاإليهام بالواقعية‪ ،‬بالنس���بة للمحكي‪،‬‬ ‫القارئ كخاصية جمالية‪ ،‬فالنص‪ ،‬حس���ب ياوس‪ ،‬إذا‬
‫وإب���داء الميل إلى االس���تدالل والبرهن���ة‪ ،‬ومن جانب‬ ‫ل���م يخي���ب التوقعات» فإنه يقترب م���ن أن يكون نصا‬
‫آخ���ر نج���د أن تباع���د النص���وص الموازي���ة للخطاب‬ ‫عاديا مألوفا‪ ،‬أما إذا تجاوز أفق التوقعات فإنه يكون‬
‫الروائي على مس���توى الزمن‪ ،‬دليل على وعي الكاتب‬ ‫عم�ل�ا من أعمال الفن الراقي»‪( .‬رامان س���لدن‪:2006 ،‬‬
‫بأهمي���ة األس���لوب التاريخ���ي في توصي���ف الحاضر‬ ‫‪.)484‬‬
‫والمراهن���ة عل���ى المس���تقبل‪ ،‬فض�ل�ا ع���ن إيمانه بأن‬ ‫وه���ذه المالحظ���ة تنطب���ق أيض���ا عل���ى المناص���ات‬
‫المحكي التاريخي ال زمن له‪.‬‬ ‫األخرى التي ارتبطت بجوهر الحكاية وس���ياق المتن‬
‫إن التاريخي في الرواية لم يأت مبتورا‪ ،‬وإنما جاء في‬ ‫الحكائ���ي مث���ل «حص���ان بويريك���ة»‪ ،‬عل���ى اعتبار أن‬
‫سياق أسلوبي قائم أساسا على التناص والحوارية‪،‬‬ ‫بويريك���ة من أبطال الرواية‪ ،‬و»لب���ن الطير»‪ ،‬و»أحالم‬
‫حي���ث إن الذاك���رة التاريخية امتزج���ت مع مرجعيات‬ ‫الصب���ا والرش���د»‪ ،‬و»خم���رة الروح»‪ ،‬و»أج���ل الكتاب»‬
‫أخرى دينية وأدبية وشعبية وأسطورية‪ ،‬وأثرت على‬ ‫ال���ذي أوم���أ إلى نهاي���ة الرواية ونهاي���ة الكتاب الذي‬
‫اللغة أيضا فامتازت بدورها بالتعدد والتهجين‪.‬‬ ‫يحمله البطل إلى الشيخ ابن عياش‪.‬‬
‫اعتم���دت سرقس���طة التناص التاريخي عبر اإلش���ارة‬ ‫‪ - 3-2‬استراتيجيات التناص وإغناء المحكي‬
‫بي���ن الفين���ة واألخ���رى إل���ى نص���وص تاريخي���ة‪ ،‬من‬
‫خ�ل�ال التفاع���ل النصي الصريح م���ع نصوص أخرى‬ ‫التاريخي‪:‬‬
‫أو عبر تقنية اإللماح أو التلميح ‪« :‬لقد انهارت القناة‬ ‫ي���رى جي���رار جينيت أنّ النص ّ‬
‫قل ما ي���رد «عاليا» أي‬
‫الت���ي كان يجري فيها الم���اء(‪ (»)...‬الرواية ص‪،)66 .‬‬ ‫ال بذاته أو منغلقا على ذاته‪ ،‬بل إن النصوص‬ ‫مس���تق ّ‬
‫وهو تناص اعتم���د تقنية االقتباس انطالقا مما جاء‬ ‫ف���ي األعم األغل���ب تتعالق مع نص���وص أخرى‪ ،‬وهي‬
‫ف���ي كتاب نف���ح الطيب للمق���ري‪ ،‬أو قوله «سرقس���طة‬ ‫ما يطل���ق عليه���ا المتعاليات النصي���ة والتي حددها‬
‫أس���طورية ب���كل المقايي���س» (الرواي���ة‪ ،‬ص‪ ،)48 .‬أو‬ ‫ف���ي خمس���ة أنماط ه���ي‪ :‬معمارية الن���ص‪ -‬التناص‪-‬‬
‫نقل���ه خطب���ة طارق « أيه���ا الناس» في بداي���ة الرواية‬ ‫الميتان���ص‪ -‬المناصة والتعالق النصي‪ ،‬على اعتبار‬
‫أو اإلشارة إلى المؤرخين من قبيل «كما عثرت عليها‬ ‫أن النصوص األدبية والس���ردية بشكل خاص تتفاعل‬
‫ف���ي كتب المؤرخين»‪ ،‬كم���ا يحضر التناص التاريخي‬ ‫م���ع نصوص أخ���رى‪ ،‬فالنص كيفم���ا كان نوعه «نتاج‬

‫‪35‬‬
‫الرواية واشتغال المتخيل التاريخي ‪ -‬سرقسطة للميلودي شغموم أنموذجا‪-‬‬ ‫األزمنة احلديثة‬
‫العدد ‪13‬‬

‫(الرواي���ة‪ ،‬ص ‪ ،)17.‬أوقول���ه‪« :‬واش���تغلوا بالتوحيد‬ ‫عبر التماهي مع التاريخ الرس���مي من خالل اعتماد‬
‫فإنه أساس دينكم» (الرواية‪ ،‬ص‪.)17 .‬‬ ‫أس���لوب الم���ؤرخ‪ ،‬وتتبع���ه األح���داث التاريخي���ة في‬
‫كم���ا وظفت الرواية التناص مع التراث الش���عبي‪ ،‬من‬ ‫العصر الذي تتحدث عنه الرواية‪.‬‬
‫قبي���ل» ال تحك جلدكم بغير ظفركم «(الرواية‪ ،‬ص‪)84.‬‬ ‫وإلى جانب التناص التاريخي‪ ،‬يحضر التناص الديني‬
‫أو»ص���ارت بذكره���ا الركبان»(الرواي���ة‪ ،‬ص‪ )126.‬أو‬ ‫م���ن خالل التماهي مع أس���لوب القرآن أو الحديث أو‬
‫«ن���اري عل���ى قبض���ة لعم���ى» (الرواي���ة‪ ،‬ص‪ ،)40.‬كما‬ ‫اإلش���ارة إليهما عبر أس���لوب االقتباس‪ ،‬مثل‪« :‬الحمد‬
‫وظفت التناص األدبي من خالل استلهام األدب شعرا‬ ‫لله الذي خلق آلدم من نفس���ه خليلة تؤنس���ه وتغويه‬
‫أو نثرا‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬ ‫ليتعل���م التميي���ز بي���ن الفضيل���ة والرذيل���ة» (الرواية‬
‫ثالثة ليس لها أمان‪///‬البحر والسلطان والزمان‬ ‫ص‪ ،)65 .‬ف���ي تن���اص مع قوله تعالى»ي���ا أيها الناس‬
‫اتق���وا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها‬
‫(الرواية‪ ،‬ص‪.)117.‬‬ ‫زوجها» (س���ورة النس���اء‪ ،‬اآلية ‪ ،)1‬وقد تمت أسلبتها‬
‫أو تضمينه قول الشاعر‪:‬‬ ‫للتعبي���ر عن فكرة اإلغواء ف���ي المتخيل الثقافي‪ ،‬كما‬
‫أضف���ى على ذلك طابعا س���اخرا بقوله‪ « :‬وتعطيه من‬
‫إن الملوك مع الزمان كواكب‪ ///‬نجم يطالعنا ونجم آفل‬
‫الولد والمشاكل نصيبه» (الرواية‪ ،‬ص‪.)65 .‬‬
‫(الرواية‪ ،‬ص‪.)97 .‬‬
‫ومن أش���كال هذا التناص قول الس���ارد‪« :‬اللهم اجعل‬
‫وإل���ى جان���ب التن���اص تب���دو الحواري���ة واضحة في‬ ‫المالئك���ة يقاتلون معنا والش���ياطين كذلك» (الرواية‪،‬‬
‫الرواي���ة‪ ،‬م���ن خ�ل�ال تع���دد المواق���ف والخطاب���ات؛‬ ‫ص‪ ،)112 .‬ف���ي تن���اص مع اآليات الواردة في س���ورة‬
‫حيث تتفاع���ل مجموعة من الخطاب���ات داخل النص‪،‬‬ ‫األنفال حول مشاركة المالئكة في المعارك إلى جانب‬
‫كالخط���اب السياس���ي والخط���اب الدين���ي والخطاب‬ ‫المس���لمين‪ ،‬منه���ا قوله تعال���ى‪« :‬إذ تق���ول للمؤمنين‬
‫التاريخي‪ ،‬فضال عن التعدد اللغوي الذي استحضرت‬ ‫أل���ن يكفيكم أن يمدكم ربك���م بثالثة آالف من المالئكة‬
‫من خالله الرواية اللغة الدارجة إلى جانب الفصحى‪،‬‬ ‫منزلين‪ ،‬بلى إن تصب���روا وتتقوا ويأتيكم من فورهم‬
‫مما منح الشخصيات حرية التعبير عن مواقفها‪ ،‬وفي‬ ‫هذا يمددكم ربكم بخمسة آالف من المالئكة مسومين»‬
‫الوقت نفس���ه أزاح اله���وة بين عصرين؛ القرن الثاني‬ ‫(األنف���ال‪ .)124-125 ،‬وبأس���لوب س���اخر أض���اف‬
‫عش���ر والعصر الراهن‪ ،‬كما يتضح ذلك من خالل هذا‬ ‫«والشياطين كذلك»‪.‬‬
‫الشاهد‪:‬‬
‫أما التناص مع الحديث النبوي‪ ،‬فيعبر عنه االقتباس‬
‫«‪ -‬يمكن���ك اآلن أن تش���كرني على حس���ائي الس���حري‬ ‫أيض���ا‪ ،‬عبر االستش���هاد مثال بحديث الرس���ول صلى‬
‫الذي أعاد إليك العافية‪! ‬‬ ‫الل���ه عليه وس���لم»إذا بوي���ع خليفتان ب���أرض فاقتلوا‬
‫طاوعني لساني‪:‬‬ ‫اآلخ���ر منهم���ا» (الرواي���ة‪ ،‬ص‪ ،)87 .‬وإن كان أص���ل‬
‫الحدي���ث‪ ،‬كما ورد في صحيح مس���لم‪ ،‬ق���د جاء بلفظ‪:‬‬
‫شكرا ‪ ،‬الله يجازيك بخير» (الرواية‪ ،‬ص‪.)32.‬‬ ‫«إذا بوي���ع لخليفتين‪ ،‬فاقتلوا اآلخر منهما»‪( .‬مس���لم‪،‬‬
‫أو قوله‪« :‬والله ما عندي ما أتصدق به‪ ،‬الغالب الله‪»! ‬‬ ‫حديث رقم ‪.)1853‬‬
‫(الرواية‪ ،‬ص‪ ،)12 .‬حيث تبدو الدارجة وكأنها صوت‬ ‫إل���ى جان���ب ذلك تعتم���د الرواية التناص م���ع الثقافة‬
‫ش���خص من عالم آخر غير زمن الحكاية‪ ،‬يضفي على‬ ‫الصوفية‪ ،‬التي تحضر بشكل كبير من خالل اإلشارة‬
‫حواره مع الشخصيات األخرى صوته الداخلي الذي‬ ‫إلى كرامات أو مناقب ذات بعد صوفي ومنقبي‪ ،‬مثل‬
‫يحوجه إلى التعبير بلغته الدارجة‪.‬‬ ‫توصي���ف المه���دي «إنه يفتح الدنيا ش���رقها وغربها‪،‬‬
‫إن الرواي���ة تض���ع ح���دا مفصلي���ا بي���ن التاريخ���ي‬ ‫وكما كان في األول سيكون في األخير أنثى» (الرواية‪،‬‬
‫والروائ���ي‪ ،‬أو بي���ن الواقع���ي والخيال���ي‪ ،‬حيث يبدو‬ ‫ص‪ ،)94 .‬أو تعريض الس���ارد أسلوبيا بقيم وصفات‬
‫للمتلق���ي وكأن الس���ارد معاصر لنا س���افر عبر الزمن‬ ‫ذات بع���د صوفي م���ن قبيل «خمرة ال���روح» (الرواية‪،‬‬
‫ليعي���ش الق���رن الثان���ي عش���ر‪ ،‬أو كأن���ه يس���رد حلما‬ ‫ص‪ ،)109 .‬والتوحي���د عن���د الصوفية الذي يرقى إلى‬
‫عاش���ه‪ ،‬وم���ن ث���م كان التعجي���ب والتغري���ب واضحا‬ ‫درج���ة انصه���ار األديان في دين واح���د كقوله البديع‪:‬‬
‫ف���ي الرواي���ة‪ ،‬واتخذت األحداث بعد فنطس���تيكيا في‬ ‫«وم���ن تعلم توحيده خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه»‬

‫‪36‬‬
‫األزمنة احلديثة‬ ‫سعيد سهمي‬
‫العدد ‪13‬‬

‫التح���ول ف���ي خطاب الن���ص الروائي م���ع دخول ذات‬ ‫كثي���ر من األحيان‪ ،‬ومن ث���م كان الموقف من األحداث‬
‫المؤلف مساحة التخييل هو معنى الخيال والتخييل‬ ‫المس���رودة ملفوفا بالتفنيد والنقد والس���خرية‪ ،‬وهو‬
‫من جه���ة‪ ،‬ومفهوم الواقع والحقيق���ة من جهة ثانية»‬ ‫م���ا أضفى على الخطاب التاريخي نوعا من التهجين‬
‫(زهور كرام‪.)39 :2013 ،‬‬ ‫واألسلبة‪.‬‬
‫ويف���رض هذا الس���ؤال أكثر ذاته عندم���ا يتعلق األمر‬ ‫ولع���ل نقل الخط���اب التاريخي والتراث���ي إلى النص‬
‫بسرد سيرة ذات غير ذات المؤلف‪ ،‬أو ذات مستعارة‬ ‫الروائي عب���ر كلمات ونصوص اآلخرين‪ ،‬أضفى على‬
‫تستحضر فكره ورؤياه كما هو الحال في سرقسطة‪،‬‬ ‫المحك���ي حي���اة جديدة وجع���ل المرج���ع يتعايش مع‬
‫أو بتعبي���ر آخر تعبر عن أس���طورته الش���خصية على‬ ‫راهني���ة هذا المحكي م���ن خالل التن���اص‪ ،‬وإن كانت‬
‫اعتبار أن النص في تش���كله وبناه وش���خصياته «هو‬ ‫ذاكرة ه���ذا المنقول تحتفظ بحياته���ا‪ ،‬ما دامت كلمة‬
‫في حقيقته يقوم على حفظ أسطورة الكاتب الخاصة‬ ‫اآلخر‪ ،‬حسب باختين «تحتفظ بحياتها حين تنقل من‬
‫ب���ه» (جم���ال مقابل���ة‪ ،)17 :2006 ،‬ه���ذه األس���طورة‬ ‫لس���ان إلى آخر‪ ،‬أو من س���ياق إلى آخر‪ ،‬أو من طبقة‬
‫«تخض���ع لتطور دائم‪ ،‬نتيجة الس���تمرار الصراع بين‬ ‫اجتماعي���ة إلى طبق���ة اجتماعية أخ���رى» ( ‪Mikhail‬‬
‫مبدأ الذات ومبدأ الواقع» (نفسه‪ ،‬ص‪.)17 .‬‬ ‫‪.)Bakhtin, 1984 : 201‬‬
‫فالس���ارد اعتم���د ضمير المتكلم في س���رده لألحداث‪،‬‬ ‫‪ - 3-3‬تفاعل األجناس السردية في‬
‫وبدا كما لو أنه صوت الروائي عبر لعب دور شخص‬
‫مع���روف تاريخي���ا وقد اتخ���ذ من «أبي البهاء» اس���ما‬ ‫سرقسطة‪:‬‬
‫له‪ ،‬كاس���م مس���تعار‪ ،‬كما يبدو‪ ،‬للش���اعر البهاء زهير‪،‬‬ ‫إن الرواي���ة وهي تع���ود إلى التاري���خ غالبا ما تحمل‬
‫تعبي���را عن وضعي���ة المثقف العربي وهم���وم ‪ ،‬وهو‬ ‫معه���ا المكون الثقافي والتراثي للمرحلة التي تحكي‬
‫يؤدي هنا وظيفة حمل رس���الة من شيخه إلى صديق‬ ‫عنها‪ ،‬أو لمراحل تاريخية أخرى‪ ،‬وهذا ما نجده عند‬
‫هذا الش���يخ‪ ،‬ومن ثم بدت الس���يرة كما لو أنها سيرة‬ ‫معظم الروائيين الذي���ن تعاملوا مع التاريخ بدءا من‬
‫ذهنية تحكي عن مقطع من حياته‪.‬‬ ‫جم���ال الغيطان���ي‪ ،‬حيث اقترن���ت اس���تعادة التاريخ‬
‫والسيرة الذاتية تتجلى هنا هي صوت المؤرخ الذي‬ ‫عند بعضهم باس���تعادة «خطابات وأش���كال تاريخية‬
‫يظه���ر بين الفينة واألخ���رى انفصاله عما يحكيه عبر‬ ‫تتواش���ج م���ع الن���ص لتبل���ور تجلي���ات ش���كلية له���ا‬
‫وض���ع مس���افة بين ما يق���رأ في «كت���ب المؤرخين» و‬ ‫انتس���اب على التراث األدبي العرب���ي» (محمد برادة‪،‬‬
‫بين ما يش���اهده وما يصدق���ه‪ ،‬ومن هنا يخرج البطل‬ ‫‪ ،)85 :2003‬مما يفسر الحضور القوي لمشكل الهوية‬
‫الخيالي عن كينونته الورقية ليعانق الواقع كشخصية‬ ‫الروائي���ة عن���د هؤالء‪ ،‬ليثبت���وا أن للرواية جذورا في‬
‫حقيقية‪ ،‬يقول الس���ارد‪ « :‬أكتف���ي بالقول‪ :‬إننا نصدق‬ ‫الثقافة والتراث العربيين‪.‬‬
‫أو ال نص���دق‪ ،‬أي ش���يء أيام المحن���ة الكبرى‪ ،‬وما لم‬ ‫ذل���ك أن التناص الذي ميز سرقس���طة وازاه نوع من‬
‫تر ش���يئا مما يش���يب ل���ه الولدان» (الرواي���ة‪ ،‬ص‪،)9 .‬‬ ‫التفاعل األجناس���ي الذي تعاي���ش جنبا إلى جنب مع‬
‫ويق���ول ف���ي نهاية الرواي���ة‪ « :‬ولماذا ل���م أكن أرى في‬ ‫النص اإلطار أو الحكاية األساسية‪ ،‬فبدا وكأن الرواية‬
‫واقع الحال وقتها أي بصيص من النور كأنني أعمى‬ ‫وظفت مجموعة أخرى من األجناس الس���ردية والتي‬
‫يحكي له مبصر ما يريد؟» )الرواية‪ ،‬ص‪.)144 .‬‬ ‫تب���دو م���ن خ�ل�ال توظيف أس���لوبية تل���ك النصوص‪،‬‬
‫فاعتماد أسلوب الس���يرة انطالقا من ضمير المتكلم‪،‬‬ ‫وأهم ه���ذه األجناس التي عمل الروائي على صهرها‬
‫ومن تقمص دور الشخصية التاريخية لتأدية وظيفة‬ ‫م���ع النص نجد الس���يرة الذاتية والحكاية الش���عبية‬
‫الحك���ي واس���ترجاع معطيات تتعل���ق بالذاكرة‪ ،‬جعل‬ ‫واألسطورة والرحلة‪.‬‬
‫التراب���ط حاص�ل�ا بين الخط���اب التاريخ���ي الجمعي‬
‫وخط���اب ال���ذات الكاتب���ة‪ ،‬وه���و اس���تدعاء يمكن معه‬
‫أ‪ -‬التفاعل مع السيرة‪:‬‬
‫التأكي���د عل���ى أن «الكتاب���ة الروائي���ة ت���ورط تاريخي‬ ‫ال ش���ك أن الرواي���ة العربي���ة الجدي���دة ف���ي عمومه���ا‬
‫لذات كاتبة تبحث عن أجوبة ألس���ئلة يطرحها الوعي‬ ‫تعتمد في حكيها على الس���يرة‪ ،‬ذلك أن الس���ارد غالبا‬
‫الجمع���ي ف���ي صيرورته التاريخي���ة» (محمد الدوهو‪،‬‬ ‫ما يعتمد أس���لوب الس���يرة عبر استحضار الذات في‬
‫‪ ،)63 :2010‬فيصب���ح القارئ من ث���م يطل على ذاكرته‬ ‫الحكي مما يطرح أس���ئلة متعددة حول المس���افة بين‬
‫المتخي���ل والذات���ي‪ ،‬و»لعل أه���م س���ؤال يقترحه هذا‬

‫‪37‬‬
‫الرواية واشتغال المتخيل التاريخي ‪ -‬سرقسطة للميلودي شغموم أنموذجا‪-‬‬ ‫األزمنة احلديثة‬
‫العدد ‪13‬‬

‫أسطرة الحدث وجعله يبدو خارقا للعادة‪ ،‬وفي إضفاء‬ ‫م���ن خالل بؤرة نظر الروائ���ي‪ ،‬ويكون رهان الروائي‪،‬‬
‫صبغ���ة المعجزة أو خرق العادة لبعض ش���خصيات‬ ‫باعتب���اره مرس�ل�ا ومرس�ل�ا إلي���ه ف���ي اآلن ذات���ه‪ ،‬هو‬
‫الرواية‪ ،‬من ذلك أس���طورة المه���دي الذي يطغى على‬ ‫الذاك���رة الجماعي���ة والوع���ي الجمعي‪ ،‬الذي يس���ائله‬
‫الرواي���ة ويتخذ له م���كان قوة فاعلة ف���ي الحدث‪ ،‬كما‬ ‫بحثا عن أجوبة تهم اإلنسان المعاصر‪ ،‬بشكل عام‪.‬‬
‫ل���و أنه العامل الموض���وع (‪ ،)actant objet‬فما جاء‬
‫م���ن أح���داث في الرواية ومن أح���داث تاريخية رهيبة‬ ‫ب‪ -‬التفاعل مع الحكاية العجيبة‪:‬‬
‫في المغرب واألندلس هو المبش���ر بالمهدي المنتظر‬ ‫لع���ل التماهي بين الرواية والحكاية العجيبة واضح‬
‫الذي يمأل األرض عدال بعد أن ملئت جورا وقد انتهت‬ ‫ج���دا ف���ي سرقس���طة‪ ،‬م���ن خ�ل�ال اعتماد الش���خصية‬
‫به الرواية كخاتمة لها‪:‬‬ ‫العجيبة‪ ،‬عبر شخصيات اتخذت لها سمات عجائبية‪،‬‬
‫«إنه يفتح الدنيا شرقها وغربها‬ ‫مث���ل بويريك���ة بنت بويري���ك‪ ،‬والداودية‪ ،‬وحس���نون‪،‬‬
‫ونزه���ون‪ ،‬وهي ش���خصيات ذكورية أنث���ت أو أنثوية‬
‫وكما كان في األول سيكون في األخير‬ ‫ذك���رت‪ ،‬وش���خصيات أخ���رى تماهت م���ع الحيوانات‬
‫والحمد لله ! « (الرواية ص‪.)144 .‬‬ ‫مث���ل خنزيرة‪ ،‬ومن خالل ه���ذا التحول عبرت الرواية‬
‫عن المس���خ وتحول القيم في المجتمع‪ ،‬واس���تثمرت‬
‫وهو في الرواية يشير إلى المهدي بن تومرت ويبشر‬
‫التعجيب الحكائي والخرافي الذي يعتمد الس���خرية‬
‫بالعهد الموحدي‪ ،‬وقد وصفته الرواية بصفات خارقة‬
‫والضحك أسلوبا للتمويه والمراوغة‪.‬‬
‫من قبيل كونه «بحرا متفجرا من العلم وشهابا واريا‬
‫م���ن الدي���ن « (الرواي���ة‪ ،‬ص‪ )17 .‬وأنه إم���ام معصوم‬ ‫كم���ا يب���دو ه���ذا التماه���ي م���ع الحكاي���ة العجيبة من‬
‫«وال يكون اإلمام إال معصوما ليهدم الباطل (‪ )...‬وإنه‬ ‫خ�ل�ال الحدث العجيب‪ ،‬ومن ذل���ك الكتاب الذي تظهر‬
‫فرد في زمانه‪ ،‬وإنه يقطع الجبابرة والدجاجلة‪ ،‬وإنه‬ ‫كلمات���ه وتختفي‪ ،‬وبعض األح���داث التي طغت عليها‬
‫يفتح الدنيا شرقها وغربها» (الرواية‪ ،‬ص‪.)18 .‬‬ ‫المبالغ���ة مثل قول الس���ارد‪»:‬وما تزال الطير تأكل من‬
‫ال���رؤوس المعلق���ة على أبواب الم���دن» (الرواية‪ ،‬ص‪.‬‬
‫كم���ا أوردت الرواية بعض األحداث التي تتخذ طابعا‬
‫‪ ،)97‬أو م���ا أورده حول التنكيل بس���كان بربش���تر أو‬
‫أس���طوريا مثل وصف المحج���وب‪« :‬كان طوله يقارب‬
‫حكاي���ة «المصدقة على نفس���ها» و»العاهر المتزوجة»‬
‫المتري���ن ووزن���ه ال يق���ل عن ط���ن ونص���ف» (الرواية‪،‬‬
‫أو حكاي���ة الش���هالء‪ ،‬أو حكاية الحص���ان الذي لحس‬
‫ص‪ ،)21 .‬وم���ن ذل���ك كي���ف أن المحج���وب تحول إلى‬
‫وجهه‪ ،‬وهو حصان « ال يلحس سوى وجه من يحب»‬
‫محجوبة ومبروك تحول إلى مبروكة‪.‬‬
‫(الرواي���ة‪ ،‬ص‪ ،)31.‬ب���ل إن الس���ارد يح���اور الحيوان‬
‫فقد حرصت الرواية على وصف الشخصيات بميسم‬ ‫ويكلمه‪:‬‬
‫يطبعه األس���طوري والغرائبي‪ ،‬عب���ر تصوير التحول‬
‫«غير أن الحمار صرخ في وجهي‪:‬‬
‫ال���ذي يق���ع للش���خصية فيحيلها م���ن ذكر إل���ى أنثى‪،‬‬
‫والعك���س‪ ،‬وم���ن خالل بطل أس���طوري غائ���ب وفاعل‪،‬‬ ‫‪ -‬أنثى ال أثان‪ ،‬اعتذر‪! ‬‬
‫له قدرات خارقة‪ ،‬على ش���اكلة الشخصية األسطورية‪،‬‬ ‫ولم يتحرك حتى قلت له‪:‬‬
‫وه���و رهان يع���م معظم روايات ش���غموم‪ ،‬انطالقا من‬
‫أعمال���ه األولى‪ ،‬وبش���كل خاص روايت���ه الرابعة عين‬ ‫‪ -‬آسف يا سيدي»(الرواية‪ ،‬ص‪.)47 .‬‬
‫الف���رس‪ ،‬حي���ث يوث���ر «التعام���ل الجمالي م���ع الواقع‬ ‫وكله���ا س���مات جعل���ت الرواي���ة تخ���رج عن س���ياقها‬
‫باعتب���اره معط���ى ال واقعي���ا وغي���ر قاب���ل للتصور إال‬ ‫التاريخي إلى التخيل���ي واألدبي‪ ،‬وتلك صفة الرواية‬
‫بإضف���اء الطابع األس���طوري علي���ه والتركيز في بناء‬ ‫التاريخية الجديدة التي تس���تعير لغة الواقع لرس���م‬
‫الش���خصية عل���ى جوان���ب التم���زق والغراب���ة فيه���ا‪،‬‬ ‫عالمه���ا الخيال���ي الخ���اص‪ ،‬عب���ر األس���لبة وإع���ادة‬
‫والجن���وح ف���ي التش���خيص اللغ���وي نحو الس���خرية‬ ‫التشكيل‪ ،‬من خالل أسلبة لغة الواقع والتاريخ إلنجاز‬
‫والضحك»(عبد الحميد عقار‪.)141 :2000،‬‬ ‫نص جديد»(عبد الرحمان بوعلي‪.)260 :2004 ،‬‬
‫وم���ن ذلك أس���طرة المكان‪ ،‬من خ�ل�ال إضفاء الصبغة‬ ‫ت‪ -‬التفاعل مع األسطورة‪:‬‬
‫األس���طورية عل���ى الفضاء العام لألح���داث‪ ،‬والمتمثل‬
‫ف���ي مدينة سرقس���طة‪ ،‬وهي صبغ���ة تلتقي مع وصف‬ ‫يأت���ي التفاع���ل مع األس���طورة من خالل الس���عي إلى‬

‫‪38‬‬
‫األزمنة احلديثة‬ ‫سعيد سهمي‬
‫العدد ‪13‬‬

‫فإن رواياته ومنها سرقس���طة تنفرد بهذا الجمع بين‬ ‫بع���ض المؤرخي���ن له���ا‪« :‬سرقس���طة أس���طورية ب���كل‬
‫الواقعي والتعجيبي‪.‬‬ ‫معان���ي الكلمة‪ ،‬فهي مدينة ال يدخلها عقرب أو ثعبان‬
‫وتولي الرواية المكان كذلك أهمية خاصة‪ ،‬حيث يمزج‬ ‫م���ن قب���ل نفس���ه‪ ،‬وإذا أدخل إليه���ا مات من س���اعته»‬
‫المكان الجغرافي الواقعي بالمكان المتخيل في النص‪،‬‬ ‫(الرواية‪ ،‬ص‪.)48.‬‬
‫ويب���دو توصي���ف الم���كان متعالقا مع أس���لوب الرحلة‬ ‫ج‪ -‬التفاعل مع الرحلة‪:‬‬
‫حيث يجول الس���ارد من مكان إلى آخر‪« :‬وصلت إليها‪،‬‬
‫كما س���بق الذكر‪ ،‬قادما من مراكش‪ ،‬عبر س���بتة‪ ،‬وجبل‬ ‫تبدو الحكاية التي تقوم عليها هذه الرواية رحلة من‬
‫طارق‪ ،‬والجزيرة الخضراء ثم مالقة ثم حصن المنكب‬ ‫بدايتها إلى نهايتها‪ ،‬ويتضح ذلك من خالل استلهام‬
‫وغيره���ا م���ن الم���دن الجميلة‪ ،‬مث���ل ألميرية ومرس���ية‬ ‫بني���ة النص الرحلي‪ ،‬ومن عبر األس���لوب الذي يطغى‬
‫حتى دخلت طرطوش���ة‪ ،‬وهي مدينة بديعة قرب مصب‬ ‫عليه الوصف‪ ،‬إضافة إلى العناية بالمكان أو الفضاء‬
‫نهر إبرة‪ ،‬أعظم أنهار البالد» (الرواية‪ ،‬ص‪.)49 .‬‬ ‫ثم من خالل أس���لوب التغريب والتعجيب‪ ،‬الذي يسم‬
‫التراث الرحلي العربي‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬ ‫فالرواي���ة اس���تثمرت بنية الرحلة م���ن خالل مراحلها ‪:‬‬
‫يبدو من خالل التحليل الس���ابق أن الرواية الجديدة‬ ‫االنط�ل�اق‪ ،‬الس���فر‪ ،‬الوصول ثم العودة؛ حيث أش���ارت‬
‫الت���ي تبن���ي حكايتها عل���ى التاريخ‪ ،‬إنما تتوس���ل به‬ ‫الرواية بداية إل���ى مكان االنطالق وهو المغرب ممثال‬
‫كاس���تعارة للتعبي���ر الرمزي عن الواق���ع من جهة‪ ،‬مع‬ ‫في مدينة س���بتة «تبدو لي س���بتة كعش طير بني فوق‬
‫مس���اءلة ه���ذا التاريخ ونق���ده وإض���اءة جوانب ظلت‬ ‫الماء» (الرواية‪ ،‬ص‪ ،)3 .‬ثم يستمر السارد في توصيف‬
‫غامضة لدى المؤرخين أو في التاريخ الرسمي‪.‬‬ ‫الرحلة أو العبور إلى األندلس وما القاه من صعوبات‪،‬‬
‫ال سيما بعد وصوله سرقسطة الهدف من الرحلة‪.‬‬
‫وم���ن جهة ثانية يبدو أن التاري���خ ال يمكن فصله عن‬
‫التراث بشكل عام‪ ،‬والذي أصبح من أهم خصوصيات‬ ‫وق���د وق���ف الوص���ف عل���ى تصوي���ر عجائ���ب مدين���ة‬
‫الرواية الجديدة‪ ،‬وبذلك فإن بناء الرواية على التاريخ‬ ‫سرقس���طة وم���ا ح���ل بها وببع���ض المدن األندلس���ية‬
‫غالبا ما يتماهى مع األش���كال التراثية األخرى‪ ،‬ومن‬ ‫األخ���رى كبربش���تر م���ن دم���ار‪ ،‬لتنتهي بإنه���اء هدف‬
‫ث���م ض���رورة البح���ث ف���ي تل���ك المكونات إل���ى جانب‬ ‫الرحل���ة وه���و لقاء اب���ن عياش ال���ذي س���لمه الكتاب‪،‬‬
‫المكون التاريخي‪.‬‬ ‫وقد انته���ى بفصل يدل على نهاية الرحلة وهو «أجل‬
‫إن الرواي���ة إذ تحتف���ي بالتاري���خ وتأس���س حكايتها‬ ‫الكت���اب» ‪ ،‬قبل أن يقرر الس���ارد الع���ودة إلى المغرب‬
‫علي���ه‪ ،‬ال تق���وم بعمله���ا ذل���ك للتوثيق واالس���ترجاع‬ ‫«ال تقنط���ي‪ ،‬إن���ا عائ���دون إل���ى أغمات‪ ،‬والحم���د لله»‪.‬‬
‫وإنما لنقده ونقضه أيضا‪ ،‬ثم إنها ال تس���تحضر هذا‬ ‫(الرواية‪ ،‬ص‪.)144 .‬‬
‫التاري���خ المرتب���ط بالماضي لتأكيد حض���ور الذاكرة‬ ‫كما يبدو االهتمام بالوصف واضحا ال س���يما وصف‬
‫أو الس���تنهاض الماض���ي وبعث���ه‪ ،‬ولكنها تستش���رف‬ ‫الش���خصيات واألمكن���ة‪ ،‬وه���و وص���ف اس���تلهم في���ه‬
‫الحاضر (حاضر السرد) والمستقبل أيضا‪.‬‬ ‫التغريب والتعجيب واعتمد فيه على السخرية‪ ،‬ومن‬
‫هذه الخاصية يمكن تعميمها على الرواية التاريخية‬ ‫مظاهر ذل���ك‪« :‬المحجوب الق���رش» (الرواية‪ ،‬ص‪)21.‬‬
‫المعاص����رة التي نجحت في تخطي الس����رد التاريخي‬ ‫و»بويريكة‪ ،‬بويريكة بنت بويريك» (الرواية‪ ،‬ص‪،)36.‬‬
‫التقليدي الذي كان يطبع البدايات في القرن التاس����ع‬ ‫وقول���ه» وق���ف بب���اب مح���ل ج���زارة‪ ،‬يش���به صاحب���ه‬
‫عش����ر‪ ،‬م����ع جرجي زيدان وس����ليم البس����تاني وجبران‬ ‫خنزي���را وردي���ا‪ ،‬وه���و يقل���ب خروفي���ن‪ ،‬وخنزي���را‪،‬‬
‫خلي����ل جب����ران وغيره����م‪ ،‬لتصب����ح مهمته����ا ه����ي فتح‬ ‫وحمام���ا‪ ،‬ودجاجا ف���وق النار‪ ،‬محاط���ا بأربعة رجال‬
‫المعط����ى التاريخي للمس����اءلة والتمحيص عبر طبعه‬ ‫ش���داد‪ ،‬غالظ‪ ،‬كاألفيال» (الرواي���ة‪ ،‬ص‪ ،)57.‬ليخرجنا‬
‫بالمعطى الروائي الذي ال يخلو من أخيلة قد تصل إلى‬ ‫ع���ن نمطي���ة الحك���ي التاريخ���ي إل���ى عال���م الرواي���ة‬
‫التعجيب واألس����طرة‪ ،‬ومن ثم تكون غايتها األساسية‬ ‫التخييلي‪ ،‬حيث «يخضع الميلودي شغموم المعارف‬
‫فنية جمالية‪ ،‬فالحدث في الرواية التاريخية الجديدة‬ ‫والخطابات التي يوردها على لس���ان الس���ارد وباقي‬
‫«تحفيز واقعي يمسك بالحدث األدبي‪ ،‬كما يثير اهتمام‬ ‫الشخوص‪ ،‬لفعل السخرية قصد إفراغها من جديتها‬
‫المتلقي وفضوله»(محمد معتصم‪ ،)167:2004 ،‬فضال‬ ‫ووثوقيته���ا‪ ،‬وإضف���اء طاب���ع الريب���ة أو العب���ث على‬
‫عن وظائفه الفنية الجمالية‪.‬‬ ‫محتوياته���ا» (هش���ام العل���وي‪ ،)122 :2006 ،‬وبذل���ك‬

‫‪39‬‬
‫الرواية واشتغال المتخيل التاريخي ‪ -‬سرقسطة للميلودي شغموم أنموذجا‪-‬‬ ‫األزمنة احلديثة‬
‫العدد ‪13‬‬

‫باخت�ل�اف المبدعين‪ ،‬وتجربة ش���غموم ه���ذه انطلقت‬ ‫لقد اس���تطاع الميلودي ش���غموم في ه���ذه الرواية أن‬
‫من���ذ أعمال���ه األولى‪ ،‬م���ن اإليم���ان باإلنس���ان وقدرته‬ ‫يعي���د األهمية للوعي بالذاكرة والمش���ترك الجماعي‪،‬‬
‫عل���ى تحدي واقع���ه‪ ،‬من خالل االس���تمداد م���ن معين‬ ‫وم���ن خالل���ه يس���ائل القي���م الجمعي���ة الت���ي يتخبط‬
‫التاريخ والتراث‪ ،‬فتكون الكتابة عنده «سعيا من أجل‬ ‫فيها اإلنس���ان المعاصر‪ ،‬فهو يتخذ من القرن الثاني‬
‫االرتقاء باإلنسان وتأكيد فرديته وقدراته الذاتية على‬ ‫عش���ر واألزمات التي عاش���ها المغ���رب واألندلس في‬
‫تصحي���ح صلته بالزمن وتحديد موقعه تجاهه» (عبد‬ ‫تل���ك الفترة‪ ،‬اس���تعارة تبوح بقيم حاض���رة ينتقدها‬
‫الحميد عقار‪.)155 :2000 ،‬‬ ‫ويهدمه���ا ف���ي كثي���ر م���ن األحيان س���واء تعل���ق األمر‬
‫وم���ن جه���ة أخ���رى يتض���ح أن ه���ذه الرواية تس���عى‬ ‫بالسياسة أو الدين أو الثقافة أو المجتمع‪.‬‬
‫أس���لوبيا إلى القفز على أنماط المحاكاة األفالطونية‬ ‫م���ن ث���م يمك���ن الق���ول إن سرقس���طة ترس���م هويته���ا‬
‫واألرس���طية أيضا‪ ،‬من خالل المراهنة على أس���اليب‬ ‫الخاصة على العودة إلى التاريخ والتراث‪ ،‬متجاوزة‬
‫حديث���ة وش���عرية جديدة تعتمل التن���اص والحوارية‬ ‫الش���كل الغرب���ي التقلي���دي وراس���مة آفاق���ا وأبع���ادا‬
‫والتفاع���ل النص���ي واألجناس���ي‪ ،‬مؤسس���ة حكايتها‬ ‫جديدة لهذا الجنس السردي الموسوم بانفتاحه على‬
‫ومرجعياتها على التراث العربي ذاته وعلى أشكاله‬ ‫كل المتخي�ل�ات والس���رود‪ ،‬وذل���ك بغاية رس���م مالمح‬
‫السردية المتعددة‪ ،‬ومن ثم فهي تدعو الدارس العربي‬ ‫روائي���ة مغربي���ة‪ ،‬بل رس���م تجربة خاص���ة تنطلق من‬
‫إلى تجديد أس���اليبه ف���ي التعامل مع الرواية العربية‬ ‫الروائي واهتماماته التاريخية والفلسفية‪ ،‬فالتجربة‬
‫وتجاربه���ا الجديدة لبناء تصور جديد لهذا النموذج‬ ‫الروائي���ة الجديدة‪ ،‬في الواق���ع تعبر عن رؤيا خاصة‬
‫السردي الذي يأبى التقوقع في قوالب ثابتة‪.‬‬ ‫بصاحبه���ا‪ ،‬ومن ثم نقف على تجارب جديدة متنوعة‬

‫المصدر‪:‬‬
‫شغموم‪ ،‬امليلودي (‪ :)2013‬سرقسطة‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة‪.‬‬

‫المراجع بالعربية‪:‬‬
‫من الش���كالنية إل���ى ما بع���د البنيوية‪ ،‬مراجعة وإش���راف ماري‬ ‫‪ -‬اب���ن توم���رت‪ ،‬محم���د (‪ :)1985‬أعز ما يطل���ب‪ ،‬تقديم وتحقيق‬
‫تريز عبد المس���يح‪ ،‬القاهرة‪ :‬المجل���س األعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫عمار الطالبي‪ ،‬الجزائر‪ :‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪.‬‬
‫‪ ،2006‬ص‪484 .‬‬
‫‪ -‬اب���ن خل���دون‪ ،‬عب���د الرحم���ن (‪ :)1868‬العبر ودي���وان المبتدأ‬
‫‪ -‬طالب‪ ،‬أحمد (‪ :)2002‬الفاعل في المنظور السيميائي‪ :‬دراسة‬ ‫والخبر وأيام العرب والعجم ومن عاصرهم من ذوي الس���لطان‬
‫في القصة القصيرة الجزائرية‪ ،‬وهران‪ :‬دار الغرب‪.‬‬ ‫األكبر‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬القاهرة‪ :‬مطبعة بوالق‪.‬‬
‫‪ -‬الطاه���ري‪ ،‬بديعة (‪ :)2009‬مالمح اش���تغال التراث في جارات‬ ‫‪ -‬بوعل���ي‪ ،‬عبد الرحمان (‪ :)2004‬المغام���رة الروائية‪ :‬بحث في‬
‫أبي موس���ى ألحمد التوفيق مجلة الخطاب‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬تيزي‬ ‫تش���كل الرواي���ة العربي���ة وتطورها ف���ي األدب العرب���ي الحديث‬
‫وزو (الجزائ���ر)‪ :‬منش���ورات مخب���ر تحلي���ل الخط���اب‪ ،‬دار األمل‬ ‫‪ ،1934-1980‬منشورات مجلة ضفاف‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬يناير ‪، ،2009‬ص‪ .‬ص‪.11-32 .‬‬
‫‪ -‬برادة‪ ،‬محمد (‪ :)2003‬فضاءات روائية‪ ،‬الرباط‪ :‬وزارة الثقافة‪،‬‬
‫‪ -‬عق���ار‪ ،‬عبد الحميد (‪ :)2000‬الرواية المغاربية‪ ،‬تحوالت اللغة‬ ‫مطبعة دار المناهل‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫والخطاب‪ ،‬الدار البيضاء‪ :‬شركة النشر والتوزيع المدارس‪.‬‬
‫‪ -‬الدوه���و‪ ،‬محم���د (‪ :)2010‬مدخ���ل إلى خط���اب الكتابة والذات‬
‫‪ -‬العكيم���ي‪ ،‬عب���د الرحم���ان (‪ :)2010‬االستش���راف ف���ي النص‪،‬‬ ‫في الرواية المغربية‪ ،‬آفاق‪ ،‬مجلة اتحاد كتاب المغرب‪ ،‬الرباط‪:‬‬
‫بيروت‪ :‬مؤسسة االنتشار العربي‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬ ‫منش���ورات اتحاد كتاب المغرب‪ ،‬دجنبر ‪( ،2010‬صفحات‪63- :‬‬
‫‪.)67‬‬
‫‪ -‬العلوي‪ ،‬هش���ام (‪ :)2006‬الجس���د والمعنى‪ :‬قراءة في السيرة‬
‫الروائية المغربية‪ ،‬البيضاء‪ :‬ش���ركة النشر والتوزيع المدارس‪،‬‬ ‫‪ -‬روجر‪ ،‬ألن (‪ :)1986‬الرواية العربية‪ ،‬مقدمة تاريخية ونقدية‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪.‬‬ ‫الكويت‪ :‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ -‬العي���د‪ ،‬يمن���ى (‪ :)2011‬الرواي���ة العربي���ة‪ :‬المتخي���ل وبنيت���ه‬ ‫‪ -‬س���لدن‪ ،‬رامان (‪ :)2006‬موس���وعة كمبريدج ف���ي النقد األدبي‪،‬‬

‫‪40‬‬
‫األزمنة احلديثة‬ ‫سعيد سهمي‬
‫العدد ‪13‬‬

‫موس���وعة كمبري���دج ف���ي النقد األدب���ي – من الش���كالنية إلى ما‬ ‫الفنية‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الفارابي‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫بع���د البنيوية‪ ،‬تحرير‪ :‬رامان س���لدن‪ ،‬مج‪ ،8‬مراجعة وإش���راف‪:‬‬ ‫‪-‬فرشوخ‪ ،‬أحمد (‪ :)2010‬نقد المركزية السردية‪ ،‬اشتغال األدب‬
‫م���اري تريز عبد المس���يح‪ ،‬إش���راف عام‪ :‬جاب���ر عصفور‪ ،‬ترجمة‬ ‫الشعبي في الرواية المغربية‪ ،‬آفاق‪ ،‬مجلة اتحاد كتاب المغرب‪،‬‬
‫أم���ل قارئ وآخ���رون‪ ،‬القاهرة‪ :‬المجلس األعل���ى للثقافة‪ ،‬الطبعة‬ ‫الرباط‪ :‬منش���ورات اتحاد كتب المغرب‪ ،‬دجنبر ‪ ،2010‬ص‪.‬ص‪.‬‬
‫األولى‪( ،‬ص‪ .‬ص‪.)477-511 .‬‬ ‫‪.9-17‬‬

‫‪ -‬وت���ار‪ ،‬محم���د ري���اض (‪ :)2002‬توظي���ف الت���راث ف���ي الرواية‬ ‫‪ -‬ك���رام‪ ،‬زه���ور‪ :)2013( :‬ذات المؤلف‪ :‬من الس���يرة الذاتية إلى‬
‫التخييل الذاتي‪ ،‬الرباط‪ :‬مطبعة األمنية‪.‬‬
‫العربية‪ ،‬دمشق‪ :‬اتحاد الكتاب العرب‪.‬‬
‫‪ -‬معتص���م‪ ،‬محم���د (‪ :)2004‬الن���ص الس���ردي العرب���ي‪ :‬الصنع‬
‫‪ -‬الياب���وري‪ ،‬أحم���د(‪ :)1993‬دينامي���ة النص الروائ���ي‪ ،‬الرباط‪:‬‬ ‫والمقومات‪ ،‬الدار البيضاء‪ :‬المدارس‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫مطبعة المعارف الجديدة‪.‬‬
‫‪ -‬مقابلة‪ ،‬جمال(‪« :)2006‬اللحظة الجمالية محاولة فهم نقدية»‪،‬‬
‫‪ -‬يقطي���ن‪ ،‬س���عيد‪« :)2004(،‬الرواي���ة العربي���ة من الت���راث إلى‬ ‫عال���م الفك���ر‪ ،‬ع‪ ،1.‬مجل���د ‪ ،35‬يوليو‪-‬س���بتمبر ‪ ،2006‬الكويت‪:‬‬
‫العصر‪ :‬من أجل رواية عربية تفاعلية»‪ ،‬عالمات‪ ،‬ع‪،2004 ،20 .‬‬ ‫المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪( ،‬ص‪.‬ص‪.)7-35 .‬‬
‫ص‪.‬ص‪.38-48 .‬‬
‫‪ -‬المقري‪ ،‬أحمد بن محمد التلمس���اني (‪ :)1968‬نفح الطيب في‬
‫‪ -‬يوسف‪ ،‬عبد الفتاح أحمد(‪« :)2007‬استراتيجيات القراءة في‬
‫غص���ن األندلس الرطيب‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬تحقيق إحس���ان عباس‪،‬‬
‫النقد الثقافي‪ ،‬نحو وعي نقدي بقراءة ثقافية للنص»‪ ،‬عالم الفكر‪،‬‬
‫ع‪ ،1 .‬المجل���د ‪ ،36‬يولي���و –س���بتمبر ‪ ،2007‬الكويت‪ :‬المجلس‬ ‫بيروت‪ :‬دار صادر‪.‬‬
‫الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪( ،‬ص‪.‬ص‪.)163-207 .‬‬ ‫‪ -‬هولب‪ ،‬روبرت(‪ :)2006‬نظرية التلقي‪ :‬مدرس���ة كونس���تانس ‪،‬‬

‫المراجع بلغات أجنبية‪:‬‬


‫‪BAKHTIN, Mikhail (1984) : Problems of Dostoevsky’s‬‬ ‫‪littérature fantastique, Paris : Seuil- Points.TODOROV,‬‬
‫‪Poetics, Minneapolis : University of Minnesota Press.‬‬ ‫‪Tzvetan(1987) : La notion de littérature, Editions Points,‬‬
‫‪Saint Armand, Paris.‬‬
‫‪PLETT, Heinrich F.(1991) : Intertextuality, Berlin, New‬‬
‫‪York : Walter de gruyter.‬‬ ‫‪VANOOSTYSE, Michel (1996) : Le Roman Historique :‬‬
‫‪Mann, Brecht, Doblin, 1996, ; Puf.‬‬
‫‪TODOROV,‬‬ ‫‪Tzvetan‬‬ ‫‪(1970) :‬‬ ‫‪Introduction‬‬ ‫‪à‬‬ ‫‪la‬‬

‫موقع إلكتروني‪:‬‬
‫بقار‪ ،‬أحمد‪ :‬الرواية والتاريخ عند واسيني األعرج‪ :‬االستدعاء والداللة‪ 4( zd.algrauo-vinu.seuver//:ptth ،‬دجنبر ‪ ،5102‬س‪)32 .‬‬

‫‪41‬‬

You might also like