You are on page 1of 21

‫العدد ‪03‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية – المركز الجامعي تندوف – الجزائر‬

‫الهوية‬
‫ّ‬ ‫ائريين في الحفاظ على‬
‫جمعية العلماء المسلمين الجز ّ‬
‫ّ‬ ‫إسهامات‬
‫الشهاب والبصائر (‪)1954- 1931‬‬ ‫الوطنية من خالل جريدتي ّ‬
‫ّ‬

‫عقيب‬
‫د‪.‬محمد السعيد ّ‬
‫ّ‬ ‫أ‪ .‬هاشم كوثر‬
‫حمة لخضر‪.‬الوادي _ الجزائر‬
‫جامعة الشهيد ّ‬ ‫حمة لخضر‪.‬الوادي _ الجزائر‬
‫جامعة الشهيد ّ‬

‫مل ّخص ‪:‬‬

‫جمعية العلماء المسلمين الجزائريين‪ ،‬وإسهاماتها في‬


‫ّ‬ ‫تتطرق هذه ّ‬
‫الدراسة إلى دور‬ ‫ّ‬
‫طمس‬‫الوطنية الجزائرّية وحمايتها من مختلف محاوالت التّزييف وال ّ‬
‫ّ‬ ‫الهوية‬
‫ّ‬ ‫مقومات‬‫الدفاع عن ّ‬
‫ّ‬
‫كل ماهو جزائرّي من خالل‬ ‫نسية قصد القضاء على ّ‬ ‫التي سعت إليها اإلدارة االستعمارّية الفر ّ‬
‫الشهاب والبصائر في الفترة مابين ‪. 1954-1931‬‬
‫جيدتي ّ‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬جمعية العلماء المسلمين الجزائريين‪ ،‬الهوية الوطنية‪ ،‬جريدة‬


‫الشهاب‪ ،‬جريدة البصائر‪.‬‬

‫‪Abstract‬‬
‫‪This study deals with the role of the Association of Algerian Muslim‬‬
‫‪National Scientists and its contribution to the defense of the elements of the‬‬
‫‪Algerian national identity and its protection from the various attempts at‬‬
‫‪falsification and obliteration sought by the French colonial administration to‬‬
‫‪eliminate all Algerian through Al-Shehab and Al-Basayr newspapers (1931-‬‬
‫‪1954).‬‬

‫‪Keywords : Association of Algerian Muslim National Scientists,‬‬


‫‪National identity, through Al-Shehab and Al-Basayr newspapers‬‬

‫‪161‬‬ ‫ديسمبر ‪2017‬‬


‫جمعية العلماء المسلمين ‪...‬‬
‫ّ‬ ‫إسهامات‬ ‫عقيب‬
‫د‪.‬محمد السعيد ّ‬
‫ّ‬ ‫أ‪.‬هاشم كوثر‪،‬‬
‫مقدمة‬
‫ّ‬
‫مّثلت فترة بدايات القرن العشرين مرحلة جديدة في تاريخ الجزائر في نضالها ّ‬
‫ضد‬
‫الوطنية‬
‫ّ‬ ‫التيارات‬
‫نمو الوعي وتبلور العديد من االتجاهات و ّ‬
‫نسي‪ ،‬حيث شهدت ّ‬ ‫المستعمر الفر‬
‫ّ‬
‫التي اختلفت فيما بينها من حيث المنطلقات والبرامج‪ ،‬غير ّأنها اشتركت في العديد من‬
‫نسية‪ ،‬التي لعبت دو ار كبي ار في‬
‫الصحافة العر ّبية منها والفر ّ‬
‫خاصة توظيف ّ‬ ‫الغايات والوسائل ّ‬
‫الوطنية وفي باقي المجاالت األخرى‬
‫ّ‬ ‫خصية‬
‫الش ّ‬ ‫النهضة الفكرّية الجزائرّية وفي الحفاظ على ّ‬
‫ّ‬
‫اإلصالحية الجزائرّية على تسخيرها خدمة لمطالبها وأهدافها‪ ،‬وكان‬
‫ّ‬ ‫ومن ذلك عملت الحركة‬
‫جمعية العلماء المسلمين الجزائريين اللتين وظفتهما‬
‫ّ‬ ‫"الشهاب والبصائر" لسانا حال‬
‫أبرزها ّ‬
‫مقومات المجتمع الجزائري ومجابهة ّ‬
‫السياسات االستعمارّية التي‬ ‫لخدمة الوطن ولل ّذود عن ّ‬
‫كل ما هو جزائري وعربي وإسالمي‪.‬‬
‫رمت إلى إعدام ّ‬

‫جمعية العلماء المسلمين‬


‫ّ‬ ‫الدراسة إلى الوقوف على مدى مساهمة‬ ‫وتهدف هذه ّ‬
‫يتبجح بنشره للحضارة‬
‫الجزائريين في كشف حقيقة االستعمار الفرنسي الذي لطالما كان ّ‬
‫أن ما يقوم به ّإنما هو االستبداد والتسّلط ذاته‪ ،‬ودورها في معالجة‬
‫المدنية في الجزائر‪ ،‬و ّ‬
‫و ّ‬
‫مميزاته وخصائصه‬
‫أمراض المجتمع وإنقاذه من سطوة الجهل والتخّلف والمحافظة على ّ‬
‫وتاريخه وانتمائه للعروبة واإلسالم‪.‬‬
‫الدينية للمجتمع‬
‫جعية ّ‬
‫الجمعية في المحافظة على المر ّ‬
‫ّ‬ ‫التعرف على مساهمة‬
‫وقصد ّ‬
‫الجمعية في الحفاظ‬
‫ّ‬ ‫الجزائري من خالل صحيفتي ّ‬
‫الشهاب والبصائر قسمنا دراستنا إلى لدور‬
‫التطرق لجهود‬
‫ّ‬ ‫أما العنصر الثّاني فتمّثل في‬ ‫يبية‪ّ ،‬‬
‫نسية التّغر ّ‬
‫على مواجهة السياسات الفر ّ‬
‫الجمعية في تنشيط التّعليم العربي وإحياء اللغة العر ّبية والتّاريخ الوطني واإلسالمي‪،‬في حين‬
‫ّ‬
‫ارتأينا أن يكون العنصر األخير عن محاربتها للبدع والضاللة‪ ،‬وقد اعتمدنا في ذلك المنهج‬
‫الوصفي التحليلي‪.‬‬

‫غريبية‪:‬‬
‫الفرنسية الّت ّ‬
‫ّ‬ ‫السياسات‬
‫جمعية العلماء في مواجهة ّ‬
‫ّ‬ ‫‪- /1‬‬
‫خصية‬
‫للش ّ‬‫المكونة ّ‬
‫ّ‬ ‫إن االنتماء إلى الجزائر ال يكون ّإال باالنتماء للعناصر‬
‫ّ‬
‫الناس وتعليمهم اللغة العر ّبية وتاريخهم الوطني‬
‫الوطنية‪ ،‬وتحريرها من أشكال الجهل وتثقيف ّ‬
‫ّ‬
‫يحس الفرد الجزائري ّأنه ينتمي لهذا المجتمع عليه أن يعيش واقع‬ ‫وأمور دينهم‪ ،‬وحتّى ّ‬

‫‪162‬‬ ‫ديسمبر‪2017‬‬
‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫جمعية العلماء المسلمين‬


‫ّ‬ ‫عبرت عنها‬ ‫اإلسالمية التي ّ‬
‫ّ‬ ‫مجتمعه ويتفاعل مع قيمه العر ّبية‬
‫المقدس " اإلسالم ديننا‪ ،‬العر ّبية لغتنا‪ ،‬الجزائر وطننا"‪ ،‬وقد‬
‫ّ‬ ‫الجزائريين في شعارها الخالد‬
‫بأنها كانت بتراء ناقصة‬ ‫الشهاب والبصائر حقيقة الحياة في الجزائر فوصفتها ّ‬
‫اختصرت ّ‬
‫الشبان‬
‫أن ّ‬ ‫شرقية وال غر ّبية و ّ‬
‫ّ‬ ‫النفوس ّإال حسرات وآالم‪ ،‬ولم تعد ال‬
‫مشوهة ال تبعث في ّ‬
‫ّ‬
‫أمة الجزائر ال تجد فئاتهم الثّالث‬
‫ولكنهم في ّ‬
‫كل زمان ومكان ّ‬‫األمة في ّ‬
‫الشيوخ هم ّ‬
‫والكهول و ّ‬
‫أمة‬
‫كل ّ‬ ‫الحسي والمعنوي الذي يمكن أن تلمحه في ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحقيقية من االرتباط‬
‫ّ‬ ‫األمة‬
‫معاني ّ‬
‫خيم على عقول الجزائرّيين ّإال قليال‬
‫السبب في ذلك إلى جهل اإلسالم والّلغة الذي ّ‬
‫‪1‬‬
‫وأرجعت ّ‬
‫منهم‪.‬‬
‫لقد جاء االستعمار الفرنسي إلى الجزائر كما تجيء األمراض الوافدة تحمل الموت‬
‫الصحيح‪ ،‬وهو في الجزائر‬
‫وأسباب الموت واالستعمار ُس ٌّل يحارب أسباب المناعة في الجسم ّ‬
‫قد أدار قوانينه على نسخ األحكام اإلسالمية‪ ،‬وعبث بحرمة المعابد‪ ،‬وحارب اإليمان‬
‫األمية‪ ،‬والبيان العربي بهذه البلبلة التي‬
‫الرذائل‪ ،‬والتّعليم بإفشاء ّ‬
‫باإللحاد‪ ،‬والفضائل بحماية ّ‬
‫ال يستقيم معها تعبير وال تفكير ‪ ،‬لذلك رّكزت الجمعية ومصلحوها في جهودهم على محاربة‬
‫‪2‬‬

‫الجزائرّية التي بها اهتدت‬ ‫اتية‬


‫مقومات ال ّذ ّ‬
‫يبية وترسيخ ّ‬
‫نسية اإلدماجية والتّغر ّ‬
‫السياسات الفر ّ‬
‫العدوان ‪.‬‬ ‫وترد‬
‫وبها صالت وجالت في مجال الحضارة والعمران وبها تنهض ّ‬
‫وجه المستعمر الفرنسي سهامه على اإلسالم والعر ّبية‬
‫منذ بداية احتالله للجزائر ّ‬
‫والوطن الجزائري وكشف عن غايته الحقيقية في نزع الطابع اإلسالمي عنها وإضفاء الطابع‬
‫يدل على ذلك تحويل مسجد كتشاوة أجمل مسجد في الجزائر إلى‬ ‫المسيحي بدله وما ّ‬
‫يغص بالمصّلين الذين استشهد منهم ‪ 4000‬مسلم‬
‫ّ‬ ‫ائية بعد أن هجموا عليه وهو‬
‫كاتدر ّ‬
‫جزائري‪ ،‬وتحويل مسجد صالح باي بقسنطينة إلى كنيسة وعلى درجات منبره خطب سكريتير‬
‫مدة ‪20‬‬
‫إن ّأيام اإلسالم األخيرة قد حّلت ولن تمضي ّ‬
‫يتبجح قائال ‪ّ " :‬‬
‫الحاكم العام بيجو فيه ّ‬
‫الرجوع الشامل إلى هللا سيكون‬
‫‪......‬إن ّ‬
‫ّ‬ ‫سنة حتّى ال يبقى للجزائر من إله سوى المسيح‬
‫أن العرب لن يصبحوا رعايا لفرنسا ّإال‬
‫بأن فرنسا ستحتفظ بالجزائر‪ ،‬و ّ‬
‫العالمة التي أتيّقن ّ‬
‫عندما يصيرون نصارى"‪.3‬‬
‫وعشية االحتالل كان في قسنطينة ‪ 86‬مدرسة‪ ،‬وفي العاصمة ‪ ،80‬وفي تلمسان‬
‫جدا ‪04‬‬
‫مدة قصيرة ّ‬‫أما عدد المساجد في العاصمة فكان ‪ 112‬مسجدا‪ ،‬فصاروا بعد ّ‬ ‫‪ّ ،50‬‬
‫الزوايا والجوامع تتضاءل‬
‫مساجد‪ ،‬وفي سنة ‪1862‬م بدأ عدد المساجد والمدارس والكتاتيب و ّ‬

‫‪163‬‬ ‫ديسمبر ‪2017‬‬


‫جمعية العلماء المسلمين ‪...‬‬
‫ّ‬ ‫إسهامات‬ ‫عقيب‬
‫د‪.‬محمد السعيد ّ‬
‫ّ‬ ‫أ‪.‬هاشم كوثر‪،‬‬
‫كل مكان على هذه‬
‫يصرح (دي توكفيل)‪" :‬لقد وضعنا أيدينا في ّ‬ ‫ّ‬ ‫بأضعاف مضاعفة‪ ،‬وهنا‬
‫وجهناها غير الوجهة التي كانت تستعمل فيها في الماضي‪ ،‬لقد‬ ‫ثم ّ‬‫األمالك (األوقاف)‪ّ ،‬‬
‫الندوات العلمية تندثر ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫المؤسسات الخيرية‪ ،‬وهكذا تركنا المدارس تموت‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫طلنا‬
‫عّ‬
‫تبجحها‪ ،‬وإعالن سبب احتالل الجزائر في تصريحات رجالها‬
‫ولم تتوّقف فرنسا عن ّ‬
‫الزمن التي‬
‫ظانين بعد هذه العقود من ّ‬
‫الخطابية أو التّقارير اإلدارية أمام العام والخاص‪ّ ،‬‬
‫أن أمره قد انتهى‪ ،‬وجنح إلى االستسالم ففي سنة ‪1930‬م قامت‬‫الشعب الجزائري ّ‬
‫مرت على ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلدارة الفرنسية باالحتفال العظيم بال ّذكرى المئوية لالحتالل حيث أقاموا حفال ضخما دام‬
‫شه ار أحيوا خالله ذكرى انتصاراتهم على المقاومة المسّلحة لألمير عبد القادر وثورات‬
‫كل أساليب قهر‬
‫شعبية ‪،‬استخدمت فيها إدارة وجيش الغزاة ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ 1871‬وما عقبها من انتفاضات‬
‫ألن الحكم الفرنسي للبالد أصبح أم ار‬
‫األهالي ‪ ،‬وهدفت من خالله إهانة الجزائريين وإذاللهم ّ‬
‫الحساسة و ّأنه‬
‫األهلية أصبحت من بين الموضوعات المعّقدة و ّ‬
‫ّ‬ ‫أن المسألة‬
‫واقعا بمنظورهم و ّ‬
‫للشعب العربي الجزائري والذي يجب أن ينقرض بحكم‬
‫ليس هناك ما يمكن عمله بالنسبة ّ‬
‫متبجحين‬
‫ّ‬
‫‪5‬‬
‫تقدم الحضارة‬
‫الجنوبية أمام ّ‬
‫ّ‬ ‫البدائية في أمريكا‬
‫ّ‬ ‫األشياء كما انقرضت بعض القبائل‬
‫النار‪ ،‬و ّأنهم افت ّكوها من الحضارة‬
‫بقوة الحديد و ّ‬
‫بأنهم قد بسطوا سلطانهم على الجزائر ّ‬ ‫ّ‬
‫الرومانية التي ينتمون إليها في وقت عظم فيه ّ‬
‫الضغط‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬وأرجعوها إلى الحضارة ّ‬
‫مهددة بالتّالشي‪.‬‬
‫الشخصية الجزائرية حتّى غدت ّ‬‫على ّ‬
‫الشعب الجزائري عن ه ّ‬
‫ويته‬ ‫كل ما في وسعه لتحويل ّ‬ ‫عمل االستعمار الفرنسي ّ‬
‫رده على‬
‫األصلية معتمدا على الجندي والطبيب والمعّلم والراهب ‪،‬يقول الشيخ اإلبراهيمي في ّ‬
‫ّ‬
‫أمدتها بعناصر‬
‫أن فرنسا قد ّ‬
‫من على الجزائر ّ‬‫مزاعم الوالي الفرنسي نيجالن الذي كان قد ّ‬
‫التمدن األربعة ‪ " :‬جاءت فرنسا إلى الجزائر بالراهب االستعماري لتفسد به على المسلمين‬
‫ّ‬
‫دينهم وتفتنهم به عن عقائدهم وتشككهم بتثليثه في توحيدهم ‪...‬وجاءت بالمعلم االستعماري‬
‫ليفسد على أبناء المسلمين عقولهم ويلقي االضطراب في أفكارهم ويستنزلهم عن لغتهم‬
‫ونبيهم ويعّلمهم بعد‬
‫ويشوه لهم تاريخهم ويقّلل سلفهم في أعينهم ويزهدهم في دينهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫وآدابهم‬

‫شر من الجهل‪...‬وجاءت بالطبيب االستعماري ليحافظ على ّ‬


‫صحة‬ ‫ذلك تعليما ناقصا هو ّ‬
‫كل شيء بآية ّأنه ال يكون ّإال حيث يكون األور ّبيون ال في المداشر التي يسكنها‬
‫أبنائها قبل ّ‬
‫األلوف من المسلمين وحدهم وال في القبائل المتجاورة ‪....‬هذا الطبيب االستعماري بالنسبة‬
‫ويجرب معلوماته‬
‫ّ‬ ‫فكأنما جاء ليداوي عّلة بعلل ‪،‬ويقتل جرثومة بخلق جراثيم‬
‫على المسلمين ّ‬

‫‪164‬‬ ‫ديسمبر‪2017‬‬
‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫مكن لها االستعمار بالفقر والجهل‬‫ثم يعيش على أمراضهم التي ّ‬


‫يجربها في األرانب ّ‬
‫فيهم كما ّ‬
‫المقومات الجزائرّية فحارب التّعليم‬
‫تسهل له القضاء على ّ‬‫وتفنن في إصدار القوانين التي ّ‬
‫"‪ّ ،‬‬
‫‪6‬‬

‫الجمعية ‪ ،‬وفتحت باب‬


‫ّ‬ ‫وضيق على نشاط العلماء و‬
‫ّ‬ ‫أجنبية‬
‫ّ‬ ‫واللغة العر ّبية واعتبرها لغة‬
‫خصية حسب قانون ‪1865‬‬
‫الش ّ‬
‫التجنيس أمام الجزائريين شريطة أن يتخّلوا عن أحوالهم ّ‬
‫المعدل له لسنة ‪ ، 1919‬حتّى خلق من بين الجزائريين دعاة اإلدماج وعلى رأسهم‬ ‫ّ‬ ‫والقانون‬
‫فرحات عباس الذي كتب مقاال بعنوان " فرنسا هي أنا" وأنكر وجود الجزائر وتاريخها وهويتها‬
‫بأنه‬
‫أهميتها في الجزائر وتعّلل ّ‬
‫الهوية الوحيدة التي لها ّ‬
‫ّ‬ ‫نسية هي‬
‫الهوية الفر ّ‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫وبحسبه ّ‬
‫المتحضرة‬
‫ّ‬ ‫سرعان ما يصبح الجزائريون فرنسيون سرعان ما يتبوؤون مقاعدهم ضمن ّ‬
‫الشعوب‬
‫في العالم‪ ،7‬متأثّرين بذلك بأفكار علماء فرنسيين كانوا قد استعاروا نفي وجود الهوية الجزائرية‬
‫المئوية‬
‫ّ‬ ‫من كتابات "أتش دو قرامونت " منتصف القرن ‪19‬م والتي ّ‬
‫تكررت في االحتفاالت‬
‫أن فرنسا جاءت إلى الجزائر لتحرير شعبها من‬
‫من قبل "قوتييه" و"إي بيرنارد" الذين زعما ّ‬
‫استبداد األتراك ‪،‬وليتقاسموا فضائل الحضارة معهم والمفرنسون الذين قّلت معرفتهم بتاريخهم‬
‫نسية ولم يستطيعوا استيعاب إصرار كثير‬
‫تبني اآلراء الفر ّ‬
‫اإلسالمي الماضي كانوا أميل إلى ّ‬
‫ثم جاء من بعد ذلك مشروع بلوم فيوليت‬
‫وهويتهم ّ‬
‫‪8‬‬
‫من الجزائريين على المحافظة على تراثهم ّ‬
‫الذاتية الجزائرّية من أجل‬
‫ّ‬ ‫المقومات‬
‫ّ‬ ‫‪ 1936‬كمحاولة لتشجيع الجزائريين على التخّلي عن‬
‫معينة على أساس إدماج الشعب الجزائري في المجتمع الفرنسي‬ ‫سياسية ّ‬
‫ّ‬ ‫تحقيق حقوق‬
‫الجمعية في المؤتمر اإلسالمي جوان ‪ّ 1936‬إال‬
‫ّ‬ ‫وحضارته وتاريخه ‪ ، 9‬وما كانت مشاركة‬
‫اإلسالمية للمجتمع الجزائري ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الهوية‬
‫استراتيجية للدفاع عن ّ‬
‫الدينية‬
‫ّ‬ ‫الوطنية وأسسها‬
‫ّ‬ ‫الهوية‬
‫ّ‬ ‫الجمعية األسمى هي الحفاظ عن‬
‫ّ‬ ‫لقد كانت غاية‬
‫كل وسائلها ورجالها من‬‫ظفت لذلك ّ‬ ‫وحمايتها من هجمات التفرنس والتّغريب والتّنصير وو ّ‬
‫فاهتمت بالتّعليم‬
‫ّ‬ ‫ميدانية لمختلف مناطق الوطن‬
‫ّ‬ ‫وتجمعات ومحاضرات وزيارات‬
‫ّ‬ ‫صحافة‬
‫لتضم إلى مدرسة‬
‫ّ‬ ‫وإصالحه ‪ ،‬يقول الشيخ ابن باديس في خطاب ألقاه بمناسبة شراء دار‬
‫‪":‬إن الحياة تنبعث من الدارس ‪،‬فيجب أن تكون‬
‫الفالح بمدينة وهران في ‪ 17‬فيفري ‪ّ 1938‬‬
‫وكل من يعارض في تأسيسها فقد عارض في‬ ‫المدارس ّأول ما نهتم به‪ ،‬ونسعى لتحقيقه ‪ّ ،‬‬
‫أن المدرسة ّإنما هي قلعة من قالع‬
‫كل مناسبة على ّ‬
‫األمة ونهضتها " ومضى يؤّكد في ّ‬ ‫حياة ّ‬
‫إن لنا جندا عظيما نستطيع أن ندفع به –بإذن‬
‫األحرار والبطولة والرجولة والجهاد فيقول " ّ‬

‫‪165‬‬ ‫ديسمبر ‪2017‬‬


‫جمعية العلماء المسلمين ‪...‬‬
‫ّ‬ ‫إسهامات‬ ‫عقيب‬
‫د‪.‬محمد السعيد ّ‬
‫ّ‬ ‫أ‪.‬هاشم كوثر‪،‬‬
‫كل ضرر ‪ ،‬وهذا الجند يتأّلف من ثمانية وعشرين‬ ‫كل خطر ونقي به أنفسنا من ّ‬
‫هللا‪ّ -‬‬
‫‪11‬‬
‫كوردارمي ( )‪ corps d'armée‬فحرف ألف كوردارمي وباء كوردارمي وهكذا إلى الياء"‬
‫‪10‬‬

‫الوطنية‬
‫ّ‬ ‫للمقومات‬
‫عملت جمعية العلماء المسلمين على مواجهة المشروع التهديمي ّ‬
‫وعملت على إحياء الهوية اإلسالمية العربية للمواطن الجزائري في وجه االنسالخ والتغريب‬
‫ففتحت الجمعية مدارسا لتعليم الصغار والكبار الرجال والنساء ‪ ،‬كما هاجم ابن باديس‬
‫وعدها ذوباناً للشخصية‬ ‫ُّ‬
‫التجنس بالفرنسية ّ‬ ‫وشن حملة شعواء على عملية‬ ‫الفرنسيين وظلمهم َّ‬
‫الجمعية إلى‬
‫ّ‬ ‫الجزائرية المسلمة‪ ،‬وطالب بتعليم اللغة العربية والدين اإلسالمي وسعى علماء‬
‫ألنها الطريقة‬
‫الصالح ّ‬
‫السلف ّ‬
‫وسنة وهدي ّ‬
‫‪12‬‬
‫التّأصيل والعودة إلى مصادر اإلسالم من قرآن ّ‬
‫الوحيدة التي تم ّكن الجزائريين من النهوض واالرتقاء إيمانا بقوله صلى هللا عليه وسّلم‪:‬‬
‫وفي ذلك يقول الشيخ‬ ‫نبيه"‬
‫وسنة ّ‬
‫‪13‬‬
‫تمسكتم بهما كتاب هللا ّ‬
‫"تركت فيكم أمرين لن تضّلوا ما ّ‬
‫ابن باديس " إن الدين قوة عظيمة‪ ،‬ال يستهان بها‪ ،‬وإن الحكومة التي تتجاهل دين الشعب‬
‫‪.‬‬ ‫تسيء في سياسته‪ ،‬وتجلب عليه وعليها األضرار‬
‫‪14‬‬

‫للشعب الجزائري الذي أعيته بعض ِفرق‬


‫الصحيح ّ‬‫الجمعية بتقديم اإلسالم ّ‬
‫ّ‬ ‫قامت‬
‫بالدليل والبرهان‪ ،‬وكذلك قام‬
‫الشعوذة‪ ،‬والقضاء على البدع والخرافات ّ‬
‫الضالل باألباطيل و ّ‬
‫ّ‬
‫مدة ‪ 25‬عاما ‪ ،‬كما واجه محاوالت‬
‫اإلمام عبد الحميد بن باديس بتفسير القرآن الكريم في ّ‬
‫االستعمار الفرنسي في غرس الفرقة والعنصرّية بين أبناء الوطن الواحد فسعى‬

‫فرق تسد الفر ّ‬


‫نسية وتفعيل وحدة المعتقد الجزائري‬ ‫االصطالحيون إلى التنديد بسياسة ّ‬
‫اإلباضية في الجزائر وضرب المشروع الفرنسي في منطقة القبائل‬
‫ّ‬ ‫السنة و‬
‫والمصالحة بين ّ‬
‫التي هدفت إلى خلق مجتمع أمازيغي منفصل‪ ،15‬وعن ذلك كتب الشيخ ابن باديس خطابا‬
‫ّ‬
‫تفرقه يد الشيطان " جاء فيه‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫هللا‬ ‫يد‬ ‫ماجمعته‬ ‫"‬ ‫ان‬
‫و‬ ‫بعن‬ ‫نقلته مجلة الشهاب وجريدة البصائر‬
‫ثم دأبت تلك‬
‫إن أبناء يعرب وأبناء مازيغ قد جمع بينهم اإلسالم منذ بضعة عشر قرنا ‪ّ ،‬‬ ‫‪ّ ":‬‬
‫السراء‬
‫وتوحدهم في ّ‬‫الرخاء وتؤّلف بينهم في العسر واليسر ّ‬ ‫القرون تمزج ما بينهم في ّ‬
‫الشدة و ّ‬
‫أمه الجزائر وأبوه اإلسالم‬
‫كونت منهم منذ أحقاب عديدة عنص ار مسلما جزائرّيا ّ‬
‫الضراء حتّى ّ‬
‫و ّ‬
‫وقد كتب أبناء يعرب وأبناء مازيغ آيات اتّحادهم على صفحات هذه القرون بما أراقوا من‬
‫الشرف إلعالء كلمة هللا ‪،‬وما أسالوا من محابرهم في مجالس الدرس‬ ‫دمائهم في ميادين ّ‬
‫ظنون الكواذب واألماني الخوادع"‪.16‬‬
‫تفرقهم لوال ال ّ‬
‫فأي ّقوة بعد هذا تستطيع أن ّ‬
‫لخدمة العلم ّ‬

‫‪166‬‬ ‫ديسمبر‪2017‬‬
‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫كانت جمعية العلماء إطا ار عاما التقى فيه الجزائريون الذين بغيتهم اإلصالح‬
‫وهدفهم خدمة الجزائر ومحاربة االستعمار‪ ،‬ولذلك نجد الجمعية قد ضمت إلى صفوفها كل‬
‫استطاع والعالمة ابن باديس جمع المسلمين الجزائريين‬ ‫اإلصالحية‬
‫ّ‬ ‫من يؤمن بالرسالة‬
‫بعيدا عن الطائفية ‪ ،‬واحتوى رجال الصوفية وعلماء المذهب اإلباضي بروح األخوية‪ ،‬فكان‬
‫‪-‬الرئيس‪ :‬عبد الحميد بن باديس‪ ،‬و‪-‬نائب الرئيس‪ :‬محمد البشير اإلبراهيمي‪- ،‬الكاتب العام‪:‬‬
‫محمد األمين العمودي‪ ،‬و‪-‬نائب الكاتب العام‪ :‬الطيب العقبي‪ ،‬و‪-‬أمين المال‪ :‬مبارك الميلي‪،‬‬
‫;لم ينظر فيها إلى مذهب دون آخر وال‬ ‫‪17‬‬
‫– نائب أمين المال ‪ :‬إبراهيم بيوض‪ ،‬وهو إباضي‬
‫إلى طريقة دون غيرها‪ ،‬وال غاية للمصلحين وال أمل لهم غير االتّفاق واالتّحاد‪ ،‬نظ ار ّ‬
‫ألن‬
‫الناس بطرق التّفاهم‬‫الحق وأعرف ّ‬
‫ّ‬ ‫الناس إلى‬
‫الجمعية جمعية علماء‪ ،‬وهم أقرب ّ‬
‫ّ‬
‫األمة من‬
‫ألنها أتت هداية ّ‬
‫الجمعية قد بلغت إلى شيء من غايتها فذلك ّ‬
‫ّ‬ ‫وإذا كانت‬
‫تتكون‬
‫بابها ‪،‬فخاطبتها بلسانها وقادتها بدينها الذي هو زمام روحها ‪ ،‬والجزء األعظم الذي ّ‬
‫يتوجه‬
‫األمة‪ ،‬حيث ّ‬
‫السنة وهدي صالح سلف ّ‬
‫شخصيتها ‪ ،‬فعالجتها بالكتاب و ّ‬
‫ّ‬ ‫منه‪ ،‬وتحيى به‬

‫كل المذاهب والفرق‪ّ ،‬‬


‫فيقل الخالف‬ ‫مطمئن النفس‪ ،‬وحيث تنضوي ّ‬
‫ّ‬ ‫الصدر‬
‫كل مسلم منشرح ّ‬
‫ّ‬
‫الناجع‬
‫الجمعية بعالجها ّ‬
‫ّ‬ ‫أو ينعدم ‪ ،‬فلو كان في الجزائر جميع مذاهب اإلسالم لوسعتهم هذه‬
‫النافع للجميع‪.18‬‬
‫ّ‬
‫وهويته بفضل‬
‫ّ‬ ‫كل محاوالتها في القضاء على الوطن الجزائري‬ ‫أخفقت فرنسا رغم ّ‬
‫الشعراء العرب بغرفة انتظار‬
‫شبهه أحد ّ‬‫الجمعية التي أيقظت الجزائريين من سباتهم الذي ّ‬
‫ّ‬
‫المؤرخ الفرنسي شارل روبير‬
‫ّ‬ ‫ها‬
‫اعتبر‬ ‫ى‬‫ّ‬‫حت‬ ‫ماته‬‫مقو‬
‫ّ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫أحي‬ ‫ين‬‫الذ‬ ‫علمائها‬ ‫وبفضل‬ ‫‪،‬‬ ‫الموت‬
‫للوطنية الجزائرّية فقال " وعندئذ ظهرت في لغة الجزائر العر ّبية كلمات ذات‬
‫ّ‬ ‫أجيرون ميالدا‬
‫‪19‬‬
‫األمة الجزائرّية‪ ،‬الشعب ‪"...‬‬
‫معنى جديد مثل ‪ :‬وطن‪ّ ،‬‬
‫يتوجسون خيفة من علماء اإلصالح كما جاء في أحد‬ ‫نسيون ذاتهم ّ‬ ‫وأصبح الفر ّ‬
‫نسيون في أوائل الخمسينات " ّ‬
‫أن العلماء كانوا‬ ‫التّقارير السرّية التي كتبها المسؤولون الفر ّ‬
‫يمّثلون أكبر الخطر على الفكرة الفر ّ‬
‫نسية في الجزائر ‪ ،‬فشعب مدارسهم عبارة عن خاليا‬
‫ولعل أبرز دليل على انتصار‬
‫للوطنية " ‪ّ ،‬‬
‫‪20‬‬
‫ّ‬ ‫حقيقية‬
‫ّ‬ ‫سياسية ‪ ،‬واإلسالم الذي يمارسونه مدرسة‬
‫ومقوماتهم تلك الحادثة سنة ‪ 1958‬التي أوردها األستاذ‬
‫بهويتهم ّ‬
‫وتشبث الجزائريين ّ‬
‫ّ‬ ‫الجمعية‬
‫ّ‬
‫عبد هللا ناصح علوان في كتابه تربية األوالد في اإلسالم يقول ‪ " :‬من أجل القضاء على‬
‫عملية ‪ ،‬قامت بانتقاء عشر فتيات‬
‫ّ‬ ‫القرآن في نفوس شباب الجزائر قامت فرنسا بتجربة‬

‫‪167‬‬ ‫ديسمبر ‪2017‬‬


‫جمعية العلماء المسلمين ‪...‬‬
‫ّ‬ ‫إسهامات‬ ‫عقيب‬
‫د‪.‬محمد السعيد ّ‬
‫ّ‬ ‫أ‪.‬هاشم كوثر‪،‬‬
‫نسية‬
‫ألبستهن الثّياب الفر ّ‬
‫ّ‬ ‫نسية و‬
‫نسية في المدارس الفر ّ‬
‫أدخلتهن الحكومة الفر ّ‬
‫ّ‬ ‫مسلمات جزائرّيات‬
‫لهن حفلة تخريج رائعة دعي‬‫هيأت ّ‬‫نسيات تماما‪ ،‬وبعد ‪ 11‬عاما من الجهود ّ‬‫فأصبحن كالفر ّ‬
‫حفيون ‪ّ ،‬‬
‫ولما ابتدأت الحفلة فوجيء الجميع بالفتيات الجزائرّيات‬ ‫إليها الوزراء والمف ّكرون و ّ‬
‫الص ّ‬
‫نسية وتساءلت ماذا فعلت فرنسا‬ ‫الصحف الفر ّ‬‫بلباسهن اإلسالمي الجزائرّي ‪ ،‬فثارت ّ‬
‫ّ‬ ‫يدخلن‬
‫في الجزائر إذن بعد مرور ‪ 128‬سنة ؟! ‪،‬فأجاب روبير الكوست‪ -‬الوزير الفرنسي المكّلف‬
‫‪ ،‬وشهد شاهد من أهلها ‪،‬‬ ‫‪21‬‬
‫بإدارة الجزائر ‪ " : -‬وماذا أصنع إذا كان القرآن أقوى من فرنسا"‬
‫فحّقا كان القرآن أقوى من فرنسا و‬
‫الجمعية التي جعلت القرآن منهجها للتّنوير والتّجديد‬
‫ّ‬
‫والتّحرير أقوى من فرنسا‪ ،‬والجزائرّيون الذين ّ‬
‫تمسكوا بأصالتهم وانتمائهم لوطنهم ولدينهم‬
‫وللغتهم أقوى منها أيضا رغم ضعفهم ‪.‬‬
‫الجمعية في إحياء وتنشيط الّتعليم العربي ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -/2‬جهود‬

‫خصية الجزائرّية‪ ،‬وحاول طمس‬ ‫الش ّ‬‫ضد ّ‬‫وجه االستعمار الفرنسي هجمة عنيفة ّ‬ ‫ّ‬
‫ومقوماتها الحضارّية من لغة ودين وتاريخ وثقافة ‪ ،‬وأدخلها في ركود ثقافي وانتهج‬
‫معالمها ّ‬
‫ّ‬
‫بالدرجة األولى التّعليم الجزائري ولغته‬
‫المتعمد فاستهدف ّ‬
‫ّ‬ ‫لذلك سياسة الفرنسة والتّجهيل‬
‫العر ّبية‪.‬‬

‫فبعدما كانت الجزائر في بداية االحتالل تتجاوز نسبة المتعّلمين فيها ‪ %40‬من‬
‫األمية إلى نسبة ‪ % 90‬بعد مرور قرن على استيطانه فيها ‪ ،‬حيث ع ّ‬
‫طلت‬ ‫ّ‬ ‫س ّكانها وصلت‬
‫آنية‪ ،‬والمدارس ولم ّتدخر في‬
‫الزوايا عن أداء دورها التّعليمي والخيري‪ ،‬وأغلقت الكتاتيب القر ّ‬
‫ّ‬
‫بالزوايا‪ ،‬وهو‬
‫الدينية المرتبطة ّ‬ ‫ذلك وسيلة وال قانونا ‪ ،‬فانخفض مستوى التّعّلم في المعاهد ّ‬
‫‪22‬‬

‫تعليم كان في أساسه ضعيفا مغلقا‪ ،‬فأصبحت الثّقافة التي توّفرها لطالبها اجت ار ار لمتون الفقه‬
‫الصرف‪.23‬‬
‫النحو و ّ‬
‫وشروحه وتحفيظا للقرآن من غير فهم‪ ،‬وترديدا لقواعد ّ‬

‫األمية في أوساط‬
‫ّ‬ ‫شل الحياة الفكرّية ونشر‬
‫ستمر االحتالل على نفس الوتيرة في ّ‬
‫وا ّ‬
‫ياسية‪ ،‬في الوقت‬‫الس ّ‬
‫العلمية واالجتماعية و ّ‬
‫ّ‬ ‫القوة‬
‫الجزائريين حتّى أفقد الجزائر ما يلزمها من ّ‬
‫ولما كانت الّلغة‬
‫التقدم ‪ّ ،‬‬
‫‪24‬‬
‫الذي استيقظت فيه األمم األخرى‪ ،‬وسلكت طريق الثّقافة والعلم و ّ‬
‫السلطات اإلستدمارّية حربها عليها واتّخذت موقفا‬
‫ركزت ّ‬
‫العر ّبية هي وعاء الثّقافة الجزائرّية‪ّ ،‬‬
‫ألنه‬
‫ّ‬
‫‪25‬‬
‫مؤسسات التّعليم ومعاهده في جميع مراحله‬
‫عدائيا منها وكان منهجها التخّلي وإبعاد ّ‬
‫ّ‬

‫‪168‬‬ ‫ديسمبر‪2017‬‬
‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫وتمشيا مع هذه‬
‫ّ‬ ‫بكل يسر‪،‬‬
‫الوطنية ّ‬
‫ّ‬ ‫خصية‬
‫الش ّ‬ ‫تم القضاء عليها يمكن القضاء على ّ‬ ‫متى ّ‬
‫الديني في‬‫كل مجاالت الحياة في الجزائر ‪ ،‬فمنع التّعليم ّ‬
‫‪26‬‬
‫السياسة قامت بمالحقة العر ّبية في ّ‬
‫ّ‬
‫الدين ي وأغلقت الكتاتيب والمدارس االبتدائية‬
‫‪27‬‬
‫طابع ّ‬
‫الجمعيات ذات ال ّ‬
‫ّ‬ ‫المساجد وأبطلت‬
‫عدة مـدن جزائرّية ‪.،‬حيـث كانت‬‫انوية والمعاهد العـلـيا التي كانت منتشرة انتشـا ار كبي ار في ّ‬ ‫والثّ ّ‬
‫األدبية‪ ،‬وهو ما شهد به الرّحالة األلماني فيلهلم شيمبر‬
‫ـغويـة و ّ‬
‫ينيـة واللـّ ّ‬
‫تدرس فيـها العـلـوم ال ّـد ّ‬
‫ّ‬
‫‪ Filhelm Shmber‬الذي كان قد زار الجزائر بعد الغزو واالحتالل بحوالي ‪ 10‬أشهر وأ ّكد‬
‫حولوا‬
‫نسيين قد ّ‬
‫أن الفر ّ‬
‫أن نسبة المتعّلمين في الجزائر تزيد عن المتعّلمين في جنوب أوربا‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬
‫الحد من انتشار المعرفة بين‬
‫الكثير من تلك المدارس إلى حظائر وماله ومتاحف من أجل ّ‬
‫نسيون زيادة عن ذلك إلى‬
‫نسية في التّعليم وعمد الفر ّ‬
‫الجزائريين ‪ ،‬بل فرضوا اللغة الفر ّ‬
‫‪28‬‬

‫محاولة فرنسة المحيط الخارجي كذلك للقضاء على التّراث الوطني العربي اإلسالمي حيث‬
‫ومؤسساتها‬
‫ّ‬ ‫العامة في الجزائر ومدنها وساحاتها وشوارعها‬
‫ّ‬ ‫مس التّغيير حتّى مظاهر الحياة‬
‫ّ‬
‫نسيين مثل ‪ :‬باسكال ‪ ،‬فولتير ‪ ،‬فيكتور هيجو‬
‫فأصبحت تحمل أسماء حكماء وجنراالت فر ّ‬
‫سانتارنو‪ ،‬روفيقو‪ ،‬ميشيل ‪ ...‬الخ‪ ،29‬ونتيجة لذلك تاه المجتمع الجزائري في بيداء الجهل‬
‫كل العلوم والمعارف التي اكتسبتها المجتمعات األخرى‬
‫والخمول‪ ،‬وأصبح محروما من ّ‬
‫الراقية‪.30‬‬
‫ّ‬
‫وقد ارتكزت سياسة التّجهيل في الجزائر على القضاء على مصادر تموين التّعليم‬
‫اإلسالمية التي كانت تنفق على مراكز التعليم والثّقافة‬
‫ّ‬ ‫العربي فاستولت على أمالك األوقاف‬
‫ولما وضعت فرنسا يدها عليها‬ ‫اعية الجزائرّية أوقافا ّ‬
‫الزر ّ‬
‫فقد كانت خمسة أعشار األراضي ّ‬
‫الدين اإلسالمي والتّعليم وجعلت اآلالف من األهالي الذين كانوا يعيشون‬
‫بسطتها تباعا على ّ‬
‫تسمى " فيالق الفقراء‬
‫تتجول لطلب رغيف العيش حتّى أصبحت ّ‬ ‫في تلك األراضي جماعات ّ‬
‫طلبة واألساتذة‬ ‫وتفرق ال ّ‬
‫الدمار االستعماري ّ‬ ‫" وبذلك ماتت معاهد العلم التي سلمت من ّ‬
‫‪31‬‬

‫ونهبت حتّى المكتبات‪ 32‬لكي ال يبقى للجزائرّيين سبيل واحد ألخذ العلم وتعّلم العر ّبية ‪.‬‬

‫الحر‪ ،‬والذي بدأ نشاطه قبيل الحرب‬


‫ركز رجال اإلصالح على التّعليم العربي ّ‬
‫ّ‬
‫الوطنية‪ ،‬وقد نشط أكثر‬
‫ّ‬ ‫خصية‬
‫الش ّ‬
‫لمقومات ّ‬
‫كرد فعل على محاربة المحتل ّ‬‫العالمية األولى ّ‬
‫ّ‬
‫الشهاب لسان حالها‬
‫جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ‪ ، 1931‬حيث كانت ّ‬
‫‪33‬‬
‫ّ‬ ‫بعد تأسيس‬
‫يتخبط‬
‫النهوض باألوضاع الحرجة التي كان ّ‬
‫مرة إلى ضرورة إحداث التّغيير و ّ‬
‫كل ّ‬
‫تدعوا في ّ‬

‫‪169‬‬ ‫ديسمبر ‪2017‬‬


‫جمعية العلماء المسلمين ‪...‬‬
‫ّ‬ ‫إسهامات‬ ‫عقيب‬
‫د‪.‬محمد السعيد ّ‬
‫ّ‬ ‫أ‪.‬هاشم كوثر‪،‬‬
‫السبيل‬
‫أن ّ‬ ‫الخفية التي سعت لتغريبه‪ ،‬ورأت ّ‬
‫ّ‬ ‫فيها المجتمع الجزائري ‪،‬وحمايته من المكائد‬
‫ثم نادت‬‫لتحقيق ذلك ال يكون ّإال بالعلم الذي به يرفع شأن األمم ويقوى سلطانها ومن ّ‬
‫هوية‬
‫الدفاع عن ّ‬ ‫الصغير والكبير ‪ ،‬كنوع من ّ‬
‫‪34‬‬
‫بتنشيط حركة التّعليم و إكثار المدارس وتعليم ّ‬
‫الجمعية " اإلسالم ديننا ‪ ،‬العر ّبية لغتنا والجزائر‬
‫ّ‬ ‫مرة شعار‬
‫كل ّ‬
‫وتبنت في ّ‬‫وثقافة الجزائر ّ‬
‫وطننا "‪.35‬‬

‫النوادي‬
‫أسست ّ‬‫اإلصالحية الكثير من المدارس و ّ‬
‫ّ‬ ‫الدعوة فتحت الحركة‬ ‫وتجسيدا لهذه ّ‬
‫المؤسسات حتّى أصبحت‬
‫ّ‬ ‫الخاصة لرعاية تلك‬
‫ّ‬ ‫الجمعيات‬
‫ّ‬ ‫وتكونت‬
‫وسخرت المساجد والجوامع ّ‬ ‫ّ‬
‫تعد بالمئات وتشمل المدن والقرى واألرياف ‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫الحر " التّعليم القومي " ّ‬
‫معاهد التّعليم العربي ّ‬

‫وشخصت‬
‫ّ‬ ‫الشهاب والبصائر دائما بالحالة التي أصبح عليها التّعليم‬
‫كما ّنددت ّ‬
‫إن سوء‬‫معيقاته التي لم تقتصر حسبهما على سياسة اإلدارة االستعمارّية فحسب‪ ،‬بل ّ‬
‫تقصير أصحاب المال في اإلنفاق على هذا الجانب زاد األمر سوء وتعقيدا‪،‬إذ كانوا ال ينفقون‬
‫على التّعليم نصف ما ينفقون على التّدخين‪ ،37‬وفي الوقت ذاته دعتا إلى ضرورة تطوير‬
‫طرق التّعليم التي كانت تقتصر على الحفظ واالستظهار لمتون الّلغة أو ّ‬
‫الدين دون التفّقه‬
‫سطحيا‪ ،‬في‬
‫ّ‬ ‫دينية فهما‬
‫صماء لفهم مسائل ّ‬
‫فيها وصقلها باآلداب فأصبحت قواعد اللغة أداة ّ‬
‫خاصة إدراكا صحيحا يتوّقف على " حذق اللغة وأساليبها‬ ‫ّ‬ ‫ينية‬
‫الد ّ‬
‫أن إدراك المسائل ّ‬
‫حين ّ‬
‫نسية‪.‬‬
‫السياسة الفر ّ‬
‫اإلجتماعية " ‪ ،‬والعمل على مقاومة ّ‬
‫‪38‬‬
‫ّ‬ ‫الدقيقة‪ ،‬بل وعلى حذق العلوم‬
‫ّ‬

‫اشتد إقبال الجزائرّيين عليها رأى االحتالل فيها‬


‫وعندما تكاثر عدد هذه المراكز و ّ‬
‫الوطنية‬
‫ّ‬ ‫خصية‬
‫الش ّ‬‫بوادر انهيار لسيطرته على الجزائر ودالئل فشل لسياسته في محاولة محو ّ‬
‫تشتد أحيانا وتهدأ أحيانا أخرى‪، 39‬وهو ما‬
‫شن عليها حربا ضاربة كانت ّ‬
‫للجزائريين‪ ،‬لذلك ّ‬
‫الصحف‬
‫أن ّ‬ ‫الدور الذي تلعبه حركة التّعليم العربي الحر‪ ،‬غير ّ‬
‫ش ّكل عائقا كبي ار أمام ّ‬
‫مرة بما تقوم به اإلدارة االستعمارية‪ ،‬من ذلك ما نشرته‬ ‫كل ّ‬
‫تندد في ّ‬ ‫اإلصالحية كانت ّ‬
‫ّ‬
‫البصائر سنة ‪ 1937‬بعنوان " محاربة التّعليم العربي في الوطن الجزائري " ّ‬
‫شبهت فيه اهتمام‬
‫انجلتر باستحكامات إيطاليا وتحصيناتها‬
‫ا‬ ‫فرنسا بحركة التّعليم القومي الجزائري البسيط باهتمام‬
‫الحر ّبية‪.40‬‬

‫‪170‬‬ ‫ديسمبر‪2017‬‬
‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫‪ -/3‬محاربة جمعية العلماء للبدع والضاللة‪:‬‬

‫تتطور‬
‫ّ‬ ‫الرذائل التي‬
‫السيئة و ّ‬
‫األخالقيات ّ‬
‫ّ‬ ‫أي مجتمع من المجتمعات من‬ ‫ال يخلو ّ‬
‫حتّى تصبح عّلة ومرضا يسري في جسده فينخر تماسكه ووحدته‪ ،‬والمجتمع الجزائري كغيره‬
‫تفشت وسرى مفعولها حتّى‬ ‫من األمم األخرى عانى من اآلفات االجتماعية والخرافات‪ ،‬التي ّ‬
‫أصبحت تش ّكل خط ار كبي ار على واقع ومستقبل البالد والعباد‪ ،‬لذلك سعى المثّقفون الجزائرّيون‬
‫سولت له نفسه‬ ‫كل من ّ‬ ‫وعلى رأسهم المصلحون إلى محاربة مثل هذه اآلفات و ّ‬
‫الرد على ّ‬
‫الجمعية التي حملت على عاتقها‬
‫ّ‬ ‫ترويجها والمساس بكل ما هو جزائرّي ّ‬
‫خاصة بعد تأسيس‬
‫مما شابه من األباطيل والمنكرات واالنحرافات‪.‬‬
‫الدين ّ‬
‫تطهير المجتمع و ّ‬

‫تعد وال تحصى في أوساط المجتمع‬


‫وقد انتشرت البدع واألباطيل التي كانت ال ّ‬
‫الجزائري الذي أصبح يشار إليه باألنامل وباتت الجزائر بالد العجائب والغرائب ‪ ،‬غير ّ‬
‫أن‬ ‫‪41‬‬

‫ذلك الواقع ليس باألمر الغريب إذا ما نظرنا إلى األسباب التي ّأدت إلى ذلك‪ ،‬ولعّلنا نستطيع‬
‫إرجاعها إلى ‪:‬‬

‫كل ما يمكن أن يفسد المجتمع الجزائري‪.‬‬


‫نسية التي كانت تغ ّذي ّ‬
‫_السياسة اإلستدمارّية الفر ّ‬
‫ّ‬

‫األمية‪ ،‬وسيطر عليهم الفقر‬


‫خيم عليهم الجهل و ّ‬
‫غالبية الجزائرّيين الذين ّ‬
‫ّ‬ ‫_قّلة الوعي لدى‬
‫كل ما ينجم عن العلم من فضيلة وثقافة صحيحة‪ ،‬وكان له دور في سحق بعض‬ ‫الذي هدم ّ‬
‫عدة من الحياة االجتماعية‬
‫يشوهها من الخزعبالت في جوانب ّ‬
‫الدين بسبب ما ّ‬
‫أصول ّ‬
‫واالقتصادية‪.42‬‬

‫الضالالت في عقول‬ ‫بث األباطيل و ّ‬‫الطرقية المبتدعة في ّ‬


‫ّ‬ ‫السبب األخطر هو دور‬‫_ و ّ‬
‫يمر زادت فيه البدع في التّفاقم والجراثيم واألمراض االجتماعية‬
‫كل يوم ّ‬
‫الجزائريين‪ ،‬إذ كان ّ‬
‫هابية ذلك بسريان‬
‫الش ّ‬
‫شبه الكاتب مصطفى بن شعبان أحد األقالم ّ‬ ‫السريان حتّى ّ‬
‫في التّعاظم و ّ‬
‫الناس‪ ،‬ويأكلون أموالهم وينتهكون‬
‫الدجاجلة الذين كانوا يستغّلون ّ‬‫الكهرباء ‪ ،‬فضال عن ّ‬
‫‪43‬‬

‫أعراضهم بما كانوا يضحكون به على عقولهم‪.44‬‬

‫‪171‬‬ ‫ديسمبر ‪2017‬‬


‫جمعية العلماء المسلمين ‪...‬‬
‫ّ‬ ‫إسهامات‬ ‫عقيب‬
‫د‪.‬محمد السعيد ّ‬
‫ّ‬ ‫أ‪.‬هاشم كوثر‪،‬‬
‫الزوايا المنحرفة بما يخدم أغراضه‪ ،‬إذ لم تلبث‬
‫المحتل الفرنسي بعض ّ‬
‫ّ‬ ‫استغل‬
‫ّ‬ ‫لقد‬
‫الشعوذة وبؤرة لصناعة البدع والضالالت بما تذيعه في أوساط‬
‫أن أصبحت وك ار للتّدجيل و ّ‬
‫الزهد‬
‫الناس على ّ‬
‫األمة من فساد وانحالل وانحرافات‪ ،‬وما تنشره في صفوفها من أوهام تحمل ّ‬
‫ّ‬
‫المتقدمة ‪ ،‬وقد‬
‫‪45‬‬
‫ّ‬ ‫الدنيا وتوهمهم بقرب زوالها‪ ،‬وتؤّكد لهم عجزهم عن مجاراة األمم‬
‫في طلب ّ‬
‫طرق إلى درجة االعتقاد‬ ‫ينية في نفوس بعض القائمين على أمر هذه ال ّ‬‫الد ّ‬
‫بلغ ضعف العقيدة ّ‬
‫التوسل به وإيثار قراءة األوراد واألذكار على تالوة القرآن الكريم‪ ،‬حتّى‬
‫طريقة و ّ‬‫في شيخ ال ّ‬
‫كل‬
‫الشرور‪ ،‬وأن ّ‬
‫بأنها هي " عّلة العلل في اإلفساد ومنبع ّ‬
‫الشيخ البشير اإلبراهيمي ّ‬
‫وصفها ّ‬
‫بكل شيء وغفلة عن‬
‫الدين وضالل في العقيدة وجهل ّ‬ ‫األمة من ابتداع في ّ‬
‫متفش في ّ‬‫ّ‬ ‫ماهو‬
‫طرق"‪.46‬‬
‫الناشئة فمنشؤه من ال ّ‬
‫الحياة وإلحاد في ّ‬

‫الناس والفقراء فيقول‬


‫للعامة من ّ‬
‫ّ‬ ‫ووصف الشيخ ابن باديس كذلك استغالل الطر ّقية‬
‫طوائف يأتون بثّلة من أتباعهم فينزلون على‬ ‫أن بعض المأمورين من بعض شيوخ ال ّ‬
‫‪ّ " :‬‬
‫الناس فيذبح لهم العناق إن كانت ويستدين لشرائها إن لم تكن‬‫المنتمين إليهم من ضعاف ّ‬
‫‪...‬وشر مافي هذا‬
‫ّ‬ ‫موجودة ‪،‬ويفرغ المزاود ويكنس لهم مافي البيت ويصبح معدما فقي ار مدينا‬
‫الجهال قرب لرب العالمين"‪.47‬‬
‫الدين ويحسبه ّ‬ ‫الشر ّأنه يرتكب هذا باسم ّ‬
‫ّ‬

‫الشهاب هي زيارة األضرحة‬ ‫ومن أكثر الظواهر المبتدعة خطورة والتي نقلتها لنا ّ‬
‫قوسية‬
‫ط ّ‬ ‫الدين والعقيدة ‪ ،‬حيث راجت هذه الممارسات ال ّ‬
‫والقبور الرتباطها أساسا بجانب ّ‬
‫‪48‬‬

‫حتّى أصبحت عادة متج ّذرة ومتوارثة لدى الكثير من الجزائرّيين وفي مختلف جهات الوطن‬
‫السلطات‬
‫الصالحين من جهة وتشجيع ّ‬ ‫الناتج أساسا عن التّقديس المفرط لألولياء و ّ‬‫وّ‬
‫خاصة بهم تسهيال‬
‫ّ‬ ‫محالت‬
‫االستعمارية لكتّاب األحجية والتّمائم‪ ،‬حيث رّخصت لهم بفتح ّ‬
‫الطرقيين‬
‫ّ‬ ‫لنشاطهم في الوقت الذي كانت تغلق فيه المدارس العر ّبي ة‪ 49‬فقد جعل بعض‬
‫ألنهم عملوا المنكرات‪ ،‬وعندما يزورون شيخ‬
‫للزوار الذين يطمعون في البركة ّ‬
‫مقرات ّ‬‫زواياهم ّ‬
‫ويتقربون بذلك إلى ّ‬
‫الشيخ‬ ‫ّ‬ ‫وتحل مشاكلهم‬
‫ّ‬ ‫طريقة تتحّقق لهم حسب زعمهم مآربهم وأمانيهم‬
‫ال ّ‬
‫انية‬ ‫فتغفر ذنوبهم وخطاياهم بحيث يكون واسطة يدعوا لهم نيابة عنهم ‪ّ ،‬‬
‫وكأنها صكوك غفر ّ‬
‫‪50‬‬

‫مستحضرين التخّلف األورّبي في القرون الوسطى ودور الكنيسة في إعطائها للمذنبين‪.‬‬

‫‪172‬‬ ‫ديسمبر‪2017‬‬
‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫الناس يسجدون على أعتاب األضرحة ّ‬


‫يقبلونها‬ ‫الحد حيث كان ّ‬
‫وزاد األمر عن ذلك ّ‬
‫أن كثي ار‬ ‫ويخاطبون الموتى في األولياء وفي ذلك يقول كاتب ّ‬
‫الشهاب الملّقب " البغبغان " ّ‬
‫منهن وفي يدها ورقة‬
‫ّ‬ ‫المخرفات يقصدون مسجد اإلمام ّ‬
‫الشافعي فتأتي الواحدة‬ ‫ّ‬ ‫النساء‬
‫من ّ‬
‫أن‬
‫الشاهدة على ّ‬
‫مكتوب فيها ّأنها تشكو إلى هذا اإلمام كذا وكذا من تلك المطالب الغريبة ّ‬
‫بالشرك والكفر باهلل‪.51‬‬
‫زيارة األولياء قد صارت مشوبة ّ‬

‫ومن ناحية أخرى ّأدى غياب األخالق في المجتمع الجزائري إلى اختالط الحابل‬
‫الشهاب صو ار عديدة‬
‫قدمت ّ‬ ‫بالنابل ودخلت عليه ظواهر غريبة لم تكن مألوفة من قبل ‪ ،‬وقد ّ‬
‫‪52‬‬
‫ّ‬
‫مما ينافي العرف‬
‫عن تج ّذر الخرافات والبدع في المجتمع من ذلك ما كان يرتكب في األفراح ّ‬
‫الراقصات وما يتبع ذلك من أنواع وانعكاسات‬
‫الشريعة‪ ،‬حيث كانت تجلب اآلالت و ّ‬‫و ّ‬
‫الراقصات وما‬
‫المسكرات حيث ذكرت جلب أناس أقاموا زفاف قريب لهم فاستقدموا ‪ 30‬من ّ‬
‫تطرق له مقال آخر عنونه صاحبه‬ ‫عليهن ‪،‬وهو ما ّ‬
‫‪53‬‬
‫ّ‬ ‫يلزمهن من آالف الفرنكات التي تصرف‬
‫ّ‬
‫طبقة البرجوازّية‬
‫الناس هم األغنياء من أصحاب ال ّ‬
‫أن أولئك ّ‬
‫بـ " نظرة في البدع " إذ أوضح ّ‬
‫عامة األهالي من الجزائرّيين كانوا ال يقوون‬
‫ألن ّ‬
‫نسيين‪ّ ،‬‬ ‫الذين تأثّروا بسلوكات ومعامالت الفر ّ‬
‫كل هاته األموال في زفاف وعلى المسكرات‬ ‫على توفير قوت يومهم حتّى يصرفوا ويب ّذروا ّ‬
‫النساء‪.‬‬
‫والمومسات من ّ‬

‫الشهاب كذلك عن مهور‬ ‫وفي حديثها عن بعض الظواهر االجتماعية تكّلمت ّ‬


‫المتوسط من األهالي من حيث القدرة‬
‫ّ‬ ‫الزواج التي كان أمرها خطي ار حتّى أمسى الفقير أو‬
‫ّ‬
‫ألخالقية والفجور وتكاثرت الجرائم‬
‫ّ‬ ‫المالية ال يقدر على إتمام نصف دينه ‪ ،‬فحّلت الفوضى ا‬
‫ّ‬
‫الشوارع في‬
‫الناتجة عن ذلك حتّى أصبح المجلس البلدي غير قادر على تنزيل الّلقطاء وأبناء ّ‬
‫ّ‬
‫نسية ‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫عية الفر ّ‬
‫الشر ّ‬
‫عية للمواليد للمحاكم ّ‬
‫الشر ّ‬
‫جالت ّ‬
‫الس ّ‬
‫ّ‬

‫الدجالون فيه‬
‫يدسها ّ‬
‫افية التي كان ّ‬ ‫عششت في ذهنها األفكار الخر ّ‬
‫أما المرأة التي ّ‬
‫ّ‬
‫ويستغلون غفلتها وسذاجتها فقد كانت تلجأ لهم لحماية زوجها أو أبنائها من ّ‬
‫السحر اعتقادا‬
‫يطانية المختلفة كحشو األعتاب‬
‫الش ّ‬ ‫منها ّأنهم يملكون القدرة على ذلك ‪ّ ،‬‬
‫فيزودونها بالوسائل ّ‬
‫عما‬
‫السقوف والمأكل والمشرب بما يمدونها به عّلها تحّقق ما كانت تصبو إليه ‪ ،‬فضال ّ‬
‫‪55‬‬
‫و ّ‬
‫طواف حول القبور والعكوف عند القبب من قبور األولياء‬
‫النسوة من ال ّ‬
‫كانت تقوم به بعض ّ‬

‫‪173‬‬ ‫ديسمبر ‪2017‬‬


‫جمعية العلماء المسلمين ‪...‬‬
‫ّ‬ ‫إسهامات‬ ‫عقيب‬
‫د‪.‬محمد السعيد ّ‬
‫ّ‬ ‫أ‪.‬هاشم كوثر‪،‬‬
‫طلب منهم حتّى صرن يزرن حتّى الكنائس مثل ‪notre‬‬‫الشكوى إليهم واالستغاثة بهم وال ّ‬
‫و ّ‬
‫‪ ، dame d affrique‬وينذرن لها ّ‬
‫النذور ‪.‬‬
‫‪56‬‬

‫سمي ب "‬‫وتنوعت من منطقة ألخرى‪ ،‬فمثال منها ما ّ‬


‫وقد اختلفت العادات الضاّلة ّ‬
‫بالزاب الغربي في ّأول‬
‫عادة جمعة الّثلمود " ؛ وهي عبارة عن اجتماع يقع ببلدة سيدي عقبة ّ‬
‫وتتكون‬
‫ّ‬ ‫كل سنة تقع فيه الكثير من الخرافات والخزعبالت‪،‬‬
‫يوم جمعة من فصل الخريف في ّ‬
‫كل طائفة تحمل‬
‫حمانية ) ّ‬
‫الر ّ‬‫العلوية _ القادرّي ة _ ّ‬
‫‪57‬‬
‫ّ‬ ‫العمارّية _‬
‫طر ّقيين ( ّ‬
‫من جماعة ال ّ‬
‫أعالمها‪ ،‬وتصحب معها طبوال ومزامي ار ونساء يرقصون أمام الخاص والعام مختلطين‬
‫الناس‬
‫يؤدي ّ‬‫الضريح دخلوا إلى حيث ّ‬‫ثم إذا وصلوا إلى ّ‬
‫بالرجال‪ ،‬ومن بينهم المومسات‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ضريح مرتع الغابرين‬
‫الشبان فيصير ال ّ‬
‫الشطح ومغازالت ّ‬
‫الصالة واجتمعوا للتّطبيل والتّزمير و ّ‬
‫ّ‬
‫بعد أن كان مصّلى المصّلين‪.58‬‬

‫وهنا يمكننا اإلشارة إلى سبب آخر من األسباب التي ّأدت إلى مثل هذه األفكار‬
‫األئمة الذين كان دورهم‬
‫الموجه من العلماء و ّ‬
‫الديني و ّ‬
‫والممارسات المنحرفة وهو غياب الوازع ّ‬
‫الشهاب‬
‫الصحيحة حتّى كتبت ّ‬ ‫الدين ّ‬
‫الناس وتوضيح مباديء ّ‬‫المنوط بهم هو تنوير عقول ّ‬
‫يتخبط‬
‫المتردية التي أصبح ّ‬‫ّ‬ ‫الوضعية‬
‫ّ‬ ‫مقاال سنة ‪ 1926‬تتساءل فيه " أين العلماء" ‪ 59‬أمام‬
‫فيها المجتمع الجزائري نتيجة االعتقاد بالخرافات وطغيان ال ّ‬
‫طر ّقية واالنحراف إلى‬
‫تبنى المصلحون والعلماء الذين عادوا إلى‬
‫أن األمر لم يستمر بعد أن ّ‬ ‫الجاهلي ة ‪ ،‬غير ّ‬
‫‪60‬‬
‫ّ‬
‫خاصة ما تعّلق‬
‫الشامل ّ‬ ‫الشيخان ابن باديس واإلبراهيمي فكرة اإلصالح ّ‬
‫الجزائر وعلى رأسهم ّ‬
‫أهمها‬
‫الشعائر المستحدثة ّ‬‫العامة و ّ‬
‫ّ‬ ‫كل طاقاتهم لمحاربة البدع‬
‫وسخروا ّ‬‫ّ‬ ‫بالعقيدة والمجتمع‬
‫طرق وضالالتها التي‬
‫النذور‪ ،‬ووقفت في وجه بدع ال ّ‬‫الحج واالستسقاء و ّ‬
‫بدع الجنائز والمقابر و ّ‬
‫مستقر‪.61‬‬
‫ّا‬ ‫استحكمت في المجتمع وأصبحت دينا‬

‫بكل ّقوة وفعالية لتحقيقها‬


‫جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ّ‬
‫ّ‬ ‫إن الفكرة التي عملت‬
‫ّ‬
‫التأخر واالنحطاط ‪،‬‬
‫الشعوذة الّلتين لصقتا باإلسالم في عصور الجهل و ّ‬
‫هي محاربة البدع و ّ‬
‫لعالمة ابن باديس " هو دين هللا الذي أرسل به جميع أنبيائه كمل هدايته‬
‫فاإلسالم كما كتب ا ّ‬
‫وعمم اإلصالح البشري به على لسان خاتم رسله‪ ،‬هو دين جامع ّ‬
‫لكل ما يحتاج إليه البشر‬ ‫ّ‬
‫النفوس وتصحيح‬ ‫أفرادا وجماعات لصالح حالهم ومآلهم‪ ،‬فهو دين لتنوير العقول وتزكية ّ‬

‫‪174‬‬ ‫ديسمبر‪2017‬‬
‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫ظم اإلجماع‪ ،‬ويشيد العمران ويقيم ميزان العدل‬‫اإلنسانية وين ّ‬


‫ّ‬ ‫فيكمل‬
‫العقائد وتقويم األعمال ّ‬
‫التطور قد‬
‫التقدم و ّ‬
‫طاهر الذي يدعو إلى العمل و ّ‬ ‫أن هذا اإلسالم ال ّ‬
‫وينشر اإلحسان" ‪ ،‬غير ّ‬
‫‪62‬‬

‫صار بفعل الخرافات والبدع والمنكرات إسالما يدعو إلى التّواكل والتّكاسل وعدم مجاراة األمم‬
‫األمة كالفرد تصاب باألمراض كما يصاب‬ ‫لشيخ البشير اإلبراهيمي " ّ‬ ‫المتطورة ‪ ،‬ويقول ا ّ‬
‫‪63‬‬
‫ّ‬
‫أن الفرد إذا مرض يجب أن يختار له طبيب حسن ماهر ليكون‬‫وتعالج كما يعالج‪ ،‬كما ّ‬
‫األمة إذا مرضت فالواجب أن‬
‫لنصحه أثر في نفس المريض ولعالجه فعال في دائه‪ ،‬فكذلك ّ‬
‫‪64‬‬
‫األطباء وأحسنهم لعالجها "‬
‫ّ‬ ‫ينتدب لها أمهر‬

‫النهوض‬
‫مبنية على ضرورة ّ‬
‫هكذا كانت قناعة رجال اإلصالح في الجزائر‪ ،‬قناعة ّ‬
‫مما أصبح يعانيه في شتّى مجاالت الحياة‪ ،‬لذلك استهدفت الحركة‬
‫بالوطن وتخليصه ّ‬
‫للنهوض‬‫كل نواحي القطر الجزائري ّ‬
‫الجمعية نشر دعوتها في ّ‬
‫ّ‬ ‫خاصة بعد تأسيس‬
‫اإلصالحية ّ‬
‫ّ‬
‫مقوماته‬ ‫الشعب الجزائري ّ‬
‫مهدد بفقدان ّ‬ ‫بأن ّ‬
‫لما شعرت ّ‬ ‫وسياسيا ّ‬
‫ّ‬ ‫قافيا‬
‫عقائديا وث ّ‬
‫ّ‬ ‫بالمجتمع‬
‫تهدد المجتمع العربي‬
‫الدين والّلغة كما أنذرت من ظاهرة التّفرنس التي ّ‬
‫األساسية المتمّثلة في ّ‬
‫ّ‬
‫األمية‪ .65‬وعلى صعيد آخر‬ ‫المتفشية فيه كالجهل والبطالة و ّ‬
‫ّ‬ ‫المسلم ومن اآلفات االجتماعية‬
‫رقية المنحرفة‬
‫ط ّ‬ ‫الجزائري من سطوة ال ّ‬
‫هام ومؤثّر في إنقاذ المجتمع ّ‬
‫قام علماء اإلصالح بدور ّ‬
‫الصفوف‬
‫مقوماته وتحرير العقول وتوحيد ّ‬
‫واستنهاضه من كبوته وتجديد عقيدته وإحياء ّ‬
‫ومواجهة المؤامرات وربطوه بكيانه الحضاري العربي واإلسالمي ّ‬
‫وردوا شبهات المبتدعين‪،66‬‬
‫هابيين لمحارة أفكارهم وممارساتهم الضاّلة‬
‫الش ّ‬
‫وشنوا عليهم حربا ضروسا وتتالت دعوات ّ‬
‫ّ‬
‫الشكوى‬
‫التوسل إليها وتقبيلها و ّ‬
‫طواف حول القبور و ّ‬
‫الزيارات وال ّ‬
‫واإلحجاب عن المنكرات من ّ‬
‫جمعية العلماء‬
‫ّ‬ ‫الشرك باهلل وقد كان تأسيس‬
‫ألن ذلك يدخل في باب ّ‬ ‫ّ‬
‫‪67‬‬
‫إليهم واالستغاثة بهم‬
‫أكده رئيسها في اجتماع تأسيسها حيث‬‫طرفين وهو ما ّ‬
‫الصراع بين ال ّ‬
‫المسلمين إيذانا ببداية ّ‬
‫الضال بالهداية والحكمة‬
‫الجمعية فهي إصالح الفاسد وتقويم المعو ّج وإرشاد ّ‬
‫ّ‬ ‫أما غاية‬
‫قال " ّ‬
‫المحبة والوئام‪ ،‬وإصالح شؤون أهل العلم ّ‬
‫ولم شعثهم وتنظيم هدايتهم "‪ .68‬اعتبر‬ ‫ّ‬ ‫في دائرة‬
‫الشيخ‬
‫الغلو في ّ‬
‫السلف ومبناها كّلها على ّ‬‫وفية بدعة لم يعرفها ّ‬ ‫طرق ّ‬
‫الص ّ‬ ‫المصلحون ّ‬
‫أن ال ّ‬
‫الشيخ إلى ماهنالك من استغالل ومن تجميد‬
‫الشيخ وأوالد ّ‬
‫الشيخ وخدمة دار ّ‬
‫التحيز ألتباع ّ‬
‫و ّ‬
‫انجر عنها‬
‫دية والتي ّ‬
‫التعب ّ‬
‫للشعور فانتقدوها من حيث ممارساتهم ّ‬
‫‪69‬‬
‫للعقول وإماهة للهمم وقتل ّ‬
‫خاصا ال‬
‫تعدت آثارها الحياة االجتماعية لذلك حاربوها وانتهجوا في ذلك أسلوبا ّ‬
‫آفات كثيرة ّ‬

‫‪175‬‬ ‫ديسمبر ‪2017‬‬


‫جمعية العلماء المسلمين ‪...‬‬
‫ّ‬ ‫إسهامات‬ ‫عقيب‬
‫د‪.‬محمد السعيد ّ‬
‫ّ‬ ‫أ‪.‬هاشم كوثر‪،‬‬
‫األمة رغم االختالف بقدر طاقاتهم وعلى‬
‫ألنهم كانوا حريصين على وحدة ّ‬ ‫يتّسم بالعنف ّ‬
‫ضد المحتل الفرنسي من جهة ومن ناحية أخرى مواجهة‬
‫تحويل هذه األخيرة للعمل والجهاد ّ‬
‫فكانت‬ ‫آنية فهي أنجح دواء‬‫رقيين وأتباعهم عن طريق الوعظ واإلرشاد بالهداية القر ّ‬ ‫ط ّ‬
‫ال ّ‬
‫للسلوك القرآني تؤتي أكلها من ناحية ‪ ،‬وتصلح ما‬
‫الدروس التي يلقيها دعاة اإلصالح تحقيقا ّ‬
‫ّ‬
‫العامة من ناحية أخرى‪.70‬‬
‫النفوس ّ‬
‫رقيين في ّ‬
‫ط ّ‬ ‫أفسده ال ّ‬

‫يودون‬
‫مبكر ما للعلم من أثر فيما ّ‬
‫الجمعية ومصلحوها في وقت ّ‬
‫ّ‬ ‫لقد أدرك رجال‬
‫ثم إلى‬
‫الوطنية لدى أفراد مجتمعهم وإعدادهم من ّ‬
‫ّ‬ ‫النهوض به من تعميق الوعي بال ّذات‬ ‫ّ‬
‫روادها أمثال الشيخ ابن‬
‫األمية ‪ ،‬وشرع ّ‬
‫ضد الجهل و ّ‬
‫التّحرير واالستقالل‪ ،‬فقادوا حملة واسعة ّ‬
‫باديس والبشير اإلبراهيمي والطيب العقبي وغيرهم في إلقاء الدروس في المساجد وفتح‬
‫الجمعية أن تنهض بالتّعليم العربي على‬
‫ّ‬ ‫المدارس في مختلف أرجاء البالد‪ ،‬فاستطاعت‬
‫األمة وفي الوقت نفسه‬‫المطهرة وربطه منهجا وموضوعا بواقع ّ‬
‫ّ‬ ‫السنة‬
‫أساس من الكتاب و ّ‬
‫القومية وتطوير األدب العربي والتّعريف‬
‫ّ‬ ‫وبث الثّقافة‬
‫عملت على إحياء الّلغة العربية ونشرها ّ‬
‫الجمعية حتّى أصبحت مركز إشعاع ثقافي بما كانت‬ ‫ّ‬ ‫وتطورت مدارس‬
‫ّ‬ ‫بالتّاريخ اإلسالمي‬
‫وثقافية كان العلماء يسهمون من خاللها في تنوير‬
‫ّ‬ ‫دينية وملتقيات فكرّية‬
‫تحيي من احتفاالت ّ‬
‫العقول ونشر التوعية الدينية واالجتماعية لمختلف فئات المجتمع الجزائري‪. 71‬كما لعبت‬
‫الصحافة اإلصالحية دو ار بار از في مواجهة سياسات الطر ّقية وإرشاد المجتمع الجزائري‬
‫الجمعية استقام للفكر اإلصالحي طريقه فأصدر العلماء‬
‫ّ‬ ‫وتوجيهه وشحذ هممه فبعد تأسيس‬
‫نسيون‬ ‫‪ 04‬صحائف أخرى بعد ّ‬
‫الشهاب وجريدة اإلصالح ببسكرة بحيث كّلما كان الفر ّ‬
‫المطهرة‪، 73‬‬ ‫الشريعة‬
‫دي ة و ّ‬
‫المحم ّ‬ ‫طلون لها صحيفة أصدرت أخرى مكانها وهي ّ‬
‫السنة‬ ‫يع ّ‬
‫‪72‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن األثر‬
‫ثم البصائر التي طال عمرها من ‪ 1935‬حتى ‪ ، 1939‬غير ّ‬ ‫السوي ّ‬ ‫الصراط‬
‫و ّ‬
‫‪75‬‬ ‫‪74‬‬
‫ّ‬
‫الشهاب وجريدة البصائر لما احتوتاه من مواضيع كشفت واقع الفرد‬
‫البالغ كان لمجّلة ّ‬
‫سولت‬ ‫الجزائري السياسي واالجتماعي واالقتصادي والثقافي وتوّلت أقالمهما مقاومة ّ‬
‫كل من ّ‬
‫بمقومات المجتمع الجزائري وخصوصياته ووحدته وإلى جنب الحركة‬ ‫له نفسه المساس ّ‬
‫القلمية كانت هناك حركة أخرى تسايرها وتؤازرها وتغ ّذيها وهي حركة التّعليم التي انتشرت‬
‫ّ‬
‫بالمراكز المهمة من عمالة قسنطينة‪ ،‬فدروس العلم كانت تجتذب أفواجا من الشباب ودروس‬

‫‪176‬‬ ‫ديسمبر‪2017‬‬
‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫كل يوم ثغرة في‬


‫الوعظ واإلرشاد كانت تستقطب الجماهير إلى حظيرة اإلصالح وتحدث ّ‬
‫الشيخ اإلبراهيمي‪.76‬‬
‫الضالل كما قال ّ‬
‫صفوف ّ‬

‫أن من‬
‫الجمعية ّ‬
‫ّ‬ ‫الفنية والخيرّية رأى أقطاب‬
‫الجمعيات ّ‬
‫ّ‬ ‫النوادي و‬
‫ألهمية ّ‬
‫ّ‬ ‫ونظ ار‬
‫المقدس في‬
‫ّ‬ ‫تخول المجتمع الجزائري حّقه‬
‫تماعية ّ‬
‫أعظم وسائل اإلصالح لتكوين وحدة اج ّ‬
‫الجمعيات في جميع أنحاء الوطن‪ ،‬كونها تعمل على تحسين‬
‫ّ‬ ‫النوادي و‬
‫الحياة هو تعميم ّ‬
‫المستوى العلمي واالقتصادي من خالل حصول التّعارف العام و ّ‬
‫الود المتبادل‪، 77‬فأنشأت‬
‫الجمعيات في المدن والقرى وكان أبرزها‪ :‬نادي‬
‫ّ‬ ‫الجمعية وفي مدة قصيرة عشرات النوادي و‬
‫كجمعية الشباب‬
‫ّ‬ ‫فتعددت كذلك‬
‫أما الجمعيات ّ‬‫الترقي‪،‬نادي صالح باي‪ ،‬النادي اإلسالمي ‪ّ ،‬‬
‫‪78‬‬

‫وجمعية‬
‫ّ‬ ‫وجمعية التّعليم‬
‫ّ‬ ‫كيكدية ‪،79‬‬
‫الس ّ‬ ‫وجمعية المؤاخاة ّ‬
‫ّ‬ ‫ياضية القسنطينية‬
‫الجمعية الر ّ‬
‫ّ‬ ‫الفني و‬
‫‪80‬‬
‫وجمعية المؤاخاة الجزائرّية‬
‫ّ‬ ‫اإلسالمية‬
‫ّ‬ ‫الدينّية‬
‫الجمعية ّ‬
‫ّ‬ ‫وجمعية اإلسعاف و‬
‫ّ‬ ‫التّعاون المنزلي‬
‫ألن فيها شيئا من‬ ‫الشبان فاستجابوا وأقبلوا عليها ألنها أقرب إلى أمزجتهم و ّ‬
‫ودعت إليها ّ‬
‫ظمت‬‫بالشباب وقامت بحق هللا فيهم فن ّ‬
‫ّ‬ ‫التّسلية والمرح‪ ،‬وفي ظل هذه الجواذب التقت الجمعية‬
‫وتعرفهم بأنفسهم وقيمتهم ومنزلتهم في األمة وتجمع‬
‫لهم فيها محاضرات تهذب بها أخالقهم ّ‬
‫الجمعيات" آثار‬
‫ّ‬ ‫ّقوتهم ودروسا تعّلمهم بها دينهم ولغتهم وتاريخهم‪ ،‬فكان لمشروع "النوادي و‬
‫الشابة تساوي آثار المدرسة في األطفال وتفوق آثار المساجد في الشيوخ والكهول‬
‫ّ‬ ‫في الفئة‬
‫يؤدون واجبات‬
‫يؤدون حق هللا ‪ ،‬وإلى ميادين العمل ّ‬
‫الشبان إلى المسجد ّ‬
‫ومن النوادي خرج ّ‬
‫المجتمع ‪.‬‬
‫الدينية كاالحتفال بالمولد‬
‫ّ‬ ‫جمعية العلماء بإحياء المناسبات‬
‫ّ‬ ‫ومن جهة أخرى ّ‬
‫اهتمت‬
‫ينية‬
‫الد ّ‬
‫ألنها ال تمّثل صورة من صور الوحدة ّ‬ ‫النبوي الشريف وبليلة القدر وختم القرآن الكريم ّ‬
‫كل سنة حتّى يطول‬‫الوطنية ‪،‬وقد كان الهدف من إحيائها في ّ‬
‫القومية و ّ‬
‫ّ‬ ‫فحسب‪ ،‬بل الوحدة‬
‫تعهد المجتمع بإحياء هذه المظاهر‬
‫أن ّ‬‫الدهور‪ ،‬و ّ‬
‫مر األزمنة و ّ‬
‫األمة على ّ‬
‫التّماسك بين أفراد ّ‬
‫أمة ‪ 81‬من جهة‬
‫كل ّ‬
‫وطنية ّ‬
‫ّ‬ ‫يضر بتلك الوحدة التي هي رمز‬
‫كل شيء قد ّ‬ ‫من شأنه أن يبعد ّ‬
‫ظروف من جهة أخرى ‪.‬‬
‫واالستفادة وأخذ العبرة والعظة ومقاومة طغيان ال ّ‬
‫الخاتمة ‪:‬‬

‫‪177‬‬ ‫ديسمبر ‪2017‬‬


‫جمعية العلماء المسلمين ‪...‬‬
‫ّ‬ ‫إسهامات‬ ‫عقيب‬
‫د‪.‬محمد السعيد ّ‬
‫ّ‬ ‫أ‪.‬هاشم كوثر‪،‬‬
‫الجهادي وفي مختلف‬
‫ّ‬ ‫النهضوي و‬ ‫الجمعية وصحافتها في مشروعها ّ‬
‫ّ‬ ‫لقد نجحت‬
‫وفية الضاّلة عن‬ ‫طرق ّ‬
‫الص ّ‬ ‫الجبهات التي واجهتها من خالل نشر اإلصالح ومحاربة البدع وال ّ‬
‫الجادة ‪،‬وتنوير المجتمع الجزائري وتعليمه وممانعة ّ‬
‫القوة االستعمارّية‪ ،‬فكانت حجر عثرة أمام‬ ‫ّ‬
‫متمسكا بأصوله وعروبته‬
‫ّ‬ ‫ومقومات الوطن الجزائري ‪،‬الذي بقي‬
‫ّ‬ ‫كل من أراد هدم دعائم‬‫ّ‬
‫ووطنيته ووحدته‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وإسالمه‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ج ‪ ، 3‬م ‪ 3 ، 11‬جوان ‪ ، 1935‬ص ‪163‬‬
‫‪ّ :‬‬
‫شخصيات‬
‫ّ‬ ‫الصّديق ‪ :‬شخصيات فكرية وأدبية هذه مواقفنا من ثورة التّحرير الجزائرية‪،‬‬‫الصالح ّ‬
‫محمد ّ‬‫ّ‬ ‫‪:2‬‬
‫األمة ‪ ،‬الجزائر ‪.109 ، 2002 ،‬‬‫التحرير الجزائرّية " ‪ ،‬شركة دار ّ‬
‫أدبية " هذه مواقفنا من ثورة ّ‬
‫فكرّية و ّ‬
‫‪3‬‬
‫الشهاب ‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الغرب االسالمي ‪ ،‬بيروت ‪ ، 2000 ،‬ص ‪.58‬‬
‫مقدمة مجّلة ّ‬
‫‪ :‬عبد الرحمان شيبان ‪ّ :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ :‬أبو القاسم سعد هللا ‪ :‬الحركة الوطنية الجزائرية ‪ ،‬ج ‪ ،2‬ط‪ ،3‬الجزائر ‪ ، 1986 ،‬ص ‪63-62‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ :‬عبد القادر فضيل ومحمد الصالح رمضان ‪ :‬إمام الجزائر عبد الحميد بن باديس ‪ ،‬شركة دار االمة‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2010 ،‬ص‪32‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ :‬البصائر ‪ :‬العدد ‪16 ،103‬جانفي ‪.1950‬‬
‫القومية الجزائرية ‪ ،‬ترجمة مازن صالح‬
‫ّ‬ ‫‪: 7‬أندري ديرليك ‪ :‬عبد الحميد بن باديس مفكر االصالح وزعيم‬
‫مطبقاني ‪ ،‬عالم األفكار ‪ ،‬الجزائر ‪ ،2013 ،‬ص ‪264‬‬
‫‪8‬‬
‫‪:‬نفسه ‪ ،‬ص ‪267-266‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ :‬عبد الرحمان شيبان ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪10‬‬
‫‪ :‬تعني فيلق عسكري‬
‫‪11‬‬
‫‪ :‬عبد الرحمان شيبان ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪61‬‬
‫‪12‬‬
‫‪ :‬أندري ديرليك ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪225‬‬
‫‪13‬‬
‫طأ‬
‫‪:‬رواه اإلمام مالك في المو ّ‬
‫‪14‬‬
‫األمة ‪ ،‬الجزائر ‪ 1996 ،‬م ‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪ :‬أحمد بن نعمان ‪ .‬الهوية الوطنية ـ الحقائق والمغالطات ‪ ،‬دار ّ‬
‫‪15‬‬
‫‪ :‬أندري ديرليك ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪276‬‬
‫‪16‬‬
‫السنة األولى ‪ ،‬العدد ‪ ،3‬جانفي ‪1936‬‬
‫‪ :‬البصائر ‪ّ :‬‬
‫‪17‬‬
‫‪:Jacques Carret : L'Association des Oulémas d'Algérie,Alem el Afkar , Alger ,‬‬
‫‪2008 , p37‬‬
‫‪18‬‬
‫‪ :‬الشهاب ‪ :‬ج‪ ،8‬م‪ ، 12‬نوفمبر ‪ ، 1936‬ص ‪.143‬‬
‫‪ : 19‬تاريخ الجزائر المعاصرة ‪ :‬ترجمة عيسى عصفور ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجزائرّية ‪ ،‬الجزائر ‪، 1982 ،‬‬
‫ص‪.143‬‬

‫‪178‬‬ ‫ديسمبر‪2017‬‬
‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫‪20‬‬
‫ائرية ‪ ،‬ج‪ ، 3‬ط‪ ،3‬الجزائر ‪ ، 1986 ،‬ص‪101‬‬
‫الوطنية الجز ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ :‬أبو القاسم سعد هللا ‪ :‬الحركة‬
‫‪21‬‬
‫السبق ‪ ،‬ص ‪60-59‬‬ ‫‪ :‬عبد الرحمان شيبان ‪ :‬المصدر ّ‬
‫‪22‬‬
‫محمد األمين بلغيث ‪ :‬تاريخ الجزائر المعاصر دراسات ووثائق ‪ ،‬دار مدني ‪ ،‬الجزائر ‪ ،2009 ،‬ص‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪118‬‬
‫‪23‬‬
‫محمد الميلي ‪ :‬الشيخ مبارك الميلي ( حياته العلمية و نضاله الوطني ) ‪ ،‬ط‪ ، 1‬دار الغرب اإلسالمي‬
‫ّ‬
‫‪ ،2001‬ص ‪.28‬‬
‫‪24‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ع ‪ ، 1‬م‪ ، 1‬نوفمبر ‪ ، 1925‬ص ‪10‬‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪25‬‬
‫مقدمة لنيل شهادة‬
‫الشيخ عبد الحميد بن باديس " ‪ ،‬مذ ّكرة ّ‬
‫الدعوة عند ّ‬
‫منهجية ّ‬
‫ّ‬ ‫الطيب شارف ‪" :‬‬
‫‪ّ :‬‬
‫الدين ‪،‬‬
‫كلية أصول ّ‬
‫محمد ‪ّ ،‬‬‫الدراجي ّ‬
‫الدين (إشراف ) د‪ّ .‬‬‫تخصص أصول ّ‬
‫اإلسالمية ّ‬
‫ّ‬ ‫الماجستير في العلوم‬
‫جامعة الجزائر ‪ ، 2000 – 1999 ،‬ص ‪13‬‬
‫‪26‬‬
‫ائرية ‪ 1956 – 1931‬دراسة تربوية للشخصية‬
‫خصية الجز ّ‬
‫الش ّ‬
‫‪ :‬تركي رابح عمامرة ‪ :‬ال ّتعليم القومي و ّ‬
‫الجزائرية ‪،‬ط‪ ، 2‬الشركة الوطنية للنشر‬
‫و التوزيع الجزائر ‪ ،1981 ،‬ص ‪93‬‬
‫‪27‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ج‪ ، 4‬م‪ ، 9‬مارس ‪ ، 1933‬ص ‪189- 188‬‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪28‬‬
‫قافية في الجزائر المعاصرة " ‪ ،‬مجلة الثقافة ‪ ،‬ع ‪ ، 8‬الجزائر ‪ ،‬ماي‬
‫‪ :‬أبو العيد دودو ‪ " :‬الحركة الثّ ّ‬
‫‪ ، 1972‬ص ‪47‬‬
‫‪29‬‬
‫السابق ‪ ،‬ص ‪13‬‬
‫الطيب شارف ‪ :‬المرجع ّ‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪30‬‬
‫‪ :‬الشهاب ‪ :‬ع‪ ، 4‬م‪ ، 1‬نوفمبر ‪ ، 1925‬ص ‪97‬‬
‫‪31‬‬
‫موذجية ‪ ،‬مصر‪ ،‬ص ‪146‬‬
‫ّ‬ ‫الن‬
‫إفريقية ‪ ،‬المطبعة ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ :‬احمد رمزي ‪ :‬اإلستعمار الفرنسي في شمال‬
‫‪32‬‬
‫الطيب شارف ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪18‬‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪ : 33‬تركي رابح عمامرة ‪ :‬التعليم القومي ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪168‬‬
‫شهاب ‪ :‬ج‪ ، 1‬م ‪ ، 11‬املصدر السابق ‪ ،‬ص ‪11 - 10‬‬
‫‪ : 34‬ال ّ‬
‫‪Patrick Weil : op . cit , p 13: 35‬‬

‫‪ : 36‬تركي رابح عمامرة ‪ :‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪168‬‬


‫شهاب ‪ :‬ع‪ / 4‬م‪ ، 1‬املصدر السابق ‪ ،‬ص ‪98‬‬
‫‪ : 37‬ال ّ‬
‫شهاب ‪ :‬ج‪ ، 8‬م‪ ، 5‬ربيع الثاين ‪ 1348‬هـ ‪ /‬سبتمرب ‪ ، 1929‬ص ‪25‬‬
‫‪ : 38‬ال ّ‬
‫الصراط السو ّي ‪ :‬ع‪ ، 3‬السنة األولى ‪ ،‬قسنطينة ‪ 25 ،‬سبتمبر ‪ ، 1933‬ص ‪1‬‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪39‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ :‬البصائر ‪ :‬ع‪ ، 90‬السنة الثالثة ‪ ،‬قسنطينة ‪ 10 ،‬ديسمبر ‪ ، 1937‬ص ‪08‬‬
‫‪41‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ع‪ ، 4‬م ‪ 16 ، 1‬جمادى األولى ‪ 1344‬هـ ‪ 03 /‬ديسمبر ‪ ، 1925‬ص ‪77‬‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪42‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ج‪ ، 6‬م‪ ، 7‬جوان ‪ ، 1931‬ص ‪357‬‬
‫‪ّ :‬‬

‫‪179‬‬ ‫ديسمبر ‪2017‬‬


‫جمعية العلماء المسلمين ‪...‬‬
‫ّ‬ ‫إسهامات‬ ‫عقيب‬
‫د‪.‬محمد السعيد ّ‬
‫ّ‬ ‫أ‪.‬هاشم كوثر‪،‬‬

‫‪43‬‬
‫السابق ‪ ،‬ص ‪78‬‬‫الشهاب ‪ ،‬ع‪ ، 4‬م ‪ ، 1‬المصدر ّ‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪44‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ج‪ ، 3‬م ‪ 2 ، 13‬ماي ‪ ، 1937‬ص ‪138‬‬ ‫‪ّ :‬‬
‫‪45‬‬
‫جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في النهضة الحديثة ‪ ،‬دار‬
‫ّ‬ ‫‪ :‬محمد بن سمينة ‪ :‬صفحات من إسهامات‬
‫مدني ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ص‪27‬‬
‫‪46‬‬
‫‪ :‬محمد البشير اإلبراهيمي ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص‪32‬‬
‫‪ : 47‬عمار طالبي ‪ :‬ابن باديس حياته وآثاره ‪ ،‬ط‪ ،1‬الشركة الجزائرّية للتأليف والنشر ‪ ، 1968 ،‬ص‬
‫ص‪467-466‬‬
‫‪48‬‬
‫السابق ‪ ،‬ص ‪82‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ع ‪ ، 4‬م ‪ ، 1‬المصدر ّ‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪49‬‬
‫مقدمة لنيل شهادة‬
‫الشيخ عبد الحميد بن باديس " ‪ ،‬رسالة ّ‬ ‫جباري ‪ " :‬الفكر ّ‬
‫السياسي عند ّ‬ ‫‪ :‬مسعود ّ‬
‫الدين ‪ ،‬جامعة‬
‫كلية أصول ّ‬‫دراجي ‪ّ ،‬‬
‫محمد ّ‬
‫الدين ‪ ،‬إشراف د‪ّ .‬‬ ‫تخصص أصول ّ‬
‫اإلسالمية ّ‬
‫ّ‬ ‫الماجستير في العلوم‬
‫الجزائر ‪ ، 2002 – 2001 ،‬ص ‪17‬‬
‫‪50‬‬
‫الطيب شارف ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪08‬‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪51‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ع ‪ ، 56‬م ‪ ، 2‬أكتوبر ‪ ،1926‬ص ‪346‬‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪52‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ع ‪ ، 15‬م ‪ ، 1‬مارس ‪ ، 1926‬ص ‪314‬‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪53‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ع‪ ، 4‬م‪ ، 1‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪78‬‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪54‬‬
‫‪ :‬نفسه ‪ ،‬ص‪78‬‬
‫‪55‬‬
‫السابق ‪ ،‬ص ‪400‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ج‪ ، 6‬م ‪ ، 7‬المصدر ّ‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪56‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ع ‪ ، 56‬م ‪ ، 2‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪ّ :‬‬
‫طرق ّ‬
‫‪57‬‬
‫وفية في الجزائر و قد بلغ عدد مريديها حوالي ‪ ، 6000‬و القادرّية ‪:‬‬
‫الص ّ‬ ‫العمارّية ‪ :‬من أبرز ال ّ‬
‫‪ّ :‬‬
‫الدين الجيالني المولود في مدينة جيالن بالعراق سنة ‪ 1079‬م وانتقلت إلى إفريقيا‬
‫الشيخ محي ّ‬‫تنسب إلى ّ‬
‫وأسس الشيخ مختار الكبير زاويتها الكبرى في " م ازرات " ثم انقسمت الطريقة بعد وفاته وقد قامت هذه الطريقة‬
‫الدين والد األمير عبد القادر ويأتي تواجدها في‬
‫أهم رموزها الشيخ محي ّ‬
‫الدينية ‪ ،‬ومن ّ‬
‫الدعوة ّ‬
‫على العلم و ّ‬
‫بقية العماالت ‪ .‬ينظر ‪ :‬صالح‬
‫أن لها تواجد في ّ‬ ‫الطيبية في عمالة وهران كما ّ‬
‫ّ‬ ‫طريقة = =‬
‫الدرجة الثانية بعد ال ّ‬
‫الصليبية في الجزائر ‪ ،‬ج‪ ، 1‬الزيتونة لالعالم والنشر ‪ ،‬الجزائر ‪،‬‬
‫عوض ‪ :‬صالح عوض ‪ :‬معركة االسالم و ّ‬
‫‪ ،1989‬ص ‪211 - 210‬‬
‫‪58‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ع‪ ، 60‬م ‪ 07 ، 2‬أكتوبر ‪ ، 1926‬ص ‪396‬‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪59‬‬
‫‪ :‬نفسه ‪ ،‬ص ‪396‬‬
‫‪60‬‬
‫السابق ‪ ،‬ص ‪09‬‬
‫الطيب شارف ‪ :‬المرجع ّ‬ ‫‪ّ :‬‬
‫‪61‬‬
‫السابق ‪ ،‬ص ‪68‬‬
‫محمد البشير اإلبراهيمي ‪ :‬لمصدر ّ‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪62‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ج ‪ ، 11‬م‪ ، 10‬أكتوبر ‪ ، 1934‬ص ‪483‬‬
‫‪ّ :‬‬

‫‪180‬‬ ‫ديسمبر‪2017‬‬
‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫‪63‬‬
‫الوطنية في‬
‫ّ‬ ‫للشيخ عبد الحميد بن باديس لسان اإلسالم و العروبة و‬
‫الشهاب ّ‬
‫‪ :‬تركي رابح عمامرة ‪ " :‬مجّلة ّ‬
‫يخية‬
‫الدراسات التّار ّ‬
‫الجزائر ‪ 1939-1925‬و دورها في نهضة الجزائر الحديثة " مجّلة ال ّذاكرة ‪ ،‬ع‪ ، 5‬مجّلة ّ‬
‫للمقاومة و الثّورة الجزائرّية ‪ ،‬المتحف الوطني للمجاهد ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬أوت ‪ ، 1998‬ص ‪114‬‬
‫‪64‬‬
‫الصديق ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪99‬‬‫ّ‬ ‫الصالح‬
‫محمد ّ‬ ‫‪ّ :‬‬
‫‪65‬‬
‫محمد البشير اإلبراهيمي على نهج جمعية‬
‫السياسي للشيخ ّ‬
‫الدور اإلصالحي و الّنشاط ّ‬
‫‪ :‬إبراهيم مهديد ‪ّ :‬‬
‫العلماء المسلمين الجزائريين ‪ ، 1944 – 1931‬ط‪ ، 1‬دار قرطبة ‪ ،‬الجزائر ‪ ،2011 ،‬ص ‪22‬‬

‫طر ق ّ‬
‫‪66‬‬
‫مقدمة‬
‫وفية في الجزائر ‪ ، 1954 – 1931‬مذ ّكرة ّ‬
‫الص ّ‬ ‫‪ :‬عبد العزيز موهوبي ‪ :‬رجال اإلصالح و ال ّ‬
‫حباسي ‪ ،‬قسم التّاريخ ‪ ،‬جامعة‬
‫الشاوش ّ‬
‫لنيل شهادة الماجستير في التّاريخ الحديث والمعاصر‪ ( ،‬إشراف )‪ .‬د ّ‬
‫الجزائر ‪ ، 2012 – 2011 ،‬ص ‪91‬‬
‫‪67‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ج ‪ ، 9‬م ‪ ، ، 5‬أكتوبر‪ ، 1929‬ص ‪11‬‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪68‬‬
‫‪ :‬عبد العزيز موهوبي ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪94‬‬
‫‪69‬‬
‫‪ :‬الشهاب ‪ :‬ج‪ ،4‬م‪ ،13‬جوان ‪ ، 1937‬ص ‪178‬‬
‫‪70‬‬
‫‪ :‬عبد العزيز موهوبي ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪96‬‬
‫‪71‬‬
‫‪ :‬محمد بن سمينة ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪32-31‬‬
‫‪72‬‬
‫األول منها بقسنطينة في ‪01‬مارس‪1933‬م واستمرت ‪04‬أشهر صدر خاللها ‪ 13‬عددا‬ ‫‪ :‬ظهر العدد ّ‬
‫‪73‬‬
‫‪:‬صدر العدد األول منها بقسنطينة في ‪17‬جويلية ‪ 1933‬وتوّقفت بقرار من السلطات الفرنسية في ‪29‬أوت‬
‫‪1933‬‬
‫‪74‬‬
‫‪:‬ظهر العدد األول منها بقسنطينة في ‪11‬أوت ‪ 1933‬وتوقفت بقرار من االدارة الفرنسية في ‪ 08‬جانفي‬
‫‪1934‬‬
‫‪75‬‬
‫‪ :‬عبد المالك مرتاض ‪ :‬المقاومة الوطنية في الجزائر ‪ ،1962 – 1830‬ج‪ ،1‬دار هومة الجزائر ‪،‬‬
‫‪ ، 2009‬ص ‪362‬‬
‫‪76‬‬
‫محمد البشير اإلبراهيمي ‪ :‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪52‬‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪77‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ج‪ ، 4‬م‪ ، 5‬ماي ‪ ، 1929‬ص ‪44‬‬ ‫‪ّ :‬‬
‫‪Le reformisme musulman en Algérie de 1925 – 1940( essai d : Ali Merad : 78‬‬
‫‪267histoire religieuse et social) , les editions El Hikma , Alger , 2010, p‬‬
‫‪Ibid , p166 : 79‬‬
‫‪80‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ع‪ ، 13‬م‪ ، 1‬فيفري ‪ ، 1926‬ص ص ‪.315 – 259‬‬
‫‪ّ :‬‬
‫‪81‬‬
‫الشهاب ‪ :‬ج‪ ، 5‬م‪ ، 7‬ماي ‪ ، 1931‬ص ‪309‬‬
‫‪ّ :‬‬

‫‪181‬‬ ‫ديسمبر ‪2017‬‬

You might also like