Professional Documents
Culture Documents
من خالل دراستي لموضع بحثي نستخلص مجموعة من النتائج أوردها كما يلي:
عرفت الجزائر في نهاية القرن الرابع عشر وبداية القرن الخ"امس عش"ر ،أوض"اعا
مزرية ،إذ ك""انت مرتع""ا للح""روب األهلي""ة ،والص""راعات" الداخلي""ة بين الحك""ام الزي""انيين
والحفصيين ،ما نتج عنه ضعف سياسي واقتصادي ،واجتماعي.
إن هذه األوضاع المتردية جعله""ا عرض""ة للتحرش""ات األجنبي""ة ،تمث""ل في االحتالل
اإلسباني لموانئها اإلستراتيجية ،كاحتالل المرسى الكبير سنة ،1505ووه""ران ،1509
وبجاية وعنابة .1505
إن هذه الظروف الدولية دفعت الجزائر إلى االستنجاد باإلخوة بربروس ،لتخليصهم
من اإلسبان ،وإيقاف زحفهم داخل البالد ،وق""د ل""بى األخ""وين الن""داء في إط""ار الجه""اد في
سبيل هللا ،وحماية المسلمين".
عملت التركيبة التركية على تهميش السكان المحليين ،وذوي الصلة بهم كالكراغلة،
من الممارس""ات السياس""ية ،وإبع""ادهم عن أم""ور النياب""ة ،إذ بقيت حك""را على العنص""ر
التركي ،حالت دون تمكين الدولة من تحقيق عدالة اجتماعية ،وقد تسبب ه""ذا الوض""ع في
تدهور العالقة بين الحاكم والمحكوم.
لقد كان لسياسة الضرائب المجحفة ،التي انتهجها البايات خاصة في أواخر عهدهم،
لمواجهة العجز المالي ال""ذي أص""اب خزين""ة الدول""ة ،وذل""ك راج""ع ل""تراجع غن""ائم الجه""اد
البح"""ري ،س"""ببا في تخلي الس"""كان عن أراض"""يهم ،وهج"""رتهم إلى الجب"""ال والمن"""اطق
الصحراوية ،التي لم تطلها سلطة البايلك ،وقد أثر ذلك تأثيرا سلبيا على االقتصاد خاص""ة
في األرياف.
كان اعتماد البايات على الحمالت العسكرية ،أو ما يعرف بالمحالت العسكرية التي
تجوب األرياف كل فصلي ربيع وخريف ،لجباية الضرائب ،وإيق""اع العق""اب ب""الممتنعين،
تأثير كبير في نفسية السكان ،لما تخلفه هذه المحالت من خسائر مادية وبشرية.
إن العثمانيين سعوا إلى كسب ود وتأييد الق""وى المحلي""ة ،في وقت ك""ان في""ه الخط""ر
الخارجي قائما ،ما جعل األهالي ينظرون إلى األتراك كمنق""ذين ،أك""ثر من ك""ونهم حكام""ا
مستبدين ،فنشأت بينهم عالقة وطيدة مبنية على المصلحة المشتركة.
يعتبر تاريخ تحرير وهران 1792وطرد الخطر الخارجي ،نقطة تحول في عالق"ة
السلطة العثمانية بالطرق الصوفية ،إذ سرعان ما تحول هؤالء من مؤيدين إلى محرضين
ومتزعمين للثورات والمدافعين عن األهالي ،وهذا راجع إلى سياس""ة الباي""ات الهادف""ة إلى
فرض سلطتهم ،وتوسيع نفوذهم ،وتجاهل رأي رجال الدين ،وابعادهم عن أمور السياسة.
إن معظم الثورات التي عرفتها الجزائر خالل العهد العثم""اني ،ولكثرته""ا وتع""ددها،
فإننا ال نجد وال ثورة غطت جميع ربوع الوطن ،فكلها جهوية ومحدودة ،وق""د يك""ون ه""ذا
سببا من األسباب الرئيسية حول فشلها في إسقاط الحكم العثماني في الجزائر.
كما أن هذه الثورات" كانت متعددة الوسائل والغايات ،فمنه""ا من ك""ان س""ببه سياس""ي
كث""ورة ابن القاض""ي ال""تي ق""امت في عه""د خ""ير ال""دين ،ومنه""ا من ك""ان س""ببه اقتص""ادي
كثورات القرن الثامن عشر ،وهناك من كان سببه ديني كالثورات التي تزعمها الطرقيون
في النصف األول من القرن التاسع عشر.
ومهما كان أسباب هذه الث""ورات ،ف""إن اإلدارة العثماني""ة اس""تطاعت القض""اء عليه""ا،
معتمدة في ذلك على ع""دة أس""اليب وط""رق سياس""ية وعس""كرية ،مكنته""ا من حكم البالد 3
قرون.
فكانت تعمد على خلق المنافس"ات بين العش"ائر والقبائ"ل ،بغي""ة اض""عافها والس""يطرة
عليها ،كما حاولت التقرب من األس""ر الكب""يرة ذات النف""وذ السياس""ي ،كش""يوخ أمق""ران في
مجانة ،وشيوخ الذواودة والحنانش""ة عن طري""ق المص""اهرة ،وفي المقاب""ل ك""انت تس""تعمل
القوة إذ ما فشلت في اخضاع قبيلة ما ،عن طريق شن حمالت عسكرية عليها.
ت""رك العثم""انيون إدارة ش""ؤون األري""اف إلى القبائ""ل المتحالف""ة ،المتمثل""ة في قبائ""ل
المخ""زن والم""رابطين "،لحف""ظ األمن ومراقب""ة تحرك""ات الث""وار ،مقاب""ل منحهم امتي""ازات
عديدة ،كإعفائهم من الضرائب "،وإعطائهم أراضي زراعية".