‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬

‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬

‫‪ ‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫ﺗﻤﮭﯿﺪ ‪-:‬‬

‫اﻟﺨﺼ ــوص وﻓـ ـﻲ ﻨظﯿراﺘﻬ ــﺎ‬

‫ﺘﻌ ــددت اﻷ�ﺤ ــﺎث ﻋ ــن اﻟﻘـ ـراﺒﯿن اﻟ�ﺸـ ـر�ﺔ ﻋﻨ ــد اﻟﻘرط ــﺎﺠﯿﯿن ﻋﻠ ــﻰ وﺠ ــﻪ ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫"‬ ‫وﺴ ــﻤﯿت ﻫـ ــذﻩ اﻟﻘـ ـراﺒﯿن اﻟ�ﺸـ ـر�ﺔ ﻤﻠ ــك ﻋ ـ ـدم ) ‪ ( moikdm‬وﻫ ــﻰ ﺘﻌﻨ ــﻰ "ﻤﻠ ــك اﻹﻟ ــﻪ‬
‫اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ� ــﺔ ﻋﻤوﻤـ ـﺎً ُ‬
‫و�ﺄﻷﺨص ﺘﻠـك اﻟﺘﻀـﺤ�ﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋ�ـﺔ واﻟﺘـﻲ إﻋﺘﺒـرت ﻋﻨـد كﺜﯿـر ﻤ ـن اﻟ�ـﺎﺤﺜﯿن ﻤﺜـﻞ ﺠ ـﺎن ﻤﺎز�ـﻞ �ﻤﺜﺎ�ـﺔ ﻤﺠـزرة‬
‫اﻟﻨﻔـوس‬
‫ﻟﻸطﻔﺎل �ﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺤﻘ�ﻘﻲ ‪ ،‬وﻗد أﺜﺎرت ﻫـذﻩ اﻟظـﺎﻫرة ﻋﻠـﻰ ﻤـر اﻟﻌﺼـور ُﺴـﺨط اﻟﻨـﺎس ﻤـن أﺼـﺤﺎب ُ‬
‫ـر ﻤـن‬
‫طﻘـوس اﻟﻤﺎﻀـﻲ اﻟدﯿﻨ�ـﺔ ﺒـﻞ ﻨﺎﻟـت ﻫـذﻩ اﻟظـﺎﻫرة ﻗـد اًر كﺒﯿ اً‬
‫اﻟﻨﺒﯿﻠﺔ واﻟذﯿن ﻟ�ﺴت ﻟدﯿﻬم ﻤﻌرﻓـﺔ ﺤﻘ�ﻘـﺔ ﻋـن ُ‬
‫)‪(2‬‬
‫وﻓـﻰ اﻟواﻗـﻊ ﯿﺠـب ﻋﻠﯿﻨـﺎ ‪،‬‬ ‫اﻟﻛرﻩ واﻹﺴﻤﺌزاز ﻤن أﺼـﺤﺎب اﻟﺤﻀـﺎرات اﻟﻤﻌﺎﺼـرة ﻟﻬـم كـﺎﻹﻏر�ق واﻟروﻤـﺎن‬
‫ُ‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴــﺎت اﻟدﯿﻨ�ــﺔ اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ�ــﺔ أوﻻً و اﻟﺒوﻨ�ﻘ�ــﺔ‬
‫اﻟﻤﺘﻌﻠﻘــﺔ �ــﺎﻟﻘراﺒﯿن اﻟ�ﺸ ـر�ﺔ كﻨــوع ﻤــن ُ‬
‫ﻟــدى �ﺤــث ﻫــذﻩ اﻟﻤﺴــﺎﻟﺔ و ُ‬
‫ﺜﺎﻨ�ـﺎً أن ﻨﻨظــر إﻟﯿﻬــﺎ �ﻤﻨظــﺎر ذﻟــك اﻟــزﻤن اﻟــذي ّﻗـدﻤت ﻓ�ــﻪ ‪ ،‬ﻟﻛــﻲ ُﻨـدرك �ﺄ�ــﺔ ِﻗـ�م روﺤ�ــﺔ كﺎﻨــت ﺘـرﺘ�ط ﺒﻬــذﻩ‬
‫اﻟﻘ�م اﻟروﺤ�ﺔ ﺴﺘﻛون ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎ�ـﺔ ﻗـ�م ﻗر��ـﺔ ﺠـداً ﻤـن ِﻗ�ﻤﻨـﺎ ﻓـﻲ ﻫـذا اﻟـزﻤن ‪ ،‬إذ‬ ‫اﻟﻘراﺒﯿن ‪ ،‬و�ﺎﻟﻨﺘﯿﺠﺔ ﻓﺎن ﻫذﻩ ِ‬

‫أﻨﻨﺎ ﻨﺠد ﻓﻲ ﻋﺼرﻨﺎ ﻫذا أن اﻟﺘﻀﺤ�ﺔ �ﺎﻟﻨﻔس ﻫـﻲ أروع و أﻨﺒـﻞ اﻟﺘﻀـﺤ�ﺎت اﻟﺘـﻲ �ﻤكـن أن ُ�ﻘـدﻤﻬﺎ اﻹﻨﺴـﺎن‬
‫اﻟﻌﺼــور اﻟﻘد�ﻤــﺔ ﻓــﻲ ﻗرطﺎﺠ ـﺔ وﻏﯿرﻫــﺎ ‪ ،‬ﺤﯿــث ﻋﻠــﻰ اﻟﻘﺎﺌــد‬
‫ﻷﺠــﻞ ﻫــدف ﻨﺒﯿــﻞ ‪ ،‬واﻷﻤــر ﻨﻔﺴــﻪ ﯿﻨطﺒــق ﻋﻠــﻰ ُ‬
‫اﻟﺨﺎﺴر ﻓـﻲ ﻤﻌركـﺔ ﻤـﺎ ﻓـﻲ ﻗرطﺎﺠـﺔ كـﺎن ﯿﺠـب ﻋﻠ�ـﻪ ﻋﻨـد ﻋودﺘـﻪ ودﺨوﻟـﻪ اﻟﻤدﯿﻨـﺔ أن ُﯿﺒـرﻫن ﻋﻠـﻰ إﺨﻼﺼـﻪ‬
‫ﻟوطﻨـﻪ وذﻟـك �ـﺎن ُﯿﻠﻘـﻲ ﺒﻨﻔﺴـﻪ ﻓـﻲ ﻨـﺎر أﺤـد اﻟﻤﻌﺎﺒـد وﻫـﻲ ﻋﻠـﻰ اﻷرﺠـﺢ ﻓـﻲ ﻤﻌﺒـد اﻹﻟـﻪ �ﻌـﻞ ﺤـﺎﻤون واﻹﻟﻬـﻪ‬
‫ﺘﺎﻨﯿت ‪.‬‬

‫‪-----------------------------------------------------‬‬

‫‪114‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫وكــذﻟك اﻟﺤــﺎل ذاﺘــﻪ ﻋﻨــدﻤﺎ ﺘﺘﻌــرض اﻟﻤدﯿﻨــﺔ ﻷي ﻨك�ــﺎت كﺒﯿـرة كﺎﻟﺤﺼــﺎر ﻤــﺜﻼً ‪ ،‬ﻓــﺎن ﻨﺴــﺎء اﻟﻤدﯿﻨــﺔ‬
‫اﻟﻤﺘﺤﻤﺴــﺎت ﻓــﻲ ﻗرطﺎﺠـﺔ كــن ﯿﻠﻘــﯿن �ﺄﻨﻔﺴــﻬن ﻤــن ﻓــوق أﺴــطﺢ اﻟﻤﻨــﺎزل اﻟﻌﺎﻟ�ــﺔ وأطﻔــﺎﻟﻬن ﻓــﻲ أﯿــدﯿﻬن وذﻟــك‬
‫ُ‬
‫اﻟﻛﺘـﺎب‬
‫ﻹﺜـﺎرة اﻟﺸــﻌور �ﺎﻟرﻫ�ــﺔ ﻋﻨــد اﻷﻋــداء وﻹﺜ�ــﺎت ﻤﺸــﺎﻋرﻫن اﻟﺤﻤﺎﺴـ�ﺔ ﻟــوطﻨﻬن كﻤــﺎ أورد ذﻟــك كﺜﯿــر ﻤــن ُ‬
‫اﻟُﻘدﻤﺎء أﻤﺜﺎل دﯿودور اﻟﺼﻘﻠﻲ و�ﻠوﺘﺎرخ وﻏﯿرﻫم ‪ ،‬ﺒﻞ إن ﻫذﻩ اﻟﺘﻀﺤ�ﺔ ﺘُﻌﺘﺒر ﻨوﻋﺎً ﻤن اﻟورع واﻟﺘُﻘﻰ اﻟـدﯿﻨﻲ‬
‫اﻟـذي كـﺎن ﻤﻨﺘﺸ اًر ﻋﻨـد اﻟﻘرطـﺎﺠﯿﯿن ﺤﯿ ـث ُﯿـورد ﺒﻠورﺘـﺎخ ) ‪ 125 - 45‬م ( ﻓـﻲ ﻫـذا اﻟﺼـدد " أن اﻟﻤـؤﻤﻨﯿن‬
‫اﻷﺘﻘ�ــﺎء كــﺎﻨوا ﻻ ﯿﺘــرددون ﻓــﻲ ﺘﻘــد�م أطﻔــﺎﻟﻬم ﻋﻠــﻰ ﻤــذ�ﺢ اﻹﻟــﻪ ‪ ،‬أﻤــﺎ اﻷﻏﻨ�ــﺎء ذو اﻟﻌﻘﻠ�ــﺔ اﻟواﻗﻌ�ـﺔ ﻓﻘــد كـﺎﻨوا‬
‫‪ ،‬و�ﺒــدو أن ﻫــذﻩ‬ ‫)‪(3‬‬ ‫�ﻘــدﻤون ﻟﻺﻟﻬـﺔ ِ‬
‫ﺼـﻐﺎر اﻟرﻗﯿــق أو �ﺸــﺘرون أﺒﻨــﺎء اﻟﻔﻘـراء �ﺴﺘﻌ�ﻀـون ﺒﻬــم ﻋــن أﺒﻨــﺎﺌﻬم "‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴﺔ اﻟدﯿﻨ�ﺔ ذات وﻗﻊ ﺨﺎص ﻋﻨد كﺜﯿر ﻤن اﻟﻤؤرﺨﯿن اﻟذﯿن دراﺴوا اﻟد�ﺎﻨﺔ اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ�ﺔ واﻟﺒوﻨ�ﻘ�ﺔ ذﻟك راﺠﻊ‬
‫إﻟﻰ ﻤﺎ أﺜﺎرﺘـﻪ ﻤـن ﺠـدل كﺒﯿـر ﺤوﻟﻬـﺎ ‪ ،‬ﺤﯿـث كﺎﻨـت ﻫـذﻩ اﻟﻌـﺎدة ﺘﻘﺘﻀـﻲ �ـﺄن ُ�ﻀـﺤﻲ اﻷب �ـﺎﻻﺒن اﻟ�كـر ﻟـﻪ‬
‫وﻫو ُﻋرف ﻟدى اﻟﻛﻨﻌﺎﻨﯿﯿن ﻤﻨذ ﻋﺼر ﻗد�م ‪ ،‬ﺤﯿث ﺘم اﻟﻛﺸﻒ ﻋﻠﻰ ﻋظﺎم أطﻔﺎل ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ �ﺎﻟ�ﺔ ﻤودﻋﺔ ﻓﻲ‬
‫أﺴــﺎس اﻟﻤﻨــﺎزل ‪ ،‬ﻓﻘــد إﺤــﺘﻔظ اﻟﻔﯿﻨ�ﻘﯿــون ﺒﻬــذﻩ اﻟﻌــﺎدة إﻟـﻰ ﻋﺼـور ﻤﺘــﺄﺨرة ‪ ،‬و�ـدل أﺤــد ﻫــذﻩ اﻟﻨﺼــوص ﻋﻠــﻰ‬
‫ُﻤﻤﺎرﺴﺔ ﻫذﻩ اﻟﻌﺎدة اﻟدﯿﻨ�ﺔ ﻋﻨد اﻟﻔﯿﻨ�ﻘﯿﯿن ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻷزﻤﺎت ﻓﻘد ورد " وﻫﻲ ﻗد كﺎﻨت ُﻤﺴﺘﺨدﻤﺔ ‪ -‬أي ﻫـذﻩ‬
‫اﻟﻌــﺎدة ‪ -‬ﺤﯿﻨﻤــﺎ �ط ـ ار ﺨطــر كﺒﯿــر ُﻤﻔ ـﺎﺠﻲ ‪ ،‬إن زﻋﻤــﺎء اﻟﻤدﯿﻨــﺔ أو اﻟﻤ ـواطﻨﯿن اﻷﻛﺜــر ﻏﻨــﻰ كــﺎﻨوا �ﻀــﺤون‬
‫�ﺄﺒﻨﺎﺌﻬم وذﻟك ﻤـن اﺠـﻞ أن ﯿﺘﺠﻨﺒـوا دﻤـﺎر اﻟﻛـﻞ ‪ ،‬وذﻟـك ﻤﺜـﻞ اﻟﻔد�ـﺔ اﻟﺘـﻲ كﺎﻨـت ﺘُﻘـدم ﻟﻶﻟﻬـﺔ و�ﺎﻟﺨﺼـوص ﻟ ـ‬

‫‪ .‬ﻓﻘد روى ﻓﻠﯿون أ ُ‬

‫)‪(4‬‬
‫ﻨﻪ كـﺎن ﻤـن ﻋـﺎدﺘﻬم ﻓـﻲ‬ ‫‪ ، Vengeance‬وكﺎﻨت ﻫذﻩ اﻷﻀﺎﺤﻲ ﺘُﻘدم �طر�ﻘﺔ ﺴر�ﺔ "‬
‫ﺤﺎﻻت اﻷﺨطﺎر اﻟﻌﺎﻤﺔ أن ُ�ﻀﺤوا �ﺄﻋز أﺒﻨﺎﺌﻬم ﻻ�ﻌﺎد اﻟﻛوارث ﻋن أﻨﻔﺴﻬم ‪ ،‬أﻤﺎ ﻓﻲ اﻷﺤوال اﻟﻌﺎد�ﺔ ﻓﺎﻨﻪ‬
‫كــﺎن ﻓــﻲ اﻹﻤكــﺎن إﺤــﻼل ﺤﯿ ـوان ﻤﺤــﻞ اﻟﻀــﺤ�ﺔ اﻟ�ﺸ ـر�ﺔ ‪ ،‬و�ــرروا ذﻟــك �ﻤﺜــﺎل رواﻩ ﻟﻬــم ﻋﻠﻤــﺎء اﻷﺴــﺎطﯿر‬
‫اﻟﺴ ـكﺎن اﻷﺼــﻠﯿﯿن‬
‫و�ــﺘﻠﺨص ﻓــﻲ أن اﻹﻟــﻪ كروﻨــوس كــﺎن ﻗــد ﻀــﺤﻰ �ﺎﺒﻨــﺔ اﻟوﺤﯿــد واﻟﻤوﻟــود ﻤــن ﺤور�ــﺔ ﻤــن ُ‬
‫ـث ﻀـﺤﻰ �ـﻪ ﻋﻨـدﻤﺎ ﻨـزل اﻟطـﺎﻋون ﻓﺎﺤرﻗـﺔ‬ ‫وكﺎن ﻫذا اﻻﺒن ُﯿـدﻋﻰ ‪ Yedoud‬ﺤﯿ ُ‬ ‫وﺘُدﻋﻰ ‪Anobert‬‬
‫ور�ﻤــﺎ ﺘﻛﻤــن ﻓكـرة اﻟﺘﻀــﺤ�ﺔ �ــﺎﻻﺒن اﻷﻛﺒــر ﻤــن ِﺨ ـﻼل‬ ‫)‪(5‬‬
‫ﺘﺸـر�ﻔﺎً ﻷﺒ�ـﻪ او ارﻨــوس �ﻌـد أن ز�ﻨـﻪ ﺒﺜ�ــﺎب ﻤﻠﻛ�ــﺔ‬
‫اﻟﻔكرة اﻟﺸرﻗ�ﺔ اﻟﻘد�ﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺘﺘﻀﻤن ﻋﻠﻰ أن اﻻﺒن اﻷﻛﺒر �كون ﻀﻌﯿﻒ اﻟﺒﻨ�ﺔ إذا ﻤﺎ ﻗورن �ﻤﺎ ِ‬
‫ﯿﻠ�ﻪ ‪ ،‬ﺤﯿث‬
‫أن اﻟﻌﺠــﻞ اﻷول ﻤــن اﻟ�ﻘ ـرة �كــون أﻗــﻞ ﻗ�ﻤــﺔ إذا ﻤــﺎ ﻗــورن �ﺎﻟﻌﺠــﻞ اﻟﺜــﺎﻨﻲ ‪ ،‬واﻟﻔك ـرة ذاﺘﻬــﺎ وﺤﺴ ـب اﻟﻤﻨظــور‬
‫اﻟﺸـرﻗﻲ ﺘﻨطﺒــق ﻋﻠــﻰ اﻹﻨﺴــﺎن ﺒــذات اﻟﺸــﻲ ‪ ،‬وﻫــذﻩ اﻟﻔكـرة اﻟ�ﺎﺒﻠ�ــﺔ ﺘﻨــدرج ﻓــﻲ إطــﺎر اﻟواﻗﻌ�ــﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘــﺔ ﺒﻨﺴــب‬

‫اﻵﻟﻬﺔ وﻫﻲ ِﺴﻤﺔ ﻓﻲ اﻟطﻔﻞ اﻟ�كر اﻟذي ﯿوﺼﻰ ‪ -‬ﺤﺴب اﻋﺘﻘﺎدﻫم ‪ -‬اﻨﻪ ﻟم ﯿﻬﻲ ﻟﻪ ﻨﺼﯿب ﻓﻲ اﻟﺤ�ـﺎة أﺒـداً‬

‫‪-----------------------------------------------------‬‬

‫‪115‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫ِ‬
‫اﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺘز�ﯿن اﻟﻀﺤ�ﺔ �ﻤﻼ�س ﻤﻠﻛ�ﺔ ر�ﻤـﺎ‬‫ﻤن ﻗﺒﻞ اﻵﻟﻬﺔ ‪ ،‬و�ﺤﺴب روا�ﺔ ﻓﯿﻠون ﻫذﻩ ﻓﺎن ﻫذا اﻟطﻘس ُ‬
‫ُﯿـذكرﻨﺎ �ﺎﻟﺸـﻌﯿرة اﻷﺸـور�ﺔ واﻟﺘـﻲ ﺘﻘﺘﻀــﻲ أن �ﻤـوت ﻨﺎﺌـب اﻟﻤﻠـك ﻋوﻀـﺎً ﻋــن اﻟﻤﻠـك اﺴـرﺤدون وذﻟـك �ﺤﺴــب‬
‫)‪(6‬‬
‫‪ .‬ور�ﻤﺎ ﯿزداد اﻷﻤـر وﻀـوﺤﺎً إذا ﻤـﺎ أوردﻨـﺎ اﻟـﻨص اﻟﻘـﺎﻨوﻨﻲ اﻟـذي ﻨﺸـﺄ ﻤـن‬ ‫اﻟﻌﻼﻤﺎت اﻟﻤﺸؤﻤﺔ �ﻌد ﺘز�ﯿﻨﻪ‬
‫اﻟﺘوراة ﺤﯿث ذكر " أﻨت ﺴوف ﺘﻌطﯿﻨﻲ اﻻﺒن اﻷﻛﺒر كﺎﺒﻨك ‪ ،‬وأﻨـت ﺴـوف ﺘُﻘدﻤـﺔ ﺒﻨﻔﺴـك ﻤـن اﺠـﻞ ﺼـﻐﯿرك‬
‫وﻤﺎﺸﯿﺘك اﻟﺴﻤﯿﻨﺔ ‪ ،‬واﻻﺒن اﻟ�كر ﺴوف �ﻤكث ﺨﻼل ﺴ�ﻌﺔ أ�ﺎم ﻤـﻊ إﻤـﻪ ﺜـم اﻟﯿـوم اﻟﺜـﺎﻤن أﻨـت ﺴـوف ﺘُﺴـﻠﻤﻪ‬
‫ﻟــﻲ " وﻫــذا اﻟﻘــﺎﻨون ﻨﺸ ـ ْﺎ ﻤــن اﻟﻘ ـواﻨﯿن اﻟﺘو ارﺘ�ــﺔ اﻷﻛﺜــر ِﻗــدﻤﺎً واﻟﺘــﻲ ﺘﺴــﻤﻰ اﺼــطﻼﺤﺎ �ﺎﻟﻤﺠﻤوﻋــﺔ اﻟﻘﺎﻨوﻨ�ــﺔ‬
‫وﻤن ِﺨﻼل ﻫذﻩ اﻟﻘواﻨﯿن ُﻨﻼﺤظ أﻨﻬﺎ ر�ﻤﺎ ﺘﻛون ﺴﻠﯿﻠﺔ ﻤن ﻤﺠﺘﻤﻊ زراﻋﻲ ﻓﻲ طﺒ�ﻌﺘﻪ ‪.‬‬ ‫)‪(7‬‬
‫‪Alliance‬‬

‫)‪(8‬‬
‫ﺤﯿــث ورد ﻓــﻲ ﺴــﻔر اﻟﻤﻠــوك‬ ‫وﻗـ ـد وردت إﺸــﺎرات ﻋدﯿــدة ﻓـ ـﻲ اﻟﺘــوراة ﺘﻨﺎوﻟــت اﻷﻀــﺎﺤﻲ اﻟ�ﺸ ـر�ﺔ‬
‫وﻤﻠِ ـ َك ﺴــﻨﺔ ﺴــﺘﺔ ﻋﺸــر ﺴــﻨﺔ ﻓــﻲ أورﺸــﻠ�م وﻟــم �ﻌﻤــﻞ‬ ‫ِ‬
‫اﻟﺜــﺎﻨﻲ " كــﺎن ﺠــﺎز اﺒــن ﻋﺸ ـر�ن ﺴــﻨﺔ ﺤﯿــث ُﻤﻠ ـ َك ‪ُ ،‬‬
‫اﻟﻤﺴﺘﻘ�م ﻓـﻲ ﻋﯿﻨـﻲ اﻟـرب أﻟﻬـﺔ كـداود اﺒ�ـﻪ ﺒـﻞ ﺴـﺎر ﻓـﻲ طر�ـق ﻤﻠـوك إﺴـراﺌﯿﻞ ﺤﺘـﻰ اﻨـﻪ َﻋ َﺒـ َر اﺒﻨـﻪ ﻓـﻲ اﻟﻨـﺎر‬
‫ﺤﺴــب أرﺠــﺎس اﻷﻤــم اﻟــذﯿن طــردﻫم اﻟــرب ﻤــن أﻤــﺎم ﺒﻨـﻲ إﺴـراﺌﯿﻞ " ‪ ،‬كﻤــﺎ َوَرَد ﻓــﻲ ﺤزﻗ�ــﺎل " أﻋطﯿــﺘﻬم أ�ﻀــﺎ‬
‫ﻓراﺌض ﻏﯿر ﺼﺎﻟﺤﺔ و أﺤكﺎم ﻟ�ﺤﯿـون ﺒﻬـﺎ وﻨﺠﺴـﺘﻬم �ﻌطﺎ�ـﺎﻫم إذ أﺠـﺎزوا ﻓـﻲ اﻟﻨـﺎر كـﻞ ﻓـﺎﺘﺢ َرِﺤـم ﻷُ ﺒﯿـدﻫم‬
‫وﺤﺘــﻰ َ�ﻌﻠﻤ ـوا أﻨ ـﻲ أﻨــﺎ اﻟــرب " )‪ (9‬و�ــﺎﻟﻨظر إﻟ ـﻰ اﻟﻌ�ــﺎرة اﻷوﻟــﻰ اﻟﺘ ـﻲ ﺘُﺸــﯿر إﻟ ـﻰ ِذكــر أرﺠــﺎس اﻷﻤــم اﻟــذﯿن‬
‫طــردﻫم اﻟــرب ﻤــن أﻤــﺎم ﺒﻨـﻲ إﺴـراﺌﯿﻞ ‪ ،‬ﻓــﺎن اﻻﻋﺘﻘــﺎد اﻟﺴــﺎﺌد اﻟﯿــوم �ــﺎن ﻫــذﻩ اﻟﺸــﻌوب ﻻ�ﻌﻨــﻰ ﺒﻬــﺎ اﻟﻔﯿﻨ�ﻘﯿــﯿن‬
‫واﻨﻤـﺎ ﺸـﻌوب أﺨـرى دﺨﻠـت ﻓـﻲ ﻤواﺠﻬـﺎت ﻤـﻊ اﻟﻌﺒـراﻨﯿﯿن ‪ ،‬واﻤـﺎ �ﺎﻟﻨﺴـ�ﺔ إﻟـﻰ اﻟﻌ�ـﺎرة اﻟﺜﺎﻨ�ـﺔ واﻟﺘـﻲ ﺘُﺸـﯿر إﻟـﻰ‬
‫ﻓﺎﺘﺢ كﻞ رﺤم وﺘﻌﻨﻲ ﻫﻨﺎ اﻻﺒن اﻟ�كر دون آدﻨﻲ ﺸك ‪.‬‬

‫و�ﺒدو ﻤن ِﺨﻼل اﻟﻛﺜﯿر ﻤن اﻹﺸﺎرات اﻟﻘد�ﻤﺔ أن �ﻼد ﻓﯿﻨ�ﻘ�ﺔ كﺎﻨت ﻗد َﻋرﻓت ﻫذﻩ اﻟﻤﻤﺎرﺴﺔ اﻟدﯿﻨ�ﺔ‬
‫ﻤﻨذ ﻓﺘرة طو�ﻠﺔ ﻏﯿر أﻨﻬﺎ كﺎﻨـت ُﻤرﺘ�طـﺔ �ﺎﻹﻟـﻪ ﻤﻠـوك ﻋﻠـﻰ ﻤـﺎ ﯿﺒـدو ‪ ،‬ﻓﻘـد أﺸـﺎرت اﻟﺘـوراة إﻟـﻰ أن اﻟﻛﻨﻌـﺎﻨﯿﯿن‬
‫كﺎﻨوا ُ�ﻤﺎرﺴون ﻫذﻩ اﻟﻌﺎدة وذﻟك �ﻌﺒـور أﺒﻨـﺎﺌﻬم ﻟﻠﻨـﺎر ﻓـﻲ وادي ﺤﻨـون ‪ ،‬وﻗـد ّدﻟـت ﻨﺘـﺎﺌﺞ اﻹﻛﺘﺸـﺎﻓﺎت اﻷﺜر�ـﺔ‬
‫ﺼﺤﺔ ﻫذﻩ اﻟﻨظر�ﺔ ﺤﯿـث ﺘـم اﻟﻛﺸـﻒ ﻋﻠـﻰ ﺼـﻨدوق �ﺤﺘـوي ﻋظـﺎم أطﻔـﺎل‬ ‫ﻓﻲ ﻤﻨطﻘﺔ كﻔر ﺠرة اﻟﺤدﯿﺜﺔ ﻋﻠﻰ ِ‬

‫اﻟﻤـرﺠﺢ أن �كــون اﻟﻐــرض ﻤــن ﻫــذا ﻫــو اﻟﺘﻀــﺤ�ﺔ أﺜﻨــﺎء‬

‫ﺘﺤــت �ﻼطــﺔ ﻋﻨــد أﺴــﺎس ﺠــزء ﻤــن اﻷﺴـوار ‪ ،‬وﻤــن ُ‬
‫ﺘﺄﺴ�س اﻟﺴور )‪. (10‬‬

‫‪.‬‬
‫‪-----------------------------------------------------‬‬

‫‪116‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫و�ﺒدو إن ﻫـذﻩ اﻟﻌـﺎدة كﺎﻨـت ﻗـد اﻨﺘﻘﻠـت ﻤـﻊ اﻟﻤؤﺴﺴـﯿن اﻟﻔﯿﻨ�ﻘﯿـﯿن إ�ـﺎن ﻓﺘـرة اﻟﺘوﺴـﻊ اﻟﻔﯿﻨ�ﻘـﻲ ‪ ،‬ﻓﻤـن‬
‫اﻟواﻀـﺢ اﻨﻬـم ﻤﺎرﺴـوﻫﺎ ﻤﻨــذ ﺒدا�ـﺔ ﺘﺄﺴ�ﺴـﻬم ﻟﺘﻠــك اﻟﻤﺴـﺘﻌﻤرات وﺘـﺄﺘﻲ ﻋﻠـﻰ أرﺴــﻬﺎ ﻤدﯿﻨـﺔ ﻗرطﺎﺠـﺔ ﺤﯿــث روى‬
‫ﺠوﺴــﺘﯿن ‪ Justin‬أن اﻷﻤﯿـرة أﻟﺴــ�ﺎ كﺎﻨــت ﻗــد ﻀــﺤت ﺒﻨﻔﺴــﻬﺎ �ــﺎن َرﻤــت ﻨﻔﺴــﻬﺎ ﻓــﻲ اﻟﻨــﺎر ذﻟــك �ﻌــد أن طﻠـب‬
‫ﻤﻨﻬﺎ ﻤﻠك اﻟﻠﯿﺒﯿﯿن ) ﯿو�ﺎس ( اﻟزواج ‪ ،‬وﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ اﻟرﻓض ﻓﺎﻨـﻪ ﺴـوف ُﯿـدﻤر ﻤـدﯿﻨﺘﻬﺎ ﻗرطﺎﺠـﺔ وذﻟـك ﺘﻀـﺤ�ﺔ‬
‫)‪(12‬‬
‫ﻟﻺﻟﻪ ﻤﻠوك )‪ (11‬ور�ﻤﺎ ُﯿرﺠﺢ أن ﺘﻛون ﻫذﻩ اﻟﺘﻀﺤ�ﺔ ﻤﺎ ﻫﻲ إﻻ ﻨوع ﻤن اﻟطﻘوس اﻟدﯿﻨ�ﺔ ﻟﻺﻟﻪ ﻤﻠﻘـﺎرات‬
‫و ﺨﺼوﺼﺎً إذا ﻋﻠﻤﻨﺎ أن زوج اﻷﻤﯿرة أﻟ�ﺴﺎ كـﺎن كﺎﻫﻨـﺎً ﻟﻤﻌﺒـد اﻹﻟـﻪ ﻤﻠﻘـﺎرات ﻓـﻰ ﻤدﯿﻨـﺔ ﺼـور ‪ ،‬و�ـﺎﻟرﻏم‬
‫ﻤﻤــﺎ رواﻩ ﺠوﺴ ـﺘﯿن ﻤــن أن ﻫــذﻩ اﻷﻤﯿ ـرة إﺤﺘﺎﻟــت ﻋﻠــﻰ ﻤﻠــك اﻟﻠﯿﺒﯿــﯿن و أﻗﺎﻤــت ﻤﺤرﻗــﺔ �ــﺎﻟﻘرب ﻤــن ﻤﻨزﻟﻬــﺎ ﺜــم‬
‫)‪(13‬‬
‫َرَﻤـ ّت ﺒﻨﻔﺴــﻬﺎ ﻓﯿﻬــﺎ‬
‫‪ ،‬كﻤــﺎ أورد ‪ Philon‬دﻟــ�ﻼً آﺨــر ﻋﻠــﻰ ﻤﻌرﻓــﺔ اﻟﻔﯿﻨ�ﻘﯿــﯿن ﻟﻬــذﻩ اﻟﻤﻤﺎرﺴــﺔ ﺤﯿــث ﻗــﺎل "‬
‫اﻟﻌرف ﻓـﻲ ﺤـﺎﻻت ﺴـوء اﻟﺤـظ اﻟﻛﺒﯿـر كـﺎﻨوا ُ�ﻀـﺤون ﻻﻨﺘﻬـﺎء اﻟﻛﺎرﺜـﺔ‬
‫ﻋﻨد اﻷﺴﻼف ﻫذﻩ ﻗد كﺎﻨت اﻟﻌﺎدة أو ُ‬
‫�ﺎﻷﺒﻨﺎء اﻷﺴﻤﻰ ﻗد اًر �ﺎﻟﻤدﯿﻨﺔ ‪ ،‬ذﻟك ﻤن اﺠﻞ اﻟﺘوﺴﻞ أو اﻟﺘﻀرع ﻟﻺﻟﻪ ﻟﻌـدم إ�ـﺎدة اﻟﻛـﻞ وذﻟـك �ـﺎن ﯿﺘﻨـﺎزﻟون‬
‫ـﻼء ﻤــن أﺒﻨــﺎﺌﻬم ‪ ،‬ﺒــﻞ وكــﺎﻨوا �ﻀــﺤون �ﻔد�ــﺔ إﻟ ـﻰ اﻟﺸــ�ﺎطﯿن واﻟﺘــﻲ كﺎﻨــت ﺘﺨــﺘص �ﻤﺸــﯿﺌﺔ‬ ‫ﻋــن اﻷﻛﺜــر ﻏـ ً‬
‫اﻟﻘﺼــﺎص ‪ ..‬اﻟــﺦ " ‪ ،‬و�ﺒــدو أن ﻫــذﻩ اﻟﻌــﺎدة كﺎﻨــت ﻗــد اﺴــﺘﻤرت ﻓــﻲ اﻟﺸــرق ﺤﺘــﻰ ﻓﺘـرة ﻤﺘــﺄﺨرة ﻨﺴــﺒ�ﺎً ‪ ،‬ﺤﯿــث‬
‫روى اﻟﻛﺎﺘــب ﻨﻔﺴــﺔ أن ﻤدﯿﻨــﺔ ﺼــور ﻋﻨــدﻤﺎ ﺤﺎﺼــرﻫﺎ اﻻﺴــكﻨدر اﻟﻤﻘــدوﻨﻲ ﺴــﻨﺔ ‪ 322‬ق ‪.‬م ‪ ،‬إﻗﺘــرح �ﻌــض‬
‫ﻤواطﻨﯿﻬﺎ اﻟﻠﺠوء ﻤرة ﺜﺎﻨ�ﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻀﺤ�ﺔ �ﺎﻷطﻔﺎل وذﻟك �ﺎن ﯿﺨﺘﺎروا ﻤن اﻟﻌﺎﺌﻼت اﻷﺴﻤﻰ ﻓﻲ اﻟﻤدﯿﻨﺔ ﻏﯿر‬
‫أن ﻫــذا اﻻﻗﺘـ ـراح ﻗو� ــﻞ � ــﺎﻟرﻓض ﻤ ــن ﻤﺠﻠ ــس اﻟﻤدﯿﻨ ــﺔ ‪ ،‬وذﻟــك أن ﻫ ــذﻩ اﻟﻌ ــﺎدة كﺎﻨ ــت ﻗ ــد إﻨﺘﻬ ــت ﻤﻨ ــذ اﻟﻘ ــرن‬
‫‪ .‬وﻗـد وردت ﻓـﻲ‬ ‫)‪(14‬‬
‫اﻟﺴﺎدس ﻗﺒﻞ اﻟﻤ�ﻼد ‪ ،‬ﻏﯿر أﻨﻬﺎ �ﻘـت ﺤ�ـﻪ ﻓـﻲ اﻟﻤﺴـﺘﻌﻤرات اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ�ـﺔ ﻟﻌـدة ﻗـرون ﺘﻠـت‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴﺔ وﻫﻲ ﻗﺼﺔ ِﺴﯿدﻨﺎ إﺒراﻫ�م ﻋﻠ�ﻪ اﻟﺴـﻼم ﺤﯿـث ﻗـﺎل ﷲ ﺘﻌـﺎﻟﻰ }ﻗـﺎُﻟوا‬ ‫اﻟﻘرآن اﻟﻛر�م ﻗﺼﺔ ُﻤﺸﺎﺒﻬﻪ ﻟﻬذﻩ ُ‬
‫ِ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ـﻼﻤﺎ َﻋﻠــﻰ إﺒ ـراﻫ�م )‪. (15) { (69‬‬
‫ـﺎر ُكــوﻨﻲ َﺒـ ْـرًدا َو َﺴـ ً‬ ‫ﺼـ ُـروا آﻟ َﻬــﺘَ ُﻛ ْم ِإ ْن ُك ْﻨــﺘُ ْم ﻓــﺎﻋﻠ َ‬
‫ﯿن )‪ُ (68‬ﻗْﻠﻨــﺎ �ــﺎ ﻨـ ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫َﺤ ّرُﻗــوﻩُ َو ْاﻨ ُ‬
‫وﻤن ﻫـذﻩ اﻵ�ـﺎت اﻟﻛر�ﻤـﺔ ﯿﺒـدو أن ﻤﺴـﺎﻟﺔ اﻟﺤـرق ﻫﻨـﺎ ﻤـﺎ إﻻ ﻨوﻋـﺎً ﻤـن ِ‬
‫اﻟﻌﻘـﺎب وﻻ ﯿﻨطﺒـق إطﻼﻗـﺎً ﻋﻠـﻰ ﻤﺒـدأ‬ ‫َ‬
‫اﻟﺘﻀﺤ�ﺔ ‪ ،‬وﻤﻤﺎ ُﯿؤ�د ﻤﺒدأ ا ِﻟﻘﺼﺎص ﺤرﻗﺎً ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺎرات اﻟﻘد�ﻤﺔ ﻫو ﻤﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﻨﺼوص اﻟ�ﺎﺒﻠ�ﺔ اﻟﻘد�ﻤﺔ‬
‫ﺤﯿث ﻨﺼت ﻓﻲ اﻟﻛﺜﯿر ﻤن أﺤكﺎﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻨوع ﻤن ِ‬
‫اﻟﻘﺼﺎص وﻗد وردت ﻓﻲ إﺤدى ﻫـذﻩ اﻟﻨﺼـوص أن‬
‫وﻤـن كـﻞ ﻤـﺎ ﺴـﺒق‬ ‫اﻟﻤﻐﺘﺼب ﻟﻠﻌﻘد َ�ﻘﻀـﻲ �ـﺎن َ�ﺤـرق ور�ﺜـﺔ اﻟ�كـر ﻓـﻲ ‪ Hamru‬ﻟﻺﻟـﻪ ﺤـدد‬
‫)‪(16‬‬
‫اﻟﺤﻨث أو ُ‬
‫ِذك ـرﻩ ﯿﺒــدو أن ﻫــذﻩ اﻟﻤﻤﺎرﺴــﺔ اﻟدﯿﻨ�ــﺔ كﺎﻨــت ﻤﻌروﻓــﺔ ﻓــﻲ اﻟﺸــرق َﻗﺒــﻞ أن ﺘﺘﻨﻘــﻞ ﻤــﻊ اﻟﺘُﺠــﺎر اﻟﻔﯿﻨ�ﻘﯿــﯿن إﻟ ـﻰ‬
‫ُﻤﺴﺘﻌﻤراﺘﻬم ﻓﻲ ﺤوض اﻟ�ﺤر اﻟﻤﺘوﺴط ‪.‬‬
‫‪-----------------------------------------------------‬‬

‫‪117‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫‪‬‬

‫اﻟﻤﻤﺎرﺴــﺔ اﻟدﯿﻨ�ــﺔ كﺎﻨــت ﻗــد أﺨــذت طﺎ�ﻌ ـﺎً أﻛﺜــر وﻀــوﺤﺎً ﻓــﻲ ﻤدﯿﻨــﺔ ﻗرطﺎﺠــﺔ وﻓ ـﻲ اﻟﻤــدن‬
‫أن ﻫــذﻩ ُ‬
‫ـداء ﻤــن اﻟﻘــرن اﻟﺴــﺎدس ﻗﺒــﻞ اﻟﻤــ�ﻼد ‪ ،‬وﻤــن اﻫــم اﻟﻤﺼــﺎدر اﻟﺘــﻲ ﺘﻨﺎوﻟﺘﻬــﺎ ﻫــﻲ ﻤـﺎ‬
‫اﻟﺒوﻨ�ﻘ�ــﺔ اﻷﺨــرى وذﻟــك إﺒﺘـ ً‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴـﺔ اﻟدﯿﻨ�ـﺔ ‪ ،‬ﻓﻘـد‬‫أوردﺘﻪ ﻟﻨﺎ اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﻛﻼﺴـ�ك�ﺔ ﺤﯿـث ﺘﺤـدﺜت �ﻌـض اﻟ ُﻛﺘـﺎب اﻟﻛﻼﺴـ�كﯿﯿن ﻋـن ﻫـذﻩ ُ‬
‫روى ﻟﻨــﺎ دﯿــودور اﻟﺼــﻘﻠﻲ ﻓــﻲ أﺜﻨــﺎء َﺤدﯿﺜــﻪ ﻋــن َﺤ َﻤﻠــﺔ أﺠــﺎﺜوكﻠ�س طﺎﻏ�ــﺔ ﺴ ـﯿراﻛو از ﻋـ ـﻠﻰ ﻤدﯿﻨــﺔ ﻗرطﺎﺠــﺔ‬
‫�ﻤﺴ ـﺎﻋدة ﻓــ�ﻼس اﻟﻤﻠــك ﻗــور�ﻨﻰ ﻓــﻲ أواﺨــر اﻟﻘــرن اﻟ ار�ــﻊ ﻗﺒــﻞ اﻟﻤــ�ﻼد ‪�ُ ،‬ﺸــﯿر اﻟﻛﺎﺘــب إﻟ ـﻰ أن اﻟﻘرطــﺎﺠﯿﯿن‬
‫إﻋﺘﺒــروا ﻤــﺎ َﺤـ َﻞ ﺒﻬــم ﻫــو ﻨﺘﯿﺠــﺔ ﻏﻀــب اﻹﻟــﻪ ﻋﻠــﯿﻬم و�ﻌــود أﺴــ�ﺎب ﻫــذا اﻟﻐﻀــب إﻟــﻲ ﻟﺠــوء اﻟﻘرطــﺎﺠﯿﯿن ‪-‬‬
‫ﺤﺴــب أر�ــﻪ ‪ -‬إﻟ ـﻰ ِ‬
‫اﻟﺨ ـداع ﺘَ َﺠُﻨ� ـﺎً ﻟﺘﻘــد�م أطﻔــﺎﻟﻬم كﻘ ـراﺒﯿن ﻟﻶﻟﻬــﺔ ‪ ،‬وذﻟــك �ــﺎن ﻋﻤــدوا ﻋﻠــﻰ ﻨﻘــ�ض اﻟﻔﺘ ـرات‬
‫اﻟﺴﺎ�ﻘﺔ إﻟﻰ ِﺸراء أطﻔﺎل اﻟﻌﺒﯿد وﺘﻘـد�ﻤﻬم ﺒـدﻻً ﻤـن أﺒﻨـﺎﺌﻬم اﻟﺤﻘ�ﻘﯿـﯿن ‪ ،‬وﻗـد كﺸـﻒ اﻟﺘﺤﻘﯿـق اﻟـذي أُﺠـرى ﻫـذا‬
‫اﻟﺘﻼﻋــب ﻓﺘﻘــرر إﺨﺘ�ــﺎر ﻤــﺎﺌﺘﻲ طﻔــﻞ ﯿﻨﺘﻤــون إﻟـﻰ أﻛﺒــر اﻷوﺴــﺎط اﻹﺠﺘﻤﺎﻋ�ــﺔ ﻤﻨزﻟـ ًﺔ وﺘﻘــد�ﻤﻬم كﻘـراﺒﯿن �ﺎﺴــم‬
‫اﻟﻤﺘطـوﻋﯿن �ﻤﺤـض إ اردﺘﻬـم ﺘﻘـد�م أﻨﻔﺴـﻬم كﻘـراﺒﯿن إﻟـﻰ اﻹﻟـﻪ ﻓـﺎرﺘﻔﻊ‬
‫اﻟدوﻟﺔ ‪ ،‬وﻓﻰ ﻨﻔـس اﻟوﻗـت ﻗـرر �ﻌـض ُ‬
‫و�ﻘدم دﯿودور �ﻌـد ذﻟـك وﺼـﻔﺎً ﻟﺘﻤﺜـﺎل اﻹﻟـﻪ كروﻨـوس ‪� -‬ﻌـﻞ ﺤـﺎﻤون ‪-‬‬ ‫اﻹﺠﻤﺎﻟﻲ ﻟﺒﯿﻠﻎ ﺜﻼﺜﻤﺎﺌﺔ ﺸﺨص ‪ُ ،‬‬
‫اﻟﻤﻨﺘﺼب ﻓﻲ ﻤدﯿﻨﺔ ﻗرطﺎﺠﺔ ‪ ،‬ﺤﯿث ُ�ﺸﯿر إﻟﻰ ِذ ارﻋـﻲ اﻟﺘﻤﺜـﺎل اﻟﻠﺘـﺎن كﺎﻨﺘـﺎ َﻤﻤـدودﺘﯿن‬ ‫اﻟﻤﺼﻨوع ﻤن اﻟﺒرﻨز و ُ‬ ‫َ‬
‫ﻓ ــﻲ إﺘﺠ ــﺎﻩ ﻤﺎﺌ ــﻞ ﻨﺤ ــو اﻷرض ﻓ�ﻤ ــﺎ كﺎﻨ ــت راﺤﺘ ــﺎﻩ ﻤ ــوﺠﻬﺘﯿن إﻟـ ـﻰ أﻋﻠـ ـﻰ �طر�ﻘـ ـﺔ ﺘﺠﻌ ــﻞ اﻟُﻘر� ــﺎن ) اﻟطﻔ ــﻞ (‬
‫اﻟﻤ َوﻀوع ﻋﻠﻰ ِذ ارﻋـﻲ اﻟﺘﻤﺜـﺎل َﯿﺘَـ َد َﺤرج ﻟ�ﺴـﻘط وﺴـط اﻟﻨـﺎر اﻟﻤﺘﺄﺠﺠـﺔ إﻤﺎﻤـﻪ ‪ ،‬وأﻛﺘـﺎف اﻟﺘﻤﺜـﺎل كﺎﻨـت ﺘﺘﻌـدى‬
‫َ‬
‫أﻋﻠــﻰ أﺴ ـوار اﻟﻤدﯿﻨــﺔ ‪ ،‬ﻗــد ُﻋﻤﻠـ ْـت إﺴــطواﻨﺎت ﻟﺘﺤر�ــك ذراﻋ�ــﺔ ﺒواﺴــطﺔ ﺴﻠﺴــﻠﺔ ﺼــﻐﯿرة ‪ ،‬وَﻗ َﺒ ـ َﻞ أن ُ�ﺸــرع ﻓــﻲ‬
‫ﻼﺴﻞ رﻓ�ﻌﺔ كﺎﻨـت‬ ‫طﻘوس ‪ -‬ﺤﺴب ﻗوﻟﻪ ‪ -‬كﺎﻨت ﺘُﺤرك أذرع اﻹﻟﻪ �ﺸكﻞ ﺠﯿد ‪ ،‬وذﻟك ﺒواﺴطﺔ ﺴ ِ‬ ‫إﺠراء اﻟ ُ‬
‫َ‬
‫ﺘﺤﻤﻞ أﺼﺎ�ﻌﻪ ﺤﺘﻰ ﺘَﺼﻞ إﻟﻰ أﻛﺘﺎﻓﻪ ﺜم ﺘﻨزل ﻟﻠﺨﻠﻒ ﻤرة ﺜﺎﻨ�ﺔ وكﺎن اﻟرﺠﺎل َ�ﺴﺤﺒوﻨﻬﺎ إﻟﻰ أﻋﻠﻰ ﻤن ﺠدﯿد‬
‫‪ ،‬و�ﻌﻤﻠـون ﻋﻠــﻰ أن ﺘﺼـﻌد إﻟـﻰ اﻷﻋﻠـﻰ ﻤــن ﻤرﻓﻘ�ـﻪ و�ــداﻩ اﻻﺜﻨـﺎن َﻤﻔﺘوﺤﺘــﺎن وﻫﻤـﺎ ﻗـر�ﺒﺘﯿن ﻤﻨـﻪ ﺤﺘــﻰ ﺘَﺼــﻞ‬
‫إﻟـﻰ ُﻤﻘﺎﺒــﻞ �طﻨــﻪ وﻫــﻲ ﺘﺘﺤــرك ﻋــدة ﻤـرات و�ﺸــكﻞ ُﻤﺘﻌﺎﻗــب ‪ ،‬و�ــورد اﻟﻛﺎﺘــب أﻨــﻪ أﺜﻨــﺎء ﻫــذﻩ اﻟﺤركــﺔ اﻟﺼــﻐﯿرة‬
‫اﻟﻤﻨﺘظﻤــﺔ كﺎﻨــت اﻟﻨــﺎر ﺘزﻤﻬـر أﻤــﺎم اﻹﻟــﻪ )‪ . (18) (17‬وﻗــد َذ َكـ َر اﻟﻛﺎﺘــب ) ‪ ( Flaubert‬ﻓــﻲ‬
‫اﻟﻤﺘﻘطﻌــﺔ وﻏﯿــر ُ‬‫وُ‬
‫ﻫــذا اﻟﺼــدد " اﻷذرع ﻤــن اﻟﺒرﻨــز وﻗــد كﺎﻨــت ﺘﺘﺤــرك �ﺸــكﻞ ﺴـر�ﻊ وﻫـﻲ ﻻ ﺘﺘوﻗـﻒ أﺒــداً ‪ ..‬واﻟﻀــﺤﺎ�ﺎ ﻤوﺠــودة‬
‫اﻟﺼـ ِﻔ�ﺤﺔ اﻟ ُﻤﺤﻤـرة واﻟـدﺨﺎن‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﻓـﺔ ﻤـن اﻟﻔﺘﺤـﺔ ‪ ،‬وﻗـد كـﺎﻨوا ﯿﺨﺘﻔـون داﺨﻠﻬـﺎ ﻤﺜـﻞ ُﻨﻘطـﺔ ﻤـن اﻟﻤـﺎء ﻋﻠـﻰ َ‬
‫ﯿﺘﺼــﺎﻋد أﺒــ�ض و�ﻠــون أﺤﻤــر ﻗرﻤــزي و�ﺸــكﻞ كﺒﯿــر ‪ ،‬اﻻ أن ﺸــﻬ�ﺔ اﻹﻟــﻪ ﻟــم ﺘﻛــن ﻟﺘﻬـدى أﺒــداً ‪ ،‬ﺤﯿــث كــﺎن‬
‫‪-----------------------------------------------------‬‬

‫‪118‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫ُﯿر�ـد اﻟﻤز�ـد ‪ ،‬وﻓـﻲ اﻟﻨﻬﺎ�ـﺔ ﻓـﺈن ﻫـذﻩ اﻟﻀـﺤﺎ�ﺎ ﻟﻬـذا اﻹﻟـﻪ ﻓـﻲ ﺘ ازﯿـد ُﻤﺴـﺘﻤر ‪ ،‬واﻟﺘـﻲ كﺎﻨـت ﺘﺘﻘـوس ﻋﻠـﻰ ﯿد�ـﻪ‬
‫اﻟﻤرُ�طﺘﯿن �ﺴﻠﺴﻠﺔ ﻏﻠ�ظـﺔ ﻓـﻲ ﺠـزء اﻟﻌﻠـوي ﻤـن ﺒدﻨـﻪ وﻫـﻲ اﻟﺘـﻲ كﺎﻨـت ﺘُﻤﺴـك ﻫـذﻩ اﻻ ذرع " )‪ ، (19‬و�ﺒـدو‬ ‫َ‬
‫اﻟﻤﺘوﻫﺠــﺔ ﻋﻨــد أﻗــدام اﻟﺘﻤﺜــﺎل ر�ﻤــﺎ ﺘُطــﺎﺒق اﻟﺘوﻓﯿــت اﻟﺘــﻲ وردت ﻓــﻲ‬
‫ـﺎﻟﺤﻔرة ُ‬
‫أن اﻟﻤﻘﺼــود ﻓــﻲ اﻟﻌ�ــﺎرة اﻷوﻟــﻰ �ـ ُ‬
‫اﻟﺘــوراة اﻟﻌﺒ ارﻨــﻲ ) ‪ ( TaΦέθ‬ﺤﺴــ�ﻤﺎ وردت ﻓــﻲ اﻟﺘرﺠﻤــﺔ اﻟﺴــ�ﻌﯿﻨ�ﺔ ور�ﻤــﺎ أﻨﻬــﺎ ﺘ ـرﺘ�ط �ﺎﻟﻠﻔظــﺔ اﻵراﻤ� ـﺔ "‬
‫‪ " Topha‬واﻟﺘــﻲ ﺘﻌﻨ ـﻲ " ﺘﻀــﻊ ﻋﻠــﻰ اﻟﻨــﺎر " واﻟـ ـ " ‪ " Tephaya‬واﻟﺘــﻲ ﺘﻌﻨ ـﻲ " ﻨــﺎر اﻟﻤوﻗــد " و�ﺒــدو أﻨﻬــﺎ‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴـﺎت‬ ‫ُﻤﺸﺘﻘﺔ ﻤـن اﺴـم ﻤﻨطﻘـﺔ �ـﺎﻟﻘرب ﻤـن اﻟﻘـدس ﻓـﻲ ﻤﻨطﻘـﺔ وادي ﺤﻨـون ‪ ،‬واﻟﺘـﻲ كﺎﻨـت ﺘـﺘم ﻓﯿﻬـﺎ ﻫـذﻩ ُ‬
‫اﻟﻤﺘﻤﺜﻠ ــﺔ ﻓ ــﻲ اﻟﺘﻀ ــﺤ�ﺎت اﻟ�ﺸـ ـر�ﺔ ﻟﻺﻟـ ـﻪ ﻤﻠ ــوك ‪ (20) Malok‬و�ﺒ ــدو أن دﯿ ــودور اﻟﺼ ــﻘﻠﻲ ك ــﺎن ﻗ ــد‬
‫اﻟدﯿﻨ� ــﺔ و ُ‬
‫إﺴﺘﻠﻬم ﺨ�ﺎﻟﻪ ﻫذا ﻤن اﺴطورة ‪ Talos‬اﻟﻛر�ﺘ�ﺔ وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺘﺘﻤﺜـﻞ ﻓﺤواﻫـﺎ ﻓـﻰ إﻨﺴـﺎن آﻟـﻲ كـﺎن ُﻤكﻠـﻒ �ﺤﻤﺎ�ـﺔ‬
‫اﻟﺨ ـروج ﻤﻨﻬــﺎ ﻤــن ﻏﯿــر ﻤواﻓﻘــﺔ اﻟﻤﻠــك ﻤﯿﻨــوس‪ ، Minos‬وﻓ ـﻲ َﺤﺎﻟـ ِـﺔ‬
‫اﻟﺴ ـكﺎن ﻤــن ُ‬
‫كر�ــت ﻀــد اﻟﻬﺠ ـرة وﻟﻤﻨــﻊ ُ‬
‫اﻟﻤ َﺨـﺎﻟﻔﯿن ﻟﻠﻘــﺎﻨون ﻓـﺈن ﻫـذا اﻟﺘﻤﺜــﺎل ‪ Talos‬كــﺎن َﯿـرﻤﯿﻬم ﻓــﻲ اﻟﻨـﺎر وﻫـﻲ ِكﻨﺎ�ــﺔ ﻋـن ﺴــوء اﻟﺤــظ‬
‫ﻗ�ﻀـﻪ ﻋﻠــﻰ ُ‬
‫اﻟﻤﺸﻬور واﻟﻤﺼﻨوع ﻤن‬ ‫ﺤﺴب أر�ﺔ أو ر�ﻤﺎ أﻨﻪ إﺴﺘﻠﻬم ﻫذﻩ اﻟﻔكرة ﻤن ﺨ�ﺎﻟﻪ اﻷﺴطوري وﻫو ﻨﺎ�ﻊ ﻤن اﻟﺜور َ‬
‫ﺼﻨﻌﻪ ‪ Perilaos‬ﻻﺠﻞ ‪ Phalares Agrigente‬ﺤﯿث كﺎن ﻟﻬذا اﻟﺜور أﺠﻨﺤﺔ وﻗد‬ ‫اﻟﺒرﻨز واﻟذي كﺎن ﻗد َ‬
‫ﺼﻨﻌﺘﻪ ﻤدﯿﻨـﺔ ﺼـور وذﻟـك ﻟﺤـرق ﻀـﺤﺎ�ﺎﻫﺎ ‪ ،‬و�ﺒـدو أن ﻫـذا اﻟﺘﻤﺜـﺎل كـﺎن ﻗـد وﺠـد ﻓـﻲ ﻤدﯿﻨـﺔ ﻗرطﺎﺠـﺔ ﺴـﻨﺔ‬
‫)‪(21‬‬
‫‪ .‬وﻫذا اﻷﻤر ﻏﯿر ُﻤﺴﺘ�ﻌد �ﺎﻟﻨﺴ�ﺔ‬ ‫ﺼور ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﻤن اﻻدوات اﻟﻘرطﺎﺠ�ﺔ اﻟدﻗ�ﻘﺔ‬ ‫‪ 146‬ق ‪ .‬م ﺤﯿث ُ‬
‫ﻟﻛﺘﺎ�ﺎت دﯿودور اﻟﺼﻘﻠﻲ ‪.‬‬

‫) ‪(22‬‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴـﺔ اﻟدﯿﻨ�ـﺔ ﻋﻨـد اﻟﺒـوﻨ�ﻘﯿﯿن وَذ َكـ َر أن‬
‫‪ Plutarque‬إﻟـﻰ ﻫـذا ُ‬ ‫وكـذﻟك ﻓﻠﻘـد أﺸـﺎر ﺒﻠوﺘـﺎرخ‬
‫ـﺎء ﻟﻬــم كــﺎن ﺒﺈﻤكــﺎﻨﻬم ﺸــِراء‬ ‫اﻟﻘرطــﺎﺠﯿﯿن كــﺎﻨوا ُ�ﻘــدﻤون أطﻔــﺎﻟﻬم ﻗ ـراﺒﯿن إﻟ ـﻰ اﻵﻟﻬــﺔ ُ‬
‫و�ﻀ ـﯿﻒ أن ﻤــن ﻻ أﺒﻨـ َ‬
‫اﻟﺨرﻓﺎن أو اﻟطﯿور وﺤﯿث �ﻘول كﻤﺎ ﺴﺒق وان ذكـرﻨﺎ " أن اﻟﻤؤﻤﻨﯿن اﻷﺘﻘ�ـﺎء كـﺎﻨوا‬ ‫أطﻔﺎل اﻟﻔﻘراء كﻤﺎ ﺘُﺸﺘرى ِ‬

‫اﻟﻤ ـؤرﺨﯿن إﻻ أﻨﻬﻤــﺎ‬ ‫ورﻏــم ﻫــذﻩ اﻹﺸــﺎرات ﻤــن كــﻼ ُ‬

‫)‪(23‬‬
‫ﻻ ﯿﺘــرددون ﻓــﻲ ﺘﻘــد�م أطﻔــﺎﻟﻬم ﻋﻠــﻰ ﻤــذ�ﺢ اﻹﻟــﻪ "‬
‫اﻟﻤﻌﺎﺼ ـر�ن وﺴــوف ﻨــﺄﺘﻲ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸــﺔ ﻫــذﻩ اﻟﻨﻘطــﺔ ﻓــﻲ ﻨﻬﺎ�ــﺔ ﻫــذا‬ ‫ِ‬
‫ﺘﻌرﻀــﺎ ﻻﻨﺘﻘــﺎدات كﺜﯿ ـرة ﻤــن ﻗﺒــﻞ اﻟ� ـﺎﺤﺜﯿن ُ‬
‫اﻟﻤ�ﺤث ‪.‬‬

‫�ﺎﻹﻀـﺎﻓﺔ إﻟـﻰ أﻨ ـﻪ ﺘـم اﻟﻌﺜــور ﻋﻠــﻰ اﻟﻌدﯿـد ﻤــن اﻟوﺜــﺎﺌق اﻟﻤكﺘو�ـﺔ واﻟﺘــﻲ إﺤﺘــوت ﻋﻠـﻰ ِﻋ�ــﺎرات ﺘُﺸــﯿر‬
‫إﻟـﻰ ﻫــذا اﻟﻨــوع ﻤــن اﻟطﻘــوس اﻟدﯿﻨ�ــﺔ اﻟﺘــﻲ وردت ﻓــﻲ ﻫــذا اﻟﺼــدد وﻤــﺎ ﺘ�ﻌﺘﻬــﺎ ﻤــن ﺘﻔﺴــﯿرات ُﻤﺘﻌــددة ﻷﺸــكﺎل‬

‫‪-----------------------------------------------------‬‬

‫‪119‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴــﺎت اﻟدﯿﻨ�ــﺔ وذﻟــك �ﺎﻋﺘ�ــﺎر أﻨــﻪ ُ�ﺸــﯿر إﻟ ـﻰ ﻨــوع‬
‫اﻟﺠــذر ‪ Molek‬واﻟــذي إرﺘــ�ط اﺴــﻤﻪ ﺒﻬــذا اﻟﻨــوع ﻤــن ُ‬
‫ُﻤﺤدد ﻤن اﻟﻘراﺒﯿن ‪ ،‬وﻫو ﯿﺘﻘﺎﺒﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌدﯿد ﻤن اﻟﻨﻘوش اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ�ﺔ واﻟﺘﻲ ﺘم اﻟﻛﺸـﻒ ﻋﻨﻬـﺎ ﻓـﻲ ﻓﻠﺴـطﯿن ‪ ،‬ﺒـﻞ‬
‫وﺤﺘﻰ داﺨﻞ ُﺠـزر اﻟ�ﺤـر اﻟﻤﺘوﺴـط ‪ ،‬وكـذﻟك ﻓـﻲ ﻤدﯿﻨـﺔ ﻗرطﺎﺠـﺔ ‪ ،‬ور�ﻤـﺎ اﻨـﻪ كـﺎن ﻗـد إﺸـﺘق ﻤـن اﻟﻔﻌـﻞ ‪Hik‬‬
‫واﻟذي �ﻌﻨﻲ " اﻟذﻫﺎب " واﻟذي �ﻌﻨﻲ ﻓﻲ ﻤﻌﻨﺎﻩ اﻟﻌﺎم " اﻟﻘر�ﺎن " و�ﺒدو أﻨﻪ كﺎن ﻗد اﺨـﺘص ﺒﻬـذا اﻟﻐـرض‬
‫ظ َﻬـ َر ﻤﻨـذ اﻟﻘـرن اﻟﺴـﺎ�ﻊ ﻗﺒـﻞ‬
‫ﻤﻨذ اﻟﻘرن اﻟﺜـﺎﻤن ﻗﺒـﻞ اﻟﻤـ�ﻼد ‪ ،‬ﻓﻘـد اﺸـﺘق ﻤﻨـﻪ اﻻﺴـم اﻟﻤوﺼـوف ‪ Mik‬واﻟـذي َ‬
‫اﻟﻤﺼـطﻠﺢ ﻗـد�م ﻓـﻲ‬‫اﻟﻤ�ﻼد ﻋﻠﻰ ﻨﺼﺒﯿن ﺘذكﺎر�ﯿن ﻓﯿﻨ�ﻘﯿﯿن ﻓﻲ ﺠز�رة ﻤﺎﻟطﺎ ‪ ،‬وﻤن ﻫﻨﺎ ﯿﺘﻀﺢ ﻟﻨـﺎ �ـﺎن ﻫـذا ُ‬
‫أﺼﻠﻪ ‪ ،‬وﻗد َوَرَد ﻓﻲ اﻟﻨﻘوش اﻟﺒوﻨ�ﻘ�ﺔ ﺜﻼﺜـﺔ أﺸـكﺎل ﻤﻨﻬـﺎ اﻟﻨﻬﺎ�ـﺔ ‪� Moik‬ﺎﻹﻀـﺎﻓﺔ إﻟـﻰ اﺴـﺘﺨداﻤﻬﺎ �ﺸـكﻞ‬
‫ُﻤﻨﻔـرد واﻷﺸـكﺎل اﻟــﺜﻼث ﻫ ـﻲ ‪ ، Molkomor , Molkbaal , Molkadam -:‬ﺤﯿــث ﺼـﺎﺤﺒت ﻫــذﻩ‬
‫اﻷﺸكﺎل اﻟﺜﻼث اﻟﻨﻘوش اﻟﺒوﻨ�ﻘ�ﺔ واﻟﺘﻲ ﯿﺘﺒﯿن ﻓﯿﻬﺎ إﺸﺎرت ﻟﻠﻘراﺒﯿن اﻟ�ﺸر�ﺔ ‪ ،‬وﻤﻤﺎ ﻫـو ﺠـدﯿر �ﺎﻟـذكر أﻨـﻪ ﻗـد‬
‫ـث أن اﻟﺘﻌﺒﯿـر اﻷول وﻫـو ‪Molkadam‬‬ ‫وردت آراء ُﻤﺘﻌـددة ﺤـول ﺘﻔﺴـﯿر ﻫـذﻩ اﻷﺸـكﺎل ﻟﻠﻔظـﺔ ‪ MLOK‬ﺤﯿ ُ‬
‫ـوة أو أﻨــﻪ ُﻗر�ـﺎن ُﻗـِد َم ﺒواﺴــطﺔ إﻨﺴــﺎن " ‪،‬‬
‫اﻟﻤﻔﺴـر�ن " َﺴـَﻠ َب أو أَ َﺨـ َذ اﻟُﻘر�ــﺎن ﻤــن إﻨﺴـﺎن ُﻋﻨـ ً‬
‫�ﻌﻨـﻲ ﺤﺴــب رأي ُ‬
‫اﻟﻤﻔﺴ ـر�ن ﻟﻬــذﻩ اﻟﻛﻠﻤــﺔ ‪ ،‬كــذﻟك ﻓﻠﻘــد‬
‫وﻫــذا اﻟﺘﻔﺴــﯿر اﻷﺨﯿــر ﻫــو اﻷﻓﻀــﻞ ﺤﯿــث ُ�ﻼﻗ ـﻲ ُﻗﺒــوﻻً ﻋﻨــد اﻟﻛﺜﯿــر ﻤــن ُ‬
‫َوردت ﻫذﻩ اﻟﻠﻔظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺸـكﻞ اﻟﺘـﺎﻟﻲ‪ K'dm bsrm btm / M-:‬ﺤﯿـث أن ﻟﻔظـﺔ " ‪ " btm‬ﺘﻌﻨـﻲ " ﻓرﺤـﺔ‬
‫" و"ﻋﻠﻰ ﻨﻔﻘﺘﻪ " أي أن اﻟﻌ�ﺎرة ﺘﻌﻨﻲ ﻓﻲ ُﻤﺠﻤﻠﻬﺎ " ُﻗر�ﺎن ُﻤﻘدم ِﺒواﺴطﺔ إﻨﺴﺎن ﻋﻠﻰ ﻨﻔﻘﺘﻪ و�ﺴرور "‪ .‬و أﻤﺎ‬
‫اﻟﺸكﻞ اﻟﺜﺎﻨﻲ ﻟﻠﻔظﺔ وﻫو ‪ Molkbaal‬ﻓﻠﻘد ُﻓﺴرت ﻋﻠﻰ أﻨﻪ " ُﻗر�ـﺎن ُﻗـدم ﻟﻺﻟـﻪ �ﻌـﻞ ﺒواﺴـطﺔ ﻤـواطن " وذﻟـك‬
‫ﺒدل اﻟرﻀ�ﻊ اﻵدﻤﻲ ‪ ،‬و�ﺒدو ﻤن ﺨﻼل اﻟﺘﻤﺤ�ص أن ﻟﻔظﺔ ‪ adam‬ﻤﺜـﻞ ‪ baal‬وﻫـﻲ ﺘُﺸـﯿر ﻟﻬـذﻩ اﻟﺘﻀـﺤ�ﺔ‬
‫اﻟﺤﻤـ ِـﻞ " و�ﺎﻟﺘــﺎﻟﻲ ﻓﻬــذا ُﯿـدﺨﻞ ُﻗر�ــﺎن ﺒــدﯿﻞ‬
‫‪ .‬أﻤــﺎ ﻟﻔظــﺔ ‪َ Molkomer‬ﻓﺴــرﻫﺎ اﻟ�ــﺎﺤﺜون �ﺄﻨﻬــﺎ " اﻟﻀــﺤ�ﺔ ﻤــن َ‬
‫ﻋ ــن اﻟُﻘر� ــﺎن اﻵدﻤ ــﻲ ‪ ،‬وﻫ ــذا اﻟﺘﻔﺴ ــﯿر ﻨ ــﺎ�ﻊ ﻤ ــن ﻟﻔظ ــﺔ ‪ cmr‬اﻟﺼ ــﺎﻤﺘﺔ و اﻟﺘـ ـﻲ ر�ﻤ ــﺎ ﺘﻛ ــون ُﻤﺴ ــﺘﻤدة ﻤ ــن‬
‫كﻠﻤــﺔ ‪ mounton‬واﻟﺘــﻲ ﺘﻌﻨ ـﻲ اﻟﺨــروف وﻫــو ُﯿﻠﻔــظ ﻋﻠــﻰ ﺸــكﻞ ‪ immer‬أو ‪ immar‬ﻓــﻲ ﻟﻐــﺎت ﺴــﺎﻤ�ﺔ‬
‫ُﻤﺨﺘﻠﻔــﺔ ‪ ،‬وﻗــد إﻋﺘﻤــد أﺼــﺤﺎب ﻫــذا اﻟﺘﻔﺴــﯿر ﻋﻠــﻰ ُﻨﺼــب ﺘــذكﺎري ﺘــم إﻛﺘﺸــﺎﻓﻪ ﻓــﻲ ﻤﻨطﻘــﺔ ‪ Ngaous‬ﻓــﻲ‬
‫ﺼـور ﻋﻠ�ـﻪ اﻹﻟـﻪ ﺴـﺎﺘور�ن وﻫـو اﻟور�ـث ﻟﻺﻟـﻪ‬ ‫اﻟﻤﻔﺴـر�ن اﻷﻀـﺎﺤﻲ اﻟﺒدﯿﻠـﺔ ُ‬ ‫اﻟﺠ ازﺌـر ﯿﺘﻀـﺢ ﻓ�ـﻪ وﺤﺴـب أري ُ‬
‫�ﻌــﻞ ﺤــﺎﻤون ‪ ،‬وﻫـ ـو ُﻤﻤﺴــك �ﺴــكﯿن �ﺎﻟﯿــد اﻟ�ﻤﻨــﻰ و�كــ�ش �ﺎﻟﯿــد اﻟ�ﺴــرى ‪ٕ ،‬واﺴــﺘطﺎﻋوا أن �ﻘــرءوا ﻋﻠــﻰ ﻫــذا‬
‫اﻟﻨﺼــب ِ‬
‫اﻟﻌ�ــﺎرات اﻟﺘﺎﻟ�ــﺔ )اﻟــروح ﻷﺠــﻞ اﻟــروح واﻟــدم ﻷﺠــﻞ اﻟــدم واﻟﺤ�ــﺎة ﻷﺠــﻞ اﻟﺤ�ــﺎة ( و اﻟﺘ ـﻲ ﺘُﺸــﯿر ﻓــﻲ‬ ‫ُ‬
‫ُﺠﻤﻠﺘﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻘراﺒﯿن اﻟﺒدﯿﻠﺔ واﻟﻌ�ﺎرة ﻤكﺘو�ﺔ �ﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻶﺘﯿﻨ�ﺔ ‪-:‬‬

‫‪120‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫)‪Sangvina pro sangrina, vita pro vita , anima pro anima, ango pro agum (24‬‬

‫وﻋﻤوﻤـﺎً ﻓــﺈﻨﻨﻲ ﻻ ار� ـد اﻟﺨــوض ﻓــﻲ ﻫــذا اﻟﻤوﻀــوع أﻛﺜــر ﻤــن ذﻟــك ‪ ،‬ﺤﯿــث اﺴــﺘﻘﯿت ﻤــﺎ ﯿﺘﻌﻠــق ﻤﻨــﻪ‬
‫ﺒد ارﺴـ ــﺘﻲ ﻓﻘـ ــط ‪ ،‬أن ﻫـ ــذﻩ اﻟﻤﻌـ ــﺎﻨﻲ واﻟﺘﻔﺴـ ــﯿرات ﻻ ﺘُﺸـ ــﯿر وﺤﺴـ ــب أري �ﺸـ ــكﻞ ﻗـ ــﺎطﻊ إﻟ ـ ـﻰ ﻫـ ــذا اﻟﻨـ ــوع ﻤـ ــن‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴــﺎت اﻟدﯿﻨ�ــﺔ ﻋﻨ ـد اﻟﺒــوﻨ�ﻘﯿﯿن ‪ .‬وﻟﻘــد إﻋﺘﻤــد أﺼــﺤﺎب ﻫــذا اﻟ ـرأي واﻟﻤؤ�ــدﯿن ﻟﻬــذﻩ اﻟﻔك ـرة واﻟﺘــﻰ ﺘﻘﻀ ـﻲ‬
‫ُ‬
‫اء ﻤﻨﻬــﺎ اﻟﻨﻘﺸـ�ﺔ أو اﻟﺘﺼــو�ر�ﺔ واﻟﺘـﻲ‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴــﺔ اﻟدﯿﻨ�ــﺔ ﻋﻨــد اﻟﺒــوﻨ�ﻘﯿﯿن ﻋﻠــﻰ اﻟﺸـواﻫد اﻷﺜر�ــﺔ ﺴـو ً‬
‫ﺒوﺠــود ﻫــذﻩ ُ‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴﺔ ﻓﻲ ﻤﻨطﻘـﺔ اﻟﺸـﻤﺎل اﻹﻓر�ﻘـﻲ واﻟﻐـرض ﻤـن‬ ‫ﺴوف ﻨﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ ﺒدرﺴﺔ وذﻟك ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺤدﯿث ﻋن ﻫذﻩ ُ‬
‫ذﻟك ُﻤﺤﺎوﻟﺔ إﺠراء ُﻤﻘﺎرﻨﺎت ﺒﯿﻨﻬﺎ و�ﯿن ﻤﺎ ﺘم اﻟﻛﺸﻒ ﻋﻨﻪ ﺤﺘﻰ أﻵن ﻓﻲ ﻤﻨطﻘﺔ اﻟﻤدن اﻟـﺜﻼث ‪ ،‬وأذ ﺒﺜﺒـوت‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴــﺔ ﻓــﻲ ﻗرطﺎﺠــﺔ ﻓﻼﺒــد وأﻨﻬــﺎ ﻗــد وﺠــدت ﻓ ـﻲ ﻫــذﻩ اﻟﻤﻨطﻘــﺔ وذﻟــك �ﺎﻋﺘ�ــﺎر أن ﻫــذﻩ اﻟﻤﻨطﻘــﺔ‬
‫وﺠــود ﻫــذﻩ ُ‬
‫ﯿﺘﺠز ﻤن اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺒوﻨ�ﻘﻲ �ﺄﺴرﻩ ‪.‬‬
‫أ‬ ‫ﺠزءاً ﻻ‬

‫و أول ﺘﻠك اﻟﺸواﻫد اﻟﻨﻘﺸ�ﺔ ﻫو ﻤﺎﺘم اﻟﻛﺸـﻒ ﻋﻨـﻪ ﻓ ـﻲ ﻤﻨطﻘـﺔ ‪ Ngaous‬ﻓ ـﻲ اﻟﺠ ازﺌـر ‪ -‬ﺴـﺒق وان‬
‫ﺘﺤــدﺜﻨﺎ ﻋﻨــﻪ ‪ -‬ﻓــﻲ أﻛﺘــو�ر ﺴــﻨﺔ ‪ 1930‬م ‪ .‬وﻫــو ُﻤكــرس ﻟﻺﻟــﻪ ﺴــﺎﺘور�ن وﻫــو اﻟور�ــث ﻟﻺﻟــﻪ اﻟﺒــوﻨ�ﻘﻲ �ﻌــﻞ‬
‫ﺤﺎﻤون ﻓﻠﻘد إﺴﺘطﺎع اﻟ�ﺎﺤﺜون ﺘرﺠﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤو اﻟﺘﺎﻟﻲ " اﻟروح ﻷﺠﻞ اﻟروح واﻟدم ﻷﺠﻞ اﻟدم واﻟﺤ�ﺎة ﻷﺠﻞ‬

‫اﻟﺤ�ــﺎة " ‪ ،‬و�ــﺎﻟﻨظر إﻟ ـﻰ ﻓﺤــوى ﻫــذا اﻟ ـﻨﻘش ﻓﺎﻨــﻪ ﻻ ُ�ﺴــﺘ�ﻌد ﻗط�ﻌ ـﺎً وﺠــود ﻫــذﻩ ُ‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴــﺔ اﻟدﯿﻨ�ــﺔ واﻟﺨﺎﺼــﺔ‬
‫�ﺎﻟﺘﻀﺤ�ﺔ �ﺎﻷطﻔـﺎل اﻟﺘـﻰ ﯿﺒـدو أﻨﻬـﺎ إﺴـﺘﻤرت ﻟﻔﺘـرة ُﻤﺘـﺄﺨرة و�ﺎﻟﺘـﺎﻟﻲ ﻓﺄﻨﻬـﺎ ُﻤﻤﺎرﺴـﺔ دﯿﻨ�ـﺔ ﺘﻐـوص ﻓـﻲ أﻋﻤـﺎق‬
‫اﻟﺘﺎر�ﺦ ‪.‬‬

‫و ﻓ�ﻤﺎ ﯿﺘﻌﻠق �ﻤﺎ ﺘم اﻟﻛﺸﻒ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻗرطﺎﺠﺔ ﻤن ﻨﺼوص ﺘﻛر�ﺴ�ﺔ ﻓﻬﻲ ﺘﺨص ﻓـﻲ اﻟﺒدا�ـﺔ اﻻﻟـﻪ‬
‫�ﻌﻞ ﺤﺎﻤون ﺜم إﻋﺘ�ﺎ اًر ﻤن اﻟﻘرن اﻟﺨﺎﻤس ﻗﺒﻞ اﻟﻤ�ﻼد �ﺎﺘت ﺘﺨص اﻟزوج اﻹﻟﻬﻲ �ﻌﻞ ﺤﺎﻤون واﻹﻟﻬﻪ ﺘﺎﻨﯿت‬

‫اﻟﻤﺠﻤﻊ اﻹﻟﻬﻲ اﻟﻘرطﺎﺠﻲ ﻤﻨذ ﻫذا اﻟﻘرن ‪ ،‬وﺘﺤﺘوي ﻫذﻩ ُ‬

‫اﻟﻨﺼوص اﻟدﯿﻨ�ﺔ ﻋﻠـﻰ‬ ‫‪ ،‬اﻟﻠذان ﺘر�ﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﻋرش ُ‬
‫�ﻘر " إﻻ أﻨﻪ كﺎن ﻗد َﺴﻤﻊ ﺼوﺘﻪ ‪ ،‬ﻫو اﻟﻤكـرس ﻟـﻪ " أو " أﻨـت‬ ‫ِ‬
‫ﺼ�ﻎ ﺘﺸﻔ�ﻌ�ﺔ ٕواﺴﺘرﻀﺎﺌ�ﺔ ﻟﻶﻟﻬﺔ ﺤﯿث أ‬
‫) ‪( 25‬‬
‫‪ ،‬أو أﻨﻬﺎ ﺘﺘ�ﻊ اﻟﻨﺴق اﻟﺘﺎﻟﻲ " إﻟﻰ اﻟﺴﯿدة ‪ ،‬إﻟﻰ ﺘﺎﻨﯿت وﺠﻪ‬ ‫ﺴوف ﺘﺴﻤﻊ ﺼوﺘﻪ وأﻨت ﺴوف ﺘُ�ﺎركﻪ "‬
‫ِ‬
‫ﺼـﺎﺤب اﻟﺘﻀـﺤ�ﺔ واﺒـن ﻓـﻼن‬ ‫�ﻌﻞ ‪ٕ ،‬واﻟﻰ اﻟﺴﯿد �ﻌﻞ ﺤﺎﻤون ‪ ،‬ﻫذا �كون اﻟﺘﻛر�س " ﺜم �ﺄﺘﻲ إﻟﻰ ذكـر إﺴـم َ‬
‫وﺨﻼﺼﺔ اﻟﻘول ﻓﺎن ﻫذﻩ اﻟﺼ�ﻎ اﻹﻫداﺌ�ﺔ ﺘﺘ�ﻊ ﻨﺴﻘﺎً ﺨﺎﺼﺔ أﺜﻨﺎء ﺘﻘد�ﻤﻬﺎ ﻓﻬﻲ‬ ‫ﺜم �طﻠب اﺴﺘرﻀﺎء اﻵﻟﻬﺔ ‪ُ ،‬‬
‫اﻟﻤكـرس ﻟـﻪ‬
‫ﺘﺒﺘدئ �ﺄﻨﻬﺎ ُﻤﻘدﻤﺔ ﻤن ﻓﻼن ﺒن ﻓﻼن إﻟﻰ اﻹﻟﻪ ﻓﻼن ﺜم ﺘﺒدأ �ﻌد ذﻟـك ﺼـ�ﻎ إﺴﺘرﻀـﺎﺌ�ﺔ ﻟﻺﻟـﻪ ُ‬

‫‪-----------------------------------------------------‬‬

‫‪121‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫ﻫــذا اﻟﻨﺼــب وﻗــد اﺴــﺘﻤرت ﻫــذﻩ ِ‬
‫اﻟﺼـ�ﻎ ﻓــﻲ اﻟظﻬــور ﺤﺘــﻰ اﻟﻌﺼــر اﻟروﻤــﺎﻨﻲ ٕوان كﺎﻨــت ﺘﺨﺘﻠــﻒ ﻤــن ﺤﯿــث‬ ‫ُ‬
‫اﻟﻤكرس ﻟﻬﺎ ﻓﻤن ﺘﺎﻨﯿت أﺼ�ﺤت ﺠوﻨون ﺜم َﺤ َﻤﻠت إﺴم كﺎﯿﻠ�ﺴـﺘ�س ‪ Caelestis‬ﻓ�ﻤـﺎ �ﻌـد وﻤـن �ﻌـﻞ‬
‫اﻵﻟﻬﺔ ُ‬
‫ﺤﺎﻤون إﻟﻰ اﻹﻟﻪ ﺴﺎﺘور�ن )‪. (26‬‬

‫وﻤﻤﺎ ﻫو ﺠدﯿر �ﺎﻟﻤﻼﺤظﺔ أن ِﻋ�ﺎرات كﺜﯿرة وردت ﻓﻲ اﻟﻨﻘوش اﻟﺒوﻨ�ﻘ�ﺔ ﻻ ﺘزال إﻟـﻰ أﻵن ﻤوﻀـﻊ‬
‫ﺠــدال كﺒﯿــر ﺒــﯿن اﻟﻤﺨﺘﺼــﯿن وﻤــن أﻫﻤﻬــﺎ ‪ " -:‬ﻤﻠــك أدم " ﻓﻘــد ﺘَﻀــﺎر�ت اﻵراء ﺤــول ﻤدﻟوﻟــﻪ ٕوان كــﺎن ﻫــذا‬
‫اﻟﺠدل وﻗد إﻨﺤﺼر ﻓﻲ رأﯿﯿن ﻫﻤﺎ ‪ -:‬أن ﻫذﻩ اﻟﻌ�ﺎرة ر�ﻤﺎ كﺎﻨت ﺘﻌﻨﻲ ُﻗر�ـﺎن رﺠـﻞ " أي إن " اﻟرﺠـﻞ ُ�ﻘـدم‬
‫كﻘر�ﺎن " ‪ ،‬ﺒﯿﻨﻤﺎ اﻟرأي اﻷﺨـر �ﻔﺴـرﻩ �ﺄﻨـﻪ " إﻨـﻪ ُﻗر�ـﺎن ُﻗـدم ﻤـن ِﻗ َﺒـ ِﻞ رﺠـﻞ " ‪ ،‬ﺒﯿﻨﻤـﺎ ﺘُﻤﺜـﻞ ﻫـذﻩ اﻟﻌ�ـﺎرة ﻓـﻲ‬
‫اء ﻤـن ِﻋ�ـﺎرة أطـول وﻫـﻲ " ﻤﻠـك أدم �ﺸـر�م ﺒـﺘم " وﻫـﻲ ﺒـدورﻫﺎ ﻤﺤـﻞ ﺠـدال ﺒـﯿن اﻟ�ـﺎﺤﺜﯿن‬ ‫�ﻌض اﻷﺤ�ـﺎن ﺠـز ً‬
‫وﻗد وﺠد ﻤﺜﺎل ﻤﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺴـﻨطﯿﻨﺔ ﻓـﻲ اﻟﺠ ازﺌـر )‪ (27‬وﻤـن ﻫﻨـﺎ ﻓﺎﻷﻤﺜﻠـﺔ ﻋﻠـﻰ ذﻟـك كﺜﯿـرة ﻻ أر�ـد اﻟﺨـوض ﻓﯿﻬـﺎ‬
‫وذﻟك ﻨظ اًر ﻟﺘﺸﻌﺒﻬﺎ وﻟذا أوردت أﻤﺜﻠﺔ ﻤﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺴﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﻻ اﻟﺤﺼر ‪.‬‬

‫�ﺎﻹﻀﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن أﺼـﺤﺎب ﻫـذا اﻟـرأي اﻟﻘﺎﺌـﻞ �ـﺄن اﻟﺒـوﻨ�ﻘﯿﯿن كـﺎﻨوا ُ�ﻤﺎرﺴـون ﻫـذﻩ اﻟﻌـﺎدة �ﺴـﺘﻨدون‬
‫اﻟﻨﺼــب اﻟﺘذكﺎر�ــﺔ اﻟُﻨذر�ــﺔ اﻟﺘــﻰ وﺠــدت ﻓــﻲ اﻟﻌدﯿــد ﻤــن‬
‫اﻟﻤرﺴــوﻤﺔ ﻋﻠــﻰ ُ‬
‫ﻓــﻲ ﻫــذا ﻋﻠــﻰ اﻟﻌدﯿــد ﻤــن اﻟﺘﻤﺜــ�ﻼت َ‬
‫طﻠـق ﻋﻠﯿﻬـﺎ‬ ‫اﻟﻤﻨﺎطق اﻟﺒوﻨ�ﻘ�ـﺔ ‪ ،‬ﻓﻠﻘـد ﺘـم اﻟﻛﺸـﻒ ﻓـﻲ ﺘوﻓﯿـت ﺴـﻼﻤﺒو ﻋﻠـﻰ إﺤـدى أﻫـم ﻫـذﻩ اﻟﻨﻘـوش و اﻟﺘـﻲ أ ُ‬
‫ـﺎء ﺘُﺸـﯿر‬ ‫ِ‬
‫اﺴم ﻟوﺤﺔ اﻟﻛﺎﻫن ‪ ،‬وذﻟك ﺴﻨﺔ ‪ 1921‬م ﻓﻬﻲ ﺘُﺼور رﺠﻞ َ�ﺤﻤﻞ طﻔﻞ رﻀـ�ﻊ ﺒـﯿن ذراﻋ�ـﺔ ﻓـﻲ إ�ﻤ َ‬
‫اﻟﻤَﻔﺴـرون " اﻟﻛـﺎﻫن " كـﺎن‬
‫ﻘدﻤﻪ كُﻘر�ﺎن ) أﻨظـر اﻟﺸـكﻞ رﻗـم ‪ ( 1‬وﻫـذا اﻟرﺠـﻞ واﻟـذي أطَﻠـ َق ﻋﻠ�ـﻪ ُ‬
‫ﺴ� ُ‬ ‫إﻟﻰ أﻨﻪ ُ‬
‫أﺴﻪ و�رﺘدى ﺠﻠ�ﺎ�ـﺎً طـو�ﻼً ‪ ،‬و�ﻌﺘﻘـد ﻤﺤﻤـد ﺤﺴـﯿن ﻓﻨظـر أن ﻫـذا اﻟﺘﻔﺴـﯿر واﻟـذي ﯿﺘﻌﻠـق‬ ‫�ﻀﻊ ﻗﻠﻨﺴوة ﻋﻠﻰ ر ِ‬
‫)‪(28‬‬
‫‪.‬‬ ‫�ﺸﺨﺼ�ﺔ اﻟرﺠﻞ ﯿﺒدو ُﻤ�ك اًر ﺠداً‬

‫ﺼﻔﻬم اﻟﺸﺎﻋر ﺴﯿﻠﯿوس ﻓﻘـد أورد " �ـﺄﻨﻬم‬ ‫ﺼﻔﺎت ﺨﺎﺼﺔ كﻤﺎ � ِ‬ ‫ﻓﻤن اﻟﻤﻌروف أن اﻟﻛﻬﻨﺔ كﺎﻨت ﻟﻬم ِ‬
‫َ‬
‫كــﺎﻨوا ﺤﻠ�ﻘــﻲ اﻟــرؤوس و�رﺘــدون ﺜ�ﺎ�ـﺎً ﺒ�ﻀــﺎء ﻤــن اﻟﻛﺘــﺎن و�ﻤﺸــون ُﺤﻔــﺎﻩ اﻷﻗــدام و�رﺘــدون أﺜﻨــﺎء ﺘﻘــد�م اﻟــذ�ﺎﺌﺢ‬
‫)‪(29‬‬
‫وﻫذا اﻷﻤر ﻻ ﯿﻨطﺒق �ﺸـكﻞ كﺎﻤـﻞ ﻋﻠـﻰ ﻫـذا اﻟﺘﺼـو�ر ﻤـن‬ ‫ﺜ�ﺎ�ﺎً إﺤﺘﻔﺎﻟ�ﺔ ُﯿزﻨﻬﺎ ﺸر�ط ﻋرض ‪ ...‬اﻟﺦ "‬
‫ﺤﯿــث أﻨــﻪ َ�ﻀــﻊ ﻋﻠــﻰ أرﺴـ ُـﻪ ﻗﻠﻨﺴــوة وﻟﻛﻨ ـﻪ ﻻ ﯿﺒــدو �ﺄﻨــﻪ ﯿرﺘــدي ﺠﻠ�ــﺎب أﺒــ�ض وﻋﻠــﻰ وﺠــﻪ اﻟﻌﻤــوم ﻓ ـﺈن ﻫــذا‬
‫اﻟﻌﺜـور ﻋﻠ�ـﻪ ﻓـﻲ ﻤﻨطﻘـﺔ " أم اﻟﻌﻤـد " ﺠﻨـوب ﻤدﯿﻨـﺔ ﺼـور وﻫـﻲ ﺘﺘﻤﺜـﻞ ﻓـﻲ ﻟوﺤـﺔ ﺘُـدﻋﻰ‬
‫اﻟﺸكﻞ ُ�ﺸﺎ�ﻪ ﻤـﺎ ﺘـم ُ‬
‫ﺒﻠوﺤﺔ " �ﻌﻠ�ﺎﺘون " واﻟﻤوﺠودﻩ اﻟﯿوم ﻓﻲ كو�ﻨﻬﺎﺠن وﻫﻰ ﺘُﺼور �ﻌﻠ�ﺎﺘون ﻨﻔﺴﻪ واﻟذي ُﯿـرﺠﺢ أن �كـون رﺠـﻞ‬
‫‪-----------------------------------------------------‬‬

‫‪122‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫دﯿن ‪ ،‬و�ﺘﻀﺢ ﻤن ﺨﻼﻟﻬﺎ أن ﻤﻼﻤﺢ وﺠﻬﻪ واﻀـﺤﺔ ﺠـداً و�ﻠـ�س رداء ﺴـﺎ�ﻐﺎً وﻏطـﺎء راس ﻗﺼـﯿر " ﻗﻠﻨﺴـوة‬
‫" وﺘَﺒدو ﯿدﻩُ اﻟ�ﻤﻨﻰ كﻤﺎ ﻫو اﻟﺤﺎل ﺒﻠوﺤﺔ اﻟـكﺎﻫن ﻤرﻓوﻋﺔ وكﺄﻨﻬﺎ ﺘُﺸﯿر إﻟـﻰ ﺘﺒرك ‪ ،‬ﺒﯿﻨﻤﺎ اﻟﯿـد اﻟ�ﺴرى ﺘﺤﻤـﻞ‬
‫)‪(30‬‬
‫) أﻨظر اﻟﺸكﻞ رﻗم ‪ ، ( 2‬وﻫذا اﻟﺘﺸﺎ�ﻪ اﻟﻛﺒﯿر ﺒﯿن كﻼ اﻟﻠوﺤﺘﯿن ر�ﻤﺎ �ﻌﻨﻰ ﺘﺄﺜﯿ اًر ﻓﯿﻨ�ﻘ�ﺎً ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺸﯿﺌﺎ ﻤﺎ‬
‫)‪(31‬‬
‫اﻟﻤﺴﺘﻐرب ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق‬
‫‪ .‬وكذﻟك ﻓﻘد ﺘم اﻟﻛﺸﻒ ﻓـﻲ ﻤدﯿﻨـﺔ‬ ‫اﻟﻔن اﻟﺒوﻨ�ﻘﻲ ‪ ،‬وﻫذا اﻷﻤر ﻟ�س �ﺎﻟﺸﻲء ُ‬
‫اﻟﻤﺸﻬد‬ ‫ﻗرطﺎﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﻨﺼب ﺘذكﺎري ُ�ﻤﺜﻞ طﻔﻞ ُﻤﻘﻤط َ�ﺴﻘط ﻋﻠﻰ كﺘﻔﺔ داﺨﻞ ُﺸﻌﻠﺔ ُﻤﺘوﻫﺠﺔ ُ‬
‫و�ﺼﺎﺤب ﻫذا َ‬
‫ﺼورة ِظﻠ�ﺔ ﻟﻘﺎرورة وﻗـد أُرخ ﻫذا اﻟﻨﺼب ﺒﻨﻬﺎ�ﺔ اﻟﻘرن اﻟﺜﺎﻟث ﻗﺒﻞ اﻟﻤ�ﻼد )‪. (32‬‬
‫ُ‬

‫وﻤﻤــﺎ ﯿز�ــد ﻤــن ﻗــوة ﻫــذﻩ اﻟﻔرﻀــ�ﺔ ‪ -‬ﺤﺴ ـب أري اﻟﻤؤ�ــدﯿن ‪ -‬ﻫــو ﻤــﺎ ﺘــم اﻟﻛﺸــﻒ ﻋﻨــﻪ ﻤــن ﻤﺌــﺎت‬
‫)‪(33‬‬
‫أو أﺠﻨ ــﺔ � ــﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟ ــدﻗﯿق إﻟـ ـﻰ ﺠﺎﻨ ــب �ﻘﺎ� ــﺎ‬ ‫اﻟﺠـ ـرار اﻟﺘـ ـﻲ ﺘﺤﺘ ــوي �ﻘﺎ� ــﺎ ﻋظ ــﺎم ﻤواﻟﯿ ــد ﺼ ــﻐﺎر ﻤﺤروﻗ ــﺔ‬
‫ﺤﯿواﻨــﺎت ﻤﺤروﻗــﺔ وﺨﺎﺼــﺔ اﻟﺨرﻓــﺎن واﻟﻤــﺎﻋز واﻟﺤﻤــﻞ و�ﻌــض ﻋظــﺎم اﻟطﯿــور وذﻟــك وﻓﻘ ـﺎً ﻟﻨﺘــﺎﺌﺞ اﻟﺘﺤﺎﻟﯿــﻞ‬
‫اﻟﻤﺨﺒر�ﺔ اﻟﺘﻲ أُﺠر�ت ﻋﻠﯿﻬﺎ ‪ ،‬و اﻷﻤﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك كﺜﯿرة داﺨـﻞ اﻟﻌﺎﺼـﻤﺔ اﻟﺒوﻨ�ﻘ�ـﺔ وﺨﺎرﺠﻬـﺎ ‪ ،‬ﻓﻔـﻲ ﺴـﻼﻤﺒو‬
‫‪ Salammbo‬ﺘم اﻟﻛﺸﻒ ﺴﻨﺔ ‪ 1921‬م ﻋﻠﻰ ﺤـواﻟﻲ أﻟـﻒ ﺠـرة ﺘﺤﺘـوي ﻋﻠـﻰ ﻫ�ﺎﻛـﻞ ﻋظ�ﻤـﺔ ُﻤﺤﺘرﻗـﺔ وﻫـﻲ‬
‫ﺘﺘﻌﻠـق ‪ -‬ذﻟـك ﺒﻨـﺎء ﻋﻠـﻰ اﻟﻨﺘـﺎﺌﺞ اﻟﻤﺨﺒر�ـﺔ ‪� -‬ﺄطﻔــﺎل ﺼـﻐﺎر ﺠـداً َﺤـدﯿﺜﻲ اﻟـوﻻدة ُﻤﺨﺘﻠطـﺔ ﺒﻬ�ﺎﻛـﻞ ﻟﺤﯿواﻨــﺎت‬
‫)‪(34‬‬
‫اﻟﻨﺼـب اﻟﺘذكﺎر�ـﺔ‬ ‫اﻟﻤﻘدس ﺜم ﺘُﻘﺎم أﻋﻠـﻰ ﻤﻨﻬـﺎ ُ‬ ‫‪ ،‬وﻗد كﺎﻨت ﻫذﻩ اﻟﺠرار ﺘُدﻓن داﺨﻞ ﻓﻨﺎء اﻟﺘوﻓﯿت ُ‬ ‫ُﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‬
‫ـر ﺒ ـﯿن اﻟ�ــﺎﺤﺜﯿن‬
‫اﻟﺨﺎﺼــﺔ ﺒﻬــﺎ ‪ ،‬و اﻷﻤﺜﻠــﺔ ﻋﻠــﻰ ذﻟــك كﺜﯿ ـرة ‪ .‬وﻗــد أﺜــﺎرت ﻫــذﻩ اﻟﻤرﻤــدات ﺠــدﻻً كﺒﯿـ اً‬
‫اﻟﻨذر�ــﺔ َ‬
‫ُ‬
‫وﺨﺎﺼــﺔ ﻓ�ﻤــﺎ ﯿﺘﻌﻠــق �ﻤﻬ� ـﺔ ﻫــؤﻻء اﻷطﻔــﺎل ‪ ،‬ﻓﻘــد رأى ﻤﺤﻤــد ﺤﺴ ـﯿن ﻓﻨظــر أن ﻫــؤﻻء اﻷطﻔــﺎل ر�ﻤــﺎ كــﺎﻨوا‬
‫أطﻔـﺎﻻً ﻤﺠﻬﻀـﯿن أو أﻨﻬـم ﻤــﺎﺘوا ﻤ�ﺎﺸـرة وﻟـم ﺘُﻛﺘــب ﻟﻬـم اﻟﺤ�ـﺎة أو ﻤــن كـوﻨﻬم ﻗـد ﻤــﺎﺘوا ﻨﺘﯿﺠـﺔ ﻟﺤـﺎدث ﻋﻨﯿــﻒ‬
‫و�ﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻬوﻻء ﻻ ُ�ﻤﺜﻞ ﻤوﺘﻬم أﻤ اًر طﺒ�ﻌ�ﺎً و�ﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻼ ُﯿدﻓﻨون داﺨﻞ ﻤﻘﺒرة ﻋﺎد�ﺔ وﻟﻛن ﯿﺘم إرﺠﺎﻋﻬم ﺤﺴب‬
‫إﻋﺘﻘﺎدﻫم إﻟﻰ اﻹﻟﻪ وذﻟك طﻠ�ـﺎً واﻟﺘﻤﺎﺴـﺎً ﻤـن ِﻗـﺒﻠﻬم ﻟـﻪ إرﺠـﺎع ذﻟـك اﻟطﻔـﻞ إﻟـﯿﻬم ‪ ،‬وﻤﻤـﺎ ﻻ ﺸـك ﻓ�ـﻪ إن ﻫـذﻩ‬
‫طﻘوﺴﺎً دﯿﻨ�ﺔ ﻤﻌﯿﻨﺔ كﺎﻨت ﺘﺒدء �ﺤرﻗﻬم ‪ ،‬و�ﻌد ذﻟك ﯿﺘم ﺠﻤﻊ �ﻘﺎ�ﺎﻫم ووﻀﻌﻬﺎ داﺨﻞ ﺠرة‬
‫اﻟﻌﻤﻠ�ﺔ كﺎﻨت ﺘﺘ�ﻊ ُ‬
‫وﺘدﻓن ﻓﻲ اﻷرض و�ﻘﺎم ﻋﻠﯿﻬﺎ ﻨﺼب ﺘذكﺎري ﺘﺨﻠﯿداً ﻟﻬذا اﻟﺘﻛر�س وكﻞ ذﻟك ﯿﺘم ﻋﻠﻰ ﻨَﻔ ِ‬
‫ﻘﺔ اﻟواﻟدﯿن ‪ ،‬وكﺎن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫اﻟﺤﺼــول ﻋﻠــﻰ طﻔــﻞ آﺨــر ﺴــﻠ�م وﻗــﺎدر ﻋﻠــﻰ‬
‫�ﻤﻘــدور اﻟواﻟــدﯿن كــذﻟك ﺘﻘــد�م ُﻗر�ــﺎن ﺤﯿـواﻨﻲ ﻟﻺﻟــﻪ وذﻟــك ُ�ﻐ�ــﺔ ُ‬
‫اﻟﺤ�ﺎة وﺴط أﻤﻼﻛﻪ و�كﻞ ﺜﻘﺔ ‪ ،‬و�ﺘﻛرر اﻷﻤر ذاﺘﻪ ﻋﻨد اﻟﻤرض اﻟذي ﻗد ﯿﺘﻌرض ﻟﻪ اﻟطﻔﻞ واﻟذي ُ �ﻌـرض‬
‫ﺤ�ــﺎة ﻫــذا اﻷﺨﯿــر ﻟﻠﻤــوت ﻓﻘــد كــﺎن �ﻤﻘــدور اﻟواﻟــدﯿن كــذﻟك اﻟﻔ ـرار إﻟ ـﻰ اﻹﻟــﻪ ﻟﻛــﻲ ﯿﻠﺘﻤﺴ ـوا ﻤﻨــﻪ ﺒركــﻪ وﺴــط‬
‫اﻟدﻋﺎء واﻟﺼﻼة و�ﺘﻘد�م اﻷﻀﺎﺤﻲ ﻟﻪ طﻤﻌﺎً ﻓﻲ اﺴﺘﺒداﻟﻪ ﻟﻬم ‪ ،‬وﻫذا اﻷﻤر ﯿﺘﻀـﺢ �ﺸـكﻞ واﻀـﺢ ﻤـن ﺨـﻼل‬
‫‪-----------------------------------------------------‬‬

‫‪123‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫)‪(35‬‬
‫‪ ،‬وﻗد أﯿدت اﻟ�ﺎﺤﺜـﺔ اﻟﻔرﻨﺴـ�ﺔ ﻓ�ﺸـو ﻫـذﻩ اﻟﻔرﻀـ�ﺔ ودﻟﻠـت‬ ‫اﻟﻨﻘش اﻟﺘذكﺎري �ﻤﻨطﻘﺔ ‪� Nagous‬ﺎﻟﺠزاﺌر‬
‫ﻋﻠﻰ ذﻟك �ﻀﻌﻒ ﻋدد ﻗﺒور اﻷطﻔﺎل ﻓﻲ ﻤﻘﺎﺒر ﻤدﯿﻨﺔ ﻗرطﺎﺠﺔ وﻤن ﻫﻨﺎ إﻓﺘرﻀـت اﻟ�ﺎﺤﺜـﺔ أن اﻟﻤﺘـوﻓﯿن ﻤـن‬
‫اﻟﺠدد كﺎﻨوا َﻤﻘﺼﯿن ﻤن ُﻤﺠﺘﻤﻊ اﻷﻤوات اﻟﻛﻬـول وذﻟـك ﯿـﺘم َدﻓـﻨﻬم داﺨـﻞ اﻟﻤﻌﺎﺒـد ﺒﺈﻋﺘ�ـﺎرﻫم ُﻨـذو اًر أو‬
‫اﻟﻤواﻟﯿد ُ‬
‫ﻫدا�ﺎ ُﻤﻘدﻤﺔ ﻟﻺﻟﻪ ﻋﻠﻰ أﻤﻞ أن �ﺸﻬدوا ﺤ�ﺎة أﺨرى ﯿﺘم إﻋﺎدة �ﻌﺜﻬم ﻤرة أﺨرى ‪ ،‬وﻟﻛن ﻫذﻩ اﻟﻔرﻀ�ﺔ واﺠﻬت‬
‫)‪(36‬‬
‫ﺼﻌو�ﺔ كﺒﯿرة َﻤردﻫﺎ إﻟﻰ أن اﻟ�ﻌض ﻤﻨﻬم – أي اﻷطﻔﺎل – ﺘﺘراوح أﻋﻤﺎرﻫم ﺒﯿن ﺴـﻨﺘﯿن و أر�ـﻊ ﺴـﻨوات‬
‫ُ‬
‫‪.‬‬

‫وﻤﻤــﺎ ﻫــو ﺠــدﯿر �ﺎﻟﻤﻼﺤظــﺔ أن �ﻌــض ﻤــن ﻫــذﻩ اﻟﻀــﺤﺎ�ﺎ كﺎﻨــت ﺘُﻘــدم إﻟ ـﻰ اﻟﻨــﺎر وﻫ ـﻲ ﻋﺎر�ــﺔ وﻗــد‬
‫ظﻬـرت ﻫـذﻩ اﻟﻌــﺎدة �ﺼـورة ُﻤؤكـدة ﻤﻨــذ اﻟﻘـرن اﻟﺜﺎﻟـث ﻗﺒــﻞ اﻟﻤـ�ﻼد وﺘُﻌﺘﺒـر ﻤﻘﺒـرة اﻟطﻔـﻞ ﺨﯿـر ﻤﺜــﺎل ﻋﻠـﻰ ذﻟــك‬
‫ﺼـورة ﻟطﻔــﻞ ﻋــﺎري وﻫــو َﯿﺠﺜـوا ﻋﻠــﻰ ركﺒﺘ�ـﻪ ‪ ،‬وكــذﻟك ﺘــم اﻟﻛﺸــﻒ ﻋﻠــﻰ أﻤﺜﻠــﺔ اﺨــرى‬‫ﺤﯿــث ﯿﺒــدو ﻤــن ﺨﻼﻟـﻪ ُ‬
‫)‪(37‬‬
‫‪ ،‬أﻤــﺎ اﻟﻨﺘـﺎﺌﺞ اﻟﻤﺨﺒر�ــﺔ ﻓﻘـد أظﻬـرت اﻟﻌكــس ‪ ،‬ﻓﻘـد ّدﻟــت‬ ‫ﺼـورة ﻟﺼــﺒ�ﺔ ﻋﺎر�ـﺔ ﺘﻤﺎﻤـﺎ‬
‫ﯿﺘﻀـﺢ ﻤـن اﺤــدﻫﺎ ُ‬
‫ﻨﺘﺎﺌﺠﻬ ــﺎ و اﻟﺘـ ـﻲ أُﺠر� ــت ﻋﻠ ــﻰ ‪ 130‬ﻋﯿﻨ ــﺔ ﻋﻠ ــﻰ اﻟﻌك ــس ﻤ ــن ذﻟ ــك ﺘﻤﺎﻤـ ـﺎً وأﯿ ــدت �ﺎﻟﺘ ــﺎﻟﻲ ﻤ ــﺎ ﺘوﺼـ ـﻞ إﻟ� ــﻪ‬
‫‪ Pallary‬ﺴﻨﺔ ‪ 1922‬م ‪.‬‬

‫ﺒﯿﻨﻤﺎ ﯿرى �ﻌض اﻟ�ﺎﺤﺜﯿن ﻤن أﻤﺜﺎل ‪ S . Miscati‬أن دﻓن اﻷطﻔﺎل اﻟﺼﻐﺎر كﺎن ﯿﺘم ﻓـﻲ اﻟﺘوﻓﯿـت‬
‫اﻟﺴ�ﺎق ودﻋﻤﺎً ﻟأر�ﻪ ﻫذا إﻟـﻰ اﻟﻨﺴـ�ﺔ اﻟﻤرﺘﻔﻌـﺔ ﻟوﻓ�ـﺎت‬ ‫إﻟﻰ ﺠﺎﻨب " ﻀﺤﺎ�ﺎ اﻟﻘراﺒﯿن " و�ﺸﯿر اﻟ�ﺎﺤث ﻓﻲ ﻫذا ِ‬
‫ُ‬
‫اﻟﻨﺼــب اﻟﺘذكﺎر�ــﺔ كــﺎن ﻓﻘــط ﻟﺘﺨﻠﯿــد ذكــرى اﻷطﻔــﺎل ُ‬
‫اﻟﻤﻘــدﻤﯿن‬ ‫و�ﻌﺘﺒــر أن إﻗﺎﻤــﺔ ﻫــذﻩ ُ‬
‫اﻷطﻔــﺎل ﻓــﻲ ﺘﻠــك اﻟﻔﺘـرة ُ‬
‫اﻟﻤﻠﺤـوظ ﺒـﯿن ﻋـدد اﻷﻨﺼـﺎب وﻋـدد اﻟﻤرﻤـدات اﻟﺘــﻲ‬
‫كﻘـراﺒﯿن وﻫـو ﻤـﺎ ُ�ﻔﺴـر ﻓـﻲ َﻤﻨظـورﻩ داﺌﻤـﺎً ﺴـر اﻻﺨـﺘﻼل َ‬
‫ﺘﺤﺘوى ﻋظﺎم اﻷطﻔﺎل )‪. (38‬‬

‫وﻤﻤــﺎ ﻫــو ﺠــدﯿر �ﺎﻟــذكر أن اﻟﻘـراﺒﯿن اﻟﺒدﯿﻠــﺔ ﻗــد ﺤﻠــت ﻤﺤــﻞ اﻟﻘـراﺒﯿن اﻵدﻤ�ــﺔ ﻤﻨــذ ﻓﺘـرة ُﻤ�كـرة ﺠــداً ﻋﻨــد‬
‫اﻟﺤ ِﻤﻞ كﺎن ﻗد ﻤر ﺒﻨﺎر ﻋوﻀﺎً ﻋن طﻔﻞ‬
‫اﻟﻔﯿﻨ�ﻘﯿﯿن ﻓﻘد ﺘم اﻟﻛﺸﻒ ﻓﻲ ﺠز�رة ﻤﺎﻟطﺎ ﻋﻠﻰ ﻨﻘش ُ�ﺸﯿر إﻟﻰ أن َ‬
‫ﺤﯿث �ﻘ أر ﻋﻠـﻰ اﻟـﻨﻘش ﻟﻔظـﺔ " ‪ " Molkomor‬ﻤﻠـوك‬
‫‪ُ ،‬‬
‫)‪(39‬‬
‫وﻗد أُرخ ﻫذا اﻟﻨﻘش �ﺎﻟﻘرن اﻟﺴﺎ�ﻊ ﻗﺒﻞ اﻟﻤ�ﻼد‬
‫)‪(40‬‬
‫‪ ،‬وﻤﻤـﺎ ﯿز�ـد ﻤـن ﻗـوة ﻫـذﻩ اﻟﻔرﻀـ�ﺔ ﻤـﺎ ﺘـم اﻟﻛﺸـﻒ‬ ‫أواﻤر " وﻫـﻲ ﺘﻌﻨـﻲ " ُﻗر�ـﺎن ﻤـن كـ�ش أو َﺤ َﻤـﻞ "‬
‫ﻋﻨﻪ داﺨﻞ اﻟﻌﺎﺼﻤﺔ اﻟﺒوﻨ�ﻘ�ﺔ ﻓﻘد ﺘم اﻟﻛﺸﻒ ﻋﻠﻰ ُﻨﺼب ﺘذكﺎري ُﻤكرس ﻟﻺﻟـﻪ ﺴـﺎﺘور�ن ‪� -‬ﻌـﻞ ﺤـﺎﻤون ‪-‬‬
‫اﻟ�ﻤﻨــﻰ و�ﺎﻟﯿــد اﻟ�ﺴــرى ُﻤﻤﺴــكﺎ �كــ�ش كــدﻟﯿﻞ ﻋﻠــﻰ‬
‫ﺼ ـورة ﺸــﺨص ُﻤﻤﺴــكﺎً �ﺴــكﯿن �ﺎﻟﯿــد ُ‬‫ﺤﯿــث �ظﻬــر ﻋﻠ� ـﻪ ُ‬
‫‪-----------------------------------------------------‬‬

‫‪124‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫اﻟﺘﻀــﺤ�ﺔ )‪(41‬و�ﺒــدو أن اﻟﺘﻀــﺤ�ﺔ �ــﺎﻟﻛ�ش ﻤﻌروﻓــﺔ ﺤﺘـﻰ ﻟــدى اﻟﻤﺴـﻠﻤﯿن إﻟـﻰ أ�ــﺎم ﻫــذﻩ ﺤﯿــث َوَرَد ﻓــﻲ اﻟﻘــرآن‬
‫اﻟﻛ ـر�م أن ﷲ ﺴــ�ﺤﺎﻨﻪ وﺘﻌــﺎﻟﻰ إﻓﺘــدى ﺴــﯿدﻨﺎ إﺴــﻤﺎﻋﯿﻞ ﻋﻠ� ـﻪ اﻟﺴــﻼم �كــ�ش ﺴــﻤﯿن ﻋﻨــدﻤﺎ أراد ﺴــﯿدﻨﺎ إﺒ ـراﻫ�م‬
‫ﻋﻠ�ﻪ اﻟﺴﻼم ذ�ﺤﻪ إﺴﺘﺠﺎ�ﺔ ﻟﻠﻨداء اﻹﻟﻬﻲ ﻓﻘد ورد ﻓﻲ ﺼورة اﻟﺼﺎﻓﺎت ﻗﺎل ﺘﻌﺎﻟﻰ ‪ " -:‬ﻓﻠﻤﺎ ﺒﻠﻎ ﻤﻌﻪ اﻟﺴﻌﻰ‬
‫ﻓﺎل �ﺎﺒﻨﻲ إﻨﻲ أرى ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎم إﻨﻲ أذ�ﺤك ﻓﺎﻨظر ﻤﺎذا ﺘرى ﻗﺎل �ﺎ أﺒت اﻓﻌـﻞ ﻤـﺎ ﺘُـؤﻤر ﺴـﺘﺠدﻨﻲ إن ﺸـﺎء ﷲ‬
‫ﻤن اﻟﺼﺎﺒر�ن ﻓﻠﻤﺎ اﺴﻠﻤﺎ وﺘﻠﻪ ﻟﻠﺠﺒﯿن وﻨﺎدﯿﻨﺎﻩ أن �ﺎ إﺒراﻫ�م ﻗد ﺼدﻗت اﻟرؤ�ﺎ إﻨﺎ كذﻟك ﻨﺠـري اﻟﻤﺤﺴـﻨﯿن أن‬
‫)‪(42‬‬
‫‪ ،‬وﻤن كﻞ ﻤﺎ ﺘﻘد�م ﯿﺘﻀﺢ ﻟﻨﺎ أن اﻟﺘﻀﺤ�ﺔ �ـﺎﻟﻛ�ش كﺎﻨـت‬ ‫ﻫذا ﻟﻬو اﻟﺒﻠؤا اﻟﻤﺒﯿن وﻓدﯿﻨﺎﻩ ﺒذ�ﺢ ﻋظ�م "‬
‫ﻤﻌروﻓﺔ ﺤﺘﻰ ﻓﻲ اﻷد�ﺎن اﻟﺴﻤﺎو�ﺔ ‪.‬‬

‫)‪(43‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤرﺘ�ﺔ اﻟﺜﺎﻨ�ﺔ ﻤن ﺤﯿث اﻷﻫﻤ�ﺔ �ﺎﻟﻨﺴـ�ﺔ ﻟﻠﺤﯿواﻨـﺎت اﻟﺘـﻲ ُﻗـدﻤت كﻘـراﺒﯿن ﻋﻠـﻰ‬ ‫و�ﺄﺘﻲ اﻟﺜور‬
‫وﻤـز�ن �ﺸـراﺌط إﯿـذاﻨﺎ ﺒﺒدا�ـﺔ ﻤ ارﺴـم‬
‫اﻟﻨﺼـب اﻟﺘذكﺎر�ـﺔ وﻫـو ﺠـﺎث ُ‬ ‫ﺼـور ﻋﻠـﻰ اﻟﻌدﯿـد ﻤـن ُ‬ ‫ﻤواﺌد اﻹﻟﻬـﻪ ‪ ،‬ﻓﻘـد ُ‬
‫)‪(44‬‬
‫اﻟﻨﺼــب اﻟﺘذكﺎر�ــﺔ‬
‫ـث �ظﻬــر ﻫــذا �ﺼــورة واﻀــﺤﺔ ﻤﺼــو اًر ﻋﻠــﻰ اﻟﻌدﯿــد ﻤــن ُ‬
‫ﺤﯿـ ُ‬ ‫اﻟﺘﻀــﺤ�ﺔ ﻋﻠــﻰ ﻤــﺎ ﯿﺒــدو‬
‫ﺼـورة ﻟﻛـﺎﻫن ُﻤﻨﻬﻤـك �ﺎﺤﺘﻔـﺎل طﻘﺴـﻲ‬ ‫اﻟُﻨذر�ﺔ ﻓﻘد ﺘم اﻟﻛﺸـﻒ ﻋـن إﺤـداﻫﺎ ﻓـﻲ ﻤدﯿﻨـﺔ ﻗرطﺎﺠـﺔ و�ظﻬـر ﻋﻠﯿﻬـﺎ ُ‬
‫ـرس اﻟﻀــﺤ�ﺔ ﺜ ــور أو كــ�ش وﻫﻤــﺎ اﻟﺤﯿواﻨ ــﺎت اﻟﻠــذان كﺎﻨــﺎ ﻟﻬﻤ ــﺎ‬
‫ﻋﻠــﻰ ﻤــﺎ ﯿﺒــدو أﻤ ــﺎم اﻟﻤــذ�ﺢ وﻫــو ُ�ﻤﺴ ــك ﺒـ أ‬
‫اﻷﻓﻀ ــﻠ�ﺔ ﻓ ــﻲ اﻟﻘـ ـراﺒﯿن ﻟ ــدى اﻟﻘرط ــﺎﺠﯿﯿن ‪ ،‬وﻤ ــن ﺨ ــﻼل اﻟﻨﺼ ــوص ﻨﻌ ــرف أن اﻟﻘرط ــﺎﺠﯿﯿن ك ــﺎﻨوا ُﯿ ـ ـﻘدﻤون‬
‫)‪(45‬‬
‫اﻟﻨﺼــوص اﻟﻨﻘﺸــ�ﺔ واﻟﻤﺤﻔوظــﺔ اﻟﯿــوم �ﻤﺘﺤــﻒ‬
‫‪ ،‬وﻤــن ﺨــﻼل ُ‬ ‫ﺘﻀــﺤ�ﺎت �ﺎﻟﺤﯿواﻨــﺎت و�ــﺎﻟﻌطور وﻏﯿـ ـرﻫﺎ‬
‫ﺼـور ﻋﻠ�ـﻪ رﺠــﻞ ﻗﺼــﯿر ﻋــﺎري وﻫــو‬
‫اﻟﻠـوﻓر ﻓــﻲ �ــﺎر�س ﻟــذي �ﺤﺘــوي ﻋﻠــﻰ ﻗطﻌــﺔ ﻤــن ُﻨﺼــب ﺘــذكﺎري ُﻨـذرى ُ‬
‫ﺠﺎﺜم ﻋﻠﻰ ﺜور و�ﺘﻀﺢ ﻤن ﺨﻼﻟﻬﺎ أﻨﻬﺎ إﺸﺎرة واﻀﺤﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻀﺤ�ﺔ �ﻪ ‪.‬‬

‫ﺒﺈﻻﻀﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻤﺎ ﺘﻘدم ﻓﻘد ﻀﺤﻰ اﻟﺒوﻨ�ﻘﯿﯿون �ﺎﻟ�ﻘرة ٕوان كﺎن أﻗﻞ ﻤﻨزﻟﺔ ﻤن ﺴﺎ�ﻘﯿﻬﺎ ‪ ،‬ﺤﯿث َ�ﺤﺘﻔظ‬
‫وﻀـﻌت �ﻘـرة ﻋﻠـﻰ طﺎوﻟـﺔ‬
‫ﺼـورة ﻟﻛـﺎﻫن ﻋﻠـﻰ ﻤـﺎ ﯿﺒـدو أﻤـﺎم ﻤـذ�ﺢ وﻗـد ُ‬
‫ﻤﺘﺤﻒ اﻟﻠوﻓر �ﻤﺜﺎﻟﯿﯿن ﯿﺘﻀـﺢ ﻓﯿﻬﻤـﺎ ُ‬
‫اﻟﻤﺘـﺄﺠﺞ ﺒﺠﺎﻨ�ـﻪ ‪،‬‬ ‫ن‬
‫اﻟﺼورة وذﻟـك �ﺴـﺒب اﻟﻠﻬـب ُ‬
‫اﻟﻤزﺨرف �ﻘر ‪ ،‬ﺒﯿﻨﻤﺎ ﻻ ﯿﺘﻀﺢ اﻟﺠﺎﻨب اﻵﺨر ﻤن ُ‬ ‫اﻟﻤذ�ﺢ و ُ‬
‫)‪(46‬‬
‫‪ .‬وﻤـن كـﻞ ﻤـﺎ ﺘﻘـدم ُﻨﻼﺤـظ‬ ‫و�ﺒدو أن ﻫذا اﻟﻤﺸﻬد ذو طﺎ�ﻊ دﯿﻨﻲ ﯿﺘﻌﻠق ﺒﺘﻘد�م اﻷﻀـﺤ�ﺔ ﻋﻠـﻰ اﻷرﺠـﺢ‬
‫اﻟﻨﺼــب اﻟﺘذكﺎر�ــﺔ اﻟُﻨذر�ــﺔ و اﻟﺘ ـﻲ كﺎﻨــت ﺘُﻛــرس ﻟﻠــزوج‬
‫ﺼ ـورة اﻟﺴــكﺎﻛﯿن كﺎﻨــت ُﻤﺘﻛــررة ﻋﻠــﻰ اﻟﻌدﯿــد ﻤــن ُ‬
‫أن ُ‬
‫اﻹﻟﻬﻲ اﻟﻘرطﺎﺠﻲ ﺤﯿث ُ�ﺸﺎﻫد ﻋﻠﻰ إﺤداﻫﺎ اﻹﻟﻬﻪ ﺘﺎﻨﯿت وﻫﻲ ُﻤﻤﺴكﺔ " �ﺴـكﯿن ﻟﻠﺘﻀـﺤ�ﺔ " ) أﻨظـر اﻟﺸـكﻞ‬
‫)‪(47‬‬
‫‪� .‬ﺎﻹﻀـﺎﻓﺔ إﻟـﻰ كـﻞ ﻤـﺎ ﺴـﺒق ذكـرﻩ‬ ‫رﻗـم ‪ ( 3‬ور�ﻤـﺎ أن ﻫـذا اﻷﻤـر ُ�ﻌـزز اﻹﻓﺘـراض اﻟﻘﺎﺌـﻞ ﺒﻬـذا اﻟﻤﺒـدأ‬

‫‪-----------------------------------------------------‬‬

‫‪125‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫ﻓﻘـد ُﻗـدﻤت اﻟطﯿــور كﻘـراﺒﯿن ﻟﻺﻟــﻪ �ﻌـﻞ ﺤــﺎﻤون و اﻹﻟﻬــﻪ ﺘﺎﻨﯿــت وان كــﺎن �ﻌـض اﻟ�ــﺎﺤﺜﯿن أﻤﺜــﺎل ‪C.Picard‬‬

‫ﯿرون أن ﻫـذﻩ اﻟﻘراﺒﯿن كﺎﻨت ﻻ ﺘُﻘدم إﻟﻰ اﻷر�ﺎب �ﺎﻟﻤكﺎن ُ‬

‫اﻟﻤﻘدس وﻟﻛن كﺎﻨت ﺘُﻘدم إﻟـﻰ ﻀﺤﺎ�ﺎﻫم اﻵدﻤﯿﯿن‬
‫)‪. (48‬‬

‫اﻟﻤﻤﺎرﺴـﺔ اﻟدﯿﻨ�ـﺔ ﯿﺒـدو أﻨﻬـﺎ ﻗـد ﺘـداوﻟت داﺨـﻞ اﻟﻌـﺎﻟم اﻟﺒـوﻨ�ﻘﻰ �ﺄﺴـرﻩ وﻟـ�س‬
‫وﺨﻼﺼﺔ اﻟﻘول ﻓﺈن ﻫذﻩ ُ‬
‫ُ‬
‫اء أﻛﺎﻨــت اﻟﻨﻘﺸــ�ﺔ أم اﻟﺘﺼــو�ر�ﺔ ﻤﻨﻬ ـﺎ ﻟــم‬
‫داﺨــﻞ اﻟﻌﺎﺼــﻤﺔ اﻟﺒوﻨ�ﻘ�ــﺔ ﻓﺤﺴــب ‪ ،‬وان كﺎﻨــت اﻷدﻟــﺔ اﻷﺜر�ــﺔ ﺴ ـو ً‬
‫ﯿؤكدﻫﺎ ﻓـﻲ �ﻌـض ﺠواﻨﺒﻬـﺎ ﻓـﻲ �ﻌـض اﻟﻤﻨـﺎطق وﻤـن ﺒﯿﻨﻬـﺎ إﻗﻠـ�م اﻟﻤـدن اﻟـﺜﻼث وذﻟـك ﻓ�ﻤـﺎ ﯿﺨـﺘص �ﺎﻟﺠﺎﻨـب‬
‫اﻵدﻤﻲ ﻤﻨﻬﺎ ‪ ،‬ﺤﯿث �ﻘول ﻤﺤﻤد ﻋ�ﺴـﻰ ﻓـﻲ ﻫـذا اﻟﺼـدد " أن ﻤدﯿﻨـﺔ ﺼـﺒراﺘﻪ كﺎﻨـت ﺘﻘـدم اﻟﻘـراﺒﯿن اﻟﻤﺤروﻗـﺔ‬
‫وﻟﻛن ﻋﻠﻰ طر�ﻘﺔ ﻤﺘطورة إذ ﻟم ﺘﻛن ﺘَﺤرق اﻷطﻔـﺎل كﻤـﺎ ﻫـﻲ اﻟﻌـﺎدة ﻋﻨـد ﻤﻌظـم اﻟﻔﯿﻨ�ﻘﯿـﯿن ﺒـﻞ كﺎﻨـت ﺘَﺤـرق‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫)‪(49‬‬
‫و اﻟﺘﻲ كﺎﻨت ﺘُـدﻋﻰ ﻤﻠﺨـوﻤر ) ‪ ( Molchomer‬وﻫـﻲ ﺘﻌﻨـﻲ اﻟﺨـروف اﻷﻀـﺤ�ﺔ‬ ‫اﻟﻀﺤﺎ�ﺎ اﻟﺤﯿواﻨ�ﺔ "‬
‫)‪(50‬‬
‫‪ ،‬وﻤـن ﻫﻨــﺎ‬ ‫‪ ،‬وﻫـﻲ ر�ﻤـﺎ ﺘــدل ﻋﻠـﻰ ﻓكـرة إﺴــﺘﺒدال اﻷﻀـﺎﺤﻲ اﻟ�ﺸـر�ﺔ �ﺎﻷﻀـﺎﺤﻲ اﻟﺤﯿواﻨ�ـﺔ " ﻤﻠــك أدم "‬
‫اﻟﻤﺒﻬﻤـﺔ اﻟﺘـﻲ ﻟـم ﯿـﺘم اﻟﻛﺸـﻒ ﻋﻠـﻰ أﻤﺜﻠـﺔ ﻟﻬـﺎ داﺨـﻞ ﻫـذا‬
‫ﯿﺘﻀﺢ أن اﻟﻀـﺤﺎ�ﺎ اﻵدﻤ�ـﺔ ﻻﺘـزال إﺤـدى اﻟﺠواﻨـب ُ‬
‫اﻹﻗﻠ�م ﺤﺘﻰ اﻵن ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ‪ ،‬ﺒﯿﻨﻤﺎ ﻓ�ﻤﺎ ﯿﺘﻌﻠق �ﺎﻟﻘراﺒﯿن اﻟﺤﯿواﻨ�ﺔ ﻓﺈن اﻹﻛﺘﺸﺎﻓﺎت اﻷﺜر�ﺔ ﻗد أﻤـدﺘﻨﺎ �ﺄﻤﺜﻠـﺔ‬
‫ﺠﯿدة ﻋﻠﻰ وﺠودﻫﺎ داﺨﻞ ﻨطﺎق ﻫذا اﻹﻗﻠ�م ‪ ،‬ﻓﻘـد ﺘـم اﻟﻛﺸـﻒ ﻓـﻲ ﻤﻨطﻘـﺔ أرس اﻟﻤﻨﻔـﺎخ �ﻤدﯿﻨـﺔ ﺼـﺒراﺘﻪ ﻋﻠـﻰ‬
‫أواﻨ ــﻲ ﻓﺨﺎر� ــﺔ ُدﻓﻨ ــت ﻓ ــﻲ اﻷرض وكﺎﻨ ــت ﺘﺤﺘ ــوي ﻋﻠ ــﻰ ﻋظ ــﺎم ﻟﻘـ ـراﺒﯿن ﻤﺤروﻗ ــﺔ ﻓﻘ ــد كﺎﻨ ــت ﻫ ــذﻩ اﻟﻘـ ـراﺒﯿن‬
‫ﻤوﻀوﻋﺔ داﺨﻞ ﺠراﺘﯿن ﺼﻐﯿرﺘﯿن ﺘـم ردﻤﻬﻤـﺎ �ﺸـكﻞ أﻓﻘـﻲ وﻋﻤـودي ووﻀـﻊ ﺤﺠـر ﻓوﻗﻬﻤـﺎ ﻋﻠـﻰ ﻫﯿﺌـﺔ ﺸـﺎﻫد‬
‫ﻗﺒــر و�ﺎﻟﺘــﺎﻟﻲ ﻓ ـﺈن ﻫــذﻩ اﻹﻛﺘﺸــﺎف أﻟﻘ ـﻰ اﻟﻀــوء ﻋﻠــﻰ إن ﻋﻤﻠ�ــﺔ ﺤــرق اﻟﻘ ـراﺒﯿن و اﻟﺘ ـﻲ كﺎﻨــت ﺘُﻤــﺎرس ﻟــدى‬
‫اﻟﺒوﻨ�ﻘﯿﯿن ﻓﻲ ﻗرطﺎﺠﺔ ﯿﺒدو أﻨﻬﺎ ﻗد ُﻤرﺴت كذﻟك داﺨﻞ ﻫذا اﻹﻗﻠ�م ‪ ،‬وﻗد أظﻬرت ﻨﺘﺎﺌﺞ اﻟﺘﺤﺎﻟﯿﻞ اﻟﻤﺨﺒر�ﺔ ‪،‬‬
‫)‪(51‬‬
‫و� ـرﺠﺢ ﺘــﺎر�ﺦ ﻫــذﻩ‬
‫ُ‬ ‫اﻟﺘ ـﻲ أُﺠر�ــت ﻋﻠــﻰ ﻋﯿﻨــﺎت ﻤــن ﻫــذﻩ اﻟ�ﻘﺎ�ــﺎ اﻟﻤﺤروﻗــﺔ ‪ ،‬أﻨﻬــﺎ ﺘﺤﺘــوي ﻋظــﺎم ﻤــﺎﻋز‬
‫اﻟﻤﺨﻠﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﺘم اﻟﻌﺜور ﻋﻠﯿﻬﺎ داﺨﻞ ﻫـذا اﻟﺘوﻓﯿـت إﻟـﻰ اﻟﻘـرن اﻟﺜﺎﻟـث ﻗﺒـﻞ اﻟﻤـ�ﻼد وﺤﺘـﻰ أواﺌـﻞ اﻟﻘـرن اﻷول‬
‫)‪(52‬‬
‫‪ ،‬وﻫذا ر�ﻤﺎ ﯿﺘطﺎﺒق ﺘﻤﺎﻤﺎً ﻤﻊ ﻤﺎ ﺘم اﻟﻛﺸﻒ ﻋﻨﻪ داﺨﻞ اﻟﻌﺎﺼﻤﺔ اﻟﺒوﻨ�ﻘ�ـﺔ ﻤـن ﺤﯿـث أن ﻫـذﻩ‬ ‫اﻟﻤ�ﻼدي‬
‫اﻟﻨذور ﺘُﺸ�ﻪ ﻤﺎ ﺘم اﻟﻛﺸﻒ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ َﻤﻨـﺎطق ُﻤﺘﻔرﻗـﺔ ﻤـن اﻹﻤﺒراطور�ـﺔ اﻟﻘرطﺎﺠ�ـﺔ وذﻟـك ﻟﻛوﻨﻬـﺎ ُﻤكرﺴـﺔ ﻟـﻨﻔس‬ ‫ُ‬
‫اﻟﻶﻟﻬــﺔ وﻫــو �ﻌــﻞ ﺤــﺎﻤون و ﺘﺎﻨﯿــت ‪� ،‬ﺎﻹﻀــﺎﻓﺔ إﻟـﻰ أن طر�ﻘــﺔ َدﻓﻨﻬــﺎ ﻻ ﺘَﺨﻀــﻊ ﻷ�ــﺔ ﻗواﻋــد واﻀــﺤﺔ ﻤــن‬
‫ﺤﯿــث أﻨﻬــﺎ كﺎﻨــت ﺘُـدﻓن �ﺸــكﻞ أﻓﻘــﻲ أو ارﺴـﻲ أو ﺤﺘــﻰ ﻤﺎﺌﻠــﺔ ‪ ،‬وكــذﻟك ﻓﺈﻨﻬــﺎ �ﻤكــن أن ﺘَـدﻓن ﻓــﻲ اﻷرض أو‬
‫ﺘوﻀـﻊ كﻤـﺎ ﻫـو اﻟﺤــﺎل ﻓـﻲ �ﻌـض اﻷﺤ�ــﺎن داﺨـﻞ ﻤﺨـﺎﺒﻰ ﺼــﻐﯿرة ‪ ،‬كﻤـﺎ أن ﺘﻐط�ـﺔ ﻫــذﻩ اﻷواﻨـﻲ ﯿﺘﺸـﺎ�ﻪ ﻫــو‬
‫‪-----------------------------------------------------‬‬

‫‪126‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫اﻵﺨر ﻤﻊ ﻨظﯿراﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎطق اﻟﺒوﻨ�ﻘ�ﺔ اﻷﺨرى ﻤن ﺤﯿث أﻨﻬـﺎ ﺘُﻤﺜـﻞ ﻗﺎﺴـﻤﺎً ُﻤﺸـﺘركﺎً ﺒـﯿن ﻫـذﻩ اﻟﻨوﻋ�ـﺔ ﻤـن‬
‫اﻟﺼـﻔرة‬
‫اﻟﻔﻀﺎءات اﻟﻤﻘدﺴﺔ ‪ ،‬ﻓﻘد كﺎﻨت ﻫذﻩ اﻟﺠرار ﺘُﺜﺒت أﻏطﯿﺘﻬﺎ ﺒواﺴـطﺔ طـﯿن ﺼﻠﺼـﺎﻟﻲ �ﻤﯿـﻞ ﻟوﻨـﻪ إﻟـﻰ ُ‬
‫‪ ،‬وﻤﻤـﺎ ُ�ﻌـزز ﻫـذا اﻟـرأي أﻨـﻪ ﺘـم اﻟﻛﺸـﻒ ﻓـﻲ ﻤﻨطﻘـﺔ ﻓ�كـوس ‪� Vicus‬ـﺎﻟﻘرب ﻤـن ﻤدﯿﻨـﺔ ﺼـﺒراﺘﻪ ﻋﻠـﻰ ﻨﻘــش‬
‫ﻨذري ﻤزدوج ) اﻟﺒوﻨ�ﻘ�ﺔ ‪ .‬اﻟﻶﺘﯿﻨ�ﺔ ( وﻗد أُرخ �ﺎﻟﻘرن اﻷول و�دا�ﺔ اﻟﻘرن اﻟﺜﺎﻨﻲ ﻗﺒﻞ اﻟﻤ�ﻼد و�ﺒـدو أﻨـﻪ كـﺎن‬
‫ُﻤكرﺴﺎً ﻟﻺﻟﻪ �ﻌﻞ ﺤﺎﻤون وﻟﻺﻟﻬﻪ ﺘﺎﻨﯿت ‪ ،‬وﻗد ﺘـم اﻟﻛﺸـﻒ ﻋـن ﻨﻘـش أﺨـر �ﺤﻤـﻞ ذات اﻟﻤﻀـﻤون ﻤـن داﺨـﻞ‬
‫ﺘوﻓﯿت اﻟﻤدﯿﻨﺔ واﻟذي أُرخ ‪ -‬أي اﻟﺘوﻓﯿت ‪ -‬ﻤـن اﻟﻘـرن اﻟﺜﺎﻟـث ﻗﺒـﻞ اﻟﻤـ�ﻼد إﻟـﻰ اﻟﻘـرن اﻷول اﻟﻤـ�ﻼدي وﻗـد‬
‫اﻟﻤﺤﺘرﻗ ــﺔ ﻟﺤﯿواﻨ ــﺎت ﻤﺜ ــﻞ اﻟﻤ ــﺎﻋز‬
‫و ُﻋﺜ ــر ﺒداﺨﻠ ــﺔ ﻋﻠ ــﻰ ﺤـ ـواﻟﻲ ﺨﻤﺴ ــﺔ آﻻف ﻗطﻌ ــﺔ ﻤ ــن اﻟﻬ�ﺎﻛ ــﻞ اﻟﻌظﻤ� ــﺔ ُ‬
‫واﻷﻏﻨﺎم ور�ﻤﺎ اﻟﻐزﻻن وكذﻟك وﺠدت ﻤرﻤدات ﻟﺤﻔظ ﻋظﺎم اﻟﻤوﺘﻰ )‪ .(53‬وﻤﻤﺎ ﯿؤ�د ﻫذا اﻷﻤر ﻤﺎ ﺘم اﻟﻛﺸﻒ‬
‫اﻟﻤﻘدﻤــﺔ إﻟـﻰ اﻹﻟﻬـﻪ ﺘﺎﻨﯿــت و�ظﻬــر‬ ‫ﻋﻨــﻪ ﻓــﻲ ﻤدﯿﻨــﺔ ﻟﺒــدة اﻟﻛﺒــرى ﻓﻘــد ﺘــم اﻟﻛﺸــﻒ ﻋـن أﺤــد ُ‬
‫اﻟﻨﺼــب اﻟﺘذكﺎر�ــﺔ ُ‬
‫ﻋﻠ�ﻪ إﺤدى رﻤوز ﻫذﻩ اﻹﻟﻬﻪ ﻓﻲ أﻋﻠﻰ اﻟﻨﺼب ﺒﯿﻨﻤﺎ ﻓﻲ اﻷﺴـﻔﻞ ﺘظﻬـر ﺼـورة ﻟﻛـ�ش أو ﻨﻌﺠـﺔ وﻫـذا اﻷﻤـر‬
‫ـوة �ﻐﯿرﻫـﺎ ﻤـن‬
‫ر�ﻤﺎ ُ�ﺸﯿر إﻟﻰ إﺤدى أﻨواع اﻷﻀﺎﺤﻲ اﻟﺘﻲ كﺎﻨت ﺘُﻘدم إﻟﻰ اﻹﻟﻬﻪ ﺘﺎﻨﯿـت ﻓـﻲ ﻫـذﻩ اﻟﻤﻨطﻘـﺔ إﺴ ً‬
‫ﻤﻨﺎطق اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺒوﻨ�ﻘﻲ اﻷﺨرى ‪ ،‬وﻫو ﻤﺤﻔوظ اﻟﯿوم ﻓﻲ اﻟﻤﺘﺤﻒ اﻷﺜرى �ﻤدﯿﻨـﺔ ﻟﺒـدة اﻟﻛﺒـرى ) أﻨظـر اﻟﺸـكﻞ‬
‫اﻟﻨﺼـب ُ�ﺸــ�ﻪ ﻨﺼـ�ﺎً آﺨــر ﺘـم اﻟﻛﺸـﻒ ﻋﻨــﻪ ﻓـﻲ ﻤدﯿﻨــﺔ ‪Sulcis‬‬
‫رﻗـم ‪ ( 4‬وﻤﻤـﺎ ﻫــو ﺠـدﯿر �ﺎﻟﻤﻼﺤظــﺔ أن ﻫـذا ُ‬
‫ﻓــﻲ ﺴــردﯿﻨ�ﺎ و�ﻌــود إﻟـﻰ اﻟﻘــرن اﻟﺜﺎﻟــث ﻗﺒــﻞ اﻟﻤــ�ﻼد وﻤﺤﻔــوظ اﻟﯿــوم ﻓــﻲ ﻤﺘﺤــﻒ ‪ Comunale‬وﺘظﻬــر ﻋﻠ�ــﻪ‬
‫اﻟﻨﺼــب اﻟﺘــذكﺎري اﻟــذى وﺠــد ﻓــﻲ ﻤدﯿﻨــﺔ ﻟﺒــدة اﻟﻛﺒــرى ﻤــن ﺤﯿــث وﺠــود أﺤــد‬
‫اﻟﺤﯿﺜ�ــﺎت ذاﺘﻬــﺎ اﻟﻤوﺠــودة ﻋﻠــﻰ ُ‬
‫َ‬
‫ﺼورة اﻟﻛ�ش أو اﻟﻨﻌﺠﺔ أﺴﻔﻞ ﻤﻨﻪ ) ‪.( 54‬‬
‫اﻟﻨﺼب ووﺠود ُ‬
‫رﻤوز اﻹﻟﻬﻪ ﺘﺎﻨﯿت ﻓﻲ أﻋﻠﻰ ُ‬

‫اﻟﻤﻘـدﻤﺎت اﻹﻫداﺌ�ـﺔ اﻟﺘـﻲ كﺎﻨـت‬ ‫ِ‬ ‫�ﺎﻹﻀﺎﻓﺔ إﻟﻰ كﻞ ﻤﺎ ﺴَﻠ ِ‬

‫اﻟﻤﺘ�ﻌﺔ ﻓﻲ ﺼـ�ﺎﻏﺔ ُ‬ ‫ﻒ ذكرﻩُ ﻓﺈن اﻟطر�ﻘﺔ ُ‬
‫َ َ‬
‫ﺘُﻛرس ﻤن ِﻗ َﺒ ِﻞ ﻤواطن ﻟﻺﻟﻪ �ﻌﻞ ﺤﺎﻤون واﻹﻟﻬﻪ ﺘﺎﻨﯿت ُﻤﺘﺸـﺎﺒﻬﺔ وذﻟـك ﻤـن كوﻨﻬـﺎ ﺘﺘ�ـﻊ ﻨﺴـﻘﺎً ﻤﻌﯿﻨـﺎً ‪ -‬كﻤـﺎ‬
‫اﻟﻤكــرس ﻟﻠُﻘر�ـﺎن ﺜــم �ﺎﺴـم أﺒ�ــﻪ ﻋﻠـﻰ اﻟﻨﺴــق اﻟﺘـﺎﻟﻲ " ﻫــذا اﻟﺘﻛـر�س‬
‫ﺴـﺒق وان ذكرﻨــﺎ ‪ُ -‬ﻤﺒﺘـدﺌﺎ �ﺎﺴــم اﻟﺸـﺨص ُ‬
‫ﻤن ﻓﻼن اﺒن ﻓﻼن ﻟﻺﻟﻪ ‪ "..‬ﺜم ﺘﺒﺘدى �ﻌد ذﻟك ِﻋ�ﺎرات اﻻﺴﺘرﻀﺎء وطﻠب اﻟرﺤﻤـﺔ ﻤـن اﻹﻟـﻪ اﻟﻤكـرس ﻟـﻪ ‪،‬‬
‫ﺤﯿث وﺠدت أﻤﺜﻠﺔ ﻋدﯿـدة داﺨـﻞ إﻗﻠـ�م اﻟﻤـدن اﻟـﺜﻼث ﺘﺘ�ـﻊ اﻷﺴـﻠوب ذاﺘـﻪ اﻟﺘـﻲ وﺠـدت ﻋﻠ�ـﻪ داﺨـﻞ اﻟﻌﺎﺼـﻤﺔ‬
‫وﻗـد ﺘُـرﺠم ﻫـذا اﻟـﻨﻘش ﻋﻠـﻰ‬ ‫اﻟﺒوﻨ�ﻘ�ـﺔ و اﻟﺘـﻲ ﺘﺘ�ـﻊ ِ‬
‫اﻟﺴـ�ﺎق ذاﺘـﻪ وﻤـن ﺒﯿﻨﻬـﺎ ﻨﻘـش �ﺤﻤـﻞ اﻟـرﻗم ‪IRT 892‬‬

‫‪-----------------------------------------------------‬‬

‫‪127‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫)‪(55‬‬
‫‪ ،‬وﻗد‬ ‫اﻟﻨﺼب اﻟﺼﻐﯿر ﻟﻌ�ﺎدة اﻹﻟﻪ ‪..‬إﻟﻪ "‬
‫اﻟﻨﺤو اﻟﺘﺎﻟﻲ " أن أﻨﺴﯿدن ﻓ�ﻔﺎ اﺒن أ�ﺎن اﻟﻘﺴ�س َكرس ﻫذا ُ‬
‫اﻟﻨﻘوش ﺘﺘ�ﻊ اﻷﺴﻠوب ذاﺘﻪ ﺤﺘﻰ أﺜﻨﺎء اﻟﻌﺼر اﻟروﻤﺎﻨﻲ وﻟوﻗت ُﻤﺘﺄﺨر ﻨﺴﺒ�ﺎً‪.‬‬
‫إﺴﺘﻤرت ُ‬

‫اﻟﻤكﺘﺸـﻔﺔ داﺨـﻞ إﻗﻠـ�م اﻟﻤـدن اﻟـﺜﻼث ر�ﻤـﺎ �كـون ﻨﺎﺘﺠـﺎً‬ ‫ِ‬

‫وﺨﻼﺼﺔ اﻟﻘول ﻓـﺈن ﻗﻠـﻪ ﻫـذﻩ اﻻدﻟـﻪ اﻷﺜر�ـﺔ و ُ‬ ‫ُ‬
‫ﻋــن ِﻗﻠــﺔ اﻹﻛﺘﺸ ـﺎﻓﺎت اﻷﺜر�ــﺔ ﺒﻬــﺎ وان كﺎﻨــت اﻟﯿــوم ﺘﺸــﻬد ﺘﺤﺴــﻨﺎً ﻤﻠﻤوﺴ ـﺎً ‪ ،‬و�ــﺎﻟرﻏم ﻤــن ِﻗﻠﺘﻬــﺎ إﻻ أﻨﻬــﺎ ُﺘﻠﻘ ـﻲ‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴــﺎت اﻟدﯿﻨ�ــﺔ اﻟﺒوﻨ�ﻘ�ــﺔ كﺎﻨــت ﻤوﺠــود داﺨــﻞ ﻫــذا اﻹﻗﻠــ�م‬
‫اﻟﻀــوء و�ﺸــكﻞ واﻀــﺢ ﻨوﻋـﺎً ﻤــﺎ ﻋﻠــﻰ أن ﻫــذﻩ ُ‬
‫وﻟﻌﻞ اﻹﻛﺘﺸﺎﻓﺎت اﻷﺜر�ﺔ و اﻟﺘﻲ ﺘُﺠرى ﻓﻲ اﻟﻤﻨطﻘﺔ اﻵن ﺘُز�ﻞ �ﻌﻀﺎً ﻤن ﻫذا اﻟﻐﻤوض اﻟذي َ�كﺘﻨـﻒ ﺠﻤ�ـﻊ‬
‫ﻤظﺎﻫر اﻟﺤ�ﺎة اﻟﺒوﻨ�ﻘ�ﺔ �ﺎﻹﻗﻠ�م ﺒدون إﺴﺘﺜﻨﺎء ‪.‬‬

‫وﻓﻰ ﻨﻬﺎ�ﺔ ﻫذا اﻟﻤ�ﺤث ﻨرى إﻨﻪ ﻟزاﻤﺎً ﻋﻠﯿﻨﺎ ان ﻨورد �ﻌض اﻟﻤﻼﺤظﺎت اﻟﺘﻰ وردت ﻋﻨد اﻟﻛﺜﯿر ﻤن‬

‫ﺼـ َﺢ اﻟﺘﻌﺒﯿـر ﺜﺎﻨ�ـﺎً‬

‫اﻟﻤﻤﺎرﺴﺔ اﻟدﯿﻨ�ﺔ ﻋﻨد اﻟﻔﯿﻨ�ﻘﯿﯿن أوﻻً ﺜـم ﻋﻨـد اﻟﺒـوﻨﻘﯿﯿن َوَرﺜَـﺘﻬم أن َ‬
‫اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﻬذﻩ ُ‬
‫اﻟ�ﺎﺤﺜﯿن و ُ‬
‫وﻫﻲ ‪-:‬‬

‫اﻟﻤكﺘﺸﻔﺔ إﻟﻰ ﯿوﻤﻨﺎ ﻫذا ﺘُﺸﯿر و�ﺸكﻞ واﻀﺢ إﻟﻰ وﺠود‬ ‫‪ -1‬ﻻ ﺘوﺠد أ�ﺔ وﺜﺎﺌق ﻤن اﻟوﺜﺎﺌق اﻟﺒوﻨ�ﻘ�ﺔ ُ‬
‫اﻟﻘراﺒﯿن اﻵدﻤ�ﺔ كﻨوع ﻤن اﻟﺘﻀﺤ�ﺎت ﻟﻶﻟﻬﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻤﺘﻤﺜـﻞ‬ ‫ِ‬
‫اﻟﻛﺘﺎب اﻟُﻘدﻤﺎء واﻟذﯿن كﺎن ﻟدﯿﻬم درا�ﺔ ﺠﯿدة �ﺎﻟﻔﯿﻨ�ﻘﯿﯿن و�ﺎﻟﻌﺎﻟم اﻟﺒوﻨ�ﻘﻲ أ�ﻀـﺎً و ُ‬‫‪ -2‬أن اﻟﻛﺜﯿر ﻤن ُ‬
‫ﻓــﻲ ﻤدﯿﻨــﺔ ﻗرطﺎﺠــﺔ ﻤﺜــﻞ ﻫﯿــرودوت واﻟــذي زار ﻤدﯿﻨــﺔ ﺼــور ﻤــﻊ أواﺴــط اﻟﻘــرن اﻟﺨــﺎﻤس ﻗﺒــﻞ اﻟﻤــ�ﻼد‬
‫وﺘَ َﻌـ َرض �ﺎﻟﺤــدﯿث ﻋــن اﻟد�ﺎﻨــﺔ اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ�ــﺔ ﻟــم ُ�ﺸ ـﯿر كﻐﯿــرﻩ ﻤــن اﻟ ُﻛﺘــﺎب اﻵﺨ ـر�ن أﻤﺜــﺎل ‪Tite - Live,‬‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴﺔ اﻟدﯿﻨ�ﺔ ﻋﻨد اﻟﻔﯿﻨ�ﻘﯿﯿن وﻻ ﻋﻨد اﻟﺒوﻨ�ﻘﯿﯿن ﻤن‬
‫‪ polybe , Thucydide‬وﻏﯿرﻫم إﻟﻰ وﺠود ﻫذﻩ ُ‬
‫)‪(56‬‬
‫�ﻌدﻫم واﻟﺨﺎﺼﺔ �ﺎﻟﺘﻀﺤ�ﺎت اﻵدﻤ�ﺔ ‪.‬‬

‫‪ -3‬أﻤﺎ ﺒﺨﺼوص اﻟﻤﻌﻠوﻤﺎت اﻟﺘﻲ أوردﻫﺎ كﻞ ﻤن دﯿودور اﻟﺼﻘﻠﻲ و�ﻠوﺘﺎرخ و اﻟﺘﻲ ﺘﺨﺘص ﺒﻬذا اﻟﻤوﻀوع‬
‫اﻟﻤ ـدون ﻟــدﯿﻬم‬
‫اﻟﻨزﻋــﺔ ﻟﺘﻨﺴــﯿق اﻟﺘــﺎر�ﺦ ُ‬
‫ﻓﺈﻨﻬــﺎ ﻀــﻌ�ﻔﺔ وذﻟــك ﻤــردﻩ إﻟ ـﻰ أن ﻫــذﯿن اﻟﻤــؤرﺨﯿن كﺎﻨــت ﻟــدﯿﻬم َ‬
‫اﻟﻨزﻋﺔ اﻟﻌداﺌ�ﺔ ﻟﻬﻤـﺎ إﺘﺠـﺎﻩ ﻗرطﺎﺠـﺔ واﻟﻌـﺎﻟم‬
‫اﻟﺨ�ﺎل ﻓﻲ أﺤ�ﺎن كﺜﯿرة �ﺎﻹﻀﺎﻓﺔ إﻟﻰ َ‬ ‫وذﻟك �ﺎﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ َ‬
‫اﻟﺒــوﻨ�ﻘﻲ �ﺄﺴــرﻩ وذﻟــك �ﺎﻋﺘ�ــﺎرﻩ اﻟﻌــدو اﻟﻠــدود ﻟﻬــم و�ﻨــﺎء ﻋﻠــﻰ ذﻟــك ر�ﻤــﺎ �كــون ﻗــد �ﺎﻟﻐـﺎ ﻓــﻲ وﺼـ ِ‬
‫ﻒ ﻫــذﻩ‬ ‫َ َ‬ ‫ً‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴــﺔ اﻟدﯿﻨ�ــﺔ �ﺎﻟوﺤﺸــ�ﺔ ‪ -‬إن وﺠــدت أﺼ ـﻼً ‪ -‬وذﻟــك �ﻐــرض إظﻬــﺎر اﻟﺒــوﻨ�ﻘﯿﯿن �ﻤظﻬــر اﻟوﺤﺸــ�ﺔ‬ ‫ُ‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴــﺔ ُﻤركـ اًز ﻋﻠــﻰ وﻀــﻌ�ﺔ اﻷم اﻟﺘـﻲ ﯿﺠــب أن ﻻ ﺘَـذرف‬ ‫ق‬
‫واﻟﺒر�ر�ــﺔ ‪ ،‬ﺤﯿــث ﺘطــر ﺒﻠوﺘــﺎرخ إﻟـﻰ ﻫــذﻩ ُ‬
‫‪-----------------------------------------------------‬‬

‫‪128‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫و�ﺎﻟﺘــﺎﻟﻲ ﻓﻬــﻲ ُﻤﺤﺎوﻟــﺔ ﻤــن‬ ‫)‪(57‬‬
‫دﻤﻌـﺎً وأن ﻻ ﺘُﺼــدر أ�ــﺔ ّاﻨـﺔ ﻓــﻲ اﻟوﻗــت اﻟــذي ُ�ﻘــدم ﻓ�ــﻪ أﺒﻨــﺎءﻫن ﻟﻠﺤــرق‬
‫وﻨﺼ ــﯿﻒ إﻟـ ـﻰ ذﻟ ــك أﻨﻬﻤ ــﺎ ُ�ﻌﺘﺒـ ـ ارن ﺸـ ـﺎﻫدﯿن ﻏﯿ ــر‬ ‫ِ‬
‫اﻟﻛﺎﺘ ــب ﻹظﻬ ــﺎر ﺼـ ـﻔﺔ اﻟوﺤﺸ ــ�ﺔ ﻟ ــدى اﻟﺒ ــوﻨ�ﻘﯿﯿن ‪ُ ،‬‬
‫ﻤ�ﺎﺸ ـر�ن وكﺘ�ــﺎ ﺘﺎر�ﺨﻬﻤــﺎ �ﺄﺴــﻠوب �ﻼﻏ ـﻲ ِﺨطــﺎﺒﻲ ﻤﺼــطﻨﻊ ‪ ،‬و�ﺒــدو أن كﺎﺘــب ِ‬
‫اﻟﺴ ـﯿر اﻟذاﺘ�ــﺔ كــﺎن ﻗــد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫إﺴﺘﻘﻰ اﻟـﻤﻌﻠوﻤﺎت اﻟﺘﻲ أوردﻫﺎ ﺤـول أﻤﻬﺎت اﻟﻀﺤﺎ�ﺎ واﻵﻻت اﻟﻤوﺴ�ﻘ�ﺔ ﻤـن اﻟﻤؤﻟﻒ كﻠﯿركوس أو ﻤ ـن‬
‫)‪(58‬‬
‫‪ ،‬و�ﻀﯿﻒ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﻤؤﻟﻒ اﺨر وذﻟـك َﺤﺴب أري كـﻞ ﻤـن اﻟ�ﺎﺤـﺜﯿن ‪S.Ribichini , S. Moscati‬‬
‫ﻓﻬﻤــﻲ ﺨﺸــ�م ﻓــﻲ ﻫــذا اﻟﺼــدد �ﻘوﻟــﻪ " إن ﻤــﻨﻬﺞ دﯿــودور اﻟﺼــﻘﻠﻲ ﻓــﻲ اﻟﺘــﺎر�ﺦ كــﺎن �ﻤﯿــﻞ إﻟــﻰ إﻟﺘﻘــﺎط‬

‫اﻟﺠواﻨب اﻟطر�ﻔﺔ اﻟﻤﺜﯿرة و�ﻐﻠﻔﻬﺎ ﺒرداء اﺴطوري ﻏﺎﻤض ﺘﺨﺘﻠط ﻓ�ﻪ اﻟﺤﻘﺎﺌق اﻟﺘﺎر�ﺨ�ﺔ �ﺎﻟﺨ�ﺎل إﺨﺘﻼطـﺎً‬
‫ﺴدﯿداً ﻓ�ﺼﻌب اﻟﺘﻤﯿز ﺒﯿن اﻟﺤق واﻟ�ﺎطﻞ " )‪.(59‬‬

‫‪ -4‬أن اﻟﻨﺼوص اﻟﺘوارﺘ�ﺔ اﻟﺘﻲ ﺘﻨﺎوﻟت ﻫذا اﻟﻤوﻀﻊ ﺘَذكر داﺌﻤـﺎً أطﻔـﺎل َ�ﻌﺒـرون اﻟﻨـﺎر وﻫـﻰ ُﻤﻤﺎرﺴـﺔ دﯿﻨ�ـﺔ‬
‫اﻟﻨﺼـوص َﻏﺎﻤﻀـﺔ وﻻ ﺘُﺸـﯿر‬
‫اﻟﻨﺼوص كﺎﻨت ﻟدى اﻟﻛﻨﻌﺎﻨﯿﯿن ‪ ،‬وﻟﻛن ﺘ�ﻘﻰ ﻫـذﻩ ُ‬
‫ﺤﺴب ﻤﺎ ﺘُوردﻫﺎ ﺘﻠك ُ‬
‫�ﺸكﻞ ﺼر�ﺢ إﻟﻰ أﻨﻬم كﺎﻨوا ُ�ﻘدﻤون اﻷطﻔﺎل كﻘراﺒﯿن ﻟﻶﻟﻬﺔ ‪ ،‬وﻫذا اﻷﻤر كﻨـوع ﻤـن اﻟﺘطﻬﯿـر ﻟﻸطﻔـﺎل‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴــﺔ اﻟدﯿﻨ�ــﺔ واﻟﺨﺎﺼــﺔ �ــﺎﻟﺘطﻬﯿر ﻤوﺠــودة ﻋﻨــد كﺜﯿــر ﻤــن اﻟــد�ﺎﻨﺎت‬
‫ﺤــدﯿﺜﻲ اﻟــوﻻدة ‪ ،‬ﺤﯿــث أن ﻫــذﻩ ُ‬
‫ﯿﺜ�ﺎﺘَﻬﺎ ‪ ،‬ور�ﻤﺎ ﻤﻤﺎ ُﯿﺜﺒت ذﻟـك أن أﻏﻠـب ﻫـذﻩ اﻹﺸـﺎرات اﻟﺘوراﺘ�ـﺔ‬
‫اﻟﻘد�ﻤﺔ كﺎﻟﻤﺴ�ﺤ�ﺔ ﻤﺜﻼً ٕوان إﺨﺘﻠﻔت َﺤ َ‬
‫ﺘُﺸﯿر إﻟﻰ اﻷطﻔﺎل دون ﻏﯿرﻫم وﻤن ﻫﻨﺎ ر�ﻤﺎ َﯿز�د ﻤن ﻗوة ﻫذﻩ اﻟﻔرﻀ�ﺔ ‪.‬‬

‫‪ -5‬وﻤن ﺠﺎﻨب أﺨر ﻓﺈن اﻟﺘﺤﻠﯿﻞ اﻟﻤﺨﺒر�ﺔ اﻟﺘﻲ إﺠر�ت ﺨﻼل اﻟﻌﻘـد اﻷﺨﯿـر ﻤـن ﻫـذا اﻟﻘـرن أﺸـﺎرت إﻟـﻰ أن‬
‫اﻟﻬ�ﺎﻛﻞ اﻟﻌظﻤ�ﺔ اﻟﻤوﺠودة داﺨﻞ اﻟﺠ ارر) اﻟرﻤدات ( ﻫﻲ ﻷطﻔﺎل ﺼﻐﯿر�ن ﺠـداً أو ُﻤﺠﻬﻀـﯿن أوﻷطﻔـﺎل‬
‫كﺎﻨوا ﻗد ﻤﺎﺘوا وﻫم ﺼﻐﯿر�ن ﺠداً أي أﻨﻬم ﺤدﯿﺜﻲ اﻟوﻻدة وﺘم ﺤرﻗﻬم َوَوﻀﻌﻬم داﺨﻞ ﻫذﻩ اﻟﺠرار ‪ ،‬وﻟﻛن‬
‫اﻟﺤﯿﺜ�ــﺎت ﻻ َ�ﺴــﻤﺢ �ﻤﻌرﻓــﺔ ﻤــﺎ إذا كــﺎن ﻫــؤﻻء اﻷطﻔــﺎل كــﺎﻨوا ﻗــد إﺤرﻗـوا ِﺨـﻼل إﺤﺘﻔــﺎل‬
‫ﻫــذا اﻷﻤــر ﺒﻬــذﻩ َ‬
‫اﻟﻤﻘــﺎﺒر اﻟﺨﺎﺼــﺔ �ﺎﻷطﻔــﺎل داﺨــﻞ‬ ‫دﯿﻨــﻲ أو أﻨﻬ ـم إﺤرﻗ ـوا �ﻌــد ﻤــوت طﺒ�ﻌ ـﻲ ‪ ،‬وﻤﻤــﺎ ﯿؤ�ــد ذﻟــك أن َﻋ ـَدَد َ‬
‫ﻤدﯿﻨــﺔ اﻷﻤـوات �ﻘرطﺎﺠــﺔ ﻗﻠﯿﻠــﺔ ﺠــداً ‪� ،‬ــﺎﻟرﻏم ﻤــن إرﺘﻔــﺎع ﻋــدد اﻟوﻓ�ــﺎت ﻤــن اﻷطﻔــﺎل ﺒﺘﻠــك اﻟﻔﺘـرة ‪ ،‬وﻟــذا‬
‫)‪(60‬‬
‫‪.‬‬ ‫�ﺴﺘﺨﻠص أﺼﺤﺎب ﻫذا اﻟرأي ﻤن أن اﻟﺘوﻓﯿت ﻤﺎ ﻫو إﻻ ﻋ�ﺎرة ﻋن ﺠ�ﺎﻨﺔ ﻟﻸطﻔﺎل اﻟﻤوﺘﻰ‬

‫اﻟﻤطﻠﻘﺔ‬
‫و�ﺒدو أﻨﻪ ُ�ﻔﻀﻞ ﺤﺎﻟ�ﺎً ‪ -‬ﺤﺴب أري أﻏﻠب اﻟ�ﺎﺤﺜﯿن ‪ -‬اﻹﺤﺠﺎم ﻋن ﺘﻘد�م اﻟﻔرﻀ�ﺎت ُ‬
‫ول ﻫذا اﻟﻤوﻀوع ُﺠزاﻓﺎً ﻋﻠﻰ أﻤﻞ أن ﺘُﻤكﻨﻨﺎ اﻹﻛﺘﺸﺎﻓﺎت اﻷﺜر�ﺔ وﻤﺎ َ�ﻌﻘﺒﻬﺎ ﻤن ﺘﺤﺎﻟﯿﻞ ﻤﺨﺒر�ﺔ ﻟﻬـﺎ ‪،‬‬
‫َﺤ َ‬
‫‪-----------------------------------------------------‬‬

‫‪129‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫اﻟﻤﻤﺎرﺴﺔ اﻟدﯿﻨ�ـﺔ ﻟـدى اﻟﺒـوﻨ�ﻘﯿﯿن ‪ ،‬ﺨﺼوﺼـﺎً ﻓ�ﻤـﺎ ﯿﺘﻌﻠـق �ﺎﻟﻀـﺤﺎ�ﺎ‬
‫ﻤن إﻋطﺎء ﻨﺘﺎﺌﺞ داﻤﻐﺔ ﺤول ﻫذﻩ ُ‬
‫اﻟﺨﺼـوص‬‫اﻵدﻤ�ﺔ اﻟﻤﺤروﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺘم اﻟﻛﺸﻒ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻤواﻗﻊ ﻋدﯿـدة ﻤـن اﻟﻌـﺎﻟم اﻟﺒـوﻨ�ﻘﻰ ‪ ،‬وﻋﻠـﻰ وﺠـﻪ ُ‬
‫ﻓ�ﻤﺎ ﯿﺘﻌﻠق �ﺴﺒب اﻟوﻓـﺎة �ﺸـكﻞ أﻛﺜـر ِدﻗـﺔ ‪ ،‬و�ﺎﻟﺘـﺎﻟﻲ ُ�ﻤكﻨﻨـﺎ �ﻌـد ذﻟـك اﻟﺘوﺼـﻞ إﻟـﻰ إﺠﺎ�ـﺔ ﻗﺎطﻌـﺔ ﻟﻬـذﻩ‬
‫اﻹﺸكﺎﻟ�ﺔ اﻟﺘﻲ أرﻗت اﻟﻤؤرﺨﯿن ِﺨﻼل ﻋﻘود ﻋدﻩ ﻤن اﻟﻘرﻨﯿﯿن اﻷﺨﯿر�ن ‪.‬‬

‫اﻟﻬواﻤش‪:‬‬

‫)‪ - (1‬ﻋﺒد اﻟﺤﻔ�ظ ﻓﻀﯿﻞ اﻟﻤ�ﺎر ‪ .‬اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ�ﺔ ﻓﻲ ﻟﯿﺒ�ﺎ ‪ .‬اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ�ﺔ ﻓﻲ ﻟﯿﺒ�ﺎ ‪ .‬ﻤﻨﺸورات ﻤركز ﺠﻬﺎد اﻟﻠﯿﺒﯿﯿن ﻟﻠدراﺴﺎت‬
‫اﻟﺘﺎر�ﺨ�ﺔ ‪ .‬طراﺒﻠس ‪ .‬ﻟﯿﺒ�ﺎ ‪ 2001 .‬م‪ .‬ص ‪. 230‬‬
‫)‪(2‬‬
‫‪Abdelmagid Ennabli. Histoire Géneral de la Tunise la civilisation Carthaginoise : La vie‬‬
‫‪réligieuse , artisitique et intellectuelle .L ' antiquite . Tome I . Tunis . 2002 . p104.‬‬
‫)‪(6‬‬
‫‪R. De Vaux. Les sacrifices de L “ Ancien Testament. Paris. 1964. pp 54.- 55.‬‬
‫)‪ (3‬ﺸﺎرل أﻨدري ﺤوﻟ�ﺎن ‪ .‬ﺘﺎر�ﺦ اﻓر�ﻘ�ـﺎ اﻟﺸـﻤﺎﻟ�ﺔ – ت ‪ :‬ﻤﺤﻤـد ﻤ ازﻟـﻲ و �ﺸـﯿر ﺒـن ﺴـﻼﻤﺔ – اﻟـدار اﻟﻘوﻤ�ـﺔ ﻟﻠﻨﺸـر ‪ -‬اﻟﺠ ازﺌـر ‪ -‬ب ت‬
‫‪ .‬ص ‪.121‬‬
‫)‪(4‬‬
‫‪J.G. Fevrier. Essai de reconstruction du sacrifice Molek. J A . Paris . 1960. p 175.‬‬
‫)‪(5‬ج‪ ،‬كوﻨﺘﻨو ‪ .‬اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ�ـﺔ ‪ .‬ﺘرﺠﻤـﺔ ‪ -:‬ﻤﺤﻤـد ﻋﺒـد اﻟﻬـﺎدي ﺸـﻌﯿرة ‪ .‬وﻤراﺠﻌـﺔ ‪ -:‬طـﻪ ﺤﺴـﯿن ‪.‬اﻟﻬﯿﺌـﺔ اﻟﻤﺼـر�ﺔ اﻟﻌﺎﻤـﺔ ﻟﻠﻛﺘـﺎب ‪.‬‬
‫اﻟﻘﺎﻫرة ‪ .‬ﻤﺼر ‪ 1997 .‬م ‪ .‬ص ص ‪.165 -164‬‬
‫)‪(6‬‬
‫‪R. De Vaux. Les sacrifices de L “ Ancien Testament. Paris. 1964. pp 54.- 55.‬‬
‫)‪(7‬‬
‫‪E. Lipinski. Les raciness Syra .Phéniciennes de la réligion Carthaginoise . CEDAC . Carthage‬‬ ‫‪.‬‬
‫‪Bulletin . 8 .Tunis . 1987 . p 35‬‬
‫)‪ (8‬و�ﺒــدو أن ﻫــذﻩ اﻟﻌــﺎدة كﺎﻨــت ﻤﻌروﻓــﺔ ﻟــدى اﻟﻛﺜﯿــر ﻤــن اﻟﺸــﻌوب اﻟﻘد�ﻤــﺔ وان كﺎﻨــت ﺘﺨﺘﻠــﻒ ﻓــﻲ ﻨﻘطﺘــﯿن وﻫﻤــﺎ ‪ -:‬طﺒ�ﻌــﺔ وكﯿﻨوﻨــﺔ‬
‫اﻟﻤﻀﺤﻰ �ﻪ وطر�ﻘﺔ اﻟﺘﻀﺤ�ﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ‪ ،‬ﻓﻘد كﺎن اﻟﺴكﯿﺜﯿون ُ�ﻀﺤون ﻟﻺﻟﻪ ار�س ‪ apής‬وﻏﯿرﻩ ﻤن اﻹﻟﻬﺔ اﻷﺨرى ﻓ�ﻘدﻤون ﻟﻬم كﻀـﺤ�ﺔ‬ ‫ُ‬
‫رﺠﻼ ﻤن ﺒﯿن كـﻞ ﻤﺎﺌـﺔ رﺠـﻞ ﻤـن اﻷﻋـداء ﻤﻤـن ُ�ﻤﺴـكون ﺒﻬـم أﺤ�ـﺎء ﻟﻛـن ﻟـ�س �ﺎﻷﺴـﻠوب ﻨﻔﺴـﺔ اﻟـذي ُ�ﻘـدﻤون �ـﻪ اﻟﺤﯿواﻨـﺎت ﺒـﻞ �ﺄﺴـﻠوب‬
‫ﻤﺨﺘﻠﻒ ‪ ،‬ﻓ�ﻌد أن �ﺴكﺒوا اﻟﻨﺒﯿذ ﻋﻠﻰ رؤوس اﻟرﺠـﺎل اﻟـذﯿن ﺴ�ﻀـﺤون ﺒﻬـم ﺜـم ﯿـذ�ﺤوﻨﻬم ﻋﻠـﻰ إﻨـﺎء و�رﻓﻌوﻨـﻪ ﻋﻠـﻰ اﻟﻛوﻤـﺔ و�ﺴـكﺒون اﻟـدم‬
‫ﻋﻠــﻰ اﻟﺨﻨﺠــر اﻟﻤوﻀــوع ﻓــوق ﺘﻠــك اﻟﻛوﻤــﺔ و�رﻓﻌــون اﻟــدم إﻟــﻰ اﻷﻋﻠــﻰ ‪ ،‬أﻤــﺎ إﻟــﻰ اﻷﺴــﻔﻞ ﻤــن اﻟﻤﻌﺒــد ﻓــﺎﻨﻬم �ﻔﻌﻠــون ﻤﺎ�ــﺎﺘﻲ ‪� -:‬ﻘطﻌــون‬
‫اﻟﻤﻀﺤﻰ ﺒﻬم ﻤﻊ أﯿدﯿﻬم وﺘﻘذف ﻓﻲ اﻟﻬواء ‪ ،‬و�ﻌد أن ﯿـذ�ﺤوا اﻷﻀـﺎﺤﻲ اﻷﺨـرى ُ�ﻐـﺎدرون اﻟﻤكـﺎن وﺘ�ﻘـﻰ اﻷ�ـﺎدي ﻫﻨـﺎك‬ ‫اﻷﻛﺘﺎف ﻟﻠرﺠﺎل ُ‬
‫اﻟر�ـﻊ ﻤـن ﺘـﺎر�ﺦ ﻫﯿـرودوﺘس ‪ .‬ﻤﻨﺸـورات ﺠﺎﻤﻌـﺔ‬
‫ﺤﯿث ﺘﺴﻘط كﻞ ﻤﻨﻬﺎ ُﻤﻨﻔﺼﻠﺔ ﻋن اﻟﺠﺴد ‪ .‬ارﺠـﻊ ‪ -:‬ﻤﺤﻤـد اﻟﻤﺒـروك اﻟـذو�ب ‪ .‬اﻟﻛﺘـﺎب ا‬
‫ﻗﺎر�وﻨس ‪ .‬ﺒﻨﻐﺎزي ‪ .‬ﻟﯿﺒ�ﺎ ‪ 2002 .‬م ‪ . .‬ص ‪ .62‬ص ‪. 62‬‬
‫)‪(9‬اﻟﺘوارة ﺴﻔر اﻟﻤﻠوك اﻟﺜﺎﻨﻲ ‪ ، 3-2-XVI‬ﺠزﻗ�ﺎل ‪. 26-25-XX‬‬
‫)‪(10‬ج ‪ .‬ﻛوﻧﺗو‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑﻖ ‪ .‬ص ‪.166‬‬
‫)‪(11‬‬
‫‪Colette Picard. Sacrifices d’ enfants á Carthage. Carthage et la Tunisie. Punique et Romaine.‬‬
‫‪Tunise . Des . 1982 . Janv . 1983 . pp 18 -19 .‬‬
‫اء ﻓﻲ �ﻼد ﻓﯿﻨ�ﻘ�ﺔ ﻻم أو ﻓﻲ �ﺎﻗﻲ ُﻤﺴﺘﻌﻤراﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺤوض اﻟ�ﺤر‬
‫اﻹﻟﻪ ﻤﻠﻘﺎرات ‪ -:‬كﺎﻨت ﻋ�ﺎدﺘﻪ ﻤن أﻫم اﻟﻌ�ﺎدات اﻟدﯿﻨ�ﺔ ﺴو ً‬
‫)‪(12‬‬

‫اﻟﻤﺘوﺴط ‪ ،‬وﻗد ورد ذكرﻩ ﻓﻲ اﻟﺘوراة ﻤ ار اًر وﻟر�ﻤﺎ �كون ذﻟك إﺸﺎرة إﻟﻰ " ﻤﻠك ﻗرت " و�ظﻬر أن اﺴﻤﻪ ُﺤرف إﺤﺘﻘﺎ اًر إﻟﻰ كﻠﻤﺔ " ﻤوﻟك "‬
‫اﻟﻌﺒر�ﺔ واﻟﺘﻲ ﺘﻌﻨﻲ " اﻟﻌﯿب " وكﺎﻨت ﻗد ظﻬرت ﺼورﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘود اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ�ﺔ كرﺠﻞ ﯿركب ﻋﻠﻰ ﺤﺼﺎن اﻟ�ﺤر ‪ ،‬وﻗد اﻗﺘ�س اﻹﻏر�ق‬

‫‪130‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫ﻫذﻩ اﻟﺼورة ﻓﺼو ار اﻹﻟﻪ ‪ = Melicertes‬ﻤﻠﻘﺎرات كرﺠﻞ ﯿركب اﻟدﻟﻔﯿن ‪ٕ ،‬واﻨﺘﺸرت ﻋ�ﺎدﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺸواطﺌﻲ اﻟ�ﺤر�ن اﻻ�ﺤﻲ واﻻﯿوﻨﻲ ‪،‬‬
‫وكﺎن ‪ -‬وﻻﻋﺠب ‪ -‬ﯿﺘﺴﺎوى أﺤ�ﺎﻨﺎً ﻤﻊ اﻹﻟﻪ اﻹﻏر�ﻘﻲ ﺒوز�دون ‪ .‬ﺤﺴﻨﻲ ﺤداد وﺴﻠ�م ﻤﺠﺎﻋص ‪� .‬ﻌﻞ ﻫداد ‪ .‬اﻟط�ﻌﺔ ‪ . 1‬دار‬
‫أﻤواج ‪ .‬ﺴور�ﺔ ‪ 1993 .‬م‪ .‬ص‪. 141‬‬
‫)‪ (13‬ﻟﻤز�د ﻤن اﻟﻤﻌﻠوﻤﺎت أﻨظر‪-:‬‬
‫‪M. Gras, P. Rouillard, J. Teixidor . Carthage Phénicenne . L' univers Phenicien - Edition revtee . Paris .‬‬
‫‪PD . pp 256 et Suive‬‬

‫‪(14) E. Lipinski . Cedac . op . cit. pp 37 . 38‬‬

‫‪. 69 - 68‬‬ ‫)‪ (15‬اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ‪ .‬ﺳورة اﻷﻧﺑﯾﺎء ‪ .‬اﻵﯾﺔ ‪.‬‬
‫)‪ (16‬وﻟﻤز�د ﻤن اﻟﻤﻌﻠوﻤﺎت أﻨظر ‪-:‬‬
‫‪Brigihe Menzel. Assyrische Tempele. I . II . Studia ( Poh I – 10 ) Vol I. Rome . 1981 ..pp 27 et Suive.‬‬
‫)‪(17‬‬
‫‪Diodore de Sicile . XX. 14, 5.‬‬
‫)‪ (18‬و�ذكر ﺒﻠﻨﻲ أﻨﻪ ﻗد َﺠ َرت اﻟﻌﺎدة ﻋﻠﻰ ﺘﻘد�م اﻷﻀﺎﺤﻲ اﻟ�ﺸر�ﺔ ﻟﻺﻟﻪ ﻫﯿركﺎﯿوس ‪ .‬راﺠﻊ ‪-:‬‬
‫‪Pliny. XXXVI. L .C .L .39.‬‬
‫‪(19‬‬
‫‪Abdelmagid Ennabli . - Ennabli , A .Histoire Générale de la Tunise ( La civilisation Carthaginoise : La‬‬
‫‪vie réligieuse et intellectuelle ) . L' antiquite . Tome .I .Tunis .2002 . p 105‬‬
‫وﻤﻤﺎ ﻫو ﺠدﯿر �ﺎﻟذكر أن ﻫذا اﻟوﺼﻒ ﻗد ﻻﻗﻰ ُﻤﻌﺎرﻀـﺔ ﺸـدﯿدة ﻤـن �ﻌـض اﻟ�ـﺎﺤﺜﯿن ﻤـن أﻤﺜـﺎل ﺸـﺎرل ﺴـوﻤﺎﻨﻲ واﺼـﻔﺎً إ�ـﺎﻩ �ﺄﻨـﻪ ُﻤﺘﺴـرع‬
‫‪Abdelmajid Ennabli . op. cit. p 108.‬‬ ‫وﻏﯿر ﻤﺘروي ‪ .‬ﻟﻤز�د ﻤن اﻟﻤﻌﻠوﻤﺎت ﺤول ﻫذﻩ اﻟﻤﻌﺎرﻀﺔ راﺠﻊ ‪- :‬‬
‫)‪(20‬‬
‫‪E. Lipinski . Cedac . op. cit . p 36.‬‬
‫)‪(21‬‬
‫‪M. H. Fanter. Les dieux et les morts . Carthage la cité Punique .Alif . Les Eitio Eitions la‬‬
‫‪Meditreeanée. Cnrs Editions . Tunis . ND. p 75.‬‬
‫) ‪ ( 22‬وﻟد " ﺑﻠوﺗﺎرخ " ﺣواﻟﻲ ﺳﻧﮫ ‪ 46‬ﻣﯾﻼدﯾﺔ ﻓ�ﻲ ﻣدﯾﻧ�ﺔ " ﺧﺎﯾروﻧﯾ�ﺎ " ﺑوﺳ�ط ﺑ�ﻼد اﻹﻏرﯾ�ﻖ ‪ ،‬وﻗ�د ﻧَ َﺟ� َﺢ ﻓ�ﻲ ِﻛﺗﺎﺑ�ﺔ ﺑﻌ�ض اﻷﺳ�ﺎطﯾر‬
‫اﻟﻘدﯾﻣ�ﺔ ﻣﺛ�ل أﺳ��طورة " إﯾ�زﯾس واوزﯾ�رﯾس " اﻟﻣﺻ��رﯾﺔ ‪ .‬ﯾﺎروﺳ�ﻼف ﻧﺷ�رﺗﻲ ‪ .‬اﻟدﯾﺎﻧ��ﺔ اﻟﻣﺻ�رﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣ�ﺔ ‪ .‬ﺗرﺟﻣ��ﺔ ‪ -:‬أﺣﻣ�د ﻗ��دري‬
‫وﻣراﺟﻌﺔ ‪ -:‬ﻣﺣﻣود ﻣﺎھرطﮫ ‪ .‬ﻣطﺎﺑﻊ اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻸﺛﺎر ‪ .‬اﻟﻘﺎھرة ‪ .‬ﻣﺻر ‪ 1987 .‬م ‪ .‬ھﺎﻣش ‪ . 55‬ص ‪. 263‬‬
‫)‪ (23‬ﺷﺎرل اﻧدرﯾﮫ ﺟوﻟﯾﺎن ‪ .‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑﻖ ‪ .‬ص ‪.121‬‬
‫)‪(24‬‬
‫‪E . Lipinski . Cadac . op . cit . p 42 et Suive‬‬ ‫‪.‬‬
‫) ‪(25‬‬
‫‪M.H. Fanter . Carthage Le cité Punique. op . cit . p 77.‬‬
‫)‪(26‬‬
‫‪M. Sznycer .. Phéniciens et Puniques . Leurs réligions . Carthage . Paris .1995.. p 116 .‬‬
‫)‪ (27‬اﻟﺸﺎذﻟﻲ ﺒوردﯿﻨﺔ وﻤﺤﻤد اﻟطﺎﻫر ‪ .‬ﻗرطﺎﺠﺔ اﻟﺒوﻨ�ﺔ ‪ .‬ﻤركز اﻟﻨﺸر اﻟﺠﺎﻤﻌﻲ ‪ .‬ﺘوﻨس ‪ 1999 .‬م ‪ .‬ص ص ‪.. 292 - 291‬‬
‫‪(28). M.h. Fanter. La Bardo un Palais un Musee . .Alif . Tunis . PD . p 63.‬‬
‫)‪ - (29‬ﯿــوﻟﻰ ﺒروكــوﻓﯿﺘش ﺘﺸــﯿركن ‪ . .‬اﻟﺤﻀــﺎرة اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ�ــﺔ ﻓــﻲ إﺴــ�ﺎﻨ�ﺎ ‪ .‬ﺘرﺠﻤــﺔ ‪ -:‬ﯿوﺸــﻒ اﺒــﻲ ﻓﺎﻀــﻞ ‪ .‬ﺒﯿــروت ‪ .‬ﻟﺒﻨــﺎن ‪ 1988 .‬م ‪.‬‬
‫ص ‪.116‬‬
‫)‪ (30‬ﻤﺤﻤد أﺒو اﻟﻤﺤﺎﺴن ﻋﺼﻔور ‪ .‬اﻟﻤدن اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ�ﺔ ‪ . .‬دار اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌر��ﺔ ‪ .‬ﺒﯿروت ‪ .‬ﻟﺒﻨﺎن ‪1981 .‬م ‪ .‬ص ‪.164‬‬

‫)‪ (31‬وﻟﻤز�د ﻤن اﻟﻤﻌﻠوﻤﺎت أﻨظر ‪-:‬‬

‫‪A , P , Mauice & H, Cheheb& S, Moscati . Les Phéniciens . L' expansion Phénicienne .edition nrf‬‬
‫‪Paris . PD . pp 151 et Suive‬‬
‫)‪(32‬‬
‫‪Colette Picard . Sacrifices d’ enfauts á Carthage. Carthage et la Tunisie Punique et Romaine .N69‬‬
‫‪. Tunisie. Decembre 1982 . Janvier .1983 .P22.‬‬
‫)‪ (33‬و�ــرى ‪.‬ن ف ‪ .‬دكر�ــﺔ اﻨـﻪ ﯿﺠــب اﻟﺘﻔرﻗــﺔ ﺒــﯿن ﺤــرق اﻟﻀـﺤ�ﺔ اﻟﻤﻘدﺴــﺔ وﻋــﺎدة دﻓــن اﻟﻤــوﺘﻰ �طر�ﻘـﺔ اﻟﺤــرق ‪ ،‬وذﻟــك ﻟﻛــون ُرﻓــﺎة اﻷول‬
‫و�وﻀﻊ ﻋﻠﯿﻬﺎ ُﻨﺼب ﺘذكﺎري ﻨـذري َ�ﺤﻤـﻞ ﻓـﻲ اﻟﻌـﺎدة �ﻌـد‬
‫ﺘُوﻀﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺒد " اﻟﺘوﻓﯿت " وذﻟك ﺒﺈﻋﺘ�ﺎرﻫﺎ ﻀﺤ�ﺔ ﻤﻘدﺴﺔ ﻟﻺﻟﻪ أو اﻹﻟﻬﻪ ُ‬

‫‪131‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬
‫اﺴم اﻟﻤﻀﺤﻰ وﺘﺴﻠﺴﻠﻪ اﻟﻨﺴﺒﻲ " ﻓﻼن ﺒن ﻓﻼن " ﻋ�ـﺎرة " ﺴـﻤﻊ ﻗوﻟـﻪ و�ﺎركـﻪ " أﻤـﺎ ﻓـﻲ اﻟﺤﺎﻟـﺔ اﻟﺜﺎﻨ�ـﺔ ﻓﺘـدﻓن ﻓـﻲ اﻟﻤﻘـﺎﺒر وﻟ�ﺴـت داﺨـﻞ‬
‫اﻟﻤﻌﺒــد ‪ .‬ن ‪ .‬ف ‪ .‬دكرﺘــﻪ ‪ .‬ﻗرطﺎﺠــﺔ ٕواﻤﺒراطور�ــﺔ اﻟ�ﺤــر ‪ .‬ﺘرﺠﻤــﺔ ‪ -:‬ﻋــز اﻟــدﯿن أﺤﻤــد ﻋــزو ‪ .‬ﻤراﺠﻌــﺔ وﺘﺤﻘﯿــق ‪ -:‬ﻋﺒــد ﷲ اﻟﺤﻠــو ‪.‬‬
‫دﻤﺸق ‪ .‬ﺴور�ﺔ ‪ 1996 .‬م ‪ .‬ص ‪. 150‬‬
‫)‪(34‬‬
‫‪M.H. Fanter. Carthage La cité Punique . op . cit . p 74.‬‬
‫)‪(35‬‬
‫‪Ibid . p 76.‬‬
‫)‪ (36‬اﻟﺸﺎذﻟﻲ ﺒوروﻨ�ﺔ وﻤﺤﻤد اﻟطﺎﻫر ‪ .‬اﻟﻤرﺠﻊ اﻟﺴﺎﺒق ‪ .‬ص ‪. 294 . 293‬‬
‫)‪(37‬‬
‫‪Colette Picard . Sacrifices d’ enfant á Carthage. op. cit. p 22.‬‬
‫)‪ (38‬اﻟﺸﺎذﻟﻲ ﺒوروﻨ�ﺔ وﻤﺤﻤد اﻟطﺎﻫر ‪ .‬اﻟﻤرﺠﻊ اﻟﺴﺎﺒق ‪ .‬ص ‪. 293‬‬
‫)‪(39‬‬
‫‪Colette Picard Sacrifces d’ enfants á Carthage. op. cit . p 18.‬‬
‫)‪(40‬‬
‫‪M.H. Fanter . Ball Hammon . op. cit . p 90.‬‬
‫)‪(41‬‬
‫‪E. Lipinski. Cadac . op . cit . pp 36 – 37.‬‬
‫)‪ (42‬اﻟﻘرآن اﻟﻛر�م ‪ .‬ﺼورة اﻟﺼﻔﺎت ﻤن اﻵ�ﺔ ‪ 102‬وﺤﺘﻰ اﻵ�ﺔ ‪. 107‬‬
‫‪ Tourocephe‬وﻣﻣﺎ ﯾؤﻛد ھذه‬ ‫)‪ (43‬ﯾﺑدو أن اﻟﺛور ﻛﺎن ﻗد ﻟﻌب دورا ً ﻛﺑﯾرا ً ﻓﻲ دﯾﺎﻧﺔ اﻹﻟﮫ ﺑﻌل ﺣﺎﻣون ﻓﻘد ﻛﺎن ﯾُدﻋﻰ أﺣﯾﺎﻧﺎ ً‬
‫اﻟﻔرﺿﯾﺔ ھﻲ ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻻﻛﺗﺷﺎﻓﺎت اﻷﺛرﯾﺔ اﻟﻛﺛﯾرة ﻓﻘد ﺗم اﻟﻛﺷف ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ ﻗرطﺎﺟﺔ ﻋﻠﻰ إﺣدى ھذه اﻟدﻻﺋل ﺣﯾث ﯾُرى ﻋﻠﻰ زﺧرﻓﺔ‬
‫اﻟﻣدﺧل ﺷﺧص ﯾﻣﺗطﻰ ﺛور وﻟﺳوء اﻟﺣظ ﻓﺎن ھذا اﻟﻧﺻب ﯾﻛون ﻣﻔﺗﻘدا ً إﻟﻰ ﺟزا ًء إذا ﯾﺗﺿﺢ ﻓﯾﮫ ﺻورة ﻟﺛور وھو ﯾﺳﯾر إﻟﻰ اﻟﯾﺳﺎر ﻓﻲ‬
‫ﻖ ﻣﻧﮫ ﺳوى اﻟﻔﺧذ اﻷﯾﺳر وﺟزء ﻣن اﻟﺣوض ﺣﺗﻰ اﻟﺧﺻر ‪M.H. Fanter .‬‬ ‫ﺣﺎﻟﺔ ھﯾﺎج ‪ ،‬أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺷﺧص اﻟذي ﯾﻣﺗطﯾﺔ ﻓﻠم ﯾﺑ ِ‬
‫‪Baal. Hammon . op . cit . p 90‬‬
‫)‪(44‬‬
‫‪Colette Picard . Sacrifices d’ enfants à Cartage. op. cit . p 23.‬‬
‫)‪(45‬‬
‫‪M.H. Fanter. Steles inedites de Carthage. Semitica . XXI. Tunis . 1974 . pp 16 – 17.‬‬
‫)‪(46‬‬
‫‪Colette Picard. Sacrifices d’ enfants à Carthage. op. cit . p p 22-23.‬‬
‫)‪(47‬‬
‫‪Leo Dubal et Monique Larrey L' énigme des stéles de la Carthage Africane . Paris – 1995 – P 18.‬‬
‫‪(48) Colette Picard . Sacrifices d’ enfants à Carthge. op. cit . p 23.‬‬
‫)‪(49‬ﻤﺤﻤد ﻋﻠﻲ ﻋ�ﺴﻰ ‪ .‬اﻟﻤرﺠﻊ اﻟﺴﺎﺒق ‪ .‬ص ‪. 25‬‬
‫)‪(50‬ﻋﺒد اﻟﺤﻔ�ظ ﻓﻀﯿﻞ اﻟﻤ�ﺎر ‪ .‬اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ�ﺔ ﻓﻲ ﻟﯿﺒ�ﺎ ‪ .‬اﻟﻤرﺠﻊ اﻟﺴﺎﺒق ‪ .‬ص ‪.230‬‬
‫)‪ (51‬ﻤﺤﻤد ﻋﻠﻰ ﻋ�ﺴﻰ ‪ .‬اﻟﻤرﺠﻊ اﻟﺴﺎﺒق ‪. 25 .24 .‬‬
‫‪(52) Taborelli. L . Larea sacra di Ras Almunfakh presso Sabrath. Le stéle Rom. 1992. pp 73-75.‬‬
‫)‪(53‬‬
‫‪M. Longerstay. Libya .La civilisation Phénicienne et Punique . Edite par Veronique Krings .‬‬
‫‪New York . 1995 . op. cit. pp 842 – 843.‬‬
‫)‪( 54‬‬
‫‪S. Moscati. Les croyances et la vie réligious . Les Phénicens. Milan . 1988 . p 120.‬‬
‫)‪(55‬‬
‫‪A. F . Elmarer . The Reinterpretation of Latino Punic inscriptions Roman Tripolitania . L S.‬‬
‫‪Vol. 15. 1984 . pp 100 – 101.‬‬
‫)‪(56‬‬
‫‪Abdemajid Ennabli . op. cit. p 108.‬‬
‫)‪ (57‬اﻟﺸﺎذﻟﻲ ﺒوروﻨ�ﺔ وﻤﺤﻤد اﻟطﺎﻫر ‪ .‬اﻟﻤرﺠﻊ اﻟﺴﺎﺒق ‪ .‬ص ‪.290‬‬
‫اﻟﻤرﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ ‪ .‬ص ‪290‬‬ ‫)‪(58‬‬

‫ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻤﻲ ﺨﺸ�م ‪ .‬ﻨﺼوص ﻟﯿﺒ�ﺔ ‪ .‬اﻟط�ﻌﺔ ‪ . 2‬دار ﻤكﺘ�ﺔ اﻟﻔكر ‪ .‬ﺒﯿروت ‪ .‬ﻟﺒﻨﺎن ‪1975 .‬م ‪ .‬ص ‪.. 150‬‬ ‫)‪(59‬‬

‫)‪(60‬‬
‫‪Abdemajid Ennabli. Op.cit . p 108.‬‬

‫‪132‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬

‫اﻟﺼور ‪:‬‬

‫)اﻟﺼورة رﻗم ‪(2‬‬ ‫)اﻟﺼورة رﻗم ‪( 1‬‬

‫‪.Pisano,G(1997) – les bijoux – les Pheniciens – Paris –P433‬‬

‫& ‪Dubal , L‬‬ ‫)اﻟﺼورة رﻗم ‪(4‬‬ ‫)اﻟﺼورة رﻗم ‪(3‬‬

‫‪M . Larrey(1995)p.19‬‬ ‫‪Pisano,G(1997) –P434‬‬
‫‪133‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬
 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬

‫اﻹﺨﺘـﺼﺎرات ‪-:‬‬
‫‪Cedac .Centre d' etude et de Documentation archeologique de la conservation de -‬‬
‫‪. Carthage‬‬
‫‪. L . C . L . The Loeb Classical Library -‬‬
‫‪. LS . Libyan studies .‬‬

‫اﻟﻤﺼﺎدر اﻟﻌر��ﺔ ‪-:‬‬

‫‪ -‬اﻟﻘرآن اﻟﻛر�م ‪ .‬ﺴورة ‪ .‬اﻟﺼﺎﻓﺎت ‪ .‬اﻷﻨﺒ�ﺎء ‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﺘوراة ‪ .‬ﺴﻔر اﻟﺘﻛو�ن ‪ .‬ﺴﻔر اﻟﻤﻠوك ‪ .‬ﺤزﻗ�ﺎل ‪ .‬ﺴﻔر اﻟﻤزاﻤﯿر ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺼﺎدر اﻷﺠﻨﺒ�ﺔ ‪-:‬‬

‫‪. Didore de Sicille . XX -‬‬
‫‪. Pliny . Natural History -‬‬
‫اﻟﻤراﺠﻊ اﻟﻌر�ﯿـﺔ ‪-:‬‬
‫‪ -‬ﺒورو�ﻨﺔ ‪ ،‬اﻟﺸﺎذﻟﻲ وﻤﺤﻤد اﻟطﺎﻫر ‪ .‬ﻗرطﺎﺠﺔ اﻟﺒوﻨ�ﺔ ‪ .‬ﻤركز اﻟﻨﺸر اﻟﺠﺎﻤﻌﻲ ‪ .‬ﺘوﻨس ‪ 1999 .‬م‬
‫‪ -‬ﺘﺴﯿركﯿن ‪ ،‬ﯿوﻟﻲ ﺒركوﻓﯿﺘش ‪ .‬اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ�ﺔ ﻓﻲ إﺴ�ﺎﻨ�ﺎ ‪ .‬ﺘرﺠﻤﺔ ‪ -:‬ﯿوﺸﻒ اﺒﻲ ﻓﺎﻀﻞ ‪.‬‬
‫ﺒﯿروت ‪ .‬ﻟﺒﻨﺎن ‪ 1988 .‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺘﺸرﻨﻲ ‪� ،‬ﺎروﺴوف ‪ .‬اﻟد�ﺎﻨﺔ اﻟﻤﺼر�ﺔ اﻟﻘد�ﻤﺔ ‪ .‬ﺘرﺠﻤﺔ ‪ -:‬أﺤﻤد ﻗدري وﻤراﺠﻌﺔ ‪ -:‬ﻤﺤﻤود ﻤﺎﻫرطﻪ ‪.‬‬
‫ﻤطﺎ�ﻊ اﻟﻤﺠﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻸﺜﺎر ‪ .‬اﻟﻘﺎﻫرة ‪ .‬ﻤﺼر ‪ 1987 .‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺨﺸ�م ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻤﻲ ‪ ،‬ﻨﺼوص ﻟﯿﺒ�ﺔ ‪ .‬اﻟط�ﻌﺔ ‪ . 2‬دار ﻤكﺘ�ﺔ اﻟﻔكر ‪ .‬ﺒﯿروت ‪ .‬ﻟﺒﻨﺎن ‪1975 .‬م‬
‫‪ -‬دكر�ﺔ ‪ ،‬ن ‪ .‬ف ‪ .‬ﻗرطﺎﺠﺔ ٕواﻤﺒراطور�ﺔ اﻟ�ﺤر ‪ .‬ﺘرﺠﻤﺔ ‪ -:‬ﻏز اﻟدﯿت أﺤﻤد ﻋزو وﻤراﺠﻌﺔ‬
‫‪ -‬اﻟذو�ب ‪ ،‬ﻤﺤﻤد اﻟﻤﺒروك ‪ .‬اﻟﻛﺘﺎب اﻟرا�ﻊ ﻤن ﺘﺎر�ﺦ ﻫﯿرودوﺘس ‪ .‬ﻤﻨﺸورات ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻗﺎر�وﻨس ‪.‬‬
‫ﺒﻨﻐﺎزي ‪ .‬ﻟﯿﺒ�ﺎ ‪ 2002 .‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬ﻋﺼﻔور ‪،‬ﻤﺤﻤد أﺒو اﻟﻤﺤﺎﺴن ‪ .‬اﻟﻤدن اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ�ﺔ ‪.‬دار اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌر��ﺔ ‪ .‬ﺒﯿروت ‪ .‬ﻟﺒﻨﺎن‪ 1981 .‬م‬
‫‪ -‬كوﻨﺘﻨو ‪ ،‬ج ‪ .‬اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ�ﺔ ‪ .‬ﺘرﺠﻤﺔ ‪ -:‬ﻤﺤﻤد ﻋﺒد اﻟﻬﺎدي ﺸﻌﯿرة ‪ .‬وﻤراﺠﻌﺔ ‪ -:‬طﻪ ﺤﺴﯿن ‪.‬‬
‫اﻟﻬﯿﺌﺔ اﻟﻤﺼر�ﺔ اﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﻛﺘﺎب ‪ .‬اﻟﻘﺎﻫرة ‪ .‬ﻤﺼر ‪ 1997 .‬م ‪.‬‬
‫‪ -‬اﻟﻤ�ﺎر ‪ ،‬ﻋﺒد اﻟﺤﻔ�ظ ﻓﻀﯿﻞ ‪ .‬اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻔﯿﻨ�ﻘ�ﺔ ﻓﻲ ﻟﯿﺒ�ﺎ ‪ .‬ﻤﻨﺸورات ﻤركز ﺠﻬﺎد اﻟﻠﯿﺒﯿﯿن ﻟﻠدراﺴﺎت‬
‫اﻟﺘﺎر�ﺨ�ﺔ ‪ .‬طراﺒﻠس ‪ .‬ﻟﯿﺒ�ﺎ ‪ 2001 .‬م ‪.‬‬

‫‪134‬‬ ‫دﯾﺳﻣﺑر ‪2019‬‬

 ‫اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ‬

‫اﻟ ا‬ ‫اﻟ‬

-: ‫اﻟﻤراﺠﻊ اﻻﺠﻨﺒ�ﺔ‬
. Dubal , L & M . Larrey .L' énigme des stéles de la Carthage Africane . Paris-
.1995
.Elmayer,A.F . Tripolitania and the Roman empire . Markaz Jihad Al-
-Fanter . M.H. Les dieux et les morts . Carthage la cité Punique .Alif . Les Eitio- -
. Eitions la Meditreeanée . Cnrs Editions . Tunis . PD
Gras, M&P.Rouilard & J.Texidor . Carthage Phénicenne . L' univers Phenicien -
. Edition revtee . Paris . PD
.J.G. Fevrier J-G- Essai de reconstruction du sacrifice Molek. J A . Paris . 1960 -
Longerstay , M . Libya .La civilisation Phénicienne et Punique . Edite par-
. Veronique Krings . New York . 1995
. Moscati , S . Les croyances et la vie réligious . Les Phéniciens .Milan .1997 -
Picard , G.CH - Sacrifices d ' enfants á Carthage . Carthage et la Tunisie )Punique et .
.Romaine ) .N 69 . Tunisie. Decembre 1982 . Janvier1983
.Pisano,G – les bijoux – les Pheniciens – Paris – 1997 -
.Taborelli. L. Larea sacra di Ras Almunfakh presso Sabrath. Le stéle Rom 1992-

-: ‫اﻟدور�ﺎت اﻻﺠﻨــﺒ�ﺔ‬
Ennabli , A .Histoire Générale de la Tunise (La civilisation Carthaginoise : La vie -
réligieuse et intellectuelle ) . L' antiquite . Tome .I .Tunis .2002
.Fanter –M .H. Le Bardo ( Un Palais un muse ) .Alif . Tunis . PD -
. Stéles inedites de Carthage . Demitica . XXI . Tunis . 1974 . -----------------
.Baal Hammon . Reppal .VOL .V . Tunis . 1990 . ---------------- -
. Stéles Epigraphes du Tophet de Sousse .Africa .Reppal . IX . ---------------- -
. Tunis . 1995
. Lipinski, E . Les raciness Syra .Phéniciennes de la réligion Carthaginoise-
CEDAC . Carthage . Bulletin . 8 .Tunis . 1987
Maurice,A .P &H .Cheheb & St . Moscati . Les Phéniciens . L' expansion -
. Phénicienne .edition nrf . Paris . PD
. Menzel. Brigihe- Assyrische Tempele. I . II . Studia ( Poh I – 10 ) Vol I. Rome.1981 -
Sznycer,M . La réligion Punique . Carthage . Alif . Paris . 1995-

135 2019 ‫دﯾﺳﻣﺑر‬