Professional Documents
Culture Documents
بحماية الدولة
العثمانية ،قرابة أربع مائة وثالثة عشر سنة وبضعة أشهر.
العثمانيون في التاريخ:
يعود األتراك -العثمانيون -في أصولهم إلى األصول األوغوزية التي ينتسب إليها سكان تركستان جميع األعراق التركية ،وقد
دخلت اإلسالم هذه الشعوب في عهد الخليفة الثالث عثمان رضي اهلل عنه ،وذلك سنة (29هـ469 -م) .وكانت هذه الشعوب
في حياتها االجتماعية ،مجتمعات بدوية تعيش على تربية المواشي والرعي ،ومع اعتناقهم لإلسالم بدأ الكثير منهم في
االستيطان والتحضر ،عندما دخلوا في خدمة الخالفة العباسية ،وكان ظهورهم بشكل مباشر في عهد الخليفة المعتصم سنة
(218هـ833 -م) وخاصة في موقعة عمورية ضد الروم ،ومنذ ذلك التاريخ بدأ ظهورهم في الغرب اآلسيوي ،مع الغزو
المغولي القادم من الشرق إلى الغرب ،فقد اكتسح في طريقه دواًل وإمارات ،وأزهق أروا ًح ا كثيرة ال تحصى ،كان من ضحاياها،
دولة خوارزم شاه فيما وراء النهر ،وذلك سنة (617هـ1220 -م) ،فكانت من أوائل الدول اإلسالمية التي سقطت على يد هذا
الغزو الجارف ،وقد دفع هذا السيل الجارف مع من دفع ،األتراك وكان أميرهم يومها سليمان بن قيالب "جد عثمان" ،حيث
وصل إلى دولة سالجقة الروم ،وكان عدد أفراد قبيلته في حدود الخمسة آالف ،وكان ذلك سنة (621هـ1224 -م) ،وبعد
وفاته غرًق ا في الفرات ،تولى زعامة القبيلة ابنه أرطغرل والد عثمان ،وبعد وفاته عام (680هـ1281 -م) ،خلفه ابنه عثمان الذي
ينتسب إليه األتراك العثمانيون.
سار عثمان على خطى أبيه في الجهاد اإلسالمي ،واستولى سنة (687هـ1288 -م) على حصن "قرجة حصار" ،وهي قلعة
حصينة بأرض الروم تقع على نهر سقاريا ،ومع ضعف حال سالجقة الروم بعد الغزو المغولي لها سنة (699هـ1300 -م)،
ونصرة عثمان للحاكم السلجوقي عالء الدين ،وانتصاره على المغول ،فقد استقل عثمان بما وقعت عليه يده من أقاليم ،واتخذ
من مدينة "بني شهر -المدينة الجديدة" عاصمة له ،جاعاًل من نفسه حاكًم ا لها ،وأطلق على نفسه لقب "باد شاه آل عثمان" أي
"سلطان العثمانيين" ،وكانت هي البداية األولى لمولد السلطنة العثمانية ،التي قامت على أركان الدولة السلجوقية
وجغرافيتها ،التي أرخ سقوطها بــ(699هـ1300 -م).
وبقيام السلطنة العثمانية هذه ،ذهبت في التوسع في جغرافيتها غرًبا ،حتى تم فتح القسطنطينية سنة (1453م) ،وجاء هذا
الفتح بمثابة حد فاصل بين عهدين في حياة الدولة العثمانية المسلمة ،وجوارها من الغرب األوروبي المسيحي ،فقد وحد بين
األتراك ،وانتقلوا بهذا الفتح من المجتمع القبلي اإلقليمي ،إلى الدولة السياسية العالمية التي تدين باإلسالم عقيدة ونظام حياة،
ورفع هذا الفتح من شأن العثمانيين عند دول العالم اإلسالمي ومجتمعاته ،خاصة بعد أن جسد قول محمد الفاتح لشعبه عندما
هم بفتح هذه المدينة فقال في ذلك" :هدفنا ليس االستيالء على قلعة من القالع ،وإنما نشر عدالة اإلسالم ،وعلى هذه
األصول قامت الدولة العثمانية ،حتى تم لمجموعة من القوميين األتراك ،بدافع من يهود الدونمة إلى االنقالب على نظام
السلطنة العثمانية ،وذلك سنة 1923م ،لتقوم على أنقاضها دولة جمهورية برئاسة كمال أتاتورك الذي أعلن العلمانية دستوًر ا
لهذه الدولة ،فألغى الحرف العربي في الكتابة ،ونظام الشريعة اإلسالمي ،وها هي في عصرها الحديث تعود ألصولها اإلسالمية
بعد خمس وسبعين سنة من علمانيتها.
يعود دخول األتراك في اإلسالم كما سبقت اإلشارة ،إلى السنوات األولى من وصوله إلى بالدهم في عهد الخليفة عثمان رضي
اهلل عنه .فقد أسلموا وحسن إسالمهم ،وذهب الكثير منهم إلى التطوع في خدمة دولة اإلسالم ،وخاصة الدولة العباسية ،وقد
حافظ األتراك على معتقدهم السني ،في ظل ما عصف في المجتمعات اإلسالمية من عواصف الفكر اإللحادي الباطني الكافر،
تحت مظلة االنتصار آلل البيت ،وقد جاء اإلسالم على األتراك بالخير ،لما فيه مصلحة لهم وللمسلمين ،فقد كانوا بشارة رسول
اهلل صلى اهلل عليه وسلم بفتح القسطنطينية ،وعلى واقع زعامة عثمان لقومه ،بعد الغزو المغولي القادم من الشرق ،فقد طاب
لعثمان وقومه النزوح إلى دولة سالجقة الروم ،الذين تربطهم بأبناء عمومتهم األتراك وحدة النسب في نسب األوغوز ،ومن هذا
النسب انقسم الفرعان ،وطاب لألتراك -العثمانيين -العيش في كنف الدولة السلجوقية ،وفي استقرارهم هذا ،فقد مضى هذا
المجتمع البدوي والرعوي إلى التحضر واالستقرار ،وعلى واقع الغزو المغولي المتجدد ،والقادم من الشرق ،فقد أنجد عثمان
سلطان السالجقة ضد المغول كما سبق في الحديث ،وانتصر عليهم ،وأمام هذا أقطع لهم السلطان السلجوقي أراض في كنف
دولته ،ومضى السلطان عثمان في السير في سياسة البناء ،إلعداد دولة قوية يتحدى بها عواصف الزمن ،بما يضمن لها
االستمرارية والبقاء.
وكان ضعف دولة سالجقة الروم العسكري والسياسي ،أن جعلها مطمًع ا لدولة الروم ،وخوًف ا من هذا الواقع على مسلمي الدولة
وعلى الدولة نفسها ،من أن تسقط بيد الروم ،ذهب السلطان عثمان في وضع يده على دولة سالجقة الروم ،ومضى في بناء
الدولة على األصول والنظم اإلسالمية ،التي كانت تسود الدولة اإلسالمية ،فيما قبل قيام الدولة العثمانية ،وكان من هذه
األنظمة نظام قاضي القضاة الذي عرف في عهد الخليفة هارون الرشيد (170 -194هـ = 786 -808م) ،فقد استبدله السلطان
عثمان ،بنظام مشيخة اإلسالم ،كنظام من النظم التي ستقوم عليها هذه الدولة ،وال سيما أن هذه الدولة جغرافًي ا محاطة بدول
نصرانية ،وال يقوم على ديمومتها واستمراريتها سوى النظام وحسن اإلدارة والحكم باإلسالم.
وفي الحديث عن إدارة -مؤسسة شيخ اإلسالم -فقد أكرم منزلتها بأن جعلها في صدارة اإلدارات بعد إدارة الصدر األعظم،
وذلك لسمو مكانتها عند الرعية ،فهي صلة الوصل بينها وبين السلطان ،وقد مرت هذه المؤسسة في دورين اثنين في عهد
مؤسسها السلطان عثمان ،وعرفت في المرحلة األولى بنظام المفتي ،حيث كان هذا النظام سائًد ا في عدد من الدول اإلسالمية،
وقد أوكل عثمان هذا المنصب في الفتوى ،إلى الشيخ "إده بالي" وذلك سنة (725هـ1325 -م) ،ثم جاء بعده صهره
"طورسون أفندي" ،وبالنسبة لشيخ اإلسالم ،فقد تعددت اآلراء في الوجهة التاريخية عن تاريخ نشأة وظيفة شيخ اإلسالم،
وهناك شبه إجماع على أن مراد الثاني ،هو الذي أتى على هذا النظام في نشأته ،وأن الشيخ "شمس الدين الفناري" هو الذي
حمل لقب "المفتي األكبر -شيخ اإلسالم" ،وذلك سنة (828هـ1425 -م) ،ويؤرخ المؤرخ العثماني "مستقيم زادة سليمان
سعد الدين أفندي" في كتابه دوحة المشايخ ،وبناء على بيانات المؤرخ العثماني الثاني "علي أمير أفندي" ،حول تاريخ نشأة
المشيخة ،فقد أشار فيما كتبه في مجلة "علمية سالنامة" ،على أن هذه اإلدارة إنما ظهرت في عهد مراد الثاني ،وارتبط
وجودها مع تكليف الشيخ "الفناري أفندي" بوظيفة "المفتي األكبر" ،وأن المشيخة كانت أول ما ظهرت في عام (828هـ-
1425م) ،وكان مركزها األول في مدينة "بروسة" ،ومنها انتقل إلى مدينة "أدرنة" ،ثم تم نقلها إلى "إسطنبول" بعد فتحها
سنة (1453م).
أما دواعي نشأة هذه اإلدارة ،فقد جاءت نشأتها سيًر ا مع تنظيم أمور الدولة ،ومن جانب آخر ،توحيد األمة على منهج أهل السنة
والجماعة ،في عصر تكاثرت فيه عقائد الرافضة ،وساد مع وجودها قضايا االغتياالت السياسية والدينية ،وكان أصحاب هذه
السياسة في االغتيال طائفة الحشيشيين اإلسماعيلية ،حيث أشار بن القالنسي في القرن الخامس الهجري ،أن القتل كان
يحدث في كل مكان .ال يفرق بين أمير وعالم دين ،وكان قادة هؤالء القتلة ،كل من داعية القرامطة ،وصاحب الزنج ،وحسن
الصباح صاحب الدعوة الحشيشية ،وقد ظهر في عهد مراد الثاني داعية منحرف وذلك سنة (816هـ1416 -م) ،واسمه "بدر
الدين بن تاضي السماونة" والذي ذهب في الدعوة إلى شيوعية المال والملك ،وقال بأن الجنة والنار هي األلم والفرح ،وتأتيان
نتيجة لفعل الخير والشر ،وذهب هذا الداعي إلى القول بأن كل المحرمات قد رفعت ،وأن كل شيء محلل وجائز ،وهذا ما قال
به الداعية القرمطي بتحليل البنات واألخوات للمحارم ،وقد كلف السلطنة العثمانية الشيء الكثير حتى تم قتله والقضاء عليه
وعلى دعوته وذلك سنة (823هـ1420 -م).
ومن هنا جاءت وظيفة مشيخة اإلسالم ،لتضفي على المجتمع العثماني ،الوجه السني في معتقدها اإلسالمي شريعة ومنهج
حياة ،وسيًر ا على خطى الخالفة العباسية التي اتخذت من مذهب أبي حنيفة مذهًب ا رسمًي ا للدولة ،وعلى خطاها اتخذت
السلطنة العثمانية ،من المذهب الحنفي مذهًب ا رسمًي ا للدولة ،بقصد قطع الطريق على أي خالف ديني ،وال غرابة أن نجد أن
العثمانيين قد ساروا على نهج غيرهم من مجتمعات العالم اإلسالمي في وظيفة شيخ اإلسالم ،فقد عرفت الخالفة العباسية،
نظام وإدارة قاضي القضاة ،والذي استحدث في عهد الخليفة هارون الرشيد سنة (170 -194هـ = 786 -808م) ،ويلحق
بدواعي نشأة مشيخة اإلسالم ،قضية عدم تعدد المفتين الرسميين من قبل الدولة ،فتنحصر الفتوى بشخص واحد ،وبذل يتم
قطع الطريق على أي مفٍت يفتي على هواه ،حسًم ا للفوضى الدينية ،إذا لم يكن المفتي من أهل العلم والقدرة على الفتوى.
ويضاف إلى دواعي نشأة إدارة مشيخة اإلسالم ،إسالمية الدولة وتمسكها برسالة اإلسالم شريعة ونظام دولة ،وذلك ما توصل
إليه السلطان العثماني ،بأن جعل اإلسالم هو المرجعية األولى في بناء الدولة ،ولهذا جاءت إدارة مشيخة اإلسالم لتقدم صورة
الدولة العثمانية أمام جوارها من الدول األوروبية التي تدين بالنصرانية ،وعندما تبلور مصطلح "المسألة الشرقية" بعد مؤتمر
فيرونا سنة (1822م) .فقد برهن هذا المصطلح بأنه جسد في هدفه صراع الغرب األوروبي النصراني ،مع الدولة العثمانية
اإلسالمية.
عرف العثمانيون في بداية دولتهم في عهد عثمان ،نظام "قاضي العسكر" وذلك سنة "765هـ1363 -م" ،قبل استحداث إدارة
"مشيخة اإلسالم" ،وكان قاضي العسكر يومها "جاندارلي خليل أفندي" وكان على درجة عالية من العلمية والمكانة
االجتماعية ،كما كان يشرف على سائر أعمال القضاة ،ويقوم كذلك بترجيح من يقع عليه اختياره بشغل وظائف القضاء ،وتشير
كلمة "العسكر" التي يحتويها مصطلح "قاضي العسكر" ،على الهوية التي يتميز بها هذا الجهاز ،والذي تأسس قبل اثنين
وستين عاًم ا على تأسيس "مشيخة اإلسالم" وكان الغرض منها تلبية حاجات الجند والعسكر ارتباًط ا بعسكرة هذا المجتمع
يومها ،وكانت مهام إدارة "قاضي العسكر أو قاضي الجند" ،تتركز في القضايا التالية:
فعلى هذا الشأن والحال ودواعي الحاجة "لمشيخة اإلسالم" كانت هذه اإلدارة في الدولة العثمانية الناهضة ،وقد جعلها
السلطان العثماني قريبة منه في العاصمة ،وارتبطت بهذه اإلدارة جميع واليات الدولة العثمانية ،في القضايا التشريعية
والقضايا المتعلقة بالفتيا واألحكام الشرعية ،ومع امتداد عمر الدولة العثمانية ،كانت هذه اإلدارة في تجدد دائم من تاريخ
نشأتها ،الذي امتد بها العمر من " 513سنة هجرية 497 -سنة ميالدية" وانتهى عهدها مع إلغاء الخالفة العثمانية في 11ربيع
األول 1341هـ -تشرين الثاني 1922م.
مع بيان التاريخ الذي سبق ،وفيه تم إلغاء الخالفة العثمانية كنظام سياسي إسالمي ،طال فيه العمر أكثر من ستة قرون،
وانتهى مع نظام الخالفة سقوط آخر خليفة ،هو محمد وحيد خان ،وسقط مع هذا النظام ،إدارة الصدارة العظمى ،ولحق بها
اإلدارة التي تليها في المكانة الرسمية في دولة الخالفة ،والتي هي إدارة مشيخة اإلسالم ،والتي بلغ عددها ( )131شيًخ ا،
فكان األول منهم الشيخ "محمد شمس الدين فناري أفندي" ،وقد جاءت مشيخته (828 -834هـ1431 -1425 /م) ،في عهد
السلطان مراد الثاني ،وكان آخرهم الذي حمل الرقم (" )131محمد نوري أفندي المدني" ،والذي استلم مشيخته (-1341
1339هـ1920 /م1922 -م) ،في عهد الخليفة محمد وحيد الدين السادس.
ومن هؤالء المشايخ من أدار المشيخة لمرتين ومنهم من أدارها لثالث مرات ،والكثير من هؤالء المشايخ من ترك من خلفه
موروًث ا كبيًر ا من الفتاوى ،حتى عرفت بفتاوى الشيخ الذي تنسب إليه ،وكان الجميع على أهلية علمية في العلوم الشرعية ،بما
يؤهله لهذه المكانة الرسمية في الدولة.
.1الشيخ محمد شمس الدين فناري أفندي ،وهو الشيخ الذي ارتبط فيه تأسيس هذه اإلدارة ونشأتها في عهد السلطان مراد
الثاني ،وكانت مشيخته بين سنتي (828 -834هـ1425 -1431 /م) ،فكان األول فيها.
.2الشيخ زنبيللي علي أفندي ،وقد حمل اللقب هذا ،من "زنبيل" حيث كان هذا الشيخ يجلس في شرفة منزله ،يرقب من يأتيه
للسؤال ،وله زنبيل -سلة -مربوط بحبل مدلي من الشرفة حيث يضع السائل سؤاله فيها ،وقد عرف هذا الشيخ بورعه وتقواه
وعلمه ،فيضع السائل سؤاله في الزنبيل ،ويهزه السائل مرتين ،فيسحبه الشيخ حيث يجلس ،وبعد االنتهاء من اإلجابة ،يعيده
بالطريقة نفسها ،وكان اسمه قبل اللقب علي بن أحمد بن محمد الجمالي الرومي ،وينتهي بنسبه إلى محمد فخر الدين الرازي،
وحمل الرقم ( )9في سلسلة المشايخ ،وجاءت مشيخته "932 -908هـ1503 -1525 /م" ،في عهد السلطان بايزيد الثاني
وسليم األول وسليمان القانوني.
.3الشيخ محمد ضياء الدين أفندي ،مفتي عزل السلطان عبدالحميد الثاني ،جاء رقمه التسلسلي ( )120بين جملة مشايخ هذه
اإلدارة ،وجاءت سنوات مشيخته في بدايتها 5/5/1909م.
.4الشيخ مصطفى صبري أفندي ،والذي حمل الرقم التسلسلي ( )129بين مشايخ اإلدارة ،وكان من أنشط أبناء هذه اإلدارة فقد
ناهض الحركة الطورانية ومسألة إلغاء الخالفة ،وجاءت مشيخته في ظل حكم السلطان محمد وحيد ،وجاءت مشيخته مدة
سنة واحدة من سنة "1337هـ1919 -م ولغاية 1338هـ 1920 -م" ،وقد هاجر إلى مصر ،وله العديد من المؤلفات ناهض
فيها يهود الدونمة واالنقالبيون ،كانت وفاته في مصر سنة "1373هـ1954 -م".
.5الشيخ محمد نوري أفندي المدني الذي حمل الرقم التسلسلي ( ،)131فكان آخر شيوخ اإلسالم من أبناء هذه اإلدارة،
وجاءت مشيخته من "1341 -1339هـ1922 -1920 /م" ،في عهد السلطان محمد وحيد خان.
إن تاريخ إنشاء بناء المشيخة اإلسالمية العثمانية في إستانبول الذي يعود إلى سنة 1555م ،هو من منجزات السلطان سليمان
القانوني يرحمه اهلل ،وقد تعرض البناء للزالزل ،وتعّر ض للحرائق المتكررة جَّر اء الفتن سنة 1660م ،وسنة 1750م ،وسنة
1771م ،وسنة 1782م ،وقد تم ترميم البناء وتسليمه إلى المشيخة اإلسالمية سنة 1826م ،وصدر فرمان عثماني بذلك عن
السلطان محمود الثاني سنة 1827م ،وبقي البناء مقًر ا رسمًي ا للمشيخة اإلسالمية العثمانية حتى سنة 1924م ،عندما حلت
محل المشيخة اإلسالمية العثمانية ،وزارة الشئون الدينية ،وخصصت مكان المشيخة لمفتي إستانبول ،ثم تعّر ض البناء للحريق
سنة 1927م ،ثم تم ترميمه سنة 1985م ،وما زال مقًر ا لمديرية إفتاء إستانبول ،والغريب أن اسم مشيخة اإلسالم الذي ولد
مع الدولة العثمانية اختفى في ظل الجمهورية التركية وظل هذا االسم مستخدًم ا في دول أخرى مثل ألبانيا ومقدونيا
والبوسنة والهرسك وكوسوفا.
وبعد فإن مشيخة اإلسالم التي عاشت في عمرها قرابة الستة قرون ،كانت مدعاة لالهتمام من قبل الكثير من طلبة العلم
والمؤرخين ،حتى قام األستاذ أحمد صدفي شقيرات بدراسة هذه اإلدارة بدراسة موسعة في مجلدين كبيرين بلغ مجموع
صفحات الكتاب في حدود ( )1250صفحة والكتاب الذي استغرق إعداده أربع سنوات ،علمي ووثائقي ،ونفيس ،لم يسبقه
إليه أحد ،في بيان مكانة إدارة مشيخة اإلسالم في تاريخ الدولة العثمانية.