You are on page 1of 6

‫ر‬

‫المحاضة الثانية ‪:‬‬


‫نظرية الديمقراطية التشاركية‬

‫تمهيد‬
‫الخبة‬
‫تعد هذه النظرية أحدث نظريات اإلعالم وأصعبها تحديدا ‪ ،‬فقد برزت من واقع ر‬
‫إيجاب نحو رضورة وجود أشكال جديدة ر يف تنظيم وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫ري‬ ‫العملية كاتجاه‬
‫فالنظرية قامت كرد فعل مضاد للطابع التجار ي واالحتكار ي لوسائل اإلعالم المملوكة ملكية خاصة‪،‬‬
‫الت قامت عىل معيار المسؤولية االجتماعية‬
‫كما قامت ردا عىل مركزية مؤسسات اإلذاعة العامة ي‬
‫وتنتش بشكل خاص ر يف الدول الرأسمالية‪.‬‬
‫ر‬

‫األمريك‪ ،‬كانت تتوقع‬


‫ي‬ ‫الت اختارت نظام اإلذاعة العامة بديال عن النموذج التجار ي‬
‫فالدول األوروبية ي‬
‫ر‬
‫تحسي األوضاع االجتماعية‪ ،‬والممارسة العاجلة لإلعالم‪ ،‬ولكن الممارسة‬ ‫قدرة اإلذاعة العامة عىل‬
‫الفعلية لوسائل اإلعالم أدت إىل حالة من اإلحباط وخيبة األمل بسبب التوجه الصفوي لبعض‬
‫منظمات اإلذاعة والتلفزيون العامة‪ ،‬واستجابتها للضغوط السياسية واالقتصادية ‪ ،‬ولمرا كز القوى‬
‫ر يف المجتمع كاألحزاب السياسية ورجال المال ورجال الفكر‪.‬‬

‫‪ 1‬جذور النظرية‪:‬‬
‫الماض ر يف الواليات المتحدة األمريكية‪،‬‬
‫ي‬
‫ر‬ ‫القرن‬ ‫من‬ ‫الستينات‬ ‫ف‬
‫ي‬
‫لم تظهر الديمقراطية التمثيلية اال ر‬
‫ر‬
‫األمريك لمواجهة الفقر والتهميش يف أوربا الغربية مع زيادة‬ ‫حيث كان أهم ما يدعو اليه التوجه‬
‫ي‬
‫االورب‬
‫ري‬ ‫االعتماد تدريجيا اىل أهمية االعتماد عىل الديمقراطية التشاركية ‪ ،‬وصوال اىل مؤتمر االتحاد‬
‫حول الديمقراطية التشاركية ‪.‬‬
‫الصناع واالقتصادي بقوة‪،‬‬
‫ي‬ ‫ولقد ظهر مصطلح ‪ La démocratie participative‬ر يف المجال‬
‫الكبى ر يف ‪ USA‬اىل رإشاك عمالها واطا راتها ر يف كيفية تنظيم وتسيب‬ ‫وهذا عندما لجأت بعض ر‬
‫الشكات ر‬

‫‪-1-‬‬
‫العمل واتخاذ القر ارات المالئمة ‪ ،‬ثم متابعتها ومراقبة تنفيذها‪ ،‬وهنا رتبز ر وح المناقشة والحوار‬
‫الهادف‪.‬‬
‫بعد ذلك‪ ،‬شهد المفهوم تطور أوسع ر يف تطبيق الديمقراطية التشاركية ‪ ،‬من خالل التجربة‬
‫الت عرفت‬ ‫زيل‪،‬‬ ‫ا‬
‫والب‬ ‫ر‬
‫األرجنتي‬ ‫ف‬ ‫األمريكية لتشمل بلدان أمريكا الالتينية خالل السبعينات خصوصا ر‬
‫ي‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫بها تجربة راقية ر يف الديمقراطية التشاركية بمدينة بورتو الغري‪ ،‬حيث ال ازلت تشكل النموذج المقبول‬
‫وف الثمانينات امتدت اىل أوربا‪ ،‬وخصوصا إنجلبا أين سميت الديمقراطية التداولية ‪ ،‬وبرزت‬ ‫ر‬
‫لها ‪ ،‬ي‬
‫وف التجربة الفرنسية سنة ‪2002‬‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫كذلك يف مدينة برلي بألمانيا حيث سميت الديمقراطية المحلية‪ ،‬ي‬
‫العالم‪.‬‬
‫ي‬ ‫سميت الديمقراطية الجوارية‪ ،‬وبعد ذلك عرفت انتشار اعىل المستوى‬
‫تبت المنظمات والمعاهد والمؤتمرات الدولية‪،‬‬ ‫ر‬
‫تطور مصطلح الديمقراطية التشاركية‪ ،‬من خالل ي‬
‫الدوىل‬
‫ي‬ ‫والت اعتمدت الديمقراطية التشاركية كألية جديدة‪ ،‬وهذا ما تأكد ر يف تأسيس المرصد‬ ‫ي‬
‫األورب‪ ،‬وهو عبارة عن شبكة متاحة للمدن والكيانات‬ ‫ري‬ ‫الديمقراطية التشاركية من طرف االتحاد‬
‫المحىل ر يف إطار‬
‫ي‬ ‫والخبات حول الديمقراطية التشاركية عىل المستوى‬ ‫ر‬ ‫والجمعيات لتبادل التجارب‬
‫نوفمب ‪ 2001‬أثناء المؤتمر السنوي األول بمدينة‬ ‫ر‬ ‫برنامج خدمة للتعاون المركز ي‪ ،‬وتأسس رسميا ر يف‬
‫برشلونة‪.‬‬
‫األورب حول الديمقراطية التشاركية المنعقد بالعاصمة البلجيكية بروكسل‬ ‫ري‬ ‫وأكد مؤتمر االتحاد‬
‫وه حصيلة نتائج ي تحملها‬ ‫أزمة‪،‬‬ ‫ف‬ ‫يوم ‪ 08‬و‪ 09‬مارس ‪ ،2004‬عىل أن الديمقراطية األوربية ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫األورب ‪ ،‬بهدف ضخ دماء‬
‫ري‬ ‫ه حل لألزمة‪ ،‬وقيمة مضافة لالتحاد‬ ‫الكل‪ ،‬وأن الديمقراطية التشاركية ي‬
‫جديدة الديمقراطية التمثيلية مع باف ر‬
‫الشكاء ‪.‬‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫لماب‬ ‫ويعب مصطلح "المشاركة الديمقراطية " عن ر‬
‫الب ي‬
‫معت التحرر من وهم األحزاب‪ ،‬والنظام ر‬ ‫ر‬
‫الديمقراطية ر يف المجتمعات الغربية والذي أصبح مسيط ار عىل الساحة ومتجاهل األقليات والقوى‬
‫الضعيفة ر يف هذه المجتمعات‪ ،‬وتنطو ي هذه النظرية عىل أفكار معادية لنظرية المجتمع الجماهب ي‬
‫الذي يتسم بالتنظيم المعقد والمركزية الشديدة والذي فشل ر يف توفب فرص عاجلة لألفراد واألقليات‬
‫ر يف التعبب عن اهتماماتها ومشكالتها‪.‬‬

‫‪-2-‬‬
‫ر‬
‫يطاب والمنظر‬
‫الب ي‬‫التشارك اىل "دينيس ماكويل" عالم االجتماع ر‬
‫ي‬ ‫ط‬‫تنسب نظرية االعالم الديمقرا ي‬
‫المؤسس ر يف مجال االتصال الجماهبي‪ ،‬حيث أشار اىل هذا المفهوم ر يف كتابه "نظريات االتصال‬
‫الجماهبي"‪.‬‬
‫ر‬
‫الماض‪ ،‬انها‬
‫ي‬ ‫كانت النظرة اىل وسائل االعالم بوصفها مملوكة من طرف الدولة ر يف خمسينيات القرن‬
‫"ضارة اىل حد ما " لذلك ركز ما كويل ر يف أبحاثه ر يف مجال االتصال الجماهبي عن كيفية التخفيف من‬
‫الضر‪ ،‬وخلص اىل أن "المجال العام االن يتمتع باستقاللية فكرية معينة يمكنه من خاللها تحديد‬ ‫هذا ر‬

‫وجهة نظره الخاصة وحل مشاكلها‪".‬‬


‫الت تفش استخدامات وسائل االعالم‪،‬‬ ‫ركزت إحدى مساهماته الرئيسية عىل تنقيح النظريات ي‬
‫فيه الذي تلعبه‪.‬‬
‫االجتماع معها‪ ،‬والدور الب ي‬
‫ي‬ ‫والتكامل أو التفاعل‬
‫ر‬
‫اض وتغيب الثقافة‪ ،‬وبدأت‬
‫يذكر‪ ،‬أخذت آراء ما كويل تزدهر مع ظهور األنبنيت ووجود مجتمع أفب ي‬
‫وسائل االعالم الجديدة تعتمد عىل تقنيات االقناع‪ ،‬أدرك حينها ما كويل األهمية العميقة لوسائل‬
‫االعالم من أجل ممارسة الديمقراطية صحية‪.‬‬

‫‪ 2‬نظرية الديمقراطية التشاركية ووسائل االعالم‬


‫جاءت هذه النظرية كرد فعل مضاد للنظريات السابقة (نظرية الحرية‪ ،‬ونظرية السلطة ونظرية‬
‫يعب عن قناعات وطموحات وآمال‬ ‫حقيق ر‬
‫ي‬ ‫المسؤولية االجتماعية) وإخفاقها ر يف تقديم إعالم‬
‫الشعوب‪.‬‬
‫فنظرية الحرية أدت اىل تعاظم سيطرة أرس المال وأصحاب المصالح عىل االعالم‪ ،‬وانهيار منظومة‬
‫األخالق المجتمعية بسبب خضوعها العتبارات السوق الت تجردها أ وتفرغها من محتواها‪ ،‬رف ر‬
‫حي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫نظريت السلطة والمسؤولية االجتماعية اىل سيطرة الدولة عىل االعالم بشكل او آخر وبنسب‬
‫ي‬ ‫أدت‬
‫بي الدولة أو مراكز القوى ر يف المجتمع كاألحزاب والتكتالت‬
‫متفاوتة‪ ،‬إذ توزعت السيطرة عليها ر‬
‫السياسية ورجال األعمال‪.‬‬
‫ومن ثم يعتقد المنادون بنظرية المشاركة الديمقراطية أن من شأنها أن تحرر االعالم من سيطرة‬
‫السلطة أو مراكز القوى السياسية واالقتصاد ية‪ ،‬والمحافظة ر يف ذات الوقت عىل قيم المجتمع‪ .‬ومن‬
‫الذاب لوسائل اإلعالم لم يمنع ظهور مؤسسات إعالمية تمارس سيطرتها من‬‫ي‬ ‫منظورها فإن التنظيم‬

‫‪-3-‬‬
‫الخبة اليومية‬ ‫وه تلبية االحتياجات الناشئة من‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫مراكز قو ى يف المجتمع‪ ،‬وفشلت يف مهمتها ي‬
‫ر‬
‫المتلقي لوسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫ر‬
‫للمواطني أو‬
‫وهكذا فإن النقطة األساسية ر يف هذه النظرية‪ ،‬تكمن ر يف االحتياجات والمصالح واآلمال للجمهور الذي‬
‫يستقبل وسائل اإلعالم‪ .‬وتركز النظرية عىل اختيار وتقديم المعلومات المناسبة وحق المواطن ر يف‬
‫استخدام وسائل االتصال من أجل التفاعل والمشاركة عىل نطاق صغب ر يف منطقته ومجتمعه‪،‬‬
‫وترفض هذه النظرية المركزية أ و سيطرة الحكومة عىل وسائل اإلعالم ولكنها تشجع التعددية‬
‫األفق الذي يشمل كل مسؤوليات المجتمع؛‬ ‫ر‬
‫والتفاعلي المرسل والمستقبل واالتصال‬ ‫والمحلية‬
‫ي‬
‫ووسائل اإلعالم الت تقوم رف ظل هذه النظرية سوف تهتم ر‬
‫أكب بالحياة االجتماعية وتخضع للسيطرة‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫المباشة من جمهورها ‪ ،‬و تقدم فرصا للمشاركة عىل أسس يحددها الجمهور بدال من المسيطرين‬ ‫ر‬

‫عليها‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ األفكار األساسية للنظرية الديمقراطية التشاركية‬
‫ومما سبق ذكره يمكننا تلخيص األفكار األساسية لهذه النظرية ر يف النقاط التالية‪:‬‬
‫‪-1‬ان للمواطن الفرد والجماعات واالقليات حق الوصول إىل وسائل اإلعالم واستخدامها ولهم‬
‫الت يحددونها‪.‬‬ ‫ر‬
‫الحق كذلك يف أن تخدمهم وسائل اإلعالم طبقا لالحتياجات ي‬
‫ر‬
‫ينبغ ان يكون خاضعا للسيطرة المركزية القومية‪.‬‬
‫‪ -2‬ان تنظيم وسائل اإلعالم ومحتواها ال ي‬
‫‪ -3‬ان سبب وجود وسائل اإلعالم أصال هو لخدمة جمهورها وليس من أجل المنظمات ي‬
‫الت تصدرها‬
‫ر‬
‫العاملي بوسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫ر‬
‫المهنيي‬ ‫هذه الوسائل أو‬
‫‪ -4‬ان الجماعات والمنظمات والتجمعات المحلية ر‬
‫ينبغ ان يكون لها وسائلها اإلعالمية‪.‬‬
‫ي‬
‫والت تتسم بالتفاعل والمشاركة أفضل من وسائل اإلعالم المهنية‬
‫‪-5‬ان وسائل اإلعالم صغبة الحجم ي‬
‫الت ينساب مضمونها ر يف اتجاه واحد‪.‬‬
‫الضخمة ي‬
‫الذاب لوسائل االعالم‬
‫ي‬ ‫‪ -6‬تشجع التنظيم‬
‫‪ -7‬ر‬
‫أكب قابلية التطبيق عىل الوسائط الجديدة‬
‫‪-8‬تنمية االبداع واالبتكار ر يف الوسائط الصغبة‬
‫الت تقوم عىل المشاركة والتفاعل‬
‫‪-9‬استبدال الوسائط من دور االعالم الكببة بالوسائط الصغبة ي‬

‫‪-4-‬‬
‫‪ 4‬مبادئ النظرية‬
‫‪ -1‬وسائل االعالم الصغبة ال حجم ‪ ،‬المتسمة بالتفاعل والمشاركة‪ ،‬أفضل من وسائل االعالم‬
‫الت تتدفق مضامينها ر يف اتجاه واحد‪ ،‬وأن األصل ر يف وجود وسائل االعالم هو‬
‫المهيمنة الضخمة ي‬
‫ر‬
‫العاملي بها أو‬ ‫الت تصدر هذه الوسائل أو‬ ‫خدمة الجمهور فحسب‪ ،‬وليس لخدمة المنظمات ي‬
‫عمالئها‪ ،‬وال ر‬
‫ينبغ أن يكون تنظيما خاضعا لسيطرة حكومية أو سياسية أو مركزية‪.‬‬
‫ي‬
‫‪-2‬للمواطن الفرد‪ ،‬واألقليات حق الوصول اىل وسائل االعالم واستعمالها بما يناسب االحتياجات‬
‫يحددونها‪ ،‬وان العملية االتصالية أهم من ان يستأثر بها مهنيون أ و تبك لهم دون سواهم‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ نقد النظرية‪:‬‬


‫وفقا لهذه النظرية فالمجتمع هو من سيضع ضوابط العملية اإلعالمية ويحدد مخرجاتها من خالل‬
‫الت ينشئها‬ ‫المختلفة‬ ‫والتكوينات‬ ‫النقابات‬ ‫عب‬
‫ر‬ ‫أو‬ ‫المشاركة رف صناعة المحتوى اإلعالم بشكل ر‬
‫مباش‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫تشارك حر ال تسيطر‬
‫ي‬ ‫اط‬
‫فه تفبض وجود مجتمع الديمقر ي‬ ‫لهذا الغرض بعيدا عن سيطرة الدولة‪ ،‬لذا ي‬
‫عليه أية مراكز قوى أو أصحاب مصالح‪.‬‬
‫وه بالطبع رؤية مثالية يصعب تحقيقها ر يف الواقع ر يف ظل طبيعة األنظمة السياسية القائمة‬
‫ي‬
‫الحاىل ‪.‬‬
‫ي‬ ‫الدوىل‬
‫ي‬ ‫والنظام‬

‫‪-5-‬‬
-6-

You might also like