You are on page 1of 13

‫بعد نهاية حكم األدارسة في المغرب بفعل الظروف القاهرة والذي استمر لمدة‬

‫(‪ )203‬سنوات من عام (‪ )172‬إلى عام (‪ ،)375‬وذلك بمقت‪/‬ل آخ‪//‬ر حك‪/‬امهم‬


‫الحسن بن كنون بن محم‪//‬د إب‪//‬راهيم بن محم‪//‬د بن القاس‪//‬م بن إدريس الث‪//‬اني بن‬
‫إدريس بن عبد هللا بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي ط‪//‬الب (علي‪//‬ه‬
‫السالم) على ي‪/‬د المنص‪//‬ور بن أبي ع‪/‬امر وص‪//‬ي الدول‪//‬ة األموي‪/‬ة في األن‪/‬دلس‬
‫غدرًا في الطريق إلى قرطبة‪ ,‬كانت األندلس على موعد مع بداية دول‪/‬ة جدي‪/‬دة‬
‫لألدارسة تدعى بـ (دولة بني حمود)‪ ،‬وبه‪//‬ا ب‪//‬دأ م‪//‬ا يع‪//‬رف بال‪//‬دور الث‪//‬اني من‬
‫تاريخ األدارسة أو الفرع الثاني من ساللة اإلدريسيين (بني الحس‪//‬ن)‪ ،‬وتنس‪//‬ب‬
‫هذه الدول‪//‬ة إلى حم‪//‬ود بن ميم‪//‬ون بن أحم‪//‬د بن علي بن عبي‪//‬د هللا بن عم‪//‬ر بن‬
‫إدريس الث‪//‬اني بن إدريس بن عب‪//‬د هللا بن الحس‪//‬ن بن الحس‪//‬ن بن علي بن أبي‬
‫طالب (علي‪//‬ه الس‪//‬الم)‪ ،‬وهي الدول‪//‬ة الش‪//‬يعية الثاني‪//‬ة لب‪//‬ني إدريس واألولى في‬
‫األندلس‪.‬‬
‫أهم انجازات األدارسة‬
‫قبل الح‪/‬ديث عن ه‪/‬ذه الدول‪/‬ة وتس‪/‬ليط الض‪/‬وء على ت‪/‬اريخ تأسيس‪/‬ها‪ ،‬وطبيع‪/‬ة‬
‫سياس‪//‬تها‪ ،‬وأهم منجزاته‪//‬ا‪ ،‬ن‪//‬رى لزام ‪ً/‬ا الح‪//‬ديث ـ ول‪//‬و بإيج‪//‬از ـ عن الدول‪//‬ة‬
‫اإلدريسية األولى في المغرب‪ ،‬وأبرز إنجازاتها‪ ،‬والظروف السياسية الحرج‪//‬ة‬
‫التي مرت بها‪ ،‬والتي أدت إلى اضمحاللها‪ ،‬ومن ثم انتقالها إلى الفرع الثاني ـ‬
‫ب‪//‬ني حم‪//‬ود في األن‪//‬دلس ـ ألن للدول‪//‬ة اإلدريس‪//‬ية األولى في المغ‪//‬رب الفض‪//‬ل‬
‫األكبر في تأسيس دولة بني حمود‪ ،‬وقد أف‪//‬رزت سياس‪//‬تها العدي‪//‬د من الج‪//‬وانب‬
‫المضيئة التي أضحت عوامل مهمة ساعدت على إقامة الحموديين دولة لهم‪.‬‬
‫لقد تحققت بفض‪//‬ل قي‪//‬ام الدول‪//‬ة اإلدريس‪//‬ية في المغ‪//‬رب الكث‪//‬ير من اإلنج‪//‬ازات‬
‫المهمة للمغرب العربي (األقصى والمتوسط واألدنى)‪ ،‬وكان له‪//‬ذه اإلنج‪//‬ازات‬
‫معطيات عظيمة في المدى البعيد على العالم اإلسالمي‪ ،‬وأهم ه‪//‬ذه اإلنج‪//‬ازات‬
‫التي حققته‪//‬ا الدول‪//‬ة اإلدريس‪//‬ية هي انتش‪//‬ار اإلس‪//‬الم في بالد المغ‪//‬رب الع‪//‬ربي‬
‫انتشارًا سلميًا بعد أن وجد أهل تلك البالد أن الدعاة إليه هم أهله ومن يمثلونه‪،‬‬
‫وليس كمن ج‪//‬اء قبلهم من والة األم‪//‬ويين والعباس‪//‬يين الغ‪//‬زاة ال‪//‬ذين نّك ل‪//‬وا بهم‬
‫وسرقوهم قوتهم ولم يكن همهم سوى جمع األموال ومصادرة الممتلكات‪.‬‬
‫يقول السيد حسن األمين‪( :‬ومن أكبر العوامل التي س‪//‬اعدت على نج‪//‬اح دع‪//‬وة‬
‫األدارسة واعتناق البربر لإلسالم اعتناقًا عامًا على أيديهم ما كان يلقاه ال‪//‬بربر‬
‫من عمال األمويين والعباسيين من الظلم الفادح واإلستغالل البشع مم‪//‬ا يتن‪//‬افى‬
‫مع اإلسالم ويصوره بأبشع الصور‪ ،‬ل‪//‬ذلك ظ‪//‬ل المغ‪//‬رب كل‪//‬ه األقص‪//‬ى من‪//‬ه ـ‬
‫دولة المغرب ـ واألوسط ـ الجزائر واألدنى ـ تونس ـ في ثورات دائمة ال يق‪//‬ر‬
‫له قرار‪ ،‬وكان أحراره يفتشون عن متنّفس لهم فكثيرًا ما كانوا يؤي‪//‬دون دع‪//‬وة‬
‫الخوارج ويثورون معهم)‪)1( .‬‬
‫سياسة األمويين في المغرب‬
‫ينقل لنا الطبري صورة من صور الفساد األموي والمعامل‪//‬ة الس‪//‬يئة ال‪//‬تي ك‪//‬ان‬
‫يلقاها البربر من قبل األمويين والتي تجعلهم في ثورة دائمة‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬
‫(إن يزي‪//‬د بن أبي مس‪//‬لم دين‪//‬ار (م‪//‬ولى الحج‪//‬اج الثقفي) جعل‪//‬ه الحج‪//‬اج كاتب‪//‬ه‬
‫وصاحب شرطته‪ ،‬وفي عهد يزيد بن عبد الملك واله يزيد على بالد المغ‪//‬رب‪،‬‬
‫فسار هناك بسيرة الحجاج‪ ،‬ومن أفعاله أن الحجاج كان قد وضع الجزي‪//‬ة على‬
‫رقاب الذين أسلموا من أهل الس‪//‬واد وأم‪//‬ر ب‪//‬ردهم إلى ق‪//‬راهم ورس‪//‬اتيقهم على‬
‫الحالة التي كانوا عليها قبل اإلسالم‪ ،‬وأراد يزيد بن أبي مسلم أن يفعل عين ما‬
‫فعله الحجاج ويطبق ذلك على البربر‪ ،‬فاستفظع البربر هذا األمر ولم يصبروا‬
‫عليه فتآمروا فيه وأجمعوا على قتله فقتلوه)‪)2( .‬‬
‫وينقل لنا المؤرخ المغربي أبو العباس أحمد بن خالد الناصري ص‪//‬ورة أخ‪//‬رى‬
‫عن المعاملة البشعة التي كان يعامل بها األموي‪//‬ون ال‪//‬بربر فيق‪//‬ول‪( :‬وفي عه‪//‬د‬
‫هشام بن عبد الملك‪ ,‬كان عمر بن عبد هللا المرادي واليًا على طنجة والمغرب‬
‫األقصى فأساء السيرة في البربر)‪ ،‬ثم يعدد الناص‪//‬ري أعم‪//‬ال ال‪//‬والة األم‪//‬ويين‬
‫السيئة فيقول‪( :‬وقد ك‪/‬ان ال‪/‬والة بعام‪/‬ة يرهق‪/‬ون ال‪/‬بربر بم‪/‬ا يط‪/‬البونهم ب‪/‬ه من‬
‫المط‪//‬الب الظالم‪//‬ة‪ ،‬فمن ذل‪//‬ك مثال أن‪//‬ه ك‪//‬انت تش‪//‬وقهم الجل‪//‬ود العس‪//‬لية الل‪//‬ون‪،‬‬
‫فكانوا يتغالون في جمع ذلك حتى كان القطيع من الغنم يهلك ذبحًا ال لشيء إال‬
‫التخ‪//‬اذ الجل‪//‬ود العس‪//‬لية من س‪//‬خاله) ثم يق‪//‬ول‪( :‬فك‪//‬ثر عيثهم ب‪//‬ذلك في أم‪//‬وال‬
‫البربر فأجمعوا على اإلنتقاض)‪)3( .‬‬
‫هذه صور قليلة من الصور البشعة الكثيرة التي كان يمارسها الوالة األموي‪//‬ون‬
‫تجاه البربر‪ ،‬فنقلوا صورة اإلسالم األموي المشّو ه الذي ال تزال آثاره وفس‪//‬اده‬
‫إلى اآلن فليس غريبًا على أحفاد آكلة األكباد أن يقت‪//‬دوا بتل‪//‬ك الس‪//‬يرة الهمجي‪//‬ة‬
‫البشعة أو يمّج دونها فيظهر لك من يص‪//‬ف الحج‪//‬اج بـ (رج‪//‬ل الدول‪//‬ة الُمف‪//‬ترى‬
‫عليه) و(الحسين خارج على إمام زمانه) وما عشت أراك الدهر عجبًا وعجب‪ً//‬ا‬
‫وعجبا!‪.‬‬
‫سياسة األدارسة في المغرب‬
‫أن اإلسالم الحقيقي الذي ُخ في على البربر ظهر على يد األدارسة ال‪//‬ذين نقل‪//‬وا‬
‫الص‪//‬ورة الحقيقي‪//‬ة ل‪//‬ه وليس تل‪//‬ك الص‪//‬ورة ال‪//‬تي نقله‪//‬ا والة األم‪//‬ويين الطغ‪//‬اة‪،‬‬
‫فعرفه البربر على أنه ليس إاّل ع‪/‬دًال ورحم‪/‬ة ف‪/‬أقبلوا ي‪/‬دخلون في‪/‬ه أفواج‪ً/‬ا إن‪/‬ه‬
‫إسالم محمد وعلي وأهل البيت األطهار (عليهم السالم)‪.‬‬
‫يقول الناصري‪( :‬والحقيقة إن قيام الدولة اإلدريسية في المغرب أدى إلى نتائج‬
‫جليلة‪ ،‬فإن ما أصاب تلك الرقعة قبل األدارسة لم يثبت قدم اإلسالم فيها وحال‬
‫دون انتشاره انتشارًا واس‪//‬عًا فبفض‪//‬ل األدارس‪//‬ة انتش‪//‬ر اإلس‪//‬الم ح‪//‬تى بل‪//‬غ ك‪//‬ل‬
‫مكان)‪ ،‬ويقول أيضًا عن أدريس مؤسس دولة األدارسة‪( :‬لما استوثق له األمر‬
‫زحف إلى البربر وأكثرهم على غير دين اإلسالم فأسلموا على يديه)‪.‬‬
‫ويتح‪//‬دث ال‪//‬دكتور حس‪//‬ين م‪//‬ؤنس المص‪//‬ري عن فض‪//‬ل األدارس‪//‬ة في نش‪//‬ر‬
‫اإلس‪//‬الم‪( :‬مكانه‪//‬ا ـ أي الدول‪//‬ة اإلدريس‪//‬ية ـ كحج‪//‬ر الزاوي‪//‬ة في بن‪//‬اء إس‪//‬الم‬
‫المغ‪//‬رب وعروبت‪//‬ه‪ ,‬وم‪//‬ا ق‪//‬امت ب‪//‬ه من دور عظيم في م‪//‬د رقع‪//‬ة اإلس‪//‬الم في‬
‫شمال المغرب األقصى وغربي المغ‪/‬رب األوس‪//‬ط ‪ ....‬وم‪/‬ا بذل‪/‬ه أمراؤه‪/‬ا من‬
‫جهد في إرساء اإلسالم الصحيح وتثبيت دعائم العروبة ولغتها وثقافتها في بلد‬
‫أصبح بفضل األدارسة الدرع الواقي للجناح الغربي من مملكة اإلسالم)‪)4( .‬‬
‫ويقول المستشرق الفرنسي (سيديو) عن إنجازات هذه الدولة‪( :‬ظ‪//‬ل األدارس‪//‬ة‬
‫قابضين على ما ملكوه مقيمين في البالد ال‪//‬تي هي مدين‪//‬ة لهم بجلي‪//‬ل األعم‪//‬ال‪,‬‬
‫فأسسوا مدينة فاس التي أضحى مسجدها مقدسًا لدى جميع األهالي المجاورين‬
‫ون‪//‬ال ش‪//‬هرة عظيم‪//‬ة في زمن قلي‪//‬ل واش‪//‬تملت مدين‪//‬ة ف‪//‬اس على م‪//‬دارس‬
‫ومكتبات ‪ ....‬وغدت مستودعًا واسعًا بين عرب أسبانيا وعرب أفريقيا)‪)5( .‬‬
‫ويقول السيد حسن األمين‪( :‬وبفضلهم قامت الحركة العلمية فأنش‪//‬ئت الم‪//‬دارس‬
‫والمكتب‪//‬ات كم‪//‬ا توس‪//‬ع العم‪//‬ران وأسس‪//‬ت الم‪//‬دن مم‪//‬ا أدى إلى التوس‪//‬يع في‬
‫تحضير البالد وازدهار المدينة‪ ,‬والعمل األكبر الذي يتوج كفاح األدارس‪//‬ة ه‪//‬و‬
‫تعميمهم اإلسالم بين القبائل البربرية وترسيخ قدمه فيها)‪.‬‬
‫وعن سيرة الخلفاء األدارسة في البالد ال‪/‬تي حكموه‪/‬ا يق‪/‬ول الم‪/‬ؤرخ المغ‪/‬ربي‬
‫الناصري‪( :‬فضبطوا أعمالها وسدوا ثغورها وأمنوا س‪//‬بلها وحس‪//‬نت س‪//‬يرتهم)‬
‫فكانت أيامهم (خير أيام) كما وص‪//‬فها الناص‪//‬ري‪ ,‬ووص‪//‬فها علي بن أبي زرع‬
‫الفاسي‪( :‬بسيرة العدل‪ ,‬فكان الناس في أيامهم في أمن ودعة) (‪ )6‬كما يصف‬
‫ابن خل‪//‬دون ف‪//‬اس في عه‪//‬دهم بقول‪//‬ه‪( :‬واس‪//‬تبحر عم‪//‬ران ف‪//‬اس وب‪//‬نيت به‪//‬ا‬
‫الحمامات والفنادق للتجار وبنيت خارجه‪//‬ا األرب‪//‬اض ورح‪//‬ل إليه‪//‬ا الن‪//‬اس من‬
‫الثغور القاصية) وفي عهدهم أيضا ُبني مسجد القرويين بفاس‪.‬‬
‫عوامل إقامة دولة بني حمود‬
‫كل تلك األعمال واإلنجازات تركت أثرها الواض‪//‬ح في نف‪//‬وس ال‪//‬بربر ف‪//‬أحبوا‬
‫الحكام األدارسة لما اتصفوا به من حس‪//‬ن الس‪//‬يرة والع‪/‬دل بين الن‪/‬اس‪ ،‬كم‪/‬ا أن‬
‫هناك عامًال مهمًا وقويًا ساعد على توثي‪//‬ق الص‪//‬لة بين ال‪//‬بربر واألدارس‪//‬ة‪ ،‬إال‬
‫وه‪//‬و اإلن‪//‬دماج الكب‪//‬ير بينهم عن طري‪//‬ق المص‪//‬اهرة حيث ول‪//‬د األدارس‪//‬ة من‬
‫أمه‪//‬ات بربري‪//‬ات فان‪//‬دمجوا هم وأحف‪//‬ادهم في القبائ‪//‬ل البربري‪//‬ة ح‪//‬تى وص‪//‬ف‬
‫المؤرخون إدريس األول بأنه قد (تبربر ولده) فكان لهذا اإلندماج أثره الفاع‪//‬ل‬
‫والواضح والقوي في إقامة الدولة الثانية لألدارسة في األندلس وهي دولة بني‬
‫حمود كما سنرى‪.‬‬
‫اإلندماج الكامل‬
‫وقد ترك هذا اإلندماج أثره الفاع‪/‬ل على األدارس‪//‬ة ح‪//‬تى على أس‪//‬مائهم ولغتهم‬
‫فظهرت في فروع سالاللتهم أسماء مثل‪ :‬كنون‪ ،‬وأبي العيس‪ ،‬وفك هللا‪ ،‬وتعود‬
‫الخ‪//‬ير‪ ،‬وحملت بعض س‪//‬الالتهم ألق‪//‬اب بربري‪//‬ة مث‪//‬ل‪ :‬الك‪//‬رتي والج‪//‬وطي‪،‬‬
‫ووص‪//‬لت إلى ال‪//‬بيوت فحملت أس‪//‬ماء مث‪//‬ل‪ :‬العلم‪//‬يين والمشيش‪//‬يين والوزان‪//‬يين‬
‫وغيرها من األسماء واأللقاب الكثير‪.‬‬
‫وبلغ هذا اإلندماج ذروته فلم يعد هناك فرق بين اإلدريسي والبربري لغة وزيًا‬
‫وطباعًا إلى غير ذلك من العادات والتقاليد حتى أصبحت البربري‪//‬ة لغ‪//‬ة ثاني‪//‬ة‪،‬‬
‫وربم‪//‬ا تغلبت على العربي‪//‬ة‪ ،‬واألث‪//‬ر األعظم له‪//‬ذا اإلن‪//‬دماج ه‪//‬و كم‪//‬ا يق‪//‬ول‬
‫الفوطي‪( :‬وقد خلفت هذه القبائل البربرية دولة األدارسة بعد ذل‪//‬ك في م‪//‬راكش‬
‫وما يليها من بالد األندلس وأسست غير دولة من دول البربر كدولة الموحدين‬
‫وب‪/‬ني م‪/‬رين والم‪/‬رابطين ولبعض ه‪/‬ذه ال‪/‬دول البربري‪/‬ة مواق‪/‬ف مش‪/‬هورة في‬
‫الدفاع عن بيضة اإلسالم) (‪)7‬‬
‫تأصيل التشيع وتخليده‬
‫يقول ابن خلدون في كتابه (العبر)‪( :‬إن التش‪//‬يع الم‪//‬وروث ألوالد إدريس خل‪//‬د‬
‫هذه الدول‪/‬ة إلى األب‪/‬د في نف‪/‬وس المغارب‪/‬ة وال‪/‬بربر عام‪/‬ة فلم تجب دولتهم وال‬
‫زال أمرها بل سرعان ما انتقلت إلى األندلس لتزيل دولة بني أمية وتخلفها)‪(.‬‬
‫‪)8‬‬
‫وخالص‪//‬ة الق‪//‬ول أن سياس‪//‬ة الع‪//‬دل ال‪//‬تي انتهجه‪//‬ا األدارس‪//‬ة في المغ‪//‬رب‬
‫واإلنجازات التي حققوها في ميادين الحياة العمراني‪//‬ة واإلقتص‪//‬ادية واإلن‪//‬دماج‬
‫مع أهل األرض البربر كانت من أهم العوامل ال‪//‬تي س‪//‬اعدت على إقام‪//‬ة دول‪//‬ة‬
‫ثانية لهم في األندلس وهي دولة بني حمود‪.‬‬
‫نهاية األدارسة‬
‫بعد تلك السيرة المشرقة والمعطاء لألدارس‪//‬ة في بالد المغ‪//‬رب وال‪//‬تي كتبوه‪//‬ا‬
‫ب‪///‬أروع ص‪///‬فحات الت‪///‬اريخ وتجلت في اإلنج‪///‬ازات ال‪///‬تي حققوه‪///‬ا لإلس‪///‬الم‬
‫والمسلمين كانت يد الغدر والخيانة تحوك لهم نهايتهم‪ ،‬فق‪//‬د تح‪//‬الف موس‪//‬ى بن‬
‫أبي العافية وهو قائد عسكري ينتمى إلى قبيلة زنات‪//‬ة‪ ،‬م‪//‬ع الح‪//‬اكم األم‪//‬وي في‬
‫األندلس عبد الرحمن الناصر لمجابهتهم فأجالهم حتى حكم فاس وطنجة وتازة‬
‫وتسول وكثير من أعمال المغرب‪ ،‬كما ن‪//‬اهض دع‪//‬وة العبي‪//‬ديين في المغ‪//‬رب‪،‬‬
‫وتحالف مع عبد الرحمن الناصر لدين هللا لمجابهتهم‪.‬‬
‫ولما علم عبيد هللا المهدي بالتحالف سّير جيشًا بقيادة حميد بن تيس‪//‬يل الكت‪//‬امي‬
‫استطاع هزيمة ابن أبي العافية‪ ،‬الذي هرب إلى تس‪//‬ول‪ ،‬ولم يع‪//‬د إلى ف‪//‬اس إاّل‬
‫بعد أن غادرها الكتامي‪ .‬ثم لم يلبث الفاطمي أن يرسل جيشًا آخر بقي‪//‬ادة الف‪//‬تى‬
‫ميسور الشيعي‪ ،‬ال‪//‬ذي أجلى ابن أبي العافي‪//‬ة عن ف‪//‬اس‪ .‬وظ‪//‬ل ابن أبي العافي‪//‬ة‬
‫شريدًا حتى مقتله عام (‪341‬هـ)‪ ،‬في بعض بالد ملوي‪//‬ة‪ ،‬لكن األدارس‪//‬ة ك‪//‬انوا‬
‫قد غادروا إلى غير رجع‪//‬ة بالد المغ‪//‬رب ال‪//‬تي وقعت بأي‪//‬دي العبي‪//‬ديين‪ .‬فك‪//‬ان‬
‫مصيرهم أن ُقتل آخر ملوكهم وهو الحس‪//‬ن بن كن‪//‬ون ــ كم‪//‬ا أس‪//‬لفنا ــ على ي‪//‬د‬
‫أحد أتباع الحاكم األموي وتفّر ق الباقون في البالد‪.‬‬
‫رجالن في األندلس‬
‫من ض‪//‬من البالد ال‪//‬تي دخله‪//‬ا من بقي من األدارس‪//‬ة هي األن‪//‬دلس م‪//‬ع قبائ‪//‬ل‬
‫البربر وكان من جملتهم رجالن من الساللة اإلدريسية هما‪ :‬علي والقاسم ابن‪/‬ا‬
‫حمود بن ميمون بن أحمد بن علي بن عبيد هللا بن عم‪//‬ر بن إدريس الث‪//‬اني بن‬
‫إدريس‪ ،‬وك‪//‬انت الدول‪//‬ة األموي‪//‬ة في األن‪//‬دلس في ذل‪//‬ك ال‪//‬وقت تعيش مرحل‪//‬ة‬
‫اإلنحالل وخاصة في قرطبة وغرناطة وإشبيلية جّر اء الفساد األموي‪ ،‬فك‪//‬ثرت‬
‫ثورات أهل هذه المدن وغ‪//‬يرهم من األندلس‪//‬يين ض‪//‬د الظلم األم‪//‬وي ورغم أن‬
‫تلك الثورات ك‪//‬انت ُتقم‪//‬ع بش‪//‬دة وبقس‪//‬وة إال أنه‪//‬ا ك‪//‬انت تت‪//‬والى وك‪//‬ثرت الفتن‬
‫والحروب الداخلية‪.‬‬
‫قيام دولة بني حمود‬
‫وبلغت الثورة أوجها في قرطبة واشتركت قبائل البربر في الث‪//‬ورة وحاص‪//‬روا‬
‫المهدي بن هشام الحاكم األموي فخشي أهلها على أنفس‪//‬هم من اقتح‪//‬ام ال‪//‬بربر‬
‫عليهم فقتلوا المهدي واستمر حصار البربر لقرطبة حتى دخلوها عنوة‪ ،‬وك‪//‬ان‬
‫لعلي بن حم‪/‬ود وأخي‪/‬ه القاس‪//‬م رئاس‪/‬ة على ال‪/‬بربر ف‪/‬دعوا الن‪/‬اس إلى أنفس‪//‬هما‬
‫فبايعوهما البربر وتم األمر بالحكم لعلي‪ ،‬قال ابن بسام الشنتريني نقًال عن ابن‬
‫حيان القرطبي في (المقتبس من أنباء األندلس)‪( :‬بويع ــ أي علي بن حم‪//‬ود ــ‬
‫يوم اإلثنين ‪ 23‬من محرم سنة ‪ 407‬هـ ‪ -‬في قص‪/‬ر قرطب‪/‬ة ‪ -‬ولِّقب بالناص‪/‬ر‬
‫لدين هللا ‪ -‬وعامل مبايعيه بأن أكرم منازلهم وأجمل خطابهم)‪)9( .‬‬
‫سياسة بني حمود‬
‫وعن سياسته يستشهد ابن بسام بقول ابن حيان‪( :‬وكان يجلس ‪ -‬علي بن حمود‬
‫‪ -‬بنفسه لمظالم الناس وهو مفتوح الباب‪ ،‬مرف‪//‬وع الحج‪//‬اب لل‪//‬وارد والص‪//‬ادر‪،‬‬
‫يقيم الحدود مباشرًة بنفسه‪ ،‬ال يحاشي أحدًا من أكابر قومه‪ ،‬فانتشر أهل قرطبة‬
‫في األرض ذات الطول والعرض‪ ،‬وسلكت السبل‪ ،‬ورخا السعر فـُفتن به أه‪//‬ل‬
‫قرطبة وأحبوه)‪.‬‬
‫ويق‪//‬ول أيض‪//‬ا نقال عن ابن حي‪//‬ان‪( :‬وق‪//‬د ن‪ّ//‬و ه المؤرخ‪//‬ون بس‪//‬طوته وس‪//‬خائه‬
‫وشجاعته وسيطرته على البربر كافة وإنه استمال أه‪//‬ل قرطب‪//‬ة بعدل‪//‬ه وح‪//‬ذوه‬
‫في بعض سيرته حذو الصدر األول فجلس للمظالم بنفسه وانتصف من الظ‪//‬الم‬
‫للمظلوم)‪.‬‬
‫ويقول ابن بسام‪( :‬عندما ت‪//‬ولى علي بن حم‪//‬ود الملقب بالناص‪//‬ر ل‪//‬دين هللا أخ‪//‬ذ‬
‫الحكم بقوة وساس الناس بالع‪//‬دل ح‪//‬تى نقلت في ذل‪//‬ك األخب‪//‬ار العجيب‪//‬ة ووج‪//‬د‬
‫الناس في كنفه األمن والطمأنينة وق‪//‬د قص‪//‬ده الش‪//‬اعر أحم‪//‬د بن عب‪//‬د المل‪//‬ك بن‬
‫شهيد المتوفى سنة (‪ 426‬هـ) وهو يودع قرطبة ملتجئًا إلى مالقة‪:‬‬
‫ففي األرِض بناؤوَن لي ودعائُم‬ ‫عليكْم بداري فاهدموها دعائمًا‬

‫فهاتا على ظـهـِر الـمحَّج ِة هاشُم‬ ‫إذا هـشـمـْت حـقي أميُة عندها‬
‫وطبعا كان كباقي أسرته متشِّيعًا‪)...‬‬
‫ولم يدم حكم علي سوى س‪//‬نة واح‪//‬دة ح‪//‬تى قتل‪//‬ه بعض الص‪//‬قالبة فت‪//‬ولى المل‪//‬ك‬
‫بعده أخوه القاسم ولّقب بالمأمون‪ ،‬ثم يحيى بن علي ولقب بالمعتلي‪ ،‬وفي عه‪//‬د‬
‫يحبى قويت قرطبة ثم ُقتل المعتلي على ي‪/‬د محم‪/‬د بن عب‪/‬د هللا ال‪/‬برزالي‪ ،‬وفي‬
‫حكم إدريس بن علي‪ ،‬اتس‪//‬عت الدول‪//‬ة على يدي‪//‬ه وازده‪//‬رت‪ ،‬وت‪//‬والى مل‪//‬وك‬
‫الحموديين على قرطبة فحكم قرطبة (‪ )12‬ملكًا من بني حمود هم‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ علي بن حمود (الناصر لدين هللا)‬
‫‪ 2‬ـ القاسم بن حمود (المأمون)‬
‫‪ 3‬ـ يحيى بن علي بن حمود (المعتلي باهلل)‬
‫‪ 4‬ـ محمد بن القاسم بن حمود (المستكفي باهلل)‬
‫‪ 5‬ـ الحسن بن يحيى بن علي بن حمود (المستنصر)‬
‫‪ 6‬ـ إدريس بن يحيى بن علي بن حمود (العالي باهلل)‬
‫‪ 7‬ـ إدريس بن علي بن حمود (المتأيد باهلل)‬
‫‪ 8‬ـ القاسم بن محمد بن القاسم بن حمود (الواثق باهلل)‬
‫‪ 9‬ـ يحيى بن إدريس بن علي بن حمود (القائم بأمر هللا)‬
‫‪ 10‬ـ إدريس بن يحيى بن إدريس بن علي بن حمود (السامي)‬
‫‪ 11‬ـ محمد بن إدريس بن علي بن حمود (المهدي)‬
‫‪ 12‬ـ محمد األصغر بن إدريس بن علي بن حمود (المستعلي باهلل)‬
‫وحكموا جبل طارق ومالقة التي اتخذوها عاص‪//‬مة لهم‪ ،‬كم‪//‬ا حكم‪//‬وا الجزي‪//‬رة‬
‫الخضراء وقرطبة وإشبيلية وغرناطة ورندة‪ ،‬ومن مدن المغرب سبتة وطنجة‬
‫ودامت م‪//‬دة حكمهم (‪ )52‬س‪//‬نة بين س‪//‬نتي (‪ 407‬ـ ‪459‬هـ)‪ ،‬وقض‪//‬وا على‬
‫الدولة األموية في األندلس نهائيًا‪ ،‬ومن أشهر ملوكهم يحيى بن علي بن حم‪//‬ود‬
‫الذي ولد من أبوين علويين فأمه هي بنت األم‪//‬ير الحس‪//‬ن بن القاس‪//‬م بن حم‪//‬ود‬
‫وقد جمع إلى شرف نسبه هذا عظيم خلقه وورعه وسمو نفسه‪.‬‬
‫وفاء البربر‬
‫لقد تجلى أثر والء ووفاء البربر لألدارسة في األن‪//‬دلس ف‪//‬التفوا ح‪//‬ولهم ودع‪//‬وا‬
‫لهم‪ ،‬وكان لقب‪//‬ائلهم ص‪//‬نهاجة وزنات‪//‬ة وب‪//‬ني يف‪//‬رن وتاكروت‪//‬ة وبرغواط‪//‬ة الي‪//‬د‬
‫البيض‪//‬اء في إقام‪//‬ة دول‪//‬ة ش‪//‬يعية ثاني‪//‬ة لهم في األن‪//‬دلس‪ ،‬فاس‪//‬تطاع األدارس‪//‬ة‬
‫الحموديون بمساعدة تل‪//‬ك القبائ‪//‬ل الش‪//‬جاعة والقوي‪//‬ة إزال‪//‬ة دون ب‪//‬ني أمي‪//‬ة من‬
‫األندلس إلى غير رجعة يقول الشاعر أبو عبد هللا الرعيني وه‪//‬و يم‪//‬دح القاس‪//‬م‬
‫بن حمود ويشيد بدور تلك القبائل الشجاع‪:‬‬
‫وأقــبـــَل حـــــزُب ِهللا فوَق خيوِلِه‬ ‫ولما دعا الشيطاُن في الخيِل حزَب ه‬
‫تضايَق في عرِض الفضاِء وطوِلِه‬ ‫كــتــائـــُب مــن صــنهاجٍة وزناتٍة‬
‫وهكذا تسّن ى للشيعة إقامة دولة في أرض أعدائهم األمويين وأطلق على مل‪//‬وك‬
‫دولة بني حمود اسم العلويين والحس‪//‬نيين والف‪//‬اطميين واألدارس‪//‬ة‪ ،‬ومهم‪//‬ا تكن‬
‫تلك التسمية فإن هذه الدولة قامت إلرجاع الحق المغتصب إلى أهله‪.‬‬
‫رفع لواء التشيع‬
‫يعد إقامة هذه الدولة ضرورة حتمية للشيعة‪ ،‬فقد ك‪//‬ان الش‪//‬يعة يم‪//‬رون بأوق‪//‬ات‬
‫عصيبة وظروف حرجة للغاية وأح‪//‬وال س‪//‬يئة‪ ،‬ففي الع‪/‬راق م‪/‬ارس الس‪//‬الجقة‬
‫عليهم سياسة البطش والتنكيل والقتل والتشريد‪ ،‬وُمورس‪//‬ت ه‪//‬ذه السياس‪//‬ة ض‪//‬د‬
‫الشيعة في كل البالد التي كانت تحت هيمنتهم‪ ،‬وفي تونس كانت مذبحة كبرى‬
‫تقام بحق الشيعة على يد المعز بن باديس الصنهاجي‪ ،‬وق‪//‬د ذكره‪//‬ا ابن األث‪//‬ير‬
‫كاملة (‪ ،)10‬كم‪//‬ا ُقت‪//‬ل الش‪//‬يعة وُش ّر دوا في المغ‪//‬رب من قب‪//‬ل موس‪//‬ى بن أبي‬
‫العافية حليف األمويين ـ كما أسلفنا ـ فكانت تلك الظروف القاس‪//‬ية ال‪//‬تي م‪ّ//‬ر ت‬
‫على الشيعة تحتم قيام دولة لهم تدافع عن مبدئهم وترف‪//‬ع ل‪//‬واءهم فك‪//‬انت دول‪//‬ة‬
‫بني حمود‪.‬‬
‫يق‪/‬ول المحق‪/‬ق محم‪/‬د ص‪/‬ادق الكرباس‪//‬ي‪( :‬وفي ظ‪/‬ل حكوم‪/‬ة مل‪/‬وك الطوائ‪/‬ف‬
‫وبفضل دولة بني حمود (‪ 407‬ــ ‪ 449‬هـ) ظه‪//‬ر التش‪//‬يع في االن‪//‬دلس بع‪//‬دما‬
‫كان فاشيًا في شمال أفريقية في عهد األدارسة والفاطميين واستمر االم‪//‬ر على‬
‫هذه الحالة على عهد دول‪//‬ة الموح‪//‬دين (‪ 515‬ــ ‪ 667‬هـ) ال‪//‬تي حكمت ش‪//‬مال‬
‫أفريقية‪ ,‬واألندلس أيضًا‪ ,‬ومع ظهور التشيع وانتش‪//‬اره ظه‪//‬ر الش‪//‬عر الحس‪//‬يني‬
‫وانتشر في المغرب اإلسالمي بشكل عام) (‪)11‬‬
‫ازدهار الفكر الشيعي‬
‫ازدهر الفكر الشيعي وش‪//‬اع ذك‪//‬ر أه‪//‬ل ال‪//‬بيت (عليهم الس‪//‬الم) في رب‪//‬وع تل‪//‬ك‬
‫الدولة وبرز الكثير من العلماء واألدباء والشعراء الشيعة ال‪/‬ذين وظف‪/‬وا ت‪/‬اريخ‬
‫أه‪/‬ل ال‪/‬بيت (عليهم الس‪//‬الم) وفض‪/‬ائلهم في ش‪//‬عرهم وخاص‪/‬ة ذك‪/‬رى استش‪//‬هاد‬
‫اإلمام الحسين (عليه السالم)‪ ،‬كما أقيمت الشعائر الحسينية على قدم وساق في‬
‫شهري محرم وصفر وأولى الناس أهمية كبرى إلقامة تلك الشعائر‪.‬‬
‫يق‪//‬ول الس‪//‬يد ج‪//‬واد غالم علي زاده‪( :‬ازده‪//‬ر حينئ‪ٍ//‬ذ أدب التش‪ّ//‬يع‪ ،‬فك‪//‬ثر في‬
‫األندلس األدباء الشيعة ومن ثَّم أدب الوالء آلل البيت (عليهم السالم) وال سيما‬
‫ما يرتبط برثاء اإلمام الحسين (عليه السالم)‪ ،‬واَّت سع ذلك في عصر دولة ب‪//‬ني‬
‫حمود الشيعّية‪ ،‬ودولة الموِّح دين ال‪//‬تي ينتس‪//‬ب حكامه‪/‬ا إلی آل ال‪//‬بيت‪ .‬غ‪/‬ير أَّن‬
‫سياسة األموِّيين تجاه الشيعة كانت تقوم علی محاولة تجاهل آل ال‪//‬بيت وح‪//‬ذف‬
‫أخبارهم من المتون التاريخّية‪ ،‬ومحو آثارهم من المجتمع اإلسالمي‪.‬‬
‫وقد کان علي بن حّمود هذا ذا ولع شديد بالم‪//‬دائح النبوّي ة‪ ،‬فك‪//‬ثر ه‪//‬ذا الفّن في‬
‫عهده وشاع أدب البكاء والعزاء في الحسين (عليه الس‪//‬الم)‪ ،‬وقص‪//‬ده الش‪//‬عراء‬
‫المتشِّيعون مثل‪ :‬عبادة بن ماء السماء‪ ،‬وأبي عبد هللا الرعيني القرط‪//‬بّي ‪ ،‬وأبي‬
‫عمر أحمد بن دّر اج القسطّلي‪ ،‬وأبي عبد الرحمن بن مقانا الفن‪//‬دقّي األش‪//‬بونّي ‪،‬‬
‫فعلی سبيل المثال قال عب‪//‬د ال‪//‬رحمن بن مقان‪//‬ا األش‪//‬بونّي في إدريس بن حم‪//‬ود‬
‫وکان معروفًا بالخير والعدل‪:‬‬
‫ألبـيـكــْم کــان وفـُد المسلمـين‬ ‫يا بني أحمَد يا خيَر الـوری‬
‫في الدجی فوقهٌم الروُح األميْن‬ ‫نزَل الوحـي عليـه فاحتـبی‬
‫إنـــه مــن نـوِر رِّب الـعـالمـين‬ ‫انظرونا نقتبْس مـن نوِر کم‬
‫ومن شعراء الدولة الحمودية الشاعر أحمد بن دّر اج القس‪//‬طلي ال‪//‬ذي يق‪//‬ول في‬
‫علي بن حمود من قصيدة طويلة تبلغ أكثر من سبعين بيتًا‪:‬‬

‫الى الفاطمّي العطوِف الوصوِل‬ ‫إلى الهاشـمي إلى الطالــبــــّي‬

‫إلى ابــِن الذبيـِح إلى ابن الخليِل‬ ‫إلى ابِن الوصِّي إلى ابِن النبِّي‬
‫ومن المع‪//‬روف أن لقب الوص‪//‬ي تطلق‪//‬ه الش‪//‬يعة على أم‪//‬ير المؤم‪//‬نين (علي‪//‬ه‬
‫السالم) والبن دراج كثير من القص‪//‬ائد في ح‪//‬ق أه‪/‬ل ال‪//‬بيت كم‪/‬ا يق‪//‬ول محق‪//‬ق‬
‫ديوانه محم‪/‬ود مكي ال‪/‬ذي يق‪/‬ول في مقدم‪/‬ة ال‪/‬ديوان‪( :‬ابن دراج أول من ذك‪/‬ر‬
‫مناقب أهل البيت في أسلوب حزين ومؤثر كان ن‪//‬واة للقص‪//‬ائد األندلس‪//‬ية ال‪//‬تي‬
‫تناولت مراثي أهل البيت (عليهم السالم) من بعده)‪.‬‬
‫ومنهم أيضًا الشاعر عبادة بن ماء السماء األنصاري (‪ 304‬ــ ‪422‬هـ) وهو‬
‫من نسل الص‪//‬حابي الجلي‪//‬ل قيس بن س‪//‬عد بن ُعب‪//‬ادة الخ‪//‬زرجّي ص‪//‬احب أم‪//‬ير‬
‫المؤمنين (عليه السالم) وقد كان عبادة معروفًا بالتش‪//‬يع فيق‪//‬ول من قص‪//‬يدة في‬
‫علي بن حمود يشير فيها إلى حديث يوم غدير خم‪:‬‬
‫ورثتْم ‪ ،‬وذا بالغرِب أيضًا سمّيه‬ ‫أبوکم علٌّي کاَن بالشرِق بـدَء ما‬
‫لــه األمـر إذ وّالُه فــــيـكْم ولّيـه‬ ‫فصّلـوا عـليه أجمعوَن وسّلمـوا‬
‫ويقول في أخرى يخاطب يحيى بن علي بن حمود وهو بفخر بانتمائه إلى جده‬
‫قيس بن سعد بن عبادة الذي ك‪//‬ان من ص‪//‬فوة أص‪//‬حاب أم‪//‬ير المؤم‪//‬نين (علي‪//‬ه‬
‫السالم) وقد سلك هو نفس المسلك في والئه ألهل البيت (عليهم السالم)‪:‬‬
‫من القوِل أريًا غير ما ينفُث الصُّل‬ ‫فـهـا أنـا ذا يـا ابــن الـنبَّو ِة نـافٌث‬

‫تــشــّيـعه مــحـٌض وبـــيـعُتـه بتـُل‬ ‫وعندي صريٌح في والِئَك معرٌق‬


‫فــخــّيـَم فــي قلـِب ابِن هنٍد له غُّل‬ ‫أوالي أبي قيس أباَك عـلـى الـعال‬
‫محمد طاهر الصفار‬
‫‪.................................................‬‬
‫‪ 1‬ــ دائرة المعارف اإلسالمية الشيعية‬
‫‪ 2‬ــ تاريخ الطبري ج ‪6‬‬
‫‪ 3‬ــ االستقصا ألخبار دول المغرب األقصى‬
‫‪ 4‬ــ ت‪//‬اريخ المغ‪//‬رب وحض‪//‬ارته من قب‪//‬ل الفتح الع‪//‬ربي إلى بداي‪//‬ة اإلحتالل‬
‫الفرنسي‬
‫‪ 5‬ــ خالصة تاريخ العرب‬
‫‪ 6‬ــ األنيس المط‪//‬رب ب‪//‬روض القرط‪//‬اس في أخب‪//‬ار مل‪//‬وك المغ‪//‬رب وت‪//‬اريخ‬
‫مدينة فاس‬
‫‪ 7‬ــ الحوادث الجامعة والتجارب النافعة‬
‫‪ 8‬ــ الع‪//‬بر ودي‪//‬وان المبت‪//‬دأ والخ‪//‬بر في أي‪//‬ام الع‪//‬رب والعجم وال‪//‬بربر ومن‬
‫عاصرهم من ذوي السلطان األكبر المعروف بـ (تاريخ ابن خلدون)‬
‫‪ 9‬ــ الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة‬
‫‪ 10‬ــ تاريخ ابن األثير ‪ /‬حوادث سنة (‪ 407‬هـ)‬
‫‪ 11‬ــ دائرة المعارف الحسينية ديوان القرن السابع ص ‪23‬‬

You might also like