You are on page 1of 10

‫ماستر‪ :2‬تاريخ المغرب العربي الحديث‬

‫المادة‪ :‬نظم الحكم في دول المغرب العربي الحديث‬

‫محاضرة رقم ‪1‬‬

‫الجزائر إيالة عثمانية ‪1519‬‬

‫استطاع العثمانيون من تكوين خالفة مترامية األطراف‪ ،‬تطلبت ابتكار تنظيما محكما تمثل في التنظيم‬
‫اإلداري والعسكري؛ وتنتظم اإلدارة المركزية في الدولة العثمانية‪ ،‬في شكل هرمي على النحو التالي‪:‬‬

‫ـ السلطان‪ :‬يتمتع بسلطة مطلقة ويشرف بصفة شخصيّة على اإلدارة وقيادة الجيش‪.‬‬
‫ـ الصدر األعظم‪ :‬وهو رئيس الوزراء واإلدارة‪ ،‬وقائد الجيش ونائب السلطان‪.‬‬

‫ـ الوزراء‪ :‬وهم ثالثة وزراء تمثلوا في؛ الكاهية باي وهو وزير الداخليّة ورئيس الكتاب وهوالذي يقوم‬
‫بحفظ القوانين واألوامر السلطانيّة‪ ،‬والدفتردار يتولى هذا المنصب؛ اثنان وهما وزيرا المالية‪.‬‬

‫ـ الديوان‪ :‬هو المجلس السلطاني أو مجلس الوزراء يضم شخصيات إدارية وسياسية وعسكريّة ودينية‬
‫كان لوجود األتراك‬ ‫ّ‬
‫موظفي الدولة‪.‬‬ ‫ينظر في القضايا الها ّمة كالسلم والحرب ومقاضاة كبار‬
‫العثمانيين في الجزائر دورا فعاال في إنقاذ هذا البلد من االحتالل االسباني‪ ،‬الذي كان أمرا واقعا ال محالة‪،‬‬
‫سواحل الجزائرية‪ ،‬وت ّم احتالل المناطق والموانئ اإلستراتيجية منها وهران‪،‬‬
‫خاصة‪ ،‬بعد‪ ،‬أن هوجمت ال ّ‬
‫المرسى الكبير‪ ،‬بجاية وجيجل ومستغانم وتنس ما بين السنوات (‪ ،)1514 -1505‬إلى أن جاء العثمانيون‬
‫صليبي وذلك بطلب من سكان‬
‫بزعامة اإلخوة بربروس عروج وخيرالدين‪ ،‬كمنقذين للجزائر من االحتالل ال ّ‬
‫الجزائر‪ ،‬لذلك قبل السكان باالنضواء تحت لواء الخالفة العثمانية‪ ،‬وكان لرابطة الدين دافع الستقبال‬
‫العثمانيين‪ ،‬خاصة وأن الصراع بين المسلمين والصلبيين كان على أشده‪ ،‬فقد بذل العثمانيون جهودا كبيرة‬
‫لحماية الجزائر من التحديات االستعمارية طيلة ثالثة قرون من الزمن إلى أن تم احتاللها من طرف فرنسا‪.‬‬

‫ألحقت الجزائر بالخالفة العثمانية بعد استشهاد عروج؛ و كان خير الدين قد أعلن تبعيته للسلطان‬
‫العثماني "سليم األول" ليس ألنه كان من أصل تركي‪ ،‬ولكن بعد بروز الخالفة العثمانية باعتبارها أكبر‬
‫دولة إسالمية تعمل جاهدة لحماية المسلمين‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قرر خير الدّين بربروس‪ ،‬إلحاق دولته الناشئة بالخالفة العثمانية‪ ،‬فأرسل إلى السلطان العثماني يعرض‬
‫عليه مبايعته‪ ،‬وحدث ذلك عام ‪. 1518‬وافق السلطان وكان وقتذاك بالقاهرة‪ ،‬فأرسل إليه ‪ 2000‬جندي‬
‫مسلحين بالبنادق وعددا من رجال المدفعية والمتطوعين‪ ،‬وقام بتوجيه رسائل إلى حكام تونس وتلمسان‬
‫يحذرهم فيها من االعتداء على إمارة الجزائر‪ ،‬وبعد تعيين خيرالدين حاكما عليها‪ ،‬أصبح يلقب بالبايلرباي‪،‬‬
‫وصارت إحدى إياالت الدولة العثمانية‪ ،‬كما غدت قوة ال يستهان بها على المستوى الدولي‪.‬‬

‫استقر العثمانيون بإيالة الجزائر نهائيا سنة ‪ 1518‬وهكذا‪ ،‬أصبحت إيالة تابعة للدولة العثمانية ‪ ،‬ومن هذا‬
‫التاريخ ظهرت الجزائر الحديثة إلى غاية االحتالل الفرنسي ‪.1830‬‬

‫لم يكن االستقرار العثماني بالجزائر يسيرا‪ ،‬فقد جابه العثمانيون المصاعب ‪،‬على الصعيدين؛ الداخلي‬
‫والخارجي كما صمد أمام ثورات داخلية أشهرها ثورة ابن قاضي الذي ت ّم القضاء عليه سنة ‪،1527‬‬
‫باإلضافة إلى رفض ملوك تلمسان للوجود العثماني‪ ،‬حتى ّ‬
‫إن منهم من‪ ،‬ذهب وتحالف مع حكام األسبان ضد‬
‫هذا الحكم اإلسالمي الجديد‪.‬‬

‫أ ّما على الصعيد الخارجي فقد تكررت الهجمات الصليبية كحملة دييقو دوفيرا ‪Diego Do verra‬‬
‫سنة ‪ ،1519‬أندري دوريا ‪André‬‬ ‫على مدينة الجزائر سنة ‪ ،1516‬وحملة مونكادو‪Moncade‬‬
‫‪Doria‬على مدينة شرشال في ‪ ، 1531‬وكذا حملة شارلكان الكبرى عام ‪ ، 1541‬حيث شارك فيها قراصنة‬
‫من ايطاليا وصقلية وفرسان مالطة‪ ،‬وقد باركها‪ ،‬وأيدها البابا بول الثالث‪ ،‬استمرت الهجمات األوروبية على‬
‫سواحل الجزائر والجيش العثماني يدافع عنها وصوال إلى حملة الضابط الفرنسي كولي ‪ Collie‬سنة‬
‫‪.1827‬‬

‫كان إخضاع الجزائر للدولة العثمانية؛ حسب وليام سبنسر في سنة ‪ 1519‬في عهد السلطان سليم‬
‫األول( ‪1512‬ـ ‪ ،)1520‬الذي قدم المساعدة لخير الدين بربروس شريطة العمل تحت الراية العثمانيّة ‪،‬‬
‫ّ‬
‫ويرى بعض الباحثين أن الجزائر أصبحت إيالة عثمانية‪ ،‬اعتبارا من سفر خير الدين بربروس إلى إسطنبول‬
‫بدعوة من السلطان سليمان القانوني سنة ‪ 1533‬مع بداية سنة ‪ 1671‬دخلت الجزائر مرحلة جديدة تميزت‬
‫بتولي طائفة رياس البحر الحكم‪ ،‬الرياس هم ضباط البحر الذين أسسوا نظاما جديدا يتمثل في تعيين حاكم‬
‫للبالد يلقب بالداي‪ ،‬وقد التزم الدايات بحفظ االرتباط مع الدولة العثمانية باعتبارها خالفة إسالمية‪ ،‬لكنهم‬
‫سلكوا سياسة مستقلة فيما يتعلق بالشؤون الخاصة للبالد‪ ،‬فالداي هو الذي كان يعقد االتفاقيات الدولية‬

‫‪2‬‬
‫ويستقبل البعثات الدبلوماسية (القناصل)‪ ،‬كان يعلن الحرب ويبرم معاهدات السلم‪ ،‬وعندما استقر نظام‬
‫الدايات تأسس في مدينة الجزائر ديوان مستقل‪ ،‬هو أشبه بمجلس الوزراء‪ ،‬فهناك وكيل الخرج‪،‬‬

‫والبيت مالجي‪ ،‬ورئيس أمين مدينة الجزائر‪ ،‬وخوجة الخيل وسيتم التطرق لما سبق بالتفصيل‪ ،‬وقسمت إيالة‬
‫الجزائر من الناحية اإلدارية‪ ،‬إلى أربعة أقاليم رئيسية هي‪:‬‬

‫ـ التقسيم االداري‪:‬‬

‫ـ دار السلطان‪ :‬كانت تضم مدينة الجزائر وضواحيها‪.‬‬

‫‪ -‬بايلك الغرب‪ :‬كانت عاصمته مازونة‪ ،‬ثم معسكر‪ ،‬وأخيرا وهران بعد جالء األسبان عنها عام ‪.1792‬‬

‫ـ بايلك التيطري‪ :‬ضم المناطق الوسطى‪ ،‬ومناطق جنوب دار السلطان‪ ،‬وكانت عاصمته المدية‪.‬‬
‫ـ بايلك الشرق‪ :‬يقع شرقي دار السلطان‪ ،‬وبايلك التيطري‪ ،‬كان أكبر األقاليم‪ ،‬عاصمته قسنطينة‪.‬‬

‫كانت هذه األقاليم مقسمة إلى قيادات وعلى رأس كل منها شيخ قبيلة وكان الجهاز اإلداري جهازا‬
‫المركزيا؛ حيث أن أية عالقة للحكومة برعاياها كانت عالقة غير مباشرة‪ ،‬تعتمد على استعمال الزعماء‬
‫المحليين لجمع الضرائب وفرض األمن‪.‬‬

‫مرت إيالة الجزائر بأربعة عهود مختلفة عن بعضها البعض‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫ـ عهدالبايلربايات‪:‬‬

‫إمتد من ‪ 1518‬إلى ‪ 1587‬إذ كانت منطقة بالد المغارب تابعة للعثمانيين‪ ،‬والتي كانت تض ّم؛ كل‬
‫من طرابلس تونس والجزائر‪ ،‬وكان يعين على رأس كل واحدة منها‪ ،‬باشا‪ ،‬إال أنها تخضع في األخير‬
‫لحكم البايلربايات‪ ،‬حيث كان الحاكم يعين من طرف الباب العالي‪ ،‬ويبدو أن هذا التنظيم الذي يجمع هذه‬
‫البالد تحت سلطة شخص واحد‪ ،‬كان مستوحى من الظروف‪ ،‬ومن طبيعة المشاكل التي كانت تواجه الدولة‬
‫العثمانية‪.‬‬

‫فقد كانت الدولة العثمانية تواجه عدوا قويا‪ ،‬المتمثل في اسبانيا التي كانت تحتل بعض القواعد على‬
‫شواطئ المغرب العربي‪ ،‬والتي كانت تمثل تهديدا للممتلكات العثمانية في المغرب العربي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أيضا الصراع الذي كان قائما بين طبقة الرياس وجنود االنكشارية في إيالة الجزائر‪ ،‬فقد قامت هذه‬
‫الدولة وتأسست على أيدي رجال طائفة الرياس‪ ،‬مثل خيرالدين ومن خلفه‪ ،‬فهذا الصراع كان من األسباب‬
‫الرئيسية لتغيير نظام البايلربايات واستبداله بحكم الباشوات‪ ،‬الذين كانت فترة حكمهم غير محدودة‪ ،‬بلغت‬
‫فترة حكم الواحد منهم عدة سنوات‬

‫في منصبه لدرجة أن الخالفة بدأت تتحسس روح التمرد ومحاولة االنفصال عنها واالستقالل‪ ،‬هذه‬
‫التخوفات‪ ،‬جعلت الدولة العثمانية ترى أن جمع السلطة في الخالفة‪ ،‬لذا تقرر تقسيم الحكم؛ بفصل هذه‬
‫الواليات عن بعضها البعض‪ ،‬وإسناد إدارة كل والية إلى باشا يعين لمدة ثالث سنوات‪ ،‬إلحكام سيطرتها‬
‫على البالد ومنع حدوث التمرد ضدها‪.‬‬

‫ـ عهد الباشوات‪:‬‬

‫امتد حكم الباشوات في الجزائر من ‪ 1587‬إلى ‪1659‬؛ الباشا هو لقب يمنح في الدولة العثمانية‬
‫ألصحاب المناصب العالية من مدنيين وعسكريين‪.‬‬

‫يعتبر عهد الباشوات‪ ،‬عهد الموظفين الذين كانت ترسلهم األستانة‪ ،‬والذين ُحددت فترة حكم الواحد‬
‫منهم ثالث سنوات‪ ،‬دامت فترة حكمهم حوالي اثنين وسبعين سنة‪ ،‬وقد اختلف المؤرخون؛ على عدد‬
‫الباشوات الذين تولوا الحكم‪ ،‬فمنهم من يقول أن عددهم نحو الثالثين‪ ،‬وآخرون يقولون أن عددهم أربعين‪،‬‬
‫وآخرون يقولون آن عددهم حوالي أربع وخمسين باشا‬

‫ـ عهد األغوات‪:‬‬

‫وتدخل الجزائر عهد جديد؛ حكم األغوات في الجزائر بين ‪ 1659‬و‪1671‬‬

‫تمثلت هذه الفترة القصيرة بغياب السيادة العثمانية الفعلية‪ ،‬بحيث أصبح الديوان الذي يتألف من كبار‬
‫ضباط االنكشارية هو الذي يقوم بانتخاب األغا المنتدب للحكم‪ ،‬بعدما كان الحاكم يعين من قبل السلطان‬
‫العثماني خالل مرحلتي؛ البيلربايات‪ ،‬والباشاوات‪.‬‬

‫أب رز ما ميز هذا األسلوب الجديد في نظام اإليالة‪ ،‬تنافس الضباط فيما بينهم للوصول إلى الحكم‪ ،‬وقيام‬
‫تكتالت عسكرية داخل الفرق االنكشارية؛ فغاب األمن‪ ،‬وضعفت الهيبة العسكرية أمام األعداء‪ ،‬مما جعل‬

‫‪4‬‬
‫السلطان والشعب الجزائري يؤيدان قادة القوى البحرية الرياس أثناء صراعهم مع األغوات الذين يمثلون‬
‫قادة القوى البرية االنكشارية‪ ،‬فتدهورت األوضاع وتفشى الفساد والفوضى إبان حكم األغوات‪.‬‬

‫ـ عهد الدايات‪ :‬نسبة إلى داي بالللغة التركية ‪ :Day‬كان لقبا يحمله حكام الجزائر أثناء فترة‬
‫الحكم العثماني بدأ من ‪ 1671‬حتى الغزو الفرنسي في العام ‪. 1830‬‬

‫يمثل هذا العصر عودة النفوذ والسلطة إلى رجال البحرية أي رياس البحر‪ ،‬وكان الداي ينتخب من بين‬
‫أعضاء الديوان؛ مدى الحياة‪ ،‬وبعدها تؤخذ موافقة السلطان على تسميته دايا‪.‬‬

‫إلتزم الدايات في بداية األمر بتمتين االرتباط مع الدولة العثمانية‪ ،‬لكن بعد ذلك‪ ،‬منهم من تخلى عن هذه‬
‫السياسة‪ ،‬ولم يبق للسلطان العثماني غير السيادة االسمية‪ ،‬فالداي هو الذي كان له قرار إعالن الحرب‪،‬‬
‫ويتولى عقد االتفاقات الدولية‪ ،‬واستقبال البعثات الدبلوماسية‪ ،‬غير أن هذا الوضع لم يكن يعني انقطاع كل‬
‫تعاون مع الدولة العثمانية ‪ ،‬ففي حالة الحرب كانت الجيوش الجزائرية تشترك مع الجيوش العثمانية في‬
‫عملياتها الحربية‪ ،‬وقد اتضح ذلك من خالل اشتراك األسطول الجزائري مع األسطول العثماني في معركة‬
‫نافرين سنة ‪. 1827‬‬

‫كان استقرار األوضاع في إيالة الجزائر‪ ،‬يعود إلى طبيعة الحكام وقوة قبضتهم في الحكم‪ ،‬فبقدر ما كان‬
‫لبعض الدايات والبايات‪ ،‬من قوة على فرض أرائهم وسطوتهم على أعضاء الديوان‪ ،‬بقدر ما وجد دايات‬
‫وبايات عديمي الشخصية‪ ،‬يتحكم فيهم ضباط الجيش‪ ،‬تخوفا وتجنبا من أي تمرد أو غضب يصدر من هذه‬
‫الفئة الرئيسية في الدولة‪.‬‬

‫رغم تمتع الدايات في إيالة الجزائر با لحكم المطلق واالستقالل الذاتي‪ ،‬إال أنهم بقوا دائمي الوالء للسلطة‬
‫العثمانية‪ ،‬فلم يجرؤ أحدهم المطالبة باالستقالل التام والكلّي عن الخالفة اإلسالمية‪ ،‬إالّ أنّه في سنة ‪،1710‬‬
‫مرة قرر الدّاي علي شاوش (‪ ، )1714 -1710‬وبطريقة دبلوماسية ردّ الباشا المندوب‪ ،‬الذي جاء‬
‫وألول ّ‬
‫من الباب العالي‪ ،‬وبلباقة إستسمح الداي السلطان العثماني؛ عن الكف؛ عن إرسال بمبعوثيه إلى إيالة‬
‫الجزائر‪ ،‬و ض ّم لقب الباشا إلى لقب الداي‪ ،‬وأصبح يلقب حاكم الجزائر" الداي ـ الباشا" إبتداء من سنة‬
‫‪ ،1710‬حاولت الدولة العثمانية البعث بممثليها لكن كانت محاوالت فاشلة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ارتبطت الحياة السياسية في هذه الفترة باالستقالل الجزئي‪ ،‬وهو ما يعني أن االستقرار الداخلي للبلد كان‬
‫يعود لطبيعة الداي ودوره في"تطبيق القوانين المدنية والعسكرية وتنظيم الجيوش‪ ،‬ومراسلة القبائل‬
‫المختلفة‪ ،‬ورؤساء الدّول‪ ،‬للحفاظ على األمن في الداخل والخارج"‪.‬‬

‫بالرغم من الحكم المطلق الذي تمتع به الدايات‪ ،‬إالّ أنّهم كانوا يستمدونه من الديوان أو مجلس الشورى ‪،‬‬
‫ومن أجل فهم النظام يجب اإلشارة إلى المجلس أو الحكم المركزي كما سماه المؤرخ فونتير دي بارادي‬
‫‪ ، Venture De Paradis‬الذي يتكون من الديوان الخاص (مجلس الدولة)‪ ،‬والديوان العام (المجلس العام)‬
‫‪ ،‬األول تضمن سبعة أعضاء بمثابة الوزراء ولقبو باالقوياء ‪ ،‬أو بالموظفين السامين في الدولة‪:‬‬

‫‪ -‬الخزناجي المسئول و المكلف بالمالية كما اعتبر نائب الداي في حالة غيابه‪.‬‬

‫‪ -‬األغا هو قائد الجيش‪.‬‬

‫‪ -‬وكيل الحرج هو المسئول عن البحرية (الجمارك‪ ،‬تسليح األسطول وترميمه‪ ،‬والمحافظة على الموانئ‬
‫وتحصينها)‪.‬‬

‫‪ -‬خوجة الخيل هو المشرف على الشرطة العامة‪.‬‬

‫‪ -‬المفتي المالكي و يساعده المفتي الحنفي‬

‫‪ -‬كاتب الدولة أو المكتابجي الذي كان عالما وفقيها‪ ،‬تمتع بنفس رتبة شيخ اإلسالم‬

‫‪ -‬بيت المالجي هو صاحب بيت المال كان يقوم بتسجيل األموال الموروثة‪ ،‬واألموال المصادرة من‬
‫أصحابها‪ ،‬ومن مهامه الرئيسية مراقبة أموال الداي‪ ،‬والبايات والشخصيات دوي المراتب العليا في الدولة ‪،‬‬
‫أما الثاني أي الديوان العام؛ فقد ض ّم أعضاء الديوان الخاص‪ ،‬إضافة إلى شخصيات مثل أغا الهالليين‬
‫المنبثق من األوجاق‪ ،‬ورايس الطايفة وثمانون ضابط واألغوات المتقاعدين‪ ،‬وأربعة أغوات القصر تحت‬
‫رقابة الخزناجي‪ ،‬باإلضافة إلى أن كل وزير كان يتبع له مساعدون مثل الخوجة والشويش والمحضر‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫و جد إلى جانب الداي‪ ،‬الذي يعتبر بمثابة رئيس الدولة‪ ،‬نجد البايات وعددهم ثالثة نسبة إلى عدد‬
‫المقاطعات التي وجدت آنذاك‪ :‬بايلك الشرق وعاصمته قسنطينة‪ ،‬بايلك التيطري وعاصمته المدية‪ ،‬بايلك‬
‫الغرب وكانت عاصمته مازونة‪ ،‬ثم حولت إلى معسكر وأخيرا وهران وسبب هذا التحول من منطقة إلى‬
‫أخرى هي الظروف الحربية ( االحتالل االسباني لوهران‪ ،‬والخالفات مع مملكة المغرب)‪ .‬ودار السلطان‬
‫التي تضم الجزائر وضواحيها وتخضع مباشرة لحكم الداي ‪.‬‬

‫كان الحكم المركزي يعتمد على قوات مدّعمة له‪ ،‬ونذكر الجند من أصل تركي ويسمون باللغة التركية‬
‫ال يولداش‪ ،‬هؤالء يشكلون الجيش االنكشاري‪ ،‬باإلضافة إلى طبقة الكراغلة (المولود من أب تركي وأم‬
‫عربية )‪ ،‬تزايد عددهم خالل القرن الثامن عشر‪ ،‬فرضوا وجودهم بتزايد عددهم حيث بلغوا العدد أربع‬
‫وثالثون ألف‪.‬‬

‫نجد أيضا‪ ،‬من العناصر الوفية للدولة قبائل المخزن‪،‬عبارة عن قبائل‪ ،‬شكلت مجموعات سكانية‬
‫تعاملت مع األتراك وذلك بطبعها تعميرية ‪ ،‬اصطناعية متمايزة في أصولها‪ ،‬مختلفة في أعراقها‪ ،‬فمنها من‬
‫أقره األتراك باألراضي‪ ،‬التي وجدت بها لتكون عونا لهم‪ ،‬و منها من تحصلت على األرض لتستقر فيها‪،‬‬
‫ّ‬
‫ومنها مجموعة أفراد مغامرون وم تطوعون شكلوا جماعة شبه عسكرية ترتبط مصالحها بخدمة السلطة‬
‫التركية ‪ ،‬التي تمتعت ببعض االمتيازات مثل اإلعفاء من الضرائب‪ ،‬واستغالل جزء من األموال التي كانت‬
‫تفرض على الرعايا ‪.‬‬

‫إن تباين األوضاع السياسية في ايالة الجزائر‪ ،‬كغيرها من اإلياالت التابعة للدولة العثمانية يرتبط‬
‫بالدرجة األولى بعدم التحكم الكلي في السكان‪ ،‬فقد تحكمت السلطة العثمانية في نسبة قليلة من السكان والتي‬
‫تمثلت في السدس‪ ،‬باإلضافة إلى االعتداءات الصادرة من جيرانها؛ إيالة تونس والمغرب وهذا ما جعل‬
‫تكدّر الجو السياسي في القرنين السابع عشر والثامن عشر‪ ،‬وكثرة الثورات والفتن التي تسبب فيها السكان‬
‫المحليين‪ ،‬وهذا ما جاء عند العربي الزبيري " إن الحرب هي عادة األعراب‪ ،‬وأن الذي يريد حكمهم يتحتم‬
‫عليه إبقاؤها بينهم‪ ،‬والتحريض على المنافسات بين القبائل المختلفة األصل والجنس‪ ،‬أ ّما أوضاع السلم‪،‬‬
‫فإنها تقار ب بين العرب‪ ،‬وتوحدهم حول غرض واحد‪ ،‬وهذه الحالة ال ينبغي أن يطمئن إليها من كان يريد‬
‫السيطرة عليهم"‪.‬‬

‫لم يكن ذلك يعني أن كل الفتن كانت مفتعلة من طرف السكان األصليين‪ ،‬وإالّ كيف نفسر تمرد الجند‬
‫االنكشاري‪،‬ويقول في هذا الصدد " المؤرخ الفرنسي شارل أندري جوليان‪" Charles André Julien‬‬

‫‪7‬‬
‫كان في الجزائر سلسلة متواصلة الحلقات من المؤامرات‪ ،‬واالنتفاضات‪ ،‬والمذابح واكتفى الباشا فيها‬
‫بمظاهر الحكم فكان يُستقبل عند قدومه من إسطنبول‪ ،‬في موكب بهيج ويقيم في قصر فاخر‪ ،‬غير أنه‪ ،‬كان‬
‫عليه أن يوافق على قرارات ديوان االنكشارية ليدوم حكمه" ‪ .‬لكن الجيش االنكشاري ظ ّل دائما في مواجهة‬
‫الحكام بصرامة؛ خاصة منهم من ال يخدم مصالح االنكشارية‪ .‬أيضا من المشاكل الخطيرة التي هزت كيان‬
‫الدولة‪ ،‬هوغضب و تمرد الكراغلة على الحكم‪ ،‬وكتب يتحدث عن الحادثة؛ حمدان خوجة "‪ ،‬فالعصيان‬
‫والتمردات لم تكن من الجا نب المحلي فقط‪ ،‬فالباي أوالداي‪ ،‬عندما يستلم الحكم في الجزائر‪ ،‬كان يدرك جيدا‬
‫ما الذي سيواجهه‪ ،‬كاالغتيال‪ ،‬واالنقالب العسكري‪ ،‬لذلك ُوجد بعض الدايات والبايات الذين حكموا بقبضة‬
‫حديدية‪ ،‬كما كانت تربطهم عالقات ودية مع الرعية‪ ،‬لكن هدا ال ينفي عــدم ظهور الفتن والثورات في‬
‫عهدهم‪.‬‬

‫فخالل القرن الثامن عشر وجد من الحكام‪ ،‬الذين تسببوا بطريقة مباشرة في ظهور الفتنة داخل الحكم‬
‫نفسه‪ ،‬أمثال باي قسنطينة‪ ،‬حسين شاوش (‪ ،)1709 - 1701‬هذا األخير الذي كانت بحوزته أموال خزينة‬
‫فر بها إلى الشرق‪ ،‬نفس الشيء بالنسبة للباي حسين الملّقب دنقلزي ‪ ،‬الذي لم يبق مدة طويلة في الحكم‬
‫الدولة و ّ‬
‫فر أيضا ‪ ،‬وتحالف مع باي تونس حمودة ‪ ،‬من أجل الهجوم على‬
‫حيث اختلف مع الداي ‪ ،‬وخوفا من العقاب ّ‬
‫قسنطينة‪ ،‬في نهاية القرن الثامن عشر‪.‬‬

‫إلى جانب كل ما ذكر من مؤثرات سلبية على األوضاع السياسية في إيالة الجزائر‪ ،‬نضيف طمع بعض‬
‫كبار ضباط الجيش‪ ،‬فمن خالل البحث؛ نستنتج أنّهم كانوا مثلهم مثل المرتزقة‪ ،‬حيث أنه بمجرد إنهاء مهمتهم‬
‫الحربية‪ ،‬يسارعون إلى المطالبة بأجورهم وإذا لم يتحقق لهم ما يبغون‪ ،‬وال تتمكن السلطة؛ من دفع األجر التي‬
‫وعدت بدفعها؛ يدبّر انقالب يتم على إثره‪ ،‬في غالب األحيان‪ ،‬اغتيال الداي أو الباي‪ ،‬وهذا ما جعل الحكام‬
‫يأخذون حذرهم‪ ،‬لذلك كانت تُتخذ إجراءات لحماية الداي‪ ،‬ويتم تفتيش كل من يريد مقابلته ‪،‬حتى ولو كان من‬
‫كبار الضّباط في الجيش‪ ،‬حيث معظم دايات و بايات الجزائر ماتوا غدرا باالغتياالت من طرف من هم محل‬
‫سم في األكل أو الشرب ‪ ،‬وإ ّما بالخنق والطعن بالسكين ‪ ،‬المالحظ أنه تم‬
‫ثقتهم‪ ،‬وكان يتم ذلك إ ّما بدّس ال ّ‬
‫التركيز على بعض سلبيات الحكم أكثر من إيجابياته‪ ،‬ذلك من أجل توضيح بعض األسباب المباشرة‪ ،‬التي أدّت‬
‫إلى تدهور األوضاع السياسية التي تخللت الفترة المنحصرة بين القرنين السابع عشر والثامن عشر في إيالة‬
‫الجزائر‪ ،‬وذلك ما سيتحكم في مسار العالقات بينها وبين جارتها المغرب‪.،‬وبالمثل سيتم الحديث عن أوضاع‬
‫المغرب في هذه الفترة‪ ،‬التي تزامنت مع ظهور السعديين؛ كقوة مناهضة للتحرشات الصليبية في المنطقة ‪.‬‬

‫ـ بيبليوغرافيا‬
‫‪8‬‬
،‫الجزائر‬،‫ دار القصبة للنشر‬،‫تعريب وتقديم الدكتور عبد القادر زبادية‬، ‫ الجزائر في عهد رياس البحر‬، ‫ـ وليام سبنسر‬
2006
.1965 ‫ الجزائر‬،‫ ديوان المطبوعات الجزائرية‬،‫ الموجز في تاريخ الجزائر‬،‫ـ يحي بوعزيز‬
‫ الجزائر‬،‫ ديوان المطبوعات الجامعية‬،) 1830 -1500( ‫ عالقات الجزائر الخارجية مع دول وممالك أوروبا‬،‫ـ يحي بوعزيز‬
1980
‫ الجزائر‬،‫ ديوان المطبوعات الجامعية بن عكنون‬، 1‫ ط‬،3‫ ج‬، ‫تاريخ الجزائر العام‬، ‫ـ عبد الرحمان بن محمد الجياللي‬
.1995،
‫كلية‬،)‫ مجلة علمية محكمةـ مخبر البحث التاريخي(مصادر ومراجع‬،‫ مجلة عصور‬،‫ تأسيس أيالة الجزائر‬،‫ـ محمد دراج‬
.2010، 16 ‫ العدد‬،‫ جامعة وهران‬،‫العلوم اإلنسانية والحضارة اإلسالمية‬
،‫) المؤسسة الوطنية للكتاب‬1830-1792(‫التجارة الخارجية للشرق الجزائري في الفترة ما بين‬، ‫ـ محمد العربي الزبيري‬
. 1984،‫الجزائر‬
‫ العدد‬، ‫ المجلة التاريخية المغربية‬،‫ وضعية عشائر المخزن االجتماعية واآلثار التي ترتبت عنها‬،‫ـ ناصر الدين سعيدوني‬
1977 ‫ جانفي‬، 8 ‫و‬7
2014 ‫ الجزائر‬،‫ دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‬،‫ د ط‬،1830 ‫ـ‬1514،‫ الجزائر خالل العهد التركي‬،‫ـ صالح عباد‬

- Berbrugger. A, Epitaphe, Ouzzoun Hassan, in Revue Africaine, 1865


- Mouloud Gaïd, Chronique des Beys de Constantine, Office des publications
universitaires, Alger.
-Mouloud Gaïd, L’Algérie sous les Turcs, , Société nationale d’édition et de diffusion.

-Albert Devoulx,Tachrifat, Recueil de notes historiques sur l’administration de l’ancienne


régence d’Alger, imprimerie du gouvernement,Alger,1852

-Corinne Chevalier, Les trente premières années de l’Etat d’Alger (1510-1541), O.P.U.,
Alger, 1988
-de Grammont H. D., Histoire d’Alger sous la domination turque (1515-1830), Ed.
Ernest Leroux, Paris, 1887

-Dr. Shaw, Voyage dans la Régenced’Alger, traduit de l’anglais par J.Mac Carthy,
Marlin éditeur, Paris 1830

-E.Carette, Origines et Migrations des principales tribus de l’Algérie, Imprimerie


Impériale, Paris

-HaedoFrayDiego, Histoire des rois d’Alger,annote parH.D.


deGrammont :Alger,A. Jourdan,1881

-M. Le Tournea, La Régence d’Alger et le Monde Turc, 4 ème numéro spécial de L’Ecole
Républicaine, 1953-1954
-Yamile Bouabba, Les Turcs au Maghreb Central du 16 ème au 19ème siècle, Alger, 1972, p. 41,
et Charles-André Julien, Histoire de l’Afrique du Nord, Payot, Paris, 1969
-Pierre Dan, Histoire de Barbarie et de ses Corsaires, Imprimeur Pierre Rochelet, 2 me
édition, 1646

9
-CORNEVIN Robert, Histoire de l’Afrique : l’Afrique précoloniale (1500-1900), T2,
Payot, Paris, 1966
-E. Pélissier, annales Algériennes tome 1, Paris, 1836
-A. De. Voulx, Recueil de notes historiques sur l’administration de l’ancienne Régence
d’Alger, Conservateur des archives arabes des domaines, Alger imprimerie du
gouvernement, 1852
-Corinne Chevalier, Les trentes premières années de l’Etat d’Alger (1510-1541), O.P.U.,
Alger, 1988
-E. Carette. Origine et Migrations des principales tribus de l’Algérie

10

You might also like