Professional Documents
Culture Documents
صحح ابن الهيثم بعض المفاهيم السائدة في ذلك الوقت اعتماًدا على نظريات أرسطو وبطليموس
وإقليدس ]12[،فأثبت ابن الهيثم حقيقة أن الضوء يأتي من األجسام إلى العين ،وليس العكس كما
ساد االعتقاد آنذاك ،وإليه ُتنسب مبادئ اختراع الكاميرا ،وهو أول من شّرح العين تشريحًا كامًال
ووضح وظائف أعضائها ،وهو أول من درس التأثيرات والعوامل النفسية لإلبصار .كما أورد
كتابه المناظر معادلة من الدرجة الرابعة حول انعكاس الضوء على المرايا الكروية ،ما زالت
تعرف باسم "مسألة ابن الهيثم"]13[.
يعتبر ابن الهيثم المؤسس األول لعلم المناظر ومن رواد المنهج العلمي]17[]16[]15[]14[ ،
وهو أيضًا من أوائل الفيزيائيين التجريبيين الذين تعاملوا مع نتائج الرصد والتجارب فقط في
محاولة تفسيرها رياضيًا دون اللجوء لتجارب أخرى]15[.
انتقل ابن الهيثم إلى القاهرة حيث عاش معظم حياته ،وهناك ذكر أنه بعلمه بالرياضيات يمكنه
تنظيم فيضانات النيل .عندئذ ،أمره الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر هللا بتنفيذ أفكاره تلك .إاّل أن ابن
الهيثم ُصدم سريعًا باستحالة تنفيذ أفكاره ،وعدل عنها ،وخوًفا على حياته ادعى الجنون]18[]2[،
فُأجبر على اإلقامة بمنزله .حينئذ ،كّر س ابن الهيثم حياته لعمله العلمي حتى وفاته]19[.
سيرته
ولد ابن الهيثم في البصرة سنة 354هـ965/م في فترة كانت تعد العصر الذهبي لإلسالم ،واختلف
المؤرخون أكان من أصل عربي[ ]20أم فارسي ]21[.مع ترجيح كونه عربي االصل [،]22بدأ
بطلب العلم خالل تلك الفترة التي قضاها في البصرة ،حيث قرأ العديد من كتب العقيدة اإلسالمية
والكتب العلمية ]24[]23[.من غير المؤكد أكان ابن الهيثم سني أم شيعي ،فبعض المؤرخين يؤكد
أنه سني أشعري كضياء الدين سردار[ ]25ولورانس بيتاني[ ]26ومعارض للمعتزلة]26[،
والبعض قال أنه معتزلي كبيتر إدوارد هودجسون ]27[،أو شيعي كعبد الحميد صبرة ]28[.مع
ارجحية كونه من السنة [.]29
جاء في كتاب إخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي على لسان ابن الهيثم« :لو كنت بمصر لعملت
بنيلها عمًال يحصل النفع في كل حالة من حاالته من زيادة ونقصان ».فوصل قوله هذا إلى
الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر هللا الذي دعاه إلى مصر لتنظيم فيضانات النيل ]30[،وأمده بما يريد
للقيام بهذا المشروع ،وهي مهمة التي تطلبت حينئذ بناء سد في الموقع الحالي لسد أسوان]31[،
وبعد أن تفّقد الموقع أدرك عدم جدوى هذا المشروع[ ]19لضعف اإلمكانات المتاحة في ذاك
الوقت ،وخوًفا من غضب الخليفة ،إدعى الجنون ،فاحتجز بمنزله من عام 401هـ1011/م حتى
وفاة الحاكم في عام 411هـ1021/م ]32[.وخالل تلك الفترة ،كتب كتابه األشهر المناظر.
رغم أن هناك حكايات طويلة حول فرار ابن الهيثم إلى الشام ،ثم مغامرته باالنتقال إلى بغداد في
وقت الحق ،وقيل البصرة حيث تظاهر بالجنون ،لكن من المؤكد أنه بقي في مصر حتى عام
428هـ1038/م ]23[.خالل فترة وجوده في القاهرة ،ارتبط ابن الهيثم بالجامع األزهر ،الذي
كان بمثابة جامعة المدينة ]33[،وبعد انتهاء فترة إقامته الجبرية في منزله ،كتب عشرات
األطروحات األخرى في الفيزياء والفلك والرياضيات .ثم سافر بعد ذلك إلى األندلس ،حيث كان
لديه متسع من الوقت لمساعيه العلمية والتي شملت البصريات والرياضيات والفيزياء والطب،
والقيام ببعض التجارب العلمية؛ وكتب العديد من الكتب في تلك الموضوعات.
عرف ابن الهيثم بالبصري نسبًة إلى مسقط رأسه في مدينة البصرة ]23[،وعرفه الغرب باسم
( Alhazenنقحرة :الَهَز ن) ]34[،ولّقبوه ببطليموس الثاني (بالالتينيةPtolemaeus :
]19[)Secundusوبالفيزيائي[ ]35في أوروبا القرون الوسطى .يعد ريزنر هو أول من أطلق
عليه اسم " ،"Alhazenبعدما كان يعرف باسم " ،"Alhacenوهو االسم األقرب للنطق
العربي ]36[.حظي هذا العمل بسمعة كبيرة خالل العصور الوسطى .في عام ،1834اكتشفت
أعمال البن الهيثم حول مواضيع هندسية في مكتبة فرنسا الوطنية في باريس ،كما توجد بعض
المخطوطات األخرى في مكتبة بودلين في أكسفورد ومكتبة ليدن.
أعماله
غالف النسخة الالتينية من كتاب ابن الهيثم المناظر ،التي تظهر كيف أحرق أرخميدس سفن
الرومان عند مهاجمتهم لسرقوسة باستخدام المرايا المقعرة.
تشريخ للعين أجراه كمال الدين الفارسي في القرن الثالث عشر اعتمادًا على أفكار ابن الهيثم.
يشير النص في أعلى المخطوط إلى وظيفة الدماغ في تفسير الصورة المنطبعة على شبكية العين.
كان البن الهيثم إسهامات جليلة في مجال البصريات والفيزياء والتجارب العلمية ،كما كانت
مساهماته في علوم الفيزياء بصفة عامة وعلم البصريات خاصًة ،محل تقدير وأساس لبداية حقبة
جديدة في مجال أبحاث البصريات نظرًيا وعملًيا ]13[.تركزت أبحاثه في البصريات على دراسة
النظم البصرية باستخدام المرايا وخاصة على المرايا الكروية والمقعرة والزيغ الكروي ،كما
أثبت أن النسبة بين زاوية السقوط وزاوية االنكسار ليست متساوية ،كما قدم عدًدا من األبحاث
حول قوى تكبير العدسات.
وفي العالم اإلسالمي ،تأثر ابن رشد بأعمال ابن الهيثم في علم البصريات ]37[،كما طّور العالم
كمال الدين الفارسي (المتوفي عام 1320م) أعمال ابن الهيثم في علم البصريات ،وطرحها في
كتابه تنقيح المناظر ]38[.كما فّسر الفارسي وثيودوريك من فرايبرغ ظاهرة قوس قزح في
القرن الرابع عشر ،اعتماًدا على كتاب المناظر البن الهيثم ]39[.واعتمد العالم الموسوعي تقي
الدين الشامي على أعمال ابن الهيثم والفارسي ،وطّو رها في كتابه نور حدقة اإلبصار ونور
حقيقة النظر عام 1574م]40[.
تكريًم ا السمه ،أطلق اسمه على إحدى الفجوات البركانية على سطح القمر ]41[،وفي 7فبراير
،1999أطلق اسمه على أحد الكويكبات المكتشفة حديًثا ]42[،وهو " ."Alhazen 59239وفي
باكستان ،تم تكريم ابن الهيثم بإطالق اسمه على كرسي طب العيون في جامعة آغاخان]43[.
وفي العراق ،وضعت صورته على الدينار العراقي فئة عشرة دنانير منذ ثمانينيات القرن
الماضي ثم 10,000دينار الصادرة في عام ]44[،2003كما كان اسمه يطلق على واحدة من
المنشآت البحثية التي خضعت للتفتيش بواسطة مفتشي األمم المتحدة الباحثين عن األسلحة
الكيميائية والبيولوجية في عهد الرئيس صدام حسين4[]44[.
كتاب المناظر
يعد أشهر أعمال ابن الهيثم كتابه ذي السبعة مجلدات في علم البصريات المناظر الذي كتبه بين
عامي 401هـ1011/م 411 -هـ1021/م .ترجم الكتاب إلى الالتينية على يدي رجل دين غير
معروف في نهاية القرن الثاني عشر أو بداية القرن الثالث عشر الميالديين ]46[.وكان لهذه
الترجمة عظيم األثر على العلوم الغربية ]47[،كما طبعه العالم "فريدريش ريزنر" في عام
،1572تحت عنوان "الكنز البصري :الكتب السبعة للَهَز ن العربي ،المجلد األول ،صعود الغيوم
والشفق" (بالالتينيةOpticae thesaurus: Alhazeni Arabis libri septem, :
nuncprimum editi; Eiusdem liber De Crepusculis et nubium
]48[.)ascensionibusوقد ظهر أثر هذا الكتاب على أعمال روجر باكون الذي استشهد
باسمه ]49[،وعلى أعمال يوهانس كيبلر ،كما أسهم في التطور الكبير للمنهج التجريبي.
نظرية الرؤية
أثبت ابن الهيثم أن الضوء يسير في خطوط مستقيمة باستخدام التجارب العلمية في كتابه المناظر.
سادت نظريتان كبيرتان حول كيفية الرؤية في العصور القديمة .النظرية األولى نظرية
االنبعاثات ،التي أيدها مفكرون مثل إقليدس وبطليموس ،والتي تفترض أن اإلبصار يتم اعتماًدا
على أشعة الضوء المنبعثة من العين .أما النظرية الثانية نظرية الولوج التي أيدها أرسطو
وأتباعه ،والتي تفترض دخول الضوء للعين بصور فيزيائية .عارض ابن الهيثم كون عملية
الرؤية تحدث عن طريق األشعة المنبعثة من العين ،أو دخول الضوء للعين من خالل صور
فيزيائية ،وعلل ذلك بأن الشعاع ال يمكن أن ينطلق من العينين ويصل إلى النجوم البعيدة في
لحظة بمجرد أن نفتح أعيننا .كما عارض االعتقاد السائد بأن العين قد تجرح إذا نظرنا إلى ضوء
شديد السطوع ،ووضع بدًال من ذلك نظرية ناجحة للغاية تفسر عملية الرؤية بأنها تحدث نتيجة
خروج أشعة الضوء إلى العين من كل نقطة في الكائن ،وهو ما أثبته عن طريق التجارب]50[.
كما وّح د علم البصريات الهندسية مع فرضيات أرسطو الفيزيائية لتشكل أساس علم البصريات
الفيزيائية الحديثة ]51[.أثبت ابن الهيثم أيًض ا أن أشعة الضوء تسير في خطوط مستقيمة ،كما نفذ
تجارب مختلفة حول العدسات والمرايا واالنكسار واالنعكاس ]13[.وكان أيًضا أول من اختزل
أشعة الضوء المنعكس والمنكسر في متجهين رأسي وأفقي ،والذي كان بمثابة تطور أساسي في
البصريات الهندسية ]52[،واقترح نموذج النكسار الضوء ُيفضى إلى استنتاج مماثل لما أفضى
إليه قانون سنيل ،لكن ابن الهيثم لم يطور نموذجه بما يكفي لتحقيق تلك النتيجة]53[.
كما قّد م ابن الهيثم أول وصف واضح[ ]54وتحليل صحيح[ ]55للكاميرا المظلمة والكاميرا ذات
الثقب .على الرغم من أن أرسطو وثيون اإلسكندري والكندي والفيلسوف الصيني موزي سبق
لهم أن وصفوا اآلثار المترتبة على مرور ضوء واحد عبر ثقب صغير ،إال أن أًيا منهم لم يذكر
أن هذا الضوء سُيظهر على الشاشة صورة كل شيء في الجانب اآلخر من تلك البؤرة .كان ابن
الهيثم أول من شرح هذه التجربة مع مصباحه ،فكان بذلك أول من نجح في مشروع نقل صورة
من الخارج إلى شاشة داخلية كما في الكاميرا المظلمة التي اشتّق الغرب اسمها من الكلمة
العربيةُ" :قمرة" ،عن طريق كلمة camera obscuraالالتينية ]56[،التي تعني "الغرفة
المظلمة".
باإلضافة إلى فيزياء البصريات ،أرسى كتاب المناظر أسس "علم نفس البصريات" ]57[.أسهم
ابن الهيثم أيًض ا في الطب وطب العيون والتشريح وعلم وظائف األعضاء ،وكانت له تعليقات
على أعمال جالينوس .وصف ابن الهيثم عملية اإلبصار[ ]58وتكوين العين وتكّو ن الصورة في
العين ونظام اإلبصار .كما عدل نظريات الرؤية المزدوجة وتوقع الحركة التي سبق وناقشها من
قبل أرسطو وإقليدس وبطليموس]60[]59[.
كانت معظم إسهاماته التشريحية وصًفا تشريحًيا لوظيفة العين كنظام بصري ]61[.وّفرت له
تجاربه بالكاميرا المظلمة المناخ المناسب له لتطوير نظريته في إسقاط النقطة المقابلة من الضوء
من سطح جسم لتكوين الصورة على الشاشة .أحدثت مقارنته بين العين والكاميرا المظلمة توليفته
بين علم التشريح وعلم البصريات ،والتي شكلت أساس علم نفس البصريات ،كما كان تصوره
لمرور الضوء خالل الثقب في تجاربه بالكاميرا ذات الثقب ،مشّبًها انعكاس الصورة الناتج ،بما
يحدث في العين[ ]57التي تمّثل فيها الحدقة ثقب الكاميرا ]62[.فيما يتعلق بعملية تكوين الصور،
فقد أخطأ بموافقته لفكرة ابن سينا بأن عدسة العين هي العضو المسئول عن الرؤية ،لكن الصحيح
أن شبكية العين تشارك في عملية الرؤية]59[.
المنهج العلمي
رسم ُيظهر ابن الهيثم ممثًال العقل والمنطق ،ويقابله غاليلو غاليلي ،الذي ُيمثل الحواس.
ذكرت عالمة األعصاب "روزانا غوريني" أنه "وفًقا لمعظم المؤرخين ،فإن ابن الهيثم رائد
المنهج العلمي الحديث" ]41[.فقد وضع ابن الهيثم طرق تجريبية صارمة لمراقبة التجارب
العلمية للتحقق من الفرضيات النظرية واستقراء النتائج .بينما رأى بعض المؤرخين العلميين في
تجاربه على فرضيات بطليموس وتفسيرها ميًال نحو التجديد ،مما جعله ال يحظى باهتمام الكافي
من المؤرخين]63[.
هناك مفهوم ارتبط بأبحاث ابن الهيثم البصرية ،اعتمد على النظامية والمنهجية في التجريب
واستخدام المنهج العلمي في تحقيقاته العلمية .إضافة إلى ذلك ،استندت تجاربه على الجمع بين
الفيزياء الكالسيكية والرياضيات (الهندسة على وجه الخصوص) واستخدام منهج االستنتاج
االستنباطي في مجال البحث العلمي .أّك د هذا النهج الرياضي الفيزيائي في تجاربه معظم
افتراضاته في كتابه المناظر ،وأّيد نظرياته حول الرؤية والضوء واأللوان ،فضًال عن أبحاثه في
علم المرايا ودراسته النكسار الضوء ،وهو ما استفاد منه كمال الدين الفارسي وطّو ره في كتابه
"تنقيح المناظر"]38[.
مفهوم شفرة أوكام ورد أيًض ا في كتاب المناظر .فعلى سبيل المثال ،بعد أن شرح كيف أن الضوء
ينشأ من كائنات مضيئة ،وينبعث أو ينعكس نحو العين ،وقال بإن "نظرية االنبعاثات التقليدية ال
لزوم لها وغير مجدية"]64[.
ضم المجلد الخامس من كتابه المناظر مناقشة ما هو يعرف اآلن "بمسألة ابن الهيثم" ،التي
صاغها بطليموس للمرة األولى عام 150م ،وهي تتألف من رسم خّطين من نقطتين على سطح
دائرة ليجتمعا في نقطة على محيط الدائرة ،ويصنعان زاويتين متساويتين مع المستوى العمودي
على السطح عند تلك النقطة ،وهو ما يشبه العثور على نقطة على حافة طاولة بلياردو دائرية
التي تستهدفها الكرة الضاربة لضرب كرة أخرى في نقطة أخرى .وبالتالي ،فإن التطبيق الرئيسي
لهذه المسألة في علم البصريات هو "إذا كان لدينا مصدر ضوء ومرآة كروية ،هو كيف نحدد
النقطة على المرآة التي ينعكس عليها الضوء لعين الناظر" ،وهو ما قاده إلى معادلة من الدرجة
الرابعة ]65[]23[.قاد ذلك مصادفًة ابن الهيثم لصياغة صيغة رياضية لجمع متوالية من القوة
الرابعة ،باستخدام طريقة بدائية من البرهان الرياضي باالستقراء الرياضي ،فاستنتج في النهاية
طريقة يمكن استخدامها بسهولة للحصول على مجموع أي متواليات من قوى أكبر.
استخدم ابن الهيثم طريقته في إيجاد مجموع متواليات القوى ،لتحديد حجم سطح مكافئ من خالل
التكامل .وبالتالي ،تمكن من إجراء التكامل على كثيرات الحدود حتى الدرجة الرابعة ،واقترب
من التوصل إلى صيغة عامة للتكامل أي من كثيرات الحدود .كان ذلك أساًسا لتطوير علم تفاضل
وتكامل متناهيات الصغر ]66[.كما حل ابن الهيثم مسألته باستخدام األقطاع المخروطية
واإلثباتات الهندسية ،وعلى الرغم من أن العديد من بعده حاولوا إيجاد حلول جبرية لتلك المسائل،
[ ]67إال أنه لم يتم الوصول إلى الحل إال في عام 1997على يدي عالم الرياضيات في جامعة
أكسفورد بيتر نيومان6[.
في كتاب المناظر ،كان ابن الهيثم أول عالم يقول بأن الرؤية تحدث في الدماغ بدًال من العينين.
وأشار إلى أن التجارب الشخصية لها تأثير على ما يراه الناس وكيف يرونه ،وأن الرؤية والتخيل
أمور نسبية]69[.
إضافة إلى كتاب المناظر ،كتب ابن الهيثم العديد من األطروحات األخرى في علم البصريات.
أطروحته رسالة في الضوء كان بمثابة استكمال لكتابه المناظر ،احتوت تلك األطروحة على
تحقيقات حول خصائص اإلنارة واإلشعاعية المشتتة خالل مختلف الوسائط الشفافة .قام ابن الهيثم
أيًض ا بالعديد من الفحوص التشريحية على عين اإلنسان ودراسة الزيغ البصري ،كما صنع أول
كاميرا مظلمة والكاميرا ذات الثقب ]70[،وأيًض ا درس خصائص قوس قزح وكثافة الغالف
الجوي ،وبحث في الظواهر السماوية المختلفة (بما في ذلك كسوف الشمس والشفق وضوء
القمر) .درس ابن الهيثم أيًض ا االنكسار والمرايا المقعرة والكروية والعدسات المكبرة]71[.
البن الهيثم أيًض ا نظرية لشرح وهم القمر ،التي لعبت دوًرا هاًم ا في التقاليد العلمية في أوروبا في
القرون الوسطى .كان يحاول تفسير ظاهرة ظهور القمر في األفق القريب أكبر منه في السماء،
وهو النقاش الذي لم يتم حله حتى يومنا هذا .اعترض ابن الهيثم على نظرية بطليموس حول
االنكسار ،وقال أن صورة القمر زائفة وليست حقيقية .وقال أن الحكم على مسافة كائن يعتمد على
ماهية ما هو موجود بين الكائن والرائي .وفي حالة القمر ،ال يوجد أشياء وسيطة ،لذلك ،وحيث
أن حجم الكائن يعتمد على بعد من يراه عنه ،وهو في هذه الحالة مسافة غير محددة ،لذا يبدو
القمر أكبر في األفق .اعتمدت أعمال من روجر باكون وجون بيكهام وويتلو على تفسير ابن
الهيثم ،وبدأ تقبل فكرة وهم القمر تدريجًيا كظاهرة نفسية ،مع رفض نظرية بطليموس في القرن
السابع عشر]72[.
في مخطوطته ميزان الحكمة ،ناقش ابن الهيثم كثافة الغالف الجوي لألرض وربط بينه وبين
االرتفاع ،ودرس أيًض ا االنكسار في الغالف الجوي .اكتشف أن الشفق يبدأ أو ينتهي ،عندما تكون
الشمس تحت األفق بتسع عشرة درجة ،وحاول قياس ارتفاع الغالف الجوي على هذا األساس[.
]13
الفيزياء الفلكية
في مجال الفيزياء الفلكية والميكانيكا السماوية ،ذكر ابن الهيثم في أطروحته الخالصة في علم
الفلك أن األجرام السماوية يمكن تفسير ظواهرها قوانين الفيزياء ]73[.وضم كتابه ميزان الحكمة
نقاشات في االستاتيكا والفيزياء الفلكية والميكانيكا السماوية .كما ناقش نظرية تجاذب الكتل،
وكان على دراية بمقادير التسارع من مسافة ما الناتج عن الجاذبية ]71[.وفي مخطوطة مقالة في
قرسطون هي أطروحه حول مراكز الثقل .ال يعرف الكثير عن هذا العمل ،باستثناء ما نقله عنه
عبد الرحمن الخازني في القرن الثاني عشر الميالدي .في هذه المخطوطة ،وضع ابن الهيثم
نظرية حول أن ثقل األجسام يختلف بحسب المسافة التي تفصلها عن مركز األرض]74[.
وفي مخطوطة آخرى مقالة في ضوء القمر التي كتبها قبل كتابه المناظر ،كانت أول محاولة
ناجحة للجمع بين علم الفلك الرياضي والفيزياء ،وفيها أقدم محاولة تطبيق المنهج التجريبي في
علم الفلك والفيزياء الفلكية .وفيها فّند الفكرة الشائعة بأن القمر يعكس ضوء الشمس كالمرآه،
وصحح ذلك بأن "القمر يعكس الضوء من تلك األجزاء من سطحه التي يسقط عليها أشعة
الشمس" .وليثبت أن "الضوء ينبعث من كل نقطة على سطح القمر المضيء" ،صنع جهاز
تجارب مبتكر ]75[.وفًقا لمتياس شرام:
انتقد ابن الهيثم في مخطوطته شكوك على بطليموس التي نشرها بين عامي 416هـ و 419هـ،
العديد من أعمال بطليموس بما في ذلك كتبه المجسطي والكواكب المفترضة والبصريات ،مشيًرا
إلى الكثير من المتناقضات التي وجدها في هذه األعمال .اعتبر ابن الهيثم أن بعض األجهزة
الرياضية التي استخدمها بطليموس في علم الفلك ،وخاصة معدل المسار ،فشلت في الخصائص
الفيزيائية للحركة الدائرية المنتظمة ،وكتب نقًدا الذًعا حول الواقع المادي لنظام بطليموس الفلكي،
مشيًر ا إلى عبثية اقتراحه بالربط بين الحركات الفيزيائية ،والنقاط والخطوط والدوائر الرياضية
الوهمية]76[.
افترض بطليموس نظاًم ا ال يمكن أن يتواجد ،والحقيقة أن هذا
النظام الذي تخيله حول حركة الكواكب ،ال يعفيه من الخطأ الذي افترضه في هذا النظام ،فحركة
الكواكب الموجودة ال يمكن أن تنتج وفق هذا النظام المفترض ...فتصور الرجل لدائرة في السماء
يدور فيها الكوكب ليست هي الدافع لحركة الكوكب]78[]77[.
وّج ه ابن الهيثم المزيد من االنتقادات ألعمال بطليموس سواًء بالتجربة أو المالحظة أو االستنباط،
[ ]79الستخدام بطليموس للحدس في نظرياته بدًال من تسجيله لمالحظات حول الظواهر ،وهو
ما لم يرض عنه ابن الهيثم بسبب اصراره على استخدام التجارب العلمية .وخالًفا لبعض علماء
الفلك الذين انتقدوا في وقت الحق نظام بطليموس على أساس كونه يتعارض مع فلسفة الفيزياء
األرسطية ،كان ابن الهيثم يعارضه بمالحظاته التجاربية والتناقضات الداخلية في أعمال
بطليموس ]80[.وقد قال ابن الهيثم في مخطوطته ،معلًقا ابن الهيثم على صعوبة تحقيق المعرفة
العلمية:
وقال أن نقد تلك النظريات التي تسيطر على كتاب المجسطي ،سيكون لها دوًر ا كبيًر ا في نمو
المعرفة العلمية :
في الوقت الذي كان فيه ابن الهيثم يحاول دراسة نظرية بطليموس تلك رياضياتًيا ،قال بأن كل من
كواكب بطليموس لها فلكها الخاص بهاُ .ترجم هذا العمل إلى العبرية والالتينية في القرنين الثالث
والرابع عشر الميالديين ،وكان له تأثير على علماء فلك مثل جورج فون بيورباخ[ ]2في أوروبا
العصور الوسطى وعصر النهضة]84[]83[.
نماذج حركات الكواكب السبعة
كانت مخطوطته نماذج حركات الكواكب السبعة التي كتبها عام 428هـ عن علم الفلك .احتوت
النسخة التي ال تزال باقية من هذه المخطوطة ،والتي تم اكتشافها مؤخًر ا رغم فقد معظمها ،لذلك
لم تنشر ،وكما فعل في مخطوطة شكوكه على أعمال بطليموس .وصف ابن الهيثم أول نموذج
بعد نموذج بطليموس حول حركة الكواكب .لم تكن المخطوطة متعلقة بعلم الكون ،حيث وضع
فيها دراسة هندسية منهجية حول ميكانيكية الحركة ،وهو ما أدى بدوره إلى تطورات مبتكرة في
هندسة متناهيات الصغر]85[.
كان تجربته لنموذجه أول رفض ألفكار معدل المسار[ ]86والدوائر الفلكية ]87[،والفلسفة
الطبيعية في علم الفلك .طرح نموذج أيًض ا فكرة دوران األرض حول محورها ]88[،وأن مراكز
الحركة نقاط هندسية دون دالالت مادية ،مثلما أثبت يوهانس كيبلر ذلك بعد قرون ]89[.وفي
المخطوطة ،وصف ابن الهيثم أيًضا تصّو را مبكرا لشفرة أوكام ،حيث افترض وجود بعض
الخصائص التي تميز الحركات الفلكية في حدها األدنى ،في محاولة منه في نموذجه للكواكب
لتجاهل الفرضيات الكونية التي ال يمكن مالحظتها من األرض]90[.
في كتاب المناظر ،كان ابن الهيثم أول من اكتشف أن المجاالت السماوية ال تتكون من أجسام
صلبة .اكتشف أيًض ا أن الفضاء أقل كثافة من الهواء ،وهو ما أثبته بعد ذلك ويتلو ،وكان لها تأثير
كبير على أعمال كوبرنيكس وتيخو براهي في علم الفلك]92[.
كتب ابن الهيثم أيًض ا أطروحة بعنوان في درب التبانة ]93[،والذي حل فيها المسائل المتعلقة
بالمجرة وتزيح درب التبانة ]85[.قديًم ا ،اعتقد أرسطو أن درب التبانة تكّو ن نتيجة ألسنة نيران
بعض النجوم الكثيرة الكبيرة المتقاربة من بعضها البعض ،وأن هذه النيران تشتعل في الجزء
العلوي من الغالف الجوي في مجاالت أقمار تلك النجوم ]94[.استنكر ابن الهيثم ذلك ألنه ليس
لمجرة درب التبانة تزيح ،وهي بعيدة جًدا عن األرض وال تنتمي لغالف األرض الجوي]95[.
وكتب أنه إذا كانت مجرة درب اللبانة تقع حول الغالف الجوي لألرض" ،يجب على المرء أن
يجد فرًقا في الموقع بالنسبة للنجوم الثابتة ".ووصف طريقتين لوصف تزيح مجرة درب اللبانة :
"إما عندما يالحظ المرء درب التبانة في مناسبتين مختلفتين من نفس البقعة من األرض ،أو
عندما ينظر أحد إليها في وقت واحد من مكانين متباعدين فوق سطح األرض ".وقدم أول محاولة
لمراقبة وقياس تزيح مجرة درب اللبانة ،وأثبت أنه ما دام ليس هناك تزيح لمجرة درب التبانة،
فهي ال تنتمي إلى الغالف الجوي]96[.
في عام 1858م ،إدعى محمد والي بن محمد جعفر في كتابه "شجراف نامه" ،أن ابن الهيثم كتب
مخطوطة مراتب السماء تصّو ر فيها نموذجا للكواكب مشابه لنموذج تيخو براهي ،حيث تدور
الكواكب حول الشمس والتي بدورها تدور حول األرض .ومع ذلك ،لكن هذا التحقق من هذا
االدعاء يبدو مستحيًال ،حيث لم يتمأعماله في الرياضيات
في الرياضيات ،اعتمد ابن الهيثم في عمله على أعمال إقليدس وثابت بن قرة .فقد وضع نظاًم ا
للقطع المخروطي ونظرية األعداد ،والتي تعتبر من أقدم أعمال الهندسة التحليلية ،وربط بين
الجبر والهندسة ،وهو ما استفاد منه رينيه ديكارت في تطوير الهندسة التحليلية وإسحاق نيوتن في
التفاضل والتكامل]98[.
الميكانيكا
في مجاالت الديناميكا والحركة ،ناقش ابن الهيثم مخطوطته رسالة في المكان نظريات حركة
األجسام .وأكد أن األجسام في حركة دائمة ما لم يوقفها قوة خارجية أو يتغير اتجاهها ]71[.كان
هذا مماثال لمفهوم القصور الذاتي ،ولكنه لم يحقق تلك الفرضية بالتجربة .كانت إضافته الرئيسية
في الميكانيكا التقليدية ،تعريفه لقوة االحتكاك ،التي أثبتها جاليليو جاليلي بعد عدة قرون ،وصيغت
بعد ذلك في قانون نيوتن األول للحركة .وفي نفس المخطوطة ،عارض فكرة أرسطو بأن الطبيعة
تمقت فراغ ،واستخدم الهندسة إلثبات أن المكان هو فراغ ثالثي األبعاد بين األسطح الداخلية
للجسم الذي يحتويه ]99[.كما اكتشف ابن الهيثم أيًض ا مفهوم القوة الدافعة الذي أصبح جزًء من
قانون نيوتن الثاني للحركة ،في نفس الوقت تقريًبا الذي اكتشف فيه ابن سينا ذلك]100[.
وفي كتاب المناظر ،وضع العديد من مالحظات ابن الهيثم التجاربية في الميكانيكا ،وكيف استخدم
نتائج تجاربه لتفسير ظواهر ضوئية معينة باستخدام القياس الميكانيكي .أجرى ابن الهيثم تجارب
باستخدام قذائف ،وخُلص إلى أنه "وحدها القذائف العمودية القوية بما يكفي لها القدرة على
اختراق األسطح ،في حين أن التي تسقط بزاويا مائلة تحيد .فعلى سبيل المثال ،لشرح االنكسار
من وسط قليل الكثافة إلى آخر أكثر كثافة وباستخدام القياس الميكانيكي ،ألقى ابن الهيثم كرة حديد
على لوح صخري رقيق يغطي حفرة واسعة في صفيحة معدنية عمودًيا فكسرته واخترقت ،في
حين عندما ألقاها بزاوية مائلة بنفس القوة ومن نفس االرتفاع لم تخترق" .فأوضح بذلك الفارق
بين االصطدام المرن ،وغير المرن ،واستخدم ابن الهيثم هذه النتيجة لشرح كيف أن الضوء
الكثيف المباشر يؤذي العينين " :بتطبيقه للقياس الميكانيكي ليبين تأثير أشعة الضوء على العين،
استخدم ابن الهيثم أشعة ضوئية قوية عمودية وأخرى ضعيفة مائلة ،ليثبت أنه وحدها األشعة
القوية التي تخرج عمودًيا من كل نقطة على سطح الكائنات المضيئة ،هي القادرة على اختراق
العين]101[".
الهندسة
في الهندسة ،طّو ر ابن الهيثم علم الهندسة التحليلية وربط بين الجبر والهندسة .كما اكتشف ابن
الهيثم صيغة إضافة أول 100عدد طبيعي ،واستخدم ابن الهيثم برهاًنا هندسًيا إلثبات تلك
الصيغة]102[.
كانت أول محاولة البن الهيثم إلثبات مسلمة التوازي اإلقليدية والمسلمة الخامسة في كتاب
العناصر إلقليدس ،باستخدام البرهان بنقض الفرض ]103[،حيث قدم مفهومي الحركة والتحويل
في الهندسة ]104[.كما اكتشف رباعي أضالع المبرت ،الذي سماه بوريس إبراموفيتش
روزنفيلد بـ "رباعي أضالع ابن الهيثم-المبرت" ]105[،وحاول أيًض ا إثبات أوجه تشابهها مع
مسلمة بالي فير ]67[.كانت نظرياته حول رباعيات األضالع بما في ذلك رباعية المبرت ،أولى
النظريات في الهندسة اإلهليجية والهندسة الزائدية .هذه النظريات ،إضافة إلى بدائلها المسلم بها
مثل مسلمة بالي فير ،يمكن اعتبارها أول بداية للهندسة الال إقليدية .كان ألعماله تأثيًرا كبيًرا
على علماء الهندسة الفرس كعمر الخيام ونصير الدين الطوسي واألوروبيين كويتلو
وجرسونيدس وجون واليس وساتشيري[ ]106وكريستوفر كالفوس]107[.
في الهندسة األولية ،حاول ابن الهيثم في مخطوطته مقالة في تربيع الدائرة حل مسألة تربيع
الدائرة باستخدام األشكال الهاللية ،ولكنه توقف حينما وجدها مهمة مستحيلة ]23[.تناول ابن
الهيثم أيًض ا مشاكل أخرى هندسية أولية (إقليدية) ومتقدمة (أبولونية وأرخميدية) ،وكان أول من
حّل بعضها]30[.
نظرية األعداد
تضمنت اسهاماته في نظرية األعداد أعماله حول األعداد المثالية .وفي مخطوطته مقالة في
التحليل والتركيب ،كان ابن الهيثم أول من يدرك أن كل عدد مثالي له الصيغة 2ن2(1−ن )1 −
حيث 2ن 1 −هو عدد أولي ،لكنه لم يتمكن من إثبات هذه النتيجة بنجاح (أثبت أويلر ذلك في
القرن الثامن عشر)]23[.
حّل ابن الهيثم مسائل تتضمن حاالت التطابق باستخدام ما يسمى اآلن مبرهنة ويلسون .وفي كتابه
المناظر ،قال ابن الهيثم أنه لحل نظام من التطابقات ،هناك طريقتين" ،األولى" الطريقة الكنسية
مثلما ذكر ويلسون ،و"الثانية" تشبه مبرهنة الباقي الصيني]23[.
أعمال أخرى
علم النفس
في علم النفس والموسيقى ،كان البن الهيثم مخطوطة حول تأثير األنغام على أرواح الحيوانات،
والتي تعد أقدم مخطوطة تتعامل مع تأثير الموسيقى على الحيوانات .في تلك المخطوطة ،قال
سرعة الجمل تزداد وتقل مع استخدام الحداء ،وضرب أمثلة أخرى حول كيفية تأثير الموسيقى
على سلوك الحيوان وسيكولوجيته ،وقد أجرى تجاربه على الطيور والخيول والزواحف .وحتى
القرن التاسع عشر ،اعتقد معظم علماء الغرب بأن الموسيقى لها تأثير واضح على ظاهر
اإلنسان ،ولكن التجارب أثبتت وجهة نظر ابن الهيثم بأن الموسيقى لها تأثير على الحيوانات
أيًضا ]108[.كما أكد العالم النفسي السوداني عمر خليفة أنه ينبغي اعتبار ابن الهيثم "مؤسس علم
النفس التجريبي" ،لعمله الرائد في علم نفس اإلدراك البصري والخدع البصرية ]109[،وهو
أيًض ا مؤسس علم النفس الفيزيقي ،أحد مقدمات لعلم النفس الحديث.
الهندسة المدنية
في مجال الهندسة المدنية ،يعد أهم أعماله المدنية استدعاء الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر هللا له
لتنظيم فيضان النيل في مصر ]110[.أعد ابن الهيثم دراسة علمية مفصلة حول الفيضان السنوي
لنهر النيل ،ورسم ابن الهيثم خطة لبناء سد ،في موقع سد أسوان في العصر الحديث .وأثناء
معاينته العملية للموقع الحًقا ،تبين له عدم جدوى هذا المخطط ]111[،ثم إدعى الجنون ليفلت من
عقاب الخليفة ]112[.كما ذكر عبد الرحمن الخازني ،أن ابن الهيثم كتب أيًضا مخطوطة ُتقّد م
وصًفا لعمل ساعة مائية]113[.
الفلسفة
في الفلسفة ،انتقد ابن الهيثم في مخطوطة رسالة في المكان مفهوم التوبوس عند أرسطو .ففي
فيزياء أرسطو ،ذكر أرسطو أن المكان هو الشئ ثنائي األبعاد الساكن الذي يحتوي الجسم
ويتصل به .اختلف ابن الهيثم مع ذلك ،وأثبت أن المكان هو فراغ ثالثي األبعاد بين األسطح
الداخلية للجسم الذي يحتويه .وأوضح أن المكان أقرب إلى فضاء ،مما ألقى الضوء على مفهوم
المكان عند رينيه ديكارت في القرن السابع عشر .بعد رسالة في المكان ،كتب ابن الهيثم
مخطوطته قول في المكان ،والتي قّد م فيها إثباًتا هندسًيا حول هندسية المكان ،يعارض مفهوم
أرسطو الفلسفي حول المكان .وقد كتب عبد اللطيف البغدادي المؤيد لرأي أرسطو الفلسفي حول
المكان ،رًدا على تلك الفكرة بكتابه "الرد على ابن الهيثم في المكان"]99[.
ناقش ابن الهيثم أيًض ا تخيل الفضاء وآثاره المعرفية في كتاب المناظر .كما أدى إثباته بالتجربة
لنموذج ولوج الرؤية إلى تغييرات في فهم طريقة اإلدراك البصري للفضاء ،على النقيض من
نظرية انبعاث الرؤية السابقة التي أيدها إقليدس وبطليموس]114[.
يعتقد البعض أن نظريات ابن الهيثم حول األلم واإلحساس متأثرة بالفلسفة البوذية ،فقد كتب أن
كل إحساس هو شكل من أشكال المعاناة ،وأن ما يدعوه الناس باأللم هو مجرد مبالغة في التخيل؛
إذ ال يوجد فرق نوعي ولكن فقط فرق كّم ي بين األلم واإلحساس العادي]115[.
العلوم الدينية
كتب ابن الهيثم عمًال دينًيا ،تطرق فيه للنبوة ووضع نظاًم ا ذا معايير فلسفية لمقارعة المكذبين في
زمنه ]116[.كما كتب مخطوطة حول "العثور على إتجاه القبلة بالحساب"]93[.
حياء ذكراه
في عام ،2014رّك زت حلقة "االختباء في الضوء" من المسلسل الوثائقي الذي يحمل اسم
"الكون :ملحمة في الفضاء والزمن" (باإلنجليزية)Cosmos: A Spacetime Odyssey :
الذي قّد مه نيل دي جراس تايسون ،على إنجازات ابن الهيثم ،وتحّد ث عنه ألفريد مولينا خالل
الحلقة .قّد م جاكوب برونوفسكي أعمال ابن الهيثم في مسلسل وثائقي تلفزيوني مشابه (وفي
الكتاب المقابل للفيلم الوثائقي) ،باسم "ارتقاء اإلنسان" (باإلنجليزية)The Ascent of Man :
ُعرض قبل أكثر من أربعين عاًم ا من عرض المسلسل األسبق ،حيث أشار برونوفسكي في الحلقة
الخامسة (حاملة عنوان "موسيقى المجاالت") ،إلى أّن ابن الهيثم كان في نظره "العقل العلمي
األصيل تمامًا الذي أنتجته الثقافة العربّية" ،والذي لم تتطّور نظرّياته في علم البصريات حّتى
زمن نيوتن وليبنيز .كتب إتش جيه جيه وينتر ،وهو مؤّر خ بريطاني في مجال لعلومُ ،م لِّخ صًا
أهّم ّية ابن الهيثم في تاريخ الفيزياء:
«بعد وفاة أرخميدس ،لم يظهر أّي فيزيائّي عظيم حّتى ابن الهيثم .إذًا ،إذا ما قصرنا اهتمامنا فقط
على تاريخ الفيزياء ،فهناك فترة طويلة تمتّد ألكثر من ألٍف ومئتي عاٍم َم ّهد خاللها العصر الذهبّي
لليونان الطريَق لعصِر المدرسة اإلسالمية ،وللروح التجريبّية لنبل فيزيائي من العصور القديمة
ظهرت مجّد دًا في العالم العربي من قلب مدينة البصرة»]120[.
أطلقت اليونسكو ومديرها العاّم إيرينا بوكوفا على السنة الدولية للضوء في عام 2015اسم ابن
الهيثم "أبو البصريات" ]121[.بهدف االحتفال بإنجازات ابن الهيثم في مجال البصرّيات
والرياضّيات وعلم الفلك .أنشأت منظمة " 100اختراع واختراع" (باإلنجليزية1001 :
)Inventionsحملًة دولّية بعنوان " 100اختراع واختراع وعاَلُم ابن الهيثم" (باإلنجليزية:
)Inventions and the World of Ibn Al-Haytham 1001ضّم ت سلسلة من المعارض
التفاعلّية وورش العمل والعروض الحّية حول أعمال هذا العالم المسلم ،وذلك بالشراكة مع مراكز
ومهرجانات علمّية ومتاحف ومؤّسسات تعليمّية وكذلك منّص ات وسائط اإلعالم الرقمّية
واالجتماعية ]122[.كما أنتجت الحملة وأصدرت فيلمًا تعليمّيًا قصيرًا حمل اسم " 1001اختراع
وعالم ابن الهيثم".
مؤلفاته
وفًقا لمؤرخي العصور الوسطى ،ألف وكتب ابن الهيثم أكثر من 200كتاب ،وعمل على طائفة
واسعة من الموضوعات ،منها ما ال يقل عن 96عمل علمي معروف .وفقدت معظم أعمالُه
حاليا ،ولكن ما زال باقًيا أكثر من 50عمل منها ،وخاصة في علم البصريات والذي لم يصل إلينا
سوى من خالل النسخ المترجمة إلى اللغة الالتينية .كما ترجمت كتبُه في علم الكون خالل
العصور الوسطى ،إلى اللغة الالتينية والعبرية وغيرها من اللغات .وبقيت نحو نصف أعماله في
الرياضيات ،ونحو 23عمًال في علم الفلك ،و 14في علم البصريات ،وأعمال قليلة في
موضوعات أخرى]124[.
كتاب المناظر.
ميزان الحكمة.
مقالة في المكان.
رسالة في الشفق.
المزولة األفقية.
مقالة في قرسطون.
إكمال المخاريط.
رؤية الكواكب.
تكوين العالم.
مقالة فی صورةالکسوف
كيفيات اإلظالل.
ارتفاعات الكواكب.
اتجاه القبلة.
نموذج الكون.
حركة القمر.
الحركة المتعرجة.
رسالة في الضوء.
رسالة في المكان.
أصول المساحة.
أعمدة المثلثات.
انظر أيضا
تاريخ الرياضيات
تاريخ الفيزياء
تاريخ العلوم
المراجع
:)Bettany 1995(
Simon 2006 ^
سلسلة تاريخ العلوم عند العرب- بحوثه وكشوفه البصرية، الحسن بن الهيثم:^ مصطفى نظيف
مركز دراسات الوحدة العربية،)8(
The rainbow bridge: rainbows in art, myth, and science". Raymond L. " ^
Lee, Alistair B. Fraser (2001). Penn State Press. p.142. ISBN 0-271-
. على موقع واي باك مشين2014 فبراير21 نسخة محفوظة01977-8
BBC NEWS | Science & Environment | The 'first أ ب:↑ تعدى إلى األعلى ل
. على موقع واي باك مشين2018 أغسطس16 ' نسخة محفوظةtrue scientist
)Grant 2008( ^
Paul Lagasse (2007), "Ibn ,)Vernet 2008( ,)Grant 2008( ,)Smith 1992( ^
Columbia, ISBN 0- ,)Sixth (الطبعةal-Haytham", Columbia Encyclopedia
2008 يناير23 اطلع عليه بتاريخ,2009 مارس16 مؤرشف من األصل في,7876-5075-7
Dessel, Nehrich & Voran 1973,( ,)Child, Shuter & Taylor 1992, p. 70( ^
Understanding History by John ,)Samuelson Crookes, p. 497( ,)p. 164
Child, Paul Shuter, David Taylor - Page 70. "Alhazen, a Persian scientist,
showed that the eye saw light from other objects. This started optics, the
.science of light. The Arabs also studied astronomy, the study of the stars
"
651 ص، عمان األردن، مكتبة المسيرة، تاريخ العلوم عند العرب، ^ الدكتور مصطفى النشار
)1998 ^ (سردار
)1978a, p. 54 ^ (صبرة
97 ص، المرجع السابق، ^ مصطفى النشار
)2002b ^ (راشد
على موقع واي باك2012 يونيو19 نسخة محفوظةthe Great Islamic Encyclopedia ^
.مشين
.Lindberg, 1996 ^
)2005b (البزري
^
https://www.aku.edu/res-office/pdfs/AKU_Research_Publications_1995-
,. على موقع واي باك مشين2016 مارس17 نسخة محفوظة1998.pdf
www.aku.edu/Admissions/pdfs/AKU_Prospectus_2008.pdf
)Burns 1999( ^
Opticae الذي يعرف أيًضا باسمGrant 1974 p.392 the Book of Optics ^
1 نسخة محفوظةPerspectiva أوDe Aspectibus أوThesaurus Alhazen Arabis
. على موقع واي باك مشين2014 مارس
Alhazen (965–1040): Library of Congress Citations, Malaspina Great ^
2008 يناير23 اطلع عليه بتاريخ,2011 يونيو7 مؤرشف من األصل في,Books
)Toomer 1964( ^
)Heeffer 2003( ^
The first clear description of the device appears in the Book of Optics "«
»".of Alhazen
The principles of the camera obscura first began to be correctly analysed "
".in the eleventh century, when they were outlined by Ibn al-Haytham
)Weisstein( ^
)Highfield 1997( ^
Qadir 1989,( ^ رغم ذلك ذكر بعض الكتاب أن ابن الهيثم أقر بمركزية الشمس (أنظر
.))pp. 5–6 & 10
^ ()Montada 2007
^ (نصر )2003
^ ()Eder 2000
^ (خليفة )1999
^ (الحسن )2007
على موقع واي باك2014 يونيو24 ^ غوغل تحيي ذكرى ميالد ابن الهيثم نسخة محفوظة
.مشين
المصادر
Vernet, J. (4 April 2008), "Ibn al- Hayt̲ h̲ am، Abū ʿalī al-Ḥasan b. al-
Ḥasan (or Ḥusayn) b. al-Hayt̲ h̲ am al-Baṣrī al-Miṣrī", in Bearman, P.;
.Bianquis, Th.; Bosworth, C. E.; van Donzel, E.; Heinrichs, W. P
اطلع عليه,Encyclopaedia of Islam, Brill Online: Brill Publishers ,)(المحررون
2008 سبتمبر16 بتاريخ
Dessel, Norman F.; Nehrich, Richard B.; Glenn I., Voran (1973), Science
and Human Destiny, McGraw-Hill, ISBN 0-07-016580-7, OCLC 409664
Topdemir, Hüseyin Gazi (30 June 2008), Taqi al-Din ibn Ma‘ruf and the
Science of Optics: The Nature of Light and the Mechanism of Vision,
يوليو04 اطلع عليه بتاريخ,2013 ديسمبر09 مؤرشف من األصل في,FSTC Limited
2008
Highfield, Roger (1 April 1997), "Don solves the last puzzle left by
نوفمبر23 مؤرشف من األصل في,ancient Greeks", The Daily Telegraph, 676
2008 سبتمبر24 اطلع عليه بتاريخ,2004
مؤرشف من األصل,Weisstein, Eric, Alhazen's Billiard Problem, Mathworld
2008 سبتمبر24 اطلع عليه بتاريخ,2020 فبراير07 في
Topdemir, Huseyin Gazi (July 18, 2007), Ibn al-Haytham (965-1039) His
Life and Works
,Al-Jazari And the History of the Water Clock ,)2007( أحمد يوسف,الحسن
2008 يناير23 اطلع عليه بتاريخ,2020 يناير23 مؤرشف من األصل في
وصالت خارجية
صبرة ,عبد الحميد ( .]80-1970[ )2008ابن الهيثم ،أبو علي الحسن بن الحسن.
.Encyclopedia.comمؤرشف من األصل في 17مايو .2016
سير ذاتية قصيرة حول عدد من "الشخصيات اإلسالمية وأبطال المسلمين" بما فيهم ابن الهيثم
أعمال فنية في وسائط إعالمية عديدة مبنية على مسألة ابن الهيثم
ابن خلدون
ابن خلدون هو عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون أبو زيد ولي الدين الحضرمي اإلشبيلي (1332
1406 -م) ،ولد في تونس وشب وترعرع فيها وتخّر ج من جامعة الزيتونة ،ولَي الكتابة
والوساطة بين الملوك في بالد المغرب واألندلس ثم انتقل إلى مصر حيث قلده السلطان برقوق
قضاء المالكية .ثم استقال من منصبه وانقطع إلى التدريس والتصنيف فكانت مصنفاته من أهم
المصادر للفكر العالمي ،ومن أشهرها كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب
والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان األكبر (تاريخ ابن خلدون)[.]2
ابن خلدون مؤرخ من شمال أفريقيا ،تونسي المولد أندلسي حضرمي األصل .عاش بعد تخرجه
من جامعة الزيتونة في مختلف مدن شمال أفريقيا ،حيث رحل إلى بسكرة وغرناطة وبجاية
وتلمسان ،كما َتَو َّج ه إلى مصر ،حيث أكرمه سلطانها الظاهر برقوق ،وَو ِلَي فيها قضاء المالكية،
وظَّل بها ما يناهز ربع قرن ( 808-784هـ) ،حيث ُتُو ِّفَي عام 1406عن عمر بلغ ستة وسبعين
عاًم ا وُد ِفَن قرب باب النصر بشمال القاهرة تاركًا تراثًا ما زال تأثيره ممتدًا حتى اليوم[]4[]3
ويعتبر ابُن َخ لدون مؤسَس علم االجتماع الحديث ومن علماء التاريخ واالقتصاد[.]5
حياته :
مزرعة هاسيندا توري دي دونيا ماريا بدوس هيرماناس-إشبيلية .كانت ملكيتها تعود لعائلة ابن
خلدون
ولد ابن خلدون في تونس عام 1332/732هـ بالدار الكائنة بنهج تربة الباي رقم .34أسرة ابن
خلدون أسرة علٍم وأدب ،حفظ القرآن الكريم في طفولته ،وكان أبوه معلمه األول[ ،]6شغل أجداده
في األندلس وتونس مناصَب سياسيًة ودينيًة مهمًة وكانوا أهل جاٍه ونفوٍذ ،نزحت عائلته من
األندلس منتصَف القرن السابع الهجري إلى تونس خالل حكم الحفصيين .يتعقب ابن خلدون
أصوله إلى حضرموت وكان اسمه العائلي الحضرمي وذكر في تاريخه كتاب العبر المعروف
باسم "تاريخ ابن خلدون" أنه من ساللة الصحابي وائل بن حجر وأّن أجداده من حضرموت[]7
رحل ابن خلدون بعلمه إلى مدينة بسكرة حيث تزوج هناك ،ثم توجه عام 1356إلى فاس حيث
ضّم ه أبو عنان المريني إلى مجلسه العلمي واستعمله ليتولى الكتابة مؤرخًا لعهده وما به من
أحداث ،ثم ُقّد ر البن خلدون رحيٌل آخر عام 1363م إلى غرناطة ومن ثّم إلى إشبيلية ليعود بعد
ذلك لبالد المغرب ،فوصل قلعة ابن سالمة (تيارت في الجزائر حاليًا) فأقام بها أربعة أعواٍم
وشرع في تأليف كتاب العبر الذي أكمل كتابته بتونس ورفع نسخة منه لسلطان تونس ملحقًا إّياها
بطلب الرحيل إلى أرض الحجاز ألداء فريضة الحج ،ثم ركب سفينًة إلى اإلسكندرية وتوجه من
َثَّم إلى القاهرة حيث أمضى بقية حياته[ ،]9[]8وتولى هناك القضاء المالكي بمصر بوصفه فقيهًا
متميزًا خاصًة أنه خريج المدرسة الزيتونية العريقة .وكان في طفولته درس بمسجد القبة قرب
منزله سالف الذكر المسمى "سيد القبة" .توّفي ابن خلدون في القاهرة سنة 1406م 808/هـ.
وكان من أساتذته ايعتبر ابن خلدون مؤّسس علم االجتماع وأّو ل من وضعه على أسسه الحديثة،
وقد توصل إلى نظرّيات حول قوانين العمران ونظرية العصبية ،وبناء الدولة وأطوار عمارها
وسقوطها .وقد سبقت آراؤه ونظرياته ما توّصل إليه الحًقا بعّد ة قرون عدد من مشاهير العلماء
كالعالم الفرنسي أوجست كونت.
عدد المؤرخون البن خلدون عددا من المصنفات في التاريخ والحساب والمنطق غير أن أشهر
كتبه كتاب "العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي
السلطان األكبر" في سبعة مجلدات أولها المقدمة المشهورة أيضًا بمقدمة ابن خلدون ،وتشغل من
الكتاب ثلثه ،وهي عبارٌة عن مدخٍل موسٍع للكتاب وفيها يتحدث ابن خلدون ويؤصل آلرائه في
الجغرافيا والعمران (علم االجتماع) والفلك وأحوال البشر وطبائعهم والمؤثرات التي تميز
بعضهم عن اآلخر.
اعتزل ابن خلدون الحياة بعد تجارب مليئة بالصراعات واألحزان على فقد األعزاء ،من أبويه
وكثيٍر من شيوخه إثر وباء الطاعون الذي انتشر في جميع أنحاء العالم سنة 749هـ1348/م تفرغ
بعدها أربع سنواٍت في البحث والتنقيب في العلوم اإلنسانية ،حتى اعتزل الناس آخر عمره ،ليكتب
سفره أو ما عرف بمقدمة ابن خلدون مؤسسًا لعلم االجتماع بناًء على االستنتاج والتحليل في
التاريخ وحياة اإلنسان .واستطاع بتلك التجربة القاسية أن يمتلك صرامة موضوعية في البحث
والتفكير.لفقيه الزيتوني اإلمام ابن عرفة في جامع الزيتونة المعمور منارة العلوم بالعالم اإلسالمي
آنذاك.
بتكر ابن خلدون وصاغ فلسفة للتاريخ هي بدون شك أعظم ما توصل إليه الفكر البشري في
مختلف العصور واألمم .أرنولد توينبي
إن مؤلف ابن خلدون هو أحد أهم المؤلفات التي أنجزها الفكر اإلنساني .جورج مارسيز
إن مؤلف ابن خلدون يمثل ظهور التاريخ كعلم ،وهو أروع عنصر فيما يمكن أن يسمى بالمعجزة
العربية .ايف الكوست
إنك تنبئنا بأن ابن خلدون في القرن الرابع عشر كان أول من اكتشف دور العوامل االقتصادية
وعالقات اإلنتاج .إن هذا النبأ قد أحدث وقعًا مثيرًا ،وقد اهتم به صديق الطرفين (المقصود به
فالديمير لينين) اهتمامًا خاصًا .من رسالة بعث بها مكسيم غوركي إلى المفكر الروسي انوتشين
بتاريخ /21أيلول/سبتمبر .1912
ففيما يتعلق بدراسة هيكل المجتمعات وتطورها فإن أكثر الوجوه يمثل تقدمًا يتمثل في شخص ابن
خلدون العالم والفنان ورجل الحرب والفقيه هوالفيلسوف الذي يضارع عمالقة النهضة عندنا
بعبقريته العالمية منذ القرن الرابع عشر .روجيه غارودي
تعليمه :
مكانة عائلته االجتماعية مكنته من الدراسة على يد أفضل المدرسين في المغرب العربي .تلقى
علم التربية اإلسالمية التقليدية ،ودرس القرآن الكريم الذي كان يحفظه عن ظهر قلب ،واللسانيات
العربية ،وأساس فهم القرآن ،الحديث ،الشريعة (القانون) والفقه علم التاريخ.
لقد تجمعت في شخصية ابن خلدون العناصر األساسية النظرية والعملية التي تجعل منه مؤرخا
حقيقيا -رغم أنه لم يول في بداية حياته الثقافية عناية خاصة بمادة التاريخ -ذلك أنه لم يراقب
األحداث والوقائع عن بعد كبقية المؤرخين ،بل ساهم إلى حد بعيد ومن موقع المسؤولية في صنع
تلك األحداث والوقائع خالل مدة طويلة من حياته العملية تجاوزت 50عاما ،وضمن بوتقة
جغرافية امتدت من األندلس وحتى بالد الشام .فقد استطاع ،وألول مرة( ،إذا استثنينا بعض
المحاوالت البسيطة هنا وهناك) أن يوضح أن الوقائع التاريخية ال تحدث بمحض الصدفة أو
بسبب قوى خارجية مجهولة ،بل هي نتيجة عوامل كامنة داخل المجتمعات اإلنسانية ،لذلك انطلق
في دراسته لألحداث التاريخية من الحركة الباطنية الجوهرية للتاريخ .فعلم التاريخ ،وإن كان
(اليزيد في ظاهره عن أخبار األيام والدول) إنما هو (في باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات
ومبادئها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق ،لذلك فهو أصيل في الحكمة عريق ،وجدير
بأن يعد في علومها وخليق(المقدمة) .فهو بذلك قد اتبع منهجا في دراسة التاريخ يجعل كل أحداثه
مالزمة للعمران البشري وتسير وفق قانون ثابت.
يقول" :فالقانون في تمييز الحق من الباطل في األخبار باإلمكان واالستحالة أن ننظر في
االجتماع البشري الذي هو العمران ونميز ما يلحقه لذاته وبمقتضى طبعه وما يكون عارضا ال
يعتد به وما ال يمكن أن يعرض له ،وإذا فعلنا ذلك ،كان ذلك لنا قانونا في تمييز الحق من الباطل
في األخبار ،والصدق من الكذب بوجه برهان ال مدخل للشك فيه ،وحينئذ فإذا سمعنا عن شيء
من األحوال الواقعة في العمران علمنا ما نحكم بقبوله مما نحكم بتزييفه ،وكان ذلك لنا معيارا
صحيحا يتحرى به المؤرخون طريق الصدق والصواب فيما ينقلونه".
وهكذا فهو وإن لم يكتشف مادة التاريخ ،فإنه جعلها علما ووضع لها فلسفة ومنهجا علميا نقديا
نقالها من عالم الوصف السطحي والسرد غير المعلل إلى عالم التحليل العقالني واألحداث
المعللة بأسباب عامة منطقية ضمن ما يطلق عليه اآلن بالحتمية التاريخية ،وذلك ليس ضمن
مجتمعه فحسب ،بل في كافة المجتمعات اإلنسانية وفي كل العصور ،وهذا ما جعل منه أيضا
وبحق أول من اقتحم ميدان ما يسمى بتاريخ الحضارات أو التاريخ المقارن" .إني أدخل األسباب
العامة في دراسة الوقائع الجزئية ،وعندئذ أفهم تاريخ الجنس البشري في إطار شامل .إني أبحث
عن األسباب واألصول للحوادث السياسية .كذلك قولهداخال من باب األسباب على العموم على
األخبار الخصوص فاستوعب أخبار الخليقة استيعابا .وأعطي الحوادث علة وأسبابا".
شيوخه
درس عبد الرحمن بن خلدون على يد العديد من العلماء ،من بينهم أحمد بن إدريس اإليلولي.
علم االجتماع
يعتبر ابن خلدون مؤسس علم االجتماع أو علم العمران البشري .وقد ذكر ابن خلدون في كتاب
مقدمة ابن خلدون« :وهذا هو غرض هذا الكتاب األول من تأليفنا» .وهو علم مستقل بنفسه
موضوعه العمران البشري واالجتماع ،ويهدف إلى «بيان ما يلحقه من العوارض واألحوال لذاته
واحدة بعد أخرى ،وهذا شأن كل علم من العلوم وضعيا كان أم عقليا وأعلم أن الكالم في هذا
الغرض مستحدث الصنعة غريب النزعة غزير الفائدة ،أعثر عليه البحث وأدى إليه الغوص.
[ ]...وكأنه علم مستبط النشأة ،ولعمري لم أقف على الكالم في منحاه ألحد من الخليقة».
وقد اعترف عدة علماء بابن خلدون باعتباره مؤسسا لعلم االجتماع ،منهم المستشرق ألفرد فن
كريمر وعالم االجتماع روبيرت فلين ولودفيغ جومبلوفيتش ومونيه وفرانز أوبنهايمر والفيلسوف
اإلسباني وعالم االجتماع خوسيه أورتيجا إي جاسيت .بل أن عالما االجتماع هاورد سول بيكر
وهاري بارنز في كتابهما «الفكر االجتماعي من التقاليد إلى العلم» (Social Thought from
)Lore to Scienceقاال بكونه أول من طبق األفكار العلمية الحديثة في علم االجتماع
التاريخي]10[.
لقد قاد المنهج التاريخي العلمي الذي اتبعه ابن خلدون للتوصل إلى علم االجتماع ،وهذا المنهج
يرتكز على أن كل الظواهر االجتماعية ترتبط ببعضها البعض ،فكل ظاهرة لها سبب وهي في
ذات الوقت سبب للظاهرة التي تليها .لذلك كان مفهوم العمران البشري عنده يشمل كل الظواهر
سواء كانت سكانية أو ديمغرافية ،اجتماعية ،سياسية ،اقتصادية أو ثقافية .فهو يقول في ذلك":فهو
خبر عن االجتماع اإلنساني الذي هو عمران العالم وما يعرض لطبيعة هذا العمران من األحوال
مثل التوحش والتأنس والعصبيات وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض ،وما ينشأ عن
الكسب والعلوم والصنائع وسائر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعته من األحوال ".ثم يأخذ في
تفصيل كل تلك الظواهر مبينا أسبابها ونتائجها ،مبتدئا بإيضاح أن اإلنسان ال يستطيع العيش
بمعزل عن أبناء جنسه حيث" :أن االجتماع اإلنساني ضروري فاإلنسان مدني بالطبع أي ال بد له
من االجتماع الذي هو المدنية .وهو معنى العمران.
يناقش ابن خلدون العمران البشري بشكل عام مبينا أثر البيئة في البشر وهو مايدخل حاليا في علم
اإلثنولوجيا وعلم اإلنسان ،ويتطرق ألنواع العمران البشري تبعا لنمط حياة البشر وأساليبهم
اإلنتاجية قائال" :إن اختالف األجيال في أحوالهم إنما هو باختالف نحلتهم في المعاش ".مبتدئا
بالعمران البدوي باعتباره أسلوب اإلنتاج األولي الذي ال يرمي إلى الكثير من تحقيق ما هو
ضروري للحياة" :إن أهل البدو المنتحلون للمعاش الطبيعي .وإنهم مقتصرون على الضروري
من األقوات والمالبس والمساكن وسائر األحوال والعوائد".
ثم يخصص الفصل الثالث من المقدمة للدول والملك والخالفة ومراتبها وأسباب وكيفية نشوئها
وسقوطها ،مؤكدا أن الدعامة األساسية للحكم تكمن في العصبية .والعصبية عنده أصبحت مقولة
اجتماعية احتلت مكانة بارزة في مقدمته حتى اعتبرها العديد من المؤرخين مقولة خلدونية بحتة،
وهم محقون في ذلك ألن ابن خلدون اهتم بها اهتماما بالغا إلى درجة أنه ربط كل األحداث الهامة
والتغييرات الجذرية التي تطرأ على العمران البدوي أو العمران الحضري بوجود أو فقدان
العصبية .كما أنها في رأيه المحور األساسي في حياة الدول والممالك .ويطنب ابن خلدون في
شرح مقولته تلك ،مبينا أن العصبية نزعة طبيعية في البشر مذ كانوا ،ذلك أنها تتولد من النسب
والقرابة وتتوقف درجة قوتها أو ضعفها على درجة قرب النسب أو بعده .ثم يتجاوز نطاق القرابة
الضيقة المتمثلة في العائلة ويبين أن درجة النسب قد تكون في الوالء للقبيلة وهي العصبية
القبلية .ومن هذا الباب الوالء والحلف إذ نصرة كل أحد من أحد على أهل والئه وحلفه لأللفة
التي تلحق النفس في اهتضام جارها أو قريبها أو نسيبها بوجه من وجوه النسب ،وذلك ألجل
اللحمة الحاصلة من الوالء .أما إذا أصبح النسب مجهوال غامضا ولم يعد واضحا في أذهان
الناس ،فإن العصبية تضيع وتختفي هي أيضا . .بمعنى أن النسب إذا خرج عن الوضوح انتفت
النعرة التي تحمل هذه العصبية ،فال منفعة فيه حينئذ .هذا وال يمكن للنسب أن يختفي ويختلط في
العمران البدوي ،وذلك أن قساوة الحياة في البادية تجعل القبيلة تعيش حياة عزلة وتوحش ،بحيث
ال تطمح األمم في االختالط بها ومشاركتها في طريقة عيشها النكداء ،وبذلك يحافظ البدو على
نقاوة أنسابهم ،ومن ثم على عصبيتهم.
الصريح من النسب إنما يوجد للمتوحشين في القفر .وذلك لما اختصوا به من نكد العيش وشظف
األحوال وسوء الموطن ،حملتهم عليها الضرورة التي عينت لهم تلك القسمة .فصار لهم ألفا
وعادة ،وربيت فيهم أجيالهم .فال ينزع إليهم أحدا من األمم أن يساهم في حالهم ،وال يأنس بهم أحد
من األجيال .فيؤمن عليهم ألجل ذلك منت اختالط أنسابهم وفسادها .أما إذا تطورت حياتهم
وأصبحوا في رغد العيش بانضمامهم إلى األرياف والمدن ،فإن نسبهم يضيع حتما بسبب كثرة
االختالط ويفقدون بذلك عصبيتهم . .ثم يقع االختالط في الحواضر مع العجم وغيرهم وفسدت
االنساب بالجملة ثمرتها من العصبية فاطرحت ثم تالشت القبائل ودثرت فدثرت العصبية
مدثورها وبقي ذلك في البدو كما كان .وهكذا نخلص للقول في هذا الصدد بأن العصبية تكون في
العمران البدوي وتفقد في العمران الحضري.
بالوصول إلى تلك المرحلة يبدأ (العمران الحضري) شيئا فشيئا وتصبح السلطة الجديدة تفكر في
تدعيم وضعها آخذة بعين االعتبار جميع العصبيات التابعة لها ،وبذلك فإنها لم تعد تعتمد على
عامل النسب بل على عوامل اجتماعية وأخالقية جديدة ،يسميها ابن خلدون (الخالل) .هنا تدخل
الدولة في صراع مع عصبيتها ،ألن وجودها أصبح يتنافى عمليا مع وجود تلك العصبية التي
كانت في بداية األمر سببا في قيامها( ،يتراءى لنا مبدأ نفي النفي في المادية الجدلية<إضافة رابط
المادية الجدلية إن وجد>) .ومع نشوء الملك يتخطى الملك عصبيته الخاصة ،ويعتمد على مختلف
العصبيات .وبذلك تتوسع قاعدة الملك ويصبح الحاكم أغنى وأقوى من ذي قبل ،بفضل توسع
قاعدة الضرائب من ناحية ،واألموال التي تدرها الصناعات الحرفية التي تنتعش وتزدهر في
مرحلة (العمران الحضري) من ناحية أخرى.
تدعيم ملكه يلجأ إلى تعويض القوة العسكرية التي كانت تقدمها له العصبية الخاصة أو
العامة(القبيلة) بإنشاء جيش من خارج عصبيته ،وحتى من عناصر أجنبية عن قومه ،وإلى إغراق
رؤساء قبائل البادية باألموال ،وبمنح اإلقطاعات كتعويض عن االمتيازات السياسية التي فقدوها.
وهكذا تبلغ الدولة الجديدة قمة مجدها في تلك المرحلة ،ثم تأخذ في االنحدار حيث أن المال يبدأ
في النفاذ شيئا فشيئا بسبب كثرة اإلنفاق على ملذات الحياة والترف والدعة .وعلى الجيوش
ومختلف الموظفين الذين يعتمد عليهم الحكم .فيزيد في فرض الضرائب بشكل مجحف ،الشئ
الذي يؤدي إلى إضعاف المنتجين ،فتتراجع الزراعة وتنقص حركة التجارة ،وتقل الصناعات،
وتزداد النقمة وبذلك يكون الحكم قد دخل مرحلة بداية النهاية ،أي مرحلة الهرم التي ستنتهي حتما
بزواله وقيام ملك جديد يمر بنفس األطوار السابقة التي يجملها ابن خلدون في خمسة أطوار.( .
وحاالت الدولة وأطوارها ال تعدو في الغالب خمسة أطوار.
الطور األول طور الظفر بالبغية ،وغلب المدافع والممانع ،واالستيالء على الملك وانتزاعه من
أيدي الدولة السالفة قبلها .فيكون صاحب الدولة في هذا الطور أسوة بقومه في اكتساب المجد
وجباية المال والمدافعة عن الحوزة والحماية ال ينفرد دونهم بشيء ألن ذلك هو مقتضى العصبية
التي وقع بها الغلب ،وهي لم تزل بعد بحالها.
الطور الثاني طور االستبداد على قومه واالنفراد دونهم بالملك وكبحهم عن التطاول للمساهمة
والمشاركة .ويكون صاحب الدولة في هذا الطور معنيا باصطناع الرجال واتخاذ الموالي
والصنائع واالستكثار من ذلك ،لجدع أنوف أهل عصبيته وعشيرته المقاسمين له في نسبه،
الضاربين في الملك بمثل سهمه .فهو يدافعهم عن األمر ويصدهم عن موارده ويردهم على
أعقابهم أن يخلصوا إليه حتى يقر األمر في نصابه.
الطور الثالث طور الفراغ والدعة لتحصيل ثمرات الملك مما تنزع طباع البشر إليه من تحصيل
المال وتخليد اآلثار وبعد الصيت ،فسيتفرغ وسعه في الجباية وضبط الدخل والخرج ،وإحصاء
النفقات والقصد فيها ،وتشييد المباني الحافلة والمصانع العظيمة ،واألمصار المتسعة ،والهياكل
المرتفعة ،وإجازة الوفود من أشرف األمم ووجوه القبائل وبث المعروف في أهله .هذا مع
التوسعة على صنائعه وحاشيته في أحوالهم بالمال والجاه ،واعتراض جنوده وإدرار أرزاقهم
وإنصافهم في أعطياتهم لكل هالل ،حتى يظهر أثر ذلك عليهم ذلك في مالبسهم وشكتهم وشاراتهم
يوم الزينة .وهذا الطور آخر أطوار االستبداد.
الطور الرابع طور القنوع والمسالمة ويكون صاحب الدولة في هذا قانعا بما أولوه سلما ألنظاره
من الملوك واقتاله مقلدا للماضين من سلفه .ويرى أن الخروج عن تقليده فساد أمره وأنهم أبصر
بما بنوا من مجده.
لطور الخامس طور اإلسراف والتبذير ويكون صاحب الدولة في هذا الطور متلفا لما جمع أولوه
في سبيل الشهوات والمالذ والكرم على بطانته وفي مجالسه ،واصطناع أخدان السوء وخضراء
الدمن ،وتقليدهم عظيمات األمور التي ال يستقلون بحملها ،واليعرفون ما يأتون ويذرون منها،
مستفسدا لكبار األولياء من قومه وصنائع سلفه ،حتى يضطغنوا عليه ويتخاذلوا عن نصرته،
مضيعا من جنده بما أنفق من أعطياتهم في شهواتهم .وفي هذا الطور تحصل في الدولة طبيعة
الهرم ،ويستولي عليها المرض المزمن الذي ال تكاد تخلص منه.أي أن تنقرض)(.المقدمة) وإذن
فإن تحليل ابن خلدون بوالدة ونمو وهرم الدولة هو ذو أهمية بالغة ،ألنه ينطلق من دراسة
الحركة الداخلية للدولة المتمثلة في العصبية ،تلك المقولة االجتماعية والسياسية التي تعتبر محور
كل المقوالت والمفاهيم الخلدونية .فقد اعتمد عليها اعتمادا أساسيا في دراسته الجدلية لتطور
المجتمعات اإلنسانية(العمران البشري) وكأنه يبشر منذ القرن الرابع عشر بما اصطلح على
تسميته في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ب (المادية الجدلية) .وفي غمرة
انطالقته العلمية الرائعة الرائدة وضع إصبعه على العصب الحساس والرئيسي ،وإن لم يكن
الوحيد في تطور (العمران البشري) أال وهو االقتصاد.
علم االقتصاد
إن النتيجة التي توصل إليها ابن خلدون في الفصل الثاني من مقدمته عند بحثه للعمران البدوي
وهي(:إن اختالف األجيال في أحوالهم انما هو باختالف نحلهم من المعاش) قادته بالضرورة إلى
دراسة عدة مقوالت اقتصادية تعتبر حجر الزاوية في علم االقتصاد الحديث ،مثل دراسة
األساليب اإلنتاجية التي تعاقبت على المجتمعات البشرية ،وانتقال هذه األخيرة من البداوة إلى
الحضارة ،أي من الزراعة إلى الصناعة والتجارة(:وأما الفالحة والصناعة والتجارة فهي وجوه
طبيعية للمعاش .أما الفالحة فهي متقدمة عليها كلها بالذات .وأما الصناعة فهي ثانيها ومتأخرة
عنها ألنها مركبة وعلمية تصرف فيها األفكار واألنظار ،ولهذا ال توجد غالبا إال في أهل الحضر
الذي هو متأخر عن البدو وثان عنه).
يركز ابن خلدون على الصناعة جاعال منها السبب األساسي في االزدهار الحضاري(:إن
الصنائع إنما تكتمل بكمال العمران الحضري وكثرته .إن رسوخ الصنائع في األمصار إنما هو
برسوخ الحضارة وطول أمدها) .كما تناول مقولة تقسيم العمل بالتأكيد على أن(النوع اإلنساني ال
يتم وجوده إال بالتعاون) ،لعجز اإلنسان عن تلبية جميع حاجاته مهما كانت قدرته بمفرده ،حيث
أن (الصنائع في النوع اإلنساني كثيرة بكثرة األعمال المتداولة في العمران .فهي بحيث تشذ عن
الحصر وال يأخذها العد(.مثل) الفالحة والبناء والخياطة والنجارة والحياكة والتوليد والوراقة
والطب ).أما القيمة فهي في نظره (قيمة األعمال البشرية) :فاعلم أن ما يفيد اإلنسان ويقتنيه من
المتموالت إن كان من الصنائع فالمفاد المقتنى منه قيمة عمله.إذ ليس هناك إال العمل ،مثل
النجارة والحياكة معهما الخشب والغزل ،إال أن العمل فيهما أكثر فقيمته أكثر ،وإن كان من غير
الصنائع فال بد في قيمة ذلك المفاد والقنية من دخول قيمة العمل الذي حصلت به ،إذ لوال العمل لم
تحصل قيمتها.فقد تبين أن المفادات والمكتسبات كلها إنما هي قيم األعمال اإلنسانية) .ولم يغفل
أيضا عن مقولة (القيمة الزائدة) وإن لم يعالجها بشكل معمق عند تعرضه لصاحب الجاه(:وجميع
ما شأنه أن تبذل فيه األعواض من العمل يستعمل فيه الناس من غير عوض فتتوفر قيم تلك
األعمال عليه ،فهو بين قيم لألعمال يكتسبها ،وقيم أخرى تدعوه الضرورة إلى إخراجها ،فتتوفر
عليها ،واألعمال لصاحب الجاه كبيرة ،فتفيد الغني ألقرب وقت ،ويزداد مع مرور األيام يسارا
وثروة) .من كل ما تقدم نستطيع المجازفة والقول إن أعمال ابن خلدون وبالذات
ويرفض ابن خلدون تدخل الدولة المباشر في اإلنتاج والتجارة لما يترتب عليه من أضرار
اقتصادية .فهو يرى أن حاجة الدولة لتغطية نفقاتها المتزايدة تدفعها نحو هذا التدخل ولكن النتيجة
حينئذ تكون بعكس القصد .يكتب ابن خلدون "اعلم أن الدولة إذا ضاقت جبايتها بما قدمناه من
الترف وكثرة العوائد والنفقات وقصر الحاصل من جبايتها على الوفاء بحاجاتها ونفقاتها،
واحتاجت إلى مزيد المال والجباية ،فتارة توضع المكوس على بياعات الرعايا وأسواقهم كما
قدمنا وتارة بالزيادة في ألقاب (معدالت؛ أسعار) المكوس إن كان قد استحدث من قبل ،وتارة
بمقاسمة العمال والجباة وامتكاك (امتصاص) عظامهم ،لما يرون أنهم قد حصلوا على شيء
طائل من أموال الجباية ال يظهره الحسبان (المحاسبون) ،وتارة باستحداث التجارة والفالحة
للسلطان على تسمية الجباية (باسم الجباية) ،لما يرون التجار والفالحين يحصلون على الفوائد
والغالت مع يسارة أموالهم ،وأن األرباح تكون على نسبة رؤوس األموال .فيأخذون في اكتساب
الحيوان والنبات الستغالله في شراء البضائع والتعرض بها لحوالة األسواق ،ويحسبون ذلك من
إدرار الجباية وتكثير الفوائد .غلط عظيم وإدخال الضرر على الرعايا من وجوه متعددة" .مما
تقدم يبين لنا أن مقدمة ابن خلدون تعتبر أول موسوعة في العلوم اإلنسانية ،بل هي باكورة العمل
الموسوعي العام قبل ظهور عصر الموسوعات بحوالي خمسة قرون.
علم األحياء
يعتبر ابن خلدون من أوائل العلماء الذين أشاروا للشبه بين القردة واإلنسان حيث يقول في
مقدمته" :ثم انظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان على هيئة بديعة
من التدرج :آخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات من الحشائش وما ال بذر له؛ وآخر أفق
النبات مثل النخل والكرم متصل بأول أفق الحيوان مثل الحلزون والصدف ولم يوجد لهما إال قوة
اللمس فقط .ومعنى االتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد باالستعداد القريب ألن
يصير أول أفق الذي بعده ،واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه وانتهى في تدريج التكوين إلى
اإلنسان صاحب الفكر والرؤية ،ترتفع إليه من عالم القردة الذي اجتمع فيه الحس واإلدراك ولم
ينته إلى الروية والفكر بالفعل ،وكان ذلك أول أفق من اإلنسان بعده ،وهذا غاية شهودنا"
الفلسفة
يرى ابن خلدون في المقدمة أن الفلسفة من العلوم التي استحدثت مع انتشار العمران ،وأنها كثيرة
في المدن ويعرفها قائال :بأن قوما من عقالء النوع اإلنساني زعموا أن الوجود كله ،الحسي منه
وما وراء الحسي ،تدرك أدواته وأحواله ،بأسبابها وعللها ،باألنظار الفكرية واألقيسة العقلية وأن
تصحيح العقائد اإليمانية من قبل النظر ال من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل ،وهؤالء
يسمون فالسفة جمع فيلسوف ،وهو باللسان اليوناني محب الحكمة .فبحثوا عن ذلك وشمروا له
وحوموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق
والباطل وسموه بالمنطق .ويحذر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم من دراسته قبل االطالع على
العلوم الشرعية من التفسير والفقه ،فيقول¸ :وليكن نظر من ينظر فيها بعد االمتالء من الشرعيات
واالطالع على التفسير والفقه وال يكبن أحد عليها وهو خلو من علوم الملة فقل أن يسلم لذلك من
معاطبها·.
لعل ابن خلدون وابن رشد اتفقا على أن البحث في هذا العلم يستوجب اإللمام بعلوم الشرع حتى ال
يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجرد ألن الشرع يرد العقل إلى البسيط ال إلى المعقد وإلى
التجريب ال إلى التجريد .ومن هنا كانت نصيحة هؤالء العلماء إلى دارسي الفلسفة أن يعرفوا
الشرع والنقل قبل أن يمعنوا في التجريد العقلي.
بسبب فكر ابن خلدون الدبلوماسي الحكيم ،أرسل أكثر من مرة لحل نزاعات دولية ،فقد عينه
السلطان محمد بن األحمر سفيرا إلى أمير قشتالة لعقد الصلح ]6[.وبعد ذلك بأعوام ،استعان أهل
دمشق به لطلب األمان من الحاكم المغولي تيمورلنك ،والتقوا بالفعل6[.
التدرج في التعليم.
البدء بالمحسوسات والتدرج حتى الملموسات.
يكون تعليم الصبي بداية بعض سور القرآن الكريم وبعض األشعار حتى تقوى ملكة الحفظ
كان شمال أفريقيا أيام ابن خلدون بعد سقوط دولة الموحدين تحكمه ثالث أسر :المغرب كان تحت
سيطرة المرينيين ( ،)1464 - 1196غرب الجزائر كان تحت سيطرة آل عبد الودود (- 1236
،)1556تونس وشرق الجزائر وبرقة تحت سيطرة الحفصيين ( .)1574 - 1228التصارع بين
هذه الدول الثالثة كان على أشده للسيطرة ما أمكن من المغرب الكبير ولكن تميزت فترة
الحفصيين بإشعاع ثقافي باهر .وكان المشرق العربي في أحلك الظروف آنذاك يمزقه التتار
والتدهور.
وظائف توالها
كان ابن خلدون دبلوماسيا حكيما أيضا .وقد أرسل في أكثر من وظيفة دبلوماسية لحل النزاعات
بين زعماء الدول :مثال ،عينه السلطان محمد بن األحمر سفيرا له إلى أمير قشتالة للتوصل لعقد
صلح بينهما وكان صديقا مقربا لوزيره لسان الدين ابن الخطيب .كان وزيرا لدى أبي عبد هللا
الحفصي سلطان بجاية ،وكان مقربا من السلطان أبي عنان المرينى قبل أن يسعى بينهما الوشاة.
وبعد ذلك بأعوام استعان به أهل دمشق لطلب األمان من الحاكم المغولي القاسي تيمورلنك ،وتم
اللقاء بينهما .وصف ابن خلدون اللقاء في مذكراته .إذ يصف ما رآه من طباع الطاغية ،ووحشيته
في التعامل مع المدن التي يفتحها ،ويقدم تقييما متميزا لكل ما شاهد في رسالة خطها لملك
المغرب .الخصال اإلسالمية لشخصية ابن خلدون ،أسلوبه الحكيم في التعامل مع تيمور لنك مثال،
وذكائه وكرمه ،وغيرها من الصفات التي أدت في نهاية المطاف لنجاته من هذه المحنة ،تجعل
من التعريف عمال متميزا عن غيره من نصوص أدب المذكرات العربية والعالمية .فنحن نرى
هنا المالمح اإلسالمية لعالم كبير واجه المحن بصبر وشجاعة وذكاء ولباقة .ويعتبر ابن خلدون
مؤسس علم االجتماع.
ساهم في الدعوة للسلطان أبي حمو الزياني سلطان تلمسان بين القبائل بعد سقوط بجاية في يد
سلطان قسنطينة أبي العباس الحفصي وأرسل أخاه يحيى بن خلدون ليكون وزيرا لدى أبي حمو.
وفاته
توفي في مصر عام 1406م ،ودفن في مقابر الصوفية عند باب النصر شمال القاهرة وقبره غير
معروف .والدار التي ولد بها كائنة بنهج تربة الباي عدد 34بتونس العاصمة بالمدينة العتيقة.
مهامه فيح دونهن سباسب أحن إلى ألفي وقد حال دونهم
كتبه ومؤلفاته
مقدمة ابن خلدون.
تاريخ ابن خلدون ،واسمه :كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب والعجم
والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان األكبر.
شفاء السائل وتهذيب المسائل ،نشره وعلق عليه أغناطيوس عبده اليسوعي.
علم االجتماع
اآلبلي
نظرية العصبيةالمراجع[عدل]
^ كلمة الناشر مقدمة ابن خلدون دار الكتاب اللبناني-بيروت نسخة محفوظة 30أغسطس 2017
على موقع واي باك مشين.
^ ( )arابن خلدون ،موقع يا بيروت نسخة محفوظة 27نوفمبر 2015على موقع واي باك
مشين.
^ ( )arابن خلدون وابتكار علم االجتماع ،موقع تاريخ اإلسالم نسخة محفوظة 4أكتوبر 2017
على موقع واي باك مشين.
^ Gates, Warren E. (1967). "The Spread of Ibn Khaldûn's Ideas on
Climate and Culture". Journal of the History of Ideas (University of
.Pennsylvania Press) 28 (3): 415–422. doi:10.2307/2708627
↑ تعدى إلى األعلى ل :أ ب ت ابن خلدون في إسالم أونالين نسخة محفوظة 08أكتوبر 2010
على موقع واي باك مشين" .نسخة مؤرشفة" Archived from the original on 8 .أكتوبر
.2010اطلع عليه بتاريخ 5سبتمبر .2019
^ عبد الرحمن بن محمد بن خلدون ،المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ،ومن
عاصرهم من ذوي السلطان األكبر الجزء السابع ص 379ـ 380
^ ( )arوثائقي | علماء مسلمون 9 :ابن خلدون،وثائقي ابن خلدون نسخة محفوظة 09ديسمبر
2015على موقع واي باك مشين.
^ تونس تحتفي بميالد ابن خلدون الجزيرة.نت ،تاريخ الولوج 4يونيو 2013نسخة محفوظة 19
مايو 2014على موقع واي باك مشين.
المصادر
الموسوعة العربية العالمية.
التعريف بابن خلدون ورحلته غربًا وشرقًا .تأليف :عبد الرحمن ابن خلدون
مقدمة المكروديناميكا االجتماعية .الدورات المئوية والتيارات االلفية في أفريقيا /تأليف أندريه
كاراطائف ISBN 5-484-00560-4
شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد بن أحمد
الكناني العسقالني ثم المصري الشافعي (شعبان 773هـ1371/م -ذو الحجة 852هـ1449/م)،
[ُ ]2م حِّدث وعالم مسلم ،شافعي المذهبُ ،لقب بعدة ألقاب منها شيخ اإلسالم وأمير المؤمنين في
الحديث )1(،أصله من مدينة عسقالن ،ولد الحافظ ابن حجر العسقالني في شهر شعبان سنة 773
هـ في الفسطاط ]3[،توفي والده وهو صغير ،فترّبى في حضانة أحد أوصياء أبيه ،ودرس العلم،
وتوّلى التدريس]4[.
ولع باألدب والشعر ثم أقبل على علم الحديث ،ورحل داخل مصر وإلى اليمن والحجاز والشام
وغيرها لسماع الشيوخ ،وعمل بالحديث وشرح صحيح البخاري في كتابه فتح الباري ،فاشتهر
اسمه ،قال السخاوي« :انتشرت مصنفاته في حياته وتهادتها الملوك وكتبها األكابر ،».وله العديد
من المصنفات األخرى ،عَّد ها السخاوي 270مصنًفا ،وذكر السيوطي أنها 200مصنف ]5[.وقد
تنوعت مصنفاته ،فصنف في علوم القرآن ،وعلوم الحديث ،والفقه ،والتاريخ ،وغير ذلك من
أشهرها :تقريب التهذيب ،ولسان الميزان ،والدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ،وألقاب الرواة،
وغيرها ] 6[.تولى ابن حجر اإلفتاء واشتغل في دار العدل وكان قاضي قضاة الشافعية .وعني ابن
حجر عناية فائقة بالتدريس ،واشتغل به ولم يكن يصرفه عنه شيء حتى أيام توليه القضاء
واإلفتاء ،وقد دّر س في أشهر المدارس في العالم اإلسالمي في عهده من مثل :المدرسة الشيخونية
والمحمودية والحسنية والبيبرسية والفخرية والصالحية والمؤيدية ومدرسة جمال الدين األستادار
في القاهرة .توفي في 852هـ بالقاهرة
وذهب ابن العماد ]13[،وابن تغري بردي[ ]21إلى أن ابن حجر نسبة إلى آل حجر -قوم تسكن
الجنوب اآلخر على بالد الجريد -وأرضهم قابس في تونس اليوم.
أبوه« :هو نور الدين علي بن قطب الدين محمد العسقالني ،ثم المصري» ،كان مولده في حدود
720هـ ،وكان موصوًفا بالعقل ،والمعرفة والديانة ،واألمانة ،ومكارم األخالق ،ومحبة
الصالحين ،وقد اشتغل بالتجارة وعكف على الدرس وتحصيل العلوم فتفقه على مذهب اإلمام
الشافعّي ،وحفظ الحاوي الصغير ،وأخذ الفقه عن محمد بن عقيل وأجيز باإلفتاء والتدريس
والقراءات السبع ،وتطارح مع ابن نباتة المصري والقيراطي ،وتبادل معهما المدائح ،وقال الشعر
فأجاد وله عدة دواوين؛ منها «ديوان الحرم» وهو مدائح نبوية ومكية في مجلدة ،وله استدراك
على األذكار للنووي فيه مباحث حسنة .توفي في رجب سنة 777هـ]17[.
أمه« :هي ِتَج ار ابنة الفخر أبي بكر بن شمس محمد بن إبراهيم الزفتاوي ،أخت صالح الّد ين
أحمد الزفتاوي الكارمّي » ،وقد ماتت قبل زوجها والد ابن حجر بمدة]22[.
جده« :هو قطب الدين محمد بن ناصر الدين محمد بن جالل الدين علي العسقالني» ،كان تاجرًا،
ولم تعفه التجارة عن طلب العلم سمع من جماعة وحصل على إجازات من العلماء ،وأنجب أوالدًا
منهم كمال الدين ،ومجد الدين ،وتقّي الدين وأصغرهم ولّي الدين ثم نور الدين علي ،وهو والد ابن
حجر ،اّلذي انصرف من بينهم لطلب العلم أما إخوته فكانوا تّجارا]24[]23[.
مولده
{|";style=" ; background-color:transparent; margin:auto auto
مائٍة وَس ْبعيَن اتفاُق المولِد شعباُن عاَم ثالثٍة من َبْع ِد َس ْبِع
ولد الحافظ ابن حجر العسقالني في شهر شعبان سنة 773هـ ،في مصر القديمة (الفسطاط) في
منزل كان يقع على شاطئ النيل ،بالقرب من دار النحاس والجامع الجديد ]8[،واختلف
المؤرخون في يوم مولده ،فذهب السخاوي إلى أنه ولد في 22شعبان ]25[،وتابعه ابن تغري
بردي في المنهل الصافي ]26[،وذكر السيوطي أنه ولد في 12شعبان ]27[،وتابعه ابن العماد
الحنبلي ]13[،وكذلك الشوكاني ]28[،وذكر ابن فهد المكي أنه ولد في 13شعبان]7[.
نشأته
نشأ الحافظ ابن حجر في أسرة اشتهرت بالعلم واألدب والفضل ،فجّد ه «قطب الدين محمد بن
محمد بن علي» سمع من جماعة من العلماء ،وحصل على إجازات منهم ]24[.وعم أبيه «عثمان
بن محمد بن علي» المتوفى سنة 714هـ ،كان أكبر فقهاء اإلسكندرية في مذهب الشافعي وانتهت
إليه رئاسة اإلفتاء ]29[،وأبوه «نور الدين علي» كان قد انصرف من بين إخوته لطلب العلم،
فمهر في الفقه والعربية واألدب ]30[،وأما أمه فهي من بيت ُعرف بالتجارة والثراء والعلم.
والبن حجر أخت أكبر منه بثالث سنوات اسمها «ست الَّر كب» كانت قارئة وكاتبة قال عنها ابن
حجر" :لقد انتفعت بها وبآدابها مع صغر سنها" ،ويذكر ابن حجر أن له أًخ ا من أبيه ،قرأ الفقه
وفضل ،وعرض المنهاج ،ثم أدركته الوفاة]31[.
وقد نشأ ابن حجر يتيًم ا أبًا وأًم ا ،فقد توفي والده في رجب سنة 777هـ ،وماتت أُّم ه قبل ذلك بمدة،
وكان أبوه قبل وفاته قد أوصى به إلى رجلين ممن كان بينه وبينهم مودة هما :زكي الدين
الخُّر وبي رئيس التجار بالديار المصرية ،وشمس الدين بن القطان من فقهاء الشافعية ]32[.فنشأ
الحافظ في غاية العّفة والصيانة في كنف الوصي األول الخُّر وبي .ولم يأُل الخروبي جهًدا في
رعايته والعناية بتعليمه ،فأدخله الكتاب بعد إكمال خمس سنين ،وكان لدى ابن حجر ذكاء وسرعة
حافظة بحيث إنه حفظ سورة مريم في يوم واحد ]33[]7[.وأكمل ابن حجر حفظه للقرآن على يد
صدر الدين الَّسفطي المقرئ ،وهو ابن تسع سنين .ولما رحل الخروبي إلى الحج سنة 784هـ
رافقه ابن حجر وهو في نحو الثانية عشرة من عمره ،وفي سنة 785هـ ،وهو اليزال متواجًدا مع
وصيه الخروبي في مكة سمع من الشيخ عفيف الدين عبد هللا بن محمد بن محمد النشاوري ،ثم
المكي ،غالب صحيح البخاري ،وهو أول شيخ سمع عليه الحديث .وفي تلك السنة صلى بالناس
التراويح إماًم ا في الحرم المكي وكذلك أخذ فقه الحديث عن الشيخ جمال الدين أبي حامد محمد بن
عبد هللا بن ظهيرة المكي ،في كتاب عمدة األحكام ،للحافظ عبد الغني المقدسي .فكان أول شيخ
بحث عليه في فقه الحديث ]34[.وبعد رجوع ابن حجر مع وصيه الخُّر وبي من الحج سنة
786هـ ،حفظ «عمدة األحكام للمقدسي» ،و«ألفية العراقي» في الحديث ،و«الحاوي الصغير
للقزوينبي»« ،ومختصر ابن الحاجب» في أصول الفقه ،و«منهج األصول للبيضاوي» ،و«ملحة
اإلعراب للحريري» ،و«ألفية ابن مالك» ،وغيرها]35[.
وبعد وفاة زكي الدين الخروبي سنة 787هـ ]36[،انتقل الحافظ إلى وصاية شمس الدين بن
القطان ،وكان الحافظ حينها قد راهق حيث بلغ أربع عشرة سنة ]32[.وكان ابن القطان فقيها
وعالما بالقراءات ،فدرس ابن حجر عليه الفقه والعربية والحساب وقرأ عليه شيئًا من«الحاوي
الصغير» ،فأجاز له ثم درس ما جرت العادة على دراسته من أصل وفرع ولغة ونحوها وطاف
على شيوخ الدراية ]37[.وفي سنة 790هـ أكمل ابن حجر السابعة عشرة من عمره ،فقرأ القرآن
تجويدًا على الشهاب الخيوطي ،وسمع «صحيح البخاري»على بعض المشايخ ،كما سمع من
علماء عصره البارزين واهتم باألدب والتاريخ .ولما بلغ التاسعة عشرة من عمره نظر في فنون
األدب ،ففاق أقرانه فيها حتى ال يكاد يسمع شعرًا إال ويستحضر من أين أخذ ناظمه ،وطارح
األدباء ،وقال الشعر الّر ائق والنثر الفائق ،ونظم المدائح النبوية والمقاطيع ]38[.ثم حبب ِإليه فن
الحديث َفأقبل عليه سماعًا وكتاَبة وتخريجًا وتعليقًا وتصنيفًا ،وبدأ الطلب بنفسه في سنة 793هـ،
غير أنه لم يكثر من الطلب إال في سنة 796هـ ،وكتب بخطه عن ذلك قائاًل « :رفع الحجاب ،وفتح
الباب ،وأقبل العزم المصمم على التحصيل ،ووفق للهداية إلى سواء السبيل» .فأخذ عن مشايخ
ذلك العصر ،واجتمع بالحافظ العراقي ،فالزمه عشرة أعوام .وتخَّرج به ،وانتفع بمالزمته .وقرأ
عليه «األلفية» ،و«شرحها» ،وانتهى منهما في رمضان سنة 798هـ بمنزل شيخه العراقي
بجزيرة الفيل على شاطئ النيل ،كما قرأ عليه «النكت على ابن الصالح» في مجالس آخرها سنة
799هـ ،وبعض الُك تب الكبار واألجزاء القصار ،وقرأ وسمع على ُم ْس ِندي القاهرة ومصر الكثير
في مدة قصيرة ،فوقع له سماع متصل عاٍل لبعض األحاديث]39[.
رحالته العلمية
قضى الحافظ ابن حجر حياته كلها في طلب العلم وقام بالعديد من الرحالت العلمية في ديار
اإلسالم ليحصل مقاصد الرحلة في طلب الحديث والفوائد المرجوة منها ،وهذه الرحالت منها
رحالت داخل مصر ومنها رحالت خارجها شملت بالد الحجاز ،واليمن ،والشام وغيرها .فكان
ابن حجر ال يألو جهدًا في الرحلة إلى طلب العلم وتحصيله ،مهما كلفه ذلك من بعٍد عن أهله
وأوالده وأصحابه ،ومهما عانى من سفره من تعب ونصب ،وقد عَّبر عن ذلك ابن حجر نفسه
بقوله]40[:
وفي أواخر سنة 793هـ شد ابن حجر رحاله إلى اإلسكندرية ،فأقام بها إلى أن تمت السنة
المذكورة ،ودخل في التي تليها عدة أشهر ،وبها التقى بمجموعة من المحدثين والمسندين منهم
التاج ابن الخّر اط ،وابن شافع األزدي ،وابن الحسن التونسي ،والشمس الجزري .وقد أورد ابن
حجر ما لقيه من العلماء وما سمعه منهم وما وقع له من النظم والمراسالت وغير ذلك في كتاب
سماه «الدرر المضَّية ِم ْن فوائد إسكندرية»]42[.
وقد طاف ابن حجر معظم بالد اليمن ولقي بها عددا كبيرا من العلماء جالسهم وناقشهم وسمع
منهم وسمعوا منه ،فلقي بتعز :أبا بكر بن محمد بن صالح بن الخياط ،والتقى في زبيد بجماعة
منهم :شهاب الدين الناشري ،وشرف الدين ابن المقري ،والوجيه عبد الرحمن بن محمد العلوي،
وعبد اللطيف بن أبي بكر الَّش ْر جي ،وعلي بن الحسن الخزرجي ،والموفق علي بن محمد بن
إسماعيل الَّناشري .وفي عدن التقى :الرضي بن المستأذن ،وأبا المعالي عبد الرحمن بن حيدر بن
علي الِّش يرازي .كما التقى بالُم هجم :أحمد بن إبراهيم بن أحمد الُقوصي ،وعلي بن أحمد
الَّصنعاني ،والقاضي عفيف الدين عبد هَّللا بن محمد الَّناشري .وبوادي الُح َص يب :الجمال محمد بن
أبي بكر بن علي المصري .واجتمع في زبيد وتعز بالنفيس العلوي محدث اليمن ]44[.واجتمع
في زبيد ووادي الُح صيب بشيخ اللغويين الفيروزآبادي ،فقرأ عليه أشياء ،من جملتها جزء التقطه
ابن حجر من «المشيخة الفخرية» ،فيه أزيد من ثمانين حديًثا من العوالي ،وسمع منه المسلسل
باألولية بسماعه من السبكي ،وكتب له تقريظًا على تعليق التعليق وأعطاه النصف الثاني من
تصنيفه «القاموس المحيط» لتعذر وجود باقيه حينئٍذ ،وأذن له مع المناولة في روايته عنه]45[.
وأثار وجود ابن حجر في اليمن أهتمام العلماء فأقبلوا على السماع منه واألستمداد من فوائده،
حتى طلب منه ابن النفيس العلوي أن يخَّرج لهم من مرويات نفسه ،فخَّرج «األربعين المهذبة
باألحاديث الملقبة» في يوم واحد ،وكتب وهو هناك بخطه «التقييد البن نقطة» في خمسة أيام،
و«فصل الربيع في فضل البديع» في يومين ،وأخذوا عنه «مشيخة الفخر ابن البخاري»،
و«المائة العشاريات» لشيخه التنوخي ،وحدث بكتاب ابن الجزري في األدعية المسمى «بالحصن
الحصين» فتنافسوا في تحصيله وروايته ]46[.ولما سمع صاحب اليمن الملك األشرف إسماعيل
بن عباس بقدوم ابن جر إلى البالد اليمنية طلب االجتماع به والسماع منه ،فالتقى به ابن حجر
وامتدحه في أكثر من ثالث قصائد ،وأهداه تذكرته األدبية بخطه في أربعين مجلدا لطافًا باإلضافة
إلى كتب أخرى ،فأثابه الملك الأشرف أحسن إثابة وعامله معاملة كريمة]47[.
وفي عام 800هـ رحل ابن حجر من اليمن -صحبة الموكب الذي جهزه صاحبها الملك األشرف
للحجاج -إلى مكة ليحج حجة اإلسالم ،وهي الثالثة ،بالنظر لمجاورته مع وصيه وأبيه ،فإنه -كما
تقدم -كان وهو مراهق مجاورًا في سنة 786هـ مع وصيه الخُّر وبي ،وقبلها وهو طفل مع والده،
ثم حج أيضًا في سنة 805هـ ،وجاور بمكة بعض سنة 806هـ ،ثم سافر إلى اليمن للمرة الثانية
(سنة 806هـ) فلقي هناك من التقى بهم في المرة االولى وغيرهم ،فأخذ عنهم وأخذوا عنه]48[.
وقد واجه ابن حجر الكثير من المتاعب خالل رحلته الثانية لليمن حيث انصدع المركب الذي
يقله ،وغرق جميع ما كان معه من المتاع والكتب والنقد ،ثم يسر هللا طلوع أكثرها ،قال
السخاوي« :وفي هذه المرة انصدع المركب الذي كان فيه ،فغرق جميع ما معه من األمتعة والنقد
والكتب ،ثم يسر هللا تعالى بطلوع أكثرها بعد أن أقام ببعض الجزائر هناك أياما .وصولح عما
جرت العادة بأخذه مما يطلع بعد الغرق بمال كثير جدا ،بحيث يتعجب من كثرة أصله ،وكتب
محضر بذلك حسبما رأيته ،لكن غاب عني ضبط ما فيه .وكان من جملة الكتب التي غرقت مما
هو بخطه« :أطراف المزي» ،و«أطراف مسند أحمد» ،و«أطراف المختارة» ،كالهما من
تصنيفه ،وكذا ترتيب كل من مسندي «الطيالسي» و«عبد بن حميد» ...وكان من جملة الذهب
العين -فيما قيل -سبعة آالف مثقال أو أكثر من الذهب المصري وديعة البن مسلم .ولذلك تجشم
شيخنا المشقة ،حيث أقام على التماسها في البحر مدة حتى أخرجت ]49[.».ويعزو السخاوي -
نقًال عن ابن حجر -هذا الغرق إلى عين (حسد) من استعرض كتبه وتعجب من كثرة ما فيها
بخطه]50[.
ولما رجع من رحلته الثانية لليمن حج أيضًا ،قال السخاوي« :فيما أظن» وعاد إلى جدة ،وقرأ بها
في المحرم سنة 807هـ على أبي المعالي عبد الرحمن بن حيدر الشيرازي أحاديث عشرة،
انتقاها من «أربعين الحاكم» .ثم سافر إلى بلده ،فأقام بها على عادته ،ثم حج أيضًا في سنة 815
هـ وكانت حجته األخيرة في سنة 824هـ وكان مقيمًا في هذه المرة بالمدرسة األفضلية ،أنزله بها
قاضي مكة المحب بن ظهيرة ،وبها سمع على ابن طولوبغا .ولقي بمكة وبمنى والمدينة النبوية،
في كل مرة ،جمعًا من العلماء والمسندين]51[.
ورغم قصر المدة التي قضاها بن حجر في البالد الشامية والتي لم تتجاوز مائة يوم إال أنه أظهر
لعلماء الشام وفضالئها حفظًا كبيرًا ،واغتبطوا به ،وشهدوا له بالتقدم في فنون الحديث إلى أعلى
رتبة ]54[،وعلق في غضون تلك المدة بخطه من األجزاء الحديثية ،والفوائد النثرية ،والتتمات
التي ُيلحقها في تصانيفه ونحوها ثمان مجلدات فأكثر ،وأَّلف ترتيًبا على األطراف لكتاب
«األحاديث المختارة» ،للحافظ ضياء الدين المقدسي ،جاء في مجلٍد ضخم سماه« :اإلنارة في
أطراف المختارة» ،قال السخاوي عنه« :لو لم يكن له عمل في طول هذه المدة إال هي ،لكانت
كافية في جاللته» ]55[.كما حصل في تلك المدة مابين قراءة وسماع جملة مستكثرة من الكتب،
منها ما يكون في مجلدة ضخمة فأكثر ومنها ما يكون في مجلدة لطيفة ،بلغت مجتمعة ما يقارب
ألف جزء حديثي]56[.
وفي أثناء توجهه إلى حلب ،كتب بحمص عن محمد بن محمد بن القواس المخزومي ،كما كتب
بحماة عن شاعرها التقي بن حجة الحنفي أشياء من نظمه ،وعن الشيخ نور الدين علي بن يوسف
بن مكتوم الشيباني جزءا فيه عشرة أحاديث من «عشرة الحداد» وغيرها ،وكذا عن الشمس
محمد بن أحمد بن أبي بكر الحموي بن األشقر حديثًا من البخاري .وكان دخولهم إلى حلب في
الخامس من رمضان سنة 836هـ ،وأقاموا بها خمسة عشر يومًا ،حل فيها ابن حجر ضيفًا على
العالء بن خطيب الناصرية قاضي الشافعية بحلب آنذاك ،وأخذ عنه أشياء من نظمه ،وسمع بها
على برهان الدين سبط بن العجمي «الحديث المسلسل باألولية» ،و«مشيخة الفخر بن البخاري»
تخريج ابن الظاهري وقد أحضرت له خصيصيًا من دمشق لعدم توفرها بحلب يومئِذ ،وسمع
بعض «عشرة الحداد» على القاضي أبي جعفر بن الضياء والشهاب أحمد بن إبراهيم بن العديم[.
]60
وفي أثناء إقامته بحلب كان يذهب إلى ما جاورها من القرى والبلدان لألخذ عمن بها من المحدثين
والمسندين واألدباء فسمع بظاهر البيرة من كمال الدين محمد بن البارزي ،ورجع مع البدر
العيني إلى بلده عينتاب وصليا عيد الفطر بها ،وسمع عليه بظاهرها ثالثة أحاديث ،وسمع بمدينتي
الباب وبزاعة من الشهاب أحمد بن أبي بكر بن الرسام الحموي شيئًا من أربعين القاضي
المرداوي ،وسمع على آخرين في بلدان أخرى ]61[.ثم عاد إلى حلب ،فأقام بها حتى رجعت
العسكر المصري في يوم السبت سابع ذي الحجة فرجع معهم ووصلوا القاهرة في يوم األحد
العشرين من المحرم سنة 837هـ]62[.
وقد حصل في رحلته هذه فوائد ونوادر علقها في تذكرته المسماة «جلب حلب» المحتوية على
أبعة أجزاء حديثية ،باإلضافة إلى مايزيد على المجلدين مما أنتقاه أو لخصه هناك .كما حدث
هناك وعقد مجالس اإلمالء بدمشق وحلب ،وخطب بالسلطان في وداع السنة بجامع بني أمية،
وصلى بالناس صالة الكسوف بالجامع الكبير بحلب فما سلم إال وقد انجلت الشمس وغربت .كما
نبه أثناء مقامه هناك على فساد مابثه الشمس الفرياني من األسانيد المختلفة المركبة ،فرجع
الكثيرون عن الرواية عنه]62[.
شيوخه وتالميذه
شيوخه :
البن حجر العسقالني العديد من الشيوخ في القراءات والفقه وأصوله ورواية الحديث النبوي،
فمن شيوخه في القراءات والتجويد]63[:
إبراهيم بن أحمد التنوخي (800 - 709هـ) ،الزمه ابن حجر ثالث سنوات ،وقرأ عليه الكثير من
الكتب والمسموعات ،وأجازه التنوخي باإلقراء سنة 796هـ.
صدر الدين بن عبد الرزاق السفطي المقرئ (ت 808هـ) ،أكمل عنده حفظ القرآن.
الشهاب ابن الفقيه علي الخيوطي (ت 807هـ) ،رافقه في سماع الحديث وقرأ عليه القرآن تجويًدا.
سراج الدين البلقيني (805 - 724هـ) ،الزمه ابن حجر مدة ،وقرأ عليه عدة أجزاء حديثية،
وحضر دروسه الفقهية ،وقرأت عليه كتاب الروضة ،ودالئل النبوة ،والمسلسل باألولية]64[.
ابن الملقن (804 - 723هـ) ،قرأ عليه جزءا كبيرا من شرحه على المنهاج ،وأجاز ابن حجر،
وقرأ عليه السادس والسابع من أمالي المخِّلص ،والمسلسل باألولية ،والجزء الخامس من مشيخة
النجيب.
األبناسي802 - 725( ،هـ) ،كانت مالزمته له بعد سنة 790هـ ،قرأ عليه منهاج الطالبين وعمدة
المفتين للنووي ،وجزءا من سنن الترمذي والمسلسل باألولية.
ابن القطان المصري (813 - 730هـ) ،كان يحضر دروسه في الفقه وأصوله واللغة والحساب،
وقرأ عليه الحاوي الصغير ،وأجازه ،وكان أول شيوخه في الفقه.
عز الدين بن جماعة (819 - 749هـ) ،الزمه من سنة 790هـ حتى وفاته ،وأخذ عنه أصول
الفقه ،وقرأ عليه شرح منهاج البيضاوي ،وجمع الجوامع ،والمختصر األصلي البن الحاجب،
وكان ابن حجر ُيثني عليه.
شمس الدين بن عبد الرزاق الغماري ،سمع عنه البردة عن أبي حيان عن ناظمها ،وأجازه.
البدر البشتكي ،الزمه سنين ،وسمع منه الكثير من شعره ،وقرأ عليه في علم العروض.
المحب بن هشام ،أخذ عنه ابن حجر العربية ،وسمع منه مقدمة ابن الصالح في علوم الحديث،
وبعض األجزاء الحديثية.
عبد الرحيم العراقي (806 - 725هـ) ،الزمه ابن حجر عشر سنين ،منها أثناء رحلته إلى الشام،
وقرأ عليه العديد من المسانيد ،وسمع منه ألفيته المعروفة بألفية العراقي.
نور الدين الهيثمي (807 - 735هـ) ،قرأ عليه قريًنا للعراقي ،ومما قرأ عليه مجمع الزوائد ومنبع
الفوائد ،وجزءا من مسند أحمد ،وزوائد المسند.
جمال الدين بن ظهيرة (817 - 751هـ) ،أول شيوخ ابن حجر في الحديث ،التقى به وهو ابن
اثنتي عشرة سنة 785هـ في مكة ،درس عليه عمدة األحكام.
فاطمة بنت الُم َنَّجا التنوخية (803 - 712هـ) ،قرأ عليها كتاب األوائل البن أبي شيبة ،واألطعمة
للدارمي السمرقندي ،و"بر الوالدين" للبخاري ،و"القناعة" و"العزلة واالنفراد" البن أبي الدنيا،
وغيرها من الكتب.
فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي المقدسية (803 - 719هـ) ،قال ابن حجر« :قرأت عليها الكثير
من الكتب واألجزاء بالصالحية ،ونعم الشيخة كانت ]65[،».ومما قرأ عليها اإليمان البن منده،
والتفسير المأثور عن مالك بن أنس ،والدعاء للمحاملي ،والسنن المأثورة للشافعي ،والرحلة
للخطيب البغدادي ،وسجدات القرآن إلبراهيم الحربي ،وغيرها.
عائشة بنت محمد بن عبد الهادي المقدسية ،أخت فاطمة ،قال عنها ابن حجر« :وكانت سهلة في
اإلسماع ،سهلة الجانب».
تالميذه
اشتهر ابن حجر وكثر تالميذه ،وذكر السخاوي 626اسًم ا من تالميذه ممن أخذ عنه دراية
ورواية ]66[،ومن أشهر تالميذه]67[:
زكريا األنصاري
ابن الخضيري
الكمال بن الهمام
قاسم بن قطلوبغا
ابن تغري
ابن مزني
ابن الشحنة
ابن الغرابيلي
رضوان العقبي
الكلوتاتي
ابن قوقب
شهاب الدين المنوفي
الشهاب التروجي
الشهاب اإلشليمي
الشرف الطنوبي
إبراهيم الطباطبي
المحب البكري
ابن الصيرفي
ابن بصال
البلبيسي المقدسي