You are on page 1of 21

Journal of Human and Social Sciences (JHSS) • Vol 7, Issue 8 (2023) • P: 74 - 54

https://journals.ajsrp.com/index.php/jhss
ISSN: 2522-3380 (Online) • ISSN: 2522-3380 (Print)

The role of the Barbarossa brothers in extending the Ottoman influence in the central Maghreb
(Algeria) (916-953 AH / 1510-1546 AD)

Prof. Osama M. Abu Nahel


Faculty of Arts & Human Sciences | Al-Azhar University | Gaza | Palestine
Received: Abstract: The study dealt with the state of weakness and disintegration that prevailed in the countries of the
28/05/2023
Islamic Maghreb in general, and the central Maghreb region (Algeria) in particular, which led the Portuguese and
Revised: Spanish to take advantage of the opportunity to occupy a large number of its cities. Meanwhile, with the help of
07/06/2023
the Ottoman Sultanate, the phenomenon of Islamic maritime jihad emerged in the western basin of the
Accepted:
Mediterranean and in the central Maghreb, which aimed to help the Muslims of Andalusia fleeing their religion
15/06/2023
from the persecution of the Spanish on the one hand and worked to liberate the cities of the central Maghreb
Published:
which the Spanish had occupied on the eve of and after the fall of Granada on the other hand. This task was
30/08/2023
undertaken by the two brothers Arouj and Khairuddin Barbarossa, who were able to perform it with
* Corresponding author: unparalleled success, so they saved the cities of central Maghreb from the clutches of the Spanish. Khairuddin
osamabunahel@hotmail.c took the city of Algeria as the capital of his rule and didn’t hesitate to include this region in the possessions of the
om
Ottoman Sultanate, and it now bears the name of the Viceroyalty of Algeria.
The study relied on two main approaches: the historical approach and the analytical descriptive approach. It also
Citation: Abu Nahel, O.
M. (2023). The role of the reached a number of results, the most important of which are: that the Barbarossa brothers ruled aireglA direct
Barbarossa brothers in delegation from the Ottoman Sultan, and became ministers of delegation with the approval of the Ottoman
extending the Ottoman Sultanate. Thus: The new military state established in Algeria was a self-governing authority closely linked to the
influence in the central
central government in Istanbul.
Maghreb (Algeria) (916-
953 AH / 1510-1546 AD).
Keywords: Barbarossa brothers, Algeria, The Ottoman Sultanate, The Spanish, Charles V.
Journal of Humanities &
Social Sciences, 7(8), 54 – ّ
‫ه‬953-916( )‫بربروسا في بسط النفوذ العثماني في املغرب األوسط (الجزائر‬ ‫دور األخوين‬
74 .
https://doi.org/10.26389/ )‫م‬1546-1510/
AJSRP.N280523

2023 © AISRP • Arab ‫ أسامة محمد أبو نحل‬/ ‫األستاذ الدكتور‬


Institute of Sciences & ‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية | جامعة األزهر | غزة | فلسطين‬
Research Publishing ً ُّ
‫ ومنطقة املغرب‬،‫ حالة الضعف والتفكك التي استشرت في بالد املغرب اإلسالمي عامة‬،‫ تناولت الدراسة‬:‫املستخلص‬
(AISRP), Palestine, all ّ ‫خاصة التي ّأدت إلى استغالل البر‬ ّ )‫األوسط (الجزائر‬
rights reserved.
،‫ وفي تلك األثناء‬.‫عدد كبير من مدنها‬
ٍ ‫ الحتالل‬،‫تغاليين واإلسبان الفرصة‬
ّ ّ
‫ ظاهرة الجهاد البحري‬،‫ وفي املغرب األوسط‬،‫ برزت في الحوض الغربي للبحر املتوسط‬،‫وبمساعدة من السلطنة العثمانية‬ ً
 Open Access ‫ والعمل على تحرير مدن‬،‫الفارين بدينهم من اضطهاد اإلسبان من ناحية‬ ّ ‫اإلسالمي التي هدفت إلى مساعدة مسلمي األندلس‬
ّ ‫ وقد اضطلع بهذه‬.‫ناحية أخرى‬ ّ ‫احتلوها‬ ّ
‫املهمة األخوين‬ ٍ ‫عشية وبعد سقوط غرناطة من‬ ‫املغرب األوسط التي كان اإلسبان قد‬
ّ ّ ّ
‫ فخلصا مدن املغرب األوسط من براثن‬،‫بنجاح منقطع النظير‬ ٍ ‫بربروسا اللذان تمكنا من أداءها‬ )‫ و(خير الدين‬،)‫(عروج‬
ّ َ ً
This article is an open ‫ضم هذه املنطقة إلى أمالك‬ ِّ ‫ وهو إلى ذلك لم يتوان في‬،‫ وقد اتخذ (خير الدين) من مدينة الجزائر عاصمة لحكمه‬.‫اإلسبان‬
access article distributed .‫ وباتت تحمل اسم نيابة الجزائر‬،‫العثمانية‬ ّ ‫السلطنة‬
under the terms and ّ
:‫ أهمها‬،‫لعدد من النتائج‬ ّ
ٍ ‫ كما توصلت‬.‫ واملنهج الوصفي التحليلي‬،‫ املنهج التاريخي‬:‫واستعانت الدراسة بمنهجين رئيسين هما‬
conditions of the Creative ّ ‫أن األخوين بر‬
‫ وباتا بمنزلة وزراء تفويض بموافقة‬،‫بروسا قد حكما الجزائر بسلطة التفويض املباشر من السلطان العثماني‬
Commons Attribution (CC
ّ ُ ّ ّ
BY-NC) license ‫ ذات‬،‫ذاتي‬
ٍ ‫حكم‬ ٍ ‫ كانت بمنزلة سلطة‬،‫ فإن الوالية العسكرية الجديدة التي أقيمت في الجزائر‬:‫ بالتالي‬.‫السلطنة العثمانية‬
ّ ٌ
.‫املركزية في اآلستانة‬ ‫ارتباط وثيق بالحكومة‬
ّ
.‫ شارل الخامس‬،‫ اإلسبان‬،‫العثمانية‬ ّ
‫ السلطنة‬،‫ الجزائر‬،‫بربروسا‬ ّ
‫ األخوين‬:‫املفتاحية‬ ‫الكلمات‬

54
‫… ‪The role of the Barbarossa brothers in extending the Ottoman‬‬ ‫‪Abu Nahel‬‬

‫املقدمة‬

‫تمهيد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قبل أن يتمكن اإلسبان من االستيالء على مملكة غرناطة‪ ،‬آخر معاقل املسلمين في األندلس وفي أعقابه‪ ،‬كانوا قد استغلوا‬
‫ُّ‬
‫التفكك السياس ي التي عانتها أرجاء بالد املغرب اإلسالمي كافة‪ ،‬في احتالل الكثير من مدنها‪ .‬وفي تلك األثناء‪ ،‬برز على مسرح ا ّ‬
‫لعمليات‬ ‫حالة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العسكرية البحرية في الحوض الغربي للبحر املتوسط‪ ،‬أخوين مجاهدين هما األخوين (عروج)‪ ،‬و(خير الدين) بربروسا اللذان أخذا على‬ ‫ّ‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬تخليص املدن التي استولى عليها اإلسبان في‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫الفارين بدينهم من ناحية‪ .‬ومن‬ ‫مهمة مساعدة مسلمي األندلس‬ ‫عاتقهما‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫العثمانية‪ ،‬لتبسط نفوذها على‬ ‫بربروسا في مساعدة السلطنة‬ ‫ّ‬ ‫منطقة املغرب األوسط (الجزائر)‪ .‬كما تناولت الدراسة‪ ،‬دور األخوين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جهود بر ٍية وبحري ٍة في هذا الشأن‪.‬‬ ‫سيما في املغرب األوسط‪ ،‬وما ّ‬
‫قدماه من‬ ‫شاسعة من بالد املغرب ال ّ‬ ‫مناطق‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫أهمية الدراسة‬
‫ّ‬
‫العثمانية في الحفاظ على عروبة بالد املغرب‪َّ .‬‬
‫ثم‬ ‫ّ‬
‫بربروسا في مساعدة السلطنة‬ ‫تكمن ّ‬
‫أهمية الدراسة‪ ،‬من توضيح دور األخوين‬
‫اسة نحسبها قراءة جديدة لهذا املوضوع املهم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫العربية بدر ٍ‬ ‫إن هذه الدراسة‪ ،‬تحاول أن ترفد املكتبات‬

‫مشكلة الدراسة‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ُيعد موضوع مساعدة املسلمين للسلطنة العثمانية من املوضوعات املهمة‪ ،‬كونها السلطنة التي تعد نفسها حامية للمسلمين‪،‬‬
‫ّ‬
‫مهمة أخذت على عاتقها مساعدة‬ ‫ات ّ‬‫شخصي ٌ‬
‫ّ‬ ‫ونظرا لبعد املسافة بين مركز هذه السلطنة في اآلستانة عن بالد املغرب‪ ،‬فقد برزت‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫العثمانيين‪ ،‬من أجل بسط نفوذها على بالد املغرب‪.‬‬
‫مد نفوذهم في املغرب األوسط‪ ،‬مع اختالف وجهة نظر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولقد كتب الكثير عن دور األخوين‬
‫العثمانيين في ِّ‬ ‫بربروسا في مساعدة‬
‫ّ‬
‫من تناول هذا املوضوع‪ .‬فقد تناوله على سبيل املثال بعض الكتاب األجانب‪ ،‬منهم‪( :‬شارل أندري جوليان) (‪ ،)1983‬في كتابه املوسوم‪:‬‬
‫(تاريخ أفريقيا الشمالية)‪ ،‬و(‪ ،)1889( )Edward Cat‬في كتابه املوسوم‪ ،)Petite Histoire de l’Algérie–Tunisie– Maroc( :‬و( ‪H. D. De‬‬
‫‪ ،)1887( )Grammont‬في كتابه املوسوم‪ .)Histoire d' Alger sous la domination turque( :‬ومن املراجع العربية‪ ،‬نجد (محمد ّ‬
‫دراج)‬
‫(‪ ،)2012‬في كتابه املوسوم‪( :‬الدخول العثماني إلى الجزائر ودور اإلخوة بربروس)‪ ،‬و(خير الدين بربروس) (‪ ،)2010‬في كتابه املوسوم‪:‬‬
‫(مذكرات خير الدين بربروس)‪ ،‬و(أحمد توفيق املدني) (ب‪.‬ت)‪ ،‬في كتابه املوسوم‪( :‬حرب الثالثمائة سنة بين الجزائر وإسبانيا)‪ .‬لذلك؛‬
‫رئيس مفاده‪:‬‬
‫سؤال ٍ‬‫ٍ‬ ‫ارتأينا ضرورة الكتابة عن دور هذين األخوين في بسط النفوذ العثماني في املغرب األوسط‪ .‬وتدور مشكلة الدراسة في‬
‫ّ‬
‫بربروسا في بسط النفوذ العثماني في املغرب األوسط؟‬ ‫ما دور األخوين‬

‫أهداف الدراسة‬
‫هدفت الدراسة لتوضيح اآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬الوقوف على تداعيات سقوط غرناطة في أيدي اإلسبان‪.‬‬
‫ضم املغرب األوسط للنفوذ العثماني‪.‬‬‫‪ -2‬بيان دور (عروج) في إرهاصات ّ‬
‫ِّ‬
‫ّ‬
‫ضم املغرب األوسط للنفوذ العثماني‪.‬‬ ‫‪ -3‬توضيح دور (خير الدين) في استكمال ِّ‬

‫حدود الدراسة‬
‫ً‬ ‫ُّ‬
‫‪ ‬الحد املكاني‪ :‬يمتد الحد املكاني للدراسة في منطقة املغرب األوسط (الجزائر حاليا)‪.‬‬
‫الزمنية ما بين عامي (‪953-916‬ه ‪1546-1510 /‬م)‪ ،‬أي منذ بداية النشاط البحري لألخوين‬ ‫ّ‬ ‫تمتد حدود الدراسة‬‫‪ ‬الحد الزماني‪ُّ :‬‬
‫ّ‬
‫املتوسط‪ ،‬حتى تاريخ وفاة (خير الدين)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫بربروسا في الحوض الغربي للبحر‬

‫ّ‬
‫منهجية الدراسة‬
‫اعتمدت الدراسة على منهجين رئيسين‪ ،‬هما‪:‬‬
‫ّ‬
‫منهج‪ ،‬سوف يساعدنا في الحصول على املعلومات األولية ملوضوع الدراسة‪.‬‬ ‫‪ -‬املنهج التاريخي‪ :‬وهو ٌ‬
‫ّ‬
‫بربروسا في بسط النفوذ‬ ‫ّ‬
‫الخاصة بدور األخوين (عروج)‪ ،‬و(خير الدين)‬ ‫‪ -‬املنهج الوصفي التحليلي‪ :‬وذلك لتفسير املعلومات‬
‫ّ‬
‫العلمية‪.‬‬ ‫العثماني في املغرب األوسط‪ ،‬وتحليلها‪ ،‬وبيان ّ‬
‫أهميتها وقيمتها‬

‫‪55‬‬
‫)‪Journal of Human and Social Sciences (JHSS) • Vol 7, Issue 8 (2023‬‬
‫ا‬
‫أوًل‪ :‬تداعيات سقوط مملكة غرناطة في أيدي اإلسبان‬
‫ّ‬
‫والبرتغاليين الحتالل سواحل‬ ‫حر ٌّي بنا قبل الحديث عن تداعيات سقوط غرناطة‪ ،‬الحديث عن األسباب التي دفعت اإلسبان‬
‫بالد املغرب قبل سقوط غرناطة‪.‬‬
‫أ‪ -‬أسباب االحتالل اإلسباني والبرتغالي لبعض سواحل بالد املغرب قبل سقوط غرناطة‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫املركزية في بالد املغرب‬ ‫‪ -1‬تفكك الدولة‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُي ُّ‬
‫املوحدين التي كانت تحكم بالد املغرب اإلسالمي في عام (‪664‬ه ‪1266 /‬م)‪ ،‬كارثة كبرى أصابت الجناح‬ ‫عد سقوط دولة‬
‫والبرتغاليين هذه الفرصة فاستعادوا‬ ‫ّ‬ ‫الغربي اإلسالمي‪ ،‬حيث قام على أثرها في بالد املغرب دو ٌل متنازعة‪ .‬وفي األندلس انتهز اإلسبان‬
‫سببا‬ ‫عد هذا السبب‪ً ،‬‬ ‫مما ّأدى إلى انكماش دولة اإلسالم باألندلس‪ ،‬واقتصرت على مملكة غرناطة وملوكها بنو األحمر (‪ُ .)1‬وي ُّ‬ ‫نشاطهم‪ّ ،‬‬
‫جملة من األهداف االستر ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫اتيجية التي كانا‬ ‫والبرتغاليين في االستيالء على سواحل بالد املغرب‪ ،‬وذلك لتحقيق‬ ‫مباشرا لتفكير اإلسبان‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫داخلي ٍة‬ ‫حروب‬
‫ٍ‬ ‫الحفصية والزيانية واملرينية (‪ ،)2‬التي انغمست في‬ ‫ّ‬ ‫يطمحان لتحقيقها‪ .‬وقد ّأدى هذا الوضع إلى أن سقوط األسر املالكة‬
‫والبرتغاليين في احتالل البالد‪ ،‬أو في توسيع مناطق نفوذهم فيها‬ ‫ّ‬ ‫سهل ّ‬
‫مهمة اإلسبان‬ ‫طويلة مزمنة‪ّ ،‬أدى في النهاية إلى مهاوي االنحطاط‪ ،‬ما ّ‬
‫(‪.)3‬‬
‫ُّ‬
‫التوسع خارج حدودهما‬ ‫‪ -2‬تنافس إسبانيا والبرتغال في‬
‫بممالك مسيحي ٍةّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬ ‫في الوقت الذي تقلص فيه الوجود اإلسالمي باألندلس‪ ،‬اتسع نفوذ اإلسبان حتى أصبحت غرناطة محاطة‬
‫افية‪،‬‬ ‫شية‪ ،‬فيما ُعرف باسم حركة الكشوف الجغر ّ‬ ‫البرتغاليون في مهاجمة الشواطئ املراك ّ‬
‫ّ‬ ‫تتربص بها الدوائر‪ .‬وفي ذلك الوقت‪ ،‬بدأ‬ ‫معادية ّ‬
‫فاستولوا على مدن‪ :‬سبتة عام (‪818‬هـ ‪1415 /‬م)‪ ،‬والقصر الكبير عام (‪861‬هـ ‪1458 /‬م)‪ ،‬وطنجة عام (‪869‬هـ ‪1464 /‬م)‪ ،‬وأصيلة عام‬
‫(‪876‬هـ ‪1471 /‬م) (‪ ،)4‬ما ّأدى إلى ُعزلة مسلمي األندلس عن املساعدة التي قد تأتيهم من بالد املغرب‪ ،‬فأصبحت غرناطة محصورة‬
‫بأساطيل اإلسبان‪ ،‬حتى استولوا عليها في عام (‪897‬هـ ‪1492 /‬م) (‪.)5‬‬
‫ملوك‬ ‫ُ‬
‫امللكيات الجديدة‪ ،‬إذ و ِّجد فيه ٍ‬ ‫ُووصف أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر امليالديين‪ ،‬بأنهما عصر ّ‬
‫ِّ‬
‫ً‬ ‫أقوياء‪ ،‬مثل‪ :‬ملك إنكلترا (هنري السابع ‪ ،)Henry VII‬وملك فرنسا (لويس الحادي عشر ‪ )Louis XI‬اللذان ّ‬
‫كرسا جهودهما‪ ،‬لخلق دولة‬

‫(‪ -)1‬شلبي‪ ،‬أحمد (‪ ،)1995‬موسوعة التاريخ اإلسالمي‪ ،‬ج‪ ،4‬ط‪ ،10‬القاهرة‪ :‬مكتبة النهضة املصرية‪ ،‬ص‪ ،162‬جوليان‪ ،‬شارل أندري (‪،)1983‬‬
‫تاريخ أفريقيا الشمالية‪ :‬تونس‪ ،‬الجزائر‪ ،‬املغرب األقص ى من الفتح اإلسالمي إلى سنة ‪1830‬م‪ ،‬تعريب‪ :‬محمد مزالي‪ ،‬والبشير بن‬
‫سالمة‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،2‬تونس‪ :‬الدار التونسية للنشر‪ ،‬ص‪.157-156‬‬
‫ّ‬
‫املوحدين في بالد املغرب إلى تقاسم الحكم بين ثالث دول إقليمية؛ بني حفص في املغرب األدنى (تونس)‪ ،‬وبني زيان في‬‫(‪ّ -)2‬أدى سقوط دولة ّ‬
‫ّ‬
‫الحفصيون إلى (أبي حفص عمر بن يحيى الهنتاني)‪ ،‬ويرجع‬ ‫املغرب األوسط (الجزائر)‪ ،‬وبني مرين في املغرب األقص ى (مراكش)‪ .‬وينتسب‬
‫ّ‬ ‫بربرية كبيرة تلتحق باملصامدة التي ُت ّ‬
‫عد من أكبر قبائل املغرب األقص ى‪ .‬أما بنو زيان فقد قامت دولتهم‬ ‫نسبه إلى قبيلة هنتانة‪ ،‬وهي قبيلة ّ‬
‫واملرينيين‪ ،‬ولغزوات القبائل من الجنوب‪ ،‬وكان ّأول‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحفصيين‬ ‫وتعرضت دولتهم لهجمات‬ ‫بمدينة تلمسان في عام (‪632‬ه ‪1235 /‬م)‪ّ ،‬‬
‫استقل بحكم تلمسان عن حكم ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫املوحدين‪ .‬بينما ينتسب بنو مرين فينسبون إلى قبيلة زناتة‪،‬‬ ‫حكامها (يغمراسن بن زيان بن ثابت) الذي‬
‫ّ‬
‫املؤسس‬ ‫ّ‬
‫املوحدين‪ ،‬وكان (يعقوب بن عبد الحق)‬ ‫َّ‬
‫استقل بنو مرين عن‬ ‫وموطنهم األصلي في املناطق الصحر ّ‬
‫اوية ما وراء تلمسان‪ .‬ولقد‬
‫الحقيقي لهذه الدولة‪.‬‬
‫ملزيد من التفاصيل انظر‪ :‬الجمل‪ ،‬شوقي عطا هللا (‪ ،)1977‬املغرب العربي الكبير في العصر الحديث‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬مكتبة األنجلو املصرية‪،‬‬
‫ص‪.35-26‬‬
‫(‪ -)3‬املدني‪ ،‬أحمد توفيق (ب‪.‬ت)‪ ،‬حرب الثالثمائة سنة بين الجزائر وإسبانيا ‪ ،1792-1492‬الجزائر‪ :‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪67‬؛‬
‫الزياني‪ ،‬محمد بن يوسف (‪ ،)2013‬دليل الحيران وأنيس السهران في أخبار مدينة وهران‪ ،‬تحقيق وتقديم‪ :‬الشيخ املهدي البوعبدلي‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬الجزائر‪ :‬عالم املعرفة للنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪.157-143‬‬
‫(‪ -)4‬روجر‪ ،‬ب‪ .‬ج‪ ،)1981( .‬تاريخ العالقات اإلنكليزية املغربية حتى عام ‪ ،1900‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬لبيب يونان رزق‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار البيضاء‪ :‬دار الثقافة‪،‬‬
‫ص‪67‬؛ ايفانوف‪ ،‬نيقوالي (‪ ،)1988‬الفتح العثماني لألقطار العربية ‪ ،1574-1516‬ترجمة‪ :‬ياسر عطا هللا‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ :‬دار الفارابي‪،‬‬
‫ص‪.32‬‬
‫(‪ -)5‬رضوان‪ ،‬نبيل عبد الحي (‪ ،)1988‬جهود العثمانيين إلنقاذ األندلس واسترداده في مطلع العصر الحديث‪ ،‬ط‪ ،1‬الرياض‪ :‬مكتبة الطالب‬
‫الجامعي‪ ،‬ص‪.71-70 ،61-60‬‬

‫‪56‬‬
‫… ‪The role of the Barbarossa brothers in extending the Ottoman‬‬ ‫‪Abu Nahel‬‬

‫ثم اتفق امللكان (فرديناند الخامس ‪ )Ferdinand V‬ملك "قشتالة ‪ ،"Castile‬وامللكة (إيزابيال‬ ‫ّ‬
‫امللكية‪َّ .‬‬ ‫مركزية تحت السيطرة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫موحدة‬
‫موحدة (مملكة إسبانيا) (‪.)6‬‬‫معا في مملكة واحدة ّ‬ ‫‪ )Isabella‬ملكة "أراغون ‪ ،"Aragon‬على دمج ممالكهما ً‬
‫ٍ‬
‫ضد مملكة‬ ‫املتعصبة للملكة (إيزابيال) َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدينية‬ ‫واالنتهازية لدى امللك اإلسباني (فرديناند)‪ ،‬مع النزعة‬ ‫ّ‬ ‫اجتمعت سياسة الغدر‬
‫ً‬ ‫(‪)7‬‬
‫غرناطة التي كان أهلها قد تنازعوا فيما بينهم ‪ .‬وكان (فرديناند) قد أرسل جاسوسا إلى بالد املغرب العربي في عام (‪899‬ه ‪1494 /‬م)‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تقريرا جاء فيه‪ :‬إن كامل بالد املغرب تجتاز فترة من االنهيار السياس ي‪ ،‬ويظهر معها أن هللا قد أراد أن يجعل تلك‬ ‫فأرسل هذا إلى ملكه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫فعل عنيف من جانب حكام‬ ‫لرد ٍ‬ ‫البالد ملكا لصاحبي الجاللة املسيحية‪ .‬غير أن (فرديناند) خش ي أن يؤدي طرد ملك غرناطة إلى مراكش‪ِّ ،‬‬
‫خطر من وراء هذه‬ ‫لكن الكاردينال (خمينيس) (كسمناس دي سيسنيروس ‪ ،)Ximenez de Cisneros‬أقنعه بعدم وجود أي‬ ‫بالد املغرب‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫الخطوة (‪.)8‬‬
‫التقليدية لبناء إمبر ّ‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬
‫رغبة ُم ّ‬ ‫ّ‬
‫اطوري ٍة مترامية‬ ‫التوسع‪ ،‬وبسط النفوذ خارج حدودها‬ ‫لحة في‬ ‫وكان لدى حكام إسبانيا الجدد‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫عدد من املستعمرات‪ ،‬فتمكنا خالل فترة وجيزة من القضاء على الوجود اإلسالمي في األندلس‪ ،‬قبل‬ ‫األطراف‪ ،‬هدفها السيطرة على أكبر ٍ‬
‫تمتد أطماعهما إلى احتالل بالد املغرب‪ ،‬بدليل الخطوات التي اتخذتها امللكة (إيزابيال) الحتالل مدينة تلمسان‪ ،‬وذلك بإرسالها (لورينثو‬ ‫أن َّ‬
‫سي ٍة الستطالع أحوالها‪ ،‬وذلك في عام (‪898‬ه ‪1493 /‬م)‪،‬‬ ‫مهم ٍة ّ‬
‫تجس ّ‬ ‫دي باديا ‪ ،)Lorenzo de Padilla‬حاكم مدينة القلعة في األندلس‪ ،‬في ّ‬
‫تسميته ‪-‬وقتذاك ‪-‬بحرب اإليمان َّ‬ ‫ّ‬ ‫الك ّفار (املسلمين) (‪ ،)9‬أو ما َّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ضد املسلمين (‪ ،)10‬حيث اعتبر‬ ‫تم‬ ‫ثم وصيتها ملن سيخلفها ضرورة محاربة‬
‫حكام إسبانيا الجدد ما يقومون به من تنصير ملسلمي األندلس‪ ،‬أو طردهم من بالدهم فيما أسموه بحرب االسترداد من جهة‪َّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ثم مهاجمة‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫جهة أخرى‪ ،‬هو حرب ّ‬
‫املسيحية على سكان تلك البالد‪.‬‬ ‫دينية لفرض‬ ‫بالد املغرب ومحاولة استعماره من ٍ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫وأثارت مشكلة السباق ببن إسبانيا والبرتغال الحتالل بالد املغرب صراعا بين الدولتين‪ ،‬كاد أن يؤدي إلى اندالع الحرب فيما‬
‫تدخل في األمر من أجل اقتسام النفوذ في العالم بينهما‪ً ،‬‬ ‫ّ‬
‫وفقا‬ ‫بينهما‪ ،‬غير أن البابا (إسكندر بورجيا السادس ‪،)Alexander VI Borgia‬‬
‫َّ‬
‫قسمت املناطق التي تم اكتشافها بين الدولتين‪ ،‬حيث فازت إسبانيا‬ ‫ملعاهدة "تورديسيالس ‪ "Tordesillas‬في عام (‪899‬ه ‪1494 /‬م)‪ ،‬التي ّ‬
‫اض جديدة في الشرق (‪.)11‬‬ ‫ّ‬
‫بالسيطرة على األراض ي املكتشفة غرب الخط الذي رسمه البابا‪ ،‬في حين حصلت البرتغال على حقوق ملكية أر ٍ‬
‫نصت على‬ ‫وفقا ملعاهدة "فيال فرنكا ‪ "Vilafranca‬في عام (‪915‬ه ‪1509 /‬م) التي ّ‬ ‫وأعقب ذلك‪ ،‬االتفاق على اقتسام بالد املغرب بينهما‪ً ،‬‬
‫منح املغرب األقص ى (مراكش) للبرتغال‪ ،‬مقابل حصول إسبانيا على املغربين األوسط واألدنى (الجزائر‪ ،‬وتونس‪ ،‬وطرابلس) (‪.)12‬‬
‫ّ‬ ‫والتفكك التي استشرت في بالد املغرب‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫والبرتغاليين‬ ‫مهدت الطريق أمام اإلسبان‬ ‫ومما سبق ذكره‪ ،‬يتضح لنا أن حالة الضعف‬
‫ً‬ ‫وسرعت من ّ‬ ‫الحتالل بعض املدن في تلك البالد من جهة‪ّ ،‬‬
‫مهمة اإلسبان في تطويق غرناطة توطئة لالستيالء عليها‪.‬‬
‫‪ -3‬العامالن الديني واالقتصادي‬
‫ّ‬
‫والتحمس الديني‪ ،‬والرغبة في نشر املسيحية‪ ،‬وزحزحة حدود اإلسالم لدى اإلسبان‪ ،‬منذ أواخر القرن‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫التعصب‬ ‫لقد دفع‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫الخامس عشر وطوال القرن السادس عشر امليالديين‪ ،‬إلى التدخل في شؤون بالد املغرب‪ .‬فالكنيسة اإلسبانية‪ ،‬ساهمت بكل ما لديها من‬

‫‪(6)- Elliott (J. H.) (2002), Imperial Spain 1469-1716, London: Penguin Group, p. 56.‬‬
‫(‪ -)7‬يحياوي‪ ،‬جمال (‪ ،)2004‬سقوط غرناطة ومأساة األندلسيين ‪1610-1492‬م‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫(‪ -)8‬العسلي‪ ،‬بسام (‪ ،)1980‬خير الدين بربروس والجهاد في البحر ‪1547-1470‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ :‬دار النفائس‪ ،‬ص‪57-56‬؛ وولف‪ ،‬جون‪ ،‬ب‪.‬‬
‫(‪ ،)2009‬الجزائر وأوروبا ‪ ،1830-1500‬ترجمة وتعليق‪ :‬أبو القاسم سعد اهللا‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الرائد‪ ،‬وعالم املعرفة‪ ،‬ص‪24‬؛‬
‫‪Braudel (Fernand) (1928), “les Espagnols en Afrique du Nord de 1492 à 1577“, Revue africaine, No. 69, pp. 211-212.‬‬
‫(‪ -)9‬اباللي‪ ،‬أسماء (‪" ،)2017‬التحرشات اإلسبانية على سواحل الجزائر خالل القرن ‪10‬ه‪16 /‬م‪ :‬قراءة في الدوافع والنتائج"‪ ،‬الجزائر‪ :‬مجلة‬
‫روافد للبحوث والدراسات‪ ،‬جامعة غرداية‪ ،‬املجلد ‪ ،2‬العدد ‪ ،1‬ص‪37‬؛ فكاير‪ ،‬عبد القادر (‪" ،)2011‬الغارات اإلسبانية على مدينة‬
‫تلمسان خالل النصف األول من القرن السادس عشر"‪ ،‬مجلة عصور الجديدة‪ ،‬العدد ‪ ،2‬ص‪231‬؛‬
‫‪De Grammont (H. D.) (1887), Histoire d' Alger sous la domination turque (1515-1830), Paris: Ernest Leroux, Editeur, p. 4; Fey‬‬
‫‪(Henri- Léon) (1858), Histoire D’Oran avant, Pendant et Après La Domination Espagnole, Oran: Typographei Adolphe‬‬
‫‪Perrier Éditeur, p.67.‬‬
‫‪(10)- Elliott, op. cit, p.41.‬‬
‫(‪ -)11‬ملزيد من التفاصيل‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪Linden (H. Vander) (October 1916), “Alexander VI. And the demarcations of the Maritime and Colonial Domains of Spain‬‬
‫‪and Portugal, I493-I494”, The American Historical Review, Vol. XXII, No. 1.‬‬
‫(‪ -)12‬العسلي‪ ،‬خير الدين بربروس والجهاد في البحر‪ ،‬ص‪.58‬‬

‫‪57‬‬
‫)‪Journal of Human and Social Sciences (JHSS) • Vol 7, Issue 8 (2023‬‬

‫اإلسبانية نحو مغامرات ما وراء البحار‪ ،‬وكانت‬ ‫ّ‬ ‫عجل سقوط غرناطة بانطالق الطاقات‬ ‫خاصة بها (‪ .)13‬فقد ّ‬ ‫ّ‬ ‫حماس بأن جعلت منها معركة‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫أفريقيا وخصوصا بالد املغرب على قربها الشديد‪ ،‬االختيار املنطقي القوي في هذه االستراتيجية‪ .‬وفي الوقت نفسه؛ فإن هجرة مسلمي‬ ‫ً‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ووفرت ً‬ ‫التأزم‪ّ ،‬‬ ‫(املوريسكيين) قد خلقت ُّ‬ ‫ّ‬
‫الكاثوليكية في إسبانيا حالة‬ ‫التدخل اإلسباني (‪ .)14‬ولقد استغلت الكنيسة‬ ‫سببا لتبرير‬ ‫األندلس‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التفكك السياس ي في بالد املغرب‪ ،‬لكي تتملص من التعهدات الدينية واالجتماعية التي قطعها حكام إسبانيا الجدد في وثيقة تسليم‬
‫تم االتفاق عليه‪ ،‬وذلك بإنشاء ما ُسمي بمحاكم التفتيش‪ ،‬لفرض‬ ‫غرناطة مع آخر ملوكها من املسلمين‪ ،‬فأخذت الكنيسة في نقض ما َّ‬
‫قسرا (‪.)15‬‬‫التنصر على مسلمي األندلس‪ ،‬وطرد من يرفض ذلك إلى خارج البالد ً‬ ‫ُّ‬
‫اقتصادي كبير‪ ،‬بعد طرد املسلمين واليهود من األندلس‪ ،‬حيث كانوا‬ ‫ّ‬ ‫انهيار‬ ‫تعرضت إلى‬ ‫وفي تلك األثناء‪ ،‬كانت إسبانيا قد ّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫فتعطل اإلنتاج ما دعا حكامها الجدد إلى اكتساح بالد املغرب (‪ .)16‬ففي نشوة النصر الذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حققه‬ ‫يشكلون العمود الفقري القتصاد البالد‪،‬‬
‫حكامها‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫االقتصادية ّ‬
‫ّ‬
‫فتعرضت بالد‬ ‫املتردية‪ ،‬أرادوا أن يواصلوا زحفهم الحتالل بالد املغرب‪ ،‬مستغلين ضعف‬ ‫اإلسبان‪ ،‬وبسبب األوضاع‬
‫َّ‬
‫لحمالت متتابعة من ِّقبل االسبان والبرتغاليين‪ ،‬نجح بعضها في احتالل بعض بقاعه‪ .‬فاحتل اإلسبان مدن‪ :‬بونة (عنابة) في عام‬ ‫ٍ‬ ‫املغرب‬
‫(‪867‬هـ ‪1462 /‬م)‪ ،‬ومليلة عام (‪902‬ه ‪1497 /‬م)‪ ،‬وغساسنة عام (‪909‬ه ‪1504 /‬م)‪ ،‬واملرس ى الكبير عام (‪910‬ه ‪1505 /‬م)‪ ،‬وتنس عام‬
‫(‪912‬ه ‪1507 /‬م)‪ ،‬وحجر باديس عام (‪913‬ه ‪1508 /‬م)‪ ،‬ووهران عام (‪914‬ه ‪1509 /‬م)‪ ،‬وبجاية عام (‪916‬ه ‪1510 /‬م) (‪ .)17‬كما‬
‫استولوا على طرابلس الغرب في العام نفسه‪ ،‬وعلى مدينة الجزائر التابعة لسلطنة بجاية‪ ،‬ومستغانم عام (‪917‬ه ‪1511 /‬م)‪ .‬وفي املقابل‪،‬‬
‫َّ‬
‫كان البرتغا ّليون قد احتلوا بعض جهات السوس‪ ،‬ومازكان (الجديدة) في عام (‪907‬ه ‪1502 /‬م)‪ ،‬وأغادير عام (‪910‬ه ‪1505 /‬م)‪ ،‬وآسفي‬
‫ً‬
‫حصونا ومعاقل كثيرة (‪.)18‬‬ ‫عام (‪913‬ه ‪1508 /‬م)‪ ،‬وآزمور عام (‪919‬ه ‪1513 /‬م)‪ ،‬كما أنشئوا على سواحل مراكش‬
‫ّ‬
‫أمامية منعزلة للدفاع عن سواحلها الخاصة‪،‬‬ ‫رسخت إسبانيا لنفسها موطئ قدم في بالد املغرب‪ ،‬كانت ِّنقاط ارتكاز ّ‬ ‫وبذلك‪ّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫تحول األحداث في إيطاليا‪ ،‬جعلت امللك (فرديناند) ُيهمل في مسألة‬ ‫املغربية‪ .‬ولكن ُّ‬ ‫ّ‬ ‫شيدت سلسلة من القالع على طول السواحل‬ ‫كما ّ‬
‫الداخلية منها‪ ،‬ما دعا اإلسبان فيما بعد إلى الخمول‪ ،‬واالكتفاء باالستيالء على‬ ‫ّ‬ ‫تمديد دفاعاته في بالد املغرب‪ ،‬واالستيالء على األجزاء‬
‫(‪)19‬‬ ‫ً‬ ‫مما ّ‬ ‫الضيق‪َّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫تسبب في قيام حركة الجهاد البحري‪ ،‬انطالقا من القواعد املقامة على امتداد الساحل ‪.‬‬ ‫الشريط الساحلي‬
‫سلبي على مسلمي األندلس‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وبدوره‪ ،‬ارتد االحتالل اإلسباني لسواحل املغرب األوسط وخصوصا مدينة الجزائر‪ ،‬بشك ٍل‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬
‫نظرا ألن اإلسبان كانوا قد فرضوا على أمراء وأعيان‬ ‫املضطهدين‪ ،‬إذ لم تعد موانيها قادرة على إرسال اإلمدادات إليهم‪ ،‬والتخفيف عنهم‪ً ،‬‬
‫إخالل بذلك‪ .‬كما اتفق‬ ‫اإلسبانية‪ ،‬وعدتهم مسؤولين عن أي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سفينة باالنطالق لإلغارة على السفن‬ ‫التعهد بعدم السماح ألي‬ ‫ُّ‬ ‫املوانئ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫سلم هؤالء الحكام أكبر جزرهم الصخرية التي تسمى (اسطفلة) قبالة مدينة الجزائر لإلسبان‪،‬‬ ‫حكام املغرب األوسط واإلسبان‪ ،‬على أن ي ِّ‬
‫ّ‬ ‫معقال يحرس تجارتهم‪ ،‬ويضمن ّ‬ ‫ً‬
‫البحرية‪ ،‬ويجعل املدينة تحت رحمة مدافعهم‪ .‬وسرعان ما ابتنى اإلسبان‬ ‫حرية مواصالتهم‬ ‫ليقيموا عليها‬
‫(‪)21‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫(‪)20‬‬ ‫ّ‬
‫إسالمي قديم ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫القلعة البحرية (البينون ‪ ، )Penôn‬التي أصبحت تدعى صخرة الجزائر على أنقاض ٍ‬
‫منار‬

‫‪(13)- Braudel op. cit, pp.198-199, 201.‬‬


‫(‪ -)14‬سبنسر‪ ،‬وليم (‪ ،)2006‬الجزائر في عهد رياس البحر‪ ،‬تعريب وتعليق‪ :‬د‪ .‬عبد القادر زبادية‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار القصبة للنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫(‪َّ -)15‬براتشينا‪ ،‬دون باسكوال بورونات إي (‪ ،)2012‬املوريسكيون اإلسبان ووقائع طردهم‪ ،‬الكتاب األول من الجزء األول‪ ،‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬كنزة‬
‫الغالي‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ :‬مطابع دار الكتب العلمية‪ ،‬ص‪.114-113‬‬
‫(‪ -)16‬فكایر‪ ،‬عبد القادر (‪ ،)2009-2008‬أثار اًلحتالل اإلسباني خالل العهد العثماني (‪12-10‬ه ‪18-16 /‬م)‪ ،‬رسالة دكتوراه غير منشورة‪،‬‬
‫الجزائر‪ :‬جامعة الجزائر ‪ ،2‬ص‪.16‬‬
‫(‪ -)17‬دراج‪ ،‬محمد (‪ ،)2012‬الدخول العثماني إلى الجزائر ودور اإلخوة بربروس ‪ ،1543-1512‬ط‪ ،1‬الجزائر‪ :‬شركة األصالة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫ص‪113-102 ،67‬؛ الجياللي‪ ،‬عبد الرحمن بن محمد (‪ ،)1965‬تاريخ الجزائر العام‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،2‬الجزائر‪ :‬مكتبة الشركة الجزائرية‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫منشورات دار مكتبة الحياة‪ ،‬ص‪.194‬‬
‫(‪ -)18‬جوليان‪ ،‬تاريخ أفريقيا الشمالية‪ ،‬ص‪255‬؛ روجر‪ ،‬تاريخ العالقات اإلنكليزية املغربية‪ ،‬ص‪ ،37‬املزاري‪ ،‬عودة (‪ ،)1990‬طلع سعد‬
‫السعود في أخبار وهران والجزائر وإسبانيا وفرنسا إلى أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬د‪ .‬يحيى بوعزيز‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ :‬دار‬
‫الغرب اإلسالمي‪ ،‬ص‪.216‬‬
‫‪(19)- Lynch (John) (1981), Spain Under the Habsburgs, Empire, and absolutism, 1516-1598, Vol. 1, Oxford: Basil Blackwell, P.‬‬
‫‪93; Elliott, op. cit, p. 42.‬‬
‫ّ‬ ‫قالعا حصينة ّ‬ ‫الساحلية والرؤوس الداخلة في البحر‪ ،‬اعتاد اإلسبان أن يقيموا عليها ً‬
‫تهدد سكان‬ ‫ّ‬ ‫(‪ -)20‬البينون‪ :‬مصطلح ُيطلق على الجزر‬
‫الساحل‪ ،‬وتمنع في الوقت نفسه وصول سفن املسلمين‪.‬‬
‫رضوان‪ ،‬جهود العثمانيين إلنقاذ األندلس‪ ،‬ص‪.288‬‬

‫‪58‬‬
‫… ‪The role of the Barbarossa brothers in extending the Ottoman‬‬ ‫‪Abu Nahel‬‬

‫‪ -4‬الدافع االستراتيجي العسكري‬


‫اتيجي مهم بالنسبة لقارات العالم الثالث التي تحيط به‪ ،‬إلى جانب انفتاحه على املحيط‬ ‫ّ‬ ‫املتوسط ّ‬ ‫ّ‬
‫بموقع استر ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يتمتع‬ ‫كان البحر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بمكانة متميزة‪ ،‬تجعلها تنفرد بفرض هيمنتها عليه‪ ،‬أو في‬ ‫ٍ‬ ‫األطلس ي في جهته الغربية‪ .‬فكانت الدول املطلة عليه تسعى على الدوام للفوز‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫نصيب في السيطرة على خطوط مالحة السفن فيه‪ ،‬أو احتالل املواقع البرية الرئيسة املطلة عليه‪ .‬ومن هذه الزاوية‪،‬‬ ‫األقل أن يكون لها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سعى امللوك اإلسبان إلى احتالل املغرب األوسط وبقية بالد املغرب األخرى الواقعة على الضفة الجنوبية لهذا البحر‪ ،‬حتى تتمكن من‬
‫ُّ‬
‫فرض هيمنتها على جزؤه الغربي‪ ،‬والتحكم في مدخله املتصل باملحيط األطلس ي عبر مضيق جبل طارق الذي بدأ اإلبحار فيه نحو العالم‬
‫اقتصادية تستدعي الهيمنة عليه‪ .‬فقد بدأ اكتشاف اإلسبان العالم الجديد في عام (‪897‬ه ‪1492 /‬م)‪ .‬وفي عام (‪902‬ه ‪/‬‬ ‫ّ‬ ‫الجديد‪ ،‬ضرورة‬
‫وبصفة خاصة إسبانيا والبرتغال‪ ،‬حيث‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪1497‬م)‪ ،‬تبعهم البرتغاليون فاكتشفوا رأس الرجاء الصالح‪ ،‬ما وجه أنظار األوروبيين ‪-‬الحقا ‪-‬‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫البحرية ّ‬
‫ّ‬ ‫قامت هاتان الدولتان باكتشاف الطرق‬
‫والجنوبية‪ ،‬وإلى الهند والصين‪ .‬وملا كانت بالد املغرب لها‬ ‫الشمالية‬ ‫املؤدية إلى األمريكيتين‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املتوسط‪ ،‬والثانية على املحيط األطلس ي‪ .‬فقد لعبت هاتان الواجهتان دورا رئيسا في اتجاه اإلسبان نحو‬ ‫ّ‬ ‫واجهتان؛ األولى على البحر‬
‫(‪)22‬‬
‫ثم نحو قارة آسيا ‪.‬‬ ‫البرتغاليون نحو رأس الرجاء الصالح للطواف حول أفريقيا‪ ،‬ومن َّ‬ ‫ّ‬ ‫األمريكيتين‪ ،‬في حين انطلق‬
‫ب‪ -‬تداعيات سقوط غرناطة في أيدي اإلسبان على بالد املغرب‬
‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫ترتب على االحتالل اإلسباني لسواحل املغرب األوسط‪ ،‬التدخل العثماني لحماية هذه السواحل‪ ،‬وطرد اإلسبان منها‪ ،‬استجابة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلسالمية من جهة‪ ،‬والستغاثة سكان هذه السواحل املتتالية في ضرورة اإلسراع بنجدتها‪ ،‬قبل أن يؤول أمرها‬ ‫لواجب الدفاع عن البالد‬
‫(‪)23‬‬
‫إلى ما آل إليه أمر األندلس ‪.‬‬
‫تعرض مسلمي األندلس لشتى صنوف االضطهاد والتنكيل‪ ،‬ما دفع اآلالف منهم‬ ‫ّ‬ ‫وغداة سقوط غرناطة في أيدي اإلسبان‪ّ ،‬‬
‫األندلسيين بمساعدة إخوانهم من‬ ‫ّ‬ ‫للهجرة صوب بلدان املغرب‪ ،‬وكان للمغرب األوسط الحظ األوفر من هذه الهجرة‪ .‬وانطلق املهاجرون‬
‫ً‬
‫اإلسبانية‪ ،‬أو املتحالفة معها‪ ،‬انتقاما ألنفسهم وإلخوانهم املضطهدين‬ ‫ّ‬ ‫يشنون الغارات املتتالية على السفن والسواحل‬ ‫مسلمي بالد املغرب‪ّ ،‬‬
‫التنصر‪ ،‬أو مغادرة بالدهم إلى األبد (‪ .)24‬وكان أهالي مدينة وهران‬ ‫ُّ‬ ‫في األندلس من اإلسبان الذين آذوهم في أنفسهم‪ ،‬وأكرهوهم على‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وسفنا صغيرة مسلحة لغزو سواحل "قطلونية" (كتالونيا ‪ ،)Catalonia‬وجزر "إيبيزا ‪ ،"Ibiza‬و"مينورقة ‪،"Menorca‬‬ ‫يسلحون مراكب‬
‫املسيحيين‪ ،‬وهو الش يء نفسه الذي كان يقوم به أهالي مدينة الجزائر (‪.)25‬‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫تغص بالرقيق‬ ‫و"ميورقة ‪ ،"Mallorca‬حتى صارت املدينة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وكذلك‪ ،‬استنجد مسلمي األندلس بالسالطين العثمانيين في اآلستانة‪ ،‬واملماليك في القاهرة‪ ،‬فكانت الغارات التي قام بها البحارة‬
‫ً‬
‫املسلمون‪ ،‬انطالقا من سواحل املغرب األوسط على إسبانيا أو غيرها‪ ،‬تندرج ضمن واجب الدفاع عن املستضعفين في األندلس‪ ،‬والضغط‬
‫نشاط‬ ‫ّ‬
‫اإلسبانية إلى‬ ‫ضد السفن واملمتلكات‬ ‫تحولت هذه الغارات َّ‬ ‫ضدهم‪ .‬وبذلك؛ ّ‬ ‫اإلسبانية إلجبارها على تخفيف قبضتهم َّ‬ ‫ّ‬ ‫على السلطات‬
‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أساس ّ ٍي من أنشطة سواحل بالد املغرب‪ ،‬ما حدا بالبحارة األتراك أن يولوا وجوههم صوب السواحل الغربية للبحر املتوسط للغرض‬
‫نفسه (‪.)26‬‬
‫اقتصادي كبير‪ ،‬بعد طرد املسلمين واليهود من األندلس‪ّ ،‬أدى‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫انهيار‬
‫ٍ‬ ‫تعرضت له إسبانيا من‬ ‫ومما سبق بيانه‪ ،‬يتضح لنا أن ما ّ‬ ‫َّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الساحلية‪.‬‬ ‫عدد كبير من مدن بالد املغرب‬ ‫اقتصادي ٍة خانقة‪ ،‬ما دعا حكامها الجدد إلى احتالل ٍ‬ ‫أزمة‬
‫إلى حدوث ٍ‬

‫(‪ -)21‬املدني‪ ،‬حرب الثالثمائة سنة‪ ،‬ص‪.128-126‬‬


‫(‪ -)22‬فكاير‪ ،‬عبد القادر (‪ ،)2012‬الغزو اإلسباني للسواحل الجزائرية ‪1206-910‬ه ‪1792-1505/‬م‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار هومة‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫(‪ -)23‬دراج‪ ،‬الدخول العثماني إلى الجزائر‪ ،‬ص‪.136‬‬
‫(‪ -)24‬بن خروف‪ ،‬عمار (‪ ،)1983‬العالقات بين الجزائر واملغرب ‪1069-923‬ه ‪1659-31517 /‬م‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬دمشق‪ :‬جامعة‬
‫دمشق‪ ،‬ص‪20‬؛ الصباغ‪ ،‬ليلى (سبتمبر ‪ -‬أكتوبر ‪" ،)1975‬ثورة مسلمي غرناطة عام (‪976‬هـ أواخر عام ‪1568‬م) والدولة العثمانية"‪،‬‬
‫الجزائر‪ :‬مجلة األصالة‪ ،‬العدد ‪ ،27‬ص‪.119‬‬
‫(‪ -)25‬الوزان الفاس ي‪ ،‬الحسن بن محمد (‪ ،)1983‬وصف أفريقيا‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد حجي؛ محمد األخضر‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،2‬بيروت‪ :‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬ص‪.38 ،30‬‬
‫(‪ -)26‬دراج‪ ،‬الدخول العثماني إلى الجزائر‪ ،‬ص‪.125‬‬

‫‪59‬‬
‫)‪Journal of Human and Social Sciences (JHSS) • Vol 7, Issue 8 (2023‬‬
‫ا‬
‫ثانيا‪ :‬دور (عروج) في إرهاصات ضم املغرب األوسط (‪ )27‬للنفوذ العثماني‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫غزو عسكري‪ ،‬كما حدث من قبل في العراق وبالد الشام ومصر؛ بل جاء‬ ‫ّ‬
‫لم يمد العثمانيون نفوذهم إلى بالد املغرب بواسطة ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫واملسيحية في الحوض الغربي للبحر املتوسط‪ ،‬في أوائل القرن السادس عشر‪ .‬فهذا الصراع على‬ ‫نتيجة الشتداد الصراع بين اإلسالم‬
‫ثم عمدوا لتكوين أساطيل صغيرة‬ ‫ّ‬
‫املتوسط‪َّ ،‬‬ ‫البحارة الذين نشئوا في خدمة األسطول العثماني في البحر‬ ‫كبيرا من ّ‬ ‫عددا ً‬ ‫أهميته‪ ،‬استقطب ً‬ ‫ّ‬
‫أبطاال ّ‬ ‫ً‬ ‫البحارة املغامرون ُي ّ‬ ‫ضد أعداء الدين في الوقت نفسه‪ .‬وكان هؤالء ّ‬ ‫خاصة بهم للجهاد َّ‬
‫وطنيين‪ ،‬وفي نظر‬ ‫عدون في نظر املسلمين‬
‫ّ‬
‫املتوسط‪،‬‬ ‫بربروسا اللذان نشأ بجزر األرخبيل في شرق البحر‬ ‫ّ‬ ‫خصومهم قراصنة بحار‪ ،‬ومن بين هؤالء األخوين (عروج) (‪ ،)28‬و(خير الدين)‬
‫ّ‬
‫البلقانية التي اعتنقت‬ ‫عدد كبير من العناصر‬ ‫بحارة من األتراك‪ ،‬بجانب ٌ‬ ‫حيث تقع أهم قواعد األسطول العثماني‪ ،‬وكان يحشد لخدمته ّ‬
‫اإلسالم (‪.)29‬‬
‫األوروبيون العالم الجديد في أواخر القرن الخامس عشر امليالدي‪ ،‬كانت الفرصة مواتية لبروز‬ ‫ّ‬ ‫وبمعنى آخر؛ فإنه عندما اكتشف‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بربروسا الذين جلبهما القدر للظهور في الحوض الغربي للبحر املتوسط‪ ،‬ثم امتداد نشاطهما إلى املغرب‬ ‫مغامرين مستقلين؛ كاألخوين‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واضحا انطالقا من شعورهم بالتضامن العربي التركي‪ ،‬حيث ينتمي هذين‬ ‫األوسط‪ ،‬من أجل رفع شأن اإلسالم في تلك املناطق‪ ،‬وكان هذا‬
‫(‪)30‬‬ ‫ُّ‬
‫ومذهب واحد هو املذهب السني ‪.‬‬ ‫دين واحد هو اإلسالم‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫العنصرين إلى ٍ‬
‫وكان (عروج) قد اتفق مع سلطان تونس الحفص ي (أبو عبد هللا محمد بن الحسن)‪ ،‬في عام (‪916‬ه ‪1510 /‬م)‪ ،‬على جعل‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫البحرية‪ ،‬على أن يدفع له خمس الغنائم التي يحصل عليها‪ .‬وبسبب اتساع دائرة حروبه مع‬ ‫ميناء جربة قاعدة ينطلق منها في غزواته‬
‫عدد من الشباب التركي القادمين من األناضول‪ ،‬وكان‬ ‫ّ‬
‫لعدد من البحارة الذين يعملون تحت خدمته‪ ،‬لجأ إلى استقدام ٍ‬ ‫أوروبا‪ ،‬وفقدانه ٍ‬
‫(‪)31‬‬
‫يتقرب من السلطان (سليم األول) ‪.‬‬ ‫هذا من أحد األسباب التي جعلته ّ‬
‫العثمانيين ضدَّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫بدعم من‬
‫ٍ‬ ‫لحرب طويلة شرسة خاضها سكانها‬ ‫ٍ‬ ‫العثمانية‪ ،‬نتيجة‬ ‫ولقد جاء ضم املغرب األوسط إلى املمتلكات‬
‫ًّ ّ ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العثمانيون قد لعبوا في املغرب ‪-‬للمرة األولى ‪-‬دورا عسكريا وسياسيا فعاال عام (‪891‬ه ‪/‬‬ ‫األجنبية‪ .‬وكان‬ ‫االستبداد اإلقطاعي‪ ،‬والسيطرة‬
‫ّ‬
‫بأمر من السلطان (بايزيد الثاني)‪ ،‬ملساعدة املسلمين في األندلس‪ .‬ومنذ ذلك الحين‪ ،‬ظلت‬ ‫‪1486‬م)‪ ،‬عندما وصل أسطول (كمال رئيس) ٍ‬

‫ّ‬
‫بربروسا) على قلعة‬ ‫ًّ‬
‫رسميا بعد استيالء (خير الدين‬ ‫(‪ -)27‬إن املقصود بمنطقة املغرب األوسط‪ ،‬تلك املنطقة التي باتت تحمل اسم الجزائر‬
‫البينون قبالة مدينة الجزائر من اإلسبان في عام (‪935‬ه ‪1529 /‬م)‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫بربروسا بعد (إسحق رئيس)‪ .‬وقد لعب (عروج) دورا أساسيا في تمهيد الطريق أمام أخيه (خير الدين)‬ ‫ّ‬ ‫عد (عروج) األخ الثاني في أسرة‬ ‫(‪ُ -)28‬ي َّ‬
‫ّ‬
‫َّ‬
‫استقر بها والده (يعقوب أغا) الذي‬ ‫العثمانيين باملغرب األوسط‪ .‬وقد ُوِّل َد (عروج) في جزيرة "ميدلي ‪ "Midilli‬التي‬
‫ّ‬ ‫من بعده‪ ،‬في بسط نفوذ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السباهية‪ .‬وعرف هذين األخوين باسم بربروسا ربما بسبب شقرة لحيتهما‪ ،‬أو ألن البحارة األتراك كانوا يدعون (عروج)‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫كان أحد جنود‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫باسم (بابا عروج) على سبيل االحترام‪ .‬وكان (عروج) مع أخيه (خير الدين)‪ ،‬يبيعان الفخار ألبيهما في جزر اليونان بواسطة بعض املراكب‪.‬‬
‫دراج‪ ،‬الدخول العثماني إلى الجزائر‪ ،‬ص‪153-150‬؛ ‪De Grammont, op. cit, p. 317‬‬
‫أصل يوناني‪ ،‬ومولده كان‬
‫ولقد ذكر الراهب اإلسباني (فراي دييغو هايدو ‪)Fry Diego de Haedo‬؛ بأن اسم (عروج) هو اسمه الحقيقي وهو من ٍ‬
‫مسيحيا ُيدعى يعقوب‪ً ،‬‬
‫فقيرا ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ورب عائلة كبيرة‪ ،‬مارس مهنة صناعة‬ ‫بالتركية ميدلي‪ ،‬وأن أبوه كان‬ ‫بجزيرة "ميلتان ‪ ،"Mythene‬وتلفظ‬
‫ففكر (عروج) في مساعدة عائلته‪ ،‬وراح يحاول الكسب بنفسه‪َّ .‬‬ ‫ّ‬
‫ثم جاءت سفينة من مجاهدي األتراك ترسو بمرفأ‬ ‫الخزف الطيني‪،‬‬
‫َّ‬
‫الجزيرة‪ ،‬وكان (عروج) يرى أن الفرصة قد حانت‪ ،‬حيث راح يبحث عن قبطان السفينة وألح عليه أن يكون ضمن طاقمه‪ ،‬وأنه يريد أن‬
‫قوية فقبله ضمن طاقمه‪ .‬وهكذا‪ ،‬بدأت رحلته في البحر‪ ،‬وكان قد بلغ‬ ‫يعتنق اإلسالم‪ .‬وقد رأى القبطان فيه الذكاء‪ ،‬وأنه صاحب إرادة ّ‬
‫من العمر (‪ )20‬سنة‪.‬‬
‫هايدو‪ ،‬فراي دييغو (‪ ،)2013‬تاريخ ملوك الجزائر‪ ،‬ترجمة‪ :‬أبو لؤي عبد العزيز األعلى‪ ،‬ط‪ ،1‬الجزائر‪ :‬دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫ص‪. 9‬‬
‫(‪ -)29‬العقاد‪ ،‬صالح (‪ ،)1993‬املغرب العربي في التاريخ الحديث واملعاصر‪ ،‬ط‪ ،6‬القاهرة‪ :‬مكتبة األنجلو املصرية‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪(30)- Vatin (Nicolas) (2012), “Arabes et Turcs au Maghreb dans les Années 1513-1520”, Osmanlı Araştırmaları (The Journal of‬‬
‫‪Ottoman Studies), X, pp. 365, 368, 369.‬‬
‫(‪ -)31‬بربروس‪ ،‬خير الدين (‪ ،)2010‬مذكرات خير الدين بربروس‪ ،‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬محمد دراج‪ ،‬ط‪ ،1‬الجزائر‪ :‬شركة األصالة للنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪46‬؛‬
‫املطوي‪ ،‬محمد العروس ي (‪ ،)1986‬السلطنة الحفصية‪ :‬تاريخها السياس ي ودورها في املغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬‬
‫ص‪.673‬‬

‫‪60‬‬
‫… ‪The role of the Barbarossa brothers in extending the Ottoman‬‬ ‫‪Abu Nahel‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫األوروبية‪ ،‬أو تنقل األسلحة إلى مسلمي‬ ‫التجارية‬ ‫املتوسط تهاجم السفن‬ ‫بصورة دائمة في مياه غرب البحر‬ ‫ٍ‬ ‫العثمانية راسية‬ ‫السفن‬
‫(‪)32‬‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬
‫األندلس‪ ،‬وأحيانا تدافع عن موانئ بالد املغرب ضد هجمات املستعمرين األوروبيين ‪.‬‬
‫ً‬
‫العثمانية‪ ،‬لتوجيه أنظارها نحو منطقة املغرب األوسط تحديدا‪ ،‬اقتناع السلطان‬ ‫ّ‬ ‫ومن أهم األسباب التي دعت السلطنة‬
‫ّ‬
‫(سليم األول)‪ ،‬بما جاء في رسالة (أحمد) ابن القاض ي الفقيه (أبو العباس أحمد بن القاض ي الزواوي)‪ ،‬التي بعث بها إلى (عروج)‪ ،‬وذكر‬
‫فيها‪" :‬إن بالدنا بقيت إليك أو ألخيك (خير الدين) أو للذئب (اإلسبان)" (‪ ،)33‬كما سيأتي بيانه‪.‬‬
‫للبعد اإلثني بينهم‬ ‫كثيرا ُ‬
‫يهتموا ً‬ ‫ويستشف من محتوى هذه الرسالة‪ ،‬أن بعض زعماء املغرب األوسط‪ ،‬عندما راسلوا (عروج) لم ّ‬
‫والعثمانيين األتراك‪ ،‬وأنه في ذاك الوقت لم يكن ثمة تمايز بين القوميتين‪ ،‬ما دامت الغاية التي تجمعهما نصرة اإلسالم من‬ ‫ّ‬ ‫كعرب‪،‬‬
‫تنم عن عقليةّ‬ ‫ناحية أخرى‪ ،‬وأن استجابة (عروج) لطلب (ابن القاض ي)‪ُّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ناحية‪ ،‬وتخليص املدن اإلسالمية املغربية من براثن اإلسبان من‬
‫ناحية ثالثة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬
‫استثنائية من‬ ‫ملرحلة‬
‫ٍ‬ ‫لقائد استثنائي‬ ‫ٍ‬ ‫فذة‬
‫‪ .1‬بدايات تدخل (عروج) في شؤون املغرب األوسط‬
‫ًّ‬
‫سياسيا حادا بين‬ ‫ًّ‬ ‫انقساما‬‫ً‬ ‫ّ‬
‫امليالديين‪،‬‬ ‫عاشت املغرب األوسط في نهاية القرن الخامس عشر‪ ،‬وبداية القرن السادس عشر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫مفككة ومتناحرة فيما بينها‪ .‬ولقد استطاعت ّ‬ ‫ّ‬ ‫إما ات ّ‬
‫واحدة منها تكوين وحدة مستقلة بذاتها‪ ،‬مستغلين في ذلك الوضع شديد‬ ‫ٍ‬ ‫كل‬‫ِّ‬ ‫عدة‬ ‫ر ٍ‬
‫(‪)34‬‬ ‫ُّ‬
‫الخطر الذي آلت إليه دولة بني زيان التي لم يلتفت سالطينها‪ ،‬للظروف الصعبة التي كانت تمر بها ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫مطعما لإلسبان الذين تمكنوا من استغالل الصراع الدائر بين السلطان (أبو حمو‬ ‫ومهما يكن من أمر‪ ،‬أصبحت دولة بني زيان‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الثالث)‪ ،‬وابن أخيه (أبو زيان املسعود)‪ ،‬فاستولى األخير على تنس بمساعدة اإلسبان ونودي به سلطانا‪ ،‬كما احتل اإلسبان املرس ى الكبير‬
‫سواء بين أبناء البيت الواحد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫املدة ‪-‬وقد أنهكتها الحروب والصراعات املتواصلة‪،‬‬ ‫عام (‪910‬ه ‪1505 /‬م)‪ .‬وبدت دولة بني زيان خالل هذه ّ‬
‫مما ّأدى إلى استنزاف‬ ‫أو مع القبائل الرافضة لسلطتهم‪ ،‬والراغبة في االستقالل؛ كقبائل‪ :‬مغوارة‪ ،‬وتوجين‪ ،‬ومليكش‪ ،‬وحصين‪ ،‬وغيرها‪َّ ،‬‬
‫عدد ال‬‫بعناء كبير‪ .‬وبذلك‪ ،‬انقسمت البالد بين مملكتي بني حفص وبني زيان إلى ٍ‬ ‫خزانة الدولة‪ ،‬واستبقوا سلطتهم فقط في تلمسان وغربها ٍ‬
‫ّ‬
‫مجموعات مستقلة (‪.)35‬‬ ‫ٍ‬ ‫ات وقبائل‪ ،‬أو‬ ‫ُيحص ى من إمار ٍ‬
‫ً‬ ‫وخالل عامي (‪ 914‬و‪916‬ه ‪ 1509 /‬و‪1510‬م)‪ ،‬أصبحت منطقة املغرب األوسط ّ‬
‫املمزقة والخاضعة للقبائل فريسة سهلة‬
‫انتصار باهر‪ ،‬ال ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سيما بعد استيالء الكونت (بيدرو دي نافارو‬ ‫األساسية للمقاومة بسهولة‪ ،‬وتحقيق‬ ‫لإلسبان‪ ،‬فتمكنوا من إخماد كل البؤر‬
‫‪ )Pedro de Navaro‬على مدينة وهران عام (‪914‬ه ‪1509 /‬م)‪ ،‬وأشرف فيها الكاردينال (خمينيس) على قتل نحو أربع آالف‪ ،‬وأسر ثماني‬
‫مقاومة رمزية بين الطرفين‬ ‫ٍ‬ ‫ثم استحواذه على مدينة بجاية عام (‪916‬ه ‪1510 /‬م) بعد‬ ‫آالف آخرين‪ ،‬وتحويل مسجدين فيها إلى كنيستين‪َّ ،‬‬
‫ُّ‬
‫لم تكن متكافئة‪ ،‬وكذلك استيالئه على طرابلس الغرب في العام نفسه (‪ .)36‬لكن اإلسبان لم يحاولوا التوغل داخل املغرب األوسط‪،‬‬
‫املحتلة إلى مراكز م ّ‬ ‫ّ‬ ‫سلم أولوياتهم‪ُّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫حصنة ذات‬ ‫ٍ‬ ‫فحولوا املراس ي‬ ‫واكتفوا بفكرة نظام االحتالل املحدود‪ ،‬حيث جعلوها في املرتبة الثانية في ِّ‬
‫جدر ٍان عظيمة تقيم فيها حامياتهم‪ ،‬وتركوا ما عداها إلى األهالي ِّبما فيها الضواحي‪ ،‬حيث أولى امللك (فرديناند) فكرة االستحواذ على‬
‫اهتماما أكبر (‪.)37‬‬ ‫ً‬ ‫إيطاليا‬
‫بربروسا في وضع حداًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وبسبب حالة الضعف السياس ي‪ ،‬والتجزئة اإلدارية والقبلية للمغرب األوسط‪ ،‬يرجع الفضل إلى األخوين‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتمكنا فيما بعد من إرساء استر ّ‬ ‫ّ‬
‫الدينية ضد عدوهما املشترك‬ ‫العثمانيين وشيوخ الطرق‬ ‫وتحالف بين‬
‫ٍ‬ ‫اتيجي ٍة‬ ‫لثورات القبائل‪ ،‬وأن‬
‫ّ‬
‫وأدى النجاح الذي تحقق إلى تبني تصو ٍر سياس ٍي مستقبلي‪ ،‬يقض ي بربط املغرب األوسط بالسلطنة العثمانية‪ ،‬وهو االرتباط‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(اإلسبان)‪ّ .‬‬
‫اإلسبانية َّ‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫ضدهم‬ ‫تقض مضاجعهم الضربات والهجمات‬ ‫الذي رغب فيه؛ بل وطالب به عن طواعية‪ ،‬سكان مدينة الجزائر الذين كانت‬
‫(‪.)38‬‬

‫(‪ -)32‬ايفانوف‪ ،‬الفتح العثماني لألقطار العربية‪ ،‬ص‪.95‬‬


‫(‪ -)33‬شعيب‪ ،‬بن علي محمد املهدي (‪ ،)1980‬أم الحواضر في املاض ي والحاضر‪ :‬تاريخ مدينة قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ :‬مطبعة البعث‪ ،‬ص‪.57-54‬‬
‫(‪ -)34‬شقدان‪ ،‬بسام كامل (‪ :)2002‬تلمسان في العهد الزياني ‪962-633‬ه ‪1555–1235 /‬م‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬نابلس‪ :‬جامعة‬
‫النجاح الوطنية‪ ،‬ص‪248‬؛ الوزان الفاس ي‪ ،‬وصف أفريقيا‪ ،‬ص‪.36-35‬‬
‫(‪ -)35‬بوزياني‪ ،‬الدراجي (‪ ،)1993‬نظام الحكم في دولة بني عبد الواد الزيانية‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬ص‪205‬؛ جوليان‪ ،‬تاريخ‬
‫أفريقيا الشمالية‪ ،‬ص‪.322-321‬‬
‫(‪ -)36‬ايفانوف‪ ،‬الفتح العثماني لألقطار العربية‪ ،‬ص‪98‬؛ الجياللي‪ ،‬تاريخ الجزائر العام‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪199-198‬؛ ‪Fey, op. cit, p. 71, 74‬‬
‫(‪ -)37‬جوليان‪ ،‬تاريخ أفريقيا الشمالية‪ ،‬ص‪.324‬‬
‫(‪ -)38‬التميمي‪ ،‬عبد الجليل (يوليو ‪" ،)1976‬أول رسالة من أهالي مدينة الجزائر إلى السلطان سليم األول سنة ‪ ،"1519‬تونس‪ :‬املجلة‬
‫التاريخية املغربية‪ ،‬العدد ‪ ،6‬ص‪.120-116‬‬

‫‪61‬‬
‫)‪Journal of Human and Social Sciences (JHSS) • Vol 7, Issue 8 (2023‬‬

‫املتوسط‪ ،‬أو ما يمكن تسميته املقاومة‬ ‫ّ‬ ‫وعليه‪ ،‬اتجه املسلمون ملقاومة الخطر اإلسباني‪ ،‬عن طريق الهجوم الخاطف بالبحر‬
‫ٌ‬
‫البحرية‪ ،‬أو الجهاد البحري‪ .‬فظهر في عام (‪916‬ه ‪1510 /‬م)‪ ،‬األخوين (عروج) و(خير الدين) الذين كان لهما سلطان شامل على الحوض‬ ‫ّ‬
‫اكز لنشاطهم البحري‪ ،‬ومنها جزيرة جربة‬ ‫املهمة‪ ،‬حيث اتخذاها مر ٌ‬ ‫الغربي لهذا البحر‪ ،‬وكانا قد استوليا على بعض جزره وشواطئه ّ‬
‫املجاورة لساحل طرابلس‪ ،‬وكذلك تلمسان وبعض ثغور تونس واملغرب األوسط (‪.)39‬‬
‫‪ .2‬تعاظم نفوذ (عروج) في املغرب األوسط بعد انضمام أخيه (خير الدين) إليه‬
‫األوروبية‪ ،‬فزادت‬‫ّ‬ ‫معا يغيران على السفن والسواحل‬ ‫ُ‬ ‫فاشتد ساعده به‪ ،‬وانطلقا ً‬ ‫َّ‬ ‫سرعان ما لحق (خير الدين) بأخيه في جربة‬
‫حد بعيد‪ .‬وفي عام (‪920‬ه ‪1514 /‬م)‪ ،‬قام (عروج) بإغالق ميناء مدينة بجاية بنحو أربع سفن‪ ،‬وحاصر‬ ‫سطوتهما‪ ،‬وتضاعفت ثرواتهما إلى ّ‬
‫ٍ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العثمانيين‪ ،‬وبضعة آالف من البربر‪ ،‬لكنه لم يتمكن من تحريرها نظرا لحصانتها‪ ،‬كما فقد ذراعه اليسرى في تلك‬ ‫قلعتها بمائتين من‬
‫ً‬
‫وعددا كبيرا من رجاله‪ .‬وفي صيف العام التالي وبعد أن برأ تماما من جراحه‪ ،‬خرج للغزو برفقة (خير الدين) فغنم سفينة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫األثناء‪،‬‬
‫تمكنا من االستيالء على أربع سفن‪ ،‬وتحرير عددٌ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫هولندية‪ ،‬ثم رسا بجزيرة مينورقة‪ ،‬ومن هناك أغارا على خليج "جنوة ‪ ،"Genoa‬حيث‬
‫كبير من مسلمي األندلس‪ ،‬ونقلهم إلى بالد املغرب وتوطينهم فيها (‪.)40‬‬
‫قرر قائد األسطول اإلسباني (أندريا دوريا ‪ ،)Andrea Doria‬استرجاع ما ّتمت خسارته في هذا الخليج‪ .‬وفي‬ ‫وبسبب هذا الهجوم‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫ّ ٌ‬
‫مسرعا ملهاجمة جند (خير الدين)‪ ،‬فأمر األخير بتحطيم وإغراق‬ ‫طريقه‪ ،‬علم أن (خير الدين) ُمكلف بحراسة السفن في حلق الوادي‪ ،‬فراح‬
‫قوة اإلسبان‪ ،‬فراحت سفنه‬ ‫تقدم لردعهم‪ ،‬لكن صفوفه لم تكن كافية ملقاومة ّ‬ ‫ثم ّ‬‫السفن التي يحرسها‪ ،‬لكيال تكون غنيمة للمهاجمين‪َّ .‬‬
‫الجنوية املسلوبة‪ ،‬وست سفن أخرى تعود ملكيتها‬ ‫ّ‬ ‫الفرار إلى تونس‪ ،‬ومنها استطاع (دوريا) دخول الحصن ونهبه‪ ،‬واسترجع السفن‬ ‫تسارع ِّ‬
‫(‪)41‬‬
‫إلى (عروج) ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫لسادة جدد؛ كاألخوين‬ ‫ٍ‬ ‫وال غرابة في أن زعماء القبائل املتنفذة في املغرب األوسط‪ ،‬كان من الصعب عليهم قبول فكرة الخضوع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بربروسا الذين أخذا على عاتقهما ّ‬ ‫ّ‬
‫االستقاللية التي تفشت بين هؤالء الزعماء؛ لذا‪ ،‬كانت مهمتهما القضاء عليها‪،‬‬ ‫مهمة مقاومة النزعات‬
‫ضد الخطر اإلسباني املهيمن على سواحل املغرب األوسط‪.‬‬ ‫الجهادية َّ‬ ‫ّ‬ ‫يوجها طاقاتهم‬ ‫قبل أن ّ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫بربروسا في تحرير بجاية من اإلسبان ‪-‬كما سبق اإلشارة ‪-‬بسبب إصابة (عروج)‪ ،‬إال أن هذه املحاولة مكنت‬ ‫لقد فشل األخوين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االطالع على الصفات القتالية التي اتسم بها هذين األخوين‪َّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫مما أدى إلى تحفيز أهالي مدن املغرب األوسط املحتلة في‬ ‫رجال القبائل من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(‪)42‬‬
‫تخلي القبائل‬
‫ِّ‬ ‫طلبهم‪ ،‬لتخليصهم من اإلسبان ‪ .‬واختلف البعض حول سبب الفشل في تحرير بجاية؛ فأرجعه (الحسن الوزان) إلى‬
‫العثمانيين (‪ .)43‬لكن على ما يبدو‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫دد كبير من الجنود‬ ‫أيضا ‪-‬ع ٌ‬ ‫عنهما‪ ،‬وانسحابهم من الحصار دون استئذان في موسم الحرث‪ ،‬كما تبعها ‪ً -‬‬
‫خصوصا بعد أن أرسل السلطان‬ ‫ً‬ ‫اجع إلى عدم مساعدة السلطان الحفص ي لهما الذي خاف على ُملكه‪،‬‬ ‫أن الفشل في تحرير املدينة‪ ،‬ر ٌ‬
‫فتغيرت معاملة السلطان الحفص ي نحوهما (‪.)44‬‬ ‫(سليم األول) هداياه لهذين األخوين مع (محي الدين بيري رئيس)‪ّ ،‬‬
‫العثمانيين على مصر في‬‫ّ‬ ‫العثمانية في عام (‪922‬ه ‪1516 /‬م)‪ ،‬قبيل استيالء‬ ‫ّ‬ ‫بربروسا والسلطنة‬‫ّ‬ ‫اتصال بين األخوين‬ ‫ٌ‬ ‫وكان أو َّل‬
‫سفن ُمثقلة بالهدايا‪ ،‬فكافأه وأخاه بسفينتين‬ ‫ّ‬
‫بست‬ ‫العام نفسه‪ ،‬وذلك عندما بعث (عروج) إلى السلطان (سليم) مع (بيري رئيس)‬
‫ٍ‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬
‫والعثمانيين‪َّ .‬‬
‫ثم‬ ‫رسمية بينهما وبين‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫عد هذه االتصاالت أو ّل عالقة‬ ‫بأمس الحاجة إليها‪ُ ،‬وت ُّ‬ ‫ّ‬ ‫الحربية التي كانا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫باملعدات‬ ‫محملتين‬ ‫حربيتين ّ‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬
‫اإلسبانية‪ ،‬وأنقذوا ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ست عشرة قطعة ّ‬ ‫مكون من ّ‬ ‫ٌ‬ ‫خرجا في أسطول ّ‬
‫عددا من مسلمي‬ ‫عدد من السفن‬ ‫بحرية‪ ،‬فاستولوا مع بحارتهم على ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األندلس‪ .‬وفي طريق عودتهم‪ ،‬استولوا على مدينة جيجل في املغرب األوسط‪ ،‬وجعلوا منها قاعدة لعملياتهم الحربية نحو بجاية‪ ،‬حيث تركوا‬
‫حمالت يقوم بها مغامرون‬ ‫ٌ‬ ‫عثمانيا‪ .‬وهكذا‪ ،‬بدا وكأن الحرب ضد إسبانيا لم تعد ّ‬
‫مجرد‬ ‫ًّ‬ ‫بح ًارا‬ ‫مكو ًنة من خمسين ّ‬ ‫وحامية ّ‬‫ً‬
‫سفن‬
‫بها ثالث ٍ‬

‫(‪ -)39‬شلبي‪ ،‬موسوعة التاريخ اإلسالمي‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.163‬‬


‫(‪ -)40‬دراج‪ ،‬الدخول العثماني إلى الجزائر‪ ،‬ص‪158-157‬؛ مجهول املؤلف (‪ ،)2009‬سيرة املجاهد خير الدين بربروس في الجزائر‪ ،‬تحقيق‬
‫وتقديم وتعليق‪ :‬د‪ .‬عبد هللا حمادي‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار القصبة للنشر‪ ،‬ص‪68-66‬؛‬
‫‪De Grammont, op. cit, p. 19; Belhamissi (Moulay) (1996), Marine et Marins D’Alger (1518-1830), Tome 1, Alger: Bibliothèque‬‬
‫‪Nationale D’Algerie, p. 140.‬‬
‫(‪ -)41‬هايدو‪ ،‬تاريخ ملوك الجزائر‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫(‪ -)42‬مجهول املؤلف (‪ ،)1934‬غزوات عروج وخير الدین‪ ،‬تصحيح وتعليق‪ :‬نور الدین عبد القادر‪ ،‬الجزائر‪ :‬املطبعة الثعالبیة‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫(‪ -)43‬الوزان الفاس ي‪ ،‬وصف أفريقيا‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.38‬‬
‫(‪ -)44‬مجهول املؤلف‪ ،‬سيرة املجاهد خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪80‬؛ املطوي‪ ،‬السلطنة الحفصية‪ ،‬ص‪.679-678‬‬

‫‪62‬‬
‫… ‪The role of the Barbarossa brothers in extending the Ottoman‬‬ ‫‪Abu Nahel‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫محترفون‪ ،‬وإنما هي ٌ‬
‫فتية تولت زعامة العالم املسيحي وقيادته‪،‬‬ ‫بربروسا بتأسيسها‪ ،‬والثانية‬ ‫حرب بين دولتين إحداهما ناشئة قام األخوين‬
‫العدوانية على مسلمي األندلس وبالد املغرب (‪.)45‬‬ ‫ّ‬ ‫في حربها‬
‫تم استقبال (عروج) في مدينة جيجل الساحلية في شرق املغرب األوسط بحفاوة‪ ،‬بفضل شهرته وبطوالته التي وصل إليها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫ً‬
‫فمكث فيها خالل فصلي الخريف والشتاء‪ .‬وفي هذا الوقت‪ ،‬كان أهاليها يعيشون مجاعة كبيرة‪ ،‬فخرج (عروج) بسفنه واستولى على ثالث‬
‫ّ ً‬
‫محملة بالقمح‪ ،‬كانت في طريقها من جزيرة "صقلية ‪ "Sicily‬إلى جزيرة "سردينيا ‪ ،"Sardinia‬ومنها عاد إلى جيجل وأمر بتوزيع ما‬ ‫سفن‬
‫ٍ‬
‫(‪)46‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬
‫حصل عليه على أهاليها‪ ،‬ما منحه شعبية كبيرة‪ ،‬فتمت مبايعته ملكا على إمارتها ‪.‬‬
‫أهميتان كبيرتان على مستقبل الوجود العثماني في املغرب األوسط؛ األولى‪ :‬أنها‬ ‫العثمانية ّ‬ ‫ّ‬ ‫وكان التصال (عروج) بالسلطنة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الرسمية للعالقة بين األخوين بربروسا والعثمانيين‪ ،‬وذلك بفضل الحماية التي قدمها السلطان العثماني لهما‪ .‬والثانية‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أعطت الصبغة‬
‫َ‬ ‫ُّ‬
‫تحول ال ِّعالقة بين السلطان الحفص ي وهذين األخوين‪ ،‬من دور الحليف املناصر إلى الخصم املناوئ‪ ،‬حيث بدأ هذا السلطان يجاهر‬
‫السياسية بهذه املنطقة (‪.)48‬‬ ‫ّ‬ ‫رئيسا‪ ،‬في تعجيل األحداث‬ ‫دورا ً‬ ‫بعداوته لهما‪ ،‬بدافع الخوف على عرشه (‪ .)47‬وقد لعب هذين األخوين ً‬
‫سيما في الحوض الغربي للبحر املتوسط‪ ،‬لتبدأ في منازلة‬ ‫العثمانيين في مناطق جديدة‪ ،‬ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫تخطيط مسبق‪ ،‬اتسعت رقعة‬ ‫ٍ‬ ‫وبدون‬
‫ٍ‬
‫بربروسا حتى هذا‬ ‫ّ‬ ‫علما بأن اإلخوة‬ ‫اإلسبان في هذا الجزء من البحر‪ ،‬وتنتزع منهم سواحل املغرب األوسط التي كانوا قد استولوا عليها‪ً .‬‬
‫يدل على أن السلطان (سليم األول)‬ ‫العثمانيين‪ ،‬وصارا تحت حمايتهم‪ .‬وال يوجد ما ُّ‬ ‫ّ‬ ‫رسمي في خدمة‬ ‫ّ‬ ‫بشكل‬ ‫التاريخ لم يكونا قد دخال بعد‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫رسمي باسم السلطنة العثمانية‪ .‬وعلى هذا؛ فإن هذه املرحلة من عالقتهما بالعثمانيين‪ ،‬اتسمت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫منصب‬ ‫عين (عروج) أو (خير الدين) في‬ ‫قد ّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫العثمانية‪.‬‬ ‫املتوسط مع السياسة‬ ‫ّ‬ ‫بضمان حمايتهم لهما‪ ،‬وتطابق سياستهما في الحوض الغربي للبحر‬
‫ّ‬
‫العثمانيين لم يكونوا مجهولين لدى أهالي املغرب األوسط‪ ،‬ليس بسبب غزواتهم البحرية فحسب؛ بل إلنهم‬ ‫ّ‬ ‫البحارة‬ ‫ويبدو أن ّ‬
‫ات جديدة‪ .‬وقد كان‬ ‫البشرية ّ‬
‫ّ‬ ‫البحارة األتراك يرسون في موانئهم لبيع غنائمهم‪ ،‬وإصالح سفنهم‪ ،‬وتعويض خسائرهم‬ ‫كانوا كغيرهم من ّ‬
‫بقو ٍ‬
‫املحلية‪ ،‬حيث قابل الشيخ الولي (أحمد بن يوسف الراشدي)‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدينية‬ ‫ّ‬
‫بالشخصيات‬ ‫كثيرا ما اتصلوا‬ ‫البحارة األتراك‪ً ،‬‬ ‫(عروج) كغيره من ّ‬
‫انية للمنطقة‪ ،‬وأن‬ ‫والسياسية والعمر ّ‬ ‫ّ‬ ‫الساحلية في شرق مدينة وهران (‪ ،)49‬حيث كانا على علم بالخصائص الجغر ّ‬
‫افية‬ ‫ّ‬ ‫في قرية كرشتل‬
‫ٍ‬
‫(‪)50‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ظهورهما لم يكن سوى مرحلة الحقة من مراحل االتصال العثماني ببالد املغرب ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بعد سقوط مدينتي وهران وبجاية في يد اإلسبان‪ُّ ،‬‬
‫وتعرض أهاليهما للتعذيب والتقتيل واالسترقاق‪ ،‬اضطر أهالي مدينة الجزائر ‪-‬‬
‫وفد من‬ ‫ً‬ ‫خشية ُّ‬
‫تعرضهم ملصير هاتين املدينتين ‪-‬إلى إرسال وفدا برئاسة الشيخ (سالم التومي) حاكم ميناء الجزائر إلى إسبانيا‪ ،‬بمشاركة ٍ‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫مدينتي تنس ودلس‪ ،‬لالتفاق على شروط معاهدة تضمن لهم سالمتهم‪ ،‬وسالمة مدينتهم‪ ،‬دفعوا بموجبها جزية سنوية لإلسبان‪ ،‬وأن‬
‫يسمحوا لإلسبان ببناء قلعة على الجزيرة املقابلة للمدينة‪ُ ،‬عرفت فيما بعد بقلعة البينون‪ .‬وهكذا‪ ،‬وجد أهالي مدينة الجزائر أنفسهم‬
‫ّ‬
‫اإلسبانية (‪.)51‬‬ ‫نشاط بحر ّ ٍي دون إذن الحامية‬ ‫ٍ‬ ‫حصار ُمحكم‪ ،‬ال يقدرون بسببه على القيام بأي‬ ‫ٍ‬ ‫تحت‬
‫وفيما بعد‪ ،‬انتهز أهالي مدينة الجزائر فرصة وفاة امللك (فرديناند) في عام (‪922‬ه ‪1516 /‬م)‪ ،‬فنقضوا املعاهدة املفروضة‬
‫ً َّ‬
‫مستنجدا‪ .‬وملا كان األخير يعلم أن سقوط مدينة الجزائر بالكامل في‬ ‫عليهم‪ ،‬وامتنعوا عن دفع الجزية‪ ،‬وأرسل (سالم التومي) إلى (عروج)‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اتيجي شديد الخطر‪ ،‬يجعلهم إلى جانب مراكزهم ببجاية ووهران واملرس ى الكبير‪ ،‬أكثر قدرة على‬ ‫مركز استر ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يد اإلسبان‪ ،‬سوف يمكنهم من‬
‫العثمانيين على مدينة الجزائر‪ ،‬وهي ذات موقع بحر ّي مهم ّ‬
‫يتوسط‬ ‫ّ‬ ‫جانب آخر؛ فإن استيالء‬ ‫قمع املقاومة الناشئة‪ ،‬هذا من جانب‪ .‬ومن‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سهل عليهم كسر الشوكة اإلسبانية‪ ،‬وذلك بالفصل بين قاعدتيها الشرقية املتمركزة في بجاية‪ ،‬والغربية املتمركزة‬ ‫ّ‬ ‫بجاية ووهران‪ ،‬سوف ُي ّ‬
‫ِّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫في وهران‪ ،‬ما دعاه لعدم ُّ‬
‫فأعد لذلك ثماني عشرة سفينة بمدافعها وذخيرتها‪ ،‬وأرسلها مع نصف جنوده‬ ‫التردد في قبول دعوة النجدة؛‬

‫(‪ -)45‬املدني‪ ،‬حرب الثالثمائة سنة‪ ،‬ص‪165-164‬؛ حاجي خلیفة املشهور باسم كاتب جلبي (‪ ،)2017‬تحفة الكبار في أسفار البحار‪ ،‬تحقيق‬
‫وترجمة‪ :‬د‪ .‬محمد حرب‪ ،‬د‪ .‬تسنيم حرب‪ ،‬ط‪ ،1‬دار البشير للتفافة والعلوم‪ ،‬ص‪86‬؛ شوفالییه‪ ،‬كورین (‪ ،)2007‬الثالثون سنة األولى‬
‫لقيام دولة مدینة الجزائر ‪ ،1541-1510‬ترجمة‪ :‬جمال حمادنة‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫(‪ -)46‬هايدو‪ ،‬تاريخ ملوك الجزائر‪ ،‬ص‪22‬؛ مجهول املؤلف‪ ،‬سيرة املجاهد خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪.81-80‬‬
‫(‪ -)47‬دراج‪ ،‬الدخول العثماني إلى الجزائر‪ ،‬ص‪.202‬‬
‫(‪ -)48‬التميمي‪" ،‬أول رسالة من أهالي مدينة الجزائر"‪ ،‬ص‪116‬؛ املدني‪ ،‬حرب الثالثمائة سنة‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫(‪ -)49‬ابن سحنون الراشدي‪ ،‬أحمد بن محمد بن علي (‪ ،)2013‬الثغر الجماني في ابتسام الثغر الوهراني‪ ،‬تحقيق وتقديم‪ :‬الشيخ املهدي‬
‫البوعبدلي‪ ،‬ط‪ ،1‬الجزائر‪ :‬عالم املعرفة للنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪( 19‬مقدمة املحقق)‪.‬‬
‫(‪ -)50‬سعد هللا‪ ،‬أبو القاسم (‪ ،)1998‬تاريخ الجزائر الثقافي الجزء األول ‪ ،1830-1500‬ط‪ ،1‬بيروت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬ص‪.138-137‬‬
‫(‪ -)51‬شوفالییه‪ ،‬الثالثون سنة األولى لقيام دولة مدینة الجزائر‪ ،‬ص‪25-23‬؛ عباد‪ ،‬صالح (‪ ،)2012‬الجزائر خالل الحكم التركي ‪-1514‬‬
‫‪ ،1830‬الجزائر‪ :‬دار هومة‪ ،‬ص‪.35-34‬‬

‫‪63‬‬
‫)‪Journal of Human and Social Sciences (JHSS) • Vol 7, Issue 8 (2023‬‬

‫تبقي‪ ،‬والبالغ عدده ثمانمائة فقد‬ ‫وأما النصف اآلخر امل ّ‬ ‫ألف وخمسمائة من مجاهدي الشرق اإلسالمي‪ّ .‬‬ ‫ً‬
‫بحرا بقيادة (خير الدين)‪ ،‬مع ٍ‬
‫القبائلية‪ .‬فدخل (عروج) املدينة‪ ،‬واستقبله‬ ‫ّ‬ ‫انضم إليه نحو ثالث آالف من مجاهدي الجبال‬ ‫َّ‬ ‫توجهوا ًّبرا إلى مدينة الجزائر‪ ،‬وفي الطريق‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الحقا ‪-‬أباح لنفسه أن يتخلص من (سالم التومي)‪ّ ،‬‬ ‫أهلها استقبال الفاتحين املنقذين‪ .‬لكنه ‪ً -‬‬
‫عسكرية‪ .‬وكان‬ ‫ويؤسس تحت قيادته حكومة‬
‫صفة ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫عددا ً‬ ‫ضم ً‬ ‫جيش (عروج) غير قاصر على العنصر التركي؛ بل َّ‬
‫وطنية (‪.)52‬‬ ‫كبيرا من القبائل وسكان املدن‪ ،‬وبذا اكتسبت حكومته‬
‫مذكراته‪ ،‬أن أخاه (عروج) قد تركه في مدينة جيجل ً‬ ‫ّ‬
‫نائبا عنه‪ ،‬وأن وفد مدينة الجزائر الذي جاء‬ ‫غير أن (خير الدين) ذكر في‬
‫لطلب املساعدة‪ ،‬وصل إلى جيجل حينما كان مع أخيه فيها‪ ،‬وذلك بعد فشل املحاولة الثالثة لالستيالء على بجاية‪ ،‬ما يعني أن (خير‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫علم ُمسبق بها‪ ،‬وذلك خالفا ِّملا أورده (أحمد توفيق املدني)‪،‬‬ ‫الدين) لم يشترك مع أخيه في االستيالء على مدينة الجزائر‪ ،‬ولكنه كان على ٍ‬
‫ّ‬ ‫عملية االستيالء‪ .‬وحسب ما ذكره (خير الدين) ‪ً -‬‬ ‫بأنه شارك أخاه في ّ‬
‫أيضا ‪-‬في مذكراته‪ ،‬أنه في الوقت الذي كان فيه (عروج) في طريقه إلى‬
‫يتوجه من جيجل إلى تونس ملقابلة السلطان الحفص ي‪ ،‬ملعاتبته على عدم تزويده لهما بالبارود في أثناء حصار‬ ‫مدينة الجزائر‪ ،‬كان هو ّ‬
‫بجاية (‪ ،)53‬وهو ما نميل إيه‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬
‫مستخدما سالح الخديعة بإظهار‬ ‫كيفية تخلص (عروج) من (سالم التومي)‪ ،‬فيبدو أنه استقدمه إلى مدينة الجزائر‪،‬‬ ‫وعن‬
‫(‪)54‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫الوالء والطاعة له‪ ،‬ثم شنقه بقماش عمامته في الحمام وهو يتهيأ ألداء صالة الظهر‪ ،‬ثم ادعى أنه قد مات مختنقا من حرارة الحمام ‪.‬‬‫ّ‬ ‫َّ‬
‫بصك العملة‪ ،‬وتحصين القصبة‪،‬‬ ‫استقر به املقام في املدينة‪ ،‬أمر ّ‬ ‫َّ‬ ‫(عروجا) بعد أن‬‫ً‬ ‫صحة هذه الرواية من عدمها؛ فإن‬ ‫وبصرف النظر عن ّ‬
‫ِّ‬
‫ّ‬
‫عثمانية (‪.)55‬‬ ‫حامية‬
‫ٍ‬ ‫مدفعية صغيرة‪ ،‬ووضع عليها‬ ‫ّ‬ ‫ونصب فيها‬
‫ّ‬
‫وفيما يبدو لم يكن (عروجا) نرجسيا محبا لسفك الدماء طيلة حياته‪ ،‬حيث وصفه (سامح عزيز آلتر)‪ ،‬بأنه صاحب همة‬ ‫ًّ‬ ‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اضطر إلى قتل (سالم التومي) بعد أن‬ ‫(عروجا) قد‬ ‫عالية‪ ،‬وال يسفك الدماء بغير حق‪ ،‬وال ظاملا ملن يطيعه (‪ .)56‬ومن وجهة نظرنا‪ ،‬يبدو أن‬
‫ّ‬
‫توثق من خيانته له‪.‬‬
‫ُ‬ ‫سلطانا عليهم‪ُ ،‬‬ ‫ً‬
‫فقرئت الخطبة باسمه بعد اسم السلطان (سليم األول) باعتباره خليفة للمسلمين‪،‬‬ ‫بايع أهالي الجزائر (عروج)‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫ثم استولى على شرشال‪ ،‬فتمكن العثمانيون من إحكام السيطرة على ثالث مدن في املغرب األوسط‪ ،‬هي‪ :‬جيجل‪ ،‬والجزائر‪ ،‬وشرشال‪،‬‬
‫ّ‬ ‫َّ ُ ّ‬ ‫ً‬
‫ثم ك ِّلف (خير الدين) بإدارة القسم الشرقي من املغرب األوسط‪ ،‬بينما تولى هو القسم الغربي منه (‪.)57‬‬ ‫إضافة إلى مستغانم‪ ،‬ودلس‪ ،‬وتنس‪.‬‬
‫ّ‬
‫العثمانيين واملهاجرين‬ ‫ثابتا من حيث تعداد أفراده‪ّ ،‬أما نواته فكانت بضع مئات من‬ ‫بربروسا ً‬ ‫ّ‬ ‫لم يكن جيش األخوين‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املسلحين ببنادق ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نارية‪ ،‬وكانت تلتحق بهم فصائل من السكان املحليين التي بلغت ما بين (‪ )%90-85‬من مجموع أفراد الجيش‬ ‫ٍ‬ ‫األندلسيين‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫املحليين‪ ،‬سواء أكانوا ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كله (‪ُّ .)58‬‬
‫بربروسا‪ ،‬على أن هذين األخوين قد وضعا نصب أعينهم‪،‬‬ ‫عربا أم بربر بجيش األخوين‬ ‫وينم التحاق السكان‬
‫أهمية العنصر املحلي في جلب التأييد الشعبي لهما‪ ،‬وظهر ذلك ًّ‬ ‫ّ‬ ‫مسألة عدم تجاهل ّ‬
‫جليا في مساعدة هذا العنصر لهما في االستيالء على‬
‫مدينة الجزائر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وبذلك‪ ،‬يمكن القول‪ :‬إن األخوين بربروسا وال سيما (عروج) قد تمتعا بسلطة التفويض املباشر من السلطان العثماني في حكم‬ ‫ّ‬
‫العثمانية)‪ ،‬وليس وزراء استيالء فرضا‬ ‫ّ‬ ‫الشرعية الجديدة (السلطنة‬ ‫ّ‬ ‫منطقة املغرب األوسط‪ ،‬وباتا بمنزلة وزراء تفويض بموافقة السلطة‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫نفوذهما على البالد عنوة‪ ،‬دون إقرار السلطان لهما بذلك‪ .‬وإن جاز لنا التعبير؛ فإن الوالية العسكرية الجديدة التي أقيمت في املغرب‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫املركزية في اآلستانة‪.‬‬ ‫ذاتي ذات ارتباط وثيق بالحكومة‬ ‫حكم ٍ‬ ‫األوسط‪ ،‬كانت بمنزلة سلطة ٍ‬

‫(‪ -)52‬املدني‪ ،‬حرب الثالثمائة سنة‪ ،‬ص‪174-173‬؛ جوليان‪ ،‬تاريخ أفريقيا الشمالية‪ ،‬ص‪327‬؛ عبد القادر‪ ،‬نور الدين (‪ ،)1965‬صفحات من‬
‫تاريخ مدينة الجزائر من أقدم عصورها إلى انتهاء العهد العثماني‪ ،‬قسنطينة‪ :‬كلية اآلداب للنشر والتوزيع‪ ،‬مطبعة البعث‪ ،‬ص‪،50-49‬‬
‫‪53-52‬؛ بلقاض ي‪ ،‬بدر الدين؛ بن حموش‪ ،‬مصطفى (‪ ،)2007‬تاريخ وعمران قصبة الجزائر من خالل مخطوط ألبير دیفولكس‪ ،‬الجزائر‪:‬‬
‫املؤسسة الوطنية للفنون املطبعية‪ ،‬ص‪19‬؛ السليماني‪ ،‬أحمد (‪ ،)1989‬تاريخ مدينة الجزائر‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان املطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫ص‪.11 ،9‬‬
‫‪De Grammont, op. cit, p. 22; Devoulx (Albert) (1876), “Alger, Etude archéologique et topographique sur cette ville”, Revue‬‬
‫‪Africaine, No, 20, p. 66.‬‬
‫(‪ -)53‬بربروس‪ ،‬مذكرات خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪.74-73‬‬
‫(‪ -)54‬سبنسر‪ ،‬الجزائر في عهد رياس البحر‪ ،‬ص‪ ،41‬السليماني‪ ،‬تاريخ مدينة الجزائر‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ -)55‬عباد‪ ،‬الجزائر خالل الحكم التركي‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫(‪ -)56‬آلتر‪ ،‬عزيز سامح (‪ ،)1989‬األتراك العثمانيون في أفریقیا الشمالية‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمود علي عامر‪ ،‬بيروت‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫(‪ -)57‬دراج‪ ،‬الدخول العثماني إلى الجزائر‪ ،‬ص‪ ،161‬حاجي خليفة‪ ،‬تحفة الكبار في أسفار البحار‪ ،‬ص‪.89‬‬
‫(‪ -)58‬ايفانوف‪ ،‬الفتح العثماني لألقطار العربية‪ ،‬ص‪.101‬‬

‫‪64‬‬
‫… ‪The role of the Barbarossa brothers in extending the Ottoman‬‬ ‫‪Abu Nahel‬‬
‫ً‬ ‫احتجاجا على مقتله‪ ،‬وحاولوا مبايعة ابنه (يحيى) ليكون‬ ‫ً‬
‫سلطانا‬ ‫بعد مقتل (سالم التومي)‪ ،‬سرعان ما ثار أهالي مدينة الجزائر‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫فر إلى وهران ً‬ ‫بدال من (عروج)‪ .‬وكان (يحيى) قد َّ‬ ‫ً‬
‫طالبا العون من اإلسبان‪ ،‬وتم تدبير مؤامرة بالتواطؤ مع اإلسبان املتحصنين في‬ ‫عليهم‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫قلعة البينون‪ ،‬تسمح لهم بقتل (عروج) ومن معه من الجنود العثمانيون‪ ،‬وتنصيب (يحيى) سلطانا على املدينة‪ .‬وملا وصل خبر املؤامرة إلى‬
‫(عروج) تظاهر بتجاهلها‪ ،‬وانتظر حتى اجتماع األعيان في املسجد الجامع ألداء صالة الجمعة‪ ،‬فأمر بإعدام ثمانين منهم بفتوى من علماء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املدينة‪َّ ،‬‬
‫وتبعيتهم للحكم العثماني (‪.)59‬‬ ‫ثم أعلن سكان املناطق املجاورة طاعتهم‬
‫‪ .3‬استشهاد (عروج) ونهاية عهده‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫انزعج اإلسبان من توطيد األخوين بربروسا نفوذهما في مدينة الجزائر‪ ،‬وأدركوا أن مخططاتهم الرامية الحتالل سواحل املغرب‬
‫ّ‬ ‫خطط لها‪َّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫األوسط باتت في ّ‬
‫املحليين املنتفعين من أجواء الفوض ى التي كانت تسود‬ ‫ثم إن الزعماء‬ ‫مهب الريح ولم تعد ناجحة كما‬ ‫ِّ‬
‫ٌ‬ ‫العثمانيين‪ ،‬شعروا ‪ً -‬‬ ‫ّ‬
‫أيضا ‪-‬أن نفوذهم آخذ بالتالش ي‪ .‬وبذلك‪ ،‬التقت مصالح اإلسبان مع مصالح هؤالء الزعماء‪،‬‬ ‫املنطقة قبل مجيء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫فقرروا توجيه ضربة قاضية لتمدد األخوين بربروسا في املغرب األوسط‪ ،‬واستئصال شأفتهم‪ .‬فما كاد (عروج) أن ينهي أمر (سالم التومي)‪،‬‬
‫عملية غزو ملدينة الجزائر باالتفاق مع أمير تنس‪ ،‬والتحالف مع قبيلة الثعالبة في املتيجة‪ ،‬يساندهم في ذلك اإلسبان‬ ‫حتى شرع اإلسبان في ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫املتحصنون في قلعة البينون‪ .‬كما ّ‬ ‫ّ‬
‫رسمية لإلسبان يلتمس منهم يد العون‪ .‬والحقا أصدر الكاردينال (خمينيس)‪،‬‬ ‫وجه حاكم تلمسان دعوة‬
‫والتوجه إلى مدينة الجزائر‬ ‫ّ‬ ‫ألفا من الجنود‪،‬‬ ‫أمرا في صيف عام (‪922‬ه ‪1516 /‬م) بإرسال خمس وثالثون سفينة‪ ،‬على متنها خمس عشر ً‬ ‫ً‬
‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫واضطر اإلسبان إلى االنسحاب مخلفين وراءهم‬ ‫بربروسا وأتباعهم‪ ،‬غير أن هذه الحملة باءت بالفشل‪،‬‬ ‫ومحاصرتها‪ ،‬والتخلص من األخوين‬
‫آالف القتلى (‪.)60‬‬
‫ً‬ ‫وفي العام نفسه‪ّ ،‬‬
‫وكرد على فشل الحملة األولى‪ ،‬قام اإلسبان بإنزال حملة ثانية قوامها عشرة آالف جندي‪ ،‬كما احتفظوا‬ ‫ٍ‬
‫ات أخرى في سفنهم الخمس وثالثون التي جاءت الستعادة مدينة الجزائر بقيادة الدون (دييغو دي فيرا ‪ ،)Diego de Vera‬سرعان ما‬ ‫بقو ٌ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫معركة على نهر وادي ّ‬
‫الحراش قرب مدينة الجزائر لم يتمكن‬ ‫ٍ‬ ‫عاصفة شديدة الظالم‪ ،‬في‬ ‫ٍ‬ ‫ليلة‬
‫هاجمهم (عروج) في نحو ثالث آالف جندي في ٍ‬
‫تحركاته‪ ،‬وبدئوا في قتل بعضهم بعضا من هول املفاجأة‪ .‬ولم يكد النهار يطلع‪ ،‬حتى كان اإلسبان يلوذون بالفرار‬ ‫ً‬ ‫اإلسبان بسببها من معرفة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلسبانية‪َّ .‬أما (دي فيرا) نفسه‪ ،‬فنجا من املوت بأعجوبة (‪.)61‬‬ ‫مخلفين وراءهم ثمانمائة أسير‪ ،‬وثالثة آالف من القتلى‪ ،‬حسب الروايات‬
‫قواته إلى تلمسان‪ ،‬مرو ًرا باملدن الرئيسة‪ ،‬مثل‪ :‬مديا‪ ،‬ومليانة؛ فأقام فيها‬ ‫وفي عام (‪923‬ه ‪1517 /‬م)‪ ،‬اتجه (عروج) على رأس ّ‬
‫وامتد نفوذه في غرب املغرب األوسط بعد أن دخل تلمسان‪ ،‬وخضعت له القبائل القريبة من حدود مراكش‪ ،‬مثل‪ :‬بني‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫عثمانية‪،‬‬ ‫ات‬ ‫ّ‬
‫حامي ٍ‬
‫ستنجدا باإلسبان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫حمو الثالث) من تلمسان‪ُ ،‬م‬ ‫عامر وسناسن‪ ،‬وأقام عالقات ُحسن جوار بسلطان فاس‪ .‬وفي تلك األثناء‪ ،‬خرج (أبو ّ‬
‫لحمالت ضد بالد املغرب‪.‬‬ ‫خصصوها‬ ‫قوية لم يسبق أن ّ‬ ‫إمدادات ّ‬ ‫ضد قومه‪ ،‬فأرسلوا‬ ‫وطالبا العون من امللك (شارل الخامس ‪َّ )Charles V‬‬ ‫ً‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫اإلسبانية داخل أراض ي املغرب األوسط‪ ،‬بقيادة املاركيز (دي كوماريز ‪ )De Comarez‬بالتعاون مع (أبو ّ‬ ‫ّ‬ ‫توغلت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حمو)‪،‬‬ ‫القوات‬ ‫وللمرة األولى‬
‫قويا (‪.)62‬‬‫حصارا ًّ‬ ‫ً‬ ‫حتى وصلت إلى مدينة تلمسان‪ ،‬وضربت عليها‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫تحركت ّ‬ ‫وفي عام (‪924‬ه ‪1518 /‬م)‪ّ ،‬‬
‫إسبانية من وهران‪ ،‬بقيادة (مارتينيز دي أرغوت ‪ )Martinez de Argote‬متوجهة إلى‬ ‫قوات‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫فتوجه (مارتين) أوال إلى قلعة‬ ‫تلمسان التي كان يتمركز فيها (عروج)‪ ،‬واشترك الزيانون بآالف الفرسان من األعراب إلى جانب اإلسبان‪.‬‬
‫القوى‬ ‫ّ‬ ‫فتصدت الحامية ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلسبانية بضراوة‪ ،‬غير أن عدم تكافؤ ِّ‬ ‫للقوات‬ ‫القالع التي كان (إسحق رئيس) أخو (عروج) على رأس حاميتها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫ضربا من املستحيل‪ ،‬فاستشهد (إسحق) وثمانمائة من رفاقه‪ .‬ثم وصلت قوات إسبانية إضافية‪،‬‬ ‫املدافعة والغازية‪ ،‬جعل عرقلة اإلسبان ً‬
‫توجهت إلى تلمسان بعد االستيالء على قلعة القالع (‪.)63‬‬ ‫مكونة من عشرة آالف جندي ملساندة (مارتينيز) بقيادة (دي كوماريز)‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫قوات القبائل املوالية للسلطان الزياني‪،‬‬ ‫ألفا من ّ‬ ‫شديدا على تلمسان‪ ،‬يسانده خمس وثالثون ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حصارا‬ ‫ثم فرض (مارتينيز)‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫بهجوم مباغت على‬ ‫حمو)‬ ‫القوات املوالية للسلطان (أبو ّ‬ ‫ثم قامت ّ‬ ‫واستمر هذا الحصار مدة طويلة دون أن يستسلم (عروج) ورفاقه‪َّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬

‫(‪ -)59‬بربروس‪ ،‬مذكرات خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪79-77‬؛ السليماني‪ ،‬تاريخ مدينة الجزائر‪ ،‬ص‪.13 ،11‬‬
‫(‪ -)60‬دراج‪ ،‬الدخول العثماني إلى الجزائر‪ ،‬ص‪215-214‬؛ عبد القادر‪ ،‬صفحات من تاريخ مدينة الجزائر‪ ،‬ص‪.55-54‬‬
‫(‪ -)61‬املدني‪ ،‬حرب الثالثمائة سنة‪ ،‬ص‪183-180‬؛ شوفالییه‪ ،‬الثالثون سنة األولى لقيام دولة مدینة الجزائر‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫(‪ -)62‬العقاد‪ ،‬املغرب العربي في التاريخ الحديث‪ ،‬ص‪20-19‬؛ مجهول املؤلف‪ ،‬سيرة املجاهد خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪.93-90‬‬
‫(‪ -)63‬دراج‪ ،‬الدخول العثماني إلى الجزائر‪ ،‬ص‪162‬؛ جوليان‪ ،‬تاريخ أفريقيا الشمالية‪ ،‬ص‪328‬؛ امليلي‪ ،‬مبارك بن محمد (‪ ،)1984‬تاريخ‬
‫الجزائر في القديم والحديث‪ ،‬ج‪ ،3‬الجزائر‪ :‬مكتبة النهضة الجزائرية‪ ،‬ص‪49‬؛ ‪Fey, op. cit, pp.80-81‬‬

‫‪65‬‬
‫)‪Journal of Human and Social Sciences (JHSS) • Vol 7, Issue 8 (2023‬‬
‫وتمكن من ّ‬ ‫ّ‬ ‫قوات (عروج)‪ ،‬فقتلوا ً‬ ‫ّ‬
‫عدد من رجاله‬ ‫فك الحصار مع ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫عددا من رجاله‪ .‬عندئذ‪ ،‬أدرك (عروج) استحالة االستمرار في املقاومة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إسبانية بمطاردتهم‪ ،‬فأدركتهم بعد خروجه من تلمسان‪ ،‬وتمكنت من قتله وجميع من معه (‪.)64‬‬ ‫واالنسحاب‪ .‬وعلى أثر ذلك‪ ،‬قامت ِّفرقة‬
‫املدة التي قضاها (عروج) في نضاله‪ ،‬لتخليص املغرب األوسط من االحتالل اإلسباني‪ ،‬وتوطئة الطريق‬ ‫وعلى الرغم من قصر ّ‬
‫ِّ‬
‫ست سنوات‪ ،‬تجعل املرء يندهش لضخامة هذه اإلنجازات‬ ‫فترة قصيرة ال تزيد عن ّ‬ ‫ً‬
‫خالل‬ ‫قه‬ ‫لبسط النفوذ العثماني فيها‪َّ ،‬إال أن ما ّ‬
‫حق‬
‫ِّ‬
‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫قوة ّ‬ ‫لسنوات طويلة‪ .‬ومع أنه بدأ نضاله مع أخيه (خير الدين)‪ ،‬دون أن يكون لهما أية ّ‬ ‫ً‬
‫سياسية تسندهما‪ ،‬إال‬ ‫قبلية أو‬ ‫ٍ‬ ‫التي تحتاج ‪-‬فعال ‪-‬‬
‫حسن الفراغ السياس ي التي كانت املغرب األوسط تعانيه في هذه‬ ‫وقوة إرادته‪ ،‬وطموحه السياس ي البعيد‪ ،‬أن ُي ّ‬ ‫أنه استطاع بفضل حزمه‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الوسط‪ ،‬ممتدة من جيجل شرقا حتى مستغانم ً‬ ‫ّ‬ ‫قوية شملت حتى استشهاده منطقة َ‬ ‫دولة ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫املدة‪ّ ،‬‬
‫املتوسط‬ ‫غربا‪ ،‬ومن البحر‬ ‫ليؤسس‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نظام جديد في املغرب األوسط (‪.)65‬‬ ‫شماال حتى املدية جنوبا‪ ،‬فتمكن من تعبيد الطريق لخلفائه من بعده‪ ،‬إلقامة ٍ‬
‫لكنه استطاع باقتدار أن‬ ‫املحلية واإلسبان في املغرب األوسط‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫(عروجا) ورغم قصر حقبة نضاله َّ‬
‫ضد القوى‬ ‫ً‬ ‫وبذلك؛ فإن‬
‫ِّ‬
‫ً‬
‫مهد به الطريق ‪-‬الحقا ‪-‬ألخيه (خير الدين) في استكمال املسار الجهادي الذي ابتدئه من قبل‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫سياسيا وعسكريا جديدا‪ّ ،‬‬ ‫ًّ‬ ‫يفرض ً‬
‫واقعا‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫جديدا ال َّ‬ ‫ومبش ًرا بتدشين ً‬ ‫ّ‬ ‫مشر ًفا من الجهاد والنضال َّ‬ ‫عهدا ّ‬ ‫ولينهي ً‬
‫أهمية عن عهده‪.‬‬ ‫يقل‬ ‫عهدا‬ ‫ضد االستعمار اإلسباني‪،‬‬
‫ا‬
‫ثالثا‪ :‬دور (خير الدين) في استكمال ضم املغرب األوسط للنفوذ العثماني‬
‫ّ‬
‫يعن استشهاد (عروج) نهاية املطاف للجهاد الذي ابتدئه األخوين‪ ،‬وبذل في سبيله الكثير من الجهد العسكري الذي مكن‬ ‫لم ِّ‬
‫‪66‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العثمانيين‪ ،‬من وضع موطئ قدم لهم في املغرب األوسط‪ .‬لذلك؛ كان من الضرورة بمكان أن يتسلم أخاه (خير الدين) ( ) راية الجهاد من‬
‫بعده‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -1‬استكمال (خير الدين) الجهود لالستيالء على بقية مدن املغرب األوسط‬
‫أميرا عليهم‪ .‬وفي هذا الوقت الحرج‪،‬‬ ‫بعد استشهاد (عروج)‪ ،‬بايع أهالي مدينة الجزائر وأعيانها وعلماؤها أخيه (خير الدين) ً‬
‫ّ‬
‫كل من تنس وشرشال عن الطاعة‪َّ .‬أما في تلمسان فقد تسلم األمير الزياني‬ ‫تمرد الكثير من القبائل‪ ،‬وخروج ّ‬
‫ٍ‬ ‫وصلت إلى مدينة الجزائر أنباء ُّ‬
‫ات لتأديب شرشال وتنس‪َّ .‬أما‬ ‫قو ٌ‬
‫مقربة من مدينة الجزائر‪ ،‬فأرسل (خير الدين) ّ‬ ‫وامتد نفوذه إلى مليانة‪ ،‬فغدا بذلك على‬ ‫َّ‬ ‫السلطة‪،‬‬
‫ٍ‬
‫(‪)67‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وقت الحق‪ ،‬ريثما يتمكن من ضبط األمور الداخلية الناتجة عن استشهاد أخيه ‪.‬‬ ‫القبائل القوية فقد أخرها إلى ٍ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وبسبب حصافته العسكرية‪ ،‬أدرك (خير الدين) أن اإلسبان لن يكتفوا بقتل أخيه؛ بل سوف يتخلصون منه أيضا‪ ،‬حيث‬
‫ّ‬
‫اإلسبانية املرتقبة‪ ،‬فعمد إلى ترميم‬ ‫العثمانيين‪ ،‬فأمض ى شتاء عام (‪925‬ه ‪1519 /‬م) في االستعداد ملواجهة الحملة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتحصن ومن معه من‬
‫ُ ّ‬
‫عدد كبير من املدافع التي تمكن األهالي من الدفاع عن مدينتهم (‪ .)68‬وكانت‬ ‫قلعة مدينة الجزائر‪ ،‬وتصليح وإعداد سفنه‪ ،‬باإلضافة إلى ٍ‬
‫تتحين الفرصة لالنقضاض عليه وعلى مدينة الجزائر‪ ،‬غير أن اإلسبان لم يغامروا‬ ‫قبيلة الثعالبة في املتيجة التي تعادي (خير الدين)‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫باإلسراع في الهجوم على املدينة‪ ،‬ولو فعلوا لتمكنوا من احتاللها (‪.)69‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جمع (شارل الخامس) جيوشه‪ ،‬وأخذ في تجهيز السفن لتوجيه ضربة قاضية للمسلمين في املغرب األوسط‪ ،‬فوصلت تلك‬
‫ّ‬
‫اإلسبانية على سواحل‬ ‫َّ‬
‫يستعد ملواجهة (خير الدين)‪ ،‬ورست السفن‬ ‫عدتها هناك‪ ،‬بينما أخذ حاكم تلمسان‬ ‫الحملة إلى وهران واستكملت ّ‬
‫برسالة إلى (خير الدين) طالبوه فيها بتسليم مدينة الجزائر‪ ،‬وفي حال رفضه سيكون مصيره كمصير أخويه‬ ‫ٍ‬ ‫املدينة‪ ،‬كما بعث اإلسبان‬
‫(عروج) و(اسحاق) في تلمسان‪ .‬وعندما علم القائد اإلسباني برفض (خير الدين) لطلب االستسالم‪ ،‬بدأ في إنزال جنوده على الساحل‪،‬‬

‫(‪-)64‬بربروس‪ ،‬مذكرات خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪92-89‬؛ املدني‪ ،‬حرب الثالثمائة سنة‪ ،‬ص‪192-187‬؛ ‪Belhamissi, op. cit, p. 140; Fey, op.‬‬
‫‪cit, pp. 81-82‬‬
‫(‪ -)65‬جوليان‪ ،‬تاريخ أفريقيا الشمالية‪ ،‬ص‪.328‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫(‪ -)66‬يتفق املؤرخون على أن ميالد (خير الدين) كان بمدينة ميدلي‪ ،‬كما هو شأن أخاه (عروج)‪ ،‬إال أن تاريخ والدته اختلف فيه‪ ،‬فمثال‪ :‬سامح‬
‫عزيز آلتر‪ ،‬يقول إنه ُوِّلد في عام ‪870‬ه (‪1466‬م)‪ .‬آلتر‪ ،‬األتراك العثمانيون في أفریقیا الشمالية‪ ،‬ص‪ .27‬ويقول يحيى بوعزيز‪ ،‬إنه ُوِّل َد في‬
‫عام (‪878‬ه ‪1474 /‬م)‪ .‬بوعزيز‪ ،‬املوجز في تاريخ الجزائر‪ ،‬ص‪ .10‬ومنهم من يقول إنه ُوِّل َد في عام (‪888‬ه ‪1483 /‬م)‪ ،‬كما ورد في‪ :‬مجهول‬
‫املؤلف‪ ،‬سيرة املجاهد خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫(‪ -)67‬دراج‪ ،‬الدخول العثماني إلى الجزائر‪ ،‬ص‪227‬؛ ابن املفتي‪ ،‬حسين بن رجب شاويش (‪ ،)2009‬تقييدات ابن املفتي في تاريخ باشوات‬
‫الجزائر وعلمائها‪ ،‬جمعها واعتنى بها‪ :‬فارس كعوان‪ ،‬ط‪ ،1‬الجزائر‪ :‬بيت الحكمة‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫(‪ -)68‬بربروس‪ ،‬مذكرات خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫(‪ -)69‬وولف‪ ،‬الجزائر وأوروبا‪ ،‬ص‪33‬؛ ‪Devoulx, op. cit, p. 68‬‬

‫‪66‬‬
‫… ‪The role of the Barbarossa brothers in extending the Ottoman‬‬ ‫‪Abu Nahel‬‬
‫ً‬ ‫استمرت ً‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫واحدا‪ ،‬انتهت بهزيمة اإلسبان الذين هربوا‬ ‫يوما‬ ‫حربية لذلك‪ ،‬وبدأت املعركة التي‬ ‫بينما نظم (خير الدين) جنوده‪ ،‬ووضع خطة‬
‫مجد ًدا (‪.)70‬‬ ‫أعدادا كبيرة منهم‪ ،‬وبذلك عاد حكم تلمسان إلى والية (خير الدين) ّ‬ ‫ً‬ ‫فتم أسر‬ ‫إلى سفنهم‪َّ ،‬‬
‫ً‬ ‫تصدى (خير الدين) ّ‬ ‫ّ‬
‫عسكري ٍة على مدينة الجزائر في العام نفسه‪ ،‬بقيادة الدون (هيكو دي مينكادا ‪Hego de‬‬ ‫ّ‬ ‫مجد ًدا لحملة‬
‫ّ‬
‫‪ ،)Mongada‬الفارس الكنس ي ملالطة‪ ،‬والقائد اإلسباني (مارينو دي ريبيرا ‪ .)Marino de Ribera‬كما تمكن من االستيالء على مدينتي بونة‬
‫ّ‬
‫البربرية‬ ‫اضطر إلى مغادرة مدينة الجزائر بعد الثورة التي قادها (أحمد بن القاض ي) زعيم القبائل‬ ‫َّ‬ ‫(عنابة) وقسنطينة‪ ،‬لكن (خير الدين)‬
‫مجدداً‬ ‫تمكن من استرداد مدينة الجزائر ّ‬ ‫ّ‬
‫بتحريض من سلطان تونس الحفص ي عام (‪930‬ه ‪1524 /‬م)‪ ،‬فلجأ إلى جيجل حتى‬ ‫ٍ‬ ‫ببالد زواوة‪،‬‬
‫بعد ثالث سنوات‪ .‬وكان أعظم حدث قام به (خير الدين) ‪-‬بال شك ‪-‬في عام (‪935‬ه ‪1529 /‬م)‪ ،‬استيالئه على حصن البينون املواجه مليناء‬
‫وع َّد هذا‬ ‫إخطارا إلى قائد القلعة الدون (مارتن دي فرغاس ‪ ،)Martin de Vergas‬يدعوه فيه إلى إخالء القلعة‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫الجزائر‪ ،‬بعد أن أرسل‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫االستيالء بداية لتأسيس ما عرف بنيابة الجزائر‪ .‬ومنذ ذلك التاريخ‪ ،‬تحول ميناء الجزائر إلى عاصمة كبرى للمغرب األوسط‪ ،‬وبدأ‬
‫ُ‬
‫استخدام كلمة الجزائر منذ ذلك التاريخ‪ ،‬للداللة على إقليم املغرب األوسط ك ًّليا (‪.)71‬‬
‫الحربية‪ ،‬وشحنها بالرجال والعتاد‪ ،‬وأشاع‬ ‫ّ‬ ‫وكان (خير الدين) قد استعمل الحيلة لتحطيم الحصن‪ ،‬إذ أمر بتجهيز كل السفن‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫اإلسبانية من أجل الغزو والجهاد‪ .‬وخرجت السفن ‪-‬فعال ‪-‬من وراء صخور مدينة الجزائر‪ ،‬وأخذت‬ ‫أنه ينوي اإلبحار صوب السواحل‬
‫طريقها نحو الشمال‪ ،‬لكن تلك السفن سرعان ما عادت أدراجها تحت جنح الظالم‪ ،‬واختبأت في مرفأ تاما نتفوس‪ .‬وفي خالل هذه‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ُ‬
‫وخمس وعشرين من النساء واألطفال‪ ،‬من بينهم (دي فرغاس)‬ ‫ٍ‬ ‫جنديا‪،‬‬ ‫جنديا‪ ،‬وأسر تسعين‬ ‫خمس وستين‬ ‫ٍ‬ ‫الحملة‪ ،‬قتل من اإلسبان نحو‬
‫نفسه (‪.)72‬‬
‫حملة أخرى في العام التالي‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫بعد فشل الحملة السابقة على مدينة الجزائر‪ّ ،‬‬
‫مائة وعشرة قطعة‬ ‫مكونة من ٍ‬ ‫جهزت إسبانيا‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫تعرض لها (خير‬ ‫بهزيمة كبيرة عندما ّ‬ ‫ٍ‬ ‫بحرية‪ ،‬قادها األميرال (فرديناند ‪ )Ferdinand‬نائب امللك (شارل الخامس) على صقلية‪ ،‬إال أنها ُمنيت‬
‫ً‬
‫خمس وثالثون قبطانا‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بهجوم مضاد‪ ،‬أثار االضطراب في األسطول اإلسباني‪ .‬وأسفرت الحملة عن أسر القائد (فرديناند) مع‬ ‫ٍ‬ ‫الدين)‬
‫(‪)73‬‬
‫عدد كبير من السفن‪ ،‬أو االستيالء عليها ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وثالثمائة بح ٍار إسباني‪ ،‬وأسر اآلالف من جنود الحملة‪ ،‬وإغراق ٍ‬
‫(‪)74‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وبتغلب (خير الدين) على ّ‬ ‫ُّ‬
‫اإلسبانية املتمركزة في حصن البينون‪ ،‬هدم أغلبه ولم يترك ِّسوى برجا فيه ‪ .‬وفيما بعد‪،‬‬ ‫القوات‬
‫أمامية للقتال َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ضد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إسالمي ٍة‬ ‫كقاعدة‬
‫ٍ‬ ‫وموض ًحا لسلطانها ميزات الجزائر‬ ‫ّ‬
‫العثمانية ملحاربة اإلسبان‪،‬‬ ‫اضطر إلى طلب املساعدة من السلطنة‬
‫اإلنكشارية‪ ،‬وسمح لرعاياه من‬ ‫ّ‬ ‫فمده بألفي جندي من‬ ‫اإلسبان؛ فاستجاب السلطان (سليم األول) لطلبه عام (‪924‬ه ‪1518 /‬م)‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫العثمانية (‪.)75‬‬ ‫اسميا للسلطنة‬ ‫ًّ‬ ‫بالتطوع في الجيش الذي سيرسله‪ ،‬ملساعدة (خير الدين)‪ .‬ومنذ ذلك الوقت‪ ،‬صارت الجزائر تابعة‬ ‫ُّ‬ ‫األناضول‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫بصك نقودا للتعامل في نيابة الجزائر‪ ،‬وتلقى فرمانا سلطانيا بتعيينه واليا وبيكلر بك (بك بكوات املغرب)‬ ‫كما صدر اإلذن إلى (خير الدين)‪ِّ ،‬‬
‫ونائبا للسلطان فيها (‪.)76‬‬ ‫على البالد‪ً ،‬‬
‫العثمانية‪ ،‬مع أنه كان بإمكانه االستقالل‬ ‫ّ‬ ‫لكن ما األسباب التي دعت (خير الدين)‪ ،‬للتعجيل بطلب إلحاق الجزائر بالسلطنة‬
‫(‪)77‬‬ ‫يدقق النظر في طبيعة الصراع الدائر في هذه املنطقة ّ‬ ‫ّ‬
‫املهمة‪ ،‬يرى أن ثمة أسباب ودوافع دعته لذلك‪ ،‬منها ‪:‬‬ ‫بها؟ إن الذي‬
‫ّ‬
‫‪ .1‬إدراكه ملحدودية قدراته العسكرية باملقارنة مع اإلمكانات الهائلة التي يمتلكها اإلسبان‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫يرجح ضم جهده إلى السلطنة العثمانية؛ فهي وحدها التي كانت‬ ‫‪ .2‬معرفته ملوازين القوى في الصراع اإلسالمي املسيحي‪ ،‬جعلته ّ‬
‫مؤهلة لقبول ضم الجزائر إلى ممتلكاتها‪ ،‬وحمايتها باملال والعتاد والرجال‪.‬‬ ‫ّ‬
‫املحليين في الجزائر‪ ،‬سواء أكانوا أمراء‪ ،‬أو شيوخ قبائل‪ ،‬أو أعيان مدن‪ .‬فمن خالل سابق تجربته معهم‪ ،‬رأى‬ ‫ّ‬ ‫تخوفه من الزعماء‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫والتمرد عند أول فرصة تتاح لهم من جهة‪ ،‬واستعداد الكثير منهم لالرتماء في أحضان اإلسبان من‬ ‫ُّ‬ ‫مدى استعداد هؤالء للثورة‬

‫(‪ -)70‬مجهول املؤلف‪ ،‬سيرة املجاهد خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪.95‬‬


‫(‪ -)71‬املدني‪ ،‬حرب الثالثمائة سنة‪ ،‬ص‪211-205‬؛ جوليان‪ ،‬تاريخ أفريقيا الشمالية‪ ،‬ص‪329‬؛‬
‫‪Belhamissi, op. cit, p. 140; Cat (Edward) (1889), Petite Histoire de l’Algérie – Tunisie - Maroc, Edited by Adolphe Jourdan,‬‬
‫‪Tome 1, Imprimeur-Libraire-Editeur, Alger, p. 245‬‬
‫(‪ -)72‬بربروس‪ ،‬مذكرات خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪135-134‬؛ املدني‪ ،‬حرب الثالثمائة سنة‪ ،‬ص‪.216-215‬‬
‫(‪ -)73‬بربروس‪ ،‬مذكرات خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪138‬؛ دراج‪ ،‬الدخول العثماني إلى الجزائر‪ ،‬ص‪.243‬‬
‫(‪ -)74‬بلقاض ي؛ مصطفى‪ ،‬تاريخ وعمران قصبة الجزائر‪ ،‬ص‪.80‬‬
‫(‪ -)75‬العقاد‪ ،‬املغرب العربي في التاريخ الحديث‪ ،‬ص‪20‬؛ جوليان‪ ،‬تاريخ أفريقيا الشمالية‪ ،‬ص‪328‬؛ ‪Cat, op. cit, p. 243‬‬
‫(‪ -)76‬سبنسر‪ ،‬الجزائر في عهد رياس البحر‪ ،‬ص‪.46-45‬‬
‫(‪ -)77‬دراج‪ ،‬الدخول العثماني إلى الجزائر‪ ،‬ص‪.235-233‬‬

‫‪67‬‬
‫)‪Journal of Human and Social Sciences (JHSS) • Vol 7, Issue 8 (2023‬‬
‫عثمانية‪ ،‬إنما كان يرمي إلى البحث عن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫صمام أمان في وجه أي‬ ‫جهة أخرى‪ .‬لذلك؛ فإن سعي (خير الدين) لجعل الجزائر والية‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬
‫حركة تمرد‪ ،‬يمكن أن يقوم بها الزعماء املحليون في أثناء انشغاله بأعداء الخارج‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العثمانيين في مدينة الجزائر (‪:)78‬‬ ‫ترتب على تدمير حصن البينون‪ ،‬واستقرار‬
‫العثمانية في الجزائر ًّ‬
‫نهائيا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ .1‬وضع حجر األساس لبسط الوصاية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العثمانية البحرية على طول سواحل غرب البحر املتوسط‪ ،‬فأصبحوا القوة الضاربة األولى في املنطقة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ .2‬تضاعفت الغزوات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فزرعوا الرعب في قلوب أوروبا‪ ،‬وأصبحت الجزائر تراقب جميع الطرق البحرية الكبرى للبحر املتوسط‪ ،‬وتعددت غارات‬
‫ّ‬
‫املتوسط‪.‬‬ ‫مجاهدي الجزائر على إسبانيا وإيطاليا‪ ،‬وجزر غرب البحر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫بشكل نهائي‪ ،‬وجعل إعادة احتالله مجددا من طرف اإلسبان أمرا مستحيال‪ ،‬أثبتته حمالتهم‬ ‫ٍ‬ ‫‪ .3‬تحرير كامل ساحل الجزائر األوسط‬
‫الالحقة الفاشلة على مدينتي شرشال والجزائر التي تلت طردهم من حصن البينون‪.‬‬
‫خصوصا بعد بناء‬ ‫ً‬ ‫رسخ فيه وجوده في مدينة الجزائر‪،‬‬ ‫حققه (خير الدين)‪ّ ،‬‬ ‫كبيرا ّ‬
‫نصرا ً‬ ‫عد ً‬ ‫ومن هنا؛ فإن تحرير حصن البينون ُي َّ‬
‫عد بمنزلة الفتح العثماني الرسمي للجزائر‪.‬‬ ‫التصدي لإلسبان‪ ،‬كما ُي َّ‬ ‫ّ‬ ‫ميناءها من أجل‬
‫وبذلك‪ ،‬امتدت حدود الجزائر العثمانية نحو الجنوب‪ ،‬حتى واحات امليزان املوغلة في الصحراء‪ .‬ولم يكن الصراع الداخلي ما‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الساحلية التي‬ ‫فاسترد أكثر املدن‬ ‫َّ‬ ‫أيضا؛‬ ‫األوروبية‪ .‬وقد نجح في هذا امليدان ً‬ ‫ّ‬ ‫التصدي لالعتداءات‬ ‫ّ‬ ‫يشغل (خير الدين) فقط؛ بل كان عليه‬
‫ّ‬
‫كان اإلسبان قد استولوا عليها‪ .‬وهو إلى ذلك‪ ،‬استطاع السيطرة على املالحة بالبحر املتوسط بين عامي (‪932-926‬ه ‪1525-1520 /‬م)‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فكان على الدول‬
‫األوروبية أن تدفع له إتاوة‪ ،‬نظير السماح لسفنها بالسير في هذا البحر‪ .‬وبذلك‪ ،‬مثلت الجزائر املركز الرئيس لسلطان‬
‫ّ‬
‫العثمانيين في بالد املغرب ‪ .‬ولقد أدخل العثمانيون مفهوم الحدود السياسية في بالد املغرب‪ ،‬ورسموا للجزائر حدودها الحالية التي لم‬ ‫ّ‬ ‫(‪)79‬‬ ‫ّ‬
‫تتغير منذ ذلك الوقت (‪.)80‬‬ ‫ّ‬
‫اتجاها ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫دينيا‪ ،‬فأطلقوا عليها اسم‬ ‫العثمانيين اتخذوا من مدينة الجزائر عاصمة لهذه النيابة الناشئة؛ فإن النضال أخذ‬ ‫ِّوبما أن‬
‫ّ‬ ‫(‪)81‬‬
‫وظل هذا هو اسمها الرسمي بين عامي (‪1246-922‬ه ‪1830-1516 /‬م) ‪ .‬وبذلك‪ ،‬استحقت مدينة الجزائر هذا‬ ‫"الجزائر دار الجهاد"‪َّ ،‬‬
‫عالية من املهارة‬ ‫وبدرجة‬ ‫بعناية كبيرة‪،‬‬ ‫طوروا دفاعاتها‬ ‫العثمانيون‪ .‬فقد ّ‬ ‫ّ‬ ‫جدارة كاملة‪ ،‬من تلك االستحكامات التي بناها‬ ‫االسم عن‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫(‪)82‬‬
‫سة عسكري ٍة املدن العثمانية األخرى ومنها اآلستانة عاصمة السلطنة ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بعناية مماثلة‪ ،‬ففاقت بذلك كمؤس ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫العسكرية‪ ،‬وحافظوا عليها‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫لذا؛ نجد أن (خير الدين) قد أبلى في جهاده بنيابة الجزائر ً‬
‫حسنا‪ ،‬حيث تمكن بعد بذل الكثير من الجهد والدماء‪ ،‬من بتر‬ ‫بالء‬
‫يتبق في أيديهم منها سوى مدينة وهران‪ ،‬كما سبق‬ ‫املحلية فيها من ناحية‪ ،‬وتحرير غالبية مدنها من اإلسبان الذين لم َّ‬ ‫ّ‬ ‫شأفة الزعامات‬
‫اإلشارة‪.‬‬
‫واستمر األسطول العثماني‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬
‫طابعا أكثر عنفا في البحر املتوسط‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ومهما يكن من أمر؛ فإن الحرب في الجزائر لم تنته؛ بل اتخذت ً‬
‫ِّ‬
‫ّ‬ ‫َّ‬
‫في مهاجمة طرق مواصالت إسبانيا فيه‪ ،‬ويجتاح شواطئه لتخريبها‪ ،‬كما استمر بنقل الذخائر الحربية واألسلحة إلى مسلمي األندلس‪،‬‬
‫رحالت‬
‫ٍ‬ ‫ًّ‬
‫شخصيا بسبع‬ ‫وبخاصة خالل انتفاضتهم في مدينة بلنسية (فالنسيا ‪ ،)Valencia‬وإخراج عشرات اآلالف منهم‪ .‬فقام (خير الدين)‬ ‫ّ‬
‫وتمكن بواسطة ست وثالثون سفينة من إنقاذ سبعون ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألفا من مسلميها‪ ،‬حيث بات هؤالء فيما بعد‬ ‫ٍ‬ ‫اإلسبانية‪،‬‬ ‫بحري ٍة إلى الشواطئ‬
‫الوفية للنظام العثماني‪ ،‬والتحق الكثير منهم بالجيش واألسطول (‪.)83‬‬ ‫ّ‬ ‫الركيزة‬
‫‪ -2‬محاوالت اإلسبان االستيالء على تونس في عام (‪941‬ه ‪1535 /‬م)‬
‫ّ‬
‫منح السلطان (سليمان القانوني) الذي تولى الحكم في عام (‪926‬ه ‪1520 /‬م)‪ ،‬قيادة األسطول العثماني إلى (خير الدين) في عام‬
‫مجرد أمير‬ ‫رسمي بيكلر بك على الجزائر‪ ،‬فصار منذ ذلك الوقت أكثر من ّ‬ ‫ّ‬ ‫بشكل‬ ‫محاولة لغزو إسبانيا‪ ،‬وتعيينه‬ ‫ٍ‬ ‫(‪939‬ه ‪1533 /‬م)‪ ،‬في‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫للبحر؛ بل أصبح رئي ًسا لدولة وإن كانت غير تامة السيادة‪ ،‬وخاطبه (شارل الخامس) باسم (ملك الجزائر)‪ ،‬بعد معركة بروزة (بريفيزا‬ ‫ّ‬
‫‪ )Preveza‬في عام (‪944‬ه ‪1538 /‬م) (‪ ،)84‬كما ستأتي اإلشارة‪.‬‬

‫(‪ -)78‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.265-264‬‬


‫(‪ -)79‬العقاد‪ ،‬املغرب العربي في التاريخ الحديث‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫(‪ -)80‬فارس‪ ،‬محمد خير (‪ ،)1969‬تاريخ الجزائر الحديث من الفتح اإلسالمي إلى اًلحتالل الفرنس ي‪ ،‬ط‪ ،1‬دمشق‪ ،‬ص‪.55‬‬
‫(‪ -)81‬املدني‪ ،‬حرب الثالثمائة سنة‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫(‪ -)82‬سبنسر‪ ،‬الجزائر في عهد رياس البحر‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫(‪ -)83‬ايفانوف‪ ،‬الفتح العثماني لألقطار العربية‪ ،‬ص‪.112-111‬‬
‫(‪-)84‬بربروس‪ ،‬مذكرات خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪166-159‬؛ سبنسر‪ ،‬الجزائر في عهد رياس البحر‪ ،‬ص‪.47‬‬

‫‪68‬‬
‫… ‪The role of the Barbarossa brothers in extending the Ottoman‬‬ ‫‪Abu Nahel‬‬
‫ّ ّ‬
‫األوروبية تأث ًرا بانتصارات (خير الدين)‪ ،‬حيث كانت هذه الدولة ‪-‬في ذلك الوقت ‪-‬قد دخلت ضمن‬ ‫كانت إسبانيا من أكثر الدول‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اطورية (شارل الخامس) الكبيرة‪ ،‬التي شملت أملانيا وأجزاء من إيطاليا وأوروبا الشرقية‪ .‬وقد نصب من نفسه مدافعا عن أوروبا‬ ‫إمبر ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫املسيحية‪َّ ،‬‬
‫ّ‬
‫للتجسس في بالد املغرب في عام (‪940‬ه ‪1533 /‬م)‪،‬‬ ‫ضد الزحف العثماني نحو شرق أوروبا ووسطها‪ .‬وكان قد أرسل مبعوثا‬
‫ونبه إلى استعدادات (خير الدين) لالستيالء عليها (‪.)85‬‬ ‫الحفصيين للتعاون مع اإلسبان‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫طاف في أنحاء تونس واكتشف فيها استعداد‬
‫يتطلعون إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مد سيادتهم على تونس بعد استيالئهم على الجزائر؛ فنجح (خير الدين) في االستيالء على مدينة‬ ‫ِّ‬ ‫العثمانيون‬ ‫وكان‬
‫تونس عاصمة الحفصيين في عام (‪940‬ه ‪1534 /‬م)‪ ،‬وقض ى على حكمهم فيها‪ .‬وكان هذا الحدث املهم‪ ،‬باإلضافة إلى إعالن (محمد‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الحفصيين‬ ‫حافزا لكي يقود (شارل الخامس) حملة لالستيالء على تونس‪ ،‬بالتعاون مع األمراء‬ ‫الزياني) ثورته على حاكم وهران اإلسباني‪،‬‬
‫َّ‬
‫بعد انقسام البيت الحفص ي‪ ،‬واستنجاد بعض أفراده باإلسبان مثل السلطان (الحسن) ضد بعضهم البعض‪ .‬ففي عام (‪941‬ه ‪/‬‬
‫وثمان وعشرون‬ ‫ضمت أربعمائة سفينة‪،‬‬ ‫بحري ًة كبيرة خرجت من ميناء "برشلونة ‪ّ ،"Barcelona‬‬ ‫حملة ّ‬ ‫ً‬
‫أعد (شارل الخامس)‬ ‫‪1535‬م)‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫ٌ‬ ‫تمكنت بسهولة من االستيالء على مدينة تونس‪ .‬وكان ُّرد (خير الدين) على هذه الحملة‪ ،‬أن َّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫شن غارة مفاجئة على جزائر‬ ‫ألفا من الجنود‪،‬‬
‫األوروبية الطامعة (‪.)86‬‬ ‫ّ‬ ‫القوى‬ ‫َّ‬ ‫ست آالف أسير‪َّ ،‬‬ ‫اإلسبانية‪ ،‬عاد بعدها إلى مدينة الجزائر ومعه ّ‬ ‫ّ‬
‫ثم استأنف الجهاد ضد ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫"البليار ‪"Balearic‬‬
‫غير أننا نرى أن عدد األسرى هذا مبالغ فيه‪ ،‬إذ ال يعقل أن يكون بوسع سفن (خير الدين) التي هاجمت هذه الجزائر‪ ،‬حمل‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫تم تحقيقه‪.‬‬ ‫الرقم‪ ،‬من باب تضخيم حجم االنتصار الذي َّ‬ ‫املؤرخين قد ذكروا هذا َّ‬ ‫هذا العدد الكبير من األسرى‪ .‬ويبدو أن ّ‬
‫وخربها بعد أن‬ ‫حققه في جزائر البليار؛ بل أغار على قلعة "قسطيلية ‪ "Castello‬في جنوب إيطاليا‪ّ ،‬‬ ‫لم يكتف (خير الدين) بما ّ‬
‫ِّ‬
‫ّ‬
‫األوروبية‪ ،‬ما‬ ‫عدد من الجزائر والشواطئ‬ ‫ٍ‬ ‫على‬ ‫أغار‬ ‫م)‪،‬‬ ‫‪1537‬‬ ‫‪/‬‬ ‫ه‬ ‫‪943‬‬ ‫(‬ ‫عام‬ ‫وفي‬ ‫اآلستانة‪.‬‬ ‫إلى‬ ‫بهم‬ ‫عاد‬ ‫ى‬ ‫األسر‬ ‫من‬ ‫كبير‬ ‫عدد‬
‫استولى على ٍ‬
‫فاضطر (شارل الخامس) إلى عقد هدنة مع ملك فرنسا (فرنسوا األول ‪ .)François I‬وتنادت املمالك‬ ‫َّ‬ ‫أشعر أوروبا بالرعب الشديد‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صليبي كبير في عام (‪944‬ه ‪1538 /‬م)‪ ،‬اشتركت فيه إسبانيا والباباوية والبندقية والبرتغال‪ ،‬فأعدت حملة كبيرة‬ ‫ٍ‬ ‫تحالف‬
‫ٍ‬ ‫األوروبية لعقد‬
‫مائة وثنتان وعشرون سفينة‪َّ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وسلمت قيادتها إلى (أندريا دوريا)‪ .‬فاستعد (خير الدين) ملواجهة هذا التحالف‪ ،‬بأسطول ّ‬ ‫ّ‬
‫ثم‬ ‫مكون من ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ست وثالثون‬ ‫اشتبك معه في خليج بروزة (بريفيزا) في غرب اليونان‪ ،‬انتهت بهزيمة قاسية للتحالف الصليبي‪ ،‬واستيالء (خير الدين) على ّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫سفينة‪ ،‬وثالثة آالف أسير (‪.)87‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫يخصص سوى فقرة قصيرة عن معركة بروزة‪ ،‬أشار فيها إلى عدم حدوث مواجهة بينهما‪ ،‬إذ انسحب‬ ‫غير أن الراهب (هايدو) لم‬
‫ّ‬
‫يأت على ذكرها ‪ .‬ويبدو أن (هايدو) لم يسجل هذه املعركة في مدوناته‪ِّ ،‬ملا تركه أثر انهزام (دوريا) في نفوس‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫(‪)88‬‬
‫ألسباب لم ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫(دوريا) منها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األوروبيين عامة‪ ،‬واإلسبان خاصة من حز ٍن وضعف‪ ،‬خاصة أن أحداث املعركة شاركت فيها أكثر القوى األوروبية متحدة؛ فكأنه أراد أن‬
‫ّ‬
‫لألوروبيين‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الجماعية‬ ‫يمحو أثر هذه املعركة من الذاكرة‬
‫‪ -3‬مهاجمة اإلسبان ملدينة الجزائر في عام (‪948‬ه ‪1541 /‬م)‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بعد معركة بروزة‪ ،‬يئس (شارل الخامس) من االنتصار على العثمانيين في البحر املتوسط‪ ،‬فشرع يستعد لغزو مدينة الجزائر‪،‬‬
‫بايا) عليها حسبما‬ ‫بايا (بيكلر ً‬‫كملك للجزائر‪ ،‬لتكون بيلر ً‬ ‫ٍ‬ ‫كتابا يتسم بلغة اليأس‪ ،‬جاء فيه‪" :‬إن تنزيلك من منصبك‬ ‫وأرسل إلى (خير الدين) ً‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تقتض ي به التقاليد العثمان ّية‪ُ ،‬ي ُّ‬
‫عد إهانة بالغة لك‪ .‬وها أنذا أعرض عليك أن تتخلى عن خدمة السلطان (سليمان)‪ ،‬على أن أجعلك ِّملكا‬
‫حليفا لي؛ بل‬ ‫ً‬ ‫معلوما لديك‪ ،‬بأنني ال أريد أن تكون‬ ‫ً‬ ‫وحيدا على كل البالد األفريقية الواقعة بين البحر األحمر واملحيط األطلس ي‪ .‬وليكن‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫السياسية‬ ‫بالعثمانيين؛ فهذا كل ما أريده منك"‪ .‬غير أن (خير الدين) الذي كان يمتاز بالحصافة‬ ‫ّ‬ ‫صديقا لي‪ ،‬وتقطع صلتك‬ ‫ً‬ ‫يكفي أن تكون‬
‫(‪)89‬‬
‫يظل في خدمة السلطان العثماني ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫يتعجل في رفض هذا العرض؛ بل أخذ يماطل في الرد‪ ،‬لكنه كان قد اتخذ قراره بأن َّ‬ ‫لم ّ‬
‫ُّ‬
‫وباإلمكان التوقف هنا عند ما ورد في هذا الكتاب‪ ،‬بما يلي‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ .1‬أراد (شارل الخامس) أن يقلل من قيمة املنصب الجديد الذي حصل عليه (خير الدين)‪ ،‬وهو أمير األسطول العثماني‪.‬‬

‫(‪ -)85‬العقاد‪ ،‬املغرب العربي في التاريخ الحديث‪ ،‬ص‪.21‬‬


‫(‪ -)86‬جوليان‪ ،‬تاريخ أفريقيا الشمالية‪ ،‬ص‪330‬؛ سرهنك‪ ،‬إسماعيل (‪1312‬ه)‪ ،‬حقائق األخبار عن دول البحار‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬املطبعة‬
‫األميرية‪ ،‬ص‪420‬؛ بربروس‪ ،‬مذكرات خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪177-171‬؛ ابن أبي دينار‪ ،‬محمد بن أبي القاسم القيرواني (‪1286‬ه)‪،‬‬
‫املؤنس في أخبار إفريقية وتونس‪ ،‬ط‪ ،1‬تونس‪ :‬مطبعة الدولة التونسية‪ ،‬ص‪.155-153‬‬
‫‪Coles (Paul) (1968), The Ottoman Impact on Europe, New York: Harcourt, Brace & World, p. 93.‬‬
‫(‪ -)87‬بربروس‪ ،‬مذكرات خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪189-181‬؛ حاجي خليفة‪ ،‬تحفة الكبار في أسفار البحار‪ ،‬ص‪.117-110‬‬
‫(‪ -)88‬هايدو‪ ،‬تاريخ ملوك الجزائر‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫(‪ -)89‬بربروس‪ ،‬مذكرات خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪.195-193‬‬

‫‪69‬‬
‫)‪Journal of Human and Social Sciences (JHSS) • Vol 7, Issue 8 (2023‬‬
‫ً‬ ‫‪ .2‬لقد بلغ (شارل الخامس) ّ‬
‫قمة االستخفاف في عرضه على (خير الدين)‪ ،‬بأن يكون ملكا على األراض ي املمتدة من مصر حتى‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫العثمانية‪ ،‬بينما املغرب األقص ى تخضع لحكم بني مرين‪.‬‬ ‫املغرب األقص ى (مراكش)‪ ،‬وهو يعلم أن مصر تابعة للسلطنة‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫‪ .3‬ولكي يكسب (شارل الخامس) ثقة (خير الدين)‪ُ ،‬ويظهر له ُحسن نواياه لم يطلب منه أن يكون حليفا له‪ ،‬حتى ال يقلل من قدره‪،‬‬
‫وأال يظهره بمظهر الخائن ّ‬ ‫َّ‬
‫لسيده السلطان العثماني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العثمانية‪ ،‬وذلك إلضعاف نفوذها في البحر‬ ‫‪ .4‬إن الغرض الرئيس من هذا الكتاب‪ ،‬يتمثل بقطع (خير الدين) صلته بالسلطنة‬
‫تماما في هذه البقاع‪.‬‬ ‫تمهيدا الستئصال شأفتها ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫املتوسط وفي الجزائر‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ .5‬لقد كان رد (خير الدين) على ما ورد في هذا الكتاب‪ُّ ،‬‬
‫وأخيرا عن والئه التام للسلطان العثماني‪ ،‬فضال على أنه لم يكن‬ ‫ينم أوال‬
‫وتنم على عجز امللك بعدما‬ ‫مجرد فقاعات ال قيمة لها‪ُّ ،‬‬ ‫ُغ ًّرا لقبول ما ورد في الكتاب من ترهات‪ ،‬وهو يعلم علم اليقين أنها ّ‬
‫لكثير من الهزائم املتتالية‪.‬‬ ‫تعرض‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫استمر (حسن آغا الطوش ي) في املنصب الذي‬ ‫َّ‬ ‫وفي الوقت الذي انشغل فيه (خير الدين) بحكم منصبه الجديد (قبطان باشا)‪،‬‬
‫بالء حسنا‪ ،‬وذاع صيته‬ ‫ً‬ ‫األوروبية‪ ،‬فأبلى في سبيل ذلك ً‬ ‫ّ‬ ‫التصدي لهجمات القرصنة‬ ‫ّ‬ ‫نائبا له في الجزائر‪ ،‬فعمل على‬ ‫عينه فيه (خير الدين) ً‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫األوروبية تستنجد بامللك (شارل الخامس)‪ ،‬ومنهم البابا (بول الثالث ‪Paul‬‬ ‫في الجزائر التي أكسبها بموقفه مهابة وجالال‪ ،‬ما جعل الدول‬
‫ّ‬
‫جهدا في توطيد األمن‪ ،‬ومحاولة جمع أطراف البالد حول السلطة املركزية في الجزائر‪ ،‬فأخضع مدينة مستغانم‬ ‫‪ .)III‬ولم يألوا (حسن آغا) ً‬
‫عسكرية (‪.)90‬‬ ‫ّ‬ ‫حصنا وضع بها حامية‬ ‫ً‬ ‫وشيد فيها‬ ‫تقدم نحو الجنوب الشرقي فاستولى على بكرة عاصمة الزاب وملحقاتها‪ّ ،‬‬ ‫ثم ّ‬ ‫لدولته‪َّ ،‬‬
‫ّ‬
‫وفي عام (‪945‬ه ‪1539 /‬م)‪ ،‬استولى (حسن آغا) على جبل طارق‪ ،‬وتوغل في جهات الساحل اإلسباني الجنوبي‪ ،‬ونال فيها الكثير‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫من الغنائم واألسالب (‪ .)91‬لقد كان الهجوم العثماني هذه ّ‬
‫اإلسبانية نفسها صدمة اعترت (شارل الخامس)‪،‬‬ ‫املرة وألنه وقع داخل األراض ي‬
‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫األوروبية‪ ،‬إثر عقد هدنة بين إسبانيا‬ ‫عسكري ٍة إلى مدينة الجزائر‪ ،‬مستغال حالة الهدوء النسبي التي سادت القارة‬ ‫حملة‬
‫ٍ‬ ‫فعزم على إرسال‬
‫ّ‬
‫وفرنسا ملدة عشر سنوات في العام السابق‪ .‬وتولى بنفسه اإلشراف على إعداد الحملة‪ ،‬وشاركه فيها (فرناندو كورتيز ‪)Fernand Cortez‬‬
‫فاتح املكسيك‪ ،‬وولديه الدون (مارتن ‪ ،)Martin‬والدون (لويس ‪.)92( )Luis‬‬
‫ست وثالثون‬ ‫وصلت الحملة إلى قبالة مدينة الجزائر في عام (‪948‬ه ‪1541 /‬م)‪ ،‬ونزلت على ساحل املدينة‪ ،‬وكانت تضم نحو ّ‬
‫ٍ‬
‫أيضا نبالء إسبانيا وأملانيا‬ ‫وتطوع في الحملة ً‬ ‫ّ‬ ‫حربية‪ ،‬وأربعمائة وإحدى وخمسون سفينة نقل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وخمس وستون سفينة‬ ‫ألف مقاتل‪،‬‬
‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وإيطاليا وفرسان القديس يوحنا وأخو البابا‪ ،‬لكنها فشلت بسبب العواصف الهوجاء التي هبت على الساحل‪ ،‬فاقتلعت الخيام‪ ،‬ودمرت‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫وغريق وأسير‬
‫ٍ‬ ‫الكثير من سفن األسطول اإلسباني‪ ،‬إذ شملت الخسائر مائتا سفينة‪ ،‬ومائتا مدفع‪ ،‬واثني عشر ألفا من الجنود ما بين ٍ‬
‫قتيل‬
‫(‪.)93‬‬
‫ائريون بقيادة (حسن آغا)‬ ‫لكنه وصل بعد أن كان الجز ّ‬ ‫وكان (خير الدين) قد وصل إلى مدينة الجزائر لإلسهام في الدفاع عنها‪ّ ،‬‬
‫ثم انطلق‬ ‫بتفقد أحوال نيابة الجزائر‪ ،‬واالطالع على سير األمور فيها‪َّ ،‬‬ ‫املهمة على أكمل وجه‪ ،‬فاكتفى ّ‬ ‫ابنه الروحي‪ ،‬وخلفه الوفي قد أنهوا ّ‬
‫خدمات في‬ ‫قدمه (حسن آغا) من‬ ‫تدل على مكافأة السلطان (سليمان القانوني)‪ ،‬ملا ّ‬ ‫خطوة ُّ‬ ‫ّ‬
‫اإلسبانية ملهاجمتها‪ .‬وفي‬ ‫صوب املمتلكات‬
‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫ّ (‪)94‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫التصدي للخطر اإلسباني أمام سواحل مدينة الجزائر‪ ،‬أصدر فرمانا بترقيته إلى رتبة الباشوية ‪.‬‬
‫غير أن االنتصار العثماني في معركة بروزة لم يكن السبب الوحيد الذي دعا اإلسبان ملهاجمة مدينة الجزائر‪ ،‬إذ يبدو أن ثمة‬
‫فقرروا قطع الطريق على ُرسلهم إلى اآلستانة لطلب‬ ‫ّ‬
‫بالعثمانيين‪ّ ،‬‬ ‫تخوف اإلسبان من اتصال مسلمي األندلس‬ ‫أهمي ًة‪ ،‬وهو ُّ‬‫يقل ّ‬
‫سببا آخر ال َّ‬ ‫ً‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫بحرية ضد بالدهم (‪.)95‬‬ ‫العثمانيين حملة‬ ‫النجدة‪ ،‬حيث خش ي اإلسبان من احتمال إرسال‬
‫التاريخية لم تذكر أي صلة قرابة‪ ،‬أو نسب بينه وبين (خير الدين)‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وفيما يخص ما ورد بشأن نسب (حسن آغا)؛ فإن املصادر‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واكتفت بالقول‪ :‬إنه كان بمنزلة االبن الروحي له‪ .‬ولكن حسب ما أورده (خير الدين) في مذكراته فقد أكد أنه كان ابنا حقيقيا له‪ ،‬وذلك‬
‫ً‬ ‫َّ‬
‫يستعد لالستيالء على شمال أفريقيا التي كان ولدي (حسن باي) يشرف عليها نيابة عني ‪ ،"...‬وقوله‪" :‬بعد‬ ‫بقوله‪" :‬فشرع (شارل الخامس)‬

‫(‪ -)90‬رضوان‪ ،‬جهود العثمانيين إلنقاذ األندلس‪ ،‬ص‪325-324‬؛ املدني‪ ،‬حرب الثالثمائة سنة‪ ،‬ص‪.279‬‬
‫(‪ -)91‬املدني‪ ،‬حرب الثالثمائة سنة‪ ،‬ص‪280‬؛ بربروس‪ ،‬مذكرات خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪.193‬‬
‫(‪ -)92‬وولف‪ ،‬الجزائر وأوروبا‪ ،‬ص‪56‬؛ ‪Lynch, op. cit, Vol. 1, p. 96; Fey, op. cit, p. 78‬‬
‫(‪ -)93‬املدني‪ ،‬حرب الثالثمائة سنة‪ ،‬ص‪297-295‬؛ بربروس‪ ،‬مذكرات خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪ .206-197‬وملزيد من التفاصيل عن هذه‬
‫الحملة‪ ،‬انظر‪De Grammont, op. cit, p. 58, 62-65; Cat, op. cit, p. 247-252 :‬‬
‫(‪ -)94‬املدني‪ ،‬حرب الثالثمائة سنة‪ ،‬ص‪.313‬‬
‫‪(95)- Guin (L.) (1886), “Quelques notes sur les entreprises des espagnoles pédantes la première occupation d’Oran”, Revue‬‬
‫‪Africaine, No. 178, p 313.‬‬

‫‪70‬‬
‫… ‪The role of the Barbarossa brothers in extending the Ottoman‬‬ ‫‪Abu Nahel‬‬
‫ُ‬
‫شرعي له‪ ،‬وليس ا ًبنا‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫(‪)96‬‬
‫هذا االنتصار الكبير‪ ،‬أطلق على ولدي (حسن باي) لقب الغازي" ‪ .‬ويبدو هنا أن (خير الدين) يتحدث عن ٍ‬
‫ابن‬
‫روحيا يعمل تحت إمرته‪ .‬غير أن (إيلي دي بريموداي ‪ ،)Elie de Primadudie‬و(أحمد السليماني)‪ ،‬يذكران أن (حسن آغا) هذا كان قد وقع‬ ‫ًّ‬
‫صغيرا في سواحل جزيرة سردينيا‪ ،‬حيث ّرباه وجعله يعتنق اإلسالم (‪ .)97‬ونرى أن (حسن آغا) ليس‬ ‫ً‬ ‫أسيرا في يد (خير الدين)‪ ،‬وهو ال يزال‬ ‫ً‬
‫عده بمنزلة ابنه الشرعي لثقته الكبيرة به‪.‬‬ ‫شرعيا باإلمكان نسبته إلى (خير الدين)‪ ،‬لكن األخير ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ا ًبنا‬
‫مدوية على (شارل الخامس)‪ ،‬أعقبها تأييد (خير الدين) فكرة‬ ‫لقد كانت نتائج هزيمة األسطول اإلسباني أمام سواحل الجزائر ّ‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫الفرنسيين َّ‬
‫ّ‬
‫والفرنسيين مستغال العداء بينهما؛‬ ‫العثمانيين‬ ‫التقرب بين‬ ‫ضد أعدائه‪ ،‬وساعد على‬ ‫التحالف العثماني الفرنس ي‪ ،‬فتعاهد مع‬
‫مائة وعشرة سفينة‪ ،‬على استخالص مدينة "نيس ‪ "Nice‬الفرنسيةّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفرنسيين عام (‪950‬ه ‪1543 /‬م)‪ ،‬بأسطو ٍل مكون من ٍ‬ ‫بل إنه ساعد‬
‫(‪)98‬‬
‫من أيدي اإلسبان‪ ،‬بناء على طلب ملك فرنسا (فرنسوا األول ‪ . )François I‬وأنهى (خير الدين) دوره الجهادي في الحوض الغربي للبحر‬ ‫ً‬
‫وتم دفنه بالقرب من ميناء بشكطاش باآلستانة (‪.)99‬‬ ‫املتوسط والجزائر‪ ،‬بوفاته في عام (‪953‬ه ‪1546 /‬م)‪َّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫عدة‪ّ ،‬ميزت حكمه عن حكم أخيه (عروج)‪ ،‬ومن جاء بعده من الوالة‬ ‫مهمة ّ‬‫مدة حكم (خير الدين) للجزائر بخصائص ّ‬ ‫وتميزت ّ‬‫ّ‬
‫ٍ‬
‫ّ‬
‫العثمانيين‪ ،‬منها (‪:)100‬‬
‫ً‬
‫خصوصا في‬ ‫ّ‬
‫العثمانية‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الخارجية للجزائر بالسياسة‬ ‫العثمانية‪ ،‬وما تال ذلك من ارتباط السياسة‬ ‫ّ‬ ‫‪ .1‬إلحاق الجزائر ًّ‬
‫رسميا بالسلطنة‬
‫املحبة له‪ ،‬ومهما‬ ‫املحلية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والشعبية‬ ‫صراعها مع أوروبا‪ .‬فقد أدرك (خير الدين)‪ ،‬أنه مهما كان الدعم الذي يلقاه من القوى الدين ّية‬
‫ملدة طويلة‪.‬‬ ‫ٍ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لدولة قوية مثل إسبانيا ٍ‬ ‫يتصدى بمفرده‬ ‫العسكرية؛ فإنه ال يستطيع أن‬ ‫كانت إمكاناته‬
‫َّ‬
‫‪ .2‬تحرير كافة املناطق التي كانت خاضعة لإلسبان‪ ،‬حتى إنه لم يتبق في أيديهم سوى وهران‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البر إلى البحر‪،‬‬ ‫‪ .3‬بروز الدور الفعال لألسطول العثماني الذي تولى (خير الدين) قيادته‪ ،‬حيث تمكن من نقل املعركة مع أوروبا من ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتوسط‪.‬‬ ‫ونشر الرعب في سائر الدول املطلة على البحر‬
‫دولة ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متميزة عن جارتيها (تونس ومراكش)‪ .‬لذلك؛‬ ‫السياسية للجزائر‪ ،‬حيث صنع (خير الدين) منها‬ ‫باألهمية‬ ‫‪ .4‬بروز ما يمكن تسميته‬
‫ّ‬
‫املؤسس الحقيقي للدولة الجزائرية الحديثة‪.‬‬ ‫فإنه ُع َّد ّ‬
‫إداريا‪ ،‬وتوطيد نفوذها‪ ،‬فجعل للجزائر مجلسين‬ ‫مدة حكمه لنيابة الجزائر قد عكف على تنظيمها ًّ‬ ‫وكان (خير الدين) خالل ّ‬
‫استشاريين إلى جانب البيكلر بك‪ ،‬وهما مجلس الشورى والديوان‪ ،‬وكان البيكلر بك يمارس نفوذه على باشوات تونس وطرابلس (‪.)101‬‬ ‫ّ‬

‫نتائج الدراسة‬
‫ُّ‬
‫بعد االنتهاء من هذه الدراسة‪ ،‬باإلمكان التوقف عند بعض النتائج ومنها‪:‬‬
‫ّ‬ ‫عشية وبعد سقوط غرناطة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والبرتغاليين الحتالل‬ ‫شهية اإلسبان‬ ‫فتحت حالة الضعف والتفكك التي تفشت في بالد املغرب‬ ‫‪.1‬‬
‫جهة أخرى‪.‬‬
‫مهمة اإلسبان في القضاء على غرناطة من ٍ‬ ‫سرعت من ّ‬ ‫بعض املدن الساحل ّية في تلك البالد من جهة‪ ،‬كما ّ‬
‫ّ‬
‫العثمانية حتى تاريخ‬ ‫رسمي باسم السلطنة‬‫ّ‬ ‫منصب‬ ‫عين ( ً‬
‫عروجا) في‬ ‫يدل على أن السلطان (سليم األول)‪ ،‬قد ّ‬ ‫ال يوجد ما ُّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ّ‬ ‫نظرا لقصر ّ‬
‫الزمنية التي أمضاها في جهاده في املغرب األوسط‪.‬‬ ‫املدة‬ ‫استشهاده‪ِّ ً ،‬‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫تمكن من فرض ً‬ ‫ّ‬ ‫املحلية واإلسبان في املغرب األوسط‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫مدة نضال (عروج) َّ‬ ‫مع قصر ّ‬
‫وعسكريا‬ ‫سياسيا‬ ‫واقعا‬ ‫لكنه‬ ‫ضد القوى‬ ‫ِّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫جديدا‪ ،‬مهد به الطريق ألخيه (خير الدين) في استكمال املسار الجهادي الذي ابتدئه من قبل‪ ،‬ولينهي عهدا مشرفا من الجهاد‬
‫ًّ‬ ‫عهد جديد ال َّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬
‫أهمية عن عهده‪.‬‬ ‫يقل‬ ‫والنضال ضد االستعمار اإلسباني‪ ،‬ومبش ًرا بتدشين ٍ‬
‫نصرا ّ‬
‫مؤز ًرا‪ّ ،‬‬ ‫عد تحرير (خير الدين) لحصن البينون قبالة سواحل مدينة الجزائر ً‬ ‫ُي ُ‬
‫رسخ بمقتضاه وجوده في مدينة الجزائر‪ ،‬كما‬ ‫‪.4‬‬
‫عد بمنزلة الفتح العثماني الرسمي للجزائر‪.‬‬ ‫ُي ُّ‬

‫(‪ -)96‬بربروس‪ ،‬مذكرات خير الدين بربروس‪ ،‬ص‪.208 ،193‬‬


‫(‪ -)97‬السليماني‪ ،‬تاريخ مدينة الجزائر‪ ،‬ص‪18‬؛‬
‫‪De Primadudie (Elie) (1875), "Documents inédits sur l’Histoire de l’Occupation espagnole en Afrique (1506-1574)", Revue‬‬
‫‪Africaine, No. 19, p. 267.‬‬
‫(‪ -)98‬حاجي خليفة‪ ،‬تحفة الكبار في أسفار البحار‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫(‪ -)99‬الجزائري‪ ،‬محمد بن األمير عبد القادر (‪ ،)1903‬تحفة الزائر في مآثر عبد القادر‪ ،‬ج‪ ،1‬اإلسكندرية‪ :‬املطبعة التجارية‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫(‪ -)100‬دراج‪ ،‬الدخول العثماني إلى الجزائر‪ ،‬ص‪.329-324‬‬
‫(‪ -)101‬جوليان‪ ،‬تاريخ أفريقيا الشمالية‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.340‬‬

‫‪71‬‬
‫)‪Journal of Human and Social Sciences (JHSS) • Vol 7, Issue 8 (2023‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫أبلى (خير الدين) في جهاده باملغرب األوسط ً‬
‫املحلية فيها من ناحية‪ ،‬وتحرير‬ ‫حسنا‪ ،‬حيث تمكن من بتر شأفة الزعامات‬ ‫بالء‬ ‫‪.5‬‬
‫ناحية أخرى‪.‬‬ ‫غالبية مدنها من اإلسبان الذين لم َّ‬
‫يتبق في أيديهم منها سوى مدينة وهران من‬
‫ٍ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫تمكن (خير الدين) من أسرهم في جزائر البليار‪ ،‬الذي ق ّدر بنحو ّ‬ ‫ّ‬
‫مبالغ فيه‪ ،‬إذ ال ُيعقل‬ ‫ست آالف‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫إن عدد األسرى الكبير الذين‬ ‫‪.6‬‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫أن يكون بوسع سفنه حمل هذا العدد الكبير من األسرى‪ .‬ويبدو أن املؤرخين قد ذكروا هذا الرقم‪ ،‬من باب تضخيم حجم‬
‫حققه‪.‬‬‫االنتصار الذي ّ‬
‫أثر في نفوس‬ ‫ّ‬ ‫‪.7‬‬
‫يبدو أن األسباب التي دعت (هايدو) لتجاهل تفاصيل معركة بروزة على أهميتها‪ِّ ،‬ما تركته هذه الهزيمة من ٍ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫لألوروبيين‪.‬‬ ‫الجماعية‬ ‫خاصة؛ فكأنه أراد أن يمحو أثر هذه املعركة من الذاكرة‬ ‫األوروبيين عامة‪ ،‬واإلسبان‬
‫كان الغرض الرئيس من الكتاب الذي أرسله (شارل الخامس) إلى (خير الدين) بعد معركة بروزة‪ ،‬دفعه لقطع صلته بالسلطنة‬ ‫‪.8‬‬
‫تماما في هذه البقاع‪.‬‬ ‫تمهيدا الستئصال شأفتها ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫املتوسط وفي الجزائر‪،‬‬ ‫ّ‬
‫العثمانية‪ ،‬وذلك إلضعاف نفوذها في البحر‬
‫تمتعا بسلطة التفويض املباشر من السلطان العثماني في حكم املغرب األوسط‪ .‬وبذلك؛ فإن الوالية‬ ‫بربروسا قد ّ‬
‫ّ‬ ‫إن األخوين‬ ‫‪.9‬‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫العسكرية الجديدة التي أقيمت في الجزائر‪ ،‬كانت بمنزلة سلطة ٍ ّ‬‫ّ‬
‫ذاتي‪ ،‬ذات ارتباط وثيق بالحكومة املركزية في اآلستانة‪.‬‬ ‫حكم ٍ‬

‫مراجع الدراسة‬
‫ّ‬ ‫ا‬
‫األولية‬ ‫أوًل‪ :‬املراجع‬
‫‪ -‬بربروس‪ ،‬خير الدين (‪ ،)2010‬مذكرات خير الدين بربروس‪ ،‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬محمد دراج‪ ،‬ط‪ ،1‬الجزائر‪ :‬شركة األصالة للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -‬الجياللي‪ ،‬عبد الرحمن بن محمد (‪ ،)1965‬تاريخ الجزائر العام‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،2‬الجزائر‪ :‬مكتبة الشركة الجزائرية‪ ،‬بيروت‪ :‬منشورات دار‬
‫مكتبة الحياة‪.‬‬
‫‪ -‬حاجي خلیفة املشهور باسم كاتب جلبي (‪ ،)2017‬تحفة الكبار في أسفار البحار‪ ،‬تحقيق وترجمة‪ :‬د‪ .‬محمد حرب‪ ،‬د‪ .‬تسنيم حرب‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫دار البشير للتفافة والعلوم‪.‬‬
‫‪ -‬ابن أبي دينار‪ ،‬محمد بن أبي القاسم القيرواني (‪1286‬ه)‪ ،‬املؤنس في أخبار إفريقية وتونس‪ ،‬ط‪ ،1‬تونس‪ :‬مطبعة الدولة التونسية‪.‬‬
‫‪ -‬الزياني‪ ،‬محمد بن يوسف (‪ ،)2013‬دليل الحيران وأنيس السهران في أخبار مدينة وهران‪ ،‬تحقيق وتقديم‪ :‬الشيخ املهدي البوعبدلي‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬الجزائر‪ :‬عالم املعرفة للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -‬سرهنك‪ ،‬إسماعيل (‪1312‬ه)‪ ،‬حقائق األخبار عن دول البحار‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬املطبعة األميرية‪.‬‬
‫‪ -‬ابن سحنون الراشدي‪ ،‬أحمد بن محمد بن علي (‪ ،)2013‬الثغر الجماني في ابتسام الثغر الوهراني‪ ،‬تحقيق وتقديم‪ :‬الشيخ املهدي‬
‫البوعبدلي‪ ،‬ط‪ ،1‬الجزائر‪ :‬عالم املعرفة للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ -‬شعيب‪ ،‬بن علي محمد املهدي (‪ ،)1980‬أم الحواضر في املاض ي والحاضر‪ :‬تاريخ مدينة قسنطينة‪ ،‬الجزائر‪ :‬مطبعة البعث‪.‬‬
‫‪ -‬مجهول املؤلف (‪ ،)2009‬سيرة املجاهد خير الدين بربروس في الجزائر‪ ،‬تحقيق وتقديم وتعليق‪ :‬د‪ .‬عبد هللا حمادي‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار القصبة‬
‫للنشر‪.‬‬
‫‪ -‬مجهول املؤلف (‪ ،)1934‬غزوات عروج وخير الدین‪ ،‬تصحيح وتعليق‪ :‬نور الدین عبد القادر‪ ،‬الجزائر‪ :‬املطبعة الثعالبیة‪.‬‬
‫‪ -‬املزاري‪ ،‬عودة (‪ ،)1990‬طلع سعد السعود في أخبار وهران والجزائر وإسبانيا وفرنسا إلى أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬تحقيق ودراسة‪ :‬د‪.‬‬
‫يحيى بوعزيز‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ -‬ابن املفتي‪ ،‬حسين بن رجب شاويش (‪ ،)2009‬تقييدات ابن املفتي في تاريخ باشوات الجزائر وعلمائها‪ ،‬جمعها واعتنى بها‪ :‬فارس كعوان‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬الجزائر‪ :‬بيت الحكمة‪.‬‬
‫‪ -‬الوزان الفاس ي‪ ،‬الحسن بن محمد (‪ ،)1983‬وصف أفريقيا‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد حجي؛ محمد األخضر‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،2‬بيروت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪.‬‬

‫ا‬
‫ثانيا‪ :‬املراجع العربية واملترجمة‬
‫‪ -‬آلتر‪ ،‬عزيز سامح (‪ ،)1989‬األتراك العثمانيون في أفریقیا الشمالية‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمود علي عامر‪ ،‬بيروت‪ :‬دار النهضة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬ايفانوف‪ ،‬نيقوالي (‪ ،)1988‬الفتح العثماني لألقطار العربية ‪ ،1574-1516‬ترجمة‪ :‬ياسر عطا هللا‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ :‬دار الفارابي‪.‬‬
‫َّبراتشينا‪ ،‬دون باسكوال بورونات إي (‪ ،)2012‬املوريسكيون اإلسبان ووقائع طردهم‪ ،‬الكتاب األول من الجزء األول‪ ،‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬كنزة‬ ‫‪-‬‬
‫الغالي‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ :‬مطابع دار الكتب العلمية‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫… ‪The role of the Barbarossa brothers in extending the Ottoman‬‬ ‫‪Abu Nahel‬‬

‫بلقاض ي‪ ،‬بدر الدين؛ بن حموش‪ ،‬مصطفى (‪ ،)2007‬تاريخ وعمران قصبة الجزائر من خالل مخطوط ألبير دیفولكس‪ ،‬الجزائر‪ :‬املؤسسة‬ ‫‪-‬‬
‫الوطنية للفنون املطبعية‪.‬‬
‫الجزائري‪ ،‬محمد بن األمير عبد القادر (‪ ،)1903‬تحفة الزائر في مآثر عبد القادر‪ ،‬ج‪ ،1‬اإلسكندرية‪ :‬املطبعة التجارية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الجمل‪ ،‬شوقي عطا هللا (‪ ،)1977‬املغرب العربي الكبير في العصر الحديث‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬مكتبة األنجلو املصرية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫جوليان‪ ،‬شارل أندري (‪ ،)1983‬تاريخ أفريقيا الشمالية‪ :‬تونس‪ ،‬الجزائر‪ ،‬املغرب األقص ى من الفتح اإلسالمي إلى سنة ‪1830‬م‪ ،‬تعريب‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫محمد مزالي‪ ،‬والبشير بن سالمة‪ ،‬ج‪ ،2‬ط‪ ،2‬تونس‪ :‬الدار التونسية للنشر‪.‬‬
‫دراج‪ ،‬محمد (‪ ،)2012‬الدخول العثماني إلى الجزائر ودور اإلخوة بربروس ‪ ،1543-1512‬ط‪ ،1‬الجزائر‪ :‬شركة األصالة للنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫رضوان‪ ،‬نبيل عبد الحي (‪ ،)1988‬جهود العثمانيين إلنقاذ األندلس واسترداده في مطلع العصر الحديث‪ ،‬ط‪ ،1‬الرياض‪ :‬مكتبة الطالب‬ ‫‪-‬‬
‫الجامعي‪.‬‬
‫روجر‪ ،‬ب‪ .‬ج‪ ،)1981( .‬تاريخ العالقات اإلنكليزية املغربية حتى عام ‪ ،1900‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬لبيب يونان رزق‪ ،‬ط‪ ،1‬الدار البيضاء‪ :‬دار الثقافة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫بوزياني‪ ،‬الدراجي (‪ ،)1993‬نظام الحكم في دولة بني عبد الواد الزيانية‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان املطبوعات الجامعية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫سبنسر‪ ،‬وليم (‪ ،)2006‬الجزائر في عهد رياس البحر‪ ،‬تعريب وتعليق‪ :‬د‪ .‬عبد القادر زبادية‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار القصبة للنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫سعد هللا‪ ،‬أبو القاسم (‪ ،)1998‬تاريخ الجزائر الثقافي الجزء األول ‪ ،1830-1500‬ط‪ ،1‬بيروت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫السليماني‪ ،‬أحمد (‪ ،)1989‬تاريخ مدينة الجزائر‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان املطبوعات الجامعية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫شلبي‪ ،‬أحمد (‪ ،)1995‬موسوعة التاريخ اإلسالمي‪ ،‬ج‪ ،4‬ط‪ ،10‬القاهرة‪ :‬مكتبة النهضة املصرية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫شوفالییه‪ ،‬كورین (‪ ،)2007‬الثالثون سنة األولى لقيام دولة مدینة الجزائر ‪ ،1541-1510‬ترجمة‪ :‬جمال حمادنة‪ ،‬الجزائر‪ :‬ديوان‬ ‫‪-‬‬
‫املطبوعات الجامعية‪.‬‬
‫عباد‪ ،‬صالح (‪ ،)2012‬الجزائر خالل الحكم التركي ‪ ،1830-1514‬الجزائر‪ :‬دار هومة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عبد القادر‪ ،‬نور الدين (‪ ،)1965‬صفحات من تاريخ مدينة الجزائر من أقدم عصورها إلى انتهاء العهد العثماني‪ ،‬قسنطينة‪ :‬كلية‬ ‫‪-‬‬
‫اآلداب للنشر والتوزيع‪ ،‬مطبعة البعث‪.‬‬
‫العسلي‪ ،‬بسام (‪ ،)1980‬خير الدين بربروس والجهاد في البحر ‪1547-1470‬م‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ :‬دار النفائس‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫العقاد‪ ،‬صالح (‪ ،)1993‬املغرب العربي في التاريخ الحديث واملعاصر‪ ،‬ط‪ ،6‬القاهرة‪ :‬مكتبة األنجلو املصرية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫فارس‪ ،‬محمد خير (‪ ،)1969‬تاريخ الجزائر الحديث من الفتح اإلسالمي إلى اًلحتالل الفرنس ي‪ ،‬ط‪ ،1‬دمشق‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫فكاير‪ ،‬عبد القادر (‪ ،)2012‬الغزو اإلسباني للسواحل الجزائرية ‪1206-910‬ه ‪1792-1505/‬م‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار هومة‪ ،‬ص‪.19‬‬ ‫‪-‬‬
‫املدني‪ ،‬أحمد توفيق (ب‪.‬ت)‪ ،‬حرب الثالثمائة سنة بين الجزائر وإسبانيا ‪ ،1792-1492‬الجزائر‪ :‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫املطوي‪ ،‬محمد العروس ي (‪ ،)1986‬السلطنة الحفصية‪ :‬تاريخها السياس ي ودورها في املغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫امليلي‪ ،‬مبارك بن محمد (‪ ،)1984‬تاريخ الجزائر في القديم والحديث‪ ،‬ج‪ ،3‬الجزائر‪ :‬مكتبة النهضة الجزائرية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫هايدو‪ ،‬فراي دييغو (‪ ،)2013‬تاريخ ملوك الجزائر‪ ،‬ترجمة‪ :‬أبو لؤي عبد العزيز األعلى‪ ،‬ط‪ ،1‬الجزائر‪ :‬دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وولف‪ ،‬جون‪ ،‬ب‪ ،)2009( .‬الجزائر وأوروبا ‪ ،1830-1500‬ترجمة وتعليق‪ :‬أبو القاسم سعد اهللا‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار الرائد‪ ،‬وعالم املعرفة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يحياوي‪ ،‬جمال (‪ ،)2004‬سقوط غرناطة ومأساة األندلسيين ‪1610-1492‬م‪ ،‬الجزائر‪ :‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ا‬
‫ثالثا‪ :‬الرسائل العلمية غير املنشورة‬
‫‪ -‬بن خروف‪ ،‬عمار (‪ ،)1983‬العالقات بين الجزائر واملغرب ‪1069-923‬ه ‪1659-31517 /‬م‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬دمشق‪ :‬جامعة‬
‫دمشق‪.‬‬
‫‪ -‬شقدان‪ ،‬بسام كامل (‪ :)2002‬تلمسان في العهد الزياني ‪962-633‬ه ‪1555–1235 /‬م‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬نابلس‪ :‬جامعة‬
‫النجاح الوطنية‪.‬‬
‫‪ -‬فكایر‪ ،‬عبد القادر (‪ ،)2009-2008‬أثار اًلحتالل اإلسباني خالل العهد العثماني (‪12-10‬ه ‪18-16 /‬م)‪ ،‬رسالة دكتوراه غير منشورة‪،‬‬
‫الجزائر‪ :‬جامعة الجزائر ‪.2‬‬

‫ا‬
‫رابعا‪ :‬الدوريات واملؤتمرات العلمية‬
‫‪ -‬اباللي‪ ،‬أسماء (‪" ،)2017‬التحرشات اإلسبانية على سواحل الجزائر خالل القرن ‪10‬ه‪16 /‬م‪ :‬قراءة في الدوافع والنتائج"‪ ،‬الجزائر‪ :‬مجلة‬
‫روافد للبحوث والدراسات‪ ،‬جامعة غرداية‪ ،‬املجلد ‪ ،2‬العدد ‪.1‬‬

‫‪73‬‬
Journal of Human and Social Sciences (JHSS) • Vol 7, Issue 8 (2023)

‫ املجلة‬:‫ تونس‬،"1519 ‫ "أول رسالة من أهالي مدينة الجزائر إلى السلطان سليم األول سنة‬،)1976 ‫ عبد الجليل (يوليو‬،‫التميمي‬ -
.6 ‫ العدد‬،‫التاريخية املغربية‬
‫ مجلة‬:‫ الجزائر‬،"‫م) والدولة العثمانية‬1568 ‫هـ أواخر عام‬976( ‫ "ثورة مسلمي غرناطة عام‬،)1975 ‫ أكتوبر‬- ‫ ليلى (سبتمبر‬،‫الصباغ‬ -
.27 ‫األصالة العدد‬
‫ مجلة عصور‬،"‫ "الغارات اإلسبانية على مدينة تلمسان خالل النصف األول من القرن السادس عشر‬،)2011( ‫ عبد القادر‬،‫فكاير‬ -
.2 ‫ العدد‬،‫الجديدة‬

‫ا‬
‫ املراجع األجنبية‬:‫خامسا‬
- Belhamissi (Moulay) (1996), Marine et Marins D’Alger (1518-1830), Tome 1, Alger: Bibliothèque Nationale D’Algerie.
- Braudel (Fernand) (1928), “les Espagnols en Afrique du Nord de 1492 à 1577“, Revue africaine, No. 69.
- Cat (Edward) (1889), Petite Histoire de l’Algérie – Tunisie - Maroc, Edited by Adolphe Jourdan, Tome 1, Imprimeur-
Libraire-Editeur, Alger.
- Coles (Paul) (1968), The Ottoman Impact on Europe, New York: Harcourt, Brace & World.
- De Grammont (H. D.) (1887), Histoire d' Alger sous la domination turque (1515-1830), Paris: Ernest Leroux, Editeur,
- De Primadudie (Elie) (1875), “Documents inédits sur l’Histoire de l’Occupation espagnole en Afrique (1506-1574)”,
Revue Africaine, No. 19.
- Devoulx (Albert) (1876), “Alger, Etude archéologique et topographique sur cette ville”, Revue Africaine, No. 20.
- Elliott (J. H.) (2002), Imperial Spain 1469-1716, London: Penguin Group.
- Guin (L.) (1886), “Quelques notes sur les entreprises des espagnoles pédantes la première occupation d’Oran”, Revue
Africaine, No. 178.
- Fey (Henri- Léon) (1858), Histoire D’Oran avant, Pendant et Après La Domination Espagnole, Oran: Typographei
Adolphe Perrier Éditeur.
- Linden (H. Vander) (October 1916), “Alexander VI. And the demarcations of the Maritime and Colonial Domains of
Spain and Portugal, I493-I494”, The American Historical Review, Vol. XXII, No. 1.
- Lynch (John) (1981), Spain Under the Habsburgs, Empire، and absolutism, 1516-1598, Vol. 1, Oxford: Basil Blackwell.
- Vatin (Nicolas) (2012), “Arabes et Turcs au Maghreb dans les Années 1513-1520”, Osmanlı Araştırmaları (The Journal of
Ottoman Studies), X.

74

You might also like