Professional Documents
Culture Documents
تمر أك ثر من 06ق رون ،من س نة 1299م كإم ار ٍة إلى س نة 1924م كخالف ة ،وال يط ولأن عم ر الخالف ة العثماني ة اس ّ
ّ
عم ر دول ٍة إال بحض ار ٍة وع دل .وه و م ا جع ل ال دكتور “محم د ح رب” يق ول“ :العثم انيون مس احةٌ مبارك ةٌ من زمن
بالس مو في ت اريخ الع الم ،جاه دوا واجته دوا ،أص ابوا كث ًيرا ولهم
رحب في حض ارة البش ر ،اتّس موا ُّ
ٌ زء
المس لمين ،وج ٌ
كل هذه المعاداة للعثمانيين في بالد المسلمين؟” .وال تزال عزةِ ،فلم ُّ
فخرا وللمسلمين ّ
َ لكنهم أضافوا لإلنسانية ً
أخطاؤهمّ ،
قض ية التح اق الجزائ ر بالخالف ة العثماني ة س نة 1516م وال تي امت ّدت إلى س نة 1830م تث ير ج دالً ح ول س يادتها وم دى
ٍ
كدولة حديثة .ومن يقرأ ما يكتبه أصحاب استقالليتها في ذلك العهد ،ومدى انعكاس ذلك على الوجود المستق ّل للجزائر
أن جي وش األت راك قد غ َزت الدول ة الجزائري ة القائم ة الموحَّدة ،واحتلّت
خي ل إلي ه ّ
َس ْردية “االحتالل العثم اني للجزائ ر” ُي ّ
أن ِ
حاكم ا عليها كما يفعل المحتلّ ون ،مع ًّ وفرضت ضد هؤالء “الغزاة”َ ،
عاصمتها :مدينة الجزائر ،والقَت مقاومةً ّشعبية ّ
المؤرخ الفرنسي “أندري جوليان” في
ّ يرد على
األمر ليس كذلك على االطالق .يقول الدكتور أبو القاسم سعد اهلل وهو ّ
أن “الجزائ ريين ُخلق وا
أن الحكم العثم اني “احتال ٌل للجزائ ر” ،ونظري ة ّ
واالدع اء ب ّ
ّ كتاب ه (ت اريخ الجزائ ر المعاص ر)
وأن ه ض من
لالس تعمار” ،فيق ول“ :هن اك س ببان واض حان له ذه النظري ة ،األولّ :أنه ا تح اول ت برير االس تعمار الفرنس يّ ،
سلس لة من االس تعمارات مث ل االحتالل الع ربي واالحتالل ال تركي ،والث انيّ :أنه ا ك انت تح اول فص ل الجزائ ريين عن
القوة
الص راع الحضاري بين ّ حضارتهم العربية واإلسالمية” .الوجود العثماني بالجزائر كان في سيا ٍ
ق تاريخي في إطار ّ
اإلس المية العالمي ة وهي الخالف ة العثماني ة في ذل ك ال وقت وبين الق ّوة المس يحية العالمي ة وهي اإلمبراطوري ة اإلس بانية
وأن هذا الوجودالسياسيةّ ،
الدينية اإلسالمية مع العثمانيين كانت أقوى من العالقات الجغرافية أو ّ ألن العالقات ّ
آنذاكّ ،
الص ليبي ،الذي كان يالحق العرب
للنجدة من أجل تخليصهم من هذا االحتالل ّ
العثماني كان في سياق طلب الجزائريين ّ
والمسلمين في شمال إفريقيا بعد سقوط دولة اإلسالم والمسلمين في األندلس سنة 1492م ،وإ نهاء الوجود اإلسالمي في
مر تاريخها .سقوط األندلس فتح شهية اإلسبانأس س فيها المسلمون أعظم حضار ٍة إسالمية وإ نسانية على ّ
إسبانيا بعدما ّ
السواحل الجزائرية بذلك َّ
النفَس الصليبي ،فكانت الخشية حقيقي ةً من تكرار مآسي األندلس وخاصة ّ
ّ الحتالل شمال إفريقيا
بالمغرب اإلسالمي ،فكانت سببا ِ
مباش ًرا في الوجود العثماني بالجزائر. ً
تعرض ت الجزائ ر فعالً إلى ذل ك التهدي د الوج ودي ،فيق ول مول ود قاس م ن ايت بلقاس م ..“ :في 23أكت وبر 1505م
وق د ّ
احتلت إس بانيا المرس ى الكب ير عن دنا ،وفي 18م اي 1509م احتلت وه ران وأرزي و ،وعلى امت داد س نة 1510م احتلت
الصليبي إلسبانيا ،والذي وصل إلى جميع
مستغانم وتنس ودلّس وشرشال والجزائر وبجاية ،”..ثم يقول بعد ذلك االمتداد ّ
قوته ا،
أوج ّ
س واحل ت ونس ُوص والً إلى ط رابلس ،وال ذي ك ان ين وي أبع د من ذل ك“ :ول وال وج ود الخالف ة العثماني ة في ّ
وابنه سليمان القانوني لكان األمر غير ذلك في الشرق العربي
الصنديدان :سليم األول ُ
وخاصة وقد كان على رأسها ذانك ّ
ّ
وخاص ة من أج ل إنق اذ المس لمين الف ّارين ب دينهم من جحيم مح اكم
ّ عموم ا .”..وفي ج ّو سلس لة تل ك المآس ي
ً واإلس المي
استقرا بجزيرة جربة بتونس ،التي يقول عنها مبارك الميلي ُّ ظهر األخوان العثمانيان اللذان
التفتيش بعد سقوط األندلس َ
يتعرفً ا على مظه ٍر من المظ اهر الفاجع ة ال تي خلّفه ا ض ياع األن دلس”..
“وفي ت ونس اس تطاع ع ُّروج وخ ير ال ّدين أن ّ
قاما بنقل حوالي 70ألف مسلم أندلسي في أسطول مؤلّ ف من 36
(تاريخ الجزائر القديم والحديث ،ج ،3ص .)34وقد َ
ومحب ةً من سكان شمال إفريقيا لدوره األخوي
ّ عروج شهرةً
مم ا أكسب ُّ
وتم تأمينهم في الجزائر وتوطينهم بهاّ ،
سفينةّ ،
الم دافع عن
والبطولي حتى لُقّب( :بابا عروج) ،وهو ما جعل أغلبي ة الجزائ ريين في ذل ك الوقت ينظ رون إليه بمنظ ار ُ
الدين والمجاهد في سبيل اهلل.
ّ