‫العالقة بني اإلمرباطورية الرومانية والشعوب احمليطة هبا خالل القرن الثالث امليالدي‪.

‬‬

‫أ‪ -‬سامل الاليف حممد‬

‫ماجستري اتريخ قدمي‬

‫جامعة املرقب‬
‫كلية االداب والعلوم (قصر االخيار)‬
‫قسم التاريخ‬

‫الدولة الليبية‬
‫‪saelem70@gmail.com‬‬

‫‪2016‬‬

‫‪0‬‬
‫كان للفوضى السياسية‪ ،‬والتدهور االقتصادي واالجتماعي الذي مرت به اإلمرباطورية الرومانية خالل القرن الثالث‬
‫امليالدي دوراً يف تشجيع الشعوب احمليطة هبا ابإلغارة على حدودها فتعرضت اإلمرباطورية للعديد من واألخطار ‪ ،‬وقد‬
‫متثلت هذه األخطار يف هجمات أعدائها على حدودها ‪ ،‬بل توغل هؤالء داخل أراضيها وقد مسح اإلمرباطور أورليان‬
‫‪ Aurelian‬على سبيل املثال جملموعات كثرية من الوندال والقوط ابالستقرار داخل حدود اإلمرباطورية لتعويض النقص ىف‬
‫األيدى العاملة ىف الزراعة بسبب فرار العمالة لرتدى األوضاع ىف اإلمرباطورية ‪ ،‬بل أستخدم البعض منها كفرق يف اجليش‬
‫الروماين ‪ ،‬وهذا التوغل كان بسبب ضعف القوات العسكرية أو بسبب ضعف بعض األابطرة وعدم قدرهتم على مواجهة‬
‫األعداء الذين اهنالوا على أراضي اإلمرباطورية من مجيع اجلوانب وعلى طول احلدود الرومانية املعروفة يف ذلك الوقت‪ ،‬وقد‬
‫استطاعت هذه الشعوب هنب بعض املدن وعاثوا فيها فساداً وتتمثل هذه الشعوب يف القبائل األوروبية مثل القوط والوندال‬
‫ابإلضافة إىل الفرس والقبائل العربية يف أفريقيا وأسيا ‪.‬‬
‫‪ -1‬القوط ‪ Coths‬والوندال‪.Vandals‬‬
‫)‪(1‬‬
‫القوط‪ :‬شعب جرماين من شعوب الشمال وكان موطنه االصلى اسكندانفيا هاجر أثناء القرن الثاين امليالدي جنوابً‬
‫‪ ,‬وقد وصلوا أثناء هذه اهلجرات إىل هنر الفستوال ‪ Vistula‬ومنه إىل (أوكرانيا احلالية) حىت وصلوا إىل وادي الدانوب مروراً‬
‫غرابً‪ ،‬وقد انقسموا اىل قسمني شرقيون‬ ‫)‪(2‬‬ ‫بسواحل البحر االسود‪ ,‬وقد تدفقوا على حدود اإلمرباطورية بسبب زحف اهلون‬
‫اجتهوا إىل سهول روسيا اجلنوبية‪ ،‬وغربيون استقروا ىف ترانسلفانيا على ضفاف هنر الدانوب‪ ،‬ومن مث بدأوا يف مهامجة املدن‬
‫الرومانية بداية من مواسيا ‪ Moesie‬يف مشال آسيا الصغرى ومنطقة تراقيا‪ ،‬وقد استمر القوط لعدة سنوات يف االغارة على‬
‫أملانيا الشرقية وحدود اإلمرباطورية ‪(3).‬ونتيجة للفوضى واإلضطراابت الداخلية اليت مرت هبا األمرباطوريه بدأوا ابإلغارة على‬
‫املدن اليت تقع على حدود اإلمرباطورية ومل يستطع بعض األابطرة رد جحافل الغزو القوطى ومل حيققوا عليهم إال بعض‬
‫االنتصارات اهلزيلة ‪ ،‬وتعترب هزمية فيليب العريب أمام القوط من أكرب اهلزائم وأقساها على الرومان حيث مل يقدر على الصمود‬
‫يف مواجهتهم ‪ ,‬وقد انتهزت القوات الرومانية فرصة هذه اهلزمية واندت بقائدها ديقيوس ‪250-249‬م إمرباطوراً خاصةً بعد‬
‫أن استطاع مطاردة القوات القوطية عرب الدانوب ‪ ,‬ولكن على الرغم من مطاردته هلم إال أهنم بعد توليه العرش استطاعوا‬

‫(‪ )1‬اندرية اميار‪ ,‬جانني أبويه‪ ،‬اتريخ احلضارات العام ‪,‬روما وإمرباطوريتها م‪ ،2‬ت يوسف داغر ‪,‬فريد داغر‪ ،‬منشورات عويدات ‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫ابريس‪،‬د ت ‪ ،‬ص‪. 528‬‬
‫(‪ )2‬قبائل اهلون من العناصر الرتكية املغولية‪ ،‬وبفضل خفتهم وسرعة حتركهم متكنوا من االستقرار ىف شرق آسيأ‪ ،‬وقد وصلوا ىف‬
‫هجماهتم شرقاً حىت وصلوا إىل بالد الصني‪ ،‬فتوقفت هجماهتم بسببني األول أن امرباطور الصني "يوتى" متكن من األنتصار‬
‫عليهم سنة‪128‬ق م‪ ،‬كما كان لسور الصني العظيم دوراً ىف إيقاف زحفهم شرقاً‪ ،‬فاجتهوا غرابً معتمدين على سرعة حتركات‬
‫فرساهنم‪ ،‬وقد كان للجفاف الذى حل مبواطنهم ىف السهول الروسية الىت استقروا هبا دوراً ىف زحفهم غرابً‪ ،‬فاضطرت القبائل‬
‫اجلرمانية القوطية للهروب من الدمار الذى حيمله هؤالء اهلون أينما حلوا إىل عبور هنر الراين واالستقرار داخل‬
‫اإلمرباطورية‪.‬للمزيد من التفاصيل عن القبائل االوروبية‪ ،‬ينظر‪ ،‬أمساعيل نورى الربيعى‪ ،‬اتريخ اورواب ىف العصور الوسطى‪ ،‬دار‬
‫الشموع الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬بدون مكان نشر‪ ،2001،‬ص‪ 35‬ومابعدها ‪.‬‬
‫(‪ )3‬السيد أمحد الناصرى ‪ ،‬اتريخ اإلمرباطورية الرومانية السياسى واحلضارى ط‪ ،3‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪، ،1998‬ص‪.493‬‬

‫‪1‬‬
‫مهامجة التحصينات الرومانية يف سهل الدانوب بقيادة كنيفيا وسحقت قوات ديقيوس سنة ‪251‬م يف منطقة‬
‫)‪(1‬‬
‫‪ . Prittus‬وكانت تلك اهلزمية من أكرب اهلزائم اليت حلقت ابجليوش الرومانية خالل حكم إمرباطورين متواليني مها‬ ‫ابريتوس‬
‫فيليب العريب وديقيوس ‪ ،‬وقد سقط ديقيوس وجبانبه ولداه صرعى يف هذا القتال)‪ .(2‬وزحفت القبائل اجلرمانية سنة ‪210‬م‬
‫)‪(3‬‬
‫‪ ،‬كما احتدت القبائل األوروبيه‬ ‫على بالد الغال وايطاليا واستطاعت ىف بعض الفرتات الوصول اىل ضواحى العاصمة روما‬
‫من أملان ‪ Almanni‬ومكروماىن ‪ Macromani‬وبدأت يف غزو الشمال االيطاىل وبالد الغال وأسبانيا)‪ ، (4‬وتعترب‬
‫فرتة حكم جالينوس ‪253 -251‬م من أشد الفرتات احلرجة اليت مرت هبا االمرباطوريه الرومانية حيث عقد سالم مع‬
‫القوط من أهم شروطة أن يرجع القوط ما هنبوا من املدن والضباط الرومان الذين مت أسرهم مقابل جزيه سنوية تتعهد روما‬
‫بدفعها للقوط ‪ ,‬وعلى الرغم من هذه املعاهدة إال أن القوط غزوا مقدونيا وداملاشيا يف سنة‪255‬م )‪ (5‬وهنبوا املدن اليواننية‬
‫املطلة على البحر األسود‪ ،‬وساقوا أهلها عبيداً ‪ ،‬وىف سنة ‪258‬م متكنوا من السيطرة على خلقدونيا وداملاشيا وسيطروا على‬
‫أوكرانيا ‪.‬‬
‫)‪(6‬‬
‫وكان أول ظهور لألسطول القوطي يف مدينة بيثينوس وهى والية حدودية حيث استطاعوا السيطرة عليها وتدمريها‬
‫‪ .‬وبعد هذه املدينة اجته القوط إىل طرابزون )‪ ، (7‬فسيطروا عليها وعملوا فيها مذحبه مشلت مجيع األعمار واألجناس ‪ ،‬ومل ينج‬
‫من هذه املذحبة والتدمري أقدس املعابد ‪ ,‬وشيئاً فشيئاً ظهروا أمام مدينة سيزيكوس ‪ Cyzicus‬اليت تتميز ابلقوة اهلائلة‬
‫حيث مجعوا كل قواهم لتدمريها ‪ ,‬ولكنهم مل يستطيعوا ذلك بسبب هطول األمطار وارتفاع منسوب املياه يف حبرية أبولونياتس‬
‫‪ Apolloniates‬مما أجربهم على الرتاجع عن هذه املدينة ‪ ،‬ومن الضرابت املوجعه اليت وجهها القوط لآلمرباطورية‬
‫الرومانية يف اجلهة اآلسيوية تدمريهم أكرب املعابد ابملنطقة)‪ .(8‬كما أهنم استطاعوا احتالل أفسس نفسها وحاصروا تسالونيكى‬
‫سنة‪269‬م‪ ،‬وقد التقى هبم اإلمرباطور جاللينوس يف تراقيا وانتصر عليهم يف معركة رغم أنه خسر فيها الكثري من جنوده وقد‬
‫أغتيل بعد سنة واحدة من هذا اإلنتصار‪ ,‬وعندما توىل اإلمرباطور كلوديوس الثاين)‪ Claudius11 (9‬استطاع أن ينقد‬

‫)‪ (1‬حممد حسنني ربيع‪ ،‬دراسات يف اتريخ الدولة البيزنطية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1993‬ص‪.15‬‬
‫)‪ (2‬السيد أمحد الناصرى ‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪. 497‬‬
‫)‪ (3‬ر‪.‬ه‪ .‬ابرو‪ ,‬الرومان ‪,‬ت عبد الرزاق يسرى م سهري القلماوى ‪,‬دار النهضة املصرية ‪ ، 1968‬ص‪. 174‬‬
‫)‪ (4‬السيد أمحد الناصرى ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 499‬‬
‫)‪ (5‬ول ديورنت‪ ،‬قصة احلضارة‪ :‬احلضارة الرومانية‪ ،‬ت حممد بدران ج‪3‬م‪ 3‬اجلزء‪ ،11‬دار اجلبل‪ ،‬بريوت‪ ،‬تونس ‪،‬ص‪. 170‬‬
‫)‪ (6‬ادوارد جيبون‪ ،‬اضمحالل االمرباطورية الرومانية وسقوطها ط‪ 2‬ج‪ ،1‬ت حممد ابودرة‪ ،‬اهليئة املصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬ص‪. 172‬‬
‫)‪ (7‬طرابزون ‪ :‬مستعمرة يواننية قدمية انشاء هبا هادراين ثغر صناعى ‪ ،‬ونتيجة لثرائها انغمس اهلها ىف الرتف وامللذات‪ ،‬وهلذا مل يستطيعوا‬
‫الوقوف ىف وجه اهلجمات القوطية ‪.‬‬
‫)‪ (8‬ادوارد جيبون‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.172‬‬
‫)‪ (9‬لقب كلوديوس ابلقوطى فيما بعد النه جنح ىف أيقاف الغارات القوط على جنوب الدانوب ‪ ،‬وذلك عن طريق مساملة بعض هذه القبائل‬
‫واستخدامها ىف خدمة اإلمرباطورية ‪ ،‬واستيطاهنا ىف أراضى مهجورة عند اطراف اإلمرباطورية ‪ :‬للمزيد ينظر حممد حسنني ربيع ‪ ،‬املرجع‬
‫السابق‪،‬ص‪. 16‬‬

‫‪2‬‬
‫سالونيكى ويطرد القوط ويهزمهم عند انيسس (نيش احلديثة)‪ .‬وهكذا وقف جبيشه بني القوط وايطاليا)‪ ،(1‬وهلذا أكرمه‬
‫الرومان وأعتربوه املؤسس األول حلركة أحياء اإلمرباطورية وأنعموا عليه بلقب قاهر القوط ألنه جنح يف التخلص من خطر هذه‬
‫القبائل)‪ ،(2‬وعندما توىل أورليان احلكم انشأ سوراً حلماية مدينه روما مث تنازل للقوط عن إقليم داملاشيا حىت يقفوا حاجزاً بني‬
‫االم رباطورية والقبائل األوروبية ‪ ،‬واجلدير ابلذكر أن الفرق الرومانية قد أخلت مواقعها يف األطراف الشمالية من أورواب‬
‫كمنطقة الغابة السوداء وسهل ترنسلفانيا وبعض املناطق احمليطة بنهرى الراين والدانوب)‪ ،(3‬وتركتها للقوط الذين أصبحوا‬
‫يشكلون الدرع الواقى من هجمات القبائل األوروبية األخرى جلسم األمرباطورية الرومانية)‪ .(4‬والىت كان من أمهها‪ ،‬الوندال‬
‫وهم شعب جرماين أيضاً كانوا مستقرين يف اسكندانفيا واستقروا يف السواحل الشمالية لبحر البلطيق‪ ,‬وىف القرنني الثاين‬
‫والثالث امليالديني أخذوا يشنون هجمات على أراضى الدولة الرومانية ولكنهم مل يستطيعوا التأثري على الشعب الروماين وال‬
‫احتالل أراضيه حىت سنة ‪409‬م عندما دفعتهم قبائل أوروبية تعرف ابسم (اهلونس) إىل الغرب فاجتازوا الراين واحلقوا الدمار‬
‫مبساحات كبرية مبنطقة غالة (فرنسا احلالية))‪ . (5‬مث اجتهوا غرابً حنو أسبانيا واستقروا هناك ‪،‬مث قاموا يف سنة ‪ 429‬م ابلتوجه‬
‫حنو الشمال األفريقي واحتالله واالستقرار به حتت قيادة ملكهم جنسريق)‪ ،(6‬حىت استطاع اإلمرباطور الروماين جستنيان فيما‬
‫بعد طردهم من مشال أفريقيا وإعادهتا إىل األمرباطورية الرومانية ‪،‬بفضل مهارة وشجاعة قائده بليزاريوس‪ ,‬وكان ذلك يف سنة‬
‫‪533‬م مما جعل جستنيان يعلن عن زهوة االنتصار بقوله " إن هللا جلت قدرته تداركنا برمحته فلم يرجع إلينا أفريقيا وأقاليمها‬
‫فحسب بل أعاد إلينا عباءتنا االمرباطورية اليت أخذها الوندال ‪" (7) .‬‬
‫‪ -2‬الفرس ‪.‬‬
‫دخلت أكرب دولتني يف ذلك الوقت (الفرس والروم ) يف صراع مرير منذ أمد طويل ‪ ,‬وقد زادت حدة الصراع بينهما‬
‫عندما دبت احلياة يف اجليش الفارسي وأحرز العديد من االنتصارات على اجليوش الرومانية ‪ ,‬وكان هذا الصراع من أجل‬
‫السيطرة على الطرق التجارية اليت متر بشبه اجلزيرة العربية ‪ ,‬وكانت احلرب بينهما سجاالً‪ ,‬ففي سنة ‪224‬م انتهت اململكة‬
‫ويعترب نفسه حفيد‬ ‫)‪(8‬‬ ‫البارثية من الوجود وحلت حملها األسرة الفارسية الساسانية بقيادة نبيل فارسي يدعى أرد شري‬

‫)‪ (1‬ول ديورنت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 340‬‬

‫)‪ (2‬السيد امحد الناصرى ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 512‬‬
‫)‪ (3‬ول ديورنت‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 356‬‬
‫)‪ (4‬حممد مرسى الشيخ‪ ،‬اتريخ اورواب ىف العصور الوسطى‪ ،‬مكتبة اجلمهورية‪ ،‬اإلسكندرية ‪،1988‬ص‪. 20‬‬
‫)‪ (5‬ب‪ .‬ه رومنقنت‪ ,‬اتريخ والايت مشال أفريقيا الرومانية من دقلداينوس إىل االحتالل الونداىل‪ ،‬ت عبد احلفيظ امليار‪ ،‬كلية الرتبية‪ ،‬جامعة‬
‫الفاتح ‪ ،‬طرابلس ‪ ،1994‬ص‪. 34‬‬
‫)‪ (6‬أمحد صفر ‪ ،‬مدنية املغرب العريب يف التاريخ ج‪،1‬بوسالمه ‪،‬تونس‪،1959‬ص‪. 382‬‬
‫)‪ (7‬السيد الباز العريىن ‪,‬الدوله البيزنطية ط‪،1‬دار النهضة العربية ‪,‬بريوت ‪ ،1982 ،‬ص‪.71‬‬
‫)‪ (8‬اردشري من عائلة نبيلة ‪ ،‬عني جده ساسان ومن بعده والده ابيكت سادانً لبيت انر (اانهيتا) ىف مدينة اصطخر‪ ،‬وتقلد اردشري وظيفة‬
‫عسكرية ‪ ،‬وكان طموحاً فأراد والده ان يقطع عليه طموحه أبن طلب من أخر ملوك اسرة األشكانيني اردوان اخلامس ان يسلم التاج البنه االكرب‬
‫سابور ‪ ،‬فأرتقى سابور عرش فارس واشتعلت احلرب بينه وبني اخيه اردشري‪ ،‬ولكن وفاة سابور افسحت اجملال لتوىل اردشري عرش فارس ‪ ،‬أما‬
‫اخوته الباقون فقد سلموا له التاج ‪ ،‬ولكى يضفى الشرعية على توليه العرش تزوج من سيدة من اسرة االشكانيني ‪ ،‬بعد ان انتزع منهم العرش=‬

‫‪3‬‬
‫االمخينيني)‪ ،(1‬وقد رأت هذه الدولة اجلديدة أن تعيد جمد الدولة الفارسية القدمية )‪(2‬وهى االمرباطورية اليت أسسها داريوس‬
‫األول من أفغانستان شرقاً حىت البحر األبيض املتوسط غرابً ‪ .‬ومما ساعد يف ازدايد هذا احللم لدى هذه األسرة والسعي وراء‬
‫إحياء هذه االمرباطورية هو أن الداينة الفارسية (املازدية) )‪(3‬قدمت للملكية نظرية مفادها أن احلضارة الرومانية هي العدو‬
‫اللدود للحضارة الفارسية‪ .‬وسواء كانت هذه النظرية صحيحة أم خاطئة فإهنا تدلنا على شدة العداء الفارسي لألمرباطورية‬
‫الرومانية ‪ .‬وبناءاً على هذا أصبحت الدوله الفارسية منذ سنة ‪ 233‬هتدد أرمينيا وبالد مابني النهرين وسوراي وفلسطني وقد‬
‫متكنت من السيطرة على هذه االراضى‪ ،‬بل وصل حكامها ىف غاراهتم على األمرباطورية الرومانية اىل حبر أجيه ىف بعض‬
‫)‪(4‬‬ ‫األحيان ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن بعض األابطرة قد حققوا بعض االنتصارات على الفرس إال أن هذه االنتصارات مل توقف أو تقلل‬
‫من اخلطر الفارسي على الدولة الرومانية ‪ ،‬مم ا دفع بعض األابطرة منهم فيليب العريب إىل عقد الصلح مع شابور العظيم ملك‬
‫الفرس حبيث يتنازل الفرس عن بالد مابني النهرين للرومان ويتنازل الرومان عن أرمينيا للفرس مقابل قيمة مالية قدرها ‪000‬‬
‫‪ 500,‬مخسمائة ألف دينار كغرامة حرب وفدية لألسرى الرومان ‪ ،‬والذي أرغم فيليب على هذا أنه ليس لديه الكفاءة‬
‫العسكرية مما جعله عاجزاً عن مقاومة األعداء ‪ .‬وعلى الرغم من الصلح أو اهلدنة اليت عقدها فيليب مع الفرس إال إن الفرس‬
‫أخذوا يتحينون الفرصة لالنقضاض على االمرباطوريه الرومانية مرةً أخرى ‪.‬ففي سنة ‪253‬م بدأ الفرس يف تنفيذ خطة واسعة‬
‫النطاق وهى احتالل بالد مابني النهرين ‪,‬وبالد الشام وصوالً إىل أنطاكيه‪.‬‬
‫وقد حاول اإلمرباطور فالرياينوس عبثاً قيادة قواته حملاربة الفرس ولكنه مل حيقق أى نتائج تذكر حيث مت أسره ونقل إىل‬
‫)‪(5‬‬ ‫املدائن عاصمة الفرس وبقى يف أيديهم حىت مات يف األسر ‪.‬‬
‫وهكذا أصبحت القوات الفارسية تسيطر على كامل الشرق األدىن القدمي الذى كان حبوزة الرومان‪ .‬وقد أصيبت القوات‬
‫الرومانية ىف الشرق بضربة موجعة مل تنهض منها حىت توىل دقلداينوس احلكم ‪ ،‬وخوفاً من مهامجة القبائل العربية املوالية‬
‫للرومان للدولة الفارسية وحىت تقوم بتأديبهم ومراقبة حتركاهتم وجتمعاهتم وضعت يف حوض اخلليج العريب(الفارسى) سفناً‬
‫حلماية جتارهتا ومحاية حدودها اجلنوبيه ‪ .‬كما أنشأت الدولة الفارسية بني سنيت ‪241-225‬م عدة مواىنء حبرية وهنرية‬

‫بقتله اخر ملوك االشكانيني ىف معركة وادى هرمزدجان سنة ‪ 224‬م ‪ .‬للمزيد عن هذا املوضوع ينظر ‪ ،‬ارثر كريستنيس‪ ،‬ايران ىف عهد الساسانيني‬
‫‪ ،‬ت حيىي اخلشاب‪ ،‬اهليئة املصرية العامة للكتاب‪ ،‬االسكندرية ‪ ،1998‬ص‪ 73‬ومابعدها ‪.‬‬
‫)‪ (1‬أسد رستم ‪ ،‬الروم وصالهتم ابلعرب ج‪1‬ط‪ ,1‬دار املكشوف ‪ ،‬بريوت ‪ ،1955‬ص‪. 44‬‬
‫)‪ (2‬اندرية اميار‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 530‬‬
‫)‪ (3‬املازدية اصحاب مزدك الذى ظهر ىف اايم قباد والد انوشرون ‪ ،‬وكان يقول أن اصل الكون النور والظلمة‪ ،‬عن ذلك ينظر‪ ،‬اىب الفتح حممد‬
‫عبد الكرمي الشهرستاىن‪ ،‬امللل والنحل ج‪ ، 1‬حتقيق حممد فريد‪ ،‬املكتبة التوفيقية ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د ت‪ ،‬ص‪...255‬حسنني على حممد ‪ ،‬قاموس‬
‫املذاهب واالداين ط‪ ،1‬دار اجلبل‪ ،‬بريوت ‪ ،1998‬ص‪. 187‬‬
‫)‪ (4‬اندرية اميار ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪...531‬حممد مرسى الشيخ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 20‬‬
‫)‪ (5‬السيد أمحد الناصرى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 501‬‬
‫‪4‬‬
‫جنوب بالد الرافدين )‪ ،(1‬وقد استمر هذا الوضع من السيطرة الفارسية على الشرق حىت ظهر ملك عريب كان له أثر عند‬
‫ملك تدمر‪ ،‬الذى حاول أن يعقد صلحاً مع امللك الفارسي فأرسل له قافلة حممله ابلسلع واهلدااي مع‬ ‫الرومان وهو اودينه‬
‫)‪(2‬‬

‫رسالة تدعوه للصلح ‪ ،‬ولكن امللك الفارسي الذي كان مفتخراً ابنتصاراته على الرومان وجربوته أمر أن تلقى اهلدااي يف هنر‬
‫الفرات وقال متعالياً " من هو اوديناتوس أودينة ] هذا الذى تبجح هكذا وكتب إىل مواله ؟ إذا كان ميىن نفسه بتخفيف‬
‫عقابه فدعوه خير راكعاً حتت أقدام عرشنا ويداه مغلولتان إىل ظهره ‪ .‬فإذا تردد فلتصبوا اخلراب فوق رأسه وبىن جنسه وبلده‬
‫)‪ ." (3‬ونتيجة هلذه الرسالة املهينة اليت تلقاها أودينة من ملك الفرس قرر أن حيارب الفرس ويثأر منهم وينظم إىل الرومان ‪.‬‬
‫وابلفعل استطاع أن يثأر لنفسة من اإلهانه اليت تلقاها من ملك الفرس ‪ ،‬وعلى الرغم من أن هذا القائد العريب استطاع أن‬
‫يطرد الفرس من الشرق األدىن القدمي إال أن العداوة سريعاً ماحلت بني تدمر والرومان بعد وفاته وتوىل شئون تدمر أرملته‬
‫زنوبيا وقد قام الرومان بصب جام غضبهم على تدمر وقلبها راساً على عقب يف زمن اإلمرباطور أورليان ‪ ,‬وهذا ماسوف‬
‫نتعرض له عند احلديث عن العالقة بني روما والقبائل العربية ‪.‬‬
‫‪ -3‬القبائل العربية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬يف املغرب العرىب القدمي ‪.‬‬
‫منذ أن وطأت أقدام الرومان أرض املغرب القدمي جوهبوا ابلثورات من سكان املنطقة الذين كان لديهم نزعة للحرية‬
‫واالستقالل ‪ ,‬وكانوا أيبون حياة الذل واالستعمار ‪ .‬وقد كانت ثوراهتم يف الكثري من األحيان انجحة بسبب ضيق األراضى‬
‫اليت استحوذ عليها الرومان ‪ ،‬ابإلضافة إىل أن بعض األابطرة مل تكن هلم احلنكة السياسية يف احلرب والقتال ‪ .‬ولذلك اجته‬
‫أولئك األابطرة إىل سياسة اللني واملساومة وعقد التحالفات واملعاهدات مع زعماء القبائل يف بالد املغرب ‪.‬كانت اخلطة‬
‫الرومانية يف القرنني األول والثاين امليالديني هتدف إىل السيطرة على شئون القبائل أكثر من إنشاء خط دفاع مستمر )‪ ,(4‬وقد‬
‫جلأ الرومان إىل تدعيم قواهتم العسكرية إبنشاء املعسكرات الدائمة واجملهزة ابألسلحة والرجال والعتاد ‪ ,‬وكانت الفرقة‬
‫االوغسطية الثالثة من أهم الفرق العسكرية الرومانية يف بالد املغرب القدمي وقد عهد إليها حبماية الوجود الروماين يف بالد‬
‫املغرب)‪ ،(5‬كما أن الرومان اجتهوا إىل سياسة جتنيد بعض السكان ضمن قواهتم العسكرية مثل ما فعلوا مع الشعوب األخرى‬
‫من الغاليني واألسبانيني والسوريني ولكن القيادة كانت بيد الرومان ‪ ،‬وحىت يتمكن الرومان من السيطرة التامة على بالد‬

‫)‪ (1‬جواد على‪ ،‬املفصل ىف اتريخ العرب قبل االسالم ج‪،2‬ط‪ ،3‬دار العلم للمالين‪ ،‬بريوت‪،1980‬ص‪. 628‬‬
‫)‪ (2‬هو اصغر من اخيه خريان لوالده الذى حيمل نفس االسم اودينة‪ ،‬وقد قتل الرومان والده ىف اواسط القرن الثالث امليالدى‪ ،‬فقرر اودينة هذا‬
‫االنتقام لوالده‪ ،‬وعندما اعطاه الرومان سلطة واسعة على تدمر وانتصر على الفرس‪ ،‬أغتنم الفرصة فألتف حوله االنصار ووعدوه ابلنصر ‪ ،‬ولكنه‬
‫توىف قبل حتقيق ذلك فأكملت املشوار من بعده ارملته زنوبيا ‪.‬‬
‫للمزيد من التفاصيل ينظر‪ ،‬جرجى زيدان‪ ،‬العرب قبل االسالم‪ ،‬دار مكتبة احلياة ‪ ،‬بريوت‪ ،1979‬ص‪. 114‬‬
‫)‪ (3‬ادوارد جيبون‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 178‬‬
‫‪(4) Abdulhafid Fadil Elmayer ,Tripolitania and the roman empire (B.C47-D235) markaz jihad al libyin tripoli 1997. p117 .‬‬
‫) ‪(5‬‬
‫)( ‪Craham webster, The Roman lmperial Army,London 1979,p114 .‬‬

‫‪5‬‬
‫املغرب جندهم أقاموا العديد من الطرق الىت تربط املدن املغربية مع بعضها البعض‪ ،‬وقد خلفوا لنا شبكة كبرية وطويلة من‬
‫)‪(1‬‬ ‫الطرق تعترب من أهم خملفاهتم‪ ,‬وأشهر هذه الطرق الطريق الساحلي املمتد من لبده شرقاً حىت طنجه غرابً مروراً بقرطاج ‪.‬‬
‫ولكن على الرغم من حماولتهم هذه مل تنجح قواهتم يف احتالل املغرب بشكل قطعي وهنائي وإمنا كانت حدود‬
‫االمرباطوريه الرومانية يف بالد املغرب تتسع وتضيق حبسب سيطرة الرومان على املناطق اجلنوبيه ‪ ,‬وقد قامت القبائل املغربية‬
‫ابلعديد من الثورات ضد الوجود الروماين منذ نزول الرومان أبرض املغرب واستيالئهم على األراضى واستغالهلا لصاحلهم ‪,‬‬
‫وعندما فشلت تلك اخلطة وأصبحت املعسكرات الرومانية تتعرض هلجمات القبائل املستمرة ومل تستطع فرض سيطرهتا‬
‫ابلسلم أو ابستخدام القوة العسكرية على تلك القبائل جلاء الرومان إىل بناء سلسلة من احلصون واألبراج للحراسة بني املدن‬
‫الساحلية وبني هذه القبائل ىف اجلنوب)‪ .(2‬ومن أشهر الثورات الىت قامت ىف مشال أفريقيا ضد الوجود الروماىن ثورة‬
‫اتكفاريناس)‪ (3‬الىت فشل ثالثة من حكام والية أفريقيا فصل القضاء عليها إال عندما مت إرسال الفرقة االسبانية التاسعة‬
‫بقيادة(دوال بيال))‪ (4‬ملساندة الفرقة األوغسطية الثالثة‪ ،‬وكان من أسباب اشتداد هذه الثورة ضعف السلطة احمللية اليت كانت‬
‫تضطهد هؤالء السكان ومن األسباب أيضاً علم السكان هبجمات الشعوب على االمرباطوريه من جرمان وقوط وفرس‬
‫)‪(5‬‬

‫ومن أشد الغارات الىت قامت هبا قبائل املغرب القدمية تلك الغارة الىت قامت هبا قبيلة االوسرتايىن سنة‪236‬م على مدينة‬
‫لبدة‪ ،‬وال يعرف أصل هذه القبيلة ويرى البعض أهنا جأت من واحات الصحراء الشرقية يف ليبيا‪ ،‬ولكن مصطفى كمال عبد‬
‫العليم يرى أهنا قبيلة ليبية كانت تقيم ابلقرب من سرت والدليل على ذلك هو كثرة غاراهتم على مدينة لبدة )‪ ،(6‬وخوفاً من‬
‫عودة هذه القبيلة ابإلغارة على املدينة جند أن سكان لبدة سنة ‪363‬م طلبوا من كونت رومانوس )‪(7‬املساعده الذى رفض‬
‫)‪(8‬‬ ‫املساعدة إال إذا ارسلوا له اربعة أالف مجل لنقل اجلنود ‪.‬‬
‫وىف نفس الفرتة تقريباً قامت قبائل املارماريداى هبجوم على املدن اخلمس ىف أقليم قورينائية وتصدت هلا القوات‬
‫الرومانية يف زمن كلوديوس الثاين ‪268‬م‪270-‬م بقيادة ثيناجينو بربوس حاكم مصر واخلبري بدروب الصحراء ‪ ,‬ويظهر من‬

‫‪(1) Trousset.p, Signifiation D,une Frontiere, Nomades et sedentaires Dans La Zone du Limes D,afrigue RFS111,1979,P931‬‬

‫)‪ (2‬ى‪،‬م‪ ،‬رينولدس‪،،‬نقش حصن مسوس‪،‬ت سامل االسود‪ ،‬ليبيا القدمية‪،‬اجمللد الثامن ‪،‬مطابع بنغازى‪،1971،‬ص‪. 10‬‬
‫)‪ (3‬اكفاريناس قائد نوميدى‪ ،‬اشتغل ىف اجليش الروماىن كمساعد‪ ،‬مث فر بعد ذلك والتجاء اىل الصحراء وكون جيشاً على غرار اجليش الروماىن ‪،‬‬
‫واثر ىف وجه الرومان وطالب إبرجاع االراضى الىت اغتصبها الرومان اىل اصحاهبا كشرط اساسى لوقف ثورته‪ .‬ينظر حممد على عيسى ‪ ،‬تبليط‬
‫شوارع مدينة لبدة وثورة اتكفاريناس ‪ ،‬ااثر العرب‪ ،‬كلية الفنون واالعالم طرابلس‪ ،1992‬ص‪.22‬‬
‫)‪ (4‬رجب عبد احلميد االثرم‪ ،‬حماضرات ىف اتريخ ليبيا القدمي ط‪ ،2‬جامعة قاريونس‪ ،‬بنغازى ‪ ،1998‬ص‪.209‬‬
‫)‪ (5‬شارل اندريثة جوليان‪ ،‬اتريخ افريقيا الشمالية من البدء اىل الفتح االسالمى‪ ،‬ت حممد مزاىل‪ ،‬البشري بن سالمة‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪،‬‬
‫تونس‪ ،1985‬ص‪. 273‬‬
‫)‪ (6‬مصطفى كمال عبد العليم ‪ ،‬دراسات ىف اتريخ ليبيا القدمي‪ ،‬املطبعة االهلية بنغازى‪ ،1966‬ص‪101 .‬‬
‫)‪ (7‬رومانوس كان يشغل منصب ‪ Coms Africae‬أى قائد أو حاكم افريقيا ىف الفرتة من ‪363‬م اىل ‪373‬م ‪.‬‬

‫) ‪(8‬‬
‫‪Ammianus, Marcllus, xxxvlll, vi, 5 .‬‬

‫‪6‬‬
‫حجم هذه احلملة ومكانة قائدها إىل أى مدى كان الرومان خيشون هذه القبيلة)‪ ،(1‬وىف سنه ‪298‬م شن اإلمرباطور‬
‫)‪(2‬‬ ‫مكسيميان محلة على قبيلة اهليالجوا والىت يرجح أهنا قبيلة الواتة وهى إحدى القابئل الليبية يف سرت ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من اجلهود اليت بدأها ترجان والسياسة اليت اتبعها سبتيميوس سفريوس يف أفريقيا إال اهنا مل تنجح يف احلد‬
‫من ثورات القبائل العربية ىف منطقة املغرب القدمي حيث ساعدهم يف ذلك قدرة السكان على ركوب اجلمال واخرتاق‬
‫)‪(3‬‬ ‫الصحراء من مكان إىل أخر بسرعة وسهوله ‪.‬‬
‫واجلدير ابلذكر أن الثورات اليت قام هبا أهل املغرب القدمي مل تقتصر على سكان منطقة معينه بل جند مجيع السكان قد‬
‫شاركوا يف هذه الثورات‪ ،‬فقد استمرت تلك الثورات زمن األمرباطوراالسكندر سفريوس وزمن اإلمرباطور دقلداينوس الذى قام‬
‫بعدة حماوالت إلهناء مقاومة السكان للوجود الروماين يف املغرب)‪ .(4‬وعلى الرغم من أن هذه الثورات قد جنحت يف البداية‬
‫إال أهنا مل تستطيع الوصول إىل غايتها يف هناية املطاف بسبب أعمال العنف والتعذيب اليت كان يقوم هبا الرومان ضد‬
‫األهايل ‪ ،‬ابإلضافة إىل عنصر اخليانة يف بعض صفوف أهاىل املغرب اليت جنح الرومان يف استمالة أصحاهبا وحتريضهم‬
‫)‪(5‬‬ ‫وتشجيعهم بشىت الوسائل ‪.‬‬
‫وإمجاالً فإن اتريخ املغرب العريب القدمي يف زمن السيطرة الرومانية كان قد أتثر أبحداث االمرباطورية سواء كانت‬
‫الداخلية منها مثل الفوضى السياسية والعسكرية ‪ ،‬والتنافس على العرش األمرباطوري وضعف بعض األابطرة أو اهلجمات‬
‫اخلارجية املتمثلة يف هجمات الشعوب وضغطها على أطراف االمرباطورية حىت وصلت هتديدات تلك الشعوب إىل أطراف‬
‫بالد املغرب ‪.‬‬
‫ب‪ -‬ىف املشرق العرىب القدمي ‪.‬‬
‫اهتم الرومان بشبه اجلزيرة العربية منذ عهد االمرباطور أغسطس ‪ .Augustus‬وكان من أسباب اهتمامهم بشبه اجلزيرة‬
‫العربية الرخاء الذى كان يسودها وحاجتهم إىل التوابل والعطور‪ ،‬فهذه املواد كانت أتتى من املناطق اجلنوبية لشبه اجلزيرة‬
‫العربية (بالد اليمن )‪ .‬ابإلضافه إىل هذا جند أن الدوله الرومانية أرادت محاية حدودها الشرقية خاصة بعد االستيالء على‬
‫مصر وحتويلها إىل والية رومانية ‪ ,‬كما رأت أن تدعم هذه احلدود ضد القبائل العربية اآلسيويه اليت كانت تكثر من الغارات‬
‫على والية مصر الرومانية كما كان وجود الفرس سبباً يف لفت نظر الرومان حنو جزيرة العرب‪ ،‬خاصة وأن الفرس جنحوا يف‬
‫السيطرة على الطرق التجارية الربية الواقعة يف مشال شبه اجلزيرة العربية‪.‬‬

‫)‪ (1‬عبد السالم حممد شلوف‪ ،‬نقوش من قورينا تتحدث عن املقاومة الوطنية لالستعمار الروماىن‪ ،‬البحوث التارخيية‪ ،‬السنة الثامنة‪ ،‬العدد الثاىن‪،‬‬
‫مركز جهاد الليبيني طرابلس‪ ،1984‬ص‪. 254‬‬
‫)‪ (2‬عبد العليم‪ ،‬مصطفى كمال ‪،‬الوطنية الليبية واحلكم األجنىب ىف العصر اليوانىن والروماىن ‪،‬ليبيا القدمية ‪،‬إشراف منظمة اليونيسكو‪،‬ابريس‬
‫‪ ،1984‬ص‪. 175‬‬
‫)‪ (3‬عمار حمجوىب‪ ، ،‬العصر الروماىن ومابعده ىف مشال افريقيا ‪ ،‬اتريخ افريقيا العام مج ‪ ،2‬اليونيسكو‪،1985‬ص‪.478‬‬
‫)‪ (4‬أمحد صفر‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 372‬‬
‫)‪ (5‬رشيد الناضورى‪ ،‬املغرب الكبري ‪ ،‬العصور القدمية ج‪ 1‬دار النهضة العربية‪ ،‬بريوت ‪ ،1981‬ص‪. 326‬‬

‫‪7‬‬
‫وهذا ما أدى إىل نشوب صراع مرير ودائم بني الرومان والفرس منذ القرن األول ق‪.‬م ومن هنا اجته الرومان إىل معاجلة‬
‫هذا األمر بطريقتني إما ابلبحث عن وسائل أتمني اخلط التجاري الربى الواقع يف مشال شبه اجلزيرة العربية ‪،‬أو ابلسيطرة على‬
‫الطريق البحري الذى مير عرب البحر األمحر ‪ ،‬وكانت بالد اليمن مركزاً حيوايً ابلنسبة للطرق البحرية يف البحر األمحر حيث‬
‫)‪(1‬‬ ‫يعترب نقطة التقاء بني البحر األمحر واحمليط اهلندي ‪.‬‬
‫ومن هذا املنطلق جند أن الرومان قد نظروا إىل شبه اجلزيرة العربية من خالل ثالث مناطق وهى بالد اليمن ابلقسم اجلنويب‬
‫من شبة اجلزيرة العربية‪ ،‬ومنطقه البرتاء)‪ (2‬يف القسم الشمايل الغريب مث تليها تدمر يف الشمال)‪ ،(3‬وتدمر هي حمور دراستنا‬
‫خالل الفرتة احلرجة اليت مرت هبا األمرباطوريه الرومانيه منذ سنة‪235‬م حىت سنة‪284‬م‬
‫وهذا ال مينعنا أن نتطرق ولو ابختصار عن حماوالت الرومان من السيطرة على بالد اليمن والبرتاء‪.‬‬
‫احتلت بالد اليمن مكانة مرموقة لدى األابطرة الرومان منذ أن بدأت أنظارهم تتجه حنو الشرق ومنذ أن بدأ الصراع‬
‫بينهم وبني الفرس على طرق التجارة القادمة من الشرق ملا تتمتع به هذه البالد من موقع أسرتاتيجى مهم على طريق التجارة‬
‫األتى من اهلند ‪ ،‬ذلك الطريق الذى أتتى عربه العطور والتوابل الىت كانت هلا أمهية خاصة لدى الشعوب األوروبية‪ ،‬كما‬
‫تشتهر بتنوع حماصيلها واعتدال مناخها وعرفت ابليمن اخلضراء لكثرة األشجار والثمار هبا‪ ،‬وقد جاءت أوىل احملاوالت‬
‫الرومانية للسيطرة على بالد اليمن يف زمن اإلمرباطور أغسطس حيث أرسل محلة سنة‪ 24/25‬ق‪.‬م حنو جنوب شبه اجلزيرة‬
‫العربية بقيادة واليه ىف مصر إلبوس جالوس‪ .‬ويذكر لنا سرتابون الذي كان صديقاً لقائد احلملة يف كتابه السابع عشر الفقرة‬
‫الرابعة )‪(4‬أن سبب حماولة أغسطس هذه إما السيطرة على مدخل البحر األمحر عن طريق كسب العرب كأصدقاء أو‬
‫إخضاعهم والسيطرة عليهم ‪ ،‬ابإلضافه إىل ماكان قد مسعه أغسطس عن الثروة اهلائلة اليت تتمتع هبا هذه املنطقة وخاصة‬
‫التوابل والعطور‪ ،‬ومما ساعد يف تنفيذ وإرسال هذه احلملة أيضاً أن األنباط وعدوه ابملساعدة يف ذلك)‪ ،(5‬وعلى الرغم من‬
‫وصول هذه احلملة إىل تلك امل نطقة إال أهنا مل تستطيع أن حتقق هدفها وهو االستيالء على املنطقة والسبب يف ذلك هو‬
‫اهلبوط يف معنوايت اجلند من خالل ماالقوه من مصاعب يف الطريق من قلة املياه وعدم توفر الطرق الصاحلة للسري ‪ .‬وكان‬
‫السبب املباشر يف هذه اهلزمية يرجح كما يقول سرتابون اىل خيانة الوزير النبطى صاحل وهو دليل احلملة )‪ ،(6‬حيث قام‬
‫بتضليل احلملة تعمداً وبذلك منع بالد اليمن من الوقوع حتت السيطرة الرومانية‪ .‬وعلى الرغم من فشل هذه احلملة جند أن‬
‫أغسطس قد أرسل محلة أخرى بعد عشرين سنة بقيادة ابنه ابلتبين جايوس ولكنه مل يفعل شيئاً يستحق الذكر ‪ .‬وعندما‬

‫)‪ (1‬لطفي عبد الوهاب حيىي‪,‬العرب يف العصور القدمية ‪ ،‬مدخل حضاري يف اتريخ العرب قبل اإلسالم ‪،‬ط‪.2‬دار النهضة العربية ‪،‬بريوت‬
‫‪ ، 1979‬ص‪. 426‬‬
‫)‪ (2‬البرتاء عاصمة االنباط الذين استوطنوا القسم الشماىل من شبة اجلزيرة العربية‪ ،‬وهى مدينة صخرية حتيط هبا اجلبال من مجيع اجلهات وليس‬
‫وراءها غري الرمال البمحرقة وتقع ىف ملتقى القوافل ‪ ،‬واطلق عليها املؤرخون الكالسيكيون اسم ( العربية احلجرية ) ‪.‬‬
‫)‪ (3‬انجى معروف‪ ،‬أصالة احلضارة العربية ط‪ ،3‬دار الثقافة‪ ،‬بريوت‪.1975‬‬
‫)‪ (4‬عدانن انرسيس‪، ،‬بالد سبأ وحضارات العرب األوىل ط‪،2‬دار الفكر املعاصر ‪ ،‬بريوت ‪ ،1990‬ص‪.79‬‬
‫)‪ (5‬لطفى عبد الوهاب حيىي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 426‬‬
‫)‪ (6‬سرتابون‪ ،‬الكتاب ‪ ،17‬الفصل االول ‪ ،‬الفقرة ‪. 52‬‬

‫‪8‬‬
‫فشلت سياسة القوة بدأوا يتبعون سياسة التقرب إىل حكام ( أكسوم) احلبشة وعقدوا معهم االتفاقيات لضمان مصاحلهم‬
‫والضغط على السواحل اجلنوبية العربية ومنع العرب من التحرش ابلتجارية الرومانية‪ ،‬واستمر هذا الوضع حىت استطاع أهل‬
‫)‪(1‬‬ ‫اكسوم االستيالء على بالد اليمن وبتحريض من الرومان فيما بعد‪.‬‬
‫أما مملكة االنباط وعاصمتها البرتاء فهى تقع ضمن حدود البالد العربية‪ ،‬وقد حددها بطليموس ىف كتابه من مصر غرابً‬
‫اىل بالد الرافدين شرقاً واخلليج العرىب من اجلنوب ومن الشمال حتدها فلسطني)‪ ،(2‬وأوىل العالقات السياسية بينهم وبني‬
‫الرومان كانت عندما أرسل الرومان محلتهم إىل بالد اليمن حيث اعتمدوا على وزير األنباط صاحل (سيلاليوس‪) Syllaeus‬‬
‫لريشدهم اىل الطريق حنو املناطق اجلنوبية‪ ،‬وقد عدم نتيجة ما أهتم به ىف هناية املطاف )‪ .(3‬وخالل أواخر القرن األول ق‪.‬م‬
‫وأوائل القرن األول امليالدي أصبح األنباط من رعااي روما غري الرمسيني‪ ,‬األمر الذى أدى ابلرومان إىل مد سيطرهتم على‬
‫مملكة األنباط وذلك من أجل إقرار األمن على احلدود الشرقية ألن البرتاء كانت مركزاً حيوايً يف الطرق التجارية اليت تصل‬
‫روما ابلشرق األقصى وتصل مشال اجلزيرة العربية جبنوهبا ‪ ،‬ابإلضافة إىل رغبة الرومان يف الوقوف ضد االجتياح الفارسي الذى‬
‫كان هدفه مد نفوذه على املناطق العربية على حساب حدود وممتلكات اإلمرباطورية الرومانية ‪ ,‬وقد متكن الرومان فعالً من‬
‫ضم مملكة األنباط كوالية رومانية سنة‪105‬م يف زمن اإلمرباطور تراجان ‪.‬‬
‫)‪(4‬‬

‫هذا فيما خيص البرتاء أما تدمر فهي دولة عربية اللغة واجلنس قامت يف أواسط البادية العربية بني العراق والشام وتبعد‬
‫حوايل ‪150‬كم مشال دمشق و‪100‬كم تقريباً شرق محص)‪ ،(5‬وكانت مركزاً جتارايً مهماً حيث متر هبا الطرق التجارية بني‬
‫احلرية ودمشق ‪ ،‬وأقدم ذكر هلا كان يف الكتاب املقدس أخبار األايم الثاين كما ورد ذكرها عند امللك جتالت بالسر أثناء‬
‫محلته على العموريني ىف بالد الشام حواىل سنة‪1100‬ق م )‪(6‬ومل يذكرها العرب إال بعد اإلسالم ومل تزدهر إال بعد سقوط‬
‫‪(7).‬‬ ‫مملكة األنباط وقد كانت خاصة ابجلمارك التجارية يف هذه املدينة‬
‫ونتيجة لسوء العالقات بني فارس وروما تناوب الطرفان السيطرة على تدمر فنجدها تنتقل ابلوالء من طرف إىل أخر‬
‫كلما ضغط عليها الطرف األخر أكثر من الالزم‪ ,‬وقد انتقلت إىل التبعية الرومانية منذ زمن اإلمرباطور هادراين ‪Hadrian‬‬
‫‪117‬م‪138-‬م وقد أطلق عليها تدمر اهلادراينية إثر زايرة قام هبا هذا اإلمرباطور هلذه املدينة ‪ ,‬وىف زمن سبتيميوس‬
‫سيفريوس ‪193‬م‪ 211-‬م حتولت إىل مدينة هلا وضع الوالايت الرومانية‪ ،‬وقد قابلت تدمر هذا املوقف الروماين ابلوالء‬

‫)‪ (1‬جواد على ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 627‬‬

‫)‪ (2‬بطليموس‪ ،‬اجلغرافيا مج‪ ،1‬ت فؤاد سزكني‪ ،‬معهد اتريخ العلوم العربية واألسالمية‪ ،‬جامعة فرانكفورت‪ ،‬أملانيا ‪ ،1987‬ص‪.181‬‬
‫)‪ (3‬لطفى عبد الوهاب حيىي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.429‬‬
‫)‪ (4‬لطفى عبد الوهاب حيىي‪ ،‬نفسه‪ ،‬ص‪....431‬السيد امحد الناصرى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 332‬‬
‫)‪ (5‬حسن الشيخ ‪ ،‬العرب قبل االسالم‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬االسكندرية ‪،1993‬ى ص‪. 143‬‬
‫)‪ (6‬امحد أنديشة ‪ ،‬عبد احلكيم الكعيب ‪ ،‬دراسات يف اتريخ العرب قبل االسالم ‪ ،‬دار الشعب للطباعة والنشر ‪ ،‬مصراتة ‪ ،2005‬ص‪93‬‬
‫‪.....‬فيليب حيت ‪ ،‬اتريخ سورية ولبنان وفلسطني ج‪3‬ط‪ 3‬ت جورج حداد‪ ،‬عبدالكرمي رافق‪ ،‬دار الثقافة ‪ ،‬بريوت ‪ ،1957‬ص‪. 432‬‬
‫)‪(7‬جرجى زيدان ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 112‬‬

‫‪9‬‬
‫وخدمة املصاحل الرومانية )‪ ،(1‬وعندما أرسل أودينه رسالة للملك الفارسي أهانه امللك الفارسى كما ذكران سابقاً‪ ،‬عندما أمر‬
‫إبلقاء اهلدااي ىف النهر )‪ ،(2‬وهلذا مجع أودينه قواته العربية وهاجم الفرس وجنح يف مطاردة امللك الفارسي إىل عاصمته طيسفون‬
‫‪ Ctesiphon‬مما جعل الرومان يثقون يف أودينه وأعطوه سلطة على بعض الوالايت الرومانيه يف سوراي سنة ‪262‬م‬
‫اإلسالم اإلسالم ‪ ,‬وأضاف إليه اإلمرباطور جالينوس سلطة فعلية على الوالايت الرومانية يف الشرق ‪ ,‬وعلى الرغم من هذا‬
‫الوالء الذى قدمه أودينة للرومان إال أنه عندما حاول االنفصال عن روما وإقامة دولة عربية مستقلة قامت أبغتياله ‪ .‬وبعد‬
‫وفاته تولت احلكم يف تدمر زوجتة وارملتة زنوبيا)‪ ،(3‬وقد عرفها العرب أبمساء هند والزابء )‪ (4‬وهى ابنة أمري عريب من بىن‬
‫مسيدع‪ ،‬وكانت أمجل من كليوابتر)‪(5‬وأشجع من مسرياميس)‪(6‬وقد خلفته يف احلكم كوصية على ابنها وهب الالت)‪ ،(7‬وقد‬
‫حاولت هذه امللكة أن تستقل بتدمر فانتهزت انشغال اإلمرباطور أورليان يف بعض احلروب داخل أورواب فوسعت نطاق‬
‫نفوذها واستطاعت أن تسيطر على العراق والشام ومصر )‪ ،(8‬وبذلك سيطرت ولفرتة وجيزة على أهم خمزن للحبوب عند‬
‫روما واسقطت اسم أورليان عن النقود وسكت عملة جديدة ابسم تدمر وأوشكت بيثينيا ‪( Bythinia‬جنوب اسيأ‬
‫الصغرى) أن تدخل حتت لوائها‪ .‬وعندما انتهى أورليان من حروبه جهز قوة ملهامجة تدمر‪ ،‬وألتقت جيوشه جبيوش تدمر يف‬
‫أنطاكيه ومحص وتراجعت جيوش تدمر مغلوبة‪ ,‬وقد سخرت من أورليان حيث أرسلت له رسالة قائله " إهنا مل ختسر أحداً‬
‫من رجاهلا ‪.‬ألن الذين قتلوا يف املعارك إمنا هم من الرومان )‪" (9‬إلن يف جيشها الكثري من اجلند الذين كانوا مرتزقة ىف اجليش‬
‫الروماىن مت أسرهم ووضعهم ىف اخلطوط األمامية ملواجهة اجليوش الرومانية‪ ،‬وعندما تقدم أورليان بقواته واستطاع حماصرة تدمر‬
‫وتدمريها حاولت الفرار إىل فارس ولكنها مل تفلح يف هذا حيث مل يقم امللك الفارسي هبرام بنجدهتا‪ ،‬وسبب تقاعسه عن‬
‫تقدمي املساعدة كان لضعف سياسته حيث مل تكن له مهة يف إدارة امللك)‪ .(10‬وقد مت القبض عليها سنة ‪272‬م وأخدت‬
‫امللكة أسرية إىل روما لكي تسري ىف موكب النصر ألورليان داخل روما)‪ .(11‬وعلى الرغم من االنتصار الروماين يف هناية‬
‫املطاف إال أهنم جوهبوا مبقاومة عنيفة‪ ,‬والدليل على عنف املقاومة تلك الرسالة اليت أرسلها أورليان إىل أهل روما تشري إىل‬

‫)‪ (1‬لطفى عبد الوهاب حيىي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 433‬‬

‫)‪ (2‬حممد بيومى مهران‪ ،‬اتريخ العرب القدمي‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،2000‬ص‪. 543‬‬
‫)‪ (3‬زنوبيا كانت ذات مكر ودهاء ‪ ،‬وكانت تستعرض جيوشها ومتر امام الصفوف ممتطية اجلواد وعليها لباس احلرب على عادة اليوانن والرومان‪،‬‬
‫وقد تولت الوصاية على ابنها وهب الالت سنة ‪270‬م ‪.‬‬
‫)‪ (4‬الزابء ابلعربية ذات الشعر الغزير ‪.‬‬
‫)‪ (5‬كليوابترة اسم لعدة ملكات ىف مصر وسوراي اشهرهن كليوابترا السابعة الىت حكمت مصر من ‪52‬ق م اىل سنة ‪ 30‬ق م ‪.‬‬
‫)‪ (6‬مسرياميس ملكة اسطورية لالشوريني ويبدوا أن االسم هو حتريف لالسم االشورى هلهذه امللكة وهو ( مسورحات) أو(مشريام) ويبدوا اهنا كانت‬
‫وصية على ولدها اددنريى الثالث الذى حكم اشور من ‪810‬ااىل ‪ 783‬ق م ‪ .‬عن هذه امللكة االسطورية لالشوريني ‪..‬ينظر عبد العزيز صاحل ‪،‬‬
‫الشرق االدىن القدمي ‪ ،‬مصر والعراق‪ ،‬ج ‪ ،1‬مكتبة االجنلوا املصرية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،1990‬ص‪. 593‬‬
‫)‪ (7‬العماد مصطفى طالس ‪ ،‬زنوبيا ملكة تدمر ط‪ ،2‬طالس للدراسات والرتمجة والنشر‪ ،‬دمشق ‪ ،1989‬ص‪.159‬‬
‫)‪ (8‬حممد مرسى‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 18‬‬
‫)‪ (9‬جرجى زيدان ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 116‬‬
‫)‪ (10‬جواد على املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 635‬‬
‫)‪ (11‬لطفى عبد الوهاب حيىي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪. 425‬‬

‫‪10‬‬
‫قوة الدور الذى قامت به تدمر وملكتها يف مقاومة اجليوش الرومانية فيقول‪ " :‬يتحدث الرومان كما يطيب هلم ‪,‬يقولون أبنىن‬
‫أحارب امرأة ‪،‬هذا صحيح ‪،‬إمنا أحارب امرأة عظيمة ‪،‬ولو عرف النقاد من هي زنوبيا لتحول نقدهم إىل مديح يل ‪،‬إمنا هي‬
‫امرأة قويه حازمه الرأي وشعبها حيبها ويعبدها‪،‬وىف ظىن مل نقابل عدواً مثلها " )‪(1‬وقد اختلفت الرواايت حول مصري امللكة‬
‫بعد دخوهلا إىل روما ‪ ،‬فمنهم من يقول إهنا تزوجت من نبيل روماين‪ ،‬ومنهم من يقول إهنا ماتت بعد اإلمتناع عن الطعام ‪,‬‬
‫وهناك من يرى أنه قد خصص هلا بيت يف ايطاليا وتزوجت من أحد أعضاء جملس الشيوخ واعتزلت السياسة واحلرب‬
‫وعاشت مع أوالدها )‪. (2‬‬
‫ومهما كان املصري الذى آلت إليه زنوبيا فإنه ابنتهائها انتهت دولة عربية استطاعت الصمود أمام الرومان ‪ ،‬وأبنتهائها‬
‫استطاع الرومان إحكام السيطرة على كامل املنطقة العربية الشرقية وضمها لإلمرباطورية الرومانية‪ .‬هذا ابلنسبة ملصري زنوبيا‬
‫أما مصري تدمر فال تدلنا عليه سوى الرسالة اليت أرسلها أورليان إىل واليه ابسوس حيث يقول‪" .‬على جنودي أن يرحيوا‬
‫سيوفهم ‪،...‬لقد دمرت واحدة من أكثر مدن الشرق إزدهاراً‪،..‬لقد ذبح الكثري من التدمريني وقطعت حلومهم‪ ،‬ومل يفر‬
‫منهم شيخ أو امرأة أو طفل ‪ ،‬وهدمنا البيوت‪ ،‬فلمن سوف نرتك هذه املدينة؟ أعتقد أنه جيب أن ترحم القلة الباقية من‬
‫)‪(3‬‬ ‫السكان الذين روعهم مصري اآلخرين" ‪.‬‬
‫أما ابلنسبة إىل مصر فكانت مثل والايت اإلمرباطورية األخرى فكثرياً ما كانت تتعرض لغزو الشعوب احمليطة هبا أو قيام‬
‫ثورات متقطعة ضد احلكم الروماين‪ ،‬ومن أشهر القبائل اليت كانت هتاجم مصر من الناحية اجلنوبية قبيلة تعرف ابسم‬
‫اللميس‪ ،‬وقد استطاع بعض األابطرة شراء سلمهم ابملال وإقامة قبائل من النوبيني على حدود مصر اجلنوبية دعمها الرومان‬
‫)‪(4‬‬ ‫مادايً لتكفل محاية احلدود من أي خطر ‪.‬‬
‫ولكن مل خيل القرن الثالث من أابطرة كانت لديهم الرغبة الصادقة يف العمل من أجل حتقيق أى شيء يستحق الذكر ‪,‬‬
‫ولكنهم سقطوا نتيجة لغدر جنودهم والبعض منهم قضوا الوقت سعياً بني هذه اجلبهة وتلك دفعاً هلجمات القبائل على‬
‫احلدود ‪.‬‬

‫)‪ (1‬جربان‪ ،‬نعمان حممود ‪،‬روضه سحيم محد ‪,‬دراسات يف اتريخ اجلزيرة العربية قبل اإلسالم ‪,‬مؤسسه محاد للخدمات‬
‫اجلامعيه ‪،‬األردن ‪ ،1998‬ص‪.195‬‬
‫)‪ (2‬بشار خلف‪ ،‬دراسات ىف حضارة املشرق العرىب القدمي‪ ،‬مركز األمناء احلضارى‪ ،‬حلب ‪، 2003‬ص ‪. 112‬‬

‫)‪ (3‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص‪170‬‬

‫‪....‬عن اتريخ الدولة العربية تدمر ‪ ،‬ينظر العماد مصطفى طالس ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪ 169‬ومابعدها ‪ ....‬جواد علي ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬‬
‫ص‪ ... 633‬جرجي زيدان ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 115‬‬
‫)‪ (4‬مصطفى العبادي ‪ ،‬االمرباطورية الرومانية ‪ ،‬النظام االمرباطوري ومصر الرومانية ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬بريوت ‪ ،1981‬ص‪. 245‬‬

‫‪11‬‬
 ‫مصادر ومراجع الدراسة‬
‫أوالً ‪ :‬املصادر ‪.‬‬
‫‪ -1‬اىب الفتح حممد عبد الكرمي الشهرستاىن‪ ،‬امللل والنحل ج‪ ،1‬حتقيق حممد فريد‪ ،‬املكتبة التوفيقية ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د ت ‪.‬‬
‫‪ -2‬بطليموس‪ ،‬اجلغرافيا مج‪ ،1‬ت فؤاد سزكني‪ ،‬معهد اتريخ العلوم العربية واألسالمية‪ ،‬جامعة فرانكفورت‪ ،‬أملانيا ‪.1987‬‬
‫‪ -3‬سرتابون‪ ،‬الكتاب ‪. 17‬‬
‫‪- Ammianus, Marcllus, xxxvlll, vi. 4‬‬
‫اثنياً ‪ :‬املراجع ‪.‬‬
‫‪ -1‬أمحد صفر ‪ ،‬مدنية املغرب العريب يف التاريخ ج‪،1‬بوسالمه ‪،‬تونس‪. 1959‬‬
‫‪ -2‬أمحد أنديشة‪ ،‬عبد احلكيم الكعىب‪ ،‬دراسات يف اتريخ العرب قبل اإلسالم‪ ،‬دار الشعب للطباعة والنشر‪،‬‬
‫مصراتة‪. 2005‬‬
‫‪ -3‬أسد رستم ‪ ،‬الروم وصالهتم ابلعرب ج‪1‬ط‪ ,1‬دار املكشوف ‪ ،‬بريوت ‪. 1955‬‬
‫‪ -4‬أمساعيل نورى الربيعى‪ ،‬اتريخ اورواب ىف العصور الوسطى‪ ،‬دار الشموع الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬بدون مكان نشر‪2001،‬‬
‫‪ -5‬بشار خلف‪ ،‬دراسات ىف حضارة املشرق العرىب القدمي‪ ،‬مركز األمناء احلضارى‪ ،‬حلب ‪.2003‬‬
‫‪ -6‬جواد على‪ ،‬املفصل ىف اتريخ العرب قبل االسالم ج‪،2‬ط‪ ،3‬دار العلم للمالين‪ ،‬بريوت‪.1980‬‬
‫‪ -7‬جرجى زيدان‪ ،‬العرب قبل االسالم‪ ،‬دار مكتبة احلياة ‪ ،‬بريوت‪.1979‬‬
‫‪ -8‬حسن الشيخ ‪ ،‬العرب قبل االسالم‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬االسكندرية ‪. 1993‬‬
‫‪ -9‬حسنني على حممد ‪ ،‬قاموس املذاهب واالداين ط‪ ،1‬دار اجلبل‪ ،‬بريوت ‪.1998‬‬
‫‪ -10‬رشيد الناضورى‪ ،‬املغرب الكبري ‪ ،‬العصور القدمية ج‪ 1‬دار النهضة العربية‪ ،‬بريوت ‪.1981‬‬
‫‪ -11‬السيد أمحد الناصرى ‪ ،‬اتريخ اإلمرباطورية الرومانية السياسى واحلضارى ط‪ ،3‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.1998‬‬
‫‪ -12‬رجب عبد احلميد االثرم‪ ،‬حماضرات ىف اتريخ ليبيا القدمي ط‪ ،2‬جامعة قاريونس‪ ،‬بنغازى ‪. 1998‬‬
‫‪13-‬السيد الباز العريىن ‪,‬الدوله البيزنطية ط‪،1‬دار النهضة العربية ‪,‬بريوت ‪.1982 ،‬‬
‫‪ -14‬عمار حمجوىب ‪ ،‬العصر الروماىن ومابعده ىف مشال افريقيا ‪ ،‬اتريخ افريقيا العام مج ‪ ،2‬اليونيسكو‪.1985‬‬
‫‪ -15‬عدانن انرسيس‪، ،‬بالد سبأ وحضارات العرب األوىل ط‪،2‬دار الفكر املعاصر ‪ ،‬بريوت ‪1990‬‬
‫‪ -16‬العماد مصطفى طالس ‪ ،‬زنوبيا ملكة تدمر ط‪ ،2‬طالس للدراسات والرتمجة والنشر‪ ،‬دمشق ‪. 1989‬‬
‫‪ -17‬عبد العزيز صاحل ‪ ،‬الشرق االدىن القدمي ‪ ،‬مصر والعراق‪ ،‬ج ‪ ،1‬مكتبة االجنلوا املصرية ‪ ،‬القاهرة ‪. 1990‬‬
‫‪ -18‬لطفي عبد الوهاب حيىي‪,‬العرب يف العصور القدمية ‪ ،‬مدخل حضاري يف اتريخ العرب قبل اإلسالم ط‪ ، 2‬دار النهضة‬
‫العربية ‪،‬بريوت ‪.1979‬‬
‫‪ -19‬مصطفى كمال عبد العليم ‪ ،‬دراسات ىف اتريخ ليبيا القدمي‪ ،‬املطبعة االهلية بنغازى‪.1966‬‬
‫‪ -20‬حممد حسنني ربيع‪ ،‬دراسات يف اتريخ الدولة البيزنطية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.1993‬‬

‫‪12‬‬
 ‫‪ -21‬حممد مرسى الشيخ‪ ،‬اتريخ اورواب ىف العصور الوسطى‪ ،‬مكتبة اجلمهورية‪ ،‬اإلسكندرية ‪. 1988‬‬
‫‪ -22‬حممد بيومى مهران‪ ،‬اتريخ العرب القدمي‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬االسكندرية‪. 2000‬‬
‫‪ -23‬مصطفى العبادي ‪ ،‬االمرباطورية الرومانية ‪ ،‬النظام االمرباطوري ومصر الرومانية ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬بريوت ‪1981‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -24‬انجى معروف‪ ،‬أصالة احلضارة العربية ط‪ ،3‬دار الثقافة‪ ،‬بريوت‪.1975‬‬
‫‪ -25‬نعمان حممود جربان ‪،‬روضه سحيم محد ‪,‬دراسات يف اتريخ اجلزيرة العربية قبل اإلسالم ‪,‬مؤسسه محاد للخدمات‬
‫اجلامعيه ‪،‬األردن ‪.1998‬‬

‫اثلثاً ‪ :‬املراجع املرتمجة ‪.‬‬

‫‪ -1‬ارثر كريستنيس‪ ،‬ايران ىف عهد الساسانيني ‪ ،‬ت حيىي اخلشاب‪ ،‬اهليئة املصرية العامة للكتاب‪ ،‬االسكندرية ‪.1998‬‬
‫‪ -2‬اندرية اميار‪ ,‬جانني أبويه‪ ،‬اتريخ احلضارات العام ‪,‬روما وإمرباطوريتها م‪ ،2‬ت يوسف داغر ‪,‬فريد داغر‪ ،‬منشورات‬
‫عويدات ‪ ،‬بريوت‪ ،‬ابريس‪،‬د ت ‪.‬‬
‫‪ -3‬ادوارد جيبون‪ ،‬اضمحالل االمرباطورية الرومانية وسقوطها ط‪ 2‬ج‪ ،1‬ت حممد ابودرة‪ ،‬اهليئة املصرية العامة للكتاب‪،‬‬
‫القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -4‬ب‪ .‬ه رومنقنت‪ ,‬اتريخ والايت مشال أفريقيا الرومانية من دقلداينوس إىل االحتالل الونداىل‪ ،‬ت عبد احلفيظ امليار‪،‬‬
‫كلية الرتبية‪ ،‬جامعة الفاتح ‪ ،‬طرابلس ‪.1994‬‬
‫‪ -5‬ر‪.‬ه‪ .‬ابرو‪ ,‬الرومان ‪,‬ت عبد الرزاق يسرى م سهري القلماوى ‪,‬دار النهضة املصرية ‪. 1968‬‬
‫‪ -6‬شارل اندريثة جوليان‪ ،‬اتريخ افريقيا الشمالية من البدء اىل الفتح االسالمى‪ ،‬ت حممد مزاىل‪ ،‬البشري بن سالمة‪ ،‬الدار‬
‫التونسية للنشر‪ ،‬تونس‪. 1985‬‬
‫‪ -7‬فيليب حىت‪ ،‬اتريخ سورية ولبنان وفلسطني ج‪ 3‬ط‪ 3‬ت جورج حداد ‪ ،‬عبد الكرمي رافق‪،‬دار الثقافة ‪،‬بريوت‪. 1957‬‬
‫‪ -8‬ول ديورنت‪ ،‬قصة احلضارة‪ :‬احلضارة الرومانية‪ ،‬ت حممد بدران ج‪3‬م‪ 3‬اجلزء‪ ،11‬دار اجلبل‪ ،‬بريوت‪ ،‬تونس ‪.‬‬
‫‪ -9‬ى‪،‬م‪ ،‬رينولدس‪،،‬نقش حصن مسوس‪،‬ت سامل االسود‪ ،‬ليبيا القدمية‪،‬اجمللد الثامن ‪،‬مطابع بنغازى‪. 1971‬‬
‫رابعاً ‪ :‬املراجع االجنبية ‪.‬‬
‫‪1- Abdulhafid Fadil Elmayer ,Tripolitania and the roman empire (.B.C47-‬‬
‫‪A.D235) markaz jihad al libyin tripoli 1997.‬‬
‫‪2- Craham webster, The Roman lmperial Army,London 1979 .‬‬
‫‪3- Trousset.p,Signifiation D,uneFrontiere,Nomades et sedentaires Dans La‬‬
‫‪Zone du Limes D,afrigue, RFS111,1979.‬‬

‫‪13‬‬
 ‫خامساً ‪ :‬الدورايت ‪.‬‬
‫‪ -1‬عبد السالم حممد شلوف‪ ،‬نقوش من قورينا تتحدث عن املقاومة الوطنية لالستعمار الروماىن‪ ،‬البحوث التارخيية‪ ،‬السنة‬
‫الثامنة‪ ،‬العدد الثاىن‪ ،‬مركز جهاد الليبيني طرابلس‪،1984‬‬
‫‪ -2‬مصطفى كمال عبد العليم ‪،‬الوطنية الليبية واحلكم األجنىب ىف العصر اليوانىن والروماىن ‪،‬ليبيا القدمية ‪،‬إشراف منظمة‬
‫اليونيسكو‪،‬ابريس ‪. 1984‬‬
‫‪ -3‬حممد على عيسى ‪ ،‬تبليط شوارع مدينة لبدة وثورة اتكفاريناس ‪ ،‬ااثر العرب‪ ،‬كلية‬
‫الفنون واالعالم ‪ ،‬طرابلس‪. 1992‬‬

‫‪14‬‬