Professional Documents
Culture Documents
خالد بلعربي األوسا كثار اجملاعات واألوبئة على تراجع احلره والصناعات باملغر
مقدما لنا وصفا دقيقتا عت وبتاء الطتاعون والعمران م جراء هات الظاهرت
سنة( 202هت 2002 /م) والذي كان قد عاصره ،واتا بالد املغر الذي ةر
قاله بهذا اخلصوص " :نزل بالعمران شرقا وغربا يف منتصف هتذه املائتة الثامنتة،
م الطاعون اجلاره .الذي ريف األمم ،وةهب بأهل اجليتل وطتو كتثريا مت
حماس العمران وحماها جاء للدول على ح هرمهتا ،وبلتوغ الغايتة مت متداها،
فقلص م ظالهلا ،وقل م حدها ،وأوه م سلطانها ،وتوادعتت ضغ التالشتي
البشر ،فصرجت األمصار أتفا واالةمحالل أحواهلا ،وانتقض عمران األر
واملصانع ،ودرست السبل واملعامل ( " ...اب خلدون ،ع.)50 :2226 ،
وباملثل تكاد اإلشارات تنعدم حول هذا املوةوع يف كتب الرتاجم باستثناء متا
ارتبا بكيفية عفوية بسرية بعض العلماء واألدباء ،بيد أنّ كتتب التصتوه ألقتت
بعتض األةتواء علتى هتات الكتارثت وكتم تعتاطف املتصتوفة متع احلترفي
والصناع الذي أصابهم الوه بسبب اجلوع واألوبئتة ،وميكت اعتمتادا عليهتا يف
سد هذه الفجوة يف التاريو االقتصادي واالجتماعي ،ورستم اخلطتوط العريضتة
هلذا املوةوع.
ضغ ضلقتاء الضتوء على حمك هذه املالحظات املصدرية ،نسعى يف هذا البحت
على جوانب مت ا ثتار التيت خلفتهتا اجملاعتات واألوبئتة علتى تراجتع احلتره
والصناعات يف املغر األوسا يف فرتة حمددة وهي العهد الزياني حماول تعقب
السؤال التالي :متا هتي تتأثريات األوبئتة واجملتاالت التيت عرفهتا املغتر
األوسا على حركية النشاط احلريف والصناعي؟
ال مراء يف أنّ اجملاعات واألوبئة شكلت خطترا حقيقيتا علتى حيتاة
األوسا خالل العهد الزياني ،ةلتك أنّ النتتائج االقتصتادية سكان املغر
اليت متصضت عنهما ساهمتا يف تكوي جزء كبري م مصري األحتداث التيت
األوسا هلا املغر األوسا خالل هذه الفرتة ،فاجملاعة اليت تعر عرفها املغر
سنة (622هت2122 /م ) ،واليت استمرت ضغ غاية( 216هت2016 /م) ،كان هلا
وقع شديد على سكانه ،وكانت ناجتة عت احلصتار التذي فرةته املرينيتون علتى
عاصمة الدولة الزيانية تلمسان والذي دام مثاني ستنوات وثالثتة أشتهر ،ومهمتا
يك فقد كانت هذه اجملاعة قاسية وتأثرياتها االقتصادية باديتة خاصتة علتى تال
الصناعات واحلره اليت عرفت تقلصا كبريا جراء قلتة الصتناع واحلترفي التذي
هلك أغلبهم م اجلوع ،حتى أنّ م املؤرخ م يشري ضغ أن عاصتمة الدولتة
الزيانية أصبحت خالية م سكانها الذي كان عددهم يفتوق مائتة ومخستة
وعشرون ألف نسمة على أقل تقدير()brosslard ,ch,1859 : 83
لقد تسببت هذه اجملاعة يف تراجع الكثري مت الصتناعات واحلتره التيت
األوسا ختالل هتذه الفترتة ،كصتناعة النستيج، اشتهرت بها بالد املغر
وحرفتة جتفيتف التت والعنتب، وصناعة اجللود ،وحرفتة طحت احلبتو
وغريها م احلره والصناعات(فياللي ،ع ،)110 :1111 ،ويعطينا اب أبتي
الذي حلق بتلمسان جراء احلصار زرع الفاسي صورة ع االنهيار واخلرا
يوسف املريين بقوله" :وأةعف أهل الذي تعرةت له م قبل أبي يعقو
تلمسان بشدة احلصار حتى أشرفوا على اهلالك" (اب زرع،أ،)026 :2221 ،
ولنّا أن نتصور حجم هذه املعاناة وتأثرياتها على احلره والصتناعات ،وضةا
كان مصري تلمسان بفعل هتذا احلصتار ومتا ستببه يف تراجتع الصتناعات،
األوسا ومصري الصناعة بهتا كتوهران، فكيف كان حال بقية مدن املغر
وهتتن ،ومزغتتران ،وتتتنس وشرشتتال ،وبرشتتك والبطحتتاء ومازونتتة
والونشريس ومليانة واملدية ،وبالد مغراوة الذي كانوا خاةع لسلطة
املرني خالل هذه الفرتة ؟.
م املواد املصنوعة التيت كانتت بتلمستان ختالل هتذه الفترتة كاألغطيتة امللونتة،
وصناعة الزرابي ،واجللود واحلقائب واألحذية وغريها مت الصتناعات التقليديتة
التلمستتانية( القلقشتتندي ،م ،)220 :2225 ،غتتري أنّ هتتذه الصتتناعات واحلتتره
تراجعت بعد اعة سنة 226هتت2020/م ،بتل تستببت هتذه اجملاعتة يف خترا
حسب تغبري اب قنفذ القسنطيين(ابت قنفتذ .)212 :2265 ،وبنتاء علتى املغر
ةلك نعتقد أنّ شرحية كبرية م الصناع واحلرفي تضررت جراء هذه اجملاعة.
وقد تفشى وباء الطاعون يف عهد السلطان أبو ستعيد عثمتان الثتاني (– 202
250هت 2051 – 2002 /م ) ،فقض على خلتق كتثري مت النّتاس يف املغتر
فتتك بعتائالت األوسا وكانت عاصمة الدولة الزيانية أشد تضتررا منته؛ حيت
بأكملها ،مثلما حدث ألسرة حفيد العامل التفريسي التلمساني اليت انقرةت كلتها
م جراء هذا الوباء القاتل( ابت مترزوق ،خمطتوط ،ورقتة ،)11-20ولعتل متا
يزكي هذا الطر رواية أبي عبد اهلل اخلطيب ب مترزوق التذي قتال عنته "كتان
للحاج ،يوسف ب حيي حفيذ العامل التفريسي ،أوالد انقرةتوا يف هتذا الوبتاء ".
ع وباء الطاعون هذا التذي أصتا باحلدي كما ينفرد صاحب نفاةة اجلرا
"ووجدنا الطاعون يف بيوتهم قد نزل ،واحتجز منهم الكتثري ضغ القبتور .. املغر
" ( اب اخلطيب ،ل.)05 :2222 ،
تعوزنا املعلومات الكافية للوقوه علتى متد تتأثري هتذا الوبتاء علتى
األوستا ختالل العهتد الصناعات واحلره اليت اشتهرت بها بالد املغتر
الزياني ،باستثناء ما أورده اب خلدون الذي قال عنه " نزل بالعمران شرقا
وغربا ،يف منتصف هذه املائة الثامنة ،مت الطتاعون اجلتاره ...انتتفض
البشر ،فصربتت األمصتار املصتانع ( " ... ،ابت انتفا عمران األر
خلدون ،ع .)50 :2262 ،نستشف م النص أنّ هذا الوباء قد قضى علتى
لقد صارت تلمسان عاصمة الدولة الزيانية بعد هذا الوباء القاتل التذي
ةربها أثرا بعد ع ،ضة هدمت مصانعها وخربت معاملها ،وهجر كثري مت
احلرفي منها ،وانعدمت املنتجات الصتناعية يف األستواق واحلوانيتت .اتا
دفع بالسلطان أبا محو موسى الثاني االستعانة باحلرفي والصناع األندلسي
النشتاط الصتناعي يف دولتته بعتد هتذا الوبتاء خالل هذه الفرتة ،حماولة منه بع
اجلاره الذي قضى على الكثري م املصانع ،وأد ضغ متوت الكتثري مت اخللتق
كان م بينهم احلرفي والصناع(فياللي،ع :1111 ،ج ،)226 ،2استطاع هتؤالء
األندلسي م ضقامة مصانع هامتة بعاصتمة الدولتة الزيانيتة خاصتة أنهتم كتانوا
ميلكون رؤوس أموال كبرية فعملتوا علتى تطتوير خمتلتف الصتناعات مت طترز
ونسيج للحرير ،وحياكة القط وغزل الصوه ،وقتاموا بتطتوير صتناعة الفصتار
واخلزه وغريها م الصناعات ،ويؤكد ةلك املؤرخ اب األعرج بقولته " :وكتان
لعهد نزول األندلسي بها (تلمسان) ،مزدانتة باملصتانع املفيتدة ،فمتا شتئت مت
أطرزة ،ومنسوجات احلرير والقط والكتان والصوه ،ومعامل الفصار واخلتزه
وأنواع السال ،وسائر األواني املنزلية" ( اب األعرج ،خمطوط ،221ورقة -26
،)22ويف موةع كخر يقول"نشروا ب النّاس كدابهم وراجتت مصتانعهم " ....
(اب األعرج ،خمطوط ،221ورقة .)211
األوسا يف العهد الزياني وبتاء طتاعون ويف املنحى نفسه ،عره املغر
سنة ( 205هتت2002/م) التذي أمجعتت املصتادر علتى أنته أتتى علتى الصتغار
والضعفاء ،بل مل ينجو منه حتى العلماء ،فقد تويف بته عتامل تلمستان ومفتيت بتالد
املغر الشيو أبي العباس أمحد ب عبد الرمح املغراوي الشهري بتاب زاغتو
( اب األعرج ،خمطوط ،221ورقة ،)22وهو دليتل علتى أن هتذا الوبتاء
العامة واألسياد والشتيوخ بتدون متييتز( ابت زرع،)120 :2221، أصا
حدث هذا الوباء القاتل يف عهد حكم السلطان الزياني أبتو العبتاس أمحتد
العاقل أبتي محتو موستى الثتاني ( 266 -200هتت 2061 -2002 /م )
والذي عرفت يف عهده الدولة الزيانية نوعا م االستقرار السياسي والتطور
الفكري والرخاء االقتصادي ،لك وباء الطاعون التذي حتل بدولتته ستنة
أنّ هتذا (205ه2002/م)ت أثر كثريا على اجلانب الصناعي يف الدولة؛ حيت
املعدي أدخل الدولة الزيانية يف عزلة جربية منع سكانها م اارستة املر
نشتاطاتهم فرتاجعتتت الكتتثري مت الصتناعات واحلتتره ،وتعطتتل النشتتاط
أرجتتاء االقتصتتادي( بشتتاري ،ل ،)226 :2222-2226 ،وعتتم االةتتطرا
األوسا ،وتصاعدت الضرائب ،اا كتان لته انعكتاس ستيئ علتى املغر
احلرفي والصناع ،ورغم احملاوالت اليت قام بها السلطان أبو العباس العاقل
للتصفيف م أثر هتذا الوبتاء القاتتل عت طريتق املستاعدات التيت قتدمها
للسكان ،ضال أنّ ةلك مل ينع شيئا ،ضة بقي النشاط الصناعي يعره ركودا ضغ
غاية سنة ( 266هت 2061 /م) ،وهو تاريو اعتالء أبو عبد اهلل حممد الثالت
املتوكل عرش الدولة الزيانية( السعداوي،أ ،العدد .)222 :2225 ،225
يف ملتف كثتار األوبئتة واجملاعتات علتى وبعد ،فتلك حماولة أوغ للنب
تراجع النشاط احلريف والصناعي ،نرجتو أن تعقبهتا حمتاوالت أختر مت
طره الباحث و املتصصص حتى تكتمل جوانبه.