You are on page 1of 185

‫ابن الهيثم‬

‫أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم (‪ 354‬هـ‪965/‬م‪ 430-‬هـ‪1040/‬م) عالم موسوعي[‪]5‬‬


‫عربي[‪ ]10[]9[]8[]7[]6‬مسلم قدم إسهامات كبيرة في الرياضيات والبصريات والفيزياء وعلم‬
‫الفلك والهندسة وطب العيون والفلسفة العلمية واإلدراك البصري والعلوم بصفة عامة بتجاربه‬
‫التي أجراها مستخدًم ا المنهج العلمي‪ ،‬وله العديد من المؤلفات والمكتشفات العلمية التي أكدها‬
‫العلم الحديث‪]11[.‬‬

‫صحح ابن الهيثم بعض المفاهيم السائدة في ذلك الوقت اعتماًدا على نظريات أرسطو وبطليموس‬
‫وإقليدس‪ ]12[،‬فأثبت ابن الهيثم حقيقة أن الضوء يأتي من األجسام إلى العين‪ ،‬وليس العكس كما‬
‫ساد االعتقاد آنذاك‪ ،‬وإليه ُتنسب مبادئ اختراع الكاميرا‪ ،‬وهو أول من شّرح العين تشريحًا كامًال‬
‫ووضح وظائف أعضائها‪ ،‬وهو أول من درس التأثيرات والعوامل النفسية لإلبصار‪ .‬كما أورد‬
‫كتابه المناظر معادلة من الدرجة الرابعة حول انعكاس الضوء على المرايا الكروية‪ ،‬ما زالت‬
‫تعرف باسم "مسألة ابن الهيثم"‪]13[.‬‬

‫يعتبر ابن الهيثم المؤسس األول لعلم المناظر ومن رواد المنهج العلمي‪]17[]16[]15[]14[ ،‬‬
‫وهو أيضًا من أوائل الفيزيائيين التجريبيين الذين تعاملوا مع نتائج الرصد والتجارب فقط في‬
‫محاولة تفسيرها رياضيًا دون اللجوء لتجارب أخرى‪]15[.‬‬

‫انتقل ابن الهيثم إلى القاهرة حيث عاش معظم حياته‪ ،‬وهناك ذكر أنه بعلمه بالرياضيات يمكنه‬
‫تنظيم فيضانات النيل‪ .‬عندئذ‪ ،‬أمره الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر هللا بتنفيذ أفكاره تلك‪ .‬إاّل أن ابن‬
‫الهيثم ُصدم سريعًا باستحالة تنفيذ أفكاره‪ ،‬وعدل عنها‪ ،‬وخوًفا على حياته ادعى الجنون‪]18[]2[،‬‬
‫فُأجبر على اإلقامة بمنزله‪ .‬حينئذ‪ ،‬كّر س ابن الهيثم حياته لعمله العلمي حتى وفاته‪]19[.‬‬

‫سيرته‬
‫ولد ابن الهيثم في البصرة سنة ‪354‬هـ‪965/‬م في فترة كانت تعد العصر الذهبي لإلسالم‪ ،‬واختلف‬
‫المؤرخون أكان من أصل عربي[‪ ]20‬أم فارسي‪ ]21[.‬مع ترجيح كونه عربي االصل [‪،]22‬بدأ‬
‫بطلب العلم خالل تلك الفترة التي قضاها في البصرة‪ ،‬حيث قرأ العديد من كتب العقيدة اإلسالمية‬
‫والكتب العلمية‪ ]24[]23[.‬من غير المؤكد أكان ابن الهيثم سني أم شيعي‪ ،‬فبعض المؤرخين يؤكد‬
‫أنه سني أشعري كضياء الدين سردار[‪ ]25‬ولورانس بيتاني[‪ ]26‬ومعارض للمعتزلة‪]26[،‬‬
‫والبعض قال أنه معتزلي كبيتر إدوارد هودجسون‪ ]27[،‬أو شيعي كعبد الحميد صبرة‪ ]28[.‬مع‬
‫ارجحية كونه من السنة [‪.]29‬‬
‫جاء في كتاب إخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي على لسان ابن الهيثم‪« :‬لو كنت بمصر لعملت‬
‫بنيلها عمًال يحصل النفع في كل حالة من حاالته من زيادة ونقصان‪ ».‬فوصل قوله هذا إلى‬
‫الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر هللا الذي دعاه إلى مصر لتنظيم فيضانات النيل‪ ]30[،‬وأمده بما يريد‬
‫للقيام بهذا المشروع‪ ،‬وهي مهمة التي تطلبت حينئذ بناء سد في الموقع الحالي لسد أسوان‪]31[،‬‬
‫وبعد أن تفّقد الموقع أدرك عدم جدوى هذا المشروع[‪ ]19‬لضعف اإلمكانات المتاحة في ذاك‬
‫الوقت‪ ،‬وخوًفا من غضب الخليفة‪ ،‬إدعى الجنون‪ ،‬فاحتجز بمنزله من عام ‪ 401‬هـ‪1011/‬م حتى‬
‫وفاة الحاكم في عام ‪ 411‬هـ‪1021/‬م‪ ]32[.‬وخالل تلك الفترة‪ ،‬كتب كتابه األشهر المناظر‪.‬‬

‫رغم أن هناك حكايات طويلة حول فرار ابن الهيثم إلى الشام‪ ،‬ثم مغامرته باالنتقال إلى بغداد في‬
‫وقت الحق‪ ،‬وقيل البصرة حيث تظاهر بالجنون‪ ،‬لكن من المؤكد أنه بقي في مصر حتى عام‬
‫‪ 428‬هـ‪1038/‬م‪ ]23[.‬خالل فترة وجوده في القاهرة‪ ،‬ارتبط ابن الهيثم بالجامع األزهر‪ ،‬الذي‬
‫كان بمثابة جامعة المدينة‪ ]33[،‬وبعد انتهاء فترة إقامته الجبرية في منزله‪ ،‬كتب عشرات‬
‫األطروحات األخرى في الفيزياء والفلك والرياضيات‪ .‬ثم سافر بعد ذلك إلى األندلس‪ ،‬حيث كان‬
‫لديه متسع من الوقت لمساعيه العلمية والتي شملت البصريات والرياضيات والفيزياء والطب‪،‬‬
‫والقيام ببعض التجارب العلمية؛ وكتب العديد من الكتب في تلك الموضوعات‪.‬‬

‫عرف ابن الهيثم بالبصري نسبًة إلى مسقط رأسه في مدينة البصرة‪ ]23[،‬وعرفه الغرب باسم‬
‫‪( Alhazen‬نقحرة‪ :‬الَهَز ن)‪ ]34[،‬ولّقبوه ببطليموس الثاني (بالالتينية‪Ptolemaeus :‬‬
‫‪ ]19[)Secundus‬وبالفيزيائي[‪ ]35‬في أوروبا القرون الوسطى‪ .‬يعد ريزنر هو أول من أطلق‬
‫عليه اسم "‪ ،"Alhazen‬بعدما كان يعرف باسم "‪ ،"Alhacen‬وهو االسم األقرب للنطق‬
‫العربي‪ ]36[.‬حظي هذا العمل بسمعة كبيرة خالل العصور الوسطى‪ .‬في عام ‪ ،1834‬اكتشفت‬
‫أعمال البن الهيثم حول مواضيع هندسية في مكتبة فرنسا الوطنية في باريس‪ ،‬كما توجد بعض‬
‫المخطوطات األخرى في مكتبة بودلين في أكسفورد ومكتبة ليدن‪.‬‬

‫أعماله‬

‫غالف النسخة الالتينية من كتاب ابن الهيثم المناظر‪ ،‬التي تظهر كيف أحرق أرخميدس سفن‬
‫الرومان عند مهاجمتهم لسرقوسة باستخدام المرايا المقعرة‪.‬‬

‫تشريخ للعين أجراه كمال الدين الفارسي في القرن الثالث عشر اعتمادًا على أفكار ابن الهيثم‪.‬‬
‫يشير النص في أعلى المخطوط إلى وظيفة الدماغ في تفسير الصورة المنطبعة على شبكية العين‪.‬‬

‫كان البن الهيثم إسهامات جليلة في مجال البصريات والفيزياء والتجارب العلمية‪ ،‬كما كانت‬
‫مساهماته في علوم الفيزياء بصفة عامة وعلم البصريات خاصًة‪ ،‬محل تقدير وأساس لبداية حقبة‬
‫جديدة في مجال أبحاث البصريات نظرًيا وعملًيا‪ ]13[.‬تركزت أبحاثه في البصريات على دراسة‬
‫النظم البصرية باستخدام المرايا وخاصة على المرايا الكروية والمقعرة والزيغ الكروي‪ ،‬كما‬
‫أثبت أن النسبة بين زاوية السقوط وزاوية االنكسار ليست متساوية‪ ،‬كما قدم عدًدا من األبحاث‬
‫حول قوى تكبير العدسات‪.‬‬

‫وفي العالم اإلسالمي‪ ،‬تأثر ابن رشد بأعمال ابن الهيثم في علم البصريات‪ ]37[،‬كما طّور العالم‬
‫كمال الدين الفارسي (المتوفي عام ‪1320‬م) أعمال ابن الهيثم في علم البصريات‪ ،‬وطرحها في‬
‫كتابه تنقيح المناظر ‪ ]38[.‬كما فّسر الفارسي وثيودوريك من فرايبرغ ظاهرة قوس قزح في‬
‫القرن الرابع عشر‪ ،‬اعتماًدا على كتاب المناظر البن الهيثم‪ ]39[.‬واعتمد العالم الموسوعي تقي‬
‫الدين الشامي على أعمال ابن الهيثم والفارسي‪ ،‬وطّو رها في كتابه نور حدقة اإلبصار ونور‬
‫حقيقة النظر عام ‪1574‬م‪]40[.‬‬

‫تكريًم ا السمه‪ ،‬أطلق اسمه على إحدى الفجوات البركانية على سطح القمر‪ ]41[،‬وفي ‪ 7‬فبراير‬
‫‪ ،1999‬أطلق اسمه على أحد الكويكبات المكتشفة حديًثا‪ ]42[،‬وهو "‪ ."Alhazen 59239‬وفي‬
‫باكستان‪ ،‬تم تكريم ابن الهيثم بإطالق اسمه على كرسي طب العيون في جامعة آغاخان‪]43[.‬‬
‫وفي العراق‪ ،‬وضعت صورته على الدينار العراقي فئة عشرة دنانير منذ ثمانينيات القرن‬
‫الماضي ثم ‪ 10,000‬دينار الصادرة في عام ‪ ]44[،2003‬كما كان اسمه يطلق على واحدة من‬
‫المنشآت البحثية التي خضعت للتفتيش بواسطة مفتشي األمم المتحدة الباحثين عن األسلحة‬
‫الكيميائية والبيولوجية في عهد الرئيس صدام حسين‪4[]44[.‬‬

‫كتاب المناظر‬

‫يعد أشهر أعمال ابن الهيثم كتابه ذي السبعة مجلدات في علم البصريات المناظر الذي كتبه بين‬
‫عامي ‪ 401‬هـ‪1011/‬م ‪ 411 -‬هـ‪1021/‬م‪ .‬ترجم الكتاب إلى الالتينية على يدي رجل دين غير‬
‫معروف في نهاية القرن الثاني عشر أو بداية القرن الثالث عشر الميالديين‪ ]46[.‬وكان لهذه‬
‫الترجمة عظيم األثر على العلوم الغربية‪ ]47[،‬كما طبعه العالم "فريدريش ريزنر" في عام‬
‫‪ ،1572‬تحت عنوان "الكنز البصري‪ :‬الكتب السبعة للَهَز ن العربي‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬صعود الغيوم‬
‫والشفق" (بالالتينية‪Opticae thesaurus: Alhazeni Arabis libri septem, :‬‬
‫‪nuncprimum editi; Eiusdem liber De Crepusculis et nubium‬‬
‫‪ ]48[.)ascensionibus‬وقد ظهر أثر هذا الكتاب على أعمال روجر باكون الذي استشهد‬
‫باسمه‪ ]49[،‬وعلى أعمال يوهانس كيبلر‪ ،‬كما أسهم في التطور الكبير للمنهج التجريبي‪.‬‬
‫نظرية الرؤية‬

‫أثبت ابن الهيثم أن الضوء يسير في خطوط مستقيمة باستخدام التجارب العلمية في كتابه المناظر‪.‬‬

‫سادت نظريتان كبيرتان حول كيفية الرؤية في العصور القديمة‪ .‬النظرية األولى نظرية‬
‫االنبعاثات‪ ،‬التي أيدها مفكرون مثل إقليدس وبطليموس‪ ،‬والتي تفترض أن اإلبصار يتم اعتماًدا‬
‫على أشعة الضوء المنبعثة من العين‪ .‬أما النظرية الثانية نظرية الولوج التي أيدها أرسطو‬
‫وأتباعه‪ ،‬والتي تفترض دخول الضوء للعين بصور فيزيائية‪ .‬عارض ابن الهيثم كون عملية‬
‫الرؤية تحدث عن طريق األشعة المنبعثة من العين‪ ،‬أو دخول الضوء للعين من خالل صور‬
‫فيزيائية‪ ،‬وعلل ذلك بأن الشعاع ال يمكن أن ينطلق من العينين ويصل إلى النجوم البعيدة في‬
‫لحظة بمجرد أن نفتح أعيننا‪ .‬كما عارض االعتقاد السائد بأن العين قد تجرح إذا نظرنا إلى ضوء‬
‫شديد السطوع‪ ،‬ووضع بدًال من ذلك نظرية ناجحة للغاية تفسر عملية الرؤية بأنها تحدث نتيجة‬
‫خروج أشعة الضوء إلى العين من كل نقطة في الكائن‪ ،‬وهو ما أثبته عن طريق التجارب‪]50[.‬‬
‫كما وّح د علم البصريات الهندسية مع فرضيات أرسطو الفيزيائية لتشكل أساس علم البصريات‬
‫الفيزيائية الحديثة‪ ]51[.‬أثبت ابن الهيثم أيًض ا أن أشعة الضوء تسير في خطوط مستقيمة‪ ،‬كما نفذ‬
‫تجارب مختلفة حول العدسات والمرايا واالنكسار واالنعكاس‪ ]13[.‬وكان أيًضا أول من اختزل‬
‫أشعة الضوء المنعكس والمنكسر في متجهين رأسي وأفقي‪ ،‬والذي كان بمثابة تطور أساسي في‬
‫البصريات الهندسية‪ ]52[،‬واقترح نموذج النكسار الضوء ُيفضى إلى استنتاج مماثل لما أفضى‬
‫إليه قانون سنيل‪ ،‬لكن ابن الهيثم لم يطور نموذجه بما يكفي لتحقيق تلك النتيجة‪]53[.‬‬

‫كما قّد م ابن الهيثم أول وصف واضح[‪ ]54‬وتحليل صحيح[‪ ]55‬للكاميرا المظلمة والكاميرا ذات‬
‫الثقب‪ .‬على الرغم من أن أرسطو وثيون اإلسكندري والكندي والفيلسوف الصيني موزي سبق‬
‫لهم أن وصفوا اآلثار المترتبة على مرور ضوء واحد عبر ثقب صغير‪ ،‬إال أن أًيا منهم لم يذكر‬
‫أن هذا الضوء سُيظهر على الشاشة صورة كل شيء في الجانب اآلخر من تلك البؤرة‪ .‬كان ابن‬
‫الهيثم أول من شرح هذه التجربة مع مصباحه‪ ،‬فكان بذلك أول من نجح في مشروع نقل صورة‬
‫من الخارج إلى شاشة داخلية كما في الكاميرا المظلمة التي اشتّق الغرب اسمها من الكلمة‬
‫العربية‪ُ" :‬قمرة"‪ ،‬عن طريق كلمة ‪ camera obscura‬الالتينية‪ ]56[،‬التي تعني "الغرفة‬
‫المظلمة"‪.‬‬

‫باإلضافة إلى فيزياء البصريات‪ ،‬أرسى كتاب المناظر أسس "علم نفس البصريات"‪ ]57[.‬أسهم‬
‫ابن الهيثم أيًض ا في الطب وطب العيون والتشريح وعلم وظائف األعضاء‪ ،‬وكانت له تعليقات‬
‫على أعمال جالينوس‪ .‬وصف ابن الهيثم عملية اإلبصار[‪ ]58‬وتكوين العين وتكّو ن الصورة في‬
‫العين ونظام اإلبصار‪ .‬كما عدل نظريات الرؤية المزدوجة وتوقع الحركة التي سبق وناقشها من‬
‫قبل أرسطو وإقليدس وبطليموس‪]60[]59[.‬‬

‫كانت معظم إسهاماته التشريحية وصًفا تشريحًيا لوظيفة العين كنظام بصري‪ ]61[.‬وّفرت له‬
‫تجاربه بالكاميرا المظلمة المناخ المناسب له لتطوير نظريته في إسقاط النقطة المقابلة من الضوء‬
‫من سطح جسم لتكوين الصورة على الشاشة‪ .‬أحدثت مقارنته بين العين والكاميرا المظلمة توليفته‬
‫بين علم التشريح وعلم البصريات‪ ،‬والتي شكلت أساس علم نفس البصريات‪ ،‬كما كان تصوره‬
‫لمرور الضوء خالل الثقب في تجاربه بالكاميرا ذات الثقب‪ ،‬مشّبًها انعكاس الصورة الناتج‪ ،‬بما‬
‫يحدث في العين[‪ ]57‬التي تمّثل فيها الحدقة ثقب الكاميرا‪ ]62[.‬فيما يتعلق بعملية تكوين الصور‪،‬‬
‫فقد أخطأ بموافقته لفكرة ابن سينا بأن عدسة العين هي العضو المسئول عن الرؤية‪ ،‬لكن الصحيح‬
‫أن شبكية العين تشارك في عملية الرؤية‪]59[.‬‬

‫المنهج العلمي‬

‫رسم ُيظهر ابن الهيثم ممثًال العقل والمنطق‪ ،‬ويقابله غاليلو غاليلي‪ ،‬الذي ُيمثل الحواس‪.‬‬

‫ذكرت عالمة األعصاب "روزانا غوريني" أنه "وفًقا لمعظم المؤرخين‪ ،‬فإن ابن الهيثم رائد‬
‫المنهج العلمي الحديث"‪ ]41[.‬فقد وضع ابن الهيثم طرق تجريبية صارمة لمراقبة التجارب‬
‫العلمية للتحقق من الفرضيات النظرية واستقراء النتائج‪ .‬بينما رأى بعض المؤرخين العلميين في‬
‫تجاربه على فرضيات بطليموس وتفسيرها ميًال نحو التجديد‪ ،‬مما جعله ال يحظى باهتمام الكافي‬
‫من المؤرخين‪]63[.‬‬

‫هناك مفهوم ارتبط بأبحاث ابن الهيثم البصرية‪ ،‬اعتمد على النظامية والمنهجية في التجريب‬
‫واستخدام المنهج العلمي في تحقيقاته العلمية‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬استندت تجاربه على الجمع بين‬
‫الفيزياء الكالسيكية والرياضيات (الهندسة على وجه الخصوص) واستخدام منهج االستنتاج‬
‫االستنباطي في مجال البحث العلمي‪ .‬أّك د هذا النهج الرياضي الفيزيائي في تجاربه معظم‬
‫افتراضاته في كتابه المناظر‪ ،‬وأّيد نظرياته حول الرؤية والضوء واأللوان‪ ،‬فضًال عن أبحاثه في‬
‫علم المرايا ودراسته النكسار الضوء‪ ،‬وهو ما استفاد منه كمال الدين الفارسي وطّو ره في كتابه‬
‫"تنقيح المناظر"‪]38[.‬‬

‫مفهوم شفرة أوكام ورد أيًض ا في كتاب المناظر‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬بعد أن شرح كيف أن الضوء‬
‫ينشأ من كائنات مضيئة‪ ،‬وينبعث أو ينعكس نحو العين‪ ،‬وقال بإن "نظرية االنبعاثات التقليدية ال‬
‫لزوم لها وغير مجدية"‪]64[.‬‬

‫مسألة ابن الهيثم‬

‫ضم المجلد الخامس من كتابه المناظر مناقشة ما هو يعرف اآلن "بمسألة ابن الهيثم"‪ ،‬التي‬
‫صاغها بطليموس للمرة األولى عام ‪150‬م‪ ،‬وهي تتألف من رسم خّطين من نقطتين على سطح‬
‫دائرة ليجتمعا في نقطة على محيط الدائرة‪ ،‬ويصنعان زاويتين متساويتين مع المستوى العمودي‬
‫على السطح عند تلك النقطة‪ ،‬وهو ما يشبه العثور على نقطة على حافة طاولة بلياردو دائرية‬
‫التي تستهدفها الكرة الضاربة لضرب كرة أخرى في نقطة أخرى‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن التطبيق الرئيسي‬
‫لهذه المسألة في علم البصريات هو "إذا كان لدينا مصدر ضوء ومرآة كروية‪ ،‬هو كيف نحدد‬
‫النقطة على المرآة التي ينعكس عليها الضوء لعين الناظر"‪ ،‬وهو ما قاده إلى معادلة من الدرجة‬
‫الرابعة‪ ]65[]23[.‬قاد ذلك مصادفًة ابن الهيثم لصياغة صيغة رياضية لجمع متوالية من القوة‬
‫الرابعة‪ ،‬باستخدام طريقة بدائية من البرهان الرياضي باالستقراء الرياضي‪ ،‬فاستنتج في النهاية‬
‫طريقة يمكن استخدامها بسهولة للحصول على مجموع أي متواليات من قوى أكبر‪.‬‬

‫استخدم ابن الهيثم طريقته في إيجاد مجموع متواليات القوى‪ ،‬لتحديد حجم سطح مكافئ من خالل‬
‫التكامل‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تمكن من إجراء التكامل على كثيرات الحدود حتى الدرجة الرابعة‪ ،‬واقترب‬
‫من التوصل إلى صيغة عامة للتكامل أي من كثيرات الحدود‪ .‬كان ذلك أساًسا لتطوير علم تفاضل‬
‫وتكامل متناهيات الصغر‪ ]66[.‬كما حل ابن الهيثم مسألته باستخدام األقطاع المخروطية‬
‫واإلثباتات الهندسية‪ ،‬وعلى الرغم من أن العديد من بعده حاولوا إيجاد حلول جبرية لتلك المسائل‪،‬‬
‫[‪ ]67‬إال أنه لم يتم الوصول إلى الحل إال في عام ‪ 1997‬على يدي عالم الرياضيات في جامعة‬
‫أكسفورد بيتر نيومان‪6[.‬‬

‫اعمال فيزيائية أخرى‬


‫األبحاث البصرية‬ ‫‪‬‬

‫في كتاب المناظر‪ ،‬كان ابن الهيثم أول عالم يقول بأن الرؤية تحدث في الدماغ بدًال من العينين‪.‬‬
‫وأشار إلى أن التجارب الشخصية لها تأثير على ما يراه الناس وكيف يرونه‪ ،‬وأن الرؤية والتخيل‬
‫أمور نسبية‪]69[.‬‬

‫إضافة إلى كتاب المناظر‪ ،‬كتب ابن الهيثم العديد من األطروحات األخرى في علم البصريات‪.‬‬
‫أطروحته رسالة في الضوء كان بمثابة استكمال لكتابه المناظر‪ ،‬احتوت تلك األطروحة على‬
‫تحقيقات حول خصائص اإلنارة واإلشعاعية المشتتة خالل مختلف الوسائط الشفافة‪ .‬قام ابن الهيثم‬
‫أيًض ا بالعديد من الفحوص التشريحية على عين اإلنسان ودراسة الزيغ البصري‪ ،‬كما صنع أول‬
‫كاميرا مظلمة والكاميرا ذات الثقب‪ ]70[،‬وأيًض ا درس خصائص قوس قزح وكثافة الغالف‬
‫الجوي‪ ،‬وبحث في الظواهر السماوية المختلفة (بما في ذلك كسوف الشمس والشفق وضوء‬
‫القمر)‪ .‬درس ابن الهيثم أيًض ا االنكسار والمرايا المقعرة والكروية والعدسات المكبرة‪]71[.‬‬

‫البن الهيثم أيًض ا نظرية لشرح وهم القمر‪ ،‬التي لعبت دوًرا هاًم ا في التقاليد العلمية في أوروبا في‬
‫القرون الوسطى‪ .‬كان يحاول تفسير ظاهرة ظهور القمر في األفق القريب أكبر منه في السماء‪،‬‬
‫وهو النقاش الذي لم يتم حله حتى يومنا هذا‪ .‬اعترض ابن الهيثم على نظرية بطليموس حول‬
‫االنكسار‪ ،‬وقال أن صورة القمر زائفة وليست حقيقية‪ .‬وقال أن الحكم على مسافة كائن يعتمد على‬
‫ماهية ما هو موجود بين الكائن والرائي‪ .‬وفي حالة القمر‪ ،‬ال يوجد أشياء وسيطة‪ ،‬لذلك‪ ،‬وحيث‬
‫أن حجم الكائن يعتمد على بعد من يراه عنه‪ ،‬وهو في هذه الحالة مسافة غير محددة‪ ،‬لذا يبدو‬
‫القمر أكبر في األفق‪ .‬اعتمدت أعمال من روجر باكون وجون بيكهام وويتلو على تفسير ابن‬
‫الهيثم‪ ،‬وبدأ تقبل فكرة وهم القمر تدريجًيا كظاهرة نفسية‪ ،‬مع رفض نظرية بطليموس في القرن‬
‫السابع عشر‪]72[.‬‬
‫في مخطوطته ميزان الحكمة ‪ ،‬ناقش ابن الهيثم كثافة الغالف الجوي لألرض وربط بينه وبين‬
‫االرتفاع‪ ،‬ودرس أيًض ا االنكسار في الغالف الجوي‪ .‬اكتشف أن الشفق يبدأ أو ينتهي‪ ،‬عندما تكون‬
‫الشمس تحت األفق بتسع عشرة درجة‪ ،‬وحاول قياس ارتفاع الغالف الجوي على هذا األساس‪[.‬‬
‫‪]13‬‬

‫‪ ‬الفيزياء الفلكية‬
‫في مجال الفيزياء الفلكية والميكانيكا السماوية‪ ،‬ذكر ابن الهيثم في أطروحته الخالصة في علم‬
‫الفلك أن األجرام السماوية يمكن تفسير ظواهرها قوانين الفيزياء‪ ]73[.‬وضم كتابه ميزان الحكمة‬
‫نقاشات في االستاتيكا والفيزياء الفلكية والميكانيكا السماوية‪ .‬كما ناقش نظرية تجاذب الكتل‪،‬‬
‫وكان على دراية بمقادير التسارع من مسافة ما الناتج عن الجاذبية‪ ]71[.‬وفي مخطوطة مقالة في‬
‫قرسطون هي أطروحه حول مراكز الثقل‪ .‬ال يعرف الكثير عن هذا العمل‪ ،‬باستثناء ما نقله عنه‬
‫عبد الرحمن الخازني في القرن الثاني عشر الميالدي‪ .‬في هذه المخطوطة‪ ،‬وضع ابن الهيثم‬
‫نظرية حول أن ثقل األجسام يختلف بحسب المسافة التي تفصلها عن مركز األرض‪]74[.‬‬

‫وفي مخطوطة آخرى مقالة في ضوء القمر التي كتبها قبل كتابه المناظر‪ ،‬كانت أول محاولة‬
‫ناجحة للجمع بين علم الفلك الرياضي والفيزياء‪ ،‬وفيها أقدم محاولة تطبيق المنهج التجريبي في‬
‫علم الفلك والفيزياء الفلكية‪ .‬وفيها فّند الفكرة الشائعة بأن القمر يعكس ضوء الشمس كالمرآه‪،‬‬
‫وصحح ذلك بأن "القمر يعكس الضوء من تلك األجزاء من سطحه التي يسقط عليها أشعة‬
‫الشمس"‪ .‬وليثبت أن "الضوء ينبعث من كل نقطة على سطح القمر المضيء"‪ ،‬صنع جهاز‬
‫تجارب مبتكر‪ ]75[.‬وفًقا لمتياس شرام‪:‬‬

‫وضع ابن الهيثم تصور واضح للعالقة بين النموذج الرياضي‬


‫المثالي ومنظومة الظواهر الملحوظة‪ .‬فقد كان ابن الهيثم أول من استخدم طريقة تثبيت أحد‬
‫المتغيرات‪ ،‬وتغيير باقي المتغيرات بانتظام‪ ،‬وذلك في تجربته لتوضيح أن كثافة بقعة الضوء التي‬
‫يشكلها سقوط ضوء القمر من خالل فتحتين صغيرتين على شاشة‪ ،‬تقل عند حجب أحدها‬
‫تدريجًيا‪]75[.‬‬

‫اعماله في علم الفلك‬


‫تشكيكه في نظريات بطليموس‬ ‫‪‬‬

‫انتقد ابن الهيثم في مخطوطته شكوك على بطليموس التي نشرها بين عامي ‪ 416‬هـ و‪ 419‬هـ‪،‬‬
‫العديد من أعمال بطليموس بما في ذلك كتبه المجسطي والكواكب المفترضة والبصريات‪ ،‬مشيًرا‬
‫إلى الكثير من المتناقضات التي وجدها في هذه األعمال‪ .‬اعتبر ابن الهيثم أن بعض األجهزة‬
‫الرياضية التي استخدمها بطليموس في علم الفلك‪ ،‬وخاصة معدل المسار‪ ،‬فشلت في الخصائص‬
‫الفيزيائية للحركة الدائرية المنتظمة‪ ،‬وكتب نقًدا الذًعا حول الواقع المادي لنظام بطليموس الفلكي‪،‬‬
‫مشيًر ا إلى عبثية اقتراحه بالربط بين الحركات الفيزيائية‪ ،‬والنقاط والخطوط والدوائر الرياضية‬
‫الوهمية‪]76[.‬‬
‫افترض بطليموس نظاًم ا ال يمكن أن يتواجد‪ ،‬والحقيقة أن هذا‬
‫النظام الذي تخيله حول حركة الكواكب‪ ،‬ال يعفيه من الخطأ الذي افترضه في هذا النظام‪ ،‬فحركة‬
‫الكواكب الموجودة ال يمكن أن تنتج وفق هذا النظام المفترض‪ ...‬فتصور الرجل لدائرة في السماء‬
‫يدور فيها الكوكب ليست هي الدافع لحركة الكوكب‪]78[]77[.‬‬

‫وّج ه ابن الهيثم المزيد من االنتقادات ألعمال بطليموس سواًء بالتجربة أو المالحظة أو االستنباط‪،‬‬
‫[‪ ]79‬الستخدام بطليموس للحدس في نظرياته بدًال من تسجيله لمالحظات حول الظواهر‪ ،‬وهو‬
‫ما لم يرض عنه ابن الهيثم بسبب اصراره على استخدام التجارب العلمية‪ .‬وخالًفا لبعض علماء‬
‫الفلك الذين انتقدوا في وقت الحق نظام بطليموس على أساس كونه يتعارض مع فلسفة الفيزياء‬
‫األرسطية‪ ،‬كان ابن الهيثم يعارضه بمالحظاته التجاربية والتناقضات الداخلية في أعمال‬
‫بطليموس‪ ]80[.‬وقد قال ابن الهيثم في مخطوطته‪ ،‬معلًقا ابن الهيثم على صعوبة تحقيق المعرفة‬
‫العلمية‪:‬‬

‫الحقيقة ذاتها تبحث عن الحقائق‪ ،‬المغمورة في الشكوك (مثل‬


‫أعمال بطليموس الذي قال أنه يحترمه كثيًر ا) وليست بمنأى عن الخطأ‪]30[...‬‬

‫وقال أن نقد تلك النظريات التي تسيطر على كتاب المجسطي‪ ،‬سيكون لها دوًر ا كبيًر ا في نمو‬
‫المعرفة العلمية ‪:‬‬

‫إن الباحث عن الحقيقة ليس هو من يدرس كتابات القدماء‪،‬‬


‫على حالتها ويضع ثقته فيها‪ ،‬بل هو من ُيعّلق إيمانه بهم ويتساءل ما الذي جناه منهم‪ .‬هو الذي‬
‫يبحث عن الحجة‪ ،‬وال يعتمد على أقوال إنسان طبيعته يمألها كل أنواع النقص والقصور‪.‬‬
‫وبالتالي فإن من الواجب على من يحقق في كتابات العلماء‪ ،‬إذا كان البحث عن الحقيقة هدفه‪ ،‬هو‬
‫أن يستنكر جميع ما يقرأه‪ ،‬ويستخدم عقله حتى النخاع لبحث تلك األفكار من كل جانب‪ .‬وعليه أن‬
‫يتشكك في نتائج دراسته أيًض ا‪ ،‬حتى يتجنب الوقوع في أي تحيز أو تساهل‪[.‬‬

‫مخطوطة تكوين العالم‬


‫في مخطوطته تكوين العالم‪ ،‬على الرغم من انتقاداته الموجهة إلى بطليموس‪ ،‬تقّبل ابن الهيثم‬
‫حول نظرية بطليموس حول كون األرض مركز الكون‪ ]81[،‬وقّد م وصفا تفصيليا للمجاالت‬
‫السماوية في تلك المخطوطة ‪:‬‬

‫األرض ككل كرة مركزها هو مركز العالم‪ ،‬وتتمركز في‬


‫وسطه‪ ،‬وهي ثابتة ال تتحرك في أي إتجاه بأي نوع من الحركات‪ ،‬فهي دائًم ا ساكنة‪]82[.‬‬

‫في الوقت الذي كان فيه ابن الهيثم يحاول دراسة نظرية بطليموس تلك رياضياتًيا‪ ،‬قال بأن كل من‬
‫كواكب بطليموس لها فلكها الخاص بها‪ُ .‬ترجم هذا العمل إلى العبرية والالتينية في القرنين الثالث‬
‫والرابع عشر الميالديين‪ ،‬وكان له تأثير على علماء فلك مثل جورج فون بيورباخ[‪ ]2‬في أوروبا‬
‫العصور الوسطى وعصر النهضة‪]84[]83[.‬‬
‫نماذج حركات الكواكب السبعة‬
‫كانت مخطوطته نماذج حركات الكواكب السبعة التي كتبها عام ‪ 428‬هـ عن علم الفلك‪ .‬احتوت‬
‫النسخة التي ال تزال باقية من هذه المخطوطة‪ ،‬والتي تم اكتشافها مؤخًر ا رغم فقد معظمها‪ ،‬لذلك‬
‫لم تنشر‪ ،‬وكما فعل في مخطوطة شكوكه على أعمال بطليموس‪ .‬وصف ابن الهيثم أول نموذج‬
‫بعد نموذج بطليموس حول حركة الكواكب‪ .‬لم تكن المخطوطة متعلقة بعلم الكون‪ ،‬حيث وضع‬
‫فيها دراسة هندسية منهجية حول ميكانيكية الحركة‪ ،‬وهو ما أدى بدوره إلى تطورات مبتكرة في‬
‫هندسة متناهيات الصغر‪]85[.‬‬

‫كان تجربته لنموذجه أول رفض ألفكار معدل المسار[‪ ]86‬والدوائر الفلكية‪ ]87[،‬والفلسفة‬
‫الطبيعية في علم الفلك‪ .‬طرح نموذج أيًض ا فكرة دوران األرض حول محورها‪ ]88[،‬وأن مراكز‬
‫الحركة نقاط هندسية دون دالالت مادية‪ ،‬مثلما أثبت يوهانس كيبلر ذلك بعد قرون‪ ]89[.‬وفي‬
‫المخطوطة‪ ،‬وصف ابن الهيثم أيًضا تصّو را مبكرا لشفرة أوكام‪ ،‬حيث افترض وجود بعض‬
‫الخصائص التي تميز الحركات الفلكية في حدها األدنى‪ ،‬في محاولة منه في نموذجه للكواكب‬
‫لتجاهل الفرضيات الكونية التي ال يمكن مالحظتها من األرض‪]90[.‬‬

‫اعمال فلكية أخرى‬


‫فّر ق ابن الهيثم بين علم التنجيم وعلم الفلك‪ ،‬وفّند دراسة التنجيم‪ ،‬وذلك بسبب األساليب التي‬
‫يستخدمها المنجمون التي تعتمد على التخمين بدًال من التجربة‪ ،‬ولتعارض التنجيم مع اإلسالم‪[.‬‬
‫‪]91‬‬

‫في كتاب المناظر‪ ،‬كان ابن الهيثم أول من اكتشف أن المجاالت السماوية ال تتكون من أجسام‬
‫صلبة‪ .‬اكتشف أيًض ا أن الفضاء أقل كثافة من الهواء‪ ،‬وهو ما أثبته بعد ذلك ويتلو‪ ،‬وكان لها تأثير‬
‫كبير على أعمال كوبرنيكس وتيخو براهي في علم الفلك‪]92[.‬‬

‫كتب ابن الهيثم أيًض ا أطروحة بعنوان في درب التبانة‪ ]93[،‬والذي حل فيها المسائل المتعلقة‬
‫بالمجرة وتزيح درب التبانة‪ ]85[.‬قديًم ا‪ ،‬اعتقد أرسطو أن درب التبانة تكّو ن نتيجة ألسنة نيران‬
‫بعض النجوم الكثيرة الكبيرة المتقاربة من بعضها البعض‪ ،‬وأن هذه النيران تشتعل في الجزء‬
‫العلوي من الغالف الجوي في مجاالت أقمار تلك النجوم‪ ]94[.‬استنكر ابن الهيثم ذلك ألنه ليس‬
‫لمجرة درب التبانة تزيح‪ ،‬وهي بعيدة جًدا عن األرض وال تنتمي لغالف األرض الجوي‪]95[.‬‬
‫وكتب أنه إذا كانت مجرة درب اللبانة تقع حول الغالف الجوي لألرض‪" ،‬يجب على المرء أن‬
‫يجد فرًقا في الموقع بالنسبة للنجوم الثابتة‪ ".‬ووصف طريقتين لوصف تزيح مجرة درب اللبانة ‪:‬‬
‫"إما عندما يالحظ المرء درب التبانة في مناسبتين مختلفتين من نفس البقعة من األرض‪ ،‬أو‬
‫عندما ينظر أحد إليها في وقت واحد من مكانين متباعدين فوق سطح األرض‪ ".‬وقدم أول محاولة‬
‫لمراقبة وقياس تزيح مجرة درب اللبانة‪ ،‬وأثبت أنه ما دام ليس هناك تزيح لمجرة درب التبانة‪،‬‬
‫فهي ال تنتمي إلى الغالف الجوي‪]96[.‬‬
‫في عام ‪1858‬م‪ ،‬إدعى محمد والي بن محمد جعفر في كتابه "شجراف نامه"‪ ،‬أن ابن الهيثم كتب‬
‫مخطوطة مراتب السماء تصّو ر فيها نموذجا للكواكب مشابه لنموذج تيخو براهي‪ ،‬حيث تدور‬
‫الكواكب حول الشمس والتي بدورها تدور حول األرض‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬لكن هذا التحقق من هذا‬
‫االدعاء يبدو مستحيًال‪ ،‬حيث لم يتمأعماله في الرياضيات‬

‫في الرياضيات‪ ،‬اعتمد ابن الهيثم في عمله على أعمال إقليدس وثابت بن قرة‪ .‬فقد وضع نظاًم ا‬
‫للقطع المخروطي ونظرية األعداد‪ ،‬والتي تعتبر من أقدم أعمال الهندسة التحليلية‪ ،‬وربط بين‬
‫الجبر والهندسة‪ ،‬وهو ما استفاد منه رينيه ديكارت في تطوير الهندسة التحليلية وإسحاق نيوتن في‬
‫التفاضل والتكامل‪]98[.‬‬

‫الميكانيكا‬

‫في مجاالت الديناميكا والحركة‪ ،‬ناقش ابن الهيثم مخطوطته رسالة في المكان نظريات حركة‬
‫األجسام‪ .‬وأكد أن األجسام في حركة دائمة ما لم يوقفها قوة خارجية أو يتغير اتجاهها‪ ]71[.‬كان‬
‫هذا مماثال لمفهوم القصور الذاتي‪ ،‬ولكنه لم يحقق تلك الفرضية بالتجربة‪ .‬كانت إضافته الرئيسية‬
‫في الميكانيكا التقليدية‪ ،‬تعريفه لقوة االحتكاك‪ ،‬التي أثبتها جاليليو جاليلي بعد عدة قرون‪ ،‬وصيغت‬
‫بعد ذلك في قانون نيوتن األول للحركة‪ .‬وفي نفس المخطوطة‪ ،‬عارض فكرة أرسطو بأن الطبيعة‬
‫تمقت فراغ‪ ،‬واستخدم الهندسة إلثبات أن المكان هو فراغ ثالثي األبعاد بين األسطح الداخلية‬
‫للجسم الذي يحتويه‪ ]99[.‬كما اكتشف ابن الهيثم أيًض ا مفهوم القوة الدافعة الذي أصبح جزًء من‬
‫قانون نيوتن الثاني للحركة‪ ،‬في نفس الوقت تقريًبا الذي اكتشف فيه ابن سينا ذلك‪]100[.‬‬

‫وفي كتاب المناظر‪ ،‬وضع العديد من مالحظات ابن الهيثم التجاربية في الميكانيكا‪ ،‬وكيف استخدم‬
‫نتائج تجاربه لتفسير ظواهر ضوئية معينة باستخدام القياس الميكانيكي‪ .‬أجرى ابن الهيثم تجارب‬
‫باستخدام قذائف‪ ،‬وخُلص إلى أنه "وحدها القذائف العمودية القوية بما يكفي لها القدرة على‬
‫اختراق األسطح‪ ،‬في حين أن التي تسقط بزاويا مائلة تحيد‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬لشرح االنكسار‬
‫من وسط قليل الكثافة إلى آخر أكثر كثافة وباستخدام القياس الميكانيكي‪ ،‬ألقى ابن الهيثم كرة حديد‬
‫على لوح صخري رقيق يغطي حفرة واسعة في صفيحة معدنية عمودًيا فكسرته واخترقت‪ ،‬في‬
‫حين عندما ألقاها بزاوية مائلة بنفس القوة ومن نفس االرتفاع لم تخترق"‪ .‬فأوضح بذلك الفارق‬
‫بين االصطدام المرن‪ ،‬وغير المرن‪ ،‬واستخدم ابن الهيثم هذه النتيجة لشرح كيف أن الضوء‬
‫الكثيف المباشر يؤذي العينين ‪" :‬بتطبيقه للقياس الميكانيكي ليبين تأثير أشعة الضوء على العين‪،‬‬
‫استخدم ابن الهيثم أشعة ضوئية قوية عمودية وأخرى ضعيفة مائلة‪ ،‬ليثبت أنه وحدها األشعة‬
‫القوية التي تخرج عمودًيا من كل نقطة على سطح الكائنات المضيئة‪ ،‬هي القادرة على اختراق‬
‫العين‪]101[".‬‬

‫الهندسة‬

‫في الهندسة‪ ،‬طّو ر ابن الهيثم علم الهندسة التحليلية وربط بين الجبر والهندسة‪ .‬كما اكتشف ابن‬
‫الهيثم صيغة إضافة أول ‪ 100‬عدد طبيعي‪ ،‬واستخدم ابن الهيثم برهاًنا هندسًيا إلثبات تلك‬
‫الصيغة‪]102[.‬‬
‫كانت أول محاولة البن الهيثم إلثبات مسلمة التوازي اإلقليدية والمسلمة الخامسة في كتاب‬
‫العناصر إلقليدس‪ ،‬باستخدام البرهان بنقض الفرض‪ ]103[،‬حيث قدم مفهومي الحركة والتحويل‬
‫في الهندسة‪ ]104[.‬كما اكتشف رباعي أضالع المبرت‪ ،‬الذي سماه بوريس إبراموفيتش‬
‫روزنفيلد بـ "رباعي أضالع ابن الهيثم‪-‬المبرت"‪ ]105[،‬وحاول أيًض ا إثبات أوجه تشابهها مع‬
‫مسلمة بالي فير‪ ]67[.‬كانت نظرياته حول رباعيات األضالع بما في ذلك رباعية المبرت‪ ،‬أولى‬
‫النظريات في الهندسة اإلهليجية والهندسة الزائدية‪ .‬هذه النظريات‪ ،‬إضافة إلى بدائلها المسلم بها‬
‫مثل مسلمة بالي فير‪ ،‬يمكن اعتبارها أول بداية للهندسة الال إقليدية‪ .‬كان ألعماله تأثيًرا كبيًرا‬
‫على علماء الهندسة الفرس كعمر الخيام ونصير الدين الطوسي واألوروبيين كويتلو‬
‫وجرسونيدس وجون واليس وساتشيري[‪ ]106‬وكريستوفر كالفوس‪]107[.‬‬

‫في الهندسة األولية‪ ،‬حاول ابن الهيثم في مخطوطته مقالة في تربيع الدائرة حل مسألة تربيع‬
‫الدائرة باستخدام األشكال الهاللية‪ ،‬ولكنه توقف حينما وجدها مهمة مستحيلة‪ ]23[.‬تناول ابن‬
‫الهيثم أيًض ا مشاكل أخرى هندسية أولية (إقليدية) ومتقدمة (أبولونية وأرخميدية)‪ ،‬وكان أول من‬
‫حّل بعضها‪]30[.‬‬

‫نظرية األعداد‬

‫ابن الهيثم على عملة من فئة ‪ 10,000‬دينار عراقي‬

‫تضمنت اسهاماته في نظرية األعداد أعماله حول األعداد المثالية‪ .‬وفي مخطوطته مقالة في‬
‫التحليل والتركيب‪ ،‬كان ابن الهيثم أول من يدرك أن كل عدد مثالي له الصيغة ‪2‬ن‪2(1−‬ن ‪)1 −‬‬
‫حيث ‪2‬ن ‪ 1 −‬هو عدد أولي‪ ،‬لكنه لم يتمكن من إثبات هذه النتيجة بنجاح (أثبت أويلر ذلك في‬
‫القرن الثامن عشر)‪]23[.‬‬

‫حّل ابن الهيثم مسائل تتضمن حاالت التطابق باستخدام ما يسمى اآلن مبرهنة ويلسون‪ .‬وفي كتابه‬
‫المناظر‪ ،‬قال ابن الهيثم أنه لحل نظام من التطابقات‪ ،‬هناك طريقتين‪" ،‬األولى" الطريقة الكنسية‬
‫مثلما ذكر ويلسون‪ ،‬و"الثانية" تشبه مبرهنة الباقي الصيني‪]23[.‬‬

‫أعمال أخرى‬

‫علم النفس‬

‫في علم النفس والموسيقى‪ ،‬كان البن الهيثم مخطوطة حول تأثير األنغام على أرواح الحيوانات‪،‬‬
‫والتي تعد أقدم مخطوطة تتعامل مع تأثير الموسيقى على الحيوانات‪ .‬في تلك المخطوطة‪ ،‬قال‬
‫سرعة الجمل تزداد وتقل مع استخدام الحداء‪ ،‬وضرب أمثلة أخرى حول كيفية تأثير الموسيقى‬
‫على سلوك الحيوان وسيكولوجيته‪ ،‬وقد أجرى تجاربه على الطيور والخيول والزواحف‪ .‬وحتى‬
‫القرن التاسع عشر‪ ،‬اعتقد معظم علماء الغرب بأن الموسيقى لها تأثير واضح على ظاهر‬
‫اإلنسان‪ ،‬ولكن التجارب أثبتت وجهة نظر ابن الهيثم بأن الموسيقى لها تأثير على الحيوانات‬
‫أيًضا‪ ]108[.‬كما أكد العالم النفسي السوداني عمر خليفة أنه ينبغي اعتبار ابن الهيثم "مؤسس علم‬
‫النفس التجريبي"‪ ،‬لعمله الرائد في علم نفس اإلدراك البصري والخدع البصرية‪ ]109[،‬وهو‬
‫أيًض ا مؤسس علم النفس الفيزيقي‪ ،‬أحد مقدمات لعلم النفس الحديث‪.‬‬

‫الهندسة المدنية‬

‫في مجال الهندسة المدنية‪ ،‬يعد أهم أعماله المدنية استدعاء الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر هللا له‬
‫لتنظيم فيضان النيل في مصر‪ ]110[.‬أعد ابن الهيثم دراسة علمية مفصلة حول الفيضان السنوي‬
‫لنهر النيل‪ ،‬ورسم ابن الهيثم خطة لبناء سد‪ ،‬في موقع سد أسوان في العصر الحديث‪ .‬وأثناء‬
‫معاينته العملية للموقع الحًقا‪ ،‬تبين له عدم جدوى هذا المخطط‪ ]111[،‬ثم إدعى الجنون ليفلت من‬
‫عقاب الخليفة‪ ]112[.‬كما ذكر عبد الرحمن الخازني‪ ،‬أن ابن الهيثم كتب أيًضا مخطوطة ُتقّد م‬
‫وصًفا لعمل ساعة مائية‪]113[.‬‬

‫الفلسفة‬

‫في الفلسفة‪ ،‬انتقد ابن الهيثم في مخطوطة رسالة في المكان مفهوم التوبوس عند أرسطو‪ .‬ففي‬
‫فيزياء أرسطو‪ ،‬ذكر أرسطو أن المكان هو الشئ ثنائي األبعاد الساكن الذي يحتوي الجسم‬
‫ويتصل به‪ .‬اختلف ابن الهيثم مع ذلك‪ ،‬وأثبت أن المكان هو فراغ ثالثي األبعاد بين األسطح‬
‫الداخلية للجسم الذي يحتويه‪ .‬وأوضح أن المكان أقرب إلى فضاء‪ ،‬مما ألقى الضوء على مفهوم‬
‫المكان عند رينيه ديكارت في القرن السابع عشر‪ .‬بعد رسالة في المكان‪ ،‬كتب ابن الهيثم‬
‫مخطوطته قول في المكان‪ ،‬والتي قّد م فيها إثباًتا هندسًيا حول هندسية المكان‪ ،‬يعارض مفهوم‬
‫أرسطو الفلسفي حول المكان‪ .‬وقد كتب عبد اللطيف البغدادي المؤيد لرأي أرسطو الفلسفي حول‬
‫المكان‪ ،‬رًدا على تلك الفكرة بكتابه "الرد على ابن الهيثم في المكان"‪]99[.‬‬

‫ناقش ابن الهيثم أيًض ا تخيل الفضاء وآثاره المعرفية في كتاب المناظر‪ .‬كما أدى إثباته بالتجربة‬
‫لنموذج ولوج الرؤية إلى تغييرات في فهم طريقة اإلدراك البصري للفضاء‪ ،‬على النقيض من‬
‫نظرية انبعاث الرؤية السابقة التي أيدها إقليدس وبطليموس‪]114[.‬‬

‫يعتقد البعض أن نظريات ابن الهيثم حول األلم واإلحساس متأثرة بالفلسفة البوذية‪ ،‬فقد كتب أن‬
‫كل إحساس هو شكل من أشكال المعاناة‪ ،‬وأن ما يدعوه الناس باأللم هو مجرد مبالغة في التخيل؛‬
‫إذ ال يوجد فرق نوعي ولكن فقط فرق كّم ي بين األلم واإلحساس العادي‪]115[.‬‬

‫العلوم الدينية‬

‫كتب ابن الهيثم عمًال دينًيا‪ ،‬تطرق فيه للنبوة ووضع نظاًم ا ذا معايير فلسفية لمقارعة المكذبين في‬
‫زمنه‪ ]116[.‬كما كتب مخطوطة حول "العثور على إتجاه القبلة بالحساب"‪]93[.‬‬

‫وقد كتب في مخطوطته حول شكوكه فيما يتعلق ببطليموس ‪:‬‬

‫البحث عن الحقيقة في حد ذاتها أمر صعب‪ ،‬والطريق إلى‬


‫ذلك وعر‪ .‬فالحقائق يكتنفها الغموض‪ .‬هللا لم يعصم العلماء من الخطأ‪ ،‬ولم يحم العلم من القصور‬
‫والنقص‪ .‬لو كان هذا هو الحال‪ ،‬لما اختلف العلماء على أي من مسائل العلم‪]117[...‬‬
‫في مخطوطة الحركة المتعرجة ‪ ،‬كتب ابن الهيثم ‪:‬‬

‫مما قاله الشيخ الجليل‪ ،‬فمن الواضح أنه يعتقد في كل ما يقول‬


‫بطليموس‪ ،‬دون االعتماد على إثبات أو دليل‪ ،‬ولكن عن طريق التقليد الخالص‪ .‬وهو ما ال يجوز‬
‫إال في إتباع سنن األنبياء عليهم السالم‪ ،‬ال مع المختصين بالرياضيات‪]118[.‬‬

‫وصف ابن الهيثم منهجه‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫سعيت دوًم ا نحو المعرفة والحقيقة‪ ،‬وآمنت بأني لكي أتقرب‬


‫إلى هللا‪ ،‬ليس هناك طريقة أفضل من ذلك من البحث عن المعرفة والحقيقة‪ ]119[.‬سرد‬
‫مخطوطته تلك في قائمة كتب ابن الهيثم المعروفة‪]97[.‬‬

‫حياء ذكراه‬

‫في عام ‪ ،2014‬رّك زت حلقة "االختباء في الضوء" من المسلسل الوثائقي الذي يحمل اسم‬
‫"الكون‪ :‬ملحمة في الفضاء والزمن" (باإلنجليزية‪)Cosmos: A Spacetime Odyssey :‬‬
‫الذي قّد مه نيل دي جراس تايسون‪ ،‬على إنجازات ابن الهيثم‪ ،‬وتحّد ث عنه ألفريد مولينا خالل‬
‫الحلقة‪ .‬قّد م جاكوب برونوفسكي أعمال ابن الهيثم في مسلسل وثائقي تلفزيوني مشابه (وفي‬
‫الكتاب المقابل للفيلم الوثائقي)‪ ،‬باسم "ارتقاء اإلنسان" (باإلنجليزية‪)The Ascent of Man :‬‬
‫ُعرض قبل أكثر من أربعين عاًم ا من عرض المسلسل األسبق‪ ،‬حيث أشار برونوفسكي في الحلقة‬
‫الخامسة (حاملة عنوان "موسيقى المجاالت")‪ ،‬إلى أّن ابن الهيثم كان في نظره "العقل العلمي‬
‫األصيل تمامًا الذي أنتجته الثقافة العربّية"‪ ،‬والذي لم تتطّور نظرّياته في علم البصريات حّتى‬
‫زمن نيوتن وليبنيز‪ .‬كتب إتش جيه جيه وينتر‪ ،‬وهو مؤّر خ بريطاني في مجال لعلوم‪ُ ،‬م لِّخ صًا‬
‫أهّم ّية ابن الهيثم في تاريخ الفيزياء‪:‬‬

‫«بعد وفاة أرخميدس‪ ،‬لم يظهر أّي فيزيائّي عظيم حّتى ابن الهيثم‪ .‬إذًا‪ ،‬إذا ما قصرنا اهتمامنا فقط‬
‫على تاريخ الفيزياء‪ ،‬فهناك فترة طويلة تمتّد ألكثر من ألٍف ومئتي عاٍم َم ّهد خاللها العصر الذهبّي‬
‫لليونان الطريَق لعصِر المدرسة اإلسالمية‪ ،‬وللروح التجريبّية لنبل فيزيائي من العصور القديمة‬
‫ظهرت مجّد دًا في العالم العربي من قلب مدينة البصرة‪»]120[.‬‬

‫أطلقت اليونسكو ومديرها العاّم إيرينا بوكوفا على السنة الدولية للضوء في عام ‪ 2015‬اسم ابن‬
‫الهيثم "أبو البصريات"‪ ]121[.‬بهدف االحتفال بإنجازات ابن الهيثم في مجال البصرّيات‬
‫والرياضّيات وعلم الفلك‪ .‬أنشأت منظمة "‪ 100‬اختراع واختراع" (باإلنجليزية‪1001 :‬‬
‫‪ )Inventions‬حملًة دولّية بعنوان "‪ 100‬اختراع واختراع وعاَلُم ابن الهيثم" (باإلنجليزية‪:‬‬
‫‪ )Inventions and the World of Ibn Al-Haytham 1001‬ضّم ت سلسلة من المعارض‬
‫التفاعلّية وورش العمل والعروض الحّية حول أعمال هذا العالم المسلم‪ ،‬وذلك بالشراكة مع مراكز‬
‫ومهرجانات علمّية ومتاحف ومؤّسسات تعليمّية وكذلك منّص ات وسائط اإلعالم الرقمّية‬
‫واالجتماعية‪ ]122[.‬كما أنتجت الحملة وأصدرت فيلمًا تعليمّيًا قصيرًا حمل اسم "‪ 1001‬اختراع‬
‫وعالم ابن الهيثم"‪.‬‬

‫موقع غوغل يحتفي بابن الهيثم‬


‫بمناسبة مرور ‪ 1048‬عام على والدة ابن الهيثم‪ ،‬أصدر موقع غوغل شعارًا خاصًا (‪،)Doodle‬‬
‫واستخدم في الصفحة الرئيسية للموقع يوم األول من تموز (يوليو) ‪2013‬م‪]123[.‬‬

‫مؤلفاته‬

‫وفًقا لمؤرخي العصور الوسطى‪ ،‬ألف وكتب ابن الهيثم أكثر من ‪ 200‬كتاب‪ ،‬وعمل على طائفة‬
‫واسعة من الموضوعات‪ ،‬منها ما ال يقل عن ‪ 96‬عمل علمي معروف‪ .‬وفقدت معظم أعمالُه‬
‫حاليا‪ ،‬ولكن ما زال باقًيا أكثر من ‪ 50‬عمل منها‪ ،‬وخاصة في علم البصريات والذي لم يصل إلينا‬
‫سوى من خالل النسخ المترجمة إلى اللغة الالتينية‪ .‬كما ترجمت كتبُه في علم الكون خالل‬
‫العصور الوسطى‪ ،‬إلى اللغة الالتينية والعبرية وغيرها من اللغات‪ .‬وبقيت نحو نصف أعماله في‬
‫الرياضيات‪ ،‬ونحو ‪ 23‬عمًال في علم الفلك‪ ،‬و ‪ 14‬في علم البصريات‪ ،‬وأعمال قليلة في‬
‫موضوعات أخرى‪]124[.‬‬

‫من أعماله ‪]125[:‬‬

‫كتاب المناظر‪.‬‬

‫مقالة في التحليل والتركيب‪.‬‬

‫ميزان الحكمة‪.‬‬

‫تصويبات على المجسطي‪.‬‬

‫مقالة في المكان‪.‬‬

‫التحديد الدقيق للقطب‪.‬‬

‫رسالة في الشفق‪.‬‬

‫كيفية حساب اتجاه القبلة‪.‬‬

‫المزولة األفقية‪.‬‬

‫شكوك على بطليموس‪.‬‬

‫مقالة في قرسطون‪.‬‬

‫إكمال المخاريط‪.‬‬

‫رؤية الكواكب‪.‬‬

‫مقالة فی تربیع الدائرة‪.‬‬

‫المرايا المحرقة بالدوائر‪.‬‬

‫تكوين العالم‪.‬‬
‫مقالة فی صورة‌الکسوف‬

‫مقالة في ضوء النجوم‪.‬‬

‫مقالة في ضوء القمر‪.‬‬

‫مقالة في درب التبانة‪.‬‬

‫كيفيات اإلظالل‪.‬‬

‫مقالة في قوس قزح‪.‬‬

‫الشكوك في الحركة المتعرجة‪.‬‬

‫التنبيه على ما في الرصد من الغلط‬

‫ارتفاعات الكواكب‪.‬‬

‫اتجاه القبلة‪.‬‬

‫نماذج حركات الكواكب السبعة‪.‬‬

‫نموذج الكون‪.‬‬

‫حركة القمر‪.‬‬

‫مقالة مستقصاة فی االشکال الهاللیة‪.‬‬

‫الحركة المتعرجة‪.‬‬

‫رسالة في الضوء‪.‬‬

‫رسالة في المكان‪.‬‬

‫تأثير اللحون الموسيقية في النفوس الحيوانية‪]108[.‬‬

‫اختالف منظر القمر‪.‬‬

‫أصول المساحة‪.‬‬

‫أعمدة المثلثات‪.‬‬

‫المرايا المحرقة بالقطوع‪.‬‬

‫شرح أصول إقليدس‪.‬‬

‫رسالة فی مساحة المسجم المکافی‪.‬‬


‫خواص المثلث من جهة العمود‪.‬‬

‫القول المعروف بالغریب فی حساب المعامالت‪.‬‬

‫قول فی مساحة الکرة‪.‬‬

‫الجامع في أصول الحساب‪.‬‬

‫كتاب في تحليل المسائل الهندسية‪.‬‬

‫انظر أيضا‬

‫تاريخ الرياضيات‬

‫تاريخ علم البصريات‬

‫تاريخ الفيزياء‬

‫تاريخ العلوم‬

‫الرياضيات في عصر الحضارة اإلسالمية‬

‫الفيزياء في عصر الحضارة اإلسالمية‬

‫العصر الذهبي لإلسالم‬

‫المراجع‬

‫^ ‪Charles M. Falco (November 27–29, 2007), Ibn al-Haytham and the‬‬


‫‪Origins of Computerized Image Analysis (PDF), International‬‬
‫)‪ ,Conference on Computer Engineering & Systems (ICCES‬مؤرشف من‬
‫األصل (‪ )PDF‬في ‪ 20‬مارس ‪ ,2012‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 30‬يناير ‪2010‬‬

‫↑ تعدى إلى األعلى ل‪ :‬أ ب ت ث (‪)Lorch 2008‬‬

‫^ ‪Franz Rosenthal (1960–1961), "Al-Mubashshir ibn Fâtik. Prolegomena‬‬


‫‪ ,to an Abortive Edition", Oriens, Brill Publishers, 13‬صفحات ‪[ 158–132‬‬
‫‪ ,]7–136‬مؤرشف من األصل في ‪ 2‬مايو ‪ ,2019‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 30‬يناير ‪2010‬‬

‫^ ‪ — http://data.bnf.fr/ark:/12148/cb12028218d‬تاريخ االطالع‪ 10 :‬أكتوبر ‪2015‬‬


‫— الرخصة‪ :‬رخصة حرة‬

‫^ ‪Review of Ibn al-Haytham: First Scientist, Kirkus Reviews, December‬‬


‫‪:1, 2006‬‬

‫‪a devout, brilliant polymath‬‬


:)Hamarneh 1972(

A great man and a universal genius, long


.neglected even by his own people

:)Bettany 1995(

Ibn ai-Haytham provides us with the historical


.personage of a versatile universal genius

.‫ على موقع واي باك مشين‬2011 ‫ يوليو‬23 ‫نسخة محفوظة‬

.)‫ (باللغة اإلنجليزية‬J., Vernet,. "Ibn al-Hayt̲ h̲ am". Encyclopaedia of Islam ^


Abu ʿAlī al-Ḥasan b. al-Ḥasan b. al-" .2019 ‫ مايو‬31 ‫مؤرشف من األصل في‬
Hayt̲ h̲ am al-Baṣrī al-Miṣrī , was identified towards the end of the 19th
century with the Alhazen , Avennathan and Avenetan of mediaeval Latin
texts. He is one of the principal Arab mathematicians and, without any
".doubt, the best physicist

Simon 2006 ^

‫ (باللغة‬OPTICS – Encyclopaedia Iranica". www.iranicaonline.org" ^


.2019 ‫ مايو‬31 ‫ مؤرشف من األصل في‬.)‫اإلنجليزية‬

Ibn al-Haytham | Arab astronomer and mathematician". Encyclopedia " ^


.2019 ‫ يوليو‬8 ‫ مؤرشف من األصل في‬.)‫ (باللغة اإلنجليزية‬Britannica

Esposito, John L. (2000). The Oxford History of Islam. Oxford ^


Ibn al-Haytham (d. 1039), known in the" : .192 ‫ صفحة‬.University Press
West as Alhazan, was a leading Arab mathematician, astronomer, and
physicist. His optical compendium, Kitab al-Manazir, is the greatest
".medieval work on optics

‫ سلسلة تاريخ العلوم عند العرب‬- ‫ بحوثه وكشوفه البصرية‬،‫ الحسن بن الهيثم‬:‫^ مصطفى نظيف‬
‫ مركز دراسات الوحدة العربية‬،)8(

The rainbow bridge: rainbows in art, myth, and science". Raymond L. " ^
Lee, Alistair B. Fraser (2001). Penn State Press. p.142. ISBN 0-271-
.‫ على موقع واي باك مشين‬2014 ‫ فبراير‬21 ‫ نسخة محفوظة‬01977-8

)2004 ‫ محمود الديك‬.‫ أ ب ت ث (د‬:‫↑ تعدى إلى األعلى ل‬


Abhandlung über das Licht", J. Baarmann (ed. 1882) Zeitschrift der ^
Deutschen Morgenländischen Gesellschaft Vol 36

BBC NEWS | Science & Environment | The 'first ‫ أ ب‬:‫↑ تعدى إلى األعلى ل‬
.‫ على موقع واي باك مشين‬2018 ‫ أغسطس‬16 ‫' نسخة محفوظة‬true scientist

Thiele, Rüdiger (2005), "In Memoriam: Matthias Schramm", Arabic ^


,331–329 ‫ صفحات‬,15 ,‫ مطبعة جامعة كامبريدج‬,Sciences and Philosophy
doi:10.1017/S0957423905000214

Thiele, Rüdiger (August 2005), "In Memoriam: Matthias Schramm, ^


,274–271 ‫ صفحات‬,1928–2005", Historia Mathematica, 32
doi:10.1016/j.hm.2005.05.002

)Grant 2008( ^

)p. 149 ,1993 ‫ أ ب ت (كوربين‬:‫↑ تعدى إلى األعلى ل‬

Paul Lagasse (2007), "Ibn ,)Vernet 2008( ,)Grant 2008( ,)Smith 1992( ^
Columbia, ISBN 0- ,)Sixth ‫ (الطبعة‬al-Haytham", Columbia Encyclopedia
2008 ‫ يناير‬23 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2009 ‫ مارس‬16 ‫ مؤرشف من األصل في‬,7876-5075-7

Dessel, Nehrich & Voran 1973,( ,)Child, Shuter & Taylor 1992, p. 70( ^
Understanding History by John ,)Samuelson Crookes, p. 497( ,)p. 164
Child, Paul Shuter, David Taylor - Page 70. "Alhazen, a Persian scientist,
showed that the eye saw light from other objects. This started optics, the
.science of light. The Arabs also studied astronomy, the study of the stars
"

651‫ ص‬، ‫ عمان األردن‬، ‫ مكتبة المسيرة‬، ‫ تاريخ العلوم عند العرب‬، ‫^ الدكتور مصطفى النشار‬

)O'Connor & Robertson 1999( ‫ أ ب ت ث ج ح خ‬:‫↑ تعدى إلى األعلى ل‬

Sajjadi, Sadegh, "Alhazen", Great Islamic Encyclopedia, Volume 1, ^


;Article No. 1917

)1998 ‫^ (سردار‬

)Bettany 1995, p. 251( ‫ أ ب‬:‫↑ تعدى إلى األعلى ل‬

)Hodgson 2006, p. 53( ^

)1978a, p. 54 ‫^ (صبرة‬
97‫ ص‬، ‫ المرجع السابق‬، ‫^ مصطفى النشار‬

)2003 ‫ أ ب ت ث (صبرة‬:‫↑ تعدى إلى األعلى ل‬

)2002b ‫^ (راشد‬

‫ على موقع واي باك‬2012 ‫ يونيو‬19 ‫ نسخة محفوظة‬the Great Islamic Encyclopedia ^
.‫مشين‬

)Van Sertima 1992, p. 382( ^

.Lindberg, 1996 ^

)Lindberg 1967, p. 331( ^

)Smith 2001, p. xxi( ^

)Topdemir 2007a, p. 77( ^

)2005a ‫ أ ب (البزري‬:‫↑ تعدى إلى األعلى ل‬

)2005b ‫(البزري‬

)Topdemir 2007a, p. 83( ^

)cf. (Topdemir 2008)( )Topdemir 1999( ^

)Gorini 2003( ‫ أ ب‬:‫↑ تعدى إلى األعلى ل‬

16 ‫ مؤرشف من األصل في‬,22-03-2006 ,‫ ناسا‬,Alhazen (1999 CR2) 59239 ^


2008 ‫ سبتمبر‬20 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2019 ‫ديسمبر‬

^
https://www.aku.edu/res-office/pdfs/AKU_Research_Publications_1995-
,.‫ على موقع واي باك مشين‬2016 ‫ مارس‬17 ‫ نسخة محفوظة‬1998.pdf
www.aku.edu/Admissions/pdfs/AKU_Prospectus_2008.pdf

)Murphy 2003( ‫ أ ب‬:‫↑ تعدى إلى األعلى ل‬

)Burns 1999( ^

)Crombie 1971, p. 147, n. 2( ^

Opticae ‫ الذي يعرف أيًضا باسم‬Grant 1974 p.392 the Book of Optics ^
1 ‫ نسخة محفوظة‬Perspectiva ‫ أو‬De Aspectibus ‫ أو‬Thesaurus Alhazen Arabis
.‫ على موقع واي باك مشين‬2014 ‫مارس‬
Alhazen (965–1040): Library of Congress Citations, Malaspina Great ^
2008 ‫ يناير‬23 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2011 ‫ يونيو‬7 ‫ مؤرشف من األصل في‬,Books

passim ,)Lindberg 1996, p. 11( ^

)Lindberg 1976, pp. 60–7( ^

)Toomer 1964( ^

)Heeffer 2003( ^

)cf. (Mihas 2005, p. 5)( )pp. 96–7 ,1981 ‫^ (صبرة‬

:)Kelley, Milone & Aveni 2005( ^

The first clear description of the device appears in the Book of Optics "«
»".of Alhazen

:)Wade & Finger 2001( ^

The principles of the camera obscura first began to be correctly analysed "
".in the eleventh century, when they were outlined by Ibn al-Haytham

Batchen, Geoffrey. "Images formed by means of a camera obscura". ^


Burning with Desire: The Conception of Photography. Cambridge, MA:
ISBN 0-262-52259-4. The camera obscura .85–78 ‫ صفحات‬.MIT Press
.looms large in traditional historical accounts of photography's invention

Gul A. Russell, "Emergence of Physiological ‫ أ ب‬:‫↑ تعدى إلى األعلى ل‬


)1996 ‫ & راشد‬Morelon( Optics", p. 689, in

)Saad, Azaizeh & Said 2005, p. 476( ^

)Wade 1998( ‫ أ ب‬:‫↑ تعدى إلى األعلى ل‬

)Howard & Wade 1996( ^

( Gul A. Russell, "Emergence of Physiological Optics", p. 691, in ^


)1996 ‫ & راشد‬Morelon

( Gul A. Russell, "Emergence of Physiological Optics", p. 695–8, in ^


)1996 ‫ & راشد‬Morelon

Smith, A. Mark (1992). "Review of A. I. Sabra, The Optics of Ibn al- ^


Haytham. Books I, II, III: On Direct Vision". The British Journal for the
‫ مؤرشف من‬.History of Science. Cambridge University Press. 25 (3): 358–9
.2010 ‫ أبريل‬27 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬.2016 ‫ نوفمبر‬9 ‫األصل في‬

)Smith 2001, pp. 372 & 408( ^

)Weisstein( ^

)Katz 1995, pp. 165–9 & 173–4( ^

)Smith 1992( ‫ أ ب‬:‫↑ تعدى إلى األعلى ل‬

)Highfield 1997( ^

Ibn al-Haytham: First Scientist, .)2006( )‫ (برادلي ستيفنز‬Bradley Steffens ^


.Chapter 5. Morgan Reynolds Publishing. ISBN 1-59935-024-6

)Wade & Finger 2001( ^

)2006 ‫ أ ب ت (البزري‬:‫↑ تعدى إلى األعلى ل‬

)Hershenson 1989, pp. 9–10( ^

)Duhem 1969, p. 28( ^

)Professor Abattouy 2002( ^

)Toomer 1964, pp. 463–4( ‫ أ ب‬:‫↑ تعدى إلى األعلى ل‬

)Langerman 1990, pp. 8–10( ^

)1978b, p. 121, n. 13 ‫^ (صبرة‬

Nicolaus Copernicus, Stanford Encyclopedia of Philosophy, 2005-04- ^


2008 ‫ يناير‬23 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2019 ‫ أكتوبر‬6 ‫ مؤرشف من األصل في‬,18

)p. 300 ,1998 ‫^ (صبرة‬

)Pines 1986, pp. 438–9( ^

Qadir 1989,( ‫^ رغم ذلك ذكر بعض الكتاب أن ابن الهيثم أقر بمركزية الشمس (أنظر‬
.))pp. 5–6 & 10

chap. 2, sect. 22, p. 61 ,)Langerman 1990( ^

)Langerman 1990, pp. 34–41( ^

)Gondhalekar 2001, p. 21( ^


‫↑ تعدى إلى األعلى ل‪ :‬أ ب (راشد ‪)2007‬‬

‫^ (راشد ‪)p. 20 & 53 ,2007‬‬

‫^ (راشد ‪)pp. 33–4 ,2007‬‬

‫^ (راشد ‪)pp. 20 & 32–33 ,2007‬‬

‫^ (راشد ‪)pp. 51–2 ,2007‬‬

‫^ (راشد ‪)pp. 35–6 ,2007‬‬

‫^ (صليبة ‪)pp. 60 & 67–69 ,1994‬‬

‫^ (‪)Rosen 1985, pp. 19–21‬‬

‫↑ تعدى إلى األعلى ل‪ :‬أ ب (‪)Topdemir 2007b‬‬

‫^ (‪)Montada 2007‬‬

‫^ (بوعلي‪ ,‬زغال & بنلخضر ‪)2005‬‬

‫^ (‪)Mohamed 2000, pp. 49–50‬‬

‫^ (‪)Arjomand 1997, pp. 5–24‬‬

‫^ (فاروقي ‪)pp. 395–6 ,2006‬‬

‫↑ تعدى إلى األعلى ل‪ :‬أ ب (البزري ‪)2007‬‬

‫^ (نصر ‪)2003‬‬

‫^ ‪Gul A. Russell, "Emergence of Physiological Optics", p. 695, in‬‬


‫‪ ;Morelon, Régis‬راشد‪ ,‬رشدي (‪Encyclopedia of the History of Arabic ,)1996‬‬
‫‪Science, 2, Routledge, ISBN 0415124107‬‬

‫^ (‪Chapter 1 ,)Rottman 2000‬‬

‫^ (‪)Eder 2000‬‬

‫^ (‪:)Katz 1998, p. 269‬‬

‫في الحقيقة‪ ،‬هذه الطريقة عرّفت الخطوط المتوازية بأنها‬


‫الخطوط المتباعدة عن بعضها دائًم ا‪ ،‬كما أضاف مفهوم الحركة إلى الهندسة‪.‬‬

‫^ (‪)Rozenfeld 1988, p. 65‬‬


‫^ (‪:)Rozenfeld & Youschkevitch 1996, p. 470‬‬

‫ساهم العلماء الثالثة ابن الهيثم والخيام والطوسي بأعظم‬


‫االسهامات لهذا الفرع من الهندسة‪ ،‬الذي لم يحظ باالهتمام الواجب إال في القرن التاسع عشر‪،‬‬
‫الذي اختص في جوهره بخصائص رباعي األضالع‪ ،‬والذي اعتبروا بعض زواياه حادة والبعض‬
‫منفرجة‪ ،‬مما مثل النظريات األولى في الهندسة اإلهليجية‪ .‬الفرضيات األخرى تقول بأن حاالته‬
‫الهندسية المختلفة تعادل مسلمة إقليدس الخامسة‪ .‬من المهم جًدا معرفة أن هؤالء العلماء‪ ،‬ربطوا‬
‫بين هذه الفرضية ومجموع زوايا المثلث ورباعي األضالع‪ .‬وبأعمالهم على نظرية توازي‬
‫الخطوط‪ ،‬أثر الرياضياتيون العرب مباشرة على نظرائهم األوربيين‪ .‬أول المحاوالت األوربية‬
‫إلثبات مسلمة الخطوط المتوازية كانت على يد ويتلو‪ ،‬العالم البولندي في القرن التاسع عشر‪،‬‬
‫ناصًح ا بمراجعة كتاب المناظر البن الهيثم والمصادر العربية‪ .‬تطّو رت اإلثباتات في القرن الرابع‬
‫عشر على يد العالم اليهودي جريسونيدس‪ ،‬الذي عاش في جنوب فرنسا‪ ،‬والمذكور سلًفا ألفونسو‬
‫اإلسباني اللذان اعتمدا مباشرة على إثباتات ابن الهيثم‪ .‬ولقد أثبتوا أن شروحات بسيدو‪-‬توسي‬
‫إلقليدس حفزت واليس وساتشيري على دراسة نظرية توازي الخطوط‪.‬‬

‫^ (‪)Rozenfeld & Youschkevitch 1996, p. 93‬‬

‫↑ تعدى إلى األعلى ل‪ :‬أ ب (‪)Plott 2000, p. 461‬‬

‫^ (خليفة ‪)1999‬‬

‫^ ‪Rashed, Roshdi (2002-08-02), "PORTRAITS OF SCIENCE: A‬‬


‫‪,Polymath in the 10th Century", Science, Science magazine, 297‬‬
‫صفحة ‪ ,doi:10.1126/science.1074591, PMID 12161634 ,773‬مؤرشف من‬
‫األصل في ‪ 25‬يونيو ‪ ,2009‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 16‬سبتمبر ‪2008‬‬

‫^ ‪Corbin, Henry (1993; original French 1964), History of Islamic‬‬


‫;‪Philosophy, Translated by Liadain Sherrard, Philip Sherrard, London‬‬
‫‪Kegan Paul International in association with Islamic Publications for The‬‬
‫‪ ,Institute of Ismaili Studies‬صفحة ‪ISBN 0-7103-0416-1 ,149‬‬

‫^ (‪Pt. II, p. 459 ,)Plott 2000‬‬

‫^ (الحسن ‪)2007‬‬

‫^ (‪)Smith 2005, pp. 219–40‬‬

‫^ ‪Plott, C. (2000), Global History of Philosophy: The Period of‬‬


‫‪ ,Scholasticism, Motilal Banarsidass‬صفحة ‪ISBN 8120805518 ,462‬‬

‫^ (‪Pt. II, p. 464 ,)Plott 2000‬‬


S. Pines (1962), Actes X Congrès internationale d'histoire des sciences, ^
Vol I, Ithaca, as referenced in Sambursky, Shmuel (ed.) (1974), Physical
,Thought from the Presocratics to the Quantum Physicists, Pica Press
2019 ‫ ديسمبر‬16 ‫ مؤرشف من األصل في‬,ISBN 0-87663-712-8 ,139 ‫صفحة‬

)p. 11 ,2007 ‫^ (راشد‬

Pt. II, p. 465 ,)Plott 2000( ^

Winter, H. J. J. (September 1953). "THE OPTICAL RESEARCHES ^


.210–190 :)1( 3 .)‫ (باللغة اإلنجليزية‬OF IBN AL-HAITHAM". Centaurus
‫ مؤرشف من‬.doi:10.1111/j.1600-0498.1953.tb00529.x. ISSN 0008-8994
.2019 ‫ يوليو‬31 ‫األصل في‬

‫ على موقع واي‬2017 ‫ أبريل‬15 ‫ نسخة محفوظة‬International Year of Light ,2015 ^


.‫باك مشين‬

Years of Arabic Optics to be a Focus of the International Year of 1000" ^


‫ اطلع عليه‬.2019 ‫ مارس‬5 ‫ مؤرشف من األصل في‬.Light in 2015". United Nations
.2014 ‫ نوفمبر‬27 ‫بتاريخ‬

‫ على موقع واي باك‬2014 ‫ يونيو‬24 ‫^ غوغل تحيي ذكرى ميالد ابن الهيثم نسخة محفوظة‬
.‫مشين‬

)2002a, p. 773 ‫^ (راشد‬

)pp. 8–9 ,2007 ‫^ (راشد‬

‫المصادر‬

‫ مؤرشف من األصل‬,‫ موسوعة بريتانيكا‬,"Lorch, Richard (2008), "Ibn al-Haytham


2008 ‫ أغسطس‬06 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2015 ‫ مايو‬30 ‫في‬

Review: Hakim Mohammed Said, Ibn al-Haitham"," ,)1972( ‫ سامي‬,‫حمارنة‬


doi:10.1086/350861 ,119–118 ‫ صفحات‬,Isis (journal), 63

Bettany, Laurence (1995), "Ibn al-Haytham: an answer to multicultural


,252–247 ‫ صفحات‬,science teaching?", Physics Education, 30
doi:10.1088/0031-9120/30/4/011

Ibn Al-Haitham: Master of Optics, Mathematics," ,)2004( ‫ محمود‬.‫ د‬,‫الديك‬


2019 ‫ ديسمبر‬20 ‫ مؤرشف من األصل في‬,Physics and Medicine", Al Shindagah
Grant, Edward (2008), "Alhazen", Encarta Online Encyclopedia,
‫ سبتمبر‬16 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2009 ‫ أغسطس‬29 ‫ مؤرشف من األصل في‬,Microsoft
2008

History of Islamic Philosophy, ,)original French 1964 ;1993( ‫ هنري‬,‫كوربين‬


Translated by Liadain Sherrard, Philip Sherrard, London: Kegan Paul
International in association with Islamic Publications for The Institute of
Ismaili Studies, ISBN 0-7103-0416-1, OCLC 22109949

Smith, John D. (1 March 1992), "The Remarkable Ibn al-Haytham", The


,198–189 ‫ صفحات‬,Mathematical Gazette, Mathematical Association, 76
doi:10.2307/3620392, ISSN 0025-5572

Vernet, J. (4 April 2008), "Ibn al- Hayt̲ h̲ am، Abū ʿalī al-Ḥasan b. al-
Ḥasan (or Ḥusayn) b. al-Hayt̲ h̲ am al-Baṣrī al-Miṣrī", in Bearman, P.;
.Bianquis, Th.; Bosworth, C. E.; van Donzel, E.; Heinrichs, W. P
‫ اطلع عليه‬,Encyclopaedia of Islam, Brill Online: Brill Publishers ,)‫(المحررون‬
2008 ‫ سبتمبر‬16 ‫بتاريخ‬

Child, John; Shuter, Paul; Taylor, David (1992), Understanding History,


Heinemann, ISBN 0-435-31211-1, OCLC 27338645

Dessel, Norman F.; Nehrich, Richard B.; Glenn I., Voran (1973), Science
and Human Destiny, McGraw-Hill, ISBN 0-07-016580-7, OCLC 409664

Samuelson, James; Crookes, William, The Journal of Science, and


Annals of Astronomy, Biology, Geology

Whitaker, Brian (2004-09-23), "Centuries in the House of Wisdom", The


2008 ‫ سبتمبر‬16 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2012 ‫ يونيو‬14 ‫ مؤرشف من األصل في‬,Guardian

O'Connor, J. J.; Robertson, E. F. (November 1999), Abu Ali al-Hasan ibn


‫ سبتمبر‬20 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2019 ‫ أغسطس‬23 ‫ مؤرشف من األصل في‬,al-Haytham
2008

Science in Islamic philosophy", Islamic" ,)1998( ‫ ضياء الدين‬,‫سردار‬


08 ‫ مؤرشف من األصل في‬,Philosophy, Routledge Encyclopedia of Philosophy
2008 ‫ فبراير‬03 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2019 ‫أغسطس‬

Hodgson, Peter Edward (2006), Theology And Modern Physics,


ISBN 978-0-7546- ,)15-01-2006 ‫ (نشر‬Burlington, VT: Ashgate Publishing
3622-9, OCLC 56876894, DDC: 201.653, LCC: BL265.P4 H63 2005
Ibn al-Haytham and the Visual Ray Hypothesis"," ,)1978a( ‫ عبد الحميد‬,‫صبرة‬
:‫ بوسطن‬,Ismaili Contributions to Islamic Culture ,)‫ حسين (المحرر‬,‫ نصر‬in
ISBN 0-87773-731-2 ,216–178 ‫ صفحات‬,Shambhala Publications

Ibn al-Haytham: Brief life of" ,)October–December 2003( ‫ عبد الحميد‬,‫صبرة‬


‫ سبتمبر‬27 ‫ مؤرشف من األصل في‬,an Arab mathematician", Harvard Magazine
2008 ‫ يناير‬23 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2007

PORTRAITS OF SCIENCE: A Polymath in" ,)02-08-2002( ‫ رشدي‬,‫راشد‬


,773 ‫ صفحة‬,the 10th Century", Science, Science magazine, 297
‫ مؤرشف‬,doi:10.1126/science.1074591, ISSN 0036-8075, PMID 12161634
2008 ‫ سبتمبر‬16 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2009 ‫ يونيو‬25 ‫من األصل في‬

Van Sertima, Ivan (2004), Golden Age Of The Moor, Transaction


Publishers, ISBN 1-56000-581-5, OCLC 123168739 25416243 29837541
,)‫= (مساعدة‬oclc| ‫ تأكد من صحة قيمة‬44748929 50901951 56571741 57559516
house+of+wisdom"+ibn+al-hazen&ots=kKgv_RSf8E&sig=-" ‫مؤرشف من‬
2015 ‫ نوفمبر‬09 ‫ األصل في‬giCeXul7QJ8I5-CMdCeTa4a1vs

Lindberg, David C. (1967), "Alhazen's Theory of Vision and Its


doi:10.1086/350266 ,341–321 ‫ صفحات‬,Reception in the West", Isis, 58

Smith, A. Mark (2001), Alhacen's theory of visual perception: a critical


edition, with English translation and commentary, of the first three books
of Alhacen's De aspectibus, the medieval Latin version of Ibn al-
Haytham's Kitab al-Manazir, 91-4, 91-5, Philadelphia: American
Philosophical Society & DIANE Publishing, ISBN 978-0-87169-914-5,
| ‫ تأكد من صحة قيمة‬OCLC 163278528 163278565 185537919 47168716
)‫= (مساعدة‬oclc

Topdemir, Hüseyin Gazi (2007a), "Kamal Al-Din Al-Farisi's Explanation


,of the Rainbow" (PDF), Humanity & Social Sciences Journal, 2
16 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2019 ‫ مايو‬03 ‫) في‬PDF( ‫ مؤرشف من األصل‬,85–75 ‫صفحات‬
2008 ‫سبتمبر‬

A Philosophical Perspective on Alhazen's Optics"," ,)2005a( ‫ نادر‬,‫البزري‬


,Arabic Sciences and Philosophy, Cambridge University Press, 15
doi:10.1017/S0957423905000172 ,218–189 ‫صفحات‬

Medieval ,)‫ (المحرر‬Ibn al-Haytham", in Wallis, Faith" ,)2005b( ‫ نادر‬,‫البزري‬


Science, Technology, and Medicine: An Encyclopedia, New York &
ISBN 0-415-96930-1, ,240–237 ‫ صفحات‬,London: Routledge
)‫= (مساعدة‬oclc| ‫ تأكد من صحة قيمة‬OCLC 218847614 58829023 61228669

Topdemir, Hüseyin Gazi (1999), Takîyüddîn'in Optik Kitabi, Ankara:


Ministry of Culture Press

Topdemir, Hüseyin Gazi (30 June 2008), Taqi al-Din ibn Ma‘ruf and the
Science of Optics: The Nature of Light and the Mechanism of Vision,
‫ يوليو‬04 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2013 ‫ ديسمبر‬09 ‫ مؤرشف من األصل في‬,FSTC Limited
2008

Gorini, Rosanna (October 2003), "Al-Haytham the man of experience.


First steps in the science of vision" (PDF), Journal of the International
‫ مؤرشف من‬,55–53 ‫ صفحات‬,Society for the History of Islamic Medicine, 2
2008 ‫ سبتمبر‬25 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2019 ‫ أغسطس‬02 ‫) في‬PDF( ‫األصل‬

Murphy, Dan (2003-10-17), "No more 'Saddams': Iraqis get new


‫ فبراير‬26 ‫ مؤرشف من األصل في‬,currency", The Christian Science Monitor
2008 ‫ سبتمبر‬21 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2020

Burns, Robert (1999-08-08), "Some fear Iraq may be rebuilding its


‫ مؤرشف من األصل في‬,weapons of mass destruction", Topeka Capital-Journal
2008 ‫ سبتمبر‬21 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2017 ‫ سبتمبر‬13

Crombie, A. C. (1971), Robert Grosseteste and the Origins of


Experimental Science, 1100–1700, Clarendon Press, Oxford University

Grant, Edward (1974), A source book in medieval science, Volume One,


Cambridge MA: Harvard University Press

Lindberg, David C. (1996), Roger Bacon and the Origins of Perspectiva


in the Middle Ages, Clarendon Press

Lindberg, David C. (1976), Theories of Vision from al-Kindi to Kepler,


University of Chicago Press, Chicago, ISBN 0-226-48234-0,
)‫= (مساعدة‬oclc| ‫ تأكد من صحة قيمة‬OCLC 1676198 185636643

Toomer, G. J. (December 1964), "Review: Ibn al-Haythams Weg zur


,465–463 ‫ صفحات‬,Physik by Matthias Schramm", Isis, 55
doi:10.1086/349914
Heeffer, Albrecht (September 14–15, 2003), "Kepler's near discovery of
the sine law: A qualitative computational model", Third International
workshop: Computer models of scientific reasoning and applications
‫ مؤرشف‬,(PDF), Buenos Aires: National Library of the Argentine Republic
2008 ‫ يناير‬23 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2009 ‫ مارس‬19 ‫) في‬PDF( ‫من األصل‬

Mihas, Pavlos (July 15–18, 2005), "Use of History in Developing ideas of


refraction, lenses and rainbow", Eighth International History, Philosophy,
,Sociology & Science Teaching Conference (PDF), University of Leeds
2008 ‫ يناير‬23 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2012 ‫ مايو‬27 ‫) في‬PDF( ‫مؤرشف من األصل‬

Kelley, David H.; Milone, E. F.; Aveni, A. F. (2005), Exploring Ancient


Skies: An Encyclopedic Survey of Archaeoastronomy, Birkhäuser,
" ‫ مؤرشف من‬,ISBN 0-387-95310-8, OCLC 213887290
book+of+optics"+alhazen&sig=5JaW0lvoMQ_agCqQt9eHXltUh5g
2015 ‫ سبتمبر‬12 ‫األصل في‬

Wade, Nicholas J.; Finger, Stanley (2001), "The eye as an optical


instrument: from camera obscura to Helmholtz's perspective", Perception,
doi:10.1068/p3210, PMID 11721819 ,1177–1157 ‫ صفحات‬,30

Encyclopedia of the History of Arabic ,)1996( ‫ رشدي‬,‫; راشد‬Morelon, Régis


Science, 2, Routledge, ISBN 0-415-12410-7, OCLC 34731151

Tradition and" ,)October 2005( ‫ عمر‬,‫ حسن; سعيد‬,‫ بشار; عزايزة‬,‫سعد‬


Perspectives of Arab Herbal Medicine: A Review", Evidence-based
,Complementary and Alternative Medicine, Oxford University Press, 2
doi:10.1093/ecam/neh133, PMC 1297506, ,479–475 ‫صفحات‬
PMID 16322804

Wade, Nicholas J. (1998), A Natural History of Vision, Cambridge, MA:


MIT Press

Howard, Ian P.; Wade, Nicholas J. (1996), "Ptolemy's contributions to the


,201–1189 ‫ صفحات‬,geometry of binocular vision", Perception, 25
doi:10.1068/p251189, PMID 9027922

Highfield, Roger (1 April 1997), "Don solves the last puzzle left by
‫ نوفمبر‬23 ‫ مؤرشف من األصل في‬,ancient Greeks", The Daily Telegraph, 676
2008 ‫ سبتمبر‬24 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2004
‫ مؤرشف من األصل‬,Weisstein, Eric, Alhazen's Billiard Problem, Mathworld
2008 ‫ سبتمبر‬24 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2020 ‫ فبراير‬07 ‫في‬

Katz, Victor J. (1995), "Ideas of Calculus in Islam and India",


174–163 ‫ صفحات‬,Mathematics Magazine, 68

.Ibn al-Haytham or Alhazen", in Meri, Josef W" ,)2006( ‫ نادر‬,‫البزري‬


Medieval Islamic Civilization: An Encyclopaedia, II, New York ,)‫(المحرر‬
ISBN 0-415-96692-2, ,345–343 ‫ صفحات‬,& London: Routledge
)‫= (مساعدة‬oclc| ‫ تأكد من صحة قيمة‬OCLC 224371638 59360024

Hershenson, Maurice (1989), The Moon Illusion, Lawrence Erlbaum


=doi|‫) تأكد من صحة قيمة‬15-09-2009 ‫ (غير نشط‬/Associates, doi:10.1111
‫ تأكد من صحة‬ISBN 0-8058-0121-9, OCLC 20091171 231045807 ,)‫(مساعدة‬
‫ سبتمبر‬22 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2015 ‫ يناير‬14 ‫ مؤرشف من األصل في‬,)‫= (مساعدة‬oclc| ‫قيمة‬
2008

Duhem, Pierre (1908, 1969), To Save the Phenomena: An Essay on the


Idea of Physical theory from Plato to Galileo, University of Chicago
Press, Chicago, ISBN 0-226-16921-9, OCLC 12429405

Professor Abattouy, Mohammed (2002), "The Arabic Science of weights:


A Report on an Ongoing Research Project", The Bulletin of the Royal
130–109 ‫ صفحات‬,Institute for Inter-Faith Studies, 4

Langerman, Y. Tzvi (1990), Ibn al Haytham's On the Configuration of


the World

An Eleventh-Century Refutation of Ptolemy's" ,)1978b( ‫ عبد الحميد‬,‫صبرة‬


Planetary Theory", in Hilfstein, Erna; Czartoryski, Paweł; Grande, Frank
Science and History: Studies in Honor of Edward Rosen, ,)‫ (المحررون‬.D
131–117 ‫ صفحات‬,XVI, Ossolineum, Wrocław

Configuring the Universe: Aporetic, Problem" ,)1998( ‫ عبد الحميد‬,‫صبرة‬


Solving, and Kinematic Modeling as Themes of Arabic Astronomy",
330–288 ‫ صفحات‬,Perspectives on Science, 6

Pines, Shlomo (1986), Studies in Arabic Versions of Greek Texts and in


Mediaeval Science, Brill Publishers, ISBN 965-223-626-8,
=oclc| ‫ تأكد من صحة قيمة‬OCLC 14217211 165468475 46823952 60041227
)‫(مساعدة‬
Relativity: An Introduction to the Special Theory, ,)1989( ‫ أصغر‬,‫قادر‬
World Scientific Publishing Co., Singapore

Gondhalekar, Prabhakar M. (2001), The Grip of Gravity: The Quest to


Understand the Laws of Motion and Gravitation, Cambridge University
‫ تأكد من صحة قيمة‬Press, ISBN 0-521-80316-0, OCLC 224074913 45418963
)‫= (مساعدة‬oclc|

The Celestial Kinematics of Ibn al-Haytham", Arabic " ,)2007( ‫ رشدي‬,‫راشد‬


,55–7 ‫ صفحات‬,Sciences and Philosophy, Cambridge University Press, 17
doi:10.1017/S0957423907000355

A History of Arabic Astronomy: Planetary Theories ,)1994( ‫ جورج‬,‫صليبة‬


During the Golden Age of Islam, New York University Press, ISBN 0-
8147-8023-7, OCLC 35666761

Rosen, Edward (1 January 1985), "The Dissolution of the Solid Celestial


,31–13 ‫ صفحات‬,Spheres", Journal of the History of Ideas, 46
doi:10.2307/2709773, ISSN 0022-5037

Topdemir, Huseyin Gazi (July 18, 2007), Ibn al-Haytham (965-1039) His
Life and Works

Montada, Josep Puig (September 28, 2007), "Ibn Bajja", Stanford


‫ اطلع عليه‬,2019 ‫ نوفمبر‬04 ‫ مؤرشف من األصل في‬,Encyclopedia of Philosophy
2008 ‫ يوليو‬11 ‫بتاريخ‬

Popularisation of Optical ,)2005( ‫ زهرة‬,‫ مراد; بنلخضر‬,‫ حميد الدين; زغال‬,‫بوعلي‬


Phenomena: Establishing the First Ibn Al-Haytham Workshop on
Photography (PDF), The Education and Training in Optics and Photonics
08 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2019 ‫ أغسطس‬28 ‫) في‬PDF( ‫ مؤرشف من األصل‬,Conference
2008 ‫يوليو‬

Mohamed, Mohaini (2000), Great Muslim Mathematicians, Penerbit


UTM, ISBN 983-52-0157-9, OCLC 48759017

Arjomand, Kamran (1997), "The emergence of scientific modernity in


Iran: controversies surrounding astrology and modern astronomy in the
mid-nineteenth century", Iranian Studies, 30

Contributions of Islamic scholars to the scientific " ,)2006( .‫ ياسمين م‬,‫فاروقي‬


396–391 ‫ صفحات‬,enterprise", International Education Journal, 7
In Defence of the Sovereignty of Philosophy: Al-" ,)2007( ‫ نادر‬,‫البزري‬
Baghdadi's Critique of Ibn al-Haytham's Geometrisation of Place",
,Arabic Sciences and Philosophy, Cambridge University Press, 17
doi:10.1017/S0957423907000367 ,80–57 ‫صفحات‬

The achievements of Ibn Sina in the field of science" ,)2003( ‫ حسين‬,‫نصر‬


and his contributions to its philosophy", Islam & Science

Rottman, J. (February 28, 2000), A first course in Abstract Algebra,


‫ تأكد من‬Prentice Hall, ISBN 0-13-011584-3, OCLC 42960682 59576116
)‫= (مساعدة‬oclc| ‫صحة قيمة‬

Eder, Michelle (2000), Views of Euclid's Parallel Postulate in Ancient


19 ‫ مؤرشف من األصل في‬,Greece and in Medieval Islam, Rutgers University
2008 ‫ يناير‬23 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2016 ‫أغسطس‬

Katz, Victor J. (1998), History of Mathematics: An Introduction,


‫ تأكد‬Addison-Wesley, ISBN 0-321-01618-1, OCLC 38199387 60154481
)‫= (مساعدة‬oclc| ‫من صحة قيمة‬

Rozenfeld, Boris A. (1988), A History of Non-Euclidean Geometry:


Evolution of the Concept of a Geometric Space, Springer
Science+Business Media, ISBN 0-387-96458-4, OCLC 15550634
)‫= (مساعدة‬oclc| ‫ تأكد من صحة قيمة‬230166667 230980046 77693662

Rozenfeld, Boris Abramovich; Youschkevitch, Adolf P. (1996),


Encyclopedia of the History of Arabic ,)‫ رشدي (المحرر‬,‫" راشد‬Geometry", in
494–447 ‫ صفحات‬,Science, 2, London & New York: Routledge

Plott, C. (2000), Global History of Philosophy: The Period of


Scholasticism, Motilal Banarsidass, ISBN 81-208-0551-8

Who Is the Founder of Psychophysics and" ,)1999( ‫ عمر‬,‫خليفة‬


Experimental Psychology?", American Journal of Islamic Social
Sciences, 16

,Al-Jazari And the History of the Water Clock ,)2007( ‫ أحمد يوسف‬,‫الحسن‬
2008 ‫ يناير‬23 ‫ اطلع عليه بتاريخ‬,2020 ‫ يناير‬23 ‫مؤرشف من األصل في‬

Smith, A. Mark (2005), "The Alhacenian Account Of Spatial Perception


And Its Epistemological Implications", Arabic Sciences and Philosophy,
Cambridge University Press, 15, doi:10.1017/S0957423905000184
‫راشد‪ ,‬رشدي (‪A Polymath in the 10th century", Science (journal)," ,)2002a‬‬
‫‪ ,297‬صفحة ‪doi:10.1126/science.1074591, ISSN 0036-8075, ,773‬‬
‫‪ ,PMID 12161634‬مؤرشف من األصل (‪ )Free full text‬في ‪ 08‬مارس ‪2020‬‬

‫وصالت خارجية‬

‫ابن الهيثم في المشاريع الشقيقة‬

‫صور وملفات صوتية من كومنز‬

‫نصوص مصدرية من ويكي مصدر‬

‫اقتباسات من ويكي االقتباس‬

‫صبرة‪ ,‬عبد الحميد (‪ .]80-1970[ )2008‬ابن الهيثم‪ ،‬أبو علي الحسن بن الحسن‪.‬‬
‫‪ .Encyclopedia.com‬مؤرشف من األصل في ‪ 17‬مايو ‪.2016‬‬

‫صور البن الهيثم على عملتين ورقيتين عراقيتين‬

‫معجزة الضوء – مقال لليونيسكو حول ابن الهيثم‬

‫السيرة الذاتية البن الهيثم من بوابة ماالسبينا العالمية‬

‫سير ذاتية قصيرة حول عدد من "الشخصيات اإلسالمية وأبطال المسلمين" بما فيهم ابن الهيثم‬

‫أعمال فنية في وسائط إعالمية عديدة مبنية على مسألة ابن الهيثم‬

‫تقرير من صحيفة التلغراف عن حل معاصر لمسألة ابن الهيثم‬

‫ابن الهيثم‪ :‬العالم الحقيقي األول من أخبار بي بي سي‬

‫صور رمزية إلبن الهيثم‬

‫ملخص وشرح كتاب المناظر‬

‫تحميل كتاب المناظر البن‬

‫ابن خلدون‬
‫ابن خلدون هو عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون أبو زيد ولي الدين الحضرمي اإلشبيلي (‪1332‬‬
‫‪1406 -‬م)‪ ،‬ولد في تونس وشب وترعرع فيها وتخّر ج من جامعة الزيتونة‪ ،‬ولَي الكتابة‬
‫والوساطة بين الملوك في بالد المغرب واألندلس ثم انتقل إلى مصر حيث قلده السلطان برقوق‬
‫قضاء المالكية‪ .‬ثم استقال من منصبه وانقطع إلى التدريس والتصنيف فكانت مصنفاته من أهم‬
‫المصادر للفكر العالمي‪ ،‬ومن أشهرها كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب‬
‫والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان األكبر (تاريخ ابن خلدون)[‪.]2‬‬

‫ابن خلدون مؤرخ من شمال أفريقيا‪ ،‬تونسي المولد أندلسي حضرمي األصل‪ .‬عاش بعد تخرجه‬
‫من جامعة الزيتونة في مختلف مدن شمال أفريقيا‪ ،‬حيث رحل إلى بسكرة وغرناطة وبجاية‬
‫وتلمسان‪ ،‬كما َتَو َّج ه إلى مصر‪ ،‬حيث أكرمه سلطانها الظاهر برقوق‪ ،‬وَو ِلَي فيها قضاء المالكية‪،‬‬
‫وظَّل بها ما يناهز ربع قرن (‪ 808-784‬هـ)‪ ،‬حيث ُتُو ِّفَي عام ‪ 1406‬عن عمر بلغ ستة وسبعين‬
‫عاًم ا وُد ِفَن قرب باب النصر بشمال القاهرة تاركًا تراثًا ما زال تأثيره ممتدًا حتى اليوم[‪]4[]3‬‬
‫ويعتبر ابُن َخ لدون مؤسَس علم االجتماع الحديث ومن علماء التاريخ واالقتصاد[‪.]5‬‬

‫حياته ‪:‬‬

‫مزرعة هاسيندا توري دي دونيا ماريا بدوس هيرماناس‪-‬إشبيلية‪ .‬كانت ملكيتها تعود لعائلة ابن‬
‫خلدون‬

‫ولد ابن خلدون في تونس عام ‪1332/732‬هـ بالدار الكائنة بنهج تربة الباي رقم ‪ .34‬أسرة ابن‬
‫خلدون أسرة علٍم وأدب‪ ،‬حفظ القرآن الكريم في طفولته‪ ،‬وكان أبوه معلمه األول[‪ ،]6‬شغل أجداده‬
‫في األندلس وتونس مناصَب سياسيًة ودينيًة مهمًة وكانوا أهل جاٍه ونفوٍذ ‪ ،‬نزحت عائلته من‬
‫األندلس منتصَف القرن السابع الهجري إلى تونس خالل حكم الحفصيين‪ .‬يتعقب ابن خلدون‬
‫أصوله إلى حضرموت وكان اسمه العائلي الحضرمي وذكر في تاريخه كتاب العبر المعروف‬
‫باسم "تاريخ ابن خلدون" أنه من ساللة الصحابي وائل بن حجر وأّن أجداده من حضرموت[‪]7‬‬

‫"ونسبنا في حضرموت من عرب اليمن إلى وائل بن حجر‬


‫من أقيال العرب معروف وله صحبة"‬

‫— تاريخ ابن خلدون "‪"4/119‬‬

‫رحل ابن خلدون بعلمه إلى مدينة بسكرة حيث تزوج هناك‪ ،‬ثم توجه عام ‪ 1356‬إلى فاس حيث‬
‫ضّم ه أبو عنان المريني إلى مجلسه العلمي واستعمله ليتولى الكتابة مؤرخًا لعهده وما به من‬
‫أحداث‪ ،‬ثم ُقّد ر البن خلدون رحيٌل آخر عام ‪1363‬م إلى غرناطة ومن ثّم إلى إشبيلية ليعود بعد‬
‫ذلك لبالد المغرب‪ ،‬فوصل قلعة ابن سالمة (تيارت في الجزائر حاليًا) فأقام بها أربعة أعواٍم‬
‫وشرع في تأليف كتاب العبر الذي أكمل كتابته بتونس ورفع نسخة منه لسلطان تونس ملحقًا إّياها‬
‫بطلب الرحيل إلى أرض الحجاز ألداء فريضة الحج‪ ،‬ثم ركب سفينًة إلى اإلسكندرية وتوجه من‬
‫َثَّم إلى القاهرة حيث أمضى بقية حياته[‪ ،]9[]8‬وتولى هناك القضاء المالكي بمصر بوصفه فقيهًا‬
‫متميزًا خاصًة أنه خريج المدرسة الزيتونية العريقة‪ .‬وكان في طفولته درس بمسجد القبة قرب‬
‫منزله سالف الذكر المسمى "سيد القبة"‪ .‬توّفي ابن خلدون في القاهرة سنة ‪1406‬م‪ 808/‬هـ‪.‬‬
‫وكان من أساتذته ايعتبر ابن خلدون مؤّسس علم االجتماع وأّو ل من وضعه على أسسه الحديثة‪،‬‬
‫وقد توصل إلى نظرّيات حول قوانين العمران ونظرية العصبية‪ ،‬وبناء الدولة وأطوار عمارها‬
‫وسقوطها‪ .‬وقد سبقت آراؤه ونظرياته ما توّصل إليه الحًقا بعّد ة قرون عدد من مشاهير العلماء‬
‫كالعالم الفرنسي أوجست كونت‪.‬‬

‫عدد المؤرخون البن خلدون عددا من المصنفات في التاريخ والحساب والمنطق غير أن أشهر‬
‫كتبه كتاب "العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي‬
‫السلطان األكبر" في سبعة مجلدات أولها المقدمة المشهورة أيضًا بمقدمة ابن خلدون‪ ،‬وتشغل من‬
‫الكتاب ثلثه‪ ،‬وهي عبارٌة عن مدخٍل موسٍع للكتاب وفيها يتحدث ابن خلدون ويؤصل آلرائه في‬
‫الجغرافيا والعمران (علم االجتماع) والفلك وأحوال البشر وطبائعهم والمؤثرات التي تميز‬
‫بعضهم عن اآلخر‪.‬‬

‫اعتزل ابن خلدون الحياة بعد تجارب مليئة بالصراعات واألحزان على فقد األعزاء‪ ،‬من أبويه‬
‫وكثيٍر من شيوخه إثر وباء الطاعون الذي انتشر في جميع أنحاء العالم سنة ‪749‬هـ‪1348/‬م تفرغ‬
‫بعدها أربع سنواٍت في البحث والتنقيب في العلوم اإلنسانية‪ ،‬حتى اعتزل الناس آخر عمره‪ ،‬ليكتب‬
‫سفره أو ما عرف بمقدمة ابن خلدون مؤسسًا لعلم االجتماع بناًء على االستنتاج والتحليل في‬
‫التاريخ وحياة اإلنسان‪ .‬واستطاع بتلك التجربة القاسية أن يمتلك صرامة موضوعية في البحث‬
‫والتفكير‪.‬لفقيه الزيتوني اإلمام ابن عرفة في جامع الزيتونة المعمور منارة العلوم بالعالم اإلسالمي‬
‫آنذاك‪.‬‬

‫بتكر ابن خلدون وصاغ فلسفة للتاريخ هي بدون شك أعظم ما توصل إليه الفكر البشري في‬
‫مختلف العصور واألمم‪ .‬أرنولد توينبي‬

‫إن مؤلف ابن خلدون هو أحد أهم المؤلفات التي أنجزها الفكر اإلنساني‪ .‬جورج مارسيز‬

‫إن مؤلف ابن خلدون يمثل ظهور التاريخ كعلم‪ ،‬وهو أروع عنصر فيما يمكن أن يسمى بالمعجزة‬
‫العربية‪ .‬ايف الكوست‬

‫إنك تنبئنا بأن ابن خلدون في القرن الرابع عشر كان أول من اكتشف دور العوامل االقتصادية‬
‫وعالقات اإلنتاج‪ .‬إن هذا النبأ قد أحدث وقعًا مثيرًا‪ ،‬وقد اهتم به صديق الطرفين (المقصود به‬
‫فالديمير لينين) اهتمامًا خاصًا‪ .‬من رسالة بعث بها مكسيم غوركي إلى المفكر الروسي انوتشين‬
‫بتاريخ ‪/21‬أيلول‪/‬سبتمبر ‪.1912‬‬

‫ترى أليس في الشرق آخرون من أمثال هذا الفيلسوف‪ .‬فالديمير لينين‬

‫ففيما يتعلق بدراسة هيكل المجتمعات وتطورها فإن أكثر الوجوه يمثل تقدمًا يتمثل في شخص ابن‬
‫خلدون العالم والفنان ورجل الحرب والفقيه هوالفيلسوف الذي يضارع عمالقة النهضة عندنا‬
‫بعبقريته العالمية منذ القرن الرابع عشر‪ .‬روجيه غارودي‬
‫تعليمه ‪:‬‬
‫مكانة عائلته االجتماعية مكنته من الدراسة على يد أفضل المدرسين في المغرب العربي‪ .‬تلقى‬
‫علم التربية اإلسالمية التقليدية‪ ،‬ودرس القرآن الكريم الذي كان يحفظه عن ظهر قلب‪ ،‬واللسانيات‬
‫العربية‪ ،‬وأساس فهم القرآن‪ ،‬الحديث‪ ،‬الشريعة (القانون) والفقه علم التاريخ‪.‬‬

‫لقد تجمعت في شخصية ابن خلدون العناصر األساسية النظرية والعملية التي تجعل منه مؤرخا‬
‫حقيقيا ‪ -‬رغم أنه لم يول في بداية حياته الثقافية عناية خاصة بمادة التاريخ ‪ -‬ذلك أنه لم يراقب‬
‫األحداث والوقائع عن بعد كبقية المؤرخين‪ ،‬بل ساهم إلى حد بعيد ومن موقع المسؤولية في صنع‬
‫تلك األحداث والوقائع خالل مدة طويلة من حياته العملية تجاوزت ‪ 50‬عاما‪ ،‬وضمن بوتقة‬
‫جغرافية امتدت من األندلس وحتى بالد الشام‪ .‬فقد استطاع‪ ،‬وألول مرة‪( ،‬إذا استثنينا بعض‬
‫المحاوالت البسيطة هنا وهناك) أن يوضح أن الوقائع التاريخية ال تحدث بمحض الصدفة أو‬
‫بسبب قوى خارجية مجهولة‪ ،‬بل هي نتيجة عوامل كامنة داخل المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬لذلك انطلق‬
‫في دراسته لألحداث التاريخية من الحركة الباطنية الجوهرية للتاريخ‪ .‬فعلم التاريخ‪ ،‬وإن كان‬
‫(اليزيد في ظاهره عن أخبار األيام والدول) إنما هو (في باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات‬
‫ومبادئها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق‪ ،‬لذلك فهو أصيل في الحكمة عريق‪ ،‬وجدير‬
‫بأن يعد في علومها وخليق(المقدمة)‪ .‬فهو بذلك قد اتبع منهجا في دراسة التاريخ يجعل كل أحداثه‬
‫مالزمة للعمران البشري وتسير وفق قانون ثابت‪.‬‬

‫يقول‪" :‬فالقانون في تمييز الحق من الباطل في األخبار باإلمكان واالستحالة أن ننظر في‬
‫االجتماع البشري الذي هو العمران ونميز ما يلحقه لذاته وبمقتضى طبعه وما يكون عارضا ال‬
‫يعتد به وما ال يمكن أن يعرض له‪ ،‬وإذا فعلنا ذلك‪ ،‬كان ذلك لنا قانونا في تمييز الحق من الباطل‬
‫في األخبار‪ ،‬والصدق من الكذب بوجه برهان ال مدخل للشك فيه‪ ،‬وحينئذ فإذا سمعنا عن شيء‬
‫من األحوال الواقعة في العمران علمنا ما نحكم بقبوله مما نحكم بتزييفه‪ ،‬وكان ذلك لنا معيارا‬
‫صحيحا يتحرى به المؤرخون طريق الصدق والصواب فيما ينقلونه‪".‬‬

‫وهكذا فهو وإن لم يكتشف مادة التاريخ‪ ،‬فإنه جعلها علما ووضع لها فلسفة ومنهجا علميا نقديا‬
‫نقالها من عالم الوصف السطحي والسرد غير المعلل إلى عالم التحليل العقالني واألحداث‬
‫المعللة بأسباب عامة منطقية ضمن ما يطلق عليه اآلن بالحتمية التاريخية‪ ،‬وذلك ليس ضمن‬
‫مجتمعه فحسب‪ ،‬بل في كافة المجتمعات اإلنسانية وفي كل العصور‪ ،‬وهذا ما جعل منه أيضا‬
‫وبحق أول من اقتحم ميدان ما يسمى بتاريخ الحضارات أو التاريخ المقارن‪" .‬إني أدخل األسباب‬
‫العامة في دراسة الوقائع الجزئية‪ ،‬وعندئذ أفهم تاريخ الجنس البشري في إطار شامل‪ .‬إني أبحث‬
‫عن األسباب واألصول للحوادث السياسية‪ .‬كذلك قولهداخال من باب األسباب على العموم على‬
‫األخبار الخصوص فاستوعب أخبار الخليقة استيعابا‪ .‬وأعطي الحوادث علة وأسبابا‪".‬‬
‫شيوخه‬
‫درس عبد الرحمن بن خلدون على يد العديد من العلماء‪ ،‬من بينهم أحمد بن إدريس اإليلولي‪.‬‬

‫علم االجتماع‬

‫يعتبر ابن خلدون مؤسس علم االجتماع أو علم العمران البشري‪ .‬وقد ذكر ابن خلدون في كتاب‬
‫مقدمة ابن خلدون‪« :‬وهذا هو غرض هذا الكتاب األول من تأليفنا»‪ .‬وهو علم مستقل بنفسه‬
‫موضوعه العمران البشري واالجتماع‪ ،‬ويهدف إلى «بيان ما يلحقه من العوارض واألحوال لذاته‬
‫واحدة بعد أخرى‪ ،‬وهذا شأن كل علم من العلوم وضعيا كان أم عقليا وأعلم أن الكالم في هذا‬
‫الغرض مستحدث الصنعة غريب النزعة غزير الفائدة‪ ،‬أعثر عليه البحث وأدى إليه الغوص‪.‬‬
‫[‪ ]...‬وكأنه علم مستبط النشأة‪ ،‬ولعمري لم أقف على الكالم في منحاه ألحد من الخليقة‪».‬‬

‫وقد اعترف عدة علماء بابن خلدون باعتباره مؤسسا لعلم االجتماع‪ ،‬منهم المستشرق ألفرد فن‬
‫كريمر وعالم االجتماع روبيرت فلين ولودفيغ جومبلوفيتش ومونيه وفرانز أوبنهايمر والفيلسوف‬
‫اإلسباني وعالم االجتماع خوسيه أورتيجا إي جاسيت‪ .‬بل أن عالما االجتماع هاورد سول بيكر‬
‫وهاري بارنز في كتابهما «الفكر االجتماعي من التقاليد إلى العلم» (‪Social Thought from‬‬
‫‪ )Lore to Science‬قاال بكونه أول من طبق األفكار العلمية الحديثة في علم االجتماع‬
‫التاريخي‪]10[.‬‬

‫لقد قاد المنهج التاريخي العلمي الذي اتبعه ابن خلدون للتوصل إلى علم االجتماع‪ ،‬وهذا المنهج‬
‫يرتكز على أن كل الظواهر االجتماعية ترتبط ببعضها البعض‪ ،‬فكل ظاهرة لها سبب وهي في‬
‫ذات الوقت سبب للظاهرة التي تليها‪ .‬لذلك كان مفهوم العمران البشري عنده يشمل كل الظواهر‬
‫سواء كانت سكانية أو ديمغرافية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬سياسية‪ ،‬اقتصادية أو ثقافية‪ .‬فهو يقول في ذلك‪":‬فهو‬
‫خبر عن االجتماع اإلنساني الذي هو عمران العالم وما يعرض لطبيعة هذا العمران من األحوال‬
‫مثل التوحش والتأنس والعصبيات وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض‪ ،‬وما ينشأ عن‬
‫الكسب والعلوم والصنائع وسائر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعته من األحوال‪ ".‬ثم يأخذ في‬
‫تفصيل كل تلك الظواهر مبينا أسبابها ونتائجها‪ ،‬مبتدئا بإيضاح أن اإلنسان ال يستطيع العيش‬
‫بمعزل عن أبناء جنسه حيث‪" :‬أن االجتماع اإلنساني ضروري فاإلنسان مدني بالطبع أي ال بد له‬
‫من االجتماع الذي هو المدنية‪ .‬وهو معنى العمران‪.‬‬

‫يناقش ابن خلدون العمران البشري بشكل عام مبينا أثر البيئة في البشر وهو مايدخل حاليا في علم‬
‫اإلثنولوجيا وعلم اإلنسان‪ ،‬ويتطرق ألنواع العمران البشري تبعا لنمط حياة البشر وأساليبهم‬
‫اإلنتاجية قائال‪" :‬إن اختالف األجيال في أحوالهم إنما هو باختالف نحلتهم في المعاش‪ ".‬مبتدئا‬
‫بالعمران البدوي باعتباره أسلوب اإلنتاج األولي الذي ال يرمي إلى الكثير من تحقيق ما هو‬
‫ضروري للحياة‪" :‬إن أهل البدو المنتحلون للمعاش الطبيعي‪ .‬وإنهم مقتصرون على الضروري‬
‫من األقوات والمالبس والمساكن وسائر األحوال والعوائد‪".‬‬
‫ثم يخصص الفصل الثالث من المقدمة للدول والملك والخالفة ومراتبها وأسباب وكيفية نشوئها‬
‫وسقوطها‪ ،‬مؤكدا أن الدعامة األساسية للحكم تكمن في العصبية‪ .‬والعصبية عنده أصبحت مقولة‬
‫اجتماعية احتلت مكانة بارزة في مقدمته حتى اعتبرها العديد من المؤرخين مقولة خلدونية بحتة‪،‬‬
‫وهم محقون في ذلك ألن ابن خلدون اهتم بها اهتماما بالغا إلى درجة أنه ربط كل األحداث الهامة‬
‫والتغييرات الجذرية التي تطرأ على العمران البدوي أو العمران الحضري بوجود أو فقدان‬
‫العصبية‪ .‬كما أنها في رأيه المحور األساسي في حياة الدول والممالك‪ .‬ويطنب ابن خلدون في‬
‫شرح مقولته تلك‪ ،‬مبينا أن العصبية نزعة طبيعية في البشر مذ كانوا‪ ،‬ذلك أنها تتولد من النسب‬
‫والقرابة وتتوقف درجة قوتها أو ضعفها على درجة قرب النسب أو بعده‪ .‬ثم يتجاوز نطاق القرابة‬
‫الضيقة المتمثلة في العائلة ويبين أن درجة النسب قد تكون في الوالء للقبيلة وهي العصبية‬
‫القبلية ‪ .‬ومن هذا الباب الوالء والحلف إذ نصرة كل أحد من أحد على أهل والئه وحلفه لأللفة‬
‫التي تلحق النفس في اهتضام جارها أو قريبها أو نسيبها بوجه من وجوه النسب‪ ،‬وذلك ألجل‬
‫اللحمة الحاصلة من الوالء‪ .‬أما إذا أصبح النسب مجهوال غامضا ولم يعد واضحا في أذهان‬
‫الناس‪ ،‬فإن العصبية تضيع وتختفي هي أيضا‪ . .‬بمعنى أن النسب إذا خرج عن الوضوح انتفت‬
‫النعرة التي تحمل هذه العصبية‪ ،‬فال منفعة فيه حينئذ‪ .‬هذا وال يمكن للنسب أن يختفي ويختلط في‬
‫العمران البدوي‪ ،‬وذلك أن قساوة الحياة في البادية تجعل القبيلة تعيش حياة عزلة وتوحش‪ ،‬بحيث‬
‫ال تطمح األمم في االختالط بها ومشاركتها في طريقة عيشها النكداء‪ ،‬وبذلك يحافظ البدو على‬
‫نقاوة أنسابهم‪ ،‬ومن ثم على عصبيتهم‪.‬‬

‫الصريح من النسب إنما يوجد للمتوحشين في القفر‪ .‬وذلك لما اختصوا به من نكد العيش وشظف‬
‫األحوال وسوء الموطن‪ ،‬حملتهم عليها الضرورة التي عينت لهم تلك القسمة‪ .‬فصار لهم ألفا‬
‫وعادة‪ ،‬وربيت فيهم أجيالهم‪ .‬فال ينزع إليهم أحدا من األمم أن يساهم في حالهم‪ ،‬وال يأنس بهم أحد‬
‫من األجيال‪ .‬فيؤمن عليهم ألجل ذلك منت اختالط أنسابهم وفسادها‪ .‬أما إذا تطورت حياتهم‬
‫وأصبحوا في رغد العيش بانضمامهم إلى األرياف والمدن‪ ،‬فإن نسبهم يضيع حتما بسبب كثرة‬
‫االختالط ويفقدون بذلك عصبيتهم‪ . .‬ثم يقع االختالط في الحواضر مع العجم وغيرهم وفسدت‬
‫االنساب بالجملة ثمرتها من العصبية فاطرحت ثم تالشت القبائل ودثرت فدثرت العصبية‬
‫مدثورها وبقي ذلك في البدو كما كان‪ .‬وهكذا نخلص للقول في هذا الصدد بأن العصبية تكون في‬
‫العمران البدوي وتفقد في العمران الحضري‪.‬‬

‫العصبية والسلطة في مرحلة العمران البدوي‬

‫العصبية والسلطة في العمران الحضري‬


‫انطالقا من نظريته السابقة المتعلقة بدور العصبية في الوصول إلى الرئاسة في المجتمع البدوي‪،‬‬
‫واصل ابن خلدون تحليله على نفس النسق فيما يتعلق بالسلطة في المجتمع الحضري مبينا أن‬
‫العصبية الخاصة بعد استيالئها على الرئاسة تطمح إلى ما هو أكثر‪ ،‬أي إلى فرض سيادتها على‬
‫قبائل أخرى بالقوة‪ ،‬وعن طريق الحروب والتغلب للوصول إلى مرحلة الملك (‪ .‬وهذا التغلب هو‬
‫الملك‪ ،‬وهو أمر زائد على الرئاسة‪ .‬فهو التغلب والحكم بالقهر‪ ،‬وصاحب العصبية إذا بلغ رتبة‬
‫طلب ما فوقها)‪ .‬معتمدا في تحقيق ذلك أساسا وبالدرجة األولى على العصبية حيث أن (الغاية‬
‫التي تجري إليها العصبية هي الملك)‪ .‬فهذه إذن المرحلة األولى في تأسيس الملك أو الدولة‪ ،‬وهي‬
‫مرحلة ال تتم إال من خالل العصبية‪.‬‬

‫بالوصول إلى تلك المرحلة يبدأ (العمران الحضري) شيئا فشيئا وتصبح السلطة الجديدة تفكر في‬
‫تدعيم وضعها آخذة بعين االعتبار جميع العصبيات التابعة لها‪ ،‬وبذلك فإنها لم تعد تعتمد على‬
‫عامل النسب بل على عوامل اجتماعية وأخالقية جديدة‪ ،‬يسميها ابن خلدون (الخالل)‪ .‬هنا تدخل‬
‫الدولة في صراع مع عصبيتها‪ ،‬ألن وجودها أصبح يتنافى عمليا مع وجود تلك العصبية التي‬
‫كانت في بداية األمر سببا في قيامها‪( ،‬يتراءى لنا مبدأ نفي النفي في المادية الجدلية<إضافة رابط‬
‫المادية الجدلية إن وجد>)‪ .‬ومع نشوء الملك يتخطى الملك عصبيته الخاصة‪ ،‬ويعتمد على مختلف‬
‫العصبيات‪ .‬وبذلك تتوسع قاعدة الملك ويصبح الحاكم أغنى وأقوى من ذي قبل‪ ،‬بفضل توسع‬
‫قاعدة الضرائب من ناحية‪ ،‬واألموال التي تدرها الصناعات الحرفية التي تنتعش وتزدهر في‬
‫مرحلة (العمران الحضري) من ناحية أخرى‪.‬‬

‫تدعيم ملكه يلجأ إلى تعويض القوة العسكرية التي كانت تقدمها له العصبية الخاصة أو‬
‫العامة(القبيلة) بإنشاء جيش من خارج عصبيته‪ ،‬وحتى من عناصر أجنبية عن قومه‪ ،‬وإلى إغراق‬
‫رؤساء قبائل البادية باألموال‪ ،‬وبمنح اإلقطاعات كتعويض عن االمتيازات السياسية التي فقدوها‪.‬‬
‫وهكذا تبلغ الدولة الجديدة قمة مجدها في تلك المرحلة‪ ،‬ثم تأخذ في االنحدار حيث أن المال يبدأ‬
‫في النفاذ شيئا فشيئا بسبب كثرة اإلنفاق على ملذات الحياة والترف والدعة‪ .‬وعلى الجيوش‬
‫ومختلف الموظفين الذين يعتمد عليهم الحكم‪ .‬فيزيد في فرض الضرائب بشكل مجحف‪ ،‬الشئ‬
‫الذي يؤدي إلى إضعاف المنتجين‪ ،‬فتتراجع الزراعة وتنقص حركة التجارة‪ ،‬وتقل الصناعات‪،‬‬
‫وتزداد النقمة وبذلك يكون الحكم قد دخل مرحلة بداية النهاية‪ ،‬أي مرحلة الهرم التي ستنتهي حتما‬
‫بزواله وقيام ملك جديد يمر بنفس األطوار السابقة التي يجملها ابن خلدون في خمسة أطوار‪.( .‬‬
‫وحاالت الدولة وأطوارها ال تعدو في الغالب خمسة أطوار‪.‬‬

‫الطور األول طور الظفر بالبغية‪ ،‬وغلب المدافع والممانع‪ ،‬واالستيالء على الملك وانتزاعه من‬
‫أيدي الدولة السالفة قبلها‪ .‬فيكون صاحب الدولة في هذا الطور أسوة بقومه في اكتساب المجد‬
‫وجباية المال والمدافعة عن الحوزة والحماية ال ينفرد دونهم بشيء ألن ذلك هو مقتضى العصبية‬
‫التي وقع بها الغلب‪ ،‬وهي لم تزل بعد بحالها‪.‬‬

‫الطور الثاني طور االستبداد على قومه واالنفراد دونهم بالملك وكبحهم عن التطاول للمساهمة‬
‫والمشاركة‪ .‬ويكون صاحب الدولة في هذا الطور معنيا باصطناع الرجال واتخاذ الموالي‬
‫والصنائع واالستكثار من ذلك‪ ،‬لجدع أنوف أهل عصبيته وعشيرته المقاسمين له في نسبه‪،‬‬
‫الضاربين في الملك بمثل سهمه‪ .‬فهو يدافعهم عن األمر ويصدهم عن موارده ويردهم على‬
‫أعقابهم أن يخلصوا إليه حتى يقر األمر في نصابه‪.‬‬

‫الطور الثالث طور الفراغ والدعة لتحصيل ثمرات الملك مما تنزع طباع البشر إليه من تحصيل‬
‫المال وتخليد اآلثار وبعد الصيت‪ ،‬فسيتفرغ وسعه في الجباية وضبط الدخل والخرج‪ ،‬وإحصاء‬
‫النفقات والقصد فيها‪ ،‬وتشييد المباني الحافلة والمصانع العظيمة‪ ،‬واألمصار المتسعة‪ ،‬والهياكل‬
‫المرتفعة‪ ،‬وإجازة الوفود من أشرف األمم ووجوه القبائل وبث المعروف في أهله‪ .‬هذا مع‬
‫التوسعة على صنائعه وحاشيته في أحوالهم بالمال والجاه‪ ،‬واعتراض جنوده وإدرار أرزاقهم‬
‫وإنصافهم في أعطياتهم لكل هالل‪ ،‬حتى يظهر أثر ذلك عليهم ذلك في مالبسهم وشكتهم وشاراتهم‬
‫يوم الزينة‪ .‬وهذا الطور آخر أطوار االستبداد‪.‬‬

‫الطور الرابع طور القنوع والمسالمة ويكون صاحب الدولة في هذا قانعا بما أولوه سلما ألنظاره‬
‫من الملوك واقتاله مقلدا للماضين من سلفه‪ .‬ويرى أن الخروج عن تقليده فساد أمره وأنهم أبصر‬
‫بما بنوا من مجده‪.‬‬

‫لطور الخامس طور اإلسراف والتبذير ويكون صاحب الدولة في هذا الطور متلفا لما جمع أولوه‬
‫في سبيل الشهوات والمالذ والكرم على بطانته وفي مجالسه‪ ،‬واصطناع أخدان السوء وخضراء‬
‫الدمن‪ ،‬وتقليدهم عظيمات األمور التي ال يستقلون بحملها‪ ،‬واليعرفون ما يأتون ويذرون منها‪،‬‬
‫مستفسدا لكبار األولياء من قومه وصنائع سلفه‪ ،‬حتى يضطغنوا عليه ويتخاذلوا عن نصرته‪،‬‬
‫مضيعا من جنده بما أنفق من أعطياتهم في شهواتهم‪ .‬وفي هذا الطور تحصل في الدولة طبيعة‬
‫الهرم‪ ،‬ويستولي عليها المرض المزمن الذي ال تكاد تخلص منه‪.‬أي أن تنقرض)‪(.‬المقدمة) وإذن‬
‫فإن تحليل ابن خلدون بوالدة ونمو وهرم الدولة هو ذو أهمية بالغة‪ ،‬ألنه ينطلق من دراسة‬
‫الحركة الداخلية للدولة المتمثلة في العصبية‪ ،‬تلك المقولة االجتماعية والسياسية التي تعتبر محور‬
‫كل المقوالت والمفاهيم الخلدونية‪ .‬فقد اعتمد عليها اعتمادا أساسيا في دراسته الجدلية لتطور‬
‫المجتمعات اإلنسانية(العمران البشري) وكأنه يبشر منذ القرن الرابع عشر بما اصطلح على‬
‫تسميته في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ب (المادية الجدلية)‪ .‬وفي غمرة‬
‫انطالقته العلمية الرائعة الرائدة وضع إصبعه على العصب الحساس والرئيسي‪ ،‬وإن لم يكن‬
‫الوحيد في تطور (العمران البشري) أال وهو االقتصاد‪.‬‬

‫علم االقتصاد‬
‫إن النتيجة التي توصل إليها ابن خلدون في الفصل الثاني من مقدمته عند بحثه للعمران البدوي‬
‫وهي‪(:‬إن اختالف األجيال في أحوالهم انما هو باختالف نحلهم من المعاش) قادته بالضرورة إلى‬
‫دراسة عدة مقوالت اقتصادية تعتبر حجر الزاوية في علم االقتصاد الحديث‪ ،‬مثل دراسة‬
‫األساليب اإلنتاجية التي تعاقبت على المجتمعات البشرية‪ ،‬وانتقال هذه األخيرة من البداوة إلى‬
‫الحضارة‪ ،‬أي من الزراعة إلى الصناعة والتجارة‪(:‬وأما الفالحة والصناعة والتجارة فهي وجوه‬
‫طبيعية للمعاش‪ .‬أما الفالحة فهي متقدمة عليها كلها بالذات‪ .‬وأما الصناعة فهي ثانيها ومتأخرة‬
‫عنها ألنها مركبة وعلمية تصرف فيها األفكار واألنظار‪ ،‬ولهذا ال توجد غالبا إال في أهل الحضر‬
‫الذي هو متأخر عن البدو وثان عنه)‪.‬‬

‫يركز ابن خلدون على الصناعة جاعال منها السبب األساسي في االزدهار الحضاري‪(:‬إن‬
‫الصنائع إنما تكتمل بكمال العمران الحضري وكثرته‪ .‬إن رسوخ الصنائع في األمصار إنما هو‬
‫برسوخ الحضارة وطول أمدها)‪ .‬كما تناول مقولة تقسيم العمل بالتأكيد على أن(النوع اإلنساني ال‬
‫يتم وجوده إال بالتعاون)‪ ،‬لعجز اإلنسان عن تلبية جميع حاجاته مهما كانت قدرته بمفرده‪ ،‬حيث‬
‫أن (الصنائع في النوع اإلنساني كثيرة بكثرة األعمال المتداولة في العمران‪ .‬فهي بحيث تشذ عن‬
‫الحصر وال يأخذها العد‪(.‬مثل) الفالحة والبناء والخياطة والنجارة والحياكة والتوليد والوراقة‬
‫والطب‪ ).‬أما القيمة فهي في نظره (قيمة األعمال البشرية)‪ :‬فاعلم أن ما يفيد اإلنسان ويقتنيه من‬
‫المتموالت إن كان من الصنائع فالمفاد المقتنى منه قيمة عمله‪.‬إذ ليس هناك إال العمل‪ ،‬مثل‬
‫النجارة والحياكة معهما الخشب والغزل‪ ،‬إال أن العمل فيهما أكثر فقيمته أكثر‪ ،‬وإن كان من غير‬
‫الصنائع فال بد في قيمة ذلك المفاد والقنية من دخول قيمة العمل الذي حصلت به‪ ،‬إذ لوال العمل لم‬
‫تحصل قيمتها‪.‬فقد تبين أن المفادات والمكتسبات كلها إنما هي قيم األعمال اإلنسانية)‪ .‬ولم يغفل‬
‫أيضا عن مقولة (القيمة الزائدة) وإن لم يعالجها بشكل معمق عند تعرضه لصاحب الجاه‪(:‬وجميع‬
‫ما شأنه أن تبذل فيه األعواض من العمل يستعمل فيه الناس من غير عوض فتتوفر قيم تلك‬
‫األعمال عليه‪ ،‬فهو بين قيم لألعمال يكتسبها‪ ،‬وقيم أخرى تدعوه الضرورة إلى إخراجها‪ ،‬فتتوفر‬
‫عليها‪ ،‬واألعمال لصاحب الجاه كبيرة‪ ،‬فتفيد الغني ألقرب وقت‪ ،‬ويزداد مع مرور األيام يسارا‬
‫وثروة)‪ .‬من كل ما تقدم نستطيع المجازفة والقول إن أعمال ابن خلدون وبالذات‬

‫ويرفض ابن خلدون تدخل الدولة المباشر في اإلنتاج والتجارة لما يترتب عليه من أضرار‬
‫اقتصادية‪ .‬فهو يرى أن حاجة الدولة لتغطية نفقاتها المتزايدة تدفعها نحو هذا التدخل ولكن النتيجة‬
‫حينئذ تكون بعكس القصد‪ .‬يكتب ابن خلدون "اعلم أن الدولة إذا ضاقت جبايتها بما قدمناه من‬
‫الترف وكثرة العوائد والنفقات وقصر الحاصل من جبايتها على الوفاء بحاجاتها ونفقاتها‪،‬‬
‫واحتاجت إلى مزيد المال والجباية‪ ،‬فتارة توضع المكوس على بياعات الرعايا وأسواقهم كما‬
‫قدمنا وتارة بالزيادة في ألقاب (معدالت؛ أسعار) المكوس إن كان قد استحدث من قبل‪ ،‬وتارة‬
‫بمقاسمة العمال والجباة وامتكاك (امتصاص) عظامهم‪ ،‬لما يرون أنهم قد حصلوا على شيء‬
‫طائل من أموال الجباية ال يظهره الحسبان (المحاسبون)‪ ،‬وتارة باستحداث التجارة والفالحة‬
‫للسلطان على تسمية الجباية (باسم الجباية)‪ ،‬لما يرون التجار والفالحين يحصلون على الفوائد‬
‫والغالت مع يسارة أموالهم‪ ،‬وأن األرباح تكون على نسبة رؤوس األموال‪ .‬فيأخذون في اكتساب‬
‫الحيوان والنبات الستغالله في شراء البضائع والتعرض بها لحوالة األسواق‪ ،‬ويحسبون ذلك من‬
‫إدرار الجباية وتكثير الفوائد‪ .‬غلط عظيم وإدخال الضرر على الرعايا من وجوه متعددة"‪ .‬مما‬
‫تقدم يبين لنا أن مقدمة ابن خلدون تعتبر أول موسوعة في العلوم اإلنسانية‪ ،‬بل هي باكورة العمل‬
‫الموسوعي العام قبل ظهور عصر الموسوعات بحوالي خمسة قرون‪.‬‬

‫علم األحياء‬
‫يعتبر ابن خلدون من أوائل العلماء الذين أشاروا للشبه بين القردة واإلنسان حيث يقول في‬
‫مقدمته‪" :‬ثم انظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان على هيئة بديعة‬
‫من التدرج‪ :‬آخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات من الحشائش وما ال بذر له؛ وآخر أفق‬
‫النبات مثل النخل والكرم متصل بأول أفق الحيوان مثل الحلزون والصدف ولم يوجد لهما إال قوة‬
‫اللمس فقط‪ .‬ومعنى االتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد باالستعداد القريب ألن‬
‫يصير أول أفق الذي بعده‪ ،‬واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه وانتهى في تدريج التكوين إلى‬
‫اإلنسان صاحب الفكر والرؤية‪ ،‬ترتفع إليه من عالم القردة الذي اجتمع فيه الحس واإلدراك ولم‬
‫ينته إلى الروية والفكر بالفعل‪ ،‬وكان ذلك أول أفق من اإلنسان بعده‪ ،‬وهذا غاية شهودنا"‬
‫الفلسفة‬
‫يرى ابن خلدون في المقدمة أن الفلسفة من العلوم التي استحدثت مع انتشار العمران‪ ،‬وأنها كثيرة‬
‫في المدن ويعرفها قائال‪ :‬بأن قوما من عقالء النوع اإلنساني زعموا أن الوجود كله‪ ،‬الحسي منه‬
‫وما وراء الحسي‪ ،‬تدرك أدواته وأحواله‪ ،‬بأسبابها وعللها‪ ،‬باألنظار الفكرية واألقيسة العقلية وأن‬
‫تصحيح العقائد اإليمانية من قبل النظر ال من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل‪ ،‬وهؤالء‬
‫يسمون فالسفة جمع فيلسوف‪ ،‬وهو باللسان اليوناني محب الحكمة‪ .‬فبحثوا عن ذلك وشمروا له‬
‫وحوموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق‬
‫والباطل وسموه بالمنطق‪ .‬ويحذر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم من دراسته قبل االطالع على‬
‫العلوم الشرعية من التفسير والفقه‪ ،‬فيقول‪¸ :‬وليكن نظر من ينظر فيها بعد االمتالء من الشرعيات‬
‫واالطالع على التفسير والفقه وال يكبن أحد عليها وهو خلو من علوم الملة فقل أن يسلم لذلك من‬
‫معاطبها·‪.‬‬

‫لعل ابن خلدون وابن رشد اتفقا على أن البحث في هذا العلم يستوجب اإللمام بعلوم الشرع حتى ال‬
‫يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجرد ألن الشرع يرد العقل إلى البسيط ال إلى المعقد وإلى‬
‫التجريب ال إلى التجريد‪ .‬ومن هنا كانت نصيحة هؤالء العلماء إلى دارسي الفلسفة أن يعرفوا‬
‫الشرع والنقل قبل أن يمعنوا في التجريد العقلي‪.‬‬

‫فلسفة ابن خلدون‬


‫امتاز ابن خلدون بسعة اطالعه على ما كتبه القدامى على أحوال البشر وقدرته على استعراض‬
‫اآلراء ونقدها‪ ،‬ودقة المالحظة مع حرية في التفكير وإنصاف أصحاب اآلراء المخالفة لرأيه‪ .‬وقد‬
‫كان لخبرته في الحياة السياسية واإلدارية وفي القضاء‪ ،‬إلى جانب أسفاره الكثيرة من موطنه‬
‫األصيل تونس وبقية بالد شمال أفريقيا إلى بلدان أخرى مثل مصر والحجاز والشام‪ ،‬أثر بالغ في‬
‫موضوعية وعلمية كتاباته عن التاريخ ومالحظاته‪.‬‬

‫بسبب فكر ابن خلدون الدبلوماسي الحكيم‪ ،‬أرسل أكثر من مرة لحل نزاعات دولية‪ ،‬فقد عينه‬
‫السلطان محمد بن األحمر سفيرا إلى أمير قشتالة لعقد الصلح‪ ]6[.‬وبعد ذلك بأعوام‪ ،‬استعان أهل‬
‫دمشق به لطلب األمان من الحاكم المغولي تيمورلنك‪ ،‬والتقوا بالفعل‪6[.‬‬

‫الفكر التربوي عند ابن خلدون]‬


‫له مساهمة فعالة في علم التربية والذي لم يكن معروفا كعلم أكاديمي مستقل مثل اليوم‪ ،‬وقد عملت‬
‫دراسات كثيرة حول فكره التربوي‪ ،‬ويمكن إجمال أفكاره التربوية في التالي‪:‬‬

‫أن العلم ينقسم إلى علمين علم نقلي وعلم عقلي‪.‬‬

‫التدرج في التعليم‪.‬‬
‫البدء بالمحسوسات والتدرج حتى الملموسات‪.‬‬

‫يكون تعليم الصبي بداية بعض سور القرآن الكريم وبعض األشعار حتى تقوى ملكة الحفظ‬

‫الغرب وابن خلدون‬


‫كثير من الكتاب الغربيين وصفو تقديم ابن خلدون للتاريخ بأنه أول تقديم ال ديني للتأريخ‪ ،‬وهو له‬
‫تقدير كبير عندهم‪ .‬ربما تكون ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ‬
‫اإلسالمي توثيقا بسبب المؤلف الذي وضعه ابن خلدون ليؤرخ لحياته وتجاربه ودعاه التعريف‬
‫بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا‪ ،‬تحدث ابن خلدون في هذا الكتاب عن الكثير من تفاصيل حياته‬
‫المهنية في مجال السياسة والتأليف والرحالت‪ ،‬ولكنه لم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية‬
‫والعائلية‪.‬‬

‫كان شمال أفريقيا أيام ابن خلدون بعد سقوط دولة الموحدين تحكمه ثالث أسر‪ :‬المغرب كان تحت‬
‫سيطرة المرينيين (‪ ،)1464 - 1196‬غرب الجزائر كان تحت سيطرة آل عبد الودود (‪- 1236‬‬
‫‪ ،)1556‬تونس وشرق الجزائر وبرقة تحت سيطرة الحفصيين (‪ .)1574 - 1228‬التصارع بين‬
‫هذه الدول الثالثة كان على أشده للسيطرة ما أمكن من المغرب الكبير ولكن تميزت فترة‬
‫الحفصيين بإشعاع ثقافي باهر‪ .‬وكان المشرق العربي في أحلك الظروف آنذاك يمزقه التتار‬
‫والتدهور‪.‬‬

‫وظائف توالها‬
‫كان ابن خلدون دبلوماسيا حكيما أيضا‪ .‬وقد أرسل في أكثر من وظيفة دبلوماسية لحل النزاعات‬
‫بين زعماء الدول‪ :‬مثال‪ ،‬عينه السلطان محمد بن األحمر سفيرا له إلى أمير قشتالة للتوصل لعقد‬
‫صلح بينهما وكان صديقا مقربا لوزيره لسان الدين ابن الخطيب‪ .‬كان وزيرا لدى أبي عبد هللا‬
‫الحفصي سلطان بجاية‪ ،‬وكان مقربا من السلطان أبي عنان المرينى قبل أن يسعى بينهما الوشاة‪.‬‬
‫وبعد ذلك بأعوام استعان به أهل دمشق لطلب األمان من الحاكم المغولي القاسي تيمورلنك‪ ،‬وتم‬
‫اللقاء بينهما‪ .‬وصف ابن خلدون اللقاء في مذكراته‪ .‬إذ يصف ما رآه من طباع الطاغية‪ ،‬ووحشيته‬
‫في التعامل مع المدن التي يفتحها‪ ،‬ويقدم تقييما متميزا لكل ما شاهد في رسالة خطها لملك‬
‫المغرب‪ .‬الخصال اإلسالمية لشخصية ابن خلدون‪ ،‬أسلوبه الحكيم في التعامل مع تيمور لنك مثال‪،‬‬
‫وذكائه وكرمه‪ ،‬وغيرها من الصفات التي أدت في نهاية المطاف لنجاته من هذه المحنة‪ ،‬تجعل‬
‫من التعريف عمال متميزا عن غيره من نصوص أدب المذكرات العربية والعالمية‪ .‬فنحن نرى‬
‫هنا المالمح اإلسالمية لعالم كبير واجه المحن بصبر وشجاعة وذكاء ولباقة‪ .‬ويعتبر ابن خلدون‬
‫مؤسس علم االجتماع‪.‬‬

‫ساهم في الدعوة للسلطان أبي حمو الزياني سلطان تلمسان بين القبائل بعد سقوط بجاية في يد‬
‫سلطان قسنطينة أبي العباس الحفصي وأرسل أخاه يحيى بن خلدون ليكون وزيرا لدى أبي حمو‪.‬‬
‫وفاته‬
‫توفي في مصر عام ‪1406‬م‪ ،‬ودفن في مقابر الصوفية عند باب النصر شمال القاهرة وقبره غير‬
‫معروف‪ .‬والدار التي ولد بها كائنة بنهج تربة الباي عدد ‪ 34‬بتونس العاصمة بالمدينة العتيقة‪.‬‬

‫له قصيدة في الحنين لموطنه تونس‪:‬‬

‫مهامه فيح دونهن سباسب‬ ‫أحن إلى ألفي وقد حال دونهم‬

‫كتبه ومؤلفاته‬
‫مقدمة ابن خلدون‪.‬‬

‫تاريخ ابن خلدون‪ ،‬واسمه‪ :‬كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب والعجم‬
‫والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان األكبر‪.‬‬

‫لباب المحصل في أصول الدين‪.‬‬

‫شفاء السائل وتهذيب المسائل‪ ،‬نشره وعلق عليه أغناطيوس عبده اليسوعي‪.‬‬

‫التعريف بابن خلدون ورحالته شرقًا وغربًا (مذكراته)‪.‬‬

‫تعاقب دوري في تفسير التاريخ‬

‫قائمة المؤرخين المسلمين‬

‫تقي الدين المقريزي‬

‫علم االجتماع‬

‫اآلبلي‬

‫نظرية العصبيةالمراجع[عدل]‬

‫^ ‪ — http://data.bnf.fr/ark:/12148/cb119081451‬تاريخ االطالع‪ 10 :‬أكتوبر ‪2015‬‬


‫— الرخصة‪ :‬رخصة حرة‬

‫^ كلمة الناشر مقدمة ابن خلدون دار الكتاب اللبناني‪-‬بيروت نسخة محفوظة ‪ 30‬أغسطس ‪2017‬‬
‫على موقع واي باك مشين‪.‬‬

‫^ (‪ )ar‬ابن خلدون‪ ،‬موقع يا بيروت نسخة محفوظة ‪ 27‬نوفمبر ‪ 2015‬على موقع واي باك‬
‫مشين‪.‬‬

‫^ (‪ )ar‬ابن خلدون وابتكار علم االجتماع‪ ،‬موقع تاريخ اإلسالم نسخة محفوظة ‪ 4‬أكتوبر ‪2017‬‬
‫على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ ‪Gates, Warren E. (1967). "The Spread of Ibn Khaldûn's Ideas on‬‬
‫‪Climate and Culture". Journal of the History of Ideas (University of‬‬
‫‪.Pennsylvania Press) 28 (3): 415–422. doi:10.2307/2708627‬‬

‫↑ تعدى إلى األعلى ل‪ :‬أ ب ت ابن خلدون في إسالم أونالين نسخة محفوظة ‪ 08‬أكتوبر ‪2010‬‬
‫على موقع واي باك مشين‪" .‬نسخة مؤرشفة"‪ Archived from the original on 8 .‬أكتوبر‬
‫‪ .2010‬اطلع عليه بتاريخ ‪ 5‬سبتمبر ‪.2019‬‬

‫^ عبد الرحمن بن محمد بن خلدون‪ ،‬المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر‪ ،‬ومن‬
‫عاصرهم من ذوي السلطان األكبر الجزء السابع ص ‪ 379‬ـ ‪380‬‬

‫^ (‪ )ar‬وثائقي | علماء مسلمون ‪ 9 :‬ابن خلدون‪،‬وثائقي ابن خلدون نسخة محفوظة ‪ 09‬ديسمبر‬
‫‪ 2015‬على موقع واي باك مشين‪.‬‬

‫^ تونس تحتفي بميالد ابن خلدون الجزيرة‪.‬نت‪ ،‬تاريخ الولوج ‪ 4‬يونيو ‪ 2013‬نسخة محفوظة ‪19‬‬
‫مايو ‪ 2014‬على موقع واي باك مشين‪.‬‬

‫^ ‪Syed Farid Alatas (Ibn Khaldu ¯n and Contemporary‬‬


‫‪Sociology)Department of Sociology, National University of Singapore,‬‬
‫]‪Singapore 117570, Republic of Singapore. [email: socsfa@nus.edu.sg‬‬

‫المصادر‬
‫الموسوعة العربية العالمية‪.‬‬

‫التعريف بابن خلدون ورحلته غربًا وشرقًا‪ .‬تأليف‪ :‬عبد الرحمن ابن خلدون‬

‫مقدمة ابن خلدون‬

‫مقدمة المكروديناميكا االجتماعية‪ .‬الدورات المئوية والتيارات االلفية في أفريقيا ‪ /‬تأليف أندريه‬
‫كاراطائف ‪ISBN 5-484-00560-4‬‬

‫الموسوعة السياسية ‪ -‬الحزء الثالث‬


‫ابن حجر العسقالني‬

‫شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد بن أحمد‬
‫الكناني العسقالني ثم المصري الشافعي (شعبان ‪ 773‬هـ‪1371/‬م ‪ -‬ذو الحجة ‪ 852‬هـ‪1449/‬م)‪،‬‬
‫[‪ُ ]2‬م حِّدث وعالم مسلم‪ ،‬شافعي المذهب‪ُ ،‬لقب بعدة ألقاب منها شيخ اإلسالم وأمير المؤمنين في‬
‫الحديث‪ )1(،‬أصله من مدينة عسقالن‪ ،‬ولد الحافظ ابن حجر العسقالني في شهر شعبان سنة ‪773‬‬
‫هـ في الفسطاط‪ ]3[،‬توفي والده وهو صغير‪ ،‬فترّبى في حضانة أحد أوصياء أبيه‪ ،‬ودرس العلم‪،‬‬
‫وتوّلى التدريس‪]4[.‬‬

‫ولع باألدب والشعر ثم أقبل على علم الحديث‪ ،‬ورحل داخل مصر وإلى اليمن والحجاز والشام‬
‫وغيرها لسماع الشيوخ‪ ،‬وعمل بالحديث وشرح صحيح البخاري في كتابه فتح الباري‪ ،‬فاشتهر‬
‫اسمه‪ ،‬قال السخاوي‪« :‬انتشرت مصنفاته في حياته وتهادتها الملوك وكتبها األكابر‪ ،».‬وله العديد‬
‫من المصنفات األخرى‪ ،‬عَّد ها السخاوي ‪ 270‬مصنًفا‪ ،‬وذكر السيوطي أنها ‪ 200‬مصنف‪ ]5[.‬وقد‬
‫تنوعت مصنفاته‪ ،‬فصنف في علوم القرآن‪ ،‬وعلوم الحديث‪ ،‬والفقه‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫أشهرها‪ :‬تقريب التهذيب‪ ،‬ولسان الميزان‪ ،‬والدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة‪ ،‬وألقاب الرواة‪،‬‬
‫وغيرها‪ ] 6[.‬تولى ابن حجر اإلفتاء واشتغل في دار العدل وكان قاضي قضاة الشافعية‪ .‬وعني ابن‬
‫حجر عناية فائقة بالتدريس‪ ،‬واشتغل به ولم يكن يصرفه عنه شيء حتى أيام توليه القضاء‬
‫واإلفتاء‪ ،‬وقد دّر س في أشهر المدارس في العالم اإلسالمي في عهده من مثل‪ :‬المدرسة الشيخونية‬
‫والمحمودية والحسنية والبيبرسية والفخرية والصالحية والمؤيدية ومدرسة جمال الدين األستادار‬
‫في القاهرة‪ .‬توفي في ‪ 852‬هـ بالقاهرة‬

‫اسمه ونسبه ‪:‬‬


‫هو‪« :‬أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد(‪ )2‬بن حجر الكناني‪،‬‬
‫العسقالني األصل‪ ،‬الشافعي المذهب‪ ،‬المصري المولد والمنشأ والدار والوفاة»‪[]10[]9[]8[]7[.‬‬
‫‪ ]13[]12[]11‬والكناني‪ :‬نسبة إلى قبيلة (كنانة) العربية‪ ،‬وقد أثبت هذه النسبة معظم المؤرخين‬
‫الذين ترجموا له ولوالده‪ ،‬منهم شمس الدين السخاوي‪ ]14[،‬وتقي الدين المقريزي‪ ]15[،‬وبدر‬
‫الدين الشوكاني‪ ]12[،‬وابن تغري بردي‪ ]16[،‬كما أثبتها ابن حجر نفسه في ترجمته ألبيه‪ ،‬وعم‬
‫أبيه‪ ]18[]17[.‬والعسقالني‪ :‬نسبة إلى عسقالن‪ ،‬وهي مدينة تقع بساحل الشام في فلسطين‬
‫المحتلة‪ ،‬ومنها أصل أجداده‪ .‬والشافعي‪ :‬نسبة إلى مذهب اإلمام محمد بن إدريس الشافعي في الفقه‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وينسب إليه ابن حجر ألنه تفقه على هذا المذهب‪ ،‬ودّر سه وأفتى به‪ ،‬وتولى القضاء‬
‫للحكم بأحكامه‪.‬‬
‫لقبه وكنيته‪ :‬كان ُيلقب بـ « شهاب الدين»‪ ،‬ويكنى‪« :‬أبا الفضل»‪ ،‬وقد كناه بهذه الكنية والده‪،‬‬
‫تشبيًها له بقاضي مكة «أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبد العزيز العقيلي»‪ .‬وكناه شيخه العراقي‪،‬‬
‫والعالء بن المحّلى «أبا العباس»‪ ،‬كما ُك ني «أبا جعفر»‪ ]19[.‬أما شهرته‪ :‬فهو «ابن حجر»‪ ،‬وقد‬
‫اختلفت المصادر في اعتبار «ابن حجر» لقبًا أو اسمًا قال اإلمام السخاوي‪« :‬اُخ تلف هل هو اسم‬
‫أو لقب؟ فقيل‪ :‬هو لقب ألحمد األعلى في نسبه‪ .‬وقيل‪ :‬بل هو اسم لوالد أحمد المشار إليه»‪]20[.‬‬
‫وقد أشار ابن حجر إلى ذلك في جواب استدعاء منظوم بقوله‪]20[:‬‬

‫بن محمد بن علي الكناني المحتِد‬ ‫من أحمد بن علي بن محمد‬

‫حجرا وقيل بل اسم والد أحمِد‬ ‫ولجد جد أبيه أحمد لقبوا‬

‫وذهب ابن العماد‪ ]13[،‬وابن تغري بردي[‪ ]21‬إلى أن ابن حجر نسبة إلى آل حجر ‪-‬قوم تسكن‬
‫الجنوب اآلخر على بالد الجريد‪ -‬وأرضهم قابس في تونس اليوم‪.‬‬

‫أبوه‪« :‬هو نور الدين علي بن قطب الدين محمد العسقالني‪ ،‬ثم المصري»‪ ،‬كان مولده في حدود‬
‫‪720‬هـ‪ ،‬وكان موصوًفا بالعقل‪ ،‬والمعرفة والديانة‪ ،‬واألمانة‪ ،‬ومكارم األخالق‪ ،‬ومحبة‬
‫الصالحين‪ ،‬وقد اشتغل بالتجارة وعكف على الدرس وتحصيل العلوم فتفقه على مذهب اإلمام‬
‫الشافعّي ‪ ،‬وحفظ الحاوي الصغير‪ ،‬وأخذ الفقه عن محمد بن عقيل وأجيز باإلفتاء والتدريس‬
‫والقراءات السبع‪ ،‬وتطارح مع ابن نباتة المصري والقيراطي‪ ،‬وتبادل معهما المدائح‪ ،‬وقال الشعر‬
‫فأجاد وله عدة دواوين؛ منها «ديوان الحرم» وهو مدائح نبوية ومكية في مجلدة‪ ،‬وله استدراك‬
‫على األذكار للنووي فيه مباحث حسنة‪ .‬توفي في رجب سنة ‪ 777‬هـ‪]17[.‬‬

‫أمه‪« :‬هي ِتَج ار ابنة الفخر أبي بكر بن شمس محمد بن إبراهيم الزفتاوي‪ ،‬أخت صالح الّد ين‬
‫أحمد الزفتاوي الكارمّي »‪ ،‬وقد ماتت قبل زوجها والد ابن حجر بمدة‪]22[.‬‬

‫جده‪« :‬هو قطب الدين محمد بن ناصر الدين محمد بن جالل الدين علي العسقالني»‪ ،‬كان تاجرًا‪،‬‬
‫ولم تعفه التجارة عن طلب العلم سمع من جماعة وحصل على إجازات من العلماء‪ ،‬وأنجب أوالدًا‬
‫منهم كمال الدين‪ ،‬ومجد الدين‪ ،‬وتقّي الدين وأصغرهم ولّي الدين ثم نور الدين علي‪ ،‬وهو والد ابن‬
‫حجر‪ ،‬اّلذي انصرف من بينهم لطلب العلم أما إخوته فكانوا تّجارا‪]24[]23[.‬‬

‫مولده‬
‫{|‪";style=" ; background-color:transparent; margin:auto auto‬‬

‫مائٍة وَس ْبعيَن اتفاُق المولِد‬ ‫شعباُن عاَم ثالثٍة من َبْع ِد َس ْبِع‬

‫—ابن حجر العسقالني‬


‫|}‬

‫ولد الحافظ ابن حجر العسقالني في شهر شعبان سنة ‪ 773‬هـ‪ ،‬في مصر القديمة (الفسطاط) في‬
‫منزل كان يقع على شاطئ النيل‪ ،‬بالقرب من دار النحاس والجامع الجديد‪ ]8[،‬واختلف‬
‫المؤرخون في يوم مولده‪ ،‬فذهب السخاوي إلى أنه ولد في ‪ 22‬شعبان‪ ]25[،‬وتابعه ابن تغري‬
‫بردي في المنهل الصافي‪ ]26[،‬وذكر السيوطي أنه ولد في ‪ 12‬شعبان‪ ]27[،‬وتابعه ابن العماد‬
‫الحنبلي‪ ]13[،‬وكذلك الشوكاني‪ ]28[،‬وذكر ابن فهد المكي أنه ولد في ‪ 13‬شعبان‪]7[.‬‬

‫نشأته‬
‫نشأ الحافظ ابن حجر في أسرة اشتهرت بالعلم واألدب والفضل‪ ،‬فجّد ه «قطب الدين محمد بن‬
‫محمد بن علي» سمع من جماعة من العلماء‪ ،‬وحصل على إجازات منهم‪ ]24[.‬وعم أبيه «عثمان‬
‫بن محمد بن علي» المتوفى سنة ‪714‬هـ‪ ،‬كان أكبر فقهاء اإلسكندرية في مذهب الشافعي وانتهت‬
‫إليه رئاسة اإلفتاء‪ ]29[،‬وأبوه «نور الدين علي» كان قد انصرف من بين إخوته لطلب العلم‪،‬‬
‫فمهر في الفقه والعربية واألدب‪ ]30[،‬وأما أمه فهي من بيت ُعرف بالتجارة والثراء والعلم‪.‬‬
‫والبن حجر أخت أكبر منه بثالث سنوات اسمها «ست الَّر كب» كانت قارئة وكاتبة قال عنها ابن‬
‫حجر‪" :‬لقد انتفعت بها وبآدابها مع صغر سنها"‪ ،‬ويذكر ابن حجر أن له أًخ ا من أبيه‪ ،‬قرأ الفقه‬
‫وفضل‪ ،‬وعرض المنهاج‪ ،‬ثم أدركته الوفاة‪]31[.‬‬

‫وقد نشأ ابن حجر يتيًم ا أبًا وأًم ا‪ ،‬فقد توفي والده في رجب سنة ‪777‬هـ‪ ،‬وماتت أُّم ه قبل ذلك بمدة‪،‬‬
‫وكان أبوه قبل وفاته قد أوصى به إلى رجلين ممن كان بينه وبينهم مودة هما‪ :‬زكي الدين‬
‫الخُّر وبي رئيس التجار بالديار المصرية‪ ،‬وشمس الدين بن القطان من فقهاء الشافعية‪ ]32[.‬فنشأ‬
‫الحافظ في غاية العّفة والصيانة في كنف الوصي األول الخُّر وبي‪ .‬ولم يأُل الخروبي جهًدا في‬
‫رعايته والعناية بتعليمه‪ ،‬فأدخله الكتاب بعد إكمال خمس سنين‪ ،‬وكان لدى ابن حجر ذكاء وسرعة‬
‫حافظة بحيث إنه حفظ سورة مريم في يوم واحد‪ ]33[]7[.‬وأكمل ابن حجر حفظه للقرآن على يد‬
‫صدر الدين الَّسفطي المقرئ‪ ،‬وهو ابن تسع سنين‪ .‬ولما رحل الخروبي إلى الحج سنة ‪784‬هـ‬
‫رافقه ابن حجر وهو في نحو الثانية عشرة من عمره‪ ،‬وفي سنة ‪785‬هـ‪ ،‬وهو اليزال متواجًدا مع‬
‫وصيه الخروبي في مكة سمع من الشيخ عفيف الدين عبد هللا بن محمد بن محمد النشاوري‪ ،‬ثم‬
‫المكي‪ ،‬غالب صحيح البخاري‪ ،‬وهو أول شيخ سمع عليه الحديث‪ .‬وفي تلك السنة صلى بالناس‬
‫التراويح إماًم ا في الحرم المكي وكذلك أخذ فقه الحديث عن الشيخ جمال الدين أبي حامد محمد بن‬
‫عبد هللا بن ظهيرة المكي‪ ،‬في كتاب عمدة األحكام‪ ،‬للحافظ عبد الغني المقدسي‪ .‬فكان أول شيخ‬
‫بحث عليه في فقه الحديث‪ ]34[.‬وبعد رجوع ابن حجر مع وصيه الخُّر وبي من الحج سنة‬
‫‪786‬هـ‪ ،‬حفظ «عمدة األحكام للمقدسي»‪ ،‬و«ألفية العراقي» في الحديث‪ ،‬و«الحاوي الصغير‬
‫للقزوينبي»‪« ،‬ومختصر ابن الحاجب» في أصول الفقه‪ ،‬و«منهج األصول للبيضاوي»‪ ،‬و«ملحة‬
‫اإلعراب للحريري»‪ ،‬و«ألفية ابن مالك»‪ ،‬وغيرها‪]35[.‬‬

‫وبعد وفاة زكي الدين الخروبي سنة ‪787‬هـ‪ ]36[،‬انتقل الحافظ إلى وصاية شمس الدين بن‬
‫القطان‪ ،‬وكان الحافظ حينها قد راهق حيث بلغ أربع عشرة سنة‪ ]32[.‬وكان ابن القطان فقيها‬
‫وعالما بالقراءات‪ ،‬فدرس ابن حجر عليه الفقه والعربية والحساب وقرأ عليه شيئًا من«الحاوي‬
‫الصغير»‪ ،‬فأجاز له ثم درس ما جرت العادة على دراسته من أصل وفرع ولغة ونحوها وطاف‬
‫على شيوخ الدراية‪ ]37[.‬وفي سنة ‪790‬هـ أكمل ابن حجر السابعة عشرة من عمره‪ ،‬فقرأ القرآن‬
‫تجويدًا على الشهاب الخيوطي‪ ،‬وسمع «صحيح البخاري»على بعض المشايخ‪ ،‬كما سمع من‬
‫علماء عصره البارزين واهتم باألدب والتاريخ‪ .‬ولما بلغ التاسعة عشرة من عمره نظر في فنون‬
‫األدب‪ ،‬ففاق أقرانه فيها حتى ال يكاد يسمع شعرًا إال ويستحضر من أين أخذ ناظمه‪ ،‬وطارح‬
‫األدباء‪ ،‬وقال الشعر الّر ائق والنثر الفائق‪ ،‬ونظم المدائح النبوية والمقاطيع‪ ]38[.‬ثم حبب ِإليه فن‬
‫الحديث َفأقبل عليه سماعًا وكتاَبة وتخريجًا وتعليقًا وتصنيفًا‪ ،‬وبدأ الطلب بنفسه في سنة ‪793‬هـ‪،‬‬
‫غير أنه لم يكثر من الطلب إال في سنة ‪796‬هـ‪ ،‬وكتب بخطه عن ذلك قائاًل ‪« :‬رفع الحجاب‪ ،‬وفتح‬
‫الباب‪ ،‬وأقبل العزم المصمم على التحصيل‪ ،‬ووفق للهداية إلى سواء السبيل»‪ .‬فأخذ عن مشايخ‬
‫ذلك العصر‪ ،‬واجتمع بالحافظ العراقي‪ ،‬فالزمه عشرة أعوام‪ .‬وتخَّرج به‪ ،‬وانتفع بمالزمته‪ .‬وقرأ‬
‫عليه «األلفية»‪ ،‬و«شرحها»‪ ،‬وانتهى منهما في رمضان سنة ‪798‬هـ بمنزل شيخه العراقي‬
‫بجزيرة الفيل على شاطئ النيل‪ ،‬كما قرأ عليه «النكت على ابن الصالح» في مجالس آخرها سنة‬
‫‪799‬هـ‪ ،‬وبعض الُك تب الكبار واألجزاء القصار‪ ،‬وقرأ وسمع على ُم ْس ِندي القاهرة ومصر الكثير‬
‫في مدة قصيرة‪ ،‬فوقع له سماع متصل عاٍل لبعض األحاديث‪]39[.‬‬

‫رحالته العلمية‬
‫قضى الحافظ ابن حجر حياته كلها في طلب العلم وقام بالعديد من الرحالت العلمية في ديار‬
‫اإلسالم ليحصل مقاصد الرحلة في طلب الحديث والفوائد المرجوة منها‪ ،‬وهذه الرحالت منها‬
‫رحالت داخل مصر ومنها رحالت خارجها شملت بالد الحجاز‪ ،‬واليمن‪ ،‬والشام وغيرها‪ .‬فكان‬
‫ابن حجر ال يألو جهدًا في الرحلة إلى طلب العلم وتحصيله‪ ،‬مهما كلفه ذلك من بعٍد عن أهله‬
‫وأوالده وأصحابه‪ ،‬ومهما عانى من سفره من تعب ونصب‪ ،‬وقد عَّبر عن ذلك ابن حجر نفسه‬
‫بقوله‪]40[:‬‬

‫طلب المعارف هاجًرا لدياري‬ ‫وإذا الِّديار َتنَّك رت سافرُت في‬

‫أنفُّك في الحالين ِم ْن أسَفاِري‬ ‫وإذا أقمُت فمؤنسي ُك تبي‪ ،‬فال‬

‫رحالته داخل مصر‬


‫كانت أولى رحالت ابن حجر العلمية في سنة ‪793‬هـ‪ ،‬عندما كان في العشرين من عمره‪ ،‬حيث‬
‫رحل إلى قوص وغيرها من بالد الصعيد‪ ،‬لكنه لم يستفْد بها شيًئا ِم َن المسموعات الحديثية‪ ،‬بل‬
‫لقي جماعة ِم َن العلماء‪ ،‬منهم‪ :‬قاضي ُهو نور الدين علي بن محمد األنصاري‪ ،‬وعبد الغفار بن‬
‫أحمد بن عبد الغفار بن نوح‪ ،‬حفيد مصنف "الوحيد في سلوك طريق أهل التوحيد"‪ ،‬وابن الَّسراج‬
‫قاضي ُقوص‪ ،‬لقيه بها مع جماعة ِم ْن أهل األدب‪ ،‬سمع ِم ْن نظمهم‪]41[.‬‬

‫وفي أواخر سنة ‪793‬هـ شد ابن حجر رحاله إلى اإلسكندرية‪ ،‬فأقام بها إلى أن تمت السنة‬
‫المذكورة‪ ،‬ودخل في التي تليها عدة أشهر‪ ،‬وبها التقى بمجموعة من المحدثين والمسندين منهم‬
‫التاج ابن الخّر اط‪ ،‬وابن شافع األزدي‪ ،‬وابن الحسن التونسي‪ ،‬والشمس الجزري‪ .‬وقد أورد ابن‬
‫حجر ما لقيه من العلماء وما سمعه منهم وما وقع له من النظم والمراسالت وغير ذلك في كتاب‬
‫سماه «الدرر المضَّية ِم ْن فوائد إسكندرية»‪]42[.‬‬

‫رحالته إلى الحجاز واليمن‬


‫بعد أن رجع ابن حجر من اإلسكندرية‪ ،‬أقام بمصر إلى يوم الخميس الموافق ‪ 22‬شوال سنة‬
‫‪799‬هـ‪ ،‬وهو اليوم الذي خرج فيه قاصدًا أرض الحجاز عن طريق البحر‪ ،‬فوصل الُّطور يوم‬
‫األحد ثاني ذي القعدة‪ ،‬وبها التقى عدًدا من العلماء منهم‪ :‬نجم الدين المرجاني‪ ،‬والصالح‬
‫األقفهسي‪ ،‬والرضا الزبيدي‪ .‬ثم توجه إلى ينبع فدخلها يوم الجمعة الموافق ‪ 13‬ذو الحجة فلقى بها‬
‫بعض من قرأ عليه أحاديث من الترمذي‪ ،‬ومن ينُبع سافر ابن حجر إلى بالد اليمن فوصلها في‬
‫ربيع األول من سنة ‪800‬هـ‪]43[.‬‬

‫وقد طاف ابن حجر معظم بالد اليمن ولقي بها عددا كبيرا من العلماء جالسهم وناقشهم وسمع‬
‫منهم وسمعوا منه‪ ،‬فلقي بتعز‪ :‬أبا بكر بن محمد بن صالح بن الخياط‪ ،‬والتقى في زبيد بجماعة‬
‫منهم‪ :‬شهاب الدين الناشري‪ ،‬وشرف الدين ابن المقري‪ ،‬والوجيه عبد الرحمن بن محمد العلوي‪،‬‬
‫وعبد اللطيف بن أبي بكر الَّش ْر جي‪ ،‬وعلي بن الحسن الخزرجي‪ ،‬والموفق علي بن محمد بن‬
‫إسماعيل الَّناشري‪ .‬وفي عدن التقى‪ :‬الرضي بن المستأذن‪ ،‬وأبا المعالي عبد الرحمن بن حيدر بن‬
‫علي الِّش يرازي‪ .‬كما التقى بالُم هجم‪ :‬أحمد بن إبراهيم بن أحمد الُقوصي‪ ،‬وعلي بن أحمد‬
‫الَّصنعاني‪ ،‬والقاضي عفيف الدين عبد هَّللا بن محمد الَّناشري‪ .‬وبوادي الُح َص يب‪ :‬الجمال محمد بن‬
‫أبي بكر بن علي المصري‪ .‬واجتمع في زبيد وتعز بالنفيس العلوي محدث اليمن‪ ]44[.‬واجتمع‬
‫في زبيد ووادي الُح صيب بشيخ اللغويين الفيروزآبادي‪ ،‬فقرأ عليه أشياء‪ ،‬من جملتها جزء التقطه‬
‫ابن حجر من «المشيخة الفخرية»‪ ،‬فيه أزيد من ثمانين حديًثا من العوالي‪ ،‬وسمع منه المسلسل‬
‫باألولية بسماعه من السبكي‪ ،‬وكتب له تقريظًا على تعليق التعليق وأعطاه النصف الثاني من‬
‫تصنيفه «القاموس المحيط» لتعذر وجود باقيه حينئٍذ ‪ ،‬وأذن له مع المناولة في روايته عنه‪]45[.‬‬

‫وأثار وجود ابن حجر في اليمن أهتمام العلماء فأقبلوا على السماع منه واألستمداد من فوائده‪،‬‬
‫حتى طلب منه ابن النفيس العلوي أن يخَّرج لهم من مرويات نفسه‪ ،‬فخَّرج «األربعين المهذبة‬
‫باألحاديث الملقبة» في يوم واحد‪ ،‬وكتب وهو هناك بخطه «التقييد البن نقطة» في خمسة أيام‪،‬‬
‫و«فصل الربيع في فضل البديع» في يومين‪ ،‬وأخذوا عنه «مشيخة الفخر ابن البخاري»‪،‬‬
‫و«المائة العشاريات» لشيخه التنوخي‪ ،‬وحدث بكتاب ابن الجزري في األدعية المسمى «بالحصن‬
‫الحصين» فتنافسوا في تحصيله وروايته‪ ]46[.‬ولما سمع صاحب اليمن الملك األشرف إسماعيل‬
‫بن عباس بقدوم ابن جر إلى البالد اليمنية طلب االجتماع به والسماع منه‪ ،‬فالتقى به ابن حجر‬
‫وامتدحه في أكثر من ثالث قصائد‪ ،‬وأهداه تذكرته األدبية بخطه في أربعين مجلدا لطافًا باإلضافة‬
‫إلى كتب أخرى‪ ،‬فأثابه الملك الأشرف أحسن إثابة وعامله معاملة كريمة‪]47[.‬‬

‫وفي عام ‪ 800‬هـ رحل ابن حجر من اليمن ‪-‬صحبة الموكب الذي جهزه صاحبها الملك األشرف‬
‫للحجاج‪ -‬إلى مكة ليحج حجة اإلسالم‪ ،‬وهي الثالثة‪ ،‬بالنظر لمجاورته مع وصيه وأبيه‪ ،‬فإنه ‪-‬كما‬
‫تقدم‪ -‬كان وهو مراهق مجاورًا في سنة ‪ 786‬هـ مع وصيه الخُّر وبي‪ ،‬وقبلها وهو طفل مع والده‪،‬‬
‫ثم حج أيضًا في سنة ‪ 805‬هـ‪ ،‬وجاور بمكة بعض سنة ‪ 806‬هـ‪ ،‬ثم سافر إلى اليمن للمرة الثانية‬
‫(سنة ‪ 806‬هـ) فلقي هناك من التقى بهم في المرة االولى وغيرهم‪ ،‬فأخذ عنهم وأخذوا عنه‪]48[.‬‬
‫وقد واجه ابن حجر الكثير من المتاعب خالل رحلته الثانية لليمن حيث انصدع المركب الذي‬
‫يقله‪ ،‬وغرق جميع ما كان معه من المتاع والكتب والنقد‪ ،‬ثم يسر هللا طلوع أكثرها‪ ،‬قال‬
‫السخاوي‪« :‬وفي هذه المرة انصدع المركب الذي كان فيه‪ ،‬فغرق جميع ما معه من األمتعة والنقد‬
‫والكتب‪ ،‬ثم يسر هللا تعالى بطلوع أكثرها بعد أن أقام ببعض الجزائر هناك أياما‪ .‬وصولح عما‬
‫جرت العادة بأخذه مما يطلع بعد الغرق بمال كثير جدا‪ ،‬بحيث يتعجب من كثرة أصله‪ ،‬وكتب‬
‫محضر بذلك حسبما رأيته‪ ،‬لكن غاب عني ضبط ما فيه‪ .‬وكان من جملة الكتب التي غرقت مما‬
‫هو بخطه‪« :‬أطراف المزي»‪ ،‬و«أطراف مسند أحمد»‪ ،‬و«أطراف المختارة»‪ ،‬كالهما من‬
‫تصنيفه‪ ،‬وكذا ترتيب كل من مسندي «الطيالسي» و«عبد بن حميد»‪ ...‬وكان من جملة الذهب‬
‫العين ‪-‬فيما قيل‪ -‬سبعة آالف مثقال أو أكثر من الذهب المصري وديعة البن مسلم‪ .‬ولذلك تجشم‬
‫شيخنا المشقة‪ ،‬حيث أقام على التماسها في البحر مدة حتى أخرجت‪ ]49[.».‬ويعزو السخاوي ‪-‬‬
‫نقًال عن ابن حجر‪ -‬هذا الغرق إلى عين (حسد) من استعرض كتبه وتعجب من كثرة ما فيها‬
‫بخطه‪]50[.‬‬

‫ولما رجع من رحلته الثانية لليمن حج أيضًا‪ ،‬قال السخاوي‪« :‬فيما أظن» وعاد إلى جدة‪ ،‬وقرأ بها‬
‫في المحرم سنة ‪ 807‬هـ على أبي المعالي عبد الرحمن بن حيدر الشيرازي أحاديث عشرة‪،‬‬
‫انتقاها من «أربعين الحاكم»‪ .‬ثم سافر إلى بلده‪ ،‬فأقام بها على عادته‪ ،‬ثم حج أيضًا في سنة ‪815‬‬
‫هـ وكانت حجته األخيرة في سنة ‪ 824‬هـ وكان مقيمًا في هذه المرة بالمدرسة األفضلية‪ ،‬أنزله بها‬
‫قاضي مكة المحب بن ظهيرة‪ ،‬وبها سمع على ابن طولوبغا‪ .‬ولقي بمكة وبمنى والمدينة النبوية‪،‬‬
‫في كل مرة‪ ،‬جمعًا من العلماء والمسندين‪]51[.‬‬

‫رحلته إلى الشام‬


‫خرج بن حجر من القاهرة عصر يوم االثنين ‪ 23‬شعبان سنة ‪ 802‬هـ‪ ،‬قاصدًا بالد الشام لألخذ‬
‫عمن بها من الشيوخ والمحدثين والمسندين‪ ،‬وصحبه في هذه الرحلة قريبه الزين شعبان‪ ،‬والحافظ‬
‫تقي الدين الفاسي‪ ،‬فسمع بالبالد التي دخلها من بالد الشام أو التي في الطريق إليها ما اليوصف‬
‫وال يدخل تحت الحصر على أمم كثيرة‪ ]52[،‬وكان دخوله إلى دمشق في ‪ 19‬رمضان سنة‬
‫‪802‬هـ‪ ،‬فنزل فيها على صاحبه الصدر علي بن محمد بن محمد بن األدمي‪ ،‬لما كان بينهما من‬
‫المودة‪ ،‬وأقام بها مائة يوم‪ ،‬آخرها أول يوم من المحرم سنة ‪803‬هـ‪ ]53[،‬وكان السبب الرئيسي‬
‫الذي دعا بن حجر إلى مغادرة بالد الشام مبكرًا‪ ،‬هو تواتر األخبار بقرب مجئ المغول إليها‪،‬‬
‫فظهر ابن حجر من دمشق ‪-‬كما تقدم‪ -‬في أول يوم من سنة ‪ 803‬هـ‪ ،‬ورجع إلى بلده وقد اتسعت‬
‫معارفه كثيرًا بما أخذه من العلماء‪ ،‬فأقام بها على طريقته في التصنيف واإلقراء واإلمالء‬
‫والكتابة‪ ،‬بل لم يهمل سماعه على الشيوخ‪]54[.‬‬

‫ورغم قصر المدة التي قضاها بن حجر في البالد الشامية والتي لم تتجاوز مائة يوم إال أنه أظهر‬
‫لعلماء الشام وفضالئها حفظًا كبيرًا‪ ،‬واغتبطوا به‪ ،‬وشهدوا له بالتقدم في فنون الحديث إلى أعلى‬
‫رتبة‪ ]54[،‬وعلق في غضون تلك المدة بخطه من األجزاء الحديثية‪ ،‬والفوائد النثرية‪ ،‬والتتمات‬
‫التي ُيلحقها في تصانيفه ونحوها ثمان مجلدات فأكثر‪ ،‬وأَّلف ترتيًبا على األطراف لكتاب‬
‫«األحاديث المختارة»‪ ،‬للحافظ ضياء الدين المقدسي‪ ،‬جاء في مجلٍد ضخم سماه‪« :‬اإلنارة في‬
‫أطراف المختارة»‪ ،‬قال السخاوي عنه‪« :‬لو لم يكن له عمل في طول هذه المدة إال هي‪ ،‬لكانت‬
‫كافية في جاللته»‪ ]55[.‬كما حصل في تلك المدة مابين قراءة وسماع جملة مستكثرة من الكتب‪،‬‬
‫منها ما يكون في مجلدة ضخمة فأكثر ومنها ما يكون في مجلدة لطيفة‪ ،‬بلغت مجتمعة ما يقارب‬
‫ألف جزء حديثي‪]56[.‬‬

‫رحلته إلى حلب‬


‫كان ابن حجر وهو بدمشق قد عزم على التوجه إلى البالد الحلبية‪ ،‬ليأخذ عن خاتمة المسندين بها‬
‫عمر بن أيدغمش‪ ،‬فبلغته وفاته‪ ،‬فتخلف عن التوجه إليها‪ ،‬ثم قدر له ‪-‬بعد دهر‪ -‬السفر إليها وذلك‬
‫في سنة ‪ 836‬هـ وذلك أن السلطان األشرف برسباي توجه إلى آمد‪ ،‬لدفع أذى التركمان الذين‬
‫تغلبوا على بالد آمد وماردين وغيرها بعد الغزو التيمورلينكي‪ ،‬لما كثر من إفسادهم‪ ،‬ونهب‬
‫أموال الرعايا‪ ،‬وقطع الطرق على القوافل‪ ،‬فخرج السلطان بالعسكر المصري ومعه قاضي‬
‫الشافعية الحافظ بن حجر‪ ،‬ورفقته قضاة المذاهب الثالثة األخرى والخليفة داود المعتضد باهلل‪[،‬‬
‫‪ ]57‬وكان ابتداء السفر من الريدانية بعد صالة الجمعة ‪ 19‬رجب من السة المذكورة‪ ]58[،‬وفي‬
‫أثناء سفره لم يخل وقته من فائدة على جاري عادته‪ ،‬فسمع وكتب بالبالد التي مر بها وهو في‬
‫الطريق إلى الشام الكثير عن رفقته من القضاة والشيوخ المرافقين للعسكر المصري‪ ،‬ووصل‬
‫الركب إلى دمشق في النصف من شعبان فنزل ابن حجر بالمدرسة العادلية الصغرى‪ ،‬وعقد‬
‫مجلس اإلمالء بجامع بني أمية فحضره جمع وافر من األعيان والفضالء والطلبة‪ ،‬وسمع في مدة‬
‫إقامته في دمشق إلى العشرين من شعبان على من تهيأ له السماع منهم‪ ،‬وعلق بخطه أشياء كثيرة‬
‫تزيد على مجلدين‪]59[.‬‬

‫وفي أثناء توجهه إلى حلب‪ ،‬كتب بحمص عن محمد بن محمد بن القواس المخزومي‪ ،‬كما كتب‬
‫بحماة عن شاعرها التقي بن حجة الحنفي أشياء من نظمه‪ ،‬وعن الشيخ نور الدين علي بن يوسف‬
‫بن مكتوم الشيباني جزءا فيه عشرة أحاديث من «عشرة الحداد» وغيرها‪ ،‬وكذا عن الشمس‬
‫محمد بن أحمد بن أبي بكر الحموي بن األشقر حديثًا من البخاري‪ .‬وكان دخولهم إلى حلب في‬
‫الخامس من رمضان سنة ‪ 836‬هـ‪ ،‬وأقاموا بها خمسة عشر يومًا‪ ،‬حل فيها ابن حجر ضيفًا على‬
‫العالء بن خطيب الناصرية قاضي الشافعية بحلب آنذاك‪ ،‬وأخذ عنه أشياء من نظمه‪ ،‬وسمع بها‬
‫على برهان الدين سبط بن العجمي «الحديث المسلسل باألولية»‪ ،‬و«مشيخة الفخر بن البخاري»‬
‫تخريج ابن الظاهري وقد أحضرت له خصيصيًا من دمشق لعدم توفرها بحلب يومئِذ ‪ ،‬وسمع‬
‫بعض «عشرة الحداد» على القاضي أبي جعفر بن الضياء والشهاب أحمد بن إبراهيم بن العديم‪[.‬‬
‫‪]60‬‬

‫وفي أثناء إقامته بحلب كان يذهب إلى ما جاورها من القرى والبلدان لألخذ عمن بها من المحدثين‬
‫والمسندين واألدباء فسمع بظاهر البيرة من كمال الدين محمد بن البارزي‪ ،‬ورجع مع البدر‬
‫العيني إلى بلده عينتاب وصليا عيد الفطر بها‪ ،‬وسمع عليه بظاهرها ثالثة أحاديث‪ ،‬وسمع بمدينتي‬
‫الباب وبزاعة من الشهاب أحمد بن أبي بكر بن الرسام الحموي شيئًا من أربعين القاضي‬
‫المرداوي‪ ،‬وسمع على آخرين في بلدان أخرى‪ ]61[.‬ثم عاد إلى حلب‪ ،‬فأقام بها حتى رجعت‬
‫العسكر المصري في يوم السبت سابع ذي الحجة فرجع معهم ووصلوا القاهرة في يوم األحد‬
‫العشرين من المحرم سنة ‪ 837‬هـ‪]62[.‬‬
‫وقد حصل في رحلته هذه فوائد ونوادر علقها في تذكرته المسماة «جلب حلب» المحتوية على‬
‫أبعة أجزاء حديثية‪ ،‬باإلضافة إلى مايزيد على المجلدين مما أنتقاه أو لخصه هناك‪ .‬كما حدث‬
‫هناك وعقد مجالس اإلمالء بدمشق وحلب‪ ،‬وخطب بالسلطان في وداع السنة بجامع بني أمية‪،‬‬
‫وصلى بالناس صالة الكسوف بالجامع الكبير بحلب فما سلم إال وقد انجلت الشمس وغربت‪ .‬كما‬
‫نبه أثناء مقامه هناك على فساد مابثه الشمس الفرياني من األسانيد المختلفة المركبة‪ ،‬فرجع‬
‫الكثيرون عن الرواية عنه‪]62[.‬‬

‫شيوخه وتالميذه‬
‫شيوخه ‪:‬‬
‫البن حجر العسقالني العديد من الشيوخ في القراءات والفقه وأصوله ورواية الحديث النبوي‪،‬‬
‫فمن شيوخه في القراءات والتجويد‪]63[:‬‬

‫إبراهيم بن أحمد التنوخي (‪800 - 709‬هـ)‪ ،‬الزمه ابن حجر ثالث سنوات‪ ،‬وقرأ عليه الكثير من‬
‫الكتب والمسموعات‪ ،‬وأجازه التنوخي باإلقراء سنة ‪ 796‬هـ‪.‬‬

‫صدر الدين بن عبد الرزاق السفطي المقرئ (ت ‪808‬هـ)‪ ،‬أكمل عنده حفظ القرآن‪.‬‬

‫الشهاب ابن الفقيه علي الخيوطي (ت ‪807‬هـ)‪ ،‬رافقه في سماع الحديث وقرأ عليه القرآن تجويًدا‪.‬‬

‫ومن شيوخه في الفقه وأصوله‪:‬‬

‫سراج الدين البلقيني (‪805 - 724‬هـ)‪ ،‬الزمه ابن حجر مدة‪ ،‬وقرأ عليه عدة أجزاء حديثية‪،‬‬
‫وحضر دروسه الفقهية‪ ،‬وقرأت عليه كتاب الروضة‪ ،‬ودالئل النبوة‪ ،‬والمسلسل باألولية‪]64[.‬‬

‫ابن الملقن (‪804 - 723‬هـ)‪ ،‬قرأ عليه جزءا كبيرا من شرحه على المنهاج‪ ،‬وأجاز ابن حجر‪،‬‬
‫وقرأ عليه السادس والسابع من أمالي المخِّلص‪ ،‬والمسلسل باألولية‪ ،‬والجزء الخامس من مشيخة‬
‫النجيب‪.‬‬

‫األبناسي‪802 - 725( ،‬هـ)‪ ،‬كانت مالزمته له بعد سنة ‪ 790‬هـ‪ ،‬قرأ عليه منهاج الطالبين وعمدة‬
‫المفتين للنووي‪ ،‬وجزءا من سنن الترمذي والمسلسل باألولية‪.‬‬

‫ابن القطان المصري (‪813 - 730‬هـ)‪ ،‬كان يحضر دروسه في الفقه وأصوله واللغة والحساب‪،‬‬
‫وقرأ عليه الحاوي الصغير‪ ،‬وأجازه‪ ،‬وكان أول شيوخه في الفقه‪.‬‬

‫عز الدين بن جماعة (‪819 - 749‬هـ)‪ ،‬الزمه من سنة ‪ 790‬هـ حتى وفاته‪ ،‬وأخذ عنه أصول‬
‫الفقه‪ ،‬وقرأ عليه شرح منهاج البيضاوي‪ ،‬وجمع الجوامع‪ ،‬والمختصر األصلي البن الحاجب‪،‬‬
‫وكان ابن حجر ُيثني عليه‪.‬‬

‫ومن شيوخه في اللغة والنحو‪]63[:‬‬


‫الفيروز آبادي‪ ،‬اجتمع به ابن حجر في رحلته إلى اليمن‪ ،‬وأخذ عنه القاموس المحيط‪ ،‬وأذن له أن‬
‫يرويه عنه‪.‬‬

‫شمس الدين بن عبد الرزاق الغماري‪ ،‬سمع عنه البردة عن أبي حيان عن ناظمها‪ ،‬وأجازه‪.‬‬

‫البدر البشتكي‪ ،‬الزمه سنين‪ ،‬وسمع منه الكثير من شعره‪ ،‬وقرأ عليه في علم العروض‪.‬‬

‫المحب بن هشام‪ ،‬أخذ عنه ابن حجر العربية‪ ،‬وسمع منه مقدمة ابن الصالح في علوم الحديث‪،‬‬
‫وبعض األجزاء الحديثية‪.‬‬

‫قرأ ابن حجر أغلب كتب الحديث النبوي على شيوخه‪.‬‬

‫ومن شيوخه في الحديث النبوي‪]63[:‬‬

‫عبد الرحيم العراقي (‪806 - 725‬هـ)‪ ،‬الزمه ابن حجر عشر سنين‪ ،‬منها أثناء رحلته إلى الشام‪،‬‬
‫وقرأ عليه العديد من المسانيد‪ ،‬وسمع منه ألفيته المعروفة بألفية العراقي‪.‬‬

‫نور الدين الهيثمي (‪807 - 735‬هـ)‪ ،‬قرأ عليه قريًنا للعراقي‪ ،‬ومما قرأ عليه مجمع الزوائد ومنبع‬
‫الفوائد‪ ،‬وجزءا من مسند أحمد‪ ،‬وزوائد المسند‪.‬‬

‫جمال الدين بن ظهيرة (‪817 - 751‬هـ)‪ ،‬أول شيوخ ابن حجر في الحديث‪ ،‬التقى به وهو ابن‬
‫اثنتي عشرة سنة ‪ 785‬هـ في مكة‪ ،‬درس عليه عمدة األحكام‪.‬‬

‫فاطمة بنت الُم َنَّجا التنوخية (‪803 - 712‬هـ)‪ ،‬قرأ عليها كتاب األوائل البن أبي شيبة‪ ،‬واألطعمة‬
‫للدارمي السمرقندي‪ ،‬و"بر الوالدين" للبخاري‪ ،‬و"القناعة" و"العزلة واالنفراد" البن أبي الدنيا‪،‬‬
‫وغيرها من الكتب‪.‬‬

‫فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي المقدسية (‪803 - 719‬هـ)‪ ،‬قال ابن حجر‪« :‬قرأت عليها الكثير‬
‫من الكتب واألجزاء بالصالحية‪ ،‬ونعم الشيخة كانت‪ ]65[،».‬ومما قرأ عليها اإليمان البن منده‪،‬‬
‫والتفسير المأثور عن مالك بن أنس‪ ،‬والدعاء للمحاملي‪ ،‬والسنن المأثورة للشافعي‪ ،‬والرحلة‬
‫للخطيب البغدادي‪ ،‬وسجدات القرآن إلبراهيم الحربي‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫عائشة بنت محمد بن عبد الهادي المقدسية‪ ،‬أخت فاطمة‪ ،‬قال عنها ابن حجر‪« :‬وكانت سهلة في‬
‫اإلسماع‪ ،‬سهلة الجانب»‪.‬‬

‫تالميذه‬
‫اشتهر ابن حجر وكثر تالميذه‪ ،‬وذكر السخاوي ‪ 626‬اسًم ا من تالميذه ممن أخذ عنه دراية‬
‫ورواية‪ ]66[،‬ومن أشهر تالميذه‪]67[:‬‬

‫شمس الدين السخاوي‬


‫برهان الدين البقاعي‬

‫زكريا األنصاري‬

‫ابن الخضيري‬

‫التقي ابن فهد المكي‬

‫الكمال بن الهمام‬

‫قاسم بن قطلوبغا‬

‫ابن تغري‬

‫أبو ذر ابن البرهان الحلبي‬

‫ابن مزني‬

‫ابن الشحنة‬

‫ابن خطيب الناصرية‬

‫ابن الغرابيلي‬

‫رضوان العقبي‬

‫تغري برمش بن عبد هللا‬

‫أبو إسحاق بن درباس‬

‫نفيس الدين العلوي‬

‫الكلوتاتي‬

‫البدر ابن التنسي‬

‫شهاب الدين البوصيري‬

‫محمد بن ناصر الدين السعدي الحنبلي‬

‫أحمد بن محمد بن عبد هللا بن كحيل‬

‫شمس الدين ابن حسان‬

‫شهاب الدين ابن األخصائي‬

‫ابن قوقب‬
‫شهاب الدين المنوفي‬

‫الشهاب التروجي‬

‫الشهاب اإلشليمي‬

‫عبد األول المرشدي‬

‫الشرف الطنوبي‬

‫إبراهيم الطباطبي‬

‫المحب البكري‬

‫نعمة هللا الجرهي‬

‫ابن الصيرفي‬

‫فخر الدين التليلي‬

‫ابن بصال‬

‫أبو الوفا الصالحي‬

‫ابن أبي شريف‬

‫ابن قاضي عجلون‬

‫البلبيسي المقدسي‬

‫السراج بن برهان الدين الجعبري‬

‫برهان الدين بن زين الدين الخضر‬


‫فخر الدين الرازي‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين بن‬
‫علي الرازي‪ ،‬الطبرستاني المولد‪ ،‬القرشي‪ ،‬التيمي‬
‫البكري النسب‪ ،‬الشافعي األشعري الملقب بفخر الدين‬
‫الرازي وابن خطيب الري وسلطان المتكلمين وشيخ‬
‫المعقول والمنقول‪ .‬هو إمام مفسر فقيه أصولي‪ ،‬عالم‬
‫موسوعي امتدت بحوثه ودراساته ومؤلفاته من العلوم‬
‫اإلنسانية اللغوية والعقلية إلى العلوم البحتة في‪:‬‬
‫الفيزياء‪ ،‬الرياضيات‪ ،‬الطب‪ ،‬الفلك‪ .‬ولد في الرّي ‪.‬‬
‫قرشي النسب‪ ،‬أصله من طبرستان‪ .‬رحل إلى خوارزم‬
‫وما وراء النهر وخراسان‪ .‬وأقبل الناس على كتبه‬
‫يدرسونها‪ ،‬وكان يحسن اللغة الفارسية‪.‬‬
‫وكان قائما على نصرة األشاعرة‪ ،‬كما اشتهر بردوده‬
‫على الفالسفة والمعتزلة‪ ،‬وكان إذا ركب يمشي حوله‬
‫ثالث مائة تلميذ من الفقهاء‪ ،‬ولقب بشيخ اإلسالم في‬
‫هراة‪ ،‬له تصانيف كثيرة ومفيدة في كل فن من أهمها‪:‬‬
‫التفسير الكبير الذي سماه "مفاتيح الغيب"‪ ،‬وقد جمع‬
‫فيه ما ال يوجد في غيره من التفاسير‪ ،‬وله‬
‫"المحصول" في علم األصول‪ ،‬و"المطالب‬
‫العالية"و"تأسيس التقديس" في علم الكالم‪" ،‬ونهاية‬
‫اإليجاز في دراية اإلعجاز" في البالغة‪ ،‬و"األربعين‬
‫في أصول الدين"‪ ،‬وكتاب الهندسة‪ .‬وقد اتصل الرازي‬
‫بالسلطان محمد بن تكشي الملقب بخوارزم شاه ونال‬
‫الحظوة لديه‪ .‬توفي الرازي في مدينة هراة سنة ‪606‬‬
‫هـ‪.‬‬
‫عصره‬
‫عاش الرازي في النصف الثاني من القرن السادس‬
‫الهجري‪ ،‬وكانت هذه الفترة حرجة في حياة المسلمين‬
‫السياسية واالجتماعية والعلمية والعقيدية‪ ،‬فالوهن قد‬
‫بلغ مداه بالدولة العباسية‪ ،‬وكانت أخبار الحروب‬
‫الصليبية في الشام‪ ،‬وأخبار التتار في المشرق تهدد‬
‫مضاجع المسلمين‪ ،‬وتحرك وجدانهم‪ ،‬وتثير مشاعرهم‪.‬‬
‫وكانت الخالفات المذهبية والعقائدية شديدة وفي الري‬
‫وحدها كانت ثالث طوائف‪ :‬الشافعية وهم األقلية‪،‬‬
‫واألحناف وهم األكثرية‪ ،‬والشيعة وهم السواد األعظم‪،‬‬
‫ففي البداية وقع التصادم بين أهل السنة والشيعة‪،‬‬
‫وكانت الغلبة ألهل السنة‪ ]5[.‬ثم بعد ذلك‪ ،‬وقعت حروب‬
‫بين الشافعية والحنفية‪ ،‬وكانت الغلبة للشافعية مع قلة‬
‫عددها‪ .‬وكثرت الفرق وطال الجدل بينها وأشهرها‪:‬‬
‫الشيعة‪ ،‬والمعتزلة‪ ،‬والمرجئة‪ ،‬والباطنية‪ ،‬والكرامية‪.‬‬
‫أما العلوم فقال فيها ابن خلدون‪« :‬ويبلغنا عن أهل‬
‫المشرق أن بضائع هذه العلوم (العلم الطبيعي‪ ،‬والعلم‬
‫اإللهي‪ ،‬والهندسة‪ ،‬والموسيقى‪ )...‬لم تزل عندهم‬
‫موفورة‪ ،‬وخصوصًا في عراق العجم وما بعده فيما‬
‫وراء النهر‪ ،‬وأنهم على ثبج (نهج) من العلوم العقلية‬
‫والنقلية‪ ،‬لتوفر عمرانهم واستحكام الحضارة فيهم‪[».‬‬
‫‪]6‬‬
‫واستفحل شر الباطنية وعمدوا إلى االغتياالت الفردية‬
‫التي ذهب ضحيتها نظام الملك وقاضي قضاة أصبهان‪،‬‬
‫يقول ابن العماد في شذرات الذهب‪« :‬وعظم الخطب‬
‫بهؤالء المالعين‪ ،‬وخافهم كل أمير وعالم لهجومهم‬
‫على الناس‪ ]7[».‬وهم كما وصفهم اإلمام الغزالي‪:‬‬
‫«ظاهر مذهبهم الرفض‪ ،‬وباطنه الكفر المحض‪]8[».‬‬
‫وفي هذه االضطرابات السياسية والعقلية والدينية نشأ‬
‫الرازي‪ ،‬يقول تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية‬
‫الكبرى‪« :‬وعبر إلى خوارزم بعد ما مهر في العلوم‪،‬‬
‫فجرى بينه وبين المعتزلة مناظرات أدت إلى خروجه‬
‫منها‪ .‬ثم قصد ما وراء النهر فجرى له أشياء نحو ما‬
‫جرى بخوارزم فعاد إلى الري‪ ]9[».‬ويقول الداوودي‬
‫في طبقات المفسرين‪« :‬وجدت بينه وبين جماعة من‬
‫الكرامية مخاصمات وفتن‪ ،‬وأوذي بسببهم‪ ،‬وآذاهم‬
‫وكان ينال منهم في مجلسه‪ ،‬وينالون منه‪]10[».‬‬
‫وكانت الري موقعا العديد من األحداث التاريخية في ذلك‬
‫الوقت‪ ،‬لكثرة طرقها إلى الدول‪ ،‬ولذلك لجأ أهلها إلى‬
‫دور تحت األرض‪ ،‬فجعلوها في غاية الظلمة ومسالكها‬
‫وعرة‪ ،‬وتقع اآلن في الجنوب الغربي من طهران‪]11[.‬‬
‫وفي سنة ‪ 543‬هـ قامت الدولة الغورية‪ ،‬وهي السنة‬
‫التي ولد فيها الرازي‪ .‬وكانت في بداية فترة الضعف‬
‫واالنحطاط للدولتين السلجوقية والغزنوية‪ ،‬وهما‬
‫الدولتان اللتان عاش تحت ظاللهما‪ ،‬وفي أيام‬
‫ازدهارهما‪ ،‬ولقد زالتا بعد موته ببضع سنين‪ ،‬عندما‬
‫خرج المغول من بالد الصين‪.‬‬
‫وإن كان القرن السادس الهجري عصرا اجتمعت فيه‬
‫متناقضات كثيرة‪ ،‬فإن عوامل القوة الستمرار الحضارة‬
‫اإلسالمية كانت موجودة َأْيًض ا‪ ،‬ولهذا فال تكاد دولة ما‬
‫تسقط‪ ،‬حتى تظهر دولة أخرى‪ ،‬تكون كبيرة َأْيًض ا‪،‬‬
‫لتواصل المسيرة التاريخية‪ ،‬وقد استطاعت الدولتان‬
‫الخوارزمية والغورية مقاومة فتن الغز (شعب من‬
‫شعوب الترك‪ ،‬ومنهم كان السالجقة‪ ،‬وقد انتقلوا من‬
‫أقاصي الترك إلى ما وراء النهر‪ ،‬وأسلموا ولكن كانت‬
‫أفعالهم قبيحة‪ ،‬وخربوا بالدًا كثيرة وأشعلوا الفتن‪،‬‬
‫وقتلوا العلماء والصالحين وأحرقوا خزائن الكتب)‬
‫المتكررة‪ ،‬ورد هجمات الخطإ (قوم من الترك الكفار‪،‬‬
‫خرجوا من أطراف الصين وتمركزوا فيما وراء النهر‪،‬‬
‫وقد استنجد بهم بعض سالطين وأمراء المسلمين)‪،‬‬
‫وقاومتا التتار لبعض الوقت‪ ،‬وقد حلتا محل الدولة‬
‫الغورية‪ ،‬والدولة السلجوقية في فارس‪ .‬أما الدولة‬
‫األيوبية فقد حلت محل الدولة السلجوقية في غرب‬
‫فارس‪ ،‬لما ضعفت وعجزت عن رد الحمالت الصليبية‬
‫في الشرق األوسط‪ ،‬كما قاومت الدولة الموحدية‬
‫الحمالت الصليبية في شمال أفريقيا واألندلس‪ ،‬وقد‬
‫حلت محل ثالت دول‪ :‬الدولة الفاطمية والدولة الحمادية‬
‫والدولة المرابطية‪.‬‬
‫والمالحظ أن القرن السادس الهجري شهد تحوالت‬
‫كبيرة في جميع الميادين‪ ،‬من أهمها بداية اضمحالل‬
‫الخالفة العباسية‪ ،‬بتفككها إلى دول صغيرة كثيرة‪ ،‬تعمل‬
‫كل دولة على السيطرة على جميع نواحي الحياة في‬
‫إقليمها‪ ،‬وكان هذا الوضع سببا في ظهور بوادر الفساد‬
‫والتخلف في شؤون الحياة االجتماعية‪ .‬ما عدا الحركة‬
‫الفكرية والعلمية‪ ،‬فقد تواصلت بفضل وجود علماء كبار‬
‫في هذا العصر‪ ،‬واستقالل المدارس التعليمية عن‬
‫السلطة السياسية‪ .‬لقد كتب لهذه الحركة أن تواصل‬
‫مسارها بثبات‪ ،‬وأن تعوض النكوص الذي أصاب جسم‬
‫األمة اإلسالمية‪ .‬ومن المعلوم أن المرض عندما يصيب‬
‫الجسم ال يؤدي في الحين إلى التأثير في العقل إال بعد‬
‫انهيار الجسم‪ ،‬لذلك يتميز عصر الرازي بما يأتي‪:‬‬
‫ضعف الخالفة العباسية[عدل]‬

‫الدولة السلجوقية في أقصى اتساعها عام ‪1092‬م‪ ،‬بعد‬


‫وفاة السلطان جالل الدولة ملك شاه‬
‫ويرجع هذا الضعف واالضمحالل إلى أسباب كثيرة‪،‬‬
‫منها‪ :‬التناحر على السلطة‪ ،‬واستنزاف طاقات كبيرة‬
‫بين الخالفتين العباسية والفاطمية من أجل السيطرة‬
‫على العالم اإلسالمي واالنفراد بالحكم وقيادته‪ .‬ومنها‬
‫َأْيًض ا التعارض بين السلطة واتساع الرقعة الجغرافية‬
‫لدولة الخالفة‪ ،‬ألن الخليفة يضطر إلى تعيين والة على‬
‫البالد البعيدة‪ ،‬وإلى أن يمنحهم سلطات عسكرية ودينية‬
‫إلى جانب السلطة المدنية‪ ،‬فيغري ذلك هؤالء الوالة‬
‫باالنفصال واالستقالل‪ ،‬وقد حصل ذلك للخالفتين أكثر‬
‫من مرة‪ ،‬وأدى هذا التصرف إلى االنحطاط السياسي ثم‬
‫الحضاري‪ ،‬وكان هذا حال القرن السادس الهجري‪،‬‬
‫حيث انهارت الخالفتان العباسية والفاطمية أمام‬
‫سالطين األقاليم‪ ،‬وعلى الخصوص في الفترات التي‬
‫كان فيها الخليفة ليس حاكما عظيما‪ ،‬ألن عظمة الدولة‬
‫من عظمة الرجل الذي يقودها‪ ]12[.‬ومن الشواهد‬
‫التاريخية على قيام حروب بين الخلفاء والسالطين‪،‬‬
‫الحرب التي وقعت سنة ‪ 529‬هـ بين الخليفة المسترشد‬
‫باهلل (توفي في نفس السنة) والسلطان مسعود‬
‫السلجوقي (ت ‪ 547‬هـ)‪ ]13[.‬والحرب التي نشبت في‬
‫السنة التالية أي سنة ‪ 530‬هـ بين الخليفة الراشد (ت‬
‫‪ 532‬هـ) وعسكر السلطان مسعود‪ ]14[.‬وفد ذكر‬
‫المؤرخون حروبا كثيرة من هذا النوع‪ ،‬طوال القرن‬
‫السادس الهجري‪ ،‬حين تجرأ فيها السالطين على‬
‫الخلفاء‪ ،‬ال سياسيا وعسكريا فحسب بل حتى دينيا‪ ،‬إذ‬
‫كانوا يطلبون الخطبة ألنفسهم ويسلبونهم رموز‬
‫الخالفة‪ ،‬منها سلب السلطان سنجر (ت ‪ 552‬هـ) بردة‬
‫النبي محمد والقضيب من الخليفة المسترشد باهلل (ت‬
‫‪ 529‬هـ)‪ ،‬ثم أعادها إلى الخليفة المقتفي ألمر هللا (ت‬
‫‪ 555‬هـ) في سنة ‪ 535‬هـ‪ ]15[.‬وهذه الظاهرة تدل‬
‫على ضعف الخالفة وتصدعها‪ .‬ولما كثرت اإلمارات‬
‫والملوك كثرت الفتن‪ ،‬وتأججت الرغبات في التناحر‬
‫على السلطة‪ ،‬وأحيانا باالستعانة بالكفار‪ ،‬وذلك مذكور‬
‫ومشهور في كتب التاريخ‪ ،‬مثل فتنة جماعة أصحاب‬
‫الخلفاء العلويين بمصر‪ ،‬الذين أرادوا الوثوب على‬
‫صالح الدين (ت ‪ 589‬هـ) باستدعاء اإلفرنج من صقلية‬
‫ومن ساحل الشام إلى مصر مقابل مال وبالد‪]16[.‬‬
‫وأما قدوم التتار إلى بالد المسلمين‪ ،‬فيقول ابن األثير‬
‫(ت ‪ 630‬هـ)‪ :‬أن الخليفة الناصر لدين هللا (ت ‪ 662‬هـ)‬
‫راسل التتار يطمعهم في البالد‪ ،‬وتلك هي الطامة‬
‫الكبرى‪ ]17[.‬هذا وكانت البالد اإلسالمية مسرحا‬
‫للحروب الصليبية طوال هذا القرن‪ ،‬وقد أدت هذه‬
‫الحروب إلى مزيد من الضعف للخالفة‪ ،‬وإلى العجز‬
‫الكلي أحيانا عن المقاومة والدفاع عن البالد الواسعة‬
‫التي طرقتها الحمالت الصليبية‪ ،‬وغزوات أقوام من كل‬
‫ناحية‪ ،‬وال سيما خروج التتار في العشرية الثانية من‬
‫القرن السابع الهجري‪ ،‬وبالتحديد في سنة ‪ 617‬هـ إلى‬
‫بالد اإلسالم‪]18[.‬‬
‫األحوال االجتماعية[عدل]‬
‫لقد تدهورت الحياة االجتماعية في القرن السادس‬
‫الهجري بسبب الفساد السياسي الذي استنزف القدرات‬
‫االجتماعية والمادية والمعنوية‪ ،‬كما يرجع األمر إلى‬
‫الفتن المختلفة وإلى األزمات االقتصادية وانتشار‬
‫األوبئة‪ ،‬وهذه العوامل كلها ساهمت في تدمير البنيات‬
‫االجتماعية المادية والمعنوية التي كانت من مقومات‬
‫القوة والنماء‪ ،‬لذلك خربت المدن وانقطعت الطرق‬
‫وانتشرت السرقة‪ ،‬ولم تسلم منها حتى قوافل الحجاج‪،‬‬
‫حيث يغار عليها جهارا نهارا‪ ،‬لذلك ساءت العالقات‬
‫االجتماعية المختلفة‪ .‬ويشهد على ذلك ما وقع خالل‬
‫هذه السنوات‪:‬‬
‫ففي سنة ‪ 538‬هـ زاد أمر العّيارين[‪ ]19‬بسبب ابن‬
‫الوزير وابن قاروت[‪ ]20‬اللذين كان لهما نصيب مما‬
‫يأخذه العيارون‪]21[.‬‬
‫وفي سنة ‪ 552‬هـ أغار الجنود الخراسانية على‬
‫الحجاج الخراسانية وقتلوا منهم نفرا‪ ،‬وسلبوهم‬
‫أموالهم وأمتعتهم‪ ،‬ولما تقدموا في المسير قليال‪،‬‬
‫هاجمتهم االسماعيلية‪ ،‬فقتلوهم إال من هرب‪ ،‬وقتل‬
‫منهم كثير من العلماء والزهاد‪ ،‬وتلك مصيبة عظيمة‬
‫حلت بالحجاج وباألمن العام في ذلك الزمان‪]22[.‬‬
‫وفي سنة ‪ 556‬هـ اندلعت فتنة أخرى ببغداد بسبب ابن‬
‫هبيرة والغلمان والفقهاء‪ ،‬حيث أمر الخليفة بضرب‬
‫الفقهاء وتأديبهم‪ ،‬فمضى إليهم أستاذ الدار وعاقبهم‪[.‬‬
‫‪]23‬‬
‫وفي سنة ‪ 581‬هـ وقعت فتنة بين التركمان واألكراد في‬
‫بديار الجزيرة والموصل‪ ،‬قتل فيها خلق كثير‪ ،‬ونهبت‬
‫األموال ودامت سنين عديدة‪ ،‬حيث انقطعت فيها الطرق‬
‫بين بالد كثيرة‪ ،‬من الشام إلى أذربيجان‪]24[.‬‬
‫وفي مطلع القرن السابع الهجري‪ ،‬تواصلت الفتن بين‬
‫أهل البالد المختلفة‪ ،‬وكذلك بين أهل األحياء في المدينة‬
‫الواحدة‪ ،‬مثل فتنة ببغداد بين أهل باب األزج وأهل‬
‫المأمونية‪ ]25[،‬وفتنة بهراة بين أهل السوقين‬
‫الحدادين والصفارين‪ ]26[.‬وأما األزمات االقتصادية‬
‫فهي ال تعد وال تحصى‪ ،‬وقد أدت إلى الغالء الشديد في‬
‫البالد اإلسالمية كافة‪ ،‬ولم يسلم منها بلد‪ ،‬وقد أدت إلى‬
‫المجاعة في أحيان كثيرة‪ ،‬فعمت هذه األزمات البالد‬
‫اإلسالمية من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب‪ ،‬مثل‬
‫الذي وقع سنة ‪ 543‬هـ‪ ،‬وهي سنة والدة الرازي‪ ،‬حيث‬
‫عم الغالء جميع البالد من خراسان إلى العراق وإلى‬
‫الشام وإلى بالد أفريقيا‪]27[.‬‬
‫وفي سنة ‪ 574‬هـ اشتد الغالء َأْيًض ا وعم سائر البالد‬
‫ودام إلى السنة التالية‪ ]28[.‬وقد دفعت هذه األزمات‬
‫الناس إلى أكل الدواب المحرمة والمكروهة‪ ،‬وهناك‬
‫روايات كثيرة في كتب التاريخ تتحدث عن أكل‬
‫اآلدميين![‪]29‬‬
‫األحوال الطبيعية[عدل]‬
‫ومن الكوارث الطبيعية التي شهدها هذا القرن الزالزل‬
‫والجفاف والفيضانات‪ ،‬فالزالل لم تتوقف طوال هذا‬
‫القرن‪ ،‬وقم اهتم المؤرخون بذكرها ووصف أحوالها‬
‫وآثارها‪ ،‬وكانت تضرب البالد الكثيرة وتحدث أضرارا‬
‫كبيرة في البنايات سواء كانت منازل أو مرافق عامة‬
‫كالجسور وغيرها‪ .‬وكذلك كارثة الجفاف التي كانت‬
‫آثارها وخيمة على معيشة الناس واستقرارهم‪ ،‬ألن‬
‫انقطاع األمطار إلى قلة الغلة والمحاصيل ثم إلى الغالء‬
‫وإلى ارتحال الناس عن الديار والبالد‪ ،‬وإلى موت‬
‫الحيوانات التي هي من المصادر األساسية لمعاش‬
‫اإلنسان‪ ،‬وقد أسهم ذلك كله في إضعاف المسيرة‬
‫الحضارية للمسلمين‪]30[.‬‬
‫الخالفات الفكرية[عدل]‬

‫تمثال لـابن رشد الحفيد في قرطبة‪ ،‬إسبانيا‪.‬‬


‫كان الصراع الفكري على أشده في هذا القرن بين‬
‫الفرق الكالمية وبينها وبين المذاهب الفقهية‪ ،‬وما وقع‬
‫في هذا القرن إنما هو استمرار لالختالف القديم في‬
‫مسائل السياسة والعقائد‪ ،‬مع العلم أن االختالف الفكري‬
‫في حد ذاته ليس نقمة بكامله‪ ،‬وال هو ميزة خاصة‬
‫بالثقافة اإلسالمية‪ ،‬ألن جميع الديانات األخرى عرفت‬
‫أشكاال وأنواعا من االختالفات في األصول والفروع‬
‫معا‪ .‬وقد نشأ علم الكالم من االختالف في األصول‪،‬‬
‫ونشأ علم الفقه من االختالف في الفروع‪ ،‬وكان‬
‫االختالف في األصول في أربع مسائل كبرى‪ :‬أوال‪:‬‬
‫الصفات والتوحيد‪ ،‬ثانيا‪ :‬القضاء والقدر‪ ،‬ثالثا‪ :‬الوعد‬
‫والوعيد‪ ،‬ورابعا‪ :‬النبوة واإلمامة‪ ]31[.‬ويتميز القرن‬
‫السادس الهجري من الناحية الفكرية باتساع موضوع‬
‫التفكير في العلوم الشرعية‪ ،‬وكذلك الحال في العلوم‬
‫األخرى‪ ،‬كالعلوم العقلية والطبيعية واالجتماعية‪ ،‬كما‬
‫تتميز بكثرة اإلنتاج في جميع تلك العلوم‪ ،‬وبنمو سلطة‬
‫الفرق والمذاهب في ضم وتجنيد الناس في صفوفها‪.‬‬
‫أما كثرة العلماء المناصرين للفرق والمذاهب فقد‬
‫عمقت مجال الصراع الفكري وأعطته حماسا كبيرا‪ ،‬ولم‬
‫يكن الهدف عندهم إال االنتصار على الخصم‪ .‬ويتميز‬
‫هذا القرن َأْيًض ا بوجود كثرة الزهاد والمتصوفة‪ ،‬وهذا‬
‫يعني أن المسلمين صاروا يندفعون إلى البحث عن‬
‫الخالص الفردي ال الجماعي‪ ،‬اندفاعا جعل الحياة‬
‫االجتماعية مشلولة‪ ،‬وفتحوا بذلك بابا على مصراعيه‬
‫أمام اليهود والنصارى‪ ،‬الذين تغلغلوا في وظائف‬
‫الدولة‪ ،‬وشؤون الحياة المختلفة‪ ،‬وهذا من األمور التي‬
‫ساهمت في انتشار األهواء والبدع‪ .‬ويشعر الخلفاء‬
‫واألمراء في بعض األحيان بهذا التغلغل‪ ،‬فيأمرون بعزل‬
‫اليهود والنصارى من دواوين الدولة‪ ،‬مثلما أمر الخليفة‬
‫العباسي الناصر لدين هللا أن ال يستخدم في الديوان‬
‫يهودي أو نصراني‪ ،‬وأن ال يستعان بهم مهما كانت‬
‫الحاجة ملحة‪ .‬مع العلم أن هذه األوامر الناهية عن‬
‫استخدام اليهود قليلة وتعد على األصابع‪]32[.‬‬
‫ونتيجة لسوء األحوال االجتماعية سياسيا واقتصاديا‬
‫مال الناس إلى التقليد ورفضوا االجتهاد والتجديد‪ ،‬ألن‬
‫أفهامهم صماء وعقولهم جدباء في بعض العهود كهذا‬
‫العهد‪ ،‬وكان ذلك كله من عالمات بداية االنحطاط‪ .‬وأدى‬
‫الصراع الفكري بدوره إلى إثارة فتن دموية في بعض‬
‫األحيان‪ ،‬مثل الفتنة التي نشبت بين العلويين الشيعة‬
‫والشافعية في سنة ‪ 554‬هـ باستراباذ[‪ ]33‬وفتنة أخرى‬
‫سنة ‪ 560‬هـ في أصفهان بسبب التعصب للمذاهب وهي‬
‫فتنة قتل فيها كثير من الناس‪ ]34[.‬وذلك إما محاكمة‬
‫العلماء تعسفا وطردهم من البالد‪ ،‬أو حملهم على‬
‫الخروج منها‪ ،‬أو تحريض العامة عليهم‪ ،‬أو حرق‬
‫كتبهم فلم يسلم منها إال القليل‪ ،‬ومنها على سبيل المثال‬
‫ال الحصر‪ ،‬محاكمة الركن عبد السالم بن عبد الوهاب‬
‫الكيالني (‪ 611-548‬هـ) الذي كان حنبليًا‪ ،‬عارفا‬
‫بالمنطق والفلسفة‪ ،‬وقد اتهم بأقوال الفالسفة‪ ،‬لذلك‬
‫وقعت له محنة في عهد الوزير ابن يونس فأحرقت‬
‫مكتبته في رحبة ببغداد‪ ،‬وخرجت مدرسة جده من يده‬
‫ويد أبيه عبد الوهاب‪ ،‬وفوضت إلى أبي الفرج ابن‬
‫الجوزي (ت ‪ 597‬هـ)‪ ،‬وأدخل السجن مدة ثم أفرج عنه‬
‫سنة ‪ 589‬هـ لما قبض على الوزير ابن يونس فرد إليه‬
‫ما سلب منه‪]35[.‬‬
‫وهناك محاكمة أخرى عقدت بواسط للشيخ ابن الجوزي‬
‫بسعي الركن عبد السالم إذ ادعى عليه بتصرف في‬
‫وقف مدرسة جده لما تولى إدارتها‪ ،‬فحكم عليه‬
‫بالسجن[‪ ]36‬ثم أفرج عنه سنة ‪ 595‬هـ وقد بقي في‬
‫المطمورة بسجن واسط خمس سنين‪ ]37[.‬وكانت نقمة‬
‫الفقهاء وأنصار الفرق شديدة على كل من يحاول‬
‫االجتهاد أو يشتغل بعلوم األوائل‪ ،‬وقد يتواطؤ هؤالء‬
‫الفقهاء مع السلطة السياسية التي كانت تقوم بتسليط‬
‫العقوبات أو الطرد من البالد‪ ،‬ومن ذلك خروج سيف‬
‫الدين اآلمدي (‪ 631-551‬هـ) من العراق إلى الشام ثم‬
‫إلى مصر سنة ‪ 592‬هـ ألنه متهم بفساد العقيدة ومذهب‬
‫الفالسفة لما أظهر من علوم األوائل‪ ،‬ومرة أخرى انتقل‬
‫خفية من مصر إلى الشام ولم يكن حظه سعيدا هنالك‪،‬‬
‫حيث عزل عن التدريس وأقام مختفيا في بيته حتى‬
‫توفي‪]38[.‬‬
‫هذا في المشرق وأما في المغرب فقد عاش ابن رشد (‬
‫‪ 595-520‬هـ) محنة شديدة فأحرقت كتبه وأخرج من‬
‫قرطبة‪ .‬وأما فخر الدين الرازي فطرد من بالد كثيرة‬
‫بسبب آرائه الفلسلفية والدينية ألنها ليست متحجرة وال‬
‫مقلدة‪ ،‬كما كان حال الفقهاء وأشباه العلماء في عصره‪،‬‬
‫وإنما كان مجتهدا ومجددا في العلوم العقلية والنقلية‬
‫معا‪ ،‬وكان جريئا ومدافعا بقوة عن آرائه‪ .‬يذكر‬
‫المؤرخين أن أعظم فتنة وقعت له سنة ‪ 595‬هـ بهراة‪،‬‬
‫وقد قيل‪ :‬لما بنى ابن أخت غياث الدين مدرسة له‪ ،‬نزل‬
‫ذلك كالصاعقة على الكرامية‪ ،‬وفي راوية أخرى‪ :‬أن‬
‫الفتنة حصلت بسبب مناظرة الرازي البن القدوة‪ ،‬وهو‬
‫مقدم الكرامية ولم تخمد إال بإخراج الرازي من هراة‪[.‬‬
‫‪]39‬‬
‫وقد استدل المؤرخون على شجاعة الرازي‪ ،‬وجرأته‬
‫في الوعظ بما يلي‪ :‬قيل كان الرازي يعظ في داره‪ ،‬وقد‬
‫زاره السلطان شهاب الدين الغوري فقال له‪" :‬يا‬
‫سلطان ال سلطانك يبقى وال تلبيس الرازي فبكى شهاب‬
‫الدين حتى رحمه الناس"‪ ]40[.‬وقد انتشر شرور‬
‫العامة عندما وجدت لنفسها قوة باالعتماد على سلطة‬
‫الساسة وسلطة الفقهاء‪ ،‬وهي قوة كانت في بعض‬
‫األحيان تستخدمها للتمرد على السلطتين معا‪ ،‬كما هو‬
‫الشأن حين عجز غياث الدين الغوري (ت ‪ 599‬هـ)‬
‫على تسكين الكرامية‪ ،‬إال بعد أن وعدهم بإخراج‬
‫الرازي‪ ،‬وَأْيًض ا حين انقلب الناس كشهود والفقهاء‬
‫كقضاه على ابن الجوزي‪.‬‬
‫هكذا شاع اضطهاد العلماء في هذا العصر‪ ،‬أمثال‬
‫الرازي والسهروردي (ت ‪ 587‬هـ) وابن رشد والسيف‬
‫اآلمدي (ت ‪ 631‬هـ) وغيرهم‪ ،‬وهذا يدل على سيطرة‬
‫النزعة التقليدية على الحياة االجتماعية‪ ،‬وعدم احترام‬
‫قواعد الحوار وحرية التفكير السائدة في القرون‬
‫السابقة‪ ،‬ولقد ظل أهل الفرق وأصحاب المذاهب‬
‫يحرضون العامة على العلماء‪ ،‬عند محاورتهم في‬
‫المسائل الخالفية‪ ،‬كما كان بعض الحكام مستبدا‬
‫ومنحازا إلى حد التعصب األعمى‪ .‬فاالختالف واضح‬
‫بين هذا القرن والقرون التي قبله‪ ،‬ولو كان األمر‬
‫نسبيا‪ ،‬إال أن تبادل اآلراء كان مباحا من قبل واالختالف‬
‫متفشيا‪ ،‬والتأمل العقلي ناظرا في مسائل العقيدة‬
‫والشريعة معا‪ ،‬فأنتج ذلك كله ثقافة متنوعة وظهرت‬
‫مؤلفات جليلة‪ ،‬ولما بدأ التعصب وقبض على الحرية‬
‫وسجن العقل فاضمحل الفكر وتحولت سلطة الدولة إلى‬
‫أداة قهر وقمع‪ ،‬ما عدا بعض الحكام في بعض األحيان‪.‬‬
‫هكذا يكون التشتت والتمزق قد عم جميع ميادين الحياة‬
‫االجتماعية في هذا القرن‪ ،‬والرازي عاش في هذا‬
‫العصر في ظل إيجابياته وسلبياته عالما مقارعا للجهل‬
‫وأنواع الضالالت المختلفة‪ ،‬وعلى الرغم من عدم رضى‬
‫العامة عنه وكثرة الحساد والمتعصبين عليه‪ ،‬فقد ظل‬
‫متمسكا بالمطالب العالية وبذل جهدا كبيرا في سبيل‬
‫تعريف الناس بها‪]41[.‬‬
‫نالحظ مما سبق أن عصر الرازي يتميز باضمحالل‬
‫الخالفة العباسية‪ ،‬وتفكك السلطة المركزية إلى دول‬
‫كثيرة‪ ،‬حيث تتناحر هذه الدول على استقطاب الخلفاء‪،‬‬
‫ويدخلون في حروب فيما بينهم وبين الخليفة‪ ،‬مما أثر‬
‫سلبا على جميع ميادين الحياة‪ .‬باإلضافة إلى ذلك فهذا‬
‫العصر لم ينج من الكوارث الطبيعية الكثيرة كزالزل‬
‫والجفاف التي اهتم المؤرخون بذكرها وإحصاء‬
‫الخسائر المترتبة عنها وآثارها على المسيرة‬
‫الحضارية‪ .‬كما يتميز َأْيًض ا بظهور العلماء األعالم في‬
‫كل علم وفن‪ ،‬ويمكن اإلشارة إلى أهم الظواهر التي‬
‫سادت هذا العصر‪ ،‬وإلى العوامل التي كانت سببا في‬
‫االضمحالل والتقوقع‪ ،‬وهي بإيجاز‪:‬‬
‫هذا العصر مليء باألحداث المثيرة والعجيبة في‬
‫الميادين المختلفة‪.‬‬
‫هو عصر االضطرابات السياسية والفكرية والدينية‪.‬‬
‫المغول يطرقون الحدود الشرقية‪ ،‬لضعف ملوك‬
‫وسالطين المسلمين بسبب تناحرهم فيما بينهم‪.‬‬
‫الحروب الصليبية تهدد البالد اإلسالمية غربا وكانت‬
‫المراكز الحضارية مسرحا لها‪.‬‬
‫ملوك المسلمين يستعينون باألجانب ‪ -‬أي هؤالء‬
‫األعداء من كل جنس ولون ‪ -‬في الحروب التي تقع‬
‫بينهم‪.‬‬
‫البناء االجتماعي هش وضعيف‪.‬‬
‫الفرق الكالمية والمذاهب الفقهية يشتد الصراع بينها‬
‫جميعا‪.‬‬
‫الفكر يزدهر ويتنوع بظهور العلماء األعالم كالرازي‬
‫وابن الجوزي‪.‬‬
‫نسبه[عدل]‬
‫الري‬
‫موقع مدينة الري في إيران حيث ولد الرازي‬
‫هو محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي بن‬
‫محمد بن عبد هللا بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن عبد‬
‫الرحمن بن أبي طاهر محمد بن أحمد بن عبد هللا بن‬
‫عبد الرحمن بن القاسم بن محمد ابن أبي بكر الصديق‬
‫التيمي القرشي البكري ‪ ]44[]43[]42[،‬الملقب بفخر‬
‫الدين ويقال له ابن خطيب الري ألن والده اإلمام ضياء‬
‫الدين عمر كان خطيب مسجد الري كما لقب في هراة‬
‫بشيخ اإلسالم ‪ ]46[]45[ ،‬يكنى بأبي عبد هللا وأبي‬
‫المعالي وأبي الفضل ‪ ]48[]47[ ،‬الرازي نسبة إلي‬
‫مدينة الري ‪ ،‬الطبرستاني األصل نسبة إلي طبرستان‬
‫حيث كانت أسرته فيها ثم رحلت إلى الري ‪]49[ ،‬‬
‫القرشي التيمي البكري نسبة إلي ابي بكر الصديق‬
‫الشافعي مذهبًا واالشعري عقيدة‪]50[]44[.‬‬
‫نشأته وتعليمه[عدل]‬
‫سمنانمراغة‬
‫رحالت الرازي في طلب العلم‬
‫ولد الرازي في عام ‪ 544‬هـ الموافق ‪1149‬م بمدينة‬
‫الري وقيل بأّنه ُو لد عام عام ‪543‬هـ ‪]53[]52[]51[ ،‬‬
‫ونشأ في بيت علم‪ ،‬إذ كان والده اإلمام ضياء الدين‬
‫عمر بن الحسن فقيها أصوليا متكلما صوفيا‪ ،‬وكان‬
‫خطيب الري وعالمها وله تصانيف كثيرة في األصول‬
‫والوعظ وغيرهما من أهمها غاية المرام في علم‬
‫الكالم‪ ،‬حيث اعتبره إبن السبكي من أنفس كتب أهم‬
‫السنة وأشدها تحقيقًا‪]55[]54[.‬‬
‫وعلى يدي والده ابتدأ فخر الدين طلبه للعلم في صباه‪،‬‬
‫فتعلم العلوم األولية فأغناه عن طلب العلم على يد سواه‬
‫حتى وفاته عام ‪559‬هــ ‪ ]56[،‬وقد كان الرازي شديد‬
‫اإلعجاب بوالده فيذكر اسمه بإجالل واحترام ويدعوه‬
‫"باإلمام السعيد"‪ ،‬ويجعله شيخه وأستاذه ويذكر‬
‫السلسلة العلمية التي تلقاها عنه بكل اعتزاز ‪[]57[ ،‬‬
‫‪ ]59[]58‬يقول ابن خلكان متحدثًا عن السلسلة العلمية‬
‫للرازي‪:‬‬
‫«‪...‬وذكر فخر الدين في كتابه الذي سماه تحصيل الحق‬
‫أنه اشتغل في علم األصول على والده ضياء الدين‬
‫عمر‪ ،‬ووالده على أبي القاسم سليمان بن ناصر‬
‫األنصاري‪ ،‬وهو على إمام الحرمين أبي المعالي‪ ،‬وهو‬
‫على األستاذ أبي إسحاق اإلسفرايني‪ ،‬وهو على الشيخ‬
‫أبي الحسين الباهلي‪ ،‬وهو على شيخ السنة أبي الحسن‬
‫علي بن إسماعيل األشعري‪ ،‬وهو على أبي علي‬
‫الجبائي أوال ثم رجع عن مذهبه ونصر مذهب أهل‬
‫السنة والجماعة‪ .‬وأما اشتغاله في المذهب ‪-‬يعني الفقه‪-‬‬
‫فإنه اشتغل على والده‪ ،‬ووالده على أبي محمد الحسين‬
‫ابن مسعود الفراءالبغوي‪ ،‬وهو على القاضي حسين‬
‫المروزي ‪ ،‬وهو على القفال المروزي‪ ،‬وهو على أبي‬
‫زيد المروزي‪ ،‬وهو على أبي إسحاق المروزي‪ ،‬وهو‬
‫على أبي العباس بن سريج‪ ،‬وهو على أبي القاسم‬
‫األنماطي‪ ،‬وهو على أبي إبراهيم المزني‪ ،‬وهو على‬
‫اإلمام الشافعي رضي هللا عنه [‪» ]60‬‬
‫وبعد أن توفي والده‪ ،‬رحل الرازي إلى سمنان ليشتغل‬
‫على كمال الدين أحمد بن زيد (الكمال السمناني)‬
‫واشتغل عليه مدة ثم عاد إلى الري واشتغل على المجد‬
‫الجيلي ولما طلب المجد مراغة للتدريس بها صحبه‬
‫الرازي وقرأ عليه مدة طويلة الكالم والفلسفة‪[]61[.‬‬
‫‪]62‬‬
‫وهكذا وجد الرازي نفسه منذ نعومة أظافره في بيت‬
‫علم‪ ،‬وبين يدي عالم من أعالم العلماء قضى الفترة‬
‫األولى من حياته ينهل من معين علومه‪ ،‬ولذلك شغف‬
‫بالعلم وأكب على الدرس والتحصيل ‪ ،‬وحرص على أن‬
‫ال يضيع من حياته وقتًا إال في تعلم أو تعليم حتى أنه‬
‫ليتمنى لو اْس َتطاَع أن يستغني عن كثير من الحاجات‬
‫الطبيعية ليجعل وقته المصروف فيها في طلب العلم‬
‫فيقول «وهللا إنني أتأسف في الفوات عن االشتغال‬
‫بالعلم في وقت األكل فإن الوقت والزمان عزيز [‪]63‬‬
‫» ‪ ،‬ونتيجة لحبه للعلم واستعداده له مع ذكاءه وذاكرته‬
‫القوية اْس َتطاَع في فترة وجيزة اْس تيَعاب الكثير من كتب‬
‫المتقدمين كالشامل في علم الكالم إلمام الحرمين‬
‫والمستصفي للغزالي والمعتمد ألبي الحسين البصري‬
‫وأمثالها ولذلك قال «ما أذن لي في تدريس علم الكالم‬
‫حتى حفظت اثني عشر ألف ورقة [‪» ]64‬‬
‫علومه[عدل]‬
‫كان الرازي يرى أن تعلم العلوم جميعا فرض من‬
‫الفرائض الشرعية ولذلك أحب العلوم كلها وأقبل عليها‬
‫بدون تفريق إال ما يكون من فرق بين الفاضل‬
‫والمفضول ‪ ]65[ ،‬والعلوم كلها في نظره ال تخرج عن‬
‫كونها واجبًا أو مما ال يتم الواجب إال به أو مما البد منه‬
‫لتحقيق مصلحة من المصالح الدنيوية أو مما ال بد من‬
‫تعلمه لمعرفة أضراره وأخطاره والدعوة إلى‬
‫التفسير[عدل]‬
‫مقالة مفصلة‪ :‬تفسير الرازي‬
‫نال الرازي كمفسر شهرة واسعة وحظي تفسيره الكبير‬
‫"مفاتيح الغيب" منذ تأليفه له حتى اليوم باهتمام بالغ‪،‬‬
‫وتناوله الكثيرون بالدرس والتعليق والنقد حتى جاء‬
‫وقت لم يكن يطالع فيه أكثر المتعلمين سواه‪ ،‬وقد جمع‬
‫الرازي في تفسيره كل غريب وغريبة‪ ،‬فهو كان يرى‬
‫أن القرآن الكريم أصل العلوم كلها فيقول «أن القرآن‬
‫أصل العلوم كلها فعلم الكالم كله في القرآن‪ ،‬وعلم الفقه‬
‫كله مأخوذ من القرآن‪ ،‬وكذا علم أصول الفقه‪ .‬وعلم‬
‫النحو واللغة‪ ،‬وعلم الزهد في الدنيا وأخبار اآلخرة‪،‬‬
‫واستعمال مكارم األخالق‪ ،‬ومن تأمل كتابنا في دالئل‬
‫اإلعجاز علم أن القرآن قد بلغ في جميع وجوه الفصاحة‬
‫إلى النهاية القصوى [‪ »]67‬كما يرى َأْيًض ا في إيراد‬
‫مباحث العلوم المختلفة وغيره في التفسير ما يثبت‬
‫اإليمان في القلب فيقول «وربما جاء بعض الجهال‬
‫والحمقى وقال إنك أكثرت في تفسير كتاب هللا من عليم‬
‫الهيئة والنجوم‪ ،‬وذلك على خالف المعتاد! فيقال لهذا‬
‫المسكين‪ :‬إنك لو تأملت في كتاب هللا حق التأمل لعرفت‬
‫فساد ما ذكرته وتقريره من وجوه‪»]68[....‬‬
‫وتسيطر عليه هذه اإلفكار في تفسيره كله ‪ ،‬ولذلك نراه‬
‫يذكر اآلية ثم يبين مناسبتها لما قبلها وما بعدها‬
‫ويستطرد بعد ذلك في بيان ما يمكن أن تدل عليه ‪ ،‬أو‬
‫يدل عليها من المسائل الرياضية والطبيعية والفلكية‬
‫مساندًا أو معارضًا مذاهب علماء تلك العلوم باستدالل‬
‫عقلي قائم على اآلية الكريمة ‪ ]69[ ،‬ثم يعالج المسائل‬
‫الكالمية‪ ،‬أو األصولية‪ ،‬أو الفقهية المتعلقة باآلية‬
‫مرجحًا في الكالم مذهب أصحابه األشاعرة غالبًا وفي‬
‫األصول والفقه مذهب الشافعي إال ما ندر‪]70[.‬‬
‫وال ينسى وهو يتناول كل هذه األمور المسائل اللغوية‬
‫فيعطيها من بحثه قسطًا كبيرًا‪ ،‬فيغوص وراء دقائق‬
‫نحوية وبالغية وغيرها قل ما تنبه إليها سواه وإذا ما‬
‫أحس أنه ابتعد من جو اآلية التي يفسرها فإنه سرعان‬
‫ما يستدرك عائدًا لربط ما استنبطه وما أورده من‬
‫مسائل باآلية الكريمة ‪ ،‬وهو ال يتوقف عن االستنباط‬
‫واالستطراد ما دام يستطيع إيجاد صلة ولو كانت يسيرة‬
‫ما بين المستنبط أو المستطرد إليه واللفظ القرآني‪[.‬‬
‫‪]71‬‬
‫والرازي يعارض حشو التفسير بالقصص واألخبار التي‬
‫ينقلها بعض المفسرين عن أصحاب السير والتاريخ‬
‫عند ذكر األنبياء أو الملوك أو األمم السابقة إال إذا‬
‫وردت عن طريق القرآن أو السنة الثابتة ‪ ]72[ ،‬ولذلك‬
‫نراه كثيرًا ما يورد األحاديث النبوية المفسرة لآلية أو‬
‫ذات العالقة بها وكذلك أقول الصحابة أو التابعين قبل‬
‫أن يبدأ هو في استطراداته‪.‬‬
‫ويرى الرازي كذلك أن على المفسر أن ال يكتفي بإيراد‬
‫األقوال الواردة في اآلية وردها إلى أصحابها فحسب مع‬
‫قطع النظر عن كونها متعارضة أو متوافقة‪ ،‬بل عليه أن‬
‫يرجح ويختار ويبين ما هو الخطأ أو الصواب بالدليل‬
‫الذي يمكنه االستدالل به من الشريعة أو اللغة‪]73[.‬‬
‫وجماع القول أن الرازي المفسر ربط على وجه‬
‫التقريب كل علومه بالقرآن الكريم‪ ،‬وحاول في تفسيره‬
‫أن يعيدها إليه‪ .‬وتفسيره أشبه ما يكون بموسوعة‬
‫جامعة في سائر العلوم حوت كل غريب وغريبة كما قال‬
‫ابن خلكان‪]75[]74[.‬‬
‫علم الكالم[عدل]‬
‫إن شهرة الرازي بعلم الكالم ال تقل عن شهرته في‬
‫التفسير‪ ،‬فهو سلطان المتكلمين الذي الذي فاق أهل‬
‫زمانه في علم الكالم والمعقوالت ‪ ]76[،‬كما يعتبره‬
‫البعض رائدًا لطريقة المتكلمين المتأخرين عن طريقتهم‬
‫في إدخال الفلسفة ومباحثها في علم الكالم يقول ابن‬
‫خلدون في تاريخه «ثّم خلط المتأّخ رون من المتكّلمين‬
‫مسائل علم الكالم بمسائل الفلسفة الشتراكهما في‬
‫المباحث‪ ،‬وتشابه موضوع علم الكالم بموضوع‬
‫اإللهّيات ومسائله بمسائلها فصارت كأّنها فّن واحد ثّم‬
‫غّيروا ترتيب الحكماء في مسائل الّطبيعّيات واإللهّيات‬
‫وخلطوهما فّنا واحدا قّدموا الكالم في األمور العاّم ة ثّم‬
‫أتبعوه بالجسمانّيات وتوابعها ثّم بالّر وحانّيات وتوابعها‬
‫إلى آخر العلم كما فعله اإلمام ابن الخطيب في المباحث‬
‫المشرقّية وجميع من بعده من علماء الكالم‪» ]77[.‬‬
‫ولم يقصر الفخر نشاطه في هذا العلم على التأليف‬
‫والتدريس‪ ،‬بل سافر إلى البلدان التي توجد فيها فرق‬
‫مخالفة لمنهج أهل السنة األشاعرة كالمعتزلة والكرامية‬
‫وغيرهم وعقد مع علمائهم مناظرات كثيرة في خوارزم‬
‫وبخارى وسمرقند وخجند وبناكت وغزنة وبالد الهند ‪،‬‬
‫وقد كان يفلح فيها بإعادة الكثيرين من أصحاب تلك‬
‫المذاهب إلى مذهب أهل السنة األشاعرة ‪ ]78[،‬وقد‬
‫كتب ذلك في كتاب "المناظرات" لتكون بمثابة سجل‬
‫وتاريخ لنشاطه العلمي ورحالته فهي مذكراته‬
‫الشخصية عن هذه الفترة من حياته‪]79[.‬اجتنابها‪[.‬‬
‫‪]66‬‬
‫الفقه وأصوله[عدل]‬
‫الرازي أصولي وفقيه شافعي ‪ ،‬وأصحابه الشافعية‬
‫يعرفون له قدره وطول باعه في األصول خاصة‬
‫ويضعونه في مقدمة أهل التحقيق من األصوليين‬
‫وخصوه بالقب اإلمام فإذا أطلق لقب اإلمام في كتبهم‬
‫فالمراد به الرازي ‪ ]80[،‬ولقد استوعب وهو ال يزال‬
‫في مقتبل العمر أهم الكتب األصولية لسابقيه فدرس‬
‫"البرهان" إلمام الحرمين و "العهد" للقاضي عبد‬
‫الجبار وحفظ "المستصفي" للغزالي و "المعتد" ألبي‬
‫الحسين البصري ‪ ،‬ولذلك استطاع أن يؤلف في األصول‬
‫‪ ،‬هذا ولم يسر وراءهم سير مقلد يجمع ما قالوه ثم‬
‫يلخصه ويقرره كما قد يتصور البعض ولكنه نظر في‬
‫كل ذلك نظرة الفاحص المدقق لذلك نجد له مؤخذات‬
‫على سابقيه وخاصة الغزالي وأبي الحسين البصري‬
‫ومالحظات تدل على تبحره في هذا العلم‪]81[.‬‬
‫أما الفقه فقد ذكر المؤرخون أن الرازي قد ألف شرحًا‬
‫"لوجيز" الغزالي ولكن لم يتمه ‪ ،‬كما بث في كتبه‬
‫المختلفة وخاصة التفسير الكثير من اآلراء الفقهية التي‬
‫تدل على طول باعه في هذا الباب ‪ ،‬كما ألف في الفقه‬
‫كتاب "البراهين البهائية" بالفارسية وذكر فيه سبعين‬
‫ومائة مسألة فيها آراء الشافعية والحنفية مرجحًا في‬
‫كل تلك المسائل رأي إمامه الشافعي والترجيح ‪-‬في‬
‫الفقه‪ -‬من أعلى مراتب الفقهاء‪]84[]83[]82[.‬‬
‫علوم اللغة[عدل]‬
‫الفخر ممن جمعوا بين أدب القول وأدب الكتابة فهو‬
‫خطيب الري وواعظها وصاحب التصانيف التي أوتي‬
‫فيها من التوفيق ما لم يؤته عالم وله في هذين الفنين‬
‫من فنون القول اليد الطولي يقصد مجالس وعظه‬
‫وخطابته السالطين واألدباء والفقهاء ‪ ،‬والشك أن‬
‫تمكنه في هذين الفنين دليل على تبحره في علوم‬
‫العربية وإحاطته بدقائقها‪]85[.‬‬
‫والرازي يرى أن تعلم علوم العربية واجب شرعي ‪ ،‬ال‬
‫يختلف عن وجوب تعلم القرآن والسنة بل هو يرى أن‬
‫تعلم العربية مقدم على تعلمهما من حيث كونها وعاء‬
‫للكتاب والسنة ال يمكن فهمهما قبل اإللمام بالعربية ‪[،‬‬
‫‪ ]86‬كما يبدي الرازي استغرابه وعجبه من األصوليين‬
‫كيف لم يعنوا بضبط اللغة وإخضاع رجالها وطرق نقلها‬
‫إلى نفس القواعد التي أخضعت لها السنة ‪،‬فيقول‬
‫«والعجب من األصوليين‪ :‬أنهم أقاموا الداللة على خبر‬
‫الواحد أنه حجة في الشرع ولم يقيموا الداللة على ذلك‬
‫في اللغة وكان هذا أولى» ‪ ،‬وقد قدم لتفسيره ببحث قيم‬
‫في اللغة تناول فيه الدقائق ‪ ،‬كما كتب في المحصول‬
‫بحثًا في األحكام الكلية للغات ‪ ،‬وله مؤلفات خاصة‬
‫بفروع لغوية تدل على إلمامه التام بعلوم اللغة‪]87[.‬‬
‫أما البالغة فقد اعتبره بعض الكاتبين أول من قعد علوم‬
‫البالغة ‪ ،‬وأنه هو الذي أوصل ما بين البالغة األدبية‬
‫والبالغة ذات القواعد والقوانين ‪ ،‬وكتابه "نهاية‬
‫اإليجار في دراية اإلعجاز" يعتبر من المراجع البالغية‬
‫المهمة‪]89[]88[.‬‬
‫أما النحو فله مؤخذات جيدة على النحاة منها عدم‬
‫تجويز جمهورهم دخول رب على المستقبل ويرى هو‬
‫تجويز ذلك لوروده في قوله تعالى ﴿ُرَبَم ا َيَو ُّد اَّلِذ يَن‬
‫َك َفُر وا َلْو َك اُنوا ُم ْس ِلِم يَن ﴾ [‪ ]15:2‬وينعى على من جوز‬
‫ذلك استدالًال بقول الشاعر "ربما تكره النفوس من‬
‫األمر" وليس لوروده في القرآن الكريم فيقول «ولو‬
‫أنهم وجدوا بيتا مشتمال على هذا االستعمال لقالوا إنه‬
‫جائز صحيح وكالم هللا أقوى وأجل وأشرف‪ ،‬فلم لم‬
‫يتمسكوا بوروده في هذه اآلية على جوازه وصحته [‬
‫‪ ، » ]90‬وقد بث هذه المؤخذات في كتبه وفي مقدماتها‬
‫"التفسير" و "المحصول" كما أحال على كتاب له في‬
‫دقائق النحو سماه "المحرر" وهو من كتبه المفقودة‪[.‬‬
‫‪]91‬‬
‫الطب والفراسة[عدل]‬
‫كان الفخر طبيبًا من أحذق أطباء زمان وأشهرهم ‪[،‬‬
‫‪ ]92‬قوي النظر في هذه الصناعة ومباحثها ‪،‬شرح وهو‬
‫في مقتبل العمر "قانون ابن سينا" وحظيت تآليفه في‬
‫التشريح باهتمام أهل هذه الصناعة ‪ ،‬قال طاش كبرى‬
‫زاده «وكتب التشريح أكثر من أن تحصى وال أنفع من‬
‫تصنيف ابن سينا ‪ ،‬واإلمام الرازي [‪ ، »]93‬كما تتلمذ‬
‫على يديه تالميذ اشتهروا بالمهارة في الطب مثل قطب‬
‫الدين المصري‪]94[.‬‬
‫والرازي يجعل الطب والفراسة فرعًا للعلم الطبيعي ‪،‬‬
‫فيقول «أن من أصول هذا العلم ‪-‬يعني الفراسة‪ -‬مستندة‬
‫إلى العلم الطبيعي وتفاريعه مقررة بالتجارب وكان مثل‬
‫الطب سواء بسواء [‪ ، »]95‬فهو يجعل الفراسة طبًا‬
‫نفسانيًا بالفهوم الحديث ‪ ،‬ويرى أنه كما تعالج أمراض‬
‫الجسد باألدوية والعقاقير فإن الفراسة علم تعالج به‬
‫أمراض النفس ويضع لـ أطباء النفس شروطًا يرى أنه‬
‫البد منها لمن يريد المهارة في هذا المجال كالعناية‬
‫بجميع الظواهر النفسية لدى المريض وقوة المالحظة‬
‫والمواظبة على العمل وإجراء التجارب الكثيرة‪]96[.‬‬
‫وقد كان علم الفراسة قبل الفخر علمًا ملتصقًا بالدجل‬
‫يصعب فصله عنه حتى جاء وميزه وأخرجه من هذه‬
‫الدائرة ليدخله في دائرة العلوم كفرع من الطب واعتبره‬
‫علمًا يقيني األصول ظني الفروع ‪ ]97[،‬وقد أَّلف كتابه‬
‫"الفراسة" بناًء على رسالة صغيرة لـ أرسطو لم يقف‬
‫عند ما جاء فيها بل وسعها وزارد عليها مما جعل‬
‫البعض يعتبرونه المعلم األول في هذا الباب‪]99[]98[.‬‬
‫لفلسفة[عدل]‬
‫لقد أشتغل الرازي بالفلسفة‪ ،‬تعلمًا وتعليمًا وتأليفًا‪ :‬أما‬
‫التعلم فإن اهتمامه بالفلسفة كان كبيرا‪ ،‬لهذا فإنه لما‬
‫طلب شيخه مجد الدين الجيلي إلى المراغة سافر معه‬
‫حرصا على استكمال تعلم العلوم الحكمية‪ ،‬وبالفعل فلقد‬
‫قرأ عليه الحكمة لمدة طويلة‪ .‬وأما التعليم فإنه كان‬
‫يباحث في مجالسه في المسائل الفلسفية‬
‫وباصطالحاتها‪ .‬وأما التأليف فقد شرح كتبا فلسفية البن‬
‫سينا كاإلشارات والتنبيهات‪ ،‬وعيون الحكمة‪ .‬وله‬
‫مبتكرات كالمحصل والمباحث المشرقية والمطالب‬
‫العالية والملخص في المنطق والحكمة وغيرها‪ .‬وهذا‬
‫المؤلفات تدل على اهتمامه بالعلوم الحكمية ومدى‬
‫عنايته بها‪.‬‬
‫لم يكن الرازي مجرد شارح للفالسفة اليونانيين‪ ،‬وال‬
‫مكررا لما قالوه بألفاظ عربية‪ ،‬بل كان شديد النقد لهم‪،‬‬
‫وهو ما كان ليستطيع الرد عليهم لو لم يدرس فلسفتهم‬
‫جيدا‪ ،‬حتى تكونت لديه ثقافة فلسفية عالية‪ ،‬وعقالنية‬
‫جبارة فذة‪ .‬لقد اعتبره البعض من المفكرين األوائل‬
‫الذين أسسوا حركة فلسفية معتبرة في الفكر اإلسالمي‪،‬‬
‫إذ تصرف في األفكار اليونانية ووظف تلك األفكار في‬
‫بحوثه الصوفية بعد تطويرها‪ ،‬وكان يهاجم في الوقت‬
‫نفسه مختلف النظريات األرسطية بعنف‪ 117 .‬وفي ذلك‬
‫يقول الذهبي (ت ‪ 748‬هـ)‪« :‬وقد خالف الفالسفة الذين‬
‫أخذ عنهم هذا الفن‪ ]100[».‬وأما الصفدي (ت ‪ 764‬هـ)‬
‫فقد رد على من حاول التشكيك في فكر الرازي وعقيدته‬
‫بسبب إيراده لشبه الفالسفة في كتبه‪ ،‬ألنه زلزل‬
‫قواعدهم وألنه كلما ذكر لهم شبهة إال وأردفها بنقد‬
‫شديد‪ ،‬إما ليهدمها ويمحقها‪ ،‬وإما ليزلزل أركانها‪،‬‬
‫كمسألة وجود هللا تعالى أنه عين ذاته‪ ،‬وقد رد عليهم‬
‫بأن اإلنسان يعلم قطعا أنه تعالى موجود ولكنه ال يعلم‬
‫ما هي ذاته‪ ،‬فلو كان وجوده عين ذاته الستحال وقوع‬
‫الشك في ذاته‪ ،‬والستحال القطع قي وجوده ألن الشيء‬
‫ال يكون معلوما ومجهوال في نفس الوقت‪]101[.‬‬
‫فهذا المثال يوضح أن الرازي من العلماء الذين قاوموا‬
‫الفلسفة اليونانية من أجل حماية العقيدة اإلسالمية من‬
‫التشكيك والتشويه‪ ]102[،‬مما جعله علما شامخا‪ ،‬لذلك‬
‫لقي معارضة عنيفة من أنصار الفلسفة اليونانية‬
‫كالطوسي (ت ‪ 672‬هـ) بسبب حملته على الفالسفة‬
‫وبسبب بعض أفكاره التي يعارضهم بها جملة وتفصيال‪،‬‬
‫كمبدأ الضرورة وتفسيره للقرآن بطريقة علمية غير‬
‫معهودة‪ ]103[.‬والطوسي قد أشار في شرح المحصل‬
‫إلى مخالفة الرازي لما هو مشهور عند الفالسفة‪ ،‬زيادة‬
‫على ما هم فيه يختلفون كاختالفه معهم في اصطالح‬
‫الرسم التام والناقص‪ ]104[،‬وفي مسألة التصديق فإن‬
‫مذهبه يقوم على أنه عبارة عن مجموع التصورات مع‬
‫الحكم‪]105[.‬‬
‫ويقول ابن خلدون (ت ‪ 808‬هـ) في هذا الشأن‪« :‬ومن‬
‫أراد الرد على الفالسفة في عقائده فعليه بكتب الغزالي‬
‫واإلمام ابن الخطيب‪ ]106[».‬وأما صدر الدين‬
‫الشيرازي (‪ 1059‬هـ) فقد أولى اهتماما كبيرا للمسائل‬
‫التي رد فيها الرازي على الفالسفة‪ ،‬كقولهم أن للطبائع‬
‫العالية والسافلة غايات طبيعية ونهايات ذاتية‪ ،‬وهو‬
‫قول يعارضهم فيه بالوجود الذهني ألن اآلثار‬
‫المخصوصة المطلوبة ال تحصل بفعل من الغاية‪ ،‬وألن‬
‫الداوفع الوهمية قد تكون سببا للتحريكات والتأثيرات‬
‫الخارجية‪ ]107[.‬و اعترض عليهم َأْيًض ا في مسألة‬
‫صدور الكثرة عن الواحد من حيث هو واحد‪ ،‬ألنه‬
‫يستحيل أن يصدر أثران عن الواحد وهو ما ال يراه هو‪،‬‬
‫ألنه لم يمنع أن يصدر أثران الواحد‪ ]108[،‬واعترض‬
‫عليهم َأْيًض ا في قولهم بأن كل متحرك له محرك‪]109[.‬‬
‫هذا ويتعجب الشيرازي من إيراد الرازي للتشكيك في‬
‫مسألة خروج الشيء من القوة إلى الفعل على التدريج‬
‫ألن الحكماء متفقون على ذلك‪ ]110[،‬وألن العبرة‬
‫باالتفاق ليس حجة ألن الجماعات البشرية قد تتفق على‬
‫أرذل األشياء‪ ،‬ونظرا إلى ذلك فالتشكيك فيه قد يكون في‬
‫محله طالما أن قولهم يحتمل اإلشارة إلى عدم وجود‬
‫الفاعل الحقيقي أو االنتقاص منه باعتبار أن األشياء لما‬
‫تخرج على التدريج تعني ذلك‪.‬‬
‫وأما اتهامه للرازي بالمباهاة عندما يشعر بأنه قد زلزل‬
‫قوانين الفلسفة وهدم أصولها‪ ]111[،‬فال عيب في ذلك‬
‫ما دام هذا الشعور كان شعورا بشريا ينتاب كل منتصر‪،‬‬
‫وال يصح أن نقبله عند من نرضى به ونرفضه عند من‬
‫نخاصمه‪ ،‬خاصة في األمور الطبيعية‪ .‬والذي يراه ابن‬
‫تيمية (ت ‪ 728‬هـ) أن ما ألزم به الرازي الفالسفة ال‬
‫محيد عنه‪ ]112[.‬لكنه تراجع في موضح آخر‪ ،‬حيث‬
‫صنفه ضمن مجموعة العلماء المسلمين الذين ردوا‬
‫على الفالسفة بردود ضعيفة‪ ،‬ولم يصنفه ضمن‬
‫مجموعة العلماء التي تضم عددا كبيرا من األسماء‪،‬‬
‫حيث اعتبر ردودهم أصح من ردود مجموعة الرازي‪.‬‬
‫وقد أكد على تفضيله لهم ألن مناظرتهم للمتفلسفة خير‬
‫من مناظرة أولئك‪ ]113[.‬كما صنف ضمن مجموعة‬
‫الرازي بعض األشاعرة اآلخرين كالشهرستاني (ت‬
‫‪ 548‬هـ) واآلمدي (ت ‪ 631‬هـ)‪ .‬وهذا فيه إجحاف في‬
‫حقهما ألنهما ساهما كثيرا في الرد على الفالسفة‪ ،‬وفي‬
‫الحقيقة أن ردود هؤالء الثالثة ال تقل أهمية عن ردود‬
‫األعالم المذكورين في المجموعة الثانية‪ ،‬ويشهد على‬
‫ذلك ما تركوه من آثار في هذا الموضوع‪ .‬والواقع أن‬
‫ابن تيمية نفسه قد مأل كتبه بردود الرازي بدل ردود‬
‫من فضلهم عليه‪ ،‬وهذا ما يدعو إلى التعجب من مواقفه‬
‫المتناقضة‪.‬‬
‫هذا وليس من الحكمة المفاضلة بين هؤالء العلماء‬
‫جميعا ألن كل واحد منهم يرد بحسب عصره ومقدار‬
‫فهمه ومنطلقات مذهبه‪ ،‬كما أننا ال نستطيع تفضيل‬
‫ردود المتقدمين على ردود المتأخرين‪ ،‬طالما أن‬
‫المتأخرين على دراية بردود المتقدمين‪ ،‬ونظرا إلى هذا‬
‫فمن الممكن أن يكون المتأخرون أفضل من المتقدمين‬
‫لتراكم الخبرة واتضاح المسائل‪ ،‬وإال فهم مثلهم على‬
‫األقل‪.‬‬
‫ردوده على الفالسفة اليونانيين[عدل]‬
‫لقد كان الرازي يرد على الفالسفة اليونانيين إما بصفة‬
‫عامة بما يتفقون فيه كفالسفة يمثلون نزعة فلسفية‪،‬‬
‫وإما بصفة خاصة أي يرد على فيلسوف ما بحسب‬
‫آرائه الخاصة‪ .‬لذلك تنقسم هذه المسألة إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬بالنسبة للردود العامة فإنه يخالف هؤالء‬
‫الفالسفة في مسألة أفضلية المالئكة على األنبياء إذ‬
‫يرى خالفا لهم أن األنبياء أفضل من المالئكة‪]114[.‬‬
‫ألن أفضل العبادات أشقها وعبادة األنبياء مليئة‬
‫بالمشاق‪ ،‬بينما عبادة المالئكة خالية منها‪ .‬ويرى َأْيًض ا‬
‫في مسألة النبوة خالفا لهم‪ ،‬أن إثباتها ال يستقيم مع‬
‫القول بقدم العالم ألن هذا القول يقدح في ألوهية اإلله‪،‬‬
‫ومن فعل ذلك فال سبيل له إلى اإلقرار بالنبوة أصال‪،‬‬
‫ناهيك عن جعلها من فروع العلم اإللهي‪]115[.‬‬
‫وإذا كان يعتقد البعض أنه يهاجم الفالسفة بقوة‪ ،‬فهو ال‬
‫يفعل ذلك إال بعد أن يبين آراءهم ويشرح أدلتهم فيها‪،‬‬
‫وقد يصنفها إلى أصناف قبل أن يرد عليها‪ ،‬مثلما فعل‬
‫مع قولهم بقدم األجسام ألنه الحظ أنه لم يكن رأيهم‬
‫على وجه واحد‪ ،‬بل هم فريقان‪:‬‬
‫الفريق األول‪ :‬هو الذي يرى أن األجسام كانت في األزل‬
‫متحركة‪ ،‬وينقسم إلى طائفتين‪ ،‬واحدة تقول بقدم العالم‬
‫بمادته وصورته وبأزلية الحركة وأبديتها‪ ،‬والطائقة‬
‫الثانية تقول بأن العالم يتكون من أجزاء غير متحركة‪،‬‬
‫ولذلك فإن حركاتها مضطربة من األزل إلى األبد‪ .‬وأما‬
‫الفريق الثاني‪ :‬فهو يرى أن العالم قديم المادة ومحدث‬
‫الصورة‪ ،‬بمعنى أن المادة المكونة للعالم أجزاء‬
‫صغيرة‪ ،‬كانت ساكنة في األزل ثم ركب هللا تعالى منها‬
‫العالم‪ .‬وقد رد على الفريق األول بامتناع الحركة‬
‫األزلية‪ ،‬وعلى الفريق الثاني بأنه اشتغل بإبطال هذا‬
‫المذهب‪]116[.‬‬
‫أما إثباتهم ألزلية العالم‪ ،‬فقد أثبتوا أوال أبدية العالم‪ ،‬أي‬
‫أنه لو لم يكن أبديا لصح عليه العدم بعد أن كان‬
‫موجودا‪ ،‬وبما أن ذلك محال فهو من هذه الجهة غير‬
‫قابل للعدم‪ ،‬وذلك يوجب كونه أزليا‪ ]117[.‬هذا ولما‬
‫كان يقول بأن األجسام محدثة فإنه يخالفهم في كونها‬
‫أزلية سواء كانت ساكنة أو متحركة‪ ،‬فالقسمان عنده‬
‫باطالن‪ .‬وأما أن الجسم يمتنع أن يكون متحركا‪ ،‬فألن‬
‫ماهية الحركة هي االنتقال من حالة إلى حالة‪ ،‬وهذا‬
‫يقتضي أن تكون مسبوقة بالغير‪ ،‬بينما األزلية تقتضي‬
‫عدم المسبوقية بالغير‪ ،‬وتنافي الجمع بين القولين‪ .‬وأما‬
‫امتناع كون الجسم ساكنا في األزل‪ ،‬فألن السكون لو‬
‫كان أزليا المتنع زواله‪ ،‬ولما ثبت أن األجسام ليست‬
‫ممتنعة الزوال‪ ،‬ومن أنها ليست ساكنة منذ األزل‪ ،‬وأن‬
‫السكون مثل األجسام جائز الزوال باعتبار أن األجسام‬
‫تماثله وأن خروجها عن حيزها جائز‪]118[.‬‬
‫وترجع محاولة الفالسفة إلثبات أبدية العالم إلى قولهم‬
‫بدوام جميع الموجودات بدوام الباري تعالى‪ ،‬وهو دوام‬
‫يوجب نفي حصول التغير في العالم‪ ،‬وقد قالوا به ألنه‬
‫فاتهم أن المشاهدة تثبت حصول التغير وتبطل قولهم‪[.‬‬
‫‪ ]119‬هكذا فالعالم ليس قديما عند الرازي‪ .‬وقد رد‬
‫َأْيًض ا على شبهة الفالسفة في قولهم بأن ذات هللا تعالى‬
‫إما أن تكون متقدمة على وجود العالم أو ال‪ .‬فإذا كانت‬
‫متقدمة فإن تقدمها إما أن يكون متناهيا أو غير متناه‪،‬‬
‫فإن كان متناهيا فيلزم حدوث الباري تعالى وهو محال‪،‬‬
‫وإن لم يكن متناهيا‪ ،‬فذلك دليل على أن زمان تقدمها‬
‫قديم‪ .‬وإن افترضنا عدم تقدمها‪ ،‬فيلزم إما حدوث‬
‫الباري تعالى وهو محال‪ ،‬وإما إثبات قدم العالم وهو‬
‫المطلوب عندهم‪.‬‬
‫وهكذا يكون الرازي رافضا للتقدم بالزمان ألن الزمان‬
‫الماضي متقدم على الزمان المتستقبل‪ ،‬ويرى أن هذا‬
‫التقدم ال يكون بالزمان وإال حصل الزمان في زمان آخر‬
‫وهو محال‪ ،‬وبه يبطل قولهم أن ذات الباري تعالى‬
‫متقدمة على العالم بالزمان‪ ]120[.‬ويقول‪ :‬واعلم أن‬
‫البحث المهم في هذا الموضع بيان أنه هل يعقل أن‬
‫يكون للشيء الواحد خروج من القوة إلى الفعل على‬
‫التدريج فإن هذا متفق عليه بين الحكماء ولي فيه شك‪[.‬‬
‫‪ ]121‬فخروج الشيء من القوة إلى الفعل باعتبار‬
‫الزمان‪ ،‬وكذلك باعتبار الحركة والدفعة وعالقتهما‬
‫بالزمان غير ثابت لديه‪ ،‬وهذا الذي يفسر لنا مخالفته‬
‫ألرسطو (ت ‪ 322‬ق م)‪ ،‬خاصة في مفهوم الحركة‬
‫وخروج الشيء من القوة إلى الفعل‪ ،‬كما يختلف معه‬
‫في مسألة الزمان ألن التسليم بأن األشياء تخرج من‬
‫القوة إلى الفعل على التدريج قد يؤدي إلى القول بالتولد‬
‫الذاتي لألشياء ونفي الفاعل المختار‪ ،‬وهو ما ال يقول‬
‫به الرازي أصال ويحاول دائما بيان بطالنه‪]122[.‬‬
‫ويرفض أن يقال األجسام ثقيلة أو خفيفة ألن كل ما هو‬
‫في موضعه الطبيعي ال يمكن الخروج عنه‪ ،‬وبما أن‬
‫األجسام في موضعها الطبيعي فال نستطيع القول أنها‬
‫ثقيلة أو خفيفة‪ ،‬وال هي موجودة بالقوة أو بالفعل‪[.‬‬
‫‪]123‬‬
‫هذا ويرى َأْيًض ا أن قول الفالسفة بأن تأثير المؤثر إنما‬
‫يكون في وجود األثر ال في ماهيته‪ ،‬فهو باطل‪ .‬ألن‬
‫الوجود له ماهية عنده‪ ،‬وإال امتنع أن يكون له تأثير في‬
‫الماهية‪ ]124[.‬ويرد عليهم َأْيًض ا ما يخالف عندهم‬
‫أصول العقيدة‪ ،‬كمبدأ الواحد ال يصدر عنه إلى الواحد‪،‬‬
‫وبالفعل فهو يرد عليهم في هذا المبدأ ألن الكثرة تصدر‬
‫عن العقل الفعال المدبر للعالم‪ ،‬وألن الفلك الواحد فيه‬
‫موجودات كثيرة كالهيولى والصورة الجسمية والصورة‬
‫النوعية‪ ،‬فعلمنا أن هذا المبدأ باطل ال شك فيه‪]125[.‬‬
‫وقد أورد عليهم إشكاالت على هذا المبدأ في كتاب‬
‫المباحث المشرقية وأطال في بسطها ثم انتهى إلى‬
‫القول بأن جملة ما يلزم عنه ال يمكن التمسك به‪ ،‬ألنه‬
‫عبارة عن خرافات ومن أراد التأكد من ذلك والوصول‬
‫إلى الحق فعليه أن يحكم عقله بين الكالمين‪ .‬أي كالمه‬
‫هو وكالم الفالسفة‪ ]126[.‬ويرد على قولهم بامتناع‬
‫إعادة األبدان ألن حججهم في هذه المسألة ضعيفة وهي‬
‫مبنية على أصول واهية‪ ]127[.‬ويرد عليهم َأْيًض ا في‬
‫مسألة إنكارهم لعلم هللا تعالى بالجزئيات‪]128[.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬وأما ردوده على كل فيلسوف على حدة‪،‬‬
‫فمنهم طاليس الذي يقول عنه أنه جعل النفس جسما‪،‬‬
‫وأرجعها إلى عنصر الماء‪ ،‬وديوجين الذي يتفق معه‬
‫في كون النفس جسما‪ ،‬ولكنه يختلف معه في كونها ماء‬
‫ألنها هواء‪ .‬ومنهم أنباذوقليس الذي زعم أن األجسام‬
‫األسطقسية تكونت باالتفاق‪ ،‬وله في ذلك أربع حجج‪:‬‬
‫منها أن الطبيعة تفتقر إلى الروية ولذلك فهي ال تفعل‬
‫ألجل غرض‪.‬‬
‫ومنها إذا تأملنا نظام الذبول فأننا نجده ال يتوجه إلى‬
‫تحقيق غرض معين‪ ،‬ألنه يحصل بسبب ضرورة المادة‪،‬‬
‫والحق أن نظام الطبيعة يؤدي أشياء كثيرة دون قصد‪،‬‬
‫كالزوائد والتشوهات والموت‪.‬‬
‫ومنها لو افترضنا أن الطبيعة تفعل لغرض فإن غرضها‬
‫إما أن يكون لغرض آخر وعندئذ يلزم التسلسل‪ ،‬وإما‬
‫أن ال يكون لغرض آخر‪ ،‬فيكون فعلها ال لغرض أصال‪.‬‬
‫ومنها أن الطبيعة الواحدة تفعل أفعاال مختلفة‪ ،‬لذلك‬
‫فهي ال تفعل لغرض‪]129[.‬‬
‫ولقد أجابه الرازي بأن االتفاق يمكن حصوله في األمور‬
‫الطبيعية بالقياس إلى أفرادها ثم بين بطالن تلك الحجج‬
‫بإسهاب‪ ،‬بما يأتي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬إن انعدام الروية في الطبيعة ال يجعل الفعل خاليا‬
‫من الغاية ألن الروية نفسها قد ال تجعل الفعل ذا غاية‪،‬‬
‫بل قد تؤدي إلى تمييز الفعل عن غيره وتعين على‬
‫وقوعه‪ ،‬ومن هنا فإنه يمكن أن تتكون الغاية‬
‫المخصوصة لكل فعل وأن يحصل الفعل دون روية‬
‫كصور أفعال الملكات عن النفس وهي ال تحتاج إلى‬
‫روية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬والمالحظ على فساد الكائنات‪ ،‬أنه يحدث لعدم‬
‫بلوغ كماالتها أو لحصول زيادات خارجة عن مجراها‬
‫الطبيعي‪ ،‬فالموت والذبول يحدثان بسبب قصور الطبيعة‬
‫عن بلوغ الغاية المقصودة‪ ،‬ومع هذا فنظام الذبول‬
‫يؤدي فعال طبيعيا من أجل غاية معينة والموت مثله‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن الغاية منه ليست نافعة بالنسبة‬
‫للشخص فهي تحقق غاية بالنسبة للنظام الكلي‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬وال يلزم أن تكون لكل غاية غاية‪ ،‬ألن الغاية‬
‫الحقيقية مقصودة لذاتها‪ ،‬وأما سائر األشياء فتقصدها‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬والغاية الذاتية من بعد هذا واحدة‪ ،‬وأما اختالف‬
‫األفعال فيرجع إلى اللوازم الخارجية ألن الوصول إلى‬
‫تلك الغاية يكون بوسائط كثيرة ومختلفة‪ ،‬وهي األفعال‬
‫المختلفة مما يثبت أن الطبيعة تفعل لغرض‪]130[.‬‬
‫ومنهم ديمقريطس والذي يرى أن العالم تكّو ن باالتفاق‬
‫ألن مبادئه األساسية ما هي إال عناصر أو أجرام‬
‫صغيرة‪ ،‬وهي غير متناهية ودائمة الحركة فاتفق أن‬
‫تصادمت واجتمعت على هيئة كان عنها هذا العالم‪ ،‬ولقد‬
‫أجابه الرازي على هذا الزعم بأمور ثالثة‪:‬‬
‫األول‪ :‬إن االتفاق غاية عرضية ألمر طبيعي أو إرادي‬
‫أو قسري‪ ،‬وإذا كان القسر ال يستند إلى قسر آخر إلى‬
‫ما ال نهاية‪ ،‬فالبد أن ينتهي إلى اإلرادة أو الطبيعة‪،‬‬
‫وبما أن اإلرادة والطبيعة أقدم من االتفاق فالسبب األول‬
‫للعالم هو اإلرادة أو الطبيعة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬إذا كانت تلك األجرام الصغيرة متشاكلة الطبائع‬
‫فإن حركتها تكون إلى جهة واحدة وال تقع بينها لذلك‬
‫مصادمة‪ ،‬فإذا افترضنا أن التصادم حاصل كان لزاما‬
‫على العالم أن ال يبقى لهذه المدة‪ ،‬ألن بقاءه على هذا‬
‫الحال يدل على بطالن هذا الزعم‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬لقد قال ديمقريطس بعكس ما يجب أن يقوله‬
‫ألنه جعل األمر الدائم الذي يخضع لنظام واحد اتفاقيا‪،‬‬
‫وجعل األمور المتغيرة كأحوال النبات والحيوان غايات‬
‫معينة‪ ،‬بينما العكس أولى‪]131[.‬‬
‫ومنهم إقليدس ويتعلق رده عليه ببعض النظريات‬
‫الرياضية‪ ،‬كاشتغاله في المقالة الخامسة بإقامة البرهان‬
‫على إثبات أن نسبة المقدارين المتساويين إلى مقدار‬
‫ثابت متساوية‪ ،‬إن هذا االشتغال في نظر الرازي ليس‬
‫في محله ألن العلم بصحة هذه المسألة علم ضروري‪[.‬‬
‫‪]132‬‬
‫ومنهم أفالطون وأرسطو اللذان يتربعان على عرش‬
‫الفلسفة اليونانية ويحتالن قمة هرمها‪ ،‬وقد رأينا أن‬
‫الرازي يأخذ برأي أفالطون في الزمان ليعارض به رأي‬
‫أرسطو‪ ،‬وأنه في مسألة المكان يعارض أفالطون‬
‫وينتصر ألرسطو الذي ال يعتبر المكان بعدا قائما‬
‫بنفسه‪ ،‬فالبعد المسمى بالفضاء في نظره هو إما أن‬
‫يكون حاال في مادة أو ال يكون حاال في مادة‪ ،‬وبما أن‬
‫القسمين باطالن‪ ،‬فالقول بأن المكان هو البعد باطل‪[.‬‬
‫‪]133‬‬
‫وأما ردوده على أرسطو فكثيرة جدا‪ ،‬ويرجع السبب في‬
‫ذلك إلى عوامل منها‪:‬‬
‫إن مكانة أرسطو المرموقة بين الفالسفة جعلت الرازي‬
‫يعتقد أن الرد عليه ينسحب عليهم جميعا‪.‬‬
‫ومنها أن الرازي رأى الفالسفة بعد أرسطو يعتقدون‬
‫في كتبه اعتقادات عظيمة‪ ،‬ومنهم ابن سينا فحاول‬
‫ضرب الرأس المدبر وبذل جهودا مضنية في سبيل‬
‫إبطال تلك الكتب‪.‬‬
‫ومنها أنه لما كان إقبال الرازي على الفلسفة من أجل‬
‫معرفة ما في كتب الفالسفة للرد عليهم فليس من أجل‬
‫ذاتها‪ ،‬وقد صرح في مناسبات كثيرة أنه صرف شطرا‬
‫من عمره في سبيل معرفة كتب الفالسفة لذلك سعى‬
‫للرد عليهم بمصنفات كثيرة‪ ،‬ككتاب نهاية العقول‪،‬‬
‫وكتاب المباحث المشرقية‪ ،‬وكتاب الملخص‪ ،‬وكتاب‬
‫شرح اإلشارات البن سينا‪ ،‬وغيرها‪]134[.‬‬
‫وقد صرح في وصيته بأنه اختبر المناهج الكالمية‬
‫وغيرها ولم يحصل منها على طائل وال جدوى‪ ،‬إال في‬
‫طريقة القرآن‪ ]135[.‬وبما أن مسألة الرد على أرسطو‬
‫جاءت في كتبه المطولة فإن حصرها وتناولها يطول به‬
‫المقام‪ ،‬نذكر منها بعض الشواهد‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬
‫إن أرسطو لما كان يعارض المثل األفالطونية ويحاول‬
‫إبطالها بدعوى أن المجرد إما أن يكون بعينه مشتركا‬
‫بين هذه األشخاص أو ال يكون‪ ،‬رد عليه الرازي بأن‬
‫األول محال والثاني كذلك‪ ،‬وهو في هذه المسألة يناصر‬
‫أفالطون ألنه البد في كل طبيعة نوعية من شخص باق‬
‫أزلي وأبدي‪ ،‬وأما قول أرسطو بأن أفراد الطبيعة‬
‫الواحدة مشتركة في االستغناء عن القابل أو الحاجة‬
‫إليه فهو منقوض بالوجود بل باألجناس واألنواع‪[.‬‬
‫‪]136‬‬
‫ومن مزاعم أرسطو أن األمور المتخالفة بالنوع سواء‬
‫كانت قريبة أو بعيدة ال تستقل بها قوة واحدة كاإلدراك‬
‫والتحريك وغيرها‪ ،‬ويلزم عن ذلك أن القوى بسائط‬
‫والبسيط ال يصدر عنه بالذات إال فعل واحد‪.‬‬
‫والذي يراه الرازي هو عدم التسليم بأن الواحد ال يصدر‬
‫عنه أكثر من الواحد ألن القوة الواحدة يجوز أن تكون‬
‫مبدأ لألفعال المتضادة بحسب الشرائط المختلفة‬
‫كالطبيعة‪ ،‬ويعني هذا أنه يجوز أن تكون القوة الفاعلة‬
‫لألفعال النباتية والحيوانية واحدة‪ ،‬طالما أن الفعل يتعدد‬
‫بتعدد اآلالت‪]137[.‬‬
‫وهو يتفق معه َأْيًض ا في مسألة خروج الشيء من القوة‬
‫إلى الفعل‪ ،‬ألن الموجود يستحيل عليه أن يكون بالقوة‬
‫من كل وجه‪ ،‬وإال كان وجوده نفسه بالقوة فيصير ما‬
‫بالقوة أيضا بالقوة‪ ،‬وعندئذ تكون القوة حاصلة وغير‬
‫حاصلة في اآلن نفسه وذلك محال‪ .‬وإذا كانت حاصلة‬
‫بالفعل فإن حصولها لذي قوة‪ ،‬ويكون الشيء الحاصل‬
‫بالفعل إما من كل وجه أو من بعض الوجوه كما أن‬
‫الموجود بالقوة فإما أن يكون خروجه إلى الفعل دفعة‬
‫واحدة أو ال يكون دفعة واحدة‪ ،‬فاألول يسمى بالكون‬
‫والثاني بالحركة‪]138[.‬‬
‫ولما كان خروج الشيء من القوة إلى الفعل باعتبار‬
‫الزمان‪ ،‬والزمان يقدر بالحركة والدفعة فمن المعلوم أن‬
‫الرازي يعارض تماما أرسطو في هذه المسألة‪ ،‬ألننا إذا‬
‫سلمنا بخروج الشيء من القوة إلى الفعل على التدريج‬
‫فإنه يجب علينا القول بالتولد الذاتي لألشياء ويلزم عنه‬
‫َأْيًض ا القول بنفي الفاعل المختار‪ ،‬وهو ما يحاول أن ال‬
‫يقول به‪.‬‬
‫ويرد عليه َأْيًض ا في مسألة التحيز والحجمية بإبطال‬
‫إثبات الهيولى‪ ،‬فيقول‪« :‬والمختار عندي‪ :‬أن القول‬
‫بإثبات الهيولى ‪ -‬بهذا التفسير ‪ -‬باطل‪ ،‬فيجب علينا أن‬
‫نذكر دالئل المثبتين للهيولى أوال‪ ،‬ثم نعترض عليها‬
‫ثانيا‪ ،‬ثم نقيم الدالئل اليقينية على القول بامتناعها‬
‫ثالثا‪]139[».‬‬
‫والذي نالحظ على هذه الردود هو أن الرازي كان‬
‫يستعمل فيها الطريقة العلمية‪ ،‬فيتعرف الفكرة وحجج‬
‫القائلين بها أوال‪ ،‬ثم ينقدها وأخيرا ينتهي إلى ما يريد‬
‫إثباته أو نفيه‪ ،‬وهي تدل على استيعابه لمقاالت‬
‫الفالسفة وعلى قدرة كبيرة ساعدته على تطوير التفكير‬
‫الفلسفي بنقده وآرائه المتميزة‪.‬‬
‫لم يكن رده على أرسطو في المسائل الطبيعية‬
‫والميتافيزيقية فحسب‪ ،‬بل رد عليه َأْيًض ا في أهم علم‬
‫لديه وهو المنطق‪ ،‬فلقد ضعف ما قيل في الفرق بين‬
‫األوليات والوهميات‪ ،‬ألن ذلك ينفع أوال لو كان علمنا‬
‫بصحة األوليات ألجل سالمتها حاصال‪ .‬وينفع ثانيا‬
‫بشرط اإلحاطة بجميع القضايا التي ال نهاية لها وبما أن‬
‫هذا متعذر فال يجوز القدح في القضايا التي تسمى‬
‫األوليات وأن ال يوثق بها على سبيل اإلطالق‪ ،‬وبما أنها‬
‫مساوية للمقدمات الوهمية في القوة فإن قدح كل واحدة‬
‫منها في األخرى ال يجعل إحداهما أولى من األخرى‪،‬‬
‫ويعني هذا أن الوهميات ليست أضعف من األوليات‬
‫ألنها لو كانت كذلك لما كنا في حاجة إلى التمييز بينهما‪.‬‬
‫فالرازي يرفض التفاوت في العلوم اليقينية لهذا السبب‪،‬‬
‫وألن حصول االحتمال ولو على أبعد الوجوه يفقد اليقين‬
‫يقينيته وعدم حصوله ال يترتب عليه عدم حصول‬
‫التفاوت‪ ]140[.‬هذا هو ما أجاب به الرازي عن الفرق‬
‫بين األوليات والوهميات وبينها وبين المشهورات‪،‬‬
‫ولقد اعتمد فيه على جملة إشكاالت السوفسطائية‪.‬‬
‫ولما كان أنصار أرسطو ال يرون تفاوتا في التقديم‬
‫والتأخير في مقدمات القياس‪ ،‬ألن ذلك ال يؤثر في‬
‫األمور العقلية‪ ،‬بّين لهم الرازي أن الكبرى أقوى‬
‫المقدمتين في اقتضاء اإلنتاج ولهذا فإن تقديمها أهم‬
‫وأوجب حتى ولو كان اندراج الحد األصغر تحت األوسط‬
‫أمرا سهال‪ ،‬ويعني هذا أن التقديم والتأخير يغير من‬
‫األمر شيئا‪ ]141[.‬والمراد بأنصار أرسطو الفالسفة‬
‫المسلمين الذين يقدمون المقدمة الصغرى على الكبرى‬
‫لتسهيل عميلة تداخل الحدود الثالثة في نظام القياس‬
‫الحملي‪ ،‬حسبما يقال‪ :‬فإنه ال يمكن هدم المنطق إال‬
‫بمنطق‪ ،‬والفلسفة إال بفلسفة‪.‬‬
‫وأما رده على قالينوس فأكثره يتعلق بمسألة هل الدماغ‬
‫معدن اإلدراك والفهم أم القلب؟ والجدير بالذكر في‬
‫البداية أن الرازي يعود إلى مناصرة أرسطو في هذه‬
‫المسألة‪ ،‬ألنه كان على حق والحق أحق أن يتبع‪،‬‬
‫فمصدر اإلدراك والفهم هو القلب‪ ،‬لما تبين عنده من أن‬
‫القلب هو منبت األعصاب‪ ،‬ومن أن األعصاب هي آلة‬
‫اإلداراك والدليل عليه أن الحركة اإلرادية ال تكون إال‬
‫بآلة صلبة قوية‪ ،‬ولما كان الدماغ غير متوفر على‬
‫الصالبة المطلوبة‪ ،‬وكنا نجدها في القلب ألن لحمه‬
‫شديد القوة‪ ،‬فيه عضالت كثيرة وهو أصلب لحم في‬
‫جسم اإلنسان‪]142[.‬‬
‫ردوده على المشائية اإلسالمية‬
‫تعتبر ردود الرازي على المشائين اإلسالميين شاملة‬
‫ألنه لم يستثن واحدا منهم‪ ،‬ال الفارابي (ت ‪ 393‬هـ)‪،‬‬
‫وال ابن سينا (ت ‪ 428‬هـ)‪ ،‬وال أبا البركات البغدادي‬
‫(ت ‪ 555‬هـ)‪ .‬مثال رأيهم في ماهية الزمان‪ :‬يرى األول‬
‫والثاني حسب الرازي أن الزمان مقدار حركة الفلك‬
‫األعظم‪ ،‬وأما الثالث فيرى أنه مقدار امتداد الوجود‪[.‬‬
‫‪ ]143‬والرازي قد عارض أرسطو في مسائل كثيرة‬
‫منها مسألة الزمان‪ ،‬أي يرفض تفسيره بالحركات ألنه‬
‫غني عن كل الحركات‪ ،‬ودليله هو أن مقدار الحركة في‬
‫الحقيقة هو عبارة عن مقدار امتداد الحركة‪ ،‬وأن امتداد‬
‫الحركة ال وجود له في األعيان‪ ،‬فلو كان الزمان مقدارا‬
‫للحركة لكان صفة من صفات الحركة‪ ،‬وبما أن كل صفة‬
‫تحتاج إلى الموصوف بها فالزمان يحتاج إلى الحركة‬
‫هو باطل والعكس هو الصحيح‪ ،‬أي أن الحركة هي التي‬
‫تحتاج إلى الزمان‪ .‬ويظهر بطالن ما ذهب إليه الفالسفة‬
‫في الزمان بدليل آخر‪ ،‬وهو لو كان الزمان مقدارا‬
‫للحركة لكنا متى فرضنا عدم الحركة وجب فرض عدم‬
‫وجود الزمان‪ ،‬وبما أن التالي باطل فالمقدم مثله‪]144[.‬‬
‫ولقد أولى الرازي اهتماما كبيرا بفلسفة محمد بن زكريا‬
‫الرازي (ت ‪ 313‬هـ)‪ ،‬الذي لم ينج من النقد الالذع‬
‫بسبب ما كان يصرح به من أفكار ال تتفق مع المنطق‬
‫السليم‪ ،‬كإحيائه لمذهب ُيرجع سبب حدوث العالم إلى‬
‫عشق النفس على الهيولى‪ .‬ولقد عقد الرازي العزم‬
‫على رد هذا المذهب فحدد في البداية الطريقة التي‬
‫سيتبعها وهي طريقة االستقصاء‪ ،‬وبالفعل فقد عرض‬
‫المذهب بمقدماته ثم انتقل إلى سؤاالت وجوابات ليتضح‬
‫المقصود‪ ،‬وفي النهاية انتهى إلى إبطاله ورأى أن‬
‫القائلين بأن إله العالم موجب بالذات ينكرون هذا‬
‫المذهب‪ ،‬وأما الذين يقولون بالفاعل المختار أي بأن‬
‫أفعال اإلله ال يجب أن تكون واقعة على وفق مصالح‬
‫اإلنسان‪ ،‬فهؤالء ال يلتفتون إلى هذا المذهب أصال‬
‫وحجتهم في ذلك أن اإلله رحيم كريم ال يفعل فعال مؤلما‬
‫وضارا‪]145[.‬‬
‫ولقد كان الرازي يتهم المشائين اإلسالميين بعدم‬
‫اإلخالص لألرسطية ألنهم يأتون بكالم مبهم كأبي‬
‫البركات الذي قال إن الزمان عبارة عن مقدار الوجود‪،‬‬
‫وإذا كان المراد بذلك هو مقدار امتداد الوجود فهو‬
‫باطل‪ ،‬ألن امتداد الوجود عبارة عن بقاء الشيء‬
‫ودوامه‪ ،‬وبقاء كل شيء ودوامه صفة قائمة به‪ ،‬كما أن‬
‫بقاء الشيء ودوامه غير بقاء ودوام اآلخر‪ ،‬وبما أن‬
‫التسليم بهذا يفضي إلى القول باجتماع األزمنة الكثيرة‬
‫دفعة واحدة وهو محال فيكون قول أبي البركات باطال‪[.‬‬
‫‪]146‬‬
‫وأما رده على ابن سينا فإنه يتميز بالصرامة وما قيل‬
‫عن تأثره به بسبب ترديده لهذا االسم الكبير في‬
‫مصنفاته والهتمامه بالكتب التي شرحها له ككتاب‬
‫اإلشارات والتنبيهات‪ ،‬وعيون الحكمة‪ ،‬والقانون في‬
‫الطب فهو أمر غير قائم على أساس صحيح‪ .‬لكن‬
‫ترديده ألقوال ابن سينا ليس كله من أجل بسط فلسفته‬
‫واتباعه‪ ،‬ولكن من أجل مناقشة آرائه والرد عليها‬
‫فالمنهجية تقضي عرض اآلراء وحججها أوال ثم‬
‫مناقشتها ثانيا ثم البت في صحتها أو فسادها ثالثا‪،‬‬
‫وهذا مشاهد في معظم المواقع التي يذكره فيها‪ .‬ولقد‬
‫كان الرازي يرد على المشائية اإلسالمية في أكثر‬
‫المسائل الفلسفية الكبرى حيث لم يترك لها متنفسا‪،‬‬
‫فهو يراقبها عن كثب ويحاول دائما قلعها من جذورها‬
‫حتى ال يبقى لها منبت يمكن أن ترجع منه‪ ،‬لذلك فإنه لم‬
‫يكتب لها المزيد من االنتشار بعد الرازي إال بمقدار ما‬
‫كانت منتشرة به أو أقل من ذلك‪.‬‬
‫والرازي يرفض أدلة الفالسفة في أكثر المطالب التي‬
‫يحاولون إثباتها‪ ،‬ويصفها بأوهن من بيت العنكبوت ألن‬
‫العقول البشرية ضعيفة والعلوم التي يبتكرها اإلنسان‬
‫محدودة‪ ،‬وأما الحق كل الحق فهو ما جاء في القرآن‪[.‬‬
‫‪ ]147‬ويستدل بقوله تعالى‪﴿ :‬ويسألونك عن الروح قل‬
‫الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إال قليال﴾ سورة‬
‫اإلسراء‪ 85:‬وهذا الذي جعله ينتقد المشائية اإلسالمية‬
‫نقدا شديدا ألنها بعيدة في نظره عن الحق الذي هو‬
‫موجود في القرآن‪.‬‬
‫ردوده على الفكر الشرقي القديم[عدل]‬
‫اإلمام الرازي كان متهما بتطرقه إلى الفكر الشرقي‬
‫القديم أي بذكره وعنايته بالحكماء القدماء في شتى‬
‫الحضارات‪ ،‬وإعجابه ببعض حكمتهم وتأليفه في‬
‫علومهم مثل علم الفلك وما يتفرع منه من مباحث‬
‫التنجيم والسحر‪ .‬والجواب على ذلك بوجوه‪:‬‬
‫الوجه األول‪ :‬لقد استدل خصومه على تلك الشبهات‬
‫ببعض مصنفاته ككتاب المباحث المشرقية وتعني‬
‫عندهم كلمة مشرقية التراث الشرقي القديم‪ ،‬وكتاب‬
‫السر المكتوم‪ ،‬وكتاب االختيارات العالئية‪ ،‬أنهما في‬
‫مسائل التنجيم والسحر‪ ،‬والجواب على ذلك بأمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬ليس غرضه من ذكر حكمة وعلوم أهل الشرق‬
‫القديم التمسك بها‪ ،‬والسير على هداها ولقد كان من‬
‫واجب هؤالء الخصوم قبل الطعن في تلك المؤلفات أن‬
‫يتحروا الغرض منها وأن يذكروا ما جاء في القرآن من‬
‫ذكر لفرعون وقارون وغيرهما من الطغاة والمفسدين‬
‫والضالين‪ ،‬وأن يتأملوا كيف ذكروا ألن العبرة ليس في‬
‫مجرد الذكر بل بالغرض منه‪ ،‬وقياسا على ذلك فإن‬
‫تناول الرازي للفكر الشرقي القديم ينبغي البحث عن‬
‫غرضه‪ ،‬ولما كان غرضه ليس التشهير به أو نشره أو‬
‫الدعوة للتمسك به واعتناقه‪ ،‬فغرضه الحقيقي لم يكن‬
‫إال للبحث فيه ومعرفته للرد عليه‪ .‬الثاني‪ :‬إن المؤلفات‬
‫التي اتهم بها تعتبر قطرة في بحر بالنسبة لمؤلفاته‬
‫الكثيرة في العقل والدين وفي الرد على جميع أصناف‬
‫اإللحاد ومناصرة لعقيدة التوحيد ومدافعة عنها‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬والدليل على أن مراده من التأليف في‬
‫فنون الحضارات الشرقية القديمة هو الرد والتمييز بين‬
‫الحق والباطل‪ ،‬فبيان ذلك من المنهج العلمي الذي‬
‫يتبعه‪ ،‬هو أن أهل العقائد غير اإلسالمية يزعمون أنهم‬
‫يتمسكون بالدالئل العقلية وأنه ال يستطيع أي عالم أن‬
‫يبطل عقائدهم إال ببحث مسائلهم ومناقشتهم فيها‬
‫بطريقة العقل‪ ،‬ولقد تمكن الرازي من النيل منهم‬
‫باتباعه لهذه الطريقة العلمية ألنها جعلته يرد عليهم‬
‫عن بصيرة وليس عن جهل‪ ،‬فتأليفه في سائر العلوم‬
‫والفنون المعرفية يدل على انفتاحه على جميع‬
‫الحضارات والثقافات‪ ،‬وهي مهما كانت منحرفة‪ ،‬فمع‬
‫ذلك تحمل في طياتها شيئا ما يمكن االنتفاع به معرفيا‪،‬‬
‫وهو أن نتعرف على األقل على فسادها لنتجنبه‪ .‬وأما‬
‫سبب انطالقه في بحث المسائل والعلوم من الماضي‬
‫البعيد فيرجع إلى مبدأ اقتنع به‪ ،‬وهو أن أصول المذاهب‬
‫والعلوم تنبني على النقل عن السلف‪]148[.‬‬
‫وهناك مبدأ آخر‪ ،‬وهو أن دفع الشر أهم من جلب‬
‫الخير‪ ،‬ألن دفع الشر يقتضي إبقاء األصل الذي هو أهم‬
‫من تحصيل الزائد‪ ،‬وألن إيصال الخير إلى جميع الناس‬
‫غير ممكن‪ ،‬بينما دفع الشر عنهم ممكن‪ ،‬وهذا يعني أن‬
‫عدم دفع الشر شر‪ ،‬وأما عدم إيصال الخير فيحتمل أن‬
‫ال يترتب شيء عليه وأن يبقى الناس على السالمة‪[.‬‬
‫‪ ]149‬ولعل هذا المبدأ هو الذي كان دافعا له لكي‬
‫يخوض في الفكر الشرقي القديم من أجل دفع ما فيه من‬
‫الشر‪ ،‬وبيان فساد معتقداتهم فيه‪ ،‬ال سيما وأن فرقا‬
‫كثيرة كالمانوية والمزدكية وغيرهما تنتسب إلى‬
‫اإلسالم بوجه أو بآخر‪ ،‬وهي في الحقيقة ترجع جذورها‬
‫إلى هذا الفكر‪ ،‬وللرد عليها فالبد من العودة إلى األصل‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬ويعتبر الرازي في تاريخ الفكر اإلسالمي‬
‫من األعالم الكبار الذين حاربوا أهل العقائد المخالفة‬
‫مثل العقائد الشرقية الدخلية أو المتبقية التي تغلغلت في‬
‫أوساط المسلمين من أجل تضليلهم‪ .‬ومن الفرق‬
‫المتطرفة والمنحرفة التي رد عليها فرقة صوفية تعرف‬
‫باسم المباحية أو اإلباحية التي تقوم على دين مزدك‬
‫وتسمى المزدكية‪ ]150[.‬وكانوا يخالفون الشريعة‬
‫بحفظهم لطاعات وتلبيسات ال عالقة لها بها‪]151[.‬‬
‫وفرقة الباطنية التي ابتدعها رجل من األهواز يقال له‬
‫عبد هللا بن ميمون القداح‪ ]152[.‬وقد ساعده في‬
‫دعوته أوالد ملوك العجم من المجوس بسبب حقدهم‬
‫على اإلسالم والمسلمين‪ ،‬وبقاء النزعة المجوسية في‬
‫نفوسهم‪ ،‬ولقد ضلت هذه الدعوة خلقا كثيرا في بالد‬
‫العجم وفي بالد المغرب ومصر ألن أصحاب هذه الدعوة‬
‫استقروا في هذه البالد وتأثروا بحركة الحسن بن‬
‫الصباح‪ ]153[.‬الذي أخذ إجازة الدعوة من مصر‬
‫ورجع إلى بالد العجم لنشرها‪ .‬وقد استمرت فتنته إلى‬
‫زمان الرازي‪ ،‬وقال عنها إن مثل هذه الدعوة تفسد في‬
‫الدين أكثر من جميع الكفار ألن أصحابها يزعمون أن‬
‫العقل إن كان كافيا فليس ألحد أن يعترض على اآلخر‪،‬‬
‫وإن لم يكن كافيا فالبد من إمام‪ ،‬والجواب عليه أن عدم‬
‫االحتياج إلى العقل يعني عدم تمييزهم بين المحق‬
‫والمبطل‪ ،‬وأما أن اإلمام محتاج إليه فأين ذلك اإلمام‬
‫ومن هو؟ مما يدل على أن رأيهم في اإلمامة في غاية‬
‫الجهل‪]154[.‬‬
‫وفرقة القرامطة أو القرمطية التي تنسب إلى حمدان‬
‫القرمطي (ت ‪ 294‬هـ) وهو رجل غير معروف‪ ،‬دعاه‬
‫أحد دعاة الباطنية إلى معتقدهم فقبل الدعوة ثم صار‬
‫يدعو الناس إليها‪ ،‬وقد أضل خلقا كثيرا‪ .‬وكذلك المقنعية‬
‫أتباع المقنع الخراساني (ت ‪ 163‬هـ) وهو من أصحاب‬
‫أبي مسلم الخراساني (ت ‪ 137‬هـ) الذي ادعى النبوة ثم‬
‫األلوهية من طريق التناسخ‪ ،‬واجتمع عليه خلق كثير‬
‫وأضلهم ضالال كبيرا‪ ]155[.‬وال شك أن مثل هذه الفرق‬
‫لقيت من يبين للناس فسادها كالرازي الذي بذل جهودا‬
‫معتبرة في إنقاذ الناس من ضالالتها‪ ،‬لقد كان كلما‬
‫تطرق إليها ال يترك أراءها تمر دون فحصها ونقدها‪،‬‬
‫ويظهر ذلك بوضوح في مناظراته ومن خالل مصنفاته‪.‬‬
‫الوجه الرابع‪ :‬لو كان له شيء من االنحراف عن‬
‫الشريعة في مصنفاته وحياته لما أقدم على الطعن في‬
‫هذه الفرق وغيرها‪ ،‬ولما عرف العام والخاص من‬
‫الناس أنه لم يدخل أحد مثله في معارك طاحنة مع‬
‫الفرق الضالة سواء الخارجة عن اإلسالم صراحة أو‬
‫التي تتظاهر بذلك‪ .‬ولهذا فإنه مهما طعن فيه خصومه‬
‫وحساده فإنهم لم يستطيعوا النيل منه ألن نيته حسنة‬
‫في اإلقدام على تناول الفكر الشرقي القديم‪ ،‬فهو مفكر‬
‫منهجي يعمل بمقتضى الشريعة قدر المستطاع‪ .‬وقد كان‬
‫يرى أن الخطر كل الخطر على الدين يأتي من طريق‬
‫مذهب المشبهة الذي هو رأس الكفر‪ ،‬ويعني هذا أن كل‬
‫مذهب يقول بأن هللا تعالى جسم هو مذهب ضال‬
‫منحرف‪ ]156[.‬وإذا كانت بعض الفرق اإلسالمية ضالة‬
‫عنده بسبب القول بالتشبيه والتجسيم كفرقة الكرامية‪،‬‬
‫فكيف بفرق قائمة على معتقدات الشرق القديم‬
‫كالمزدكية‪ ،‬والزرادشتية‪ ]157[،‬والمانوية‪]158[،‬‬
‫والصبائية‪ ]159[،‬وغيرها‪.‬‬
‫ولقد كانت المجوسية تقدح في النبوة وتقول أن‬
‫الشرائع تشتمل على أمور باطلة‪ ،‬وقولهم بوجود إلهين‬
‫متحاربين‪ ،‬واحد منهما هو إله الخير يستعين بجند‬
‫المالئكة‪ ،‬وآخر هو إله الشر يستعين بجند الشياطين‪،‬‬
‫وهذا طبعا باطل عند الرازي‪ ]160[.‬وأما رده على‬
‫تنكلوشا البابلي فيتعلق ببعض قضايا الفلك‪ ،‬كاقتران‬
‫بعض الكواكب مع القمر‪ ،‬وكأثر ذلك على أحوال البشر‬
‫وهي قضايا ال يوافقه عليها‪ ،‬ويقول عنها‪« :‬هذا فيه‬
‫نظر ألنه في هذه الحالة يكون في المحاق‪ ،‬وهو ال‬
‫يصلح لعمل‪ ]161[».‬وهذا يدل منه على أنه لو لم يكن‬
‫عالما بأحوال الفلك وأسس التنجيم لما استطاع أن ينتبه‬
‫إلى عدم حصول االقتران بين كوكب ما والقمر‪ .‬والحق‬
‫أنه اشتغل بعلوم الفلك بغرض إبطال السحر وتكذيب‬
‫أهله الذين يطعنون في النبوة ويفسدون أكثر مما‬
‫يصلحون‪ ،‬وال عجب في أن نجد علماء األصول كإمام‬
‫الحرمين الجويني (ت ‪ 478‬هـ)‪ ،‬وحجة اإلسالم أبي‬
‫حامد الغزالي (ت ‪ 505‬هـ) يهتمون بالنظر في هذا‬
‫الباب‪ ،‬بينما غرضهم من ذلك هو التمييز بين المعجز‬
‫والسحر‪.‬‬
‫ويتفق حذاق علماء األصول على أن وجود الصانع‬
‫يثبت بأدلة مختلفة منها االستدالل بأحوال الفلك‪ ،‬وهو‬
‫قسم من أقسام الدالئل التي عّو ل عليها الرازي في‬
‫ردوده على العقائد المخالفة في إثبات وجود الصانع‪.‬‬
‫فالعقول عندما تتأمل أجرام الفلك وحركاتها تدرك‬
‫بالبداهة أنها ليست على العبث والسفه وليست من قبيل‬
‫الصدفة كما يقول الملحدون‪ ،‬وأنها على ما قاله هللا‬
‫تعالى‪﴿ :‬الذين يذكرون هللا قياما وقعودا وعلى جنوبهم‬
‫ويتفكرون في خلق السماوات واألرض ربنا ما خلقت‬
‫هذا باطال سبحانك فقنا عذاب النار﴾ سورة آل عمران‪:‬‬
‫‪ 191‬إن ما يظهر صريحا في اآلية وما يثبته العقل‬
‫السليم ليدل على أن المتأمل في الكون ال يسعه إال أن‬
‫يقر بوجود مدبر قاهر يحركه ألسرار وحكم هو مطلع‬
‫عليها‪ ،‬أما نحن فليس عندنا ‪ -‬حسب الرازي ‪ -‬إال‬
‫اإليمان بها على اإلجمال‪]162[.‬‬
‫ومن منافع النجوم أن هللا تعالى زين السماء بها‪،‬‬
‫ويحصل بها قدر من الضوء ليال كما يحصل بها تفاوت‬
‫في أحوال الفصول‪ ،‬وجعلها تعالى عالمات يهتدى بها‬
‫في ظلمات الليل في البر والبحر‪ ،‬فقال عنها‪﴿ :‬وعالمات‬
‫وبالنجم هم يهتدون﴾ سورة النحل‪ 16:‬وجعلها َأْيًض ا‬
‫رجوما للشياطين‪ ،‬فقال‪﴿ :‬ولقد زينا السماء الدنيا‬
‫بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب‬
‫السعير﴾ سورة الملك‪ 5:‬ألن الشياطين يعملون على‬
‫إخراج الناس من نور اإليمان إلى ظلمات الكفر‪]163[.‬‬
‫وأما من حّر م النظر في علم النجوم فهو مخطئ‪،‬‬
‫ويرفض الرازي هذا الحكم فيقول‪ :‬إننا ال نسلم أن النظر‬
‫في علم النجوم حرام مطلقا ألن من نظر فيه ليستدل به‬
‫على التوحيد فهو قائم بأعظم الطاعات‪ ،‬بالنسبة إليه‪،‬‬
‫ولهذا السبب استحق إبراهيم عليه السالم المدح بالنظر‬
‫النجوم‪]164[.‬‬
‫ومن الواضح أن الخوارق على وجهين‪ :‬فهي إما أن‬
‫تحدث بدافع اإلعجاز‪ ،‬وإما أن تحدث بدافع السحر‪،‬‬
‫وبما أن المعجزة والسحر متشاركتان في التخييل فالبد‬
‫من التفريق بينهما‪ ،‬وهو المراد عند الرازي بدعوته‬
‫إلى المعرفة بالسحر‪ ،‬ألن إبطاله من قبل العلماء ممكن‬
‫طالما عرفوه وتمكنوا منه‪ ،‬وأما المعجز فليس كذلك‪[.‬‬
‫‪ ]165‬ويلزم من هذا أن الخوارق ليست كلها سحرا ألن‬
‫السحر يحدث عن طريق التأثيرات النفسانية كأن يتوهم‬
‫شخص أن القمر منشق بواسطة التأثير النفسي بينما‬
‫القمر في حد ذاته لم يحدث فيه شيء‪ ،‬وأما المعجز فهو‬
‫خارق يحدث في الحركات اآللية للفلك أو في ذات‬
‫األجرام وليس مجرد وهم‪]166[.‬‬
‫وأما كون السحر حراما أم ال‪ ،‬فيرى أن علم السحر غير‬
‫قبيح وال محظور باتفاق المحققين ألن العلم لذاته‬
‫شريف لعموم قوله تعالى‪﴿ :‬قل هل يستوي الذين‬
‫يعلمون والذين ال يعلمون إنما يتذكر أولو األلباب﴾‬
‫سورة الزمر‪ 9:‬وألن السحر لو لم يكن يعلم لما أمكن‬
‫الفرق بينه وبين المعجز‪ ،‬ولما كان العلم بالمعجز‬
‫واجبا‪ ،‬فكيف يكون حراما‪ ،‬وهكذا فتحصيل العلم‬
‫بالسحر واجب‪ ،‬وهو حرام على من كان غرضه الفساد‬
‫والظلم‪ ،‬ومن يقوم به لهذا السبب كافر على اإلطالق‪،‬‬
‫وكذلك من اعتقد بأن الكواكب هي المدبرة للعالم‪،‬‬
‫والخالقة لما فيه من الحوادث والخيرات والشرور‪[.‬‬
‫‪ ]167‬وأما التمييز بين الغرضين فيدل على أن الرازي‬
‫أقدم على علم الفلك ومنه السحر بغرض التمييز بين‬
‫المعجز والسحر‪ ،‬وإذ تجتى عليه الخصم أو حسود‬
‫ورماه بالسحر فقد كذب‪ ،‬ألنه كان ينقب في عجائب‬
‫الكون من أجل االستدالل عقال على وجود الفاعل‬
‫المختار‪ ،‬والمدبر الجبار الذي ال تأخذه سنة وال نوم‪.‬‬
‫ومصنفاته تشهد بذلك فهو يتناول مسائل الفلك بما في‬
‫ذلك من التنجيم والسحر بطريقة معرفية محضة‬
‫وللغرض الشريف‪.‬‬
‫المنطق والجدل[عدل]‬
‫كان الرازي أول من نظر إلى المنطق باعتباره فنًا قائمًا‬
‫بذاته‪ ،‬فيقول ابن خلدون في تاريخه‪« :‬ثّم تكّلموا فيما‬
‫وضعوه من ذلك كالما مستبحرا ونظروا فيه‪-‬يعني‬
‫المنطق‪ -‬من حيث إّنه فّن برأسه ال من حيث إّنه آلة‬
‫للعلوم فطال الكالم فيه واّتسع‪ .‬وأّو ل من فعل ذلك اإلمام‬
‫فخر الّدين بن الخطيب ومن بعده أفضل الّدين‬
‫الخونجّي »‪ ]168[.‬أما الجدل فمع أنه يعتبر جزءًا من‬
‫المنطق ‪-‬فإننا نجد الرازي قد ميزه عنه وأفرده بالتأليف‬
‫ووضع فيه كتبًا خاصة اعتبرت زبدة هذا الفن وأهم‬
‫المراجع فيه‪]169[.‬‬
‫العلوم الرياضية والطبيعية[عدل]‬
‫اهتم الرازي بهذا النوع من العلوم اهتمامًا بالغًا واعتبر‬
‫تعلمها بكل أنواعها من التكاليف الشرعية ألنها مما ال‬
‫يتم الواجب المطلق إال به ومعرفة المسائل الهندسية‬
‫بصورة خاصة يعتبرها فرض عين ألن كل مكلف مأمور‬
‫باستقبال القبلة والغائب عن القبلة ال سبيل له إلى‬
‫تحصيل اليقين بجهة القبلة إال بالدالئل الهندسية فليزم‬
‫من هذا أن يكون تعلم الدالئل الهندسية فرض عين على‬
‫كل أحد‪ ،‬ثم يقول «ولكن الفقهاء قالوا‪ :‬إن تعلمها غير‬
‫واجب بل ربما قالوا إن تعلمها مكروه أو محرم وال‬
‫أدري ما عذرهم في هذا؟»‪ ]170[،‬وقد كتب مؤلفًا‬
‫خاصًا في "الهندسة" إضافة إلى ما بثه من المسائل‬
‫الهندسية في كتبه‪.‬‬
‫أما في الفلك فقد ألف "رسالة في علم الهيئة وَأْو َر د‬
‫الكثير من المسائل الفلكية في تفسيره ألنه كان كثير‬
‫االعتماد عليها في إثبات وجود هللا تعالى كما أنه كثيرًا‬
‫ما يركن إليها في الرد على أقوال الفالسفة وتفنيدها‪[.‬‬
‫‪]171‬‬
‫أما في العلوم الطبيعية فله أثر ظاهر بنبئك عنه الكثير‬
‫مما كتبه في التفسير وآراؤه التي أوردها في كتبه‬
‫الفلسفية مثل "المباحث الشرقية" و "الملخص" ‪ ،‬كما‬
‫يعتقد البعض أن الرازي قد شارك بعض من علماء‬
‫الحضارة اإلسالمية كابن سينا وثابت بن قرة وابن ملكا‬
‫البغدادي في أكتشاف قوانين الحركة قبل نيوتن ‪]172[،‬‬
‫[‪ ]173‬يقول الرازي في كتابه "المباحث المشرقية في‬
‫علم اإللهيات والطبيعيات" «تجدد مراتب السرعة‬
‫والبطوء بحسب تجدد مراتب المعاوقات «الخارجية‬
‫والداخلية كان كل زمان يحصل للحركة فانما يحصل‬
‫بسبب مقارنة امور غريبة وهى تلك المعاوقات الداخلية‬
‫والخارجية فال تكون الحركة مستحقة في نفسها للزمان‬
‫وذلك محال فاذا للسرعة والبطوء في طرفي االشتداد‬
‫والتنقص طرفان محدودان‪ ]174[.»..‬ويقول أيضًا‬
‫«فاذا الجسمان لو اختلفا في قبول الحركة لم يكن ذلك‬
‫االختالف بسبب المتحرك بل بسبب اختالف حال القوة‬
‫المحركة فان القوة في الجسم االكبر أكثر مما في‬
‫االصغر الذي هو جزؤه الن ما في االصغر فهو في‬
‫االكبر موجود مع زيادة واما القوة القسرية فانها‬
‫يختلف تحريكها للجسم العظيم و الصغير ال الختالف‬
‫المحرك بل الختالف حال المتحرك فان المعاوق في‬
‫الكبير أكثر منه في الصغير‪ ]175[.»..‬ويقول أيضًا‬
‫«الحلقة التي يجذبها جاذبان متساويان حتى وقفت في‬
‫الوسط ال شك ان كل واحد منهما فعل فيها فعال معوقا‬
‫بفعل اآلخر ‪ ،‬ثم ال شك ان الذي فعله كل واحد منهما لو‬
‫خلى عن المعارض القتضى انجذاب الحلقة إلى جانبه‬
‫فثبت وجود شي ء لو خلى عن المعاوق القتضى الدفع‬
‫إلى جهة مخصوصة‪ ]176[،»..‬وهذا ما يعتبره البعض‬
‫شرحًا لقانون نيوتن األول ‪،‬والثاني ‪،‬والثالث على‬
‫التواَلى‪.‬‬
‫عقيدته[عدل]‬
‫الرازي أشعري العقيدة‪ ،‬وقد رد على من يطعن في‬
‫عقيدته ويتهمه بمخالفته لمنهج أهل السنة والجماعة‬
‫في خاتمة كتابه "اعتقادات فرق المسلمين‬
‫والمشركين" بعد سرده ألسماء بعض كتبه التي قضى‬
‫عمره في تصنيفها‪ ،‬يقول‪« :‬وهذه الكتب بأسرها‬
‫تتضمن شرح أصول الدين وإبطال شبهات الفالسفة‬
‫وسائر المخالفين‪ ،‬وقد اعترف الموافقون والمخالفون‬
‫أنه لم يصنف أحد من المتقدمين والمتأخرين مثل هذه‬
‫المصنفات‪ ،‬وأما المصنفات األخر التي صنفناها في علم‬
‫آخر فلم نذكرها هنا‪ ،‬ومع هذا فإن األعداء والحساد ال‬
‫يزالون يطعنون فينا وفي ديننا‪ ،‬مع ما بذلنا من الجد‬
‫واإلجتهاد في نصرة اعتقاد أهل السنة والجماعة‪،‬‬
‫ويعتقدون أني لست على مذهب أهل السنة والجماعة‪،‬‬
‫وقد علم العالمون أنه ليس مذهبي وال مذهب أسالفي‬
‫إال مذهب أهل السنة والجماعة‪ ،‬ولم تزل تالمذتي وال‬
‫تالمذة والدي في سائر أطراف العالم يدعون الخلق إلى‬
‫الدين الحق‪ ،‬والمذهب الحق‪ ،‬وقد أبطلوا جميع البدع‪.‬‬
‫وليس العجب من طعن هؤالء األضداد الحساد‪ ،‬بل‬
‫العجب من األصحاب واألحباب كيف قعدوا عن نصري‬
‫والرد على أعدائي؟! ومن المعلوم أنه ال يتيسر شيء‬
‫من األمور إال بالمعاونه والمساعدة ولو أمكن ذلك من‬
‫غير مساعدة لما كان كليم هللا موسى بن عمران مع‬
‫حججه الباهرة وبراهينه القاهرة يقول مخاطبا للرب‬
‫سبحانه وتعالى‪َ﴿ :‬فَأْر ِس ْلُه َم ِع َي ِرْد ًء ا ُيَص ِّد ُقِني﴾ يسر هللا‬
‫لنا ولكم التوفيق إلى الخيرات وصاننا عما يكون في‬
‫الدنيا والعقبى سببا الستحقاق العقوبات بمنه ولطفه‬
‫والسالم‪]177[».‬‬
‫مؤلفاته[عدل]‬

‫تفسير مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير‪ ،‬الذي انتقده ابن‬


‫تيمية قائًال‪« :‬فيه كل شيء عدا التفسير» فرد عليه تقي‬
‫الدين السبكي بقوله‪« :‬فيه كل شيء مع التفسير‪».‬‬
‫كتاب تأسيس التقديس أو أساس التقديس‪ /‬تأليف شيخ‬
‫المعقول والمنقول اإلمام فخر الدين الرازي الذي انتقده‬
‫ابن تيمية في كتابه بيان تلبيس الجهمية؛ ومعه رسالة‬
‫في نفي الجهة لإلمام شهاب الدين بن جهبل (ت‪.‬‬
‫‪733‬هـ) في الرد على ابن تيمية‪.‬‬
‫له كتب ومؤلفات كثيرة جدًا في جميع علوم عصره‪،‬‬
‫شملت فنون التفسير‪ ،‬والفقه‪ ،‬وأصوله‪ ،‬وعلم الكالم‬
‫والفلسفة‪ ،‬والبالغة‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وقد ذكر ابن كثير في‬
‫البداية والنهاية انها تصل لحوالي مائتي كتاب‪ ،‬منها‪:‬‬
‫التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب‪.‬‬
‫التفسير الصغير‪ ،‬أسرار التنزيل وأنوار التأويل‪.‬‬
‫تأسيس التقديس (أساس التقديس في علم الكالم)‪،‬‬
‫مجلد‪ ،‬ألفه للسلطان الملك العادل أبي بكر بن أيوب‪،‬‬
‫فبعث له عنه ألف دينار‪.‬‬
‫المطالب العالية من العلم اإللهي‪ ،‬في ثالثة مجلدات‪ ،‬ولم‬
‫يتمه‪ ،‬وهو من آخر تصانيفه‪.‬‬
‫محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء‬
‫والحكماء والمتكلمين‪.‬‬
‫اعتقادات فرق المسلمين والمشركين‪.‬‬
‫المحصول في علم أصول الفقه‪.‬‬
‫المباحث المشرقية في علم اإللهيات والطبيعيات‪.‬‬
‫لوامع البينات شرح أسماء هللا تعالى والصفات‪.‬‬
‫معالم أصول الدين‪.‬‬
‫األربعين في أصول الدين‪.‬‬
‫المسائل الخمسون في أصول الدين‪.‬‬
‫البيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان‪.‬‬
‫المباحث العمادية في المطالب المعادية‪.‬‬
‫إرشاد النظار إلى لطائف األسرار‪.‬‬
‫نهاية اإليجاز في دراية اإلعجاز‪.‬‬
‫نهاية العقول في دراية األصول‪ ،‬مجلدان‪.‬‬
‫مناقب اإلمام الشافعي‪.‬‬
‫ترجيح مذهب الشافعي وأخباره‪.‬‬
‫النفس والروح وشرح قواهما في علم األخالق‪.‬‬
‫االنارات في شرح اإلشارات‪.‬‬
‫لباب االشارات والتنبيهات (شرح اإلشارات والتنبيهات‬
‫البن سينا)‪.‬‬
‫شرح كتاب عيون الحكمة البن سينا‪.‬‬
‫فضائل الصحابة‪.‬‬
‫القضاء والقدر‪.‬‬
‫ذم الدنيا‪.‬‬
‫نفثة المصدور‪.‬‬
‫الرياض المونقة‪.‬‬
‫تعجيز الفالسفة‪ ،‬بالفارسية‪.‬‬
‫اللطائف الغياثية‪.‬‬
‫البراهين البهائية‪ ،‬بالفارسية‪.‬‬
‫الرسالة الكمالية في الحقائق اإللهية‪ ،‬بالفارسية لكمال‬
‫الدين محمد بن ميكائيل‪ ،‬عربها تاج الدين األرموي‪.‬‬
‫رسالة الجوهر الفرد‪.‬‬
‫شرح كتاب المفصل للزمخشري في النحو‪ ،‬لم يتمه‪.‬‬
‫شرح نهج البالغة‪ ،‬لم يتمه‪.‬‬
‫شرح ديوان المتنبي‪.‬‬
‫المشيخة الفخرية‪.‬‬
‫الملل والنحل‪.‬‬
‫إبطال القياس‪.‬‬
‫الخلق والبعث‪.‬‬
‫سراج القلوب‪.‬‬
‫الجامع الكبير‪ ،‬لم يتم‪ ،‬ويعرف َأْيًض ا بكتاب الطب الكبير‪.‬‬
‫التشريح من الرأس إلى الحلق‪ ،‬لم يتمه‪.‬‬
‫اآليات البينات‪ ،‬في المنطق‪.‬‬
‫الملخص‪ ،‬في الفلسفة‪.‬‬
‫األخالق‪.‬‬
‫الفراسة‪.‬‬
‫األشربة‪.‬‬
‫الرعاية‪.‬‬
‫الزبدة‪.‬‬
‫كتاب في الهندسة‪.‬‬
‫كتاب في النبض‪ ،‬مجلد‪.‬‬
‫كتاب في الرمل‪.‬‬
‫مسائل في الطب‪.‬‬
‫رسالة في النفس‪.‬‬
‫رسالة في النبوات‪.‬‬
‫رسالة في التنبيه على بعض األسرار المودعة في‬
‫بعض سور القرآن العظيم‪.‬‬
‫قصة السحر والسحرة في القرآن الكريم‪.‬‬
‫خلق القرآن بين المعتزلة وأهل السنة‪.‬‬
‫الكاشف عن أصول الدالئل وفصول العلل‪.‬‬
‫عجائب القرآن‪.‬‬
‫المناظرات العقدية‪.‬‬
‫منتخب كتاب دنكاوشا‪.‬‬
‫شفاء العي والخالف أو شفاء العي من الخالف‪.‬‬
‫عمدة األنظار وزينة األفكار‪.‬‬
‫الرسالة المحمدية‪.‬‬
‫الرسالة المجدية‪.‬‬
‫الرسالة الصاحبية‪.‬‬
‫مباحث الوجود‪.‬‬
‫مباحث الجدل‪.‬‬
‫مباحث الحدود‪.‬‬
‫االختبارات السماوية‪.‬‬
‫االختبارات العالئية‪.‬‬
‫الموسوم في السر المكتوم‪.‬‬
‫الطريقة العالئية في الخالف‪ ،‬أربع مجلدات‪.‬‬
‫شرح مصادرات إقليدس‪.‬‬
‫شرح سقط الزند ألبي العالء‪.‬‬
‫شرح الوجيز للغزالي‪ ،‬لم يتمه‪ ،‬حصل منه العبادات‬
‫والنكاح في ثالث مجلدات‪.‬‬
‫شرح كليات القانون‪ ،‬لم يتمه‪ ،‬وألفه للحكيم ثقة الدين‬
‫عبد الرحمن بن عبد الكريم السرخسي‪.‬‬
‫حدائق األنوار في حقائق األسرار‪ :‬فيه موضوعات‬
‫ستين علمًا‪ ،‬ألفه للسلطان عالء الدين تكش‬
‫الخوارزمي‪.‬‬
‫درة التنزيل وغرة التأويل (في اآليات المتشابهات)‪.‬‬
‫موجود منه نسخة خطية في دار الكتب المصرية رقم‬
‫‪ ]178[.440‬جاء في فهرس جوتا‪ :‬درة التنزيل وغرة‬
‫التأويل ألبي عبد هللا‪ ،‬محمد بن عبد هللا الخطيب فخر‬
‫الدين الرازي‪ .‬وفي نسبة الكتاب إلى الفخر الرازي‬
‫خطأ‪ ،‬إذ أن فخر الدين الرازي ليس هو محمد بن عبد‬
‫هللا الخطيب‪ ،‬وإنما هو أبو عبد هللا محمد بن عمر بن‬
‫الخطيب‪]179[.‬‬
‫عصمة األنبياء‪.‬‬
‫رسالة الحدوث‪.‬‬
‫الجمل في الكالم‬
‫تهذيب الدالئل وعيون المسائل‪.‬‬
‫المباحث المشرقية في العلم اإللهي‪.‬‬
‫المعالم‪ ،‬وهو آخر مصنفاته من الصغار‪.‬‬
‫وغيرها كثير في شتى العلوم والفنون‪ .‬قال الداوودي‬
‫في كتابه طبقات المفسرين‪« :‬ورزق سعادة في‬
‫مصنفاته‪ ،‬وانتشرت في اآلفاق‪ ،‬وأقبل الناس على‬
‫االشتغال بها‪]180[».‬‬
‫وفاته[عدل]‬

‫موقع هراة في أفغانستان حيث توفي الرازي‬


‫بعد أن الَقى الفخر في حياته الحافلة ما الَقى من أذى‬
‫الخصوم من معتزلة وكرامية وشيعة وحشوية وسواهم‬
‫‪ ،‬حط عصا الترحال في هراة وسكن الدار التي كان‬
‫السلطان خوارزم شاه قد أهداه إياها وهناك لم يتركه‬
‫خصوم يخلد إلى الراحة بعد ذلك الكدح الطويل وإنما‬
‫استمروا يعملون للنيل منه ومن سمعته‪]181[.‬‬
‫ومما يروى في هذا الباب إن الحشوية كانوا يرفعون له‬
‫وهو في مجلس وعظه رقاعًا تتضمن شتمه ولعنه‬
‫والطعن في عرضه حتى بلغ من فجورهم في الخصومة‬
‫أن رفعوا إليه يومًا رقعة كتبوا فيها أن ابنه يفسق‬
‫ويزني وإن امرأته كذلك فما كان منه إال أن قال «إن‬
‫هذه القصة تتضمن أن ابني يفسق ويزني وذلك مظنة‬
‫الشباب فإنه شعبة من الجنون ونرجو من هللا تعالى‬
‫إصالحه والتوبة وأما امرأتي فهذا شأن النساء إال من‬
‫عصمه هللا وأنا شيخ ما في للنساء مستمتع هذا كله‬
‫يمكن وقوعه وأما أنا فوهللا ال قلت أن الباري ‪-‬سبحانه‬
‫وتعالى جسم وال شبهته بخلقه وال حيزته وهلل الحمد أن‬
‫ابني ال يقول إن هللا جسم وال يشبه به خلقه وال زوجتي‬
‫تعتقد في ذلك وال غالمي فأي الفريقين أوضح سبيًال ؟ [‬
‫‪»]183[]182‬‬
‫وِاشتّد على الكرامية بخاصة ما كانوا يرونه من توقير‬
‫السالطين له وحضور بعضهم مجالس وعظه ومكانته‬
‫لديهم خصوصًا بعد مجادلته مع شيخهم ابن القدوة ‪[،‬‬
‫‪ ]184‬فلم يزل بينهم وبين الفخر من يومها السيف‬
‫األحمر فيعمدون للتخلص منه بكل وسيلة حتى قيل أنهم‬
‫سموه أو دسوا له من سمه ‪ ]185[،‬وسواء كانوا‬
‫أبرياء من هذه التهمة أم ال فإنهم فرحوا لدى وفاته‬
‫فرحا شديدًا ‪ ]186[،‬وكان ذلك في األول من رمضان‬
‫عام ‪606‬هــ الموافق عام ‪1209‬م في هراة ووذهب‬
‫أكثر المؤرخين إلى أنه دفن في الجبل المجاور لقرية‬
‫مزداخان القريبة من هراة وقيل بل دفن في بيته‪]60[.‬‬
‫ثناء العلماء عليه[عدل]‬
‫احتل الرازي المنزلة الرفيعة والمكانة العالية‪ ،‬ونال‬
‫تقدير واحترام المجتمع على اختالف طبقاته‪ ،‬فبالغ في‬
‫احترامه العلماء وطالب العلم‪ ،‬والسالطين‪ ،‬وخاصة‬
‫الناس وعامتهم‪ .‬ولقد ترك اإلمام الرازي في كل علم‬
‫من العلوم المعروفة في زمانه مؤلفات وآثارا تشهد له‬
‫بذلك‪ ،‬وتؤيد أن نيله لتلك المكانة العلمية كان عن‬
‫جدارة واستحقاق‪ .‬ولقد تواترت أقوال العلماء‬
‫والمؤرخين الذين وصفوه بأحسن الكالم ورفعوه إلى‬
‫أسمى المراتب‪ ،‬التي تدل على أنه حظي بمكانة عظيمة‬
‫بين العلماء لم ينلها عالم آخر في عصره‪.‬‬
‫يقول عنه ابن أبي أصيبعة‪« :‬هو اإلمام فخر الدين أبو‬
‫عبد هّللا محمد بن العمر بن الحسين الرازي أفضل‬
‫المتأخرين وسيد الحكماء المحدثين‪ ،‬قد شاعت سيادته‪،‬‬
‫وانتشرت في اآلفاق مصنفاته وتالمذته‪ ،‬وكان إذا ركب‬
‫يمشي حوله ثالثمائة تلميذ فقهاء وغيرهم وكان‬
‫خوارزمشاه يأتي إليه‪ ،‬وكان ابن الخطيب شديد الحرص‬
‫جدًا في سائر العلوم الشرعية والحكمية‪ ،‬جيد الفطرة‪،‬‬
‫حاد الذهن‪ ،‬حسن العبارة‪ ،‬كثير البراعة‪ ،‬قوي النظر في‬
‫صناعة الطب ومباحثها‪ ،‬عارفًا باألدب‪ ،‬وله شعر‬
‫بالفارسي والعربي‪ ،‬وكان عبل البدن‪ ،‬ربع القامة‪ ،‬كبير‬
‫اللحية‪ ،‬وكان في صوته فخامة‪ ،‬وكان يخطب ببلده‬
‫الري وفي غيرها من البالد‪ ،‬ويتكلم على المنبر بأنواع‬
‫من الحكمة‪ ،‬وكان الناس يقصدونه من البالد‪،‬‬
‫ويهاجرون إليه من كل ناحية على اختالف مطالبهم في‬
‫العلوم‪ ،‬وتفننهم فيما يشتغلون به‪ ،‬فكان كل منهم يجده‬
‫عند النهاية القصوى فيما يرومه منه‪ ،‬وكان اإلمام فخر‬
‫الدين قد قرأ الحكمة على مجد الدولة الجيلي بمراغة‪،‬‬
‫وكان مجد الدين هذا من األفاضل العظماء في زمانه‪،‬‬
‫وله تصانيف جليلة‪]189[»...‬‬
‫ويقول عنه ابن العماد الحنبلي‪« :‬اإلمام فخر الدين‬
‫الرازي العالمة أبو عبد هللا‪ ،‬محمد بن عمر بن حسين‬
‫القرشي الطبرستاني األصل‪ ،‬الشافعي المفسر المتكلم‪،‬‬
‫صاحب التصانيف المشهورة‪ .‬ولد سنة أربع وأربعين‬
‫وخمسمائة‪ ،‬واشتغل على والده اإلمام ضياء الدين‬
‫خطيب الري‪ ،‬صاحب محي السنة البغوي‪ ،‬وكان فخر‬
‫الدين ربع القامة‪ ،‬عبل الجسم‪ ،‬كبير اللحية‪ ،‬جهوري‬
‫الصوت‪ ،‬صاحب وقار وحشمة‪ ،‬له ثروة ومماليك وبزة‬
‫حسنة وهيئة جميلة‪ .‬إذا ركب مشى معه نحو الثالثمائة‬
‫مشتغل على اختالف مطالبهم‪ ،‬في التفسير‪ ،‬والفقه‪،‬‬
‫والكالم‪ ،‬واألصول‪ ،‬والطب‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬وكان فريد‬
‫عصره‪ ،‬ومتكلم زمانه‪ ،‬رزق الحظوة في تصانيفه‪،‬‬
‫وانتشرت في األقاليم‪ .‬وكان له باع طويل في الوعظ‪،‬‬
‫فيبكي كثيرا في وعظه‪ .‬سار إلى شهاب الدين الغوري‬
‫سلطان غزنة‪ ،‬فبالغ في إكرامه‪ ،‬وحصلت له منه أموال‬
‫طائلة‪ ،‬واتصل بالسلطان عالء الدين خوارزم شاه‪،‬‬
‫فحظي لديه‪ ،‬وكان بينه وبين الكرامية السيف األحمر‪،‬‬
‫فينال منهم وينالون منه‪ ،‬سبا وتكفيرا‪ ،‬حتى قيل أنهم‬
‫سموه فمات‪ ،‬وخلف تركة ضخمة‪ ،‬منها ثمانون ألف‬
‫دينار‪ .‬توفي بهراة يوم عيد الفطر‪ .‬قاله جميعه في‬
‫العبر‪ .‬وقال ابن قاضي شهبة‪ :‬ومن تصانيفه تفسير‬
‫كبير لم يتمه‪ ،‬في اثني عشر مجلدا كبارا‪ ،‬سماه مفاتيح‬
‫الغيب‪]190[»...‬‬
‫وقال عنه شمس الدين الداوودي في طبقات المفسرين‪:‬‬
‫«اإلمام العالمة سلطان المتكلمين في زمانه‪ ،‬فخر‬
‫الدين‪ ،‬أبو عبد هللا القرشي البكري التيمّي ‪ ،‬من ذرية‬
‫أبي بكر الصديق رضي هللا عنه‪ ،‬الطبرستاني األصل‪ ،‬ثم‬
‫الرازي‪ ،‬ابن خطيبها‪ .‬المفّس ر‪ ،‬المتكلم‪ .‬إمام وقته في‬
‫العلوم العقلية‪ ،‬وأحد األئمة في العلوم الشرعية‪ ،‬صاحب‬
‫المصنفات المشهورة‪ ،‬والفضائل الغزيرة المذكورة‪،‬‬
‫وأحد المبعوثين على رأس المائة السادسة لتجديد‬
‫الدين‪ .‬ولد في رمضان سنة أربع وأربعين وخمسمائة‪،‬‬
‫وقيل سنة ثالث‪ ،‬اشتغل أوال على والده ضياء الدين‬
‫عمر‪ ،‬وهو من تالمذة البغوي‪ ،‬ثم على الكمال‬
‫السمناني‪ ،‬وعلى المجد الجيلي‪ ،‬صاحب محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬وأتقن علوما كثيرة‪ ،‬وبرز فيها‪ ،‬وتقّدم وساد‪،‬‬
‫وقصده الطلبة من سائر البالد‪ ،‬وصنف في فنون كثيرة؛‬
‫وكان له مجلس كبير للوعظ يحضره الخاص والعام‪،‬‬
‫ويلحقه فيه حال ووجد‪]10[».‬‬
‫ويقول جمال الدين القفطي في كتاب إخبار العلماء‬
‫بأخبار الحكماء‪« :‬وله تصانيف في األصول وتصانيف‬
‫في المنطق وفسر القرآن تفسيرًا كبيرًا وكان علمه‬
‫محتفظًا من تصانيف المتقدمين والمتأخرين يعلم ذلك‬
‫من يقف عليها‪ ...‬كان من أفاضل أهل زمانه َبَّذ القدماء‬
‫في الفقه وعلم األصول والكالم والحكمة ورد على أبي‬
‫علي بن سينا واستدرك عليه وكان عظيم الشأن‬
‫بخراسان وسارت مصنفاته في األقطار واشتغل بها‬
‫الفقهاء وكان يطعن على الكرامية ويبين خطأهم فقيل‬
‫أنهم توصلوا إلى إطعامه السم فهلك وكان يركب وحوله‬
‫السيوف المجذبة وله المماليك الكثيرة والمرتبة العالية‬
‫والمنزلة الرفيعة عند السالطين الخوارزمشاهية وعّن‬
‫له أن تهّو س بعمل الكيمياء وضّيع في ذلك ماًال كثيرًا‬
‫ولم يحصل على طائل‪ ...‬ومن تصانيفه كتاب تفسير‬
‫القرآن الكبير سماه مفاتيح الغيب سوى تفسير الفاتحة‬
‫وأفرد لها تصنيفًا اثني عشر مجلدًا بخطه الدقيق‪ .‬كتاب‬
‫تفسير القرآن الصغير سماه أسرار التنزيل وأنوار‬
‫التأويل‪]191[»...‬‬
‫ويقول زكريا القزويني في آثار البالد وأخبار العباد‪:‬‬
‫«إمام الوقت ونادرة الدهر وأعجوبة الزمان‪]192[».‬‬
‫ويقول ابن األثير في الكامل في التاريخ‪« :‬كان إمام‬
‫الدنيا في عصره‪]193[».‬‬
‫ويقول شمس الدين الشهرزوري في نزهة األرواح‬
‫وروضة األفراح‪« :‬إمام زمانه وفاضل أيامه‪ ،‬وصاحب‬
‫التصانيف المعظمة والمؤلفات المفخمة في أكثر العلوم‪،‬‬
‫بلغ رحمه هللا تعالى في البحث والجدل والقيل والقال‬
‫مبلغًا عظيمًا‪]194[».‬‬
‫ويقول صالح الدين الصفدي في الوافي بالوفيات‪:‬‬
‫«اإلمام العالمة فريد دهره ونسيج وحده فخر الدين أبو‬
‫عبد هللا القرشي التيمي البكري الطبرستاني األصل‬
‫الرازي المولد ابن خطيب الري الشافعي األشعري‪».‬‬
‫ال ينتهي ولكل بحٍر‬ ‫عالمة العلماء والبحر الذي‬
‫ساحل‬
‫قلمًا بأحسن من‬ ‫ما دار في الحنك اللسان وقلبت‬
‫ثناه أنامل[‪]195‬‬
‫وعند اليافعي في مرآة الجنان‪« :‬اإلمام الكبير العالمة‬
‫التحرير األصولي المتكلم المناظر المفسر صاحب‬
‫التصانيف المشهورة في اآلفاق الحظية في سوق‬
‫اإلفادة باالتفاق فخر الدين الرازي أبو عبدهللا محمد بن‬
‫عمر بن الحسين القرشي التيمي البكري الملقب باإلمام‬
‫عند علماء األصول المقرر لشبه مذاهب الفرق‬
‫المخالفين والمبطل لها بإقامة البراهين الطبرستاني‬
‫األصل الرازي المولد المعروف الشافعي المذهب فريد‬
‫عصره‪ ،‬ونسيج وحده الذي قال فيه بعض العلماء‪».‬‬
‫فيرى الحق بعين‬ ‫خصه هللا برأي هو للغيب طليعة‬
‫دونها حد الطبيعة‬
‫ومدحه اإلمام سراج الدين يوسف بن أبي بكر بن محمد‬
‫السكاكي الخوارزمي بقوله‪ :‬أعلمهن علًم ا يقيًنا إن رب‬
‫العالمينا ‪ ...‬لو قضى في عالميهم خدمة لألعلمينا ‪...‬‬
‫أخدم الرازي فخر أخدمة العبد بن سينا[‪]196‬‬
‫وعده جالل الدين السيوطي مجدد القرن السادس‪ ،‬فقال‬
‫في قصيدته عن المجددين‪:‬‬
‫والرافعي مثله‬ ‫والسادس الفخر اإلمام الرازي‬
‫يوازي[‪]197‬‬
‫ومدحه شرف الدين بن عنين بقصيدة قال فيها‪:‬‬
‫خدمي إلى‬ ‫ريح الشمال عساك أن تتحملي‬
‫الصدر اإلمام األفضل‬
‫نور الهدى متألقًا‬ ‫وقفي بواديه المقدس وانظري‬
‫ال يأتلي‬
‫طابت مغارس مجدها‬ ‫من دوحة فخرية عمرية‬
‫المتأثل‬
‫وفروعها فوق‬ ‫مكية األنساب زاك أصلها‬
‫السماك األعزل(‪)1‬‬
‫خلف الحيا(‬ ‫واستمطري جدوى(‪ )2‬يديه فطالما‬
‫‪ )3‬في كل عام ممحل‬
‫ال يعرف الوسمّي (‪)4‬‬ ‫نعم سحائبها تعود كما بدت‬
‫منها والولي(‪)5‬‬
‫بحرًا تصدر قبله في‬ ‫بحر تصدر للعلوم ومن رأى‬
‫محفل‬
‫والدين سربال(‪)6‬‬ ‫ومشّم ر في هللا يسحب للتقى‬
‫العفاف المسبل‬
‫دهرًا وكاد ظالمها ال‬ ‫ماتت به بدع تمادى عمرها‬
‫ينجلي‬
‫ورسا سواه في‬ ‫فعال به اإلسالم أرفع هضبة‬
‫الحضيض األسفل‬
‫هيهات قصر عن هداه‬ ‫غلط أمرؤ بأبي علي قاسه‬
‫أبو علي‬
‫من لفظه لعرته هزة‬ ‫لو أن رسطاليس يسمع لفظه‬
‫أفكل(‪)7‬‬
‫من برهانه في كل‬ ‫ويحار بطليموس لو القاه‬
‫شكل مشكل‬
‫أن الفضيلة لم تكن‬ ‫فلو أنهم جمعوا لديه تيقنوا‬
‫لألول‬
‫هّز ت رياح الطيش‬ ‫وبه يبيت الحلم معتصمًا إذا‬
‫ركني يذبل(‪)8‬‬
‫ويجود مسؤوًال وإن‬ ‫يعفو عن الذنب العظيم تكرمًا‬
‫لم يسأل‬
‫عن دينه وأقّر عين‬ ‫أرضى اإلله بفضله ودفاعه‬
‫المرسل‬
‫ترنو إلى فلك الثوابت‬ ‫يا أيها المولى الذي درجاته‬
‫من عل‬
‫فبمجدك السامي يهني‬ ‫ما منصب إال وقدرك فوقه‬
‫ما تلي‬
‫أفضى إليك فنال‬ ‫فمتى أراد هللا رفعة منصب‬
‫أشرف منزل‬
‫أبدًا وجودك كهف كل‬ ‫ال زال ربعك للوفود محطة‬
‫مؤمل[‪]199[]198‬‬
‫كوكب منير سمي باألعزل ألنه ليس أمامه شيء‪.‬‬
‫عطية‪.‬‬
‫المطر‪.‬‬
‫أول مطر الربيع‪.‬‬
‫المطر يسقط بعد المطر‪.‬‬
‫القميص أو كل ما ُيلبس‪.‬‬
‫المرتعد من خوف أو برد‪.‬‬
‫اسم جبل‪.‬‬
‫ودافع عنه سعيد فودة دفاعًا قويًا في كتابه الكاشف‬
‫الصغير عن عقائد ابن تيمية فقال‪...« :‬ابن تيمية الذي‬
‫ظهر في النصف الثاني من القرن السابع وتوفي في‬
‫الرابع األول من القرن الثامن‪ ،‬كان واحدًا من الذين‬
‫حملوا لواء التجسيم ودافع عنه ُم َتَس ِّترًا تحت راية‬
‫الكتاب والسنة وأقوال الصحابة ليستجلب قلوب العوام‬
‫إلى هذا المذهب كما سترى في هذا الكتاب‪ .‬وقد كان‬
‫المجسمة بكافة طوائفهم وفرقهم ما زالوا ال يستطيعون‬
‫النهوض من آثار الضربات القوية والمتالحقة التي‬
‫كالها اإلمام فخر الدين الرازي لمذهبهم ومشايخهم‪،‬‬
‫فهو رحمه هللا ما تركهم إال بعد أن كسر شوكتهم‬
‫وتركهم ضحكة للمتقدمين والمتأخرين‪ ،‬وكان اإلمام‬
‫الرازي شديد الوطأة عليهم في المناظرات وفي كتبه‬
‫حتى كان بعضهم يبكي أمام الناس من َهْو ِل ما يالقيه‬
‫من هذا اإلمام‪ .‬وكان من أشد الكتب التي أَّلفها هذا‬
‫اإلمام الكبير الكتاب الذي سماه "أساس التقديس" ذكر‬
‫فيه خالصة مذاهبهم ورَّد عليها على جميع التقادير‪،‬‬
‫حتى بقي هذا الكتاب عالمة وَح َس نة ندعو هللا تعالى أن‬
‫يثيب اإلمام عليها خيرًا كثيرًا‪ .‬فلما نظر ابن تيمية في‬
‫واقع أصحابه‪ ،‬قام بعَّدة تحركات ليس اآلن مجال‬
‫شرحها ولعلنا نوضحها في كتاب مستقل‪ .‬ولكن ما نريد‬
‫أن نقوله هو أن ابن تيمية لما الحظ شدة تأثير اإلمام‬
‫الرازي على مذهبه وهو مذهب التجسيم‪ ،‬وأن ما تركه‬
‫اإلمام الرازي من كتب فهي اآلن معاول بأيدي أصحابه‬
‫يهدمون بها مذاهب المشبهة والمجسمة‪ .‬أقول لما رأي‬
‫ابن تيمية هذا الواقع شَّد َع ْز مه على الرد على اإلمام‬
‫الرازي في غالب كتبه أساسًا وكذلك الرد على سائر من‬
‫هو من أصحاب اإلمام الرازي من المتقدمين‬
‫والمتأخرين‪ .‬ولذلك تراه كثيرًا ما يرد عليه في أغلب‬
‫كتبه إما بذكره باالسم أو بالرد على مذهبه وطريقته‬
‫ولما كان اإلمام الرازي قد ألف كتابًا خاصًا في الرد على‬
‫المجسمة وبيان تهافتهم وهو كتاب أساس التقديس‪،‬‬
‫فقد رَّك ز ابن تيمية جهوده على هذا الكتاب فكتب كتابه‬
‫المشهور بالرد على أساس التقديس‪ .‬وقد كتب ابن‬
‫تيمية في نصرة مذهب التجسيم كتبًا ورسائل عديدة‬
‫وبث أفكاره في أثناء كتبه وفتاويه ولم َيَّدخر جهدًا في‬
‫نصرة مذهبه والذِّب عنه‪»]200[...‬‬
‫يقول تاج الدين السبكي في طبقاته عن فخر الدين‬
‫الرازي‪:‬‬
‫يقول تاج الدين السبكي في طبقاته عن فخر الدين‬
‫الرازي‪:‬‬
‫إمام المتكلمين‪ ،‬ذو الباع الواسع في تعليق‬
‫العلوم‪ ،‬واالجتماع بالشاسع من حقائق المنطوق‬
‫والمفهوم‪ ،‬واالرتفاع قدرا على الرفاق‪ ،‬وهل يجري من‬
‫األقدار إال األمر المحتوم؟ بحر ليس للبحر ما عنده من‬
‫الجواهر‪ ،‬وحبر سما على السماء‪ ،‬وأين للسماء مثل ما‬
‫له من الزواهر؟ وروضة علم تستقل الرياض نفسها أن‬
‫تحاكي ما لديه من األزاهر‪ .‬انتظمت بقدره العظيم عقود‬
‫الملة اإلسالمية‪ ،‬وابتسمت بدره النظيم ثغور الثغور‬
‫المحمدية‪ ،‬تنوع في المباحث وفنونها‪ ،‬وترفع فلم يرض‬
‫إال بنكت تسحر ببيونها‪ ،‬وأتى بجنات طلعها هضيم‪،‬‬
‫وكلمات يقسم الدهر أن الملحد بعدها ال يقدر أن يضيم‪.‬‬
‫وله شعار أوى األشعري من سننه إلى ركن شديد‪،‬‬
‫واعتزل المعتزلي علما أنه ما يلفظ من قول إال لديه‬
‫رقيب عتيد‪ ،‬وخاض من العلوم في بحار عميقة‪ ،‬وراض‬
‫النفس في دفع أهل البدع وسلوك الطريقة‪ .‬أما الكالم‬
‫فكل ساكت خلفه‪ ،‬وكيف ال وهو اإلمام‪ ،‬رد على طوائف‬
‫المبتدعة‪ ،‬وهد قواعدهم‪ ...‬وأما علوم الحكماء؛ فلقد‬
‫تدرع بجلبابها‪ ،‬وتلفع بأثوابها‪ ،‬وتسرع في طلبها حتى‬
‫دخل من كل أبوابها‪ ...‬وأما الشرعيات تفسيرا‪ ،‬وفقها‪:‬‬
‫وأصوال‪ :‬وغيرها؛ فكان بحرا ال يجارى وبدرا‪ ،‬إال أن‬
‫هداه يشرق نهارا‪ ...‬ولقد أجاد ابن عنين‪ ،‬حيث يقول‬
‫فيه‪ :‬ماتت به بدع تمادى عمرها دهرا وكاد ظالمها ال‬
‫ينجلي وعال به اإلسالم أرفع هضبة ورسا سواه في‬
‫الحضيض األسفل‪...‬‬
‫واشتهرت مصنفاته في اآلفاق‪ ،‬وأقبل الناس على‬
‫االشتغال بها‪ ،‬ورفضوا كتب المتقدمين‪ ،‬وأقام بهراة‪،‬‬
‫وكان يلقب بها شيخ اإلسالم‪ ،‬وكان كثير اإلزراء‬
‫بالكرامية‪ .‬فقيل‪ :‬إنهم وضعوا عليه من سقاه سما‪،‬‬
‫فمات‪ .‬وكان خوارزمشاه يأتي إليه‪ ،‬وكان إذا ركب‬
‫يمشي حوله نحو ثالث مائة نفس من الفقهاء وغيرهم‪،‬‬
‫وكان شديد الحرص جدا في العلوم‪ ،‬وأصحابه أكثر‬
‫الخلق تعظيما له‪ ،‬وتأدبا معه‪ ،‬له عندهم المهابة‬
‫الوافرة‪ ...‬وأما كتاب (السر المكتوم في مخاطبة‬
‫النجوم) فلم يصح أنه له؛ بل قيل‪ :‬إنه مختلق عليه‪...‬‬
‫واعلم أن شيخنا الذهبي ذكر اإلمام في كتاب (الميزان)‪،‬‬
‫في الضعفاء‪ ،‬وكتبت أنا على كتابه حاشية‪ ،‬مضمونها‬
‫أنه ليس لذكره في هذا المكان معنى‪ ،‬وال يجوز من‬
‫وجوه عدة‪ ،‬أعالها أنه ثقة حبر من أحبار األمة‪،‬‬
‫وأدناها أنه ال رواية له‪ ،‬فذكره في كتب الرواة مجرد‬
‫فضول‪ ،‬وتعصب وتحامل تقشعر منه الجلود‪ ...‬إلى أن‬
‫قال‪ :‬واعلم أن هذه الجملة من كالم اإلمام دالة على‬
‫مراقبته طول وقته‪ ،‬ومحاسبته لنفسه‪ ،‬رضي هللا عنه‪،‬‬
‫وقبح من يسبه‪ ،‬أو يذكره بسوء حسدا وبغيا من عند‬
‫نفسه‪]201[.‬‬
‫اشتغاله بالفلسفة[عدل]‬
‫توجه البعض بالنقد لفكر الرازي وعقيدته‪ ،‬بسبب‬
‫اشتغاله بالفلسفة واهتمامه بها‪ ،‬ويعني هذا أن االشتغال‬
‫بالفلسفة كان سببا في خصومات وانتقادات كثيرة في‬
‫حياته وبعد مماته‪ ،‬كاتهامه بأنه مجرد ناقل عن أرسطو‬
‫(ت ‪ 322‬ق م) وأتباعه من المشائين اليونانيين‬
‫والمسلمين‪ ،‬أمثال قالينوس (ت ‪ 201‬م)‪ ،‬ومحمد بن‬
‫زكريا الرازي (ت ‪ 312‬هـ)‪ ،‬وابن سينا (ت ‪ 428‬هـ)‪،‬‬
‫وأبي البركات البغدادي (ت ‪ 560‬هـ)‪ ،‬وهو متهم َأْيًض ا‬
‫بأنه كان يعرض الشبه عن الفالسفة وغيرهم ولم يجب‬
‫عنها‪ ،‬أو بأنه شغل الناس بكتب الفلسفة بدل كتب السنة‬
‫وغير ذلك‪ .‬وقد اهتم المؤرخون وغيرهم بهذه‬
‫االنتقادات بين مؤيد ومعارض‪ ،‬فذكر الصفدي (ت ‪764‬‬
‫هـ) أن خصوم الرازي أكثروا عليه التشنيع بسبب إيراد‬
‫الشبه واألدلة للخصوم ولم يجب عنها‪ ،‬ومن هؤالء ابن‬
‫سيد الناس (ت ‪ 734‬هـ)‪ ،‬الذي اعتمد على ما ذكره ابن‬
‫جبير (ت ‪ 614‬هـ) في رحلته‪ ،‬من أنه دخل الري ووجد‬
‫الرازي قد التفت عن السنة وشغل الناس بكتب ابن سينا‬
‫وأرسطو‪]202[.‬‬
‫بينما يرى آخرون بإنه وبالرغم من كون اشتغال‬
‫الرازي بالفلسفة صحيح إال أن ابتعاده عن السنة شهادة‬
‫باطلة وافتراء عليه ‪ ،‬ولكن خصومه استغلوا أي كالم‬
‫من أجل التشكيك في مكانته في الفكر اإلسالمي ودوره‬
‫في تطويره‪ ،‬حسدا له على إصابته في اجتهاداته‬
‫ونجاحه في الرد على أهل البدع والنصارى واليهود‪،‬‬
‫وحتى الفالسفة ‪ ،‬فالرازي أخد من الفلسفة ما رآه‬
‫صحيحا وحافظ على مذهب أهل السنة ودافع عنه بكل‬
‫قوته‪.‬‬
‫يقول تاج الدين السبكي (ت ‪ 771‬هـ) عن تضلعه في‬
‫الحكمة‪« :‬وأما علوم الحكماء فلقد تدرع بجلبابها وتلفع‬
‫بأثوابها‪ ،‬وتسرع في طلبها حتى دخل من كل أبوابها‪،‬‬
‫وأقسم الفيلسوف‪ :‬إنه لذو قدر عظيم‪ ،‬وقال المنصف‬
‫في كالمه‪ :‬هذا من لدن حكيم‪ ]201[».‬ويقول ابن‬
‫قاضي شهبة (ت ‪ 851‬هـ)‪« :‬إمام وقته في العلوم‬
‫العقلية‪ ،‬وأحد األئمة في العلوم الشرعية‪ ،‬صاحب‬
‫المصنفات المشهورة والفضائل الغزيرة المذكورة‪ ،‬ولد‬
‫في رمضان سنة ‪ ،544‬وقيل سنة ثالث‪ ،‬اشتغل أوال‬
‫على والده ضياء الدين عمر‪ ،‬وهو من تالمذة البغوي‪،‬‬
‫ثم على الكمال السمناني وعلى المجد الجيلي صاحب‬
‫محمد بن يحيى‪ ،‬وأتقن علوما كثيرة وبرز فيها وتقدم‬
‫وساد‪ ،‬وقصده الطلبة من سائر البالد‪ ،‬وصنف في فنون‬
‫كثيرة‪]203[»..‬‬
‫حول كتابته عن علم السحر والنجوم[عدل]‬
‫من أشد االنتقادات التي وجهت للرازي هي كتابته عن‬
‫علم السحر والطالسم وتصنيفه فيه‪ ،‬وهذا ما اْع َتَبره‬
‫منتقدوه مخالفا للشرع‪ ،‬واتهموه بالردة عن اإلسالم‬
‫والدعوة إلى عبادة األوثان يقول ابن تيمية‪« :‬من‬
‫العجب أن يذكر ‪-‬يعني الرازي‪ -‬عن أبي معشر ما َيُذ ُّم به‬
‫عبادة األوثان‪ ،‬وهو الذي اتخذ أبا معشر أحد األئمة‬
‫الذين اقتدى بهم في األمر بعبادة األوثان‪ ،‬لما ارتد عن‬
‫دين اإلسالم‪ ،‬وأمر باإلشراك باهلل تعالى وعبادة الشمس‬
‫والقمر والكواكب واألوثان‪ ،‬في كتابه الذي سماه ‪:‬‬
‫"السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم"»‪]204[.‬‬
‫ويدافع آخرون عن اشتغال الرازي بالسحر بأنه ال يوجد‬
‫دليل صريح على أنه يدعو إلى عبادة غير هللا‪ ،‬ويقول‬
‫الرازي نفسه في هذه المسألة بجواز تعلم السحر إذ‬
‫يقول في تفسيره «العلم بالسحر غير قبيح وال محظور‪:‬‬
‫اتفق المحققون على ذلك ألن العلم لذاته شريف وَأْيًض ا‬
‫لعموم قوله تعالى‪﴿ :‬هل يستوي الذين يعلمون والذين ال‬
‫يعلمون﴾ وألن السحر لو لم يكن يعلم لما أمكن الفرق‬
‫بينه وبين المعجز‪ ،‬والعلم بكون المعجز معجزا واجب‬
‫وما يتوقف الواجب عليه فهو واجب فهذا يقتضي أن‬
‫يكون تحصيل العلم بالسحر واجبا وما يكون واجبا كيف‬
‫يكون حراما وقبيحا»‪]205[.‬‬
‫أما عن تصنيفه لكتاب‪" :‬السر المكتوم في مخاطبة‬
‫النجوم" و"االختيارات العالئية في االختبارات‬
‫السمائية" فليس في ذلك بأس عندهم فإنه قد صنفهم‬
‫على وجه إظهار ما في السحر من الفساد‪ ،‬ال على سبيل‬
‫االعتقاد إذ أن الرازي تبرأ مما ذكر فيهم‪]207[]206[.‬‬
‫[‪]209[]208‬‬
‫يقول الرازي في مقدمة "االختيارات العالئية في‬
‫االختبارات السمائية" ‪:‬‬
‫ينبغي أن تعلم أن النظر في النجوم على ستة‬
‫أوجه‪:‬‬
‫األول‪ :‬النظر في هذه األجرام لتدل علي الخالق عز‬
‫اسمه وحياته وعلمه وقدرته‪ ،‬وهذا عين اإليمان بل‬
‫أعلى درجات اإليمان؛ ألن إبراهيم عليه السالم نظر في‬
‫النجوم والقمر والشمس فاستدل بهذا النظر على وجود‬
‫الباري سبحانه وتعالي‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬النظر في حركاتها لتحديد أوقات الصالة‬
‫والصيام والزكاة والحج وسمت القبلة‪ ،‬والنظر في‬
‫النجوم على هذا الوجه واجب‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬النظر في مقاديرها وأجرامها وأبعادها‬
‫ودوراتها كما في علم الهيئة والنظر في النجوم على‬
‫هذا الوجه مندوب إليه لفهم آثار حكمة هللا‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬اعتقاد أن النجوم غير مؤثرة أبدا في العالم‬
‫بالطبع‪ ،‬لكن أجرى هللا تعالى العادة أن طلوع الشمس‬
‫سبب ضياء العالم وغروبها سبب ظلمته‪ ،‬والقرب منها‬
‫سبب حرارة الهواء واالبتعاد عنها سبب برودته‪ ،‬ومثل‬
‫هذا النظر في هذه النجوم كأسباب للسعادة والنحوسة‬
‫من طريق العادة ال من طريق الطبع‪ ،‬واتفق جملة‬
‫المحققين والمتكلمين على أن علم النجوم على هذا‬
‫الوجه ليس بكفر وال ضاللة‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬اعتقاد أن النجوم مؤثرة في العالم بالطبع‪،‬‬
‫وهذا االعتقاد خطأ ولكنه ليس بكفر‪.‬‬
‫السادس‪ :‬اعتقاد أن النجوم مدبرة للعالم وعبادتها‪،‬‬
‫وهذا كفر صريح‪ .‬وبسبب هذا التفصيل أوردنا في هذا‬
‫الكتاب ما يحدث بالنظر فيه منفعة وال يضر االعتقاد‪[.‬‬
‫‪]210‬‬

‫ويقول في مقدمة كتاب‪« :‬السر المكتوم في مخاطبة‬


‫النجوم» «فهذا كتاب َيْج َم ُع فيه ما وصل إلينا من علم‬
‫الَّطْلَس مات والِّسْح ريات والعزائم ودعوة الكواكب‪ ،‬مع‬
‫الَّتَبِّر ي عن كل ما ُيخالف الدين وسليم اليقين»‪]211[.‬‬
‫وأنكر كثير من العلماء والمؤرخين نسبة الكتاب إليه‬
‫وشككوا في ذلك‪ ،‬ونفوا نسبته إليه؛ لعدم الوقوف على‬
‫الكتاب ولكون المؤلف ليس من أهل تلك الصنعة‪ ،‬كما‬
‫هو ظاهر كالم ابن خلدون في مقدمتة‪ .‬كما أنه وعلى‬
‫فرض صحة نسبته إليه ما يزال هناك شك في اطالع‬
‫المنكرين عليه‪ .‬قال في لسان الميزان‪« :‬وله كتاب‬
‫«السر المكتوم في مخاطبة النجوم»‪ :‬سحر صريح‬
‫فلعله تاب من تأليفه أن شاء هللا»‪ ]212[.‬قال التاج‬
‫السبكي‪« :‬وأّم ا كتاب «السر المكتوم في مخاطبة‬
‫النجوم» فلم يصَّح أّنه له‪ ،‬بل قيل إنه مختلق عليه»‪[.‬‬
‫‪ ]213‬وقال َأْيًض ا‪« :‬قلُت ‪ :‬وقد عّر فناك أن هذا الكتاب‬
‫مختلق عليه‪ ،‬وبتقدير صّح ة نسبته إليه ليس بسحر‪،‬‬
‫فليتأّم له من ُيحسن السحر»‪ .‬وفي دار الكتب المصرية‬
‫عدة نسخ من هذا الكتاب‪ ،‬وجاء في مقدمتها نص الفخر‬
‫الرازي أنه بريء مما في هذا الكتاب‪ ،‬وأنه أراد فقط‬
‫جمع ما كتبه أدعياء السحر‪ ،‬وبيان حججهم بعبارته‪،‬‬
‫حتى يستطيع المناظر لهم أن يدرك مذهبهم‪]214[.‬‬
‫وكالم الفخر الرازي حول السحر والتنجيم مذكور من‬
‫خالل مؤلفاته التي بين فيها ماهية السحر وأحكامه‪[،‬‬
‫‪ ]215‬وتوضيح مفاسده‪ ،‬وبيان أقسامه‪]216[.‬‬
‫انتقادات لتفسيره[عدل]‬
‫إيراد الشبه وترك الجواب عليها[عدل]‬
‫ينتقد البعض الرازي يإنه يورد شبه المخالفين في‬
‫المذهب والدين على غاية ما يكون من التحقيق ثم يورد‬
‫ردها على غاية من الوهاء والضعف ومثله قول بعضهم‬
‫إنه يورد الشبه نقدًا ويحلها نسيئة وقول آخرين كان‬
‫يقرر في مسائل كثيرة من مذاهب الخصوم وشبههم‬
‫بأتم عبارة ‪ ،‬فإذا جاء إلى األجوبة اقتنع باإلشارة‪[.‬‬
‫‪]218[]217‬‬
‫ويرد على ذلك آخرون بإن الرازي لم ينصف بهذه‬
‫العبارات المطلقة وإن الذين أصدروا تلك األحكام في‬
‫حقه وحق تفسيره لم يصيبوا [‪ ، ]219‬يقول الشيخ‬
‫الزرقاني «ومن أهل السنة من استبسل في الدفاع عن‬
‫عقيدتهم في تفسيره وعلى رأس هؤالء اإلمام فخر‬
‫الدين الرازي الذي شنها حربا شعواء في كل مناسبة‬
‫على أهل الزيغ واالنحراف في العقيدة وقد سلك في‬
‫تفسيره مفاتيح الغيب المشهور بتفسير الفخر مسلك‬
‫الحكماء اإللهيين فصاغ أدلته في مباحث اإللهيات على‬
‫نمط استدالالتهم العقلية ولكن مع تهذيبها بما يوافق‬
‫أصول أهل السنة وكذلكفقال لي الشيخ أثير الدين وأظنه‬
‫تقي تعرض لشبههم بالنقض والتفنيد في كثير من‬
‫المواضع [‪، »]220‬ويقول الصفدي «‪...‬ابن دقيق العيد‬
‫يقول فخر الدين وإن كان قد أكثر من إيراد شبه‬
‫الفالسفة ومأل بها كتبه فإنه قد زلزل قواعدهم قلت‬
‫األمر كما قال ألنه إذا ذكر للفالسفة أو غيرهم من‬
‫خصومه شبهة ثم أخذ في نقضها فإما أن يهدمها‬
‫ويمحوها ويمحقها وإما أن يزلزل أركانها من ذلك أنه‬
‫أتى إلى شبهة الفالسفة في أن وجود هللا تعالى عين‬
‫ذاته ولهم في ذلك شبه وحجج قوية مبنية على أصولهم‬
‫التي قرؤها فقال هذا كله ما نعرفه ولكن نحن نعلم قطعا‬
‫أن هللا تعالى موجود ونشك في ذاته ما هي فلو كان‬
‫وجوده عين ذاته لما كنا نعلم وجوده من وجه ونجهله‬
‫من وجه إذ الشيء ال يكون في نفسه معلوما مجهوال‬
‫هذا أمر قطعي فانظر إلى هذه الحجة ما أقواها‬
‫وأوضحها وأجالها كيف تهدم ما بنوه وتدكدك ما‬
‫شيدوه وعلوه‪.»]221[..‬‬
‫يه كل شيء إال التفسير[عدل]‬
‫ُينتَقد الرازي وُيتَهم من البعض أنه قد جمع في تفسيره‬
‫أشياء طويلة ال حاجة بها وليست من علم التفسير في‬
‫شيء ‪ ،‬يقول أبو حيان الغرناطي «وهكذا جرت عادتنا‪:‬‬
‫أن كل قاعدة في علم من العلوم يرجع في تقريرها إلى‬
‫ذلك العلم‪ ،‬ونأخذها في علم التفسير مسلمة من ذلك‬
‫العلم‪ ،‬وال نطول بذكر ذلك في علم التفسير‪ ،‬فنخرج عن‬
‫طريقة التفسير‪ ،‬كما فعله أبو عبد هللا محمد بن عمر‬
‫الرازي‪ ،‬المعروف بابن خطيب الري‪ ،‬فإنه جمع في‬
‫كتابه في التفسير أشياء كثيرة طويلة‪ ،‬ال حاجة بها في‬
‫علم التفسير‪ .‬ولذلك حكي عن بعض المتطرفين من‬
‫العلماء أنه قال‪ :‬فيه كل شيء إال التفسير‪.»]222[.‬‬
‫بينما يرى آخرون أن في هذا مغاالة ومبالغة زائد وحيفًا‬
‫على هذا التفسير وصاحبه فيقول د‪.‬عيادة بن أيوب‬
‫الكبيسي «ولعل منشأ الخطأ في هذا الحكم ومجانبة‬
‫الصواب إنما نتج عن عدم مالحظة منهج الرازي في‬
‫تفسيره والدافع له على تأليفه وهو الدفاع عن القرآن‬
‫الكريم ‪،‬وتبرير جميع ما جاء فيه على ضوء القوانين‬
‫العقلية وتأييد استدالالته في العقيدة بها ‪،‬وإجابة‬
‫الطاعنين والرد عليهم حتى ال يبقى شك عند أحد كونه‬
‫من هللا سبحانه وتعالى ولذا فهو يسخر في تفسيره‬
‫المعارف اإلنسانية لتحقيق هدفه وهو إثبات اإلعجاز‬
‫العقلي والعلمي للقرآن وإظهاره منزهًا عن التناقض‬
‫الفكري والقصور العقلي وإثبات حقائق النقل بدقائق‬
‫العقل حتى ال يستطيع ملحد أو ضال أن ينفذ من ثغرة‬
‫غير مسدودة فيطعن فيي القرآن باسم العلم فينطي‬
‫تزييفه على البسطاء فتتعرض عقائد الناس إلى‬
‫الهزات‪..‬إنه يتمثل ذروة المحاولة العقلية لفهم القرآن‬
‫واثبات سالمته من اى نوع من التناقض مع أشتماله‬
‫على تلك العلوم والمعارف الكثيرة [‪» ]224[]223‬‬
‫ويقول الشيخ محمد الفاضل بن عاشور «وإذا كان‬
‫بعض الناس لم يزل في شك من القيمة السامية لهذا‬
‫التفسير ‪،‬فإن كلمة قديمة الكتها األلسن ‪،‬قد كانت من‬
‫أعظم أسباب هذا الشك وذلك ما راج في مجالس العلماء‬
‫قديمًا وحديثًا من أن تفسير الرازي قد اشتمل على كل‬
‫علم إال التفسير ‪،‬فإنها كلمة صدرت من غير روية وال‬
‫تحقيق [‪، »]225‬ويقول الصفدي «وقلت يوما للشيخ‬
‫اإلمام العالمة قاضي القضاة أبي الحسن علي السبكي‬
‫قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية وقد ذكر تفسير اإلمام‬
‫فيه كل شيء إال التفسير فقال قاضي القضاة ما األمر‬
‫كذا إنما فيه مع التفسير كل شيء [‪»]226‬‬
‫كتب ومؤلفات عنه[عدل]‬
‫الرازي مفسرًا — تأليف‪ :‬د‪ .‬محسن عبد الحميد‪.‬‬
‫اإلمام الحكيم فخر الدين الرازي من خالل تفسيره —‬
‫تأليف‪ :‬د‪ .‬عبد العزيز المجدوب‪.‬‬
‫اإلمام فخر الدين الرازي‪ :‬حياته وآثاره — تأليف‪ :‬علي‬
‫محمد العماري‪.‬‬
‫مناظرات فخر الدين الرازي في بالد ما وراء النهر —‬
‫تأليف‪ :‬فتح هللا خليف‪.‬‬
‫اإلمام فخر الدين الرازي ومصنافته — تأليف‪ :‬طه‬
‫جابر العلواني‪.‬‬
‫فخر الدين الرازي وآراؤه الكالمية والفلسفية —‬
‫تأليف‪ :‬محمد صالح الزركان‪.‬‬
‫نظرية المعرفة عند الرازي من خالل تفسيره —‬
‫تأليف‪ :‬محمد العربي بوعزيزي‪.‬‬
‫الرازي النحوي من خالل تفسيره — تأليف‪ :‬طالل‬
‫يحيى الطوبجي‪.‬‬
‫موسوعة مصطلحات اإلمام فخر الدين الرازي —‬
‫تأليف‪ :‬سميح دغيم‪.‬‬
‫المنطلقات الفكرية عند اإلمام الفخر الرازي — تأليف‪:‬‬
‫محمد العريبي‪.‬‬
‫الذات اإللهية عند فخر الدين الرازي — تأليف‪ :‬عمر‬
‫التريكي‪.‬‬
‫الرازي في حضارة العرب — تأليف‪ :‬د‪ .‬خالد حربي‪.‬‬
‫علم الداللة عند العرب‪ :‬فخر الدين الرازى نموذجًا —‬
‫تأليف‪ :‬محي الدين محسب‪.‬‬
‫فخر الدين الرازي والتصوف — تأليف‪ :‬أحمد محمد‬
‫الجزار‪.‬‬
‫اإلعجاز البالغي في القرآن؛ دراسة تحليلية عند فخر‬
‫الدين الرازي — تأليف‪ :‬عزيز الخطيب‪.‬‬
‫المنقول والمعقول في التفسير الكبير لفخر الدين‬
‫الرازي — تأليف‪ :‬عارف مفضي المسعر‪.‬‬
‫تعدد المعنى في النص القرآني‪ :‬دراسة داللية في تفسير‬
‫مفاتيح الغيب لإلمام فخر الدين الرازي — تأليف‪:‬‬
‫إيهاب سعيد النجمي‪.‬‬
‫أضواء على دراسة التفسير الكبير لإلمام الرازي‪ :‬رؤية‬
‫منهجية الستكشاف معالم المدرسة العقلية في التفسير‬
‫— إعداد‪ :‬محمد معصوم سركار األزهري ومحمد أرشد‬
‫الحسن أبو الحسن‪.‬‬
‫التصور اللغوي عند اإلمام فخر الدين الرازي —‬
‫إعداد‪ :‬أمان سليمان حمدان أبو صالح‪.‬‬
‫تهذيب التفسير الكبير لإلمام فخر الدين الرازي —‬
‫إعداد‪ :‬حسين بركة الشامي‪.‬‬
‫منهج فخر الدين الرازي في تفسير القرآن — إعداد‬
‫الباحث التونسي‪ :‬بّس ام الجمل‪.‬‬
‫التفسير الكبير للفخر الرازي لغويا ونحويا — إعداد‪:‬‬
‫محمود أحمد السويد‪.‬‬
‫طبقات المفسرين — تأليف‪ :‬جالل الدين السيوطي‪.‬‬
‫التفسير والمفسرون — تأليف‪ :‬د‪ .‬محمد حسين‬
‫الذهبي‪.‬‬
‫مناهج المفسرين — تأليف‪ :‬الدكتور منيع عبد الحليم‬
‫محمود‪.‬‬
‫تعريف الدارسين بمناهج المفسرين — تأليف‪ :‬د‪.‬‬
‫صالح عبد الفتاح الخالدي‪.‬‬
‫التفسير ورجاله — تأليف‪ :‬محمد الفاضل بن عاشور‪.‬‬
‫مراجع[عدل]‬
‫^ كتاب‪ :‬تأسيس التقديس‪ /‬تأليف‪ :‬شيخ المعقول‬
‫والمنقول اإلمام فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين‬
‫الرازي‪ ،‬ومعه‪ :‬رسالة اإلمام العالمة أحمد بن يحيى بن‬
‫جهبل الكالبي في الرد على من رد على صاحب‬
‫التأسيس؛ عني بهما‪ :‬أنس محمد عدنان الشرفاوي‬
‫(محقق)‪ ،‬أحمد محمد خير الخطيب (محقق)‪.‬‬
‫^ كتاب‪ :‬السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل لإلمام‬
‫تقي الدين السبكي‪ ،‬ومعه تكملة الرد على نونية ابن‬
‫القيم‪ /‬بقلم اإلمام الكوثري‪ ،‬الناشر‪ :‬المكتبة األزهرية‬
‫للتراث‪ ،‬ص‪.137 :‬‬
‫^‬
‫‪https://islamweb.net/ar/library/index.ph‬‬
‫?‪p‬‬
‫=‪page=bookcontents&ID=6143&bk_no‬‬
‫‪60&flag=1‬‬
‫^‬
‫‪http://data.bnf.fr/ark:/12148/cb1208641‬‬
‫‪ — 0z‬تاريخ االطالع‪ 10 :‬أكتوبر ‪ — 2015‬المؤلف‪:‬‬
‫المكتبة الوطنية الفرنسية — الرخصة‪ :‬رخصة حرة‬
‫^ ياقوت الحموي‪ ،‬معجم البلدان‪ ،‬مج‪ ،2‬ص‪.893‬‬
‫^ ابن خلدون‪ ،‬مقدمة ابن خلدون‪ .‬نسخة محفوظة ‪04‬‬
‫مارس ‪ 2016‬على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ ابن العماد‪ ،‬شذرات الذهب في أخبار من ذهب‪ .‬نسخة‬
‫محفوظة ‪ 04‬مارس ‪ 2016‬على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ الغزالي‪ ،‬فضائح الباطنية‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫^ تاج الدين السبكي‪ ،‬طبقات الشافعية الكبرى‪ .‬نسخة‬
‫محفوظة ‪ 04‬مارس ‪ 2016‬على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫↑ تعدى إلى األعلى ل‪ :‬أ ب شمس الدين الداوودي‪،‬‬
‫طبقات المفسرين‪ .‬نسخة محفوظة ‪ 08‬مارس ‪2016‬‬
‫على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ ياقوت الحموي‪ ،‬معجم البلدان‪ ،‬مج‪ ،2‬ص‪.849‬‬
‫والقزويني‪ ،‬آثار البالد‪ ،‬ص‪.376-375‬‬
‫^ غوستاف لوبون‪ ،‬حضارة العرب‪ ،‬تر‪ :‬عادل زعيتر‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬دار إحياء الكتب العربية‪ ،1948 ،‬ص‪.480‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكامل في التاريخ‪ ،‬مج‪ ،8‬دار الطباعة‬
‫المنيرية‪ ،‬القاهرة‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪ .347‬وابن العبري‪،‬‬
‫مختصر تاريخ الدول‪ ،‬ط‪ ،2‬المطبعة الكاثوليكية‪،‬‬
‫بيروت‪ ،1958 ،‬ص‪.204‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكمال في التاريخ‪ ،‬مج‪ ،8‬ص‪.352‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكمال في التاريخ‪ ،‬مج‪ ،8‬ص‪ .368‬وابن‬
‫الوردي‪ ،‬تتمة المختصر في أخبار البشر‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،1‬دار‬
‫المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،1970 ،‬ص‪.69‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكمال في التاريخ‪ ،‬مج‪( ،9‬د‪.‬ط)‪ ،‬مطبعة‬
‫االستقامة‪ ،‬القاهرة‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكمال في التاريخ‪ ،‬مج‪( ،9‬د‪.‬ط)‪ ،‬مطبعة‬
‫االستقامة‪ ،‬القاهرة‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.361‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكمال في التاريخ‪ ،‬مج‪( ،9‬د‪.‬ط)‪ ،‬مطبعة‬
‫االستقامة‪ ،‬القاهرة‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.329‬‬
‫^ مفرد َع ّيار يعني من يكون عاطال عن العمل‪ ،‬ويتجول‬
‫ويطوف كثيرا ويترك نفسه وهواها‪ ،‬ومعناها في وقتنا‬
‫الحاضر المنحرف‪.‬‬
‫^ كانا عقيدي العيارين‪ ،‬األول ولد الوزير‪ ،‬والثاني أخو‬
‫امرأة السلطان‪ ،‬ولما أستفحل األمر‪ ،‬أمر السلطان‬
‫بصلبهما إال أن األول هرب والثاني قبض عليه وصلب‪.‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكمال في التاريخ‪ ،‬مج‪ ،9‬ص‪.7‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكمال في التاريخ‪ ،‬مج‪ ،9‬ص‪.56‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكمال في التاريخ‪ ،‬مج‪ ،9‬ص‪.72‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكمال في التاريخ‪ ،‬مج‪ ،9‬ص‪.170‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكمال في التاريخ‪ ،‬مج‪ ،9‬ص‪.268‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكمال في التاريخ‪ ،‬مج‪ ،9‬ص‪.270‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكمال في التاريخ‪ ،‬مج‪ ،9‬ص‪ .23‬وأبو‬
‫الفداء‪ ،‬المختصر في أخبار البشر‪ ،‬ج‪(،2‬د‪.‬ط)‪ ،‬دار‬
‫الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت (د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكمال في التاريخ‪ ،‬مج‪ ،9‬ص‪.145‬‬
‫^ أنظر ما قاله المؤرخون كابن األثير في الكامل‪ ،‬وأبو‬
‫الفدا في المختصر‪ ،‬والذهبي في العبر‪ ،‬ألن هؤالء‬
‫رصدوا هذه الظاهرة مرات عديدة في القرن السادس‬
‫الهجري‪.‬‬
‫^ راجع سنوات‪- 552 - 544 - 533 - 532 - 529 :‬‬
‫‪- 604 - 600 - 597 - 590 - 573 - 571 - 556‬‬
‫‪ 605‬للهجرة عن ابن األثير‪ ،‬وسبط ابن الجوزي‪ ،‬وأبي‬
‫الفداء‪ ،‬وابن الوردي‪.‬‬
‫^ ابن العبري‪ ،‬مختصر تاريخ الدولة‪ ،‬ص‪.96‬‬
‫^ سبط ابن الجوزي‪ ،‬مرآة الزمان‪ ،‬قسم ‪ ،1‬ج‪ ،8‬ط‪،1‬‬
‫مطبعة دائرة المعارف العثمانية‪ ،‬الهند‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‬
‫‪.378‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكمال في التاريخ‪ ،‬مج‪ ،9‬ص‪.66‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكمال في التاريخ‪ ،‬مج‪ ،9‬ص‪.92‬‬
‫^ ابن العماد‪ ،‬شذرات الذهب في أخبار من ذهب‪ ،‬مج‪،3‬‬
‫ج‪( ،5‬د‪.‬ط)‪ ،‬مكتبة القدسي‪ ،‬القاهرة‪ 1351 ،‬هـ‪ ،‬ص‬
‫‪ .46-45‬والقفطي‪ ،‬تاريخ الحكماء‪ ،‬مكتبة المثنى‬
‫ببغداد‪ ،‬ومؤسسة الخانجي بمصر‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪-228‬‬
‫‪.229‬‬
‫^ ابن العماد‪ ،‬شذرات الذهب في أخبار من ذهب‪ ،‬مج‪،3‬‬
‫ج‪ ،5‬ص‪.46‬‬
‫^ الذهبي‪ ،‬العبر في خبر من غبر‪ ،‬ج‪ ،4‬طبعة الكويت‪،‬‬
‫‪ ،1963‬ص‪.285‬‬
‫^ القفطي‪ ،‬تاريخ الحكماء‪ ،‬ص‪ .241‬وابن العماد‪،‬‬
‫شذرات الذهب في أخبار من ذهب‪ ،‬مج‪ ،3‬ج‪ ،5‬ص‬
‫‪ .145‬وابن خلكان‪ ،‬وفيات األعيان‪ ،‬مج‪ ،3‬ط‪ ،1‬مطبعة‬
‫النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،1948 ،‬ص‪.294-293‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكامل‪ ،‬مج‪ ،9‬ص‪ .247‬والذهبي‪ ،‬العبر‪،‬‬
‫ج‪ ،4‬ص‪ .285‬وأبو الفداء‪ ،‬المختصر‪ ،‬مج‪ ،9‬ص‪.126‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكامل‪ ،‬مج‪ ،9‬ص‪.274‬‬
‫^ أبو الفداء‪ ،‬المختصر في أخبار البشر‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.13‬‬
‫^ مدة التحقيق في بشائر بيت آل الصديق ألبي المكارم‬
‫الصديقي‬
‫^ جواهر االثار ‪ ،‬عبد العزيز بن محمد الجوهري ‪،‬‬
‫اسطنبول ‪1798 ،‬‬
‫↑ تعدى إلى األعلى ل‪ :‬أ ب طبقات الشافعية الكبرى‬
‫الجزء ‪ 8‬صـــ‪81‬‬
‫^ عيون االنباء صـــ‪465‬‬
‫^ تاريخ االسالم الجزء ‪ 43‬صــ‪214‬‬
‫^ البداية والنهاية الجزء ‪ 17‬صــ‪11‬‬
‫^ الكامل في التاريخ الجزء ‪ 10‬صــ‪606‬‬
‫^ طبقات الشافعية البن قاضي شهبة الجزء ‪ 2‬صــ‪81‬‬
‫^ أهل السنة األشاعرة شهادة علماء األمة وأدلتهم صــ‬
‫‪250‬‬
‫^ تاريخ اإلسالم الجزء ‪ 43‬صــ‪213‬‬
‫^ دائرة المعارف األمريكية (‪V.X (P.725‬‬
‫^ لسان الميزان الجزء ‪ 6‬صــ‪318‬‬
‫^ عيون االنباء الجزء الثاني صــ‪25‬‬
‫^ طبقات الشافعية الكبرى الجزء ‪ 7‬صـــ‪242‬‬
‫^ هدية العارفين الجزء األول صــ‪781‬‬
‫^ لوامع البينات صــ‪240‬‬
‫^ مناقب الشافعي صــ‪11‬‬
‫^ التفسير الكبير الجزء اإلول صــ‪17‬‬
‫↑ تعدى إلى األعلى ل‪ :‬أ ب وفيات األعيان الجزء ‪ 4‬صــ‬
‫‪252‬‬
‫^ طبقات الشافعية لـ ابن السبكي الجزء ‪ 8‬صــ‪86‬‬
‫^ تاريخ اإلسالم الجزء‪ 43‬صــ‪214‬‬
‫^ عيون االنباء الجزء ‪ 2‬صــ‪23‬‬
‫^ اليواقيت والجواهر صــ‪17‬‬
‫^ طبقات الشافعية لـ ابن السبكي الجزء ‪ 4‬صــ‪91‬‬
‫^ إلمام الرازي ومصنفاته صــ‪84‬‬
‫^ تفسير الرازي الجزء ‪ 2‬صــ‪127‬‬
‫^ تفسير الرازي الجزء ‪ 1‬صــ‪11‬‬
‫^ اإلمام الرازي ومصنفاته صــ‪86‬‬
‫^ اإلمام الرازي ومصنفاته صــ‪87‬‬
‫^ التفسير والمفسرون الجزء ‪ 1‬صــ‪210‬‬
‫^ وذلك في مواضع كثيرة من تفسيره ‪ ،‬راجع على‬
‫سبيل المثال تفسير الرازي لسورة يوسف آية‬
‫‪، 20‬وسورة هود اآليات ‪ 38‬إلى ‪، 39‬وسورة البقرة‬
‫اآليات من ‪ 67‬إلى ‪73‬‬
‫^ تفسير الرازي الجزء ‪ 2‬صــ‪25‬‬
‫^ اإلمام الرازي ومصنفاته صــ‪88‬‬
‫^ وفيات األعيان الجزء ‪ 4‬صــ‪249‬‬
‫^ وفيات األعيان الجزء الرابع صــ‪249‬‬
‫^ تاريخ ابن خلدون الجزء ‪ 1‬صــ‪654‬‬
‫^ وفيات األعيان الجزء ‪ 4‬صــ‪250‬‬
‫^ المناظرات صــ‪7‬‬
‫^ أنظر ‪-‬على سبيل المثال‪ -‬شرح االسنوي على‬
‫المنهاج الجزء ‪ 1‬صــ‪58 ، 57 ، 56 ، 18 ، 7‬‬
‫^ المناظرات صـ‪48-43‬‬
‫^ طبقات المفسرين للسيوطي الجزء ‪ 1‬صــ‪115‬‬
‫^ مقدمة الكوثري على الغرة المنيفة صــ‪7‬‬
‫^ ااإلمام الرازي ومصنفاته صأ‪85‬‬
‫^ اإلمام الرازي ومصنفاته صــ‪91‬‬
‫^ المحصول (‪ 1/18‬أ) مخطوطة دار الكتب (‪)130‬‬
‫أصول‬
‫^ المحصول الجزء ‪ 1‬صــ‪212‬‬
‫^ البالغة عند السكاكي ألحمد مطلوب صــ‪243‬‬
‫^ فخر الدين الرازي للعماري صـ‪57‬‬
‫^ تفسير الرازي الجزء ‪ 19‬صــ‪157‬‬
‫^ اإلمام الرازي ومصنفاته صــ‪92‬‬
‫^ عيون األنباء الجزء ‪ 2‬صــ‪23‬‬
‫^ مفتاح السعادة الجزء صــ‪323‬‬
‫^ عيون األنباء الجزء ‪ 2‬صــ‪30‬‬
‫^ الفراسة للرازي صــ‪6‬‬
‫^ الفراسة صــ‪28 ، 27‬‬
‫^ الفراسة صــ‪7‬‬
‫^ إرشاد القاصد صـ‪167‬‬
‫^ مفتاح السعادة الجزء ‪ 1‬صــ‪310‬‬
‫^ الذهبي‪ ،‬تاريخ اإلسالم‪ ،‬طبقة ‪ ،61‬ص‪.207 :‬‬
‫^ الصفدي‪ ،‬الوافي بالوفيات‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.252 :‬‬
‫^ محمد إقبال‪ ،‬تطور الفكر الفلسفي في إيران‪ ،‬تر‪:‬‬
‫حسن محمود الشافعي‪ ،‬ومحمد العيد جمال الدين‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫الدار الفنية‪ ،‬القاهرة ‪ ،1989‬ص‪.96 :‬‬
‫^ محمد إقبال‪ ،‬ما وراء الطبيعة في إيران‪ ،‬تر‪ :‬حسين‬
‫مجيب المصري‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ ،1987‬ص‪.105 :‬‬
‫^ الطوسي‪ ،‬شرح المحصل‪ ،‬ص‪.19 :‬‬
‫^ الطوسي‪ ،‬شرح المحصل‪ ،‬ص‪.54 :‬‬
‫^ ابن خلدون‪ ،‬المقدمة‪ ،‬ص‪.370 :‬‬
‫^ صدر الدين الشيرازي‪ ،‬الحكمة المتعالية في األسفار‬
‫العقلية األربعة‪ ،‬ج‪ 1‬من السفر األول‪ ،‬ص‪.276-275 :‬‬
‫^ صدر الدين الشيرازي‪ ،‬الحكمة المتعالية في األسفار‬
‫العقلية األربعة‪ ،‬ج‪ 2‬من السفر األول‪ ،‬ص‪.177 :‬‬
‫^ صدر الدين الشيرازي‪ ،‬الحكمة المتعالية في األسفار‬
‫العقلية األربعة‪ ،‬ج‪ 3‬من السفر األول‪ ،‬ص‪.42 :‬‬
‫^ صدر الدين الشيرازي‪ ،‬الحكمة المتعالية في األسفار‬
‫العقلية األربعة‪ ،‬ج‪ 3‬من السفر األول‪ ،‬ص‪.27-26 :‬‬
‫^ صدر الدين الشيرازي‪ ،‬الحكمة المتعالية في األسفار‬
‫العقلية األربعة‪ ،‬ج‪ 1‬من السفر الرابع‪ ،‬ص‪.64 :‬‬
‫^ ابن تيمية‪ ،‬موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول‪،‬‬
‫ص‪.218 :‬‬
‫^ ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬مج‪ ،5‬ص‪.295-294 :‬‬
‫^ المحصل‪ ،‬ص‪ 221 :‬ط‪.‬جامعة اإلمام محمد بن‬
‫السعود اإلسالمية‬
‫^ المطالب العالية‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.33 :‬‬
‫^ المطالب العالية‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.282-281 :‬‬
‫^ المطالب العالية‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.228 :‬‬
‫^ معالم أصول الدين‪ ،‬ص‪.36-35 :‬‬
‫^ معالم أصول الدين‪ ،‬ص‪.38 :‬‬
‫^ المسائل الخمسون‪ ،‬تح‪ :‬أحمد حجازي السقا‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫دار الجبل بيروت‪ ،‬والمكتب الثقافي القاهرة ‪،1990‬‬
‫ص‪.23-22 :‬‬
‫^ المباحث المشرقية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.671 :‬‬
‫^ المباحث المشرقية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.698-697 :‬‬
‫^ المباحث المشرقية‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.86 :‬‬
‫^ األربعين‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.102 :‬‬
‫^ المحصل‪ ،‬ص‪ 201 :‬ط‪.‬جامعة اإلمام محمد بن‬
‫السعود اإلسالمية‬
‫^ المباحث المشرقية‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.535 :‬‬
‫^ المباحث المشرقية‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.450 :‬‬
‫^ المباحث المشرقية‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.498 :‬‬
‫^ المباحث المشرقية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.654-653 :‬‬
‫^ المباحث المشرقية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.655 :‬‬
‫^ المطالب العالية‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪ .371 :‬والمباحث‬
‫المشرقية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.660-659 :‬‬
‫^ المطالب العالية‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.140 :‬‬
‫^ المطالب العالية‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.136 ،135 :‬‬
‫^ اعتقادات فرق المسلمين والمشركين‪ ،‬ص‪.92-91 :‬‬
‫^ تاج الدين السبكي‪ ،‬طبقات الشافعية الكبرى‪.8/90 ،‬‬
‫^ الملخص في المنطق والحكمة‪ ،‬ص‪.79 :‬‬
‫^ الملخص في المنطق والحكمة‪ ،‬ص‪.217 :‬‬
‫^ المباحث المشرقية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.670-669 :‬‬
‫^ المطالب العالية‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.200 :‬‬
‫^ الملخص‪ ،‬ص‪.63 :‬‬
‫^ شرح عيون الحكمة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.165 :‬‬
‫^ المطالب العالية‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪ .182-181 :‬وكتاب‬
‫النفس والروح‪ ،‬األبحاث اإلسالمية طهران ‪،1406‬‬
‫ص‪.72-71 :‬‬
‫^ المطالب العالية‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.51 :‬‬
‫^ المطالب العالية‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪ 57 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫^ المطالب العالية‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ 401 :‬وما بعدها‪.‬‬
‫^ المطالب العالية‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.75 :‬‬
‫^ المطالب العالية‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.195 :‬‬
‫^ المطالب العالية‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.160 :‬‬
‫^ مفاتيح الغيب‪ ،‬مج‪ ،8‬ج‪ ،16‬ص‪.183-182 :‬‬
‫^ المزدكية نسبة إلى مزدك بن نامدان‪ ،‬عاش في زمن‬
‫قباد بن فيروز والد شروان العادل‪ ،‬ادعى النبوة وأظهر‬
‫دين اإلباحة ولما تأذى منه أنو شروان‪ ،‬فطلبه للمناظرة‬
‫بشرط أن قطعه طاوعه وإال فيقتله وبعد المناظرة تبين‬
‫عجز مزدك‪ ،‬لذلك قتله وفعل الشيء نفسه مع أتباعه‪.‬‬
‫^ اعتقادات فرق المسلمين والمشركين‪ ،‬ص‪.74 :‬‬
‫^ عبد هللا بن ميمون بن داود المعروف بابن القداح (ت‬
‫‪ 180‬هـ) فقيه إمامي واهي الحديث عند علماء السنة‬
‫وهو من الثقاة عند الشيعة‪.‬‬
‫^ الحسن بن الصباح بن علي الشيعي اإلسماعيلي (‬
‫‪ 518 - 428‬هـ) داهية وعالم بالهندسة والحساب‬
‫والنجوم‪ ،‬ولد بمرو من أصل يماني‪ ،‬كان مقدم‬
‫[[اإلسماعيلية بأصبهان‪ ،‬طاف ببالد كثيرة‪ ،‬وكان من‬
‫كبار الزنادقة‪.‬‬
‫^ اعتقادات فرق المسلمين والمشركين‪ ،‬ص‪ 76 :‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫^ اعتقادات فرق المسلمين والمشركين‪ ،‬ص‪.80-79 :‬‬
‫^ تأسيس التقديس‪ ،‬ص‪.196 :‬‬
‫^ الزرادشتية‪ :‬نسبة إلى زرادشت‪ ،‬رجل من أهل‬
‫أذربيجان‪ ،‬ظهر في زمن بشتاسف بن لهراسف حوالي‬
‫القرن السادس قبل الميالد‪ ،‬ادعى النبوة وصدقه‬
‫بشتاسف وانتشرت عقيدته بين المجوس‪.‬‬
‫^ المانوية‪ :‬أتباع ماني حوالي (‪ 276 - 215‬م)‪ ،‬ظهر‬
‫زمن سابور بن أزدشير ادعى النبوة وأرجع أصل العالم‬
‫إلى أصلين النور والظلمة‪ ،‬وانتشرت دعوته في أهل‬
‫الصين‪.‬‬
‫^ الصبائية‪ :‬جاء في الملل والنحل‪ ،‬هم قوم من عبدة‬
‫الكواكب ألنهم يرجعون خلق وتدبير العالم إلى الكواكب‬
‫السبعة‪ ،‬ولما كانت الكواكب تغيب عن أنظارهم فصنعوا‬
‫أصناما على صورتها لعبادتها‪.‬‬
‫^ المطالب العالية‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.91 :‬‬
‫^ المطالب العالية‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.198 :‬‬
‫^ مفاتيح الغيب‪ ،‬مج‪ ،2‬ج‪ ،4‬ص‪.213 :‬‬
‫^ مفاتيح الغيب‪ ،‬مج‪ ،15‬ج‪ ،30‬ص‪.60 :‬‬
‫^ األربعين‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.134 :‬‬
‫^ الرازي‪ ،‬مناظرة في الرد على النصارى‪ ،‬ص‪.76 :‬‬
‫^ الملخص‪ ،‬ص‪.231 :‬‬
‫^ مفاتيح الغيب‪ ،‬مج‪ ،2‬ج‪ ،3‬ص‪.214 :‬‬
‫^ تاريخ ابن خلدون الجزء ‪ 1‬صــ‪647‬‬
‫^ األمام الرازي ومصنفاته صــ‪97‬‬
‫^ تفسير الرازي الجزء ‪ 4‬صــ‪130‬‬
‫^ التفسير والمفسرون للذهبي الجزء ‪ 1‬صــ‪209‬‬
‫^ عمر هلسة ‪ ،‬فخر الدين الرازي‪..‬مؤسس علم الحركة‬
‫‪ ،‬جريدة الرأي االردنية عدد االثنين ‪2008-9-8‬‬
‫^ ‪ ،‬قوانين الميكانيكا… للعرب ال لنيوتن نسخة‬
‫محفوظة ‪ 29‬أغسطس ‪ 2017‬على موقع واي باك‬
‫مشين‪.‬‬
‫^ المباحث المشرقية الجزء ‪ 1‬صــ‪ 606‬ط‪.‬منشورات‬
‫بيدار ‪ -‬قم‬
‫^ المباحث المشرقية الجزء ‪ 1‬صــ‪ 503‬ط‪.‬منشورات‬
‫بيدار ‪ -‬قم‬
‫^ المباحث المشرقية الجزء ‪ 1‬صــ‪ 285‬ط‪.‬منشورات‬
‫بيدار ‪ -‬قم‬
‫^ اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للفخر الرازي‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬الدكتور سامي النشار‪ ،‬ص‪.93-91 :‬‬
‫^ معجم المطبوعات‪ .‬نسخة محفوظة ‪ 03‬مارس ‪2016‬‬
‫على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ درة التنزيل وغرة التأويل‪ .‬نسخة محفوظة ‪09‬‬
‫مارس ‪ 2016‬على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ طبقات المفسرين‪ ،‬شمس الدين الداوودي‪ .‬نسخة‬
‫محفوظة ‪ 09‬مارس ‪ 2016‬على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ األمام الرازي ومصنفاته صــ‪69‬‬
‫^ طبقات الشافعية للسبكي الجزء ‪ 2‬صــ‪89‬‬
‫^ الوافي بالوفيات الجزء ‪ 4‬صــ‪176‬‬
‫^ تاريخ ابن الوردي الجزء ‪ 2‬صــ‪112‬‬
‫^ راجع اغلب الكتب التى ترجمت للرازي مثل شذرات‬
‫الذهب وأخبار الحكماء وطبقات ابن السبكي‬
‫^ الذيل على الروضتين صــ‪68‬‬
‫^ اإلمام الرازي ومصنفاته صــ‪71‬‬
‫^ أخبار الحكماء صــ‪220‬‬
‫^ ابن أبي أصيبعة‪ ،‬عيون األنباء في طبقات األطباء‪.‬‬
‫نسخة محفوظة ‪ 24‬فبراير ‪ 2016‬على موقع واي باك‬
‫مشين‪.‬‬
‫^ ابن العماد الحنبلي‪ ،‬شذرات الذهب في أخبار من‬
‫ذهب‪ .‬نسخة محفوظة ‪ 24‬فبراير ‪ 2016‬على موقع‬
‫واي باك مشين‪.‬‬
‫^ القفطي‪ ،‬إخبار العلماء بأخبار الحكماء‪ .‬نسخة‬
‫محفوظة ‪ 08‬مارس ‪ 2016‬على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ القزويني‪ ،‬آثار البالد وأخبار العباد‪ .‬نسخة محفوظة‬
‫‪ 25‬فبراير ‪ 2016‬على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ ابن األثير‪ ،‬الكامل في التاريخ‪ .‬نسخة محفوظة ‪02‬‬
‫يوليو ‪ 2017‬على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ شمس الدين الشهرزوري‪ ،‬نزهة األرواح وروضة‬
‫األفراح‪ ،‬ص‪.392‬‬
‫^ الصفدي‪ ،‬الوافي بالوفيات‪ .‬نسخة محفوظة ‪25‬‬
‫فبراير ‪ 2016‬على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ اليافعي‪ ،‬مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة‬
‫حوادث الزمان‪ .‬نسخة محفوظة ‪ 25‬فبراير ‪ 2016‬على‬
‫موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ محمد شمس الحق العظيم آبادي‪ ،‬عون المعبود شرح‬
‫سنن أبي داود‪ .‬نسخة محفوظة ‪ 23‬يوليو ‪ 2017‬على‬
‫موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ ابن أبي أصيبعة‪ ،‬عيون األنباء في طبقات األطباء‪.‬‬
‫نسخة محفوظة ‪ 03‬مارس ‪ 2016‬على موقع واي باك‬
‫مشين‪.‬‬
‫^ ياقوت الحموي‪ ،‬معجم األدباء إرشاد األريب إلى‬
‫معرفة األديب‪ .‬نسخة محفوظة ‪ 09‬مارس ‪ 2016‬على‬
‫موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ كتاب‪ :‬الكاشف الصغير عن عقائد ابن تيمية‪ ،‬تأليف‪:‬‬
‫سعيد عبد اللطيف فودة‪ ،‬طبعة دار الرازي‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪2000 ،‬م‪ ،‬ص‪.15-14 :‬‬
‫↑ تعدى إلى األعلى ل‪ :‬أ ب تاج الدين السبكي‪ ،‬طبقات‬
‫الشافعية الكبرى‪ .‬نسخة محفوظة ‪ 29‬يونيو ‪2017‬‬
‫على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ الصفدي‪ ،‬الوافي بالوفيات‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.251 :‬‬
‫^ ابن قاضي شهبة‪ ،‬طبقات الشافعية‪ .‬نسخة محفوظة‬
‫‪ 17‬ديسمبر ‪ 2019‬على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ بيان تلبيس الجهمية الجزء ‪ 3‬صــ‪53‬‬
‫^ تفسير الرازي الجزء ‪ 3‬صـ‪232-231‬‬
‫^ تفسير ابن كثير الجزء ‪ 1‬صــ‪251‬‬
‫^ د‪.‬سعيد فودة ‪ ،‬هل كفر فخر الدين الرازي كما يدعي‬
‫ابن تيمية؟ نسخة محفوظة ‪ 26‬مايو ‪ 2017‬على موقع‬
‫واي باك مشين‪.‬‬
‫^ االمام الفخر الرازي ومصنفاته صــ‪214‬‬
‫^ الشيخ صالح بن محمد األسمري‪ ،‬تبرئة اإلمام‬
‫الرازي من الكفر[وصلة مكسورة] نسخة محفوظة ‪26‬‬
‫ديسمبر ‪ 2016‬على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ مقدمة االختيارات العالئية في االختبارات السمائية‬
‫(مخطوط) نسخة محفوظة ‪ 02‬فبراير ‪ 2017‬على موقع‬
‫واي باك مشين‪.‬‬
‫^ مقدمة السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم‬
‫(مخطوط)‬
‫^ لسان الميزان ج‪ 4‬ص‪ 426‬نسخة محفوظة ‪02‬‬
‫فبراير ‪ 2017‬على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ طبقات الشافعية لتاج الدين السبكي ج‪ 8‬ص‪.87‬‬
‫^ مخطوطة دار الكتب المصرية‬
‫^ تفسير الرازي نسخة محفوظة ‪ 02‬فبراير ‪2017‬‬
‫على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ التفسير الكبير ص‪ 188‬وما بعدها نسخة محفوظة‬
‫‪ 02‬فبراير ‪ 2017‬على موقع واي باك مشين‪.‬‬
‫^ لسان الميزان الجزء ‪ 6‬صــ‪319‬‬
‫^ ذيل الروضتين صــ‪68‬‬
‫^ د‪.‬عيادة بن أيوب الكبيسي ‪ ،‬شبهات حول تفسير‬
‫الرازي (عرض ومناقشة)‪ ،‬مجلة كلية الدراسات‬
‫اإلسالمية والعربية ‪ -‬العدد ‪ 16‬صــ‪71‬‬
‫^ مناهل العرفان الجزء ‪ 2‬صــ‪97-96‬‬
‫^ الوافي بالوفيات الجزء ‪ 4‬صــ‪177‬‬
‫^ البحر المحيط الجزء‪ 1‬صــ‪547‬‬
‫^ الرازي مفسرا صــ‪193 ، 192‬‬
‫^ د‪.‬عيادة بن أيوب الكبيسي ‪ ،‬شبهات حول تفسير‬
‫الرازي (عرض ومناقشة)‪ ،‬مجلة كلية الدراسات‬
‫اإلسالمية والعربية ‪ -‬العدد ‪ 16‬صــ‪65‬‬
‫^ التفسير ورجاله صــ‪81‬‬
‫^ الوافي بالوفيات الجزء ‪ 4‬صــ‪179‬‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر فخر الدين الرازي ‪ ،‬تأسيس‬
‫التقديس ط‪.‬دار نور الصباح‬
‫أبو عبد هللا ياقوت بن عبد هللا الحموي ‪ ،‬معجم البلدان‬
‫أبو حامد محمد الغّز الي الطوسي النيسابوري ‪ ،‬فضائح‬
‫الباطنية‬
‫ولي الدين عبد الرحمن بن محمد بن خلدون ‪ ،‬مقدمة‬
‫ابن خلدون‬
‫أبو الفالح عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد ‪،‬‬
‫شذرات الذهب في أخبار من ذهب‬
‫شمس الدين محمد بن علي بن أحمد الداوودي ‪ ،‬طبقات‬
‫المفسرين‬
‫أبو عبد هللا زكريا بن محمد بن محمود القزويني ‪ ،‬آثار‬
‫البالد وأخبار العباد ط‪.‬دار صادر‬
‫جوستاف لوبون ‪ ،‬حضارة العرب ط‪.‬دار إحياء الكتب‬
‫العربية‬
‫غريغوريوس أبو الفرج ابن العبري ‪ ،‬مختصر تاريخ‬
‫الدول ط‪.‬المطبعة الكاثوليكية‬
‫ابو حفص عمر بن مظفر ابن الوردي ‪ ،‬تتمة المختصر‬
‫في أخبار البشر ط‪.‬دار المعرفة‬
‫عز الدين ابن األثير الجزري ‪ ،‬الكامل في التاريخ ط‪.‬‬
‫دار الكتب العلمية‬
‫يوسف بن عبد هللا سبط ابن الجوزي ‪ ،‬مرآة الزمان‬
‫جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف القفطي ‪ ،‬تاريخ‬
‫الحكماء ط‪.‬مكتبة المثنى ببغداد‪ ،‬ومؤسسة الخانجي‬
‫بمصر‬
‫شمس الدين أبو عبد هللا الذهبي ‪ ،‬العبر في خبر من‬
‫غبر ط‪.‬الكويت‬
‫أبو الفداء إسماعيل بن علي ‪ ،‬المختصر في أخبار‬
‫البشر‬
‫تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب السبكي ‪ ،‬طبقات‬
‫الشافعية الكبرى نشر فيصل عيسى البابي الحلبي ‪ ،‬دار‬
‫إحياء الكتب العربية‬
‫أبو العباس ابن أبي أصيبعة ‪ ،‬عيون األنباء في طبقات‬
‫األطباء ط‪.‬دار مكتبة الحياة‬
‫شمس الدين أبو عبد هللا الذهبي ‪ ،‬تاريخ اإلسالم‬
‫ووفيات المشاهير واألعالم ط‪.‬الكتاب العربي‬
‫أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير ‪ ،‬البداية والنهاية‬
‫ط‪.‬دار هجر‬
‫تقي الدين ابن قاضي شهبة ‪ ،‬طبقات الشافعية البن‬
‫قاضي شهبة نشر دائرة المعارف العثمانية – الهند‬
‫حمد السنان وفوزي العنجري ‪ ،‬أهل السنة األشاعرة‬
‫شهادة علماء األمة وأدلتهم ط‪.‬دار الضياء‬
‫دائرة المعارف اإلمريكية‬
‫أحمد بن علي بن حجر العسقالني ‪ ،‬لسان الميزان‬
‫ط‪.‬مكتب المطبوعات اإلسالمية‬
‫إسماعيل بن محمد أمين بن مير سليم الباباني‬
‫البغدادي ‪ ،‬هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار‬
‫المصنفين ط‪.‬وكالة المعارف الجليلة‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر فخر الدين الرازي ‪ ،‬لوامع‬
‫البينات شرح أسماء هللا تعالى والصفات نشر المطبعة‬
‫الشرقية بمصر‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر فخر الدين الرازي ‪ ،‬مناقب‬
‫الشافعي ط‪.‬القاهرة في مصر‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر فخر الدين الرازي ‪ ،‬التفسير‬
‫الكبير ط‪.‬دار الفكر‬
‫أبو المواهب عبد الوّهاب بن أحمد الشعراني ‪ ،‬اليواقيت‬
‫والجواهر في بيان عقائد األكابر‬
‫أ‪.‬د طه جابر العلوني ‪ ،‬اإلمام فخر الدين الرازي‬
‫ومصنفاته ط‪.‬دار السالم‬
‫د‪.‬محمد السيد حسين الذهبي ‪ ،‬التفسير والمفسرون‬
‫ط‪.‬مكتبة وهبة القاهرة‬
‫أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان ‪ ،‬وفيات األعيان‬
‫وأنباء أبناء الزمان ط‪.‬دار صادر‬
‫عبد الرحمن بن محمد بن محمد ابن خلدون ‪ ،‬تاريخ ابن‬
‫خلدون ط‪ :.‬دار الفكر‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر فخر الدين الرازي ‪،‬‬
‫مناظرات فخر الدين الرازي في بالد ما وراء النهر‬
‫ط‪.‬دار المشرق‬
‫جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن بن علي اإلسنوي‬
‫الشافعّي ‪ ،‬نهاية السول شرح منهاج الوصول ط‪.‬دار‬
‫الكتب العلمية‬
‫عبد الرحمن بن أبي بكر جالل الدين السيوطي ‪ ،‬طبقات‬
‫المفسرين ط‪.‬مكتبة وهبة‬
‫محمد زاهد الكوثري ‪ ،‬مقدمة الغرة المنيفة في تحقيق‬
‫بعض مسائل اإلمام أبي حنيفة ط‪.‬مطبعة السعادة بمصر‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر فخر الدين الرازي ‪،‬‬
‫المحصول ط‪.‬مؤسسة الرسالة‬
‫د‪.‬أحمد بن مطلوب بن أحمد الناصري التكريتي ‪،‬‬
‫البالغة عند السكاكي‬
‫علي محمد العماري ‪ ،‬اإلمام فخر الدين الرازي‪ :‬حياته‬
‫وآثاره‬
‫أبو الخير أحمد بن مصطفي بن خليل عصام الدين‬
‫طاشكبري زاده ‪ ،‬مفتاح السعادة ومصباح السيادة في‬
‫موضوعات العلوم ط‪.‬دار الكتب العلمية‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر فخر الدين الرازي ‪ ،‬الفراسة‬
‫مطبوع في باريس سنة ‪1939‬م مع ترجمة فرنسية‬
‫للدكتور يوسف مراد‬
‫محمد إبراهيم األنصاري ابن األكفاني ‪ ،‬إرشاد القاصد‬
‫إلى أسنى المقاصد ط‪.‬دار الفكر العربى‬
‫محمد إقبال ‪ ،‬تطور الفكر الفلسفي في إيران ط‪.‬الدار‬
‫الفنية‬
‫محمد إقبال ‪ ،‬ما وراء الطبيعة في إيران ط‪.‬مكتبة‬
‫األنجلو المصرية‬
‫أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن نصير الدين‬
‫الطوسي ‪ ،‬تلخيص المحصل‪ ،‬على هامشه ط‪ .‬مكتبة‬
‫الكليات األزهرية‬
‫مال صدرا محمد بن إبراهيم القوامي الشيرازي ‪،‬‬
‫الحكمة المتعالية في األسفار العقلية األربعة‬
‫ط‪.‬منشورات مصطفوى بقم‬
‫تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية‬
‫الحراني ‪ ،‬موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول‬
‫ط‪.‬مطبعة السّنة المحمدية‬
‫تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية‬
‫الحراني ‪ ،‬مجموع الفتاوي ط‪.‬مطابع الرياض‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر فخر الدين الرازي ‪ ،‬المطالب‬
‫العالية من العلم اإللهي ط‪.‬دار الكتاب العربي‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر فخر الدين الرازي ‪ ،‬معالم‬
‫أصول الدين ط‪.‬مكتبة الكليات األزهرية‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر فخر الدين الرازي ‪ ،‬المسائل‬
‫الخمسون في أصول الدين ط‪.2‬دار الجيل بيروت‬
‫والمكتب الثقافي‪.‬‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر فخر الدين الرازي ‪ ،‬المباحث‬
‫المشرقية ط ‪ .1‬دار الكتاب العربي‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر فخر الدين الرازي ‪،‬‬
‫اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ط‪.‬مكتبة النهضة‬
‫المصرية‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر فخر الدين الرازي ‪،‬‬
‫الملخص في المنطق والحكمة مخطوط بمكتبة‬
‫األسد‪.‬سوريا‪ .‬تحت رقم ‪833‬‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر فخر الدين الرازي ‪ ،‬شرح‬
‫عيون الحكمة ط ‪ .1‬مكتبة األنجلو المصرية‬
‫صحيفة الرأي األردنية عدد االثنين ‪2008-9-8‬‬
‫عمر بن مظفر ابن الوردي المعري الكندي ‪ ،‬تاريخ ابن‬
‫الوردي ط‪.‬دار الكتب العلمية‬
‫عبد الرحمن بن إسماعيل شهاب الدين أبو شامة‬
‫المقدسي ‪ ،‬الذيل على الروضتين ط‪.‬دار الجيل بيروت‬
‫جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف القفطي ‪ ،‬إخبار‬
‫العلماء بأخبار الحكماء ط‪.‬دار الكتب العلمية‬
‫شمس الدين الشهرزوري ‪ ،‬نزهة األرواح وروضة‬
‫األفراح‬
‫أبو محمد عبد هللا بن أسعد اليافعي ‪ ،‬مرآة الجنان‬
‫وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان‬
‫ياقوت الحموي ‪ ،‬معجم األدباء(إرشاد األريب إلى معرفة‬
‫األديب)‬
‫محمد شمس الحق العظيم آبادي ‪ ،‬عون المعبود على‬
‫سنن أبي داود ط‪.‬دار الفكر‬
‫سعيد عبد اللطيف فودة ‪ ،‬الكاشف الصغير عن عقائد‬
‫ابن تيمية ط‪.‬دار الرازي‬
‫أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير ‪ ،‬تفسير القرآن‬
‫العظيم ط‪.‬دار الكتب العلمية‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر فخر الدين الرازي ‪ ،‬مقدمة‬
‫االختيارات العالئية في االختبارات السمائية (مخطوط)‬
‫أبو عبد هللا محمد بن عمر فخر الدين الرازي ‪ ،‬مقدمة‬
‫السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم (مخطوط)‬
‫مجلة كلية الدراسات اإلسالمية والعربية ‪ -‬العدد ‪16‬‬
‫محمد عبد العظيم الزرقاني ‪ ،‬مناهل العرفان ط‪.3‬دار‬
‫الفكر بيروت‬
‫أبو حيان محمد بن يوسف بن علي أبو حيان‬
‫الغرناطي ‪ ،‬البحر المحيط في التفسير‬
‫د‪.‬محسن عبد الحميد ‪ ،‬الرازي مفسرًا‬
‫محمد الفاضل بن محمد الطاهر بن الصادق عاشور ‪،‬‬
‫التفسير ورجاله‬
‫انظر أيضا[عدل]‬
‫قائمة بمقارني األديان المسلمين‬
‫وصالت خارجية[عدل]‬
‫فخر الدين الرازي في المشاريع الشقيقة‬
‫نصوص مصدرية من ويكي مصدر‬
‫الفخر الرازي في عالم الفلسفة‬
‫تبرئة اإلمام الرازي من الكفر‬
‫هل كفر فخر الدين الرازي كما يدعي ابن تيمية؟ على‬
‫يوتيوب‬
‫هل تراجع اإلمام الرازي عن عقيدته؟ ‪ -‬أ‪ .‬سعيد فودة‬
‫على يوتيو‬

You might also like