Professional Documents
Culture Documents
كان للمسلمين اهتمام بالغ في علم الكيمياء المبنى على التجربة ،والمالحظة ،ورصد النتائج
واالستعانة بالعلوم الرياضية ،ودأب المشتغلون منهم في هذا المجال وتجولوا في البلدان بحثا عن
تجارب الناس وما اكتسبوه من خبرات عملية ،ودونوا ما توصلوا إليه من معارف حتى صارت
الكيمياء عل ًما صحي ًحا بفضل جهودهم الطويلة ،وتجربتهم الكثيرة التي أفادوا منها علما ،وأفادوا
منها في حياتهم ،وقدموا بها للصناعات منافع كثيرة كانت لها آثارها الطيبة في الرقي
الحضاري لذا كان من الصعب جدا حصر موضوع الكيمياء عند العرب بدراسة وجيزة بسبب
كون هذا ا لموضوع ممتد ومتشابك ويحتاج ربما الى مؤلفات واجزاء ...وليس في الكتب العربية
التي وصلتنا مصادر وافية عن طرائق تعلم الكيمياء في العصور السابقة لإلسالم واالشارات
الواردة قليلة في هذا الموضوع ويمكن العثور عليها في كتب العلوم وبعض تراجم العلماء وهذا
كله يشير ال ى الجانب النظري في االغلب ؛ ومن ثم اغفلت طرائق الجانب التطبيقي المتبعة في
تدريس المتعلمين على استخدام فن المالحظة واالستعانة فيها والوقوف على معرفة المتغيرات
التركيبية واالستعانة بها في التراكيب الجديدة .وتنصب اهمية هذا البحث في ابراز دور العرب
المسلمين ف ي تطور علم الكيمياء عند الغرب اسهامات علماء العرب بشكل كبير فيما توصل اليه
العلم األوربي من تقدم علمي في مجال الكيمياء .من هذا المنطلق نطرح اإلشكال حول :
-ماهي إسهامات الحضارة اإلسالمية في علم الكيمياء ؟
و تنبثق عن هذه اإلشكالية الرئيسية تساؤالت فرعية أبرزها :
ماذا نقصد بعلم الكيمياء و متى أُرخ له في العالم اإلسالمي ؟
من هم أبرز العلماء المسلمين الذين برعوا في علم الكيمياء ؟
ماهي أهم اإلضافات التي قدمتها الحضارة اإلسالمية في مجال علم الكيمياء ؟
و لإلجابة عن هذه التساؤالت وضعنا خطة بحث كاآلتي :
مقدمة
المبحث األول :الكيمياء في العالم اإلسالمي
المطلب األول :مفهوم علم الكيمياء
المطلب الثاني :نشأة علم الكيمياء عند المسلمين
المطلب الثالث :علماء المسلمين والكيمياء
المبحث الثاني :جهود الحضارة اإلسالمية في علم الكيمياء
المطلب األول :اكتشافات وإسهامات المسلمين في الكيمياء
المطلب الثاني :منجزات علم الكيمياء في الحضارة العربية اإلسالمية
خاتمة
قائمة المصادر و المراجع
1
وقد اعتمدنا على المنهج التاريخي باإلستعانة بآليتي الوصف و التحليل ،كما استعنا بجملة من
المصادر و المراجع على رأسها كتاب تاريخ العرب وحضارتهم في األندلس .و في الحديث
عن أسباب إختيار الموضوع فالسبب الموضوعي كونه مسندًا من قبل أستاذ المقياس أما السبب
الذاتي فهو رغبتنا الملحة لدراسة هذا الموضوع الشيق .
2
خطة البحث
مقدمة
المبحث األول :الكيمياء في العالم اإلسالمي
المطلب األول :مفهوم علم الكيمياء
المطلب الثاني :نشأة علم الكيمياء عند المسلمين
المطلب الثالث :علماء المسلمين والكيمياء
المبحث الثاني :جهود الحضارة اإلسالمية في علم الكيمياء
المطلب األول :اكتشافات وإسهامات المسلمين في الكيمياء
المطلب الثاني :منجزات علم الكيمياء في الحضارة العربية اإلسالمية
خاتمة
قائمة المصادر و المراجع
3
المبحث األول :الكيمياء في العالم اإلسالمي
المطلب األول :مفهوم علم الكيمياء
تعرف الكيمياء على ثالث معاني منها اللغوي واالصطالحي والعلمي :
صرح غير واحد من اللغويين ان لفظ الكيمياء ليس بعربي محض 1؛ وقيل ان المعنى اللغوي ّ :
اصلها مأخوذ من اللغة العبرية واصل اللفظ كاالتي :كيم به معناه أنه من هللا ؛ وفي نفس
2
المجال يذكر الخوارزمي ان اصل لفظ الكيمياء عربي بقوله :اسم هذه الصناعة الكيمياء وهو
3
ع ربي واشتقاقه من كمي يكمى إذا ستر وأخفى ويقال كمى الشهادة يكميها إذا كتمها.
وسميت الكيمياء في العصور القديمة باألكسير ايضا بقول الزبيدي :واإلكسير ،بالكسر :
4
الكيمياء .
المعنى االصطالحي :هو علم يقوم على معرفة طرائق اكتساب العناصر من المواد المختلفة
5
لتكوين مادة جديدة او إفادتها خواصا لم تكن لها .
الكيمياء بالمعنى العلمي :ومهمتها الرئيسة هي أن تفصل المواد بمهارة ،وتردها إلى مكوناتها،
6
وأن تكشف خواصها ،وأن تركبها بطرائق مختلفة .
المطلب الثاني :نشأة علم الكيمياء عند المسلمين
مرت الكيمياء بمراحل تاريخية عدة حتى وصل التطور الذي عرفت به وسنتعرض الى عرض
هذه المراحل بإيجاز و كاالتي :
الحضارات القديمة
كانت غاية علم الكيمياء قديما اكتشاف طرائق تساعد على تحويل المعادن الرخيصة الى ذهب
ألهميته االقتصادية في تمويل خزائن الملوك والناس ؛ فضال عن رغبتهم في اكتشاف إكسير
الحياة ومعناه ايجاد عقار يساعد على الخلود االبدي للبشر؛ فضالً عن ذلك كله استغاللهم لهذا
العلم في تطوير الصناعات المختلفة والسيما صناعة العقاقير والدباغة والورق وغيرها .
ففي الحضارة الصينية تمكن الصينين من اكتشاف مادة تكون الكتابة عليها أسهل منها على
الح رير أو الغاب الذين قنع بهما الصينيون ،ذلك أن الحرير غالي الثمن والغاب ثقيل ،فلما كان
_ 1ابن منظور محمد بن مكرم بن علي ،لسان العرب ،ج ، 5دار صادر -بيروت ،8991 ،مادة ،ك ي م ،ص . 829
_ 2القنوجي أبو الطيب محمد البخاري ،أبجد العلوم ،دار ابن حزم ، 2002 ،ص . 919
_ 3الخوارزمي محمد بن أحمد بن يوسف ،مفاتيح العلوم ،تحقيق :إبراهيم األبياري ،دار الكتاب العربي ، 2002 ،ص . 222
_ 4القنوجي ،أبجد العلوم ،ص . 919
_ 5ول ديورانت :ويليام جيمس ،قصة الحضارة تقديم الدكتور محيي الدين صابر ،ترجمة الدكتور زكي نجيب محمود
وآخرين دار الجيل ،بيروت -لبنان المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ،تونس ، 8911 ،ج ،63ص . 818
_ 6ول ديورانت ،قصة الحضارة ،ج ، 82ص . 815
4
عام 805ق .م تمكن رجل يدعى ( تساي لون ) من اختراع مادة للكتابة 1أقل من الغاب ثمنا
وأخف منه وزنا ً مصنوعة من لحاء الشجر والقنب الهندي والخرق وشباك السمك وسرعان ما
انتشرت الصناعة الجديدة انتشارا ً واسع النطاق ،وكان هذا الورق القديم يصنع من الخرق البالية
دون غيرها من المواد ،فهو من هذه الناحية شبيه بما يصنع في هذه األيام من ورق يحتاج فيه
إلى طول البقاء .ومع مرور الوقت استطاع الصينيون أن يرتقوا بصناعه الورق إلى أعلى درجة
وذلك با ستخدام مادة ماسكة من الغراء أو الجالتين مخلوطة بعجينة نشوية ليقووا بها األلياف،
وليجعلوا الورق سريع االمتصاص للحبر؛ وهنا البد لنا من االشارة الى ان المصريين عرفوا
الورق والحبر في العصور القديمة ،ولكن الصين هي التي أخذت عنها أوربا صناعة الورق
والحبر فقد كان ت تصنع الحبر األحمر من كبريتور الزئبق من ثم سرعان ما عرفوا صناعة
الحبر االسود الذي كان احد العوامل المشجعة على انتشار الطباعة ،ألنه كان أصلح المواد
ً 2
لالستعمال في القوالب الخشبية ،ويتميز بأن الكتابة به ال تكاد تمحى مطلقا .
وقد عرف العرب صناعة الورق في العصر العباسي األول اذ أنشأ الفضل بن يحيى البرمكي
مصنعًا للورق في عهد الخليفة هارون الرشيد ببغداد ،فانتشرت الكتابة فيه لخفته بعد أن كانوا
يكتبون على الجلود والقراطيس المصنوعة بمصر من ورق البردى وقد كان المسلمون هم من
ادخلوا صناعة الورق الى أوروبا وكان اكثر تطورا من ورق الصين اذ كان يصنع من القطن
3
فصار رخيص الثمن ،وكانت اوربا قبل ذلك تكتب على ورق البردي وهو غال جدا .
واخترع الصينيون البارود ،ولكنهم قصروا استخدامه على األلعاب النارية ولم يستخدموه في
صنع القنابل اليدوية وفي الحروب إال في عصور الحقة؛ اما العرب فعرفوا ملح البارود نترات
البوتاسا) -وهو أهم مركبات البارود في أثناء تجارتهم مع الصين وسموه “الثلج الصيني”
4
ونقلوا سر صناعته إلى أوربا .
وفي هذا المجال يناقض غوستاف لوبون هذه اآلراء ويؤكد على ان البارود من اختراع المسلمين
5
وأن الذي كان عند الصينيين إنما هو ملح البارود .
ويرجع استخدام االغريق للكيمياء في اطر نظرية قامت في معظمها على اساس الكيمياء الكاذبة
التي حاولت تحويل المعادن الرخيصة كالرصاص والنحاس والزئبق الى معادن نفيسة كالذهب
6
والفضة .
_ 1حبنكة عبد الرحمن بن حسن ،الحضارة اإلسالمية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها
في سائر األمم ،دار القلم -دمشق ، 8992 ،ص . 520
_ 2ول ديورانت قصة الحضارة ،ج ،82ص . 815
_ 3ول ديورانت قصة الحضارة ،ج ،9ص . 856
_ 4حبنكة ،الحضارة اإلسالمية ،ص . 830
_ 5ول ديورانت قصة الحضارة ،ج ،9ص . 258
_ 6حبنكة :الحضارة هامش ،ص 162 .
5
اما المصريون القدماء فقد برعوا في امور عدة ارتبط تطورها لديهم بمعرفتهم الكيميائية فمثال
كانوا يمهرون في دباغة الجلود وكانت تلك الجلود المستعملة تعالج بطرائق صناعة وبمواد
كيميائية فبعضها ال ينزع عنها فروها ا مثل جلود الفهود أو الحيوانات وبعضها اآلخر يعالج
بطرائق اخرى 1.وصنعوا من نبات البردي الحبال والحصر واألخفاف والورق ،وابتدعوا فن
2
الطالء بالميناء وغيره .
وكذا استخدموا علوم الكيمياء في التحنيط اذا كانت اعضاء الجسم بعد استخراجها تعالج بمواد
معينة من ثم تعاد الى الجسم ثانية ،أو توضع في أوان وتحاط بمواد تحفظها وتمنع فسادها،
وكانوا يعملون على تجفيف الجسم بمواد معينة منها النطرون وشمع العسل والقرفة والكاسيا
والبصل وأنواع من الراتنجات الصمغية وحبوب العرعر وزيته وزيت األرز وزيت الزيتون
والمر والمستكة والحناء ،وكل ذلك بنسب وطرائق ال تزال تحوطها األسرار حتى اآلن ⁶¹.
وعرف قدماء مصر المعادن وطرائق صهرها كالذهب والفضة والزجاج والميناء واألحجار
الثمينة وغيرها ،وهم الذين اهتموا بالجوانب العلمية لعلم الكيمياء فساعدهم ذلك على اكتشاف
عناصر متعددة منها :حامض الكبريتيك ،وحامض الفضة “النتريك” والغول “الكحول” ،كما
استخدموا الكيمياء في المعالجات الطبية ،فكانوا أول من نشر تركيب األدوية ،والمستحضرات
3
المعدنية .
كثيرا من األمراض وصنفوا عالجها حسب مصادرها إلى أدوية اما في العراق القديم فقد عرفوا ً
نباتية وأخرى حيوانية وثالثة معدنية ،كما قسموها في استعمالها إلى أدوية تستعمل من الظاهر
4
أي دهون وأخرى للتناول .
وكان من اشهر مراكز علم الكيمياء في تلك العصور اإلسكندرية .وتم اول اتصال بينها
والمسلمين عن طريق خالد بن يزيد بن معاوية كما سيأتي .
ولم تقت صر معرفة الكيمياء على هذه المناطق فحسب بل عرفت الحضارة الهندية القديمة هذا
العلم والسيما في المجال الصناعي ايضا مثل الصباغة والدبغ وصناعة الصابون والزجاج
واإلسمنت؛ كما عرفوا في بحوثهم الزئبق ،وعمليات :التكليس والتقطير والتصفية والتبخير،
وخلط المساحيق ،وت حضير األمالح المعدنية ،والمركبات والمخلوطات من مختلف المعادن؛
وقد تمكن المسلمون الحقا من نقل معظم هذه العلوم الحقا الى أوربا .
اما الرومان فقد استغلوا معارفهم الكيميائية في انتاج مواد صناعية مثل الزجاج ،واالدوات
المعدنية المصنوعة من الرصاص والبرونز.
6
فضال على الصباغة والدبغ وغيرها من الصناعات ³²كما يعزى الى هذا العصر اكتشاف “النار
اإلغريقية” والذي اكتشفها كلسنيوس وكان اصله من بالد الشام وهذه النار عبارة مزيج من :
النفط ،والجير الحي ،والكبريت والزفت يلقى على سفن العدو األمر الذي يؤدي الى احراقها،
وقد ظل هذ ا السالح سرا من اسرار الدولة البيزنطية ل الى ان تمكن المسلمون من كشفه وقد
1
اندثرت اهميته مع اخترع البارود .
وعموما يمكن القول ان الكيمياء اختلطت في العصور القديمة بالسحر والشعوذة؛ وكانت
المعرفة الكيميائية تستخدم على نطاق واسع في العمليات الصناعية مثل :عمليات صهر الحديد،
ودبغ الجلود ومزج األصباغ وغيرها .
المطلب الثالث :علماء المسلمين والكيمياء
تمكن العلماء المسلمين من االستعانة بالمعارف السابقة في علم الكيمياء وبدأوا ينهجون منهجا
جديدا في هذا العلم قائم على التمييز بين المركبات واستعمال التجربة وتوسعوا في استخالص
المركبات ويمكن القول ان علم الكيمياء انتقل من مرحلة النظرية والكيمياء القائمة على الكذب
والسحر الى االستقرار والتجريب للوصول الى النتائج العلمية األكثر دقة ونتيجة لذلك ظهر
علماء عباقرة لمعت اسمائهم بين االقطار نذكر منهم على الرغم من كثرة عددهم وبراعتهم اال
2
ان المجال ال يسعنا ان نذكر كل الجهود العلمية الكيميائية في هذا البحث المختصر ومنهم :
جابر بن حيان
هو عالم من علماء القرون الوسطى المسلمين وهو مؤسس علم الكيمياء وهو من أصول عربية،
ويُعد أول من استخدام الكيمياء بطريقة علمية ،وله انجازات كثيرة في مجاالت علمية أخرى
مثل :الطب ،الفلسفة ،وعلم المعادن ،والفلك ،ل جابر ابن حيان الكثير من اإلنجازات في علم
الكيمياء ومن أهمها:
ضا بتحضيرها ومنها :حمض الكبريتيك والذي أطلق اخترع عدة حوامض كما أنه قام أي ً
عليه زيت الزاج ،حمض النتريك ،حمض الهيدروكلوريك.
قام بضم المنهج التجريبي في الكيمياء.
عمل على تقسيم المواد فقد قسمها على حسب خصائصها إلى ثالثة أقسام :األغوال،
المركبات. المعادن،
هو الذي اكتشف بأن المواد التي لها قابلية لالحتراق عند احتراقها يصعد منها الكبريت.
هو أول عالم استخدم الميزان لقياس مقادير المحاليل التي يستخدمها في التجارب
الكيميائية.
هو أول من فصل الذهب عن الفضة بطريقة الح ّل وذلك عن طريق األحماض.
_ 1عصفور معالم حضارات ،ص . 885
_ 2ابن النديم أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد الوراق البغدادي ،الفهرست ،تحقيق :إبراهيم رمضان ،دار المعرفة
بيروت ،لبنان، 8992 ،ص . 969
7
قام باكتشاف مادة الصودا الكاوية.
قام بصنع ورق ال يمكن أن يحترق.
قام بتحضير عدد من المواد مثل :أكسيد الزرنيخ ،كبريتيد الزئبق ،وملح البارود.
أبو بكر الرازي
هو عالم مسلم عربي ،قدم الكثير من الخدمات النافعة للبشرية ،وقام بتأسيس علم الكيمياء
الحديثة ،وكان يُطلق عليه أبو الطب؛ لكثرة ما قدمه في خدمة مجال الطب ،وكان يحب الشعر
كثيرا بعلم الكيمياء وقام بدراستها وقدم لها الكثير ،أهم
والموسيقى ،اهتم ابو بكر الرازي ً
انجازاته في الكيمياء:
قام بتقسيم المواد إلى أربعة :المعدنية ،والنباتية ،والحيوانية ،والمواد المشتقة.
استخدم بعض الطرق في معمله لتحضير بعض الحوامض ،وتستخدم تلك الطرق حتى
وقتنا هذا.
قام باستخراج الكحول وذلك من خالل تقطير المواد نشوية وسكرية مختمرة .استخدم
“روح الخل” في تحضير بعض من المواد السامة.
قسم المعادن إلى ست فئات على حسب طبيعة كل معدن وصفاته.
محمد بن الجين
عالم كيمياء ،وكان له اهتمام كبير بالحروب والقتال ،وكان يُلقب بالرماح والطرابلسي ،أهم
انجازاته في علم الكيمياء:
هو الذي استخدم البارود كمادة متفجرة في الحرب ،واستخدمها أي ً
ضا في المدافع.
قام بتحديد النسب الدقيقة لعناصر البارود وهي :البوتاسيوم ،والصوديوم ،الكبريت،
الفحم.
يعقوب ابن إسحاق الكندي
هو العالم الذي نبغ وبرع في العديد من العلوم ،حيث أنه برع في الكيمياء والفيزياء والطب
والفلسفة والفلك والرياضيات والموسيقى ،وهو عالم كيميائي عربي من العراق ،أهم
إنجازات الكندي في الكيمياء:
قام الكندي بتأسيس صناعة العطور وكان ذلك بمشاركة العالم الجليل جابر بن حيان.
أجرى العديد من األبحاث والتجارب التي تفيد في تحويل روائح النباتات إلى زيوت
عطرية.
رفض فكرة تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن ثمينة ومعادن كريمة مثل الذهب
والفضة.
8
المبحث الثاني :جهود الحضارة اإلسالمية في علم الكيمياء
المطلب األول :اكتشافات وإسهامات المسلمين في الكيمياء
يمكن االستدالل على تأثير الكيمياء العربية في اوربا في االشارة الى انجازات العرب في هذا
المجال واالمثلة كثيرة منها :
ادخل العرب في علم الكيمياء الطريقة التجريبية العلمية :وفي هذا المجال يقول ول ديورانت
عن انجازات العرب في الكيمياء “ :ويكاد المسلمون يكونون هم الذين ابتدعوا الكيمياء بوصفها
علما ً من العلوم؛ ذلك أن المسلمين أدخلوا المالحظة الدقيقة والتجارب العلمية ،والعناية برصد
نتائجها في الميدان الذي اقتصر فيه اليونان على ما نعلم على الخبرة الصناعية الفروض
1
الغامضة .
ويضيف :ولما أن أعلن روجر بيكن هذه الطريقة إلى أوربا بعد أن أعلنها جابر بخمسمائة عام
كان الذي هداه إليها هو النور الذي أضاء له السبيل من عرب األندلس ،وليس هذا الضياء نفسه
2
إال قبسا ً من نور المسلمين في الشرق .
طور الكيميائيين العرب ادوات علم الكيمياء فاخترعوا األنبيق وسموه بهذا االسم ،وحللوا عددا ً ال
يحصى من المواد تحليالً كيميائياً ،ووضعوا مؤلفات في الحجارة ،وميزوا بين القلويات
واألحماض ،وفحصوا المواد ،ودرسوا العديد من العقاقير الطبية ،وركبوا مئات منها .
مخترعات جابر بن حيان كان جابر بن حيان اول من استخرج حامض الكبريتيك ،وسماه زيت
ضا
الزاج وأول من اكتشف الصودا الكاوية ،وأول من استحضر ماء الذهب وينسب إليه أي ً
استحضار مركبات أخرى ،مثل كربونات البوتاسيوم ،وكربونات الصوديوم .وقد درس
خصائص مركبات الزئبق واستحضرها ،وهو أول من وصف أعمال التقطير والتبلور،
والتذويب ،والتحويل 3.وقد خالف جابر “أرسطو” في نظريته عن تكوين الفلزات ،وخرج
بنظرية جديدة ،بقيت معموال بها في اوربا حتى القرن الثامن عشر الميالدي.
وابتكر جابر في الكيمياء علم الموازين ،فجعل لكل من الطبائع ميزانا ،ولكل جسد من األجساد
موازين خاصة بطبائعه ؛ وكان جابر بن حيان أول من الحظ ما يحدث من راسب كلور عند
إضافة محلول ملح الطعام إلى محلول نترات الفضة .واستخدم ثاني أوكسيد المنغنيز في تلوين
_1مجموعة مؤلفين :موجز دائرة المعارف اإلسالمية ،تحرير :أرنولد و باسيت و هارتمان ،ترجمة :نخبة من أساتذة
الجامعات المصرية والعربية ،المراجعة واإلشراف العلمي أ .د .حسن حبشي أ .د .عبد الرحمن عبد هللا الشيخ أ .د .محمد عناني
،مركز الشارقة لإلبداع الفكري ،8991 ،ج ،21ص . 2252
_ 2مجموعة مؤلفين :موجز دائرة المعارف اإلسالمية ،ص.2222
_ 3ابن قيم الجوزية محمد بن أبي بكر بن أيوب ،مفتاح دار السعادة ومنشور والية العلم واإلرادة ،دار الكتب العلمية -بيروت
،ج ، 8ص.222
9
الزجاج ،كما بحث في السموم ،وله فيها كتاب “السموم ودفع مضارها” ولعل هذا الكتاب أروع
1
ما الف في هذا الموضوع .
مخترعات الرازي :كان الرازي أول من أدخل التركيبات الكيميائية في العالجات الطبية⁸٩.
ولذلك يعد من مؤسسي الكيمياء العلمية ،فقد نحى في تجاربه منحا ً علميا ،األمر الذي جعل
لبحوثه في الكيمياء قيمة كبيرة ؛ ويتجلى فضل الرازي في علم الكيمياء بصورة واضحة من
خالل النظر الى تقسيمه المواد الكيميائية على أربعة أقسام أساسية ،وهي :المواد المعدنية ،
والمواد النباتية ،والمواد الحيوانية ،والمواد المشتقة.
كما قسم المعدنيات إلى ست طوائف فرعية هي :األرواح ،واألجساد ،واألحجار ،والزاجات،
والبورقات واألمالح .ومثل هذا التقسيم يدل على عمق مالحظة وتجربة .
ودرس الرازي حساب الكثافات النوعية لبعض السوائل ،واستخدم لذلك ميزانا خاصا سماه
الميزان الطبيعي .
اكتشف العرب الكحول الذي صار قوام األعمال الكيمياوية والصيدلية ،وتركيب حمض
الكبريت ،والماء الملكي ،والماء المعشر ،والجالب وغير ذلك من األدوية والمعاجين والمربيات
2
والهالمات وغيرها .
صحح العرب مفاهيم الكيمياء القديمة :فبعد ان كانت الكيمياء تقوم على فكرة او مفهوم تحول
المعادن إلى ذهب ،أكد معظم المشتغلون العرب في هذا المجال أن المعادن كلها تكاد ترجع في
نهاية أمرها إلى أصول واحدة ،وأنها لهذا السبب يمكن تحويل بعضها إلى بعض اآلخر .وتقدم
الكتابات الكيميائية مئات بل آالف الوصفات لعمل الذهب ،ومن كل تلك الوصفات توجد ثالث
3
طرائق رئيسية هي :
الطريقة األولى :واساسها الزئبق والكبريت فالزئبق يحتوى على الماء واألرض ،والكبريت
يحتوى على النار والهواء ،وبذلك تكون المادتان معا قد احتوتا على العناصر األربعة .فإذا
اتحدت أجزاء الكبريت والزئبق ،مع توفر مصدر حراري يساعد في انضاج العملية فأنذاك ينتج
انواع مختلفة من الجواهر المعدنية فمثال :إذا كان الزئبق صافيا والكبريت نقيا ،وكانت
مقاديرهما على النسبة األفضل ،والحرارة في درجة االعتدال فعندئذ ينعقد الذهب اإلبريز .وإن
انخفضت حرارة المعدن في وسط عملية االندماج تولدت فضة بيضاء ،وإن تعرضت لحرارة
شديدة تولد النحاس االحمر ،وإن انخ فضت الحرارة قبل اتحاد أجزاء الكبريت والزئبق تولد
الرصاص القلعي (أي قصدير شديد البياض ) وإن تعرضت للبرد وكانت المواد الترابية أكثر،
10
تولد الحديد ،وإن كان الزئبق أكثر والكبريت أقل والحرارة ضعيفة تولد األس ُْرب (الرصاص
األسود الرديء وإن زادت الحرارة اكثر تولد الكحل ...الخ وهنا البد لنا من ان نوضح أن
الزئبق والكبريت قد ال يعنيان بالضرورة ما يقصده الكيميائيون حاليا بهذين العنصرين ،بل يفهم
من هذين المصطلحين المبادئ األساسية للسيولة واالحتراق .
الطريقة الثانية :وتقوم على “علم الموازين” الذي نادى به جابر بن حيان؛ فعلى الكيميائي إقامة
عالقة متبادلة بين المعادن حسب الحجم والوزن وأن يؤسس بناء على هذه المعلومات جسما له
حجم ووزن متجاوبان .
الطريقة الثالثة :وتقوم على وضع االكسير ويتكون االكسير من مواد معدنية ونباتية وحيوانية
على معدن خسيس ثم ينقل ليوضع في ظروف خالية عن أية كيفية ،فاألكسير يتخلل هذا المعدن
كما تتخلل الخميرة العجين ،ويحوله إلى ذهب وهو أعلى قيمة من معدن الذهب .
المطلب الثاني :منجزات علم الكيمياء في الحضارة العربية اإلسالمية
أن منشأ الكيمياء في الحضارة العربية اإلسالمية ،لم يكن منشأ علميّا ّ
فإن هؤالء رغم ّ
يحول المعادن
ّ الكيميائيّين ،أثناء سعيهم الدّؤوب للتّوصل إلى صنع “ملح اإلكسير” الذي
الخسيسة إلى معادن ثمينة ،قد تم ّكنوا عبر تجاربهم المتتالية ومالحظاتهم واستنتاجاتهم وخبراتهم
ي جديد ،لم تعد غايته تحويل المعادن
ي تطبيق ّ
المتراكمة من وضع أسس علميّة دقيقة لعلم تجريب ّ
إلى ذهب ،بل فهم تركيبات المواد المختلفة ،وحذق التّعامل معها ،من أجل تسخيرها للتّحكم في
المادّة وتحقيق المنفعة لإلنسان.
إن علم الكيمياء على خالف العلوم التّطبيقية العربية اإلسالمية األخرى ،لم يستفد كثيرا من ّ
التّرجمات اليونانية التي حوت في أغلبها أوهاما وخرافات ،ال تتماشى مع المنطق العلمي ال ّ
سليم،
إن ما ترجم منها ،كلّها أو جلّها ،منسوبة إلى شخصيّات وهميّة ال وجود لها 1 ”.فقد اعتمد بل “ ّ
الكيميائيّون المسلمون أساسا على االختبارات والتّجارب التطبيقيّة من أجل تحصيل المعارف
وكشف غوامض األمور .ويعدّ القرن الثّالث هجريّا عصر ازدهار علم الكيمياء ،إذ خطى
شعوذة وجعلته علما تجريبيا قائما سحر وال ّ
المسلمون بعلم الكيمياء خطوات كبيرة ،أبعدته عن ال ّ
وتنوع اإلنجازات العلميّة الكيميائية من اكتشافات
على قواعد علميّة دقيقة ،وقد نتج عن ذلك تعدّد ّ
2
واختراعات وابتكارات.
خواص
ّ من أجل اإللمام بخصائص المادّة ومختلف تش ّكالتها ،درس الكيميائيّون المسلمون
الموادّ المختلفة وصنّفوها حسب كثافتها إلى صنفين رئيسيّين:
طليعة ،8921 ،ص _ 1توماس ،أرنولد (وآخرون) .تراث اإلسالم( ،تعريب وتعليق :جرجس فتح هللا) ،ط ،6بيروت :دار ال ّ
.959
ّ
_ 2ينظر :مصطفى محمود ،سليمان .تاريخ العلوم والتكنولوجيا في العصور القديمة والوسطى ومكانة الحضارة اإلسالمية فيه،
القاهرة :الهيئة المصريّة العا ّمة للكتاب ،ط ،2008 ،2ص ص 241- 247.
11
والرصاصّ األجساد :وهو اسم يطلق على الذّهب والفضّة والحديد والنّحاس واألسرب
والخارصين ،ألنّها موادّ تثبت وتقوم على النّار.
والزرنيخ ّ
والزئبق والنّوشادر ألنّها تطير إذا األرواح :وهو اسم يطلق على مادّة الكبريت ّ
ستها النّار.1
م ّ
متنوعة الستخدامها في إجراء تجاربهم الكيميائيّة،
ّ قام الكيميائيّون المسلمون باختراع آالت
منها :ال َب ْوتقة المر ّكبة ،وهي بوتقة مثقوبة من أسفلها ،توضع على أخرى ويوصل بينهما بطين،
سفلى صافيا ،ويبقى خبثه ووسخه في العليا . ث ّم يذاب المعدن في البوتقة العليا ،فينزل إلى ال ّ
ويس ّمون هذه العملية :االستنزال .وكذلك آلتا :القرع واألنبيق ،وهما آلتان تستخدمان في تقطير
ماء الورد .وكذلك آلة اآلثال وتعمل من زجاج أو ف ّخار على هيئة ّ
الطبق ذي المكبّة ،وتستعمل
الزئبق والكبريت ونحوهما .وقد ابتكر الكيميائيّون المسلمون العديد من العمليّات لتصعيد ّ
الكيميائيّة األساسية الجديدة :كالتّقطير والت ّصعيد والتّحليل واإللغام والتّصويل واالستنزال
والتّكليس والتّرجيم والمعقّد ،وأوجدوا طرقا جديدة للحصول على المواد ،مثل :التّرشيح
والتّبلور.2
يعتبر الكحول والحوامض المعدنيّة من أكثر االكتشافات أه ّمية في العصور الوسطى ،وقد كان
فن التّقطير ،فقد حصلوا عليهما معا التّقطير هو مفتاح الوصول إليها ،ولما كان المسلمون سادة ّ
أن الكثير منهم يصف وبالرجوع إلى أعمال الكيميائيّين العرب الكبار ،نجد ّ
ّ منذ تاريخ مب ّكر،
الزهراوي (توفّي بوضوح تقطير النّبيذ باستخدام جهاز خاص للتّقطير ،فقد وصف أبو القاسم ّ
ي جابر بن حيّان خصائص الكحول سنة: 404ه/1013م )عملية تقطير الخ ّل .كما الحظ الكيميائ ّ
متنوعة
التي لها قابلية لالشتعال بدرجة كبيرة ،وستكون لهذه المادّة الكيميائية تطبيقات إجرائيّة ّ
الظاهرةصة .ويقول جابر بن حيّان واصفا هذه ّ في مجال األبحاث الكيميائيّة العسكرية خا ّ
الكيميائيّة ومستشرفا آفاقها العلميّة الواعدة ”:النّار التي تشعل عند فوهة القوارير بسبب .النّبيذ
يظن بعضهم أنّها قليلة الفائدة،
ّ المغلّى والملح وأشياء أخرى بمميّزاتها وخصائصها الجميلة التي
هذه األمور لها أه ّميتها الكبيرة في مثل هذه العلوم.” 3
الزاجتم ّكن الكيميائيّون المسلمون من اكتشاف وتحضير مر ّكبات كيميائيّة جديدة ،كزيت ّ
(حامض الكبريت )وماء الفضّة (حامض النّتريك )وماء الذّهب (حامض النّتروهيدروكلوريك )
الزئبق )وحجر جهنّم (نترات الفضّة )وملح البارود (نترات البوتاس ) سليماني (كلوريد ّوال ّ
والزاج األخضر(كبريتات النّحاس 4.وانتقلوا بفضل ذلك بالكيمياء من مرحلة التّجريد التي كانت ّ
سائدة في عهد اليونان إلى مرحلة جديدة تعتمد عل التّجريب والتّطبيق العملي في المختبرات ث ّم
ي ،م ّكنهم من تطبيق النّتائج
ي ”وقد بلغ العرب بعلم الكيمياء مبلغا من الرق ّ
صناع ّ
في المجال ال ّ
_ 1أبو عبد هللا مح ّمد ،الخوارزمي .مفاتيح العلوم ،ص . 147
_ 2أبو عبد هللا مح ّمد ،الخوارزمي .مفاتيح العلوم ،ص . 147
_ 3ينظر :أحمد يوسف ،الحسن و هيل ،دونالد .التّقنية في الحضارة اإلسالمية( ،ترجمة :صالح خالد ساري) ،ط ،1الكويت :
مكتبة الفالح للنّشر والتّوزيع ،2001 ،ص ص 228- 230
_ 4جرجي ،زيدان .تاريخ التّمدّن اإلسالمي ،القاهرة :دار الهالل ،1922 ،ج ،3ص ص 182 ،181
12
صناعية .فاستخدموا
صلوا إليها على الصناعات المختلفة ،وهو ما يعرف اليوم بالكيمياء ال ّ
التي تو ّ
خبرتهم الكيمياويّة في صبغ األقمشة ودبغ الجلود وصناعة المعادن وتركيبها أو تنقيتها وصقلها
الزنج سنة 239ه أدويةإن العرب استعملوا في معركة ّ وفي تركيب العطور .يقول ابن األثير“ ّ :
صل إليه العرب من مواد إذا طلي بها الخشب امتنع احتراقه” م ّما يد ّل بوضوح على مدى ما تو ّ
1
كيمياوية عازلة أو مضادّة للحرائق”.
الملونة وصناعة عجينة الورق ّ الزجاجية والمصابيح كما برع المسلمون في صناعة األواني ّ
صينية عندما فتحوا سمرقند سنة 712م ،ث ّم سرعان من نبتة القنّب ،التي أخذوها عن الحضارة ال ّ
شرق .وقد أنشأ الخليفة ما استعمل القطن في صناعة الورق ،لقلّة تكلفته وكثرة انتشاره ببالد ال ّ
الرشيد ّأول مصنع للورق ببغداد سنة 794م ،م ّما ساهم في ازدهار التّرجمة والتّأليف هارون ّ
والنّسخ .كما س ّخر الكيميائيّون المسلمون علم الكيمياء لخدمة األغراض الحربيّة والعسكرية،
القوة الدّافعة النّاجمة عن انفجار البارود (نيترات البوتاسيوم )الختراع وذلك عبر استغالل ّ
2
المدافع المطلقة للقذائف المد ّمرة ،وقد أنجز هذا االختراع ببالد األندلس .
فن التّعدين والمتمثّل في استخراج المعادن المختلفة وتحويلها وتصنيعها ،فقد أتقن المسلمون ّ
سيوف سيوف وصناعتها ،منها :رسالة في أنواع ال ّ الرسائل عن ال ّ
ي عددا من ّ وضع الكند ّ
سيوف صل فيها إلى صنع الحديد الذي نس ّميه اليوم بالفوالذ ،وتم ّكن من تلوين ال ّ
والحديد ،وقد تو ّ
سيناميد ،فتكسبه لونا يتراوح بين بمعالجة الحديد بمحاليل األعشاب التي تحتوي على مادّة ال ّ
صل كذلك إلى طريقة مبتكرة لحفظ األحمر واألزرق ،وقد ذكر طرقا مختلفة لعملية التّلوين .وتو ّ
صدأ وذلك بطالئها في أثناء صنعها بمواد تحول دون تأثير الماء واألكسجين سيوف من ال ّ ال ّ
3
فيها.
ي بدراسة الجواهر الثّمينة واألحجار الكريمة ،من حيث أنواعها ومواصفاتها كما اهت ّم الكند ّ
الرسائل منها :رسالة في أنواع الجواهر الثّمينة وأماكن وجودها ،وصنّف في ذلك عددا من ّ
ي (توفّي سياق أن نستشهد بقول للبيرون ّ وغيرها ورسالة في أنواع الحجارة .ويمكننا في هذا ال ّ
سنة 440ه )في اإلشادة بعلم الكندي في هذا الميدان“ :ال نريد اآلن أن نخوض في تعديد الجواهر
الفن غير كتاب أبي يوسف ي من هذا ّ واألعالق النّفيسة المذخورة في الخزائن (…) ولم يقع إل ّ
ي في الجواهر واألشياء ،وقد افترع فيها عذرته وظهر ذروته، يعقوب بن إسحاق الكند ّ
4
كاختراعه البدائع في ك ّل ما وصلت إليه يده من سائر الفنون”.
بفضل هذا ّ
الزخم الهائل من اإلنجازات الكيميائيّة للحضارة العربية اإلسالميّة ،بدأت الكثير من
العلوم والمعارف الكيميائيّة ،خالل القرون الوسطى ،ننتقل إلى أوروبا ،وتساهم في تشكيل وعي
13
ي جديد ،ساهم في قيام نهضتها ،وذلك عبر حركة التّرجمة المعاكسة من العربيّة إلى ّ
الالتينية علم ّ
وغيرها من اللّغات األوروبية ،فالعديد من مصنّفات الكيميائيّين العرب والمسلمين ترجمت إلى
الالتينية في القرنبن الثّاني عشر والثّالث عشر ميالديّا ،وهذه التّرجمات مازالت موجودة حتّى
ّ
يومنا هذا في شكل مخطوطات في المكتبات األوروبية الكبرى .
14
خاتمة
صلنا من خالل هذا البحث إلى جملة من النّتائج لع ّل من أه ّمها:
تو ّ
سابقة إن علم الكيمياء يمكن أن يعدّ علما عربيا إسالميا صرفا ،إذ بعد أن كان لدى األمم ال ّ ّ
سحر والخرافات واألوهام ،أصبح بفضل جهود الكيميائيّين المسلمين، مجاال يختلط فيه ال ّ
ومنهجهم القائم على التّجارب والمالحظات واالستنتاجات المتراكمة ،علما تطبيقيّا
مكونات المواد تجريبيّا ،يقوم على أسس دقيقة ،وقواعد صارمة ،يسعى إلى تحديد طبيعة ّ
المختلفة ،وفهم خصائصها ،بغية تسخيرها لمنفعة اإلنسان .فنتج عن ذلك ك ّم هائل من
صناعية وظفت في المجاالت ال ّ ّ االكتشافات واالختراعات الكيميائيّة الجديدة ،التي
المتعدّدة.
يعدّ القرن الثالث هجريّا ،عصر ازدهار الكيمياء في الحضارة العربية اإلسالمية ،ويد ّلّ
وتنوع اإلنجازات العلمية الكيميائيّة من اكتشافات واختراعات وابتكارات . على ذلك تعدّد ّ
وقد تمثّلت في دراسة المواد المختلفة وتقسيمها وتصنيفها ،وكذلك اختراع آالت ّ
متنوعة
من أجل استخدامها في إجراء التّجارب الكيميائيّة ،واستنباط العديد من العمليّات
الكيميائيّة األساسية الجديدة التي ساعدت على تحليل المواد وإعادة تركيبها ،مثل :التّقطير
والتّكليس والتّرشيح والتّبلور.
تم ّكن العلماء المسلمون من تحقيق االنتقال بالكيمياء من مرحلة التّجريد التي كانت سائدة
في العصر اليوناني إلى مرحلة جديدة ،تعتمد على التّجريب والتّطبيق العملي المختبري
صناعي .وقد تجلّى ذلك في اكتشاف وتحضير مر ّكبات كيميائيّة جديدة من أه ّمها مادّة ث ّم ال ّ
الكحول وملح البارود وحامض الكبريت ونترات الفضّة وستكون لهذه المر ّكبات الجديدة
تطبيقات عمليّة إجرائيّة في مختلف األبحاث الكيميائيّة.
صناعات المختلفة، صلوا إليها على ال ّ قام الكيميائيّون المسلمون بتطبيق النّتائج التي تو ّ
صناعيّة .وقد تجلّى ذلك عمليّا في صبغ األقمشة ودبغ وهو ما يعرف اليوم بالكيمياء ال ّ
الجلود وصناعة المعادن ،كما استثمرت هذه االكتشافات الكيميائيّة في المجال العسكري
عن طريق استخدام مادّة البارود في تطوير المدافع والقذائف الحربيّة.
نقل األوروبيون الكثير من هذه المعارف والمنجزات الكيميائيّة العربية اإلسالمية عن
طريق التّرجمة أو المعاينة المباشرة ،وقاموا باستيعابها وتطويرها ،م ّما ساعد على توفير
صناعية األوروبية الحديثة . األسس العلميّة لقيام النّهضة العلمية وال ّ
15
قائمة المصادر و المرجع
ابن النديم أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد الوراق البغدادي ،الفهرست ،تحقيق :
إبراهيم رمضان ،دار المعرفة بيروت ،لبنان. 8992 ،
ابن قيم الجوزية محمد بن أبي بكر بن أيوب ،مفتاح دار السعادة ومنشور والية العلم
واإلرادة ،دار الكتب العلمية -بيروت .
ابن منظور محمد بن مكرم بن علي ،لسان العرب ،ج ، 5دار صادر -بيروت. 8991 ،
الريحان مح ّمد بن أحمد ،البيروني .الجماهر في معرفة الجواهر ،بيروت :عالم الكتب،أبو ّ
د.ت.
أحمد يوسف ،الحسن و هيل ،دونالد .التّقنية في الحضارة اإلسالمية( ،ترجمة :صالح خالد
ساري) ،ط ،1الكويت :مكتبة الفالح للنّشر والتّوزيع.2001 ،
توماس ،أرنولد (وآخرون) .تراث اإلسالم( ،تعريب وتعليق :جرجس فتح هللا) ،ط ،6
الطليعة.8921 ، بيروت :دار ّ
جرجي زيدان ،تاريخ التّمدّن اإلسالمي ،القاهرة :دار الهالل.1922 ،
حبنكة عبد الرحمن بن حسن ،الحضارة اإلسالمية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات
المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر األمم ،دار القلم -دمشق. 8992 ،
الخوارزمي محمد بن أحمد بن يوسف ،مفاتيح العلوم ،تحقيق :إبراهيم األبياري ،دار
الكتاب العربي . 2002 ،
السامرائي خليل إبراهيم ،عبد الواحد ذنون طه ،د ناطق صالح مصلوب ،تاريخ العرب
وحضارتهم في األندلس ،دار الكتاب الجديد المتحدة ،بيروت ،لبنان. 2000 ،
صالح عبد العزيز ،الشرق األدنى القديم في مصر والعراق ،مكتبة دار الزمان .
عصفور محمد أبو المحاسن ،معالم حضارات الشرق األدني القديم( ،دار النهضة العربية
للطباعة والنشر8912 ،م .
الطائي .أعالم العرب في الكيمياء ،بغداد :دار الحرية ،د .ط 1981 ، فاضل أحمدّ ،
القنوجي أبو الطيب محمد البخاري ،أبجد العلوم ،دار ابن حزم . 2002 ،
مجموعة مؤلفين :موجز دائرة المعارف اإلسالمية ،تحرير :أرنولد و باسيت و هارتمان ،
ترجمة :نخبة من أساتذة الجامعات ،مركز الشارقة لإلبداع الفكري.8911،
الرحمان مرحبا ،المرجع في تاريخ العلوم ،بيروت :دار الجيل ّ
للطبع والنّشر مح ّمد عبد ّ
والتّوزيع.1998 ،
مصطفى محمود ،سليمان .تاريخ العلوم والتّكنولوجيا في العصور القديمة والوسطى ومكانة
الحضارة اإلسالمية فيه ،القاهرة :الهيئة المصريّة العا ّمة للكتاب ،ط .2008 ،2
ول ديورانت :ويليام جيمس ،قصة الحضارة تقديم الدكتور محيي الدين صابر ،ترجمة
الدكتور زكي نجيب محمود وآخرين دار الجيل ،بيروت -لبنان المنظمة العربية للتربية
والثقافة والعلوم ،تونس ، 8911 ،ج .63
16