You are on page 1of 9

‫أ‪.‬د‪ .

‬خالد بلعربي‬ ‫األوسا‬ ‫كثار اجملاعات واألوبئة على تراجع احلره والصناعات باملغر‬

‫األوسا‬ ‫كثار اجملاعات واألوبئة على تراجع احلره والصناعات باملغر‬


‫يف العهد الزياني‬
‫أ‪.‬د خالد بلعربي‬
‫جامعة سيدي بلعباس‬
‫األوسا‬ ‫تعد اجملاعات واألوبئة م أخطر الكوارث اليت هددت تمع املغر‬
‫بالفناء ختالل العهتد الزيتاني (‪ 261 -600‬هتت‪2550 -2105 /‬م)‪ ،‬وضةا كتان‬
‫األوسا ختالل هتذه الفترتة‪،‬‬ ‫هلات الكارثت دور يف تقليص عدد سكان املغر‬
‫فإنّ انعكاساتهما كانتا خطرية على اقتصاد البالد‪ .‬ضة أنّ االنهيتار الستكاني التذي‬
‫األوستا يف هتذه الفترتة كتان كفتيال بتعطيتل كافتة أوجته‬ ‫شهدته بتالد املغتر‬
‫االقتصاد‪ ،‬ومنها الصناعات واحلره اليت عرفت تراجعا حادا بسبب قلتة الصتناع‬
‫أولئك الذي ابتلوا باجلوع‪.‬‬ ‫واحلرفي م جهة‪ ،‬والوه والضعف الذي أصا‬
‫وعلى الرغم م أهمية املوةوع الذي يؤرخ لفرتة هامة يف خارطة‬
‫األوسا يف العصر الوسيا‪ ،‬فإنّه‬ ‫التاريو االقتصادي واالجتماعي للمغر‬
‫واالستقصاء يف الدراسات التارخيية احلديثتة‪،‬‬ ‫مل ينل حظه الكايف م البح‬
‫عت تتاريو الدولتة‬ ‫باستثناء بعض اإلشارات اخلفيفتة عنته أثنتاء احلتدي‬
‫الزيانية بصفة عامة‪ ،‬ينهض دليال على ةلك متا كتبته التدكتور عبتد العزيتز‬
‫فياللي حول تلمسان يف العهد الزياني( فياللي‪،‬ع‪ ،)1111 ،‬أو ما كتبته التدكتور‬
‫احلستتاني خمتتتار حتتول األوةتتاع االقتصتتادية واالجتماعيتتة يف الدولتتة الزيتتاني‬
‫(احلساني‪ ،)2226 ، ،‬وهي كلها حمتاوالت لفتك مضتمرات هتذا املوةتوع‬
‫‪ ،‬دون معاجلتته كدراستة مستتقلة‪ ،‬كمتا أ ّن‬ ‫وتوةيح ما يلفته مت غمتو‬
‫املصادر التارخيية أقصت هذا املوةوع م دائرة اهتماماتهتا‪ ،‬ومل خيترج ستو‬
‫أكتد علتى الضترر التذي يلحتق بالستكان‬ ‫اب خلدون ع قاعدة اإلقصاء ح‬

‫العدد الرابع‪ :‬جوان ‪3102‬‬ ‫‪002‬‬ ‫خمرب البحوث االجتماعية والتارخيية‬


‫أ‪.‬د‪ .‬خالد بلعربي‬ ‫األوسا‬ ‫كثار اجملاعات واألوبئة على تراجع احلره والصناعات باملغر‬

‫مقدما لنا وصفا دقيقتا عت وبتاء الطتاعون‬ ‫والعمران م جراء هات الظاهرت‬
‫سنة( ‪ 202‬هت ‪2002 /‬م) والذي كان قد عاصره‪ ،‬واتا‬ ‫بالد املغر‬ ‫الذي ةر‬
‫قاله بهذا اخلصوص‪ " :‬نزل بالعمران شرقا وغربا يف منتصف هتذه املائتة الثامنتة‪،‬‬
‫م الطاعون اجلاره‪ .‬الذي ريف األمم‪ ،‬وةهب بأهل اجليتل وطتو كتثريا مت‬
‫حماس العمران وحماها جاء للدول على ح هرمهتا‪ ،‬وبلتوغ الغايتة مت متداها‪،‬‬
‫فقلص م ظالهلا‪ ،‬وقل م حدها‪ ،‬وأوه م سلطانها‪ ،‬وتوادعتت ضغ التالشتي‬
‫البشر‪ ،‬فصرجت األمصار‬ ‫أتفا‬ ‫واالةمحالل أحواهلا‪ ،‬وانتقض عمران األر‬
‫واملصانع‪ ،‬ودرست السبل واملعامل ‪ ( " ...‬اب خلدون‪ ،‬ع‪.)50 :2226 ،‬‬
‫وباملثل تكاد اإلشارات تنعدم حول هذا املوةوع يف كتب الرتاجم باستثناء متا‬
‫ارتبا بكيفية عفوية بسرية بعض العلماء واألدباء‪ ،‬بيد أنّ كتتب التصتوه ألقتت‬
‫بعتض األةتواء علتى هتات الكتارثت وكتم تعتاطف املتصتوفة متع احلترفي‬
‫والصناع الذي أصابهم الوه بسبب اجلوع واألوبئتة‪ ،‬وميكت اعتمتادا عليهتا يف‬
‫سد هذه الفجوة يف التاريو االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬ورستم اخلطتوط العريضتة‬
‫هلذا املوةوع‪.‬‬

‫ضغ ضلقتاء الضتوء‬ ‫على حمك هذه املالحظات املصدرية‪ ،‬نسعى يف هذا البحت‬
‫على جوانب مت ا ثتار التيت خلفتهتا اجملاعتات واألوبئتة علتى تراجتع احلتره‬
‫والصناعات يف املغر األوسا يف فرتة حمددة وهي العهد الزياني حماول تعقب‬
‫السؤال التالي‪ :‬متا هتي تتأثريات األوبئتة واجملتاالت التيت عرفهتا املغتر‬
‫األوسا على حركية النشاط احلريف والصناعي؟‬
‫ال مراء يف أنّ اجملاعات واألوبئة شكلت خطترا حقيقيتا علتى حيتاة‬
‫األوسا خالل العهد الزياني‪ ،‬ةلتك أنّ النتتائج االقتصتادية‬ ‫سكان املغر‬
‫اليت متصضت عنهما ساهمتا يف تكوي جزء كبري م مصري األحتداث التيت‬

‫العدد الرابع‪ :‬جوان ‪3102‬‬ ‫‪004‬‬ ‫خمرب البحوث االجتماعية والتارخيية‬


‫أ‪.‬د‪ .‬خالد بلعربي‬ ‫األوسا‬ ‫كثار اجملاعات واألوبئة على تراجع احلره والصناعات باملغر‬

‫األوسا‬ ‫هلا املغر‬ ‫األوسا خالل هذه الفرتة‪ ،‬فاجملاعة اليت تعر‬ ‫عرفها املغر‬
‫سنة (‪622‬هت‪2122 /‬م )‪ ،‬واليت استمرت ضغ غاية( ‪ 216‬هت‪2016 /‬م)‪ ،‬كان هلا‬
‫وقع شديد على سكانه‪ ،‬وكانت ناجتة عت احلصتار التذي فرةته املرينيتون علتى‬
‫عاصمة الدولة الزيانية تلمسان والذي دام مثاني ستنوات وثالثتة أشتهر‪ ،‬ومهمتا‬
‫يك فقد كانت هذه اجملاعة قاسية وتأثرياتها االقتصادية باديتة خاصتة علتى تال‬
‫الصناعات واحلره اليت عرفت تقلصا كبريا جراء قلتة الصتناع واحلترفي التذي‬
‫هلك أغلبهم م اجلوع‪ ،‬حتى أنّ م املؤرخ م يشري ضغ أن عاصتمة الدولتة‬
‫الزيانية أصبحت خالية م سكانها الذي كان عددهم يفتوق مائتة ومخستة‬
‫وعشرون ألف نسمة على أقل تقدير(‪)brosslard ,ch,1859 : 83‬‬
‫لقد تسببت هذه اجملاعة يف تراجع الكثري مت الصتناعات واحلتره التيت‬
‫األوسا ختالل هتذه الفترتة‪ ،‬كصتناعة النستيج‪،‬‬ ‫اشتهرت بها بالد املغر‬
‫وحرفتة جتفيتف التت والعنتب‪،‬‬ ‫وصناعة اجللود‪ ،‬وحرفتة طحت احلبتو‬
‫وغريها م احلره والصناعات(فياللي‪ ،‬ع‪ ،)110 :1111 ،‬ويعطينا اب أبتي‬
‫الذي حلق بتلمسان جراء احلصار‬ ‫زرع الفاسي صورة ع االنهيار واخلرا‬
‫يوسف املريين بقوله‪" :‬وأةعف أهل‬ ‫الذي تعرةت له م قبل أبي يعقو‬
‫تلمسان بشدة احلصار حتى أشرفوا على اهلالك" (اب زرع‪،‬أ‪،)026 :2221 ،‬‬
‫ولنّا أن نتصور حجم هذه املعاناة وتأثرياتها على احلره والصتناعات‪ ،‬وضةا‬
‫كان مصري تلمسان بفعل هتذا احلصتار ومتا ستببه يف تراجتع الصتناعات‪،‬‬
‫األوسا ومصري الصناعة بهتا كتوهران‪،‬‬ ‫فكيف كان حال بقية مدن املغر‬
‫وهتتن ‪ ،‬ومزغتتران‪ ،‬وتتتنس وشرشتتال‪ ،‬وبرشتتك والبطحتتاء ومازونتتة‬
‫والونشريس ومليانة واملدية‪ ،‬وبالد مغراوة الذي كانوا خاةع لسلطة‬
‫املرني خالل هذه الفرتة ؟‪.‬‬

‫العدد الرابع‪ :‬جوان ‪3102‬‬ ‫‪001‬‬ ‫خمرب البحوث االجتماعية والتارخيية‬


‫أ‪.‬د‪ .‬خالد بلعربي‬ ‫األوسا‬ ‫كثار اجملاعات واألوبئة على تراجع احلره والصناعات باملغر‬

‫األوسا اعة عظيمة ستنة(‪ 226‬هتت‪2020/‬م)‪،‬‬ ‫كما حدثت يف بالد املغر‬


‫وقد عاصرها حيي ب خلدون فوصفها بقوته "أنهتا نتجتت عت ضعصتار عظتيم‪،‬‬
‫أهلك زرع صائفة تلمسان وحيوانها‪ ،‬فأكل النّاس بعضهم بعضا‪ ،‬وافتقروا ضغ متا‬
‫لد السلطان" ( ابت خلتدون‪ ،‬ي‪ ،‬ج‪ .)22 :2221 ،1‬وباملقابتل اشتتكى أحتد‬
‫السراة امليسوري وهو أبو العباس أمحد الشهري باب قنفتذ القستنطيين مت ارتفتاع‬
‫سعر املواد الغذائيتة يف تلمستان جتراء هتذه اجملاعتة؛ ضة مل يستتطيع رمتل النفقتة‬
‫الباهضة اليت كانت تكلفة يوميا أربع دنانري ةهبا( اب قنفذ‪،‬ق‪.)215 :2265،‬‬
‫انطالقا م الصورة اليت قدمتها خمتلف املصتادر حتول األةترار التيت حلقتت‬
‫بسكان تلمسان بسبب هذه اجملاعة‪ ،‬فإنّنا ال نتصتور أن تكتون بقيتة متدن املغتر‬
‫األوسا أحس حاال منها‪ ،‬ضة تزخر كتتب النتوازل بإشتارات كتثرية حتول تتأثر‬
‫األوسا بهذه اجملاعتة( الونشريستي‪،‬أ‪ ،‬ج‪-61 :2221 ،2‬‬ ‫الكثري م مدن املغر‬
‫‪.)21‬‬
‫وطبيعي أن تنعكس هذه األوةاع سلبا على الصتناعة‪ ،‬وةلتك أنّ مت‬
‫ا ثتار التيت أفرزتهتا هتذه اجملاعتتة علتى املستتو الصتناعي‪ ،‬قلتة الصتتناع‬
‫والعمال‪ ،‬اا تسبب وختريب املصانع‪ ،‬وانتدثار الكتثري مت احلتره‪ ،‬حيت‬
‫"درست السبل واملعامل"حسب تعبري اب خلدون (اب خلتدون‪ ،‬ع‪،2262 ،‬‬
‫‪ .)50‬والواقع أن الكثري م النصوص تتحدث ع النشاط الصناعي التذي‬
‫عرفته الدولة الزيانية قبل حدوث هذه اجملاعة‪ ،‬فقد وصف حيي ب خلتدون‬
‫دار الصناعة اليت بناها السلطان أبو محو موسى الثاني واليت كانت تستقطب‬
‫الصناع على اختتاله أجناستهم ولغتاتهم وديتانتهم‪ ،‬فمت دراق ورمتا‬
‫ودراع‪ ،‬وسراج‪ ،‬وزار‪ ،‬وحداد وصانع ودباج‪ ،‬فتصطك ألصواتهم وكالتهم‬
‫األمساع(اب خلدون‪ ،‬ي‪ ،)262 :2221 ،‬كما أشار القلقشتندي ضغ العديتد‬

‫العدد الرابع‪ :‬جوان ‪3102‬‬ ‫‪001‬‬ ‫خمرب البحوث االجتماعية والتارخيية‬


‫أ‪.‬د‪ .‬خالد بلعربي‬ ‫األوسا‬ ‫كثار اجملاعات واألوبئة على تراجع احلره والصناعات باملغر‬

‫م املواد املصنوعة التيت كانتت بتلمستان ختالل هتذه الفترتة كاألغطيتة امللونتة‪،‬‬
‫وصناعة الزرابي‪ ،‬واجللود واحلقائب واألحذية وغريها مت الصتناعات التقليديتة‬
‫التلمستتانية( القلقشتتندي‪ ،‬م‪ ،)220 :2225 ،‬غتتري أنّ هتتذه الصتتناعات واحلتتره‬
‫تراجعت بعد اعة سنة ‪226‬هتت‪2020/‬م‪ ،‬بتل تستببت هتذه اجملاعتة يف خترا‬
‫حسب تغبري اب قنفذ القسنطيين(ابت قنفتذ‪ .)212 :2265 ،‬وبنتاء علتى‬ ‫املغر‬
‫ةلك نعتقد أنّ شرحية كبرية م الصناع واحلرفي تضررت جراء هذه اجملاعة‪.‬‬
‫وقد تفشى وباء الطاعون يف عهد السلطان أبو ستعيد عثمتان الثتاني (‪– 202‬‬
‫‪ 250‬هت ‪2051 – 2002 /‬م )‪ ،‬فقض على خلتق كتثري مت النّتاس يف املغتر‬
‫فتتك بعتائالت‬ ‫األوسا وكانت عاصمة الدولة الزيانية أشد تضتررا منته؛ حيت‬
‫بأكملها‪ ،‬مثلما حدث ألسرة حفيد العامل التفريسي التلمساني اليت انقرةت كلتها‬
‫م جراء هذا الوباء القاتل( ابت مترزوق‪ ،‬خمطتوط‪ ،‬ورقتة ‪ ،)11-20‬ولعتل متا‬
‫يزكي هذا الطر رواية أبي عبد اهلل اخلطيب ب مترزوق التذي قتال عنته "كتان‬
‫للحاج‪ ،‬يوسف ب حيي حفيذ العامل التفريسي‪ ،‬أوالد انقرةتوا يف هتذا الوبتاء "‪.‬‬
‫ع وباء الطاعون هذا التذي أصتا‬ ‫باحلدي‬ ‫كما ينفرد صاحب نفاةة اجلرا‬
‫"ووجدنا الطاعون يف بيوتهم قد نزل‪ ،‬واحتجز منهم الكتثري ضغ القبتور ‪..‬‬ ‫املغر‬
‫" ( اب اخلطيب‪ ،‬ل‪.)05 :2222 ،‬‬
‫تعوزنا املعلومات الكافية للوقوه علتى متد تتأثري هتذا الوبتاء علتى‬
‫األوستا ختالل العهتد‬ ‫الصناعات واحلره اليت اشتهرت بها بالد املغتر‬
‫الزياني‪ ،‬باستثناء ما أورده اب خلدون الذي قال عنه " نزل بالعمران شرقا‬
‫وغربا‪ ،‬يف منتصف هذه املائة الثامنة‪ ،‬مت الطتاعون اجلتاره ‪ ...‬انتتفض‬
‫البشر‪ ،‬فصربتت األمصتار املصتانع‪ ( " ... ،‬ابت‬ ‫انتفا‬ ‫عمران األر‬
‫خلدون‪ ،‬ع‪ .)50 :2262 ،‬نستشف م النص أنّ هذا الوباء قد قضى علتى‬

‫العدد الرابع‪ :‬جوان ‪3102‬‬ ‫‪002‬‬ ‫خمرب البحوث االجتماعية والتارخيية‬


‫أ‪.‬د‪ .‬خالد بلعربي‬ ‫األوسا‬ ‫كثار اجملاعات واألوبئة على تراجع احلره والصناعات باملغر‬

‫الكثري م اخللق‪ ،‬كما أد ضغ ختريب املصانع اليت كانتت موجتودة بتاملغر‬


‫األوسا الزياني‪ ،‬وبالتالي تراجع احلره والصناعات به‪.‬‬
‫األوسا يف عهد حكتم الستلطان‬ ‫كما أنّ عودة وباء الطاعون ضغ بالد املغر‬
‫أبو محتو موستى الثتاني (‪222-261‬هتت ‪2022 -2052/‬م) قتد أد ضغ متوت‬
‫الكثري م اخللق‪ ،‬وظهر تأثريه على الصناعة م خالل ظاهرة الضتمور الستكاني‬
‫اليت هي بطبيعة احلال القوة املنتجة‪ ،‬وبالتالي اندثار الكثري م الصناعات واحلره‬
‫جراء هذا الوباء القاتل‪ ،‬وتطاول الضرر ضغ طمس املراكتز الصتناعية التيت كانتت‬
‫تضم الكثري م احلرفي والصناع مثل دار الصناعة اليت أنشأها أبتو محتو موستى‬
‫الثاني سنة(‪266‬هت‪2065/‬م)‪ ،‬ويقول يف هذا الصتدد ابت ثغتري" فأغلقتت دار‬
‫‪ .)225 :2266 ،‬ويرجتتع بعتتض‬ ‫الصتتناعة لعتتدم الصتتناع " ( ابتت ثغتتري‪،‬‬
‫املغتر‬ ‫املؤرخ ضغ تراجع الصناعات واحلره بعتد هتذا الوبتاء التذي صتر‬
‫األوسا ضغ الصراعات على السلطة ب فروع األسرة الزيانية احلاكمتة ومتا نتتج‬
‫عنيفة ب أبو محو موسى الثاني وابنه عمه أبا زيتان بت ستعيد يف‬ ‫عنها م حر‬
‫الفرتة املمتدة ب (‪261‬هت‪2062/‬م) ضغ غاية (‪ 222‬هت‪2022/‬م)‪ ،‬هذه احلتر‬
‫أثرت كتثريا علتى املنظومتة اإلنتاجيتة يف لوليتهتا‪ ،‬فقتد تضتررت منهتا حتتى‬
‫الصناعة‪ ،‬يذكر أحد الباحث " أن توقف املصانع يكون بسبب األزمة والفنت التيت‬
‫التيت تعرقتل نشتاط الصتناع " ( بوتشتي ‪ ،‬أ‪،‬‬ ‫تعصف بتالبالد‪ ،‬وكثترة احلترو‬
‫‪.)26 :1111‬‬

‫لقد صارت تلمسان عاصمة الدولة الزيانية بعد هذا الوباء القاتل التذي‬
‫ةربها أثرا بعد ع ‪ ،‬ضة هدمت مصانعها وخربت معاملها‪ ،‬وهجر كثري مت‬
‫احلرفي منها‪ ،‬وانعدمت املنتجات الصتناعية يف األستواق واحلوانيتت‪ .‬اتا‬
‫دفع بالسلطان أبا محو موسى الثاني االستعانة باحلرفي والصناع األندلسي‬

‫العدد الرابع‪ :‬جوان ‪3102‬‬ ‫‪003‬‬ ‫خمرب البحوث االجتماعية والتارخيية‬


‫أ‪.‬د‪ .‬خالد بلعربي‬ ‫األوسا‬ ‫كثار اجملاعات واألوبئة على تراجع احلره والصناعات باملغر‬

‫النشتاط الصتناعي يف دولتته بعتد هتذا الوبتاء‬ ‫خالل هذه الفرتة‪ ،‬حماولة منه بع‬
‫اجلاره الذي قضى على الكثري م املصانع‪ ،‬وأد ضغ متوت الكتثري مت اخللتق‬
‫كان م بينهم احلرفي والصناع(فياللي‪،‬ع‪ :1111 ،‬ج‪ ،)226 ،2‬استطاع هتؤالء‬
‫األندلسي م ضقامة مصانع هامتة بعاصتمة الدولتة الزيانيتة خاصتة أنهتم كتانوا‬
‫ميلكون رؤوس أموال كبرية فعملتوا علتى تطتوير خمتلتف الصتناعات مت طترز‬
‫ونسيج للحرير‪ ،‬وحياكة القط وغزل الصوه‪ ،‬وقتاموا بتطتوير صتناعة الفصتار‬
‫واخلزه وغريها م الصناعات‪ ،‬ويؤكد ةلك املؤرخ اب األعرج بقولته‪ " :‬وكتان‬
‫لعهد نزول األندلسي بها (تلمسان)‪ ،‬مزدانتة باملصتانع املفيتدة‪ ،‬فمتا شتئت مت‬
‫أطرزة‪ ،‬ومنسوجات احلرير والقط والكتان والصوه‪ ،‬ومعامل الفصار واخلتزه‬
‫وأنواع السال ‪ ،‬وسائر األواني املنزلية" ( اب األعرج‪ ،‬خمطوط ‪ ،221‬ورقة ‪-26‬‬
‫‪ ،)22‬ويف موةع كخر يقول"نشروا ب النّاس كدابهم وراجتت مصتانعهم ‪" ....‬‬
‫(اب األعرج‪ ،‬خمطوط ‪ ،221‬ورقة ‪.)211‬‬
‫األوسا يف العهد الزياني وبتاء طتاعون‬ ‫ويف املنحى نفسه‪ ،‬عره املغر‬
‫سنة (‪ 205‬هتت‪2002/‬م) التذي أمجعتت املصتادر علتى أنته أتتى علتى الصتغار‬
‫والضعفاء‪ ،‬بل مل ينجو منه حتى العلماء‪ ،‬فقد تويف بته عتامل تلمستان ومفتيت بتالد‬
‫املغر الشيو أبي العباس أمحد ب عبد الرمح املغراوي الشهري بتاب زاغتو‬
‫( اب األعرج‪ ،‬خمطوط ‪ ،221‬ورقة ‪ ،)22‬وهو دليتل علتى أن هتذا الوبتاء‬
‫العامة واألسياد والشتيوخ بتدون متييتز( ابت زرع‪،)120 :2221،‬‬ ‫أصا‬
‫حدث هذا الوباء القاتل يف عهد حكم السلطان الزياني أبتو العبتاس أمحتد‬
‫العاقل أبتي محتو موستى الثتاني ( ‪ 266 -200‬هتت ‪2061 -2002 /‬م )‬
‫والذي عرفت يف عهده الدولة الزيانية نوعا م االستقرار السياسي والتطور‬
‫الفكري والرخاء االقتصادي‪ ،‬لك وباء الطاعون التذي حتل بدولتته ستنة‬
‫أنّ هتذا‬ ‫(‪205‬ه‪2002/‬م)ت أثر كثريا على اجلانب الصناعي يف الدولة؛ حيت‬

‫العدد الرابع‪ :‬جوان ‪3102‬‬ ‫‪009‬‬ ‫خمرب البحوث االجتماعية والتارخيية‬


‫أ‪.‬د‪ .‬خالد بلعربي‬ ‫األوسا‬ ‫كثار اجملاعات واألوبئة على تراجع احلره والصناعات باملغر‬

‫املعدي أدخل الدولة الزيانية يف عزلة جربية منع سكانها م اارستة‬ ‫املر‬
‫نشتاطاتهم فرتاجعتتت الكتتثري مت الصتناعات واحلتتره‪ ،‬وتعطتتل النشتتاط‬
‫أرجتتاء‬ ‫االقتصتتادي( بشتتاري‪ ،‬ل‪ ،)226 :2222-2226 ،‬وعتتم االةتتطرا‬
‫األوسا‪ ،‬وتصاعدت الضرائب‪ ،‬اا كتان لته انعكتاس ستيئ علتى‬ ‫املغر‬
‫احلرفي والصناع‪ ،‬ورغم احملاوالت اليت قام بها السلطان أبو العباس العاقل‬
‫للتصفيف م أثر هتذا الوبتاء القاتتل عت طريتق املستاعدات التيت قتدمها‬
‫للسكان‪ ،‬ضال أنّ ةلك مل ينع شيئا‪ ،‬ضة بقي النشاط الصناعي يعره ركودا ضغ‬
‫غاية سنة (‪ 266‬هت ‪2061 /‬م)‪ ،‬وهو تاريو اعتالء أبو عبد اهلل حممد الثالت‬
‫املتوكل عرش الدولة الزيانية( السعداوي‪،‬أ‪ ،‬العدد ‪.)222 :2225 ،225‬‬
‫يف ملتف كثتار األوبئتة واجملاعتات علتى‬ ‫وبعد‪ ،‬فتلك حماولة أوغ للنب‬
‫تراجع النشاط احلريف والصناعي‪ ،‬نرجتو أن تعقبهتا حمتاوالت أختر مت‬
‫طره الباحث و املتصصص حتى تكتمل جوانبه‪.‬‬

‫العدد الرابع‪ :‬جوان ‪3102‬‬ ‫‪031‬‬ ‫خمرب البحوث االجتماعية والتارخيية‬


‫أ‪.‬د‪ .‬خالد بلعربي‬ ‫األوسا‬ ‫كثار اجملاعات واألوبئة على تراجع احلره والصناعات باملغر‬

‫قائمة املصادر واملراجع‬


‫عبد العزيز فياللي(‪ ،)1111‬تلمسان يف العهد الزياني ( جزأي )‪ ،‬دار موفم للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬احلساني خمتار(‪ ،)2222 – 2226‬األوةاع االقتصادية واالجتماعية يف الدولة الزيانية‪ ،‬دكتوراه‪ ،‬احللقتة‬
‫الثالثة (مرقونة) معهد التاريو‪ ،‬جامعة اجلزائر‬
‫اللبنتاني للطباعتة والنشتر‪ ،‬بتريوت‬ ‫‪.-‬اب خلدون عبد الرمح (‪ ،)2262‬املقدمة منشتورات دار الكتتا‬
‫لبنان‪.‬‬
‫وتتاريو مدينتة فتاس‪،‬‬ ‫القرطاس يف أخبار ملوك املغتر‬ ‫برو‬ ‫‪ -‬اب أبي زرع(‪ ،)2221‬األنيس املطر‬
‫دار املنصور للطباعة والوراقة‪ ،‬الرباط ‪.‬‬
‫‪-‬حيي ب خلدون(‪ ، )2221 ،2210‬بغية الترواد يف ةكتر امللتوك مت بتين عبتد التواد ‪ ،‬نشتر و ترمجتة ضغ‬
‫الفرنسية ألفرد بل‪ ،‬مطبعة غرناطة اجلزائر‪ ،‬ج‪.1‬‬
‫‪-‬اب قنفد القسنطيين(‪ ،)2265‬أنس الفقري و أعز احلقتري‪ ،‬نشتره وصتححه حممتد الفاستي وأدولتف فتور‬
‫العلمي‪ ،‬كلية ا دا ‪ ،‬الرباط‪.‬‬ ‫منشورات املركز اجلامعي للبح‬
‫‪ -‬املعيار للونشريسي(‪ ،)2222‬نشر وزارة األوقاه والشتؤون اإلستالمية‪ ،‬اململكتة املغربيتة‪ ،‬الربتاط ودار‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪،‬ج ‪.2‬‬ ‫الغر‬
‫‪-‬القلقشندي(‪ ،)2225‬صبح األعشى يف صناعة اإلنشاء املطبعة األمريية القاهرة‪،‬ج ‪. 5‬‬
‫‪-‬اب مرزوق اجملموع‪ ،‬ميكروفليم‪ ،‬اخلزانة العامة‪ ،‬اململكة املغربية رقم ‪ 11‬ورقة ‪.20‬‬
‫يف عاللة اإلغرتا ‪ ،‬رقيتق ورقيتق فاغيتة الستعدية‪،‬‬ ‫‪.-‬اب اخلطيب لسان الدي (‪ ،)2222‬نفاةة اجلرا‬
‫مطبعة النجا ‪ ،‬اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪-‬اب ثغري بردي(‪ ،)2266‬النجوم الزاهرة يف ملوك مصر و القاهرة‪ ،‬دار الكتب املصرية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫اإلستالمي و تارخيته االقتصتادي و االجتمتاعي‪ ،‬دار‬ ‫‪ -‬ابراهيم القادري بوتشي (‪ ،)1111‬تراث الغر‬
‫الطليعة بريوت‪ ،‬الطبعة األوغ‪.‬‬
‫‪-‬اب األعرج‪ ،‬زبدة التاريو وزهرة الشماريو‪ ،‬اخلزانة احلسنية الرباط‪ ،‬خمطوط رقم ‪ 221‬ورقة ‪.22-26‬‬
‫‪-‬بشاري لطيفة(‪ ،)2222 – 2226‬التجارة اخلارجية لتلمسان يف عهد اإلمارة الزيانيتة مت القترن الستابع‬
‫اهلجري ضغ القرن الثام اهلجري‪ ،‬رسالة ماجستري ( مرقونة ) معهد التاريو‪ ،‬جامعة اجلزائر ‪.‬‬
‫اإلسالمي يف مواجهتة الطتاعون‪ ،‬الطتاعون األعظتم والطتواع التيت‬ ‫‪-‬السعداوي أمحد(‪ ،)2225‬املغر‬
‫تلته‪ ،‬القرن ( ‪2-2‬هت ‪25-20 /‬م)‪ ،‬لة ايبال‪ ،‬العدد ‪.225‬‬
‫=‪.Brosslard (Ch) .les inscriptions arabes de Tlemcen, revue africaine n°‬‬
‫‪14 .3éme année 1859 . Alger p 83.‬‬

‫العدد الرابع‪ :‬جوان ‪3102‬‬ ‫‪030‬‬ ‫خمرب البحوث االجتماعية والتارخيية‬

You might also like