Professional Documents
Culture Documents
ﻛﻠﻴﺔ اﻟﺤﻘـﻮق
ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ:
أد.ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ﺗﻘﯾﺔ ........................................رﺋﯾﺳﺎ
أد.ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن .............................ﻣﻘررا وﻣﺷرﻓﺎ
د.طواﻟﺑﻲ ﻋﺻﺎم ..........................................ﻋﺿوا
أ.راﺑﺢ ﻋﺑد اﻟﻣﺎﻟك..........................................ﻋﺿوا
أﺗﻘـﺪم ﺑﺠﺰﻳـﻞ اﻟﺸــﻜﺮ ﻷﺳـﺘﺎذي اﻟﻜـﺮﻳﻢ اﻟـﺪﻛﺘﻮر ﻟﻤﻄـﺎﻋﻲ ﻧــﻮر اﻟـﺪﻳﻦ ،و أﺷــﻜﺮﻩ
ﺟﺰﻳ ــﻞ اﻟﺸ ــﻜﺮ ﻋﻠ ــﻰ ﻗﺒﻮﻟ ــﻪ اﻹﺷـ ـﺮاف ﻋﻠ ــﻰ ﻣ ــﺬﻛﺮﺗﻲ و دﻋﻤ ــﻪ ﻹﺧﺮاﺟﻬ ــﺎ إﻟ ــﻰ
اﻟﻨــﻮر،ﻟﻦ ﺗﻜﻔــﻲ أي ﻛﻠﻤــﺔ ﺷــﻜﺮ ﻟــﻚ ﻟﺘﻌﺒــﺮ ﻋــﻦ ﻣــﺪى اﻣﺘﻨــﺎﻧﻲ وﻋﺮﻓﺎﻧﻲ،ﺣﻔﻈــﻚ
اﷲ و رﻋﺎك ﺳﻴﺪي.
ﻛﻤ ــﺎ أﺗﻘـ ــﺪم ﺑﺎﻟﺸـ ــﻜﺮ ﻟﺰﻣﻼﺋـ ــﻲ اﻟـ ــﺬﻳﻦ ﻛ ــﺎن ﻟﻬـ ــﻢ دور ﻓـ ــﻲ ﺗﻨـ ــﻮﻳﺮي ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﻗﺸـ ــﺔ
اﻟﻬﺎدﻓﺔ،و أﺧﺺ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ اﻷﺳﺘﺎذة ﻣﺤﻤﺪي ﺳﻤﻴﺮة،،ﺳﻮﻫﻴﻠﺔ.
ﻣﻘدﻣـــــــــــــﺔ:
اﻟزوﺟﯾن و اﻟﺗﻧﺎﺳل ﻟﺑﻘﺎء اﻟﺟﻧس اﻟﺑﺷري ﯾﻌﻣر اﻷرض ﺣﺗﻰ ﯾﺑﻠﻎ اﻟﻛﺗﺎب أﺟﻠﻪ.
ﻻﺗﺗﺣﻘق ﻫذﻩ اﻟﻣﻘﺎﺻد و اﻷﻫداف اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ إﻻ إذا ﺣﺳﻧت اﻟﻌﺷرة ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،وﻟﻛن إذا ﺳﺎءت
اﻟﻌﺷرة اﻟزوﺟﯾﺔ وﺗﻧﺎﻓرت اﻟطﺑﺎع واﻷﺧﻼق و اﺳﺗﺣﻛم اﻟﺷﻘﺎق ،ﻓﻘد ﺗﺣدث أﻣور ﺗﻌﻛر ﺻﻔو اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
وﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن ﺗﺻل ﻟ درﺟﺔ وﺿﻊ ﺣد ﻟﻬﺎ ٕواﻧﻬﺎﺋﻬﺎ.
واﻧطﻼﻗﺎً ﻣن ﺣرص اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وﺗﻔﺎدي اﻧﺣﻼﻟﻬﺎ ،ﻓﻘد
ﺷرﻋت وﺑﯾﱠﻧَت وﺳﺎﺋل ذﻟك ،وﻣن أﻫﻣﻬﺎ ﺑﺎب اﻟﺻﻠﺢ ،ﻟﯾﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وﻋدم ﺗﻔﻛﻛﻬﺎ واﻧﺣﻼﻟﻬﺎ،
ْﻘَﺿ ِﺎء
َﺻَل اﻟ َ
ِن ﻓ ْ
َﺻطَﻠُِﺣوا؛ ﻓَﺈ ﱠ
ْﺧ ُﺻَوم َﺣﺗﱠﻰ ﯾ ْ
ُرﱡدوا اﻟ ُ ﺿَﻲ اﻟﻠﱠﻪُ َْﻋﻧﻪُأﻧﻪ ﻗﺎل" :
اﻟﺧطﺎب َر ِ
ِ ﺑن
ﻋﻣر ِ
ﻓﻠﻘد روي ﻋن َ
ِن" .2
ْﻘَوِم اﻟﺿﱠﻐَﺎﺋَ
ﯾُﺣِد ُث َﺑﯾَْن اﻟ ْ
ْ
اﻷﺛر اﻟﺟﻠﯾل ،ﻟﯾؤﻛد ﻟﻧﺎ ﻣدى اﻟﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﺑﺎرزة اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗﻠﻬﺎ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺗراث اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
إن ﻫذا َ
ﻋﯾن ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،وﺗﺄﺗﻠف اﻟﻘﻠوب ،وﺗﺻﻔو اﻟﻧﻔوس ،وﺗطﯾب
اﻹﺳﻼﻣﻲ ،إذ ﺑﻪ ﺗزول اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺗﻧﺎز َ
ﻛل اﻟﺷراﺋﻊ اﻟﺳﻣﺎوﯾﺔ وﻛذا اﻟﻘواﻧﯾن اﻟوﺿﻌﯾﺔ
اﻟﻣﺷﺎﻋر ،وﻟﻌل ﻫذا ﻣﺎ ﯾﻔﺳر اﻻﻫﺗﻣﺎم اﻟﻛﺑﯾر اﻟذي أوﻟﺗﻪ ﱡ
ﻋﺎت ﺑﺷﻛل ودي
ﺧﺎﺻﺔ وأﻧﻪ ﯾﻌﺗﺑر إﺣدى اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ واﻟﻧﺎﺟﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗم اﻟﻠﺟوء ُ إﻟﯾﻬﺎ ﻗﺻ د إﻧﻬﺎء اﻟﻣﻧﺎز ِ
1
ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣﻧطق اﻟﺳﻠﯾم ﯾوﺟب ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻧوع ﻣن اﻟﻣروﻧﺔ ﻓﻲ ﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ﺑﯾن طرﻓﻲ
َﺻُدر ﻟﺻﺎﻟﺢ أﺣدﻫﻣﺎ اﻟذي ﻗد ﯾﻛون أﻟﺣن ﺑﺣﺟﺗﻪ ﻣن ﺧﺻﻣﻪ.
ﻗﺿﺎﺋﻲ ﯾ ْ ُ
ﱟ ﺑﺣﻛم
ﺑدل ﺣﺳﻣﻬﺎ ٍ اﻟﺧﺻوﻣﺔ،
ﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ،ﺣﺛت اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ َودَﻋت إﻟﯾﻪ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف ﻣﺻﺎدرﻫﺎ .واﻟﻘرآن
ﻟﻣﺛﺎل :
ﺣﺎﻓل ﺑﺎﻵﯾﺎت اﻟﻛرﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺄﻣر ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ وﺗرﻏب ﻓﯾﻪ؛ وﻣﻧﻬﺎﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل ا ِ
اﻟﻛرﯾم ٌ
ﻗﻮﻟ ُﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰَ ﴿ :ﻻ ﺧَ ﯿْﺮَ ﻓ ِﻲ َﻛﺜ ِﯿﺮٍ ﻣِﻦْ ﻧ َﺠْ ﻮَ اھ ُﻢْ إ ﱠِﻻﻣَﻦْ أ َﻣَﺮَﺑ ِﺼَ ﺪَﻗ َ ٍﺔأ َوْ ﻣَ ﻌْﺮُوفٍ أ َوْ إ ِﺻْ َﻼ ٍح ﺑ َﯿْﻦَ اﻟﻨ ﱠﺎسِ
ﷲ ِ ﻓ َ ﺴَﻮْ فَ ﻧ ُﺆْﺗ ِﯿ ِﮫأ َﺟْ ﺮً ا ﻋَﻈِ ﯿﻤًﺎ ﴾،1وﻗوﻟُﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :إ﴿ ِﻧ ﱠﻤَ ﺎ اﻟْﻤُﺆْ ﻣِﻨ ُﻮنَ إ ِﺧْ ﻮَ ة ٌ
وَ ﻣَﻦْ ﯾ َﻔْ ﻌَﻞْ ٰ ذَ ﻟ ِﻚَ ا ْﺑﺘ ِﻐَﺎءَﻣَ ﺮْ ﺿَ ﺎتِ ﱠ
ﷲ َ ﻟ َﻌ َﻠ ﱠﻜُﻢْ ﺗ ُﺮْ ﺣَ ﻤُﻮنَ ﴾،2
ﻓ َﺄ َﺻْ ﻠ ِﺤُ ﻮا ﺑ َﯿْﻦَ أ َﺧَ ﻮَ ْﯾﻜُﻢْ ۚ وَ اﺗ ﱠﻘ ُﻮا ﱠ
ﻧِﻲ
ْﻦ ْﻋَﻮٍف اﻟَُْﻤﺰ ﱢ أﺣﺎدﯾث ﻛﺛﯾرة ﺗؤﻛد ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ ،وﻣﻧﻬﺎ"ْ ،
ﻓﻐﻦ ْﻋَﻤﺮِو ﺑ ِ َ وردت ﻛذاﻟك ﻓﻲ اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻧﺑوﯾﺔ
إِﻻ ُﺻﻠًْﺣﺎ َﺣَرﱠم َﺣَﻼًﻻ ،أَْو أََﺣﱠل
اﻟﺻﻠُْﺢ َﺟﺎﺋٌِز َﺑﯾَْن ُاﻟْﻣْﺳﻠِِﻣ َﯾن ،ﱠ
ﱡ َﺎل» :
ﱠﺒِﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻗ َ
َﻦ اﻟﻨ ﱢ
رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ ﻋِ
ْﺷَرطًﺎ َﺣَرﱠم َﺣَﻼًﻻ ،أَْو أََﺣﱠل ﺣراﻣﺎ« ،3ﻛﻣﺎ أﺟﻣﻊ اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟراﺷدون وﺑﻘﯾﺔ إِﻻ
وط ِْﻬم ،ﱠ
ون َﻋﻠَﻰ ُﺷُر ِ
َوُاﻟْﻣْﺳُﻠِﻣ َ ََﺣرًاﻣﺎ.
اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ واﻟﺗﺎﺑﻌون وﺟﻣﻬور اﻷﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻟِﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﻣن ﺟﻠب ﻟﻌظﯾم ﻣن اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ ودﻓﻊ
ﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﻔﺎﺳد ،وﻋﻠﻰ اﻣﺗداد اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺣﺎﻓظ اﻟﻔﻘﻬﺎء واﻟﻘﺿﺎة ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺂﻟﯾﺔ ﻣﺛﻠﻰ ﻟﺣل
اﻟوﺋﺎم ٕ .واﺣﻼل اﻟوﻓﺎق ﻣﺣل اﻟﺷﻘﺎق .
اﻟﻣودة و ِ
ِ وﻧﺷر
اﻟﺧﺻوﻣﺔ ِ
ِ ﻗطﻊ
اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت ،ﻷﻧﻪ ﯾؤدي إﻟﻰ ِ
اﻟﺻﻠﺢ وﺳﯾﻠﺔً ﻟﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت
ِ اﻋﺗﻣﺎد
ِ اﻟﻘدم ﻋﻠﻰ
ِ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋري ﻣن ﺟﺎﻧﺑﻪ وﻣﻧذ
ُ ﺳﺎر
واﻟﺧﺻوﻣﺎت ،وﻫو ﻧﻔس اﻟﺗوﺟﻪ اﻟذي ﻛرﺳﻪ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ،ﺣﯾث َﻋِﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻧﯾﻧﻪ وﺗﻧظﯾﻣﻪ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ
اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺻﻠﺢ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺎﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت
ِ ﻧﺻوص ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ٕواﺟراﺋﯾﺔ ،وﺗزداد أﻫﻣﯾﺔُ
اﻷﺳرﯾﺔ ،ﻟﻛوﻧﻬﺎ ﺗﻛﺗﺳﻲ طﺎﺑﻌﺎ ﺧﺎﺻﺎ ،ﻛوﻧﻬﺎ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻌﻼﻗﺎت ذات ﺣﺳﺎﺳﯾﺔ وﺧﺻوﺻﯾﺔ.
ﻣﺎﺟﻌل اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ وﺟوﺑﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻷﺳرﯾﺔ ،ﺧﺻوﺻﺎ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑدﻋﺎوى
ﺳن ﻟﻪ إﺟراءات ﻣﻔﺻﻠﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ واﻟﺗﻲ
اﻧﺣﻼل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ؛ ﺣﯾث ﱠ
ﺗُﻣﺎرس ﺗﺣت إﺷراف اﻟﻘﺿﺎء.
َ
وﻣﻣﺎ ﻻ ﺷك ﻓﯾﻪ ،أن ﺗﺳوﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت ﻋن طرﯾق اﻟﺻﻠﺢ ﺳﯾﺳﺎﻫم ﻻ ﻣﺣﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ
ﺗﻣﺎﺳك اﻷَُﺳر واﺳﺗﻘرارﻫﺎ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﺣد ﻣن ظﺎﻫرة اﻟﺗﻔﻛك اﻷﺳري اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﻬﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺟزاﺋري
ﻏﯾر أن ﻧﺟﺎح اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻷﺳرة ﯾظل رﻫﯾﻧﺎ ﺑﺎﻟﺗطﺑﯾق اﻟﺳﻠﯾم ﻟﻠﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن
2
ﻓﻲ اﻟﺣﻘل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،وأﯾﺿﺎ ﺑﺗواﻓر ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺷروط اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ واﻟﺷﻛﻠﯾﺔ اﻟﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺿﻣﺎن ﻓﻌﺎﻟﯾﺗﻪ
وﻧﺟﺎﻋﺗﻪ .
وﻣن أﺟل اﻹﺣﺎطﺔ أﻛﺛر ﺑﻬذا اﻟﻣوﺿوع اﻟﻬﺎم ،ﺗﺄﺗﻲ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﺗﺣت ﻋﻧوان:
" أﺣﻛﺎم اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء ﺷؤون اﻷﺳرة " ،وﻣن ﻫﻧﺎ ﺗﺑرز أﻫﻣﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﻓﻲ ﻛوﻧﻬﺎ ﺗﺳﻠط اﻟﺿوء
ﻋﻠﻰ إﺣدى اﻵﻟﯾﺎت اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ ﺣل اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻷﺳرﯾﺔ ،ﺳواء ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﻣﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﺟﺎﻧب اﻟﻧظري أو اﻟﻌﻣﻠﻲ
ﻛﻣﺎ أﻧﻬﺎ ﺗطرﻗت ﻟﻠﻌدﯾد ﻣن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ واﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟواﻗﻌﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ
إﻟﻰ أﻧﻬﺎ واﻛﺑت أﻫم اﻟﻣﺳﺗﺟدات اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ واﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﻣوﺿوع .
وﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣﻧﻬﺞ اﻟدراﺳﺔ ،إرﺗﺄﯾت اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ ﺑﺟﻌﻠﻬﺎ دراﺳﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻧﻘدﯾﺔ ،ﺣﯾث ﺗﻣس
ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺟواﻧب اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ واﻻﺟ ارﺋﯾﺔ وﻛذا اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ،ﺣﯾث َﻋِﻣﻠت ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻘراء وﺗﺣﻠﯾل
اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺎدة ﺷؤون اﻷﺳرة ،واﻹﺳﺗﻌﺎن ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ﺑﺎﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﻣﻘﺎرن
ﻛﻠﻣﺎ إﺳﻠزم اﻟﻣوﺿوع ذاﻟك ،وﻫذا ﻛﻠﻪ ﻗﺻد اﻹﻟﻣﺎم ﺑﻣوﺿوع أﺣﻛﺎم اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﻣرﻛ از
ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ان ﺗﻔﻌﯾل اﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻌﺗﻣد ﻋل اﻟدور اﻟﻛﺑﯾر اﻟذي ﯾﻠﻌﺑﻪ اﻟﻘﺿﺎء ،ﻣﺎ
ﯾﺿﻔﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺣث اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﺗطﺑﯾﻘﻲ ﻛوﻧﻪ ﯾﺑرز دور اﻟﻘﺿﺎء ﻣن ﺧﻼل ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﻣﻧﺷورة
ﻣﻧﻬﺎ وﻏﯾر اﻟﻣﻧﺷورة ﻹﺛراء اﻟﻣوﺿوع .
ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص دواﻋﻲ اﻹﻗدام ﻋﻠﻰ ﺧوض ﻏﻣﺎر ﻫذا اﻟﺑﺣث وﺟدت ﻛﺣﺎﻓز ﻗوي وﻣﺑرر ﺿرورة ﺗﺑﯾﺎن
أﺣﻛﺎم وﺿواﺑط اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﺧﻼل ﻧﺻوص ﻗﺎﻧون اﻻﺳرة وﻛذا ﻗﺎﻧون اﻻﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،و ﻣﺎ
دأب ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋري واﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺔ وﻟو ﺑﻘﻠﯾل ﻓﻲ إﺛراء اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ و اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن إﺟﻣﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻘﺎط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
أوًﻻ :ﺣداﺛﺔ ﻣوﺿوع اﻟﺑﺣث ،ﻟﻛوﻧﻪ ﯾﺗﻧﺎول ﺑﺎﻟدراﺳﺔ واﻟﺗﺣﻠﯾل إﺣدى أﻫم اﻟﻣﺳﺗﺟدات اﻟﺗﻲ ﺟﺎء ﺑﻬﺎ ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري وﻓﺻﻠﻬﺎ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،أﻻ وﻫﻲ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ٕواﺟراءاﺗﻪ ﻓﻲ
ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻻﺳرة.
ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﻋدم وﺟود دراﺳﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺎﻧﻌﺔ ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﺻﻠﺢ اﻷﺳري ﺗﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﻧظري واﻟﻌﻣﻠﻲ ﻓﻲ ظل
ً
اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ.
ﺛﺎﻟﺛًﺎ :اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ إﺑراز ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﺻﺎﻟﺢ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧﺎﻫﺎ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻷﺳرﯾﺔ ﻓﻲ
ﻗﺿﺎﯾﺎ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ .
3
راﺑﻌﺎً :اﻟﺣﺎﺟﺔ اﻟﻣﻠﺣﺔ ﻟرﺻد واﻗﻊ اﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻷﺳري اﻟﺟزاﺋري ،واﺑراز أﻫم
اﻟﺻﻌوﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗرض اﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻣﻠﻲ ﺑﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻣوﺿوع اﻟﺻﻠﺢ اﻷﺳري ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ
اﻟﻧظرﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻷﺳري.
ﺧﺎﻣﺳﺎً :اﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻓﻲ ﺗطوﯾر اﺟ ارءات اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻗﺗراح ﺑﻌض اﻟﺣﻠول اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟواﻗﻌﯾﺔ
اﻟﻛﻔﯾﻠﺔ ﺑﺗﻔﻌﯾل ﻫذﻩ اﻟﻧﺻوص اﻻﺟراﺋﯾﺔ .
ﺳﺎدﺳﺎً :ﺗﺑﯾﺎن ﺷﺳﺎﻋﺔ اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﺗﻧظﯾر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ واﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻣﻠﻲ.
ﺳﺎﺑﻌﺎً :ﺗﺟﺎوز اﻟﺗﻌﺎﻣل اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻣﻊ ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﺻﻠﺢ.
ﺗﺗﻣﺛل أﻫم اﻟﺻﻌوﺑﺎت اﻟﺗﻲ إﻋﺗرﺿﺗﻧﻲ أﺛﻧﺎء إﻧﺟﺎز ﻫذا اﻟﺑﺣث ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
أوًﻻ :ﻗﻠﺔ اﻟدراﺳﺎت واﻷﺑﺣﺎث اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻰ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻷﺳرة ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣدﻧﻲ ،واﻟذي ﺗطرق
ﻟﻪ رﺟﺎل اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺎﻧون ﺑﺷﻛل ﻣﺳﺗﻔﯾض .
ﺛﺎﻧﯾﺎ :اﺳﺗﺣداث ﻧﺻوص ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﻬﻣﺔ ﺗﻌرﺿت ﻟﻠﺻﻠﺢ اﻷﺳري ﺑﻣوﺟب ﻗﺎﻧون اﻻﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻻدارﯾﺔ
ً
ﻓﺈﻗﺗﺻرت ﺑذاﻟك دراﺳﺗﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾﻛون أﻣﺎم ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة )اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ( دون
اﻟﺗطرق إﻟﻰ أﺣﻛﺎم اﻟﺻﻠﺢ ﺑواﺳطﺔ اﻟﺣﻛﻣﯾن ﻟوﺟود دراﺳﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﻟﻠطﺎﻟب زﯾدان ﻋﺑد اﻟﻧور
ﺗﺣت إﺷراف اﻻﺳﺗﺎذة اﻟدﻛﺗورة ﻓرﻛوس دﻟﯾﻠﺔ أﯾن ﺗﻧﺎول اﻟﺑﺎﺣث ﻓﻲ ﻣذﻛرﺗﻪ ﻣوﺿوع"اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟطﻼق" ﺳﻧﺔ
.2008-2007رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﺟﯾﺳﺗﯾر ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺑن ﻋﻛﻧون ،وﻛذا دراﺳﺔ اﻟطﺎﻟﺑﺔ ﺑوزﯾد وردة،أﯾن ﺗﻧﺎوﻟت
اﻟﺑﺎﺣﺛﺔ ﻓﻲ ﻣذﻛرﺗﻬﺎ ﻣوﺿوع "اﻟﺻﻠﺢ واﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ ظل ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ واﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ" ،رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﺟﯾﺳﺗﯾر ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻌرﺑﻲ
ﺑن ﻣﻬﯾدي – أم اﻟﺑواﻗﻲ -ﺳﻧﺔ . 2011-2010
ﺛﺎﻟﺛًﺎ :ﺻﻌوﺑﺔ اﺟراءات اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻘ اررات اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ وﻛذا اﻻﺣﺻﺎﺋﯾﺎت ،اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻛﻧﻧﺎ ﻣن رﺻد واﻗﻊ
اﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ .
راﺑﻌﺎً :ﺗﻌدد اﻟﻣﻘﺎرﺑﺎت اﻟﻣوظﻔﺔ ﻓﻲ ﺗﻧﺎول اﻟﻣوﺿوع ،ﻟﻛوﻧﻪ ﯾﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﻣﺎ ﻫو ﻓﻘﻬﻲ وﻗﺎﻧوﻧﻲ وﻗﺿﺎﺋﻲ
وﻧﻔﺳﻲ – اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ.
4
ﻫذا ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻣن ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء ﺷؤون اﻷﺳرة ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺷﺎﺋﻛﺔ ،ﺣﯾث ﯾﺛﺎر اﻟﺗﺳﺎﺋل ﻋن واﻗﻊ
إﺟراءات وﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻷﺳري؟ ،و ﻛﯾف ﯾﻣﻛن ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻣن
أﺟل اﻟﺣد ﻣن ظﺎﻫرة اﻟﺗﻔﻛك اﻷﺳري ؟ٕ ،واﻟﻰ أي ﻣدى اﺳﺗطﺎع ﻗﺿﺎء ﺷؤون اﻷﺳرة ﺗﻔﻌﯾل ﻫذﻩ
اﻹﺟراءات ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟﺳﻠﯾم اﻟذي أرادﻩ اﻟﻣﺷرع ﻣن ﺳﻧﻬﺎ ؟.
وﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ و ﻗﺻد ﻣﻘﺎرﺑﺔ ودراﺳﺔ ﻣوﺿوع اﻟﺑﺣث إرﺗﺄﯾت ﺗﻘﺳﯾم ﻫذا اﻟﺑﺣث اﻟﻰ
ﻣﻘدﻣﺔ وﻣﻬدت ﻟﻠﺑﺣث ﻣن ﺧﻼل ﻓﺻل ﺗﻣﻬﯾدي ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ ﺛم ﻓﺻﻠﯾن رﺋﯾﺳﯾﯾن ،ﻛل ﻓﺻل ﯾﺣﺗوي ﻣﺑﺣﺛﯾن
وﻛل ﻣﺑﺣث ﯾﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﻣطﻠﺑﯾن ،وﻛل ﻣطﻠب ﯾﺗﻔرع إﻟﻰ ﻓروع ،ﺛم اﻋﻘﺑﺗﻪ ﺑﺧﺎﺗﻣﺔ ،وﻣﻠﺣق ﯾﺗﺿﻣن ﺑﻌض
اﻟوﺛﺎﺋق اﻟرﺳﻣﯾﺔ ذات اﻟﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻣوﺿوع.
ﺣﯾث ﺗم اﻟﺗﻌرض ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻟﺗﻣﻬﯾدي إﻟﻰ ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة.وﻟﺗﺑﯾﺎن ذﻟك ﺑدﻗﺔ
ﻗﺳﻣت اﻟﻔﺻل إﻟﻰ ﻣﺑﺣﺛﯾن ،إذ ﺧﺻﺻت اﻟﻣﺑﺣث اﻷول ﻣﻧﻪ إﻟﻰ ﺗﺣدﯾد ﻣﻔﻬوم اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى ﻓك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وﻟﻠوﺻول إﻟﻰ ذﻟك ،ﻛﺎن ﻻ ﺑد ﻣن ﺗﻘﺳم اﻟﻣﺑﺣث إﻟﻰ ﻣطﻠﺑﯾن ،ﺣﯾث ﺗﻌرﺿت ﻓﻲ
اﻟﻣطﻠب اﻷول إﻟﻰ ﺗﻌرﯾف اﻟﺻﻠﺢ ﻟﻐﺔ ٕواﺻطﻼﺣﺎ وﻗﺎﻧوﻧﺎ .ﻛﻣﺎ ﺗﻌرﺿﺔ أﯾﺿﺎ ﻟﻣﺷروﻋﯾﺗﻪ ،أﻣﺎ اﻟﻣطﻠب
اﻟﺛﺎﻧﻲ ،ﺣﺎوﻟت ﺗﻣﯾز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋن اﻟﺻور اﻟﻣﺷﺎﺑﻬﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن اﻷﺧرى .ﻛﺎﻟﺻﻠﺢ
اﻟﻣدﻧﻲ ،واﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،و اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻟﺣل اﻟﻧزﻋﺎت.
أﻣﺎ اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن ﻫذا اﻟﻔﺻل ﻓﯾﻌﻧﻰ ﺑدراﺳﺔ ﻣﺳﺄﻟﺔ وﺟوﺑﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ،وﻟﻠوﺻول
إﻟﻰ ذﻟك ،ﻗﺳﻣت اﻟﻣﺑﺣث إﻟﻰ ﻣطﻠﺑﯾن ،ﻓﻔﻲ اﻟﻣطﻠب اﻷول ﺗﻌرﺿت إﻟﻰ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم .
أﻣﺎ اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻘد ﺧﺻﺻﺗﻪ ﻟﺗﺑﯾﺎن اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺧﻠف ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ.
أﻣﺎ اﻟﻔﺻل اﻷول ﻓﻘد ﺧﺻﺻﺗﻪ ﻟدراﺳﺔ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف ﺻور ﻓك اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ و ﻗﺳﻣﺗﻪ إﻟﻰ ﻣﺑﺣﺛﯾن ،اذ ﺧﺻﺻت اﻟﻣﺑﺣث اﻷول إﻟﻰ ﺗﺣدﯾد دور اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ
اﻟطﻼق ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إرادة اﻟزوﺟﯾن وﻟﻠوﺻول اﻟﻰ ذﻟك ،ﻛﺎن ﻻ ﺑد ﻣن ﺗﻘﺳم ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث إﻟﻰ ﻣطﻠﺑﯾن.
ﺗﻌرﺿت ﻓﻲ اﻟﻣطﻠب اﻷول ،إﻟﻰ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج أﻣﺎ
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ ،ﺗﻧﺎوﻟت ﺑﺎﻟدراﺳﺔ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن.
5
ﺧﺻﺻت اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻔﺻل اﻷول ،ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﻧﺎء
ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟزوﺟﺔ .و ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ ذﻟك ﻗﺳﻣت ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث إﻟﻰ ﻣطﻠﺑﯾن ،ﺣﯾث ﺗﻌرﺿت ﻓﻲ اﻟﻣطﻠب
اﻷول إﻟﻰ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ﻣن اﻟزوﺟﺔ ،أﻣﺎ اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺧﺻﺻﺗﻪ
ﻟﺗﺑﯾﺎن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ رﻓﻊ طﻠب اﻟﺧﻠﻊ.
ﺛم ﯾﺄﺗﻲ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟدراﺳﺔ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ظل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ واﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﯾﻪ
ﺣﯾث ﻗﺳﻣﺗﻪ اﻟﻰ ﻣﺑﺣﺛﯾن ،ﺧﺻﺻت اﻟﻣﺑﺣث اﻷول ﻣﻧﻪ اﻟﻰ ﺗﺣدﯾد إﺟراءات ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ظل
اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،وﻟﻠوﺻول إﻟﻰ ذﻟك ،ﻛﺎن ﻻ ﺑد ﻣن ﺗﻘﺳﯾم ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث إﻟﻰ ﻣطﻠﺑﯾن ،ﺗﻌرﺿت ﻓﻲ
اﻟﻣطﻠب اﻷول إﻟﻰ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﺑﺎﺷرة إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﻲ ﺣﯾن اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ ،ﺧﺻﺻﺗﻪ ﻟدور
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺿرورﯾﺔ واﻟﻣؤﻗﺗﺔ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،و ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺗﻧﺎوﻟت
ﺑﺎﻟدراﺳﺔ اﻷﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ و أﺛر اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻋﻠﻰ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،و ﻟﻠوﺻول
ﻏﻠﻰ ذﻟك ﻗﺳﻣﺗﻪ إﻟﻰ ﻣطﻠﺑﯾن ،ﺣﯾث ﺗﻌرﺿت ﻓﻲ اﻟﻣطﻠب اﻷول إﻟﻰ أﺛﺎر ﻧﺟﺎح أو ﻓﺷل ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ.
أﻣﺎ اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ ،ﻓﻘد ﺧﺻﺻﺗﻪ ﻟﺗﺑﯾﺎن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﺗﺧﻠف إﺟراء
اﻟﺻﻠﺢ واﻷﺛر اﻟﻣﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ.
ﺗﺿﻣﻧت اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ ﺧﻼﺻﺔ اﻷﻓﻛﺎر اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ و اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻲ ﺗوﺻﻠت إﻟﯾﻬﺎ ،وﻛذا ﺑﻌض اﻻﻗﺗراﺣﺎت
واﻟﺣﻠول اﻟﻛﻔﯾﻠﺔ ﻗﺻد ﺗﻔﻌﯾل آﻟﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻧظﺎﻣﻧﺎ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﺟزاﺋري ،اﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺛري ﻗﺎﻧون
وﻗﺿﺎء ﺷؤون اﻷﺳرة ،وﺗﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﺳﻠﯾم ﻟﻠﻘﺎﻧون.
إﻋﺗﻣدت ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺑﺣث ﻋﻠﻰ ﻋدة ﻣﺻﺎدر و ﻣراﺟﻊ ،ﺳواء ﻣﺎ ﺗﻌﻠق ﻣﻧﻬﺎ ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ
اﻻﺳﻼﻣﯾﺔ ،ﺑداء ﺑﻛﺗﺎب اﷲ ﻋزو ﺟل وﻛذا ﻣﺎورد ﻓﻲ اﻟﺳﻧﺔ و اﻻﺟﻣﺎع ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺑﻌض ﻛﺗب اﻟﻔﻘﻪ
اﻻﺳﻼﻣﻲ وﻛذا ﺷﺗﻰ أﻧواع اﻟﻛﺗب و اﻟﻣؤﻟﻔﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،و ﺑﻌض اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﻬﺎ ﺻﻠﺔ
ﺑﺎﻟﻣوﺿوع ،وﺑﻌض اﻟرﺳﺎﺋل و اﻷطروﺣﺎت و اﻟﻣﺟﻼت واﻟدورﯾﺎت ،ﻛﻣﺎ ﺗﺿﻣن ﻫذا اﻟﺑﺣث اﻟﻘ اررات
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﻧﺷورة ﻣﻧﻬﺎ و ﻏﯾر اﻟﻣﻧﺷورة واﻟﺗﻲ ﻟﻬﺎ ﺻﻠﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺎﻟﻣوﺿوع ،وﯾﺣﺗوي ﻫذا اﻟﺑﺣث ﻋﻠﻰ
ﻣﻼﺣق ﺣﯾث ﺗﺿﻣﻧت ﺑﻌض أﻫم اﻟوﺛﺎﺋق اﻟراﺋﺟﺔ ﻓﻲ ﻗﺳم ﻗﺿﺎء اﻷﺳرة .
6
أرﺟوا ﻣن اﷲ اﻟﻌﻠﻲ اﻟﻘدﯾر أن أﻛون ﻗد وﻓﻘت ﻓﻲ ﻋﻣﻠﻲ اﻟﻣﺗواﺿﻊ ،وﻛﻠﻲ أﻣل أن ﺗﺳﺎﻫم ﻫذﻩ
اﻟﻣذﻛرة اﻟﻣﺗواﺿﻌﺔ ﻓﻲ إﺛراء ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،واﺑراز أﺣﻛﺎم اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء ﺷؤون اﻷﺳرة .
أﻗر و أﻋﺗرف
وﻓﻲ اﻟﺧﺗﺎم ،ﻓﺈﻧﻲ ﻻ أ دﻋﻲ اﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﻣوﺿوع ﺣﻘﻪ ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟﻣطﻠوب ﺑل إﻧﻧﻲ ّ
ﺑﺎﻟﻌﺟز واﻟﻘﺻور ﻓﻲ ﻣﻘﺎرﺑﺗﻪ ﻣن ﻣﺧﺗﻠف ﺟواﻧﺑﻪٕ .وان ﻛﺎن ﻻﯾﻔﻲ ﺑﺎﻟﻣراد ﻓﻠﻌﻠﻪ ﯾﻛﻔﻲ ﻣن اﻟﻘﻼدة ﻣﺎ أﺣﺎط
ﺑﺎﻟﻌﻧق وﺳﺑﺣﺎن ﻣن اﺗﺻف ﺑﺎﻟﻛﻣﺎل.
7
اﻟﻔﺻل اﻟﺗﻣﻬﯾدي
9
أ -ﺗﻌرﯾف اﻟﺻﻠﺢ ﻟﻐ ًﺔ :
أﯾﺿﺎ ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﺳﻠم ،ﺳواء ﺑﻛﺳر
ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﻌرب ﻗطﻊ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ،و ﻓﻲ ﻛﻼم اﻟﻌرب ً
اﻟﺳﻠم ﺑﺎﻟﻔﺗﺢ ،واﻟﺳﻠم ﺑﺎﻟﻛﺳر ﺣﯾث ﯾﻔﯾد ﻛﻼ اﻟﻣﺻطﻠﺣﯾن اﻟﺻﻠﺢ ،ﻛﻣﺎ
اﻟﺳﯾن أو ﻓﺗﺣﻬﺎ ،ﺣﯾث ﯾﻘﺎل َ
ﯾوﺻف ﺣﺳب أﻫل اﻟﻠﻐﺔ ﺑﺎﻟﻣﺻدر ﻓﯾﻘﺎل :ﻫو ﺻﻠﺢ ﻟﻲ ،و ﻫم ﻟﻧﺎ ﺻﻠﺢ :أي ﻣﺻﺎﻟﺣون ،وﯾﻘﺎل أﺻﻠﺢ
ﻓﻲ ﻋﻣﻠﻪ أو ﻓﻲ أﻣرﻩ ،ﺑﻣﻌﻧﻰ أﺗﻰ ﺑﻣﺎ ﻫو ﺻﺎﻟﺢ وﻧﺎﻓﻊ ،و أﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ أو ذات ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ أو ﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ :أي
1
أزال ﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻣن ﻋداوة و ﺷﻘﺎق.
اﺻﺎﻟﺣوا
واﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ أﯾﺿﺎ :ﻣن ﺗﺻﺎﻟﺢ اﻟﻘوم ﺑﯾﻧﻬم؛ ﯾﻘﺎل :ﻗد أﺻﻠﺣوا وﺻﺎﻟﺣوا وﺗﺻﺎﻟﺣوا و ّ
2
ﺑﺗﺷدﯾد اﻟﺻﺎد ،وﯾﻘﺎل ﻗوم ﺻﻠوح أي ﻣﺗﺻﺎﻟﺣون ،ﻛﺄﻧﻬم وﺻﻔوا ﺑﺎﻟﻣﺻدر.
وﻛﻠﻣﺔ ﺻﻠﺢ ) اﻟﺻﺎد – واﻟﻼم -و اﻟﺣﺎء (؛ أﺻل ﯾدل ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻔﺳﺎد ﯾﻘﺎل ﺻﻠﺢ اﻟﺷﻲء
ﯾﺻﻠﺢ ﺻﻼﺣﺎ ،و ﯾﻘﺎل ﺻﻠﺢ ﺑﻔﺗﺢ اﻟﻼم ،3أﻣﺎ ﺑﻛﺳرﻫﺎ :ﻣﺻدر اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ،واﻟﻌرب ﺗؤﻧﺛﻬﺎ و اﺳم
)اﻟﺻﻠﺢ ( ﯾذﻛر و ﯾؤﻧث .ﻗﺎل ﺑن ﺑري :ﺻﻼح إﺳم ﻋﻠم ﻟﻣﻛﺔ ،وﺳﻣت اﻟﻌرب ﺻﺎﻟﺣﺎ ،وﻣﺻﻠﺣﺎ
4
وﺻﻠﯾﺣﺎ ،وﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﺧﺗﺎر اﻟﺻﺣﺎح :اﻟﺻﻼح ﺿد اﻟﻔﺳﺎد.
اﻟﺻﻠْﺢ )ﺑﺎﻟﺿم وﺳﻛون اﻟﻼم( :إﺳم ﻣن اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﺧﻼف اﻟﻣﺧﺎﺻﻣﺔ ،واﻟﺻﻼح اﻟذي ﻫو ﺧﻼف
ُ
اﻟﻔﺳﺎد ،5واﻟﺻﻠﺢ ﯾﺧﺗص ﺑﺈزاﻟﺔ اﻟﻧﻔﺎر ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ،6واﻟﺻﻠﺢ ﺑﺎﻟﺿم أﯾﺿﺎ ﻣن ﺗﺻﺎﻟﺢ اﻟﻘوم ﺑﯾﻧﻬم وﻫو اﻟﺳﻠم
ﺑﻛﺳر اﻟﺳﯾن .واﻟﺻﻠﺢ اﺳم ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﺗﺻﺎﻟﺣﯾن ﯾﻘﺎل :ﻫم ﻟﻧﺎ ﻣﺻﺎﻟﺣون 7.و أﺻﻠﺢ أﺗﻰ ﺑﺎﻟﺻﻼح وﻫو
-1ﺷﺗوان ﺑﻠﻘﺎﺳم ،اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ و اﻟﻘﺎﻧون)دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ( ،رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل درﺟﺔ دﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ ،ﻛﻠﯾﺔ أﺻول اﻟدﯾن
واﻟﺷرﯾﻌﺔ واﻟﺣﺿﺎرة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻟﻠﻌﻠوم اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2001- 2000ص
.19
2
-اﺑن ﻣﻧظور ،ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻟث ،دار اﻟﺟﯾل ،ﺑﯾروت . 426،
3
-اﺑن ﻓﺎرس ،أﺑو اﻟﺣﺳﯾن أﺣﻣد ﺑن ﻓﺎرس ﺑن زﻛرﯾﺎ ،ﻣﻌﺟم ﻣﻘﺎﯾس اﻟﻠﻐﺔ ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻟث ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﺷرﻛﺔ وﻣطﺑﻌﺔ
اﻟﺑﺎﺑﻲ اﻟﺣﻠﺑﻲ و أوﻻدﻩ ،ﻣﺻر1956-م ص . 303
-4اﺑن ﻣﻧظور ،ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ. 426،
5
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.427
-6ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد ﺧﺿر اﻟﺑدراﻧﻲ ﺷﯾﻣﺎء ،أﺣﻛﺎم ﻋﻘد اﻟﺻﻠﺢ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،اﻟدار اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ ودار
اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ،اﻷردن ،2003،ص .12
-7ﻣرﺗﺿﻰ اﻟﺣﺳﯾﻧﻲ اﻟزﺑﯾدي ﻣﺣﻣد ،ﺗﺎج اﻟﻌروس ﻣن ﺟواﻫر اﻟﻘﺎﻣوس ،اﻟﺟزء اﻟﺳﺎدس ،دار اﻟﺗراث اﻟﻌرﺑﻲ ودار اﻟﺟﯾل
اﻟﻌراق ،دون ﺳﻧﺔ ﻧﺷر ،ص .546
10
اﻟﺧﯾر واﻟﺻواب .و ﯾﻘﺎل ﻓﻲ اﻷﻣر ﻣﺻﻠﺣﺔ أي ﺧﯾر ،وﯾﻘﺎل أﯾﺿﺎً ﺻﻠﺢ اﻟﻣرﯾض :إذا زال ﻋﻧﻪ اﻟﻣرض
وﺻﻠﺢ ﻓﻼن ﻓﻲ ﺳﯾرﺗﻪ إذ أﻗﻠﻊ ﻋن اﻟﻔﺳﺎد.1
ﺎن ﻋدة ﻗد ﯾﺄﺗﻲ ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻹﺻﻼح :ﻓﻬو اﺳم ﻣﺻدر أﺻﻠﺢ ﻫو اﻹﺻﻼح ،و ﻗد ﯾﻛون
ﻓﻠﺻﻠﺢ إذن ﻣﻌ ٍ
ﺻﺎﻟَﺢ ﺑﻔﺗﺢ اﻟﻼم واﻟﺣﺎء اﻟذي ﻫو اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ أو اﻟﺻﻼح ،أو ﻫو اﺳم
َ ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻓﻬو اﺳم ﻣﺻدر
ﻣﺻدر اﺻطﻠﺢ ،وﻫو اﻻﺻطﻼح ﻓﺻﺎﻟﺣﻪ ﻣﺻﺎﻟﺣﺔ و اﺻطﻼﺣﺎ .واﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻋﻧد اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗوﻓﯾق ﺑﯾن
اﻟﻐرﻣﺎء ﺑﺄن ﯾﺗرك ﻫذا ﺷﯾﺋﺎ ﻣﻣﺎ ﻟﻪ وﯾزﯾد ﻫذا ﺷﯾﺋﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﯾﻘﻊ اﻟرﺿﻰ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،2أوﻗد ﯾرد ﺑﻣﻌﻧﻰ
اﻟﻣﺟﺎز :أﺻﻠﺢ إﻟﯾﻪ :أي أﺣﺳن ،ﯾﻘﺎل :أﺻﻠﺢ إﻟﻰ داﺑﺗﻪ ،إذا أﺣﺳن إﻟﯾﻬﺎ ﻓﺻﻠﺣت ،وأﺻﻠﺢ ﻟﻔﻼن ذرﯾﺗﻪ
أو ﻣﺎﻟﻪ :ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺻﺎﻟﺣﺔ ،3ﻗد ﯾرد أﯾﺿﺎ ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻻﺳﺗﻘﺎﻣﺔ ،وﻗﯾل " :ﻫو اﺳﺗﻘﺎﻣﺔ اﻟﺣﺎل إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾدﻋو إﻟﯾﻪ
اﻟﻌﻘل و اﻟﺷرع" ،4أو ﯾرد ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻗطﻊ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻣﺎ ﺑﯾن ﺷﺧﺻﯾن ،ﻣن أﺟل أن ﯾﺣل اﻟوﻓﺎق ﻣﺣل اﻟﺷﻘﺎق ،و
ﯾﻘﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻐﺿﺎء ﺑﯾن اﻟﻣﺗﻧﺎزﻋﯾن.5
وﻋﻠﯾﻪ ﯾﻣﻛن ﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﻌ ارض ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗﻌﺎرﯾف اﻟواردة ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﺻﻠﺢ ﻟﻐﺔ ،اﻟوﺻول اﻟﻰ ﻧﺗﯾﺟﺔ
ﻣﻔﺎدﻫﺎ :أن ﻟﻔظ أو ﻛﻠﻣﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻠّﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﯾﻘﺻد ﺑﻪ ﻋدة ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻓﻬو إذا ﻛﻠﻣﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾن ﻫﺎﺗﻪ
اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺳﺎﺑق ذﻛرﻫﺎ .
وﻓﻲ اﻷﺧﯾر و ﺑﻌد ﻣﺎ ﺗﻣﻛﻧﺎ ﻣن اﻹﺣﺎطﺔ و اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻣﺔ و ﻟﻔظ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﺣﯾث اﻟﻠّﻐﺔ ﻧﻧﺗﻘل
إﻟﻰ ﺗﻌرﯾﻔﻪ ﻣن ﺣﯾث اﻻﺻطﻼح.
ب-ﺗﻌرﯾف اﻟﺻﻠﺢ اﺻطﻼﺣﺎً :
ﺗﻧﺎول اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻛﺗﺑﻬم ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌﻘد اﻟذي ﯾﻧﻬﻲ اﻟﺧﻼﻓﺎت و اﻟﺧﺻوﻣﺎت اﻟواﻗﻌﺔ
ﺑﯾن أطراف اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن ﻧوﻋﯾﺔ ﺗﻠك اﻟﺧﻼﻓﺎت و أﺳﺑﺎﺑﻬﺎ ،وﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ و ﺑﺎﻟرﺟوع
إﻟﻰ ﻣﺧﺗﻠف ﻛﺗب اﻟﻔﻘﻪ ﺧﺎﺻﺔ ﻛﺗب اﻟﻣذاﻫب اﻷرﺑﻌﺔ ،ﻧﺟد اﻟﺣﻧﻔﯾﺔ اﻋﺗﺑروا اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻘد ﯾرﻓﻊ ﺑﻪ اﻟﻧزاع
ﺑﺣﯾث ﺟﺎء ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﻻﺧﺗﯾﺎر ﻟﺗﻌﻠﯾل اﻟﻣﺧﺗﺎر":ﻫو ﻋﻘد ﯾرﺗﻔﻊ ﺑﻪ اﻟﺗﺷﺎﺟر واﻟﺗﻧﺎزع ﺑﯾن اﻟﺧﺻوم وﻫﻣﺎ ﻣﻧﺷﺄ
-1ﻣﺣﺟوب ﻋﺑد اﻟﻧور ﻣﺣﻣد ،اﻟﺻﻠﺢ و أﺛرﻩ ﻓﻲ إﻧﻬﺎء اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻣﺟﻣوﻋﺔ رﺳﺎﺋل اﻟدﻛﺗوراﻩ،
1987ص26
-2اﻟﺑﺳﺗﺎﻧﻲ ﺑطرس ،ﻣﺣﯾط اﻟﻣﺣﯾط ،ﻗﺎﻣوس ﻣطول اﻟﻠّﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ﻟﺑﻧﺎن ،1983 ،ص . 515
-3ﻣﺣﺟوب ﻋﺑد اﻟﻧور ﻣﺣﻣد ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 26
-4اﻟﺑﺳﺗﺎﻧﻲ ﺑطرس ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .515
-5اﻟﺳﯾد ﺳﺎﺑق ،ﻓﻘﻪ اﻟﺳﻧﺔ ،اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت ،اﻟﻣﺟﻠد اﻟﺛﺎﻟث ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،دار اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻟﺑﻧﺎن ،1977،ص.375
11
اﻟﻔﺳﺎد وﻣﺛﺎر اﻟﻔﺗن ،1وﻓﻲ ﺑدﯾﻊ اﻟﺻﻧﺎﺋﻊ ":ﻫو ﻋﻘد ﯾرﻓﻊ اﻟﻧزاع و ﯾﻘطﻊ اﻟﺧﺻوﻣﺔُ ،ورﻛﻧﻪ اﻹﯾﺟﺎب ﻣطﻠﻘﺎ
و اﻟﻘﺑول ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ،أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﻌﯾن ﻛﺎﻟدرﻫم ﻓﯾﺗم ﺑﻼ ﻗﺑول "، 2وﻋرﻓﻪ اﺑن ﻋﺎﺑدﯾن ﺑﻘوﻟﻪ ":اﻟﺻﻠﺢ ً
ﺷرﻋﺎ
ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻋﻘد وﺿﻊ ﻟرﻓﻊ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ " ،3وأﻣﺎ اﻟﺷﺎﻓﻌﯾﺔ؛ ﻓﻘد ﺟﺎء ﻓﻲ ﻛﺗﺎب ﻣﻐﻧﻲ اﻟﻣﺣﺗﺎج ":اﻟﺻﻠﺢ ﻟﻐﺔ
ﻗطﻊ اﻟﻧزاع ،وﺷرﻋﺎ ﻋﻘد ﯾﺣﺻل ﺑﻪ ذﻟك" ،4وﻓﻲ ﺷرح اﻟﻣذﻫب اﻟﺷﯾرازي "اﻟﺻﻠﺢ ﻫو اﻟذي ﺗﻧﻘطﻊ ﺑﻪ
ﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻣﺗﺧﺎﺻﻣﯾن" و ﯾﻌﺗﺑرون اﻟﺻﻠﺢ ﺳﯾد اﻷﺣﻛﺎم ،ﻷﻧﻪ ﯾﺟرى ﻓﻲ ﺳﺎﺋر اﻟﻌﻘود .5وأﻣﺎ اﻟﺣﻧﺎﺑﻠﺔ؛ ﺟﺎء
ﻓﻲ اﻟﻣﻐﻧﻲ و اﻟﺷرح اﻟﻛﺑﯾر ﻻﺑن ﻗداﻣﺔ اﻟﻣﻘدﺳﻲ" اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻌﺎﻗدة ﯾﺗوﺻل ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻹﺻﻼح ﺑﯾن
اﻟﻣﺗﺧﺎﺻﻣﯾن".6
ﻋﻧد اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ؛ ﺟﺎء ﺗﻌرﯾف اﺑن ﻋرﻓﺔ " :ﻫو اﻧﺗﻘﺎل ﺣق أو دﻋوى ﻟرﻓﻊ ﻧزاع أو ﺧوف وﻗوﻋﻪ" ،7ﻫذا
اﻟﺗﻌرﯾف ﻓﯾﻪ إﺷﺎرة إﻟﻰ ﺟواز اﻟﺻﻠﺢ ﻟﺗوﻗﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻏﯾر ﻗﺎﺋﻣﺔ و ﻟﻛﻧﻬﺎ ﻣﺣﺗﻣﻠﺔ اﻟوﻗوع ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ،أي
ﺟدﯾدا ﻟم ﯾﻛن ﻟﻪ وﺟود ﻓﻲ اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ و ذﻟك ﺑﺗﺑﯾﺎن اﻟدور اﻟوﻗﺎﺋﻲ ﻟﻠﺻﻠﺢ،
دور ً
أﻋطﻰ ﻟﻠﺻﻠﺢ ً ا
و ﯾﻌد ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف أﺣﺳن اﻟﺗﻌﺎرﯾف ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت اﻷﺧرى ،8و اﻷﻗرب ﻟﻔﻬم ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ }:وا ِ
ِٕن َْاﻣ أرَةٌ
ﺿرِت
اﻟﺻﻠُْﺢ َْﺧٌﯾر َوأ ُْﺣ َِ
ﻠِﺣﺎ َْﺑﯾُﻧََﻬﻣﺎ ُﺻﻠًْﺣﺎ َو ﱡ
ﯾُﺻ َ
ﺟﻧﺎ َْح َﻋ ْﻠَﯾ َﻬِﻣﺎ أَن ْ
اﺿﺎ ﻓَﻼَ ُ َ
إِﻋر ً
ُوز أَْو َْ
ًا ﻠِﻬﺎ ﻧُﺷ
َت ﻣِن َْﺑﻌ َ
َﺧﺎﻓ ْ
ِﯾر{.9
ﻠُون َﺧﺑً ا
ﺗَﻌﻣ َ
اﻟﻠّﻪ َﻛﺎ َن َﺑِﻣﺎ َْ
ِن َ ﺗُﺣِﺳﻧُواْ َوﺗَ ﺗﱠﻘُواْ ﻓَﺈ ﱠ
ﱡﺢ َوإِن ْ
َﻧﻔُس اﻟﺷ ﱠ
اﻷ ُ
-1ﻋﺑد اﷲ ﺑن ﻣﺣﻣود ﺑن ﻣودود اﻟﻣوﺻﻠﻲ اﻟﺣﻧﻔﻲ ،اﻻﺧﺗﯾﺎر ﻟﺗﻌﻠﯾل اﻟﻣﺧﺗﺎر ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻟث ،دار اﻟﻣﻌرﻓﺔ ،ﻟﺑﻧﺎن،1975،
ص.5
-2اﻹﻣﺎم اﻟﻛﺎﺳﺎﻧﻲ ،ﺑداﺋﻊ اﻟﺻﻧﺎﺋﻊ ،اﻟﺟزء اﻟﺳﺎدس ،دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻟﺑﻧﺎن ،دون ﺳﻧﺔ ﻧﺷر ،ص . 39
-3اﺑن ﻋﺎﺑدﯾن ﺣﺎﺷﯾﺔ ،رد اﻟﻣﺣﺗﺎر ﻋﻠﻰ اﻟدر اﻟﻣﺧﺗﺎر ﺷرح ﺗﻧوﯾر اﻻﺑﺻﺎر ،اﻟﺟزء اﻟﺧﺎﻣس ،دار اﻟﻔﻛر ،دون ﺑﻠد اﻟﻧﺷر
،1979ص . 628
-4اﻟﺧطﯾب اﻟﺷرﺑﯾﻧﻲ ﻣﺣﻣد ،ﻣﻐﻧﻲ اﻟﻣﺣﺗﺎج ، ،دار اﻟﻔﻛر ،1996 ،دون ﺑﻠد اﻟﻧﺷر ،اﻟﺟزء ،02ص .177
-5ﺷﺗوان ﺑﻠﻘﺎﺳم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .28
-6اﺑن ﻗداﻣﺔ اﻟﻣﻘدﺳﻲ ،ﻣوﻓق اﻟدﯾن ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﷲ ﺑن اﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد ،اﻟﻣﻐﻧﻲ واﻟﺷرح اﻟﻛﺑﯾر ،اﻟﺟزء اﻟراﺑﻊ ،دار اﻟﻛﺗﺎب
اﻟﻌرﺑﻲ ،دون ﺑﻠد اﻟﻧﺷر ،1983،ص .419
-7اﻟﺻﺎدق ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن اﻟﻐرﯾﺎﻧﻲ ،ﻣدوﻧﺔ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ وأدﻟﺗﻪ ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻟث ﻣؤﺳﺳﺔ اﻟرﯾﺎن ،ﻟﺑﻧﺎن 2002 ،ص .704
-8ﺗﻌرﯾف اﺑن رﺷد ":ﻫو ﻗﺑض ﺷﻲء ﻋن ﻋوض " ،وﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف ﯾﺷﻣل اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﻊ و ﻟﻛن ﯾﺧرج ﻋن ﻣﻌﻧﺎﻩ ﺻﻠﺢ
اﻹﻧﻛﺎر ،وﻟﻬذا ﯾﻌﺎب ﻋﻠﯾﻪ اﻧﻪ ﻏﯾر ﺟﺎﻣﻊ ،أﻣﺎ ﺗﻌرﯾف اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﯾﺎض":ﻫو ﻣﻌﺎوﺿﺔ ﻋن دﻋوى" ،وﯾﻌﺎب ﻋﻠﻰ ﻫذا
اﻟﺗﻌرﯾف أﯾﺿﺎً اﻧﻪ ﻏﯾر ﺟﺎﻣﻊ ﻷﻧﻪ ﯾﺧرج ﻋن ﻣﻌﻧﺎﻩ ﺻﻠﺢ اﻹﻗرار ،إن.ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ ﻟم ﯾﺗﻔﻘوا ﻋﻠﻰ وﺿﻊ ﺗﻌرﯾف ﻣوﺣد
ﻟﻠﺻﻠﺢ ﺣﯾث ﺟﺎءت ﺗﻌرﯾﻔﺎﺗﻬم ﻣﻌﯾﺑﺔ ،ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء ﺗﻌرﯾف اﻟﻌﻼﻣﺔ اﺑن ﻋرﻓﺔ اﻟذي ﺟﺎء ﻛﺎﻣﻼً وﺷﺎﻣﻼً ﻟﻛل ﺻور اﻟﺻﻠﺢ.
-9ﺳورة اﻟﻧﺳﺎء ،اﻵﯾﺔ . 128
12
ﻫذﻩ ﻫﻲ اﻟﺗﻌﺎرﯾف اﻟﺗﻲ وﺿﻌﻬﺎ ﻓﻘﻬﺎء اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ واﻟﺗﻲ ﻧﺟدﻫﺎ ﺗﺧﺗﻠف ﻋن ﻣﻔﺎﻫﯾم
اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟﻐرﺑﯾﯾن .1
وﻋن ﺗﻌرﯾف اﻟﺻﻠﺢ ﻣن طرف اﻟﻔﻘﻬﺎء ورﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون ،ﻧذﻛر ﻣن ﺑﯾﻧﻬم اﻷﺳﺗﺎذ إﺑراﻫﯾم ﻧﺟﺎر اﻟذي
ﻋرﻓﻪ ﻛﻣﺻطﻠﺢ ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ ":اﺗﻔﺎق اﻟﻣﺗﻧﺎزﻋﯾن ﻋﻠﻰ ﻓض اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻧﺎﺷﺑﺔ ﺑﯾﻧﻬم ودﯾﺎ " .2
أﻣﺎ اﻷﺳﺗﺎذة اﺑﺗﺳﺎم اﻟﻘرام ﻓرأت أﻧﻪ" :ﻋﻘد ﯾﻧﻬﻲ ﺑﻪ اﻟطرﻓﺎن ﻧزاﻋﺎ ﻗﺎﺋﻣﺎ أو ﻣﺣﺗﻣﻼ وذﻟك ﻣن ﺧﻼل
اﻟﺗﻧﺎزل اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﻟﻛﻼ اﻟطرﻓﯾن ﻋن إدﻋﺎءاﺗﻪ ".3
ﻧﺳﺗﻧﺗﺞ ﻣن ﺧﻼل ﻛل اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت اﻟﺳﺎﻟف ذﻛرﻫﺎ ٕوان ﻛﺎﻧت ﺗﺧﺗﻠف ﻋن ﺑﻌﺿﻬﺎ اﻟﺑﻌض ﺳواء ﻣن
ﺣﯾث اﻟﻠﻔظ أو اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ ،أﻧﻬﺎ ﺗﺗﻔق ﺗﻘرﯾﺑﺎ ﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻘد ﻛﺳﺎﺋر اﻟﻌﻘود ،4وﻫو ذات اﻟﻣوﻗف اﻟذي
ﺗﺑﻧﺎﻩ اﻟﻣﺷرع ﻣن ﺧﻼل أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (459ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ واﻟﺗﻲ ﻋرﻓﺗﻪ ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
" ﻋﻘد ﯾﻧﻬﻲ ﺑﻪ اﻟطرﻓﺎن ﻧزاﻋﺎ ﻗﺎﺋﻣﺎ أو ﯾﺗوﻗﯾﺎن ﺑﻪ ﻧزاﻋﺎ ﻣﺣﺗﻣﻼ وذﻟك ﺑﺄن ﯾﺗﻧﺎزل ﻛل طرف ﻣﻧﻬﻣﺎ
ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺗﺑﺎدل ﻋن ﺣﻘﻪ " ،5اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺧﺗﻠف اﺧﺗﻼﻓﺎً ﺟوﻫرﯾﺎ ﺑﯾن ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ
ﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻘدا ،و ﺑﯾن ﻣوﻗﻔﻪ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟذي ﯾﻌﺗﺑرﻩ ﻛﺈﺟراء ﻗﺿﺎﺋﻲ ﻻ ﻛﻌﻘد ،و ﻓﻲ اﻷﺧﯾر
-1ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺻﻠﺢ طرﯾق ﺷﺑﻪ ﻗﺿﺎﺋﻲ اذ ﯾﺳﻣﯾﻪ "ﺑﺎوﻧد" ﺑﺎﻟﻌداﻟﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،و ﯾذﻛرﻩ " آﺑﯾل " ﺑﺎﻟﻌداﻟﺔ اﻟﻼﺷﻛﻠﯾﺔ ،وﯾﻧﻌﺗﻪ "
ﺳﻠﯾزﻧﯾك " ﺑﺎﻟﻌداﻟﺔ اﻟﺗﻔﺎوﺿﯾﺔ ،وﯾﻌرﻓﻪ "اووارﺑش" ﺑﺎﻧﻪ ﻋداﻟﺔ ﻣن دون ﻗﺎﻧون".
2
-ﻗوادري اﻷﺧﺿر ،اﻟوﺟﯾز اﻟﻛﺎﻓﻲ ﻓﻲ إﺟراءات اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠطرق اﻟﺑدﯾﻠﺔ ،ﻓﻲ ﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﺻﻠﺢ
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ –و اﻟوﺳﺎطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ -دار ﻫوﻣﻪ ،اﻟﺟزاﺋر ،2013 ،ص.18
-3اﻟﻘرام اﺑﺗﺳﺎم ،اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري ،ﻗﺎﻣوس ﺑﺎﻟﻠﻐﺗﯾن اﻟﻌرﺑﯾﺔ و اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ،ﻗﺻر اﻟﻛﺗﺎب ،اﻟﺟزاﺋر
دون ﺳﻧﺔ اﻟﻧﺷر ،ص .140
-4ﻋﻘد اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﻋﻘود اﻟﺗراﺿﻲ ،ﻓﻼ ﯾﺷﺗرط ﻓﯾﻪ ﺷﻛل ﺧﺎص ،ﺑل ﯾﻛﻔﻲ ﻓﯾﻪ ﺗواﻓق إرادﺗﻲ اﻟﻣﺗﺻﺎﻟﺣﯾن ﻻﻧﻌﻘﺎدﻩ ،واﻧﻪ ﻋﻘد
ﻣﻠزم ﻟﺟﺎﻧﺑﯾن ﻓﺗﻧﺎزل اﺣد اﻟطرﻓﯾن ﻋن ﺟزء ﻣن ادﻋﺎﺋﻪ ﯾﻘﺎﺑﻠﻪ ﺗﻧﺎزل اﻟطرف اﻷﺧر ﻋن ﺟزء ﻣﺎ ﯾدﻋﯾﻪ ،أو ﺑﻣﻘﺎﺑل آﺧر
ﯾﺳﻣﻰ" ﺑدل اﻟﺻﻠﺢ" وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﻟﻧزاع ﯾﺣﺳم ﺑﺎﻟﺗﻧﺎزل اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﻟﻛﻼ اﻟطرﻓﯾن ﻋن إدﻋﺎﺋﺎﺗﻬم ،4ﻓﺣﯾن ﯾﺑﻘﻰ اﻟﺟزء ﻏﯾر اﻟﻣﺗﻧﺎزل ﻋﻧﻪ
ﻣﺣل ﻧزاع ﻗﺎﺋم ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن،أﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﻘود اﻟﻣﻌﺎوﺿﺔ ﻻ اﺣد ﻣن اﻟﻣﺗﺻﺎﻟﺣﯾن ﯾﺗﺑرع ﻟﻸﺧر .ﻓﻬو ﻋﻘد ﻣﺣدد ﻓﻲ ﻏﺎﻟب
اﻷﺣﯾﺎن ﺣﯾث ﯾﻌرف ﻛل ﻣن اﻟﻣﺗﺻﺎﻟﺣﯾن ﻣﻘدار ﻣﺎﯾﺗﻧﺎزل ﻋﻧﻪ و ﻣﻘدار ﻣﺎ ﯾﻛﺳب ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل .وﯾدﺧل ﻋﻘد اﻟﺻﻠﺢ ﺿﻣن
اﻟﻌﻘود اﻟواردة ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﻻ ﻛوﻧﻪ ﻧﺎﻗل ﻟﻠﻣﻠﻛﯾﺔ ،واﻧﻣﺎ ﻛوﻧﻪ ﯾﺗﺿﻣن ﺗﻧﺎزﻻت ﻣن اﻟطرﻓﯾن ﻋن ﺣﻘﯾﻬﻣﺎ ،إﻻ أن اﻟﻣﺷرع
اﻟﺟزاﺋري ﻻ ﯾﺗﺻور اﻟﺻﻠﺢ ﻋن ﺟزء ﻣن اﻟﺣق ﻓﻘط،و ﻛﺄن اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﺗم إﻻ إذا ﻛﺎن ﻣﺣل اﻟﺗﻧﺎزل اﻟﺣق اﻟﻣﺗﻧﺎزع ﻋﻠﯾﻪ
ﻛﻠﻪ.ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻪ ﺗﻌرﯾﻔﺎ ﻧﺎﻗﺻﺎ.
5
ّ -إن اﻟﻧص اﻟﻔرﻧﺳﻲ أدق ﻣن اﻟﻧص اﻟﻌرﺑﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻧﻌﻘد ﺑﺗﻧﺎزل ﻛل طرف ﻋن ﺟزء ﻣن ﺣﻘﻪ أو ﻣﻣﺎ
ﯾدﻋﯾﻪ وﻟﯾس ﻋن اﻟﺣق ﻛﻠﻪ ﻛﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻧص.
13
وﺑﻌد ﻣﺎ ﺗﻣﻛﻧﺎ ﻣن اﻹﺣﺎطﺔ و اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻌﺎم ﻟﻠﺻﻠﺢ ،ﻓﻼ ﻣﻧﺎص ﻟﻧﺎ اﻵن ،ﻣن اﻟﺗطرق اﻟﻰ
ﺗﻌرﯾف اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧﻘطﺔ اﻟﻣواﻟﯾﺔ.
1
-ﻗﺎﻧون رﻗم ،11-84اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 09رﻣﺿﺎن ﻋﺎم 1404اﻟﻣواﻓق ل 09ﯾوﻧﯾو ﺳﻧﺔ ،1984اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻻﺳرة
اﻟﻣﻌدل و اﻟﻣﺗﻣم ﺑﻘﺎﻧون رﻗم ،09-05اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 25رﺑﯾﻊ اﻻول ﻋﺎم 1426اﻟﻣواﻓق ل 04ﻣﺎﯾو ،2005ﯾﺗﺿﻣن
اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻣر رﻗم ،02-05اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 18ﻣﺣرم ﻋﺎم 1924اﻟﻣواﻓق ل 27ﻓﺑراﯾر ﺳﻧﺔ .2005
-2أﺣﻣد زﻛﻲ ﺑدوي إﺑراﻫﯾم ،اﻟﻘﺎﻣوس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻓرﻧﺳﻲ -ﻋرﺑﻲ ،ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻟﺑﻧﺎن ،ﺑدون ﺳﻧﺔ ،ص. 69-67:
14
ﯾﺻطﻠﺣوا ﻗﺑل ﻣواﺻﻠﺔ إﺟراءات اﻟﺧﺻوﻣﺔ " ،1ﻛﻣﺎ ﺟﺎء أﯾﺿﺎ أﻧﻪ " :اﻟﺳﻌﻲ و اﻟﺗوﺳط ﺑﯾن اﻟﻣﺗﺧﺎﺻﻣﯾن
ﻷﺟل رﻓﻊ اﻟﺧﺻوﻣﺔ واﻻﺧﺗﻼﻓﺎت ،ﻋن طرﯾق اﻟﺗراﺿﻲ و اﻟﻣﺳﺎﻟﻣﺔ" .2
ﻋرف اﻟﻘﺿﺎء ﺑﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻌﻘﯾب اﻟﺗوﻧﺳﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺎدة ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ ﻗرارﻫﺎ اﻟﺗﻌﻘﯾﺑﻲ ﻋدد
17646اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ،1988/2/12ﺑﺄﻧﻪ" وﻟﯾد رﻏﺑﺔ اﻟطرﻓﯾن اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻓﻲ وﺿﻊ ﺣد ﻧﻬﺎﺋﻲ ﻟﻠﻧزاع
ﻣﺎﺿﯾﺎ ﻓﻲ ﺣﻘﻬﺎ ،3" .ﯾﺗﺿﺢ ﻣن
ً واﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﻣﻌﺎﺷرة ﻋﻠﻰ اﻷﺳس اﻟﺗﻲ ﺿﺑطﻬﺎ اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر
ﺧﻼل ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف أن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻷﺳرﯾﺔ وﺧﺎﺻﺔ اﻟطﻼق و إن ﻛﺎن ﯾﻧﺑﻊ ﻣن إرادة اﻟطرﻓﯾن
ورﻏﺑﺗﻬﻣﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻲ اﻟرﺟوع ﻣن ﺟدﯾد إﻟﻰ اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ إﻻ أﻧﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻌرﯾف ﯾﺑﻘﻰ اﻟدور اﻹﺟراﺋﻲ
ﺋﯾﺳﯾﺎ وذﻟك ﻟﻣﺎ ﻟﻪ ﻣن ﺗﺄﺛﯾر ﻣﻌﻧوي ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﯾﺔ اﻟطرﻓﯾن .4
ﻫﺎﻣﺎ و ر ً
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ إﯾﻘﺎع اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ً
أﻣﺎ ﻋن ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟﻔﻘﻪ ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﻋﻣر زودة أن ":ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن
ﻫﻲ أن ﯾﻘوم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺟﻣﻊ اﻟزوﺟﯾن أﻣﺎﻣﻪ ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ إﻗﻧﺎع اﻟزوج ﻋن اﻟﺗراﺟﻊ ﻋن طﻠب اﻟطﻼق"...
5وﻋرﻓﻬﺎ اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﺣﺳﯾن ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ":ﻫﻲ ﺗﻠك اﻟﻣﺣﺎدﺛﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ ﻗﺎﺿﻲ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
ﻣﻊ اﻟزوﺟﯾن ﺑﻬدف ﺗﻔﺎدي اﻟطﻼقٕ ،وارﺟﺎع اﻟزوﺟﯾن إﻟﻰ ﺑﻌﺿﻬﻣﺎ ﻫو اﻟﺳﺑﯾل اﻟﻣﻧﺷود وﯾﻛون ﻟﻠزوج ﺣق
ﻣراﺟﻌﺔ زوﺟﺗﻪ " ،6ﻓﻲ ﺣﯾن ﻋرﻓت اﻷﺳﺗﺎذة اﺑﺗﺳﺎم اﻟﻘرام ﺑﺄﻧﻪ ":ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟدﻋوى اﻟطﻼق ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻘدر اﻟﻣﺳﺗطﺎع ،ﺳﻌﯾﺎ ﻹﻗﻧﺎع اﻟطرﻓﯾن ﺑﺎﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ أو ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﺳوﯾﺔ ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ".7
ذﻫب اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن ":ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻫﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن
إﺟراء ﯾﻬدف إﻟﻰ ﺗﻘدﯾم اﻟﻧﺻﺢ واﻹرﺷﺎد واﻟﻣوﻋظﺔ اﻟﺣﺳﻧﺔ ﻟﻠزوج ،ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻣﻛن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن اﻟوﺻول إﻟﻰ
اﻟﻣﺑﺗﻐﻰ و اﻟﻬدف اﻟﻣﻧﺷود أﻻ و ﻫو إﻗﻧﺎع اﻟزوج اﻟذي أوﻗﻊ اﻟطﻼق ،ﺑﺿرورة اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ ،واﺳﺗﻌﻣﺎل ﺣق اﻟرﺟﻌﺔ ﻻ ﻏﯾر ،وذﻟك ﻻ ﯾﺗﺄﺗﻰ إﻻ إذا ﺗم اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻫذا اﻟﺣق ﺧﻼل ﻣدة ﻋدة
15
اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ دون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ إﺑرام ﻋﻘد ﺟدﯾد و دﻓﻊ ﻣﻬر ﺟدﯾد ،ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﻛون اﻟﻬدف ﻣن اﻟﺻﻠﺢ
إﻗﻧﺎع اﻟزوج ﻋن اﻟﻌدول ﻋن اﻟطﻼقٕ ،واﻧﻣﺎ ﻣن أﺟل ﻣواﺻﻠﺔ واﺳﺗﻣرار اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ،طﺎﻟﻣﺎ أن ﻣدة ﻋدة
1
اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﻟم ﺗﻧﻘض ﺑﻌد ،وﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻏﺗﻧﺎم اﻟﻔرﺻﺔ اﻟﺳﺎﻧﺣﺔ و ﻋدم ﺗﻔوﯾﺗﻬﺎ.
ﻧﺟد اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻋﻧدﻣﺎ ﻧص ﺑﺿرورة إﺟراء ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﻗﯾدﻫﺎ ﺑﻔﺗرة زﻣﻧﯾﺔ ﻣدﺗﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ
أﺷﻬر ﺗﺳري ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى واﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗﺟﺎوزﻫﺎ ،ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻪ أن ﯾﻘوم ﺑﺈﺟراء
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻌد اﻧﻘﺿﺎﺋﻬﺎ.
ﯾﻌد إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺟزء ﻣن إﺟراءات اﻟﺧﺻوﻣﺔ و ﻻ ﯾدﺧل ﺿﻣن إﺟراءات اﻟطﻼق ،ﻷن اﻟﻣﺷرع ﻟم
ﯾﻌﻠق اﻟطﻼق ﻋﻠﻰ إﺟراء ﻣﻌﯾن ،ﻋﻛس دﻋوى اﻟﺧﻠﻊ أو اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،اﻟﺗﻲ ﻗﯾدﻫﺎ اﻟﻣﺷرع
ﺑﺗﻘدﯾم طﻠب ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ و اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺣﻛم ﻣﻧﺷﺋﺎ ﻟﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻓﻘد ﯾﺳﺗﻌﻣل اﻟزوج ﺣﻘﻪ ﻓﻲ
إرﺟﺎع زوﺟﺗﻪ أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة اﻟﻌدة ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ و اﻟﺗﻲ ﻣن اﻟﻣﻔروض أن ﺗﺗطﺎﺑق ﻣﻊ اﻟﻔﺗرة اﻟﺗﻲ
ﺧﺻﺻﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣذﻛورة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) ،(49ﻓﺈن ﺣﺻل اﻟرﺟوع وﻟو دون رﺿﺎ اﻟزوﺟﺔ
ﯾﻛون اﻟزوج ﻗد ﻣﺎرس ﺣق اﻟرﺟﻌﺔ.
ﻟذﻟك ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع أن ﯾﺗدﺧل وﯾﻐﯾر ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺻﻠﺢ اﻟوارد ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و اﺳﺗﺑداﻟﻪ
ﺑﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻌدة طﺎﻟﻣﺎ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻻ ﺗزال ﻗﺎﺋﻣﺔ ،ﻓﻼ ﯾﻌﺗﺑر ﺻﻠﺣﺎً ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرﺟﻊ اﻟزوج زوﺟﺗﻪ ﺑﻣوﺟب
ﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ،و إﻧﻣﺎ ﯾﻛون اﻟزوج ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻗد اﺳﺗﻌﻣل ﺣﻘﻪ اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟرﺟﻌﺔ و ﻻ ﻣﻛﺎن ﻟﻠﺻﻠﺢ
ﻓﻲ ﻫﺎﺗﻪ اﻟﺣﺎﻟﺔ .ﻓﻛﯾف ﻟﻧﺎ أن ﻧﻌﺗﺑر إرﺟﺎع اﻟزوج ﻟزوﺟﺗﻪ أﺛﻧﺎء اﻟﻌدة ﺻﻠﺣﺎً ،طﺎﻟﻣﺎ رﺿﻰ اﻟزوﺟﺔ ﻻ ﯾﻐﯾر
ﻣن اﻷﻣر ﺷﯾﺋﺎ ،ﻓﯾﺟب اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن أﺣﻛﺎم اﻟرﺟﻌﺔ و أﺣﻛﺎم اﻟﺻﻠﺢ.
و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺻﺢ ﻗول اﻟﻣﺷرع ":ﻣن راﺟﻊ زوﺟﺗﻪ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻋﻘد ﺟدﯾد"
ٕواﻧﻣﺎ اﻷﺻﺢ ":ﻣن راﺟﻊ زوﺟﺗﻪ أﺛﻧﺎء اﻟﻌدة ﻻ ﯾﺣﺗﺎج اﻟﻰ ﻋﻘد ﺟدﯾد ،وﻣن راﺟﻌﻬﺎ ﺑﻌد ﻓوات اﻟﻌدة ﯾﺣﺗﺎج
إﻟﻰ ﻋﻘد ﺟدﯾد".
ﯾﻘﺗرن ﺣق اﻟزوج ﻓﻲ اﻟرﺟﻌﺔ ﺑﻣدة زﻣﻧﯾﺔ ،واﻟﺗﻲ ﺳﻣﺎﻫﺎ اﻟﻣﺷرع "ﺻﻠﺢ" ﺣﯾث ﯾﻘول ﻣن) راﺟﻊ زوﺟﺗﻪ
أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ( واﻟﺗﻲ ﺣددﺗﻬﺎ اﻟﻣﺎدة) (49ﺑﺛﻼﺛﺔ) (03أﺷﻬر ﺗﺳري ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،و ﻫﻧﺎ
ﯾﻛﻣن اﻟﺧطﺄ ﺣﯾث ﻧﺟد أﻧﻪ ﻟم ﯾﺗم اﻷﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر ﺗﺎرﯾﺦ وﻗوع اﻟطﻼق و ﺑدأ ﺳرﯾﺎن ﻣدة اﻟﻌدة ﻓﺎﻟﻣﺷرع
ﻫﻧﺎ ﻟم ﯾﻘﺻد اﻟﺗﺻﺎﻟﺢ أو اﻟﺻﻠﺢ ٕواﻧﻣﺎ ﺧص ﺑﺎﻟذﻛر اﻟﻣدة اﻟزﻣﻧﯾﺔ ،و ﻧﺟد أﯾﺿﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (50ﻣن
1
-ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل درﺟﺔ اﻟدﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ
اﻟﺣﻘوق ،ﺑن ﻋﻛﻧون ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2006ص 141و . 14
16
طﺑﺎ ﺑذﻟك اﻟزوج ﺻﺎﺣب اﻟﺣق ،ﻓﻲ ﺣﯾن أن ﺣق
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻌﻣﻠت ﻋﺑﺎرة )ﻣن راﺟﻊ زوﺟﺗﻪ( ﻣﺧﺎ ً
اﻟزوج ﻓﻲ اﻟرﺟﻌﺔ ﻣﻘﺗرن ﺑﻣدة زﻣﻧﯾﺔ ﻣﺣددة ﺳﻠﻔﺎ ﯾﺳﻘط ﺑﺗﺟﺎوزﻫﺎ ،وﻟم ﯾﻘل إذا ﺗراﺟﻌﺎ ﻓﻬو ﯾﺗﻛﻠم ﻣﻊ اﻟزوج
ﺑﺻﻔﺗﻪ ﻟﻪ اﻟﺣق ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟزوﺟﺔ ﻟﯾس ﻟﻬﺎ ﺣق ٕواﻧﻣﺎ ﻟﻬﺎ ﻓﻘط اﻻﻋﺗراض.
و إن ﺣﺻل اﺗﻔﺎق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن و ﺗم ﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿ ار ﺑذﻟك ،ﯾﺟب أن ﯾﺗم ﻫذا اﻻﺗﻔﺎق أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة
اﻟﻌدة اﻟﺗﻲ ﺳﻣﺎﻫﺎ اﻟﻣﺷرع ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ،أﻣﺎ إذا ﺗم ﺧﺎرج ﻓﺗرة اﻟﻌدة اﻋﺗﺑرﻧﺎﻩ اﺗﻔﺎﻗﺎ أي ﺗواﻓق إرادة اﻟزوﺟﺔ
واﻟزوج ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻟم ﻧﻣﯾز ﺑﯾن اﻟرﺟوع اﻟواﻗﻊ داﺧل ﻓﺗرة اﻟﻌدة و اﻟرﺟوع اﻟواﻗﻊ ﺧﺎرﺟﻬﺎ وﯾﻛون ﺑذﻟك ﻗد أﻫﻣل
ﻓﺗرة اﻟﻌدة .
ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻫﻧﺎك ﺣﺎﻻت ﺗﻛون ﺑداﯾﺔ اﻟﻌدة ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى اﻟذي ﯾطﺎﺑق ﺑداﯾﺔ ﺳرﯾﺎن
اﻟﻣدة اﻟﺗﻲ ﯾﺑدأ ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،و ﻫﻧﺎ ﻋﻧد اﻟرﺑط ﺑﯾن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى و ﺗﺎرﯾﺦ
ﻧطق اﻟزوج ﺑﺎﻟطﻼق و ﺗﺎرﯾﺦ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻧﺟد ﻫذﻩ اﻟﺗوارﯾﺦ ﻻ ﺗﺗطﺎﺑق ﻣﻊ ﺑﻌﺿﻬﺎ
اﻟﺑﻌض ،ﻓﻘد ﺗﻧﻘﺿﻲ ﻓﺗرة اﻟﻌدة و ﻻ ﯾﺻﺑﺢ ﻟﻠزوج ﺣق اﻟرﺟﻌﺔ و ﯾﺳﺗوﺟب ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻋﻘد ﺟدﯾد وﻣﻬر
ﺟدﯾد و رﺿﺎ اﻟزوﺟﺔ ،و ﺑذﻟك اﻟﻣﺷرع ﯾؤﻛد اﻧﻪ ":ﻣن راﺟﻊ ﺑﻌد ﺻدور اﻟﺣﻛم ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻋﻘد ﺟدﯾد" و
اﻷﺻﺢ أن ﻧﻘول ":ﻣن راﺟﻌﻬﺎ ﺑﻌد ﻓوات اﻟﻌدة وﻗﺑل ﺻدور اﻟﺣﻛم أو ﺣﺗﻰ ﺑﻌدﻩ ،ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻋﻘد ﺟدﯾد"،
واﻟذي ﯾﺳﺗوﺟب اﻟرﻛن اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻫو اﻟرﺿﺎٕ ،واذا واﻓﻘت ﻋﻠﻰ اﻟرﺟوع ﻓﻬذا ﻫو اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﺑﻣﻌﻧﻰ
ﺗواﻓق إرادﺗﯾن و ﻟﯾس اﻟرﺟﻌﺔ أﺛﻧﺎء ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ .
ﻓﺗﻔﺳﯾر اﻟﺑﻌض ﻟﻠﻣﺎدة ) (50ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣن راﺟﻊ زوﺟﺗﻪ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ ﻻ
ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻋﻘد ﺟدﯾد؛ أﻧﻬم ﯾرون أن اﻟﻌﺑرة ﺑﻔﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ،واﻟﺗﻲ ﻣدﺗﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ) (03أﺷﻬر ،ﻣﻬﻣﺎ طﻠق اﻟزوج
ﻣن ﻣرة وﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن اﻟزﻣن اﻟذي ﻣﺿﻰ ﻋﻠﻰ طﻼﻗﻪ ،ﺗﺑدأ ﻣﺗﻰ رﻓﻊ دﻋواﻩ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ٕوان راﺟﻊ زوﺟﺗﻪ
أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻋﻘد ﺟدﯾد وﺑﺗﻔﺳﯾرﻫم ﻫذا ﯾﻛوﻧون ﻗد أﻏﻔﻠوا اﻟﻌدة ،وﻫذا ﻫو اﻟﺧطﺄ
ﺑﻌﯾﻧﻪ ﻷن اﻟﻣﺷرع ﻗﺻد ﺑﻬذﻩ اﻟﻔﺗرة اﻟزﻣﻧﯾﺔ واﻟﻣﻘدرة ﺑﺛﻼﺛﺔ) (03أﺷﻬر اﻟﻌدة و ﻟذﻟك ﯾﺟب ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر
ﻗﺎﺻدا ﻣﻧﻪ
ً أن اﻟﻌدة ﻟم ﺗﻧﻘض ،وﻛل ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﻣر أن اﻟﻣﺷرع أﺧطﺄ ﻟﻣﺎ اﺳﺗﻌﻣل ﻋﺑﺎرة أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ
أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة اﻟﻌدة.
ﻓﺎﻷﺣﺳن أن ﺗﺗﻐﯾر ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﻧص اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ وذاﻟك ﺑﺣذف ﻣﺻطﻠﺢ "اﻟﺻﻠﺢ" و اﺳﺗﺑداﻟﻪ ﺑﻣﺻطﻠﺢ
"اﻟﻌدة" ،وذاﻟك ﺑﺈدراج ﻣﺎدة ﺟدﯾدة ﺗﻧص ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة اﻟﻌدة ،ﻓﺗﻛون اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
" ﯾﺟوز ﻟﻠزوج أن ﯾراﺟﻊ زوﺟﺗﻪ أﺛﻧﺎء اﻟﻌدة ﺑدون ﻋﻘد ﺟدﯾد ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (58ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة ".
17
أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟدﻋﺎوى اﻷﺧرى ﻏﯾر دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج ،ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ
اﻟوارد ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﯾﺧص طﻼق اﻟزوج ﻓﻘط ،و ﻻ ﺳﯾﻣﺎ و أن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺟﺎء ﺑﺄﺣﻛﺎم إﺟراﺋﯾﺔ ﺗﺿﺑط اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟدﻋﺎوى ،و ﺑذﻟك أﺻﺑﺢ ﻻزﻣﺎ أن ﯾﺗدﺧل
اﻟﻣﺷرع وﯾﻌدل ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49و ) (50أو ﯾﺿﯾف ﻣواد ﺗﺧص اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ ،أو ﻋﻠﻰ
اﻷﻗل ﯾﻌﺗﻣد ﻧظﺎم اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﺗطﺑﯾق إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة اﻟﺧﺻوﺻﯾﺎت ﻓﻲ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ،
ﺣﺗﻰ ﯾﻛون اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻣﻧﺳﺟم ﻣﻊ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺷﻛﻠﻲ اﻹﺟراﺋﻲ .وﺑذﻟك ﻓﻣﻔﻬوم اﻟﺻﻠﺢ اﻟوارد ﻓﻲ
اﻟﻣﺎدة ) (49و ) (50ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻻ ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾطﺑق ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻧظر دﻋوى أﺳﺎﺳﻬﺎ
اﻟﻣواد ) (54) (53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة.
داﺋﻣﺎً ﻓﻲ إطﺎر ﺗﻌرﯾف ﻣﻔﻬوم اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻟﻣﺷرع ﺧص اﻟﺻﻠﺢ
ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺑطرﯾﻘﯾن :ﺻﻠﺢ ﯾﺗم ﻋن طرﯾق اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺑﺎﺷرة ،وﺻﻠﺢ ﻋن طرﯾق اﻟﺣﻛﻣﯾن ﺗﺣت إﺷراف
اﻟﻘﺎﺿﻲ وذاﻟك ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﺛﺑوت اﻟﺿرر وﻓﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (56ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﻰ
اﻟﺻﻠﺢ ﻋن طرﯾق ﺑﻌث اﻟﺣﻛﻣﯾن ،1وﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺧرج ﻣن ﻣﺟﺎل دراﺳﺗﻧﺎ ،ﻛوﻧﻬﺎ ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ
اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﻣﺎدة ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص دﻋﺎوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ.
-1ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (56ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":اذا اﺷﺗد اﻟﺧﺻﺎم ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن و ﻟم ﯾﺛﺑت اﻟﺿرر وﺟب ﺗﻌﯾﯾن ﺣﻛﻣﯾن
ﻟﻠﺗوﻓﯾق ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ" ،ﺟﺎءت ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧﺎﻫﺎ اﻟﻣﺷرع ﺑوﺿﻊ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻹﺟراءات واﻟﻣراﺣل اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺑﻐﻲ
ﻌﻠﱠ ـﻪُ ﯾﻐﯾر ﻓﯾﻬﺎ رأﯾﻪ وﯾﻛﺑﺢ
ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ ﻗﺑل إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ،وﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺧطوات وﺿﻌت ﺣﺗﻰ ﯾﺗروى اﻹﻧﺳﺎن وﺗﻬدأ ﻧﻔﺳﻪ ﻟ
ﺟﻣﺎﺣﻪ ﻣراﻋﯾﺎ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷﺳرة ﻛﻠﻬﺎ ﺧوﻓﺎ ﻣن اﻧﺣﻼل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﻔﻛك اﻷﺳرة ،وﻣﺎ ﻟﻪ ﻣن آﺛﺎر وﺧﯾﻣﺔ ﻋﻠﻰ
اﻷﻓراد و اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻓﻬﻲ وﻗﺎﯾﺔ ﻗﺑل و ﻗوع اﻟطﻼق أي ﻗﺑل ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن اﻟﻘﺎﻧون ﻧﻔﺳﻪ ﻧﺟد
اﻟﻣﺷرع ﯾﺗﻛﻠم ﻋن ﻗﺿﯾﺔ إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق أي ﻧﻛون ﻗد ﺗﺟﺎوزﻧﺎ ﻣرﺣﻠﺔ ﺑﻌث اﻟﺣﻛﻣﯾن ،وﻧﺟد أن اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﻗد ﻧص ﻋﻠﻰ
ِﯾدا
ﻓَﺎﺑﻌﺛُوا َﺣًﻛَﻣﺎ ﻣْﱢن أَْﻫﻠِِﻪ َ َوﺣًﻛَﻣﺎ ﻣْﱢن أَْﻫﻠِﻬ َ ﺎ إِن ﯾُرَ
ﻧِﻬِﻣﺎ َْ
ﻘَﺎق َْﺑﯾ َ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻵﯾﺔ 35ﻣن ﺳورة اﻟﻧﺳﺎء ﺑﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ َ} :وإِْن ﺧ ِ ﻔ ْ
ْﺗُم ِﺷ َ
ﺑِﯾ ار{ ،ﻓﻬذﻩ اﻵﯾﺔ رﺳﻣت طرﯾق اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻋﻧد اﻟﺧوف ﻣن اﻟﺷﻘﺎق
ِﯾﻣﺎ َﺧ ً
ِن اﻟﻠﱠﻪَ َﻛ َﺎن َﻋﻠً
ﻓﱢق اﻟﻠﱠﻪُ ََْﺑﯾﻧﻬ َُﻣﺎ إ ﱠ
ﯾُو ِ
ِﺻَﻼًﺣﺎ َ
إْ
واﻟﻔرﻗﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻋن طرﯾق ﺗﺣﻛﯾم اﻟﺣﻛﻣﯾن ،وﻫو ﻣﺎ ﯾﻌرف ﻓﻲ ﻓﻘﻪ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻟﺷﻘﺎق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ﻓﻬذا اﻟﻧوع ﻣن
اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﻔﺎدﻩ ﺑﻌث ﺣﻛﻣﯾن اﺛﻧﯾن ﻋﻧد اﻟﺧﺻﺎم ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن درءا ﻟﻠﺷﻘﺎق اﻟذي ﻗد ﯾﻘﻊ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻟﻐرض اﻹﺻﻼح ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﺑﺄﻣر
ﻣن ﺟﻬﺔ ﻣﺧﺻوﺻﺔ ﺑﻌد رﻓﻊ اﻷﻣر ﻟﻬﺎ ﻣن ﺻﺎﺣب اﻟﺻﻔﺔ اﻟذي ﻫو أﺣد اﻟزوﺟﯾن .ﻓﻣﺣﻠﻪ اﻟﺧﻼف واﻟﺧﺻـﺎم ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن
وﻣﻧﺎطﻪ إزاﻟﺗﻪ ﺑطرﯾق اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﺑﺄي وﺟﻪ أﻣﻛن ،واﻷﻣر ﺑﺑﻌﺛﻬم ﯾرﺟﻊ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ وﻟﯾس إﻟﻰ اﻟزوﺟﯾن ،ﻓﻬذا إن دل ﻋﻠﻰ
ﺷﻲء إﻧﻣﺎ ﯾدل ﻓﻌﻼ ﻋﻠﻰ ﻛون اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻟﺷﻘﺎق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻫو ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ ﺧﺎرﺟﻲ.وﻗد ﻗﯾل أﯾﺿﺎ ﺑﺄن اﻟﺗﺣﻛﯾم إذا
ﺻﻠﺣﺎٕ ،واذا ﻛﺎن ﻣن ﻗﺑل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻬو وﺳﯾﻠﺔ ﻣن وﺳﺎﺋل اﻟﺻﻠﺢ ،ﻟﻌل ﻣن أﺑرز ﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﺣﻛﯾم
ﻛ ﺎن ﻣن اﻟﺧﺻوم ﻛﺎن ً
وﻣزاﯾﺎﻩ اﻟﺳرﻋﺔ ﻓﻲ ﻓض اﻟﻧزاع و اﻟﺗﻔرغ ﻟﻪ ﻣن ﻗﺑل اﻟﺣﻛﻣﯾن ﺑدون ﻗﯾود إﺟراﺋﯾﺔ أو ﺷﻛﻠﯾﺎت ﻓﯾﻛون ﻓﻲ ﺷﻛل ﺟﻠﺳﺔ ﻋﺎﺋﻠﯾﺔ
اﻟﻬدف ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺗوﻓﯾق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن واﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﯾﺛﺎق اﻟﻐﻠﯾظ اﻟذي ﯾﺟﻣﻌﻬﻣﺎ ﻣﻣﺎ ﯾﺧﻠق اﻟطﻣﺄﻧﯾﻧﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺳﯾﻬﻣﺎ ،و ﻫو ﻣﺎ
أﺗﻌﺎﺑﺎ ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﯾﻛﻔل ﻋدم
رﺳوﻣﺎ وﻻ ً
ﻗد ﯾﺳﻬل ﻣﻬﻣﺔ اﻟﺣﻛﻣﯾن ﻓﻲ اﻟﺗوﻓﯾق ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻗﻠﺔ ﺗﻛﺎﻟﯾﻔﻪ ،إذ ﻻ ﯾﺗطﻠب ً
18
ﻋﻘدا ،ﯾﺳﻌﻰ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون
ﻧﺧﻠص إﻟﻰ اﻟﻘول أن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺎدة ﺷؤون اﻷﺳرة ﯾﻌد إﺟراء و ﻟﯾس ً
اﻷﺳرة ﻣن ﺧﻼﻟﻪ إﻟﻰ إﯾﺟﺎد ﺣل ودي ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ووﺿﻊ ﺣد ﻟﻠﻧزاع اﻟﻘﺎﺋم ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻣن أﺟل إﺳﺗﻣرار اﻟﺣﯾﺎة
اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻬو إذن إﺟ ارء وﻗﺎﺋﻲ ،1ﯾﻘوم ﺑﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ وﺟوﺑﺎ ﻟﻠﺣﯾﻠوﻟﺔ دون وﻗوع ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ أو ﻣن
ﱡﻠْﺢ َْﺧٌﯾر{ ،2ﻫذا ﺟل ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻘﺎل ﻓﻲ ﺗﻌرﯾف
أﺟل اﺳﺗﻣرار اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻋﻣﻼ ﺑﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ } :واﻟﺻ ُ
اﻟﺻﻠﺢ ،وﻟﻧﺎ أن ﻧﺗﺳﺎءل ﻋن ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم واﻟﺳﻧﺔ اﻟﻧﺑوﯾﺔ اﻟﺷرﯾﻔﺔ واﻹﺟﻣﺎع ،وﻫو ﻣﺎ
ﺳﯾﺗم ﺑﯾﺎﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﻣواﻟﻲ .
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﻟﻘد ﺗظﺎﻓرت اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻋدة ﻣﺟﺎﻻت ،3وﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﺑﺻﻔﺔ
ﺛﺎﻧﯾﺎ( واﻹﺟﻣﺎع)ﺛﺎﻟﺛًﺎ( .
ﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ ﺛﺎﺑت ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم)أوﻻً ( و اﻟﺳﻧﺔ) ً
أوﻻً -ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم :
ﻟﻘد أﻣر اﷲ ﻋز وﺟل ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻵﯾﺎت ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ،ﻣن أﺟل أن ﯾﺑﯾن أﻫﻣﯾﺗﻪ ﻓﻲ
ﺗﺳﯾر ﺣﯾﺎة اﻟﻧﺎس ،وأﻧﻪ اﻟﺳﺑﯾل اﻟوﺣﯾد ﻟﺣل اﻷزﻣﺎت واﻟﺧﻼﻓﺎت ،وﻣن ﺑﯾن ﺗﻠك اﻵﯾﺎت؛ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ } :ﱠﻻ
ﱠﺎس{ ،4ﻓﺎﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻹﺻﻼح ﺑﯾن
ﻼَح َ ﺑﯾَْن اﻟﻧ ِ
إِﺻ ٍ
وف أَْو ْ
ِﺻدﻗ ٍَﺔ أَْو َ ُْﻣﻌر ٍ
َر ﺑ َ َ اﻫُم إِﻻﱠ َﻣْن أََﻣ
ﱠﺟو ْ
ِﯾر ﻣﱢن ﻧْ َ
َْﺧَﯾر ﻓِﻲ ﻛَﺛ ٍ
اﻟﻣﺗﺧﺎﺻﻣﯾن أﻣر ﻣطﻠوب ،ﺣﺗﻰ ﯾﻌودوا إﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧوا ﻋﻠﯾﻪ ﻣن اﻷﻟﻔﺔ و اﻹﺧﺎء ،ﻓﯾﺟوز ﻓﯾﻪ ﻣن اﻟﻧﺟوى ﻣﺎ
ﻻ ﯾﺟوز ﻓﻲ ﻏﯾرﻩ ،و ﯾدﺧل اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ،وﻛذا اﻷﺟر اﻟﻌظﯾم اﻟذي ﯾﺟزي ﺑﻪ اﷲ
إﻓﺷﺎء أﺳرار اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗد ﻻ ﯾﺟرؤ اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﺑوح ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺑﺎب
اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﻠﺷﻘﺎق واﻟﺗﺻدي ﻟﻬﺎ ﻗﺑل اﺷﺗداد اﻟﺧﺻﺎم ووﺻوﻟﻪ إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء.
-1ﺑن ﺣﻠﯾﻣﺔ ﯾﻣﯾﻧﺔ ،ﺧﺻوﺻﯾﺔ إﺟراءات اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ دﻋﺎوى ﺷؤون اﻷﺳرة -دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،-ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة
اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﺑن ﺧﻠدون ،ﺗﯾﺎرت ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2012-2011ص
.115
-2ﺳورة اﻟﻧﺳﺎء ،اﻵﯾﺔ 127
3
ﻠَﺢَْﺑﯾﻧَُْﻬم ﻓ ََﻼ
َﺻ َ
أَْو إِﺛًْﻣﺎ ﻓَﺄ ْ ﱡوص َﺟَﻧﻔًﺎ -ﻋﻠﻰ ﻏرار اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻧﺟد اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟورﺛﺔ ﻟﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ }:ﻓََﻣْن َﺧ َ
ﺎف ﻣِن ﻣ ٍ
َﺗَﺎن ِﻣَن
َﺎﺋﻔ ِﱠﺣٌﯾم {.،ﺳورة اﻟﺑﻘرة ،اﻻﯾﺔ ،182وﻛذﻟك اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟﻣﺗﺣﺎرﺑﯾن ﻟﻘوﻟﺔ ﺗﻌﺎﻟﻰَ }:وإِْن ط ِ
ُور رِ
اﻟﻠﱠﻪ َﻏﻔ ٌ
إِن َإِ َﺛْم َﻋ ْﻠَﯾِﻪ ﱠ
اﻟﻠﱠﻪ { ،ﺳورة اﻟﺣﺟرات اﻵﯾﺔ
ِﻲء إِﻟَﻰ أَْﻣِر ِ
ﺗَﺑِﻐﻲ َﺣﺗﱠﻰ ﺗَﻔ َ
َﻘَﺎﺗﻠُوا اﻟﱠﺗِﻲ ْ
َى ﻓ ِ
ُﺧر
اﻫُﻣﺎ َﻋﻠَﻰ اﻷ ْ
إِﺣَد َ
َت ْ
ِن َﺑﻐ ْ
َﻬﻣﺎ ﻓَﺈْ
َﺻﻠُِﺣوا َْﺑﯾﻧَُ
ِﯾن اﻗْﺗَﺗَﻠُوا ﻓَﺄ ْ
ُاﻟْﻣْؤﻣِﻧ َ
ون {ﺳورة
ﺗُرُﺣﻣ َ
ﻠﱠﻛُم ْ َ
اﻟﻠﱠﻪ َﻟَﻌ ْ
َﺧ ْوﯾْﻛُم َواﺗﱠﻘُوا َ
َﺻﻠُِﺣوا َْﺑﯾَن أ ََ
إِﺧَوةٌ ﻓَﺄ ْ
ِﻧُون ْ
إِﻧﱠﻣﺎ ُاﻟْﻣْؤﻣ َ
َ ،9وﻛذﻟك اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ} :
ِﻛُم أَن َﺗَﺑﱡروا َوﺗَ ﺗﱠﻘُوا
ﱢَﯾﻣﺎﻧْ اﻟﺣﺟرات ،اﻵﯾﺔ ،10وﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟﺧﺻوم ﻓﻘﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﻪ اﻟﻌزﯾزَ َ } :وﻻ َْ
ﺗَﺟﻌﻠُوا اﻟﻠﱠﻪَ ُْﻋرَﺿ ًﺔ ْﻷَ
اﻟﻧﱠﺎس َواﻟﻠﱠﻪُ َﺳِﻣﯾﻊٌ َﻋﻠٌِﯾم { ،ﺳورة اﻟﺑﻘرة ،اﻻﯾﺔ.224
ِ ﺗُﺻﻠُِﺣوا َﺑﯾَْن
َو ْ
-4ﺳورة اﻟﻧﺳﺎء ،اﻵﯾﺔ .114
19
َك
َﺳﺄَﻟُوﻧَ
ﻟﻌظم اﻟﻔﺎﺋدة اﻟﻣرﺟوة و اﻟﺛواب اﻟﺟزﯾل ﻟﻠﻣﺻﻠﺣﯾن ﻣن ﻫذا اﻟﻣﻌروف ،وﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟل أﯾﺿﺎ }":ﯾْ
اﻟﻠﱠﻪ َ َو ُرﺳوﻟَﻪُ إِن ﻛُﻧﺗُم
َات َْﺑﯾﻧِْﻛُم َوأ َِطﯾﻌ ُ وا َ
ﻠِﺣوا ذ َ
َﺻ ُ
اﻟﻠﱠﻪ َوأ ْ
ول ﻓَﺎﺗﱠﻘُوا َ
ﱠﺳ ِ
ﻟِﻠﱠﻪ َواﻟرُ
َﻧﻔَﺎل ِ
َﻧﻔَﺎل ﻗ ُِل ْاﻷ ُ
َﻋِن ْاﻷ ِ
ِﯾن{.1
ﱡؤﻣِﻧ َ
ﻣْ
ﺟﻌل اﷲ إﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ﻣن طﺎﻋﺗﻪ ،ﻓﺈن دل ﻫذا ﻓﺈﻧﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻰ أﻫﻣﯾﺔ اﻹﺻﻼح اﻟذي ﯾﺧﻠق
اﻟﻣودة واﻹﺧﺎء و اﻟﻣﺻﺎﻓﺎة واﻷﺧوة واﻷﻟﻔﺔ ،وﺗرك أﺳﺑﺎب اﻻﺧﺗﻼف و اﻟﺗﻧﺎزع و اﻟﺷﻘﺎق ،وﻫو ﻣﺎ ﯾؤﻛد
ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،وﯾﺳﺗدل ﻋﻠﻰ ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ } :واﻟﺻﱡﻠُْﺢ َْﺧٌﯾر{.2
ﺗﺷﻣل اﻵﯾﺔ ﺟﻣﯾﻊ أﻧواع اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن؛ ﻛﻣﺎ ﻗﺎل ﺟل ﺷﺄﻧﻪ أﯾﺿﺎ َ }":وإِْن
إِن اﻟﻠﱠ َﻪ
ق اﻟﻠﱠﻪُ َْﺑﯾُﻧََﻬﻣﺎ ﱠ
ﯾُوﻓﱢ ِ
إِﺻَﻼًﺣﺎ َ
ِﯾدا ْ
ﻠِﻬﺎ إِن ُ ﯾر َ
ﱢن أ َْﻫ َ
ﻠِﻪ َ َوﺣًﻛَﻣﺎ ﻣْ
ﻣﱢن أ َْﻫ ِ
َﺎﺑﻌﺛُوا َﺣًﻛَﻣﺎ ْ
ﻘَﺎقَْﺑِﯾﻧ َﻬِﻣﺎ ﻓ َْ
ْﺗُم ِﺷ َ
ِﺧﻔ ْ
ﻠِﯾﻣﺎ َﺧﺑًِﯾرا{ ،3ﻓﺈذا ﺧﯾف وﻗوع اﻟﺷﻘﺎق و اﻟﺧﻼف ﺑﯾن اﻟزوج واﻟزوﺟﺔ ،ﻓﯾﺷرع ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻓﻲ
َﻛ َﺎن َﻋ ً
اﻟﺻﻠﺢ ﻟﯾزﯾل اﻟﺷﻘﺎق وﺗﺳﺗﻣر اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﯾﺗﺿﺢ ﻣن اﻵﯾﺔ اﻟﻛرﯾﻣﺔ ،أن اﷲ ﻟﻣﺎ وﻋد اﻟﺣﻛﻣﯾن
واﻟزوﺟﯾن ﺑﺎﻟﺗوﻓﯾق ﺑﺷرط إرادة اﻹﺻﻼح دل ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺑﺔ اﷲ ﻟﻺﺻﻼح ،وﻫذا ﯾدل دﻻﻟﺔ إﻟزاﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ
ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ .4
ﺟﻧﺎ َْح
َﻼ ُ َ
اﺿﺎ ﻓ َ
إِﻋر ً
ﻠِﻬﺎ ﻧُﺷُوزًا أَْو َْ
َت ِﻣن َْﺑﻌ َ
ِٕن َْاﻣرأَةٌ َﺧﺎﻓ ْ
َوا ِ وﻗﺎل ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻣﺣﻛم ﺗﻧزﯾﻠﻪ}":
اﻟﻠّﻪ َﻛ َﺎن
ِن َ ﺗُﺣِﺳﻧُواْ َوﺗَ ﺗﱠﻘُواْ ﻓَﺈ ﱠ
ﱡﺢ َوإِن ْ
َﻧﻔُس اﻟﺷ ﱠ
ﺿرِت اﻷ ُ
اﻟﺻﻠُْﺢ َْﺧٌﯾر َوأ ُْﺣ َِ
َﺣﺎ َْﺑﯾُﻧََﻬﻣﺎ ُﺻﻠًْﺣﺎ َو ﱡ ﯾُﺻﻠِ
َﻋ ْﻠَﯾ َﻬِﻣﺎ أَن ْ
ِﯾر{.5
ﻠُون َﺧﺑً ا
ﺗَﻌﻣ َ
َﺑِﻣﺎ َْ
ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﻣرأة إذا ﻋﻠﻣت ﻣن زوﺟﻬﺎ اﺳﺗﻌﻼء ﺑﻧﻔﺳﻪ ﻋﻠﯾﻬﺎ ،إﻣﺎ ﻟﺑﻐﺿﻪ إﯾﺎﻫﺎ أو ﻟﻛراﻫﯾﺔ ﺑﻌض
اﻷﺷﯾﺎء ﻣﻧﻬﺎ ،وظﻬر اﻧﺻراﻓﻪ ﻋﻧﻬﺎ ﺑوﺟﻪ ﻋﺎم أو ﺑﺑﻌض ﻣﻧﺎﻓﻌﻪ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻟﻬﺎ ﻣﻧﻪ ،ﻓﻼ ﺣرج ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ أن
ﯾﺻﻠﺣﺎ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،ﻣن أﺟل اﺳﺗداﻣﺔ اﻟﻣﻘﺎم ﻓﻲ ﺣﺑﺎل اﻟﻌﻘد اﻟذي ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،و اﻟﺻﻠﺢ ﺧﯾر.و ﺣﺛت ﻫذﻩ اﻵﯾﺔ
اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ إﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ،وذﻟك ﻟﻌظم اﻟﻔﺎﺋدة اﻟﻣرﺟوة واﻷﺟر اﻟﻌظﯾم و اﻟﺛواب اﻟﺟزﯾل ﻟﻠﻣﺻﻠﺣﯾن
ﻣن ﻫذا اﻟﻔﻌل اﻟﺧﯾر ،6وﻛﻠﻣﺔ" ﺧﯾر " ﻓﻲ اﻵﯾﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ :ﺧﯾر ﻣن اﻟﻔراق واﻟﺗﻣﺎدي ﻓﻲ اﻟﺧﻼف و اﻟﺷﺣﻧﺎء
20
واﻟﻣ ﺑﺎﻏﺿﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺷرٕ ،وان اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ وﺻف اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺎﻟﺧﯾر ،وﻻ ﯾوﺻف ﺑﺎﻟﺧﯾر إﻻ ﻣﺎ ﻛﺎن
1
ﻣﺷروﻋﺎ ﻣﺄذوﻧﺎ ﻓﯾﻪ.
ﺛﺎﻧﯾﺎ -ﻓﻲ اﻟﺳﻧﺔ :
ً
ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺻﻠﺢ ﻣن اﻷﻣور اﻟﺟﺎﺋزة واﻟﻣرﻏوب ﻓﯾﻬﺎ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﺟﻣﯾﻌﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،و اﻷﺣرى ﺑﯾن
اﻟزوﺟﯾن ،وﻫو ﻣﺎ ﺗؤﻛدﻩ اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻘوﻟﯾﺔ)أ( ،واﻟﻔﻌﻠﯾﺔ)ب(
أ -اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻘوﻟﯾﺔ:
ﺟﺎءت ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻷﺣﺎدﯾث أﺷﻬرﻫﺎ :ﻋن ﻛﺛﯾر ﺑن ﻋﺑد اﷲ ﺑن ﻋﻣرو ﺑن ﻋوف اﻟﻣزﻧﻲ ﻋن أﺑﯾﻪ
ﻋن ﺟدﻩ أن اﻟرﺳول ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم ﻗﺎل ":اﻟﺻﻠﺢ ﺟﺎﺋز ﺑﯾن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن إﻻ ً
ﺻﻠﺣﺎ ﺣرم ﺣﻼﻻً أو
أﺣل ﺣ ًراﻣﺎ و اﻟﻣﺳﻠﻣون ﻋﻠﻰ ﺷروطﻬم إﻻ ﺷرطًﺎ ﺣرم ﺣﻼﻻً أو أﺣل ﺣ ًراﻣﺎ" ،2إن ﻫذا اﻟﺣدﯾث واﺿﺢ
اﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﻻ ﯾوﺻف ﺑﺎﻟﺟواز إﻻ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺷروﻋﺎً ﻓﻲ أﺻﻠﻪ ،وﻻ ﯾظﻠم ﻓﯾﻪ أﺣد
اﻟطرﻓﯾن و ﻻ ﯾﺣرم ﺣﻼﻻً ﻓﻬو ﺟﺎﺋز ،ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ إذا ﺗم ﺑﯾن اﻟﺧﺻﻣﯾن ﻓﻬو ﻣﻧﺗﻬﻰ و ﻗﻣﺔ اﻟﻌدل و أﻗرب اﻟﻰ
دوام اﻟﻣودة واﻷوﻟﻰ ﺑذﻟك أن ﯾﺗم ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻟﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﺻﻼح اﻷﺳرة وﺻﻼح اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻛﻛل.
ْﺿَل ِﻣْن
ﺑِرﻛُم ﺑِﺄَﻓ َ
ول اﷲ ـ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم ـ» :أَﻻَ أ ُْﺧ ُ ْ ﱠرد ِاء ـ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻪ ـ َ
ﻗَﺎل َ ُرﺳ ُ ﻓﻌن أَﺑِﻰ اﻟ ْد َ
َْ
َات َْاﻟﺑﯾِن َِﻫﻲ
ﻓَﺳَﺎد ذ ِ
ِن َ
َات َْاﻟﺑﯾِن؛ ﻓَﺈ ﱠ
ﻼَح ذ ِ
َﺻ ُ ﻗَﺎل» :
ﻗَﺔ؟« ﻗَﺎﻟُوا َ:ﺑﻠَﻰ؛ َ
اﻟﺻَد ِ
ﻼَة َ و ﱠ
اﻟﺻ ِ
اﻟﺻﯾِﺎم َ و ﱠ
ََد َرﺟِﺔ ﱢَ
اﻟﺣﺎﻟِﻘَﺔُ«.3
َ
ب -اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ:
ﺛﺑت ﻓﻲ ﺻﺣﯾﺢ اﻟﺑﺧﺎري " :أن اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم ذﻫب إﻟﻰ ﺑﻧﻲ ﻋﻣروﺑن ﻋوف ﻟﯾﺻﻠﺢ
ﺑﯾﻧﻬم" ،وﻋن أم ﻛﻠﺛوم ﺑﻧت ﻋﻘﺑﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻬﺎ ،أﻧﻬﺎ ﺳﻣﻌت رﺳول اﷲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم -
ﯾﻘول» :ﻟﯾس اﻟﻛذاب اﻟذي ﯾﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ،ﻓﯾﻧﻣﻲ ﺧﯾ ار أو ﯾﻘول ﺧﯾ ار« ،4وروى ﻋﺑد اﷲ ﺑن ﻛﻌب ﻋن
ﻛﻌب ﺑن ﻣﺎﻟك رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻪ ﻟﻣﺎ ﺗﻧﺎزع ﻣﻊ أﺑﻲ ﺣدود ﻓﻲ دﯾن ﻋﻠﻰ إﺑن أﺑﻲ ﺣدود ،أن اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ
21
ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم أﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﺑﺄن إﺳﺗوﺿﻊ ﻣن دﯾن ﻛﻌب اﻟﺷطر وأﻣر ﻏرﯾﻣﻪ ﺑﺄداء اﻟﺷطر ،1ﻓدل ذﻟك ﻋﻠﻰ
ﺟواز اﻟﺻﻠﺢ.
ﺛﺎﻟﺛًﺎ -اﻹﺟﻣﺎع :
أﺟﻣﻌت اﻷﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻹﺻﻼح ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ،ﻓﻲ ﻛل اﻟﻣﺟﺎﻻت ،ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺻﻠﺢ
ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،و ﻗد اﺷﺗﻬر اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ رﺿوان اﷲ ﻋﻠﯾﻬم ،إذ روي ﻋن ﻋﻣر ﺑن اﻟﺧطﺎب
رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻪ أﻧﻪ ﻗﺎل ﻷﺑﻲ ﻣوﺳﻰ اﻷﺷﻌري" :وأﺣرص ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗﺑﯾن ﻟك ﻓﺻل اﻟﻘﺿﺎء" ،ﻛﻣﺎ
أﯾﺿﺎ " :ردوا اﻟﺧﺻوم ﺣﺗﻰ ﯾﺻطﻠﺣوا ﻓﺈن ﻓﺻل اﻟﻘﺿﺎء ﯾورث اﻟﺿﻐﺎﺋن " ، 2ﻓﻘد أﻣر رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻪ
ﻗﺎل ً
ﺑرد اﻟﺧﺻوم إﻟﻰ اﻟﺻﻠﺢ ﻣطﻠﻘﺎ وﻛﺎن ذﻟك ﺑﻣﺣﺿر اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ اﻟﻛرام رﺿوان اﷲ ﻋﻠﯾﻬم ،وﻟم ﯾﻧﻛروا ﻋﻠﯾﻪ
إﺟﻣﺎﻋﺎ ﻣن اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ ،وﯾﻛون ﺣﺟﺔ ﻗطﻌﯾﺔ ﻷن اﻟﺻﻠﺢ ﺷرع ﻟﻠﺣﺎﺟﺔ وﻫﻲ ﻗطﻊ اﻟﺧﺻوﻣﺔ
ً ﻓﯾﻛون
واﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ.3
وﻗﺎل ﺻﺎﺣب ﻛﺗﺎب اﻟﻣﻐﻧﻲ ":وأﺟﻣﻌت اﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺟواز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻷﻧواع ،ﺻﻠﺢ ﺑﯾن
اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن وأﻫل اﻟﺣرب ،وﺻﻠﺢ ﺑﯾن أﻫل اﻟﻌدل و أﻫل اﻟﺑﻐﻲ ،وﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن إذا ﺧﯾف اﻟﺷﻘﺎق
ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ".4
وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﻧﺧﻠص أن ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم واﻟﺳﻧﺔ اﻟﻧﺑوﯾﺔ ٕواﺟﻣﺎع اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ
ﺟﯾدا ﺑﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﻻ ﻧﻛﺗﻔﻲ ﺑﺗﻌرﯾﻔﻪ
واﻟﻔﻘﻬﺎء ،وﻟﻛﻲ ﻧﺗﻣﻛن ﻣن اﻹﺣﺎطﺔ ً
ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ أو ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﺑل ﻻ ﺑد ﻣن ﺗﻣﯾﯾزﻩ ﻋن ﻏﯾرﻩ ﻣن ﺻور اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﺷﺎﺑﻬﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن
اﻷﺧرى وﻫو ﻣﺎ ﺳوف ﻧﺗﻧﺎوﻟﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﻣواﻟﻲ.
22
اﻟﻣطﻠـب اﻟﺛﺎﻧـﻲ
ﺗﻣﯾﯾز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن اﻷﺧرى
ﻹﺑراز ﺧﺻوﺻﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة،ﻻﺑد ﻣن ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﻣﯾﯾز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻋن
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ)اﻟﻔرع اﻷول( ،وﻛذا ﺗﻣﯾﯾزﻩ ﻋن اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﻌروف ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ)اﻟﻔرع
اﻟﺛﺎﻧﻲ( ،ﺛم ﻧﺗطرق إﻟﻰ ﺗﻣﯾﯾزﻩ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ اﻟذي أﺗﻰ ﺑﻪ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،واﻟذي ﯾﻌﺗﺑر طرﯾق
ﺑدﯾل ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت)اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث(.
اﻟﻔـرع اﻷول
ﺗﻣﯾﯾز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ
ﺳﺑق وأن ﺧﻠﺻﻧﺎ ﻟﻠﻘول أن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﻋﻘدٕ ،واﻧﻣﺎ إﺟراء ﯾﺟرﯾﻪ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون
اﻷﺳرة ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟذي ﯾﻛﯾف ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻋﻘد طﺑﻘًﺎ ﻟﻧص
اﻟﻣﺎدة) (459ﻣﻧﻪ ،1و إن ﻛﺎن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﻟﻬﻣﺎ ﻧﻔس اﻟﻬدف
ﺑﺣﯾث أن ﻛﻠﯾﻬﻣﺎ ﯾﻧﻬﯾﺎن اﻟﻧزاع ﺑطرﯾﻘﺔ ودﯾﺔ ،ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء اﻟﺣﻘوق و اﻹدﻋﺎءات اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎزل ﻋﻧﻬﺎ ﻛل ﻣن
اﻟﻣﺗﺻﺎﻟﺣﯾن ،ﺣﯾث ﺗﻧﻘﺿﻲ اﻟدﻋوى ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ،ﻏﯾر أن ذﻟك ﻻ ﯾﻌﻧﻲ ﻋدم وﺟود اﺧﺗﻼف ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ.
ﻟﻘد أﺧذ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺑﻣﺑدأ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻛﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻛﻛل ،2واﻋﺗﺑرﻩ ﻣن
ﻗﺑﯾل اﻹﺟراءات اﻟوﺟوﺑﯾﺔ و اﻷوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻠﺗزم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻬﺎ ﻗﺑل اﻟﺷروع ﻓﻲ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻣوﺿوع اﻟدﻋوى ،ﻓﺗﺟد
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟطﻼق ﻣﺻدرﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺎدة )(49
3ﻣﻧﻪ ،ﺑﺣﯾث ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﯾﺟرﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ
دون أن ﺗﺗﺟﺎوز ﻣدﺗﻪ ﺛﻼﺛﺔ )(3أﺷﻬر اﺑﺗداء ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،"..وﻛذا ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (431ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،واﻟﺗﻲ ﺗﻧص" :ﯾﺗﺄﻛد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ
اﻟﻣﺣدد ﻟﻠﺣﺿور ،ﻣن ﻗﺑول اﻟﻌرﯾﺿﺔ ...و ﯾﺣﺎول اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣﻣﻛﻧﺎ . "..وﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ
ﺻور ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣواد ) (439وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ.
-1ﺧوﺧﻲ ﺧﺎﻟد ،اﻟﺗﺳوﯾﺔ اﻟودﯾﺔ ﻟﻠﻧزاﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر
،-1-اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2012-2011ص .90
-2ﻧذﻛر ﻋﻠﻰ ﺳﯾﺑل اﻟﻣﺛﺎل اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻣواد ) (81و ) (82ﻣن ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ،واﻟﻣﺷرع اﻟﺗوﻧﺳﻲ ﻓﻲ
اﻟﻔﺻل 32ﻣن ﻣﺟﻠﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ.
3
-ﻗﺎﻧون رﻗم ،11-84اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق.
23
ﻧﻼﺣظ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻋﻧد ﻧﺻﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻋﺗﺑرﻩ إﺟراءا ﻗﺿﺎﺋﯾﺎ ،ﯾﺳﺑق
ﻛﺎﻣﻼ
ً ﻓﺻﻼ
ً اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ دون ﺗﻘدﯾم ﺗﻌرﯾف ﻟﻪ ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﻗد ﺧﺻص ﻟﻪ
وﻫو اﻟﻔﺻل اﻟﺧﺎﻣس ﻣن اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻻﻟﺗزاﻣﺎت واﻟﻌﻘود وذﻟك ﻣن اﻟﻣﺎدة ) (459إﻟﻰ ) (466ﻣن
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ،ﺣﯾث ﻋرﻓﻪ ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (459ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻘد ﯾﻧﻬﻲ ﺑﻪ اﻟطرﻓﺎن ﻧزاﻋﺎً ﻗﺎﺋﻣﺎً
أو ﯾﺗوﻗﯾﺎن ﺑﻪ ﻧزاﻋﺎ ﻣﺣﺗﻣﻼً ،وذﻟك ﺑﺄن ﯾﺗﻧﺎزل ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺗﺑﺎدل ﻋن ﺣﻘﻪ" ،وﺑذﻟك ﯾﻛون
اﻟﻣﺷرع ﻗد أﻗر ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺳواء اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺧﺎص أوﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم واﻋﺗﺑرﻩ ﻋﻘدا ،1وﺑذﻟك ﻧﺟد أن أﺣد
طرﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،إﻣﺎ ﺷﺧص طﺑﯾﻌﻲ أو ﻣﻌﻧوي .أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟطرﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ
داﺋﻣﺎ ﺷﺧﺻﯾن طﺑﯾﻌﯾﯾن ،وﻫﻣﺎ اﻟزوج و اﻟزوﺟﺔ ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة اﻟراﺑﻌﺔ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻬﻣﺎ ً
.2
أﻣﺎ ﻋن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻧزاع ،ﻓﻔﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻧزاع ﻗﺎﺋم أو ﻣﺣﺗﻣل ، 3و ً
ﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك
ﯾﻛون اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻬدف ﺣل ﻧزاع ﻗﺎﺋم و ﺻﻠﺢ ﺑﻬدف ﺗوﻗﻲ ﻧزاع ﻣﺣﺗﻣل .ﻏﯾر أﻧﻪ ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑل ﯾﻛون إﺟراء
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻟﺻﯾﻘًﺎ ﺑﺎﻟﻧزاع اﻟﻘﺎﺋم ﺑﺎﻟﺿرورة ،وﻫو اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻣﺑﺎﺷرة واﻟﻣؤﻛدة ﺑﻌد رﻓﻊ اﻟدﻋوى،
إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﻣﺣل اﻟﻧزاع ذاﺗﻪ ﻓﺄي ﻧزاع ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻣﺣﻼً ﻟﻠﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﻣﻬﻣﺎ
ﻛﺎن اﻟﺣق اﻟﻣﺗﻧﺎزع ﻓﯾﻪ ،و أﯾﺎ ﻛﺎﻧت ﺗرﺗﯾﺑﺎﺗﻪ وﺻﺣﺗﻪ وﻣداﻩ ،رﻏم وﺟود ﺑﻌض اﻟﻘﯾود ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ ﺣرﯾﺔ
اﻟﺗﺻﺎﻟﺢ واﻟﺗﻲ ﺗرﺟﻊ أﺳﺎﺳﺎً إﻟﻰ ﻓﻛرة اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة اﻟذي ﻟﻪ طﺎﺑﻊ
اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﻲ؛ ﻻ ﯾﻘﺑل اﻟﻧزاع اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﻲ أو اﻻﺣﺗﻣﺎﻟﻲ ،ذﻟك أن ﻣوﺿوع ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣطروح ﻋﻠﻰ
ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة اﻟذي ﯾﻛون ﻣﺣﻼً ﻟﻠﺻﻠﺢ ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻧظر ﻓﯾﻣﺎ ﻫو ﻋﺎﻟق أﻣﺎﻣﻪ ﻣن ﻣﺳﺎﺋل و
ﺧﻼﻓﺎت زوﺟﯾﺔ .4
طﺑﯾﻌﺔ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺗﺧﺗﻠف ﻋن طﺑﯾﻌﺔ ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣدﻧﻲ ،ﻷن اﻷوﻟﻰ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺣﺎﻟﺔ
اﻷﺷﺧﺎص ﺑذاﺗﻬم وﯾﻐﻠب ﻋﻠﯾﻬﺎ طﺎﺑﻊ اﻟﺳرﯾﺔ واﻟﺣرﻣﺔ ،واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﻣوال ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻣﻧﻘوﻟﺔ أو
-1ﻣﺛل اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ،وﻗد ﺻدرت ﻋدة ﻗواﻧﯾن ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺟﯾز اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻓﻲ ﻓﺋﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣن اﻟﺟراﺋم ذات
اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﻣﺎﻟﻲ و اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﻣﺛل :اﻟﺟراﺋم اﻟﺟﻣرﻛﯾﺔ وﺟراﺋم اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ واﻷﺳﻌﺎر وﺟراﺋم اﻟﺻرف ..اﻟﺦ.
2
-ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (4ﻣن ﻗﺎﻧون اﻻﺳرة ﻋﻠﻰ ﻣﺎﯾﻠﻲ." :اﻟزواج ﻋﻘد رﺿﺎﺋﻲ ﯾﺗم ﺑﯾن رﺟل و اﻣرأة ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﻪ اﻟﺷرﻋﻲ ،ﻣن أﻫداﻓﻪ
ﺗﻛوﯾن أﺳرة أﺳﺎﺳﻬﺎ اﻟﻣودة واﻟرﺣﻣﺔ و اﻟﺗﻌﺎون و إﺣﺻﺎن اﻟزوﺟﯾن و اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺳﺎب" .
3
-ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة )(459ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻘد ﯾﻧﻬﻲ ﺑﻪ اﻟطرﻓﺎن ﻧزاﻋﺎ ﻗﺎﺋﻣﺎ او ﯾﺗوﻗﯾﺎن ﺑﻪ ﻧزاﻋﺎ
ﻣﺣﺗﻣﻼ ،وذﻟك ﺑﺄن ﯾﺗﻧﺎزل ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺗﺑﺎدل ﻋن ﺣﻘﻪ".
-4ﺧوﺧﻲ ﺧﺎﻟد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .90
24
ﻋﻘﺎرﯾﺔ ،1ﯾﻼﺣظ أﯾﺿﺎً أن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻻ ﯾﺗوﻓر ﻋﻠﻰ ﻧص إﺟراﺋﻲ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ،اﻟذي ﯾﺗم
وﺑﻌﯾدا ﻋن اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗرﻓﻊ أﻣﺎﻣﻬﺎ واﻟﺗﻲ ﯾطﻠب ﺑﻌدﻫﺎ ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺧﺎرج اﻟﺟﻬﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ً
اﻹﺷﻬﺎد ﻟﻸطراف ﺑﻪ ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻣﺎ ﻫو ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣدﻧﻲ. 2
إن اﻟﻘﺎﺋم واﻟﻣﺑﺎدر ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة؛ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣﻛﻠف ﺑﻘﺳم ﺷؤون اﻷﺳرة ،وﻫو ﻣﺎ ﺗؤﻛدﻩ
ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،و ﻛذا اﻟﻣواد ) (431و) (439و ﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ و واﻹدارﯾﺔ ،ﻓﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻘوم ﺑﺈﺟراء ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﺑﻧﻔﺳﻪ أو ﯾﻘوم ﺑﻪ
اﻟﺣﻛﻣﯾن ﺗﺣت إﺷراﻓﻪ .،أﻣﺎ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﻓﻘد ﯾﻛون ﺑﻣﺑﺎدرة ﻣن اﻟﺧﺻوم أﻧﻔﺳﻬم أو ﺑﺳﻌﻲ ﻣن
اﻟﻘﺎﺿﻲ و ﻓﻲ أي ﻣرﺣﻠﺔ ﻛﺎﻧت ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟدﻋوى.
وأﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻣﯾﻌﺎد إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﻧﺟدﻩ ﻣﺣدد ﺑﻣدة زﻣﻧﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ،ﺑﺣﯾث
ﯾﺟب ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺧﻼل ﻓﺗرة ﺛﻼﺛﺔ) (03أﺷﻬر ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،إذ ﻟﯾس
ﻟﻪ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻹﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ،و إﻧﻣﺎ ًآﻟﯾﺎ و ﺑﻣﺟرد أن ﺗرﻓﻊ دﻋوى أﻣﺎﻣﻪ
ﺣﯾث ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﺑدأ ﺑﺈﺟراء ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﻟﻠﺻﻠﺢ دون أن ﯾﺗﺟﺎوز اﻟﻣدة اﻟﻣﺣددة ﻟﻪ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﺷرع
ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ،ﻏﯾر ﻣرﺗﺑط ﺑﻣدة ﻣﻌﯾﻧﺔ ،ﻓﻘد ﯾﻛون ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﻧزاع أو ﻗﺑل اﻟﻔﺻل
ﻓﻲ اﻟدﻋوى ،أو ﺣﺗﻰ ﺑﻌد إﻗﻔﺎل ﺑﺎب اﻟﻣراﻓﻌﺎت إذا رﺟﻌت اﻟدﻋوى إﻟﻰ اﻟﺟدول ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب أﺣد
اﻟﺧﺻوم ،ﺑﻣﻌﻧﻰ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻓﻲ أي ﻟﺣظﺔ طﯾﻠﺔ ﻣراﺣل ﺳﯾر اﻟدﻋوى ،ﺑﺣﯾث ﺧول اﻟﻣﺷرع ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ
وﻟﻸطراف إﺑرام اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ،واﻟﺳﺑب ﻓﻲ ذﻟك ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ ﺗطور اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻣن ﻣرﺣﻠﺔ إﻟﻰ
ﻣرﺣﻠﺔ أﺧرى ،ﻓﻘد ﺗﻛون ﺑﻌض ﻟﺣظﺎت اﻟﺧﺻوﻣﺔ أﻛﺛر ﻣﻼﺋﻣﺔ ﻣن اﻟﻠﺣظﺎت اﻷﺧرى ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ
،3وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣدﻧﻲ ﯾﻣﻠك اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻻﺧﺗﯾﺎر اﻟزﻣن اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻟﻌرض اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ أطراف
اﻟﻧزاع ،ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة اﻟذي ﯾﻛون ﺳﻠطﺗﻪ ﻣﻘﯾدة ..4
أﻣﺎ ﻣﺎ ﺗﻌﻠق ﺑﺗﺣدﯾد ﻋدد ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﻧﺟد أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ،ﻟم ﯾﺣدد اﻟﻣﺷرع ﻋدد
اﻟﺟﻠﺳﺎت وﻟم ﯾﻘﯾد زﻣن ﻋﻘدﻫﺎ وﻋرض اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﻬﺎ ،وﯾﻔﻬم ﻣن ﺧﻼل ذﻟك أﻧﻪ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ وﻛذا اﻟﺧﺻوم
-1اﻟﻌﯾش ﻓﺿﯾل ،اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ وﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن اﻷﺧرى ،ﻣﻧﺷورات ﺑﻐدادي ،اﻟﺟزاﺋر ،دون ﺳﻧﺔ اﻟﻧﺷر ،ص
.43
-2وﻫو ﯾﻣﺎﺛل ﻧص اﻟﻣﺎدة )(129ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻣراﻓﻌﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻧﺎول اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾﺗم ﺧﺎرج اﻟﺧﺻوﻣﺔ
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ و ﯾطﻠب أطراﻓﻪ ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹﺷﻬﺎد ﻟﻬم ﺑﻪ .
-3ﺧوﺧﻲ ﺧﺎﻟد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .128
-4اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .130
25
طﻠب إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ أي ﻣرﺣﻠﺔ ﺗﻛون ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﯾرون ﻓﯾﻬﺎ ﺟدﯾﺔ اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ،ﻓﯾﺗﺟﻠﻰ ﻫﻧﺎ اﻟطﺎﺑﻊ
اﻻﺧﺗﯾﺎري ﻟﻠﺻﻠﺢ ،و ﻫﻧﺎ أﯾﺿﺎ و ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟذى ذﻛر ذﻟك ﺟﻠﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49ﺑﺄﻧﻪ ﯾﻘﻊ
ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟزاﻣﺎ إﺟراء ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﻟﻠﺻﻠﺢ و ﻟﻛن ﯾﺑﻘﻰ ﺗﻘدﯾر ﻋدد ﻫﺎﺗﻪ اﻟﻣﺣﺎوﻻت ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻟﻠﺳﻠطﺔ
اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع و ﻻ رﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ذﻟك.
ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ ﻛل طرف ﻣن أطراف اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣدﻧﻲ أن ﯾﺗﻧﺎزل ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺗﺑﺎدل ﻋن ﺣﻘﻪ ،ذﻟك أن
اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻘﺗﺿﻰ اﻟﺗﺿﺣﯾﺔ ﻣن اﻟﺟﺎﻧﺑﯾن ،وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﺗﻛون اﻟﺗﻧﺎزﻻت ﻣﺗوازﯾﺔ وذات طﺎﺑﻊ رﺿﺎﺋﻲ ،ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ
اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﯾﺗﻣﯾز ﺑﺗﻧﺎزﻻت ﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ أو ﻣﺗﻛﺎﻓﺋﺔ ،1ﺑﺣﯾث ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (459ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﻋﻠﻰ
ﻣﺎ ﯾﻠﻲ...":وذﻟك ﺑﺄن ﯾﺗﻧﺎزل ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺗﺑﺎدل ﻋن ﺣﻘﻪ".
و ﯾﻌد ﺗﻧﺎزل اﻟﻣﺗﻧﺎزﻋﯾن ﻋن إدﻋﺎﺋﻬم اﻟﻌﻧﺻر اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻓﻲ ﻧظﺎم اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣدﻧﻲ ،2ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ
ﺷؤون اﻷﺳرة ﯾﻛون اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﻣوﻗﻌﯾن ﻏﯾر ﻣﺗﻛﺎﻓﺋﯾن ﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ،ﻗد ﯾﻛون ﻧﺎﺟﻣﺎ
ﻋن ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟزوج ﻟﺣﻘﻪ ﻓﻲ اﻟرﺟﻌﺔ ﻓﻲ اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﻓﻣن ﻏﯾر اﻟﻼﺋق أن ﻧﺗﻛﻠم ﻋن اﻟﺗﻧﺎزﻻت اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ،
ﻓﺎﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أن اﻷﻣر ﻻ ﯾﺧص ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗﻧﺎزل ٕواﻧﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل ﺣق ،إذ ﻧﺟد اﻟزوج ﯾﺳﺗﻌﻣل ﺣﻘﻪ اﻟﺛﺎﻧﻲ
وﻫو اﻟرﺟﻌﺔ أﺛﻧﺎء ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺧﻼل ﻓﺗرة اﻟﻌدة اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﺑﻌدﻣﺎ اﺳﺗﻌﻣل ﺣﻘﻪ اﻷول ﻓﻲ اﻟطﻼق ،وﻫﻧﺎ ﻻ
وﻗﺎﻧوﻧﺎ ﻟﻠزوج ،وﻫو ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة
ً ﺷرﻋﺎ
ﻧﻛون أﻣﺎم ﺗﻧﺎزل ﻋ ن ﺣﻘوق ٕواﻧﻣﺎ ﻧﻛون أﻣﺎم ﺣق ﻣﻘرر ً
) (50ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ":ﻣن راﺟﻊ زوﺟﺗﻪ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻋﻘد ﺟدﯾد وﻣن راﺟﻌﻬﺎ
ﺑﻌد ﺻدور اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﯾﺣﺗﺎج اﻟﻰ ﻋﻘد ﺟدﯾد ".
ﻏﯾر أن ﻫذﻩ اﻟﻛﻔﺔ ﺗﺗﺳﺎوى ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧﻘﺿﻲ اﻟﻌدة وﯾﺻﺑﺢ رﺿﺎ اﻟزوﺟﺔ أﻣر ﺿروري ﻟﻠﺣدﯾث ﻋن
اﻟﺻﻠﺢ إذ ﻟﻬﺎ ﻛل اﻟﺳﻠطﺔ ﻟﻔرض إرادﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟزوج.
ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣدﻧﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻋﻘد ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘد ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،ﻣﻣﺎ
ﯾﻌﻧﻲ أن ﻋﻘد اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﺟﻣﯾﻊ أﺣﻛﺎم اﻟﻌﻘد اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ،3وﺗطﺑق ﻋﻠﯾﻪ أﺣﻛﺎم اﻟﻔﺳﺦ
اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) ،(119ﻓﻣﺗﻰ أﺧل أﺣد اﻟﻣﺗﺻﺎﻟﺣﯾن ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ ﺑﻌد إﺑراﻣﻪ ﻟﻌﻘد اﻟﺻﻠﺢ ،ﯾﺟوز
ﻟﻠطرف اﻵﺧر طﻠب ﻓﺳﺦ اﻟﻌﻘد ﻷن اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻘد ﻣﻠزم ﻟﻠﺟﺎﻧﺑﯾن؛ وﺑذﻟك ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣدﻧﻲ ﻋﻘد ﻗﺎﺑل ﻟﻠﻔﺳﺦ
1
-ﺧوﺧﻲ ﺧﺎﻟد ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .90
-2ﻗدور ﻣﺣﻣد ﺳﻠﯾﻣﺎن ،اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم
اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑﻲ ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ،ﺗﻠﻣﺳﺎن ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2012-2011ص .62
-3ﺣﻣدادو ﻟﻣﯾﺎء ،ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺗﺳﯾر إﺟراءات اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ
اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ، -1-اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2014-2013ص .43
26
واﻻﻧﻘﺿﺎء و اﻟﺑطﻼن ، 1وﻻ ﯾﻛﺗﻔﻲ ﻋﻘد اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻬذﻩ اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ،إذ أﻧﻪ ً
أﯾﺿﺎ ﯾﻧﻔرد ﺑﻘواﻋد ﺧﺎﺻﺔ
ﺗﻣﯾزﻩ ﻋن اﻟﻌﻘود اﻷﺧرى إذ ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (466ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " :اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﺗﺟزأ ﻓﺑطﻼن
ﺟزء ﻣﻧﻪ ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺑطﻼن اﻟﻌﻘد ﻛﻠﻪ ﻋﻠﻰ أن ﻫذا اﻟﺣﻛم ﻻ ﯾﺳري إذا ﺗﺑﯾن ﻣن ﻋﺑﺎرات اﻟﻌﻘد أو ﻣن ﻗراﺋن
اﻷﺣوال أن اﻟﻣﺗﻌﺎﻗدﯾن ﻗد اﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ أن أﺟزاء اﻟﻌﻘد ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺑﻌﺿﻬﺎ ﻋن ﺑﻌض " ، 2ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة إﺟراء ﻗﺿﺎﺋﻲ ،ﻓﻼ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻌﻘد ،و إﻧﻣﺎ ﯾﺧﺿﻊ ﻷﺣﻛﺎم اﻹﺟراءات ،ﻓﻼ ﯾﻛون
ﻣﺣﻼً ﻟﻠﻔﺳﺦ و ﻻ اﻟﺑطﻼن ﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﻣﺟﺎل ﻟﻠﺣدﯾث ﺣﺗﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺑطﻼن
اﻹﺟراﺋﻲ ﻟﻌدم وﺟود اﻟﺟزاء ﻋﻧد ﺗﺧﻠﻔﻪ ،ﻓﻼ ﯾﺗرﺗب ﻋن إﻏﻔﺎل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻪ أي ﺑطﻼن ،ﻷن اﻟﻣﺷرع ﻟم
ﯾﻧص ﻋﻠﻰ أي ﺟزاء ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻪ ﻟﻪ وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﺗﻘﺿﻲ اﻟﻣﺎدة ) (60ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " ﻻ ﯾﻘرر ﺑطﻼن اﻷﻋﻣﺎل اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﺷﻛﻼ إﻻ إذا ﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ
ذﻟك وﻋﻠﻰ ﻣن ﯾﺗﻣﺳك ﺑﻪ إﺛﺑﺎت اﻟﺿرر اﻟذي ﻟﺣﻘﻪ ".
أﻣﺎ ﻋن إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗﺟدﯾد اﻟﻧزاع ،ﻓﻔﻲ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣدﻧﻲ ﻧﻼﺣظ أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن رﻓﻊ دﻋوى ﻣن ﺟدﯾد ﻓﻲ ﻧﻔس
اﻟﻣوﺿوع واﻷطراف واﻟﺳﺑب اﻟذي ﺳﺑق اﻟﻔﺻل ﻓﯾﻪ ﻋن طرﯾق اﻟﺻﻠﺢ ،ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ اﻧﻘﺿﺎء اﻟﺧﺻوﻣﺔ طﺑﻘًﺎ
ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (220ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ و ذﻟك ﺑﻧﺻﻬﺎ
27
ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " :ﺗﻧﻘﺿﻲ اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺗﺑﻌﺎ ﻻﻧﻘﺿﺎء اﻟدﻋوى ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ،1 "..ﻓﺑﻌد إﺑرام اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن،
ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻛل طرف أن ﯾﻠزم اﻵﺧر ﺑﻬذا اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﻣﻧﻌﻪ ﻣن ﺗﺟدﯾد اﻟﻧزاع ،وﻫذا ﻋن طرﯾق اﻟدﻓﻊ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ.
أﻣﺎ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة؛ و ﺑﺎﻟﺗﺣدﯾد ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﺣﺎﻟﺔ و دﻋﺎوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،إذا ﺗم رﻓﻊ دﻋوى
ﺳواء ﻣن اﻟزوج ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة أو ﻣن اﻟزوﺟﺔ طﺎﻟﺑﺔ اﻟﺧﻠﻊ أو اﻟﺗطﻠﯾق ،و اﻧﺗﻬﻰ
اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ اﻹﺻﻼح ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،ﻓﺈن ﻫذا اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﺣول دون ﻣﻌﺎودة رﻓﻊ دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣرة
أﺧرى ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻻﺣﺗﺟﺎج ﺑﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺳﺎﺑق ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺳﺑق اﻟﻔﺻل ،ﻷﻧﻪ ﻓﻲ
ﻧظر ﻟﻠطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﺗﻐﯾرة ﻟﻬذا
ﻣﺳﺎﺋل اﻟﺣﺎﻟﺔ واﻟطﻼق ﻻ ﯾﻣﻛن اﻻﺣﺗﺟﺎج ﺑﻘﺎﻋدة ﺣﺟﯾﺔ اﻟﺷﻲء اﻟﻣﻘﺿﻲ ﺑﻪ ً ا
اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ.
ﺣﯾث ﻧﺟد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺗؤﻛد ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ وذاﻟك ﻣن ﺧﻼل ﻗرارﻫﺎ اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ
.. " 2005/09/14ﻋدم ﺧﺿوع ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻟﻘﺎﻋدة ﺣﺟﯾﺔ اﻟﺷﻲء اﻟﻣﻘﺿﻲ ﺑﻪ ،" 2ﻛﻣﺎ ﻫو ﻣﻌﻠوم
ﻓﺎﻟطﻼق ﯾدﺧل ﺿﻣن ﺣﺎﻟﺔ اﻷﺷﺧﺎص ،و ﻓﻲ ﻗرار آﺧر ﻟﻬﺎ ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2009/1/14اﻟذي ﺟﺎء ﺑﻣﺑدأ
ﻋدم ﺟواز اﻛﺗﺳﺎب اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ وﺣﺎﻟﺔ اﻷﺷﺧﺎص ﻟﺣﺟﯾﺔ اﻟﺷﻲء اﻟﻣﻘﺿﻲ
ﺑﻪ.
إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻛل ﻫذا ﻧﺟد ان اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣدﻧﻲ ﻗد ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻟﻣﺳﺎﺋل ،وﯾﺗرك اﻟﺑﻌض اﻵﺧر
ﻟﻠﻘﺿﺎء اﻟذي ﯾﺑت ﻓﯾﻬﺎ ،وﯾﺟوز ﻟﻠطرﻓﯾن اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ إﺷﻬﺎد ﻓﯾﻣﺎ إﺗﻔﺎﻗﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﺣﺗﻰ ﯾﺿﻣن ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻋدم
رﺟوع اﻵﺧر ﻋﻠﯾﻪ ،3اﻷﻣر اﻟذي ﻻ ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻘﺿﺎﯾﺎ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ إذ ﻻ ﯾﻣﻛن
ﺗﺻور اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺋل دون أﺧرى .
وﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟوﻛﺎﻟﺔ ،ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﻧﺟد أﻧﻪ ﯾﺟوز ﻟﻠﺷﺧص أن ﯾوﻛل ﻏﯾرﻩ ﻟﯾﺑرم ﺻﻠﺣﺎ ﻣﻊ
ﺧﺻﻣﻪ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺟوز ﻟﻠوﻛﯾل ﺗوﻗﯾﻊ ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﻣﻊ اﻟﺧﺻم ،و ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠوﻛﯾل ﺳواء ﻛﺎن
ﻣﻧﺻوﺻﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﺗوﻛﯾل ،4ﺣﺳﺑﻣﺎ ﻧﺻت
ً ﻣﺣﺎﻣﯾﺎ أو ﻏﯾرﻩ أن ﯾﺻﺎﻟﺢ ﻋن ﺣﻘوق ﻣوﻛﻠﻪ ﻣﺎﻟم ﯾﻛن
ً
ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة )(574ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ،و إذا ﺗﺟﺎوز اﻟوﻛﯾل ﺣدود ﻧﯾﺎﺑﺗﻪ ﻛﺎن اﻟﺻﻠﺢ ﻗﺎﺑﻼً ﻟﻺﺑطﺎل إﻻ إذا
28
أﻗرﻩ اﻟﻣوﻛل ،1و ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ذﻟك ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة ذﻫب ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر
ﻟﻬﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2009/01/14أﻧﻪ ":ﺣﯾث ﯾﺗﺑﯾن ﻣن اﻹطﻼع ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم ﻣﺣل اﻟطﻌن أن اﻟطﺎﻋن ﻟم ﯾﺣﺿر
ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﺑل أﻧﺎب ﻋﻧﻪ ﻣﺣﺎﻣﯾﻪ أﻣﺎم ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﯾﺻرح أﻣﺎﻣﻬﺎ أﻧﻪ ﯾرﻓض اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي
دﻋت إﻟﯾﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻋﻣﻼ ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة" ،ﻟﻛن اﺟﺗﻬﺎد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻗد اﺳﺗﻘر
ﻋﻠﻰ وﺟوب ﺣﺿور اﻟزوج ﺷﺧﺻﯾﺎ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ واﻟذي طﻠب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻣن أﺟل إﺑداء
طﻠﺑﺎﺗﻪ.2
أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻟﻠطﻌن ﻓﯾﻪ ،ﻓﻔﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻛون ﻣﺛﺑﺗﺎ ﻓﻲ ﻣﺣﺿر وﻫذا
ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ ،ﺣﯾث ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟطﻌن ﻓﯾﻪ؛ وﻟذﻟك ﻛﺎن ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق
ﺳﻧدا ًاﻟﻣﺣﺿر ﯾﻛون ً
ﻋﻧدﻣﺎ أﻗر أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز اﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﺣﻛم اﻟﻣﺛﺑت ﻟﻠﺻﻠﺢ اﻟذي وﻗﻊ ﺑﯾن اﻟﺧﺻوم ،ﻷن اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﻻ ﯾرﻓﻊ إﻻ
ﺿد اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻲ ﻓﺻﻠت ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﻣرﻓوع أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء ،ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﺣﻛم اﻟﻣﺻﺎدق واﻟﻣﺛﺑت ﻟﻠﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﻘﺑل
ﺻﻠﺣﺎ ﺑﯾن اﻷطراف ﻻ ﻏﯾر ،وﯾﺗﻌﯾن ﻧﻘض اﻟﻘرار اﻟذي ﻗﺑل اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﻓﻲ ﻫذا
اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﻟﻛوﻧﻪ ﺗﺿﻣن ً
اﻟﺣﻛم .3
ﻟﻛن ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻﻠﺢ ﺳﻧد ﺗﻧﻔﯾذي ﻣﻊ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺣوز ﺣﺟﯾﺔ اﻟﺷﻲء اﻟﻣﻘﺿﻲ ﺑﻪ ﻛﺎﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
ﺻﺎدر ﻋن
ا رﺳﻣﯾﺎ
ﯾٌﻣﻛن اﻷطراف ﻣن ﻋرض اﻟﻧزاع ﻣن ﺟدﯾد أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء ﺑﻧﻔس اﻟﻣوﺿوع ،ﻓﻬو ﯾﻌد ﺳﻧدا ً
َ
ﻣوظف ﻋﻣوﻣﻲ وﻫو اﻟﻘﺎﺿﻲ ،وﻋﻠﯾﻪ وطﺑﻘﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻣﺣررات اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻓﻠﻪ ﺣﺟﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت
إﻟﻰ أن ﯾطﻌن ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟﺗزوﯾر ،4ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣدﻧﻲ اﻟذي ﯾطﻌن ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟطرق اﻟﻣﻌروﻓﺔ ﻛﺎﻟﺗﻣﺎس إﻋﺎدة
اﻟﻧظر أو اﻟطﻌن ﺑﺳﺑب ﻣن أﺳﺑﺎب ﻋﯾوب اﻷﻫﻠﯾﺔ أو ﻋﯾوب اﻹرادة ﻛﺎﻟﻐﻠط أو اﻟﺗدﻟﯾس ،ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻣواد اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﯾﻛﯾف ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻪ ﻋﻘد و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺧﺿﻊ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻌﻘود . 5
1
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 28
2
ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2009/01/14ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ -اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،474956
ﻋدد 271 ،2009 ،02وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
3
-اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻗرار رﻗم ،103637ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1994/4/19اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد ﺧﺎص
،2001ص 94و ﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
-4ﺑوﺷﯾﺑﺎن ﺧدﯾﺟﺔ ،ﺻﻼﺣﯾﺎت ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ ظل ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻣذﻛرة اﻟﺗﺧرج ﻟﻧﯾل إﺟﺎزة اﻟﻣﻌﻬد
اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﻘﺿﺎء ،دﻓﻌﺔ اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ ﻋﺷر ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟدراﺳﯾﺔ ،2010-2007ص 13و .14
-5ﺧوﺧﻲ ﺧﺎﻟد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .91
29
ﻏﯾر أن ﻫﻧﺎك ﻣن ﯾرى أن اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣدﻧﻲ اﻟذي ﯾﺗم أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء ﻫو ﻋﻘد و ﻟﯾس ﺣﻛم ،و ﯾﺗرﺗب
ﻋﻠﻰ ذﻟك إﻟﻐﺎء ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﺑدﻋوى ﺑطﻼن أﺻﻠﯾﺔ و ﻟﯾس ﺑطرق اﻟطﻌن اﻟﻌﺎدﯾﺔ أو ﻏﯾر اﻟﻌﺎدﯾﺔ
وﯾﺑﻧﻰ اﻹدﻋﺎء ﺑﺎﻟﺑطﻼن أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ،ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ أﺣد اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﺑطﻠﺔ ﻟﻠﻌﻘود.1
أﺧﯾر إن ﺣﺎوﻟﻧﺎ ﺗطﺑﯾق اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ﻧﺟد أن ﺑﻌض اﻷﺣﻛﺎم
و ًا
ﺗﺗواﻓق ﻣﻊ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣدﻧﻲ ﻛوﻧﻪ ﯾﺗم أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء وﺗﺣت إﺷراﻓﻪ ﻋن طرﯾق ﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﯾوﻗﱠﻌﻪ
اﻟزوﺟﯾن واﻟﻘﺎﺿﻲ وأﻣﯾن اﻟﺿﺑط ،وﺑﻬذا ﻓﻬو ﯾﻌﺗﺑر ﺻﻠﺢ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﺑﯾد أﻧﻪ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧرى ﻧﺟد ﻛﺛﯾ ار ﻣن
ﻧظر ﻟﻠطﺎﺑﻊ اﻟﺧﺎص ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ واﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾﺗم ﻓﻲ
اﻷﺣﻛﺎم ﻻ ﺗﻧطﺑق ﻋﻠﯾﻪ ﻛﻣﺎ ﺳﺑق و أن ﺑﯾﻧﺎ ً ،ا
ﺧﺻوﺻﻬﺎ ﯾﺧﺗﻠف ﻋﻣﺎ ﻫو ﻣﻌروف ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻷﻧﻪ ﺻﻠﺢ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﺷﺧﺎص ﻻ ﺑﺎﻷﻣوال .2
ﺑﻌد ﻣﺎ ﺗم ﺗﺑﯾﺎن ﺗﻣﯾﯾز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ،ﺳﯾﺗم اﻵن ﺗﺑﯾﺎن
ﺗﻣﯾﯾز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗﺎﻟﻲ.
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺗﻣﯾﯾز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻋن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
إن ﺣق اﻟﻠﺟوء ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻫو ﻣن اﻟﺣﻘوق اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻛﻔﻠﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﻟﻠﻧﺎس ﺟﻣﯾﻌﺎ ،ﻓﻠﻛل ﺷﺧص ﺣق
ﻣﺣﻘﺎ ﻓﻲ إدﻋﺎﺋﻪ أو ﻏﯾر ﻣﺣق ﻓﯾﻪ ،وﻫو اﻟﺣق اﻟذي ﺗﻘﺿﻲ ﺑﻪ اﻟﻘواﻋد
اﻹدﻋﺎء أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء ،ﺳواء ﻛﺎن ً
اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،3ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻟﺷﺧص ﻛﻠﻣﺎ وﻗﻊ اﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻪ أو ﻣرﻛزﻩ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻧﺷﺄ ﻟﻪ اﻟﺣق ﻓﻲ
ﻣﺑﺎﺷرة اﻟدﻋوى ،ﻟﻛن ﯾﻣﻛن أن ﯾورد اﻟﻘﺎﻧون اﺳﺗﺛﻧﺎءا ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻋدة ﺑﻣﻌﻧﻰ أﻧﻪ ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن وﺟود اﻋﺗداء ﻋﻠﻰ
اﻟﺣق أو اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﺷﺧص اﻟﻘﺎﻧون ﯾﻣﻧﻌﻪ ﻣن اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء إﻻ ﺑﻌد اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣل ﻣﻌﯾن أو
ﻗﯾدا ﻋﻠﻰ رﻓﻊ اﻟدﻋوى،
اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ إذن ﻣﺳﺑق وﻫو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑـ" :اﻟﻣﻧﻊ اﻟﻣؤﻗت" ،وﯾﺷﻛل ﻫذا اﻟﻌﻣل ً
ﯾﻌﺗﺑر ﻫذا اﻟﻘﯾد ﻋﻘﺑﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ وﺿﻌﻬﺎ اﻟﻣﺷرع أﻣﺎم اﻟﺷﺧص ﻓﻼ ﯾﻧﻔﺗﺢ أﻣﺎﻣﻪ ﺑﺎب اﻟﻘﺿﺎء ،إﻻ ﺑﻌد
اﺳﺗﯾﻔﺎﺋﻪ .
-ﺑوذرﯾﻌﺎت ﻣﺣﻣد ،اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟدور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ،،ﻣن أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟدوﻟﻲ ﺣول اﻟطرق اﻟﺑدﯾﻠﺔ ﻟﺣل 1
اﻟﻧزاﻋﺎت ،ﯾوﻣﻲ 6و 7ﻣﺎي ،ﻣﻧﺷور ﻓﻲ اﻟﺳﻠﺳﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻣﻠﺗﻘﯾﺎت واﻟﻧدوات ،ﻋدد ،03اﻟﺟزاﺋر ،2014،ص .98
2
-اﻟﻌﯾش ﻓﺿﯾل ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .43
-3زودة ﻋﻣر ،اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺿوء أراء اﻟﻔﻘﻬﺎء و أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎء ،اﻧﺳﯾﻛﻠوﺑﯾدﯾﺎ ﻟﻠﻧﺷر ،ﺑن ﻋﻛﻧون ،اﻟﺟزاﺋر ،ص
. 75
30
وﯾﺷﻣل ﻫذا اﻟﻘﯾد ﺻور ﻣﻧﻬﺎ :إﺟراء اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻌﻣل ﺑﺣﯾث ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (1/19ﻣن
اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 04-90ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻛل ﺧﻼف ﻓردي ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻌﻣﺎل ﻣوﺿوع ﻣﺣﺎوﻟﺔ
ﻟﻠﺻﻠﺢ أﻣﺎم ﻣﻛﺗب اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻗﺑل ﻣﺑﺎﺷرة أي دﻋوى ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ " ،1ﯾﺗﺿﺢ ﻣن ﻫذا اﻟﻧص أن اﻟﻣﺷرع ﻗﯾد
ﺣق اﻟﺷﺧص ﻓﻲ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻌﻣل ،ﺑﺿرورة إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻗﺻد ﺗﺳوﯾﺔ
اﻟﻧزاع ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ،إذ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻗﺑل اﺳﺗﯾﻔﺎء ﻫذا اﻟﻘﯾد ﻋدم اﻟﻘﺑول ،2وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم
ﺣﺻول ﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﺣﯾﻧﺋذ ﯾﺣق ﻟﻠﺧﺻم اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻓﻬذا اﻟﻘﯾد
ﻣن اﻟﻘﯾود اﻟﻧﺳﺑﯾﺔ ﻷﻧﻪ ﯾﻘوم ﺑﻌﻣل ٕواذا ﻟم ﯾؤد اﻟﻌﻣل إﻟﻰ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ،3ﻟﻛن إذا ﺣﺻل وأن
ﻟﺟﺄ اﻟﺷﺧص – اﻟﻌﺎﻣل -إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء دون أن ﯾﻘوم ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻣﺎ ﻫو اﻷﺛر اﻟﻣﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻟدﻋوى
؟ ﻓﯾﺟب ﻋﻧد رﻓﻊ اﻟدﻋوى أﻣﺎم اﻟﻘﺳم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣراﻋﺎة اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﻘررة ﻟرﻓﻊ اﻟدﻋﺎوى ﻣﻊ إﺿﺎﻓﺔ
ﺷرطﯾن ﻟﻘﺑوﻟﻬﺎ ﺷﻛﻼ وﻫﻣﺎ:
-أن ﺗرﻓق اﻟﻌرﯾﺿﺔ ﺑﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة ﺑﺄن اﻟﺗظﻠم ﺳواء ﻛﺎن ﺗدرﺟﯾﺎأو أﻣﺎم ﻧﻔس
اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ،ﻻ ﯾﺣل ﻣﺣل ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ و ﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﺷرطﺎ ﻟﻘﺑول اﻟدﻋوى.
-أن ﺗرﻓﻊ اﻟدﻋوى ﺧﻼل أﺟل ﻻ ﯾﺗﺟﺎوز ﺳﺗﺔ) (06أﺷﻬر ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺳﻠﯾم ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ
وذﻟك ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ ﺳﻘوط اﻟﺣق ﻓﻲ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،4و ﻫذا ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺗﻌﺳف اﻟﻌﻣﺎل ﻓﻲ رﻓﻊ دﻋواﻫم إﻻ ﺑﻌد
اﻧﻘﺿﺎء آﺟﺎل طوﯾﻠﺔ ﻗﺻد اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺗﻌوﯾﺿﺎت ﺗﻛون أﺣﯾﺎﻧﺎ ﺟد ﻛﺑﯾرة.1
-1ﺟﻌل اﻟﻣﺷرع ﻣن ﻫذﻩ اﻹﺟراءات ﺷرطﺎً ﺟوﻫ ًرﯾﺎ ﻗﺑل اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺣﻛم ،إﻻ أن ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻟﯾس ﻣطﻠﻘﺎً ﻓﻬﻧﺎك
ﺣﺎﻻت ﻻ ﺗﺟدي اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻧﻔﻌﺎً ﺑل ﻗد ﺗﻛون ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ و ﻫذا ﻣﺎ ﺗؤﻛدﻩ اﻟﻣﺎدة )(2/19ﻣن ﻗﺎﻧون رﻗم ،04-90ﺑﺣﯾث ﺗؤﻛد
اﻟﻣﺎدة 19اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ ،أن إﺟراء اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﯾﻌﺗﺑر اﺧﺗﯾﺎرﯾﺎ ،ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻘﯾﻣﺎ ﺧﺎرج
اﻹﻗﻠﯾم اﻟﺟزاﺋري ،آو ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون ﺻﺎﺣب اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إﻓﻼس آو ﺗﺳوﯾﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ،وﻫو ﺷﻲء طﺑﯾﻌﻲ ﻣﻧطﻘﻲ ﻷﻧﻪ ﻻ
ﯾﻣﻛن اﻟﺗوﻓﯾق ﺑﯾن أطراف اﺣدﻫﻣﺎ ﻏﯾر ﻣؤﻫل وﻏﯾر ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﻧﻔﯾذ اﻻﺗﻔﺎق اﻟذي ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗوﺻل إﻟﯾﻪ.
2
-زودة ﻋﻣر ،اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺿوء أراء اﻟﻔﻘﻬﺎء و أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎء ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 76و.77
3
-ﻓﺗﺳرﯾﺢ ﻋﺎﻣل ﯾﻌد ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﺣق آو ﻣرﻛز ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻓﻣن اﻟﻣﻔروض اﻟﻌﺎﻣل ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ،ﻟﻛن اﻟﻘﺎﻧون ﻣﻧﻌﻪ
ﻣن ذﻟك ﺑﺎن أوﺟد ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء اﻟﺑدﯾل وﻫو آن ﯾﺳوى اﻟﻧزاع داﺧﻠﯾﺎ ودﯾﺎ ٕواذا ﻟم ﯾﻔﻠﺢ ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ ﻣﻛﺎﺗب اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔٕ . ،واذا
اﻧﺗﻬت ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ إﻟﻰ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﯾﻌﻔﻰ ﻣن اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء أﻣﺎ إذا اﻧﺗﻬﻰ إﻟﻰ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺳﻠﺑﯾﺔ ﻓﯾﻛون ﻣن ﺣﻘﻪ اﻟﻠﺟوء
ﻗﯾدا ﻋﻠﻰ رﻓﻊ اﻟدﻋوى .
إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء وﻟذا ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺔ اﻟﻌﻣل ﺗﻌﺗﺑر ً
-4ﻫو ﺣق ﻣﻘﯾد ﺑﻣدة زﻣﻧﯾﺔ ﻟﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ ﺳﻘوط اﻟﺣق ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻗﺎﻋدة أﺻوﻟﯾﺔ ﺗﺣﺗم ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣب اﻟﺣق ان
ﯾﺳﺗﻌﻣﻠﻪ ﻓﻲ وﻗت ﻣﻌﯾن ٕواﻻ ﯾﺳﻘط ،وﻣن ﺛم ﯾﻛون اﻟﻣﯾﻌﺎد اﻟﻣﺳﻘط ﻋﻧﺻ ار ﻣن ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺣق ﯾدﺧل ﻓﻲ ﺗﻛوﯾﻧﻪ أﻧظر: :
ﻋﺷﺎش ﻋﺑد اﷲ ،ﺗﺳوﯾﺔ ﻧزاﻋﺎت اﻟﻌﻣل اﻟﻔردﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق
ﺑن ﻋﻛﻧون ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2010ص . 84
31
ﻗﯾدا ﻋﻠﻰ
ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺳﺑق ﯾظﻬر اﻟﻔرق ﺑﯾن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﻘررة ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ً
رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،وﺑﯾن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﻓﻲ
وﺟوﺑﯾﺎ ﻟﻠﻧظر ﻓﻲ ﻣوﺿوﻋﻬﺎ ،إذ ﯾﻌد إﺟراء ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ أﻣﺎم ﻗﺳم ﺷؤون
ً ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺷرطًﺎ
اﻷﺳرة اﻟذي ﯾﺟرﯾﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﻌد رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،وﻫو ﻣﺎ ﺗؤﻛدﻩ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ
ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ...":ﺑﻌد ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﯾﺟرﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ دون أن ﺗﺗﺟﺎوز ﻣدﺗﻪ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر
."...
أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻣل ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﯾﺧﺎطب ﺻﺎﺣب اﻟﺣق ،وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس
ﻻ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ إﺟراء ﻣن إﺟراءات اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،ﺑل ﻫو إﺟراء ﻣﺳﺗﻘل ﺧﺎرج ﻋن اﻟﺧﺻوﻣﺔ
واﻟدﻟﯾل ﻋﻠﻰ ذﻟك؛ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﺻول اﻟﻌﺎﻣل ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ورﻓﻊ ﺑﻌد ذاﻟك دﻋوى ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ
وﻧﻔرض ﺟدﻻً أﻧﻬﺎ اﻧﺗﻬت إﻟﻰ ﺑطﻼن اﻹﺟراءات ،ﻓﻛل اﻹﺟراءات اﻟﺗﻲ ﺗﻣت ﻣن ﯾوم رﻓﻊ اﻟدﻋوى إﻟﻰ أﺧر
إﺟراء ﺑﺎطﻠﺔ ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ إذ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻣﻧﻌﻘدة ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ،ﻓﺎﻟﻣﺣﺿر ﯾﺑﻘﻰ
ﺟزءا ﻣن إﺟراءات اﻟﺧﺻوﻣﺔ.
ﺻﺣﯾﺣﺎً ،وﯾﻣﻛن رﻓﻊ دﻋوى ﻣن ﺟدﯾد اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﻫذا اﻟﻣﺣﺿر ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﻌد ً
ورد إﺟراء اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻓﻲ أﻣﺎﻛن ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن ﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﻌﻣل ،إذ ﻧص ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون رﻗم
02/90اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟوﻗﺎﯾﺔ ﻣن اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل و ﺗﺳوﯾﺗﻬﺎ وﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺣق اﻹﺿراب ،2ﻛﺈﺟراء
ﯾﻣﻛن اﻟﻠﺟوء إﻟﯾﻪ ﻟﺣل اﻟﺧﻼف اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﻗﺑل اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟوﺳﺎطﺔ أو اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وﻛذا ﺗﻧﺎول
اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻛﺈﺟراء إﻟزاﻣﻲ ﻓﻲ ﻧزاﻋﺎت اﻟﻌﻣل اﻟﻔردﯾﺔ ﻗﺑل رﻓﻊ اﻟدﻋوى اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون رﻗم
04/90اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻔردﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ،3ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺎدة)(19ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺳﺎﻟف اﻟذﻛر.
ﻧﺟد اﻟﻣﺷرع ﯾﻔرق ﺑﯾن ﻧوﻋﯾن ﻣن ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻌﻣل ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻓﯾﻬﻣﺎ ،ﺑﺣﯾث ﻧﺟد اﻟﻧزاع
اﻟﻔردي ،4وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى اﻟﻧزاع اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ، 1أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺷؤون اﻷﺳرة داﺋﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﻧزاع ً
ﻓردﯾﺎ ،ﺣﯾث أن
1
-ﺑرﺑﺎرة ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ،ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﻣﻧﺷورات ﺑﻐدادي ،اﻟﺟزاﺋر2009،
ص.361
2
-ﻗﺎﻧون رﻗم ،02-90ﻣؤرخ ﻓﻲ 10رﺟب ﻋﺎم 1410اﻟﻣواﻓق ل 6ﻓﺑراﯾر ﺳﻧﺔ ،1990ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟوﻗﺎﯾﺔ ﻣن اﻟﻧزاﻋﺎت
اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل وﺗﺳوﯾﺗﻬﺎ وﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺣق اﻹﺿراب ،ﻣﻌدل وﻣﺗﻣم ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون رﻗم 27-91ﻣؤرخ ﻓﻲ 21دﯾﺳﻣﺑر 1991
و اﻷﻣر رﻗم ،03-06اﻟﻣﺗﺿﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠوظﯾﻔﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ .
-3ﻗﺎﻧون رﻗم ،04-90ﻣؤرخ ﻓﻲ 01رﺟب ﻋﺎم 1410اﻟﻣواﻓق ل 6ﻓﺑراﯾر ﺳﻧﺔ ،1990ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻔردﯾﺔ
ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ،ﻣﻌدل وﻣﺗﻣم ﺑﺎﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﻧﻔﯾذي رﻗم ،28-91اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 6ﯾوﻟﯾو .1991
4
-ﻋرﻓﺗﻪ اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن ﻗﺎﻧون رﻗم 04 -90ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻷﺗﻲ ":ﯾﻌد ﻧز ًاﻋﺎ ً
ﻓردﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﺑﺣﻛم ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛل ﺧﻼف
ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﻗﺎﺋم ﺑﯾن ﻋﺎﻣل أﺟﯾر وﻣﺳﺗﺧدم ﺑﺷﺄن ﺗﻧﻔﯾذ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻌﻣل اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط اﻟطرﻓﯾن إذا ﻟم ﯾﺗم ﺣﻠﻪ ﻓﻲ إطﺎر ﻋﻣﺎﻟﯾﺎت ﺗﺳوﯾﺔ
32
أﺣد أﻫم اﻷﺷﺧﺎص اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻫﻣﺎ طرﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﻌﻧﯾﯾن ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﻬﺎ وﻫﻣﺎ اﻟزوﺟﯾن
وﺑﻌد ﻣﺑﺎﺷرة اﻟدﻋوى وﻋرض اﻟطﻠب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﯾظﻬر أﺷﺧﺎص أﺧﺎرﯾﯾن ﻫم؛ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة وﻫو
اﻟذي ﯾﺷرف ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،و أﻣﯾن اﻟﺿﺑط )ﻛﺎﺗب اﻟﻘﺎﺿﻲ( ،2ﺣﯾث ﯾﻛون اﻟطرﻓﯾن ﻓﻲ ﻣرﻛزﯾن
ﻣﺗﻌﺎدﻟﯾن ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻣل ﺑﺣﻛم اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻣﺗﻣﯾزة أﺳﺎﺳﺎً ﻧﺟد اﻷطراف ﻓﻲ ﻣراﻛز ذات ﻣﺻﺎﻟﺢ
ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ ،ﻓﻲ ظل ﻋﻼﻗﺎت إﻧﺗﺎﺟﯾﺔ وﺣرﻛﯾﺔ وﺣﯾوﯾﺔ ،ﻓﻧﺟد ﻣن ﺟﻬﺔ اﻟﻌﺎﻣل و ﻫو اﻟطرف
اﻟﺿﻌﯾف ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ،ورب اﻟﻌﻣل ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻓﻲ ﻣرﻛز أﻗوى وأﻋﻠﻰ ،ﻓﯾﻛون طرﻓﺎ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ اﻟﻔردﯾﺔ
ﻋﺎﻣل واﺣد أو ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﺻﻐﯾرة ﻣن اﻟﻌﻣﺎل ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ﻣﺷﺗرك ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻬم وﺻﺎﺣب
ﻋددا ﻣن اﻟﻌﻣﺎل اﻷﺟراء ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﻧظﻣﺔ أو ﻧﻘﺎﺑﺔ
اﻟﻌﻣل ،وﯾﻛون طرﻓﺎ اﻟﻧزاع اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ً
أو ﻟم ﺗﻛن ﻛذﻟك.3
أﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﻘﺎﺋم ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻧﺟد ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫو اﻟﻣﺧﺗص ﺑﺈﺟراء ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت
ﺳﺎﻋﯾﺎ
ﻣﺣﺿر ﯾﺑﯾن ﻣﺳﺎﻋﻲ وﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ً
ًا ﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن رﻓﻘﺔ أﻣﯾن اﻟﺿﺑط ،اﻟذي ﯾﺣرر
ﺑذﻟك إﻟﻰ إﻗﻧﺎع اﻟزوﺟﯾن أو أﺣدﻫﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌدول ﻋن ﻓﻛرة اﻟطﻼق ،4ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻣل
اﻟﻔردﯾﺔ 5ﻓﺎﻟﻘﺎﺋم ﺑﺎﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة 19ﻣن ﻗﺎﻧون 04-90واﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ...":ﻣوﺿوع
داﺧل اﻟﻬﺋﯾﺎت اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ" ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﻧﺟد ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻌﻣل اﻟﻔردﯾﺔ ﺗﻧظﻣﻬﺎ اﻟﻣواد 6إﻟﻰ 35ﻣن اﻟﻘﺎﻧون ﻧﻔﺳﻪ .ﺣﯾث
ﺗﺗﺿﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣواد أﺣﻛﺎم ﺗﺧص ﻣﻛﺎﺗب اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ،وﺗﺷﻛﯾﻠﺗﻬﺎٕ ،واﺧطﺎرﻫﺎ ،واﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻔردﯾﺔ داﺧل
اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ .
1
-ﻋرﻓﺗﻪ اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن ﻗﺎﻧون رﻗم 02-90ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻷﺗﻲ ":ﯾﻌد ﻧزاﻋﺎً ﺟﻣﺎﻋﯾﺎً ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻹﺣﻛﺎم ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﻛل
ﺧﻼف ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و اﻟﻣﻬﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻌﻣل واﻟﺷروط اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻌﻣل ،وﻟم ﯾﺟد ﺗﺳوﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻌﻣﺎل واﻟﻣﺳﺗﺧدم
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﻣﺎ طرﻓﯾن ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻣﺎدﺗﯾن 4و 5أدﻧﺎﻩ" ،وﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 02-90ﻧﺟد أن اﻟﻣﺷرع
اﻟﺟزاﺋري ﯾﻔرق ﺑﯾن اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻲ ﺗطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻏﯾر اﻟﻣؤﺳﺳﺎت واﻹدارات اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ،وﺑﯾن اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻲ
ﺗطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت واﻹدارات اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﺑﻣوﺟب اﻟﻣواد )(09) ،(08)،(07) ،(06
اﻟﺗﻲ ﺗطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻏﯾر اﻟﻣؤﺳﺳﺎت واﻹدارات اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ،أﻣﺎ اﻟﻣواد ) ،(18) ،(17)،(16و) (19ﻓﺗطﺑق
ﻋﻠﻰ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت واﻹدارات اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ.
-2زﯾـدان ﻋﺑد اﻟﻧور ،اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟطﻼق ،دراﺳﺔ ﻟﻠﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﻔﻘﻬﯾﺔ وﻓﻲ اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة
اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺑن ﻋﻛﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2007/2006ص .104
3
-ﻋﺷﺎش ﻋﺑد اﷲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 29و.30
-4زﯾـدان ﻋﺑد اﻟﻧور ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .87
-5ﻏﯾر أﻧﻪ ﯾﺧﺗﻠف اﻷﻣر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻧزاع اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﺣﯾث ﯾﻛون اﻟﻘﺎﺋم ﺑﺎﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﺣﺳب اﻷوﺿﺎع اﻵﺗﯾﺔ: :
اﻟوﺿﻊ اﻷول :ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻬﯾﺋﺎت اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻏﯾر اﻟﻣؤﺳﺳﺎت واﻹدارات اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ،ﺑﺎﻟرﺟوع
إﻟﻰ أﺣﻛﺎم اﻟﻣواد ) (5و) ،(6وﻓﻲ ﻗﺎﻧون رﻗم 02-90ﻧﺟد ﻧوﻋﯾن ﻣن اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل. ،اﻷوﻟﻰ ﺗﺳﻣﻰ "ﺑﺎﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ
33
ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ أﻣﺎم ﻣﻛﺗب اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ،1 " ...ﻏﯾر أﻧﻪ ﻣﺎ ﯾﻼﺣظ ﻓﻲ ظل اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺣﺎﻟﻲ أي ﻗﺎﻧون رﻗم
،203 -90ﺗراﺟﻊ اﻟﻣﺷرع ﻋن ﻣوﻗﻔﻪ اﻟﺳﺎﺑق اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ إﺳﻧﺎد ﻣﻬﻣﺔ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻧزاع
اﻟﻔردي إﻟﻰ ﻣﻔﺗش اﻟﻌﻣل ،ﺑﺣﯾث ﻧﺟدﻩ اﻧﺗزع ﻣﻧﻪ ﻫذﻩ اﻟﻣﻬﻣﺔ و أﺳﻧدﻫﺎ إﻟﻰ ﻫﯾﺋﺔ أﺧرى ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣﻛﺎﺗب
اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ،3اﻟﺗﻲ ﺧول ﻟﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ﻣﻬﻣﺔ ﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾﻌد ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺟﺑﺎرﯾﺔ ﯾﺳﺗوﺟب
اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬﺎ ﻗﺑل اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﻘد ﺟﻌل ﻣن ﻫذﻩ اﻹﺟراءات ﺷرطًﺎ ﺟوﻫ ًرﯾﺎ ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة
)(19ﻣن ﻗﺎﻧون رﻗم 04_90ﺑﻌد اﻟﻣرور أوﻻً ﺑﺎﻟﺗﺳوﯾﺔ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ،4وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﺳﺗﻧﻔﺎذﻫﺎ ،ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻌﺎﻣل أن
اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ" أﯾن ﯾﺑﺎﺷر اﻟﻣﺳﺗﺧدم و ﻣﻣﺛﻠو اﻟﻌﻣﺎل إﺟراءات اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت أو اﻟﻌﻘود اﻟﺗﻲ ﯾﻛون
ﻛل ﻣن اﻟﺟﺎﻧﺑﯾن طرف ﻓﯾﻬﺎ ،أﻣﺎ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﻰ "اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ" ،ﯾرﻓﻊ اﻟﻣﺳﺗﺧدم أو ﻣﻣﺛﻠو اﻟﻌﻣﺎل اﻟﺧﻼف
وﺟوﺑﺎ ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺳﺗﺧدم وﻣﻣﺛﻠﻲ
اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل إﻟﻰ ﻣﻔﺗﺷﯾﻪ اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ إﻗﻠﯾﻣﯾﺎ .وﺗﻘوم ﻫذﻩ اﻷﺧﯾ رة ً
اﻟﻌﻣﺎل. ،أﻣﺎ اﻟوﺿﻊ اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺧﺎص ﺑﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣؤﺳﺳﺎت واﻹدارات اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ،ﻓﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ
أﺣﻛﺎم اﻟﻣواد )(16و ) (17ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﻧﺟد ﻣﺳﺗوﯾﯾن ﻟﻠﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻧزاع ،ﺑﺣﯾث إذا اﺧﺗﻠف اﻟطرﻓﺎن ﻓﻲ ﻛل
اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣدروﺳﺔ او ﻓﻲ ﺑﻌﺿﻬﺎ ،ﯾرﻓﻊ ﻣﻣﺛﻠو اﻟﻌﻣﺎل اﻟﻣﺳﺎﺋل ﻣﺣل اﻟﺧﻼف إﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺎت اﻻدراﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى
اﻟﺑﻠدﯾﺔ أو اﻟوﻻﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾﻬﺎ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ أو اﻹدارة اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ .واﻟوزراء أو ﻣﻣﺛﻠﯾﻬم اﻟﻣﺧوﻟﯾن ،إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣؤﺳﺳﺎت أو
وطﻧﯾﺎ ﻫذا
ﺟﻬوﯾﺎ أو ً
طﺎﺑﻌﺎ ً
اﻹدارات اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ﺗدﺧل ﻓﻲ ﻧطﺎق اﺧﺗﺻﺎﺻﻬم أو إذا ﻛﺎن اﻟﺧﻼف اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﯾﻛﺗﺳﻲ ً
ﻋن اﻟﻣﺳﺗوى اﻷول ،أﻣﺎ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﺗﺳوﯾﺔ ﺗﻠك اﻟﻣﺳﺎﺋل ،ﺗﺳﺗدﻋﻲ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺳﻠﻣﯾﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﻣﺑﺎﺷرة ،طرﻓﻲ
اﻟﺧﻼف اﻟﺟﻣﺎﻋﻲ إﻟﻰ اﺟﺗﻣﺎع اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﺑﺣﺿور ﻣﻣﺛﻠﻲ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﻛﻠﻔﺔ ﺑﺎﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ وﻣﻔﺗﺷﯾﻪ اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ
إﻗﻠﯾﻣﯾﺎً ،أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا ﺗﺑﯾن ﻣن ﺧﻼل ذﻟك اﻻﺟﺗﻣﺎع أن اﻟﺧﻼف ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺗﺄوﯾل اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ أو اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ أو
ﺑﻣﺳﺗﺟدات أوﺟدﻫﺎ اﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻣﻠﻲ ،ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺗﺧطر اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺳﻠﻣﯾﺔ اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻣﺗﺳﺎوي اﻷﻋﺿﺎء ﻓﻲ اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ
،5وﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﺷﻛل ﺟﻬﺎز ﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل داﺧل اﻟﻣؤﺳﺳﺎت واﻹدارات اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ.
-1ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة )(06ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﯾﺗﻛون ﻣﻛﺗب اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻣن ﻋﺿوﯾن ﻣﻣﺛﻠﯾن ﻟﻠﻌﻣﺎل وﻋﺿوﯾن ﻣﻣﺛﻠﯾن ﻟﻠﻣﺳﺗﺧدﻣﯾن
وﯾرأس اﻟﻣﻛﺗب ﺑﺎﻟﺗداول وﻟﻔﺗرة ﺳﺗﺔ) (06أﺷﻬر ﻋﺿو ﻣن اﻟﻌﻣﺎل ،ﺛم ﻋﺿو ﻣن اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﯾن .وﯾﻌﯾن ﻟدى ﻛل ﻣﻛﺎﺗب
اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ أﻋﺿﺎء إﺣﺗﯾﺎطﯾون ﺑﺿﻌف اﻷﻋﺿﺎء اﻷﺻﻠﯾن.
-2ﻗﺎﻧون رﻗم ،03-90ﻣؤرخ ﻓﻲ 10رﺟب ﻋﺎم 1410اﻟﻣواﻓق 6ﻓﺑراﯾر ﺳﻧﺔ ،1990ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣﻔﺗﺷﯾﺔ اﻟﻌﻣل ،ﻣﻌدل
وﻣﺗﻣم ﺑﺎﻷﻣر رﻗم 11-96اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 10ﺟوان .1996
3
-ﻋﯾﺳﺎﻧﻲ ﻣﺣﻣد ،آﻟﯾﺎت ﺗﺳوﯾﺔ ﻧزاﻋﺎت اﻟﻌﻣل اﻟﻔردﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري واﻟﻣﻘﺎرن ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ
اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ،ﺗﯾزي وزو ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،1999-1998ص57و.58
-4ﯾﻣر اﻟﻧزاع اﻟﻔردي ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﺑﻣرﺣﻠﺗﯾن:اﻷوﻟﻰ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﺳوﯾﺔ اﻟودﯾﺔ داﺧل اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﯾن ﺻﺎﺣب
ﺑﻌﯾدا ﻋن ﺗدﺧل أي ﺟﻬﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻛﺧطوة أوﻟﻰ ،وذﻟك ﻓﻲ إطﺎر اﻹﺟراءات اﻟﻣﺣددة ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت
اﻟﻌﻣل و اﻟﻌﺎﻣلً ،
اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ إن وﺟدت ،ﻛﻣﺎ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻣﺎدة ) (03ﻣن ﻗﺎﻧون رﻗم ،04-90أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻏﯾﺎب اﻹﺟراءات ،ﯾﻘدم اﻟﻌﺎﻣل
أﻣرﻩ إﻟﻰ رﺋﯾﺳﻪ اﻟﻣﺑﺎﺷر اﻟذي ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﯾﻪ ﺗﻘدﯾم ﺟواب ﺧﻼل ﺛﻣﺎﻧﯾﺔ)(08أﯾﺎم ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﻹﺧطﺎر ،وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟرد ،أو
ﻋدم رﺿﺎ اﻟﻌﺎﻣل ﺑﻣﺿﻣون اﻟرد ﯾرﻓﻊ اﻷﻣر إﻟﻰ اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﻣﻛﻠﻔﺔ ﺑﺗﺳﯾﯾر اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﯾن أو اﻟﻣﺳﺗﺧدم ﺣﺳب اﻟﺣﺎﻟﺔ وﻫذا
34
ﯾﺧطر ﻣﻔﺗش اﻟﻌﻣل وﻓﻘﺎ ﻟﻺﺟراءات اﻟﻣﺣددة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،1وﺧﻼل ﺛﻼﺛﺔ) (03أﯾﺎم ﻣن ﺗﺑﻠﯾﻐﻪ ﺑﺈﺧطﺎر
ﻣﻛﺗب اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ واﺳﺗدﻋﺎء اﻷطراف إﻟﻰ اﻻﺟﺗﻣﺎع ،وﺗﺣﺳب ﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ) (08أﯾﺎم ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ
اﻻﺳﺗدﻋﺎء إﻟﻰ اﻟﯾوم اﻟﻣﺣدد ﻟﺣﺿور اﻷطراف ،ﻓﺈذا ﻟم ﯾﺣﺿر اﻟﻣدﻋﻲ أو ﻣﻣﺛﻠﻪ اﻟﻣؤﻫل دون ﻣﺑرر ﺷرﻋﻲ
ﯾﺣق ﻟﻣﻛﺗب اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ أن ﯾﻘرر ﺷطب اﻟﻘﺿﯾﺔ.
أﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﺣﺿر اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ﯾﺗم اﺳﺗدﻋﺎؤﻩ ﻣن ﺟدﯾد ﻟﻠﺣﺿور و ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻏﯾﺎﺑﻪ ﻓﻲ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾن
ﻣﺣﺿر ﺑﻌدم اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ وﺗﺳﻠم ﻧﺳﺧﺔ ﻣﻧﻪ إﻟﻰ اﻟﻣدﻋﻲ أﺛﻧﺎء اﻻﺟﺗﻣﺎع،2
ًا ﻣﺗﺗﺎﻟﯾﯾن ﻟﻠﻣﺻﺎﻟﺣﺔ؛ ﯾُ ﻌد اﻟﻣﻛﺗب
ﻣﺣﺿر ﺑﻌدم
ًا ﻓﺈﺟراءات اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﺗﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ ﺣﻠﯾن:ﻓﻔﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻻﺗﻔﺎق ﺑﯾن اﻷطراف ﯾُ ﻌد اﻟﻣﻛﺗب
ﻣﺣﺿر
ًا اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ،أو ﺣﺎﻟﺔ اﺗﻔﺎق اﻷطراف ﻋﻠﻰ ﻛل أو ﺟزء ﻣن اﻟﺧﻼف ﻓﯾﻌد ﻣﻛﺗب اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ
ﺑﺎﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك .وﯾﻌﺗﺑر اﻟﻣﺣﺿر اﻟﻣﻌد ﻣن ﻗﺑل ﻣﻛﺗب اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻧزﻋﺎت اﻟﻔردﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل
ﺳواء ﺑﺎﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ أو ﺑﻌدﻣﻬﺎ ،واﻟذي ﯾﺟب أن ﻻ ﯾﺗﺿﻣن ﺷرطًﺎ ﯾﻧﺎﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن و اﻟﻧظم اﻟﻣﻌﻣول ﺑﻬﺎ ﻓﻲ
ﻣﺟﺎل ﻋﻼﻗﺎت اﻟﻌﻣل ،ﺣﺟﺔ إﺛﺑﺎت ﻣﺎ ﻟم ﯾطﻌن ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟﺗزوﯾر.3
ﻧﻔس اﻷﻣر ﺗﻧﺗﻬﻲ إﻟﯾﻪ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة .ﻓﻔﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﻗوع ﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟﻌﺎﻣل
و ﺻﺎﺣب اﻟﻌﻣل ﻓﺈن ﻣﺂل اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻛون اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺑدﺋﯾﺎ ،ﻓﯾﻛون ﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺣﺿر اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻌﻣل
اﻟﻔردﯾﺔ ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ) (33ﻣن ﻗﺎﻧون رﻗم 04-90اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﯾﻧﻔذ اﻷطراف اﺗﻔﺎق
اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ وﻓق اﻟﺷروط واﻵﺟﺎل اﻟﺗﻲ ﯾﺣددوﻧﻬﺎ ﻓﺈن ﻟم ﺗوﺟد ﻓﻔﻲ أﺟل ﻻ ﯾﺗﺟﺎوز 30ﯾوﻣﺎ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ
اﻻﺗﻔﺎق " ،وﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﻠﻌب ﻓﯾﻪ ﻗﺎﺿﻲ رﺋﯾس اﻟﻘﺳم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أي دور ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾﻘﻪ ،إذ ﯾﺗم
ﺧﺎرج اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻏﯾر أﻧﻪ ﯾﻣﻛن ﻟﻪ أن ﯾﺗدﺧل ،طﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (22ﻣن اﻟﻘﺎﻧون رﻗم04/90
اﻟﺳﺎﻟف اﻟذﻛر ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﺗطﺑﯾق أو ﺗﻔﺳﯾر ﻛل اﺗﻔﺎق ﻣﺑرم ﻓﻲ إطﺎر اﻹﺟراءات اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ أﻣﺎم
ﻣﻛﺗب اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ
ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗدﺧل طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ) (34ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﻟﻸﻣر ﻓﻲ أول ﺟﻠﺳﺔ ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ
اﻟﻣﻌﺟل ﻟﻣﺣﺿر اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻣﻊ ﻓرض ﻏراﻣﺔ ﺗﻬدﯾدﯾﺔ ﯾوﻣﯾﺔ ﻻ ﺗﻘل ﻋن 25ﺑﺎﻟﻣﺎﺋﺔ ﻣن اﻟراﺗب اﻟﺷﻬري
اﻷﺧﯾر ﯾﻠزم ﺑﺎﻟرد ﻛﺗﺎﺑﯾﺎ ﻋن أﺳﺑﺎب رﻓض ﻛل أو ﺟزء ﻣن اﻟﻣوﺿوع ﺧﻼل ﺧﻣﺳﺔ ﻋﺷرة) (15ﯾوم ﻋﻠﻰ اﻷﻛﺛر ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ
اﻹﺧطﺎر
- -1اﻟﻣواد )(04و) (05ﻣن ﻗﺎﻧون رﻗم ،04-90ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق.
2
-اﻟﻣواد ) (26إﻟﻰ )( 30ﻣن ﻗﺎﻧون .04-90
3
ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (32ﻣن ﻗﺎﻧون رﻗم " 02-90ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺣﺿر اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﺣﺟﺔ إﺛﺑﺎت ﻣﺎ ﻟم ﯾطﻌن ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟﺗزوﯾر و ﻻ ﯾﺟوز أن
ﯾﺗﺿﻣن ﻣﺣﺿر اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﺷروطﺎ ﺗﺗﻧﺎﻓﻰ ﻣﻊ اﻟﻧﺻوص اﻟﺳﺎرﯾﺔ اﻟﻣﻔﻌول ".
35
ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﺗﻧﻔﯾذ اﻻﺗﻔﺎق ﻣن ﻗﺑل أﺣد اﻷطراف ،و ﻫو ﻣﺎ أﻛدﻩ اﻟﻣﺷرع ﻫذﻩ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺎدﺗﯾن )(508
و ) (509ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،1ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء ﺷؤون اﻷﺳرة أﯾن
ﻛﺑﯾر ﻓﻲ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ،ﺑﻣﺳﺎﻋدة اﻟﺧﺻوم و ﺗﻘرﯾب وﺟﻬﺎت ﻧظرﻫﻣﺎ ،ﺑﺈﺑداء اﻟﻧﺻﺢ
دور ً ا
ﯾﻠﻌب اﻟﻘﺎﺿﻲ ً ا
واﻟرﺷد ﻣن أﺟل اﻟوﺻول إﻟﻰ ﺣل ﯾرﺿﻲ اﻟطرﻓﯾن ،ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن ﻣدى ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻫذا اﻟﺣل ﻟﻠﻌداﻟﺔ
اﻟواﻗﻌﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﻣﻬم ﻫو ﺗراﺿﻲ اﻷطراف ،وﻣﺛل ﻫذا اﻟﻌﻣل ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻋﻣل ﻣوﺛق و ﻻ ﻋﻣل ﻗﺎﺿﻲ
ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻟﻠﻛﻠﻣﺔ ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫﻧﺎ ﯾﺗﻘﻣص دور اﻟﻣﺻﻠﺢ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻹﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ،2ﺣﯾث
وﺟﻠﯾﺎ اﻟدور اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ اﻟذي ﯾﻠﻌﺑﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻋرﺿﻪ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺗﺧﺎﺻﻣﯾن ﻣن اﻟزوﺟﯾن
ﯾﺗﺑﯾن ﻓﻌﻼً ً
ﻓﻬو ﻻ ﯾﻛﺗﻔﻲ ﻓﻘط ﺑﻌرﺿﻪ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،ﺑل ﯾﻧﺻرف ﺟﻬدﻩ إﻟﻰ اﻗﺗراح اﻟﺣﻠول .وﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﻪ ،ﯾﺣﺎﻓظ
ﻋﻠﻰ ﻋدم ﻓﺻم ﻋرى اﻟزوﺟﯾﺔ .وﻟﯾس اﻟﻐرض ﻣن ذﻟك ﻓﻘط ﻣﺟرد ﻋرض ﺷﻛﻠﻲ ﻗﺻد إﺗﻣﺎم واﺳﺗﯾﻔﺎء
اﻹﺟراءات ﻗﺑل اﻟﺣﻛم ،ﻓﻬو أﻗﺻﻰ ﻣﺎ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن دور إﯾﺟﺎﺑﻲ ﻓﻲ إﻧﻬﺎء اﻟﻧزاع . 3
ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة أن ﺗﻧﻔﯾذ اﺗﻔﺎق ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﯾرﺟﻊ ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻹرادة و رﻏﺑﺔ اﻷطراف أﻧﻔﺳﻬم
ﺣرﻓﯾﺎ ،أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل اﻟﺗزام اﻟطرف اﻟﻣﻠﻘﻰ ﻋﻠﯾﻪ اﻻﻟﺗزام ،إﻻ أن ﻣرﺣﻠﺔ ﺗﻧﻔﯾذ
ﻓﻲ اﻻﻟﺗزام ﺑﻪ و ﺗﻧﻔﯾذﻩ ً
ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﺗﺛﯾر ﻣﺷﺎﻛل ﻓﺈن ﻛﺎن اﻟﻣﺷرع اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻋﻣل ﻋﻠﻰ ﺗوﻓﯾر ﺿﻣﺎﻧﺎت ﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ
ﺣزﻣﺎ ﺻﺎرﻣﯾن ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ ،وﻛﻣﺛﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻐراﻣﺎت اﻟﺗﻬدﯾدﯾﺔ اﻟﺗﻲ
دﻓﻌﺎ و ً
إﻋطﺎء ﻓﺎﻋﻠﯾﺔ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ ٕواﻋطﺎء ً
ﺗﻔرض ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن.
ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻧﺟد ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة أن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﻌط ﺿﻣﺎﻧﺎت ﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ﺑﺣﯾث
ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (443ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
ً ﺳﻧدا
اﻛﺗﻔﻰ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ً
واﻹدارﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ" :ﯾﺛﺑت اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﺑﻣوﺟب ﻣﺣﺿر ﯾﺣرر ﻓﻲ اﻟﺣﺎل..ﯾﻌد ﻣﺣﺿر
اﻟﺻﻠﺢ ﺳﻧدا ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ " ،ﻏﯾر أﻧﻪ ﻟم ﯾﺑﯾن اﻹﺟراءات اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟﺗزام أو ﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ
ﻣن طرف أﺣد اﻟزوﺟﯾن .وﻫو ﻣﺎ ﺳوف ﻧﺗﻧﺎوﻟﻪ ﺑﺎﻟدراﺳﺔ ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ أﺧر ﻣن ﻫذا اﻟﺑﺣث ،ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص
أﯾﺿﺎ ﺑﺧﺻوص ﻣﺣﺎﺿر اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﯾﺣررﻫﺎ ﻣﻔﺗﺷوا اﻟﻌﻣل أﻧﻬﺎ ﻻ
إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ،وﻧﻣﯾز ً
-1ﺑﺷﯾر ﻣﺣﻣد ،اﻟطرق اﻟﺑدﯾﻠﺔ ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻣن أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟدوﻟﻲ ﺣول
اﻟطرق اﻟﺑدﯾﻠﺔ ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ،ﯾوﻣﻲ 6و 7ﻣﺎي ،ﻣﻧﺷور ﻓﻲ اﻟﺳﻠﺳﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻣﻠﺗﻘﯾﺎت واﻟﻧدوات ،ﻋدد ،03اﻟﺟزاﺋر
،2014ص . 65
2
-ﺑوذرﯾﻌﺎت ﻣﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 92
3
-زﯾدان ﻋﺑد اﻟﻧور ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.93
36
ﺗﺻﻠﺢ ﻷن ﺗﻛون ﺳﻧدات ﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺎدة ) (600اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ ﻣﻧﻬﺎ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و
1
اﻹدارﯾﺔ وﻫذا ﻟﻛون أﻧﻬﺎ ﻏﯾر ﻣؤﺷر ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن طرف اﻟﻘﺿﺎة.
وﯾﺗم ﺗﻧﻔﯾذ ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎﺿر طﺑﻘًﺎ ﻟﻣﺎ ﺗﻧص ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدﺗﯾن ) (33و) (34ﻣن اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 04-90
اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 1990/02/06و اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻔردﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﻣﻌدل و اﻟﻣﺗﻣم ،2و ﻣﺣﺿر
اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﺣل ﻣﺣل ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻓﻲ ﻗﺑول اﻟدﻋوى اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣرﻓوﻋﺔ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ .3وﺑذﻟك ﻧﺧﻠص ﻟﻠﻘول أن اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ،
أن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻫو ﺻﻠﺢ ﻏﯾر ﻗﺿﺎﺋﻲ وﻫو اﻷﺻل ،ﻷﻧﻪ ﯾﻛون ﻗﺑل اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ،أﻣﺎ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ
ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻬو اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺟري اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﺑﻌد رﻓﻊ اﻟﻧزاع أﻣﺎﻣﻪ ﻓﻬو إﺟراء
وﺟوﺑﻲ ،ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺷؤون اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﯾﻛون ﻗﺑل اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ،ﻓﻬو ﻗﯾد أو ﻋﻘﺑﺔ ﻗﺑل
رﻓﻊ اﻟدﻋوى وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻋدم اﺣﺗراﻣﻪ ﻋدم ﻗﺑول اﻟدﻋوى ،ﺣﯾث ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (36ﻣن اﻟﻘﺎﻧون رﻗم -90
04ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ،ﯾرﻓﻊ اﻟطرف اﻟذي ﻟﻪ ﻣﺻﻠﺣﺔ دﻋوى أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺋل
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻋﻠﻰ أن ﺗرﻓﻊ اﻟﻌرﯾﺿﺔ اﻟﻣوﺟﻬﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﻧﺳﺧﺔ ﻣن ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ اﻟﺻﺎدر ﻋن ﻣﻛﺗب
اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ " ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻋﻧد ﻓﺷل اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺣرر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ وﯾﺷرع ﻓﻲ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻣوﺿوع
اﻟﻧزاع.
ﺑﻌد ﻣﺎ ﺗم ﺗﺑﯾﺎن ﺗﻣﯾﯾز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﺳﯾﺗم اﻵن ﺗﻣﯾﯾز
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻋن اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث اﻟﺗﺎﻟﻲ.
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث
ﺗﻣﯾﯾز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻋن اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت
اﺳﺗﺣدث اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ طرق ﺑدﯾﻠﺔ ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ،4وﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ
اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾﻬدف إﻟﻰ إﻧﻬﺎء اﻟﻧزاع ﺑﯾن اﻟﺧﺻوم وﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﺧﻔﯾف اﻟﻌبء ﻋﻧﻬم ،ﻷن إﺟراءات اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ﻓﯾﻬﺎ ﻛﺛﯾر
ﻣن اﻟﺗﻌﻘﯾد و اﻟﻣﺷﻘﺔ ،ﻛوﻧﻬﺎ ﺗﺳﺗﻐرق وﻗﺗﺎ طوﯾﻼ و ﺗﺗطﻠب ﺗﻛﺎﻟﯾف ﺑﺎﻫظﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن اﻟﺻﻠﺢ
37
ﺣدا ﻟﻣﺎ ﺗﺗرﻛﻪ اﻟﺧﺻوﻣﺎت ﻣن أﺣﻘﺎد ﻓﻲ اﻟﻧﻔوس و ﺷﻘﺎق ﺑﯾن أﻓراد اﻷﺳرة
ﯾؤﻟف ﺑﯾن اﻟﻘﻠوب و ﯾﺿﻊ ً
اﻟواﺣدة ، 1و اﻟﺗﻘﻠﯾل ﻣن ﺣﺟم اﻟدﻋﺎوى اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺎﻛم و اﻟﻣﺟﺎﻟس و ﺣﻔﺎظًﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت
اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ ﻟﻸطراف ﻣﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻧﻪ اﺳﺗﻘرار اﻷوﺿﺎع . 2ﻏﯾر أن اﻟﺳؤال اﻟذي ﯾطرح ﻧﻔﺳﻪ ﻫو ﻫل
اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﯾﺄﺧذ ﻧﻔس اﻟﻣﻔﻬوم اﻟذي ﯾﺄﺧذﻩ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة أم أن ﻟﻪ ﻣﻔﻬوم أﺧر ؟.
وﺿﻊ اﻟﻣﺷرع اﻟﻘواﻋد اﻹﺟراﺋﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ﺿﻣن اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺧﺎﻣس
ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،ﻓﺣﯾن ﺗﻧﺎول ﺧﺎرﺟﻪ ﺑﻌض اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﺷﺑﯾﻬﺔ و اﻟﻘرﯾﺑﺔ ﻣﻧﻪ
ﻛﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وﻛذا ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ،
ﺑﺣﯾث ﯾﻐﻠب ﻋﻠﻰ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻧزاﻋﺎت ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟطﺎﺑﻊ اﻟوﺟوﺑﻲ اﻹﺟراﺋﻲ اﻟﻣﺳﺑق ﻟﻠﺻﻠﺢ
ﺑﻌد رﻓﻊ اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ وﻗﺑل اﻟﺳﯾر ﻓﯾﻬﺎ ،3ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ إﺟراءا ﻣن إﺟراءاﺗﻬﺎ.ﻓﻬو ﺑﻬذا ﯾﺧﺗﻠف ﻋن اﻟطرق
اﻟﺑدﯾﻠﺔ ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺧﺎﻣس ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون و اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر طرق ﺗﻌوﯾﺿﯾﺔ
ﻟﻠﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﯾﻠﺗﺟﺊ إﻟﯾﻬﺎ اﻟﻣﺗﻘﺎﺿﻲ ﺑﺻﻔﺔ اﺧﺗﯾﺎرﯾﺔ ،ﻣﺗﺧﻠﯾﺎ ﺑذﻟك ﻛﻘﺎﻋدة ﻋﺎﻣﺔ ﻋن اﻟﻛﺛﯾر ﻣن
إﺟراءاﺗﻬﺎ .ﻟﻛن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻧزاﻋﺎت دﻋﺎوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وﺣﺗﻰ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻌﻣل ،وﺑﺎﻟرﻏم ﻣﻣﺎ
ﯾﻣﯾزﻫﻣﺎ ﻣن ﻫذﻩ اﻟزاوﯾﺔ ﻋن اﻟطرق اﻟﺑدﯾﻠﺔ ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ،إﻻ أﻧﻬﻣﺎ ﯾرﻣﯾﺎن إﻟﻰ اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ وﻫﻲ اﻟﺗوﻓﯾق
ﺑﯾن اﻷطراف ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻛﻘﯾد ﻋﻠﻰ رﻓﻊ اﻟدﻋوى أو ﻣن اﻹﺟراءات اﻷوﻟﯾﺔ ﺑﻌد رﻓﻊ اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ أو
ﻣواﺻﻠﺗﻪ.
وﻟذﻟك ﻓﻛرة اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻟﯾس ﺑﺎﻟﻔﻛرة اﻟﺟدﯾدة ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،إذ
ﺳﺑق وأن ﺗﻧﺎوﻟﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (17ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻣﻠﻐﻰ ،و ﻟو أﻧﻪ اﻛﺗﻔﻰ آﻧذاك ﺑﻬذا
اﻟﻧص اﻟذي أﺟﺎز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﺻﺎﻟﺣﺔ اﻷطراف أﺛﻧﺎء اﻟدﻋوى وﻓﻲ أي ﻣﺎدة ﻛﺎﻧت ،4ﻛﻣﺎ اﺣﺗﻔظ
ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﺑﻧﻔس ﻫذﻩ اﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟراﺑﻌﺔ ﻣﻧﻪ ،إﻻ أن إﺟراء
اﻟﺻﻠﺢ ﻫذﻩ اﻟﻣرة ورد ﺿﻣن اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻣﻬﯾدﯾﺔ وﻛرﺳﻪ ﻣﻊ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻹﺟراﺋﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ و ذﻟك ﻟﻣﺎ ﻟﻪ ﻣن
-1ﺣﺑﺎر ﺣﻠﯾﻣﺔ ،دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ واﻟﺗوﻓﯾق ﺑﯾن اﻷطراف ﻋﻠﻰ ﺿوء ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟﺟدﯾد ﻣﺟﻠﺔ
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻋدد ﺧﺎص ﺣول اﻟطرق اﻟﺑدﯾﻠﺔ ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟوﺳﺎطﺔ و اﻟﺻﻠﺢ و اﻟﺗﺣﻛﯾم ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ 2009 ،ص
.597
-2ﻛراطﺎر ﺑن ﺣواء ﻣﺧﺗﺎرﯾﺔ ،ﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻠﻘﺎﺋﻲ ﻟﻠﺧﺻوم ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻋدد ﺧﺎص ﺣول
اﻟطرق اﻟﺑدﯾﻠﺔ ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟوﺳﺎطﺔ و اﻟﺻﻠﺢ و اﻟﺗﺣﻛﯾم ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ ، 2009 ،ص .632
3
-ﺑﺷﯾر ﻣﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ص . 59
-4اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 59
38
أﻫﻣﯾﺔ .ﻏﯾر أﻧﻪ ذﻛر اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺧﺎﻣس ﻛطرﯾق ﺑدﯾل و ﻟﯾس ﻛﺈﺟراء ،1ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺣﺎل ﻓﻲ
ﺷؤون اﻷﺳرة.
ﻋﺎﻟﺞ اﻟﻣﺷرع اﻟﻘواﻋد اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻓﻲ أرﺑﻊ ﻣواد ﻣن) (990إﻟﻰ )(933وردت ﻓﻲ
اﻟﻔﺻل اﻷول ﻣن اﻟﺑﺎب اﻷول ﻣن اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺧﺎﻣس ،وﻟم ﯾﻌرف ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺣﺎل ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة )(459ﻣﻧﻪ،
ﻟﻛن ﺣﺳب اﻷﺳﺗﺎذ ﺑﺷﯾر ﻣﺣﻣد اﻟذي ﯾرى أﻧﻪ ٕوان أﻛدت ﻫذﻩ اﻟﻣواد اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون
اﻟﻣدﻧﻲ ﺣﺳب ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻣذﻛرة ﻋرض أﺳﺑﺎب اﻟﻣﺎدة ) ،(990إﻻ أن اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﻋﻧﯾت ﺑﻪ ﯾﺣﻣل ﻣدﻟول
أﺿﯾق ،إذ ﯾﻘﺗﺻر ذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾﺗم أﺛﻧﺎء اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،وﻟذﻟك ﻓﺈن ﺗﻠك اﻟﻣواد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ ﺑﯾن اﻷطراف أو
ً ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﯾﺗم ﻓﻲ ﻣراﺣل اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ، 2
ﺑﺳﻌﻲ ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ ،و ﯾﺛﺑت ﻓﻲ ﻣﺣﺿر ﯾوﻗﻊ ﻣن طرف اﻷطراف وﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ و أﻣﯾن اﻟﺿﺑط و ﯾودع
ﻓﻲ أﻣﺎﻧﺔ ﺿﺑط اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻌد ذﻟك ﺑﺻﻔﺔ اﻟﺳﻧد اﻟﺗﻧﻔﯾذي.
أوﺿﺣت اﻟﻣﺎدة ) (990اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﺟوازي ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،إذ ﺗرﻛت ﻓﯾﻪ ﺧﯾﺎر إﺗﻣﺎﻣﻪ
ﻟطرﻓﻲ اﻟﻧزاع ﺑﻣﺑﺎدرة ﻣﻧﻬﻣﺎ )ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن ﻣﺑﺎدرة اﻷطراف ﻟﺻﻠﺢ ٕواﻗداﻣﻬم ﻋﻠﯾﻪ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻟم ﺗﻛن ﻓﻲ
ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑق اﻟذي ﻟم ﯾﻧص ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ،ﺑﺣﯾث اﻛﺗﻔﻰ ﺑﺎﻟﻧص ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي
ﯾﺗم ﺑﺗدﺧل ﻣن اﻟﻘﺿﺎء ،3وﻟم ﯾﻌرف اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻠﻘﺎﺋﻲ ﺑﺳﻌﻲ ﻣن اﻷطراف( ،ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء ﺷؤون
اﻷﺳرة ﻻﺑد ﻣن ﺗدﺧل اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻧظ ار ﻟﻠطﺎﺑﻊ اﻟوﺟوﺑﻲ ﻟﻪ.
ﺣﺳب ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،4ﻻ ﯾﺗﻣﺗﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺑﻛﺎﻣل اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﺣﯾﺎﻟﻪ و ﻟﯾس ﻟﻸطراف ﺣق ﻋدم إﺟراﺋﻪ ،ﻛون اﻟﺻﻠﺢ ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة )(49
ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟذي ﯾﺗﺿﻣن ﻗﺎﻋدة ﺗﺧﺎطب و ﺗﻠزم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ اﻷطراف ،ﻓﻘد ﯾرﻗﻰ اﻟﺻﻠﺢ إﻟﻰ ﺣد أن
ﯾﻛون اﻟﺗزاﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺟب اﻟوﻓﺎء ﺑﻪ ﻗﺑل أن ﯾﻧظر ﻓﻲ اﻟدﻋوى و ﯾﺻدر ﺣﻛﻣﺎً ﻓﯾﻬﺎ،5
ﻓﻲ ﺣﯾن اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻻ ﯾﻔرض أي اﻟﺗزام ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻌرﺿﻪ ﻋﻠﻰ اﻷطراف ،ﻓﻬو ﺑذﻟك ذو
-1ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻓﻌل اﻟﻣﺷرع ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم ﺣﯾث ذﻛرﻩ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (975ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻛﺈﺟراء ﯾﺑﺎﺷرﻩ
اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﺛم ذﻛرﻩ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ).(1006
-2ﺑﺷﯾر ﻣﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 60
-3ﺳﻠﯾﻣﺎن ﻗدور ﻣﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 67
-4ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة )(439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ" :ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ وﺟوﺑﯾﺔ ،وﺗﺗم ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ ﺳرﯾﺔ ".
-5ﺳﻠﯾﻣﺎن ﻗدور ﻣﺣﻣد ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 75
39
طﺎﺑﻊ ﺟوازي ﯾﻣﻧﺢ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ واﺳﻌﺔ ﯾﺧﺗﺎر ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻫﺎ اﻟﻣﻛﺎن و اﻟزﻣن اﻟذي ﯾراﻫﻣﺎ ﻣﻧﺎﺳﺑﯾن
ﻟﻠﻣﺑﺎدرة ﯾﺑﻘﻰ ﻫذا ﻣﻧوطﺎ ﺑﻣواﻓﻘﺔ اﻟﺧﺻوم ﻋﻠﯾﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺣﯾث ﯾﻛون ﺑدون
ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﺳﺗﺷﺎرة أطراف اﻟﻧزاع ،و أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﺟرﯾﻪ ﻣﺗﻰ ﻛﺎن إﺟراؤﻩ ﺑﺣد ذاﺗﻪ ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﻧظﺎم
اﻟﻌﺎم ﻣﺛل ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻼق اﻟﺑﺎﺋن أو اﻟطﻼق أو اﻟﺗطﻠﯾق ﻟردة أﺣد اﻟزوﺟﯾن.
وﻟذﻟك ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺟﺎء ﺑﻌدة أﻧظﻣﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺟﻌﻠﻪ ﻓﻲ
ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﯾﺧﺗﻠف ﻋﻧﻪ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة .ﻓﺎﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻧزاﻋﺎت اﻟطﻼق
واﻵﺛﺎر اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺟﻌﻠت اﻟﻣﺷرع ﯾﻔرض إﺟراءات و ﻗواﻋد ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺿﺑط ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ اﻟﻣواد ) (439وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ.
ﻓﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻌدد ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﺈن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺑﯾﻧﻬﺎ ،و ﻟﻛﻧﻪ ﺣﯾن ذﻛر" ...ﻋدة
ﻣﺣﺎوﻻت ،" ..ﯾﻔﻬم ﻣﻧﻬﺎ أﻧﻬﺎ أﻛﺛر ﻣن ﻣﺣﺎوﻟﺗﯾن ،ﻓﻬو ﯾدﻋو إﻟﻰ ﻋدم ﺗﺳرع اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق
واﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻹﺻﻼح ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻗد ﯾﻌرض ﻣرة واﺣدة ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧت
ﻣرﺣﻠﺔ إﺟراءات اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،و ﻟم ﯾرﺑطﻪ ﺑﺄﺟل ﻓﯾﻣﻛن أن ﯾﻌرض ذﻟك ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﻧطق ﺑﺎﻟﺣﻛم إذا ﻛﺎن
ﺣﺎﺿرا ،ﻣﺎ ﻟم ﯾﻧطق اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺣﻛم ﺑﻌد ،1ﻏﯾر أن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣﺣدد
ً ﻛﻼﻫﻣﺎ
ﺑـﺛﻼﺛﺔ ) (03أﺷﻬر و ﻓﻘﺎً ﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة وﻛذا ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣﺎدة 442ﻓﻘرة 2
ﻣﻔﺗوﺣﺎ ﻣﺎ ﻟم
ً ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ إذا ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻻ أﺟل ﻟﻪ ، 2ﺣﯾث ﯾﺑﻘﻰ
ﯾﺗم اﻟﻔﺻل.3
ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﺑﺷﯾر ﻣﺣﻣد أن اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ
اﻟﻣﺎدة ) (439و ﻛذا اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﻓﻲ ﻣﺿﻣوﻧﻪ و آﺛﺎرﻩ ﻋن اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي
أﺟﺎز اﻟﻣﺷرع ﻟﻸطراف و ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟﺳﻌﻲ إﻟﯾﻪ )اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل( ﻓﻛﻼﻫﻣﺎ ﯾﻬدف إﻟﻰ اﻟﺗوﻓﯾق ﺑﯾن
ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ ﺑﻌد ﺗوﻗﯾﻌﻪ ﻣن ﻗﺑل اﻷطراف و اﻟﻘﺎﺿﻲ وأﻣﯾن
طرﻓﻲ اﻟﻧزاع ،و ﯾﻌد اﻟﻣﺣﺿر اﻟذي ﯾﺟﺳداﻧﻪ ﺳﻧداً ً
اﻟﺿﺑط ٕواﯾداﻋﻪ ﻟدى أﻣﺎﻧﺔ اﻟﺿﺑط .4ﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و
40
اﻹدارﯾﺔ ﻣن اﻟطرق اﻟﺗﻌوﯾﺿﯾﺔ ﻟﻠﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،1ﯾﺗم ﺳﻠوﻛﻬﺎ ﻣن اﻷطراف ﺑﻌد رﻓﻊ ﻧزاﻋﻬم أﻣﺎم
اﻟﻘﺿﺎء ،وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﺧﺗﯾﺎرﻫم ﻟﻬﺎ ﺗﺧﻠﯾﻬم ﻋن إﺟراءات اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ.
ﻛﻣﺎ أن اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﺟوازي ﻟﻪ ﯾﺳﺗﺛﻧﻲ اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﻓرﺿﻪ اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أو ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻓﻲ
ﻣرﺣﻠﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻣن ﻣراﺣل اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﻷﻧﻪ ﻣﻧظم ﺑﻧﺻوص ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ ﺑﺣﯾث ﯾﻐﻠب ﻋﻠﯾﻪ
طﺎﺑﻊ اﻟوﺟوﺑﯾﺔ أو ﺣﺗﻰ اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﻪ ﻣﻛﺗب اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻛﺷرط ﻟﻘﺑول اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ .
أﻣﺎ ﻣن ﺣﯾث ﺟواز اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ،ﻓﻼﺑد ﻣن وﻛﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﻼ ﯾﺟوز ﻟﻠﻣﺣﺎﻣﻲ
طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة
أن ﯾﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ ﺣﻘوق ﻣوﻛﻠﻪ ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻧﺻوﺻﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﺗوﻛﯾل ً
)(574ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ،2ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻧﺟد أن ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟم
ﺗرﺧﺻﻪ وﻻ ﻛﺎن ذاﻟك ﻋن طرﯾق اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ .ﻛﻣﺎ ﺳوف ﯾﺗم ﺗﺑﯾﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﺗﻔﺻﯾل ﻓﻲ ﻣوﺿﻊ آﺧر ﻣن ﻫذا
اﻟﻣﺑﺣث .
ﻣن ﺑﯾن اﻻﺧﺗﻼﻓﺎت أﯾﺿﺎً؛ أن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﯾﻘﺗﺻر أطراﻓﻪ ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﯾن ﻣﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ
وأﻣﯾن اﻟﺿﺑط ،و ﻻ ﯾﺗدﺧل أي ﺷﺧص آﺧر ﻣﺎﻋدا اﻹﺟراء اﻟﻣﺳﺗﺣدث و ﻫو إدﺧﺎل أﺣد أﻓراد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ
ﻟﻠﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ وﻫذا ﻟﯾس ﻣﻔﻬوم اﻟوﻛﺎﻟﺔ .ﻟﻛن اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل اﺧﺗﻠف اﻟﻔﻘﻪ ﺣول ﺗدﺧل اﻟﻐﯾر
ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻫل ﯾوﻗف اﻟﺻﻠﺢ أو ﯾﺟﻌﻠﻪ دون أﺛر ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻐﯾر ،واﺳﺗﻘر اﻟرأي ﻋﻠﻰ أن اﻟﺗدﺧل
اﻹﺧﺗﺻﺎﻣﻲ ﯾﻔرض ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﻻ ﺗﻘﺑل اﻟﺻﻠﺢ إﻻ ﺑﻌد اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﺗدﺧل ،3وﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ
اﻷﺣوال ﻓﺈن ﻟﻠﻐﯾر اﻟذي ﺗﺿرر ﻣن اﻟﺻﻠﺢ ،أن ﯾرﻓﻊ دﻋوى أﺻﻠﯾﺔ ﺑﺑطﻼﻧﻪ إذا ﻓﺎﺗﻪ اﻻﻋﺗراض ﻋﻠﻰ
اﻟﺻﻠﺢ ،ﺑﻣوﺟب دﻋوى أﺻﻠﯾﺔ ﻟﻠﺑطﻼن ﻻ دﻋوى اﻋﺗراض اﻟﻐﯾر اﻟﺧﺎرج ﻋن اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻛون إﻻ
ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم و ﻟﯾس ﻓﻲ ﻣﺣﺎﺿر اﻟﺻﻠﺢ .4
إن اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﺑﻣﺎ أﻧﻪ إﺟراء ﺟوازي ،ﻓﻼ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ إﻏﻔﺎﻟﻪ أي ﺟزاء إﺟراﺋﻲ ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻏﯾر ﻣﺟﺑر ﻋﻠﻰ ﻋرﺿﻪ وﻛﻣﺎ أن اﻟﺧﺻوم ﻏﯾر ﻣﺟﺑرﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﯾﻬم ﻣن ﻗﺑل اﻟﻘﺎﺿﻲ،5
وﺟوﺑﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﺟراءﻩ و إﺛﺑﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﺣﺿر اﻟذي
ً ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة اﻟذي ﯾﻛون
ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ ﺑﻣﺟرد إﯾداﻋﻪ ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ اﻟﺿﺑط وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻣﻛن ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﻋن طرﯾق إﺟراءات اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺟﺑري
ً ﺳﻧدا
ﯾﻌد ً
41
اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣواد ) (600وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ .1ﻏﯾر أن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ
ﻗد ﯾﻛون ﻛﻠﯾﺎ ،ﻓﻬﻧﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﻫو اﻟﺳﻧد اﻟﺗﻧﻔﯾذي اﻟوﺣﯾد ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺟﺑري أﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺻﻠﺢ
ﺋﯾﺎ ﻓﻬﻧﺎ ﻧﻛون أﻣﺎم ﺳﻧدﯾن ﺗﻧﻔﯾذﯾن :اﻷول ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺟزﺋﻲ ،و اﻟﺛﺎﻧﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺣﻛم وﻫذا ﻻ
ﺟز ً
ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة و ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺻورﻩ .
ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻓﻲ إطﺎر ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟطرق اﻟﺗﻌوﯾﺿﯾﺔ ﻟﺣل اﻟﻧزاع أو ﻛﺈﺟراء ﻓﻲ ﺷؤون
ﺳﻧدا رﺳﻣﯾﺎً ،ﻣن ﺑﯾن اﻟﺳﻧدات اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ،ﯾﻣﻛن ﺑﻣوﺟﺑﻪ اﻗﺗﺿﺎء اﻵداءات ﺑطرﯾق اﻟﺗﻧﻔﯾذ
اﻷﺳرة ﯾﻌﺗﺑر ً
2
اﻟﺟﺑري.
أﺧﯾر ﻧﻘول ﻟﻘد أﺣﺳن اﻟﻣﺷرع ﺻﻧﻌﺎً ﻟﻣﺎ اﺳﺗﺛﻧﻰ ﻣن اﻟطرق اﻟﺑدﯾﻠﺔ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة ،و ﯾﺷﻛل
و ًا
ﻫذا اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﺣﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻟﻛون اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻓﺿل
اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺑﺎﺷرة ﻣﻊ اﻟطرﻓﯾن ،ﻓﻼ ﯾﻣﻛن ﻟﻪ ﺑﻌدﻫﺎ أن ﯾﻔرض إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق
ﺑدﯾل أو اﻟوﺳﺎطﺔ ،ﺑل أن ﺗﺑرﯾر اﺳﺗﺛﻧﺎء إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة ﯾرﺟﻊ
إﻟﻰ اﺣﺗواء اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺧﺎص ﺑﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺗﻛﻔل ﺑﻬذا اﻟطرﯾق اﻟﺑدﯾل ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت.3
ﺑﻌد ﻣﺎ ﺗم دراﺳﺔ ﻣﻔﻬوم اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻛذا ﺗﻣﯾﯾزﻩ ﻋن ﺻور اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ
اﻟﻘواﻧﯾن اﻷﺧرى ،ﺑﻘﻲ ﺳؤال ﻣﻬم ﯾطرح ﻧﻔﺳﻪ ،ﻣﻔﺎدﻩ ﻫل ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ
ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم أم ﻻ ؟ أي ﺑﻣﻌﻧﻰ آﺧر ،ﻫل ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺗﻌد ﻣن
اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ أو ﻏﯾر اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ؟ ﻫذا ﻣﺎ ﺳﯾﺗم دراﺳﺗﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗﺎﻟﻲ.
اﻟﻣﺑﺣـث اﻟﺛﺎﻧـﻲ
وﺟوﺑﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة
-1ذﻛرت اﻟﻣﺎدة )(600ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،اﻟﺳﻧدات اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟوز ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ً ا
ﺟﺑر وﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ
ﻣﺣﺎﺿر اﻟﺻﻠﺢ أو اﻻﺗﻔﺎق اﻟﻣؤﺷر ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن طرف اﻟﻘﺿﺎة و اﻟﻣودﻋﺔ ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ اﻟﺿﺑط.
2
-ﺣﺑﺎر ﺣﻠﯾﻣﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص. 604
-3ذﯾب ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟﺟدﯾد ﺗرﺟﻣﺔ ﻟﻠﻣﺣﺎﻛﻣﺔ اﻟﻌﺎدﻟﺔ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ،اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ
ﻟﻠﻔﻧون اﻟﻣطﺑﻌﯾﺔ ،اﻟﺟزاﺋر ،2012،ص .511
42
ﺗﺛﯾر ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،إﺷﻛﺎﻻت ﻣن ﺣﯾث ﻣدى اﻟزاﻣﯾﺗﻬﺎ ،ﻓﻘد اﺧﺗﻠف اﻟﻛﺛﯾر ﻣن
رﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻧد ﺗﻔﺳﯾرﻫم ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة )(49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة إﻟﻰ اﺗﺟﺎﻫﯾن ،ﺑﯾن ﻣن ﯾرى أن إﺟراء
اﻟﺻﻠﺢ ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑرون ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم و ﯾرﺗﺑون ﻋﻠﻰ إﻏﻔﺎل
أو ﻋدم ﻗﯾﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻬذا اﻹﺟراء ﺑطﻼن اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،وﻣﻧﻪ ﺑطﻼن ﺣﻛم اﻟطﻼق أو اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ
أو اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،و ﺑﯾن ﻣن ﯾرى ﻋﻛس ذﻟك ﺑﺄن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﺗﻌد إﺟراء ﺟوﻫري ،وﺗﺑﻘﻰ داﺋﻣﺎ
أﺑدا ﻻ ﺻﻠﺔ وﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم وﻻ ﺑﺎﻟطﻼق أو اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ ،أو ﺣﺗﻰ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ
وً
وﻣﻧﻪ ﺗطرح أﺳﺋﻠﺔ ﻋدﯾدة ،ﻣﻔﺎدﻫﺎ:
ﻫل ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺗﻌد إﺟراء ﺟوﻫري ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم أم أﻧﻬﺎ إﺟراء ﻏﯾر ﺟوﻫري؟ وﻣﺎ ﻫو اﻟﻔرق
ﺑﯾن اﻹﺟراء اﻟﺟوﻫري و اﻹﺟراء ﻏﯾر اﻟﺟوﻫري واﻹﺟراء اﻟوﺟوﺑﻲ ؟.
وﻫل ﺗﺧﻠف إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى ﻓك اﻟرﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
ﯾﺟر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺣﺎوﻻت
اﻟﻣﺛﺑت ﻟﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ أم ﻻ ؟ ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻫل ﯾﻠﺣﻘﻪ اﻟﺑطﻼن اﻹﺟراﺋﻲ إذا ﻟم ِ
اﻟﺻﻠﺢ؟.
ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻛل ﻫذﻩ اﻷﺳﺋﻠﺔ ،ﻗﺳﻣﻧﺎ ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث إﻟﻰ ﻣطﻠﺑﯾن ،إذ ﯾﺧﺻص اﻟﻣطﻠب اﻷول ﻣﻧﻪ إﻟﻰ
ﺗﺑﯾﺎن ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﺗﻌد إﺟراء ﺟوﻫ ًرﯾﺎ أو إﺟراء ﻏﯾر ﺟوﻫري.
أﻣﺎ اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣﻧﻪ ،ﻓﺳﯾﺧﺻص إﻟﻰ ﺗﺑﯾﺎن أﺛر ﺗﺧﻠف إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم.
وﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ،ﻧﺗطرق إﻟﻰ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﺑﯾﺎن أن ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻻ ﺗﻌد ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﻣن
ﺧﻼل اﻟﻣطﻠب اﻷول اﻟﺗﺎﻟﻲ .
اﻟﻣطﻠب اﻷول
ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم
ﻧص اﻟﻣﺷرع ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣﻧﻪ ،اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
" ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﯾﺟرﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ دون أن ﺗﺗﺟﺎوز ﻣدﺗﻪ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر
اﺑﺗداء ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى" ،ﻛﻣﺎ ﻧظﻣﻪ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣواد ) (431و
) (439إﻟﻰ ) (448ﻣﻧﻪ .إﻻ أن اﻟﻔﻘﻪ و اﻟﻘﺿﺎء اﺧﺗﻠﻔﺎ ﺑﯾن ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫ ًرﯾﺎ أو
وﺟوﺑﯾﺎً أو ﻏﯾر ﺟوﻫري .
اﻟﻔـرع اﻷول
43
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري
ﻫﻧﺎك اﻟﻛﺛﯾر ﻣن رﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون ،ﻋﻧد ﺗﻔﺳﯾرﻫم ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة )(49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﻛذا اﻟﻣواد
اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻹﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ اﻟواردة ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺗﺣت ﻋﻧوان
اﻹﺟراءات اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻛل ﺟﻬﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣن اﻟﺑﺎب اﻷول ﻓﻲ اﻹﺟراءات اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ و ﻓﻲ
اﻹﺟراءات اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺑﻌض اﻷﻗﺳﺎم ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻷول ،ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﻓﻲ اﻟﻘﺳم اﻟﺛﺎﻟث ﻓﻲ إﺟراءات
اﻟطﻼق ﻓﻲ اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻣواد) (439وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ؛ أن ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﯾﺟرﯾﻬﺎ ﻗﺎﺿﻲ
ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﺗﻌد ﻣن اﻹﺟراءات اﻷوﻟﯾﺔ و اﻟﺟوﻫرﯾﺔ واﻹﻟزاﻣﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻫذا ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻔﻘﻪ ) أوﻻً (؛ و اﻟﺟدﯾر ﺑﺎﻟذﻛر ﺑﻌد اﻹطﻼع ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻟﻘ اررات
اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻧﺟدﻫﺎ ذﻫﺑت إﻟﻰ اﻟﻘول أن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟذي ﯾﺣﻛم دون ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت
ﺛﺎﻧﯾﺎ(.
اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ﯾﻌﺗﺑر ﻗد أﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون ) ً
أوﻻً -اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻔﻘﻬﻲ اﻟﻣؤﯾد ﻟﻔﻛرة اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺈﺟراء ﺟوﻫري :
ﻓﺳر اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻌرﺑﻲ ﺑﻠﺣﺎج ﻧص اﻟﻣﺎدة )(49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ ...":ﻧﺻﺎ إﺟراﺋﯾﺎ ،أي أﻧﻪ
ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺈﺟراءات اﻟطﻼق ،ﺣﯾث ﯾوﺟب اﻟﻘﺎﺿﻲ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻗﺑل اﻟﻧطق ﺑﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق،1" ..
وذﻫب إﻟﻰ اﻟﻘول أن " ...ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ أﺻﺑﺣت إﺟراء إﺟﺑﺎ ًرﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻪ ،2"..وذﻫب
اﻷﺳﺗﺎذ ﻋﻣر زودة إﻟﻰ اﻟﻘول أن ":ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن اﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ".3
اﻋﺗﺑر اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﺣﺳﯾن ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ " إﻟزاﻣﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ وﻫﻲ ﻣن اﻟﻧظﺎم
اﻟﻌﺎم ،ﻟﻛون اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻟم ﯾﺗرك اﻟﺧﯾﺎر ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﻣن ﻋدﻣﻬﺎ ﺑل ﻧص ﻋﻠﻰ ﻋدم إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ،واﻟذي ﯾﺳﺑﻘﻪ إﺟ ارء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ إذا ﻫﻲ إﺟراء ﺟوﻫري ،ﻓﻼ ﺑد ﻣﻧﻬﺎ ﻗﺑل اﻟﻧطق ﺑﺣﻛم اﻟطﻼق" ،4وأﺿﺎف ":أن إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ
إﺧﻼﻻ
ً إطﻼﻗﺎ ﯾﻌد
ً ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻗﺑل اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ٕوان ﻋدم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬﺎ
ﺑﺈﺟراء ﺟوﻫري ". 5
1
-ﺑﻠﺣﺎج اﻟﻌرﺑﻲ ،اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ،اﻟﺟزء اﻷول ،دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،اﻟﺟزاﺋر2002 ،
ص. 357
-2اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ص . 356
-3زودة ﻋﻣر ،طﺑﯾﻌﯾﺔ اﻷﺣﻛﺎم ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وأﺛر اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 35
-4ﺑن ﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،اﻟﻣﻧﺗﻘﻰ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 197
-5اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص 199و . 200
44
أﻣﺎ اﻷﺳﺗﺎذة ﺗﺷوار ﺣﻣﯾدو زﻛﯾﺔ ﺗﻘول .." :ﻟﻛن دون اﻹﻏﻔﺎل ﻋن اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي أﺻﺑﺢ إﺟراء
ﺟوﻫ ًرﯾﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﺣﺎﻻت ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ" ،1وﺗﺿﯾف ":أﻧﻪ ﻣن ﺧﻼل ﻣﻼﺣظﺔ اﻟﻘ اررات اﻟﺻﺎدرة ﻋن
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ...ﻫذا اﻟﻣوﻗف ﯾﺟﻠﻲ ﺑوﺿوح أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎة إﺗﺑﺎﻋﻪ ٕواﻻ
ﻋرض ﻗرارﻫم ﻟﻠطﻌن ،ﻫذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة ﻓﻲ ﻧظر ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم و ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻻﺳﺗﻐﻧﺎء
ﻋﻧﻬﺎ أو ﺗﺟﺎوزﻫﺎ ،وﺑﻣﻌﻧﻰ أدق أن اﻟﻣﺳﺗﻔﺎد ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻘ اررات اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﯾرﺗﻛز أوﻻ ﻋﻠﻰ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ و أن ﺗﻘدﯾر ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣﻬﻣﺔ ﯾﻌد ﻣن اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ اﻟﻌﺎﺋدة ﻻﺟﺗﻬﺎد ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة
اﻟذي ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬﺎ" .2
وﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﺗﻘﯾﺔ ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح أﻧﻪ " ﺗﻌد ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺿرورﯾﺔ وﻣﻬﻣﺔ وﺟوﻫرﯾﺔ ﻓﻲ
اﻟطﻼق ﻓﻘد أﻛد اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺎدة )(439أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ و ﺟوﺑﯾﺔ
وأﻧﻬﺎ ﻣﺑدأ أﺳﺎﺳﻲ وﺟوﻫري ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟطﻼق ،3"...ﻛذﻟك اﻷﺳﺗﺎذ أﺣﻣد ﺷﺎﻣﻲ" :إن ﻗﯾﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻣن ﺻﻣﯾم اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺗﺿﺢ ﻣن اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ اﻵﻣرة اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻌﻣﻠﻬﺎ اﻟﻣﺷرع
طﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة )(49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،واﻟﺗﻲ اﺳﺗﻌﻣﻠت ﺻﯾﺎﻏﺔ )ﻻ ﯾﺛﺑت ،(...وﻛذا ﻣﺎ أﻛدﺗﻪ اﻟﻣﺎدة
)(439اﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ".4
أﻣﺎ اﻷﺳﺗﺎذة ﺟﻠﯾﻠﺔ درﯾﺳﻲ و ﺳﻧﺎء اﻟﻣﺎﺣﻲ" :ﺟدﯾر ﺑﺎﻟذﻛر أن ﻗﯾﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ أﻣر وﺟوﺑﻲ
ﻻ ﻧﻘﺎش ﻓﯾﻪ وﻫذا ﯾﺣﯾﻠﻧﺎ ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺎﺷر إﻟﻰ أن اﻟﻣﺷرع ﻗد اﻋﺗﺑر ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن طرف اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣﺳﺄﻟﺔ
ﺿرورﯾﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻘﺎﻋدة آﻣرة ﻣن ﻗواﻋد اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﻻ ﻧﺗﺟﺎوزﻫﺎ ".5
وﯾﺿﯾف اﻷﺳﺗﺎذ ﺳﻠﯾم ﺳﻌدي أﻧﻪ ...":ﯾﺣﺎول اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹﺻﻼح ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة )(49ﻣن
1
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﻫذﻩ اﻹﺟراءات ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻻ ﯾﺟوز اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻬﺎ "
1
-ﺣﻣﯾدو ﺗﺷوار زﻛﯾﺔ ،ﻣدى ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻷﺳرة ﻋﺑر أﺣﻛﺎم اﻟﺗطﻠﯾق ،ﻋداﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧون أم ﻋداﻟﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
واﻹدارﯾﺔ و اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ،ﺗﻠﻣﺳﺎن ،ﻋدد ،2010 ،10ص .121
-2ﺣﻣﯾدو ﺗﺷوار زﻛﯾﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 130
-3ﺗﻘﯾﺔ ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ،ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻣن ﻣﻧظور اﻟﻔﻘﻪ و اﻟﺗﺷرﯾﻊ و اﻟﻘﺿﺎء ،ﻣﻧﺷورات ﺛﺎﻟﺔ ،اﻟﺟزاﺋر ،2011،ص 153
-4ﺷﺎﻣﻲ أﺣﻣد ،اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة -دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾن اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ واﻟﻘواﻧﯾن اﻟوﺿﻌﯾﺔ -
رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل درﺟﺔ اﻟدﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ،ﺗﻠﻣﺳﺎن ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ
،2014-2013ص .100
-5درﯾﺳﻲ ﺟﻠﯾﻠﺔ ،ﺳﻧﺎء اﻟﻣﺎﺣﻲ ،ﻣﺳطرة اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء اﻷﺳرة ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﻠف ،ﻋدد ،14اﻟﻣﻐرب ، 2009 ،ص 229
229
45
وﺗرى اﻷﺳﺗﺎذة ﻗودري ﺧﯾرة ":أﻧﻪ ﻗﺑل اﻟﻔﺻل ﻓﻲ دﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻠزم ﺑﺎﻟﻘﯾﺎم ﺑﺈﺟراء
اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،و ﻫذا اﻹﺟراء ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﺣﯾث أﻛد ﻋﻠﻰ وﺟوﺑﯾﺗﻪ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة )(49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ إﻟزام
2
،وذﻫﺑت إﻟﻰ اﻟﻘول" : اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺈﺟراء ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﻗﺑل اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟطﻼق و إﺻدار اﻟﺣﻛم ﺑﻪ
ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﺟﺎءت ﺑﺻﯾﻐﺔ أﻣر ،ﻷن اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻟﻔظ ) وﺟوﺑﯾﺔ( ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن ﯾﻠزم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﻘﯾﺎم ﺑﺈﺟراء
اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ إﺟراء ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ".3
وﺗﺿﯾف اﻷﺳﺗﺎذة ﺑوﻛﺎﯾس ﺳﻣﯾﺔ ..":ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻫو إﺟراء وﺟوﺑﻲ و ﺟوﻫري
أﻗرﻩ اﻟﻣﺷرع ﻣن أﺟل ﺟﻌل اﻟطﻼق ﺑﺈرادة اﻟزوج ﺗﺣت رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ" ،4وأﺿﺎﻓت ":اﺷﺗرط اﻟﻣﺷرع ﻣن
أﻣﺎ اﻷﺳﺗﺎذ ﺧﻼل اﻟﻣﺎدة )(49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة أن إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻣن أﺟل إﺗﻣﺎم اﻟطﻼق،5"...
ﺣﻣﻠﯾل ﺻﺎﻟﺢ ﻓﯾرى أﻧﻪ ":ﯾﻌﺗﺑر إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬﺎ ﺳواء ﺗﻌﻠق
اﻷﻣر ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ أو ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ ،وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ
اﻟﻣﺎدة )(49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء وﺟوﺑﻲ وﻫو ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم وﻋدم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻪ ﯾؤدي
إﻟﻰ ﺑطﻼن اﻟﺣﻛم ،ﺧﻼﻓًﺎ ﻟﺑﻌض ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﺗﻲ إﻋﺗﺑرت اﻟﺻﻠﺢ إﺟراءا ﻏﯾر ﺟوﻫري ،إﻟﻰ أن
اﺳﺗﻘر اﻷﻣر ﻋﻠﻰ أن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري وﻫو ﻣﺎ ﺗم ﺗﻛرﯾﺳﻪ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
واﻹدارﯾﺔ .6
ﺗرى اﻷﺳﺗﺎذة ﺑن ﺣﻠﯾﻣﺔ ﯾﻣﯾﻧﺔ ":اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺗﻌﺑر ﻋن
ﻋرض اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺄﻧﻪ إﻟﺗزام وﺟوﺑﻲ ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ،ﻓﺎﻟﻣﻘﺻود ﺑذﻟك ﺗطﺑﯾق ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﻟﯾس اﺧﺗﯾﺎ ًرﯾﺎ
-1ﺳﻌدي ﺳﻠﯾم ،اﻟﺧﻠﻊ ﺑﯾن أﺣﻛﺎم ﺗﺷرﯾﻊ اﻷﺳرة واﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ
اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ،1اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2011ص. 65
-2ﻗوﯾدري ﺧﯾرة ،ﺣﺎﻻت اﻟﺗطﻠﯾق ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ واﻟﻘﺿﺎء ،رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل درﺟﺔ اﻟدﻛﺗوراﻩ
ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺑن ﻋﻛﻧون ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2009-2008ص.191
3
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص 211
-4ﺑوﻛﺎﯾس ﺳﻣﯾﺔ ،اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟﺟﻧﺳﯾن ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﺿوء اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ أﺷﻛﺎل اﻟﺗﻣﯾﯾز
ﺿد اﻟﻣرأة ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ،ﺗﻠﻣﺳﺎن ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ 2014-2013
ص 110و .111
-5اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 109
-6ﺣﻣﻠﯾل ﺻﺎﻟﺢ ،إﺟراءات اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ أﻣﺎم ﻗﺳم ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻔﻘﻪ و اﻟﻘﺎﻧون ،ﻋدد ،19ﻣﺎي
،2014ص . 14
46
و إﻧﻣﺎ ﻫو ﻣﻔروض ﻋﻠﯾﻬﺎ ،ﺑﺣﯾث ﻻ ﺗﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع ﻗﺑل ﻣﺣﺎوﻟﺔ إﻧﻬﺎﺋﻪ ﺻﻠﺣﺎ أو ﻋﺟزﻫﺎ ﻋن
ذﻟك ،ﻓﯾﺗوﺟب أن ﯾﺗﺑﯾن ﻣن ﻣﻠف اﻟدﻋوى أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗد أوﻓت واﻟﺗزﻣت ﺑﻌرض اﻟﺻﻠﺢ ،1ﻛﻣﺎ ﯾرى
اﻷﺳﺗﺎذ ﻧﻌوم ﻣراد أﻧﻪ ..." :ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻣﺑﺎﺷرة إﺟراءات اﻟطﻼق إﻻ ﺑﻌد إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ و إﻻ ﻛﺎﻧت
إﺟراءات اﻟطﻼق ﺑﺎطﻠﺔ ﻓﯾﻛون ﻣﺣﻼ ﻟﻠطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ،2"...وﺗرى اﻷﺳﺗﺎذة ﺑوزﯾد وردة أﻧﻪ ....":إن
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺳﻌﻰ ﻷن ﻻ ﯾﻛون ﺣﻛﻣﻪ ﻣﻌﯾﺑﺎ ،ﯾﺳﺗوﺟب اﻟطﻌن ﻓﯾﺗﻣﺳك ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺈﺟراء ﯾدﺧل ﺿﻣن
ﻣﻬﺎﻣﻪ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ " ،3وﺗﺿﯾف":ورﻏم ﻏﯾﺎب ﻧص ﺻرﯾﺢ ﯾدل ﻋﻠﻰ إﻟزام اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻏﯾر
أن ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺟﻌﻠت ﻣن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟواﺣدة ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﻣﻣﺎ ﯾﻔﻬم
أن اﻟﻣﺷرع ﯾرﯾد اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ وﺟوب اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ".4
ﺛﺎﻧﯾﺎً -اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻣؤﯾد ﻟﻔﻛرة اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺈﺟراء ﺟوﻫري:
ﻣﺳﺗﻘر ﺑﺧﺻوص إﺟﺑﺎرﯾﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧدﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺣﻛﻣﻬﺎ ﻗﺎﻧون
ًا ﻛﺎن ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻣﻠﻐﻰ ﻋﻧد ﺗطﺑﯾﻘﻪ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (17ﻣﻧﻪ ،5ﻓﻘد ﺟﺎء ﻓﻲ أﺣد ﻗ اررات اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ
اﻟﺻﺎدرة ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﻓﻲ 1968/07/03أن" اﻟﺗﺻرﯾﺢ ﺑﺎﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن دون ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﻘررة ﻓﻲ
ﻫذا اﻟﺷﺄن ودون ﺳﻣﺎع اﻟﻣﻌﻧﯾﯾن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺧﺻوص ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون ". 6
أﻣﺎ ﺑﻌد ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1984اﺳﺗﻘر أﯾﺿﺎ ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﻋﻠﻰ إﻟزاﻣﯾﺔ
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﻲ ﻗ اررﻩ اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1989/12/25ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ":ﻣن اﻟﻣﻘرر ﻗﺎﻧوﻧﺎ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺛﺑت
اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ،...وﻣن ﺛم اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺧﻼف ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﯾﻌد ﺧطﺄ
ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون ،...وﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﺛﺎﺑﺗﺎ ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺣﺎل أن اﻟﻣﺟﻠس ﻟﻣﺎ ﻗﺿﻰ ﺑﺎﻟطﻼق دون ﻣراﻋﺎة أﺣﻛﺎم
47
اﻟﻣواد ) (49ﯾﻛون ﺑﻘﺿﺎﺋﻪ ﻛﻣﺎ ﻓﻌل ﺧﺎﻟف اﻟﻘﺎﻧون و ﺗﺟﺎوز اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،1"...و ﻛذﻟك ﻓﻲ اﻟﻘرار اﻟﺻﺎدر
ﻓﻲ 1991/06/18أﯾن ﺟﺎء ﻓﻲ أﺣد ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ أن اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق دون إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون ،وﻗد ﺟﺎء ﺗﺣﯾﯾﺛﻬﺎ ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻘرار ﻣوﺿوع اﻟطﻌن ،ﯾﺗﺟﻠﻰ ﺑﺄﻧﻪ ﺟﺎء
ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون ،ﺧﺻوﺻﺎ اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ أﻏﻔل اﻟﻘرار اﻟﻣﻧﺗﻘد ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﺑطرﯾﻘﺔ ﺳﻠﯾﻣﺔ
وذﻟك ﺑﻣﺻﺎدﻗﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟطﻼق دون ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻗﺑل ذﻟك وﻟم ﯾﺗﻌرض
ﺑدورﻩ رﻏم ﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛﻪ ﻣن ﺻﻼﺣﯾﺎت ﻣﻊ اﻟﺻﻠﺢ ،وأن اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗﻧص ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ:
"ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ …" ،إذا ﻓﺎﻟﻘﯾﺎم ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﻗﺑل
اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﻫو إﺟراء أوﺟﺑﻪ اﻟﻘﺎﻧون وﯾﻌد ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎمٕ ،واﻏﻔﺎل اﻟﻘرار اﻟﻣﻧﺗﻘد اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬذا اﻹﺟراء
اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﯾﻌﺗﺑر ﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾﻘﻪ وﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻪ ﻣﺎ ﯾﺳﺗوﺟب ﻧﻘﺿﻪ " ،2و أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔس اﻟﻣﻧوال وﺣﺗﻰ ﺑﻌد
ﺗﻌدﯾل ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة 2005ﻓﻘد ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2012/06/14ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﺣﯾث و طﺑﻘًﺎ
ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻘﺿﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﻌد إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ وﺣﯾث أﻧﻪ ﺛﺑت ﻣن اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أﻣرت
ﺑﺣﺿور اﻟطرﻓﯾن ﻹﺟراء اﻟﺻﻠﺢ إﻻ أﻧﻬﻣﺎ ﻟم ﯾﺣﺿرا ،ﻓﺣرر ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ إﺛﺑﺎﺗﺎً ﻟذﻟك وﺣﯾث أﻧﻪ
ﻣﺎدام ﻗد ﺛﺑت أن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ اﻟﻣدﻋﻲ اﻷﺻﻠﻲ ﻗد ﺗﻐﯾب ﻋن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﺈن اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﯾن
اﻟزوﺟﯾن دون إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ ﯾﻌد ﻣﺧﺎﻟﻔًﺎ ﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل
اﻟوﺟﻬﯾن اﻟﻣﺛﺎرﯾن ﺳدﯾدﯾن ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﻧﻘض اﻟﺣﻛم ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ " .3
ﺑﻌد أن ﺗم ﺗوﺿﯾﺢ اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻔﻘﻬﻲ و اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر أن اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري ،وﯾﻌد ﻣن
اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم .ﺑﻘﻲ ﻟﻧﺎ أن ﻧﺗطرق إﻟﻰ ﺗوﺿﯾﺢ اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻔﻘﻬﻲ واﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻣﻧﺎﻗض ﻟﻪ ،وﻫذا ﻣﺎ ﺳوف
ﻧﻌرﺿﻪ ،ﻣن ﺧﻼل اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗﺎﻟﻲ.
-1اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﻘﺿﺎء ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،57812ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1989/12/25اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋدد
،1991 ،03ص .71
2
-اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،75141ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1991/06/18اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋدد 01
،1993ص 65وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ ،وﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار آﺧر أﯾﺿﺎ ":ﺣﯾث أﻧﻪ و ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ،ﯾﺗﺑﯾن أن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻻﺑﺗداﺋﻲ
ﻟم ﯾراع أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠب اﺗﺧﺎذ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻗﺑل إﺻدار ﺣﻛم ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ،
اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾﻧﺟر ﻋﻧﻪ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪٕ ،واﺣﺎﻟﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔس اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ " أﻧظر:اﻟﻘرار اﻟﺻﺎدر ﻋن :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ،ﻏرﻓﺔ
اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،96688ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1994/1/18ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،ﻋدد ،1997،50ص 80اﻟﻰ .84
-3اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،687997ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2012/06/14ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
48
اﻟﻔـرع اﻟﺛﺎﻧـﻲ
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﻏﯾر ﺟوﻫري
ﻫﻧﺎك ﻣن رﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻧد ﺗﻔﺳﯾرﻫم ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻣن ﯾﻌﺗﺑر أن ﻣﺣﺎوﻻت
اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﯾﺟرﯾﻬﺎ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﻻ ﺗﻌد ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﺗﻌد ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﻫذا ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻔﻘﻪ )أوﻻً (و اﻟﺟدﯾر ﺑﺎﻟذﻛر ﺣﯾن اﻹطﻼع ﻋﻠﻰ
ﺑﻌض اﻟﻘ اررات اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻧﺟدﻫﺎ ذﻫﺑت إﻟﻰ اﻟﻘول أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن
ﻟﯾﺳت ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ،وأﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻌد إﻻ إﺟراءات ﺷﻛﻠﯾﺔ ﻏﯾر ﺟوﻫرﯾﺔ)ﺛﺎﻧﯾﺎً(.
أوﻻً -اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻔﻘﻬﻲ اﻟﻣﻧﻛر ﻟﻔﻛرة اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺈﺟراء ﺟوﻫري:
ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن أن ":ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﺗﻌد ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﺑل ﻓﻲ ﺑﻌض
اﻟﺣﺎﻻت ،إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﻗﺑل ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﯾﻌد ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ إﺟراء ﻣﺧﺎﻟﻔًﺎ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم
ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣن ﯾوﻗﻊ اﻟطﻼق ﻟﻠﻣرة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ طﺑﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (51ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة وﯾﻘوم اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن".1
ﻣﺿﯾﻔﺎ ":اﻟذي
ً أﺑدا ﻻ ﺻﻠﺔ و ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم،2
ورأى أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺗﺑﻘﻰ داﺋﻣﺎ و ً
ﯾدﻋم أﻛﺛر أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻟﯾﺳت إﺟراء ﺟوﻫري ،ﻫو أن اﻟﻣﺷرع ﺣدد ﻟﻬﺎ ﻣدة 3أﺷﻬر ﻓﻘط ﺗﺳري ﻣن
ﯾوم رﻓﻊ اﻟدﻋوى أي ﺑﻣﻌﻧﻰ أﺧر ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻘوم ﺑﺈﺟ ارء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻌد اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻌدة
اﻟﻣﺣددة واﻟﻣﺧﺻﺻﺔ ﻟﻬﺎ وﻫﻲ 3أﺷﻬر ،ﻓﻠو ﻛﺎﻧت ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ وﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟطﻼق ﻟﻣﺎ
ﻗﯾدﻫﺎ اﻟﻣﺷرع ﺑﺗﻠك اﻟﻣدة ﺑﺣﯾث ﯾﺟﻌل اﻟﻣدة ﺗدوم أطول " ،3وﯾﺿﯾف "رﻏم اﻹرﺗﺑﺎط اﻟوﺛﯾق ﺑﯾن ﻋدة
اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻧد إﯾﻘﺎع اﻟزوج ﻟﻠطﻼق ﺑﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،ﻓﺈن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﺗﺑﻘﻰ داﺋﻣﺎ و أﺑدا ﻻ ﺻﻠﺔ وﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ".4
وﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﻋﺎدل ﺑوﺿﯾﺎف" :إن اﻟﺻﻠﺢ وﺟوﺑﻲ ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ وﻓﻲ ﺣدود ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﻟﻠﺻﻠﺢ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻫو ﺗﺄﻛﯾد ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة )(49ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة ،واﻟوﺟوب ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻻﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻻ ﯾﻔﯾد ﺑﺑطﻼن اﻟﻌﻣل اﻹﺟراﺋﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺧﻠف
-1ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،دار ﻓﺳﯾﻠﺔ ،اﻟﺟزاﺋر2009 ،
ص .141
-2اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 126
-3اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص 130و . 132
4
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 126
49
اﻟﺻﻠﺢ ،وﻻ ﯾظﻬر ﺟﻠﯾﺎ و إن اﻟوﺟوﺑﯾﺔ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑطﻼن اﻟﻌﻣل اﻹﺟراﺋﻲ ،...وﻷن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ
ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﻘرﯾب وﺟﻬﺗﻲ اﻟﻧظر و إﺻﻼح ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن و ﻟﯾس ﻟﺗرﺗﯾب اﻟﺣﻘوق".1
وذﻫب اﻷﺳﺗﺎذ اﻷﻧور ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم إﻟﻰ اﻟﻘول ":وﻟﻘد ﻗﺿﻰ اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﺑﺄن ﻋدم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﻟﯾس ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،وأﻧﻪ ﯾﻣﻛن ﺗﻐطﯾﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ،ﺑﺎﻟﺗﺻدي ﻟﻠﻣوﺿوع" .2
ﻛﻣﺎ ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ زﯾدان ﻋﺑد اﻟﻧور... ":ﺑﻌد أن ﻛﺎن اﻟﻣوﻗف ﻟدى اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣﺳﺗﻘر ﻋﻠﻰ إﻟزاﻣﯾﺔ
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻗﺑل اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ،ﻧﺟد ﺑﻌض اﻟﻘ اررات اﻟﺗﻲ ﺗﻔﯾد ﻋﻛس ﻫذا ﺗﻣﺎﻣﺎ وﺗؤﻛد ﻋﻠﻰ أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﺗﻌﺗﺑر ﺳوى إﺟراء ﺷﻛﻠﻲ ﻏﯾر ﺟوﻫري ،اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣﻧﻪ اﻟوﻋظ دون ﻏﯾرﻩ ،ﺑﻣﺎ ﯾﺳﺗﻔﺎد ﻣﻧﻬﺎ أﻧﻬﺎ إﺟراء
ﻏﯾر إﻟزاﻣﻲ و ﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻪ ﺑطﻼن وﻧﻘض اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻣﺗرﺗب ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻪ ".3
وذﻫب إﻟﻰ ﺣد اﻟﻘول " :ﻧﺟد ﻓﻲ ﻣوﻗف اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﻌض اﻟﺗﺑرﯾر ،ﻷﻧﻪ إن اﻋﺗﺑرﻧﺎ ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ورﺗﺑﻧﺎ اﻟﺑطﻼن ﻟﻠﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟطﻼق اﻟذي ﻟم ﺗراع ﻓﯾﻪ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﻛﯾف
ﺳﺗﻛون ﻧﺗﺎﺋﺞ إﺑطﺎل ﻫذا اﻟﺣﻛم ؟ ،وﻛﯾف ﯾﺗﺻور إرﺟﺎع اﻟﻣطﻠﻘﯾن إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧﺎ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻗﺑل
اﻟﺣﻛم؟" ،4وﯾﻼﺣظ أﻧﻪ وﺑﺧﺻوص ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت ﺗﺻﺑﺢ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟطﻼق ﻏﯾر ذات
أﻫﻣﯾﺔ أو ﻏﯾر ﺿرورﯾﺔ ﻓﺗﺻﺑﺢ إﺟراء ﻏﯾر ﺟوﻫري ﺑﺎﻟﻧظر ﻟوﻗﺎﺋﻊ ﺑﻌض ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ،اﻟﺗﻲ ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ
ﻛﻣﺎ ﻗﺎل اﻷﺳﺗﺎذ ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺳﻌد ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا اﺗﻔق اﻟزوﺟﺎن ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ وﻛل ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑذﻟك،
وﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا أﻋﻠن أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺑﺷﻛل ﺻرﯾﺢ رﻓﺿﻪ اﻟﻣطﻠق ﻟﻣﺑدأ اﻟﺻﻠﺢ ،5ﻛﻣﺎ ﺗﻌﺗﺑر ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﻋدﯾﻣﺔ اﻟﻔﺎﺋدة ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﻣﺳك اﻟزوﺟﺔ ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻐﯾﺑﺔ اﻟزوج ﻋﻧﻬﺎ ﻣدة طوﯾﻠﺔ ﺑﻼ ﻋذر وﻻ ﻧﻔﻘﺔ وﻻ ﯾدرى أﯾن
ﻫو أﺻ ًﻼ .6
ﺛﺎﻧﯾﺎً -اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻣﻧﻛر ﻟﻔﻛرة اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺈﺟراء ﺟوﻫري :
-1ﺑوﺿﯾﺎف ﻋﺎدل ،اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻟﺟﻬﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ
اﻟﺟزء اﻷول ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻛﻠﯾك ﻟﻠﻧﺷر ،اﻟﺟزاﺋر ،2012 ،ص . 444
-2اﻷﻧوار ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم ،ﻧظﺎم اﻟطﻼق ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل دﺑﻠوم ا
اﻟدرﺳﺎت اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻣﻌﻬد اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺟزاﺋر
اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،1976-1975ص.81
-3زﯾـدان ﻋﺑد اﻟﻧور ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص. 118
4
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص. 119
5
ﺳﻌد ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ،اﻟزواج و اﻟطﻼق ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ دار اﻟﺑﻌث ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر ﻗﺳﻧطﯾﻧﺔ
اﻟﺟزاﺋر ،1989 ،ص . 384
-6زﯾـدان ﻋﺑد اﻟﻧور ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.119
50
ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺗﻘﺿﻲ ﻓﻲ ﻗ ارراﺗﻬﺎ ﺑرﻓض اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺛﺑﺗﺔ ﻟﻠطﻼق ،إذ ﻟم
ﻣﻐﺎﯾر ﺑﺄن
ًا ﯾﻘم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻏﯾر أﻧﻪ ﻓﻲ ﻗ اررات أﺧرى ﺣذت ﻣﻧﻬﺟﺎ
اﻋﺗﺑرت ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻟﯾﺳت إﺟراء ﺟوﻫرﯾﺎ وﻣن ﺑﯾن ﺗﻠك اﻟﻘ اررات ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﻧﺟد ﻫذا اﻟﻘرار اﻟذي
ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ" إن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟطﻼق ،ﻟﯾﺳت ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ٕوان
ﻟﻔظ اﻟطﻼق و اﻟﺗطﻠﯾق ﺗﺻدر داﺋﻣﺎ ﻧﻬﺎﺋﯾﺔ ". 1
وﺗﺑﻌﺎً ﻟذﻟك ﻗﺿﻰ اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﻓﻲ ﻗرار ﻟﻪ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1985/06/03ﺑﺄن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺟوازﯾﺔ
2
ﺣﯾث وردت ﻓﻲ أﺳﺑﺎﺑﻪ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟوﺟﻪ اﻟﻣﺳﺗدل ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟطﻌن :أﻛﺛرت ﻣذﻛرة اﻟطﻌن ﻣن
اﻟﻛﻼم ﻋﻠﻰ ﻋدم ﻗﯾﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻷول وﻣن وراﺋﻪ اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن واﻋﺗﺑرت
ذﻟك ﻣن ﻣﺑطﻼت اﻟﺣﻛم وﻣن ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟﻣﺟﻠس ،دون أن ﺗﺳﺗدل ﺑﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ
ﯾوﺟﺑﻪ .وﻋﻠﯾﻪ ﻟﯾس ﻷﺣد أن ﯾﻠزم اﻟﻘﺿﺎة ﺑﺎﺗﺧﺎذ إﺟراء ﻻ ﯾﻔرض ﻋﻠﯾﻬم اﻟﻘﺎﻧون اﺗﺧﺎذﻩ ،وﻻ ﯾﺻﺢ ﻟﺧﺻم أن
ﯾﺣﺎول اﻧﺗزاع إﺟراء ﺟﻌﻠﻪ اﻟﻘﺎﻧون ﺟوازﯾﺎ ،ﻟﻬم ﻓﻌﻠﻪ أو ﺗرﻛﻪ ،وأن اﻟﻣﺎدة ) (17ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
ﻋﺎﻣﺎ وﺟﺎء ﺟوا ًزﯾﺎ ،وﻻ ﯾﺳﺗﺛﻧﻲ أي دﻋوى ،ﻓﺎﻟﻣﺎدة ﺗﻘول" :
اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ،ﺟﺎء اﻟﻧص ﻓﯾﻬﺎ ً
ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻣﺻﺎﻟﺣﺔ اﻷطراف أﺛﻧﺎء ﻧظر اﻟدﻋوى ﻓﻲ أﯾﺔ ﻣﺎدة ﻛﺎﻧت ،وﻣن ﺛم ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻪ اﻟﺧﯾﺎر ﻓﻲ
اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق إن أﻣﻛن ﻟﻪ ذﻟك ،وﯾﺗرﻛﻪ إن ﺗﻌذر ﻋﻠﯾﻪ اﻷﻣر و ﻻ
ﯾﺄﺧذ ﻋﻠﯾﻪ إن ﻫو ﺗرﻛﻪ." ...
وأﻛدت أﯾﺿﺎ ﻓﻲ ﻗرار أﺧر ﻟﻬﺎ )ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻟدى اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ( ﺑﺄن" ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟطﻼق ﻟﯾﺳت ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ .3"...
ﺟوﻫرﯾﺎ ﻟﻠﺣﻛم
ً ﺷﻛﻼ
ً وورد ﻛذﻟك ﻓﻲ ﻗرار آﺧر واﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":إن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﺗﻌﺗﺑر
ﺑﺎﻟطﻼق ،إﻧﻣﺎ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣذﻛورة ﺑﺎﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﻣوﻋظﺔ " .4ﻛﻣﺎ ﺟﺎء
-1اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،36962ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1985/06/03اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد 02
،1990ص 40
-2اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،36962ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1988/07/18اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد 02
،1990ص 65و ﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ .
3
-اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،200198ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1998/07/21ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،ﻋدد 56
،2000ص .40
-4ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،174132ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1997/10/23ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،ﻋدد 55
،1999ص 179وﻣﺎﺑﻌدﻫﺎ.
51
ﻓﻲ ﻗرار آﺧر ﻟﻬﺎ واﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":إن ﻋدم ﺣﺿور أﺣد اﻟطرﻓﯾن ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ رﻏم ﺗﺄﺟﯾل إﺟراﺋﻬﺎ
ﻋدة ﻣرات ،ﯾﺟﻌل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻠزم ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟدﻋوى رﻏم ﻋدم ﺣﺿور أﺣدﻫﻣﺎ ،ﻷن اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗﺣدد ﻣﻬﻠﺔ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر".
ﺣﺗﻰ ﺑﻌد ﺗﻌدﯾل ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺳﻧﺔ ،2005اﺳﺗﻣرت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﻏﯾر ﺟوﻫري
وﻫو ﻣﺎ ﺗﺿﻣﻧﻪ ﻗرار ﺻﺎدر أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2007/06/13واﻟذي
ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ ":ﻟﻛن ﺣﯾث أن اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻻ ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺟﺎﻟس ﺑل ﻋﻠﻰ
ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺣﺎﻛم ﻓﻘط إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﺗﻌﺗﺑر ﺷﻛﻼً ﺟوﻫرﯾﺎً ﻟﻠﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق إﻧﻣﺎ ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣذﻛورة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻫﻲ إﻻ ﻣوﻋظﺔ .1"...وﻓﻲ ﻗرار أﺧر ﻗﺿت ﺑﻣﺎﯾﻠﻲ:
ﺗطﺑﯾق أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة " ﻟﻛن ﺣﯾث إن اﻟطﺎﻋن ﻟم ﯾﺑﯾن ﻣﺻﻠﺣﺗﻪ ﻓﻲ إﺛﺎرة
وﻋدم ﺣﺿورﻩ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻊ اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ﻟﺗﻐﯾﺑﻬﻣﺎ ،ﻣﺎ دام أﻧﻪ ﻫو ﻛﺎن ﻣدﻋﯾﺎ وطﺎﻟب
ﺑﺎﻟطﻼق وﺗﺣﻣﯾل اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ذﻟك ،وﻟم ﯾﻘدم ﻣﺎﯾﺛﺑت ﺗراﺟﻊ ﻋن طﻠب اﻟطﻼق ،
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻟم ﺗﺧﺎﻟف أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة 49اﻟﻣذﻛورة ﻋﻧدﻣﺎ ﻋﻘدت ﻋدة ﺟﻠﺳﺎت ﻹﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت
اﻟﺻﻠﺢ واﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﺗم ﺑﺳﺑب ﺗﻐﯾب اﻟطرﻓﯾن .وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن اﻟوﺟﻪ ﻏﯾر ﻣؤﺳس و ﯾﺗﻌﯾن رﻓﺿﻪ و ﯾرﻓض
اﻟطﻌن.2".
وأﻣﺎم ﻫﺎذﯾن اﻻﺗﺟﺎﻫﯾن اﻟﻣﻧﻛر و اﻟﻣؤﯾد ﻟﻔﻛرة اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺈﺟراء ﺟوﻫري ﺑرز ﻣﻧذ ﺻدور ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻣوﻗف ﯾﺣﺎول ﺣﺳم اﻷﻣر ٕوازاﻟﺔ اﻹﺷﻛﺎل ،ﺑﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر أن ﻧص اﻟﻣﺎدة
) (439ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﻫو اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻔﺎﺻل ،ﺑﺄن ﺟﻌﻠﻬﺎ إﺟراء وﺟوﺑﻲ .وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﻓﺳرت اﻷﺳﺗﺎذة
ﻗودري ﺧﯾرة :أن ﺟﻠﺳﺎت اﻟﺻﻠﺢ وﺟوﺑﯾﺔ ﺑﻘوﻟﻬﺎ " :أﺑﺎﻧت اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻓﻲ ظل اﻟﻣﺎدة اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﺑﺄﻧﻪ
ﻛﺎن ﯾﻌﺗرﯾﻬﺎ ﺑﻌض اﻟﻘﺻور ﺑﺣﯾث أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺎﻧت ﺗﻌد إﺟراء ﺷﻛﻠﯾﺎ ﺗﻘوم ﺑﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺗﺎرة ،وﺗﻐﻔل
ﻋﻧﻪ ﺗﺎرة أﺧرى وﯾظﻬر ذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﻗ ارراﺗﻬﺎ ﻏﯾر اﻟﻣﺳﺗﻘر ﻓﯾﻬﺎ ،وﻟﻛن ﺑﻣﺟرد ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ اﻟذي أزال اﻟﺗﻧﺎﻗض اﻟذي وﻗﻊ ﻓﯾﻪ اﻟﻘﺿﺎة وأﺻﺑﺣت اﻷﺣﻛﺎم ﻣوﺣدة وﻫذا ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻻﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،356657ﻣؤرخ ﻓﻲ ، 2007/06/13ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
-2اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻻﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،رﻗم اﻟﻣﻠف 0597294ﺑﺗﺎرﯾﺦ /12/09ﻗرار ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .2010
52
اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣﻧﻪ اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﺑﻘوﻟﻬﺎ "ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ وﺟوﺑﯾﺔ " ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﺟﺎءت ﺑﺻﯾﻐﺔ أﻣر ،ﻷن
اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻟﻔظ " وﺟوﺑﯾﺔ" ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن ﯾﻠزم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﻘﯾﺎم ﺑﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ.1
وﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق ذاﺗﻪ ،ذﻫﺑت اﻷﺳﺗﺎذة أﻣﯾﻧﺔ ﺑن ﺟﻧﺎﺣﻲ إﻟﻰ اﻟﻘول..." :ﻛﻣﺎ أن اﻟﺗﻌدﯾل اﻷﺧﯾر ﻟﻘﺎﻧون
اﻷﺳرة ﻟﺳﻧﺔ 2005ﻟم ﯾﺗﻌرض ﺑﺻورة ﻣﺑﺎﺷرة ﻹﻟزاﻣﯾﺔ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟطﻼق ،ﻓﻣن ﺧﻼل اﻟﻧص
ﯾﺗﺿﺢ أن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺄت ﺑﺟدﯾد ﺑﺧﺻوص ﻣدى إﻟزاﻣﯾﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣواد اﻟطﻼق ،ﻏﯾر أن اﻟﻣﺷرع
ﺗدارك ﻫذا اﻟﻌﯾب ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ و ﺑذﻟك
وﺟب إ ﻋﻣﺎل ﻫذا اﻟﻧص و اﻟﻘول ﺑوﺟوﺑﯾﺔ ٕواﻟزاﻣﯾﺔ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ" .2ﻓرﻏم ﺗﻌدﯾل ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﺑﻣوﺟب اﻷﻣر رﻗم 02/05إﻻ أﻧﻪ ﻟم ﯾزل اﻟﻠﺑس واﻟﻐﻣوض ﺣول إﻟزاﻣﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى
ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻟذﻟك ﻻ ﯾزال اﻟﻧﻘﺎش ﻣطروح ﻟدى اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾن ﺑﯾن ﻣن اﻋﺗﺑرﻩ إﺟراء ﻏ ﯾر ﺟوﻫري ٕواﺟراء
ﺟوﻫري ،إﻻ أﻧﻪ ﺑﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،أزال ﻫذا اﻟﻐﻣوض و ﻟم ﺗﻌد ﻣﺳﺄﻟﺔ إﻟزاﻣﯾﺔ
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﺗﺛﯾر أي ﺟدل اذ ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة 439ﻣﻧﻪ "ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ وﺟوﺑﯾﺔ " ،3ﻟﻛن ﯾطرح ﺗﺳﺎؤل
ﻫﻧﺎ ﻋن اﻟوﺿﻊ اﻟذي ﻛﺎن ﺳﺎﺋد ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﺻﻠﺢ ﻗﺑل ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ وﻫل
ﺗﻐﯾر اﻟوﺿﻊ ﺑﻌد ﺻدورﻩ؟.
ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﻟم ﯾﺗﻐﯾر أي ﺷﻲء ﺑﺧﺻوص إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺳواء ﻓﻲ ظل ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻟﺳﻧﺔ
1984أو ﻋﻧد ﺗﻌدﯾﻠﻪ ﺳﻧﺔ ،2005أو ﻓﻲ ظل ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻣﻠﻐﻰ ،أو ﺣﺗﻰ ﺑﻌد ﺻدور
ﺣﺎدا و ﺗﺿﺎ ًرﺑﺎ
ﻧﻘﺎﺷﺎ ً
ﻗﺎﻧون اﻹﺟ ارءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث ﻻﻗت اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ً
ﺻﺎرﺧﺎ وﻫذا راﺟﻊ إﻟﻰ ﺳوء ﻓﻬم و ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻘﺎﻧون ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﻻ ﯾوﺟد أي إﺷﻛﺎل ﺣول اﻋﺗﺑﺎر ﻣﺣﺎوﻟﺔ
ً
اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري أو ﻏﯾر ﺟوﻫري ،ﻓﺎﻟﻣﺎدة اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ﺗﺗﻛﻠم ﻋن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻣوﺟودة
ﻣﻧذ ﺳﻧﺔ 1984وﺣﺗﻰ ﺑﻌد ﺗﻌدﯾل ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺳﻧﺔ 2005؛ ﻟﻛن ﻛل ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﻣر أن ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﻗﺑل
ﺗﻌدﯾﻠﻬﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﻧص ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﻔرد أي اﻟذي ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ واﺣدة ،واﻟﺟدﯾد اﻟذي أﺗﻰ ﺑﻪ
ﺗﻌدﯾل 2005ﻫو زﯾﺎدة ﻋدد ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻷﺳرة ﺣﺳب ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻋرض اﻷﺳﺑﺎب
53
ﻣﺷروع ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﺣﯾث آﻧذاك ﻛﺎن ﻫﻧﺎك ﺑرﻟﻣﺎﻧﻲ طﺎﻟب ﻣن اﻟﺣﻛوﻣﺔ إﺿﺎﻓﺔ ﻛﻠﻣﺔ " وﺟوﺑﺎ " ﺑﻌد ﻋﺑﺎرة
"ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ" وﻫذا ﻗﺻد إﻟزام اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﻘﯾﺎم ﺑﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻔوت ﻓرﺻﺔ اﻟرﺟوع اﻟزوﺟﯾن.1
ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49ﯾﺧﺎطب اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ اﻟﻣﺗﻘﺎﺿﯾن ،ﺑﺣﯾث ﺟﺎء اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ...":ﺑﻌد
ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﯾﺟرﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،"...وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﻣﺷرع ﻓرض ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﺳﺗﯾﻔﺎء ﻫذا اﻹﺟراء ﻋﻠﻰ أن
ﻻ ﯾﺗﺟﺎوز ذﻟك ﺛﻼﺛﺔ) (03أﺷﻬر اﻟذي ﻫو ﻣﯾﻌﺎد ﺧﺎص ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،و ﯾﺑدأ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ
اﻟدﻋوى ،ﻟﻛن ﻟم ﯾرﺗب اﻟﻣﺷرع ﺟزاء ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻬذا اﻹﺟراء ،وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺳﺗﺷﻔﻪ ﻣن ﺧﻼل ﻧﺻﻲ
اﻟﻣﺎدﺗﯾن ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و) (439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺧﺻﻬﻣﺎ اﻟﻣﺷرع
ﺑذﻛر و ﺟوﺑﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ و ﻟم ﯾرﺗب ﻋﻠﻰ ﻋدم ﻣراﻋﺎة أﺣﻛﺎﻣﻬﻣﺎ اﻟﺑطﻼن.
اﻋﺗﻣد اﻟﻣﺷرع اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺈﺟراء وﺟوﺑﻲ ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣﻧذ ﺳﻧﺔ 1984وﺣﺗﻰ ﺑﻌد اﻟﺗﻌدﯾل ﺳﻧﺔ
، 2005و ﻫو ذات اﻟﻣوﻗف اﻟذي ﺗﺑﻧﺎﻩ اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺷق اﻟﻣﺗﻌﻠق
ﺑﺎﻹﺟراءات اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ أﻣﺎم ﻗﺳم ﺷؤون اﻷﺳرة ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣﻧﻪ ،ﺑﺄن أﻗر وﺟوﺑﯾﺔ ﻣﺣﺎوﻻت
اﻟﺻﻠﺢ؛ ﻓﺎﻟﻣﺷرع و ﺿﻊ ﻗﺎﻋدة ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ واﺟب ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺈﺟراء ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﻹﺻﻼح
ذات اﻟﺑﯾن ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﻛﻼ اﻟﻧﺻﯾن ﺳواء اﻟﻧص اﻟﻣوﺿوﻋﻲ أو اﻹﺟراﺋﻲ ﻓﺟﺎء ذﻛر ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
ﻓﻲ ﺷﻛل ﻗﺎﻋدة آﻣرة ﻟﻛن ﻟم ﯾﻘرﻧﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ﺑﺟزاء ،ﻷﻧﻪ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻓﻘﻪ اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻧﺟد ﻧوﻋﯾن ﻣن
اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ؛ اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﻛﻣﻠﺔ و اﻟﻘواﻋد اﻵﻣرة و ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﺗﻧﻘﺳم إﻟﻰ ﻧوﻋﯾن؛ ﻗﺎﻋدة آﻣرة ﺗﺗﺿﻣن
ﺟزاء ﻋﻧد ﻋدم ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ ،و ﻗﺎﻋدة آﻣرة ﻻ ﺗﺗﺿﻣن ﺟزاء ﻋﻠﻰ ﻋدم ﻣراﻋﺎة أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ .و ﻟﻧﺎ أن ﻧﺗﺳﺎءل ﻟﻣﺎذا
اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ أﺣد اﻟﻘواﻋد اﻵﻣرة ﯾﻌطﻲ اﻟﺟزاء ﻓﻲ أﻣر ﻣﺎ ،و أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻻ ﯾرﺗب ﺟزاء .ﻓﻬذا ﻟﻪ دﻻﻟﺔ ﻗﺎطﻌﺔ
ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟﻌﻣل ﺑذﻟك اﻟﻣﻘﺗﺿﻰ ﻓﻼ أﺛر ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ،ﻓﻼ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻔﺳر اﻟﻧص أﻛﺛر ﻣﻣﺎ
ﯾﺣﺗﻣل وﻣﺎدام اﻟﻣﺷرع ﯾﻘول :ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ و ﻟﻛن ﻟم ﯾرﺗب ﺟزاء ﻋﻠﻰ ﺗﺧﻠف ﻫذا اﻹﺟراء
ﻓﻬذا دﻟﯾل ﯾﺟﻌل ﻣن اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﻏﯾر ﺟوﻫرﯾﺎ.
ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﻣن ﯾﻘول أن اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوازي ﻗﺑل ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻟﺳﻧﺔ 1984
ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻋدم وﺟود ﻧص ﯾﻠزم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟطﻼق أو اﻟﺗطﻠﯾق ،وﻟﻛن ﺑﻌد
ﻫذا اﻟﺗﺎرﯾﺦ أﺻﺑﺢ اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫرﯾﺎ وﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،وﯾﺟوز ﻟطرﻓﻲ اﻟدﻋوى إﺛﺎرﺗﻪ و ﻟو ﻟﻠﻣرة اﻷوﻟﻰ
-1أﻧظر :ﻣﻠﺣق ﻣﺣﺿر اﻟﺟﻠﺳﺔ ،اﻟﻣﻧﻌﻘد ﯾوم اﻷﺣد 22أﻓرﯾل ،1984ﺑﻣﻘر اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺷﻌﺑﻲ اﻟوطﻧﻲ ،اﻟﺟرﯾدة اﻟرﺳﻣﯾﺔ
ﻟﻠﻣﺟﻠس اﻟﺷﻌﺑﻲ اﻟوطﻧﻲ ،اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ 2ﺷﻌﺑﺎن 1404ﻫـ ،اﻟﻣواﻓق ل 3ﻣﺎي 1984اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ،ﻋدد ،47ص .16
54
أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻛون أن اﻟﻣﺎدة ) (49ﻟم ﺗﺟﻌل إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺟوا ًزﯾﺎ ،1وأن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻗد
ﻋﻠق اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ واﻋﺗﺑر أن اﻟﺻﻠﺢ ﻫو ﻣن أﺟل اﻟﻌدول ،و أﻧﻪ إذا ﻟم ﯾوﺟد اﻟﺻﻠﺢ ﻓﺎﻟطﻼق ﺑﺎطل
وﻻ أﺳﺎس ﻟﻪ ﻣن اﻟﺻﺣﺔ.
ﻻ ﯾﺻﺢ ﻫذا اﻟﺗﻔﺳﯾر ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻛﻣﺎ و أﻧﻪ ﯾﻣس ﺑﻣﺑﺎدئ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و ﻛذا ﺧرق
ﻟﻠﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻷن ﻣن ﯾﻌﺗﺑر أن اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري اﺧﺗﻠط ﻋﻠﯾﻪ اﻷﻣر ﺣﯾث أﻗرن ذﻟك
ﺑﺎﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻣل ،أي ﻻ ﺑد أن ﺗﻛون ﻫﻧﺎك ﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن أوﻻً ،ﻓﺈذا
وﻗﻌت اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻻ ﯾﺣرر ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﺗوﺟد ﻓﻛرة اﻟطﻼق) و ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻪ اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ
اﻟواﻗﻊ( ،أﻣﺎ إذا أﺟرﯾت اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ و ﻟم ﯾﻔﻠﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ذﻟك ،ﻓﺎﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺣﺗﻣﯾﺔ أن ﯾﺄﺗﻲ ﺑﻌدﻫﺎ اﻟطﻼق
أي ﻻ ﺑد ﻣن وﺟود اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺈﺟراء ﺳﺎﺑق و أوﻟﻲ واﻟذي ﯾﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ اﻟﻔﺷل ،ﺛم اﻟﺗطرق إﻟﻰ اﻟطﻼق ﻓﯾﺻﺑﺢ
ﻗﯾدا ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ،اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻗﯾد ﻋﻠﻰ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء
اﻟﺻﻠﺢ ً
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،و ﻫذا أﻣر ﻟم ﺗﺄت ﺑﻪ ﻻ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و ﻻ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
ﻓﯾﻛﻣن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟﺗﺄﻛد ﻫل إﻋﻣﺎل ﻗﺎﻋدة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ أو ﻋدم إﻋﻣﺎﻟﻬﺎ ﯾﻌرﻗل
ﺣﺳن ﺳﯾر اﻟﻌداﻟﺔ ،ﻓﻬﻧﺎ ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳوف ﯾﻔﺻل واﻗﻌﺔ اﻟطﻼق ﻋن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ و ﯾﺧﻠص إﻟﻰ
اﻟﻘول أن اﻟﺻﻠﺢ ﻣرﺣﻠﺔ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟطﻼق اﻟذي ﯾﻔﺗرض ﻓﻲ ﻏﺎﻟب اﻷﺣﯾﺎن وﻗوﻋﻪ .
ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﻻ ﯾﺟري اﻟﺻﻠﺢ أﺻﻼً؛ و ﻻﺳﯾﻣﺎ إذا ﺗﺄﻛد أن أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (51ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻓﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻣرأة و رﺟل طﻠﻘﻬﺎ ﺛﻼث ﻣرات ﻣﺗﺑﺎﻋدة وﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ ﻣﺧﺎﻟف ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم،
وﻣﺧﺎﻟف ﻟﻠﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و ﻛذﻟك ﻟﻘﺎﻧون اﻷﺳرة ،إذ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠرﺟل أن ﯾراﺟﻊ اﻟﻣرأة اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﺛﻼﺛﺎ ،ﻓﻬﻲ
أﺟﻧﺑﯾﺔ ﻋﻠﯾﻪ ،ﻓﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﻪ ﻣﺳﺎس ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم و ﻷﺣﻛﺎم ﻗطﻌﯾﺔ ﻣن اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم وﺧرق ﻷﺣﻛﺎم
اﻟﻣواد ) (49و ) (51و ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﻣﺳﺗﻣدة ﻣن اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ .ﻣن ﯾﻘول أن اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء
ﺟوﻫري ﻫو ﻗول ﻣن ﻻ ﯾﻌﺗرف ﺑطﻼق اﻟزوجٕ ،واﻧﻣﺎ ﯾؤﻣن ﻓﻘط ﺑطﻼق اﻟﻘﺎﺿﻲ وأن اﻟطﻼق ﻻ ﯾﻘﻊ إﻻ ﻟدى
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ و أن طﻼق اﻟزوج ﻫو ﻟﻐو ﺣﺳب اﻋﺗﻘﺎدﻫم ،وﻣرد ﻫذا اﻻﻋﺗﻘﺎد ﻋدم اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟطﻼق اﻟذي
ﯾوﻗﻌﻪ اﻟزوج ﺑﺈرادﺗﻪ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻣﺎرس ﺣﻘﻪ اﻹرادي اﻟﻣﻘرر ﻟﻪ ﺷرﻋﺎ و ﻗﺎﻧوﻧﺎ واﻟﺗﻔرﯾق اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ؛ ﻛون اﻷول
رﺟﻌﯾﺎ ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛﻣل ﺛﻼث طﻠﻘﺎت ،أﻣﺎ اﻵﺧر ﻓﯾﻘﻊ ﺑﺎﺋﻧﺎ داﺋﻣﺎ.
ﯾﻘﻊ ً
ﻋﻘﺑت اﻷﺳﺗﺎذة ﺑوزﯾد وردة ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻻ ﯾوﺟد ﺳﺑب ﻹﻏﻔﺎل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻗﺑل
اﻟﺣﻛم ﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق ﺳوى ﺧطﺋﻪ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون ﻷﻧﻪ اﻋﺗد ﺑﻌﻠﻣﻪ اﻟﺷﺧﺻﻲ و اﺳﺗﺑﻌد إﺟراء
-1ﺑن ﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،اﻟﻣﻧﺗﻘﻰ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 198و.201
55
وﺟوﺑﻲ ،وﺳﺑب ﻫذا اﻟﺧطﺄ رﺑﻣﺎ ﯾﻌود ﻟﻐﯾﺎب ﻧﺻوص ﺗﻧظم ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ و إﺟراﺋﺎﺗﻪ وﻫو ﻣﺎ اﺳﺗدرﻛﻪ
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻻﺣﻘﺎ ،1ﻓﻌدم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ رﺑﻣﺎ ﻫو ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﺧطﺄ ﯾﺗﺣﻣﻠﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ اﻟزوﺟﺎن،2
ﻷﻧﻪ و ﻓرﺿﺎ ﻟو إﻋﺗﺑرﻧﺎ أن اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري ﻣﻌﻧﺎﻩ أﻧﻪ ﻋﻠﻘﻧﺎ اﻟطﻼق اﻟذي ﻫو ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ
اﺳﺗﯾﻔﺎء إﺟراء وﻧﻛون ﺣﻣﻠﻧﺎ اﻟزوﺟﺎن ﺧطﺄ ﻟم ﯾﺗﺳﺑﺑﺎ ﻓﻲ ﺣدوﺛﻪ.
ﱡﻠْﺢ َْﺧٌﯾر{.3ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ أﻣر إﯾﺟﺎﺑﻲ ﻟﻣﺎ ﯾﺟرﯾﻪ
ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ أﻣر ﻣﻧدوب إﻟﯾﻪ ﻣﺻداﻗًﺎ ﻟﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ } :واﻟﺻ ُ
اﻟﻘﺎﺿﻲ و ﻟﻛن إذا ﻟم ﯾﻘم ﺑﻪ ﻟﺳﻬوﻩ ﻋﻧﻪ،ﻻ ﻧﻌﺎﻟﺞ اﻟﺧطﺄ ﺑﺧطﺄ أﻛﺑر ﻋﻧدﻣﺎ ﻧﻘرر ﺑطﻼن وﻧﻘض ﺣﻛم
اﻟطﻼق وﻧﻌﻠق اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ إﺟراء ﻟم ﯾﺗم إﺟراﺋﻪ ،ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣرﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﻌد وﻗوع اﻟطﻼق ٕواﺟراء اﻟﺻﻠﺢ
ﻻ ﯾرﺗﺑط وﻻ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻪ ،ﻓﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻟﯾﺳت ﻧص إﺟراﺋﻲ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺈﺟراءات اﻟطﻼق،
ﻷن ﻫذا اﻷﺧﯾر وﻗﻊ ﺑﻘوة اﻟﺷرع و اﻟﻘﺎﻧون ،و ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻹﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ،ﻓﻧص اﻟﻣﺎدة
) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻟم ﯾﻌﻠق اﻟطﻼق ﻋﻠﻰ أي ﻗﯾد أو ﺷرط .وﻛل ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﻣر أن اﻟزوج ﻣطﺎﻟب
ﺑﺎﻟﺗﻘدم إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﺑرﻓﻌﻪ دﻋوى ﻹﺛﺑﺎت ذﻟك اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي أوﺟدﻩ ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ﻗﺻد اﻟﺣﺻول
ﻋﻠﻰ ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ﯾﺛﺑت ذﻟك ،وﻣﺎ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ إﻻ ﻣن أﺟل اﻟﺳﻌﻲ اﻟﺣﺛﯾث ﻹﻗﻧﺎع اﻟزوﺟﯾن ﺑﺿرورة
ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ.
ﺑﻌد أن ﺗم ﺗوﺿﯾﺢ اﻷﻣر ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻹﺟراء اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،و اﻟﺧروج ﺑﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ
أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﺗﻌد إﺟراء ﺟوﻫري .ﯾﺑﻘﻰ ﺗﺳﺎؤل ﯾراود اﻷذﻫﺎن ﻣﻔﺎدﻩ :ﻣﺎ ﻫو اﻷﺛر اﻟذي ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ
ﺗﺧﻠف إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى ﻓك اﻟرﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ؟ ﻫل ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻣﺛﺑت ﻟﻔك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ أم ﻻ؟و ﻫل ﯾﻠﺣﻘﻪ اﻟﺑطﻼن اﻹﺟراﺋﻲ إذا ﻟم ﯾﺟري اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ؟ ﻫذا ﻣﺎ ﺳوف
ﻧﺣﺎول اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻧﻪ ،ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗﺎﻟﻲ.
اﻟﻣطﻠـب اﻟﺛﺎﻧـﻲ
اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺧﻠف ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
ﺗﺑﻌﺎً ﻟﻼﺧﺗﻼف اﻟﻔﻘﻬﻲ و اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻠذان أوﺟد ﻗراءﺗﯾن ﻟﻠﻧص ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣدى اﻋﺗﺑﺎر ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﺑﯾن ﻣن ﯾرى أن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻌﺗﺑرون ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم و ﯾرﺗﺑون ﻋﻠﻰ إﻏﻔﺎﻟﻪ أو ﻋدم ﻗﯾﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻪ ﺑطﻼن اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،وﻣﻧﻪ ﺑطﻼن ﺣﻛم
56
اﻟطﻼق أو اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ أو اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ)اﻟﻔرع اﻷول( ،و ﺑﯾن ﻣن ﯾرى ﺧﻼف ذﻟك ﺑﺄن ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﺗﻌد إﺟراء ﺟوﻫري و ﻻ ﯾؤﺛر ﺗﺧﻠﻔﻬﺎ إطﻼﻗﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ)اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
اﻟﻔرع اﻷول
ﺑطﻼن اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
ﺣﺳب أﻧﺻﺎر اﻟﻣؤﯾدﯾن ﻟﻔﻛرة اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫرﯾﺎ ﻓﺈن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺗﻌد إﺟراء ﻟﺻﯾق
ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ إﻏﻔﺎﻟﻪ اﻟﻧﻘض و ﺑطﻼن اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ و ﻫو ﻣﺎ ﺳوف ﻧﻌﺎﻟﺟﻪ ﻣن اﻟﺟﺎﻧب
أوﻻ( و اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ)ﺛﺎﻧﯾﺎً(.
اﻟﻔﻘﻬﻲ) ً
أوﻻً -ﻣن ﺣﯾث ﻣوﻗف اﻟﻔﻘﻪ:
ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﺑﻠﺣﺎج اﻟﻌرﺑﻲ ":ﻻ وﺟود ﻟﻠطﻼق إﻻ إذا ﺻدر ﺑﻪ ﺣﻛم ﻣن اﻟﻘﺿﺎءٕ ،وان ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ
أﺻﺑﺣت إﺟراء إﺟﺑﺎرﯾﺎ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻪ ﻗﺑل اﻟﻧطق ﺑﺎﻟطﻼقٕ .واذا ﻟم ﯾﺗم ﻫذا اﻹﺟراء ،ﻓﺈن
2
اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﯾﻛون ﺑﺎطﻼ " ،1واﻧﺗﻬﻰ إﻟﻰ اﻟﻘول" :ﺳﯾﻛون ﺣﻛﻣﻪ ﻣﻌﯾﺑﺎ وﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون وﯾﺗﺣﺗم ﻧﻘﺿﻪ"
وﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﻋﻣر زودة" :إن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن اﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻟﺻﺣﺔ اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،وﯾﺗرﺗب
ﻋﻠﻰ ﺗﺧﻠﻔﻬﺎ ﺑطﻼن ﻫذا اﻟﻌﻣل".3
وﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﺣﺳﯾن ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ أﯾﺿﺎً ":إن إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻗﺑل
اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ،واﻟﺗﻲ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ إﻏﻔﺎﻟﻬﺎ ﺑطﻼن اﻟﺣﻛم" ،و ﯾﺿﯾف اﻷﺳﺗﺎذ ﻋﺑد
اﻟﻌزﯾز ﺳﻌد " :إذا دﺧل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺑﺎﺷرة إﻟﻰ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﻣوﺿوع و ﺳﻣﻊ ﻣراﻓﻌﺎت اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ رﺳﻣﯾﺔ
ﻣن ﺟﻠﺳﺎت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ دون أن ﯾﻛون ﻗد ﻣر ﺑﻣرﺣﻠﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺛم ﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ،ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﻌﺗﻘد أن ﺣﻛﻣﻪ
ﺳﯾﻛون ﻣﻌﯾب وﻣﺧﺎﻟﻔﺎً ﻟﻠﻘﺎﻧون و ﯾﺣﺗم ﻧﻘﺿﻪ ".
أﻣﺎ اﻷﺳﺗﺎذة ﺗﺷوار ﺣﻣﯾدو زﻛﯾﺔ ﻓﺗرى" ...ﻟﻛن دون اﻹﻏﻔﺎل ﻋن اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي أﺻﺑﺢ إﺟراءا ﺟوﻫرﯾﺎ
ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﺣﺎﻻت ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ."4و أﺿﺎﻓت" :أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎة
إﺗﺑﺎﻋﻬﺎ ٕواﻻ ﻋرﺿوا ﻗرارﻫم ﻟﻠطﻌن" .5وﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﺳﻠﯾم ﺳﻌدي" :ﻓﯾﺣﺎول اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹﺻﻼح ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ وﻓﻘﺎ
ﻟﻠﻣﺎدة ) (49وﻫذﻩ اﻹﺟراءات ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻻ ﯾﺟوز اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻬﺎ ،ﻓﺈذا ﻟم ﺗﺣﺗرم ﻛﺎن اﻟﺣﻛم
-1ﺑﻠﺣﺎج اﻟﻌرﺑﻲ ،اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص. 357
-2اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 357
-3زودة ﻋﻣر ،طﺑﯾﻌﺔ ،اﻷﺣﻛﺎم ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وأﺛر اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 35
-4ﺣﻣﯾدو ﺗﺷوار زﻛﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 121
-5اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص 130
57
اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟطﻼق ﻋرﺿﺔ ﻟﻠطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون" ،1أﻣﺎ
اﻷﺳﺗﺎذ ﺣﻣﻠﯾل ﺻﺎﻟﺢ " :ﯾﻌﺗﺑر إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء وﺟوﺑﻲ وﻫو ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم وﻋدم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻪ ﯾؤدي إﻟﻰ
ﺑطﻼن اﻟﺣﻛم."2
ﺗرى اﻷﺳﺗﺎذة اﻟﻌرﺑﻲ وردﯾﺔ..." :وﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﻓﺈن اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣدى إﻟزاﻣﯾﺔ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ
وﺗﻌﻠﻘﻪ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،و أﺛرﻩ ﻋﻠﻰ اﻹﺟراءات اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أو اﻟﻣﺗﻘﺎﺿﯾن وذﻟك ﻟﻠﺗﻌرف ﻋﻠﻰ
اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أو اﻟطرﻓﯾن اﺣﺗراﻣﻬﺎ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻗواﻋد آﻣرة ،واﻟﺗﻲ رﺗب
اﻟﻣﺷرع ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺑطﻼن ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻬﺎ" .3
ﺛﺎﻧﯾﺎً -ﻣن ﺣﯾث ﻣوﻗف اﻟﻘﺿﺎء:
ﯾﺳﺗﺧﻠص ﻣن ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،أن اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء أوﺟﺑﻪ اﻟﻘﺎﻧون ،وﯾﻌد ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ٕواﻏﻔﺎل
اﻟﻘرار اﻟﻣﻧﺗﻘد اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬذا اﻹﺟراء اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﯾﻌﺗﺑر ﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾﻘﻪ وﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻪ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺳﺗوﺟب ﻧﻘﺿﻪ
ﻛﻣﺎ ﻫو ﺛﺎﺑت ﻣن ﺧﻼل اﻟﻘ اررات اﻵﺗﯾﺔ:
ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1968 /07/03ﻋن اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺑﺄن ":اﻟﺗﺻرﯾﺢ ﺑﺎﻟﺗﻔرﯾق
ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن دون ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﻘررة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ودون ﺳﻣﺎع اﻟﻣﻌﻧﯾﯾن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺧﺻوص ﯾﻌﺗﺑر
ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون " ،4و ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار آﺧر ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﺣﯾث أﻧﻪ و ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﯾﺗﺑﯾن أن
اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻻﺑﺗداﺋﻲ ﻟم ﯾراع أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠب إﺗﺧﺎذ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن
اﻟزوﺟﯾن ﻗﺑل إﺻدار ﺣﻛم ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾﻧﺟر ﻋﻧﻪ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ٕواﺣﺎﻟﺗﻪ
58
وﺟﺎء ﻓﻲ أﺣد ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ واﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻘرار ﻣوﺿوع اﻟطﻌن ﯾﺗﺟﻠﻰ
ﺧﺻوﺻﺎ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ أﻏﻔل اﻟﻘرار اﻟﻣﻧﺗﻘد ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﺑطرﯾﻘﺔ
ً ﺑﺄﻧﻪ ﺟﺎء ﻣﺧﺎﻟﻔًﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون،
ﺳﻠﯾﻣﺔ وذﻟك ﺑﻣﺻﺎدﻗﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟطﻼق دون ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻗﺑل ذﻟك ﻓﺎﻟﻘﯾﺎم ﺑﺈﺟراء
ﻣﺣ ﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﻗﺑل اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﻫو إﺟراء أوﺟﺑﻪ اﻟﻘﺎﻧون وﯾﻌد ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎمٕ ،واﻏﻔﺎل اﻟﻘرار
اﻟﻣﻧﺗﻘد اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬذا اﻹﺟراء اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﯾﻌﺗﺑر ﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾﻘﻪ وﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻪ اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺳﺗوﺟب ﻧﻘﺿﻪ" ،1وﺟﺎء
أﯾﺿﺎ ﻗرار ﻟﻬﺎ اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2012/06/14ﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ"...وﺣﯾث أﻧﻪ ﻣﺎدام ﻗد ﺛﺑت أن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ اﻟﻣدﻋﻲ
ً
اﻷﺻﻠﻲ ﻗد ﺗﻐﯾب ﻋن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﺈن اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن دون إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻌد ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ
ﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻬﯾن اﻟﻣﺛﺎرﯾن ﺳدﯾدﯾن ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﻧﻘض اﻟﺣﻛم ﺑدون
إﺣﺎﻟﺔ".
أﯾﺿﺎ ﻓﻲ اﻟﻘرار اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ " :2013/02/14ﺣﯾث أﻧﻪ ﯾﺗﺑﯾن ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون
وورد ً
ﻓﯾﻪ و ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ 2009/09/19أن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ -ﺑﺻﻔﺗﻬﺎ ﻣدﻋﯾﺔ وطﺎﻟﺑﺔ اﻟﺗطﻠﯾق-
ﻟم ﺗﺣﺿر ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،2وﻣﻊ ذﻟك اﺳﺗﺟﺎﺑت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻟدﻋواﻫﺎ اﻟراﻣﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺗطﻠﯾق و ﺣﯾث أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
-ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث -ﻗد اﺳﺗﻘر اﺟﺗﻬﺎدﻫﺎ ﻋﻠﻰ وﺟوب ﺣﺿور طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﺟﻠﺳﺔ
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ.
وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﻫذا اﻟوﺟﻪ ﻣؤﺳس و ﯾﻧﺟز ﻋﻧﻪ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ دون ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟوﺟﻪ اﻟﺛﺎﻧﻲ،
وﻣﺎدام أن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ﻟم ﺗﺣﺿر ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن أن ﯾﻛون ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ
اﻟﻔـرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺻﺣﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
إن اﻟﻣؤﯾدﯾن ﻟﻔﻛرة أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻟﯾﺳت إﺟراء ﺟوﻫرﯾﺎً ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﻌد إﺟراء ﻟﺻﯾق
ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،و ﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ إﻏﻔﺎﻟﻪ اﻟﻧﻘض و ﺑطﻼن اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ و إﻧﻣﺎ اﻟﺣﻛم ﯾﻛون ﺻﺣﯾﺢ ،وﻻ
ﯾﺗﺄﺛر ﺑﺈﺟراء أو ﻋدم إﺟراﺋﻬﺎ ،و ﻫو ﻣﺎ ﺳوف ﻧﻌﺎﻟﺟﻪ ﻣن ﺧﻼل ﻣوﻗف اﻟﻔﻘﻪ)أوﻻً ( ،وﻛذا ﻣوﻗف
اﻟﻘﺿﺎء)ﺛﺎﻧﯾﺎً(.
1
-اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،687997ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2012/06/14ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
-2
59
أوﻻً -ﻣن ﺣﯾث ﻣوﻗف اﻟﻔﻘﻪ:
ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﻣطﺎﻋﻲ " :إن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﻟﯾﺳت إﺟراء ﺟوﻫري ﻣن ﺷﺄﻧﻪ
اﻟﻣﺳﺎس أو اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻣﺛﺑت ﻟﻠطﻼق ،ﻷن اﻟﻬدف اﻟﻣﺗوﺧﻰ ﻣن إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﻫو ﺗﻘدﯾم اﻟﻧﺻﺢ ،و اﻹرﺷﺎد واﻟﻣوﻋظﺔ اﻟﺣﺳﻧﺔ ﻟﻠزوج ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻣﻛن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻣن اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﻣﺑﺗﻐﻰ
و اﻟﻬدف اﻟﻣﻧﺷود ،أﻻ وﻫو اﻟوﺻول إﻟﻰ إﻗﻧﺎع اﻟزوج اﻟذي أوﻗﻊ اﻟطﻼق ﺑﺿرورة اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ واﺳﺗﻌﻣﺎل ﺣق اﻟرﺟﻌﺔ ﻻ ﻏﯾر ،وذﻟك ﻻ ﯾﺗﺄﺗﻰ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗطﺎﺑق ﻣدة ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﻣﻊ
ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ،وأن اﻟﻬدف ﻣن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻟﯾس إﻗﻧﺎع اﻟزوج ﻋن اﻟﻌدول ﻋن اﻟطﻼق ،ﻛﻣﺎ ذﻫب اﻟﺑﻌض
إذ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻌدل اﻟزوج ﻋن اﻟطﻼق ﻷﻧﻪ وﻗﻊ واﻧﺗﻬﻰ اﻷﻣر ،و إﻧﻣﺎ ﻷﺟل ﻣواﺻﻠﺔ واﺳﺗﻣرار اﻟﺣﯾﺎة
اﻟزوﺟﯾﺔ طﺎﻟﻣﺎ وأن ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﻟم ﺗﻧﻘﺿﻲ ﺑﻌد.
اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾدﻋم أﻛﺛر ﺑﺄن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻟﯾﺳت إﺟراء ﺟوﻫري ،ﻫو أن اﻟﻣﺷرع ﺣدد ﻟﻬﺎ ﻣدة ﺛﻼﺛﺔ
)(03أﺷﻬر ﻓﻘط ﺗﺳري ﻣن ﯾوم رﻓﻊ اﻟدﻋوى أي ﺑﻣﻌﻧﻰ أﺧر ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻘوم ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻌد اﻧﻘﺿﺎء ﻫذﻩ اﻟﻣدة ،ﻓﻠو ﻛﺎن ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣن إﺟراء ﺟوﻫري ﻟﻣﺎ ﻗﯾدﻩ اﻟﻣﺷرع ﺑﺎﻟﻣدة ﺑﺣﯾث ﯾﺟﻌل
1
اﻟﻣدة ﺗدوم أطول.
ﯾﺗﻌﻠق اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻣرﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﻌد وﻗوع اﻟطﻼق ،أﯾن ﯾﻛون اﻟﺳﻌﻲ ﺣﺛﯾﺛﺎ ﻹﻗﻧﺎع اﻟزوج ﻋﻠﻰ ﻣواﺻﻠﺔ
اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻻ ﯾﺗﻌﻠق ﻻ ﻣطﻠﻘﺎ ﺑﺎﻟطﻼق2و ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ،إن إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻗﺑل ﺗﺛﺑﯾت
4
اﻟطﻼق ﺑﻣوﺟب ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ،3ﻻ ﯾﻌد ﻣن إﺟراءات اﻟطﻼق.
ﯾﺿﯾف اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﻣطﺎﻋﻲ وﯾﻘول ":أن ﻣن ﯾدﻋﻲ أن اﻟﺣﻛم اﻟﻣﺛﺑت ﻟﻠطﻼق ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺑطﻼن ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺧﻠف إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻫو ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﻗول ﻣن ﻻ ﯾﻌﺗرف ﺑﺎﻟطﻼق اﻟذي ﯾﻘﻊ ﺑﺈرادة اﻟزوج
اﻟﻣﻧﻔردة اﻟذي ﻧص ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن اﻟﻘﺎﻧون ﻧﻔﺳﻪٕ ،واﻧﻣﺎ ﯾﻌﺗرف ﻓﻘط ﺑﺎﻟطﻼق اﻟذي ﯾﻧطق
ﺑﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ وﺧﻠص إﻟﻰ ":أن إﺻدار أﺣﻛﺎم ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﺗﺗﺿﻣن رﻓض دﻋوى إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ﻟﻌدم إﺟراء
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﯾﻌد ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﺧرق ﻟﻛل ﻣن أﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،إذ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ
-1ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 130و . 132
2
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 145
-3ﯾﺗﺿﺢ ﺟﻠﯾﺎ أن اﻟﺣﻛم اﻟذي ﯾﺛﺑت ﻓﯾﻪ اﻟطﻼق ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،إذ أن اﻟﺣﻛم أﺛﺑت ﻓﻘط واﻗﻌﺔ اﻟطﻼق وﻛﺷف
ﻋﻧﻬﺎ و ﻻ دﺧل ﻟﻪ ﻓﻲ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﻣن ﻋدﻣﻪ ،ﻷن اﻟطﻼق ﺳﺑق و أن أوﻗﻌﻪ اﻟزوج ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة طﺑﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة
)(48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة .
-4ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 138
60
ﺑﯾن اﻟطﻼق اﻟﺣﺎﺻل و ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﺑل ﻣن واﺟب اﻟﻘﺎﺿﻲ إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ﻟﯾﺳﺟل ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ
وﯾﺣﺗﺳب ﻣن ﻋدد اﻟطﻠﻘﺎت .1
وذﻫب اﻷﺳﺗﺎذ زﯾدان ﻋﺑد اﻟﻧور إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎر":أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﺗﻌﺗﺑر ﺳوى إﺟراء ﺷﻛﻠﻲ ﻏﯾر
ﺟوﻫري ،اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣﻧﻪ اﻟوﻋظ دون ﻏﯾرﻩ ،ﺑﻣﺎ ﯾﺳﺗﻔﺎد ﻣﻧﻬﺎ أﻧﻬﺎ إﺟراء ﻏﯾر إﻟزاﻣﻲ و ﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻪ
ﺑطﻼن وﻧﻘض اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻣﺗرﺗب ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻪ " ،2ﻓﻲ ﺣﯾن ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﻋﺎدل ﺑوﺿﯾﺎف ":إن اﻟﺻﻠﺢ
وﺟوﺑﻲ ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،وﻓﻲ ﺣدود ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﻟﻠﺻﻠﺢ
ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،وﻫو ﺗﺄﻛﯾد ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة واﻟوﺟوب ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
ﻧظرا ،ﻷن اﻟﺑطﻼن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﻟﻪ
واﻹدارﯾﺔ ﻻ ﯾﻔﯾد ﺑﺑطﻼن اﻟﻌﻣل اﻹﺟراﺋﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺧﻠف اﻟﺻﻠﺢ ً
ﺿواﺑط ﻓﺎﺻﻠﺔ ،و ﺷروط إﺑطﺎل اﻟﻌﻣل اﻹﺟراﺋﻲ ﻗد ﺗﻛون ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈﺟراء ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم أو ﺑﻣﺻﻠﺣﺔ
اﻟﺧﺻم اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺗﺿرر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺧﻠف ﻫذا اﻹﺟراء إﻟﻰ ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺗﻲ ﻗدﻣﻬﺎ اﻟﻔﻘﻪ و اﻟﺗﺷرﯾﻊ
ﻹﺑطﺎل أي ﻋﻣل إﺟراﺋﻲ ،وﻻ ﺑطﻼن ﺑدون ﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ أو اﻧﻌدام اﻟﺿرر وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس ﻓﻼ ﯾﻣﻛن
إﺑطﺎل اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗﺧذ ﻋﻧد ﻋدم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ " ،وﯾرى أﻧﻪ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻧﺻﻲ اﻟﻣواد 49و 439اﻟﺳﺎﻟﻔﺗﻲ
اﻟذﻛر ،ﻻ ﯾظﻬر ﺟﻠﯾﺎ و أن اﻟوﺟوﺑﯾﺔ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑطﻼن اﻟﻌﻣل اﻹﺟ ارﺋﻲ ،وﺧﻠص إﻟﻰ اﻟﻘول ":أن اﻟﺻﻠﺢ
ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﻘرﯾب وﺟﻬﺗﻲ اﻟﻧظر و إﺻﻼح ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن و ﻟﯾس ﻟﺗرﺗﯾب اﻟﺣﻘوق و ﺗﻣﯾﯾز طرف
ﻋن طرف أو إﺿرار ﺑطرف ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻟطرف اﻵﺧر ،و ﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك ﯾﻛون اﻟﺻﻠﺢ ﺣﺳب رأﯾﻪ إﺟراء و
3
ﺟوﺑﻲ ﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﺗﺧﻠﻔﻪ ﺑطﻼن اﻟﻌﻣل اﻹﺟراﺋﻲ أو اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ"
ﺛﺎﻧﯾﺎً -ﻣن ﺣﯾث ﻣوﻗف اﻟﻘﺿﺎء:
ﻟﻘد ﻗﺿﻰ اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﻓﻲ ﻗرار ﻟﻪ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ": 1985/06/03ﺑﺄن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺟوازﯾﺔ ﺣﯾث
وردت ﻓﻲ أﺳﺑﺎﺑﻪ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟوﺟﻪ اﻟﻣﺳﺗدل ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟطﻌن :أﻛﺛرت ﻣذﻛرة اﻟطﻌن ﻣن اﻟﻛﻼم ﻋﻠﻰ
ﻋدم ﻗﯾﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻷول وﻣن وراﺋﻪ اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن و اﻋﺗﺑرت ذﻟك ﻣن ﻣﺑطﻼت
اﻟﺣﻛم وﻣن ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟﻣﺟﻠس دون أن ﺗﺳﺗدل ﺑﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﯾوﺟﺑﻪ وﻋﻠﯾﻪ ﻟﯾس ﻷﺣد
أن ﯾﻠزم اﻟﻘﺿﺎة ﺑﺎﺗﺧﺎذ إﺟراء ﻻ ﯾﻔرض ﻋﻠﯾﻬم اﻟﻘﺎﻧون اﺗﺧﺎذﻩ ،و ﻻ ﯾﺻﺢ ﻟﺧﺻم أن ﯾﺣﺎول اﻧﺗزاع إﺟراء ﺟﻌﻠﻪ
اﻟﻘﺎﻧون ﺟوازﯾﺎ ،ﻟﻬم ﻓﻌﻠﻪ أو ﺗرﻛﻪ ".4
1
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 140
-2زﯾـدان ﻋﺑد اﻟﻧور ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص. 118
-3ﺑوﺿﯾﺎف ﻋﺎدل ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .444
-4ﺑن اﻟﺷﯾﺦ اث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،اﻟﻣﻧﺗﻘﻰ ﻓﻲ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 197و . 198
61
وﺟﺎء ﻓﻲ أﺣد ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1997/11/23ﻣﺎ ﯾﻠﻲ":إن ﻋدم ﺣﺿور أﺣد
اﻟطرﻓﯾن ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ رﻏم ﺗﺄﺟﯾل إﺟراﺋﻬﺎ ﻋدة ﻣرات ،ﯾﺟﻌل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻠزم ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟدﻋوى رﻏم ﻋدم ﺣﺿور
أﺣدﻫﻣﺎ ،ﻷن اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗﺣدد ﻣﻬﻠﺔ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺛﻼﺛﺔ) (03أﺷﻬر".1
ﻛﻣﺎ ورد ﻓﻲ ﻗرار آﺧر ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1998/07/21ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن
اﻟطرﻓﯾن ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟطﻼق ،ﻟﯾﺳت ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ وأن ﻟﻔظ اﻟطﻼق و اﻟﺗطﻠﯾق ﺗﺻدر داﺋﻣﺎً ﻧﻬﺎﺋﯾﺔ".2
أﯾﺿﺎ ﻓﻲ ﻗرار آﺧر ﻟﻬﺎ ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1999/02/16ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":إن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﺗﻌﺗﺑر
ﺟﺎء ً
ﺷﻛﻼً ﺟوﻫري ﻟﻠﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ،إﻧﻣﺎ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣذﻛورة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ
ﻣؤﺳس ".4
ﺣﺗﻰ ﺑﻌد ﺗﻌدﯾل ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺳﻧﺔ 2005اﻟذي إﻋﺗﺑر أن اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﻏﯾر ﺟوﻫري ﺑﻣوﺟب ﻗرار ﺻﺎدر
ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2007/06/13واﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ " ﻟﻛن ﺣﯾث أن
اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻻ ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺟﺎﻟس ﺑل ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺣﺎﻛم ﻓﻘط ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﺗﻌﺗﺑر ﺷﻛﻼً ﺟوﻫرﯾﺎً ﻟﻠﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق إﻧﻣﺎ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣذﻛور ﺑﺎﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﻣوﻋظﺔ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻪ ﻏﯾر ﻣؤﺳس ﯾﺗﻌﯾن ﻣﻌﻪ رﻓض اﻟطﻌن 5".وﻓﻲ ﻗرار أﺧر ﻗﺿت
ﺑﻣﺎﯾﻠﻲ " :ﻟﻛن ﻣﺗﻰ ﺗم اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﻟطﻼق ،ﻓذﻟك ﻻ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟم ﯾﺳﺗدﻋﻲ اﻟطرﻓﯾن ﻹﺟراء
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،174132ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1997/11/23ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،ﻋدد ،56
،1999ص .40
-2اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،200198ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1998/07/21ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،ﻋدد 55
،1999ص . 179
-3اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،216850ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1999/02/16اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد
ﺧﺎص ،2001 ،ص 103وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
-4اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،210451ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1999/11/17اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد
ﺧﺎص ،2001،ص 253و .254
-5اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻻﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،356657ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2007/06/13ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
62
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ذﻟك أن ﻛل طﻼق ﯾﺳﺑﻘﻪ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ
ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟطﻼق إﻻ ﺑﻌد إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،واﻟﺗﻲ ﺑﺎﻟﺿرورة ﯾﻘوم ﺑﺎﺳﺗدﻋﺎء
اﻟطرﻓﯾن ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﺣﯾث أن ﺳﻬو اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻌدم ذﻛرﻩ ﻓﻲ ﺣﯾﺛﯾﺎت اﻟﺣﻛم ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ
ﻫو ﻣﺟرد ﺳﻬو ﻟﯾس إﻻ .و اﻟذي ﻻ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓذﻟك ﻻ ﯾﻌﻧﻲ أﻧﻪ ﻟم ﯾﻘم ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ٕواﻧﻣﺎ
ﺗﺄﺛﯾر ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﻣﻧﺗﻘد ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن رﻓض اﻟوﺟﻪ ﻟﻌدم ﺟدﯾﺗﻪ و ﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك رﻓض اﻟطﻌن.1".
وﻓﻲ ﻗرار أﺧر ﻗﺿت ﻋﻠﻰ ﻧﻔس اﻟﻧﺣو ﺑﻣﺎﯾﻠﻲ " ":ﺣﯾث أﻧﻪ ﻋﻛس ﻣﺎ ﺗدﻋﯾﻪ اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﻓﺎﻟﺣﻛم ﻗد ﻧص
ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺳﻌت ﻟﻠﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن وأﻧﻬﺎ ﻟم ﺗﺗﻣﻛن ﻣن ﺗﺣﻘﯾق ذﻟك ﺑﺳﺑب ﻏﯾﺎب اﻷطراف
ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻠﺳﺔ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬذا اﻟوﺟﻪ ﻫو اﻵﺧر ﻏﯾر ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺷرﻋﻲ اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺳﺗوﺟب
رﻓﺿﻪ وﺣﯾث أﻧﻪ ﻣن اﻟﺛﺎﺑت ﻗﺎﻧوﻧﺎ أن اﻹﺟراء اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻓﻬو
إﺟراء ﺟوﻫري وﻟﻪ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﻟﻛن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗد أﺷﺎرت ﻓﻲ ﺣﯾﺛﯾﺎﺗﻬﺎ أﻧﻬﺎ اﻗﺎﻣت ﺑﺎﺳﺗدﻋﺎء
اﻟطرﻓﯾن ﻹﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ إﻻ اﻧﻬﺎ ﻟم ﺗﺗﻣﻛن ﻣن ذﻟك ﻟﺳﺑب ﻏﯾﺎب اﻷطراف وﻋﻠﯾﻪ ﻓﻘﺎﺿﻲ أول درﺟﺔ
ﻟﻣﺎ ﻗﺿﻰ ﺑﺎﻟﺻورة اﻟﻣذﻛورة أﻋﻼﻩ ﯾﻛون ﺑذﻟك ﻋﻠل ﺣﻛﻣﻪ ﺗﻌﻠﯾﻼ ﻛﺎﻓﯾﺎ وﻣﻘﺑوﻻ اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺗﻌﯾن
2
ﻣﻌﻪ رﻓض اﻟطﻌن ﻟﻌدم ﻗﯾﺎﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻧد ﻗﺎﻧوﻧﻲ "
ﻣﻣﺎ ﺗﻘدم ﻧﺳﺗﺧﻠص أن اﻟﻣﺷﻛل ﻻ ﯾزال ﻣطروح ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻔﻘﻬﻲ ﺑﯾن ﻣن ﯾؤﻣن ﺑﺑطﻼن اﻟﺣﻛم
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ )ﻻ ﺑل ﯾﻛون ﻣﻌﯾﺑﺎ و ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون وﯾﺗﺣﺗم ﻧﻘﺿﻪ( ﻋﻧد ﺗﺧﻠف إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،وﺑﯾن ﻣن
ﺧرﻗﺎ ﻟﻛل ﻣن أﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ و ﻟﯾس ﻟﻪ
ﯾﻧﻔﻲ ذﻟك )و ﻫو اﻟراﺟﺢ( إذ اﻟﻘول ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﯾﻌد ً
أﺳﺎس ﻗﺎﻧوﻧﻲ ،ﻷن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺷﺗرط ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
ﻣن أﺟل إﺗﻣﺎم اﻟطﻼق ،ﻷن إذا ﺗﻠﻔظ اﻟزوج ﺑﺎﻟطﻼق أﺻﺑﺢ ﻣرﻛز ﻣوﺟود ،ﺛم ﯾﺄﺗﻲ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻹﺛﺑﺎت
ذﻟك اﻟﻣرﻛز اﻟذي أوﻗﻌﻪ اﻟزوج ،ﻓﺎﻟطﻼق ﻟﯾس ﻣﻌﻠق ﻋﻠﻰ أي ﺷﻲء ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة )(49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة .3
وﻫﻧﺎ ﻧﺟد أن ﺳوء ﻓﻬم اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺧﻠق ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟواﺣدة ﺗﻧﺎﻗﺿﺎ ﺑﯾن ﻣن ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺻﻠﺢ
إﺟراء ﺟوﻫري و ﺑﯾن ﻣن ﯾﻌﺗﺑرﻩ إﺟراء ﻏﯾر ﺟوﻫري ﻣن ﺟﻬﺔ و ﺑﯾن ﻣن ﯾﻌﺗﻘد أﻧﻪ ﺑﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻻﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ رﻗم اﻟﻣﻠف 3777368ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2007/02/14ﻗرار ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
-2اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻏرﻓﺔ اﻻﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻣﻠف رﻗم 381426ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2007/02/14ﻗرار ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
-3ﻓﺎﻟطﻼق ﯾدﺧل ﻓﻲ ﺣﺳﺎب ﻋدد اﻟطﻠﻘﺎت ،واﻟﺻﻠﺢ ﻟﯾس ﻋدوﻻ واﻧﻣﺎ ﻣن أﺟل اﻟﻣراﺟﻌﺔ إﻣﺎ ﺑﻌﻘد ﺟدﯾد أو ﺑدوﻧﻪ ﺣﺳب
أﺣوال ﻛل ﻗﺿﯾﺔ .
63
اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ زال اﻟﻐﻣوض و ﻟم ﺗﻌد ﻣﺳﺄﻟﺔ إﻟزاﻣﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺗﺛﯾر أي ﺟدل ﺑﺣﯾث ﺗﺿﻣﻧت اﻟﻣﺎدة )(439
اﻟﺟواب ﺑﺄن اﻋﺗﺑرت ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ و ﺟوﺑﯾﺔ ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى.
وﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ وﺟوﺑﯾﺔ ﻫذا اﻹﺟراء واﺿﺣﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﯾﺟرﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗطﺑﯾﻘﺎً ﻟﻧص
اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﻫو ﻣﺎ ﺗؤﻛدﻩ اﻟﻣﺎدة ) (439ﺑﻧﺻﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
وﺟوﺑﯾﺔ وﺗﺗم ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ ﺳرﯾﺔ " ،1ﻏﯾر أﻧﻪ ﯾﻼﺣظ ﻏﯾﺎب ﺻﯾﻐﺔ اﻹﻟزام ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة ،وﻛذا اﻟﻧص اﻟﻣﻌدل ﻟﻬﺎ ،2أو ﺣﺗﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺗﺿﻣن ﺟزاء ﻋﻠﻰ ﻋدم ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ ،ﻓﻠم ﯾﻘﯾد اﻟﻣﺷرع اﻟﻧﺻﯾن ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ اﻟﺑطﻼن.
ﻧﻼﺣظ ﻏﯾﺎب ﻧص ﺻرﯾﺢ ﯾدل ﻋﻠﻰ إﻟزام اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،إذ ﯾﻛﻔﻲ اﻟﻘول ﺑﺄن ﻧص
اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﺟﻌﻠت ﻣن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟواﺣدة ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ إﺛرى ﺗﻌدﯾﻠﻬﺎ ،ﻣﻣﺎ
ﯾﻔﻬم أن اﻟﻣﺷرع ﯾرﯾد ﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ وﺟوب اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻏﯾر أن اﻷﻣر ﻻ ﯾرﻗﻰ إﻟﻰ درﺟﺔ اﻹﺟراء
اﻟﺟوﻫري اﻟذي ﯾﻣس ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم .
ﺗﺄﻛﯾدا ﻣن اﻟﻣﺷرع أن اﻟﻣﻘﺻود ﺑﻌدة ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،إﻧﻣﺎ ﻫو اﻟوﺟوب ،و ﺟﺎء ﻗﺎﻧون
ً ﻧﺟد
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎدﺗﻪ )(439ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ وﺟوﺑﯾﺔ ،3ﻟﯾﻛرس ﻧص
اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻓﻛﻠﻣﺔ وﺟوﺑﯾﺔ اﻟﻐرض ﻣﻧﻬﺎ ﺗﻣﻛﯾن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ و ﻻ ﯾﺗﻣﻠص
ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻪ ﻻ ﯾوﺟد ﻧص أو ﻻ ﯾوﺟد ﻣﺎ ﯾﻔرض ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺈﺟراﺋﻪ.4
ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ وﺟوﺑﻲ ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439ﻓﻲ ﺣدود ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻟﻛن اﻟﻣﺷرع ﻟم
ﯾرﺗب ﺟزاء ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﯾذﻫب اﻟﺳواد اﻷﻋظم ﻣن اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾن ﻋن ﺧطﺄ ،إﻟﻰ أن ﺗﺧﻠف
إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ اﻟﺣﻛم.
ﻫذا اﻟﻛﻼم ﻻ ﯾﺻﺢ ،ﻷﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﻣرد ﻛل ﻫذا راﺟﻊ إﻟﻰ ﻋدم اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
ﻛﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎً ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣﻔﺗﺎح اﻟﺟواب ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺧﻼف ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺗﻰ ﺗﻛون اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
ﻣﻠزﻣﺔ ،وﻣﺗﻰ ﻻ ﺗﺗﺿﻣن ﺟزاء ﯾوﻗﻊ ﻋﻧد ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻬﺎ وﺳواء ﻛﺎﻧت اﻟﻘﺎﻋدة اﻵﻣرة ﻗﺎﻋدة ﻣوﺿوﻋﯾﺔ أو ﻗﺎﻋدة
إﺟراﺋﯾﺔ.
64
ﺗﻌﺗﺑر ﻛﻼ ﻣن اﻟﻣﺎدﺗﯾن ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و
اﻹدارﯾﺔ ﻫﻣﺎ ﻗﺎﻋدﺗﺎن آﻣرﺗﯾن ﻛوﻧﻬﻣﺎ ﺗﺗﺿﻣن ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟوﺟوب ،ﺑﺎﻟرﻏم أﻧﻬﻣﺎ ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻵﻣرة إﻻ أن
ﻋﻧﺻر اﻟﺟزاء ﻏﺎﺋب ﻓﻲ ﻧﺻﯾﻬﻣﺎ ﻓﻠم ﯾﻘرﻧﻬﻣﺎ اﻟﻣﺷرع ﺑﺟزاء ﻣﺎدي ﻋﻧد ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻣﻘﺗﺿﯾﺎﺗﻬﻣﺎ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟﻣﺎ
ﺗﻛون اﻟﻘﺎﻋدة آﻣرة أي وﺟوﺑﯾﺔ و ﻟﻛن ﻻ ﺗﻘﺗرن ﺑﺟزاء ،ﻛون اﻟﻣﺷرع ﻫو ﻣن ﯾﺣدد اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻣن
اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم و ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻬﺎ ﺟزاء ،و إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﻣﺷرع ﯾوﺟد أﯾﺿﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟذي ﯾﺣدد ﻫل
إﻋﻣﺎل ﻗﺎﻋدة ﻣﻌﯾﻧﺔ أو ﻋدم إﻋﻣﺎﻟﻬﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ إﺧﻼل ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم.
وﯾرى ﻫل إﻋﻣﺎل ﻫذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ أو ﻋدم إﻋﻣﺎﻟﻬﺎ ﯾﻌرﻗل ﺣﺳن ﺳﯾر اﻟﻌداﻟﺔ ﻛون ﻣﺻدر اﻟﻧظﺎم
اﻟﻌﺎم ﻫو اﻟﻘﺎﻧون أو اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن ﺟﻬﺔ ،وﻣن ﺟﻬﺔ ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟوﺟوب ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ
اﻟواردة ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣﻧﻪ ،ﻻ ﺗﻔﯾد ﺑﺑطﻼن اﻟﻌﻣل اﻹﺟراﺋﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺧﻠف اﻟﺻﻠﺢ ﻧظ ار ﻷن
اﻟﺑطﻼن ﻟﻪ ﺿواﺑط ﻓﺎﺻﻠﺔ.1
ﻓﻌدم إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﻟطﻼق اﻟذي أوﻗﻌﻪ اﻟزوج.ﻓﻬو ﻟﯾس ﻣن إﺟراءات اﻟطﻼق و إﻧﻣﺎ
ﻫو ﻣرﺣﻠﺔ ﻻﺣﻘﺔ ﻟﻪ ،ﻓﻛﯾف وﺟود ﻣرﺣﻠﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻣرﺣﻠﺔ ﻻﺣﻘﺔ.
ﯾﻼﺣظ ﻋدم اﺳﺗﻘرار ﺑﯾﱢن ﻓﻲ ﻣوﻗف اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ظل ﻧص واﺣد ﻟم ﯾط أر ﻋﻠﯾﻪ أي ﺗﻐﯾر ،ﻓﻛﯾف
اﺟﻌﺎ أم ﻧﺳﻣﯾﻪ اﺳﺗدراﻛﺎ أم ﺷﯾﺋﺎ آﺧر؟ ،وﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﻘ اررات اﻟﺻﺎﺋﺑﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ
ﻧﺳﻣﻲ ﻫذا اﻟﺗﺑﺎﯾن؟ ،ﻫل ﻧﺳﻣﯾﻪ ﺗر ً
أم اﻟﻼﺣﻘﺔ ؟ ﻓﻛﯾف ﻧﺟد ﻫذا اﻟﺗﻧﺎﻗض ﻓﻲ أﻋﻠﻰ ﺟﻬﺎز ﻗﺿﺎﺋﻲ ﯾﺳﻬر ﻋﻠﻰ ﺗوﺣﯾد اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ و ﺗوﺣﯾد
اﻻﺟﺗﻬﺎد ﻓﺄﯾن ﯾﻛﻣن اﻟﺧﻠل؟
ﯾﻌود اﻟﺧﻠل و اﻹﺷﻛﺎل إﻟﻰ ﻋدم اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻹﺟراء اﻟﺟوﻫري واﻹﺟراء ﻏﯾر اﻟﺟوﻫري واﻹﺟراء
اﻟوﺟوﺑﻲ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾدﻓﻌﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﻘواﻋد اﻹﺟراﺋﯾﺔ اﻟﺟوﻫرﯾﺔ و ﻏﯾر اﻟﺟوﻫرﯾﺔ واﻟوﺟوﺑﯾﺔ ،ﻓﻬذﻩ
اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ أﺻﺑﺣت ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺗﻔﺳﯾر و إﯾﺿﺎح ﻓﻬﻲ أﺳﺎس اﻟﻣﺷﻛل و ﻣﺣل اﻹﺧﺗﻼف ،ﻷن اﻟﻘﺎﻧون
ﻧص ﻋﻠﻰ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﻟﯾﺳت ﻟﻬﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ ﻧﻔس اﻟﻘﯾﻣﺔ و اﻷﻫﻣﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،و ﻻ ﺗرﺗب ﻧﻔس
اﻷﺛر و اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ،ﻷﻧﻪ ﻣن ﻏﯾر اﻟﻣﻌﻘول أن ﺗﻛون ﻛل اﻷﺷﻛﺎل ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟدرﺟﺔ ﻓﻬﻧﺎك ﻓروق ﺑﯾﻧﻬﺎ
ﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻣﻼﺣظﺗﻪ أن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﻌرف ﻫذﻩ اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت ،ﺑل ﺗرك اﻷﻣر ﻟﻠﻘﺿﺎء واﻟﻔﻘﻪ ﻣﻬﺗدﯾﯾن
ﺑﺎﻟﺣﻛﻣﺔ و اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﻣﺗوﺧﺎة ﻣن وراء ﻛل ﻗﺎﻋدة ﺗﻘرر إﺟراء ﻣﻌﯾﻧﺎ ،ﻓﻌرف اﻟﺑﻌض اﻹﺟراء اﻟﺟوﻫري أﻧﻪ ﻋﯾب
65
ﻧﺎﺷﺊ ﻋن ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ وﺿﻊ ﺟوﻫري ،1ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ اﻟﺷﻛل اﻟﻼزم ﻟوﺟود اﻟﻌﻣل ،ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﺷﻛل اﻟذي ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ
ﺗﺧﻠﻔﻪ ﻋدم اﻟوﺟود ،وأﻧﻪ اﻟﺷﻛل اﻟﺿروري ،2ﺣﺗﻰ وﻟو ﺳﻛت ﻋﻧﻪ اﻟﻘﺎﻧون ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻓﻬم وﺟود و أﺳﺎس
اﻟﻌﻣل ﺑدوﻧﻪ ،أو ﻫو اﻟﺷﻛل اﻟﻼزم ﻟﺗﺣﻘق اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﯾﻘﺻدﻫﺎ اﻟﻣﺷرع ﻣن وراﺋﻪ. 3
وﻫﻧﺎك ﻣن ﯾرى إن اﻹﺟراء إن ﻛﺎن ﯾﻬدف إﻟﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻟدﻓﺎع أو ﺣﻘوق اﻷطراف ﻓﻲ
اﻟﺧﺻوﻣﺔ أو ﯾرﻣﻲ إﻟﻰ ﺣﺳن ﺳﯾر اﻟﻌداﻟﺔ ﻓﯾﻌﺗﺑر إﺟراءا ﺟوﻫرﯾﺎ وﯾرﺗب ﺑذاﻟك اﻟﺑطﻼن ﻋﻧد ﻋدم
ﻣراﻋﺎﺗﻪ .4أﻣﺎ اﻹﺟراء اﻟﻐﯾر ﺟوﻫري أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻹﺟراء اﻟﺗوﺟﯾﻬﻲ أو اﻹرﺷﺎدي5ﻓﻬو ﻧﺎﺷﺊ ﻋن ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ
وﺿﻊ ﻏﯾر ﺟوﻫري أي ﺛﺎﻧوي و ﻫو ﻣﻘرر ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣﺻﻠﺣﺔ ﺧﺎﺻﺔ وﻟﯾس ﺿروري ﻹﺗﻣﺎم اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ.6
وﺑذﻟك ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻗﺎﻋدة ﺟوﻫرﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﺟراءات ،ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻗﺎﻋدة ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ
اﻟﺑطﻼن )و ﻫذا ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻟﺳﻧﺔ (1996ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﺛﺑﺎت ﺿرر ﻣن
طرف ﻣن ﯾﺗﻣﺳك ﺑﻬﺎ .7
أﻣﺎ ﻋن اﻹﺟراء اﻟوﺟوﺑﻲ ﻓﻬو اﻟﺗزام ﻏﯾر اﺧﺗﯾﺎري ،8ﻏﯾر أﻧﻪ ﻻ ﯾﻛون ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ اﻟﺑطﻼن وﻋﺎدة ﻣﺎ
ﺗﻛون اﻟﻘﺎﻋدة اﻟوﺟوﺑﯾﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺳﺗﻌﻣل اﻟﻣﺷرع ﻋﺑﺎرة ﻧﺎﻫﯾﺔ أو ﻧﺎﻓﯾﺔ ﻛﻌﺑﺎرة " ﻻ ﯾﺟوز " أو" ﯾﺟب" ﻏﯾر أﻧﻪ
ﻻ ﯾﺟوز اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﺑطﻼن اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﻋدم اﻟﻧص ﻋﻠﯾﻪ ﺻراﺣﺔ ،9ﻷﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺳﺎﺑق ﻛﺎن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻣﻠﻐﻰ 10؛ ﻟم ﯾﻧص ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﻧظﺎم اﻟﺑطﻼن و إﻧﻣﺎ أﺧذ ﺿﻣﻧﯾﺎ ﺑﻧظﺎم اﻟﺑطﻼن اﻟذي ﻛﺎن ً
ﺳﺎﺋدا
-1ﻣﺣﻣد ﺷﺣﺎدة اﻟﻌرﻣوطﻲ ﺳوزان ،اﻟﻌﯾب اﻟﺟوﻫري و أﺛرﻩ ﻓﻲ ﺑطﻼن اﻹﺟراءات اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر
ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺷرق اﻷوﺳط ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯾﺎ ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2009ص .25
-2ﻗدﻣت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺗوﺟﯾﻬﺎت ﺗﺳﻬل اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﻣﻔﺳرة " اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﺟوﻫري ﻟﻺﺟراء ﺑﻣﺎ ﯾﺑرر وﺟود ﻫذا اﻹﺟراء
وﻣﺎ ﻫو ﺿروري ﻷداء اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﻣﻧوط ﺑﻪ"
3ﻣﺣﻣد ﺷﺣﺎدة اﻟﻌرﻣوطﻲ ﺳوزان ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .20
-4اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ أﺣﻣد ،ﻧظرﯾﺔ اﻟﺑطﻼن ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﺟزاﺋﯾﺔ اﻟﺟزاﺋري ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون
ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺑن ﻋﻧﻛون ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ 2002و ،2001ص.10
-5ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻣﺎ ﯾرى ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻪ أن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻘواﻋد اﻟﻣﻧﺻوص ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،ﻛﻘﺎﻧون إﺟراﺋﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﻣﻠزﻣﺔ
وواﺟﺑﺔ اﻻﺣﺗرام وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻬﺎ اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﺑطﻼن أﻧظر :اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ اﺣﻣد ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.10
-6ﻣﺣﻣد ﺷﺣﺎدة اﻟﻌرﻣوطﻲ ﺳوزان ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .25
-7ذﯾب ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .250
8
ﺑن ﺣﻠﯾﻣﺔ ﯾﻣﯾﻧﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .113
-9زودة ﻋﻣر،اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ ﺿوء أراء اﻟﻔﻘﻬﺎء و أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎء ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .483
-10اﻷﻣر رﻗم ،154/66ﻣؤرخ ﻓﻲ 18ﺻﻔر 1386اﻟﻣواﻓق 8ﯾوﻧﯾو ﺳﻧﺔ ،1966ﯾﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم)،اﻟﻣﻠﻐﻰ(
66
ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،ﻓﻘد أﺧذ ﺑﻔﻛرة اﻷﺷﻛﺎل اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ﺿﻣﻧﯾﺎ ،ذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﺟﻌل ﻣن ﺣﺎﻟﺔ ﺧرق اﻷﺷﻛﺎل
اﻟﺟوﻫرﯾﺔ وﺟﻬﺎ ﻣن أوﺟﻪ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض.1
ﻏﯾر أن اﻟوﺿﻊ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﯾﺧﺗﻠف ﻋﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻘدﯾم ،ﻷن ﻫذا
اﻷﺧﯾر ،ﻟم ﯾﺗﺑن أي ﻧظﺎم ﻓﻲ اﻟﺑطﻼن ،وﺗرك اﻟﺑﺎب ﻣﻔﺗوح أﻣﺎم اﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎء ،اﻟذي ﯾﻘرر ﻓﻲ ﻛل ﻣرة ﻣﺎ
إذا ﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﺷﻛل اﻟﺟوﻫري اﻟذي ﯾرﺗب اﻟﺑطﻼن ﻣن ﻋدﻣﻪ ،2ﻛون أن اﻟﻘﺿﺎء ﻫو ﻣن
ﯾﻣﻛﻧﻪ اﻟﻛﺷف ﻋن ﺣﺎﻻت ﺟوﻫرﯾﺔ ﻟم ﯾﻧص ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣﺷرع واﻟﺗﻲ ﺗﻠﺣق إﺟراءات ﺟوﻫرﯾﺔ ،إذ أن اﻟﻣﺷرع ﻻ
ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻧص ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ ﺣﺎﻻت اﻟﺑطﻼن و ﯾﺣﺻرﻫﺎ ،وأﻣﺎم ﻫذا اﻟﻧﻘص اﺟﺗﻬد اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ إﻧﺷﺎء
ﻣذﻫب اﻟﺑطﻼن اﻟﺟوﻫري ،واﻷﺧذ ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﻧص ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺑطﻼن ،أﯾن
ﯾﻣﻧﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠطﺔ ﻓﻲ إﻧﺷﺎء و ﺗﻘرﯾر اﻟﺑطﻼن واﻟﺣﻛم ﺑﻪ و ﻟو ﻟم ﯾﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﺻراﺣﺔ إذا ﺗﻌﻠق اﻷﻣر
ﺑﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻗﺎﻋدة ﺟوﻫرﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﺟراءات .
ﻓﻲ ﺣﯾن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،3ﻗد ﺗﺑﻧﻰ ﻧظﺎﻣﺎ ﻫﺟﯾﻧﺎً ﻓﻲ اﻟﺑطﻼن 4وﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ
اﻟﺑطﻼن اﻹﺟراﺋﻲ ،واﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋدة ﻻ ﺑطﻼن ﺑدون ﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ ،و ﻗﺎﻋدة ﻻ ﺑطﻼن ﺑدون ﺿرر
-1ﻗﺎﻋدة "ﻻ ﺑطﻼن إﻻ ﺑﻧص ﻗﺎﻋدة ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ" ﻟﺳﻧﺔ ،1806أﻣﺎ ﻗﺎﻋدة "ﻻ ﺑطﻼن
ﺑدون ﺿرر ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة" ﻟﺳﻧﺔ . 1975
-2زودة ﻋﻣر ،اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ ﺿوء أراء اﻟﻔﻘﻬﺎء و أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎء ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .488ﻛﺎن اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﺳﻠطﺔ واﺳﻌﺔ ﻟﻠﺣﻛم ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻟﻌد م اﺳﺗﯾﻔﺎء إﺟراء أو إﺟراءات ﻣﻌﯾﻧﺔ إذا ﻣﺎ ﺗم ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻬﺎ أو ﺗم إﻏﻔﺎﻟﻬﺎ ﺣﺗﻰ وﻟو ﻟم
ﯾﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺻراﺣﺔ ،وذاﻟك ﻣﺗﻰ ﻛﺎن اﻹﺟراء ﺟوﻫرﯾﺎ ،ﻓﯾﺗدﺧل اﻟﻘﺿﺎء ﻟﻔرض رﻗﺎﺑﺗﻪ ﻛﻠﻣﺎ أﺣﺟم اﻟﻣﺷرع ﻋن
ﻓﻛﺎن اﻟﺑطﻼن اﻟﺟوﻫري أو اﻟذاﺗﻲ اﻟذي ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻪ اﻟﻘﺿﺎء ﺣﺗﻰ اﻟﺗدﺧل واﻟﻧص ﻋﻠﻰ اﻟﺑطﻼن ﻓﻛﺎن ﯾﻧﺷﺄ ﺣﺎﻻت اﻟﺑطﻼن
و ﻟو ﻟم ﯾﻧص ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘﺎﻧون ﺻراﺣﺔ ،إذا ﻟم ﺗراﻋﻰ ﻗﺎﻋدة إﺟراﺋﯾﺔ ﺟوﻫرﯾﺔ ﻣن اﻹﺟراءات .أﻧظر:اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ
ﺳﺎﺑق ،ص 2و 18و .19
-3وﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﻧﺟد ﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟدول ﯾﺗﺟﺎذﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺑطﻼن اﺗﺟﺎﻫﺎن :ﻓﻬﻧﺎﻟك ﻣن اﻟدول ﻣن ﻻ ﺗﻌﺗرف ﻓﻲ إطﺎر
اﻟﺑطﻼن اﻟﻣوﺿوﻋﻲ و اﻟﺷﻛﻠﻲ و ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻫذا اﻷﺧﯾر إﻻ ﺑﺎﻟﺑطﻼن اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﺻراﺣﺔ ﻣﻊ إﺛﺑﺎت اﻟﺿرر ،واﻟﺗﻲ
ﯾوردﻫﺎ اﻟﺗﺷرﯾﻊ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﯾﺄﺧذ اﻟﻔرﯾق اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﺑطﻼن اﻟﺟوﻫري او اﻟذاﺗﻲ اﻟذي ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻪ اﻟﻘﺿﺎء ﺣﺗﻰ
و ﻟو ﻟم ﯾﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺑطﻼن ،إذا ﻟم ﺗراﻋﻰ ﻗﺎﻋدة إﺟراﺋﯾﺔ ﺟوﻫرﯾﺔ ﻣن اﻹﺟراءات.،و ﯾﺑدو أن اﻟﺗﺷرﯾﻊ
اﻟﺟزاﺋري أﺧذ ﺑﺎﻟﻧظرﯾﺗﯾن ﻣﻌﺎ "ﻧظرﯾﺔ اﻟﺑطﻼن اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ" و " ﻧظرﯾﺔ اﻟﺑطﻼن اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ" أﻧظر :اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ اﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص
18و .19
-4ﺗم ﺗﺑﻧﻰ اﻟﺑطﻼن اﻹﺟراﺋﻲ واﻟﺑطﻼن اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻓﻲ ﻧﺻﻲ اﻟﻣﺎدﺗﯾن )(60و ) (64ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
واﻹدارﯾﺔ.
67
ﻓﻼ ﯾﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺑطﻼن إﻻ إذا اﺟﺗﻣﻌت اﻟﻘﺎﻋدﺗﺎن ﻣﻌﺎ 1،ﻓﺎﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﺳﺗﺧﻠﺻﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة )(60
ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻹﺟراءات وﻫﻲ أن اﻷﺻل ﻓﻲ اﻷﻋﻣﺎل اﻹﺟراﺋﯾﺔ
اﻟﺻﺣﺔ واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻫو اﻟﺑطﻼن ،وﻣن ﺛﻣﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺧروج ﻋن ﻫذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة إﻻ ﺑﻧص ﺧﺎص ﻓﺈذا ﻟم ﯾرد
اﻟﻧص ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺣﻛم ﺑﺎﻟﺑطﻼن ،ﺳواء ﺗﻌﻠق ﻫذا اﻟﺑطﻼن ﺑﺷﻛل ﺟوﻫري أو ﺑﻐﯾرﻩ
ﻣن اﻷﺷﻛﺎل ،ﻓﻌﻠﻰ اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﺳك أﻣﺎﻣﻬﺎ اﻟﺧﺻم ﺑﺎﻟﺑطﻼن إﺳﺗﺎدا إﻟﻰ ﺧرق أﺣد اﻹﺟراءات
اﻟﺟوﻫرﯾﺔ أن ﺗﺻرح ﺑرﻓض ﻫذا اﻟدﻓﻊ اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ اﻟﻣﺎدة ) (60اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﻛل اﻷﻋﻣﺎل اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﺻﺣﯾﺣﺔ
ﻣﺎ ﻟم ﯾﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ ﺑطﻼﻧﻬﺎ .2
ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣواد )(49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة واﻟﻣﺎدة )(439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﻧﺻﺗﺎ ﻋﻠﻰ اﻟطﺎﺑﻊ اﻟوﺟوﺑﻲ ﻟﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ واﻟﺗﻲ ﺗﺗم ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ ﺳرﯾﺔ ،ﻏﯾر أن اﻟﻧﺻﯾن ﻻ ﯾرﺗﺑﺎن
اﻟﺑطﻼن ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻘﺎﻋدة أي ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟطﺎﺑﻊ اﻟوﺟوﺑﻲ ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﻧﺟد واﻟﻣﺎدة )(60ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ" ﻻ ﯾﻘرر ﺑطﻼن اﻷﻋﻣﺎل اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﺷﻛﻼً ،إﻻ إذا ﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ
ذﻟك ،وﻋﻠﻰ ﻣن ﯾﺗﻣﺳك ﺑﻪ أن ﯾﺛﺑت اﻟﺿرر اﻟذي ﻟﺣﻘﻪ" ،ﻓﻬذا اﻟﻧص ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺑطﻼن اﻷﻋﻣﺎل اﻹﺟراﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ
اﻷﺻل ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺻﺣﺔ واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻫو اﻟﺑطﻼن.3
ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﻧص ﻋﻠﻰ ﻗواﻋد ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺑطﻼن إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ،ﺑل ﺗﻧﺎول ﻣوﺿوع ﺑطﻼن
اﻹﺟراءات ﺷﻛﻼً ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،أي ﺑطﻼن اﻟﻘواﻋد اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﺷﻛﻼً ﺑوﺟﻪ ﻋﺎم ﺗﺣﻛﻣﻪ ﻧﻔس اﻟﻘواﻋد اﻟواردة
ﻓﻲ اﻟﻣواد ) (60إﻟﻰ ) (66ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ،4واﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾز ﺑﯾن ﺑطﻼن اﻷﻋﻣﺎل اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﺷﻛﻼً و ﺑطﻼﻧﻬﺎ
ﻣوﺿوﻋﺎً ،واﻟﻣﺷرع ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (60أﺧذ ﺑﻘﺎﻋدﺗﻲ "ﻻ ﺑطﻼن إﻻ ﺑﻧص " ،5و" ﻻ ﺑطﻼن ﺑدون ﺿرر" 1و
68
ﺧص اﻟﺑطﻼن اﻹﺟراﺋﻲ اﻟﻣﺳﺗﻧد إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (60ﻓﻲ ﺛﻼث ﺣﺎﻻت ﻓﻘط2؛ إذ ﻧﺟد أن اﻟﻣﺷرع ﻟم
ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻋﺑﺎرة اﻟﺑطﻼن ،إﻻ ﻓﻲ ﺛﻼث ﻣواﺿﻊ ،3ﻓﻲ ﺣﯾن أن ﺑﺎﻗﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻷﺧرى ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻋﺑﺎرة ":ﺗﺣت
طﺎﺋﻠﺔ ﻋدم اﻟﻘﺑول ﺷﻛﻼ" ،ﻓﻣﺗﻰ وﺟد ﻧص ﺻرﯾﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺑطﻼن ﻓﻼ ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺣﯾد ﻣدام ﻫﻧﺎك
ﻧص ﺻرﯾﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺑطﻼن 4وﻋﻠﯾﻪ ﻧﺧﻠص أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻗﯾدﻩ اﻟﻣﺷرع ﺑﺎﻟﺑطﻼن اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﺻراﺣﺔ
ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون إﻟﻰ ﺟﺎﻧب أن ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﺿرر ﯾﻠﺣق اﻟﺧﺻم.
ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻧﺟد ﻧظﯾرﻩ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺟﺳد اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة)(114ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ واﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
"أن اﻟﻌﻣل اﻹﺟراﺋﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺗﺻرﯾﺢ ﺑﺑطﻼﻧﻪ ﻟﻌﯾب ﺷﻛﻠﻲ ،إﻻ إذا ﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺻراﺣﺔ،
ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء اﻷﺷﻛﺎل اﻟﺟوﻫرﯾﺔ أو ﺗﻠك اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم" .أﻣﺎ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة )(60
ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺗﺟﺎوز اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻓﻠم ﺗﺑق أﻫﻣﯾﺔ ﻟﻠﺗﻣﯾز ﺑﯾن اﻟﺑطﻼن إذا ﻣﺎ ﺗﻌﻠق
ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم أم ﻻ5ﻏﯾر أن ﻫﻧﺎك ﻣن ﯾذﻫب إﻟﻰ اﻟﻘول أﻧﻪ ﻣﺗﻰ ﺗﻌﻠق اﻹﺟراء ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ
أن ﯾﻧص ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون.6
ﻋﺑﺎرات ":ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ اﻟﺑطﻼن " أو ﯾﻛون ﺑﺎطﻼ" و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻘﯾد ﺑﺎﻟﻧص اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،و ﻻ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ وﻟو ﻛﺎن
اﻹﺟراء ﯾﻣس ﺑﻣﺻﺎﻟﺢ اﻷطراف ،أﻧظر :اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 19و .20
-1ﯾﻘﺻد ﺑﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺿرر ﻫﻧﺎ ﻣﻌﻧﻰ ﺧﺎص ،ﻓﻬو ﻟﯾس اﻟﺿرر اﻟﻣﺗرﺗب ﻋن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔٕ ،واﻧﻣﺎ ﻫو ﻛل ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﺗؤدي
إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣﻘوق اﻟدﻓﺎع وأطراف اﻟﺧﺻوﻣﺔ وﯾﻧﺟر ﻋن ﻋدم ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ ﺣرﻣﺎن اﻷطراف ﻣن ﻣن ﺣﻘوق ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣﻧﺣت ﻟﻬم
ﻟﻠدﻓﺎع ﻋن أﻧﻔﺳﻬم ،ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ إﻟﺣﺎق ﺿرر ﺑﻬم و اﻟذي ﯾﻧﺗﺞ ﺑداﻫﺔ ﻣن ﻋدم ﻣراﻋﺔ اﻹﺟراء و ﯾﻘﻊ ﻋبء إﺛﺑﺎت اﻟﺿرر
ﻫﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟطرف اﻟذي ﯾﺗﻣﺳك ﺑﻪ ،أﻧظر :اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ أﺣﻣد ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .30
-2زودة ﻋﻣر ،طﺑﯾﻌﺔ اﻷﺣﻛﺎم ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وأﺛر اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.486
3
-ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة 8ﻓﻘرة 4ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ":ﺗﺻدر اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ﺗﺣت
طﺎﺋﻠﺔ اﻟﺑطﻼن اﻟﻣﺛﺎر ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ " .وﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (275ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﯾﺟب أن ﯾﺷﻣل اﻟﺣﻛم ،
ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ اﻟﺑطﻼن ،اﻟﻌﺑﺎرة اﻵﺗﯾﺔ :اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﺑﺎﺳم اﻟﺷﻌب اﻟﺟزاﺋري"،راﺟﻊ ﻧص اﻟﻣﺎدة )(643
ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ... ":اﻟﺣﻛم ﺑﺑطﻼن اﻹﺟراء ."....
-4ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻧﺟد أن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻋﺑﺎرة اﻟﺑطﻼن ،اﻻ ﻓﻲ ﺛﻼث ﺣﺎﻻت :ﻧص
اﻟﻣﺎدة ) ،(4 /8ﻧص اﻟﻣﺎدة )، (275و اﻟﻣﺎدة ) (643ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،و ﻻ ﯾﺻﺢ ﺧﻠق ﺣﺎﻻت أﺧرى ﻏﯾرﻫﺎ
ﻻﻧﻌدام اﻟﻧص ﻋﻠﯾﻬﺎ .
-5زودة ﻋﻣر ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .472
-6ﺗواﺗﻲ اﻟﺻدﯾق ،ﻣﺣﺎﺿرات أﻟﻘﯾت ﻋﻠﻰ طﻠﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎة ﺑﺎﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻠﻘﺿﺎء ،اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻠﻘﺿﺎء ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ
اﻟدراﺳﯾﺔ.2014-2013
69
و ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺣﻛم ﺑﺑطﻼن أي ﻋﻣل إﺟراﺋﻲ ﻟﻌﯾب ﻓﻲ اﻟﺷﻛل إﻻ إذا
ﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﺟزاء اﻟﺑطﻼن ،1ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن ﻗﺿﺎة ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻻ
ﯾﻣﻛن أن ﯾﻘرروا ﺑطﻼن أو ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻟﻌدم اﺳﺗﯾﻔﺎء إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻬﻣﺎ
ﻛﺎن اﻟﺳﺑب وﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻟﻛﻲ ﻧﺗﺻور ذﻟك ﯾﺟب أن ﺗﻛون اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
ﻗد ﺣددت ﺑدﻗﺔ ﻟﻛل ﺷﻛﻠﯾﺔ ﻣﺎ وردت ﺿﻣن ﻣﺎدة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻣﻘررة
ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ اﻟﺑطﻼن أم ﻻ ،و ﻫذا ﻏﯾر ﻣﺗوﻓر ﻓﻲ أي ﺗﺷرﯾﻊ ،2ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ
اﻟﺟزاﺋري .
و أن ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﻧﻘض اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻋدم ﻣراﻋﺎة
ﻓﺣوى ﻧﺻﻲ اﻟﻣواد ) (49و ) (439اﻟﺳﺎﻟﻔﺗﯾن اﻟذﻛر ،ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﻘرﯾرﻩ ﻛون اﻟﻣﺷرع أﺧذ ﺑﺎﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ
ﻓﻲ اﻟﺑطﻼن اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) ،(60اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻻ ﺑطﻼن دون ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺳواء ﺗﻌﻠق
اﻟﺑطﻼن ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم أم ﻻ ،3ﻓﻠو ﺟﻌل اﻟﻣﺷرع ﻗﺎﻋدة " ﻻ ﺑطﻼن إﻻ ﺑﻧص " ﻻ ﺗطﺑق ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﺧﺎﻟﻔﺔ
اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻘواﻋد ﺟوﻫرﯾﺔ أو ﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻛﻣﺎ ﻓﻌل اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،ﺣﯾﻧﻬﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻗرار
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣؤﺳﺳﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻪ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ وﻫو اﻟﺷﻲء اﻟﻣﻌﻣول ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻔرﻧﺳﻲ.4
-1ﻓﺎﻟﺑطﻼن اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﯾﺟرد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن ﻛل ﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ ،وﯾﺣﺻر دورﻩ ﻓﻲ ﺗﻘرﯾر اﻟﺑطﻼن ﻛﻠﻣﺎ ﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ ذﻟك
ﺻراﺣﺔ ،وﻻ ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻠﻘﺿﺎء أن ﯾﺣﻛم ﺑﺑطﻼن أو ﻧﻘض اﻟﺣﻛم ﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻪ ﻹﺟراء أو إﻏﻔﺎل إﺟراء إذا ﻟم ﯾﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﺻراﺣﺔ
ﻋﻠﻰ ذﻟك ،أﻧظر :اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .2
-2ﻓﺎﺿل أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .213
-3زودة ﻋﻣر ،طﺑﯾﻌﺔ اﻷﺣﻛﺎم ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وأﺛر اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .472
-4إن ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (60ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﯾﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (114ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
اﻟﻔرﻧﺳﻲ .ﻏﯾر أن اﻟﻔﺎرق ﻫو أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻧص اﻟﺟزاﺋري )اﻟﻣﺎدة ( 60ﺳﻘطت ﻣﻧﻬﺎ اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة ) (114اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﺑدورﻫﺎ ﺗﺳﺗﺛﻧﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻹﺷﻛﺎل اﻟﺟوﻫرﯾﺔ واﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم .
70
ﺷﻛﻼ
ً أﻣﺎم ﻫذا اﻷﻣر اﻟﻣﻘﯾد ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،1ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ أن ﺗﺣﻛم ﺑﺎﻟﺑطﻼن اﻹﺟراﺋﻲ
ﻓﻲ ﻏﯾر ﺛﻼث ﺣﺎﻻت اﻟﻣذﻛورة ﺳﺎﺑﻘﺎً ،و ﻟو ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻓﻌﻼً ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻘﺎﻋدة ﺟوﻫرﯾﺔ أو ﻗﺎﻋدة ﻣﺗﺻﻠﺔ
ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،وﻟﯾس أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ إﻻ أن ﺗﺻرح ﺑرﻓض اﻟطﻌن ﺑﺄﺳﺑﺎب اﻧﻌدام ﺷروط اﻟﺑطﻼن
اﻹﺟراﺋﻲ اﻟﻣﻘرر ﻟﻸﻋﻣﺎل اﻹﺟراﺋﯾﺔ.و ﻏﯾﺎب ﻗﺎﻋدﺗﻲ "ﻻ ﺑطﻼن إﻻ ﺑﻧص" و "ﻻ ﺑطﻼن إﻻ ﺑﺿرر".
و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻼ ﯾﻛون ﻟﻠطﻌن أي أﺛر ﻣﻧﺗظر ﻣﻧﻪ أﻣﺎم ﻏﯾﺎب ﻫﺎذﯾن اﻟﺷرطﯾن أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﻏﯾﺎب
أﺣدﻫﻣﺎ واﻟﺗﻲ اﺳﺗوﺟﺑﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ﻟﻠﻘول ﺑﺑطﻼن اﻟﻌﻣل اﻹﺟراﺋﻲ ﺷﻛﻼ ،2ﻓﻼ ﺗﻛون ﻟﻠطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن اﻟﻣرﻓوع
ﺿد اﻟﺣﻛم ﻟﻌدم إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ أي ﻗﯾﻣﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ،و ﯾﺑﻘﻰ طﻌن ﺑدون ﻣوﺿوع .إﻻ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
ﺗﻌﺗﺑر أن ﺗﻌرﯾف اﻹﺟراء اﻟﺟوﻫري ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺎﻧون واﻟﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋري ﻛﻣﺎﯾﻠﻲ :اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ﺗﻠك
اﻟﺗﻲ ﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﺑطﻼﻧﻬﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻠك اﻹﺟراءات اﻟﺗﻲ اﺑﺗدﻋﻬﺎ اﻟﻘﺿﺎء رﻏم وﺟود
ﻧص اﻟﻣﺎدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘرر ﻗﺎﻋدﺗﻲ "ﻻ ﺑطﻼن إﻻ ﺑﻧص"و "ﻻ ﺑطﻼن إﻻ ﺑدون ﺿرر " ،ﺣﺗﻰ ﯾﻣﻛن
اﻟﻘول إن ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺳﻠﯾﻣﺔ ،3وﻫذا اﻷﻣر ﯾﺗطﻠب ﻣن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ أن ﺗراﺟﻊ ﻧﻔﺳﻬﺎ و ﺗﺧرج
ﺑﺎﺟﺗﻬﺎد واﺣد ﯾﻛون اﻟﻣرﺟﻊ ﻟﻘﺿﺎة اﻟﻘﺎﻋدة ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ إﻟﻰ إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻣن
ﻗﺑل اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﯾﺢ ﻟﻪ ﻓرﺻﺔ اﻟﺗﻌدﯾل ٕواﻟﻰ ﺣﯾن ذﻟك اﻟوﻗت ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﯾﺗدﺧل ﻗﺿﺎء
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ و ﺧﺎﺻﺔ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻫﻲ ﺻﺎﺣﺑﺔ اﻻﺟﺗﻬﺎد و اﻟﻣﻛﻠﻔﺔ ﺑﺗوﺣﯾدﻩ داﺧل اﻟوطن ﻟرﻓﻊ
4
اﻹﺷﻛﺎل
ﺟﯾدا ﺑﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻟﻔﺻل اﻟﺗﻣﻬﯾدي ،أﺷرع
ﺑﻌدﻣﺎ ﺗﻣت اﻹﺣﺎطﺔ ً
اﻵن ﻓﻲ ﺗﻧﺎول ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻻ ﺗﻘل أﻫﻣﯾﺔ ﻋن ﺳﺎﺑﻘﺎﺗﻬﺎ ،أﻻ وﻫﻲ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف ﺻور
ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻔﺻل اﻷول اﻟﺗﺎﻟﻲ.
-1إن اﻟﻘﺎﻧون ﻫو اﻟذي ﯾﺗوﻟﻰ وﺣدﻩ دون ﻏﯾرﻩ ﺗﺣدﯾد ﺣﺎﻻت اﻟﺑطﻼن ﻣﺳﺑﻘﺎ ،ﺟزاء ﻟﻌدم ﻣراﻋﺎة اﻟﻘواﻋد اﻹﺟراﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧص
ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓدور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ دور ﺗﻘرﯾري ،إذ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻪ أن ﯾﺣﻛم ﺑﺎﻟﺑطﻼن إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت أوردﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ ﺳﯾﺑل
اﻟﺣﺻر ،و ﻻ ﯾﻣﻠك اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ذﻟك أن ﯾﺟﺗﻬد ﻓﺈذا ارﺗﻛﺑت اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ وﻛﺎن ﻫﻧﺎك ﻧص ﯾﻘرر اﻟﺑطﻼن ﯾﺣﻛم ﺑﺎﻟﺑطﻼن.
-2اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 18و .19
-3وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻌﺗﻘدﻩ اﻟﺑﻌض ﻣن اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺟزاﺋري أن اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري أﺧذ ﺑﻧظرﯾﺔ اﻟﺑطﻼن اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ و اﻟﺑطﻼن اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
ﻟﻠﻘﺿﺎء ﺑﺎﻟﺑطﻼن اﻟﺟوﻫري ،أﻧظر :اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ أﺣﻣد ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص 18و .19
4
اﻟدرﺳﺎت واﻟﺑﺣوث اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
-ﻧﺻر اﻟدﯾن ﻣﺑروك ،ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺑﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗطﺑﯾق ،ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﻔﻛر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،ﻣرﻛز ا
دار اﻟﻬﻼل ﻟﻠﺧدﻣﺎت اﻹﻋﻼﻣﯾﺔ ،ﻋدد ،2004 ،4ص .85
71
72
72
73
اﻟﻔـﺻل اﻷول
دور اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف ﺻور ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﯾﺧﺗﻠف دور ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة أﺛﻧﺎء ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﺣﺳب ﺣﺎﻻت ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
وﻟﻺﺣﺎطﺔ ﺟﯾدا ﺑﻬذا اﻟدور اﻟﻔﻌﺎل ﻻ ﺑد ﻣن اﻟﺗطرق ﻟﻛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﻋﻠﻰ ﺣدة ،ﺣﯾث ﻧﺣﺎول ﺗﺑﯾﺎن دور
اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ،وﻛذا ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ
)اﻟﻣﺑﺣث اﻷول( ،ﺛم ﻧﻌﺎﻟﺞ ﺑﻌد ذاﻟك دور اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ طﻠب
اﻟﺗطﻠﯾق)اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
اﻟﻣﺑﺣـث اﻷول
دور اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إرادة اﻟزوﺟﯾن
ﯾﻛﻣن ﻏرض اﻟﺷرﯾﻌﺔ واﻟﻘﺎﻧون ﻣن ﻋﻘد اﻟزواج ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن أﺳرة أﺳﺎﺳﻬﺎ دوام اﻟﻌﺷرة ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،إﻻ
أن اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗد ﺗﻌﺗرﯾﻬﺎ ﺑﻌض اﻟﻌراﻗﯾل واﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﺗﻲ ﺗﻬز ﻛﯾﺎﻧﻬﺎ ،و ﺗﺣول دون ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻬدف
اﻷﺳﻣﻰ ﻣﻧﻬﺎ ،ﻓﺗﺻﺑﺢ ﻫذﻩ اﻟراﺑطﺔ ﻣﺻدر ﻗﻠق وﺷﻘﺎق ﻣﺳﺗﻣر ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،وﺗﻧﻘﻠب اﻟﺣﯾﺎة إﻟﻰ ﺟﺣﯾم ﻓﻲ
ﺟو ﻣﻛﻬرب ﺑدﻻ ﻣن اﻟراﺣﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ﻟﻸزواج و اﻷﺑﻧﺎء ،ﻟذاﻟك ﺷرع اﷲ اﻧﺣﻼﻟﻬﺎ ،واﻟذي ﯾﻛون ﺑﺄﺣد اﻷﻣرﯾن
إﻣﺎ اﻟوﻓﺎة أو اﻟطﻼق وﻫو ﻣﺎ ﻧص ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (47ﻣن اﻷﻣر رﻗم )":(02/05ﺗﻧﺣل
اﻟﻣﻧﻔردة" ،وﻣﺎ ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺈرادﺗﻬﻣﺎ ًﻣﻌﺎ وﻫو ﻣﺎ ﯾﻌرف "اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ" ،واﻧطﻼﻗﺎً ﻣن ﺣرص اﻟﻣﺷرع
ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وﺗﻔﺎدي اﻧﺣﻼﻟﻬﺎ ،ﺷرع ﻧظﺎم اﻟﺻﻠﺢ ﻋن طرﯾق ﺗدﺧل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳواء ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج )اﻟﻣطﻠـب اﻷول(،أو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗطﻠﯾق )اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ (.
اﻟﻣطﻠـب اﻷول
دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج
ﯾظﻬر دور ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻋﻧد ﻣﺑﺎﺷرة إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة
اﻟﻣﻧﻔردة ﻣن ﺧﻼل طرح أول ﺳؤال ﻋﻠﻰ اﻟزوج راﻓﻊ اﻟدﻋوى وﻫو ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﺳؤال ﺟوﻫري وﯾﻧﺻب ﻣﺿﻣوﻧﻪ
ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻵﺗﻲ" :ﻫل ﺳﺑق ﻟﻠزوج و أن أوﻗﻊ اﻟطﻼق ؟ " ،ﺑﻐﯾﺔ ﺗﺣدﯾد ﺑﻌض اﻟﻣراﻛز و اﻟﺗﻲ ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ
ﺗﻧﺑﻧﻲ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻌض اﻵﺛﺎر ،وﻫذا اﻟﺳؤال اﻟﺟوﻫري ﯾطرح ﻓﻲ أول ﺟﻠﺳﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢٕ ،واذا اﻓﺗرﺿﻧﺎ إن اﻹﺟﺎﺑﺔ
74
ﻛﺎﻧت ﺑﻧﻌم ﻓﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻻ طرح ﺳؤال ﺛﺎن و اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﻛم ﻣرة طﻠﻘت ؟ وﻫل ﯾﺣوز ﻋﻠﻰ
أﺣﻛﺎم ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﺗﺛﺑت ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،وﻛﯾف ﻛﺎﻧت ﺣﺎﻟﺔ اﻟزوج ﻋﻧد ﺗﻠﻔظﻪ ﺑﺎﻟطﻼق ؟.
ﻗﺑل اﻟﺣدﯾث ﻋن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻋﻧد ﺗﺎرﯾﺦ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج ﻧﻌﺎﻟﺞ
ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ )اﻟﻔرع اﻷول (
ﺛم دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﺑﻌﺎً ﻟﺗﺎرﯾﺦ و ﻛﯾﻔﯾﺔ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
اﻟﻔرع اﻷول
اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج و ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ
ﺗﻧﻘﺳم اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ إﻟﻰ أﺣﻛﺎم ﺗﻘرﯾرﯾﺔ ،أﺣﻛﺎم ﻣﻧﺷﺋﺔ و أﺣﻛﺎم إﻟزام وﻟذا ﻛل ﺣﻛم ﺗﻘﺎﺑﻠﻪ دﻋوى
ﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﺣﻛم اﻹﻟزام ﺗﻘﺎﺑﻠﻪ دﻋوى إﻟزام واﻟﺣﻛم اﻟﺗﻘرﯾري ﺗﻘﺎﺑﻠﻪ دﻋوى اﻟﺗﻘرﯾرﯾﺔ ،واﻟﺣﻛم اﻟﻣﻧﺷﺊ ﺗﻘﺎﺑﻠﻪ
اﻟدﻋوى اﻟﻣﻧﺷﺋﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ أﺣد ﻫذﻩ اﻟدﻋﺎوى إﻧﻣﺎ ﻫو اﻧﻌﻛﺎس ﻟﻬﺎ .1وﻟذﻟك ﺗﺧﺗﻠف طﺑﯾﻌﺔ
اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،2اﻷﻣر اﻟذي ﯾﻔرض اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﺣﻛم اﻟطﻼق ،ﻓﻬل ﺣﻘﯾﻘﺔ أن
-1زودة ﻋﻣر ،اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ ﺿوء آراء اﻟﻔﻘﻬﺎء و أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎء ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 127و ﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
2
-أوﻻً :اﻟﺣﻛم اﻟﺗﻘرﯾري أو اﻟﺣﻛم اﻟﻣﻘرر أو اﻟﻛﺎﺷف ﻫو اﻟذي ﯾؤﻛد وﺟود أو ﻋدم وﺟود اﻟﺣق أو اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،وﺑﻬذا
اﻟﺗﺄﻛﯾد ﯾزول اﻟﺷك ﺣول ﻫذا اﻟوﺟود ،و ﯾﻧظر إﻟﻰ اﻟﺣق أو اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻓﻲ ذاﺗﻪ ﻣﺎ إذا ﻧﺷﺄ ووﺟد ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون أم ﻻ.
واﻟﺣﻛم اﻟﻣﻘرر ﯾﻛون ﻓﻲ اﻟدﻋوى اﻟﺗﻘرﯾرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗواﺟﻪ اﻋﺗداء ﯾظﻬر ﻓﻲ ﺷﻛل ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﺗزام ،ﻓﺎﻟﺣق أو اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ
ﻻ ﯾﻘﺎﺑﻠﻪ أي اﻟﺗزام ٕواﻧﻣﺎ ﯾواﺟﻬﻪ اﻋﺗراض اﻟذي ﯾﻛﻔﻲ ﻟردﻩ ،ﻓﻣﺟرد ﺻدور ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ﯾﻘرر وﺟود ﻫذا اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ أو
اﻟﺣق ،دون إﻟزام اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺄداء ﻣﻌﯾن أو إﺣداث ﺗﻐﯾر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺣق أو اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،ﻓﺎﻟﺣﻛم اﻟﻛﺎﺷف ﻫو ذﻟك
ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ﻛﺎن ﻣﺧﺗﻔﯾﺎ أو ﻏﯾر ظﺎﻫر ﻓﻘﺎم ﺑﺈﻗ اررﻩ وﻛﺷﻔﻪ و ﺗﺳري أﺛﺎرﻩ ﻣن
ً ﻣرﻛزا
اﻟﺣﻛم اﻟذي ﯾظﻬر ﻟﻠوﺟود اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﺣق أو ً
ﺗﺎرﯾﺦ واﻗﻌﺔ ﻧﺷوء ﻫذا اﻟﺣق ،.ﻓﺎﻟﺣﻛم اﻟﺗﻘرﯾري ﯾﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ وﻟذﻟك اﻷﺻل ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻫﻲ أﺣﻛﺎم ﺗﻘرﯾرﯾﺔ
ﻓﻬﻲ ﺗؤﻛد وﺗﻛﺷف اﻟﺣﻘوق و اﻟﻣراﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،ﻓﺎﻟﺣﻛم اﻟﺗﻘرﯾري ﯾﺿﻔﻲ اﻟﯾﻘﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﺣق أو
اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ وﻟذﻟك ﺗﺳﻣﻰ "ﺑﺎﻷﺣﻛﺎم اﻟﻛﺎﺷﻔﺔ أو اﻟﺗﻘرﯾرﯾﺔ " ،ﻓﻬﻲ ﺗؤﻛد ﻣﺎ ﻫو ﻣوﺟود و ﻻ ﺗﺧﻠق أي ﺷﻲء وﻻ ﺗزﯾل
ﺣﻘوق ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺑﺣث ﻓﯾﻣﺎ إذا وﺟد ﻫذا اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋن اﻋﺗراض اﻟطرف اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻓﻲ اﻟرﺑطﺔ ﺳواء
أﻧﻛر أو ﻟم ﯾﻧﻛر ،ﻓﺎﻟﺣﻛم اﻟﻣﻘرر ﻟﻪ اﺛر رﺟﻌﻲ .ﺛﺎﻧﯾﺎً :اﻟﺣﻛم اﻟﻣﻧﺷﺊ وﻫو اﻟﺣﻛم اﻟذي ﯾﻬدف إﻟﻰ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻗﺿﺎء
ﯾﺗﺿﻣن إﻧﺷﺎء أو إﻧﻬﺎء أو ﺗﻌدﯾل ﺣق أو ﻣرﻛز ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻛدﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق ،و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﻟدﻋوى اﻟﺗﻲ ﺗﻬدف إﻟﻰ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ
ﻫذا اﻟﺣق ﺗﺳﻣﻰ "ﺑﺎﻟدﻋوى اﻟﻣﻧﺷﺋﺔ" ،و اﻟﺣﻛم اﻟذي ﯾﺻدر ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟدﻋوى ﯾﺳﻣﻰ "ﺑﺎﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻣﻧﺷﺊ" ،وﻛﻣﺎ ﻧﻌرف
إن اﻷﺻل ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ أﻧﻬﺎ أﺣﻛﺎم ﺗﻘرﯾرﯾﺔ ﻓﺑﻌﺿﻬﺎ ﯾﻛون اﻟﺗﻘرﯾر و اﻟﻛﺷف ﻫو اﻟﻬدف اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ ﻟﻬﺎ و ﺑﻌض
اﻷﺧر ﻻ ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻘرﯾر و اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻓﻘط ،إﻧﻣﺎ ﺗﺗﺟﺎوز إﻟﻰ إﻧﺷﺎء ﺣق أو ﻣرﻛز ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺟدﯾد و ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺗﻐﯾر
ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺗﻘرﯾر اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ و ﻫو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ "ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣﻧﺷﺊ" ،ﺣﯾثﯾُ ظﻬر إﻟﻰ اﻟوﺟود اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻣرﻛزاً ﻟم
75
اﻟطﻼق ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ﯾﻧﺷﺋﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ أم اﻟزوج ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻫل ﻫو ﻣﻧﺷﺊ أو ﻛﺎﺷف ؟ ،وﻣﺎ ﻫو اﻟدﻟﯾل ﻋﻠﻰ ذﻟك
ﻣن ﺧﻼل اﻵراء اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ واﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ؟.
وﺳوف ﺗﻛون ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻫذا اﻟﺗﺳﺎؤل ﻣن ﺧﻼل ﺛﻼث ﺟواﻧب :ﻗﺎﻧوﻧﺎ وﻓﻘﻬﺎ وﻗﺿﺎء .ﻓﺎﻷﺳﺎﺗذة
واﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﺧﺗﻠﻔوا ﺣول طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟذي ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة إﻟﻰ ﺛﻼث اﺗﺟﺎﻫﺎت ﺑﯾن ﻣن ﯾرى ﺑﺄن ﺣﻛم اﻟطﻼق ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ إرادة اﻟزوج اﻟﻣﻧﻔردة ﺣﻛم
ﻛﺎﺷف )أوﻻً ( ،وﺑﯾن ﻣن ﯾرى ﺑﺄﻧﻪ ﺣﻛم ﻣﻧﺷﺄ)ﺛﺎﻧﯾﺎً( وﺑﯾن ﻣن ﯾﺟﻣﻊ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ)ﺛﺎﻟﺛﺎً( .
أوﻻً -ﺣﻛم اﻟطﻼق ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ إرادة اﻟزوج اﻟﻣﻧﻔردة ﺣﻛم ﻛﺎﺷف:
ﺣﺳب ﻫذا اﻟرأي ،إن اﻟطﻼق ﺣق ﻟﻠزوج ،ﯾﻣﺎرﺳﻪ ﻛﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ ﻷي ﺣق أﺧر ﻣﻘﯾد ﺑﻌدم اﻟﺗﻌﺳف
وﯾﻣﺎرﺳﻪ ﻓﻲ ﻛل اﻷﺣوال وﻻ ﯾﻣﻛن ﻷﺣد ﺳواء ﻛﺎن اﻟﻘﺎﺿﻲ أو اﻟزوﺟﺔ ،رد اﻟزوج ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل ﺣﻘﻪ ﻓﻲ
اﻟطﻼق ،و ﻻ ﯾﺑﻘﻰ أﻣﺎم اﻟزوﺟﺔ إﻻ إﺛﺑﺎت ﺗﻌﺳف اﻟزوج ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل ﺣﻘﻪ وﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك أﺟﺎز ﻟﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون
طﻠب اﻟﺗﻌوﯾض.
ﺗظﻬر طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ،أﻧﻪ ﻣن اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻘرﯾرﯾﺔ اﻟﻛﺎﺷﻔﺔ ،وﻻ دﺧل
ﻹرادة اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺧﻠق ﻫذا اﻟﺣﻛم ،ﻓﺎﻟذي ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ دون ﻣﻌﻘب ﻟﻘ اررﻩ ﻫو اﻟزوج ،1ﻓﻲ
ﻏﯾر اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ ،ﻓﺎﻟﺣﻛم ﻓﯾﻬﻣﺎ ﻣﻧﺷﺊ ﻟﻠطﻼق ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري.2
ﻟﻛن ﻫﻧﺎك ﻣن اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻣن ﯾﻌﺗﻘد أن اﻟطﻼق ﻻ ﯾﻘﻊ إﻻ ﺑﻌد ﺻدور ﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﻬو ﻣﺧﺎﻟف
ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﺣﯾث ﺣﺳب ﻫذا اﻟﻣوﻗف ﻫﻧﺎﻟك طﻼق ﯾﺗم ﺑﺈرادة اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑدﻻ ﻣن
ﯾﻛن ﻣن ﻗﺑل ﺑﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر ﻫذا اﻟﺣق أو اﻟﻣرﻛز أو اﻟوﺿﻊ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻗد وﻟد ﻣﻊ اﻟﺣﻛم ﻻ ﻗﺑﻠﻪ و ﺗﺳري أﺛﺎرﻩ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺣﻛم
وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣﻧﺷﺊ اﻧﻘﺿﺎء ﻣرﻛز ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻗدﯾم ٕواﻧﺷﺎء ﻣرﻛز ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺟدﯾد ،أﻣﺎ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﻧﺷﺋﺔ ﻓﺑواﺳطﺗﻬﺎ ﯾظﻬر
اﻟﺣق و ﻣﺛﺎﻟﻬﺎ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ،ﻓﺎﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺿﺎء ﺗﺗﺳﻊ ﻟﺗﺻل إﻟﻰ ﻣداﻫﺎ ،ﺑل ﺗﻌﺗﺑر اﻷﺣﻛﺎم
دور اﯾﺟﺎﺑﯾﺎً ﻓﻲ ﺧﻠﻘﻬﺎ و إﻧﺷﺎﺋﻬﺎ ،ﺛﺎﻟﺛﺎً :ﺣﻛم اﻹﻟزام ،وﯾﻘﺻد ﺑﻪ اﻟﺣﻛم
اﻟﺻﺎدرة أﺣﻛﺎم إﻧﺷﺎﺋﯾﺔ ،و ﺗﻠﻌب ﻫﻧﺎ إرداة اﻟﻘﺿﺎء ً ا
اﻟذي ﯾﺗﺿﻣن إﻟزام اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺄداء ﻣﻌﯾن ﻗﺎﺑل ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺟﺑري ،و اﻟدﻋوى اﻟﺗﻲ ﺗرﻣﻲ ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺣق ﺗﺳﻣﻰ
"دﻋوى اﻹﻟزام" وﺣﻛم اﻹﻟزام ﯾﺗﻣﯾز ﺑﺄﻧﻪ ﯾﺗﺿﻣن ﺣق ﯾﻘﺎﺑﻠﻪ اﻟﺗزام اﻟطرف اﻷﺧر ﺑﺎﻷداء و ﻟﺣﻛم اﻹﻟزام ﻋدة اﺛﺄر ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ
ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻬﺎ.
-1ﺗﻘﯾﺔ ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .234
-2ﻋﯾدوﻧﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،دور اﻹرادة ﻓﻲ إﺑرام ﻋﻘد اﻟزواج و إﻧﻬﺎﺋﻪ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق
و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ،ﺗﻠﻣﺳﺎن ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ 2013و ،2014ص .118
76
إرادة اﻟزوج ، 1ﻓﻲ ﺣﯾن أن ﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣﻘرر أو ﻛﺎﺷﻔﺎ ﻟﻠطﻼق ﻻ ﻣﻧﺷﺊ ﻟﻪٕ ،وان وﻗوع
اﻟطﻼق أﻣر ﻗﺎﺋم ﺑذاﺗﻪ ٕواﺛﺑﺎت اﻟطﻼق أﻣر آﺧر ،ﻓﻠﻛل ﻣن اﻷﻣرﯾن ﺣﻛﻣﻪ اﻟﺧﺎص ﺑﻪ ،و ﻓﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ
اﻟطﻼق ﯾﺧﺗﻠف ﺣﻛم اﻟطﻼق اﻟواﻗﻊ ﻓﻌﻼ ﻋن ﺣﻛم إﺛﺑﺎﺗﻪ ،2ﻓﺎﻟزوج ﯾوﻗﻌﻪ .أﻣﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺳﺟل ﺗﻠك اﻹرادة
و ﯾﺛﺑﺗﻬﺎ ﺑﻣوﺟب ﺣﻛم ﺗﻘرﯾري ،ﻓﻬﻧﺎك ﺑون ﺷﺎﺳﻊ ﺑﯾن ﻣﺻطﻠﺢ " ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق " و ﻣﺻطﻠﺢ " ﻻ ﯾﻘﻊ
اﻟطﻼق " ﻓﺎﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻷول ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻓﻘط ﻟﻺﺛﺑﺎت وﯾﻛون اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺷﺄﻧﻪ ﻛﺎﺷف ،أﻣﺎ اﻟﻣﺻطﻠﺢ
اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﯾﻘﺻد ﺑﻪ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق و ﯾﻛون اﻟﺣﻛم ﺑﺷﺄﻧﻪ ﻣﻧﺷﺄ ﻏﯾر ﻛﺎﺷف. 3
إذ ﻟو أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣل ﻣﺣل اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﻓﺈن ﻫذا اﻟطﻼق ﯾﻌﺗﺑر طﻼق ﺑطﻠب ﻣن
اﻟزوج ﺷﺄﻧﻪ ﺷﺄن اﻟﺧﻠﻊ و اﻟﺗطﻠﯾق ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟﯾس ﻹرادة اﻟزوج اﻋﺗﺑﺎر ،4وﺣﺳب ﻫذا اﻟرأي اﻟطﻼق ﻻ
ﯾﻌﺗد ﺑﻪ ،إﻻ إذا أوﻗﻌﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗول ﻻ ﯾﺳﺗﻘﯾم ﻣﻊ ﻧﺻوص و أﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ٕوان ﻫذا اﻟﻘول
ﯾﺻﺢ ﻓﻘط ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻧص اﻟﻣﺷرع ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟطﻼق ﻻ ﯾﻘﻊ إﻻ ﻟدى اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻏرار ﻣﺎ ﺟﺎء ﺑﻪ
اﻟﻣﺷرع اﻟﺗوﻧﺳﻲ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة أﻗر ﺑﻣوﺟب أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ ﺣق اﻟزوج ﻓﻲ
إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ،دون ﺗﻘﯾدﻫﺎ ﺑﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟذي ﯾﻧﺣﺻر دورﻩ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت ﻫذا اﻟطﻼق
واﻟﻛﺷف ﻋﻧﻪ ﻻ ﻏﯾر طﺑﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة.5
وﻣﺎ ﯾﻌزز ﺑﻪ أﻧﺻﺎر ﻫذا اﻟرأي أن اﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻟذي اﺳﺗﻌﻣﻠﻪ اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (52ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة و ﻫو ﻣﺻطﻠﺢ اﻟطﻼق وﻟﯾس ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ،أي ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘﻊ اﻟطﻼق ﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ
اﻷوﻟﻰ ﺗﺄﺗﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ وﻫﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺣﻛم ،ﻓﻔﻲ اﻷوﻟﻰ ﻻ ﯾﺗدﺧل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻛوﻧﻬﺎ ﻣن ﺻﻼﺣﯾﺎت
اﻟزوج وﺣدﻩ ،ﻷن اﻟﻌﺻﻣﺔ ﺑﯾدﻩ ٕوان اﻟزوج ﻟﻣﺎ ﯾﻠﺟﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﯾﺛﺑت ﻓﻲ إﯾﻘﺎﻋﻪ ﺣﻛم اﻟطﻼق ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ
ﺳﻠﺑﯾﺎ إذ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻪ أن ﯾﻧﺎﻗش ﺳﺑب اﻟطﻼق أو ﯾرﻓض إﺛﺑﺎت
دور َ
اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﯾﻛون دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ً ا
اﻟطﻼق .6ﻫذا ﻣﺎ اﺳﺗﻘرت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن ﻗ ارراﺗﻬﺎ ،7وأن اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ
-1ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 49
-2أﺣﻣد ﻧﺻر اﻟﺟﻧدي ،ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ،دار ﺷﺗﺎت ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺑرﻣﺟﯾﺎت ،ﻣﺻر ،دون ﺳﻧﺔ اﻟﻧﺷر ،ص.104
-3ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .59
-4ﺑوﻛﺎﯾس ﺳﻣﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .108
-5ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .59
6
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص 54و .55
7
-ﻟﻘد ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ":ﻣﺗﻰ ﺗﺑﯾن ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺣﺎل أن اﻟطﻼق وﻗﻊ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن أﻣﺎم ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،وان
اﻟﻣﺟﻠس أﺟرى ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ وﺳﻣﻊ اﻟﺷﻬود اﻟذﯾن أﻛدوا ﺑﺎن اﻟزوج طﻠق ﻓﻌﻼً اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ أﻣﺎم ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻼ
77
دﻋوى اﻟطﻼق ذو طﺎﺑﻊ إﻧﺷﺎﺋﻲ إذا ﺗﻣﺳﻛﻧﺎ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون اﻟوﺿﻌﻲ ،ﻟﻛن ﺑﺗﻔﺳﯾر ﻋﺑﺎرة ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة وﻫﻲ "ﻻ ﯾﺛﺑت ﺣﻛم اﻟطﻼق ،" ...ﺗﺑﯾن أن اﻟﺣﻛم اﻟذي ﯾﺻدر ﻓﻲ اﻟدﻋوى ﯾؤﻛد رﻏﺑﺔ ﻛل ﻣن
اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻌد ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻣن اﻟﯾوم اﻟذي اﺗﺟﻬت ﻓﯾﻪ ﻧﯾﺔ اﻟزوج ،وأﻣﺎ اﻟﺣﻛم
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻓﻣﺎ ﻫو إﻻ ﻛﺎﺷف ﻫذﻩ اﻟﻧﯾﺔ وﻫذا ﯾﺗﻔق ﻣﻊ ﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻣﻌروﻓﺔ "إﻧﻣﺎ اﻷﻋﻣﺎل
ﺑﺎﻟﻧﯾﺎت" .1
ﺛﺎﻧﯾﺎً -ﺣﻛم اﻟطﻼق ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إرادة اﻟزوج اﻟﻣﻧﻔردة ﺣﻛم ﻣﻧﺷﺄ:
ﯾﻌﺗﺑر ﺟﺎﻧب آﺧر ﻣن اﻟﻔﻘﻪ أن اﻟطﻼق ﻣن اﻟﺣﻘوق اﻹرادﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻠﻛﻬﺎ اﻟزوج و إذ ﺑﻣﺟرد ﺗﻌﺑﯾر
اﻟزوج ﻋن إرادﺗﻪ ﯾﺣدث اﻷﺛر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،و ﻫو اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻧﺎﺷﺊ ﻋن ﻋﻘد اﻟزواج أي وﻗوع
وﺧروﺟﺎ ﻋن اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ أﺻﺑﺢ ﯾﺧﺿﻊ اﺳﺗﻌﻣﺎل ﺣق اﻟزوج ﻓﻲ اﻟطﻼق إﻟﻰ اﻟﺷﻛل اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ
ً اﻟطﻼق،
ﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك أﺻﺑﺣت إرادة اﻟزوج ﻋﺎﺟزة ﻟوﺣدﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺗرﺗﯾب اﻷﺛر إﻻ ﺑﺎﺳﺗﯾﻔﺎء
ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة ) ، (49و ً
اﻟﺷﻛل اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻣﺣدد .ﻛون إرادﺗﻪ أﺻﺑﺣت ﻗﺎﺻرة ﻟوﺣدﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺗرﺗﯾب اﻷﺛر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ وﻣرد ﻫذا اﻟﻘﺻور
ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ إرادة اﻟﻣﺷرع وﻟﯾس إﻟﻰ ﺿﻌف اﻟزوج ﻓﻲ ﻗواﻩ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ. 2
ﯾﺣق أن ﯾﺗراﺟﻊ ﻋن ﻫذا اﻟطﻼق ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎن اﻟﻘﺿﺎة ﺑﻘﺿﺎﺋﻬم ﺑﺈﺛﺑﺎت اﻟطﻼق اﻟﻌرﻓﻲ طﺑﻘوا ﺗطﺑﯾﻘﺎً ﺻﺣﯾﺢ ﻟﻠﻘﺎﻧون" ،اﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،216250ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1999/02/16ﻣﺟﻠﺔ اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻋدد ﺧﺎص2001 ،
ص 103وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
ﻧﺟد ﻗرار أﺧر" :ﻣن اﻟﻣﻘرر ﺷرﻋﺎً أن اﻟطﻼق ﻫو ﺣق ﻟﻠرﺟل ﺻﺎﺣب اﻟﻌﺻﻣﺔ ،وأﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺣل ﻣﺣﻠﻪ ﻓﻲ إﺻدارﻩ ،أﻣﺎ
اﻟﺗطﻠﯾق ﻓﻬو ﺣق ﻟﻠﻣرأة اﻟﻣﺗﺿررة ،وﺗرﻓﻊ أﻣرﻫﺎ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟذي ﯾطﻠﻘﻬﺎ ،وﻣن ﺛم ﻓﺈن اﻟﻘﺿﺎء ﺑﻣﺎ ﯾﺧﺎﻟف ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﯾﻌد ﺧرق ﻷﺣﻛﺎم
اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ.وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﺗﺧول إﺛﺑﺎت ﺗﺻرﯾﺢ اﻟزوج ﺑﺎﻟطﻼق ﺑواﺳطﺔ ﺳﻣﺎع ﺷﻬود ﺣﺿروا وﺳﻣﻌوا ذﻟك
ﻣن اﻟزوج ،أو ﺑواﺳطﺔ ﺷﻬﺎدة ﻣﺳﺗﻔﯾﺿﺔ ،ﻓﺎﻧﻪ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎة أن ﯾﺟروا ﺗﺣﻘﯾﻘﺎً ﻟﺳﻣﺎع اﻟﺷﻬود اﻟذﯾن ﻋﻠﻣوا ﺑﺎﻟطﻼق وﻟﯾس ﻟﻬم
ﺑﻌد ذﻟك إﻻ أن ﯾواﻓﻘوا ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ طﻼق أﺛﺑت أﻣﺎﻣﻬم ،وﻛذﻟك ﻓﺈن اﻟﻘرار اﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﺄن اﻟطﻼق ﻻ ﯾﺛﺑت إﻻ ﺑﺗﺻرﯾﺢ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﯾﻌد ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ" ،أﻧظر :اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ )ﺳﺎﺑﻘﺎً ( ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،35026ﻣؤرخ ﻓﻲ
،1989/12/23اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد ،1989 ،04ص 86وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ .
وﻫﻧﺎك ﻗرار ﻗﺿﺎﺋﻲ آﺧر ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺟﺎء ﻓﯾﻪ " ﻣن اﻟﻣﻘرر ﺷرﻋﺎ أن اﻟطﻼق ﻫو ﺣق ﻟﻠرﺟل ﺻﺎﺣب اﻟﻌﺻﻣﺔ ،وأﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺣل ﻣﺣﻠﻪ ﻓﻲ إﺻدارﻩ ،"...اﻧظر :اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ )ﺳﺎﺑﻘًﺎ( ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،35026 ،ﻣؤرخ
ﻓﻲ ،1984/12/03اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد ،1989 ،04ص .86
-1اﻟﻐوﺛﻲ ﺑن ﻣﻠﺣﺔ ،ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء ،دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،اﻟﺟزاﺋر ،2005،ص .122
-2زودة ﻋﻣر ،طﺑﯾﻌﺔ اﻷﺣﻛﺎم ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ أﺛر اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.105
78
ﺷرطﺎ ﻟﻺﺛﺑﺎت و إﻧﻣﺎ ﻫو ﺷرط ﻟﻼﻧﻌﻘﺎد ذﻟك أن اﻟﻣﺷرع
ً ﻓﻼ ﯾﻘﻊ اﻟطﻼق إﻻ ﺑﻣوﺟب ﺣﻛم ،ﻓﻬو ﻟﯾس
ﻋﻧدﻣﺎ ﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻧﻔﻲ وﻗوع أي طﻼق ﻣﺎ
ﻟم ﺗﺳﺑﻘﻪ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،وﻣن ﺛﻣﺔ ﯾﻛون اﻟﻣﺷرع ﻗد أﻧﺣﺎز إﻟﻰ اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺷﻛﻠﻲ ،ﻓﻼ
ﯾﻌﺗد ﺑﺎﻟطﻼق اﻟذي ﯾﻘﻊ ﺧﺎرج ﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎء ﺑل ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟزوج أن ﯾﻌﻠن ﻋن إرادﺗﻪ ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل ﺣﻘﻪ
اﻹرادي ﺑﺻدور إﺷﻬﺎد ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺛﺑت ﻓﯾﻪ اﺳﺗﯾﻔﺎء إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ وﺗﻌﺑﯾر اﻟزوج ﻋن إرادﺗﻪ ﻓﻲ ذﻟك ،وﻣن
ﺷرطﺎ ﻟﺻﺣﺔ وﻗوع اﻟطﻼق و ﻻ ﯾﻌد وﺳﯾﻠﺔ إﺛﺑﺎﺗﻪ ،وﻋﻠﯾﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻗﺑول إدﻋﺎء
ً ﺛم ﯾﻌد اﻟﻣﺣرر اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
رﺳﻣﯾﺎ ﺻﺎدر ﻋن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺛﺑت ذﻟك.1
ﻣﺣرر ً
اﻟزوج ﺑوﻗوع اﻟطﻼق ﻣﺎ ﻟم ﯾﻘدم ً ا
ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻗﯾد اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟطﻼق ،ﻷﻧﻪ أوﺟب أن ﯾﻘﻊ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ،وﻫذا اﻟﺷرط ﻟﯾس ﺳﻠﺑﺎ ﻟﺣق
اﻟزوج ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑل أﻣر وﺟوﺑﻲ ﻋﻠﻰ اﻟزوج إذا أراد أن ﯾطﻠق أن ﯾﺣﺗرم اﻟﺷﻛل اﻟذي ﯾﻘررﻩ اﻟﻘﺎﻧون.2
ﻣﻧﺷﺋﺎ ﻟﻠطﻼق ،ﻷن اﻟﻧص أﺷﺎر إﻟﻰ ﺿرورة اﻟﺻﻠﺢ ﻗﺑل اﻟﺣﻛم
ً ﻓﺣﺳب ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﯾﻛون ﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ
وﺧﻼل ﺛﻼﺛﺔ) (03أﺷﻬر ﻗﺑل اﻟﺣﻛم ،واﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻛون ﺧﻼل ﺳﯾر دﻋوى اﻟطﻼق و ﺧﻼل ﺧﺻﺎم
اﻟزوﺟﯾنٕ ، 3وان اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟظﺎﻫر وﻫو أن اﻟطﻼق ﻻ ﯾﺗم إﺛﺑﺎﺗﻪ إﻻ ﺑﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ،وأﻧﻪ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘﻊ ﻋرﻓﯾﺎ ،ﻓﺈن
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻣﻛﻧﻪ أن ﯾﻌﺗﻣد اﻟﺑﯾﻧﺔ اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻓﻲ إﺛﺑﺎﺗﻪ ،وﻫذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﺎﺳد وﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ ﻷﻧﻪ ﯾﻘﺗﺿﻲ أن
اﻟدﻋﺎوى اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺈﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ﻻ ﺗﺳﻣﻊ ﻣطﻠﻘًﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إذا وﻗﻊ ﺑﻌد ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،و ﻟﻌل
اﻟﻣﺷرع ﯾﻘﺻد اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻹﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﻫﻲ اﻟﺣﻛم اﻟذي ﯾﻧطق ﺑﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ وأﻧﻪ ﺑﺎﻧﺗﻔﺎء ﻫذا اﻟﺣﻛم ﻻ
ﯾﻘﻊ اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺻﻔﺔ اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﺑﺷﺄن اﻟطﻼق اﻟﻠﻔظﻲ اﻟذي ﺗم ﺑﯾن اﻟﻔﺎﺗﺢ ﻣن ﺟوﯾﻠﯾﺔ 1975و ﺗﺎرﯾﺦ
ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة.
و ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ أن ﯾﻘﺑل اﻟﺑﯾﻧﺔ اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻓﻲ إﺛﺑﺎﺗﻪ،وﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻟم ﯾوﻓق ﻓﻲ
ﺻﯾﺎﻏﺔ ﻧص اﻟﻣﺎدة )،(49ﻷﻧﻪ ﻟم ﯾﺑن ﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺟوز ﻓﯾﻬﺎ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺳﻣﻊ دﻋوى
79
إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ،ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﯾوﻫم أن ﺟﻣﯾﻊ أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق ﻟﯾﺳت ﻣن اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﺑل اﻟﻛﺎﺷﻔﺔ .وﻟﻬذا ﻛﺎن
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع أن ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻣﺻطﻠﺢ "ﻻ ﯾﻘﻊ "ﺑدﻻ ﻣن " ﻻ ﯾﺛﺑت". 1
ﯾذﻫب ﻫذا اﻟرأي إﻟﻰ اﻟﻘول أﻧﻪ ﻻ ﯾﻌﻘل أن اﻟطﻼق ﻛﺎﺷف وﻣﺎ ﯾﺑرر ﻣوﻗﻔﻬم ﻫو ﻧص اﻟﻣﺎدة )(49
ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻲ أن ﻋﺑﺎرة "ﻻ ﯾﺛﺑت " ﻟﯾﺳت ﻓﻲ ﻣﺣﻠﻬﺎ ﻷن ﻋﺑﺎرة » établi
« ne peut êtreﻻ ﺗﻌﻧﻲ ﻋﺑﺎرة " ﻻ ﯾﺛﺑت " و إﻧﻣﺎ ﺗﻌﻧﻲ ﻋﺑﺎرة ﻻ ﯾﻧﺷﺄ" أو ﻋﺑﺎرة " ﻻ ﯾﺗم إﻗرار " ،أو " ﻻ
ﯾﺗم ﺗﺄﺳﯾس " ،ﻟذﻟك ﻓﺈن ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺻﺣﯾﺢ وﻫو ﯾﻔﯾد ﺑﺄن اﻟﺣﻛم ﻫو ﻣﻧﺷﺄ وﻟﯾس
ﻛﺎﺷف ﻟذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع إﻋﺎدة ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﻣﺎدة ) (49اﻟﻣﻛﺗوﺑﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،2وﯾﺧﻠص ﻫذا اﻟرأي إﻟﻰ أن
اﻟطﻼق ﺻﺎر ﺑﯾد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻼ ﯾﻘﻊ إﻻ ﺑﺣﻛم ،ﻓﻬذا ﯾﻌﻧﻲ ﻋﻣﻠﯾﺎ ﺗﺧﻠﯾﻪ ﻋن اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ .وﻋﻠﯾﻪ ﺣﻛم
اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﺣﻛم ﻣﻧﺷﺊ ﻧﺎﺗﺞ ﻋن دﻋوى ﻣﻧﺷﺋﺔ.
ﺛﺎﻟﺛﺎً -ﺣﻛم اﻟطﻼق ﻛﺎﺷف وﻣﻧﺷﺊ:
ذﻫب ﺟﺎﻧب آﺧر ﻣن اﻟﻔﻘﻪ إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن ﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻫو ﺣﻛم ﻣﻧﺷﺊ
وﻛﺎﺷف ،ﺣﻛم ﻣﻧﺷﺊ ﺑﺳﺑب وﺟود اﻟﺻﻠﺢ ،ﻷن اﻟزوج ﯾرﻓﻊ اﻟدﻋوى و اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻘوم ﺑﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس ﯾﺻدر ﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﻌدﻩ ،وﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﺣﻛم ﻛﺎﺷف ﻛون اﻟزوج ﺗﻠﻔظ ﺑﺎﻟطﻼق
ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ﻓﻘط ،3ﻓﺎﻟطﻼق ﻣن ﺣﯾث طﺑﯾﻌﺗﻪ
ﺷرﻋﺎ ،وﯾﻠ ﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن أﺟل إﺛﺑﺎت ﻫذا اﻟطﻼق ﻗﺿﺎﺋﯾﺎً و ً
ﻫو ﺣﻛم ﻛﺎﺷف و ﻣﻧﺷﺊ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ذﻟك أن ﺣﻛم اﻟطﻼق ﯾﺧﺗﻠف ﻋن ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻷﺣﻛﺎم ﻣن ﺣﯾث
اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻵﺛﺎر و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﻟطﻼق ﺣﻛم ﻛﺎﺷف ﻷن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻧطق ﺑﺣﻛم اﻟطﻼق ﻓﻬو
ﯾﻛﺷف إرادة اﻟزوج اﻟذي ﯾﻛون ﺗﻠﻔظ ﺑﺎﻟطﻼق ﻗﺑل اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ،وﻟﻛون أن اﻟﺣﻛم اﻟﻣﻧﺷﺊ ﯾرﺗب
ﺟدﯾدا واﻟذي ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣرﻛز اﻟﻣطﻠق واﻟﻣطﻠﻘﺔ .4
ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ً
ﻣرﻛز ًًا
-1ﺗﺷوار اﻟﺟﯾﻼﻟﻲ ،ﺣق اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ اﻟطﻼق ،ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و اﻟﺗطورات اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،ﻣﺧﺑر اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺟﺎﻣﻌﺔ اﺑﻲ
ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ،ﺗﻠﻣﺳﺎن ،2010 ،ص .74
-2طﯾﺑون ﺣﻛﯾم ،إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ﺑﯾن اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ،ﻣن أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟدوﻟﻲ ﺣول اﻷﺣﻛﺎم
اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺳرة ﺑﯾن اﻟﺛواﺑت و اﻟﻣﺗﻐﯾرات ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺧﻣﯾس ﻣﻠﯾﺎﻧﺔ ،ﻋﯾن اﻟدﻓﻠﻰ ،ﯾوﻣﻲ 04
و 05ﻣﺎي ، 2014 ،ص .389
-3ﺑوﻛﺎﯾس ﺳﻣﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .106
-4ﺗﻘﯾﺔ ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.231
80
وﻣﻣﺎ ﺗﻘدم ﺑﯾﺎﻧﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻵراء اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟذﻛر ﯾﺗﺿﺢ ﺟﻠﯾﺎ أن اﻟرأي اﻟراﺟﺢ ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ دﻋوى طﻼق ﺑﺈرادة اﻟزوج اﻟﻣﻧﻔردة ﻫو اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻷول اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﺣﻛم
اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﺣﻛم ﻛﺎﺷف ﻟواﻗﻌﺔ اﻟطﻼق وﻣﺎ رﻓﻊ اﻟدﻋوى إﻻ ﻟﺗﻘرﯾرﻩ ،ﻓﺈذا وﻗﻊ اﻟزوج اﻟﺑﺎﻟﻎ
اﻟﻌﺎﻗل ﻏﯾر اﻟﻣﻛرﻩ طﻼق زوﺟﺗﻪ ﺑﻠﻔظ ﺻرﯾﺢ ﯾﻘﺻدﻩ ،ﻓﺎﻟطﻼق واﻗﻊ ﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﻓﻲ ﻫذا اﺛﻧﺎن إذا ﻛﺎﻧت
اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺻﺣﯾﺣﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ .ﻓﻣﺛل ﻫذا اﻟطﻼق ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲٕ ،واﻧﻣﺎ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ إﺛﺑﺎت
وﺗوﺛﯾق ﻟدى اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أو اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ،ﺿﻣﺎﻧﺎ ﻟﻠﺣﻘوق وﻣﻧﻌﺎً ﻟﻠﺗﻧﺎﻛر اﻟذي ﻗد ﯾﺣﺻل و ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ
ﻓﺗرة إﺻﻼح ﻻ ﺳﺎﻋﺔ و ﻻ ﯾوم وﻻ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬرٕ ،واﻧﻣﺎ ﻛل ﻣﺎ ﯾﺣﺗﺎﺟﻪ ﻫو إﺛﺑﺎﺗﻪ و ﺗوﺛﯾﻘﻪ وﺗﺗرﺗب آﺛﺎر ﻫذا
اﻟطﻼق ﻣن ﯾوم وﻗوﻋﻪ ،و ﻻ ﯾﻌد اﻟﺣﻛم ﺑﻪ ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗوﺛﯾﻘﺎ و إﺛﺑﺎﺗﺎ ﻟﻪ ﻻ ﻏﯾر.1
ﻣﻌﺗﻣدا أﺳﺎﺳﺎً ﻓﻲ
ً ﻧﻼﺣظ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻗ ارراﺗﻬﺎ ﺗؤﻛد داﺋﻣﺎً ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ
ﻧﻘض ﻛل اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺎﻟﻔﻬﺎ ﻋﻧد ﺗطﺑﯾق ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟزوج ﻗد طﻠق ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ﺧﺎرج
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﯾﺻﺑﺢ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻼ ﻓﺎﺋدة ،إﻻ إذا ﻛﺎن اﻟطﻼق رﺟﻌﯾﺎً ﻓﯾﺳﺗﻌﻣل اﻟﺻﻠﺢ ﻗﺻد اﻟﻣراﺟﻌﺔ ﺑﻌد اﻟطﻼق
ﺗﺟﻧﺑﺎ ﻟﺣدوث اﻟطﻼق ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻛون ﻛﺎﺷﻔًﺎ ﻟﻠطﻼق اﻟذي أوﻗﻌﻪ اﻟزوج ﺑﺈرادﺗﻪ
و ﻟﯾس ً
اﻟﻣﻧﻔردة ﺧﺎرج اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ وﻟﯾس ﻣﻧﺷﺋﺎ ﻟﻪ ،ﺣﺗﻰ ﯾﻧﺳﺟم ﻣﻊ اﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
ﺑﻣﻌﻧﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق ﯾﺿﯾﻔﻪ إﻟﻰ زﻣن ﺣدوﺛﻪ ﻷﻧﻪ وﻗﻊ ﻣن ﯾوم ﺗﻠﻔظ اﻟزوج ﺧﺎرج
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻛون اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري ﯾﻌﺗرف ﺑﺄﺣﻘﯾﺔ اﻟزوج ﻓﻲ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ،ﻓﺎﻟﻣﺎدة) (48ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﺧوﻟت ﻟﻠزوج اﻟﺣق ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟطﻼق وﻟﻘد أﺳﺗﻌﻣل اﻟﻣﺷرع ذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺻطﻠﺢ
"إرادة" وﻫو ﺗطﺑﯾق ﻟﻣﺑدأ ﺳﻠطﺎن اﻹرادة اﻟﻣﺟﺳد ﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟوﺿﻌﯾﺔ واﻟذي ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ ﯾﻛون ﻟﻺرادة وﺣدﻫﺎ
اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ إﻧﺷﺎء اﻻﻟﺗزام و ﺗرﺗﯾب اﻵﺛﺎر اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ دون اﺷﺗراط إﺟراء ﺷﻛل ﺧﺎص.
ﻫذا اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻺرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻓﻲ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﻋن طرﯾق إرﺳﺎء اﻟطﻼق اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ واﻟذي
ﯾﻌﺗﺑر ﻣن اﻟﻣﺳﺗﺟدات اﻟﺗﻲ ﻟم ﯾﺄﺗﻲ ﺑﻬﺎ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة .وﻟم ِﯾزل اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﺷﺧﺻﻲ اﻟطﻼق اﻟذي ﯾﺑﻘﻰ ﺣق
ﻟﻠزوج أن ﯾوﻗﻌﻪ ﻣﺗﻰ ﺷﺎء .
وﻻ ﯾﺣﺳن اﻟﺗﻌﻠل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺑﺄن اﻟﻘﺎﺿﻲ إذا ﻟم ﯾﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺳﺑب اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ اﻹﺻﻼح
ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺗوﺛﯾق ٕواﺛﺑﺎت اﻟطﻼق اﻟذي أوﻗﻌﻪ اﻟزوج ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ،ﺑﻌﻠﺔ اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ
إﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ﻓﺎﻟﻣﺎدة ) (49ﻧﺻت أوﻻً :أﻧﻪ ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،و ﻟم
1
-اﻟﻣﺻري ﻣﺑروك ،إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري -دراﺳﺔ وﺗﺣﻠﯾل ،-دار اﻟﻌﻠوم ﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ و أدأﺑﻬﺎ
واﻟدراﺳﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،ﻋدد ،33ﻣﺻر ،2009 ،ص .259
81
ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ إذا ﺗوﺻل ﻟﻺﺻﻼح اﻟذي أوﻗﻌﻪ اﻟزوج ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق اﻟواﻗﻊ ،اﻟذي أﻗرﺗﻪ اﻟﻣﺎدة )(48
ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة وﻣن ﺛم ﺟﺎز اﻟﺟﻣﻊ ،ﺑل وﺟب ﻟﻠﺧروج ﻣن اﻟﺗﻌﺎرض اﻟظﺎﻫري اﻟذي ﺗﻔرﺿﻪ ظواﻫر
اﻟﻧﺻوص ،وﺣﺗﻰ ﯾﺗﻔق اﻟﺣﻛم ﻣﻊ أﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ أﻛدت ذﻟك اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻗ ارراﺗﻬﺎ
ﺣﯾث ﺟﺎء ﺿﻣن ﺣﯾﺛﯾﺎت ﻣﻠف رﻗم 39463ﻗرار ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1986/12/10ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
وﻗﺿﺎء ،ﻓﻲ أﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ أن اﻟطﻼق اﻟذي ﯾﻘﻊ ﻣن اﻟزوج ﻫو
ً " ﻣن اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻘﻬﺎً
اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ،و إن ﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻪ ﻻ ﯾﻐﯾر ﻣن رﺟﻌﯾﺗﻪ ﻷﻧﻪ إﻧﻣﺎ ﻧزل ﻋن طﻠب اﻟطﻼق أﻣﺎ اﻟطﻼق اﻟﺑﺎﺋن
ﻓﻬو اﻟذي ﯾﻘﻊ ﻣﺎ ﻗﺑل اﻟدﺧول أو وﻗﻊ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻋوض ﺗدﻓﻌﻪ اﻟزوﺟﺔ ﻟزوﺟﻬﺎ ﻟﻠﺗﺧﻠص ﻣن اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﻣﻌﻪ ،وﻛذﻟك اﻟطﻼق اﻟذي ﯾوﻗﻌﻪ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟزوﺟﺔ ﺑدﻓﻊ اﻟﺿرر ﻋﻧﻬﺎ و ﺣﺳم اﻟﻧزاع ﺑﯾﻧﻬﺎ و ﺑﯾن زوﺟﻬﺎ
إن اﻟﻘﺿﺎء ﺑﻣﺎ ﯾﺧﺎﻟف ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﯾﻌد ﺧرﻗﺎً ﻷﺣﻛﺎم و ﻣﺑﺎدئ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و ﻟذﻟك ﯾﺳﺗوﺟب ﻧﻘض اﻟﻘرار
1
اﻟذي اﻋﺗﺑر اﻟطﻼق ﺑﺈرادة اﻟزوج طﻼﻗﺎ ﺑﺎﺋﻧﺎ "
إن اﻟﻘول أن اﻟزوج إذا طﻠق زوﺟﺗﻪ ﻻ ﯾﻌﺗد ﺑﻪ ﺣﺗﻰ ﯾﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻪ و إﻻ ﻓﻬو ﻟﯾس ﺑطﻼق ﻓﻲ
ﻧظر اﻟﻘﺎﻧون ،إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎل ﻋدم اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻓﯾﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟطﻼق ﻣﺧﺎﻟف ﻟﻛﺗﺎب
اﷲ .وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻘوﻟﻪ اﻷﺳﺗﺎذ اﻟدﻛﺗور ﻣﺣﻣد ﺑﻠﺗﺎﺟﻲ ":ﻓﻣن اﻟﺛﺎﺑت اﻟﻣﻘطوع ﺑﻪ ﻧﺻﺎً و إﺟﻣﺎﻋﺎً إن اﻟزوج إذا
طﻠق زوﺟﺗﻪ ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ،و ﻫﻲ ﻣﺣل ﺻﺣﯾﺢ ﻹﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ،وﻗﻊ طﻼﻗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔور ﻓﻠم ﺗﻌد
زوﺟﺔ ﻣطﻠﻘﺔ دون ﺗوﻗف ﻫذا اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ ﺷﻲء آﺧر ،ﺑﺈطﻼق وﻻ ﺣﻛم ﻗﺎﺿﻲ و ﻻ اﻧﺗظﺎر زﻣﺎن و ﻻ ﻏﯾر
ذﻟك ،2و ﻻ ﯾﻣﻛن ﻷﺣد أن ﯾﻘول إن اﻟطﻼق ﻻ ﯾﻘﻊ ﺷرﻋﺎً إﻻ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ أو ﺑﻌد اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ،ﻷﻧﻪ ﻟم ﯾروى ﻋن اﻟرﺳول ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ و ﺳﻠم ،وﻻ ﻋن ﺻﺣﺎﺑﺗﻪ ،وﻻ ﻋن أﺣد ﻣن ﺳﻠف ﻫذﻩ
اﻷﻣﺔ ،أﻧﻬم ﻛﺎﻧوا ﻻ ﯾوﻗﻌون طﻼﻗً ﺎ ﻟرﺟل إﻻ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ وﺑﻌد اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋن اﻟﻧﺣو اﻟﺳﺎﺑق ،ﻓﺎﻟﻘول ﺑذﻟك
اﺷﺗراط ﻓﻲ ﺷرع اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻐﯾر ﻣﺎ ﺷرط أو ﺑﯾﻧﻪ رﺳوﻟﻪ اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ أﻣور اﻟﺗﺷرﯾﻊ أو ﺟﻣﻬور ﺻﺣﺎﺑﺗﻪ
اﻟذﯾن ﺷﻬدوا ﻋﺻر اﻟﺗﻧزﯾل ،و ﻋﺎﯾﺷﻪ أوﺿﺎﻋﻪ ﻓﻘد ﻛﺎن رﺟل ﻣﻧﻬم ﯾوﻗﻊ طﻼق زوﺟﺗﻪ ﻓﯾﻘﻊ ،وﻟم ﯾرو ﻋن
أﺣد ﻣﻧﻬم أن اﻟواﺣد ﻣﻧﻬم ﻛﺎن ﯾﻧﺗظر ﻓﻲ ﻛل طﻼق اﻟﺗﺣﻛﯾم و إﯾﻘﺎﻋﻪ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻛﻣﺎ ﯾدﻋﻲ اﻟﺑﻌض . 3
وﻣن ﺧﻼل ﻣﻼﺣظﺔ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ أن ﻋﺑﺎرة « ne peut
» " ،être établiﻻ ﯾﺛﺑت " ،ﻋﻧد ﺗرﺟﻣﺗﻬﺎ ﻟﻬﺎ ﻋدة ﻣﻌﺎﻧﻲ وﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ":ﺛﺑت" " ،رﺗب" "،أﺳس" " ،وطد" ،
82
"أﺷﻐل" " ،ﻋﺑﺋﺎ" " ،أرﺳﺦ"" ،اﺳﺗﻘر""،ﻗرر" ،ﻛل ﻫذﻩ اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت ﺗﻌﻧﻲ "ﻗرر" أو" ﺛﺑت" وﻻ ﺗﻌﻧﻲ إﯾﻘﺎع
ﻟذﻟك ﻓﺈن ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ وﯾواﻓق اﻟﻧص اﻟﻌرﺑﻲ .أﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟذي ﯾﺟﻣﻊ
ﺑﯾن اﻟﺣﻛم اﻟﻛﺎﺷف و اﻟﻣﻧﺷﻰ ﻫذا ﻻ ﯾﺳﺗﻘﯾم ﻣﻊ اﻟﻣﻧطق.ﻷﻧﻪ ﯾﺟب اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾن اﻟﻣراﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻷﺣﻛﺎم
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﺎﻟﺣﻛم إﻣﺎ ﯾﻛون ﻛﺎﺷف أو ﻣﻧﺷﺊ ،و ﻟﯾس اﻻﺛﻧﯾن واﻟﻘول ﺑﻬذا راﺟﻊ إﻟﻰ ﻋدم اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن
اﻟﻣراﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻷن اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﯾﻛﺷف ﻋن اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ و اﻹرادة ﺗﻛﺷف ﻋن
اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي ﻫو اﻟطﻼق ﻓﺎﻹرادة ﺗﺧﻠق اﻟﻣرﻛز ،واﻟﺣﻛم ﯾﺄﺗﻲ ﻹﺛﺑﺎت ذﻟك اﻟﻣرﻛز ،ﻓﺣﻛم اﻟطﻼق
ﻛﺎﺷف و وﻟﯾس ﻣﻧﺷﺊ و ﻻ ﯾﻛون ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ،ﺣﯾث ﯾﻛون دور ﻫذا اﻷﺧﯾر ﺳﻠﺑﻲ
ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﺗوﺛﯾق ﺗﻠك اﻟواﻗﻌﺔ و اﻟﻛﺷف ﻋﻧﻪ وﺗﻘرﯾرﻩ ،ﻓﺗﻛﯾف اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة ﯾﺑﻘﻰ ﻛﺎﺷف ﻣﺎدام ﻻ ﯾﻣﻠﻛﻪ
إﻻ اﻟزوج ﺳواء أوﻗﻌﻪ أو ﺳوف ﯾوﻗﻌﻪ و ﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻻ إﺛﺑﺎت ذﻟك اﻟطﻼق اﻟذي وﻗﻊ أﻣﺎﻣﻪ ﺑﻌد رﻓﻊ
اﻟدﻋوى.
ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻧظم طﻠب اﻟطﻼق ﻣن أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (436إﻟﻰ ) (452ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ أﯾن أﻋطﻰ اﻹﺟراءات اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ و داﺋﻣﺎ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣوﺿوﻋﻲ اﻟﻣﺗﻣﺛل
ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻓﺎﻟزوج ﻫﻧﺎ ﯾرﻓﻊ دﻋوى إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق اﻟذي أوﻗﻌﻪ ،أﻣﺎ اﻟزوﺟﺔ ﻓﺗرﻓﻊ إﻣﺎ دﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق
أو دﻋوى اﻟﺧﻠﻊ ،و ﺑﻣوﺟب أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (450ﯾﺗﺄﻛد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن إرادة اﻟزوج ﻓﻲ طﻠب اﻟطﻼق وﯾﺗﺣﻘق
ﻫل اﻟزوج أوﻗﻊ اﻟطﻼق أو ﻻ؟ وﻫل ﻫو ﻣﺗﻣﺳك وﻣﺻر ﻋﻠﻰ طﻠﺑﻪ؟ ،ﻷن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻏﯾر ﻣﺧﺗص ﻓﻲ إﯾﻘﺎع
و إﻧﺷﺎء اﻟطﻼق ﻷﻧﻪ ﺣﺳب أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) ،1(48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﯾﺣل ﻋﻘد اﻟزواج ﺑﺈرادة اﻟزوج وﻟﻣﺎ أراد
اﻟﻣﺷرع أن ﯾﺗﻛﻠم ﻋن ﺣل ﻋﻘد اﻟزواج ﻋن طرﯾق اﻟزوﺟﺔ ﺻرح ﺑطﻠب ﻣن اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ﺣدود ﻣﺎ ورد ﻓﻲ
اﻟﻣﺎدﺗﯾن ) (53و)(54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة .
ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ) (450ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﯾس ﻟﻪ أن ﯾرﻓض اﻟطﻠب
ﺣﺗﻰ وﻟو ﻛﺎن اﻟزوج ﻣﺗﻌﺳﻔﺎ ،ﻷن اﻟزوج وﺣدﻩ اﻟﻣﺧﺗص ﻓﻲ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻷن اﻟﻌﺻﻣﺔ ﺑﯾدﻩ وأﻧﻪ
ﻋﺎ ﻟﻪ وﻣن ﯾﻘول ﻋﻛس ذﻟك ﻟﯾس ﻟﻪ أي دﻟﯾل أو أﺳﺎس ﻗﺎﻧوﻧﻲ ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻛﺷف ﻋن ﻫذا
ﺣق ﻣﻘرر ﺷر ً
اﻟطﻼق اﻟذي أوﺟدﻩ اﻟزوج ﻷن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫو ﺳﻠﺑﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ إﺛﺑﺎت واﻗﻌﺔ اﻟطﻼق و اﻟﻛﺷف ﻋن إرادة
ﻗﺿﺎﺋﯾﺎ ﻣﺿﻣوﻧﻪ إﺛﺑﺎت واﻗﻌﺔ اﻟطﻼق اﻟذي أﺣدﺛﻪ اﻟزوج وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟطﻼق ﻓﻲ
ً اﻟزوج ،وذﻟك ﺑﺈﺻدارﻩ ﺣﻛﻣﺎً
اﻟﺟزاﺋر ﻣطﺎﺑق ﻟﻠﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،ﻛون اﻟﻌﺻﻣﺔ ﺑﯾد اﻟزوج وﻣﺎ رﻓﻊ اﻟدﻋوى إﻻ ﻣن أﺟل اﺳﺗﺻدار ﺣﻛم
ﯾﺛب ذﻟك. ،و ﻣﺎ ﺟﺎءت ﺑﻪ أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة) (450ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،دﻟﯾل ﻓﻌﻠﻲ ﻋﻠﻰ
83
ﺣﻘﯾﻘﺔ أن اﻟطﻼق واﻗﻊ ﺧﺎرج اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ و ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج ٕواﻻ ﻓﻠﻣﺎذا اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺗﺄﻛد ﻣﻧﻪ ﻛﻣﺎ ﯾزﻋم
اﻟﺑﻌض .
أﯾﺿﺎ أﻧﻪ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻣﺎدة) (50ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻧﺟدﻫﺎ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ" :
وﻣﺎ ﯾﻌزز ﻫذا اﻟﺗﺄﻛﯾد ً
ﻣن راﺟﻊ زوﺟﺗﻪ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻋﻘد ﺟدﯾد وﻣن راﺟﻌﻬﺎ ﺑﻌد ﺻدور اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﯾﺣﺗﺎج
إﻟﻰ ﻋﻘد ﺟدﯾد " ﻓﻣراﺟﻌﺔ اﻟزوﺟﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻛون إﻻ ﺑﻌد وﻗوع واﻗﻌﺔ اﻟطﻼق وأﺛﻧﺎء ﻓﺗرة اﻟﻌدة ﻻ ﻏﯾر
وﻋﻠﯾﻪ ﻓﻠو ﻛﺎن ﺣﻛم اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻣﻧﺷﺋﺎ ﻛﻣﺎ ﯾزﻋم اﻟﺑﻌض ﻛﯾف ﺗراﺟﻊ اﻟزوﺟﺔ زوﺟﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﺗرة
اﻟﺻﻠﺢ وﻫﻲ ﻟم ﺗطﻠق ﺑﻌد ﻛون اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻟم ﯾﺻدر ﺑﻌد.
ٕوان اﻟﻘول أن اﻟطﻼق ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ﻻ ﯾﻘﻊ إﻻ ﻟدى اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻫو ﻗول ﯾﺻﺢ و ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺷرﯾﻊ
اﻟﺗوﻧﺳﻲ ،اﻟذي ذﻫب إﻟﻰ ﺗﻛرﯾس ﻣﺳﺎواة واﺿﺣﺔ ﻓﻲ ﺣق طﻠب اﻟطﻼق و ﻟﻌل اﻟطﻼق اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻋﻧدﻫم
ﯾﻌد ﻣن أﺑرز ﻣظﺎﻫر اﻹﻗرار اﻟﺻرﯾﺢ ﻟﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟﺟﻧﺳﯾن ،ﺣﯾث ﻧص ﻓﻲ اﻟﻔﺻل 30ﻣن ﻣﺟﻠﺔ
اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺗوﻧﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ:
" ﻻ ﯾﻘﻊ اﻟطﻼق إﻻ ﻟدى اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ " وﻓﻲ ذﻟك إﻟﻐﺎء ﻟﻠطﻼق اﻟﺷﻔوي اﻟذي ﻛﺎن ﺑﯾد اﻟرﺟل دون اﻟﻣرأة
ﺣﯾث ﻟم ﯾﻌد ﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﯾﻧﺣل اﻟزواج ﺑﯾن اﻷﺣﯾﺎء ﻓﻲ ﺗوﻧس إﻻ ﺑﻣوﺟب ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ واﻟﻠﺟوء إﻟﻰ
إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺑﺗوﻧس ﻣﻔروض ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻗﺎﻋدة إﺟراﺋﯾﺔ ﻓﺎﻟطﻼق إﻧﺷﺎء ،1ﻏﯾر أن ﺷﯾوخ اﻟزﯾﺗوﻧﺔ ﻓﻲ ﺣد
ذاﺗﻬم اﻧﻘﺳﻣوا ﺑﯾن ﺷﻘﯾن ﺣول ﻣدى اﻟﺗزام ﻣﺟﻠﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺗوﻧﺳﯾﺔ ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،2و
ﺑذﻟك اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾرﺗب ازدواﺟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠطﻼق ،طﻼق ﺗﻠﻔظ ﺑﻪ اﻟزوج ﻗﺑل رﻓﻊ اﻟدﻋوى
وطﻼق أﻧﺷﺊ ﺑﻣوﺟب ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ،3ﻷﻧﻪ ﻓﻲ ﻛل اﻷﺣوال ﯾﺑﻘﻰ ﺣﻛم ﻛﺎﺷف أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺣﻛم ﻣﻘرر
ﺻﺎدر ﻓﻲ دﻋوى ﺗﻘرﯾرﯾﺔ .ﻓﺎﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﻘررة أو اﻟﻛﺎﺷﻔﺔ ﻻ ﯾﺳﺎﻫم اﻟﻘﺿﺎء إﻻ ﻓﻲ اﻟﻛﺷف ﻋﻧﻬﺎ و ﺗﻘرﯾرﻫﺎ
ﻛﺎﻟطﻼق ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إرادة اﻟزوج و ﯾﺗﺑﯾن ﻣن ذﻟك أن ﻋﻣل اﻟﻘﺿﺎء ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺷف ﻋن إرادة أﺣد
اﻟﺧﺻوم وﻻ ﺗﺗدﺧل اﻹرادة اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ إﻧﺷﺎء ﺗﻠك اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻘرﯾرﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث ﺗﻧﻛﻣش ﻓﯾﻬﺎ ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺿﺎء
ﻓﻲ إﺻدار اﻟﺣﻛم و ﯾﻘﺗرب دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن دور اﻟﻣوﺛق ﺑﺣﯾث ﯾﻘﺗﺻر دورﻩ ﻋﻠﻰ ﺗوﺛﯾق إرادة اﻟزوج و
اﻟﻛﺷف ﻋﻧﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺗﻛون ﻣﺣدودة ﺑل ﺗﻧﻌدم ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج.
-1اﻟﻬﯾﺷري ﻫﺎﺟر ،ﺣق اﻟﻣرأة ﻓﻲ اﻟطﻼق ،ﻣﺟﻠﺔ دﻓﺎﺗر اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻟﻘﺎﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ورﻗﻠﺔ ،ﻋدد ،2014 ،10ص.88
-2اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .87
-3ﻋﻣرو ﺧﻠﯾل ،اﻟطﻌن ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﺑﺎﻟطﻼق ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺑﺣوث و اﻟدراﺳﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق
84
ﺗظﻬر اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ و طﺑﯾﻌﺔ ﺣﻛم اﻟطﻼق أن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﻛون ﻛﺎﺷﻔﺎ ﻟﺗﺎرﯾﺦ
اﻟواﻗﻌﺔ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻧد إﺟراﺋﻪ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﯾرﺑط ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺗﺎرﯾﺦ واﻗﻌﺔ اﻟطﻼق ﺣﺗﻰ ﯾﻛون ﻫﻧﺎك
ﺗواﻓق ﺑﯾن اﻟﻣدﺗﯾن و إﻻ ﻓﯾﺻﺑﺢ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻼ ﻓﺎﺋدة إن اﻧﻘﺿت اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﻌد اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻌدة ،ﺣﯾث
ﺗﻧﺗﻔﻲ اﻟﺣﻛﻣﺔ و ﯾﺻﺑﺢ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻼ ﻣوﺿوع و ﺑﻼ ﻓﺎﺋدة ،ﻓﺎﻟﻌدة اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة) (58ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗﺧص ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﻓﻘط ،أي ﺑﻣﻌﻧﻰ آﺧر ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻌدة اﻟﺗﻲ ﺗﺗوﻟد و ﺗﻧﺟر ﻋن
أﺑدا اﻟﻌدد اﻷﺧرى ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟطﻼق
اﻟطﻼق اﻟذي ﯾوﻗﻌﻪ اﻟزوج ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ،وﻟم ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ً
ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ أو اﻟﺧﻠﻊ أو اﻟﺗطﻠﯾق ،1ﻓﺎﻷوﻟﻰ ﯾﻣﻛن ﻟﻠزوج أن ﯾراﺟﻊ زوﺟﺗﻪ ﺑدون ﻋﻘد ﺟدﯾد ﻓﻲ ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ
ﺣﻛﻣﺎ ووﻗﻊ ﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻷن طﻼق اﻟزوج رﺟﻌﻲ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﻧواع
ً ﻣﺎداﻣت اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ
اﻷﺧرى طﻼق ﺑﺎﺋن ،ﻓﺎﻟطﻼق اﻷول ﯾﺗﻠﻔظ ﺑﻪ اﻟزوج ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻷﻧواع اﻷﺧرى ﻣن طرف ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﺗﻛون ﺑﯾد اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﺎﻷول ﻟﻪ ﻋدة ﺣﺎﻻت أو اﺣﺗﻣﺎﻻت ﺣﺳب ﺗﺎرﯾﺦ وﻗوع اﻟطﻼق و ﺑﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى
اﻟذي ﯾﺣدد ﻣﺻﯾر اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻣﺎ طﻼق اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﺗﺛور ﻣﺷﻛل ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﻌدة ﻻن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻻ
ﺗزال ﻗﺎﺋﻣﺔ و ﻟم ﺗﻧﺣل ﺑﻌد .
ﺑﻌد ﻣﺎ ﺗم ﺗﺑﯾﺎن اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج و ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ
ﺗﺑﻌﺎ ﻟﺗﺎرﯾﺦ و ﻛﯾﻔﯾﺔ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﻓﻲ اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ.
ﺳﯾﺗم اﻵن ﺗﺑﯾﺎن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ً
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﺑﻌﺎ ﻟﺗﺎرﯾﺦ و ﻛﯾﻔﯾﺔ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق
ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗﺄﻛد ﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق اﻟﻣرﻓوﻋﺔ ﻣن اﻟزوج ﻣن أن ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﻟم
ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻟﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ،ﻷﻧﻪ و ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت ﺗﻛون ﻣﺗﻘدﻣﺔ ﻋﻧﻬﺎ و ﻓﻲ
ً ﺗﻧﻘض ﺑﻌد ،وأﻧﻬﺎ ﻓﻌﻼً ﻣﺳﺎﯾرة
أوﻻ(.ﺛم ﻧﺣﺎول
اﻟﺑﻌض اﻵﺧر ﺗﻛون ﻣﺗﺄﺧرة ،ﺣﯾث ﻧﺗطرق إﻟﻰ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﺑﻌﺎً ﻟﺗﺎرﯾﺦ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق) ً
اﻟﺗطرق إﻟﻰ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻛﯾﻔﯾﺔ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق)ﺛﺎﻧﯾﺎً(.
-1ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 68
85
أوﻻً -دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﺑﻌﺎ ﻟﺗﺎرﯾﺦ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق:
إن ﺗﺣدﯾد دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣرﺗﺑط ﺑﺗﺎرﯾﺦ إﯾﻘﺎع اﻟزوج ﻟﻠطﻼق ،وﻟذك ﺳوف ﻧﺗﻌرض ﺑﻌﺟﺎﻟﺔ ﺣﺳب ﻣﺎ
ﯾﺄﺗﻲ ﺑﯾﺎﻧﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧﻘﺎط اﻵﺗﯾﺔ إﻟﻰ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﺳﺎﺑق ﻋن رﻓﻊ اﻟدﻋوى اﻟطﻼق )أ(ﺛم ﻧﺗﻧﺎول
إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﻣواﻓق ﻟرﻓﻊ اﻟدﻋوى )ب( ،ﺛم إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﻻﺣق ﻟرﻓﻊ اﻟدﻋوى اﻟطﻼق )ج(.
أ-إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﺳﺎﺑق ﻋن رﻓﻊ اﻟدﻋوى اﻟطﻼق:
اﻧطﻼﻗﺎً ﻣن اﻟﺳؤال اﻟﺟوﻫري اﻟذي ﯾطرﺣﻪ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ،1ﻋﻧد أول ﺟﻠﺳﺔ ﺻﻠﺢ ﯾﺟرﯾﻬﺎ ﺑﯾن
اﻟزوﺟﯾن ،ﻓﻘد ﯾﺗوﺻل ﺑﺄن اﻟزوج ﻗد أوﻗﻊ طﻼﻗﻪ ﻗﺑل أن ﯾرﻓﻊ اﻟدﻋوى اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻹﺛﺑﺎت اﻟﻣرﻛز اﻟذي أوﺟدﻩ
اﻟزوج ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة طﺑﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة.
ﻣﺎ ﯾﻼﺣظ ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،وﻫو أﻧﻪ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺣﺎﻻت ،ﻧﺟد أن اﻟزوج ﯾوﻗﻊ اﻟطﻼق
طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻗﺻد إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق
ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ﻗﺑل أن ﯾرﻓﻊ دﻋوى ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ً
وﻫﻧﺎ ﻧﻣﯾز ﺑﯾن وﺿﻌﯾن ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻌدة ﻛﻠﯾﺎ ،وﺣﺎﻟﺔ اﻧﻘﺿﺎء ﺟزء ﻣن اﻟﻌدة ،ﺑﺣﯾث ﯾﺗﺣرى اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻟﺗﺣدﯾد ﻣﺎ ﻫو اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟذي ﯾﻌﺗد ﺑﻪ ﻟﺣﺳﺎب اﻟﻌدة وﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ ذﻟك ﺑﻣدة إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ وﻻﺳﯾﻣﺎ أن اﻟﻌدة ﺣق
ﻣن ﺣﻘوق اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وأن اﻟﻘﺿﺎء أﻗرﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺟب أن ﯾراﻋﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻌدة وﻫو
ﻓﻲ ﺻدد إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ.
ﺳﺑق اﻟﻘول أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﯾﻘر و ﯾﻌﺗرف ﺑوﺟود اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأن ﻫذا اﻟطﻼق ﯾﻘﻊ ﺑﻣﺟرد
ﺗﺻرﯾﺢ اﻟزوج ﺑﻪ ،وﻟﯾس ﻛﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾن ،أن اﻟطﻼق ﻻ ﯾﻘﻊ إﻻ ﻟدى اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ،2ﻓﻬذا
اﻟﻘول ﻻ ﯾﺻدق و ﻻ ﯾﻧطﺑق إﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗوﻧﺳﻲ ،3ﻻ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ﻓﻠﺟوء اﻟزوج إﻟﻰ
اﻟﻘﺿﺎء و ﺣﺻوﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ﯾﻧﺣﺻر ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ إﺛﺑﺎت ﻣرﻛز اﻟطﻼق اﻟذي أوﺟدﻩ اﻟزوج ﻻ
1
-ﻧﻔﺗرض أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟم ﯾطرح ﻫذا اﻟﺳؤال و ﺗرك اﻷﻣر ﻋﺎدي و اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ ﻛطرف أﺻﻠﻲ وﻫﻲ ﺻﻣﺎم اﻷﻣﺎن ﻓﻣن ﺣﻘﻬﺎ
أن ﺗطﻠب ﺗﻘدﯾم ﺳؤال ﺣول ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟزوج طﻠق أو ﻻ ؟ وﺗﻛون اﻹﺟﺎﺑﺔ ﺑﻧﻌم أو ﻻ ؟ ﻓﻘد ﯾﻛون اﻟزوج طﻠق ﻋدة ﻣرات
ﻓﺎﻟﻘﺎﻋدة ﻋﺎﻣﺔ وﻣﺟردة ،وﻗد ﯾﺣﺿر اﻟﺷﺧص ﻋدة أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق ﺳﺑق اﻟﻔﺻل ﻓﯾﻬﺎ ﺛم ﯾطﻠب اﻟﺻﻠﺢ أو ﯾﺗﺻﺎﻟﺣﺎ و ﯾطﺎﻟﺑﺎن
ﺑﺎﻟرﺟوع اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ ﺗﻘول ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻛﻣﺎ اﻟرﺟوع،وﻻ وﺟدود ﻟﻠﺻﻠﺢ ﻓﻬذا ﻣﺧﺎﻟف ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم وﺗﻌﺎرض اﻟرﺟوع ،ﻷﻧﻪ ﻣﺧﺎﻟف ﻟﻠﻧظﺎم
اﻟﻌﺎم واﻟﺷرﯾﻌﺔ واﻟﻘﺎﻧون وﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻧص اﻟﻣﺎدة )(51ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة وﻧﺣن ﯾﻬﻣﻧﺎ ﻣﺎ ﻫو ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ﻻ ﻣﺎ ﻫو ﺣﺎﺻل أو
ﺟﺎري ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﻣﯾدان ﻓﺎﻟﺧطﺄ ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻟﻠﺗﺻﺣﯾﺢ ﺧﺎﺻﺔ إذا أرﺟﻌﻧﺎ اﻟرﺟل و اﻟﻣرأة زوﺟﯾن وﻫﻣﺎ أﺟﻧﺑﯾن ﻋن
ﺑﻌﺿﻬﻣﺎ اﻟﺑﻌض.
2
-ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 81و .82
3
-ﯾﻧص اﻟﻔﺻل 30ﻣن ﻣﺟﻠﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ " :ﻻ ﯾﻘﻊ اﻟطﻼق إﻻّ ﻟدى اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ".
86
إﻧﺷﺎؤﻩ ،ﺑﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر اﻟطﻼق ﺣق ﻣﻘرر ﻟﻠزوج ﺻﺎﺣب اﻟﻌﺻﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺷرع و اﻟﻘﺎﻧون ،ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن
ﯾﺣل ﻣﺣﻠﻪ ﻓﻲ إﺻدارﻩ ﻟﻠطﻼقٕ ،واذا ﺗﺻورﻧﺎ ذﻟك ﻧﻛون أﻣﺎم طﻼق ﺑﯾد اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻻ طﻼق ﺑﯾد اﻟزوج.
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻛﻣﺎ ﯾﻘول اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧﻛون أﻣﺎم ﺧرق وﺗﺣرﯾف ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
وﻛذا ﺧرق ﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ،1وﻛذا اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،وﻟﯾس ﻟﻠزوﺟﺔ أن ﺗﻣﻧﻌﻪ ﻷﻧﻬﺎ اﻟطرف اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻓﻲ
اﻟراﺑطﺔ وﺗﺧﺿﻊ ﻟﻸﺛر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي أﺣدﺛﻪ اﻟزوج ﺑﻣﺣض إرادﺗﻪ ﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻪ ﻟﻠﺣق اﻹرادي ،2اﻟﻣواﻓق ﻟﻠﺷرع
و اﻟﻘﺎﻧون ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﺷﻲء اﻟذي ﯾﺟب أن ﯾراﻋﯾﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻧد إﺟراﺋﻪ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﻫو اﻟﻌدة ،ﺑﻣﺎ أﻧﻪ أوﻗﻊ
اﻟطﻼق ﺧﺎرج اﻟﻘﺿﺎء ،إن ﻛﺎﻧت اﻟﻌدة اﻧﻘﺿت ﻛﻠﯾﺎ ﻓَﺗَﺑﯾن اﻟزوﺟﺔ ﻣن زوﺟﻬﺎ وﯾﺗﺣول اﻟطﻼق ﻣن رﺟﻌﻲ
إﻟﻰ طﻼق ﺑﺎﺋن ،ﻷن ﺣﺳﺎب ﺗﺎرﯾﺦ ﺑداﯾﺔ ﺳرﯾﺎن ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﻟﻬﺎ أﺛر ﻣﻬم ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟرﺟﻌﺔ
ﺑﻌﻘد ﺟدﯾد أو ﺑدوﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ اﻟﺻﻠﺢ و واﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻋﻠﻣﺎ أن ﺗﺎرﯾﺦ
ﺑداﯾﺔ ﺣﺳﺎب ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﺗﻛون ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺻرﯾﺢ اﻟزوج ﻋﻧد إﯾﻘﺎﻋﻪ ﻟﻠطﻼق وﻟﯾس ﺑﺗﺻرﯾﺢ اﻟﺣﻛم
اﻟﻣﺛﺑت ﻟﻠطﻼق.
ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (58ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ":ﺗﻌﺗد اﻟﻣطﻠﻘﺔ اﻟﻣدﺧول ﺑﻬﺎ ﻏﯾر اﻟﺣﺎﻣل ﺑﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻣن
ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺗﺻرﯾﺢ ﺑﺎﻟطﻼق" ،ﻓﺎﻟزوج ﻫو اﻟذي ﯾﺻرح ﺑﺎﻟطﻼق ،3ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﺻرح إذ ﯾﻘﺗﺻر دورﻩ ﻓﻲ
ﺗﺳﺟﯾل إرادة اﻟزوج وﻟﯾس ﻟﻪ اﻟﺣق ﻓﻲ رﻓﺿﻬﺎ ،4وﻟﯾس ﻛﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ اﻟﺳواد اﻷﻋظم ﻣن اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾن ،ﻣن أن
اﻟﻣﻘﺻود ﺑذﻟك ﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺻرﯾﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ و ﺑذﻟك ﯾﻛون ﺣﺳب رأﯾﻬم ﺗﺎرﯾﺦ ﺳرﯾﺎن ﺣﺳﺎب ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ
ﻫو اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣواﻓق ﻟﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻣﺛﺑت ﻟﻠطﻼق.5
ﻛرس اﻟﻘﺿﺎء ﻫذا اﻟﻣوﻗف ﻣن ﺧﻼل أﺣد ﻗ ارراﺗﻪ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻣن اﻟﻣﻘرر ﺷرﻋﺎً وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺟرى ﺑﻪ
ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ أن ﺗﻠﻔظ اﻟزوج ﺑﺎﻟطﻼق ﯾﻠزﻣﻪ ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻫذا ﻫو اﻟرأي ﻓﺈن اﻧﺣﻼل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﺑﺎﻟطﻼق ﯾﻠزم ﻣن ﺻدر ﻣﻧﻪ اﻟطﻼق ،أي ﺑﻣﺟرد ﺗﻠﻔظﻪ ﺑﺎﻟطﻼق و ﻫذا إﻟزام ﻣؤداﻩ اﺑﺗداء اﻟﻣﯾﻌﺎد ﻣن وﻗت
-1ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .86
-2زودة ﻋﻣر ،طﺑﯾﻌﺔ اﻷﺣﻛﺎم ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وأﺛر اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .98
3
-اﻷﻣر اﻟذي ﯾدﻋم أن اﻟﻣﺷرع ﯾﻘﺻد ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (58ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗﺻرﯾﺢ اﻟزوج ﺑﺎﻟطﻼق ﻻ ﺗﺻرﯾﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻫو ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﻧﻌﻘدة ﻓﻲ 23أﺑرﯾل ،1984ﺑﻣﻘر اﻟﻣﺟﻠس اﻟﺷﻌﺑﻲ اﻟوطﻧﻲ ،ﻋﻧد ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻣﺷروع اﻟﻣﺗﺿﻣن
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة إذ أﺟﺎب ﻣﻣﺛل اﻟﺣﻛوﻣﺔ ،اﻟﺳﯾد ﻣﻌﺎﻟﻲ وزﯾر اﻟﻌدل ،ﻋﻠﻰ اﻟﻧواب ﺑﺷﺄن ﺳرﯾﺎن ﻣدة اﻟﻌدة ،ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﻣدة اﻟﻌدة
ﺗﺑدأ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻧطق ﺑﺎﻟطﻼق و ﻟﯾس ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺻدور ﺣﻛم اﻟطﻼق" .
4
-اﻟﻬﺎﺷﻣﻲ ﻫوﯾدي ،اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻋدد ﺧﺎص ،ص 21وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ)دار اﻟﻧﺷر( ،اﻟﺟزاﺋر.2001،
-5ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻧﻔس اﻟﻣرﺟﻊ ،ص .85
87
اﻟطﻼق ،وﻻ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ﺑﺣﻛم ﯾﺻدر ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ ،"1ﻓﻬﻧﺎ اﻟزوج اﻟذي رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻹﺛﺑﺎت
اﻟطﻼق أو اﻟزوﺟﺔ راﻓﻌﺔ اﻟدﻋوى ﻹﺛﺑﺎت طﻼق زوﺟﻬﺎ طﺑﻘﺎً ﻟﻠﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﺳوف ﯾؤﻛدان
ﺗﺎرﯾﺦ واﻗﻌﺔ اﻟطﻼق أو ﯾﺻرح اﻟزوج ﺑذﻟك وﺗؤﻛد اﻟزوﺟﺔ ﺗﺻرﯾﺣﺎت زوﺟﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص واﻗﻌﺔ إﯾﻘﺎع
اﻟطﻼق ﻣن طرف اﻟزوج ،أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ "ﺑﺈﻗرار اﻟزوﺟﯾن" ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗﯾﺢ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻣﻌرﻓﺔ ﺗﺎرﯾﺦ وﻗوع اﻟطﻼق
وﺳرﯾﺎن اﻟﻌدة .
إﻻ أﻧﻪ ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أﻧﻪ ﻗد ﯾﺛور ﺧﻼف ﺣول ﺗﺎرﯾﺦ وﻗوع اﻟطﻼق ،ﻓﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن
ﯾﺗﺣرى اﻷﻣر ،وﯾﺟري ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ﻓﯾﻣﻛﻧﻪ ﺳﻣﺎع اﻟﺷﻬود ،طﺑﻘًﺎ ﻟﻠﻔﻘرة 4ﻣن اﻟﻣﺎدة 153ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
ﺳﻠﺑﯾﺎ ﻛﻣﺎ ﻛﺎن إذ أﺻﺑﺢ ﻟﻪ دور إﯾﺟﺎﺑﻲ وﻓﻌﺎل ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻪ
ً اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،2ﻻﺳﯾﻣﺎ وأن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟم َ
ﯾﺑق
إﺟراء اﻟﺗﺣﻘﯾق و ﺳﻣﺎع اﻟﺷﻬود ،ﻓﺎﻷﻣر ﺿروري ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﻋﻧد وﻗوع اﻟﺧﻼف ،إن وﺟد
اﻟﺷﻬود وﻫو ذات اﻟﻣوﻗف اﻟذي ﺗﺑﻧﺗﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن ﻗ ارراﺗﻬﺎ ،واﻟذي ﻧﺟد ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ اﻟﻘرار رﻗم
،35026اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ " 1984/12/3وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﺗﺧول إﺛﺑﺎت ﺗﺻرﯾﺢ اﻟزوج ﺑﺎﻟطﻼق
ﺑواﺳطﺔ ﺳﻣﺎع ﺷﻬود ﺣﺿروا وﺳﻣﻌوا ﺑذﻟك ﻣن ﻧﻔس اﻟزوج ،أو ﺑواﺳطﺔ ﺷﻬﺎدة ﻣﺳﺗﻔﯾﺿﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ
اﻟﻘﺿﺎة أن ﯾﺟروا ﺗﺣﻘﯾﻘﺎً ﻟﺳﻣﺎع اﻟﺷﻬود اﻟذﯾن ﻋﻠﻣوا ﺑﺎﻟطﻼق و ﻟﯾس ﻟﻬم ﺑﻌد ذﻟك إﻻ أن ﯾواﻓﻘوا ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ
-1اﺣﻣد ﻧﺻر اﻟﺟﻧدي ،ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.106
2
-ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (153ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻻ ﯾﺟوز ﺳﻣﺎع أي ﺷﺧص إذا ﻛﺎﻧت ﻟﻪ ﻗراﺑﺔ أو
ﻣﺻﺎﻫرة ﻣﺑﺎﺷرة ﻣﻊ أﺣد اﻟﺧﺻوم ،ﻻ ﯾﺟوز ﺳﻣﺎع ﺷﻬﺎدة زوج أﺣد اﻟﺧﺻوم ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻲ زوﺟﻪ ،و ﻟو ﻛﺎن ﻣطﻠﻘﺎ ﻻ
ﯾﺟوز أﯾﺿﺎ ﻗﺑول ﺷﻬﺎدة اﻹﺧوة واﻷﺧوات و أﺑﻧﺎء اﻟﻌﻣوﻣﺔ ﻷﺣد اﻟﺧﺻوم ﻏﯾر أن اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣذﻛورﯾن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ،ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء
اﻟﻔروع ،ﯾﺟوز ﺳﻣﺎع اﻟﻘﺻر اﻟذﯾن ﺑﻠﻐوا ﺳن اﻟﺗﻣﯾﯾز ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻻﺳﺗدﻻل ﺗﻘﺑل ﺷﻬﺎدة ﺑﺎﻗﻲ اﻷﺷﺧﺎص ،ﻣﺎ ﻋدا ﻧﺎﻗﺻﻲ اﻷﻫﻠﯾﺔ ".
3
-اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،35026ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1984/12/3اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد ،1989 ،04ص
. 86
-4اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،179557ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،1998/3/17اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد ﺧﺎص 2001 ،ص
.162
88
ﺗﺑﯾن ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺣﺎل أن اﻟطﻼق وﻗﻊ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن أﻣﺎم ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،و أن اﻟﻣﺟﻠس أﺟرى ﺗﺣﻘﯾﻘﺎً
وﺳﻣﻊ اﻟﺷﻬود اﻟذﯾن أﻛدوا ﺑﺄن اﻟزوج طﻠق ﻓﻌﻼ اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ أﻣﺎم ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن . 1"...
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ إذا ﻛﺎن وﻗت إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻣن طرف ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻻﺣق ﻟﻠﻌدة ﻓﻣﺎ اﻟﻔﺎﺋدة ﻣن
إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻫﻧﺎ ،ﻷن ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ أﺷﺎرت إﻟﯾﻬﺎ اﻟﻣﺎدة ) (49ﺗﻛون ﻓﻲ وﻗت ﺳرﯾﺎن اﻟﻌدة و ﻗد
ﺗﻛون ﺑﻌدﻫﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻹﺛﺑﺎت اﻟطﻼق وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻗد ﺗﺑﯾن اﻟﻣطﻠﻘﺔ وﻻ ﺗﻛون ﻫﻧﺎك
رﺟﻌﺔ ،وﻻ ﯾﻔﯾد اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾﺟرﯾﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﺧﺎﺻﺔ و أن اﻟﺻﻠﺢ ﻣدﺗﻪ ﺛﻼﺛﺔ) (03أﺷﻬر ،وﻻ ﯾﺧﻔﻰ ﻋﻠﻰ
أﺣد أن اﻟﻣﻌﺗدات -إﻣﺎ ﻣﻌﺗدات ﺑﺎﻟﺣﯾض أو ﻣﻌﺗدات ﺑﺎﻷﺷﻬر ،ﻓﻌدة اﻷوﻟﻰ ﺛﻼث ﺣﯾﺿﺎت ﻛﺎﻣﻠﺔ و أﺟل
ﻫذﻩ اﻟﺣﯾﺿﺎت ﻗد ﯾﻛون أﻗل ﻣن ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻓﺗﺑﯾن اﻟﻣرأة ،وﻻ ﺗﺻﺢ رﺟﻌﺗﻬﺎ .وﻗد ﺗﻛون اﻟﻣﻌﺗدة ﻣن اﻟﻼﺗﻲ
أﺻﻼ وﻋدﺗﻬن ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ،وﻫذا ﻣؤداﻩ أن اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻛون ﻓﻲ وﻗت ﺑﺎﻧت
ً ﯾﺋﺳن ﻣن اﻟﻣﺣﯾض أو ﻟم ﯾﺣﺿن
ﻓﯾﻪ اﻟﻣرأة ،واﻟﻘﺎﻧون ﯾﺷﯾر إﻟﻰ ذﻟك ﺻراﺣﺔ ﺣﺳب اﻟﻧص اﻟﺻرﯾﺢ ﻟﻠﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة.
وﻣﻣﺎ ﻻﺷك ﻓﯾﻪ أن اﻟطﻼق اﻟذي ﯾوﻗﻌﻪ اﻟزوج ﯾﺳﺑق ﺗﺎرﯾﺧﻪ رﻓﻊ اﻟدﻋوى إذ ﯾرﺗب أﺛر وﻗوﻋﻪ و ﻻ
ﯾﻔﯾد ﻣﻌﻪ اﻷﺟل اﻟذي ﺣددﻩ اﻟﻧص ،2ﻓﺈذا ﺗﺑﯾن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ و ﺛﺑت أﻣﺎﻣﻪ أن اﻟطﻼق ﻗد
ﺳﺑق و إن أوﻗﻌﻪ اﻟزوج ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﺳﺎﺑق ﻋن رﻓﻊ دﻋوى ،ﻓﺈن ﺗﺎرﯾﺦ ﺑداﯾﺔ ﺣﺳﺎب ﻣدة ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ
ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻛون اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺳﺎﺑق ﻋن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﺳواء ﻛﺎن ﺗﺎرﯾﺦ ﺑﻌﯾدا أو ﻗرﯾﺑﺎ ﻣن
اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣواﻓق ﻟﺗﺻرﯾﺢ اﻟزوج ﺑﺎﻟطﻼق.
ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺑﻌﯾد ﻓﻬل اﻟﻘﺎﺿﻲ رﻏم ذﻟك ﯾﺷرع ﻓﻲ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ اﺑﺗداء ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ
دﻋوى إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ،واﻟذي ﻻ ﯾﺗزاﻣن ﻣﻊ ﺣﺳﺎب ﻣدة ﻋدة اﻟطﻼق ؟ ،ﻓﺎﻟﻌﺑرة ﺑﺎﻟﻌدة إن اﻧﻘﺿت ﻛﻠﯾﺎ أو
ﻣﺛﻼ أرﺑﻌﺔ أﺷﻬر ،أو ﺳﺗﺔ
ﺟزﺋﯾﺎ ،وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﺣدث أن ﯾوﻗﻊ اﻟزوج اﻟطﻼق ﺑﻣﺎ ﯾزﯾد ﻋن ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ً
أﺷﻬر،أو ﺣﺗﻰ ﻋﺎم أو ﻋﺎﻣﯾن ﻗﺑل ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻷﺟل إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ﻓﺗﻛون ﻣدة اﻟﻌدة اﻧﻘﺿت ﺑﯾﻧﻣﺎ
ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﺗزال ﻗﺎﺋﻣﺔ ،وﯾﺷرع ﻓﻲ ﺣﺳﺎﺑﻬﺎ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻓﯾﺳﺗﺣﯾل اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﻣطﻠﻘﺔ أن ﺗﻠﺗﻘﻲ
3
ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻣدة ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ،وﻗد ﻻ ﯾﻧﺗﺑﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ ذﻟك.
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،اﻟﻘرار رﻗم ،216850ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1999/2/16اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد
ﺧﺎص ،2001 ،ص .100
2
-ﻧﺻر اﻟﺟﻧدي أﺣﻣد ،ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.107
-3ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 106
89
ﻏﯾر أﻧﻪ و داﺋﻣﺎ ،ﻓﻲ إطﺎر طرح ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻟﻠﺳؤال اﻟﺟوﻫري اﻟذي ﯾﺗﺣرى ﻣن ﺧﻼﻟﻪ
ﺗﺎرﯾﺦ إﯾﻘﺎع اﻟزوج ﻟﻠطﻼق ﻓﻘد ﯾﻛون ذﻟك ﻗﺑل رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻛﻣﺎ ﺑﯾﻧﺎﻩ أﻋﻼﻩ ،ﺳواء ﻛﺎﻧت اﻟﻌدة ﻗد اﻧﻘﺿت
ﻛﻠﯾﺎ أو اﻧﻘض ﺟزء ﻣﻧﻬﺎ ،إﻻ أن اﻟزوج ﻗد ﯾوﻗﻊ اﻟطﻼق ﺑﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،.ﻓﻣﺎ ﻫو اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟذي ﯾﻌﺗد ﺑﻪ
ﻟﺣﺳﺎب اﻟﻌدة وﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ ذﻟك ﺑﻣدة إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ؟ ،وﻛﯾف ﯾﺗﺻرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﯾﺎل ذﻟك؟ ،و ﻫذا ﻣﺎ ﺳوف
ﻧﻌﺎﻟﺟﻪ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ اﻟﻣواﻟﯾﺔ.
ب-إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﻣواﻓق ﻟرﻓﻊ اﻟدﻋوى:
ﻟﻘد ﺳﺑق اﻟﻘول أﻧﻪ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺣﺎﻻت ،ﯾﻛون اﻟزوج ﻗد أوﻗﻊ اﻟطﻼق ﻗﺑل ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى إﻻ
أﻧﻪ ﻻ ﯾﺷﻛل ﻗﺎﻋدة ﻋﺎﻣﺔ ﻷﻧﻪ ﻗد ﯾﺣﺻل وﯾﺗوﺻل اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ ﻣﻌرﻓﺔ ﺗﺎرﯾﺦ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺿﺑط
واﻟذي ﻗد ﯾﺗﺻﺎدف وأن اﻟزوج ﯾوﻗﻊ اﻟطﻼق ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ،طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
ﺑﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،و ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص أﺟل ﺣﺳﺎب ﻣدة اﻟﻌدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﻣﻊ اﻟﻣﺳﻠم ﺑﻪ وأن اﻟﻣﺷرع
ﯾﻌﺗرف و ﯾﻘر ﺑﺎﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ،وﻣدام إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺗواﻓق وزﻣن رﻓﻊ اﻟدﻋوى اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻹﺛﺑﺎت اﻟطﻼق
ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ،و اﻟذي ﯾﺗزاﻣن ﻣﻊ ﺑداﯾﺔ إﺟراءات ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﯾﺟرﯾﻬﺎ
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣدة ﻻ ﺗﺗﺟﺎوز ﺛﻼﺛﺔ) (03أﺷﻬر ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،ﺑﺣﯾث ﺗﺳري ﻣدة ﻋدة اﻟطﻼق
وآﻟﯾﺎ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ وﻗوع اﻟطﻼق.1.
اﻟرﺟﻌﻲ ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎً ً
ﯾﻣﻛن ﻟﻠزوج ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ أن ﯾﻌرض ﻓﻲ اﻟﻌرﯾﺿﺔ اﻻﻓﺗﺗﺎﺣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾودﻋﻬﺎ ﻟدى ﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟﺿﺑط
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أﻧﻪ ﻓﻌﻼً طﻠق زوﺟﺗﻪ ،وأﻧﻪ ﯾطﻠب ﻣن ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة أن ﯾﺛﺑت ﻟﻪ ﻫذا اﻟطﻼق ﻓﻲ اﻟﺣﻛم
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻓﺎﻟزوج ﯾﻌﺑر ﻋن إرادﺗﻪ ﺻراﺣﺔ ﻓﻲ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،2و ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻹرادة و اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﺑﺎﻟﻠﻔظ ،وﺑﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ أو ﺑﺎﻹﺷﺎرة اﻟﻣﺗداوﻟﺔ
ﺷﻛﺎ ﻓﻲ دﻻﻟﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺻود ﺻﺎﺣﺑﻪ.،3ﺣﺳب ﻣﺎ ﺗﻧص ﻋﻠﯾﻪ أﺣﻛﺎم
ﻋرﻓﺎً ﻛﻣﺎ ﯾﻛون ﺑﺎﺗﺧﺎذ ﻣوﻗف ﻻ ﯾدع ً
-1إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﻫو اﻟﻣﺳﺑب اﻟﻣوﺟب ﻟﻬﺎ ،وﻛﻣﺎ ﻫو ﻣﻌروف ﺷرﻋﺎً ،ﻓﻘﻬﺎً و ﻗﺎﻧوﻧﺎً ،اﻧﻪ إذا وﺟد اﻟﺳﺑب ﻓﺑﺎﻟﺿرورة ﯾوﺟد
اﻟﻣﺳﺑبٕ ،واذا ﺗﺧﻠف ﻓﺑﺎﻟﺿرورة ﯾﺗﺧﻠف ﻣﻌﻪ ﺑﺎﻟﺗﺑﻌﯾﺔ .
-2ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .93
-3ﻟم ﯾذﻛر اﻟﻣﺷرع اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺗﻲ ﯾﻘﻊ ﺑﻬﺎ اﻟطﻼق،ﻋﻛس اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻼ ﯾﻘﻊ اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺎﻟﻠﻔظ أو ﻣﺎ ﯾﺣل ﻣﺣﻠﻪ ﻛﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ
أو اﻹﺷﺎرة ﻓﻠو ﻧرى اﻟطﻼق ﻣن ﻏﯾر ﻟﻔظ ﻟم ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﻗول ﻋﺎﻣﺔ أﻫل اﻟﻌﻠم ودﻟﯾل ﻗوﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ و ﺳﻠم " إن اﷲ ﺗﺟﺎوز
ﻻﻣﺗﻲ ﻋﻣﺎ ﺣدﺛت ﺑﻪ أﻧﻔﺳﻬﺎ ﻣﺎ ﻟم ﺗﻌﻣل ﺑﻪ أو ﺗﺗﻛﻠم" ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﻠﻔظ ﻗﺳﻣﺎن ﺻرﯾﺢ و ﻛﻧﺎﯾﺔ أي طﻼق اﻟذي ﯾﻘﻊ ﺑﻠﻔظ ﺻرﯾﺢ
ﯾﺳﻣﻰ اﻟطﻼق اﻟﺻرﯾﺢ و اﻟطﻼق اﻟذي ﯾﻘﻊ ﺑﻠﻔظ ﻣن أﻟﻔﺎظ اﻟﻛﻧﺎﯾﺔ وﻗد ﯾﻘﻊ اﻟطﻼق ﺑﻣﺎ ﯾﺣل ﻣﺣل اﻟﻠﻔظ ﻛﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ واﻹﺷﺎرة
90
اﻟﻣﺎدة ) (60ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ،1وﻣﻧﻪ ﯾﻛون ﺗﺎرﯾﺦ إﯾداع اﻟﻌرﯾﺿﺔ اﻻﻓﺗﺗﺎﺣﯾﺔ ﻣواﻓﻘًﺎ ﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺑداﯾﺔ ﺳرﯾﺎن
ﺣﺳﺎب ﻣدة ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ،إذا اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺷرع ﻓﻲ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ اﺑﺗداء ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ
اﻟدﻋوى إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ،واﻟذي ﯾﺗزاﻣن ﻣﻊ ﺣﺳﺎب ﻣدة ﻋدة اﻟطﻼق ﻛذﻟك .
إﻻ وأﻧﻪ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ،و ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت أﯾن ﻻ ﯾﺗﺑﯾن ﻓﻲ ﻋرﯾﺿﺔ اﻻﻓﺗﺗﺎﺣﯾﺔ ﻟﻠدﻋوى ﻣﺎ
إذا ﻛﺎن اﻟزوج ﻗد أوﻗﻊ اﻟطﻼق أم ﻻ ،إذ ﯾرد ﻓﻲ ﻋراﺋض اﻟدﻋﺎوى ﻋﺑﺎرة " :اﺳﺗدﻋﺎء اﻟزوﺟﺔ أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
ﻣن أﺟل ﺳﻣﺎع اﻟﺣﻛم ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ " أو ﻋﺑﺎرة " :إن اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ﻻ ﺗطﺎق ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن وﺿﻊ ﺣد
ﻟﻬذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣزرﯾﺔ " ،ﻏﯾر و أﻧﻪ أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺻرح اﻟزوج أﻣﺎم ﻛل ﻣن زوﺟﺗﻪ واﻟﻘﺎﺿﻲ و ﻛﺎﺗب
اﻟﺿﺑط ﻋن ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻟطﻼق ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ،طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة 2أو أﻧﻪ ﯾﺗﻠﻔظ ﺑﻪ أﻣﺎﻣﻪ ﻟﯾؤﻛد ذﻟك.
ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻋﻧد وﺿﻌﻪ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻛﺎن ﯾﻘﺻد اﻷﺻل اﻟﻌﺎم و أن اﻟزوج
اﻟذي ﯾوﻗﻊ اﻟطﻼق ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة طﺑﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻧﻘس اﻟﻘﺎﻧون ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻠﺟﺎ إﻟﻰ رﻓﻊ دﻋوى
طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﻓﺗﻛون ﻣدة ﺣﺳﺎب ﻋدة اﻟطﻼق
ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻹﺛﺑﺎت ذﻟك اﻟطﻼق ً
اﻟرﺟﻌﻲ ﻣواﻓﻘﺔ ﻟﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى اﻟذي ﯾواﻓق أﯾﺿﺎً ﺑداﯾﺔ ﻣدة إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻣن طرف ﻗﺎﺿﻲ
ﺷؤون اﻷﺳرة ،أﻣﺎ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﺳﺎﺑق ﻋﻠﻰ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻻ ﯾﺷﻛل إﻻ اﺳﺗﺛﻧﺎءا ،واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﺷﺎذ ﻻ
3
ﯾﺗوﺳﻊ ﻓﯾﻪ و ،ﻻ ﯾﻘﺎس ﻋﻠﯾﻪ.
إﻻ أن اﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻣﻠﻲ ﺧﻼف ذﻟك ﺑﺣﯾث ﺗﺣوﻟت اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ أو اﻷﺻل اﻟﻌﺎم إﻟﻰ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء
واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﺗﺣول ﻟﯾﺣل ﻣﺣل اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺣﻛم ﻣﺎ ﯾﺟري ﻋﻠﯾﻪ اﻟواﻗﻊ و اﻟﻣﻌﺎش ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﯾﻼﺣظ ﻓﻲ
4
اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔٕ ،وان اﻷزواج ﻻ ﯾﻠﺟؤون ﻟرﻓﻊ دﻋﺎوى إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﻌد اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻌدة .
وذﻟك ﺑﺄن ﯾﻛﺗب اﻟزوج طﻼق زوﺟﺗﻪ و ﯾرﺳل إﻟﯾﻬﺎ ،وﻗد ﯾﺷﯾر اﻷﺧرس ﻣﺎ ﯾﻔﻬم ﻣﻧﻪ ﻗﺻد اﻟطﻼق ﻓﯾﻘﻊ ﻫذا اﻟطﻼق أﻧظر:
اﻟﻣﺻري اﻟﻣﺑروك ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 114
1
-اﻷﻣر رﻗم ،58/75اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 20رﻣﺿﺎن 1395اﻟﻣواﻓق 26ﺳﺑﺗﻣﺑر ﺳﻧﺔ ،1975ﯾﺗﺿﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﻣﻌدل
واﻟﻣﺗﻣم .
2
-ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .94
-3اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .95
-4اﻷﺻل أن اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة) (49ﻛﺎن ﯾﻌﺗﻘد أﻧﻪ ﻟﻣﺎ ﯾﻣﺎرس اﻟزوج اﻟطﻼق ﺑﺈرادﺗﻪ طﺑﻘﺎً ﻟﻠﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
ﯾﺗﻘدم إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء و ﯾرﻓﻊ دﻋوى إﺛﺑﺎت ذﻟك اﻟطﻼق ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺟل ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،و ﯾﻧﻘص ﻣن ﻋدد اﻟطﻠﻘﺎت ٕوان ﻛﺎن
ﺣﺳب اﻟﺷرﯾﻌﺔ ،و ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟزوج و اﻟزوﺟﺔ اﻟطﻼق و واﻗﻊ ﻟﻛن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺟﺎﻧب اﻹداري اﻷﻣر ﻏﯾر ﻣﻌروف ،و ﻣن أﺟل
91
ﺟﯾدا ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدﺗﯾن ) ،(49و) (58ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﯾﻼﺣظ أن ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ﻣطﺎﺑﻘﺔ
ﻓﺎﻟﻣﺗﻣﻌن ً
ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻟﻌدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﺳواء ﻣن ﺣﯾث ﻣدة ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ،أو ﻣن ﺣﯾث ﺗﺎرﯾﺦ ﺑداﯾﺔ ﺳرﯾﺎن ﺣﺳﺎب ﻣدة ﻛل
ً
ﻣﻧﻬﻣﺎ ،اﻟﻣﺣدد ﺑﻣﻬﻠﺔ ) (03أﺷﻬر وﻟم ﯾﺣددﻫﺎ ﺑﻣدة ﺗﻘل أو ﺗزﯾد ﻋن ذﻟك.
ﻋﻔوﯾﺎ أو ﺑﻣﺣض
ﻋﻣدا و ﻋن ﻗﺻد ،وﻟم ﯾﻛن ً
وﯾﻘول اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﻣطﺎﻋﻲ ":إن اﻟﻣﺷرع وﺿﻊ ذﻟك ً
اﻟﺻدﻓﺔ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﯾﻘﺻد ذﻟك ﻓﻌﻼً وﺣﺳن ﻣﺎ ﻓﻌل اﻟﻣﺷرع " ، 1إذًا ﺣﺳب ﻣﺎ ﯾﺗوﺧﺎﻩ اﻟﻣﺷرع وﻋﻣﻼً ﺑﺎﻟﻘﺎﻋدة
اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺿﻣﻧﻬﺎ اﻟﻣﺎدة ) (49اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ،إﻧﻪ ﻻ ﯾﻌﻘل أن ﯾﺟري ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة اﻟﺻﻠﺢ
واﻟذي ﯾﻬدف ﻣن وراءﻩ إﻗﻧﺎع اﻟزوج ﺑﺿرورة اﺳﺗﻌﻣﺎل ﺣق اﻟرﺟﻌﺔ ،إﻻ إذا ﺗم ذﻟك ﺧﻼل ﻣدة ﻋدة طﻼق
اﻟرﺟﻌﻲ ،وﻫذا ﻻ ﯾﺗﺄﺗﻰ إﻻ إذا ﺗم ﺧﻼل ﻣدة اﻟﻣﺣددة ﻟﻠﺻﻠﺢ ،ﻟذا ﻣﻧﻊ اﻟﻣﺷرع اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺻراﺣﺔ ﺑﻣوﺟب
اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻌد اﻧﺗﻬﺎء و اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣدة اﻟﻣﻘررة و اﻟﻣﺣددة ﻟﻪ ،و ﯾﺗﺿﺢ ذﻟك ﻣن ﺧﻼل
ﻋﺑﺎرة "دون أن ﺗﺗﺟﺎوز ﻣدﺗﻪ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر اﺑﺗداء ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى " ،أي ﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ واﻟذي ﻫو
طرﯾق ﻣن طرق اﻟﺗﻔﺳﯾر ،أﻧﻪ إذا اﻧﻘﺿت اﻟﻣدة اﻟﻣﺧﺻﺻﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﻻ ﯾﺟري
اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ،.2ﻷﻧﻪ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (50ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻔروض أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺗﺄﻛد
ﻣن أن ﻣدة اﻟﻌدة و اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗواﻓق ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻧﺗﻪ ﺑﻌد ،ﻓﺈن اﻟزوج ﯾﻣﻛن أن ﯾراﺟﻊ زوﺟﺗﻪ ﻣن
دون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ إﺑرام ﻋﻘد زواج ﺟدﯾد وﺗﻘدﯾم ﻣﻬر ﺟدﯾد .
ذﻟك اﺷﺗرط اﻟﻣﺷرع ذﻟك ﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،ﻓﻛﺎن اﻷﺻل أن اﻟزوج ﯾرﻓﻊ دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﻣﺟرد أن ﯾﺗﻠﻔظ ﺑﻪ وﻗد وﺿﻊ
اﻟﻣﺷرع ﻣدة ) (03أﺷﻬر ﻟﻠﺻﻠﺢ ﺣﺗﻰ ﺗﺗواﻓق ﻣﻊ ﻣدة اﻟﻌدة و ذﻟك ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻓﻬذا ﻫو اﻷﺻل ،إﻻ اﻧﻪ ﻧﻠﻣس ﻣن
ﺧﻼل اﻟواﻗﻊ اﻟﻣﻌﺎش و ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻧﺟد ﻣﻌظم اﻷزواج طﻠﻘوا ﻣﻧذ ﻋدة أﺷﻬر أو ﺳﻧﺔ أو ﺳﻧوات
ﻣﻣﺎ ﺗﻛون اﻟﻌدة ﻗد اﻧﻘﺿت و ﻣﺿﻰ ﻋﻠﯾﻬﺎ زﻣن اﻟﺗﻘﺎدم ،و ﻫذا ﻣن اﻟﻣﻔروض ﻫو اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ،ﻏﯾر أﻧﻧﺎ ﻧﺧﻠص إﻟﻰ اﻟﻘول أن
اﻟﻘﺎﻋدة و اﻷﺻل ﺗﺣول إﻟﻰ اﺳﺗﺛﻧﺎء ،و ﻟﻛن اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﺗﺣول إﻟﻰ اﻷﺻل ﺑﺣﻛم ﻣﺎ ﻧراﻩ ﻣن أن اﻟزوﺟﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾطﻠﻘﻬﺎ زوﺟﻬﺎ
ﻻ ﺗﻣﻛث ﻓﻲ ﺑﯾت اﻟزوﺟﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﻫو ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ أو ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ﻫذا ﻣن ﺟﻬﺔ ،و أن ﻻ زوﺟﻬﺎ و ﻻ ﻫﻲ
ﯾﺗﻘدم ﻟﯾرﻓﻊ دﻋوى ﻹﺛﺑﺎت ذﻟك اﻟطﻼق و ﻻﺳﯾﻣﺎ أن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺣﺻر ﺣق رﻓﻊ دﻋوى إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ﻋﻠﻰ اﻟزوج وﺧﺻوﺻﺎ
أﻣﺎم اﻣﺗﻧﺎع اﻟزوج ﻋﻠﻰ رﻓﻊ دﻋوى إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ،ﻓﺄﻣﺎم ﻫذا اﻟوﺿﻊ ﺗﻌﺗﻘد اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻧﺳﺎء اﻧﻪ إذا ﻟم ﯾرﻓﻊ أزواﺟﻬن
اﻟدﻋوى ﻓﯾﺑﻘون ﻫﻛذا ﻻ ﻫﻲ ﻣطﻠﻘﺔ و ﻻ زوﺟﺔ ﻛﺎﻟﺟﺎﻫﻠﯾﺔ .
1
-ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 102و .103
-2اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص 103
92
ﻓﻠذا ﯾﺟب أن ﯾﻠﺗزم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﺣﺗرام ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺣﯾث ﯾﻣﺗﻧﻊ ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﺗﺛﺑﯾت ﺣﻛم اﻟطﻼق ﻗﺑل
اﻧﻘﺿﺎﺋﻬﺎ ،ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎﻧت ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣطﺎﺑﻘﺔ ﺑﯾن اﻟﻌدة وﻣدة اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﺗﺑدأ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى
ﻓﯾﻣﻧﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑذﻟك ،وﻟﻛﻲ ﯾﺗﺳﻧﻰ ﻟﻠزوج اﺳﺗﻌﻣﺎل ﺣق اﻟرﺟﻌﺔ ﺑدون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ إﺑرام ﻋﻘد ﺟدﯾد
أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻫذا ﻣن ﺟﻬﺔ وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻓﺈن اﻟﺣﻛم اﻟذي ﺳوف ﯾﺻدر ﺑﻌد اﻧﻘﺿﺎء ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ
ﺳﯾﻛون اﻟطﻼق ﻓﯾﻪ ﺑﺎﺋن ﺑﯾﻧوﻧﺔ ﺻﻐرى ،1ﻟﻛﻲ ﻻ ﯾﺗﻌدى ﻋﻠﻰ ﺣق اﻟزوج ﻣن ﺟﻬﺔ وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﺣﺗﻰ
ﻻ ﯾﺗﺳﺑب ﻓﻲ ﺧﻠق وﺿﻌﯾﺔ ﻣﺣرﺟﺔ.
ﻧظر ﻟﻌدم ﺗﻘﯾد اﻟﻣﺷرع ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ إﺻدار اﻟﺣﻛم ﻗﺑل اﻧﻘﺿﺎء ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ إذ ﯾﺳﺗطﯾﻊ
ًا
ﺗﻧﺗﻪ ﺑﻌد ﻓﯾﺗﻌدي ﻋﻠﻰ ﺣق اﻟزوج
اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺟري ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ و ﯾﺻدر ﺣﻛﻣﻪ وﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ﻟم ِ
واﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﻣراﺟﻌﺔ ﺑﺣﯾث ﯾﻔوت ﻓرﺻﺔ اﻟرﺟﻌﺔ ﺑدون ﻋﻘد ﺟدﯾد وﯾﺣول اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ إﻟﻰ طﻼق ﺑﺎﺋن
ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﻣﻧﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻟم ﯾﻠزﻣﻪ ﺑﺿرورة اﺣﺗرام اﻟﻣدة وﻣﻧﻌﻪ ﻣن إﺻدار ﺣﻛم و ﺗﺛﺑﯾت ﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق
ﻗﺑل اﻧﻘﺿﺎء ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻣﻧﻊ ﻓﻘط اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن إﺟراء ت اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻌد ﻣرور) (03ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر
اﻟﻣﺣددة ﻟﻪ وﻟﻛن ﺗرك ﻟﻪ اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ إﺻدارﻩ ﻗﺑل اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣدة .
ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻧص ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ أن ﯾﺟري اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﺑدﻻ
ﻣن ﻣﺣﺎوﻟﺔ واﺣدة ،وﻗﯾد ﻛل ذﻟك ﺧﻼل ﻓﺗرة زﻣﻧﯾﺔ ﺗﺳﻣﻰ ﺑﻔﺗرة اﻟﺻﻠﺢ وﺣددﻫﺎ ﺑﻣﻬﻠﺔ ﺛﻼﺛﺔ) (03أﺷﻬر ﻣن
ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ دﻋوى وﻫذا أﻣر ﻻ ﯾﺧص اﻵﺟﺎل اﻟﻣﻌﻘوﻟﺔ ﻷن اﻟﻣﺷرع ﻧظم ذﻟك ﺑﺄن ﺣدد اﻟﻣﻬﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﺟب
أن ﺗﻘل أو ﺗزﯾد ﻋن اﻷﺟل اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ .
ﯾرى أﺣد اﻟﻔﻘﻬﺎء أن ﻣﺎ ﯾؤﺧذ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة أﻧﻪ :ﺻرح ﺑﺄن ﻟﻠزوج أن ﯾراﺟﻊ ﻣطﻠﻘﺗﻪ أﺛﻧﺎء
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﺳواء ﻛﺎن اﻟطﻼق رﺟﻌﯾﺎ أم ﺑﺎﺋﻧﺎ ،و ﺳواء اﻧﺗﻬت اﻟﻌدة أم ﻟم ﺗﻧﺗﻬﻲ ،ﻓﻣﺎدﻣت ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ
ﺑﺎﻗﯾﺔ -واﻟﺗﻲ ﺣددﻫﺎ ﺑﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر -ﻓﻠزوج ﺣق اﻟﻣراﺟﻌﺔ ﺣﺗﻰ اﻟﺗﻲ طﻠﻘﻬﺎ ﻗﺑل اﻟدﺧول ﻟﻪ ﻓﻔﺗرة اﻟرﺟﻌﺔ ﻫو
ﺑﻘﺎء ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﺈذا ﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟطﻼق ﻟﯾس ﻟﻠزوج ﺣق اﻟﻣراﺟﻌﺔ و ﻟو ﻛﺎن اﻟطﻼق رﺟﻌﯾﺎ وﻟم
ﺗﻧﺗﻬﻲ ﻣدة اﻟﻌدة .2
ﻏﯾر أﻧﻪ ﻓﻲ إطﺎر اﻟدور اﻻﯾﺟﺎﺑﻲ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟذي ﯾﻣﻛﻧﻪ طرح ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﯾن ﺳؤاﻻً ﺟوﻫرﯾﺎً ،ﻓﻘد ﯾﺟد
أن اﻟزوج ﻟم ﯾﺗﻠﻔظ ﺑﺎﻟطﻼق أي أن اﻟزوج ﻟم ﯾوﻗﻊ اﻟطﻼق ٕواﻧﻣﺎ رﻓﻊ دﻋوى ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﻪ ،ﻓﻼ ﻣﺟﺎل
ﻟﻠﺣدﯾث ﻋن اﻟﻌدة ﻷن اﻟزوج ﻟم ﯾوﻗﻊ اﻟطﻼق ﺑﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى .و إﻧﻣﺎ ﺑﻌد رﻓﻊ دﻋوى اﻟطﻼق وﺧﻼل
93
أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﺻدر ﻋﻧﻪ اﻟطﻼق ،ﻓﻣﺎ ﻫو اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟذي ﯾﻌﺗد ﺑﻪ ﻟﺣﺳﺎب اﻟﻌدة وﻣﺎ
ﻋﻼﻗﺔ ذﻟك ﺑﻣدة إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ؟ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﺑداﯾﺔ ﺣﺳﺎب ﻣدة اﻟﻌدة ؟ وﻛﯾف ﯾﺗﺻرف اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺣﯾﺎل ذﻟك ؟ ،و ﻫذا ﻣﺎ ﺳوف ﻧﻌﺎﻟﺟﻪ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ اﻟﻣواﻟﯾﺔ .
-1ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .96
2
ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺳﻌد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 316و . 317
94
طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (48و ﺑذﻟك ﯾﻛون ﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺻرﯾﺢ اﻟزوج ﺑﺎﻟطﻼق ﻻﺣق ﻟﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى
اﻟﻣﻧﻔردةً ،
أﺻﻼ ﻣواﻓق ﻟزﻣن ﺑداﯾﺔ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت
ً اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ أﻣﺎم ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻷﻧﻪ
اﻟﺻﻠﺢ. 1
ﻓﺈذا ﻟم ﯾﻛن ﺗﺎرﯾﺦ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺛﺎﺑﺗﺎ أو ﻟم ﯾﺗم اﻟﺗﺣﻘق ﻣﻧﻪ ،رﻏم ﻣﺎ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻣن دور إﯾﺟﺎﺑﻲ ﻓﻲ
ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ،أﯾن ﯾﺛﺎر إﺷﻛﺎل ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ ﺗﺎرﯾﺦ وﻗوع اﻟطﻼق ،و ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور
اﻟدﯾن ":أﻧﻪ ﯾﺄﺧذ ﺑﺎﻟﺣﺳﺑﺎن اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟذي ﺗم ﻓﯾﻪ رﻓﻊ دﻋوى ،وﻣﻧﻪ ﯾﻛون ﺗﺎرﯾﺦ ﺑداﯾﺔ ﺳرﯾﺎن ﺣﺳﺎب ﻣدة
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣطﺎﺑق ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺑداﯾﺔ ﺳرﯾﺎن ﺣﺳﺎب ﻣدة ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ".2
وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﻗوع ﺧﻼف أو ﻧزاع أو ﺟدل ﺣول ﺗﺎرﯾﺦ وﻗوع اﻟطﻼق ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن
ﯾﺗﺣرى ﺑﺄن ﯾﺟري ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ،ﻓﯾﻣﻛﻧﻪ ﺳﻣﺎع اﻟﺷﻬودً ، 3
طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ) (153ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ":ﻏﯾر أن اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣذﻛورﯾن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ،ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء اﻟﻔروع
ﯾﺟوز ﺳﻣﺎﻋﻬم ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺣﺎﻟﺔ اﻷﺷﺧﺎص و اﻟطﻼق" ،وذﻟك ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻣﻛن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن اﻟوﻗوف
ﻋﻠﻰ إﯾﻘﺎع ﻟﻠزوج ﻟﻠطﻼق ،و ﺗﺣدﯾد ﺗﺎرﯾﺦ إﯾﻘﺎﻋﻪ وﻣن ﺛم ﻣﻌرﻓﺔ ﺗﺎرﯾﺦ ﺳرﯾﺎن ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ
ﻓﺈﺟراء اﻟﺗﺣﻘﯾق وﺳﻣﺎع اﻟﺷﻬود أﻣر ﺿروري ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ،وﻫو ﻣﺎ ذﻫﺑت إﻟﯾﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن ﻗ ارراﺗﻬﺎ وﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ اﻟﻘرار اﻵﺗﻲ":ﻣن اﻟﻣﻘرر ﺷرﻋﺎ أن اﻟطﻼق ﻫو ﺣق ﻟﻠرﺟل ﺻﺎﺣب اﻟﻌﺻﻣﺔ
وأﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺣل ﻣﺣﻠﻪ ﻓﻲ إﺻدارﻩ ،...وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﺗﺧول إﺛﺑﺎت ﺗﺻرﯾﺢ اﻟزوج
ﺑﺎﻟطﻼق ﺑواﺳطﺔ ﺳﻣﺎع ﺷﻬود ﺣﺿروا وﺳﻣﻌوا ذﻟك ﻣن اﻟزوج ،أو ﺑواﺳطﺔ ﺷﻬﺎدة ﻣﺳﺗﻔﯾﺿﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ
اﻟﻘﺿﺎة أن ﯾﺟروا ﺗﺣﻘﯾﻘﺎً ﻟﺳﻣﺎع اﻟﺷﻬود اﻟذﯾن ﻋﻠﻣوا ﺑﺎﻟطﻼق وﻟﯾس ﻟﻬم ﺑﻌد ذﻟك إﻻ أن ﯾواﻓﻘوا ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ
-1ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص 88و. 89
-2ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .106
-3ﻓﻧﺟد ﻗرار ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ " ﻣن اﻟﻣﻘرر أﯾﺿﺎ أﻧﻪ ﺗﺟوز ﺷﻬﺎدة اﻷﻗﺎرب ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻛﺎﻟزواج و اﻟطﻼق واﻟوﻓﺎة واﻟوﻻدة ...
" ،و ﻟﻘد ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1999/02/16أﻧﻪ " ﻣﺗﻰ ﺗﺑﯾن ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺣﺎل أن اﻟطﻼق وﻗﻊ ﺑﯾن
اﻟطرﻓﯾن أﻣﺎم ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،وأن اﻟﻣﺟﻠس أﺟرى ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ وﺳﻣﻊ اﻟﺷﻬود اﻟذﯾن أﻛدوا ﺑﺄن اﻟزوج طﻠق ﻓﻌﻼً اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ
أﻣﺎم ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻼ ﯾﺣق أن ﯾﺗراﺟﻊ ﻋن ﻫذا اﻟطﻼق ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن اﻟﻘﺿﺎة ﺑﻘﺿﺎﺋﻬم ﺑﺈﺛﺑﺎت اﻟطﻼق اﻟﻌرﻓﻲ طﺑﻘوا
ﺻﺣﯾﺢ اﻟﻘﺎﻧون"،اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،216850ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1999/02/16اﻟﻣﺟﻠﺔ
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد ﺧﺎص ،2001 ،ص.100 .
95
طﻼق أﺛﺑت أﻣﺎﻣﻬم ،وﻛذﻟك ﻓﺈن اﻟﻘرار اﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﺄن اﻟطﻼق ﻻ ﯾﺛﺑت إﻻ ﺑﺗﺻرﯾﺢ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻌد ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ
96
ﻟﻛن إذا ﻣﺎ وﻗف اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺄﻟﺔ طرح اﻟﺳؤال اﻟﺟوﻫري ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص و ﻗوع اﻟطﻼق اﻟذي ﯾﻛون
ﻣﻔﺗﺎﺣﺎ ﻟﻠﺟواب ،ﻷن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺳﺄل اﻟزوﺟﯾن ﻫل ﺳﺑق وان وﻗﻊ اﻟطﻼق ﻣن ﻗﺑل ،وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن
اﻟﺟواب ﺑﺎﻹﯾﺟﺎب ﻓﯾطﻠب ﻣﻧﻪ إﺣﺿﺎر اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺛﺑﺗﺔ ﻟﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ،اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ اﻟدور
اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ إن وﺟدت أو أﻧﻪ ﯾﺟري ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ﻓﻲ ذﻟك أو ﯾطﻠب إﺣﺿﺎر
ﺷﻬود ﻹﺛﺑﺎت ذﻟك ﻟﺗﺣﺗﺳب ﻓﻲ ﻋدد اﻟطﻠﻘﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻠﻛﻬﺎ اﻟزوج.
وﻓرﺿﺎ رﻓض اﻟزوج رﻓﻊ دﻋوى إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟوز ﻟﻠزوﺟﺔ رﻓﻊ دﻋوى إﺛﺑﺎت طﻼﻗﻬﺎ و ﻋﻠﯾﻪ
ً
ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺗﺄﻛد إﻋﻣﺎﻻً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (450ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺑﺎﺗﺧﺎذﻩ ﻛل اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺗﻲ
ﯾراﻫﺎ ﻻزﻣﺔ ﻓﻲ ذﻟك ٕواذا ﺛﺑت ﻟﻪ أن اﻟزوج طﻠﻘﻬﺎ ﺛﻼث ﻣرات ،ﺑل ﺣﺗﻰ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻫﻧﺎ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ
ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﻣﺟﺎل ﻹﻋﻣﺎل اﻟﻣراﺟﻌﺔ ﻛون اﻟﻣرأة ﻻ ﺗﺣل ﻟﻪ أﺻﻼً ،ﻻ ﺷرﻋﺎً وﻻ ﻗﺎﻧوﻧﺎً ﻫذا ﻣن
ﺟﻬﺔ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ أﻧﻪ ﻻ ﺗوﺟد ﻓﻛرة ﻋﻘد ﺟدﯾد أو ﺑدوﻧﻪ ﻣدام ﺣدث اﻟطﻼق ﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺎدة ) (51ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة .ﻛون اﻟزوج اﺳﺗﻧﻔذ ﻓﯾﻪ ﺟﻣﯾﻊ اﻟطﻠﻘﺎت اﻟﺛﻼث ﻛوﻧﻪ طﻠق زوﺟﺗﻪ ﺛﻼث ﻣرات ،ﻓﻬو ﺑذﻟك ﯾﻛون
رﺟﻼ آﺧر ﺑﻌدﻩ وﯾدﺧل ﺑﻬﺎ ،ﺑﺷرط أن ﻻ
ً طﻼﻗﺎً ﻣﻛﻣﻼً ﻟ ﺛﻼث ،ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻣراﺟﻌﺗﻬﺎ إﻻ إذا ﺗزوﺟت
ﯾﺗزوﺟﻬﺎ ﺑﻘﺻد اﻟﺗﺣﻠﯾل ﻷن ﻫذا ﯾﻌد ﻧﻛﺎﺣﺎ ﺑﺎطﻼ ،ﻓﺈن طﻠﻘﻬﺎ ﺑﻌد ذﻟك أو ﺗوﻓﻲ ﻋﻧﻬﺎ ﺑﻌد اﻟدﺧول و اﻧﺗﻬت
ﺗَﺣﱡل ﻟَﻪُ ِﻣن َْﺑُﻌد ﻋدﺗﻬﺎ ،ﺟﺎز ﻟﻪ ﺑﻌد ذﻟك أن ﯾﺗزوﺟﻬﺎ ﻣن ﺟدﯾد ،وذﻟك ﻣﺻدﻗﺎ ﻟﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ":ﻓَﺈِن ط َ
َﻠﱠﻘَﻬﺎ ﻓ ََﻼ ِ
اﻟﻠﱠﻪ
ُود ِْك ُﺣد ُ
اﻟﻠﱠﻪ َوﺗِﻠ َ
ِ ُود
اﺟﻌﺎ إِن ظَﻧﱠﺎ أَن ﯾُِﻘَﯾﻣﺎ ُﺣد َ
َﺎح َﻋ ْﻠَﯾﻬَِﻣﺎ أَن َﯾ َﺗَرََ
َﻠﱠﻘَﻬﺎ ﻓ ََﻼ ُﺟﻧ َ
ﻏََﯾرﻩُ ﻓَﺈِن ط َ
ِﺢ َ ْزوًﺟﺎ ْ
ﱠﻰ ﺗَﻧﻛَ
َﺣﺗ ٰ
1
ون "
ﻟِﻘَوٍم َْﯾﻌ ُﻠَﻣ َ
ﱢﻧُﻬﺎ ْ
ﯾَُﺑﯾ َ
ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (51اﻟﺳﺎﻟف اﻟذﻛر ﻧﺟدﻫﺎ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾراﺟﻊ "
واﻟﻣراﺟﻌﺔ ﻫﻧﺎ ﻟﯾس ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ اﻟرﺟﻌﺔ اﻟﻣﻌروﻓﺔ ﻋﻧد اﻟﻔﻘﻬﺎء اﺳﺗداﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﻛﺎح ﻓﻲ اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ أي ﻟﯾس
ﺑﻣﻔﻬوم اﻟرﺟﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (50ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة،ﻷن اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻟﻣراﺟﻌﺔ ﻫﻧﺎ ﺑﻌد اﻟطﻼق اﻟﺑﺎﺋن ﺑﻧوﻋﯾﻪ
ﻓﻬﻲ زواج ﺟدﯾد ﺑﻌﻘد وﻣﻬر ﺟدﯾدﯾن ،وﺗﺧﺗﻠف ﻓﻲ اﻟﺑﺎﺋن ﺑﯾﻧوﻧﺔ ﻛﺑرى ﺑﺄن اﻟرﺟﻌﺔ أي اﻟﻌودة إﻟﻰ اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ ﻻ ﺗﻛون إﻻ ﺑﻌد أن ﺗﺗزوج اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻏﯾر زوﺟﻬﺎ اﻟذي طﻠﻘﻬﺎ زوﺟﻬﺎ طﻼﻗﺎ ﺻﺣﯾﺣﺎ ﻓﯾﻪ دﺧول
ﺣﻘﯾﻘﻲ ،ﺛم اﻟﻣﻔﺎرﻗﺔ ﺑطﻼق أو وﻓﺎة واﻧﺗﻬﺎء اﻟﻌدة ﻣﻧﻬﻣﺎ ،2ﻓﺎﻟﻣطﻠﻘﺔ ﺛﻼﺛﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻣراﺟﻌﺗﻬﺎ وﺳﺑب ذﻟك أن
طﻼق اﻟزوﺟﺔ ﺛﻼث ﻣرات ﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺎت ﺗﺑﯾن ﻣﻧﻪ ﺑﯾﻧوﻧﺔ ﻛﺑرى ،وﻣن ﺛم ﺗﺣرم ﻋﻠﻰ ﻣطﻠﻘﻬﺎ ﺗﺣرﯾﻣﺎ ﻣؤﻗﺗﺎ ،ﻓﻼ
ﯾﺟوز ﻟﻣن طﻠﻘﻬﺎ أن ﯾراﺟﻌﻬﺎ و ﻟو ﻛﺎﻧت ﻓﻲ اﻟﻌدة ،ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻪ أن ﯾﻌود إﻟﯾﻬﺎ ﺑﻌﻘد وﻣﻬر ﺟدﯾدﯾن ﻷن
97
اﻟطﻼق اﻟﺑﺎﺋن ﺑﯾﻧوﻧﺔ ﻛﺑرى ﯾزﯾل اﻟﻣﻠك و ﯾزﯾل اﻟﺣل ﻓﻲ اﻟﺣﺎل و ﻻ ﯾﺑﻘﻲ ﻟﻠزوﺟﯾﺔ ﺑﻌدﻩ أﺛر ﺳوى اﻟﻌدة
وﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻬﺎ ٕ ،1وان ﻛﺎﻧت اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻻ ﺗﺣﺿر ﺟﻠﺳﺎت اﻟﺻﻠﺢ إﻻ أﻧﻪ إذا ﻣﺎ وﺻل إﻟﻰ ﻋﻠﻣﻬﺎ أو
ﻋن طرﯾق إﺧطﺎرﻫﺎ ،2ﻣن ﻗﺑل ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﺈن ﻟﻬﺎ أن ﺗﻌﺎرض ﻣراﺟﻌﺔ اﻟزوج ﻟزوﺟﺗﻪ إذا ﺛﺑت
ﻟﻬﺎ أﻧﻪ طﻼق ﺑﺎﺋن ،وذﻟك ﻟﻣﺎ ﻟﻬﺎ دور ﻓﻲ ﺣﻔظ اﻷﺳرة و ﺣﻔظ اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم واﻟﺳﻬر ﻋﻠﻰ اﺣﺗرام اﻟﻘواﻋد
اﻟﺷرﻋﯾﺔ واﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻛوﻧﻬﺎ طرف أﺻﻠﻲ طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة 3ﻣﻛرر ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،واﻹﺷﻛﺎل ﯾطرح ﺑﻘوة
ﻣﺗﻰ ﻛﺎن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻏﯾر ﻣﺗﺧﺻص ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع أو ﺟﺎﻫل ﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وﻣﻘﺎﺻد اﻟﻘﺎﻧون،
ﺟﺎﻫﻼ ﻓﻘد ﻻ ﯾﺗﻔطن ﻟﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﻣور ،وﻟذﻟك ﯾﻌﺗﺑر ﻓرع ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
ً ٕوان ﻛﺎن ﯾﻔﺗرض ﻓﯾﻪ اﻟﻌﻠم وﻟو ﻛﺎن
ﻣن أﺻﻌب اﻷﻗﺳﺎم ﻟﺗﻌﻠﻘﻪ ﺑﺄﺣﻛﺎم ﺷرﻋﯾﺔ ﻗطﻌﯾﺔ و ﻷﻧﻪ ﯾﻧظم اﻷﺳرة واﻟﺗﻲ ﻫﻲ اﻟﺧﻠﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﻟذﻟك اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻗﺑل إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﻓﻲ ﺑداﯾﺗﻪ ﯾﺗﻔطن ﻟﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﻣور.
واﻟﺟدﯾر ﺑﺎﻟذﻛر أن اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺟﺎء ﻣواﻓﻘﺎً ﻟﻠﻘﺎﻧون و اﻟﺷرع ﻓﻘد ﺻدر ﻗرار ﻋن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1998 /02/ 17وﻗرر اﻟﻣﺑدأ اﻷﺗﻲ ":ﻣن اﻟﻣﻘرر ﺷرﻋﺎً أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾراﺟﻊ اﻟرﺟل ﻣن طﻠﻘﻬﺎ ﺛﻼث
ﻣرات ﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ إﻻ ﺑﻌد أن ﺗﺗزوج ﻏﯾرﻩ و ﺗﺗطﻠق ﻣﻧﻪ أو ﯾﻣوت ﻋﻧﻬﺎ ﺑﻌد اﻟﺑﻧﺎء اﻟﺛﺎﺑت ﻣن اﻟﻘرار اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن
ﻗﺿﺎة اﻟﻣﺟﻠس ﻟﻣﺎ ﻗﺿوا ﺑﺎﻟطﻼق اﻟﺑﺎﺋن ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﺻرﯾﺢ اﻟزوج أﻣﺎﻣﻬم ﺑطﻼﻗﻪ ﻟزوﺟﺗﻪ ﺛﻼث ،ﻓﺈﻧﻬم ﻟم ﯾﺧرﻗوا
أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (57ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة وطﺑﻘوا اﻟﻘﺎﻧون ﺗطﺑﯾﻘًﺎ ﺳﻠﯾﻣﺎً ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن اﻟﺗﺻرﯾﺢ ﺑرﻓض اﻟطﻌن" . 3
وﺟﺎءت ﺣﯾﺛﯾﺎت اﻟﻘرار ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻟﻛن ﺣﯾث أن ﻗﺿﺎة ﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء اﻟﺟﻠﻔﺔ ﻟم ﯾﺧرﻗوا اﻟﻣﺎدة
)(57ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻷن اﻟطﺎﻋن ﺻرح أﻣﺎﻣﻬم ﺑﺄﻧﻪ طﻠق زوﺟﺗﻪ اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ﺛﻼث ،وأﻧﻪ ﻟﻬذا اﻟﺳﺑب
ﺗﺣرم ﻋﻠﯾﻪ إرﺟﺎﻋﻬﺎ اﻷﻣر اﻟذي ﺟﻌل ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع ﻟﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء اﻟﺟﻠﻔﺔ ﯾﻌﺗﺑرون أن ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﺑﯾن طرﻓﻲ اﻟﻧزاع ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺣﺎل ﯾﻌد طﻼﻗﺎ وﻟﯾس ﺗطﻠﯾﻘﺎ ﻛﻣﺎ أﺷﺎر إﻟﻰ ذﻟك ﺣﻛم أول درﺟﺔ،ﻷن اﻟطﺎﻋن ﻫو
1
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.108
-2ﻷﻧﻪ ﺣدث ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ أن ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة و ﻫو ﺑﺻدد إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋوى طﻼق ﺑﺎردة ﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج
واﻟذي ﻟم ﯾطﻠق ﺑﻌد ،و ﺑﻌد ﻣﺛول اﻟزوﺟﺔ و اﻟزوج أﻣﺎﻣﻬﺎ اﺧﺑر اﻟزوج اﻟﻘﺎﺿﯾﺔ ﺑﺄﻧﻪ ﻟم ﯾطﻠﻘﻬﺎ ﺑﻌد إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗزوﺟت ﻣﻊ أﺟﻧﺑﻲ
وأﻛدت اﻟزوﺟﺔ ذﻟك أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﺳﺎرﻋت اﻟﻘﺎﺿﯾﺔ إﻟﻰ طﻠب اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ و ﺣﺿرت ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،و ﺳﻣﻌت
ﻣﺣﺿرا ﺑذﻟك وﺑﻣوﺟب ذﻟك ﺗﺎﺑﻌت اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟزوﺟﺔ ﺑﺎﻟزﻧﺎ طﺑﻌﺎً ﺑﻌد إﯾداع اﻟزوج ﻟﺷﻛوى وﺣﻛم
ً اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻷطراف و ﺣررت
ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﺔ ﺑﻌﻘوﺑﺔ ﻛوﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺷﻛل ﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺷﺎذة و ﻫﻲ ﺗﻌدد اﻷزواج .
-3اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،176551ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2012/04/12اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ2000 ،
ﻋدد171 ،01ص اﻟﻰ .173
98
اﻟذي ﺻﻣم ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟطﻼق ﻟﻛوﻧﻪ ﺣرﻣت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ﺛﻼﺛﺎ اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻪ اﻟﺛﺎﻧﻲ...ﻣﻣﺎ
99
) (50ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﯾﺣرم اﻟزوﺟﯾن ﻣن اﻟرﺟﻌﺔ وﯾﻠزﻣﻬﻣﺎ ﺑﺈﺑرام ﻋﻘد ﺟدﯾد ﻓﻲ ﺣﯾن أﻧﻪ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ
ﺗﻧﺗﻪ.1
اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻫﻣﺎ ﻏﯾر ﻣﻠزﻣﺎن ﺑذﻟك طﺎﻟﻣﺎ أن اﻟﻌدة ﻟم ِ
ﻠَﻬﱠن
َﺿﻌَن َ ْﺣﻣ ُ
َﺣﻣ ِﺎل أََﺟ ُﻠُﻬﱠن أَن ﯾ َ ْ
ﻻت اﻷ َْ
َوأُْو ُ ﻟﻘد ﺟﺎء ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﷲ ﻋز وﺟل ﻗوﻟﻪ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ و ﺗﻌﺎﻟﻰ ":
ﯾُﺳ ار " ،2و ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة أن ﻛل اﻣرأة طﻠﻘت ،وﺟب ﻋﻠﯾﻬﺎ
اﻟﻠﱠﻪَﯾَْﺟﻌل ﻟﱠﻪُ ِﻣْن أَْﻣ ِرِﻩ ًْ
ق َ َ َوﻣن َﯾﺗﱠ ِ
ﺷرﻋﺎ و ﻗﺎﻧوﻧﺎً أن ﺗﻌﺗد طﯾﻠﺔ ﻣدة ﺣﻣﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ وﺿﻊ اﻟﺣﻣل ،ﻓﺈذا رﻣﻰ اﻟزوج اﻟطﻼق ﻋﻠﻰ زوﺟﺗﻪ وﻫﻲ
ً
ﺣﻛﻣﺎ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻛﯾف ﻧﻌﺎﻣل
ﺣﺎﻣل ﻓﺈن ﻋدﺗﻬﺎ ﺗﻣﺗد إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ وﺿﻊ اﻟﺣﻣل ،ﻓﻔﻲ ﻛل ﻫذﻩ اﻟﻔﺗرة ﺗﻌد زوﺟﺗﻪ ً
اﻟزوﺟﺔ اﻟﺣﺎﻣل ﻣﺛل زوﺟﺔ ﻏﯾر اﻟﺣﺎﻣل وﻧرﺑط ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻣﻬﻠﺔ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ،ﺑدﻻً ﻣن أن ﯾﺣل ﻣﺣﻠﻬﺎ ﻛل
اﻟﻣدة اﻟﻣﺗﺑﻘﯾﺔ ﺣﺗﻰ و ﻟو ﻛﺎن ﺷﻬر أو أﻗﺻﻰ ﻣدة اﻟﺣﻣل 10أﺷﻬر ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟطﻼق ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ ﻫﻧﺎ ﯾﺳﺗﻣر
طوال ﻓﺗرة اﻟﺣﻣل ،ﻓﺎﻟﻣﺷﻛل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻌدة ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎﻧت اﻟزوﺟﺔ ﺣﺎﻣل ،ﻓﻘد ﺗﺟﺎﻫل
اﻟﻘﺎﻧون ﺗﻣﺎم ذﻟك ﺣﯾث أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻻ ﯾﻘﻊ اﻟطﻼق إﻻ ﺑﻌد اﻟوﻻدة ،أي أن ﺣق اﻟراﺟﻌﺔ
ﻣوﺟود ،و اﻟزوﺟﺔ ﻻ ﺗزال ﻓﻲ ﺑﯾت اﻟزوﺟﯾﺔ طﺎﻟﻣﺎ أﻧﻬﺎ ﻟم ﺗﺿﻊ ﻣوﻟودﻫﺎ.3
ﺑدون ﺣرج ﻧﻘول أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻧﻔﺳﻪ ﯾﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺧﻠق وﺿﻌﯾﺎت ﺷﺎذة ،ﻷﻧﻪ ﯾطﺑق اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺈﺟراء
ﺷﻛﻠﻲ ﯾﺳﺗﻌﻣﻠﻪ ﻟﺿرورة اﺳﺗﻔﺎء اﻟﺷﻛل اﻟﻣﻘرر دون اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق ﺣﻛﻣﺗﻪ وذﻛرﻩ ﻓﻲ ﺣﻛﻣﻪ ،ﺣﺗﻰ ﻻ
ﯾﻛون ﻋرﺿﺔ ﻟﻠﻧﻘض ،ﺑﺣﯾث ﻟم ﺗﺻﺑﺢ ﺗﻠك اﻟﺟﻠﺳﺎت ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ٕواﻧﻣﺎ ﻻ ﺗﻌدوا أن ﺗﻛون
ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر إﻻ ﻣﺣﺿر ﺳﻣﺎع ﻓﻘط ،ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ ﯾدون ﻓﯾﻪ ﺗﺻرﯾﺣﺎت اﻟزوﺟﯾن .
اﻻ وﺟﯾﻬ ً ﺎ وﻛذا
وﺗﺟدر اﻟﻣﻼﺣظﺔﻓﻲ ﻫذا أﻧﻪ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة أن ﯾوﺟﻪ ﻟﻠزوج ﺳؤ ً
اﻟزوﺟﺔ ﻓﯾﻣﺎ إذ ﻛﺎﻧت ﺣﺎﻣﻼً ،ﻣن ﺟﻬﺔ ﻟﻛﻲ ﯾدون ذﻟك ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺿر ﻟﯾﺿﻣن ﺣﻘوق اﻟﺟﻧﯾن ،ﻷن ﻋدم
ﺗﺻرﯾﺢ اﻟزوﺟﺔ ﺑﺎﻟﺣﻣل ﻻ ﯾﻌد ﺣﺟﺔ ﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣطﻠق ﻟﺣرﻣﺎﻧﻬﺎ ﻣن ﺣﻘوﻗﻬﺎ ،وﻟﻘد ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﻋدم ﺗﺻرﯾﺢ اﻟزوﺟﺔ ﺑﺎﻟﺣﻣل ﻋﻧد اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ،ﻻ ﯾﻌد ﺣﺟﺔ ﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣطﻠق ﻟﺣرﻣﺎﻧﻬﺎ ﻣن
-1ﻧوي ﻋﺑد اﻟﻧور ،طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺻﻠﺢ ودور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﻼﺋﻣﺔ اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻸﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ ،ﻣن أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﻰ
اﻟدوﻟﻲ ﺣول اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺳرة ﺑﯾن اﻟﺛواﺑت و اﻟﻣﺗﻐﯾرات ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺧﻣﯾس ﻣﻠﯾﺎﻧﺔ ،ﻋﯾن
اﻟدﻓﻠﻰ ،ﯾوﻣﻲ 04و 05ﻣﺎي ،2014 ،ص .375
-2ﺳورة اﻟطﻼق ،اﻵﯾﺔ . 4
-3ﻧﻘﺎز إﺳﻣﺎﻋﯾل ،اﻹﺟراءات اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ و اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻣن أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟدوﻟﻲ ﺣول اﻷﺣﻛﺎم
اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺳرة ﺑﯾن اﻟﺛواﺑت و اﻟﻣﺗﻐﯾرات ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺧﻣﯾس ﻣﻠﯾﺎﻧﺔ ،ﻋﯾن اﻟدﻓﻠﻰ ،ﯾوﻣﻲ 04
و 05ﻣﺎي، 2014 ،ص 347
100
ﺣﻘوﻗﻬﺎ ،وﻣﺎدام أن اﻟطﺎﻋﻧﺔ وﺿﻌت ﺣﻣﻠﻬﺎ ﺑﻌد ﺧﻣﺳﺔ أﺷﻬر ﻣن ﺻدور اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺳﺗﺣق ﻧﻔﻘﺔ
اﻟﺣﻣل ﻹﺛﺑﺎت اﻟﻧﺳب ،وﻷن اﻟﺣﻣل ﯾﺻﻌب اﻛﺗﺷﺎﻓﻪ ﻓﻲ اﻟﺷﻬرﯾن اﻷوﻟﯾن ﻟﻪ " . 1
و ﻛذا ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻟﯾﻌرف ﻣدة ﻋدﺗﻬﺎ،ﻷن ﻋدﺗﻬﺎ ﺑوﺿﻊ اﻟﺣﻣل ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻏﯾر ﻣﻘﯾد
ﺑﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،و إذا اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﻘﯾد ﺑﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر وأﺻدر
ﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﻓﺗﻌﺑر اﻟزوﺟﺔ ﻣطﻠﻘﺔ ﻗﺎﻧوﻧﺎ و زوﺟﺗﻪ ﺷرﻋﺎً .
وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻧﺑﻪ اﻟزوج أن ﺧﻼل ﺣﻣل اﻟزوﺟﺔ؛ ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﺗﺗﻌرض ﻟﻌوارض
وﺗﻐﯾﯾرات ﻧﻔﺳﯾﺔ وﺣﺗﻰ ﻓﻲ طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ ﺗؤﺛر ﻋﻠﯾﻬﺎ ،ﻓﺳرﻋﺎن ﻣﺎ ﯾﺑﺎدر اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ ﺗﻔﺳﯾر و ﺗوﺿﯾﺢ ﻫذﻩ
اﻟﻣﻌطﯾﺎت ﻟﻠزوج أﺛﻧﺎء إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓرﺑﻣﺎ ﻗد ﯾﻔﻬم اﻟزوج ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣرأة وﺳﺑب ﻧﺷؤ اﻟﻧزاع و ﯾﺗراﺟﻊ ﻋن
طﻠب اﻟطﻼق ﻓﺎﻟﻣﻔروض أن اﻟﻘﺎ ﺿﻲ ﻣﺛﻘف و ﻣﺗﻌﻠم ﻓﯾﻔﺗرض ﻓﯾﻪ اﻟﻌﻠم ،ﻓﻛم ﻣن طﻼق ﺗم ﺑﺳﺑب ﻫذﻩ
اﻟدواﻓﻊ أﻣﺎم ﺟﻬل ﺑﻌض اﻷزواج ﺑﻬدﻩ اﻷﻣور .
ﺑﻌد ﻣﺎ ﺗوﺻﻠﻧﺎ إﻟﻰ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳؤال ﺣول ﺗﺣدﯾد دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت زﻣن وﻗوع
اﻟطﻼق و ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ اﻷﻣر اﻟذي ﯾﻘﺗﺿﻲ طرح اﻟﺳؤال آﺧر اﻟذي ﯾﻠﯾﻪ ﻣﺑﺎﺷرة وﻫو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺛﺑوت
واﻗﻌﺔ اﻟطﻼق ،ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻋدة أﺳﺋﻠﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو" :أن ﯾﺳﺄل ﻋن ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺣدوث اﻟواﻗﻌﺔ وﺳﯾرﻫﺎ ؟
واﻟﻠﻔظ اﻟذي ﺗﻠﻔظ ﺑﻪ اﻟزوج و إن ﻛﺎن ﺗﻠﻔظ ﻓﻣﺎ ﺻﯾﻐﺔ اﻟﻠﻔظ ؟ ،وأﯾن ﺗﻠﻔظ ؟ ،واﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻟﺷرﻋﯾﺔ
ﻟﻠزوج و اﻟزوﺟﺔ ﻋﻧد اﻟواﻗﻌﺔ وﻻﺳﯾﻣﺎ ﺣﺎل اﻟزوﺟﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻟطﻬر وﻋدﻣﻪ؟ ،ﻛوﻧﻬﺎ إن ﻛﺎﻧت ﺣﺎﺋﺿﺎً أو
ﻧﻔﺳﺎء أو ﻣﺎ ﯾﺷﺎﺑﻬﻪ ذﻟك ﻣن اﻷﺳﺋﻠﺔ ؟ "وذﻟك ﻗﺻد ﻛﺷف ﺟواﻧب واﻗﻌﺔ اﻟطﻼق ﻧﺣﺎول اﻟﺗطرق إﻟﻰ دور
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻛﯾﻔﯾﺔ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ،ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ :
ﺛﺎﻧﯾﺎً :-دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻛﯾﻔﯾﺔ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق:
ﻧﺗﻌرض ﻟﺗﺣدﯾد ﻛﯾﻔﯾﺔ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺑﻌﺟﺎﻟﺔ إﻟﻰ طرﯾﻘﺔ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﻣن طرف اﻟزوج )أ(ﺛم ﻧﺗﻧﺎول
إﻏﻔﺎل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟطﻼق اﻟواﻗﻊ )ب( ،ﺛم ﻧﺗﻌرض إﻟﻰ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻹرادة اﻟﻣﻌﯾﺑﺔ ﻓﻲ اﻟطﻼق
)ج( .
أ -طرﯾﻘﺔ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﻣن طرف اﻟزوج:
إن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﺗﻌرﯾﻔﻪ ﻟﻠطﻼق ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري أطﻠﻘﻪ ﻣن ﻏﯾر ﻗﯾد ﺑﻠﻔظ أو ﻏﯾرﻩ،
ﻓﻠم ﯾذﻛر اﻟﻣﺷرع اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺗﻲ ﯾﻘﻊ ﺑﻬﺎ اﻟطﻼق ،ﻋﻛس اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻼ ﯾﻘﻊ اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺎﻟﻠﻔظ أو ﻣﺎ
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،254080ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2001/02/21اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد
ﻋدد ،2002 ،02ص 444و ﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
101
ﯾﺣل ﻣﺣﻠﻪ ﻛﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ أو اﻹﺷﺎرة ،ﻓﺎﻟطﻼق ﻣن ﻏﯾر ﻟﻔظ ﻟم ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﻗول ﻋﺎﻣﺔ أﻫل اﻟﻌﻠم ودﻟﯾل ﻗوﻟﻪ ﺻﻠﻰ
اﷲ ﻋﻠﯾﻪ و ﺳﻠم ) إن اﷲ ﺗﺟﺎوز ﻷﻣﺗﻲ ﻋﻣﺎ ﺣدﺛت ﺑﻪ أﻧﻔﺳﻬﺎ ﻣﺎ ﻟم ﺗﻌﻣل ﺑﻪ أو ﺗﺗﻛﻠم( وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﻠﻔظ ﻗﺳﻣﺎن
ﺻرﯾﺢ و ﻛﻧﺎﯾﺔ ،أي طﻼق اﻟذي ﯾﻘﻊ ﺑﻠﻔظ ﺻرﯾﺢ ﯾﺳﻣﻰ اﻟطﻼق اﻟﺻرﯾﺢ و اﻟطﻼق اﻟذي ﯾﻘﻊ ﺑﻠﻔظ ﻣن
أﻟﻔﺎظ اﻟﻛﻧﺎﯾﺔ وﻗد ﯾﻘﻊ اﻟطﻼق ﺑﻣﺎ ﯾﺣل ﻣﺣل اﻟﻠﻔظ ﻛﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ واﻹﺷﺎرة وذﻟك ﺑﺄن ﯾﻛﺗب اﻟزوج طﻼق زوﺟﺗﻪ و
ﯾرﺳل إﻟﯾﻬﺎ ،وﻗد ﯾﺷﯾر اﻷﺧرس ﻣﺎ ﯾﻔﻬم ﻣﻧﻪ ﻗﺻد اﻟطﻼق ﻓﯾﻘﻊ ﻫذا اﻟطﻼق.1
ﻟم ﯾﺷ ر ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة إﻟﻰ اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺗﻲ ﯾﻘﻊ ﺑﻬﺎ اﻟطﻼق و ﻣﻌﻧﻰ ﻫذا أﻧﻪ ﯾرﺟﻊ ﻓﻲ ذﻟك إﻟﻰ اﻟﺷرﯾﻌﺔ
ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (222ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ
ً اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ
اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻧﺟد اﺧﺗﻼف اﻟﻔﻘﻬﺎء ،و ﯾﺑﻘﻰ اﻻﺧﺗﯾﺎر ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟذي ﯾﺧﺗﺎر ﻣن اﻵراء اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ ﻣﺎ ﯾﺷﺎء
.و ﻫذا ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﺿﺎرب اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣﺗﺷﺎﺑﻬﺔ ﻓﻣرة ﯾﻘﺿﻲ ﺑوﻗوع
اﻟطﻼق وأﺧرى ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻌدم وﻗوﻋﻪ ،و ﻓﻲ ذﻟك ﻛﻠﻪ ﻟم ﯾﺧرج ﻋن أﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وﻻ ﺿﺎﺑط
ﯾﺿﺑط اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻻ ﻫواﻩ و ﻧﻔﺳﻪ ،ﻣﺎدام اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺗﺟﻪ إﻟﻰ ﻣذﻫب ﻣﻌﯾن ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻓﻌل اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻓﻲ
2
ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة .
وﻧﺧﻠص إﻟﻰ أن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ﻟم ﯾﺷﯾر إﻟﻰ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ أو ﺑﺎﻹﺷﺎرة ،ﻋﻛس اﻧﻌﻘﺎد
اﻟزواج و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾرﺟﻊ ﻓﻲ ﻫذا إﻟﻰ أﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و ﯾوﺟﻪ ﻟﻪ ﻧﻔس اﻟﻧﻘد اﻟذي وﺟﻪ إﻟﻰ ﺻﯾﻐﺔ
أﻟﻔﺎظ اﻟطﻼق ﻏﯾر أن اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣﺻري اﻟﻣﺑروك ﯾرى "أﻧﻪ ﻻ ﯾﻘﻊ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ إﻻ ﻣن اﻟﻐﺎﺋب أو
اﻟﺣﺎﺿر اﻟذي ﻻ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ اﻟﻧطق و ﯾﻘﻊ طﻼق اﻷﺧرس ﺑﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ إن ﻛﺎن ﯾﻛﺗب و إﻻ و ﻗﻊ ﺑﺈﺷﺎرة ﻣﻔﻬﻣﺔ
ﺗﻣﻠﻲ ﻋن اﻟطﻼق .3
ب -إﻏﻔﺎل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟطﻼق اﻟواﻗﻊ:
ﺗﻘﺳم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟطﻼق إﻟﻰ أﻗﺳﺎم وﻓق ﻣﻌﺎﯾﯾر ﻣﺗﻌددة ،4ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻣن ﺣﯾث ﺣﻛﻣﻪ إﻟﻰ
طﻼق ﺳﻧﻲ وطﻼق ﺑدﻋﻲ ،وﻫو اﻷﻣر اﻟذي ﻧﺟد أن ﻛل ﻣن اﻟزوﺟﯾن و ﺣﺗﻰ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ
اﻟﺧﺻوص ﻗد ﻻ ﯾﻌﯾرون أﯾﺔ أﻫﻣﯾﺔ ﻟﻠطﻼق اﻟواﻗﻊ ﻓﯾﻣﺎ إن ﻛﺎن طﻼﻗﺎ ﺳﻧﻲ أو ﺑدﻋﻲ.
102
طﺎﻫر
ًا ﺣﺳب اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ اﻟطﻼق اﻟﺳﻧﻲ ﻫو ﻣﺎ ﺗواﻓرت ﻓﯾﻪ أرﺑﻌﺔ ﺷروط وﻫﻲ أن ﺗﻛون اﻟﻣرأة
ﻣن اﻟﺣﯾض و اﻟﻧﻔﺎس ﺣﯾن اﻟطﻼق ،وأن ﻻ ﯾﻛون زوﺟﻬﺎ ﻗد ﻣﺳﻬﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟطﻬر ،وأن ﺗﻛون اﻟطﻠﻘﺔ
طﻼﻗﺎ آﺧر ﺣﺗﻰ ﺗﻧﻘﺿﻲ ﻋدﺗﻬﺎ ٕواﻻ ﻛﺎن ﺑدﻋﺔ ،ﻓﺈذا طﻠق اﻟزوج زوﺟﺗﻪ ﻓﻲ
ً واﺣدة ،وأﻻ ﯾﺗﺑﻌﻬﺎ اﻟزوج
ﺣﯾض أو ﻧﻔﺎس أوﻓﻲ طﻬر ﻣﺳﻬﺎ ﻓﯾﻪ ﻓﺗﻠﻛم اﻟﺑدﻋﺔ ،ﻷن ﺗﻠﻔظﻪ ﺑﺎﻟطﻼق ﻏﯾر ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺷرﻋﻲ ﻛﻣﺎ
أن اﻟﻌﻠم أﺛﺑت أن اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻔﺗرات ﺗﻌﺗرﯾﻬﺎ إﺧﺗﻼﻻت ﻓﻲ اﻟﻬرﻣوﻧﺎت ﻣﻣﺎ ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ ﻣزاﺟﻬﺎ و ﻫو
ﻣﺎ ﯾﺛﯾر ﺣﻔﯾظﺔ اﻟزوج ،ﻓﻠﻌدم ﻋﻠﻣﻪ ﺑﺄﺣوال اﻟﻧﺳﺎء ،ﺗزﯾد ﺣدة اﻟﺧﻼف و ﻗد ﺗﻧﺗﻬﻲ ﺑﺎﻟﺗﻠﻔظ ﺑﺎﻟطﻼق ،و ﻫذا
ﺧﻼف ﻟﻸوﻟﻰ.
ﻓﻌﻠﻰ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺎت ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ أن ﯾوﻋﻲ اﻟزوﺟﯾن و ﻻﺳﯾﻣﺎ اﻟزوج ﺑﺄن
ﯾﺗﺣرى ﺣﺎل زوﺟﺗﻪ و ﯾﺗﻘﻲ اﷲ ﻓﯾﻬﺎ ،1وأن ﯾﻌرﻓﻪ ﺑﺄن ﺣﺎﻟﺗﻬﺎ اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ وﻻ ﯾد ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻷﻣر ﻓﯾﺗﺣﻛم
ﻓﻲ ﻧﻔﺳﻪ ﻟﺗﺟﻧب اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﺎﻟطﻼق ،وﯾرﺟﺊ ذﻟك إﻟﻰ أن ﺗطﻬر ٕواﻟﻰ ﺣﯾن ذاﻟك ﻏﺎﻟﺑﺎً ﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﻐﺿب ﻗد
زال وﻋﺎدت اﻟزوﺟﺔ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺗﻬﺎ اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻓﯾﺗﺟﻧب اﻟزوج طﻼﻗﻬﺎ ،و ﯾﻛون ﻫذا اﻟطﻼق اﻟﺳﻧﻲ ﻣن أﻧﺟﻊ اﻟﺳﺑل
ﻟﻠﺗﻘﻠﯾص ﻣن اﻟﺧﻼف اﻟزوﺟﻲ اﻟﻣؤدي إﻟﻰ اﻟطﻼق.
أﻣﺎ إذا اﻓﺗرﺿﻧﺎ أن اﻟزوج أرﺟﺄ اﻟطﻼق إﻟﻰ طﻬرﻫﺎ وﺣل اﻟطﻬر و أﺻر ﻋﻠﻰ طﻼﻗﻬﺎ ،وطﻠﻘﻬﺎ ﻓﻌﻼ
ﻓﺳوف ﯾﻌطﯾﻬﺎ اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻟﺗﻌﺗد ﻋدﺗﻬﺎ ،ﻛﻣﺎ ﺣدد اﻟﺷرع إذ ﯾطﻠﻘﻬﺎ ﻓﻲ طﻬر ﻟم ﯾﻣﺳﻬﺎ ﻓﯾﻪ ،ﻓﺗﻌﺗد ﺑﺎﻟﻘروء ﻷن
اﻟراﺟﺢ ﻋﻧد اﻟﻌﻠﻣﺎء أن اﻟﻌدة ﺑﺎﻟﻘروء ﻫﻲ أن ﺗﻌﺗد اﻟﻣرأة ﺑﺎﻷطﻬﺎر ،ﻓﺗﺑدأ اﻟﻣرأة ﻋدﺗﻬﺎ ﺑﺄول ﻗرء )ﺣﯾض /
طﻬر( ،ﺑﻌد طﻬرﻫﺎ اﻟذي طﻠﻘت ﻓﯾﻪ ،ﺛم ﺗﺿﯾف ﻗرءﯾن ،وﺗﺑﯾن ﻣﻧﻪ ﺑﺣﻠول اﻟطﻬر اﻟﺛﺎﻟث وﻟﻬذا اﻟﺳﺑب ﯾﺄﺛم
ﺑدﻋﯾﺎ ،ﻣﻊ أﻧﻪ ﯾﻛون ﻣرﺗﺑﺎ ﻵﺛﺎرﻩ ،2و ﯾﻼﺣظ أن ﻫﻧﺎك ﻣن ﻧﺎد ﺑوﺿﻊ ﻣﺎدة ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻋﻧد
ﻣن ﯾطﻠق طﻼﻗﺎً ً
ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻣﺷروع ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺳﻧﺔ 1984ﺗﺗﺿﻣن ﻣﺎﯾﻠﻲ :وﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﺣﺿر ﻣﻠﺣق اﻟﺟﻠﺳﺔ ﯾوم اﻷﺣد 22
أﻓرﯾل ،31984أﻧﻪ ﺗﺑﻘﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﻛﻣﺎ وردت ﻓﻲ ﺗﻌدﯾل اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﺑﺣﯾث ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49إذا أراد
اﻟزوج أن ﯾطﻠق زوﺟﺗﻪ وﺟب ﻋﻠﯾﻪ إﺣﺻﺎء اﻟﻌدة ،ﻓﻼ ﺗطﻠق و ﻫﻲ ﺣﺎﺋض أو ﻓﻲ طﻬر ﺑﺎﺷرﻫﺎ ﻓﯾﻪ و إﻻ
ﻋﺎ وﺑﺎطﻼً ﻗﺎﻧوﻧﺎ ".
ﻛﺎن اﻟطﻼق ﺣ ًراﻣﺎ ﺷر ً
103
ﻓﺈذا أﺗﻰ اﻟﻣطﻠق إﻟﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ،وﻫو ﻗد طﻠﻘﻬﺎ طﻼق اﻟﺑدﻋﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻔﻬم اﻟزوج أوﻻً أن ﻣﺎ
ﻓﻌﻠﻪ ﻣﺣرم ،وﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾطﻠﻘﻬﺎ طﻼق اﻟﺳﻧﺔ ،أي ﻓﻲ طﻬر ﻟم ﯾﺟﺎﻣﻌﻬﺎ ﻓﯾﻬﺎ ،وﯾﻛون ﺑطﻠﻘﺔ واﺣدة .1
أﻣﺎ ﻣﺎ ﻧراﻩ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻣن دﻋوى إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق أن اﻟزوﺟﺔ ﺣﺎﺋض أو ﻧﻔﺳﺎء ﻷن ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون
اﻷﺳرة ﻻ ﯾﺳﺄل أﺑدا ﻻ ﻋن ﻛﯾﻔﯾﺔ إﯾﻘﺎﻋﻪ وﻻ وﻗﺗﻪ وﻻ ﻋن وﺣﺎﻟﺔ اﻟزوﺟﺔ وﻗت ﺗﻠﻔظ اﻟزوج ﺑﺎﻟطﻼق ،اﻟذي
ﯾؤدي إﻟﻰ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ وﻷﺟل ﺗﻔﺎدي ذﻟك ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﺗﺄﻛد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن ﺣﺎل اﻟزوﺟﺔ
واﻟزوج ،و أﻟﻔﺎظﻪ اﻟﺗﻲ ﺗﻠﻔظ ﺑﻬﺎ ووﻗﺗﻪ ،وﯾﻔﻬم اﻟزوﺟﺔ ﻣﺎ ﯾﻠزم ﻣن ﻋدة وأن ﻛﺎن ﻟﻬﺎ اﻟزواج ﻣن ﻏﯾرﻩ أم ﻻ
وﻫل ﯾﺣق ﻟﻠزوج أن ﯾراﺟﻌﻬﺎ أم ﻻ. 2
ﻓﻛﺛﯾر ﻣﺎ ﻧﺟد رﺟﺎﻻ ﯾرﻓﻌون دﻋﺎوى طﻼق ،و اﻟواﺟب ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ أن ﯾﻛوﻧوا ﻋﺎﻟﻣﯾن ﺑﺳﻧﺔ
ًا
اﻟطﻼق ،ﻓﺈن ﻟم ﯾﻛن ﻋﺎﻟﻣﯾن ﺑذﻟك ﻓﯾﻌﻠﻣون ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﻫﻧﺎ ﯾظﻬر دور
اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣﻬم ﻓﻲ ﺗوﺟﯾﻬم ٕوارﺷﺎدﻫم إﻟﻰ طﻼق اﻟﺳﻧﺔ ﻓﻼ ﯾﻘﺗﺻر دورﻩ ﻋﻠﻰ إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق اﻟﻣﺣرم ،3ﺑل
ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾدل اﻟﻣطﻠق ﻋﻠﻰ ﺳﻧﺔ اﻟطﻼق و ﺗوﺿﯾﺢ ذﻟك ﻟﻪ ،و إﻟزاﻣﻪ ﺑﺈﯾﻘﺎع اﻟطﻼق و ﻓق اﻟﺳﻧﺔ
وﻋدم إﯾﻘﺎﻋﻪ ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﻪ اﻟﻣﺑﺗدع ،وﻫذا ﻣن اﻷﻣر ﺑﺎﻟﻣﻌروف و اﻟﻧﻬﻲ ﻋن اﻟﻣﻧﻛر اﻟﻣﻧوط ﺑﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻧدﻣﺎ
ﯾﺣﺻل اﻟﺗﻘﺻﯾر ﻣن اﻟﻧﺎس ﻋﺎﻣﺔ ،أو ﻧﺟد رﺟل طﻠق و ﯾرﯾد إﺛﺑﺎت ذﻟك ،ﻓﺈن ﻛﺎن ﻗد طﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﺑدﻋﺔ
ﻓﻲ وﻗت اﻟطﻼق ﻓﯾﺟب إرﺟﺎع زوﺟﺗﻪ ﻟﺣدﯾث إﺑن ﻋﻣر رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻬﻣﺎ.،4
إن ﺗﺑﯾن أن اﻟزوج طﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﺑدﻋﺔ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻌﻠﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺳب ﺣﺎﻟﻪ ﻟﯾﺗﻘﯾد ﺑﺄﺣﻛﺎم
ون" ، 6وﻗﺎل ﻋز و ﺟل ً
أﯾﺿﺎ ": ِﻘَوٍم َْﯾﻌ ُﻠَﻣ َ
ﱢﻧُﻬﺎ ﻟ ْ
اﻟﻠﱠﻪ ﯾَُﺑﯾ َ
ُود ِاﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ، 5إﺳﺗﻧﺎداً ﻟﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ ":وﺗِﻠ َْك ُﺣد ُ
ِك أًَْﻣ ار " ،7وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ":
ﯾُﺣِد ُث َْﺑَﻌد َذ ﻟَ
اﻟﻠﱠﻪ ْ
ﺗَدرِي َﻟَﻌﱠل َ
َﻠَم َﻧﻔَْﺳﻪُ ﻻ ْ
َﻘَد ظ َ
اﻟﻠﱠﻪ ﻓ ْ
ُود ُِود اﻟﻠ ِﱠﻪ َ َوﻣن َﯾ َﺗَﻌﱠد ُﺣد َ
َوﺗِﻠ َْك ُﺣد ُ
-1ﺑن ﻣوﻟود ﯾﺎرﻛﻲ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻲ ،اﻹﺟراءات ﻓﻲ إﻧﻬﺎء ﺣﺎﻻت اﻟطﻼق اﻟﺛﻼث – دراﺳﺔ ﻣﯾداﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷﺣوال
اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﺑﺎﻟرﯾﺎض ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌدل ،ﻋدد ،55اﻟرﯾﺎض 1433 ،ﻫﺟري ،ص .86
-2اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .86
-3ﺑن اﺑراﻫﯾم اﻷﺻﻘﻪ ﺳﻠﯾﻣﺎن ،دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌدل ،ﻋدد 1426 ،27ﻫﺟري ،ص .163
-4اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .163
-5اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .163
-6ﺳورة اﻟﺑﻘرة ،اﻵﯾﺔ .230
-7ﺳورة اﻟطﻼق ،اﻵﯾﺔ .1
-8ﺳورة اﻟطﻼق ،اﻵﯾﺔ .2
104
ﺣدﯾث ﺳﺎﻟم " :إن ﻋﺑد اﷲ ﺑن ﻋﻣر –رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻬﻣﺎ – أﺧﺑرﻩ أﻧﻪ طﻠق اﻣرأﺗﻪ وﻫﻲ ﺣﺎﺋض ،ﻓذﻛر
ذﻟك ﻋﻣر – رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻪ -ﻟرﺳول اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم ﻓﺗﻐﯾظ ﻓﯾﻪ رﺳول اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ
طﺎﻫر ﻗﺑل أن
وﺳﻠم ﺛم ﻗﺎل :ﻟﯾراﺟﻌﻬﺎ ﺛم ﯾﻣﺳﻛﻬﺎ ﺣﺗﻰ ﺗطﻬر ﺛم ﺗﺣﯾض ﻓﺗطﻬر ﻓﺈن ﺑدا ﻟﻪ أن ﯾطﻠﻘﻬﺎ ً ا
ﯾﻣﺳﻬﺎ ﻓﺗﻠك اﻟﻌدة ﻛﻣﺎ أﻣرﻩ اﷲ ﻋز وﺟل" ٕوان اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم ﺗﻐﯾظ ﻣن ذﻟك ﺛم ﻗﺎل ﻣﺎ ﻗﺎل.
و ﻓﻲ ﺳﻧن اﻟﻧﺳﺎﺋﻲ ﻋن ﻣﺣﻣود ﺑن ﻟﺑﯾد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻪ ﻗﺎل " :أﺧﺑر رﺳول اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم
ﻋن رﺟل طﻠق اﻣرأﺗﻪ ﺛﻼث ﺗطﻠﯾﻘﺎت ﺟﻣﯾﻌﺎ ﻓﻘﺎم ﻏﺿﺑﺎن ﺛم ﻗﺎل :أﯾﻠﻌب ﺑﻛﺗﺎب اﷲ و أﻧﺎ ﺑﯾن أظﻬرﻛم
ﺿﺑﺎ
ﺣﺗﻰ ﻗﺎم رﺟل ﻓﻘﺎل :ﯾﺎ رﺳول اﷲ أﻻ أﻗﺗﻠﻪ؟ ،ﻓﻧﻼﺣظ أن اﻟرﺳول اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم ﻏﺿب ﻏ ً
ﺷدﯾدا و ﺗﻛﻠم ﺑﻛﻼم ﺷدﯾد ﻋﻠﻰ ﻣن طﻠق ﻋﻠﻰ ﻏﯾر اﻟوﺟﻪ اﻟﺷرﻋﻲ ،وﺟﻌل ذﻟك ﻣن اﻟﻠﻌب ﺑﻛﺗﺎب اﷲ وﻗد
ً
َﻧزَل َﻋ ْﻠَﯾْﻛُم ﱢﻣَن
اﻟﻠﱠﻪ َﻋ ْﻠَﯾْﻛُمَ َوﻣﺎ أ َ
ْﻛُرواْ ْﻧَِﻌﻣَت ِ
ُزوا َواذ ُ
اﻟﻠﱠﻪ ﻫًُ
ﺎت ِ ِﺧُذواْ َآﯾ ِ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺳﯾﺎق آﯾﺎت اﻟطﻼق َ":وﻻَ ﺗَ ﺗﱠ
ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻌض اﻟزوج ﺑﺷرع اﷲ و ﯾذﻛرﻩ ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﺳﻧﺔ و ﯾﺑﻐﺿﻪ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺑدﻋﺔ ،ﻓﯾﺑﯾن ﻟﻪ
أن اﷲ ﻗد ﺣرم اﻟطﻼق ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻷوﻗﺎت اﻟﻣذﻛورة و إن أراد أن ﯾطﻠق إذا ﻋزم اﻟطﻼق وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺳﻧﺔ اﻟﻣطﻬرة،
و ﯾﺗرﺑص ﺑزوﺟﺗﻪ ﺣﺗﻰ ﯾﺣل اﻟطﻬر وﻟم ﯾﻣﺳﻬﺎ ﻷن رﻏﺑﺔ اﻟﺗﺳرﯾﺢ ﻗد ﺗﺗﺣول إﻟﻰ رﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﻛن و
اﻻﺳﺗﻘرار ،وﺗﻛون اﻟﻧﻔوس ﺣﯾﻧﺋذ ﻗد ﻫدﺋت واﻟﺧواطر ﻗد ﺻﻔت و ﻛﻔﻰ اﷲ ﻣﺂﺛم اﻟطﻼق ،ﻓﻬﻧﺎ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ
اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺗطوﯾﻊ اﻟﻧﺎس ﻷﺣﻛﺎم اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ ﺧﯾر ﻣن ﺗطوﯾﻊ اﻟﺷرع ﻋﻠﻰ ﺣﺳب أﻫواء
اﻟﻧﺎس و ﻣﻼذاﺗﻬم.2
ﯾﻬ ﱠن َﺑْل
ض َ َوﻣن ِﻓ ِ
ات َواﻷَْر ُ
ﺳﱠﻣَﺎو ُ
َت اﻟ َ
اءﻫُم ﻟَ ﻔ ََﺳدِ
َﻫْو ْ
ق أَ
ﻟَو اﺗ َﱠﺑَﻊ اﻟَْﺣ ﱡ
َو ِ وﺻدق اﷲ اﻟﻌظﯾم اﻟذي ﯾﻘول" :
3
وﯾﻘول اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠﯾﻣﺎن ﺑن إﺑراﻫﯾم اﻷﺻﻘﻪ ":وﻛم ﻫﻲ ﻣن ﺣﺎﻟﺔ ون
ِﺿ َ
ِﻫِم ﻓَُْﻬم َﻋن ِذْﻛرِِﻫم ْﻣﱡﻌر ُ
َﺗَﯾﻧَﺎﻫُم ﺑِِذﻛْرْ
أْ
ﯾﺄﺗﻲ إﻟﻲ اﻟﻣطﻠق ﻻ ﯾرﯾد أن ﯾﺧرج ﻣن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ و إﻻ و ﻣﻌﻪ ﺣﻛم اﻟطﻼق ،و ﯾﻘول ﻗد طﺎﺑت ﻧﻔﺳﻲ ﻣن
ﻛﺛﯾر و أﻧﺎ ﻣﻘﺗﻧﻊ ﺗﻣﺎﻣﺎ ﺑطﻼﻗﻬﺎ ،ﻓﺄﺳﺄﻟﻪ ﻋن طﻼق اﻟﺳﻧﺔ ﻓﯾﺟﯾب أﻧﻪ ﻻ ﯾﻌﻠم ،ﻓﺄﻋﻠﻣﻪ
ﻫذﻩ اﻟﻣرأة و ﻓﻛرت ً ا
طﻼﻗﺎ ﻣﺑﺗدﻋﺎً ،و أﺧﺑرﻩ
ً و أﺑﯾن ﻟﻪ أﻧﻪ ﯾﺣرم ﻋﻠ ﯾﻪ أن ﯾطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﺑدﻋﺔ ،وأﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻪ ﻛﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺛﺑت
أﻧﻪ ﻻ ﺑد أن ﯾﺗﺄﻛد ﻣن ﺣﺎل اﻟﻣرأة ،ﻓﯾذﻫب و ﻻﯾﻌود ،ﺛم ﯾﺗﺑﯾن أن ﺣﺎﻟﻪ ﻣﻊ زوﺟﺗﻪ ﻋﺎدت ﻛﻣﺎ ﻫﻲ.
105
أﻣﺎ إن أﺗﻰ اﻟرﺟل و ﻗد طﻠق زوﺟﺗﻪ و ﯾرﯾد إﺛﺑﺎت طﻼﻗﻪ اﻟﺳﺎﺑق ،و ﺗﺑﯾن ﻟﻲ أن طﻼق ﺑدﻋﺔ ﻓﺎﻟﺳﻧﺔ
واﺿﺣﺔ و ﺻرﯾﺣﺔ ﻓﻲ اﻷﻣر ﺑﺈرﺟﺎع اﻟزوﺟﺔ و إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻧﺔ ،1ﻓﯾﺗﺣرى ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة
أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ طﺑﯾﻌﺔ اﻟطﻼق اﻟذي ﺗﻠﻔظ ﺑﻪ اﻟزوج .وﺗﻔﻌﯾل اﻟﻘﺎﺿﻲ ذﻟك ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻻ
ﺧروﺟﺎ ﻋن ﻣﺎ طﻠﺑﻪ اﻟﻣﺷرع اﻹﺟراﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻷﺳري ،ﺣﺗﻰ ﯾﻔﺳر اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌودة واﻟوﻓﺎق
ً ﯾﻌد
ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،وﻻ أن ﯾﻬﻣل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫذﻩ اﻟﺗﻔﺎﺻﯾل ،وﻛﺄﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﻧﯾﻪ ﻛون أن ﻫﻣﻪ ﻓﻘط إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ،ﺣﺗﻰ ﯾﻛون
ﻗد طﺑق اﻟﻧص و ﯾﺣﺻل ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ ،ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻛون ﺣﻛﻣﻪ ﻋرﺿﺔ ﻟﻠطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ،ﻓﻲ
ﺣﯾن أن ﻣﻬﻣﺗﻪ وﻫدﻓﻪ أﻛﺑر ﻣن ذﻟك.2
ج:دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻹرادة اﻟﻣﻌﯾﺑﺔ ﻓﻲ اﻟطﻼق:
ﻟﻘد ﻗﯾد اﻟﺷرع اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟطﻼق ﺑﺿواﺑط ﺧﺎﺻﺔ ﺻرﯾﺣﺔ و ﻣﺣددة ﻓﻲ أﺣﻛﺎم ﺑﺄن ﺟﻌل اﻟطﻼق
ﻋﻠﻰ ﻣراﺣل ﺛﻼﺛﺔ ،وﺿواﺑط ﻋﺎﻣﺔ ﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﻫذا اﻟﺣق ﻛﺄن ﯾﺻدر ﻋن إرادة واﻋﯾﺔ ﺟﺎدة دون ﺗزﯾف أو
إﻛراﻩ أو ﻏﺿب أو اﻧﻔﻌﺎل ،وﻣﻧﻊ اﻟﻬزل ﻓﻲ اﻟطﻼق ،ﻛﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣدﯾث اﻟرﺳول ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم "
ﺛﻼﺛﺔ ﺟدﻫن ﺟد و ﻫزﻟﻬن ﺟد اﻟﻧﻛﺎح و اﻟطﻼق واﻟﻌﺗﺎق " ﻓﻘد ذﻛر اﻟطﻼق ﻷن ﻟﻬذا اﻟﻣوﺿوع ﻗدﺳﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ
ﺑﻪ ﺟﻌﻠﺗﻪ ﻻ ﯾﺣﺗﻣل اﻟﻣزاح أو اﻟﻬزل ،ﺛم إن ﻫذا اﻟﺣق اﻟﻣﻘﯾد ﺗوﻗﯾﻌﻪ ﻓﻲ ﻓﺗرة ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻫﻲ ﻓﺗرة طﻬر اﻟزوﺟﺔ
ﻟم ﯾﻣﺳﻬﺎ ﻓﯾﻪ اﻟزوج.3
إن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﻧظم أﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﯾﻌﺗﻣد ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن ﺣﺎﻟﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ و زﻣن وﻗوع
اﻟطﻼق ،ﻏﯾر أﻧﻪ ﻻ ﯾوﺟد ﻣﺎ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن ﺗﻔﻌﯾل ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (222ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ ﺗﻧص " ﻛل ﻣﺎ ﻟم
ﯾرد اﻟﻧص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﯾرﺟﻊ ﻓﯾﻪ إﻟﻰ أﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ".و ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ أن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻟم
ﯾوﺿﺢ ﻣوﻗﻔﻪ ﻣن اﻷزواج اﻟذي ﯾﻘﻊ طﻼﻗﻬم واﻟذﯾن ﻻ ﯾﻘﻊ طﻼﻗﻬم ،و إﻧﻣﺎ اﻛﺗﻔﻰ ﺑﺎﻟﻧص ﻋﻠﻰ طﻼق اﻟزوج
ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة إذ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة " ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة 49أدﻧﺎﻩ ،ﯾﺣل
ﻋﻘد اﻟزواج ﺑﺎﻟطﻼق اﻟذي ﯾﺗم ﺑﺈرادة اﻟزوج ، "...ﻓﺎﻷزواج أﻗﺳﺎم وﺗﺑﻌﺎً ﻟذﻟك ﯾﻛون اﻟطﻼق ،ﻓﻧﺟد اﻟﻬﺎزل
واﻟﺳﻛران ،واﻟﻣﺟﻧون ،و اﻟﻐﺎﺿب ،و اﻟﻧﺎﺋم واﻟﻣﺧطﺊ واﻟﺟﺎﻫل ،واﻟﻐﺎﻓل و اﻟﻣﻛرﻩ ،و واﻟﻌﺎﻗل ،و اﻟﺑﺎﻟﻎ ﻏﯾر
اﻟﻣﻛرﻩ...اﻟﺦ ،ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون ﻟم ﯾﺑﯾن أي اﻷزواج ﯾﻘﺻد واﻷﺻﺢ أﻧﻪ ﯾﻘﺻد ﻛل ﻣﺎ ﯾﺻﺢ ﻋﻠﯾﻪ إطﻼق اﺳم اﻟزوج.
106
ﻧﻔﻬم وﻧﺳﺗﺷف ﻣن اﻟﻣﺎدة ) (48أﻋﻼﻩ ،أن اﻹرادة ﺷرط ﻟوﻗوع اﻟطﻼق ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري ،و ذﻟك
ﺑﻘوﻟﻪ "ﺑﺈرادة اﻟزواج "اﻟﻌﺎﻗل اﻟﺑﺎﻟﻎ ﻏﯾر اﻟﻣﻛرﻩ واﻟذي ﺗﻛون إرادﺗﻪ ﺳﻠﯾﻣﺔ ﻟطﻼق ،أﻣﺎ اﻟﻬﺎزل و اﻟﻐﺎﻓل
واﻟﺟﺎﻫل و اﻟﻣﺧطﺊ و اﻟﻣﻛرﻩ واﻟذي اﺷﺗد ﻏﺿﺑﻪ ﻛﻠﻬم ﻓﺈن إرادﺗﻬم ﻣﻌﯾﺑﺔ ،ﻓﻬل ﯾﻌﻧﻲ ﻫذا اﻟﺗﻘﺳﯾم ﺗﻘﯾﯾد
ﻟﻺرادة أم أﻧﻪ ﻻ ﯾﻘﺻد ذﻟك )اﻟﻣﺷرع (.
ﻧﻼﺣظ ﻛذاﻟك ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗﻘﺻد اﻟﻌﺎﻗل اﻟﺑﺎﻟﻎ ﻏﯾر اﻟﻣﻛرﻩ ﻓﻘط ﻷن ﻛل
اﻷﻗﺳﺎم ﻣن اﻟﻬﺎزل ،اﻟﻣﻛرﻩ ،و اﻟﺳﻛران ،ﻻ ﯾرﯾدون اﻟطﻼق و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺗم اﻟرﺟوع ﻋﻧﻪ ﻗﺑل أن ﯾﺛﺑت أﺛﻧﺎء
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ و ﻗﺑل اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﻫذا إذا رﻓﻊ اﻷزواج دﻋواﻫم إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ،إذ ﻣﻧﻬم ﻗطﻌﺎ ﻣن ﻟم
ﺗﺻﺢ ﻣ ارﻓﻌﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻟﻌدم اﻋﺗﺑﺎر ﻗوﻟﻪ ﻛﺎﻟﺻﺑﻲ و اﻟﻣﺟﻧون ،وﻣﻊ ﻫذا ﻻ ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﻧﺳب ﻫذا
اﻟﺣﻛم ﻟﻘﺎﻧون اﻷﺳرة ﻷﻧﻪ ورد ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (222ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ أن ﻛل ﻣﺎ ﻟم ﯾرد اﻟﻧص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ
اﻟﻘﺎﻧون ﯾرﺟﻊ ﻓﯾﻪ إﻟﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟﻛﻲ ﻧﻌرف ﻣﺎ ﯾﺗﺑﻧﺎﻩ ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﻻ ﺑد ﻣن
اﻟرﺟوع إﻟﻰ أﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﻧﺟدﻫﺎ ﺗزﺧر ﺑﺎﻻﺧﺗﻼف ﺑﯾن اﻟﻔﻘﻬﺎء ،ﺑﯾن ﻣن ﻻ ﯾﻌﺗرف
ﺑطﻼق اﻟﻣﺟﻧون و اﻟﺻﺑﻲ ،و ﺑﯾن ﻣن ﯾﺗﺑﻧﻰ طﻼق اﻟﺻﺑﻲ دون طﻼق اﻟﻣﺟﻧون ،و ﯾذﻫب اﻷﺳﺗﺎذ ﺳﻌد
ﻓﺿﯾل إﻟﻰ اﻟﻘول :أﻧﻪ ﻣن اﻷﺷﺧﺎص اﻟذي ﻻ ﯾﻘﻊ طﻼﻗﻬم ﺣﺗﻰ و ﻟو ﺻرﺣوا ﺑﻪ ﻫم :اﻟﻣرﻋوب واﻟﻣﻛرﻩ و
اﻟﺳﻛران واﻟﻐﺿﺑﺎن و اﻟﺳﻔﯾﻪ .1و ﻟذا ﺳوف ﻟن ﻧﻐوص ﻓﻲ أﺣﻛﺎم اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن وﻧﻘﺗﺻر
ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻵراء ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻣن ﺧﻼل ﺑﻌض اﻟﺻور اﻟطﻼق اﻵﺗﯾﺔ:
-طﻼق اﻟﻐﺿﺑﺎن:اﻟﻐﺿﺑﺎن ﻫو اﻟﺷﺧص اﻟذي ﯾﻌﺎﻧﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎل اﻟﺷدﯾد ،اﻟذي ﺗﻠﺗﻬب ﻓﯾﻪ أﻋﺻﺎﺑﻪ ﺛم
ﯾﻧﺗﺎﺑﻬﺎ اﻟﺗوﺗر و اﻟﺿﻌف ﻓﺗزول ﻟدﯾﻪ ﻗوة اﻹدراك ،و ﻋدم اﻟﺗﻣﯾز ﻓﺗﺧﻠط ﻟدﯾﻪ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺑﺗﻠﻔظﻬﺎ
أو اﻟﺗﻲ ﯾﺳﻣﻌﻬﺎ ،ﻓﯾؤﺧذ ﺣﻛم اﻟﻣدﻫوش أو اﻟﻣرﻫوب و ﻟو اﺧﺗﻠف ﺳﺑب ﻓﻘد ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ أﻋﺻﺎﺑﻪ ،ﻓﺈن ﺗﻠﻔظ
ﺑﺎﻟطﻼق ﻓﻼ ﻋﺑرة ﺑﻘوﻟﻪ أو ﺑﻔﻌﻠﻪ ﻣﺗﻰ ﺻدر ﻣﻧﻪ و ﻫو ﯾﻌﺎﻧﻲ ﺗﻠك اﻷزﻣﺔ اﻟﻌﺻﺑﯾﺔ ،وﺑﻬذا ﻗﺎل اﻟرﺳول
ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم " ﻻ طﻼق ﻓﻲ إﻏﻼق " و ﯾﻌﻧﻲ ﺑﺎﻹﻏﻼق ﺿﯾق أﻓق ﺗﻔﻛﯾر اﻟﺷﺧص وﺣﯾث ﺗﻧﺳد ﻣﻧﺎﻓذ
وﺣﯾدا
ﺣﻼ ًاﻟرؤﯾﺔ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ﻋﻧدﻩ أﺛﻧﺎء ﻏﺿﺑﻪ ،ﻓﻲ ﺣﯾن اﻟطﻼق ﻻ ﺗﺳﺗﻌﻣﻠﻪ إﻻ اﻟﺣﻛﻣﺔ و اﻟﺗروي ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ً
2
ﻟﻌﻼج اﻟوﺿﻊ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻧﻌدم اﻟﻘﺻد إﻟﻰ اﻟطﻼق .
-1ﻓﺿﯾل ﺳﻌد ،ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ اﻟزواج واﻟطﻼق ،اﻟﺟزء اﻷول ،اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب ،اﻟﺟزاﺋر1989،
ص . 240
-2اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 241
107
ﺿرر ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻪ أو ﻧﻔﺳﻪ ﻓﯾدﻓﻌﻪ
ﺗﻬدﯾدا ﯾﻠﺣق ﺑﻪ ً ا
-طﻼق اﻟﻣﻛروﻩ :ﯾﻘﺻد ﺑﻪ ﻣن ﺗﻠﻘﻰ ﻣن ﺟﻬﺔ أﺟﻧﺑﯾﺔ ﻋﻠﯾﻪ ً
إﻟﻰ ﻗول أو ﻓﻌل ﻓﻲ ﻣﺎ ﻟﯾس ﻓﯾﻪ رﻏﺑﺔ ،ﻓﯾﻛون ﻗوﻟﻪ أو ﻓﻌﻠﻪ ﺻﺎدرﯾن ﻋن إرادة ﻣﻌﯾﺑﺔ ،وواﺿﺢ أن اﻟﻣﺷرع
ﻗﺎل ﻋن اﻟطﻼق أﻧﻪ ﯾﻘﻊ ﺑﺈرادة اﻟزوج ،وﻣن ﻛﺎﻧت إرادﺗﻪ ﻧﺎﻗﺻﺔ أو ﻣﻌدوﻣﺔ ﻓﻼ ﯾﻘﻊ طﻼﻗﻪ و ﻫذا رأي
ﺟﻣﻬور اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻘد ذﻫب ﻣﺎﻟك و أﺣﻣد و اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ أن طﻼق اﻟﻣﻛروﻩ ﻻ ﯾﻘﻊ .وﻋﻠﻰ ﻫذا ﻛﺎن اﻟﻌﻣل ﻓﻲ
ﻋﻬد اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ اﻟذﯾن ﻟم ﯾﺛﺑت ﻋﻠﯾﻬم أﻧﻬم أﻓﺗوا ﺑوﻗوع اﻟطﻼق اﻟﻣﻛرﻩ ﺗﺄﺻﯾﻼً و ﺗطﺑﯾﻘًﺎ ﻟﺣدﯾث اﻟﻧﺑوي
اﻟﺷرﯾف اﻟذي ﻗﺎل ﻓﯾﻪ اﻟرﺳول ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم ":رﻓﻊ ﻋن أﻣﺗﻲ اﻟﺧطﺄ و اﻟﻧﺳﯾﺎن و ﻣﺎ إﺳﺗﻛﻠﻔوا ﻋﻠﯾﻪ "،
ﺻﺎدر ﺗﺣت ﺗﺄﺛﯾر ﺳﻠطﺎن رﻫﺑﺔ ﺑﯾﻧﺔ
ًا وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري ﯾﺳﯾر ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺣﻛم ،ﻓﻣﺗﻰ ﻛﺎن اﻟﺗﺻرف
ﺑﺎطﻼ .1
ً ﻛﺎن
-طﻼق ﻧﺎﻗص اﻷﻫﻠﯾﺔ :ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (43ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ " ﻛل ﻣن ﺑﻠﻎ ﺳن اﻟﺗﻣﯾﯾز و ﻟم ﯾﺑﻠﻎ ﺳن
اﻟرﺷد ،وﻛل ﻣن ﺑﻠﻎ ﺳن اﻟرﺷد وﻛﺎن ﺳﻔﯾﻬﺎ أو ذاﻏﻔﻠﺔ ﯾﻛون ﻧﺎﻗص اﻷﻫﻠﯾﺔ وﻓق ﻣﺎ ﯾﻘررﻩ اﻟﻘﺎﻧون " ،وﺳن
اﻟﺗﻣﯾﯾز ﻫو ﺛﻼث ﻋﺷر )(13ﺳﻧﺔ وﻓق اﻟﻣﺎدة ) (42ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ،وﺳن اﻟرﺷد ﻫو ﺗﺳﻊ ﻋﺷرة
)(19ﺳﻧﺔ ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة) (2/40ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون.
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾدﺧل ﻓﻲ ﻣﻔﻬوم ﻧﺎﻗص اﻷﻫﻠﯾﺔ اﻟﻣﻣﯾز اﻟذي ﺑﻠﻎ ﺛﻼث ﻋﺷر) (13ﺳﻧﺔ وﻛذا اﻟﺳﻔﯾﻪ وذا
اﻟﻐﻔﻠﺔ .وﻗد ﯾﻔﻬم ﻣن ﻧص اﻟﻣﺎدة) (2/7ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة أن ﻟﻠﻘﺎﺻر أن ﯾوﻗﻊ اﻟطﻼق و ﯾﺑﺎﺷر إﺟراﺋﺗﻪ
ﺑﻧﻔﺳﻪ ﺑﻧﺻﻬﺎ "ﯾﻛﺗﺳب اﻟزوج اﻟﻘﺎﺻر أﻫﻠﯾﺔ اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺂﺛﺎر اﻟزواج ﻣن ﺣﻘوق و إﻟﺗزﻣﺎت" اﻟﻣﺎدة
ﺗرﺷد اﻟﻘﺎﺻر و ﺗﻣﻧﺣﻪ أﻫﻠﯾﺔ اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص آﺛﺎر اﻟزواج ﻣن ﺣﻘوق و إﻟﺗزﻣﺎت ،و ﻟﯾس إﯾﻘﺎع
اﻟطﻼق وﻣﺑﺎﺷرة إﺟراءاﺗﻪ ،و اﻟراﺟﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ أن ﯾﻌﻣل ﺑﻣﺎ ورد ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (437ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧص أﻧﻪ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون اﻟزوج ﻧﺎﻗص اﻷﻫﻠﯾﺔ ،ﯾﻘدم اﻟطﻠب ﺑﺎﺳﻣﻪ ،ﻣن
ﻗﺑل وﻟﯾﻪ أو ﻣﻘدﻣﻪ ،ﺣﺳب اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻓﺻﻔﺔ "ﻧﺎﻗص اﻷﻫﻠﯾﺔ" اﻟواردة ﻓﻲ ﻧص ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﻣﻔرد ﻣﺿﺎف ،واﻟﻣﻔرد
اﻟﻣﺿﺎف ﯾﻔﯾد اﻟﻌﻣوم ﯾدﺧل ﻓﻲ ﻛل ﻣﺎ ﯾﻧدرج ﺗﺣت ﻣﺳﻣﺎﻩ.
ﻣﻣﯾز أو ﺳﻔﯾﻬﺎً أو ذاﻏﻔﻠﺔ ،ﻓﺈن طﻠب اﻟطﻼق
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈﻧﻪ إذا ﻛﺎن أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﻧﺎﻗص اﻷﻫﻠﯾﺔ ﻛﺎن ً ا
ﯾرﻓﻊ ﺑﺎﺳﻣﻪ ﻋﻠﻰ أن ﯾﺗوﻟﻰ ذﻟك اﻟوﻟﻲ أو اﻟﻣﻘدم اﻟﻣﻌﯾن ﻣن طرف اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ،وﻫذا ﯾﺷﻛل ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﺻر
2
ﺗﻘﯾدا ﻟﺣرﯾﺗﻪ ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻬدم ﺻرح اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ ﺑﻧﺎﻫﺎ ﺑﻌﻣل ﻗد ﯾﺷوﺑﻪ ﻫوى أو طﯾش.
ﻣن ﻧﻔﺳﻪ ،و ﻟﯾس ً
108
ﻓﺈذا ﺑﺎﺷر اﻟﻘﺎﺻر اﻟدﻋوى ﺑﻧﻔﺳﻪ دون وﻟﯾﻪ ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾراﻗب ذﻟك ،و إن اﻟﻣﺎدة ) (64ﻗﺎﻧون
ﺷرطﺎ ﻟﺻﺣﺔ اﻹﺟراءات ،ﯾﺗرﺗب ﻋﻠ ﻰ
ً اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺗﻌﺗﺑر اﻷﻫﻠﯾﺔ ﻟدى أطراف اﻟدﻋوى
ﺗﺧﻠﻔﻬﺎ اﻟﺑطﻼن و اﻷﻫﻠﯾﺔ اﻟﻣﻘﺻودة ﻫﻲ أﻫﻠﯾﺔ اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ،1أﻣﺎ ﻋدﯾم اﻷﻫﻠﯾﺔ ﻓﻠﻛﻲ ﯾﻛون ﻛذﻟك ﻓﻲ ﻧظر
اﻟﻘﺿﺎء ﻻ ﺑد ﻣن ﺻدور ﺣﻛم ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﺣﺟر ﻋﻠﯾﻪ ،أﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﺻدر ﺣﻛم ﻧﻬﺎﺋﻲ ﺑﺎﻟﺣﺟر ﻋﻠﯾﻪ ،ﻓﻠﻪ أن
ﯾرﻓﻊ دﻋواﻩ وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﺻدر ﻗرار ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2014/12/11ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﻌﻠﯾﺎ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
"إن اﻟطﺎﻋﻧﺔ طﺎﻟﺑت أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ إرﺟﺎء اﻟﻔﺻل ﻓﻲ طﻠب اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ اﻟراﻣﻲ إﻟﻰ طﻠب اﻟطﻼق إﻟﻰ
ﺣﯾن اﻟﻔﺻل ﻓﻲ طﻠب اﻟﺣﺟر اﻟﻣﺳﺟل ﻣن طرﻓﻬﺎ ،وذﻟك و ﻓﻘًﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (59ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
و اﻹدارﯾﺔ ،إﻻ أن ﻗﺎﺿﻲ اﻟدرﺟﺔ اﻷول ﻟم ﯾﺳﺗﺟﯾب إﻟﻰ ذﻟك و ﻟم ﯾﺗﺣرى ﻋن أﻫﻠﯾﺔ اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ ،ﻷن اﻟطﻼق
ﺗﺻرف ﯾﺗطﻠب اﻷﻫﻠﯾﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ،واﺳﺗﻧد اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻷول إﻟﻰ أن اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﻟم ﺗﻘدم ﻣﺎ ﯾﺛﺑت ﻣرض اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ،
ﻣﻊ أﻧﻬﺎ ﻗدﻣت ﻗراﺋن ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﺻرﻓﺎﺗﻪ ﺧﻼل اﻟﻌﺷر ﺳﻧوات اﻷﺧﯾرة وﻛﺎﻧت ﻣﺳﺗﻌدة ﻹﺣﺿﺎر اﻟﺷﻬود ،و أﺿﺎﻓت
اﻟطﺎﻋﻧﺔ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﺳﺗﻧد إﻟﻰ ﺷﻬﺎدة اﻟﻌﻣل اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻌﺗﺑر وﺛﯾﻘﺔ طﺑﯾﺔ ﻹﺛﺑﺎت اﻷﻫﻠﯾﺔ ،ﻻ ﺳﯾﻣﺎ و أن اﻟﻣطﻌون
ﺿدﻩ ﺗﻘﺎﻋد ﻣﻧذ ﺧﻣس ﺳﻧوات .
ﺣﯾث أﻧﻪ ﯾﺗﺑﯾن أﻧﻪ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم ﻣﺣل اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ،أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ردت ﻋﻠﻰ طﻠﺑﺎت اﻟطﺎﻋﻧﺔ
ودﻓوﻋﻬﺎ ،ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻪ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ ،ﺳواء ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻹرﺟﺎء اﻟﻔﺻل أو أﻫﻠﯾﺔ اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ ،ﻣﺎ دام أﻧﻪ ﻟم ﯾﺻدر ﺣﻛم
ﻧﻬﺎﺋﻲ ﺑﺎﻟﺣﺟر ﻋﻠﻰ اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ ،و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﻫﺎذﯾن اﻟوﺟﻬﯾن ﻏﯾر ﻣؤﺳﺳﯾن و ﯾﺗﻌﯾن رﻓﺿﻬﻣﺎ و رﻓض
2
اﻟطﻌن ".
-طﻼق اﻟﺳﻛران:اﻟﺳﻛران ﻫو اﻟذي أذﻫﺑت ﻋﻘﻠﻪ ﻧﺷوة اﻟﺧﻣر أو اﻟﻛﺣول ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺳﺎﺋل اﻟذي ﺗﻧﺎوﻟﻬﺎ و
ﯾدﺧل ﻓﻲ ﺣﻛﻣﻪ اﻟﺣﺷﯾش أو اﻟﻛﯾف اﻟذي ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ اﻟﻘدرة اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ﻟﻠﺷﺧص أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﯾؤﺛر ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺧﻣر،
وﻟﻘد اﺧﺗﻠف اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻲ طﻼق اﻟﺳﻛران :ﻓﻘﺎل أﺑو ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻧﻪ ﯾﻔرق ﺑﯾن ﺣﺎﻟﺗﯾن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺳﻛران ،ﻓﺄﻣﺎ ﻋن
اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ :أﻧﻪ ﯾﺳﻛر ﺑﻣﺣﺿور ﻛﺎﻟﺧﻣر و اﻟﺣﺷﯾش و ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ذﻟك ،ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ إذا ﺗﻠﻔظ
ﺑﺎﻟطﻼق ﯾﻘﻊ طﻼﻗﻪ ﻷن اﻟﺳﻛر ﺑﺎﻟﻣﺣظور ﻻ ﯾﻌدم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺳﻛران ﻓﯾﻛون ﺟزاﺋﻪ ﺗرﺗﯾب طﻼق ﻋﻠﻰ أﻗواﻟﻪ
ﻟﻌﻠﻪ ﯾﻧﺗﻬﻲ ﺑﻌد ﺻﺣوﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺛﻘﯾﻠﺔ.
109
أﻣﺎ ﻋن اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :أن ﯾﺳﻛر ﺑﻣﺣظور ﻟﻠﺗداوي أو ﻟﻠﺗﺧذﯾر وﺗﻠﻔظ ﺑﺎﻟطﻼق ﺗﺣت ﺗﺄﺛﯾر ﻣﻔﻌول
اﻟﻣﺧدر ﻓﻼ ﯾﻘﻊ طﻼﻗﻪ ،و ﺧﺎﻟﻔﻪ اﻷﺋﻣﺔ اﻟﺛﻼث ﻓﻲ اﻟرأي ﻓﻘﺎﻟوا ﺑﻌدم وﻗوﻋﻪ ﺣﺗﻰ ﻟو ﺳﻛر ﺑﻣﻌﺻﯾﺔ أي
ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻷداة اﻟﺗﻲ أﺳﻛرﺗﻪ ،ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن ﺣﻛﻣﻬﺎ ﻓﻼ ﯾﻘﻊ طﻼﻗﻪ و ذﻟك ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺻﺣﺎﺑﺔ ﻣن
ﻗﺑل ،وواﺿﺢ أن ﻋدم ﺗطﺑﯾق ﻣذﻫب أﺑﻲ ﺣﻧﯾﻔﺔ أﻓﺿل ﻷن ﺗوﻗﯾﻊ اﻟطﻼق اﻟﺳﻛران ﻛﺎن ﻋﻘﺎﺑﺎ ﻓﻬو ﻟﯾس
ﻣﻧطﻘﯾﺎ طﺎﻟﻣﺎ أﻧﻪ ﺻﺎدر ﻋﻠﻰ ﻏﯾر وﻋﻲ ،أو ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻣﻧﺎطﻬﺎ اﻟﺗﻣﯾز و اﻹدراك ،و ﺣﯾث ﯾﻧﻌدم اﻟﺗﻣﯾز
ً
ﺗﻧﻌدم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ وﻟذاك ﻻ ﯾﻘﻊ طﻼق اﻟﺳﻛران ،ﺑل إن ﻋدم اﻟﻘول ﺑﻪ ﯾﺣﻘق وﺣدة ﺷﻣول اﻷﺳرة ﺑل أن
اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣدﻣﻧﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﺧﻣر ﯾﻌودون إﻟﻰ اﻟﺻواب و طﺎﻋﺔ اﷲ ،ﻓﻠو ﻗﺑل اﻟﻘﺎﺿﻲ طﻼﻗﻬم ﻗد ﯾﻛون
ﻗﺎﻧوﻧﺎ.1
ً دﯾﻧﺎ و
ذاﻟك ﺳﺑب ﻟﻬم ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻣرار ﻓﻲ اﻟﺳﻛر و ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﻼ ﯾﻘﻊ طﻼق اﻟﺳﻛران ً
-طﻼق اﻟﻬﺎزل :ﻫﻧﺎك ﻣﺑدأ ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺿﻣوﻧﻪ ﻻ اﺟﺗﻬﺎد ﻓﻲ ﻣﺎ ورد ﻓﯾﻪ ﻧص ،و ﻫذا ﻫو
اﻟذي ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﻬﺎزل ﻓﻣﺗﻰ ﻧطق ﺑﺎﻟطﻼق و ﻗﻊ ﻣﻧﻪ ذﻟك ،ﻟورود اﻟﻧص ﻓﻲ ﻗول اﻟرﺳول ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ
وﺳﻠم" :ﺛﻼﺛﺔ ﺟدﻫن ﺟد و ﻫزﻟﻬن ﺟد اﻟﻧﻛﺎح و اﻟطﻼق واﻟﻌﺗﺎق" ،و ﻟﻬذا اﺗﻔق اﻷﺋﻣﺔ اﻟﺛﻼث أن اﻟطﻼق
اﻟﻬﺎزل ﯾﻘﻊ ﺑﯾﻧﻣﺎ ذﻫب أﺣﻣد إﻟﻰ ﻏﯾر ذﻟك ﺑﻌدم وﻗوﻋﻪ ﻣؤﺳﺳﺎ ذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺻد و ﺣﯾث اﻧﺗﻔﻰ اﻟﻘﺻد
اﻧﺗﻔﻰ وﻗوع اﻟطﻼق .2
-طﻼق اﻟﻣﺿطرب ﻧﻔﺳﺎﻧﯾﺎ:ﺗﻌرف اﻹﺿطرﺑﺎت اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ،ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻹﻧﺣرﻓﺎت اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻧﺟم ﻋن ﻋﻠﺔ
ﯾﺄت ﺑﺄﺣﻛﺎم
ﻋﺿوﯾﺔ أو ﺗﻠف ﻓﻲ ﺗرﻛﯾب اﻟﻣﺦ ،وﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ﻧﺟد اﻟﻣﺷرع ﻟم ِ
ﺧﺎﺻﺔ ﺑطﻼق اﻟﻣﺿطرب ﻧﻔﺳﯾﺎ ،إﻻ و أﻧﻪ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ أﺣﻛﺎم ﻧص اﻟﻣﺎدة )(450ﻣن ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻧﺢ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺻﻼﺣﯾﺔ اﻟﺗﺣﻘﯾق ﺑﺎﺗﺧﺎذ ﻛل اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺿرورﯾﺔ ،ﻟﻠﺗﺄﻛد
ﻣن إرادة اﻟزوج وﺳﻼﻣﺗﺗﻬﺎ ﻟدى طﻠب اﻟطﻼق ،ﻓﻠﻠﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﺑﺄن ﯾﻧﺗدب طﺑﯾﺑﺎً ﻧﻔﺳﯾﺎً ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن
اﻟﻣرض اﻟﻧﻔﺳﻲ اﻟذي دﻓﻊ اﻟزوج إﻟﻰ طﻠب اﻟطﻼق ،وﻣدى ﺗﺄﺛﯾر ﻫذا اﻟﻣرض ﻋﻠﻰ إرادة طﺎﻟب اﻟطﻼق،3
وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (432ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون أﻧﻪ "ﻻ ﯾﺟوز ﺗﻘدﯾم طﻠب اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ إذا ﻛﺎن
أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺗﺣت وﺿﻊ اﻟﺗﻘدﯾم وأظﻬر ﻋﻠﯾﻪ إﺧﺗﻼﻻت ﻓﻲ ﻗدراﺗﻪ اﻟذﻫﻧﯾﺔ ﺗﻣﻧﻌﻪ ﻣن اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن إراداﺗﻪ".
ﻓﺈذا ﻻﺣظ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ أن اﻟزوج طﺎﻟب اﻟطﻼق ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣن إﺧﺗﻼﻻت ﻋﻘﻠﯾﺔ ،و
اﻟزوﺟﺔ ﺗﺗﻣﺳك ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻷن راﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻗد ﻻ ﯾﺣﺿر ﻣﻌﻪ وﻟﯾﻪ أو ﻣﻘدﻣﻪ ،وﯾﻛﺗﺷف اﻟﻘﺎﺿﻲ أن
110
اﻟزوج ﻏﯾر ﺳوي ﻣن ﺧﻼل ﺗﺻرﻓﺎﺗﻪ وﺳﻠوﻛﺎﺗﻪ ،ﻓﯾﺳﺄﻟﻪ ﻋن ﺳﻧﻪ واﺳﻣﻪ و ﺗﺎرﯾﺦ وﻣﻛﺎن ازدﯾﺎدﻩ ،ﻓﺈذا ﻟم
ﯾﺟب أو ﻋﺟز ﻋن اﻹﺟﺎﺑﺔ وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﯾﺳﺄل اﻟزوﺟﺔ إن ﻛﺎن ﻣرﯾﺿﺎً أو ﯾﻌﺎﻟﺞ أو ﻫل ﻟﻪ ﻣﻠف طﺑﻲ،
أو إذا ﻛﺎن ﻟﻪ ﺑطﺎﻗﺔ ﻣﻌوق ،وﻟﻘد ﻧﺻت ﻧﻔس اﻟﻣﺎدة ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " ،ﯾﺟب إﺛﺑﺎت اﺧﺗﻼل اﻟﻘدرات اﻟذﻫﻧﯾﺔ ﻣن
ﻗﺑل طﺑﯾب ﻣﺧﺗص " ،ﻛون اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻏﯾر ﻣﺧﺗص ﻟﯾﺻرح ﺑﺄن اﻟزوج ﻣرﯾض ﻓﻬﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ ﻏﯾر ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺑل
ﻫﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻧﯾﺔ ﺗدﺧل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎص اﻟطﺑﯾب اﻟﺧﺑﯾرٕ ،واذا ﺗﺑﯾن أﻧﻪ ﻣرﯾض ﻛﺄن ﯾﻛون ﻣﺧﺗﻼ ﻋﻘﻠﯾﺎ ،
ﯾطﺑق اﻟﻧص اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ وﻻ ﯾﺣﻛم ﻟﻪ ﺑﺎﻟطﻼق ﻷﻧﻪ ﻣﻧﻌدم اﻹرادة ،ﻷن ﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﺻرﯾﺢ وﯾﺧص ﻧﺎﻗص
اﻷﻫﻠﯾﺔ ﻓﻘط اﻟذي ﻟﻪ اﻟﺣق ﻓﻲ أن ﯾطﻠق ،أﻣﺎ ﻋدﯾم اﻷﻫﻠﯾﺔ واﻟﻣﺣﺟور ﻋﻠﯾﻪ وﻣن ﻫو ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺣت
وﺿﻊ اﻟﺗﻘدﯾم ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻪ ذﻟك ،وﺣﺗﻰ اﻟوﻟﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻪ أن ﯾرﻓﻊ دﻋوى طﻼق ﻻ ﯾوﺟد ﻧص ﯾﺑرر ﻟﻪ ذﻟك.
ﻟﻛن اﻟﻣﻌﻣول ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻧدﻣﺎ ﺗرﻓﻊ اﻟدﻋوى ﺿد اﻟﻣﺣﺟور ﻋﻠﯾﻪ ﯾﻧوﺑﻪ اﻟوﻟﻲ أو اﻟﻣﻘدم ،ﻷﻧﻪ
إذا ﻛﺎن ﺗﺣت وﺿﻊ اﻟﺗﻘدﯾم أو أﻧﻪ ﻛﺎن ﻓﻲ اﺧﺗﻼل اﻟﻘدرات اﻟذﻫﻧﯾﺔ ﻓﻬﻧﺎ ﻟﯾس ﻟﻪ أﺻﻼ إرادة و ﻻ ﻣﺟﺎل
ﻟﻠﺻﻠﺢ ﻫﻧﺎ و ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻪ أن ﯾﻘدم طﻠب ﻻﻧﻌدام اﻹرادة و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺣﻛم ﺑﻌدم ﻗﺑول ﺑﺳﺑب ﻗﯾﺎم أﺣد ﻫذﻩ
اﻟﻣﺎﻧﻌﯾن .1
ﻓﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﯾﺟرﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﺗﻣﻛﻧﻪ ﻣن اﻟﺗﺄﻛد ﻣن إرادة اﻟزوج ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻟطﻼق ﻫو
ﺗﺻرف ﺧطﯾر ﯾﺟب أن ﯾﺳﺗﻌﻣل ﺑﺣذر و ﻟﻠﺿرورة اﻟﻘﺻوى ﺟدا و ﺑذﻟك اﻟذي ﯾوﻗﻊ طﻼﻗﻪ ﯾﺷﺗرط أن
ﯾﻛون ﻣؤﻫﻼ ﻓﺈذا ﺻدر ﻟﻔظ اﻟطﻼق ﻋن زوج ﻣﺟﻧون ﻻ ﯾﻛون ﻟﻪ أي ﻗﯾﻣﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ إذ ﻻ ﯾرﺗب أي أﺛر ﯾﻌﺗد
ﺑﻪ ،ﻷن اﻟطﻼق ﻣن أﺧطر اﻟﺗﺻرﻓﺎت ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻋﻘل ﺳﻠﯾم ﻟﻛﻲ ﯾرﺗب اﻟﺷﺎرع ﻋﻠﯾﺔ اﻵﺛﺎر اﻟﻼزﻣﺔ ،وﻻ
ﯾﻛون اﻟزوج ﻏﯾر ﻣﺗﺗﻣﻊ ﺑﻘواﻩ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ وﻻ ﻣﺣﺟور ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﺟﻬﺔ ﻓﺎﻟزوج اﻟﻣوﻗﻊ ﻟﻠطﻼق ﯾﺟب أن ﯾﻛون
ﺳﻠﯾم اﻹرادة ﻓﻼ ﯾﺗﻌرض ﻹﻛراﻩ ﻣن أي ﺟﻬﺔ و ذﻟك ،ﻷن اﻹﻛراﻩ ﯾﻌدم اﻹرادة و ﻏﯾﺎب ﻫذﻩ اﻷﺧﯾر ﯾﺟﻌل
اﻟﺗﺻرف ﺑﺎطﻼ ،ﻷﻧﻪ ﻟﯾس ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ﻟﻐرض ﺷرﻋﻲ ﻣن اﻟطﻼق اﻟذي ﻫو ﻋﻼج و ﺿﻌﯾﺔ اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﺷﺎذة ﻓﻲ
ﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾن ٕواﻧﻣﺎ ﻟدﻓﻊ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣﺣﺗﻣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻗد ﯾﺗﻌرض ﻟﻬﺎ اﻟﻣﻛرﻩ إن ﻟم ﯾﻧطق ﺑﺎﻟطﻼق ،ﻓﺗﻛون اﻟﻧﯾﺔ
ﻏﺎﺋﺑﺔ .
وﺑﻌدﻣﺎ ﺗم ﺗﺑﯾﺎن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد اﻟطﻼق ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إرادة اﻟزوج اﻟﻣﻧﻔردة ،ﻧﺄﺗﻲ اﻵن
إﻟﻰ ﻣﻌرﻓﺔ ﺧﺻوﺻﯾﺔ ﺗﻌﺎﻣل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗﺎﻟﻲ.
111
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧـﻲ
دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن
ﺧص اﻟﻣﺷرع اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺑﺈﺟراءات
ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،و ﻫذا ﻻﺧﺗﻼﻓﻪ ﻋن ﺣﺎﻻت ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻷﺧرى،
ﺳواء ﻣن ﺣﯾث اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻓﯾﻪ وﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ) اﻟﻔرع اﻷول( ،وﻛذا ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ
ﺧﺻوﺻﯾﺔ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﻪ)اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
اﻟﻔرع اﻷول
اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن وﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ
اﺧﺗﻠف اﻟﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺗراﺿﻲ اﻟزوﺟﯾن .ﻓﻘد
ﻓﺳر اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن" :أن اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻻ ﯾﻛون ﻟﻪ أي أﺛر إﻻ إذا ﺗﻘدم اﻟزوﺟﺎن ﺑطﻠب
ﻣﺷﺗرك ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻣن أﺟل ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻣن ﺛم ﻻ ﯾﻛون ﻟﻪ وﺟود إﻻ اﺑﺗداء ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺻدور
اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔك اﻟرﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ وﻣﻧﻪ ﯾﻧﺷﺄ اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﺟدﯾد ،ﻓﯾﻛون ﺣﯾﻧﻬﺎ
إذن اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺷﺄﻧﻪ ﺣﻛﻣﺎ ﻣﻧﺷﺋﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻋﻛس اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة اﻟذي ﯾﻛون اﻟﺣﻛم ﻓﯾﻪ ﻛﺎﺷﻔﺎ
1
ﻟواﻗﻌﺔ اﻟطﻼق ﻻ ﻣﻧﺷﺋﺎ ﻟﻬﺎ.
وﺗرى اﻷﺳﺗﺎذة ﺑن ﻋزي ﻫﺟﯾرة ":اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻫو ﺗواﻓق إرادﺗﻲ اﻟزوﺟﯾن ﻣﻌﺎ ﻋﻠﻰ رﻓﻊ ﻗﯾد
اﻟﻧﻛﺎح اﻟذي ﯾﺟﻣﻌﻬﻣﺎ ،ووﺿﻊ ﺣد ﻟﻌﻼﻗﺎﺗﻬﻣﺎ دون ﺗﺷﺟﻧﺎت أو ﻣزﯾدات وﻛذا اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ
ﻫﯾﻧﺎ
ﻋﻧﻬﺎ ،ﻏﯾر أن ﻣﺟرد اﺗﻔﺎق اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ﻻ ﯾﻧﻬﻲ اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﺑل أن ﻫذا اﻷﺛر ﯾظل ر ً
2
ﺑﺻدور ﺣﻛم ﻣن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ .
ﻓﻲ ﺣﯾن ذﻫب اﻷﺳﺗﺎذ ﻓﺿﯾل ﺳﻌد إﻟﻰ ":أن اﻟﺣﻛم اﻟذي ﯾؤﻛد اﻟطﻼق اﻟﻧﺎﺷﺊ ﻣن ﻗﺑل ﻧﺗﯾﺟﺔ اﺗﻔﺎق
اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﯾﺄﺗﻲ ﺗﺛﺑﯾﺗﺎ ﻷﻣر ﺣﺻل ﻣن ﻗﺑل ،وﻟم ﯾﻘم إﻻ ﺑدور
طﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن
ﻛﺎﺷف ﻟﻠطﻼق وﻣن أﻣﺛﻠﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﻛﺎﺷف أن ﯾﺗﻔق اﻟزوﺟﺎن ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ً
1
-ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻣﺣﺎﺿرات أﻟﻘﯾت ﻋﻠﻰ طﻠﺑﺔ اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق..
-2ﻫﺟﯾرة ﺑن ﻋزي ،اﻟطﻼق اﻻﺗﻔﺎﻗﻲ ﻋﻠﻰ ﺿوء ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة و اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،رﺳﺎﻟﺔ دﺑﻠوم ا
اﻟدرﺳﺎت اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﻣﻌﻣﻘﺔ ﻛﻠﯾﺔ
اﻟﻌﻠوم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ و اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد اﻷول ،اﻟﻣﻐرب ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2009-2008ص11و .51
112
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،1ﺳﺎﯾرﻩ اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﺣﺳﯾن ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﺑﻘوﻟﻪ ":اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺗراﺿﻲ
اﻟزوﺟﯾن طﻼق ﺑﺎﺋن ،ﻷﻧﻪ ﺻدر ﺑﻣوﺟب ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ،2ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻹﺷﻬﺎد ﻟﻠطرﻓﯾن ﻋﻠﻰ طﻼﻗﻬﻣﺎ ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ
إﯾﺟﺎﺑﯾﺎ
ً ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟم ﯾﻧﺷﺄ اﻟطﻼق ،ﺑل اﻟطرﻓﺎن ﻫﻣﺎ اﻟﻠذﯾن أوﺟداﻩ إﻟﻰ ﺧﯾم اﻟوﺟود ،و ﻟم ﯾﻛن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺑل اﻛﺗﻔﻰ ﺑﺎﻹﺷﻬﺎد ﻟﻬﻣﺎ ﺑذﻟك ،ﻓﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻘرر ﻟﻠطﻼق و ﻟﯾس ﻣﻧﺷﻰء ﻟﻪ.3
ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﻋﻣر زودة " :أن اﻟطﻼق ﺑ ﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻻ وﺟود ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ٕواﻧﻣﺎ ﻫو
ﻓﻛرة ﺟﺎء ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗﺄﺛرﻩ ﺑﺎﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ،4أي اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔرﻧﺳﻲ و ذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﻣﺷروع ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة ﻟﺳﻧﺔ ،1958أﯾن ورد ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟطﻼق ،وﯾرى أﻧﻪ ﻻ ﯾوﺟد طﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ )ﺑﻣﻔﻬوم ﺗراﺿﻲ
اﻹرادﺗﯾن( و إﻧﻣﺎ ﯾوﺟد طﻼق ﯾﻣﻠﻛﻪ اﻟزوج ﻛون اﻟﻌﺻﻣﺔ ﺑﯾدﻩ ﻓﺎﻟطﻼق ﺣق ﻟﻪ ،و ﻟﻣﺎ ﯾﻘرر اﻟزوج أن
ﯾﺳﺗﻌﻣﻠﻪ ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻣواﻓﻘﺔ اﻟزوﺟﺔ.،
ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻣﺎرس اﻟزوج ﺣﻘﻪ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إرادﺗﻪ ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟزوﺟﺔ ﻓﻬو ﺣق إرادي
و ﻟﯾس ﻣﺷﺗرك ﻓﻬو ﻟﯾس ﺣق ﯾﻘﺎﺑﻠﻪ اﻟﺗزام ﻓﻬو ﺣق ﻣﻘرر ﺣﺻ ار ﻟﻠزوج واﻟزوﺟﺔ طرف ﺳﻠﺑﻲ ﻓﻲ اﻟراﺑطﺔ
ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻸﺛر و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾطﻠق ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إرادﺗﻪ ،و ﺑﻌد اﻟطﻼق ﺗﺑﻘﻰ ﻗﺿﯾﺔ ﺗواﺑﻊ ﻓك اﻟﻌﺻﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻫﻲ
ﻣﺣل اﻻﺗﻔﺎق واﻟﺗراﺿﻲ ﻣﺛﻼ :اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ واﻟﻧﻔﻘﺔ ،واﻟﺳﻛن و ﯾﻛون اﻟطﻼق ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ ﺑﻣوﺟب ﻗرار و
ﻻﺋﻲ و ﻟﯾس ﺑواﺳطﺔ ﺑﺣﻛم ،ﻷن ﻟﯾس ﻓﯾﻪ ﻣﻧﺎزﻋﺔ ،أﻣﺎ ﻋن ﺗواﺑﻊ ﻓك اﻟﻌﺻﻣﺔ ﺗﻛون ﺑﻣوﺟب ﺣﻛم
ﻗﺿﺎﺋﻲ.5
ﺑﻌد ﻣﺎ ﺗم اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻣﺧﺗﻠف اﻵراء اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ ﻧﺧﻠص إﻟﻰ اﻟﻘول أن اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻫو طﻼق
ﻣﻧﺷﺊ ،إذ ﯾﻘدم ﻣن ﺧﻼﻟﻪ اﻟزوﺟﯾن ﻋرﯾﺿﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ و اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫو ﻣن ﯾطﻠق ﺑواﺳطﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺗﻧﺎﻗض ﻣﻊ ﻣﺑدأ اﻟﻌﺻﻣﺔ ﺑﯾد اﻟزوج ،وأن اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻟﯾس ﺗراﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﺗواﺑﻊ اﻟﻌﺻﻣﺔ
ﻣن ﻧﻔﻘﺔ وﺣﺿﺎﻧﺔ ٕواﻧﻣﺎ ﻫو ﺗراض واﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻛذا آﺛﺎرﻫﺎ وﺗواﺑﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻣﺎ
ذﻫب ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻫو طﻼق اﻟزوج ﺑﺈرادﺗﻪ طﺑﻘﺎ ﻟﻠﺣق اﻹرادي.
113
أﻣﺎ اﻟﺗراﺿﻲ ﻓﯾﻧﺻب ﻋﻠﻰ ﺗواﺑﻊ ﻓك اﻟﻌﺻﻣﺔ ﻓﻘط ،ﻓﻬذا اﻟﻘول ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ ﻷﻧﻪ ﻟو ﺳﻠﻣﻧﺎ ﺟدﻻً أﻧﻪ
طﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻣﻌﻧﺎﻩ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﯾﻛون ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إرادة واﺣدة ،1ﻓﻲ ﺣﯾن اﻷﻣر ﯾﺗﻌﻠق
ﺑﻣرﻛزﯾن ) ﻣرﻛز اﻟزوج وﻣرﻛز اﻟزوﺟﺔ( ،ﺻﺣﯾﺢ أن اﻟﻘول اﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻟﯾس ﻟدﯾﻧﺎ ﻫذا اﻟﻧوع
ﻣن اﻟطﻼق ،2ﻟﻛن ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ﻻ ﯾﺧﺎﻟف أﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،وأﻧﻪ ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻠزوﺟﯾن ﺑﺎﻟﻣﻔﺎرﻗﺔ ﻓﻲ
ﻣدة ﻣﻌﻘوﻟﺔ ﻓﯾﻔﺗرﻗﺎن ﺑﺎﻹﺣﺳﺎن ﻛﻣﺎ اﺟﺗﻣﻌﺎ ﻋﻠﯾﻪٕ ، 3وان ﻛﺎن ﻫو ﯾﺷﺑﻪ ﺻﯾﻐﺔ اﻟﺧﻠﻊ ﻟﻛن ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻓك
اﻟﻌﺻﻣﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻟﻛن ﯾﺧﺗﻠف ﻋن اﻟﺧﻠﻊ ﻛون ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﻛون اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻘﺎﺑل ﺑدل.
وﯾﻛون اﻟﺧﻠﻊ ﺑدون ﺳﺑب أو ﺗﻘﺻﯾر ﻣن اﻟزوج ،أﻣﺎ اﻟﺗطﻠﯾق ﺑﺳﺑب ﺗﻘﺻﯾر اﻟزوج ،ﻟﻛن ﻓﻲ اﻟطﻼق
ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﯾﺗطﻠﻘﺎن وﻓق ﺷروط أو ﺑدوﻧﻬﺎ ﺳواء ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﺷق اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ أو اﻟﺷق اﻟﻣﺎدي
و اﻟﻣﻌﻧوي ﻛﺣﺿﺎﻧﺔ اﻷوﻻد ،وﻛﻠﻣﺔ اﻟﺗراﺿﻲ ﺗﺳﺎوي ﺗواﻓق إرادﺗﯾن إرادة اﻟزوج وﻧﺿﯾف ﻟﻬﺎ إرادة اﻟزوﺟﺔ،
اﻹرادة ،اﻷوﻟﻰ ﻫﻲ اﻹﯾﺟﺎب و اﻹرادة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻫﻲ اﻟﻘﺑول و ﯾﻧﺗﺞ ﻓﻲ اﻟﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﺗراﺿﻲ ﻓﯾﺳﻣﻰ اﻟطﻼق
ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ)رﺿﺎ اﻟزوج و اﻟزوﺟﺔ(.
ﺣﯾث ﻧﺟد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺗؤﻛد ﻋﻠﻰ ﺿرورة وﺟود إرادة اﻟزوﺟﺔ ﻻﻋﺗﺑﺎرﻩ طﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲٕ ،واﻻ ﻓﻬو
طﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟزوج ،وﻫو ﻣﺎ ﺗوﺿﺣﻪ ﺣﯾﺛﯾﺎت اﻟﻘرار اﻟﺗﺎﻟﻲ... ":ﺣﯾث إن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻋﺗﺑرت ﻣواﻓﻘﺔ
اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ طﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،ﻣﻊ أن أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺗﻧظﻣﻪ
أﺣﻛﺎم اﻟﻣواد 427إﻟﻰ 435ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ وﻫﻲ أﺣﻛﺎم ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺑﺗدئ ﺑﻌرﯾﺿﺔ وﺣﯾدة
ﻣوﻗﻌﺔ ﻣن اﻟطرﻓﯾن ﺗودع ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ ﺿﺑط اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ،...وﺣﯾث اﻧﻪ ﻟذاﻟك ﻓﻼ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر رد اﻟطﺎﻋﻧﺔ أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ
-1ﻣﻧذ اﻟوﻫﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﯾﺗﺑﯾن أن ﻫﻧﺎك اﺧﺗﻼﻓﺎ ﺑﺳﯾطﺎ ﻣن ﺣﯾث اﻟﻣﻔﻬوم ﺑﯾن ﺻورة اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ و ﺻورة اﻟطﻼق
ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ،واﻻﺧﺗﻼف ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﻣواﻓﻘﺔ اﻟزوﺟﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﻔﺻﺎل ،ﺣﯾث ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﯾﻠﺟﺄ إﻟﯾﻪ ﺣﺗﻰ ﻓﻲ
ظل رﻓض اﻟزوﺟﺔ ﻟﻪ ،ﻓﺈرادﺗﻬﺎ ﻟﯾﺳت ﻣﺣل اﻋﺗﺑﺎر وﺗواﻓرﻫﺎ ﻣن ﻋدﻣﻪ ﻻ ﯾﻐﯾر ﻣن اﻷﻣر ﺷﻲء وﯾﺿﯾف اﻟﻘول أن ﺗوﺣﯾد
إرادة ﻛﻼ ﻣن اﻟزوج و اﻟزوﺟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ﻣﻊ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ أﺛﺎرﻩ ﯾﺣول اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ ﻣوﺛق ﯾوﺛق إرادة اﻟطرﻓﯾن ﻓﻲ ﺣﻛم
ﯾﻌد إﺷﻬﺎدا ﻻ ﯾوﺻف ﺑﻣﺎ ﺗوﺻف ﺑﻪ اﻷﺣﻛﺎم ﻋﺎدة وﻻ ﯾﺛﺎر ﺑﺷﺄﻧﻪ أي طﻌن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻣﺟرد إﺷﻬﺎد أﻧظر :ﺑﺎدﯾس ذﯾﺎﺑﻲ
ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 24و. 25
-2ﻏﯾر اﻧﻪ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار ﻋن ﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء ﺗﻠﻣﺳﺎن أن أﺻل اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻫﻲ اﻵﯾﺎت 127و 129ﻣن ﺳورة اﻟﻧﺳﺎء
ﻟﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ " :وﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠوا ﻣن ﺧﯾر ﻓﺎن اﷲ ﻛﺎن ﺑﻪ ﻋﻠﯾﻣﺎ " ،ﺳورة اﻟﻧﺳﺎء اﻵﯾﺔ ،127وﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﯾﺿﺎً " وان ﺗﺻﻠﺣوا و ﺗﺗﻘوا
ﻓﺎن اﷲ ﻛﺎن ﻏﻔور رﺣﯾﻣﺎ وان ﯾﺗﻔرﻗﺎ ﯾﻐن اﷲ ﻛﻼ ﻣن ﺳﻌﺗﻪ وﻛﺎن اﷲ واﺳﻌﺎ ﺣﻛﯾﻣﺎ " اﻻﯾﺔ 129ﻣن ﺳورة اﻟﻧﺳﺎء ،أﻧظر:ﻋﯾدوﻧﻲ
ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .146
-3ﻋﯾدوﻧﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .147
114
اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻣواﻓﻘﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ طﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﻌﻘل أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﻣﺳك
اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ ﺑﺎﻟطﻼق ،إن ﺗﻘوم اﻟطﺎﻋﻧﺔ وﺗﺗوﺳل إﻟﯾﻪ ﻟﻛﻲ ﯾرﺟﻌﻬﺎ إﻟﻰ ﺑﯾت اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻣن ﺛم ﻓﺈن رد اﻟطﺎﻋﻧﺔ
ﺑﺎﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ،ﻻ ﯾﻌﻔﻲ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣن اﻟﺗطرق إﻟﻰ دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠﻣطﻌون ﺿدﻩ
وﺗرﺗﯾب اﻷﺛﺎر اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ذاﻟك.1
ﯾﻘﺗﺿﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ أن ﻻ ﻧﻘﺻﻲ و ﻻ ﻧﻬﻣل إرادة اﻟزوﺟﺔ ،2و إﻋﻣﺎل ﻓﻘط إرادة اﻟزوج ﻋﻠﻰ
أﺳﺎس أﻧﻪ طﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة وأﻧﻪ ﻣن ﯾﻣﻠك اﻟﻌﺻﻣﺔ وأﻧﻪ ﻋﺑر ﻋن إرادﺗﻪ وﻋرﺿﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﯾﻣﻛن
أن ﺗﻛون اﻟزوﺟﺔ ﻫﻲ ﻣن ﻋرﺿت ﻓﻛرة اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ و اﻟزوج واﻓﻘﻬﺎ ،ﻓﻼ ﯾﺻﺢ أن ﻧﻘول ﻣن ﻫذا
اﻟوﺟﻪ ﺗطﻠﯾق أو ﺧﻠﻊ ،ﻷن اﻟزوﺟﺔ ﻣن ﺑﺎدرت إﻟﯾﻪ ﻓﻬو طﻼق ﺑﺈرادﺗﯾن و ﻻ ﯾﻬم ﻣﻣن ﺻدر اﻹﯾﺟﺎب أو
اﻟﻘﺑول ،وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻣﺎ ﯾؤﻛد أﻧﻪ طﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻗد ﯾﺣﺻل وان ﯾﻛون ﻫذا اﻟطﻼق ﻣﻘﺗرن ﺑﺷروط
ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾرﻓﺿﻬﺎ ،ﻓﻬل ﯾﺗطﻠق اﻟزوﺟﯾن ﺑدون ﺗﻠك اﻟﺷروط ؟،ﻣؤﻛد أن أﺣد
اﻟزوﺟﯾن أو ﻛﻼﻫﻣﺎ ﺳوف ﯾرﻓض اﻟطﻼق ﻷﻧﻪ ﻟم ﯾﻘﺑل اﻟﻔﻛرة إﻻ ﺑﻬذﻩ اﻟﺷروط ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺻﺑﺢ ﻫﻧﺎﻟك
طﻼق.
ﻧﺧﻠص إﻟﻰ أﻧﻪ ﻻ ﯾوﺟد طﻼق ﺑﺈرادة اﻟزوج أو ﺣﺗﻰ ﺑﺈرادة اﻟزوﺟﺔ ٕواﻧﻣﺎ ﻫو طﻼق ﺑﺈرادة ﻣﺷﺗرﻛﺔ
ﻟﻛﻼ اﻟزوﺟﯾن ،إذ اﻟﺣﻛم ﻫو ﺣﻛم ﻣﻧﺷﺊ ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ،أﻣﺎ ﻣن ﻓﺳر اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺑﺄﻧﻪ طﻼق
اﻟزوج و أن اﻟﺗراﺿﻲ اﻧﺻب ﻋﻠﻰ ﺗواﺑﻊ ﻓك اﻟﻌﺻﻣﺔ ﻫو ﻗول ﻣن اﺧﺗﻠط ﻋﻠﯾﻪ اﻷﻣر ،و ﻟم ﯾﻣﯾز ﺑﯾن
اﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج و إرادة اﻟزوﺟﯾن و أﻫﻣل إرادة اﻟزوﺟﺔ ،ﻓﻲ ﺣﯾن اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﯾوﺟد اﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ
ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ طﻼق اﻟزوج ﻻ ﯾوﺟد اﺗﻔﺎق ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﻟﺗراﺿﻲ ﯾﻛون ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إرادﺗﯾن اﺗﺣدﺗﺎ
ﻋﻠﻰ ﺗرﺗﯾب ﺑﺣﯾث ﻻ ﺗﻘﺻﻰ إﺣدى اﻹرادﺗﯾن ،ﻷن ﻏﯾﺎب أﺣد اﻹرادﺗﯾن ﯾؤدي إﻟﻰ رﻓض طﻠب اﻟطﻼق
ﻓﻠو ﯾﻔﺳر طﻼق اﻟزوج ﺑﺄﻧﻪ اﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﺗواﺑﻊ ﻓك اﻟﻌﺻﻣﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﻌﺗﻘد اﻟﺑﻌض ،ﻣﻌﻧﺎﻩ ﯾوﺟد طﻼق و ﯾﻘﺗﺻر
دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﺷف إرادة اﻟزوج.
ﻟﻛن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻻ وﺟود و ﻻ أﺛر ﻟﻪ إﻻ ﻣ ن ﯾوم ﺻدور اﻟﺣﻛم ﺑﻪ ،ﻓﺎﻟﺣﻛم
ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ و إﻧﺷﺎﺋﻪ ﯾﻛون ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ و ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻠﺣظﺔ ،وﻻ ﻧﻧﺳﻰ أن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻠﻐﻲ
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻻﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ، 0813942ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2013/06/13ﻏﯾر ﻣﻧﺷور
-2ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻣﺣﺎﺿرات أﻟﻘﯾت ﻋﻠﻰ طﻠﺑﺔ اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓرع ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق.
115
ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎق إذا ﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷوﻻد أو ﺧﺎﻟف اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،1ﻓﯾﻛون ﺑذﻟك طﻼق ﻣﻘﯾد
ﺑﺷروط أو ﺑدوﻧﻬﺎ.
أﻣﺎ ﺑﺧﺻوص اﻟﺳﻧد اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،ﻻ وﺟود ﻟﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع
اﻟﺟزاﺋري ﺑﺷﺄﻧﻪ ،ﺑﺣﯾث ﻻ ﻧﺟد أي ﻧص ﯾﺷﯾر ﺻراﺣﺔ إﻟﻰ ذﻟك ﻻ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،و ﻻ ﻓﻲ ظل ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻣﻠﻐﻰ.
ﻓﻛﺎن اﻟﻘﺿﺎء ﯾطﺑق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (17ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺳﺎﻟف اﻟذﻛر ،واﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺟﯾز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣواد ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص دﻋﺎوى اﻟطﻼق ،ﺑل وﺑﻌد ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺑﺎدر
اﻟﻘﺿﺎء إﻟﻰ ﺗطﺑﯾق ﻧص اﻟﻣﺎدة )(49ﻣﻧﻪ و ﺗﻌﻣﯾﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛل طرق ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ و ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ اﻟطﻼق
ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،ﻏﯾر أﻧﻪ ﺑﻣوﺟب ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ اﻟذي أورد ﺿﻣن اﻹﺟراءات
اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ أﻣﺎم ﻗﺳم ﺷؤون اﻷﺳرة ،و ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ إﺟراءات اﻟطﻼق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (431ﻣﻧﻪ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﯾر
ﺻراﺣﺔ و ﻷول ﻣرة ﺑﺈﻋطﺎء اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺻﻼﺣﯾﺔ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن إذا ﻛﺎن ﻣﻣﻛﻧﺎ ،ﻓﻲ
دﻋوى طﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﺧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺑﺻورة واﺣدة ﻣن ﺻور ﻓك اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ أﻻ وﻫﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة.
ﻏﯾر أن رﺟﺎل اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺎﻧون ﻋﻣم ﻫذا اﻟﻧص و طﺑﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ طرق ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﺑﺄن
اﺳﻌﺎ وأﻋطوا اﻟﻧص أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﯾﺣﺗﻣل ،2ﺑل ﺣﺗﻰ اﻟﻘ اررات اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ
ﺗﻔﺳﯾر و ً
ًا ﻓﺳروا ﻧص اﻟﻣﺎدة )(49
ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ طﺑﻘت ﻧص اﻟﻣﺎدة اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر وﻋﻣدت إﻟﻰ ﺗطﺑﯾق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (50ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون
ﻋﻠﻰ اﻟرﺟوع ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ اﻟذي ﻫو طﻼق ﺑﺎﺋن و ﻟﯾس طﻼق رﺟﻌﻲ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﺻدر إﻻ ﺑﻣوﺟب
ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ،3وﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻧﺟد ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻗرار ﻟﻬﺎ ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 18ﺟوﯾﻠﯾﺔ 1988ﺟﺎء
ﻓﯾﻪ":ﻣن اﻟﻣﻘرر ﻗﺎﻧوﻧﺎً أن اﻟرﺟوع ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻻ ﯾﺻﺢ إﻻ ﺑﻌﻘد ﺟدﯾد وﻣن ﺛم ﻓﺈن اﻟﻘﺿﺎء ﺑﻣﺎ
ﯾﺧﺎﻟف ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﯾﻌد ﺧرﻗﺎً ﻟﻠﻘﺎﻧون.،وﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﺛﺎﺑت ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺣﺎل أن اﻟﻣﺟﻠس ﻟﻣﺎ ﻗﺿﻰ ﺑﺎﻟرﺟوع رﻏم أن
116
اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺧﺎﻟف أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدﺗﯾن ) (48و) (50ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة وﻣﺗﻰ ﻛﺎن ﻛذﻟك اﺳﺗوﺟب ﻧﻘض اﻟﻘرار
اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ.1"...
ﻣﺑدﺋﯾﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
ً ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻐﻣوض أو اﻹﺷﻛﺎل ﻗد زال
ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،ﺑﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ اﻟذي ﺟﺎء ﺑﺄﺣﻛﺎم إﺟراﺋﯾﺔ ﺗﺿﺑط
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟدﻋﺎوى ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (431ﻣﻧﻪ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﯾر ﺻراﺣﺔ و ﻷول ﻣرة ﺑﺈﻋطﺎء
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺻﻼﺣﯾﺔ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن إذا ﻛﺎن ﻣﻣﻛﻧﺎ،ﻷن اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ
اﻟﻣﺎدة ) (49ﻟﯾس ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺣﺗﻰ ﯾﻛون اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻣﻧﺳﺟﻣﺎ ﻣﻊ اﻟﻘﺎﻧون
اﻹﺟراﺋﻲ وﺧﯾر دﻟﯾل ﺗﻧظﯾم اﻟﻣﺷرع ﻹﺟراءات اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻓﻲ ﻗﺳم ﻣﺳﺗﻘل ﻋن إﺟراءات طﻠب
اﻟطﻼق ﻣن اﺣد اﻟزوﺟﯾن.2
ﻣﺎ ﯾذﻫب إﻟﯾﻪ ﺗطﺑﯾق اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻫو ﺧطﺄ ﺷﺎﺋﻊ ﻓﺎﻟﻣﺎدة ) (49ﺗﺧص طﻼق اﻟزوج ﺑﺈرادﺗﻪ
اﻟﻣﻧﻔردة ،أﻣﺎ ﻋن اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺧﺻﻪ اﻟﻣﺷرع ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة ) (431ﻓﻼ ﯾطﺑق ﻋﻠﯾﻪ ﻧص اﻟﻣﺎدة )(49
و إﻻ ﻟﻣﺎذا اﻟﻣﺷرع ﯾﻧص ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ أﻛﺛر ﻣن ﻣوﺿﻊ ؟ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟو ﻧﻘﺎرن ﻣﻊ ﻧﺻوص ﻣدوﻧﺔ
اﻷﺳرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ،ﻧﺟد ﻛل ﺣﺎﻟﺔ طﻼق أو ﺗطﻠﯾق أو ﺧﻠﻊ أو طﻼق اﻻﺗﻔﺎﻗﻲ إﻻ و ﻟﻬﺎ ﻧص ﯾﺧص إﺟراءات
اﻟﺻﻠﺢ أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ان اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﯾﺣﯾل إﻟﻰ ﺗطﺑﯾق ﻣواد اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ،وﻫو ﻣﺎ ﻟم ﯾﻔﻌﻠﻪ
1
" -ﺣﯾث ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ اﻟﻧﻘض اﺳﺗﻧد اﻟطﺎﻋن ﻋﻠﻰ ﺳﺑب وﺣﯾد ﻣﺄﺧوذ ﻣن ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻣواد 48و 49و 50ﻣن ق.اﻷﺳرة واﻟﻘﺻور
ﻓﻲ اﻟﺗﻌﻠﯾل واﻧﻌدام اﻷﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻓﯾﻣﺎ أن اﻟﻘرار اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﻗﺿﻰ ﺑﺎﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ.ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻟطﻼق ﺗم ﺑﯾن
اﻟطرﻓﯾن ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ وﺑﺣﻛم ﺣﺎز ﻗوة اﻟﺷﻲء اﻟﻣﺣﻛوم ﺑﻪ ،وأﻧﻪ ﻣن اﻟﻣﻘرر واﺟﺗﻬﺎد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ أن اﻟﻣراﺟﻌﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻼق ﻻ
ﺗﺻﺢ إﻻ ﺑﻌﻘد ﺟدﯾد ﺣﯾث طﻠب ﻧﻘض اﻟﻘرار .ﺣﯾث أن اﻟطﻌن اﺳﺗوﻓﻰ أوﺿﺎﻋﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟذﻟك ﻓﻬو ﻣﻘﺑول ﺷﻛﻼً .ﻋن اﻟوﺟﻪ
اﻟوﺣﯾد :اﻟﻣﺄﺧوذ ﻣن ﺧرق اﻟﻣواد 48و 49و 50ﻣن ق.اﻷﺳرة ﺣﯾث ﯾوﺟد ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻧﺳﺧﺔ ﻣن ﺣﻛم اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻣن ﻣﺣﻛﻣﺔ
ﺑﺎب اﻟوادي ﺑﺗﺎرﯾﺦ 23ﻣن ﺷﻬر أﻛﺗوﺑر .1984ﺣﯾث أن اﻟﻣﺳﺗﺄﻧف ﻋﻠﯾﻪ أﻣﺎم اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻣﺷﺎر ﻓﻲ ص 1ﻓﺿﻼً اﻻﻟﺗﺟﺎء إﻟﻰ
ﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺎب اﻟوادي ﻟطﻠب اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ وﻫذا اﻟطﻼق ﺳﺟل ﺑﺎﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ .ﺣﯾث ﯾﺗﺿﺢ أن اﻟﻣﺟﻠس ﺧﺎﻟف اﻟﻣواد رﻗم 48
و 49و 50ﻣن ق.اﻷﺳرة وﻣﺎ ﻓﺎﺋدة ﺣﻛم ﺑﺎﻟرﺟوع ﻣﺎ دام وﻗﻊ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ وﯾﺗﺿﺢ ﻣﻣﺎ ﺳﺑق أن ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع ﺧﺎﻟﻔوا اﻟﻣواد
اﻟﻣذﻛورة ﻣن ﻗﺎﻧون.اﻷﺳرة ﻟذﻟك ﯾﺗﻌﯾن ﻧﻘض اﻟﻘرار اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ واﻟﺣﻛم ﻣﻌﺎ واﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 24ﺟوان 1984وﺑدون اﻹﺣﺎﻟﺔ " اﻧظر:
اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ،ﻋن ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،49857ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1988/07/18اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد
،1992 ،03ص 50وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ .
-2اﻧظر :اﻟﻘﺳم اﻟﺛﺎﻟث ،اﻟﻣواد ) (427إﻟﻰ ) (435ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ.
117
اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋريٕ ، 1وان ﻛﺎن ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﺟﺎء ﻋﺎﻣﺎ ﯾطﺑق ﻋﻠﻰ ﺻور
ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ.
ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع أن ﯾﺗدﺧل و ﯾﻌدل اﻟﻧﺻوص اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﺣﺗﻰ ﺗﻧﺳﺟم ﻣﻊ اﻟﻧﺻوص اﻹﺟراﺋﯾﺔ.
وﺑﻣﺎ أن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﻛم ﻣﻧﺷﺊ ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﯾس ﻣﻘﯾدا ﺑﻣدة أو ﺿﺎﺑط زﻣﻧﻲ ﻣﻌﯾن ﻹﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﺟﻬﺔ،2
وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻻ ﯾوﺟد ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ طﯾﻠﺔ رﻓﻊ اﻟدﻋوى وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﻣﺟﺎل ﻟﻠﺣدﯾث ﻋن اﻟﻌدة ،ﻷن
ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻻ ﺗﺗرﺗب إﻻ ﺑﻌد ﺻدور ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ اﻟوﺿﻊ ﻓﻲ طﻼق اﻟزوج اﻟذي
ﺗﻛون اﻟﻌدة ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﻧطق اﻟزوج ،وﻟﯾس ﻋﻧد رﻓﻊ اﻟدﻋوى وﻣﺎداﻣت اﻟﻌدة ﺗﺑدأ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺻدور اﻟﺣﻛم
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗﺟﺎوز ﻣدة ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ،ﻷن اﻟﻌدة واﻟﺣﻛم وﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﯾﻧﺷؤون ﻓﻲ ﻧﻔس
اﻟﻠﺣظﺔ ،ﻓﺗﻧﻘﺿﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ و ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻋدة ،ﻟﻛن ﻻ ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ أي ﺷﺊ ﻓﻼ ﺗﺟﻌل ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺔ
ﺣﻛﻣﺎ ﻛﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺣﺎل ﻓﻲ دﻋوى طﻼق اﻟزوج. ،و ﺑﺎﻟﺗﺑﻌﯾﺔ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﺎدة
ً اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ
)(50ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻷن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﻘﺻد إذا ﺗراﺟﻌﺎ اﻟزوﺟﯾن ﻋن طﻠب اﻟطﻼق أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ،
.و ﻻﺑد ﻣن اﻟﺗﻧﺑﯾﻪ أن اﻟﻌدة اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (58ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة 3ﺗﺧص ﻋدة اﻟطﻼق
أﺑدا ﻋدة اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ. 4
اﻟرﺟﻌﻲ ﻓﻘط ، ،وﻟم ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ً
-1اﻧظر ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣواد ) (81و ) (82و ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟطﻼق اﻟﻣﺎدة ) (113ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟﺗطﻠﯾق اﻟﻣﺎدة ) (114ﻓﻲ دﻋﺎوى
اﻟطﻼق أﻻﺗﻔﺎﻗﻲ أو ﻓﻲ اﻟﺧﻠﻊ ﺑﺣﯾث ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (114ﻣن اﻟﻣدوﻧﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ":ﯾﻣﻛن ﻟﻠزوﺟﯾن أن ﯾﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ إﻧﻬﺎء
اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ دون ﺷروط أو ﺑﺷروط ﻻ ﺗﺗﻧﺎﻓﻰ ﻣﻊ أﺣﻛﺎم ﻫذﻩ اﻟﻣدوﻧﺔ ،و ﻻﺗﺿر ﺑﻣﺻﺎﻟﺢ اﻷطﻔﺎل "...ﻧﻘﻼ ﻣن اﻟﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة
اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ .
2
ٕ -وان ﻛﺎن ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (442ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻧص ﻋﻠﻰ ... ":ﯾﺟب أﻻ ﺗﺗﺟﺎوز ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
118
ﺑﻌد ﻣﺎ ﺗم اﻟﺗطرق إﻟﻰ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ وﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ،اﻵن
ﯾﻘﺗﺿﻲ اﻷﻣر ﺗﺧﺻﯾص ﻓرع ﻛﺎﻣل ،ﻟﺗﺑﯾﺎن ﺧﺻوﺻﯾﺔ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ وﻫو
ﻣﺎ ﺳﯾﺗم اﻟﺗطرق إﻟﯾﻪ ،ﻣن ﺧﻼل اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗﺎﻟﻲ.
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺧﺻوﺻﯾﺔ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ
ﻧظر ﻟﺧﺻوﺻﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻷﺳرﯾﺔ وﻟﺣﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﻬﺎ ،ﻓﺈن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري و ﺳﻌﯾﺎ
ًا
ﻣﻧﻪ ﻟﻠﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻘ ار اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻬدد ﻛﯾﺎﻧﻬﺎ ﺑظﺎﻫرة اﻧﺣﻼل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻋﻣل ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺣداث
أﺣﻛﺎم ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟرﻏﺑﺔ اﻟزوﺟﯾن اﻟﻠذﯾن ﻻ ﯾودان إﺷﻬﺎر أﺳﺑﺎب اﻟﻧزاع ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻋن
طرﯾق إﺟراءات ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻗد ﺗطول ،ﻓﯾظﻬر ﺑﺄن ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟطﻼق ﻻ ﯾﺛﯾر أي إﺷﻛﺎل ﻷن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﯾس
ﻟﻪ ،إﻻ ﺗوﺛﯾق و إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ﻏﯾر أن ﻫذﻩ اﻟﻔﻛرة ﻟﯾﺳت ﺻﺣﯾﺣﺔ ﻋﻠﻰ إطﻼﻗﻬﺎ ،1ﺑﺣﯾث ﺟﻌل اﻟﻣﺷرع
اﻟطﻼق ،ﯾﺗم ﺗﺣت رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎء ،ﻟﺗﻛون إﺟراءاﺗﻪ وﺟﻣﯾﻊ ﺧطواﺗﻪ اﻟﻣﺗطﻠﺑﺔ ﻗﺎﻧوﻧﺎً ﺗﺣت رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ،
اﻟذي ﯾﻣﻠك ﺳﻠطﺎت واﺳﻌﺔ ﻓﻲ ذﻟك ،ﻟﯾﺗدﺧل ﻣن أﺟل اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟدور اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ و اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﻣﺗﺎح ﻟﻪ أﻣﺎم
ﺣرﯾﺔ اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ إﯾﻘﺎع ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟطﻼق ،ﻓﺎﺗﻔﺎق اﻟطرﻓﯾن ﻻ ﯾﻛون ﺑﻣﻌزل ﻋن رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻹرادﺗﻬﻣﺎ ،و ﻣدى اﺣﺗرام ﺷروط اﻟطﻼق ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،و ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷوﻻد واﻷﻣور اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺂﺛﺎر اﻟطﻼق
دور ﻓﻌﺎﻻً ﻓﻲ ﺗﻣﺣﯾص وﻓﻬم
ﻗﺻد ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟطرف اﻟﺿﻌﯾف ،و ﻻﺳﯾﻣﺎ اﻷطﻔﺎل و ﻛﻣﺎ ﻣﻧﺣﻪ اﻟﻣﺷرع ً ا
اﻻﺗﻔﺎق اﻟﻣﺑرم ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ٕواﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗﻌدﯾﻠﻪ أو إﻟﻐﺎﺋﻪ .
وﺑذﻟك ﺧص اﻟﻣﺷرع ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﺑﺈﺟراءات وأﺣﻛﺎم ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،اﻟﺗﻲ
أوﻻ( ﺛم اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻰ اﻟزوﺟﯾن
ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ ﺑداء ﺑﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻠﻌرﯾﺿﺔ وﻣدى ﻗﺑوﻟﻬﺎ ) ً
واﻟﺗﺄﻛد ﻣن رﺿﺎ اﻟزوﺟﯾن )ﺛﺎﻧﯾﺎً( ﺛم ﺑﻌد ذﻟك ﻣﺣﺎوﻟﺔ إﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ﻣﺎ أﻣﻛن إﺻﻼﺣﻪ )ﺛﺎﻟﺛﺎً( ،ﻛﻣﺎ
اﺑﻌﺎ(
دور ﻓﻌﺎﻻً ﻓﻲ ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣدى ﻣراﻋﺎة اﻻﺗﻔﺎق ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم وﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷوﻻد ) ر ً
أﻋطﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ً ا
أﺧﯾر ﺗﺑﯾﺎن ﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ )ﺧﺎﻣﺳﺎً (.
و ًا
==اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص ،68وص ،72وﻫو ﻣﺎ ﯾؤﻛدﻩ ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ " :ﻣن اﻟﻣﻘرر ﻗﺎﻧوﻧﺎ ان اﻟطﻼق
ﯾﻣﻛن ان ﯾﺗم ﺑﺗراﺿﻲ اﻟزوﺟﯾن .و ﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﻣن اﻟﺛﺎﺑت -ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺣﺎل – أن ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع ﻟﻣﺎ ﻗﺿوا ﺑرﺟوع اﻟزوﺟﺔ رﻏم أن
اﻟطﻼق و ﻗﻊ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ و ﺗم إﺛﺑﺎﺗﻪ ﺑﺣﻛم وﺑﻘﺿﺎﺋﻪ ﻛﻣﺎ ﻓﻌﻠوا ﺧﺎﻟﻔوا اﻟﻘﺎﻧون " ،اﻧظر :اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال
اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ،ﻗرار رﻗم 1988ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1988/7/18اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد ،1992 ،01ص .37
-1ﺣﻣﻠﯾل ﺻﺎﻟﺢ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 12
119
أوﻻً -ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻠﻌرﯾﺿﺔ وﻣدى ﻗﺑوﻟﻬﺎ :
ﺑﺎدئ ذي ﺑدء ﻋرﻓت اﻟﻣﺎدة ) (427ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ أن اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،ﻫو
إﺟراء ﯾرﻣﻲ إﻟﻰ ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺈرادة اﻟزوﺟﯾن اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ .ﺑﺣﯾث ﯾﻘﺗرب ﻧظﺎم اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ
ﺑﺎﻷﻧظﻣﺔ اﻟﺑدﯾﻠﺔ ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ،إذ ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻛل ﻣﺎ ﺗﺗﻣﯾﯾز ﺑﻪ ﻫذﻩ اﻟطرق ﻣن ﺧﺻﺎﺋص ،ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن
اﻟزوﺟﯾن ﯾﺗﻔﻘﺎن ﻗﺑل اﻻﻟﺗﺟﺎء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﻓك ﻋﻼﻗﺗﻬﻣﺎ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻟﺗراﺿﻲ 1،وﻛﻣﺎ ﯾﺗﻔﻘﺎن
ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟﺟواﻧب اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺗﻘدﯾم طﻠب ﻣﺷﺗرك ﻓﻲ ﺷﻛل ﻋرﯾﺿﺔ وﺣﯾدة ﻣوﻗﻌﺔ ﻣﻧﻬﻣﺎ. 2
ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (428ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ " ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﯾﻘدم طﻠب
ﻣﺷﺗرك ﻓﻲ ﺷﻛل ﻋرﯾﺿﺔ وﺣﯾدة ﻣوﻗﻌﺔ ﻣن اﻟزوﺟﯾن ﺗودع ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ اﻟﺿﺑط "أﻣﺎ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (429ﻣن ﻧﻔس
اﻟﻘﺎﻧون ﺗﺿﻣن اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺿﻣﻧﻬﺎ اﻟطﻠب اﻟﻣﺷﺗرك.3
وﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (430ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺳﺎﻟف اﻟذﻛر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﯾﺧطر أﻣﯾن اﻟﺿﺑط اﻟطرﻓﯾن ﻓﻲ اﻟﺣﺎل
ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﺣﺿورﻫﻣﺎ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ،وﯾﺳﻠم ﻟﻬﻣﺎ اﺳﺗدﻋﺎء ﻟﻬذا اﻟﻐرض" ،ﯾﺗﻣﺗﻊ أطراف اﻟﻧزاع ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺑﻛل
اﻻﻣﺗﯾﺎزات اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ ﻣن ﯾﺳﻠك اﻟطرﯾق اﻟﺑدﯾل ﻟﺣل ﻧزاﻋﻪ و ﺧﺎﺻﺔ اﻟﺳرﻋﺔ ﻓﻲ ﻧظرﻩ ،إذ ﯾﺗم
إﺧطﺎرﻫﻣﺎ ﺣﺎﻻً ﺑﻌد ﺗﺳﺟﯾل ﻋرﯾﺿﺗﻬﻣﺎ ﻣن طرف أﻣﯾن اﻟﺿﺑط ﺑﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺟﻠﺳﺔ ،4وﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة
) (423ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﯾﻧظر ﻗﺳم ﺷؤون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوص ﻓﻲ اﻟدﻋﺎوى اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻧﺣﻼل اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ و ﺗواﺑﻌﻬﺎ ﺣﺳب اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻣذﻛورة ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة.
و ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣﻧﻪ ﻧﺟد اﻧﻪ ﻣن ﺑﯾن ﺻور اﻧﺣﻼل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟطﻼق
ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،ﻓﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻣﺧﺗص ﻧوﻋﯾﺎ ﺑﻧظر ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذا اﻟطﻠب ،ﻋﻠﻰ أن ﯾﻧﻌﻘد اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺑﻣﻛﺎن إﻗﺎﻣﺔ أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺣﺳب اﺧﺗﯾﺎرﻫﻣﺎ ،طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (426ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾ ﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،ﻓﯾراﻗب ﻣدى ﻗﺑول اﻟﻌرﯾﺿﺔ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟطﻠب اﻟﻣﺷﺗرك اﻟراﻣﻲ إﻟﻰ
120
ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺈرادة اﻟزوﺟﯾن اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ .1وﻛذا ﯾراﻗب ﺷروط ﻗﺑول اﻟدﻋوى ﻣن ﺻﻔﺔ وﻣﺻﻠﺣﺔ ً
طﺑﻘﺎ
ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (13ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ،2ﻏﯾر أن ﺷرط اﻷﻫﻠﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻪ ﺧﺻوﺻﯾﺎت ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻷﺳرﯾﺔ
ذﻟك أن اﻟﻘﺎﺻر ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻪ أن ﯾﺑﺎﺷر دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺑدون ﻧﺎﺋﺑﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،إذ أن ﻣﺟرد ﻣﻧﺣﻪ
ﻣﺗﺗﻣﺗﻌﺎ ﺑﺄﻫﻠﯾﺔ اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ﺑﺷﺄن ﻣﺳﺎﺋل آﺛﺎر ﻋﻘد اﻟزواج ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق
ً أﻫﻠﯾﺔ اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ﻋﻧد ﺗرﺷﯾدﻩ ﺗﺟﻌﻠﻪ
ﺑﻣﻌﻧﻰ ﯾﺟب ﻣراﻋﺎة ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (437ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ":ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون اﻟزوج ﻧﺎﻗص
اﻷﻫﻠﯾﺔ ،ﯾﻘدم اﻟطﻠب ﺑﺎﺳﻣﻪ ،ﻣن ﻗﺑل وﻟﯾﻪ أو ﻣﻘدﻣﻪ ﺣﺳب اﻟﺣﺎﻟﺔ ".
ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة أﻧﻪ ﻟم ﯾرﺗب اﻟﻘﺎﻧون ﺟزاء ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻫذﻩ اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌرﺿﯾﺔ اﻻﻓﺗﺗﺎﺣﯾﺔ
ﻷﻧﻪ ﯾﻔﺗرض ﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻋدم وﺟود ﻧزاع ﺟدي ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن،ﻷن إرادة اﻟزوﺟﯾن اﺗﺟﻬت
ﻧﺣو ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،و ﺑﺎﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻻ ﯾﺛﺎر دﻓﻊ ﺑﺷﺄن ذﻟك وﻻ ﯾﻘﺑل اﻟدﻓﻊ اﻟﻣﺣﺗﻣل ﺗﻘدﯾﻣﻪ ﺑﻌدم ﻗﺑوﻟﻬﺎ
ﺷﻛﻼً ٕواذا ﻟم ﺗﺳﺗوف ﺗﻠك اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﺳﺗﻛﻣﺎﻟﻬﺎ ﻣن اﻟزوﺟﯾن أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،3أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ
ﯾﺧص ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻓﻧﺟد أن ﺗوﻗﯾﻊ اﻟزوﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻊ اﻟزوج و اﻟﻘﺎﺿﻲ و أﻣﯾن اﻟﺿﺑط
ٕواﺻرارﻫﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻣﺣﺿر و ﺗﻣﺳﻛﻬﺎ ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،ﯾﻐﻧﻲ ﻋن ﺗوﻗﯾﻊ ﻋرﯾﺿﺔ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ.
وﻫو ﻣﺎ ﯾؤﻛدﻩ ﻗرار ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ﻟدى اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ
2014/12/11واﻟذي ﯾﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ" :ﻟﻛن ﺣﯾث إن ﻗﯾﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطﺎﻋﻧﺔ و
ﺑﯾن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ و ﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿر ﺑذﻟك ﯾوم ،2013/12/15وﺗوﻗﯾﻊ اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻣﺣﺿر ﻣﻊ
اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ واﻟﻘﺎﺿﻲ و أﻣﯾن اﻟﺿﺑطٕ ،واﺻرارﻫﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻣﺣﺿر و ﺗﻣﺳﻛﻬﺎ ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،ﯾﻐﻧﻲ ﻋن
ﺗوﻗﯾﻊ ﻋرﯾﺿﺔ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻣن ﻗﺑل اﻟطﺎﻋﻧﺔ و اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ ،ﻣﺎداﻣت اﻟﻌرﯾﺿﺔ ﻗدﻣت ﺑﺎﺳم
ﻣﺣﺎﻣﯾﻬﺎ.4"...
-1ﯾﻌﺗﺑر أول إﺟراء ﯾﺟب أن ﯾﻘوم ﺑﻪ اﻟزوﺟﺎن أو أﺣدﻫﻣﺎ ﺑﻌد اﺗﻔﺎﻗﻬﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ،و ﺗﺿﻣﯾن ذﻟك اﻻﺗﻔﺎق ﻓﻲ ﻋﻘد ﻋرﻓﻲ
أو ﻋﻘد رﺳﻣﻲ أو أن ﯾرد ﻣﺣﺗوى اﻻﺗﻔﺎق ﻓﻲ ﻋرﯾﺿﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ.
2
-ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) ": (13ﻻ ﯾﺟوز ﻷي ﺷﺧص اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ﻣﺎ ﻟم ﺗﻛن ﻟﻪ ﺻﻔﺔ و ﻟﻪ ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ أو ﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ﯾﻘرﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﯾﺛﯾر
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ اﻧﻌدام اﻟﺻﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻣدﻋﻲ أو اﻟﻣدﻋﻲ ﻋﻠﯾﻪ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺛﯾر ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ اﻧﻌدام اﻹذن إذا ﻣﺎ اﺷﺗرطﻪ اﻟﻘﺎﻧون".
3
-ﺑداوي ﻋﻠﻲ ،اﻹﺟراءات اﻟﺟدﯾدة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﻣن أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟوطﻧﻲ ﺣول ﺷرح أﺣﻛﺎم اﻟﻛﺗﺎب
اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،اﻟﺟزء اﻷول ،اﻟﻌدد ،64ﻣدﯾرﯾﺔ اﻟدارﺳﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟوﺛﺎﺋق
اﻟﺟزاﺋر ،2009،ص .355
-4اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،097372اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ،2014/12/11ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
121
ﺛﺎﻧﯾﺎً -اﻻﺳﺗﻣﺎع اﻟﻰ اﻟزوﺟﯾن و اﻟﺗﺄﻛد ﻣن رﺿﺎ اﻟزوﺟﯾن:
وذﻟك ﯾﺗطﻠب ﺑداﯾﺔ اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﻫوﯾﺔ اﻟزوﺟﯾن)أ( ﺛم اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﯾﻬﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻧﻔراد أو ًﻣﻌﺎ)ب(.و اﻟﺗﺄﻛد ﻣن
ﺧﻠو اﻹرادة ﻣن اﻟﻌﯾوب وﺳﻼﻣﺔ رﺿﺎﻫﻣﺎ)ج(.
أ -ﺿرورة اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﻫوﯾﺔ اﻟطرﻓﯾن :
ﻋﻧد ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن إﻟﻰ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻌد إﺧطﺎرﻫﻣﺎ ﻣن طرف أﻣﯾن اﻟﺿﺑط ﺣﺳب اﻻﺳﺗدﻋﺎء
اﻟﻣﺳﻠم ﻟﻬﻣﺎ ﻣن ﻗﺑﻠﻪ ،ﻓﻲ اﻟﯾوم واﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد ﻟﻠﺣﺿور ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ،ﯾﻘوم اﻟﻛﺎﺗب ﺑﺎﻟﻣﻧﺎداة ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﯾن
ﻟﻠدﺧول إﻟﻰ ﻣﻛﺗب اﻟﻘﺎﺿﻲ أو ﻗﺎﻋﺔ اﻟﻣداوﻻت أو أي ﻣﻛﺎن أﺧر داﺧل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ،ﯾﻛون ﻣﺧﺻص ﻹﺟراء
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ.
أول ﺷﺊ ﯾﻘوم ﺑﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﻫوﯾﺔ اﻟزوﺟﯾن ،و إن ﻛﺎن اﻟﻘﺎﻧون ﻟم ﯾﻧص ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺎﻧﻪ ﻣن
اﻷﻫﻣﯾﺔ ﺑﻣﻛﺎن ﻷﻧﻪ ﻓﻲ ﻋدم اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ذﻟك ،ﻗد ﯾدﻓﻊ ﺑﺄﺣد اﻟزوﺟﯾن إﻟﻰ إﺣﺿﺎر ﻏﯾر زوﺟﻪ ﻟﯾﺣﺻل ﻋﻠﻰ
ﺣﻛم ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟطﻼق ﻓﻲ ﻏﯾﺑﺔ اﻟزوج اﻵﺧر ،وﻟذاك وﺟب اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﻫوﯾﺔ اﻟطرﻓﯾن ﺑطﻠب اﺳﺗظﻬﺎرﻫﻣﺎ
ﺗﻔﺎدﯾﺎ ﻟﻛل ﺗﻐرﯾر ﻣن أﺣدﻫﻣﺎ ،1وﺑﻌد اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﻫوﯾﺗﻬﻣﺎ
ﻟﺑطﺎﻗﺔ اﻟﺗﻌرﯾف اﻟوطﻧﯾﺔ أو وﺛﯾﻘﺔ أﺧرى ﺗﺛﺑت ذﻟك ً
ﯾﺑﺎﺷر اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﺑﺳﻣﺎع أﻗواﻟﻬﻣﺎ أوﻻً واﻟﻣﺷرع ﺧص اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺑﺄﺣﻛﺎم ﺧﺎﺻﺔ ﻣن ﺣﯾث
اﻹﺟراءات ،ﺑﺣﯾث ﯾﺳﺗﻣﻊ إﻟﻰ اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ اﻧﻔراد ﺛم ﻣﺟﺗﻣﻌﯾن وﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ ان ﯾﺳﻣﻌﻬﻣﺎ ﻋﻠﻰ
اﻧﻔراد أو ﻣﺟﺗﻣﻌﯾن.2
ب-اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻰ اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ إﻧﻔراد:
ﺳﺑق اﻟﻘول أن اﻟﻣﺎدة ) (431ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻓﻲ إطﺎر اﻟدور اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ
ﻣﻌﺎ
ﻟﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ،اﻟذي ﯾﺗﺄﻛد ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد ﻟ ﻠﺣﺿور ،ﻣن رﺿﺎ اﻟزوج واﻟزوﺟﺔ ،ﺛم ً
ﻣﺟﺗﻣﻌﯾن ،وﯾﺑﻘﻰ ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺳﻣﻌﻬﻣﺎ ﻣﻌﺎ ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ وﻫو اﻟﻣﻌﻣول ﺑﻪ ﻓﻲ
122
ظل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ و ﻻ ﯾﺳﻣﻊ اﻟزوﺟﺎن ﻋﻠﻰ اﻧﻔراد ،إﻻ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺣس اﻟﻘﺎﺿﻲ أن اﻟزوﺟﺔ رﺑﻣﺎ و ﻗﻌت
ﻓﻲ ﺗﻐرﯾر أو أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﻠم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﻣﺿت أو أﻧﻪ ﻫددﻫﺎ ﻋﻠﻰ أن ﺗوﻗﻊ ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ.
إذا أﺣس اﻟﻘﺎﺿﻲ أﻧﻬﺎ اﻟزوﺟﺔ ﻟﯾﺳت راﺿﯾﺔ رﺿﻰ ﺣﻘﯾﻘﻲ ،ﯾﺧرج اﻟزوج و ﯾﺳﻣﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻧﻔراد ﻓﯾﻣﺎ
إذا ﻛﺎﻧت ﻓﻌﻼً ﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟطﻼق ،أم أﻧﻬﺎ ﻣﻛرﻫﺔ أو ﺟﺎﻫﻠﺔ ﻟﻣﺣﺗوى اﻟطﻠب و ﻻ ﺳﯾﻣﺎ أن ﺑﻌض
اﻟزوﺟﺎت ﯾﺟﻬﻠن اﻟﻘراءة واﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ،أو أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧت ﻣﻛرﻫﺔ ﻋﻠﻰ ذﻟك ،واﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن اﻟﺳﻣﺎع اﻻﻧﻔرادي أن ﺑﻌض
اﻟزوﺟﺎت ﯾرﻓﺿن اﻟﺗﺻرﯾﺢ ﻓﻲ ﺣﺿور اﻟطرف اﻵﺧر ﺧوﻓﺎ أو اﺳﺗﺣﯾﺎء ﻣﻧﻬن ،وﯾﺗﺄﻛد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن ﻛل
زوج إن ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻋﻠم ﺑﺑﻧود اﻻﺗﻔﺎق ،و ﺧﺎﺻﺔ إذا وﺟد اﻷوﻻد ،وﯾراﻗب ﻣن ﯾﺗﺣﻣل اﻟﻧﻔﻘﺔ ،واﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ﻟﻣن
ﺗﺳﻧد وﻛذا ﻛل اﻵﺛﺎر اﻷﺧرى ،وﻟﻌل اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻰ ﻛل زوج ﻋﻠﻰ اﻧﻔراد ﻫدﻓﻪ ﺗﻣﻛﯾن ﻛل طرف ﻣن اﻟﻘول
ﻣﺎ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺑوح ﺑﻪ ﻓﻲ ﺣﺿور اﻟطرف اﻵﺧر ،أو ﻗد ﯾﺗردد ﻓﻲ ﻗول ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻣﺷﻛل اﻟﺣﺎﺻل ﺑﯾن
اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﺣﺿور اﻟزوج اﻵﺧر.
وﻧﻔس اﻹﺟراء ﯾﻘوم ﺑﻪ ﻣﻊ اﻟزوج اﻵﺧر ﺛم ﻗد ﯾﻧﺎدي اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻟزوج أو اﻟطرف اﻟذي ﺗم
ﺳﻣﺎﻋﻪ أوﻻً أﯾن ﯾﺗﻘﺻﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋن ﺑﻌض اﻷﻣور اﻟﻐﺎﻣﺿﺔ ،أو اﻟﺗﺻرﯾﺣﺎت اﻟﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ دون إﺟراء
ﻣواﺟﻬﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ و اﻟﻬدف ﻣن اﻹﺟراء اﻟذي اﺳﺗﺣدﺛﻪ اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺳﻣﺎع ﻛل طرف ﻋﻠﻰ إﻧﻔراد ﯾﺟﻌل
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺗﺻرف ﺑذﻛﺎء ،ﻓﻔرﺿﺎ إذا ادﻋت اﻟزوﺟﺔ أن اﻟزوج ﻟم ﯾﻘدم اﻻﺳم اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ ﻟﻠطﻔل أو اﻟدﻓﺗر
اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ ﯾﺳﺄل اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟزوج إذا ﻛﺎن اﺳﺗﺧرج دﻓﺗر ﻋﺎﺋﻠﻲ أم ﻻ ﻓﺈذا أﺟﺎب ﺑﻧﻌم و ﻗدﻣﻪ و ﺛﺑت أن اﻻﺑن
ﻣﺳﺟل ﺑﺎﺳﻣﻪ ﻓﻬذا ﯾوﺿﺢ وﺟود ﺳوء ﺗﻔﺎﻫم ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن دون أن ﯾﺑﯾن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻠزوﺟﺔ ﺻراﺣﺔ أﻧﻬﺎ ادﻋت
ﺧﻼف ذﻟك ،و ﻛذﻟك ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠزوج إذا ادﻋﻰ أن زوﺟﺗﻪ ﺗﺧرج دون إذﻧﻪ ،ﯾﺳﺄﻟﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺣﺿور اﻟزوج
إذا ﻛﺎﻧت ﺗﺧرج ﺑﺈذن زوﺟﻬﺎ أم ﻻ ،ﻓﺈذا أﺟﺎﺑت ﺑﻧﻌم و أﺿﺎﻓت أﻧﻬﺎ ﺗﺧرج ﻣﻊ أﻗﺎرﺑﻪ ﻣﺛﻼ وﻟم ﯾﻔﻧد ﻫو
ذﻟك ،ﯾﻛون ﺣﺟﺔ ﻋﻠﯾﻪ ،1و ﺑذﻟك ﯾﺗﻣﻛن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن وﺿﻊ ﯾدﻩ ﻋﻠﻰ ﺻﻠب اﻟﻣﺷﻛل ﻟﯾﺗﻣﻛن ﻣن اﻟﻘﯾﺎم
ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺧﯾر وﺟﻪ ،و ﯾﺳﺗﻣﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻠزوج اﻵﺧر.
ج -اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻰ اﻟزوﺟﯾن ﻣﺟﺗﻣﻌﯾن واﻟﺗﺄﻛد ﻣن رﺿﺎﺋﻬﻣﺎ وﻣواﻓﻘﺗﻬﻣﺎ:
ﻣﻌﺎ ﻣﺟﺗﻣﻌﯾن ،ﻗﺻد اﻟﺗوﺻل ﻟﺣل اﻹﺷﻛﺎل و ﺗﻘرﯾب وﺟﻬﺗﻲ
ﯾﻘوم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻰ اﻟزوﺟﯾن ً
اﻟﻧظر و اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ إﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،وﻗد ﯾﺗطﻠب ذﻟك ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ واﺣدة ﻛﻣﺎ ﻗد ﯾﺗطﻠب
ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﻣﺗﻰ ﺗﺑﯾن أن ﻫﻧﺎك ﺑوادر ﺗﻔﯾد إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن أﯾن
-1ﺑوﺷﯾﺑﺎن ﺧدﯾﺟﺔ ،ﺻﻼﺣﯾﺎت ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ ظل ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻣذﻛرة اﻟﺗﺧرج ﻟﻧﯾل إﺟﺎزة
اﻟﻣﻌﻬد اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﻘﺿﺎء ،دﻓﻌﺔ اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ ﻋﺷر ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟدراﺳﯾﺔ ،2010-2007ص . 10
123
ﯾﻌطﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻛﻠﻣﺔ ﻟﻠزوﺟﯾن ،ﺑﻌد أن َﻛَون ﻓﻛرة ﻋﻠﻰ اﻟﻧزاع و أﺳﺑﺎﺑﻪ ودواﻓﻌﻪ اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﻧد ﻋﻠﯾﻬﺎ طﺎﻟﺑﻲ
ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﺑﻌدﻫﺎ ﯾﺣﯾل اﻟﻛﻠﻣﺔ إﻟﻰ اﻟطرف اﻵﺧر ﻟﯾﺳﻣﻊ أﻗواﻟﻪ وردﻩ ﻋﻠﻰ ادﻋﺎءات اﻟطرف
اﻵﺧر ﻓﯾﺣﺎول اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺻﺎﻟﺣﺗﻬﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ.1
د-اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﺧﻠو اﻹرادة ﻣن اﻟﻌﯾوب :
إن دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﺗراﺿﻲ ،اﻟذي ﺗﻣﺛل ﻓﯾﻪ اﻹرادة ﻋﻣودﻩ اﻟﻔﻘري ،وﻟذا
وﺟب ﺻدور إرادة ﺣرة و ﺳﻠﯾﻣﺔ ﻣن ﻛل اﻟﻌﯾوب اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ رﺿﺎ أﺣد اﻟزوﺟﯾن أو ﻣﻌﺎً ،وأن ﯾﻌﺑر
ﻛل زوج ﻋن اﻟرﻏﺑﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻣﺗﺟﻬﺔ ﻧﺣو إﻧﻬﺎء اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،و ﻫﻲ اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟذي ﺗﺳﻌﻰ إﻟﯾﻪ اﻹرادﺗﯾن
ﻣﻌﺎً ،وذﻟك ﻻ ﯾﺗﺣﻘق إﻻ ﺑﺻدور ﺗﻌﺑﯾر ﺻرﯾﺢ ﻋن اﻹرادة.2
ﯾﺟب ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع اﻟﺑﺣث واﻟﺗدﻗﯾق ﺣول ﺻدور اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن اﻹرادة ،ﻓﯾﻣﺎ إن ﻛﺎﻧت إرادة
واﻋﯾﺔ ﺟدﯾرة ﺑﺎﻻﻋﺗﺑﺎر وﺗﺗطﻠب ﻣن ﺻﺎﺣﺑﻬﺎ ﻗدر ﻣن اﻹدراك واﻟﺗﻣﯾز و ﺗﺳﻣﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋﻧﻬﺎ ،ﻷﻧﻪ
ﯾﺟب أن ﻻ ﺗﻌﺗرض اﻹرادة اﻟﺗﻲ ﺗوﻗﻊ اﻟطﻼق ﻋوارض ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ ﺗوﺟﻬﺎﺗﻬﺎ و ﺗﺻوراﺗﻬﺎ ،ﻛﺎﻹﻛراﻩ اﻟذي
ﯾﻘﺻد ﺑﻪ ﺿﻐط ﻏﯾر ﻣﺷروع ﯾﺻﯾب اﻹرادة اﻟﺗﻲ ﻫﻲ أﻫم ﻋﻧﺻر ﻣن ﻋﻧﺎﺻرﻫﺎ ،و ﻫو اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﯾوﻟد ﻓﻲ
ذﻫن اﻟﻣﺗﻌﺎﻗد اﻵﺧر ﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟرﻫﺑﺔ و اﻟﺧوف ،ﻓﯾدﻓﻌﻪ إﻟﻰ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎﻗد ﻟﻛﻲ ﯾﺗﺟﻧب ﻣﺎ ﻗد ﯾﺻﯾﺑﻪ
ﻣن أﺿرار ﺳواء اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻛﺎﻟﺗﻬدﯾد ﺑﻐرض ﻣﻌﯾن ﻓﻲ اﻟﺟﺳم أو اﻟﻣﺎل ،أو اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ اﻟﻣﺗﺟﻠﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﻗد ﯾﺻﯾب
اﻟﻧﻔس ﺑﺎﻟرﻋب و اﻟﺧوف ،وﻫذا ﻛﻠﻪ ﻗﺻد ﺗوﺟﯾﻪ اﻟﻧﯾﺔ و اﻟﺗﺣﻛم ﻓﯾﻬﺎ ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾؤدي إﻟﻰ إﻓﺳﺎد اﻹرادة
3
وﺗﻌﯾﺑﻬﺎ.
ﻗد ﯾﺣدث وان ﺗﺟﺑر وﺗﻛرﻩ اﻟزوﺟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲٕ ،وان ﻛﺎن اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ اﻷﺻل ﻓﯾﻪ
أﻧﻪ ﻻ ﯾﺗم اﻟﻠﺟوء إﻟﯾﻪ إﻻ ﻟوﺟود أﺿرار و ﻋزم و رﻏﺑﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻟﻠزوﺟﯾن ﻓﻲ اﻻﻓﺗراق ،ﻟﻛن ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ
ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﻗد ﯾﻛون ذﻟك ﻣﺟرد ﻗﻧﺎع ،ﻛﺄن ﻧﺟد اﻟزوﺟﺔ ﺗﺗﻧﺎزل ﻋن ﻛل ﺣﻘوﻗﻬﺎ و ﻣﺳﺗﺣﻘﺎﺗﻬﺎ و ﻣﺳﺗﺣﻘﺎت
أﺑﻧﺎﺋﻬﺎ ،4ﻣن أﺟل اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﯾﻛون ﻏﺎﻟﺑﺎً ﺗﺣت ﺗﺄﺛﯾر إرادة اﻟزوج ﻋن طرﯾق
124
اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻪ ﻟﺑﻌض اﻟﺣﯾل اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ إرﻏﺎم اﻟزوﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺑول اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،1اﻟﺷﻲء
اﻟذي ﻗد ﯾدل ﻋﻠﻰ أن ﻫﻧﺎك إﻛراﻩ ٕواﺿرار وﻗﻌت ﻓﯾﻪ اﻟزوﺟﺔ ﻣﻣﺎ ﯾدﻓﻌﻬﺎ ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗ ارﺿﻲ.
وﻧظر ﻟﻼﻋﺗﺑﺎرات اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﺎﻧﻪ ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺗزام اﻟﺗﺄﻛد ﻣن طﻠب اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ
ًا
وأن طﻠب ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻧﺻرف إﻟﻰ ﺗﺟﺳﯾد إرادة اﻟزوﺟﯾن اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﻫذا اﻟطﻼق ﻋﻣل
ﺗﻌﺎﻗدي ﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺗواﻓق واﻟﺗراﺿﻲٕ ،واذا اﻏﻔل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋن ﻫذا اﻻﻟﺗزام ﯾﻛون ﺑذﻟك ﻗد ﺧﺎﻟف ﻧص اﻟﻣﺎدة
) (431ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،ﺑﺄن ﻟم ﯾﺗﻘﯾد ﺑﺎﻷﺣﻛﺎم اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ
اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺟﻌل ﺣﻛﻣﻪ ﻋرﺿﺔ ﻟﻠﻧﻘض و اﻹﺑطﺎل ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ.
ﺛﺎﻟﺛﺎً -ﻣﺣﺎوﻟﺔ إﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن:
ﻧﺷﯾر ﻓﻲ اﻟﺻدد اﻟﻰ ﻋدد ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﯾﺟرﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ واﻟﺟزاء اﻟﻣﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻋدم ﺣﺿور
أﺣد اﻟزوﺟﯾن أو ًﻣﻌﺎ ﻟﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ)أ( ،وﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣدى ﺟواز اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﯾﻬﺎ)ب( أوﺣﺗﻰ إﺷراك أﻓراد
اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ)ج( ،وﺗﺑﯾﺎن ﺣﺎﻟﺔ أﺛر ﻓﺷل ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ)د(
أ-ﻋدد ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ:
ﻗﺑل أن ﯾﺑت ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﯾﻘوم ﺑﺈﺟراء ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ
اﺳﺗﻧﺎدا،إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439و ﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ،
ً ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟدﻋﺎوى
ﻟذﻟك ﻻ ﯾﻛون اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ اﺳﺗﺛﻧﺎء ،ﻷن ﻫﻧﺎك اﺗﻔﺎق ﻣﺗﺑﺎدل ﺑل ﯾﺟب اﻟﺗﺄﻛد ﻣرة أﺧرى ﻓﻲ ﻣدى
رﻓﯾﻌﺎ2وﻫو ﻣﺎ أﻛدﺗﻪ اﻟﻣﺎدة
ً ﺻﻼﺣﯾﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﻠﺑﻘﺎء وﻣﺣﺎوﻟﺔ إﯾﺟﺎد ﺧﯾط ﻣن اﻟﻣودة واﻟرﺣﻣﺔ وﻟو ﻛﺎن
) (431اﻟﺗﻲ ﺟﺎء ﻓﯾﻬﺎ ":ﯾﺗﺄﻛد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد ﻟﻠﺣﺿور وﯾﺣﺎول اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ إذا ﻛﺎن ذﻟك
ﻣﻣﻛﻧﺎ ،"...وﯾدﺧل ﺿﺑط آﺟﺎل ﻧظر اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣدة ﺛﻼﺛﺔ) (03أﺷﻬر ﻣﺑدﺋﯾﺎ ﺑﻌد ﺗﺳﺟﯾل ﻋرﯾﺿﺗﻬﻣﺎ
ﺑﺈﺧطﺎرﻫﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺎل ،ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﺣﺿورﻫﻣﺎ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ وﺗﺳﻠﯾﻣﻬﻣﺎ اﺳﺗدﻋﺎء ﺑﺎﻟﺣﺿور ﻟﻬذا اﻟﻐرض ،ﻓﯾﺗﺄﻛد
ﻣن رﺿﺎﺋﻬﻣﺎ وﯾﺣﺎول اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻓﯾﺗﺟﻧﺑﺎن ﺑذﻟك إﺟراءات اﻟﺗﻛﻠﯾف ﺑﺎﻟﺣﺿور ٕواﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ
ﺟﻠﺳﺎت ﻣﺗﻌددة و أﺧﯾ ار إﺟراءات اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﻌﻘدة ، 3وﻟﻛن ﯾﺟب ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن ًﻣﻌﺎ إﻟﻰ
ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ و ﻻ ﯾﻛﻔﻲ ﺣﺿور طرف و اﺣد دون اﻵﺧر.
125
أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻌدد ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻗد ﯾﺛﺎر ﺗﺳﺎؤل ﺣول ﻋدد ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن
ﯾﺟرﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ و ﻻﺳﯾﻣﺎ و أن ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (431ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ
ﺟﺎءت ﻋﻠﻰ ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﻌﻣوم"..و ﯾﺣﺎول اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ إذا ﻛﺎن ذﻟك ﻣﻣﻛﻧﺎ ،"...وﻟم ﯾﺳﺗﻌﻣل اﻟﻣﺷرع
ﻣﺻطﻠﺢ "ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ" ﻛﻣﺎ ﻓﻌل ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ؟ ،ﯾرى ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ أن
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺗﻛون ﻣرة واﺣدة ﻋﻠﻰ اﻷﻛﺛر ،ﻷن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺗﻘوم ﻓﻘط ﺑﺎﻹﺷﻬﺎد ﻋﻠﻰ
ﻫذا اﻟطﻼق .1
ﻏﯾر أن ﺟﺎ ﻧب آﺧر ﻣن اﻟﻔﻘﻪ ﯾرى أن ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻋدد ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﺗﻧدرج ﺿﻣن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟذي ﻟﻪ أن ﯾﺟري ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ واﺣدة ،أو اﺛﻧﯾن ،أو ﺛﻼث ،ﺣﺳب ظروف ﻛل ﻗﺿﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺣدة
أﺧﯾر ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫم ﻧواة
وﻻﺳﯾﻣﺎ إن وﺟد ﻫﻧﺎك أطﻔﺎل ﻣﺎدام أن ﺗﻌدد ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺗﺗﻘرر ﻟﺻﺎﻟﺣﻬم أوﻻً و ً ا
اﻷﺳرة.2وﻫو ﻧﻔس اﻟﻧﻬﺞ اﻟذي ﺳﺎر ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ إﻋﻣﺎل اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع
3
ﺣﺳب ﻛل ﺧﺻوﺻﯾﺔ ﻛل ﻣﻠف.
إﻟﻰ إﻋطﺎء ﻓرﺻﺔ و ﻣﻬﻠﺔ ﻗﺑل اﻟطﻼق اﻟﻣﻘررة ﺑﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻟﻠﻌودة إﻟﻰ ﺟﺎدة اﻟﺻواب "وأﺟﺎﺑت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻋن ﻫذا اﻟوﺟﻪ
ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻟﻛن ﺣﯾث أن ﺗﻘدﯾر ﻋدد ﺟﻠﺳﺎت اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع و ﻻ رﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ذﻟك ﻣن ﻗﺑل
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻣﺎ دام أن اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﺗﻐﯾﺑت ﻋن ﺟﻠﺳﺎت اﻟﺻﻠﺢ ﻛﻣﺎ ﯾظﻬر ﻣن اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ،و رﻏم اﺳﺗدﻋﺎﺋﻬﺎ ﻋن طرﯾق
ﻣﺣﺎﻣﯾﻬﺎ وﺗﺄﺟﯾل اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن اﺟل ﺣﺿورﻫﺎ وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎن ﻫذا اﻟﻔرع ﻏﯾر ﻣؤﺳس ﻛذﻟك و ﯾﺗﻌﯾن رﻓﺿﻪ " ،اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ
ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،813976اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ،2012/10/11ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
وﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار أﺧر ﺻﺎدر ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻟﻛن ﺣﯾث أﻧﻪ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﯾﺗﺑﯾن و أن
ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع أﺟرى ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن و ﻋﻘد ﻟذﻟك ﺟﻠﺳﺔ ﺑﺗﺎرﯾﺦ .2011/05/18و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺎن اﻹﺟراء اﻟﻣﻘرر ﻓﻲ
اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗم اﺳﺗﻧﻔﺎذﻩ ،و ﻻ ﯾﻌﯾب اﻟﺣﻛم اﻛﺗﻔﺎؤﻩ ﺑﺟﻠﺳﺔ ﺻﻠﺢ و اﺣدة طﺎﻟﻣﺎ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻗﺗﻧﻊ ﺑﻌدم ﺟدوى
ﻋﻘد ﺟﻠﺳﺎت ﺻﻠﺢ أﺧرى ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻪ ﻏﯾر ﺳدﯾد و ﻻ ﯾﻌﺗد ﺑﻪ وﺣﯾث اﻧﻪ و ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﺗﻌﯾن اﻟﻘﺿﺎء ﺑرﻓض اﻟطﻌن "
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ، 0802333اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ،2014/07/10ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
126
ب-ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ واﻟﺟزاء اﻟﻣﺗرﺗب ﻋن ﺗﺧﻠف اﺣدﻫﻣﺎ أو ﻛﻼﻫﻣﺎ:
ﻧﻣﯾز ﺑﯾن ﺣﺎﻟﺗﯾن أﺳﺎﺳﯾﺗﯾن وﻫﻣﺎ:
-ﺣﺎﻟﺔ ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن :إن ﺣﺎﻟﺔ ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن ﻻ ﺗﺛﯾر أي إﺷﻛﺎل أو ﻋﺎﺋق ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺣﺎول إﺟراء
ﻣﺣﺎوﻟﺔ أو ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ،ﻛوﻧﻪ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻓﻲ ذﻟك .وﻋﻣﻼً ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة ) (431ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﯾﻌﻘد ﺟﻠﺳﺔ ﺻﻠﺢ ﻹﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن اﻟﺣﺎﺿران أﻣﺎﻣﻪ
ﻣﺣﺿر ﺑذﻟك
ًا وﯾﺗﺄﻛد ﻣن ﺗﺻرﯾﺣﺎﺗﻬﻣﺎ ﺑﺄﻧﻬﻣﺎ ﻣﺗﻔﻘﺎن ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،ﻓﺈﻣﺎ ﯾﺻل إﻟﻰ ﺻﻠﺢ وﯾﺣرر
1
أو ﺗﻔﺷل ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻹﺻﻼح ﻓﯾﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ ﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ .
-ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن ﻣﻌﺎً و اﻟﺟزاء اﻟﻣﺗرﺗب ﻋن ذﻟك:
ﺗؤﻛد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن ﻗ ارراﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺿرورة ﺣﺿور طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﺟﻠﺳﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﺷﺧﺻﯾﺎ ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ رﻓض دﻋواﻩ-واﻷﺻﺢ ﺷطب دﻋواﻩ ،-ﻓﻬل ﻧﻔس اﻟﺣﻛم ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ ﺗﺧﻠف
اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻋن اﻟﺣﺿور ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد ﻟذﻟك؟ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة وﻛذا ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻧﺟد أن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾرﺗب ﺟ ازء ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻟﺣﺿور
اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻟﻠطرﻓﯾن ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻣﻐرﺑﻲ اﻟذي أوﺟد ﺟزاء ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة )(81
ﻣن ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة.2
ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻬﺎ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﻻ ﻧﺟد ﻟﻬﺎ ﻣﻘﺎﺑل ﻓﻲ
ً رﺗﺑت اﻟﻣﺎدة أﻋﻼﻩ ﺟزًاء
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﺳؤال اﻟذي ﯾﻣﻛن طرﺣﻪ ﻫﻧﺎ ﻣﺎ ﻫو ﻣوﻗف اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﺣﺎل ﺗﺧﻠف
اﻟزوﺟﯾن ﻋن اﻟﺣﺿور و ﺧﺎﺻﺔ و أن اﻟﻣﺎدة ) (431ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻟم ﺗرﺗب
ﺟزًاء ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﻧﺟد اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻻﺑﺗداﺋﯾﺔ ﺑﺎﻟﻌراﺋش ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ
ﯾﻠﻲ ...":ﺣﯾث ﯾﻬدف اﻟطﺎﻟﺑﺎن ﻓﻲ دﻋواﻫﻣﺎ اﻹذن ﻟﻬﻣﺎ ﺑﺎﻟطﻼق أﻻﺗﻔﺎﻗﻲ.،وﺣﯾث ﺗﺧﻠف اﻟزوﺟﯾن ﻋن اﻟﺣﺿور
أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ رﻏم اﻟﺗوﺻل ﺑﺎﻻﺳﺗدﻋﺎء ،وﺣﯾث أﻧﻪ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻌدم ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑدون اﻹدﻻء
ﺑﺄي ﻋذر ﻓﻘد ﺗﻌذر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻪ وﺑﯾن زوﺟﺔ طﺑﻘﺎً ﻟﻠﻣﺎدﺗﯾن 81و 114ﻣن ﻣدوﻧﺔ
127
ﺿرورﯾﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋن ﻋدم
ً اﻷﺳرة وﺣﯾث أن اﻟﺣﺿور اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻣن ﻗﺑل اﻟطﺎﻟﺑﯾن ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺑﻘﻰ إﺟراء
1
اﻟﺗﻘﯾد ﺑﻪ ﻋدم اﺳﺗﻛﻣﺎل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻹﺟراءات اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟطﻼق ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﻣﻌﻪ اﻟﺗﺻرﯾﺢ ﺑﻌدم ﻗﺑول اﻟطﻠب "
ﻧﻔس اﻻﺗﺟﺎﻩ اﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺿﺎء ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻋدم
ﺣﺿور ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻣن طرف اﻟﻣدﻋﻰ و اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ،إذ ﺟﺎءت أﺳﺑﺎب ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2012/06/14ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ":ﺣﯾث وطﺑﻘﺎً ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻘﺿﻲ أﻧﻪ
ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﻌد إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ،وﺣﯾث أﻧﻪ ﺛﺑت ﻣن اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون
ﻓﯾﻪ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أﻣرت ﺑﺣﺿور اﻟطرﻓﯾن ﻹﺟراء اﻟﺻﻠﺢ إﻻ أﻧﻬﻣﺎ ﻟم ﯾﺣﺿرا ،ﻓﺣرر ﻣﺣﺿر ﻋدم ﺻﻠﺢ إﺛﺑﺎﺗﺎً
ﻟذﻟك .وﺣﯾث أﻧﻪ ﻣﺎدام ﻗد ﺛﺑت أن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ اﻟﻣدﻋﻲ اﻷﺻﻠﻲ ﻗد ﺗﻐﯾب ﻋن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﺈن اﻟﻘﺿﺎء
ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن دون إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻌد ﻣﺧﺎﻟﻔًﺎ ﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻣﻣﺎ
ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻬﯾن اﻟﻣﺛﺎرﯾن ﺳدﯾدﯾن وﻣﻧﻪ ﯾﺗﻌﯾن ﻧﻘض اﻟﺣﻛم ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ ".2
و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣﺑرر ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧون و اﻟﻣﻧطق ﻷن ﻣﺳﺎﻟﺔ اﻟﺗﺄﻛد ﻣن رﺿﺎﺋﻬﻣﺎ
ﻋﻠﻰ ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻻ ﺗﺛﺑت ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ إﻻ ﻣن ﺧﻼل ﻣﺛوﻟﻬﻣﺎ أﻣﺎﻣﻪ ،و ﺑﺣﺛﻪ ﻓﻲ اﻹرادة و اﻟﺗﺄﻛد ﻣن
ﺳﻼﻣﺗﻬﺎ وﺧﻠوﻫﺎ ﻣن اﻟﻌﯾوب وﻋدم اﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﺎﻟطﻠب اﻟﻣﺷﺗرك اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﯾﻪ ،ﺑل ﯾﺗطﻠب اﻟﻘﺎﻧون
ﺣﺿورﻫﻣﺎ ﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻣدى إﺻرارﻫﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣوﻗﻔﻬﻣﺎ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وﺗﻣﺳﻛﻬﻣﺎ ﺑطﻠﺑﻬﻣﺎ اﻟﻣﺷﺗرك ﺳواء
ﺑﻘﯾود وﺷروط أو دوﻧﻬﺎ ﻋﻣﻼً ﺑﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣواد) (430و ) (431و ) (439وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﻌد ﺗﺣدﯾدﻫﺎ ﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن ﻟﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻹﺟراء
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﺈذا ﻟم ﯾﺣﺿ ار رﻏم إﺧطﺎرﻫﻣﺎ ﻣن ﻗﺑل أﻣﯾن اﻟﺿﺑط ،وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟوﺿﻊ ﯾﺟوز
ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﺗﺄﻣر ﺑﺷطب اﻟﻘﺿﯾﺔ ﺑﺳﺑب ﻋدم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻹﺟراءات اﻟﺷ ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻧﻬﺎ ﻗﺎﻧوﻧﺎً ،أو ﺗﻠك
– ﻟم ﯾﺣﺿر ﺟﻠﺳﺎت ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ /ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﻣﻌﻪ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ".
128
اﻟﺗﻲ أﻣرت ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ،طﺑﻘﺎً ﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣﺎدة ) (216ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون -ﻛون أن طﺎﻟﺑﺎ اﻟطﻼق
ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻟم ﯾﺣﺿ ار رﻏم ﻋﻠﻣﻬﻣﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد ﻟﻠﺣﺿور ،و رﻏم ﺗﺄﺟﯾل اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻟﻌدة ﻣرات وﻟم ﯾﺳﺗﺟﯾﺑﺎ
إﻟﻰ اﻹﺟراء اﻟذي دﻋت وأﻣرت ﺑﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﻣﻧﺣﻬﻣﺎ ﻋدة آﺟﺎل ﻟذﻟك.
ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠطرﻓﯾن اﻟﻣﻘدﻣﯾن ﻟﻠطﻠب ﺑﻌد ﻫذا اﻟدﻓﻊ ﺑﺟﻬﻠﻬﻣﺎ ﺑﺿرورة وﺟوب اﻟﺣﺿور ﻣﻌﺗﻘدﯾن ﺑﺄن
اﺗﻔﺎﻗﻬم و ﺗراﺿﯾﻬم ﻋن اﻟطﻼق ﺳوف ﯾﻐﻧﯾﻬم ﻋن ذﻟك ،1ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻫذا ﻫو اﻟﺟزاء اﻟﻣﻘرر ﻟﻌدم ﺣﺿور
اﻟزوﺟﯾن ﻓﯾﻣﻛن أﯾﺿﺎً طرح ﺳؤال ﻣﻔﺎدﻩ ﻣﺎ ﻫو ﻣوﻗف اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺧﻠف أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﻋن اﻟﺣﺿور
ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد واﻟﻣذﻛور ﻓﻲ اﻻﺳﺗدﻋﺎء اﻟﻣﺳﻠم ﻟﻠزوﺟﯾن؟
ﻟﻘد ﺳﺑق اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻟم ﯾورد ﺟزاء ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎً ﻋﻠﻰ ذﻟك ،ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻠﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ اﻟذي
أورد ﺟزاء ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻋدم ﻣراﻋﺎة أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة )( 81ﻣن ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة وﻫو ﻣﺎ درج اﻟﻌﻣل ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء
اﻟﻣﻐرﺑﻲ وﻓﻲ ﻫذا اﻹطﺎر ذﻫب اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻧدﻫم إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن اﻟزوﺟﺎن اﻟﻠذﯾن طﺎﻟﺑﺎ ﺑﺎﻟطﻼق أﻻﺗﻔﺎﻗﻲ وﺑﻌد
إدراج اﻟﻣﻠف ﺑﺟدول اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد ﻟﻠﺣﺿور ،وﺗﺧﻠف اﺣد اﻟزوﺟﯾن رﻏم ﻋﻠﻣﻪ و إﻋﻼﻣﻪ
ٕواﻣﻬﺎﻟﻪ ﺑﺿرورة اﻟﺣﺿور ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺳﺗدﻋﻲ اﻋﺗﺑﺎر اﻟزوج اﻟﻣﺗﺧﻠف ﻋن اﻟﺣﺿور ﻣﺗراﺟﻊ ﻋن طﻠﺑﻪ
وﯾﺣﻔظ اﻟﻣﻠف و ﯾﺗﺣﻣل اﻟﻣﺻﺎرﯾف اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،2ﻓﻼ ﯾﻛﻔﻲ ﺣﺿور طرف واﺣد وﻫو ﻧﻔس اﻷﻣر ﺗﺑﻧﺎﻩ
3
اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋري.
ﯾﻛون ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ ،طﺑﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (365ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ،"...اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار
رﻗم ، 676898ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2011/12/8ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻋدد ،2001 ، 01ص 321اﻟﻰ ،.324أﻧظر أﯾﺿﺎ:
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 20014 /07/10اﻟذي ﻗﺿت ﻓﯾﻪ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ... ":وﺣﯾث إن ﻫذا اﻟﺗﺳﺑﯾب ﯾﺧﺎﻟف ﻧص اﻟﻣﺎدة 431
ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺿﻲ ﺑﺄن ﯾﺗﺄﻛد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد ﻟﻠﺣﺿور ،ﻣن ﻗﺑول اﻟﻌرﯾﺿﺔ –
اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة - 428وﯾﺳﺗﻣﻊ إﻟﻰ اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ إﻧﻔراد ﺛم ﻣﺟﺗﻣﻌﯾن ،وﯾﺗﺄﻛد ﻣن رﺿﺎﺋﻬﻣﺎ وﯾﺣﺎول اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ إذا
ﻛﺎن ذﻟك ﻣﻣﻛﻧﺎ أﯾن ﯾﺛﺑت اﻟﻘﺎﺿﻲ إرادة اﻟزوﺟﯾن ،....وﺣﯾث إﻧﻪ ﺑذﻟك ﯾﺗﺑن أن اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺗﺣﻛﻣﻪ ﻧﺻوص ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻧﺻوص
129
ج-ﻋدم ﺟواز اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ :
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟزواج اﻷﻣر واﺿﺢ ﺑﺧﺻوﺻﻬﺎ ،ﻷن اﻟﻣﺷرع أﻟﻐﻬﺎ ﺑﻣوﺟب ﻧص اﻟﻣﺎدة)(20
ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻟﻛن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟطﻼق وان ﻛﺎن اﻟﻘﺎﻧون ﻟم ﯾﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﻧﻌﻬﺎ ،ﻏﯾر أﻧﻪ ﻻ
ﺗﺟوز و ﻻ ﺗﺻﺢ ،و ﻫذا اﻟﺷﻲء اﻟذي ﻧﻬﺟﻪ ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻓﻼ ﯾوﺟد ﺗﻧﺎﻗض ﺑﯾن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
واﻟﻘﺎﻧون ،ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟوﻛﻼء ،ﻷن اﻟﻔﻬم اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻟﻠﻘﺎﻧون واﻷوﻟوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﯾق ﯾﻛون ﻟﻠﻧص اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ
وﻟﯾس إﻟﻰ اﺟﺗﻬﺎد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻷن ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (2/431ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺟﺎء
ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﯾﻧظر–اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻊ اﻟزوﺟﯾن أو وﻛﻼﺋﻬﻣﺎ ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎق ،-وﺑذﻟك ﻓﺎﻟوﻛﻼء ﯾﻘﺗﺻر دورﻫم ﻋﻠﻰ
اﻷﻣور اﻟﻣﺎدﯾﺔ و ﻟﯾس ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻬﺎ ،ﻷن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺟﻠﺳﺔ ﺷﺧﺻﯾﺔ
ﻟﻛﻲ ﻧﺗﺄﻛد أن اﻟزوﺟﯾن ﻣواﻓﻘﯾن ﻋﻠﻰ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻓذاﻟك ﻻ ﯾﺛﺑت إﻻ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻌد ﺣﺿور
اﻟزوﺟﯾن ﺷﺧﺻﯾﺎ.
ﻫﻧﺎك ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ اﻋﺗﺑر اﺟﺗﻬﺎد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﻌدم ﺟواز اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻗرار ﻏرﯾب
وذﻫب إﻟﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ إﻧﺎﺑﺔ اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ ﻟﻠزوﺟﯾن ﺑﻧﺎء ﻋن وﻛﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،1ﻟﻛن ﻫذا اﻟﻘول ﯾرد ﻋﻠﯾﻪ ﻷن اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ
ﻟﻪ إﻧﺎﺑﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟدﻋوى ،ﻓﻬو ﻻ ﯾﻧوب ﻓﻲ اﻷﻣور اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذاﻟك اﻟﺻﻠﺢ ٕواﻻ ﻫذا اﻷﺧﯾر
ﯾﺻﺑﺢ ﺑدون ﺟدوى إذ و ﯾﺻﺑﺢ ﻣﺟرد إﺟراء ﺷﻛﻠﻲ ،ﺿف ﻟذاﻟك إن اﻟﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة
ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣواد 427اﻟﻰ 435ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،و ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻘﯾد ﺑﻬﺎ ،وﻫو اﻟﺷﻲء اﻟذي ﻟم
ﺗراﻋﻪ ، ...وﺧﺎﺻﺔ ﻋﻧد إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﺣﺿرﻫﺎ اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ وﻏﺎﺑت ﻋﻧﻪ اﻟطﺎﻋﻧﺔ ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﻫذا اﻟوﺟﻪ ﻣؤﺳس و
ﯾﻧﺟر ﻋﻧﻪ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم ﻣﺣل اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض وﺣﯾث إﻧﻪ ﻣﺎدام أن اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﺗﻧﺎزع ﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ وﻟم ﺗﺣﺿر ﺟﻠﺳﺔ
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻠم ﯾﺑق ﻣن اﻟﻧزاع ﻣﺎ ﯾﺗطﻠب اﻟﻔﺻل ﻓﯾﻪ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﻣﻌﻪ أن ﯾﻛون ﻧﻘض اﻟﺣﻛم ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ ،ﻟﺗرك اﻟﺣرﯾﺔ
ﻟﻠطرﻓﯾن ﻟﻠﺗراﺟﻊ أو رﻓﻊ دﻋوى ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ " ،اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،0964560ﻣؤرخ ﻓﻲ
،2014ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
-1وﯾﺷﺎطرﻩ ﻓﻲ ذﻟك اﻷﺳﺗﺎذ زودة ﻋﻣر اﻟذي ﯾرى أن اﻟوﻛﻼء ﯾﻧظرون ﻓﻲ ﻛل ﺷﯾﺊ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﻛل اﻷﻣور اﻟﻣﺎدﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺻب ﺣوﻟﻬﺎ اﻻﺗﻔﺎق ،و اﻻﺟﺗﻬﺎد ذﻫب ﻋﻛس اﻟﻘﺎﻧون اﻟذي ﻟم ﯾﺳﺗﺛﻧﻲ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻣن اﻟوﻛﺎﻟﺔ ،ﻓﺈذا ﺣﺿ ار
اﻷطراف ﻻ ﯾوﺟد ﻣﺷﻛل و ﻓﻲ إطﺎر اﻟدور اﻻﯾﺟﺎﺑﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻪ أن ﯾطﻠب ﻣن اﻟدﻓﺎع طﻠب اﻟﺣﺿور اﻟﺷﺧﺻﻲ ﻟﻠزوﺟﯾن
و إذا ﻟم ﯾﺣﺿر طﺎﻟﺑﺎ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﯾﻘوم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺷطب اﻟدﻋوى ،وﻫو ﺑﻬذا اﻟﺗﺻرف ﯾرﺗﻛب ﺧطﺄ ﻷﻧﻪ ﻻ وﺟود
ﻟﻐﯾﺎب ﻟﻛﻲ ﯾﻛون ﻫﻧﺎك ﺟزاء ،وان اﻟﻘول ﺑﻌدم ﻗﺑول اﻟوﻛﯾل ﻫو ﻛﻼم ﺧﺎرج اﻟﻘﺎﻧون و روح اﻟﻘﺎﻧون ،ﻻن اﻟزوج ﻏﯾر ﻏﺎﺋب
ﻣﺎدام ﺣﺿر ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻧﻪ اﻟوﻛﯾل و ﻋﻧد ﻏﯾﺎﺑﻬﻣﺎ أي اﻟزوج و اﻟوﻛﯾل ﯾﻣﻛن ﻋﻧدﻫﺎ اﻟﺷطب أو ﻟو أن اﻟﻘﺎﻧون ﻗﺎل ﯾﺟب اﻟﺣﺿور
اﻟﺷﺧﺻﻲ ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ اﻟﺷطب أو اﻟﺟزاء ،ﻟﻛن ﻫﻧﺎ اﻟﻘﺎﻧون أﺟﺎز ﺣﺿور اﻟوﻛﻼء أﻧظر :زودة ﻋﻣر ،ﻣﺣﺎﺿرات أﻟﻘﯾت ﻋﻠﻰ
طﻠﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎة ﺑﺎﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻠﻘﺿﺎء ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق.
130
) (431ﺗﻧﺗﻔﻲ ،ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺧﺎطب و ﯾﺣﺎور اﻟزوﺟﯾن ﻻ وﻛﻼﺋﻬﻣﺎ ﻟﻛﻲ ﯾؤﺛر ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ و ﺑﻌد ﺣﺛﻬﻣﺎ
و وﻋظﻬﻣﺎ ﻗد ﯾﺗراﺟﻌﺎن و ﯾﺗﺻﺎﻟﺣﺎن وﺗﻔﺳﯾر اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﺣﺳﯾن ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻻ ﯾﺻﻠﺢ وﻟﯾس ﻓﻲ ﻣﺣﻠﻪ
ﺣﯾث ﯾﺟوز اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻣوﺟب وﻛﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻘط ﻓﻲ ﺟﺎﻧب اﻷﻣور اﻟﻣﺎدﯾﺔ ،ﻟﻛن ﻓﻲ اﻷﻣور اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟزوﺟﯾن ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺣﺿورﻫﻣﺎ ﻣﻌﺎ وﺷﺧﺻﯾﺎً .
وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻻ ﯾﻌد ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (431ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻋن
أﺻﻧﺎف اﻟطﻼق اﻷﺧرى ،ﻓﻼ ﺗﺻﺢ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟدﻋوى ،و اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟطﻼق
ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﻛون ﻏﯾر ﻣﺟدﯾن إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﺷﺎذة ﺟدا،ﻷﻧﻬﻣﺎ اﺗﺧذا ﻗرار ﻧﻬﺎﺋﻲ و اﻟدﻟﯾل ﻋﻠﻰ ذﻟك
ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ً
أن اﻟﺣﻛم ﯾﺻدر اﺑﺗداﺋﻲ ﻧﻬﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺟواﻧب ﺳواء اﻟﻣﺎدﯾﺔ أو اﻟطﻼق ﻣﻊ ﻗﺑوﻟﻪ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض
ﺑرﻣﺗﻪ .1وﻻ ﯾﺟوز اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻊ اﻟوﻛﯾل ﻷن اﻟﺻﻠﺢ ﺷﺧﺻﻲ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟزوﺟﯾن.
و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ و ﺿﻌﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ﺑدون ﺟدوى وﻻ ﺳﯾﻣﺎ أن ﻣرﻛز اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﻌزز ﺑﺗﺑﻧﻲ اﻟﻣﺷرع ﻟﻠﻧظرﯾﺔ
اﻟﺣدﯾﺛﺔ ،واﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﻟﺣﯾﺎد اﻟﺳﻠﺑﻲ اﻟﻣﻌروف ﻓﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈذا ﺣﺿر اﻟوﻛﻼء ﺑدﻻ ﻣن
أﯾﺿﺎ ﻣﺳﯾر ﻟﻠﺧﺻوﻣﺔ طﻠب ﺣﺿور
ً اﻟزوﺟﯾن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻣﻛﻧﻪ ﺑﻣﺎ ﻟﻪ ﻣن ﺻﻼﺣﯾﺎت ودور اﯾﺟﺎﺑﻲ ،و ﻛوﻧﻪ
اﻟزوﺟﯾن ﺷﺧﺻﯾﺎ ،و ﻣﺎ ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﻟﺣﺿور اﻟﺷﺧﺻﻲ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز ﺗﻘدﯾم طﻠب ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ إذا ﻛﺎن
أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺗﺣت وﺿﻊ اﻟﺗﻘدﯾم أو ظﻬر ﻋﻠﯾﻪ اﺧﺗﻼل ﻓﻲ اﻟﻘدرات اﻟذﻫﻧﯾﺔ ،و اﻻﺧﺗﻼل ﯾﻛون ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
اﻟﺟﻧون أو ﻓﻘد اﻷﻫﻠﯾﺔ أي ﻣﺣﺟور ﻋﻠﯾﻪ ،و اﻟﻣﺣﺟور ﻋﻠﯾﻪ ﻟﯾس ﻟﻪ أي إرادة.
ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾراﻗب ﺗﻌﺑﯾر ٕوارادة اﻟزوﺟﯾن ﻓﯾﻣﺎ إن ﻛﺎﻧت إرادة واﺿﺣﺔ واﻋﯾﺔ ،ﺟدﯾرة
ﻗدر ﻣن اﻹدراك واﻟﺗﻣﯾﯾز ،وﯾﺳﺗوي ﺑﻌد ذﻟك أن ﯾﻛون اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﻗرارﻫﻣﺎ
ﺑﺎﻻﻋﺗﺑﺎر ﺗﺗطﻠب ﻣن ﺻﺎﺣﺑﻬﺎ ً ا
ﺑﺎﻟﻘول ،أو ﺑﺎﻹﺷﺎرة ،أو ﺑﺎﻟﻛﺗﺎﺑﺔ ،أو ﺑﺎﺗﺧﺎذ ﻣوﻗف ﻋﻣﻠﻲ ﻣﻌﯾن ،2ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ رﻏﺑﺗﻪ ﻓﻲ إﻧﻬﺎء اﻟﻌﻼﻗﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺷﻛل ودي وﺗﻔﺎدﯾﺎ ﻹﺷﻬﺎر ذﻟك ،3و ﺑﻬذا اﻟﺻدد ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (432ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون أﻧﻪ ":ﻻ
-1اﻟﺣﻛم ﯾﻛون ﻧﻬﺎﺋﻲ ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻟﻼﺳﺗﺋﻧﺎف ﻓﻲ ﺷﻘﯾﻪ اﻟﻣﺎدي وﺷﻘﻪ اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻟﻛن إذا ﻏﯾر اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻣن ﺷرط ﻓﻲ اﺗﻔﺎق اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻛون اﻟﺣﻛم ﻗﺎﺑﻼً ﻟﻼﺳﺗﺋﻧﺎف ،وﻫذا ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ
،2007/2/14و اﻟذي ﻛﺎن أﺳﺎﺳﻪ أن ﻗﺎﺿﻲ أول درﺟﺔ اﺳﻧد ﺣﺿﺎﻧﺔ اﻟوﻟد ﻻﻣﻪ ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻣﺎ اﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ اﻟطرﻓﯾن اﻷﻣر اﻟذي
ﯾﻣﻛن ﻣن اﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﺣﻛم ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻫذا اﻟﺷرط.
-2ﻫﺟﯾرة ﺑن ﻋزي ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .44
-3أ
اﻟرﻓﺔ وﺗﺎب ،دور اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﺗﻔﻌﯾل إﺟراءات اﻟطﻼق ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق و اﻟطﻼق اﻟﺧﻠﻌﻲ ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﻠف ،ﻋدد .2007 ،11ص
.191
131
ﯾﺟوز ﺗﻘدﯾم طﻠب اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،إذا ﻛﺎن أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺗﺣت وﺿﻊ اﻟﺗﻘدﯾم أو إذا ظﻬر ﻋﻠﯾﻪ اﺧﺗﻼل ﻓﻲ
132
راﺑﻌﺎً -ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣدى ﻣراﻋﺎة اﻻﺗﻔﺎق ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم وﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷوﻻد:
ﯾﻧﻘﺳم اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ إﻟﻰ ﻧوﻋﯾن رﺋﯾﺳﯾن ﻣن اﻟطﻼق ﻓﺎﻟﻧوع اﻷول ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ طﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ
اﻟﻣﺟرد وﻫو اﻟطﻼق اﻟذي ﯾﻠﺟﺄ إﻟﯾﻪ اﻟزوﺟﺎن ﺑﺎﺗﻔﺎﻗﻬﻣﺎ دون أن ﯾﻌﻠﻘﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﺷروط أو ﻗﯾود ﻣﺣددة ،وأﻣﺎ ﻋن
اﻟﻧوع اﻟﺛﺎﻧﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ اﻟﻣﻘﯾد وﻫو اﻟذي ﯾﻘﯾدﻩ طرﻓﺎﻩ ﺑﺷرط أو أﻛﺛر ،وﯾﺗﻌﯾن وﺟوﺑﺎ أن
ﻫذﻩ اﻟﻘﯾود أو اﻟﺷروط ﻻ ﺗﺗﻧﺎﻓﻰ ﻣﻊ اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،وأن ﻻ ﺗﻛون ﻣﺗﻌﺎرﺿﺔ ﻣﻊ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷوﻻد أو ﻟﻪ ﺗﺑﻌﺎت
وﺟوﺑﺎ
ﺳﻠﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻷﺑﻧﺎء و ﺣﻘوﻗﻬﻣﺎ اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ،وﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة أ ن ﻛﻼ اﻟﻧوﻋﯾن ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺧﺿﻌﺎن ً
ﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟذي ﯾﺣﺎول اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻗﺻد اﻟﺗﺄﻛد ﻣن اﺗﻔﺎﻗﻬﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ إﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ .1
إن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻟم ﯾﻧص ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻓﻲ أﺣﻛﺎم اﻟﻣواد اﻹﺟراﺋﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ،وﻟﻛﻧﻪ
ﻧص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ أﺣﻛﺎم اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،ﻓﺈذا ﺗﺑﯾن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء إﺟراﺋﻪ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن
أﻧﻪ اﺗﻔﺎﻗﺎ ﻋﻠﻰ أﻣر ﻣﺧﺎﻟف ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم و ﺟب ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﺻرف اﻟﻧظر ﻋن ذﻟك اﻻﺗﻔﺎق ،ﻓﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم
ﯾﺗﺟﺎوز اﻟﺧﺻوم و اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻣوﺿوع ﺗﺻﺎﻟﺢ ﺑﯾﻧﻬم ،ﻓدور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫو ﺿﺑط إرادة
اﻟﻣﺗﺻﺎﻟﺣﯾن اﻟﺗﻲ و إن ﻟم ﺗﻛن ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﻘواﻋد اﻟﻌداﻟﺔ واﻹﻧﺻﺎف ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻏﯾر ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ
ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﺟري اﻟﺻﻠﺢ إﻻ ﻓﻲ اﻹطﺎر اﻟﻣﺳﻣوح ﺑﻪ ﻗﺎﻧوﻧﺎ ،2ﺑﺣﯾث ﻟﻪ دور ﻓﻲ
إﺟراءات اﻟطﻼق ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻪ أن ﯾﻘف ﻣوﻗف اﻟﺣﯾﺎد اﻟﺳﻠﺑﻲ ﺳواء ﻓﻲ اﻟدﻋوى ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺻﻔﺔ
ﻋﺎﻣﺔ و ﺧﺎﺻﺔ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲٕ ،واﻧﻣﺎ ﯾﺟب أن ﯾﻘوم ﺑدور ﺣﯾﺎدي إﯾﺟﺎﺑﻲ ﺣﯾث ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾراﻗب
ﺷروط اﻟطﻼق.3
ﺳﻣﺢ اﻟﻘﺎﻧون ﻟﻠزوﺟﯾن ﺑﻛل ﺣرﯾﺔ ﺗﻌﻠﯾق اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺑﺎﻻﺷﺗراط ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬم ﺳواء ﺗﻌﻠﻘت ﻫذﻩ
اﻟﺷروط ﺑﺣق أﺣد اﻟزوﺟﯾن أو أﺣد اﻟﺣﻘوق اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،إﻻ أﻧﻬﻣﺎ ﻣﻘﯾدﯾن ﺑﺷرطﯾن أﺳﺎﺳﯾن ،وﻫﻣﺎ ﻋدم
ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم وﻛذا ﻣراﻋﺎة ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷطﻔﺎل ،واﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻧﺑﻪ اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد ﻧظرﻩ
ﻟﻠﺑﻧود اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﺿرورة وﺟوب اﻟﻘﯾد اﻷول ،وﻫو اﺣﺗرام أﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻟﻛوﻧﻬﺎ ﺗﻣﺛل أﻫم اﻟﺿواﺑط
اﻟﻣﺣددة ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم اﻷﺳري وأن ﻻ ﺗﺧﺎﻟف أﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و اﻵداب اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﻼ ﯾﺷﺗرط أﺣد
-1ﺑﻧﺑﺎﺻر ﯾوﺳف ،ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة،اﻟﻣﺳﺎر و اﻟﺗطﻠﻌﺎت ،ﻣﻠﺗﻘﻰ ﻋﻠﻣﻲ ﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻣﺳﺗﺟدات ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة -70ﻣدﯾﻧﺔ اﻟداﺧﻠﺔ ،
اﻟﻣﻐرب،ﺑﺗﺎرﯾﺦ 10ﻣﺎرس ،2004ص .40
2
-ﺑوذرﯾﻌﺎت ﻣﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .96
-3ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺳﻌد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 74و 75
133
ﻣﻌﺎ ﻛزوﺟﯾن
اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ اﻵﺧر أن ﻻ ﯾﺗزوج أﺑدا ﺑﻌد ﻓراﻗﻬﻣﺎ ،أو اﺷﺗراط اﻟزوﺟﯾن اﻻﺳﺗﻣرار ﻓﻲ اﻟﻌﯾش ً
ﺑﻌد اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،أو اﻻﺷﺗراط ﻋﻠﻰ إﻋﻔﺎء اﻷب ﻋﻠﻰ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ أوﻻدﻩ وﻟو أﻋﺳرت اﻷم.1
ﻧظر ﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻬﺎ ﻟﻠﻌﻘل واﻟﻣﻧطق وﻛذا أﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﺑﺻﻔﺔ
ﻓﻣﺛل ﻛل ﻫذﻩ اﻟﺷروط ﺑﺎطﻠﺔ ً ا
أﺳﺎﺳﺎ ﻣن اﻟﻛﺗﺎب واﻟﺳﻧﺔ و اﻹﺟﻣﺎع ،ﻷﻧﻬﺎ ﻻ
ً ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ أﻗرﺗﻬﺎ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و اﻟﻣﺳﺗﻧﺑطﺔ
ﺗﺣﻘق ﻣﻧﻔﻌﺔ ﻣﺷروﻋﺔ ﻛﺎﺷﺗراط اﻟﺗوارث ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﺑﻌد اﻟطﻼق ،ﺣﯾث ﯾﻌد ﺷرطﺎ ﺑﺎطﻼ ﻷن اﻹرث
ﻧظﺎم ﻣﺣﻛم ﻓﻼ ﺗوارث ﺑدون وﺟود ﺳﺑﺑﻪ وﻫو اﻟﻘراﺑﺔ و اﻟزوﺟﯾﺔ طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (126ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة وﻓﻲ ذﻟك ﻗول رﺳول اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم ":ﻣﺎ ﺑﺎل أﻗوام ﯾﺷﺗرطون ﺷروطﺎً ﻟﯾﺳت ﻣن ﻛﺗﺎب اﷲ ﻣﺎ
2
ﻛﺎن ﻣن ﺷرط ﻟﯾس ﻓﻲ ﻛﺗﺎب اﷲ ﻋز وﺟل ﻓﻬو ﺑﺎطل وأن ﻛل ﻣﺎﺋﺔ ﺷرط ،ﻛﺗﺎب اﷲ أﺣق وﺷرط اﷲ أوﺛق"
3
وﻛﻣﺎ ﻗﺎل رﺳول اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم" :اﻟﻣﺳﻠﻣون ﻋﻧد ﺷروطﻬم ،إﻻ ﺷرطًﺎ أﺣل ﺣراﻣﺎً وﺣرم ﺣﻼﻻً "
ﯾﺗﻣﺛل اﻟﻘﯾد اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟذي ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﯾن ﻣراﻋﺎﺗﻪ واﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾراﻗﺑﻪ ﻣﺎ أوردﺗﻪ اﻟﻣﺎدة )(431
اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ﺑﺄن ﻻ ﯾﺗﻌﺎرض اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷوﻻد وﻋدم اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬم ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
وﺟودﻫم ،وأن ﻻ ﯾﻛون ﻻﺗﻔﺎق اﻟزوﺟﯾن ﺗﺑﻌﺎت ﺳﻠﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺻﺎﻟﺣﻬم وﺣﻘوﻗﻬم اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ،ﻓﻼ ﯾﺟوز اﺷﺗراط
ﻣﺛﻼ ﻣن اﻟﻧﻔﻘﺔ أو اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ أو اﺷﺗراط
ﺣرﻣﺎن اﻷوﻻد ﻣن ﺣﻘوﻗﻬم اﻟواﺟﺑﺔ ﻋﻠﻰ أﺑوﯾﻬم ،ﻓﻼ ﯾﺟوز ﺣرﻣﺎﻧﻬم ً
ﻋدم رؤﯾﺔ اﻷﺑﻧﺎء ﻣن طرف أﺣد اﻷﺑوﯾن ،ﻓﻬذﻩ اﻟﺷروط ﺑﺎطﻠﺔ ﯾﻠﻐﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻧد ﻧظرﻫﺎ ﻣﻊ اﻟزوﺟﯾن.
ﺟﻌل ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ إﯾﺟﺎﺑﻲ ،وﻫو ﻣﺎ ﺗؤﻛدﻩ اﻟﻣﺎدة ) (424ﺣﯾث
ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﯾﺗﻛﻔل ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوص ﺑﺎﻟﺳﻬر ﻋﻠﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻘﺻر" ،ﻓﺈذا
ﺛﺑت أن اﻻﺗﻔﺎق ﺟﺎء ﺧﺎﻟﯾﺎ أو أﻏﻔل ﺣﻘوق وﻣﺳﺗﺣﻘﺎت اﻷﺑﻧﺎء ﺑﻌد ﺗﻔﺣص ﺑﻧودﻩ ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﯾﺣق
ﻟﻪ أن ﯾﺗدﺧل ﻟﯾس ﻟﻺﻟﻐﺎء و أو اﻟﺗﻌدﯾل و إﻧﻣﺎ ﻟﻛﻲ ﯾﻛﻣل اﻟﻧﻘص ﺑﻣﺎ ﯾﻼﺋم ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻷﺑﻧﺎء ،وﻻﺳﯾﻣﺎ وأن
اﻟﺟزاﺋر ﺻﺎدﻗت ﻋﻠﻰ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻟطﻔل.4
134
ﻓﺈذا اﻏﻔل اﻟزوﺟﺎن ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻧﻔﻘﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺗدﺧل ﻣن أﺟل اﻟﺑت ﻓﻲ أﻣرﻫﺎ ،ﻟﻛوﻧﻬﺎ ﻣن ﺿرورﯾﺎت
اﻟﻌﯾش ،واﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺄﺟﯾﻠﻬﺎ وﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠطﺔ واﺳﻌﺔ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾرﯾﻬﺎ ،ﻣﻊ ﻣراﻋﺎﺗﻪ ﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷب اﻟﻣﺎدﯾﺔ
ﻣﺎﺳﺎ
واﻷﺳﻌﺎر وأﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺣﺿﺎﻧﺔ ،ﻓﺎﻷﺻل أن ﯾﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻟﻛن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻻﺗﻔﺎ ق أو ﻛﺎن اﻻﺗﻔﺎق ً
ﺑﺣﻘوق اﻟﻣﺣﺿون ،ﻓﺈن ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ﺳﻠطﺔ اﻟﺗدﺧل ﻣن أﺟل ﺗﻧظﯾم ﺣﻘوق اﻟﻣﺣﺿون ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن ﻣﺻﻠﺣﺗﻪ أﻫم
ﻣﺟﺎل ﻟﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠطﺗﻪ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ،وﻛذا أﻣر زﯾﺎرة اﻟﻣﺣﺿون ووﻗت اﻟزﯾﺎرة وﻣﻛﺎن اﻟزﯾﺎرة ،وﯾﺑﻘﻰ
ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ﺣق اﻟﺗدﺧل ﻟﺗﻌدﯾل ﻧظﺎم اﻟزﯾﺎرة ،ﺑل و ﻗد ﯾﺻل اﻷﻣر ﻟﺣد إﺳﻘﺎط اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ﻟﻣن ﻟﻪ اﻟﺣق ﻓﯾﻬﺎ
إذا ﺛﺑت ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻧﻌدام ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺣﺿون ﻟدﯾﻪٕ ،واذا ﻋﺎﯾن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺷرط ﺑﺎطل ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻠﻐﯾﻪ أﻣﺎ إذا ﻋﺎﯾن
ﺷرط ﻏﯾر ﻣﻌﻘول ﻋدل ﻣﻧﻪ وأرﺟﻌﻪ إﻟﻰ اﻟﺣد اﻟﻣﻌﻘول ،ﻓﻛل ذﻟك ﯾﻧﺎﻗﺷﻪ و ﯾﺣﺳﻣﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺣﺿور اﻷطراف .وﻟذﻟك دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻟﯾس دو ار ﺗوﺛﯾﻘﯾﺎ " :ﺣﯾث أن اﻟﻣﺎدة
427وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻧظﻣت إﺟراءات اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،اﻟﻣﺎدة 431
ﺑﯾﻧت ﺑوﺿوح ﻛﯾﻔﯾﺔ أداء اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟدورﻩ ﻋﻧد ﺣﺿور اﻟطرﻓﯾن أﻣﺎﻣﻪ وﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ وﻟﻪ أن ﯾﻧظر
ﻣﻌﻬﻣﺎ أو ﻣﻊ ....وﺣﯾث أﻧﻪ ﯾﺗﺑﯾن ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟﻧﻘض ،أن اﻟﻣﺣﻛم ﻟم ﺗراع ﻛل ذﻟك،
واﻋﺗﺑرت دورﻫﺎ ﻗﺎﺻ ار ﻋﻠﻰ اﻹﺷﻬﺎد ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ وﻋﻠﻰ ﺗﻧﺎزل اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﻋن ﺣﺿﺎﻧﺔ اﻻﺑن ،
وﻛﺄن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫو دور ﺗوﺛﯾﻘﻲ ﻻﺑرام ﻋﻘد ﺑﯾن اﻟطﺎﻋﻧﺔ و ﺑﯾن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ ﻓﺿﻼ ﻋن أﻧﻪ ﻟو ﻛﺎن
دورﻩ ﻛذﻟك ،ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻠزم ﺑﺄن ﯾﺑﯾن ﻟﻠطرﻓﯾن أﺑﻌﺎد اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة إﺣﺗﻼام ذﻟك اﻻﺗﻔﺎق ﻟﻠﻘﺎﻧون وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎن
ﻫذا اﻟوﺟﻪ ﻣؤﺳس و ﯾﻧﺟر ﻋﻧﻪ اﻟﻧﻘض ﺟزﺋﯾﺎ ﻟﻠﺣﻛم ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ".1
ﺧﺎﻣﺳﺎً –إﺻدار ﺣﻛم اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ :إذا ﺗﻌذر اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﯾﺛﺑت إرادة اﻟزوﺟﯾن
2
ﺑﺈﺻدار ﺣﻛم ﯾﺗﺿﻣن اﻟﻣﺻﺎدﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺗﻔﺎق اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،و ﯾﺻرح ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺑﺈرادة اﻟزوﺟﯾن
وﻣﺗﻰ ﺗراﺿﺎ اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟﻣﺳﺎﺋل و اﻟﺗﻲ ﯾﺿﻣﻧﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ وﺗﻛون ﻛﺗﺳﺑﯾب
ﻟﻠﺣﻛم ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﺗﻲ ﺗﺣول أﻣﺎم اﻟزوج ﻋﻧد ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ ﻟﻠطﻌن .
ﺑﻌد ﻣﺎ ﺗﻣت دراﺳﺔ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إرادة اﻟزوﺟﯾن ،ﺑﻘﻲ
ﺳؤال ﻣﻬم ﯾطرح ﻧﻔﺳﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﺳﺎط اﻟﻣوﺿوع ،ﻣﻔﺎدﻩ :ﻫل ﯾﺧﺗﻠف دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد طﻠب
اﻟطﻼق ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إرادة اﻟزوﺟﺔ ؟
- 1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻻﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻣﻠف رﻗم 0905248ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2015،/02/12ﻗرار ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
135
ﻫذا ﻣﺎ ﺳوف ﯾﺗم دراﺳﺗﻪ ،ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗﺎﻟﻲ.
136
134
135
136
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ
دور اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟزوﺟﺔ
ﻓﻛﻣﺎ ﻟﻠرﺟل اﻟﺣق ﻓﻲ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﻌﺻﻣﺔ ﺑﯾدﻩ ،ﻓﺈن اﻟﺷرﯾﻌﺔ
اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ أﺟﺎزت ﻟﻠﻣرأة ﺣق ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،إذا ﻛﺎن ﻓﻲ دوام ﻫذﻩ اﻟراﺑطﺔ ﻣﺿرة ﻟﻬﺎ ،1وأن اﻟﺣﯾﺎة
أﺻﺑﺣت ﻻ ﺗطﺎق ﻣﻊ ﻫذا اﻟزوج .وﻫو ﻧﻔس اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟذي ﺗﺑﻧﺎﻩ اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺑﺈﺗﺑﺎع إﺟراءات
اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ ،2وﻟذﻟك ﺳوف ﻧﺗﻧﺎول دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ) اﻟﻣطﻠب اﻷول(
ودورﻩ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد طﻠب اﻟﺧﻠﻊ ) اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
اﻟﻣطﻠب اﻷول
دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ﻣن اﻟزوﺟﺔ
ﻟﻘد ﺳﺑق اﻟﻘول أن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة وﺟوﺑﻲ ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة )(439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻓﻠﯾس ﻣﻌﻧﻰ ذﻟك أﻧﻪ إﺟراء ﺟوﻫري ﯾﺗرﺗب ﻋن ﺗﺧﻠﻔﻪ اﻟﺑطﻼن ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻘﻊ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺗزام
اﻟوﻓﺎء ﺑﻪ ﻣﺗﻰ أﻣﻛن ذﻟك ،ﻟﻛن أﺣﯾﺎﻧﺎ إﺟراﺋﻪ ﯾﻛون ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺷﺄن ﻓﻲ اﻟطﻼق
اﻟﺛﻼث)طﻼق اﻟزوج( ،وﻧﻔس اﻷﻣر ﯾﻼﺣظ ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟﺗطﻠﯾق ،ﻓﻬﻧﺎك أﺳﺑﺎب ﻋدﯾدة ﻋددﺗﻬﺎ اﻟﻣﺎدة )(53
ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،3واﻟﺳﺑب اﻟﻌﺎﺷر ﻣﻧﻬﺎ وﺳﻊ اﻟﺑﺎب ،ﺑﺄن أﺟﺎز اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻛل ﺿرر .وﻗﺑل اﻟﺗطرق إﻟﻰ
ﻣﺳﺄﻟﺔ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻧﺗﻌرض ﻟﻠطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق وﻋﻼﻗﺗﻪ
ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ )اﻟﻔرع اﻷول( ﺛم اﻟﺗطرق ﻟﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟﺗطﻠﯾق )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ (.
-1ﻣﺣﻣد ﻟوﻋﯾل ،اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻣرأة ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،دار ﻫوﻣﺔ ،اﻟﺟزاﺋر ،2006،ص .60
2
-ﻓﻠم ﯾﻬدر اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺣق اﻟﻣرأة ﻓﻲ إﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺻﺑﺣت ﻻ ﺗﺗﺣﻣﻠﻬﺎ إﻣﺎ ﺑﺳﺑب ﺗﻘﺻﯾر وﻋدم ﻗﯾﺎم
اﻟزوج ﺑواﺟﺑﺎﺗﻪ ،وذﻟك ﻣﻣﺎ ﻓﺗﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺎب اﻟﺗطﻠﯾق ﻋﻠﻰ ﻣﺻراﻋﯾﻪ ،ﻟدرء اﻟﺿرر ﻋﻠﯾﻬﺎ ،ﻛﻣﺎ اﻧﻪ ﻗد ﯾﺣﺻل وأن ﻻ ﯾﻘﺻر اﻟزوج
ﻣﻌﻬﺎ وﻣﻊ ذاﻟك ﺗﻛون اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ.إﻣﺎ ﺑﺳﺑب ﻛراﻫﯾﺔ اﻟزوﺟﺔ ﻟﻪ و ﻧﻔورﻫﺎ ﻣﻧﻪ ،ﻣﻣﺎ ﻗرر ﻟﻬﺎ ﺣﻘﺎ ﺧﺎﻟص
ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻻﺳﺗرﺟﺎع ﺣرﯾﺗﻬﺎ ﻣﻘﺎﺑل ﻣﺎل .أﻧظر :ﺗﺷوار ﺣﻣﯾدو زﻛﯾﺔ ،ص .69
-3اﻟﻣﺎدة ) (53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة.
137
اﻟﻔرع اﻷول
اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﺣﻛم اﻟﺗطﻠﯾق وﻣدى ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ
ﯾﺗﻔق اﻟﻔﻘﻪ ﺑﺄن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ﻫو ﺣﻛم ﻣﻧﺷﺊ وﻟذﻟك ﻻ ﯾطرح إﺷﻛﺎل ﺑﯾن رﺟﺎل
اﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﻔﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﺗﻘﯾﺔ ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ":أن اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﺗﺣت ﺑﺎب ﻟﻠزوﺟﺔ ﻓﺟﻌﻠت ﻟﻬﺎ
ﺣق اﻟﻠﺟوء ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻟطﻠب ﺗطﻠﯾﻘﻬﺎ ،وأوﺟﺑت ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﺗﻰ ﺛﺑت ﻟدﯾﻪ اﻟﺳﺑب اﻟﻣﺑرر
ﺷرﻋﺎً ﻟطﻠﺑﻬﺎ ،واﻣﺗﻧﻊ اﻟزوج أن ﯾﻔﺎرﻗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﻌروف.وﻋددت اﻟﻣﺎدة ) (53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة أﺳﺑﺎب طﻠب
اﻟﺗطﻠﯾق ،وﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻘدر اﻟﺿرر إﻋﻣﺎﻻ ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ وﻻ رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ذﻟك و
ﺑذﻟك ﻓﺄﺣﻛﺎم اﻟﺗطﻠﯾق ﻣن ﺣﯾث طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ ﻫﻲ أﺣﻛﺎم إﻧﺷﺎﺋﯾﺔ ،1وذﻫب إﻟﻰ اﻟﻘول ..":ﻓﺎﻟﺗطﻠﯾق ﯾﺟﻌل أﻣر
ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﯾد اﻟﻘﺎﺿﻲ إذا ﻛﺎن ﯾﺳﺗﻧد ﻷﺣد اﻷﺳﺑﺎب اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (53ﻓﺎﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر
ﺑﺎﻟطﻼق ﺣﻛم ﻛﺎﺷف ﻹرادة اﻟزوج ،أﻣﺎ اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ﻓﻬو ﺣﻛم ﻣﻧﺷﺊ ﻟﻪ ،ﻓﺎﻟﻧوع اﻷول ﺗﻧﻌدم ﻓﯾﻪ
اﯾﺟﺎﺑﯾﺎ ،ﺑل ﺗﻌﺗﺑر
ﻫﺎﻣﺎ و ً
إ ار دة اﻟﻘﺎﺿﻲ ،أﻣﺎ اﻟﻧوع اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﺗﻠﻌب إرادة اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ إﻧﺷﺎﺋﻬﺎ و ﺗﻛوﯾﻧﻬﺎ دوراً ً
إرادة اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻌﻧﺻر اﻟداﺧﻠﻲ ﻓﻲ ﺗﻛوﯾن ﻫذا اﻟﺣﻛم .2 .
ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ":إن ﻛل ﻣن اﻟﺗطﻠﯾق واﻟﺧﻠﻊ ﻻ ﯾﻛون ﻟﻬﻣﺎ أي أﺛر إﻻ إذا ﺗﻘدﻣت
اﻟزوﺟﺔ ﺑطﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ﻷﺟل ذﻟك ،وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة "...وﺑطﻠب ﻣن
اﻟزوﺟﺔ "..وﻣن ﺛم ﻻ ﯾﻛون ﻟﻬﻣﺎ وﺟود إﻻ اﺑﺗداء ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ ،وﻣﻧﻪ
3
ﯾﻧﺷﺄ اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﺟدﯾد ﻓﯾﻛون ﺣﯾﻧﻬﺎ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﺻﺎدر ﺑﺷﺄﻧﻬﻣﺎ ﺣﻛﻣﺎ ﻣﻧﺷﺋﺎ.
وﻓﻲ ﻧﻔس اﻻﺗﺟﺎﻩ ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﺑوﺟﺎﻧﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم ":أﻧﻪ ﯾﻣﻛن ﻟﻠزوﺟﺔ أن ﺗﻔك زوﺟﯾﺗﻬﺎ ﻟﯾس
ﺑﺈرادﺗﻬﺎ اﻟﻣﻧﻔردة ٕواﻧﻣﺎ ﻋن طرﯾق اﻟﻘﺎﺿﻲ" ، 4ﻓﻲ ﺣﯾن ﻧﺟد اﻷﺳﺗﺎذ ﻋﻣر زودة ﯾﺻرح ":ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﻣﯾز
1
-ﺗﻘﯾﺔ ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .235
2
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .241
3
-ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .73
-4ﺑوﺟﺎﻧﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .174
:-وﻫو ﻣﺎ ﯾؤﻛدﻩ اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ:ﻣن ﺧﻼل ﻗرار ﻗﺿﺎﺋﻲ ﺟﺎء ﻓﯾﻪ " :ﻣن اﻟﻣﻘرر ﺷرﻋﺎ أن اﻟطﻼق ﻫو ﺣق ﻟﻠرﺟل ﺻﺎﺣب
اﻟﻌﺻﻣﺔ ،وأﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺣل ﻣﺣﻠﻪ ﻓﻲ إﺻدارﻩ ،أﻣﺎ اﻟﺗطﻠﯾق ﻓﻬو ﺣق ﻟﻠﻣرأة اﻟﻣﺗﺿررة ،وﺗرﻓﻊ أﻣرﻫﺎ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟذي
ﯾطﻠﻘﻬﺎ" ،أﻧظر :اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ )ﺳﺎﺑﻘﺎ( ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،35026ﻣؤرخ ﻓﻲ ﺑﺗﺎرﯾﺦ1984/12/03
اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد ،1989 ،04ص .86
138
ﺑﯾن اﻟﺣق اﻹرادي اﻟذي ﯾوﻟد ﻣﻊ ﻣﯾﻼد اﻟﺣق أو اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،1وﺑﯾن اﻟﺣق اﻹرادي اﻟذي ﻻ ﯾوﻟد ﻣﻊ
ﻣﯾﻼد اﻟﺣق أو اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻓﻼ ﯾﻧﺷﺄ ﻫذا اﻟﺣق ،إﻻ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾرﺗﻛﺑﻪ اﻟطرف اﻵﺧر ﻓﻲ اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣن إﺧﻼل ﺑﺎﻟﺗزاﻣﻪ.
وﻣن أﻣﺛﻠﺔ ﻫذﻩ اﻟﺣﻘوق ﺣق اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﺗطﻠﯾق ،2ﻓﺎﻟزوﺟﺔ ﺗرﻓﻊ دﻋوى وﺗطﺎﻟب ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ
أﺣد اﻷﺳﺑﺎب اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻓﻬﻲ ﺗﺳﺗﻧد ﻋﻠﻰ ﺗﻘرﯾر و اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ إﺧﻼل اﻟزوج
و ﺗﻘﺻﯾرﻩ ﺑﺄﺣد اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟواﻗﻌﺔ ﻋﻠﯾﻪ ،ﻓﯾﻧﺷﺄ ﻟﻬﺎ ﺣق ﺣل اﻟزواج .
ﻻ ﯾﻧﺷﺄ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺗطﻠﯾق إﻻ ﺑوﺟود إﺧﻼل ﻓﻲ اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟزوﺟﯾﺔ وﻛﻧﺗﯾﺟﺔ ﺣﺗﻣﯾﺔ ﯾﻧﺷﺄ ﻟﻬﺎ ﺣق
إرادي وﻣن ﺛﻣﺔ ﯾﺻﺑﺢ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻫو اﻟﻣﺻدر اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻟﻠﺣق اﻹرادي و اﻹﺧﻼل ﺑﺎﻻﻟﺗزام ﻛﻣﺻدر
ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ﻟﻠﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻣﻧﺷﺊ ،3ﻓﻲ ﺣﯾن ﺗرى اﻷﺳﺗﺎذة ﺑوزﯾد وردة":أن رﻓﻊ اﻟزوﺟﺔ ﻟدﻋوى
اﻟﺗطﻠﯾق ،وﻣﺎ ﺗﻘ دﻣﻪ ﻣن أﺟل ﺣل رﺑﺎط اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﯾس اﺳﺗﻌﻣﺎﻻ ﻟﻠﺣق اﻹراديٕ ،واﻧﻣﺎ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻟﻠﺣق ﻓﻲ
ﻗﺿﺎﺋﯾﺎ .4
ً اﻟدﻋوى اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﯾﻛون ﺗﻔرﯾﻘﺎ
وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﻟﺗطﻠﯾق ﻣﻌﻠق ﻋﻠﻰ اﺳﺗﯾﻔﺎء إﺟراء ﻣﻌﯾن ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻘدﯾم اﻟطﻠب ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ طﺑﻘًﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة
) (53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋري أﺟﻣﻌﺎ ﻋﻠﻰ أن ﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ﻫو ﺣﻛم ﻣﻧﺷﺊ ﻻ
ﻛﺎﺷف،ﻏﯾر أن اﻟﺗﺳﺎؤل اﻟذي ﯾطرح ﻫل ﺗؤﺛر طﺑﯾﻌﺔ ﻫذا اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ أم ﻻ ؟
إن اﻟﺳﻧد اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻣﻌﺗﻣد ﻣن طرف اﻟﻘﺿﺎء ﻹﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى ﻗﺑل أن ﯾﺻدر ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة ،ﻫو ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (17اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻣﻠﻐﻰ ،و اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺟﯾز
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣواد ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص دﻋﺎوى اﻟطﻼق ﺑوﺟﻪ ﻋﺎم وﻫو ﻣﺎ ﺗﺑﻧﺎﻩ
اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﻣﺧﺗﻠف ﺻورﻫﺎ ،وﻋﻧد ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻟﺳﻧﺔ 1984اﻟذي
ﺟﺎء ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣﻧﻪ اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻋﻣد ﻛل ﻣن اﻟﻔﻘﻪ ورﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون
-وﻧﺟد ﻗرار أﺧر ﻟﻠﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﯾﺻرح ":ﺣﯾث أﻧﻪ إذا ﻛﺎن ﻟﻠزوج أن ﯾوﻗﻊ اﻟطﻼق أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﻠﯾس ﻟﻪ أن ﯾﺳﺗﺑد
ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺷرة زوﺟﺗﻪ أو ﯾﻣﻧﻌﻬﺎ ﺣﻘﺎ ﻣﺧوﻻ ﻟﻬﺎ ﻣن ﻗﺑل اﻟﺷرع أو ﯾﺿﺎرﻫﺎ ﺑﻣﺎ ﻻ ﺗﺣﻣل اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻣﻌﻪ ،ذﻟك اﻧﻪ ﻟﻠزوﺟﺔ طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ﻣﻧﻌﺎ
ﻟﻠﺿرر و اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺟﻌل ﻟﻪ اﻟﺷرع وﻻﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ ذﻟك ﻣﻧﻌﺎ ﻟﻸﺿرار اﻟذي ﻣن أﻧواﻋﻪ اﻟﺿرب اﻟﻣﺗﻛرر اﻟﻣؤﻟم ،"..اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ
)ﺳﺎﺑﻘﺎ( ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ،1971/01/12ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،ﻋدد ،1972،02ص ص .61
-1ﻛﺣق اﻟواﻫب ﻓﻲ اﻟرﺟوع ﻋن اﻟﻬﺑﺔ و ﺣق اﻟﺧﺎطب ﻓﻲ ﻓﺳﺦ اﻟﺧطوﺑﺔ .
-2زودة ﻋﻣر ،طﺑﯾﻌﺔ اﻷﺣﻛﺎم ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ أﺛر اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .99
3
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .102
-4ﺑوزﯾد وردة ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص. 50
139
وﺣﺗﻰ اﻟﻘﺿﺎء اﻟذي ﺑﺎدر إﻟﻰ ﺗطﺑﯾق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣﻧﻪ ﻛﺄﺳﺎس ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ ﺻور ﻓك اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ دﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق.
ﻓﻛﺎن ﻫﻧﺎك ﺧﻠط وﻋدم اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾﺗم أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻌد ﻧطق اﻟزوج ﺑﺎﻟطﻼق واﻟذي
أﺳﺎس إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﻪ ﻫو ﻧص اﻟﻣواد ) (49و) (50ﻣﻊ اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾﺟرى ﻓﻲ دﻋﺎوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑطﻠب ﻣن اﻟزوﺟﺔ اﻟذي أﺧﺿﻌﻪ ﻛل ﻣن اﻟﻔﻘﻪ و اﻟﻘﺿﺎء إﺟراءﻩ إﻟﻰ ﻧﻔس اﻟﻣﺎدﺗﯾن اﻟﺳﺎﻟﻔﺗﻲ
اﻟذﻛر ،اﻟﺷﻲء اﻟذي أدى إﻟﻰ وﻗوع اﻻﻟﺗﺑﺎس و اﻟﺗداﺧل ﻓﻲ أﺣﻛﺎﻣﻬﻣﺎ ،وﺧﯾر دﻟﯾل ﻫو ﺗطﺑﯾﻘﻬم ﻧص اﻟﻣﺎدة
) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣن اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ ﻓﻲ ﺣﯾن أن ﻫذا اﻟﻧص ﯾﺧص اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة
اﺳﺗﻧﺎدا ﻟﻧص
ً اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج ﻓﻘط ، 1و ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ﻓدﻋﺎوى اﻟﺗطﻠﯾق ﯾﺟرى ﻓﯾﻬﺎ ﺻﻠﺢ ﻟﯾس
اﻟﻣﺎدة ) (49ﻛﻣﺎ ﯾذﻫب إﻟﯾﻪ اﻟﺳواد اﻷﻋظم ﻣن اﻟﻔﻘﻪ ،و ﻫو ﺧطﺄ ﺷﺎﺋﻊ.
واﻟﺟدﯾر ﺑﺎﻟذﻛر أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،وﻗﻌت ﻫﻲ اﻷﺧرى ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺧطﺄ ﻓﻛﺎﻧت ﺗﻘﺿﻲ وﻻ ﺗزال إﻟﻰ
ﻏﺎﯾﺔ اﻟﯾوم ﻣن ﺧﻼل ﻗ ارراﺗﻬﺎ ،ﺑﺣﯾث ﯾﻼﺣظ أﻧﻬﺎ داﺋﻣﺎ ﺗﺣﺎول إﺳﻘﺎط أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (49و) (50ﻋﻧد
ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﻠﺢ وﻛذا أﺣﻛﺎم اﻟرﺟﻌﺔ ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟﺧﻠﻊ واﻟﺗطﻠﯾق ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن ﻗ ارراﺗﻬﺎ .2
-1ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 76
2
-وﻣﺎ ﯾؤﻛد ذﻟك ﻫو ﻣوﻗف اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣن ﺧﻼل ﻗرار ﺻﺎدر ﻟﻬﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ " 1997/10/23ﺑدﻋوى أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﺻﻠت
ﻓﻲ طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق اﻟﻣﻘدم ﻣن طرف اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ دون ﻣﻧﺢ أﺟﻼ ﻟﻠطﺎﻋن ﻟﯾﺗﻣﻛن ﻣن اﻟﺣﺿور اﻟﺷﺧﺻﻲ أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ".
وﻛﺎن رد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻋن ﻫذا اﻟوﺟﻪ ﻛﺎﻷﺗﻲ ":ﻟﻛن ﺣﯾث أﻧﻪ ﻻ ﯾﺳﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن اﻟطﺎﻋن ﻗد طﻠب أﺟل
ﻟﯾﺗﻣﻛن ﻣن اﻟﺣﺿور اﻟﺷﺧﺻﻲ أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﻟﻛن ﻛﺎن ﯾﻣﺛﻠﻪ ﻣﺣﺎﻣﯾﻪ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﯾﺗﺿﻣن اﻹﺷﺎرة
إﻟﻰ أﻧﻪ ﺻدر ﺑﻌد ﺗﺄﺟﯾل اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻋدة ﻣرات ﻟﯾﺗﻣﻛن طرﻓﯾﻬﺎ ﻣن إﺑداء دﻓﻌوﻫﻣﺎ .وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻓﺎﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أن إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺗم دون أن ﺗﺗﺟﺎوز ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ﺛﻼث أﺷﻬر ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻪ ﻏﯾر ﻣؤﺳس
ﻣرﻓوض ،"...اﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،174132ﻣؤرخ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،1997/10/23ﻧﺷرة
اﻟﻘﺿﺎة ،ﻋدد ،1999 ، 55ص 179إﻟﻰ .181
-وﺟﺎءت ﻓﻲ ﺣﯾﺛﯾﺎت ﻗرار أﺧر ﻣﺎ ﯾﻠﻲ" :إن اﻟﺣﻛم ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻻ ﯾﺻدر إﻻ ﺑﻌد اﺗﺧﺎذ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ
ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ﻋﻣﻼ ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة .ﯾﺗﺑﯾن أن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻻﺑﺗداﺋﻲ ﻟم ﯾراع أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠب اﺗﺧﺎذ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻗﺑل إﺻدار ﺣﻛم ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﺷﺊ اﻟذي ﯾﻧﺟر
ﻋﻧﻪ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ و إﺣﺎﻟﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔس اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ،"...اﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ، 96688ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1994/01/18ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،ﻋدد ،1997 ،50ص 80اﻟﻰ .84
وﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار أﺧر ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2014/01/16أن اﻟطﺎﻋن أﺛﺎر وﺟﻬﯾن ﻟﻠطﻌن ﻟﺗﺄﺳﯾس طﻌﻧﻪ ﻋن اﻟوﺟﻪ اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﻔرع
اﻷول اﻟﻣﺄﺧوذ ﻣن اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻣﺎدة 53ﻓﻘرة 10ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة.واﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﻣﺄﺧوذ ﻣن اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق
اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و اﻟﻣواد ) ،(439ﻓﺿﻼً ﻋن أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻟم ﺗﻌﻘد ﻋدة ﺟﻠﺳﺎت ﺻﻠﺢ ﻛﻣﺎ أﺷﺎرت إﻟﻰ ذﻟك
ﺑﻌﻘد ﺟﻠﺳﺔ ﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﺑل اﺳﺗﻣﻌت إﻟﻰ اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻟم ﯾﺗﻣﻛن اﻟطﺎﻋن ﻣن اﻟﺣﺿور إﻟﻰ ﺟﻠﺳﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ
140
ﻓﺈذا أﺗﯾﻧﺎ إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،اﻟﻣﺷرع أﺑدا ﻟم ﯾﻘﺻد ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ دﻋوى اﻟﺧﻠﻊ
أو اﻟطﻼق ﻗﺑل اﻟﺑﻧﺎء أو دﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق ،ﻷﻧﻪ وﻟو ﻓرﺿﻧﺎ أﻧﻪ ﯾﻣﻛن ﺗطﺑﯾق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻋﻠﻰ دﻋﺎوى
اﻟﺗطﻠﯾق ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺻﺢ ﻛذﻟك ﺗطﺑﯾق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (50ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ،و ﻫذا ﻻ ﯾﻌﻘل ﻷن ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﻓﻲ
ﺣد ذاﺗﻬﺎ ﺗﻧص ﻋن ﻣن ﯾراﺟﻊ زوﺟﺗﻪ و ﻟﯾس ﻣن ﺗراﺟﻊ زوﺟﻬﺎ ،ﻓﻬل ﯾﻌﻘل أن ﻧﻘول ﻣن راﺟﻌت زوﺟﻬﺎ ؟
اﻟﺟواب " ﻻ " ،ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﯾﺧﺎطب اﻟزوج اﻟذي أوﻗﻊ اﻟطﻼق ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ،وﯾراﺟﻌﻬﺎ ﺧﻼل ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﻣطﻠﻘﺎ ﻣن راﺟﻌت زوﺟﻬﺎ وﻫذا ﯾﺳﺗﻧﺗﺞ ﻣن روح ﻧﺻوص ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎل طرق اﻟﺗﻔﺳﯾر
ً و ﻟم ﯾﻘل
وﻣﻧطﻘﯾﺎ.
ً ﻣﻧﻬﺟﯾﺎ
ً اﻟداﺧﻠﯾﺔ وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻣوﻗﻊ اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ وطرﯾﻘﺔ ورودﻫﺎ
ﻟﻛﻲ ﯾﺗﺄﻛد اﻟدﻟﯾل و ﯾﻘوى أﻛﺛر ﻋﻧد اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ طرق اﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ،وﺿﻊ ﻓﺎﻟﻣﺷرع و ﻧص
اﻟﻣﺎدة ) (222ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ ﺗﺣﯾل إﻟﻰ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،وﻫﻧﺎ ﻧطرح ﺳؤال ﻣﻔﺎدﻩ :ﻟﻣن ﯾﺛﺑت
ﺣق اﻟرﺟﻌﺔ ﻟﻠزوج أم ﻟﻠزوﺟﺔ؟ ،وﻣﺗﻰ وﻓﻲ أي ﻧوع ﻣن أﻧواع ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ؟ ،و ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد ﺳوف ﯾﻛون
اﻟﺟواب ﯾﺛﺑت ﻟﻠزوج ﻛﺣق ﺧﺎﻟص ﻟﻪ و ﺑﻣﻔردﻩ وأﺛﻧﺎء ﻓﺗرة ﻣﺣددة أي أﺛﻧﺎء اﻟﻌدة ﻓﻲ اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ،و
ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻠﺗطﻠﯾق ﺑﺎﻟﻣواد ) (49و ) (50و ) (51و ) ،(52ﻷﻧﻪ ﺗﺧص ﻓﻘط اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة
اﻟﻣﻧﻔردة .1
ﻓﻔﻲ اﻟﺗطﻠﯾق اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺗﺑﻘﻰ ﻗﺎﺋﻣﺔ إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ طﻠﺑﻬﺎ وﻗد ﻻ ﯾﺣﻛم ﻟﻬﺎ
ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ﻷﻧﻪ ﻗد ﯾرﻓض طﻠﺑﻬﺎ ،وطﺎﻟﻣﺎ أن اﻟﺗطﻠﯾق ﯾﻧﺷﺋﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻼ ﻣﺟﺎل ﻟﻠﺣدﯾث ﻋن اﻟرﺟوع ﻗﺑل
اﻟﺻﻠﺢ ،و ﺑذﻟك ﯾﻛون اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻷول ﻗد ﻗﺻر ﻓﻲ ﻣﺳﺎﻋﻲ اﻟﺻﻠﺢ و ﺧﺎﻟف ﺑذﻟك اﻟﻬدف و اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﺳﻠﯾم ﻟﻠﻣواد اﻟﻣﺷﺎر
إﻟﯾﻬﺎ ".ردت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ وﻛﺎن ﺗﺳﺑﺑﯾﻬﺎ ﻛﺎﻷﺗﻲ . ":ﻋن اﻟﻔﺻل ﻓﻲ دﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق و إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ و ﻓﻲ ﻏﯾﺎب
اﻟطﺎﻋن ،ﻓﺎن اﻟﻌﺑرة ﻓﻲ اﺣﺗرام ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن اﻟﻘﺎﻧون ،ﻫﻲ ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﺣﺿور طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﯾﻌود ﺗﻘدﯾر ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع و ﻻ رﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ذﻟك ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻷﻧﻪ ﻷدرى
ﺑﻣدى ﺗﻣﺳك طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑطﻠﺑﻪ ،و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎن ﻫذا اﻟﻔرع ﻏﯾر ﻣؤﺳس وﯾﺗﻌﯾن رﻓض اﻟوﺟﻪ ورﻓض اﻟطﻌن " أﻧظر: :
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،0879231اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ،2014/01/16ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
-1ﻻن اﻟزوج ﯾطﻠق ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ً
طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺛم اﻟزﻣﻪ اﻟﻣﺷرع ﻣن أﺟل إﺛﺑﺎت ﻫذا اﻟطﻼق
ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون و ﻋﻠﻰ أن ﯾﺟري اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻟﻣدة ﺛﻼﺛﺔ) (03أﺷﻬر واﻟﺗﻲ ﺗﻘﺎﺑل
ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (50إذ اﻟزوج اﺳﺗﻌﻣل ﺣﻘﻪ ﻓﻲ اﻟرﺟﻌﺔ أﺛﻧﺎء اﻟﻌدة ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻋﻘد اﻣﺎ ﺑﻌدﻩ
ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻋﻘد ﺟدﯾد ﻛون اﻟزوﺟﺔ زاﻟت ،ﺛم ﺗﻌرض اﻟﻣﺷرع إﻟﻰ اﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠرﺟل اﻟذي طﻠق ان ﯾراﺟﻊ ﻣن طﻠﻘﻬﺎ ﺛﻼث
ﻓﻔﻲ ﻛل اﻟﻣواد اﻟﻣﺷرع ﯾﺧﺎطب اﻟزوج وﺟﺎءت اﻟﻧﺻوص ﻣﺗواﻓﻘﺔ وﻣﻧطﻘﯾﺔ ﺛم اﻛﺑر دﻟﯾل ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 52ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ
إذا ﺗﺑﯾن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺗﻌﺳف اﻟزوج ﺣﻛم ﻟﻠﻣطﻠﻘﺔ أي اﻟﺗﻲ طﻠﻘﻬﺎ زوﺟﻬﺎ ﻻ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﺛم اﻧﺗﻬﻰ ﻣن ﺗﻧظﯾم اﻟطﻼق
ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة و ﺑﻌدﻩ ﻣﺑﺎﺷرة ﺗطرق إﻟﻰ طﻠب اﻟزوﺟﺔ ﻟﻠﺗطﻠﯾق ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (53ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﺛم ﺑﻌدﻫﺎ ﺗﻧﺎول ﻣﺳﺄﻟﺔ
اﻟﺧﻠﻊ ﻓﻠم ﯾﺧﻠط اﻟﻣﺷرع ﺑﯾن أﺣﻛﺎم ﻫذﻩ اﻟﻣواد و ﻟم ﯾﻌﺗﻣد ﻧظﺎم اﻹﺣﺎﻟﺔ.
141
ﺻدور اﻟﺣﻛم ،وﻟﻬذا اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﻘل ﻣن راﺟﻌت زوﺟﻬﺎ وﻫذا ﻫو اﻟﻣﻧطق ﻓﻼ ﯾوﺟد ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﻗﺑل اﻟﻧطق ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫو ﻣن ﯾﻧﺷﺊ اﻟطﻼق ﻧﯾﺎﺑﺔ ﻋن اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ ﻟدﻋواﻫﺎ ﺑﺷﺎن
اﻟﺣﺎﻟﺔ أو اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗدﻋﯾﻬﺎ وﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ﻻ ﺑﺎﻟطﻼق .1
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن اﻟﻣﻘﺻود ﺑﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (50ﻫﻲ ﻓﺗرة زﻣﻧﯾﺔ وﻫﻲ اﻟﻌدة ،ﻓﻛﯾف
ﻧطﺑﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطﻠب اﻟﺗطﻠﯾق و ﻋدﺗﻬﺎ ﻻ ﺗﻛون إﻻ ﺑﻌد اﻟﺣﻛم ،2ﻓﺈذا وﻗﻊ ﺻﻠﺢ ﻗﺑل أن ﯾﺣﻛم
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾوﺟد ﻓك اﻟﻌﺻﻣﺔ و ﻻ ﯾوﺟد ﻋدة ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾطرح أي إﺷﻛﺎل ﻷن اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ و ﻟم
ﺗﻧﺣل أﺻﻼً ﻓﺎﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺣﻘﯾﻘﺔ و ﻟﯾس ﺣﻛﻣﺎ و ﻻ ﻧﺗﺣدث ﻋن اﻟرﺟﻌﺔ ،ﻷن اﻟزوج ﻟم ﯾطﻠق.
أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا ﺻدر ﺣﻛم ﺗﻧﻘﺿﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ و ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻋدة ﻟﻛن ﻻ ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ أي
ﺷﺊ ﻓﻼ ﺗﺟﻌل ﻣن اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺣﻛﻣﺎً ﻛﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺣﺎل ﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ،اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗد
طﯾﻠﺔ ﻣدة ﺛﻼﺛﺔ) (03أﺷﻬر3،وﻫﻧﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ إن ﻟم ﯾﺛﺑت ﻟﻪ اﻟﺿرر ﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺷﻘﺎق ﯾﺑﻌث ﺣﻛﻣﯾن.
ﻟﻛن ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49إذا وﻗﻊ طﻼق اﻧﺗﻬﻰ اﻷﻣر ﻓوﺟب إﺛﺑﺎت ﻫذا اﻟطﻼق ﻓﻣﺎ اﻟﻔﺎﺋدة ﻣن ﺗﻌﯾن اﻟﺣﻛﻣﯾن.
أﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﻘﻊ اﻟطﻼق ﺑﻌد ﺗﺣري اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻪ إﻣﻛﺎﻧﯾﺗﯾن إﻣﺎ أن ﯾﺟري اﻟﺻﻠﺢ ﺣﺳب ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣﺎدة
) (439و ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻣﻊ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ أﺧرى و ﻫﻲ أن ﯾﻌﯾن ﺣﻛﻣﯾن ﻹﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ
اﻟﻣواد ) (56ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة وﻛذا اﻟﻣواد ) (446وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،ﻓﻣﺎ
ﻣﻌﻧﻰ أن ﻧﺟري ﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋوى ﺗطﻠﯾق وﻧرﺑط اﻟﻣراﺟﻌﺔ ﺑدون ﻋﻘد ﺟدﯾد ﺧﻼل ﻓﺗرة ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺗﺳﻣﻰ ﻓﺗرة
اﻟﺻﻠﺢ ،ﺛم ﻧﺟري ﺻﻠﺢ آﺧر ﺑﻌد اﻧﺗﻬﺎء ﺗﻠك اﻟﻔﺗرة و ﻗﺑل ﺻدور اﻟﺣﻛم أو ﺑﻌد ﺻدورﻩ ،وﻧﻘﯾد اﻟﻣراﺟﻌﺔ
ﻋﻠﻣﺎ أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺗطﻠﯾق ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وﺻدور اﻟﺣﻛم ﯾﻛوﻧﺎن ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻠﺣظﺔ ،ﻷن
ً ﺑﻌﻘد ﺟدﯾد،
اﻟﺗطﻠﯾق واﻟﺣﻛم ﺑﻪ ﯾﻛوﻧﺎن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺗطﺎﺑق.
-1ﻫوﯾدي اﻟﻬﺎﺷﻣﻲ ،ﺗوﺿﯾﺣﺎت ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟطﻼق و اﻟﺗطﻠﯾق وﻣﺗﺎع اﻟﺑﯾت ،اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻟﻐرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﻋدد
ﺧﺎص ، ،اﻟﺟزاﺋر ،2001 ،ص . 21
-2اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻪ ﻋدة ﺷرﻋﯾﺔ ﻟﻛن أﺣﻛﺎﻣﻪ ﺗﺧﺗﻠف ﻋن أﺣﻛﺎم ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ .
-3ﻻ ﻣﺟﺎل ﻟﻠﺣدﯾث ﻋن اﻟﻌدة ﻷن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻻ ﺗﺗرﺗب إﻻ ﺑﻌد ﺻدور ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ،ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ اﻟوﺿﻊ
ﻓﻲ طﻼق اﻟزوج اﻟذي ﺗﻛون اﻟﻌدة ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﻧطق اﻟزوج ﻻ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،وﻣﺎداﻣت اﻟﻌدة ﺗﺑدأ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺻدور اﻟﺣﻛم
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗﺟﺎوز ﻣدة ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻛون أن اﻟﻌدة و اﻟﺣﻛم وﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﯾﻧﺷﺋون ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻠﺣظﺔ .
ﻓﺗﻧﻘﺿﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ و ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻋدة ﻟﻛن ﻻ ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ أي ﺷﺊ ﻓﻼ ﺗﺟﻌل ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺣﻛﻣﺎ ﻛﻣﺎ ﻫو
ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺣﺎل ﻓﻲ دﻋوى طﻼق اﻟزوج و اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗد طﯾﻠﺔ ﻣدة 3أﺷﻬر .
142
ﻓﻘﺑل ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻻ ﺗزال ﻗﺎﺋﻣﺔ ٕواﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻫﻧﺎ ﻏﯾر ﻣﻘﯾد ﻻ ﺑﻣدة زﻣﻧﯾﺔ ﻻ
ﺑﻌدة و ﻻ ﯾوﺟد رﺟﻌﺔ ﺑﻣﻔﻬوم أﺣﻛﺎم اﻟرﺟﻌﺔ و إﻧﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻟزوﺟﺔ أن ﺗﺗراﺟﻊ ﻋن طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق .ﻓﻲ ﺣﯾن
اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻟﻣﺎدة )( 50أن اﻟزوج ﻟﻪ أن ﯾﺳﺗﻌﻣل ﺣق اﻟرﺟﻌﺔ ﻓﻲ وﻗت ﺳﻣﺎﻩ اﻟﻣﺷرع ﺑﻔﺗرة اﻟﺻﻠﺢ -أﺛﻧﺎء
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ -اﻟذي ﻫو ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﻓﺗرة اﻟﻌدة -أي أﺛﻧﺎء اﻟﻌدة -دون رﺿﺎ اﻟزوﺟﺔ ،أﻣﺎ ﺑﻌد
اﻧﺗﻬﺎء ﻓﺗرة اﻟﻌدة ﺳواء ﻗﺑل ﺻدور اﻟﺣﻛم أو ﺑﻌدﻩ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻋﻘد ﺟﯾد ﺣﯾث ﯾﺳﺗﻠزم رﺿﺎ اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ
اﻟﺣﺎﻟﺔ وﻫﻧﺎ ﻧﻛون أﻣﺎم اﻟﺻﻠﺢ ،وﻫذا ﻣﺎ ﻻ ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﺗطﻠﯾق إذ ﻻ ﺗوﺟد ﻋدة إﻻ ﺑﻌد ﻓك اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ؛ وﻫذﻩ ﻻ ﺗﺗﺣﻘق ﻣﺎدام ﻟم ﯾﺻدر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﻛﻣﻪ.
و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣن اﻟﻌﺑث أن ﻧطﺑق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (50ﻋﻠﻰ اﻟﺗطﻠﯾق ﻓﻣن ﯾﻘول ﻏﯾر ﻫذا ﯾﻛون وﻗﻊ ﻓﻲ
ﺳوء ﻓﻬم وﺗﻔﺳﯾر ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49و ﺑﺎﻟﺗﺑﻌﯾﺔ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (50وﻫو ﻣﺎ ﻧﻼﺣظﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ و اﻟﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻋﺗﻣﺎدﻫﺎ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻣﺎدة ) (49و) (50ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻓﻲ
دﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،و اﻟذي ﻫو ﺗطﺑﯾق ﺧﺎطﺊ ﻟﻠﻘﺎﻧون. 1
و أﻣﺎم اﻧﻌدام ﻧص ﺻرﯾﺢ ﻹﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟﺗطﻠﯾق ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻧﺻوص اﻟﻣدوﻧﺔ
اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻧﺟد ﻛل ﺣﺎﻟﺔ طﻼق أو ﺗطﻠﯾق أو ﺧﻠﻊ إﻻ و ﻟﻬﺎ ﻧص ﯾﺧص إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ أو ﻧﺟد اﻟﻣﺷرع
اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﯾﻌﺗﻣد ﻧظﺎم اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣواد اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ،وﻫو ﻣﺎ ﻟم ﯾﻔﻌﻠﻪ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ
اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺳﺗﻧد إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة )(4ﻣن ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻛﻣﺑدأ ﻋﺎم اﻟذي ﯾﺧول
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ و ﻟﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ ﺗطﺑﯾﻘﻪ ،أو أن ﯾﻛون إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ
اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون،ﻷن ﺻﯾﺎﻏﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﺟﺎءت ﻋﺎﻣﺔ وﺗﻧطﺑق
ً
ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ ﺻور ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ.
ﺑﻌد أن ﺗم ﺗوﺿﯾﺢ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق وﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ،ﻏﯾر أﻧﻪ ﯾﺑﻘﻰ ﺳؤال
ﯾطرح ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺈﻟﺣﺎح ﻣﻔﺎدﻩ ﻫل ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻹﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف أﺳﺑﺎب دﻋﺎوى اﻟﺗطﻠﯾق
؟ﻫذا ﻣﺎ ﺳوف ﻧﺣﺎول اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻧﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗﺎﻟﻲ.
1
-ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﯾﺛﯾﺎت إﺣدى ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " .ﻟﻛن وﺣﯾث أن اﻟطﻼق اﻟﻣﺣﻛوم ﺑﻪ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺿرر
اﻟﺣﺎﺻل ﻟﻠزوﺟﺔ ﺑﺳب ﻓﻌل اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ ،ﻻن اﻟﻣﺎدة 53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﺗﺳﻣﺢ ﻟﻠزوﺟﺔ ﺑطﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ،طﺑﻘﺎً ﻟﻠﻔﻘرة اﻟﺳﺎدﺳﺔ
ﻣن اﻟﻣﺎدة اﻟﻣذﻛورة ،ﻛﻣﺎ أن ﻧﻔس اﻟﻣﺎدة 50ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﺗﻘﺿﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﺑﻌد ﺻدور اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﻓﺎن اﻟﻣراﺟﻌﺔ ﻻ ﺗﺗم إﻻ ﺑﻌﻘد
ﺟدﯾد ،" .اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،239349ﻣؤرخ ﻓﻲ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،2000/2/22اﻟﻣﺟﻠﺔ
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد ﺧﺎص ،2001 ،ص 107و .108
143
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟﺗطﻠﯾق
وردت ﺣﺎﻻت وردت ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋﺷو ًاﺋﯾﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺧﺻوﺻﯾﺔ
وظروف ﻛل ﻗﺿﯾﺔ ،وأﻣﺎم ﻏﯾﺎب ﻧﺻوص ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﺳﺗﺛﻧﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت ﻣن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻟﻐﯾﺎب اﻟﺣﻛﻣﺔ
ﻣن ﺗﺷرﯾﻌﻪ ،1اﻗﺗﺿﻰ اﻷﻣر ﺗﻧﺎول ﺣﺎﻻت اﻟﺗطﻠﯾق اﻟﺗﻲ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﻬﺎ ﯾﻛون ﻟﻪ ﻓﺎﺋدة) ً
أوﻻ( وﺣﺎﻻت
إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﻬﺎ ﯾﻌد إﺟراءا ﺷﻛﻠﯾﺎ ﺑدون ﺟدوى )ﺛﺎﻧﯾﺎً( وﺣﺎﻻت إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻛون ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم
)ﺛﺎﻟﺛﺎً( .ﻋﻠﻰ ان ﺗﻘﺗﺻر اﻟدارﺳﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌض ﺣﺎﻻت اﻟﺗطﻠﯾق و ﻟﯾس ﻛﻠﻬﺎ .
أوﻻً -اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﻧﺗﺞ ﻓﻲ ﺑﻌض ﺣﺎﻻت اﻟﺗطﻠﯾق:
ﻫﻧﺎك ﺣﺎﻻت اﯾن ﯾﻛون ﻟﺻﻠﺢ أﺛر ﻣﻧﺗﺞ ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻟزوج ﻋن ﺟرﯾﻣﺔ ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺳﺎس ﺑﺷرف اﻷﺳرة و
ﺗﺳﺗﺣﯾل ﻣﻌﻬﺎ ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ)أ( ،و ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا رﻓﻌت اﻟزوﺟﺔ دﻋوى ﺗطﻠﯾق ﻟﻌدم اﻹﻧﻔﺎق)ب(
ﻛذاﻟك ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﺷروط اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟزواج )ج(
أ -اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻟزوج ﻋن ﺟرﯾﻣﺔ ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺳﺎس ﺑﺷرف اﻷﺳرة و ﺗﺳﺗﺣﯾل ﻣﻌﻬﺎ ﻣواﺻﻠﺔ
اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ:
ﻟﻘد أﺟﺎز اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة) ( 4/ 53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻟﻠزوﺟﺔ أن ﺗطﻠب اﻟﺗطﻠﯾق
ﺑﺳﺑب :اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻟزوج ﻋن ﺟرﯾﻣﺔ ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺳﺎس ﺑﺷرف اﻷﺳرة و ﺗﺳﺗﺣﯾل ﻣﻌﻬﺎ ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﻌﺷرة و اﻟﺣﯾﺎة
اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻣن ﺧﻼل ﺗﻔﺣص ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﯾﺗﺑﯾن أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠزوﺟﺔ أن ﺗطﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻫذا
اﻟﺳﺑب إﻻ ﺑﺗوﻓر اﻟﺷروط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ :
-أن ﯾﺻدر ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ﺿد اﻟزوج ﺣﺎﺋز ﻟﻘوة اﻟﺷﻲء اﻟﻣﻘﺿﻲ ﺑﻪ.2
1
-ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻣﻐرﺑﻲ .ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (113ﻣن ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة ":ﯾﺑت ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟﺗطﻠﯾق اﻟﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻠﻰ أﺣد
اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (98أﻋﻼﻩ ،ﺑﻌد اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻹﺻﻼح ،ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻐﯾﺑﺔ ،وﻓﻲ أﺟل أﻗﺻﺎﻩ ﺳﺗﺔ
أﺷﻬر ،ﻣﺎ ﻟم ﺗوﺟد ظروف ﺧﺎﺻﺔ "...
-2وﻛﺎن اﻟﻣﺷرع ﯾﻧص ﻓﻲ اﻟﻧص اﻟﻘدﯾم ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون ﻣﺣل اﻟﺣﻛم ﻋﻘوﺑﺔ ﻣﻘﯾدة ﻟﺣرﯾﺔ اﻟزوج أو إداﻧﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺎﻟﺣﺑس
ﺑﯾﻧﻣﺎ أﻻن أﺻﺑﺢ اﻟﻣﺷرع ﻻ ﯾﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺛل ﻫذا اﻟﺷرط ،و اﻛﺗﻔﻰ ﺑﺎﻟﻘول أن اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻟزوج ﻋن ﺟرﯾﻣﺔ و ﻣن ﺛﻣﺔ إذا
ﻣﺗوﻓر ﺧﻼﻓﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯾﻪ اﻟوﺿﻊ ﻓﻲ اﻟﺳﺎﺑق
ﺣﻛﻣت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟزوج ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻣﻊ و ﻗف اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺷرط ً ا
أﻧظر :ﺗﺷوار ﺟﯾﻼﻟﻲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 54
144
-أن ﺗﻛون اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻌﺎﻗب ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣﻣﺎ ﯾﻣس ﺑﺷرف اﻷﺳرة ،و اﻟﻣﻘﺻود ﺑذﻟك أن ﯾﻛون اﻟﻔﻌل اﻟذي ارﺗﻛﺑﻪ
اﻟزوج وﺻﻣﺔ ﻋﺎر ﻋﻠﻰ اﻷﺳرة ،وﻣن ﻗﺑﯾل ﻫذﻩ اﻟﺟراﺋم ﺿرب و ﺷﺗم اﻟﻔروع ﻟﻸﺻول ،وﺟرﯾﻣﺔ ﻫﺗك
اﻟﻌرض ،ﺧطف اﻷطﻔﺎل...اﻟﺦ.
-أن ﺗﺟﻌل اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﻌﺷرة ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن أﻣ ار ﻣﺳﺗﺣﯾﻼ ﺣﯾث ﯾﺗﺣول اﻟﺣب اﻟﻰ ﺑﻐض و ﻛراﻫﯾﺔ و
ﺗﺻﺑﺢ اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ﺟﺣﯾﻣﺎ ﻻ ﯾطﺎق ،1و ﺑﺟﻣﻊ ﻫذﻩ اﻟﺷروط اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺔ ﯾﻣﻛن ﻟﻠزوﺟﺔ طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق
وﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻓﻲ ذﻟك وﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل وﺟب اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻣﺎ إذا ﻛﺎن إﺟ ارء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ
ﻣﻧﺗﺟﺎ ،أو ﻻ ﺟدوى ﻣﻧﻪ أﺻﻼً ﺑﺣﺳب ظروف ووﻗﺎﺋﻊ اﻟﻘﺿﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث ﯾﺗطﻠب اﻷﻣر أن ﯾﻛون اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ
ﺟدا ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻠف و ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ظرف اﻟﻘﺿﯾﺔ ﯾﺟري اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت ﻫﻧﺎﻟك دﻋوى
ﺑداﯾﺔ اﻷﻣر ﻣطﻠﻌﺎ ً
ﺗطﻠﯾق ﻣرﻓوﻋﺔ ﻣن ﻗﺑل اﻟزوﺟﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺻدور ﺣﻛم ﺟزاﺋﻲ ﺿد اﻟزوج ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻌﻘوﺑﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﺑﺷرف
اﻷﺳرة ،وﻫو ﻓﻲ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻘﺎﺑﯾﺔ ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن ﺧﻼل ﺟﻠﺳﺎت اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﻘدﻫﺎ أن ﯾﺄﻣر ﺑﺈﺣﺿﺎرﻩ
ﻟﯾﻣﺛل أﻣﺎﻣﻪ ،إذا ﻛﺎن ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن إﺧراج اﻟﻣﺣﺑوس أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﺳﻣﺎﻋﻪ ﺑﻣوﺟب إﻧﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ.
ﯾﺗﺄﻛد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻘوﺑﺔ وﺳﻣﺎع ﺗﺻرﯾﺣﺎت ﻛل طرف ،ﻷﻧﻪ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ،إذا
ﻛﺎن ﻣﺣﻛوﻣﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻣدة ﻟﯾس ﺑﺎﻟطوﯾﻠﺔ أو أن اﻟزوج ﻗﺿﻰ اﻟﻌﻘوﺑﺔ ،و ﺧرج ﻣن اﻟﺳﺟن ﺛم ﺗﺄﺗﻲ اﻟزوﺟﺔ
وﺗرﻓﻊ طﻠﺑﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﻌﯾش ﻣﻊ زوﺟﻬﺎ ،ﻫﻧﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺳﺗطﯾﻊ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ،ﻣن أﺟل ﺣﺛﻬﺎ
ﻛﺑﯾر ﻓﻲ
ا دور
ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻣرار ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ،و ﺗﺗراﺟﻊ ﻋن طﻠﺑﻬﺎ ،وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻠﻌب اﻟﻘﺎﺿﻲ ا
إﻗﻧﺎع اﻟزوﺟﺔ ﺑﺄن اﻟزوج أﺧطﺊ ﻓﻌﻼً ،وﻫو ﻧﺎدم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻌل وﻫو ﻣﺳﺗﻌد ﻟﻛﻲ ﯾﺗﻐﯾر و ﯾﺳﺗﺄﻧف اﻟﺣﯾﺎة
وﯾﺗﺧﻠﻰ ﻋن اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﺳﯾﺋﺔ أﻧﻪ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﺔ ﻣﻧﺣﻪ ﻓرﺻﺔ أﺧرى ﻟﯾﺗدارك اﻟﺧطﺄ ،و ﯾﻧدﻣﺞ ﻓﻲ
اﻷﺳرة و اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣن ﺟدﯾد ﻓﺑﺎب اﻟﺗوﺑﺔ ﻣﻔﺗوح واﻟﻌﻔو ﻋﻠﯾﻪ ﻻﺳﯾﻣﺎ و أن اﻟزوج ﯾﺗﻣﺳك ﺑﺎﻟزوﺟﯾﺔ .
ب-اﻟﺗطﻠﯾق ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻹﻧﻔﺎق :
إن اﻟﻧﻔﻘﺔ أﺛر ﻣن أﺛﺎر ﻋﻘد اﻟزواج اﻟﺻﺣﯾﺢ ،2ﻓﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (74ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ":ﺗﺟب ﻧﻔﻘﺔ
اﻟزوﺟﺔ ﻋﻠﻰ زوﺟﻬﺎ ﺑﺎﻟدﺧول ﺑﻬﺎ أو دﻋوﺗﻬﺎ إﻟﯾﻪ ﺑﺑﯾﻧﺔ ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة أﺣﻛﺎم اﻟﻣواد 78و 79و 80ﻣن ﻫذا
-1وﻛﺎن اﻟﻣﺷرع ﯾﻧص ﻓﻲ اﻟﻧص اﻟﻘدﯾم ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون ﻣﺣل اﻟﺣﻛم ﻋﻘوﺑﺔ ﻣﻘﯾدة ﻟﺣرﯾﺔ اﻟزوج أو إداﻧﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺎﻟﺣﺑس
ﺑﯾﻧﻣﺎ أﻻن أﺻﺑﺢ اﻟﻣﺷرع ﻻ ﯾﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺛل ﻫذا اﻟﺷرط ،و اﻛﺗﻔﻰ ﺑﺎﻟﻘول أن اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻟزوج ﻋن ﺟرﯾﻣﺔ و ﻣن ﺛﻣﺔ إذا
ﻣﺗوﻓر ﺧﻼﻓﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯾﻪ اﻟوﺿﻊ ﻓﻲ اﻟﺳﺎﺑق
ﺣﻛﻣت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟزوج ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻣﻊ و ﻗف اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺷرط ً ا
أﻧظر :ﺗﺷوار ﺟﯾﻼﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 54
-2وﻻ ﺗﺟب اﻟﻧﻔﻘﺔ ﻟﻠزوﺟﺔ إذا ﻛﺎن اﻟزواج ﻓﺎﺳدا ،أو ﻛﺎﻧت اﻟزوﺟﯾﺔ ﻏﯾر ﺻﺎﻟﺣﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾق أﻏراض اﻟزوﺟﯾﺔ .إﻧﻣﺎ و ﺟﺑت
اﻟﻧﻔﻘﺔ ﻟﻼﺣﺗﺑﺎس اﻟزوﺟﺔ ﻟﻠزوج ،و ﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻷوﻻد و ﺷؤون اﻟﺑﯾت.
145
ﻛﺑﯾر ﺑﻣﺳﺄﻟﺔ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ﻛل اﻷﺣوال ،1وأﻛد ﻋﻠﻰ
اﻫﺗﻣﺎﻣﺎ ً ا
ً اﻟﻘﺎﻧون " ،وﻟﻬذا أوﻟﻰ اﻟﻣﺷرع
اﻟطﺎﺑﻊ اﻹﻟزاﻣﻲ ﻟﺗﺳدﯾدﻫﺎ ،واﻹﺧﻼل ﺑﻬذا اﻻﻟﺗزام ﻣوﺟب ﻟﻠزوﺟﺔ ﺣق طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق وﻟذﻟك اﺷﺗرط اﻟﻣﺷرع
ﺷروط وﻫﻲ:
-ﺷرط ﻋدم إﻧﻔﺎق اﻟزوج ﻋﻠﻰ زوﺟﺗﻪ ﺑﺎﻣﺗﻧﺎﻋﻪ ﻋن ﺗﻘدﯾم ﻣﺎ ﺗﺣﺗﺎﺟﻪ اﻟزوﺟﺔ طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ) (78ﻣن ﻧﻔس
اﻟﻘﺎﻧون.
-ﺷرط اﺳﺗظﻬﺎر اﻟزوﺟﺔ ﺑﺣﻛم ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟزوج ﻟﻘﺑول دﻋواﻫﺎ ،2ﻟﻛن ﻫﻧﺎك ﻣن ﯾرى أﻧﻪ ﻟﯾس ﻣن
اﻟﺿروري إﺣﺿﺎر اﻟزوﺟﺔ ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ﺻﺎدر ﻋن ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﯾﻘﺿﻲ ﺑوﺟوب اﻟﻧﻔﻘﺔ و رﻓض
اﻟزوج اﻻﻣﺗﺛﺎل أو اﺳﺗظﻬﺎر ﺣﻛم ﺟزاﺋﻲ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻹﻫﻣﺎل اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ ﻟﻌدم اﻹﻧﻔﺎق .ﺑل ﯾﻛﻔﻲ أن ﺗﻠﺗﻣس اﻟزوﺟﺔ
اﻟﺗطﻠﯾق ﺑﺄن ﺗﺛﺑت ﻋدم إﻧﻔﺎق اﻟزوج ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻟﻣدة ﻣﻌﻘوﻟﺔ.3
-ﺷرط أن ﻻ ﺗﻛون اﻟزوﺟﺔ ﻋﺎﻟﻣﺔ ﺑﻌﺳر اﻟزوج ﻋﻧد اﻟﻌﻘد ،ﻓﺈذا وﺟد اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء إﺟراﺋﻪ ﻟﻠﺻﻠﺢ أن
اﻟزوﺟﺔ ﻛﺎﻧت ﻋﺎﻟﻣﺔ ﺑﻌﺳر اﻟزوج ﻋﻧد ﻋﻘد اﻟزواج ،ﻓﻼ ﯾﺣق ﻟﻬﺎ طﻠب اﻟﺗﻔرﯾق ﻟﻺﻋﺳﺎر ،ﻟرﺿﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﻌﻘد
ﻓﺗﻛون ﺑذﻟك أﺳﻘطت ﺣﻘﻬﺎ ﻓﻲ طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق.وﻣﺎ ﻧﻼﺣظﻪ أن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺣدد ﻟﻠزوﺟﺔ ﺿﻣن أﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة ﻣدة اﻻﻧﺗظﺎر اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻣﺎ ﺑﯾن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺣﻛم ﺑوﺟوب اﻹﻧﻔﺎق وﺑﯾن ﺗﺎرﯾﺦ ﻋدم اﻻﻣﺗﺛﺎل ،ﻓﺄﻣﻛن
اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻣﻬل اﻟزوﺟﺔ إﻟﻰ ﻓﺗرة ﺷﻬرﯾن ﻗﯾﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (331ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ،4وﺑذﻟك
ﻣﺑرر ﻟﻬﺎ طﻠب
ﯾﻧﺻﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟزوﺟﺔ أن ﺗﻧﺗظر ﻣﻬﻠﺔ ﺷﻬرﯾن ﻣﺗﺗﺎﺑﻌﯾن ٕواذا اﻣﺗﻧﻊ اﻟزوج ﻋن اﻟﻧﻔﻘﺔ ﯾﻛون ً ا
اﻟﺗطﻠﯾق.5
ﻣﻠزﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ زوﺟﺗﻪ ﺑﻣوﺟب ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ.و ﺗﺳﻌﻰ ﻟﺗﻧﻔﯾذﻩ وﻓﻘﺎ ﻟﻺﺟراءات واﻟﺷروط
ً -أن ﯾﻛون اﻟزوج
اﻟﻣﻧوﻩ ﻋﻧﻬﺎ ﻗﺎﻧوﻧﺎ .6ﻓﺎﺟﺗﻬﺎد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﺳﺗﻘر ﻋﻠﻰ أن ":ﻧﻔﻘﺔ اﻟزوﺟﺔ واﺟﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟزوج ﺳواء ﻛﺎن
146
ﻣﻌﺳرا ،و ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻠﻧﻔﺎذ اﻟﻣﻌﺟل ،وأن ﯾُﺳر اﻟزوﺟﺔ ،ﻻ ﯾﺳﻘط ﺣﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻔﻘﺔ ﺑدون ﻣﺑرر ﺷرﻋﻲ
ً ﻣوﺳر أو
ًا
".وﻟذﻟك ﯾﺣﺎول اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ أن ﯾﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن .و ﯾﻔﻬم اﻟزوج ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺳؤول ﻋن اﻹﻧﻔﺎق
ِﻬم
ْض َوَﺑِﻣﺎ أَﻧﻔَﻘُواْ ِﻣْن أْ ََﻣواﻟِْ
ﺿْﻬم َﻋﻠَﻰ َﺑﻌ ٍ
ﱠل اﻟﻠﱠﻪُ َْﺑﻌ َ ُ
َن َﻋﻠَﻰ اﻟﻧَﱢﺳﺎء َﺑِﻣﺎ ﻓَﺿ َ إذ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ " اﻟرَﱢﺟ ُﺎل ﻗَوُ
ﱠاﻣو
ﺎﺟ ِﻊ
ُن ﻓِﻲ َاﻟْﻣ َﺿ ِ
ْﺟروﻫﱠ
ُن َواﻫُُ
ُن ﻓَِﻌظُوﻫﱠ
ُون ﻧُﺷُوزَﻫﱠ
ﺗَﺧﺎﻓ َ
ﺗِﻲ َ ْب َﺑِﻣﺎ َﺣِﻔ َظ اﻟﻠﱠﻪُ َواﻟﱠﻼ
َﺎت ﻟﱢﻠْﻐَﯾِ
ﺗَﺎت َﺣ ِﺎﻓظ ٌ
َﺎﻧ ٌﺎت ﻗ ِ
َﺎﻟﺻﺎﻟَِﺣ ُ
ﻓ ﱠ
ﺗﻧص " :ﯾﻌﺎﻗب ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻣن ﺷﻬرﯾن إﻟﻰ ﺛﻼث ﺳﻧوات و ﺑﻐراﻣﺔ ﻣن 50.000دج إﻟﻰ 300.000دج ﻛل
ﻣن اﻣﺗﻧﻊ ﻋﻣدا ،وﻟﻣدة ﺗﺗﺟﺎوز اﻟﺷﻬرﯾن ﻋن ﺗﻘدﯾم اﻟﻣﺑﺎﻟﻎ اﻟﻣﻘررة ﻗﺿﺎء ﻹﻋﺎﻟﺔ أﺳرﺗﻪ ،وﻋن أداء ﻛﺎﻣل ﻗﯾﻣﺔ
اﻟﻧﻔﻘﺔ اﻟﻣﻘررة ﻋﻠﯾﻪ إﻟﻰ زوﺟﻪ..وذﻟك رﻏم ﺻدور ﺣﻛم ﺿدﻩ ﺑﺈﻟزاﻣﻪ ﺑدﻓﻊ ﻧﻔﻘﺔ."...
ﻧﺟد أﯾﺿﺎ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (330اﻟﺗﻲ ﺗﻧص أن ﯾﻌﺎﻗب اﻟزوج اﻟذي ﯾﺗرك ﻣﻘر أﺳرﺗﻪ ﻟﻣدة ﺗﺗﺟﺎوز
اﻟﺷﻬرﯾن و ﯾﺗﺧﻠﻰ ﻋن ﻛل اﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ اﻷدﺑﯾﺔ أو اﻟﻣﺎدﯾﺔ أو اﻧﻪ ﯾﺗﺧﻠﻰ ﻋن زوﺟﺗﻪ وﻫﻲ ﺣﺎﻣل ﻓﻼ ﯾراﻋﺎﻫﺎ وﻻ
ﯾﻧﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ،ﻓﯾﻛون أﯾﺿﺎ ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ اﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ إذا ﻣﺎ ﻗدﻣت زوﺟﺗﻪ اﻟﻣﺗﺿررة ﺷﻛوى ،وﻣﺎ ﯾﻼﺣظ
ﻓﻲ ﻏﺎﻟب اﻷﺣﯾﺎن أن اﻷزواج ﯾﺧﺷون اﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ و اﻟﺣﻛم ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻟﻌﻘوﺑﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺣﯾﻧﺋذ ﯾﺳﺎرﻋون
إﻟﻰ دﻓﻊ اﻟﻧﻔﻘﺔ.2
ذﻫﺑت ﻏرﻓﺔ اﻟﺟﻧﺢ و اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺎت ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ إﻟﻰ ﺣد اﻋﺗﺑﺎر ":اﻟﻣﻧﺢ اﻟﻌﺎﺋﻠﯾﺔ وأﺟرة اﻟﻣﺳﻛن ﻣن
ﻣﺳﺗﻠزﻣﺎت اﻟﻧﻔﻘﺔ ،وأن اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن ﺗﺳدﯾدﻫﺎ ﻟﻣدة ﺗﺟﺎوزت اﻟﺷﻬرﯾن ،ﯾﻌد ﻣرﺗﻛﺑﺎ ﻟﺟﻧﺣﺔ ﻋدم ﺗﺳدﯾد اﻟﻧﻔﻘﺔ
اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) 3" (331وﻓﻲ ﻗرار آﺧر ﺻﺎدر ﻋن ﻏرﻓﺔ اﻟﺟﻧﺢ و اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺎت ﺑﺗﺎرﯾﺦ
2007/07/28ﻗﺿت أﻧﻪ ":إذا ﻗدم اﻟزوج اﻟﻣﺗﻬم ﻣﺎ ﯾﺛﺑت ﺗﺳدﯾد اﻟﻧﻔﻘﺔ اﻟﻣﺣﻛوﻣﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﯾﺳﻘط ﻋﻠﯾﻪ اﻻﻟﺗزام
147
ﺑﺎﻟﺗﺳدﯾد" ،1وﺑﺎﻟﺗﺑﻌﯾﺔ إذا ﻛﺎﻧت دﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق ﻣرﻓوﻋﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻗد ﺗﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ وﻗوع ﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن أو
ﺗﻛﺑﺎ ﻟﻬﺎ إﻟﻰ
ﺗﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ اﻟرﻓض ،ﻏﯾر أن ﺟرﯾﻣﺔ ﻋدم ﺗﺳدﯾد اﻟﻧﻔﻘﺔ ﻣن اﻟﺟراﺋم اﻟﻣﺳﺗﻣرة و ﯾ ﺑﻘﻰ اﻟﻣﺗﻬم ﻣر ً
ﺣﯾن دﻓﻊ ﻣﺎ ﺑذﻣﺗﻪ ﻟﺻﺎﻟﺢ ﻣﺳﺗﺣﻘﻬﺎ 2وﺗﻛرر ﺟﻧﺣﺔ ﻋدم ﺗﺳدﯾد اﻟﻧﻔﻘﺔ ﻛﻠﻣﺎ اﻣﺗﻧﻊ اﻟﻣطﺎﻟب ﺑﻬﺎ ﻋن اﻟﺗﺳدﯾد،
طﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم
ﻓﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟزوج أن ﯾﻌﻠم أن ﺟﻧﺣﺔ ﻋدم ﺗﺳدﯾد اﻟﻧﻔﻘﺔ ﻻ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﺣﺟﯾﺔ اﻟﺷﻲء اﻟﻣﻘﺿﻲ ﻓﯾﻪ ً
اﻟﻣﺎدة ) (6ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﺟﻧﺣﺔ ﻣﺗﻛررة أو ﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ.3
و ﻛﻣﺎ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺣﺎول ﻣﻊ اﻟزوﺟﯾن ﺗﺣدﯾد ﺗﺎرﯾﺦ ﻋدم اﻹﻧﻔﺎق ،وﯾدون ذﻟك ﻓﻲ
ﻣﺣﺿر ﺑﺷرط أن ﻻ ﯾﻛون أﻛﺛر ﻣن ﺳﻧﺔ ﻗﺑل رﻓﻊ اﻟدﻋوى وﻋﻧد ﻋدم ﺗﺣدﯾدﻩ ،ﯾﻌﺗﺑر ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ
اﻟدﻋوى ،إﻻ إذا اﺛﺑت اﻟزوج اﻹﻧﻔﺎق ﺑﺑﯾﻧﺔ ﻛﺗﻘدﯾم ﺣﺎوﻻت ﺑرﯾدﯾﺔ،4وﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﻹﺑراز اﻟدور اﻻﯾﺟﺎﺑﻲ
اﻟذي ﯾﻠﻌﺑﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗرﻓﻊ اﻟزوﺟﺔ دﻋوى ﺗطﻠﯾق ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن زوﺟﻬﺎ ﻟم
ﯾﻧﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣﻧذ ﺳﺗﺔ أﺷﻬر ،و ﻫﻲ ﻓﻲ ﺑﯾت أﻫﻠﻬﺎ ﺑدون ﻧﻔﻘﺔ ﻫﻲ و أﺑﻧﺎﺋﻬﺎ ﻟﻛن اﻟزوج ﻗد ﯾﺗﻣﺳك ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻠﺗزم
ﺑدﻓﻊ اﻟﻧﻔﻘﺔ ﺷﻬ ًرﯾﺎ وﯾﺣﺿر ﺣواﻻت ﺑرﯾدﯾﺔ ﺗﺛﺑت دﻓﻌﻪ ﻟﻠﻧﻔﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺎب اﻟﺟﺎري اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟزوﺟﺔ إﻻ أن
اﻟزوﺟﺔ ﺗﻧﻛر ذﻟك.
ﻛﺎﻣﻼ ﯾﻌﺗد
ً دﻟﯾﻼ
ﻧﺎﻗﺻﺎ ﻛوﻧﻬﺎ ورﻗﺔ ﺻﺎدرة ﻣن اﻟﺧﺻم و ﻻ ﺗﻌد ً
دﻟﯾﻼ ً
وﯾﺑﻘﻰ ﻣﺟرد إرﺳﺎل اﻟﺣواﻟﺔ ً
ﻓﻌﻼ ﺣﺳﺎب اﻟزوﺟﺔ ﺑطرق اﻹﺛﺑﺎت اﻟﻣﻘررة طﺎﻟﻣﺎ أن
ﺑﻬﺎ ،إﻻ إذا أﺛﺑت أن اﻟﻣﺑﻠﻎ ﻣﺣل اﻟﺣواﻟﺔ دﺧل ً
وطﺑﻌﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻣﺎ ﻟﻪ ﻣن ﺳﻠطﺎت ﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ إﺑراز ذﻟك
ً اﻟزوﺟﺔ ﺗﻧﻛر ﺗﻠﻘﯾﻬﺎ ﻟﻠﻣﺑﻠﻎ أو دﺧوﻟﻪ ﻟﺣﺳﺎﺑﻬﺎ،
وﻫو ﻣﺎ ﯾؤﻛدﻩ ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،52015/02/12ﺑﺄن ﯾطﻠب ﻣن اﻟزوﺟﺔ
إﺣﺿﺎر ﻛﺷف ﺑﯾﺎن ﻟﺣﺳﺎﺑﻬﺎ اﻟﺟﺎري اﻟذي ﯾﺛﺑت ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ وﻣﺻدرﻫﺎ ،ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ
اﻟﻣﻘﺑﻠﺔ ،وﻋﻧد إﺣﺿﺎرﻫﺎ ﻟﻠوﺛﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛﺷف اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت ﯾﺗﺑﯾن وأن اﻟزوج ﻛﺎن ﯾرﺳل اﻟﻧﻔﻘﺔ ﻟزوﺟﺗﻪ وأن اﻟﻣﺑﺎﻟﻎ
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻟﺟﻧﺢ واﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺎت ،ﻗرار رﻗم ،379923ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2007/02/28ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
-2اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻟﺟﻧﺢ واﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺎت ،ﻗرار رﻗم ، 291721ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2004/07/27ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
3
-اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ،ﻏرﻓﺔ اﻟﺟﻧﺢ و اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺎت ،ﻗرار رﻗم ،274013ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2004/07/06ﻏﯾر ﻣﻧﺷور
-4ﻏﺿﺑﺎن ﻣﺑروﻛﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .45
5
اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ اﻟﺣواﻟﺔ رﻗم ...اﻟﺗﻲ أﻛدت أﻧﻬﺎ ﺗﻔﯾد أن اﻟﻣدﻋﻲ ﻗﺎم ﺑدﻓﻊ اﻟﻣﺑﻠﻎ اﻟﻣذﻛور
ً " -وأن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻧﺗﻬت إﻟﻰ اﻟﻣﺑﻠﻎ اﻟﻣذﻛور
ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺎب اﻟﺟﺎري ﻟﻠطﺎﻋﻧﺔ ،و ﻫو اﻟﺗﺳﺑﯾب اﻟذي اﻋﺗﻣدﻩ اﻟﻘرار ﻓﻲ ﺗﺄﯾﯾدﻩ ﻟﻠﺣﻛم ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﺧﻼل ﻣرﺣﻠﺔ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف
أﻧﻛرت ﺗﻠﻘﯾﻬﺎ ﻫذا اﻟﻣﺑﻠﻎ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻣﺟرد إرﺳﺎل اﻟﺣواﻟﺔ ﯾﺑﻘﻰ دﻟﯾﻼً ﻧﺎﻗﺻﺎ ﻛوﻧﻬﺎ ورﻗﺔ ﺻﺎدرة ﻣن اﻟﺧﺻم ،و ﻻ ﺗﻌد دﻟﯾﻼ ﻛﺎﻣﻼ
ﯾﻌﺗد ﺑﻬﺎ إﻻ إذا أﺛﺑت أن اﻟﻣﺑﻠﻎ ﻣﺣل اﻟﺣواﻟﺔ دﺧل ﻓﻌﻼً ﺣﺳﺎب اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﺑطرق اﻹﺛﺑﺎت اﻟﻣﻘررة طﺎﻟﻣﺎ أن اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﺗﻧﻛر ﺗﻠﻘﯾﻬﺎ ﻟﻠﻣﺑﻠﻎ
أو دﺧوﻟﻪ ﻟﺣﺳﺎﺑﻬﺎ وﻫو ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎة اﻟﻘطﻊ ﻓﯾﻪ و إﺑرازﻩ ،ﻓﻲ ﺣﯾﺛﯾﺎت ﻗرارﻫم ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﻘرار ﻣﺷوﺑﺎ ﺑﻘﺻور اﻟﺗﺳﺑﯾب "...
أﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،0851476ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2015/02/12ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
148
ﻣﺣل اﻟﺣواﻟﺔ ﻟﻣدة ﺳﺗﺔ أﺷﻬر ﻛﺎﻧت ﺗدﺧل ﻓﻌﻼً ﻓﻲ ﺣﺳﺎب اﻟﻣدﻋﯾﺔ ﻏﯾر أن اﻟﺧﻠل ﯾﻛﻣن ﻓﻲ أن أخ
ﻣﺳﺗﻌﻣﻼ ﺑطﺎﻗﺗﻬﺎ اﻟﻣﻐﻧﺎطﯾﺳﯾﺔ ﻓﻠو ﻻ ﺗدﺧل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻣﺎ ﻟﻪ ﻣن
ً اﻟزوﺟﺔ ﻛﺎن ﯾﺳﺣب ا ﻷﻣوال دون ﻋﻠﻣﻬﺎ
ﺳﻠطﺎت ﻓﻲ ظل دورﻩ اﻻﯾﺟﺎﺑﻲ ﻟﻣﺎ ﺗﻣﻛن اﻟزوﺟﺎن ﻣن ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ وﻟﻣﺎ ﺗﺻﺎﻟﺣﺎ.
ﯾﻌﻣل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ أن ﯾﻘﻧﻊ اﻟزوج ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻠزم ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق ،ﻣﺎدام ﻫو اﻟﻣﺳؤول ﻋﻠﻰ
ﻓﻘﯾر ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛون إﻧﻔﺎﻗﻪ ﺣﺳب ﺣﺎﻟﺗﻪ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ،وﻻ ﯾﻌﻔﻰ ﻣن اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ زوﺟﺗﻪ
أﺳرﺗﻪ ﺳواء ﻛﺎن ﻏﻧﯾﺎ أو ً ا
و ﻋﻠﻰ ﻋﯾﺎﻟﻪ ،و ﻻ ﯾﺄﺧذ ﺑﺷﻬﺎدة اﻟﺑطﺎﻟﺔ ،أو ﻋدم اﻟﻌﻣل ﻛﺣﺟﺔ ﻟﻌدم اﻻﻧﻔﺎق ،1ﻛﻣﺎ ﺟﺎء اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﺑﺄن ":اﻟدﻓﻊ ﺑﺄن اﻟزوج ﺑطﺎل ،ﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﺣﺟﺔ ﻹﻋﻔﺎﺋﻪ ﻣن اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ زوﺟﺗﻪ و أوﻻدﻩ ،وﻣﺎ دام
ﻗد أﻧﺷﺄ أﺳرة ،ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻟﻌﻣل ﻟﺗوﻓﯾر ﻫذﻩ اﻟﻧﻔﻘﺔ ﻷﺳرﺗﻪ" ،2وﻛﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﺟﺗﻬﺎد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ "
ﯾﻌﺗﺑر اﻟزوج ﻧﺎﺷزا ،ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ رﻓﺿﻪ ﺗﺳدﯾد اﻟﻧﻔﻘﺔ و ﯾﺗﺣﻣل ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﻼق " 3ﯾﺣﺎول اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺄن ﯾدﻓﻊ
ﻋﻣﻼ ﺑﻣﺑدأ " ﻻ ظﻠم ﻣن اﻟﻣﻌﺳر ،ﻓﻲ اﻣﺗﻧﺎﻋﻪ
ً ﻣﻌﺳر
ﺑﺎﻟزوﺟﯾن إﻟﻰ اﻟﺗﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔﻘﺔ ٕوان ﻛﺎن ا ﻟزوج ً ا
ﺗَﺻﱠدﻗُوْا َْﺧٌﯾر
ْﺳٍرة َوأَن َ
َظرةٌ إِﻟَﻰ َﻣﯾََ
َوإِن َﻛ َﺎن ذُو ُﻋَْﺳٍرة ﻓَﻧَِ ﻋن اﻟدﻓﻊ ،ﻟﻌﺟزﻩ ﻋن اﻷداء ،4ﻣﺻداﻗًﺎ ﻟﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ" :
ون".5
ﺗَﻌ ُﻠَﻣ َ
ُﻧﺗُم ْ
ﻟﱠﻛُم إِن ﻛ ْ
ْ
وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﺷل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟب أن ﯾﺣﺳم أﻣر اﻟﻧﻔﻘﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻣل اﻟﻐذاء و
اﻟﻛﺳوة و اﻟﻌﻼج واﻟﺳﻛن أو أﺟرﺗﻪ ،وﻣﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻣن اﻟﺿرورﯾﺎت ﻓﻲ اﻟﻌرف و اﻟﻌﺎدة .وﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن
ﯾراﻋﻲ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر اﻟﻧﻔﻘﺔ ﺣﺎل اﻟطرﻓﯾن و ظروف اﻟﻣﻌﺎش ،ﻓﻛل ﻗﺿﯾﺔ ﺗﺧﺗﻠف ﻋن اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻷﺧرى ،وﻓﻲ
ﻫذا اﻟﺷﺄن ذﻫب اﺟﺗﻬﺎد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ " 2007/05/09أﻧﻪ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ ﻗﺿﺎة
ﺗﺣدﯾد وﺗﻘدﯾر اﻟﻧﻔﻘﺔ و ﺑدل اﻹﯾﺟﺎر ﺣﺳب ﻛﺷف اﻟراﺗب اﻟﺷﻬري ﻟﻠواﻟد ،ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺗﺿرر ﻫذا اﻟﻣوﺿوع
اﻷﺧﯾر ".6
وﻓﻲ ﻗرار آﺧر ﻟﻬﺎ ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2007/03/14ﻗررت " ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺗﻠزم اﻟﻣﺎدة )(79ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
اﻟﻘﺿﺎة ﻋﻧد ﺗﻘدﯾرﻫم ﻟﻠﻧﻔﻘﺔ ﻣراﻋﺎة ﺣﺎﻟﺔ ﻛل ﻣن اﻟﻣطﻠق و اﻟﻣطﻠﻘﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ،واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻓﺈن ﻋدم اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ
149
1
ﻗﺻور ﻓﻲ اﻷﺳﺑﺎب وﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون "
ًا دﻓﻊ اﻟطﺎﻋن ﻟﻛوﻧﻪ ﻏﯾر ﻋﺎﻣل ،وﺣﺎﻟﺗﻪ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻣﺗواﺿﻌﺔ ،وﺳﯾﺋﺔ ،ﯾﻌد
وورد ﻓﻲ أﺣد ﻗ ارراﺗﻬﺎ أﯾﺿﺎ أن " اﻷب ﻣﻠزم ﺑدﻓﻊ ﻧﻔﻘﺔ اﻟﻣﺣﺿون ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ أﺟرة اﻟﺳﻛن ،و ﻻ ﯾﺷﺎرﻛﻪ ﻓﯾﻬﺎ أﺣد
ﻏﯾرﻩ " ،2وﻛﻣﺎ ﯾطرح اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗوﻓﯾر اﻟﺳﻛن ﻟﻠﺣﺎﺿﻧﺔ وﻫو ﻣﺎ ﯾدﺧﻠﻪ اﻟﻘﺿﺎء
3
اﻟﺟزاﺋري ﺿﻣن اﻟﻧﻔﻘﺔ ،وﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ " 2007/07/11إن اﻟﺳﻛن ﯾﻌﺗﺑر
ﻋﻧﺻر ﻣن ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻧﻔﻘﺔ اﻟواﺟﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻷب ﻧﺣو أﺑﻧﺎءﻩ طﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (78ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة وأن ﻣﻧﺢ
ًا
ﺑدل اﻹﯾﺟﺎر ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ﻻ ﯾﺗطﻠب ﺗﻘدﯾم أي ﻣﺑرر ،أو ﺑﯾﻧﺔ ﻻﺳﺗﺣﻘﺎﻗﻪ طﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (72ﻣن
ﻣﺷﻣوﻻت اﻟﻧﻔﻘﺔ ﺣﺗﻰ وﻟو ﻛﺎن ﻟﻠﺣﺎﺿﻧﺔ ﺳﻛن " 5ﻷن ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (72ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻼق ﯾوﺟب ﻋﻠﻰ اﻷب
ﺗوﻓﯾر ﺳﻛن ﻣﻼﺋم ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ و إذا ﺗﻌذر ﻓﻌﻠﯾﻪ دﻓﻊ ﺑدل اﻹﯾﺟﺎر ،وﺗﺑﻘﻰ اﻟﺣﺎﺿﻧﺔ ﻓﻲ ﺑﯾت اﻟزوﺟﯾﺔ
ﺣﺗﻰ ﺗﻧﻔﯾذ اﻷب ﻟﻠﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺳﻛن.
داﺋﻣﺎ اﻟﻐرض ﻣﻧﻬﺎ دﻓﻊ اﻟزوﺟﺔ ﻟﻠﺗراﺟﻊ ﻋن طﻠﺑﻬﺎ ﻟﻠﺗطﻠﯾقٕ ،واﻧﻣﺎ ﻗد
وﻟذﻟك ﻻ ﺗﻛون ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ً
ﺗﻛون ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ أﻣور اﻟﻧﻔﻘﺔ ،واﻟﺳﻛن ،واﻟﻣﺗﺎع و اﻟﻣﺻوغ ،أﯾن ﯾﻧﺎﻗش ﻫﺎﺗﻪ اﻷﻣور ﺑﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن
و ﯾدون ﻛل ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻬذا اﻟﺷﺄن ،ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﯾؤﺧذ ﺑﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﻣذﻛرات اﻟﺟواﺑﯾﺔ ،ﻓﺄﻗواﻟﻬﻣﺎ ﺗﻌد ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ
ﻗرار ﻗﺿﺎﺋﻲ ﻟﻪ ﺣﺟﺔ ﻗﺎطﻌﺔ .وﻛذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﯾدون اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫذﻩ اﻷﻣور ﻓﻲ ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺄن ﯾﻧﺎﻗش
ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻧﻔﻘﺔ اﻷوﻻد وﻣﺎ ﻫو اﻟﻣﺑﻠﻎ اﻟذي ﺳوف ﯾﻠﺗزم ﺑﻪ ﺑﻌد اﻷﺧذ ﺑﻌدة ﻋﻧﺎﺻر ﻓﻲ ﺗﻘدﯾرﻫﺎ ) ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن
اﻟزوج ﻋﺎﻣﻼ ،أو ﻏﯾر ﻋﺎﻣل ،ﻟﻪ ﻣﻬﻧﺔ ﺣرة أوﻻ ،ﻛﺷف اﻟﻣداﺧل ،ﻋدد اﻷﺑﻧﺎء وﻫل ﻫم ﻣﺗﻣدرﺳون أم ﻻ
ﻫل ﯾﻌﺎﻧون ﻣن ﻣرض ﻣزﻣن ﻣﺛﻼً أو ﻻ ،ﻫل ﯾوﺟد رﺿﯾﻊ وﻫل اﻟﻣرأة ﺣﺎﻣل ؟ ،وﯾطﻠب إﺣﺿﺎر ﺷﻬﺎدة
اﻟﺿراﺋب اﻟﺗﻲ ﺗﺣدد ﺑدﻗﺔ ﻣﻬﻧﺗﻪ ،وﻣرﻛزﻩ ﻷﻧﻪ ﻗد ﯾﺣﺿر ﺷﻬﺎدة ﻋدم اﻟﻌﻣل ﻟﯾﺗﻬرب ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ..اﻟﺦ (.
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،386776ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2007/03/14ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
-2اﻟﻣﺟﻠﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد ،2004 ،01ص .279
ٕ -3وان ﻛﺎن اﻟﺳﻛن اﻵن ﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺎدة ) (72ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﯾدﺧل ﻓﻲ ﻣﻔﻬوم ﺗواﺑﻊ اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻋﻛس اﻟﺳﻛن ﻓﻲ
ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (78ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،اﻟذي ﯾﺧص اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺳﻛن واﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﻪ ،ﻣﺛﻼً ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺧرج اﻟزوج اﻟزوﺟﺔ و اﻷوﻻد
وﯾطردﻫم.
-4ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،400034ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2007/07/11ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
-5اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،اﻟﻌدد ،2004 ،01اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .285
150
ﺗﻧﺎﻗش ﻛل ﻫذﻩ اﻟﻌﻧﺎﺻر ﻣﻊ اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﻣرد ذﻟك ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻔق اﻟزوﺟﺎن ﻋﻠﻰ ﻫﺎﺗﻪ
اﻷﻣور و إن وﻗﻊ اﺧﺗﻼف ﯾرﺟﻊ ﺗﻘدﯾر ذﻟك إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺣﺎول اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﻧظﯾم
ودﯾﺎ ﻗدر اﻟﻣﺳﺗطﺎع وﻻ ﺳﯾﻣﺎ و أن ﻛل زوج وﺣﺎﻟﺗﻪ وظروﻓﻪ ﺗﺧﺗﻠف ﻣن زوج
ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟطﻼق ،ﻟﯾﻛون اﻷﻣر ً
إﻟﻰ آﺧر ،ﻓﻼ ﯾوﺟد ﻣﺑﻠﻎ ﻣﺣدد ﯾﻠزم ﺑﻪ اﻷزواج و ﺑﻌد ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻛل ﻫذﻩ اﻟﻌﻧﺎﺻر ﯾﺧرج اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻊ
اﻟزوﺟﯾن ﺑﻣﻘدار ﻣﻌﯾن ﯾﻠزم اﻟزوج ﺑﺄداﺋﻪ و ﻻ ﯾﺧﺿﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ٕواﻧﻣﺎ ﺗﻧﺻب اﻟرﻗﺎﺑﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﻌﺗﻣد ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر اﻟﻧﻔﻘﺔ ،وﻟذﻟك ﻟﻣﺎ ﺗدون ﻫذﻩ اﻷﻣور ﻓﻲ ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ أو ﻣﺣﺿر
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﻐﻠق ﻣﺟﺎل اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ﺑﺎﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﻟﺧﻔض ﻗﯾﻣﺗﻬﺎ.1
ﻟﻛن ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻧﺟدﻩ أورد ﺿﻣﺎﻧﺎت ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔﻘﺔ ﺑدﻻً
ﻣن ﺳﻠوك دﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق ﺑﺄن ﻗرر اﻣﺗﯾﺎز ﻋن ﻛل اﻟدﯾون اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻋﺎﺗق اﻟﻣدﯾن ،وﻛﻣﺎ ﻧﻌﻠم ﻻ اﻣﺗﯾﺎز
إﻻ ﺑﻧص ،ﻓﻘد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ) (777ﻣﻧﻪ " ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﯾﺟوز اﻟﺣﺟز ﻋﻠﻰ أﺟر أو اﻟﻣرﺗب ﺑﻘﯾﻣﺔ اﻟﻧﻔﻘﺔ اﻟﻐذاﺋﯾﺔ
إذا ﻛﺎن اﻟدﯾن اﻟﻣﺣﺟوز ﻋﻠﯾﻪ ﻣن أﺟﻠﻪ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ اﻟﻐذاﺋﯾﺔ ﻟﻠﻘﺻر أو اﻟواﻟدﯾن أو اﻟزوﺟﺔ أو ﻛل ﻣن ﺗﺟب
ﻧﻔﻘﺗﻬم ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﯾﺗﺟﺎوز اﻟﺣﺟز ﻧﺻف اﻷﺟر أو اﻟﻣرﺗب ،"...ﺗﺑﻘﻰ ﻟﻠدﯾون اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ اﻟﻐذاﺋﯾﺔ ﺣق
اﻷوﻟوﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻗﻲ اﻟدﯾون ﻋﻧد اﻻﺳﺗﯾﻔﺎء وﻓﻘًﺎ ﻟﺗرﺗﯾب اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ،2وﻫذا ﻛﺟزاء
ﻋﻠﻰ ﻋدم دﻓﻊ اﻟﻧﻔﻘﺔ ﻓﻠﯾس ﺑﺎﻟﺿرورة اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء وطﻠب اﻟﺗﻔرﯾق ﻟﻌدم اﻹﻧﻔﺎق ،و ﻻﺳﯾﻣﺎ و أﻧﻪ ﺑﯾد
اﻟزوﺟﺔ ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ﯾﻠزم اﻟزوج ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ وﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﻌد ﺳﻧد ﻗﺎﺑﻼً ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ .
ج-ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﺷروط اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟزواج :
ﯾﻌد ﻫذا اﻟﺳﺑب ﻣن ﺑﯾن اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ ﺑﻣوﺟب اﻷﻣر رﻗم 05/02ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة اﻟﺗﺎﺳﻌﺔ ﻣن
اﻟﻣﺎدة )(53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة .ﻓﺎﻷﺻل أن اﻟﺷﺎرع ﻫو اﻟذي ﯾرﺗب أﺛﺎر ﻋﻘد اﻟزواج ،وذﻟك ﺻوﻧﺎ وﺿﻣﺎﻧﺎ
ﻟﻬذا اﻟﻌﻘد ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺗﻌرض إﻟﻰ ﺷروط ﻗد ﺗﺗﻧﺎﻓﻰ و ﻣﻘﺗﺿﺎﻫﺎ و ﺗﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻣﻘﺎﺻد اﻟﺷرع ،واﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن
ذﻟك ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺑﻘﻰ ﻟﻠزوﺟﯾن ﺣق ﺗﺿﻣﯾن ﻋﻘد زواﺟﻬﻣﺎ ﺑﺎﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﯾروﻧﻬﺎ ﺿرورﯾﺔ ،واﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺎﻧﻬﺎ أن
1
-ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ " 2006/12/13اﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز اﻟﺣﻛم ﺑﺣﺟﯾﺔ اﻟﺷﻲء اﻟﻣﻘﺿﻲ ﻓﯾﻪ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﻧﻔﻘﺔ ،ﻷﻧﻪ ﯾﺟوز
ﻣراﺟﻌﺗﻬﺎ ﺑﻌد ﻣﺿﻲ ﺳﻧﺔ ﻣن اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ " ،وﻓﻲ ﻗرار أﺧر ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ "2006/03/15ﯾﺟوز ﻣراﺟﻌﺔ اﻟﻧﻔﻘﺔ ﺣﺳب
ظروف وﺣﺎل اﻟطرﻓﯾن طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة 79ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة " ،وﻓﻲ ﻗرار أﺧر ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ . " 2005/03/23وﻣﺎدام أن
اﻟﻧﻔﻘﺔ اﻟﻐذاﺋﯾﺔ ﺗﺗﻐﯾر ﻛﻠﻣﺎ زاد ﺳن ﻣﺳﺗﺣﻘﯾﻬﺎ وﻛﻠﻣﺎ زادت ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﺣﯾﺎة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﺈن رﻓﻊ اﻟﻧﻔﻘﺔ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ " ،وﻓﻲ ﻗرار أﺧر ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ " 2005/05/09ﯾﺟب إﺛﺑﺎت إﻋﺳﺎر اﻟزوج ﻓﻲ ﻣراﺟﻌﺔ اﻟﻧﻔﻘﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺗم ﺗﺧﻔﯾض ﻣﺑﺎﻟﻎ
اﻟﻧﻔﻘﺔ ﻋﻠﯾﻪ " ،ﻗرارات ﻏﯾر ﻣﻧﺷورة أﻧظر :ﻏﺿﺑﺎن ﻣﺑروﻛﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .100
-2ﺑﺣﯾث ﺗﺷﯾر اﻟﻣﺎدة 3/ 993ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ أن اﻟﻧﻔﻘﺔ اﻟﻣﺳﺗﺣﻘﺔ ﻓﻲ ذﻣﺔ اﻟﻣدﯾن ﻷﻗﺎرﺑﻪ ﻋن اﻷﺷﻬر اﻟﺳﺗﺔ اﻷﺧﯾرة
ﻣن اﻟدﯾون اﻟﺗﻲ ﻟﻬﺎ اﻣﺗﯾﺎز ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ أﻣوال اﻟﻣدﯾن .
151
ﺗﻌدل ﻣن آﺛﺎر ﻫذا اﻟﻌﻘد ﺑﺎﻟزﯾﺎدة أو اﻟﻧﻘﺻﺎن ﻛﺎن ﺗﺷﺗرط اﻟزوﺟﺔ ﻋﻠﻰ زوﺟﻬﺎ أن ﻻ ﯾﺗزوج ﻋﻠﯾﻬﺎ ،أو
ﺗﺷﺗرط إﻛﻣﺎل دراﺳﺗﻬﺎ أو ﻋﻣﻠﻬﺎ أو اﻻﺗﻔﺎق ﺣول ﻧﺻﯾب ﻛل ﻣن اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ اﻷﻣوال اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ﺑﻌد
زواﺟﻬﻣﺎ ،1وﻫو ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (19ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،2ﺷرﯾطﺔ أن ﻻ ﺗﺧﺎﻟف
ﻫذﻩ اﻟﺷروط أﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﻣن ﺛﻣﺔ ﯾﺟوز ﻟﻠطرﻓﯾن اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻟﺗﻌدد أو ﻟﻠﻣرأة أن ﺗﺷﺗرط
ﻣواﺻﻠﺔ اﻟدراﺳﺔ أو اﻟﻌﻣل ﺑﻌد اﻟدراﺳﺔ ،ﺑل ﻟﻬﺎ ﻛذﻟك أن ﺗﺷﺗرط ﻋﻠﯾﻪ أي ﺷرط ﺗراﻩ ﺿروري.
و إذا اﻧﺻب اﺗﻔﺎق اﻟطرﻓﯾن ﻋﻠﻰ ﺷرط ﻣن ﻫذﻩ اﻟﺷروط ،و رﻓض اﻟزوج أن ﯾﻣﺗﺛل ﻛرﻓﺿﻪ ﻟﻌﻣل
اﻟزوﺟﺔ ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﺟوز ﻟﻬﺎ ﻟﯾس أن ﺗﺧﺎﻟف إرادة اﻟزوج و ﺗﺑﻘﻰ ﻣﺳﺗﻣرة ﻓﻲ ﻋﻣﻠﻬﺎٕ ،واﻧﻣﺎ ﻟﻬﺎ اﻟﺣق
ﻓﻲ اﻟﺗطﻠﯾق ،و ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ أن ﯾﻛون اﻟﺷرط ﻣﻛﺗوﺑﺎ ﻓﻲ ﻋﻘد رﺳﻣﻲ ،ﺑل ﻟﻬﺎ اﻟﺣق ﻓﻲ طﻠب
ﻧﺳﺑﯾﺎ ﻟﻠﺗﻼﻋب
ً ﺣدا
اﻟﺗﻌوﯾض ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ) 53ﻣﻛرر( ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة .وﺑﻬذ ا أراد اﻟﻣﺷرع أن ﯾﺟﻌل ً
اﻟذي ﻛﺎن ﯾﺻدر ﻋن اﻟزوج ﻣن ﺣﯾث أﻧﻪ ﻛﺎن ﯾواﻓق ﻋﻠﻰ ﺟل اﻟﺷروط ﻋﻧد إﺑرام اﻟﻌﻘود و ﻻ ﯾﻠﺗزم ﺑﻬﺎ ﺑﻌد
ﺗﻧﻔﯾذﻩ .3
ﻗد ﯾﺟد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﺧﻼل ﺳﻣﺎع اﻟزوﺟﯾن ﻟﺗﺻرﯾﺣﺎﺗﻬﻣﺎ أن اﻟﻧزاع ﻻ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻌدم
اﻟوﻓﺎء ﺑﺎﻟﺷرطٕ ،واﻧﻣﺎ ﺣول ﺻﺣﺔ ﺷرط ﻣن اﻟﺷروط وﻣﻣﺎ ﻻ ﺷك أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن ﺧﻼل ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
ﺻﺣﯾﺣﺎ.
ً وﻣﺎ ﻟﻪ ﻣن ﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر رأي ﻣن اﻵراء اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ،ﻓﻘد ﯾﻛون اﻟﺷرط
ﺣرﺻﺎ ﻣﻧﻪ ﻋﻠﻰ
ً ﻟﻛن ﯾﺗﻌذر اﻟوﻓﺎء ﺑﻪ ﻓﯾﺣﺎول اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻘﻧﻊ اﻟزوﺟﯾن ﺑﺗﻌدﯾل اﻟﺷرط أو اﻹﻋﻔﺎء ﻣﻧﻪ،
اﺳﺗﻣرار اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ وﻋدم ﺗﻌﻠﯾﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺷرط.4
-1ﺑوﻟﺣﺎرس ﺻﺎﻓﯾﺔ ،ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻟﻌدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺎﻟﺷرط ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟزواج ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة
اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺑن ﻋﻛﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ .2014-2013ص . 2
2
-ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (19ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ ":ﻟﻠزوﺟﯾن أن ﯾﺷﺗرطﺎ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟزواج أو ﻓﻲ ﻋﻘد رﺳﻣﻲ ﻻﺣق ﻛل اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﯾرﯾﺎﻧﻬﺎ
ﺿرورﯾﺔ ﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﺷرط ﻋدم ﺗﻌدد اﻟزوﺟﺎت و ﻋﻣل اﻟﻣرأة ﻣﺎ ﻟم ﺗﺗﻧﺎﻓﻰ ﻫذﻩ اﻟﺷروط ﻣﻊ أﺣﻛﺎم ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون" .
و ﻛذﻟك اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (2/ 37ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﺳﻣﺢ ﻟﻠزوج أن ﯾﺗﻔﻘﺎ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟزواج أو ﻓﻲ ﻋﻘد
رﺳﻣﻲ ﻻ ﺣق ﺣول اﻷﻣوال اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،و اﻟﻣﻛﺗﺳﺑﺔ ﺧﻼل اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ وذﻟك ﻣﻊ ﺗﺣدﯾد اﻟﻧﺳب ،ﻓﺎﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠزوج
أن ﯾﻘوم ﺑﺗﻌدﯾل أو ﺗﻐﯾر ﻫذﻩ اﻟﺷروط ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردةٕ ،واذا ﻟم ﺗواﻓﻘﻪ اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ذﻟك ﺑﺣﯾث ﻣﺛﻼ أراد اﻟزوج أن ﺗﺻﺑﺢ ﻧﺳﺑﺔ
ﺣق اﻟزوﺟﺔ ﺑﺷﺄن ﺗﻠك اﻷﻣوال اﻟﻣﻘدرة ب 15ﺑﺎﻟﻣﺎﺋﺔ ﺑدﻻً ﻣن ﻧﺳﺑﺔ 30ﺑﺎﻟﻣﺎﺋﺔ اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎً ،ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﺟوز
ﻟﻬﺎ طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ﻣﻊ ﺣﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻷﻣوال اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ،و ﻓﻘﺎ ﻟﻠﻧﺳﺑﺔ اﻷﺻﻠﯾﺔ اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ و ﻫﻲ 30ﺑﺎﻟﻣﺎﺋﺔ ،أﻧظر :ﺗﺷوار
ﺟﯾﻼﻟﻲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .56
-3ﺗﺷوار ﺣﻣﯾدوا زﻛﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 72 .72
-4ﺑوﻟﺣﺎرس ﺻﺎﻓﯾﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص 2
152
وأﻣﺎم ﺗﻧظﯾم اﻟﻣﺷرع ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺑﻣﺎدة واﺣدة ﯾﺟﻌل اﻷزواج ﯾﺗﻔﻧﻧون ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﺷروط ﻓﻲ ﻋﻘد
ﯾر ﺑﺑﻌﺿﻬم اﻟﺑﻌض دون وازع دﯾﻧﻲ وﻻ رادع
اﻟزواج ﺣﺳب أﻫواﺋﻬم ،ﻗﺻد اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻣﺑﺗﻐﺎﻫم ﺗﻐرً ا
ﻗﺎﻧوﻧﻲ ،وأن اﻷﻣر ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣﺑدأ ﺳﻠطﺎن اﻹرادة واﻟذي ﻣﻔﺎدﻩ أن اﻷزواج أﺣرار ﻓﻲ إﻧﺷﺎء اﻟﺷروط ﻓﻲ اﻟﻌﻘد،
ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ اﺗﺳﺎع اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﻔردﯾﺔ و رﻏﺑﺔ
ً ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ظﻬور ﺷروط ﻏﯾر ﻣﻌروﻓﺔ ،وﻻ ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ
ﻛل زوج ﻓﻲ ﺗﺄﺳﯾس ﺣﯾﺎﺗﻪ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺗﺑﻌﺎً ﻟظروﻓﻪ اﻟﺧﺎﺻﺔ.
ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟدﻋﺎوى ،ﻟﻪ دور اﯾﺟﺎﺑﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣراﻗﺑﺔ ﺻﺣﺔ اﻟﺷروط
اﻟﻣﻘﺗرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘد وﺗﻘدﯾر ﻣﺷروﻋﯾﺗﻬﺎ ،ﻧظ ار ﻟﻠﺗﺷﻌب اﻟﺧﻼف اﻟﻔﻘﻬﻲ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ،و دورﻩ ﻓﻲ اﺑطﺎل اﻟﺷرط
و اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﻋﻘد اﻟزواج وأﯾﺿﺎً دورﻩ ﻓﻲ ﺗﻌدﯾل ﺷروط اﻟﻣﻘﺗرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘد ﻹﻋﺎدﺗﻪ إﻟﻰ اﻟﻌداﻟﺔ ،ﺑﻌد أن ﻛﺎﻧت
اﻟﺷروط ﻣرﻫﻘﺔ ﻟﻠﻣﻠﺗزم ﺑﻬﺎ أو إذا ﻛﺎﻧت ﺷروط ﺗﻌﺟﯾزﯾﺔ ﯾﺳﺗﺣﯾل اﻟوﻓﺎء ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ظل اﻟظروف اﻟراﻫﻧﺔ .1وﻛذا
ﻣدى ﻣﺳﺎﯾرة ﻣﺑدأ ﺣرﯾﺔ اﻻﺷﺗراط ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟزواج ﻟﻠﺗﻐﯾرات اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾن
وﻟذﻟك وﺟب ﺗﺑﺻﯾر اﻟزوج ﻋن اﻟﺟزاء اﻟذي ﯾﺗرﺗب ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻷﺟل ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﻬﺎ
وﻟذﻟك ﻧﺗﻌرض ﺑﻌﺟﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﺑﻌض اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻛون ﻣﺣل ﻋدم اﻻﻟﺗزام ﺑﻬﺎ ﻣن طرف اﻷزواج
ﻣﻧﻬﺎ :ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺷرط ﺗرك اﻟزوﺟﺔ ﺗواﺻل اﻟدارﺳﺔ) ،(1ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺷرط ﻋﻣل اﻟزوﺟﺔ)(2
ﻋﺎ) ،(4وﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﺷﻘﺎق اﻟﻣﺳﺗﻣر
وﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺷرط ﻋدم اﻟزواج ﻋﻠﯾﻬﺎ) .(3اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﺗﺑر ﺷر ً
ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن).(5
-1ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺷرط ﺗرك اﻟزوﺟﺔ ﺗواﺻل اﻟدارﺳﺔ :
ﯾﺣﺎول اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ أن ﯾﻘﻧﻊ اﻟزوﺟﯾن ،ﺑﺄن اﻟﺷﺎرع ﺣث ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟﻌﻠم واﻋﺗﺑرﻩ
ﻓرﯾﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣﺳﻠم وﻣﺳﻠﻣﺔ ،وﺑذﻟك وﺟﻪ اﻟﺧطﺎب إﻟﻰ ﻛل ﻣﺳﻠم ﻛﺎن ذﻛو ار إﻧﺎﺛًﺎ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻟﻠﻣرأة
اﻟﺣق ﻓ ﻲ اﻟﺗﻌﻠﯾم وﺗﺣﺳﯾن ﻣﺳﺗواﻫﺎ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺷﻛل ﻧﺻف اﻟﻣﺟﺗﻣﻊٕ ،واذا ﺣرﻣت ﻣن ذﻟك ﻓﺳوف ﯾﻔﺗﺢ اﻟﺑﺎب
أﻣﺎم اﻟزوﺟﺔ اﻟﺟﺎﻫﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺗﻧﺟب أو ﺗرﺑﻲ أوﻻد ﺟﺎﻫﻠﯾن ،وان اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ واﻷﺳرة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﺧﻠﯾﺗﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ
إِﻟَﻪ إِﻻﱠ إﻟﻰ أﻣﻬﺎت ﻣﺗﻌﻠﻣﺎت ،ﻗﺻد ﻣﻧﺢ اﻷﻣﺔ ذرﯾﺔ ﺻﺎﻟﺣﺔ وﻓﻲ ﻫذا ﯾﻘول اﷲ ﻋز وﺟلَ " :دﺷ ِ
اﻟﻠﱠﻪُ أَﻧﱠﻪُ َﻻ َ
َﻬ
ٕوان ﻛﺎﻧت اﻟﻣرأة اﺷﺗرطت ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟزواج أن ﺗواﺻل ﺗﻌﻠﯾﻣﻬﺎ و دراﺳﺗﻬﺎ وواﻓق ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟزوج،
ﻓﻬذا ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟزوج ﻗد واﻓق ورﺿﻲ ﺑﺎﻻﺣﺗﺑﺎس اﻟﻧﺎﻗص وﻻ ﺳﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺧروﺟﻬﺎ ﻣن ﺑﯾت اﻟزوﺟﯾﺔ ﻻ
153
ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ أداﺋﻬﺎ ﻟواﺟﺑﺎﺗﻬﺎ ،ﻧﺣو اﻟزوج أو ﻧﺣو اﻷوﻻد وﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎﻧت ﻣﻠﺗزﻣﺔ ﺑﺄﺧﻼق ﺣﻣﯾدة وﺣﺳﻧﺔ
وﺣﺳن اﻟﺳﻠوك ،ﻋﻧد ﺧروﺟﻬﺎ وﺷرط ﻣواﺻﻠﺔ اﻟدراﺳﺔ ﻻ ﯾﻣس ﺑﺎﻟﻣﻘﺻود اﻷﺻﻠﻲ ﻣن ﻋﻘد اﻟزواج ،وأن
ﻣواﺻﻠﺔ طﻠب اﻟﻌﻠم ﻻ ﯾﻌود ﻋﻠﯾﻬﺎ وﺣدﻫﺎ ﺑﺎﻟﻣﻧﻔﻌﺔ ٕواﻧﻣﺎ ﻟﺳﺎﺋر أﻓراد اﻷﺳرة ،وﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺔ ﺣﻘوﻗﻬﺎ
وواﺟﺑﺎﺗﻬﺎ ﻧﺣو زوﺟﻬﺎ وﻧﺣو أوﻻدﻫﺎ وﻧﺣو أﻫل زوﺟﻬﺎ ،إﻻ إذا ﻛﺎن ﻣن وراء ﻣواﺻﻠﺗﻬﺎ ﻟﻠدارﺳﺔ أﻏراض
1
أﺧرى ﺗﻣس ﺑﺷرف اﻷﺳرة أو ﻣﻧﺎﻓﯾﺎً ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷﺳرة .
-2ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺷرط ﻋﻣل اﻟزوﺟﺔ :
ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻧﺑﻪ اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ إﻟﻰ أن اﻷﺻل ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻫو ﺑﻘﺎء اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ
ﺑﯾت اﻟزوﺟﯾﺔ وﻗﯾﺎﻣﻬﺎ ﺑﺷؤون زوﺟﻬﺎ و ﺑﯾﺗﻬﺎ ،و ﯾوﺟد إﺟﻣﺎع ﻓﻘﻬﻲ ﺑﻣﻧﻊ اﻟزوج ﻟزوﺟﺗﻪ اﻟذﻫﺎب إﻟﻰ اﻟﻌﻣل
ﺑﺄﺟر أو ﺑدوﻧﻪ ،ﻣﺎدام ﯾﺣﻘق ﻟﻬﺎ ﻟﻬﺎ اﻟﻛﻔﺎﯾﺔ ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ إذا أرادت اﻟﻣرأة اﻟﺧروج ﻟﻠﻌﻣل ﻓﻼ ﯾﺣق ﻟﻬﺎ ذﻟك،
وﻟو ﻛﺎن ﻫذا اﻟﻌﻣل ﻣن اﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻛﺎﻟطب و اﻟﺗﻌﻠﯾم ..اﻟﺦ ،ﻻن ﺣق اﻟﻣﻛوث ﻓﻲ ﻣﺳﻛن
اﻟزوﺟﯾﺔ واﺟب ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﺎ ،وأن اﷲ ﻋز و ﺟل أﺟﺎز ﻋﻣل اﻟﻣرأة ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺿرورة ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ " :وَﻻ
اﻟﻠﱠﻪ
ﺗَﺳﺑَْن َو ْاﺳﺄَﻟُواْ َ
ﱢﻣﺎ ْاﻛ َ
ﯾب ﻣﱠ
َﺻ ٌ
ﺗَﺳﺑُ واْ َوﻟِﻠﻧَﱢﺳﺎء ﻧ ِ
ﯾب ﱢﻣﻣﱠﺎ ْاﻛ َ
َﺻ ٌ
ض ﻟﱢﻠرَﱢﺟ ِﺎل ﻧ ِ
اﻟﻠﱠﻪ ﺑِِﻪ َْﺑﻌ َﺿْﻛُم َﻋﻠَﻰ َْﺑﻌ ٍ
ﱠل ُ َﺿ َ ﺗَﺗَﻣ ْﻧﱠوا َﻣﺎ ﻓ
َ
ِﯾﻣﺎ".2
ﺷَﻲٍء َﻋﻠً
ُل ْ
اﻟﻠﱠﻪ َﻛ َﺎن ﺑِﻛﱢ
َ إِن
َﺿﻠِِﻪ ﱠ
ِﻣن ﻓ ْ
ﺣﺗﻰ اﻟدﺳﺗور اﻟﺟزاﺋري ﻛﻔل ﻟﻠرﺟل و اﻟﻣرأة اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﺑﺣﯾث ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) ": (55ﻟﻛل
اﻟﻣواطﻧﯾن اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻌﻣل " .وﻛﻣﺎ أن ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (67ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﻧص ﻋﻠﻰ أن ﻋﻣل اﻟﻣرأة ﻻ
ﯾﺷﻛل ﺳﺑﺑﺎً ﻣن أﺳﺑﺎب ﺳﻘوط اﻟﺣق ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ،وأﻛﯾد ﻫﻧﺎك ﺿواﺑط ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﺑﺷرط أن
ﻻ ﯾﺗﻧﺎﻓﻰ ﻣﻊ طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ ﻛﺄﻧﺛﻰ ،وﻻ ﯾﻛون ﻣﺧﻼً ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،وأن ﻻ ﯾﻘﻊ ﺗﻌﺎرض ﺑﯾن ﻋﻣﻠﻬﺎ وﻣﺳؤوﻟﯾﺎﺗﻬﺎ و
وﻣﺗﻰ واﻓق اﻟزوج ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠﻬﺎ ﯾﻔﺗرض أن ﺗﻛون ﻣواﻓﻘﺔ داﺋﻣﺔ ﺗدوم ﺑداوم ﻋﻘد اﻟزواج ،ﻣﺎ ﻟم ﯾﺄﺗﻲ طﺎرئ
ﻓﺈذا ﺧﺎﻟف اﻟزوج ذﻟك ﺑﺄن ﻣﻧﻌﻬﺎ ﻣن ﻣزاوﻟﺔ اﻟﻌﻣل ،أو طﻠب ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺗوﻗف وﻫﻲ أﺑت و رﻓﺿت طﻠﺑﻪ ،ﻓﻬﻲ
ﻧﺎﺷز و ﻻ ﯾﺳﻘط ﺣﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻔﻘﺔ طﺎﻟﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑواﺟﺑﺎﺗﻬﺎ.3
ﻻ ﺗﻌد ً ا
154
ﻟﻛن ﯾﺟوز ﻟﻠزوج أن ﯾﻣﻧﻌﻬﺎ ﻣن اﻟﺧروج إﻟﻰ اﻟﻌﻣل إذا ﻛﺎﻧت ﻣﺗﻌﺳﻔﺔ ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل ﺣﻘﻬﺎ ،ﺑﺄن ﺗﺧرج
ﻓﻲ ﻣظﻬر ﻣﺗﺑرﺟﺔ أو ﻓﻲ ﺻورة ﺗدﻋو إﻟﻰ اﻟﻔﺗﻧﺔ أو ﻋﻠﻰ ﺷﻛل ﯾؤدي ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻻﻧﺣراف أو ﻟﻌدم ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ
ﺑﺎطﻼ.1
ً ﻟرﻋﺎﯾﺗﻪ أو رﻋﺎﯾﺔ أوﻻدﻫﺎ اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺟﻌل ﺷرطﻬﺎ
-3ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺷرط ﻋدم اﻟزواج ﻋﻠﯾﻬﺎ :
ﯾﻌﺗﺑر ﻫذا اﻟﺷرط ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ أﺻﺑﺣت ﻣﻌﺗﺑرة ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،إذ ﻧص ﻋﻠﯾﻬﺎ
اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (19ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺑﺣﯾث ﻧص ﻋﻠﯾﻬﺎ أﯾﺿﺎ ﻧظﯾرﻩ اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة)( 40
ﻣن ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻟﻠﻣرأة أن ﺗﺷﺗرط ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﻧﻛﺎح أﻻ ﯾﺗزوج ﻋﻠﯾﻬﺎ زوﺟﻬﺎ ،وأﻧﻪ ﯾﻣﻧﻊ اﻟﺗزوج
ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ،أﻣﺎ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗوﻧﺳﻲ ﻻ ﯾﺟﯾز اﻟزواج ﺑﺄﻛﺛر ﻣن واﺣدة وﻣن ﺛم ﻻ ﯾﺟوز اﺷﺗراط ﻫذا
اﻟﺷرط أﺻﻼً .
ﻧظر ﻻرﺗﺑﺎطﻪ ﺑﻣﺑدأ ﻫﺎم أﻗرﺗﻪ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و ﺟﺳدﻩ اﻟﻣﺷرع ﻣن
ﻛﺑﯾر ً ا
وﯾﺛﯾر ﻫذا اﻟﺷرط ﺟدﻻً ً ا
ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (8ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،2اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺎﻟزواج ﺑﺄﻛﺛر ﻣن واﺣدة وﻫو ﺗﻌﺎرض ظﺎﻫري ﻓﻘط
ﻷن اﻟﻘﺎﻧون ﯾﺑﯾﺢ ذﻟك .وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻣﻛن ﻟزوﺟﯾن اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻫذا اﻟﺗﻌدد و ﻫو اﻷﺻل و اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء
ﻫو اﻟزوﺟﺔ اﻟواﺣدة.
ﯾﺣﺎول اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ أن ﯾﻌظ اﻟزوﺟﺔ ،ﺑﺄن ﻫذا اﻟﺷرط ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ ﻻ ﯾﺧﺎﻟف ﻣﺑدأ
اﻟﺗﻌدد و ﻻ ﯾﻘﯾد اﻟزوج ﻛذﻟكٕ ،وان ﻛﺎﻧت اﻟزوﺟﺔ ﺗﺣب ﻓﻲ اﻷﺻل أن ﺗﺳﺗﺄﺛر ﺑزوﺟﻬﺎ ﻟﻧﻔﺳﻬﺎ و ﻻ ﺗﺣب
ﻣن ﯾﺷﺎرﻛﻬﺎ إﯾﺎﻩ ،وﻣن أﺟل ذﻟك ﯾﻧﺻﺢ وﯾدﻓﻊ ﺑﺎﻟزوﺟﯾن ﻣن أﺟل اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻷﺳرة وأن ﺗﺗﻧﺎزل ﻋن
اﻟﺷرط اﻟذي واﻓق ﻋﻠﯾﻪ اﻟزوج ﻣن ﻗﺑلٕ .واﻻ ﻓﺄﻧﻬﺎ ﺳوف ﺗﺧﺳر زوﺟﻬﺎ و ﺗﺻﺑﺢ ﻣطﻠﻘﺔ وﯾﺑﺻرﻫﻣﺎ ﺑﺎﻵﺛﺎر
اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻧﺟم ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ،وﻣن أﺟل ﻣﺻﻠﺣﺗﻬﻣﺎ وﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷوﻻد أن ﯾﺗﺟﺎوز ذﻟك.وأﺣﯾﺎﻧﺎ ﯾﺣﺎول ﻣﻊ
اﻟزوج ﻣن أﺟل اﻟوﻓﺎء ﺑﺎﻟﺷرط.
ﯾراﻗب ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻛذاﻟك ﻣدى وﺟود اﻟﺷرط ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟزواج أوﻓﻲ ﻋﻘد ﻻﺣق أوﻻً ﺛم ﯾﺑﺣث ﻓﻲ ﻣدى
ﻣدوﻧﺎ ﻻ ﯾوﺟد ﻣﺷﻛل ﺑﺣﯾث ﯾﺳﻬل ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ إﯾﺟﺎد ﻫذا اﻟﺷرط أﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﻛن ﻣﻛﺗوﺑﺎ
ً ﺻﺣﺗﻪ ٕوان ﻛﺎن اﻟﺷرط
ﻓﻌﻧدﻫﺎ وﺟب إﺛﺑﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟطرق اﻹﺛﺑﺎت ﻟﻛﻲ ﯾراﻗب ﻣدى ﻣﺷروﻋﯾﺔ و ﺳﻼﻣﺔ ﻫذا اﻟﺷرط وذﻫب ﻗﺿﺎء
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ إﻟﻰ اﻟﻘول أﻧﻪ " :ﻣن اﻟﻣﻘرر ﺷرﻋﺎ أن اﻟﺷرط اﻟوارد ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟزواج اﻟذي ﻻ ﯾﻘﺗﺿﯾﻪ اﻟﻌﻘد وﻻ
155
ﯾﻧﺎﻓﯾﻪ و اﻟذي ﯾدﺧل ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﻛراﻫﺔ ،ﻟﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﻣن اﻟﺗﺣﺟﯾر ﻻ ﯾﻠزم اﻟزوج ﺑﻪ وﻣن ﺛم ﻓﺎن اﻟﻘﺿﺎء ﺑﻣﺎ ﯾﺧﺎﻟف
ﺗﻧﺎﻗض روح اﻟﻌﻘد ،2"...ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾرى إذا ﻛﺎن ﻫذا اﻟﺷرط ﻻ ﯾﺣﻠل ﺣراﻣﺎ و ﻻ ﯾﺣرم ﺣﻼﻻ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن ﺷرط
ﻋﺎدي ﻓﺎﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻋﻧد ﺷروطﻬم ،وﺑﻌد أن ﯾدرس ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺷرط ،ﻟﻛن اﻟزوج ﻣﺗﻣﺳك ﺑﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻪ
ﻓﺎن اﻟزوﺟﺔ ﻣن ﺣﻘﻬﺎ اﻟﺗطﻠﯾق.
و ﻟﻛن إذا ﻛﺎن ﻫذا اﻟﺷرط ﻏﯾر ﻣﻧطﻘﻲ و اﻟزوج اﺗﻔق ﻣﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺷرط ﻣﺛﻼ ﻛﺄن ﯾﺗم وﺿﻊ
ﺷرط ﺑﺄن ﯾﺧﺻص ﻟﻬﺎ ﺳﻛن ﻣﻧﻔرد و ﻟﻛن ﻻ ﯾﻔﻲ ﺑﻬذا اﻟﺗزام ،أو ﯾﺗﺑﯾن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أﻧﻪ ﻓﻲ ﯾوم و ﺿﻊ اﻟﺷرط
ﻛﺎﻧت ﺗﻌﯾش ﻣﻊ واﻟدي اﻟزوج ،و أﺧﺗﻪ اﻟﻌزﺑﺎء ﺛم ﺗوﻓﻲ اﻷب ،و ﺗزوﺟت اﻷﺧت و ﺑﻘﯾت ﻓﻘط واﻟدة اﻟزوج
وﻫﻧﺎ ﯾﺧﺎﻟف اﻟﺷرط ،و ﻻ ﯾﻧﻔذﻩ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن ﯾﻌﯾش ﻣﻊ أﻣﻪ اﻟﻛﺑﯾرة ﻓﻲ اﻟﺳن و اﻟزوﺟﺔ ﺗﺗﻣﺳك ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق
و اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫﻧﺎ ﯾﺗدﺧل و ﻟﻪ دور إﯾﺟﺎﺑﻲ و ﯾﻘدر وﯾﻘﻧﻊ اﻟزوﺟﺔ أن اﻷﻣور ﺗﻐﯾرت ﻟم ﺗﻌد ﻧﻔس اﻟظروف ﯾوم
اﻻﺗﻔﺎق ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻘدر اﻷﻣر و ﯾوﻋﻲ اﻟزوﺟﺔ ﺑﺄن اﻟزوج ﻟم ﯾﺧﺎﻟف ﺷرطﺎ ﻣﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﻋﻘد
اﻟزواج و إﻧﻣﺎ اﻟظروف أﻣﻠت ﻋﻠﯾﻪ أن ﻻ ﯾﺗرك أﻣﻪ اﻟﻌﺟوز اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺳن و ﺣدﻫﺎ ،و ﯾﺣﺛﻬﺎ ﻋﻠﻰ
اﺳﺗﻣرار اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ و أن ﯾﺗرﻛﻬﺎ ﺗﺗﺻور اﻟوﺿﻊ ﻟو ﻛﺎﻧت ﻫﻲ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن اﻟزوج ،و ﻛﺎن أﺣد واﻟدﯾﻬﺎ
ﻓﻛﯾف ﺗﺗﺻرف ﻣﻊ ﻫذا اﻟوﺿﻊ؟ ،و ﺑﻌد اﻷﺧذ و اﻟرد ﺳوف ﺗﻘﺗﻧﻊ اﻟزوﺟﺔ ﺑﺄن زوﺟﻬﺎ ﻟم ﯾﺧﺎﻟف اﻟﺷرط
ﻓﯾﺗﺻﺎﻟﺣﺎ و ﺗﺗراﺟﻊ ﻋن طﻠﺑﻬﺎ ،ﻓﻠﻬذا ﯾﺧﺗﻠف دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﺣﺳب ظروف ﻛل ﻗﺿﯾﺔ ﻷن
ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻷﺳرة ﻻ ﯾﻣﻛن ﺣﺻر ﻣﺷﺎﻛﻠﻬﺎ .
-4اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﺗﺑر ﺷرﻋﺎً:
ﻣن ﺑﯾن ﺣﺎﻻت ﺗطﻠﯾق اﻟزوﺟﺔ ﻣن زوﺟﻬﺎ ﻣﺎ ﺟﺎءت ﺑﻪ اﻟﻣﺎدة )" (10 /53ﻟﻛل ﺿرر ﻣﻌﺗﺑر ﺷرﻋﺎ"
ﯾﻼﺣظ أن ﻋﺑﺎرات ﻫذﻩ اﻟﻔﻘرة ﻋﺎﻣﺔ وﻏﯾر ﻣﺣددة ،ﻷن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﻘﯾد ﺣق اﻟﻣرأة ﻟﻠﺗطﻠﯾق ﻟﺿرر ﻣﻌﯾن
ﻣﺎﻧﺣﺎ ﺑذﻟك اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر اﻷﺿرار اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﻟﻠزوﺟﺔ أن ﺗطﻠب ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻫﺎ
ً
اﻟﺗطﻠﯾق ،وأن ﻫذﻩ اﻟﺳﻠطﺔ ﻻ ﺗﺧﺿﻊ ﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،و ﯾﻛون اﻟﻣﺷرع ﻗد أﺧذ ﺑﺎﻟﻌﺎدات و اﻟﺗﻘﺎﻟﯾد
-1اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ )ﺳﺎﺑﻘﺎ( ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،49575ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1988/06/20اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ
ﻋدد ،1991 ،02ص.54
-2اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ )ﺳﺎﺑﻘﺎ( ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،اﻟﻘرار اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ،1971/3/3ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،ﻋدد 1972،2ص
. 39
156
داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺟزاﺋري ،ﺑﺣﯾث أن اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﺗﺑر ﻟدى ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻟﯾس ذاﺗﻪ ﻋﻧد ﺟﻣﺎﻋﺔ أﺧرى أﺿف
إﻟﻰ ذﻟك اﻷﻣر ﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﻣن ﻣﻛﺎن إﻟﻰ ﻣﻛﺎن آﺧر ﻓﻘط ،ﺑل ﻣن زﻣن إﻟﻰ أﺧر.
و اﻟواﻗﻊ ﺑﺈﻣﻛﺎن اﻟﻣﺷرع أن ﯾﺳﺗﻐﻧﻲ ﻋن ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺳﺑﺎب اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
ﻷن ﻫذا اﻟﺳﺑب ﯾﺷﻣل ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣﺎﻻت ،وﻣن ﺛﻣﺔ ﻓﻣﺗﻰ ﺗﺿررت اﻟزوﺟﺔ ﻣن ﺗﺻرﻓﺎت اﻟزوج ﻓﻌﻠﯾﻬﺎ أن ﺗرﻓﻊ
أﻣرﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ و ﻟﻬﺎ أن ﺗﺛﺑت ﻟﻪ ﺑﺟﻣﯾﻊ و ﺳﺎﺋل اﻹﺛﺑﺎت أن اﻟزوج ﻻ ﯾﺣﺳن ﻣﻌﺎﻣﻠﺗﻬﺎ ،وﻋﻧدﻫﺎ ﻓﻣﺎ
ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻹﺛﺑﺎت إﻻ أن ﯾﺳﺗﺟﯾب إﻟﻰ طﻠﺑﻬﺎٕ ،واذا ﻋﺟزت ﻋن إﺛﺑﺎت ذﻟك ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﻰ
اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻘوم ﺑﺗﻌﯾن ﺣﻛﻣﯾن ﻟﻠﺗوﻓﯾق ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (56ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة وأن اﻟﺿرر ﻻ
ﯾﻛون ﻛﺳﺑب ﻣوﺟب ﻟﻠﺗطﻠﯾق ،إﻻ إذا ﻛﺎن ﺻﺎﺣب اﻟﺿرر ﻫو اﻟزوج ،و ﻟﯾس اﻟﻐﯾر ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻗد ﺣرض
اﻟﻐﯾر ﻋﻠﻰ زوﺟﺗﻪ ،و أن ﯾﻧﺗﺞ ﻋن اﻟﺧطﺄ أﺿرار ﺗﻠﺣق ﺑﺎﻟزوﺟﺔ و ﻻ ﯾﻛون ﻫﻧﺎك ﺿرر إذا ﻣﺎرس اﻟزوج
ﺣﻘﻪ اﻟﺷرﻋﻲ ﻛرﻓﺿﻪ أن ﺗﻛون ﺗرﺑﯾﺔ اﻷوﻻد ﻋﻠﻰ دﯾﺎﻧﺔ أﻣﻪ اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ.1
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻪ دور ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت دﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق ﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺿرر
اﻟﻧﺎﺟم ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺿرب واﻟﺟرح اﻟﻣرﺗﻛب ﻣن اﻟزوج ،ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗﻧﺑط ﻣدى ﺧطورة اﻟﺿرب اﻟﻣؤدي إﻟﻰ اﻟﺿرر
اﻟﺑﯾن اﻟذي ﺗﺳﺗﺣق ﺑﻪ اﻟزوﺟﺔ اﻟﺗطﻠﯾق وﻓﯾﻣﺎ إن ﻛﺎن ﻫذا اﻟﺿرب ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﺗﺄدﯾب أي اﻟﺿرب ﻏﯾر
اﻟﻣﺑرح اﻟذي ﻗﺎل ﺑﻪ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻷﻧﻪ ﻗد ﯾﻛون ﻫذا اﻟﺿرب ﺟﺎﺋز ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و ﯾدﺧل ﺗﺣت
ﻋﻧوان اﻟﺿرب ﻏﯾر اﻟﻣﺑرح ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﺄدﯾب ،وﻫو ﻣﺎ ﯾؤﻛدﻩ ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ .2
ﺷرﻋﺎ ،و ﻻ ﯾدﺧل ﻓﻲ اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﺎﺳﺔ ﺑﺷرف
ﻟذﻟك اﻟﺿرب و اﻟﺟرح ﯾدﺧل ﻓﻲ اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﺗﺑر ً
اﻷﺳرة ،ﻓﻼ ﯾدﺧل ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟراﺑﻌﺔ و إﻧﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌﺎﺷرة ،وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﺻد ﻗرار ﻣن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣﻔﺎدﻩ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":أن إداﻧﺔ اﻟزوج ﺑﺳب ﺿرب اﻟزوﺟﺔ ﯾﻌﺗﺑر ﺿرر و ﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﺟرﯾﻣﺔ ﻣﺳﺎس ﺑﺷرف
157
اﻷﺳرة " ،1ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ َ
ﯾُﺣدث اﻟزوج ﺑﺄن ﻟﯾس ﻟﻪ أن ﯾﺳﺗﺑد ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺷرة زوﺟﺗﻪ أو ﯾﻣﻧﻊ ﻋﻧﻬﺎ ﺣﻘﺎ ﻣﺧوﻻً ﻟﻬﺎ
ﻣن ﻗﺑل اﻟﺷرع أو ﯾﺿﺎرﻫﺎ ﺑﻣﺎ ﻻ ﺗﺣﻣل اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻣﻌﻪ ،وﻫذا ﻣﺎ أﻛدﺗﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،2وﯾﻌظ اﻟزوج ﺑﺄن
ﯾﻛف ﻋن ﺳوء ﻣﻌﺎﻣﻠﺗﻪ ﻟﻠزوﺟﺔ وﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﻻ ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑوﻋد اﻟزوج ﺑﻌدم اﻟﻌودة إﻟﻰ ﻣﺛل ﺗﻠك
اﻟﺗﺻرﻓﺎت .
-5اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﺷﻘﺎق اﻟﻣﺳﺗﻣر ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن:
إذا رﺟﻌﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟزوﺟﺔ ﻟﯾس ﻟﻬﺎ اﻟﺣق ﻓﻲ طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق إذا ﻧﺷب ﺑﯾﻧﻬﺎ و ﺑﯾن زوﺟﻬﺎ
ﺷﻘﺎق ﺑﺻﻔﺔ ﻣﺳﺗﻣرة ،ﻷن ذﻟك ﻟﯾس ﻓﻲ ﻧظرﻩ ﺳﺑﺑﺎ ﻣن أﺳﺎب اﻟﺗطﻠﯾق و ﻫذا ﻣﺎ دﻓﻊ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻗﺑل اﻟﺗﻌدﯾل إﻟﻰ ﻋدم ذﻛرﻩ ،ﻷﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﺛل اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﺑﻌث ﺣﻛﻣﯾن ﻣن أﻫﻠﻬﻣﺎ
ﺳﺑﺑﺎ ﻣن أﺳﺑﺎب اﻟﺗطﻠﯾق .ﻏﯾر أن اﻟﺗﻌدﯾل اﻟذي ط أر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎدة )(53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟم ﯾﻛن ً
ﻓﻲ ،2005أدﺧﻠﻪ و اﻋﺗﺑرﻩ ﺳﺑﺑﺎً ﻣن أﺳﺑﺎب اﻟﺗطﻠﯾق اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ ﻓﻲ ﺗﻌدﯾل اﻟوارد ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻓﻲ
ﻣﺟﺎل اﻧﺣﻼل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻧﺟد أن اﻟﻣﺷرع ﻗد ﺳﻣﺢ ﻟﻠزوﺟﺔ أن ﺗطﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ﺑﺳﺑب اﻟﺷﻘﺎق اﻟﻣﺳﺗﻣر
ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،3وﻫو ﺳﺑب اﺳﺗﻧﺑطﻪ واﺿﻌوا اﻟﺗﻌدﯾل ﻣن ﺑﻌض اﻟﻘ اررات اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ.
اﺳﺗﻘرت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن ﻗ ارراﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷﺳﺑﺎب وﺟﻌﻠﺗﻬﺎ ﻣوﺟﺑﺔ ﻟﺗطﻠﯾق 4وﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ
ﺳﺎﺑﻘﺎ اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1985/5/20اﻟذي ﺟﺎء ﻓﯾﻪ " ﻣن
ً ﻣﺎ ﻗﺿت ﺑﻪ ﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر ﻋن اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،127948ﻣؤرخ ﻓﻲ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،1996/01/16ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،ﻋدد
،1997 ،54ص 275وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ .
2
-ﻓﻘد ﺟﺎء ﻓﻲ أﺣد ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ":ﺣﯾث اﻧﻪ إذا ﻛﺎن ﻟﻠزوج أن ﯾوﻗﻊ اﻟطﻼق أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﻠﯾس ﻟﻪ أن ﯾﺳﺗﺑد ﻓﻲ
ﻣﺧوﻻ ﻟﻬﺎ ﻣن ﻗﺑل اﻟﺷرع أو ﯾﺿﺎرﻫﺎ ﺑﻣﺎ ﻻ ﺗﺣﻣل اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻣﻌﻪ ،ذﻟك اﻧﻪ ﻟﻠزوﺟﺔ طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ﻣﻧﻌﺎ
ﻣﻌﺎﺷرة زوﺟﺗﻪ أو ﯾﻣﻧﻌﻬﺎ ﺣﻘﺎً ً
ﻟﻠﺿرر و اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺟﻌل ﻟﻪ اﻟﺷرع وﻻﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ ذﻟك ﻣﻧﻌﺎ ﻟﻸﺿرار اﻟذي ﻣن أﻧواﻋﻪ اﻟﺿرب اﻟﻣﺗﻛرر اﻟﻣؤﻟم ،" ...اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ،
ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،اﻟﻘرار اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،1971/01/12ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،ﻋدد ،1972 ،2ص .61
-3ﻣﺎ ﯾﻼﺣظ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣدوﻧﺔ ﻋﻣد إﻟﻰ اﻟﺗوﺳﯾﻊ ﻣن أﺳﺑﺎﺑﻪ ،ﺑﺈﺿﺎﻓﺔ ﺳﺑب ﺟدﯾد ﻟم ﯾﻛن ﻣوﺟودا
ﻓﻲ ﻣدوﻧﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣﻠﻐﺎة ،و ﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺷﻘﺎق ﻛﻣﺎ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻣواد ﻣن ) (94إﻟﻰ ) (97اﻟﻣﻌﻧوﻧﺔ
اﻟﺗطﻠﯾق ﺑطﻠب ﻣن أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺑﺳﺑب اﻟﺷﻘﺎق أوﻟﻬﻣﺎ ﻣﻌﺎً اﻟﻠﺟوء إﻟﯾﻪ ﻓﻲ إطﺎر ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة و ﺑﺻﻔﺔ اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ أﺗﺎح
ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻹﺛﺎرة اﻟﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺔ ﻟدﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﺷﻘﺎق .ﻏﯾر أن اﻟﻔرق ﺑﯾﻧﻪ وﺑﯾن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري اﻟذي اﺳﺗﺣدث ﻫذا
اﻟﺳﺑب ﻣن اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،وﺟﻌﻠﻪ ﺳﺑﺑﺎً ﻟطﻠب اﻟزوﺟﺔ اﻟﺗطﻠﯾق ﻓﻘط دون اﻟزوج أو ﺣﺗﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ أو
ﺣﺗﻰ اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ طرﻓﺎ أﺻﻠﯾﺎً .
4
-اﻧظر- :اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ )ﺳﺎﺑﻘﺎ( ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،36414ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1985/5/20اﻟﻣﺟﻠﺔ
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد ،1990 ،02ص .58
158
ﺿرر ﺑﯾﻧﺎ واﻗﺗﻧﻊ اﻟﻘﺿﺎة ﺑﺿرورة
اﻟﻣﻘرر ﺷرﻋﺎ أﻧﻪ إذا طﺎل أﻣد اﻟﻧزاع ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن وﻟﺣق اﻟزوﺟﺔ ﻣن ذﻟك ً ا
اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻓﺎﻧﻪ ﻻ ﺳﺑﯾل ﻣن ﺣل إﻻ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ " .وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻗد ﺗﺗﻌرض اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ
ﯾﻛدر ﺻﻔوﻫﺎ وﯾﻠﺣﻘﻬﺎ اﻟﻔﺗور أو ﺗﻌرف ﺧﻼﻓﺎت ﺗﻌﺻف ﺑﻬﻧﺎء اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ وﯾﺣل اﻟﺗﻧﺎﻓر ﺑدل اﻻﻧﺳﺟﺎم
واﻟوﺋﺎم واﻟﺧﺻﺎم ﺑدل اﻟﻣﺣﺑﺔ واﻷﻟﻔﺔ واﻟﻘﺳوة ﺑدل اﻟرﺣﻣﺔ واﻟﻌطف ،ﻓﺗﺻﺑﺢ ﺑذﻟك اﻟﺣﯾﺎة ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن
ﺟﺣﯾﻣﺎ ﻻ ﯾطﺎق و ﯾﺳﺗﺣﻛم اﻟﺷﻘﺎق ﻓﺗﺻﺑﺢ ﺣﯾﺎﺗﻬﻣﺎ ﺟﺣﯾﻣﺎ وﻧﻘﻣﺔ وأن اﻟﻣﺿﻲ ﻗدﻣﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﯾﺎة ﯾﺷﻛل
ﻣﻔﺳدة ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻛﺛرة اﻟﺧﻼﻓﺎت وﺗﺷﻌﺑﻬﺎ واﺳﺗﻣرارﻫﺎ وﻫو ﻣﺎ ﯾﺻطﻠﺢ ﻋﻧﻪ ﺑﺎﻟﺷﻘﺎق ،1ﻓﺈذا ﺛﺑت ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﻌد
إﺟراء ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﺗﻌذر اﺳﺗﻣرار اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻓﺷﻠت ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ إﺟراء ﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،ﻏﯾر أن
اﻟزوﺟﺔ إذا ﻟم ﺗﺛﺑت اﻟﺿرر وأﺻرت ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ،واﺻطدﻣت ﺑﻌﻘﺑﺔ إﺛﺑﺎت إﺿرار اﻟزوج ﺑﻬﺎ
ﻛﻣظﻬر ﻣن ﻣظﺎﻫر إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﻬﺎ اﻟﻣﺗﻘﺎﺿﻲ أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء ،ذﻟك أن وﺟﻪ اﻟﺻﻌوﺑﺔ
ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺧﺻوﺻﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻓﺣﺗﻰ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﺿرر ﻗﺎﺋم ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻣن اﻟﻧﺎدر أن ﯾﻣﺎرس
ﻣﺗﻌذر.2
ًا أﻣﺎم اﻟﺷﻬـود ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل إﺛﺑﺎﺗﻪ
ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ وأﻣﺎم ﻋدم ﺛﺑوت اﻟﺿرر ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻻ ﯾﻔﺻل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟطﻠب
وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﺗرﻓض ﻫذﻩ اﻟدﻋﺎوى ﻟﻌدم اﻟﺗﺄﺳﯾس ،وﻟذﻟك ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة أن ﻻ ﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗوﺳﯾﻊ
ً
ﻧطﺎق داﺋرة رﻓض دﻋﺎوى اﻟﺗطﻠﯾق ﻻﻧﻌدام اﻹﺛﺑﺎت أو ﻟﻌدم اﻟﺗﺄﺳﯾس ﻣن ﺟﻬﺔ ،و ﺧﺻوﺻﺎً أن اﻟﺿرر ﻟم
ﯾﺛﺑت ﻟﻪ و أن اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟم ﺗﻧﺣل ﺑﻌد ،ﻓﻬﻧﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﻣﻧﺢ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﺗﺧﺎذ إﺟراء آﺧر ،ﺑﺗﻔﻌﯾل وﺳﯾﻠﺔ
-و ﻓﻲ ﻗرار أﺧر ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1987/1/16ﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻣن اﻟﻣﻘرر ﻓﻘﻬﺎً و ﻗﺎﻧوﻧﺎً اﻧﻪ ﯾﺟوز طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺗﻲ اﺳﺗﺣﻛﺎم اﻟﺧﻼف اﻟطوﯾل ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،"...اﻧظر :اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ )ﺳﺎﺑﻘﺎ( ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار
رﻗم 44457ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1987/1/26اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد ،1991،04ص .88
ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻘﺎق اﻟﻣﺳﺗﻣر ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1996/9/24ﺑﺄﻧﻪ
وﺗﺄﻛﯾدا ﻟﻣوﻗف اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋري ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﺗطﻠﯾق ً
ً -
" ﻣن اﻟﻣﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ أن اﺳﺗﻔﺣﺎل اﻟﺷﻘﺎق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﺗﻔرﯾق اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺷرﻋﺎً وﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺣﺎل أن اﻟﻣطﻌون
ﺿدﻫﺎ ﺗﺿررت ﻣن ﺟراء اﺳﺗﻔﺣﺎل اﻟﺧﺻﺎم ﻣﻊ زوﺟﻬﺎ ﻟﻣدة طوﯾﻠﺔ ﻣﻣﺎ ﻧﺗﺞ ﻋن إﺻﺎﺑﺗﻬﺎ ﺑﻣرض اﻷﻋﺻﺎب وأﺻﺑﺣت اﻟﺣﯾﺎة ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ
ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻓﺎن اﻟﻘﺿﺎة ﺑﻘﺿﺎﺋﻬم ﺑﺗطﻠﯾق اﻟزوﺟﺔ ﻟﻬذا اﻟﺳﺑب اﻟﻛﺎف ﻟﻠﺗﻔرﯾق اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،طﺑﻘوا ﺻﺣﯾﺢ اﻟﻘﺎﻧون" ،اﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،139353ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،1996 /9/24اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد ،1997 ،02ص .66
1
اﻟﻠﱠﻪ َ َو ُرﺳوﻟَﻪُ َ َوﻣن
َﻧﱠﻬم َﺷﺎﻗﱡ وا َ
ِك ِﺑﺄ ُْ
ذَﻟَ -اﻟﺷﻘﺎق ّﻟﻐﺔً :ﻣن َﺷق َ ﯾ ُﺷق ﯾﻘﺎل ﺷﺎﻗﻪ ﺧﺎﻟﻔﻪ وﻋﺎداﻩ وﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ " "
ﻘَﺎب" ،ﺳورة اﻟﺣﺷر ،اﻵﯾﺔ ،4واﺻطﻼﺣﺎ :اﻟﻧزاع اﻟﺷدﯾد ﺑﺳﺑب اﻟطﻌن ﻓﻲ اﻟﻛراﻣﺔ وﻛﯾﻔﻣﺎ ﺗﻧوﻋت
اﻟْﻌ ِ
اﻟﻠﱠﻪ ﺷَِد ُﯾد ِ
ِن َ اﻟﻠﱠﻪ ﻓَﺈ ﱠ
ق َ ﯾُﺷﺎ ﱢ
َ
اﻟﺗﻌﺎرﯾف واﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت وﺗﻌددت ﻓﺈن ﻛل ﻣﺎ ﯾﻧﺷﺄ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻣن ﺧﻼف وﻧزاع ﻣﻣﺎ ﯾﻧﻐص اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ وﯾﺣول دون
اﻟﺳﯾر اﻟﻌﺎدي ﻟﻬﺎ ،وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺑﺎدئ واﻷﺳس اﻟﺷرﻋﯾـﺔ اﻟﻣﺳﺗﻣدة ﻣن اﻟﻛﺗـﺎب واﻟﺳﻧـﺔ ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻌﺑـر ﻋﻧـﻪ ﺑﺎﻟﺷﻘﺎق .
-2ﻧﺎﺟﻲ ﻣﻛﺎوي رﺟﺎء ،اﻟطﻼق و اﻟﺗطﻠﯾق اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،أي ﻣﻔﺎﺿﻠﺔ ﺑﯾن ﻧظﺎﻣﯾن ﻟﻬدم اﻷﺳرة ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠم ،ﻋدد ،18
اﻟﻣﻐرب ،2000،ص.40
159
أﺧرى ﺑﺳﻠوك ﻧﻬﺞ آﺧر ﻗد ﯾﻔﺿﻲ إﻟﻰ ﻧﺗﯾﺟﺔ إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ أﻻ وﻫو ﺗﻌﯾﯾن ﺣﻛﻣﯾن ﻣن أﻫل اﻟزوﺟﯾن ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻣن ﺟدﯾد وﻓﻘًﺎ ﻷﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻛﻠﻣﺎ رأى ﻓﻲ ذﻟك إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ .1
ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺑﻘﻲ اﻷﻣر ﯾﻠﻔﻪ اﻟﻐﻣوض واﻹﺑﻬﺎم ﻷﻧﻪ ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ ﺣل اﻟﻧزاع ﺑﺷﻛل ودي
وﻻﺳﯾﻣﺎ أّن اﻟﺿرر ﻟم ﯾﺛﺑت ،ﻓﯾﻌود ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ﺻﻼﺣﯾﺔ اﻧﺗداب ﺣﻛﻣﯾن ﻟﺗﻘﺻﻲ اﻟﺣﻘﺎﺋق وﺗﺟدﯾد ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﻹﻧﻬﺎء اﻟﺷﻘﺎق اﻧﺳﺟﺎﻣﺎ ﻣﻊ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻣﺗﻛﺎﻣل ﺑﺧﺻوص ﺗﺳوﯾـﺔ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟزوﺟﯾﺔ
ق
ﯾُوﻓﱢ ِ
ﻼﺣﺎ َ
إِﺻ ً
ﯾُر َﯾدا ْ
ﱢن أ َْﻫَﻠِﻬﺎ إِن ِ
ﱢن أ َْﻫﻠِِﻪ َ َوﺣًﻛَﻣﺎ ﻣْ
َﺎﺑﻌﺛُواْ َﺣًﻛَﻣﺎ ﻣْ
َْﺑﯾﻧِﻬَِﻣﺎ ﻓ َْ ﻘَﺎق ﻣﺻداﻗﺎ ﻟﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ " :وإِْن ِﺧﻔ ْ
ْﺗُم ِﺷ َ
اﺿﺎ َﻓ َﻼ
إِﻋر ً
َت ِﻣن َْﺑﻌَﻠِﻬﺎ ﻧُﺷُوزًا أَْو َْ
ِٕن َْاﻣ أرَةٌ َﺧﺎﻓ ْ
َوا ِ ِﯾر" ،2و ﻗوﻟﻪ ﻋز وﺟل" :
ِﯾﻣﺎ َﺧﺑً ا
اﻟﻠﱠﻪ َﻛ َﺎن َﻋﻠً
إِن ََﻬﻣﺎ ﱠ
اﻟﻠﱠﻪُ َْﺑﯾﻧَُ
اﻟﻠﱠﻪ َﻛ َﺎن
ِن َ ﺗُﺣِﺳﻧُواْ َﺗَو ﺗﱠﻘُواْ ﻓَﺈ ﱠ
ﺷ ﱠﺢ َوإِن ْ
ُس اﻟ ﱡ
ﺿرِت اﻷَﻧﻔ ُ
اﻟﺻﻠُْﺢ َْﺧٌﯾر َوأ ُْﺣ َِ
َﻬﻣﺎ ُﺻﻠًْﺣﺎ َو ﱡ
ﯾُﺻﻠَِﺣﺎ َْﺑﯾﻧَُ
ْ َﺎح َﻋ ْﻠَﯾﻬَِﻣﺎ أَن
ُﺟﻧ َ
َات
َﺻﻠُِﺣواْ ذ َ
اﻟﻠﱠﻪ َوأ ْ
ول ﻓَﺎﺗﱠﻘُواْ َ
ﱠﺳ ِ
ِﻠﱠﻪ َواﻟرُ
َﺎل ﻟ ِ
َﺎل ﻗ ُِل اﻷَﻧﻔ ُ
َك َﻋِن اﻷَﻧﻔ ِ ﻠُون َﺧﺑِﯾرا"،3و ﻗوﻟﻪ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ " ﯾ ْ
َﺳﺄَﻟُوﻧَ ﺗَﻌﻣ َ
َﺑِﻣﺎ َْ
وﻫو ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ إﺟراء وﻗﺎﺋﻲ ﻣﺗدرج ﯾﻬدف إﻟﻰ ﺣل اﻟﻧزاع اﻟذي ﻗد ﯾؤدي اﻟﺗﻐﺎﺿﻲ ﻋﻧﻪ ٕواﻫﻣﺎﻟﻪ إﻟﻰ
ﺗﻌﻣﯾق اﻟﻬوة واﻟﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن وﺗﺷﺗت اﻷﺳرة .ﻻﺳﯾﻣﺎ وان رﻓض اﻟدﻋوى ﯾﺿر ﺑﺎﻟزوﺟﺔ أﻛﺛر ،ﻣﻣﺎ
ﻣﻧﻔذا ﻟﻣن ﻻ ﻣﻧﻔذ ﻟﻬﺎ .ﻓﺎﻟﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋري ﻟﻛﻲ ﯾﻘرر اﻟﺷﻘﺎق
ﯾﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﻠﺟﺄ إﻟﻰ إﺟراءات اﻟﺧﻠﻊ اﻟذي أﺻﺑﺢ ً
ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن وﯾﺣﻛم ﻟﻠزوﺟﺔ ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ﻻ ﯾﻛﻔﻲ أن ﯾﺛﺑت ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أﻧﻪ ﻫﻧﺎك ﻓﻌﻼً ﺧﻼﻓﺎت ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن أﺛﻧﺎء
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢٕ ،واﻧﻣﺎ ﻻﺑد إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ذﻟك ﺛﺑوت اﻟﺷﻘﺎق ﻣن ﺧﻼل اﻟﺧﺻوﻣﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن
اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ أﺣﻛﺎم أو ﻗ اررات ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣدﻧﯾﺔ ﻛﺎﻧت أو ﺟزاﺋﯾﺔ ،وﻛﺎن ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺻر ًﯾﺣﺎ ﻓﻲ
ﻫذا اﻟﺷﺄن إذ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار ﻟﻬﺎ ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2014/9/11ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
" ﺣﯾث أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ارﺗﺄى إﻟﻰ ﺗطﻠﯾق اﻟطرﻓﯾن ﻟﻠﺧﻼف أو اﻟﺷﻘﺎق و ﻟﯾس ﻟﻠﺿرر اﻟﻣﻌﺗﺑر ﺷرﻋﺎ وﯾﺗﺑن
ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ،أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﺳﺗﻧدت إﻟﻰ اﻟﺧﻼف اﻟﺣﺎﺻل ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن واﻟﺷﻘﺎق اﻟﻣﺳﺗﻣر
ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ واﻟذي اﻧﺟرت ﻋﻧﻪ ﻋدة ﺧﺻوﻣﺎت ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ،ورﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻟطﺎﻋن
واﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ".5وﻓﻲ ﻗرار أﺧر ﻟﻬﺎ ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2011/7/14اﻟذي ﺗﺿﻣن اﻟﻣﺑدأ اﻷﺗﻲ ":ﯾﺛﺑت
160
اﻟﺷﻘﺎق اﻟﻣﺳﺗﻣر ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﯾظﻬر ﻣن اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ واﻟﺧﺻوﻣﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن.ﻻ ﯾﻛﻔﻲ اﻟﺧﻼف
اﻟظﺎﻫر ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻟﺛﺑوت اﻟﺷﻘﺎق اﻟﻣﺳﺗﻣر و اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺗطﻠﯾق." 1
ﺣﯾث ﺗﺗﻠﺧص وﻗﺎﺋﻊ ﻫذا اﻟﻘرار اﻧﻪ رﻓﻌت دﻋوى ﺗطﻠﯾق ﻣن طرف زوﺟﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺷﻘﺎق
اﻟﻣﺳﺗﻣر ﺑﯾن زوﺟﻬﺎ طﺑق ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (8 / 53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ﻋﻠﻰ أﺳﺎس
ﺛﺑوت ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺷﻘﺎق وﺟﺎء ﻓﻲ ﻣﻌرض ﺗﺄﺳﯾس ﺣﻛﻣﻪ ﻋﻠﻰ أن اﻟطرﻓﯾن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺷﻘﺎق ﻣﺳﺗﻣر وﻏﯾﺑﺔ
اﻟطﺎﻋن اﻟﻣﺳﺗﻣرة اﻟﻣﻌﺗﺑرة ،وأﻧﻪ ﺛﺑت ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺿرر اﻟﻼﺣق ﻧﺗﯾﺟﺔ ذﻟك ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﺣﺿور
اﻟﺷﺧﺻﻲ و ﺗﺻرﯾﺣﺎت اﻟطرﻓﯾن أﻧﻬﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺷﻘﺎق وﺧﺻﺎم .ﻏﯾر أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻋﺗﺑرت ﻫذا
ﻗﺎﺻر وﻻ ﯾﻔﯾد اﺣﺗرام ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (8 / 53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وذﻫﺑت إﻟﻰ ﺣد اﻟﻘول أﻧﻪ:
ا اﻟﺗﺳﺑﯾب
" ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﺗﺑﯾن ﻛﯾف ﺗوﺻﻠت إﻟﻰ إﺛﺑﺎت ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺷﻘﺎق اﻟﻣﺳﺗﻣر ،واﻋﺗﺑرت أﻧﻪ ﻻ ﯾﻛﻔﻲ ﻣﺎ
ﯾدور ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﻧﻘﺎش و ﺧﻼﻓﺎت ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻟﻠﺣﻛم ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺑﺄﻧﻪ ﺷﻘﺎق ﻣﺳﺗﻣر ،ﻷن اﻟﺷﻘﺎق
اﻟﻣﺳﺗﻣر ﯾﺟب أن ﯾظﻬر ﻣن ﺧﻼل اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن واﻟﺧﺻوﻣﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ وﻫو ﻣﺎ ﯾﺟب
161
اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ أن اﻟطﺎﻋن
ً اﻟطﺎﻋن ذﻟك ،إﻻ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗدرت أن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ﺗﺿررت ﻣن اﻟﻌﺷرة اﻟزوﺟﯾﺔ
ﻟم ﯾﺣﺿر ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻟﺗﻔﻧﯾد ﻣزاﻋﻬﻣﺎ وﺗﺄﻛﯾد دﻓوﻋﻪ ،وأﻧﻪ ﻟذﻟك ﯾﺗﻌﯾن اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟطﻠﺑﻬﺎ و اﻟﺗﺻرﯾﺢ ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق
، ...وﺣﯾث إن ﻫذا اﻟﺗﺳﺑﯾب ﻓﯾﻪ ﺧرق ﻟﻘواﻋد اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺿﻲ ﻣن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ – ﺑﺻﻔﺗﻬﺎ ﻣدﻋﯾﺔ –
ﺗﻘدﯾم اﻟدﻟﯾل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺳﺑﺗﻪ ﻟﻠطﺎﻋن ،وﺧﺻوﺻﺎ وأن اﻟﻧزاع ﯾدور ﺣول إﻧﻬﺎء ﻋﻼﻗﺔ زواج ﺷرﻋﯾﺔ ﻧﺗﺞ ﻋﻧﻬﺎ
وﻟدان ،وﻟذﻟك ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻘﯾد ﺑﻘواﻋد اﻹﺛﺑﺎت وﻋدم اﻋﺗﺑﺎر ﺗﻐﯾب اﻟطﺎﻋن ﻋن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ دﻟﯾﻼً ﻋﻠﻰ
ﻣﺎ ﻧﺳب إﻟﯾﻪ ،ﻣﺎ دام أﻧﻛر ﻣﺎ ﻧﺳب إﻟﯾﻪ ﻓﻲ ﺟواﺑﻪ ﻋﻠﻰ دﻋوى اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ،ﻷن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ
ﻟﻬﺎ ﺑﻘواﻋد اﻹﺛﺑﺎت و ﯾﻘﺗﺻر دورﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﯾﻪ اﻟطرﻓﺎن وﻣﺎ اﺧﺗﻠﻔﺎ ﺑﺷﺄﻧﻪ أو أﻗرا ﺑﻪ ".1
ﻏﯾر أﻧﻪ ﻓﻲ ﻗرار آﺧر اﻋﺗﺑرت ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻘواﻋد اﻹﺛﺑﺎت ،وﻫو ﻣﺎ أﻛدﻩ ﻗﺿﺎء
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﺄن اﻗرار اﻟزوج ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻌﺗﺑر ﺣﺟﺔ ﻋﻠﯾﻪ ":ﻟﻛن ﻣﺗﻰ أﻗر اﻟطﺎﻋن ) اﻟزوج(
أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﻧﻌﻘدة ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2002/01/23ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﻣﺣﻛﻣﺔ أول درﺟﺔ ﺑﻌدم ﺗﻣﻛﯾن
اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ) اﻟزوﺟﺔ( ﺻداﻗﻬﺎ .وﺣﯾث ﻣﺎدام أن اﻟطﻼق وﻗﻊ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﻗﺑل اﻟدﺧول ﻓﺈن ﻗﺿﺎة
اﻟﻣوﺿوع ﺑﻌدﻣﺎ أﻟزﻣوا ﻓﻲ ﻗﺿﺎﺋﻬم اﻟطﺎﻋن ﺑﺄن ﯾﻣﻛن ﻣطﻠﻘﺗﻪ ﻣ ن ﻧﺻف ﺻداﻗﻬﺎ ﯾﻛوﻧون ﻗد طﺑﻘوا
ﺻﺣﯾﺣﺢ اﻟﻘﺎﻧون ،وﻛل ذﻟك ﺗﻣﺎﺷﯾﺎ و أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة 16ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن اﻟرﻓض اﻟطﻌن ﻟﻌدم
2
ﻗﺎﻧوﻧﯾﺗﻪ ".
إﻻ أن ﻋدم اﻹﻧﻛﺎر و اﻟﺗزام اﻟﺻﻣت ﯾؤﻛد ﺻﺣﺔ اﻹدﻋﺎء وﻻ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻗﻠب ﻗواﻋد ﻋبء اﻹﺛﺑﺎت
وﻫو ﻣﺎ ﺳﺎرت ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺟﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣن ﺧﻼل ﻗرار ﻟﻬﺎ ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2014/07/10واﻟذي ﺟﺎء
ﻓﯾﻪ " أﻧﻪ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﯾﺗﺑﯾن أن ﻗﺎﺿﻲ أول اﻟدرﺟﺔ و ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺗﻪ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن
اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﺧﯾﺎﻧﺔ اﻟزوج اﻟطﺎﻋن ﻟﻬﺎ و اﺳﺗﻧﺗﺟت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﻋدم إﻧﻛﺎر
ً ﺗﻣﺳﻛت أﻣﺎﻣﻪ اﻟزوﺟﺔ ﺑﺎﻟطﻼق،
اﻟزوج ﺧﻼل اﻟﻣواﺟﻬﺔ ﻣﻊ زوﺟﺗﻪ ﺻﺣﺔ اﻻدﻋﺎء و اﻻﻧﺗﻬﺎء إﻟﻰ اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟطﻠب اﻟﺗطﻠﯾق رﻓﻌﺎً ﻟﻠﺿرر ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ
ﺗﻛون ﺑذﻟك ﻗد ﺧﺎﻟﻔت ﻗواﻋد اﻹﺛﺑﺎت أو ﻗﻠﺑت ﻗواﻋد ﻋبء اﻹﺛﺑﺎت ،ﺣﺳﺑﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟوﺟﻪ و إﻧﻣﺎ ﻣﺎرﺳت
ﺳﻠطﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻬم اﻟوﻗﺎﺋﻊ و ﺗﻘدﯾرﻫﺎ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻪ ﻏﯾر ﺳدﯾد وان اﺳﺗﻧﺎد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟطﻠب
اﻟﺗطﻠﯾق إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑررت ﺑﻪ اﻟزوﺟﺔ طﻠﺑﻬﺎ أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﺧﯾﺎﻧﺔ اﻟزوج ﻟﻬﺎ ،وﺻﻣت ﻫذا اﻷﺧﯾر و ﻋدم
إﻧﻛﺎرﻩ ﻫذا اﻟﺗﺻرف ﻣﻧﻪ ﯾﺷﻛل إﯾذاء ﻣﻧﻪ ﻟﻣﺷﺎﻋر زوﺟﺗﻪ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺳﺗﺣﯾل ﻣﻌﻪ دوام اﻟﻌﺷرة ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ وأن ﻣﺎ
1
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،654972ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2011/9/15اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد
،2011 ،02ص 294إﻟﻰ .297
-2ﻗرار رﻗم ، 375807 :اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 2007/01/17اﻟﺻﺎدر ﻋن ﻏرﻓﺔ اﻻﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ و اﻟﻣوارﯾث ،ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
162
اﺳﺗﺧﻠﺻﺗﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﻫذﻩ اﻟواﻗﻌﺔ ﻣن ﻗﯾﺎم اﻟﺿرر اﻟﻣﺑرر ﻟﻠﺗطﻠﯾق ﺷرﻋﺎً و ﻗﺎﻧوﻧًﺎ وﻫو ﻣﺎ ﯾﺳﺗﻘل ﺑﻪ ﻗﺎﺿﻲ
1
اﻟﻣوﺿوع ."...
وﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﺷﺗداد اﻟﺧﺻﺎم و ﺛﺑوت اﻟﺿرر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻏﯾر ﻣﻠزم ﺑﺗﻌﯾن اﻟﺣﻛﻣﯾن وﻫو ﻣﺎ أﻗرﻩ
ﺣﺗﻣﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺻدر
ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻷﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إﺛﺑﺎت اﻟزوﺟﺔ ﻟﻠﺿرر وﻓﺷل ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ً
ﺣﻛﻣﻪ ﺑﺗطﻠﯾق اﻟزوﺟﺔ ﻣن زوﺟﻬﺎ ،2وﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ إذا اﻧﺗﻬﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن اﻟﺿرر ﻏﯾر ﺛﺎﺑت أو ﻏﯾر
ﻗﺎﺋم ،ﻓﻬﻧﺎ ﯾﻘﻊ اﻟﺗزام ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎة ﺑﺗﻔﻌﯾل إﺟراء اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 56ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
وﻫو ﻣﺎ أﻛدﺗﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ 3ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﺗﺳرع ﻟﻠﻔﺻل ﻓﻲ اﻟدﻋوى اذا ﻟم ﯾﺛﺑت اﻟﺷﻘﺎق و ﺟب ﺗﻌﯾن
ﺣﻛﻣﯾن ،وﯾﺣﺎوﻻن اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،وﻋﻠﻰ ﻫذﯾن اﻟﺣﻛﻣﯾن أن ﯾﻘدﻣﺎ ﺗﻘرﯾ ار ﻋن ﻣﻬﻣﺗﻬﻣﺎ ﻓﻲ أﺟل ﺷﻬرﯾن،
وﻟﻬﻣﺎ أن ﯾطﻠﻌﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻣﺎ ﯾﻌﺗرﺿﻬﻣﺎ ﻣن إﺷﻛﺎﻻت ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﻬﻣﺔ ،وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ،ﯾﻌﯾد اﻟﻘﺿﯾﺔ إﻟﻰ
اﻟﺟﻠﺳﺔ وﺗﺳﺗﻣر اﻟﺧﺻوﻣﺔ،4
1
-اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،0972469ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2014 /7/10ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
2
-ﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻗﺿت ﺑﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ " :ﺑدﻋوى أن اﻟﺷﻘﺎق اﻟذي ﯾوﺟب اﻟﺗطﻠﯾق ﻫو اﻟﺿرر اﻟذي ﯾﺗﻌذر ﻣﻌﻪ
دوام اﻟﻌﺷرة و أن اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺗﻲ اﻋﺗﻣدت ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ﻫﻲ ﻣﺟرد إﺟراءات ﺑﺎدرت ﺑﻬﺎ ﻣﻧﻔردة ،و ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻠطﺎﻋن ﺑﻬﺎ وأن
اﻟوﺛﺎﺋق اﻟﻣﺳﺗﻧد ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺎﺿﻲ أول درﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻫﻲ وﺛﺎﺋق ﻏﯾر ذات ﺣﺟﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣوﺿوع اﻟدﻋوى وﻛﺎن ﯾﺗﻌﯾن اﺳﺗﺑﻌﺎدﻫﺎ،
ﻟﻛن ﺣﯾث أﻧﻪ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟﻧﻘض ﯾﺗﺑﯾن وأن ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻗﺿﻰ اﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻘﺎق اﻟﻣﺳﺗﻣر وطول أﻣد
اﻟﻧ ازع اﺳﺗﺣﻛم اﻟﺧﻼف ﺗﺄﺳﯾﺳﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎدة 8/53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻣﺳﺗﻌﻣﻼً ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ اﻟﻣﺧوﻟﺔ ﻟﻪ ﻗﺎﻧوﻧﺎ ،ﺑﻣﺎ ﻟﻪ
وﻻﯾﺔ ﻣن ﻓﺣص اﻟﻧزاع و ﺗﻘدﯾر اﻟﺿرر اﻟذي ﺗﻧﺗﻔﻲ ﻣﻌﻪ ﺗﺣﻘق اﻟﺣﻛﻣﺔ و اﻟﻐرض ﻣن اﺳﺗﻣرار اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ ظل دوام اﻷﻟﻔﺔ
واﻟﻣﺣﺑﺔ و اﻹﺧﻼص ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻣﻣﺎ ﻻ ﯾﺳﺗطﺎع ﻣﻌﻪ دوام اﻟﻌﺷرة وأن ﻗﺎﺿﻲ أول اﻟدرﺟﺔ اﻋﺗﻣد ﻓﻲ ﻗﺿﺎﺋﻪ ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ﻋﻠﻰ اﺷﺗداد
اﻟﺧﺻﺎم اﻟﻣﺳﺗﻣر و اﻧﺗﻬﻰ إﻟﻰ أن اﺿرار اﻟزوج ﺑزوﺟﺗﻪ ﺛﺎﺑت وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻏﯾر ﻣﻠزم ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺑﺈﺟراء اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ
اﻟﻣﺎدة 56ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﻲ ﺗﺷﺗرط ﻋدم ﺛﺑوت اﻟﺿرر ﺧﻼﻓﺎص ﻟﻣﺎ ﻗررﻩ ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺣﺎل " اﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﻌﻠﯾﺎ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،620084ﻣؤرخ ﻓﻲ ،.2011/04/14ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،اﻟﻌدد ،01
،2012ص 299إﻟﻰ .303
-3ﻧﺟد ﻗرار أﺧر ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :وﺣﯾث أﻧﻪ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟطﻠب اﻷﺻﻠﻲ ﻣﺎ دام اﻟطﺎﻋن ﺑﺻﻔﺗﻪ
زوﺟﺎً ﻟﻠﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ،ﻗد اﺳﺗﻌﻣل ﺣﻘﻪ ﻓﻲ ﻣطﺎﻟﺑﺔ زوﺟﺗﻪ ﺑﺎﻟرﺟوع ،وﻟﯾس اﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﺑﯾن
اﻟطرﻓﯾن،ﻷﻧﻪ إذا اﺳﺗﻣر اﻟﺧﺻﺎم ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن و ﻟم ﯾﺛﺑت اﻟﺿرر ،وﺟب ﺗﻌﯾن ﺣﻛﻣﯾن ﻟﻠﺗوﻓﯾق و اﻟﺗﻌﯾن ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ،
ﻛﻣﺎ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻣﺎدة 56ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة .وﺣﯾث أﻧﻪ ﻣﺎدام اﻟطﺎﻋن ﻗد رﻓﻊ دﻋواﻩ طﺎﻟﺑﺎً رﺟوع زوﺟﺗﻪ
إﻟﻰ اﻟﺑﯾت اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﺗﻣﺳك ﺑذﻟك ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﻣراﺣل اﻟدﻋوى ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟم ﯾﺗﺑق ﻣن اﻟﻧزاع ﻣﺎ ﯾﺗطﻠب اﻟﻔﺻل
ﻓﯾﻪ ،ﻓﺈن ﺗﺻﺎﻟﺢ اﻟزوﺟﺎن ﻓﻬو ﺧﯾر و إﻻ ﻓﻠﻣن ﻟﻪ ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣن اﻟزوﺟﯾن اﻻﻟﺗﺟﺎء اﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﻣﺎ ﯾراﻩ
ﻣﻧﺎﺳﺑﺎ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﻣﻌﻪ أن ﯾﻛون ﻧﻘض اﻟﺣﻛم ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ ".أﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث
ﻗرار رﻗم ،0991493ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2014/11/13ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
4
-ﻧظر اﻟﻣواد ) (446و ) (447و)(448و) (449ﻣن ﻗﺎﻧون إﻻﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ .
163
ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وﻟﻛﻲ ﻻ ﯾرﻓض اﻟدﻋوى ﻟﻌدم اﻟﺗﺄﺳﯾس و ﺗطﺑﯾﻘًﺎ
ﻟﻠﻘﺎﻧون ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾطﺑق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (56ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻷن ﻋدم اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟطﻠب اﻟزوﺟﺔ ﯾدﻓﻌﻬﺎ ﻟﺳﻠوك
ﺑدﻻ ﻣن أن ﺗﺣﺻل ﻋﻠﻰ ﺗﻌوﯾض ،ﻓﺎﻧﻬﺎ ﺗدﻓﻊ ﻫﻲ ﻣﺑﻠﻎ ﻣﺎﻟﻲ ﻟﻘﺎء
دﻋوى اﻟﺧﻠﻊ ﻟﻛن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ً
ﺣرﯾﺗﻬﺎ ،واﻟﻣﺎدة ) (56ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة وﻛذا اﻟﻣواد )(446ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ اﻟﻣﺷرع
ﯾﺧﺎطب ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻟﯾس اﻷطراف ،ﻷﻧﻪ ﻟو ﻛﺎن ﻫذا ﻫو اﻟﻣﻘﺻود ﻓﻌﻼً ﺳوف ﻟن ﯾﻠﺟﺄ اﻟزوج
إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ٕواﻧﻣﺎ ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ أﻓراد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ،و ﯾطﻠب ﺗدﺧل ﺣﻛﻣﯾن ﻟﻺﺻﻼح ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ.
أﻟزم ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻧد ﻋدم ﺛﺑوت اﻟﺿرر ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧت أﺳﺑﺎب اﻟطﻠب اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ أن ﯾﻌﯾن
ﺣﻛﻣﯾن ،وﻟو ﺑدون رﺿﺎ اﻟطرﻓﯾن طﺎﻟﻣﺎ أن اﻷﻣر ﻻ ﯾرﺟﻊ ﻟﻬﻣﺎ ،و أن ﻫذا اﻹﺟراء ﯾدﺧل ﺿﻣن
اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﻣﻣﻧوﺣﺔ ﻟﻪ ،أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ رﻓض اﻟدﻋوى ﻟﻌدم اﻟﺗﺄﺳﯾس أو ﻟﻌدم اﻹﺛﺑﺎت ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺗم ﺗﺟﻣﯾد
ﺗطﺑﯾق ﻧص اﻟﻣواد ) (56ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و ) (446وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ
ﺑدون ﻣﺑرر ،ﻷن اﻟﺳؤال اﻟﻣطروح إذا ﻟم ﺗطﺑق ﻋﻧد ﻋدم ﺛﺑوت اﻟﺿرر ﻓﺈﻧﻪ ﺑﻼ ﺷك ﺳوف ﻟن ﺗطﺑق ﻋﻧد
ﺛﺑوت اﻟﺿرر ،و ﻟذﻟك ﺗظﻬر اﻟﺣﻛﻣﺔ اﻟﻛﺑﯾرة اﻟﺗﻲ ﺗوﺧﺎﻫﺎ اﻟﻣﺷرع ﻋﻧد وﺿﻊ ﻫذا اﻟﻧص وﻻ ﺳﯾﻣﺎ وأن ﻫذا
اﻟﻧص ﯾطﺑق ﻓﻲ ظل ﻗﯾﺎم اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ .
ﺛﺎﻧﯾﺎً -اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺷﻛﻠﻲ ﻓﻲ ﺑﻌض ﺣﺎﻻت ﺗطﻠﯾق :
ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت ﻣﺟرد إﺟراء ﺷﻛﻠﻲ ،ﻛﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﻔﻘدان واﻟﻐﯾﺑﺔ)أ( ،اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﺣﻛم
ﻋﻠﻰ اﻟزوج ﻋن ﺟرﯾﻣﺔ ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺳﺎس ﺑﺷرف اﻷﺳرة)ب( ،ﺣﺎﻻت ﺗطﻠﯾق إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻛون ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﻧظﺎم
اﻟﻌﺎم)ج(..
أ-اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﻔﻘدان واﻟﻐﯾﺑﺔ:
ﻧﺗﻌرض إﻟﻰ ﻓﻛرة إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﻔﻘدان ،و ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟﺗطﻠﯾق اﻟﻐﯾﺑﺔ ،وﻗﺑل ذﻟك
ﻧﻌرج ﺑﺎﺧﺗﺻﺎر إﻟﻰ ﺗﻌرﯾف ﻛل ﻣن اﻟﻣﻔﻘود و اﻟﻐﺎﺋب و ﻣطﺎﻟﺑﺔ اﻟزوﺟﺔ ﻟﻠﺗطﻠﯾق ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟك.
ﻣﻌظم ﺷراح اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري أﺧذوا ﺑﺎﻟﺗﻌرﯾف اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻣﻔﻘود اﻟوارد ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (109ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻓﻌرﻓﻪ اﻷﺳﺗﺎذ إﺳﺣﺎق إﺑراﻫﯾم ﻣﻧﺻور ":اﻟﺷﺧص اﻟذي ﻏﺎب ﻋن وطﻧﻪ ﻓﺗرة طوﯾﻠﺔ واﻧﻘطﻌت
أﺧﺑﺎرﻩ ﻓﻼ ﯾﻌرف ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺣﯾﺎ أو ﻣﯾﺗﺎ " ، 1أﻣﺎ اﻷﺳﺗﺎذ ﺑﻠﺣﺎج اﻟﻌرﺑﻲﻋرﻓﻪ أﻧﻪ " :اﻟﻐﺎﺋب اﻟذي اﻧﻘطﻊ
ﺧﺑرﻩ وﺧﻔﻲ أﺛرﻩ و ﺟﻬل ﻣﻛﺎﻧﻪ و ﻻ ﺗﻌرف ﺣﯾﺎﺗﻪ أو ﻣﻣﺎﺗﻪ " ، 2وﻟﻘد ورد ﺗﻌرﯾف اﻟﻣﻔﻘود ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
-1إﺑراﻫﯾم ﻣﻧﺻور إﺳﺣﺎق ،ﻧظرﯾﺗﺎ اﻟﺣق واﻟﻘﺎﻧون ،دون طﺑﻌﺔ ،دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،اﻟﺟزاﺋر ،2001 ،ص .219
-2ﺑﻠﺣﺎج اﻟﻌرﺑﻲ ،اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 508
164
وﺣﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣﻧﺗﻬﺎ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺧﺎﺻﺔ ،1اﻟظرﻓﯾﺔ واﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑظروف اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ طﺑﯾﻌﯾﺔ ﻛﺎﻧت أم
أﻣﻧﯾﺔ .2
ﻧﺟد اﻷﺳﺗﺎذة ﺣﻧﯾﻔﻲ ﻟوﯾزة ﻋرﻓﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻧﻪ" :ﻫو ﻣن ﻻ ﯾﻌرف ﻣﻛﺎن إﻗﺎﻣﺗﻪ اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ و ﻻ ﯾﻌﻠم ﻋﻧﻪ ﺷﯾﺋﺎ
ﺑﺣﯾث أﺻﺑﺢ وﺟودﻩ ﻣﺣل ﺷك" ،3و اﻟﻐﺎﺋب ﺳواء ﻛﺎن داﺧل اﻟوطن أو ﺧﺎرﺟﻪ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻘﺎﻧون اﻷﺳرة
اﻟﺟزاﺋري ،4وﯾﻼﺣظ أن ﻛل ﻣﻔﻘود ﻏﺎﺋب وﻟﯾس ﻛل ﻏﺎﺋب ﻣﻔﻘود وﻟذﻟك اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري اﺳﺗﻌﻣل ﻋﻧد
ﺗﻌرﯾﻔﻪ ﻟﻠﻐﺎﺋب اﻟﻣﻔﻘود ﻫو اﻟﺷﺧص اﻟﻐﺎﺋب.5
165
ﻓﻛﻣﺎ ﻧﻌﻠم أن ﻣن ﺑﯾن اﻟواﺟﺑﺎت اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺗﺿﻲ اﻟﻣﻌﺎﺷرة و اﻟﻣﺳﺎﻛﻧﺔ ﻫﻲ أﻻ ﯾﻐﯾب اﻟزوج
ﻣﻔﻘودا ،ﻓﺈن اﻟزوﺟﺔ
ً ﻏﯾﺑﺔ ﺗﺗﺿرر ﻣﻧﻬﺎ اﻟزوﺟﺔ ،ﻓﺈذا ﻏﺎب اﻟزوج ﻏﯾﺑﺔ طوﯾﻠﺔ ﺑدون ﻋذر ﺷرﻋﻲ أو ﻛﺎن
ﺗﺗﺿرر ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻐﯾﺑﺔ أو اﻟﻔﻘدان ﻣﻣﺎ ﻗد ﯾدﻓﻌﻬﺎ إﻟﻰ اﻻﻧﺣراف أو اﻟﻔﺗﻧﺔ ﻣﻣﺎ ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ اﻟﻛﯾﺎن اﻟﺧﻠﻘﻲ،ﻷن
ﻓﻘدان أو ﻏﯾﺎب اﻟزوج ﯾﻔوت ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﺔ أﻏراض وﻣﻘﺎﺻد اﻟزواج ،1ﻓﺈذا اﻟزوﺟﺔ ﺗﺿررت ﺟﺎز ﻟﻬﺎ طﻠب
اﻟﺗطﻠﯾق ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﻣﺎدة ) (112ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ ﺗﺟﯾز ﻟزوﺟﺔ اﻟﻣﻔﻘود و اﻟﻐﺎﺋب طﻠب
اﺳﺗﻧﺎدا ﻟﻠﻣﺎدة ) (5 / 53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة .
ً اﻟﺗطﻠﯾق
ﻓﻌﻠﻰ اﻟزوﺟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﯾد أن ﺗرﻓﻊ دﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﻔﻘدان ﻋﻠﯾﻬﺎ أن ﺗﺳﺗﺻدر ﺣﻛم ﻓﻘدان ﻟﺗﺛﺑت واﻗﻌﺔ
ﻓﻘدان اﻟزوج ﻟﻛﻲ ﯾﻘﺑل ﻟﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ طﻠﺑﻬﺎ ﻟﻠﺗﻔرﯾق ،2واﻟﻣﻔﻘود ﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﻛذﻟك إﻻ ﺑﻣوﺟب ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ﻻ
ﯾﻣﻛن ﺗطﺑﯾق اﻷﺣﻛﺎم و اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻔﻘد إﻻ ﺑﻌد إﺛﺑﺎت وﺿﻌﯾﺔ اﻟﻔﻘدان أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ،3أو ﻣﺎ ﯾﻘوم
ﻣﻘﺎﻣﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﺑﻣوﺟب ﻧﺻوص ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻧﺣﻰ آﺧر ،ﻛﻣﺣﺎﺿر اﻹﺛﺑﺎت و اﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﺣرر ﻣن طرف اﻟﺿﺑطﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻟﺗﻘرﯾر ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﻘد ،4وﺑﻌد ذﻟك ﺗﺄﺗﻲ اﻵﺛﺎر اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﺳرة
و ﻻﺳﯾﻣﺎ اﻟزوﺟﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻷن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻫﻲ أﻛﺛر اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺄﺛر واﻟﺗﻲ
ﻣﺳت اﻟزوﺟﺔ ﻟﻣﺎ ﻟﻬذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣن ﺧﺻوﺻﯾﺔٕ ، 5وان اﺳﺗﺻدار ﺣﻛم ﺑﺎﻟﻐﯾﺎب ﯾﺳﺗوﺟب إﺛﺑﺎت اﻟﺿرر ﻣن
166
طرف اﻟزوﺟﺔ و ﺗوﻓر اﻟﺷروط اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﺳﺗﺻدار اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﺷﺧص ﻏﺎﺋﺑﺎ ،اﻟذي ﯾﻠﺣق
ﺣﻛم اﻟﻣﻔﻘود.1
ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﺗرﻓﻊ اﻟزوﺟﺔ اﻟدﻋوى ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻔﻘدان أو ﻟﻐﯾﺎب اﻟزوج ،اﻟﺳؤال اﻟذي ﯾﺑﻘﻰ ﯾطرح
ﺟﯾدا أن ﻣﺛل ﻫذﻩ
ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺈﻟﺣﺎح ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺎدﻩ ﻫل ﯾﺟري اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻷﺣوال ؟ ،واﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻌﻠم ً
اﻟدﻋوى ﻻ ﺗﻘﺑل إﻻ إذا اﺳﺗﻧدت ﻋﻠﻰ ﺣﻛم ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻔﻘدان أو ﺑﻐﯾﺎب اﻟزوج ،واﻟﻐرﯾب ﻓﻲ اﻷﻣر اﻧﻪ ﻗد ﯾﻛون
اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﯾﻪ اﻟدﻋوى ﻫو ﻣن أﺻدرﻩ ،ﻧﻔرض ﺟدﻻً اﻧﻪ أﺟرى اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﻣﺎ اﻟﻐرض اﻟﻣﺗوﺧﻰ ﻣن
إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ أﻣﺎم اﻟﺿرر اﻟﺑﯾن و اﻟﻔﺎدح اﻟذي ﻟﺣق اﻟزوﺟﺔ ؟ ،وأن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ ﺿرورة
ﺣﺿور اﻟطرﻓﯾن ﺷﺧﺻﯾﺎ إﻟﻰ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻛﯾف ﯾﺣﺿر و ﻫو ﻣﻔﻘود أو ﻏﺎﺋب وﺻدر ﺣﻛم ﺑﻔﻘداﻧﻪ أو
ﺑﻐﯾﺎﺑﻪ ؟ ،وﻛﯾف ﯾﻛون رد ﻓﻌل اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ طرﻓﺎ أﺻﻠﯾﺎً ﻫل ﺗطﺎﻟب ﺑﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ أم ﺑﺗﺟﺎوزﻩ
ﻟﻌدم ﻓﺎﻋﻠﯾﺗﻪ ؟
إن ﻫذا اﻹﺟراء اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن،ﻻ ﯾﻘوم إﻻ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن اﻟﻣﺗﻧﺎزﻋﯾن وﻫﻧﺎ
اﻟزوج ﻏﯾر ﻣوﺟود ﻟﯾس ﻟﻌدم ﺣﺿورﻩ أو ﻋدم رﻏﺑﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﺿور ،ﺑل راﺟﻊ إﻟﻰ وﺟود ﺣﻛم ﯾؤﻛد واﻗﻌﺔ
اﻟﻔﻘدان أو واﻗﻌﺔ اﻟﻐﯾﺑﺔ ،وأن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻫﻧﺎ ﻟﯾس ﻟﻪ ﻓﺎﺋدة ﺑﺣﯾث اﻧﺗﻔﻰ اﻟﻐرض ﻣﻧﻪ واﻟﺣﻛﻣﺔ ﻣن إﺟراﺋﻪ
ﻣﻔﻘودة ﻫﻲ اﻷﺧرى ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺣﺎل.
ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑدون ﺟدوى وﺑدون ﻣوﺿوع ،وﯾﺟﻌل ﻣن اﻹﺟراء اﻟذي ﻗﺎم ﺑﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﺟراء
ﺷﻛﻠﻲ ،ﺳﺑق وأن ﻗﻠﻧﺎ وأن اﻟﺻﻠﺢ ﻟﯾس إﺟراء ﺟوﻫرﯾﺎ و ﺗﺧﻠﻔﻪ ﻻ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺑطﻼن اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﺑل أن
اﻟﻣﺷرع ﻛﺎن ذﻛﯾﺎً وﻓطﻧﺎً ﻟﻣﺎ وﺿﻊ ﻗﺎﻋدة ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ وﺟوﺑﯾﺔ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣن
ﯾﺟر اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،وﻟم ﯾﻘرﻧﻬﺎ ﺑﺟزاء إﺟراﺋﻲ أي ﻟﯾس ﻫﻧﺎك ﺑطﻼن إذا ﻟم ِ
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﺣوال ،و أﺿف إﻟﻰ ذﻟك أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫو ﺣﺎرس اﻹﺟراءات ﻓﯾرى ﻫل إﻋﻣﺎل
اﻟﺻﻠﺢ أو ﻋدم إﻋﻣﺎﻟﻪ ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟذي ﺳوف ﯾﺻدر.
-1ﻫﻧﺎك 3ﺿواﺑط ﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟﺷﺧص ﻏﺎﺋﺑﺎً وﻫﻲ :- :اﻟﻐﯾﺑﺔ :وﻫو ﻣﻐﺎدرة ﻣﺣل اﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﻣﻌﺗﺎد :- ،اﻟظرف اﻟﻘﺎﻫر :اﻟذي
ﻣﻧﻌﻪ ﻣن اﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻣﺣل إﻗﺎﻣﺗﻪ وﻋن أﻫﻠﻪ وﯾﺷﺗرط ﻓﯾﻪ ﻋدم إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗوﻗﻌﻪ ،وﻣﻊ اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ اﻟدﻓﻊ :- .اﻟﻣدة :ﻻﺑد ﻣن ﻣرور
ﻣدة ﺳﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﯾﺎب اﻟﺷﺧص ﻻﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻏﺎﺋﺑﺎً وﻟﻛن اﻟﻣﺷرع أﺿﺎف ﺷرط أﺧر وﻫو ﻋدم وﺟود ﻣﺎل ﺗﻧﻔق ﻣﻧﻪ اﻟزوﺟﺔ .ﻟﻘد أﻗر
اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك اﻟﺗطﻠﯾق ﺣﺗﻰ و ﻟو ﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﻣﺎل ﺗﻧﻔق ﻣﻧﻪ ،أﻧظر :ﻧوي ﻋﺑد اﻟﻧور ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .46
167
ﯾﺻﺑﺢ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣﺟرد إﺟراء ﺷﻛﻠﻲ وﺗﺗﺣول ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ إﻟﻰ ﻣﺟرد ﺟﻠﺳﺔ
ﺳﻣﺎع ،ﻟﯾﺗﺄﻛد ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣدى ﺗﻣﺳك اﻟزوﺟﺔ ﺑطﻠﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﯾس إﻻ ،و ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﻣﻔﻬوم
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء ﺷؤون اﻷﺳرة.
وان ﻛﺎن ﻻ ﯾﺛﯾر أي إﺷﻛﺎل ﻫذا اﻟوﺿﻊ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻷن اﻟﻌﺑرة ﻟدﯾﻬﺎ ﻫو ﺣﺿور
اﻟزوﺟﺔ طﺎﻟﺑﺔ اﻟﺗطﻠﯾق ﺣﺳب ﻣﺎ ﻫو ﺛﺎﺑت ﻓﻲ اﺳﺗﻘرار ﻗ ارراﺗﻬﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟك أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺟري
ﻣﺣﺎوﻻت ﻟﻠﺻﻠﺢ ﻣن أﺟل اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻧﺗﯾﺟﺔ وﻫﻲ ﻋودة اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ،أﯾن ﯾﻛون ﺳﻌﯾﻪ ﺣﺛﯾﺛﺎ ﻹﻗﻧﺎع
اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻣرار ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻣﺎدام أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻪ ﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻓﻲ إﺟراء ﺟﻠﺳﺔ ﺻﻠﺢ
أﺻﻼ ﻣﺗﻰ
ً واﺣدة أو أﻛﺛر و إﻋطﺎء ﻣﻬﻠﺔ ﺟدﯾدة ﻟﻠﺗﻔﻛﯾر ،ﻓﻣن ﺑﺎب أوﻟﻰ أن ﯾﻛون ﻟﻪ ﺳﻠطﺔ ﻋدم إﺟراﺋﻪ
اﻗﺗﻧﻊ ﺑﺗﺧﻠف اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن إﺟراﺋﻪ ،ﻷن اﻟﻣﺷرع ﯾﺧﺎطب اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻟﯾس اﻟﻣﺗﻘﺎﺿﯾن ﻣن ﺟﻬﺔ و إﺟراﺋﻪ ﯾﻌﺗﺑر
ﻣﺿﯾﻌﺔ ﻟﻠوﻗت واﺳﺗﻣرار ﻓﻲ ﻏﺑن اﻟزوﺟﺔ وﻫﻲ ﻏﯾر ﻣﻠزﻣﺔ ﺑﺎﻟﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟوﺿﻊ ،ﻛون اﺣﺗﻣﺎل ظﻬور
ﺟدا.
اﻟزوج وﺣﺿورﻩ إﻟﻰ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺿﻌﯾف ً
ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻣﺷرع أن ﯾﺗدﺧل و ﯾﻧص ﻋﻠﻰ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾراﻋﻲ ﻋﻧد إﺟراﺋﻪ ﻟﻠﺻﻠﺢ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺿﯾﺔ وﻣدى
ﺟواز إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﻬﺎ إﻋﻣﺎﻻً ﻟﺳﻠطﺗﻪ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ.
ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺻﻠﺢ وﺿﻌت إﺟراءات ﻣﻔﺻﻠﺔ ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ،ﺑﺄن ﺟﻌﻠت ﺗﻌﻣﯾم إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﺣﺎﻻت اﻟﺗطﻠﯾق ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻐﯾﺎب ،1ﻓﻘد ورد
ﻓﻲ اﻟﻘﺳم اﻟراﺑﻊ ﻓﻲ اﻟﺗطﻠﯾق ﻣن اﻟﺑﺎب اﻷول اﻟﺗطﻠﯾق ﺑطﻠب أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺑﺳﺑب اﻟﺷﻘﺎق ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣواد
) (94وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ ،اﻟذي أوﺟب ﻓﯾﻪ اﻟﻣﺷرع إﺟراء ﻛل ﻣﺣﺎوﻻت ﻹﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن طﺑﻘﺎً ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة
) (82ﻣن اﻟﻣدوﻧﺔ ،وﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺑﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗطﻠﯾق ﻷﺳﺑﺎب أﺧرى ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) ": (98ﻟﻠزوﺟﺔ طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق
ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ أﺣد اﻷﺳﺑﺎب اﻷﺗﯾﺔ /1 :إﺧﻼل اﻟزوج ﺑﺷرط ﻣن ﺷروط ﻏﻘد اﻟزواج / 2،اﻟﺿرر /3 ،ﻋدم اﻹﻧﻔﺎق،
1
-دﻟﯾل ﻋﻣﻠﻲ ﻟﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة ،ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﺷروح و اﻟدﻻﺋل ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ،ﻣﻧﺷورات ﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻧﺷر اﻟﻣﻌﻠوﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ و
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،و ازرة اﻟﻌدل ،ﻋدد ،01اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ،2004،ص .10
168
ﻗﻠﻧﺎ أن ﻧﺗﺳﺎءل ﻟﻣﺎذا اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ اﺳﺗﺛﻧﻰ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة
) (113ﻣن ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻓﻲ دﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق ﺑﺳﺑب اﻟﻐﯾﺑﺔ ؟ٕ ،واذا ﻛﺎن اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻗد أﺣﺳن
ﻧظر ﻟﺻﻌوﺑﺔ اﻟﻌﺛور ﻋﻠﻰ اﻟزوج اﻟﻐﺎﺋب
ﺻﻧﻌﺎ ﺑﺎﺳﺗﺑﻌﺎدﻩ ﻓﻲ دﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﻐﯾﺑﺔ ﻣن إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ً ،ا
ً
و اﺳﺗدﻋﺎﺋﻪ ﻟﺣﺿور ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺧﻼﻓًﺎ ﻟﻠرأي اﻟذي ﯾﻘول ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،1ﻓﻬذا اﻟرأي ﻗد ﺟﺎﻧﺑﻪ اﻟﺻواب
ﺣﯾن أﻟزم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻛل ﺣﺎﻻت اﻟﺗطﻠﯾق ،ﺣﯾث ﻧﻌﺗﻘد أن ﻓﯾﻪ ﻧوع ﻣن اﻟﺟزم ﻏﯾر
اﻟﻣﻘﺑول و ﻓﯾﻪ إرﻫﺎق ﻟﻠزوﺟﺔ ﺑﺈﺟراءات ﻻ ﻓﺎﺋدة ﺗرﺟﻰ ﻣﻧﻬﺎ ،ﻓﻣﺎ ﺟدوى ﻗﯾﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻹﺻﻼح ﺑﯾن
ﺣﻛﻣﺎ ﺑﺎﻟﻐﯾﺎب ،ﺑﻌد إﺗﺑﺎع إﺟراءات اﻟﺗﺣﻘﯾق و اﻟﺗﺄﻛد
اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﺗﻛون اﻟزوﺟﺔ ﻗد اﺳﺗﺻدرت ً
ﻣن ﺣﺎﻟﺔ ﺛﺑوت اﻟﻐﯾﺑﺔ وأﻣﺎم ﺗﺿرر اﻟزوﺟﺔ اﻟﺛﺎﺑت ﻓﯾﻧﺑﻐﻲ ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﺣوال أن ﯾﺳﺗﺟﯾب اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺣﺎﻻ ﻷﻧﻪ طﻠب ﻣؤﺳس .
ﻟطﻠﺑﻬﺎ ً
أﺻﻠﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ أن ﺗﻣﺎرس ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﻬﺎ و ﺗﻘدم
ً وﻣن اﻟﻣﻔروض ّأن اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ طرﻓﺎ
وﺗﺄﺳﯾﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ذﻛرﻩ ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع أوًﻻ اﻟﻧص
ً طﻠﺑﺎ ﺑﻌدم إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻻﻧﻌدام اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ،
ﻋﻠﻰ ﻣﺎدة ﺗﺗﺿﻣن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣوﺿوﻋﻲ) أي ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة( ﺣﺗﻰ ﺗﻧﺳﺟم ﻣﻊ
اﻟﻧﺻوص اﻹﺟراﺋﯾﺔ و أن ﯾﺳﺗﺛﻧﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت ﻣن إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ إﻣﺎ ﻟﻐﯾﺎب اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن اﻹﺟراء
ﺑﺣﯾث ﯾﺻﺑﺢ إﺟراء ﺷﻛﻠﯾﺎ ﺑدون ﺟدوى و ﺑدون ﻣوﺿوع ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت إﺧﺿﺎع
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﻐﯾﺎب واﻟﻔﻘدان أو ﻓﻲ ﺣﺎﻻت أﺧرى إﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ .
ب_اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻟزوج ﻋن ﺟرﯾﻣﺔ ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺳﺎس ﺑﺷرف اﻷﺳرة:
ﻗﻠﻧﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺳﺑق أن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ،ﯾﻘﺗﺿﻲ اﻷﻣر اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻣﺎ إذا ﻛﺎن إﺟراء
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ ﻣﻧﺗﺞ ﻛﺈﺟراء أوﻻ ﺟدوى ﻣﻧﻪ ﺣﺳب ظروف و وﻗﺎﺋﻊ اﻟﻘﺿﯾﺔ.
اﻷﺻل أن ﯾﺟري اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻬدف اﻟﺗوﻓﯾق واﻹﺻﻼح ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻟدﻓﻊ اﻟزوﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﺟﺎوز
اﻟﺿرر ،ﻏﯾر أﻧﻪ إذا ﻛﺎن اﻟزوج ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ﺣﻛم ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻌﻘوﺑﺔ ﺳﺎﻟﺑﺔ ﻟﻠﺣرﯾﺔ ﻟﻣدة ﺳﻧوات طوﯾﻠﺔ
ﻣﺛﻼ أو إﺣدى اﻟﺟﻧﺎﯾﺎت اﻷﺧرى،2
ﻟﺑﺷﺎﻋﺔ اﻟﺟرﯾﻣﺔ وﺧطورﺗﻬﺎ وﻛﺎن اﻟزوج ﻗد ارﺗﻛب ﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻘﺗل اﻟﻌﻣد ً
-1ﯾرى إدرﯾس اﻟﻔﺎﺧوري أن اﻟﻣﺳطرة اﻟﺻﻠﺣﯾﺔ ﺗﺟرى ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟدﻋﺎوى اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻘدم ﺑﻬﺎ اﻟزوﺟﺔ ﻹﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺳواء
ﺗﻌﻠق اﻵﻣر ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﺿرر أو ﻟﻠﻌﯾب أو ﻟﻠﻐﯾﺑﺔ أو ﻋدم اﻹﻧﻔﺎق.اﻧظر :اﻟﻔﺎﺧوري إدرﯾس ،اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ –
اﻟطﻼق ﻧﻣوذﺟﺎ –،اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻼﻗﺗﺻﺎد واﻟﻘﺎﻧون ،ﻋدد ،2005، 5ص .15
-2أﻣﺎ اﻟﺟراﺋم اﻟﻣﺎﺳﺔ ﺑﺷرف اﻷﺳرة ﻟدﯾﻧﺎ ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ :اﻟﺗﻬرﯾب ،اﻟﻣﺧدرات ،و اﻟﺳرﻗﺔ ،و زﻧﺎ اﻟﻣﺣﺎرم أو اﻟﻘﺗل ،ﻷﻧﻪ ﯾﻘﺎل أﻧﻬﺎ
زوﺟﺔ ﻣﻬرب أو ﻣروج ﻣﺧدرات أو زوﺟﺔ اﻟﻘﺎﺗل أو ﺗﺣرﯾض ﻗﺎﺻر ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺳق ...اﻟﺦ
169
ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﺗم ﺗﺣوﯾﻠﻪ إﻟﻰ وﻻﯾﺔ أﺧرى
وﺣﻛم ﻋﻠﯾﻪ ﻣؤﺑد ٕواﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻣﺷﻛل إﺣﺿﺎر اﻟزوج اﻟﻣﺳﺟون ،ﻷﻧﻪ ً
ﻣؤﺑدا ،ﻓﻬﻧﺎ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﺟدوى ﻣﻧﻪ ،ﻓﺗﺗﺣول ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ إﻟﻰ
وﻻﺳﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟزوج ﻣﺣﻛوﻣﺎ ﻋﻠﯾﻪ ً
ﺟﻠﺳﺔ ﺳﻣﺎع اﻟزوﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺿر وﯾﺗﺄﻛد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن إرادﺗﻬﺎ ﻓﻲ طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ،ﻛون اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻫذﻩ
اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣﺳﺗﺣﯾل ﻣﻊ اﻟطرف اﻷﺧر وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻏﯾﺎب اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن إﺟراﺋﻪ ) ﺟﻣﻊ ﺷﻣل اﻷﺳرة و اﻟﺗوﻓﯾق ٕواﺻﻼح
ذات اﻟﺑﯾن ،اﻷﻣر اﻟﻐﺎﺋب ﻓﻲ ﻫذا اﻟوﺿﻊ(.
وﻧظر ﻷن اﻟزوﺟﺔ ﻣﺗﻣﺳﻛﺔ ﺑطﻠﺑﻬﺎ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﻛون اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻓﻌﻼً ﻣﺷﯾﻧﺔ وﻓﯾﻬﺎ ﻣﺳﺎس
ًا
ﺑﺷرف اﻷﺳرة و ﺗﺳﺗﺣﯾل ﻣﻌﻬﺎ ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻓﻬﻧﺎ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻛون ﻓﺎرغ ﻣن ﻓﺣواﻩ ﻣﺎدام أن
اﻟزوج ﺳوف ﯾﻘﺿﻲ ﻣدة طوﯾﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﺟن أو ﯾﻘﺿﻲ ﺣﯾﺎﺗﻪ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﺟن ،ﻓﻼ ﯾوﺟد ﻓﺎﺋدة ﻓﻲ أن
ﯾﺻﺎﻟﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟزوﺟﺔ ﻣﻊ ﺷﺧص ﯾﻌد ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻣﯾت أو اﻟﻣﻔﻘود أو اﻟﻐﺎﺋب ،واﻟذي ﯾﺧﺷﻰ ﻣن ﺟﻬﺔ
أﺧرى اﻧﺣراف اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ إﻟﻰ طﻠﺑﻬﺎ ،و ﻟﻛن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺗﻌطﻲ اﻷﻫﻣﯾﺔ ﻓﻲ
إﺟراﺋﻪ و ﺗﺗطﻠب ﺣﺿور طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺷﺧﺻﯾﺎً و اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن ﻛل ذﻟك ﻓﻘط اﻟﺗﺄﻛد ﻋﻠﻰ إرادة
اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق و إن ﻛﺎﻧت اﻟزوﺟﺔ ﻻ ﺗزال ﻣﺗﻣﺳﻛﺔ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﺛم ﯾﺣرر ﻣﺣﺿر
ﺑذﻟك ﻟﯾﺷرع ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾواﺟﻪ ﻋﻣﻠﯾﺎ ﺣﺎﻻت ﻣﺳﺗﻌﺻﯾﺔ وﻟذﻟك وﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع ﻣﻧﺣﻪ ﺳﻠطﺔ
ﻧظر ﻷﺣوال اﻷﺳرة اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ.
ﺗﻘدﯾرﯾﺔ ً ا
ج -ﺣﺎﻻت ﺗطﻠﯾق إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻛون ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم:
ﺷرﻋﺎ ﻣﺧﺎﻟف
ﯾﻣﻛن اﻟﺟزم ﺑﺄن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺑﻌض ﺣﺎﻻت اﻟﺗطﻠﯾق ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﺗﺑر ً
ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﺑل أن إﺟراﺋﻪ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ ﻣﺧﺎﻟف ﻟﻘﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري وﻫو ﺧرق ﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ
اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ .ﻓﻣن ﯾﻌﺗﺑر أن اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري وأن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻﺑد ﻣن اﺳﺗﯾﻔﺎﺋﻪ ﻓﻲ ﻛل اﻷﺣوال ٕواﻻ ﻛﺎن
ﺣﻛم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺎطﻼُ و ﯾﻛون ﻋرﺿﺔ ﻟﻠﻧﻘض و اﻹﺑطﺎل .ﻛﯾف ﯾﻛون ﻣوﻗﻔﻬم ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ رﻓﻊ
ﺷرﻋﺎ ﻛون اﻟزوﺟﺔ ﺗﺿررت ﻣن زوﺟﻬﺎ اﻟذي ارﺗد ﻋن دﯾن
دﻋوى ﺗطﻠﯾق ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﺗﺑر ً
اﻻﺳﻼم ؟.
ﻟﻘد ﺟﺎء ﻓﻲ أﺣد ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ 1اﻟﺻﺎدرة ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2012/4/12واﻟذي ﺗﺿﻣن اﻟﻣﺑدأ اﻷﺗﻲ":
ﻓور ﺑﺎﻟﻔرﻗﺔ ﺑﯾن
ﯾﺣق ﻟﻠزوﺟﺔ اﻟﻣﺳﻠﻣﺔ طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ،ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ارﺗداد اﻟزوج ﻋن دﯾن اﻻﺳﻼم ﯾﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ً ا
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ، 699785ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2012/4/12ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﻌﻠﯾﺎ،ﻋدد ، 2012 ،02ص 275إﻟﻰ .277
170
1
ﻛﺎن ﺗﺄﺳﯾﺎ ﻟطﻌﻧﻪ
وردا ﻋﻠﻰ أوﺟﻪ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض اﻟﺗﻲ أﺛﺎرﻫﺎ اﻟ طﺎﻋن ً
اﻟطرﻓﯾن ،ﻣراﻋﺎة ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎمً ".
ﺗﺳﺑﯾب ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻛﺎﻷﺗﻲ ":ﺣﯾث أﻧﻪ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ أﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
وﺧﺎﺻﺔ اﻟﻔﺻل اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻣواﻧﻊ اﻟزواج ﯾﺗﺑﯾن أن زواج اﻟﻣﺳﻠﻣﺔ ﻣﻊ ﻏﯾر اﻟﻣﺳﻠم ﻣﺣرم ﻣؤﻗﺗﺎً وﻓﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة
) (30وﯾﺑﻘﻰ ﻫذا اﻟﻣﺎﻧﻊ أو اﻟﺗﺣرﯾم ﻗﺎﺋًﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﺑﻘﻲ اﻟﺳﺑب ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ارﺗداد اﻟزوج ﻋن اﻹﺳﻼم ﺗﻘﻊ ﺑﻪ
اﻟﻔرﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺎل ،ﻷن اﻟردة ﻓﻛﻣﺎ ﺗﻣﻧﻊ اﻟزواج اﺑﺗداء ﻓﺈﻧﻪ ﺗﻣﻧﻌﻪ ﺑﻘﺎء و ﯾﻛون ﻣن ﺣق اﻟزوﺟﺔ اﻟﻠﺟوء أﻣﺎم
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﻔرﻗﺔ ،وﻫﻲ ﻏﯾر ﻣﻠزﻣﺔ ﺑﺎﻟﺑﻘﺎء ﻣﻊ اﻟزوج اﻟﻣرﺗد اﻟذي اﺳﺗﻌﻣل ﺣرﯾﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﻐﯾر ﻣﻌﺗﻘدﻩ ،ﺑل
أن ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﻣﻌﻪ ﻣﺧﺎﻟف ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم طﺎﻟﻣﺎ أﻧﻬﺎ أﺻﺑﺣت ﻣﺣرﻣﺔ ﻋﻠﯾﻪ ،و ﻓق ﻟﻠﻣﻌﺗﻘد اﻟذي ﺗدﯾن ﺑﻪ و ﺗزوﺟﺗﻪ
ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻪ و ﻓق أﺣﻛﺎﻣﻪ ،و ﻛذا وﻓق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (30ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻓﺿ ًﻼ ﻋن أن ﻓﻲ ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﻣﻌﻪ
ﯾﻠﺣق ﺑﻬﺎ أﻓدح اﻟﺿرر ﻣن اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻣﻌﻧوي وأن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﻘﺿﺎﺋﻬﺎ ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ﻗد طﺑﻘت ﺻﺣﯾﺢ اﻟﻘﺎﻧون و أوردت
أﺳﺑﺎﺑً ﺎ ﻛﺎﻓﯾﺔ ﺳﺎﺋﻐﺔ ﺗﺑرر ﻣﺎ اﻧﺗﻬت إﻟﯾﻪ ﻣن ﻗﺿﺎء وأن ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟﻣواطﻧﯾن و ﺣرﯾﺔ اﻟﻣﻌﺗﻘد و اﻟﻔﻛر
طﺑﻘًﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (29و) (36ﻣن اﻟدﺳﺗور ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﻣﺎ ﺑﻘﺿﯾﺔ اﻟﺣﺎل ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻬﯾن ﻏﯾر ﻣؤﺳﺳﯾن
وﯾﻧﻌدم ﻣﻌﻬﻣﺎ أي ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون أو ﻗﺻور ﻓﻲ اﻟﺗﺳﺑﯾب ﺣﯾث أﻧﻪ ﺑذﻟك ﯾﺻﺑﺢ اﻟوﺟﻬﺎن ﻏﯾر ﻣؤﺳﺳﯾن وﯾﺗﻌﯾن
-1ﻓﻌﻧد اﻟرﺟوع إﻟﻰ وﻗﺎﺋﻊ ﻫذا اﻟﻘرار ﻧﺟد ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﯾﺔ أن اﻟزوﺟﺔ رﻓﻌت دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺎدة
) (53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗطﺎﻟب اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﺿرر ،ﺣﯾث طﻠﺑت ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺗطﻠﯾق ﻛون زوﺟﻬﺎ ﻗد اﻧﺣرف ﻋن اﻟدﯾن
ﻣؤﻛدا أن
اﻹﺳﻼﻣﻲ و اﻋﺗﻧﺎﻗﻪ اﻟدﯾﺎﻧﺔ اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ ،أﯾن أﺟﺎب اﻟﻣدﻋﻲ ﻋﻠﯾﻪ طﺎﻟﺑﺎً إﻟزام اﻟﻣدﻋﯾﺔ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﺑﯾت اﻟزوﺟﯾﺔ ً
اﻋﺗﻧﺎﻗﻪ ﻟﻠدﯾن اﻟﻣﺳﯾﺣﻲ ﻟم ﯾﺣرج ﺑﻪ اﺣد ،وﻛذا ﻋدم اﻧطﺑﺎق اﻟﻣﺎدة ) (53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ اﻟدﻋوى
ﻋﻠﻰ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺣﺎل ،ﻻن اﺧﺗﯾﺎرﻩ ﻟدﯾن أﺧر ﻏﯾر دﯾن اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻻ ﯾﻌد ﻓﺎﺣﺷﺔ ﻣﺑﯾﻧﺔ ،و ﻟﻛل ﺷﺧص دﯾﻧﻪ و ﺣرﯾﺔ أﻣﺎ اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ
اﻟﺗﻣﺳت ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون ،ﻣن اﻟﻣﻔروض ﺗطﺎﻟب ﺑﺎﻟﺗﻔرﯾق ﺣﺎﻻً ﻓﺻدر ﺣﻛم ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﺿرر طﺑﻘً ﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ) (53ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة ،وطﻌن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺣﻛم ﻣن طرف اﻟزوج ﺑﺎﻟﻧﻘض واﺛﺄر وﺟﻬﯾن - :ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟم ﯾؤﺧذ
ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم اﻟﻘﺎﻧون و ﺣرﯾﺔ اﻟﻣﻌﺗﻘد ،ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻣواد) (29و ) (36ﻣن اﻟدﺳﺗور ،وان اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻋﺗﺑر اﻟزوج
ﻣواطن ﻣن اﻟدرﺟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،وﻛﺄن ﻣن ﯾﻣﺎرس اﻟطﻘوس اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ ارﺗﻛب ﻓﺎﺣﺷﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﺑﯾﻧﺔ ﻛون اﻟﻘﺎﺿﻲ وﺿﻊ اﻟزوﺟﺔ
ﻓﻲ ﻣرﻛز اﻟﻣواطن اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻧﻪ ،و أﺿﺎف أن اﻻﻧﺗﺳﺎب إﻟﻰ دﯾن اﻟﻣﺳﯾﺢ ﻻ ﯾﺷﻛل ﺿرر ﺷرﻋﻲ ﻣﻌﺗﺑر و أن اﻟﺣﻛم
ﻏﯾر ﺟدي .
2
-ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (461ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ":ﻻ ﯾﺟوز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ أو ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم "...
171
ﺗﻛون ﻫﻧﺎك ﻣواﻧﻊ ﻟﻠزواج ،وﻣن ﺑﯾن اﻟﺷروط أن ﯾﻛون اﻟزوج ﻣﺳﻠم وﻟﻣﺎ ﻧرﺟﻊ إﻟﻰ اﻷﺻل ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻐﯾر
اﻟﻣﺳﻠم أن ﯾﺗزوج ﺑﻣﺳﻠﻣﺔ.
وﻓور و ﻋﻠﯾﻪ إﺟراﺋﻪ ﻓﻲ
وﺟوﺑﺎ ً ا
اﻧﺗﻬﻰ ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ أﻧﻪ ﻟم ﯾﺑﻘﻰ ﻫﻧﺎك زواج ﻓوﺟب اﻟﺗﻔرﯾق ً
ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﺧرق ﻟﻛل ﻣن أﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﻻ ﺗﺷﻛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﺳﺗﺛﻧﺎء ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻟﻠذﯾن ﯾﻌﺗﻘدون أن اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾؤﻛد اﻟرأي اﻟذي ﯾﻧﺎدي ﺑﺄن اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﻏﯾر ﺟوﻫري
ﻓﻣﻌﻧﻰ ذﻟك أن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻟﯾس إﺟراء ﺟوﻫرﯾﺎً ،ﻷﻧﻪ ﯾﺧﺗﻠف ﻣن ﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ أﺧرى ﺣﺑذ ﻟو
ﯾﺗدﺧل اﻟﻣﺷرع و ﯾﻧص ﻋﻠﻰ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾراﻋﻲ ﻋﻧد إﺟراﺋﻪ ﻟﻠﺻﻠﺢ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺿﯾﺔ وﻣدى ﺟواز إﺟراء
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﻬﺎ.
أﺻﻠﯾﺎ
ﻓﻠو ﺗﻌرض ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أو ﺣﺗﻰ ﻣﻣﻛن اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ ﺗرﻓﻊ دﻋوى ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ طرف ً
ﻛون اﻷﻣر ﻣﺧﺎﻟف ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﻓﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺳوف ﺗﺣﻛم ﺑﺎﻟﺗﻔرﯾق و اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺳوف ﯾؤﯾد ذﻟك
وﻧﻔس اﻟﺷﻲء ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ وﻫذا ﻣواﻓق ﻟروح وﻣﻧطق اﻟﻘﺎﻧون ،ﻓﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﻟﯾس ﻟﻪ
ﻣﻌﻧﻰ إذ ﯾﻛون ﻣﺟرد إﺟراء ﺑدون ﻣوﺿوع وﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎمٕ ،وان ﻛﺎن ﻫذا اﻟوﺿﻊ ﻻ ﯾﺛﯾر أي إﺷﻛﺎل
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻷن اﻟﻌﺑرة ﻟدﯾﻬﺎ ﻫو ﺣﺿور اﻟزوﺟﺔ طﺎﻟﺑﺔ اﻟﺗطﻠﯾق.
ﻏﯾر أﻧﻪ ﻫﻧﺎك ﻣن ﯾرى أن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻗد ﺗﻔﯾد أن اﻟزوج ﯾﻧﻛر ذﻟك أو ﯾﻌﺗرف و ﺗﺗﺣول إﻟﻰ ﺟﻠﺳﺔ
ﺗﺣﻘﯾق ،ﻷن اﻟزوج ﻣﻣﻛن ﯾﺛﺑت ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺳﻠم وﻟم ﯾرﺗد ﻣطﻠﻘﺎ ﻋن دﯾن اﻹﺳﻼم ،وﻣﺎ ﺟﺎءت ﺑﻪ اﻟزوﺟﺔ ﻣﺟرد
ﺗﺻرﯾﺣﺎت ،وﻟذﻟك ﯾرى ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ أن اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﻘﺗﺻر ﻫدﻓﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺟرد ﺗﺣﻘﯾق ﻏﺎﯾﺔ ﻟم ﺷﻣل اﻟزوﺟﯾن
و اﻹﻗﻼع ﻋن ﻓﻛرة ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ و إﻧﻣﺎ ﯾؤﻛد أﻣور أﺧرى ﻻ ﯾرد ذﻛرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻌراﺋض أو ﻻ ﯾﻛون ﻟﻬﺎ
1
أﺳﺎس ﻣن اﻟﺻﺣﺔ ﻓﺗﻛون ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺟﻠﺳﺔ ﻟﻠﺗﺣﻘﯾق.
ﻓﺈذا ﻛﺎن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﻣذﻛور أﻋﻼﻩ ،ﻓﻬل ﻫو ﻧﻔس
اﻟدور اﻟذي ﯾﻠﻌﺑﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻧد ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد طﻠب اﻟﺧﻠﻊ ﻣن اﻟزوﺟﺔ؟ ،ﻫذا ﻣﺎ ﺳوف ﻧﺣﺎول
اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻧﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗﺎﻟﻲ .
172
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد طﻠب اﻟﺧﻠﻊ ﻣن اﻟزوﺟﺔ
ﻣﺎ ﺗم اﻟﺗوﺻل إﻟﯾﻪ ﺑﺧﺻوص أن اﻟﺻﻠﺢ ﻟﯾس إﺟراءا ﺟوﻫرﯾﺎ ،ﻫو ﻧﻔس اﻷﻣر ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ دﻋوى
اﻟﺧﻠﻊ .وﻗﺑل اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗدﺧل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻹﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺳﺗوﺟب اﻷﻣر اﻟﺗطرق إﻟﻰ
اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ وﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ )اﻟﻔرع اﻷول( ﺛم اﻟﺗطرق
إﻟﻰ ﺗدﺧل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻹﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋوى اﻟﺧﻠﻊ ) اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ( .
اﻟﻔرع اﻷول
اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ وﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ
ﻟم ﯾﺗﻔق اﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﺻﺎدر ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻋن طرﯾق
اﻟﺧﻠﻊ ،ﺑﺣﯾث ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ أﺣﻣد ﺷﺎﻣﻲ ...":أﻧﻪ ﻟﻣﺎ ﻛﺎن اﻟطﻼق ﺑﯾد اﻟزوج ﻓﻬو ﺣق إرادي ﯾﻣﻠﻛﻪ اﻟزوج
وﻣن ﻫﻧﺎ ﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻌﺗﺑر ﺣﻛم ﻛﺎﺷف ﻟﻠطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ،وﻫو ﻧﻔس اﻟﺷﻲء ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺧﻠﻊ ،اﻟذي
ﻫو اﺗﻔﺎق ﺑﯾن اﻟزوج واﻟزوﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎﻟﻌﺗﻪ ﻣﻘﺎﺑل ﻣﺎل ﺗدﻓﻌﻪ ﻟﻪ ،وﻫﻧﺎ ﯾﻛون ﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻛﺎﺷﻔﺎً ﻹرادة
اﻟزوﺟﺔ ،وﻟﯾس ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺎﻟﻌﺔ زوﺟﻬﺎ ﻣﻘﺎﺑل ﻣﺎل ﺗدﻓﻌﻪ ﻟﻪ ،و ﻋﻧدﻫﺎ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻻ ﻛﺷف إرادة اﻟزوﺟﺔ
ﻓﻲ وﺛﯾﻘﺔ رﺳﻣﯾﺔ ﻟﯾﺣﺗﺞ ﺑﻬﺎ ،1."..وﯾذﻫب ﻓﻲ ﻧﻔس اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻷﺳﺗﺎذ ﻓﺿﯾل ﺳﻌد ":أن اﻟﺣﻛم اﻟذي ﯾؤﻛد
اﻟطﻼق اﻟﻧﺎﺷﺊ ﺑﺳﺑب اﻟﺧﻠﻊ ﻓﺈن اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﯾﺄﺗﻲ ﺗﺛﺑﯾﺗﺎ ﻷﻣر ﺣﺻل ﻣن ﻗﺑل وﻟم ﯾﻘم
إﻻ ﺑدور ﻛﺎﺷف ﻟﻠطﻼق ،2وﻛذا اﻷﺳﺗﺎذ ﻋﻣرو ﺧﻠﯾل ":اﻟﺧﻠﻊ ﯾﻘﻊ ر ً
ﻏﻣﺎ ﻋن اﻟزوج ودون أي اﻋﺗﺑﺎر ﻹرادﺗﻪ
وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ ذﻫﺑت إﻟﯾﻪ اﻟﻣﺎدة 54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻻ أن ﯾﺳﻣﻊ دﻋوى اﻟزوﺟﺔ ﺳواء ﻗﺑل
اﻟزوج أم ﻟم ﯾﻘﺑل ،وﻫذا اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﻓﻲ طﺑﯾﻌﺗﻪ ﻋن اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺈرادة اﻟزوج ،وﻣن ذﻟك
ﻓﻬو ﺣﻛم ﻣﻘرر وﻛﺎﺷف و ﻣﺛﺑت ﻹرادة اﻟزوﺟﺔ.3
ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ذﻟك ﯾذﻫب اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﻣطﺎﻋﻲ إﻟﻰ اﻟﻘول .." :أن ﻛل ﻣن اﻟﺗطﻠﯾق واﻟﺧﻠﻊ ﻻ ﯾﻛون
ﻟﻬﻣﺎ أي أﺛر إﻻ إذا ﺗﻘدﻣت اﻟزوﺟﺔ ﺑطﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ﻷﺟل ذﻟك ،وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة وﺑطﻠب ﻣن اﻟزوﺟﺔ ،"...وﻣن ﺛم ﻻ ﯾﻛون ﻟﻬﻣﺎ وﺟود إﻻ اﺑﺗداء ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺣﻛﻣﺎ
ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ ،وﻣﻧﻪ ﯾﻧﺷﺄ اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﺟدﯾد ﻓﯾﻛون ﺣﯾﻧﻬﺎ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﺻﺎدر ﺑﺷﺄﻧﻬﻣﺎ ً
173
ﻣﻧﺷﺋﺎً ،ﻋﻠﻰ ﻋﻛس اﻟطﻼق اﻟذي ﯾﻘﻊ ﺑﺈرادة اﻟزوج اﻟﻣﻧﻔردة واﻟذي ﯾﻛون ﻓﯾﻪ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻛﺎﺷف ﻟواﻗﻌﺔ
اﻟطﻼق ﻻ ﻣﻧﺷﺋﺎ ﻟﻬﺎ ،1وﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﻋﯾدوﻧﻲ " اﻷﺻل ﻓﻲ اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق أن ﯾﻛون ﻛﺎﺷف ﻟﻪ ﻓﻲ ﻏﯾر
اﻟﺗطﻠﯾق واﻟﺧﻠﻊ ،ﻓﺎﻟﺣﻛم ﻓﯾﻬﻣﺎ ﻣﻧﺷﺊ ﻟﻠطﻼق ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري" ،2و اﻟرأي اﻟراﺟﺢ ﻫو اﻋﺗﺑﺎر ﺣﻛم
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ ﺣﻛﻣﺎً ﻣﻧﺷﺋﺎً ،و ﻻ ﯾﻛون ﻟﻪ أﺛر إﻻ ﺑﺻدور ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ،ﻷن اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺗﺑﻘﻰ
ﻗﺎﺋﻣﺔ.
ﻻ ﯾﺣل ﻋﻘد اﻟزواج إﻻ ﺑﺻدور ﺣﻛم ﻣن اﻟﻘﺿﺎء وأن اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗﻧص " :ﻣﻊ
أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (49أدﻧﺎﻩ ،ﯾﺣل ﻋﻘد اﻟزواج ﺑطﻠب ﻣن اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ﺣدود ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﻣﺎدﺗﯾن ﻣراﻋﺎة
)(53و) (54ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون" ،وﻣﻧﻪ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻟﺧﻠﻊ ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﺑطﻠب ﻣن اﻟزوﺟﺔ ﯾﻘدم
أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ .وطﺑﻘﺎً ﻟﻠﻣﺎدة 451اﻟﻔﻘرة اﻷﺧﯾرة ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ".
ﯾﻌﺎﯾن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻛذاﻟك و ﯾﻛﯾف اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﻣﻌﺗﻣد ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ طﻠب اﻟﺧﻠﻊ ،طﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
وﯾﻔﺻل ﻓﻲ ﻣدى ﺗﺄﺳﯾس اﻟطﻠب ،ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﯾﺗﻛﻠم ﻋن طﻠب ﯾرﻓﻊ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻟم ﯾﺗﻛﻠم ﻋن طﻼق ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ
ﺑﺈرادة اﻟزوﺟﺔ ،ﻓدور اﻟﻘﺎﺿﻲ إﯾﺟﺎﺑﻲ ﻓﻲ دراﺳﺔ وﻣﻌﺎﯾﻧﺔ واﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣدى ﺗﺄﺳﯾس اﻟطﻠب .ﻓﻔﻲ اﻟﺧﻠﻊ
اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺗﺑﻘﻰ ﻗﺎﺋﻣﺔ إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ طﻠﺑﻬﺎ ،وﻗد ﻻ ﯾﺣﻛم ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ إذ ﻗد ﯾرﻓض
طﻠﺑﻬﺎ ﻓﺎﻟﺧﻠﻊ ﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﻟﻠزوﺟﺔ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺎ ،3دون ﻣواﻓﻘﺔ اﻟزوج وﯾﻘﻊ
ﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘﺎﻋدة اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ اﻟطﻼق اﻟذي ﯾوﻗﻌﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ طﻼق ﺑﺎﺋن.4
ﺑﺎﺋﻧﺎ و ً
ً
أﻣﺎ ﺑﺧﺻوص إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋوى اﻟﺧﻠﻊ ،ﻟم ﯾﻛن ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري واﺿﺣﺎً ،ﺑﺣﯾث ﻻ
ﻧﺟد أي ﻧص ﯾﺷﯾر ﺻراﺣﺔ إﻟﻰ ذﻟك ﻻ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و ﻻ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻣﻠﻐﻰٕ ، ،واﻧﻣﺎ
ﻛﺎن اﻟﻘﺿﺎء ﯾطﺑق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (17ﻛﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ ﺳﺎﻟﻔﺎ ،ﻏﯾر أﻧﻪ ﺑﻣوﺟب ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
و اﻹدارﯾﺔ اﻟذي ﺗﺿﻣن ﻣواد إﺟراﺋﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ )اﻟﻣواد )(439ﻣﻧﻪ وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ( اﻟﺗﻲ ﺗﺷﯾر ﺻراﺣﺔ
و ﻷول ﻣرة إﻟﻰ ﻣﻧﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺻﻼﺣﯾﺔ وﻛﯾﻔﯾﺔ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﺻور ﻓك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ دﻋﺎوى اﻟﺧﻠﻊ ،ﻏﯾر أن رﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون واﻟﻔﻘﻪ ﻋﻣﻣوا ﻧص اﻟﻣﺎدة )( 49ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ طرق ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ .ﺑل وأﻛﺛر ﻣن ذﻟك ﻫﻧﺎك ﻗ اررات ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ أﺳﻘطت ﻧص اﻟﻣﺎدة
-1ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وآﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .73
-2ﻋﯾدوﻧﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .118
-3ﺑن ﺟﻧﺎﺣﻲ أﻣﯾﻧﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.85
-4ﺳﻌدي ﺳﻠﯾم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .40
174
) (50ﻋﻠﻰ اﻟرﺟوع ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ ﻓﻲ ﺣﯾن ﻫو ﻟﯾس طﻼق رﺟﻌﻲ ٕواﻧﻣﺎ ﻫو طﻼق ﺑﺎﺋن ،و ﻻ ﯾﻛون إﻻ
ﺑﻌد ﺻدور ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ.
داﺋﻣﺎ ﺗﺣﺎول إﺳﻘﺎط أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) ( 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻋﻧد إﺟراﺋﻬﺎ ﻟﻠﺻﻠﺢ
ﺑﺣﯾث ﯾﻼﺣظ أﻧﻬﺎ ً
ﻓﻲ ﺣﯾن ﻧص ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﺧﺎص ﺑﺎﻟطﻼق اﻟذي ﯾﺗم ﺑﺈرادة اﻟزوج اﻟﻣﻧﻔردة ،1.وﻷﺟل ذﻟك ﻻ ﯾﻣﻛن أﯾﺿﺎ
ﺗطﺑﯾق أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (50ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن طرق ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،2وﺧﯾر دﻟﯾل ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻘ اررات
اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،3وﻫذا اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺗرﺳﺦ ﻣﻊ ﻣرور اﻟزﻣن ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋري دون أن
ﯾﻛون ﻟﻪ أﺳﺎس ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺻﺣﯾﺢ ،وطﺎﻟﻣﺎ أن اﻟﺧﻠﻊ ﯾﻧﺷﺋﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻼ ﯾوﺟد ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺑل ﻧطق
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ.
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻣﺷرع أن ﯾﻘول ﻣن راﺟﻌت زوﺟﻬﺎ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻋﻘ د
ﺟدﯾد ،ﻷن اﻟﻌﻘد ﻻ ﯾزال ﻗﺎﺋﻣﺎ و ﻻ ﯾﺣل إﻻ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﺎﻟزوﺟﺔ ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗطﻠق ﺣﺗﻰ ﻧﺗﻛﻠم
ﻋن ﻣراﺟﻌﺔ زوﺟﻬﺎ ،ﻓﺎﻟرﺟﻌﺔ ﻻ ﺗﻛون إﻻ ﺑﻌد اﻟطﻼق ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن اﻟﻣﻘﺻود ﺑﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ
اﻟﻣﺎدة ) (50ﻫﻲ ﻓﺗرة زﻣﻧﯾﺔ وﻫﻲ اﻟﻌدة ،ﻓﻛﯾف ﻧطﺑﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطﻠب اﻟﺧﻠﻊ و ﻋدﺗﻬﺎ ﻻ ﺗﻛون إﻻ
-1وﻓﻲ ﻗرار أﺧر ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻋﺗﺑر أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻗﺑل اﻟﻧطق ﺑﺎﻟطﻼق ﻋن طرﯾق اﻟﺧﻠﻊ و ﺟوﺑﯾﺔ ،و ﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت
ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﻛذا اﻟﻣﺎدة) (439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﺣﯾث ﺟﺎءت ﺣﯾﺛﯾﺎت ﻫذا
اﻟﻘرار ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻟﻛن ﺣﯾث اﻧﻪ ﯾﺗﺑﯾن ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗﺎﻣت ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ و ﻋﺎﯾﻧت اﻟﻣطﻌون
ﺿدﻫﺎ وأﺻرت ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟﺧﻠﻊ ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻗدرت أن ذﻟك ﻛﺎف ﻟﻠﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﻧﯾﺔ اﻟطرﻓﯾن ،و ﺧﺻوﺻﺎ و أن اﻟدﻋوى اﻟﺗﻲ أﺳﻔرت
ﻋن اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﻫﻲ دﻋوى ﺧﻠﻊ ،و ﻻ ﺗﻛون إﻻ ﺑﻌدﻣﺎ ﺗرى اﻟزوﺟﺔ اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ أﻧﻬﺎ أﺻﺑﺣت ﻏﯾر راﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﺳﺗﻣرار
اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣﻊ اﻟطﺎﻋن ،و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎن ﻫذا اﻟوﺟﻪ ﻏﯾر ﻣؤﺳس و ﯾﺗﻌﯾن رﻓﺿﻪ ،"...أﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال
اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻗرار رﻗم ،00302/09ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2009/03/11ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
-2ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .69
-3ﺣﯾث أن اﻟطﺎﻋن ﯾﺛﯾر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻘرار ﺛﻼث أوﺟﻪ ﻟﺗﺄﺳﯾس وﺗدﻋﯾم طﻌﻧﻪ ﺑﺎﻟﻧﻘض وﻛﺎن رد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻋن ﻫذا اﻟوﺟﻪ
ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﻟﻛن ﺣﯾث اﻧﻪ ﯾﺗﺑﯾن ﻣن اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗﺎﻣت ﺑﺈﺟراء ﺻﻠﺢ وﻓﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
وﺣددت ﺟﻠﺳﺔ ﻟذﻟك ،و أن اﻟطﺎﻋن ﺗﻐﯾب ﻋن اﻟﺣﺿور رﻏم ﺻﺣﺔ اﺳﺗدﻋﺎﺋﻪ ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻹﺟراء اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة
اﻟﻣذﻛورة ﻗد ﺗم اﺣﺗراﻣﻪ و ﯾﻛون اﻟﻔرع ﺑذﻟك ﻏﯾر ﺳدﯾد ،ﻟﻛن ﺣﯾث اﻧﻪ ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﻔرع ﻓﺎن اﻟﻣﺎدة 54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
ﺗﺟﯾز ﻟﻠزوﺟﺔ ﻣﺧﺎﻟﻌﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ ﺑﻣﻘﺎﺑل ﻣﺎﻟﻲ دون أن ﯾﺗوﻗف ذﻟك ﻋﻠﻰ ﻣواﻓﻘﺔ اﻟزوج ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﻔرع ﻏﯾر ﺳدﯾد ،ﻟﻛن ﺣﯾث أﻧﻪ
ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﯾﺗﺑﯾن أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أوردت أﺳﺑﺎﺑﺎ ﻛﺎﻓﯾﺔ و ﺳﺎﺋﻐﺔ ﺗﺑرر ﻣﺎ اﻧﺗﻬت إﻟﯾﻪ ﻣن ﻗﺿﺎء ﺧﺎﺻﺔ اﺳﺗﻧﺎدﻫﺎ
ﻣﺑررا ﻟﻌدم اﻟﺣﻛم
ﻟﻠﻣﺎدة 54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة وﻗﺿﺎؤﻫﺎ ﺑﺑدل اﻟﺧﻠﻊ وأن ﻏﯾﺎب اﻟطﺎﻋن ﻋن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ و ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﻌد ً
ﻗﺎﻧوﻧﺎ و ﯾﻔﺗرض ﺑذﻟك ﻋﻠم اﻟطﺎﻋن
ً ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ طﺎﻟﻣﺎ أن إﺟراءات اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟرﺳﻣﻲ ﻟﻠﺗﻛﻠﯾف ﺑﺎﻟﺣﺿور ﻗد ﺗم وﻓق اﻷﺷﻛﺎل اﻟﻣﻘررة
ﺑﻣﺿﻣون اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻪ ﻏﯾر ﺳدﯾد ،ﺣﯾث ﯾﺻﺑﺢ اﻷوﺟﻪ اﻟﺛﻼﺛﺔ ﻏﯾر ﻣؤﺳﺳﺔ و ﯾﺗﻌﯾن ﻣﻌﻪ رﻓض اﻟطﻌن " ،أﻧظر:
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﻗرار رﻗم ،0951899ﻣؤرخ ﻓﻲ 2014/07/10ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
175
ﺑﻌد اﻟﺣﻛم ،ﻓﻔﻲ اﻟﺧﻠﻊ ﯾﻛون ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وﺻدور اﻟﺣﻛم ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻠﺣظﺔ ،ﻷن اﻟﺧﻠﻊ واﻟﺣﻛم ﺑﻪ
ﯾﻛوﻧﺎن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺗطﺎﺑق ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫو ﻣن ﯾطﻠﻘﻬﺎ ﺑﺣﻛم ﻣﻧﺷﺊ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻗﺑل ﺻدور ﻫذا اﻟﺣﻛم اﻟﻌﻼﻗﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ ﻻ ﺗزال ﻗﺎﺋﻣﺔ ٕواﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻫﻧﺎ ﻏﯾر ﻣﻘﯾد ﻻ ﺑﻣدة زﻣﻧﯾﺔ ﻻ ﺑﻌدة و ﻻ ﯾوﺟد رﺟﻌﺔ ﺑﻣﻔﻬوم أﺣﻛﺎم
اﻟرﺟﻌﺔ ،و إﻧﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻟزوﺟﺔ أن ﺗﺗراﺟﻊ ﻋن طﻠب اﻟﺧﻠﻊ اﺛرى ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﺈذا وﻗﻊ
ﺻﻠﺢ ﻗﺑل أن ﯾﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾوﺟد ﻓك اﻟﻌﺻﻣﺔ ،و ﻻ ﯾوﺟد ﻋدة.
أﺻﻼ واﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺻدر
ً و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾطرح أي إﺷﻛﺎل ﻛون اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ و ﻟم ﺗﻧﺣل اﻟراﺑطﺔ
ﺣﻛﻣﺎ ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ .أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا ﺻدر ﺣﻛم ﺗﻧﻘﺿﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،و ﺗﺗرﺗب
ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻋدة ﻟﻛن ﻻ ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ أي ﺷﺊ ،ﻓﻼ ﺗﺟﻌل ﻣن اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺣﻛﻣﺎً ﻛﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺣﺎل ﻓﻲ دﻋوى
اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة اﻟﺗﻲ ﯾوﻗﻌﻬﺎ اﻟزوج و اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗد طﯾﻠﺔ ﻣدة ﺛﻼﺛﺔ ) (03أﺷﻬر ،1ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺑﯾن
أﺣﻛﺎم ﻋدة اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ ،و ﻟم ﯾﻧص اﻟﻣﺷرع أﻧﻪ ﯾدﺧل ﺿﻣن زﻣرة اﻟطﻼق اﻟﺑﺎﺋن و ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟﻛﺛﯾرﯾن
ﻻ ﯾﻌرﻓون أن اﻟﺧﻠﻊ و اﻟﺗطﻠﯾق ﯾﻌﺗﺑران طﻼﻗﺎ ﺑﺎﺋﻧﺎ.
ﻣﺎ ﯾﺳﺎﻫم ﻓﻲ وﻗوع أﺧطﺎء ﺟﺳﯾﻣﺔ ﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟرﺟوع ،2ﻓﺎﻟﻌدة اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ
3
أﺑدا ﻋدة اﻟﻣﺧﺗﻠﻌﺔ
اﻟﻣﺎدة ) (58ﻣن ﻗﺎﻧون ﺗﺧص ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﻓﻘط وﻟم ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ً
ﻓﺎﻷوﻟﻰ ﯾﻣﻛن ﻟﻠزوج أن ﯾراﺟﻊ زوﺟﺗﻪ ﺑدون ﻋﻘد ﺟدﯾد ﻋﻛس اﻟﻌدد اﻷﺧرى ﻷن اﻟطﻼق اﻷول رﺟﻌﻲ ﺑﯾﻧﻣﺎ
اﻟﺧﻠﻊ طﻼق ﺑﺎﺋن ،اﻷول ﯾﺗﻠﻔظ ﺑﻪ اﻟزوج ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻷﻧواع اﻷﺧرى ﺗﻛون ﺑﯾد اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﺎﻷول ﯾﻛون ﺑﻣوﺟب
ﺑﺎﺋﻧﺎ ،وﻻ ﯾﻣﻛن
داﺋﻣﺎ ً
ﻣﻧﺷﺋﺎ ﻓﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ ﯾﻘﻊ ً
ً ﺣﻛم ﯾﻘرر اﻟﻣرﻛز ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﻧواع اﻷﺧرى اﻟﺣﻛم ﯾﻌﺗﺑر
ﻟﻠزوج ﻣراﺟﻌﺔ ﻣطﻠﻘﺗﻪ ﻓﯾﻬﺎ إﻻ ﺑﻣوﺟب ﻋﻘد ﺟدﯾد.4
-1ﻻ ﻣﺟﺎل ﻟﻠﺣدﯾث ﻋن اﻟﻌدة ﻻن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻻ ﺗﺗرﺗب إﻻ ﺑﻌد ﺻدور ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ اﻟوﺿﻊ ﻓﻲ
طﻼق اﻟزوج ،اﻟذي ﺗﻛون اﻟﻌدة ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﻧطق اﻟزوج ﻻ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،وﻣﺎداﻣت اﻟﻌدة ﺗﺑدأ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗﺟﺎوز ﻣدة ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻛون أن اﻟﻌدة و اﻟﺣﻛم وﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﯾﻧﺷؤون ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻠﺣظﺔ ﻓﺗﻧﻘﺿﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ
ﺣﻛﻣﺎ ﻛﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺣﺎل ﻓﻲ
اﻟزوﺟﯾﺔ و ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻋدة ،ﻟﻛن ﻻ ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ أي ﺷﺊ ﻓﻼ ﺗﺟﻌل ﻣن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ً
دﻋوى طﻼق اﻟزوج و اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗد طﯾﻠﺔ ﻣدة ﺛﻼﺛﺔ) (03أﺷﻬر .
-2ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .76
3
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .68
-4اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .75
176
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋوى اﻟﺧﻠﻊ
ﯾﻼﺣظ ﻣﻧذ ﺻدور اﻷﻣر رﻗم 02/05ﺗﻬﺎﻓﺗت اﻟزوﺟﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺎﻛم طﺎﻟﺑﯾن اﻟﺧﻠﻊ ،و إن ﻛﺎن
اﻷﺻل ﻻ اﺟﺗﻬﺎد ﻣﻊ ﺻراﺣﺔ اﻟﻧص .و ﻟﻛن ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻛون ﻟﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة دور اﯾﺟﺎﺑﻲ ﻓﻲ
ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻛل ﺣﺎﻟﺔ ﺑﺣﻛﻣﺔ وﺗﺑﺻر ،ﺳﯾﻣﺎ وأن اﻟﻣﺷرع أﻋطﻰ ﻟﻪ ﺗﻠك اﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺔ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟواﺟﺑﺔ
اﺳﺗﻬﺗﺎر ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﻷﻫداف اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ ﻟﻸﺳرة ،1و اﻷﺻل
ًا ﻗﺎﻧوﻧﺎً ،وأن ﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻟﺣد ﻣن اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﺧﻠﻊ
ْﺗُم
اﻟﻠﱠﻪ ﻓَِﺈ ْن ِﺧﻔ ْ
ُود َِﺧﺎﻓَﺎ أﱠَﻻ ﯾُ ِﻘَﯾﻣﺎ ُﺣد َ
إِﻻ أ َْن ﯾَ
ﺷﯾﺋًﺎ ﱠ
ُن َْ
ﺗُﻣوﻫﱠ
آﺗَﯾ ُ ﻓﻲ اﻟﺧﻠﻊ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰَ َ " :وﻻ ﯾِ
َﺣﱡل ﻟَﻛُم ْ أ َْن ﺗَ ﺄ ُْﺧُذوا ِﻣﻣﱠﺎ ْ
ِك ُْﻫم
اﻟﻠﱠﻪ ﻓَﺄُْوﻟَﺋَ
ُود ِﺗَﻌﱠد ُﺣد َ
ُوﻫﺎ َ َوﻣ ْن َﯾ َ
ﺗَﻌﺗَد َ
اﻟﻠﱠﻪ ﻓ ََﻼ ْ
ﺣد ُود ِ
ْك ُ ُ
َت ﺑِِﻪ ِﺗﻠ َ
َﺎح َﻋ ْﻠَﯾﻬَِﻣﺎ ِﻓَﯾﻣﺎ اﻓْﺗَدْ
اﻟﻠﱠﻪ ﻓ ََﻼ ُﺟﻧ َ
ِ ُود
أﱠَﻻ ﯾُ ِﻘَﯾﻣﺎ ُﺣد َ
إِن ظَﻧﱠﺎ
اﺟﻌﺎ ْ
َﺎح َﻋ ْﻠَﯾِﻬَﻣﺎ أ َْن َﯾ َﺗَرََ
َﻠﱠﻘَﻬﺎ ﻓ ََﻼ ُﺟﻧ َ
ﻏََﯾرﻩُ ﻓَﺈِْن ط َ
ِﺢ َز ْوًﺟﺎ ْ
ﺗَﺣﱡل ﻟَﻪُ ِﻣْن َْﺑُﻌد َﺣﺗﱠﻰ ﺗَﻧﻛَ
َﻠﱠﻘَﻬﺎ ﻓ ََﻼ ِ
ون ﻓَﺈِْن ط َ
اﻟظﱠﺎﻟِﻣ َ
ُ
ون".2
ِﻘَوٍم َْﯾﻌ ُﻠَﻣ َ
ﱢﻧُﻬﺎ ﻟ ْ
اﻟﻠﱠﻪ ﯾَُﺑﯾ َ
ُود ِْك ُﺣد ُ
اﻟﻠﱠﻪ َوﺗِﻠ َ
ُود ِأ َْن ﯾُ ِﻘَﯾﻣﺎ ُﺣد َ
ﻧﺟد ﻣن اﻟﺳﻧﺔ ﻗﺻﺔ اﻟﻣرأة اﻟﻣﺧﺗﻠﻌﺔ ،اﻣرأة ﺛﺎﺑت ﺑن ﻗﯾس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻪ و ﻋﻧﻬﺎ و اﻟﻘﺻﺔ أﺧرﺟﻬﺎ
اﻟﺑﺧﺎري ﻋن ﻋﺑﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻧﻬﻣﺎ أن اﻣرأة ﺛﺎﺑت ﺑن ﻗﯾس أﺗت اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم ﻓﻘﺎﻟت :ﯾﺎ
رﺳول اﷲ ﻗﯾس ﺑن ﺛﺎﺑت ﻣﺎ اﻋﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﺧﻠق و ﻻ دﯾن ،وﻟﻛﻧﻲ أﻛرﻩ اﻟﻛﻔر ﻓﻲ اﻹﺳﻼم .ﻓﻘﺎل رﺳول
اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم :أﺗردﯾن ﻋﻠﯾﻪ ﺣدﯾﻘﺗﻪ؟ ﻓﻘﺎﻟت :ﻧﻌم .ﻓﻘﺎل رﺳول اﷲ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺻﻼة و اﻟﺳﻼم :اﻗﺑل
اﻟﺣدﯾﻘﺔ ،وطﻠﻘﻬﺎ ﺗطﻠﯾﻘﺔ .3وﻓﻲ رواﯾﺔ ﻟﻪ أﻧﻪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم ﻗﺎل :ﻓﺗردﯾن ﻋﻠﯾﻪ ﺣدﯾﻘﺗﻪ ؟ ﻓﻘﺎﻟت :ﻧﻌم
ﻓردت ﻋﻠﯾﻪ ،وأﻣرﻩ ﻓﻔﺎرﻗﻬﺎ ،4ﻓﯾﻔﻬم ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺳﺑق أن اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم وﻫو ﯾﻣﺛل دور
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻘﺻﺔ ،أﯾﻘن أن اﻟﻌﺷرة اﻟزوﺟﯾﺔ اﺳﺗﺣﺎﻟت ﻣن ﺟﻬﺔ اﻟزوﺟﺔ ،ﺑﻌد أن ﺗﺣرى اﻷﻣر ،5ﻓطﻠب
ﻣﻬر وأﻣرﻩ أن ﯾﺧﺎﻟﻌﻬﺎ دون رﺿﺎﻩ . 1
ﻣﻧﻬﺎ أن ﺗرد ﺣدﯾﻘﺗﻪ اﻟﺗﻲ دﻓﻌﻬﺎ ً ا
-1ﺧﯾﺎط ﻣﺣﻣد ،اﻟﻣﺳﺗﺟدات اﻟواردة ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻣداﺧﻠﺔ أﻟﻘﯾت ﺑﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء ﺳﻌﯾدة ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﻛوﯾن اﻟﻣﺣﻠﻲ
اﻟﻣﺳﺗﻣر اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻘﺿﺎة ،ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺷرﯾﺔ ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،2009-2008ص .13
-2ﺳورة اﻟﺑﻘرة ،اﻵﯾﺔ 229و.230
-3رواﻩ اﻟﺑﺧﺎري ﻓﻲ ﺻﺣﯾﺣﻪ ،اﻟﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ،ﺑﺎب اﻟﺧﻠﻊ وﻛﯾف اﻟطﻼق ﻓﯾﻪ ،اﻟﺟزء ،16ﻣن ﻣوﻗﻊ اﻹﺳﻼم ،ص
. 320
-4اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص 322
-5ﻻ ﻧﻧﺳﻰ أن اﻟرﺳول ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ و ﺳﻠم ﻛﺎن ﺣﻛﯾﻣﺎً ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﻪ ﻷول ﻗﺿﯾﺔ ﺧﻠﻊ ،ﻓﺗﻧﺎوﻟﻬﺎ ﺗﻧﺎول اﻟﻣﻌﺎﻟﺞ اﻟﻧﻔﺳﻲ
اﻟﺧﺑﯾر ﺑﻧﻔوس اﻟرﺟﺎل و اﻟﻧﺳﺎء ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﺷﻛت إﻟﯾﻪ ﺟﻣﯾﻠﺔ ﺑﻧت أﺑﻲ ﺑن ﺳﻠول ﻧﻔورﻫﺎ ﻣن دﻣﺎﻣﺔ زوﺟﻬﺎ ﺛﺎﺑت ﺑن ﻗﯾس ،ﻟم
ﯾطﻠب ﻣﻧﻬﺎ دﻟﯾﻼً ﻣوﺿوﻋﯾﺎً وأﺧذ ﺑﻣﺎ ﻗررﺗﻪ ﻫﻲ ﻋن ﻣﺷﺎﻋرﻫﺎ و ﻗﺎﻟت " :و اﷲ ﻻ أﻋﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﺧﻠق و ﻻ دﯾن" ،ﻣﻣﺎ
ﺻﺎﻟﺣﺎ و ﻣﻊ ﻫذا ﻧﻔرت ﻣﻧﻪ ،ﻓﺄﻣرﻫﺎ اﻟرﺳول ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم ﺑﺎن ﺗرد اﻟﺣدﯾﻘﺔ و أﻣر ﺛﺎﺑت ﺑطﻼﻗﻬﺎ
ً ﯾﻌﻧﻲ أﻧﻬﺎ ﺗراﻩ رﺟﻼً
177
ﻓﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻟﺣﺎل اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﺗﻲ ﺗﺣول دون اﺳﺗﻣرار اﻟﺣﯾﺎة
اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺣﻠﻬﺎ وﺗﻘرﯾب وﺟﻬﺎت ﻧظر اﻟطرﻓﺎن ٕواﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ،ﻹﻋﺎدة ﺑﻧﺎء أﺳرﺗﻬﻣﺎ اﻟﺗﻲ
ﺗﻌﺗﺑر ﺧﻠﯾﺔ ﻣن ﺧﻼﯾﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺗطﻠب ﺣﺿور اﻟطرﻓﺎن ،وﻟو أن اﺟﺗﻬﺎد ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة
واﻟﻣوارﯾث ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻗد اﺳﺗﻘر ﻋﻠﻰ أن ﺣﺿور طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻟﺧﻠﻊ
ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻛﺎف ﻻﺣﺗرام اﻹﺟراء ،2وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﺗطﺑق ﻋﻠﻰ دﻋوى اﻟﺧﻠﻊ ﻧﻔس أﺣﻛﺎم اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ
ﺳﺑق اﻟﺗﻌرض ﻟﻬﺎ ﻣﻊ ﺑﻌض اﻟﺧﺻوﺻﯾﺎت ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟطﻼق اﻟزوج وطﻼق اﻟﻘﺎﺿﻲ.3
ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺧﻠﻊ ﻻ ﯾطﻠب ﻣﻧﻪ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﺑﻐض اﻟزوﺟﺔ ﻟزوﺟﻬﺎ ﻷن ذﻟك ﻣن اﻷﻣور
اﻟﺑﺎطﻧﯾﺔ ،ﻓﯾﻛﻔﻲ أن ﯾﺗﺄﻛد ﻣن ﺧﻼل ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ أو ﺣﺗﻰ ﻣن اﻟﻌرﯾﺿﺔ اﻻﻓﺗﺗﺎﺣﯾﺔ ﻟﻠدﻋوى أو اﻟﻌراﺋض
اﻟﻼﺣﻘﺔ ﺑﻬﺎ ،ﻓﯾﻣﺎ إن ﻛﺎﻧت ﻣﺻﻣﻣﺔ ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟﺧﻠﻊ وأﻧﻬﺎ ﻻ ﺗرﯾد اﻟرﺟوع إﻟﻰ زوﺟﻬﺎ ،4وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد
ﯾرى ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ أﻧﻪ ﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻣن أن ﯾرﺳل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﻛﻣﯾن ﺣﺗﻰ ﯾﺣﺎوﻻ إﻗﻧﺎع اﻟزوﺟﯾن ﺑﻣﺎ ﻫو ﺧﯾر
ﻟﻬﻣﺎ ،5ﻓﺗدﺧل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻺﺻﻼح ﻗد ﯾﻘﻠل ﻣن ﺣﺎﻻت اﻟﺧﻠﻊ ،6ورﺑﻣﺎ رﺟﻌت ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟزوﺟﺎت ﻋن رأﯾﻬن
إذا ﻋﻠﻣن أن اﻟﻣﺧﺗﻠﻌﺎت ﻫن اﻟﻣﻧﺎﻓﻘﺎت.
ﻻن اﺳﺗﻣرار اﻟزوﺟﺔ ﻣﻊ زوج ﺗﻌﺎﻓﻪ ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻟﻪ ﻋواﻗب و ﺧﯾﻣﺔ وﻓﺳﺎد ﻟﻠدﯾن واﻷﺧﻼق واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،أﻧظر :ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ
ﻟﺣﺳﯾن ،رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ طﻼق اﻟﺧﻠﻊ – دراﺳﺔ ﻓﻘﻬﯾﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ وﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ -ﺳﻠﺳﻠﺔ درﺳﺎت ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ دار ﻫوﻣﻪ ،اﻟﺟزاﺋر،
،،2013ص149
1
-ﻧﻌوم ﻣراد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 125
-2اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،0964769ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2014/07/10ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
-3إذ ﺗطﺑق أﺣﻛم اﻟﺻﻠﺢ اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (439وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،وﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ اﻧﻪ إذا ﻟم
ﯾﺗﻣﻛن أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﻣن اﻟﺣﺿور إﻟﻰ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺄن ﺣﺻل ﻟﻪ ﻣر أو ﺣﺎدث أو ﺳﺟن أو ﻟﺑﻌد اﻟﻣﺳﺎﻓﺔ ،اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻣﻛﻧﻪ
ﺗﺣدﯾد ﺟﻠﺳﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ أﺧرى أو ﻣوﻋد أﺧر ،و اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻣﻛﻧﻪ أن ﯾﻧﺗﻘل ﻟﺳﻣﺎع اﻟزوج ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﺗواﺟدﻩ أو إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ أو
ﯾﺳﻧد ﻫذﻩ اﻟﻣﻬﻣﺔ إﻟﻰ ﻗﺎض أﺧر ﻓﻲ إطﺎر إﻧﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ .
-4ﻟﺣﺳﯾن ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ،رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ طﻼق اﻟﺧﻠﻊ – دراﺳﺔ ﻓﻘﻬﯾﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ وﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ -ﺳﻠﺳﻠﺔ ا
درﺳﺎت ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ
دار ﻫوﻣﻪ اﻟﺟزاﺋر ،2013 ،ص. 146
-5اﻟﻣﺻري ﻣﺑروك ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .282
-6ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ اﻟﻣﺻري اﻟﻣﺑروك أن ﻣﺎ ﯾؤﺧذ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎدة ) (54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة أﻧﻬﺎ ﻟم ﺗﺑﯾن اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﺟوز ﻟﻠﻣرأة أن
ﺗﺧﺗﻠﻊ ﻓﯾﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟذي ﺣدد ذﻟك ،وﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻛرﻩ اﻟﻣرأة زوﺟﻬﺎ ﻓﻲ ﺧﻠﻘﻪ أو دﯾﻧﻪ وﻧﺣو ذﻟك ﻣﻣﺎ
ﺗﺧﺷﻰ ﻣﻌﻪ ﻋدم ﺗﺄدﯾﺗﻬﺎ ﺣق زوﺟﻬﺎ ،ﻋﻧدﻫﺎ ﯾﺟوز ﻟﻬﺎ أن ﺗﺧﺎﻟﻌﻪ ﻛون أن ﻫذا اﻟﺗﻘﯾﯾد ﻣؤداﻩ إﻟﻰ اﻟﺗﻘﻠﯾل ﻣن ﺣﺎﻻت اﻟﻔرﻗﺔ
ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،أﻧظر -:اﻟﻣﺻري ﻣﺑروك ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 280
178
ﻓﻌن ﻋﻘﺑﺔ ﺑن ﻋﺎﻣر ﻗﺎل :ﻗﺎل رﺳول اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ و ﺳﻠم ":اﻟﻣﺧﺗﻠﻌﺎت و اﻟﻣﺗﻧﺎزﻋﺎت ﻫن
اﻟﻣﻧﺎﻓﻘﺎت" ،1ورﺟﻌت ﻋن اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ وﺻﺑرت ﻣﻊ زوﺟﻬﺎ ،2و ﯾطﻠب ﻣن اﻟزوﺟﺔ أن ﺗﺗﻣﻬل ﻓﻲ ﻓك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﻧﻔﺻم ﻋرى اﻟزوﺟﯾﺔ ﻷﺳﺑﺎب ﻗد ﺗزول أﺛﻧﺎء ﻗﯾﺎم اﻟﻧزاع ،و ﯾذﻛرﻫﺎ ﺑﺎن ﺗﺗذﻛر ﻣﺎ
اﻟﻠﱠﻪ َﺑِﻣﺎ
إِن ََﺿَل َْﺑﯾﻧَْﻛُم ﱠ
ﺗَﻧﺳواْ ْاﻟﻔ ْ
َوﻻَ َُ ﻛﺎن ﺑﯾﻧﻬﺎ و ﺑﯾن زوﺟﻬﺎ ﻣن إﺣﺳﺎن و ﻣﻌروف ،3ﻋﻣﻼً ﺑﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ" :
َﺻﯾر ".4
ﻠُون ﺑ ِ
ﺗَﻌﻣ َ
َْ
ﺳﻧدا
إذا ﺗوﺻل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻊ اﻟزوﺟﯾن إﻟﻰ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺛﺑت ذﻟك ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺿر ،وﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﻌد ً
ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ.ﻏﯾر أﻧﻪ ﻗد ﻻ ﺗﻛﻠل ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ داﺋﻣﺎً ﺑﺎﻟﻧﺟﺎح ،ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ ﻓﺷل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻹﺻﻼح ﺑﯾن
ً
اﻟزوﺟﯾن ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗﻣﺳك اﻟزوﺟﺔ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ ،ﻓﯾﺑﺎﺷر ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟزوﺟﯾن ﺑدل اﻟﺧﻠﻊ و ﻛذا ﻧﻔﻘﺔ اﻷوﻻد وﺣﺿﺎﻧﺗﻬم
واﻷﺛﺎث و ﻣﺗﺎع اﻟزوﺟﯾن واﻟﻣﺻوغ و ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻷﻣور اﻟﻌﺎﻟﻘﺔ ،وﯾﻌﺗﺑر ﺑدل اﻟﺧﻠﻊ ﻋﻧﺻر ﺟوﻫري ﻓﻲ دﻋوى
اﻟﺧﻠﻊ ،إذ ﻻ ﯾﻛون ﻟﻠﺧﻠﻊ أﺛر إﻻ ﺑﺗوﻓرﻩ ،ﺑﻌد ﺗﯾﻘن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن ﻓﺷل ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ وﺗﻣﺳك اﻟزوﺟﺔ ﺑطﻠﺑﻬﺎ و اﻟذي
6
ﻟﯾس ﻟﻠزوج ﺣق اﻻﻋﺗراض ﻋﻠﻰ طﻠﺑﻬﺎ و ﻻ ﺗﺷﺗرط ﻣواﻓﻘﺗﻪ ،5ﺑل ﻟﻪ ﻓﻘط ﺣق ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﺑدل اﻟﺧﻠﻊ.
179
ﯾﺑﺎدر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺗوﺟﯾﻪ ﺳؤال ﺟوﻫري ﻟﻠزوﺟﺔ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻔﺎدﻩ :ﻣﺎ ﻫو ﻣﻘدار اﻟﻣﻘﺎﺑل اﻟﻣﺎﻟﻲ
اﻟذي ﺳوف ﺗدﻓﻌﻪ ﻟﻠزوج ﻣﻘﺎﺑل اﻟﺧﻠﻊ؟ ،و ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﯾﻣﻛن أن ﻧﺗﺻور ﺣﺎﻟﺗﯾن :ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ أن
ﺗﺑدي اﻟزوﺟﺔ ﻟﻠزوج رﻏﺑﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺧﻠﻊ ﻟﻘﺎء ﻣﺎل ﻣﻌﯾن و ﯾﺗﻔق اﻟزوﺟﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﻘدارﻩ ،وﺣﺎﻟﺔ أﺧرى ﺗﺑدي
اﻟزوﺟﺔ اﻟﺧﻠﻊ ،وﻟﻛن ﻻ ﯾﺗﻔﻘﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﻘدار اﻟﺑدل اﻷﻣر اﻟذي ﯾوﺟب ﺗدﺧل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﯾﻘدرﻩ ﺑﺻداق اﻟﻣﺛل
وﻗت ﺻدور اﻟﺣﻛم.1
إذا طﻠﺑت اﻟزوﺟﺔ اﻟﺧﻠﻊ ﻣﻘﺎﺑل ﻣﺑﻠﻎ ﻣﺎﻟﻲ ﻣﻌﯾن ،2وواﻓق اﻟزوج ﻋﻠﯾﻪ ﻻ ﯾطرح أي إﺷﻛﺎل ،ﻟﻛن
اﻹﺷﻛﺎل ﯾﻛﻣن ﻋﻧد ﻋدم ﻋرﺿﻬﺎ ﻟﻠﻣﻘﺎﺑل اﻟﻣﺎﻟﻲ ،ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﺟب أن ﻻ ﯾﻘف اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣوﻗف اﻟﺣﯾﺎد
اﻟﺳﻠﺑﻲٕ ،واﻧﻣﺎ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻘف ﻣوﻗف اﻟﺣﯾﺎد اﻻﯾﺟﺎﺑﻲ ،و ﯾﺳﺄل اﻟزوﺟﺔ ﻋن اﻟﻣﻘﺎﺑل وﻛذا ﻗﯾﻣﺗﻪ ،و ﯾطﻠب
ﻣﻧﻬﺎ ﺗﺣدﯾدﻩ ،وﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻧﻬﺞ ﺳﺎر ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻗرار ﻟﻬﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2007/09/12واﻟذي ﺟﺎء
ﻓﯾﻪ ":ﺣﯾث أﻧﻪ ﻓﻌﻼً ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ رﻓﻌت دﻋواﻫﺎ ﺿد اﻟطﺎﻋن طﺎﻟﺑﺔ ﻓك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ وطﻠﺑت ﺑﻌض اﻟﺣﻘوق ودون أن ﺗﻌرض ﺗﻘدﯾم ﻣﺎل ﻣﻌﯾن ،ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك اﻟﺧﻠﻊ ﻛﻣﺎ
ﯾﻧص ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ذﻟك دون اﻟﺗطرق إﻟﻰ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﺟﻌﻠت
اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ﺗطﺎﻟب ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ ،وﻋﻠﯾﻪ ﻫذا اﻟﻔرع ﻣؤﺳس وﯾﺗرﺗب ﻋﻧﻪ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ".3
وﻋﻠﯾﻪ إذا طﻠﺑت اﻟزوﺟﺔ اﻟﺧﻠﻊ ﺻراﺣﺔ وﻟم ﺗﻌرض اﻟﺑدل ﻓﺎن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾرﻓض اﻟطﻠب ،ﻻﻧﻌدام أو
ﻋدم ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻘﺎﺑل اﻟﻣﺎﻟﻲ ،ﺑل ﯾدﻋوﻫﺎ إﻟﻰ اﻗﺗراح اﻟﻌوض ،4ﻛون اﻟﺑدل ﺷرط ﺟوﻫري ﻻ ﯾﻛون ﺑدوﻧﻪ
ﺗﺣدﯾدا دﻗﯾﻘﺎً ،ﺑﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻪ ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ.
ً ﺻﺣﯾﺣﺎ إﻻ ﺑذﻛرﻩ و ﺗﺣدﯾدﻩ
ً اﻟﺧﻠﻊ ،و ﻻ ﯾﻘﻊ
180
ﻏﯾر أﻧﻪ ﻗد ﻻ ﯾﺣﺿر اﻟزوج ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﺗﻌذر ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟزوج ﻓﯾﻣﺎ اﻗﺗرﺣﺗﻪ
اﻟزوﺟﺔ ﻛﻣﻘﺎﺑل ﻟﻠﺧﻠﻊ ،ﻣﻣﺎ ﯾطرح إﺷﻛﺎﻻً ﻫل ﯾﺣﻔظ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣق اﻟزوج ﻓﻲ اﻟﺑدل أم ﻻ ؟
ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﻋرف اﻟﻘﺿﺎء ﻣوﻗﻔﯾن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ،ﻓﻔﻲ ﺑﺎدئ اﻷﻣر ﻛﺎن ﯾﺟﯾز ﺣﻔظ ﺣق اﻟزوج
ﻓﻲ اﻟﺑدل ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﻫو ﺛﺎﺑت ﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،2005/7/13ﺟﺎء
ﻓﯾﻪ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻟﻛن ﺣﯾث ﯾﻼﺣظ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ،أن اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻗد ﻋرﺿت ﻣﺑﻠﻐﺎً ﻣن ﻣﺎﻟﯾﺎً ﻋﻠﻰ
اﻟطﺎﻋن ﻣﻘﺎﺑل اﻟﺧﻠﻊ إﻻ أن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻟم ﯾﻧﺎﻗش اﻟﻣﺑﻠﻎ اﻟﻣﻌروض ،ﻣﻣﺎ أدى ﺑﻘﺎﺿﻲ اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ إﻟﻰ ﺣﻔظ
ﺣﻘﻪ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺟﺎﻧب ٕ ،واذا أراد اﻟطﺎﻋن ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻫذا اﻟﺟﺎﻧب ﻋﻠﯾﻪ اﻟطﻌن ﺑﺎﻻﺳﺗﺋﻧﺎف.1"...
ﻏﯾر أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺳرﻋﺎن ﻣﺎ ﺗدارﻛت ﻫذا اﻟﺳﻬو ﻓﻲ ﻗرار ﻟﻬﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2006/10/11ﺑﻘوﻟﻬﺎ
...":ﻓﺈن ﻛل اﻣرأة ﺗطﺎﻟب ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ ﻋﻠﯾﻬﺎ وﺟوﺑﺎً ﻋرض ﻣﺑﻠﻎ ﻣﺎﻟﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﻪ ،وﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺣﻔظ ﺑدل
اﻟﺧﻠﻊ ،ﻷن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻠزم ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء ﺑﻪ ﯾوم اﻟﻧطق ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ ﺳواء اﺗﻔق اﻟطرﻓﺎن ﻋﻠﯾﻪ أم اﺧﺗﻠﻔﺎ طﺑﻘﺎً ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة
54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و ﻟﻣﺎ ﻗﺿﻰ ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع ﺑﺧﻼف ذﻟك ﻓﺈن ﻗﺿﺎﺋﻬم ﺟﺎء ﻣﺷوﺑﺎً ﺑﺎﻟﻘﺻور ﻓﻲ اﻷﺳﺑﺎب
واﻧﻌدام اﻷﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺗﻌﯾن ﻣﻌﻪ ﻧﻘﺿﻪ ٕواﺑطﺎﻟﻪ .2"...
أﺣﯾﺎﻧﺎً ﻗد ﺗﻌرض اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ أن ﯾﻛون اﻟﺑدل ﻣﻘﺎﺑل ﻏﯾر ﻣﺎﻟﻲ أي ﻏﯾر اﻟﻧﻘود ؟ ،ﻓﻣﺎ
ﻫو اﻟذي ﯾﺻﻠﺢ أن ﯾﻛون ﺑدل ﺧﻠﻊ ؟ ،ﻣﻊ اﻟﻌﻠم أن اﻟﻣﺷرع ﻧص ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة) (54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﻣﻘﺎﺑل
ﻧﻘدا أو
اﻟﻣﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﻓﺿﯾل " :أن ﻋﺑﺎرة ﻣﻘﺎﺑل ﻣﺎﻟﻲ ﺗﻧﺻرف إﻟﻰ ﻛل ﻣﺎ ﻟﻪ ﻗﯾﻣﺔ ً
ﻋﯾﻧﺎً ﻋﻘﺎر أو ﻣﻧﻘوﻻ" ،3ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻗرار ﻟﻬﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2009/01/14اﻟذي ﻗﺿﻰ
ﺑﺿرورة وﺟوب ﺗﺣدﯾد اﻟزوﺟﺔ ﻟﻠﻌوض اﻟذي ﺗﻌرﺿﻪ ،ﺑﺄن ﺗذﻛر ﻣﺑﻠﻎ ﻣن اﻟﻣﺎل ،و ﻻ ﯾﻛﻔﻲ أن ﺗﻌرض
ﻣﺻوﻏﻬﺎ اﻟذﻫﺑﻲ ﻛﻌوض ،وﺟﺎء أﺳﺑﺎب اﻟﻘرار ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﺣﯾث طﺎﻟﻣﺎ اﻟﻘرار ﻣﺣل اﻟطﻌن اﻟذي أﯾد اﻟﺣﻛم اﻟذي
ﻟم ﯾوﺿﺢ ﺿﻣن ﺣﯾﺛﯾﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟﺗدﻗﯾق ﻟﻣﺑﻠﻎ اﻟﺧﻠﻊ ،اﻟذي ﻋرﺿﺗﻪ اﻟﻣطﻠﻘﺔ أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻛﺗﻔﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ
ﻧﻘدا.4"..
ﻣﺳﺗﻌدة ﻹرﺟﺎع طﺎﻗم ذﻫﺑﻬﺎ دون ﺗﺣدﯾدﻫﺎ ﻟﻘﯾﻣﺗﻪ ً
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،.2345..ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2005/7/13ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،ﻋدد ،61ص
.330
-2اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،365244ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2006/10/11ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
ﻋدد ،2007 ،01ص 467وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
-3ﻓﺿﯾل ﺳﻌد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 313
-4اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ :ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،00076/09ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2009 /01/14ﻏﯾر ﻣﻧﺷور..
181
ﻣﻘﺎﺑﻼ ﻏﯾر ﻣﺎﻟﻲ ﻛﺎﻟﻣﺻوغ وﺟب ﺗﻘدﯾرﻩ
ً وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻔﻬم ﻣن ﺧﻼل ﻫذا اﻟﻘرار أﻧﻪ إذا ﻋرﺿت اﻟزوﺟﺔ
ﻧﻘدا ،وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق ﻗﺿت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ أﻧﻪ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون اﻟﺑدل ﻫو ﻧﻔﺳﻪ ﻗﯾﻣﺔ
وﺗﺣدﯾد ﻗﯾﻣﺗﺔ ً
اﻟﺻداق اﻟذي دﻓﻌﻪ اﻟزوج ﻋﻧد اﻟزواج إذا ﻟم ﺗﻧﺎزع اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ذﻟك ،1ﻓﯾﺗدﺧل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﺗﺣدﯾد ﺑدل اﻟﺧﻠﻊ
ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﯾواﻓق اﻟزوج ﻋﻠﯾﻪ ،أﻣﺎ إذا ﻋرﺿت اﻟزوﺟﺔ ﻣﻘﺎﺑﻼً ﻏﯾر ﻣﺎﻟﻲ واﻟزوج طﻠب ﻣﻘﺎﺑل ﻣﺎﻟﻲ ،ﻓﻬﻧﺎ
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﺗدﺧل ﻟﺗﺣدﯾدﻩ ،ﻷن ﻋدم اﻻﺗﻔﺎق ﻟم ﯾﻧﺻب ﻋﻠﻰ ﻧﻔس اﻟﻣﺣل ،واﻟﻘﺎﺿﻲ إذا ﺣددﻩ ﯾﻛون ﻗد
ﺧﺎﻟف ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﻫو ﻣﺎ ﻗﺿت ﺑﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻗرار ﻟﻬﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ
2009/01/14إذ ﺟﺎءت أﺳﺑﺎب اﻟﻘرار ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
" ﺣﯾث طﺎﻟﻣﺎ اﻟﻘرار ﻣﺣل اﻟطﻌن اﻟذي أﯾد اﻟﺣﻛم اﻟذي ﻟم ﯾوﺿﺢ ﺿﻣن ﺣﯾﺛﯾﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟﺗدﻗﯾق ﻟﻣﺑﻠﻎ اﻟﺧﻠﻊ
اﻟذي ﻋرﺿﺗﻪ اﻟﻣطﻠﻘﺔ أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻣﻛﺗﻔﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺳﺗﻌدة ﻹرﺟﺎع طﺎﻗم ذﻫﺑﻬﺎ دون ﺗﺣدﯾدﻫﺎ ﻟﻘﯾﻣﺗﻪ
ﻧﻘدا ،واﻟذي ﻗوﺑل ﺑﺎﻟرﻓض ﻣن طرف اﻟطﺎﻋن ﻣطﺎﻟﺑﺎ ﻣن ﺟﻬﺗﻪ ﺑﻣﺑﻠﻎ 550.770دج ،وﺣﯾث ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﻋدم
ً
ﻧﻘدا ﻣن طرف اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ إﻻ أن ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع ذﻫﺑوا إﻟﻰ ﺗﺣدﯾدﻩ ﺑﻣﺑﻠﻎ 60.000
ﺗﺣدﯾد ﻣﻘﺎﺑل اﻟﺧﻠﻊ ً
دج ﻣﺧﺎﻟﻔﯾن ﻓﻲ ذﻟك أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ذﻟك أن ﻣﻘﺎﺑل اﻟﺧﻠﻊ ﯾﺣددﻩ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم
اﺗﻔﺎق اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ ﻣﺑﻠﻎ ﻣﻌﻠوم ﻣن اﻟﻣﺎل أﺛﻧﺎء ﺻدور اﻟﺣﻛم .ﯾﺗﻌﯾن اﻟﻘﺿﺎء ﺑﻧﻘض ﺟزﺋﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻣﻘﺎﺑل
اﻟﺧﻠﻊ.2" ...
وﻋﻠﯾﻪ ﻧص اﻟﻣﺎدة 54ﻓﻘرة 2ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة واﺿﺢ واﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":إذا ﻟم ﯾﺗﻔق
اﻟزوﺟﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎﺑل اﻟﻣﺎﻟﻲ ﻟﻠﺧﻠﻊ ،ﯾﺣﻛم ﺑﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﺟﺎوز ﻗﯾﻣﺔ ﺻداق اﻟﻣﺛل وﻗت ﺻدور اﻟﺣﻛم " ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ
ﻛﯾف ﯾﻌﺗﻣد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﺑدل اﻟﺧﻠﻊ ﻋﻧد ﻋدم اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﺑﻠﻎ ﻣﻌﻠوم؟ ،وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﺑﺎﻟرﺟوع
إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﺻﺎدر ﻋن ﻣﺣﻛﻣﺔ ﻋﯾن ﺗﻣوﺷﻧت ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2015/3/11ﻧﺟد اﻧﻪ ﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
"اﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ أن اﻟطرﻓﺎن ﻟم ﯾﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺑﻠﻎ اﻟﺧﻠﻊ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﺗطﺑق ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة
54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،أﻧﻪ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺣدد اﻟﻣﻘﺎﺑل اﻟﻣﺎﻟﻲ ﻟﻠﺧﻠﻊ ﺑﻣﺎ ﻻ ﯾﺗﺟﺎوز ﻗﯾﻣﺔ ﺻداق اﻟﻣﺛل وﻗت ﺻدور
اﻟﺣﻛم و ﻋﻠﯾﻪ ﺗﺣددﻩ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ طﺑﻘﺎً ﻟﻸﻋراف اﻟﻣﻧطﻘﺔ و ﻣﺳﺗوى اﻟزوﺟﯾن اﻟظﺎﻫر ﻟﻬﺎ ".3
1
اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ اﻟدواﻓﻊ اﻟﺗﻲ
ً -ﺟﺎءت أﺳﺑﺎب اﻟﻘرار ﻛﺎﻷﺗﻲ " ﺣﯾث أن ﺗﻘدﯾر اﻟﻣﻘﺎﺑل اﻟﻣﺎﻟﻲ ﻟﻠﺧﻠﻊ ﻻ ﯾﺧﺿﻊ إﻟﻰ ظروف اﻟﻣﻌﺎش ،أو
أدت إﻟﻰ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﻪ ،ﻣﺛﻠﻣﺎ ﺗﻌﺗﻘد اﻟطﺎﻋﻧﺔ وﺣﯾث اﻧﻪ ﺛﺑت ﻣن اﻟﻘرار اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺻداق اﻟﻣدﻓوع ﻣن طرف اﻟزوج ﻗدر
ﺑﻣﺑﻠﻎ 110.000دج ،وﻫو اﻟﻣﺑﻠﻎ اﻟذي ﻟم ﺗﻧﺎزع ﻓﯾﻪ اﻟطﺎﻋﻧﺔ وﻣن ﺛم ﻓﺈن ﻗﺿﺎة اﻟﻣﺟﻠس ﺑﻘﺎﺋﻬم ﺑرﻓﻊ ﻣﺑﻠﻎ اﻟﺧﻠﻊ ﻣن 60.000
دج اﻟﻰ 110.000دج ،ﯾﻛوﻧوا طﺑﻘوا ﺻﺣﯾﺢ اﻟﻘﺎﻧون ،"...أﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم
،01390/09ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2009/12/10ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
-2اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻻﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،00076/09ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2009 /01/14ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
-3ﻣﺣﻛﻣﺔ ﻋﯾن ﺗﻣوﺷﻧت ،ﻗﺳم.ﺷؤون اﻷﺳرة،ﺣﻛم رﻗم ،00922/15ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2015/3/11ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
182
وﻫو ﻣﺎ أﻛدﺗﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻗرار ﻟﻬﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2009/07/08ﺣﯾث ﻧﺟد ﺣﯾﺛﯾﺎﺗﻪ ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺔ اﺧﺗﻼف اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻌوض ،ﻓﺈﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﻘدور اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺣددﻩ ﺗﻣﺎﺷﯾﺎً ﻣﻊ ﻋرف وﻋﺎدات أﻫل
اﻟﻣﻧطﻘﺔ" ،وﺟﺎءت أﺳﺑﺎب اﻟﻘرار ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ ... ":وﻗﺎﻣت ﻋﻧدﺋذ ﻣﺣﻛﻣﺔ أول درﺟﺔ ﺑﺗﺣدﯾدﻩ ﺗﻣﺎﺷﯾﺎً ﻣﻊ ﻋرف
وﻋﺎدات أﻫل اﻟﻣﻧطﻘﺔ ،ﻓﺈن ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع ﯾﻛوﻧوا طﺑﻘوا ﺻﺣﯾﺢ اﻟﻘﺎﻧون ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ .1"...
2
ﻏﯾر أﻧﻪ ﻣﺎ ﯾﻌﺎب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎة أﻧﻬم أﺻﺑﺣوا ﺑﻣﺟرد ﺗﻘدﯾم طﻠب اﻟﺧﻠﻊ ﯾﺣﻛﻣون ﺑﻪ دون أدﻧﻰ ﺗﺣر
وﻟذﻟك وﺟب أن ﯾﺗﺣرى اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣدى ﻗﯾﺎم اﻟﻛراﻫﺔ اﻟﺑﺎدﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺧﻠﻊ ﺣﻘﯾﻘﺔ
وﺑﯾن اﻟﻛراﻫﺔ ﻏﯾر اﻟﺑﺎدﯾﺔ اﻟﻣﻘﻧﻌﺔ أﯾن ﺗﺳﺗﻧد اﻟﻣرأة إﻟﻰ أﺳﺑﺎب اﻟﺗطﻠﯾق ﻻ أﺳﺑﺎب اﻟﺧﻠﻊ .
أوﻻ-اﻟﻛراﻫﺔ اﻟﺑﺎدﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺧﻠﻊ ﺣﻘﯾﻘﺔ.
ﺑﻌد ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن أﻣﺎﻣﻪ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺳرﯾﺔ ،ﺗﻌرض اﻟزوﺟﺔ وﻗﺎﺋﻊ و ظروف و ﻋﻧﺎﺻر
دﻋواﻫﺎ ﻋﺎرﺿﺔ ﺣﺟﺟﻬﺎ و ﺗﺧﺗﻣﻬﺎ ﺑﻌرض طﻠﺑﺎﺗﻬﺎ ،وﺑﻌد ذﻟك ﯾﻌطﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻛﻠﻣﺔ إﻟﻰ اﻟﻣدﻋﻲ ﻋﻠﯾﻪ
ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﻌﺎﻛﺳﺔ ﺛم ﯾﺧﺗم ﺑﻌرض اﻟطﺎﻟﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﯾرﯾد ﻣن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
ﻟﯾﻘدم دﻓوﻋﻪ وﺣﺟﺟﻪ ،و أدﻟﺗﻪ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ً
أن ﺗﺣﻛم ﻟﻪ ﺑﻬﺎ ﻟﺻﺎﻟﺣﻪ ،ﺛم ﯾﻣﻧﺢ ﻟﻠزوﺟﯾن ﺣق اﻟرد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛل ﻣﺎ ﯾراﻩ ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ ،وذﻟك ﺑﻛل أدب
واﺣﺗرام ودون إﺣداث ﺿﺟﯾﺞ ،ودون إﺳﺎءة إﻟﻰ ﺑﻌﺿﻬﻣﺎ اﻟﺑﻌض ،أو ﻋدم اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺣﺗرام
اﻟواﺟب ﻣراﻋﺎﺗﻪ أﺛﻧﺎء اﻟﻧﻘﺎش.3
ﻓﺈذا ﺗﻣﺳﻛت اﻟزوﺟﺔ ﺑطﻠب اﻟﺧﻠﻊ ﻛوﻧﻬﺎ ﺗﺧﺎف أﻻ ﺗﻘﯾم ﺣدود اﷲ ﻓﺈذا ﻋﺎﯾن اﻟﻘﺎﺿﻲ وﺑﺣث
وﺗﺣرى اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺗﻲ ﻋززت ﺑﻬﺎ اﻟزوﺟﺔ طﻠﺑﻬﺎ ﻟﻠﺧﻠﻊ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ طﺑﻘًﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة) (451ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،وﺗﺄﻛد ﻣن أن اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﻣدﻟﻰ ﺑﻬﺎ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﺟﻌل
اﻟﻌﺷرة اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ ،ﻣن ﺟﻬﺔ اﻟزوﺟﺔ ﻛوﻧﻬﺎ ﻛﺎرﻫﺔ ﻟزوﺟﻬﺎ وﻋﺎزﻓﺔ ﻋن اﻟﺑﻘﺎء ﻣﻌﻪ ،ﺑﺣﯾث ﯾﺧﺷﻰ
ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺗﻣرد ﻋﻠﯾﻪ ،و اﻟﻧﺷوز ﻋن طﺎﻋﺗﻪ ﻓﻲ ﺣﻘوﻗﻪ اﻟواﺟﺑﺔ ﻟﻪ ﻋﻠﯾﻬﺎ ،4ﻓﻬﻧﺎ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ أن
ﯾﺣرر ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ ،ﺣﺗﻰ ٕوان ﻛﺎن اﻟزوج راﻏﺑﺎً ﻓﻲ ﻋودﺗﻬﺎ أو ﻣﺗﻣﺳﻛًﺎ ﺑرﺟوﻋﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺑﯾت
اﻟزوﺟﻲ ،5ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﺣﺗﺎج ﻓﻲ اﻟﺧﻠﻊ إﻟﻰ إرادة اﻟزوج ،6و ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻛﺎرﻫﺔ ﻣن ﻏﯾر ﺳﺑب واﺿﺢ ﻣﻌﻠوم،
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،00850/09ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2009/07/08ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
-2ﻧﻌوم ﻣراد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 125
-3ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺳﻌد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .330
-4ﺗﺷوار ﺣﻣﯾدوا زﻛﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 76
-5ﻧﻌوم ﻣراد ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .125
-6ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ طﻼق اﻟﺧﻠﻊ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .238
183
أو ﺑﺳﺑب ﺑﻐض ﺑﻌض ﺗﺻرﻓﺎت اﻟزوج اﻟﻌﺎدﯾﺔ أو اﻟﺧﻠﻘﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﻟﯾس ﻓﯾﻬﺎ ظﻠم ﻟﻬﺎ ،1وﺑﺗﻣﺳﻛﻬﺎ ﺑطﻠب
ﻣﺳﺎﯾر ﻟﻠﺷرع اﻹﺳﻼﻣﻲ ،2و ﯾﻛﻔﻲ ﻓﻲ ذﻟك أن ﺗدﻋﻲ ﻋدم ﻗدرﺗﻬﺎ
ًا اﻟﺧﻠﻊ ﯾﺗﯾﻘن اﻟﻘﺎﺿﻲ أن طﻠﺑﻬﺎ ﻟﻠﺧﻠﻊ
ﻋﻠﻰ ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻓﺎﻟزوﺟﺔ ﻻ ﺗﺣﺗﺎج إﻟﻰ إﺛﺑﺎت ذﻟك ﺑﺄﺣﻛﺎم ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﺛل اﻷﺳﺑﺎب اﻟواردة
ﺑﺎﻟﻣﺎدة) (53اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق.
ﺣﯾث ﻓﻲ ﻏﺎﻟب اﻷﺣﯾﺎن ﻣﺎ ﯾرﺗﺑط اﻟﺧﻠﻊ ﺑﺎﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ و ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﯾﺻﻌب
إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ،ﻷﻧﻪ ﻣن اﻟﻣﻌروف أن ﻧﻔور اﻟزوﺟﺔ ﻣن زوﺟﻬﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻔﺳﯾﺔ ﻟﻬﺎ دواﻓﻊ ﺷﻌورﯾﺔ وﻻ ﺷﻌورﯾﺔ ﻻ ﺗﻘدر
ﻋﻠﯾﻬﺎ ،وﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺗﻘدﯾم أدﻟﺔ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ دﻋواﻫﺎ ،و ﯾﺿﺎف إﻟﻰ أن ﻫذا اﻟﻧﻔور ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻧﺳﺑﯾﺔ
ﺗﺧﺗﻠف ﻣن ﺷﺧص إﻟﻰ ﺷﺧص ،و ﺗرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻧواﺣﻲ اﻟوﺟداﻧﯾﺔ أﻛﺛر ﻣن اﻟﻧواﺣﻲ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔً .3
وﺑﻧﺎء
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘدم ﻓﺎﻟزوﺟﺔ ﻟﯾﺳت ﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺗﻘدﯾم أﯾﺔ ﻣﺑررات ﻟطﻠب اﻟﺧﻠﻊ وأﻛدت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ذﻟك ﻓﻲ ﻗرار
ﻟﻬﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ " 2009/12/10ﻓﺈن ﻋدم ﻣواﻓﻘﺔ اﻟزوج ﻋﻠﻰ اﻟﺧﻠﻊ اﻟﻣطﺎﻟب ﺑﻪ ﻣن طرف اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ﻻ
ﯾﻣﻧﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن اﻟﻘﺿﺎء ﺑﻪ ،ﻛﻣﺎ أن اﻟزوﺟﺔ ﻟﯾﺳت ﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺗﻘدﯾم أﯾﺔ ﻣﺑررات ﻟطﻠب ذﻟك اﻟﺧﻠﻊ ،4"...وﻓﻲ
ﻗرار أﺧر ﻟﻬﺎ ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ .2007/09/12واﻟذي ﺟﺎء ﻓﯾﻪ أﯾﺿﺎً ...":وﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺄﻛد
ﻣن ذﻟك دون اﻟﺗطرق إﻟﻰ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﺟﻌﻠت اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ﺗطﺎﻟب ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ وﻋﻠﯾﻪ ﻫذا اﻟﻔرع ﻣؤﺳس وﯾﺗرﺗب
184
ﺣﯾث ﻧﻼﺣظ ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ اﻟذي ﯾؤﻛد أن اﻟزوﺟﺔ ﻏﯾر ﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻹﺛﺑﺎت" :
ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﯾﺗﺑﯾن أن ﻗﺎﺿﻲ اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ و ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺗﻪ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن
اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﺧﯾﺎﻧﺔ اﻟزوج اﻟطﺎﻋن ﻟﻬﺎ ،و اﺳﺗﻧﺗﺟت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﻋدم إﻧﻛﺎر
ً ﺗﻣﺳﻛت أﻣﺎﻣﻪ اﻟزوﺟﺔ ﺑﺎﻟطﻼق
اﻟزوج ﺧﻼل اﻟﻣواﺟﻬﺔ ﻣﻊ زوﺟﺗﻪ ﺻﺣﺔ اﻻدﻋﺎء ،و اﻻﻧﺗﻬﺎء إﻟﻰ اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟطﻠب اﻟﺗطﻠﯾق رﻓﻌﺎً ﻟﻠﺿرر
ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻛون ﺑذﻟك ﺧﺎﻟﻔت ﻗواﻋد اﻹﺛﺑﺎت أو ﻗﻠﺑت ﻋبء اﻻﺛﺑﺎت ﺣﺳﺑﻣﺎ ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟوﺟﻪ ،و إﻧﻣﺎ ﻣﺎرﺳت
ﺳﻠطﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻬم اﻟوﻗﺎﺋﻊ وﺗﻘدﯾرﯾﻬﺎ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻪ ﻏﯾر ﺳدﯾد" واﺳﺗﻧﺎد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟطﻠب
اﻟﺗطﻠﯾق اﻟﻰ ﻣﺎ ﺑررت ﺑﻪ اﻟزوﺟﺔ طﻠﺑﻬﺎ أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﺧﯾﺎﻧﺔ اﻟزوج ﻟﻬﺎ وﺻﻣت ﻫذا اﻷﺧﯾر
وﻋدم اﻧﻛﺎرﻩ ﻫذا اﻟﺗﺻرف ﻣﻧﻪ ﯾﺷﻛل إﯾذاء ﻣﻧﻪ ﻟﻣﺷﺎﻋر زوﺟت وﻣﻣﺎ ﯾﺳﺗﺣﯾل ﻣﻌﻪ داوم اﻟﻌﺷرة واﻟﻘﺎﺿﻲ
ﯾﺳﺗﻘل ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺿرر.1"..
-1ﻗرار رﻗم ،0972469 :اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ،)2014/07/10 .اﻟﺻﺎدر ﻋن ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
-2ﻣراد ﻧﻌوم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 125
-3ﯾﻼﺣظ اﻧﻪ ﺳواء ﻓﻲ ظل اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻟﻠﻣﺎدة )(54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة أو ﻓﻲ ظل ﺻﯾﺎﻏﺗﻬﺎ ﺑﻌد اﻟﺗﻌدﯾل ﺑﻣوﺟب اﻷﻣر
رﻗم ،05/02ﻓﺈن اﻟﺧﻠﻊ اﻟذي ﯾﻧﺷﺄﻩ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب ﻣن اﻟزوﺟﺔ ﻻ ﯾﺷﺗرط ﻣواﻓﻘﺔ اﻟزوج ﻋﻠﯾﻪ.
185
ﺻﺎﺋﺑﺎ ،إذ ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة 451اﻟﻔﻘرة 5ﻣﻧﻪ " ﯾﻌﺎﯾن اﻟﻘﺎﺿﻲ أﯾﺿﺎ و ﯾﻛﯾف اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﻣﻌﺗﻣد ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ طﻠب
1
-ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﺳﻠطﺔ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ اﻟﺗﻛﯾف اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠوﻗﺎﺋﻊ ،اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻟﻠﻌﻠوم اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ
واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ،ﻋدد ،2012 ،03ص .327
-2ﻛﺎن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻧﺣﺻر ﻓﻲ ﺗﺳﯾر اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر ﻣﻘﯾد ﻓﯾﻬﺎ إﻟﻰ اﺑﻌد ﺣد ،ﺣﺗﻰ أﺿﺣﻰ ﯾﺷﺑﻪ دور اﻟـﺣﻛم )ﻣﺛل
اﻟﻣﺑﺎراة( إﻻ اﻧﻪ ﺑﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺗﻐﯾر دورﻩ ﺑﺎن أﺻﺑﺢ اﯾﺟﺎﺑﯾﺎً ،أﻧظر -:ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ﺳﻠطﺔ
اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص 328و.329
3
-ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (26ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ" :ﻻﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾؤﺳس ﺣﻛﻣﻪ ﻋﻠﻰ وﻗﺎﺋﻊ ﻟم
ﺗﻛن ﻣﺣل اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺎت واﻟﻣرﻓﻌﺎت ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺄﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر ،ﻣن ﺑﯾن ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺎت واﻟﻣراﻓﻌﺎت اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺗﻲ أﺛﯾرت
ﻣن طرف اﻟﺧﺻوم وﻟم ﯾؤﺳﺳوا ﻋﻠﯾﻬﺎ إدﻋﺎﺋﺗﻬم ".
-4ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻪ ﺑﺄي ﺣﺎل ﻣن اﻷﺣوال أن ﯾﻐﯾر ﻓﻲ ادﻋﺎﺋﻬﺎ ،إذ ﯾﻣﻧﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻐﯾر ﺳﺑب اﻟطﻠب اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
أﻧظر :ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .330
186
ﯾﻘوم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻔﺣص ﻫذﻩ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ وردت ﻓﻲ ﻋرﯾﺿﺗﻬﺎ ،و ﯾﻧﺎﻗﺷﻬﺎ ﻣﻌﻬﻣﺎ
ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺳﺎﻋد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون اﻟذي ﻫو اﺧﺗﺻﺎص أﺻﯾل ﻟﻪ
ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﻧص اﻟواﺟب اﻟﺗطﺑﯾق ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻟوﻗﺎﺋﻊ ،ﻷﻧﻪ ﯾﻛﯾف ﺗﻠك اﻟوﻗﺎﺋﻊ ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﺗﻧطﺑق
ﻋﻠﯾﻬﺎ أﺣﻛﺎم اﻟﺧﻠﻊ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة أم ﺗﻧطﺑق ﻋﻠﯾﻬﺎ أﺣﻛﺎم اﻟﺗطﻠﯾق
اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة )(53ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون.
وﻋﻠﯾﻪ ﻧﺳﺗﻧﺗﺞ أﻧﻪ ﻟم ﺗﻌد ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻣﺻﺎﻟﺣﺔ اﻷطراف و اﻟﺗراﺟﻊ ﻋن ﻓك اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ ﺣﺳب اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﻟﻬﺎ ،ﺑل ﻓﺷل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﻣﻧﻌﻪ ﻣن أن ﯾﻣﺎرس دورﻩ
اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﻣﺎ ﻣﻧﺣﻪ اﻟﻘﺎﻧون ﻣن ﺻﻼﺣﯾﺎت ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،ﺣﯾث ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﻛﯾف ﻫذﻩ
ً اﻻﯾﺟﺎﺑﻲ
ﺻﺣﯾﺣﺎ،1
ً اﻟوﻗﺎﺋﻊ واﻟﺗﻲ ﻧﺎﻗﺷﻬﺎ اﻷطراف ﻓﻲ اﻟﻌراﺋض واﻟﻣذﻛرات ،و ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺗﻛﯾﻔﺎً ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎً
ﻓطﺑﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة 29ﻓﻘرة 1ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻹدارﯾ ﺔ ﻏﯾر ﻣﻘﯾد ﺑﺗﻛﯾف اﻟﺧﺻوم ٕواﻧﻣﺎ
ﯾﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺗﻛﯾف اﻟذي ﺗوﺻل إﻟﯾﻪ ﻛﻘﺎﺿﻲ ،ﻹﺧراج إرادة اﻟﻘﺎﻧون إﻟﻰ اﻟوﺟود ﻓﯾﻘﺿﻲ
ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق و ﻻ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ ﻛﻣﺎ طﻠﺑﺗﻪ اﻟﻣدﻋﯾﺔ ﻓﻲ طﻠﺑﻬﺎ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،وﻻ ﯾﻌد ﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون أو
اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻘﺎﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،وﻻ ﯾﺗﻬم ﺑﺧروﺟﻪ ﻋن ﺣﯾﺎدﻩ ،أو اﻧﻪ ﺣﻛم ﺑﻣﺎ ﻟم ﯾطﻠﺑﻪ اﻟﺧﺻوم ،ﻓﻬو ﻣطﺎﻟب
ﺑﺈﻋﻼن إرادة اﻟﻘﺎﻧون ﻻ رأﯾﻪ اﻟﺷﺧﺻﻲ.2
إن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺗﺳﺎﻋد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﻓﻬم ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟوﻗﺎﺋﻊ ﻓﻘد ﺗرﻓﻊ اﻟزوﺟﺔ طﻠب اﻟﺧﻠﻊ ﻏﯾر أﻧﻬﺎ ﻻ
ﺗﺧﺗﺑﺊ وراء ﺳﺑب ﻣن أﺳﺑﺎب اﻟﺗطﻠﯾق ،ﻛون اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﻣدﻟﻰ ﺑﻬﺎ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﺗﻧطﺑق
ﻋﻠﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة) (54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرةٕ ،واﻧﻣﺎ ﻗد ﺗﻧطﺑق ﻋﻠﯾﻬﺎ أﺣﻛﺎم ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (16ﻣﻧﻪ ،أﯾن
ﻻﯾﺗﺿﺢ اﻷﻣر إﻻ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،واﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻷﻫﻣﯾﺔ ﺣول ﻣﺎ إن ﻛﺎن ﻫﻧﺎك دﺧول ﺑﻬﺎ أو ﻻ،
-1ﻷﻧﻪ وﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﯾظﻬر ذﻟك ﺟﻠﯾﺎً ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،اﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣرات ﯾﺗم رﻓﻊ دﻋﺎوى
ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣن ﻗﺑل زوﺟﺎت ﻷﺟل ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﺑﺳب ﻋدم اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن طرف اﻟزوج ﺑﻌد ﺻدور ﺣﻛم ﺑوﺟوﺑﻬﺎ
وﺑﺳب ارﺗﻛﺎب اﻟزوج ﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﺑﺷرف اﻷﺳرة ،أو ﺑﺳﺑب ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟزوج ﻟﻠﺷروط اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟزواج ...اﻟﺦ
ﻓﻬدﻩ أﺳﺑﺎب ﻻ ﺗﺗﻌﻠق اﻟﺑﺗﺔ ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﺧﻠﻊ ،و إﻧﻣﺎ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﺗطﻠﯾق ﻓﻼ ﯾﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ ،و اﻟوﻗﺎﺋﻊ ﻣﺣل دﻋوى
اﻟﺗطﻠﯾق اﻟﺗﻲ ﻗد ﯾﺗﻐﺎﺿﻰ ﻋﻧﻬﺎ ﺑﻌﻧوان اﻟﺣﯾﺎد أو ﻋﻧوان اﻟﺣﻛم ﺑﻣﺎ ﻟم ﯾطﻠﺑﻪ اﻟﺧﺻوم .
-2ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﺳﻠطﺔ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ اﻟﺗﻛﯾف اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠوﻗﺎﺋﻊ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .337
187
1
أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻻ ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗذﻛر ذﻟك ﻓﻲ ﻋرﯾﺿﺔ اﻓﺗﺗﺎح اﻟدﻋوى وﺗﻛﺗﻔﻲ ﺑذﻛر أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗطﯾق اﻟﻌﯾش ﻣﻊ ﻫذا اﻟزوج
وﺗﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ طﻠب اﻟﺧﻠﻊ.
ﺗﺳﺎﻋد ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ و اﻟﺗﻛﯾﯾف اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻟطﻠب اﻟزوﺟﺔ ،وﻓﻲ ﻫذا
ﺟﺎﺋز ،ﺳواء ﻗﺑل
ا ﺣﻛﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﺧﻠﻊ
اﻟﺻدد ﯾرى ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ أﻧﻪ ﻣﺗﻰ ﻛﺎﻧت اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺣﻘﯾﻘﺔ أو ً
اﻟدﺧول أو ﺑﻌدﻩ ،وﻫو اﻟﺷﻲء اﻟﺛﺎﺑت ﻋﻧد اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك ،2وﯾذﻫب ﻫذا اﻟرأي إﻟﻰ اﻟﻘول أن اﻟﻣﺎدة )(54ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻟم ﺗﺷﺗرط أن ﯾﺗم طﻠب اﻟﺧﻠﻊ ﻣن طرف اﻟزوﺟﺔ ﺑﻌد اﻟدﺧول ،ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون ﻟم ﯾوﺟب أن ﯾﻛون
اﻟﺧﻠﻊ ﺑﻌد اﻟدﺧول.
و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻗواﻋد اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺷﺗرط ﺣﺻول اﻟدﺧول و أن ﻧﻔور
اﻟزوﺟﺔ ﻣن اﻟزوج ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﺑﻌد اﻟدﺧول ﻫذا ﻗول ﻓﻲ ﻏﯾر ﻣﺣﻠﻪ وﻏﯾر ﻣﺳﺗﺳﺎغ ،ﻷن اﻟزوﺟﺔ ﻛﻣﺎ ﺗﻛرﻩ
اﻟزوج ﺑﻌد اﻟدﺧول ﻗد ﺗﻛرﻩ ﻗﺑل اﻟدﺧول ﻷﻧﻬﺎ ﻗد ﺗﻛﺗﺷف ﻓﯾﻪ ﻣﺎ ﯾﻧﻔرﻫﺎ ﻋﻧﻪ ،ﻣﻣﺎ ﯾدﻓﻌﻬﺎ إﻟﻰ ﻋدم اﻟﻣﻐﺎﻣرة
ﺑﺎﻟدﺧول.3
ﻟﻛن ﻣﺎ ﯾﻼﺣظ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ذﻫﺑت ﺧﻼف ذﻟك ﻓﻲ ﻗرار ﻟﻬﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،4 2006/06/14ﺑﺄن
أﻗرت ﺑﻌدم ﺟواز طﻠب اﻟﺧﻠﻊ ﻣن طرف اﻟزوﺟﺔ ﻗﺑل اﻟدﺧول ،و أﻧﻬﺎ ﻻ ﯾﺣق ﻟﻬﺎ ذﻟك إﻻ ﺑﻌد اﻟدﺧول وﺟﺎء
ﻓﻲ أﺳﺑﺎب ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﺣﯾث أن اﻟﺣﻛم ﻣﺣل اﻟطﻌن ﻗد ﺧﺎﻟف اﻟﻘﺎﻧون وأﺳﺎء ﺗطﺑﯾﻘﻪ وذﻟك
أن طﻠب اﻟﺧﻠﻊ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠزوﺟﺔ أن ﺗطﺎﻟب ﺑﻪ ﻗﺑل اﻟدﺧول ،ﺑل ﯾﻣﻛن ﻟﻬﺎ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﻪ ﻓﻘط ﺑﻌد اﻟدﺧول ،وﻋﻧد
ﺑﻠوغ ﺣﯾﺎﺗﻬﺎ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣﻊ زوﺟﻬﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟﻛراﻫﯾﺔ و اﻟﻧﻔور ،ﯾﺗﻌذر ﻣﻌﻪ ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﻌﺷرة اﻟزوﺟﯾﺔ اﻷﻣر اﻟذي
-1ﻷﻧﻪ ﯾوﺟد اﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﻓﻬم وﺗﻔﺳﯾر اﻟﻣﻘﺻود ﻣن اﻟزوﺟﯾﺔ إن ﻛﺎﻧت ﺗﻧﺻب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﺎﺷرة ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن اﻷﻣر اﻟذي
ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺑﺎﻟﺿرورة اﻟدﺧول أم أﻧﻪ ﯾوﺟد زواج ﻏﯾر أﻧﻪ ﻟم ﯾﺗم اﻟدﺧول ﺑﻌد ؟
2
ﻣﺎﻟﻛﺎ ﺳﺋل ﻋن رﺟل ﺗزوج اﻣرأة ﺑﻣﻬر ﻣﺳﻣﻰ ،ﻓﺎﻓﺗدت ﻣﻧﻪ
ﻓﻘد ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻣدوﻧﺔ اﻟﻛﺑرى ﻟﻺﻣﺎم ﻣﺎﻟك ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :إﻧﻲ ﺳﻣﻌت ً
ﺑﻌﺷرة دﻧﺎﻧﯾر إﻟﯾﻪ ﻗﺑل أن ﯾدﺧل ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ أن ﯾﺧﻠﻲ ﺳﺑﯾﻠﻬﺎ ،ﻓﻔﻌل ﺛم أرادت أن ﺗﺗﺑﻌﻪ ﺑﻧﺻف اﻟﻣﻬر ،ﻗﺎل :ذﻟك ﻟﯾس ﻟﻬﺎ".. .
وﻋﻠﻰ ذﻟك اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك أﺟﺎز اﻟﺧﻠﻊ ﻗﺑل اﻟدﺧول ،اﻧظر :ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ طﻼق اﻟﺧﻠﻊ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق
ص 138و .139
-3ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص 142و.143
-4اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،43537ﻣؤرخ ﻓﻲ ، 2006/06/14ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ،
ﻋدد 2006 ،02ص 421وﻣﺎ ﺑﻌدﻩ .
188
،2003/08/19و اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ﻟم ﯾﺗم اﻟدﺧول ﺑﻬﺎ ،ﻓﺈن ﻣﺣﻛﻣﺔ أول درﺟﺔ ﻟﻣﺎ ﻗﺿت ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﻋن طرﯾق اﻟﺧﻠﻊ ،ﻗد ﺗﻛون أﺧطﺄت ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق أﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻷن اﻟﺧﻠﻊ ﻻ ﯾﺗم إﻻ ﺑﻌد اﻟدﺧول ﺑﺎﻟزوﺟﺔ،
اﻟﺷﻲء اﻟذي ﻻ وﺟود ﻟﻪ ﻓﻲ دﻋوى اﻟﺣﺎل .1 ...
ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﺗﻛون اﻟﻌﺑرة ﺑﺎﻟدﺧول ﺣﺗﻰ ﻧﻘول أن اﻟزوﺟﺔ ﺗﻛرﻩ و ﺗﻧﻔر ﻣن زوﺟﻬﺎ ﻷﺳﺑﺎب ﺑﺎطﻧﯾﺔ
أﻣﺎ إذا طﻠﺑت اﻟزوﺟﺔ اﻟﺧﻠﻊ ﻗﺑل اﻟدﺧول ،و اﻟﻌﯾش ﻣﻊ اﻟزوج ﻓﻬذا ﻟﯾس ﺑﺧﻠﻊ ٕواﻧﻣﺎ ﻫو ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟطﻼق ﻗﺑل
اﻟﺑﻧﺎء ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻟم ﯾﻧظﻣﻪ اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،اﻟذي ﯾرﺗب آﺛﺎر ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﺧﺗﻠف
ﻋن أﻧواع اﻟطﻼق اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر.
وﻫو ﻣﺎ ذﻫﺑت إﻟﯾﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣن ﺧﻼل ﻗرار ﺻﺎدر ﻋﻧﻬﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ، 2013/01/10ﺣﯾث
ﻗررت أﻧﻪ ":ﺑدﻻ ﻣن اﻟﺗﺻدي ﻟﻠدﻋوى و اﻟﺣﻛم ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ،دون اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻋدم
اﻟدﺧول ،ﻷن ﻫﻧﺎك أﺛﺎر ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﺗرﺗب ﻋن ﻛل ﻧوع ﻣن ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻗﺑل اﻟدﺧول وﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﻋن طرﯾق اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ ، 2"...وﻓﻲ ﻗرار آﺧر ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،2011/03/10و ﺟﺎء ﻓﯾﻪ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ" :
وﻣﺎدام أن ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع ﺛﺑت ﻟدﯾﻬم أن اﻟدﺧول ﻟم ﯾﺗم واﻟطﺎﻋن ﻧﻔﺳﻪ أﻗر ﺑذﻟك.ﻓﺎن ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع أﻋطوا
ﺳﻠﯾﻣﺎ ﻟﻘرارﻫم و طﺑﻘوا ﻧص اﻟﻣﺎدة 16ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ وﺗﺳﺗﺣق اﻟزوﺟﺔ
ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ً
ً أﺳﺎﺳﺎ
ً
1
-اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،00103/09ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2009/01/14اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻏﯾر
ﻣﻧﺷور .
-2اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،0830411ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2013/01/10ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
-3اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،0615333ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2011/03/10ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
-4ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ طﻼق اﻟﺧﻠﻊ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .138
189
اﻟزوﺟﯾن ﻋﻧد ﺳﻣﺎﻋﻬﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻧﻔراد ﺛم ﻣﺟﺗﻣﻌﯾن إذ ﻛﺎﻧت ﻗد ﺣﺻﻠت ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟوﻗﺎﺋﻊ ،ﻓﻼ ﯾﻛون أﻣﺎم
ﺧﻠﻊ.
ﺟﯾدا ﺣول دور اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء ﻣﺧﺗﻠف ﺻور ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ .ﻧﺷرع اﻵن ﻓﻲ
ﺑﻌدﻣﺎ ﺗﻣت اﻹﺣﺎطﺔ ً
دراﺳﺔ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻻ ﺗﻘل أﻫﻣﯾﺔ ﻋن ﺳﺎﺑﻘﺗﻬﺎ ،أﻻ و ﻫﻲ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ظل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ واﻵﺛﺎر
اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗﺎﻟﻲ .
190
188
189
190
191
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ظل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ واﻷﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﯾﻪ
ﺧص اﻟﻣﺷرع ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﺑﺈﺟراءات وﻗواﻋد ﻣﻧﻬﺎ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ وﺷﻛﻠﯾﺔ.
ﺟﯾدا ﺑﺈﺟراءات وﻗواﻋد اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻷﺳري واﻵﺛﺎر اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺗرﺗب ،ﻛﺎن ﻻ ﺑد
وﻟﻺﺣﺎطﺔ ً
إﻟﻰ اﻟﺗطرق ﻹﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ظل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ)اﻟﻣﺑﺣث اﻷول( ،وﻛذا ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ وأﺛر اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻋﻠﻰ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ)اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ( .
اﻟﻣﺑﺣث اﻷول
إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ظل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ
ﺗﻘﺗﺿﻲ دراﺳﺔ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ظل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻓﻲ ﻣﺑﺎﺷرة إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ)اﻟﻣطﻠب اﻷول( ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ دورﻩ ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺿرورﯾﺔ و اﻟﻣؤﻗﺗﺔ
أﺛﻧﺎء إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ)اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
اﻟﻣطﻠب اﻷول
دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﺑﺎﺷرة إﺟراء ات اﻟﺻﻠﺢ
ﻟﻣﻌرﻓﺔ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ودور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﯾﻬﺎ ،ﻻﺑد ﻣن اﻟﺗطرق إﻟﻰ اﻟﺷروط اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻹﺟراء
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ )اﻟﻔرع اﻷول( ،وﻛذا اﻟﺷروط اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ ﻻﻧﻌﻘﺎد وﺳﯾر ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ) اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ (.
اﻟﻔرع اﻷول
اﻟﺷروط اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻹﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ:
ﺗﺗﻣﺛل اﻟﺷروط اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻹﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﻲ ﺿرورة رﻓﻊ اﻟدﻋوى اﻟﺗﻲ ﯾﻛون
ﻣوﺿوﻋﻬﺎ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ) أوﻻً ( ،ﺛم ﺗﺗطﻠب أطراف ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ) ﺛﺎﻧﯾﺎً( ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺿرورة ﻗﯾﺎم
اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ) ﺛﺎﻟﺛﺎً(.
أوﻻً -ﺿرورة رﻓﻊ اﻟدﻋوى :
طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﯾﺣل ﻋﻘد اﻟزواج ﺑﺎﻟطﻼق اﻟذي ﯾﺗم ﺑﺈرادة اﻟزوج أو
ً
ﺑﺗراﺿﻲ اﻟزوﺟﯾن أو ﺑطﻠب ﻣن اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ﺣدود ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﻣﺎدﺗﯾن ) (53و ) (54أي ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ
طﻼﻗﺎ ﺑﻣﻌﻧﺎﻩ اﻟﻌﺎم ﻛطرﯾق ﻟﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻣﺎدام ﺣق ﻓك
ً وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﻟﻣﺷرع اﻋﺗﺑر ﻛل ﻫذﻩ اﻟﺻور
ﻫذﻩ اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺛﺎﺑت ﻟﻠزوﺟﯾن ﻣﻌﺎ ،ﻓﺈن ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ ﯾﺟب أن ﺗﺗم ﻋن طرﯾق اﻟﺗوﺟﻪ ﻟﻠﻘﺿﺎء وﺗﺳﺟﯾل
192
اﻟدﻋوى اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑذﻟك ،ﺣﯾث ﺗﻌﺗﺑر ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻹﺟراﺋﯾﺔ اﻟوﺣﯾدة اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﺗﻌﺑﯾر
أﺻﻼ ﺳﻠطﺔ اﻟﺷﺧص اﻟﺗﻲ ﯾﺧوﻟﻬﺎ ﻟﻪ
ً ﻋن اﻹرادة ﻓﻲ ﻫذا اﻹطﺎر ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ )اﻟدﻋوى(
اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺟﻬﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﻐر ض ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘﻪ.1
وﺑﻬذا ﯾﻌرض اﻟﺣق ﻓﻲ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﺣﺗﻰ ﯾﺗﺳﻧﻰ ﻟﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة
اﻟﻣﺧﺗص ﺑﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،وﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻣﻧﻪ ﻛﺑﺢ اﻟﺟﻣﺎح وﺗﻔﺎدي اﻧﺣﻼل وﻓﺻم ﻋرى اﻟزوﺟﯾﺔ
ﻓﺷرط وﺟود دﻋوى طﻼق ﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻫو ﺷرط ﻣوﺿوﻋﻲ ﻟﻌﻘد ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن.
وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣوم ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺗم اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﺑطرﯾق رﻓﻊ اﻟدﻋوى اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﺑﻣوﺟب ﺗﺳﺟﯾل ﻋرﯾﺿﺔ
ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﻛﺗﺎﺑﺔ ﺿﺑط اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ،2ﻛﻣﺎ ﯾﺳﺗﻠزم اﻷﻣر أن ﺗﺗوﻓر ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻌرﯾﺿﺔ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺷروط
ﻗﺎﻧوﻧﺎ واﻟواردة ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،3وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن
ً اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ
ﯾﺟري اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ أي دﻋوى ﻣوﺿوﻋﻬﺎ ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ إﻻ ﺑﻌد رﻓﻊ اﻟدﻋوى واﻧﻌﻘﺎد اﻟﺧﺻوﻣﺔ.
ﺛﺎﻧﯾﺎً -أطراف ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ :
ﻏﻧﻲ ﻋن اﻟﺑﯾﺎن أن أﺣد أﻫم اﻷﺷﺧﺎص اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻫﻣﺎ طرﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﻌﻧﯾﯾن
ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﻬﺎ وﻫﻣﺎ اﻟزوﺟﺎن ،ﻏﯾر أﻧﻪ ﻋﻧد ﻋرض اﻟطﻠب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء ،ﺗوﺟد أﺷﺧﺎص أﺧرى ﻫم اﻟﻘﺎﺿﻲ
اﻟﻣﻛﻠف ﺑﺷؤون اﻷﺳرة اﻟذي ﯾﺟري ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ و أﻣﯾن اﻟﺿﺑط ،وﺑذﻟك ﺗﺗﺣدد أﺷﺧﺎص ﺟﻠﺳﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ أطراف ﻫم :اﻟزوﺟﯾن ،اﻟﻘﺎﺿﻲ ،أﻣﯾن اﻟﺿﺑط .
ﺛﺎﻟﺛﺎً -و ﺟود اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ :
إن ﻣﺣل اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻫﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،ﻓﻼ ﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻏﯾﺎب ﻫذﻩ اﻟراﺑطﺔ
وﻣن ﺛم ﻧﺗﺳﺎءل ﻣﺗﻰ ﻧﻛون ﺑﺻدد ﻋﻼﻗﺔ زوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻓﻌﻼ؟ ،وﻫل ﯾﺷﺗرط ﻹﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻣن طرف
ﻋرﻓﯾﺎ؟.
اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺣﺻل دﺧول ﺣﻘﯾﻘﻲ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن؟ ،وﻣﺎ ﻫو اﻟﺣل إذا ﻛﺎن اﻟزواج زواﺟﺎ ً
ﻟﻘد ذﻛر اﻟﺑﻌض ﻣن اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟزواج ﺑﺄﻧﻪ ":ﻋﻘد ﯾﻔﯾد ﺣل اﻟﻌﺷرة ﺑﯾن اﻟرﺟل واﻟﻣرأة وﺗﻌﺎوﻧﻬﻣﺎ ،وﯾﺣدد
َزو ًاﺟﺎ
ُﺳْﻛُم أْ َ
ﱢن أَﻧﻔ ِ
ﻠَق ﻟَﻛُم ﻣْ ﻣﺎ ﻟﻛﻠﯾﻬﻣﺎ ﻣن ﺣﻘوق وﻣﺎ ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ ﻣن واﺟﺑﺎت " ،4ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰَ ﴿ :وﻣْ
ِن َآﯾ ﺎﺗِِﻪ أ َْن َﺧ َ
-1اﻟﻐوﺛﻲ ﺑن ﻣﻠﺣﺔ ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﺟزاﺋري ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،اﻟدﯾوان اﻟوطﻧﻲ ﻟﻸﺷﻐﺎل اﻟﺗرﺑوﯾﺔ ،اﻟﺟزاﺋر ،2000 ،ص
. 227
2
-ﺑﻠﺣﺎج اﻟﻌرﺑﻲ ،اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 232
3
-أﻧظر اﻟﻣواد ) (13و) ( 14و ) (15وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ.
-ﻣﺣﻣد أﺑو زﻫرة ،اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،دون طﺑﻌﺔ ،دار اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،دون ﺳﻧﺔ اﻟﻧﺷر ،ص . 19 4
193
1
ون ﴾ ،ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة )04
ﱢﻘَوٍم َﯾﺗَ ﻔَ ُﻛﱠر َ
ﺎت ﻟ ْ
ﻵﯾ ٍ
ِك َ َ
إِن ﻓِﻲ ذَﻟَ
إِﻟَﯾﻬﺎ َ َوَﺟﻌَل َْﺑﯾﻧَﻛُم َﻣﱠودﱠةً َ َو ْرَﺣﻣًﺔ ﱠ
ُوا َْ ﻟﱢﺗَﺳﻛُﻧ
ْ
( ﻣن اﻷﻣر 2005 02/05اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ ﺟﺎء ﻓﯾﻬﺎ ":اﻟزواج ﻋﻘد رﺿﺎﺋﻲ
ﯾﺗم ﺑﯾن رﺟل واﻣرأة ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﻪ اﻟﺷرﻋﻲ ،ﻣن أﻫداﻓﻪ ﺗﻛوﯾن أﺳرة أﺳﺎﺳﻬﺎ اﻟﻣودة واﻟرﺣﻣﺔ واﻟﺗﻌﺎون ٕواﺣﺻﺎن
ﻓﻌﻼ
اﻟزوﺟﯾن واﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﺳﺎب " ،ﻓﻼ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﻣن ﻏﯾر وﺟود ﻟﻌﻘد زواج ﻗﺎﺋم ً
ﺑﯾن زوج وزوﺟﺔ.
وﻋﻠﯾﻪ ﺷرط اﻟزواج ﻫو اﻟرﻛن اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﻋﻘد اﻟزواج اﻟرﺳﻣﻲ ﻫو وﺳﯾﻠﺔ و اﻟﺗﻲ
ﻓﻌﻼ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ
ﯾﻣﻛن ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ إﺛﺑﺎت اﻟﺻﻔﺔ ﻓﻲ ذﻟك ،ﻷن اﻟطﻼق ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﻓﻲ ﻋﻘد زواج ﻗﺎﺋم ً
اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ،ﻓﻼ ﯾﻛون إﻻ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻋﻘد زواج ﺻﺣﯾﺢ وﻻزم ،2وﻻ ﯾﺷﺗرط ﺣﺻول دﺧول ﺣﻘﯾﻘﻲ
ﻓﻲ اﻟزواج ﺣﺗﻰ ﯾﻣﻛن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ.
ﯾرى ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﻗﺑل اﻟﺑﻧﺎء ،أن ﺑﻌث اﻟﺣﻛﻣﯾن
ﯾﻛون ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن ،أي ﻗﺑل اﻟدﺧول وﺑﻌدﻩ ﻷن ﺣﺻول اﻟﺷﻘﺎق وﻋدم اﻟوﻓﺎق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻗد ﯾﺣدث ﺣﺗﻰ
ﻗﺑل اﻟﺑﻧﺎء ،ﻓﺟﺎء ﻓﻲ ﻣدوﻧﺔ اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك " :اﻟﻣرأة ﻣﻣن ﻟم ﯾدﺧل ﺑﻬﺎ ﯾﺟري أﻣرﻫﺎ ﻣﻊ اﻟﺣﻛﻣﯾن ﻣﺟرى
اﻟﻣدﺧول ﺑﻬﺎ " ،3واﻟواﻗﻊ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻟم ﯾوﺿﺢ اﻷﻣر ﺑﺷﺄن ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﺎﻷﺧذ ﺑﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ
اﻟﻣﺎﻟﻛﯾﺔ ﻫو اﻟﻣﻧطق اﻟﺳﻠﯾم ،ﻷن ﺣدوث اﻟﺧﺻﺎم ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻗد ﯾﻛون ﺣﺗﻰ ﻗﺑل اﻟدﺧول وﻫو أﻣر
ﺟدا ،وﻟﻬذا ﯾﺻﺢ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺗﻰ رﻓﻊ إﻟﯾﻪ اﻟﻧزاع ،ﻓﺎﻟﻌﺑرة ﺑوﺟود
ﻣﺗﺻور وﻣﺣﺗﻣل ً
ﻋﻘد اﻟزواج ﻓﻲ اﻟﻣﻠف اﻟدﻋوى .وﻫو ﻣﺎ ﯾﻛرﺳﻪ ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ.4
ﻟﻛن ﯾﻛﻣن اﻟﻣﺷﻛل ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون ﺛﻣﺔ زواج ﺷرﻋﻲ ﻏﯾر ﻣﻛﺗﻣل اﻟﺷروط اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ
ﻗﺎﻧوﻧﺎ ،ﺑﻣﻌﻧﻰ وﺟود ﻋﻘد زواج ﻋرﻓﻲ ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻧﺑﻐﻲ إﺛﺑﺎت اﻟزواج أوﻻً ،ﺛم اﻟﻧظر ﻓﻲ
اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ً
ﻗﺿﯾﺔ ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻓﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ) (22ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗﻧص " :ﯾﺛﺑت اﻟزواج ﺑﻣﺳﺗﺗﺧرج ﻣن
1
-اﻵﯾﺔ ،21ﺳورة اﻟروم .
2
-زﯾدان ﻋﺑد اﻟﻧور ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .101
3
-اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك ﺑن أﻧس،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 215
4
ررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻟﻛن ﺣﯾث اﻧﻪ ﻗد اﺳﺗﻘر اﺟﺗﻬﺎد ﻏرﻓﺔ ﺷؤون ، ...ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص وﺟوب إﺟراء
-ورد ﻓﻲ أﺣد ﻗ ا
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﻗد ﺛﺑت ﻣن اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ ﺣﺿر ﺟﻠﺳﺗﻲ اﻟﺻﻠﺢ و ﺗﻣﺳك ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ
ﺑﯾﻧﻪ و ﺑﯾن اﻟطﺎﻋﻧﺔ ،ﻗﺑل اﻟﺑﻧﺎء ،ﻻ اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ إﺗﻣﺎم ﻣراﺳﯾم اﻟزواج ،...وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎن ﻫذا اﻟوﺟﻪ ﻏﯾر ﻣؤﺳس و ﯾﺗﻌﯾن رﻓﺿﻪ" أﻧظر.:
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،0902780ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2014/05/15ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
194
ﺳﺟل اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﺗﺳﺟﯾﻠﻪ ﯾﺛﺑت ﺑﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ".و اﻟﺛﺎﺑت ﻓﻲ اﻹﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ أﻧﻪ ﯾﻣﻛن
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟزواج )اﻟزواج اﻟﻌرﻓﻲ( إﺛﺑﺎﺗﻪ وﺗﺛﺑﯾﺗﻪ وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ،ﻓﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار
ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1995/10/24ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ... ":إذا ﺗواﻓرت اﻷرﻛﺎن اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻟﻠزواج ﯾﺟوز ﻟﻘﺿﺎة
اﻟﻣوﺿوع أن ﯾﻘﺿوا ﺑﺗﺛﺑﯾت اﻟزواج اﻟﻌرﻓﻲ ،وأن ﯾﻘﺿوا ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺈﻋﺗﺑﺎر أن اﻟزواج اﻟﻌرﻓﻲ ﻓﻲ
ﺣﻛم اﻟﻣﺳﺟل ﺑﺎﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﺑﻘوة اﻟﻘﺎﻧون وذﻟك ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﺛﺑﯾﺗﻪ ﺑﻣوﺟب ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ" .1
ﻓﻣﺎدام أﻧﻪ ﯾﻣﻛن اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟطﻼق ﻓﻲ آن واﺣد ﻣﻊ اﻟﺣﻛم ﺑﺗﺛﺑﯾت اﻟزواج اﻟﻌرﻓﻲ ،ﻓﻣن
ﺑﺎب أوﻟﻰ أن ﯾﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺣﻛم اﻟﻣﺛﺑت ﻟﻠزواج وﻗﺑل اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟطﻼق أن ﯾﺟري
رﺟﻌﯾﺎ.
ً اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻻﺳﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟطﻼق
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻟﺷروط اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ ﻻﻧﻌﻘﺎد وﺳﯾر ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﻟم ﯾﺑﯾن اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة إﺟراءات ﻋﻘد وﺳﯾر ﺟﻠﺳﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﻠم ﯾﺿﻊ
طرﯾﻘﺔ أو ﻛﯾﻔﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﻲ ذﻟك ،2إﻻ أن اﻟﻣﺷرع ﺗدارك ذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ
ﺑﺣﯾث ﺟﺎء ﺑﺈﺟراءات وﺷروط ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻧﻌﻘﺎد إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ) أوﻻً ( ﺛم ﺷروط ﺷﻛﻠﯾﺔ ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺳﯾر
إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ )ﺛﺎﻧﯾﺎً(.
أوﻻً -اﻟﺷروط اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻧﻌﻘﺎد إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ :
ﺗﺗﻣﺛل اﻟﺷروط اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣن ﺿرورة ﺗﺣدﯾد اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ)أ( وﻛذا
ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗﺑﻠﯾﻎ طرﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ)ب( ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﺣدﯾد ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ)ج( ،ﻣﻊ ﺿرورة ﺗﺣدﯾد ﺑدء ﺳرﯾﺎن ﻫذﻩ
اﻟﻣدة)د( ،وﺿرورة اﺳﺗدﻋﺎء اﻷطراف)ه(.
-اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم 34980ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1997/04/10،ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،ﻋدد،1998 53 1
ص .56
-2ﺳﻌد ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 26
195
أ-اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ :
ﯾﺟب إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﻘر اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ) ،(1ﻟﻛن اﻟﺳؤال اﻟذي ﯾطرح ﻣﺎ ﻣدى إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺑﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ).(2
اﻷﺳرة ،"...وﻫذا اﻟﻘﺳم ﯾﻧظر ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوص ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻧﺣﻼل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ و ﺗواﺑﻌﻬﺎ ،ﺣﺳب
اﻟﺣﺎﻻت و اﻟﺷروط اﻟﻣذﻛورة ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وذاﻟك ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ) (423ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ،وﺣﺳب
اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ":ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ.إﺑﺗداء ﻣن
ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،"...ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﯾﺗﻛﻠم ﻋن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ ﻧظر اﻟﻧزاع ﻋﻧد ﻋرﺿﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أﻣﺎ اﻟﻣﺎدة ) (49ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺛﺑت اﻹطﻼق اﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ،وﻓﻘد ﺟﺎء
ﻓﻲ ﻗرار ﻋن ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2006/11/15واﻟذي أﻗر اﻟﻣﺑدأ اﻷﺗﻲ" :ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ
دﻋﺎوى اﻟطﻼق ،ﺗﺗم وﺟوﺑﺎ أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻘط" ،1ﻧﺟد ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻘرار أن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺗم وﺟوﺑﺎً أﻣﺎم
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻷﻣر ﻛذﻟك ﻓﺈن ﺳؤاﻻً ﻫﺎﻣﺎً ﯾطرح ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺈﻟﺣﺎح ﺑﺧﺻوص ﻣﺎ إذا ﻛﺎن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ
ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻗﺿﺎة أوﻟﻰ درﺟﺔ ﻓﻘط ؟ ،أم ﯾﻣﺗد اﻻﺧﺗﺻﺎص إﻟﻰ ﻗﺿﺎة اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ؟.
-2ﻣدى اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺑﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ :
ﻗد ﯾﺣدث وان ﯾﺣﻛم ﻗﺎﺿﻲ أول درﺟﺔ ﺑرﻓض دﻋوى طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻟﺳﺑب ﻗواﻋد
اﻻﺧﺗﺻﺎص أو ﻟﺳﺑب آﺧر ،و ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (57ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،2وﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻬذا
اﻟﻧص ،ﯾﺟوز اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﻣﺎدام ﻟم ﯾﻔﺻل اﻟﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﺷق اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻧﺎﻫﯾك ﻋن اﻟﺷق
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،372130ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2006/11/15اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد 02
،2007ص 463اﻟﻰ .467
2
-ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة )(57ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ" :ﺗﻛون اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟطﻼق و اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ ﻏﯾر ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺳﺗﺋﻧﺎف ﻓﯾﻣﺎ
196
أﺻﻼ ،ﺣﯾث ﯾﻣﻛن ﻟراﻓض اﻟدﻋوى أن ﯾﻌﯾد رﻓﻌﻬﺎ ﻣن ﺟدﯾد 1أو ﻟﻪ أن
ً اﻟﻣﺎدي اﻟذي ﻟم ﯾﺗﻌرض ﻟﻪ
ﯾﺳﺗﺄﻧف ،وﻫو ﻣﺎ اﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1999/02/16و اﻟذي ﺟﺎء
ﻓﻲ ﺣﯾﺛﯾﺎﺗﻪ " أﻧﻪ ﻣن اﻟﻣﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺿﺎء أﻧﻪ ﯾﺟوز اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق أﻣﺎم اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻟﻣﺎ ﺗﻘﺿﻲ
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،342470ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2005/9/14اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ،اﻟﻌدد 02
،2005ص 409إﻟﻰ .411
-2اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،216850ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1999/02/16اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد
ﺧﺎص ،2001 ،ص .100
-3ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ طﻼق اﻟﺧﻠﻊ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 189
197
....وﺣﯾث أن ﻫﯾﺋﺔ اﻟﻣﺟﻠس ﺳﻌت إﻟﻰ إﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،2015/03/24ﻟﻛن ﺑدون
ﺟدوى إذ أن اﻟﻣﺳﺗﺄﻧﻔﺔ ﺗﻣﺳﻛت ﺑطﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﺿرر اﻟذي أﺻﺎﺑﻬﺎ ﻣن اداﻧﺔ اﻟﻣﺳﺗﺄﻧف ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺟﻧﺣﺗﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺳرﻗﺔ و اﻧﺗﻬﺎك ﺣرﻣﺔ ﻣﻧزل و اﻟﺳﻛر اﻟﻌﻠﻧﻲ ،وﻣﻌﺎﻗﺑﺔ ﺑﺛﻼث ﺳﻧوات ﺣﺑس ﻧﺎﻓذة .وﺛﺎﺑت ﻣن ﺧﻼل ﻣﺣﺿر
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد أن زوﺟﻬﺎ ﻣﻌﺗﺎد اﻹﺟرام و ﺑﻘﯾت ﻣﻌﻪ ﻓﺗرة وﺟﯾزة ﻓﻘط ﻛوﻧﻪ داﺋﻣﺎً ﻓﻲ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﻘﺎﺑﯾﺔ
وﺗﻣﺳﻛت ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق. 1"..
-اﺗﺟﺎﻩ آﺧر ﻣن اﻟﻔﻘﻪ ﯾرى ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﺿرورة ﻹﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﺟدﯾد أﻣﺎم ﺟﻬﺔ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﺑﻌد ﻓﺷل ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ وأن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻻ ﯾﻧص ﻋﻠﻰ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﻣراﺣل اﻟدﻋوى ،وﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل اﻧﺗﻘد أﺣد ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻣدوﻧﺔ
اﻷﺳرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﺑﺣﯾث ﯾﻌﺗﻘد أن ﻫذا ﻻ ﯾﺗﻔق ﻣﻊ ﻣﺎ ورد ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة )(82ﻣن اﻟﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ
و اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺎﺑل ﻋﻧدﻧﺎ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ و ﻓﻲ ﺷؤون
وﺗﻔﺎدﯾﺎ ﻣن ﺗزاﯾد ﺗﻌﻘﯾد ﻋﻼﻗﺎت اﻟزوﺟﯾن ،أﻣﺎ إذا ﻓﺷل ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ وواﺻل
ً اﻷﺳرة ﯾﻛون ﻗﺑل اﻟﻣراﻓﻌﺎت
اﻟطرﻓﺎن إﺟراءات اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ أن ﯾﺻدر ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ﻓﻼ ﯾﺑﻘﻰ ﻓﺎﺋدة ﻓﻲ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﺟدﯾد أﻣﺎم
2
ﺟﻬﺎت اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف.
وﺳﺎﯾر أﯾﺿﺎً ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1998/11/17اﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ...":
ﺧﺻوﺻﺎ وأن إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ
ً ﺣﯾث أن اﻟﻘرار اﻟﻣﻧﺗﻘد ﻗد ﻧص ﻋﻠﻰ أن اﻟطﺎﻋن ﻗد ﺗﺧﻠف ﻋن اﻟﺣﺿور
اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﺎدة اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬﺎ ﺗﺧص اﻟﻣﺣﺎﻛم دون اﻟﻣﺟﺎﻟس وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﻟﻔرع ﻏﯾر ﻣؤﺳس.3."...
ﻧﺟد ﻗرار آﺧر ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1999/03/16ﺟﺎء ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﺣﯾث أن اﻟﻣﺎدة 57ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
ﺗﻧص ﻓﻘط ﻋﻠﻰ أن أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق ﻏﯾر ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺳﺗﺋﻧﺎف ﻣﺎﻋدا ﻓﻲ ﺟواﻧﺑﻬﺎ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ،وﻫذا ﯾﻌﻧﻲ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز
ﻗﺿﺎة اﻟﻣﺟﺎﻟس ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق وﻟﯾس ﻛﻣﺎ ﯾﻘﺻدﻩ اﻟطﺎﻋن ﻋدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻬم ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﺑﺎﻟطﻼق ،ﻷﻧﻪ
ﯾﻣﻛن ﻷﺣد اﻟزوﺟﯾن أن ﯾطﻠب اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أو ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺟﻠس ﻟﻣﺎ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
ﺗﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺑﯾت اﻟزوﺟﻲ أو ﺗرﻓض دﻋوى اﻟطﻼق وﻫذﯾن اﻟﺣﻛﻣﯾن ﻗﺎﺑﻠﯾن ﻟﻼﺳﺗﺋﻧﺎف ،ﻷﻧﻬﻣﺎ ﻻ
-1ﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء ﻋﯾن ﺗﻣوﺷﻧت ﻗرار ،ﻗرار رﻗم رﻗم ،00264،/15ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،2015/03/ 31ﻗرار ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.و
أﻧظر ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﻠﺣق رﻗم ).(2
-2اﻟﺧﻣﻠﯾﺷﻲ أﺣﻣد ،اﻟﺗﻌﻠﯾق ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧون اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟزواج واﻟطﻼق ،اﻟﺟزء اﻷول ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ،ﻣطﺑﻌﺔ اﻟﻌﺎرف
اﻟﺟدﯾدة ،اﻟﻣﻐرب ،1994 ،ص.405
-3اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،210451ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1998 /11/17ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ1997 ،
ﻋدد , 01،126
198
ﯾﻌﺗﺑران ﺣﻛﻣﺎن ﺑﺎﻟطﻼق ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻪ ﻏﯾر ﻣؤﺳس.ﺣﯾث أن اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻻ ﺗﻧطﺑق ﻋﻠﻰ
ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺟﺎﻟس ﺑل ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺣﺎﻛم ﻓﻘط إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣذﻛور ﺑﺎﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة ﻣﺎ ﻫﻲ إﻻ ﻣوﻋظﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻪ ﻏﯾر ﻣؤﺳس".
ﯾﻼﺣظ ﺑﺄن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ذﻫﺑت إﻟﻰ ﻛون أن ﺟﻬﺔ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﻟﯾﺳت ﻣﻠزﻣﺔ ﺑﺎﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﻗﺑل اﻟﻧطق ﺑﺎﻟطﻼق وأن اﻟﻣﺎدة )(49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻟﯾﺳت ﻣﻠزﻣﺔ ﻟﻘﺿﺎة اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،1ﻫذا اﻟرأي
ﻣﻘرر أﯾﺿﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣﺻري ﻓﻘد ﻗﺿت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻣﺻرﯾﺔ أﻧﻪ ٕوان ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺎدة ) (6ﻣن اﻟﻘﺎﻧون
رﻗم 25ﻟﺳﻧﺔ 1929ﺗوﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻹﺻﻼح ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻗﺑل اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﻻ
ﺗﺳﺗﻠزم ﺑﻬذﻩ اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ﻣراﺣل اﻟدﻋوى ﻣﻣﺎ ﻻ ﯾﻛون ﻣﻌﻪ ﺛﻣﺔ ﻣوﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
2
اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف أن ﺗﻌﯾد طرح اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﺟدﯾد ".
ﺑﯾن ﻫﺎذﯾن اﻻﺗﺟﺎﻫﯾن ﻫﻧﺎك اﺗﺟﺎﻩ آﺧر ،3ﯾرى أن اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻣن ﻣﻬﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻛل
آن وﻛﻠﻣﺎ ﻛﺎن ذﻟك ﻣﻣﻛﻧﺎ أو ﻛﻠﻣﺎ اﺳﺗﺟد ﻣﺎ ﯾﺑررﻩ ،ﺑدﻟﯾل ﻗد ﯾﺄﺗﻲ اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ أي ﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ﻣراﺣل
اﻟدﻋوى و ﯾطﻠﺑﺎن اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟدﻋوى ﻟوﻗوع ﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،اﻷﻣر اﻟذي ﺳﯾﺣﻘق ﻧﺗﯾﺟﺔ اﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﺳواء ﻛﺎن
ذﻟك أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ و أﻣﺎم اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ،ﻏﯾر أن ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻻ ﯾﺟﻌل ﻣن ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ أﻣﺎم ﺟﻬﺔ
أﻣرا إﻟزاﻣﯾﺎ.
اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ً
ﯾﺑدو أن اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺛﺎﻟث ﻫو اﻷﻗرب إﻟﻰ اﻟﺻواب ﺑﻌدم وﺟود أي ﻧص ﺳواء ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﻻ
ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻛوﻧﻬﻣﺎ ﺗﺿﻣﺎﻧﺎ ﻧﺻوﺻﺎً ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻼ ﻧﺟد ﻣﺎ ﯾﻠزم أو ﯾﻣﻧﻊ ﺑﺈﻋﺎدة
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ أﻣﺎم ﺟﻬﺔ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ،ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻻ ﻓﺎﺋدة ﻣن اﺟﺗرار ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻗد اﺳﺗﺟد
أﻣر ﺗﺟد ﻣﻌﻪ ﺿرورة ﺗﻛرار اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﺑﻌﺎً ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﺟﻬﺔ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف.
ﻓﻲ اﻋﺗﻘﺎدي أن ﺟﻬﺔ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﺗﻛون ﻣﻠزﻣﺔ ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﻟو أدﺑﯾﺎ ﻣﺗﻰ ﻗﺿﻰ ﺑرﻓض
دﻋوى طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ،و ﻟم ﯾﺗم اﺧﯾﺎر طرﯾق رﻓﻊ دﻋوى ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ
ﻣﺑدﺋﯾﺎ ﺗﺳﺑﯾب اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻘ ارراﺗﻬﺎ ﻋﻧدﻣﺎ اﻧﺗﻬت إﻟﻰ ﻋدم اﺧﺗﺻﺎص ﻗﺿﺎة اﻟﻣﺟﻠس ﻹﺟراء
ً ﻣن ﺟدﯾد،
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،372130ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2006/11/15اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد
،2007 02ص 463إﻟﻰ .467
-2اﻷﻧﺻﺎري ﺣﺳن اﻟﻧﯾداﻧﻲ ،اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ-دراﺳﺔ ﺗﺄﺻﯾﻠﯾﺔ و ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻟدور اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ واﻟﺗوﻓﯾق ﺑﯾن اﻟﺧﺻوم
ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻣﻧوﻓﯾﺔ ،دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻟﻠﻧﺷر ،ﻣﺻر ،ﺳﻧﺔ 2001ص . 251
-3إدرﯾس اﻟﻔﺎﺧوري ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 20و.21
199
اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﻣﺎدة) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗﺧﺎطب ﻗﺿﺎة اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣن ﺗﺳﺑﯾب ﻗﺎﺻر،
ﻓﺎﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﺎﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻧص ﯾﺧﺎطب ﻗﺿﺎة اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻘط ﻗول ﻻ ﯾﺳﺗﻘﯾم ،ﺣﺗﻰ ﻗﺿﺎة اﻟﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎة
ﻣوﺿوع و ﻋﻧد ﻧظرﻫم ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﯾﻧظرون ﻓﯾﻬﺎ ﻣن ﺣﯾث اﻟواﻗﻊ واﻟﻘﺎﻧون.
وﻣﻧﻪ ﯾﺑﻘﻰ ﻟﻘﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣطروﺣﺔ
ﻋﻠﯾﻬم ﻟﻛون ﻗﺎﺿﻲ اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟم ﯾﻔﺻل ﻓﻲ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وأن اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﯾﻬدف إﻟﻰ دراﺳﺔ
اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن ﺟدﯾد ﻣن ﺣﯾث اﻟواﻗﻊ و اﻟﻘﺎﻧون 1و ﻻ ﯾوﺟد ﻣﺎﻧﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺟﻠس ﻣن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ
اﻟذي ﯾﻘوم ﺑﻪ اﻟﻣﺳﺗﺷﺎر اﻟﻣﻘرر ،ﻏﯾر أن رأي اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟذي ﻻ ﯾوﺟد ﻟﻪ اﺟﺗﻬﺎد ﻗﺿﺎﺋﻲ ﻣﺳﺗﻘر ﺣول
ﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ ﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﺳﺑﯾب واﺿﺢ و ﻣوﺿوﻋﻲ ،ﺑل ﻣﺟرد ﺣﯾﺛﯾﺎت و رد ذﻛرﻫﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻘ اررات
اﻟﺳﻠف ذﻛرﻫﺎ ،رﺑﻣﺎ ﻗد ﻧﺟد ﺗﺑرﯾر ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﺗﺳﺑﯾﺑﻬﺎ أن اﻟﻣﺎدة 49ﺗﺧﺎطب ﻗﺎﺿﻲ أول درﺟﺔ وﻻ
ﺗﺧﺎطب ﻗﺿﺎة اﻟﻣﺟﺎﻟس ،ذﻟك أﻧﻬﺎ ﺗرﯾد ﻏﻠق ﺑﺎب اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﻗ اررات اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ،ﺑﺄن اﻋﺗﻣدت ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻘط ،ﻏﯾر أن ﻫﻧﺎك ﻣن ﯾﺣﺎول ﺗﻔﺳﯾر
اﺟﺗﻬﺎد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﺳﺎﺑق ﺑﺧﺻوص ﻋدم إﻣﻛﺎن ﻋﻘد اﻟﺻﻠﺢ أﻣﺎم اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻷﻧﻪ ﻏﯾر
ﻣﺧﺗص ﻓﻲ ذﻟك ،ﻓﻼ ﯾﻣﻛﻧﻪ إﺻدار ﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺻﻔﺔ ﻧﻬﺎﺋﯾﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﻫذﻩ اﻷﺣﻛﺎم ﺗﺻدر ﻣﺑﺎﺷرة ﻣن
ﻣﺣﻛﻣﺔ أول درﺟﺔ .2
ﻓﺎﻷﺻل أن ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،ﯾﻘوﻣون ﺑﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻟﻛن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﺳد ﺑﻌض
اﻟﺛﻐرات ،و ﻋدم ﻓﺗﺢ ﺑﺎب اﻟطﻌن ﺣﺗﻰ ﺿد ﻗ اررات اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺗﻔﺿل اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻫﻲ ﻣن
ﺗﺟري اﻟﺻﻠﺢ و ﻟﯾس ﺟﻬﺔ أﺧرى ،ﻓﺎﻟﻣﺟﻠس إذا أﺟرى اﻟﺻﻠﺢ ذﻟك أﻣر ﻣﺳﺗﺣﺳن وﻣرﻏوب ﻓﯾﻪ ،ﻟﻛن إذا ﻟم
ﺟر اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﻛﺗﻔﻰ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﺟرى أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔٕ ،واﻻ ﻓﺈﻧﻪ ﺳوف ﯾﻔﺗﺢ ﻣﺟﺎل ﻟﻧﻘض ﻗ اررات اﻟﻣﺟﻠس
ﯾُ ِ
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،إذا ﻟم ﯾﺟري ﻫذا اﻷﺧﯾر ﺻﻠﺢ و ﯾﺻﺑﺢ ﻫﻧﺎك ﻧﻘض أﺣﻛﺎم ﻗﺿﺎة اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ وﻛذا ﻧﻘض ﻗ اررات
اﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،وﻟذﻟك اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺗﺧﻠق اﺟﺗﻬﺎدات ﻟﺗﻔﺎدي ذﻟك اﻟوﺿﻊ.3
1
-ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة)(339ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﺗﻔﺻل ﺟﻬﺔ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﻣن ﺟدﯾد ﻣن ﺣﯾث
اﻟوﻗﺎﺋﻊ و اﻟﻘﺎﻧون ".
200
ب -ﻣﯾﻌﺎد واﻟﻣدة اﻟﻣﺣددة ﻻﺟراء اﻟﺻﻠﺢ
ﻧﺻت اﻟﻣﺎدﺗﯾن ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،و) (442ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،أﻧﻪ ﻓﻲ
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣﺎﻻت ﯾﺟب أﻻ ﺗﺗﺟﺎوز ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﺛﻼث ) (03أﺷﻬر ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ دﻋوى اﻟطﻼق .ﻟﻛن
اﻟﺳؤال اﻟذي ﯾطرح ﻫل اﻟﻣدة اﻟﺗﻲ ﺣددﻫﺎ اﻟﻣﺷرع ﺑﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر واﻟﺗﻲ ﺗﺳري ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻫﻲ ﻣدة
ﻛﺎﻓﯾﺔ ﻹﻣﻛﺎن اﻟﺻﻠﺢ أو إﺟراﺋﻪ أﺻﻼً ؟ ،وﻫل ﺗﻘدﯾر ﻫذﻩ اﻟﻣدة ﻣرﺗﺑط ﺑﺄﻣر ﻣﺎ آﺧر أراد اﻟﻣﺷرع أﺧذﻩ ﻓﻲ
اﻟﺣﺳﺑﺎن ؟ ،ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺎدة )(49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻗﺑل اﻟﺗﻌدﯾل ،ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺗﻛون ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺧﻼل
ﻓﺗرة ﻻ ﺗزﯾد ﻋن ﺛﻼﺛﺔ )(03أﺷﻬر ،1وﻛﺎﻧت ﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ ﻣﺣل ﺧﻼف ﻋﻧد اﻟدارﺳﯾن اﻧﺗﻬﻰ إﻟﻰ اﺗﻔﺎق ﺑﺎﻟﺗزام
ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،ﻷﻧﻪ ﻷﻋدل واﻷﻛﺛر إﻧﺻﺎﻓﺎ .
ﻓرأى ﻓرﯾق ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن أن ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻻ ﺗﻘل ﻋن 06ﺷﻬور ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﻋﻠﯾﻪ
ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ وﻛﻣﺎ ﺟﺎءت ﺑﻪ أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﻣﺗﻣم و اﻟﻣﻌدل طﺎﻟﻣﺎ أن اﻟدﯾن
اﻹﺳﻼﻣﻲ أﺷد ﺣرﺻﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻔظ اﻷﺳرة ﻣن ﻓك ارﺗﺑﺎطﻬﺎ ﻓﻠﯾس ﻣن اﻟﻣﻧطﻘﻲ أن ﯾﻛون اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن أﻛﺛر
ﺣرﺻﺎ ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﻓﻲ إﻋطﺎء ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ﺣﻘﻬﺎ ﻓﺗﻌﯾن ﺗﻣدﯾد ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻻ ﯾﻘل ﻋن 6
أﺷﻬرﻫذا و ﯾرى ﺟﺎﻧب آﺧر أن ﻫذﻩ اﻟﻣدة ) ﻣدة اﻟﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ( ﻻ ﺗﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ ﺷﻌﺎر اﻟﺳرﻋﺔ ﻓﻲ اﻹﻧﺟﺎز
اﻟذي ﺗﺑﻧﺗﻪ و ازرة اﻟﻌدل ﺑدﻋوى أن ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ وﻣﻧﻬﺎ اﻟطﻼق ﺗﻌﺗﺑر ﻣن ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠب
اﻟﺳرﻋﺔ وﺗﺗﺻف أﺣﯾﺎﻧﺎ ﺑﺎﻻﺳﺗﻌﺟﺎل ،ﻓﻛﺎن ﻣن اﻷﻓﺿل ﺟﻌل إﺟراءات ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﺗﺗﺟﺎوز ﻣدة ﺷﻬر
واﺣد ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺳﺟﯾل اﻟدﻋوى ﺑﻛﺗﺎﺑﺔ ﺿﺑط اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ . 2
رأى ﻓرﯾق آﺧر و ﻫو اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺻﺣﯾﺢ ﺑﺄن ﺗﻛرار اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﺑﺄس ﺑﻪ ،ﻟﻛن ﻻ ﯾﺟب أن ﺗﺗﺟﺎوز ﻓﺗرة
اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻟﻠزوﺟﺔ ﻏﯾر اﻟﺣﺎﻣل ،ﺣﯾث إن ﻛﺎﻧت ﺣﺎﻣل ﻓﻌدﺗﻬﺎ وﺿﻊ ﺣﻣﻠﻬﺎ ،ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة أﺣﻛﺎم
اﻟﻣﺎدة ) (43اﻟﻣﻌدﻟﺔ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة.
ﻧﺟد اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺑﻣوﺟب اﻷﻣر 02/05اﻟذي ﻋدل اﻟﻣﺎدة) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ
أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (12ﻣﻧﻪ أﺻﺑﺣت ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ
ﯾﺟرﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ دون أن ﺗﺗﺟﺎوز ﻣدﺗﻪ ﺛﻼﺛﺔ ) (3أﺷﻬر اﺑﺗداء ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى … " ،ﺑﺣﯾث أﺻﺑﺢ
1
-ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻗﺑل ﺗﻌدﯾﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن طرف
201
اﻟﻧص اﻟﺣﺎﻟﻲ ﯾﺣدد ﻣﺗﻰ ﯾﺷرع اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ٕ ، 1وان ﻛﺎن اﻟﻣﺷرع ﺣدد ﺳرﯾﺎن ﻫذﻩ اﻟﻣدة ﻣن
ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،وﻫﻲ ﻣدة ﻣن اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟوﺿﻌﻲ ﻣﻘﺑوﻟﺔ ﻏﯾر أﻧﻬﺎ ﻣن اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺷرﻋﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر
ﺷرﻋﺎ ،ﻷﻧﻬﺎ ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﺧطﺄ اﻟﻣﺎدي
اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻣﺻدر أول و أﺳﺎﺳﻲ ﻟﻘﺎﻧون اﻷﺳرة ﻏﯾر ﻣﻘﺑوﻟﺔ ً
ﻓﻲ اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ ،ﺣﯾث ﯾﻘﺻد اﻟﻣﺷرع ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣراﻋﺎة اﻟﻌدة و ذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون ﺗﺎرﯾﺦ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﻣواﻓق
ﻟﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ دﻋوى اﻟطﻼق ،ﺣﺗﻰ ﺗﺗواﻓق ﻣدة إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻊ ﻣدة اﻟﻌدة ،وﻫو اﻟرأي اﻟذي ﯾﺷﺎطرﻩ ﺟﺎﻧب
ﻣن اﻟﻔﻘﻪ ﺑﺧﺻوص ارﺗﺑﺎط ﻣدة اﻟﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻣﻊ أﻣر آﺧر ﻗد ﯾﻛون اﻟﻣﺷرع أﺧذﻩ ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺑﺎن اﻟذي ﯾرﺗﺑط
ﺑﻔﺗرة اﻟﻌدة اﻟﺷرﻋﯾﺔ.
أﻛد ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣوﻗف ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (442اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ..":ﻓﻲ
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣﺎﻻت ،ﯾﺟب أﻻ ﺗﺗﺟﺎوز ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ دﻋوى اﻟطﻼق".
وﻟذﻟك ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻟﻣدة اﻟﺗﻲ ﺣددﻫﺎ اﻟﻣﺷرع ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻟﯾﺳت ﺑﺎﻟﻣدة اﻟطوﯾﻠﺔ اﻟﺗﻲ
ﺧﺻوﺻﺎ إذا ﻋﻠﻣﻧﺎ أن
ً ﯾطول ﻣﻌﻬﺎ أﻣد اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ،وﻟﯾﺳت ﺑﺎﻟﻣدة اﻟﻘﺻﯾرة اﻟﺗﻲ ﺗﺿﯾﻊ ﻣﻌﻬﺎ ﻓرص اﻟﺻﻠﺢ،
ﺑدأ ﺳرﯾﺎﻧﻬﺎ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺳﺟﯾل اﻟدﻋوى ﺑﻛﺗﺎﺑﺔ ﺿﺑط اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ،وﺑﺎﻟﻧظر ﻟﻣﺎ ﻫو ﺟﺎر ﺑﻪ اﻟﻌﻣل ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ
اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ أن ﻋرض اﻟﻣوﺿوع ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺟدوﻟﺔ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﯾﻛون ﺑﻌد ﻋﺷرون ﯾوﻣﺎً ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ،وﺷﻬر
ﻋﻠﻰ اﻷﻛﺛر ﻣن ذﻟك ،ﻓﺈن ﻟم ﯾﻘم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻔﺗرة ،ﻓﺈن ﻣﺎ ﺗﺑﻘﻰ ﻣن اﻟﻣدة ﯾﻛون
ﻣﻌﻘوﻻً ﺟدا ﻹﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻋﻘد ﺟﻠﺳﺔ ﺑل ﺟﻠﺳﺎت ﻟﻠﺻﻠﺢ ،ﻓﯾﻣﻛن ﻣﻌﻪ اﺳﺗﻐراق ﻣدة اﻟﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻓﻲ ﻋدة
ﻣﺣﺎوﻻت ﻟﻠﺻﻠﺢ.2
ﻓﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﺟراء ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻋﻧد ﻋدم ﻧﺟﺎح اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻷوﻟﻰ إﻻ أن
ﺗﻧﺟﺢ أو ﺗﺳﺗﻐرق ﻣدة اﻟﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ،3وﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻣن أن ﯾﻣﺎرس اﻟﻘﺎﺿﻲ إﺟراءات ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻌد
ﺗﺳﺟﯾل اﻟدﻋوى ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﻛﺗﺎﺑﺔ ﺿﺑط اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ .4
1
-اﻟﺟدﯾد اﻟذي ﺟﺎء ﺑﻪ اﻟﻣﺷروع ﻫو ﺗﺣدﯾد ﻣدة ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر اﻟﺗﻲ ﯾﺑدأ ﺣﺳﺎﺑﻬﺎ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻧص
اﻟﻘدﯾم اﻟذي ﻟم ﯾﺣددﻫﺎ.
-2ﻋﺑد اﻟﻧور زﯾدان ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .108
-3اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .109
4
-ﺳﻌد ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.27
202
ج-ﺑدء ﺳرﯾﺎن ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ:
ﺗﺳﺎءل ﺑﻌض ﻣن اﻟﻔﻘﻪ ﻋن ﺑداﯾﺔ ﺛﻼﺛﺔ اﻷﺷﻬر اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ و اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة
) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﺗﺑدأ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻧطق ﺑﺎﻟطﻼق؟ ،أو ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ طرح اﻟﻧزاع ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ؟.
و ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺳؤال ﺣﺎول اﻷﺳﺗﺎذ ﺑﻠﺣﺎج اﻟﻌرﺑﻲ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﺑﻘوﻟﻪ :إن ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﺗﺳري اﺑﺗداء
ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﻧطق اﻟزوج ﺑﺎﻟطﻼق ،إذا ﻛﺎن ﻗد ﻧطق ﺑﻪ ﻗﺑل أن ﯾطرح اﻟﻧزاع ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ،إﻻ أن اﻷﺳﺗﺎذ
ﻟﺣﺳﯾن ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﯾرى:أن اﻟﻣوﻗف اﻟذي ﺟﺎء ﺑﻪ ﺑﻠﺣﺎج اﻟﻌرﺑﻲ ﺗم ﻧﻘﻠﻪ ﻋن اﻷﺳﺗﺎذ ﻓﺿﯾل ﺳﻌد
دون أي ﺗﻌﻠﯾل ﻟﻪ واﻋﺗﺑر ﺳرﯾﺎن ﻣدة ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﻧطق اﻟزوج أﻣر ﻏﯾر
ﺻﺎرﺧﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﺧﻠص إﻟﻰ أن اﻷﻣر ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ
ً ﻣﺳﺗﺳﺎغ ،وﯾﻌﺗﺑر ﻣﺳﺎﺳﺎَ
اﻟوﺿوح وﻻ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺗﻔﺳﯾر.
ﺣﯾث أن ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ،وأن اﻟﻣﻛﻠف ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻫو اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻧﻔﺳﻪ ،إﻻ أﻧﻪ ﺗﺳﺎءل ﺑﻘوﻟﻪ ﻣﺗﻰ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺑﺎﺷرة ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ؟ ،وأﺟﺎب ﺑﺄن اﻷﻣر ﻟﯾس
ﺑﺎﻟﺻﻌب ﻓﻘﺑل رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻟﻌدم ﻋﻠﻣﻪ ﺑﺎﻟﻘﺿﯾﺔ ،و ﻻ أﺛﻧﺎء رﻓﻊ اﻟدﻋوى
ﺑل أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺗﻣﻛن ﻣن ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻋﻣﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ أول ﺟﻠﺳﺔ ﯾﺣﺿرﻫﺎ طرﻓﻲ اﻟﻧزاع أﻣﺎﻣﻪ
ﺣﯾث ﺣﯾﻧﻬﺎ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻻﺟﺗﻣﺎع ﺑﺎﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﻣﻛﺗﺑﻪ وﯾﺑﺎﺷر ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،واﻧﺗﻬﻰ إﻟﻰ أن ﻣدة ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر
ﺗﺑدأ ﻣن اﻟﺟﻠﺳﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺿرﻫﺎ اﻟطرﻓﺎن أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ،1ﻓﻲ ﺣﯾن ﻓﺳر اﻷﺳﺗﺎذ ﻓﺿﯾل ﻣﺑﯾﻧﺎ زﻣن
ﺳرﯾﺎن ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ وأﺛر ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌدة ،وذﻟك ﺑﺄن اﻟﻣﺷرع ﻗﯾد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔﺗرة ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻹﺟراء
اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻣوﺟب ﻧص اﻟﻣﺎدة )(49اﻟﻣذﻛورة أﻋﻼﻩ ﺛم ﺗﻼﻫﺎ ﺑﺎﻟﻣﺎدة ) (50ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون.
أﺛﺎرا ﻓﻲ
ﻏﯾر أﻧﻪ ﯾﻼﺣظ ﻏﻣوض ﺑﺷﺄن اﻟﻣدة اﻟﺗﻲ ﺣددﻫﺎ اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) ،(49و ورﺗب ﻋﻠﯾﻬﺎ ً
اﻟﻣﺎدة ) (50ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺧص ﺑداﯾﺔ اﻷﺷﻬر اﻟﺛﻼﺛﺔ وﻧﻬﺎﯾﺗﻬﺎ،وأﺛر ذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻌدة ﻓﺈذا أﺧذﻧﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ طرح
اﻟﻧزاع ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻘد ﯾﻛون اﻟزوج ﻗد طﻠق زوﺟﺗﻪ ﺑﺄﻛﺛر ﻣن ﺷﻬر أو ﺷﻬرﯾن ﺳﺎﺑﻘﯾن ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﯾﺦ طرح
اﻟﻧزاع ،ﻓﻬل ﺗﺣﺳب اﻟﻌدة ﻣن ﯾوم ﺗﻠﻔظ اﻟزوج ﺑﺎﻟطﻼق أم ﻣن ﯾوم ﺻدور اﻟﺣﻛم ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﻘﺗﺿﻲ
اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾن أﻣرﯾن ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﻋﻼﻗﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌدة ،ﻓﺈﻣﺎ أن اﻟزوج ﯾﻧطق ﺑﺎﻟطﻼق ﺛم ﯾﺗﻘدم ﻫو
أو زوﺟﺗﻪ ﻹﺛﺑﺎﺗﻪ ﺑواﺳطﺔ اﻟﺣﻛم ،ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﺟب أن ﯾﺗم اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺣﺻول اﻟطﻼق واﻟﺑﺣث
-1ﺑن اﻟﺷﯾﺦ اث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،اﻟﻣﻧﺗﻘﻰ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 260و 259
203
ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻌدة ٕوان ﻛﺎﻧت اﻟرﺟﻌﺔ ﻣﻣﻛﻧﺔ أم ﻻ ،ﻓﺈن ﺑﺎﻧت اﻟزوﺟﺔ ﻣن زوﺟﻬﺎ ﻓﻼ رﺟﻌﺔ ،ﺣﯾث ﻻ ﺗﻛون
ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ذات ﻓﺎﺋدة.
ﺣﯾث ﯾﺟب ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻓﻘط إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ﺑﺣﻛم ﻟﺗﺻﺑﺢ اﻟرﺟﻌﺔ ﺑﻌد ذﻟك ﺑﻌﻘد ﺟدﯾد ،أﻣﺎ إن
اﺗﺿﺢ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﻣدة اﻟﻌدة ﻟم ﺗﺗﻧﻪ وأن اﻟرﺟﻌﺔ ﻣﺎ ﺗزال ﻗﺎﺋﻣﺔ ،أﻣﻛن ﺗﺣدﯾد ﺟﻠﺳﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن رﻏﺑﺔ
اﻟطرﻓﯾن ﻓﻲ اﻟﺗﺻﺎﻟﺢ ٕواﻻ ﯾﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﻲ ،1وأﻣﺎ اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ذﻫب إﻟﻰ
اﻟﻘول ":إذ ﺣﺳب ﻣﺎ ﯾﺗوﺧﺎﻩ اﻟﻣﺷرع ﻋﻣﻼً ﺑﺎﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺿﻣﻧﻬﺎ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة أﻧﻪ
ﻻ ﯾﻌﻘل أن ﯾﺟري ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة اﻟﺻﻠﺢ ،واﻟذي ﯾﻬدف ﻣن وراءﻩ إﻗﻧﺎع اﻟزوج ﺑﺿرورة اﺳﺗﻌﻣﺎل
ﺣق اﻟرﺟﻌﺔ ،إﻻ إذا ﺗم ذﻟك ﺧﻼل ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ،وﻫذا ﻻ ﯾﺗﺄﺗﻰ إﻻ إذا ﺗم ﺧﻼل ﻣدة اﻟﻣﺣددة
ﻟﻠﺻﻠﺢ ،ﻟذا ﻣﻧﻊ اﻟﻣﺷرع اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺻراﺣﺔ ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻌد اﻧﺗﻬﺎء اﻟﻣدة اﻟﻣﻘررة
و ﯾﺗﺿﺢ ذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﻋﺑﺎرة "دون أن ﺗﺗﺟﺎوز ﻣدﺗﻪ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر اﺑﺗداء ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى " ،أي
ﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ واﻟذي ﻫو طرﯾق ﻣن طرق اﻟﺗﻔﺳﯾر،أﻧﻪ اذ اﻧﻘﺿت اﻟﻣدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ
اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﻻ ﯾﺟرﯾﻪ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن.2
ﻏﯾر أﻧﻪ إذ ﺗﺟﺎوز اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣدة اﻟﻣﻘررة ﻟﻪ ،أي ﺗﺗﺟﺎوز ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻣﺎذا ﯾﺗرﺗب ﻋﻧﻬﺎ؟ ،ﻻ ﯾوﺟد
إﺷﻛﺎل ﻣﺎﻋدا ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ طﻼق اﻟزوج ﻓﻬﻲ ﺗﻌد ﻣدة ﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ،و ﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋن إﻧﻘﺎﺻﻬﺎ أو اﻟزﯾﺎدة ﻓﯾﻬﺎ أﯾﺔ
ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﺻدر ﻗرار ﻋن ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ
،2014/07/10واﻟذي ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ":ﻟﻛن ﺣﯾث إن اﻟﻣدة اﻟﻣﺣددة ﻹﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻫﻲ ﻣدة
ﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ ،و ﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋن إﻧﻘﺎﺻﻬﺎ أو اﻟزﯾﺎدة ﻓﯾﻬﺎ ،أﯾﺔ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻬﺎ أي ﺑطﻼن
وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﻫذا اﻟﻔرع ﻏﯾر ﻣؤﺳس و ﯾﺗﻌﯾن رﻓﺿﻪ ،3".ﻫذا اﻟرأي ﯾﺻﺢ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺻور ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ طﻠب
اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻣﺎ ﻟم ﯾﻘﻊ اﻟطﻼق ﺑﻌد أي ﻣﺎﻋدا ﺣﺎﻟﺔ إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ﻷﻧﻪ ﻗد ﺗﻛون اﻟﻌدة ﻓﺎﺗت
ه-اﺳﺗدﻋﺎء اﻷطراف :
ﻧص اﻟﻣﺷرع ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة) (440ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺎرﯾﺦ
اﻟﻣﺣدد ﻹﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ دون اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻛﯾﻔﯾﺔ اﺳﺗدﻋﺎء اﻟزوﺟﯾن ،وﻛﺎن ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﺗدارك ﻫذﻩ
اﻟﻧﻘطﺔ ،ﺑﺄن ﯾﺿﯾف ﻧص ﯾﺧص ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟزوج ﺑﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ دون اﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟﻌرﯾﺿﺔٕ ،وان دأب
204
اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟزوﺟﯾن ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺿر ﻓﯾﻬﺎ اﻟطرﻓﯾن ﺑﻌد اﻟﺗﻛﻠﯾف
ﺑﺎﻟﺣﺿور ﺳواء ﺑﺈﻋﻼﻣﻬﻣﺎ ﺷﺧﺻﯾﺎ أو ﺑﺈﻋﻼم ﻣوﻛﯾﻠﻬﻣﺎ ﺣﺳب اﻷﻣر اﻟذي ﺗﺳﯾر ﻋﻠﯾﻪ إﺟراءات اﻻﺳﺗدﻋﺎء
اﻟذي ﯾﻛون ﺑﺷﻛل ﺷﻔﻬﻲ ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﻣﺣﺎﻛﺔ،ﻷن ﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟﻌرﯾﺿﺔ ﯾﻛون ﻋن طرﯾق اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ
اﻟرﺳﻣﻲ وﻫو ﻧﻔﺳﻪ اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟذي ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن أن اﻟزوﺟﺔ أو اﻟزوج أي اﻟﻣدﻋﻲ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻠﻎ
ﺑﺄول ﺟﻠﺳﺔ ،واﻟﺗﻲ ﯾﻔﺗرض أﻧﻬﺎ أول ﺗﺎرﯾﺦ ﻟﻌﻘد ﺟﻠﺳﺎت اﻟﺻﻠﺢ.
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟذي ﻻ ﯾﺣدد ﺟﻠﺳﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ وﻻ ﯾدﻋوا اﻷطراف ﻟﺣﺿورﻫﺎ ﯾﻛون ﻗد ﺧﺎﻟف
اﻹﺟراءات ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻠزم ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون وواﺟب ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺎﻧوﻧﺎً اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻹﺟراءات اﻟﺗﻣﻬﯾدﯾﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ ،و ﻻ ﺗدﺧل
اﻟﻘﺿﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻣداوﻟﺔ ﺑدون دﻋوة اﻷطراف أو ﺗﺣدﯾد ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻫﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻹﺟراءات
اﻟﺗﻣﻬﯾدﯾﺔ و ﻫذﻩ اﻹﺟراءات ﺗﺑدأ ﻣن ﯾوم ﺗﺣدﯾد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺟﻠﺳﺔ و اﺳﺗدﻋﺎﺋﻪ ﻟﻸطراف.
ﻗررت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﺳﺗدﻋﺎء اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻷطراف ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﯾﻛون ﻗد ﺧﺎﻟف
اﻟﻘﺎﻧون ،1ﺑل و أﻛﺛر ﻣن ذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾدﻋو اﻷطراف و ﯾﺷﯾر ﻓﻲ ظﻬر اﻟﻣﻠف أﻧﻪ أﻣر و ﺳﻌﻰ
إﻟﻰ دﻋوة اﻷطراف إﻟﻰ ﻋﻘد ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﻣﻧﺣﻬم ﻓرص ﻣﺗﻛﺎﻓﺋﺔ ﻣﻊ ﻣﻧﺣﻬم آﺟﺎل أﺧرى ،ﻓﻘد ﺟﺎء ﻓﻲ
ﻗرار ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﺻﺎدر ﻋن ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2014/09/11واﻟذي ﺟﺎء ﻓﻲ
ﻣﺿﻣوﻧﻪ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﻣﺟدوﻟﺔ ﻟﺟﻠﺳﺔ ،2013/06/24ﻟﺟواب اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﻟﯾﺗم
ﺗﺄﺟﯾﻠﻬﺎ ﺛﺎﻧﯾﺔ ﻟﺟﻠﺳﺔ ،2013/7/8ﻟﻧﻔس ا ﻟﻐرض ٕواﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﺗﻛون اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﻗد
ﻣﻛﻧت ﺑذﻟك ﻣن ﺣﺿور ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ واﻟرد ﻋﻠﻰ ﻋرﯾﺿﺔ اﻓﺗﺗﺎح اﻟدﻋوى ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟوﺟﻪ إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﻐﯾﺑت
ﻋن اﻟﺣﺿور ﻓﯾﻣﺎ ﺣﺿر اﻟﻣدﻋﻲ ﻟﺗﺗوﻟﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﻌدﻫﺎ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ واﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ واﻟﻔﺻل ﻓﯾﻬﺎ
ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺟﻠﺳﺔ وﻫو إﺟراء ﺳﻠﯾم ﻷن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺗﻣﻠك اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧﺢ أﺟﺎل أﺧرى أو اﻟﻔﺻل ﻓﻲ
اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺎل وﻓﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة 271ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،طﺎﻟﻣﺎ وأن طرﻓﻲ اﻟﺧﺻوﻣﺔ
اﺳﺗﻔﺎدا ﻣن ﻓرص ﻣﺗﻛﺎﻓﺋﺔ ﻟﻌرض طﻠﺑﺎﺗﻬم ووﺳﺎﺋل دﻓﺎﻋﻬم ﻣﺛﻠﻣﺎ ﺗوﺟب اﻟﻣﺎدة 2/3ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون وأن
اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺎﻋﺳت ﻋن ﺣﺿور ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻬﺎن ﻏﯾر ﻣؤﺳﺳﯾن وﯾﺗﻌﯾن ﻣﻌﻪ رﻓض
اﻟطﻌن ".2
ﻟﻛن إذا ﺗم اﺳﺗدﻋﺎء اﻟزوﺟﺔ ﻋن طرﯾق اﻟﻣﺣﺿر اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ورﻓﺿت اﺳﺗﻼم اﻟﺗﻛﻠﯾف ﺑﺎﻟﺣﺿور
ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،وﻫو ﻣﺎ ﯾؤﻛد اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ":ﻟﻛن و ﻣﺎداﻣت اﻟزوﺟﺔ)
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،393121ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2007/05/09ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
-2اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،393121ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2014/09/11ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
205
اﻟطﺎﻋﻧﺔ( رﻓﺿت اﺳﺗﻼم اﻟﺗﻛﻠﯾف ﺑﺎﻟﺣﺿور ﻣن اﻟﻣﺣﺿر اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ورﻓﺿﻬﺎ ﺣﺿور ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓذﻟك ﻻ ﯾﻣﻧﻊ
1
ﻣﺻرﻋﻠﯾﻪ و اﻟﻌﺻﻣﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﯾدﻩ." ...
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﻧطق ﺑﺎﻟطﻼق طﺎﻟﻣﺎ اﻟزوج ﻛﺎن اً
1
-اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ، 376803ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2007/01/17ﻏﯾر ﻣﻧﺷور
206
ب-ﻣﺑﺎﺷرة اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﺑﺳﻣﺎﻋﻬﻣﺎ:
ﺧص اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ اﻟواردة ﻓﻲ ﻗﺳم ﺷؤون اﻷﺳرة ﺑﺈﺟراءات ﻣﺗﻣﯾزة ﻋن اﻹﺟراءات
ّ
اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺧﺎﻣس اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟطرق اﻟﺑدﯾﻠﺔ ﻟﺣل اﻟﻧزﻋﺎت ،1ﺣﯾث ﻧﺟد اﻟﻣﺎدة )(440
ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " :ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد ﻹﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺳﺗﻣﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻛل زوج ﻋﻠﻰ إﻧﻔراد ﺛم ﻣﻌﺎ."...
وﻟﻌل اﻟﻐرض ﻣن ذاﻟك ﻫو ﺗﻔﺎدي اﻟﺿﻐط و اﻹﻛراﻩ ﻓﻲ اﻟطﻼق و ﺣرﯾﺔ ﻛﺷف وﻗﺎﺋﻊ ﻣن اﻟﻣﺗﻌذر
اﻟﻛﺷف ﻋﻧﻬﺎ ﻋﻧد اﻟﻣواﺟﻬﺔ ،2وﻣﺎ ﻫو ﺟﺎري ﺑﻪ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﺳﺗﻘﺑﺎل اﻟﻣدﻋﻲ أوﻻً ﺑﺎﻟﻣﻛﺗب ،و ﺑﻌد
ﺗﺄﻛد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن ﻫوﯾﺗﻪ ﯾﺳﺗﻣﻊ إﻟﯾﻪ ﻋﻠﻰ إﻧﻔراد ﺣﯾث ﯾﺳﺗﻔﺳر ﻋن اﻟﺳﺑب اﻟذي دﻓﻌﻪ إﻟﻰ اﻟطﻼق ،و ﯾﻘوم
ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﺗوﻓﯾق ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﺑﺄﺳﻠوب ﻟﯾن ﯾﺗﺿﻣن اﻟﻧﺻﺢ و اﻟوﻋظ وﻟﻌل اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻰ ﻛل
زوج ﻋﻠﻰ إﻧﻔراد ﺑدء ﻣن راﻓﻊ طﻠب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﺗﻣﻛﯾن ﻛل طرف ﻣن اﻟﻘول ﻣﺎ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺑوح
ﺑﻪ ﻓﻲ ﺣﺿور اﻟطرف اﻵﺧر ،ﻛﻣﺎ ﻗد ﯾﺗردد ﻓﻲ ﻗول ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺣﺎﺻﻠﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،ﺛم ﯾﺗم ﺳﻣﺎع اﻟطرف
اﻟﺛﺎﻧﻲ–)اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ( ،و ﯾﺳﺗﻔﺳر اﻟﻘﺎﺿﻲ) ﻣﻌﻪ أو ﻣﻌﻬﺎ( ﻋن اﻟﺳﺑب اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ اﻟذي ﺟﻌل اﻟزوج ﯾطﻠب
اﻟطﻼق ،ﺣﯾث ﯾﺗﻘﺻﻰ ﻧﯾﺗﻬﻣﺎ و رﻏﺑﺗﻬﻣﺎ ﻓﻲ اﻟطﻼق أو ﺗﻣﺳﻛﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ ﻣﻧزل اﻟزوﺟﯾﺔ.
ﺗدون ﺑﻌد ذاﻟك ﻛل طﻠﺑﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺿر و ﺑذﻟك ﯾﺗﻣﻛن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن وﺿﻊ ﯾدﻩ ﻋﻠﻰ ﺻﻠب
اﻟﻣﺷﻛل ﻟﯾﺗﻣﻛن ﻣن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺧﯾر وﺟﻪ ،ﺑﻌد ﻓﻬم ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻣﺷﻛل اﻟﻘﺎﺋم اﻟذي رﺗب اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﻓك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﺛم ﯾﻧﺎدي اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻟزوج أو اﻟطرف اﻟذي ﺗم ﺳﻣﺎﻋﻪ أوﻻً أﯾن ﯾﺗﻘﺻﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋن
ﺑﻌض اﻷﻣور اﻟﻐﺎﻣﺿﺔ أو اﻟﺗﺻرﯾﺣﺎت اﻟﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ دون إﺟراء ﻣواﺟﻬﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ.3 .
ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ اﻟﺳﯾر ﻓﻲ اﻟدﻋوى -وﻛﻣﺎ ﻫو ﺟﺎر ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻣﺣﺎﻛم – ﻣن ﺗﺑﺎدل اﻟﻣذﻛرات ﺑﯾن
اﻷطراف ﺛم ﻋﻘد ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ ،ﻷن اﻟﻣﻧطق ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺄن ﺗﻛون ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻫﻲ أوﻟﻰ اﻹﺟراءات ،ﻋﻠﻰ
اﻋﺗﺑﺎر أﻧﻪ إذا ﺗم اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻓﻼ ﺣﺎﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﯾر ﻓﻲ اﻟدﻋوى ،واﻧﺗظﺎر ﻣذﻛرات اﻷطراف ٕواﺑراز
دﻓوﻋﻬﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ،ﻓﻘد ﯾﺗﻔﺎدى ﻛل ذﻟك ﻋﻧد ﻧﺟﺎح ﻣﺳﺎﻋﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،وﻋﻠﯾﻪ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ
-1ﺣﻣﯾش ﺣﺳﺎن ،ﺻﻼﺣﯾﺎت ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ ظل ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﺟدﯾد ،ﻣداﺧﻠﺔ أﻟﻘﯾت ﻓﻲ إطﺎر
اﻟﺗﻛوﯾن اﻟﻣﺣﻠﻲ اﻟﻣﺳﺗﻣر اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻘﺿﺎة ،ﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء ورﻗﻠﺔ ، 2010.ص .1
-2اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص 4
-3ﺑوﺷﯾﺑﺎن ﺧدﯾﺟﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .10
207
اﻟﻧﺎظر ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ وﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق ،أن ﯾﻌرض اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ أول ﻣرﺣﻠﺔ
ﻣن ﻣراﺣل اﻟدﻋوى.1
ﺛم ﺗﺄﺗﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟدﻋوى إن ﻟم ﯾﺄﺗﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻔﺎﺋدة ،وذاﻟك ﻋن طرﯾق ﻣﺣﺎﻣﻲ إن ﻛﺎن ﻟﻬﻣﺎ ﻣﺣﺎﻣﻲ
ﺣﯾث ﯾﺣﺎول ﻛل طرف اﻟدﻓﺎع ﻋن ﻣوﻛﻠﻪ ،2ﻓﻘد ﻋرف ﺗﺎرﯾﺦ ﻗﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻣرﺣﻠﺔ ﻛﺎن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﻬﺎ
أﺳﺎﺳﯾﺎً ﺑل ﻫو اﻷﺻل ﺗﻔﺎدﯾﺎ ﻟﻠﺧﺻوﻣﺔ ﻓﻼ ﯾﺟوز ﻟﻠﻣﺣﺿر اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ أن ﯾﺑﻠﻎ اﻟﻣدﻋﻲ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻌرﯾﺿﺔ
اﻟدﻋوى إﻻ ﺑﻌد أن ﯾﺄذن ﻟﻪ ﻗﺎﺿﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﺑذﻟك ،و ﻗﺎﺿﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻗﺑل أن ﯾﺄذن ﻟﻪ ﻻ ﺑد ﻟﻪ أن ﯾﺄﻣر
ﺑﺣﺿور اﻷطراف ﻣن أﺟل أن ﯾﺻﺎﻟﺣﻬم ﻣﻊ ﺑﻌﺿﻬم.3
ﻛﻣﺎ أن ﻫﯾﺋﺔ اﻟدﻓﺎع ﻟم ﯾﺧوﻟﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﺻﻼﺣﯾﺔ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﻓﻲ ﻣﻛﺎﺗﺑﻬﺎ ﻗﺑل ﻋرض
اﻟﻧزاع ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء ،4ﻓﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﯾﻬﺎ أن ﻻ ﺗزﯾد ﻣن ﺣدة اﻟﻧزاع ﺑﺷﺄن ﻣﺎ ﯾدون ﻓﻲ اﻟﻣذﻛرات اﻟﺟواﺑﯾﺔ وﻛذا
ﻋرﯾﺿﺔ اﻓﺗﺗﺎح اﻟدﻋوى ،اﻷﻣر اﻟذي ﻗد ﯾؤدي ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺣﯾﺎن إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﺑوادر اﻟﺻﻠﺢ
اﻓﺿﺎ ﻟﻣﺑدأ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻌدﻫﺎ ،وﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻋﻧد
وﯾﻌدﻣﻬﺎ ،ﺣﯾث ﻗد ﯾﻛون ﺗﺟرﯾﺢ ﺑﺎﻟطرف اﻵﺧر اﻟذي ﯾﺟﻌل ر ً
ﻣواﺟﻬﺔ اﻟطرﻓﯾن ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺗﺿﺢ أن ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﺑﻌض اﻷﻣور اﻟﺗﻲ وردت ﻓﻲ اﻟﻌرﯾﺿﺔ اﻻﻓﺗﺗﺎﺣﯾﺔ
اﻟﻣﻌدة ﻣن ﻗﺑل اﻟدﻓﺎع.
ج -ﺳرﯾﺔ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ :
ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (07ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ أن" اﻟﺟﻠﺳﺎت ﻋﻠﻧﯾﺔ ،ﻣﺎ ﻟم ﺗﻣس اﻟﻌﻠﻧﯾﺔ
ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم أو اﻵداب اﻟﻌﺎﻣﺔ أو ﺣرﻣﺔ اﻷﺳرة ،".ﺧﻼﻓً ﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘرر أن اﻟﺟﻠﺳﺎت ﻋﻠﻧﯾﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ
5
ﻓﺟﺎء ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة )(439 ﻓﻲ دﻋﺎوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ إن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺗﺗواﻓق ﻣﻊ اﻟﺗراث اﻟﺟزاﺋري
ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون وأﻛد ﻋﻠﻰ أن " ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ وﺟوﺑﯾﺔ ،وﺗﺗم ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ ﺳرﯾﺔ " ﻓﺎﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن ﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻣﺷرع
ﻟﻬذا اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻫو اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ أﺳرار اﻷﺳرة وﺣرﻣﺗﻬﺎ ،ﺣﯾث ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﺣﺿرﻫﺎ ﻏﯾر اﻟزوﺟﯾن و
208
اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻛﺎﺗﺑﻪ ،1ﺣﯾث وﺗﺟرى أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﺧﺎرج ﻗﺎﻋﺔ اﻟﺟﻠﺳﺎت ،و ﺑﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن ﺷﺧﺻﯾﺎ ،دون
ﻣﻣﺛﻠﯾﻬﻣﺎ أو ﻣﺣﺎﻣﯾﻬﻣﺎ .2
ﻧﻠﻣس ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺟﺎﻧب ﻣوﻗف اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋري ﻣن ﻋدم ﺟواز ﺣﺿور اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻛون
أﻧﻬﺎ ﺗﻬم طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﺣﯾث ﺗواﺟدﻩ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻟﯾس ﻟﻪ ﻣﺑرر ﻗﺎﻧوﻧﻲ ،و ﻟﻬذا ﻻﺑد ﻣن
اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﺟﻠﺳﺔ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ و ﺟﻠﺳﺔ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟﻠﻣﺣﺎﻣﻲ اﻟﺻﻼﺣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗواﺟد ﻓﯾﻬﺎ واﻟدﻓﺎع
ﻋن ﻣوﻛﻠﻪ ،و ﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟدﻓﺎع ﻏﯾر ﻣﺧول ﻟﻪ ﻓﻲ ﺣﺿور ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ .3
طرﻓﺎ طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة) 3ﻣﻛرر( ﻣن
ﺗﻘﺗﺿﻲ اﻟﺳرﯾﺔ أن ﻻ ﺗﺣﺿر اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ إﻻ أﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ً
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة،و ﻓﻲ ﺧﺿم ﺟواز ﺣﺿور أﺣد أطراف ﻋﺎﺋﻠﺔ اﻟزوﺟﯾن ﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ
ﻏﯾر أن ﻫﻧﺎك ﻣن ﯾرى ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﯾوﺟد ﻣﺎ ﯾﻣﻧﻊ ﺣﺿور اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ طﺎﻟﻣﺎ أﻧﻬﺎ طرف أﺻﻠﻲ
ﻓﻼ ﻣﺟﺎل ﻟﻠﺣدﯾث ﻋن اﻟﺳرﯾﺔ إذا ﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺎﻟطﻠب اﻷﺻﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﻧزاع .4
د-ﻋدد ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ:
ﻟﻘد ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻗﺑل ﺗﻌدﯾﻠﻬﺎ "ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ،"...أﻣﺎ ﺑﻌد اﻟﺗﻌدﯾل ﻓﺄﺻﺑﺣت ﻧﻔس اﻟﻣﺎدة ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻋدة
ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ،"...ﯾﻔﻬم ﻣن ﻧص اﻟﻣﺎدة ﺑﻌد اﻟﺗﻌدﯾل أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻠزم ﺑﺄن ﯾﻌﻘد ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ دون
أن ﯾﺣدد ﻋددﻫﺎ ،ﻋﻠﻰ أن ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ ﻻ أﻗل ﻣن ﻣﺣﺎوﻟﺗﯾن أو ﺛﻼث ﻣﺣﺎوﻻت ،ﻣن أﺟل إﺳﺗﻐراق
ﻣدة اﻟﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺳﺟﯾل اﻟدﻋوى ﺣﺗﻰ ﯾﺗﺳﻧﻰ ﻟﻪ ﻣﺑﺎﺷرة إﺟراءات اﻟدﻋوى ،ﻓﺎﻟﻣﻔروض أن
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﻘل ﻋن اﻷﺟل اﻟﻣﻧﺻوص و ﻻ ﯾزﯾد ﻋﻠﯾﻪ.
ﺟﺎء ﻓﻲ ﻋرض أﺳﺑﺎب اﻟﻣﺎدة )( 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﻣﻌدﻟﺔ أﻧﻪ ﻗﺻد إﻋطﺎء اﻟزوﺟﯾن ﻓرﺻﺔ
ﻟﻠﺗراﺟﻊ ﻋن ﻣوﻗﻔﻬﻣﺎ و ﺗﺟﺎوز اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾﻧﻬم ،ﺑﺣﯾث ﻛﺎن ﺗﻧص ﻧﻔس اﻟﻣﺎدة ﻗﺑل اﻟﺗﻌدﯾل ﻋﻠﻰ
اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﻔرد أي ﻣﺣﺎوﻟﺔ واﺣدة ،ﻓﺎﻟﻬدف اﻟﻣﺗوﺧﻰ ﻣن وراء ﻫذا اﻟﺗﻌدﯾل ﻫو ﺗﻛرار ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻟﻠﺣﻔﺎظ
4
-ﺑوﺿﯾﺎف ﻋﺎدل ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص. 445
209
ﻋﻠﻰ اﻷﺳرة وﺟدﯾد اﻟﻣﺎدة ) (49ﻫو ﺟﻌل ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻛررة ﻻ واﺣدة ﻛﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻣن ﻗﺑل اﻟﺗﻌدﯾل ،1ﻓﻘد
ﺗﻣﯾز اﻟﺗﻌدﯾل ﺑوﺟوب ﺗﻛرار ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ وذﻟك رﻏﺑﺔ ﻣن اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ إﻋطﺎء ﻣزﯾد ﻣن اﻟوﻗت ﺳواء
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻟﻣزﯾد ﺑذل اﻟﺟﻬد ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،أو ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟطرﻓﻲ اﻟﻧزاع ﺣﺗﻰ ﯾراﺟﻊ
ﻛل طرف ﻣواﻗﻔﻪ و ﯾﻌدل ﻋن ﺗﻣﺳﻛﻪ ﺑﻣﺑدأ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ.2
ﻟﻛن ﻗد ﯾرد ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ وﺟوﺑﯾﺔ ﺗﻛرار ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،ﺣﯾث
ﻧص اﻟﻣﺷرع ﻋﻠﻰ أن ﯾﺣﺎول اﻟﺻﻠﺢ اذا ﻛﺎن ﻣﻣﻛﻧﺎ ،ﺑﻣﻌﻧﻰ ﺧول اﻟﻣﺷرع ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة اﺧﺗﺻﺎر
اﻹﺟراءات ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻣﺎ ﻟم ﯾؤﺛر ذﻟك ﻋﻠﻰ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷﺑﻧﺎء ،ذﻟك أن ﺗﻣﺳك اﻟزوﺟﯾن
3
ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ واﺗﻔﺎﻗﻬﻣﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟك ﯾﺟﻌل ﻣن ﺗﻛرار ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﺎﻗدة ﻟﺟدواﻫﺎ.
ﻓﻲ ﺣﯾن ذﻫب اﻟﺑﻌض ﻣن اﻟﻔﻘﻪ إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎر ":اﻟﺗﻌدﯾل اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ﺑﺧﺻوص ﺿرورة إﺟراء ﻋدة
ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﻻ ﻓﺎﺋدة ﻣﻧﻪ واﻗﻌﯾﺎ،ﻻ ﻧﻌرف ﻛﯾف ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزاﺋري اﻟﻘﯾﺎم وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻧص اﻟﺟدﯾد ﻋﻠﻰ
اﻷﻗل ﺑﺛﻼث ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ،وﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﺑذل ﻣزﯾد ﻣن اﻟﺟﻬد ﻟﻠﺗوﺻل إﻟﻰ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن
وﻛﺛﯾ ار ﻣﺎ ﯾﺟد ﻧﻔﺳﻪ و ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﺗﺣت ﺿﻐط ﻣﺗواﺻل ﻣن اﻟﻣﻠﻔﺎت ،ذﻟك ﺳﯾﯾﻌﻘﻪ ﻋن ﺑذل
اﻟﺟﻬد اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ و ﺗﺧﺻﯾص اﻟوﻗت اﻟﻣﺗطﻠب ﻹﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﺑﺎﻟﻛﯾﯾﻔﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺟﺎء اﻟﻧص اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ
وﯾﺑرﻫن اﻟواﻗﻊ اﻟﻣﻌﺎش ﺑﺄن ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎوﻻت أﺻﺑﺣت ﻋﺑﺎرة ﻋن إﺟراء ﺑﻼ ﻧﺗﯾﺟﺔ ،ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻋﻠﻣﻧﺎ أن
اﻟﻣﺗﺧﺎﺻﻣﯾن ﻣن اﻟزوﺟﯾن ﻻ ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء إﻻ ﺑﻌد أن ﺗﺑوء ﻛل ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ أﻗﺎرب
اﻟزوﺟﯾن ،ﻓﻼ ﻓﺎﺋدة ﻣن اﻟﺗﻌدﯾل اﻟذي أدﺧﻠﻪ اﻟﻣﺷرع ﻋﻠﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻓﻼ ﺟدوى
ﻣﻧﻬﺎ ﺑل ﺳﺗﺿﺣﻰ ﻣﻧﺑﻌﺎ ﻟﻠزﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﺧﺻﺎم و ﻟﺷدة ﻛراﻫﯾﺔ اﻟطرف اﻷﺧر ﺑﺎﺳﺗﺣﻛﺎم اﻟﺧﺻﺎم.4"...
ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻟﯾﺳت ﻣﺟرد إﺟراء ﺷﻛﻠﻲ ،ﺑل ﻫﻲ طرﯾﻘﺔ ﻻﻧﻬﺎء اﻟﺧﻼﻓﺎت
واﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﻣﻌﺎﺷرة ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،إﻻ أن اﻟﻣﻼﺣظ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺗطﺑﯾﻘﻲ وﺟود ﻋدد ﺿﻌﯾف ﻟﻠﻧزاﻋﺎت
اﻟﺗﻲ ﺗم ﻓﺻﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ،وﯾﻌود ذﻟك إﻟﻰ ﻋدة أﺳﺑﺎب أﻫﻣﻬﺎ ﻛﺛرة اﻟﻣﻠﻔﺎت اﻟﻣﻌروﺿﺔ أﻣﺎم
-1ﺑن داود ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ،اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟدﯾد ،دون طﺑﻌﺔ ،دار اﻟﻬﻼل ﻟﻠﺧدﻣﺎت اﻹﻋﻼﻣﯾﺔ ،دون ﺳﻧﺔ
اﻟﻧﺷر ص 114و. 115
2
-دﯾﺎب ﺣﺳن ﻋز اﻟدﯾن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .214
-3اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .214
-4ﺗﺷوار ﺣﻣﯾدو زﻛﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 131و ،132اﻧظر أﯾﺿﺎ - :ﺑوﺟﺎﻧﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 154إﻟﻰ
.159
210
ﻗﺎﺿﻲ اﻷﺳرة ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺟﻌﻠﻪ ﻻ ﯾﺑذل اﻟﺟﻬد اﻟﻛﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،1ﻣﻣﺎ أﺿﺣﻰ ﻻزﻣﺎ أن ﯾﺗدﺧل
اﻟﻣﺷرع و ﯾﺗﺑﻧﻰ ﻧظﺎم ﻗﺎﺿﻲ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﺳﺗﻘل ﻋن ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة اﻟﻧﺎظر ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟدﻋوى
ﺑﺣﯾث ﯾﻌرض اﻟﻧزاع أوﻻً ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺿﻲ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﺧﺗص ،وﻋﻧد ﻓﺷل ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﺣﺎل اﻟزوﺟﺎن إﻟﻰ ﻗﺎﺿﻲ
اﻟﻣوﺿوع .
ﻓرض اﻟﻣﺷرع ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﺟراء ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ دون أن ﯾﺣدد ﻋددﻫﺎ ،ﻟﻛن ﯾﺟب أن ﻻ ﺗﻘل
ﻋن ﻣﺣﺎوﻟﺗﯾن أو ﺛﻼث ﻣﺣﺎوﻻت ،وﻧﺟد ﻣوﻗف اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻧص ﻋﻠﻰ أن ﻋدد ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
وﺗﻘدﯾرﻫﺎ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻘﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع ،و ﻻ رﻗﺎﺑﺔ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟك ،ﺣﯾث ﻧﺟد ﻣن ﺑﯾن ﻗ ارراﺗﻬﺎ
اﻟﺻﺎدرة ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2012/10/11ﺟﺎءت ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻟﻛن ﺣﯾث أن ﺗﻘدﯾر ﻋدد ﺟﻠﺳﺎت اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠﺳﻠطﺔ
اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع و ﻻ رﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ذﻟك ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ " ، 2ﻓﻲ ﻗرار أﺧر ﻧص " :ﻟﻛن
ﺣﯾث أن ﻗﺎﺿﻲ اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ أﺷﺎر ﻓﻲ اﻟﺣﻛم اﻟﻣﻧﺗﻘد و أﻧﻪ ﻟم ﯾوﻓق ﻹﺻرار اﻟزوج ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ،وﻫذا ﯾﻔﯾد
أﻧﻪ ﻗدر أن ﻻ ﻓﺎﺋدة ﻣن إﻋﺎدة اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن رﻓض اﻟوﺟﻪ اﻟﻣﺛﺎرﻟﻌدم اﻟﺗﺄﺳﯾس ،3"...وﺟﺎء ﻓﻲ ﻗ اررآﺧر
ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،2014/07/10واﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻟﻛن ﺣﯾث أن اﻟﻌﺑرة ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺈﻋﺗﺑﺎرﻩ
إﺟراء ﺟوﻫري و ﺟوﺑﻲ وﻓﻘً ﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و اﻟﻣﺎدة 439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و
اﻹدارﯾﺔ ﻻ ﺑﻌدد اﻟﻣرات ﻷن ﺗﻛرار اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﺗﻘدﯾر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺗﻰ ﻻﺣظ وﺟود رﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد
اﻟزوﺟﯾن ،وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻌدام اﻟرﻏﺑﺔ و إﺻرار اﻟزوﺟﯾن أو أﺣدﻫﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن اﻹﻛﺗﻔﺎء
أﺧرى ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻪ ﻏﯾر ﺳدﯾد ﻣﺳﺗوﺟب اﻟرﻓض ،"...اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﻗرار رﻗم14 620084ﻣؤرخ ﻓﻲ
،2011/04/ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻋدد ،2012 ،01ص ص 299اﻟﻰ .302
3
-اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،0694187ﻣؤرخ ﻓﻲ .،2012/09/13ﻏﯾر ﻣﻧﺷور
-4اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗراررﻗم ،0801583ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2014/07/10ﻏﯾر ﻣﻧﺷور ،وﻓﻲ
ﻗرار آﺧر ﻓﯾﻪ ﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":أﻣﺎ ﺑﺧﺻوص إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ واﺣدة ﻓﺈن اﻟﻌﺑرة ﺑﻘﯾﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺎﻹﺟراء اﻟﺟوﻫري اﻟوﺟوﺑﻲ
اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة واﻟﻣﺎدة 439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻻ ﺑﻌدد اﻟﻣرات ،ﻷن ﺗﻛرار
211
ﯾﺑدو ﻣن ﻣوﻗف اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﺗﻌدﯾل اﻟﻣﺎدة ﺑﺗﻛرار ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
واﺳﺗﻐراق ﻣدة اﻟﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر وﺑذل اﻟﻌﻧﺎﯾﺔ و اﻟﺟﻬد اﻟﻼزﻣﯾن ﻟﻠﺗوﻓﯾق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،وﻟﺧﯾر دﻟﯾل ﻋﻠﻰ ذﻟك
ﻗول ﺳﯾدﻧﺎ ﻋﻣر رﺿﻰ اﷲ ﻋﻧﻪ "ردوا اﻟﺧﺻوم ﺣﺗﻰ ﯾﺗﺻﺎﻟﺣوا "..
اﻷﺻل إن اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺗم ﻣن ﺧﻼل ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﻋدة ﻟﻛن اﺳﺗﺛﻧﺎء وﻣﺗﻰ ﻗدر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺄن ﻻ ﻓﺎﺋدة
ﻣن ﺗﻛرار اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻓﻠﻪ ﻛﺎﻣل اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﺗﻘرﯾر ذﻟك ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻏﯾر ﻣﻠزم ﺑﺗﺣدﯾد ﻋدد اﻟﺟﻠﺳﺎت اﻟﺗﻲ
ﻋﻘدﻫﺎ ،ﻓﺈذا ﻗدر إﺟراء ﺟﻠﺳﺔ واﺣدة ﯾﻛون ﻗد وﻓﻰ ﺑﺎﻹﺟراء اﻟﻣﻘرر ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و ﻻ
ﯾﻌﯾب اﻟﺣﻛم اﻛﺗﻔﺎؤﻩ ﺑﺟﻠﺳﺔ ﺻﻠﺢ واﺣدة ،طﺎﻟﻣﺎ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻗﺗﻧﻊ ﺑﻌدم ﺟدوى ﻋﻘد ﺟﻠﺳﺎت ﺻﻠﺢ أﺧرى،
ﻷن ﺗﻛرار اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﺗﻘدﯾر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺗﻰ ﻻﺣظ وﺟود رﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد اﻟزوﺟﯾن.
أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻌدام اﻟرﻏﺑﺔ و إﺻرار اﻟزوﺟﯾن أو أﺣدﻫﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻻ ﯾﻣﻧﻊ ﻣن
اﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﻣرة واﺣدة ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓطﺎﻟﻣﺎ أن اﻟﺣﻛم ﺗﺿﻣن إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ وﺗﺣﻘق اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن إرادة اﻟزوج
ﻓﻲ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ،ﻓﺈن اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن اﻹﺟراء ﺗﺣﻘﻘت ،ﺣﯾث رﻛز اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﺗﻌدﯾﻠﻪ ﻋﻠﻰ إﺟراء ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت
ﺻﻠﺢ ﻣن أﺟل اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﯾش و اﻻﺳﺗﻘرار اﻷﺳري ﻓﺎﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن إﺟراﺋﻪ و ﺗﺣﻘﯾﻘﻪ ﺑﯾن أﻓراد اﻷﺳرة
ﻟﻠﺗﻘﻠﯾل ﻣن اﻟطﻼق ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،و اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺟﻣﻊ ﺷﻣل اﻷﺳرة و ﺣﻣﺎﯾﺗﻬﺎ ﻣن اﻟﻔرﻗﺔ و اﻟﺷﺗﺎت.
اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ﯾﺧﺿﻊ ﻟﺗﻘدﯾر اﻟﻘﺎﺿﻲ ،"...اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ﻗرار رﻗم ،0977377ﻣؤرخ
ﻓﻲ ،2014/07/10ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
212
اﻟﺣﺿور ،1ﻏﯾر أﻧﻪ ﻗد ﻻ ﯾﺣﺿر أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻧﺟد أن
اﻟﻣﺷرع ﻗد ﻋﺎﻟﺞ ﺣﺎﻻت اﻟﻐﯾﺎب وﻣﯾز ﺑﯾن ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻐﯾب أﺣدﻫﻣﺎ أو ﻛﻼﻫﻣﺎ ،2ﻓﺈن ﻛﺎن اﻟﺗﻐﯾب ﻟﻠﺿرورة
اﻟﻣﻠﺣﺔ ﻟﺳﺑب ﻣﻘﻧﻊ و ﻣﺷروع ﻛﺄن ﯾﻛون ﻣرﯾض ﻣﺛﻼً ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻧدب ﻗﺎﺿﻲ آﺧر
ﻟﻣﺳﺎﻋدﺗﻪ وﺳﻣﺎع اﻟﺧﺻم اﻟﻣرﯾض و ﻫذا ﺑﻣوﺟب إﻧﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻷن اﻟﻣﺷرع ﻧص ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (441ﻋﻠﻰ
أﻧﻪ ":إذا اﺳﺗﺣﺎل ﻋﻠﻰ أﺣد اﻟزوﺟﯾن اﻟﺣﺿور ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد أو ﺣدث ﻟﻪ ﻣﺎﻧﻊ ،ﺟﺎز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ...ﻧدب ﻗﺎﺿﻲ
3
آﺧر ﻟﺳﻣﺎﻋﻪ ﺑﻣوﺟب إﻧﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ."...
وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﺑب اﻟﺗﻐﯾب ﻟﻔﺗرة ﻗﺻﯾرة و ﺣﯾث ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻣﺗﻐﯾب ﺣﺿور اﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ
ﻓﯾﻣﻛن ﺗﺄﺟﯾل اﻟﻘﺿﯾﺔ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ إﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ ﻻ ﺣق ،ﻣدام ذﻟك ﻣﻣﻛﻧﺎ وذﻟك أﻓﺿل ﻣن إﺗﺑﺎع إﺟراءات
اﻹﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ و ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ﻣﻣﺎ ﻗد ﺗﺳﺗﻐرق وﻗت أطول ،وﻫو ﻣﺎ ﺗﻘﺿﻲ ﺑﻪ اﻟﻣﺎدة " 1/441إذا إﺳﺗﺣﺎل
ﻋﻠﻰ أﺣد اﻟزوﺟﯾن اﻟﺣﺿور ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد أو ﺣدث ﻟﻪ ﻣﺎﻧﻊ ،ﺟﺎز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ إﻣﺎ ﺗﺣدﯾد ﺗﺎرﯾﺦ ﻻ ﺣق
ﻟﻠﺟﻠﺳﺔ."..
وﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﻛل اﻷﺣوال ﻓﺈذا ﺗﻐﯾب أﺣد اﻟزوﺟﯾن ،أﺟل اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ إﻟﻰ ﺟﻠﺳﺔ ﻻﺣﻘﺔ ﻣﺎداﻣت
ﻫﻧﺎك ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ،4و ﻫذا ﻣن أﺟل ﻣﻧﺣﻪ ﻓرﺻﺔ ﻟﻠﺣﺿور و ﺗﻘدﯾم طﻠﺑﺎﺗﻪ أو دﻓوﻋﻪ أﻣﺎ إذا ﺣﺻل ﻟﻪ
ﻣﺎﻧﻊ ﻓﻠﻠﻘﺎﺿﻲ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻣﻧﺣﻪ أﺟل آﺧر أو اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻹﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺗﺗﻧﺎوﻟﻬﺎ ﻻﺣﻘﺎ.
وأﻣﺎ إن ﻛﺎن اﻟﺗﻐﯾب ﺑدون ﻋذر أي ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺛﺑت ﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟﺧﺻم ﺷﺧﺻﯾﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﻟﻛﻧﻪ
ﻋذرا ﻋن ﺗﺧﻠﻔﻪ ،ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻘوم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿر ﯾﺛﺑت ﻓﯾﻪ ﺗﺧﻠف
ﻟم ﯾﺣﺿر و ﻟم ﯾﻘدم ً
اﻟﺧﺻم ﻋن ﺣﺿور ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺈرادﺗﻪ ،5ﺑﺣﯾث ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة " 2/441ﻏﯾر أﻧﻪ إذا ﺗﺧﻠف أﺣد اﻟزوﺟﯾن
ﻋن ﺣﺿور ﺟﻠﺳﺔ اﻟﻣﺣددة ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑدون ﻋذر رﻏم ﺗﺑﻠﯾﻐﻪ ﺷﺧﺻﯾﺎ ،ﯾﺣرر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺣﺿرا ﺑذﻟك."...
ﻟﻛن أﺣﯾﺎﻧﺎ ﯾرى اﻟﻘﺎﺿﻲ أﻧﻪ ﺗوﺟد إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ و ﻫذا طﺑﻌﺎً ﺑﻌد ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة
) (442ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻣﻧﺢ اﻟزوﺟﯾن ﻣﻬﻠﺔ ﺗﻔﻛﯾر ﻹﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ ﺟدﯾدة..ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ
اﻟﺣﺎﻻت ﯾﺟب أن ﻻ ﯾﺗﺟﺎوز ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺛﻼث أﺷﻬر ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ دﻋوى اﻟطﻼق".
213
ﻋﻧد اﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﻧﺻﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،و اﻟﻣﺎدة )(442ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
واﻹدارﯾﺔ ،ﯾﺗﺿﺢ أن اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49أوﺟب اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻌدة ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﺣﯾن ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ ﻧص
اﻟﻣﺎدة ) (442اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻛون ﺑﻌد ﻣﻧﺢ اﻟزوﺟﯾن ﻓﺗرة زﻣﻧﯾﺔ ﻟﻠﺗﻔﻛﯾر ﻣن أﺟل
إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ ﺛﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺣدود ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ،وﻛﺄن إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ رﻏﺑﺔ
اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺑﻌد ﻣﻧﺣﻬﻣﺎ ﻣﻬﻠﺔ اﻟﺗﻔﻛﯾر ،و ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻟم ﯾرﻏب اﻟطرﻓﯾن ﻓﻲ ﻫذﻩ
اﻟﻣﻬﻠﺔ ﯾﻛون اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻏﯾر ﻣﻠزم ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﻓﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺟوازﯾﺔ ﻣﺎدام اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﯾرى أن اﻷﻣر ﻻ ﯾﺳﺗﺣق ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ ﺛﺎﻧﯾﺔ و ﯾﻣﻛن ﻣﻧﺢ أﺟل ﻟﻠزوﺟﯾن ﻟﻠﺗﻔﻛﯾر.1
ﺣﯾث إن ﺗﺟﺎوب اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ذﻟك ،ﻓﺄظﻬ ار ﻧﯾﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ وأﺻﻠﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻓﺑﻬﺎ وﻧﻌﻣﺔ،وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
اﻟﻌﻛس ﯾﻌﻠﻣﻬﻣﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻹﻣﻛﺎن اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻋﻠﱠﻬﺎ ﺗﻬدأ اﻟﻧﻔوس اﻟﺛﺎﺋرة وﻫﻛذا ﺗﺳﯾر
اﻹﺟراءات ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻷوﻟﻰ ،2وﻫو ﻣﺎ ﻧظﻣﻪ اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) ،(442ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻣﻧﺢ ﻣﻬﻠﺔ ﺟدﯾدة
ﻟﻠﺗﻔﻛﯾر ،ﻓﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺟدﯾدة ﺗﻌود ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﺎ ﯾﺳﺗﺷﻔﻪ ﻣن وﺟود ﺑﺎدرة
3
أﻣل ﺗوﺣﻲ أن ﺗﻛرار أن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺳوف ﺗﺄﺗﻲ ﺑﺛﻣﺎرﻫﺎ .
-2ﻗواﻋد اﻟﺣﺿور و اﻟﻐﯾﺎب ﻓﻲ ﻧظر اﻟﻘﺿﺎء :
ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ ﻧظر اﻟﻘﺿﺎء طرح ﺗﺳﺎءل ﻣﻔﺎدﻩ :ﻫل ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر ﻏﯾﺎب أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﻋن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ
رﻓﺿﺎ ﻟﻬﺎ ؟ ،ﺑﻌﺑﺎرة أﺧرى ﻫل أن ﻋدم ﺣﺿور أﺣد اﻟزوﺟﯾن أو ﻛﻠﯾﻬﻣﺎ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻌﺗﺑر ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ رﻓﺿﻬﻣﺎ
ﻟﻣﺑدأ اﻟﺻﻠﺢ أﺻﻼً ؟ ،وﻛﯾف ﯾﺗﺻرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﯾﺎل ذﻟك ؟.
ﺑداﯾﺔ ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أﻧﻪ ﺑﻌدﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻔﺳر اﻟﻘﺿﺎء ﻋدم ﺣﺿور أﺣد اﻟزوﺟﯾن أو ﻛﻼﻫﻣﺎ ﻟﺟﻠﺳﺔ
اﻟﺻﻠﺢ دﻟﯾﻼً ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﻛﺎن اﻟﻣوﻗف اﻟﺳﺎﺑق ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻋدم ﺣﺿور
أﺣد اﻟزوﺟﯾن أو ﻛﻼﻫﻣﺎ ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑدون ﻋذر رﻓﺿﺎ ﻟﻠﺻﻠﺢ ،ﻓﻌدم ﺣﺿور وﻏﯾﺎب أﺣد اﻟزوﺟﯾن
أوﻛﻠﯾﻬﻣﺎ ﻟﺟﻣﯾﻊ ﺟﻠﺳﺎت ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ رﻏم ﻋﻠﻣﻪ اﻟﺷﺧﺻﻲ ﺑﻬﺎ ﯾﻌﺗﺑر راﻓﺿﺎ ﻟﻬﺎ ،ﻓﯾﺣرر اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ ﻟﯾﺷرع ﺑﻌدﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﻣوﺿوع ،ﻓﻛﺎن ﻻ ﯾﻌدو إﻻ أن ﯾﻛون اﻟﺻﻠﺢ ﻣﺟرد إﺟراء
ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﺳﺗﯾﻔﺎﺋﻪ و ﯾﻛون ﺛﺎﺑﺗﺎ ﻓﻲ ﻣﺣﺿر ﯾﺛﺑت ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﻬذا اﻹﺟراء وﻫذا ﻫو اﻟرأي اﻟذي اﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ
اﺟﺗﻬﺎد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،إذ ﺟﺎء ﻓﻲ أﺣد ﻗ ارراﺗﻬﺎ اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1997/10/23ﻣﺎ ﯾﻠﻲ
214
" إن ﻋدم ﺣﺿور أﺣد اﻟطرﻓﯾن ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ رﻏم ﺗﺄﺟﯾل إﺟراﺋﻬﺎ ﻋدة ﻣرات ﯾﺟﻌل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻠزﻣﺎ ﺑﺎﻟﻔﺻل
ﻓﻲ اﻟدﻋوى رﻏم ﻋدم ﺣﺿور أﺣدﻫﻣﺎ ﻷن اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗﺣدد ﻣﻬﻠﺔ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺛﻼﺛﺔ
1
أﺷﻬر ".
ﻏﯾر أن اﻷﻣر ﻟم ﯾﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻧﺣوٕ ،واﻧﻣﺎ ﺗطور ﻣوﻗف اﻟﻘﺿﺎء ﻣن ﻣﺳﺎﻟﺔ ﻋدم ﺣﺿور أﺣد
اﻟزوﺟﯾن اﻟذي ﺗزاﻣن ﺑﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﻟدور اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻣن
ﺧﻼل اﻟﺗﻘﺻﻲ و اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،و اﻟﺗﺄﻛد ﻣن رﻏﺑﺔ طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ ﻣن ﻣدى إﺻ اررﻩ و ﻋزﻣﻪ ﻋﻠﻰ
ﻓك اﻟراﺑطﺔ ﺑﺣﯾث ﻣﻧﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠطﺎت واﺳﻌﺔ ﻻﺗﺧﺎذ ﻣﺎ ﯾراﻩ ﻻزﻣﺎً ﻣن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺗﻲ ﯾراﻫﺎ
ﺿرورﯾﺔ ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ ﻣﻌرﻓﺔ اﻹرادة اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟراﻓﻊ دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻛذا رﺿﻰ اﻟزوﺟﯾن
آﺧذا ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر ﺿرورة ﺣﺿور طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻷﻧﻪ
ﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺎدة )ً ،(431
ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﺣﺿور طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﺔ اﻟذي ﻫو اﻟﻣدﻋﻲ أو اﻟﻣدﻋﯾﺔ ﻟﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﺗرﻓض
دﻋواﻩ وﯾﺷطب اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟدﻋوى ،إﻻ أن اﻟﻘﺿﺎء ﻣﯾز ﺑﯾن ﻋدم ﺣﺿور اﻟﻣدﻋﻲ و اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ،وﻛذا
ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﺣﺿورﻫﻣﺎ ﻣﻌﺎ ﻟﺟﻠﺳﺎت ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ .ﻓﯾﻣﻛن ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻣوﻗف اﻟﺣﺎﻟﻲ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﯾﻣﺎ
ﯾﺧص ﻋدم ﺣﺿور أﺣد اﻟزوﺟﯾن أو ﻛﻼﻫﻣﺎ ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ إﻟﻰ ﺛﻼث ﻣواﻗف:
-اﻟﻣوﻗف اﻷول :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻋدم ﺣﺿور طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﺟﻠﺳﺎت ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﺣﯾث ﻓﻲ
ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن ﻧوع دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻓﻧﺟد أن اﺟﺗﻬﺎد ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة اﺳﺗﻘر ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺑدأ اﻵﺗﻲ ﻣن ﺧﻼل ﻗرار ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2009/01/14ﻋﻠﻰ اﻧﻪ ":ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟزوج اﻟطﺎﻟب ﻓك
1
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،174132ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1997/10/23ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،ﻋدد 55
وﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﺣﯾﺛﯾﺎت وﻣﺿﻣون ﻫذا اﻟﻘرار ﻧﺟد ":ﻟﻛن ﺣﯾث أﻧﻪ ﻻ ﯾﺳﺗﺧﻠص ﻣن اﻟﺣﻛم ،1999ص 179وﻣﺎﺑﻌدﻫﺎ،
اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن اﻟطﺎﻋن ﻗد طﻠب أﺟل ﻟﯾﺗﻣﻛن ﻣن اﻟﺣﺿور اﻟﺷﺧﺻﻲ أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﻟﻛن ﻛﺎن ﯾﻣﺛﻠﻪ ﻣﺣﺎﻣﯾﻪ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن
اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﯾﺗﺿﻣن اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أﻧﻪ ﺻدر ﺑﻌد ﺗﺄﺟﯾل اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻋدة ﻣرات ﻟﯾﺗﻣﻛن طرﻓﯾﻬﺎ ﻣن إﺑداء دﻓﻌوﻫﻣﺎ وﻣن ﺟﻬﺔ
أﺧرى ﻓﺎﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أن إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺗم دون أن ﺗﺗﺟﺎوز ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ﺛﻼث
أﺷﻬر ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻪ ﻏﯾر ﻣؤﺳس وﻣرﻓوض ،"...و ﻫوﻧﻔس اﻟرأي ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،1999/03/16ﺣﯾث ﺟﺎء
ﻓﻲ ﺣﯾﺛﯾﺎﺗﺗﻪ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻟﻛن ﺣﯾث أن اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻷول ﻟم ﯾﻐﻔل ﻣﺣﺎوﻟﺔ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑل إﺳﺗدﻋﻰ اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ
ﻋﻣدا ﻋن
وﺣدد ﺟﻠﺳﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺎﻹﺟراء اﻟﻣذﻛور وأﺟﻠت اﻟﻘﺿﯾﺔ وﺣددت ﺟﻠﺳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻹﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ﻏﯾر أن اﻟﻣدﻋﻲ ﺗﻐﯾب ً
ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﺑذﻟك ﺗﻛون اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗد ﻗﺎﻣت ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ وﻏﯾﺎب اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﻔﯾد ﻋدم رﻏﺑﺗﻪ ﻓﻲ
اﻟﺻﻠﺢ ،" ...أﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،217179ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1999/03/16ﻣﺟﻠﺔ
215
ﺷﺧﺻﯾﺎ ،ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ رﻓض دﻋواﻩ ﺣﯾث ﺟﺎءت أﺳﺑﺎب اﻟﻘرار ﻛﻣﺎ
ً اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﺣﺿور ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﯾﻠﻲ ":وﺣﯾث ﯾﺗﺑﯾن ﻣن اﻹطﻼع ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم ﻣﺣل اﻟطﻌن أن اﻟطﺎﻋن ﻟم ﯾﺣﺿر ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑل أﻧﺎب ﻋﻠﯾﻪ
ﻣﺣﺎﻣﯾﻪ ﻟﯾﻣﺛﻠﻪ أﻣﺎم ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻟﯾﺻرح أﻣﺎﻣﻬﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﯾرﻓض اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي دﻋت إﻟﯾﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻋﻣ ًﻼ
ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻟﻛن ﺣﯾث أن اﺟﺗﻬﺎد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻗد اﺳﺗﻘر ﻋﻠﻰ وﺟوب ﺣﺿور اﻟزوج
ﺷﺧﺻﯾﺎ اﻟذي طﺎﻟب ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،و إﺑداء طﻠﺑﺎﺗﻪ و ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻏﯾﺎﺑﻪ ﺗرﻓض دﻋواﻩ.1"...
ﻟﻘد ورد ﻓﻲ ﻫذا اﻻﺟﺗﻬﺎد ﺧطﺄ ،ﻓﻬوﻻ ﯾﻘﺻد ﻣن ﺧﻼﻟﻪ رﻓض اﻟدﻋوى أو ﻋدم ﻗﺑول اﻟدﻋوى ﻛون أن
ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻻ ﺗﻛون إﻻ ﻋﻧد ﻋدم ﺗوﻓر ﺷرط ﻣن ﺷروط ﻗﺑول اﻟدﻋوى ،ﻓﻘد ورد ﺧطﺄ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻘرار
واﻷﺻﺢ ﻫو إﯾراد ﻟﻌﺑﺎرة" ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ اﻟﺷطب" ،ﻛون اﻟﻘﺎﺿﻲ أﻣر ﺑﻣﺳﻌﻰ ﻟﻠﺣﺿور و ﻟم ﯾﻣﺗﺛﻠوا اﻟﻰ اﻹﺟراء
إﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (216ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
ً اﻟذي أﻣر ﺑﻪ ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺷطب اﻟﻘﺿﯾﺔ
واﻹدارﯾﺔ .
وﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار آﺧر ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ ":2012/04/12ﺣﯾث أن اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗﻧص
"ﻻﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ..وﺣﯾث أﻧﻪ ﯾﺗﺑﯾن ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم ﻣﺣل اﻟطﻌن أن
اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ طﺎﻟب اﻟطﻼق ﺗﻐﯾب ﻋن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺣﺿرت اﻟطﺎﻋﻧﺔ و ﺗﻣﺳﻛت ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﺑﯾت
اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﺣﯾث أن ﺣﺿور طﺎﻟب اﻟطﻼق أو طﺎﻟب اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ ،ﺟﻠﺳﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﺟوﺑﻲ ﻛﻣﺎ ﺟرى
ﻋﻠﯾﻪ اﺟﺗﻬﺎد ﻫذﻩ اﻟﻐرﻓﺔ ،و إﻻ أﺻﺑﺣت ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣﺟرد إﺟراء ﺷﻛﻠﻲ وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﻫذا اﻟوﺟﻪ ﻣؤﺳس و
ﯾﻧﺟر ﻋﻧﻪ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ 2"،...وﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار آﺧر أﯾﺿﺎً ":ﻟﻛن ﺣﯾث أﻧﻪ ﻗد اﺳﺗﻘر اﺟﺗﻬﺎد ﻏرﻓﺔ
1
-اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،474956ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2009/01/14ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
أﻛﺛر أﻧظر:
-.ﻗرار رﻗم ،751817ﺣﯾث ﺟﺎءت ﺣﯾﺛﯾﺎﺗﻪ ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻟﻛن ﺣﯾث أﻧﻪ ﯾﺗﺑن ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
أﺷﺎرت إﻟﻰ أﻧﻬﺎ أﺟرت ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة إﻻ أﻧﻬﺎ ﺑﺎءت ﺑﺎﻟﻔﺷل ،...وﺧﺎﺻﺔ ﻣﺣﺿر
ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ ٕوان اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أﺟرت ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ ﯾوم ،2010/06/22وﺣﺿر اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ – طﺎﻟب اﻟطﻼق -و ﺗﻣﺳك ﺑﺎﻟطﻼق
ﻟﻌدم طﺎﻋﺔ اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﻟﻪ وﺧروﺟﻬﺎ ﻣن ﺑﯾت اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑدون اﻹذن ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﻐﯾﺑت اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ﻛﻣﺎ ﺗﻐﯾﺑت ﻣرة ﺛﺎﻧﯾﺔ ﺣﺳب اﻟﻣﺣﺿر
اﻟﻣﺣرر ﯾوم ،2010/09/28وﺣﯾث أﻧﻪ ﺑذﻟك ﺗﻛون اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗد اﺣﺗرﻣت ﻧص اﻟﻣﺎدة 439وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
و اﻹدارﯾﺔ واﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻷن اﻟﻌﺑرة ﻫﻲ ﺑﺣﺿور طﺎﻟب اﻟطﻼق ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﻫذا اﻟوﺟﻪ ﻏﯾر ﻣؤﺳس و
ﯾﺗﻌﯾن رﻓﺿﻪ ،و ﯾرﻓض اﻟطﻌن ،"...اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،751817ﻣؤرخ ﻓﻲ
،2012/06/14ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
216
ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻋﻠﻰ أن ﺣﺿور طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺎف
ﻻﺣﺗرام ﻧص اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ،ﯾﺗﺑﯾن أن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ – طﺎﻟب
ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ – ﺣﺿر ﺟﻠﺳﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﺗﻣﺳك ﺑطﻠب اﻟطﻼق ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﻐﯾﺑت اﻟطﺎﻋﻧﺔ ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن
1
ﻫذا اﻟﻔرع ﻏﯾر ﻣؤﺳس و ﯾﺗﻌﯾن رﻓﺿﻪ و ﯾرﻓض اﻟطﻌن." ...
-اﻟﻣوﻗف اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻋدم ﺣﺿور اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ دﻋوى ﻓك اﻟ ارﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﺟﻠﺳﺎت ﻣﺣﺎوﻻت
اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ أﯾﺿﺎً ،ﯾﺳﺗوي اﻷﻣر ﻓﻲ دﻋوى طﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج ،أو ﺑطﻠب ﻣن
اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ﺣدود ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﻣﺎدﺗﯾن ) (53و ) (54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻓﻧﺟد أن اﺟﺗﻬﺎد ﻏرﻓﺔ ﺷؤون
اﻷﺳرة ﻛﺎن ﻗﺿﺎﺋﻬﺎ ﻛﺎﻷﺗﻲ :
" ﻟﻛن ﺣﯾث أﻧﻪ ﯾﺗﺑﯾن ﻣن اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗﺎﻣت ﺑﺈﺟراء ﺻﻠﺢ وﻓﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة 49
ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة وﺣددت ﺟﻠﺳﺔ ﻟذﻟك و أن اﻟطﺎﻋن ﺗﻐﯾب ﻋن اﻟﺣﺿور رﻏم ﺻﺣﺔ اﺳﺗدﻋﺎﺋﻪ ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻷﺟراء
اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟﻣذﻛورة ﻗد ﺗم اﺣﺗراﻣﻪ و ﯾﻛون اﻟﻔرع ﺑذﻟك ﻏﯾر ﺳدﯾد . 2"...
-وﻓﻲ ﻗرار آﺧر ﺣﯾث ورد ﺿﻣن ﺣﯾﺛﯾﺎﺗﻪ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﺣﯾث أن اﻟﻣﺎدة 49ﺗﻧص ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻋدة
ﻣدﺗﻪ ﺛﻼث أﺷﻬر ،وﺣﯾث أﻧﻪ ﺗﺑﯾن ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ و ﻣﺣﺿر ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﯾﺟرﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ أن
ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﺣرر ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،2010/09/19إن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ﺑﺻﻔﺗﻬﺎ ﻣدﻋﯾﺔ وطﺎﻟﺑﺔ اﻟﺗطﻠﯾق ﻟم ﺗﺣﺿر ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ
و ﻣﻊ ذﻟك اﺳﺗﺟﺎﺑت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻟدﻋواﻫﺎ اﻟراﻣﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺗطﻠﯾق ،و ﺣﯾث أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ﻗد
اﺳﺗﻘر اﺟﺗﻬﺎدﻫﺎ ﻋﻠﻰ وﺟوب ﺣﺿور ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ .وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﻫذا اﻟوﺟﻪ ﻣؤﺳس ﯾﻧﺟر ﻋﻧﻪ ﻧﻘض
اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ دون ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟوﺟﻪ اﻟﺛﺎﻧﻲ ، "...اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم
739033ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2013/02/14ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،0888403ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2014/03/13ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
وﯾﺿﯾف ﻗرار أﺧر ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2014/05/15ﻣﺎ ﯾﻠﻲ..." :ﻟﻛن ﺣﯾث اﻧﻪ ﻗد اﺳﺗﻘر اﺟﺗﻬﺎد ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث
ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻋﻠﻰ أن ﺣﺿور طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻛﺎف ﻻﺣﺗرام ﻧص اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻓﯾﻣﺎ
ﯾﺧص وﺟوب إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﻗد ﺛﺑت ﻣن اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ ﺣﺿر ﺟﻠﺳﺗﻲ اﻟﺻﻠﺢ و ﺗﻣﺳك ﺑﻔك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾﻧﻪ و ﺑﯾن اﻟطﺎﻋﻧﺔ ،ﻗﺑل اﻟﺑﻧﺎء ﻻ اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ إﺗﻣﺎم ﻣراﺳﯾم اﻟزواج ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎن ﻫذا اﻟوﺟﻪ ﻏﯾر ﻣؤﺳس
و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،0902780ﻣؤرخ ﻓﻲ وﯾﺗﻌﯾن رﻓﺿﻪ.،" ...أﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻵﺳرة
2014/05/15ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
-2اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻵﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،0801583ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2014/07/10ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
217
إذا رﻓض اﻟﻣدﻋﻲ ﻋﻠﯾﻪ اﺳﺗﻼم اﻟﺗﻛﻠﯾف وﻋدم اﻟﺣﺿور ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﻣﻧﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن اﻟﻔﺻل
ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ ،وﻗد ﺻدر ﻗرار ﻣن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2015/01/15واﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ
ﯾﻠﻲ:
" ﻟﻛن وﻣﺎداﻣت اﻟزوﺟﺔ اﻟطﺎﻋﻧﺔ رﻓﺿت اﺳﺗﻼم اﻟﺗﻛﻠﯾف ﺑﺎﻟﺣﺿور ﻣن اﻟﻣﺣﺿر اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ورﻓﺿﻬﺎ
ﻣﺻرﻋﻠﯾﻪ و اﻟﻌﺻﻣﺔ
ﯾﻣﻧﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﻧطق ﺑﺎﻟطﻼق طﺎﻟﻣﺎ اﻟزوج ﻛﺎن اً ﺣﺿور ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓذﻟك ﻻ
اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﯾدﻩ ،و ﻻ ﯾوﺟد ﻓﻲ اﻟﺣﻛم اﻟﻣﻧﺗﻘد ﻣﺎ ﯾﺧﺎﻟف اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻟزوﺟﺔ ﻫﻲ
1
اﻟﺗﻲ رﻓﺿت اﻟﺣﺿور إﻟﻰ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن رﻓض اﻟوﺟﻪ ﻟﻌدم ﺗﺄﺳﯾﺳﻪ ".
-اﻟﻣوﻗف اﻟﺛﺎﻟث :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻋدم ﺣﺿور اﻟﻣدﻋﻰ و اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ﻟﺟﻠﺳﺎت ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﺣﯾث اﺳﺗﻘر
اﺟﺗﻬﺎد ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻛذﻟك ﻋﻧد ﻋدم ﺣﺿور اﻟﻣدﻋﻰ و اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ﯾﺗم ﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿر ﻋدم
اﻟﺻﻠﺢ ،وﻫو ﻣﺎ ﺗوﺿﺣﻪ اﻟﺣﯾﺛﯾﺎت اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
"ﺣﯾث وطﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻘﺿﻲ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﻌد إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ
ﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ،وﺣﯾث أﻧﻪ ﺛﺑت ﻣن اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أﻣرت ﺑﺣﺿور
اﻟطرﻓﯾن ﻹﺟراء اﻟﺻﻠﺢ إﻻ أﻧﻬﻣﺎ ﻟم ﯾﺣﺿرا ﻓﺣرر ﻣﺣﺿر ﻋدم ﺻﻠﺢ إﺛﺑﺎﺗﺎ ﻟذﻟك .وﺣﯾث أﻧﻪ ﻣﺎدام ﻗد ﺛﺑت أن
اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ اﻟﻣدﻋﻲ اﻷﺻﻠﻲ ﻗد ﺗﻐﯾب ﻋن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﺈن اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن دون إﺟراء
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻌد ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻬﯾن اﻟﻣﺛﺎرﯾن ﺳدﯾدﯾن
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،991442ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2015/01/15ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
-2اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،687997ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2012/06/14ﻏﯾر ﻣﻧﺷور ،وﺟﺎء
ﻓﻲ ﻗرار آﺧر ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2013/05/09ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﺣﯾث أن اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أن إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺗم دون أن ﺗﺗﺟﺎوز ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ﺛﻼث أﺷﻬر ،وﺣﯾث أﻧﻪ ﯾﺗﺑﯾن ﻣن اﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ،أن
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أﺷﺎرت ﻓﻲ أﺳﺑﺎب ﺣﻛﻣﻬﺎ أﻧﻬﺎ اﺳﺗدﻋت اﻟطرﻓﯾن ﻟﻌدة ﺟﻠﺳﺎت ﻹﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ،إﻻ أﻧﻬﻣﺎ ﺗﻐﯾﺑﺎ.وﺣﯾث أن اﺟﺗﻬﺎد ﻏرﻓﺔ
ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،اﺳﺗﻘر ﻋﻠﻰ وﺟوب ﺣﺿور طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻹﺻﻼح ،و إﻻ أﺻﺑﺢ
اﻟوﺟوب اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﺑدون ﺟدوى وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﻫذا اﻟوﺟﻪ ﻣؤﺳس و ﯾﻧﺟر ﻋﻧﻪ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم
اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ دون ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﺑﻘﯾﺔ اﻟوﺟﻬﯾن ،ﺣﯾث أﻧﻪ ﻟم ﯾﺗﺑق ﻣن اﻟﻧزاع ﻣﺎ ﯾﺗطﻠب اﻟﻔﺻل ﻓﯾﻪ ،ﻣﺎدام أن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ -
طﺎﻟب اﻟطﻼق أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ – ﻟم ﯾﺣﺿر ﺟﻠﺳﺎت ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﻣﻌﻪ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ ،"...اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،0851107ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2013/05/09ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
218
ﻧﺧﻠص إﻟﻰ أن ﻣوﻗف اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﺗﻐﯾب أﺣد اﻟزوﺟﯾن أو ﻛﻼﻫﻣﺎ ﻋن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﻛﺎن ﯾﻔﺳر ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻪ رﻓض ﺿﻣﻧﻲ ﻟﻠﺻﻠﺢ ،وﻟم ﯾﻛن ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﯾﻣﯾز ﺑﯾن ﺣﺿور أو ﻋدم
ﺣﺿور اﻟﻣدﻋﻲ طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وﺑﯾن اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ.
ﻫذا اﻟﻣوﻗف ﻟم ﯾﻠﺑث طوﯾﻼً إذ ﺗراﺟﻊ ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ذﻟك ،أﯾن ﻗررت أﻧﻪ ﻋﻠﻰ راﻓﻊ
دﻋوى ﻓك اﻟ ارﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ )اﻟﻣدﻋﻲ( أن ﯾﺣﺿر وﺷﺧﺻﯾﺎ ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﺟﻠﺳﺔ أو
ﺟﻠﺳﺗﯾن ﻟﻛﻲ ﯾؤﻛد و ﯾﺑدي دﻓوﻋﻪ وﻣطﺎﻟﺑﻪ ،وﯾﺻرح ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﯾرﯾد اﻟﺻﻠﺢ أو ﯾرﻓﺿﻪ ،و ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
ﻏﯾﺎﺑﻪ ﺗرﻓض دﻋواﻩ ،ﻷﻧﻪ أﺻﻼً ﻫو ﻋﻠﻰ ﻋﻠم ﺑﺎﻟدﻋوى ﻟﻛون ﺣﺿور طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ ﻟﺟﻠﺳﺎت أو ﺟﻠﺳﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺎف ﻻﺣﺗرام ﻣﻘﺗﺿﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص وﺟوب إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ وﺣﯾث أﻧﻪ ﺑذﻟك ﺗﻛون اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗد اﺣﺗرﻣت ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ.
ﻻ ﯾﻬم ﺣﺿور اﻟطرف اﻵﺧر اﻟذي ﯾﻛون ﻓﻲ ﻣرﻛز اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ و اﻟذي ﯾﺣﺗل ﻣرﻛز اﻟطرف
اﻟﺿﻌﯾف ﻓﻲ اﻟراﺑطﺔ ﻓﺎﻟﻣدﻋﻲ ﻋﻠﯾﻪ ،إذا ﻣﺎ ﺛﺑت أﻧﻪ ﺗم اﺳﺗدﻋﺎﺋﻪ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎً وﺗﻣت ﻣراﻋﺎة اﻟﻣواد اﻟﺧﺎﺻﺔ
ﺑﺎﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ،ﻓﺈن ﺗﻐﯾﺑﻪ ﻋن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﺣﺿور طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ.
أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻐﯾب اﻟزوﺟﯾن ﻋن ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،اﻟﺗﻲ أﻣر ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ورﻏم ذﻟك ﻟم ﯾﻣﺗﺛﻼ
ﻓﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻻ ﯾﺣرر ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢٕ ،واﻧﻣﺎ ﻣﺣﺿر ﯾﺛﺑت ﻓﯾﻪ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟﺣﺿور ﻟﯾﻧﺎﻗش
ﻓﻌﻠﯾﺎ
اﻟﻣوﺿوع ﺑﻌد ذﻟك واﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺟﻌل اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع دون إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ً
ﯾﺟﻌل ﻣن ﺷﺄن ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻓﻲ أول درﺟﺔ ﻣﺟرد إﺟراء ﺷﻛﻠﻲ ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺧﺎﻟف
ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و اﻟﻣﺎدة )(439وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ.
ﺷﺧﺻﯾﺎ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،إﻧﻣﺎ ذﻟك
ً ﻟﻣﺎ أﻛد ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻋﻠﻰ ﺿرورة ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن
ﺗﺟﺳﯾد ﻟﻣﺑدأ ﻣﻬم وﻫو ﻣﺑدأ اﻟوﺟﺎﻫﯾﺔ اﻟﻣﻘرر ﻟﻸطراف ،واﻟذي ﯾﺿﻣﻧﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ واﻟﻣﻛرس ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ
ﻓﻘرة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،ﺣﯾث ﯾﺳﻣﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻛل طرف ﺣﯾث ﯾﺗﻛﻠم ﺑﺄﺳﻠوب
اﻟﺟﻣﻊ و ﻋدم اﻟﺗﻔرﯾق أو اﻟﺗﺣﯾز ﻷﺣد ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن اﻟوﺿﻊ ،و ﯾﺗﻣﻛﻧﺎن ﻣن اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ و إﺑداء دﻓوﻋﻬﻣﺎ و
طﻠﺑﺎﺗﻬﻣﺎ وﺳﻣﺎع ﻣوﻗف ﻛل زوج وﻫذا ﻛﻠﻪ ﺗﻛر ًﯾﺳﺎ ﻟﺣﻘوق اﻟدﻓﺎع ،و ﺿﻣﺎن ﻣﺑدأ اﻟوﺟﺎﻫﯾﺔ اﻟذي ﻻ ﯾﻛون
إﻻ ﺑﺣﺿور اﻟطرﻓﯾن ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾؤدي ﺑﺎﻟﺧﺻوم إﻟﻰ اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن ﻓرص ﻣﺗﻛﺎﻓﺋﺔ ﻟﻌرض طﻠﺑﺎﺗﻬم أﺛﻧﺎء
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ وﺗﺟﺎوز اﻟﺻﻌوﺑﺎت و اﻟﻌﻘﺑﺎت ،و إﯾﺟﺎد ﺣﻠول وﻋﻼج ﻟﻠﺧﻼﻓﺎت وﻻ ﯾﻌﻔﻰ ﻣﺑدأ اﻟوﺟﺎﻫﯾﺔ
219
إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﯾﺳﺗﺣﯾل ﻓﯾﻬﺎ ﺣﺿور اﻟطرف اﻵﺧر ﻛﺎﻟﻐﯾﺑﺔ و اﻟﻣﻔﻘود أو ﻣﺳﺟون ﺧﺎرج اﻟوﻻﯾﺔ ،ﻓﻬذﻩ
ﺣﺎﻻت ﺗﻌﺗﺑر اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻘق ﻣﺑدأ اﻟوﺟﺎﻫﯾﺔ ﺑﺳﺑب طﺑﯾﻌﺔ وظروف ﻛل ﻗﺿﯾﺔ.
ﺧرﻗﺎ ﻟﺣﻘوق اﻟدﻓﺎع
ﻏﯾر أن ﺳﻣﺎع اﻟﻘﺎﺿﻲ طرف واﺣد ﯾﻌد ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ ﺧرﻗﺎً ﻟﻣﺑدأ اﻟﻣواﺟﻬﺔ ،أو ً
ﺗﻘﺻﯾرا ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ ٕواﻧﻣﺎ ﺗﻘﺻﯾر ﻣن اﻟزوج اﻟذي اﻣﺗﻧﻊ ﻋن اﻟﺣﺿور ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ أﻋطﺎﻩ
ً ﻟﻛن ﻫذا ﻟﯾس
ﻓرﺻﺔ ﻟﻛﻲ ﯾﺣﺿر و ﯾواﺟﻪ اﻟﺧﺻم ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﯾس ﻟﻪ ﺣق إﺣﺿﺎر اﻟﺧﺻم ﺑﺎﻟﻘوة اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ أو إﺻدار
أﻣر ﺿﺑط ٕواﺣﺿﺎر ،ﺣﯾث ﯾﻘوم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﺗﺄﺷﯾر ﻋﻠﻰ أن اﻹﺟراء ﻗد ﺗم اﺳﺗﯾﻔﺎﺋﻪ ،ﻟﻛن ﻣﺎ
ﯾﻼﺣظ أﻧﻪ ﺑدأ ﯾﺳود اﺗﺟﺎﻩ ﻗﺿﺎﺋﻲ ﯾﺗﺟﻪ إﻟﻰ ﻋدم اﻟﺗﻘﯾد ﺑﻣﺑدأ اﻟوﺟﺎﻫﯾﺔ ،و اﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﺣﺿور طﺎﻟب ﻓك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻷﻣر اﻟذي ﻻ ﯾﺗﻣﺎﺷﻰ وﻣﺑدأ اﻹﺻﻼح.
220
ﻣﺣددا ﻣن أﻋﻣﺎل
ً ﻋﻣﻼ
ً أﻣﺎ اﻟوﻛﺎﻟﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﻬﻲ اﻹﻧﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺗﺻرف ﻣﻌﯾن ﺑذاﺗﻪ ﯾﻛون ﻣﺣﻠﻬﺎ
اﻹدارة ،وﻛﻣﺎ أن اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ ﯾﺧﺗﻠف ﻋن اﻟﺗوﻛﯾل ﺑﺎﻟﺣﺿور ﺣﯾث أن اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺗﺧول
ﻟﻠوﻛﯾل ﻣﺑﺎﺷرة ﻛﺎﻓﺔ اﻷﻋﻣﺎل اﻹﺟراﺋﯾﺔ داﺧل اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻧﯾﺎﺑﺔ ﻋن اﻟﺧﺻم ،ﻓﻲ ﺣﯾن اﻟﺗوﻛﯾل
ﺑﺎﻟﺣﺿور ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺣﺿور اﻟوﻛﯾل أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻧﯾﺎﺑﺔ ﻋن ﻣوﻛﻠﻪ ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻌد ﻏﺎﺋﺑﺎ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،1وﻫو ﻣﺎ ﯾؤﻛدﻩ اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ .2
وطﺑﻘً ﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﯾﻣﻛن اﻟﺗوﻛﯾل ﻓﻲ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺷرط أن ﯾﻛون ﺗوﻛﯾل ﺑﻣوﺟب وﻛﺎﻟﺔ
ﺧﺎﺻﺔ ،إﻻ أن اﻷﻣر ﯾﺧﺗﻠف ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺑﺣﻛم ﺧﺻوﺻﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وﺑﺣﻛم ﻋدم ﺻراﺣﺔ
ﻧﺻوص ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻓﺎﻟطﻼق ﻻ ﯾﺛﺑت إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﺳﻠوك ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،اﻟﺗﻲ أوﺟﺑﻬﺎ اﻟﻣﺷرع
ﺑﻣﺗﻘﺿﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﺑﻬذا ﯾﺗﺑﯾن أﻧﻪ ﯾﻣﻛن إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﻣﺟردا ﻋن إﺟراءات
اﻟﺻﻠﺢ ،ﻷﻧﻪ ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﻼﺣﻘﺔ ﻟﺗﻠﻔظ اﻟطﻼق إذا ﻛﺎن اﻟطﻠب اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق اﻟذي وﻗﻊ أو
أن ﻣوﺿوﻋﻪ طﻠب اﻟطﻼق.
وﻛذا ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘر ﻓﻘط ﺑوﺟوﺑﯾﺔ ﻣﺣﺎوﻻت
اﻟﺻﻠﺢ .ﻓﻧص اﻟﻣﺎدﺗﯾن )(49و) (439ﺗﻣﯾزﺗﺎ ﺑﺎﻟﺷﻣوﻟﯾﺔ واﻟﻌﻣوم ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ.،وﻟم ﺗﺗطرﻗﺎ إﻟﻰ
إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗوﻛﯾل اﻷطراف أو ﻋدم إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ذﻟك ،ﻟﺣﺿور ﻣﺟﻠس اﻟﺻﻠﺢ ﻣﺎ ﻋدا ﻧص اﻟﻣﺎدة )(431ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطرﻗت ﻓﻲ ﻓﺣواﻫﺎ إﻟﻰ اﻟوﻛﻼء ،ﻣﻣﺎ ﯾﺛور ﺗﺳﺎؤل ﻋن ﻗﺻد اﻟﻣﺷرع ﺑﻘوﻟﻪ ﺣﺿور
اﻟطرﻓﯾن ﻓﻬل ﯾﻘﺻد ﺑذﻟك طرﻓﻲ ﻋﻘد اﻟزواج أي اﻟزوج و اﻟزوﺟﺔ ،أم ﯾﻘﺻد ﻏﯾرﻫﻣﺎ ﻣﻣن ﯾﻣﻠك اﻟوﻛﺎﻟﺔ
ﻋﻧﻬﻣﺎ أو ﻋن أﺣدﻫﻣﺎ ؟
وﻗد ﻛﺎن ﻟﻬذا اﻟﻐﻣوض اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ اﺗﺟﺎﻫﯾن ﻓﻘﻬﯾﯾن وﻗﺿﺎﺋﯾﯾن ﻣﺗﺿﺎرﺑﯾن -إﺗﺟﺎﻩ أول ﯾذﻫب إﻟﻰ أن
إﺟراءات ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻛﻣﺎ ﺗﺻﺢ ﻣن اﻟزوﺟﯾن ﺷﺧﺻﯾﺎ ﺗﺻﺢ ﻛذﻟك ﻣن وﻛﻼﺋﻬم ،و ﻻ ﻣﺟﺎل ﻟﻠﻘول
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة" ،اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم .،2010/12/09 ،0585865ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
221
1
ﺑﺧﺻوﺻﯾﺔ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻻ ﺳﯾﻣﺎ و أن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺳﺗﺛﻧﻲ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻣن ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة
واﻟدﻟﯾل ﻧﺳﺗﺷﻔﻪ ﻣن ﺻﯾﺎﻏﺔ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (431ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ اﻧﻪ" :ﯾﺗﺄﻛد
اﻟﻘﺎﺿﻲ.وﯾﺣﺎول اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣﻣﻛﻧﺎ ﯾﻧظر ﻣﻊ اﻟزوﺟﯾن أو وﻛﻼﺋﻬﻣﺎ ."...
ٕوان ﻛﺎن اﻟﻣﺷرع ﻗد أﻟﻐﻰ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟزواج ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (20ﺑﻣوﺟب اﻷﻣر رﻗم 02/05اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ
27ﻓﺑراﯾر ٕ ،2005واﻟﻐﺎء ﻫذا اﻟﻧص ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻹﻧﺎﺑﺔ ﻓﻲ اﻟزواج ﻻ اﻟطﻼق ،وأن ﻧص اﻟﻣﺎدة )(431
ﻟم ﯾﺳﺗﺑﻌد اﻟﻣﺷرع ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺣﺿور اﻟﻣﻣﺛل اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﺑدﻟﯾل ذﻛر أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻧظر ﻣﻊ اﻟوﻛﻼء ﻓﻲ
اﻻﺗﻔﺎق.
ﻓﻬذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻟﻪ ﻗرﯾﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،وﯾﺿﯾف ﻧﻔس اﻻﺗﺟﺎﻩ أن اﻟﻣﺷرع
اﺟﺑﺎ
ﺷﺧﺻﯾﺎ و ً
ً ﻟو ﻛﺎﻧت ﻟﻪ رﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻧﻊ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل أو ﺟﻌل ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ
رﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﺟزاءات ﺑﺎﻟﻧص اﻟﺻرﯾﺢ ﻋﻠﻰ ذﻟك ،وﻛﻣﺎ أن ﻣﻧﻊ اﻟﺗﺻرﻓﺎت ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﺑﻧص و إﻻ ﻓﻬﻲ
ﯾﻌﺎ وﻟﯾس اﺟﺗﻬﺎدا.2
ﻣﺑﺎﺣﺔ إﻟﻰ أن ﯾﺗم ﺗﻘﯾدﻫﺎ أو ﻣﻧﻌﻬﺎ ﺗﺷر ً
ﯾذﻫب ﻧﻔس اﻻﺗﺟﺎﻩ إﻟﻰ أن ﺗوﻛﯾل اﻟزوﺟﯾن وﻛﯾﻠﯾن ﻋﻧﻬﻣﺎ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﻋن ﺑﻌث
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﻛﻣﯾن ،ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟﺣﻛﻣﯾن ﻓﻲ ﻣﻔﻬوم اﻟﻘﺎﻧون وﻛﯾﻼن وﻟﯾس ﻗﺎﺿﯾﯾن ،ﻋﻠﻣﺎ أن اﻟوﻛﯾﻠﯾن ﯾﻛوﻧﺎن
وﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ﻹرادﺗﻪ ورﻏﺑﺗﻪ،
ً داﺋﻣﺎ ﯾﺣﻣﻼن ﻋﺑﺎرات ﻣوﻛﻠﯾﻬﻣﺎ ،وﺗﺣل إرادﺗﻬﻣﺎ ﻣﺣل إرادة اﻷﺻﯾل اﻣﺗﺛﺎﻻ ﻷواﻣرﻩ
وﻣﺎ داﻣت اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺑﻧص ﺧﺎص ﻹﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺗﺻﺎﻟﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ﻓﺈﻧﻪ ﻣن اﻟﺑدﯾﻬﻲ أن إرادة اﻟوﻛﯾل
ﺗﺣل ﻣﺣل إرادة اﻷﺻﯾل ﻓﻲ إﺟراء ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ،وﻫﻧﺎ ﻻ ﯾﺧﺗﻠف دور اﻟوﻛﯾل ﻋن دور اﻟﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﺑﺣث
ﻋن اﻟﺳﺑل اﻟﻛﻔﯾﻠﺔ ﻟﻠﺗﻘرﯾب ﺑﯾن اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻠﯾﻬﺎ ﻛل ﻣن اﻟزوﺟﯾن رﻏﺑﺔ ﻓﻲ إﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ
ﺑﻣﺎ ﯾرﺿﻲ ﻛل طرف.
ٕواذا ﻛﺎن ﺑﻌث اﻟﺣﻛﻣﯾن ﻣﻣﺎ ﯾﻧص ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘﺎﻧون ،وﯾﺳﺗﺳﺎغ ﻋﻘﻼً ،ﻓﻣﺎ ﺗﻧﺻﯾب اﻟوﻛﯾل ﺳوى ﺟزء
ﺷﻛﻼ ﻣﻊ اﻟﻌﻠم أن ﺣﺿور اﻟوﻛﯾل أو
ً ﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧظور ،اﻟذي ﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﻋﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺟوﻫر ٕوان ﻛﺎﻧﺎ ﻣﺧﺗﻠﻔﯾن
وﻛﯾﻼ ،ﯾﻐﻧﻲ ﻋن ﺣﺿور اﻷﺻﯾل ﺑداﻫﺔٕ ،واﻻ ﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻠوﻛﺎﻟﺔ ﻣﻌﻧﻰ ،وﯾطﺎﺑق ﻫذا
ً ﺣﺿور اﻟﺣﻛم ﺑﺻﻔﺗﻪ
اﻟﻔﻬم ﻣﺎ ﺣﻛﻣت ﺑﻪ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻓﻲ ﻗرارﻫﺎ اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 05/03/1980اﻟذي ﺟﺎء ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
-1روﺣﻣﺎت ﻋﺑد اﷲ ،اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺻﻠﺢ اﻟزوﺟﯾن ﺑﯾن اﻟﻘﺎﻧون و اﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻣﻠﻲ ،ﻣﺟﻠﺔ اﻹﺷﻌﺎع ) ،اﻟﻣﻐرب (ﻋدد 2003 ،27
ص . 50
2
-روﺣﻣﺎت ﻋﺑد اﷲ ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص. 51
222
"اﻟﺗﻔوﯾض ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻔﺎدﻩ أﯾﺿﺎً اﻟﺗﻔوﯾض ﺑرﻓﺿﻪ ،رﻓض وﻛﯾل اﻟزوﺟﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ اﻟﻣﻔوض ﻓﯾﻪ ﯾﻌﺗﺑر ﻛﺎﻓﯾﺎ ﻹﺛﺑﺎت
-1ﻧﻘض اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ ،ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1980/3/5أﻧظر. :اﻷﻧﺻﺎري ﺣﺳن اﻟﻧﯾداﻧﻲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .298
-2ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺧﻠﻊ طﻼق ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .159
3
-ﻓﻘد ورد ﻓﻲ أﺣد ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ" :ﻣن اﻟﻣﻘرر ﻗﺎﻧوﻧﺎ أن اﻟوﻛﺎﻟﺔ أو اﻹﻧﺎﺑﺔ ﻫﻲ ﻋﻘد ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ ﯾﻔوض ﺷﺧص
ﺷﺧﺻﺎ آﺧر ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣل ﺷﻲء ﻟﺣﺳﺎب اﻟﻣوﻛل وﺑﺎﺳﻣﻪ ،وأن اﻟوﻛﺎﻟﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟرﺳﻣﯾﺔ ،ﺗﺻﺢ ﻟﻠﻣراﻓﻌﺔ أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء ،ﺣﯾث أن ﻗﺿﺎة
اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﻗد أﺧطﺋوا ﺗﻔﺳﯾر أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة أﻋﻼﻩ ﻋﻧدﻣﺎ ﻗﺿوا ﻋدم ﻗﺑول اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﺷﻛﻼً ﺑدﻋوى أن اﻟطﻼق ﻧﻬﺎﺋﻲ وﻻ ﯾﻘﺑل اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف
ﻓﻲ ﺣﯾن أن ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﺗﻧطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق اﻟﺻﺎدر ﻋن أزواج ﺗﻠﻔظوا ﺑﻪ ﺑﺻورة ﺷﺧﺻﯾﺔ ،أﻣﺎ ﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ﻓﻘد
ﺻدر ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ وﻛﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻧﯾﺎﺑﺔ ﻋن اﻟزوج ،وﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻗﺿﺎة اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف رﻓﺿﻪ ﺑرﻓض اﻟدﻋوى ﺣﯾث أﻧﻪ ﺑﺎﻻطﻼع ﻋﻠﻰ ﻣﻠف ﻗﺿﯾﺔ
اﻟطﻌن ﻧﯾﺎﺑﺔ ﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ إﺟراءات اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع وﻛﺎن ذﻟك ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ وﻛﺎﻟﺔ رﺳﻣﯾﺔ ﻣرﻓﻘﺔ ،وأن اﻟوﻛﺎﻟﺔ
ﺗﺣدث أﺛﺎرﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻣﺎ ﺗدﻋﯾﻪ اﻟﻣدﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟطﻌن ،أﻣﺎ اﻟﻘرار اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﯾﻛون ﻗد ﺧرق أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون
وﯾﺳﺗﺣق اﻟﻧﻘض .وﺣﯾث أن ﻫذا اﻟوﺟﻪ ﻣﻘﺑول وﺻﺣﯾﺢ ﻣن ﻏﯾر ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺗﻌرض ﻟﻸوﺟﻪ اﻟﺑﺎﻗﯾﺔ ،" ...أﻧظر:اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ
223
اﻹﺻﻼح ﻧﯾﺎﺑﺔ ﻋن ﻣوﻛﻠﻪ و ﻟﯾس ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺷﺗرط ﺣﺿور اﻟﻣوﻛل ﺷﺧﺻﯾﺎ ،ﻷن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻗﺎم
ﺑﺗوﻛﯾل و إﻧﺎﺑﺔ ﻣن ﯾﻣﺛﻠﻪ أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء ﻟﯾﺗﺣدث ﺑﺎﺳﻣﻪ و ﻟﻣﺻﻠﺣﺗﻪ.
ﻓﺎﻟوﻛﯾل ﯾﺗﻠﻘﻰ اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﺎت ﻣن اﻟﻣوﻛل و ﯾﻧﻔذﻫﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﻣﺎ ﯾﻘول أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ
وﻋﻠﻰ ذﻟك و ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺣﺎل ﻓﺈن اﻟزوج ﻗﺎم ﺑﺗوﻛﯾل ﻣﺣﺎﻣﯾﻪ و أﺻدر إﻟﯾﻪ ﺗﻌﻠﯾﻣﺎﺗﻪ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ رﻓﺿﻪ
ﻟﻠﺻﻠﺢ ،وﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻻ إن ﯾﺟري ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﺔ و ﻣﺣﺎﻣﻲ اﻟزوج اﻟذي ﯾﻣﺛل ﻫذا
اﻷﺧﯾر ﻷﻧﻪ ﺑﺻدد وﻛﺎﻟﺔ ﺻﺣﯾﺣﺔ وﻣﻧﺗﺟﺔ ﻷﺛﺎرﻫﺎ ،و أن اﻟزوج ﻗد أﻋﻠم ﻣﺣﺎﻣﯾﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﯾرﻓض اﻟﺻﻠﺢ ،وﻣﺎ
ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻻ أن ﯾﺣرر ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ ،ﯾﺳﺑب رﻓض اﻟزوج ﺑواﺳطﺔ ﻣﺣﺎﻣﯾﻪ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ
ﺷﺧﺻﯾﺎ ،ﻣﺎدام أن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻗد أﻧﺎب
ً اﻟﺻﻠﺢ و ﻟﯾس ﻟﻪ أن ﯾرﻓض اﻟدﻋوى ﺑﺳﺑب ﻋدم ﺣﺿور اﻟزوج
ﻋﻧﻪ ﻣﺣﺎﻣﻲ ﻟﻠﺣﺿور ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﻣراﺣل اﻹﺟراءات ،و ﻟﯾس ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺷﺗرط ﺣﺿور ﻫذا اﻷﺧﯾر ﺗﺣت
طﺎﺋﻠﺔ ﻋدم ﻗﺑول اﻟدﻋوى أو رﻓﺿﻬﺎ ،ﻷن رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﺗم ﺗﺻﺣﯾﺣﻪ ﺑواﺳطﺔ اﻟوﻛﯾل ﻧﯾﺎﺑﺔ ﻋن
ﻣوﻛﻠﻪ1وﯾﺧﻠص ﻫذا اﻟﻣوﻗف إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻷﺣد أن ﯾطﻠﻊ
ﻋﻠﯾﻬﺎ.
ﻛﻣﺎ ذﻫب إﻟﻰ ذﻟك أﺻﺣﺎب اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻘوﻟﻬم ان اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺗﻧﺎزﻻت ﻣن اﻟطرﻓﯾن و اﻟﺗﻲ
ﺗﺳﺗﻠزم ﺗواﺟدﻫﻣﺎ ﺷﺧﺻﯾﺎ ،ﻣن أﺟل اﺳﺗرﺷﺎد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺗﻔﺳﯾرات اﻟﺗﻲ ﯾﺑدﯾﻬﺎ اﻟزوﺟﺎن ٕوان ﻛﺎﻧت ﺟل
اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺛﺎر ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ ﻧزاﻋﺎت ﻫﻲ ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣﺣﺿﺔ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،وﻣﻊ ذﻟك ﯾﺟوز ﻣﺑﺎﺷرﺗﻬﺎ ﻋن طرﯾق
اﻟوﻛﺎﻟﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾوﺟد ﺳﺑب ﻟرﻓض اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﺑﻣﺟرد اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟذي ﻻ
ﯾﺳﺎﯾر اﻟﻣﻧطق ﻣن ﺟﻬﺔ ،وﻻ ﯾﺳﺎﯾر اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺳم ﺑذﻟك ﻣن ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﯾﺔ ،وﻣﻊ
ذﻟك ﻓﺈن ﺣﺿور اﻟﻣﻣﺛل اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟم ﯾﺳﺗﺑﻌدﻩ اﻟﻧص ﺑل ﻧص ﻋﻠﻰ اﻋﺗﻣﺎدﻩ ﺻراﺣﺔ وﻫذا ﻫو اﻟﻘرﯾﻧﺔ
اﻟﻘﺎطﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،وزﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﺈن اﻟﻣﺷرع ﻟو ﻛﺎﻧت ﻟﻪ
رﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻧﻊ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ،أو ﺟﻌل ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن ﺷﺧﺻﯾﺎً ﻟﺟﻠﺳﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ
واﺟﺑﺔ ﻟﻧص اﻟﻣﺷرع ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺻراﺣﺔ.2
،1994/11/15اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد ،1994 ،03ص 79و ﻣﺎ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم 110096ﻣؤرخ ﻓﻲ
ﺑﻌدﻫﺎ.
-1ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺧﻠﻊ طﻼق ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 161و . 162
2
-روﺣﻣﺎت ﻋﺑد اﷲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .55
224
ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾذﻫب اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﻐﺎﻟب ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب ،1و اﻟﺟزاﺋر واﻟذي ﯾﺗﻌﯾن ﻓﯾﻪ ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن
ﺷﺧﺻﯾﺎ ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ وذﻟك ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﻣﻧﺷودة و ﻫﻲ اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻧزاع اﻟﻘﺎﺋم
ً
ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ و اﻟظروف و اﻟﻣﻼﺑﺳﺎت اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﻪ ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﺣﺿور اﻟﺷﺧﺻﻲ ﯾﺳﺎﻋد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗرﺷﺎد
ﺑﺎﻟﺗﻔﺳﯾرات اﻟﺗﻲ ﻗد ﯾﺑدﯾﻬﺎ اﻟطرﻓﺎن و اﻟﺗﻲ ﻟﻬﺎ أﻫﻣﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺻﻠﺣﯾﺔ ،واﻷﻛﺛر ﻣن ذﻟك أن
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺑﺗﻧﺎزﻻت ﯾﻘﺑﻠﻬﺎ اﻟطرﻓﺎن وأن اﻟوﻛﻼء ،وﻻ ﯾﻣﻛﻧﻬم اﻟﺗﻌﻬد ﺑذﻟك إﻻ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ
ﻣوﻛﻠﯾﻬم و ﺗؤﺧر اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣرة و ﻗد ﯾﻛون اﻷﻣر ﻷﺗﻔﻪ اﻷﺳﺑﺎب.
وذﻫب ﻧﻔس اﻻﺗﺟﺎﻩ إﻟﻰ ﺗﺄﻛﯾد اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن رﻓض ﺣﺿور وﻛﻼء اﻟﺧﺻﺎم ﻣن اﻟﻣﺣﺎﻣﯾن أو ﻏﯾرﻫم ﻣﻊ
اﻟزوﺟﯾن أو ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻧﻬﻣﺎ ﺧﻼل ﺳرﯾﺎن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻻ ﺳﯾﻣﺎ و أن اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
ﻧظرا ﻟﻠﺧﺻوﺻﯾﺔ و اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗؤﻛد ﻋﻠﻰ أن ﯾﺗم اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ ﺳرﯾﺔ ً
ﻟﻛل ﺑﯾت و ﻟﻛل زوﺟﯾن ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﻣﻌﻪ ﻋدم اﻟﺳﻣﺎح ﺑﺣﺿور ﻏﯾر أطراف اﻟدﻋوى ،ﺣﻔﺎظﺎً ﻋﻠﻰ ﺣرﻣﺔ
اﻷﺳرة ،وﻫذا ﺗﻔﺎدﯾﺎ ﻟﻔﺿﺢ أﺳرار اﻷﺳر ،2ﻷن ﺣﺿور ﻏﯾرﻫﻣﺎ ،ﻗد ﻻ ﯾﻌﺑر ﻓﻌﻼً ﻋن أﺳﺑﺎب اﻟﺧﺻﺎم أو
ﻣﺑررات طﻠب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻷن ذﻟك ﻣن اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﻘدر اﻟزوج أو اﻟزوﺟﺔ اﻟﺑوح ﺑﻬﺎ إﻟﻰ
ﻏﯾرﻩ ،3ﻓﺣﺳب ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﯾظﻬر أن اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺻﺢ ﻓﯾﻬﺎ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻫﻲ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺷﺧص
وﺗرﺗﺑط ﺑﻪ ،ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﺗﺻور أن ﺗﺄﺗﻲ ﻣن ﻏﯾرﻩ وﺗﻌود ﺑﺎﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ﻋﻠﯾﻪ ،وﺑﻌﺑﺎرة أﺧرى ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺳﺗﺣﯾل أن
ﺗﺣل إرادة اﻟﻐﯾر ﻣﺣل إرادة اﻟﻧﻔس ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻷﻫداف اﻟﻣﺗوﺧﺎة ﻣﻧﻬﺎ ،أو ﺗﺣﺻﯾل اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺗﻲ ﺷرﻋت
ﻣن أﺟﻠﻬﺎ.
ﺳﺎﻧد ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻔﻘﻬﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋري ﺑﺣﯾث أﻗر أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن اﺳﺑﺗدال ﺣﺿور اﻷطراف ﻟﺟﻠﺳﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ،إذ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر ﻋن ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2007/06/13واﻟذي ﺟﺎء ﻓﯾﻪ :
"...ﺣﯾث ﻣﺗﻰ ﺗﻘدم اﻟطﺎﻋن ﺑواﺳطﺔ ﻣﺣﺎﻣﯾﻪ ﺑدﻋوى اﻟطﻼق ﻓﺈن أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗوﺟب
ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻟﺣﺿور ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﻋن إﺻرارﻩ ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق دون ﺣﺿورﻩ ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ و اﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﻣوﻛﻠﻪ ﻏﯾر
1
-ادرﯾس اﻟﻔﺎﺧوري ،ﻣﺳﺗﺟدات ﻣدوﻧﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻣﺳطرة اﻟﺷﻘﺎق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .78
-2ﻗوﯾدري ﺧﯾرة ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص. 212
-3ﺑن ﺟﻧﺎﺣﻲ أﻣﯾﻧﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 113.
وﺗﺄﻛﯾدا ﻟﻬذا
ً -4اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،382976ﻣؤرخ ﻓﻲ،2007/06/13ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
اﻟﻣوﻗف ﺻدر ﻗرار آﺧر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 16ﺟﺎﻧﻔﻲ 2008و اﻟذي ﺟﺎء ﻓﻲ ﺣﯾﺛﯾﺎﺗﻪ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ...":و أن ﻫذا اﻹﺟراء ﻫو ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ
225
أﯾﺿﺎ ﻓﻲ ﻗرار أﺧر ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ..." :وﺣﯾث أﻧﻪ ﯾﺗﺑﯾن ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
ﻗﺿت ً
أﺟرت ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺣﺿرﻫﺎ وﻛﯾل اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ وﺗﻐﯾﺑت اﻟطﺎﻋﻧﺔ ،دون أن ﯾﺣﺿر اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ طﺎﻟب
اﻟطﻼق ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﻣﻊ ذﻟك أﺷﺎرت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أﻧﻬﺎ ﻋﻘدت ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻹﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ،ﻓﻛﯾف ﺗﺟري
ﺟﻠﺳﺔ ﺻﻠﺢ ﻹﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن واﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ وﻛل اﻟﻣدﻋو ﯾﻣﺎﻧﻲ ﻋﻠﻲ ﻟﺣﺿور ﺗﻠك اﻟﺟﻠﺳﺔ ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﻫذا
1
اﻟوﺟﻪ ﻣؤﺳس و ﯾﻧﺟر ﻋﻧﻪ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ".
ﯾﺑدو أن ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻫو اﻟﺻﺎﺋب ﻟﺳﺑب ﺑﺳﯾط و ﻫو أن اﻟﻣﺷرع ذﻛر ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) ( 2/ 49ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة،اﻟﺗﻲ ﺗﻧص..." :ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿر ﯾﺑﯾن ﻣﺳﺎﻋﻲ وﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﯾوﻗﻌﻪ
أﯾﺿﺎ ﻓﻲ ﻧص
ً ﻣﻊ ﻛﺎﺗب اﻟﺿﺑط و اﻟطرﻓﯾن ، ".. .أي ﻻ ﺑد ﻣن ﺿرورة ﺣﺿور اﻟطرﻓﯾن َ وذﻛر اﻟﻣﺷرع
ﻣﻌﺎ
اﻟﻣﺎدة ) (431ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺳﺗﻣﻊ إﻟﻰ اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ إﻧﻔراد ،ﺛم ً
و ﯾﺗﺄﻛد ﻣن رﺿﺎﺋﻬﻣﺎ و ﻟم ﯾﻘل ﯾﺳﺗﻣﻊ إﻟﻰ اﻟوﻛﻼء و إﻧﻣﺎ ﯾﻧظر ﻣﻊ اﻟوﻛﻼء ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎق واﻟﻘﺿﺎة ﻋﺎدة ﻣﺎ
ﺷﺧﺻﯾﺎ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﯾﺗﻠﻘﻰ
ً ﯾردون ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻧص ﺑﻌدم ﻗﺑول ﻫذا اﻹﺟراء ،وﻋﻠﻰ اﻷطراف اﻟﺣﺿور
ﻣﻧﻬﻣﺎ ﺑﺻﻔﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﺗﺻرﯾﺣﺎﺗﻬﻣﺎ ودﻓوﻋﺎﺗﻬﻣﺎ وطﻠﺑﺎﺗﻬﻣﺎ ﻷﻧﻬﻣﺎ اﻟﻣﻌﻧﯾﺎن ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻔرﺿﺎً وﻗﻊ
ﺑﯾت اﻟطرﻓﯾن و إﻧﻪ ﻛﺎﺳﺗﺛﻧﺎء ﻻ ﯾﻘوم إﻻ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن اﻟﻣﺗﻧﺎزﻋﯾن وﻻ ﯾﺻﺢ ﻓﯾﻪ اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ ،وﻣﺗﻰ ﺗﺑﯾن أن ﻫذا اﻹﺟراء ﻗﺎم ﺑﻪ ﺷﺧص
آﺧر ﻏﯾر اﻟزوج ﯾﺷﻛل ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻣﺑدأ اﻟﻣذﻛور ،و ﯾﻌد ﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون ﻻ ﺳﯾﻣﺎ اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة "...أﻧظر:
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،417622ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2008/01/16ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻋدد
ﺷﺧﺻﯾﺎ أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ ﻣﺣﺎوﻻت اﻹﺻﻼح
ً .،2009 ،01ص ،302وﺻدر أﯾﺿﺎ ﻗرار آﺧر ﺻرح ﺑﻣوﺟب ﺣﺿور اﻟزوج
ٕواﺑداء طﻠﺑﺎﺗﻪ ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ رﻓض دﻋواﻩ ،واﻟذي ﯾؤﻛد ذات اﻟﻣوﻗف ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ واﻟذي اﻋﺗﺑرﺗﻪ ﻧﻬﺎﯾﺔ ﺟدﯾدة
ﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﻣطﺑﻘﺔ ،ﻣن ﺧﻼل ﻗرار ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،2009/01/14وﺟﺎء ﺗﺳﺑﯾب ﻗرارﻫﺎ ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ ... ":ﺑﺎﻟرﺟوع
إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﯾﻼﺣظ أن ﻗﺎﺿﻲ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﺑﻣﺣﻛﻣﺔ ﺳﻛﯾﻛدة ،ﻗد ﺧرق اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻧدﻣﺎ أﺻدر اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق دون
ﻣراﻋﺎة أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ أﻟزم ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻣﺷرع اﻟطرﻓﯾن ﻟﺣﺿور ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﺣﯾث أن اﻟﺣﻛم اﻟﻣﻧﺗﻘد
ﻓﻌﻼً ﺧﺎﻟف اﻟﻘﺎﻧون و أﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾﻘﻪ و ذﻟك ﻷن اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗﺟﺑر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ إﺟرا ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ذات
اﻟﺑﯾن ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻗﺑل إﺻدار ﺣﻛﻣﻪ ﺑﺎﻟطﻼق ،ﺣﯾث ﯾﺗﺑﯾن ﻣن اﻹطﻼع ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم ﻣﺣل اﻟطﻌن،أن اﻟطﺎﻋن ﻟم ﯾﺣﺿر ﺟﻠﺳﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ،ﺑل أﻧﺎﺑﻪ ﻋﻧﻪ ﻣﺣﺎﻣﯾﻪ أﻣﺎم ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﯾﺻرح أﻣﺎﻣﻬﺎ أﻧﻪ ﯾرﻓض اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي دﻋت إﻟﯾﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻋﻣﻼً ﺑﺄﺣﻛﺎم
اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻟﻛن ﺣﯾث أن اﺟﺗﻬﺎد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻗد اﺳﺗﻘر ﻋﻠﻰ وﺟوب ﺣﺿور اﻟزوج ﺷﺧﺻﯾﺎً اﻟذي طﻠب ﻓك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ و إﺑداء طﻠﺑﺎﺗﻬﺎ،"...أﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم 474956
ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2009/01/14ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،اﻟﻌدد ،2009 ،02ص 271وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،0587065ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2010/12/09ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
226
اﻟطﻼق ﺑﺎﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ ظل ﻏﯾﺎب اﻟزوﺟﯾن أو أﺣدﻫﻣﺎ ،ﺛم ﯾطﻌن أﺣدﻫﻣﺎ ﻓﻲ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﺗزوﯾر ،1وﻛﺎﻧت
اﻟزوﺟﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻣﺛﻼً ﻗد ﺗزوﺟت ﺑرﺟل أﺧر ﻓﻛﯾف ﯾﻣﻛن ﺗدارك ﻫذﻩ اﻷﺷﻛﺎل ؟.
رﻏم أن اﻟﺣل ﻟﺗﻔﺎدي ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﺷﻛﺎل ﻫو ﻣﻧﻊ ﺟواز اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺎﻟوﻛﺎﻟﺔ ﺑﺣﯾث ﯾﺗوﺟب أن ﯾﻛون ﻫﻧﺎك
ﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺑﺣﯾث ﯾﺗدﺧل اﻟﻣﺷرع و ﯾﺳﺗﺛﻧﻲ إﺟراءات اﻟطﻼق ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟوﻛﺎﻟﺔ.
وﻫو ﻣﺎ ﺗﻧﺎدي ﺑﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﻣﻧﻊ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺎﻟوﻛﺎﻟﺔ ،وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن
إﺟراء ﯾﺟرﯾﻪ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﯾﺧﺎطب ﺑﻪ اﻟزوﺟﺎن ﻣن أﺟل وﻋﺿﻬﻣﺎ و ﺣﺛﻬﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺣﯾﺎة
اﻟزوﺟﯾﺔ و دﻋوﺗﻬﻣﺎ إﻟﻰ ﺗﺟﺎوز اﻟﻌﻘﺑﺎت ﺳﻌﯾﺎً إﻟﻰ إﻋﺎدة اﻟوﺋﺎم ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،إﻻ أن ﻫذا اﻟﻣﺳﻌﻰ ﯾﻘﺗﺿﻲ
طﺑﻘﺎ اﻟﻣﺎدة ) (440ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻓﻬﻧﺎ اﻟﻣﺷرع ﯾﺧﺎطب
ً ﺣﺿورﻫﻣﺎ ﺷﺧﺻﯾﺎ
ﺻراﺣﺔ اﻟزوﺟﯾن ﺑﺻﻔﺔ ﺻرﯾﺣﺔ ﻻ ﻏﺑﺎر ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ ،و أﻛﺛر ﻣن ذﻟك اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (441ﻣن ﻧﻔس
اﻟﻘﺎﻧون واﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
"إذا اﺳﺗﺣﺎل ﻋﻠﻰ أﺣد اﻟزوﺟﯾن اﻟﺣﺿور ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد أو ﺣدث ﻟﻪ ﻣﺎﻧﻊ ﺟﺎز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ،إﻣﺎ ﺗﺣدﯾد
ﺗﺎرﯾﺦ ﻻ ﺣق ﻟﻠﺟﻠﺳﺔ أو ﻧدب ﻗﺎض أﺧر ﻟﺳﻣﺎﻋﻪ ﺑﻣوﺟب إﻧﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ،"..ﻓﯾﺗﺿﺢ ﻣن ﺧﻼل ﻫﺎذﯾن اﻟﻧﺻﯾن
أن ﻣن ﯾﺣﺿر ﺟﻠﺳﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻫﻣﺎ اﻟزوﺟﯾن اﻟﻣذﻛورﯾن ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟزواج ﺑﻌد اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﻫوﯾﺗﻬﻣﺎ.
أﺑدا ﻟم ﯾذﻛر اﻟﻣﺷرع ﺑﺟواز اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺗوﻛﯾل اﻟﻐﯾر أو اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ ﻟﺳﻣﺎﻋﻪ أو إﺑداء طﺎﻟﺑﺎﺗﻪ أو دﻓوﻋﺎﺗﻪ
ً
ﻓﻲ ﻣﺣﺿر ﺳﻣﺎع أﻗوال ،و ﻟذﻟك رﻓض اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋري ﺣﺿور وﻛﯾل ﻣن اﻟﻐﯾر ﻧﯾﺎﺑﺔ ﻋن اﻟزوﺟﯾن أو
أﺣدﻫﻣﺎ ،ﻧﺟد ﻛذﻟك ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (440ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﺗﻧص " :ﯾﺳﺗﻣﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ ﻛل زوج ﻋﻠﻰ إﻧﻔراد
ﺛم ﻣﻌﺎ "...وﻟم ﯾﻘل ﻣﻊ اﻟوﻛﻼء ،وﻧص أﯾﺿﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة) (441إذا اﺳﺗﺣﺎل ﻋﻠﻰ أﺣد اﻟزوﺟﯾن اﻟﺣﺿور وﻟم
ﯾﻘل اﻟوﻛﻼء ،وﻧﻔس اﻟﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (442اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻣﻧﺢ اﻟزوﺟﯾن ﻣﻬﻠﺔ ﺗﻔﻛﯾر ﻹﺟراء
ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺻﻠﺢ ،وﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (443ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﯾﺛﺑت اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﺑﻣوﺟب
ﻣﺣﺿر و ﯾوﻗﻊ اﻟﻣﺣﺿر ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ وأﻣﯾن اﻟﺿﺑط واﻟزوﺟﯾن ،"..ﻓﻔﻲ ﻛل ﻫذﻩ اﻟﻣواد ﯾﺧﺎطب اﻟﻣﺷرع
اﻟزوﺟﯾن ﻻ ﻏﯾر.
أﺧرا ﺑوﻛﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻﺔطﺑﻘً ﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (574ﻣن اﻟﻘﺎﻧون
وﻣﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﻔﻬم ﻋدم ﺟواز ﺗوﻛﯾل ﺷﺧﺻﺎ ً
وﺧﺻوﺻﺎ أن اﻟﻘﺿﺎء ﯾرﺗب آﺛﺎر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﺣﺿور
ً اﻟﻣدﻧﻲ ،2ﻓﻠﻬذا ﯾﺳﺗﺣﺳن ﺣﺿورﻫﻣﺎ أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء
227
طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،و ﺑذﻟك وﺟب ﺣﺿورﻩ ﻟﺗﻔﺎدي ﺷطب اﻟﻘﺿﯾﺔ ،وﺣﺗﻰ ﯾﺗﺄﻛد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن إرادة
طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ إن ﻛﺎﻧت إرادﺗﻪ ﺻﺣﯾﺣﺔ وﻏﯾر ﻣﺷوﺑﺔ ﺑﻌﺎرض أو ﺑﻣﺎﻧﻊ ﻣن ﻣواﻧﻊ اﻷﻫﻠﯾﺔ
وﻟذا اﺗﺟﻪ اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ إﻟﻰ ﻋدم ﺟواز اﻹﻧﺎﺑﺔ ﻋن اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻛل ذﻟك ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن
ﺷﺧﺻﯾﺎ ﻟوﺿﻊ ﺣد ٕواﻧﻬﺎء ﻋﻘد اﻟزواج.
ً ﺻﺣﺔ اﻧﺻراف إرادة اﻟزوﺟﯾن أو أﺣدﻫﻣﺎ
أﺿﺣﻰ ﻻزﻣﺎ ،أن ﯾﺗدﺧل اﻟﻣﺷرع وﯾﺟﺳد ﻣﺎ اﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﺷﺄن ﻣﻧﻊ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ
إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ،ﺑﺄن ﯾﻌدل ﻧص اﻟﻣﺎدة )(439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أن ﺗﺻﺑﺢ
ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﻣﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻵﺗﻲ ":ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ وﺟوﺑﯾﺔ وﺗﺗم ﺑﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن ﺷﺧﺻﯾﺎً ودون ﺗﻣﺛﯾﻠﻬﻣﺎ
ﻣن ﻗﺑل اﻟﻐﯾر ،أو ﻫﯾﺋﺔ اﻟدﻓﺎع ،و ﺗﺗم ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ ﺳرﯾﺔ ".
ﺣدا ﻟﻠﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ وﻻ ﯾﺗرك ﻟﻼﺧﺗﻼف ﻣﺟﺎل
وﺑذﻟك ﯾﺳد اﻟﻔراغ اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ و ﯾﺿﻊ ً
أﻣﺎ ﻋن ﺣﺿور أﺣد أﻓراد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺟﺎﺋز طﺎﻟﻣﺎ ﻻ ﯾﻛون ﺑﻣﻔﻬوم اﻹﻧﺎﺑﺔٕ ،واﻧﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻧﺟد اﻟﻣﺷرع ﻣﻛن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب اﻷطراف ﻣن إﺣﺿﺎر أﺣد أﻓراد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻟﻠﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﻫو ﻣﺎ ﺳوف ﻧﺗطرق إﻟﯾﻪ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ .
ي -إﺷراك أﺣد أﻓراد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ:
اﺳﺗﺣدث اﻟﻣﺷرع ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺎدة ) (440ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ إﺟراء وﻫو إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ
ﺣﺿور أﺣد أﻓراد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ واﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻟﻛن ﻟﯾس ﺑﻣﻬﻣوم اﻹﻧﺎﺑﺔ ﻛﻣﺎ ﺳﺑق ﺑﯾﺎﻧﻪ ،ﻓﯾﻣﻛن
ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟزوﺟﯾن ﺣﺿور أﺣد أﻓراد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ و اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﺣﯾث اﺳﺗﺑدل ﺣﺿور
ﻧظرا ﻟﺧﺻوﺻﯾﺔ اﻟﻧزاع وﺳرﯾﺗﻪ و ﺣﺳﺎﺳﯾﺗﻪ وﻣراﻋﺎة ﻟﺗﻘﺎﻟﯾد اﻷﺳرة
ﻣﺣﺎﻣﻲ اﻟزوﺟﯾن ﺑﺄﺣد أﻓراد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔً ،
اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ وﻛل ذﻟك ﺧﻼل 3أﺷﻬر ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،وﻫو ﻣﺎ ﯾﻧﺳﺟم ﻣﻊ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة.1
ﺗﻛون ﻏﺎﯾﺔ ﻫذا اﻹﺟراء ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻧﺟد اﻟﻣﺷرع ﻣﻛن اﻟﻘﺎﺿﻲ و اﻷطراف ﻣن إﺣﺿﺎر
أﺣد أﻓراد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ اﻟذي ﯾﻣﻠك ﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻟزوج أو اﻟزوﺟﺔ ،ﻟﯾﺳﺎﻋد اﻟﻘﺎﺿﻲ و اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ
ﻓﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ إدﺧﺎل أﺣد أﻓراد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺳواء ﻣن ﻋﺎﺋﻠﺔ اﻟزوج أو اﻟزوج أو ﻣن ﻛﻼﺋﻣﻬﺎ إﻟﻰ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ
أﻣرا ﺷﻛﻠﯾﺎ ﯾﺗﻌﯾن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻪ و ﻛﻔﻰ ،2وﻫﻲ اﻟﺗﻔﺎﺗﺔ ﺣﺳﻧﺔ ﻣن
ﻟﻠﻣﺳﺎﻋدة ﻓﻲ إﻧﺟﺎز اﻟﺻﻠﺢ و ﻟﯾس ﻻﻋﺗﺑﺎرﻩ ً
228
1
ﻋﺎﺋﻠﯾﺎ
ً اﻟﻣﺷرع ﻷن أﻏﻠب اﻟﻧزاﻋﺎت ﺗﻛون ﺑﺳﺑب أﻫل اﻟزوج أو اﻟزوﺟﺔ ،وﻷن اﻷﺻل ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ أن ﯾﻛون
وﻫذا اﻹﺟراء ﯾﺷﻣل ﻛل ﻣن اﻟطﻼق – ﺑﺈرادة ﻣﻧﻔردة – اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ ،2وﻷن اﻟزواج راﺑطﺔ ﺑﯾن أﺳرﺗﯾن
وﻟﯾس زوﺟﯾن ﻛﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﻓﺈن اﻟﻣﺷرع أﺣﺳن ﻣﺎ ﻓﻌل ﻋﻧدﻣﺎ وﺳﻊ داﺋرة اﻟﺻﻠﺢ إﻟﻰ ﻋﺎﺋﻠﺗﯾﻬﻣﺎ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ
طﻠﺑﻬﻣﺎ ﻟذﻟك.3
ﺧﺻوﺻﺎً وأن اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻧزاﻋﺎت ﺗدور ﺣول ﻣﺳﺎﻟﺔ واﻟدة أو واﻟد اﻟزوج اﻟذي ﻗد ﺗرﻓﺿﻪ اﻟزوﺟﺔ أو اﻟزوج
اﻟﻌﯾش ﻣﻌﻬم ﺑﺣﺟﺔ اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻟﻌﺎﺋﻠﯾﺔ ،ﻓﺎﻟزوج ﯾطﻠب اﻟطﻼق و ﯾﻘول زوﺟﺗﻲ ﻻ ﺗرﯾد اﻟﻌﯾش ﻣﻊ أﻣﻪ و
ﺗرﻓض اﻟﻌﯾش ﻣﻌﻬﺎ ،ﻟﻛن ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك ﻗد ﻧﺟد اﻟزوﺟﺔ ﺗؤﻛد أﻧﻪ ﻟﯾس ﻟﻬﺎ ﻣﺷﻛل ﻣﻊ أﻣﻪ وأﻧﻬﺎ ﻣﺳﺗﻌدة إذا
ﺣﺿرت واﻟدة اﻟزوج اﻟﺗﻲ ﺳوف ﺗﺄﻛد أﻧﻬﺎ ﻻ ﯾوﺟد أي ﻣﺷﻛل ﻣﻊ اﻟزوﺟﺔ ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻔﻌل ﻫذا اﻟﻧص وﯾﺄﻣر
ﻓﻲ اﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﻣواﻟﯾﺔ ﺣﺿور اﻷم ﻣﺎدام أن اﻟزوج ﯾﺗﻣﺳك ﺑﺎﻟطﻼق ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻷﺳﺎس ﻟﺗﺣﺿر ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﻓﻌﻼ ﻫﻲ أﺳﺎس اﻟﻣﺷﻛل أم ﻻ ﻟﻪ ،و ﯾﺣﺎول اﻟﻘﺎﺿﻲ دﻓﻊ اﻷطراف
و ﯾﺗﺣرى اﻟﻘﺎﺿﻲ وﯾﺗﺄﻛد ﻣﻧﻬﺎ إن ﻛﺎن ً
إﻟﻰ اﻟﺗﺳﺎﻣﺢ ﻣن أﺟل اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ واﻷوﻻد.
ﺑﻌدﻣﺎ ﺗم اﻟﺗطرق إﻟﻰ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ،ﺳوف ﯾﺗم اﻵن ﺗﺑﯾﺎن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ
اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺿرورﯾﺔ و اﻟﻣؤﻗﺔ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،وﻫو ﻣﺎ ﺳوف ﯾﺗم ﺗوﺿﺣﯾﻪ ،ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻟﺗﺎﻟﻲ.
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺿرورﯾﺔ و اﻟﻣؤﻗﺔ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
ﻣﻧﺢ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠطﺎت واﺳﻌﺔ ،وﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﺣﻘﯾق
واﺗﺧﺎذ أي ﺗدﺑﯾر ﯾراﻩ ﻣﻧﺎﺳﺑﺎ ،ﻓﻌزز ﻣن دور ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة وﻟم ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﺣﯾﺎد
اﻟﺳﻠﺑﻲ ،ﺑل أﺻﺑﺢ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ دور إﯾﺟﺎﺑﯾﺎً ﻓﻲ ﺳﯾر إﺟراءات اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،ﺣﯾث ﻧﺣﺎول ﺗﺑﯾﺎن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ
اﺗﺧﺎذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺿرورﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﺣﻘﯾق أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ)اﻟﻔرع اﻷول( ،ﺛم ﻧﺑﯾن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ
اﺗﺧﺎذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ أﺛﻧﺎء ﻣﺑﺎﺷرة ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ)اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ( ،ﻣﻊ ﺗﺑﯾﺎن ﻋوارض اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻗد
ﺗط أر ﻋﻠﻰ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ)اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث(.
1
-دﻟﻬوم ﻧﺟوى ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.17
-2ﺑوﺷﯾﺑﺎن ﺧدﯾﺟﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 10
-3ﺣﻣﯾش ﺣﺳﺎن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 4
229
.اﻟﻔرع اﻷول
دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺿرورﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﺣﻘﯾق أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
ﻣن ﺑﯾن اﻷﻣور اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ واﻟﺗﻲ ﺟﺎء ﺑﻬﺎ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ أﻧﻪ أﻋطﻰ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ
ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،و ﻟﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺻﻼﺣﯾﺎت واﺳﻌﺔ ﻓﻲ إطﺎر ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟدور اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﺄﺻﺑﺢ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﺗدﺧل ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻣن أﺟل أن ﯾﻛون ﻋﻠﻰ ﺑﯾﻧﺔ ﻣن أﻣرﻩ وﻓﻲ ﺳﺑﯾل
اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ،ﻗﺑل اﻟﻔﺻل ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﻣطروح أﻣﺎﻣﻪ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﺷق ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
وﻣﺎ ﯾﺟﺳد ذﻟك ﻫو ﻣﻘﺗﺿﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (450ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺳﺎﻟف اﻟذﻛر ،ﺣﯾث أﺻﺑﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺗﺧذ ﻛل
ﺗدﺑﯾر ﯾراﻩ ﺿرورﯾﺎ وﻻزﻣﺎ ﻣن أﺟل ﻛﺷف و اﻟﺑﺣث ﻋن إرادة اﻟزوج طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﺑﻣﺎ ﻓﻲ
ذاﻟك وﺳﺎﺋل اﻟﺗﺣﻘﯾق ﻣن اﺟل اﻟﺗﺄﻛد ﻣن إرادة طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ .1
ﻓﻔﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ،ﯾﺑﺣث اﻟﻘﺎﺿﻲ و ﯾﺗﻘﺻﻰ ﻋن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ و ﻓﻘﺎً ﻟﻶﻟﯾﺎت اﻟﺗﻲ
رﺳﻣﻬﺎ ﻟﻪ اﻟﻘﺎﻧون ،ﺑﻣوﺟب ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (451ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون أﯾن ﯾﺗﺄﻛد ﻣن ﺗوﻓر اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣوﺟﺑﺔ
أﯾﺿﺎ ﻣن ﺗﻣﺳك اﻟزوﺟﺔ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ، ،وﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗﺧذ ﻛل اﻟﺗداﺑﯾر
ً ﻟﻠﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ ،ﺛم
اﻟﺗﻲ ﯾراﻫﺎ ﻣﻼﺋﻣﺔ ﻻﺳﯾﻣﺎ اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﺣﻘﯾق أو ﺑﺧﺑرة طﺑﯾﺔ أو اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ.2
ﻣﺳﺗﺣدﺛﺎ
ً ارﺗﺄى اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ظل ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،أن ﯾوﺳﻊ ﻣن ﻧطﺎق اﻟﺗﺣﻘﯾق
ﺑذﻟك إﺟراءات ﺟدﯾدة ﺗﺗﺑﻊ ﻓﻲ ﻗﺳم ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﺑﺣﯾث ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (425ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ ﻣﺎ
ﯾﻠﻲ ":ﯾﻣﺎرس رﺋﯾس ﻗﺳم ﺷؤون اﻷﺳرة اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﻣﺧوﻟﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻻﺳﺗﻌﺟﺎل ،وﯾﺟوز ﻟﻪ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﻣﺧوﻟﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ،أن ﯾﺄﻣر ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﺣﻘﯾق ﺑﺗﻌﯾن ﻣﺳﺎﻋدة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أو طﺑﯾب ﺧﺑﯾر
أو اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ أﯾﺔ ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣﺧﺗﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﺑﻐرض اﻻﺳﺗﺷﺎرة و ﯾﻣﻛن اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻻﺳﺗﺷﺎرة ﻓﻲ أي وﻗت
و ﺣﺗﻰ أﺛﻧﺎء إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ" ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾدﻓﻌﻧﺎ إﻟﻰ طرح ﺳؤال ﻣﻔﺎدﻩ ﻫل وﺳﺎﺋل اﻟﺗﺣﻘﯾق ﻫﺎﺗﻪ ﻟﻬﺎ
ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة ) (450و ) (451اﻟﺳﺎﻟﻔﺗﺎ اﻟذﻛر؟.
ﺗﻛون اﻹﺟﺎﺑﺔ ﺑﻧﻌم ،ﻷن اﻟﻣﺷرع ﻣﻧﺢ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺻﻼﺣﯾﺔ اﻟﺗﺄﻛد ﻣن إرادة اﻟزوج ﻓﻲ طﻠب
اﻟطﻼق ،ﻓﻲ إطﺎر ﺗﺄﻛد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن إرادة اﻟزوج ﻓﻲ طﻠب اﻟطﻼق ،و ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ذﻟك ﻣﻛﻧﻪ ﻣن أن ﯾﻣﺎرس
ّ -1إن ﻛﻠﻣﺔ ﯾﺗﺄﻛد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن إرادﺗﻪ اﻟواردة ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) ( 450ﻓﻲ ﻏﯾر ﻣﺣﻠﻬﺎ ﻷن اﻷﺻﺢ أن ﯾﺗﺄﻛد ﻣن ﺗﻐﯾر ﻣوﻗﻔﻪ
ﻷن إرادﺗﻪ أﻋﻠن ﻋﻧﻬﺎ ،و إﻧﻣﺎ ﻧﺣن ﻧﺗﺄﻛد ﻓﻲ ﻣدى إﺻ اررﻩ ﻋﻠﻰ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﺎﻹرادة و واﺿﺣﺔ ﻣن ﺧﻼل طﻠﺑﺎﺗﻪ ﻓﻲ
اﻟﻌرﯾﺿﺔ اﻻﻓﺗﺗﺎﺣﯾﺔ .
-2ﺑرﺑﺎرة ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .340
230
أو ﯾﺗﺧذ أي إﺟراء أو ﺗدﺑﯾر ﯾراﻩ ﺿرورﯾﺎ ،و ﻻﺳﯾﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﺣﺿر ﺟﻠﺳﺎت ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻓﻲ
اﻟﻣﺎدﺗﯾن ) (450و ) (451ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻓﺗﺢ اﻟﺑﺎب ﻋﻠﻰ ﻣﺻراﻋﯾﻪ ،ﻓﻣﺗﻰ أرى
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﺣﻘﯾق أن ﯾﺗﺧذ ﺗدﺑﯾر ﻣﺎ ،ﻛﺗﻌﯾن ﻣﺳﺎﻋدة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أو طﺑﯾب ﺧﺑﯾر أو اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ أﯾﺔ
ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣﺧﺗﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ،ﺑﻐرض اﻻﺳﺗﺷﺎرة ﻓﻲ أي وﻗت وﺣﺗﻰ أﺛﻧﺎء إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ أو اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ
اﻹﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﻧدب ﻗﺎض أﺧر ﻟﺳﻣﺎع اﻟزوج اﻟﻐﺎﺋب طﺑﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (441ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون.
ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛﻧﻪ اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗﺣﻘﯾق أو ﺑﺧﺑرة طﺑﯾﺔ أو اﻻﻧﺗﻘﺎلإﻟﻰ اﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ طﺑﻘً ﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (451ﻣن
ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ،ﻓﺎﻟﺑرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻣواد ) (75وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ ،ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻹﺟراءات اﻟﺗﺣﻘﯾق ﯾﻣﻛن
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ أو ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟﺧﺻوم ،أن ﯾﺄﻣر ﺷﻔﺎﻫﺔ أو ﻛﺗﺎﺑﺔ ﺑﺄي إﺟراء ﻣن إﺟراءات
اﻟﺗﺣﻘﯾق ،اﻟﺗﻲ ﯾﺳﻣﺢ ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ،و ﯾﺄﻣر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻹﺟراء اﻟﻣطﻠوب ﺑﺄﻣر ﻋﻠﻰ ﻋرﯾﺿﺔ أو ﻋن طرﯾق
اﻻﺳﺗﻌﺟﺎل ،وﯾﺟوز ﻟﻣﻣﺛل اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺣﺿور إﺟراءات اﻟﺗﺣﻘﯾق ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﯾﺗم إﺷﻌﺎرﻩ ﺑﻬﺎ ،وﻋﻧد
اﻻﻗﺗﺿﺎء إﺑداء ﻣﻼﺣظﺎﺗﻪ.
ﺷﺧﺻﯾﺎ أﻣﺎﻣﻪٕ ،واذا ﻗدم أﺣد اﻟﺧﺻوم
ً ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أﯾﺿﺎً أن ﯾﺄﻣر اﻟﺧﺻوم أو أﺣدﻫم ،ﺑﺎﻟﺣﺿور
ﻣﺑر ار ﻻﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﻣﺛوﻟﻪ ﺟﺎز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻻﻧﺗﻘﺎل ﻟﺳﻣﺎﻋﻪ وﻣﻌﺎﯾﻧﺔ اﻟوﺿﻊ و اﺗﺧﺎذ أي إﺟراء ﻗﺿﺎﺋﻲ آﺧر ﯾراﻩ
ﺿرورﯾﺎ ﻛﺎن ﯾﻛون ﻓﻲ دوﻟﺔ أﺟﻧﺑﯾﺔ ﺑﺈﺻدار إﻧﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ،وﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ وﺳﻣﺎع ﺷﻬود
ﻓﻲ ﺷﻛل إﺟراء ﺗﺣﻘﯾق ..اﻟﺦ ،وﺿﻊ اﻟﻣﺷرع ﻫﺎذﯾن اﻟﻧص ﻟﺳﺑﺑﯾن ﻫﻣﺎ :ﺗﻔﺎدي اﻟدﻋوى اﻟﻛﯾدﯾﺔ ،واﻟﺗﺣﻘق
ﻣن إرادة طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﺔ ﻻﺳﯾﻣﺎ إذ ﻟم ﯾﺣﺿر ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،و ﻷﺟل ذﻟك ﺣﺎول اﻟﻣﺷرع ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ
ﻫذا اﻷﻣر ﺣﯾث وأﺻﺑﺢ اﻵن ﻻ ﯾوﺟد إﺷﻛﺎل ﺑوﺟود ﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺻرﯾﺢ .ﻓﯾﻣﻛن أن ﻧﺟﻣل ﻫذﻩ اﻟﺗداﺑﯾر
ﺛﺎﻧﯾﺎ( ،إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ
أوﻻ( ،اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ) ً
ﻓﻲ :اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺧﺑرة اﻟطﺑﯾﺔ) ً
اﻻﺳﺗﺷﺎرة)ﺛﺎﻟﺛﺎً( اﻷﻣر ﺑﺎﻹﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ)راﺑﻌﺎً( ،اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻰ اﻟﺷﻬود)ﺧﺎﻣﺳﺎً(ٕ ،واﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ
اﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ)ﺳﺎدﺳﺎً(.
أوﻻً -اﻟﺧﺑرة اﻟطﺑﯾﺔ:
ﺣﺳب ﻣﻘﺗﺿﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (450ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،1ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ إﺗﺧﺎذ
اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺗﻲ ﯾراﻫﺎ ﺿرورﯾﺔ ﺣﺳب اﻟﻧزاع ،ﺣﯾث ﯾﺧﺗﻠف ﻓﻲ ﻣﺎ إذ ا ﻛﺎن اﻟزوج ﻫو اﻟذي ﯾطﻠب اﻟطﻼق أو
اﻟزوﺟﺔ ،وﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻣﻣﻛن أن ﺗدﻓﻊ أن زوﺟﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺟﻧون أو أﻧﻪ ﻋﻘﯾم أو أﻧﻪ ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﻣرض ﻋﻘﻠﻲ
-1أﻧظر ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (450ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،اﻟذي ﯾﻣﻧﺢ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺻﻼﺣﯾﺎت واﺳﻌﺔ ﻓﻲ
إطﺎر اﻟﺗﺄﻛد ﻣن إرادة طﺎﻟب اﻟطﻼق.
231
أو ﻧﻔﺳﻲ أو ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣن إدﻣﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺣول أو أي ﺷﯾﺊ أﺧر ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺗدﺧل وﯾﺗﺧذ أي ﺗدﺑﯾر ﻓﻲ ﻫذا
ﻏﺎﻟﺑﺎ ،ﻷﻧﻪ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠطﻼق ﺳوف ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ أﺛﺎر ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻸﺳرة و اﻟﺗداﺑﯾر
اﻟﻣﺟﺎل ،و ﻫذا ﻣﺎ ﻫو ﯾﺣدث ً
اﻟﻣﻧﺻوص ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﺳرة ،ﯾﻣﻛن اﻟﻠﺟوء إﻟﯾﻬﺎ أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ.
ﺣﯾث ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ) (450ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ،ﯾﺗﺄﻛد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن إرادة اﻟزوج ﻓﻲ طﻠب اﻟطﻼق وﯾﺄﻣر
ﺑﺎﺗﺧﺎذ ﻛل اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺗﻲ ﯾراﻫﺎ ﻻزﻣﺔ ﻓﻲ ذﻟك ،وﻣﻌﻧﻰ ذﻟك أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫﻧﺎ ﻟﻪ ﺳﻠطﺔ واﺳﻌﺔ ﻓﻲ أن ﯾﺗﺄﻛد
أن طﺎﻟب اﻟطﻼق ﻟﻪ أﻫﻠﯾﺔ و ﻟﻪ إرادة ،ﻟﯾس ﻣﺟﻧون أو ﻣﺧﺗل ﻋﻘﻠﯾﺎ و ﻟﯾس ﻣﺿطرﺑﺎ ﻧﻔﺳﯾﺎ ،و ﯾﺗﺄﻛد ﻣن
إرادﺗﻪ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻫل طﻠق أو ﻻ؟ ،وﻓﯾﻣﺎ اذا ﻛﺎن ﺳﻠﯾم اﻹرادة أم ﻣﻛرﻩ أو ﻏﯾر ﻣﻛرﻩ؟ ،و ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ذﻟك
1
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠطﺔ واﺳﻌﺔ ﻟﺗﻌﯾن ﺧﺑﯾر.
ﺟﺎءت اﻟﻣﺎدة ) (425ﺗﺣت ﻋﻧوان ﻓﻲ ﺻﻼﺣﯾﺎت ﻗﺳم ﺷؤون اﻷﺳرة ،وﻟو ﻛﺎن ذﻟك ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ
إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻷﻧﻪ ﻗد ﯾﻼﺣظ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﺻرﻓﺎت أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﻏﯾر ﻋﺎدﯾﺔ و ﯾﻌﺎﯾن ﻓﻲ أﺣد اﻟزوﺟﯾن
ﻣظﺎﻫر اﻟﻣرض أو اﻟﺟﻧون أو إﺧﺗﻼﻻت ﻓﻲ اﻟﻘدرات اﻟذﻫﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻣﻧﻌﻪ ﻣن اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن
إرادﺗﻪ ،و إﺛﺑﺎت اﺧﺗﻼل اﻟﻘدرات اﻟذﻫﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﻣن ﻗﺑل طﺑﯾب ﻣﺧﺗص ،ﻷﻧﻪ ﻣﺗﻰ
ﺗﺑﯾن أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ أن أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣن اﺿطراب ﻋﻘﻠﻲ ﻓﻠﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺄﻣر ﺑﺈﺟراء ﺧﺑرة
ﻋﻘﻠﯾﺔ ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن ﺳﻼﻣﺗﻪ ،ﻓﺈذا ﺗﺑﯾن أن اﻟزوج ﻣﺧﺗل ﻋﻘﻠﯾﺎ ﺗم اﻟﺗﺻرﯾﺢ ﺑﻌدم ﻗﺑول اﻟدﻋوى ﺷﻛﻼً ﻻﻧﻌدام
اﻷﻫﻠﯾﺔ طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ) (64ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ .2
ﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر اﻟطﻼق ﺗﺻرف إرادي ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ أﺛﺎر ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ،وﻋﻠﯾﻪ ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﺻﺎدر ﻋن إرادة
ﺣرة وﯾﺗﺑﯾن ﻫذا ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﺣدت إﻟﻰ اﻟزوج و اﻻﺳﺗﻔﺳﺎر ﻋن اﻟﺳﺑب اﻟذي دﻓﻌﻪ ﻟﻠطﻼق ،وﻗد ﻻ
ﯾظﻬر ﻫذا ﻓﻲ اﻟﺟﻠﺳﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﻋﻠﯾﻪ ﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49ﺑﻧﺻﻬﺎ...":ﺑﻌد ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ."...
ﻧﻼﺣظ ﻛذﻟك أن اﻟﻣﺷرع أوزع أﺳﺑﺎب اﻟﺧﺻﺎم إﻟﻰ ﻋواﻣل اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أﻛﺛر ﻣن ﻋواﻣل ﻧﻔﺳﯾﺔ ،و ﻋﻠﯾﻪ
إذا رأى اﻟﻘﺎﺿﻲ أن اﻷﻣر ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﻌﯾﯾن طﺑﯾب ﻧﻔﺳﻲ ،ﻓﻬذا ﯾدﺧل ﺿﻣن ﺳﻠطﺗﻪ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﺟوء
إﻟﻰ ﺗﻌﯾﯾﻧﻪ طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﺑﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻘﯾق ،ﻷن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺧص ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺑﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ.3
232
ﻗد ﯾﺣﺗﺎج اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ إﻻ ﻣﺎ ﯾﻧورﻩ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﻧوازل و اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﻟﯾس ﻟﻪ
ﺑﻬﺎ دراﯾﺔ ،1وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﺗﻲ ﻣﻧﺣﻪ إﯾﺎﻩ اﻟﻘﺎﻧون ﻟﻪ أن ﯾﺻدر أﻣر اﺳﺗﻌﺟﺎﻟﻲ ﻣن أﺟل ﺗﻌﯾﯾن ﺧﺑﯾر
طﺑﻲ إذا ﻛﺎن ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﯾﻪ ﯾﺗطﻠب ذﻟك ،ﻛﺄن ﯾﺄﻣر ﺑﺈﺟراء ﻓﺣص طﺑﻲ أو ﻓﺣص
ﻧﻔﺳﺎﻧﻲ أو ﻋﻘﻠﻲ ،2ﻣن أﺟل اﻟﺗﺄﻛد ﻣن اﻟﺳﻼﻣﺔ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ ﻟزوج.
ﻧﺟد ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﻗرار ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ ... ":ﻟﻛن ﺣﯾث أﻧﻪ ﺛﺑت ﻣن اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون
ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟﻧﻘض أن اﻟﺧﺑرة اﻟﻣﻌﺗﻣد ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣودﻋﺔ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2008/11/25ﻗد ﺧﻠﺻت إﻟﻰ أن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ ﻻ
ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣن أﯾﺔ إﺻﺎﺑﺔ ﻋﻘﻠﯾﺔ ،وأﻧﻪ ﺳﻠﯾم ﻋﻘﻠﯾﺎ و ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﺗﺧﺎذ ﻗراراﺗﻪ ﺑﻧﻔﺳﻪ ،وﻣن ﺛم ﻓﺈن اﻟﻘﺿﺎء ﻣن ﻗﺑل
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﺑﺎﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ إﻟﻰ طﻠﺑﻪ اﻟراﻣﻲ إﻟﻰ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﯾﻧﻪ و ﺑﯾن اﻟطﺎﻋﻧﺔ اﺳﺗﻧ ًﺎدا إﻟﻰ
ذﻟك ،ﯾﻌد ﺗﺳﺑﯾﺑﺎ ﻣﻘﻧﻌﺎ و ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻪ اﻟﻣﺛﺎر ﻏﯾر ﻣؤﺳس ،وﯾﺗﻌﯾن ﻋدم اﻻﻋﺗداد ﺑﻪ ،واﻟﻘﺿﺎء ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟذﻟك
ﺑرﻓض اﻟطﻌن . 3"...
ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار آﺧر ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،2008/3/12واﻟذي ﺗﺿﻣن اﻟﻣﺑدأ اﻵﺗﻲ ...":أن
اﻟطﻼق ﻣن اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻹرادﯾﺔ ،وﻣﻧﻪ ﻓﺈن ﻛل ﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺛﯾر اﻟﺷك ﻓﻲ ﺳﻼﻣﺔ ﻫذﻩ اﻹرادة ﻣن اﻟﻌﯾوب اﻟﺷرﻋﯾﺔ
و اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﯾﺳﺗوﺟب اﻟﺗﺻدي ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺑﺣث واﻟﺗدﻗﯾق ﺑواﺳطﺔ أﻫل اﻟﺧﺑرة ﻗﺑل اﻟﺑت ﻓﯾﻪ ،4"...وﻟذﻟك ﻓﻲ ﻫذا
اﻟﻘرار ﺗﻧﻌﻲ اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﻗﺑوﻟﻪ طﻠب اﻟطﻼق ﻣن زوج ﻣﺻﺎب ﺑﻣرض ﻋﻘﻠﻲ ﻣﺛﺑت
ﺑﻣﻠف طﺑﻲ ﻣدﻓوع أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻟﻠﻣﻧﺎﻗﺷﺔ و اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ذﻟك ﺑواﺳطﺔ طﺑﯾب ﻣﺧﺗص ،ﻟﻠﻘول ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت
إرادﺗﻪ ﺳﻠﯾﻣﺔ أم ﻻ ؟ ،ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻠﻣواد)(42و) (43ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ و اﻟﻣﺎدة )(79ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺗﻰ
5
أﺣﺎﻟت إﻟﻰ ﺗطﺑﯾق أﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (58ﻣﻧﻪ.
ﺛﺎﻧﯾﺎً -اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ:
ﺳﺎﺑﻘﺎ ،إﻻ أﻣﺎم ﻗﺿﺎء اﻷﺣداث أي ﻓﻲ اﻟﻣواد اﻟﺟزاﺋﯾﺔ إﻻ أن
ً ﻟم ﯾﻛن ﻫذا اﻹﺟراء ﻣﻌﻣوًﻻ ﺑﻪ
اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻧص ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (425ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ ﻫذا
233
اﻹﺟراء و ﻫو ﺟوازي ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ،وﻟم ﯾﺣدد اﻟﻣﺷرع ﻛﯾف ﯾﺗم ﺗﻌﯾن اﻟﻣﺳﺎﻋد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ و ﻻ اﻟﻣﻬﺎم اﻟﺗﻲ
ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ ﻣﻣﺎ ﯾﻔﻬم ﻣن ذﻟك ﺗطﺑﯾق اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﯾﺗﻌﯾن اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻟﺗﻧﺳﯾق ﻣﻊ ﻣﻛﺗب اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
1
ﻟﺗﻌﯾن ﺗﻌﯾن ﻣﺳﺎﻋدة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣن ﺿﻣن اﻟﻣﺳﺎﻋدﯾن اﻟﻣﻌﻧﯾﯾن ﻟﻣراﻛز ﺗﺧﺿﻊ ﻟو ازرة اﻟﺗﺿﺎﻣن اﻟوطﻧﻲ
ﻓﻌﻠﻰ ﻓرض أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﺟﺄ إﻟﻰ ﻫذا اﻹﺟراء ﻓﻲ إطﺎر ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن اﻟﻣﺗﺧﺎﺻﻣﯾن،
ﻓﺎﻟﻣﺳﺎﻋد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﺻﺑﺢ ﻛوﺳﯾط ﻣﻛﻠف ﺑﺎﻟﺗواﺻل اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻣﻊ اﻟزوﺟﯾن وﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺣﺎﻟﺔ
2
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻌﯾﺷﺎﻧﻬﺎ وﻛذا ﺣﺎل اﻷطﻔﺎل اﻟﻘﺻر ،ﺣﺗﻰ ﯾﺗﺳﻧﻰ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟﺗﺣﻛم ﻓﻲ ﻣوﺿوع
وﻧظرا ﻷن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺑﯾن ﻛﯾف ﯾؤدي اﻟﻣﺳﺎﻋد اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣﻬﺎﻣﻪ ،واﻟﺗﻲ ﯾﻔﺗرض أن ﺗﻛون ﻓﻲ
ً
ﻣﻛﺗﺑﻪ ،ﺣﯾث ﯾﺳﺗدﻋﻲ اﻷطراف إﻟﻰ اﻟﺣﺿور إﻟﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﯾوم و اﻟﺳﺎﻋﺔ و اﻟﻣﺣددة أو ﯾﺗﻧﻘل اﻟﯾﻬم ،و ﻫﻧﺎ
ﻧﺗﺳﺎءل ﻋﻠﻰ ﻣن ﺗﻘﻊ اﻟﻣﺻﺎرﯾف اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ؟ ،ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻔﺗرض أﻧﻪ ﺳﯾﻧﺗﻘل إﻟﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﯾوم
واﻟﺳﺎﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣددﻫﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻣﻊ ﺗﻛﻠﯾف اﻷطراف ﺑﺎﻟﺣﺿور ﻣن طرف اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ.
ﻗررت اﻟﻣﺎدة ) (2/425ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺳﺎﻟف اﻟذﻛر ،ﻋﻠﻰ أن اﻟﺗﺣﻘﯾق ﯾﻧﺗﻬﻲ ﺑﺗﺣرﯾر ﺗﻘرﯾر ﯾﺗﺿﻣن
أﺟﻼ
اﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺳﺎﻋد واﻟﺣﻠول اﻟﻣﻘﺗرﺣﺔ ،و ﯾطﻠﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻷطراف ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻘرﯾر وﯾﺣدد ﻟﻬم ً
ﻟﺗﻘدﯾم طﻠب إﺟراء ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺿﺎد ،ﺣﯾث ﺗرﻛت اﻟﻣﺎدة ﺗﺣدﯾد اﻷﺟل ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻛﻣﺎ أﻧﻬﺎ ﻟم
3
ﺗﺣدد اﻟﻣدة اﻟﺗﻲ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﻘوم ﺑﻣﻬﺎﻣﻪ ﻓﯾﻬﺎ.
ﻏﺎﻟﺑﺎً ﻣﺎ ﯾﺗم اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﺧﺻوص ﻟﻣن ﺗؤول ﺣﺿﺎﻧﺔ اﻷوﻻد اﻟﺻﻐﺎر ،ﺳواء
ﻗﺑل اﻟﺣﻛم ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻛﺗدﺑﯾر ﯾﻠﺟﺄ إﻟﯾﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻹﺳﻧﺎد ﺣﺿﺎﻧﺔ ﻣؤﻗﺗﺔ أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ،4و ﻗﺑل
اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﻷن ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷﺑﻧﺎء ﺗﺳﺗﻧﺗﺞ ﻣن ﻗﺑل ﺑﺣث ﺗﻘوم ﺑﻪ ﻣﺳﺎﻋدة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،أﯾن ﺗظﻬر ﻓﯾﻪ
ﻋﻧﺎﺻر ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟوﻗوف ﻋﻠﯾﻬﺎ ،وﻫو ﻣﺎ ذﻫﺑت إﻟﯾﻪ ﻣوﻗف اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻌدﯾد ﻣن
ﻗ ارراﺗﻬﺎ ،اﻟﺗﻲ أرﺟﻌت ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺳﺗﺧﻼص ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺣﺿون ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻠﻘﺿﺎة ﻣﻊ ﻋدم إﻟزاﻣﻬم
رراﺗﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻟﻛن ﺣﯾث أن اﻟﻘﺿﺎة ﻏﯾر ﻣﻠزﻣﯾن
ﺑﺎﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﻓﺟﺎء ﻓﻲ إﺣدى ﻗ ا
234
ﺑﺎﻟﻠﺟوء إﻟﻰ ﻣﺳﺎﻋدة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﺎدام أﻧﻬم اﺳﺗﻧدوا إﻟﻰ وﺛﺎﺋق ﻣوﺟودة ﺑﺎﻟﻣﻠف ﻛﻣﺎ ﯾظﻬر ﻣن اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ
أوردﻫﺎ.1"...
ﻏﯾر أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻗرار آﺧر ذﻫﺑت إﻟﻰ ﺿرورة اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻣرﺷدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺣﯾث
ﺣﯾﺛﯾﺎﺗﻪ ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ... ":وﻟﻣﺎ ﺗﺑﯾن ﻣن اﻟﻘرار اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن اﻟطﺎﻋن ﯾدﻓﻊ ﺑﺄن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ﻟم ﺗﻣﺎرس
اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ﻋﻠﻰ أوﻻدﻫﺎ ﻣﻧذ ﻣﻐﺎدرﺗﻬﺎ اﻟﺑﯾت اﻟزوﺟﻲ ،و ﻟم ﺗطﻠب ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻬﻠﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻓﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻗﺿﺎة
اﻟﻣوﺿوع أن ﯾﺟروا ﺗﺣﻘﯾﻘﺎً ﻣﻌﻣﻘً ﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص إدﻋﺎء اﻟطﺎﻋن وذﻟك ﺑﺎﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﻣرﺷدة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و ﺗﺣرﯾر
ﻣﺣﺿر ﻋﻠﻰ ذﻟك وﻟﻣﺎ ﻗﺿﻰ ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع ﺑﺈﺳﻧﺎد اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ﻟﻸم دون أن ﯾﺟروا أي ﺗﺣﻘﯾق ﻋرﺿوا ﻗرارﻫم
2
ﻟﻠﻘﺻور ﻓﻲ اﻟﺗﺳﺑﯾب ،ﻣﻣﺎ ﯾﺳﺗوﺟب ﻧﻘض اﻟﻘرار ﺟزﺋﯾﺎ"....
ﺛﺎﻟﺛﺎً-اﻻﺳﺗﺷﺎرة :
وطﺑﻘﺎ
ً ﻣﺻداﻗﺎً ﻟﻘول اﻟﻧﺑﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯾﻪ و ﺳﻠم " :ﻣﺎ ﺧﺎب ﻣن اﺳﺗﺧﺎر وﻣﺎ ﻧدم ﻣن اﺳﺗﺷﺎر "،3
ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (425ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻣﻛﻧﻪ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ أﯾﺔ ﻣﺻﻠﺣﺔ
ﻣﺧﺗﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﺑﻐرض اﻻﺳﺗﺷﺎرة ،وأﺿﺎﻓت أﻧﻪ ﯾﻣﻛن اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻻﺳﺗﺷﺎرة ﻓﻲ أي وﻗت و ﺣﺗﻰ
أﺛﻧﺎء إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻣﺎ اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻻﺳﺗﺷﺎرة وﻣﺎ ﻧوع ﻫذﻩ اﻻﺳﺗﺷﺎرة اﻟﺗﻲ ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ؟ ،و ﻫل
ﺗﺗم ﺷﻔﺎﻫﺔ أو ﻛﺗﺎﺑﺔ ؟ ،و ﻣﺎ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻻﺳﺗﺷﺎرة أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ؟.
ﻟﻘد اﺳﺗﺣدث ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻻﺳﺗﺷﺎرة ﻛطرﯾق ﻣن طرق اﻟﺗﺣﻘﯾق ،ﺣﯾث ﻟم ﺗﻛن
ﻣﻧﺻوﺻﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺑل ،وﻗد ﻧص اﻟﻘﺎﻧون أﻧﻪ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ ﻫذا اﻟﺗﺣﻘﯾق ﻣﺗﻰ ظﻬر ﻟﻪ
1
-اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،650014ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2011 09/13ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
ﻋدد ،2012 ،01ص 313إﻟﻰ ،317ﻛﻣﺎ ﻗﺿت ﻓﻲ ﻗرار أﺧر ﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﺣﯾث أن ﻣﺳﺎﻟﺔ ﺗﻌﯾن ﻣرﺷدة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
أو إﺟراء ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺷﺧﺻﯾﺔ ﺑﯾن اﻷطراف ﻫﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﺗدﺧل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎص ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع ،و داﺧﻠﺔ ﻓﻲ ﻗﻧﺎﻋﺗﻬم اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ،
ﻟﻬم أن ﯾﻘﺑﻠوﻫﺎ أو ﯾرﻓﺿوﻫﺎ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫم ﻟﻬم اﻟﺻﻼﺣﯾﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻣﻬﺎم اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺗوﻛل إﻟﻰ ﻫؤﻻء ،أي اﻟﻣرﺷدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أو
إﺟراء ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻟو ﻟم ﯾﻘرروا ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ ﺑﺄﻧﻔﺳﻬم ،وﻟﻬم ﺣﯾﻧﺋذ اﻟﻘرار اﻟﻣﻧﺎﺳب اﻟذي ﯾﺻب ﻓﻲ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺣﺿون وﻫو ﻣﺎ
ﺗوﺻﻠوا إﻟﯾﻪ ﺣﯾﻧﻣﺎ رأوا أن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ ﺑﺻﻔﺗﻪ اﻷب أﺳﺗﺎذ رﺋﯾﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻻﺑﺗداﺋﻲ واﻟﻣﺣﺿون ﻣﺗﻣدرس ﺑروﺿﺔ اﻟﻣدرﺳﺔ
واﻧﻪ اﻷوﻟﻰ و اﻷﺻﺢ ﻟﺣﺿﺎﻧﺔ اﻟوﻟد ، "...ﻗرار رﻗم:752021 :اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ،2013/06/13ﻗرار ﻏﯾر ﻣﻧﺷور وﻟﺗﻔﺻﯾل أﻛﺛر
اﻧظر :ﻟﻌﻧﺎﻧﻲ أﻣﯾرة ﻧزاﻋﺎت اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋري ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق
ﺑن ﻋﻛﻧون ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2015-2013ص .35
-2اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،386514ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2007 /03/14ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
ﻣﻧﻘول ﻋن :ﻟﻌﻧﺎﻧﻲ أﻣﯾرة ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .36
-3رواﻩ اﻟطﺑراﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﺟﻣﻪ اﻟﻛﺑﯾر واﻟﺻﻐﯾر.
235
أﻫﻣﯾﺔ ﻓﻲ ذﻟك ﺣﺗﻰ و ﻟو ﻛﺎﻧت اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻷطراف ،وﻧﺟد ﻫذا اﻹﺟراء اﻟﻣﺗﻌﻠق
ﺑﺎﻻﺳﺗﺷﺎرة ﻣﻧظم ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟذي ﻣﻧﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻻﺳﺗﺷﺎرة
اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣواد ) (256إﻟﻰ ) (262ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون و ﻫﻲ إﺟراء وﺳط ﺑﯾن اﻟﺧﺑرة و اﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ.
ﯾﺻف اﻟﺑﻌض اﻻﺳﺗﺷﺎرة أﻧﻬﺎ ﺧﺑرة ﻣﺻﻐرة ﺗﺗم ﺑﺈﺟراءات ﻣﺑﺳطﺔ و ﺳرﯾﻌﺔ و ﺑﺄﻗل ﺗﻛﻠﻔﺔ و ﯾﻛون
اﻟﻠﺟوء اﻟﯾﻬﺎ ﻋﺎدة ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻧطوي اﻟﻧزاع ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎﺋل ﺧﺎرﺟﺔ ﻋن اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺎﺿﻲ ،وﯾرﻏب ﻓﻲ اﻟﺣﺻول
ﻋﻠﻰ ﻣﺟرد اﻻﺳﺗﺷﺎرة ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻬﺎ ،أﯾن ﻻ ﯾﺗطﻠب اﻷﻣر ﺗﺣرﯾﺎت أو ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻣﻌﻣﻘﺔ أو ﺗﻘﻧﯾﺔ ﺑﺣﺗﺔ ،وﻫو
اﻟﺗوﺟﻪ اﻟﺟدﯾد ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ اﻟذي ﯾﻔﺿل اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻻﺳﺗﺷﺎرة و ﺗﻌﻣﯾم اﻟﻠﺟوء إﻟﯾﻬﺎ ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ و رﺑﺢ
اﻟوﻗت.1
وﻟﻌل اﻟﺳﺑب ﻓﻲ اﺳﺗﺣداث اﻟﻣﺷرع ﻹﺟراء اﻻﺳﺗﺷﺎرة ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،وﻓﻲ
ﻣﺿطرا ﻟﻼﺳﺗﻌﺎﻧﺔ
ً إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻗد ﺗﻌﺗرﺿﻪ ﺑﻌض اﻟﻣﺳﺎﺋل ﺣﯾث ﯾﺟد ﻧﻔﺳﻪ
و اﺳﺗﺷﺎرة اﻟﻐﯾر ،ﻛﺎﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﻣﺧﺗص ﻓﻲ ﻣرﻛز اﻟﺻم ،ﺑﻌد أن ﯾﺣﺿر ﻫذا اﻟﻣﺧﺗص ﺷﻬﺎدة ﺗﻛوﯾن ﻓﻲ
إﺷﺎرت اﻟﻣﺻﺎب ﺑﺎﻟﺻم واﻟﺑﻛم ،و ﻟﯾس
ا ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ،دون أن ﻻ ﯾؤدي اﻟﯾﻣﯾن اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﺑل ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﺗرﺟﻣﺔ
ﺑﺎﻟﺿرورة إﺣﺿﺎر ﻣﺗرﺟم رﺳﻣﻲ ﻣﻣﻛن ﻣﺣﺎﻣﻲ ﺑﻌد أداﺋﻪ ﻟﻠﯾﻣﯾن اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻛﻲ ﯾﺳرد ﻧﻔس اﻟﻛﻼم اﻟذي
ﻧﻔﺳﺎﻧﯾﺎ أﺛﻧﺎء
ً ﯾﺻرح ﺑﻪ ﻫذا اﻟﻣﺧﺗص وﻻ ﯾﻧﻘص أو ﯾﺿﯾفٕ ،واذا ﻻﺣظ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺄن ﺣد اﻟزوﺟﯾن ﻣرﯾض
ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﯾﺣﺿر طﺑﯾب ،ﻟﻛﻲ ﯾﺳﺗﺷﯾرﻩ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺧص ﺣﺎﻟﺗﻪ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ أو اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ.
ﯾﻛﻣن أن ﯾﻛون اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ أي ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣﺧﺗﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻣﻌﯾن ،ﻓﻘد ﯾﻛون ﻣن اﻟﻣراﻛز اﻹﺳﺗﺷﻔﺎﺋﯾﺔ
أو اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ أو ﻏﯾر ذﻟك ،ﻓﺈن اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ أو اﻷطﺑﺎء أو اﻟﺧﺑراء ﻟﻼﺳﺗﻔﺎدة ﻣن اﺳﺗﺷﺎرﺗﻬم و
ﻓﻲ أي وﻗت ،و ﺣﺗﻰ أﺛﻧﺎء إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ طﺑﻘً ﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ) (425اﻟﻔﻘرة اﻷﺧﯾرة ،2ﻓﻠﻪ أن ﯾﺄﻣر ﺑﺈﺟراء
اﺳﺗﺷﺎرة إذا ﻛﺎﻧت وﻗﺎﺋﻊ اﻟﻧزاع ﻟﻬﺎ ﺟﺎﻧب ﻋﻠﻣﻲ ﯾﺗطﻠب ﺗوﺿﯾﺣﺎت ﻣن ﻣﺗﺧﺻﺻﯾن ﻓﻲ ﺷﺄن اﻟﻣوﺿوع
ﻣﺣل اﻻﺳﺗﺷﺎرة.3
اﺗﺟﻬت أﻏﻠب اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت إﻟﻰ ﻣﻧﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺻﻼﺣﯾﺔ اﺳﺗﻌﻣﺎل إﺟراء اﻻﺳﺗﺷﺎرة وﻋدم اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ
اﻟﺧﺑرة إﻻ ﻋﻧد ﻋدم ﻛﻔﺎﯾﺔ اﻻﺳﺗﺷﺎرة ،ﺣﯾث اﻟﻠﺟوء إﻟﯾﻬﺎ ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن ﯾﺟﺳد ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟدور اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﻣن ﺣﯾث إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﺧﺗﯾﺎر اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻷﻧﺳب ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻘﯾق ﻛﻠﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﻣﻬﻣﺔ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﯾﻣﻛن
236
إﻧﺟﺎزﻫﺎ ﻋن طرﯾق ﺗﺻرﯾﺣﺎت ﺑﺳﯾطﺔ ،ﻏﯾر ﻣﻌﻣق و وﻏﯾر ﻣﻌﻘدة ﻻ ﺗﺗطﻠب اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺧﺑرة و ﺑﺗﻛﻠﻔﺔ
ﻣﺣدودة و ﺗﺳﻣﺢ ﺑرﺑﺢ وﻗت.1
ﻻﺳﯾﻣﺎ وأن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻣﺣدد ﺑﻣﻬﻠﺔ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ،ﻓﻣﺛﻼً اﻟزوﺟﺔ ﻻ ﺗرﯾد اﻻﻧﻔﺻﺎل و اﻟرﺟل ﯾرﯾد أن
طﺑﯾﺎ ﻓﯾﻪ اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺗﻘﺎرﯾر ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ
ﯾطﻠق و ﻫذﻩ اﻟزوﺟﺔ ﺗدﻋﻲ أن زوﺟﻬﺎ ﻣرﯾض وﺗﻘدم ﻣﻠﻔﺎً ً
ﺑﺧﺻوص ذﻟك ،و ﻫﻧﺎ ﺑﺎﻟﺗﺄﻛﯾد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻻﺳﺗﺷﺎرة ﻓﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ أﻫل اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻻﺳﺗﺷﺎرﺗﻬم،
وﻻﺳﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟزوﺟﺔ ﻣﺗﻣﺳﻛﺔ ﺑزوﺟﻬﺎ رﻏم ﻣرﺿﻪ ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻣﻛﻧﻪ طﻠب اﺳﺗﺷﺎرة اﻟطﺑﯾب ﻓﻲ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ
ﺗﻘرﯾر اﻟﻣﻠف اﻟطﺑﻲ اﻟﻣرﻓق ﺑﺎﻟﻌرﯾﺿﺔ اﻻﻓﺗﺗﺎﺣﯾﺔ ،وﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﻟﺗدﻗﯾق ﻓﻲ
اﻟﻣﻠف اﻟطﺑﻲ ﻗﺑل اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق.
ﻟم ﯾﻧص ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ إﺟراء اﻻﺳﺗﺷﺎرة ﻛﺈﺟراء ﻋﺎم ﯾطﺑﻘﻪ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻘﺿﺎة
ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣواد ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻫﻧﺎك اﺳﺗﺛﻧﺎء ،ﺑل ذﻛرﻩ ﻛﺈﺟراء ﺧﺎص ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ ﺗﺟﯾز
ﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣﻛﻠف ﺑﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ إطﺎر ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﻪ اﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﯾﻬﺎ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﺣﻘﯾق ،2ورﻏم أن اﻟﻘﺎﻧون
اﻟﺳﺎﻟف اﻟذﻛر ﻟم ﯾﻠزم اﻟﻘﺿﺎة ﺑﺎﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﺳﺗﺷﺎرات ﻗﺑل اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺧﺑرة ،ﻓﺎﻟﻣﺎدة ) (75ﻣﻧﻪ ﺗﺗرك
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻣطﻠق اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر اﻹﺟراء اﻟذي ﯾراﻩ ﻣﻧﺎﺳﺑﺎ ﻟﻛل ﻗﺿﯾﺔ ،ﺑﺷرط أن ﯾﻛون ﻫذا اﻹﺟراء ﻣن
اﻹﺟراءات اﻟﺗﻲ ﯾﺳﻣﺢ ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ،3ﻷﻧﻪ ً
أﺣﯾﺎﻧﺎ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺧﺑرة ﻗد ﻻ ﯾﻛون ﺿرورًﯾﺎ رﻏم أن ﻟﻠﻧزاع
ﺟواﻧب ﻏﯾر ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ،أي اﻧطواء اﻟﻧزاع ﻋﻠﻰ أﻣور ﻓﻧﯾﺔ ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﺧﺎرﺟﺔ ﻋن ﻣﺟﺎل ﺗﺧﺻص اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺑﺣﯾث ﯾﻣﻛن ﻟﻬذا اﻷﺧﯾر أن ﯾﻠﺟﺎ إﻟﻰ اﻻﺳﺗﺷﺎرة ﺑدﻻ ﻣن اﻟﺧﺑرة ،4و ﻓور اﻧﺗﻬﺎء اﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﻧﺟز ﻣن
اﻟطﺑﯾب أو اﻟﺧﺑﯾر أو اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺳﺗﺷﺎرة ﯾﺣرر ﻣﺣﺿر ﺑذﻟك ،ﺣﺳب ﻣﺎ ﺗﻘﺗﺿﯾﻪ اﻻﺳﺗﺷﺎرة اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻣن
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﺣل اﻟﻧزاع و ﯾدون اﻟﺣﻠول اﻟﻣﻘﺗرﺣﺔ.5
ًإذا ﻣن اﻟﻣﻔﯾد أن ﻧﺟد اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﺣذا ﺣذو اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻹﺟراﺋﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ
وﺑﻬذﻩ اﻟﻛﯾﻔﯾﺔ ﯾﻛون ﻗد ﺗﻌزز دور اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﻲ إطﺎر ﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﺗﺣﻘﯾق وﺣﺗﻲ ﻓﻲ إﺟراءات
اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻪ ﻣﺗﺣﻛﻣﺎ ﻓﻲ زﻣﺎم اﻷﻣور ،و ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻻﺳﺗﺷﺎرة ﺷﻔﺎﻫﺔ ،ﻷﻧﻪ ﻟو اﺳﺗﻌﺻﻰ ﻋﻠﯾﻪ اﻷﻣر
237
إﻟﻰ درﺟﺔ إﺻدار أﻣر ﻛﺗﺎﺑﻲ ﻓﺎﻧﻪ ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ طرﯾق أﺧر ﻣن طرق اﻟﺗﺣﻘﯾق ﻛﺎﻟﺧﺑرة ﻣﺛﻼ،و ﻟﻛن اﻻﺳﺗﺷﺎرة
ﯾﻠﺟﺄ إﻟﯾﻬﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗﻛون اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﻣﻌﻘدة أو ﻓﻧﯾﺔ إﻟﻰ درﺟﺔ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻔﺻل ﻓﯾﻬﺎ إﻻ
ﺑﺎﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﻌﻣق ،وﻋﻠﯾﻪ ﺣﺗﻰ و ﻟم ﯾذﻛر اﻟﻣﺷرع ﻫذا اﻷﻣر ﻓﺎن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺳﺗﺷﯾر زﻣﻼﺋﻪ اﻟﻘﺿﺎة وﻛل ﻣن
ﻟﻪ ﻓﺎﺋدة ﻓﻲ اﺳﺗﺷﺎرﺗﻪ .1
راﺑﻌﺎً -اﻹﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ:
اﻷﺻل أن ﺗﻘوم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﻧظر ﻓﻲ اﻟدﻋوى اﻟﺗﻲ ﺗرﻓﻊ إﻟﯾﻬﺎ ﺑﺎﺗﺧﺎذ ﻛﺎﻓﺔ اﻹﺟراءات
ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ ،إﻟﻰ ﺣﯾن ﺻدور ﺣﻛم ﻓﯾﻬﺎ ﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن إرادة اﻟزوج أو إﺟراء
طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣواد ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و) (439و) (440و) (441و وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ ﻣن
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢً ،
ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،إﻻ أﻧﻪ اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻗد ﺗﺗواﻓر ظروف ﺗﻔرض اﻟﺧروج ﻋن اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ
ﻛﺄن ﯾﺗطﻠب اﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺑﻌض اﻹﺟراءات ﺧﺎرج ﻧطﺎق اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،ﺣﯾث ﯾﺟد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻧﻔﺳﻪ أﻣﺎم
اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻹﺟراء ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺎ ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺷﻛل إﻋﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻣن أﺟل اﻟﺗﺄﻛد ﻣن إرادة
اﻟطﻼق و ﺣﺗﻰ ﯾﻛون اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺑﯾﻧﺔ ﻣن أﻣرﻩ ،ﻓﯾﻣﺎ إذ ﻛﺎن اﻟزوج طﻠق أم ﻻ ؟ ،أو أﻧﻪ ﯾرﻏب ﻓﻲ إﯾﻘﺎع
اﻟطﻼق ،أو أن طﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﺗﻣﺳك ﺑرأﯾﻪ و طﻠﺑﻪ ودﻓوﻋﺎﺗﻪ.أو اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﻣوﻗف
اﻟزوﺟﺔ ﺣﯾﺎل اﻟدﻋوى اﻟﺗﻲ رﻓﻌﻬﺎ زوﺟﻪ ﻋﻠﯾﻬﺎ.
و ﻟﻬذا ﻗرر اﻟﻣﺷرع اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻹﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ إﺟراء أو أﻛﺛر ﻣن إﺟراءات اﻟﺗﺣﻘﯾق
ﻗﯾﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﻧﻔﺳﻬﺎ ﺑﺈﺟراء اﻟﺿرورﯾﺔ ،ذﻟك أن اﻹﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻋن اﻷﺻل اﻟذي ﻣﻔﺎدﻩ
اﻟﺗﺣﻘﯾق..2
ﻧﺟد أن اﻟﻣﺷرع ﻗد ذﻛر ﻫذا اﻹﺟراء ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (441ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ
ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﻔرع اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ،ﺣﯾث ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻧدب ﻗﺎض آﺧر ﻓﻲ إطﺎر اﻹﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ
ﻟﺳﻣﺎع أﺣد اﻟزوﺟﯾن ،ﻓﺈذا ﺗﻌذر ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺣﺿور إﻟﻰ اﻟﺟﻠﺳﺔ ﺷﺧﺻﯾﺎً ﻟﻣﺎﻧﻊ ﻣﺎ ﻛﺄن ﺗﻛون اﻟزوﺟﺔ ﺣﺎﻣل
ﺑﺎﻟﻣﺳﺗﺷﻔﻰ أو ﯾﻛون اﻟزوج ﺑﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻘﺎﺑﯾﺔ ﺑﻌﯾدة..اﻟﺦ ،3ﺣﯾث ﻟم ﯾﻘدم اﻟﻣﺷرع ﺑﺎﻟﺗﻔﺻﯾل ﻧوع اﻹﻧﺎﺑﺔ
ٕواﺟراﺋﻬﺎ و ﺷروطﻬﺎ و طرﯾﻘﺔ ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ،ﻟﻛن َﺗَﻧﺎول ﻫذا اﻹﺟراء ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻟﺧﺎص ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻘﯾق .
1
-ﺑن ﺣﻠﯾﻣﺔ ﯾﻣﯾﻧﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 42
-2ﺑن ﺣﻠﯾﻣﺔ ﯾﻣﯾﻧﺔ ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .42
-3ﺣﻣﯾش ﺣﺳﺎن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .5
238
وﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ اذا اﺣﺗﺎج اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻹﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﻏﯾرﻫﺎ ﺑﻣﺎ أﺗت ﺑﻪ اﻟﻣﺎدة
) (441ﯾﻌﻣد إﻟﻰ اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻹﺟراءات ،وﻣﻔﺎد أن اﻹﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻻ ﺗﻘﺗﺻر
ﻓﻘط ﻋﻠﻰ ﺳﻣﺎع اﻷطراف و إﻧﻣﺎ ﺗﺗﻌداﻫﺎ إﻟﻰ أي إﺟراء ﻣﻧﺗﺞ ﻓﻲ اﻟدﻋوى ،1ﻛﻣﺎ ﻧﻌﻠم أن اﻹﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ
ﻫﻲ ذات طﺎﺑﻊ اﺧﺗﯾﺎري ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ) (441و) (108ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون،و ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﺈذا رأى ﺿرورة اﻟﻠﺟوء إﻟﯾﻬﺎ ﯾﻘوم ﺑﺎﺗﺧﺎذ ﻫذا اﻟﺗدﺑﯾر.
ﻣن ﺑﯾن ﺷروط اﻹﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ ﺣﺿور أﺣد اﻟزوﺟﯾن إﻟﻰ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﻟوﺟود ﻋذر ﻣﻘﺑول طﺑﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة) (442ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺳﺎﻟف اﻟذﻛر ،أو ﺗﻛون ﻣﺣل إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺷﺧص
اﻟﻣراد ﺳﻣﺎﻋﻪ ﺧﺎرج داﺋرة اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ ،و أن ﯾﺗﻌذر ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺗﻧﻘل إﻟﻰ ﺧﺎرج داﺋرة
اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺑﺳب ﺑﻌد اﻟﻣﺳﺎﻓﺔ ،وأن ﺗﻛون اﻟواﻗﻌﺔ اﻟﻣراد إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ أو اﻟﺗﺄﻛد ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟدﻋوى وأن ﺗﻛون
اﻟواﻗﻌﺔ ﻣﺣددة وﻏﯾر ﻣﺟﻬوﻟﺔ وﻣﻣﻛﻧﺔ وﻏﯾر ﻣﺳﺗﺣﯾﻠﺔ و ﻣﻧﺗﺟﺔ ﻓﻲ اﻟدﻋوى ،2ﺣﯾث ﯾﺳﺗدﻋﻲ اﻟﺧﺻم أو
اﻟﺷﺧص اﻟﻣﻌﯾن ﻓﻲ اﻹﻧﺎﺑﺔ و ﺗﻘوم ﺑﺳﻣﺎﻋﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺿر ﺳواء ﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺳﻣﺎع اﻟزوﺟﯾن أو اﻟﺷﻬود.3
ﻋﻧد اﻻﻧﺗﻬﺎء ﻣن ﺗﻧﻔﯾذ اﻹﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ 4طﺑﻘً ﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (111ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺳﺎﻟف اﻟذﻛر ،ﯾرﺳل
اﻟﻣﻠف ﻣرﻓق ﺑﺎﻟﻣﺳﺗﻧدات و اﻷﺷﯾﺎء اﻟﻣﻠﺣﻘﺔ ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،وﻫذﻩ اﻹﺟراءات ﻧﻔﺳﻬﺎ ﺳواء ﻛﺎﻧت
اﻹﻧﺎﺑﺔ داﺧﻠﯾﺔ أو دوﻟﯾﺔ ،ﺣﯾث ﻗد ﯾﺣدث وأن ﯾﻛون أﺣد اﻷطراف ﻓﻲ دوﻟﺔ أﺟﻧﺑﯾﺔ ،وﻫو ﻣﺎ ﯾﺳﺗﻠزم إﻧﺎﺑﺔ
ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ أو إﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ أو اﻟﻘﻧﺻﻠﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ
ﺣﯾث ﺗطﺑق ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن اﻟﻣواد ) (112ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ وﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ .
ﺧﺎﻣﺳﺎً-اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻰ اﻟﺷﻬود :
ﻣن ﺑﯾن اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗﺧذﻫﺎ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﺣﻘﯾق ﻫﻲ اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻰ اﻟﺷﻬود
ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻪ ﺳﻠطﺎت ﻓﻲ إﺟراء ﺗﺣﻘﯾق وﺳﻣﺎع اﻟﺷﻬود ،ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻣﻛن ﻣن اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺄﻟﺔ إﯾﻘﺎع اﻟزوج
ﻟﻠطﻼق و ﺗﺣدﯾد ﺗﺎرﯾﺦ إﯾﻘﺎﻋﻪ ،وﻣن ﺛﻣﺔ ﻣﻌرﻓﺔ ﺗﺎرﯾﺦ ﺑداﯾﺔ ﺳرﯾﺎن ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ أو ﺳﻣﺎع اﻟزوﺟﺔ.
ﻧﺟد اﻟﻣﺷرع ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺎدة) (150أﺟﺎز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺑﺄن ﯾﺄﻣر ﺑﺳﻣﺎع اﻟﺷﻬود ﺣول اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون
ﺑطﺑﯾﻌﺗﻬﺎ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻺﺛﺑﺎت ﺑﺷﻬﺎدة اﻟﺷﻬود ،وﯾﻛون اﻟﺗﺣﻘﯾق ﻓﯾﻬﺎ ﺟﺎﺋز و ﻣﻔﯾد ﻟﻠﻘﺿﯾﺔ ،وﯾﺣدد واﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ
239
اﻷﻣر ﺑﺳﻣﺎع اﻟﺷﻬود اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺗﻲ َﺳﯾُ دﻟﻲ ﺑﻬﺎ اﻟﺷﻬود ﻓﻲ اﻟﯾوم وﺳﺎﻋﺔ اﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﻣﺣددة ﻟذﻟك ،و ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء
اﻟﻔروع ﯾﺟوز ﺳﻣﺎع اﻷﺷﺧﺎص اﻟﻣذﻛورﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة) (153ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺣﺎﻟﺔ اﻷﺷﺧﺎص و
اﻟطﻼق ،و ﯾﺟوز ﺣﺗﻰ ﺳﻣﺎع اﻟﻘﺻر اﻟذﯾن ﺑﻠﻐوا ﺳن اﻟﺗﻣﯾز ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻻﺳﺗدﻻل وﺧﻼل ذﻟك ﯾﺟوز
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾطرح أﺳﺋﻠﺔ ﻣﻔﯾدة ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻬود وﺗدون أﻗواﻟﻬم ﻓﻲ ﻣﺣﺎﺿر اﻟﺳﻣﺎع ،ﻓﺎﻟﺗﺣﻘﯾق أﻣر ﺿروري
ﻛﻣﺎ ذﻫﺑت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ إﻟﻰ ذﻟك.1
ﺳﺎدﺳﺎً-اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ :
ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﺄﻛد ﻣن إرادة اﻟزوج ﺑﺧﺻوص اﻟطﻼق اﻟذي ﻟم ﯾﺣﺿر إﻟﻰ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻟﺳﺑب
ﻗﺎﻧوﻧﻲ ،ﺟﺎز ﻟﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة أن ﯾﻧﺗﻘل ﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ واﺳﺗﺟواب اﻷﻗﺎرب و اﻟﺟﯾران ﻓﻲ ﻋﯾن
اﻟﻣﻛﺎن ،وﻫو ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ) ،2( 3/451و إن أﻗﺗﺿﻰ اﻷﻣر إﺻدار أﻣر أو إذن إﻟﻰ اﻟﻣﺣﺿر
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺑﺎﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ ﻣن أﺟل ﻣﻌﺎﯾﻧﺔ وﺟود اﻟزوﺟﺔ ﺑﺑﯾت اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣن ﻋدﻣﻪ ،وﺗﻛون اﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ
ﻋدة ﻣرات ﺑﺻﻔﺔ ﻣﻔﺎﺟﺋﺔ ،وﻫذا ﻛﻠﻪ ﻣن أﺟل اﻟﺗﺄﻛد ﻣن إدﻋﺎءات اﻟزوج.
ﺑﻌدﻣﺎ ﺗم ﺗﺑﯾﺎن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺿرورﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﺣﻘﯾق أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
ﺳﯾﺗم اﻵن اﻟﺗطرق إﻟﻰ دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﺧﻼل
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗﺎﻟﻲ.
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ إﺗﺧﺎذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
ﻣن ﺑﯾن اﻟﺗﻌدﯾﻼت اﻟﺗﻲ ﺟﺎء ﺑﻬﺎ اﻷﻣر رﻗم 02/05اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 2005/02/ 27ﻫو إﺿﺎﻓﺗﻪ ﻟﻠﻣﺎدة
) 57ﻣﻛرر( اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟﻔﺻل ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻻﺳﺗﻌﺟﺎل ﺑﻣوﺟب أﻣر ﻋﻠﻰ ﻋرﯾﺿﺔ
ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ و ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻣﺎ ﺗﻌﻠق ﻣﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ واﻟﺣﺿﺎﻧﺔ و اﻟزﯾﺎرة و اﻟﻣﺳﻛن".
ﺑﻬذا اﻟﻧص ﯾﻛون اﻟﻣﺷرع ﻗد ﺳﻣﺢ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ،و أﻋطﻰ ﻟﺻﺎﺣب اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﻣﺎ
ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻬذﻩ اﻟﻣﺳﺎﺋل ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﻪ اﻟﻣؤﻗت إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟدﻋوى اﻟﻣﻌروﺿﺔ أﻣﺎﻣﻪ ،ﺣﺗﻰ و ﻟو ﻛﺎن
ذﻟك ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (442ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﻧص
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ... " :ﯾﺟوز ﻟﻪ اﺗﺧﺎذ ﻣﺎ ﯾراﻩ ﻻزﻣﺎ ﻣن اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ ﺑﻣوﺟب أﻣر ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻷي طﻌن .وﻓﻲ
-1اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ )ﺳﺎﺑﻘﺎ( ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،35026ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1984/12/03اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ
،1989ﻋدد ،04ص 86وﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
2
-ﺣﻣﯾش ﺣﺳﺎن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .5
240
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣﺎﻻت ،ﯾﺟب أﻻ ﺗﺗﺟﺎوز ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ دﻋوى اﻟطﻼق " ،وﻧﺟد ﻛذاﻟك
اﻟﻣﺎدة ) (444ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺳﺎﻟف اﻟذﻛر اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺄﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر
ﻣﺎ إﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ اﻟزوﺟﺎن ﻋﻧد اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ" ،وﺟﺎء ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة 445ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺔ ظﻬور واﻗﻌﺔ ﺟدﯾدة،وﺣﺳب اﻟظروف ،أن ﯾﻠﻐﻲ أو ﯾﻌدل أو ﯾﺗﻣم اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ اﻟﺗﻲ أﻣر ﺑﻬﺎ ،ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗم
اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻫذا اﻷﻣر ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻷي طﻌن ".
ﻓﻘد ﻣﻧﺢ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻟﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻧظرﻩ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ
اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﻪ ،ﺑﺎﺗﺧﺎذ ﺟﻣﯾﻊ اﻹﺟراءات اﻟﺗﺣﻔظﯾﺔ و اﻟوﻗﺎﺋﯾﺔ أﺛﻧﺎء ﺳﯾر اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،ﻣﺛل ﻣﻧﺢ ﻧﻔﻘﺔ ﻣؤﻗﺗﺔ،
ﺣﺿﺎﻧﺔ ﻣؤﻗﺗﺔ ،زﯾﺎرة ﻣؤﻗﺗﺔ ،أﺛﺎث اﻷطﻔﺎل ،أﺛﺎث اﻟزوﺟﺔ أو اﻟزوج...اﻟﺦ .1
وﻗﺑل ذﻟك ﯾﺗطﻠب اﻷﻣر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻣﺎ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗﺧذﻫﺎ و ﺗﺣدﯾد
ﻣﺑررات اﺳﺗﺣداﺛﻬﺎ ﻓﻲ دﻋﺎوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ )أوﻻً ( ﺛم ﺗﺣدﯾد اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن اﻟﻠﺟوء إﻟﯾﻬﺎ
)ﺛﺎﻧﯾﺎ(ً.
أوﻻً -ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ و ﻣﺑررات اﺳﺗﺣداﺛﻬﺎ ﻓﻲ دﻋﺎوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ :
ﻧﺷﯾر ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ أن اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ ﻓﻲ ظل ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة رﻗم ،11/84إﺟراء ﻣﺳﺗﺣدث و ﻣؤﻗت،2
و ﻻﺳﯾﻣﺎ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ و ﻫو اﻷﻣر اﻟذي ﺗﺳﺑب ﻓﻲ ﺿﯾﺎع ﺣﻘوق اﻷوﻻد ،ﻣن ﺣﯾث اﻟﻧﻔﻘﺔ أو
اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ أو اﻟﺳﻛن أو ﻓﻲ ﺣﻘﻬم ﻟرؤﯾﺔ أوﻟﯾﺎﺋﻬم وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى طول إﺟراءات اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣواد ﻓك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ أو ﺣﺗﻰ أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ واﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎدل ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر.
وﻋﻠﯾﻪ أﺛﻧﺎء ﻣدة إﺟراء اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﺗطرح إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ﻣﺻﯾر ﺣﻘوق اﻷوﻻد اﻟﻣﺎدﯾﺔ و اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ ،ﻷﻧﻪ
أﺛﻧﺎء رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﯾﻛون اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻛﺑﯾرة ﻣن درﺟﺔ اﻟﺧﻼف و اﻟﺷﻘﺎق ﻣﺎ ﻗد ﯾدﻓﻌﻬم إﻟﻰ إﻫﻣﺎل
اﻷوﻻد ،و أﻣﺎم ﻫذﻩ اﻟوﺿﻌﯾﺔ ﺗدﺧل اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻟﺣل ﻫذﻩ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﺑﺎﺳﺗﺣداﺛﻪ ﻟﻠﻣﺎدة) 57ﻣﻛرر( ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،و أﺳﺑﺎب ﻫذا اﻟﺗﻌدﯾل ﻧﺟدﻫﺎ ﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻠﻰ أن ﻣﺳﺎﺋل اﻷﺳرة ﻻ ﺗﻘﺑل اﻟﺗﺄﺧﯾر و ﺗﻘﺗﺿﻲ
اﻟﺳرﻋﺔ و ﻋدم اﻟﺗراﺧﻲ.3
241
ﯾﻌرف اﻷﺳﺗﺎذ أﺣﻣد ﺷﺎﻣﻲ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ اﻹﺳﺗﻌﺟﺎﻟﯾﺔ ﺑﻘوﻟﻪ ":ﺗﻠك اﻹﺟراءات أو اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ
و اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻘﺿﺎﯾﺎ ﻻ ﺗﺣﺗﻣل اﻟﺑطء و اﻟﺗﺄﺧﯾر ،ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﻟﺗﻌﻠﻘﻬﺎ ﺑﺣﻘوق ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻻ ﺗﻘﺑل اﻟﺗﻧﺎزل أو
اﻹﻫﻣﺎل" ،1وﻟﻘد ﻣﻧﺢ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻟﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﻣﺧوﻟﺔ
ﻟﻘﺎﺿﻲ اﻻﺳﺗﻌﺟﺎل ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة) (1/425وﯾﻛون ﺑذﻟك ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺟﻌل ﻗﺎﺿﻲ
2
اﻟﻣوﺿوع أو اﻻﺳﺗﻌﺟﺎل ﯾﺗﺣول أﺣدﻫﻣﺎ إﻟﻰ اﻵﺧر.
ﺛﺎﻧﯾﺎً -ﺣﺎﻻت اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ:
ﺧوﻟت اﻟﻣﺎدة ) 57ﻣﻛرر( اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻔﺻل ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺳرﻋﺔ و اﻻﺳﺗﻌﺟﺎل ،ﺑﻣوﺟب أﻣر
ﻋﻠﻰ ﻋرﯾﺿﺔ ﻓﻲ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ ﺳواء أﺛﻧﺎء ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺻﻠﺢ أو ﺑﻌدﻫﺎ ،و ﻓﻲ ﻛل ﻣراﺣل اﻟﻧزاع ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ
ﻓﻲ دﻋﺎوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ و اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ،وﻣن ﺑﯾن اﻷﻣور اﻹﺳﺗﻌﺟﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن
أن ﺗﺛﺎر ﻧﺟد اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ)أ( اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺣﺿﺎﻧﺔ)ب( ،اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ
اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟزﯾﺎرة)ج( ،اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺳﻛن)د( ،اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺷﯾﺎء اﻟﺧﺎﺻﺔ
ﺑﺎﻟزوﺟﯾن)ه(.
أ -اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻣؤﻗت اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ :
أﻗر اﻟﻣﺷرع إﺟراءات ﺳرﯾﻌﺔ ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔﻘﺔ ،ﻷﻧﻪ ﺟرى ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ اﻟﻣﻌﺎش أن ﺗﻧﺗﻘل اﻟزوﺟﺔ
ّ
ﺣﺗﻣﺎ ﻟﻣن ﯾﻧﻔق
ً اﻟﻰ ﺑﯾت زوﺟﻬﺎ ﺣﺎل ﻗﯾﺎم دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ أو ﻗﺑﻠﻬﺎ ،وأﺛﻧﺎء ﻫذﻩ اﻟﻔﺗرة ﺗﺣﺗﺎج
ﻟﺳد ﺣﺎﺟﯾﺗﻬﺎ ﻫﻲ و أوﻻدﻫﺎ ،3وﻣن ﻫﻧﺎ ﻛﺎن ﻟﻠزوﺟﺔ أن ﺗﻠﺟﺄ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﯾث أﺻﺑﺢ ﯾﺗﻣﺗﻊ
ﻋﻠﯾﻬﺎ ّ
ﺑﺻﻼﺣﯾﺎت ﻗﺎﺿﻲ اﻷﻣور اﻟﻣﺳﺗﻌﺟﻠﺔ ﻗﺻد اﺳﺗﺻدار أﻣر ﻋﻠﻰ ﻋرﯾﺿﺔ ﯾﺗﺿﻣن اﻟﺣﻛم ﻟﻬﺎ وﻷوﻻدﻫﺎ ﺑﻣﺑﻠﻎ
ﻣن اﻟﻣﺎل ﻛﻧﻔﻘﺔ ،ﻛﻣﺎ ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ) (78ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة واﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﺗﺷﻣل اﻟﻧﻔﻘﺔ :
اﻟﻐداء و اﻟﻛﺳوة واﻟﻌﻼج.وﻣﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻣن اﻟﺿرورﯾﺎت ﻓﻲ اﻟﻌرف و اﻟﻌﺎدة " ،4رﯾﺛﻣﺎ ﯾﺻدر ﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع
أو ﻗد ﯾﺗوﺻل اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن.
ﺗطﺑق ﻫذﻩ اﻟﺗداﺑﯾر ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ دﻋﺎوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،و ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ ذﻟك ﯾﺗطﻠب ﻣن اﻟزوﺟﺔ
راﻓﻌﺔ اﻟدﻋوى أن ﺗﻘدم طﻠب ﺿﻣن ﻋرﯾﺿﺔ ﻣﺑررة و ﻣوﻗﻌﺔ ،ﺣﺳب ﻣﺎ ﺗﻘﺗﺿﯾﻪ ) (5/426ﻣن ﻗﺎﻧون
1
-ﺷﺎﻣﻲ أﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 276و . 277
2
-زودة ﻋﻣر ،اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ ﺿوء أراء اﻟﻔﻘﻬﺎء و أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎء ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص191.
-3ﺑن ﺟﻧﺎﺣﻲ أﻣﯾﻧﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص. 103
-4اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص. 103
242
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﻣﻧﺣت اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟواﻗﻊ ﻓﻲ داﺋرﺗﻬﺎ
ﻣوطن اﻟداﺋن ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ ،وﻋﻧد ﺗﺣﻘق اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن ﺟدﯾﺔ ﻗﯾﺎم دﻋوى طﻼق وﻣن ﻣﺑرراﺗﻪ ،ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺣﯾﻧﻬﺎ اﺗﺧﺎذ
ﻣﺎﻟﯾﺎ ﻛﻧﻔﻘﺔ ﻣؤﻗﺗﺔ ﻟﻬﺎ ،1إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ ﺻدور اﻟﺣﻛم
ﺗداﺑﯾر إﺳﺗﻌﺟﺎﻟﯾﺎ ﻣؤﻗﺗﺔ اﺗﺟﺎﻩ اﻟزوج ،ﺑﺄن ﯾﻘدم اﻟزوج ﻣﺑﻠﻐﺎً ً
ﻓﻲ ﻣوﺿوع دﻋوى.
ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟذي أﻣر ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻗﯾﻣﺗﻬﺎ ،ﺑطﻠب ﻣﻣن ﯾﻬﻣﻪ اﻷﻣر ،إﻣﺎ
ﻧظرا ﻟﻠوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺟدﯾدة ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾراﻋﻲ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾرﻩ
ﺑﺗﻌدﯾﻠﻬﺎ أو إﻟﻐﺎﺋﻬﺎ ،ﺣﺳب اﻟظروف اﻟﺗﻲ اﺳﺗدﻋت ذﻟك ً
ﻟﻠﻧﻔﻘﺔ اﻟﻣؤﻗﺗﺔ ﺣﺎل اﻟطرﻓﯾن و ظروف اﻟﻣﻌﺎش ،وﻟﻬذا ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻣؤﻗت اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ
ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ،أو ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب أﺣد اﻟزوﺟﯾن ،أو ﻛل ﺷﺧص ﺗﺗوﻓر ﻓﯾﻪ
ً ﻣوﺿوع ﺗﻌدﯾل ،إﻣﺎ
اﻟﺻﻔﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺻر ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ ،وﻫو ذات اﻷﻣر ﻣﻘرر ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت.2
ب-اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻣؤﻗت اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺣﺿﺎﻧﺔ :
ﺟدﯾدا ،وﻣﻧﺢ ﺣق اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ﻟﻸم
رﺗب ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻓﻲ ظل اﻟﻣﺎدة) (64أﺻﺣﺎب اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ﺗرﺗﯾﺑﺎً ً
ﺛم ﻟﻸب ،ﺛم اﻟﺟدة ﻷم ،ﺛم اﻟﺟدة ﻷب ،ﺛم اﻟﺧﺎﻟﺔ ،ﺛم اﻟﻌﻣﺔ ،ﺛم اﻷﻗرﺑون درﺟﺔ ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة ﻣﺻﻠﺣﺔ
اﻟﻣﺣﺿون ﻓﻲ ﻛل ذﻟك ،ﻓﺈن اﻟﻣﺎدة ) 57ﻣﻛرر( ﺣددت وﺿﻊ آﺧر ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ ﺣق اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﻓﺗرة
ﻣﺎﺑﯾن إﻗﺎﻣﺔ دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﺑﯾن ﺻدور ﺣﻛم ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﺣﯾث ﻧﺻت ﻋﻠﻰ
إﺳﻧﺎد ﺻﻼﺣﯾﺔ و اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻔﺻل ﻓﻲ طﻠب اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ إﻟﻰ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة وﻫو ﻧﻔﺳﻪ ﻗﺎﺿﻲ
اﻟﻣوﺿوع و اﻟذي ﻟﻪ ﺻﻼﺣﯾﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻻﺳﺗﻌﺟﺎل اﻟذي ﯾﻔﺻل ﺑﺻﻔﺔ ﻣؤﻗﺗﺔ ﺑﻣوﺟب أﻣر ﻋﻠﻰ ﻋرﯾﺿﺔ
ﻓﻲ ﺗدﺑﯾر ﯾﺧص أﻣر ﺣﺿﺎﻧﺔ اﻟﻘﺻر.
ﻓﺈذا ﻛﺎن أﺣد اﻟزوﺟﯾن أﻗﺎم دﻋوى اﻟطﻼق أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ،و ﻛﺎن ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ وﻟد أو أﻛﺛر ﻣﻣن
ﻫو ﻓﻲ ﺳن اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻔﺻل ﻓﻲ طﻠب إﺳﻧﺎد ﺣق اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ﻣﻘرر إﻟﻰ أﺣد ﻣﺳﺗﺣﻘﯾﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻔﺗرة
243
وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﺗﻛون أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻗﺑل ﺻدور ﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ،1ﺣﯾث ﯾراﻋﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺻﻠﺣﺔ
اﻟﻣﺣﺿون ﺑﺎﻷﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر ﺳﻧﻪ ﺑﯾن رﺿﯾﻊ ،و طﻔل ﯾدرس ،وطﻔل ﻣﻌﺎق،أو ﻣرﯾض.. ،اﻟﺦ ،وﺑﯾن ﻣﺎ
إذا ﻛﺎﻧت اﻷم ﺗﺄﺧذ ﻛل اﻷوﻻد أو ﻣن ﺑﯾن اﻷوﻻد ﻣن ﯾﺑﻘﻰ ﻣﻊ اﻷب.
وﻋﻠﯾﻪ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻣراﻋﺎة ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷوﻻد اﻟﻘﺻر ،2أن ﯾؤﻣر ﺑﻛل ﺗدﺑﯾر ﻣؤﻗت ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ
ﻣؤﻗﺗﺎ ﺣﺿﺎﻧﺔ اﻟﻘﺎﺻر ﻷﺣد اﻷﺑوﯾنٕ ،واذا ﺗﻌذر ذﻟك ﺗﺳﻧد ﻷﺣد اﻷﺷﺧﺎص
ً ﺑﺎﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ،ﻛﻣﺎ ﯾﺟوز أن ﯾﺳﻧد
اﻟﻣﺑﯾﻧﯾن وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ) (64ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺟﻣﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﯾراﻫﺎ ﻣﻔﯾدة ﺣول أوﺿﺎع
ﻋﺎﺋﻠﺔ اﻟﻘﺎﺻر و ﺳﻠوك اﻷﺑوﯾن وﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻟﻪ أن ﯾؤﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻣﺎ إﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ اﻟزوﺟﺎن ﻋﻧد اﻷﻣر
ﺑﺎﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻣؤﻗت.
ﻧﻔس اﻻﺗﺟﺎﻩ ﺳﻠﻛﻪ اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ،إذ أﺟﺎز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ظﻬور واﻗﻌﺔ
ﺟدﯾدة ﺣﺳب اﻟظروف أن ﯾﻛون إﺟراء إﺳﻧﺎد اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ﻣوﺿوع ﺗﻌدﯾل ،ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗم اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع إذا
ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ أو ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب ﻣن أﺣد اﻟزوﺟﯾن أو ﻛل
ً ﺗطﻠﺑت ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻘﺎﺻر ذﻟك إﻣﺎ
ﺷﺧص ﺗﺗوﻓر ﻓﯾﻪ اﻟﺻﻔﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺻر ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ.
ج -اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻣؤﻗت اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟزﯾﺎرة :
ﻛﺎن ﻗﺿﺎة اﻟﻣﺣﺎﻛم ﻗﺑل ﺗﻌدﯾل ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺑﻌد أن ﯾﺣﻛﻣوا ﺑﺎﻟطﻼق ﯾﺣﻛﻣون ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺣق اﻟزﯾﺎرة
ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻣﺿﻣون اﻟﻣﺎدة) (64ﻣن
ً أي زﯾﺎرة اﻟﻣﺣﺿون ﻟﻠزوج اﻵﺧر ،اﻟذي ﻟم ﺗﺳﻧد إﻟﯾﻪ اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ وذﻟك
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،أﻣﺎ ﺑﻌد ﺗﻌدﯾل ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺣﯾث أﺿﺎف اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﺎدة ) 57ﻣﻛرر( وﻛذا ﻧص اﻟﻣﺎدة
) (442ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،ﻓﻘد أﺻﺑﺢ ﻣن ﺣق أي واﺣد ﻣن ﻣﺳﺗﺣﻘﻲ اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ﺑﻣﺎ
ﻓﯾﻬم اﻷب و اﻷم أو ﻏﯾرﻫﻣﺎ أن ﯾﺗﻘدم ﺑطﻠب ﻓﻲ ﺷﻛل ﻋرﯾﺿﺔ ﻣﺳﺑﺑ ﺔ و ﻣوﻗﻌﺔ إﻟﻰ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة
ﻗﺻد اﺳﺗﺻدار أﻣر ﻋﻠﻰ ﻋرﯾﺿﺔ ،ﻓﯾﻔﺻل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻣوﺟب أﻣر و ﯾﻣﻧﺢ ﺣق اﻟزﯾﺎرة اﻟﻣؤﻗت ﻟﻠطرف اﻟذي
-1ﺑن ﺟﻧﺎﺣﻲ أﻣﯾﻧﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص ،19ﺟﻌل ﻓﺎﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻗﺎﻋدة ﻣراﻋﺎة ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺣﺿون ﻫﻲ اﻷﺳﻣﻰ وﻓوق
ﻛل اﻋﺗﺑﺎر وأﻋطﻰ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻛﺎﻣل اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ ﻣﺎ ﻫو أﺻﻠﺢ ﻟﻠﻣﺣﺿون ،وﺧﯾر دﻟﯾل ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻻﺟﺗﻬﺎد
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﺻﺎدر ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1997/02/18واﻟذي ﺟﺎء ﻓﯾﻬﻣﺎ ﯾﻠﻲ..." :ﻣن اﻟﻣﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺿﺎء أن اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ
ﺗﻣﻧﺢ ﺣﺳب ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺣﺿون ،وﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﺛﺎﺑﺗﺎ –ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺣﺎل -أن اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ أﺳﻧدت إﻟﻰ اﻷب ﻣراﻋﺎة ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺣﺿون
واﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ ﺗﻘرﯾر اﻟﻣرﺷدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤﻛد ذﻟك ﻓﺈن ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع أﻋﻣﺎﻻ ﻟﺳﻠطﺗﻬم اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻓﻘد طﺑﻘوا اﻟﻘﺎﻧون ،ﻣﻣﺎ
ﯾﺳﺗوﺟب رﻓض اﻟطﻌن."...
244
ﻟم ﺗﺳﻧد ﻟﻪ اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ،ﻣن ﯾوم رﻓﻊ دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وﻻﺳﯾﻣﺎ أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ أن ﯾﻔﻠﺢ
اﻟﺻﻠﺢ أو أن ﯾﺻدر ﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع .1
إذا ﻛﺎن اﻟوﻟد ﻋﻧد ﺣﺎﺿﻧﺗﻪ أو ﺣﺎﺿﻧﻪ أو ﻏﯾرﻫﻣﺎ ،ﻓﻠﯾس ﻣن ﺣق ﻣن ﺗﻘررت اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ﻟﻣﺻﻠﺣﺗﻪ
أن ﯾﻣﻧﻊ اﻟزوج اﻵﺧر أو ﻣن ﻟﻪ اﻟﺣق ﻣن رؤﯾﺔ وزﯾﺎرة اﻷوﻻد ،ﻏﯾر أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺟﺑر ﻋﻠﻰ إرﺳﺎﻟﻪ إﻟﻰ ﻣﻛﺎن
إﻗﺎﻣﺗﻪ ،ﺑل ﯾﻛﻔﻲ إﺧراﺟﻪ إﻟﻰ ﻣﻛﺎن ﯾﻣﻛن ﻣن ﺧﻼﻟﻪ رؤﯾﺗﻪ ،و إن ﻛﺎن ﻋﻧد أﺑﯾﻪ ﻓﯾﺟب ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ ﻣن
رؤﯾﺔ اﻟﻣﺣﺿون ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﻪ اﻟﺳﺎﺑق اﻟذﻛر ،ﻛﻣﺎ ﻫو ﻣﺣدد ﻓﻲ أﻣر اﻟزﯾﺎرة ،ﻷن ﻣرد ذﻟك ﺗﻣﺗﻊ ﻛل ﻣن
اﻟزوﺟﯾن ﺑﺎﻟﺣق ﻋﻠﻰ اﻟوﻟد ،ﻓﻼ ﯾﻣﻠك أﺣدﻫﻣﺎ إﺑطﺎل ﺣق ﻟﻸﺧر و ﻣن أﺟل ذﻟك ﯾﺣق ﻷي واﺣد ﻣن
ﻣﺳﺗﺣﻘﻲ اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ أن ﯾﺗﻘدم ﺑطﻠب إﻟﻰ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ اﻟﻔﺗرة اﻟﺗﻲ ﺗﻠﻲ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،2و ﻻﺳﯾﻣﺎ
أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ،3و اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﻫذا اﻟﺗﻌدﯾل ﻫو ﻣراﻋﺎة اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻧﻔﺳﻲ و اﻟﻣﻌﻧوي ﻟﻠﻣﺣﺿون
و ﻻﺳﯾﻣﺎ أﻧﻪ أﺛﻧﺎء اﻟدﻋوى ﻗد ﯾﻣﻧﻊ أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﻣن زﯾﺎرة اﻟﻣﺣﺿون اﻧﺗﻘﺎﻣﺎ ﻣﻧﻪ ﻋن رﻓﻌﻪ اﻟدﻋوى
ﺿدﻩ .4
د-اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻣؤﻗت اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺳﻛن :
ﯾﺳﺗﺛن اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﺗﻌدﯾﻠﻪ اﻟﺣق اﻟﻣؤﻗت ﻓﻲ اﻟﺳﻛن ،و ﻫﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻷﻫﻣﯾﺔ واﻟﻐﺎﻟب ﻓﻲ
ِ ﻟم
اﻟواﻗﻊ أن اﻟزوﺟﺔ و اﻷوﻻد ﻫم اﻟذﯾن ﯾﻌﺎﻧون ﻣن ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺳﻛن ،ﻷن اﻟزوﺟﺔ ﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﺧرج ﻣن ﻣﺳﻛن
اﻟزوﺟﯾﺔ و ﺗﺄﺧذ أوﻻدﻫﺎ ،ﻟﺗﺟد ﻧﻔﺳﻬﺎ أﻣﺎم واﻗﻊ اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻻ ﯾرﺣﻣﻬﺎ أﺣد ،ﻓﻘد ﯾﺄﺑﻰ أﻗرب اﻟﻧﺎس إﻟﯾﻬﺎ إﯾواﺋﻬﺎ
ﻫﻲ و أﺑﻧﺎﺋﻬﺎ ،5و ﻟﻣﺎ ﻛﺎن اﻷﻣر ﻛذﻟك ﻛﺎن ﻟﻠزوﺟﺔ أن ﺗﻘدم طﻠﺑﺎً ﻣؤﻗﺗﺎً ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺳﻛﻧﻬﺎ و ﺳﻛن أﺑﻧﺎﺋﻬﺎ
أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة طﻠﺑﻬﺎ ﻟﻠﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق أو ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ،وﻻ ﺳﺑﯾل إﻟﻰ ذﻟك إﻻ ﺑﺎﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻻﺳﺗﺻدار أﻣر
ﻋﻠﻰ ﻋرﯾﺿﺔ ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻣﺳﻛن رﯾﺛﻣﺎ ﯾﺗم اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع . 6
245
ﯾﻛﻣن دور ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻻﺳﺗﻌﺟﺎل ﻓﻲ اﻟطﻠب اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺗدﺑﯾر
اﻟﻣؤﻗت اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺳﻛن ،ﺑﻌد اﻟﺗﺣﻘق ﻣن ﻣﺑرراﺗﻪ ،ﺑﻣوﺟب أﻣر ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻷي طﻌن ،وﯾﻌد ﻫذا ﺧروﺟﺎ
ﻋن اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﻘررة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (312ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،ﻟﻛن ﻫذا ﻟﯾس ﻋﻠﻰ إطﻼﻗﻪ
ﻷﻧﻪ و ﺑﻣﻘﺗﺿﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (445ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ظﻬور واﻗﻌﺔ ﺟدﯾدة أن
ﯾﻠﻐﻲ أو ﯾﻌدل أو ﯾﺗﻣم اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ اﻟﺗﻲ أﻣر ﺑﻬﺎ ،ﻣﺎ ﻟم ﯾﺗم اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ،ﻫذا اﻷﻣر ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻷي
طﻌن ".
ﯾﻣﻛن ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة وﻓﻲ ﻛل اﻷﺣوال أﺛﻧﺎء إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ أن ﯾﺄﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻣﺎ إﺗﻔق
ﻋﻠﯾﻪ اﻟزوﺟﺎن ﻋﻧد اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ ،1ﺳواء اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺣﺿﺎﻧﺔ اﻷوﻻد أو اﻟﻧﻔﻘﺔ أو اﻟﺳﻛن أو اﻟزﯾﺎرة
أو أي ﻣﺳﺎﻟﺔ أﺧرى ،و ﻫﻧﺎ ﻻ ﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺗﻧﺎول ذﻟك ﻓﻲ اﻹﺟراءات
اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ ،وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى اﻟزوﺟﯾن ﻣﺗﻔﻘﯾن ﻋﻠﻰ ﻛل ﺷﻲء ﻣﺛﻼً اﻟزوﺟﯾن إطﺎرﯾن ﻣن أﺟل ﻣﺻﻠﺣﺔ
أوﻻدﻫﻣﺎ و ﻋدم إﻗﺣﺎﻣﻬم ﻓﻲ اﻟﻣﺷﺎﻛل ،ﻓﯾﺗﻔﻘﺎن ﻋﻠﻰ و ﺿﻊ اﻷوﻻد ﻋﻧد أﺣد أﻗﺎرﺑﻬﻣﺎ ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾراﻋﻲ ﻣﺎ
اﺗﻔﺎﻗﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﯾﺗﺧذ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺗدﺑﯾر ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﺗﻔﺎق اﻟطرﻓﯾن،ﻷﻧﻪ ﻣﻣﻛن أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﯾطﻠب ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺗدﺑﯾر و اﻟزوج اﻷﺧر ﯾواﻓق ﻏﻠﻰ ذﻟك اﻟﺗدﺑﯾر ﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻘﺻر.
إذا إﺗﺧذ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺗدﺑﯾر وﺟب ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﯾن اﺣﺗرام ﻫذا اﻟﺗدﺑﯾر ،ﻏﯾر أﻧﻪ ﻋﻧد ظﻬور وﻗﺎﺋﻊ ﺟدﯾدة
ﻟﻪ أن ﯾﻠﻐﻲ أو ﯾﻌدل أو ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻣم اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣﺄﻣور ﺑﻬﺎ وﻫذا ﻛﻠﻪ ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ ﺷرط ﻣﻔﺎدﻩ أن ﻻ ﯾﻛون
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻗد ﻓﺻل ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ،و ﯾﻛون اﻷﻣر اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺗدﺑﯾر ﺑﻌد إﻟﻐﺎﺋﻪ أو ﺗﻌدﯾﻠﻪ أو ﺗﺗﻣﯾﻪ
أﯾﺿﺎ .ﻣﺎﻋدا ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ظﻬور وﻗﺎﺋﻊ ﺟدﯾدة طرأت ﻋﻠﻰ أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﻛﺄن ﯾﺗﺻﺎﻟﺣﺎ أو
ً ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻷي طﻌن
أو ﯾﺗوﻓﻰ أﺣدﻫﻣﺎ أو ﯾﺻﺑﺢ ﻏﯾر ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻹﻧﻔﺎق أو أﻧﻪ ﺗﺳﻘط ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ...اﻟﺦ.
ﺣﻔﺎظﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻘوق اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ
ً ﻫذﻩ أﻫم اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﯾﺗﺧذ ﺗداﺑﯾر ﻣؤﻗﺗﺔ
ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ واﻟﺣﺿﺎﻧﺔ و اﻟزﯾﺎرة ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺳﻛن إﻻ أن ﻫذﻩ اﻟﺗداﺑﯾر ﻟﯾﺳت ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر و إﻧﻣﺎ
وردت ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗﺧذ ﻣﺎ ﺑدى ﻟﻪ ﻣن ﺗداﺑﯾر 2ﯾﻔرﺿﻬﺎ واﻗﻊ اﻟﻘﺿﯾﺔ و اﻟظروف
اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﻬﺎ .
246
ه -اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺷﯾﺎء اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟزوﺟﯾن :
وﻣن ﺑﯾن اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗطرح وﺗﻛون ذات طﺎﺑﻊ ﻣﺳﺗﻌﺟل وﻣؤﻗت ،وﯾﻣﻛن أن ﯾﺗﺧذ
ﺧوﻓﺎ ﻣن أن
ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ ﺗداﺑﯾر ﺑﻣوﺟب أواﻣر ﻋﻠﻰ ﻋراﺋض أﺛﻧﺎء ﺳﯾر اﻟدﻋوى ،ﻧﺟد أﻣوال اﻟزوﺟﯾن اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ و ً
ﻣﺿرا ﺑﺎﻟطرف اﻷﺧر ﯾﻘدم أﺣد اﻷزواج أﻣر ﻋﻠﻰ ﻋرﯾﺿﺔ
ﯾﺳﺗﻐل اﻟزوج اﻷﺧر اﻟوﺿﻊ و ﯾﺗﺻرف ﻓﯾﻬﺎ ً
ﯾﻔﺻل ﻣن ﺧﻼﻟﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺗدﺑﯾر ﻣؤﻗت ،ﻓﻲ ﻛل ﻣﺎ ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن ﯾﺣﻣﻲ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ أﺛﻧﺎء اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،و ﻻ
ﺳﯾﻣﺎ أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ﻣن أﺟل ﺿﻣﺎن ﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾن.
ﻓﯾﻣﻛن أن ﺗﺗرك اﻟزوﺟﺔ ﻣﺣل اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺳﺳب وﻗوع ﺧﻼف ،ﻓﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب ﻣﻧﻬﺎ ﯾﺗﺧذ اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺗداﺑﯾر ﯾﻠزم اﻟزوج أن ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ ﻣن ﻣﺗﺎﻋﻬﺎ وﺣﺎﺟﯾﺗﻬﺎ وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻷﺷﯾﺎء اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻓﯾﻛون ﺑذﻟك -ﻣﺗﺎع
اﻟزوﺟﯾن -ﻣن ﺑﯾن اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺳﺗﻌﺟﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠب اﺗﺧﺎذ ﺗداﺑﯾر ﻣؤﻗﺗﺔ ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﻣدة ،ﺧوﻓﺎً ﻣن
ﺗﺑدﯾدﻫﺎ ﻣن طرف اﻟزوج اﻷﺧر.1
ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ﻧﺟد أﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري ،اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ أوﻛل اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻬﻣﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ
اﻟﻔوري ﻋﻠﻰ اﻷﺻل ﻟﻠﺗداﺑﯾر اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (121ﻣن ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة ،وذﻟك ﻓﻲ اﻧﺗظﺎر
ﺻدور ﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ،ﻟﻣﺎ ﻟﻬذﻩ اﻟﺗداﺑﯾر ﻣن أﻫﻣﯾﺔ ﻗﺻوى ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻷﺳرة ،وﺧﺎﺻﺔ اﻟزوﺟﺔ
واﻷطﻔﺎل ﻓﻲ ﺗدﺑﯾر زﯾﺎرة اﻷﺑﻧﺎء أو ﺣﺿﺎﻧﺗﻬم اﻟﻣؤﻗﺗﺔ ،أو دراﺳﺗﻬم و ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ ،2ﻷﻧﻪ ﻓﻲ
أﺻﻼ اﻟزوﺟﯾن ﻣﺗﻧﺎزﻋﯾن أو ﻛﻼﻫﻣﺎ ﯾﺗﺧﻠﻰ ﻋﻧﻬﻣﺎ ،ﻓﺎﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة
ً ﻏﺎﻟب اﻷﻣر أو
) (443ﻫﻲ ﺗداﺑﯾر ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺳرة و ﻻﺳﯾﻣﺎ اﻟﻘﺻر ،ﻫدف ﻫذﻩ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ
اﻷﺳرة ﻣؤﻗﺗﺎً ﻓﻲ اﻧﺗظﺎر اﻟﺣﻛم و اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻧﻬﺎﺋﯾﺎٕ ،واذا ﺗﺑﯾﻧت وﻗﺎﺋﻊ ﺟدﯾدة ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺗﻌدﯾل
أﯾﺿﺎ اﻟﻣﺎدة ) (460اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻛن اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻣن أﺟل ﻣراﻋﺎة ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻘﺎﺻر أن ﯾﺄﻣر ﺑﻛل ﺗدﺑﯾر ﻣؤﻗت ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ
اﻟوﻻﯾﺔ .
-1ﺗﺑودﺷت ﻧﻌﯾﻣﺔ ،اﻟطﻼق و ﺗواﺑﻊ ﻓك اﻟﻌﺻﻣﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و اﻟﻘﺎﻧون اﻟوﺿﻌﻲ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة
اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺑن ﻋﻛﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر 2000،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،ص 206و . 207
-2ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻣﺣﺳن اﻟﺑﻘﺎﻟﻲ اﻟﺣﺳﻧﻲ ،دور اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أﻣﺎم ﻗﺿﺎء اﻷﺳرة ،ﻣﺣﺎﺿرة أﻟﻘﯾت ﻓﻲ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف
ﺑطﻧﺟﺔ ،اﻟﻣﻐرب ،/http://www.elkanoon.com ،ص .7
247
اﻟﺗدﺑﯾر ،وﻣن ﺣﻘﻪ أن ﯾﺗراﺟﻊ ﻷن اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻗﺿﯾﺔ ظرف وﻣﺳﺗﺟدات ﺗﺟﻌل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾراﺟﻊ و ﯾﻐﯾر اﻟﺗدﺑﯾر
اﻋﯾﺎ ﻓﻲ ذﻟك داﺋﻣﺎ ﻣﺎ ﯾﺣﻘق ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷﺳرة.1
ﺣﺳب اﻟظرف ﻣر ً
وﻋﻠﯾﻪ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟﻠزوﺟﯾن واﻷطﻔﺎل ،و ﺑﻌد اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﯾزول ذﻟك اﻟﺗدﺑﯾر ﻷﻧﻪ
ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻧﺟد أﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋرض اﻟﻧزاع ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء و ﺗﻌذر
اﻟﻣﺳﺎﻛﻧﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﺗﺗﺧذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗراﻫﺎ ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠزوﺟﺔ و اﻷطﻔﺎل ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ
أو ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب أﺣد اﻟزوﺟﯾن ،إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ ﺻدور اﻟﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﺳﻛن ﻣﻊ أﺣد
أﻗﺎرﺑﻪ أو أﻗﺎرب اﻟزوج.2
ﻧﺳﺗﻧﺞ أن اﻟﺗداﺑﯾر ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب إﻣﺎ أن ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ ،أو ﺑطﻠب ﻣن اﻷطراف ،أﻣﺎ
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري وﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺎدة ) (442ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﺟﺎءت ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل
ﻻزﻣﺎ ﻣن اﻟﺗداﺑﯾر أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ،3دون أن ﯾوﺿﺢ ﻣﺎ إذا
ً اﻟﺟواز ،ﺣﯾث ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﺗﺧﺎذ ﻣﺎ ﯾراﻩ
ﻛﺎن ﻻﺑد ﻣن ﺗﻘدﯾم طﻠب ﻣن أﺣد اﻷطراف؟ ،ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻧﺟد اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻣﻧﺢ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﺗﺧﺎذ
اﻟﺗداﺑﯾر إﻣﺎ ﺑﻣﺑﺎدرة ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ أو ﺑطﻠب ﻣن اﻷطراف ،أﻣﺎ اﻟﻧص اﻟﺟزاﺋري ﻏﯾر واﺿﺢ ﻓﻬل ﯾﻌﻧﻲ ذﻟك
أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺗﺧذﻩ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ أم ﻻ ﺑد ﻣن أن ﯾطﻠب اﻷطراف ذﻟك ؟.
ﻟﻛن ﺑﻣﺎ أن اﻷﻣر ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣﺟرد إﺟراء ﺗﺣﻔظﻲ ﻣؤﻗت ﯾﻣﻛن أن ﯾطﻠﺑﻪ اﻟﺧﺻوم ،و ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن
ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻪ إذا رأى ذﻟك و ﻟﻪ ﺳﻠطﺔ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر ﻣدى ﺿرورة اﺗﺧﺎذ اﻟﺗدﺑﯾر ﻣن ﻋدﻣﻪ .و ﻻ ﺳﯾﻣﺎ أن ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺑﻌدﻣﺎ ﺗﺑﻧﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ و اﻟﺗﻲ ﺗﻘول أن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ دور ﻓﻲ
ﻣﻧﺎﺳﺑﺎ ،ﻣﺛﻼ اﻟزوﺟﯾن أﺛﻧﺎء اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺄن ﺗدﻋﻲ اﻟزوﺟﺔ أن زوﺟﻬﺎ ﻟم ﯾﻧﻔق
ً اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،ﻓﻠﻪ أن ﯾﺗﺧذ ﻣﺎ ﯾراﻩ
-1ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻫذا اﻹﺟراء ﻣوﺿوع ﺗﻌدﯾل ،إذ ﺗطﻠﺑت ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻘﺎﺻر ذﻟك إﻣﺎ ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎً ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ ،أو ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب
اﻟوﻟﻲ أو اﻟﻘﺎﺻر اﻟﻣﻣﯾز أو ﻣﻣﺛل اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،أو ﻛل ﺷﺧص أﺧر ﺗﺗوﻓر ﻓﯾﻪ اﻟﺻﻔﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺎﺻر ،وﻛﻣﺎ ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ
إﻟﻐﺎء ﺗداﺑﯾر اﻹﻧﻬﺎء أو اﻟﺳﺣب اﻟﻣؤﻗت ﻟﻠﺣﻘوق اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟوﻻﯾﺔ أو اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ﻛﻠﯾﺎً أو ﺟزﺋﯾﺎ ،و ﻛذﻟك ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة
) (467ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻗﺑل اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع أن ﯾﺄﻣر ﺑﺎﺗﺧﺎذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻘﺻر و ﻫذا اﻷﻣر ﻏﯾر
ﻗﺎﺑل ﻻي طﻌن .
2
-أﻧظر اﻟﻣﺎدة ) (121ﻣن ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ و اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋرض
اﻟﻧزاع ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء ،وﺗﻌذر اﻟﻣﺳﺎﻛﻧﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﺗﺗﺧذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗراﻫﺎ ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠزوﺟﺔ
ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ طﻠب ،وذﻟك ﻓﻲ اﻧﺗظﺎر ﺻدور ﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﺳﻛن ﻣﻊ أﺣد أﻗﺎرﺑﻬﺎ أو أﻗﺎرب
واﻷطﻔﺎل ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎً أو ً
-3وردت ﻫذﻩ اﻟﺗداﺑﯾر ﻓﻲ اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣواد )(439ﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ.
248
ﻋﻠﯾﻬﺎ وﻋﻠﻰ أوﻻدﻫﺎ أو أﻧﻬم ﻓﻲ اﻟﺷﺎرع وأﻧﻪ أﻫﻣﻠﻬم ﯾﺗدﺧل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﯾﺗﺧذ ﺗدﺑﯾر ﻣؤﻗت ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل
اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ اﻟﻣﺎدة ) (424ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﺣﯾث ﯾﺗﻛﻔل ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺑﺎﻟﺳﻬر
ﻋﻠﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻘﺻر ﻓﯾﻣﻧﺣﻬم ﻧﻔﻘﺔ ﻣؤﻗﺗﺔ أو ﺳﻛن ﻣؤﻗت ،أوﻗد ﯾﺗﺑﯾن أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ أن ﻟﻠﻘﺻر
أﻣوال و ﺣﺳﺎﺑﺎت ﺟﺎرﯾﺔ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺧوﻓﺎ ﻣن اﻟﺗﺻرف ﻓﻲ ﺗﻠك اﻷﻣوال و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺗﺧذ ﺗدﺑﯾر ﻣؤﻗت
ﻓﻲ ﻋدم اﻟﺗﺻرف ﻓﻲ أﻣوال اﻟﻘﺻر .
ﻟﻛن ﯾطرح اﻹﺷﻛﺎل ﺑﯾن ﻧص اﻟﻣﺎدة )57ﻣﻛرر( ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،و اﻟﻣﺎدﺗﯾن ) (442و ) (310ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ،ﻷن ﻧص اﻟﻣﺎدة )57ﻣﻛرر( ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺗﺧﺎذ ﺗدﺑﯾر ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب
أﺣد اﻷطراف ﻗﺻد اﺳﺗﺻدار أﻣر ﻋﻠﻰ ﻋرﯾﺿﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻻﺳﺗﻌﺟﺎل )،ﺳواء ﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ اﻟﻣؤﻗﺗﺔ
أو اﻟزﯾﺎرة ..اﻟﺦ ( ،و ﻻ ﯾﻬم إذا ﻛﺎن اﻟﻧزاع ﺣول ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋم أم ﻻ1؟ ،ﻓﻘد ﯾﺳﺗﺟﯾب اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻛﻣﺎ ﻗد ﻻ ﯾﺳﺗﺟﯾب؛ وﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺗداﺑﯾر اﻟذي ﯾﺗﺧذ ﻓﻲ ﺷﻛل أﻣر ﻋﻠﻰ ﻋرﯾﺿﺔ ﯾﻘﺑل اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ،ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺔ اﻟرﻓض.
ﻟﻛن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺗدﺑﯾر اﻟﻣؤﻗت اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (442ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗﺧذﻩ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،إﻻ إذا
ﻛﺎن ﻫﻧﺎك ﻧزاع ﻣطروح ﻋﻠﯾﻪ ،وﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ و ﻟﯾس ﺑﺎﻟﺿرورة أن اﻷطراف ﻫم اﻟذﯾن
ﺳﯾطﻠﺑوﻧﻪ ،ﻓﻘد ﯾﻘوم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﺻرﯾﺣﺎت اﻷطراف و ﻣﺎ ﯾﺟري أﻣﺎﻣﻪ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ،و ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺗداﺑﯾر ﻻ ﺗﻘﺑل أي طرﯾق ﻣن طرق اﻟطﻌن.
ﻋﻧد ﻣﻼﺣظﺔ اﻟﻧﺻﯾن اﻹﺟراﺋﯾﯾن اﻟﺳﺎﻟﻔﯾن اﻟذﻛر ،ﯾوﻫم ﺑﺄن ﻫﻧﺎك ﺗﻧﺎﻗض ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ أو أن اﻟﻧص
اﻟﻼﺣق أﻟﻐﻰ ﺿﻣﻧﯾﺎً اﻟﻧص اﻷول ،ﻏﯾر أﻧﻪ ﻻ ﯾوﺟد ﺗﻧﺎﻗض و ﻻ ﺗﻌﺎرض ﻛﻼﻫﻣﺎ ﺗداﺑﯾر ﻣؤﻗﺗﺔ و ﻛﻼﻫﻣﺎ
ﻗﺎﻋدﺗﺎن إﺟراءﯾن ﻟﻛن اﻟﻣﺎدة ) (442ﯾﻛون إﻋﻣﺎﻟﻬﺎ أﺛﻧﺎء رﻓﻊ اﻟدﻋوى و ﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ،أﻣﺎ اﻟﻣﺎدة
)57ﻣﻛرر( ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ ﺗﺧص أﺣد اﻷطراف اﻟذي ﯾﺗﻘدم ﺑطﻠب إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻻ ﯾﺷﺗرط أن ﯾﻛون
ﻫﻧﺎك ﻧزاع ﻗﺎﺋم أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء وﻛﻣﺎ و ﻗد ﺗﻛون أﺛﻧﺎء رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،ﻟﻛن أﺣﯾﺎﻧﺎ ﺗط أر ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺑﺻﻔﺔ
ﻋﺎﻣﺔ ،وﻋﻠﻰ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋوارض واﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ،وﻫو
ﻣﺎ ﺳوف ﻧﺗﻌرض ﻟﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث اﻟﺗﺎﻟﻲ.
-1ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة) 57ﻣﻛرر( ﯾﻣﻛن ﻟﻠﺟدة ﺧﺎرج دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ أن ﺗﻘدم طﻠب ﻣن اﺟل اﺳﺗﺻدار اﻣر
ﻟزﯾﺎرة أﺣﻔﺎدﻫﺎ ﺑﻌد وﻓﺎة اﺑﻧﻬﺎ .
249
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث
ﻋوارض اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟطﺎرﺋﺔ ﻋﻠﻰ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ
ﻗد ﺗط أر ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ وأﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺎت اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ طﺎرئ أو ﻣﺎ ﯾﻣﺳﻰ
ﻋوارض اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،1ﺳواء ﻓﯾﻣﺎ ﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺟﺎﻧب اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻟﻠﺻﻠﺢ)أوﻻً ( ،أو ﻓﯾﻣﺎ ﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺟﺎﻧب
اﻹﺟراﺋﻲ ﻟﻪ)ﺛﺎﻧﯾﺎً(.
ﻓﺎﻟﺳؤال اﻟﻣطروح ﻛﯾف ﯾﺗﺻرف اﻟﻘﺎﺿﻲ؟ ،ﻫل ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻧﻘطﺎع أو ﺑﺳﻘوط اﻟﺧﺻوﻣﺔ؟ ،أو ﻫل
ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺄﺣدﻫﻣﺎ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق إذا ادﻋﻰ اﻟزوج ﻗﺑل و ﻓﺎﺗﻪ أﻧﻪ طﻠق أو ذﻛر ﻓﻲ ﻋرﯾﺿﺗﻪ
ﺧﺻوﺻﺎ أﻧﻪ أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻻ ﯾﺗﺄﻛد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫل
ً أﻧﻪ طﻠق ،وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا ﻟم ﯾذﻛر ﺑﻣﺎذا ﯾﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ؟ ،و
طﻠق أو ﻻ ؟ ،وﻣﺎ أﺛر ذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟدﻋوى اﻟﻣرﻓوﻋﺔ ؟.
-1ﻧظم اﻟﻣﺷرع ﻋوارض اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣواد )(207إﻟﻰ )(240ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ .
-2ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .172
250
ﻧﺟد ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻗﺿت ﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر ﻋﻧﻬﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2011/11/10ﺑﺎﻟﻣﺑدأ اﻷﺗﻲ ":
ﺗؤدي وﻓﺎة اﻟزوج ،ﺑﻌد رﻓﻌﻪ دﻋوى اﻟطﻼق إﻟﻰ اﻧﻘﺿﺎء اﻟﺧﺻوﻣﺔ و ﻟﯾس اﻻﻧﻘطﺎع اﻟﺧﺻوﻣﺔ .ﻻ ﯾﺣق ﻻ
ﻟﻠورﺛﺔ وﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺗﻐﯾر ﻣوﺿوع دﻋوى اﻟزوج ﻣن إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق إﻟﻰ ﺗﺛﺑﯾﺗﻪ ﺑﺄﺛر رﺟﻌﻲ".1
وﻋﻠﯾﻪ ﻧﺳﺗﻧﺗﺞ أﻧﻪ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗﻧﺑﻪ إﻟﻰ اﻟطﻠب اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
ﻟطﺎﻟب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة )(48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﺑﯾن ﻣﺎ إذا
ﺗﻌﻠق اﻟطﻠب ﺑﺈﯾﻘﺎع اﻟطﻼق أو إﺛﺑﺎﺗﻪ ،ﻷﻧﻪ ﻗد ﺗﺣﺻل اﻟوﻓﺎة ﺑﻌد ﻣﺎ ﺗرﻓﻊ دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
وﯾﺗزاﻣن واﻟﻘﺿﯾﺔ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﺣﯾث ﺗﺧﺗﻠف اﻵﺛﺎر ﻓﺎﻟطﻠب اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻣﻘدم ﻣن
اﻟزوج راﻓﻊ اﻟدﻋوى ﯾدﺧل ﻓﻲ إطﺎر اﻧﺣﻼل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻓﺈﻣﺎ أن ﯾﻛون طﻠﺑﻪ إ ﺛﺑﺎت واﻗﻌﺔ اﻟطﻼقٕ ،واﻣﺎ
أن ﯾﻛون طﻠﺑﻪ اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ.
ﻓﺎﻟﻣدﻋﻲ ﻫو اﻟذي ﯾﺣدد ﻧطﺎق اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻷﺷﺧﺎص و اﻟﻣوﺿوع و اﻟﺳﺑب ،و أن ﻗﺎﺿﻲ
ﺷؤون اﻷﺳرة وﻫو ﻗﺎﺿﻲ ﻣوﺿوع ،ﻣﻘﯾد ﺑﻣوﺿوع اﻟدﻋوى و ﻻ ﯾﻣﻠﻛﻪ ﺗﻐﯾرﻩ و اﻟﺣﻛم ﻓﻲ ﻏﯾر اﻟﻣوﺿوع
اﻟﻣطروح ﻋﻠﯾﻪ ،ﻓﻬذا اﻟزوج إﻣﺎ أﻧﻪ أوﻗﻊ اﻟطﻼق ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﺳﺎﺑق ﻟرﻓﻊ اﻟدﻋوى وﺗﻛون اﻟﻌدة ﻗد اﻧﻘﺿت ،أو أﻧﻪ
رﻓﻊ دﻋوى طﻼق ﻋﻠﻰ زوﺟﺗﻪ ،ﻓﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻠﺗﻔت إﻟﻰ طﻠب اﻟزوج اﻟﻣﺣدد واﻟﻣذﻛور ﻓﻲ
2
اﻟﻌرﯾﺿﺔ ،وﯾﺗﺄﻛد ﻣﻧﻪ ﺷﺧﺻﯾﺎً ﻋﻧد ﺣﺿورﻩ إﻟﻰ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﺛﺎﺑﺗﺎ ﻣن اﻟزوج اﻟذي ﻟم ﯾدع وﻗوع اﻟطﻼق وﻟم ﯾطﺎﻟب ﺑﺈﺛﺑﺎﺗﻪ ٕواﻧﻣﺎ طﺎﻟب إﯾﻘﺎﻋﻪ ،واﻟرﻏﺑﺔ
ﻓﻣﺗﻰ ﻛﺎن ً
ﻓﻲ اﻟطﻼق ﻣﻣﺎ ﯾﻔﯾد أﻧﻪ ﻟم ﯾﺗﻠﻔظ ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﻌد ،ﻷن اﻟﻌﺑرة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﻪ
اﻟدﻋوى اﻟﺗﻲ أﻗﺎﻣﻬﺎ اﻟزوج اﻟﻣﺗوﻓﻰ أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر اﻟﻣﺧﺻﺻﺔ ﻹﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ،اﺳﺗﻬدﻓت اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ
إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق وﻟم ﺗﺳﺗﻬدف إﺛﺑﺎت واﻗﻌﺔ اﻟطﻼق ﺑﺄﺛر رﺟﻌﻲ،ﻷن اﻟطﻼق ﯾﻌﺗﺑر ﻣن اﻟﺣﻘوق اﻹرادﯾﺔ
طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ) (220ﻣن
اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻘﺑل اﻻﻧﺗﻘﺎل ،ﻣﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻧﻘﺿت ﺑوﻓﺎة اﻟﻣدﻋﻲً ،
ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﻲ ﺗﻧص " ﺗﻧﻘﺿﻲ ﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺗﺑﻌﺎ ﻻﻧﻘﺿﺎء اﻟدﻋوى ...ﯾﻣﻛن ان ﺗﻧﻘﺿﻲ اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺑوﻓﺎة أﺣد
1
-وﻟﻣﻌرﻓﺔ أﺳﺑﺎب ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم 2653324
ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2011/11/10ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻋدد ،2012 ،02ص 238إﻟﻰ .241
_2إﻋﻣﺎﻻً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (450ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ.
251
ﺻرح ﻷول ﻣرة ﺑﺎﻟطﻼق ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻷوﻟﻰ أو اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﺛم ﺗوﻓﻲ ﻣﺑﺎﺷرة وﻟم ﺗﻧﻘض ﻓﺗرة ﻣﺣﺎوﻻت
اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﺣددة ﺑﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ،ﻗﺑل إﺗﻣﺎم إﺟراءات ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ وﻗﺑل ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻣﺛﺑت ﻟﻬذا
اﻟطﻼق ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺣﯾﻧﺋذ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﻻ ﯾﺻدر ﺣﻛﻣﺎً ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء اﻟدﻋوى دون اﻻﻟﺗﻔﺎت إﻟﻰ ﻫذا
اﻟطﻼق اﻟذي أوﻗﻌﻪ اﻟزوج أو إﻟﻰ اﻟﻌدة اﻟﻣﻧﺟرة ﻋﻧﻪ.1
ﻟﯾس ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺻدر ﺣﻛم ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء اﻟدﻋوى ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟوﻓﺎة ،ﻷﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺣﻠت ﺑﺎﻟطﻼق ﻗﺑل اﻟوﻓﺎة ،و ﻣﻧﻪ ﯾﺟب ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت أن ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق اﻟذي أوﻗﻌﻪ
اﻟزوج ﻟﯾﺳﺟل ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ طﺑﻘﺎً ﻟﻠﻣﺎدة 49اﻟﻔﻘرة اﻷﺧﯾرة ،و وذﻟك ﺑﻌد ﻣراﻗﺑﺗﻪ ﻟﻠﻌدة ﻓﯾﻣﺎ إذا اﻧﻘﺿت
أم ﻻ ؟ ،ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎﻧت ﺗﺗواﻓق وﺗﺗطﺎﺑق ﻣﻊ ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ و ﻛل أﺣﻛﺎم اﻟﻣﯾراث،اﻟرﺟﻌﺔ ،اﻟﻧﺳب ،أو ﺣﺗﻰ
ﺗﺣول اﻟﻌدة ﺑﺣد ذاﺗﻬﺎ ،ﻣن ﻋدة طﻼق إﻟﻰ ﻋدة اﻟوﻓﺎة.2
و ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻌدﯾد ﻣن اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾن و اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ،ﯾرون أن اﻟطﻼق اﻟذي ﯾوﻗﻌﻪ اﻟزوج ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة ،ﻻ
ﯾﻌﺗد ﺑﻪ ﺣﺗﻰ و ﻟو ﺻرح ﺑﻪ اﻟزوج أﻣﺎم ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻋدة ﻣرات أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺎت اﻟﺻﻠﺢ طﺎﻟﻣﺎ ﻟم
ﯾﺻدر ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻘﺿﻲ ﺑذﻟك ،3ﻣﻌﺗﻘدﯾن ﻣﺎدام أﻧﻪ إذا ﺗوﻓﻲ أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺧﻼل ﻓﺗرة
اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳوف ﯾﺻدر ﺣﻛم ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺑﺳﺑب وﻓﺎة أﺣد أطراف اﻟدﻋوى -اﻟزوج أو
طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة )(2/220ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،و ﺧﺎﺻﺔ وأن ﻧص اﻟﻣﺎدة
اﻟزوﺟﺔً ،-
) (25ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﺗﺑدأ ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺗﻣﺎم وﻻدﺗﻪ ﺣﯾﺎً ،و ﺗﻧﺗﻬﻲ ﺑﻣوﺗﻪ "
وﺑذﻟك ﻻ ﯾﺄﺧذون ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر واﻗﻌﺔ اﻟطﻼق اﻟﺗﻲ وﻗﻌت ﺧﺎرج ﺳﺎﺣﺔ اﻟﻘﺿﺎء ،أو ﺑﺎﻷﺣرى واﻗﻌﺔ اﻟطﻼق
اﻟﺗﻲ ﺷﻬدﻫﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺣد ذاﺗﻪ ﻣﻊ ﻛﺎﺗﺑﻪ وأﺣد اﻷزواج ﺧﻼل ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ .
ﺣﺗﻣﺎ إﻟﻰ ﺑروز ﻋدة ﺗﻧﺎﻗﺿﺎت ،وﯾطرح إﺷﻛﺎل ﻛﺑﯾر ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ،ﻷن
ً إن اﻷﺧذ ﺑﻬذا اﻟرأي ،ﺳﯾؤدي
إﻏﻔﺎل إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق اﻟواﻗﻊ اﻟذي ﯾؤﺛر ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺳﺗﺣﻘﺎق اﻹرث أو اﻟﻌدة ﻛون اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﺣﻠت ﺑﺎﻟطﻼق ﻗﺑل اﻟوﻓﺎة ،و ﻧﻔس اﻟﻣوﻗف اﺗﺧذﺗﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،4وﻣﻧﻪ إذا ﺗوﻓﻲ أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺧﻼل
-1ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 172
-2اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 173
-3اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 191
4
-ﺣﯾث أﻧﻪ ﯾﺗﺑﯾن ﺑﺎﻻطﻼع ﻋﻠﻰ ﺣﯾﺛﯾﺎت اﻟﺣﻛم ﻣوﺿوع اﻟطﻌن أن اﻟﻣدﻋﻲ اﻷﺻﻠﻲ اﻟذي ﻛﺎن ﻻ ﯾزال ﻋﻠﻰ ﻗﯾد اﻟﺣﯾﺎة أﺛﻧﺎء ﺳﯾر
دﻋوى اﻟﺣﺎل ﻗد ﺗﻣﺳك ﺑﺎﻟطﻼق اﻟذي طﺎﻟب ﺑﻪ ،وأﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ اﻧﻌﻘدت ﺗﺑﯾن ﺟﻠﯾﺎً ﺑﺄن اﻟزوج ﻛﺎن ﻣﺗﻣﺳﻛﺎً ﺑﺎﻟطﻼق،
وﺣﯾﻧﻣﺎ اﺳﺗﺟﺎﺑت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟطﻠﺑﻪ و ﻗﺿت ﺑﺎﻟطﻼق ﻓﺎن اﻟﺣﻛم ﺟﺎء ﻣﺗﻣﺎﺷﯾﺎً ﻣﻊ اﻟﻘﺎﻧون وﻣﻊ أﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ،
252
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،اﺳﺗﺣق اﻟﺣﻲ ﻣﻧﻬﻣﺎ اﻹرث ﻛون أن اﻟزوﺟﯾﺔ ﺗﻛون ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺣﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ
أو ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻓﻲ طﻼق اﻟﻘﺎﺿﻲ ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺗﻣﺎﺷﻰ وﻧص اﻟﻣﺎدة 126ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻓﺎﻷﻣر
ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟذي ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﺗﺄﻛد ﻣن أن ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﻟم ﺗﻧﻘض ﺑﻌد.
ﻓﺈذا ﺗوﻓﻲ اﻟزوج اﻟذي ﻫو ﻓﻲ ﻣرض اﻟﻣوت أﺛﻧﺎء ﺳﯾر دﻋوى اﻟطﻼق وﻟم ﯾﻛن ﺗﻠﻔظ ﺑﺎﻟطﻼق ﻗﺑل
ﺗﻣﺎم ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ،ﺗﻧﻘﺿﻲ دﻋوى اﻟطﻼق و ﺗﺻﺑﺢ اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻷرﻣﻠﺔ ﻓﻛﺎن اﻻﺟﺗﻬﺎداﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ واﺿﺣﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺣﯾث ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻘرار ﻣﺎ ﯾﻠﻲ" :ﻋﻠﻰ أﻧﻪ إذا ﺗوﻓﻲ اﻟزوج أﺛﻧﺎء ﺳﯾر
دﻋوى اﻟطﻼق ﻓﺗﻧﻘﺿﻲ دﻋوى اﻟطﻼق و ﺗﺻﺑﺢ اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ﺣﻛم اﻷرﻣﻠﺔ و ﻟﻬﺎ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻣﯾراث طﺑﻘﺎ
ﻟﻸﺣﻛﺎم اﻟﻣواد اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ :اﻟﻣﺎدة 132-47ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،و اﻟﻣﺎدة 25ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ .1".
ﺑﻌدﻣﺎ ﺗﻧﺎوﻟﻧﺎ أﺛر وﻓﺎة ﻓﻲ طﻼق اﻟزوج ،ﻓﻬل ﻧﻔس اﻟﺷﻲء ﯾﻘﺎل ﻋﻧد وﻓﺎة أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺧﻼل ﻣدة
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋوى اﻟﺗﻔرﯾق اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ؟
ب -وﻓﺎة أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺧﻼل ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟﺗﻔرﯾق اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻷﺧرى:
ﻗد ﺗﺣﺻل اﻟوﻓﺎة ﺑﻌد ﻣﺎ ﺗرﻓﻊ دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﺑطﻠب ﻣن اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ﺣدود اﻟﻣﺎدﺗﯾن
) (53و ) (54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،أو ﺗرﻓﻊ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إرادﺗﻲ اﻟزوﺟﯾن اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ،وﺗﻛون اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﻫﻧﺎ ﻻ ﯾوﺟد إﺷﻛﺎل ﺑﻣﺎ أن ﺣﻛم اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ و اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺣﻛم ﻣﻧﺷﺊ وﻻ
وﺟود ﻟﻬذﻩ اﻟﻣراﻛز ،إﻻ ﻣن ﯾوم ﺻدور ﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ.
و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣدام وﻓﺎة أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺣﺻﻠت أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ﺳواء ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻷوﻟﻰ أو اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ
أو ﻏﯾرﻫﺎ ﻻ ﯾوﺟد إﺷﻛﺎل ،ﻷن اﻟﻔرﻗﺔ و ﻛل اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺗرﺗب ،إﻻ ﻣن ﯾوم ﺻدور اﻟﺣﻛم
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻓﻼ ﺗطرح ﻫﺎﻫﻧﺎ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻌدة وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺳﺗﺣق اﻟﺣﻲ ﻣﻧﻬﻣﺎ اﻹرث،ﻷن اﻟزوﺟﯾﺔ ﺗﻛون ﻗﺎﺋﻣﺔ
ﻟﺣظﺔ اﻟوﻓﺎة و اﻧﺣﻼل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻛﺎن وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺣﺎﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ و اﻟﺧﺎرﺟﺔ ﻋن إرادة اﻷطراف طﺑﻘﺎ
ﻟﻠﻣﺎدﺗﯾن ) (25ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ و) (47ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ أﺳﺑﺎب اﻹرث ﻣﺗوﻓرة،ﻷن
اﻟزوﺟﺔ ﻛﺎﻧت ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟﺣظﺔ اﻟوﻓﺎة وﺗﻌﺗد اﻟزوﺟﺔ ﻋدة اﻟﻣﺗوﻓﻰ ﻋﻧﻬﺎ زوﺟﻬﺎ ،
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﻌﺻﻣﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﯾد اﻟزوج ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن رﻓض اﻟوﺟﻪ واﻟطﻌن ،"..اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار
رﻗم ،0698878ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2012/06/14ﻏﯾر ﻣﻧﺷور
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة واﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،352557ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2006/1/4ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
أﻧظر أﯾﺿﺎ -:ﻏﺿﺑﺎن ﻣﺑروﻛﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .61
253
أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟدﻋوى ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺻدر ﺣﻛم ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء اﻟدﻋوى ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟوﻓﺎة ،ﻷن
طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة) (47اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﺗﻧﺣل اﻟراﺑطﺔ
ً اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺣﻠت ﺑﺎﻟوﻓﺎة
اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺎﻟطﻼق أو ﺑﺎﻟوﻓﺎة " ،ﻓﺈن اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺗﻛون ﺑذﻟك ﻗد اﻧﻘﺿت ﺑوﻓﺎة اﻟﻣدﻋﻲ وﻻ ﯾﺻﺢ اﻋﺗﺑﺎر
اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻘطﺎع .
ﺛﺎﻧﯾﺎً -اﻟﻌوارض اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺟﺎﻧب اﻹﺟراﺋﻲ ﻟﻠﺻﻠﺢ:
ﻛذﻟك ﻣن اﻟﻌوارض اﻟﺗﻲ ﺗﻠﺣق اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋوارض اﻟﺷطب)أ( ،وﻋوارض اﻟﺗﻧﺎزل
ﻋﻧﻬﺎ)ب(
أ -ﺷطب دﻋﺎوى ﻓك اﻟﻌﺻﻣﺔ ﻟﻌدم ﺣﺿور اﻟﻣدﻋﻲ:
ﯾﺳﺗﺷف ﻣن ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (216ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،اﻟذي ﺟﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺣﻣل
اﻟﺟواز أﻧﻪ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ و ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ أن ﯾﺄﻣر ﺑﺷطب اﻟﻘﺿﯾﺔ
ﺑﺳﺑب ﻋدم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻹﺟراءات اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،أو ﺗﻠك اﻟﺗﻲ أﻣر ﺑﻬﺎ ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻟﻪ
اﻷﻣر ﺑﺷطب اﻟﻘﺿﯾﺔ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب ﻣﺷﺗرك ﻣن اﻟﺧﺻوم ،طﺑﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (216ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﻧﻣﯾز ﺑﯾن دﻋﺎوى اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ) ،(1ودﻋﺎوى
طﻼق اﻟﻘﺎﺿﻲ).(2
-1ﻓﻲ طﻼق اﻟزوج:
ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر رﻏم أن ﺷطب اﻟﻘﺿﯾﺔ ،ﻫو إﺟراء ﻗﺎﻧوﻧﻲ ذو طﺎﺑﻊ ﺟوازي و ﻟﯾس إﻟزاﻣﻲ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ،إﻻ أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗطﺑﯾق ﻫذا اﻟﻧص ﺑﺎﻷﺧص دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻋن طرﯾق اﻹرادة
اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج ،ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺻرح اﻟزوج ﺑﺎﻟطﻼق ،و ﯾؤﻛد ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻓﻲ اﻟﻌرﯾﺿﺔ اﻻﻓﺗﺗﺎﺣﯾﺔ ﻟﻠدﻋوى
وﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك ﯾﺄﻣر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺣﺿور اﻟﻣدﻋﻲ واﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻟﺣﺿور إﻟﻰ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﯾﺟرﯾﻬﺎ.
ﻗد ﻻ ﯾﺣﺿر اﻟﻣدﻋﻲ اﻟزوج ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد ﻹﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻷﻧﻪ ﻗد ﯾﺣول طﺎرئ دون
وﺻوﻟﻪ وﺣﺿورﻩ إﻟﻰ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﻣﺣدد ﻟﻬﺎ ،ﺑﺳب ﺗﺄﺧر وﺳﯾﻠﺔ اﻟﻧﻘل أو ازدﺣﺎم اﻟﻣواﺻﻼت
أو ﻟﻣرض أو ﻟﻠﺑﺣث ﻋن ﻗﺎﻋﺔ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ أو ﻟﺳﺑب آﺧر ،ﻓﻧﺟد ﻓرﯾق ﻣن اﻟﻘﺿﺎة ﯾﻌﻣدون إﻟﻰ
ﺣﺗﻣﺎ إﻟﻰ ﻋواﻗب وﺧﯾﻣﺔ ﺗﺿر
ً ﻓورا ،ﻣﻣﺎ ﯾؤدي
ﺗطﺑﯾق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) ،(216وﯾﺣﻛﻣون ﺑﺷطب اﻟدﻋوى ً
ﺑﺎﻷﺳرة دون أن ﯾﻠﺗﻔﺗوا إﻟﻰ اﻟطﻼق اﻟذي ﻗد وﻗﻊ و إﻟﻰ اﻟﻌدة اﻟﺗﻲ ﺗﺳري ﻣن اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟذي ﺗﻠﻔظ اﻟزوج
ﺑﺎﻟطﻼق ﻓﯾﻪ ،وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﯾﻔوت اﻟﻔرﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ إﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ،و ﻛذا اﻧﻘﺿﺎء ﻓﺗرة
اﻟﻌدة وﺗﺣول طﺑﯾﻌﯾﺔ اﻟطﻼق ﻣن طﻼق رﺟﻌﻲ إﻟﻰ طﻼق ﺑﺎﺋن.
254
ﻻ ﻧﻧﺳﻰ ﻣﺻﯾر ﻫذا اﻟطﻼق اﻟذي أﺣدﺛﻪ اﻟزوج ،و ﻻ ﯾﺧﻔﻰ ﻋﻠﻰ أﺣد أﻧﻪ ﻋﻧد إﺻدار اﻟﻘﺎﺿﻲ
أﺻﻼ ﻋﻠﻰ
ً ﻟﻠﺣﻛم ﺑﺷطب اﻟدﻋوى ،ﻓﺈﻧﻪ ﻟم و ﻟن ﯾﺗطرق ﻟﻠطﻼق أﺻﻼً ،وﻓﻲ ﻏﺎﻟب اﻷﺣﯾﺎن ﻻ ﯾطﻠﻊ
ﻓﺣوى و ﻣوﺿوع اﻟدﻋوى ،1اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺟﻌل اﻟزوﺟﯾن اﻷﺟﻧﺑﯾﯾن ﻣﺟﺗﻣﻌﯾن وﻫو ﺣرام ﺷر ً
ﻋﺎ ،وﻫذا ﻧﺎﺗﺞ
ﻋن اﻵﺛﺎر اﻟﺗﻲ ﯾرﺗﺑﻬﺎ اﻟﺷطب وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻋﻧد ﻋدم اﻧﺗﺑﺎﻩ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ ﻣﺿﻣون اﻟطﻠب اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ.
ﯾﺣدد اﻟﻣدﻋﻲ ﻧطﺎق اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻷﺷﺧﺎص واﻟﻣوﺿوع واﻟﺳﺑب ،وﻻ ﯾﻣﻠك ﻻ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺣﻛم
ﻓﻲ ﻏﯾر اﻟﻣوﺿوع اﻟﻣطروح ﻋﻠﯾﻪ ،ﻓﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻠﺗﻔت إﻟﻰ طﻠب اﻟزوج اﻟﻣﺣدد واﻟﻣذﻛور ﻓﻲ
اﻟﻌرﯾﺿﺔ ﻓﯾﻣﺎ إن ﻛﺎن ﻣﺗﻌﻠﻘﺎ ﺑطﻠب اﻟطﻼق-أي أﻧﻪ رﻓﻊ دﻋوى ﯾطﻠب اﻟطﻼق ﻣن زوﺟﺗﻪ -و ﻟم ﯾدع وﻗوع
اﻟطﻼق وﻟم ﯾطﺎﻟب ﺑﺈﺛﺑﺎﺗﻪ ٕواﻧﻣﺎ طﺎﻟب إﯾﻘﺎﻋﻪ واﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟطﻼق ،ﻣﻣﺎ ﯾﻔﯾد أﻧﻪ ﻟم ﯾﺗﻠﻔظ ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﻌد
ﻷن اﻟﻌﺑرة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﯾﻪ اﻟدﻋوى طﻠب ورﻏﺑﺔ اﻟزوج ﻓﻲ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق أو ﯾﺳﺗﻬدف طﻠﺑﻪ
إﺛﺑﺎت واﻗﻌﺔ اﻟطﻼق ﺑﺄﺛر رﺟﻌﻲ.
وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ذﻫب ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ إﻟﻰ اﻟﻘول أﻧﻪ" ﻻﺑد ﻣن اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن ﻣﺎ ﻫو ﺣق ﻟﻠﻌﺑﺎد وﻣﺎ ﻫو
ﺣق ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﻓﺈن ﻛﺎن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺣق ﺷطب اﻟدﻋوى ﻟﻌدم ﺣﺿور أﺣد اﻷطرف ،ﻏﯾر أن ﻣﺎ ﺗﻌﻠق ﺑﺣق ﷲ
ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻼ ﺣق ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺑﺷطب اﻟدﻋوى إﻻ ﺑﻌد اﻟﺗﺣري و اﻟﺗﺣﻘﯾق إن ﻛﺎن ﻗد وﻗﻊ اﻟطﻼق ،2ﻓﺈذا وﺟد أن
اﻟطﻼق ﻗد وﻗﻊ ﯾﺛﺑﺗﻪ و ﻻ ﯾﺷﺗرط ﻓﻲ وﻗوﻋﻪ أن ﯾﻘﻊ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ.3
ﻏﯾر أن اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻧﻘﺳم ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن إﻟﻰ ﻓرﯾﻘﯾن ،ﻓرﯾق ﻣن اﻟﻘﺿﺎء ﯾرى ﺑﺿرورة ﺷطب
دﻋوى اﻟطﻼق اﻟﻣرﻓوﻋﺔ ﻣن طرف اﻟزوج طﺑﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (216ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن ﻣﺣور اﻟدﻋوى ،ﯾدور
ﺣول ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وأن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ أﻣرت ﺑﺣﺿور اﻟطرﻓﯾن ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﻣﻌﯾن ،إﻻ أن
اﻟزوﺟﯾن ﺗﻐﯾﺑﺎ ﻓﺗؤﺟل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟدﻋوى إﻟﻰ ﺗﺎرﯾﺦ ﻻﺣق ﻟﻧﻔس اﻟﻐرض ،إﻻ أﻧﻪ ﻛﺎن ﺑدون ﺟدوى ،وطﺎﻟﻣﺎ
ﺷﺧﺻﯾﺎ ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ ﻋدم
ً ﯾﺟب ﺣﺿور اﻟزوج اﻟذي ﯾطﺎﻟب ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺣﺿور ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﻗﺑول دﻋواﻩ وﻓﻘﺎ ﻟﻣﺎ اﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘﺿﺎء ،و ﯾﺳﺗﻧدون إﻟﻰ ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 2009/1/14
ﺗﺣت رﻗم ،4474956ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓرﯾق أﺧر ﻣن اﻟﻘﺿﺎة ﻻ ﯾﻠﺟؤون إﻟﻰ ﺷطب اﻟﻘﺿﯾﺔ إذا ﻟم ﯾﺣﺿر راﻓﻊ
-1ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 161و . 162
2
-اﻟﻣﺻري اﻟﻣﺑروك ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .552
-3اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .551
-4أﻧظر ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻋن ﻣﺣﻛﻣﺔ ﻋﯾن ﺗﻣوﺷﻧت ﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎﺋﻲ ﺳﯾدي ﺑﻠﻌﺑﺎس ،ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺣﻛم 12/12/12ﺗﺣت
رﻗم ،02373/12ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
255
رﻓﺿﺎ ﻟﻠﺻﻠﺢ .وأﻧﻪ ﻣﺟرد إﺟراء ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﺳﺗﯾﻔﺎﺋﻪ و ﯾﻛون ﺛﺎﺑﺗﺎ ﻓﻲ
ً اﻟدﻋوى ،ﻷﻧﻬم ﯾﻌﺗﺑرون ذﻟك
اﻟﻣﺣﺿر ،وﻫذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻣن طرف اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﺣﯾث ﻧﺟد إﺣدى ﻫذﻩ اﻟﻘ اررات
اﻟﺻﺎدرة ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،1999/03/16ﺗﺿﻣﻧت ﺣﯾﺛﯾﺎﺗﻪ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ...":ﻟﻛن ﺣﯾث أن اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ
اﻷول ﻟم ﯾﻐﻔل ﻣﺣﺎوﻟﺔ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑل اﺳﺗدﻋﻰ اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ وﺣدد ﺟﻠﺳﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺎﻹﺟراء اﻟﻣذﻛور
ﻋﻣدا ﻋن ﺟﻠﺳﺔ
وأﺟﻠت اﻟﻘﺿﯾﺔ وﺣددت ﺟﻠﺳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻹﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ،ﻏﯾر أن اﻟﻣدﻋﻲ ﺗﻐﯾب ً
اﻟﺻﻠﺢ وﺑذﻟك ﺗﻛون اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗد ﻗﺎﻣت ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ وﻏﯾﺎب اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ
ﻣﻣﺎ ﯾﻔﻧد ﻋدم رﻏﺑﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ.1" ...
وﻋﻠﯾﻪ ﯾﺳﺗﺣﺳن ﺗﻔﺎدي اﻟﺷطب ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،و ﻻﺳﯾﻣﺎ و أن اﻟﻣﺷرع ﺟﻌل ﻣن
ﻫذا اﻹﺟراء إﺟراء ﺟوازي ﻋﻧد ﻋدم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻹﺟراءات اﻟﺗﻲ أﻣر ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﻼ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺷطب ﻓﻲ ﺣد
ذاﺗﻪ ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،2ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺧول ﻗﺎﻧوﻧﺎً ﻟذاﻟك ،وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى أن ﻻ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﺷطب و إﻧﻣﺎ ﯾﻘوم
ﺑﺎﺗﺧﺎذ إﺟراءات أﺧرى 3واﻟﺗﻲ ورد ذﻛرﻫﺎ ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (441ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ
إذا اﺳﺗﺣﺎل ﻋﻠﻰ أﺣد اﻟزوﺟﯾن و ﻻﺳﯾﻣﺎ اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﺣﺿور ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد أو ﺣدث ﻟﻪ ﻣﺎﻧﻊ ،ﺟﺎز
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ إﻣﺎ ﺗﺣدﯾد ﺗﺎرﯾﺦ ﻻﺣق ﻟﻠﺟﻠﺳﺔ ،أو ﻧدب ﻗﺎض آﺧر ﻟﺳﻣﺎﻋﻪ ﺑﻣوﺟب إﻧﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ،و ﻟذﻟك
أﺻﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟراﻣﯾﺔ إﻟﻰ ﺗطﺑﯾق ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
ً طرﻓﺎ
ً وأﺿﺣﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،217179ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1999/03/16اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد
ﺧﺎص ،2001،ص . 123
ﺳﺎﺑﻘﺎ ﺟزاء ﻟﻐﯾﺎب اﻟﻣدﻋﻰ ﻋن اﻟﺟﻠﺳﺔ اﻷوﻟﻰ دون ﻣﺑرر ﺷرﻋﻲ ،ﻏﯾر أن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
ً -2ﻛﺎن اﻟﺷطب
واﻹدارﯾﺔ ﺣدد ﺣﺎﻻت اﻟوﻗف ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺗﻲ إرﺟﺎء اﻟﻔﺻل و ﺷطب اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن اﻟﺟدول ،طﺑﻘﺎً ﻟﻧص
اﻟﻣﺎدة) (213ﻣﻧﻪ وأﻋطﻰ ﻟﻠﺷطب ﻣﻔﻬوم ﺟدﯾد ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة ) (216ﻣﻧﻪ ،ﻓﻠﻠﻘﺎﺿﻲ ﺳﻠطﺔ ﻓﻲ وﻗف اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻋن طرﯾق
اﻟﺷطب ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻣﺎطل اﻷطراف ﻋن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻹﺟراءات اﻟﺗﻲ أﻣر ﺑﻬﺎ ،و ﺑذﻟك ﻟم ﯾﻌد اﻟﺷطب ﺟزاء ﻟﻌدم اﻟﺣﺿور و إﻧﻣﺎ
ﺟزاء ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻷواﻣر اﻟﺗﻲ أﻣر ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء ﺳﯾر اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،أﻧظر - :ﺣﻣدادو ﻟﻣﯾﺎء ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص ..118
-ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﯾﻘﺿﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺷطب ﻓﯾﻌﺗﺑر ذﻟك أﻣر و ﻻﺋﯾﺎ ﻣوﻗﻔﺎ ﻟﻠﺧﺻوﻣﺔ و ﻟﯾس ﺣﻛﻣﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺻل وﻟﻠﻣدﻋﻲ إﻋﺎدة
رﻓﻊ دﻋوى ﻣن ﺟدﯾد وﻗد ﯾﻛون اﻟﺷطب اﺗﻔﺎﻗﯾﺎ ﺑﯾن اﻟﺧﺻﻣﯾن ﻋن طرﯾق ﺗﻘدﯾم طﻠب ﻣﺷﺗرك
-3ﻓﻲ إطﺎر اﻟدور اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﯾطﺑق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (450ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ وﻫو اﻟرأي اﻟﺳﻠﯾم
واﻟﺗﻲ ﺗﺧول اﻟﻘﺎﺿﻲ اﺗﺧﺎذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺗﻲ ﯾراﻫﺎ ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ و ﺿرورﯾﺔ ﻣن أﺟل اﻟﻛﺷف ﻋن اﻹرادة ﻓﻲ طﻠب اﻟطﻼق وﻻ ﯾﺣﻛم
ﺑﺷطب اﻟدﻋوى ﻣﺑﺎﺷرة .
256
ﺑﻣوﺟب ﻧص اﻟﻣﺎدة 3ﻣﻛرر أن ﺗﺗدﺧل و ﺗﻌﺗرض ﻋﻠﻰ ﺷطب دﻋوى طﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة أﺧذا ﺑﻌﯾن
اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟطﻼق اﻟﺣﺎﺻل واﻟذي ﯾؤﻛدﻩ اﻟﻣدﻋﻲ ﻓﻲ ﻋرﯾﺿﺗﻪ اﻻﻓﺗﺗﺎﺣﯾﺔ ،وﻟﻛﻲ ﯾﺣﺳب ﻣن ﻋدد اﻟطﻠﻘﺎت
ﺗﻔﺎدﯾﺎ ﻟﻺﺷﻛﺎل اﻟذي ﯾطرح ﺑﻌد اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﺷطب ﻓﯾﻣﺎ إن ﻛﺎﻧت اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ أم ﻻ ،إذا ﺣدث وأن
و ذﻟك ً
ﺗوﻓﻲ اﻟزوج ﻫل ﺗﻌﺗد ﻋدة اﻟﻣﺗوﻓﻰ ﻋﻧﻬﺎ زوﺟﻬﺎ أم ﻻ ؟ ،و ﻫل ﯾﺗوارﺛﺎن أم ﻻ.
-2ﻓﻲ طﻼق اﻟﻘﺎﺿﻲ:
ﻧﺟد ﻓﻲ دﻋﺎوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑطﻠب ﻣن اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ﺣدود اﻟﻣواد ) (53و) (54ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة أو ﺑطﻠب ﻣن اﻟزوﺟﯾن ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ،أﻧﻪ ﻻ ﯾوﺟد إﺷﻛﺎل ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺷطب
اﻟﻘﺿﯾﺔ ،ﻷن اﻵﺛﺎر ﺗﻛون أﻗل ﺣدة ﻓﻲ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻋن طرﯾق اﻟﺧﻠﻊ أو اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟطﻼق
ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ أو اﻟطﻼق ﻗﺑل اﻟﺑﻧﺎء ،ﻷن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻻ ﺗزال ﻗﺎﺋﻣﺔ و ﻟم ﺗﻧﺣل ﺑﻌد وأن اﻟﻌدة ﻻ ﺗﺗرﺗب إﻻ
ﺑﻌد ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ.
وﻓﻲ اﻋﺗﻘﺎدي أن ﺷطب اﻟدﻋوى ﻧﺟدﻩ ﻣؤﺳس ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ واﺣدة ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون راﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻏﯾر
اﻟزوﺟﯾن ،ﻛﺄن ﯾرﻓﻌﻬﺎ اﻷوﻟﯾﺎء أو ﺷﺧص آﺧر ،ﺣﯾث ﯾﻛون اﻟﺷطب ﻣؤﺳس ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻷن طﺎﻟب ﻓك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣﻠزم ﺑﺎﻟﺣﺿور ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن إرادﺗﻪ.
ب -اﻷﺛر اﻟﻣﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟدﻋوى ﻋﻠﻰ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ:
ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (220ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﺗﻧﻘﺿﻲ اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺗﺑﻌﺎً
ﻻﻧﻘﺿﺎء اﻟدﻋوى.أو ﺑﺎﻟﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟدﻋوى" ،وﻧﺟد اﻟﻣﺎدة ) (221ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ" :و ﺗﻧﻘﺿﻲ اﻟﺧﺻوﻣﺔ أﺻ ًﻼ
ﺑﺳﺑب ﺳﻘوطﻬﺎ أو اﻟﺗﻧﺎزل ﻋﻧﻬﺎ ،" ..ﯾﻌرف اﻟﺗﻧﺎزل ﺑﺄﻧﻪ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻣﺧوﻟﺔ ﻟﻠﻣدﻋﻲ ﻹﻧﻬﺎء اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،و ﻻ
ﯾﺗرﺗب ﻋﻧﻪ اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟدﻋوى ،و ﯾﺗم اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋﻧﻪ ﻛﺗﺎﺑﺔ أو ﺑﺗﺻرﯾﺢ ﯾﺣررﻩ رﺋﯾس أﻣﻧﺎء
اﻟﺿﺑط ،وﺗﺿﯾف اﻟﻣﺎدة ) (232ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﯾﻛون ﺗﻧﺎزل اﻟﻣدﻋﻲ ﻣﻌﻠﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺑول اﻟﻣدﻋﻲ ﻋﻠﯾﻪ ، "...وﺗﻧﺎزل
اﻟﻣدﻋﻲ ﻋن اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﯾﻘﺗﺿﻲ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﻣن طرف اﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺟﻠﺳﺔ ،وﻫو
اﻟﺛﺎﺑت ﻓﻲ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺣﺿر اﻟﻣﺣرر ،و طﺑﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (220ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺗﺻرﯾﺢ
ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ.
إن اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟدﻋوى ،أﻣر ﻣﻘﺑول و ﻣﺳﺗﺣﺳن ﻓﻲ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺣﺎﻻت و ﯾﻣﻛن إدﺧﺎﻟﻪ ﺣﺗﻰ ﻓﻲ
ﻛﺛﯾرا ﻣﺎ ﯾﺗﺻﺎﻟﺢ اﻷطراف ﺧﺎرج ﻗطﺎع اﻟﻌداﻟﺔ ﻓﻲ أي ﻣﺎدة ﻛﺎﻧت
إطﺎر اﻟﺗﺧﻔﯾف ﻣن أﻋﺑﺎء اﻟﻘﺿﺎء ،ﻷﻧﻪ ً
وﻣﻧﻪ ﻻ داﻋﻲ ﻻﺳﺗﺻدار ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ﺑﺷﺄن ﻫذﻩ اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗم اﻟﺗﺻﺎﻟﺢ ﻓﯾﻬﺎ ،ﻓﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﻋﻲ إﻻ
ﺗﻘدﯾم طﻠب ﻷﺟل اﺳﺗﺻدار ﺣﻛم ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،ﺑﯾد أن إﻋﻣﺎل ﻫذا اﻟﻧص ﺑﺷﻛل ﻣطﻠق
257
وﺗطﺑﯾﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ أﻧواع اﻟدﻋﺎوى اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج ،ﯾؤدي ﺣﺗﻣﺎ إﻟﻰ
اﻻﺻطدام ﺑﺄﺣﻛﺎم ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺧﻠق و وﺿﻌﯾﺎت و ﺣﺎﻻت ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ
اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﺳﻣﺣﺎء وﻷﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة .
ﻓﻔﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر إن ﻛﺎن اﻟﺗﻧﺎزل أو ﺗرك اﻟﺧﺻوﻣﺔ إﺟراء ﻣﻧطﻘﻲ و ﻻ ﺗﺗرﺗب ﻋﻧﻪ أﺛﺎر ﻓﻲ دﻋﺎوى
طﻼق اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ أو اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ ،إﻻ أن اﻷﻣر ﯾﺧﺗﻠف ﺗﻣﺎﻣﺎ إذا ﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑدﻋوى طﻼق
ﺑﺈرادة اﻟزوج اﻟﻣﻧﻔردة وﻛﺎن اﻟزوج ﻗد أوﻗﻊ اﻟطﻼق و ﺑﻘﯾت ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺛﺑﺎﺗﻪ ﻓﻘط ،ﻓﻣن ﻏﯾر اﻟﺟﺎﺋز ﺗﺟﺎﻫل ذﻟك
ﺑل ﻻﺑد ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرى أن اﻟزوج اﻟﻣدﻋﻲ اﻟذي أوﻗﻊ اﻟطﻼق ،و أﻛد ﻋﻠﯾﻪ أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺎت
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ أن ﯾﺻدر ﺣﻛﻣﺎ ﺑﺎﻹﺷﻬﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،وﻛﻣﺎ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ
أﺻﻠﯾﺎ أن ﺗﻌﺗرض ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟﺗﻧﺎزل ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﻣن اﻟﻧظﺎم
ً ﺧﺎﺻﺔ و ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ طرﻓﺎً
اﻟﻌﺎم 1،ﻻ ﺳﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟطﻠب اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﯾرﻣﻲ إﻟﻰ إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق .ﺑل ﻋﻠﯾﻬﺎ أن ﺗﺳﻌﻰ و ﺗطﻠب ﺗﺛﺑﯾت
اﻟطﻼق ﺑﻣوﺟب ﺣﻛم ﻟﺗﺳﺟﻠﻪ ﺑﺳﻌﻲ ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،ﻟﯾﺣﺗﺳب ﻣن ﻋدد اﻟطﻠﻘﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻠﻛﻬﺎ
اﻟزوج ،وأن ﺗﺣرص ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻷﻧﻪ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺄﻣور ﺷرﻋﯾﺔ و ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﻏﯾر أن ﺗﻘدﯾم طﻠب اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن
اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺗﺧﺗﻠف أﺛﺎرﻩ ﺑﯾن طﻼق اﻟزوج) (1وطﻼق اﻟﻘﺎﺿﻲ ):(2
-1ﻓﻲ طﻼق اﻟزوج :
ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗطﺑﯾق و إﻋﻣﺎل ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (221ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ
ﺑﺎﻟﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،ﺑﺷﻛل ﻣﻔرط دون ﺿﺎﺑط أو ﻣﻌﯾﺎر ،ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟطﻼق اﻟذي ﯾﺗم ﺑﺈرادة
اﻟزوج ،اذ ﻻ ﯾﻣﻛن إﺻدار ﺣﻛم ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻹﺷﻬﺎد ﻟﻠزوج اﻟﻣدﻋﻲ ﺑﺗرك اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،دون اﻻﻟﺗﻔﺎت اﻟﻰ ﻫذا
اﻟطﻼق اﻟذي أوﻗﻌﻪ ،ودون اﺣﺗﺳﺎﺑﻪ أو اﻟﻧظر إﻟﻰ طﺑﯾﻌﺗﻪ .
-2ﻓﻲ طﻼق اﻟﻘﺎﺿﻲ:
ﻻ ﯾوﺟد إﺷﻛﺎل ﻓﻲ طﻼق اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻣﺎ أن ﺣﻛم اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ و اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺣﻛم ﻣﻧﺷﺊ
وﻻ وﺟود ﻟﻬذﻩ اﻟﻣراﻛز ،إﻻ ﻣن ﯾوم ﺻدور ﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣﺎدام اﻟطﻠب اﻟﻣﻘدم ﻣن اﻟزوﺟﺔ أو ﻣن
اﻟزوﺟﺎن ،اﻟﻬدف ﻣﻧﻪ اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،وﻟو أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ﺳواء ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻷوﻟﻰ أو
اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ أو ﻏﯾرﻫﺎ ،ﻻ ﯾوﺟد إﺷﻛﺎل ﻷن اﻟﻔرﻗﺔ و ﻛل اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻧﻬﺎ ﻻ وﺟود ﻟﻬﺎ ،إﻻ ﻣن ﯾوم ﺻدور
-1ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .175
258
اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻷن اﻟدﻋوى ﻣﻧﺷﺋﺔ ،و أن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻻ ﺗزال ﻗﺎﺋﻣﺔ و ﻟم ﺗﻧﺣل ﺑﻌد وأن اﻟﻌدة ﻻ
ﺗﺗرﺗب إﻻ ﺑﻌد ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ.
ﺑﻌدﻣﺎ ﺗﻣت دراﺳﺔ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ظل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﺑﻘﻲ
أﻣﺎﻣﻧﺎ ﺳؤال ﻣﻬم ،طرح ﻧﻔﺳﻪ ﺑﻘوة ،ﻣﻔﺎدﻩ :ﻣﺎ ﻫﻲ اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ و أﺛر اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻋﻠﻰ
أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ؟ ،ﻫذا ﻣﺎ ﺳوف ﯾﺗم دراﺳﺗﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗﺎﻟﻲ.
259
255
256
257
258
259
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ و أﺛر اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻋﻠﻰ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﺗﻘﺗﺿﻲ دراﺳﺔ اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ وﻋن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
اﻟﺗﻌرض إﻟﻰ ﺗﺑﯾﺎن ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﯾﺟرﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،واﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺗوج ﻓﻲ اﻟﻧﻬﺎﯾﺔ إﻣﺎ ﺑﻧﺟﺎح أو إﻟﻰ
ﻓﺷل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻹﺻﻼح ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن و ﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﺑﻌد ذﻟك)اﻟﻣطﻠب اﻷول( ،وﺑﻌد ذاﻟك ﻧﺗﻌرض إﻟﻰ
)ﺣﻛم اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻋﻧد ﺗﺧﻠف إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ( واﻷﺛر اﻟﻣﺗرﺗب
ﻋﻠﯾﻪ)اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ(
وﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ،ﯾﺗم اﻟﺗطرق إﻟﻰ أﺛﺎر ﻧﺟﺎح وﻓﺷل ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﻣن ﺧﻼل اﻟﻔرع اﻷول اﻟﺗﺎﻟﻲ
اﻟﻣطﻠب اﻷول
أﺛﺎر ﻧﺟﺎح وﻓﺷل ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
ﯾﺣﺎول اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺗوﻓﯾق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ﻟﻛن وﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻗد ﺗﻧﺟﺢ ﻛﻣﺎ ﻗد ﺗﻔﺷل و ﺗﺧﺗﻠف آﺛﺎرﻫﺎ
ﻋﻠﻰ دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻧﺟﺎح واﻟﻔﺷل وﻫو ﻣﺎ ﺳﻧﺗﻧﺎوﻟﻪ ﻓﻲ ﻧﻘطﺗﯾن أﺛرﻧﺟﺎح ﻣﺣﺎوﻻت
اﻟﺻﻠﺢ) اﻟﻔرع اﻷول ( ﺛم اﺛر ﻓﺷل ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ (.
اﻟﻔرع اﻷول
أﺛر ﻧﺟﺎح ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
اﻟﺟدﯾد اﻟذي ﺟﺎء ﺑﻪ اﻟﻣﺷرع ،أﻧﻪ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿر ﯾﺑﯾن ﻓﯾﻪ ﻣﺳﺎﻋﻲ وﻧﺗﺎﺋﺞ
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﯾوﻗﻊ ﻣن طرﻓﻪ وﻛﺎﺗب اﻟﺿﺑط واﻟزوﺟﯾن ،1ﻓﻘد ﺗﺿﻣﻧت اﻟﻣﺎدة ) (49اﻟﻣﻌدﻟﺔ ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرة ﺳﻧﺔ ،2005وﻛذا اﻟﻣواد ) (439و ﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﺟﻣﯾﻊ
اﻹﺟراءات ،اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء وﺑﻌد إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﯾﺗﺑﯾن ﻣن ﻫﺎﺗﻪ اﻟﻣواد أن اﻟﻘﺎﺿﻲ إذا ﻧﺟﺢ
ﻓﻲ ﻣﺳﺎﻋﯾﻪ وأﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺄﻣر اﻟﻛﺎﺗب ﺑﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ)أوﻻً ( ،ﺣﯾث ﯾﺗﺿﻣن ﻫذا
ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ)ﺛﺎﻧﯾﺎً( ،وﺑذاﻟك ﯾﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺳﻧدا َاﻟﻣﺣﺿر اﻟﺑﻧود اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺑل اﻟزوﺟﯾن ،وﺑذاﻟك ﯾﻌﺗﺑر َ
ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء دﻋوى اﻟﺻﻠﺢ)ﺛﺎﻟﺛﺎً( ،ﺣﯾث ﺗﻣﻧﺢ اﻟﻘوة اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﺑﻘوة اﻟﻘﺎﻧون ،ﻟﻛن ﻫذا اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻗد
ﯾﺻطدم ﺑﻣﺷﻛﻼت ﻋدﯾدة )راﺑﻌﺎً( وﯾﺗﻣﯾز ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻌدم ﻗﺑول اﻟطﻌن ﻓﯾﻪ )ﺧﺎﻣﺳﺎً(.
260
أوﻻً -ﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ وﻣﺿﻣوﻧﻪ :
ﻟم ﯾﺷﺗرط اﻟﻘﺎﻧون ﺷﻛﻼً ﻣﻌﯾﻧﺎً ﻟﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻟﻛن اﺷﺗرط
ﺿرورة ﺗوﻗﯾﻊ أطرف اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺿر ،وﯾﻘﺗﺻر ﻣﺿﻣون ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ إﺛﺑﺎت ﻣﺎ ﺟرى و ﻣﺎ
ﺻرح ﺑﻪ اﻟطرﻓﺎن ،دون أن ﯾﺷﻣل رأي اﻟﻘﺎﺿﻲ أو ﯾﻌﻠﻠﻪ ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﺧﺿﻊ ﻟرﻗﺎﺑﺔ ﺟﻬﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ أﻋﻠﻰ،1
وﯾطرح ﺗﺳﺎؤل ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺧﺻوص ﺣوﻟﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻬذا اﻟﻣﺣﺿر،ﻫل ﻫو ﻋﻣل ﻗﺿﺎﺋﻲ أم وﻻﺋﻲ
أم ﺗوﺛﯾﻘﻲ أم ذو طﺑﯾﻌﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺗﻣﯾزة ؟.
ﯾﻘﺗﺿﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،2اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺑﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ﻗﺎﺑل ﻟطرق اﻟطﻌن اﻟﻌﺎدﯾﺔ و ﻏﯾر
اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻗﺻد ﻣراﺟﻌﺗﻪ ،أﻣﺎ ﻋن اﻟﻌﻣل أﻟوﻻﺋﻲ ﻻ ﯾﺧﺿﻊ ﻟطرق اﻟطﻌن ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﻘﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق إﻻ ﻓﻲ
ﺣﺎﻻت ﺧﺎﺻﺔ ﻫﻲ أﻗرب إﻟﻰ اﻟﺗظﻠم ﻓﯾﻬﺎ ﻣن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،أﻣﺎ اﻟﻌﻣل أﻟﺗوﺛﯾﻘﻲ ﻓﻬو ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻣوﺛق
ﻹرادة اﻷطراف دون أن ﯾﻛون ﻟﻪ دور ﻓﻲ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗوﺻل إﻟﯾﻬﺎ اﻷطراف ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﻋﻣل اﻟﻘﺎﺿﻲ
وﻫو ﯾﻘوم ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﻪ ﺷﻲء ﻣن ﻫذا وذاك ،ﻓﻬو ﯾؤدي دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻣطروﺣﺔ ﻋﻠﯾﻪ
ﻛﺷرط ﻟﻠﺻﻠﺢ ،اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻗد اﺳﺗوﻓت ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺷروط اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ و اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺑق اﻹﺷﺎرة
إﻟﯾﻬﺎ.
ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻣوﺿوع اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﯾﻬﺎ ﻏﯾر ﻣطﺎﻟب ﺑﺄن ﯾﻘول ﻛﻠﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧون ،ﺑل ﻫو ﻣطﺎﻟب
ﺑﺈﯾﺻﺎل اﻟﺧﺻوم –اﻟزوﺟﯾن -إﻟﻰ ﺣل رﺿﺎﺋﻲ ﻧﺎﺑﻊ ﻣﻧﻬم دون اﻟﺗﻘﯾد ﺑﺄﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون ٕواﺟراءاﺗﻪ ،ﺷرﯾطﺔ
ﻋدم اﻟﺗﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﻌطﻲ اﻟﺣق ﻷﺣد و ﻻ ﯾﻧﺗزع اﻟﺣق ﻣن أﺣد
ﺗﻣﯾزا ﻟﻪ ﻋن دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ،وﻫو
ﻓﯾذﻫب اﻷﺳﺗﺎذ ﺑوذرﯾﻌﺎت ﻣﺣﻣد إﻟﻰ إﻋطﺎء وﺻف ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻬذا اﻟدور ً
ﺑﺻدد اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﻣﺔ و ﻛذا ﺗﻣﯾﯾزﻩ ﻋن دور اﻟﻣوﺛق اﻟذي ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﺗﻠﻘﻲ إرادة اﻷطراف ،إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎر
أن ﻣﻬﻣﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﺗﺗطﻠب ﻣﻧﻪ اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ورﺟل اﻟﻘﺎﻧون ،ﻟﯾﺗﻘﻣص ﺷﺧﺻﯾﺔ
أﺧرى ﻫﻲ ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﻣوﻓق ،ﻫذا اﻟدور ﯾﺗطﻠب ﻣﻧﻪ اﻛﺗﺳﺎب ﻣﻬﺎرات أﺧرى ﻏﯾر اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟواﺳﻌﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون
1
-ﺑوذرﯾﻌﺎت ﻣﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 100.
-2ﺑﻘﻲ ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﯾرى أن ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﻫو ﻋﻣل ﻗﺿﺎﺋﻲ ﻟﺗﻣﯾﯾزﻩ ﻋن اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻛون أن اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻻ ﯾﻌطﻲ ﻟﻠﺧﺻوم أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﯾﻌطوﻧﻪ ﻷﻧﻔﺳﻬم ،و ﻟﻛﻧﻪ ﻓﻲ ذات اﻟوﻗت ﻣرﺗﺑط ﺑﺧﺻوﻣﺔ ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻣﺳﺗوﻓﯾﺔ ﻟﻠﺷروط
ﻻﺋﯾﺎ
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺷﻛﺎل و اﻟﻘﺑول وﻫذا اﻟﺳﺑب اﻟذي ﺟﻌل اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﯾﺗﻘدم اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻣﻼً و ً
ﺗﺟﺎوزﻫﺎ اﻟزﻣن ﻓﻲ ﺣﯾن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻣﺎ ﺗزال ﺗﻌﺗﺑر ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎل ﻣن أﻋﻣﺎل اﻹدارة اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،أﻧظر- :
ﺑوذرﯾﻌﺎت ﻣﺣﻣد ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص 101و .102
261
ﻛﻘدرة اﻹﻗﻧﺎع واﻟﺗﺄﺛﯾر ﻟدﻓﻊ اﻷطراف إﻟﻰ اﻟﺗراﺟﻊ ﻋن ﻓﻛرة ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﺗﻘرﯾب ﺑﯾن وﺟﻬﺎت
اﻟﻧظر و طرح اﻟﺣل اﻟذي ﯾرﺿﻰ ﺑﻪ اﻟطرﻓﺎن ،ﻫو ﻓن ﻗﺎﺋم ﺑذاﺗﻪ وﻗد ﻻ ﯾﺗواﻓق ﻣﻊ ﺗﻛوﯾن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟذي
ﯾﺗﺳم ﺑﺎﻟﺻراﻣﺔ وﻗﻠﺔ اﻟﻣروﻧﺔ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون.
ﻧظرا
ﻓﺎﻟﻣ َﺻﺎﻟﺢ ﻻ ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘف ﻛﻌﺎﺋق ﺑﯾﻧﻬم ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﺻﻠﺢ ً
وﻟذﻟك ُ
ﻟﺣﺳﺎﺳﯾﺔ ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻷﺳرة ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﻬﺗم ﻓﻘط ﺑﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون ،ﺑﻘدر ﻣﺎ ﯾﻬﺗم ﺑﺎﻟﺣوار اﻟذي ﯾدور
أﻣﺎﻣﻪ ﻟﯾدرس ﺑﺣﻛﻣﺔ اﻟﺧﻼف اﻟﻣطروح ،1ﻓﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻟﻪ ﻓﺎﺋدة ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ،ﻷﻧﻪ إﯾﻘﺎف ﻟﻠﻧزاع
دون إن ﯾﻛون اﺣد اﻟطرﻓﯾن ﻓﺎﺋز واﻷﺧر ﻣﻬزوم ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟذﻛﻲ ﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ إﯾﺟﺎد اﻟﺣل ﯾرﺿﻲ اﻟطرﻓﯾن
وذاﻟك ﻋن طرﯾق ﻣﺳﺎﻋدﺗﻬم ا و ﺗﻘرﯾب و ﺟﻬﺎت اﻟﻧظر ،ﺑﺈﺑداء اﻟﻧﺻﺢ و اﻟرﺷد ﻣن أﺟل اﻟوﺻول إﻟﻰ
ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن ﻣدى ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻫذا اﻟﺣل ﻟﻠﻌداﻟﺔ اﻟواﻗﻌﯾﺔ ﻓﺎﻟﻣﻬم ﻫو ﺗراﺿﻲ اﻷطراف ،وﻣﺛل ﻫذا اﻟﻌﻣل ﻻ
ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻋﻣل ﻣوﺛق و ﻻ ﻋﻣل ﻗﺎض ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻟﻠﻛﻠﻣﺔ.
وﻣن اﺟل ﻫذا ﯾﺗﻘﻣص اﻟﻘﺎﺿﻲ دور اﻟﻣﺻﻠﺢ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻹﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ،2وﻟﻛن ﻟﻛﻲ ﯾﻛون
ﻫذا اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﺎﻋﻼً و ﻣﻧﺗﺟﺎً ﻟﻠﺻﻠﺢ ﻻﺑد أن ﯾﻧﺧرط ﻓﻲ ﻧظﺎم آﺧر ﻟﻠﻌداﻟﺔ ﻫو اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﺗﺻﺎﻟﺣﯾﺔ
واﻟﺗﻔﺎوﺿﯾﺔ ،وﻟذﻟك ﯾﺟب أن ﯾﺗﺟﻪ اﻟﻔﻛر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻹﺟراﺋﻲ إﻟﻰ ﺗﺄﺳﯾس ﺻورة أﺧرى ﻟﻠﻌداﻟﺔ اﻟرﺿﺎﺋﯾﺔ
اﻟﺗواﻓﻘﯾﺔ ،وﻻ ﯾﺗﺣﻘق ﻫذا إﻻ ﺑﺈﺳﻧﺎد إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ إﻟﻰ ﻗﺎض ُﺻﻠﺢ ﻣﺧﺗص ﺑﻣﻬﻣﺔ إﺻﻼح ذات
اﻟﺑﯾن ،ﻣﺳﺗﻘل ﻋن ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع ،ﻟﯾﺗﻔرغ ﻟدارﺳﺔ ﺟواﻧب اﻟﻧزاع ﺑﺎﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻎ وﺣرص ﺷدﯾد ،ﻗﺑل ﻣﺑﺎﺷرة
اﻟدﻋوى اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ أﻣﺎم ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗطﻠب ﺗدﺧل اﻟﻣﺷرع واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﻧزع اﺧﺗﺻﺎص إﺟراء
ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع.
ﻧظرا ﻟﻺﻛراﻫﺎت اﻟواﻗﻌﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﻪ ﻗﺿﺎة اﻷﺳرة أﺛﻧﺎء ﺗطﺑﯾق إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ،ﯾﺟب إﺧﺿﺎع
و ً
اﻟﻣﻛﻠﻔﯾن ﺑﺎﻟﻣﻬﺎم اﻟﺻﻠﺣﯾﺔ ﻟدورات ﺗﻛوﯾﻧﯾﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻟﻲ ﻋﻠم اﻟﻧﻔس وﻋﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع وﺗﻔﻌﯾل اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ
اﻟوﻗﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻷﺳرة ،ﺑدﻻً ﻣن اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﺣﺿﺔ واﻟﺗﻲ أظﻬرت
َﻔﱠﺔ ﻧﺳﺑﺔ ﻓﺷﻠﻬﺎ.
اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺻﻠﺣﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻛ ِ
َﻔﱠﺔ ﻧﺳﺑﺔ ﻧﺟﺎح ََ
ﻋﺟزﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﻐﻠﯾب ﻛ ِ
262
وأﻣﺎ ﻋن ﻣﺿﻣون ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾﺣررﻩ أﻣﯾن اﻟﺿﺑط ﺗﺣت إﺷراف اﻟﻘﺎﺿﻲ و ﺑﺣﺿور
ﻓﺿﻼ ﻋن أﻧﻪ ﯾﺗﺿﻣن ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻬوﯾﺔ اﻟﻣدﻋﻲ واﻟﻣدﻋﻰ ﻋﻠﯾﻪ ،1ﻛﻣﺎ
ً ﺟﻣﯾﻌﺎ أو أﺣدﻫﻣﺎ،
اﻷطراف ً
ﯾﺛﺑت واﻗﻌﺔ اﻟﺣﺿور واﻟﻐﯾﺎب ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد ﻟﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺗﺿﻣن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺗﺻرﯾﺣﺎت اﻟﺗﻲ
ﯾدﻟﻲ ﺑﻬﺎ اﻟطرﻓﯾن وﻛذا دﻓوﻋﻬﻣﺎ وطﻠﺑﺎﺗﻬﻣﺎ،وﺣﺗﻰ اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﺳك ﺑﻬﺎ أﺣد اﻷطراف أو ﻛﻼﻫﻣﺎ وﺗدون
ﻛﺎﻣﻠﺔ وﯾﻣﻛن ﺗﻘﺳﯾم ﻣﺣﺎﺿر اﻟﺻﻠﺢ إﻟﻰ أرﺑﻌﺔ أﻧواع وﻫﻲ ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﯾﺗﺿﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق
اﻟزوج )أ( ،ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﯾﺗﺿﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟزوﺟﺔ )ب( ،ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﯾﺗﺿﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت
ﻣﺗﻘﺎﺑﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟزوﺟﯾن )ج( ،ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﺑدون ﻗﯾود أو ﺷروط )د(.
أ -ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﯾﺗﺿﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟزوج:
ﻗد ﯾرد ﻓﻲ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﺗﺻﺎﻟﺢ اﻟزوﺟﯾن وذﻟك ﺑﺗراﺟﻊ اﻟزوج ﻋن طﻠب اﻟطﻼق وﯾﺗﻣﺳك ﺑرﺟوع زوﺟﺗﻪ
إﻟﻰ ﻣﺳﻛن ﻣﻧﻔرد وﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك ﺗﺻرح اﻟزوﺟﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗواﻓق زوﺟﻬﺎ ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟﺗراﺟﻊ ﻋن اﻟطﻼق و
2
ﺗﺗﻣﺳك ﺑﺎﻟﻌودة إﻟﻰ ﻣﺳﻛن اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺳﻛن ﻣﻧﻔرد.
ب -ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﯾﺗﺿﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟزوﺟﺔ:
ﻗد ﯾرد ﻓﻲ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ،أن ﯾﺻرح اﻟزوج ﺑﺈرﺟﺎع زوﺟﺗﻪ إﻟﻰ ﻣﺳﻛن اﻟزوﺟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أن ﺗﺗﻌﻬد
ﺑﺎﺣﺗراﻣﻪ وﻣﻌﺎﺷرﺗﻪ ﺑﺎﻟﻣﻌروف وﻋدم ﻣطﺎﻟﺑﺗﻬﺎ ﺑﻣﺳﻛن ﻣﻧﻔرد ،ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك ﺗﺗﻣﺳك اﻟزوﺟﺔ ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ
ﺑﯾت اﻟزوﺟﯾﺔ وﺗﺗﻣﺳك ﺑﺎﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ و ﺗواﻓق ﻋﻠﻰ طﻠﺑﺎت زوﺟﻬﺎ ،و ﺗﺗﻌﻬد ﺑﺎﻟﻘﯾﺎم ﺑﺟﻣﯾﻊ
اﻟطﻠﺑﺎت اﻟﻣطﺎﻟب ﺑﻬﺎ زوﺟﻬﺎ .3
ج-ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﯾﺗﺿﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت ﻣﺗﻘﺎﺑﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟزوﺟﯾن:
ﻛﻣﺎ ﻗد ﯾﺷﻣل ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ أﯾﺿﺎ ،ﺗراﺟﻊ أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﻋن طﻠب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ واﻻﺳﺗﻣرار
ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ،و ﯾﺗﻌﻬد ﻋﻠﻰ ﺗوﻓﯾر طﻠﺑﺎت اﻟزوج اﻵﺧر ﺳواء ﻛﺎن ﻣﺣل اﻟﺗزاﻣﻪ أﻣور ﻣﺎدﯾﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ
ﻓﺻﺎﻋدا أو ﯾﻠﺗزم ﺑدﻓﻊ ﻣﺎ
ً ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ ،ﻛﺄن ﯾﻛون ﻣﺳﺗﻌد ﻋﻠﻰ ﺗوﻓﯾر ﺑﯾت ﻣﺳﺗﻘل أو ﯾﻠﺗزم ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق ،4ﻣن اﻟﯾوم
1
ﻻ ﯾﻛﻔﻲ ﻣﺟرد اﻟﺣﺿور ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد ،ﻓﻣن اﻟﺿروري إﺣﺿﺎر ﺑطﺎﻗﺔ اﻟﺗﻌرﯾف اﻟوطﻧﯾﺔٕ ،واﻻ ﻓﯾﺗﻌذر
ﺳﻣﺎع اﻟزوج أو اﻟزوﺟﺔ ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﺑﺳط رﻗﺎﺑﺗﻪ ،ﻣن اﺟل اﻟﺗﺄﻛد ﻣن اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟواردة ﻓﻲ ﺑطﺎﻗﺔ اﻟﺗﻌرف ﻣﻊ
اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟواردة ﺑﻌﻘد اﻟزواج .
-2اﻧظر ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ –أ ،-اﻟﻣﺣرر ﻋن ﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء ﺑرج ﺑوﻋرﯾرﯾﺞ ،ﻣﻠﺣق رﻗم ). (6
-3اﻧظر ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ –ب،-اﻟﻣﺣرر ﻓﻲ ﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء ﺑرج ﺑوﻋرﯾرﯾﺞ ،ﻣﻠﺣق رﻗم ).(6
-4اﻧظر ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ-ج ،-اﻟﻣﺣرر ﻓﻲ ﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء ﺑرج ﺑوﻋرﯾرﯾﺞ ،ﻣﻠﺣق رﻗم ).(6
263
ﻋﻠﯾﻪ ﻣن دﯾن طﯾﻠﺔ ﺑﻘﺎء زوﺟﺗﻪ ﻓﻲ ﺑﯾت أﻫﻠﻬﺎ ،أو أﻣور ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟواﺟﺑﺎت اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ ،ﻣﻊ ﺟو
ﯾﺳودﻩ اﻻﺣﺗرام وﻋدم اﻹﺳﺎءة وﺣﺳن اﻟﻣﻌﺎﺷرة ،وﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك اﻟزوج اﻵﺧر ﯾواﻓق ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻣرار ﻓﻲ
اﻟﻌﺷرة اﻟزوﺟﯾﺔ و ﯾواﻓق ﻋﻠﻰ ﺷروط وطﻠﺑﺎت زوﺟﻪ ،ﻛﺄن ﺗﻛون اﻟزوﺟﺔ ﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﯾش ﻣﻌﻪ وأﻧﻬﺎ
ﺗﺗﻧﺎزل ﻋن ﺑﻌض ﺣﻘوﻗﻬﺎ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﺷرﯾطﺔ أن ﯾﻘوم اﻟزوج ﺑﻣﺎ ﺗﻌﻬد ﺑﻪ ،ﻛﺄن ﯾوﻓر ﺳﻛن ﻣﻧﻔرد أو أن ﯾدﻓﻊ
ﻟﻬﺎ دﯾن اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻧﻔﻘﺗﻬﺎ ،و ﺗﺗﻌﻬد أن ﻻ ﺗﻌﯾد اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ،وﺑذﻟك ﻫذا اﻟﻣﺣﺿر ﯾﻛون ﻗد ﺗﺿﻣن
ﺗراﺟﻌﺎً ﻋن ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻛذا ﯾﺣوي اﻟﺗزاﻣﺎت ﻣﺗﻘﺎﺑﻠﺔ ﺑﯾن اﻟﻣدﻋﻲ و اﻟﻣدﻋﻲ ﻋﻠﯾﻪ.
ﻓﯾﻛون ﺑذﻟك ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﻣﻘﺗرن ﺑﻘﯾود وﺷروط ،ﻓﯾﺗﺿﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟزوﺟﯾن و ﺑذﻟك
طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة
ﯾﻛون ﺳﻧداً ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎً ﺑﻣﻔﻬوم اﻟﺳﻧدات اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ واﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ اﻻﺧﺗﯾﺎري ،أو ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺟﺑري ً
) (600ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،و ﯾﺗم ﺗوﻗﯾﻊ اﻟطرﻓﯾن ﻋﻠﯾﻪ ﻟﯾﻛون ﺣﺟﺔ ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب
ﺗوﻗﯾﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻛذا ﺗوﻗﯾﻊ أﻣﯾن اﻟﺿﺑط.
د -ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﺑدون ﻗﯾود أو ﺷروط :
وﻗد ﯾرد ﻓﻲ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﺗوﺻل إﻟﯾﻪ ،ﺗراﺟﻊ أﺣد أطراﻓﻪ ﻋن طﻠب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ واﻟﻌودة
ﻻﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ،وأﻣﺎ اﻟطرف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﯾواﻓق ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟﻣدﻋﻲ واﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻣﺳﻛن اﻟزوﺟﯾﺔ
ﻓﯾﻛون ﺑذﻟك ﻗد وﻗﻊ ﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ دون أن ﯾﻘرﻧﺎﻩ ﺑﺷروط أو اﻟﺗزاﻣﺎت ،1ﻓﻬذا اﻟﻣﺣﺿر ﻻ ﯾﺗﺿﻣن أﯾﺔ
ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ ﺑﻣﻔﻬوم اﻟﺳﻧدات اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻟﻌدم
ً ﺳﻧدا
اﻟﺗزاﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟزوﺟﯾن ،و ﺑذﻟك ﻻ ﻧﺗﺻور أن ﯾﻛون ً
وﺟود أﻣور ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ ،ﻓﻬذا ﺻﻠﺢ ﺑﺣد ذاﺗﻪ ﯾﻘﺑل ﻓﻘط اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻻﺧﺗﯾﺎري ﻣن ﻗﺑل أطراﻓﻪ ،و ﯾﺗم ﺗوﻗﯾﻊ
اﻟطرﻓﯾن ﻋﻠﯾﻪ ﻟﯾﻛون ﺣﺟﺔ ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﺗوﻗﯾﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻛذا ﺗوﻗﯾﻊ أﻣﯾن اﻟﺿﺑط ،وﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎﺿر
اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﺑدون ﻗﯾود ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ﻟﻌدم ﺗﺣدﯾد اﻻﻟﺗزاﻣﺎت .
ﺛﺎﻧﯾﺎً -اﻛﺗﺳﺎب ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﺻﻔﺔ اﻟﺳﻧد اﻟﺗﻧﻔﯾذي :
ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ
ً ﺳﻧدا
وﻓﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (443ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﯾﻌد ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ً
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (9/600اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﺑﺎب اﻟراﺑﻊ ﺗﺣت ﻋﻧوان أﺣﻛﺎم ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺟﺑري
ﻟﻠﺳﻧدات اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺟﺑري إﻻ ﺑﺳﻧد ﺗﻧﻔﯾذي ،واﻟﺳﻧدات اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻫﻲ:
ﻣﺣﺎﺿر اﻟﺻﻠﺢ أو اﻻﺗﻔﺎق اﻟﻣؤﺷر ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن طرف اﻟﻘﺿﺎة واﻟﻣودﻋﺔ ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ اﻟﺿﺑط ،و ﻫذا ﯾﻌﻧﻲ أﻧﻪ
-1اﻧظر ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ –د ،د ﻣﻛرر،-اﻟﻣﺣرر ﻓﻲ ﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء ﺑرج ﺑوﻋرﯾرﯾﺞ ،ﻣﻠﺣق رﻗم ).(6و أوﻧظر ﻣﺣﺎﺿر ﺻﻠﺢ
أﺧرى –ه ،ه ﻣﻛررـ -ﻓﻲ ﻋوى اﻟﺧﻠﻊ و اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻣﻠﺣق رﻗم )(6
264
ﯾﻣﻛن ﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻌد ﻣﻬرﻩ ﺑﺎﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ،1دون ﺻدور ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ﻷن اﻟﺻﻠﺢ ﺳﯾد
اﻷﺣﻛﺎم ﻛﻣﺎ ﯾﻘﺎل.
ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ ﺑﻌد ﺗوﻗﯾﻌﻪ ،ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ واﻟزوﺟﯾن أي
ﺳﻧدا ًاﻋﺗﺑر اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ً
ﻣﺛﻠﻪ ﻣﺛل اﻟﺣﻛم ﯾﻧﻔذ ﺑﻣﺟرد إﯾداﻋﻪ ﻟدى أﻣﺎﻧﺔ اﻟﺿﺑط ،وﻻ ﯾﺣﺗﺎج ﻟﻠﻣﺻﺎدﻗﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﻌﺗﻘد اﻟﺑﻌض ،2ﻟﻛن
ﻋﻣﻠﯾﺎً ﻟﯾزال اﻟﻘﺿﺎة ﯾﺣررون أﺣﻛﺎﻣﺎً ﺑﺎﻹﺷﻬﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺣﯾث ﯾﻔرﻏون ﻣﺣﺗوى ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ
اﻟﺣﻛم ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾطرح ﺳؤال ﻣﻔﺎدﻩ :ﻫل إﯾداع ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﻟدى أﻣﺎﻧﺔ ﺿﺑط اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ و اﻋﺗﺑﺎرﻩ ﺳﻧدا
ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ ﯾﻐﻧﻲ ﻋن إﺻدار ﺣﻛم ﺑﺎﻹﺷﻬﺎد ﻋﻠﯾﻪ؟ .ﻓﻔﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﺗﻔﺎق اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ و
وﺿﻌوا ﺑﻌض اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﻬﺎ ﯾوﺿﻊ ﺣد ﻟﻠﻧزاع اﻟﻘﺎﺋم ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻛﺎﺷﺗراط اﻟزوﺟﺔ ﻋﻠﻰ زوﺟﻬﺎ ﻗﺑول
ﻋﻣﻠﻬﺎ ،أو ﺗوﻓﯾر ﻣﺳﻛن زوﺟﻲ ﻣﻧﻔرد ،أو اﻟﺗﻧﻘل ﻟﻠﻌﯾش ﻣﻌﻬﺎ ﻓﺈذا ﻣﺎ ﺣﺻل اﺗﻔﺎق ﯾﺣرر ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ
ﺑﺷﺄن ذﻟك وﯾودع ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ اﻟﺿﺑط ﻟﯾﻌد ﺳﻧدا ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ،
وﻋﻠﯾﻪ إذا اﺳﺗﺧرﺟت اﻟزوﺟﺔ ﻧﺳﺧﺔ ﻣن اﻟﻣﺣﺿر ﻣﻣﻬورة ﺑﺎﻟﺻﺑﻐﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ،وأرادت اﻟﺗﻧﻔﯾذ أﻣﻛن ﻟﻬﺎ
ذﻟك ،ﻓﺎﻟﻬدف ﻣن اﻋﺗﺑﺎرﻩ ﺳﻧد ﺗﻧﻔﯾذي ﻫو ﺗﺑﺳﯾط اﻹﺟراءات ،3ﺣﯾث ﻟﻛﻲ ﯾﻧﻔذ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺟب إﻣﻬﺎرﻩ
ﺑﺎﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ،اﻟﻣوﺿﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (601ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺳﺎﻟف اﻟذﻛر ،ﺣﯾث ﻧﺟد ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺧﺻوص
أن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺳﺗﺛن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻣن ﻫذﻩ اﻹﺟراءات.
و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺟوز ﺗﻧﻔﯾذﻩ ﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺎدة ) ،(600إﻻ إذا ﺗﺿﻣن ﻋﺑﺎرة اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻹﻋطﺎﺋﻪ ﻗوة
ﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ وﻫﻲ ﻋﻧﺻر اﻹﻟزام ،وﻻ ﯾﺗﺻور أن اﻹﻟزام ﻗد ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺈﺟﺑﺎر اﻟزوج ﻋﻠﻰ إرﺟﺎع زوﺟﺗﻪ رﻏﻣﺎ ﻋﻧﻪ
أو إﻟزام اﻟزوﺟﺔ ﺑﺗﻘﺑل اﻟﺿرر و اﻟﺗﻌﺎﯾش ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﻟم ﺷﻣل اﻷﺳرة.4
ﯾﺛﺑت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺣﺿر ﯾﺣررﻩ أﻣﯾن اﻟﺿﺑط ﺑﺈﺷراف اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ذﻟك ﺣﺗﻰ ﯾﻛﺗﺳب اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
و ﯾﻌد ﺑﻌد ذﻟك ﺳﻧدا ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ ،ﻓﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﯾﺗﺿﺢ أن اﻟﻘوة اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﺗﺗرﺟم ﻣن ﺧﻼل إﺛﺑﺎﺗﻪ ﻓﻲ
ﻣﺣﺿر و إﯾداﻋﻪ ﺑﺄﻣﺎﻧﺔ اﻟﺿﺑط ،ﻟﻛن اﻟﺳؤال اﻟذي ﯾطرح ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺈﻟﺣﺎح ﻫو ،ﻣﺎ ﻣﺻﯾر دﻋوى ﻓك اﻟ ارﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﻣرﻓوﻋﺔ ﻣن ﻗﺑل أﺣد اﻟزوﺟﯾن أو ﻛﻼﻫﻣﺎ ﺑﻌد ﺗﺣرﯾر ﻟﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ؟ ،وﻫل ﻫذا اﻟﻣﺣﺿر وﺣدﻩ
1
-ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (601ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ":ﻻ ﯾﺟوز اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻓﻲ ﻏﯾر اﻷﺣوال اﻟﻣﺳﺗﺛﻧﺎة ﺑﻧص ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون
إﻻ ﺑﻣوﺟب ﻧﺳﺧﺔ ﻣن اﻟﺳﻧد اﻟﺗﻧﻔﯾذي ،ﻣﻣﻬور ﺑﺎﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ. " ...
-2ﺣﻣﯾش ﺣﺳﺎن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 5
-3ﺑوﺷﯾﺑﺎن ﺧدﯾﺟﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 13و14
-4ﺑوزﯾد وردة ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص. 70
265
ﻛﺎف ،ﺑﻣﻌﻧﻰ آﺧر أن ﻛل دﻋوى ﺗرﻓﻊ ﺑﻣوﺟب ﻋرﯾﺿﺔ وﺗﺳﺟل وﺗﻌرض ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟذي ﯾﻧظر ﻓﯾﻬﺎ
ﺣﺗﻰ و ﻟو ﺣرر ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﻓﻼﺑد ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﯾﺎن ﻣﺻﯾر ﻫذا اﻟﻣﻠف؟.
ﺛﺎﻟﺛﺎً -اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء دﻋوى ﻟﻠﺻﻠﺢ :
ﻣﺣﺿرا ،ﺣﯾث ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻻﺳﺗﻣرار ﻓﻲ
ً ﻋﻧد ﺣﺻول اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﯾﺣرر اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻧظر اﻟدﻋوى ﻣﺗﺟﺎﻫﻼً اﺗﻔﺎق اﻷطراف وﺗﺻﺎﻟﺣﻬم ،ذﻟك أن اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻧﻬﻲ اﻟﻧزاع ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺻﺑﺢ
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ وﻻﯾﺔ اﻟﺗﺻرف ،وﺗﺻﺑﺢ دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﻐﯾر ﻣوﺿوع ﻟﺗﺻﺎﻟﺢ اﻟزوﺟﯾن وﺗراﺟﻌﻬﻣﺎ ﻋن طﻠب ﻓك
ﻋﻘد اﻟزواج. ،ﻓﻠم ﯾﻌد طﻠب اﻟطﻼق ﻣﺗﻣﺳك ﺑﻪ وﻗد ﺗم اﻟﺗراﺟﻊ ﻋﻧﻪ ،ﻓﯾﺻﺑﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻏﯾر
ﻣﺧﯾﱠر ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺣﺎﺻل ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن و اﻹﺷﻬﺎد ﻟﻬﻣﺎ ﺑذﻟك ،ﻓﻼ ﯾﻘف ﻋﻧد ﻫذا اﻟﺣد ﺑل ﯾﺟب
ﻋﻠﯾﻪ زﯾﺎدة ﻋﻠﻰ ذﻟك اﺳﺗدﻋﺎء اﻟزوﺟﯾن اﻟﻣﺗﺻﺎﻟﺣﯾن إﻟﻰ ﺟﻠﺳﺔ رﺳﻣﯾﺔ ﻟﯾؤﻛدا ﻟﻬﻣﺎ ﻋﻼﻧﯾﺔ ﻣﺎ ﺳﺑق أن
ﺗﺻﺎﻟﺣﺎ ﻋﻠﯾﻪ ،وﻟﯾﺻدر ﺣﻛﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻟﯾس ﺑﺷطب اﻟدﻋوى أو رﻓﺿﻬﺎ وﻻ ﺑﺎﻟﺗﻧﺎزل ﻋﻧﻬﺎ ،و إﻧﻣﺎ
ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﺳﺑب اﻟﺻﻠﺢ طﺑﻘً ﺎ ﻟﻣﺎ ﺗﻧص ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة )( 220ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
واﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ... " :ﺗﻧﻘﺿﻲ اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺗﺑﻌﺎً ﻻﻧﻘﺿﺎء اﻟدﻋوى ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ."...
راﺑﻌﺎً-ﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ و اﺷﻛﺎﻟﺗﻪ :
ﯾﺗﻣﺛل اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺑﺻورة ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ إﺧراج اﻟﻔﻛرة ﻣن ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺻوﯾر إﻟﻰ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻘق اﻟﻌﻣﻠﻲ و اﻟﺗﻧﻔﯾذ
ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻣظﻬر ﻣن ﻣظﺎﻫر اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺗﻬﺎ اﻟﻧﻬﺎﺋﯾﺔ ،إذ ﺗﺗﯾﺢ ﻟﻠﻣﺳﺗﻔﯾد ﻣن اﻟﺳﻧد
اﻟﺗﻧﻔﯾذي أن ﯾﺟﻧﻲ ﺛﻣﺎرﻩ ،وﯾﻛون اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻋﻣوﻣﺎ اﺧﺗﯾﺎري أو إﺟﺑﺎري.
ﺣﯾث ﯾﺗﻣﺛل اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻻﺧﺗﯾﺎري ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺻﻠﺢ اﻷﺳري ﻓﻲ ﻗﯾﺎم أﺣد اﻟزوﺟﯾن أو ﻛﻼﻫﻣﺎ ﺑﺗﻧﻔﯾذ
ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ ﺑدون إﻛراﻩ أو ﺿﻐط طواﻋﯾﺔ ﻛون أن
ً ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﻣﺣﺿ ار اﻟﺻﻠﺢ ،ﺣﯾث ﯾﻌد ﻫذا اﻷﺧﯾر
اﻷﺻل ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ إرادة اﻷطراف .
وﯾﺧﺗﻠف اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻻﺧﺗﯾﺎري ﻋن اﻟﺟﺑري ﻛون ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﻧﻔذ ﺟﺑراً ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻠزم ﺑﻪ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺗﻧﻔﯾذ
اﻻﺧﺗﯾﺎري ﻟﻠﺳﻧد ﻻ ﯾﺛﯾر أي إﺷﻛﺎل ،ﻓﺈن اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺟﺑري ﯾﺗطﻠب أن ﯾﻛون اﻟﺳﻧد ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎً وان ﯾﻛون ﻣﺣﺗوى
وطﺑﯾﻌﺔ اﻻﻟﺗزام ﻣن اﻷﻣور اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ ،أي ﺑﻣﻌﻧﻰ أن ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺗﺿﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ
اﻟﺟﺑري ،وﻫو ﻣﺎ ﯾﻌﺑر ﻋﻧﻪ ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ اﻟﻌﻣل اﻟﺗﺻﺎﻟﺣﻲ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺟﺑري ،وﺗﺗﻣﺛل ﺷروط ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ اﻟﻌﻣل اﻟﺗﺻﺎﻟﺣﻲ
ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ ﻓﻲ :
266
-ﺿرورة أن ﺗﻛون طﺑﯾﻌﺔ اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻣﻠﻘﺎة ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق أﺣد اﻟزوﺟﯾن أو ﻛﻼﻫﻣﺎ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ ﺑﻌﺿﻬﻣﺎ
اﻟﺑﻌض ﻣن اﻷﻣور اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ ،ﻷن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣﻔروض ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺣرر اﻟﺷروط أو ﺑﻧود اﻟﺻﻠﺢ أن ﯾراﻋﻲ
ﻣدى إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻗﺑوﻟﻬﺎ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ ﻛون أن اﻷﻣور اﻟﺷﺧﺻﺎﻧﯾﺔ و اﻟﻐﯾر اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻏﯾر ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ.
-أن ﯾﻛون اﻟﺳﻧد ﻣﻣﻬور ﺑﺎﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ،ﻷن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﺗﻌﺗﺑر ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟﺗﺄﺷﯾرة اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل أي ﺳﻧد
ﻗﺎﺑﻼً ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،و اﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺟﺑري ﺑواﺳطﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ إن اﻗﺗﺿﻰ اﻷﻣر ،وﻋﻠﯾﻪ ﻫﻧﺎك ﻣن
ﯾرى أن ﻟﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﻗوة ﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻧﺳﺑﯾﺔ ،ﻷﻧﻪ ﻣﺗﻰ ﻛﺎن اﻟﺗﻧﻔﯾذ طواﻋﯾﺔ ﻓﻘدت اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻣﺑرر
وﺟودﻫﺎ ﻫذا ﻣن ﺟﻬﺔ ،وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻗد ﯾﺗﺿﻣن ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﻣﺳﺎﺋل ﻻ ﺗﻛون ﻣوﺿﻊ ﺗﻧﻔﯾذ
ﺟﺑري .1
اﻋﺗﺑر ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء وﺟوﺑﻲ ﺑﻌد ﻣﺑﺎﺷرة اﻟدﻋوة اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﺑﺣﯾث
أوﻛﻠت ﻣﻬﻣﺔ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻪ إﻟﻰ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن اﻟﺗوﺻل إﻟﯾﻬﺎ ﻋن طرﯾق
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﺗﻛﺗﺳﻲ طﺎﺑﻊ اﻷواﻣر و اﻷﺣﻛﺎم اﻟواﺟﺑﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺑﻘوة اﻟﻘﺎﻧون ،وﻟذﻟك ﻓﺈن ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺻﻠﺢ ﯾرﺟﻊ
أﺧﻼﻗﯾﺎ ﻟﻣﺎ
ً ﺑﺎﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻹرادة ورﻏﺑﺔ اﻷطراف أﻧﻔﺳﻬم ﻓﻲ اﻻﻟﺗزام ﺑﻪ ،2ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ أﺻﻠﻪ ﯾﺣﻣل ﻣﻌﻧﻰ
ﻓﯾﻪ ﻣن اﻟﻧﺻﺢ و ﻏﯾﺎب ﻓﻛرة اﻹﻟزام و اﻟﺟﺑر ،3وﻫو ﻣﺎ ﺟﻌل ﻧﯾﺔ اﻟﻣﺷرع ﺗﺗﺟﻪ ﻧﺣو إﺻﺑﺎغ ﻋﻠﻰ ﻫذا
اﻟﺻﻠﺢ ﺻﻔﺔ اﻟﺳﻧدات اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ.
ﻏﯾر أن اﻹﺷﻛﺎل اﻟذي ﯾطرح ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﻋدم إﺣﺎطﺔ ﻫذا اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺑﻧوع ﻣن اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ
اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻓﻲ اﻟﻐراﻣﺎت اﻟﺗﻬدﯾدﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺗﻛرﯾس ﻣﺻداﻗﯾﺗﻪ ﻣﺎ ﺗم اﻟﺗﺻﺎﻟﺢ ﻋﻠﯾﻪ
وﺗﺟﻌل أﻣر ﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﺷﺄﻧﻪ ﻓﻲ ذﻟك ﺷﺄن اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻷﺧرى ،ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻣﺣﺿر
اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ .ﻏﯾر أن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﺣررﻩ ﻣﻔﺗﺷوا اﻟﻌﻣل ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﺻﻠﺢ ﻷن ﯾﻛون ﺳﻧدات
ﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺎدة ،08/600وﻫذا ﻟﻛون أﻧﻬﺎ ﻏﯾر ﻣؤﺷر ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن طرف ﻗﺿﺎة وﻻ ﺗﺳﺗﻠزم إﯾداﻋﻬﺎ
ﻟدى أﻣﺎﻧﺔ اﻟﺿﺑط ،4و إﻧﻣﺎ ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎﺿر ﯾﺗم ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ طﺑﻘﺎً ﻟﻣﺎ ﺗﻧص ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدﺗﯾن ) (34) ،(33ﻣن
267
اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ،04-90اﻟﻣؤرخ 1990/02/06و اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻔردﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﻣﻌدل
1
واﻟﻣﺗﻣم.
ﻋﯾﻧﺎ ﻏﯾر ﻣﻼﺋم و ﻣﺳﺗﺣﯾل ،إﻻ إذا ﻗﺎم
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻧراﻗب ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺗﻧﻔﯾذ اﻻﻟﺗزام ً
ﺑﻪ اﻟﻣدﯾن ﺑﻧﻔﺳﻪ ﻟﻛﺎن إذا اﻣﺗﻧﻊ ﻋن اﻟﺗﻧﻔﯾذ وﻛﺎن ﯾﻣﻛن اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺑطرﯾق آﺧر ﻻ ﯾﺣﺗﺎج اﻟﻰ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻋن طرﯾق
اﻟﻐراﻣﺔ اﻟﺗﻬدﯾدﯾﺔ ،إﻻ ﺗﻠك اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺗوﻗف ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺗدﺧل اﻟﻣدﯾن ﺷﺧﺻﯾﺎ ﻓﻲ اﻻﻟﺗزام اﻟﻣﺳﺗﺣﯾل
و ﻏﯾر اﻟﻣﻼﺋم ﻓﺎﻟﻣﺳﺗﺣﯾل ﻻ ﯾﺧﺗﻠف ﻓﯾﻪ أﺣد ،ﻟﻛن اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ ﻓﯾﻬﺎ اﺧﺗﻼف ﻗد ﯾﻛون اﻻﻟﺗزام ﻣﻣﻛن ﺗﻧﻔﯾذﻩ
ﻋﯾﻧﺎ ﻟﻛن ﻏﯾر ﻣﻼﺋم ﻷﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﯾﺷﻛل ﻣﺳﺎس ﺑﺣرﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن و ﺷﺧﺻﯾﺗﻪ و أدﻣﯾﺗﻪ وﺣرﻣﺔ
،وﯾﺑﻘﻰ داﺋﻣﺎ اﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣرﯾﺔ و ﻻ ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟدﺳﺗورﯾﺔ ﻛﺄن ﺗﺗﺻﺎﻟﺢ
اﻟزوﺟﺔ ﻣﻊ زوﺟﻬﺎ ﻋﻠﻰ أن ﺗﺳﺗﺄﻧف اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ وﯾﺣرر ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﺑذﻟك ،ﺛم ﺗرﻓض اﻟرﺟوع ﻓﺗﻧﻔﯾذ
ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﻫﻧﺎ ﻣﻣﻛن ﻋﯾﻧﺎً وﻟﯾس ﻣﺳﺗﺣﯾل ﻷﻧﻪ ﻗد ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟزوج اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻋن طرﯾق اﻟﻘوة اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻣﻊ
اﻟﻣﺣﺿر اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ٕواﺣﺿﺎر اﻟزوﺟﺔ ﺑﻘوة اﻟﻘﺎﻧون ووﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﯾت اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻌﯾﻧﻲ ﻣﻣﻛن ،ﻟﻛن
ﻏﯾر ﻣﻼﺋم ﻷن ﻓﯾﻪ ﻣﺳﺎس ﺑﺣرﯾﺔ وﻛراﻣﺔ اﻟﺷﺧص ﻓﺗﻧﻔﯾذ اﻻﻟﺗزام ﻏﯾر ﻣﺳﺗﺣﯾل ﻟﻛن ﻏﯾر ﻣﻼﺋم ﻓﻲ ﻫذﻩ
اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻧﻠﺟﺄ إﻟﻰ ﺗﻧﻔﯾذ اﻻﻟﺗزام ﻋن طرﯾق اﻟﻐراﻣﺔ اﻟﺗﻬدﯾدﯾﺔ .
ﻏﯾر أﻧﻪ ﯾﺟب اﻟﺗﻣﯾز ﺑﯾن اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺿﻣﻧﻬﺎ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ واﻟﺗﻲ ﺗﻘﺑل اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺛل اﻟﻧﻔﻘﺔ واﻟﺳﻛن و
اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻘﺑل اﻟﺗﻧﻔﯾذ ،ﻓﺎن ﻛﺎن اﻟزوج ﻗد اﻟﺗزم ﻓﻲ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺗوﻓﯾر ﺳﻛن ﻣﻧﻔرد ﻟزوﺟﺗﻪ
ﺟﺑرا ،وﻣﺻدر اﻹﻟزام ﻫﻧﺎ ﻫو إرادة اﻟزوج اﻟﺣرة و اﻟﺧﺎﻟﯾﺔ ﻣن ﻛل إﻛراﻩ
ﻓﻌﻧﺻر اﻹﻟزام ﻗﺎﺋم و ﯾﻣﻛن ﺗﻧﻔﯾذﻩ ً
ﻓﻠم ﯾﺟﺑر ﻋﻠﻰ ذﻟك ،و إﻧﻣﺎ ﻛﺎن اﺧﺗﯾﺎرﯾﺎ ﻓﻬو إﻟزام ﺻرﯾﺢ ﻣن ﻗﺑل اﻟزوج ،وأﻣﺎ ﻋن اﻟﺗزام اﻟزوج ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق
ﻓﯾرﺟﻊ ﻣﺻدر اﻹﻟزام ﻫﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻠزم اﻟزوج ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ زوﺟﺗﻪ ،2وﺑذﻟك اﻟﻧﻔﻘﺔ ﺣق
ﻟﻠزوﺟﺔ ﯾﻘﺎﺑﻠﻪ اﻟﺗزام اﻟزوج ﺑﺎﻷداء.
-1ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗدﺧل طﺑﻘﺎً ﻟﻠﻣﺎدة ) (34ﻣن ﻗﺎﻧون رﻗم ،04-90اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻔردﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ،اﻷﻣر
ﻓﻲ أول ﺟﻠﺳﺔ ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﻌﺟل ﻟﻣﺣﺿر اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﻣﻊ ﻓرض ﻏراﻣﺔ ﺗﻬدﯾدﯾﺔ ﯾوﻣﯾﺔ ﻻ ﺗﻘل ﻋن 25ﻣن اﻟراﺗب اﻟﺷﻬري ،ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﺗﻧﻔﯾذ اﻻﺗﻔﺎق ﻣن ﻗﺑل أﺣد اﻷطراف ،و ﻗد أﻛد اﻟﻣﺷرع ﻫذﻩ اﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﻓﻲ اﻟﻣﺎدﺗﯾن ) (508و ) (509ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،أﻧظر :ﺑﺷﯾر ﻣﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .65
-2زودة ﻋﻣر ،اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺿوء أراء اﻟﻔﻘﻬﺎء و أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎء ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 136
268
ﻓﺄﺣﻛﺎم اﻹﻟزام – اﻟﺗزام اﻟزوج اﻟوارد ﻓﻲ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ – ﻻ ﺗﻘﺑل ﺟﻣﯾﻌﻬﺎ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﻋن طرﯾق اﻟﻐراﻣﺔ
اﻟﺗﻬدﯾدﯾﺔ ،ﺣﯾث ﻻ ﺗﻛون ﻣﺣل ﻟﻬﺎ ﺳوى اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻲ ﯾﻛون ﺗﻧﻔﯾذ اﻻﻟﺗزام ﻋﯾﻧﺎً ﻣﺳﺗﺣﯾﻼً أو ﻏﯾر ﻣﻣﻛن إﻻ
ﺑﺗدﺧل اﻟﻣدﯾن اﻟﺷﺧﺻﻲ ،1أي ﻫﻧﺎ اﻟزوج او اﻟزوﺟﺔ اﻟذي ﯾﻘﻊ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺗزام ﻓﻲ ﻣواﺟﻪ اﻟطرف اﻵﺧر .
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺟب ﻣراﻗﺑﺔ ﻣﺿﻣون ﺑﻧود اﻟﺻﻠﺢ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣﺣل اﻻﻟﺗزام اﻟوارد ﻓﻲ اﻟﺑﻧد ﯾﺗﺿﻣن أﻣور
أو ﺷﺧﺻﺎﻧﯾﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺑذﻟك اﻟﺗزاﻣﺎت أدﺑﯾﺔ ﻏﯾر ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﺷﻛل ﺣﻘﺎ ﻣﺎﻟﯾﺎ أو أداء ﺑﺎﻟﺗزام
ﺑﺎﻷﺣرى ﯾﻘﺗﺿﯾﻬﺎ اﻟزواج أﺻﻼ و اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻣودة و اﻟرﺣﻣﺔ و اﻟﺗﻌﺎون وﺣﺳن اﻟﻣﻌﺎﺷرة وﻋدم
اﻹﺳﺎءة ...اﻟﺦ ،ﻓﻬدﻩ أﻣور ﻣن اﻟﻣﺳﻠم ﺑﻬﺎ وﻟﯾﺳت ﺑﺣﺎﺟﺔ ﻷن ﺗﻛون ﻣﺣل ﺗﺻﺎﻟﺢ وﻋﻠﯾﻪ ﺗﻛون ﻏﯾر ﻗﺑﻠﺔ
ﺳﻧدا
ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ ﻛوﻧﻬﺎ أﻣور أدﺑﯾﺔ و ﻣﻌﻧوﯾﺔ ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﻟو ﯾرﺗب اﻻﻟﺗزام -اﻟوارد ﻓﻲ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ً
ﺟﺑرا وﺗﺟوز اﻟﻐراﻣﺔ اﻟﺗﻬدﯾدﯾﺔ ﻓﯾﻪ أي اﻹﻛراﻩ اﻟﻣﺎﻟﻲ.
ﻣﺎﻟﯾﺎ ﻫﻧﺎ ﯾﻧﻔذ ً
ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ واﻧﻪ ﯾﺣﻣل ﻓﻛرة اﻹﻟزام -ﺣﻘﺎ ً
ً
وﯾﺑﻘﻰ ﻟﻠزوﺟﺔ إن ﻟم ﯾﻠﺗزم زوﺟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﯾﺎم ﯾﻣﺎ ﺗﻌﻬد ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ وأﺧل ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ ،ﺳوى أن
ﺗرﻓﻊ دﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺿرر وﯾﻛون اﻣﺗﻧﺎع اﻟزوج دﻟﯾﻼً ﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺳﺗﺟﯾب إﻟﻰ طﻠﺑﻬﺎ.
ﯾرى ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ أن ﻣﺣل اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻻﻟﺗزام اﻟذيﯾﺷﻛل ﺣﻘً ﺎ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻪ ﺷﺧص طﺑﯾﻌﻲ
ﺗﺟﺎﻩ ﻣدﯾﻧﻪ ﻓﻲ إطﺎر ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ أو ﻏﯾر ﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ ،أو ﻓﻲ إطﺎر ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻛﺎﻻﻟﺗزام اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ.
ﻏﯾر أن اﻟﺳﻧد اﻟﺗﻧﻔﯾذي ﻻ ﯾﺗﻣﺛل داﺋﻣﺎً ﻓﻲ ﻣﺑﻠﻎ ﻣن اﻟﻧﻘود ،ﻓﻘد ﯾﻘﻊ اﻻﻟﺗزام ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟﻣدﯾن
ﺑﺎﻟﻘﯾﺎم ﺑﻌﻣل أو اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن أداء ﻋﻣل ،وﻋدم اﺣﺗراﻣﻪ ﯾؤدي ﺑﺎﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ ﻓرض ﻏراﻣﺔ ﺗﻬدﯾدﯾﺔ ﺗﺗﺣول
ﺑﻌد ﺗﺻﻔﯾﺗﻬﺎ إﻟﻰ دﯾن ﻧﻘدي.2
و إن ﻛﺎﻧت طﺑﯾﻌﺔ اﻻﻟﺗزام ﻣن ﺑﯾن اﻷﻣور ﻏﯾر اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ ،ﻛﺄن ﯾﺗﻌﻬد اﻟزوج ﺑﺎﻹﻗﻼع ﻋن ﺷرب
اﻟﻛﺣول و اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻟﺳﯾﺋﺔ ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟﻠزوﺟﺔ ﻣﺛﻼ أن ﺗرﻓﻊ دﻋوى ﺗطﻠﯾق ﻟﻠﺿرر وﺗﺛﺑت ذﻟك
أﯾﺿﺎ ﺑﺷﻬﺎدة اﻟﺷﻬود ﻛوﻧﻬﺎ ﻣﺗﺿررة ﻣن إﺧﻼل اﻟزوج ﺑﺎﻟﺗزاﻣﺎﺗﻪ.
أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟزوﺟﺔ ﻫﻲ ﻣن ﺧﺎﻟﻔت ﺑﺎﻻﻟﺗزام و ﻟم ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ زوﺟﻬﺎ أو ﻟم ﺗﻧﻔذ ،ﻻ ﯾﻌﺗﺑر ذﻟك
ﻧﺷوز ﻷن ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺗﻘول ﻟﻛﻲ ﯾﻛون ﻧﺷوز ،ﻻﺑد ﻣن إﺛﺑﺎﺗﻪ ﺑﺣﻛم وﻫذا أﻣر ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر
ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﺧطﺄ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾوﺟد ﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﯾﻧص ﻋﻠﻰ ذﻟك وﯾﻘول اﻷﺳﺗﺎذ زودة ﻋﻣر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد أن
269
اﻟﻧﺷوز واﻗﻌﺔ ﻣﺎدﯾﺔ ﺗﻘﺑل اﻹﺛﺑﺎت ﺑﻛﺎﻓﺔ طرق اﻹﺛﺑﺎت ،ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون ﺟﻌل أﻣر ﻣطﻠق و ﻟﻛن اﻟﻘﺿﺎء ﻗﯾدﻩ
ﺑﺈﺣﺿﺎر ﻣﺣﺿر اﻻﻣﺗﻧﺎع ﺛم ﺣﻛم .1
ﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻣﻼﺣظﺗﻪ ﻫو أن ﻧﺻوص ﻗﺎﻧون اﻹﺟ ارءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،ﻻ ﺗﻌطﻲ ﺗﻔﺎﺻﯾل ﻛﻣﺎ
ﯾﺟب أن ﯾﺣﺗوي ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،و ﻟﻛﻲ ﻻ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﻓﺦ إﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﯾﺳﺗﺣﺳن أن
ﯾﺷﯾر اﻟﻣﺣﺿر إﻟﻰ ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ دار ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﻻ ﺳﯾﻣﺎ ادﻋﺎءات اﻷط ارف وطﻠﺑﺎﺗﻬم ،وﻛذا ﺟﻣﯾﻊ
اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺂﺛﺎر اﻷﺳرة ،و ﻛذﻟك ﺗﺑﯾﺎن اﻻﻟﺗزاﻣﺎت ﺑﺎﻟﺗدﻗﯾق اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﯾﻘوﻣوا ﺑﻬﺎ ،واﻟﺗﻲ ﯾﻣﺗﻧﻌوا
ﻋن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬﺎ ﺻراﺣﺔ ووﺿوح.
ٕوان ﻛﺎن ﻓﻲ اﻋﺗﻘﺎدﻧﺎ أن ﻓﻛرة اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺳﻧد ﺗﻧﻔﯾذي ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺗﺻﻠﺢ أن ﺗﻛون ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻟﺗﻧﻔﯾذ
اﻟرﺟﻌﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾراﺟﻊ اﻟزوج زوﺟﺗﻪ أﺛﻧﺎء اﻟﻌدة ،ﻟﻛن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠذﯾن ﯾﻌﺗﻘدون أن اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري وأﻧﻪ ﻻ
ﯾوﺟد طﻼق إﻻ ﺑﻌد إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﻌﻠﻰ ﻣﺎذا ﯾﻧﺻب اﻟﺗﻧﻔﯾذ إذن؟ ،ﻓﺈذا ﺗﻘرر اﻟﺻﻠﺢ ﻓﺎن اﻟزوج ﯾﻌود إﻟﻰ
زوﺟﺗﻪ ﻋﺎدي ،ﻓﻼ رﺟﻌﺔ إﻻ ﺑطﻼق واﻗﻊ ،وﻣن ﺛﻣﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗطﺑﯾق أﺣﻛﺎم اﻟرﺟﻌﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ
اﻟﻣﺎدة ) (50ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،إﻻ ﺑﻌد وﺟود طﻼق واﻗﻊ ﻓﻌﻼ ،ﻓﺣﺳب ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾن اﻟذﯾن
ﯾﻌﻠﻘون اﻟطﻼق ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ ،وﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﻌﺗﺑر ﺳﻧد ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ ﻟﻛن اﻟﺳؤال اﻟذي ﯾطرح ﻣﺎذا ﻧﻧﻔذ؟ ،ﻧﻧﻔذ رﺟوع
اﻟزوﺟﯾن ﻟﻛن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻻ ﺗزال ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺣﺳب اﻋﺗﻘﺎدﻫم ،ﻓﻣﺎ ﺟدوى ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺻﻠﺢ طﺎﻟﻣﺎ ﻟﯾس ﻫﻧﺎك طﻼق
أﺻﻼً ،وأن اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟم ﺗﻧﺣل ﺑﻌد ﻓﻌﻠﻰ ﻣﺎذا ﺳوف ﯾﻧﺻب اﻟﺻﻠﺢ.
ﻟﻛن ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾﺟرﯾﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺄﺧذ ﻋدة أﺷﻛﺎل ﻓﻔﻲ دﻋوى طﻼق اﻟزوج ﻧﻣﯾز
ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻠطﻠب اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻓﯾﻣﺎ إن ﻛﺎن اﻟطﻠب اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﯾﻧﺻب ﺣول إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق أو طﻠب
ﺑﯾن ﻧوﻋﯾن ً
اﻟطﻼق ،و ﺗﺑﻌﺎً ﻟذﻟك ﻣﻣﻛن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻛون ﻻﺣق ﻋﻠﻰ وﻗوع اﻟطﻼق أو ﻣﻣﻛن ﺳﺎﺑق أو ﻣزاﻣﻧﺎ ﻟﻪ
أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ رﻓﻊ اﻟورﺛﺔ ﻟدﻋوى إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ﻓﻬﻧﺎ ﻻ ﯾوﺟد ﺻﻠﺢ اﺻﻼً ﻻﻧﻌدام ﺗواﺟد اﺣد
ﺗﻧﻔﯾذا ﻣن اﻟﻣﻔروض ﺑﻬذا اﻟﺳﻧد ﯾﻛون اﻟﻐرض ﻣﻧﻪ ﺗﺳﺟﯾل
ﺳﻧدا ًاﻟزوﺟﯾن ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ إذا اﻋﺗﺑرﻧﺎ اﻟﺻﻠﺢ ً
اﻟرﺟﻌﺔ ،ﻓﯾﺟب أن ﻻ ﯾﻔﺳر اﻟﺻﻠﺢ أﻧﻪ ﻣﺟرد ﺻﻠﺢ ﻓﻲ طﻼق ﻗد ﺗﻠﻔظ ﺑﻪ اﻟزوج ،ﺣﯾث ﺑﻬذا اﻟﺻﻠﺢ
ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﻧﻔذ ﺑﻪ اﻟرﺟﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺟل ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،و ﻣن اﻟﻣﻔروض ﻋﻧد ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
ﯾﺷﯾر إﻟﻰ وﻗوع اﻟطﻼق ،ﻟﻛﻲ ﯾﺣﺗﺳب ﻓﻲ ﻋدد اﻟطﻠﻘﺎت.
-1زودة ﻋﻣر ،ﻣﺣﺎﺿرات أﻟﻘﯾت ﻋﻠﻰ طﻠﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎة ﺑﺎﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻠﻘﺿﺎء ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق.
270
أﻣﺎ ﻋن ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﻧﻔذ اﻟرﺟﻌﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﺿﻣﯾﻧﻪ ﻛل اﺗﻔﺎق أو ﺷرط ﻗﺎﺑل ﻟﺗﻧﻔﯾذ
ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎ ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن اﻵﺛﺎر اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺧﻠﻔﻬﺎ اﻟﺻﻠﺢ
ﺳﻧدا ًاﺷﺗرطﻪ اﻟزوﺟﯾﯾن ،وﺑﻬذا ﯾﺻﺑﺢ اﻟﺻﻠﺢ ً
وﻫﻲ اﻧﻘﺿﺎء اﻟدﻋوى ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ،و اﺳﺗﻧﻔﺎذ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻟوﻻﯾﺗﻪ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻶﺛﺎر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻬﺎﻣﺔ
واﻟﻌدﯾدة ﺳواء ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﯾن أو اﻷﺑﻧﺎء ،ﻓﺎﻟﺗوﻓﯾق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﯾﻣﺣو اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ
وﯾﻌﯾد اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺳﻛﯾﻧﺔ و اﻟطﻣﺎﻧﯾﯾﻧﺔ ،اﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻓﻲ ﻛل ﺑﯾت،ﻷن ﻫدف اﻟزواج ﻫو
َﺷَر ﺗﺣﻘﯾق ذﻟك اﻻرﺗﯾﺎح اﻟﻧﻔﺳﻲ ﻟﻠﺷﺧص ،ﻟﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ " َوِﻣ ْن َآﯾﺎﺗِِﻪ أ َْن َﺧﻠَﻘَﻛُم ﻣﱢن َﺗُر ٍ
اب ﺛ ﱠُم إِذَا أَﻧﺗُم ﺑ ٌ
ون" ،1ﻫذا ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻋرى اﻟﻣﺣﺑﺔ و اﻻﺣﺗرام ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻓﺗﺻﺑﺢ ﻋﻠﻰ ﻗدر ﻛﺑﯾر ﻣن اﻻﻣﺗﻧﺎن
ﺗَﻧﺗَﺷر َ
ُِ
و اﻻﺣﺗرام ﺑﻌدﻣﺎ ﺻﻔﺣت و ﺗﻐﺎﺿت ﻋن زﻻت وأﺧطﺎء زوﺟﻬﺎ ،وﻧﻔس اﻷﻣر ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠزوج ﻗﺎل رﺳول اﷲ
" ﺧﯾرﻛم ﺧﯾرﻛم ﻷﻫﻠﻪ وأﻧﺎ ﺧﯾرﻛم ﻷﻫﻠﻲ ".2
أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻻﻧﻌﻛﺎﺳﺎت اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ اﻷطﻔﺎل ،ﻓﻼ ﯾﻣﻛن ﺣﺻرﻫﺎ ﺣﯾث أﺑﺎﻧت اﻟﺗﺟرﺑﺔ أن ﻋﯾش
اﻷطﻔﺎل ﻓﻲ أﺳرة ﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺔ ﺧﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﻧزاﻋﺎت ،ﯾﺳﺎﻋدﻫم ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﺻﯾل و اﻟﺗوﻓﯾق أﻟدارﺳﻲ و ﯾﺳﻬل ﻟﻬم
اﻻﻧدﻣﺎج ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،وأﻛدت اﻟدراﺳﺎت أن اﻷطﻔﺎل ﻣن أﺑوﯾن ﻣطﻠﻘﯾن ﯾﻌﺎﻧون ﻣن ﻣﺷﺎﻛل طوال ﺣﯾﺎﺗﻬم
وﯾﻛون أداؤﻫم ﻓﻲ اﻟدراﺳﺔ ﺳﯾﺊ وﻋرﺿﺔ ﻟﻺﺟرام ،ﺣﯾث ﯾﺗﺳﻣون ﺑﺎﻟﻌدواﻧﯾﺔ و اﺿطراﺑﺎت ﻧﻔﺳﯾﺔ ﻓﻲ
ﺳﻠوﻛﻬم ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟزوﺟﯾﺔ ﺗﻔﻘد اﻷطﻔﺎل اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﯾش وﺗوﻟد ﻓﻲ ﻧﻔﺳﻬم اﻟﻛراﻫﯾﺔ
واﻟﺣﻘد .
ﻋﻣوﻣﺎ ﻻ ﯾﺧﻔﻰ ﻣﺎ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﻣن اﺛﺄر اﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﻻ ﯾﺳﻊ اﻟﻣﻘﺎل ﻟﺣﺻرﻫﺎ ،وﻣن ﻫﻧﺎ ﺗﻛﻣن اﻟﺣﻛﻣﺔ اﻟرﺑﺎﻧﯾﺔ
ً
ﻓﻲ وﺻف اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺎﻟﺧﯾر ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ " :و اﻟﺻﻠﺢ ﺧﯾر ".3
ﯾرﺗب اﻟﺻﻠﺢ آﺛﺎر ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ رﺟوع اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣن ﺟدﯾد وﻫو ﻣﺎ ﺗؤﻛدﻩ اﻟﻣﺎدة )(50
ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة أن ﻣراﺟﻌﺔ اﻟزوج ﻟزوﺟﺗﻪ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﺣﺗﺎج ﻟﻌﻘد ﺟدﯾد ،ﻷن ﻓك اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ ﯾﻛون ﺑﺣﻛم ،وﻣﺎدام ﻟم ﯾﺻدر ﺣﻛم ﻓﺎﻟزوﺟﺔ ﺗﻌود إﻟﻰ ﺑﯾت اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑدون أي ﻋﻘد ،ﻛﻣﺎ ﻫو ﻣﻌﻠوم
أن اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﻫو اﻟطﻼق اﻟذي ﯾراﺟﻊ ﻓﯾﻪ اﻟزوج زوﺟﺗﻪ ﺧﻼل ﻓﺗرة اﻟﻌدة ،ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻫﻧﺎ ﻟﻌﻘد ﺟدﯾد
ﻟذﻟك اﻋﺗﺑر اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري أن ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ﻫﻲ ﺛﻼﺛﺔ) (03أﺷﻬر ﻣﺛل ﻓﺗرة اﻟﻌدة.
271
وﻋﻠﯾﻪ وﺑﻬذﻩ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗم اﻟﺗراﺟﻊ ﻋن طﻠب ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟطﻠب اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ دﻋوى ﻟطﻼق
ﺳواء ﻛﺎن ذﻟك ﺑﺗراﺟﻊ ﻣن اﻟزوج إن ﻛﺎن ﻫو طﺎﻟب اﻟطﻼق ،أو ﺑﺗراﺟﻊ ﻣن اﻟزوﺟﺔ إن ﻛﺎﻧت ﻫﻲ راﻓﻌﺔ
اﻟدﻋوى ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ ،أو ﺣﺗﻰ رﺟوﻋﻬﻣﺎ اﻟﻣﺷﺗرك إن ﻛﺎن طﻠب اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،ﻓﻧﺟﺎح اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺳﻌﻰ وﺗوﺻﻠﻪ إﻟﻰ إﻗﻧﺎع اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ اﻟﺗراﺟﻊ ﻋن ذﻟك وﻋﻘد اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ واﻟﻐﺎﯾﺔ
اﻟﻣﺗوﺧﺎة ﻣن ﺗﺷرﯾﻊ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ
وﺑﻧﺎء ﻋﻠﯾﻪ ﺗﺻﺑﺢ دﻋوى ﻓك اﻟﻌﺻﻣﺔ ﺑﻐﯾر ﻣوﺿوع ﻟﺗﺻﺎﻟﺢ اﻟزوﺟﯾن وﺗراﺟﻌﻬﻣﺎ ﻋن طﻠب ﻓك ﻋﻘدة
اﻟﻧﻛﺎح ،ﻓﻠم ﯾﻌد طﻠب اﻟطﻼق ﻣﺗﻣﺳك ﺑﻪ وﻗد ﺗم اﻟﺗراﺟﻊ ﻋﻧﻪ ،وﻣن اﻟﻣﻔﯾد ﻣﻼﺣظﺔ أن اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻﻠﺢ ﺳﻧد
ﺟدﯾدا ﺗﺑﻧﺎﻩ اﻟﻣﺷرع و ﯾﻛﺗﺳﻲ أﻫﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ،ﻏﯾر
ﻣوﻗﻔﺎ ً
ً ﺗﻧﻔﯾذي و إﺧﺿﺎﻋﻪ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﺳﻧدات اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﯾﻛون
أن اﻟﻣﺷرع ﻟمﯾُ ْﻘرﻧﻪ ﺑﺿﻣﺎﻧﺎت ﻛﺎﻓﯾﺔ .
ﺧﺎﻣﺳﺎً-اﻟطﻌن ﻓﻲ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ :
ﻗد ﺗرد ﺑﻌض اﻷﻣور ﺿﻣن وﻗﺎﺋﻊ اﻟﻌرﯾﺿﺔ اﻻﻓﺗﺗﺎﺣﯾﺔ ﻟدﻋوى أو ﺣﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﻣذﻛرة اﻟﺟواﺑﯾﺔ ،رﺑﻣﺎ
اﻟزوج ﻟم ﯾﻘﺻدﻫﺎ ﺣﯾث ﻗد ﺗرد ﺧطﺄ ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﺗظﻬر ﻣن ﺧﻼل ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ و اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺻدد
ﻣراﻗﺑﺔ ﻟﻠﻣﻧﺎﻗﺷﺎت و ﺗﺻرﯾﺣﺎت اﻷطراف ،ﺣﯾث ﯾﺟب أن ﯾﺗﺿﻣن ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ اﺗﻔﺎق اﻟطرﻓﯾن وﻛذا ذﻛر
اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﻗد ﺑﻧﻰ ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﺳﺑﯾب اﻟﺣﻛم ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟﻣﺎ ﯾﺿﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ أو ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ ﻛل اﻷﻣور و اﻟﻧﻘﺎط ﻻ ﺳﯾﻣﺎ اﻟﻧﻔﻘﺔ ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻛون ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد اﺳﺗﺋﻧﺎف ﻋﻠﻰ
ﺗﺧﻔﯾﺿﻬﺎ ﻓﯾﻛون ذﻛرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺿر إﻟزاﻣﺎً ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟزوج ﻓﯾﺣول اﻷﻣر دون اﺳﺗﺋﻧﺎﻓﻪ ،ﻷﻧﻪ ﻗطﻌﻲ
ﻓﯾﻘﺿﻰ ﺑﺗﺄﯾد اﻟﺣﻛم.
وﯾﻛون ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﺣﺟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟزوجٕ ،واذا ﻗﺎم اﻟزوج ﺑﺎﺳﺗﺋﻧﺎف ﻗﺻد ﺗﺧﻔﯾض ﻣﺑﻠﻎ اﻟﻧﻔﻘﺔ،ﻷﻧﻪ
ﺣﺎﺋﻼ
ً ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﺟد ﻧﻔﺳﻪ وﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺿﻣون ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﺷق اﻟﻣﺎدي ،ﻣﻣﺎ ﯾﻘﻊ
وﻓﻲ وﺟﻬﻪ ﻋﻧد اﻟطﻌن ﻫذا ﻣن ﺟﻬﺔ ،وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻛون ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﻘﺑل أﺻﻼً اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف،
وﻷﺟل ذﻟك ﻛﺎن ﻟﺗﺣدﯾد طﺑﯾﻌﺔ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ أﻫﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺗرﺗﯾب اﻵﺛﺎر اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ وﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻣﺎ إذا ﯾﻣﻛن
اﻟطﻌن ﻓﻲ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ وﺑﺄي طرﯾﻘﺔ ؟ .
اﻹﺷﻛﺎل اﻟذي ﯾطرح ﺑﺧﺻوص ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﻛذﻟك ،ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣدى إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟطﻌن ﻓﯾﻪ ﻣن ﻗﺑل أﺣد
اﻷطراف ﻫذا اﻷﻣر ﻟم ﯾﻧص ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺷرع ،وﻟذﻟك ﻛﺎن ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺳﯾﺎق ﻋﻧدﻣﺎ أﻗرت
أﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز اﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﺣﻛم اﻟﻣﺛﺑت ﻟﻠﺻﻠﺢ اﻟذي وﻗﻊ ﺑﯾن اﻟﺧﺻوم ﻷن اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﻻ ﯾرﻓﻊ إﻻ ﺿد
اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻲ ﻓﺻﻠت ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﻣرﻓوع أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء ،ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﺣﻛم اﻟﻣﺻﺎدق واﻟﻣﺛﺑت ﻟﻠﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﻘﺑل
272
اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﻟﻛوﻧﻪ ﺗﺿﻣن ﺻﻠﺣﺎً ﺑﯾن اﻷطراف ﻻ ﻏﯾر ،وﯾﺗﻌﯾن ﻧﻘض اﻟﻘرار اﻟذي ﻗﺑل اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﻓﻲ ﻫذا
اﻟﺣﻛم .1
ﻟﻛن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻﻠﺢ ﺳﻧد ﺗﻧﻔﯾذي ﻣﻊ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺣوز ﺣﺟﯾﺔ اﻟﺷﻲء اﻟﻣﻘﺿﻲ ﺑﻪ ﻛﺎﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،أي
ﯾﻣﻛن اﻷطراف ﻋرض اﻟﻧزاع ﻣن ﺟدﯾد أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء ﺑﻧﻔس اﻟﻣوﺿوع و اﻷطراف ،ﻓﻬو ﯾﻌد ﺳﻧد رﺳﻣﯾﺎ
وطﺑﻘﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻣﺣررات اﻟرﺳﻣﯾﺔ ﻓﻠﻪ ﺣﺟﯾﺔ ﻣطﻠﻘﺔ
ً ﺻﺎدر ﻋن ﻣوظف ﻋﻣوﻣﻲ وﻫو اﻟﻘﺎﺿﻲ ،وﻋﻠﯾﻪ
2
ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت إﻟﻰ أن ﯾطﻌن ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟﺗزوﯾر
ﺑﻌدﻣﺎ ﺗم اﻟﺗطرق إﻟﻰ أﺛر ﻧﺟﺎح ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،اﻵن ﺳﯾﺗم اﻟﺗطرق إﻟﻰ أﺛر ﻓﺷل ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ﻣن ﺧﻼل اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗﺎﻟﻲ .
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ
أﺛر ﻓﺷل ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن
ﻗد ﻻ ﯾوﻓق اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﺳﺎﻋﯾﻪ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن طول اﻟﻣدة اﻟﻣﻘررة ﻟذﻟك ،ﻓﻠﯾس ﻓﻲ وﺳﻌﻪ
ﺳوى ﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺑﯾن ﻓﯾﻪ ﻣﺳﺎﻋﻲ اﻟﺻﻠﺢ ،وﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣﺣﺎوﻻﺗﻪ ،ﯾوﻗﻌﻪ ﻣﻊ ﻛﺎﺗب اﻟﺿﺑط
واﻟزوﺟﯾن)أوﻻً ( ،ﺛم ﯾﺗم اﻟﺗطرق ﺑﻌد ذاﻟك إﻟﻰ ﻣوﺿوع اﻟدﻋوى .ودور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺳﯾر اﻟدﻋوى ﺳواء ﻛﺎﻧت
دﻋوى طﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة أو ﺗطﻠﯾق أو ﺧﻠﻊ أو طﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ )ﺛﺎﻧﯾﺎً(
أوﻻً -ﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ وﻣﺿﻣوﻧﻪ:
ﯾﻠﺗزم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ واﻹﺷﺎرة إﻟﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻗﺑل أن ﯾﺣﻛم ﺑﻔك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻓﻘد ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2007/09/12اﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
" ...واﻟذي ﺟﺎء ﻓﯾﻪ أن دﻋوى اﻟطﺎﻋن ﺗرﻣﻲ إﻟﻰ اﻟﺗطﻠﯾق ﻋن طرﯾق اﻟﺧﻠﻊ و ﻛﺎن ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ إﺟراء
ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﻻ ﯾوﺟد أﺛر ﻟﻬذا اﻹﺟراء و إن ﻛﺎن اﻟطﺎﻋن ﻗد ﺗﻐﯾب ﻋن
اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ ،ﺣﯾث أﻧﻪ ﯾﺗﺑﯾن ﻓﻌﻼً ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻟم ﯾﺷر إﻟﻰ ﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿر
ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ وﺣﺗﻰ و إن ﻛﺎن اﻟطﺎﻋن ﻗد ﺗﻐﯾب ﻋن اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ ،و ﻋﻠﯾﻪ ﻫذا اﻟﻔرع ﻣؤﺳس وﯾﺗرﺗب ﻋﻧﻪ ﻧﻘض
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،103637ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1994/4/19اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد ﺧﺎص
،2001ص 94و ﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ.
_2ﺑوﺷﯾﺑﺎن ﺧدﯾﺟﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق،ص.30
-3اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،401330ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2007/09/12ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
273
وﻋﻠﯾﻪ ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﯾﺷﯾر اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ أﻧﻪ ﺗم ﻋﻘد ﺟﻠﺳﺎت ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ﯾﻌرض ﺣﻛﻣﻪ
ﻟﻧﻘض ﻣن طرف اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ وﯾظﻬر ذﻟك ﺟﻠﯾﺎ ﻣن ﺧﻼل ﻗرار ﺻﺎدر ﻋﻧﻬﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2010/12/09
اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﺣﯾﺛﯾﺎﺗﻪ ﻛﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﺣﯾث ﯾﺗﺑﯾن ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻟم ﺗﺷر ً
أﺑدا إﻟﻰ ﻋﻘد
ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ و ﺣﺿور اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ ،طﺎﻟﺑﺔ اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﺗﻠك اﻟﺟﻠﺳﺔ ﺣﺗﻰ ٕوان ﻛﺎن اﻟطﺎﻋن ﻟم ﯾﺣﺿر وﻟم
ﯾﺟب ،ﻷن ﻋﻘد ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﺟوﺑﻲ...
وﺣﯾث اﺳﺗﻘر اﺟﺗﻬﺎد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻋﻠﻰ وﺟوب ﻋﻘد ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ و ﺣﺿور طﺎﻟب اﻟطﻼق أو اﻟﺗطﻠﯾق
أو اﻟﺧﻠﻊ ﻟﺗﻠك اﻟﺟﻠﺳﺔ ،وﻣﺎدام ﻟم ﺗﺷر إﻟﻰ ﻋﻘد ﺗﻠك اﻟﺟﻠﺳﺔ و ﺣﺿور اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ –طﺎﻟﺑﺔ اﻟﺗطﻠﯾق-
ﻟﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻛون ﻗد ﺧﺎﻟﻔت ﻧص اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة .وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﻫذا اﻟﻔرع ﻣن اﻟوﺟﻪ
ﻣؤﺳس و ﯾﻧﺟر ﻋﻧﻪ اﻟﻧﻘض و إﺑطﺎل اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ "1وﺑﺎﻟرﺟوع ﻓﻌﻼ إﻟﻰ ذات اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﯾﺗﺑﯾن
ﻓﻌ ًﻼ ﻋدم اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ دﻋﻲ اﻷطراف إﻟﻰ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﻋﻘد ﺟﻠﺳﺔ ﺻﻠﺢ ﻣرة واﺣدة
أو ﻋدة ﻣرات ،ﺑل اﻟﻘﺿﯾﺔ وﺿﻌت ﻓﻲ اﻟﻧظر ﻣﺑﺎﺷرة وﺗم اﻟﻔﺻل ﻓﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ﻣﻊ اﻟﻌﻠم أن اﻷﻣر ﺷﺎﺋك وﺣرم
2
اﻟطﺎﻋن ﻣن ﺣق اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ".
ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ) (443ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ ﻓﻘرﺗﻬﺎ اﻷﺧﯾرة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ...":
وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ أو ﺗﺧﻠف أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﻣﻬﻠﺔ اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﻣﻣﻧوﺣﺔ ﻟﻪ ،ﯾﺷرع ﻓﻲ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻣوﺿوع
اﻟدﻋوى " ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ ﺑذﻟك ﯾﺑﯾن ﻓﯾﻪ ﻣﺳﺎﻋﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن
اﻟزوﺟﯾن ،وﺗوارﯾﺦ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ وﺟﻠﺳﺎﺗﻬﺎ ،ﯾﻠﺣﻘﻪ ﺑﻣﻠف اﻟدﻋوى ﺛم ﯾﺣﯾل اﻟطرﻓﯾن إﻟﻰ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ
اﻟﻣوﺿوع .3
ﻗد ﻻ ﺗﻛﻠل ﻣﺳﺎﻋﻲ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﯾﺑذﻟﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﻧﺟﺎح ﻟﺳﺑب أو ﻵﺧر ،ﻓﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟواﻗﻌﯾﺔ ﻧﺟد
ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟطﻼق أن ﻋدم ﻧﺟﺎح ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺳﺑﺑﻪ إﻣﺎ ﻷن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟم ﯾﺑذل اﻟﺟﻬد اﻟﻛﺎﻓﻲ ﻓﻲ
ﻧظرا ﻻﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻣﺟرد إﺟراء ﺷﻛﻠﻲ ﻓﻘط ودون اﻋﺗﺑﺎر ﻟﻣﺎ ﻗد ﯾﻧﺟر ﻋن ذﻟك ﻣن آﺛﺎر أﻫﻣﻬﺎ ﻓﺻم
ذﻟكً ،
ﻋرى اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺗﺧﺎﺻﻣﯾن ،أو ﯾرﺟﻊ اﻟﺳﺑب إﻟﻰ ﻛﺛرة اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣطروﺣﺔ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺧﺻوﺻﺎ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﻓك اﻟﻌﺻﻣﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﺿﯾق وﻗﺗﻪ ﺑﺳﺑب اﻧﺷﻐﺎﻟﻪ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ
ً
واﻟﺑﺣث ﻟﻬﺎ ﻋن ﺣﻠول ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻓﻬل إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ذﻟك ﯾﻣﻛﻧﻪ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻟﺣﻠول اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
-1اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،0589792ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2010/12/09ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
-2أﻧظر ﺣﻛم ﺻﺎدر ﻋن ﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑرج ﺑوﻋرﯾرﯾﺞ ﺑﺗﺎرﯾﺦ .08/07/09ﺗﺣت رﻗم ﺟدول ،0708/08اﻟﻣﻠﺣق رﻗم )(7
3
-اﻟﻌرﺑﻲ ﺑﻠﺣﺎج ،اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 357
274
واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﻸﺳرة ،ﻣﻊ اﻟﻌﻠم أن ﺗﻛوﯾﻧﻪ ﻻ ﯾُ َﻣﻛﻧﻪ ﻣن ذﻟك ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺳﺗﻠزم ﺗﻛوﯾن ﺧﺎص ﻟﻘﺿﺎة ﺷؤون
اﻷﺳرة ﺷﺑﯾﻪ ﺑﺗﻛوﯾن ﻗﺿﺎة اﻷﺣداث ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺿرورة ﺗدﻋﯾم ﻗﺿﺎة ﺷؤون اﻷﺳرة ﺑﻣﺧﺗﺻﯾن ﻓﻲ
ﻣﺟﺎل ﺷؤون اﻷﺳرة وﻣﺷﺎﻛﻠﻬﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﻘدﻣوا اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻣن اﺟل اﺣﺗواء ﻣﺷﺎﻛل اﻷﺳرة ﺑطرﯾﻘﺔ ﻓﻧﯾﺔ.1
ﺧﺻوﺻﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ﯾﺟد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻧﻔﺳﻪ أﻣﺎم إﺻرار اﻟزوج أو اﻟزوﺟﺔ أو ﻛﻠﯾﻬﻣﺎ ﻣﻌﺎ ﻋﻠﻰ
ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻓﻼ ﺧﯾﺎر أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳوى اﻟﺗﺻدي ﻟﻠﻣوﺿوع ،ﺑﻌد أن ﯾﺄﻣر اﻟﻛﺎﺗب ﺑﺗﺣرﯾر
ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ ،وﯾﺣﺗوى ﻫذا اﻟﻣﺣﺿر ﻋﻠﻰ ﻫوﯾﺔ اﻟطرﻓﯾن وﺗﺻرﯾﺣﺎﺗﻬﻣﺎ وﺗوﻗﯾﻌﻬﻣﺎ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗوﻗﯾﻊ
اﻟﻘﺎﺿﻲ وأﻣﯾن اﻟﺿﺑط ،وﯾﺣﯾل اﻟطرﻓﯾن إﻟﻰ ﺣﺿور ﺟﻠﺳﺔ ﻋﻠﻧﯾﺔ ﺿﻣن اﻟﺟﻠﺳﺎت اﻟﻣﻘررة ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ،وﯾﻌود
2
إﻟﻰ ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ ﺳﯾر اﻹﺟراءات ﻟﻠﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع
أﻣﺎ ﻋن ﻣﺿﻣون ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ واﻟذي ﯾﺄﺧذ أﺣد اﻟﺷﻛﻠﯾن ،إﻣﺎ ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ ﻟﺗﻣﺳك
أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻣﺣﺎﺿر ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ ﺻور ﻓﺎك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﻣﺎ ﻋدا اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،وﯾرﺟﻊ ذﻟك إﻟﻰ أن أﺣد أطراﻓﻪ ﯾﺗﻣﺳك ﺑطﻠﺑﻪ اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
5
ﺳواء ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج ،3أو ﺑطﻠب ﻣن اﻟزوﺟﺔ ﺑواﺳطﺔ اﻟﺧﻠﻊ ،4أو ﻋن طرﯾق اﻟﺗطﻠﯾق
وﻋدم ﺗﻣﺳﻛﻪ ﺑﻌودة زوﺟﻪ اﻟﻰ ﻣﺳﻛن اﻟزوﺟﯾﺔ ،أﻣﺎ اﻟطرف اﻟﺛﺎﻧﻲ وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻻ ﯾواﻓق ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟﻣدﻋﻲ أو
اﻟﻣدﻋﯾﺔ وﯾطﺎﻟب ﺑﺎﻻﺳﺗﻣرار ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ رﻓﺿﺎ ﻟطﻠب اﻟﻣدﻋﻲ ،ﻓﻬذا اﻟﻣﺣﺿر ﻻ ﯾﺗﺿﻣن أﯾﺔ اﻟﺗزاﻣﺎت
ﺳﻧدا ﺗﻧﻔﯾذﯾﺎً و ﯾﺗم ﺗوﻗﯾﻊ اﻟطرﻓﯾن إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﺗوﻗﯾﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻛذا
ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟزوﺟﯾن و ﺑذﻟك ﻻ ﯾﻛون ً
ﺗوﻗﯾﻊ أﻣﯾن اﻟﺿﺑط.
و إﻣﺎ ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ ﻟﺗﻣﺳك اﻟزوﺟﯾن ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻣﺣﺎﺿر ﻧﺟدﻩ
ﻓﻘط ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻣﺛﻼً أن ﯾﺻرح ﻛل ﻣن اﻟزوج ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﯾﺗﻣﺳك ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻻﺳﺗﺣﺎﻟﺔ
اﻟﻌﺷرة اﻟزوﺟﯾﺔ ،وأﻧﻪ ﻣواﻓق ﻋﻠﻰ دﻓﻊ ﻣﺑﻠﻎ ﻣﺎﻟﻲ ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ﻛﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺿرر اﻟﻼﺣق ﺑﺎﻟزوﺟﺔ ﺑﻌد
ﺻدور اﻟﺣﻛم ،وﺗﺻرح ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻣﺣﺿر اﻟزوﺟﺔ أﻧﻬﺎ ﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻋﻠﻰ أن ﯾدﻓﻊ
1
-ﺟﻣﻌﻲ ﻟﯾﻠـﻰ ،ﺳﻠﺑﯾﺎت ٕواﯾﺟﺎﺑﯾﺎت ﻗـﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ودور ﻗﺿﺎة اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺿـﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻟﺳﻠﺑﯾﺎت
وﺗﺄﻛﯾد ﺗﻠك اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺎت ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،ﻋدد ،09ﺟﺎﻣﻌﺔ وﻫران ،2004 ،ص ،2004ص . 149
-2ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺳﻌد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 91
3
-أﻧظر ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ –أ ،-اﻟﻣﺣرر ﻋن ﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء ﺑرج ﺑوﻋرﯾرﯾﺞ ﻣﻠﺣق ). (8
-4أﻧظر ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ –ب، -اﻟﻣﺣرر ﻋن ﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء ﺗﯾﺑﺎزة ﻣﻠﺣق ).(8
-5أﻧظر ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ-ج ،-اﻟﻣﺣرر ﻓﻲ ﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎءﻋﯾن ﺗوﺷﻧت ﻣﻠﺣق ). (8
275
ﻟﻬﺎ ﻣﺑﻠﻎ ﻣﺎﻟﻲ ﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻪ ﻛﺗﻌوﯾض ﻟﻬﺎ وأﻧﻬﺎ ﻗد أﺧذت ﻛل ﻣﺗﺎﻋﻬﺎ و ﯾذﻛر ﺟﻣﯾﻊ اﻷﻣور اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن
ﺣﺿﺎﻧﺔ وﻧﻔﻘﺔ ...اﻟﺦ .1
ﺛﺎﻧﯾﺎً -دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻣوﺿوع اﻟدﻋوى :
ﻗرر اﻟﻣﺷرع أﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن ﻟﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﯾﺟرﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم
ﺗﺻﺎﻟﺢ اﻟزوﺟﯾن أو ﺗﺧﻠف أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﻣﻬﻠﺔ اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﻣﻣﻧوﺣﺔ ﻟﻪ ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺗم اﻟﺗطرق إﻟﻰ
ﻣوﺿوع اﻟدﻋوى و ﯾﺷرع ﻓﻲ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﻣوﺿوع ،وﻫذا ﻷن ﻛل اﻹﺟراءات اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻫﻲ إﺟراءات
ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋن اﻟﺧوض ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ،2و ﻋﻧدﺋذ ﯾﻘﻊ اﻟﻧﻘﺎش ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﺛم ﯾﺻدر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﻛﻣﻪ ً
وﻓﻘﺎ
ﻟﻺﺟراءات اﻟﻌﺎدﯾﺔ ،و ﯾﻛون اﻟﺣﻛم اﺑﺗداﺋﻲ ﻧﻬﺎﺋﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟطﻼق ،واﺑﺗداﺋﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﺟواﻧب
اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻟﻪ.
ﺳﺎﺑﻘﺎ وﻓﺷل ﻓﻲ إﺻﻼح ذات
وﻓﻲ ﻫذا اﻹطﺎر ﯾﻌﺗﻣد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ أﺟرﻫﺎ ً
اﻟﺑﯾن ﻣن ﺧﻼل ﻣﻼﺑﺳﺎت اﻟﻧزاع ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن وأﺳﺑﺎﺑﻪ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ،ﺣﯾث ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﻛوﯾن ﺻورة
ﻣﺑدﺋﯾﺔ ﻋن اﻟﻧزاع ،ﯾﺿﺎف ﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﻗد اﺳﺗﻧﺑطﻪ وﻣﺎ ﺛﺑت ﻟﻪ ﻣن ﺣﻘﺎﺋق ﻋﻧدﻣﺎ ﻋرض اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﯾن
أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﺑذﻟك ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وﻓق اﻟطﻠب اﻟﻣﻘدم ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ
ﺑﻣوﺟب اﻟﻌرﯾﺿﺔ اﻻﻓﺗﺗﺎﺣﯾﺔ ،ﺣﯾث ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﺳﺗﺧﻠص ﻣن ﺗﻠك اﻟﺟﻠﺳﺎت ﻣن ﯾﺗﺣﻣل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻓﻲ
ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﻛون ﺣﻛﻣﻪ ﻣﻌﯾﺑﺎً .
وﻫو ﻣﺎ أﻛدﺗﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ إﺣدى ﻗ ارراﺗﻬﺎ ... ":ﻟﻛن ﻣﺗﻰ ﻟم ﯾﺣدد ﻗﺎﺿﻲ أول درﺟﺔ ﻓﻲ ﺣﻛﻣﻪ
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟطﻼق ﻷي ﻣن اﻟزوﺟﯾن ،ﻓﺈن ذﻟك اﻟﺣﻛم ﯾﺻﺑﺢ ﻣﺷوﺑﺎ ﺑﻌﯾب ﻗﺎﻧوﻧﻲ
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أﻧﻪ ﻛﻠﻣﺎ ﺗم اﻟﺣﻛم ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﯾﺗﻌﯾن ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﺗﺣدﯾد ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ أي ﻣن اﻟزوﺟﯾن ﺗﺳﺑب ﻓﻲ اﻧﺣﻼل
اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،اﻟﺷﺊ اﻟذي ﯾﺟﻌل اﻟوﺟﻪ اﻟﻣﺛﺎر وﺟﯾﻪ ﯾﺗﻌﯾن اﻻﻟﺗﻔﺎت إﻟﯾﻪ .3"..
ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أﯾﺿﺎً أن ﯾﺳﺗﺧﻠص ﻣن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ أﻧﻪ ﯾﺟوز ﻟﻪ أن ﯾﺄﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر ،ﻣن ﺑﯾن
طﺑﻘﺎ ﻟﻧص
ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺎت و اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺗﻲ أﺛﯾرت ﻣن طرف اﻟﺧﺻوم و ﻟم ﯾؤﺳﺳوا ﻋﻠﯾﻬﺎ ادﻋﺎﺋﻬم ً
اﻟﻣﺎدة ) (26ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،وﻛذﻟك ﺗﺳﺎﻋد ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﻓﻬم ﺣﻘﯾﻘﺔ
-1اﻧظر ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ –د،-اﻟﻣﺣرر ﻓﻲ ﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء ﺗﯾﺑﺎزة ﻣﻠﺣق ).(8
-2ﺑوﺿﯾﺎف ﻋﺎدل ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 447و . 448
-3اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،376803ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2007/01/17ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
276
ﺳﻠﯾﻣﺎ
ً ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ
اﻟﻧزاع ﺣﯾث وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻟﻪ أن ﯾﻛﯾف اﻟوﻗﺎﺋﻊ و اﻟﺗﺻرﻓﺎت ﻣﺣل اﻟﻧزاع ﺗﻛﯾﻔًﺎ ً
طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة )(29ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون.
دون اﻟﺗﻘﯾد ﺑﺗﻛﯾف اﻟﺧﺻوم ً
وﻗد ﯾﺗم ﺗوﻗﯾﻊ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﻣن أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﯾرﻓض اﻷﺧر أو ﯾﻌﻠن ﺻراﺣﺔ ﻋن ﻋدوﻟﻪ ﻋن
ﻫذا اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾوﻗﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺿر و ﻻ ﯾﻧﻬﻲ اﻟﻧزاع ﻋن طرﯾق اﻟﺻﻠﺢ
ٕواﻧﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻟﻪ أن ﯾﻌﺗﺑر ﻫذا اﻟﻣﺣﺿر ﻏﯾر اﻟﻣوﻗﻊ ﻋﻠﯾﻪ ﻣن طرف اﺣد اﻟﺧﺻوم ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﺳﻧد ﻓﻲ اﻟدﻋوى
ﯾﺟوز اﻻﺳﺗﻧﺎد ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﻛم اﻟذي ﺳﯾﺻدر ،وﻫو ﻣﺎ اﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣﺻري ،1وﺑﻬذا اﻟرأي اﻟذي
اﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻣﺻري ﯾﻛون ﻗد ﺛﻣن ﺟﻬد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺗﻪ ﻟﻠﺻﻠﺢ و اﻟﺗﻲ ﺗوﺟت ﺑﺻﻠﺢ ﻋدل
ﻋﻧﻪ أﺣد أطراﻓﻪ و ﻟم ﯾﺗرك ﺟﻬد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾذﻫب ﺳدى.2
ﺑﻌد أن ﺗﻣت د ارﺳﺔ أﺛﺎر ﻧﺟﺎح وﻓﺷل ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﺑﻘﻲ أﻣﺎﻣﻧﺎ أن ﻧدرس أﺛر اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض
ﻓﻲ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﺗﺧﻠف إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ واﻷﺛر اﻟﻣﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ،ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟﺗﺎﻟﻲ
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﺗﺧﻠف إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ واﻷﺛر اﻟﻣﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ
ﺗﻘﺗﺿﻲ دراﺳﺔ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ،ﻓﻲ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة
اﻟﺗﻌرض إﻟﻰ ﻣدى ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ ﻫذﻩ اﻷﺣﻛﺎم إﻟﻰ اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﻘض )اﻟﻔرع اﻷول( ،وذاﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﺧﻠف إﺟراء
اﻟﺻﻠﺢ )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
اﻟﻔرع اﻷول
ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﻠطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض
اﺧﺗﻠف رﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون ﺣول ﻣدى ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﻠطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﻘض ،ﺣﯾث
ﺗﻌددت ﻣواﻗﻔﻬم ﺑﯾن ﻣؤﯾد وﻣﻌﺎرض ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺳﺗدﻋﻲ اﻟﺗطرق إﻟﻰ اﻟﻣوﻗف اﻟﻣؤﯾد ﻟﻔﻛرة اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض
ﺛﺎﻧﯾﺎ(.
أوﻻ( ،ﺛم اﻟﺗطرق إﻟﻰ اﻟﻣوﻗف اﻟﻣﻌﺎرض ﻟﻬذﻩ اﻟﻔﻛرة ) ً
ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ) ً
أوﻻً -اﻟﻣوﻗف اﻟﻣؤﯾد ﻟﻔﻛرة اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ:
ﯾرى ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻬﺎء أﻧﻪ ﯾﻣﻛن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ
ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﺣﯾث ﻧﺟد ﻣن ﺑﯾﻧﻬم اﻷﺳﺗﺎذ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻲ ﺳﻠﯾﻣﺎن اﻟذي ﯾرى ":أن أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق ﻻ
ﺗﻘﺑل اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﻣﺎﻋدا ﺟواﻧﺑﻬﺎ اﻟﻣﺎدﯾﺔ وﻟﻌل اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﻫذا اﻟﺣﻛم ﻫﻲ إﺗﺎﺣﺔ اﻟﻔرﺻﺔ أﻣﺎم اﻟزوﺟﯾن
277
ﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﺣﯾﺎة زوﺟﯾﺔ أﺧرى ،ﻏﯾر أن ﻫذﻩ اﻟﺣﻛﻣﺔ ﺗﺗﺧﻠف إذا اﺳﺗؤﻧف اﻟﺣﻛم أو طﻌن ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟﻧﻘض
واﻧﺗﻬﻰ إﻟﻰ اﻟﻘول ":وﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﻣن اﻟﻣﻣﻛن أن ﯾﺣﺻل ﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون أو ﺗﻔﺳﯾرﻩ ﻣن ﻗﺑل ﻗﺎﺿﻲ
اﻟﻣوﺿوع ،ﻓﺎﻷﺣﺳن أن ﯾظل ﻫذا اﻟﺣﻛم ﻗﺎﺑﻼً ﻟﻠطﻌن ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟطرق اﻟﻌﺎدﯾﺔ و ﻏﯾر اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف
ﻧواﺣﯾﻪ.1
ﻓﻲ ﺣﯾن ﻧﺟد اﻷﺳﺗﺎذ ﻣﺣﻣد أوزﯾﺎن ﯾﺑرر رأﯾﻪ ﺑﺎﻟﻣوﻗف اﻟﺳﻠﺑﻲ اﻟذي ﯾﻣﻛن أن ﯾﺛﯾرﻩ ﻋدم اﻟطﻌن
ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ اﻟﻣﻘررات اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق أو ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ ،ﺣﯾث ﯾﻣﻛن ﻟﻠزوﺟﯾن ﻣراﺟﻌﺔ ﻣوﻗﻔﻬم ،ﻟذا
ﯾﻧﺑﻐﻲ إﺗﺎﺣﺔ اﻟﻔرﺻﺔ ﻟﻬم ﻋن طرﯾق اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف أو اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ،وﻟﻬذا اﻟﺳﺑب ﻓﺎﻷﻓﺿل أن ﺗﺗرك
ﻣﻘ اررات ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻛل طرق اﻟطﻌن ،وﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟﻧظم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋدة وﺟود
درﺟﺗﯾن ﻟﻠﺗﻘﺎﺿﻲ ﻓﺟودة اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺗﻘﺎس ﺑﺿﻣﺎن ﺣق اﻟطﻌن ﺑﻛل درﺟﺎﺗﻪ . 2
أﻣﺎ اﻷﺳﺗﺎذ ﺳﻠﯾم ﺳﻌدي ﯾرى أن اﻟﺗﻌدﯾل اﻟﺟدﯾد ﻟﻘﺎﻧون اﻷﺳرة ﺟﺎء ﻋﺎﻣﺎ ،ﺑﺧﺻوص أﺣﻛﺎم ﻓك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،3وذاﻟك ﺑﻧص اﻟﻣﺷرع ﻋﻠﻰ ﻋدم ﻗﺎﺑﻠﯾﺗﻬﺎ ﻟﻠطﻌن ﺑﺎﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ،ﻣﻊ ﺑﻘﺎء اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ﻋن
طرﯾق ﺑﺎﻟﻧﻘض ،4ﻓﻣﺎدام ﻫﻧﺎك إﺟراءات ﻣﻘررة ﻗﺎﻧوﻧﺎً وﻣﺎدام ﻫﻧﺎك ﻗﺎﻧون واﺟب اﻻﺣﺗرام ،ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﺑد ﻣن
وﺟود رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻋﻠﻰ أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗﺎﻧون ﻻ ﻣوﺿوع .5
ﯾرى اﻟﻣﻔﺗش اﻟﻌﺎم ﺑو ازرة اﻟﻌدل ﻋﻠﻲ ﺑداوي ":ان أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺗﺻدر ﻓﻲ أول و أﺧر
درﺟﺔ أي ﻧﻬﺎﺋﯾﺔ ،وﻫﻲ ﻏﯾر ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺳﺗﺋﻧﺎف ،وﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻧطق ﺑﻬﺎ ،واﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن
ﻓﺗﺢ ﺑﺎب اﻟطﻌن ،ﻫو ﺿﻣﺎن ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﺳﻠﯾم و اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻟﻠﻘﺎﻧون ".6
-1ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻲ ﺳﻠﯾﻣﺎن ،ﺣول ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻟﻠﻌﻠوم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ
اﻟﺟزاﺋر ،ﻋدد ،1986 ،02ص .443
-2أوزﯾﺎن ﻣﺣﻣد ،اﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻸﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ ﻣﺎدة اﻟﺗطﻠﯾق ﻋﻠﻰ اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻗراءة ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻣﺎدة
128ﻣن ﻣدوﻧﺔ اﻻﺳرة ،ﻣداﺧﻠﺔ ،اﻟﻣﻐرب ،ص 6و.7
-3ﺟﺎء ﻓﻲ ﻋرض اﻷﺳﺑﺎب ﻟﻣﺷروع ﻗﺎﻧون ﯾﺗﺿﻣن اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻣر رﻗم 02/05اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 27ﻓﺑراﯾر ﺳﻧﺔ 2005
اﻟذي ﯾﻌدل و ﯾﺗﻣم اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 11/84اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟطﻼق اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﻋدم ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ ﺟﻣﯾﻊ أﺣﻛﺎم ﻓك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣن طﻼق و ﺗطﻠﯾق و ﺧﻠﻊ ﻟﻼﺳﺗﺋﻧﺎف ،ﻣﻊ ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﺻﻔﺣﺔ .4
واﻟﻣﻧﺷور ﺑﻣوﻗﻊ اﻟﺑرﻟﻣﺎن .
-4ﺳﻌدي ﺳﻠﯾم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .7
-5اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص. 71
-6ﺑداوي ﻋﻠﻲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .356
278
ﺛﺎﻧﯾﺎ-اﻟﻣوﻗف اﻟﻣﻌﺎرض ﻟﻔﻛرة اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ:
ﯾرى ﻓرﯾق أﺧر ﻣن اﻟﻔﻘﻬﺎء أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﻓﻧﺟد اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن اﻟذي ﯾﺻرح ﺑﺎن ﺻدور ﻗ اررات ﻣن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺗﻘﺿﻲ ﺑﺈﺑطﺎل
وﻧﻘض أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق ﯾﻌد ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر إﺟراء ﺧطﯾر ﺟدا ،ﺑل ذﻫب ﻓﻲ ﻣوﻗﻔﻪ ﻫذا إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎر ﺗﺑﻧﻲ
اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق ﯾﻌد ﺧرﻗﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون وﻛذا أﺣﻛﺎم اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﻓﺎﻟﺣﻛم اﻟﻣﺛﺑت ﻟﻠطﻼق ﻻ
ﯾﻣﻛن ﺑﺄي ﺣﺎل ﻣن اﻷﺣوال أن ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض و ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬﺎ طرق اﻟطﻌن اﻷﺧرى اﻟﻌﺎدﯾﺔ و ﻏﯾر
اﻟﻌﺎدﯾﺔ.1
ذﻫب اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﺣﺳﯾن ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ إﻟﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟطﻼق أﺣﻛﺎم
ﻧﻬﺎﺋﯾﺔ ،واﻟﺗﻲ ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻧﺟد اﻟﺧﻠﻊ اﻟذي ﯾﻌد طﻼﻗﺎ ﺑﺎﺋﻧﺎ و ﻻ ﯾﺟوز ﻧﻘﺿﻪ ﻣن أي ﻛﺎن ،ﺣﯾث اﻟطﺎﺑﻊ
اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺧﻠﻊ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺑﻪ اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺣل ﻋﻘدة اﻟزواج ﯾﻛون ﺑﻘوة اﻟﻘﺎﻧون.2
وﻓﻲ ﻧﻔس اﻻﺗﺟﺎﻩ ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﺑﻠﺣﺎج اﻟﻌرﺑﻲ أن اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ
ﯾﺻدر اﺑﺗداﺋﯾﺎ و ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ .ﻓﻬﻧﺎ ﯾﺗﺳﺎءل ﻋن ﻓﺎﺋدة اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺣﺎﻟﺔ؟ ،ﺿف ﻟذاﻟك اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ
واﻵﺛﺎر اﻟﺗﻲ ﯾرﺗﺑﻬﺎ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض واﻟﺗﻲ ﺗﺛﯾر اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻹﺷﻛﺎﻻت واﻟﺗﻧﺎﻗﺿﺎت ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﯾق ،وﺧﺎﺻﺔ
ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض و اﻟﻌدة ﺣﯾث اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻟم ﯾراع اﻻﻧﺳﺟﺎم ﺑﯾن
ﻫﺎذﯾن اﻟﻣﯾﻌﺎدﯾن .3
ﻗﺿﺎﺋﯾﺎ ٕ ،واﻧﻣﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻋﻣﻼ وﻻﺋﻲ
ً أﻣﺎ اﻷﺳﺗﺎذ ﻋﻣر زودة ﻓﯾﻘول ":إن ﺣﻛم اﻟطﻼق ﻻ ﯾﻌد ﻋﻣﻼً
4
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟطﻌن ﻓﯾﻪ ﺑطرق اﻟطﻌن اﻟﻣﻘررة ﻟﻸﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺳواء ﺑﺎﻟطرق اﻟﻌﺎدﯾﺔ أو ﻏﯾر اﻟﻌﺎدﯾﺔ
ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﻟﻠزوج ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻧﺎزع ﻓﯾﻪ أﺣد ﺳواء اﻟزوﺟﺔ وﻻ ﺣﺗﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،5ﺣﯾث
ﺷرﻋﺎ و ً
ﻛوﻧﻪ ﺣق ﻣﻘرر ً
اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﻓﻲ اﻟﺷق اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﻣور اﻟﻣﺎدﯾﺔ.
ﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﻣراد ﻛﺎﻣﻠﻲ ":أن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ﻻ ﯾﺳﻣﺢ ﺑﺎﻟطﻌن ﻓﻲ اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﻓﯾﻣﺎ
ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻘرار إﻧﻬﺎء اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻛون اﻹﻟﻐﺎء ﯾﻛون ﺑﺄﺛر رﺟﻌﻲ ،وﻫو ﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﻣرأة ﻗد وﺟدت ﻓﻲ
-1ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧو اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 140و .141
2
-ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ طﻼق اﻟﺧﻠﻊ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 201
-3ﺑﻠﺣﺎج اﻟﻌرﺑﻲ ،اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 364
-4زودة ﻋﻣر ،طﺑﯾﯾﻌﺔ اﻷﺣﻛﺎم ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وأﺛر اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 124
-5اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .129
279
ﻣرﺣﻠﺔ ﻻ ﺗﻌرف ﻓﯾﻬﺎ إن ﻛﺎﻧت زوﺟﺔ أم ﻻ ،وﻫو ﻣﺎ ﻻ ﯾﺳﺗﻘﯾم ﻣﻊ ﻧظﺎم اﻷﺳرة و ﻗواﻋد اﻟﺷرﯾﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﺣل
و اﻟﺣرﻣﺔ ،و ﺣرﺻﺎً ﻣن اﻟﻣﺷرع ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺎدي اﻟظن ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟطﻌن ﻓﻲ اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق اﻟﻧﺎﺷﺊ ﻋن طرﯾق
اﻟطﻌن ،1ﯾدﻋم ﻫذا اﻟرأي ﻣﺎ أﺗﻰ ﺑﻪ اﻷﺳﺗﺎذ ﻋﻣرو ﺧﻠﯾل اﻟذي ﯾرى أن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﯾﺛﯾر ﻋدة إﺷﻛﺎﻻت
ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻣن ﺣﯾث ﻋدة اﻟﻣرأة ،واﻟوﻓﺎة ،واﻟﻧﻔﻘﺔ ،وﻣن ﺣﯾث إﻧﻬﺎء ﻋﻘد اﻟزواج ﺳواء ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﺑول اﻟطﻌن
أو رﻓﺿﻪ ،أو أﺛﻧﺎء ﺳرﯾﺎن اﻟطﻌن ،و ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﺑول اﻟطﻌن و ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ
إﻋﺎدة اﻟطرﻓﯾن إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧﺎ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻗﺑل ﺻدور اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق،وﻓﻘً ﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ وﻫﻧﺎ ﻗد ﺗﻬﺗز
اﻟﻣراﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺗﺑت ﻋن اﻟطﻼق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،وﻋﻼﻗﺔ اﻟﻣرأة ﺑﺎﻟرﺟل ﻫل ﺗﺑﻘﻰ ﻛزوﺟﺔ أم أﻧﻬﺎ
أﺟﻧﺑﯾﺔ ﻋﻧﻪ ؟.2
ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﻣﻣﺎ ﺳﺑق أﻧﻪ ﻻ ﻣﻛﺎن ﻹﻋﻣﺎل اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ذاﻟك
ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺧﺻوﺻﯾﺔ اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺣد ذاﺗﻬﺎ.
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧـﻲ
ﺗﺧﻠف إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺳﺑب ﻟﻧﻘض اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﺟﯾدا ﺑﺎﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻧد اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﺿﯾﺔ ﺑﻔك اﻟراﺑط ﺔ
ﻟﻛﻲ ﻧﺗﻣﻛن ﻣن اﻹﺣﺎطﺔ ً
اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﻧﺗوﻗف ﻋﻠﻰ دراﺳﺗﻬﺎ وذاﻟك ﺑﺗﺑﯾﺎن اﻷﺛر اﻟﻣﺗرﺗب ﻓﻲ اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺔ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ)أوﻻً ( ،وﺑﻌد ذاﻟك ﻧﺗﻌرض ﻟﻌدم ﺟواز اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﺿﯾﺔ ﺑﻔك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ )ﺛﺎﻧﯾﺎً(.
-1ﻛﺎﻣﻠﻲ ﻣراد ،اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻣﺣﺎﺿرات أﻟﻘﯾت ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻧﺔ اﻟراﺑﻌﺔ ﻋﻠوم ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ٕوادارﯾﺔ ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم
اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻌرﺑﻲ ﺑن ﻣﻬﯾدي ،أم اﻟﺑواﻗﻲ ،2010-2009 ،ص. 71
-2ﻋﻣرو ﺧﻠﯾل ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 208
-3زودة ﻋﻣر ،طﺑﯾﻌﯾﺔ اﻷﺣﻛﺎم ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ واﺛر اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 138
280
ﺗﺻرح ﺑرﻓض أو ﻗﺑول اﻟطﻌن اﻟﻣرﻓوع ،ﻓﻔﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا اﻧﺗﻬﻰ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﻔك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ إﻟﻰ اﻟرﻓض ،ﻓﻬﻧﺎ ﻻ ﺑد ﻣن اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻧوﻋﯾن ﻣن اﻟﻘ اررات اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻔﺻل
ﺷﻛﻼ .
ً ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟطﻌن ،ﺑل ﺗﺗوﻗف ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻗﺑوﻟﻪ وﻻ ﺗﺗﺟﺎوز ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻓﺗﻧﺗﻬﻲ ﺑﻌدم ﻗﺑول اﻟطﻌن
وﺑﯾن اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع وﺗﻔﺣص ﻣدى ﺗﺄﺳﯾس اﻷوﺟﻪ اﻟﺗﻲ ﺑﻧﻲ ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟطﻌن ﻓﯾﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ
رﻓض اﻟطﻌن ﻷن اﻷوﺟﻪ ﻏﯾر ﺳدﯾدة أو ﻏﯾر ﻣؤﺳﺳﺔ.
وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن رﻓض اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﺷﻛﻼً أو ﻣوﺿوﻋﺎً ﻻ ﯾطرح أي إﺷﻛﺎل ﻗﺎﻧوﻧﻲ ،ﻓﻠﯾس ﻫﻧﺎك أي
ﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ،ﻛون أن اﻟرﻓض ﻻ ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ اﻟﻣراﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺧﻠﻔﻬﺎ اﻟﺣﻛم ﻣﺣل
اﻟطﻌن ﻓﺎﻟﺣﻛم ﺳواء ﻛﺎن ﻛﺎﺷﻔًﺎ أو ﻣﻧﺷﺋﺎً ﻗﺿﻰ ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج أو اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ
ﯾﺗرﺗب ﻋﻧﻪ اﻧﻘﺿﺎء اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻧﺎﺷﺊ ﻋن ﻋﻘد اﻟزواج .
ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ وﻻ
ً إن رﻓض اﻟطﻌن ﯾﻌﺗﺑر ﺗﺄﻛﯾد وﺗﻛرﯾس ﻟﺣﻛم اﻟطﻼق ،1ﺑﺣﯾث ﯾﺻﺑﺢ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ
اﺳﺗﻧﺎدا ﻋﻠﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (452ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻓﺈن ﻫذا
رﺟﻌﺔ ﻓﯾﻪ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ و ً
اﻟﺣﻛم ﻟﯾس ﻟﻪ أﺛر ﻣوﻗف ،أي ﻻ ﺗﺗوﻗف ﺟﻣﯾﻊ اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻧﺣﻼل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ووﻓق ﺗﻠك
اﻵﺛﺎر ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ أﻧﻪ ﯾﺟوز ﻟﻠزوﺟﺔ أن ﺗﻌﯾد اﻟزواج رﻏم اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض .وﻫذا ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯾﻪ
اﻟوﺿﻊ ﻗﺑل ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ.2
أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا اﻧﺗﻬﻰ اﻟطﻌن إﻟﻰ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ،ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ إﻋﺎدة اﻟطرﻓﯾن إﻟﻰ
طﺑﻘﺎ ﻟﻣﺎ
اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧﺎ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻗﺑل ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ،أي إﻟﻰ ﻣراﻛزﻫﻣﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ،وذﻟك ً
ﺗﻘﺿﻲ ﺑﻪ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺑطﻼن اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ إذا ﺗﻌرض اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﺑطﻼن ﯾﺗرﺗب
ﻋﻠﻰ ذﻟك أﺛر ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﯾﻌﯾد أﺻﺣﺎب اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ إﻟﻰ ﻣراﻛزﻫم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ - ،3ﻗﺑل اﻧﺣﻼل اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ -ﺑﻣﻌﻧﻰ أن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻟم ﺗﻧﻘﺿﻲ وﻻ ﺗزال ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﺑﻘﻲ اﻟﺣﻘوق ﻗﺎﺋﻣﺔ .
281
و ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﻟﻣﺎ ﺗﻔﺻل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟطﻌن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺄﺳﯾﺳﻪ ،ﺗﻘﺿﻲ إﻣﺎ:
ﻧﻘض اﻟﺣﻛم أو اﻟﻘرار اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﻣﻊ اﻹﺣﺎﻟﺔ ،1وذﻟك ﺑﺈﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘﺿﯾﺔ واﻷطراف إﻟﻰ ﻧﻔس اﻟﺟﻬﺔ
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﺻدرة اﻟﺣﻛم ﻣﺷﻛﻠﺔ ﺗﺷﻛﯾﻼً أﺧر طﺑﻘﺎً ﻟﻠﻣﺎدة ) (364ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ،2
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺟﻬﺔ ﻗﺎﻧون ﻻ ﻣوﺿوع ،وﻣﺗﻰ ﺣﺻل وأن ﻧﻘﺿت اﻟﻘرار اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﻰ رﻗﺎﺑﺗﻬﺎ،
ﻓﺗﺿطر إﻟﻰ إﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘﺿﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﺟﻬﺔ ﻣﺻدرة اﻟﺣﻛم أو إﻟﻰ ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻟﻠﻔﺻل ﻣن ﺟدﯾد.3
أو أﻧﻬﺎ ﺗﻧﻘض اﻟﺣﻛم أو اﻟﻘرار دون إﺣﺎﻟﺔ ،ﻓﻼ ﯾؤدي ﻧﻘض اﻟﺣﻛم أو اﻟﻘرار داﺋﻣﺎً إﻟﻰ إﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘﺿﯾﺔ
واﻷطراف إﻟﻰ ﺟﻬﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﺗﻰ ﻛﺎن ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﻓﺻل ﻓﯾﻪ ﻣن ﻧﻘﺎط ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻻ ﯾﺗرك ﻣن
اﻟﻧزاع ﻣﺎ ﯾﺗطﻠب اﻟﺣﻛم ﻓﯾﻪً ،4
طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ) (365ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﻓﻔﻲ ﻛل اﻷﺣوال ﺳواء ﻗﺿت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
5
اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻣﻊ اﻹﺣﺎﻟﺔ أو ﺑدون اﻹﺣﺎﻟﺔ ﯾﺗرﺗب ﻋن ذﻟك زوال اﻟﺣﻛم ﻣﺣل اﻟطﻌن
-1وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ،ﻣﺎﻋدا ﺣﺎﻻت اﻟﻧﻘض ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ ،وﻣﻊ ﻣراﻋﺎة اﻵﺟﺎل و اﻹﺟراءات اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻹرﺟﺎع
اﻟدﻋوى ﺑﻌد اﻟﻧﻘض ،إﺣﺎﻟﺔ اﻟدﻋوى إﻟﻰ اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺻدرت اﻟﺣﻛم اﻟﻣﻧﻘوض أو ﺟﻬﺔ ﻣن ﻧﻔس اﻟدرﺟﺔ و اﻟﻧوع ،أن
ﻗﺿت ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﺈﻣﺎ أن ﯾﻛون ﻛﻠﯾﺎ أو ﺟزﺋﯾﺎ و ﯾﻌﯾد ﻗرار اﻟﻧﻘض اﻟﺧﺻوم إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻗﺑل ﺻدور اﻟﺣﻛم
اﻟﻣﻧﻘوض ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧﻘﺎط اﻟﺗﻲ ﺷﻣﻠﻬﺎ اﻟﻧﻘض و ﯾﻠﻐﻰ ﺑﺎﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﻌد ﻧﻘﺿﻪ وﻋﻠﻰ اﻟﺧﺻوم اﻻﻟﺗزام ﺑﻣﺎ
ﻗﺿت ﺑﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣن ﺣﯾث ﻧطﺎق اﻟﻧﻘض وﺑﻌدﻩ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻓﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺗﻘﺿﻲ ﻓﻲ ﺣدود اﻷوﺟﻪ اﻟﻣﺛﺎرة أﻣﺎﻣﻬﺎ
ﻏﯾر اﻧﻪ ﯾﻣﻛن ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺣوال أن ﺗﺛﯾر أوﺟﻪ طﻌن ﺑﻣﺑﺎدرة ﻣﻧﻬﺎ و ﻫو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻷوﺟﻪ اﻟﻣﺛﺎرة اﻟﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺔ
2
-ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة)(364ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":إذا ﺗﻘض اﻟﺣﻛم أو اﻟﻘرار اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ،ﺗﺣﯾل
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﻘﺿﯾﺔ ،أﻣﺎم اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺻدرت اﻟﺣﻛم أو اﻟﻘرار ﺑﺗﺷﻛﯾﻠﺔ ﺟدﯾدة ٕ ،واﻣﺎ أﻣﺎم ﺟﻬﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ أﺧرى ﻣن ﻧﻔس
اﻟﻧوع و اﻟدرﺟﺔ .".....
-3ﺑﺷﯾر ﺳﻬﺎم ،اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺑن ﻋﻛﻧون –
اﻟﺟزاﺋر :اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2006/2005ص . 153
-4ﺑﺷﯾر ﺳﻬﺎم ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص 148و . 149
5
وﻣن أﻣﺛﻠﺔ اﻟﻘ اررات اﻟﺗﻲ اﻧﺗﻬت إﻟﻰ ﻗﺑول اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض:ﻣﻊ اﻹﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘرار اﻟﺻﺎدر ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 1991
ﺧﺻوﺻﺎ اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
ً ﺣﯾث ﻗﺿﻰ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻘرار ﻣوﺿوع اﻟطﻌن ،ﯾﺗﺟﻠﻰ ﺑﺄﻧﻪ ﺟﺎء ﻣﺧﺎﻟﻔﺎً ﻟﻠﻘﺎﻧون،
اﻟﺗﻲ أﻏﻔل اﻟﻘرار اﻟﻣﻧﺗﻘد ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﺑطرﯾﻘﺔ ﺳﻠﯾﻣﺔ وذﻟك ﺑﻣﺻﺎدﻗﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟطﻼق دون ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻗﺑل
ذﻟك ،وﻟم ﯾﺗﻌرض ﺑدورﻩ رﻏم ﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛﻪ ﻣن ﺻﻼﺣﯾﺎت ﻣﻊ اﻟﺻﻠﺢ ،أن اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ق أ ﺗﻧص ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " :ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق
إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ …" إذن ﻓﺎﻟﻘﯾﺎم ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﻗﺑل اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﻫو إﺟراء أوﺟﺑﻪ اﻟﻘﺎﻧون وﯾﻌد
ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ٕواﻏﻔﺎل اﻟﻘرار اﻟﻣﻧﺗﻘد اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬذا اﻹﺟراء اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﯾﻌﺗﺑر ﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾﻘﻪ وﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻪ اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺳﺗوﺟب ﻧﻘﺿﻪ "،
اﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار 75141رﻗم ﻣؤرخ ﻓﻲ ،1991/06/18اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد
،1993 ،01ص ، 65ﯾؤﻛد ﻗرار أﺧر ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ أﻧﻪ... ":ﻣن اﻟﻣﻘرر ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ
282
ﯾﺛﯾر اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻋدا اﻟﺷق اﻟﻣﺎدي ،ﺟﻣﻠﺔ ﻣن
ﻛﺛﯾرا ﻣن اﻟﺟدل ،وﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺎﺋل ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﯾﺔ إﺣﯾﺎء اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
اﻟﻣﺳﺎﺋل و اﻟﺗﻲ ﺑدورﻫﺎ ﺗﺛﯾر ً
ﻣن ﺟدﯾد)أ( ،وﻛذا إﻟزام اﻟرﺟل ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻣرأة أﺟﻧﺑﯾﺔ ﻋﻠﯾﻪ)ب( ،ﺿف ﻟذاﻟك ﻣﺷﻛﻠﺔ اﻟﺗوارث ﺑﯾن
اﻟﻣطﻠﻘﯾن)ج( ،وﻛذا ﻣﺷﻛل ﺗﻌدد اﻷزواج ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟزوﺟﺔ)د( ﻣﺎ ﻗد ﯾﺟﻌﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﻔص اﻻﺗﻬﺎم ﺑﺗﻬﻣﺔ اﻟزﻧﺎ)د(
أ -إﺣﯾﺎء اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻋﻠﯾﻪ:
ﯾﻌﺗﻘد اﻟﻛﺛﯾر ﻣن رﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫرﯾﺎ ﻓﺈن ﺗﺧﻠﻔﻪ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺑطﻼن اﻟﺣﻛم
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﺣﺳب ﺗﻔﺳﯾرﻫم ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺟﻌل اﻟﺣﻛم ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠطﻌن ﻓﯾﻪ
ﺑﺎﻟﻧﻘض ،ﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﻛﺄﺛر ﻣﺑﺎﺷر ﻧﺎﺟم ﻋن ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ طﺑﻘﺎً ﻟﻧص
اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺑﺈﻋﺎدة اﻟزوﺟﯾن إﻟﻰ ﻣراﻛزﻫﺎ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﯾﺑﻘﻰ ﻣرﻛز اﻟزوﺟﯾن ﻗﺎﺋﻣﺎ ﺑزوال اﻟﺣﻛم
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ أي ﺑﻣﻌﻧﻰ إﻋﺎدة اﻟطرﻓﯾن إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧﺎ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﺑوﻟﻪ ،1ﺳواء
ﺑﺎﻟطﻼق أو اﻟﺧﻠﻊ أو ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ،ﻏﯾر أﻧﻪ ﻻ ﯾﻌﺎد اﻟطرﻓﯾن إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧﺎ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻗﺑل ﺻدور ﻫذا
اﻟﺣﻛم ﻓﻲ ﺣﺎل ﻋدم اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺈﺟراء ﺟوﻫري ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﻘﺑل اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض .
ب -إﻟزام اﻟرﺟل ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻣرأة أﺟﻧﺑﯾﺔ ﻋﻠﯾﻪ:
ﺷرﻋﺎ ﻧﺣو زوﺟﺗﻪ ،ﻣن ﻣﺷﺗﻣﻼت اﻹﻧﻔﺎق.،
إن اﻟﻣﻘﺻود ﺑﻧﻔﻘﺔ اﻟزوﺟﺔ ﻫو ﻣﺎ ﯾطﺎﻟب ﺑﻪ اﻟزوج ً
وﺳﺑب اﺳﺗﺣﻘﺎﻗﻬﺎ ﻫو اﻻﺣﺗﺑﺎس اﻟﻣﺷروع اﻟﻣؤدي إﻟﻰ ﻣﻘﺎﺻد اﻟزواج ،2واﻟﻧﻔﻘﺔ ﺗﺟب ﻟﻠزوﺟﺔ ﺑﺎﻟدﺧول ﺑﻬﺎ أو
دﻋوﺗﻬﺎ إﻟﯾﻪ ﺑﺑﯾﻧﺔ طﺑﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (74ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة.
ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻛﻣﺎ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻣﺎدة 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،و ﻣن اﻟﺛﺎﺑت ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺣﺎل أن اﻟزوج اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ رﻓﻊ
دﻋوى اﻟطﻼق ﻟم ﯾﺣﺿر إطﻼﻗﺎ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﺣﺿرت اﻟزوﺟﺔ اﻟطﺎﻋﻧﺔ وﺣدﻫﺎ رﻏم ﺗﺄﺟﯾل اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻋدة ﺟﻠﺳﺎت ،ﺣﯾث أن اﻟﻣﺎدة
49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗﻧص ﻋﻠﻰ اﻧﻪ ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﯾﺟرﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ دون أن ﺗﺗﺟﺎوز ﻣدﺗﻪ ﺛﻼﺛﺔ
اﺷﻬر اﺑﺗداء ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،ﺣﯾث اﻧﻪ ﯾﺗﺑﯾن ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم ﻣﺣل اﻟطﻌن أن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ طﺎﻟب اﻟطﻼ ق ﺗﻐﯾب ﻋن
ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺣﺿرت اﻟطﺎﻋﻧﺔ و ﺗﻣﺳﻛت ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﺑﯾت اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﺣﯾث أن ﺣﺿور طﺎﻟب اﻟطﻼق أو اﻟﺗطﻠﯾق آو اﻟﺧﻠﻊ
أو ﺟﻠﺳﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﺟوﺑﻲ ﻛﻣﺎ ﺟرى اﺟﺗﻬﺎد ﻫذﻩ اﻟﻐرﻓﺔ ،و إﻻ أﺻﺑﺣت ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣﺟرد إﺟراء ﺷﻛﻠﻲ ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎن ﻫذا
اﻟوﺟﻪ ﻣؤﺳس وﯾﻧﺟز ﻋﻧﻪ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ .وﺣﯾث ان اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ اﻟذي رﻓﻊ دﻋوى اﻟطﻼق ﻟم ﯾﺣﺿر ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ،
و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟم ﯾﺑق ﻣن اﻟﻧزاع ﻣﺎ ﯾﺗطﻠب اﻟﺣﻛم ﻓﯾﻪ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن أن ﯾﻛون ﻧﻘض اﻟﺣﻛم ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ ،"...اﻧظر اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ
اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،ﻗرار رﻗم ،683727ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2012/04/12ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
-1ﺑﺷﯾر ﺳﻬﺎم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .140
-2ﻏﺿﺑﺎن ﻣﺑروﻛﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .27
283
ﻏﯾر أﻧﻪ إذا وﻗﻊ اﻟطﻼق واﻧﺗﻬت اﻟﻌدة ،ﺑﺎﻧت اﻟزوﺟﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻣن ﻣطﻠﻘﻬﺎ وﻟم ﺗﻌد زوﺟﺗﻪ ﻻ ﻓﻲ
ﻣﻠزﻣﺎ ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻣرأة أﺟﻧﺑﯾﺔ ،1ﻟﻛن إذ ﺗم اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻﻠﺢ
ً اﻟﺷرع ،وﻻ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون وﻋﻠﯾﻪ ﻻ ﯾﺻﺑﺢ اﻟرﺟل
إﺟراء ﺟوﻫري ﻓﺈن ﺗﺧﻠﻔﻪ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺑطﻼن اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻠزم اﻟرﺟل ﺑﺄن ﯾﻧﻔق ﻋﻠﻰ
وﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك ﻓﺈن اﻟزوﺟﺔ ﻛﺄﺻل
ً اﻣرأة أﺟﻧﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺷرع ،واﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت زوﺟﺗﻪ ﺑﻘوة اﻟﻘﺎﻧون،2
اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﻗﯾﺎم اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣﺎ ﻟم ﺗﺳﻘط ﻋﻧﻬﺎ ﺑﺳب ﺷرﻋﻲ ﻛﻧﺷوزﻫﺎ ،3وﻟو أﺛﻧﺎء
ً ﻋﺎم ﺗوﺟب ﻟﻬﺎ اﻟﻧﻔﻘﺔ
ﻣﻠزﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﺔ.
ً ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ ﯾﺑﻘﻰ اﻟزوج
ﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺧﻼﻓً ﺎ ﻟﻠﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﻣﻧﺗﻬﯾﺔ ﺑﺎﻧﺗﻬﺎء اﻟﻌدة ،4و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺣﺳب ﻫذا اﻻﻋﺗﻘﺎد ﯾﻣﻛن أن ﺗﻌود ﻋﻠﻰ ﻣطﻠﻘﻬﺎ ﺑدﻋوى اﻟﻧﻔﻘﺔ ،ﻏﯾر أﻧﻪ
إذا اﻋﺗﺑرﻧﺎ أن اﻟﺻﻠﺢ إﺟ ارء ﻏﯾر ﺟوﻫري ﻓﻼ ﯾﺗرﺗب ﻧﻘض اﻟﺣﻛم و ﻻ ﯾﻠزم اﻟرﺟل ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻣرأة
أﺟﻧﺑﯾﺔ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﺗﺧﻠق وﺿﻌﯾﺎت ﺣرﺟﺔ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﺷرع وﻛذا ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،و ﺣﺳب ﻫذا اﻻﻋﺗﻘﺎد ﯾﻣﻛن
أن ﺗﻌود ﻋﻠﻰ ﻣطﻠﻘﻬﺎ ﺑدﻋوى اﻟﻧﻔﻘﺔ .
ج-ﺗوارث ﺑﯾن اﻟﻣطﻠﻘﯾن:
ﯾﻌﺗﻘد أﻧﺻﺎر اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺟوﻫري ،أﻧﻪ و ﺑﻌد اﻟﻧﻘض ﯾﻛون اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻛﺧط ﻓﺎﺻل ﺑﯾن ﻣن ﯾرث
وﻣن ﻻ ﯾرث إذا ﺣدﺛت اﻟوﻓﺎة ﺑﻌد اﻟﻧﻘض ،طﺎﻟﻣﺎ أن ﻗ ارر اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ،ﻓﺈن اﻟﺣﻲ
ﺟدا ،إذ ﯾﺗﻧﺎﻓﻰ ﻣﻊ اﻟﻣﻧطق
ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻣن اﻟزوﺟﯾن ﯾرث اﻵﺧر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ وﻓﺎة أﺣدﻫﻣﺎ وﻫو أﻣر ﻏرﯾب ً
اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،و ﻣﺧﺎﻟف ﻟﺷرع و اﻟﻘﺎﻧون ،و ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻣﺎدة ) (126ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ ﺗﺣدد أﺳﺑﺎب اﻹرث
ﺑﻧﺻﻬﺎ ﻋﻠﻰ أن " أﺳﺑﺎب اﻹرث اﻟﻘراﺑﺔ و اﻟزوﺟﯾﺔ " ،وﻗﯾﺎم اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣﻌﻠق ﻋﻠﻰ أﻣرﯾن إﻣﺎ أن اﻟزوج ﻟم ﯾطﻠق
أﺻﻼً ﻓﺎﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺣﻘﯾﻘﺔ أو أن اﻟزوج طﻠق ﻓﻌﻼً وﻟﻛن اﻟزوﺟﯾﺔ ﻻ ﺗزال ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺣﻛﻣﺎً ﺧﻼل ﻓﺗرة اﻟﻌدة،
أﻣﺎ ﺑﻌدﻫﺎ ﺗﺗﺣول طﺑﯾﻌﺔ اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ إﻟﻰ طﻼق ﺑﺎﺋن واﻟﺑﺎﺋن ﻻ ﺗوارث ﻓﯾﻪ ﻓﻼ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
ﺑﺎﺳﺗﺣﻘﺎق اﻹرث ،ﻓﺎﻷﺣرى واﻷﺟدر أن ﻻ ﺗطرح ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﺑﺳﺑب ﺗﺧﻠف اﻟﺻﻠﺢ ﻛون ﻫذا
اﻷﺧﯾر ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ.
284
وﻣن ﯾﻧﺎدي ﺑوﺟوب اﻹرث ﺑﯾن رﺟل واﻣرأة أﺟﻧﺑﯾﺔ دون أن ﯾﺗﻔطن أو ﯾراﻋﻲ طﺑﯾﻌﺔ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة
ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﯾﻛون ﻗد وﻗﻊ ﺑدون ﺷك ﻓﻲ اﻟﺧطﺄ ،ﻓﯾورث ﺷﺧﺻﯾن ﻻ ﯾرﺛﺎن ،و ﺑذﻟك ﯾﻛون ﻗد أﻗر
ﺑﻣﯾراث ﺑﯾن ﻣطﻠﻘﯾن أو ﺑﯾن أﺟﻧﺑﯾن ،واﻟﻐرﯾب ﻓﻲ اﻷﻣر أن اﻟﻣﺷرع ﺣﺻن أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق ﺑﺄن ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﻧﻔذ
ووﺟوﺑﺎ ﺑﺳﻌﻲ ﻣن اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﯾﺟﯾز اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﻘض ،إن ﻣﺎ ﺑﻧﺎﻩ ﺑﯾﻣﯾﻧﻪ
ً ﻣﺑﺎﺷرة
ﯾﻬدﻣﻪ ﺑﺷﻣﺎﻟﻪ وﻟو ﻛﺎن ﯾﻘﺻد اﻟﻧﻘض ﻓﻲ ﻏﯾر اﻟﺷق اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺣﯾﻧﻬﺎ ﯾﻛون اﻷﻣر أﻗل
ﺧطورة .
واﻟﺟدﯾر ﺑﺎﻟذﻛر ﻛﯾف ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ أن ﺗﻘﺿﻲ ﺑﺈﻟﻐﺎء اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ،وﻣن ﺛم ﺗوارث ﺑﯾن
ﺷﺧﺻﯾن ﻣطﻠﻘﯾن ﻣﻊ اﻧﻌدام أﺳﺑﺎب اﻟﻣﯾراث ؟ ،1ﻓﻬﻣﺎ ﻣﻔﺗﻘدان ﻟﺻﻔﺔ اﻟزوﺟﺎن ﺳواء ﺗم ﻗﺑول اﻟطﻌن أو ﺗم
رﻓﺿﻪ ،ﺑل و أﻛﺛر ﻣن ذﻟك ﻣﺎ ﺗﻧص ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ) (131ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ،إذا ﺛﺑت ﺑطﻼن اﻟﻧﻛﺎح ،ﻓﻼ
أﺻﻼ زواج ﺑﻘوة اﻟﻘﺎﻧون ﺑﻌد اﻟﻧﻘض ،ﻓﻘرار
ً ﺗوارث ﺑﯾن زوﺟﯾن " ﻓﻛﯾف ﯾﻛون اﻷﻣر ﻓﻲ ﺣﺎل ﻋدم وﺟود
ﺗﻌﻘﯾدا ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع ﺑﺎﻟﺗدﺧل ،2ﻟوﺿﻊ ﺣد ﻟﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﯾزﯾد ﻣن اﻷﻣر ً
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ.
ﻟﻛن إذا اﻋﺗﺑرﻧﺎ أن اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﻏﯾر ﺟوﻫري وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟﯾس ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن ﯾرﻗﻰ إﻟﻰ إﻟﻐﺎء اﻷﺣﻛﺎم
اﻟﻘﺎﺿﯾﺔ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻗﺎﻋدة ﺟوﻫرﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﺟراءات ،و ﻻ ﯾﻛون ﻫﻧﺎك ﻧﻘض
طﺑﻌﺎ إذا ﺗوﻓﻲ أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﻓﻼ ﺗوارث ﺑﯾن اﻟﻣطﻠﻘﯾن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر
ً ﻷي ﺣﻛم ﻗﺿﻰ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،و
اﻟﺧﻠﻊ أو اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ طﻼق ﺑﺎﺋن و ﻓﻲ ذﻟك ﯾﻘول اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك" :و ﻻ ﯾﺗوارﺛﺎن وﻻ رﺟﻌﺔ
ﻟﻪ ﻋﻠﯾﻬﺎ" .3
د-ﺗﻌدد اﻷزواج ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣرأة:
ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري ،أن ﺗﺧﻠﻔﻪ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺑطﻼن اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
ﻓرﺿﺎ ﺗم ﻗﺑول ﻫذا اﻟطﻌن ﯾﺗم إﻋﺎدة اﻟطرﻓﯾن إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧﺎ ﻋﻠﯾﻬﺎ ،ﻟﻛن اﻟﻣﺷﻛل ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ
إذا ﻛﺎﻧت اﻟزوﺟﺔ ﺗزوﺟت ﺑزوج آﺧر ﺧﻼل ﻓﺗرة اﻟطﻌن ،ﻓﺗﻛون ﺣﺳب أﻧﺻﺎر اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺈﺟراء ﺟوﻫري ﻓﻲ
ﻋﺻﻣﺔ زوﺟﯾن أي ﻣﺎزاﻟت ﻓﻲ ﻋﺻﻣﺔ اﻟزوج اﻷول ،وﻛذا اﻟزوج اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟذي ﺗزوﺟت ﺑﻪ ﺧﻼل ﻓﺗرة
1
-ﺑوﺟﺎﻧﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .171
2
-ﻋﻣرو ﺧﻠﯾل ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 209
-3ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ طﻼق اﻟﺧﻠﻊ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .212
285
اﻟﻧﻘض ،ﺣﯾث ﯾﺣق ﻟزوج اﻷول ﺗﺣرﯾك اﻟدﻋوى اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟزوﺟﺔ ﺑﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ،ﻏﯾر أن ﻫذﻩ اﻟﻘراءة
ﺟدا
ﻏﯾر ﺳﻠﯾﻣﺔ ﺣﯾث ان ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ أﻣر ﺧطﯾر ً
ﻓﻲ ﺣﯾن إذا اﻋﺗﺑرﻧﺎ اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﻏﯾر ﺟوﻫري ﻻ ﯾؤﺛر ﺗﺧﻠﻔﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ إﻋﺎدة اﻟﻣرأة اﻟزواج ﻣن زوج آﺧر ﺑﻌد طﻼﻗﻬﺎ ﻣن اﻟزوج اﻷول ،وﻗﺿﺎء ﻋدﺗﻬﺎ ﯾﺟﻌﻠﻬﺎ
ﻓﻲ ﻋﺻﻣﺔ اﻟزوج اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻘط .
و -ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟزوﺟﺔ ﺑﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ:
ﻗد ﺗﻛون اﻟزوﺟﺔ ﺗزوﺟت ﺑزوج أﺧر ﺧﻼل ﻓﺗرة اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ،ﻛﻣﺎ ذﻛرﻧﺎ أﻋﻼﻩ ،وﻫﻧﺎ ﻧﻛون أﻣﺎم
ﻓرض ﻏﯾر ﻣﻧطﻘﻲ أن اﻟزوﺟﺔ ﻣﺎزاﻟت ﻓﻲ ﻋﺻﻣﺔ اﻟزوج اﻷول ،وﯾﺣق ﻟﻬذا اﻷﺧﯾر ﺗﺣرﯾك اﻟدﻋوى
اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟزوﺟﺔ ﺑﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ،ﻓﻲ ﺣﯾن أن اﻷﻣر ﻟﯾس ﻛذﻟك طﺎﻟﻣﺎ أن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﻌد إﺟراء
اﺋﯾﺎ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺳﺗوﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزاﺋﻲ اﻟﻧﺎظر
ﺟوﻫرًﯾﺎ ،وﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋﻧﻪ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم وﻻ ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟزوﺟﺔ ﺟز ً
ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟوﻗﺎﺋﻊ أن ﯾطرح ﺳؤال ﺟوﻫري ﺣول ﻣدى ﻗﯾﺎم اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻌد ﺣﺟر اﻟزاوﯾﺔ
ﻟﻠﻔﺻل ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع.
ﻗﺑل اﻟﺗﻌرض ﻟذﻟك ،ﯾﻧﺑﻐﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻣﻌﻧﻰ ﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ وأرﻛﺎن ﻗﯾﺎﻣﻬﺎ ،ﻓﻠم ﺗﺿﻊ اﻟﻘواﻧﯾن
اﻟوﺿﻌﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺗﻌرﯾﻔﺎ ﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ،ﺑل اﻛﺗﻔت ﺑﺄن ﺣددﺗﻬﺎ ﺑﺻﯾﻎ و ﻋﺑﺎرات ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻘد ﻋرﻓﻬﺎ ﺑﻌض
اﻟﻔﻘﻪ":ارﺗﻛﺎب اﻟوطء ﻏﯾر اﻟﻣﺷروع ﻣن ﺷﺧص ﻣﺗزوج ،ﻣﻊ اﻣرأة ﺑرﺿﺎﻫﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﯾﺎم اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻌﻼً أو
ﺣﻛﻣﺎ" ،1واﻟﻣﺷرع ﺟرم اﻟﻔﻌل ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺎدة ) (339ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ﺑﻬدف اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﺣق ﻛل ﻣن
ً
طرﻓﻲ اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻓﻲ ﻋدم إﺧﻼل أﺣدﻫﻣﺎ ﺑﻬذا اﻟزواج وﺻﯾﺎﻧﺔ ﻧظﺎم اﻷﺳرة ،2إذ ﻣن ﻛل ﺣق
اﻟزوﺟﯾن أن ﯾﺳﺗﺄﺛر ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ ﻟزوﺟﻪ ،وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑل اﻻﻟﺗزام ﺑﺎﻹﺧﻼص اﻟﺟﻧﺳﻲ ﻟزوﺟﻪ
ﻓﺗﺟرﯾم اﻟزﻧﺎ ﻓﯾﻪ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ وﻟﯾس ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟﺣق اﻟزوج اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻘط.3
ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻘدم ﯾﺗﺑﯾن أن ﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﺗﺷﺗرك ﻣﻊ ﻣﻔﻬوم اﻟزﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺷرﻋﻲ ﻓﻲ
رﻛﻧﯾن ﻫﻣﺎ اﻟوطء و اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ،ﻓﻠﻘد ورد اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة) (339اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر
ﻟﻠﺣﻘوق ﻣﺟﻠد ،2ﻋدد ،21ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻣوﺻل ،2003 ،ص . 167
-3اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 168
286
ٕوان ﻛﺎﻧت ﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﺗﺣﺻل ﺑﻣﺟرد اﻟوطء ﻏﯾر اﻟﻣﺷروع ﻓﻲ ﻓرج اﻷﻧﺛﻰ ،ﻓﺈﻧﻪ
وﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ﻻﺑد ﻣن ﺗوﻓر أرﻛﺎن ﻟﺣﺻول ﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ وﻫﻲ:
1
-اﻟرﻛن اﻷول :ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻗﯾﺎم اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ،ﻓﻼﺑد أن ﯾﻘﻊ اﻟوطء وﻋﻼﻗﺔ اﻟزواج ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻓﻌﻼً
ﺣﻛﻣﺎ ،و اﻟﺗﻲ ﺗﻠزم ﻛل زوج
وﯾﻘﺻد ﺑﻘﯾﺎم اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ أي ﻫﻧﺎك ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺟﻣﻊ اﻟزوﺟﯾن ﺣﻘﯾﻘﺔ أو ً
3
ﺑﺎﻹﺧﻼص ﻧﺣو اﻵﺧر ،2ﻓوﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﻔﻬوم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﯾﺷﺗرط أن ﺗﻛون اﻟﻣرأة ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﻌﻘد زواج ﺻﺣﯾﺢ
ﻓﺎﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻻ ﺗﻘﻊ إﻻ ﻣن ﻣﺗزوج -زوﺟﺎ ﻛﺎن أم زوﺟﺔ -وﻫذا رﻛن إﺿﺎﻓﻲ ﻻ ﯾﺗطﻠب ﺗواﻓرﻩ ﻓﻲ اﻟﻣﻔﻬوم
اﻟﺷرﻋﻲ ﻟﻠزﻧﺎ ،4ﻓﻼ ﯾﻌد اﻟﻔﻌل زﻧﺎ إذا ﻣﺎ وﻗﻊ ﺑﻌد اﻧﺣﻼل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑوﻓﺎة اﻟزوج ،5أو ﺑﺎﻟطﻼق ﻟﻛن
ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣوﺿﻊ ﯾﺟب اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟطﻼق اﻟﺑﺎﺋن واﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ،6ﻓﺎﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﯾﻘﻊ طﻠﻘﺔ واﺣدة
وﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ رﻓﻊ أﺣﻛﺎم اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺑل ﻣﺿﻲ ﻓﺗرة ﻣﺣددة ﻣن اﻟزﻣن ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ
ﺣﻛﻣﺎ ﻣﺎداﻣت اﻟﻣرأة ﻓﻲ ﻋدﺗﻬﺎ ،ﻷن
ً ﺑﺎﻟﻌدة ،وﻫذا اﻟطﻼق ﻻ ﯾزﯾل اﻟﻌﺻﻣﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑل ﯾﺑﻘﻰ اﻟزواج ﻗﺎﺋم
اﻟزوج ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﺟوز ﻟﻪ ﻣراﺟﻌﺗﻬﺎ و أن ﯾردﻫﺎ إﻟﻰ ﻋﺻﻣﺗﻪ ﻓﻲ أي وﻗت ﺷﺎء ،ﻟﻛن ﺧﻼل اﻟﻌدة
وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ﺗﻘوم إذا وﻗﻌت ﻣن اﻟﻣرأة ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﻔﺗرة أﺛﻧﺎء ﻣدة اﻟﻌدة وﻫذا ﻣﺎ ذﻫب إﻟﯾﻪ اﻟﻘﺿﺎء
اﻟﺟزاﺋري ،7أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟطﻼق اﻟﺑﺎﺋن ﻧﻣﯾز ﺑﯾن ﻧوﻋﯾن ﻣن اﻟطﻼق طﻼق ﺑﺎﺋن ﺑﯾﻧوﻧﺔ ﺻﻐرى ،طﻼق ﺑﺎﺋن
-1ﺑوﺳﻘﯾﻌﺔ أﺣﺳن ،اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋﻲ اﻟﺧﺎص ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ ،دار ﻫوﻣﻪ ،اﻟﺟزاﺋر ،2009 ،ص . 135
-2ﻣﻧﺻوري اﻟﻣﺑروك ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 163
-3وﻫﻧﺎ ﺗظﻬر ﻋﻠﺔ اﻟﺗﺟرﯾم ﻓﻠم ﯾﻛن ﺗﺟرﯾم اﻟﻔﻌل ﻷﻧﻪ ﯾﺷﻛل اﻋﺗداء ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ ﻻن اﻟﻔﻌل ﻗد ﺗم ﺑرﺿﺎ اﻟطرﻓﯾن
وﻛذﻟك ﻟﻣﺳﺎﺳﻪ ﺑﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻗﯾﺎم اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﯾﺷﺗرط ﻻرﺗﻛﺎب اﻟﻔﻌل ﻗﯾﺎم اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻌﻼً أو
ﺣﻛﻣﺎ ،ﻓﺎﻟوطء ﻗﺑل اﻟزواج وأﺛﻧﺎء اﻟﺧطﺑﺔ ﻻ ﯾﻌد زﻧﺎ ،إذ أن ﺣﻘوق اﻟزوﺟﯾﺔ ﻻ ﺗﻛﺗﺳب إﻻ ﺑﻌد اﻧﻌﻘﺎد ﻋﻘد اﻟزواج.
ً
-4ﻧوﻓل ﻋﻠﻲ ﻋﺑد اﷲ اﻟﺻﻔو ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص ،180ﻫذا ﻣﺎ ﯾؤﻛد ﺑﺄن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري اﺳﺗﻠﻬم ﺗﺟرﯾم اﻟﺗﺷرﯾﻊ ﻋﻠﻰ
ﺷﺎﻛﻠﺔ ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﻣواد ) (336إﻟﻰ ) (339ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻔرﻧﺳﻲ واﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎﻗب ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت
اﻟﺟﻧﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺗﻛب ﻣن طرف أﺣد اﻟزوﺟﯾن ،أﻧظر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد :ﺑن ﻣﺷري ﻋﺑد اﻟﺣﻠﯾم ،ﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت
اﻟﺟزاﺋري ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﻋدد ،10ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد ﺧﯾﺿر ،ﺑﺳﻛرة ،ص .185
-5ﻧوﻓل ﻋﻠﻲ ﻋﺑد اﷲ اﻟﺻﻔو ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص..183
-6اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص. 184
-7ﻣن ﺧﻼل اﻟﻘرار رﻗم 570اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 6ﺟوان ،1989ﺣﯾث ﻗﺿت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﻘﯾﺎم اﻟزﻧﺎ ﻓﻲ ﺣق اﻟزوﺟﺔ اﻟﺗﻲ
أﺑرﻣت ﻋﻘد اﻟزواج ﻣﻊ رﺟل أﺧر ﻗﺑل أن ﯾﺻﺑﺢ ﺣﻛم اﻟطﻼق ﺑﯾﻧﻬﺎ و ﺑﯾن زوﺟﻬﺎ اﻷول ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ ،أﻧظر- :ﻣﻧﺻوري اﻟﻣﺑروك
ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص ،164وﻛذا ﻓﻲ اﻟﻘرار رﻗم 281اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،1986/5/13ﻓﻲ ﺣق اﻟزوﺟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗزوﺟت ﻣﻊ رﺟل
287
ﺑﯾﻧوﻧﺔ ﻛﺑرى ﻓﺈذا ارﺗﻛﺑت ﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ﻣن طرف أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺑﻌد اﻟطﻼق اﻟﺑﺎﺋن ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎن ﻧوﻋﻪ ﻻ ﺗﻌﺗﺑر
ﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك ﺗﻧﺗﻔﻲ ﺗﻬﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ،1وﻛذا اﻷﻣر ﻧﻔﺳﻪ وﻟو وﻗﻊ اﻟوطء
ﺟرﯾﻣﺔ زﻧﺎ ﻷن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻧﺗﻬت ،و ً
ﺑﺎﺋﻧﺎ ﻓﻼ ﯾﻌﺗﺑر اﻟوطء زﻧﺎ ﻓﻲ ﻧظر اﻟﻘﺎﻧون ﻷن اﻟطﻼق اﻟﺑﺎﺋن ﯾزﯾل ﻣﻠك اﻟزوج أو
ﻋﻠﻰ اﻣرأة ﻣطﻠﻘﺔ طﻼﻗً ﺎ ً
ﻋرى اﻟزوﺟﯾﺔ ،2وﯾﻛون اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻣن طرف اﻟزوج اﻟﻣﺗﺿرر ،ﺣﺎل ﻗﯾﺎم اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﺈن ﺣدث اﻟطﻼق
ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠزوج اﻟﻣﺗﺿرر اﻟﻣطﻠق أن ﯾﺑﻠﻎ ﻋﻧﻬﺎ.3
ﻓﺎﺳدا أو
وطﺑﻘً ﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (330ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﺟزاﺋﯾﺔ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻋﻘد اﻟزواج ﺑﺎطﻼً أو ً
وﻗﻊ اﻟطﻼق ﻛﺎن ﻟﻠﻔﺳﺦ أو اﻟﺑطﻼن أو اﻟطﻼق اﻟواﻗﻊ أﺛر رﺟﻌﻲ ،و ﻻ ﺗﻘوم ﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ﺑﻔﻌل ارﺗﻛب ﺑﻌد
اﻟﺗﻘرﯾر ﺑﺎﻟطﻼق أو اﻟﺑطﻼن أو اﻟﻔﺳﺦ ،4وأﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟراﺑطﺔ ﻗد اﻧﺣﻠت ﺑﺎﻟطﻼق و ﺑﻌد ﻣﺿﻲ ﻋدة
ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ ﻣﻠك ﻋﺻﻣﺔ ﻣطﻠﻘﺗﻪ
ً ﺳﻧوات ﺗزوﺟت اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﺑﺷﺧص آﺧر ﻻ ﺟرﯾﻣﺔ و ﻻ ﻋﻘﺎب ،ﻷن اﻟﺷﺎﻛﻲ ﻓﻘد
واﻟﺣﻛم ﺑﺧﻼف ذﻟك ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺑطﻼن واﻟﻧﻘض.5
-اﻟرﻛن اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻻ ﺗﻘوم ﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ إﻻ ﺑﺣﺻول اﻟوطء ﻏﯾر اﻟﻣﺷروع ،أي أن ﯾﺗم اﺗﺻﺎل ﺟﻧﺳﻲ ﺻﺣﯾﺢ
ﺑﯾن ذﻛر وأﻧﺛﻰ.6
وأﻣﺎ ﻋن اﻟرﻛن اﻟﺛﺎﻟث :ﻫو اﻟرﻛن اﻟﻣﻌﻧوي ،أي اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ،واﻟذي ﯾﻌﻧﻲ اﺗﺟﺎﻩ إرادة اﻟﺟﺎﻧﻲ إﻟﻰ
ﻣﺗوﻓرا ﻓﻲ ﺣق اﻟزوج اﻟﻣﺿرور
ارﺗﻛﺎب اﻟﻔﻌل اﻟﻣﺟرم ﻣﻊ اﻟﻌﻠم ﺑﺄرﻛﺎﻧﻪ وﻫﻲ ﺟرﯾﻣﺔ ﻋﻣدﯾﺔ ،وﯾﻌﺗﺑر اﻟﻘﺻد ً
ﻣﺗﻰ ارﺗﻛب اﻟﻔﻌل ﻋن ﻋﻠم و إرادة ،ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺗزوج و ﯾواﻗﻊ ﺷﺧص آﺧر ﻏﯾر زوﺟﻪ ، 7أﻣﺎ ﻋن إﺛﺑﺎت ﻫذﻩ
أﺧر ﺑﺎﻟﻔﺎﺗﺣﺔ دون أن ﺗﻧﺗظر اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﻣﻧﺷورة ﺑﯾﻧﻬﺎ و ﺑﯾن زوﺟﻬﺎ اﻷول ،ﻗرار ﻏﯾر ﻣﻧﺷر اﻧظر :أﺣﺳن
ﺑوﺳﻘﯾﻌﺔ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 136
1
-ﻣﻧﺻوري اﻟﻣﺑروك ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 165
-2ﺑن ﻣﺷري ﻋﺑد اﻟﺣﻠﯾم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 191
3
-ﻣﻧﺻوري اﻟﻣﺑروك ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 165
4
-ﺑن ﻣﺷري ﻋﺑد اﻟﺣﻠﯾم ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 192
-5اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .193
6
-وﻋﻠﯾﻪ ﺗﺗﺣﻘق ﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ﻣﺗﻰ ﻛﺎن اﻹﺗﺻﺎل اﻟﺟﻧﺳﻲ واﻗﻌﺎً ﺑﯾن رﺟل واﻣرأة ﻟﯾﺳت ﻣﻠﻛﺎ ﻟﻪ أو ﺣﻼ ﻟﻪ ،وﻛﻣﺎ ﯾﺗطﻠب
اﻷﻣر اﻟرﺿﺎ اﻟﺻرﯾﺢ ،ﻟﺗﻔﺻﯾل اﻛﺛر اﻧظر- :ﻣﻧﺻوري اﻟﻣﺑروك ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .162
-ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم اﻷﻧوار ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .63
-7ﻣﻧﺻوري اﻟﻣﺑروك ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 166
288
اﻟﺟرﯾﻣﺔ ،ﻓﻘد ﻗﯾدﻫﺎ اﻟﻣﺷرع ﺑﺄن ﺧص ﻫذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﺑﻘواﻋد إﺛﺑﺎت ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺣﺻورة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (341ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎتً ،1
ﻧظرا ﻟﻠطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﺟرﯾﻣﺔ ،وﻻﺳﯾﻣﺎ ﺿرورة ﺗﻘدﯾم ﺷﻛوى ﻣن اﻟزوج اﻟﻣﺿرور.
ﻓﻼ ﺗﺗم اﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ إﻻ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﺷﻛوى اﻟزوج اﻟﻣﺿرور إذا ﻛﺎﻧت اﻟزوﺟﺔ ﻫﻲ اﻟﻔﺎﻋل اﻷﺻﻠﻲ ،أﻣﺎ إذا
ﻛﺎن اﻟزوج ﻫو اﻟﻔﺎﻋل اﻷﺻﻠﻲ ﻻ ﺗﺗم اﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ إﻻ ﺑﺷﻛوى اﻟزوﺟﺔ وﻛﻣﺎ ﻻ ﺗﺻﺢ اﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺷﻛوى
2
ﻣن ﻏﯾرﻫﻣﺎ ﺳواء اﻷوﻟﯾﺎء أو اﻷﺧوة أو ﺣﺗﻰ اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ .
ﻻ ﯾﺣق ﻟﻠزوج اﻟﻣﺗﺿرر أن ﯾﺗﺎﺑﻊ اﻟﺳﯾدة )اﻟزوﺟﺔ( اﻟﺗﻲ أﻋﺎدت اﻟزواج ﺟزاﺋﯾﺎ ،ﺑﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ اﻟﺗﻲ
وﻗﻌت أو ﺗم اﻟﺗﺑﻠﯾﻎ ﻋﻧﻬﺎ ﺑﻌد اﻟطﻼق ،ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون ﻻ ﯾﻌﺎﻗﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ،3ﻓﻼ ﺗﻘﺑل أﯾﺔ ﺷﻛوى ﺑﻌد اﻧﺣﻼل
4
اﻟرﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣن أﺟل وﻗﺎﺋﻊ وﻗﻌت ﺑﻌد ﺻدور ﺣﻛم اﻟطﻼق ،ﻷن اﻟﺷﺎﻛﻲ ﻻ ﺗﺗوﻓر ﻓﯾﻪ ﺻﻔﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ا
وﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﻘرار اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ 1989 /05/ 13ﻋن اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻧﺟد ﻓﯾﻪ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﻻ
ﺗﺗﺣﻘق ﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ إﻻ إذا ارﺗﻛﺑت ﺣﺎل ﻗﯾﺎم اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺷﺎﻛﻲ و اﻟزوﺟﺔ اﻟﻣﺷﻛو ﺿدﻫﺎ " .وﻻﺳﯾﻣﺎ اﻟﻣﺎدة
ﻣﻧﺣﻼ ﻣﺗﻰ
ً ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أن اﻟطﻼق ﯾﺛﺑت ﺑﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲ ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن اﻟزواج ﯾﻌﺗﺑر
ﺻدر ﺣﻛم ﻣن ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻧﺣﻼل اﻟزواج وﻋﻠﯾﻪ ﻻ ﺗﻘوم اﻟﺟرﯾﻣﺔ إذا ﻣﺎ ارﺗﻛب اﻟﻔﻌل
ﺑﻌد ﺻدر ﻫذا اﻟﺣﻛم.5
1ﻻ ﯾﺟوز إﺛﺑﺎت ﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ إﻻ ﺑـ :اﺣدى اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺛﻼث اﻟﺗﻲ وردت ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر-1 :ﻣﺣﺿر إﺛﺑﺎت اﻟﺗﻠﺑس اﻟﻣﺣرر
ﻣن طرف ﺿﺎﺑط اﻟﺷرطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ -2،إﻗرار وارد ﻓﻲ رﺳﺎﺋل أو ﻣﺳﺗﻧدات ﺻﺎدرة ﻣن ﻣﺗﻬم -3 ،أو اﻹﻗرار اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
ﺑﺎﻻﻋﺗراف أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء
-2ﺑوﺳﻘﯾﻌﺔ أﺣﺳن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص ،139اﻟزوج اﻟﻣﺿرور اﻟذي ﻟﻪ اﻟﺣق وﺣدﻩ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾم اﻟﺷﻛوى وﻓﻲ اﻟﺗﻧﺎزل ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ
إي ﻣرﺣﻠﺔ ﻛﺎﻧت ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟدﻋوى ،وﻗد أﺧذت ﺑﻬذا اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﺣذوا ﺣذو اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺗﺷرﯾﻊ
اﻟﺟزاﺋري ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري ﻟم ﯾﺟرم واﻗﻌﺔ اﻟزﻧﺎ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟوطء ،ﻣن ﺧﻼل ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (339ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ﻋﻠﻰ
ﺧﻼف اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ اﻟذي ذﻫب أﻛﺛر ﻣن ذﻟك ﺑﺎن ﺳﻣﺢ ﻟﻠﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟزوج اﻷﺧر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻏﯾﺎب اﻟزوج
اﻟﻣﺗﺿرر أﻧظر -:ﻣﻧﺻوري اﻟﻣﺑروك ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .161
-3اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 164
-4اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص . 167
5
-ﺑن ﻋودة ﺣﺳﻛر ﻣراد ،اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸﺳرة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟوﺿﻌﻲ ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل درﺟﺔ اﻟدﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ
اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ،ﺗﻠﻣﺳﺎن ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،2013-2012ص .155
289
ﻟﻛن إذا اﻋﺗﺑرﻧﺎ أن اﻟﺻﻠﺢ ﻟﯾس إﺟراء ﺟوﻫرﯾﺎ ﻓﻲ ﺣﺎل ﺗﺧﻠﻔﻪ ،ﻧﻛون ﻛﻔﯾﻧﺎ ﺟﻬﺎز اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻧﺎء
اﻟﻣﺗﺑﻌﺎت اﻟﺗﻲ ﻻ أﺳﺎس ﻟﻬﺎ ،ﻷﻧﻪ إذا ﺗزوﺟت ﻫذﻩ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﺑزوج آﺧر ﺑﻌد أن ﺑﺎﻧت ﻣﻧﻪ ،ﺑﻌد ﻗﺿﺎﺋﻬﺎ ﻟﻠﻌدة
وأﺻﺑﺣت ﺣرة و ﻻ ﯾﻣﻛن ﻣﺗﺎﺑﻌﺗﻬﺎ ،و إﻻ ﻋدت اﻹﺟراءات ﺑﺎطﻠﺔ.
ﻻ ﯾطﺑق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (339ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ،ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣرأة و ﻛل اﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺎت
ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ،ﻷن اﻟﻣﺷرع ﻗﺻد ﺑﻬﺎ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻻ ﺗطﺑﯾﻘﻬﺎ ﺧﺎرج ﻧطﺎق
ﻻ أﺻل وﻻ أﺳﺎس ﻟﻬﺎ ً
اﻟزوﺟﯾﺔ ،واﻟﻣﻔروض ﻋﻠﻰ اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﺣوال أن ﺗﻘرر ﺣﻔظ اﻟﻣﻠف ،ﻷﻧﻪ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ
أﺳﯾﺊ ﻓﻬم ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ،ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﺗﻔﺳﯾر ﻓﯾﻪ ﺿﯾق ،ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﻣﺷرع ﺟﺎء ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة
) (339ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺗطﺑق ﻋﻧد وﻗوع اﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﺣق أﺣد اﻟزوﺟﯾن ،ﻻ ﻋﻠﻰ ﺷﺧﺻﯾن أﺟﻧﺑﯾن.
وﻟﻠﺧروج ﻣن ﻫذا اﻟﻣﺄزق ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺻرح ﺑﺑراءة اﻟﺳﯾدة ﻻﻧﻌدام اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ،ﻓﻬذﻩ اﻟﻣرأة
ﻗﺎﻧوﻧﺎ ،ﺑﻌد اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺳؤال ﻣﻔﺎدﻩ ﻫل اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ أم ﻻ ؟ إذا ﻛﺎﻧت ﻗﺎﺋﻣﺔ ﯾطﺑق اﻟﻧص
ﺷرﻋﺎ و ً
ﺑرﯾﺋﺔ ً
أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟزوﺟﯾﺔ ﻏﯾر ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺣﻛم ﺑﺎﻟزﻧﺎ.
وﻓﻲ ﻫذا اﻟوﺿﻊ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻏﯾر ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺗﻛﻠم ﻋن ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔٕ ،1واﻧﻣﺎ ﺗﻛﻠم ﻋن
ﺣﺎﻟﺔ ﻗﯾﺎم اﻟزوﺟﯾﺔ وﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ،ﻻ ﺗﺧرج ﻋن ﺣﺎﻟﺗﯾن ﻫﻣﺎ ﻗﺑل وﻗوع اﻟطﻼق وﺑﻌد اﻟطﻼق ﻗﺑل اﻧﺗﻬﺎء
اﻟﻌدة ،2وﻟﻬذا ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﯾﻣﻧﻊ اﻟزواج ﺑﺎﻟﻣﻌﺗدة ،ﻷﻧﻬﺎ زوﺟﺔ ً
ﺣﻛﻣﺎ وﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﺑﻌد ﻓوات اﻟﻌدة
ﻣﺗوﻓرا ﻟدى
ً ﯾﺟوز اﻟزواج ﺑﻬﺎ ،وﺑﻣﺟرد أن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزاﺋﻲ ﯾﺑﺳط رﻗﺎﺑﺗﻪ ﻋﻠﻰ رﻛن اﻟﻌﻠم ﻓﯾﻣﺎ إن ﻛﺎن
ﻓﺿﻼ ﻋن اﻧﻌدام
ً اﻟزوﺟﺔ؟ ،ﻣﻣﺎ ﻻ ﺷك ﻓﯾﻪ ﺳوف ﯾﺻل اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﻰ ﺗﻘرﯾر اﻧﻌدام اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻟﻬﺎ،
اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺑدورﻫﺎ رﻛن أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﻗﯾﺎم اﻟﺟرﯾﻣﺔ ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﺗﻘوم اﻟﺟرﯾﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﻬﺎ ،ﻛوﻧﻬﺎ
طﺑﻘﺎ ﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت ﻧص اﻟﻣﺎدة
ﻣطﻠﻘﺔ واﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﯾﻧﻬﺎ وﺑﯾن ﻣطﻠﻘﻬﺎ ﺗم ﺗﻧﻔﯾذﻩ ً
) (452ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،وﻻ ﯾﺳﺗﻧد ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻣﻧﻘوض ،اذ ﻻ ﻋﺑرة ﺑﻪ أﻣﺎم وﺟود
ﺣﻛم ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ.
ﻏﯾر أن اﻟﺛﺎﺑت ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﻧﻘﺿت أﺣﻛﺎم
ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (339ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ،ﻫﻲ ﻣﺗﺎﺑﻌﺎت ﺟزاﺋﯾﺔ ﻻ أﺳﺎس ﻟﻬﺎ
ﻓﯾﻛون ﻣﻣﺛل اﻟﺣق اﻟﻌﺎم ﻗد ﺗﺟﺎوز اﻟﻘﺎﻧون وﺗﻛون ﻣﺗﺎﺑﻌﺗﻪ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺑﺎطل ﺑدﻻ ﻣن أن ﯾﺣﻔظ اﻟﻘﺿﯾﺔ
ﻻﻧﻌدام اﻟﺟرﯾﻣﺔ أﺻﻼ و ﯾﻛون اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزاﺋﻲ -ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع -ﻣﺧطﺋﺎ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون إذا ﺣﻛم
-1ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻣﺣﺎﺿرات أﻟﻘﯾت ﻋﻠﻰ طﻠﺑﺔ اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓرع ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق.
-2ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (30ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﯾﺣرم ﻣن اﻟﻧﺳﺎء ﻣؤﻗﺗﺎ ...اﻟﻣﻌﺗدة ﻣن طﻼق أو وﻓﺎة ."....
290
ﺑﺈداﻧﺔ اﻟﺳﯾدة اﻟﺑرﯾﺋﺔ ﻣن ﺟرم اﻟزﻧﺎ ،ﻓﻼ ﻣﺟﺎل ﻟﻠﺷك ﻓﻲ اﻟﺑراءة ﻟﻌدم ﺗوﻓر اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن
اﻟﺳﯾدة ﺗﻌﺗﻘد أﻧﻬﺎ ﺑﻣﺟرد ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻣﺛﺑت ﻟﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ أﺻﺑﺣت ﻣطﻠﻘﺔ و أﺟﻧﺑﯾﺔ ،وﻻﺳﯾﻣﺎ
وأﻧﻬﺎ اﻋﺗدت و أن ﺣﻛم اﻟطﻼق أو اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ أو اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﯾﻧﻔذ ﺑﻣﺟرد ﺻدورﻩ ،و اﻟﻐرﯾب
ﻓﻲ اﻷﻣر أن ﯾﻛون ﺗﻧﻔﯾدﻩ ﺑﺳﻌﻲ ﻣن اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﻫﻲ ﻣن ﺗﺣرك اﻟدﻋوى ﺑﻌد اﺗﺻﺎﻟﻬﺎ
ﺑﺷﻛوى اﻟزوج اﻟﻣﺿرور.
ﺛﺎﻧﯾﺎً-ﻋدم ﺟواز اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻟﺗﺧﻠف إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ:
ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (57ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
" ﺗﻛون اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟطﻼق و اﻟﺗطﻠﯾق واﻟﺧﻠﻊ ﻏﯾر ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺳﺗﺋﻧﺎف ﻓﯾﻣﺎ ﻋدا
ﺟواﻧﺑﻬﺎ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ،1 "...ﻓﻧﻔﻬم ﻣن اﻟﻣﺎدة أن اﻷﺣﻛﺎم ﻓﻲ ﺷﻘﻬﺎ اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻻ ﺗﻘﺑل اﻟطﻌن
ﺑﺎﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ،2و ﺑﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻗد ﺗﻘﺑل طرًﯾﻘﺎ آﺧر ﻣن طرق اﻟطﻌن ،وﻫو اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﻌﻠﯾﺎ وﻫو ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة 452ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺑطرﯾﻘﺔ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﻧﺻﻬﺎ
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
" ﻻ ﯾوﻗف اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﺗﻧﻔﯾذ أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدﺗﯾن 450و 451
أﻋﻼﻩ " .
ﻗﺎﺑﻼ ﻟﻠطﻌن ﻓﻲ ﻏﯾر ﺟواﻧﺑﻪ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ،ﻛﺎﻻﺳﺗﻧﺎد ﻋﻠﻰ ﺧرق
ﻗد ﯾﻛون اﻟﺳﺑب اﻟذي ﯾﺟﻌل اﻟطﻼق ً
ﺑﻌض اﻹﺟراءات وﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ ﻋدم إﺟراء اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ﻟﻛن اﻟﻣﺷﻛل ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ أﺣﻛﺎم
اﻟطﻼق و اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ و اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،ﻟﻠطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻣن ﺟﻬﺔ وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻻ ﯾﺗوﻗف
ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ،ﻓﺑﺈﻣﻛﺎن اﻟزوﺟﯾن اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻧﺳﺧﺔ ﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ وﯾﻧﻔذ ﻣﺎ أﻣﻛن ﺗﻧﻔﯾذﻩ و ﯾﺻﺑﺣﺎن ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ
ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻷﺟﻧﺑﯾﺎن ﻋن ﺑﻌﺿﻬﻣﺎ اﻟﺑﻌض ،و ﻟﻛن ﻣﺎ ﻫو ﺟدوى اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض إذا ﻛﻧﺎ ﻧﺗﻛﻠم ﻋن ﻓك اﻟراﺑطﺔ
-1ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (57ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻟم ﺗﺳﺗﺛﻧﻲ اﻟطﻌن ﺑﻛل طرﻗﻪٕ ،واﻧﻣﺎ إﻗﺗﺻرﺗﻪ ﻓﻘط ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ،ﺑﺧﻼف
اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻣن ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (128ﻣن ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺿﻲ ﺑﺎن ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ ﺗﻛون ﻏﯾر
ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻷي طﻌن ﻓﻲ ﺟزﺋﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ .
-2ﻓﺎﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﺿﯾﺔ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺗﺻدر اﺑﺗداﺋﯾﺎً و ً
ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ –أي ﻓﻲ أول و آﺧر درﺟﺔ -ﻓﻲ ﺷﻘﻬﺎ اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻔك
اﺑﺗداﺋﯾﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺟواﻧﺑﻪ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ،ﻛﺎﻟﺗﻌوﯾض ،و ﺗواﺑﻊ ﻓك اﻟﻌﺻﻣﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣن ﻧﻔﻘﺔ اﻟﻌدة و اﻹﻫﻣﺎل
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ و ً
وﻛذا ﻧﻔﻘﺔ اﻷﺑﻧﺎء إن وﺟدوا و ﺑدل اﻹﯾﺟﺎر ،واﻟﺗﻲ ﯾﺟوز اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﻓﻲ ﺷﻘﻬﺎ اﻟﻣﺎدي ،أﻧظر :ﻣراد ﻧﻌوم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص
.126
291
اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻬﺎ،ﻋﻠﻰ ﻓرض أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﻌد وﻗت طوﯾل ﺗﻘرر ﻗﺑوﻟﻬﺎ ﻟﻠطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻹﻏﻔﺎل
ﻣﺟددا ﻓﺗﻛون اﻟزوﺟﺔ ﺑﻬذا اﻹﺟراء ﻻزاﻟت
ً إﺟراء أو ﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون ،و ﯾرﺟﻊ اﻟﻣﻠف ﻟﻠﻧظر ﻓﯾﻪ
زوﺟﺔ ﻣن طﻠﻘﻬﺎ ،ﻷن ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﻘﺑول اﻟطﻌن وﻗﺿﺎﺋﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﻘض ﯾﺟﻌل اﻟﻣطﻠﻘﯾن زوﺟﯾن ﺑﺄﺛر
رﺟﻌﻲ.
ﻓﻘد ﺳﺑق اﻟﻘول أن ﺣﻛم اﻟطﻼق أو اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ أو اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،ﯾﺻدر ﻧﻬﺎﺋﻲ و ﯾﻧﻔذ
طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (452اﻟﻣذﻛورة أﻋﻼﻩ ﻓﺎﻟﺳؤال اﻟذي ﯾطرح ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺈﻟﺣﺎح ﻫو ﻛﯾف
رﻏم اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ً
ﯾﻣﻛن ﻧﻘض ﻫذﻩ اﻷﺣﻛﺎم دون اﻷﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر ﻟطﺑﯾﻌﺗﻬﺎ اﻟﻧﻬﺎﺋﯾﺔ ،واﻟﺗﻲ ﻗد ﻧﻔذت ورﺗﺑت أﺛﺎرﻫﺎ
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،وﻫل ﻣﻌﻧﻰ ذﻟك أﻧﻪ ﻟم ﺗﻌد ﻧﻬﺎﺋﯾﺔ وﻻ ﻋﺑرة ﻣن ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ وﺟوﺑﺎ؟ ،وﻛﯾف ﯾﺗﺻرف اﻟزوج اﻟﻣطﻌون
ﺿدﻩ أو اﻟزوﺟﺔ اﻟﻣطﻌون ﺿدﻫﺎ أﻣﺎم اﻟﻣﻔﺎﺟﺋﺔ اﻟﺗﻲ ﺟﺎء ﺑﻬﺎ ﻗرار اﻟﻧﻘض؟ ،ﺧﺎﺻﺔ ٕوان ﻛﺎﻧت اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ
ذﻣﺔ زوج آﺧر ﺗزوﺟﺗﻪ ﺑﻌد ﻗﺿﺎﺋﻬﺎ ﻟﻌدﺗﻬﺎ؟.
ﻗﺑل ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،1ﻛﺎن ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟطﻼق أو اﻟﺗطﻠﯾق أو
اﻟﺧﻠﻊ ﯾوﻗف اﻟﺗﻧﻔﯾذ ،ﺣﯾث ﻛﺎن ﺿﺎﺑط اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻻ ﯾؤﺷر ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺷﻲ ﻋﻘدي ﻣﯾﻼد
اﻟزوﺟﯾن ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ إﻻ ﻋﻧد ﻣواﻓﺎﺗﻪ ﺑﺷﻬﺎدة ﻋدم اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﺑﻘﻰ اﻟﻣرأة ﻣﻌﻠﻘﺔ ﻻ
ﻫﻲ ﻣﺗزوﺟﺔ و ﻻ ﻫﻲ ﻣطﻠﻘﺔ وﻣﺻﯾرﻫﺎ ﻣرﺗﺑط ﺑﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض اﻟﻣرﻓوع.
اﻷﺻل ﻓﻲ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻻ ﯾوﻗف اﻟﺗﻧﻔﯾذ ،أي أن ﻫﻧﺎك ﻣﺑدأ اﺣﺗرام ﻗوة اﻟﺷﻲء اﻟﻣﻘﺿﻲ ﻓﯾﻪ ﺛم ﺗﺟﺳﯾد
ﻣﺑدأ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ،واﻟﻣﺎدة ) (1/361ﺗؤﻛد ذاﻟك:
" ﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض وﻗف ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم أو اﻟﻘرار."...
ﻟﻛن اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء اﻟذي ﺗﺑﻧﺎﻩ اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون أن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﯾوﻗف اﻟﺗﻧﻔﯾذ ،ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة
) (348ﻓﻲ ﻓﻘرﺗﻬﺎ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
-1ﻓﻲ اﻟﺳﺎﺑق ورﻏم ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻣﺛﺑت ﻟﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﯾﻧﻘﺿﻲ اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠزوﺟﯾن ،إﻻ أن ﻫذا اﻻﻧﻘﺿﺎء ﻟﯾس
ﻧﻬﺎﺋﯾﺎً ﻓﻬو ﯾﺗوﻗف ﻋﻠﻰ اﻧﻘﺿﺎء ﻣﯾﻌﺎد اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ،أو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ وطﯾﻠﺔ ﻋدم اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟطﻌن ﺗﺑﻘﻰ اﻟزوﺟﺔ
أردت أن ﺗﻧﻔذ اﻟﺣﻛم ﯾطﻠب ﻣﻧﻬﺎ ﺷﻬﺎدة ﻋدم اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘضٕ ،واذا اﻧﺗﻬﻰ اﻟﻘرار إﻟﻰ
ﻋﺎﻟﻘﺔ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻬﺎ اﻟزواج ﻷﻧﻬﺎ إن ا
ﻗﺎﺋﻣﺎ ﺑﺣﯾث ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﯾﻌﯾد اﻷطراف إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻋﻠﯾﻬﺎ ،وﻣﯾﻌﺎد
اﻟﻧﻘض ،ﯾﺑﻘﻰ ﻣرﻛز اﻟزوﺟﯾن ً
اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧﻘض ﻗد ﯾﺗراﺧﻰ ﻋدة ﺳﻧوات وﺑذﻟك ﺗﻛون اﻟﻌدة ﻗد اﻧﻘﺿت ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟزوﺟﺔ ﺣرة ﻓﻲ إﻋﺎدة اﻟزواج ﻣرة أﺧرى
وﻛﺎن ﯾطرح ﺳؤال ﻓﯾﻣﺎ إذا ﺗزوﺟت و ﻟم ﯾﺻدر ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص اﻟطﻌن اﻟﻣرﻓوع ،ﻓﻛﺎن إذا ﺗم رﻓض اﻟطﻌن
ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻻ ﯾطرح إﺷﻛﺎل ،أﻣﺎ إذا اﻧﺗﻬﻰ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﺑﺈﻋﺎدة اﻷطراف إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧﺎ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻗﺑل ﺻدور اﻟﺣﻛم
اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﻓﺗﺑﻘﻰ ﻋﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ إن ﻟم ﻧﻘل ﺗم إﺣﯾﺎﺋﻬﺎ .
292
.. ":ﻣﺎ ﻟم ﯾﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ذﻟك ".وﻛذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة 361ﻣن
ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون " ...ﻣﺎﻋدا ﻓﻲ اﻟﻣواد اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺣﺎﻟﺔ اﻷﺷﺧﺎص أو أﻫﻠﯾﺗﻬم وﻓﻲ دﻋوى اﻟﺗزوﯾر ".
ﻧظرا ﻟﺧﺻوﺻﯾﺔ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻋﻣل اﻟﻣﺷرع ﻋﻠﻰ إﯾراد اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى
ﻏﯾر أﻧﻪ ً
إﯾﻘﺎف اﻟﺗﻧﻔﯾذ ،ﺑﺄن ﺳﻣﺢ ﺑﺎﻟﺧروج ﻋن اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة " . 2/361إﻟﻰ اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء اﻟذي ﺗﻘررﻩ ﻧص
اﻟﻣﺎدة )( 452ﻣن ذات اﻟﻘﺎﻧون واﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
" ﻻ ﯾوﻗف اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﺗﻧﻔﯾذ أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدﺗﯾن 450و 451أﻋﻼﻩ
".وﻛذا ﻣﺎ ﺗﻧص ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ) " :(435ﻻ ﯾوﻗف اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم ".
ﺣﯾث ﺳﻣﺢ اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﻟطﻼق أو اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ أو ﺣﺗﻰ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺑﺗﻧﻔﯾذ
اﻟﺣﻛم رﻏم وﺟود اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ،وﻓﻲ اﻋﺗﻘﺎدي ﻫذا اﻟﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺟدﯾد ﺟﺎء ﻟﻛﻲ ﯾﻧﺳﺟم أﻛﺛر ﻣﻊ ﻣﺎ ﻧﺻت
ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة 49اﻟﻔﻘرة 03ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
"...ﺗﺳﺟل أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق وﺟوﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﺑﺳﻌﻲ ﻣن اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ . ".
ﻓورا ،و ﺑﺎﺳﺗطﺎﻋﺔ اﻟزوﺟﯾن أو
ﻻ ﯾوﻗف اﻟﻧﻘض ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم اﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻪ ﯾﻧﻔذ ً
اﺣدﻫﻣﺎ أن ﯾطﻠب ﺗﺳﺟﯾل اﻟﺧﻠﻊ أو اﻟطﻼق ﻟدى ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،ﺑل ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻧﯾﺎﺑﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أن
ﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ ذﻟك ،1و ﻻﺳﯾﻣﺎ وأن ذات ﻣﻧطوق اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺄﻣر ﻣن
ﺧﻼﻟﻪ ﺑﺗﺄﺷﯾر اﻟطﻼق ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣش ﻋﻘد اﻟزواج اﻟطرﻓﯾن و ﻋﻠﻰ ﺷﻬﺎدة ﻣﯾﻼدﻫﻣﺎ.
ﻗﺑل ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻛﺎن ﯾﻣﺎرس ﻣن ﻗﺑل ﺑﻌض اﻷزواج
ﺣﺗﻰ ﺗﺑﻘﻰ اﻟزوﺟﺔ ﻣﻌﻠﻘﺔ ،ﻓﯾطﻌن أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ و ﯾﺗرﻛﻬﺎ أرﺑﻊ ﺳﻧوات أو أﻛﺛر ﻓﺎﻟﻣدة ﻗد ﺗطول
ﻓﺎﻟزوج ﻟﻣﺎ ﯾطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻟﯾس ﺑﻬدف ﻣراﺟﻌﺔ زوﺟ ﺗﻪٕ ،واﻧﻣﺎ ﺑﻬدف إﺑﻘﺎء اﻟزوﺟﺔ ﻣﻌﻠﻘﺔ ،ﻷﻧﻪ آﻧذاك ﻛﺎن
ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺳﺟل اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ أن ﺗﻔﺻل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻓﻲ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض اﻟﻣرﻓوع
أﻣﺎﻣﻬﺎ وﺣﺗﻰ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺗم ﻣﻧﺢ إﺧﺑﺎر ﺑﺎﻟطﻼق إﻻ ﺑﻌد إﺣﺿﺎر ﺷﻬﺎدة ﻋدم اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض.
ﻛﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻬذا اﻟوﺿﻊ وﻟﻛﻲ ﻻ ﺗﺑﻘﻰ اﻟﻣرأة ﻣﻌﻠﻘﺔ ،ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ اﻹﺟراﺋﯾﺔ
اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ وﻓﻘت إﻟﻰ ﺣد ﺑﻌﯾد ﻟﻣﺎ ﺟﻌﻠت ﻣن أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق ﻏﯾر ﻣوﻗوﻓﺔ اﻟﺗﻧﻔﯾذ ،ﻟﺗﺳﺗﻘر ﺑذﻟك اﻟﻣراﻛز
-1ﺗﻘﺿﻲ اﻟﻣﺎدة 49ﻓﻘرة 02ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة أن ﺗﺳﺟﯾل أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق وﺟوﺑﺎً ﺑﺳﻌﻲ ﻣن اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﺗﺷﺗﻣل أﺣﻛﺎم
اﻟطﻼق ،اﻟطﻼق اﻟﺻﺎدر ﻋن إرادة اﻟزوج أو ﺑﺗراﺿﯾﻬﻣﺎ أو اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ ،أﻧظر :ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ
اﻟﺧﻠﻊ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 207و .208
293
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،1ﺣﯾث ﺗﻔطن اﻟﻣﺷرع إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ ﺑﺈﻗ اررﻩ ﻋدم وﻗف ﺗﻧﻔﯾذ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،إﻻ أﻧﻪ
ﺳﻬﻰ ﺑﺄن ﺗرك ﻣﺟﺎل اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻣﻔﺗوح ،ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ اﻟذي ﺗﺟﺎوز ﻫذﻩ اﻟﺻﻌوﺑﺔ ﻣن
ﺧﻼل ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة ،ﺣﯾث ﻗرر ﻋدم ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ اﻟﻘﺳم اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻷي طﻌن.
ﻓﻧﻘﺗرح أن ﯾﻧص اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﺗﻌدﯾﻠﻪ ﻟﻘﺎﻧون
اﻷﺳرة ﻛﺗﻛﻣﻠﺔ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) - (57ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ -ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻷﺗﻲ:
" أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق و اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ و اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻻ ﺗﻘﺑل أي طرﯾق ﻣن طرق اﻟطﻌن إﻻ ﻣﺎ ﺗﻌﻠق
ﺑﺟواﺑﻬﺎ اﻟﻣﺎدﯾﺔ وﻛذا اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ "
ﺑﻬذا ﯾﺣل اﻹﺷﻛﺎل ﺑﻐﻠﻘﻪ ﻣﺟﺎل اﻟطﻌن وﻫذا ﻫو اﻟﻣﻧطق ،ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻷﺣﻛﺎم ﻻ
ﺗﻘﺑل اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷق ،ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟطﻼق ﻧﻬﺎﺋﻲ و ﻻ ﯾﻘﺑل ﻻ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ،و ﻻ
اﻟﻣﻌﺎرﺿﺔ ،و ﻻ اﻟﺗﻣﺎس إﻋﺎدة اﻟﻧظر ،وﻻ اﻋﺗراض اﻟﻐﯾر اﻟﺧﺎرج ﻋن اﻟﺧﺻوﻣﺔ .
ﺣﺳب وﺟﻬﺔ ﻧظري أن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻫﻧﺎ ﯾﻛون ﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﻘﺎﻧون وﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﻷطرافٕ ،وان ﺛﺑت
ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻓﺗﺻرح ﺑﻬﺎ ،ﻟﻛن دون أن ﺗﻐﯾر ﻓﻲ اﻟﻣراﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ وﺗﺻرح ﺑﺎﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻓﻘط و ﻻ ﺗﺗﺟﺎوزﻫﺎ
إﻟﻰ اﻟﻧﻘض.
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﺣﻛم اﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺣﻛم اﺑﺗداﺋﻲ و ﻧﻬﺎﺋﻲ ،2و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣراﺟﻌﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ أو ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺄي طرﯾﻘﺔ ﻛﺎﻧت ،ﻓﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﻔك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ أو ﻏﯾرﻩ ﻣن أﻧواع ﻓك اﻟراﺑطﺔ ،ﯾﺗﻣﯾز أﻧﻪ ذو طﺎﺑﻊ ﺧﺻوﺻﻲ وﻧﻬﺎﺋﻲ ﻏﯾر ﻗﺎﺑل
ﻟﻠﻣراﺟﻌﺔ ،و اﻟطﻼق اﻟﻣﻧطوق ﺑﻪ ﺑﺎﺋن –ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن رﺟﻌﻲ -ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟزوﺟﺔ أﺟﻧﺑﯾﺔ ﻋن اﻟزوج وﻋﻠﻰ
ذﻟك ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻘﺿﺎة اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ أن ﯾﻬدﻣوا اﻟطﻼق اﻟذي ﻧط ق ﺑﻪ اﻟزوج ٕواﻻ وﻗﻌوا ﻓﻲ اﻹﺛم ،ﻓﻠو
رﺟﻌت اﻟزوﺟﺔ إﻟﻰ زوﺟﻬﺎ ﺑﻌد أن ﯾﻠﻐﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺣﻛم ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﺈن اﻟرﺟل و اﻟﻣرأة ﯾﺻﺑﺣﺎن
ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟزاﻧﯾﺎن و ﯾﻘﻌﺎن ﻓﻲ اﻹﺛم.3
ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﺎﺋدا ﻗﺑل ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻓﺎﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ
اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﯾوﻗف اﻟﺗﻧﻔﯾذ ،وﺑذﻟك ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟزوﺟﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر
294
ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻣﻧﺣﻠﺔ ﻣن اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﻋﻘد زواﺟﻬﺎ ﻣن زوج آﺧر ﻣﺎدام اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟم ﺗﻘض ﺑﻌد ﻓﻲ
اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ،ﻋﻛس ﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ اﻷﻣر اﻵن ﻓﻲ ظل ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟذي ﻛﺎن أﻛﺛر
دﻗﺔ ﺣﯾث ﻧص ﻋﻠﻰ ﻋدم وﻗف اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﺗﻧﻔﯾذ ﺣﻛم ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة وﻋدم ﺗﻌﻠﯾﻘﻪ ﻋﻠﻰ أي
ﺷﻛﻠﯾﺔ ،ﻓﺄﺻﺑﺢ ﻫﻧﺎﻟك اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣﺟﺳد ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (452ﻣن اﻟﻘﺎﻧون ﻧﻔﺳﻪ ،أﯾن ﺗﻔطن اﻟﻣﺷرع ﻓﯾﻣﺎ
ﯾﺧص اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم رﻏم اﻟطﻌن ﻓﯾﻪ ﺑطرﯾق اﻟﻧﻘض.
ﻛﺎن ﯾﺳﺗﺣﺳن ﻟو أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﯾﻐﻠق ﺑﺎب اﻟطﻌن ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻷﺣﻛﺎم ،ﻋﻠﻰ ﻏرار اﻟﺗﺷرﯾﻊ
اﻟﻣﻐرﺑﻲ ،1ﻷﻧﻪ إذا ﻛﺎن ﻻ ﯾﺟوز اﺳﺗﺋﻧﺎف أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق واﻟﺗطﻠﯾق واﻟﺧﻠﻊ ،2وﻛذا أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق
ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،3واﻟﻧظر ﻓﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺑل ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،و اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻧﻊ ﻣن
ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻓﻣن ﺑﺎب أوﻟﻰ أن ﺗﻣﺗﻧﻊ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻷن اﻵﺟﺎل "أﺑﻌد " ﻋﻛس
اﻵﺟﺎل أﻣﺎم اﻟﻣﺟﻠس ،ﻓﺎﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ أﻗرب إﻟﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ و ﻫو ﻗﺎﺿﻲ ﻣوﺿوع ﻓﺈن ﻛﺎن ﻣﻣﻧوع ﻋﻠﯾﻪ
اﻟﻧظر ﻓﻲ اﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﺷق اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻓﻛﯾف ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ذﻟك وﻫﻲ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻗﺎﺿﻲ
اﻟﻘﺎﻧون وﻻﺳﯾﻣﺎ أن اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﯾﺗﻣﯾز ﺑﺎﻟطﺎﺑﻊ اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ؟ .
وطﺎﻟﻣﺎ أن ﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ اﻟطﻼق ،ﯾﻌﺗﺑر ﺣﻛم ﻛﺎﺷف ﻻ ﺣﻛم ﻣﻧﺷﺊ ،ﻓﻣﺎ ﻋﻠﯾﻪ ﺳوى
ﻛﺷف اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي أوﺟدﻩ اﻟزوج ،ﻓﻼ ﯾﺟوز اﻟطﻌن ﺑﺎﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﻓﯾﻪ طﺑﻘﺎً ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (57ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ٕ ،وان ﺗم رﻓﻊ طﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﺿدﻩ ﻓﻬو ﻻ ﯾوﻗف ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم ،ﻷن اﻟﺣﻛم ذو طﺎﺑﻊ ﻧﻬﺎﺋﻲ
ﻓﺎﻷﻣر ﻣﻘﺿﻲ ﻓﯾﻪ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺗﻌﺗﺑر ﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗﺎﻧون ،وﯾﺗرﺗب ﻋن ﻫذا أن اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر
ﻋن ﻗﺎﺿﻲ اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﯾﺗم ﺗﺳﺟﻠﯾﻪ ﺑﺳﻌﻲ ﻣن اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺣﺎﻟﺔ
اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،ﻓﻣﺎ ﺟدوى إذن ﻣن ﻫذا اﻟطﻌن طﺎﻟﻣﺎ ﻫذا اﻟﺣﻛم ﯾﻧﻔذ ﻣﻣﺎ ﻻ ﺷك ﻓﯾﻪ؟ ،وﯾﺻﻌب ﺗدارك أﺛﺎرﻩ ﻓﯾﻣﺎ
ﺑﻌد ؟.
-1ﻟﻛن اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﺗﺟﺎوز ﻫذﻩ اﻟﺻﻌوﺑﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة ،ﺣﯾث ﻗرر ﻋدم ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ اﻟﺟزء اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟﻌﻼﻗﺔ
ﻣﺑﻠﻐﺎ ﻛﺎﻓﯾﺎً ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟزوج إﯾداﻋﻪ ﺑﺻﻧدوق اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ داﺧل أﺟل 30ﯾوﻣﺎ
اﻟزوﺟﯾﺔ ﻷي طﻌن ،ﺣﯾث ﻧﺟد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺗﺣدد ً
وذﻟك ﻟﺗﻐطﯾﺔ ﻣﺳﺗﺣﻘﺎت اﻟزوﺟﺔ واﻷطﻔﺎل اﻟﻣﻠزم ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ ﻋﻠﯾﻬم ﺣﺳب اﻟﺗرﺗﯾب اﻟوارد ﻓﻲ اﻟﻣﺎدﺗﯾن ) (84و) (85ﻣن ﻣدوﻧﺔ
اﻷﺳرة وذﻟك ﻟﺗﺟﺎوز اﻵﺛﺎر اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣدﺛﻬﺎ إﯾﻘﺎف اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﺑﺳﺑب اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض.
-2ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (57ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﺗﻛون اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟطﻼق و اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ ﻏﯾر
295
وﺗﺣدﯾدا ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﺿﯾﺔ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﻪ
ً ﻷن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ ﻗﺿﺎء ﺷؤون اﻷﺳرة
ﺗﺄﺛﯾر ﺑﻠﯾﻎ ﺳواء ﻣن ﺣﻲ اﻟﻘواﻋد اﻹﺟراﺋﯾﺔ واﻟﻘواﻋد اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ،أو ﻣن ﺣﯾث ﺗذﺑذب وﻋدم اﺳﺗﻘرار ﻣوﻗف
ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﻲ.
ﺗﺗﻣﺛل وظﯾﻔﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﻣراﻗﺑﺔ ﻣدى اﺣﺗرام ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون ،وﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﺷﻣل ﻧوﻋﯾن ﻣن
اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،اﻟﻘواﻋد اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ و اﻟﻘواﻋد اﻹﺟراﺋﯾﺔ ،1ﯾظﻬر ﻣن اﻟﻘ اررات اﻟﺗﻲ اﻋﺗﺑرت اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء
ﺟوﻫري أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻗد اﻫﺗﻣت ﻓﻘط ﺑﺎﻟﺳﻬر ﻋﻠﻰ اﺣﺗرام اﻟﻘواﻋد اﻹﺟراﺋﯾﺔ ،ﺑدﻋوى ﺿرورة ﻣراﻋﺎة
إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ،ﺣﯾث ﻧﺟدﻫﺎ ﺗﻧﻘض أﺣﻛﺎم ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻗﺿت ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﯾن أﻫﻣﻠت اﻟﺟﺎﻧب
اﻟﻣوﺿوﻋﻲ و ﻟم ﺗﺣﺎول ﺑذل ﺟﻬد ﻟﺗﺣدﯾد ﺧطورة اﻵﺛﺎر اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ واﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋن ﻧﻘﺿﻬﺎ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ و اﻟﻣﺗﻣﯾز ﺑﺧﺎﺻﯾﺗﻲ اﻟﻧﻬﺎﺋﯾﺔ واﻟﻧﻔﺎذ.
ﻓﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻣﺎ ﺗﻧﻘض اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﺗﻧﻘض ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻬﺎ ﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗﺎﻧون وﻟﯾﺳت ﻣﺣﻛﻣﺔ
وﻗﺎﺋﻊ ،وﻫﻲ ﺑذﻟك ﻻ ﺗوﻟﻲ اﻫﺗﻣﺎم ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ و اﻵﺛﺎر اﻟوﺧﯾﻣﺔ اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋﻧﻬﺎ ،ﻷن ﻣرﻛز اﻟزوﺟﯾن
ﯾﻧﻘﺿﻲ إﻣﺎ ﺑﺗﻠﻔظ اﻟزوج ﺑﺎﻟطﻼق أو ﺑﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻣﺛﺑت ﻟﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،و ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﻘرار
اﻟﺻﺎدر ﺑﻌد اﻟﻧﻘض ،و ﺑذﻟك ﻧرى ﺗﻧﺎﻗض ﺑﯾن اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ واﻟﻘﺎﻋدة اﻹﺟراﺋﯾﺔ ،وﻛﻣﺎ ﻫو ﻣﻌروف
ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ ":أن اﻟﻘﺎﻋدة اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﺗﺧدم اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ وﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘﺎﻋدة اﻹﺟراﺋﯾﺔ أن ﺗﻌﺻﻲ اﻟﻘﺎﻋدة
اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ " ،2ﻓﻌدم ﻣراﻋﺎة إﺟراء ﻣﺎ ﯾﻬدم اﻟﻣوﺿوع وﻫو ﻣﺎ ﻧﻼﺣظﻪ ﻓﻲ ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﺗﻲ
ﺗﻬﺗم ﺑﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ وﺗرﺗﻘﻲ ﺑﻪ إﻟﻰ درﺟﺔ اﻹﺟراء اﻟﺟوﻫري ،وﺗﺟﻌﻠﻪ ﻓﻲ ﻣرﺗﺑﺔ اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب
اﻟﻣرﻛز اﻟﻣوﺿوﻋﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺿﻣﻧﻪ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ .
ﻓﻛﯾف ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ أن ﺗﺑرر ﻗ ارراﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟطرﻓﯾن ،ﺑﺄن طﻼﻗﻬﻣﺎ ﺑﺎطل ﻓﺿﻼً ﻋن أن
اﻟزوﺟﯾن ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﺟﺗﻣﻌﺎ إﻻ ﺑﻌﻘد ﺟدﯾد أو ﺑﺗطﺑﯾق أﺣﻛﺎم اﻟرﺟﻌﺔ ﺑدون ﻋﻘد ﺟدﯾد أو ﺑﻌﻘد ﺟدﯾد ،و أﻣﺎ
ﻏﯾر ذﻟك ﻓﻬو ﺗﻌدي ﻋﻠﻰ ﺣﻛم اﻟﺷرع ﺑدﻋوى ﺧرق اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون ﻣﻧطق واﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻣﺎ
ﯾﺻدر ﺣﻛﻣﻪ ﯾراﻋﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون و ﯾراﻋﻲ ﻧﺗﺎﺋﺞ ذﻟك اﻟﺣﻛم إﻟﻰ أي ﺣد ﺗﺻل ،و ﻫل ﯾﻣﻛن ﺗﻧﻔﯾذﻩ أم
ﻻ.
ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋدم ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون ﺑﺣرﻓﯾﺗﻪ ٕواﻧﻣﺎ ﯾطﺑق روح اﻟﻘﺎﻧون ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻫذا
اﻟﺣﻛم و ﻋواﻗﺑﻪ ،وﻻﺳﯾﻣﺎ وأﻧﻪ ﯾﺗﻣﯾز ﺑﺎﻟطﺎﺑﻊ اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ وﺗﻧﻔﯾذﻩ ﯾﻛون وﺟوﺑﺎ ﺑﺳﻌﻲ ﻣن اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﻬذﯾن
--1زودة ﻋﻣر ،طﺑﯾﻌﺔ اﻷﺣﻛﺎم ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ واﺛر اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 153
-2زودة ﻋﻣر ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .154
296
اﻟﺷﺧﺻﯾن-اﻟزوج و اﻟزوﺟﺔ -طﺑﻘً ﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،ﻫﻣﺎ ﻣطﻠﻘﯾن و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟﻛﻲ ﯾﻌودا زوﺟﯾن
ﻣﺟددا ،ﯾﺟب أن ﺗطﺑق أﺣﻛﺎم اﻟﻣواد ) (9و ) 9ﻣﻛرر( ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،1ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة اﻟﻣﺎدة )( 51ﻣن
ً
ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ اﻧﺣﻠت واﻧﺗﻬﻰ اﻷﻣر ،و ﯾﺑﻘﻰ ﻓﻘط ﻋﻧد اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﺣق ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﺟواﻧب
اﻟﻣﺎدﯾﺔ وﻛذا ﺣﺿﺎﻧﺔ اﻷﺑﻧﺎء وﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻛل ﺗواﺑﻊ ﻓك اﻟﻌﺻﻣﺔ ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﺗﻛرﯾﺳﻪ ﻧﻬﺟﺎً وﻣﻣﺎرﺳﺔ
وﺗﺑﻌﺎً ﻟذﻟك ﻓﻼ ﻣﺣل ﻫﻧﺎ ﻟﻣﺛل ﻫذا اﻟطﻌن ،ﻷﻧﻪ ﯾﻣس ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم وﺑﺎﻟﻌدة و ﺑﺄﺣﻛﺎم ﻗطﯾﻌﺔ واردة ﻓﻲ
اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم.
ﯾذﻫب اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﻣطﺎﻋﻲ إﻟﻰ اﻟﻘول :أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺗوﺻﻠت ﻓﻲ أﺧر ﻗ ارراﺗﻬﺎ إﻟﻰ اﻻﻗﺗﻧﺎع ﺑﺄن
اﻟطﻼق اﻟزوج ﻫو ﻣن ﯾوﻗﻌﻪ ،وﺑﻘﻲ ﻟﻬﺎ ﻣﺷﻛل ﻟم ﺗﺟد ﻟﻪ ﺟواب ﺑﻌد وﻫو ﻫل اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري أم ﻻ؟
ﻓﺗوﺻﻠت إﻟﻰ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ ،ﻓﻲ ﻗرار ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ
،22012/04/12و ﻧﻔس اﻟﺷﻲء ﻓﻲ ﻗرار آﺧر ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ 2012/06/14أي اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺗﻧﻘض
و ﻟﻛن ﻻ ﺗﺣﯾل ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺣﺳب واﺿﻌﻲ اﻟﻘرار ﻣﻘﺗﻧﻌﯾن أن اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري ٕواﻟزاﻣﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ.
وﻧﺟد أﯾﺿﺎ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻋﻧد ﺗﺧﻠف اﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺗﻧﻘض اﻟﺣﻛم ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ و اﻟﺳؤال ﯾطرح
أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧﻘض و ﻻ ﺗﺣﯾل اﻟطرﻓﯾن ،ﻓﻣﻌﻧﺎﻩ ﯾﺻﺑﺣﺎن ﻣﺗزوﺟﯾن وﻫو أﻣر ﺧطﯾر
ﻷﻧﻪ ﻓﻲ ﻛﻼ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن ﯾﻬدم اﻟطﻼق اﻟذي وﻗﻊ ،و ﻋﻧدﻣﺎ ﻧرﺟﻊ اﻟﻣﻠف إﻟﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻫل ﯾﺟري ﺻﻠﺢ ﺑﯾن
ﻣطﻠﻘﯾن؟ و اذا ﻓرﺿﻧﺎ أﻧﻬﻣﺎ ﺗﺻﺎﻟﺣﺎ ،ﯾﺻﺑﺢ اﻟزوﺟﯾن ﺣﺳﺑﻬم ﯾﻌﯾﺷﺎن ﻓﻲ أﻣور ﻣﺣرﻣﺔ .
1
-ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة) (9ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة " ﯾﻧﻌﻘد اﻟزواج ﺑﺗﺑﺎدل رﺿﺎ اﻟزوﺟﯾن " و ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) 9ﻣﻛرر( ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﯾﺟب
أن ﺗﺗوﻓر ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟزواج اﻟﺷروط اﻵﺗﯾﺔ :أﻫﻠﯾﺔ اﻟزواج ،اﻟﺻداق ،اﻟوﻟﻲ ،ﺷﺎﻫدان ،اﻧﻌدام اﻟﻣواﻧﻊ اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﻟﻠزواج" .
2
-ﻋن اﻟوﺟﻪ اﻟوﺣﯾد اﻟﻣﺄﺧوذ ﻣن ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟداﺧﻠﻲ و اﻟذي ﺟﺎء ﻓﯾﻪ ":أﻧﻪ ﻣن اﻟﻣﻘرر ً
ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم
ﺑﻌد ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن طرف اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻛﻣﺎ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻣﺎدة )( 49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و ﻣن اﻟﺛﺎﺑت ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻟﺣﺎل أن اﻟزوج
اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ رﻓﻊ دﻋوى طﻼق ﻟم ﯾﺣﺿر إطﻼﻗﺎً ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﺣﺿرت اﻟزوﺟﺔ اﻟطﺎﻋﻧﺔ وﺣدﻫﺎ رﻏم ﺗﺄﺟﯾل اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻋدة ﺟﻠﺳﺎت،
ﺣﯾث أن اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺛﺑت اﻟطﻼق إﻻ ﺑﺣﻛم ﺑﻌد ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﯾﺟرﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ دون أن
ﺗﺗﺟﺎوز ﻣدﺗﻪ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر اﺑﺗداء ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،وﺣﯾث اﻧﻪ ﯾﺗﺑﯾن ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم ﻣﺣل اﻟطﻌن أن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ طﺎﻟب
اﻟطﻼق ﺗﻐﯾب ﻋن ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺣﺿرت اﻟطﺎﻋﻧﺔ و ﺗﻣﺳﻛت ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﺑﯾت اﻟزوﺟﯾﺔ وﺣﯾث أن ﺣﺿور طﺎﻟب اﻟطﻼق أو
اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ ،أو ﺟﻠﺳﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ وﺟوﺑﻲ ﻛﻣﺎ ﺟرى اﺟﺗﻬﺎد ﻫذﻩ اﻟﻐرﻓﺔ ،و إﻻ أﺻﺑﺣت ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣﺟرد إﺟراء ﺷﻛﻠﻲ
.وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺎن ﻫذا اﻟوﺟﻪ ﻣؤﺳس وﯾﻧﺟز ﻋﻧﻪ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ.وﺣﯾث أن اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ اﻟذي رﻓﻊ دﻋوى اﻟطﻼق ﻟم ﯾﺣﺿر
ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟم ﯾﺑق ﻣن اﻟﻧزاع ﻣﺎ ﯾﺗطﻠب اﻟﺣﻛم ﻓﯾﻪ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن أن ﯾﻛون ﻧﻘض اﻟﺣﻛم ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ،".أﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،683727اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ،2012/04/12ﻏﯾر ﻣﻧﺷور.
297
طﻼﻗﺎ ﺑﺎﺋﻧﺎ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ
ً وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق وﯾرى اﻷﺳﺗﺎذ ﻟﺣﺳﯾن ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ :أن اﻟﺧﻠﻊ ﯾﻌﺗﺑر
ﺳﺎﺑﻘﺎ ،ﻟﺳﺑﺑﯾن أوﻟﻬﻣﺎ أن ﻧطق ﺑﻔك
ً ﻓﻬو ذو طﺎﺑﻊ ﻧﻬﺎﺋﻲ و ﻻ ﯾﻣﻛن إرﺟﺎع اﻟﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻋﻠﯾﻪ
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﯾﺟﻌل اﻟزوﺟﺔ أﺟﻧﺑﯾﺔ ﻋن اﻟزوج وﻻ ﯾﺣل ﻟﻪ ﻣراﺟﻌﺗﻬﺎ ﻷﻧﻧﺎ ﺑﺻدد طﻼﻗﺎ ﺑﺎﺋن و إن أراد
ﻣراﺟﻌﺗﻬﺎ ﻓﺎن ذﻟك ﻻ ﯾﺗم إﻻ ﺑرﺿﺎﻫﺎ ،و ﺑﻌﻘد زواج ﺟدﯾد و ﻻ ﯾﻣﻛن ﻷي ﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﺗﻧﻘض ﻫذا اﻟﺣﻛم.1.
وذﻫب إﻟﻰ ﺣد اﻟﻘول ﺣﺗﻰ و ﻟو ﺟدﻻً ﻧﻌﺗﺑر أن اﻟﺧﻠﻊ طﻼق رﺟﻌﯾﺎ و ﺧروج ﻋن إﺟﻣﺎع اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﺎن
اﻟطﻼق ﯾﺻﺑﺢ ﺑﺎﺋﻧﺎ ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء اﻟﻌدة و ﻫﻲ ﻣدة ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ،اﺑﺗداء ﻣن ﯾوم ﻧطق اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ وﻫو اﻟﺣﻛم
اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ،وأﻧﻪ اﻧﻘﺿت ﻣﺎ ﺑﯾن ﺻدورﻩ و ﺻدور ﻗرار ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ أﻛﺛر ﻣن ﺳﻧﺗﯾن ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻧﺣن
أﻣﺎم طﻼق ﺑﺎﺋن ،وﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠزوﺟﺔ أن ﺗرﺟﻊ إﻟﻰ زوﺟﻬﺎ إﻻ ﺑﻣواﻓﻘﺗﻬﺎ و ﺑﻌﻘد اﻟزواج اﻟﺟدﯾد ﺗﺗوﻓر ﻓﯾﻪ
ﺟﻣﯾﻊ أرﻛﺎن و ﺷروط اﻟزواج ﺣﺳب اﻟﻣﺎدة ) (09و) 09ﻣﻛرر( ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة .
وﺧﻠص إﻟﻰ اﻟﻘول أﻧﻪ ﻓﻲ ظل اﻟوﺿﻌﯾﺔ اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ ﻟﻺﺟراءات وﻛذا ﺑﻌد ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﻣﻧﻊ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ ﻣﺎدة اﻟطﻼق و اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ ،ﺑل ﻣﻧﻊ ﻓﻘط
ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻠﻣﺎدة ) (57ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻣﻊ اﺳﺗﺛﻧﺎء اﻟﺟواﻧب اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم واﻟﺣﺿﺎﻧﺔ ﻟﻛن
اﻟطﻌن ﺑﺎﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ً
اﻟﻘواﻋد اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟطﻼق و اﻟﺧﻠﻊ و اﻟﺗطﻠﯾق ﻻ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﻧﻘﺿﻬﻣﺎ ﻣن طرف اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ،ﻷن
اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻋن ﻣﺣﻛﻣﺔ أول درﺟﺔ و اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟطﻼق أو ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ ﯾﺟﻌل ﻣﻧﻪ ﺑﺎﺋﻧﺎ و ﻻ
رﺟﻌﺔ ﻓﯾﻪ ،ﻓﻬو ﻛﺎﻟرﺻﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﺧرﺟت ﻣن اﻟﺳﻼح اﻟﻧﺎري ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﻣﻛن إرﺟﺎﻋﻬﺎ ،ﻓﻼ ﯾﻌﻘل أن ﺗﻌﺎد
اﻟزوﺟﺔ إﻟﻰ اﻟوﺿﻌﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻗﺑل اﻟﻧطق ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ ﻣن طرف ﻗﺎﺿﻲ أول درﺟﺔ ٕواﻻ وﻗﻊ
اﻟزوﺟﺎن ﻓﻲ اﻹﺛم ٕواذا ﻛﺎن اﻟﻣﺷرع أﻫﻣل ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ أن ﺗﺗﺻدى ﻟﻬﺎ ،ﻟﻛون ﻫذﻩ
اﻷﺧﯾرة ﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗﺎﻧون و ﻟﯾﺳت ﻣﺣﻛﻣﺔ وﻗﺎﺋﻊ ،ﻓﺎﻧﻪ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﺑﯾن ﻟدﯾﻪ أن ﻗﺎﺿﻲ أول درﺟﺔ ﺧﺎﻟف اﻟﻘﺎﻧون
ﻋﻧد ﻧطﻘﻪ ﺑﺎﻟطﻼق ﺑواﺳطﺔ اﻟﺧﻠﻊ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺻرح ﺑوﺟود ﺗﻠك اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ .
ﻟﻛن ﻻ ﺗﻧﻘض ذﻟك اﻟﺣﻛم ﺑل ﺗﺻرح ﻓﻘط أن ﻻ وﺟﻪ ﻟﻠﻔﺻل ﻟﻛون اﻟطﻼق أو اﻟﺧﻠﻊ ﯾﻌﺗﺑر ﺑﺎﺋن
وﻣﻧﺗﺞ ﻷﺛﺎرﻩ ،2و ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع أن ﯾﺗدﺧل ﺑﺻﻔﺔ ﻣﺳﺗﻌﺟﻠﺔ ﻟوﺿﻊ ﺣد ﻟﻬذا اﻟﺿرر اﻟﺟﺳﯾم ﺑﺄن ﯾﻌدل اﻟﻣﺎدة
) (57ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة .
ﻓﺎﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﻗد ﻧﻘﺿﺗﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﺣﻛم اﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
أﻟﻐﻲ وزال أﺛرﻩ وﻟم ﯾﺻﺑﺢ ﻓﻲ ﻋﺎﻟم اﻟوﺟود و ﺗﻌﺎد اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﻘوة اﻟﻘﺎﻧون ،وﻣﻌﻧﺎﻩ أن اﻟﻌرﯾﺿﺔ اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻣن
-1ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ طﻼق اﻟﺧﻠﻊ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 142و .143
2
-ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص 144و . 145
298
اﻟﻣدﻋﻲ ﻻ ﺗزال ﺳﺎرﯾﺔ و ﻟم ﯾﺗم اﻟﻔﺻل ﻓﯾﻬﺎ وﻋﺑﺎرة "ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ" ،ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ ﺗرك اﻷطراف إﻣﺎ ﯾﻘوﻣون ﺑﺈﻋﺎدة
اﻟﺳﯾر ﻓﻲ اﻟدﻋوى ،أو ﯾﻘدﻣون ﻋرﯾﺿﺔ ﻣن ﺟدﯾد ،و ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻣﺎ ﺗﻧﻘض ﺣﻛم اﺑﺗداﺋﻲ
ﻧﻬﺎﺋﻲ ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻬﺎ أن ﺗﺣﯾل ﻓﯾﻛون ﻧﻘض ﻣﻊ اﻹﺣﺎﻟﺔ.
و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺟب اﻋﺗﻣﺎد أﺳﻠوب اﻹﺣﺎﻟﺔ ﻋﻧد اﻟﻧﻘض ،و إﻻ ﺗﺑﻘﻰ اﻟﻌرﯾﺿﺔ اﻟﻣرﻓوﻋﺔ ﻣن طرف
اﻟﻣدﻋﻲ ﻗﺎﺋﻣﺔ دون اﻟﻔﺻل ﻓﯾﻬﺎ ،وﻟذﻟك ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻧد اﻟﻧﻘض و إن ﻛﺎن ﻻ ﯾﺟوز اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻣﻊ اﻹﺣﺎﻟﺔ
ﻓﻲ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﺎﻷﺟدر ﺗﻔﺎدي اﻟﻧﻘض ﺑدون اﻹﺣﺎﻟﺔ ،1ﻏﯾر أن ﻫﻧﺎك ﻣن ﯾﻔﺳر ﻣوﻗف
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧﻘض ﺣﻛم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ و ﻻ ﺗﺣﯾل ﻓﯾﺑﻘﻰ ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻗﺎﺋم ﻣﺗﻰ ﺗم إﻟﻐﺎء و
ﻧﻘض ﻗرار اﻟﻣﺟﻠس ،ﻟﻛن إذا ﻧﻘﺿت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺣﻛم اﺑﺗداﺋﻲ ﻧﻬﺎﺋﻲ ﻣﺛﻠﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ
ﻓﻲ أي دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺣﺟﺔ أﻧﻪ إﺟراء ﺟوﻫري ،ﺗﻧﻘض ﻓﺈن اﻟﻘﺿﺎء ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ ،ﯾﻌﻧﻲ أن
ﺟﺑرا ﺑﻌد اﻟﻧﻘض ﻻن ﻗﺿﺎﯾﺎ
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻻ ﺗرﯾد ﺗﻘﯾﯾد اﻷطراف ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص إﻋﺎدة اﻟﺳﯾر ﻓﻲ اﻟدﻋوى ً
اﻷﺳرة ﺗﺧﺗﻠف ﻣن ﻗﺿﯾﺔ إﻟﻰ أﺧرى.
ﺗﺑﻘﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ وﻗوع اﻟﺗﺻﺎﻟﺢ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺣﺗﻰ و ﻟو ﺗم ﻧﻘض اﻟﺣﻛم ،أو إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ وﻓﺎة أﺣد اﻟطرﻓﯾن ،و ﺑذﻟك
ﻧﻛون أﻣﺎم اﺣﺗﻣﺎﻟﯾن إﻣﺎ إﻋﺎدة اﻟﺳﯾر أو ﻋدم إﻋﺎدة اﻟﺳﯾر ﻣن طرف اﻷطرافٕ ،واذا اﺧﺗﺎر اﻷطراف إﻋﺎدة
اﻟﺳﯾر ﺑﻌد اﻟﻧﻘض ﯾرﻓﻌون دﻋوى ﺟدﯾدة ،و ﯾﺳﺗﺄﻧف اﻟﺳﯾر ﻓﯾﻬﺎ ﻛون اﻟﻧﻘض ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ ﯾﺟﻌل اﻷطراف
أﺣ ارر ﻓﻲ اﻟﺗﺻرف ﻓﻲ اﻟدﻋوى.،
و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﺗﻛون اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻗد ﻗﯾدت اﻷطراف ﻓﻲ إﻋﺎدة اﻟﺳﯾر ﻹﺻدار ﺣﻛم ﺟدﯾد -ﻣﻊ
إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺑﻘﺎء اﻟﻧزاع ﻗﺎﺋم ،ﺣﯾث اﻟطرف اﻟذي ﯾﻬﻣﻪ اﻷﻣر ﯾﻌﯾد رﻓﻊ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن ﺟدﯾد ،ﻛون اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻷوﻟﻰ
اﻧﺗﻬت ،2أﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻧﻘﺿت و أﺣﺎﻟت اﻷطراف ﻓﻬم ﻣﺟﺑرﯾن ﺑﺎﻟﻌودة و اﻟﺳﯾر ﻓﻲ
اﻟدﻋوى ﻣن ﺟدﯾد ،و ﯾﻛون اﻟرﺟوع ﺑﻌد اﻟﻧﻘض ﺑدﻋوى أﺧرى ﺣﺳب ﻣن ﯾرﻓﻊ اﻟدﻋوى اﻟزوج أو اﻟزوﺟﺔ
وﻣﺎ ﯾؤﻛد ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻘرار اﻟﺻﺎدر ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،2014/07/10اﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﻧﻘض اﻟﺣﻛم
ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ ﻟﺗرك اﻟﺣرﯾﺔ ﻟﻠطرﻓﯾن ﻟﻠﺗراﺟﻊ أو رﻓﻊ دﻋوى ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ.3
-1زودة ﻋﻣر ،ﻣﺣﺎﺿرات أﻟﻘﯾت ﻋﻠﻰ اﻟطﻠﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎة اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻠﻘﺿﺎء ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق.
-2اﻟﺻدﯾق ﺗواﺗﻲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق.
3
-ﺟﺎء ﻓﻲ أﺣد ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﺣﯾث أﻧﻪ ﯾﺗﺑﯾن ﻓﻌﻼً ﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ اﻟﺣﻛم ﻣﺣل اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ،أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
أﺳﺳت ﺣﻛﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ أن اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﻋﺑرت ﻋن ﻣواﻓﻘﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟطﻠب اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ ﺑﺗوﻗﯾﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋرﯾﺿﺔ اﻟدﻋوى واﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺳﻌت
ﻹﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ،ورد اﻟزوﺟﯾن ﻋن طﻠب اﻟطﻼق ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻟم ﺗﺣﺿر اﻟطﺎﻋﻧﺔ وﻟذﻟك ﻗﺿت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ
299
ﯾظﻬر ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣوﻗﻔﻬﺎ اﻟﻣزدوج ﺑﺧﺻوص ﺗﻛﯾﯾف إﺟراء
اﻟﺻﻠﺢ ،ﺣﯾث ﺗﺎرة ﺗﻌﺗﺑرﻩ إﺟراء ﺟوﻫري ،وﺗﺎرة أﺧرى ﺗﻌﺗﺑرﻩ ﻋﻛس ذاﻟك ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾطرح إﺷﻛﺎل آﺧر ﻓﻲ
اﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻠﻣﻲ و ﻫو وﺟود إﺟﺗﻬﺎدﯾن ،ﻓﻬل ﯾﺗم اﻟﻌﻣل ﺑﺎﻻﺟﺗﻬﺎد اﻷول أم اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﻣﺗﻘﺎﺿﻲ أو
ﺣﺗﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺣﯾرة ﻣن أﻣرﻩ ،ﺣﯾث ﺗﺧﺗﻠط ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺳﺑل ﻓﻬل ﯾﺳﻠك ﺳﺑﯾل اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري
ﺛم اﻟطﻌن ﻓﻲ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻋﻧد ﻋدم إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ،أم ﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ ﻋدم ﺟواز اﻟطﻌن ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟﻧﻘض
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ إﺟراء ﻏﯾر ﺟوﻫري ،وﯾﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ اﻟرﻓض ﻛﻣﺎ ﺳﺑق ﺑﯾﺎﻧﻪ.
ﻏﯾر أن اﻟﺗﺳﺎؤل ﯾﺑﻘﻰ ﻣطروح ﺣول ﻧص اﻟﻣﺎدة)(2/358ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون إذا اﻋﺗﻣدﻫﺎ اﻟطﺎﻋن ﺑﺄن
اﻋﺗﺑر اﻟﺻﻠﺢ ﻣن اﻷﺷﻛﺎل اﻟﺟوﻫرﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ :
"ﻻ ﯾﺑﻧﻰ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض إﻻ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ واﺣد أو أﻛﺛر ﻣن اﻷوﺟﻪ اﻵﺗﯾﺔ :إﻏﻔﺎل اﻷﺷﻛﺎل اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ﻓﻲ
اﻹﺟراءات ، "..أو اﻋﺗﻣد ﻧص اﻟﻣﺎدة) (1 / 358ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ
ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :ﻻ ﯾﺑﻧﻰ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض إﻻ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ واﺣد أو أﻛﺛر ﻣن اﻷوﺟﻪ اﻵﺗﯾﺔ :ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻗﺎﻋدة ﺟوﻫرﯾﺔ ﻓﻲ
اﻹﺟراءات "..
ﻟﻛن اﻟﻣوﻗف اﻟﻣﺗﻧﺎﻗض اﻟذي وﻗﻌت ﻓﯾﻪ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﯾﺟد ﺟواﺑﻪ ﺿﻣن ﺗﺣﻠﯾل اﻟﻧﺻوص
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،وﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻠﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻟم ﯾﺳﺗﺛن اﻷﺷﻛﺎل اﻟﺟوﻫرﯾﺔ أو اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ
ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،1ﻷن ﻫذا اﻷﺧﯾر اﺳﺗﺛﻧﻰ اﻷﺷﻛﺎل اﻟﺟوﻫرﯾﺔ أو اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﻓﺄوﺟد طرﯾﻘﺎ ﻟﻠﺧروج
ﻣن ﺟﻣود اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺿﻲ أﻧﺔ ﻻ ﺑطﻼن إﻻ ﺑﻧص.
اﻹرادة اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻟﻠزوﺟﯾن ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ وﺣﯾث إن ﻫذا اﻟﺗﺳﺑﯾب ﯾﺧﺎﻟف ﻧص اﻟﻣﺎدة 431ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
واﻹدارﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺿﻲ ﺑﺄن ﯾﺗﺄﻛد اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻣﺣدد ﻟﻠﺣﺿور ،ﻣن ﻗﺑول اﻟﻌرﯾﺿﺔ – اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة - 428
وﯾﺳﺗﻣﻊ إﻟﻰ اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ إﻧﻔراد ﺛم ﻣﺟﺗﻣﻌﯾن ،وﯾﺗﺄﻛد ﻣن رﺿﺎﺋﻬﻣﺎ و ﯾﺣﺎول اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ إذا ﻛﺎن ذﻟك ﻣﻣﻛﻧﺎ ،أﯾن ﯾﺛﺑت اﻟﻘﺎﺿﻲ
إرادة اﻟزوﺟﯾن ،....وﺣﯾث إﻧﻪ ﺑذﻟك ﯾﺗﺑن أن اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺗﺣﻛﻣﻪ ﻧﺻوص ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣواد 427إﻟﻰ 435
ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،و ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻘﯾد ﺑﻬﺎ ،وﻫو اﻟﺷﻲء اﻟذي ﻟم ﺗراﻋﻪ ،وﺧﺎﺻﺔ ﻋﻧد إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ
اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻲ ﺣﺿرﻫﺎ اﻟﻣطﻌون ﺿدﻩ و ﻏﺎﺑت ﻋﻧﻪ اﻟطﺎﻋﻧﺔ ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﻫذا اﻟوﺟﻪ ﻣؤﺳس و ﯾﻧﺟر ﻋﻧﻪ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم ﻣﺣل اﻟطﻌن
ﺑﺎﻟﻧﻘض ،وﺣﯾث إﻧﻪ ﻣﺎدام أن اﻟطﺎﻋﻧﺔ ﺗﻧﺎزع ﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ وﻟم ﺗﺣﺿر ﺟﻠﺳﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻠم ﯾﺑق ﻣن
اﻟﻧزاع ﻣﺎ ﯾﺗطﻠب اﻟﻔﺻل ،ﻣﻣﺎ ﯾﺗﻌﯾن ﻣﻌﻪ أن ﯾﻛون ﻧﻘض اﻟﺣﻛم ﺑدون إﺣﺎﻟﺔ ،ﻟﺗرك اﻟﺣرﯾﺔ ﻟﻠطرﻓﯾن ﻟﻠﺗراﺟﻊ أو رﻓﻊ دﻋوى ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ".
أﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،0964560اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ،2014/07/10ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
-1ﻓﺎﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﯾﻧص ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة )(114ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ " :أن اﻟﻌﻣل اﻹﺟراﺋﻲ ﻻ
ﯾﻣﻛن اﻟﺗﺻرﯾﺢ ﺑﺑطﻼﻧﻪ ﻟﻌﯾب ﺷﻛﻠﻲ ،إﻻ إذا ﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺻراﺣﺔ ،ﺑﺎﺳﺗﺛﻧﺎء اﻹﺷﻛﺎل اﻟﺟوﻫرﯾﺔ أو ﺗﻠك اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻧظﺎم
اﻟﻌﺎم ".
300
ﻓﻲ ﺣﯾن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺎدة ) (60ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻧﺟدﻩ ﻗد
ﻣﻌﺎ وﻟم ﯾﺳﺗﺛﻧﻲ اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ أو اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧظﺎم
ﻧص ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋدة ﻻ ﺑطﻼن ﺑدون ﻧص و ﺿرر ً
اﻟﻌﺎم أو اﻷﺷﻛﺎل اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ﻣن ﺣﻛم اﻟﻘﺎﻋدة ،ﻓﻬو ﻣن ﺟﻬﺔ ﻻ ﯾﻌﺗرف ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ
ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ﺻراﺣﺔ ﻣﻊ إﺛﺑﺎت اﻟﺿرر ،و ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ذﻟك ﻧﺟدﻩ ﻗد اﻋﺗﺑر ﻛل ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﺷﻛل ﻣن اﻷﺷﻛﺎل
ﺳﺑﺑﺎ ﻣن أﺳﺑﺎب اﻟﺑطﻼن اﻟذي ﯾﺑﻧﻰ ﻋﻠﯾﻪ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ،1وﺗﺑﻌﺎً ﻟذﻟك ﯾﺑﻘﻰ اﻟﺳؤال ﻣطروح
اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ً
ﺣول ﻣﺎ إذا ﺗﻣﺳك أﺣد اﻟﺧﺻوم ﺑﺧرق إﺟراء ﺟوﻫري أو ﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻓﻣﺎ ﻫو اﻟﺣل ؟
ﯾﻣﻛن أن ﻧﻔرض ﺟدﻻً أن ﻗﺎﺿﻲ أول درﺟﺔ ﻟم ﯾﺟري اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﺗﻣﺳك أﺣد اﻷطراف ﻋﻧد اﻟطﻌن
ﺑﺎﻟﻧﻘض ﺗﺄﺳﯾﺳﺎً ﻟطﻌﻧﻪ اﻟراﻣﻲ إﻟﻰ ﻧﻘض اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري ،و ﻟم ﯾﺗم
ﻣراﻋﺎة ﻫذا اﻹﺟراء ﺑدﻋوى ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻗﺎﻋدة ﺟوﻫرﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﺟراءات أو إﻏﻔﺎل ﻗﺎﻋدة ﺟوﻫرﯾﺔ ،واﻟﺧﺻم اﻷﺧر
ﯾﺗﻣﺳك ﺑﺄن ﻻ ﺑطﻼن إﻻ ﺑﻧص ،وأﻧﻪ ﻟم ﯾرﺗب اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ إﻏﻔﺎﻟﻪ أي أﺛر ﻗﺎﻧوﻧﻲ و اﻷول ﯾﺗﻣﺳك
ﺑﺎﻹﺟراء اﻟﺟوﻫري .
ﻣﻣﺎ ﻻ ﺷك أن اﻟﺣل ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻣوﺟب اﻟﻣواد ) (60ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
واﻹدارﯾﺔ واﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻣﺎدة ) (358ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون واﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻻ
ﯾﺑﻧﻰ إﻻ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻗﺎﻋدة إﺟراﺋﯾﺔ ﺟوﻫرﯾﺔ ،2ﺣﯾث ﯾﺗﻣﺛل اﻹﺟراء اﻟﺟوﻫري ﻓﻲ ذﻟك اﻹﺟراء
اﻟذي ﯾرﺗب ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘﺎﻧون ًأﺛرا ﻋﻠﻰ ﻋدم اﺣﺗراﻣﻪ ،وﻫو اﻟﺑطﻼن ﺑﻧص ﺻرﯾﺢ ﻣﻊ إﺛﺑﺎت اﻟﺿرر ،وﻛذا
ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة 2ﻣن ﻧﻔس اﻟﻣﺎدة اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ،واﻟﺗﻲ ﺗﻘﺿﻲ ﺑﺄن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻻ ﯾﺑﻧﻰ إﻻ ﻋﻠﻰ
أﺳﺎس إﻏﻔﺎل ﺷﻛل اﻹﺟراء اﻟﺟوﻫري ،3وﯾﻘﺻد ﺑﺈﻏﻔﺎل اﻟﺷﻛل اﻟﺟوﻫري ﺳﻬو اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺣﺗرام
4
ﻗﺎﻋدة ﺟوﻫرﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﺟراءات .
-1زودة ﻋﻣر ،اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ ﺿوء أراء اﻟﻔﻘﻬﺎء و أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎء ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص 487و.488
2
-ﯾﻧﺗﺞ ﻋن ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻘﺎﻋدة اﻹﺟراﺋﯾﺔ اﻟﺟوﻫرﯾﺔ اﻟﺑطﻼن اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ،وﻧﺟد ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﺳﺗﺣدث
ﻧوﻋﯾن ﻣن اﻟﺑطﻼن ،ﺑطﻼن ﻟﻠﻌﯾوب اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (60و ﺑطﻼن ﻟﻠﻌﯾوب اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ اﻟﻣﻧﺻوص
ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة )، (64أﻧظر :زودة ﻋﻣر،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .480
3
-ﯾﻘﺻد ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟﺟوﻫري اﻷﺳﺎس اﻟذي ﻻ ﯾﻘوم ﺑﻪ اﻟﻌﻣل اﻹﺟراﺋﻲ ﺑدوﻧﻪ ،وﻫو ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ) (358ﻓﻲ ﻓﻘرﺗﻬﺎ
اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،وﻫذا اﻷﺧﯾر ﻛﺎن ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻘدﯾم اﻟذي ﻟم ﯾﻛن ﯾﺄﺧذ ﺑﻧظرﯾﺔ اﻟﺑطﻼن ،ﻓﻛﺎن ﻟﻣﺎ ﯾﺳﺗﻧد
اﻟطﺎﻋن إﻟﯾﻪ ،ﯾﺳﺗﺟﯾب ﻟﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ،أﻣﺎ أﻻن اﻟوﺿﻊ ﯾﺧﺗﻠف ﻓﻬذا اﻟﺑطﻼن اﻟﻣﺗﻣﺳك ﺑﻪ ﻏﯾر ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ .وﯾﺗطﻠب اﻷﻣر اﻟﻧص اﻟﺻرﯾﺢ ﻣﻊ إﺛﺑﺎت اﻟﺿرر .
-4ذﯾب ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 250
301
ﻓﻲ ﺣﯾن ﻫﻧﺎك ﻣن ﯾرى أﻧﻪ إذا وﻗﻊ وأن ﺗﻣﺳك أﺣد اﻟطﺎﻋﻧﯾن ﺑﻬذا اﻹﺟراء ﻛوﺟﻪ ﻣن أوﺟﻪ اﻟطﻌن
وﻟم ﯾﻛن ﻣﺣل ﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﺻرﯾﺢ ﺑﺎﻟﺑطﻼن )ﯾؤدي إﻟﻰ ﺟزاء اﻟﺑطﻼن( ،ﻓﻬﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣن ﯾﺗﻣﺳك ﺑﻪ أن ﯾﻘدم
أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺟﻬﺔ اﻟطﻌن ﻣﺎ ﯾﺛﺑت اﻟﺿرر اﻟذي ﯾﻠﺣﻘﻪ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻬذا اﻹﺟراء ،وﺳﺑق ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
أن اﺳﺗﺟﺎﺑت ﻟذﻟك و ﻗررت اﻟﻧﻘض ﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻷﺷﻛﺎل اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﺟراءات. 1
ﻟﻛن ﻧﺟد أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻣوﺟب ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (60ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻣﻘﯾد
ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ اﻟﺑطﻼن ﻣﻊ وﺟوب إﺛﺑﺎت اﻟﺿرر ﻓﺈﻧﻪ
ً ﺑﻘﺎﻋدﺗﯾن ،ﻣﺗﻰ ﻛﺎن ﻫذا اﻹﺟراء ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ
ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إﻏﻔﺎﻟﻪ أو ﻋدم ﻣراﻋﺎﺗﻪ ﯾؤدي إﻟﻰ اﻟﺑطﻼن ﻓﻼ ﻣﺟﺎل ﻟﻼﺟﺗﻬﺎد ﻟﺻراﺣﺔ اﻟﻧص .2.
ﻻ ﯾﻛﻔﻲ ﺑﺄن ﯾﺳﺗﻌﻣل اﻟﻣﺷرع ﻋﺑﺎرة ﻧﺎﻫﯾﺔ أو ﻧﺎﻓﯾﺔ ﻛﻌﺑﺎرة " ﻻ ﯾﺟوز" ﻟﻌدم ﻗﺑول اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﺑطﻼن
اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﻋدم اﻟﻧص ﻋﻠﯾﻪ ﺻراﺣﺔ ،3رﻏم إﺛﺑﺎت اﻟطﺎﻋن ﻟﻠﺿرر اﻟﻼﺣق ﺑﻪ ،وﻫو ﻣﺎ ﯾؤﻛدﻩ ﻗﺿﺎء
ً
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،4ﻟﻛن ﻣﻊ اﻷﺳف ﻧﺟد اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻧﺻوص ﺗﻧص ﻓﻘط ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة اﻟوﺟوب ﺑذﻛر ﺻﯾﺎﻏﺔ
" ﯾﺟب " ،أي ﺗﺿﻣﻧت ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟوﺟوب ﺑﺄن ﻛﺎﻧت ﻗﺎﻋدة آﻣرة ،ﻻﺳﯾﻣﺎ اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،5أﯾن ﯾﻌﺗﻣد ﻫذا اﻷﺳﻠوب اﻷﻣر اﻟذي ﯾﻘف ﺣﺎﺋﻼً أﻣﺎم ﺗطﺑﯾق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (60اﻟﺧﺎﺻﺔ
ﺑﺎﻟﺑطﻼن اﻹﺟراﺋﻲ ،ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗراﻋﻰ أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻓﻼ ﯾﻣﻛن ﺗﻘرﯾر اﻟﺑطﻼن ﻷن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺳواء
ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع أو ﻗﺿﺎة اﻟﻘﺎﻧون ﻣﻘﯾدون ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة ) (60اﻟﻣذﻛورة أﻋﻼﻩ. 6
ﻻ ﯾﻔوﺗﻧﻲ اﻟﺗوﺿﯾﺢ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ أن ﺑﻌض اﻟطﻌون اﻟﺗﻲ ﺗرﻓﻊ أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ واﻟراﻣﯾﺔ إﻟﻰ
ﻧﻘض اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻷوﺟﻪ اﻟﺗﻲ ﺳﺑق ذﻛرﻫﺎ ،ﻓﻠو اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
ﺗرﻓض ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟطﻌون ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻧﻌدام ﺷروط اﻟﺑطﻼن اﻹﺟراﺋﻲ اﻟﻣﻘرر ﻟﻸﻋﻣﺎل اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﻟﻐﯾﺎب
1
-زواوي ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ،اﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﺛﯾرﻫﺎ اﻟطﻌون ﺑﺎﻟﻧﻘض اﻟﻣرﻓوﻋﺔ أﻣﺎم اﻟﻐرﻓﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،ﻣﺣﺎﺿرات أﻟﻘﯾت ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﻌﻠﯾﺎ ،2015 ،ص . 8
2
-اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .9
-3زودة ﻋﻣر ،طﺑﯾﯾﻌﺔ اﻷﺣﻛﺎم ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ واﺛر اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .483
-4ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗرار ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ رﻗم ،728906ﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،2011/10/06ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﺣﯾث ﯾﺗﺑﯾن ﻣن اﻟﻘرار
اﻟﻣطﻌون ﻓﯾﻪ ﻣﺎ ﯾﻔﯾد ان اﻹﺟراءات ﻗد روﻋﯾت واﺣﺗرﻣت ....ﻻ ﯾﺗرﺗب أي ﺟزاء إﺑطﺎل ﻓﺿﻼ ﻋن ذﻟك أن اﻟطﺎﻋن ﻟم ﯾﻘدم ﻣﺎ
ﯾﺛﺑت اﻟﺿرر اﻟذي ﻟﺣﻘﻪ ﻣن ﺟراء إﻏﻔﺎل ﻫذا اﻹﺟراء" ،أﻧظر :زواوي ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص . 7
5
-ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ ":ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ وﺟوﺑﯾﻪ ،"..أي ﺑﻣﻌﻧﻰ
اﻟوﺟوب.
-6زودة ﻋﻣر ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.481
302
ﻗﺎﻋدﺗﻲ ﻻ ﺑطﻼن إﻻ ﺑﻧص ،و ﻻ ﺑطﻼن إﻻ ﺑﺿرر وﻋدم اﻧطﺑﺎﻗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﻘﻠﯾص
اﻟطﻌون اﻟﻣرﻓوﻋﺔ أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ.
ﻟﻛن إﻟﻰ ﺣد اﻟﺳﺎﻋﺔ ﻻ ﺗزال ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺗﻘرر ﻧﻘض و ﺑطﻼن اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟم
ﺗراﻋﻲ اﻟﺻﻠﺢ ،وﺗﺄﺗﻲ ﺑﺎﻟﻌﺑﺎرة اﻟﻘدﯾﻣﺔ و اﻟﺗﻲ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن اﻟﺻﻠﺢ ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﺟوﻫرﯾﺔ وأﻧﻪ ﻟم ﯾﺗم ﻣراﻋﺎة
ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻓﻲ ﺣﯾن اﻟﻣﻔروض واﻷﺟدر أن ﺗﻛون اﻟﻘ اررات اﻟﺻﺎدرة ﻋﻧﻬﺎ ﺑﻧﺎء
ﻣوﺣدا ،ﺑﺄن ﺗﻘرر أن ﺣﻛم
ﻣوﻗﻔﺎ ً
ً ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫو ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺎﻧوﻧﺎ ،ﻓﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ أن ﺗﺗﺧذ
ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ أﺣﻛﺎم ﻧﻬﺎﺋﯾﺔ ﻻ ﺗﻘﺑل اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻣﺎﻋدا اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻣﺎدي ،ﻟﺗﻛﻣل اﻟﺷق اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻣن اﻟﻣﺎدة ) (452ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟذي ﺗﻧﺎﺳﺎﻩ اﻟﻣﺷرع .
إﻻ اﻟﺳؤال اﻟذي ﯾطرح ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ،ﻣﺎ ﻫو اﻟﻌﺎﺟز اﻟذي ﯾﺟﻌل ﻣن ﻗﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع وﻛذا ﻗﺿﺎة اﻟﻘﺎﻧون
ﻣن أن ﯾﻠﺗزﻣوا ﺑﻬذﻩ اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺑﺣﯾث ،ﻻ ﯾﺗرك اﻟﻣﺟﺎل ﻷي طرف ﻓﻲ إﺛﺎرة ذﻟك ﻛوﺟﻪ ﻣن أوﺟﻪ
ﻷن اﻟطﻌن ﻟدى اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﺑل ﯾﺗرك ﻟﻬﺎ ﻣﺟﺎل ﻣﺎ ﻫو ﺟدي ﻓﻲ ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﺳﻠﯾم ﻟﻠﻘﺎﻧون
اﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗطرح ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻹﺟراءات ،وﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣوﺿوع .
ﻓﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻺﺟراءات ﻫﻧﺎك ﻣواد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ وردت ﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ و اﻟﺗﻲ ﯾﺟب
ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎة اﺣﺗراﻣﻬﺎ واﻻﻟﺗزام ﺑﻬﺎ ،ﺣﺗﻰ و ﻟو ﻟم ﺗﺿﻊ ﺟزاء اﻟﺑطﻼن ،ﻛﺿرورة إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﺑﯾن
اﻟزوﺟﯾن ﻷن ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻹﺟراءات ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗراﻋﻰ ﺳﺗﺳﺗﻐل ﻣن اﻷطراف ﺧﻼل اﻟطﻌن ،ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن
ﺗﺄﺳﯾس اﻟوﺟﻪ اﻟﻣﺄﺧوذ ﻣن ﺧرق اﻷﺷﻛﺎل اﻟﺟوﻫرﯾﺔ ،أو ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻗﺎﻋدة ﺟوﻫرﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﺟراءات ،ﻣن ﻗﺑل
اﻟطﺎﻋﻧﯾن ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺧرق ﻗﺎﻋدة ﺟوﻫرﯾﺔ أو ﺧرق اﻷﺷﻛﺎل اﻟﺟوﻫرﯾﺔ،طﺑﻘً ﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة 358ﻓﻘرة 1و2
ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻓﻲ ﺣﯾن أن ﻫذا اﻟوﺟﻪ ﻻ ﯾﻛون ﻣؤﺳس إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﻟﺑطﻼن
اﻟﺛﻼث اﻟﺗﻲ ﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﺣﺻر.1
ﺣﺎﻟﯾﺎ ﻓﻲ أﻏﻠﺑﯾﺔ اﻟطﻌون ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ ﻣﺎدة ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ واﻟذي
و ً
ﯾرد ﻓﻲ اﻟﻌراﺋض أن أﻏﻠﺑﯾﺔ اﻷوﺟﻪ اﻟﻣﺛﺎرة ﺗﺗﻌﻠق ﺑدﻓﻊ وﻫو ﻋدم إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،إذ أﺿﺣﻰ أﻧﻪ ﻻ
ﯾوﺟد طﻌن إﻻ و ﯾﺗﻣﺳﻛون اﻟطﺎﻋﻧون ﺑﻬذا اﻟدﻓﻊ ،رﻏم أن اﺗﺟﺎﻩ اﻟﻘﺎﻧون واﺿﺢ وﻣﻔﺻول ﻓﯾﻪ ،و ﻻ ﻣﺟﺎل
ﻟﻼﺟﺗﻬﺎد ﻣﻊ وﺿوح اﻟﻧص.ﻏﯾر أﻧﻪ ﯾﺑﻘﻰ إﻟزاﻣﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ أن ﺗرد ﻋﻠﻰ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟدﻓوع .
-1أﻧظر اﻟﻣواد) (8و) (175و) (643ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ .
303
ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﯾﻬدف ﻓﻲ أﺻﻠﻪ إﻟﻰ ﻣراﻗﺑﺔ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون ﻓﻘط ،و ﻻ ﯾرﻣﻲ إﻟﻰ ﻣراﺟﻌﺔ
اﻟوﻗﺎﺋﻊ و اﻟﻣوﺿوع ،1وﻫو ﺣﺟر اﻷﺳﺎس اﻟذي ﯾﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،2وﻫو ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻪ ﺣﺳب رأي
ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻬﺎء اﻟذي ﺗوﺻﻠوا إﻟﻰ اﻟﻘول أن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻫو ﻣﺣﺎﻛﻣﺔ اﻷﺣﻛﺎم واﻟﻘ اررات ،و ﻟﯾس
اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﯾن اﻷطراف ،3وﻷﺟل ذﻟك وﺟب أن ﻻ ﯾﺣﺎﻛم أﺣﻛﺎم ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻗﺿت ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ .
ﻛﺎن ﻣن اﻷﺟدر أن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻻ ﯾﻛون إﻻ ﻓﻲ اﻟﺷق اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﻣور اﻟﻣﺎدﯾﺔ ،دون اﻟﺷق
اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،4ﻛون اﻟطﻌن اﻟﻣرﻓوع ﻻ ﻓﺎﺋدة ﻟﻪ و ﻻ ﯾﻐﯾر ﻓﻲ اﻷﻣر ﺷﯾﺋﺎ ،ﻷن طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ
ﺗﺄﺑﻰ ذﻟك ،5وﻋﻠﯾﻪ ﻻ ﻓﺎﺋدة ﺗرﺟﻰ ﻣن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ اﻟﺣﻛم ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺷق اﻟطﻼق ﺑوﺟﻪ ﻋﺎم ،6ﻷن
اﻟطﻼق إذا ﺻدر ﻣن اﻟزوج ﻻ ﯾﻣﻛن ﻷﺣد إﺑطﺎﻟﻪ ،7و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻼ ﯾﻛون ﻟﻠطﻌن أي أﺛر ﻣﻧﺗظر ﻣﻧﻪ أﻣﺎم
ﻏﯾﺎب ﺷروط اﻟﺑطﻼن أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﻏﯾﺎب أﺣدﻫﻣﺎ ،واﻟﺗﻲ اﺳﺗوﺟﺑﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ﻟﻠﻘول ﺑﺑطﻼن اﻟﻌﻣل اﻹﺟراﺋﻲ
-1ﻷن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻫو ﺧﺻوﻣﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺣرم اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻣن إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻟﻠﻔﺻل ﻓﯾﻪ ﻣن
ﺟدﯾد ،أﻧظر :زواوي ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .3
-2اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .3
-3ﻧﺟﯾﻣﻲ ﺟﻣﺎل ،اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ اﻟﻣواد اﻟﺟزاﺋﯾﺔ واﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،دار
ﻫوﻣﻪ،اﻟﺟزاﺋر ،2013 ،ص .108
-4ﻓﻔﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻣﻐرﺑﻲ اﻷﺳﺎس اﻻﺟﺗﻬﺎدي ﻓﻲ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺗدﺑﯾر إﺟراﺋﻲ ﻏرﺿﻪ ﺗﺑﺳﯾط اﻹﺟراءات
وﻋدم إطﺎﻟﺔ أﻣد اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ،وذﻟك ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟﻠﻣرأة اﻟراﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟطﻼق وﺗﺣﻘﯾﻘﺎً ﻟﻠﻣﺳﺎواة ،ﺑﯾن طرﻓﻲ ﻣﯾﺛﺎق اﻟزوﺟﯾﺔ وﺑﻬذا
اﻟﻣﻘﺗﺿﻰ ﺗم ﺣﺳم ﻣﺷﻛﻠﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ و إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺑﺣﯾث ﺗﺗﺿﺢ وﺿﻌﯾﺔ ﻛل طرف ﻧﻬﺎﺋﯾﺎً ،وﯾﺗﻣﻛن ﻛل زوج ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻣن إﻋﺎدة
زوﺟﺎ ﻟﻪ ،وﻟﻌل اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﺟﻌل أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻏﯾر ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻷي طﻌن ،ﻫو
ﺑﻧﺎء ﺣﯾﺎة ﺟدﯾدة ﻣﻊ ﻣن ﯾرﺗﺿﯾﻪ ً
وﺿﻊ ﻟﺣد ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟزوﺟﺎت اﻟﻠواﺗﻲ ﻛﺎﻧوا ﯾﻌﺎﻧون وﯾﻔﺎﺟﺄن ﺑﺎﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض اﻟﻣرﻓوع ،واﻟذي ﻛﺎن ﯾوﻗف ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم ،وﺧﺎﺻﺔ
اﻷزواج ﺳﯾﺊ اﻟﻧﯾﺔ اﻟذﯾن ﻛﺎﻧوا ﯾﺟدون ﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻣﺧﺗﻠف طرق اﻟطﻌن وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻌرﻗﻠﺔ ﺣﺻول اﻟﻣرأة ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق ﺗﺎرﻛﯾﻧﻬﺎ
ﻣﻌﻠﻘﺔ ﺳﺎﻋﯾن إﻟﻰ ﺗطوﯾل اﻹﺟراءات ،و إطﺎﻟﺔ أﻣد اﻟﻧزاع رﻏم ﺗﺄﻛدﻫم ﻓﻲ ﻏﺎﻟب اﻷﺣﯾﺎن ﻣن اﺳﺗﺣﺎﻟﺔ اﺳﺗﻣرار اﻟﻌﺷرة
اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺻورة ﻋﺎدﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﯾن ﯾﺑﺎدرون ﻫم إﻟﻰ ﺑﻧﺎء ﺣﯾﺎة ﺟدﯾدة ﻣﻊ زوﺟﺔ أﺧر ،أﻧظر :ﻣﺣﻣد أوزﯾﺎن ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص1
و3 2و.4
-5زودة ﻋﻣر ،طﺑﯾﻌﯾﺔ اﻷﺣﻛﺎم ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وأﺛر اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 130
-6ﻛﺎﻣﻠﻲ ﻣراد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص . 326
-7اﻟﻣﺻري ﻣﺑروك ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص .280
304
ﺷﻛﻼ ،1وﻋﻠﯾﻪ ﻓﻼ ﯾﻛون ﻟﻠطﻌن اﻟراﻣﻲ ﺑﺑطﻼن اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻧﻌدام
إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ أي ﻗﯾﻣﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ،و ﯾﺑﻘﻰ طﻌن ﺑدون ﺳﻧد واﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق ذﻛرﻩ ﯾﻛون طﻌن ﺑﻼ
ﻣوﺿوع.
ﻓرﺿﺎ ﺗم ﻧﻘض اﻟﺣﻛم ،ﻓﺈﻧﻪ ﺑﻌد إﻋﺎدة اﻟﺳﯾر ﺑﻌد اﻟﻧﻘض و اﻹﺣﺎﻟﺔ أﻣﺎم ﻧﻔس ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون
و ً
ﻣﻠزﻣﺎ ﺑﺎﻟﻔﺻل
ً اﻷﺳرة أو ﻗﺎض أﺧر و ﻟﻣﺎ ﯾرﺟﻊ اﻟﻣﻠف إﻟﻰ ﻗﺎﺿﻲ اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﺟد ﻧﻔﺳﻪ
واﻻﻣﺗﺛﺎل إﻟﻰ ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎٕ ،واﻻ ﯾﻌرض ﺣﻛﻣﻪ ﻟﻠﻧﻘض ﻟﻠﻣرة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﻛون ﻋدم اﻻﻣﺗﺛﺎل ﻟﻬﺎ ﻣن ﻗﺑل
اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻣﺣﺎل ﻟﻬﺎ ﯾﻌد ﺧرﻗﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون ،ﻓﺣﺳب اﻟﻣﺑدأ اﻟذي ﻗررﻩ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋري واﻟذي ﯾﻘﺿﻲ ﺑﻣﺎ ﯾﻠﻲ" :
ﻣن اﻟﻣﻘرر ﻗﺎﻧوﻧﺎ أﻧﻪ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺎل إﻟﯾﻬﺎ اﻟدﻋوى ﺑﻌد اﻟﻧﻘض أن ﺗﺧﺿﻊ ﻟﺣﻛم
اﻹﺣﺎﻟﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧﻘطﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﻗطﻊ ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ،ﻓﺈن اﻟﻘﺿﺎء ﺑﻣﺎ ﯾﺧﺎﻟف ﻫذا اﻟﻣﺑدأ
ﯾﻌد ﺧرﻗﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧون " ،2و ﻷن ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣﻠزم ﻟﺟﻬﺎت اﻟﺣﻛم ﻛوﻧﻪ ﻣﺎرس رﻗﺎﺑﺗﻪ .3
ﻓﻬل ﯾﻣﺗﺛل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻘرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ و ﯾﺟرى اﻟﺻﻠﺢ؟ ،و إن ﻟم ﯾﺟرى اﻟﺻﻠﺢ ﻛﯾف ﯾﻛون
اﻟوﺿﻊ؟ ،وﻫل ﯾﻌﻘل أن ﯾﺟري اﻟﺻﻠﺢ و ﯾﺣﻛم ﺑﺎﻟطﻼق ﻣن ﺟدﯾد؟ ،و ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟطﻼق أﻧﺷﺊ ﻣن
طرف اﻟزوج ،ﻓﺎﻟطﻼق ﻻ ﯾﻧﺷﺄ ﺑﻣوﺟب ﺣﻛم ﻗﺿﺎﺋﻲٕ ،واﻧﻣﺎ اﻟﺣﻛم ﻛﺎﺷف ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺎﻹرادة
اﻟﻣﻧﻔردة ،ﻷن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﻛم ﺗﻣﻧﻊ ذﻟك ﻟﻛﻲ ﻻ ﯾﻛون ﺗﻧﺎﻗض ﻓﺎﻟزوج ﻋﺑر ﻋن إرادﺗﻪ و ﻻ ﯾﻣﻠك أﺣد ﻣﻧﺎﻗﺷﺗﻪ
وﻗﺎﻧوﻧﺎ ،و ﻻ ﯾﻣﻛن ﻣراﺟﻌﺔ ﺣق اﻟزوج
ً أو ﻣﻌﺎرﺿﺗﻪ ،ﻓﻬو ﻋﺑر ﻋن اﻟطﻼق اﻟذي ﻫو ﺣق ﻣﻘرر ﻟﻪ ﺷرﻋﺎً
ﻣﺟددا.
وﺗﺟﺎوزﻩ ﻓﻼ ﯾﻣﻛن ﻣراﺟﻌﺔ ﻫذا اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،ودﻋوﺗﻪ ﻣن ﺟدﯾد ﻟﻠﻔﺻل ﻣن ﺟدﯾد ٕواﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ً
اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﯾﻪ اﻟوﺟﻪ اﻟﺣﺎﻟﻲ و ﺗﻛون ﺑذﻟك ﻗد ﻓﺻﻠت ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ وﺻﺎرت ﻣﻠزﻣﺔ ﻟﺟﻬﺔ اﻹﺣﺎﻟﺔ ،"...أﻧظر :اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة و اﻟﻣوارﯾث ،ﻗرار رﻗم ،0991442اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ،2015/01/15ﻏﯾر ﻣﻧﺷور .
305
ﻧظرا ﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟﺣﻛم اﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻫو ﺣﻛم اﺑﺗداﺋﻲ و ﻧﻬﺎﺋﻲ ،1وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى
ً
ﻧﺟد اﻟﻣﺎدة) (442ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ،واﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻗررﺗﺎ أن ﻣدة
اﻟﺻﻠﺢ ﺛﻼﺛﺔ )(03أﺷﻬر ،و ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺗﺟﺎوز ﻫذﻩ اﻟﻣدة ،وأن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة ﺗﺳري اﺑﺗدءا ﻣن ﯾوم رﻓﻊ
اﻟدﻋوى ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﻫﻧﺎ اﻟﻣدة اﻧﻘﺿت و ﺗﻘﺎدﻣت ﻓﻛﯾف ﻟﻧﺎ أن ﻧﻌﯾدﻫﺎ ﻣن ﺟدﯾد ،وﻻ ﺳﯾﻣﺎ وأن اﻟﻣﺎدة )(49
اﻟﺗﻲ ذﻛرت ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺛﻼﺛﺔ) (03أﺷﻬر ﻟﯾس ﻋﻠﻰ ﺳﯾﺑل اﻟﺻدﻓﺔٕ ،واﻧﻣﺎ ﻣن أﺟل ﻣراﻋﺎة اﻟﻌدة واﻟﺗﻲ ﻫﻲ
ﺣﺟر اﻟزاوﯾﺔ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق أﺣﻛﺎم اﻟرﺟﻌﺔ.
ﻓﻛﯾف ﺗﺗم ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻫذا اﻟﻧص ﺑﻌد ﻣرور ﻋدة ﺳﻧوات ﺗﺗﺟﺎوز ﻓﻲ ﻏﺎﻟب اﻷﺣﯾﺎن ﻋﺎﻣﯾن ﻹﻋﺎدة إﺟراء
اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟم ﯾﻘم ﺑﻪ ،ﻓﻛﯾف ﻧﻌﺎﻟﺞ ﺧطﺄ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺗﺣﻣﯾل اﻷطراف اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ؟،إن
ﻣن أﺛﺎر ﻗﺑول اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﺗرﺗﯾب اﻟﺑطﻼن ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛمٕ ،واﻋﺎدة اﻟﺧﺻوم إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧوا ﻋﻠﯾﻬﺎ
ﻗﺑل اﻟﺣﻛم أو اﻟﻘرار ،2وﻷﺟل ذﻟك ﻻ ﯾﺟب أن ﯾﻌﺎﻣل ﺣﻛم اﻟطﻼق ﻛﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻌﻘود اﻟﻣدﻧﯾﺔ أو اﻟﺗﺻرﻓﺎت
اﻷﺧرى ﺑﺈﻋﺎدة اﻷطراف إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻋﻠﯾﻬﺎ ،ﻓﻔﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻷﺷﺧﺎص و اﻟطﻼق و اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ
و اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﯾﺳﺗﺣﯾل إرﺟﺎﻋﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻋﻠﯾﻬﺎ ،وان ﻟم ﯾﻘم اﻟﻣﻌﻧﻲ ﺑﺈرﺟﺎع اﻟﻘﺿﯾﺔ ﺑﻌد
اﻟﻧﻘض ﺑﺈﺧطﺎر ﺟﻬﺔ اﻹﺣﺎﻟﺔ ﻗﺑل اﻧﺗﻬﺎء ﺷﻬرﯾن ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺑﻠﯾﻎ اﻟرﺳﻣﻲ ﻟﻘرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،أو ﻋﺎﻣﯾن
إذا ﻟم ﯾﺑﻠﻎ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻟﺳﯾر ﻓﻲ اﻟدﻋوى أﻣﺎم ﺟﻬﺔ اﻹﺣﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻵﺟﺎل اﻟﻣﺣددة ،أو ﻋدم ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ
إﻋﺎدة اﻟﺳﯾر ﻓﯾﻬﺎ ،إﺿﻔﺎء ﻗوة اﻟﺷﻲء اﻟﻣﻘﺿﻲ ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ أول درﺟﺔ ،3ﺣﺳب ﻣﺎ ﺗﻘﺿﻲ ﺑﻪ
اﻟﻣﺎدة) (367ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،4وﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ﺗطﺑق أﺣﻛﺎم اﻟﺳﻘوط.5
1
-و ﻟذﻟك ﻓﺎن ﻗﺿﺎة ﺷؤون اﻷﺳرة ﯾوردون ﻓﻲ أﺣﻛﺎﻣﻬم ﻋﺑﺎرة " ﻓﺻﻼً ﻓﻲ ﻣﺳﺎﺋل ﺷؤون اﻷﺳرة ﺣﻛﻣت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻋﻠﻧﯾﺎً
وﻧﺟد اﻟﻣﺎدة 223ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ﺗﻧص " :ﺗﺳﻘط اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﺑﻣرور ﺳﻧﺗﯾن ﻋﻠﻰ ﺻدور اﻟﺣﻛم "
306
303
304
305
306
307
ﻣن ﺧﻼل دراﺳﺗﻧﺎ ﻟﻣوﺿوع أﺣﻛﺎم اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء ﺷؤون اﻷﺳرة ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ذﻛر ﺑﻌض اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻲ
اﺳﺗﺧﻠﺻﻧﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﻧﺟﻣﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻘﺎط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
أوﻻً :ﻧﺟد اﻟﻣﺷرع ﻣن ﺧﻼل أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة )(459ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ﺗﺑﻧﻰ اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﻔﻘﻬﻲ اﻟﺻﻠﺢ واﻟذي
ﯾﻌﺗﺑر ﻋﻘد ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة أﺿﻔﻰ ﻋﻠﯾﻪ طﺎﺑﻊ إﺟراء ﻗﺿﺎﺋﻲ.
ﺛﺎﻧﯾﺎً :ﺗﻬدف ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ إﻟﻰ ﺗﻘدﯾم اﻟﻧﺻﺢ واﻹرﺷﺎد واﻟﻣوﻋظﺔ اﻟﺣﺳﻧﺔ ﻟﻠزوج)اﻟذي أوﻗﻊ اﻟطﻼق(
ﺑﺿرورة اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ واﺳﺗﻌﻣﺎل ﺣق اﻟرﺟﻌﺔ أﺛﻧﺎء ﻓﺗرة ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ،وﻻ ﯾﻬدف
إﻟﻰ إﻗﻧﺎع اﻟزوج ﺑﺎﻟﻌدول ﻋن اﻟطﻼق
ﺛﺎﻟﺛﺎً :ﯾﻌﺗﺑر إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺟزء ﻣن إﺟراءات اﻟﺧﺻوﻣﺔ وﻻ ﯾﻌد ﻣن إﺟراءات اﻟطﻼق ،ﻛون اﻟﻣﺷرع ﻟم
ﯾﻌﻠق اﻟطﻼق ﻋﻠﻰ إﺟراء ﻣﻌﯾن ،وﻛل ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﻣر أﻧﻪ ﻋﻧدﻣﺎ ﻧص ﻋﻠﻰ إﺟراء ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﻗﯾدﻫﺎ
ﺑﻔﺗرة زﻣﻧﯾﺔ ﻣدﺗﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﺗﺳري ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ،دون أن ﯾﺗﺟﺎوزﻫﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲٕ .وان ﺗم اﻟﺻﻠﺢ
أﺛﻧﺎء اﻟﻌدة ،ﻻ ﯾﺄﺧذ ﺑرﺿﻰ اﻟزوﺟﺔ ﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر واﻋﺗراﺿﻬﺎ ﻧﺎﺷزا ،و اﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟزوﺟﯾﺔ ﻫﻧﺎ ﻫو رﺟﻌﺔ و
ﻟﯾس ﺻﻠﺢ ،إﻻ أن اﻟﻣدة اﻟزﻣﻧﯾﺔ ﺳﻣﺎﻫﺎ اﻟﻣﺷرع ﺻﻠﺢ وﻫو اﻟﺧطﺄ اﻟذي وﻗﻊ ﻓﯾﻪ اﻟﻣﺷرع.
راﺑﻌﺎً :اﻟﺻﻠﺢ اﻟوارد ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة )(49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﯾﺧص اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ،وﻻ ﯾﻣت ﺑﺄي ﺻﻠﺔ
ﻟدﻋﺎوى اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ و اﻟﺧﻠﻊ،و أن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺟﺎء ﺑﺄﺣﻛﺎم إﺟراﺋﯾﺔ
ﺗﺿﺑط اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﻓﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﯾﻬﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﺳﺗﻧد ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻷﺳرةٕ ،واﻧﻣﺎ ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻲ ﺟﺎءت ﺑﻬﺎ اﻟﻣواد)(439و ﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
واﻹدارﯾﺔ.
ﺧﺎﻣﺳﺎً :ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ أو اﻟﺧﻠﻊ ﯾﻛون ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻣﻧﺷﺋﺎً ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ
ﻋﻧد إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻟﯾس ﻣﻘﯾد ﺑﻣدة زﻣﻧﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻹﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ،و ﺑﺎﻟﺗﺑﻌﯾﺔ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﺎدة ) (50ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻛون اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﻘل إذا ﺗراﺟﻊ اﻟزوﺟﯾن ﻋن طﻠب اﻟطﻼق أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،وﺑذﻟك
ﻣﻔﻬوم اﻟﺻﻠﺢ اﻟوارد ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49و) (50ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻻ ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي ﯾطﺑق ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ
ﻧظر دﻋوى أﺳﺎﺳﻬﺎ اﻟﻣواد) (53أو) (54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة.
ﺳﺎدﺳﺎً :ﺧص اﻟﻣﺷرع اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺑطرﯾﻘﯾن :ﺻﻠﺢ ﯾﺟرﯾﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺑﺎﺷرة ،وﺻﻠﺢ ﻋن طرﯾق
اﻟﺣﻛﻣﯾن ﺑﺈﺷراف ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻧد ﻋدم ﺛﺑوت اﻟﺿرر.
ﺳﺎﺑﻌﺎً :ﻣﺎ ﯾﻌزز و ﯾؤﻛد ﺧﺻوﺻﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻫو ﺗﻣﯾزﻩ ﻋن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن اﻷﺧرى
308
ﺑﻛوﻧﻪ إﺟراء وﻟﯾس ﻋﻘد ،ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﯾﺧص اﻟﻧزاع اﻟﻘﺎﺋم و ﻟﯾس ﺗوﻗﻲ ﻧزاع ﻣﺣﺗﻣل ،و ﻗد ﺧﺻﻪ اﻟﻣﺷرع ﺑطﺎﺑﻊ
آﻟﯾﺎ
اﻟوﺟوﺑﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﯾس ﻟﻪ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻠﺣظﺔ اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻹﺟراء اﻟﺻﻠﺢ و إﻧﻣﺎ ً
ﺑﻣﺟرد أن ﺗرﻓﻊ اﻟدﻋوى أﻣﺎم ﻗﺳم ﺷؤون اﻷﺳرة.
ﺛﺎﻣﻧﺎً :ﯾﺗﻣﯾز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻋن اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ،ﻓﻲ ﻛون ﻫذا اﻷﺧﯾر ﯾﻌﺗﺑر
طرﯾﻘﺔ ﺗﻌوﯾﺿﯾﺔ ﻟﻠﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﯾﻠﺟﺄ إﻟﯾﻬﺎ طرﻓﻲ اﻟﻧزاع ﺑﻣﺑﺎدرة ﻣﻧﻬﻣﺎ أو ﺑﺳﻌﻲ ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﻬو ذو
طﺎﺑﻊ ﺟوازي ﺗﻛون ﻓﯾﻪ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ واﺳﻌﺔ .وﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ذو طﺎﺑﻊ ﺟوازي ﯾﻘوم
ﺑﻪ رﺋﯾس اﻟﺗﺷﻛﯾﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﺑﺎدرة ﻣﻧﻪ ،ﻏﯾر أن ذﻟك ﻻ ﯾﺗﺣﻘق إﻻ ﺑﻌد ﻣواﻓﻘﺔ اﻟﺧﺻوم ﻋﻠﯾﻪ.
ﺗﺎﺳﻌﺄ :ﻟﻘد ﺑرز ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ و اﻟﻘﺿﺎء اﺗﺟﺎﻫﯾن ،اﺗﺟﺎﻩ ﯾﻧﺎدي ﺑﺟوﻫرﯾﺔ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،واﺗﺟﺎﻩ ﯾﻘوم
ﻋﻠﻰ ﻧﻘﯾض ذﻟك ،و ﺑﯾن ﻫذا وذاك ﺑرز اﺗﺟﺎﻩ ﺛﺎﻟث ﻣﻧذ ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﺣﯾث
ﯾﻌﺗﺑر أن ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﻫو اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻔﺎﺻل ،ﺑﺄن ﺟﻌل ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء
وﺟوﺑﻲ ،ﻏﯾر أن اﻟﻣﺷرع وﺿﻊ ﻗﺎﻋدة ﻋﺎﻣﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ واﺟب ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺈﺟراء ﻋدة ﻣﺣﺎوﻻت
ﻹﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ ﻛﻼ اﻟﻧﺻﯾن ﺳواء اﻟﻧص اﻟﻣوﺿوﻋﻲ أو اﻹﺟراﺋﻲ ،ﻓﻬذﻩ ﻗﺎﻋدة آﻣرة
ﻟﻛن ﻟم ﯾﻘرﻧﻬﺎ اﻟﻣﺷرع ﺑﺟزاء ﻓﻠم ﯾﻘﯾد اﻟﻣﺷرع اﻟﻧﺻﯾن ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ اﻟﺑطﻼن ،ﻣﻣﺎ ﯾﻔﻬم أن اﻟﻣﺷرع ﯾرﯾد ﺗﺄﻛﯾد
ﻋﻠﻰ وﺟوب اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ إﻻ أن اﻷﻣر ﻻ ﯾرﻗﻰ إﻟﻰ درﺟﺔ اﻹﺟراء اﻟﺟوﻫري اﻟذي ﯾﻣس ﺑﺎﻟﻧظﺎم
اﻟﻌﺎم.
طﺑﻌﺎ إﻟﻰ
ً و ﯾﻼﺣظ ﻋﻠﻰ ﻗ اررات اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻫﻲ اﻷﺧرى ﻋدم اﻻﺳﺗﻘرار اﻟﺑﯾﱢن ﻓﻲ اﻟﻣوﻗف ،ﻓﻬذا راﺟﻊ
ﺧﻠل و ﺧطﺄ ﻓﻲ ﻓﻬم اﻟﻘﺎﻧون و ﺗﻔﺳﯾرﻩ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻋدم اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻹﺟراء اﻟﺟوﻫري واﻹﺟراء ﻏﯾر اﻟﺟوﻫري
واﻹﺟراء اﻟوﺟوﺑﻲ.
ﻋﺎﺷراً :ﻧﺟد ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ أن اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻋﺑﺎرة اﻟﺑطﻼن ،إﻻ ﻓﻲ ﺛﻼث
وﺗﺑﻌﺎ ﻟذﻟك ﻓﺈن
ً ﺣﺎﻻت ،ﻓﻲ ﺣﯾن أن ﺑﺎﻗﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻷﺧرى ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻋﺑﺎرة "ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ ﻋدم اﻟﻘﺑول ﺷﻛﻼ"،
اﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﻧص ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺑطﻼن ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،وﻛذا ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة )(439
ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔٕ ،واﻧﻣﺎ ﺟﺎء اﻟﻧص ﻋﻠﯾﻪ ﺿﻣﻧﯾﺎً ﺑﺄن إﺳﺗﻌﻣل اﻟﻣﺷرع ﻋﺑﺎرة ﻧﺎﻫﯾﺔ أو
اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﻋدم اﻟﻧص ﻋﻠﯾﻪ
ً ﻧﺎﻓﯾﺔ أو آﻣرة ﻛﻌﺑﺎرة " ﻻ ﯾﺟوز" أو "ﯾﺟب" .ﻓﻼ ﯾﺟوز اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻟﺑطﻼن
ﺻراﺣﺔ.
309
اﻟﺣﺎدي ﻋﺷرا :ﻻ ﯾﺟري ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺻﻠﺢ إذا ﺗﺄﻛد أن أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) (51ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻓﺈﺟراء
اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻣرأة و رﺟل طﻠﻘﻬﺎ ﺛﻼث ﻣرات ﻣﺗﺑﺎﻋدة وﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ ﻣﺧﺎﻟف ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،و ﻟﻠﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و
ﻟﻘﺎﻧون اﻷﺳرة ﺑﺣد ذاﺗﻪ.
اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻋﺷر :ﻻ ﺗﻌد ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم و ﻟﯾﺳت ﺑﺈﺟراء ﺟوﻫري ﻣن ﺷﺄﻧﻪ اﻟﻣﺳﺎس أو اﻟﺗﺄﺛﯾر
ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻣﺛﺑت ﻟﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻷن اﻟﻬدف اﻟﻣﺗوﺧﻰ ﻣن إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻫو
ﺗﻘدﯾم اﻟﻧﺻﺢ واﻹرﺷﺎد واﻟﻣوﻋظﺔ اﻟﺣﺳﻧﺔ ﻟﻠزوﺟﯾن .ﻓﺎﻟﺻﻠﺢ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣرﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﻌد وﻗوع اﻟطﻼق.
اﻟﺛﺎﻟث ﻋﺷر :إن اﻟرأي اﻟراﺟﺢ ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ دﻋوى طﻼق ﺑﺈرادة
اﻟزوج اﻟﻣﺗﻔردة ﻫو اﻹﺗﺟﺎﻩ اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﺣﻛم اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﺣﻛم ﻛﺎﺷف ﻟواﻗﻌﺔ اﻟطﻼق وﻣﺎ رﻓﻊ
اﻟدﻋوى إﻻ ﻟﺗﻘرﯾرﻩ ﻣن اﺟل ﺿﻣﺎن اﻟﺣﻘوق وﻣﻧﻌﺎً ﻟﻠﺗﻧﺎﻛر اﻟذي ﻗد ﯾﺣﺻل.
اﻟراﺑﻊ ﻋﺷر:اﻷﺻل اﻟﻌﺎم أن اﻟزوج ﯾوﻗﻊ اﻟطﻼق ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة طﺑﻘً ﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة ) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
وﯾﻠﺟﺄ إﻟﻰ رﻓﻊ اﻟدﻋوى اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻹﺛﺑﺎﺗﻪ طﺑﻘﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة )(49ﻣن ﻧﻔس اﻟﻘﺎﻧون ،ﻓﺗﻛون ﻣدة ﺣﺳﺎب ﻋدة
اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﻣواﻓﻘﺔ ﻟﺗﺎرﯾﺦ رﻓﻊ اﻟدﻋوى اﻟذي ﯾواﻓق أﯾﺿﺎً ﺑداﯾﺔ ﻣدة إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻣن طرف
ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة .أﻣﺎ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﺳﺎﺑق ﻋﻠﻰ رﻓﻊ اﻟدﻋوى ﻻ ﯾﺷﻛل إﻻ اﺳﺗﺛﻧﺎءا ،واﻻﺳﺗﺛﻧﺎء
ﺷﺎذ ﻻ ﯾﺗوﺳﻊ ﻓﯾﻪ وﻻ ﯾﻘﺎس ﻋﻠﯾﻪ.
اﻟﺧﺎﻣس ﻋﺷر :ﯾﺗﺣرى اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺧﻼل ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻋن اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟذي ﯾﻌﺗد ﺑﻪ ﻟﺣﺳﺎب اﻟﻌدة وﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ
ذﻟك ﺑﻣدة إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ،وﻻﺳﯾﻣﺎ أن اﻟﻌدة ﺣق ﻣن ﺣﻘوق اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وأن اﻟﻘﺿﺎء أﻗرﻧﻬﺎ ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم،
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺟب أن ﯾراﻋﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻌدة وﻫو ﻓﻲ ﺻدد إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ.
اﻟﺳﺎدس ﻋﺷر :ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻻ ﯾﻌﯾر أﯾﺔ أﻫﻣﯾﺔ ﻟﻠطﻼق اﻟواﻗﻊ ﻓﯾﻣﺎ إن ﻛﺎن طﻼﻗﺎ ﺳﻧﯾﺎ أو طﻼق
ﺑدﻋﻲ .ﻓﻬو ﻻ ﯾﺳﺄل أﺑدا ﻻ ﻋن ﻛﯾﻔﯾﺔ إﯾﻘﺎﻋﻪ وﻻ وﻗﺗﻪ وﻻ ﻋن ﺣﺎﻟﺔ اﻟزوﺟﺔ وﻗﺗﻬﺎ .اﻷﻣر اﻟذي ﯾؤدي إﻟﻰ
ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ.
اﻟﺳﺎﺑﻊ ﻋﺷر :أورد ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﺿﻣن اﻹﺟراءات اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ أﻣﺎم ﻗﺳم ﺷؤون اﻷﺳرة
وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ إﺟراءات اﻟطﻼق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (431ﻣﻧﻪ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﯾر ﺻراﺣﺔ و ﻷول ﻣرة إﻋطﺎء اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺻﻼﺣﯾﺔ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن إذا ﻛﺎن ﻣﻣﻛﻧﺎً ﻓﻲ دﻋوى طﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ،و ﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن
اﻷﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﺻﻠﺢ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻫﻲ اﻟﻣﺎدة اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ،ﻟﻛن اﻟوﻗﻊ اﻟﻌﻣﻠﻲ ﯾﺑﯾن وﻗوع
ﻓﻲ ﻟﺑس ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺣﯾث ﻧﻼﺣظ اﻧﻬﺎ ﺗطﺑق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49و ﻧص اﻟﻣﺎدة ).(50
310
اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر :ﯾﺗﻔق اﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ أن طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق ﻫو ﺣﻛم ﻣﻧﺷﺊ و ﻻ ﯾﻛون ﻟﻪ
أي أﺛر إﻻ إذا ﺗﻘدﻣت اﻟزوﺟﺔ ﺑطﻠﺑﻪ .وﺑﺎدر اﻟﻘﺿﺎء إﻟﻰ ﺗطﺑﯾق ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
ﻛﺄﺳﺎس ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﺻﻠﺢ ،إإﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ اﻟذي ﻋﻣم إﺟ ارءات اﻟﺻﻠﺢ
ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣﻧﻪ .
اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر :وردت ﺣﺎﻻت اﻟﺗطﻠﯾق ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (53ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋﺷواﺋﯾﺎً ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
ﺧﺻوﺻﯾﺔ وظروف ﻛل ﻗﺿﯾﺔ ،وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ ظل ﻏﯾﺎب ﻧﺻوص ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﺳﺗﺛﻧﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت ﻣن إﺟراء
اﻟﺻﻠﺢ ﻟﻐﯾﺎب اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﺗﺷرﯾﻌﻪ ،ﻓﻧﺟد ﺣﺎﻻت إن ﯾﻛون ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺻﻠﺢ ذو ﻓﺎﺋدة ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗطﻠﯾق ،وﺣﺎﻟت
ﯾﻛون ﻣﺟرد إﺟراء ﺷﻛﻠﻲ ﻓﻘط ،وﺣﺎﻻت أﺧرى ﯾﻛون ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم.
ﻋﺷرون :إذا رأى اﻟﻘﺎﺿﻲ أن اﻟﺿرر ﻏﯾر ﺛﺎﺑت ﻓﻬﻧﺎ ﯾﻘﻊ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺗزام ﺑﺗﻔﻌﯾل إﺟراء اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﻧﺻوص
ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (56ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة .ﺣﯾث ﯾﻛون اﻟﺻﻠﺢ ﻋن طرﯾق اﻟﺣﻛﻣﯾن ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ إﺟراء وﻗﺎﺋﻲ
ﯾﻬدف إﻟﻰ ﺣل اﻟﻧزاع اﻟذي ﻗد ﯾؤدي اﻟﺗﻐﺎﺿﻲ ﻋﻧﻪ ٕواﻫﻣﺎﻟﻪ إﻟﻰ ﺗﻌﻣﯾق اﻟﻬوة واﻟﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ودﻣﺎر
اﻷﺳرة ﻻﺳﯾﻣﺎ وان رﻓض اﻟدﻋوى ﯾزﯾد ﻣن ﺗﺿرر اﻟزوﺟﺔ ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﻠﺟﺎ إﻟﻰ إﺟراءات اﻟﺧﻠﻊ اﻟذي
ﻣﻧﻔذا ﻟﻣن ﻻ ﻣﻧﻔذ ﻟﻬﺎ. .
أﺻﺑﺢ ً
واﺣد وﻋﺷرون :ﻟم ﯾﺗﻔق اﻟﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﺻﺎدر ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻋن
ﻣﻧﺷﺋﺎ ،ﻛون أن اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺗﺑﻘﻰ ﻗﺎﺋﻣﺔ و ﻻ ﯾﺣل
ً ﺣﻛﻣﺎ
ً طرﯾق اﻟﺧﻠﻊ ،ﻟﻛن اﻟرأي اﻟراﺟﺢ ﻫو اﻋﺗﺑﺎرﻩ
ﻋﻘد اﻟزواج إﻻ ﺑﺻدور ﺣﻛم ﻣن اﻟﻘﺿﺎء ،وﺑﺎﻟرﺟوع إﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﺿﻣﻧﺗﻪ اﻟﻣﺎدة ) (451اﻟﻔﻘرة اﻷﺧﯾرة ﻣﻧﻬﺎ ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻧﺟد أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻠزم ﺑﺗﻌﻣﯾق اﻟﺗﺣري و اﻟﺑﺣث ﺑﺎﻹﺟراءات اﻟﻣﺧوﻟﺔ
ﻗﺎﻧوﻧﺎً ﺣﺗﻰ ﯾﻛون اﻟﺣﻛم ﺻﺎﺋﺑﺎً ،ﻓﻬﻧﺎ ﯾﻛون دور اﻟﻘﺎﺿﻲ إﯾﺟﺎﺑﻲ ﻓﻲ دراﺳﺔ وﻣﻌﺎﯾﻧﺔ ﻣدى ﺗﺄﺳﯾس اﻟطﻠب،
وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﯾﻘن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣن ﻓﺷل ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ وﺗﻣﺳك اﻟزوﺟﺔ ﺑطﻠﺑﻬﺎ ﯾﺑﺎدر إﻟﻰ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺑدل
اﻟﺧﻠﻊ أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ اﻟﻣﻘﺎﺑل اﻟﻣﺎﻟﻲ.
اﺛﻧﯾن وﻋﺷرون :ﻟم ﺗﻌد ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺗﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻣﺻﺎﻟﺣﺔ اﻷطراف و اﻟﺗراﺟﻊ ﻋن ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ
ﺣﺳب اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺗﻘﻠﯾدي ﻟﻬﺎ ،ﺑل ﻓﺷل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻻ ﯾﻣﻧﻌﻪ ﻣن أن ﯾﻣﺎرس دورﻩ اﻻﯾﺟﺎﺑﻲ
اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﻣﺎ ﻣﻧﺣﻪ اﻟﻘﺎﻧون ﻣن ﺻﻼﺣﯾﺎت ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺧﺻوﻣﺔ وﺗﻛﯾﯾﻔﻬﺎ اﻟﺗﻛﯾف اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﺻﺣﯾﺢ
ً
ﻟﻠوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺗﻲ ﺳﻣﻌﻬﺎ و ﻧﺎﻗﺷﻬﺎ اﻷطراف ﻓﻲ اﻟﻌراﺋض واﻟﻣذﻛرات ،ﻓﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﺗطﻠﯾق و ﻻ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ
ﻛﻣﺎ طﻠﺑﺗﻪ اﻟﻣدﻋﯾﺔ ﻓﻲ طﻠﺑﻬﺎ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ و ﻻ ﯾﻌد ﺧطﺄ ﻓﻲ ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون أو اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻘﺎﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ أو
311
ﺧروج اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋن ﺣﯾﺎدﻩ.
ﺛﻼﺛﺔ وﻋﺷرون :أﻣﺎم اﻟﺗزام اﻟﻣﺷرع اﻟﺻﻣت ﺣول ﻣدى ﺟواز ﻏرﻓﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺟﻠس
إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أﻧﻬﺎ ﺳوف ﺗدرس اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣن ﺟدﯾد ﻣن ﺣﯾث اﻟوﻗﺎﺋﻊ و اﻟﻘﺎﻧون ،ﻓﺈن اﻟرأي ﻣﻧﻘﺳم
ﺑﯾن اﻟﻔﻘﻬﺎء و اﻟﻘﺿﺎء إﻟﻰ إﺗﺟﻬﯾن ﻣؤﯾد واﺗﺟﺎﻩ ﻣﻧﻛر ،و ﯾﺑدو أن اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺛﺎﻟث ﻫو اﻷﻗرب إﻟﻰ اﻟﺻواب
ﺑﻌدم وﺟود أي ﻧص ﺳواء ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة وﻻ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻛوﻧﻬﻣﺎ ﺗﺷﻣﻼن
ﻧﺻوص ﻋﺎﻣﺔ ،ﻓﻼ ﻧﺟد ﻣﺎ ﯾﻠزم أو ﯾﻣﻧﻊ ﺑﺈﻋﺎدة ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ أﻣﺎم ﺟﻬﺔ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻻ ﻓﺎﺋدة ﻣن
اﺟﺗرار ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻗد اﺳﺗﺟد أﻣر ﺗﺟد ﻣﻌﻪ ﺿرورة ﺗﻛرار اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ
ﻟﺟﻬﺔ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف.
أرﺑﻌﺔ وﻋﺷرون :ﯾﺟب اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾن إﺟراءات دﻋوة اﻷطراف ﻟﻠﺻﻠﺢ ،و ﺑﯾن وﻗوع اﻟﺻﻠﺢ ﻣن ﻋدﻣﻪ،
ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻠزﻣﺎ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون وواﺟب ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺎﻧوﻧﺎ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻹﺟراءات اﻟﺗﻣﻬﯾدﯾﺔ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﻓﻼ ﺗدﺧل اﻟﻘﺿﯾﺔ إﻟﻰ
اﻟﻣداوﻟﺔ ﺑدون دﻋوة اﻷطراف أو ﺗﺣدﯾد ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻫﻲ ﻣن ﻗﺑﯾل اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻣﻬﯾدﯾﺔ
ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ و ﻟﯾس اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻬﺎ.
ﺧﻣﺳﺔ وﻋﺷرون :ﻻ ﯾﺳوغ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﺑﻌد ﺗﻣﻛﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻣن ﺗﺑﺎدل اﻟﻣذﻛرات ،ﻓﻬذا
ﻣﻧﺎف ﻟﻣﻧطق اﻹﺟراءات اﻟﺳﻠﯾﻣﺔ ،وذﻟك ﻗد ﯾﺄزم اﻷﻣور وﯾﻌﻣق اﻟﺧﻼف واﻟﺷﻘﺎق ﺑذﻛر أﺧطﺎء وﻣﺳﺎوئ ﻛل
زوج
ﺳﺗﺔ وﻋﺷرون :ﺟﺎء ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،ﺑﺈﺟراءات ﻣﺗﻣﯾزة ﺑﻣوﺟب ﻧص اﻟﻣﺎدة )(440
ﻧﻔورا ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﺑدﻻ ﻣن
ﺣﯾث اﺳﺗﺣدث اﻟﻣﺷرع إﺟراء ﺳﻣﺎع ﻛل طرف ﻋﻠﻰ إﻧﻔراد ،ﻟﻛن ﻫذا ﯾزﯾد ً
اﻟﺳﻌﻲ ﻟﻺﺻﻼح ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ.
ﺳﺑﻌﺔ وﻋﺷرون :ﻟم ﯾﺣدد اﻟﻣﺷرع ﻋدد اﻟﺟﻠﺳﺎت ٕواﻧﻣﺎ اﻛﺗﻔﻰ ﺑﺗﻘﯾﯾدﻫﺎ ﺑﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ،وأﺧﺿﻊ ﺗﺣدﯾدﻫﺎ إﻟﻰ
اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ،اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﺷﻔﻬﺎ ﻣن ﺧﻼل ﻣﻧﺎﻗﺷﺗﻪ ﻣﻊ اﻟطرﻓﯾن وﻣدى إرادﺗﻬﻣﺎ و رﻏﺑﺗﻬﻣﺎ
ٕواﺻرارﻫﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻣن ﻋدﻣﻬﺎ.
ﺛﻣﺎﻧﯾﺔ وﻋﺷرون :ﻛﺎن ﯾﻔﺳر ﻣوﻗف اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﺗﻐﯾب أﺣد اﻟزوﺟﯾن أو ﻛﻼﻫﻣﺎ ﻋن ﺟﻠﺳﺔ
طوﯾﻼ ،أﯾن ﻗررت أﻧﻪ ﻋﻠﻰ
ً اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻪ رﻓض ﺿﻣﻧﻲ ﻟﻠﺻﻠﺢ ،ﻏﯾر أن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻟم ﯾﻠﺑث
ﺷﺧﺻﯾﺎ ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﺟﻠﺳﺔ أو
ً راﻓﻊ دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ أن ﯾﺣﺿر
ﺟﻠﺳﺗﯾن ،ﻟﻛﻲ ﯾؤﻛد وﯾﺑدي دﻓوﻋﻪ وﻣطﺎﻟﺑﻪ وﯾﺻرح ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﯾرﯾد اﻟﺻﻠﺢ أو ﯾرﻓﺿﻪ ،و ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
312
ﻏﯾﺎﺑﻪ ﺗرﻓض دﻋواﻩ.
ﺗﺳﻌﺔ وﻋﺷرون :أﻛد اﻟﻣﺷرع وﺣرص ﻋﻠﻰ ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن ﺷﺧﺻﯾﺎً أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ اﻟذي
ﯾﻘﺗﺿﻲ ﺿﻣﺎن ﻣﺑدأ اﻟﻣواﺟﻬﺔ ،اﻟﻣﻛرس ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
واﻹدارﯾﺔ ،وﻻ ﯾﻌﻔﻰ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﯾﺳﺗﺣﯾل ﻓﯾﻬﺎ ﺣﺿور اﻟطرف اﻵﺧر ﻛﺎﻟﻐﯾﺑﺔ و اﻟﻣﻔﻘود أو
اﻟﻣﺳﺟون ﺧﺎرج اﻟوﻻﯾﺔ ،ﻓﻬذﻩ ﺣﺎﻻت ﺗﻌﺗﺑر اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻓﻼ ﯾﺗﺣﻘق ﻣﺑدأ اﻟﻣواﺟﻬﺔ ﺑﺳﺑب طﺑﯾﻌﺔ وظروف ﻛل
ﻗﺿﯾﺔ.
ﺛﻼﺛون :ﻫﻧﺎك ﻣن ﯾؤﯾد ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻗﺑل اﻟطﻼق ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾرى اﺗﺟﺎﻩ
آﺧر ﻟﻪ ﺗطﺑﯾق واﺳﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﻣﻠﻲ أن اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻓﻲ إﺟراﺋﻪ
اﻟوﻛﺎﻟﺔ وﯾﺑدو أن اﻟﺻواب ﻫو ﻫذا اﻷﺧﯾر ،ﻟﺳﺑب ﺑﺳﯾط و ﻫو أن اﻟﻣﺷرع أﺷﺎر إﻟﻰ ذﻟك ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة
أﯾﺿﺎ ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (431ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ .أﻣﺎ ﻣﺎ
2/49ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،و ً
اﺳﺗﺣدﺛﻪ ﻣن إﺟراء ﺑﻣوﺟب ﻧص اﻟﻣﺎدة ) ( 440ﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺳﺎﻟف اﻟذﻛر وﻫو إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺣﺿور أﺣد أﻓراد
اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻟﻠﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﻬو ﻟﯾس ﺑﻣﻔﻬوم اﻟوﻛﺎﻟﺔ ٕواﻧﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ.
واﺣد وﺛﻼ ﺛون :ﻣن ﺑﯾن اﻷﻣور اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ واﻟﺗﻲ ﺟﺎء ﺑﻬﺎ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ أﻧﻪ أﻋطﻰ
ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ و ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﺻﻼﺣﯾﺎت واﺳﻌﺔ ﻓﻲ إطﺎر ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟدور
اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ،ﺑﺄن ﯾﺗﺧذ ﻛل ﺗدﺑﯾر ﯾراﻩ ﺿرورﯾﺎ وﻻزﻣﺎً ﻣن أﺟل ﻛﺷف و ﺑﺣث إرادة اﻟزوج طﺎﻟب ﻓك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،و أﺟﺎز ﻟﻪ أن ﯾﺄﻣر ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﺣﻘﯾق ﺑﺗﻌﯾن ﻣﺳﺎﻋدة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أو طﺑﯾب ﺧﺑﯾر أو اﻟﻠﺟوء
إﻟﻰ أﯾﺔ ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣﺧﺗﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﺑﻐرض اﻻﺳﺗﺷﺎرة ،و ﯾﻛون اﻟﻠﺟوء إﻟﯾﻬﺎ ﻋﺎدة ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻧطوي اﻟﻧزاع
ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎﺋل ﺧﺎرﺟﺔ ﻋن اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺎﺿﻲ.
اﺛﻧﯾن وﺛﻼﺛون :اﺳﺗﺣدث اﻟﻣﺷرع أﯾﺿﺎ إﺟراء اﻹﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺎدة ) (441ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﺣﯾث ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﻧدب ﻗﺎض آﺧر ﻓﻲ إطﺎر اﻹﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﺳﻣﺎع
أﺣد اﻟزوﺟﯾن اﻟذي ﺗﻌذر ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺣﺿور ﻟﻣﺎﻧﻊ ﻣﺎ.
ﺛﻼﺛﺔ وﺛﻼﺛون :ﻣن ﺑﯾن اﻟﺗﻌدﯾﻼت اﻟﺗﻲ ﺟﺎء ﺑﻬﺎ اﻷﻣر رﻗم 02/05ﻫو إﺿﺎﻓﺗﻪ ﻟﻠﻣﺎدة ) 57ﻣﻛرر(،
ﻓﺑﻬذا ﯾﻛون اﻟﻣﺷرع ﻗد ﺳﻣﺢ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ وأﻋطﻰ ﻟﺻﺎﺣب اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﺗﺧﺎذ
ﺟﻣﯾﻊ اﻹﺟراءات اﻟﺗﺣﻔظﯾﺔ و اﻟوﻗﺎﺋﯾﺔ أﺛﻧﺎء ﺳﯾر اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،ﻣﺛل ﻣﻧﺢ ﻧﻔﻘﺔ ﻣؤﻗﺗﺔ ،ﺣﺿﺎﻧﺔ ﻣؤﻗﺗﺔ ،ذﻟك إﻟﻰ
ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟدﻋوى اﻟﻣﻌروﺿﺔ أﻣﺎﻣﻪ ﺑﻣوﺟب أﻣر ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻷي طﻌن.
313
أرﺑﻌﺔ وﺛﻼﺛون:ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗطﺑﯾق و إﻋﻣﺎل اﻟﻣﺎدة )(216ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ
ﺑﺷطب اﻟدﻋﺎوى ،ﻋﻠﻰ دﻋﺎوى إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق اﻟذي ﯾﺗم ﺑﺈرادة اﻟزوج ،ﻛون أن اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ ﻣرﺗﺑط ﺑﻣدة
زﻣﻧﯾﺔ وﻫﻲ ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ واﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﻓﺈذا ﻗﺿﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺷطب اﻟدﻋوى ﯾﻛون ﻗد
ﻓوت ﻓرﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟزوﺟﯾن ﻓﻲ إﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن ،وﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺗﺣول ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ إﻟﻰ طﻼق
وﺣﺗﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﻔوﯾت إﺟراءات إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ﺑﺣﻛم ،وﻛﻣﺎ اﻧﻪ ﻋﻧد رﻓﻊ دﻋوى ﺟدﯾدة ﺳوف ﻟن
ً اﻟﺑﺎﺋن،
ﯾﺗﻔطن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟذﻟك وﯾﺟري اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺄن اﻷﻣر ﻋﺎدي.
ﺧﻣﺳﺔ وﺛﻼﺛون :ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗطﺑﯾق و إﻋﻣﺎل ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (220ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ
اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟﺧﺻوﻣﺔ ،ﺑﺷﻛل ﻣﻔرط دون ﺿﺎﺑط أو ﻣﻌﯾﺎر ،ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟطﻼق اﻟذي
ﯾﺗم ﺑﺈرادة اﻟزوج ،إذ ﻻ ﯾﻣﻛن إﺻدار ﺣﻛم ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﻹﺷﻬﺎد ﻟﻠزوج اﻟﻣدﻋﻲ ﺑﺗرك اﻟﺧﺻوﻣﺔ دون اﻻﻟﺗﻔﺎت
إﻟﻰ ﻫذا اﻟطﻼق اﻟذي أوﻗﻌﻪ ودون اﺣﺗﺳﺎﺑﻪ أو اﻟﻧظر إﻟﻰ طﺑﯾﻌﺗﻪ.
ﺳﺗﺔ وﺛﻼﺛون:إذا ﺣدث أن أوﻗﻊ اﻟزوج اﻟطﻼق ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة و رﻓﻊ دﻋوى ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻷﺟل إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق،
ﺛم ﯾﺗوﻓﻰ اﻟزوج ﺧﻼل اﻟﺷروع ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺎت اﻟﺻﻠﺢ وﻗﺑل ﺻدور اﻟﺣﻛم ،ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﻻ ﯾﺻدر ﺣﻛﻣﺎ
ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء اﻟﺧﺻوﻣﺔ وأن ﯾﻠﺗﻔت إﻟﻰ ﻫذا اﻟطﻼق اﻟذي أوﻗﻌﻪ اﻟزوج واﻟﻰ اﻟﻌدة اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺟر ﻋﻧﻪ ،و ﯾﺻدر
ﺣﻛم ﺑﺈﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ﻷن ﻋﻘد اﻟزواج ﺣل ﺑﺎﻟطﻼق ﻗﺑل اﻟوﻓﺎة.
ﺳﺗﺔ وﺛﻼﺛون :ﻗد ﺗﺣﺻل اﻟوﻓﺎة ﺑﻌد رﻓﻊ دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑطﻠب ﻣن اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ ﺣدود اﻟﻣﺎدﺗﯾن
)( 53أو اﻟﻣﺎدة ) (54ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة أو ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إرادة اﻟزوﺟﯾن اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ،وﺗﻛون اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ
إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﻫﻧﺎ ﻻ ﯾوﺟد إﺷﻛﺎل ﺑﻣﺎ أن ﺣﻛم اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ و اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺣﻛم ﻣﻧﺷﺊ
وﻻ وﺟود ﻟﻬذﻩ اﻟﻣراﻛز إﻻ ﻣن ﯾوم ﺻدور ﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﻔرﻗﺔ و ﻛل اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻧﻬﺎ ﻻ
ﺗﺗرﺗب إﻻ اﺑﺗداء ﻣن ذﻟك ،ﻓﻼ ﯾطرح ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻌدة ﻛﻣﺎ و اﺳﺗﺣق اﻟﺣﻲ ﻣﻧﻬﻣﺎ اﻹرث ﻛون
أن اﻟزوﺟﯾﺔ ﻻ ﺗزال ﻗﺎﺋﻣﺔ.
ﺳﺑﻌﺔ وﺛﻼﺛون :اﻟﺟدﯾد اﻟذي ﺟﺎء ﺑﻪ اﻟﻣﺷرع ﺑﻣوﺟب اﻟﻣﺎدة ) (49اﻟﻣﻌدﻟﺔ وﻛذا اﻟﻣواد ) (439و ﻣﺎ ﯾﻠﯾﻬﺎ
وﻻﺳﯾﻣﺎ ﻧص اﻟﻣﺎدة)( 443ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻻدارﯾﺔ؛ ﻫو أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﯾﻪ ﺗﺣرﯾر
ﻣﺣﺿر ﻛﺳﻧد ﺗﻧﻔﯾذي ﯾﺑﯾن ﻓﯾﻪ ﻣﺳﺎﻋﻲ وﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﻣﻊ اﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻠﯾﻪ وﻛﺎﺗب اﻟﺿﺑط
واﻟطرﻓﯾن ،إﻻ أن ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻟم ﯾﺣظ ﺑﺿﻣﺎﻧﺎت ﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ .
ﺛﻣﺎﻧﯾﺔ وﺛﻼﺛون :ﻧﻘض اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻷﺣﻛﺎم ﻗﺿت ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء
314
ﺟوﻫري ﯾرﺗب ﻧﺗﺎﺋﺞ ﻋدﯾدة ﻣن ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،إﺣﯾﺎء اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ٕواﻟزام اﻟرﺟل ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻣرأة أﺟﻧﺑﯾﺔ ﻋﻠﯾﻪ
وﺗوارث ﺑﯾن اﻟﻣطﻠﻘﯾن ،وﺗﻌدد اﻷزواج ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣرأة ،وﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟزوﺟﺔ ﺑﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ...اﻟﺦ ،ﻛﻣﺎ وﺗﻛون ﻫذﻩ
اﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺟزاﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﻣد ﻧص اﻟﻣﺎدة )(339ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ﻻ أﺳﺎس ﻟﻬﺎ ﻻﻧﻌدام
اﻟﺟرﯾﻣﺔ أﺻﻼ؛ ذﻟك ﻷن ﻧص اﻟﻣﺎدة ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﻧﺣﻼل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ٕواﻧﻣﺎ ﯾطﺑق ﻓﻘط أﺛﻧﺎء ﻗﯾﺎم
اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ.
ﺗﺳﻌﺔ وﺛﻼﺛون :إن ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق و اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ و اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻟﻠطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻣن
ﺟﻬﺔ ،وﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ﻻ ﯾﺗوﻗف ﺗﻧﻔﯾذﻫﺎ ،ﺗﺛﯾر ﻋدة إﺷﻛﺎﻻت؛ ﻓﺑﺈﻣﻛﺎن اﻟزوﺟﯾن اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻧﺳﺧﺔ
ﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ و ﯾﻧﻔذ ﻣﺎ أﻣﻛن ﺗﻧﻔﯾذﻩ و ﯾﺻﺑﺣﺎن أﺟﻧﺑﯾﺎن ﻋن ﺑﻌﺿﻬﻣﺎ اﻟﺑﻌض ،ﻓﻼ ﺟدوى ﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض إذا
ﺳﺑق و أن ﺗﻣت ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﺣد ذاﺗﻬﺎ ،ﻓﻘﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة ﺗﺧﺗﻠف ﻋن اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟﻣدﻧﯾﺔ.
ﻧظرا ﻟﺧﺻوﺻﯾﺔ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻷﺳرﯾﺔ ،ﻋﻣل اﻟﻣﺷرع ﻋﻠﻰ إﯾراد
ﺗﺳﻌﺔ وﺛﻼﺛونً :
اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى إﯾﻘﺎف اﻟﺗﻧﻔﯾذ ،ﺑﺄن ﺳﻣﺢ ﺑﺎﻟﺧروج ﻋن اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 2/361إﻟﻰ
اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء اﻟذي ﺗﻘررﻩ ﻧص اﻟﻣﺎدة )(452و ﻛذﻟك ﻧص اﻟﻣﺎدة ) ،(435أﯾن ﺳﻣﺢ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﻟطﻼق أو
اﻟﺗطﻠﯾق أو اﻟﺧﻠﻊ أو ﺣﺗﻰ اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺣﺻول اﻟﺗﻧﻔﯾذ رﻏم وﺟود اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض.
أرﺑﻌون :ﺑﻌد إﻋﺎدة اﻟﺳﯾر ﺑﻌد اﻟﻧﻘض و اﻹﺣﺎﻟﺔ أﻣﺎم ﻧﻔس ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة أو ﻗﺎض أﺧر
ﯾﺟد ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻧﻔﺳﻪ أﻣﺎم أﻣرﯾن؛ ﻫل ﯾﺟري ﺻﻠﺢ ﺑﯾن ﻣطﻠﻘﯾن .ﻓﯾﺻﺑﺢ اﻟزوﺟﯾن ﺣﺳﺑﻬم ﯾﻌﯾﺷﺎن ﻓﻲ
أﻣور ﻣﺣرﻣﺔ ،أو أﻧﻪ ﻣﻠزم ﺑﺎﻟﻔﺻل واﻻﻣﺗﺛﺎل إﻟﻰ ﻗرار اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎٕ ،واﻻ ﯾﻌرض ﺣﻛﻣﻪ ﻟﻠﻧﻘض ﻟﻠﻣرة
اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﻛون ﻋدم اﻻﻣﺗﺛﺎل ﻟﻬﺎ ﻣن ﻗﺑل اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻣﺣﺎل ﻟﻬﺎ ﯾﻌد ﺧرﻗﺎً ﻟﻠﻘﺎﻧون.
315
ﻧظرا ﻟﻧﻘﺎﺋص اﻟﺗﻲ ﻟﻣﺳﻧﺎﻫﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺑﺣﺛﻧﺎ ﺗﻔرض ﻋﻠﯾﻧﺎ ذﻛر ﺑﻌض اﻻﻗﺗراﺣﺎت اﻟﺗﻲ ﻧﺟﻣﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﻘﺎط
ً
اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:
:1وﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع أن ﯾﺗدﺧل وﯾﻐﯾر ﻣﺻطﻠﺢ "اﻟﺻﻠﺢ" اﻟوارد ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (50ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة
واﺳﺗﺑداﻟﻪ ﺑﻣﺻطﻠﺢ "اﻟﻌدة" ،و ذاﻟك ﺑﺗﻐﯾﯾر ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﻧص اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ أو إدراج ﻣﺎدة ﺟدﯾدة ﺗﺗﻛﻠم ﻋن اﻟﺻﻠﺢ
ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة اﻟﻌدة ،ﺣﯾث ﯾﺟب أن ﺗﻛون اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻟﺗﺎﻟﻲ ":ﯾﺟوز ﻟﻠزوج أن ﯾراﺟﻊ
زوﺟﺗﻪ أﺛﻧﺎء اﻟﻌدة ﺑدون ﻋﻘد ﺟدﯾد ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة 58ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة".
:2ﺟﺎء ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﺑﺄﺣﻛﺎم إﺟراﺋﯾﺔ ﺗﺿﺑط اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟدﻋﺎوى ،و ﺑذﻟك
ﻻزﻣﺎ أن ﯾﺗدﺧل اﻟﻣﺷرع و ﯾﻌدل ﻧﺻوص اﻟﻣواد ) (49و) (50اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺗﺻر ﻓﻘط ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق
ً أﺻﺑﺢ
ﺑﺈرادة اﻟزوج أو ﯾﺿﯾف ﻣواد ﺗﺧص اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ،أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﯾﻌﺗﻣد ﻧظﺎم اﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ
ﺗطﺑﯾق إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ،ﺣﺗﻰ ﯾﻛون اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻣﻧﺳﺟم ﻣﻊ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺷﻛﻠﻲ اﻻﺟراﺋﻲ.
:3ﯾﺟب إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص إﻟزاﻣﯾﺔ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ وﻋﻼﻗﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﺷرع
اﻟﺟزاﺋري ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﯾﺢ ﻟﻪ ﻓرﺻﺔ اﻟﺗﻌدﯾلٕ ،واﻟﻰ ﺣﯾن ذﻟك اﻟوﻗت ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﯾﺗدﺧل اﺟﺗﻬﺎد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
وﺧﺎﺻﺔ أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻫﻲ ﺻﺎﺣﺑﺔ اﻻﺟﺗﻬﺎد و اﻟﻣﻛﻠﻔﺔ ﺑﺗوﺣﯾدﻩ ﻟرﻓﻊ اﻹﺷﻛﺎل.
:4ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺗطوﯾﻊ اﻟﻧﺎس ﻷﺣﻛﺎم اﷲ ﺳﺑﺣﺎﻧﻪ ﺧﯾر ﻣن ﺗطوﯾﻊ اﻟﺷرع ﻋﻠﻰ
ﺣﺳب أﻫواء اﻟﻧﺎس و ﻣﻼذاﺗﻬم.
:5ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع أن ﯾﺿﯾف ﻧص ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و ﯾوﺿﺢ ﻣوﻗﻔﻪ ﻣن اﻷزواج اﻟذﯾن ﯾﻘﻊ طﻼﻗﻬم
واﻟذﯾن ﻻ ﯾﻘﻊ طﻼﻗﻬم ،أي ﯾﻧص ﻋﻠﻰ أﺻﻧﺎف اﻟرﺟﺎل اﻟذﯾن ﯾﻘﻊ طﻼﻗﻬم واﻟذﯾن ﻻ ﯾﻘﻊ طﻼﻗﻬم
:6إﺣداث ﻗﺎﺿﻲ ﺻﻠﺢ ﺗﺳﻧد إﻟﯾﻪ ﻣﻬﻣﺔ اﻹﺻﻼح ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،دون ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﻬﺎم واﻻﺧﺗﺻﺎﺻﺎت
ﻣرﺟﻌ ﺎ
اﻟﻣوﻛﻠﺔ ﻟﻘﺿﺎة اﻟﻣوﺿوع ،واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ إﺻدار دﻟﯾل ﻋﻣﻠﻲ ﺧﺎص ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻷﺳرة ﻟﯾﻛون ً
ﻣوﺣدا ﻟﻘﺿﺎة اﻟﺻﻠﺢ .
:7ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري أن ﯾﻘﺗدي ﺑﺎﻟﻣﺷرع اﻟﻣﻐرﺑﻲ اﻟذي أﺣﺳن ﺻﻧﻌﺎً ﺑﺎﺳﺗﺑﻌﺎدﻩ ﻓﻲ دﻋوى اﻟﺗطﻠﯾق
ﻟﻠﻐﯾﺑﺔ اﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻻﺣوال ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎة اﻻﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟطﻠب اﻟزوﺟﺔ ﺣﺎﻻً ،ﻛوﻧﻪ طﻠب
ﻣؤﺳس واﻟﻣﻔروض اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ طرﻓﺎ أﺻﻠﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﺑﻣوﺟب أﺣﻛﺎم اﻟﻣﺎدة ) 3ﻣﻛرر( ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻻﺳرة ان ﺗﻣﺎرس ﺻﻼﺣﯾﺎﺗﻬﺎ و ﺗﻘدم طﻠﺑﺎ ﺑﻌدم اﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻻﻧﻌدام اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ.
316
:8ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع أن ﯾﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎدة ﺗﺗﺿﻣن إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟﺗطﻠﯾق ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣوﺿوﻋﻲ
ﺣﺗﻰ ﺗﻧﺳﺟم ﻣﻊ اﻟﻧﺻوص اﻻﺟراﺋﯾﺔ ،و أن ﯾﺳﺗﺛﻧﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت ﻣن إﺟراءات ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ
:9أﺿﺣﻰ ﻻزﻣﺎ أن ﯾﺗدﺧل اﻟﻣﺷرع وﯾﺟﺳد اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟذي اﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ ﻗﺿﺎء اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
ﺑﺷﺄن ﻣﻧﻊ اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﺑﺄن ﯾﻌدل ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (439ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻋﻠﻰ أن ﺗﺻﺑﺢ ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﻣﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻵﺗﻲ ":ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ وﺟوﺑﯾﺔ
وﺗﺗم ﺑﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن ﺷﺧﺻﯾﺎً ودون ﺗﻣﺛﯾﻠﻬﻣﺎ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻐﯾر أو ﻫﯾﺋﺔ اﻟدﻓﺎع ،و ﺗﺗم ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ ﺳرﯾﺔ " ،وﺑذﻟك
ﺣدا ﻟﻠﻣﻣﺎرﺳﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ.
ﯾﺳد اﻟﻔراغ اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ و ﯾﺿﻊ ً
:10دﻋوة اﻟﻘﺿﺎة إﻟﻰ ﺗﻔﻌﯾل ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (442ﺑﺿرورة إﺷراك أﻓراد ﻋﺎﺋﻠﺔ اﻟزوﺟﯾن ﻫذا اﻹﺟراء ﺣﯾث
ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻬم اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ أﺣد اﻟزوﺟﯾن أو ﻛﻼﻫﻣﺎ ﺑﻬدف اﺳﺗﻣرار اﻟﺣﯾﺎة اﻟزوﺟﯾﺔ.
:11ﺣﺑذا ﻟو ﯾﺗدﺧل اﻟﻣﺷرع وﯾﺿﻊ ﻧﺻﺎً ﺑﻣوﺟﺑﻪ ﯾﺟﻌل دﻋﺎوى اﻟطﻼق ﻏﯾر ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺷطب و ﯾﻧص ﻓﯾﻪ
ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺧﻠف اﻟﻣدﻋﻲ أو ﻋدم ﻗﯾﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﻣﺳﻌﻰ اﻟذي أﻣر ﺑﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﺗؤﺟل دﻋواﻩ إﻟﻰ أﻗرب
ﺟﻠﺳﺔ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ ﯾﻔﻌل إﺟراءات اﻻﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ و ﻻ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺷطب اﻟدﻋوى ،وأﺿﺣﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ
ﺗﻔﺎدﯾﺎ ﻟﻺﺷﻛﺎل اﻟذي ﯾطرح
ً اﻟﻌﺎﻣﺔ أن ﺗﺗدﺧل و ﺗﻌﺗرض ﻋﻠﻰ ﺷطب دﻋوى طﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ،و ذﻟك
ﺑﻌد اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺎﻟﺷطب ﻓﯾﻣﺎ إن ﻛﺎﻧت اﻟزوﺟﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ أم ﻻ ،إذا ﺣدث وأن ﺗوﻓﻲ اﻟزوج ﻫل ﺗﻌﺗد ﻋدة اﻟﻣﺗوﻓﻰ
ﻋﻧﻬﺎ زوﺟﻬﺎ أم ﻻ وﻫل ﯾﺗوارﺛﺎن أم ﻻ ؟.
:12ﻟو ﯾﺗدﺧل اﻟﻣﺷرع و ﯾﺿﻊ ﻧﺻﺎً ﺑﻣوﺟﺑﻪ ﯾﺟﻌل دﻋﺎوى اﻟطﻼق ﻏﯾر ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﺗطﺑﯾق إﺟراءات اﻟﺗﻧﺎزل
ﻋن اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﻋدا ﺟواﻧﺑﻬﺎ اﻟﻣﺎدﯾﺔ .
:13ﺣﺑذا ﻟو ﯾﺿﻊ اﻟﻣﺷرع ﻧص ﯾﻠزم ﻓﯾﻪ اﻟﻘﺿﺎة ﺑﺈﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ،رﻏم ﺣدوث اﻟوﻓﺎة ﺑﻌد اﯾﻘﺎﻋﻪ ﻟﻠطﻼق
ﺣﺗﻰ وﻟو ﻗﺑل اﺻدار اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﺣﻛﻣﻪ .
:14ﻋﻠﻰ و ازرة اﻟﻌدل وﻛذا اﻟﺟﻬﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ إﺧﺿﺎع اﻟﻣﻛﻠﻔﯾن ﺑﺎﻟﻣﻬﺎم اﻟﺻﻠﺣﯾﺔ ﻟدورات ﺗﻛوﯾﻧﯾﺔ ،ﻓﻲ ﻛل
ﻗﺎﻧوﻧﺎ وﻓﻘﻬﺎً وودﻋﻣﻬﺎ ﺑﻌﻠوم اﻟﻧﻔس ﻛﻌﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎع وﻋﻠم اﻟﻧﻔس اﻟﺳﻠوﻛﻲ وﻋﻠم
ً ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ،
اﻟﺗواﺻل ،و ﺗﻔﻌﯾل اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟوﻗﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻷﺳرة ﺑدل اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
َﻔﱠﺔ ﻧﺳﺑﺔ ﻓﺷﻠﻬﺎ.
اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺻﻠﺣﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻛ ِ
َﻔﱠﺔ ﻧﺳﺑﺔ ﻧﺟﺎح ََ
اﻟﻣﺣﺿﺔ واﻟﺗﻲ أﺑﺎﻧت ﻋن ﻗﺻورﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﻐﻠﯾب ﻛ ِ
ﻧظرا ﻟﻺﻛراﻫﺎت
:13اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﻧزع اﺧﺗﺻﺎص إﺟراء اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺣﯾﺔ ﻣن ﯾد ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوعً ،
اﻟواﻗﻌﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗواﺟﻪ ﻗﺿﺎة اﻷﺳرة أﺛﻧﺎء ﺗطﺑﯾق اﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ
317
:14ﺿرورة إدراج ﺗﻛوﯾن ﺧﺎص ﻟﻘﺿﺎة ﺷؤون اﻷﺳرة ﺷﺑﯾﻪ ﺑﺗﻛوﯾن ﻗﺿﺎة اﻷﺣداث ،اﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺿرورة
ﺗدﻋﯾم ﻗﺿﺎة ﺷؤون اﻷﺳرة ﺑﻣﺧﺗﺻﯾن ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺷؤون اﻷﺳرة وﻣﺷﺎﻛﻠﻬﺎ ،ﺣﺗﻰ ﯾﻘدﻣوا اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻋﻠﻰ ﻓﻬم
ﻣﺷﺎﻛل اﻷﺳرة وﺣﻠﻬﺎ.
:15دﻋوة ﻗﺿﺎة اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أن ﯾﻘرروا ﺣﻔظ اﻟﻣﻠف ،إذا ﺣﺻل ﺗﺣرﯾك اﻟدﻋوى اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ ﺑﻣوﺟب ﺷﻛوى
ﻣن اﻟزوج اﻟذي ﯾزﻋم اﻟﺿرر ،ﻣﺗﻰ ﺣﺻل اﻟزوج ﻋﻠﻰ ﻗرار ﻣن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻗﺿﻰ ﺑﻧﻘض اﻟﺣﻛم
اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،وﺗﻛون اﻟﻣرآة ﻗد ﺗزوﺟت ﺑﻌد أن ﺑﺎﻧب ﻣن زوﺟﻬﺎ واﻧﻘﺿت ﻋدﺗﻬﺎ .
:16وﻓﻲ ﺣﺎل ﺗﺣرﯾك اﻟدﻋوى اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ وﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﺳﯾدة اﻻﺟﻧﺑﯾﺔ ﺑﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺻرح
ﺑﺑراءة اﻟﺳﯾدة ﻻﻧﻌدام اﻟﻘﺻد اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻟﻠﺧروج ﻣن ﻫذا اﻟﻣﺄزق ،ﻷن اﻟزوﺟﯾﺔ ﻏﯾر ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻟم ﯾﺗﻛﻠم
ﻋن ﺣﻛم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ٕ ،واﻧﻣﺎ ﺗﻛﻠم ﻋن ﺣﺎﻟﺔ ﻗﯾﺎم اﻟزوﺟﯾﺔ.
:17ﯾﺟب أن ﻻ ﯾﻌﺎﻣل ﺣﻛم اﻟطﻼق ﻛﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻌﻘود اﻟﻣدﻧﯾﺔ أو اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﻻﺧرى ﺑﺈﻋﺎدة اﻷطراف إﻟﻰ
اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻋﻠﯾﻬﺎ ،ﻓﻔﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻷﺷﺧﺎص و اﻟطﻼق و اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ و اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﯾﺳﺗﺣﯾل
ارﺟﺎﻋﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎن ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﺣﺟﺔ ﻋدم اﺣﺗرام ﻗﺎﻋدة إﺟراﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون.
:18إﺷﻌﺎر اﻟﻘﺿﺎة ﺑﺎﻧﻌدام اﻟﻌﺎﺟز ﻣن أن ﯾﻠﺗزﻣوا ﺑﺣرﻓﯾﺔ اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺣﯾث ﻻ ﯾﺗرك اﻟﻣﺟﺎل ﻷي
طرف ﻓﻲ إﺛﺎرة ذﻟك ﻛوﺟﻪ ﻣن أوﺟﻪ اﻟطﻌن ﻟدى اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻟﻛﻲ ﯾﺗرك ﻟﻬﺎ ﻣﺟﺎل ﻣﺎ ﻫو ﺟدي ﻓﻲ
ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﺳﻠﯾم ﻟﻠﻘﺎﻧون ،ﻫﻧﺎك ﻣواد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ وردت ﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ و اﻟﺗﻲ
ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎة اﺣﺗراﻣﻬﺎ واﻻﻟﺗزام ﺑﻬﺎ ،ﺣﺗﻰ و ﻟو ﻟم ﺗﺿﻊ ﺟزاء اﻟﺑطﻼن.
:19ﺿرورة إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت ﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻷن ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻹﺟراءات ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗراﻋﻰ ﺳﺗﺳﺗﻐل ﻣن
اﻷطراف ﺧﻼل اﻟطﻌن،و اﻟدﻓﻊ ﺑﺧرق اﻷﺷﻛﺎل اﻟﺟوﻫرﯾﺔ أو ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻗﺎﻋدة ﺟوﻫرﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﺟراءات.
:20إﺷﻌﺎر اﻟﻘﺿﺎة إﻟﻰ ﺿرورة ﻋدم اﻫﻣﺎل اﻟﺣﻛم اﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻛوﻧﻪ ﺣﻛم اﺑﺗداﺋﻲ
وﻧﻬﺎﺋﻲ ،ﻓﻬو ذو طﺎﺑﻊ ﻧﻬﺎﺋﻲ ،و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣراﺟﻌﺔ اﻟﺣﻛم اﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ أو ﺑﻔك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺄي طرﯾﻘﺔ ﻛﺎﻧت ،ﻓﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ أو ﻏﯾرﻩ ﻣن أﻧواع ﻓك
اﻟراﺑطﺔ ﯾﺗﻣﯾز أﻧﻪ ذو طﺎﺑﻊ ﺧﺻوﺻﻲ وﻧﻬﺎﺋﻲ ،ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻟﻠﻣراﺟﻌﺔ ،و اﻟطﻼق اﻟﻣﻧطوق ﺑﻪ ﺑﺎﺋن –ﻣﺎ ﻟم
ﯾﻛن رﺟﻌﻲ ،ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟزوﺟﺔ أﺟﻧﺑﯾﺔ ﻋن اﻟزوج ،و ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻘﺿﺎة اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ أن ﯾﻬدﻣوا
اﻟطﻼق اﻟذي ﻧطق ﺑﻪ ٕواﻻ وﻗﻌوا ﻓﻲ اﻹﺛم ،ﻓﻠو رﺟﻌت اﻟزوﺟﺔ إﻟﻰ زوﺟﻬﺎ ﺑﻌد أن ﯾﻠﻐﻲ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺣﻛم ﺑﻔك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﺈن اﻟرﺟل و اﻟﻣرأة ﯾﺻﺑﺣﺎن ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟزاﻧﯾﺎن و ﯾﻘﻌﺎن ﻓﻲ اﻹﺛم.
318
ٕ :21وان ﻛﺎن اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض اﻟﻣرﻓوع ،ﻻ ﻓﺎﺋدة ﻟﻪ و ﻻ ﯾﻐﯾر ﻓﻲ اﻷﻣر ﺷﯾﺋﺎ ﻣدام اﻟطﻼق ﻧﻬﺎﺋﻲ وﻷن
طﺑﯾﻌﺗﻬﺎ ﺗﺄﺑﻰ ذﻟك ،ﻓﻛﺎن ﻣن اﻷﺟدر أن ﻻ ﯾﻛون اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض إﻻ ﻓﻲ اﻟﺷق اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﻣور اﻟﻣﺎدﯾﺔ .
:22إﺷﻌﺎر اﻟﻘﺿﺎة ﺑﺄن ﺑﻌض اﻟطﻌون اﻟﺗﻲ ﺗرﻓﻊ أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ واﻟراﻣﯾﺔ إﻟﻰ ﻧﻘض اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة
ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻋدم ﻣراﻋﺎة إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ أو ﻋدم دﻋوة اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻷطراف ﻹﺟراﺋﻪ،
ﺑﺿرورة ﻋدم ﻗﺑوﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻧﻌدام ﺷروط اﻟﺑطﻼن اﻹﺟراﺋﻲ اﻟﻣﻘرر ﻟﻸﻋﻣﺎل اﻻﺟراﺋﯾﺔ ﻟﻐﯾﺎب ﻗﺎﻋدﺗﻲ
ﻻ ﺑطﻼن إﻻ ﺑﻧص و ﻻ ﺑطﻼن إﻻ ﺑﺿرر ،وﻋدم اﻧطﺑﺎﻗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﻘﻠﯾص اﻟطﻌون
اﻟﻣرﻓوﻋﺔ أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ .
ﻧﻬﺟﺎ و ﻣﻣﺎرﺳ ًﺗﺎ ﻫو ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرﻓﻊ طﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﺿد ﺣﻛم ﺻﺎدر ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ
:23إن ﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﺗﻛرﯾﺳﻪ ً
اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﯾﺟب أن ﯾﻧﺗﻬﻲ ﻫذا اﻟطﻌن إﻟﻰ ﻋدم اﻟﻘﺑول ،ﻛوﻧﻪ ﻏﯾر ﺟﺎﺋز و ﻷﻧﻪ ﯾﻣس ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم وﺑﺎﻟﻌدة
و ﺑﺄﺣﻛﺎم ﻗطﯾﻌﺔ واردة ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم.
:24ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع أن ﯾﻧص ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﺗﻌدﯾﻠﻪ ﻟﻘﺎﻧون اﻷﺳرة
ﻛﺗﻛﻣﻠﺔ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة) ( 57ﺑﺄن ﯾﻧص ﺻراﺣﺔ -ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ -ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻷﺗﻲ ":ﺑﺄن أﺣﻛﺎم اﻟطﻼق
و اﻟﺗطﻠﯾق و اﻟﺧﻠﻊ و اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﻻ ﺗﻘﺑل أي طرﯾق ﻣن طرق اﻟطﻌن ،إﻻ ﻣﺎ ﺗﻌﻠق ﺑﺟواﺑﻬﺎ اﻟﻣﺎدﯾﺔ وﻛذا
اﻟﺣﺿﺎﻧﺔ " ،و ﺑﻬذا ﯾﺣل اﻹﺷﻛﺎل ﺑﺄن ﯾﻐﻠق ﻣﺟﺎل اﻟطﻌن وﻫذا ﻫو اﻟﻣﻧطق ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن
اﻷﺣﻛﺎم ﻻ ﺗﻘﺑل اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺟزﯾﺋﯾﺔ ،و ﺣﺗﻰ اﻟﻣﻌﺎرﺿﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟطﻼق ﻧﻬﺎﺋﻲ و ﻻ
ﯾﻘﺑل ﻻ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف و ﻻ اﻟﻣﻌﺎرﺿﺔ و ﻻ اﻟﺗﻣﺎس وﻻ اﻋﺗراض اﻟﻐﯾر اﻟﺧﺎرج ﻋن اﻟﺧﺻوﻣﺔ.
:24دﻋوة اﻟﻘﺿﺎة واﻟﻣﺣﺎﻣﯾن اﻟﻰ اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﻘواﻋد اﻻﺟراﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗررﻫﺎ اﻟﻣﺷرع ﺗﺣت طﺎﺋﻠﺔ اﻟﺑطﻼن
ﻓﻼ ﯾﻌﺗرف ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ﺻراﺣﺔ ﻣﻊ إﺛﺑﺎت اﻟﺿرر ،وﻋدم اﻻﻛﺗﻔﺎء
ﺑﺎﻟﻧص اﻟﺿﻣﻧﻲ ﺑﺄن ﯾﺳﺗﻌﻣل اﻟﻣﺷرع ﻋﺑﺎرة ﻧﺎﻫﯾﺔ أو ﻧﺎﻓﯾﺔ ﻛﻌﺑﺎرة " ﻻ ﯾﺟوز" أو "ﯾﺟب" .ﻓﻼ ﯾﺟوز اﻟﺣﻛم
اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﻋدم اﻟﻧص ﻋﻠﯾﻪ ﺻراﺣﺔ ،وﻻ ﻣﺟﺎل ﻟﻼﺟﺗﻬﺎد ﻟﺻراﺣﺔ اﻟﻧص.
ً ﺑﺎﻟﺑطﻼن
:25اﻟﺟدﯾر ﺑﺎﻟﺗذﻛﯾر أن وظﯾﻔﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣراﻗﺑﺔ ﻣدى اﺣﺗرام ﺗطﺑﯾق اﻟﻘﺎﻧون ،ﻓﯾﺟب
ﻋﻠﯾﻬﺎ أن ﻻ ﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺣﯾث ﻧﺟدﻩ ﺗﻬﺗم ﻋﻠﻰ اﺣﺗرام اﻟﻘواﻋد اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﺑدﻋوى ﺿرورة
ﻣراﻋﺎة إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺣﯾن أﻫﻣﻠت اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ،ﻟﻣﺎ ﺗﻧﻘض أﺣﻛﺎم ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻗﺿت ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ و ﻟم ﺗﺣﺎول ﺑذل ﺟﻬد ﻟﺗﺣدﯾد ﺧطورة اﻵﺛﺎر اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ واﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﺑﻌد ﻧﻘﺿﻬﺎ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔك
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ و اﻟﻣﺗﻣﯾز ﺑﺧﺎﺻﯾﺗﻲ اﻟﻧﻬﺎﺋﯾﺔ واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﻘطﻌﯾﺔ.
319
اﻟﺣﻛَﻣﯾن ﺑﺷﻛل ﯾﺿﻣن ﻣﺳﺎﻋدة اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ أداء ﻣﻬﺎﻣﻪ اﻟﺻﻠﺣﯾﺔ
:26ﺗﻔﻌﯾل اﻟ ﻧﺻوص اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻌﻣل َ
ﻋﻠﻰ أﺣﺳن وﺟﻪ ،ﻣﻊ اﻟﺗﻘﯾد ﺑﺎﻟﻘواﻋد اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻷﺳري .
:27ﺿرورة اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﻣؤﺳﺳﺎت ﺧﺎرج اﻟﺟﻬﺎز اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ واﻧﺗداﺑﻬﺎ ﻣن أﺟل إﺟراء اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺣﯾﺔ،
وﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ أﺛﺑﺗت ﻓﻌﺎﻟﯾﺗﻬﺎ وﻧﺟﺎﻋﺗﻬﺎ ،ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺷﺄن ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣﺟﺎﻟس اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻌرﻓﻲ واﻹرﺷﺎد
اﻷﺳري ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻘﺑﺎﺋل ،ووادي ﻣﯾزاب وﺗدﺧل اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ،وﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،وﻣﺟﺎﻟس اﻟﺻﻠﺢ
اﻟﻌرﻓﯾﺔ اﻟﻣوﺟودة ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﺟد ،ﻟﻣﺎ ﻟﻬﺎ ﻣن دور ﻓﻌﺎل ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺳرة وﺣﻘوق أﻓرادﻫﺎ واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ
دﻋﻣﻬﺎ ﺣﺗﻰ ﺗﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺗﻌزﯾز ﺗﻣﺎﺳك اﻷﺳر وﺣﻣﺎﯾﺗﻬﺎ ﻣن اﻟﺗﻔﻛك.
:28ﺿرورة اﻟﻧص ﻋﻠﻰ اﻟطﻼق اﻟﺳﻧﻲ و اﻟطﻼق اﻟﺑدﻋﻲ ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻻﺳﺗﺷﻌﺎر اﻟوازع اﻟدﯾﻧﻲ ،ﻓﯾﻣﺗﻧﻊ اﻟزوج
ﻋن إﯾﻘﺎع طﻼق اﻟﺑدﻋﺔ ،وﯾرﺟﺋﻪ اﻟزوج إﻟﻰ ﺣﯾن طﻬر اﻟزوﺟﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﻧﺳﺟم ذﻟك ﻣﻊ ﻋدﺗﻬﺎ .
:29ﯾﺟب إﺣداث ﻗﺎﻧون اﺟراﺋﻲ أﺳري ﻣﺳﺗﻘل ﯾﺗﻧﺎول ﺑﺎﻟﺗﻔﺻﯾل ﺟﻣﯾﻊ اﻹﺟراءات اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺗطﺑﯾق
اﻟﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻷﺳرﯾﺔ ،ﺳواء ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻻﺧﺗﺻﺎص أو اﻹﺟراءات أو اﻷﺣﻛﺎم ،وذﻟك ﻟﺗدﻋﯾم اﻟﺗدﺧل
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻷﺳري اﻟذي ﯾﺗﻣﯾز ﺑطﺎﺑﻊ ﺧﺎص ،وﻣن ﺛم ﻓﻬو ﺑﺣﺎﺟﺔ ﻟﻘﺎﻧون اﺟراءات ﯾﻌﻣل ﺑﺂﻟﯾﺎت
ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻷﺳري.
:30ﻧدﻋو ﻫﯾﺋﺔ اﻟدﻓﺎع اﻟﺗﻲ ﻟﻬﺎ ﻛل اﻟﺗﻘدﯾر أن ﺗﺳﺎﻋد اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻣﻛﻠف ﺑﺈﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻷﻧﻪ ﻫو
اﻷﺻل ﻓﻲ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ،و ﯾﻼﺣظ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ اﻧﻪ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘﯾد طﻠب اﻟطﻼق ﺑﻣﺧﺗﻠف ﺻورﻩ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ
ﯾذﻛر أي ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﻌرﯾﺿﺔ ﺣﺗﻰ ﯾﺗﯾﺢ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ،و ﻻ ﯾﺣﻣل أي طرف ﺗﺟرﯾﺢ أو ﺗظﻠﯾم
ﻟﻠطرف اﻵﺧر ،و ﻟذﻟك ﯾرى اﻻﺳﺗﺎذ ﻟﻣطﺎﻋﻲ ان ﯾﻣﻧﻊ اﻟﻘﺎﺿﻲ او اﻟﻣﺷرع ﺗﺑﺎدل اﻟﻣذﻛرات اﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ ﻓﺷل
إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ.
:31ﺗﻌﯾﯾن ﻗﺎض ﺻﻠﺢ ﻣﻧﻔرد ﻋن ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻣوﺿوع ﺣﺗﻰ ﯾﺗﻔرغ ﻟﻠﺻﻠﺢ و ﺗﻘﻧﯾﺎﺗﻪ وﻣﻧﺣﻪ ﻛﺎﻓﺔ اﻟوﺳﺎﺋل
اﻟﻣﺎدﯾﺔ و اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ واﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺿرورﯾﺔ ﻷﺟل اﻟﺗﺻدي ﻷﻏﻠب اﻟﻣﺷﺎﻛل اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ،اﻷﻣر اﻟذي
ﯾﺗطﻠب ﺗﺧﺻﯾص ﻗﺿﺎة ﻟﻬم ﺧﺑرة واﺳﻌﺔ و ﺗﻛوﯾن ﻣﻌﻣق ﻓﻲ ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻷﺳرة و ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ طرﯾﻘﺔ ﻓض
اﻟﻧزاﻋﺎت اﻷﺳرﯾﺔ .
320
:32إﺷراك اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣدﻧﻲ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ و اﻟﺟﻣﻌﯾﺎت و ﻛذا و ﺳﺎﺋل اﻹﻋﻼم ﻣن اﺟل اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟطﻔل
و اﻷﺳرة ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺣﻘق اﻻﺳﺗﻘرار اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻓﺈن ﻛﺎن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ
ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺑﻧﻰ إﺟراءات ﺗﺗﺑﻊ ﻓﻲ ﻗﺳم ﺷؤون اﻻﺳرة ﻓﺎن ﻣرور 6ﺳﻧوات ﻣن وﺿﻌﻬﺎ ﺣﯾز اﻟﺗﻧﻔﯾذ
أظﻬرت اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺑﻌض اﻟﻘﺻور ﻓﻲ اﻟﻣﯾدان اﻟﻌﻣﻠﻲ ،و ﻛذا ﻋدم ﺗﻔﻌﯾل اﻟﻧﺻوص و ﺗرﻛﻬﺎ ﺟﺎﻣدة ﻣﻣﺎ
ﯾﺗﺣﺗم اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ اﻻﺻﻼح ﻫذا اﻟﺧﻠل
:33ﯾﺟب أن ﯾﻧﺗﺑﻪ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﻪ اﻟدﻋوى إﻟﻰ اﻟطﻠب اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻟطﺎﻟب ﻓك
ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻹرادةاﻟﻣﻧﻔردة طﺑﻘً ﺎ ﻟﻧص اﻟﻣﺎدة) (48ﻣن ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﺑﯾن ﻣﺎ إذا ﺗﻌﻠق
اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ً
اﻟطﻠب ﺑﺈﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ،وﺑﯾن إﺛﺑﺎت واﻗﻌﺔ اﻟطﻼق ،ﻷﻧﻪ ﻗد ﺗﺣﺻل اﻟوﻓﺎة ﺑﻌد ﻣﺎ ﺗرﻓﻊ دﻋوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ
وﯾﺗزاﻣن واﻟﻘﺿﯾﺔ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻷن اﻻﺛﺎر اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﺗﺧﺗﻠف.
:34ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة أن ﻻ ﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗوﺳﯾﻊ ﻧطﺎق داﺋرة رﻓض دﻋﺎوى اﻟﺗطﻠﯾق ﻻﻧﻌدام
اﻻﺛﺑﺎت أو ﻟﻌدم اﻟﺗﺄﺳﯾس ﻓﻲ ﺣل ﻓﺷل ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ،ﻓﻬﻧﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﻣﻧﺢ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﺗﺧﺎذ إﺟراء أﺧر وﻫو
ﺗﻌﯾﯾن ﺣﻛﻣﯾن ﻣن أﻫل اﻟزوﺟﯾن ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻣن ﺟدﯾد وﻓﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﺣﺗﻰ ﻻ ﯾﺑﻘﻲ
اﻷﻣر ﯾﻠﻔﻪ اﻟﻐﻣوض واﻹﺑﻬﺎم وﯾﻠوح ﻓﻲ اﻷﻓق اﻧﻪ ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ ﺣل اﻟﻧزاع ﺑﺷﻛل ودي و ﻻﺳﯾﻣﺎ
ان اﻟﺿرر ﻟم ﯾﺛﺑت ،ﻓﯾﻌود ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ﺻﻼﺣﯾﺔ اﻧﺗداب ﺣﻛﻣﯾن ﻟﺗﻘﺻﻲ اﻟﺣﻘﺎﺋق وﺗﺟدﯾد ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ
ﻹﻧﻬﺎء اﻟﺷﻘﺎق اﻧﺳﺟﺎﻣﺎ ﻣﻊ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻣﺗﻛﺎﻣل ﺑﺧﺻوص ﺗﺳوﯾـﺔ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟزوﺟﯾﺔ.
:35ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ أن ﺗﺻرح ﺑرﻓض اﻟطﻌن ﻛﻠﻣﺎ ﺗوﻓرت أﺳﺑﺎب اﻧﻌدام ﺷروط اﻟﺑطﻼن اﻹﺟراﺋﻲ
اﻟﻣﻘرر ﻟﻸﻋﻣﺎل اﻹﺟراﺋﯾﺔ و ﻏﯾﺎب ﻗﺎﻋدﺗﻲ ﻻ ﺑطﻼن إﻻ ﺑﻧص و ﻻ ﺑطﻼن إﻻ ﺑﺿرر.
:36ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗﺣرى طﻠب اﻟﺧﻠﻊ ﻓﯾﻣﺎ إن ﻛﺎﻧت ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣظﺎﻫر اﻟﻛراﻫﺔ ﺑﺎدﯾﺔ وﻫو اﻟﺧﻠﻊ
اﻟﻣﺳﺎﯾر ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻟﻠﺷرع اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﺑﯾن اﻟطﻠب اﻟذي ﻻ ﯾﻣت ﺑﺄي ﺻﻠﺔ ﻟﻠﺷرع ﻛون ﻣظﺎﻫر اﻟﻛراﻫﺔ ﻏﯾر
ﺑﺎدﯾﺔ.
:37ﻟﺗﻔﺎدي إﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﯾﺳﺗﺣﺳن أن ﯾﺷﯾر ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ إﻟﻰ ﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ دار ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻣن
اﻻﻟﺗزاﻣﺎت ﺑﺎﻟﺗدﻗﯾق وﻛذا ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺂﺛﺎر اﻷﺳرة.
ﺗﻌﺗﺑر ﻫذﻩ ﺑﻌض اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ و اﻟﻣﻘﺗرﺣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗوﺻﻠت إﻟﯾﻬﺎ ﻣن ﺧﻼل ﺑﺣﺛﻲ ﻫذا ،راﺟﯾﺎً أن أﻛون ﻗد
وﻓﻘت ﻓﻲ ذﻟك ،ﻟﺗﺣﻘﯾق ﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﺧﯾر ﻟﻸﻣﺔ واﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ .
321
أﻗر و أﻋﺗرف ﺑﺎﻟﻌﺟز واﻟﻘﺻور
ﻓﺈﻧﻲ ﻻ أ دﻋﻲ اﺳﺗﯾﻔﺎء اﻟﻣوﺿوع ﺣﻘﻪ ﺑﺎﻟﺷﻛل اﻟﻣطﻠوب ،ﺑل إﻧﻧﻲ ّ
ﻓﻲ ﻣﻘﺎرﺑﺗﻪ ﻣن ﻣﺧﺗﻠف ﺟواﻧﺑﻪٕ ،وان ﻛﺎن ﻻ ﯾﻔﻲ ﺑﺎﻟﻣراد ﻓﻠﻌﻠﻪ ﯾﻛﻔﻲ ﻣن اﻟﻘﻼدة ﻣﺎ أﺣﺎط ﺑﺎﻟﻌﻧق وﺳﺑﺣﺎن
ﻣن اﺗﺻف ﺑﺎﻟﻛﻣﺎل،
وﻓﻲ اﻟﺧﺗﺎم أود أن أﺗﻘدم ﺑﺧﺎﻟص ﺷﻛري ،وﻓﺎﺋق ﺗﻘدﯾري ﻟﻔﺿﯾﻠﺔ اﻷﺳﺗﺎذ اﻟدﻛﺗور ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن
ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺿﻠﻪ ﺑﻘﺑول اﻹﺷراف ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻌﻣل ،وﺗﺗﺑﻌﻪ ﺑﻛل ﻋﻧﺎﯾﺔ واﻫﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﺗوﺟﯾﻪ واﻟﺗﺻوﯾب طﯾﻠﺔ ﻣدة
إﻧﺟﺎزﻩ ﻓﻠﻪ ﻣﻧﻲ ﻛل اﻟﻣودة واﻟﺗﻘدﯾر.
ﻛﻣﺎ أﺗوﺟﻪ ﺑﺟزﯾل اﻟﺷﻛر و ﻋظﯾم اﻻﻣﺗﻧﺎن ﻷﻋﺿﺎء اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻣوﻗرة ﺑﻣﺎ ﻓﯾﻬم اﻟرﺋﯾس و اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﯾن
ﻋﻠﻰ ﺗﺗﺑﻌﻬم ﻟﻬذا اﻟﺑﺣث ﺑﺎﻟﺗﻘوﯾم واﻟﺗﺳدﯾد ،و ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻣﻠﻬم ﻋﻧﺎء ﻗراءة ﻫذا اﻟﻌﻣل ،وﺟﻬدﻫم ﻓﻲ ﺗﺻﺣﯾﺣﻪ
وﺗﺳدﯾدﻩ وﻋﻠﻰ وﻗﺗﻬم اﻟﺛﻣﯾن ﻓﻲ ﺳﺑﯾل دراﺳﺔ وﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻫذا اﻟﻌﻣل اﻟﻣﺗواﺿﻊ ،وﺗﺣﯾﺔ ﻣودة وﻣﺣﺑﺔ واﺣﺗرام
ﻟﻛل أﺳﺎﺗذﺗﻲ ﺑﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ،-1 -و أﺳﺄل اﷲ ﺗﺑﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﯾﺟﻌل ذﻟك ﻓﻲ ﻣﯾزان
ﺣﺳﻧﺎﺗﻬم وأن ﯾ ﺑﺎرك ﻓﻲ ِﻋﻠﻣﻬم وأﻋﻣﺎرﻫم واﻟﺣﻣد ﷲ رب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾن.
322
319
320
321
322
323
324
اﻟﻤﺼﺎدر واﻟﻤﺮاﺟﻊ
- /Iاﻟﻣﺻﺎدر:
-اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم .
-1اﻟﻛﺗب:
أ/ﻛﺗب اﻟﺳﻧﺔ :
-1اﻹﻣﺎم اﺑن ﺣﺟر اﻟﻌﺳﻘﻼﻧﻲ ،ﻓﺗﺢ اﻟﺑﺎري ،ﺷرح ﺻﺣﯾﺢ اﻟﺑﺧﺎري ،اﻟﺟزء اﻟﺧﺎﻣس ،دار اﺣﯾﺎء اﻟﺗراث
اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻟﺑﻧﺎن . 1402
-2اﻹﻣﺎم اﺑن ﺣﺟر اﻟﻌﺳﻘﻼﻧﻲ ،ﻓﺗﺢ اﻟﺑﺎري ،ﺷرح ﺻﺣﯾﺢ اﻟﺑﺧﺎري ،اﻟﺟزء اﻟراﺑﻊ ،اﻟﻣطﺑﻌﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ،
ﻟﺑﻧﺎن ،ﺳﻧﺔ 1243ص . 405
-3اﻟﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ،ﺑﺎب اﻟﺧﻠﻊ وﻛﯾف اﻟطﻼق ﻓﯾﻪ ،اﻟﺟزء ،16ﻣن ﻣوﻗﻊ اﻹﺳﻼمwww.al- .
islam.com
-4ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﯾﺳﻰ ﺑن ﺳورة ،اﻟﺟﺎﻣﻊ اﻟﺻﻐﯾر ،ﺗﺣﻘﯾق و ﺷرح أﺣﻣد ﻣﺣﻣد ﺷﺎﻛر ،دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
ﻟﺑﻧﺎن ،دون ﺳﻧﺔ ﻧﺷر.
ب/اﻟﻛﺗب اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ:
* /اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ:
-1اﻟﺻﺎدق ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن اﻟﻐرﯾﺎﻧﻲ ،ﻣدوﻧﺔ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻣﺎﻟﻛﻲ وادﻟﺗﻪ ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻟث ﻣؤﺳﺳﺔ اﻟرﯾﺎن ،ﻟﺑﻧﺎن. ،
.2002
-2ﻋﺑد اﷲ ﺑن اﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻣﻐﻧﻲ واﻟﺷرح اﻟﻛﺑﯾر ،ﻛﺗﺎب اﻟﺻﻠﺢ ،اﻟﺟزء اﻟﺧﺎﻣس دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌرﺑﻲ
دون ﺑﻠد اﻟﻧﺷر . 1983
* /اﻟﻣذﻫب اﻟﺣﻧﻔﻲ:
-1اﺑن ﻋﺎﺑدﯾن ﺣﺎﺷﯾﺔ ،رد اﻟﻣﺣﺗﺎر ﻋﻠﻰ اﻟدر اﻟﻣﺧﺗﺎر ﺷرح ﺗﻧوﯾر اﻻﺑﺻﺎر ،اﻟﺟزء اﻟﺧﺎﻣس ،دار اﻟﻔﻛر
دون ﺑﻠد اﻟﻧﺷر .1979
-2اﻻﻣﺎم أﺑو ﺑﻛر ﺑن ﻣﺳﻌود ﺑن أﺣﻣد اﻟﻛﺎﺳﺎﻧﻲ اﻟﺣﻧﻔﻲ ﻋﻼء اﻟدﯾن ،ﺑداﺋﻊ اﻟﺻﻧﺎﺋﻊ ،اﻟﺟزء اﻟﺧﺎﻣس
اﻟﻣطﺑﻌﺔ اﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ دون ﺑﻠد اﻟﻧﺷر1328 ،ﻫـ.
325
-3اﻻﻣﺎم اﻟﻛﺎﺳﺎﻧﻲ ،ﺑداﺋﻊ اﻟﺻﻧﺎﺋﻊ ،اﻟﺟزء اﻟﺳﺎدس ،دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻟﺑﻧﺎن ،دون ﺳﻧﺔ ﻧﺷر.
-4ﻋﺑد اﷲ ﺑن ﻣﺣﻣود ﺑن ﻣودود اﻟﻣوﺻﻠﻲ اﻟﺣﻧﻔﻲ ،اﻻﺧﺗﯾﺎر ﻟﺗﻌﻠﯾل اﻟﻣﺧﺗﺎر ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻟث ،دار
اﻟﻣﻌرﻓﺔ ،ﻟﺑﻧﺎن.
* /اﻟﻣذﻫب اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ:
-ﻣﺣﻣد اﻟﺧطﯾب اﻟﺷرﺑﯾﻧﻲ ،ﻣﻐﻧﻲ اﻟﻣﺣﺗﺎج ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ ،دار اﻟﻔﻛر ،1996 ،دون ﺑﻠد اﻟﻧﺷر .
* /اﻟﻣذﻫب اﻟﺣﻧﺑﻠﻲ:
-اﺑن ﻗداﻣﺔ اﻟﻣﻘدﺳﻲ ،ﻣوﻓق اﻟدﯾن ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﷲ ﺑن اﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد ،اﻟﻣﻐﻧﻲ واﻟﺷرح اﻟﻛﺑﯾر ،اﻟﺟزء
اﻟراﺑﻊ ،دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌرﺑﻲ ،دون ﺑﻠد اﻟﻧﺷر.1983،
ج/ﻛﺗب اﻟﻠﻐﺔ:
-1اﺑن ﻓﺎرس ،أﺑو اﻟﺣﺳﯾن أﺣﻣد ﺑن ﻓﺎرس ﺑن زﻛرﯾﺎ ،ﻣﻌﺟم ﻣﻘﺎﯾس اﻟﻠﻐﺔ ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻟث ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ
ﺷرﻛﺔ وﻣطﺑﻌﺔ اﻟﺑﺎﺑﻲ اﻟﺣﻠﺑﻲ و أوﻻدﻩ ،ﻣﺻر1956-م .
-2أﺣﻣد زﻛﻲ ﺑدوي إﺑراﻫﯾم ،اﻟﻘﺎﻣوس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻓرﻧﺳﻲ -ﻋرﺑﻲ ،ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻟﺑﻧﺎن ،ﺑدون ﺳﻧﺔ.
اﻹﻣﺎم ﺑن ﻣﺳﻌود ﺑن أﺣﻣد اﻟﻛﺎﺳﺎﻧﻲ اﻟﺣﻧﻔﻲ ﻋﻼء اﻟدﯾن أﺑو ﺑﻛر ،ﺑداﺋﻊ اﻟﺻﻧﺎﺋﻊ ،اﻟﺟزء اﻟﺧﺎﻣس
اﻟﻣطﺑﻌﺔ اﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ دون ﺑﻠد اﻟﻧﺷر1328 ،ﻫـ.
-3ﻋﺑد اﷲ ﺑن اﺣﻣد ﺑن ﻣﺣﻣد اﻟﻣﻐﻧﻲ واﻟﺷرح اﻟﻛﺑﯾر ،ﻛﺗﺎب اﻟﺻﻠﺢ ،اﻟﺟزء اﻟﺧﺎﻣس دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﻌرﺑﻲ
دون ﺑﻠد اﻟﻧﺷر . 1983
-4اﻟﻘرام اﺑﺗﺳﺎم ،اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري ،ﻗﺎﻣوس ﺑﺎﻟﻠﻐﺗﯾن اﻟﻌرﺑﯾﺔ و اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ
ﻗﺻر اﻟﻛﺗﺎب ،اﻟﺟزاﺋر دون ﺳﻧﺔ اﻟﻧﺷر.
-5ﻣرﺗﺿﻰ اﻟﺣﺳﯾﻧﻲ اﻟزﺑﯾدي ﻣﺣﻣد ،ﺗﺎج اﻟﻌروس ﻣن ﺟواﻫر اﻟﻘﺎﻣوس ،اﻟﺟزء اﻟﺳﺎدس ،دار اﻟﺗراث
اﻟﻌرﺑﻲ ودار اﻟﺟﯾل ،اﻟﻌراق ،دون ﺳﻧﺔ ﻧﺷر.
:/IIاﻟﻣراﺟﻊ اﻟﻣﻌﺎﺻرة:
-1اﻟﻛﺗب اﻟﻌﺎﻣﺔ :
-1اﻹﻣﺎم ﻣﺎﻟك ﺑن أﻧس ،اﻟﻣدوﻧﺔ اﻟﻛﺑرى اﻟﺟزء اﻟراﺑﻊ ،دون دار ﻧﺷر ،ﺳﻧﺔ 1422ﻫﺟري.
-2ﺑرﺑﺎرة ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ،ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﻣﻧﺷورات ﺑﻐدادي
اﻟﺟزاﺋر.2009،
326
-3ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،اﻟﻣﻧﺗﻘﻰ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،اﻟﺟزء اﻷول ،دار ﻫوﻣﻪ
اﻟﺟزاﺋر.2005،
-4ﺑن اﻟﺷﯾﺦ آث ﻣﻠوﯾﺎ ﻟﺣﺳﯾن ،رﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ طﻼق اﻟﺧﻠﻊ – دراﺳﺔ ﻓﻘﻬﯾﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ وﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ -ﺳﻠﺳﻠﺔ
دراﺳﺎت ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ دار ﻫوﻣﻪ ،اﻟﺟزاﺋر.2013 ،
-5ﺑوﺿﯾﺎف ﻋﺎدل ،اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻟﺟﻣﯾﻊ
اﻟﺟﻬﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،اﻟﺟزء اﻷول ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻛﻠﯾك ﻟﻠﻧﺷر ،اﻟﺟزاﺋر2012. ،
-6ﺗﺷوار اﻟﺟﯾﻼﻟﻲ ،اﻟزواج واﻟطﻼق ﺗﺟﺎﻩ اﻻﻛﺗﺷﺎﻓﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ و اﻟﻌﻠوم اﻟطﺑﯾﺔ و اﻟﺑﯾوﻟوﺟﯾﺔ ،دون طﺑﻌﺔ
دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ،اﻟﺟزاﺋر2001. ،
-7ﺗﻘﯾﺔ ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ،ﻗﺿﺎﯾﺎ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻣن ﻣﻧظور اﻟﻔﻘﻪ و اﻟﺗﺷرﯾﻊ و اﻟﻘﺿﺎء ،ﻣﻧﺷورات ﺛﺎﻟﺔ
اﻟﺟزاﺋر.2011،
-8ﺣﻣدي ﺑﺎﺷﺎ ﻋﻣر ،اﻟﻘﺿﺎء اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻌﻣل و اﻟﺗﺄﻣﯾﻧﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،دار ﻫوﻣﻪ ،اﻟﺟزاﺋر
.2014
-9داود ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ،اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟدﯾد ،دون طﺑﻌﺔ ،دار اﻟﻬﻼل ﻟﻠﺧدﻣﺎت اﻹﻋﻼﻣﯾﺔ
دون ﺳﻧﺔ .
-10دﻟﯾل ﻋﻣﻠﻲ ﻟﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة ،ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﺷروح و اﻟدﻻﺋل ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ،ﻣﻧﺷورات ﺟﻣﻌﯾﺔ ﻧﺷر اﻟﻣﻌﻠوﻣﺔ
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ و اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻋدد ،01اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ. 2004،
-11ذﯾب ﻋﺑد اﻟﺳﻼم ،ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟﺟدﯾد ﺗرﺟﻣﺔ ﻟﻠﻣﺣﺎﻛﻣﺔ اﻟﻌﺎدﻟﺔ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ
اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠﻔﻧون اﻟﻣطﺑﻌﯾﺔ ،اﻟﺟزاﺋر2012.،
-12ﺗﻔﯾﺔ ﻋﺑد اﻟﻔﺗﺎح ،ﻣﺑﺎﺣث ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻣن ﺧﻼل ﻣﺑﺎدئ و أﺣﻛﺎم اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ-1999 ،
.2000
-13زودة ﻋﻣر ،طﺑﯾﻌﺔ اﻷﺣﻛﺎم ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وأﺛر اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ،اﻟﻣوﺳوﻋﺔ ﻟﻠﻧﺷر اﻟﺟزاﺋر،
.2003
327
-14زودة ﻋﻣر اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺿوء أراء اﻟﻔﻘﻬﺎء و أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎء ،اﻧﺳﯾﻛﻠوﺑﯾدﯾﺎ ﻟﻠﻧﺷر ﺑن
ﻋﻛﻧون ،اﻟﺟزاﺋر2014. ،
-15ﺳﺎﺑق اﻟﺳﯾد ،ﻓﻘﻪ اﻟﺳﻧﺔ ،اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت ،اﻟﻣﺟﻠد اﻟﺛﺎﻟث ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،دار اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ ﻟﺑﻧﺎن.1977،
-16ﺳﻌد ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ،اﻟزواج و اﻟطﻼق ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ دار اﻟﺑﻌث ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ
واﻟﻧﺷر ،اﻟﺟزاﺋر.1989 ،
-17ﺷﯾﻣﺎء ﻣﺣﻣد ﺳﻌﯾد ﺧﺿر اﻟﺑدراﻧﻲ ،أﺣﻛﺎم ﻋﻘد اﻟﺻﻠﺢ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،اﻟدار اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﻠﻧﺷر
و اﻟﺗوزﯾﻊ ،اﻷردن.2003،
-18طﺎﻫري ﺣﺳﯾن ،اﻷوﺳط ﻓﻲ ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ﻣدﻋم ﺑﺎﺟﺗﻬﺎد اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ و اﻟﻣذاﻫب
اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﺗﻌدﯾﻼت اﻟﻣدﺧﻠﺔ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻣوﺟب اﻷﻣر ،02/05اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ ،2005/02/27ﻣرﻓﻘﺎ ﺑﻧﻣﺎذج
ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﻌراﺋض اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،دار اﻟﺧﻠدوﻧﯾﺔ ،اﻟﺟزاﺋر ،ﺳﻧﺔ . 2009
-19ﻋﺑد اﻟﻌزﯾز ﺳﻌد ،إﺟراءات ﻣﻣﺎرﺳﺔ دﻋﺎوى ﺷؤون اﻷﺳرة أﻣﺎم أﻗﺳﺎم اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻻﺑﺗداﺋﯾﺔ ،دار ﻫوﻣﺔ
اﻟﺟزاﺋر.2013
-20اﻟﻐوﺛﻲ ﺑن ﻣﻠﺣﺔ ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﺟزاﺋري ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،اﻟدﯾوان اﻟوطﻧﻲ ﻟﻸﺷﻐﺎل اﻟﺗرﺑوﯾﺔ
اﻟﺟزاﺋر.2000 ،
-21اﻟﻐوﺛﻲ ﺑن ﻣﻠﺣﺔ،ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺿﺎء ،دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ
اﻟﺟزاﺋر.2005،
-22ﻓﺿﯾل ﺳﻌد ،ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ اﻟزواج واﻟطﻼق ،اﻟﺟزء اﻷول ،اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ
ﻟﻠﻛﺗﺎب ،اﻟﺟزاﺋر.1989،
-23اﻟﻛﺷﺑور ﻣﺣﻣد ،ﺷرح ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة ،اﻧﺣﻼل ﻣﯾﺛﺎق اﻟزوﺟﯾﺔ ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،ﻣطﺑﻌﺔ
اﻟﻧﺟﺎح اﻟﺟدﯾدة ،اﻟﻣﻐرب.2006،
-24ﻟوﻋﯾل ﻣﺣﻣد ،اﻟﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﻣرأة ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،دار ﻫوﻣﺔ
اﻟﺟزاﺋر.2006،
-25ﻧﺟﯾﻣﻲ ﺟﻣﺎل ،اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ اﻟﻣواد اﻟﺟزاﺋﯾﺔ واﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ
اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،دار ﻫوﻣﻪ ،اﻟﺟزاﺋر2013.،
-26ﻧﺻر اﻟﺟﻧدي أﺣﻣد ،ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ،دار ﺷﺗﺎت ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺑرﻣﺟﯾﺎت ،ﻣﺻر.2009 ،
328
-2اﻟﻛﺗب اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ :
-1اﻷﻧﺻﺎري ﺣﺳن اﻟﻧﯾداﻧﻲ ،اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،دار اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟدﯾدة ،ﺑﻼ طﺑﻌﺔ ،ﺳﻧﺔ . 2001
-2اﻟﻌﯾش ﻓﺿﯾل ،اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ وﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن اﻷﺧرى ،ﻣﻧﺷورات ﺑﻐدادي ،اﻟﺟزاﺋر دون
ﺳﻧﺔ اﻟﻧﺷر
-3ﻗوادري اﻷﺧﺿر ،اﻟوﺟﯾز اﻟﻛﺎﻓﻲ ﻓﻲ إﺟراءات اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠطرق اﻟﺑدﯾﻠﺔ ﻓﻲ ﺣل
اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ –و اﻟوﺳﺎطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ -دار ﻫوﻣﻪ ،اﻟﺟزاﺋر2013. ،
-4ﻣﺣﻣود ﻣﺣﺟوب ﻋﺑد اﻟﻧور ،اﻟﺻﻠﺢ وأﺛرﻩ ﻓﻲ إﻧﻬﺎء اﻟﺧﺻوﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ،دار اﻟﺟﯾل ﺑﯾروت
،اﻟطﺑﻌﺔ ،1ﺳﻧﺔ . 1987
/2اﻟرﺳﺎﺋل اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ :
*-أطروﺣﺎت اﻟدﻛﺗوراﻩ:
-1ﺑن ﻋودة ﺣﺳﻛر ﻣراد ،اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻸﺳرة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟوﺿﻌﻲ ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل درﺟﺔ
دﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ،ﺗﻠﻣﺳﺎن ،اﻟﺳﻧﺔ
اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ2013.-2012
-2ﺷﺎﻣﻲ أﺣﻣد ،اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة -دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾن اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻻﺳﻼﻣﯾﺔ واﻟﻘواﻧﯾن
اﻟوﺿﻌﯾﺔ ،-رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل درﺟﺔ دﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد
ﺗﻠﻣﺳﺎن ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ 2014.-2013
-3ﺷﺗوان ﺑﻠﻘﺎﺳم ،اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ و اﻟﻘﺎﻧون)د ار ﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ( ،رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل درﺟﺔ دﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ
ﻛﻠﯾﺔ أﺻول اﻟدﯾن واﻟﺷرﯾﻌﺔ واﻟﺣﺿﺎرة اﻻﺳﻼﻣﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷﻣﯾر ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ﻟﻠﻌﻠوم اﻻﺳﻼﻣﯾﺔ ،ﻗﺳﻧﯾطﯾﻧﺔ
اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ 2001.- 2000
-4ﻗوﯾدري ﺧﯾرة ،ﺣﺎﻻت اﻟﺗطﻠﯾق ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﺿوء اﻟﻔﻘﻪ اﻻﺳﻼﻣﻲ واﻟﻘﺿﺎء ،رﺳﺎﻟﺔ
ﻟﻧﯾل درﺟﺔ دﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺑن ﻋﻛﻧون ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ.2009-2008
-5ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻋدة اﻟطﻼق اﻟرﺟﻌﻲ وأﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل درﺟﺔ دﻛﺗوراﻩ
ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺑن ﻋﻛﻧون ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ .2006
329
* -ﻣذﻛرات اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر:
-1اﺑراﻫﯾم اﻟﻣﺳﯾﻌدﯾﯾن ﺧﺎﻟد ،أﺣﻛﺎم اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،دراﺳﺔ ﻓﻘﻬﯾﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻘﺎﻧون اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ
اﻷردﻧﻲ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ ،ﻗﺳم اﻟﻔﻘﻪ وأﺻوﻟﻪ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣؤﺗﺔ ،اﻷردن.2006،
-2ﺑﺷﯾر ﺳﻬﺎم ،اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ
اﻟﺣﻘوق ﺑن ﻋﻛﻧون – اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ .2006/2005
-3ﺑن ﺟﻧﺎﺣﻲ أﻣﯾﻧﺔ ،دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺧﻠﻊ ،دراﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻘﺎﻧون واﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل
ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﻣﺣﻣد ﺑوﻗرة ،ﺑوﻣرداس.2014/05/21،
-4ﺑن ﺣﻠﯾﻣﺔ ﯾﻣﯾﻧﺔ ،ﺧﺻوﺻﯾﺔ إﺟراءات اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ دﻋﺎوى ﺷؤون اﻷﺳرة -دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،-ﻣذﻛرة
ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﺑن ﺧﻠدون ،ﺗﯾﺎرت ،اﻟﺳﻧﺔ
اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ.2012-2011
-5ﺑوﺟﺎﻧﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم ،إﺷﻛﺎﻻت اﻧﻌﻘﺎد واﻧﺣﻼل اﻟزواج ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ
اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ،ﺗﻠﻣﺳﺎن ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ .2014-2013
-6ﺑوزﯾد وردة ،اﻟﺻﻠﺢ واﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﻣﻧﺎزﻋﺎت ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ ظل ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
واﻹدارﯾﺔ واﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ
ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻌرﺑﻲ ﺑن ﻣﻬﯾدي ،أم اﻟﺑواﻗﻲ ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ .2011-2010
-7ﺑوﻛﺎﯾس ﺳﻣﯾﺔ ،اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟﺟﻧﺳﯾن ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﺿوء اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ
أﺷﻛﺎل اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺿد اﻟﻣرأة ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ،ﺗﻠﻣﺳﺎن
اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ .2014-2013
-8ﺑوﻟﺣﺎرس ﺻﺎﻓﯾﺔ ،ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﻟﻌدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺎﻟﺷرط ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟزواج ،ﻣذﻛرة
ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺑن ﻋﻛﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ -2013
.2014
-9ﺧوﺧﻲ ﺧﺎﻟد ،اﻟﺗﺳوﯾﺔ اﻟودﯾﺔ ﻟﻠﻧزاﻋﺎت اﻹدارﯾﺔ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ
اﻟﺣﻘوق ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ،-1-اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ .2012-2011
330
-10زﯾـدان ﻋﺑد اﻟﻧور ،اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟطﻼق ،دراﺳﺔ ﻟﻠﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﻔﻘﻬﯾﺔ وﻓﻲ اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺑن ﻋﻛﻧون ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ
.2007/2006
-11ﻋﺷﺎش ﻋﺑد اﷲ ،ﺗﺳوﯾﺔ ﻧزاﻋﺎت اﻟﻌﻣل اﻟﻔردﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر
ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺑن ﻋﻛﻧون ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ .2010
-12ﻋﯾدوﻧﻲ ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،دور اﻹرادة ﻓﻲ إﺑرام ﻋﻘد اﻟزواج و إﻧﻬﺎﺋﻪ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ
اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ،ﺗﻠﻣﺳﺎن ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ -2013
.2014
-13ﻋﯾﺳﺎﻧﻲ ﻣﺣﻣد ،آﻟﯾﺎت ﺗﺳوﯾﺔ ﻧزاﻋﺎت اﻟﻌﻣل اﻟﻔردﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري واﻟﻣﻘﺎرن ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل
ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ،ﺗﯾزي وزو ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ -1998
1999.
-14ﻏﺿﺑﺎن ﻣﺑروﻛﺔ ،اﻟﻧﻔﻘﺔ ﺑﯾن اﻟﺗﺷرﯾﻊ و اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون
ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ،1اﻟﺳﻧﺔ اﻟدراﺳﯾﺔ.2011 – 2010
-15ﻗدور ﻣﺣﻣد ﺳﻠﯾﻣﺎن ،اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون
ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑﻲ ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ،ﺗﻠﻣﺳﺎن ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ.2012-2011
-16ﻛرﺟﺎﻧﻲ ﻋﺛﻣﺎن ،اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟزواج و اﻧﺣﻼل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل
ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﻣﺣﻣد ﺑوﻗرة ،ﺑوﻣرداس ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ -2011
. 2012
اﻟدرﺳﺎت اﻟﻌﻠﯾﺎ ،ﻣﻌﻬد اﻟﺣﻘوق
-17اﻷﻧوار ﻋﺑد اﻟرﺣﯾم ،ﻧظﺎم اﻟطﻼق ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل دﺑﻠوم ا
ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺟزاﺋر اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ .1976-1975
-18اﻟﺷﺎﻓﻌﻲ أﺣﻣد ،ﻧظرﯾﺔ اﻟﺑطﻼن ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﺟزاﺋﯾﺔ اﻟﺟزاﺋري ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة
اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺑن ﻋﻧﻛون ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ 2001.-2002
-19اﻟﻌرﺑﻲ وردﯾﺔ ،اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻓﻲ اﻹﺟراءات اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ
اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ،ﺗﻠﻣﺳﺎن ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ .2010-2009
331
-20ﺗﺑودﺷت ﻧﻌﯾﻣﺔ ،اﻟطﻼق و ﺗواﺑﻊ ﻓك اﻟﻌﺻﻣﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و اﻟﻘﺎﻧون اﻟوﺿﻌﻲ
ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺑن ﻋﻛﻧون ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ.2000
-21ﺣﻣدادو ﻟﻣﯾﺎء ،ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺗﺳﯾر إﺟراءات اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر
ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ، -1-اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ .2014-2013
-22دﻫﯾم راﺑﺢ ،أﺣﻛﺎم اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟﻣﺑﺎﯾﻌﯾن ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ
اﻟﺷرﯾﻌﺔ ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،ﻗﺳم اﻟﺷرﯾﻌﺔ واﻟﻘﺎﻧون ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ.2011-2010
-23زودة ﻋﻣر ،طﺑﯾﻌﺔ اﻷﺣﻛﺎم ﺑﺈﻧﻬﺎء اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ وأﺛر اﻟطﻌن ﻓﯾﻬﺎ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر
ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺑن ﻋﻛﻧون ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ.2001-2000
-24ﺳﻌدي ﺳﻠﯾم ،اﻟﺧﻠﻊ ﺑﯾن أﺣﻛﺎم ﺗﺷرﯾﻊ اﻷﺳرة واﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ
اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ،1اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ .2011
-25ﻣﺣﻣد ﺷﺣﺎدة اﻟﻌرﻣوطﻲ ﺳوزان ،اﻟﻌﯾب اﻟﺟوﻫري و أﺛرﻩ ﻓﻲ ﺑطﻼن اﻹﺟراءات اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل
ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺷرق اﻷوﺳط ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯾﺎ ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ
.2009
-26ﻫﺟﯾرة ﺑن ﻋزي ،اﻟطﻼق اﻻﺗﻔﺎﻗﻲ ﻋﻠﻰ ﺿوء ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة و اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،رﺳﺎﻟﺔ دﺑﻠوم اﻟدرﺳﺎت
اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﻣﻌﻣﻘﺔ ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ و اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺣﻣد اﻷول ،اﻟﻣﻐرب ،اﻟﺳﻧﺔ
اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ 2009-2008
332
- 4ﻟﺷﻬب ﻧﺳﯾﻣﺔ ،اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻣذﻛرة اﻟﺗﺧرج ﻟﻧﯾل إﺟﺎزة اﻟﻣﻌﻬد اﻟوطﻧﻲ
ﻟﻠﻘﺿﺎء ،اﻟدﻓﻌﺔ اﻟﺣﺎدﯾﺔ ﻋﺷر ،اﻟﻣﻌﻬد اﻟوطﻧﻰ ﻟﻠﻘﺿﺎء ،اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟدراﺳﯾﺔ 2003 – 2000
-/IIIاﻟﻣﻘﺎﻻت و اﻟدراﺳﺎت:
-1أﺣﻣد ﺧرطﺔ ،اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟطﻼق و اﻟﺗطﻠﯾق ﺑﯾن ﺟوﻫرﯾﺔ اﻹﺟراء و ﻧﺑل اﻟﻐﺎﯾﺎت ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻔﻘﻪ
واﻟﻘﺎﻧون ،اﻟﻣﻐرب،اﻟﻌدد .2013 ،03
-2اﻟﻔﺎﺧوري إدرﯾس ،ﻣﺳﺗﺟدات ﻣدوﻧﺔ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻣﺳطرة اﻟﺷﻘﺎق ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ،ﻣﺟﻠﺔ
اﻟﻣﻧﺑر ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻻي ﺳﻣﺎﻋﯾل ،اﻟﻣﻐرب ﻋدد .2004 ،5
-3اﻟﻔﺎﺧوري إدرﯾس ،اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ – اﻟطﻼق ﻧﻣوذﺟﺎ – ،اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ ﻟﻼﻗﺗﺻﺎد
واﻟﻘﺎﻧون ،ﻋدد .2005، 5
-4أوزﯾﺎن ﻣﺣﻣد ،اﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻸﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﻓﻲ ﻣﺎدة اﻟﺗطﻠﯾق ﻋﻠﻰ اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،ﻗراءة ﻓﻲ
اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻣﺎدة ) (128ﻣن ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة/ http://www.marocdroit.com.
-5ﺑن اﺑراﻫﯾم اﻷﺻﻘﻪ ﺳﻠﯾﻣﺎن ،دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌدل ،ﻋدد 27،1426ﻫـ.
-6ﺑن اﻟﺷوﯾﺦ رﺷﯾد ،وﺿﻌﯾﺔ ﺣﻘوق اﻟﻣرأة اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ
واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ،ﺗﻠﻣﺳﺎن ،ﻋدد2011. ،12
-7ﺗﺷوار اﻟﺟﯾﻼﻟﻲ ،ﺣق اﻟزوﺟﺔ ﻓﻲ اﻟطﻼق -ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة و اﻟﺗطورات اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،-ﻣﺧﺑر اﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﯾﺔ
اﻟﺣﻘوق ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑﻲ ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ،ﺗﻠﻣﺳﺎن ،اﻟﻌدد2012. ،
-8درﯾﺳﻲ ﺟﻠﯾﻠﺔ ،ﺳﻧﺎء اﻟﻣﺎﺣﻲ ،ﻣﺳطرة اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء اﻷﺳرة ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﻠف ،ﻋدد ،14اﻟﻣﻐرب
.2009
-9روﺣﻣﺎت ﻋﺑد اﷲ ،اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺻﻠﺢ اﻟزوﺟﯾن ﺑﯾن اﻟﻘﺎﻧون و اﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻣﻠﻲ ،ﻣﺟﻠﺔ اﻹﺷﻌﺎع ،ﻋدد 27
اﻟﻣﻐرب.2003 ،
-10ﻣﺑروك ﻧﺻر اﻟدﯾن ،ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﺑﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﺗطﺑﯾق ،ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﻔﻛر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،ﻣرﻛز اﻟدراﺳﺎت
واﻟﺑﺣوث اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،دار اﻟﻬﻼل ﻟﻠﺧدﻣﺎت اﻹﻋﻼﻣﯾﺔ ،ﻋدد 2004 ،4
-11ﻧﺎﺟﻲ ﻣﻛﺎوي رﺟﺎء ،اﻟطﻼق و اﻟﺗطﻠﯾق اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،أي ﻣﻔﺎﺿﻠﺔ ﺑﯾن ﻧظﺎﻣﯾن ﻟﻬدم اﻷﺳرة ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠم
ﻋدد ،18اﻟﻣﻐرب.2000،
333
-12ﻫرﻧﺎن ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ،ﻣﺣطﺎت ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ﺑﯾن اﻟﻣﺎﺿﻲ واﻟﺣﺎﺿر ،ﻣﻧﺷورات اﻟﻣﺟﻠس
اﻷﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼﻣﻲ .2012
-13اﻟﻣﺻري ﻣﺑروك ،إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري -دراﺳﺔ وﺗﺣﻠﯾل ،-دار اﻟﻌﻠوم ﻟﻠﻐﺔ
اﻟﻌرﺑﯾﺔ و آداﺑﻬﺎ واﻟدراﺳﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،ﻋدد ،33ﻣﺻر.2009 ،
-14اﻟﻬﯾﺷري ﻫﺎﺟر ،ﺣق اﻟﻣرأة ﻓﻲ اﻟطﻼق ،ﻣﺟﻠﺔ دﻓﺎﺗر اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ و اﻟﻘﺎﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ورﻗﻠﺔ ،ﻋدد10
.2014
-15ﺑداوي ﻋﻠﻲ ،اﻹﺟراءات اﻟﺟدﯾدة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،اﻟﺟزء اﻷول ،ﻋدد
،64وزراة اﻟﻌدل.2009_2008 .
-16ﺟﻣﻌﻲ ﻟﯾﻠـﻰ ،ﺳﻠﺑﯾﺎت ٕواﯾﺟﺎﺑﯾﺎت ﻗـﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ودور ﻗﺿﺎة اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺿـﺎء
ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻟﺳﻠﺑﯾﺎت وﺗﺄﻛﯾد ﺗﻠك اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺎت ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺣﺿﺎرة اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ وﻫران ،ﻋدد. 2004 ،09
-17ﺣﺑﺎر ﺣﻠﯾﻣﺔ ،دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ واﻟﺗوﻓﯾق ﺑﯾن اﻷطراف ﻋﻠﻰ ﺿوء ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
واﻹدارﯾﺔ اﻟﺟدﯾد ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ ،ﻋدد ﺧﺎص. 2009 ،
-18ﺣﻣﻠﯾل ﺻﺎﻟﺢ ،إﺟراءات اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ أﻣﺎم ﻗﺳم ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻔﻘﻪ و
اﻟﻘﺎﻧون ،اﻟﻣﻐرب ،ﻋدد . 2014 ،19
-19ﺣﻣﯾدو ﺗﺷوار زﻛﯾﺔ ،ﻣدى ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻷﺳرة ﻋﺑر أﺣﻛﺎم اﻟﺗطﻠﯾق ،ﻋداﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧون أم ﻋداﻟﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻣﺟﻠﺔ
اﻟﻌﻠوم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ و اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ أﺑو ﺑﻛر ﺑﻠﻘﺎﯾد ،ﺗﻠﻣﺳﺎن
ﻋدد.2010 ،10
-20ﻋﻠﻲ ﺑن ﻣوﻟود ﯾﺎرﻛﻲ ﻣﺣﻣد ،اﻹﺟراءات ﻓﻲ إﻧﻬﺎء ﺣﺎﻻت اﻟطﻼق اﻟﺛﻼث – دراﺳﺔ ﻣﯾداﻧﯾﺔ ﻓﻲ
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷﺣوال اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ﺑﺎﻟرﯾﺎض ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌدل ،ﻋدد ،55اﻟرﯾﺎض 1433 ،ﻫﺟري .
-21ﻋﻠﻲ ﻋﺑد اﷲ اﻟﺻﻔو ﻧوﻓل ،ﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟوﺿﻌﯾﺔ –دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ أﺣﻛﺎم اﻟﺷرﯾﻌﺔ
اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ،اﻟراﻓدﯾن ﻟﻠﺣﻘوق ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻣوﺻل ،ﻣﺟﻠد ،2ﻋدد 2003. ،21
-23ﻋﻣرو ﺧﻠﯾل ،اﻟطﻌن ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﺑﺎﻟطﻼق ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺑﺣوث و اﻟدراﺳﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﻌد دﺣﻠب ،اﻟﺑﻠﯾدة.2011 ،
-24ﻛراطﺎر ﺑن ﺣواء ﻣﺧﺗﺎرﯾﺔ ،ﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ اﻟﺗﻠﻘﺎﺋﻲ ﻟﻠﺧﺻوم ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ
ﻋدد ﺧﺎص ﺣول اﻟطرق اﻟﺑدﯾﻠﺔ ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟوﺳﺎطﺔ و اﻟﺻﻠﺢ و اﻟﺗﺣﻛﯾم ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ. 2009 ،
334
-25ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﺳﻠطﺔ ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ اﻟﺗﻛﯾف اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠوﻗﺎﺋﻊ ،اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ
ﻟﻠﻌﻠوم اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ،ﻋدد2012. ،03
-26ﻣﻧﺻوري اﻟﻣﺑروك ،اﻟﺧﯾﺎﻧﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋري اﻟﻣﻐﺎرﺑﻲ - ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ -دﻓﺎﺗر
اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ و اﻟﻘﺎﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﺻدي ﻣرﺑﺎح ،ورﻗﻠﺔ ،ﻋدد .2014 ،10
-27ﻧﻌوم ﻣراد ،ﻣن ﻣﻌوﻗﺎت اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻹﺟراﺋﻲ اﻷﺳري ،اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻷﻛﺎدﯾﻣﯾﺔ
ﻟﻠدراﺳﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ،ﻗﺳم اﻟﻌﻠوم اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،اﻟﺷﻠف ،ﻋدد 2013. ،10
-28ﻧﺻر اﻟﺟﻧدي أﺣﻣد ،ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷﺳرة و اﺧﺗﺻﺎﺻﺎﺗﻬﺎ ،اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻛﺑرى ،دار اﻟﻛﺗب اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻣﺻر
.2000
-29وﺗﺎب اﻟرأﻓﺔ ،دور اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﺗﻔﻌﯾل إﺟراءات اﻟطﻼق ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق و اﻟطﻼق اﻟﺧﻠﻌﻲ ،ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﻠف
اﻟﻣﻐرب ،ﻋدد .2007 ،11
-30وﺑﻧﺑﺎﺻر ﯾوﺳف ،ﻣدوﻧﺔ اﻷﺳرة،اﻟﻣﺳﺎر و اﻟﺗطﻠﻌﺎﺗﻣﻠﺗﻘﻰ ﻋﻠﻣﯾﻠﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻣﺳﺗﺟدات ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة -70
ﻣدﯾﻧﺔ اﻟداﺧﻠﺔ ،اﻟﻣﻐرب،ﺑﺗﺎرﯾﺦ 10ﻣﺎرس ،2004ص .40
/IVاﻟﻣﻠﺗﻘﯾﺎت اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟوطﻧﯾﺔ:
-1ﺑداوي ﻋﻠﻲ ،اﻹﺟراءات اﻟﺟدﯾدة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻘﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ،ﻣن أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟوطﻧﻲ ﺣول ﺷرح
أﺣﻛﺎم اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،اﻟﺟزء اﻷول ،ﻋدد ،64ﻣدﯾرﯾﺔ
اﻟدارﺳﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟوﺛﺎﺋق ،اﻟﺟزاﺋر2009.،
-2ﺑﺷﯾر ﻣﺣﻣد ،اﻟطرق اﻟﺑدﯾﻠﺔ ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ،ﻣن أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﻰ
اﻟدوﻟﻲ ﺣول اﻟطرق اﻟﺑدﯾﻠﺔ ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ،ﯾوﻣﻲ 6و 7ﻣﺎي ،ﻣﻧﺷور ﻓﻲ اﻟﺳﻠﺳﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻣﻠﺗﻘﯾﺎت
واﻟﻧدوات ،ﻋدد ،03اﻟﺟزاﺋر.2014 ،
-3ﺑوذرﯾﻌﺎت ﻣﺣﻣد ،اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟدور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ،ﻣن أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟدوﻟﻲ ﺣول اﻟطرق
اﻟﺑدﯾﻠﺔ ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ،ﯾوﻣﻲ 6و 7ﻣﺎي ،ﻣﻧﺷور ﻓﻲ اﻟﺳﻠﺳﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻣﻠﺗﻘﯾﺎت واﻟﻧدوات ،ﻋدد 03
اﻟﺟزاﺋر. 2014،
-4ﺣﻣﯾش ﺣﺳﺎن ،ﺻﻼﺣﯾﺎت ﻗﺎﺿﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻓﻲ ظل ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﺟدﯾد ،ﻣداﺧﻠﺔ
أﻟﻘﯾت ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﻛوﯾن اﻟﻣﺣﻠﻲ اﻟﻣﺳﺗﻣر اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻘﺿﺎة ،ﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء ورﻗﻠﺔ.2010،
335
-5ﺧﯾﺎط ﻣﺣﻣد ،اﻟﻣﺳﺗﺟدات اﻟواردة ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻣداﺧﻠﺔ أﻟﻘﯾت ﺑﻣﺟﻠس ﻗﺿﺎء ﺳﻌﯾدة ﻓﻲ إطﺎر
اﻟﺗﻛوﯾن اﻟﻣﺣﻠﻲ اﻟﻣﺳﺗﻣر اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻘﺿﺎة ،ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺷرﯾﺔ ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ.2009-2008
-6دﯾﺎب ﺣﺳن ﻋز اﻟدﯾن ،اﻟﺻﻠﺢ وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻔض اﻟﻧزاﻋﺎت ،ﻣن أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟدوﻟﻲ ﺣول اﻟطرق اﻟﺑدﯾﻠﺔ
ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ،ﯾوﻣﻲ 6و 7ﻣﺎي ،ﺣوﻟﯾﺎت ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر،ﻋدد ،03اﻟﺟزاﺋر.2014،
-7طﯾﺑون ﺣﻛﯾم ،إﺛﺑﺎت اﻟطﻼق ﺑﯾن اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ و ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة اﻟﺟزاﺋري ،ﻣن أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﻰ
اﻟدوﻟﻲ ﺣول اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺳرة ﺑﯾن اﻟﺛواﺑت و اﻟﻣﺗﻐﯾرات ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ
ﺧﻣﯾس ﻣﻠﯾﺎﻧﺔ ،ﻋﯾن اﻟدﻓﻠﻰ ،ﯾوﻣﻲ 04و 05ﻣﺎي . 2014
-8ﻋﺑد اﻟﻣﺣﺳن اﻟﺑﻘﺎﻟﻲ اﻟﺣﺳﻧﻲ ﻣﺣﻣد ،دور اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أﻣﺎم ﻗﺿﺎء اﻷﺳرة ،ﻣﺣﺎﺿرة اﻟﻘﯾت ﻓﻲ ﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﺑطﻧﺟﺔ.https://elkanoon.wordpress.com ،
-9ﻧﻘﺎز إﺳﻣﺎﻋﯾل ،اﻹﺟراءات اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ و اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﺣل اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ،ﻣن أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟدوﻟﻲ
ﺣول اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺳرة ﺑﯾن اﻟﺛواﺑت و اﻟﻣﺗﻐﯾرات ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺧﻣﯾس
ﻣﻠﯾﺎﻧﺔ ،ﻋﯾن اﻟدﻓﻠﻰ ،ﯾوﻣﻲ 04و 05ﻣﺎي. 2014
-10ﻧوي ﻋﺑد اﻟﻧور ،طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺻﻠﺢ ودور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﻼﺋﻣﺔ اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻸﺣﻛﺎم اﻟﺷرﻋﯾﺔ ،ﻣن
أﻋﻣﺎل اﻟﻣﻠﺗﻘﻰ اﻟدوﻟﻲ ﺣول اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺳرة ﺑﯾن اﻟﺛواﺑت و اﻟﻣﺗﻐﯾرات ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم
اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺧﻣﯾس ﻣﻠﯾﺎﻧﺔ ،ﻋﯾن اﻟدﻓﻠﻰ ،ﯾوﻣﻲ 04و 05ﻣﺎي .2014
-/Vاﻟﻣﺣﺎﺿرات:
-1ﺗواﺗﻲ اﻟﺻدﯾق ،ﻣﺣﺎﺿرات أﻟﻘﯾت ﻋﻠﻰ اﻟطﻠﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎة ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻠﻘﺿﺎء
اﻟﺟزاﺋر.2014-2013،
-2زواوي ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ،اﻹﺷﻛﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﺛﯾرﻫﺎ اﻟطﻌون ﺑﺎﻟﻧﻘض اﻟﻣرﻓوﻋﺔ أﻣﺎم اﻟﻐرﻓﺔ اﻟﻣدﻧﯾﺔ
ﻣﺣﺎﺿرات أﻟﻘﯾت ﺑﺎﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ.2015 ،
-3زودة ﻋﻣر ،ﻣﺣﺎﺿرات أﻟﻘﯾت ﻋﻠﻰ طﻠﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎة ،اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻠﻘﺿﺎء
اﻟﺟزاﺋر2014._2013
-4ﻟﻣطﺎﻋﻲ ﻧور اﻟدﯾن ،ﻣﺣﺎﺿرات أﻟﻘﯾت ﻋﻠﻰ طﻠﺑﺔ اﻟﻣﺎﺟﺳﯾﺗﯾر) ﻓرع ﻗﺎﻧون اﻻﺳرة ( ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق
ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر ،1اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ 2013._2012
336
-5ﻣراد ﻛﺎﻣﻠﻲ ،اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻣﺣﺎﺿرات أﻟﻘﯾت ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻧﺔ اﻟراﺑﻌﺔ ﻋﻠوم ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ٕوادارﯾﺔ ،ﻛﻠﯾﺔ
اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻌرﺑﻲ ﺑن ﻣﻬﯾدي ،أم اﻟﺑواﻗﻲ.2010-2009 ،
- VIاﻟﻘواﻧﯾن
-1اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت:
-اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺣﻘوق اﻟطﻔل ،ﺑﻣوﺟب ﻗرار اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة 25/44اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ
،1989/11/20ﺗﺎرﯾﺦ ﺑدأ اﻟﻧﻔﺎذ ،1990/09/02ﺻﺎدﻗت ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺟزاﺋر ﻓﻲ ،1992/12/19
ﺑﻣوﺟب اﻟﻣرﺳوم اﻟرﺋﺎﺳﻲ رﻗم ،461/92اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 24ﺟﻣﺎدى اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻋﺎم ،1413اﻟﻣواﻓق ل 19
دﯾﺳﻣﺑر 1992.
-2اﻟﻧﺻوص اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ:
-1اﻷﻣر رﻗم ،154/66ﻣؤرخ ﻓﻲ 18ﺻﻔر 1386،ﻣواﻓق 8ﯾوﻧﯾو ﺳﻧﺔ ،1966ﯾﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم)،اﻟﻣﻠﻐﻰ(.
-2اﻷﻣر رﻗم ،58/75ﻣؤرخ ﻓﻲ 20رﻣﺿﺎن ،1395ﻣواﻓق ل 26ﺳﺑﺗﻣﺑر ﺳﻧﺔ ،1975ﯾﺗﺿﻣن
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم
-3ﻗﺎﻧون رﻗم ،11-84ﻣؤرخ ﻓﻲ 09رﻣﺿﺎن ﻋﺎم ،1404ﻣواﻓق ل 09ﯾوﻧﯾو ﺳﻧﺔ ،1984ﯾﺗﺿﻣن
ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ،ﻣﻌدل و ﻣﺗﻣم ﺑﻣوﺟب اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ،09-05ﻣؤرخ ﻓﻲ 25رﺑﯾﻊ اﻷول ﺳﻧﺔ 1426ﻣواﻓق
ل 04ﻣﺎﯾو ،2005ﯾﺗﺿﻣن اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻣر رﻗم ،02-05ﻣؤرخ ﻓﻲ 18ﻣﺣرم ﻋﺎم ،1924ﻣواﻓق
ل 27ﻓﺑراﯾر ﺳﻧﺔ .2005
-4ﻗﺎﻧون رﻗم ،02-90ﻣؤرخ ﻓﻲ 10رﺟب ﻋﺎم ،1410ﻣواﻓق ل 6ﻓﺑراﯾر ﺳﻧﺔ ،1990ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟوﻗﺎﯾﺔ
ﻣن اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل وﺗﺳوﯾﺗﻬﺎ وﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺣق اﻹﺿراب ،ﻣﻌدل وﻣﺗﻣم ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون رﻗم 27-91
ﻣؤرخ ﻓﻲ 21دﯾﺳﻣﺑر ،1991و ﺑﺎﻷﻣر رﻗم ،03-06ﯾﺗﺿﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠوظﯾﻔﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ .
-5ﻗﺎﻧون رﻗم ،04-90ﻣؤرخ ﻓﻲ 01رﺟب ﻋﺎم ،1410ﻣواﻓق ل 6ﻓﺑراﯾر ﺳﻧﺔ ،1990ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺗﺳوﯾﺔ
اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻔردﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ،ﻣﻌدل وﻣﺗﻣم ﺑﺎﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﻧﻔﯾذي رﻗم ،28-91اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 6ﯾوﻟﯾو .1991
- / VIIاﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ:
-1ﻣﺟﻠﺔ اﻻﺣﻛﺎم ﻟو ازرة اﻟﻌدل ،اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ 1اﻟﺟزء ،ﺑدون ﺗﺎرﯾﺦ.
-2ﻧﺷرة اﻟﻘﺿﺎة ،ﺳﻧﺔ ،1972اﻟﻌدد .02
337
-3اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﺳﻧﺔ ،1989اﻟﻌدد 04.
-4اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﺳﻧﺔ ،1990اﻟﻌدد 02.
-5اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﺳﻧﺔ ،1991اﻟﻌدد 02.
-6اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﺳﻧﺔ ،1991اﻟﻌدد 03.
-7اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﺳﻧﺔ ،1991اﻟﻌدد .04
339
ﻣﻘدﻣﺔ1............................................................................................:
اﻟﻔﺻل اﻟﺗﻣﻬﯾدي :ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة9..................................................
اﻟﻣﺑﺣـث اﻷول :ﻣﻔﻬوم اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى ﻓك اﻟراﺑطﺔاﻟزوﺟﯾﺔ9........................................
اﻟﻣطﻠب اﻷول:ﺗﻌرﯾف اﻟﺻﻠﺢ وﻣﺷروﻋﯾﺗﻪ9..........................................................
اﻟﻔرع اﻷول:ﺗﻌرﯾف اﻟﺻﻠﺢ9..........................................................................
أوﻻً -ﺗﻌرﯾف اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ9................................................................:
أ -ﺗﻌرﯾف اﻟﺻﻠﺢ ﻟﻐ ًﺔ 10.........................................................................:
ب-ﺗﻌرﯾف اﻟﺻﻠﺢ اﺻطﻼﺣﺎً 11....................................................................:
ﺛﺎﻧﯾﺎً -ﺗﻌرﯾف اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة 14........................................................:
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ19...................................................................
أوﻻً -ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم 18.........................................................................:
ﺛﺎﻧﯾﺎ -ﻓﻲ اﻟﺳﻧﺔ 21..............................................................................:
ً
أ -اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻘوﻟﯾﺔ21.............................................................................. :
ب-اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ21................................................................................:
ﺛﺎﻟﺛًﺎ -اﻹﺟﻣﺎع 22.................................................................................:
اﻟﻣطﻠـب اﻟﺛﺎﻧـﻲ :ﺗﻣﯾﯾز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘواﻧﯾن اﻷﺧرى…23....…………..
اﻟﻔـرع اﻷول :ﺗﻣﯾﯾز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻷﺳرة ﻋن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ……………………23.
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻣﯾﯾز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻋن اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ…………………30
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث :ﺗﻣﯾﯾز اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة ﻋن اﻟﺻﻠﺢ ﻛطرﯾق ﺑدﯾل ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت…37............
اﻟﻣﺑﺣـث اﻟﺛﺎﻧـﻲ :وﺟوﺑﯾﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺷؤون اﻷﺳرة43.................................................
اﻟﻣطﻠب اﻷول :ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم43........................................................
اﻟﻔـرع اﻷول:ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺟوﻫري44........................................................
أوﻻً اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻔﻘﻬﻲ اﻟﻣؤﯾد ﻟﻔﻛرة اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺈﺟراء ﺟوﻫري 44.…..………………………………….
ﺛﺎﻧﯾﺎً اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻣؤﯾد ﻟﻔﻛرة اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺈﺟراء ﺟوﻫري……………………47.…………..….
اﻟﻔـرع اﻟﺛﺎﻧـﻲ :ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﻏﯾر ﺟوﻫري49................................................
339
أوﻻً :اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻔﻘﻬﻲ اﻟﻣﻧﻛر ﻟﻔﻛرة اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺈﺟراء ﺟوﻫري98..........................................:
ﺛﺎﻧﯾﺎً -اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻣﻧﻛر ﻟﻔﻛرة اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺈﺟراء ﺟوﻫري51......................................:
اﻟﻣطﻠـب اﻟﺛﺎﻧـﻲ:اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺧﻠف ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ57........................................
اﻟـﻔرع اﻷول:ﺑطﻼن اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ57...............................................................
أوﻻً -ﻣن ﺣﯾث ﻣوﻗف اﻟﻔﻘﻪ57......................................................................:
ﺛﺎﻧﯾﺎً -ﻣن ﺣﯾث ﻣوﻗف اﻟﻘﺿﺎء58................................................................ :
اﻟﻔـرع اﻟﺛﺎﻧﻲ:ﺻﺣﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ60................................................................
أوﻻً -ﻣن ﺣﯾث ﻣوﻗف اﻟﻔﻘﻪ60.....................................................................:
ﺛﺎﻧﯾﺎً -ﻣن ﺣﯾث ﻣوﻗف اﻟﻘﺿﺎء62.................................................................:
اﻟﻔـﺻل اﻷول :دور اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف ﺻور ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ74....................
اﻟﻣﺑﺣـث اﻷول :دور اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إرادة اﻟزوﺟﯾن74.....................
اﻟﻣطﻠـب اﻷول :دورر اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد اﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج74.………………….
اﻟﻔرع اﻷول :اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻹرادة اﻟﻣﻧﻔردة ﻟﻠزوج و ﻋﻼﻗﺗﻪ
ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ75..........................................................................................
أوﻻً -ﺣﻛم اﻟطﻼق ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ إرادة اﻟزوج اﻟﻣﻧﻔردة ﺣﻛم ﻛﺎﺷف75...................................:
ﺛﺎﻧﯾﺎً -ﺣﻛم اﻟطﻼق ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إرادة اﻟزوج اﻟﻣﻧﻔردة ﺣﻛم ﻣﻧﺷﺄ78....................................:
ﺛﺎﻟﺛﺎً -ﺣﻛم اﻟطﻼق ﻛﺎﺷف وﻣﻧﺷﺊ80..............................................................:
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﺑﻌﺎ ﻟﺗﺎرﯾﺦ و ﻛﯾﻔﯾﺔ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق85......................................
أوﻻً -دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﺑﻌﺎ ﻟﺗﺎرﯾﺦ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق86.....................................................:
أ-إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﺳﺎﺑق ﻋن رﻓﻊ اﻟدﻋوى اﻟطﻼق86...........................................:
ب-ﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﻣواﻓق ﻟرﻓﻊ اﻟدﻋوى90.....................................................:
ج -إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﺑﺗﺎرﯾﺦ ﻻﺣق ﻟرﻓﻊ دﻋوى اﻟطﻼق94............................................. :
ﺛﺎﻧﯾﺎً :-دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻛﯾﻔﯾﺔ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق101.............................................:
أ-طرﯾﻘﺔ إﯾﻘﺎع اﻟطﻼق ﻣن طرف اﻟزوج101........................................................:
ب-إﻏﻔﺎل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟطﻼق اﻟواﻗﻊ102.......................................................:
339
ج-دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻹرادة اﻟﻣﻌﯾﺑﺔ ﻓﻲ اﻟطﻼق106.................................................:
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧـﻲ :دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن112.....................
اﻟﻔرع اﻷول :اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن وﻋﻼﻗﺗﻪ
ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ112.........................................................................................
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺧﺻوﺻﯾﺔ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋوى اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ…………………119........
أوﻻً -ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻠﻌرﯾﺿﺔ وﻣدى ﻗﺑوﻟﻬﺎ 120..................................................:
ﺛﺎﻧﯾﺎً -اﻻﺳﺗﻣﺎع اﻟﻰ اﻟزوﺟﯾن و اﻟﺗﺄﻛد ﻣن رﺿﺎ اﻟزوﺟﯾن122...................................... .:
أ-ﺿرورة اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﻫوﯾﺔ اﻟطرﻓﯾن 122............................................................:
ب-اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻰ اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ إﻧﻔراد122..........................................................:
ج-اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻰ اﻟزوﺟﯾن ﻣﺟﺗﻣﻌﯾن واﻟﺗﺄﻛد ﻣن رﺿﺎﺋﻬﻣﺎ وﻣواﻓﻘﺗﻬﻣﺎ123.....……………………:
د-اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﺧﻠو اﻹرادة ﻣن اﻟﻌﯾوب 124...........................................................:
ﺛﺎﻟﺛﺎً -ﻣﺣﺎوﻟﺔ إﺻﻼح ذات اﻟﺑﯾن125...............................................................:
أ-ﻋدد ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ125........................................................................:
ب-ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺣﺿور اﻟزوﺟﯾن ﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ واﻟﺟزاء اﻟﻣﺗرﺗب ﻋن ﺗﺧﻠف اﺣدﻫﻣﺎ أو ﻛﻼﻫﻣﺎ127 ……:
ج-ﻋدم ﺟواز اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ 130.....................................................:
د -ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﺷل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ132................................................ :
راﺑﻌﺎً -ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣدى ﻣراﻋﺎة اﻻﺗﻔﺎق ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم وﻣﺻﻠﺣﺔ اﻷوﻻد133....……………….…:
ﺧﺎﻣﺳﺎً –إﺻدار ﺣﻛم اﻟطﻼق ﺑﺎﻟﺗراﺿﻲ 135....................................................... :
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ:دور اﻟﻘﺎﺿﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ اﻟطﻼق ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب اﻟزوﺟﺔ …137...........…….
اﻟﻣطﻠب اﻷول :دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد طﻠب اﻟﺗطﻠﯾق ﻣن اﻟزوﺟﺔ137...........................
اﻟﻔرع اﻷول:اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﺣﻛم اﻟﺗطﻠﯾق وﻣدى ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ138.....……………………….
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟﺗطﻠﯾق144...............................................
أوﻻً -اﻟﺻﻠﺢ اﻟﻣﻧﺗﺞ ﻓﻲ ﺑﻌض ﺣﺎﻻت اﻟﺗطﻠﯾق144................................................. :
أ -اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻟزوج ﻋن ﺟرﯾﻣﺔ ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺳﺎس ﺑﺷرف اﻷﺳرة و ﺗﺳﺗﺣﯾل ﻣﻌﻬﺎ ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺣﯾﺎة
اﻟزوﺟﯾﺔ144.......................................................................................:
339
ب-اﻟﺗطﻠﯾق ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻹ ﻧﻔﺎق 145...........................…………………………..…:
ج-ﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﺷروط اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟزواج 151..............................................:
-1ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺷرط ﺗرك اﻟزوﺟﺔ ﺗواﺻل اﻟدارﺳﺔ 153....………………………………….
-2ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺷرط ﻋﻣل اﻟزوﺟﺔ 154.......................................................:
-3ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟوﻓﺎء ﺑﺷرط ﻋدم اﻟزواج ﻋﻠﯾﻬﺎ 154.................................................:
-4اﻟﺿرر اﻟﻣﻌﺗﺑر ﺷرﻋﺎً156.......................................................................:
-5اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﺷﻘﺎق اﻟﻣﺳﺗﻣر ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن158.....................................................:
ﺛﺎﻧﯾﺎً -اﻟﺻﻠﺢ إﺟراء ﺷﻛﻠﻲ ﻓﻲ ﺑﻌض ﺣﺎﻻت ﺗطﻠﯾق 164...........................................:
أ-اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﻔﻘدان واﻟﻐﯾﺑﺔ164......................................................................:
ب -اﻟﺗطﻠﯾق ﻟﻠﺣﻛم ﻋﻠﻰ اﻟزوج ﻋن ﺟرﯾﻣﺔ ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺳﺎس ﺑﺷرف اﻷﺳرة169.....………………..…:
ج -ﺣﺎﻻت ﺗطﻠﯾق إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﯾﻛون ﻣﺧﺎﻟﻔﺎ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم170......................................:
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﻋﻧد طﻠب اﻟﺧﻠﻊ ﻣن اﻟزوﺟﺔ173.............................
اﻟﻔرع اﻷول :اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺎﻟﺧﻠﻊ وﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺎﻟﺻﻠﺢ…173.....
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋوى اﻟﺧﻠﻊ177..................................................
أوﻻ-اﻟﻛراﻫﺔ اﻟﺑﺎدﯾﺔ اﻟﻣواﻓﻘﺔ ﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺧﻠﻊ ﺣﻘﯾﻘﺔ183................................................
ﺛﺎﻧﯾﺎً -اﻟﻛراﻫﺔ ﻏﯾر اﻟﺑﺎدﯾﺔ اﻟﻣﻘﻧﻌﺔ185.............................................................:
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ:إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ظل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ واﻷﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﯾﻪ…192...………….
اﻟﻣﺑﺣث اﻷول :إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ ظل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ192......................................
اﻟﻣطﻠب اﻷول :دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﺑﺎﺷرة إﺟراء ات اﻟﺻﻠﺢ192........................................
اﻟﻔرع اﻷول :اﻟﺷروط اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻹﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ192........................................
أوﻻً -ﺿرورة رﻓﻊ اﻟدﻋوى 192.....................................................................:
ﺛﺎﻧﯾﺎً -أطراف ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ 193...................................................................:
ﺛﺎﻟﺛﺎً -و ﺟود اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ 193.................................................................:
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﺷروط اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ ﻻﻧﻌﻘﺎد وﺳﯾر ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ195.......................................
أوﻻً -اﻟﺷروط اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻧﻌﻘﺎد إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ 195..………………………………….:
339
أ-اﻟﺟﻬﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ 196........……………………………………… :
-1وﺟوﺑﯾﺔ إﺟراء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ196..……………………………………...…:
-2ﻣدى اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺑﺈﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ………………………………………196
ب -ﻣﯾﻌﺎد واﻟﻣدة اﻟﻣﺣددة ﻻﺟراء اﻟﺻﻠﺢ 201.......................................................
ج-ﺑدء ﺳرﯾﺎن ﻓﺗرة اﻟﺻﻠﺢ203.....................................................................:
د-اﺳﺗدﻋﺎء اﻷطراف 203........................................................................:
ﺛﺎﻧﯾﺎً -اﻟﺷروط اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺳﯾر إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ 206.......................................:
أ -ﺿرورة اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﻫوﯾﺔ اﻟطرﻓﯾن206............................................................:
ب-ﻣﺑﺎﺷرة اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻠﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﺑﺳﻣﺎﻋﻬﻣﺎ207............................................:
ج -ﺳرﯾﺔ ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺻﻠﺢ 208......................................................................:
د-ﻋدد ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ209.......................................................................:
ه-ﻗواﻋد اﻟﺣﺿور واﻟﻐﯾﺎب ﻓﻲ ﺟﻠﺳﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ 212..........................................:
-1ﻗواﻋد اﻟﺣﺿور و اﻟﻐﯾﺎب ﻓﻲ ﻧظر اﻟﻘﺎﻧون 212................................................:
-2ﻗواﻋد اﻟﺣﺿور و اﻟﻐﯾﺎب ﻓﻲ ﻧظر اﻟﻘﺿﺎء 214.................................................:
و -ﻣدى ﺟواز اﻟوﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن220.................................................:
ي -إﺷراك أﺣد أﻓراد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﻠﺢ228.........................................................:
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺿرورﯾﺔ و اﻟﻣؤﻗﺔ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ229.......
اﻟﻔرع اﻷول :دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﺿرورﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﺣﻘﯾق أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻻت
اﻟﺻﻠﺢ230..........................................................................................
أوﻻً -اﻟﺧﺑرة اﻟطﺑﯾﺔ231............................................................................:
ﺛﺎﻧﯾﺎً -اﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ232...................................................................:
ﺛﺎﻟﺛﺎً-اﻻﺳﺗﺷﺎرة 233..............................................................................:
راﺑﻌﺎً -اﻹﻧﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ238........................................................................:
ﺧﺎﻣﺳﺎً-اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻰ اﻟﺷﻬود 239.................................................................:
ﺳﺎدﺳﺎً-اﻻﻧﺗﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺎﯾﻧﺔ 240..................................................................:
339
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ إﺗﺧﺎذ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ أﺛﻧﺎء ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ…240...................
أوﻻً -ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ و ﻣﺑررات اﺳﺗﺣداﺛﻬﺎ ﻓﻲ دﻋﺎوى ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ241.................
ﺛﺎﻧﯾﺎً -ﺣﺎﻻت اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣؤﻗﺗﺔ240.......................................................:
أ -اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻣؤﻗت اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧﻔﻘﺔ 242............................................................:
ب-اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻣؤﻗت اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺣﺿﺎﻧﺔ 243.........................................................:
ج -اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻣؤﻗت اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟزﯾﺎرة 244..........................................................:
د-اﻟﺗدﺑﯾر اﻟﻣؤﻗت اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺳﻛن 245............................................................:
ه -اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﺷﯾﺎء اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟزوﺟﯾن 247..............................................:
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث :ﻋوارض اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟطﺎرﺋﺔ ﻋﻠﻰ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ250...................................
أوﻻً -أﺛر وﻓﺎة أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻟﺻﻠﺢ250......................................
أ -وﻓﺎة أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺧﻼل ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋوى طﻼق اﻟزوج ﺑﺈرادﺗﻪ اﻟﻣﻧﻔردة250.................:
ب -وﻓﺎة أﺣد اﻟزوﺟﯾن ﺧﻼل ﻣدة اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ دﻋﺎوى اﻟﺗﻔرﯾق اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻷﺧرى253...................:
ﺛﺎﻧﯾﺎً -اﻟﻌوارض اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺟﺎﻧب اﻹﺟراﺋﻲ ﻟﻠﺻﻠﺢ254..............................................:
أ -ﺷطب دﻋﺎوى ﻓك اﻟﻌﺻﻣﺔ ﻟﻌدم ﺣﺿور اﻟﻣدﻋﻲ254.............................................:
- 1ﻓﻲ طﻼق اﻟزوج254..........................................................................:
-2ﻓﻲ طﻼق اﻟﻘﺎﺿﻲ257........................................................................ :
ب اﻷﺛر اﻟﻣﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻧﺎزل ﻋن اﻟدﻋوى ﻋﻠﻰ إﺟراءات اﻟﺻﻠﺢ257.................................
-1ﻓﻲ طﻼق اﻟزوج 258...........................................................................:
- 2ﻓﻲ طﻼق اﻟﻘﺎﺿﻲ258....................................................................... :
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻠﺢ و أﺛر اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻋﻠﻰ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ
اﻟزوﺟﯾﺔ260........................................................................................
اﻟﻣطﻠب اﻷول :أﺛﺎر ﻧﺟﺎح وﻓﺷل ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ260................................................
اﻟﻔرع اﻷول :أﺛرﻧﺟﺎح ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺻﻠﺢ260...........................................................
أوﻻً -ﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ وﻣﺿﻣوﻧﻪ 261........................................................:
أ-ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﯾﺗﺿﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟزوج263..........................................…:
339
ب-ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﯾﺗﺿﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟزوﺟﺔ263...........................................:
ج-ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﯾﺗﺿﻣن اﻟﺗزاﻣﺎت ﻣﺗﻘﺎﺑﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق اﻟزوﺟﯾن263...................................
د -ﻣﺣﺿر ﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن ﺑدون ﻗﯾود أو ﺷروط 264........................................…:
ﺛﺎﻧﯾﺎً -اﻛﺗﺳﺎب ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ ﺻﻔﺔ اﻟﺳﻧد اﻟﺗﻧﻔﯾذي 264...........................................:
ﺛﺎﻟﺛﺎً -اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻧﻘﺿﺎء دﻋوى ﻟﻠﺻﻠﺢ 266...........................................................:
راﺑﻌﺎً-ﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ و اﺷﻛﺎﻟﺗﻪ 266..........................................................:
ﺧﺎﻣﺳﺎً-اﻟطﻌن ﻓﻲ ﻣﺣﺿر اﻟﺻﻠﺢ 272.............................................................:
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ:أﺛر ﻓﺷل ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻟﺻﻠﺢ ﺑﯾن اﻟزوﺟﯾن273...............................................
أوﻻً -ﺗﺣرﯾر ﻣﺣﺿر ﻋدم اﻟﺻﻠﺢ وﻣﺿﻣوﻧﻪ273..................................................... :
ﺛﺎﻧﯾﺎً -دور اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻣوﺿوع اﻟدﻋوى 276...............................................:
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﺗﺧﻠف إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ واﻷﺛر اﻟﻣﺗرﺗب
ﻋﻠﯾﻪ277...........................................................................................
اﻟﻔرع اﻷول :ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﻟﻠطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض277....................................
اﻟراﺑطﺔ ﺑﻔك اﻟﺻﺎدرة اﻷﺣﻛﺎم ﻓﻲ ﺑﺎﻟﻧﻘض اﻟطﻌن ﻟﻔﻛرة اﻟﻣؤﯾد أوﻻً -اﻟﻣوﻗف
اﻟزوﺟﯾﺔ257.......................................................................................:
ﺛﺎﻧﯾﺎ-اﻟﻣوﻗف اﻟﻣﻌﺎرض ﻟﻔﻛرة اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻓﻲ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ279.........:
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧـﻲ:ﺗﺧﻠف إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻛﺳﺑب ﻟﻧﻘض اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﺑﻔك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ280............
أوﻻً -أﺛر ﺗﺧﻠف إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ 280..................................................................:
أ-إﺣﯾﺎء اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ ﺑﺈﻋﺎدة اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻋﻠﯾﻪ283......................................:
ب -إﻟزام اﻟرﺟل ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻣرأة أﺟﻧﺑﯾﺔ ﻋﻠﯾﻪ283............................................... :
ج-ﺗوارث ﺑﯾن اﻟﻣطﻠﻘﯾن284........................................................................:
د-ﺗﻌدد اﻷزواج ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣرأة285.................................................................:
و -ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟزوﺟﺔ ﺑﺟرﯾﻣﺔ اﻟزﻧﺎ286................................................................:
ﺛﺎﻧﯾﺎً-ﻋدم ﺟواز اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﻧﻘض ﻟﺗﺧﻠف إﺟراء اﻟﺻﻠﺢ ﻓﻲ أﺣﻛﺎم ﻓك اﻟراﺑطﺔ اﻟزوﺟﯾﺔ289..............:
ﺧﺎﺗﻣﺔ 308.........................................................................................
339
ﻣﻼﺟق 222........................................................................................
ﻓﻬرس339..........................................................................................
339