Professional Documents
Culture Documents
د.سعيد عبيدي
جامعة سيدي محمد بن عبد هللا بفاس /المغرب
الملخص:
النهضة؛ ولم يتبلور
النسائية لم تظهر في مجتمعاتنا العربية إال في مرحلة ّ
إن الكتابة ّ
لتحوالت اجتماعية وسياسية على صلة وثيقة كتجربة إال في الخمسينيات من القرن ّ
السالف ،تبعاً ّ
المؤسسات والمجاالت ومن هنا كانت االنطالقة، ّ وتحوله المفصلي ،فبدأت المرأة تلج
بموضوع المرأة ّ
الزمن ،وبالتّاليوكانت عملية الكشف عن انشغاالت أخرى كانت متوارية ،محتشمة قبل عقود من ّ
التّوجه نحو حياة أخرى لها معنى جديد بعيد عن الوظائف التّقليدية التي ارتبطت بقدرّية المرأة.
ويسعى الباحث من خالل هذا المقال تسليط الضوء على واقع الكتابة النسائية كرهانمن
رهانات عصر النهضة الذي يطرح في "ذاته إشكالية؛ حيث ّإنه حقل أدبي جديد داخل حقل األدب
الرفض والحضور والغياب ،تأرجح منتجته المرأة التي ُّ
تعد جزًءا العربي المعاصر ،تأرجح بين القبول و ّ
النهضة األولى. من القضايا المطروحة على ِّ
محك البحث من أيام ّ
ّ
النسائية ،عصر النهضة ،األدب العربي المعاصر.الكلمات المفتاحية :الكتابة ّ
Abstract :
Women's writing did not appear in our Arab societies except in the
Renaissance. It did not crystallize as an experiment until the 1950s, following social
and political transformations closely related to the subject of women and its
transformation into a hinge. Others were hidden, decent decades ago, and therefore
towards another life with a new meaning far from the traditional functions
associated with the potency of women.
In this article, the researcher seeks to shed light on the reality of women's
writing as a renaissance of the Renaissance bets, which is presented in itself as
problematic. It is a new literary field in the field of contemporary Arabic literature,
oscillating between acceptance, rejection, presence and absence. On the test of
research from the early Renaissance.
المقدمة:
المؤسسات والمجاالت ومن هنا كانت االنطالقة ،وكانت عملية الكشف عن انشغاالت أخرى
ّ
على ما تقوم به األنثى ،وما تَتَّصف به ،وتنضبط إليه ،األمر الذي يستدعي ،إلى الذاكرة؛
ذاكرة القارئ ،وبطريقة الإرادية ،وظيفتها الجنسية ،وذلك لفرط ما استخدم اللفظ لوصف
كل ما تكتبه المرأة ال يمكنه إالّ أن يكون نسويا ،وفي أحسن حاالته يكون نسويا
ألن ّ
نسويا؛ ّ
القدوس "أدب
سماه إحسان عبد ّ
حين أطلق على ما كتبته المرأة "أدب األظافر الطويلة" ،كما ّ
أن مصطلح
الناقدة خالدة سعيد والتي أ ّكدت على ّ
رفضا مطلقا ،ومن ذلك ما ذهبت إليه ّ
هي مركزية األدب ال ّذكوري ،فهو مصطلح شديد العمومية وشديد الغموض ،وهو من
التّسميات الكثيرة التي تشيع بال تدقيق ،...وإذا كانت عملية التّسمية ترمي أساسا إلى
مركزية مفترضة".4
الرفض للمصطلح عند طائفة من األديبات؛ فمثال ترفض األديبة المغربية خناثة
ويظهر هذا ّ
فهي ترى ّأنه "من حيث المبدأ ليس هناك تصنيف ألدبين نسائي و رجالي" ،وهو ما ّ
زكاه 7
الراحل محمد شكري إذ ذهب إلى ّأنه "ليست هناك كتابة نسائية محضة
الكاتب المغربي ّ
العصور ،فقد كانت مقموعة داخل األسرة وخارجها وفي المجتمع ،ويصعب عليها اآلن أن
كل الحواجز التي وضعت في طريقها ،فهي تناضل وتكافح من أجل إثبات ذاتها.
تتخطى ّ
النساء".8
مقارنة مع ما تكتبه بعض ّ
النهضة ِّ
محك البحث من أيام ّ منتجته المرأة التي ُّ
تعد جزًءا من القضايا المطروحة على
ّ
النسائي
النقدية التي حاولت االقتراب من إشكاليات األدب ّ
أن التّصورات ّ
األولى ،...والظاهر ّ
جزِّئ التي أنتجت هذا الّلون ِّمن األدب تنزع إلى رفض هذا المصطلح "األدب ّ
النسائي" الذي ُي ّ
األقطار العربية -على مستوى التّراكم واألجناس األدبية والتيمات المهيمنة والجرأة في
الكتابة -ال يمكن حصره ،وذلك من خالل كتابتها في مواضيع لم تكن مطروقة من قبل،
السير الذاتية،
النسائية العربية ،حيث دخلت المرأة مجال كتابة ّ
أهم قفزة تحّققها الكتابة ّ
وتلك ّ
الجنسي ،وغيرها من االقتحامات األخرى التي تجعل أدب المرأة العربية ذا حضور فعلي
الخاصة إلى ال ّذات وإلى المجتمع والعالم ،وذلك في اختالفها المشروع عن
ّ التّفرد في رؤيتها
المعضدة والمخالفة".11
ّ الرؤى األخرى
غيرها من ّ
ٍ أي زمن مضى "بدورها كم ِّنت ِّ ِّ فالمرأة اليوم ُّ
خطاب يبلغ صوتها جة ُ وعيا من ِّّ
أشد ً
السائد،
قصة ،ورواية) في تغيير ّ
جتمع ،فهي تُدرك دور أشكال التّمثيل األدبي (شعرّ ،
بالم َ
ُ
واالنتصار على رواسب "ثقافة الموؤودة"؛ من أجل تكريس "ثقافة المولودة " ، 12فبالكتابة
الرغم من
وتبصر وإحقاق ،وعلى ّ مؤِّّكدة لحضورهاِّّ ،
محركة للمنسي من أخبارها بوعي وإدراك ّ
النساء بغية ولوج لقد حاولت المرأة العربية في كتاباتها نشر الوعي وروح ِّّ
النضال في أوساط ّ
النسائية في الوطن العربي أحسن المراتب" ،فقد تجّلى هذا الوعي في مستوى ِّ
نمو الحركات ّ
ّ
وشوقهن
ّ قتهن يكتبن "عن ذو َّ
اتهن وحر ّ ْ فالنساء حين
النقص) " ّ ،
14
(العطالة ،الدونيةّ ،
كينونتهن تكون الكتابة في أبسط تجّلياتها هي عاتهن إلى إثبات حضور َّ
هن وتكديس ُّ
وتطل َّ
ّ
الرحب، ِّ
المبدعة عبر الكتابة حياتها الجديدة ووالدتها الجديدة لالمتداد في الواقع اإلنساني ّ
ُ
وأشكال الحصار".15
ِّ
حق المرأة إذن ومن خالل كتاباتها "أن تُ ِّّ
عبر حقيق ًة عن ما تريد أن تَعنيه ،وأن من ِّّ
الرجل َّ
بهويتها وتجربتها التي تختلف جسديًّا وثقافيًّا ونفسيًّا وُلغويًّا عن هوية ّ
تقول ما يتعلق ّ
وتجربته ،وأن تسمع صوتها المقموع والمكبوت والمستلب داخل لغة ليست لغتَها ،وأن تحكي
تجربتها وشعورها ،وتنسج رؤيتها للعالم في أشكال ّفنية تتالءم مع جسدها ونفسها وثقافتها
ولغتها ،وهذا ليس مستحيالً إذا انطلْقنا ِّمن أن اللغة اإلنسانية أغنى مما َن ِّ
عتقد؛ إذ ُيمكنها أن ّ
السائدة هي
أن اللغة األدبية ّ
الرجال والنساء بشكل مختلف ،ولتكن البداية بافتراض ّ
تقول ّ
بعيدا عن
الم ارَقبة ً الرجلِّ ،
حق المرأة أن تقول وأن تكتب خارج ُ
ومن ّ ويراقبها ّ
ذكورية َيصنعها ُ
. 16
الفنية ورؤاه الحياتية"
أشكاله ّ
بالهين ،هربت ِّمن سياف مسرور ،وضغط القبيلة التي أرادت فوق جسر الكتابة شو ً
طا ليس ّ
أن تكون جزءا من متاعها وم ِّ
تعتها فقط فلم تسلم من جرابها أسلحتها المعروفة لإلعالن عن ُ ً
وجودها الجديد ،بل امتشَقت سيف الكتابة ،وبارزت به صفحات بيضاء أسالت فوقها عبير
ِّ
استشهادها ،ففي معبد الكتابة ،تصّلي الذات المبدعة في محراب االنعتاق من أنين الواقع
وانجراحاته ،هكذا تغتسل في محبرة الوجود ،تحيط بها طقوس تسكر من معيني الخيال ،وفي
هذا الفضاء الفضفاض تنشر عالمات االستفهام والتّعجب رداؤها ،كّلما غزت حقيقة أدبية
مصطلحات".17
ظين الفتين،
وحضور ملحو َ
ًا اكما
السنوات األخيرة" ،تر ً
النسائيَّة في ّ
لقد حّققت الكتابة ّ
هذا اإلسهام ُيعتبر عالمة تغيُّر في أفق الكتابة اإلبداعية ،وفي محتواها وتشكيلها األسلوبي
الهوية الجنسيَّة المختلفة؛ بقدر ما هو تَجسيد لكفاءة تعبيريَّة ،ولخبرة فنيَّة في
ّ الشريك ذي
ّ
ِّ
النابض بالحياة ،والمسكون باالفتتان عاشًقا َ
ومعشوًقا".18 الجسد ّ
تصوير َ
الرفع من مكانة المرأة مجتمعيا وأدبيا ،وفي التّأثير على صناعة القرار الفكري والثّقافي،على
ّ
ومتغيراته ،فقد
ّ بمستجدات واقعها
ّ النسائية الحديثة
األدب والمعرفة" ،وإذا ما ربطنا الكتابة ّ
أن الكتابة عرفت تجديدا كبي ار على مستوى اللغة وطرائق التّخييل والكتابةّ ،
ضدا على نلمس ّ
وجريئة مع أحالم
طقوس الكتابة الكالسيكية ،وقد شهدت األلفية الثالثة أقالما نسائية ثائرة ّ
(امرأة من هذا العصر ،)2010/إضافة إلى كتابات ليلى العثمان ،وكتابات رجاء صانع.
الحرية والكرامة
ّ كتابات يمكن وصفها بكونها صوتا ثورياً مزدوجاً ،فهي ثورة من أجل
المؤسسات .وفي
الرجل و ّ
طنة بثورة تقويض صورة المرأة التي فرضها المجتمع و ّ
والعدالة ،ومب ّ
نستدل بحصيلة
ّ تطو ار الفتا في مجاالت الفكر واألدب ،ولنا أن
أن المرأة قد حّققت ّ
نسجل ّ
أن ّ
تتوخى هذه
ّ وأفق مفتوح لالشتغال والتّنوع والغيرية ،ناجم عن عمق التّجربة ودّقة الفهم.
أن التّقابل
النص -بعيدا عن جنس المنتج ،كما ّ
الداخل -أي داخل ّ
تتحدد من ّ
بأن شرعيته ّ
ّ
السعي لبيان االختالف بينهما داخل وحدة إبداعية مشتركة لمساءلة الوجود،
فكرة الفصل إلى ّ
الهوامش:
-1نازك األعرجي ،صوت األنثى ،دار األهالي ،دمشق ،سوريا ،1997 ،ص.31 :
-2فيرجينيا وولف ،الثقافة العالمية ،المجلس األعلى للفنون واآلداب ،الكويت ،العدد ،7السنة الثانية ،المجلد
الثاني ،نونبر ،1982 ،ص.26 :
-3انظر :أشرف توفيق ،اعترافات نساء أديبات ،دار األمين ،القاهرة ،الطبعة األولى ،1998 ،ص.11:
-4حسن نجمي ،شعرية الفضاء السردي المتخيل والهوية في الرواية العربية ،المركز الثقافي العربي ،الدار
البيضاء ،المغرب ،ص .173
-5انظر :زهور كرام ،السرد النسائي العربي :مقاربة في مفهوم الخطاب ،شركة المدارس للنشر والتوزيع،
الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،2004 ،ص.94 :
-6نفسه ،ص.94:
-7حسام الخطيب ،حول الرواية النسائية في سورية ،مجلة المعرفة ،العدد ،166 ،ص.81:
-8انظر الحوار الذي أجراه اإلعالمي والشاعر المغربي عبد الحق بن رحمون مع الروائي المغربي محمد
شكري والمنشور بجريدة الزمان اللندنية ،بتاريخ.1987/12/05 :
-9مباركة بنت البراء ،األدب النسائي حقل أدبي جديد داخل حقل األدب العربي المعاصر ،أفروديت (األنثى
والكتابة) ،العدد الثاني ،2005،ص.9 :
-10عبد الرحيم العالم ،الفوضى الممكنة :دراسات في السرد العربي الحديث ،دار الثقافة ،ص.236-237 :
-11زهور كرام ،في ضيافة الرقابة ،منشورات الزمن ،المغرب ،2001 ،ص.37 – 36 :
-12زهرة الجالصي ،ما بعد الكتابة النسائية ،آفاق ،العدد ،2002 ،67 :ص.34 :
-13نجاة المريني ،عالمات نسائية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،2006 ،ص.19 – 18 :
-14زهور كرام ،السرد النسائي مقاربة في مفهوم الخطاب ،ص.24 :
-15توفيق مصباح ،من يدفع النساء للكتابة ،جريدة الصحراء 16 ،يونيو ،2001 ،ص.4 :
-16حسن المودن ،الكتابة والمرأة ،مجلة أفروديت (األنثى والكتابة) ،العدد الثاني ،ص.45 :
نموذجا" ،أفروديت (األنثى والكتابة)،
ً -17همس اليراع ،شغب الكينونة الموغلة في الجرح الثقافي "الشعر
العدد الثاني ،2005،ص.11 -10 :
-18عبد الحميد عقار ،صوت الفردانية ،ضمن كتاب :الكتابة النسائية :محكي األنا محكي الحياة ،مجموعة
من المؤلفين ،اتحاد كتاب المغرب ،يوليوز ، 2007 ،ص.4 -3 :
-19سعيد يقطين ،الكتابة النسائية صوتا وصدى ،صحيفة العرب ،عدد ،9815بتاريخ،2015/02/01 :
ص.13 :
-20محمد داود ،فوزية بن جليد ،كريستين ديتريز ،الكتابة النسوية :التلقي ،الخطاب والتمثالث ،منشورات
المركز الوطني للبحث في األنثروبولوجيا االجتماعية والثقافية ،وهران ،2010 ،ص.544 :