Professional Documents
Culture Documents
الجامعة األردنية
مادة
الثقافة الوطنية
3400100
-1-
الوحدة السابعة :تاريخ األُردن
إعداد :األستاذ الدكتور إبراهيم الشرعة
-2-
ثانيا -الناحية السياسية :مثل توفيق المجالي لواء الكرك في مجلس المبعوثان العثماني في دورته األولى
ا
في انتخابات َ ،1908وأعيد انتخابه في دورة المجلس الثانية عام 1914م .وإلى جانب ذلك فقد
عدد من أبناء اللواء في المجلس العمومي لوالية سوريا ،وهم :عودة القسوس (عن الكرك)،
شارك ٌ
السكر (عن السلط) ،وعبد النبي النسعه (عن معان) ،وعبد المهدي محمود (عن ويوسف ُّ
الطفيلة).
قاطعا إياها من عبر األراضي األردنية ِ
ً ثال اثا -سكة حديد الحجاز (1908-1900م) :مر قسمها األكبر َ
الشمال إلى الجنوب ،وقد أدى ذلك إلى إقامة عدد كبير من المحطات على طول الخط لتوفير
أهمها :جابر ،والمفرق ،والخربة السمراء ،والزرقاء ،وعمانَ ،وأم الحيران ،واللبن،
األمن والحمايةُّ ،
وزيزياء ،وضبعة ،وخان الزبيب ،وسواقة ،والقطرانة ،والمنزل ،وفريفرة ،وطرفة ،والشيدية ،وغدير
الحاج ،وحطين ،وبطن الغول ،والرملة ،وتلول الشحم ،والمدورة.
وقد أفادت األردن من هذا الخط في جميع النواحي ،وأفادت منه الدولة العثمانية ًأيضا،
فبالنسبة إلى شرقي األردن كان أو َل وسيلة مواصالت مهمة تشهدها المنطقة ،كما أفادت األردن
من المحطات التي أنشأتها الدولة العثمانية مما سهل ربط مدن هذه المنطقة وتجمعاتها بالشام
َ
والحجاز ،وبخاصة بعد أن ربطت هذه المحطات بالبوسطة والتلغراف فأصبحت متصل ًة بالعاَلم
الخارجي.
حدها ،بل كانت
لم تكن ثورة الكرك عام 1910م في حقيقة األمر ثورة مدينة الكرك و َ
تعبر عن رفض األهالي كافة لنهج الدولة العثمانية وتوجهاتها وسياساتها في المنطقة ،وتمثلت
أسباب الثورة الرئيسة في انعدام الثقة بين األهالي وممثلي الحكومة العثمانية ،والقسوة التي
عصياني الشوَب ِك عام 1905م ،واإلجراءات التي نفذتها الدولة العثمانية
ِ استخدمت لتصفية
اء في جمع السالح من األهالي أو المرتبطة مباشرة بتطبيق قانون الخدمة العسكرية اإلجبارية ،سو ٌ
إجراء تَعداد عام للسكان أو تسجيل األراضي واألمالك األخرى ،وكلها إجراءات كان األهالي قد
نحو إقدام الحكومة العثمانية على عمل ما ِتجاه سكان هذه ات أولية َ فسروها على أنها خطو ٌ
المنطقة.
ِ
المدينة والقرى المحيطة بها ،فأعلنوا العصيان ،وهاجموا ونتيجة لتلك المظالم تحرك أهالي الكرك،
ِ
حوص َر الجنود بالقلعة ،وأحرقوا ونهبوا الكثير من قلعة الكرك في 21تشرين الثاني 1910؛ حيث
(هبة الكرك) أو ( َهية
السجالت العثمانية المهمة ،وقد عرفت هذه الحركة في تاريخنا المحلي باسم َ
-3-
الكرك) .ولما كان ذلك فقد أرسلت الدولة العثمانية حمل ًة عسكرية كبيرة بقيادة الضابط سامي باشا
من الوصول بسرعة بسبب استخدامها سكة حديد الحجاز ،مما ساهم في سرعة إنهاء الفاروقي ،تمكنت َ
عدد من رموز الثورة وقادتها ونفي
التمرد بعد أن قمع بشدة وعنفَ ،وفرضت الغرامات المالية ،وأعدم ٌ
مع الروح العامة
أماكن متفرقة .ومهما يكن من أمر فإن هذه الثورة جاءت لتتماشى َ
َ بعضهم اآلخر إلى
التي كانت سائدة في كل الواليات العربية ِتجاه الحكم العثماني ،ولتكون إحدى إرهاصات النهضة التي
أخذت البالد العربية تعيشها آنذاك ،وتمثلت في ما بعد بالثورة العربية الكبرى.
وكانت السلط والكرك ومعان وعجلون أهم الحواضر األردنية في أواخر حكم الدولة العثمانية ،أما
عمان فكانت عام 1905قرية صغيرة ال يزيد عدد سكانها على خمسة آالف نسمة.
أما األوضاع في شرقي األردن فكانت سيئة على نحو عام ،خاصة بعد أن قضى العثمانيون على
حركة الكرك في عام 1910م ،التي شملت كل المناطق التابعة للواء الكرك ،وكان من أسبابها عزم
الحكومة على فرض قانون الخدمة العسكرية وجمع السالح من السكان؛ حيث أخمد العثمانيون المتمردين
بكل قسوة َوعنف ،مما أدى إلى زيادة الحقد عليهم.
وعندما قامت الحرب العالمية األولى في األول من شهر آب عام ،1914بين دول الحلفاء ودول
الوسط ،وقفت الدولة العثمانية إلى جانب ألمانيا؛ فأعلنت التعبئة العامة؛ حيث جِن َد القادرون على حمل
السالح من قضاء عجلو َن وباقي أجزاء األردن ،أما الكرك فلم يشملها التجنيد؛ إذ أعفي أبناؤها من الخدمة
َ
العسكرية بعد قيام حركة الكرك عام .1910
لقد عانت شرقي األردن –كغيرها من البالد العربية– من ظروف الحرب ،سواء أكان ذلك بارتفاع
بضائع وحاصالت زراعية ،وزاد
َ األسعار ،أم بفقدان السلع الضرورية ،أم بمصادرة ما لدى المواطنين من
خالل سنوات الحرب ،إضافة إلى قطع اآلالف من األشجار الحرجية
َ بالد الشام
من ذلك غزو الجراد َ
واألشجار المثمرة من أجل توفير الفحم للقطارات بعد أن قطعت الدول األوروبية عن الدولة العثمانية
الفحم الحجري ،وشمل إجراء تقطيع األشجار معظم مناطق شرقي األ ِ
ردن تقر ًيبا .فضالً عن عمليات َ َ
االبتزاز واالعتقال والنفي ،خاصة في مناطق تحشد القوات التركية كقضاء عجلون ،وبعض مدن البلقاء
ِ
أعداد كبيرة من سكانه إلى
ٌ نظام عسكر ٌّي صارم ،وأرسلت
ٌ قضاء عجلو َن مثالً ض على وقراها؛ فقد ف ِر َ
ميادين القتال بموجب قانون التجنيد اإلجباري.
وتعرضت بعض المدن األردنية إلى الضرب بقنابل مدفعية الجيشين البريطاني والعثماني ،كالس ِ
لط
اآلخر،
َ بعضهم
السلطات العثمانية َ
ان وما جاورهما ،مما أدى إلى قتل العديد من المواطنين ،وإعدام ُّ
وعم َ
-4-
بعض و َجهاء المنطقة (السلط ،والكرك ،ومعان)
السلطات العثمانية َ
هاجر بعضهم إلى القدس ،ونفت ُّ
َ كما
تأديبا لهم.
خارج شرقي األردن؛ ً
تطوٌر إداري على جنوبي منطقة شرقي األردن في أثناء الحرب؛ حيث أصبح قضاءا م َ
عان وط أر ُّ
و ِ
العقبة تابعين للمملكة الهاشمية الحجازية وعاصمتها مكة ،وتشكلت الدوائر الحكومية في معان ،بينما
كانت الدوائر الداخلية في العقبة.
-5-
وبذا أعلن الشريف الحسين بن علي نهض ًة عربية ليس لها شبيه في تاريخ هذه األمة؛ فقد أعلن أن
حق مقدس يجب أن يعتز به العرب ،وأن هذا االعتزاز يتفق واإلسالم ،وأعلن أن لعرب ًّ
حقا العروبة ٌّ
مع حقوق الشعوب األخرى. مَقد ًسا في تقرير مصيرهم ،على أال يتعارض ذلك َ
أما عن دور األردنيين في حروب الثورة العربية الكبرى ،فقد اتصل األمير فيصل بالعديد من شيوخ
دعوتَه ووفدوا
عشائر األردن :الحويطات وبني صخر وبني عطية والعمارات والرولة والش اررات ،الذين لبوا َ
شيخا وزعيم قبيلة .ومن أبرز هؤالء
إلى الوجه منذ شهر آذار عام ،1917ووصل عددهم إلى (ً )242
الشيخ عودة أبو تايه ،الذي أقسم لألمير فيصل أن يقف معه ضد األتراك ،واقترح تحرير العقبة .وقد
مع نوري الشعالن ،كما اتصل
بن علي ،الذي اتصل َ شكلت لذلك حمل ٌة صغيرة برئاسة الشريف ناصر ِ
حو ( )500متطوع من أبو تايه الذي كان يرافق الحملة برجال قبيلته ،وجمعوا في وادي السرحان ن َ
االنضمام إلى الحملة.
َ طالبا إياهم
الحويطات والرولة ،كما أرسل الشريف ناصر إلى عشائر بني صخر م ً
معان وأبي اللسن والقويرةَ ،وحررت العقبة في
َ واستطاعت هذه الحملة مهاجمة غدير الحاج جنوبي
وكثير من عسكره وبعض الضباط األلمان ،والفضل بداية تموز من العام ِ
نفسه؛ إذ استسلم قائد حاميتها
ٌ
في ذلك يعود لعشائر جنوبي منطقة شرقي األردن الحويطات والنجادات والرولة والش اررات ،كما أعيد
تشكيل قوات الثورة العربية الكبرى في شرقي األردن بعد تحرير العقبة ،وتشكلت قوة نظامية وأخرى غير
نظامية تألفت من متطوعي القبائل والعشائر في شرقي األردن وعشائر الحجاز وسورية.
هم في النصف الثاني من عام 1917؛ حيث هاجمت خط ِسكة دور م ٌّ
وكان للعشائر األردنية ٌ
الحديد الحجازي جنوب معان وشمالها ،ومن أبرز هذه العشائر :التوايهة والرولة وبني عطية والحويطات
خسائر كبيرة في األرواح ودمرت أكثر من ثالثين
َ وعشائر الكرك وبني صخر والسرحان؛ فألحقت باألتراك
جس ًار ونزعت من ِسكة الحديد عشرة آالف قضيب.
بن علي ِم َن االستيالء على الطفيلة؛ حيث دخلتها
وقد تمكنت قوات الثورة بزعامة الشريف ناصر ِ
في بداية عام َ ،1918وكلف الشيخ ذياب العوران بتشكيل قوة جندرمة (شرطة) محلية ،والتعاون َ
مع عودة
أبو تايه وحمد بن جازي ،في إعداد القوات الالزمة لمهاجمة خط ِ
السكة.
قسمت منطقة شرقي األردن في عهد المملكة العربية السورية إلى ثالثة ألوية ،هي: و
أوالا :لواء الكرك ،ومركزه مدينة الكرك ،وتتبعه أقضية الطفيلة ومعان والعقبة ونواحي الشوَبك
والعراق وذيبان وتبوك.
ثانيا :لواء البلقاء ،ومركزه السلط ،ويتبعه قضاءا الجيزة وعمان وناحية مأدبا.
ا
-6-
ثال اثا :لواء حوران ،ومركزه درعا ،وتتبعه أقضية عجلون (إربد) وجرش وأزرع وبصرى.
يوم 7حزيران عام 1919؛ بهدف قيام دولة واحدة يرأسها األمير
دمشق َ
َ َوعقد المؤتمر السوري في
فيصل؛ حيث مثل شرقي األردن مجموع ٌة من األشخاص ،هم ::سعيد الصليبي وسعيد أبو جابر (من
قضاء السلط) ،وسليمان السودي الروسان وعبد الرحمن ارشيدات (من قضاء عجلون) ،وناجي ذيب ثم
خليل التلهوني (من قضاء معان) ،وعيسى المدانات (من قضاء الكرك) ،وعبد المهدي المرافي ثم حسن
العطيوي (من قضاء الطفيلة) ،وناصر الفواز الزعبي (من ناحية الرمثا).
ورفض أهالي سورية السياس َة البريطانية – الفرنسية ،حتى إن أهالي شرقي األردن في منطقة
الصهيونية في سمخ
الكفارات وبني عبيد والرمثا والوسطية أغاروا في عام 1920على المستعمرات ُّ
عيمهم كايد المفلح العبيدات ،وتعرضت أ ُّم قيس
وبيسان ،ولكن بريطانيا تصدت لهم بطائراتها وقتلت ز َ
ان في
االنتداب ،الذي أثار السخط والهيج َ
َ لقصف الطائرات البريطانية .كما رفض أهالي شرقي األردن
نفوسهم ،مما دفع قائد منطقة القنيطرة علي خلقي الشرايري إلى تولي مسؤولية تنظيم المقاومة ضد القوات
تعبير عن الحالة السائدة في المنطقة.
الفرنسية في لبنان؛ ًا
وشكل اهالي شرقي األردن بعد معركة ميسلون 1920قوة كبيرة بزعامة سلطان العدوان ،ضمت
دمشق
َ عددا من الشركس بزعامة مير از باشا وسعيد المفتي ،كان هدفها مساعدة الجيش العربي في
ً
للوقوف ضد االحتالل الفرنسي ،لكن القوة األردنية توقفت عند دخول الفرنسيين دمشق .واشترك أهالي
شرقي األردن في المقاومة السورية ضد االحتالل الفرنسي بعد خروج الملك فيصل؛ حيث سافر عدد من
أهالي عمان والبلقاء بالقطار ومعهم مدفعان؛ إضافة إلى حملة من فرسان العشائر برئاسة منور الحديد
وصل عددها إلى ( )400خيال ،وتولى الشريف علي البديوي قيادة المتطوعين من شرقي األردن ،الذين
وصل عددهم إلى أكثر من ألف ،معظمهم من بدو البلقاء وأهل السلط وعمان.
وتألفت في منطقة شرقي األردن ما بين آب 1920وآذار 1921عدة مجالس إدارة ،اصطلح
على تسميتها (الحكومات المحلية) ،ومن أبرزها :حكومة إربد ،وحكومة السلط ،وحكومة الكرك .وكانت
الروح القبلية والعصبية العشائرية صف ًة غالبة على الحكومات الثالث ،التي لم تستمر أكثر من سبعة
أشهر؛ فحكامها زعماء َووجهاء عشائر .ولما لم تظهر شخصية أقوى من هؤالء الزعماء يخضعون لها
حكومات جديدة ،كما حدث في
ٌ وينصاعون ألوامرها فقد انفصلت مناطق عن الحكومة المركزيةَ ،وشكلت
حينذاك عدم وجود قوة عسكرية كافية لفرض هيبة الحكومة َوسلطانها والمحافظة
َ إربد مثالً .كما لوحظ
على االستقرار ،مما شجع بعض العشائر على اعتداء بعضها على بعض ،ومن ثَم حدوث نزاعات
-7-
عجزت الحكومات عن حلها ،رغم أن الضباط البريطانيين كانوا يساعدون في فرض األمن من خالل
بعض الجنود ،الذين كانوا يأتون من ِفَلسطين .فضالً عن فشل هذه الحكومات في تحصيل الضرائب من
سلبا على الموظفين ورجال الدرك ،الذين استمر بعضهم بالعمل
المواطنين بصورة منتظمة ،مما انعكس ً
لعدة شهور من غير الحصول على رواتب.
-8-
بتلبية دعوة األمير عبدهللا وهو في معان فالتحقوا به ،وكان من هؤالء :حمد بن جازي ومثقال الفايز
وحديثة الخريشا وعطوي المجالي وحسين الطراونة وسعيد خير وسعيد المفتي وشيخ العيسى ،وبعض
السوريين الفارين من االحتالل الفرنسي ،من مثل :أحمد مريود ونبيه العظمة وكامل البديوي ومحمود
مريود.
-9-
ان وزيزياء (الجيزة) ،وتحافظ على حدود سورية وِفَلسطين من كل اعتداء، قاعدتين للطيران في عم َ
وتتوسط بريطانيا لتحسين العالقات بين األمير ع ِبدهللا و ُّ
السلطة الفرنسية في سورية.
مرضيا؛ إذ استطاع أن يحظى بدعم دولة كبرى لتحقيق
ً ولقد عد األمير عبدهللا هذا االتفاق حالً
آماله .وباشر بعد ذلك في 11نيسان عام 1921بتأليف أول حكومة في عهد اإلمارة ،فعين رشيد طليع
ئيسا "لمجلس المشاورين" ومنحه لقب الكاتب اإلداري .والصفة الغالبة على هذه الحكومة أن معظم ر ً
أعضائها من حزب "االستقالل السوري"؛ إذ لم يكن بينهم سوى أردني واحد هو علي خلقي الشرايري،
ابة أربعة أشهر أقيلت الحكومة ،فشكل مظهر رسالن ووزير من الحجاز وآخر من ِفَلسطين .وبعد قر ِ
َ
حكومة جديدة أطلق عليها "مجلس المستشارين".
تاما وعقد وبدأت مطالبات األمير ِ
عبدهللا المسؤولين البريطانيين باستقالل شرقي األردن استقالالً ًّ
أي شيء ،سوى غير أنه لم ينجم عن هذه المباحثات وغيرها ُّ
معاهدة بين الطرفين تَض َمن هذا االستقاللَ ،
ما أعلنه هيربرت صموئيل عندما زار عمان في 25أيار عام 1923؛ إذ اعترفت الحكومة البريطانية
عبدهللا ،على شرط أن تكون دستورية بحيث تمكنبوجود حكومة مستقلة في شرقي األردن برئاسة األمير ِ
بريطانيا من أداء تعهداتها الدولية.
عبدهللا عند بداية تأسيس اإلمارة عدة صعوبات داخلية وخارجية ،ما هي؟
األمير ُ
ُ سؤال :واجه
قاوم عدد من شيوخ العشائر والزعماء التقليديين الحكوم َة المركزية التي أنشأها األمير في عمان،
الجديدة التي أصبحت ِ
التنظيمات اإلداري َة عيم ناحية الكورة كليب الشريدة ،الذي رفض
َ وكان أبرز هؤالء ز َ
ان مباشرة ،لكن طلبه هذا رفض ،مما أدى إلى طالبا أن يتبع لعم َ
الكورة بموجبها تابعة لمتصرف إربد ،م ً
صدام بينه وبين الحكومة أطلق عليه "حادث الكورة" .واستمر مسلسل األحداث الداخلية في بداية وقوع ِ
فتأسيس اإلمارة؛ إذ حاول عدد من الزعماء تقليد الشريدة ،وأبرز هؤالء سلطان العدوان ،الذي تزعم حل َ
ان في آب عام .1923وظهر في آذار عام اصطدام في عم َ
ٌ البلقاء ،وحصل بينه وبين قوات اإلمارة
1926تمرد في جنوب شرقي األردن ضد اإلدارة الجديدة ،في قرى وادي موسى ،تمثل في هجوم أهالي
المنطقة على مخفر الدرك ودار الحكومة ،وقد اتبعت الحكومة سياسة اللين في بادئ األمر ،لكن الهجوم
عاد من جديد بعد أن أنشأت الحكومة طريًقا للسيارات بين معان ووادي موسى؛ حيث هاجم األهالي
مخافر الدرك هناك.
َ
-10-
وتكمن أسباب قيام مثل هذه الحركات في اعتياد سكان منطقة شرقي األردن على عدم وجود
السلطة العثمانية مرة واحدة في السنة ،عند جبايةحكومة مركزية؛ إذ كانوا في السابق يشاهدون رجال ُّ
الكثير من االمتيازات التي كانوا يتمتعون
َ الضرائب ،إضافة إلى فقدان شيوخ العشائر والزعماء التقليديين
ونها قبل تأسيس اإلمارة؛ كالفصل فيبها في العهد العثماني ،وحرمانهم من َم َهمات كثيرة كانوا يؤد َ
بناء على العادات والتقاليد التي كانت سائدة آنذاك ،فضالً عن كراهية سكان المنطقة
الخالفات العشائرية ً
للسلطة التي عجزت عن تقديم العون لهم في أثناء المجاعات وانتشار األوبئة الفتاكة ،وهذا موروث
ُّ
تاريخي لمسه الناس أيام العثمانيين ،إلى جانب الجهل الذي كان متفشًيا بين الناس نتيجة لقلة المدرسين؛
لذا عجزوا عن استيعاب ما حدث ،خاصة قيام حكومة مركزية في منطقة شرقي األردن شبيهة –من
نفسها
ليب َ
وجهة نظرهم– بالحكومة العثمانية ،واتباع الحكام والموظفين الجدد في الحكومة األردنية األسا َ
التي كانت أيام األتراك العثمانيين؛ إذ لم تختلف عقليتهم عن عقلية األتراك ،والتقاء مصالح بعض الشباب
مناصب في اإلدارة
َ مع مصالح بعض زعماء العشائر ،وخاصة مسألة الحصول على األردنيين المثقفين َ
الجديدة ،والحلول محل الموظفين العرب.
تطور الحياة السياسية في شرقي األردن فقد سعت الحكومة إلى إبرام معاهدة ثنائية
أما في يتعلق ب ُّ
مع نظيرتها الحكومة البريطانية ،خاصة بعد إعالن 25أيار عام ،1923الذي اعترفت بريطانيا من َ
خالله بوجود حكومة مستقلة في شرقي األردن برئاسة األمير ِ
عبدهللا ،لكن هذه المساعي لم تتحقق إال في
بداية عام .1928وقد توصل الجانبان؛ األردن ُّي برئاسة رئيس المجلس التنفيذي (الوزراء) حسن خالد أبو
الهدى ،والبريطاني برئاسة اللورد بلومر ( )Lord Plumerإلى عقد اتفاقية بينهما ،وقعت في 20شباط
عام ،1928وكانت مطابق ًة لمبادئ صك االنتداب البريطاني على شرقي األردن ،رغم احتوائها على مواد
نحو األمام للتخلص من االنتداب البريطاني .وكان أهم ما تضمنته عبدهللا خطوة َ
األمير َ
َ جديدة ،منحت
السل ِ
طات التشريعي َة واإلدارية التي االتفاقية وضع قانون أساسي للبالد "دستور" ،ومنح األمير ِ
عبدهللا ُّ َ
مع حقها في تنظيم قوات كانت بيد ملك بريطانيا ،واحتفاظ بريطانيا بقوات مسلحة في شرقي األردنَ ،
مسلحة وإنشائها ومراقبتها بهدف الدفاع عن البالد وتأييد األمير ِ
عبدهللا ،والتزام بريطانيا بتقديم معونة
مالية على سبيل ِهبة أو قرض لسد النفقات العادية لإلدارة ولإلنفاق على القوات الالزمة للدفاع عن شرقي
األردن ،إضافة إلى تقديم التسهيالت للقوات البريطانية والسماح بنقل الوقود والعتاد والذخيرة واللوازم
وتخزينها على طرق شرقي األردن َوِس َك ِكها الحديدية ومعابرها المائية وموانئها ،وكذلك عدم وجود حواجز
-11-
جمركية بين ِفَلسطين وشرقي األردن ما لم يقع ُّ
أي اتفاق بين البلدينن ووضع التسهيالت أمام تجارة شرقي
األردن في الموانئ ال ِفَلسطينية.
وقد جاءت المعاهدة خاتمة لمرحلة مليئة باالضطرابات الداخلية والمصاعب المالية واالقتصادية
واالعتداءات الخارجية والصراع بين رجال االنتداب البريطاني والوطنيين من قادة حزب االستقالل العربي،
عبدهللا ومكنت بريطانيا من وضع يدها على الشؤون المالية واإلدارة العسكرية ،كما
األمير َ
َ لكنها قيدت
كانت بداية لعهد جديد اتسم باالستقرار الداخلي وقيام مؤسسات دستورية وحياة سياسية ،إضافة إلى انفتاح
معها.
شرقي األردن على الدول المجاورة وإقامة عالقات ثنائية َ
تطور الحياة السياسية في اإلمارة ،وكانت أبرز اإلنجازات على
مع بريطانيا ُّتال توقيع المعاهدة َ
الصعيد الداخلي وضع قانون أساسي ،كما ورد في المادة الثانية من المعاهدة ِ
نفسها ،قدمته الحكومة َ
البريطانية الئحتَه إلى حكومة شرقي األردن ،ونشر في 16نيسان من العام نفسه ،وكان إلى حد كبير
مشابها للقانون األساسي الذي كان معموالً به في العراق.
ً
أرسى القانون األساسي القو َ
اعد األولية لمؤسسات الحكم في اإلمارة؛ إذ حدد صالحيات رئيس الدولة
عبدهللا وحكومته ،ونص على تأليف مجلس لمساعدته في ممارسة صالحياته ،وعلى تأليف مجلس األمير ِ
وآخر تشريعي ،إضافة إلى إق ارره بوجود مؤسسات قضائية مؤلفة من ثالثة أنواع من المحاكم َ تنفيذي
الدينية والمدنية والخاصة ،كما بين القانون حقو َق الشعب األردني القائمة على المساواة بين المواطنين.
ويمكن القول إن األمير عبدهللا سيطر من خالل معاهدة عام 1928والقانون األساسي "الدستور" لعام
1928على مقاليد األمور ،وأصبح بموجب هذين اإلج ارءين ذا نفوذ وقوة.
وبناء على القانون األساسي "الدستور" أجريت في كانون الثاني عام 1929أول انتخابات عامة
ً
ألول مجلس تشريعي في اإلمارة ،شارك فيها جميع سكان اإلمارة من الذكور ،وفيها نجح معظم مرشحي
الحكومة ولم ينجح إال اثنين من المعارضة :مسيحي وشركسي ،وبذا أصبح المجلس التشريعي مؤلًفا من
عضوا ،إضافة إلى أعضاء الحكومة ورئيسها .وكانت اإلمارة مقسمة إلى أربع دوائر انتخابية ،هي:
ً ()16
-12-
اضيا عن كثير من مواد المعاهدة؛ لذا انعقد في مدينة عمان في 5تموز
لم يكن الشعب األردني ر ً
طالب فيه المؤتمرون أن تكون
َ ميثاق
ٌ صدر عنه
َ مؤتمر وطني برئاسة حسين الطراونة،
ٌ عام 1928
ذات سيادة بحدودها الطبيعية ،وأن تدار بحكومة دستورية مستقلة،
قي األردن دول ًة عربية مستقلة َشر ُّ
االنتداب البريطاني ووعد بلفور ،كما رفض االعتراف بأي انتخابات نيابية تجري على
َ واستنكر الميثاق
صادر عن حكومة دستورية
ًا غير قواعد التمثيل الصحيح ،ورفض كذلك كل تجنيد عسكري ال يكون
مسؤولة ،ورفض دفع أية نفقات للقوات األجنبية في شرقي األردن ،كما طالب بمنح شرقي األردن
تقالل في شؤونها المالية.
االس َ
وانتخب المؤتمرون مجموع ًة من األشخاص َ
تحت اسم "أعضاء اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني"،
رفعوا هذه المطالب لألمير ِ
عبدهللا ،ولكن المعتمد البريطاني لم يستجب لذلك ،فقابَله حسين الطراونة َ
السلطة التشريعية ،وبجعل الحكومة مسؤولةالسلطة التنفيذية عن ُّ
وسلمه مذكرة تضمنت المطالبة بفصل ُّ
أمام المجلس التشريعي ،والتخلص من الموظفين البريطانيين ،والتخفيف من االتفاقات المالية التي تصرف
على البريطانيين ،إضافة إلى رفض االنتداب على البالد.
وقد رد المعتمد البريطاني على هذه المذكرة فأشار إلى أن بريطانيا اعترفت باستقالل الحكومة
األردنية في 25أيار عام ،1923ودافع عن القانون األساسي الجديد "الدستور" ،ولكن اللجنة التنفيذية
اجتمعت في 16آب عام 1928وردت عليه بمذكرة بينت فيها أن اإلدارة البريطانية في شرقي األردن
تقوم بتصرفات غير مسؤولة؛ إذ لم تحسن من حالة البالد االقتصادية لدرجة أن المواطن األردني أرِهق
انين استثنائية ظالمة ،من مثل :قانون الجرائم وقانون
عالوة على إخضاع البالد لقو َ ً من الضرائب،
العقوبات المشتركة وقانون النفي واإلبعاد وتقييد حرية الصحافة ،وأدى هذا بدوره إلى خنق الحريات العامة
والفردية.
-13-
االنتداب البريطاني دو َن المس بسيادة البالد ،كما طالبوا برفض االنتخابات العامة غير المبنية على قواعد
التمثيل الصحيح ،وأن تكون قيادة الجيش العربي بيد قيادة عربية ال بريطانية ،وأن تكون َم َهمة بريطانيا
استشاري ًة فني ًة فقط.
وقد انتظمت المعارضة في عدة أحزاب ،وِس َم معظمها بالعشائرية الجهوية ،وكان من أبرزها :حزب
اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني برئاسة حسين الطراونة ،وحزب الشعب برئاسة هاشم خير ،والحزب الحر
المعتدل بزعامة رفيفان المجالي ،وحزب التضامن األردني بزعامة مصطفى وهبي التل .واستطاع حزب
مع األحزاب األخرى اللجنة التنفيذية عقد خمسة مؤتمرات بين عامي ( ،)1933-1929نجح من خاللها َ
في تعبئة الرأي العام في شرقي األردن ضد معاهدة عام 1928والقانون األساسي "الدستور" والقوانين
االستثنائية األخرى .وعليه ،فقد كان توقيع المعاهدة بداية الوعي والنضال السياسي األردني.
بارز في معارضة
دور ًاوانتقلت المعارضة إلى قاعة المجلس التشريعي؛ حيث أدى أعضاء المجلس ًا
الهيمنة البريطانية على البالد؛ فندد النائب عادل العظمة بامتياز البحر الميت لشركة البوتاس ،ووصفها
مع شركة َنفط العراق ،وأثار
بأنها شركة صهيونية ،واعترض النائب حسين الطراونة على االتفاق المعقود َ
نائب إربد نجيب الشريدة موضوع االستغناء عن الموظفين غير األردنيين ،كما كرر أعضاء المجلس
عبدهللا أن يبذل ما في وسعه لتعديل
األمير َ
َ المطالبة بتعديل مواد معاهدة عام 1928؛ حيث طالبوا
المعاهدة ،ولكن هذه المحاوالت قوبلت بالرفض من المندوب السامي البريطاني.
وقد بدأت الحركة الوطنية األردنية تضعف ابتداء من منتصف الثالثينيات ،في الوقت الذي برزت
فيه الحركة الوطنية ال ِفَلسطينية ،وخرجت المعارضة إلى المنفى (سورية) بزعامة صبحي أبو غنيمة،
وانضمت إلى صفوف المعارضة ال ِفَلسطينية ،واتصلت بدول المحور أمالً في التخلص من االنتداب
البريطاني ،وقد جعل هذا ُّ
كله الحرك َة الوطنية األردنية خالل الحرب العالمية الثانية ()1945-1939
شبه معدومة ،رغم وجود مشاعر وطنية
غير فاعلة وليس لها دور يذكر .وكانت المعارضة في الداخل َ َ
لدى بعض األردنيين.
-14-
نفس ِه قرر قائد القوات البريطانية في الشرق؛ الجنرال ويفل (،)Wavell
جنديا .وفي السياق ِ
على (ًّ )350
زيادة قوة البادية األردنية لتصبح كتيبة مدرعة ،كما تقرر زيادة قوة حدود شرقي األردن التي كان يقودها
آنذاك الكولونيل بيتر ويلسون ).(Peter Wilson
سؤال :ما أهم إسهامات حكومة شرقي األُردن في الحرب العالمية الثانية؟
كان من أبرز مهام القوات األردنية خالل الحرب حراسة المنشآت العسكرية البريطانية في ِفَلسطين،
بعد أن وافق األمير عبدهللا على طلب المندوب السامي البريطاني ،المتضمن وضع ( )200جندي أردني
تحت تصرفه .وقد بقيت هذه القوة في ِفَلسطين حتى نهاية الحرب ،تحمي الموانئ والطرق ومخازن
األسلحة وشبكات البرق والهاتف.
كذلك أسهمت الحكومة األردنية في القضاء على االنقالب العسكري في العراق ،الذي نفذه رشيد
عالي الكيالني وبعض الضباط العراقيين ضد البريطانيين في بداية نيسان عام 1941؛ حيث هرب
عبد اإلله إلى شرقي األردن ،وطلب المساعدة من األمير ِ
عبدهللا؛ لذا الوصي على عرش العراق األمير ِ
جاءت المشاركة عن طريق إرسال كتيبة البادية األردنية ضمن القوات البريطانية بزعامة رئيس أركان
مع قوة حدود شرقيالجيش األردني الفريق جون باغوت غلوب ( ،)J.B.Glubbالتي تمكنت بالتعاون َ
الرطبة في أيار من العام ِ
نفسه ،تال ذلك قيامها ِب َم َهمة االستطالع للقوات األردن من احتالل مدينة ُّ
ضي على االنقالب في نهاية أيار، السكة الحديدية وطريق بغداد – الموصل ،وقد ق ِ
البريطانية ،وبحراسة ِ
َ
وعاد األمير عبد اإلله إلى بغداد.
مع القوات البريطانية في طرد قوات فيشي ( )Vichyالفرنسية الموالية
شاركت القوات األردنية َ
لأللمان من سورية ،وبدأ الهجوم من األراضي األردنية؛ حيث تجمعت القوات البريطانية وقوات الجيش
خطابا في قواته دعاهم فيه إلى تحرير سوري َة من قوات
ً العربي في مدينة المفرق ،وألقى األمير عبدهللا
مع القوات البريطانية ،واحتالل
احتالل مدينة تدمر َ
َ فيشي .وكان من أبرز ما قامت به القوات األردنية
كلها ،وعادت هذه القوات إلى شرقي األردن بعد إنهاء مهامها. السخنة؛ حيث حررت البادية السورية ُّ
بلدة ُّ
ويبدو أن هدف األمير ِ
عبدهللا من إشراكه القوات األردنية في الحرب تحقيق عدة أمور ،من أبرزها:
زيادة أعداد الجيش العربي وتقويته عن طريق إكسابه المهارة العسكرية وزيادة تسليحه ،إضافة إلى إثبات
قوة الحكومة األردنية وأنها قادرة على حماية نفسها ،وكان هدفه من ذلك الحصول على االستقالل من
-15-
بريطانيا .كما أن سعى األمير عبدهللا إلى تدعيم مكانته بين الزعماء العرب ،وإثبات أنه الحليف األول
والمخلص لبريطانيا؛ لذا أشرك قو ِاته في حرب الصحراء الليبية ضد إيطاليا ،كما طلب أن تسهم قواته في
العمليات الحربية في منطقة البلقان ،لكن ذلك لم يتم لتغير ظروف الحرب .كما أرسلت كتيبة أردنية
إلخضاع القبائل الثائرة في إيران.
ونتيجة للدور الذي أداه الجيش العربي في الحرب ،رغم تواضع عدد أفراده ،فقد شكرت الحكومة
عبدهللا ،وشاركت ثل ٌة من القوات األردنية في مسيرة "يوم النصر" في لندن بتاريخ 8
األمير َ
َ البريطانية
الوحيدة من بين
َ تقدير إلسهام إمارة شرقي األردن؛ إذ كانت الحكومة األردنية
ًا حزيران عام 1946؛
الحكومات العربية التي أعلنت بصراحة وقوفها إلى جانب دول الحلفاء ،كما كان األمير عبدهللا الزعيم
العربي الوحيد الذي أعلن وقوفه إلى جانب بريطانيا منذ بداية الحرب .وكان من أهم نتائج الحرب على
الصعيد العسكري زيادة عدد قوات الجيش العربي ،بحيث أصبحت تقدر بـِ ( )8،000ضابط وجندي.
للمزيد ،انظر الموقع اإل لكتروني اآلتي:
http://www.pm.gov.jo/arabic/index.php?page_type=pages&part=1&p
age_id=124
-16-
ملكا عليها .كما تعهد الجانبان بأال يقف بريطانيا بشرقي األردن دولة كاملة االستقالل وباألمير ِ
عبدهللا ً
أحدهما من اآلخر في البالد األجنبية بما ال يتفق وبنود المعاهدة .واتفقا على إقامة التمثيل الدبلوماسي
بينهما ،وتعهدت بريطانيا بدفع معونة مالية إلى األمير لكنها مقيدة بشروط ،وأعطيت الحق في امتالك
قوات مسلحة في شرقي األردن.
وقد ضمنت بريطانيا هيمنتها على شرقي األُردن من خالل:
أ – وجود قوات بريطانية عسكرية على األراضي األردنية.
ب – السيطرة على الجيش العربي من خالل الضباط البريطانيين ،كما ظل تَعداد هذا الجيش
طا بقرار الحكومة البريطانية في االستمرار بدفع نفقاته.
وتجهيزه مرتب ً
ج – السيطرة على المعونة المالية المقدمة من بريطانيا إلى حكومة شرقي األردن ،من خالل
المباشر على أوجه إنفاقها.
َ اإلشراف
د – طول مدة نفاذ المعاهدة التي اتُّفق عليها ،وهي خمس وعشرون عا ًما.
-17-
المتحدة ،فوجهت الحكومة البريطانية دعوةً إلى رئيس الوزراء األردني توفيق أبو الهدى ،الذي زار لندن
مفاوضات انتهت بالتوصل
ٌ في 25كانون الثاني عام ،1948وجرت بين الطرفين :البريطاني واألردني
إلى اتفاق مبدئي على نصوص المعاهدة الجديدة في 6شباط من العام ِ
نفسهَ ،ووق َع توفيق أبو الهدى
نفسه صادقيطاني إليك كيركبرايد المعاهدة يوم 15آذار في عمان ،وفي اليوم ِ والوزير المفوض البر ُّ
َ
عليها الملك عبدهللا.
دور الشرق اُردنيين في الدفاع عن فل ْسطين قبل قيام إمارة شرقي األُردن؟
سؤال :ما ُ
سؤال :ما رد ُة الفعل األُردني شعبيا ورسميا على األحداث التي كانت تحصل على الساحة الفل ْسطينية؟
أبرز محاوالت األمير عبدهللا لحل القضية الفل ْسطينية؟
سؤال :ما ُ
-18-
تعاطف
َ جاءت ردة الفعل األردنية قوية عندما قامت الثورة ال ِفَلسطينية في نيسان عام 1936؛ حيث
مع ال ِفَلسطينيين ،فقامت المظاهرات في المدن األردنية ،وقدم عدد من ضباط الجيش العربي األردنيو َن َ
كثير من
تأثير في الحركة الوطنية األردنية؛ إذ شارك فيها ٌ حقيقيا للثوار .كما كان لها ٌ
ًّ دعما
األردني ً
األردنيين ،واشترك بعضهم في المظاهرات التي قامت في الس ِ
لط وإر َبد وغيرِهما من المدن األردنية .فضالً
عن تهريب كثير من الشخصيات األردنية األسلح َة إلى ِفَلسطين ،ومن أبرزهم حديثة الخريشة أحد زعماء
بني صخر ،الذي كان يورد السالح للثوار عن طريق الغور األردني.
السلطات البريطانية لحل مسألة
جهودا دبلوماسية لدى ُّ
ً وعلى الصعيد الرسمي بذل األمير عبدهللا
اإلضراب وإنهاء الثورة عن طريق التوصل إلى تسوية ترضي الجانب ال ِفَلسطيني ،وذلك بتنفيذ مطالبه
ومنع انتقال األراضي إلى اليهود ،وإقام َة حكومة وطنية على أساس وقف الهجرة اليهودية، المت ِ ِ
َ ضم َنة َ
ََ
حمل بريطانيا على تقديم بعض التنازالت لعرب ِفَلسطين، ِ
التمثيل النيابي .وقد كان هدف األمير عبدهللا َ
ومنع انتقال الثورة إلى شرقي األردن.
َ
رحب األمير عبدهللا باقت ارح اللجنة الملكية المرسلة إلى ِفَلسطين برئاسة اللورد بيل ()Lord Peel
طين وتقسيمها إلى ثالثة ِ ضم ِن
إلغاء االنتداب البريطاني على فَلس َ
َ في تشرين الثاني عام ،1936المتَ َ
مع شرقي األردن لتشكيل دولة عربية، ِ
طين َ
أقسام ،أولها يضم األراضي الداخلية الواسعة الفقيرة من فَلس َ
وثانيها دولة يهودية تضم األراضي الساحلية والسهلية من ِفَلسطين ،ويشمل ثالثها مدينتي القدس وبيت
لحم ويتصل بالبحر بممر ضيق ،ويوضع تحت االنتداب البريطاني .لكن هذا االقتراح قوبل برفض من
عبدهللا كان مياالً لقبول هذا االقتراح. ِ
طين والبالد العربية ،رغم أن األم َير َ
عرب فَلس َ
مشروعا لحل القضية ال ِفَلسطينية ،تضمن إقام َة دولة عربية
ً وقدم األمير عبدهللا في أيار عام 1938
ضمان وحدة طين وشرقي األردن وإعطاء اليهود إدارة ذاتية ،وكان الهدف من هذا المشروع ِ
َ مكونة من فَلس َ
مع شرقي األردن ،لكن لجنة التقسيم رفضت هذا المشروع رغم أنه تضمن المحافظ َة على ِ
فَلسطينية َ
عارضه العرب ،خاص ًة ِمصر.
َ المصالح البريطانية في المنطقة ،كما
طين وضمان سيادتها؛ إذ كان ِ
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية طالب األمير عبدهللا باستقالل فَلس َ
يسعى إلى تحقيق مشروع سوري َة الكبرى .وفي 8أيار عام 1946اشترك الملك عبدهللا بمؤتمر أنشاص،
الذي وافق الزعماء العرب خالله على قرارهم القاضي بدعم المطالب العربية في ِفَلسطين ،لكن هذه
االقتراحات وغيرها لم يستجب لها .وفي 29تشرين الثاني عام 1947اجتمعت الجمعية العامة لألمم
الجليل الغربي، تضم طين إلى ثالث مناطق :منطقة عربية ِ
َ ُّ ار بتقسيم فَلس َ
المتحدة واتخذت باألغلبية قرًا
-19-
الجليل الشرقي
َ ونابلس ،والسهل الساحلي من مدينة أشدود إلى الحدود المصرية ،ومنطقة يهودية تشمل
صر على مدينة القدس .كما تضمن قرار الجمعية ومعظم السهل الساحلي والنقب ،ومنطقة دولية تقتَ ِ
إنهاء االنتداب البريطاني ،وإقامة الدولتين المستقلتين :العربية واليهودية والنظا ِم الدولي الخاص
َ العامة
بمدينة القدس بعد انسحاب القوات البريطانية بشهرين .ويمكن حصر موقف األردن من التقسيم بموقفين:
الحاج محمد
ُّ أولهما الموقف الشعبي ،الذي كان مؤيًدا لِوجهة النظر الشعبية ال ِفَلسطينية ،التي كان يمثلها
أمين الحسيني ،وهي رفض قرار التقسيم ،وثانيهما الموقف الرسمي؛ حيث كان لدى الملك ِ
عبدهللا رأيان:
مع عرب ِفَلسطينَ ،وَن َب َع ثانيهما –وهو أكثرمع الموقف العربي العام ،وقام على التضامن َ انس َج َم أولهما َ
َ
ِ
واقعي ًة -من قناعات الملك عبدهللا الشخصية ،وينحصر في أحد أمرين :إما قبول قرار التقسيم على
عالته ،هذا في حالة عدم قدرة العرب على الحرب ضد اليهود ،أو أن يعهد للجيش العربي (األردني)
عضوا في هيئة بمواجهة اليهود ،وينال الدعم والمساعدة من الدول العربية ،بالن ِ
ظر إلى أن األردن ليس
ً
مع اليهود.
األمم المتحدة ،ويستطيع أن يدخل في حرب َ
سؤال :ماذا تضمن قرُار الجمعية العامة للُمم المتحدة الصادر في 29تشرين الثاني عام 1947لحل
موقف األُردن منه؟
ُ القضية الفل ْسطينية ،وما
-20-
واتُِّف َق على أن يتولى الملك عبدهللا القيادةَ العليا للجيوش العربيةَ ،وي َسل َم إسماعيل صفوت باشا قيادةَ جيش
اإلنقاذ.
اقي ،وكان تركيز الملك
طين ،كما دخلها الجيش العر ُّ ِ
ودخل الجيش األردني ليلة 15 -14أيار فَلس َ
مصير النصر في الحرب أو الهزيمة يتوقف عليها؛ فقد عبدهللا منصًبا على حماية مدينة القدس؛ ألن ِ
َ
كانت القدس عزيزة على قلب الملك ِ
عبدهللا ِب َوص ِفها أولى القبلتين وفيها ثالث الحرمين الشريفين ،كما أنها ً
بن علي؛ زعيم الثورة العربية الكبرى ،ومحافظة الجيش األردني عليها ربما يح والده الحسين ِ
تحوي ضر َ
الجيش األردني بدخولها في
َ عاما؛ لذا أمر
يعوض –ولو جز ًّئيا– عن فقدان مك َة والمدينة قبل نحو ثالثين ً
عديدة ضد اليهود للسيطرة عليها وعلى الطريق الذي يمتد بينها وبين تل أبيب،
ً معارك
َ خاض
18أيار ،ف َ
أكثر من (.)300
وقد بلغ عدد اإلصابات في الجيش األردني نتيج َة ذلك َ
يوما من القتال ازر الملك
عشر ً
أحد َ
انتصار على القوات اليهودية ،وبعد َ
ًا وقد حققت القوات األردنية
عبدهللا مدين َة القدس؛ حيث استقبله أهلها بحماس بالغ .وواصل الجيش األردني انتصارِات ِه في القدس
القديمة وفي باب الواد واللطرون ،وأبدى األردنيون بسال ًة نادرة ،حتى إنهم نجحوا في إنقاذ القدس القديمة
وجزء صغير من المدينة الجديدة .وتعد معركة القدس ،التي خاضها الجيش األردني بعدد أفراد أقل من
ستة آالف رجل ،من أبرز المعارك في حرب عام 1948؛ ألن المساحة التي انتشروا فيها كانت تزيد
حينذاك ثالث كتائب غربي القدس بهدف إغالق الطريق ضعت على ستة آالف كيلومتر مربع .وقد و ِ
َ
ضعت في المدينة ِ
نفسها. المؤدية إلى تل أبيب ،أما القوات الباقية َفو ِ
وشاركت فر ٌق شعبية من األردن في الحرب بزعامة حمد بن جازي الحويطات ،كما شاركهم اإلخوان
المسلمون بزعامة عبد اللطيف أبو قورة.
وعليه ،فقد تمكن الجيش العربي من إنقاذ مدينة القدس ،واستولى على تسع مستعمرات يهودية،
غير أن نتيجة المعركة عام ًة
أسر ( )850يهوديًّا ،أما عدد القتلى والجرحى من أفراده فبلغ (َ .)500
و َ
مع
مصر اتفاقية هدنة َ
َ كانت هزيمة جيوش الدول العربية أمام اليهود ،مما أدى في نهايتها إلى توقيع
إسرائيل في شباط عام ،1949ثم لحق بها األردن في شهر آذار من العام ِ
نفسه ،ومن بعده سوريا ،أما
العراق فقد رفض ،وانسحبت قواته وحلت محلها القوات األردنية ،كما انسحبت القوات المصرية من
ِفَلسطين وحلت محلها القوات األردنية أيضا ،وبذلك أصبحت الضفة الغربية ُّ
كلها تحت حماية األردن. ً
-21-
عد قيام الوحدة بين األردن والجزء الذي بقي للعرب في ِفَلسطين (الضفة الغربية) في عام 1950
ي ُّ
كثير بموضوع
مهتما ًامع اليهود؛ إذ كان الملك عبدهللا ًّالبارز بالنسبة إلى األردن بعد حرب العرب َ
َ الحدث
َ
عاما للمنطقة الواقعةحاكما ًّ
ً الوحدة ،واتخذ لتحقيقها عدة إجراءات في أثناء الحرب؛ إذ عين إبراهيم هاشم
حاكما
ً تحت إشراف الجيش األردني ،وعين أحمد حلمي -أحد أعضاء الهيئة العربية العليا ل ِفَلسطين-
حاكما عسكريًّا في رام هللا
ً عسكرًّيا على القدس في 11حزيران عام ،1948كما عين عزمي النشاشيبي
ومدير لإلذاعة العربية فيها .ويبدو أن الهدف من اإلجراءات اإلدارية السابقة هو كسب الجانبًا
مع ِفَلسطين. ِ
الفَلسطيني ،والتمهيد لتحقيق فكرة الوحدة َ
صر
وتحرك الملك عبدهللا على الصعيد العربي محاوالً إقناع الزعماء العرب بفكرته ،فزار م َ
والسعودي َة والعراق إلقناع رؤسائها بالوحدة ،لكنه واجه معارضة شديدة من الزعماء العرب ومن جامعة
شكيل
فضها هذا االقتراح ،وقررت في المقابل ت َ الدول العربية ،التي أعلنت اللجنة السياسية التابعة لها ر َ
"مجلس إدارة" ل ِفَلسطين برئاسة أحمد حلمي .وهكذا ،فقد أثار موضوع الوحدة جدالً وخالًفا كبيرين بين
مع الهيئة العربية العليا ل ِفَلسطين، ِ
الدول العربية ،دفع الجامعة إلى إنشاء "حكومة عموم فَلسطين" بالتعاون َ
مركز لها ،واعترفت بها جميع الدول العربية باستثناء األردن.
متخذين من غزَة ًا
وعرض الملك عبدهللا فكرة الوحدة على ال ِفَلسطينيينَ ،وعقد في األول من تشرين األول عام 1948
ان تألفت لجنته التحضيرية من :سليمان التاجي الفاروقي ،وسعد الدين العلمي ،وعجاج مؤتمر في عم َ
ٌ
هيئات وشخصياتٌ نويهض ،وحكمت التاجي الفاروقي ،ومصطفى األنصاري ،وعزت الكرزون ،وحضرته
ومدعوون من مختلف أنحاء ِفَلسطين ،ومن و َجهاء الالجئين في األردن والبالد العربية األخرى ،وبلغ عدد
ِ
طبقات الشعب ال ِفَلسطيني من علماء ورجال أكثر من ستة آالف شخص ،يمثلون الذين حضروا المؤتمر َ
صحافة وتجار ومالكين و ،...بحثوا فيه ما ط أر دين وقضاة وموظفين وأطباء ومحامين ومهندسين ورجال َ
على ِفَلسطين من تطورات ،وناشدوا الدول العربية بأن يعملوا إلنقاذ ِفَلسطين ،كما عارضوا حكومة عموم
ض المؤتمرون ِ ِ
فَلسطين التي أعلنت في غزة معارض ًة تامة؛ ألنها شكلت دون موافقة أهل فَلسطين ،كما فو َ
تاما مطلًقا لمعالجة قضية ِفَلسطين.
تفويضا ًّ
ً عبدهللا
الملك َ
َ
-22-
عقد مؤتمر ثان في مدينة أريحا ،وذلك في ِ
طين َ
قرر أهل فَلس َ
ان َ
وبعد شهرين من انعقاد مؤتمر عم َ
األول من كانون األول عام 1948؛ حيث رأت الهيئة التي عقدت المؤتمر األول ،وبعد استشارة أهل
الرأي من عرب ِفَلسطين ،أن تدعو إلى عقد مؤتمر جديد لبحث حالة ِفَلسطين وتقرير مصيرها ،وترأس
المؤتمر محمد علي الجعبر ونائبه فؤاد عطاهللا وأمين ِ
السر عجاج نويهض وعضوا مكتب المؤتمر حكمت
التاجي الفاروقي وكمال حنون.
المؤتمر األعيان وشيوخ القبائل ومندوبو غرف التجارة ورؤساء البلديات والهيئات
َ وقد حضر هذا
واللجان والجمعيات ،وبحث فيه المؤتمرون األوضاع في ِفَلسطين فوجدوا أن خطورة أوضاعها السياسية
كبير؛ لذا قرروا أن تتألف مملك ٌة واحدة من ِفَلسطين واألردن ،وأن يبايِ َع
حدا ًا والعسكرية قد بلغت ًّ
ملكا دستورًّيا على ِفَلسطين ،كما قرروا رفع قرار
عبدهللا بن الحسين ً
الملك َ
َ طين ِ
المؤتمرو َن باسم عرب فَلس َ
المبايعة وقرار طلب توحيد البلدين إلى الملك ِ
عبدهللا ،وإبالغ هذه الق اررات إلى جامعة الدول العربية وهيئة
األمم المتحدة والممثلين السياسيين في عمان.
مع األردن ،ويرجع ذلك إلى أسباب ،هي :عدم وكان االتجاه العام في المؤتمرين المطالب َة بالوحدة َ
وجود مقومات لدى ال ِفَلسطينيين لقيام دولة ِفَلسطينية ،كالجيش والشرطة والمؤسسات األخرى ،والخالفات
السياسية القائمة بين فئات الشعب ال ِفَلسطيني ،التي حالت دون قيام الدولة ال ِفَلسطينية ،وخاصة بين
جماعة مفتي القدس الحاج محمد أمين الحسيني من جهة والزعامات األخرى سواء في نابلس أو الخليل
أو غيرهما من جهة ثانية ،والحاجة إلى مدة زمنية طويلة حتى يستطيع أهل ِفَلسطين تأسيس قوات أمن
داخلية وبناء مؤسسات محلية تقوم الدولة على أساسها ،وخيبة األمل الكبيرة لدى أهل ِفَلسطين بعد حرب
عام 1948وفشل الدول العربية في المحافظة على األراضي ال ِفَلسطينية التي استولى عليها اليهود.
قبول مقررات مؤتمر أريحا ورفعها إلى مجلس بناء على ما سلف ،فقد قرر مجلس الوزراء األردني َ
ً
ِ
اجتماعا في 13كانون األول من العام نفسه وصادق على قرار مجلس الوزراء األمة ،الذي عقد
ً
بخصوص قبول مقررات مؤتمر أريحا .وفي هذا الصدد اتخذ األردن إجراءات عملية ،كان من أبرزها:
لغي منصب الحاكم إلغاء الحكم العسكري األردني في ِفَلسطين ،الذي حلت محله إدارةٌ مدنية ،كما أ ِ
َ
ِ
بوزرة الداخلية
طين ألحقوا ا العسكري العام ،وعينت الحكومة األردنية متصر َ
فين للمناطق العربية من فَلس َ
األردنية .ورغم اإلجراءات األردنية السابقة فقد تأخر إعالن الوحدة بشكل رسمي حتى أوائل عام .1950
توصل الملك عبدهللا إلى قناعة بأنه ال بد من إعالن الوحدة رغم شن حمالت عنيفة ضد األردن؛
األهداف القومية
َ فمصر َعدت قرَار الوحدة "طعنة في ظهر اإلسالم" ،أما سورية فقالت إن القرار ال يتفق و
-23-
واإلنسانية التي دخلت الجيوش العربية من أجلها إلى األراضي المقدسة ،كما عارضت السعودية قيام
ودمشق والرياض.
َ معارض لألردن ،تمثل في القاه ِرة
ٌ لث (محور)
الوحدة .وعليه ،فقد أصبح هناك مث ٌ
انتخابات نيابية في الضفتين ،كانت نزيهة،
ٌ وإلقرار الوحدة فقد جرت في شهر نيسان عام 1950
ِ
تبعا لها حكومة برئاسة سعيد المفتي، ونجح فيها مرشحون عن مختلف االتجاهات في فَلسطين ،ألَفت ً
دخل فيها خمسة وزراء ِفَلسطينيين ،هم :روحي عبد الهادي ،وأحمد طوقان ،وراغب النشاشيبي ،وأنسطاس
حنانيا ،وسعيد عالء الدين .وقد قدمت الحكومة الجديدة مشروع قرار بوحدة الضفتين إلى مجلس األمة؛
كل األعيان والنواب باستثناء النائب شفيق ارشيدات .وهكذا جرت االنتخابات َوفق إجراءات
وافق عليه ُّ
مهما هو أال يؤثر هذا القرار في حقوق الشعب ال ِفَلسطيني عند
أمر ًّ
ديمقراطية .ولكن قرار الوحدة تضمن ًا
حل نهائي فألهل تسوية القضية ال ِفَلسطينية بشكل نهائي؛ أي بمعنى إذا حصلت تسوية نهائية أو ٌّ
مع الضفة الشرقية. ِ
فَلسطين الحق في فك االرتباط َ
وقد اعترفت الحكومة البريطانية في 27نيسان بوحدة الضفتين ،على أن تسري المعاهدة األردنية –
نفسه طلبت الحكومة المصرية برئاسة مصطفى النحاس عق َد البريطانية على الضفة الغربية .وفي اليوم ِ
وفدا
اجتماع للجنة السياسية لجامعة الدول العربية لبحث موضوع الوحدة ،فانتدبت الحكومة األردنية ً
يمثلها برئاسة وزير الخارجية محمد الشريقي ،وقد كان موقف الوفد المصري عدائيًّا من الوحدة ،حتى إنها
اج األردن من الجامعة ،ولكن العراقيين حالوا دون ذلك.
حاولت بمساندة من الدول العربية األخرى إخر َ
أما أبرز آثار الوحدة على البلدين فقد تولدت رغبة لدى الطرفين بالتعاون والتضامن؛ إذ أصبح
نصف سكان األردن من ال ِفَلسطينيين .وانعكست نتائج الوحدة على الحياة السياسية في األردن ،فتشكلت
اب سياسية في البالد دخلها األردنيون وال ِفَلسطينيون بغض النظر عن أصولهم؛ إذ انضم إلى األحزاب أحز ٌ
الشيوعية والقومية والوطنية أعضاء من الضفتين على حد سواء؛ فزادت الوحدة الوعي السياسي في األردن
َوَق ِوَي ِت الحركة الوطنية ،واندمج األردنيون وال ِفَلسطينيون في معظم التنظيمات خارَج األردن وداخله ،عدا
مصر عارضت الوحدة ووقفت ضدها؛ إذ اقتصرت على رابطة للطلبة األردنيين ورابطة أخرى للطلبة
ال ِفَلسطينيين برئاسة ياسر عرفات .وسارت األمور بعد قيام الوحدة بين الضفتين بشكل مريح من غير
مشكالت ،حتى إنها ت َعُّد من أمتن مشروعات الوحدة العربية التي تحققت في منتصف القرن العشرين؛ إذ
استمرت مدرة طويلة ،وال ازلت آثارها قائمة حتى الوقت الحاضر.
-24-
أحدث غياب الملك ِ
عبدهللا ،الذي اغتيل في 20تموز عام ،1951ما يشبه أزمة سياسية في
صحات السويسرية ،لكن عودته في 6 الم َ
يضا يعالج في إحدى َ طالل مر ً
ٌ ولي العهد األمير
البالد؛ إذ كان ُّ
ملكا على األردن أنهى األزمة السياسية ومسألة غياب رئيس كانون األول من العام ِ
نفسه والمناداة به ً
دستور جديد بمبادرة من الدولة .ورغم ِقص ِر مدة حكم الملك طالل ،التي لم تتجاوز العام ،فقد و ِ
ض َع
ٌ َ
الملك طالل ،وقعه في أول كانون الثاني عام َ ،1952وي َعُّد من أكثر الدساتير عصري ًة في العاَلم؛ إذ
أمام مجلس األمة.
نص على مسؤولية الو ازرة َ
ملكا على األردن بعد أن اشتد المرض على الملك طالل أ ِ
عف َي من منصبه ،ونودي باألمير حسين ً
صغر ِسِنه تألف مجلس وصاية على العرش من :سليمان طوقان، في 11آب عام ،1952وبسبب ِ
أقسم
بلغ الملك حسين الثامن َة عشرَة في 2أيار عام َ 1953وعبدالرحمن ارشيدات ،وإبراهيم هاشم .ولما َ
ئيس دولة. ِ ِِ ِِ
أمام مجلس األمة ،وتسلم سلطاته الدستوري َة ب َوصفه ر َ
اليمين الدستورية َ
َ
خالل مدة قصيرة تحقيق نهضة شاملة في مختلف مستويات التنمية والتطور
َ واستطاع الملك حسين
في المجاالت :االقتصادية واالجتماعية والتعليمية ،حتى أصبحت نسبة التعليم العالي في األردن من
ادر
الشاب ق ًا
ُّ تمض أربع سنوات على حكم الملك حسين حتى أصبح الملك ِ أعلى النسب في العاَلم .ولم
على قيادة شعبه ومعالجة المشكالت والقضايا بحكمة َوِدراية ،خاص ًة تلك التي نجمت عن نكبة عام
يال القضية ال ِفَلسطينية. ِ
1948وما ترتب عليها من التزامات جديدة ح َ
ص من المعاهدة األردنية – البريطانية وتوابعها؛ لذا طلب من وكان َه ُّم الملك حسين التخل َ
خالل زيارته إلى لندن في كانون األول عام ،1954لكن الحكومة البريطانية طلبت
َ البريطانيين تعديَلها
تأجيل النظر في ذلك ِلحين إنشاء حلف دفاعي في الشرق األوسط ،واستطاعت بريطانيا في بداية عام
حلف عسكري مكو ٌن من بريطانيا والع ارق وتركيا ِ
إيجاد ميثاق عرف بـ "ميثاق حلف بغداد" ،وهو ٌ
َ 1955
المِد الشيوعي في منطقة الشرق األوسط .وفي ظل هذه الظروف وإيران والباكستان ،هدفه الوقوف ضد َ
ألمر
علما أن هذا ا َ أصبح األردن مرش ًحا لالنضمام إلى الحلف ،وقد حاول البريطانيون َ
ذلك َو َس َعوا إليهً .
حينئذ أن يوفر له إمكاني َة مضاعفة عدد قواتهإيجابا على األردن؛ إذ يمكن َ
ً –لو تحقق -كان سينعكس
مع استمرار المساعدات المالية والدفاعية وتقليص مدتهاَ ،
َ وتعديل المعاهدة األردنية – البريطانية
َ المسلحة،
عيا ،وإقام َة
صناعيا وز ار ًّ
ًّ وتوفير مساعدات اقتصادية لتنمية البالد
َ التي كان األردن في ِ
أمس الحاجة إليها،
ص من القيادة البريطانية في الجيش العربي. ِ
مشروعات كبيرة تقلل من االعتماد على الخارج ،والتخل َ
-25-
الملك ُحسين منذ توليه ُسُلطاته الدستورية للتخلص من المعاهدة
ُ اءات التي قام بها
سؤال :ما اإلجر ُ
األُردنية – البريطانية وتوابعها؟
وعليه ،فقد أبدى الملك حسين استجاب َة األردن ورغبته في االنضمام إلى الحلف ،فتعهدت بريطانيا
بزيادة عدد القوات األردنية ،وإرسال أسلحة متنوعة إليه ،وإبدال معاهدة 1948باتفاقية خاصة ،أما
ردن فركز على أن تعلن بريطانيا عن تأييدها له في تحقيق المطالب والحقوق العربية في ِفَلسطين.
األ ُّ
اجتماعا في 12كانون األول لدراسة المقترحات
ً لذلك عقد رئيس الوزراء سعيد المفتيواستكماالً َ
ِ
استقاالتهم البريطانية وإعداد مشروع اتفاقية أردنية – بريطانية ،لكن أربعة وز ارء من أصل ِفَلسطيني قدموا
ذلك أزم ٌة و ازرية انتهت بتقديم سعيد المفتي استقال َة حكومته،
اء َين الدخول في الحلف ،وحدثت َجر َارفض َ
تشكيل حكومة جديدة في 15كانون األول عام ،1955أعلنت َ حينها كلف الملك حسين هزاع المجالي
َ
عزمها على انضمام األردن إلى حلف بغداد ،لكن المواطنين في الضفتين قاموا بمظاهرات واضطرابات
أجبرت الحكومة على تقديم استقالتها في 19من الشهر ِ
نفسه.
بغداد واألزمة الو ازرية التي تلته
َ أدرك الملك حسين ما سببته حوادث محاولة االنضمام إلى حلف
مع
مع نبض الشارع األردني ،وبدأ من خالل جلساته َ الشاب على اتصال َ
ُّ نتائج سلبية ،وكان الملك
َ من
رئيس هيئة األركان العامة جـون باجــوت غلــوب ( )J.B. Glubbيدرك الفر َق في األفكار بينه وبين
نحو مستقبل الدولة األردنية بحيث يصبح هناك جيش قوي ودولة حديثة ،وفي
غلوب؛ فالملك كان يتطلع َ
المقابل كان غلوب يفكر بنهاية سليمة له في األردن ،كما كان الملك يعي مدى هيمنة غلوب على الحياة
الحرس الوطني رغم عدم
َ السياسية العامة ،وتخاذله في الرد على الهجمات اإلسرائيلية ،عندها أنشأ الملك
مع الضباط الشبان ،ومنهم علي أبو نوار ،الذي كان ملحًقا عسكرًّيا في رضا غلوب ،كما بدأ يتعاون َ
اءت ِه في طرح أفكاره .وعليه ،فقد طرَد
السفارة األردنية بباريس ،وكان غلوب قد أبعده عن الجيش لِجر ِ
َ َ
الملك حسين غلوب باشا والضباط البريطانيين ،وكان ذلك في األول من آذار عام ،1956في عهد
حكومة سمير الرفاعي.
استقبل األردنيون تعريب قيادة الجيش األردني بفرح ومظاهرات ً
تأييدا للملك حسين ،وتحول الملك
ِ
الملك حسين السابق ضربة نتيجة هذا العمل إلى بطل شعبي ،أما على الصعيد القومي فقد عد قرار
بعث إليه الرؤساء العرب وعلى رأسهم جمال عبدالناصر بط ِ
اقات تهنئة للوجود البريطاني في المنطقة؛ لذا َ
وتأييد بهذه المناسبة ،وقرروا مساعدة األردن في مقاومة أي ضغط أجنبي أو عدوان إسرائيلي.
-26-
انفتح األردن بعد ذلك على الدول العربية؛ فزار الملك حسين دمشق في 10نيسان من العام ِ
نفسه، َ
فرحين بخطوة الحسين السابقة حتى إن الضباط السوريين حملوه على أكتافهم وداروا به
َ وكان السوريون
تعبير عن تأييدهم له .وهكذا ،أصبحت للملك حسين شعبية كبيرةٌ والفت ٌة في العاَلم
ًا مشق
في شوارع د َ
آخر فقد كان طرد غلوب باشا خطوةً العربي ،ربما تفوق فيها على جمال عبدالناصر ،وعلى صعيد َ
ممهدة ،بل حاثة لعبدالناصر على تأميم قناة السويس وطرد البريطانيين والفرنسيين من مصر.
وفي 22أيار عام 1956تشكلت حكوم ٌة وطنية برئاسة سعيد المفتي ،كانت أول خطوة اتخذتها
ئيسا ألركان الجيش األردني وترفيعه إلى رتبة أمير لواء ،وكذا ترفيع عدد من الضباط،
تعيين أبي نوار ر ً
وفي عهد هذه الحكومة نالت األحزاب السياسية حرية ،وصدرت صحف باسم األحزاب ،وطالبت األح ازب
بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات جديدة ،وقد حل المجلس فعالً وجرت تلك االنتخابات في عهد
حكومة إبراهيم هاشم في 21تشرين األول من العام ِ
نفسه ،شاركت فيها األحزاب السياسية على اختالف
مقعدا ،وعليه فقد شك َل زعيمه سليمان
عشر ًأحد َ
اتجاهاتها ،وحصل فيها الحزب الوطني االشتراكي على َ
ص ِر عمر هذا الحدث ِ
النابلسي الحكومة ،التي ت َعُّد الحزبية الوحيدة في تاريخ األردن .وعلى الرغم من ق َ
الذي تبناه الملك الحسين ،فقد َقوى لح ِم َة الوحدة الوطنية.
كانت أزمة السويس في تشرين األول أو َل امتحان واجهته حكومة النابلسي؛ إذ اعتدت بريطانيا
نفسه .وقد وقف األردن بقيادة الملكوفرنسا وإسرائيل على مصر بسبب تأميمها قناة السويس في العام ِ
َ
مع مصر ،فوجه الملك رسالة إلى عبدالناصر بمناسبة تأميم القناة أعلن فيها تضام َنه معع ووقوفه
حسين َ
مصر في 29 َ إلى جانب الشعب المصري في مواجهة أي اعتداء خارجي .وعندما وقع االعتداء على
مع فرنسا ،وصدرت اإلرادة ِِ
تشرين األول أعلن األردن وقوفه إلى جانب مصر ،وقطع عالقاته الدبلوماسي َة َ
الملكية بالدعوة إلى النفير العام ،كما دخل نحو عشرة آالف مقاتل سوري وعراقي إلى األردن بناء على
طلب الحكومة األردنية .ونتيجة لتدخل االتحاد السوفييتي والواليات المتحدة األمريكية انتهت أزمة
دبلوماسيا في هذه الحرب.
ًّ السويس ،وخرج عبدالناصر أقوى من السابق ،وانتصرت مصر
سعيه إلى ِ
تلك المدة م َن الزمان ،ونتيج ًة لمواصَلة األردن َ
واستكماالً للوقوف على أهم األحداث في َ
إنهاء المعاهدة األردنية – البريطانية الم َوق َع ِة عام ،1948فقد عرضت الدول العربية على األردن معونة
مالية لِتَحل َم َحل المعونة البريطانية ،وفي 19كانون الثاني عام 1957اجتمع الملك حسين والملك
مندوبا عن شكري القوتلي ،فأسفر اجتماعهم عنً سعوٌد وعبدالناصر ورئيس وزراء سوري َة صبري العسلي
ماليين لألردن ،والسعودية
َ تبعا لها بدفع خمسة توقيع "اتفاقية التضامن العربي" ،التي التزمت مصر ً
-27-
مثلها ،أما سورية فمليونين ونصف .وكان عقد هذه االتفاقية ممهًدا إلنهاء المعاهدة األردنية – البريطانية.
نفسه بدأ الطرفان؛ األردني برئاسة رئيس الوزراء سليمان النابلسي والبريطاني وفي 4شباط من العام ِ
برئاسة السفير جونستون ( ،)Johnstonمحادثات بشأن إنهاء المعاهدة وسحب القوات البريطانية من
األردن ،وفي 13آذار وقعت االتفاقية الخاصة بإنهاء معاهدة ،1948التي ت َعُّد نهاية التحالف األردني –
عاما.
البريطاني الذي استمر ست ًة وثالثين ً
خطوة أولى
ً استقبل الشعب األردني خبر إنهاء المعاهدة بحماس بالغَ ،و َعد الملك حسين هذا الحد َث
نحو الوحدة والحرية .وهكذا تحرر األرد ُّن من الهيمنة األجنبية ومن الوجود العسكري األجنبي ،لكنه فيَ
جاه األردن؛ فبدأ الملك ِ ِ ِ
الوقت نفسه واجه أزم ًة مالية؛ إذ إن الدول العربية الثالث لم تَف بالتزاماتها ت َ
حسين يبحث عن حلفاء جدد بعد هزيمة بريطانيا وفرنسا في حرب السويس ،فوجد الواليات المتحدة
هما يمكنه معالجة أوضاعه االقتصادية ،خاص ًة بعد ظهور ما يعرف بـِ "مبدأ أيزنهاور" حليفا م ًّ
األمريكية ً
( )Eisenhower Doctrineفي كانون الثاني عام ،1957ورغبة أميركا بملء الفراغ في الشرق
األوسط ،ودعم الدول التي تقف أمام الخطر الشيوعي .وقد أبدى الملك حسين رغب ًة في هذا األمر
ذلك أدى إلى
للتخلص من األعباء المالية والصعوبات االقتصادية التي واجهت األردن آنذاك ،لكن َ
حصول خالف بين الملك حسين وحكومة سليمان النابلسي ِ
ذات االتجاه الناصري القومي؛ إذ عارضت
لك
مع االتحاد السوفييتي ،ووصل األمر إلى إقالة ت َ
الحكومة مبدأ أيزنهاور ،وقررت إقامة عالقات َ
الحكومة في العاشر من نيسان عام .1957
افي وفي بداية عام 1958أعلِ َن عن قيام االتحاد العربي بين األردن والعراق ،وكان للق ِ
رب الجغر ِ
ِ الحاكمتين ِ ِ ِ ِ ِ
وحاجة األ ِ
ردن االقتصادية فيهما ِ ِ
العائلتين بينهما وتشابه نظام حكم ِهما ودرجة القرابة َ
بين َ
آنذاك إلى دولة غنية تت ِحد َم َعها ،إضافة إلى إعالن قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مص َر َ الماس ِة
اضح َو َجلِ ٌّي في تسريع قيام االتحاد العربي. ِ
وسوري َة في 2شباط من العام نفسه ،أثٌَر و ٌ
بدأت مفاوضات االتحاد بين الجانبين :العراقي برئاسة الملك فيصل الثاني ،واألردني برئاسة الملك
مشتركا في 14شباط ،أعلنت فيه عن توصل الجانبينً رسميا
ًّ بالغا
حسين ،وأصدرت الحكومة األردنية ً
بينهما ،يقوم على أسس أهمها :إنشاء حكومة اتحادية ،وتوحيد سياسة البلدين الخارجية،
إلى عقد اتفاق َ
-28-
مع االحتفاظ بالمكانة الدولية المستقلة للبلدين ،كما اتُِّف َق على تشكيل حكومة
وتوحيد الجيشين َم ًعاَ ،
االتحاد ومجلسها التشريعي ،ووضع دستور اتحادي ،إال أن رئاسة االتحاد اقتصرت على ملك العراق
مركز حكومة االتحاد َ "الملك فيصل الثاني" ،وينوب عنه الملك حسين في حالة غيابه .فضالً عن أن
ان؛ أي ستة شهور لكل منهما ،كما أصبح َعَلم الثورة العربية َعَل َم دولة بغداد وعم َ
َ بين
أصبح مناوب ًة َ
االتحاد.
ض َع لالتحاد في شهر أيار دستوٌر تضمن عد َة أمور ،من أهمها أنه قام على أساس وقد و ِ
َ
قيامه ،وتأكيد الدستور كونفدرالي ،مع التزام كل دولة من دوله بالمعاهدات والمواثيق الدولية المعقودة قبل ِ
َ َ
ديموم َة رئاسة ملك العراق لالتحاد ،ونصه على تأليف مجلس له.
شك َل نوري السعيد حكومة االتحاد األولى والوحيدة ،وكان نائبه ًّ
أردنيا (إبراهيم هاشم) ،وروعي توزيع
نشاء مؤسسات دولة االتحاد،المناصب الو ازرية َوفًقا لعدد السكان في البلدين .وقد حاولت هذه الحكومة إ َ
ِِ ِ
بي بعد ص ِر مدته ( 14شباط – 14تموز) .وعليه ،فقد ا َ
نهار االتحاد العر ُّ بعضها لم ينجز بسبب ق َ لكن َ
انقالب عسكري في العراق في 14تموز ،نفذه عدد من الضباط
ٌ خمسة شهور من قيامه؛ إذ حدث
العراقيين بزعامة عبِدالكريم قاسم وعبدالسالم عارف ،فسقط نظام الحكم الملكي في العراق ،وتعرض
األردن إلى أزمة سياسية واقتصادية خانقة تجاوزها عن طريق الدعم الغربي (البريطاني واألميركي) ،في
ِ
لقادمةمام الطائرات ا ِ
الوقت الذي وقفت فيه معظم الدول العربية ضد األردن ،فأغلقت مجاالتها الجوي َة أ َ
اء أَأردني ًة كانت أم َ
غير اردنية ،ومنعت وصول النفط إليه. منه سو ٌ
ودمشق بعد انهيار االتحاد
َ نفس ِه تعرض األردن لحمالت تحريض من إذاعا ِت القاه ِرة
وفي السياق ِ
العربي ،وساد توتٌُّر في العالقات بين األردن والجمهورية العربية المتحدة ،ترتب عليه إغالق الحدود
افق ذلك في تشرين الثاني عام 1958من محاوالت اعتداء أمام وسائط النقل األردنية ،وما ر َ
السورية َ
الطائرات السورية المقاتلة على شخص الملك حسين ،التي كادت تحدث على إثرها أزم ٌة أردنية – سورية.
وقد حاول األردن في عهد حكومة هزاع المجالي ( 6أيار 19-1959آب )1960إعادة بناء العالقات
مع األردن في بداية الطيبة مع الدول العربية المجاورة ،لكن ُّ ِ
السلطات السوري َة عادت وأغلقت الحدود َ َ
غير أن الحدود فتحت من جديد ِ
حزيران عام ،1959بحجة تزايد عدد القوات األردنية بالقرب منهاَ ،
تبعا لذل َك تبادل ِ
بينهما نتيج ًة لمساعي أمين عام جامعة الدول العربية عبدالخالق حسونة ،واستؤنف ً َ
التمثيل الدبلوماسي بين األردن والجمهورية العربية المتحدة ابتداء من 15آب من العام ِ
نفسه. ً
-29-
عبدالناصر كان يش ُّن
ورغم ذلك استمرت الحمالت الصحفية واإلذاعية ضد األردن ،حتى إن َ
حمالت التهديد من خالل خطاباته ،وزاد من ذلك وقوع انفجار في مبنى دار رئاسة الوزراء في 29آب
شخصا ،وأصيب واحد وأربعون
ً إثره رئيس الوزراء هزاع المجالي ،إضافة إلى اثني عشر
،1960قتل َ
بجراح وكسور مختلفة.
مع العراق ،التي انقطعت بعد انقالب تموز عام ،1958وقد بدأت تلك
حاول األردن إعادة عالقاته َ
سينا
الملك ح ً
َ ابتداء من تشرين األول عام 1960عندما التقى وزير خارجية العراق هاشم جواد
ً المحاوالت
في نيويوك؛ إذ طلب إليه أن تعود العالقات بين البلدين ،واتخذ مجلس الوزراء األردني في األول من
ار باالعتراف بالوضع القائم في العراق ،وعلى إث ِر ذلك قررت الحكومة الع ارقية فتح طرق
تشرين األول قرًا
كثر
النقل البرية والجوية مع األردن ،واستئناف االتصاالت الهاتفية والبرقية والبريدية بعد انقطاع استمر أ َ
ابتداء من كانون األول عام َ ،1960فعِي َن وصفي التل ًا
سفير أردنيًّا ً اء
السفر َ
تبادل البلدان ُّ
َ من سنتين ،ثم
اقيا في عمان. بغداد ،بينما عِي َن عبدالكريم شاكر ًا
سفير عر ًّ َ في
بغداد ،الذي شاركت فيه
َ وفي بداية كانون الثاني عام 1961ع ِق َد مؤتمر وزراء الخارجية العرب في
جميع الدول العربية ،ونج َم عنه تَ َح ُّس ٌن في العالقات بين األردن والجمهورية العربية المتحدة ،وتوقفت
مع
أكثر من ثالث سنوات .ولكن هذا التحسن في العالقات َ بينهما ،التي استمرت َ تبادَلة َ
الحمالت الم َ
العراق والجمهورية العربية المتحدة لم يستمر طويالً؛ حيث عاد الخالف من جديد بعد تهديدات الرئيس
ومصر في 28أيلول عام 1961؛ العراقي ِ
عبدالكريم قاسم للكويت ،وتأييد األردن لالنفصال بين سوري َة
َ
ردن في األول من تشرين األول من العام ِ
نفسه .وفي المقابل أقام األردن مع األ ِ ِ
إذ قطعت مصر عالقاتها َ
ردن من جديد ،وما رافقها من حربمصر واأل ِ عالقات مع سوري َة في الشهر ِ
نفسه ،فعادت القطيعة بين
َ َ
مع العراق. اإلذاعات وتبادل االتهامات ،يضاف إليه ُّ
التأزم في العالقة َ
-30-
سؤال :كيف كانت العالقات األُردنية – العربية ُقبْيل قيام حرب 1967؟
بعضا ،حتى إن الوضع كان مع بعضها ً وهنا ،تجدر اإلشارة إلى أن الدول العربية كانت في نزاع َ
السلط َة في سيًئا؛ فالسوريون كانوا في نزاع مع ِ
عبدالناصر ،خاص ًة البعثيين المتطرفين الذين استلموا ُّ َ
ومصر من جهة ثانية ،وما
َ بين األ ِ
ردن بين األردن وسورية من جهة ،وما َ سورية ،كما كان هناك توتٌُّر ما َ
ردن ومنظمة التحرير ال ِفَلسطينية من جهة ثالثة.
بين األ ِ
َ
نفسه في وضع َحرج ،خاص ًة أنه تعرض لضغوط إعالمية وجد عبدالناصر َوعلى أية حال ،فقد َ
عربية ِب َوص ِف ِه بطالً قوميًّا يدافع عن األمة العربية ،فقرَر إيقاف اإلسرائيليين عن مالحقة الطائ ارت
جميع قواتها المسلحة في حالة إنذار قصوى ،وأجرت مناورات َ السورية؛ لذا وضعت مصر في 15أيار
يق
ئيس أركان قواتها المسلحة الفر َ
تأييدا لسورية ،كما أرسلت ر َ
ضخم ًة في سيناء ،في مظاهرة عسكرية ً
دمشق في محاولة منها لتنسيق الجهد العسكري َ
مع سورية. َ محمد فوزي إلى
وبدأت بوادر نشوب الحرب تظهر على نحو واضح بين الدول العربية وإسرائيل ،عندما طلب
سحب قوات الطوارئ الدولية من
َ عبدالناصر من السكرتير العام لألمم المتحدة يوثانت ()Youthant
قطاع غزَة وبعض أجزاء سيناء جز ًّئيا؛ لتمكين القوات المصرية من أخذ مواقعها على الجبهة ،كما قررت
حوصرت إيالت ،وأصبحِ السفن اإلسرائيلية؛ وهكذا
أمام ُّ ِ
ان والعقبة َ
إغالق مضائق تير َ
َ مصر في 23أيار
أمر مؤكًدا.
نشوب الحرب ًا
أمامه خياران؛ أولهما الدخول في الحرب إلى جانب ردن ،فقد أحس بحرج الموقف ،وكان َ أما األ ُّ
الدول العربية األخرى ،وثانيهما عدم الدخول في الحرب ،ومن ثَم إنقاذ الضفة الغربية من االحتالل
بناء على ذلك زار الملك حسين القاهرة في 30أيار ،والتقى ِ
اإلسرائيلي ،وهما خياران أحالهما مٌّرً .
طمأن عبدالناصر ووقع معه اتفاًقا توضع معاهدة "الدفاع العربي المشترك" من خالله ِ
موض َع التنفيذ .وقد
َ َ
سينا على سالمة سالح الجو المصري وفاعليته وقدرته واستعداده لتغطية جبهة الملك ح ً
َ عبدالناصر
الجيش األردني ،وخاصة في منطقة القدس.
خاض األردن الحرب في نطاق القيادة العربية المشتركة ،ووضع جميع قواته المسلحة ِبإم َ ِرة القائد
ِ ِ
التعليمات المصري الفريق عبدالمنعم رياض ،الذي أدار القتال على الجبهة األردنية ،وكان يتلقى األو َ
امر و
عبدالكريم عامر .وفي هذا السياق أشاد عبدالمنعم رياض بأداء من القائد العام للقوات العربية المشير ِ
َ
-31-
ِ
الوحدات األردني َة ِ
منقطعة النظير" ،وإن القوات األردنية والعراقية قائالً" :إنها خاضت المعركة ببسالة
اجبها بكل بسالة وشرف".
ير في ظروف غير مقبولة وأدت و َ قاتلت " قتاالً مر ًا
الحرب مثل باقي الدول العربية األخرى فقد خرجَ بطالً هو ومليكه ،وأول من
َ ورغم أن األردن َخ ِس َر
اقفا إلى جانبه في أحلك مخلصا لألردن حتى وفاته وو ً
ً اعترف بذلك هو جمال عبدالناصر ،الذي بقي
الظروف ،وخاصة أيام العمل الفدائي في األردن ،وقد يكون َم َرُّد ذلك إلى الشعور بالذنب؛ إذ اعترف
عبدالناصر بتوريط الملك حسين في الحرب ،مما أدى إلى ضياع الضفة الغربية.
كانت نتائج حرب 1967شديدة على األردن؛ حيث استولت إسرائيل على الضفة الغربية بما فيها
من مقدسات وصناعات وموارد إنتاج واقتصاد ،كما خسر جميع موارده السياحية تقر ًيبا ،إضافة إلى
نفس ِه أصيب ميناء العقبة بالشلل نتيجة
انقطاع توظيف رؤوس األموال الخاصة واألجنبية ،وفي الوقت ِ
إغالق قناة السويس ،الذي استمر حتى عام 1975؛ إذ صار األردن يتكبد نفقات كبيرًة الستي ارد المؤن
والبضائع عن طريق ميناء بيروت أو عن طريق رأس الرجاء الصالح.
شخصا،
ً وكانت الخسائر العسكرية كبيرة؛ إذ وصل عدد الشهداء إلى ( ،)696والجرحى ()421
مدفعا ،وقد قدرت الخسائر في
شخصاَ ،ودمرت ( )21طائرة ،و ( )179دبابة ،و (ً )382
ً َوأ ِس َر ()530
السالح والعدة والعتاد بمبلغ ( )70مليون دينار.
تال ذلك مواجهة األ ِ
ردن مشكلة تدفق أعداد كبيرة من النازحين ،الذين تركوا ديارهم تحت التهديد
العدو عمليات اإلرهاب والتنكيل
ُّ امل نفسية خلفتها الحرب وضخمها الخوف من أن يكرر وتحت وطأة عو َ
التي مارسها في حرب .1948وقد بلغ عدد النازحين اإلجمالي بعد الحرب ( )354ألف نسمة ،بينهم
ان والزرقاء واألغوار.
مخيمات إلغاثتهم في عم َ
ٌ ألفا من قطاع غزة ،أ ِعدت
(ً )38
ورغم وقوع الضفة الغربية تحت االحتالل اإلسرائيلي فقد استمر األ ُّ
ردن في تحمل مسؤوليات الدوائر
والمؤسسات والمرافق األساسية هناك ،بما في ذلك التعليم والصحة والزراعة والبلديات والخدمات
من اإلشارة إلى أن العالقة األردنية –
االجتماعية ،فدفع رواتب الموظفين وإيجارات األبنية .وهنا ال بد َ
ال ِفَلسطينية تعززت رغم نتائج الحرب السلبية.
وتحديدا في 21آذار عام ،1968غ از الجيش ً حو تسعة أشهر على حرب حزيران، بعد ن ِ
صدى له الجيش األردني اضي الضفة الشرقية بهدف القضاء على قواعد الحركة الفدائيةَ ،فتَ َائيلي أر
اإلسر ُّ
َ
بكل ما يملك من أسلحة .وفي أثناء ذلك أخبرت القيادة العامة للقوات المسلحة قادة الفدائيين في وادي
األردن أن إسرائيل تخطط لشن هجوم على قواعدهم وعلى منطقة الكرامة ،طالب ًة إليهم مغادرتَها خشي َة
-32-
تدميرهم .وانطلق الهجوم من ثالثة جسور ،هي :األمير محمد ،والملك حسين ،واألمير عبدهللا ،ومن
احتالل مرتفعات البلقاء والوصول إلى مشارف
َ منطقة غور الصافي باتجاه طريق الكرك .وكان هدفه
ِ
القضاء على قواعد الفدائيين. انَ ،عدا عن
عم َ
أنزل اإلسرائيليون قو ِاتهم المظلي َة على أطراف التالل المشرفة على الكرامة من ناحية الشرق؛ بهدف
قطع الطريق على الموجودين في القرية ،ورافق ذلك قصف القوات األردنية والفدائيين بالطائرات ،ودار
قتال بين الجانبين أسفر عن سيطرة اإلسرائيليين على الكرامة ،ورغم ذلك فقد تصدت قوات الجيش ٌ
األردني للقوات اإلسرائيلية وألحقت الهزيمة بها ،حتى إن إسرائيل أجبرت على طلب وقف إطالق النار،
ِ
ودباباتهم وقتالهم على أرض الكرامة. واضطر اإلسرائيليون إلى التراجع تاركين ِ
آلياتهم
يحا ،وترك الجنود اإلسرائيليون على
خسرت إسرائيل في هذه المعركة ( )250قتيالً و ( )450جر ً
أرض المعركة ( )19دبابة وآلية مختلفة ،أما شهداء األردن فقد بلغ عددهم ( ،)66و ( )108جرحى،
إضافة إلى ( )13دبابة و ( )39آلية مختلفة.
كانت نتائج معركة الكرامة سلبية على اإلسرائيليين وإيجابية على األردن؛ فألول مرة يتراجع
شبيها بالهزيمة ،عالوة على ارتفاع الخسائر ،كما أعادت هذه
ً اإلسرائيليون عن أرض المعركة تر ً
اجعا
قادر على مجاراة الجندي اإلسرائيلي واالنتصار عليه ،رغم ما
المعركة الثقة للجندي العربي من حيث إنه ٌ
حدث في عامي 1948و.1967
واستمرت إسرائيل بشن هجماتها على القرى األردنية بعد معركة الكرامة ،واستخدم العد ُّو الجو َ
الن
قاعدة لقصف المدن والقرى األردنية الشمالية /مما أدى إلى نزوح عدد كبير من سكان منطقة الغور إلى
المرتفعات الجبليةَ .و َش ِه َد يوم 25آب من عام 1968أشد الهجمات التي قام بها اإلسرائيليون ،كما َش ِه َد
يوم 3كانون األول َه َجمات على مدينة إر َبد وقريتي صما والطيبة .وواصلت إسرائيل مسلسل هجماتها
على القرى والمدن األردنية طوال عامي 1968و ،1969التي نجم عنها قتل الناس وهدم بيوتهم .وقد
سميت الحرب التي شنها اإلسرائيليون على األردن وبعض الدول العربية بعد عام 1967بحرب
االستنزاف.
مصر وسوري َة لم تطلعا الحكومة
َ تفاجأ األردن بنشوب حرب تشرين عام ،1973خاص ًة أن
ط ِط ِهما؛ لذا كان الوضع َح ِرًجا ،خاص ًة أن األردن ال يستطيع دخول الحرب من غير األردنية على خ َ
عنصر المباغتة " المفاجأة" الذي اعتمد عليه المصريون والسوريون .والغريب أن
َ سالح جو ،كما أنه َفَق َد
-33-
السادات طلب من الملك حسين دخول الحرب في اليوم الثالث من نشوبها ،فاتخذ األردن جانب ِ
الحياد في َ َ
بداية األمر؛ ألنه كان يخشى أن تحتل إسرائيل الضفة الشرقية.
ورغم ما تقدم فقد استعد األ ُّ
ردن للحرب ،واستعدت قواته االحتياطية ،ثم قرر دخول الحرب بعد أن
اءه الم َدرعَ ( )40إلى الجبهة السورية؛
فأرسل لو َ
َ دمشق،
َ دخل اإلسرائيليون األراضي السوري َة واقتربوا من
َ
نحو خط نوى – الشيخ مسكين ،فتعرض إلى حيث خضع للقيادة السورية ،وتقدم في 14تشرين األول َ
شهيدا ،و ( )50جري ًحا،
ً خسائر في األرواح والمعدات ،بلغت ()24
َ ضربات إسرائيلية أوقعت في صفوفه
َودم َرت عشرات الدبابات ،وأربع ناقالت.
ع ( )99إلى الجبهة السورية ،فوصل في 22تشرين األول إلى منطقة
اء الم َدر َ
كما أرسل األردن اللو َ
الشيخ مسكين – نوى ،واستعد اللـواءان ( 40و )99للهجوم يوم 23تشرين األول ،لكن ذلك لم يحدث
بسبب صدور قرار مجلس األمن رقم (.)338
ات مؤيدة للعرب ،وقرر
مع األشقاء السوريين والمصريين؛ إذ خرجت مسير ٌ
ردني َ
تعاطف الشعب األ ُّ
طلبة الجامعة األردنية المشارك َة في الحرب على الجبهة السورية ،فوافق على إثرها مجلس عمدائها على
هين إلى األراضي السورية ،وعند وصولهم إلى درعا توقف القتال، ذلك ،فحملوا بعدد من الحافالت متَ َوج َ
فعادوا دون مشاركة ،إضافة إلى حمالت التبرع بالدم و. ...
جعل بعض الدول َ أثر طيب في نفوس العرب ،مما وكان للمشاركة األردنية في حرب ٌ 1973
ِ
عالقاتها مع األردن ،من مثل الجزائر ،ودفعت الكويت المعونة المالية المترتبة عليها لألردن، العربية تعيد
صفاء في العالقات بين الجانبين وصل إلى درجة التنسيق
ٌ موقف األردن؛ فساد
َ كما َقدرت القيادة السورية
والتكامل في عام .1975
وفي الفترة ما بين ( )29-26تشرين األول عام 1974؛ أي بعد عام من حرب تشرين ،عقد مؤتمر
قمة الرباط بالمغرب ،الذي ي َعُّد نقطة تحول في تاريخ العالقة األردنية – ال ِفَلسطينية؛ حيث أطلق أنور
السادات مفاجأة باقتراحه أن تكون منظمة التحرير ال ِفَلسطينية الممث َل الشرعي والوحيد للشعب ال ِفَلسطيني.
خيار غير القبول بقرار الدول العربية ،فقد وافق على ذلك رغم شعور الملك حسين ردن ًاولما لم يجد األ ُّ
بالم اررة؛ إذ كان َه ُّمه الرئيس إعادة الضفة الغربية وتخليصها من االحتالل اإلسرائيلي؛ فهو لم يرغب في
التنازل عنها وفصل الوحدة بين الضفتين ،كما لم يرغب في التنازل عن مسؤولياته ِتجاه القضية
ال ِفَلسطينية حتى ال تَفس َر هذه الخطوة أنها تهرب من المسؤولية .ورغم اتخاذ القرار عام 1974فإن
-34-
قائما بمسؤولياته ِتجاه سكان الضفة
الحسين لم يتخل عن هذه المسؤولية ،وبقي األردن من الناحية الفعلية ً
الغربية حتى فك االرتباط القانوني واإلداري في نهاية تموز عام .1988
مع إسرائيل؛ إذ إن الحرب لم تحرك
اقتنع السادات ،بعد انتهاء حرب ،1973بأنه ال بد من السالم َ
عملية السالم ،فاقترح وزير الخارجية األميركي هنري كسينجر ( )Henry Kissingerعليه أن يذهب إلى
صبًّا على استعادة سيناء منها ،فذهب في تشرين الثاني عام
مع قادتها ،وكان َه ُّمه من َ
إسرائيل ويتفاوض َ
مع الكنيست
لقاء َ
1977إلى تل أبيب ،وهناك رحب به رئيس الوزراء اإلسرائيلي بيغن ( ،)Beginوعقد ً
إثر ذلك اتفاقية كامب ديفيد في أيلول عام ،1978ثم اتفاقية السالم في آذار
طالبه ،ثم وقع َ
عرض فيه م َ
َ
عام .1979
قابلت الدول العربية خطوة السادات السابقة باالستنكار؛ إذ َش َج َبت الحكومة األردنية انفرَادها
بالصلح .وكان السادات قد عرض على الملك حسين أن يفاوض المسؤولين اإلسرائيليين السترجاع الضفة
الغربية وتوقيع اتفاقية الحكم الذاتي عن ال ِفَلسطينيين ،لكن الملك حسين لم يستجب لطلبه رغم قناعته
طين من اختصاص منظمة التحرير ال ِفَلسطينية. ِ
بالحل السلمي؛ إذ أصبحت مسؤولية فَلس َ
بغداد في الفترة ما بيـن ( )5-2تشرين الثاني عام
َ حضر األردن مؤتمر القمة العربي الذي عقد في
،1978الذي أدان العرب فيه خطوة مصر ورفضوا اتفاقية كامب ديفيد ودعوا مصر إلى العودة إلى
مصر وتجميد عضويتها في
َ مع
ار بقطع العالقات السياسية َ الصف العربي .وقد اتخذ المؤتمرون قرًا
ضت عليها مقاطع ٌة اقتصادية شملت النفطجامعة الدول العربية ونقل مقر الجامعة إلى تونسَ ،فف ِر َ
والمبادالت التجارية واألرصدة.
مع إسرائيل ،وصلت إلى ()3.500
مبالغ مالية لدول المواجهة َ
َ حينذاك بدفع
َ وتكفلت الدول العربية
مليون دوالر ،كان نصيب األردن منها ( )1.250مليون دوالر .وفي َ
ضوء ذلك باشر األردن شراء
األسلحة والمعدات العسكرية بغ َي َة تحسين وضعه الدفاعي.
جاهه ،وأثر في العالقة ٌّ ِ برز تطوٌر آخر على الصعيد ال ِفَلسطيني ،كان لألردن موقف
إيجابي ت َ
عاما ِ ِ
طين ألول مرة بعد عشرين ً شعر أهل فَلس َ
األردنية الفَلسطينية ،هو حدوث االنتفاضة عام 1987؛ إذ َ
من احتالل الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967بأنه ال يمكن االعتماد على القوى الخارجية (عربية
ضعَفت منظمة التحرير ال ِفَلسطينية إثر العدوان على ال ِفَلسطينيين في لبنان عام
ودولية) ،خاص ًة بعد أن َ
،1982إضافة إلى تخلي الدول العربية عنها؛ لذا ترسخت لدى ال ِفَلسطينيين قناع ٌة بأنه يجب التحرك من
الداخل ،وهذا ما حصل عام 1987؛ إذ قامت االنتفاضة نتيجة تراكم قناعات ال ِفَلسطينيين بين عامي
-35-
( ،)1987-1982وألول مرة وقف شعب مجرد من السالح في وجه إسرائيل ،حتى األطفال جابهوا
الجيش اإلسرائيلي بالحجارة.
ساعد األردن ال ِفَلسطينيين في انتفاضتهم عام َ ،1987وخصصت لهذه الغاية مبالغ من خالل دائرة
شؤون األرض المحتلة ،كان يذهب قسم منها للمنظمة .ولما ات َه َم ِت المنظمة األردن بأنه ال يقدم أية
ط عليه ِ
لفك االرتباط بين الضفتين ،فقد بدأت مساعدة معنوية أو مادية لل ِفَلسطينيين ،وكان هدفها الضغ َ
بحث المسؤولون األردنيون الموقف فوصلوا إلى قناعة بأن فك االرتباط
النقمة تشتد على األردن ،وهنا َ
حان وقته ،فأعلن الملك حسين في خطاب ألقاه في 31تموز عام 1988قرَار فك االرتباط القانوني
عاما على الوحدة بين الضفتين ،م َعلالً ذلك بإبراز اله ِوية
مع الضفة الغربية بعد مرور (ً )38 واإلداري َ
ستثنيا موظفي دائرة األوقاف ودائرة قاضي القضاة ِ
الفَلسطينية وتمكين المنظمة من القيام بمسؤولياتها ،م ً
علما أن مسؤولية األردن عن هاتين الدائرتين بقيت مستمرة حتى أيلول عام .1994 من هذا القرارً .
وتنفي ًذا لقرار فك االرتباط أصدر رئيس الوزراء األردني زيد الرفاعي في 20آب عام 1988
تعليمات تنظم قضايا جوازات السفر ،أكد فيها اعتبار كل مقيم في الضفة الغربية قبل 31تموز ِفَلسطينًّيا
صالحا لمدة سنتين ،بينما
ً أردنيا؛ حيث أعطيت له بطاقة خضراءَ ،ومِن َح جو َاز سفر أردني مؤقت
ًّ وليس
أعطيت البطاقات الصفراء لل ِفَلسطينيين الذين هم داخل األردن حتى ليلة الخطاب في 31تموز ،كما
من الضفة الغربية َح َس َب الحاجة.تضمنت التعليمات استم ارري َة استيراد المنتجات الصناعية والزراعية َ
رحبت منظمة التحرير ال ِفَلسطينية وجميع المنظمات الفدائية األخرى بهذا القرار ،واتخذت المنظمة
في ضوئع عدة ق اررات مهمة ،من أبرزها إعالن الدولة ال ِفَلسطينية في 15تشرين الثاني من العام ِ
نفسه، َ
ِ
ان سفارًة لدولة فَلسطين ،وفي 2نيسان عام 1989 مكتب المنظمة في عم َ
َ كما اعتبرت الحكومة األردنية
ئيسا لدولة ِفَلسطين.
ياسر عرفات ر ً
تونس َ
ِ
انتخب المجلس المركز ُّي الفَلسطين ُّي في َ
َ
-36-
مصر أدانته ،واتخذ
َ بذلك شريطة عدم اتخاذ قرار عربي يدين العراق ،لكن بعض الدول العربية بزعامة
خمس دول عن التصويت ،هي: ِ ار بذلك بأغلبية ( )14صوتًا ،وامتناع
مجلس جامعة الدول العربية قرًا
األردن ،والسودان ،واليمن ،وموريتانيا ،وِفَلسطين.
بي والواليات المتحدة األميركية قوات عسكري ًة إلى منطقة الخليج لضرب العراق،
حشد العالم الغر ُّ
وانضمت إليها بعض قوات دول عربية ،هي :مصر والمغرب وسورية ،متخذ ًة من األراضي السعودية
وباقي دول الخليج قاعدة لشن غاراتها على العراق.
قام الملك حسين بجوالت في الدول العربية إلقناع زعمائها بتجنب اللجوء إلى القوة ،لكن هذه
ِ
حظر جوي،
ض عليه ٌ من الكويت َفف ِر َ
اب َ فض العراق االنسح َ
نتائج إيجابية ،كما ر َ
َ المساعي لم تسفر عن
استخدام القوة ضد العراق. ووافق مجلس األمن في 29تشرين الثاني من العام ِ
نفسه على قرار يجيز
َ
وبعد انقضاء المهلة المعطاة للعراقيين بدأ الهجوم في 17كانون الثاني عام ،1991فأصيب العراق
شمل البنية التحتية كمحطات توليد الكه َرباء
َ بدمار كبير في منشآته العسكرية والمدنية واالقتصادية،
والجسور والمستشفيات ومحطات تنقية الماء ومحطات استخراج النفط و. ...
مع العراق
الكويت ،كما أن التعاطف الشعبي َ احتالل
َ امتنع األردن عن إدانة العراق رغم أنه لم يؤيد
نزول القوات األجنبية في الخليجَ ،وعقدت افضا ِِ
َ ظاهر؛ إذ عبر الشعب األردني عن َس َخطه ر ً ًا كان
المؤتمرات الشعبية برئاسة قادة األحزاب والقوى السياسية من األردن ومن بعض الدول العربية األخرى،
معلن ًة رفضها لِما يجري على الساحة العربية.
جميعا ،وكان األ ُّ
ردن من أكثر الدول العربية التي ً وهكذا ،أثرت حرب الخليج َس ًلبا في العرب
العمالة األردنية في دول
تعرضت للضرر؛ فأغلقت السعودية حدودها معها ،وطردت أعداٌد كبيرة من َ
حظر اقتصادي ،وأوقفت شركات الطيرانٌ ض ُّخ النفط إليها؛ وبذا فقد فرض عليها
الخليج ،كما أوقف َ
العالمية رحالتها إليها ،وأصيب ميناء العقبة بشلل اقتصادي نتيجة اعتراض سفن التحالف للسفن القادمة
للميناء وتفتيشها ،وفي أحيان كثيرة إعادتها من حيث أتت .وتعرض األردن إلى ضغط أميركي ،واتخذ
ار في 20آذار عام 1991بإلغاء المعونة المالية المقررة لألردن وقيمتها
مجلس الشيوخ األمريكي قرًا
سنويا ،إضافة إلى قصف طائرات التحالف الغربي للشاحنات والصهاريج األردنيةًّ ( )57مليون دوالر
المتجهة إلى العراق.
حو مليون ونصف نسمة ،متجهين إلى دولهم (عربية وعليه ،فقد وفد إلى األردن في بداية األزمة ن َ
مقابل ذلك وصلت إلى ( )40مليون دينار
َ وأجنبية) ،فارين من الكويت والعراق ،وتكبد األردن نفقات كبيرًة
-37-
خالل الشهرين األولين من األزمة .ورغم أن معظم الوافدين غادر األردن ،فقد عاد إليها ( )300ألف
مواطن أردني كانوا يعملون في الكويت ودول الخليج.
ونتيجة لقيام حرب الخليج لحقت باألردن خسائر كبيرة بسبب الشلل الذي أصاب قطاعات السياحة
حو ()1.100 والنقل والشحن ،وقد وصلت خسائره َح َس َب تقديرات صندوق النقد الدولي عام 1990ن َ
مليون دينار .ويعد األردن الدولة العربية الوحيدة التي وفرت للعراق منف ًذا على العاَلم ،والوحيدة الذي لم
ردني إخو َانه العراقيين بجمع التبرعات العينية
تشترك في الحصار على العراق ،كما دعم الشعب األ ُّ
مع العراق ولم يغلق حدوده رغم تطبيق الحصار عليه من والنقدية وتقديم المواد الطبية .وهكذا بقي األردن َ
دول الجوار جميعها ،وبقيت العالقات االقتصادية قائمة بين البلدين.
-38-
عددا من القضايا المهمة التي ينبغي التركيز عليها ،منها :تحرير
وقد حدد الملك عبدهللا الثاني ً
االقتصاد وتحديثه ورفع مستوى معيشة جميع األردنيين ،بما في ذلك تخفيض عبء المديونية وتقليص
عجز الموازنة وتبني سياسة اقتصادية تحررية واالندماج في االقتصاد العالمي وتعزيز العالقات
مع الدول العربية والقضاء على الِبطالة والفقر ،إضافة إلى عدد من القضايا التي تنسجم مع
االقتصادية َ
رؤية جاللته .كما عمل على التقريب بين القطاعين العام والخاص وبناء الثقة بينهما وجعل القطاع
يكا حقيقيًّا في تطوير األردن.
الخاص شر ً
أما بالنسبة إلى التنمية السياسية فقد أكد جاللته في عدة مناسبات أن مشارك َة المجتمع المدن ِي
وض ًحا أنالفاعل َة في عملية اتخاذ القرار ت َعُّد أهم ركائز التنمية االجتماعية واالقتصادية المستدامة ،م َ
حيد األ ُّ
ردن نحو الديمقراطية والتعددية واالزدهار االقتصادي وحرية الرأي والتعبير والفكر نه ٌج لن َي َ
الطريق َ
عنه.
ار أن تنمية الحياة السياسية في األردن تستدعي وجود األحزاب السياسية وأكد الملك عبدهللا مرًا
ط تعتمد أسا ًسا لاللتزام بقضايا األمة ،وأن تتبوأ المصالح األردنية الوطنية ،وأن يكون لكل منها خط ٌ
جميعها لتشكيل مجموعتين أو ثالثة رئيسة ،تضمن ِ األولوي َة .كما أكد الحاجة إلى اتحاد األحزاب األردنية
تحت لوائها ِبه ِويتها الخاص ِة وبرامجها الواضحة وأهدافها المعلنة.
كل منها أن تتمتع األحزاب المنضوية َ ٌّ
عبدهللا سنت الحكومة قانو َن انتخاب جديد في عام ،2001هدفه توسيع وتمشيا مع توجيهات الملك ِ
ً َ
أفضل للمناطق األردنية كلِها ،على أن تكون عملية االنتخابات شفافة َ القاعدة االنتخابية وضمان تمثيل
مع توجيهات جاللته بضرورة تعزيز دور المرأة في المجتمع المدني فقد اعت ِم َد تمثيلها انسجاما َ
ً ونزيهة .و
في االنتخابات النيابية .كما َوج َه جاللته الحكومة لتخفيض ِس ِن االنتخاب من 19سنة إلى 18سنة من
أجل إشراك الشباب في رسم المستقبل.
وفي تشرين الثاني عام ،2002وبتوجيه من الملك ِ
عبدهللا الثاني أطلق مفهوم "األردن أوالً" من أجل
تعزيز أسس الدولة الديمقراطية العصرية ،وهي خطة عمل تهدف إلى ترسيخ روح االنتماء بين المواطنين،
تغليب مصلحة األردن على غيرها َ يعمل الجميع فيها شركاء في بناء األردن وتطويره .ويؤكد "األردن أوالً"
من المصالح ،كما يهدف إلى نشر ثقافة االحترام والتسامح وتقوية مفاهيم الديمقراطية البرلمانية وسيادة
القانون والحرية العامة والمحاسبة والشفافية والعدالة والحقوق المتساوية .وال يزال الملك بعد مرور َ
أكثر من
عالميا.
ًّ داخليا وزيادة سمعته
ًّ جاهدا لتطوير األردن
ً طات ِه الدستوري َة يعمل
تسلمه سل ِ
عقد ونصف على ُّ
َ
-39-
قائمة المراجع:
-أبو نوار ،معن :تاريخ القوات المسلحة األردنية – عهد الملك طالل بن عبدهللا ،مديرية التوجيه
المعنوي ،عمان.1972 ،
-خير ،هاني :الحياة النيابية في األردن ،1993-1920عمان ،منشورات لجنة تاريخ األردن،
.1993
-الشرعة ،إبراهيم :االتحاد العربي عام ،1958اللجنة العليا لكتابة تاريخ األردن ،عمان.2004 ،
-الشرعة ،إبراهيم :األحزاب األردنية والقضايا الوطنية والقومية ( ،)1957–1950اللجنة العليا لكتابة
تاريخ األردن ،عمان.2013 ،
الدبلوماسي والعسكر ُّي في حل األزمة الكويتية – العراقية بين عامي
ُّ -الشرعة ،إبراهيم :دور األ ِ
ردن
( ،)1963- 1961عمان.2001 ،
-الشرعة ،إبراهيم وآخرون :تاريخ األردن وحضارته ،عمان.2005 ،
-الشرعة ،إبراهيم وطالفحة ،حامد :تاريخ األردن الحديث وأساليب تدريسه ،عمان ،الطبعة الثالثة،
.2005
-الشرعة ،إبراهيم :تاريخ األردن وِفَلسطين ،دار وائل ،عمان.2014 ،
-محافظة ،علي :العالقات األردنية البريطانية ،1957–1921بيروت ،دار النهار.1973 ،
-40-
- : المملكة األردنية الهاشمية، الموقع الرسمي لرئاسة الوزراء،تاريخ المملكة األردنية الهاشمية
http://www.pm.gov.jo/arabic/index.php?page_type=pages&part=1&page
_id=124
- القيادة العامة للقوات الم َسلحة األردنية،الثورة العربية الكبرى
http://jaf.mil.jo/Arabic/ArmyForces/ArmyForcesHistory/GreatArabRevoluti
on/Pages/Introduction.aspx
- http://www.sukhneh.com/main/index.php?option=com_content&view=arti
cle&id=194:2009-06-21-07-18-36&catid=13:2009-05-30-23-38-40
- http://factjo.com/pages/memberdetails.aspx?id=5556
- http://www.ammonnews.net/article.aspx?articleno=187973
- http://www.jo1jo.net/vb/jo1jo8422.html
- http://www.addustour.com/17116/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1
%D8%AF%D9%86+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%A8%D8
%B6+%D8%B9%D9%84%D9%89+%D8%AC%D9%85%D8%B1+%D8%
A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9+%D8%A7%D9%84%
D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%
A9.html
- http://www.ammonnews.net/article.aspx?articleno=86038
- http://www.marefa.org/books/index.php/%D8%AA%D8%A7%D8
%B1%D9%8A%D8%AE_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%A
F%D9%86
-41-