Professional Documents
Culture Documents
استطاع العثمانيون من تكوين خالفة مترامية األطراف ،تطلبت ابتكار تنظيما محكما تمثل في التنظيم
اإلداري والعسكري؛ وتنتظم اإلدارة المركزية في الدولة العثمانية ،في شكل هرمي على النحو التالي:
ـ السلطان :يتمتع بسلطة مطلقة ويشرف بصفة شخصيّة على اإلدارة وقيادة الجيش.
ـ الصدر األعظم :وهو رئيس الوزراء واإلدارة ،وقائد الجيش ونائب السلطان.
ـ الوزراء :وهم ثالثة وزراء تمثلوا في؛ الكاهية باي وهو وزير الداخليّة ورئيس الكتاب وهوالذي يقوم
بحفظ القوانين واألوامر السلطانيّة ،والدفتردار يتولى هذا المنصب؛ اثنان وهما وزيرا المالية.
ـ الديوان :هو المجلس السلطاني أو مجلس الوزراء يضم شخصيات إدارية وسياسية وعسكريّة ودينية
كان لوجود األتراك ّ
موظفي الدولة. ينظر في القضايا الها ّمة كالسلم والحرب ومقاضاة كبار
العثمانيين في الجزائر دورا فعاال في إنقاذ هذا البلد من االحتالل االسباني ،الذي كان أمرا واقعا ال محالة،
سواحل الجزائرية ،وت ّم احتالل المناطق والموانئ اإلستراتيجية منها وهران،
خاصة ،بعد ،أن هوجمت ال ّ
المرسى الكبير ،بجاية وجيجل ومستغانم وتنس ما بين السنوات ( ،)1514 -1505إلى أن جاء العثمانيون
صليبي وذلك بطلب من سكان
بزعامة اإلخوة بربروس عروج وخيرالدين ،كمنقذين للجزائر من االحتالل ال ّ
الجزائر ،لذلك قبل السكان باالنضواء تحت لواء الخالفة العثمانية ،وكان لرابطة الدين دافع الستقبال
العثمانيين ،خاصة وأن الصراع بين المسلمين والصلبيين كان على أشده ،فقد بذل العثمانيون جهودا كبيرة
لحماية الجزائر من التحديات االستعمارية طيلة ثالثة قرون من الزمن إلى أن تم احتاللها من طرف فرنسا.
ألحقت الجزائر بالخالفة العثمانية بعد استشهاد عروج؛ و كان خير الدين قد أعلن تبعيته للسلطان
العثماني "سليم األول" ليس ألنه كان من أصل تركي ،ولكن بعد بروز الخالفة العثمانية باعتبارها أكبر
دولة إسالمية تعمل جاهدة لحماية المسلمين.
1
قرر خير الدّين بربروس ،إلحاق دولته الناشئة بالخالفة العثمانية ،فأرسل إلى السلطان العثماني يعرض
عليه مبايعته ،وحدث ذلك عام . 1518وافق السلطان وكان وقتذاك بالقاهرة ،فأرسل إليه 2000جندي
مسلحين بالبنادق وعددا من رجال المدفعية والمتطوعين ،وقام بتوجيه رسائل إلى حكام تونس وتلمسان
يحذرهم فيها من االعتداء على إمارة الجزائر ،وبعد تعيين خيرالدين حاكما عليها ،أصبح يلقب بالبايلرباي،
وصارت إحدى إياالت الدولة العثمانية ،كما غدت قوة ال يستهان بها على المستوى الدولي.
استقر العثمانيون بإيالة الجزائر نهائيا سنة 1518وهكذا ،أصبحت إيالة تابعة للدولة العثمانية ،ومن هذا
التاريخ ظهرت الجزائر الحديثة إلى غاية االحتالل الفرنسي .1830
لم يكن االستقرار العثماني بالجزائر يسيرا ،فقد جابه العثمانيون المصاعب ،على الصعيدين؛ الداخلي
والخارجي كما صمد أمام ثورات داخلية أشهرها ثورة ابن قاضي الذي ت ّم القضاء عليه سنة ،1527
باإلضافة إلى رفض ملوك تلمسان للوجود العثماني ،حتى ّ
إن منهم من ،ذهب وتحالف مع حكام األسبان ضد
هذا الحكم اإلسالمي الجديد.
أ ّما على الصعيد الخارجي فقد تكررت الهجمات الصليبية كحملة دييقو دوفيرا Diego Do verra
سنة ،1519أندري دوريا André على مدينة الجزائر سنة ،1516وحملة مونكادوMoncade
Doriaعلى مدينة شرشال في ، 1531وكذا حملة شارلكان الكبرى عام ، 1541حيث شارك فيها قراصنة
من ايطاليا وصقلية وفرسان مالطة ،وقد باركها ،وأيدها البابا بول الثالث ،استمرت الهجمات األوروبية على
سواحل الجزائر والجيش العثماني يدافع عنها وصوال إلى حملة الضابط الفرنسي كولي Collieسنة
.1827
كان إخضاع الجزائر للدولة العثمانية؛ حسب وليام سبنسر في سنة 1519في عهد السلطان سليم
األول( 1512ـ ،)1520الذي قدم المساعدة لخير الدين بربروس شريطة العمل تحت الراية العثمانيّة ،
ّ
ويرى بعض الباحثين أن الجزائر أصبحت إيالة عثمانية ،اعتبارا من سفر خير الدين بربروس إلى إسطنبول
بدعوة من السلطان سليمان القانوني سنة 1533مع بداية سنة 1671دخلت الجزائر مرحلة جديدة تميزت
بتولي طائفة رياس البحر الحكم ،الرياس هم ضباط البحر الذين أسسوا نظاما جديدا يتمثل في تعيين حاكم
للبالد يلقب بالداي ،وقد التزم الدايات بحفظ االرتباط مع الدولة العثمانية باعتبارها خالفة إسالمية ،لكنهم
سلكوا سياسة مستقلة فيما يتعلق بالشؤون الخاصة للبالد ،فالداي هو الذي كان يعقد االتفاقيات الدولية
2
ويستقبل البعثات الدبلوماسية (القناصل) ،كان يعلن الحرب ويبرم معاهدات السلم ،وعندما استقر نظام
الدايات تأسس في مدينة الجزائر ديوان مستقل ،هو أشبه بمجلس الوزراء ،فهناك وكيل الخرج،
والبيت مالجي ،ورئيس أمين مدينة الجزائر ،وخوجة الخيل وسيتم التطرق لما سبق بالتفصيل ،وقسمت إيالة
الجزائر من الناحية اإلدارية ،إلى أربعة أقاليم رئيسية هي:
ـ التقسيم االداري:
-بايلك الغرب :كانت عاصمته مازونة ،ثم معسكر ،وأخيرا وهران بعد جالء األسبان عنها عام .1792
ـ بايلك التيطري :ضم المناطق الوسطى ،ومناطق جنوب دار السلطان ،وكانت عاصمته المدية.
ـ بايلك الشرق :يقع شرقي دار السلطان ،وبايلك التيطري ،كان أكبر األقاليم ،عاصمته قسنطينة.
كانت هذه األقاليم مقسمة إلى قيادات وعلى رأس كل منها شيخ قبيلة وكان الجهاز اإلداري جهازا
المركزيا؛ حيث أن أية عالقة للحكومة برعاياها كانت عالقة غير مباشرة ،تعتمد على استعمال الزعماء
المحليين لجمع الضرائب وفرض األمن.
ـ عهدالبايلربايات:
إمتد من 1518إلى 1587إذ كانت منطقة بالد المغارب تابعة للعثمانيين ،والتي كانت تض ّم؛ كل
من طرابلس تونس والجزائر ،وكان يعين على رأس كل واحدة منها ،باشا ،إال أنها تخضع في األخير
لحكم البايلربايات ،حيث كان الحاكم يعين من طرف الباب العالي ،ويبدو أن هذا التنظيم الذي يجمع هذه
البالد تحت سلطة شخص واحد ،كان مستوحى من الظروف ،ومن طبيعة المشاكل التي كانت تواجه الدولة
العثمانية.
فقد كانت الدولة العثمانية تواجه عدوا قويا ،المتمثل في اسبانيا التي كانت تحتل بعض القواعد على
شواطئ المغرب العربي ،والتي كانت تمثل تهديدا للممتلكات العثمانية في المغرب العربي.
3
أيضا الصراع الذي كان قائما بين طبقة الرياس وجنود االنكشارية في إيالة الجزائر ،فقد قامت هذه
الدولة وتأسست على أيدي رجال طائفة الرياس ،مثل خيرالدين ومن خلفه ،فهذا الصراع كان من األسباب
الرئيسية لتغيير نظام البايلربايات واستبداله بحكم الباشوات ،الذين كانت فترة حكمهم غير محدودة ،بلغت
فترة حكم الواحد منهم عدة سنوات
في منصبه لدرجة أن الخالفة بدأت تتحسس روح التمرد ومحاولة االنفصال عنها واالستقالل ،هذه
التخوفات ،جعلت الدولة العثمانية ترى أن جمع السلطة في الخالفة ،لذا تقرر تقسيم الحكم؛ بفصل هذه
الواليات عن بعضها البعض ،وإسناد إدارة كل والية إلى باشا يعين لمدة ثالث سنوات ،إلحكام سيطرتها
على البالد ومنع حدوث التمرد ضدها.
ـ عهد الباشوات:
امتد حكم الباشوات في الجزائر من 1587إلى 1659؛ الباشا هو لقب يمنح في الدولة العثمانية
ألصحاب المناصب العالية من مدنيين وعسكريين.
يعتبر عهد الباشوات ،عهد الموظفين الذين كانت ترسلهم األستانة ،والذين ُحددت فترة حكم الواحد
منهم ثالث سنوات ،دامت فترة حكمهم حوالي اثنين وسبعين سنة ،وقد اختلف المؤرخون؛ على عدد
الباشوات الذين تولوا الحكم ،فمنهم من يقول أن عددهم نحو الثالثين ،وآخرون يقولون أن عددهم أربعين،
وآخرون يقولون آن عددهم حوالي أربع وخمسين باشا
ـ عهد األغوات:
تمثلت هذه الفترة القصيرة بغياب السيادة العثمانية الفعلية ،بحيث أصبح الديوان الذي يتألف من كبار
ضباط االنكشارية هو الذي يقوم بانتخاب األغا المنتدب للحكم ،بعدما كان الحاكم يعين من قبل السلطان
العثماني خالل مرحلتي؛ البيلربايات ،والباشاوات.
أب رز ما ميز هذا األسلوب الجديد في نظام اإليالة ،تنافس الضباط فيما بينهم للوصول إلى الحكم ،وقيام
تكتالت عسكرية داخل الفرق االنكشارية؛ فغاب األمن ،وضعفت الهيبة العسكرية أمام األعداء ،مما جعل
4
السلطان والشعب الجزائري يؤيدان قادة القوى البحرية الرياس أثناء صراعهم مع األغوات الذين يمثلون
قادة القوى البرية االنكشارية ،فتدهورت األوضاع وتفشى الفساد والفوضى إبان حكم األغوات.
ـ عهد الدايات :نسبة إلى داي بالللغة التركية :Dayكان لقبا يحمله حكام الجزائر أثناء فترة
الحكم العثماني بدأ من 1671حتى الغزو الفرنسي في العام . 1830
يمثل هذا العصر عودة النفوذ والسلطة إلى رجال البحرية أي رياس البحر ،وكان الداي ينتخب من بين
أعضاء الديوان؛ مدى الحياة ،وبعدها تؤخذ موافقة السلطان على تسميته دايا.
إلتزم الدايات في بداية األمر بتمتين االرتباط مع الدولة العثمانية ،لكن بعد ذلك ،منهم من تخلى عن هذه
السياسة ،ولم يبق للسلطان العثماني غير السيادة االسمية ،فالداي هو الذي كان له قرار إعالن الحرب،
ويتولى عقد االتفاقات الدولية ،واستقبال البعثات الدبلوماسية ،غير أن هذا الوضع لم يكن يعني انقطاع كل
تعاون مع الدولة العثمانية ،ففي حالة الحرب كانت الجيوش الجزائرية تشترك مع الجيوش العثمانية في
عملياتها الحربية ،وقد اتضح ذلك من خالل اشتراك األسطول الجزائري مع األسطول العثماني في معركة
نافرين سنة . 1827
كان استقرار األوضاع في إيالة الجزائر ،يعود إلى طبيعة الحكام وقوة قبضتهم في الحكم ،فبقدر ما كان
لبعض الدايات والبايات ،من قوة على فرض أرائهم وسطوتهم على أعضاء الديوان ،بقدر ما وجد دايات
وبايات عديمي الشخصية ،يتحكم فيهم ضباط الجيش ،تخوفا وتجنبا من أي تمرد أو غضب يصدر من هذه
الفئة الرئيسية في الدولة.
رغم تمتع الدايات في إيالة الجزائر با لحكم المطلق واالستقالل الذاتي ،إال أنهم بقوا دائمي الوالء للسلطة
العثمانية ،فلم يجرؤ أحدهم المطالبة باالستقالل التام والكلّي عن الخالفة اإلسالمية ،إالّ أنّه في سنة ،1710
مرة قرر الدّاي علي شاوش ( ، )1714 -1710وبطريقة دبلوماسية ردّ الباشا المندوب ،الذي جاء
وألول ّ
من الباب العالي ،وبلباقة إستسمح الداي السلطان العثماني؛ عن الكف؛ عن إرسال بمبعوثيه إلى إيالة
الجزائر ،و ض ّم لقب الباشا إلى لقب الداي ،وأصبح يلقب حاكم الجزائر" الداي ـ الباشا" إبتداء من سنة
،1710حاولت الدولة العثمانية البعث بممثليها لكن كانت محاوالت فاشلة.
5
ارتبطت الحياة السياسية في هذه الفترة باالستقالل الجزئي ،وهو ما يعني أن االستقرار الداخلي للبلد كان
يعود لطبيعة الداي ودوره في"تطبيق القوانين المدنية والعسكرية وتنظيم الجيوش ،ومراسلة القبائل
المختلفة ،ورؤساء الدّول ،للحفاظ على األمن في الداخل والخارج".
بالرغم من الحكم المطلق الذي تمتع به الدايات ،إالّ أنّهم كانوا يستمدونه من الديوان أو مجلس الشورى ،
ومن أجل فهم النظام يجب اإلشارة إلى المجلس أو الحكم المركزي كما سماه المؤرخ فونتير دي بارادي
، Venture De Paradisالذي يتكون من الديوان الخاص (مجلس الدولة) ،والديوان العام (المجلس العام)
،األول تضمن سبعة أعضاء بمثابة الوزراء ولقبو باالقوياء ،أو بالموظفين السامين في الدولة:
-الخزناجي المسئول و المكلف بالمالية كما اعتبر نائب الداي في حالة غيابه.
-وكيل الحرج هو المسئول عن البحرية (الجمارك ،تسليح األسطول وترميمه ،والمحافظة على الموانئ
وتحصينها).
-كاتب الدولة أو المكتابجي الذي كان عالما وفقيها ،تمتع بنفس رتبة شيخ اإلسالم
-بيت المالجي هو صاحب بيت المال كان يقوم بتسجيل األموال الموروثة ،واألموال المصادرة من
أصحابها ،ومن مهامه الرئيسية مراقبة أموال الداي ،والبايات والشخصيات دوي المراتب العليا في الدولة ،
أما الثاني أي الديوان العام؛ فقد ض ّم أعضاء الديوان الخاص ،إضافة إلى شخصيات مثل أغا الهالليين
المنبثق من األوجاق ،ورايس الطايفة وثمانون ضابط واألغوات المتقاعدين ،وأربعة أغوات القصر تحت
رقابة الخزناجي ،باإلضافة إلى أن كل وزير كان يتبع له مساعدون مثل الخوجة والشويش والمحضر.
6
و جد إلى جانب الداي ،الذي يعتبر بمثابة رئيس الدولة ،نجد البايات وعددهم ثالثة نسبة إلى عدد
المقاطعات التي وجدت آنذاك :بايلك الشرق وعاصمته قسنطينة ،بايلك التيطري وعاصمته المدية ،بايلك
الغرب وكانت عاصمته مازونة ،ثم حولت إلى معسكر وأخيرا وهران وسبب هذا التحول من منطقة إلى
أخرى هي الظروف الحربية ( االحتالل االسباني لوهران ،والخالفات مع مملكة المغرب) .ودار السلطان
التي تضم الجزائر وضواحيها وتخضع مباشرة لحكم الداي .
كان الحكم المركزي يعتمد على قوات مدّعمة له ،ونذكر الجند من أصل تركي ويسمون باللغة التركية
ال يولداش ،هؤالء يشكلون الجيش االنكشاري ،باإلضافة إلى طبقة الكراغلة (المولود من أب تركي وأم
عربية ) ،تزايد عددهم خالل القرن الثامن عشر ،فرضوا وجودهم بتزايد عددهم حيث بلغوا العدد أربع
وثالثون ألف.
نجد أيضا ،من العناصر الوفية للدولة قبائل المخزن،عبارة عن قبائل ،شكلت مجموعات سكانية
تعاملت مع األتراك وذلك بطبعها تعميرية ،اصطناعية متمايزة في أصولها ،مختلفة في أعراقها ،فمنها من
أقره األتراك باألراضي ،التي وجدت بها لتكون عونا لهم ،و منها من تحصلت على األرض لتستقر فيها،
ّ
ومنها مجموعة أفراد مغامرون وم تطوعون شكلوا جماعة شبه عسكرية ترتبط مصالحها بخدمة السلطة
التركية ،التي تمتعت ببعض االمتيازات مثل اإلعفاء من الضرائب ،واستغالل جزء من األموال التي كانت
تفرض على الرعايا .
إن تباين األوضاع السياسية في ايالة الجزائر ،كغيرها من اإلياالت التابعة للدولة العثمانية يرتبط
بالدرجة األولى بعدم التحكم الكلي في السكان ،فقد تحكمت السلطة العثمانية في نسبة قليلة من السكان والتي
تمثلت في السدس ،باإلضافة إلى االعتداءات الصادرة من جيرانها؛ إيالة تونس والمغرب وهذا ما جعل
تكدّر الجو السياسي في القرنين السابع عشر والثامن عشر ،وكثرة الثورات والفتن التي تسبب فيها السكان
المحليين ،وهذا ما جاء عند العربي الزبيري " إن الحرب هي عادة األعراب ،وأن الذي يريد حكمهم يتحتم
عليه إبقاؤها بينهم ،والتحريض على المنافسات بين القبائل المختلفة األصل والجنس ،أ ّما أوضاع السلم،
فإنها تقار ب بين العرب ،وتوحدهم حول غرض واحد ،وهذه الحالة ال ينبغي أن يطمئن إليها من كان يريد
السيطرة عليهم".
لم يكن ذلك يعني أن كل الفتن كانت مفتعلة من طرف السكان األصليين ،وإالّ كيف نفسر تمرد الجند
االنكشاري،ويقول في هذا الصدد " المؤرخ الفرنسي شارل أندري جوليان" Charles André Julien
7
كان في الجزائر سلسلة متواصلة الحلقات من المؤامرات ،واالنتفاضات ،والمذابح واكتفى الباشا فيها
بمظاهر الحكم فكان يُستقبل عند قدومه من إسطنبول ،في موكب بهيج ويقيم في قصر فاخر ،غير أنه ،كان
عليه أن يوافق على قرارات ديوان االنكشارية ليدوم حكمه" .لكن الجيش االنكشاري ظ ّل دائما في مواجهة
الحكام بصرامة؛ خاصة منهم من ال يخدم مصالح االنكشارية .أيضا من المشاكل الخطيرة التي هزت كيان
الدولة ،هوغضب و تمرد الكراغلة على الحكم ،وكتب يتحدث عن الحادثة؛ حمدان خوجة " ،فالعصيان
والتمردات لم تكن من الجا نب المحلي فقط ،فالباي أوالداي ،عندما يستلم الحكم في الجزائر ،كان يدرك جيدا
ما الذي سيواجهه ،كاالغتيال ،واالنقالب العسكري ،لذلك ُوجد بعض الدايات والبايات الذين حكموا بقبضة
حديدية ،كما كانت تربطهم عالقات ودية مع الرعية ،لكن هدا ال ينفي عــدم ظهور الفتن والثورات في
عهدهم.
فخالل القرن الثامن عشر وجد من الحكام ،الذين تسببوا بطريقة مباشرة في ظهور الفتنة داخل الحكم
نفسه ،أمثال باي قسنطينة ،حسين شاوش ( ،)1709 - 1701هذا األخير الذي كانت بحوزته أموال خزينة
فر بها إلى الشرق ،نفس الشيء بالنسبة للباي حسين الملّقب دنقلزي ،الذي لم يبق مدة طويلة في الحكم
الدولة و ّ
فر أيضا ،وتحالف مع باي تونس حمودة ،من أجل الهجوم على
حيث اختلف مع الداي ،وخوفا من العقاب ّ
قسنطينة ،في نهاية القرن الثامن عشر.
إلى جانب كل ما ذكر من مؤثرات سلبية على األوضاع السياسية في إيالة الجزائر ،نضيف طمع بعض
كبار ضباط الجيش ،فمن خالل البحث؛ نستنتج أنّهم كانوا مثلهم مثل المرتزقة ،حيث أنه بمجرد إنهاء مهمتهم
الحربية ،يسارعون إلى المطالبة بأجورهم وإذا لم يتحقق لهم ما يبغون ،وال تتمكن السلطة؛ من دفع األجر التي
وعدت بدفعها؛ يدبّر انقالب يتم على إثره ،في غالب األحيان ،اغتيال الداي أو الباي ،وهذا ما جعل الحكام
يأخذون حذرهم ،لذلك كانت تُتخذ إجراءات لحماية الداي ،ويتم تفتيش كل من يريد مقابلته ،حتى ولو كان من
كبار الضّباط في الجيش ،حيث معظم دايات و بايات الجزائر ماتوا غدرا باالغتياالت من طرف من هم محل
سم في األكل أو الشرب ،وإ ّما بالخنق والطعن بالسكين ،المالحظ أنه تم
ثقتهم ،وكان يتم ذلك إ ّما بدّس ال ّ
التركيز على بعض سلبيات الحكم أكثر من إيجابياته ،ذلك من أجل توضيح بعض األسباب المباشرة ،التي أدّت
إلى تدهور األوضاع السياسية التي تخللت الفترة المنحصرة بين القرنين السابع عشر والثامن عشر في إيالة
الجزائر ،وذلك ما سيتحكم في مسار العالقات بينها وبين جارتها المغرب.،وبالمثل سيتم الحديث عن أوضاع
المغرب في هذه الفترة ،التي تزامنت مع ظهور السعديين؛ كقوة مناهضة للتحرشات الصليبية في المنطقة .
ـ بيبليوغرافيا
8
،الجزائر، دار القصبة للنشر،تعريب وتقديم الدكتور عبد القادر زبادية، الجزائر في عهد رياس البحر، ـ وليام سبنسر
2006
.1965 الجزائر، ديوان المطبوعات الجزائرية، الموجز في تاريخ الجزائر،ـ يحي بوعزيز
الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية،) 1830 -1500( عالقات الجزائر الخارجية مع دول وممالك أوروبا،ـ يحي بوعزيز
1980
الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية بن عكنون، 1 ط،3 ج، تاريخ الجزائر العام، ـ عبد الرحمان بن محمد الجياللي
.1995،
كلية،) مجلة علمية محكمةـ مخبر البحث التاريخي(مصادر ومراجع، مجلة عصور، تأسيس أيالة الجزائر،ـ محمد دراج
.2010، 16 العدد، جامعة وهران،العلوم اإلنسانية والحضارة اإلسالمية
،) المؤسسة الوطنية للكتاب1830-1792(التجارة الخارجية للشرق الجزائري في الفترة ما بين، ـ محمد العربي الزبيري
. 1984،الجزائر
العدد، المجلة التاريخية المغربية، وضعية عشائر المخزن االجتماعية واآلثار التي ترتبت عنها،ـ ناصر الدين سعيدوني
1977 جانفي، 8 و7
2014 الجزائر، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، د ط،1830 ـ1514، الجزائر خالل العهد التركي،ـ صالح عباد
-Corinne Chevalier, Les trente premières années de l’Etat d’Alger (1510-1541), O.P.U.,
Alger, 1988
-de Grammont H. D., Histoire d’Alger sous la domination turque (1515-1830), Ed.
Ernest Leroux, Paris, 1887
-Dr. Shaw, Voyage dans la Régenced’Alger, traduit de l’anglais par J.Mac Carthy,
Marlin éditeur, Paris 1830
-M. Le Tournea, La Régence d’Alger et le Monde Turc, 4 ème numéro spécial de L’Ecole
Républicaine, 1953-1954
-Yamile Bouabba, Les Turcs au Maghreb Central du 16 ème au 19ème siècle, Alger, 1972, p. 41,
et Charles-André Julien, Histoire de l’Afrique du Nord, Payot, Paris, 1969
-Pierre Dan, Histoire de Barbarie et de ses Corsaires, Imprimeur Pierre Rochelet, 2 me
édition, 1646
9
-CORNEVIN Robert, Histoire de l’Afrique : l’Afrique précoloniale (1500-1900), T2,
Payot, Paris, 1966
-E. Pélissier, annales Algériennes tome 1, Paris, 1836
-A. De. Voulx, Recueil de notes historiques sur l’administration de l’ancienne Régence
d’Alger, Conservateur des archives arabes des domaines, Alger imprimerie du
gouvernement, 1852
-Corinne Chevalier, Les trentes premières années de l’Etat d’Alger (1510-1541), O.P.U.,
Alger, 1988
-E. Carette. Origine et Migrations des principales tribus de l’Algérie
10