You are on page 1of 11

‫اغتيـال الملك بطليموس و نهايـة مملكة موريطانيـا‬

‫د‪ .‬عبد القادر بوعــزم‬


‫كلية العلوم االنسانية والحضارة االسالمية‬
‫جامعة وه ـران‬

‫قررت روما بعد انتصارىا يف احلرب البونية الثالثة ( ‪ 149‬ق‪.‬م‪ 146 -‬ق‪.‬م) اليت انتهت بتخريب مدينة قرطاجة‪،‬‬
‫تأسيس أول مقاطعة رومانية يف ببلد ادلغرب " مقاطعة إفريقيا الرومانية"‪ ،‬و بذلك أصبحت صبيع شلتلكات الدولة البونية اليت كانت‬
‫ال تزال ربت سيادة قرطاجة و ادلدن التابعة ذلا قبل احلرب‪ ،‬ملكا للدولة الرومانية أي رللس الشيوخ و الشعب الروماين و صارت‬
‫رلاال مفتوحا لبلستعمار‪ ،‬و قد مت تأجَت أغلب األراضي الزراعية اخلصبة إىل مواطنُت رومان من الطبقة األرستقراطية و خاصة‬
‫أعضاء رللس الشيوخ‪.‬‬
‫و عندما انتخب كايوس جاراكوس نقيبا شعبيا سنة ‪ 124‬ق‪.‬م‪ ،‬أصدر قرارا بتأسيس مستعمرة رومانية يف نفس ادلكان‬
‫الذي كانت فيو قرطاجة البونية‪ ،‬و الذي زرع بادللح بعد زبريبها و أعلن منطقة ملعونة حرم البناء فيها‪ ،‬فوزع األراضي الزراعية على‬
‫ستة آالف ( ‪ )6.000‬مواطن روماين‪ ،‬كانت حصة كل واحد منهم حوايل مائيت يوجَتا ( ‪ 50‬ىكتارا)‪ ،‬لكن خطة إعادة بناء‬
‫ادلدينة مل تنجح و سبت تصفية إصبلحات كايوس جاراكوس الزراعية بعد معارضة رللس الشيوخ و قتل سنة ‪ 122‬ق‪.‬م‪ ،‬و بعد‬
‫ذلك صدر قانون مسح للذين حصلوا على عقود ببيع أراضيهم‪ ،‬فوجد الكثَت من األغنياء الرومان فرصة الستثمار أمواذلم يف شراء‬
‫األراضي الزراعية اإلفريقية اخلصبة‪.‬‬
‫كما يظهر أن روما أمهلت زراعة القمح يف أغلب أقاليم شبو اجلزيرة اإليطالية خبلل احلروب األىلية‪ ،‬و أصبحت تعتمد‬
‫على استَتاده من ادلقاطعات خاصة من مقاطعيت مصر و إفريقيا‪ ،‬و نظرا ألمهية ىذه األخَتة و شهرهتا باإلنتاج الزراعي و خاصة‬
‫القمح فقد أصبح التهافت على أراضيها كبَتا و أصبح االستعمار الروماين يسَت خبطى سريعة‪ ،‬فبعد هناية حرب يوغرطة سنة‬
‫‪ 105‬ق‪.‬م‪ ،‬و بعد انتصار ماريوس قام سنة ‪ 100‬ق‪ .‬م بتوسيع أراضي زراعية واسعة يف مقاطعة إفريقيا على جنوده ادلسرحُت‬
‫الذين كان قد وعدىم هبا لتشجيعهم على الدخول يف جيشو(‪.)1‬‬
‫و ديكن اعتبار عهد يوليوس قيصر فاربة عهد جديد يف تاريخ مشال إفريقيا‪ ،‬فبعد االنتصار الذي حققو على أعدائو‬
‫أنصار بوميب يف معركة تافيسوس (رأس ددياس) النهائية و اليت انتحر على إثرىا حليفهم يوبا األول ملك نوميديا سنة ‪ 46‬ق‪.‬م‪،‬‬
‫ازبذ قرارين ىامُت األول‪ ،‬إلغاء شللكة نوميديا اليت كان حيكمها ادللك يوبا األول و تأسيس مقاطعة رومانية جديدة‪ ،‬مقاطعة إفريقيا‬
‫الرومانية اجلديدة إىل جانب ادلقاطعة القددية اليت أصبحت ربمل اسم " مقاطعة إفريقيا الرومانية القددية"‪ ،‬و القرار الثاين ىو تسليم‬
‫اجلزء الشمايل الغريب من شللكة نوميديا إىل مرتزقة القائد سيتيوس الذي ساعده خبلل احلرب فأقاموا فيو إمارة ضبلت إمسهم‪( ،‬إمارة‬
‫السيتيُت)‪ ،‬مشلت مدنا مشهورة ىي قسنطينة ( ‪ ،)Cirta‬ميلة ( ‪ ،)Milev‬القل ( ‪ ،)Chullu‬سكيكدة( ‪ ،)Rusicade‬و‬
‫استولوا على األراضي الزراعية ذلذه ادلدن(‪.)2‬‬
‫و مع بداية العهد اإلمرباطوري ازداد التهافت على األراضي اإلفريقية خاصة يف عهدي اإلمرباطور أغسطس و اإلمرباطور‬
‫تيبَتيوس و ذلك لزيادة احلاجة إلنتاج احلبوب و ضمان سبويل مدينة روما و اجليوش ادلرابطة على حدود اإلمرباطورية ألنو أصبح من‬
‫يستطيع إطعام سكان ىذه ادلدينة حيكمهم‪ ،‬و من يفشل يف ذلك ال يبقى يف احلكم يوما واحدا‪ ،‬حيث مل يصبح ادلواطنون‬
‫الرومان ادلقيمون يف مدين روما‪ -‬و كان عددىم كبَتا‪ -‬مهتمُت باحلقوق السياسية‪ ،‬لقد قبلوا ما طرأ من ربول تدرجيي يف مصَت‬

‫‪39‬‬
‫رللس العامة يف عهد أغسطس حىت أصبح رلرد صورة ال روح فيها و مل يعًتضوا عندما قرر خليفتو تيبَتيوس تعطيل ىذا اجمللس‬
‫الذي أصبح إجراء شكلي‪ ،‬و لكنهم كانوا مصرين دائما على حقهم الذي حصلوا عليو قبل ذلك خبلل احلروب األىلية و ىو أن‬
‫تتكفل احلكومة بإطعامهم و الًتفيو عنهم‪ ،‬و مل جيرأ أي أحد من األباطرة دبن فيهم أغسطس مس ىذا احلق ادلقدس لعامة الشعب‬
‫الروماين و كل ما فعلوه ىو زلاولة تقليص عدد ادلنتفعُت و ادلستحقُت وبذلوا كل جهودىم يف إجياد خَت الطرق و الوسائل و أدقها‬
‫حلسن توزيع الغبلل عليهم(‪.)3‬‬
‫و عندما انتصر أغسطس على صبيع معارضيو أصبحت قوتو ترتكز على دعامتُت السلطة الربوقنصلية و السلطة الًتبيونية‬
‫األوىل منحتو قيادة اجليوش‪ ،‬و أصبح يتمتع بالسلطان العسكري األعلى‪ ،‬و الثانية منحتو حق سبثيل الشعب الروماين مع التمتع‬
‫حبق االعًتاض " الفيتو " على قرارات رللس الشيوخ و احلكام مثل القناصلة‪ ،‬و ىكذا أصبح يتعامل مع ىذه اذليئات من مركز‬
‫القوة‪ ،‬و عندما استتب لو األمر خاصة بعدما صار سيدا على إفريقيا قام سنة ‪ 29‬ق‪.‬م بتأسيس مستعمرة جديدة يف قرطاجة‬
‫ليس خارج ادلنطقة ادللعونة بل يف قلب ادلكان الذي كانت العاصمة البونية مشيدة فيو من قبل‪ ،‬ذلك ألنو أصبح يشعر بأن لو من‬
‫القوة ما يستطيع بو ربدي العواطف الدينية اليت مل يستطع كايوس جاراكوس ذباوزىا من قبل‪ ،‬و مل تقتصر جهوده على قرطاجة‬
‫يطانية‪.)4‬‬
‫(‬
‫فقط ألن ذلك كان بداية لسياسة استعمارية جديدة سلكها سواء يف ادلقاطعة الرومانية أو ادلملكة ادلور‬
‫بالفعل لقد قام بتوحيد أراضي ادلقاطعتُت الرومانيتُت القددية و اجلديدة باإلضافة إىل أراضي إمارة السيتيُت و أصبحت‬
‫صبيعها مقاطعة واحدة يف التقسيم اإلداري الذي أعده سنة ‪ 27‬ق‪.‬م و ىي "مقاطعة إفريقيا الرومانية الربوقنصلية السيناتورية"‬
‫عاصمتها قرطاجة(‪.)5‬‬
‫أما يف شللكة موريطانيا فبعد موت ادللك بوغود حليف أنطوان سنة ‪ 38‬ق‪.‬م‪ ،‬أصبح بوكوس الثاين حليف أكتافيوس‬
‫ملكا على كامل أراضي شللكة موريطانيا ادلمتدة من احمليط األطلسي غربا إىل حدود ادلقاطعة الرومانية شرقا ( الواد الكبَت)‪ ،‬و بعد‬
‫موتو سنة ‪ 33‬ق‪.‬م قام الرومان بضم أراضي شللكتو و بقيت طيلة شباين سنوات ( ‪ 33‬ق‪.‬م‪25 -‬ق‪.‬م) ربت اإلدارة العسكرية‬
‫التابعة ألكتافيوس الذي قرر سنة ‪ 25‬ق‪.‬م الًتاجع عن ىذه السياسة فنصب األمَت النوميدي يوبا الثاين(‪ ،)6‬ملكا عليها كما جاء‬
‫يف كتابات ديون كاسيوس الذي يقول ‪ " :‬سلم أغسطس إىل يوبا (يوبا الثاين) شلتلكات بوكوس و شلتلكات بوغود و قسما من‬
‫أراضي اجليتول تعويضا لو عن شلتلكات آبائو اليت أصبح جزء كبَت منها ربت سلطة االمرباطورية ("‪.)7‬‬
‫و قد اغتنم الفرصة قبل تعيُت ىذا األمَت تأسيس يف موريطانيا اليت كانت تابعة لبوكوس الثاين تسع مستعمرات‪ ،‬ستة‬
‫‪ ،)Igilgili‬جباية ( ‪ ،)Saldae‬أزفون ( ‪ ،)Rusazus‬دلس‬ ‫ساحلية بالغرب من موانئ قددية و ىي جيجل (‬
‫(‪ ،)Rusucuru‬قوراية ( ‪ ،)Cunugu‬و تنس ( ‪ ،)Cartenae‬و ثبلثة يف الداخل ىي تيكبلت ( ‪90 ،)Tubusuctu‬‬
‫كلم جنوب غرب مدينة عنابة‪ ،‬ضبام ريغة ( ‪ ،)Aquae Calidae‬و مليانة ( ‪ ،)Zuccabar‬كما أسس غرب شللكة بوغود‬
‫‪Babba‬‬ ‫السابقة ثبلث مستعمرات ىي أرزيلة ( ‪ )ZILIS‬على سواحل احمليط األطلسي بُت طنجة‪ ،‬العرائش و بابا (‬
‫‪ ،)Campastris‬قرب مدينة وزان و باناسا (‪ )Valentia‬قرب مدينة القصر الكبَت(‪.)8‬‬
‫ىذه ادلستعمرات مل تكن لقدماء احملاربُت ادلسرحُت يف جيش أغسطس فقط‪ ،‬بل كانت لكثَت من سكان شبو اجلزيرة‬
‫االيطالية الذين فقدوا أراضيهم خبلل احلروب األىلية باإلضافة بدون شك إىل عدد كبَت من األغنياء الذين أرادوا استثمار أمواذلم‬
‫يف األراضي الزراعية اإلفريقية ذات اخلصوبة و اللذين كانت الدولة دائما سريعة االستجابة و تقوم بتشجيعهم و مساعدهتم‪ ،‬ألن‬
‫استثمار األموال يف األراضي الزراعية‪ ،‬يعٍت كثرة اإلنتاج و ضمان كميات كبَتة من احلبوب خاصة القمح لتمويل سكان مدينة‬
‫روما و اجليوش احملاربة على حدود اإلمرباطورية‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫ىذه االعتبارات ىي اليت دفعت اإلمرباطور أغسطس مث من بعده اإلمرباطور تيبَتيوس إىل بذل جهود حربية كبَتة لتوسيع‬
‫حدود شلتلكات الدولة الرومانية و إسكان الكثَتين من الذين شاركوا يف اذلجرة الزراعية الكربى من إيطاليا بعد هناية احلروب‬
‫األىلية‪ ،‬و قد مت تأسيس ىذه ادلستعمرات يف مواقع طبيعية إسًتاتيجية ىامة أحسن اختيارىا لتكون مراكز إشعاع لبلستعمار‬
‫الروماين و ىذا ما كان ينبئ على ما يظهر بإحلاق الببلد باحلكم الروماين ادلباشر(‪.)9‬‬
‫لقد أصبحت ببلد ادلغرب منذ سنة ‪ 25‬ق‪ .‬م مقسمة إىل وحدتُت سياسيتُت رئيسيتُت‪ ،‬مقاطعة إلفريقيا الربوقنصلية‬
‫عاصمتها قرطاجة حيكمها حاكم روماين يعينو رللس الشيوخ بروقنصل بيده السلطة ادلدنية و السلطة العسكرية يساعده موظفون‬
‫كبار من بينو القائد العسكري ليغاتوس ( ‪ )Lugatus‬قائد كتيبة أغسطس الثالثة اليت أسسها أغسطس و مهمتها الدفاع على‬
‫ادلمتلكات الرومانية داخل ادلقاطعة تساعدىا فرق من اجلند ادلساعد‪ ،‬و غرب حدود ىذه ادلقاطعة شللكة موريطانيا عاصمتها‪،‬‬
‫قيصرية ( شرشال احلالية) ‪ ،‬حيكمها ملك تابع و خاضع لسلطة اإلمرباطور يوفر عناء احلكم ادلباشر إلقليم عمت فيو الثورات منذ‬
‫ذبربة أكتافيوس و زلاولتو حكم ىذا اإلقليم عن طريق حكام عسكريُت (ما بُت ‪ 33‬ق‪.‬م و ‪ 25‬ق‪.‬م) و حىت بعد تعيُت يوبا‬
‫الثاين ملكا على ىذه ادلملكة مل تنقطع الثورات اليت كان أمهها دون شك ثورة اجليتول ( ‪ 03‬م ‪ 06 -‬م) و اليت يلخص أسباهبا‬
‫ديون كاسيوس فيم يلي ‪ " :‬بعد غضب اجليتول على سياسة ادللك يوبا و رفضهم اخلضوع لسلطة الرومان مثلو‪ ،‬ثاروا ضده و‬
‫عاثوا يف ادلناطق اجملاورة إلقليمهم فسادا‪ ،‬و قتلوا كثَتا من القادة العسكريُت الرومان اللذين قادوا ادلعارك ضدىم‪ ،‬و باختصار‬
‫زادت قوهتم و عظم شأهنم إىل غاية رليء كورنيليوس كوسوس الذي ىزمهم و أخضعهم فحصل على شرف النصر و لقب‬
‫باجليتويل‪ ، )10(".‬و قد شاركت قوات ادللك يوبا الثاين يف القضاء على ىذه الثورة و ردبا كانت القوة الرئيسية يف ربقيق النصر‪،‬‬
‫يظهر ذلك من خبلل النقود اليت صكها ىذا ادللك و عليها صورة إذلة النصر خبلل السنوات ‪ 06‬م‪07 ،‬م و ‪ 08‬م(‪.)11‬‬
‫أسباب بداية حرب اجليتول واضحة و ىي غضبهم على سياسة ادللك يوبا الثاين اليت مل تكن زبتلف عن سياسة‬
‫الرومان‪ ،‬و عدم قبوذلم ذلذه السياسة و نتائجها ىو الذي دفعهم إىل القيام هبذه الثورة و قد التحق هبم جَتاهنم ادلزادلة و ألول مرة‬
‫يذكر مقتل قادة رومان يف ىذه احلروب و كثرة عددىم يدل على وجود عدد كبَت من الفرق العسكرية اليت شاركت يف قمع ىذه‬
‫الثورات‪ ،‬لكن من ىم ىؤالء القادة الذين قتلوا حسب ديون كاسيوس؟ تبقى ظروف قتلهم غامضة و غَت واضحة نظرا لعدم وجود‬
‫أجوبة عنها يف ادلصادر القددية(‪.)12‬‬
‫و مع انتشار النشاط االستعماري الذي ميز عهد أغسطس و من بعده عهد تيبَتيوس بدأ األفارقة يشعرون هبذه‬
‫التغَتات اجلديدة‪ ،‬فالوجود الروماين مل يبق رلرد ظاىرة بعيدة خارجية ال هتم إال فئة قليلة من األفارقة بل أصبح بالعكس حقيقة ال‬
‫ديكن ذباىلها‪ ،‬كثرة ادلستعمرات اليت أسسها أغسطس و اختيار مواقعها و زيادة عدد ادلعمرين و نشاطهم سواء كانوا ذبارا أو‬
‫فبلحُت كل ىذا أصبح يوحي أن خطة الرومان تستهدف االستيبلء على كامل الببلد‪ ،‬و عاجبل أو آجبل سيضطر السكان الذين‬
‫أصبحوا يشعرون باخلطر إىل ربديد مواقفهم ذباه الرومان‪ ،‬إما اخلضوع و إما زلاولة االندماج و إما ادلقاومة‪ ،‬و ما ديكن مبلحظتو‬
‫ىو أن هناية عهد أغسطس فتحت مرحلة جديدة يف إفريقيا من جهة الرومان أصبحوا يوسعون نطاق استعمارىم يف كل مرة و من‬
‫جهة أخرى ىذا التحدي أدى إىل تضامن شعوب ادلنطقة للوقوف يف وجو ىذا الزحف االستعماري‪ ،‬لقد ازبذ أغسطس قرارين‬
‫ىامُت األول ىو إقامة معسكر كتيبة أغسطس الثالثة يف حيدرة ( ‪ )Ammaedara‬اليت تقع يف اجلنوب الشرقي إلقليم شعب‬
‫ادلزادلة و لو أن تاريخ إقامة ىذا ادلعسكر غَت معروف بالضبط لكنو يكون بالتأكيد بعد هناية حرب اجليتول سنة ‪ 06‬م‪ ،‬و القرار‬
‫الثاين ىو شق طريق يربط بُت ىذا ادلعسكر و مدينة قابس ( ‪ )Tacapé‬مرورا دبدينة قفصة ( ‪ ،)Capsa‬كان ذلك سنة ‪ 14‬م‬
‫و ىذا ما أدى إىل وضع يد السلطة الرومانية الفعلية على جزء كبَت من إقليم ادلزادلة اللذين كانوا قد رأوا جزء كبَتا من أراضيهم قد‬
‫أخذ منهم يف السابق و وجدوا أنفسهم اآلن زلرومُت من جزء آخر‪ ،‬و أجربوا على ضبل السبلح للدفاع عن أراضيهم‪ ،‬بدأت‬

‫‪41‬‬
‫احلرب سنة ‪ 17‬م‪ ،‬و سيطرت عليها شخصية تاكفاريناس الذي عُت قائدا لشعب ادلزادلة‪ ،‬و يظهر منذ البداية أن اإلعبلن عن‬
‫احلرب مل يكن صدفة بل سبقتو ربضَتات سياسية و تنظيمات عسكرية زلكمة‪ ،‬فادلزادلة (‪ )13‬مل يدخلوا احلرب دبفردىم‪ ،‬بل ربالفوا‬
‫مع جَتاهنم يف الغرب ادلوريُت بقيادة مازيبا ( ‪ ،)Mazippa‬و جَتاهنم يف الشرق الكينيثيُت ( ‪ ،)Cinithii‬فتكونت جبهة سبتد‬
‫من حدود جنوب شللكة يوبا الثاين إىل منطقة سرت الصغرى‪ ،‬و ألول مرة حاول األفارقة استعمال خطط عسكرية تتماشى و‬
‫ظروف ادلعارك و أسلحة و تنظيم وحدات عسكرية متنوعة‪ ،‬و ىذا ما أعطى إىل ىذه احلرب اليت دامت سبع سنوات ( ‪17‬م‪-‬‬
‫‪24‬م) أمهية خاصة يف تاريخ ادلقاومة ضد االستعمار الروماين و ىذا ما دفع بدون شك ادلؤرخ الروماين تاسيت إىل إعطاء عروض‬
‫بانتظام عن سَت ادلعارك يف حولياتو ( ‪ ،)14()Annales‬ىذه احملاولة للوقوف يف وجو التوسع الروماين فشلت و ذلك دبقتل‬
‫تنقطع‪.)15‬‬
‫(‬
‫تاكفاريناس لكن ىذا مل حيل ادلشكل ألن استعمار إقليم ادلزادلة مل يتم إال بعد قرن كامل مليء بالثورات اليت مل‬
‫من ادلعروف أن اإلمرباطور أغسطس بعدما استبد لو األمر‪ ،‬عرض على رللس الشيوخ – بعد تطهَته من صبيع ادلعارضُت‬
‫طبعا‪ -‬يف ‪ 13‬يناير عام ‪ 27‬ق‪ .‬م التنازل عن صبيع السلطات و الصبلحيات للمجلس و الشعب الروماين لكن قراره ىذا رفض‬
‫ألنو حرك اخلوف يف النفوس بدال من الفرح‪ ،‬و سبت التسوية فقسمت واليات اإلمرباطورية إىل واليات سيناتورية حيكمها رللس‬
‫الشيوخ بتعيُت حكام عليها إما برتبة بروقنصل أو برتبة بروبريتور و واليات إمرباطورية حيكمها اإلمرباطور عن طريق وكبلئو‪ ،‬و يظهر‬
‫أن أغسطس وضع ربت سلطة اإلمرباطور الواليات اليت كانت ترابط هبا الكتائب العسكرية و اليت كانت سبثل جبهات احلرب‬
‫الرئيسية لئلمرباطورية‪ ،‬و هبذا ركز يف يد اإلمرباطور السلطة العسكرية و قد عوملت مقاطعة إفريقيا معاملة خاصة يف ىذا التقسيم‪،‬‬
‫حيث أصبحت مقاطعة سيناتورية قنصلية و خبلفا للمقاطعات السيناتورية األخرى كانت ترابط هبا كتيبة عسكرية ىي كتيبة‬
‫أغسطس الثالثة‪ ،‬باإلضافة إىل فرق من اجلند اإلضايف‪ ،‬و كل ىذه القوات أصبحت ربت سلطة الربوقنصل حاكم ادلقاطعة الذي‬
‫كان تابعا لسلطة رللس الشيوخ‪ ،‬و ىذا سلالف لبلعتقاد السائد بأن أغسطس قرر إسناد حكم ادلقاطعات اآلمنة اليت ترابط هبا‬
‫كتائب عسكرية إىل رللس الشيوخ‪ ،‬و لكن ىذه الوضعية اخلاصة بإفريقيا كان ذلا مربرىا‪ ،‬يف نفس السنة اليت مت فيها التقسيم ‪ -‬و‬
‫ردبا قبلو و لكن بقليل‪ -‬قرر أغسطس توحيد أراضي ادلقاطعتُت (إفريقيا القددية و إفريقيا اجلديدة)‪ ،‬و أراضي إمارة السيتيُت‪ ،‬و هبذا‬
‫حقق ىدفُت أوذلما إرضاء رللس الشيوخ الذي كان ال ديكنو التخلي عن مقاطعة إفريقيا القددية‪ ،‬حيث كان لكثَت من أعضائو‬
‫شلتلكات واسعة قددية و ثانيهما ترك لنفسو صبلحية التدخل يف حالة الضرورة العسكرية الختيار الربوقنصل‪ ،‬و ىذا ما حدث‬
‫بالفعل يف عهد اإلمرباطور تيربيوس خبلل حرب تاكفاريناس(‪.)16‬‬
‫بقي نظام مقاطعة إفريقيا على ىذه احلالة طيلة عهدي اإلمرباطور أغسطس (‪ 27‬ق‪.‬م‪ 14 -‬م) و اإلمرباطور تيربيوس‬
‫(‪14‬م‪37-‬م)‪ ،‬و عندما توىل كاليقوال عرش اإلمرباطورية سنة ‪ 37‬م قرر ضم أراضي شللكة موريطانيا إىل شلتلكات الدولة الرومانية‬
‫و الشعب الروماين‪ ،‬ألن تسوية اإلمرباطور أغسطس مل توضع لتستمر طويبل‪ ،‬شللكة تابعة رغم خضوع ملوكها مل تكن إال حبل‬
‫مؤقتا ديكن وضع حد لو حُت تصبح األمور أقل خطرا و عندما تصبح احلاجة االقتصادية ضرورية إىل ذلك‪ ،‬و قد أصبح يف نظر‬
‫الرومان أن مداخل شللكة موريطانيا يف حالة االستيبلء عليها ديكن أن تساىم يف حل الكثَت من ادلشاكل االقتصادية و أعباء عن‬
‫حدود اإلمرباطورية ذلذا رأى ىذا اإلمرباطور أن الوقت أصبح مناسبا إللغاء العرش ادلوريطاين الصوري و تعويضو بإدارة رومانية‬
‫تسهر على خدمة مصاحل الدولة الرومانية و الشعب الروماين خاصة و أن ادللك بطليموس الذي كان حيكم شللكة موريطانيا مل‬
‫يكن لو وريث و بعد التخلص منو يصبح من حق اإلمرباطور إرث صبيع ثرواتو فأراد كاليقوال الذي كان يبحث عن الثروة بأي‬
‫وسيلة أن يكون ىذا اإلمرباطور‪ ،‬و ربضَتا ذلذا القرار ازبذ قرارا آخر قبلو و ىو نزع السلطة العسكرية من يد حاكم مقاطعة إفريقيا‬
‫الربوقنصلية الذي كان يعُت من طرف رللس الشيوخ‪ ،‬و أسندىا إىل قائد عسكري خبَت بالشؤون احلربية ( ‪ )Legatus‬يعينو‬
‫اإلمرباطور و يكون مسؤوال أمامو فقط‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫و ىناك مصدران ىامان عن ىذا القرار األول‪ ،‬ىو ما جاء يف كتابات ادلؤرخ تاسيت (‪ " : )17‬الكتيبة ادلقيمة يف إفريقيا و‬
‫فرق اجلند اإلضايف ادلكلفة حبراسة حدود اإلمرباطورية كانت يف عهد اإلمرباطور أغسطس و اإلمرباطو تيبَتيوس‪ ،‬ربت سلطة‬
‫الربوقنصل‪ ،‬و عندما جاء كايوس قيصر (كاليقوال) انتزع قيادة الكتيبة من يد الربوقنصل فسلمها إىل حاكم عسكري‬
‫(‪ )LEGATUS‬عينو ذلذا الغرض‪ ،‬ذلك ألنو كان قلقا و متخوفا من ماركوس سيبلنوس الذي عُت حلكم إفريقيا و وزعت‬
‫الصبلحيات بُت احلاكمُت بالتساوي‪ ،‬و لكن مهام كل واحد مل ربدد بالتدقيق و ىذا ما أدى إىل حدوث خبلفات دائمة‪ ،‬كان‬
‫يغذيها التنافس الشديد‪ ،‬لكن سلطة احلاكم العسكري كانت دائما أعلى و ىذا راجع إىل طول مدة حكم ىؤالء كما أن قوة‬
‫التنافس تكون دائما كبَتة عند ادلأمورين أما الربوقنصليون البلمعون‪ ،‬فأغلبهم كان يهتم براحتو أكثر من اىتمامو بالسلطة‪".‬‬
‫أما الثاين فهو نص للمؤرخ ديون كاسيوس (‪ " :)18‬يف الوقت الذي أسند فيو حكم مقاطعة إفريقيا إىل لكيوس بيزون ابن‬
‫ببلنكينا و كايوس بيزون‪ ،‬خاف (كاليقوال) من أن يدفع الغرور بيزون إىل القيام حبركة انفصالية خاصة و أنو أصبح يقود قوة‬
‫عسكرية كبَتة تتكون من مواطنُت رومان و أجانب فقام بتقسيم الوالية إىل قسمُت و أسند السلطة العسكرية و حكم النوميديُت‬
‫ادلقيمُت دبنطقة ادلراكز العسكرية إىل حاكم آخر‪".‬‬
‫إن أىم شيء ديكن استنتاجو من ىاذين النصُت‪ ،‬ىو اتفاق كل من تاسيت و ديون كاسيوس على السبب الذي دفع‬
‫بكاليقوال إىل نزع السلطة العسكرية من يد الربوقنصل – سيبلنوس حسب تاسيت‪ ،‬إيزون حسب ديون كاسيوس‪ -‬و ذلك خوفا‬
‫من اكتسابو لواء اجليش لشخصو حبكم سلطتو اليت كانت زبول لو القيادة العسكرية‪ ،‬فيثور ضد اإلمرباطور و يستقل بوالية غنية‬
‫اقتصاديا فيحرم روما من مصدر ىام للقمح‪ ،‬ىذا ما يؤدي إىل عواقب خطَتة‪.‬‬
‫صحيح أن حاكم إفريقيا كان من فئة الربوقنصليُت أي من القناصل السابقُت و ىي الفئة األرقى و األكثر أمهية من‬
‫الناحية السياسية و األكثر خطورة من الناحية العسكرية‪ ،‬خاصة و أن اجليوش اليت كانت ترابط بإفريقيا كانت مدربة على القتال‬
‫نظرا للحروب اليت كانت زبوضها باستمرار ضد السكان األصليُت‪ ،‬و ذلذا كان من احليطة لئلمرباطور أن يأخذ زمام األمور بيده‬
‫حىت يتجنب كل ما ديكن أن حيدث‪ ،‬و لكننا نعرف أنو منذ بداية العهد اإلمرباطوري كان لؤلباطرة يف الواليات التابعة جمللس‬
‫الشيوخ مندوبون عنهم‪ ،‬أو وكبلء شخصيون يشرفون على إدارة أمبلكهم اخلاصة و كان ىؤالء ادلندوبون دبثابة العيون و اآلذان‬
‫لئلمرباطور يف ىذه الواليات‪ ،‬حيث كانوا يطلعون على كل ما كان جيري ىناك‪ ،‬و كلما ازداد عدد ىؤالء ادلندوبُت نتيجة لزيادة‬
‫األمبلك اإلمرباطورية و جباية الضرائب غَت ادلباشرة اليت أصبحت من بُت مهامهم‪ ،‬كلما أصبح إشراف األباطرة على احلكام من‬
‫طبقة أعضاء رللس الشيوخ فعاال‪ ،‬ىذا من جهة‪ ،‬و من جهة أخرى كلما زاد نصيب األباطرة لتعيُت أعضاء رللس الشيوخ اجلدد‬
‫و االستغناء عن القدامى منهم – و ذلك عن طريق تقدمي التزكية للمرشحُت و مراجعة ثبت األعضاء بُت احلُت و اآلخر‪ -‬كلما‬
‫كان رأي األباطرة حامسا يف موضوع اختيار أعضاء رللس الشيوخ لتويل حكم الواليات‪ ،‬و احلقيقة أن حكام الواليات كانوا صبيعا‬
‫منذ بداية القرن األول ميبلدي معينُت فعبل من طرف اإلمرباطور‪ ،‬إما بطريقة مباشرة على الواليات اإلمرباطورية و إما بطريقة غَت‬
‫مباشرة على الواليات السناتورية‪ ،‬و على ىذا فما فائدة اخلبلفات بينهما؟ السيما إذا كانت اخلبلفات تؤدي حتما إىل خبلفات‬
‫بُت اإلمرباطور و رللس الشيوخ(‪.)19‬‬
‫إن األسباب اليت أدت بكاليقوال إىل إعادة النظر يف نظام ادلقاطعة الرومانية‪ ،‬ىي أسباب إسًتاتيجية‪ ،‬لقد قرر ىذا‬
‫اإلمرباطور تعيُت قائد عسكري خبَت بالشؤون احلربية على رأس القوات الرومانية ادلوجودة بادلنطقة و ىذا استعدادا و ربضَتا لبسط‬
‫نفوذ االستعمار الروماين ادلباشر على كامل ببلد ادلغرب‪ ،‬حيث قام باغتيال ادللك بطليموس سنة ‪ 40‬م‪ ،‬و أحلق شللكتو دبمتلكات‬
‫اإلمرباطورية و هبذا وضع حدا لنظام احلماية الرومانية على شللكة موريطانيا‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫وىكذا أصبحت قيادة اجليوش الرومانية كلها بيد اإلمرباطور دون استثناء‪ ،‬و يف سنة ‪ 40‬م قرر قتل ادللك بطليموس إبن‬
‫يوبا الثاين الذي كان أبوه قد أشركو يف السلطة ردبا منذ سنة ‪ 21‬م حسبما يظهر من خبلل قطع نقدية تشَت إىل السنة األوىل من‬
‫حكمو(‪ ،)20‬مث أصبح ادللك الوحيد بعد موت أبيو سنة ‪ 23‬م أو بداية سنة ‪ 24‬م‪ ،‬فأرسل قوات عسكرية كبَتة لتدعيم قوات‬
‫حاكم مقاطعة إفريقيا الربوقنصلية سنة ‪ 24‬م كورنيليوس دوالبيبل ( ‪ )Cornelius Dolabella‬و بفضل ىذه ادلساعدات‬
‫استطاع ربقيق النصر يف معركة هنائية على تاكفاريناس و خلص الرومان من حرب كلفتهم الكثَت و ىذا ىو سبب إرسال رللس‬
‫الشيوخ يف روما وفد إىل ادللك بطليموس حسب عادة قددية‪ ،‬كما يقول ادلؤرخ تاسيت و قدم لو ىدايا تتمثل يف عصا العاج و‬
‫العباءة ادلزركشة ( رمز ادللكية) و ناداه بادللك احلليف و الصديق للشعب الروماين(‪.)21‬‬
‫لقد تابع بطليموس سياسة والده يوبا الثاين طيلة فًتة حكمو ( ‪ 23‬م‪40 -‬م) و بذل جهدا كبَتا لتمهيد الببلد و‬
‫ربضَتىا لبلستيطان الروماين حيث قام بتجديد الوجو احلضاري دلدن ادلملكة و توفَت األمن للجاليات الرومانية سواء كانوا ذبارا أو‬
‫موظفُت و ضباية ادلستعمرات اليت أقيمت من قبل سواء الساحلية أو الداخلية و تقدمي ادلساعدات العسكرية إىل الرومان كلما‬
‫اقتضى األمر لذلك‪ ،‬و رغم كل ىذه اخلدمات اليت قدمها للدولة الرومانية فإن اإلمرباطور كاليقوال قام بقتلو سنة ‪ 40‬م يف مدينة‬
‫ليون عندما دعاه إىل حفل أقامو على شرف ادللوك احللفاء و األصدقاء و كان بطليموس من بينهم‪ ،‬و بعد استقبالو استقباال الئقا‬
‫دبر لو مؤامرة و قتلو ال لشيء سوى ألنو دخل إىل مكان احلفل يرتدي عباءة براقة فجلب أنظار احلضور كما جاء يف كتابات‬
‫سويتون (‪ )Suetone‬و ديون كاسيوس(‪.)22‬‬
‫قد تكون الغَتة ىي السبب ادلباشر يف ىذا االغتيال لكن الدوافع احلقيقية تكمن يف أسباب أخرى حاول ادلؤرخون‬
‫البحث عنها و لقد اختلفت آراءىم و افًتاضاهتم‪ ،‬فحسب رأي م روستوفتزاف ( ‪ )M.Rostoftzeff‬فإن الرومان أصبحوا يف‬
‫حاجة ماسة إىل أراضي جديدة حيلون هبا مشاكل اجلنود ادلسرحُت و كذلك سبويل اجليوش احملاربة و إطعام سكان مدينة روما(‪،)23‬‬
‫و يرى بييت ( ‪ )P.Petit‬أن اخلبلف كان خبلفا دينيا حول رئاسة كهانوت اإلذلة إيزيس‪ ،‬و ىي مهمة ورثها بطليموس و كان‬
‫كاليقوال يريد أخذىا منو‪ ،‬فبٌت ذلذه اإلذلة معبدا يف ساحة مارس بروما و أدرج أيام االحتفاالت بعبادهتا يف جدول أيام‬
‫االحتفاالت الدينية الرومانية(‪.)24‬‬
‫و ىناك من يرى أن السبب ىو التخلص من منافس يف الشهرة و الثروة و كان اإلمرباطور كاليقوال بارعا يف التخلص من‬
‫ادلنافسُت و أخذ ثرواهتم جبميع الوسائل (‪ ،)25‬أما ادلؤرخ كوتوال ( ‪ )T.Kotula‬فَتى أن اخلبلف الديٍت مل يكن إال سببا من بُت‬
‫أسباب اخلبلفات و يفًتض سببا آخر ال يقل أمهية عن األسباب السابقة و ىو اخلبلف حول احملررين(‪.)26‬‬
‫أما فور ( ‪ )G.C.Faur‬فينتقد ىذه الفرضية و يأيت بأسباب أخرى أمهها زلاولة ادللك بطليموس االستقبلل عن‬
‫اإلمرباطورية و ذلك عندما صك نقودا ذىبية خبلل سنيت ‪ 39-38‬م أو ردبا خوفا من رؤيتو يتزعم مؤامرة ضد اإلمرباطور و يتوىل‬
‫العرش مكانو أي أن السبب ىو التنافس داخل األسرة بُت حفيدين للقائد أنطوان ألن كاليقوال ىو ابن جَتمانيكوس‬
‫(‪ )Germanicus‬ابن دروسوس (‪ )Drussus‬و أنطونيا بنت أنطوان و أكتافيا أخت أغسطس‪ ،‬أما بطليموس فهو ابن يوبا‬
‫الثاين و كليوباترا سيليٍت بنت أنطوان و كليوباترا ملكة مصر (‪ ،)27‬و ىذا ما يبُت أن بطليموس ىو كذلك كان ينتسب إىل فئة‬
‫الطبقة األرستقراطية الرومانية و مصَته كان ال خيتلف عن مصَت النببلء الرومان اآلخرين الذين أعدموا بسبب شهرهتم و ثرواهتم و‬
‫ظهورىم(‪ ،)28‬و كما قال تاسيت ‪ " :‬الذي كان يظهر بثروتو و مسكنو و طريقة عيشو كان معظما و مشهورا‪ ،‬لكن بعد أحداث‬
‫القتل الفضيعة و االغتياالت الناصبة عن الشهرة‪ ،‬الناجون رجعوا إىل التعقل و احلكمة"(‪.)29‬‬
‫و من خبلل ىذه اآلراء ادلختلفة نستخلص أن ىذه العوامل كلها سواء كانت الشهرة‪ ،‬أو اخلبلف الديٍت أو الصراع‬
‫داخل األسرة الواحدة أو زلاولة اإلمرباطور كاليقوال التخلص من ادللك بطليموس لبلستيبلء على ثروتو‪ ،‬كل ىذه األسباب دفعت‬

‫‪44‬‬
‫الرومان خاصة أنصار السياسة التوسعية الذين كانوا ينادون دائما بإهناء العرش ادلوريطاين حىت و إن كان صوريا‪ ،‬فوجد اإلمرباطور‬
‫كاليقوال السبب ادلباشر عندما اعترب دخول ادللك بطليموس إىل احلفل‪ ،‬يرتدي العباءة الفاخرة إىانة لو فأمر بقتلو و حقق رغبة‬
‫الرومان االستعمارية التوسعية‪ ،‬و قد يكون ىذا احلفل الذي نظم على شرف ادللوك احللفاء و األصدقاء غرضو تنفيذ خطة كان‬
‫اإلمرباطور قد رمسها من قبل‪ ،‬وقتل ملك أمام أصحاب العظمة و الشهرة ليكون عربة للذين يريدون الظهور بالعظمة و الشهرة‬
‫أكثر من اإلمرباطور نفسو‪.‬‬
‫سكان ببلد ادلغرب مل ينتظروا طويبل‪ ،‬لقد قام أحد ادلعتقُت الذين كانوا بدون شك غَت راضُت على ما قام بو اإلمرباطور‬
‫و صبع حولو الكثَتين من الذين غضبوا و استاءوا من ىذا العمل‪ ،‬و حاول االنتقام لسيده ادلغتال‪ ،‬ىذا حسب ما ورد يف كتابات‬
‫بلُت (‪ .)30))Pline‬ىذا ادلعتق ىو أيدديون الذي كان يعيش يف ببلط ادللك و ينعم حبياة البذخ و الطرف‪ ،‬و قد يكون من أصل‬
‫إغريقي كما يظهر من امسو‪ ،‬أو ردبا كان إفريقي األصل و ىذا االسم ىو اسم الشهر ضبلو بعد عتقو‪ ،‬حيث توجد أمثلة كثَتة‬
‫ألمساء إغريقية ضبلها عبيد أو معتقون غَتوا أمساءىم بعد عتقهم (‪ ،)31‬و يرى لوقبلي ( ‪ )M.Leglay‬أن أيدديون تزعم ىذه‬
‫الثورة ضد روما ألنو كان يريد السيطرة على شللكة موريطانيا اليت كان على يقُت أنو سوف حيرم من نعيمها‪ ،‬فجمع حولو كل الذين‬
‫أصبحت مصاحلهم مهددة و شعروا خبطر اإلدارة الرومانية اجلديدة(‪.)32‬‬
‫أما بن عبو (‪ )M.Benabou‬فيذىب إىل أبعد من ذلك و يرى أنو من الواجب البحث عن عوامل و أسباب أخرى‬
‫ال تتوقف عند حد ادلصاحل الشخصية و يقول ‪ " :‬إن أيدديون مل يكن يف استطاعتو القيام حبرب طويلة و مكلفة ضد أكرب قوة‬
‫عسكرية يف ذلك الوقت‪ ،‬لو مل يكن على يقُت من مساعدات القبائل ادلوريطانية‪ ،‬و أن ىذه احلرب كانت تعرب عن انشغاالت كل‬
‫الذين أصبحوا يتطلعون لآلفاق ادلستقبلية‪ ،‬فرأوا يف اإلدارة الرومانية اجلديدة اليت سوف تعوض اإلدارة ادللكية السابقة اليت كانوا قد‬
‫تعودوا عليها إدارة أكثر حدة تتدخل يف شؤوهنم اخلاصة و تفرض عليهم أنظمة جديدة‪ ،‬مل يتعودوا عليها مثل التدخل يف النظام‬
‫الضرييب و حرية التنقل و نظام األفارقة االقتصادي بصفة عامة (‪ .)33‬أما لوفو ( ‪)Ph.Levau‬فَتى أنو جيب األخذ دبا جاء يف‬
‫كتابات ادلؤرخ الروماين بلُت باحلرف الواحد أي أن دافع أيدديون إىل ىذه الثورة ىو االنتقام لسيده ادللك بطليموس و حالتو ىذه‬
‫ال زبتلف عن حاالت الكثَت من ادلعتقُت ادلخلصُت لسادهتم‪ ،‬ذلذا جيب الفصل بُت ثورتو و زلاولتو االنتقامية و ادلقاومة اليت قامت‬
‫هبا القبائل ادلوريطانية احملبة للحرية و الدفاع عن أراضيها(‪.)34‬‬
‫هناية الثورة اليت قام هبا أيدديون كانت سريعة‪ ،‬وردبا يكون كل شيء قد انتهى قبل اغتيال اإلمرباطور كاليقوال و تعيُت‬
‫اإلمرباطور كلود أي قبل ‪ 24‬يناير سنة ‪ 41‬ميبلدي‪ ،‬وذلذا جيب فصل ثورة أيدديون و سبييزىا بوضوح عن العمليات و احلمبلت‬
‫العسكرية اليت قام هبا القائد الروماين سيتونيوس بولينوس ضد القائد ادلوريطاين ساالبوس ألن نطاق ثروة أيدديون كان بدون شك‬
‫زلدودا‪ ،‬ألن من غَت ادلعقول أن يتزعم أحد ادلعتقُت الذين كانوا يعيشون يف ببلط ادللك بطليموس الذي كان يعيش ربت احلماية‬
‫الرومانية‪ ،‬ثورة مسلحة للدفاع عن حرية و أراضي شللكة موريطانيا(‪ ،)35‬و الدليل على ذلك‪ ،‬فإنو مل جيد أنصارا حللفاء كثَتين حىت‬
‫يف أوساط ادلعتقُت ادللكيُت الطبقة األرستقراطية اليت كانت تعيش يف ادلدن ألن بعض ىؤالء ساعد السلطة الرومانية اجلديدة و‬
‫حارب ضد أيدديون كما يظهر يف نقيشة وجدت يف مدينة وليلي ( ‪ )Volubilis‬اليت جاء فيها أن فالَتيوس سيفَتوس ابن‬
‫بوستار ( ‪ )M.Valerius Severus fils de Bostar‬قاد فرقة عسكرية موريطانية من اجلند ادلساعد يف احلرب ضد‬
‫أيدديون(‪ .)36‬و قد حاول كوتوال تفسَت وجود موريطانيُت مقيمُت يف ادلدن إىل جانب الرومان ضد أيدديون ألن أنصاره كانوا ديثلون‬
‫احلضارة و العادات اإلغريقية الشرقية‪ ،‬أما سكان مدن موريطانيا الغربية فكانوا متأثرين باحلضارة البونية (‪ ،)37‬لكن ىذا التفسَت‬
‫الغريب حيتاج إىل توضيحات أكثر ألنو غَت مقنع‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪Civitas‬‬ ‫بدون شك مدينة وليلي كانت تربطها عبلقات شليزة بالدولة الرومانية ردبا كانت مدينة حليفة (‬
‫‪ )Foederata‬و يظهر ىذا من خبلل حصول الكثَت من سكاهنا على ادلواطنة الرومانية بصفة فردية‪ ،‬ردبا منذ عهد أغسطس و‬
‫الرومان أعطوا أمهية كبَتة للعبلقات اليت كانت تربطهم هبذه ادلدينة ادلوريطانية ألسباب عسكرية و إسًتاتيجية ألن ادلدينة تقع على‬
‫مقربة من جبال األطلس(‪ )38‬و ادلساعدات العسكرية اليت قدمها سكان مدينة وليلي و قائدىم كانت نتيجتها حصول ىذه ادلدينة‬
‫على امتيازات كثَتة يف عهد اإلمرباطور كلود كما يظهر يف كتابات ديون كاسيوس (‪ ،)39‬و يفًتض دوزانج ( ‪ )J.Desanges‬أن‬
‫مقاومة أيدديون كانت بُت سنة ‪ 40‬م و ‪ 25‬يناير سنة ‪ 41‬ميبلدي و ال نعرف إن كانت القوات الرومانية اليت شاركت يف‬
‫مقاومة ىذه الثورة انطلقت من مقاطعة نوميديا أو جاءت من مقاطعة بيتيكا أو ردبا من ادلقاطعتُت معا كما أن القائد العسكري‬
‫الذي قاد العمليات غَت معروف ردبا يكون ليكينيوس كاسوس (‪.)40()M.Licinius Crassus Frugi‬‬
‫و بعد عودة اذلدوء ردبا بعد القضاء على أيدديون‪ ،‬قرر الرومان تنظيم الببلد اجلديدة‪ ،‬و ىذا ما قام بو كلود بدون شك‬
‫منذ سنة ‪ 42‬م‪ ،‬حيث قسم أراضي شللكة موريطانيا إىل مقاطعتُت يفصل بينهما هنر ادللوبة (‪ ،)41‬و ىذا على غرار التقسيم القدمي‬
‫‪ :‬شللكة بوغود يف الغرب أصبحت أراضيها تشكل مقاطعة عاصمتها القيصرية – عاصمة ادلملكة سابقا‪ -‬حيكم كل مقاطعة‬
‫حاكم من طبقة الفرسان برتبة وكيل اإلمرباطور ( ‪ ،)Prorurateur eguestre‬و ىذا النظام مل يكن جديدا حيث كان‬
‫سلصصا للمقاطعات اجلديدة اليت تكثر فيها الثروات و االضطرابات‪ ،‬و كان اإلمرباطور يشرف على إدارهتا مباشرة‪ ،‬و من حقو‬
‫‪Procurateur‬‬ ‫تعيُت حاكم واحد على ادلقاطعتُت يف آن واحد أو يسلم السلطة العسكرية إىل حاكم ادلقاطعة فيسمى‬
‫‪ prolegato‬و احلاكم هبذه الرتبة يقود جيشا من فيالق الكتائب العسكرية‪.‬‬
‫و ىذا ما يدل على أن احلرب مل تتوقف بل امتد نطاقها و زادت حدهتا‪ ،‬ىذا ما دفع اإلمرباطور كلود حسب ما يقول‬
‫كانيا ( ‪ )R.Cagnat‬إىل االستعانة بفيالق عسكرية من جند الكتائب جاءت من اسبانيا (‪ ،)42‬و قد عاقب حاكم مقاطعة‬
‫بيتيكا (‪ )Silo Umbonius‬الذي هتاون يف إيصال اإلمدادات إىل ىذه اجليوش و خاصة احلبوب البلزمة (‪ ،)43‬و قد اضطر‬
‫القائد العسكري الروماين سويتونيوس باولينوس ( ‪ )C.Suetonius Paulinus‬الذي كلف بقيادة العمليات العسكرية سنة‬
‫‪ 42‬م إىل مبلحقة اجليوش ادلوريطانية إىل غاية جبال األطلس و يف مرة أخرى إىل غاية هنر يسمى " هنر غار" (‪ )44‬حسب ديون‬
‫كاسيوس فإن القائد ىوزيدوس جيتا ( ‪ )Gn.Hosidius Geta‬ىو الذي توىل القيادة سنة ‪ 42‬م‪ ،‬و كانت مهمتو قيادة‬
‫احلرب ضد قائد موريطاين جديد ىو صاالبوس ( ‪ )Salabus‬و اضطر إىل مبلحقتو حىت الصحراء ردبا كذلك جبال‬
‫األطلس(‪ ،)45‬ىذه اإلشارات رغم عدم وضوحها كلها جدا ألهنا تدل على اتساع نطاق ادلقاومة و رفض ادلقاومة و رفض كل‬
‫القبائل ادلوريطانية سواء يف الشمال أو اجلنوب الدخول ربت السلطة الرومانية و قامت تدافع عن أراضيها بكل ما أتيت من قوة‪.‬و‬
‫ىذه احلمبلت العسكرية كانت خبلل سنوات ‪41‬م و ‪ 42‬م و ردبا كذلك سنة ‪ 43‬م و ‪ 44‬م‪ ،‬ادلهم إنو يف ‪ 25‬يناير سنة ‪45‬‬
‫‪M.Fadius‬‬ ‫م كان حاكم مقاطعة موريطانيا الطنجية مقيما يف مدينة وليلي ىو الربروكَتاطور فاديوس سيلَت فبلفيانوس(‬
‫‪ ،)46()Celer Flavianus Maxmus Prolégatus‬و الرتبة العسكرية اخلاصة » ‪ « Prolegat‬اليت ضبلها‬
‫ىذا احلاكم و الذي يكون ردبا أول حاكم دلقاطعة موريطانيا الطنجية قد تدل على وجود عدد من فيالق جيوش الكتائب ال تزال‬
‫تقيم يف ادلقاطعة ربت قيادتو‪ ،‬كما تدل على أن الثروات و ادلقاومة ال تزال قائمة‪.‬‬
‫ىذا بالنسبة دلوريطانيا اليت أصبحت فيها الثروات مستمرة و بدون توقف منذ اغتيال بطليموس سنة ‪ 40‬م‪ ،‬و قد زادت‬
‫حدهتا عندما قرر الرومان التوسع على حساب السكان احملليُت و تقسيم أراضيهم إىل مقاطعتُت رومانيتُت سنة ‪ 42‬م‪ ،‬أما بالنسبة‬
‫لباقي أراضي ببلد ادلغرب فلم يبق سكاهنا على احلياد حيث ظهرت ادلقاومة يف مناطق احلدود بُت نوميديا و موريطانيا و كذلك يف‬
‫إقليم ادلزادلة(‪ ، )47‬و ىكذا ظهر بوضوح أن األقاليم اليت كانت ال تزال خارج حدود السلطة الرومانية و اليت حاول الرومان التوسع‬

‫‪46‬‬
‫فيها أو االستيبلء على أجزاء منها‪ ،‬قام سكاهنا للدفاع عنها قبل أن يستويل عليها الرومان و نظرا خلطورة الوضع‪ ،‬صبع اإلمرباطور‬
‫كلود السلطتُت ادلدنية و العسكرية يف يد حاكم مقاطعة إفريقيا الربوقنصلية الربوقنصل قالبا ( ‪ 46-44( )Galba‬م أو ‪-45‬‬
‫‪ 47‬م) ‪ ،‬و ردبا أصبح حاكما على كامل ببلد ادلغرب و أسندت لو مهمة إعادة األمن و القضاء على ثورات الرببر كما جاء يف‬
‫كتابات كل من تاسيت و سويتون (‪ ، )48‬و يظهر أن الرومان غَتوا سياستهم يف ادلنطقة بعد عجزىم عن إخضاع السكان بالقوة‬
‫رجعوا إىل سياسة اللُت و ادلهادنة و أكرب دليل على ذلك ىو قيام الربوقنصل " قالبا" بتشييد سبثالُت يف مدينة القيصرية للملكُت‬
‫يوبا الثاين و ابنو بطليموس إىل جانب سبثال لئلذلة فينوس ( ‪ ،)49()Venus‬ىذا ما يدل على أن الرومان كانوا يف حاجة إىل‬
‫التذكَت دبا قدمو ىذان ادللكان من خدمات و مساعدات للدولة الرومانية للقضاء على ثورة تاكفاريناس‪ ،‬كما يوضح لنا ىذا‬
‫سياسة احلكام الرومان االستعمارية‪ ،‬فكلما عجزوا عن ربقيق أغراضهم بأساليب القوة كانوا يلجأون إىل أسلوب اللُت و ادلهادنة‬
‫لكسب ثقة السكان احملليُت على األقل سكان ادلدن و خاصة الطبقة األرستقراطية اليت كانت تستفيد دائما و ال يهمها سوى‬
‫مصاحلها اخلاصة و قد حصل سكان الكثَت من ادلدن على امتيازات كثَتة يف عهد اإلمرباطور كلود من بينها ادلواطنة الرومانية‬
‫الفردية و كذلك نالت بعض ادلدن اليت ركز عليها الرومان اىتمامهم اخلاص ترقية يف السلم اذلرمي للمدن‪ ،‬حيث أصبحت مدينة‬
‫طنجة مستعمرة رومانية و كذلك مدينة ليكسوس و القيصرية و أصبحت مدينة وليلي بلدة ردبا بلدة رومانية كما حصلت كل من‬
‫روزو كورو (‪ )Rusuccuru‬و تيبازة على حقوق البلدة البلتينية (‪ ،)50‬و بنهاية عهد اإلمرباطور كلود سنة ‪ 54‬تنتهي زلاولة من‬
‫زلاوالت الرومان التوسعية بالفشل و يعودون إىل تركيز مشروعهم االستعماري يف ادلناطق الساحلية‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫الـهوامـش‬
1- M.Benabou, La résistance africaine à la romanisation, Paris, 1976, P.33- 36.
-165 .‫ ص‬،1969 ‫ الدار التونسية للنشر‬،‫ تعريب زلمد مزايل و البشَت بن سبلمة‬،‫ تاريخ افريقيا الشمالية‬،‫ شارل اندري جوليان‬- 2
.168
.‫ ص‬،1957 ‫ القاىرة‬،‫ ترصبة زكي علي و زلمد سليم سامل‬،‫ االجتماعي و االقتصادي‬،‫ تاريخ اإلمرباطورية الرومانية‬،‫روستوفتزاف‬.‫ م‬- 3
.128-127
.171-170 .‫ ص‬،‫ نفس ادلرجع‬،‫ شارل اندري جوليان‬- 4
5- P.Petit, La paix romaine, Paris 1967,P.209et suiv.
6- St.Gsell, Juba II, Savant et écrivain, R.Afr., 1927, P. 168-197.
7- Dion Cassius, Histoire romaine, I, 53-26.
8- M.Benabou.op.cit, P. 55-56.
.389-387 .‫ ص‬،‫ نفس ادلرجع‬،‫ روستفزاف‬.‫ م‬- 9
10- Dion Cassius, LV, 28, 3-4.
11- J.Mazard, Corpus Nummorum Numidiae Maurétaniaeque, Paris 1955, N 194-
198.(P.88-89) et N 282 (P.108).
12- J.Desanges, Un drame africain sous Auguste, Le meurtre du Proconsul L.
Cornelius Lemtulus par les Nasamons, ommage à Marcel Reneard, II Bruxelles,
1968.P.197-213.
13- J.Desange, Catalogue des tribus africaine de l’antiquité classique à l’ouest du Nil,
Dakar 1962, P. 117-121.
14- Tacite, Annales II, 52 ; 3, 20,21,32,35,73,74 ;VI, 23-26.
15- M.Benabou. op.cit., P. 83.
16- Tacite, Annales, III, 35,17 .
17- Tacite Histoire VI, 48, 3-6.
18- Dion Cassius, LIX, 20,7.
19- M.Benabou, Proconsul et Legat en afrique, Le témoignage de Tacite, Ant.
Afri.T.6,1972, P.129-136.
20- J.Mazar, op.cit, P.121, N 375-378.
21- Tacite, Annales, IV, 26.
22- Suetone, Caligula, XXXVI; Dion Cassius, LIX, 25.
.128-127 .‫ ص‬،‫ نفس ادلرجع‬،‫روستوفزاف‬.-‫ م‬23

48
24-P.Petit, Histoire générale de l’empire romain, Paris 1974, P. 83.
25-Suietone Caligula,XXVIII et XXXIX.
26- T.Kotula, Encore sur la mort de Ptolémée, Roi de Maurétanie, Archéologia, 15,
Pologne, 1964, P. 64-71.
27-J.C.Faur, Caligula et La Mauritanie, La fin de Ptolémée, dans Klio, 55, 1973,P.249,
271.
28- Ph.Leveau, Caesarea de Mauritanie, une ville romainne, et ses compagnes,
Collection de l’école française de Rome 1984,P.14.
29-Tacite, Annales, III, 55.
30- Pline, H.N, V, 1,11, Texte établis, traduit et commenté par J.Desange, Les belles
lettres, Paris 1980.
31- J.Boliver, Domestique et fonctionnaire sous le Haute- empire Romain, Paris
1974,P. 251.
32- M.Leglay, Saturne africain, Histoire, I Paris 1966, P. 482.
33- M.Benabou, La résistance africaine à la romanisation, op.cit., P.90.
34- Ph.Leveau, La fin du royaume maure et les origines de la province romaine de
Mauritanie césarienne, B.A.C.T.H.S. Paris 1984, P. 312-321.
35- J. Gascou, (M.Ticinius Crassus Frugi, Légat de Claude en Mauritanie) dans
mélange P.Boyaucée, Rome, 1974, P299-310.
36- I.L.Afri.634= ILM.116.
37-T.Kotula, op.cit., P. 64-71.
38- M.Christol et J.Gascou ( Volubilis, Cité Fédérée ?) M.E.F.R.A. 92, 1981, P. 331.
39- Dion Cassius, LX,8,6.
40- J. Desanges, op.cit, P.121-122.
41- Dion Cassius, LX, 9,5.
42- R .Cagnat, L’armée d’Afrique et l’occupation militaire de l’Afrique sous les
empereurs, Paris 2 édition, P.26.
43- Dion Cassius, LX, 24.
44- Pline, H.N,V, I, 14-16 et Dion Cassius, LX,9,1.
45-Dion Cassius, LX, 9,1-5.
46- J. Desanges, op.cit., P. 122.
47- Dion Cassius, LX,9.
48-Tacite, Histoire, I, 49. Suietone, Vie de Galba, 7-8.
49- M.Leglay, « Une dédicace à Vénus offerte à Caesaréa (Cherchal) par le future
empereur Galba ». Mélanges J. Carcopino, 1966, P. 629-639.
50- M.benabou, La résistance africaine à la romanisation, op.cit., P.94-95.

49

You might also like