You are on page 1of 24

‫للا‬ ‫اه‬‫ض‬ ‫ت‬‫ار‬ ‫ي‬ ِّ

‫الذ‬ ‫ين‬ ِّ
‫الد‬
ُ ُ َ َْ ُ
ُ‫اإلسالَ ُم ِّأم ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّة‬
ْ ‫أ َُه َو‬

*** ***

PART-13
"Müslümanlik" ‫موقف العرب من الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬
The Arabs' position on the Muslumanism (Müslümanlık) religion

‫أتليف‬
‫فريد صالح اهلامشي‬
Copyright©2018 by
Feriduddin AYDIN
feriduddin@gmail.com

.‫م‬2018-‫إسطنبول‬

‫دار العِرَب للطباعة والنشر‬

al_ibar.publishing@yahoo.com
‫سلُ َمانِّيَّ ِّة "‪"Müslümanlik‬‬
‫موقف العرب من الداينة ال ُْم ْ‬

‫حقائق ََجَّةً عن األتراك وعن بلدهم تركيا‪-‬‬


‫َ‬ ‫العرب ‪-‬الذين جيهلون‬
‫َ‬ ‫وري التأكيد على َّ‬
‫أن‬ ‫من الضر ِّ‬
‫جيهلون أو يتجاهلون معىن كلميت »‪ «Müslüman‬و»‪ ،«Müslümanlık‬حىت لو َّ‬
‫أن هاتني اللفظتني‬
‫آالف‬
‫ٌ‬ ‫يندهش األكادمييون وحىت‬
‫َ‬ ‫أمساعهم يف بعض اإلحيان‪ ...‬وأغرب من ذلك‪ ،‬أ ْن‬ ‫قد تقرع َ‬
‫ألو ِّل مرةٍ‪.‬‬
‫ف هلم َّ‬
‫ش ُ‬
‫املثقفني األتراك حيال هذا الواقع الذي يُك َ‬

‫إهنا حقيقة؛ َّ‬


‫أن هذين الشعبني متحامالن للغاية ضد بعضهما البعض قدميًا‪ .‬وهلذه املشكلة عديد من‬
‫ئيس للصراعات السياسيَّ ِّة ‪ -‬اليت جرت بني‬
‫السبب الر َ‬
‫َ‬ ‫الدواعي‪ .‬وليس ما يدعو إىل الشك؛ َّ‬
‫أن‬
‫متخض عنها من حاجز الربودة القائم بني الطرفني اليوم ‪ -‬إمنا‬ ‫مر القرون وما َّ‬ ‫العرب والُّتِّك على ِّ‬
‫كان وال يزال انشئًا أصالً من الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ .(Müslümanlık‬إن املؤرخني والباحثني الذين‬
‫سباب سياسيَّ ٍة وأيديولوجية‪ ،‬قد وقعوا يف خطأ فاحش ال‬ ‫أرجعوا هذه الكراهية املتبادلة إىل حمض أ ٍ‬
‫تاريخ‬ ‫ٍ‬
‫شاملة ب ِّ‬ ‫ٍ‬
‫معرفة‬ ‫اب والباحثني (العرب خاصةً) مل يكونوا متمكنني من‬ ‫ِّ‬
‫لعل هؤالء ال ُكتَّ َ‬ ‫حمالة‪َّ .‬‬
‫فاحنصرت‬
‫ْ‬ ‫واملذاهب‪ ،‬فلم تُسعفهم خربُتم يف اإلطالع على هذا الواقع‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫واألداين‬ ‫ِّ‬
‫والنحل‬ ‫ِّ‬
‫امللل‬
‫جانب واحد إذ مل تطمئن نفوسهم ابلتزام جانب احلياد‪ ،‬جتاه األتراك‪ ،‬فأسفر‬ ‫ٍ‬ ‫نظرُتم إىل القضية من‬
‫حول اإلسالم الصحيح الذي يشتمل‬ ‫معلومات جديرة ابلثقة َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬
‫الوصول إىل‬ ‫عجزهم عن‬ ‫ذلك عن ِّ‬
‫ِّ‬
‫اإلسالم‬ ‫ِّ‬
‫التمييز بني‬ ‫يتمكنوا من‬ ‫ِّ‬
‫اجلامعة؛ فلم َّ‬ ‫عليه القرآ ُن الكرميُ والسنةُ النبويةُ ضمن ُكلِّيَّتِّ ِّه َما‬
‫ِّ‬
‫الوقت‬ ‫الُّتكِّيَّ ِّة )‪ ،"(Müslümanlık‬كما مل يفطنوا يف‬ ‫ِّ ِّ‬
‫وحى إىل حممد عليه السالم و"الْ ُم ْسلُ َمانيَّة ْ‬ ‫ال ُْم َ‬
‫املشوهِّ الذي يدين به العرب منذ قرون إىل‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم َّ‬ ‫الُّتكِّيَّ ِّة وبني‬
‫فرق بني هذه الداينة ْ‬ ‫ذاتِِّّه إىل ال ِّ‬
‫املشوهَ الذي يعتنقه‬ ‫اإلسالم َّ‬‫َ‬ ‫اليوم‪ .‬واحلال هذه‪ ،‬ال بد من اإلفصاح أبوضح ما ميكن من البيان‪ :‬أن‬
‫الُّتكِّيَّةُ‬ ‫ِّ‬
‫أبقل منه بُع ًدا عن اإلسالم الصحيح‪ ،‬مما تبعد الْ ُم ْسلُ َمانيَّةُ ْ‬ ‫َّ‬ ‫العرب اليوم‪ ،‬ليس‬
‫ُ‬
‫الُّتكِّيَّةُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم ِِّّ‬
‫العرب املشوه وبني الْ ُم ْسلُ َمانيَّةُ ْ‬ ‫)‪ (Müslümanlık‬عنه‪ .‬غري أن مثةَ مشاهبةٌ بني‬
‫جماورةٍ لبالد‬‫ان أجزاء ِّ‬ ‫ختالة‪ ،‬وقد دبت بني س َّك ِّ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ذات ٍ‬
‫مسة‬ ‫لكن هذه املشاهبةَ ُ‬ ‫)‪َّ ،(Müslümanlık‬‬
‫ووصفهم‬ ‫ِّ‬ ‫أصناما‪،‬‬ ‫اديٍَّة‪ ،‬كاختاذهم "األضرحةَ"‬ ‫ممارسات إ ْحل ِّ‬
‫ٍ‬ ‫الُّت ِّك من املناطق العربية‪ ،‬من خالل بعض‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫اماتم"‪ ،‬وما أشبه‬ ‫واإلميان بـ"كر ِّ‬‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الزاندقة‪،‬‬ ‫القباب على قبور‬ ‫س ِّ‬
‫اك الصوفية بـ"أولياء للا"‪ ،‬وإنشائِّهم‬ ‫لنُ َّ‬
‫َ‬
‫ذلك من املعتقدات اليت اعتمدتا الغالبيةُ العظمى من األتراك‪ ،‬واليت يعود اتريُها إىل فُّتةِّ ما قبل‬
‫فئات متفرقةً يف املعتقد؛ فريق منهم يدين ابلشامانية وفريق يعتنق البوذيةَ‪،‬‬ ‫يومئذ ٍ‬‫اإلسالم إذ كانوا ٍ‬
‫ضا من الدايانت الرائجة بني األتراك يف تلك احلقبة‪ ...‬كل هذه‬
‫كما كانت الزرادشتيةُ واملانويةُ أي ً‬
‫ومصطلحات كثريةٌ كانت عالقةً بنفوس األتراك‬
‫ٌ‬ ‫ومفاهيم‬
‫ُ‬ ‫طقوس‬
‫ٌ‬ ‫الدايانت القدمية قد احندرت منها‬
‫متاما وعزهلا من قلوهببم حىت بعد تعرفِّهم على اإلسالم‪ ،‬لرسوخها‬
‫يتمكنوا من تطهريها ً‬ ‫ابلوراثة‪ ،‬فلم َّ‬
‫ِّ‬
‫اإلسالم‪ ،‬فانتقلت معهم إىل أانضول (آسيا الصغرى)‬ ‫أعماق ضمائرهم‪ ،‬فامتزجت مبا أخذوه من‬‫ِّ‬ ‫يف‬
‫بعد هجرتم من بالد ما ور ِّاء النهر إىل هذه املنطقة‪ ،‬ث تعد ْ‬
‫ت الساحةَ الُّتكيةَ وانتشرت يف شبه‬
‫ِّ‬
‫جزيرة البلقان‪ ،‬ويف املناطق اآلهلة ابلعرب واألكراد َمشال سوراي والعراق‪ ،‬كما هلا ٌ‬
‫آاثر واضحةٌ يف‬
‫مصر‪ ،‬وليبيا‪ ،‬وتونس‪ ،‬واجلزائر‪ ،‬واملغرب‪ ،‬انتشرت بطريق العدوى يف غضون حكمهم على‬ ‫كل من َ‬ ‫ٍ‬
‫هذه املناطق‪.‬‬

‫شخصية حتظى صفة "الويل" عند األتراك‪ ،‬حيتل ضمري الغالبية‬ ‫ٍ‬ ‫كل‬
‫من اجلدير ابلتنبيه على أن َّ‬
‫كإله (رغم عدم التعبري عن ألوهيتها بصراحة)‪ .‬واألولياءُ يف معتقد املنتسبني إىل الداينة‬ ‫العظمى منهم ٍ‬
‫اب ذَ َهبًا‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ْك ِّ‬‫الْمسلُمانِّيَّ ِّة )‪" :"(Müslümanlık‬يـتَص َّرفُو َن يف مل ِّ‬
‫الُّت َ‬
‫الغيب‪َ ،‬ويُـ َقلبُو َن َ‬
‫َ‬ ‫للا‪ ،‬ويعلمون‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُْ َ‬
‫أمرهم‪ ،‬ويُهلكون َم ْن‬ ‫فتمتثل َ‬
‫ُ‬ ‫الوحوش‬
‫َ‬ ‫س ِّخ ُرون‬ ‫ِّ‬
‫البصر‪ ،‬ويُ َ‬
‫مسافات ِّ‬
‫شاس َعةً يف ل َْم ِّح‬ ‫ٍ‬ ‫ويقطعون‬
‫يسخطون عليه بلعنتهم‪ "...‬إىل غري ذلك من موبقات اإلميان‪ ،‬كما قد أثبت هذه احلقيقةَ كثريٌ من‬
‫ط‬‫حظ له من اإلميان واإلسالم‪ ،‬ودونَهُ خر ُ‬ ‫أن َم ْن كان على هذا املعتقد‪ ،‬ال َّ‬ ‫الباحثني‪ .‬فال شك؛ َّ‬
‫ان )‪،(Muslim community‬‬ ‫أن أصحاب هذا املعتقد من اجملتمع الْمسلُم ِّ‬ ‫القتاد!‪ .‬واملثري للدهشة َّ‬
‫ُْ َ‬ ‫َ‬
‫واظبة على النوافل! أما األولياءُ عند‬ ‫أداء الصلوات يف أوقاتا وامل ِّ‬ ‫هم أشد من املسلمني حرصا على ِّ‬
‫ً‬
‫أقرب إىل‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُم ْعظَِّم العرب "هم ٌ‬
‫رجال صاحلون من أهل التعبد والتنسك‪ ،‬ال يشقى جليسهم‪ ،‬ودعا ُؤهم ُ‬
‫القبول عند للا‪ "...‬وقلة من العرب احملتكِّني ابألتراك والذين قد اقتبسوا من ثقافتِّهم يبالغون يف‬
‫اعتقادهم هذا ويزيدون على بقية العرب يف وصفهم للصوفية ابلقداسة مبا يتعارض مع أسس اإلميان‬
‫أن العرب ال يُِّقرون ابل ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ ،(Müslümanlık‬بل الطبقةُ‬
‫يف الدين احلنيف‪ .‬واألهم من ذلك َّ‬
‫اإلسالم هبذا اإلسم الغريب‪ .‬وقد ال يعلم أكثرهم‬
‫َ‬ ‫تعرف شيئًا حول تسمية األتراك‬
‫تكاد ُ‬
‫الشعبيَّةُ ال ُ‬
‫الصحيح الذي كان يدين به النيب حمم ٌد عليه‬
‫َ‬ ‫اإلسالم‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫أن الداينةَ اليت يعتنقوهنا ابلذات ليس هو‬
‫مشوهٌ خمتَـ َزٌل عن اإلسالم‪ ،‬لكنهم مع ذلك يسمونه اإلس َ‬
‫الم‬ ‫الصالة والسالم وأصحابُهُ‪ ،‬بل هو دي ٌن َّ‬
‫اإلسم يف القرآن الكرمي وقد نزل بلغتهم‪ ،‬فال يرون‬ ‫ٍ‬
‫موروثة من أسالفهم وألهنم جيدون هذا‬ ‫كعادةٍ‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫خبالف األتراك الذين عشرات املاليني منهم جيهلون‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم‬ ‫بُدًّا لتغيري هذا اإلسم‪ ،‬ويفهمون معىن‬
‫معىن هذه الكلمة‪ ،‬ويف أي سورة ويف أي آية تقع من القرآن الكرمي‪ ...‬ومن احلقائق اليت ال ريب‬
‫يعرب أب ًدا عن إنتمائه الديين إىل ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬
‫يتحدث اللغةَ الُّتكِّيَّةَ‪ ،‬ال ِّ‬ ‫ٍ‬
‫شخص عرب ال َّ‬ ‫فيها َّ‬
‫أن أي‬
‫اإلسالم وآدابِّ ِّه وأصولِّ ِّه‪ ،‬فال ُجييب على استيضاح َم ْن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أبحكام‬ ‫)‪ (Müslümanlık‬مهما كان جاهالً‬
‫يسأله عن دينه بقوله‪ ،«ben müslümanım» :‬أي "أان ُم ْسلُ َما ْن" على غرار األتراك‪ ،‬بل يعلن ذلك‬
‫بقوله "أان مسلم"‪َّ .‬أما العرب من مواطين الدولة الُّتكية ولالجئون الذين يقيمون يف هذا البلد منذ‬
‫كلميت‬
‫َْ‬ ‫فُّتة طويلة واملتمكنون من اللغة الُّتكية فإهنم حبكم اإلحتكاك والتفاعل‪َّ ،‬‬
‫يتلفظون‬
‫اإلستعمال‪،‬‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫العرب جيهلون هذا‬ ‫لكن عامةَ‬
‫»‪ «Müslüman‬و»‪ «Müslümanlık‬لدى املناسبة‪َّ .‬‬
‫البحوث والدر ِّ‬
‫اسات يف البالد‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫كاجلامعات‪ ،‬ومر ِّ‬
‫اكز‬ ‫أن ا ِّ‬
‫جلهات املسؤولةَ واملؤسسات العلمية؛‬ ‫كما َّ‬
‫كل ذلك؛ أنه مع هذا اخللط والفوضى اليت تتأرجح‬ ‫العربية تتجاهل هذه احلقيقة! وأغرب من ِّ‬
‫ضا ال يعلمون أدىن ٍ‬
‫شيء عن مغامرة الداينة‬ ‫والتجاهل‪َّ ،‬‬
‫فإن األتراك بعمومهم أي ً‬ ‫ِّ‬ ‫وتتذبذب بني اجلهل‬
‫ومسريتا التاريية‪ ،‬وال عن ِّحيَ ِّل أوالئك الزاندقة الذين اختلقوها يف‬
‫ِّ‬ ‫سلُ َمانِّيَّ ِّة )‪(Müslümanlık‬‬
‫ال ُْم ْ‬
‫شخص من‬ ‫ٍ‬ ‫مدينة خبارى‪ ،‬وحالو بينهم بني اإلسالم هبذه اخلطة الرهيبة يف وقت مبكر‪ ،‬بل أي‬
‫األتراك‪ ،‬ال ميتمالك نفسهُ عن إظهار ابلغ التعظيم هلم عند ما يسمع أسم ِّ‬
‫أحدهم‪ ،‬فيبادر يُـ َرِّد ُد‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫والدعاء هلم بقوله "قدسنا للا أبسرارهم العلية‪ ،‬وأفاض علينا من‬ ‫ِّ‬ ‫كلمات التقديس والتبجيل‬
‫بركاتم‪ ،‬وجعلنا حتت ظل شفاعتهم‪ "...‬أليست هذه األمور مثريةً لالندهاش واحلرية؟!‬

‫إنكار هذه‬ ‫لعل‬


‫العلماء والباحثني العرب هذه القضيةَ حىت اليوم؟ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬
‫يتناول أح ٌد من‬ ‫لكن ملاذا مل‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫عظيمة َحتْ ُجبُها إرادةٌ‬ ‫ذات ٍ‬
‫أمهية‬ ‫جدا وقضااي ِّ‬ ‫مهم ٍة ًّ‬ ‫وجود أسرا ٍر َّ‬‫املسألة اخلطريةِّ وجتاهلَها‪ ،‬يـنُم عن ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َ‬
‫ألحد منهم أ ْن يطَّلع على اخللفيَّ ِّة‬ ‫ٍ‬ ‫العام العرب‪ ،‬ال تسمح‬ ‫أي ِّ‬ ‫نفسها على الر ِّ‬ ‫فرضت َ‬ ‫ْ‬ ‫خفيَّةٌ قد‬
‫جيرْؤ أح ٌد على لَ ْم ِّس َها حىت‬‫أن هذه املسألةَ توحي أبنه مل ُ‬ ‫التارييَّ ِّة هلذه الداينة املنتشرة يف تركيا‪ .‬كما َّ‬
‫ِّ‬
‫واألكادميية‬ ‫ِّ‬
‫العلمية‬ ‫ِّ‬
‫واملؤسسات‬ ‫ِّ‬
‫املعرفة‬ ‫مت لِّ َعا َِّمل‬
‫املوقف الصا ِّ‬
‫ِّ‬ ‫اآلن! وإنه من املشكل جدًّا فَـ ْه ُم‬
‫ث والدر ِّ‬
‫اسات‬ ‫العرب عن هذه املسألة (أو جتاهلهم)‪ .‬وملاذا ميتنع العلماء ومراكز البحو ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫حيال ِّ‬
‫غفلة‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تد ُد العلماءَ والباحثني ومتنعهم من‬ ‫للمناقشة واملعاجلة‪ ،‬أم هناك ق َّوةٌ خفيةٌ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫القضية‬ ‫طرح هذه‬ ‫عن ِّ‬
‫ومقنعةٌ عن هذه األسئلة‪ ،‬لكنه من الضروري هنا‬ ‫إجاابت سديدةٌ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫بد أ ْن تكو َن هناك‬ ‫املساس هبا؟ ال َّ‬
‫سبب صمتِّهم إزاءَ هذه املسألة‬ ‫اإلشارة إىل أن أغلبيةً من األكادمييني والباحثني العرب‪ ،‬قد يكون ُ‬
‫كامل أسر ِّار الداينة‬ ‫ألن إفشاءَ ِّ‬ ‫يتحسب له املستشرقون‪َّ .‬‬ ‫َّ‬ ‫يتحسبون ملا‬ ‫َّ‬ ‫َّأهنم متواطؤن فيما بينهم‪،‬‬
‫ِّ‬
‫النقاش‬ ‫دواي وزوبعةً من‬‫الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة (ولو يف ضوء واثئق وأدلة ال ميكن ضحضها) سوف يثريُ ًّ‬
‫يتجرأُ على الدخول فيها‬ ‫واجلدال والصخب واجللبة واللغط والفوضى‪ ،‬فيغرق يف جلاجها كل من َّ‬ ‫ِّ‬
‫ص كل املعارك السياسية والكالمية يف النهاية إىل احلكم على‬ ‫ٍ‬
‫أبدىن كلمة‪ ،‬مع اخلوف الشديد أ ْن َختْلُ َ‬
‫ات واألابطيل واخلرافات وطقوس‬ ‫الزنْ َدقِّيَّ ِّ‬
‫كاما من َّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ال ُْم ْسلُ َمانيَّة أبهنا داينةٌ جاهليةٌ حتمل بني طياتا ر ً‬
‫الناس إليها فيتحولوا منها إىل التوحيد‬ ‫جموس اهلند‪ ،‬ومصطلحات رهبان الشامان؛ فيتنبهَ ماليني ِّ‬
‫جو من السالم واهلدوء والطمأنينة دون أ ْن تُطلَ َق‬ ‫أفواجا يف ٍ‬
‫ً‬ ‫اخلالص وهم يدخلون يف دين للا‬
‫أسواق الصوفية‪ ،‬والتنظيمات اإلرهابية‪ ،‬ورجال الدين‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫رصاصةٌ واحدةٌ‪ .‬فسيؤدي ذلك إىل كساد‬
‫ِّ‬
‫والداعشية‪،‬‬ ‫والوهابية‪ ،‬والفتوشيَّ ِّة‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫افضة‪ ،‬والعلويَِّّة‪،‬‬
‫يعود بع َد ذلك للنقشبنديَِّّة‪ ،‬والر ِّ‬
‫حبيث لن َ‬
‫إن كل هواجس‬‫فلول من األوابش وحثالة البشر‪َّ .‬‬ ‫والطالبانية‪ ،‬واإلخوانيَّ ِّة‪ٍ ،‬‬
‫يومئذ ثَِّق ٌل ُحيتَـ َف ُل به إالَّ ٌ‬ ‫ِّ‬
‫"العلماء" و"الباحثني" العرب على وجه اخلصوص حيال مسألة‬ ‫ِّ‬ ‫اخلوف الذي ينبض يف قلوب‬ ‫ِّ‬
‫ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ ،(Müslümanlık‬إمنا يرجع إىل هذا اإلفالس املتوقَّع! ألهنم عالةٌ على هذه الفرق‬
‫موضوعا يناقشونه يف مؤمتراتم و"ندواتم‬
‫ً‬ ‫ادهم ورزقهم‪ ،‬فلوالها ملا وجدوا‬ ‫ِّ‬
‫الضالة‪ ،‬أييت منها ز ُ‬
‫العلمية!" ليتقوتوا عليه‪ .‬إذًا جيب أن يسكتوا عن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ (Müslümanlık‬أبن الينبس أحدهم‬
‫ِّ‬
‫ببنت شفة عن هذا الدين العجمي اخلرايف مهما كان الثمن‪ ،‬ألهنا أصالً هي احلاوية الرئسة اليت‬
‫ليست من اإلسالم‬
‫ْ‬ ‫واتضحت أهنا‬
‫ْ‬ ‫خرجت هذه الفرق الضالةُ كلها من بطنها‪ ،‬فإذا فشت أسر ُارها‬
‫ِّ‬ ‫نفس ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫مربرا لكي‬
‫احلكم على هذه الفرق‪ ،‬فلن جيدوا بعد ذلك ً‬ ‫يف شيء‪ ،‬اضطروا ابلضرورة أ ْن يُـْن ِّزلُوا َ‬
‫ِّ‬
‫اإلستغالل واملراوغة‪.‬‬ ‫يبطل ِّطلَّ ْس ُم‬
‫يتسُّتوا بقناع القاعدة املشهورة‪" :‬أهل القبلة ال يُ َك َّف ُر"‪ ،‬إذن َ‬

‫الذهن‪ :‬ما الفائدة يف اإلجابة على السؤال املفُّتض كما لو سألنا‪ :‬ملاذا ال‬ ‫ُ‬ ‫هنا استفسار عتيد يُشغِّ ُل‬
‫يستخدم اإلنسان العرب كلميت )‪ (Müslüman‬و)‪(Müslümanlık‬؟ إن هذا السؤال يتَّ ِّس ُم أبمهة‬
‫وحي ِّملُهُ مسؤوليةً عظيمة‬ ‫الرجل ا ِّ‬
‫لعامل ُ‬ ‫ِّ‬ ‫كبرية وإن كان يظهر يف بساطة؛ ألنه يضع صورة َّ‬
‫معق َدةً أما َم‬
‫لكن األتراك يُطلقون إمسًا آخر‬ ‫ِّ‬
‫إلسالم؛ َّ‬ ‫العرب واألتراك قدميًا يدعون أهنم يدينون اب‬ ‫َ‬ ‫تتمث ُل يف أن‬
‫العرب ال يُطلِّقو َن هذا‬
‫ُ‬ ‫ك ‪ ،)Müslümanlık‬بينما‬ ‫(م ْسلُ َمانْلِّ ْ‬
‫على اإلسالم خبالف العرب‪ ،‬يسمونه ُ‬
‫ذاته تسميةَ األتراك له هبذا اإلسم‬ ‫اإلسم على اإلسالم‪ ،‬كما جيهلون (وقد يتجاهلون) يف الوقت ِّ‬
‫َ‬
‫حد ال جند عاملًا من علمائهم وال‬ ‫العجمي الدخيل‪ .‬واملثري أن العرب يبلغ هبم جهلهم هذا إىل ٍ‬
‫شيء عن هذه الداينة اليت يدين هبا ماليني الناس يف تركيا‪ .‬وقد‬ ‫ابحث من ابحثيهم أنه كتب أدىن ٍ‬ ‫ٌ‬
‫أثبت اإلحصائيات أن عدد املعتنقني هلذه الداينة يفوق عن مثانني مليون نسمة من مواطين الدولة‬
‫الُّتكية‪ ،‬يف احلني الذي قد ال يتجاوز عدد املسلمني يف هذا البلد مخسني أل ًفا حسب استطالعات‬
‫سرية حققتها َجاعةٌ توحيدية! نعم‪ ،‬ما سبب هذا التجاهل والتخطي يف موقف العرب من‬
‫ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪(Müslümanlık‬؟ َّ‬
‫إن هذا السؤال يتوجه ابلضرورة إىل علماء العرب الذين ميتازون‬
‫وحيملُهم مسؤوليةً عظيمةً‪ ،‬ويُّتكهم عرضةً‬ ‫ٍ‬
‫خباصة‪ِّ ،‬‬ ‫ابلتخصص واخلربة يف العقيدة اإلسالمية‬
‫معم َق ٍة حول كتب‬ ‫حبوث ودر ٍ‬
‫اسات َّ‬ ‫ضوء ٍ‬ ‫لالتامات حلني قيامهم إبجاابت علمية مقنعة‪ ،‬وذلك يف ِّ‬
‫‪Dr.‬‬ ‫األستاذ الدكتور فؤاد كوبرولو ‪ ،Prof. Dr. Fuad Köprülü‬والدكتور عبد الباقي ُكولْبِّنَ ْارِّيل‬
‫‪Prof. Dr. Ahmet Yaşar‬‬ ‫‪ ،Abdülbaki‬واألستاذ الدكتور أمحد ايشار أوجاك‬ ‫‪Gölpınarlı‬‬

‫‪ ،Ocak‬على وجه اخلصوص‪...‬‬

‫َجيع هذه العُ َق ِّد وإشكاليةَ املسألة على جانب‪ ،‬ونُـ َركِّ َز ُج َّل‬
‫يناسب هنا وف ًقا للسياق أن نضع برهة َ‬
‫دفعا للغموض الذي يسود على آفاق املوضوع وحىت نتمكن من‬ ‫ِّ‬
‫إهتمامنَا على نقطتني مهمتني ً‬
‫كشف احلبكة؛ النقطة األوىل‪ :‬هي موقف العرب من اإلسالم (بكليته اجلامعة)‪ ،‬والنقطة الثانية‪ :‬هي‬
‫موقف العرب من مستوايت اإللتزام ِِّّ‬
‫اإلميان للشعوب املنتسبة إىل اإلسالم من غري العرب‪ .‬لكننا‬
‫نفهم ما الذي مينع‬‫الفهم ملا تنطوي عليه النقطتان اآلنفتا الذكر ينبغي أوالً أ ْن َ‬ ‫َ‬ ‫قبل أن نتحرى‬
‫ك ‪ ،)Müslümanlık‬على غرار األتراك؟ وملاذا ال يقول‬ ‫(م ْسلُ َمانْلِّ ْ‬ ‫ِّ‬
‫العرب من تسميت ِّهم اإلسالم ُ‬‫َ‬
‫يقول‪:‬‬
‫ض أ ْن َ‬ ‫العرب‪" :‬أان مسلُما ْن ‪ ،"Ben Müslümanım‬كما يقول الشخص ِّ ِّ‬ ‫اإلنسا ُن ِّ‬
‫الُّتكي ع َو َ‬
‫ْ‬ ‫ُْ َ‬
‫كثريا من األتراك قد يظنون أن الشعوب املنتسبة‬ ‫ألن ً‬‫"أان ُم ْسلِّ ٌم"‪ ،‬إقر ًارا ابنتمائِِّّه إىل االسالم؟ َّ‬
‫العرب أن يفهموه أب ًدا منذ‬
‫ُ‬ ‫اإلسم على اإلسالم‪ ،‬وهذا الذي ال يري ُد‬ ‫َ‬ ‫َجيعا يُطلِّقو َن هذا‬
‫لالسالم ً‬
‫فلإلجابة على ما يتضافر ضمن هذه الصيغ املتشابكة من االستفهامات جيب علينا أن نعود‬ ‫ِّ‬ ‫قرون!‬
‫ابلبحث حلظةً إىل أايم ظهور اإلسالم‪.‬‬

‫أول من استجابوا للدعوة إىل اإلسالم هم العرب الذين خاطبهم القرآن الكرمي فبل كل‬
‫أن َ‬‫ال يفى َّ‬
‫الشعوب‪ .‬وقد نزل الوحي بلغتهم‪ .‬كانوا يعبدون األصنام يف العهد اجلاهلي مفتتنني هبا‪ ،‬وما أن جهر‬
‫النيب عليه السالم بدعوته انفجر املشركون عليه مبشاعر الغضب واهنالوا عليه وعلى الع ِّ‬
‫صبة املؤمنة‬‫ُ‬
‫به أبلوان من التعذيب والنكال‪ ،‬لكنهم استسلموا لدعوة الرسول الكرمي عليه صلوات للا تعاىل‬
‫وتسليماته يف هناية املطاف وبعد أن دارت سلسلةٌ من املصادمات واملعارك بني الطرفني‪ ...‬فهنا‬
‫نفسهُ على العرب ابسم‬ ‫عرض َ‬ ‫َ‬ ‫أن هذا الدين قد‬ ‫جيب التأكيد على أن أهم ما يف األمر‪ ،‬هو َّ‬
‫الدين ِّعْن َد َِّّ‬
‫اَّلل ِّْ‬
‫اإل ْس َال ُم‪ 1".‬وقوله تعاىل‪:‬‬ ‫"اإلسالم" وحسب‪ .‬والربهان على ذلك قوله تعاىل‪" :‬إِّ َّن ِّ‬
‫َ‬
‫اإل ْس َال َم ِّدينًا‪ 2".‬فيمتنع إذن إطالق‬ ‫يت لَ ُك ُم ِّْ‬
‫ض ُ‬ ‫ْ َ ََ‬ ‫ْت لَ ُك ْم ِّدينَ ُك ْم َوأَ ْمتَ ْم ُ‬
‫ت َعلَْي ُكم نِّ ْعم ِّيت ور ِّ‬ ‫"الْيَـ ْوَم أَ ْك َمل ُ‬
‫الكلمة الدخيلة (مسلمانلك ‪ )Müslümanlık‬على الدين اإلسالمي احلنيف‪ ،‬وتُـ َعد هذه التسميةُ‬
‫إحلادا يف دين للا وانتها ًكا حلرمته بال شك؛ كما ميتنع أن يوافق العرب على هذه التسمية الشاذةِّ‬ ‫ً‬
‫وهم أعلم بكتاب للا‪ ،‬وأقدم يف تفسري متشاهباته‪ ،‬واستنباط األحكام من آايته‪...‬‬

‫آل عمران‪19 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫املائدة‪3 :‬‬ ‫‪2‬‬


‫أتثيمهم‪ :‬أهنم مل يشاركوا األتراك يف هذه التسمية‪ ،‬و َّ‬
‫أن‬ ‫واملوجه إىل العرب و ُ‬
‫َّ‬ ‫ض‬
‫املفُّت ُ‬
‫االستنكار َ‬
‫ُ‬ ‫وأما‬
‫َّ‬
‫أسباب ال ُف ْرقَ ِّة (على حد رأي املدعي)؛ يرجع إىل واحد من االحتمالني‪ :‬فإما أنه ينم‬
‫ِّ‬ ‫ذلك يُـ َعد من‬
‫عن عداوةِّ هذا املدعي جلميع العرب وال مربر له يف هذا الظلم السافر‪ ،‬وقد يريد الفتنة‪ .‬وإما هو‬
‫الوقوف‬
‫ُ‬ ‫أن مشكلة اجلهل فيما يتعلق هبذا املوضوع‪ ،‬جيب‬ ‫حمض جهل ال يستحق االعتداد به‪ .‬إالَّ َّ‬
‫سلُ َمانِّيَّ ِّة )‪(Müslümanlık‬‬
‫ألن الدافع الرئيس الذي جعل من الداينة ال ُْم ْ‬ ‫عليها نبذةً وجبديٍَّة‪َّ ،‬‬
‫اجملتمع الُّتكِّي أبسره وسكت عنها علماءُ العرب‬ ‫حار يف فَـ ْه ِّم َها‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫مشكلةً عويصةً ذات وجوه متعددة َ‬
‫العرب بني طائفة متطرفة من األتراك دون‬ ‫ِّ‬ ‫اجلهل الذي نشأت منه عداوةُ‬ ‫ِّ‬ ‫حمض‬
‫ضا ُ‬ ‫َج ًيعا‪ :‬هو أي ً‬
‫البقية‪َ " ،‬وَال تَ ِّزُر َو ِّازَرةٌ ِّوْزَر أُ ْخ َرى‪ 3".‬إالَّ أن هذه العداوةَ قد وجدت مقابلةً ابملثل بني طائفة متطرفة‬
‫ِّ‬
‫الصماء حيال الداينة‬ ‫من العرب أسفرت عن مكابرة يف نفوس علمائِّهم‪ ،‬جعلتهم كالصخور‬
‫ظ أح ُدهم هبذه الكلمة ولو مرةً واحدةً يف حياته مع‬ ‫ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ ،(Müslümanlık‬حيث مل َّ‬
‫يتلف ْ‬
‫ِّ‬
‫بكامله اليوم (وقوامه مثانون مليون)‪ ،‬يعتزون‬ ‫الشعب الُّتكِّي‬ ‫علمهم هبا‪ ،‬يف احلني الذي يعتز‬
‫ُ‬
‫ابعتناقهم هلذه الداينة َّأميا اعتزا ٍز!‬

‫إن إشكالية سوء التفاهم بني األتراك والعرب يف هذه القضية على مدى قرون‪ ،‬إمنا ترجع إىل تلك‬
‫بشكل أساسي‪ .‬كما هلا أسباب أخرى ُجلها انشئةٌ من الْعُ ْج َم ِّة‪َّ .‬‬
‫ألن كلمةَ (إسالم)‪ ،‬ال أح َد‬ ‫ٍ‬ ‫املكابرة‬
‫(أسلَ َم) مشت ٌق من هذا املصدر‪ ،‬وأنه ال ميكن‬ ‫يف تركيا يعلم أهنا مصدر يف ِّ‬
‫اللغة العربية‪َّ ،‬‬
‫وأن الفعل ْ‬ ‫ٌ‬
‫ك ‪ )Müslümanlık‬من هذا املصدر إطالقًا‪ ،‬ألهنا عجميةٌ وال مكان هلا يف‬ ‫(م ْسلُ َمانْلِّ ْ‬
‫اشتقا ُق كلمة ُ‬
‫ألحد هبذه التحليالت اللغوية يف تركيا‪ ،‬إالَّ قلةٌ من أساتذة الكليات الدينية‬ ‫القاموس العرب‪ .‬ال علم ٍ‬
‫قد يدركوهنا‪ ،‬لكنهم يتجنَّبون الدخول يف هذه املسألة لقلق يف نفوسهم!‬

‫لقد اتضح خالل هذه التحليالت اللغوية الدقيقة وبصورة جلية‪ ،‬أنه ليس بني كلمة (اإلسالم)‬
‫وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ (Müslümanlık‬من أدىن عالقة يف إطار قوانني اللغة العربية‪ ،‬لكنه من املستحيل‬
‫َجيع األتراك واألقليات املتعايشةَ معهم‬ ‫إفهام اجملتمع الُّتكي هذه احلقائق بسبب حاجز ِّ‬
‫اللغة‪ ،‬إذ َّ‬
‫أن َ‬
‫طغت على هلجتها اللغةُ الُّتكيةُ‬ ‫يكاد َجيعهم جيهلون اللغةَ العربيَّةَ‪ ،‬وحىت األقلية العربية يف تركيا‪ ،‬قد ْ‬
‫كية عن‬‫ات العربيَّ ِّة‪ .‬إن هذه املشكلةَ املعق َدةَ هي اليت قد حولت وجهةَ األَُّم ِّة الُّت ِّ‬
‫وأذهبت عنها ميز ِّ‬
‫ْ‬
‫اإلسالم إىل ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ (Müslümanlık‬على مدى اتريا منذ ألف عام‪.‬‬

‫األنعام‪164:‬؛ اإلسراء‪15:‬؛ فاطر‪18:‬؛ الزمر‪.7:‬‬ ‫‪3‬‬


‫أن العلماءَ يف العهد العثمان كانوا يشريون إىل األشخاص املعنيِّني يف فتاويهم بتعبري "زيد‬ ‫ومن املثري َّ‬
‫تعبري "زيد ال ُْم ْسلُ َما ْن"‬ ‫ط ومل يتاروا َ‬ ‫املسلم"‪ 4‬على سبيل التمثيل‪ ،‬لعلهم كانوا يُـ َرِّج ُحو َن هذا النم َ‬
‫لكن هذه‬ ‫س ْل َما ْن)‪َّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫(م ُ‬
‫الناس على استعمال كلمة (مسلم) بدل ُ‬ ‫ذلك‪ ،‬على سبيل اإلرشاد‪ ،‬ليعتاد ُ‬
‫الناس على ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬
‫ُ‬ ‫أصر‬
‫اإلسالم‪ ،‬بل َّ‬ ‫ِّ‬ ‫الشعب الُّتكِّ ِّي إىل‬
‫ْ‬ ‫تنجح يف توجي ْه‬ ‫ْ‬ ‫احملاولةَ مل‬
‫ابلعلماء‪ ،‬بل يثقون بشيوخ‬ ‫ِّ‬ ‫اجلهود‪ .‬ألن األتراك معظمهم ال يعتدون‬ ‫ِّ‬ ‫)‪ (Müslümanlık‬رغم ِّ‬
‫كل‬
‫اآلهلة‪ .‬رمبا هذه الفوضى السائدة على اجلو الديين يف تركيا‬ ‫ويقدسوهنم تقديس ِّ‬ ‫الصوفية ِّ‬
‫ويعظموهنم ِّ‬
‫َ‬
‫خطريا بدأوا ينزلقون معه يف األوان‬ ‫ً‬ ‫عتقادا‬
‫ت يف نفوس َجاعة من املثقفني األتراك ا ً‬ ‫هي اليت أنبت ْ‬
‫ين‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫املعرفة ابللغة العربية‪ ،‬معناه‪َّ " :‬‬ ‫فهم اإلسالم والقرآن إذا كان يتوقَّ ُ‬ ‫األخرية‪َّ " :‬‬
‫أن هذا الد َ‬ ‫ف على‬ ‫أن َ‬
‫فتنصلوا من اإلسالم (بصمت!) والتزموا‬ ‫ان ابلعلميَّ ِّة وال ابلعامليَّ ِّة‪َّ "..‬‬
‫وهذا الكتاب ما عادا يتَّ ِّسم ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫شا يف األذهان‪ ،‬وقد‬ ‫الوقوف جبانب ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ ،(Müslümanlık‬فخلقوا بذلك ارتبا ًكا وتشوي ً‬ ‫َ‬
‫خباص ٍة يف َّأايِّم احلكومات ذات النزعة النقشبندية‪.‬‬ ‫عددهم َّ‬ ‫ازداد ُ‬

‫(م ْسلُ َما ْن‬


‫كلميت ُ‬ ‫عر ٍب يتعامل مع األتراك‪ ،‬يسمع منهم وبكثرة‬ ‫شخص ِّ‬
‫ٍ‬ ‫أي‬
‫أن َّ‬ ‫من الغر ِّ‬
‫ائب َّ‬
‫َْ‬
‫ك ‪ )Müslümanlık‬أثناءَ عالقاته معهم‪ ،‬لكنه يتجاهلهما بصورة قطعية‪،‬‬ ‫و(م ْسلُ َمانْلِّ ْ‬
‫‪ُ )Müslüman‬‬
‫يكاد‬
‫تغري لونُهُ‪ ،‬وامتأل غيظًا ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫ُثري انتباهُ أحد من علماء األتراك إىل هذه املسألة تراهُ وقد َ‬ ‫وإذا أ َ‬
‫أسباب اترييةٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ينفجر! كل هذه املؤشرات تربهن على أن القضيةَ معقدةٌ‪ ،‬وأن هذه املشكلةَ هلا‬
‫الدخول فيها‪.‬‬
‫َ‬ ‫ختصاص وجتنبِّ ِّهم‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أصحاب اال‬ ‫واجتماعيةٌ وثقافية تراكمت مع الزمان‪ ،‬لتحف ِّظ‬

‫موح ٍد وحتت راية‬ ‫كما تربهن على َّ‬


‫أن األتراك والعرب‪ ،‬رغم ما تعايشوا لقرون على ِّ‬
‫أرض وط ٍن َّ‬
‫معينة‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫الطرف اآلخر جبامع ما يقصده‪ ،‬إالَّ يف حدود ٍ‬ ‫واحدةٍ‪َّ ،‬‬
‫فإن أحد الطرفني مل يتمكن من ِّ‬
‫فهم‬
‫كية عن استيعاب ما تشتمل عليه اجلملةُ العربيةُ من املعان الدقيقة‪ ،‬فال تبدو‬ ‫لقصور اللغة الُّت ِّ‬
‫الُّتكِّ ِّي بوضوح‪ ،‬مهما ابلغ الناطق‬ ‫ِّ‬
‫للشخص ْ‬ ‫ِّ‬
‫املثقف‬ ‫العرب‬ ‫ِّ‬
‫اإلنسان ِّ‬ ‫احلقائق املكنونةُ يف ثنااي عبار ِّ‬
‫ات‬ ‫ُ‬
‫أثرا لعجزه يف‬
‫وشرح له ما يقص ُدهُ‪ ،‬وهذا قد يُثري ضغينَةً يف صدر املخاطب ً‬
‫َ‬ ‫فهام خماطَبِّ ِّه‬
‫العرب يف إ ِّ‬
‫ِّ‬
‫الكالم‬ ‫مقاطع‬
‫ِّ‬ ‫بعض‬
‫الالوعي‪ .‬ألن اللغة الُّتكية كانت وال تزال فقريةً قاصرةً عن استقبال ما يُفيض ُ‬

‫هذا مثال لفتوى من فتاوي أحد علماء العثمانيني ابللغة الُّتكية القدمية ورد فيها تعبري "زيد املسلم"‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Sual: Hind-i nasrâniyenin zevci Zeyd-i Müslim fevt oldukta Hind ba’dehû inkirâzü’l iddet nefsini‬‬
‫‪Amr-ı zimmiye tezvîce kadire olur mu? Elcevab: Olur. Sefa Yapıcıoğlu, Gürkan Canpolat,Alternatif‬‬
‫‪Tarih s.4. Gece Kitaplığı yy. İstanbul-2016‬‬
‫ظ العربيَّةُ من الفصاحة‪ ،‬ومعانيها املُّتامية خباص ٍة‬
‫متنوعة وما تتَّ ِّس ُم به األلفا ُ‬
‫ٍ‬ ‫العرب خاصةً من مقاص َد‬
‫ذهن‬ ‫ِّ‬
‫فتمتنع املقولةُ العربيةُ من إاثرة ذهن الشخص الُّتكي بقدر ما تُثريُ وُمتَت ُع َ‬ ‫ُ‬ ‫لسعتها البالغية‪،‬‬
‫العرب املثقف‪ .‬يكفي من الربهان على هذه احلقيقة أن نشهد السطحيةَ والركاكةَ والفجاجةَ‬ ‫ِّ‬
‫اإلنسان ِِّّ‬
‫اليت تسود على عبارات املُّتَجني األتراك الذين قاموا حبملة نقل الُّتاث اإلسالمي إىل اللغة الُّتكية‬
‫ِّ‬
‫واألخطاء‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫األغالط‪،‬‬ ‫من بداية السبعينيات من القرن امليالدي املنصرم‪ ،‬فضال عما يف عباراتم من‬
‫والتحريفات‪...‬‬

‫احة ودون أي حتف ٍظ؛ أنه يكاد يكون من‬ ‫حبق‪ ،‬جيب أن نعُّتف هنا وبكل صر ٍ‬ ‫وإذا كنا خملصني ٍ‬
‫العرب أن يتعلَّ َم اللغةَ الُّتكيَّةَ على مستوى أبنائها الذين يُتقنوهنا حبذافريها‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫العنصر ِِّّ‬ ‫املستحيل على‬
‫الُّتكِّ ِّي أن يتعلَّ َم اللغةَ العربيَّةَ على مستوى مثقفي العرب‪ ،‬إال الذين‬ ‫ِّ‬
‫العنصر ْ‬ ‫ويستحيل كذلك على‬
‫وفَّـ َقهم للاُ الغتنام هذه النعمة ابإلقامة يف البالد العربية‪ ،‬وبفضل الدراسة يف جامعاتا‪ ،‬والتفاعل مع‬
‫ِّ‬
‫العالقات العربية‪-‬الُّتكية مهما‬ ‫خالل‬
‫ض َ‬ ‫َجيع القضااي اليت تَـ ْع ُر ُ‬ ‫وقليل َّما هم! وال شك َّ‬
‫أن َ‬ ‫ٌ‬ ‫سكاهنا‪،‬‬
‫ال‬
‫اك مبفهوم الدين‪ ،‬كلها حتوم حول هذه املشكلة‪ ..‬لذا‪ ،‬ال يز ُ‬ ‫موضوعها‪ ،‬مبا فيها عالقةُ األتر ِّ‬
‫ُ‬ ‫كان‬
‫ات العربيَّ ِّة املرَّك َزةِّ إىل اللغة الُّتكية‪ ،‬واملُّتَجون األتراك عاجزون حياهلا يف واقع األمر‪.‬‬
‫ميتنع نقل العبار ِّ‬
‫ُ ُ‬
‫حاجزا من اجلليد بني‬ ‫مد‬ ‫ِّ‬
‫العلماء والباحثني‪ .‬هذا الذي قد َّ‬ ‫وقد غفل عن هذه املشكلة كثريٌ من‬
‫ً‬
‫العقول يف وجهها‪ .‬ال صلةَ أصالً هلذه األزمة اللغوية مبوضوعنا‬
‫ُ‬ ‫هذين التوأمني منذ ألف عام وطاشت‬
‫مباشرةً‪ ،‬ولكن تداعتها أسباب السياق‪.‬‬

‫(م ْسلُ َمانْلِّ ْ‬


‫ك‬ ‫ٍ‬
‫يصرحوا بعالنية‪َّ :‬أهنم ملاذا جتاهلوا مشكلةَ ُ‬
‫العرب مهما مل ِّ‬
‫َ‬ ‫من انحية أخرى؛ َّ‬
‫إن‬
‫اك مبوقفهم‬ ‫فإن ذلك ينم عن سبب ُمري ٍع جدًّا؛ لعلَّهم قد عدوا األتر َ‬ ‫‪ )Müslümanlık‬طيلَةَ ٍ‬
‫قرون‪َّ ،‬‬
‫العرب كلَّهم على هذا االعتقاد‪ .‬بل‬ ‫َ‬ ‫هذا خارجني عن امللة! لكنه ال جيوز القول ‪-‬يف الواقع‪َّ :-‬‬
‫أن‬
‫التنظيمات السياسية؛ فإن‬ ‫ِّ‬ ‫القاعدةُ "السنِّيَّةُ" الواسعةُ للمجتمع العرب‪ ،‬كذلك القطاعُ اإلخوان من‬
‫ِّ‬
‫العبادات (دون‬ ‫ِّ‬
‫صعيد الْتز ِّام‬ ‫ثقافتهما الدينية تكاد تكون موازيةً لثقافة القطاع "الس ِّين الُّتكِّيِّ" على‬
‫ك ‪ ،)Müslümanlık‬بل‬ ‫(م ْسلُ َمانْلِّ ْ‬ ‫ِّ‬
‫التزام أسس اإلميان)‪ ،‬ألن قاعدة التوحيد غري واضحة يف داينة ُ‬
‫ِّ‬
‫الداينة‬ ‫وصفها ِّب ِّهلٍَة)‪ ،‬وهذا ما أضفى غمو ً‬
‫ضا على‬ ‫الناس يعتقدون بتعد ِّد اآلهلة (دون ِّ‬
‫ِّ‬ ‫أكثر‬
‫ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ (Müslümanlık‬ومحل علماءَ العرب على الصمت إزاءَها لقرون‪ .‬يرجع ذلك إىل َّ‬
‫أن‬
‫العادات يف حياةِّ العرب والُّت ِّك‬ ‫ِّ‬ ‫ت إىل ر ٍ‬
‫كام من‬ ‫خرجت عن حدود الوحي‪ ،‬وحتول ْ‬
‫ْ‬ ‫مؤسسةَ ِّ‬
‫الد ِّ‬
‫ين قد‬
‫ِّ‬
‫انتفاء العروة‬ ‫ثقافة أكثر من دي ٍن كاليهودية واملسيحية‪ ...‬هذا‪ ،‬ورغم‬ ‫على السواء‪ .‬وهي حمض ٍ‬
‫ُ‬
‫األمتني العر ِّ‬
‫بية‬ ‫شائج الثقافيَّةَ املشُّتكةَ ما زالت قويةً بني َّ‬
‫اإلميانية املفُّتضة بني اجلبهتني‪ ،‬فإن الو َ‬
‫ف الشديد بني الطرفني خاصةً يف احلاالت اإلستثنائية‪ ،‬كاستقبال‬ ‫والُّتكِّيَّ ِّة‪ ،‬يدل على ذلك التعاط ُ‬
‫ْ‬
‫األتراك لالجئني السوريني حبفاوة ابلغة وإيوائهم ومساعدتم ِّ‬
‫مبد يد املعونة هلم رغم كثرة عددهم‬
‫الذي زاد عن أربعة ماليني نسمة فور اندالع احلرب األهلية يف سوراي عام ‪2011‬م‪ .‬مما كان من‬
‫كثريا من العرب‬ ‫أهم أسباب تدهور اال ِّ‬
‫قتصاد للدولة الُّتكية‪ .‬ومن عالمات هذا الُّتابط الثقايف َّ‬
‫أن ً‬
‫النجديِّني قدميًا يسمون أبناءهم (تُركي) ان ً‬
‫بهارا ببطولة األتراك وشجاعتهم‪ ،‬هذا على رغم التنافر‬
‫الشديد بني الوهابيِّني النجديِّني وبني األتراك‪.‬‬

‫ِّ‬
‫اإلسالم وهم فريقان‪ :‬أغلب‬ ‫يبدو مع غالب الظن؛ أن طائفةً من العرب يعدون األتراك خارج ِّ‬
‫ملة‬
‫ِّ‬
‫املتخصصني يف العقيدة‪ ،‬هم أشد‬ ‫ِّ‬
‫واملتخصصون يف العقيدة اإلسالمية‪ .‬إال أن‬ ‫رجال السياسة‪،‬‬
‫أوسع‬ ‫ِّ‬
‫املتباينة وتدريسها‪َّ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫الفريقني استقطااب لالهتمام‪َّ ،‬‬
‫ألهنم‪ ،‬هم الذين يتولَّْو َن دراسةَ‬
‫وأهنم ُ‬ ‫َ‬ ‫العقائد‬ ‫ً‬
‫ِّ‬
‫الناس‪ ...‬يظهر من خالل‬ ‫خربةً يف مسائل الكفر واإلميان‪ ،‬وأكثرهم جدارةً ابلثقة عند عام ِّة‬
‫العرب ما يشري إىل َّأهنم يستنكفو َن يف حبوثهم عن ذكر‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫لعلماء‬ ‫الدراسات يف العقيدة اإلسالمية‬
‫املؤلفات الصادرةِّ يف العقيدة اإلسالمية ابللغة الُّتكية (سواء اليت طبعت ابحلروف العربية وابحلروف‬
‫الالتينية)‪ ،‬ذلك َّإما حق ًدا على األكادمييني األتراك‪ ،‬أو مكابرةً‪ ،‬أو يصرفون النظر عنها جتاهالً‪.‬‬
‫وهذا يربهن على اتفاقهم يف موقفهم السليب من األكادمييني األتراك‪ ،‬وقد يكون ذلك انشئًا من‬
‫ِّ‬
‫البحث يف العقيدة اإلسالمية يف‬ ‫دعاايت الوهابية‪ .‬يناسب هنا أن نشري إىل الكتاب املوسوم "مناهج‬
‫العصر احلاضر" ملؤلفه الدكتور عبد الرمحن بن زيد الزنيدي‪.‬‬

‫للمكتوب حديثًا يف جمال دراسات األسس اإلميانية‬ ‫ِّ‬ ‫يذكر املؤلف َّ‬
‫أن دراستَهُ‪" :‬حماولةٌ استقرائيةٌ‬
‫مناهج‬ ‫خالهلا هذه الدراسةَ املعاصرةَ يف‬ ‫ت من ِّ‬ ‫العقدية اليت يقوم عليها املنهاج اإلسالمي‪ ،‬صنف ُ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫خاصيَّ ِّة هذه املناهج ٍ‬ ‫مخسة‪ 5".‬انتهى كالمه‪ .‬ث قام املؤلف بشرح ِّ‬ ‫ٍ‬
‫كل على حدة‪ ،‬وقد أورد أمساءَ‬
‫كتااب من كتب العقيدة‪ ،‬كلها مؤلََّفةٌ ابللغة العربية‪ ،‬وذكر معها أمساءَ مؤلفيها ومل يطرق إىل أحد‬ ‫‪ً 62‬‬
‫ي والشيخ مصطفى صربي‪ .‬قال عن‬ ‫ِّ‬
‫الكوثر َّ‬ ‫تب يف العقيدةِّ إالَّ زاه ًدا‬‫من األتراك ممن صدرت هلم ُك ٌ‬
‫واألشعر ِّي‪ ،‬ويسعى‬
‫ِّ‬ ‫ب لالجتاهِّ املاتر ِّ‬
‫يدي‬ ‫ِّ‬
‫الكوثري‪" :‬ومن أبرز هؤالء زاهد الكوثري‪ ،‬الذي يتعص ُ‬

‫ِّ‬
‫البحث يف العقيدة اإلسالمية يف العصر احلاضر ص‪ ،9:‬مركز الدراسات واإلعالم‪/‬دار إشبيليا‪ ،‬الياض‪-‬‬ ‫الدكتور عبد الرمحن بن زيد الزنيدي‪ ،‬مناهج‬ ‫‪5‬‬

‫‪1998‬م‪.‬‬
‫أهل السن َِّّة‬
‫أن َ‬‫لنصرهِّ وحتقيق بعض كتبه‪ 6"...‬ث قال ومنهم‪ :‬الشيخ مصطفى صربي الذي يرى َّ‬‫ِّ‬
‫علم الكالم الذي أشادوه‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َجيعا‪ ،‬ويُعظم َ‬
‫واجلماعة املتمثلني ابألشاعرة واملاتريدية أسلم املذاهب ً‬
‫‪7‬‬
‫اإلسالم‪"...‬‬
‫َ‬ ‫ويرى َّ‬
‫أن َم ْن عاداه يعادي‬

‫ب على هذه العبارات للمؤلف الدكتور عبد الرمحن بن زيد الزنيدي؛ أ َّن ً‬
‫كثريا من‬ ‫يناسب هنا أ ْن نُعق َ‬
‫شعوب أخرى غري العرب الذين ينتسبون إىل اإلسالم‪ ،‬وليس األتراك‬ ‫ٍ‬ ‫ب والباحثني من ِّ‬
‫أبناء‬ ‫ال ُكتَّا ِّ‬
‫املتجاهل‬
‫َ‬ ‫املوقف‬
‫َ‬ ‫فحسب‪ ،‬قد ألفوا كتبًا يف العقيد اإلسالمية بِّلُغَ ِّاتِّ ْم‪ ،‬وال يزالون يؤلفون‪ ...‬لذا َّ‬
‫فإن‬
‫ِّ‬
‫اإلسالمية بني‬ ‫صحة األُ ُخ َّوةِّ‬
‫ِّ‬ ‫هؤالء املؤلِّفني يثري ا َّ‬
‫لشك يف‬ ‫ِّ‬ ‫للدكتور عبد الرمحن بن زيد من َجيع‬
‫متاحا‬ ‫الشعوب اليت تدعي االنتساب إىل اإلسالم يف أايمنا‪ ،‬كما جيعل من هذا اال ِّ‬
‫موضوعا ً‬
‫ً‬ ‫دعاء‬ ‫َ‬
‫الداير‬
‫َ‬ ‫أن ثقافةً خليطَةً قد مألت فراغ اإلسالم الذي سبق أن هاجر هذه‬ ‫للجدل‪ ،‬بله يدل على َّ‬
‫ب قل ٍة من املؤمنني املستضعفني يف كل األزمان‪ ،‬ينتقل من جيل إىل‬ ‫استقر يف قلو ِّ‬
‫َّ‬ ‫قبل قرون‪ ،‬لكنه‬
‫سليما من التحريف‪ .‬كما يدل يف الوقت ذاته على َّ‬
‫أن هذه‬ ‫جيل‪ ،‬وقد وصل إلينا حبمد للا تعاىل ً‬
‫ِّ‬
‫اجتاهاتا‬ ‫وفرق ْتها إىل ثالث فئات يف‬
‫ب َّ‬‫خلقت جروفًا سحيقةً بني هذه الشعو ِّ‬
‫ْ‬ ‫الثقافةَ اخلليطةَ قد‬
‫ٍ‬
‫الدينية املتباينة‪ .‬وهذه اإلجتاهات‪ ،‬هي‪:‬‬

‫‪ )1‬املُ ْسلُ ًمانٍيَّةُ الُّتكِّيَّةُ )‪ (Müslümanlık‬القوميةُ اليت هي نتاج الشامانية والبوذية ُمغَلَّ َفةً برموز من‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫واإلسالم‬
‫ُ‬ ‫واإلسالم اإلخوان السياسي‪،‬‬
‫ُ‬ ‫اإلسالم الوه ِّاب املتطور من الفكر اخلارجي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫‪)2‬‬
‫مشوهةٌ ال حمالةَ‪.‬‬
‫العرب‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫التكفريي‪ ...‬كل هذه األشكال الثالثة اليت يدين هبا‬
‫اجملوسيَّ ِّة الزرادشتية‪.‬‬
‫الفار ِّسيَّةُ القوميةُ اليت هي نتاج ِّ‬
‫ْمانِّيَّةُ ِّ‬
‫سل َ‬
‫‪ )3‬املُ َ‬

‫األشكال املشو ِّ‬


‫هة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫احلنيف براءٌ من ِّ‬
‫كل هذه‬ ‫َ‬ ‫القرآنَّ احملم ِّد َّ‬
‫ي‬ ‫اإلسالم ِّ‬ ‫إن‬
‫َ‬
‫***‬

‫املصدر السابق‪ ،‬ص‪51/‬‬ ‫‪6‬‬

‫املصدر السابق‪ ،‬ص‪51/‬‬ ‫‪7‬‬


‫جيب التنبيه هبذه املناسبة على خطورة األمر ملن يتناول هذه النزعات الدينية ابلنقد واملقارنة واحلكم‬
‫أجناس متباينةٌ‪ ،‬وخمتلفة يف‬ ‫بسيل ٍ‬
‫عارم من البشر‪ ،‬فيه‬ ‫ِّ‬
‫أوسطية شبيهةٌ ٍ‬ ‫ِّ‬
‫اجملتمعات الشرق‪-‬‬ ‫عليها؛ َّ‬
‫ألن‬
‫ٌ‬
‫تتالطم‬
‫ُ‬ ‫أويل األلباب‪ ،‬يف احلني الذي‬ ‫عقول ِّ‬
‫معتقداتم‪ ،‬وعاداتم‪ ،‬وأعرافهم‪ ،‬وأذواقهم ما حتتار فيه ُ‬
‫حروب‬ ‫ياان أخرى‪ ،‬وقد تندلع من جر ِّاء نز ِّ‬
‫اعها‬ ‫أحياان وتتنازع أح ً‬
‫وتتداخل ً‬ ‫واألفكار‪،‬‬ ‫املعتقدات‬
‫ُ‬ ‫هذه‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واألفكار واأليديولوجيات‪ ،‬كما حدث عند‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫العقائد‬ ‫ِّ‬
‫أصحاب هذه‬ ‫اب من‬ ‫ومعارك داميةٌ بني األحز ِّ‬
‫ُ‬
‫األرواح‬
‫ِّ‬ ‫ماليني‬ ‫ذهبت‬‫ْ‬ ‫قارس‪ ،‬بل إىل زمهري ٍر جهنَّ ِّم ٍي‬
‫شتاء ٍ‬‫فتحو َل بعد فُّتة إىل ٍ‬
‫انفجار الربيع العرب َّ‬
‫ُ‬
‫ب‬
‫فر َّ‬ ‫ِّ‬ ‫يستوجب التز َام جانب احليطة‪َّ ،‬‬
‫مسار دراسة هذه األمور شائك يف الغاية‪ُ ،‬‬ ‫ألن َ‬ ‫ُ‬ ‫ضحيتَهُ‪ .‬وهذا‬
‫خاطئ فيه قد ينتهي به األمر إىل اهلالك والت حني مناص‪.‬‬

‫لقد مضت على ظهور الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ (Müslümanlık‬يف بالد ماوراء النهر حقبةٌ تربو عن‬
‫العرب ببنت شفة عن هذه الداينة على سعة‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫علماء‬ ‫مثانية قرون مل ينبس على مداها عامل من‬
‫ِّ‬
‫واحلروب‪ ،‬واملذابح‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫والتقلبات‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫األحداث‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫معلومة من‬ ‫انتشارها ومع إلْم ِّام ِّهم ابلكتابة عن ِّ‬
‫أدق‬ ‫َ ْ‬
‫ِّ‬
‫ابلضبط‬ ‫اإلهتمام‬ ‫ات‪ ،‬واملستجدات‪ ...‬وهذا شيءٌ من أغرب األمور‪ ،‬ألن العرب من دأهبم‬ ‫واملتغري ِّ‬
‫ُ‬
‫والكتابة منذ اعتناقهم اإلسالم إىل اليوم مل يغادرو صغرية وال كبرية من أحداث اتريهم إالَّ وقد‬ ‫ِّ‬
‫يتلفظون كلميت ُم ْسلُ َمان ‪،Müslüman‬‬ ‫الناس َّ‬
‫فإن ماليني ِّ‬ ‫سجلوها واحتفظوا هبا‪ .‬ورغم هذا الواقع؛ َّ‬
‫ِّ‬
‫علماء‬ ‫وَجيع‬ ‫ِّ‬
‫أرجاء تركيا وبتكرار متواصل منذ قرون‪،‬‬ ‫ك ‪ Müslümanlık‬يوميًّا يف ِّ‬
‫كل‬ ‫ومسلُ َمانلِّ ْ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ِّ‬
‫العرب وابحثيهم ومؤرخيم يتواطئون فيما بينهم ليسكتو عن هاتني الكلمتني وليمتنعوا عن إبداء أدىن‬ ‫ِّ‬
‫ِّ‬
‫للنقاش يف‬ ‫أي وحىت عن تسجيل كلمة واحدةٍ حول هذين املفهومني‪ ،‬إىل أن طرحهما عامل تركي‬ ‫رٍ‬
‫أايمنا!‪ ،‬وهو األستاذ الدكتور أمحد ايشار أوجاك‪ 8.‬ينبغي أن ال ننسى َّ‬
‫أن العرب واألتراك قد عاشوا‬

‫‪ 8‬هذه كلماته ابللغة الُّتكية‪:‬‬


‫‪«İşte iyi bilmediğimiz bu Türkler ve İslâm konusunun, bilgisizlik ve ciddi bir tarih perspektifi‬‬
‫‪yoksunluğu veya maksatlı hareket yüzünden Türkiye’de yattığı, belki bazı ideolojik kesimler tarafından‬‬
‫‪da özellikle manipüle edilen, henüz iyi algılanamamış birtakım meseleleri vardır. Bunların bir kısmı‬‬
‫‪terminolojik alana da yansımakta, iyi anlaşılmadığı için, değişik kesimler tarafından çok farklı‬‬
‫‪biçimlerde yorumlanması sebebiyle kargaşalara sebep olmaktadır.‬‬

‫‪Bunlardan -bu kitapta da sık kullanılan- bir grup, İslâm, İslâmiyet, Müslümanlık terimleridir.‬‬
‫‪Türkiye’de yayımlanan pek çok araştırmada bunlar çoğu zaman birbiri yerine kullanılmakta, bu yüzden‬‬
‫‪önemli bir fikrî kargaşa yaratılmaktadır. Oysa Türkçe’de kullandığımız bu terimlerin arasında çok‬‬
‫‪belirgin ve önemli nüanslar vardır. Batı dillerinde bu üç kelime bir tek İslâm kelimesiyle karşılanır, bir‬‬
‫‪de “Müslüman” anlamında kullanılan muslim ve musulman kelimesi vardır. Fakat Türkçe’de özellikle‬‬
‫‪bilimsel araştırmala söz konusu olduğunda İslâm, İslâmiyet, Müslümanlık kelimeleri fanklı şeyleri ifade‬‬
‫‪ederler.‬‬

‫‪İslâm, doğrudan doğruya esasları Kur’ân-ı Kerîm’e dayalı olup Hz. Muhammed tarafından insanlığa‬‬
‫‪bildirildiğine inanılan ilâhî mesajı belirleyen bir terimdir, ki bu bizzat Kur’ân’da bu çerçevede‬‬
‫‪kullanılmıştır. İslâm ilâhiyatı, bu teorik çerçeve üzerinde uğraşır. İslâmiyet ise bu ilâhî mesajın‬‬
‫العرب‬
‫َ‬ ‫حتت راية واحدة‪ ،‬كما يَ َّد ِّعي الطرفان‪" :‬إهنما معتنقان لدين واحد!" عالوةً على ذلك؛ َّ‬
‫فإن‬
‫سواء احملليِّني منهم الذين يتعايشون مع األتراك يف املنطقة الُّتكية لقرون‪ ،‬كذلك ماليني الالجئني‬
‫منهم الذين هاجروا أىل تركيا عقب احلرب األهلية يف سوراي‪ ،‬كلهم يسمعون كلميت ُم ْسلُ َمان‬
‫يتلفظوهنما‪ .‬واألهم من‬ ‫ومسلُ َمانلِّ ْ‬
‫ك ‪ Müslümanlık‬يوميًّا‪ ،‬وإن كان أكثرهم ال َّ‬ ‫‪ْ ،Müslüman‬‬
‫ذلك‪ ،‬أن هناك عشرات من العلماء واألكادمييني واملثقفني العرب بني هؤالء الالجئني يقيمون يف‬
‫ِّ‬
‫هؤالء‬ ‫إن‬ ‫ِّ‬
‫جامعات تركيا‪َّ .‬‬ ‫ِّ‬
‫والتعليم يف خمتلف‬ ‫ِّ‬
‫التدريس‬ ‫أعمال‬
‫َ‬ ‫شخصيات يتولَّو َن‬
‫ٌ‬ ‫تركيا‪ ،‬ومنهم‬
‫العلماء‪ ،‬والباحثني‪ ،‬واألكادمييني‪ ،‬الذين يشُّتكون يف املؤمترات والندوات العلمية بني حني وآخر يف‬
‫هذا البلد‪ ،‬يلتقون أثناءها بزمالءَ هلم من األتراك؛ يستحيل أن مل يكونوا قد مسعوا هاتني الكلمتني‪.‬‬
‫شخص منهم عناءَ‬
‫ٌ‬ ‫فما الذي عسى مينعهم عن حبث ما تتخفى ور ِّاء هاتني اللَّفظتني‪ ،‬وال يكلف‬
‫نفعا جلهل األتراك‬
‫لكن سؤالَه لن جيدي ً‬ ‫كي حول ُك ْن ِّه األمر؟! َّ‬ ‫ٍ‬
‫واحد إىل زميله الُّت ِّ‬ ‫توجيه ٍ‬
‫سؤال‬
‫بتاريهم‪.‬‬

‫أن هذه املسألةَ تكمن فيها أسر ٌار خطريةٌ‪ ،‬والباحثون احملُّتفون األكفاءَ من‬ ‫يبدو ومن غري ِّ‬
‫شك‪َّ ،‬‬
‫ألن ذلك قد يستوجب مثنًا ابهظًا! كما يبدو‬ ‫اس َها‪َّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫س َ‬ ‫العرب هم على علم بذلك‪ ،‬لكنهم يتجنبون م َ‬
‫أنفسهم يف مغامرة كشف الستار عن‬ ‫قلوهبم أ ْن يناهلم سوءٌ إن أقحموا َ‬ ‫تنتاب َ‬
‫ُ‬ ‫أن هواجس القلق‬ ‫َّ‬
‫أي ٍ‬
‫ابحث‬ ‫اخلوض فيما َّ‬
‫تتخفى وراءَ القضية‪ .‬إالَّ أ َّن َّ‬ ‫ِّ‬ ‫لعل هذا الذي منعهم من‬
‫خلفية هذه الداينة‪َّ ..‬‬
‫املهم ِّة لفُّتة من‬ ‫ِّ‬
‫املشكلة َّ‬ ‫ِّ‬
‫معاجلة هذه‬ ‫أتجيل‬
‫َ‬ ‫ذي خربة أبسر ِّارها يكتم شيئًا منها وهو يعلمه‪ ،‬ويتعم ُد‬
‫وحسب‪ ،‬بل يشهد عليه صمتُهُ هذا أنه يرتكب‬ ‫ُ‬ ‫الوقت‪ ،‬ال يدل ذلك على عدم شعوره ابملسؤولية‬
‫ِّ‬
‫ابختالق هذه‬ ‫جرميةً خطريةً‪ ،‬ألنه يُعد مشارًكا للعصابة اليت جنت على اإلسالم قبل مثانية قرون‬
‫أن اإلصر َار على هذا الكتمان ال طائل‬ ‫علما َّ‬ ‫ِّ‬
‫الداينة اليت غرقت يف مستنقعاتا أجيال‪ ،‬وال كرامة له! ً‬
‫وتنظيمات سرية‬
‫ٌ‬ ‫عصاابت خطرية‬
‫ٌ‬ ‫أصر على إخفائها‬‫ألن هذا لن مينع من ظهور حقائق كثرية َّ‬ ‫فيه‪َّ .‬‬
‫حقبات من الزمن حىت قيض للا هلا من يفشيها ويفضحها‪ .‬وهنا‪ ،‬من املفيد إعطاء بعض‬ ‫ٍ‬ ‫على مدى‬
‫القرائن حول أصل املوقف الذي يثري هذه املشكلة‪.‬‬

‫‪Müslümanlar tarafından pratiğe geçirilmesi sonucu yaşanılan, kültürleşen biçimdir. Bu biçim, zamana,‬‬
‫‪mekâna uyarlanarak bu zaman ve mekân içindeki daha eski kültürel altyapıların etkisiyle değişik‬‬
‫‪yorumlar, aygulamalar ve zihniyetler yaratır ki işte buna da Müslümanlık denir. Bu değişiklik‬‬
‫‪yüzünden bir tek Müslümanlık değil, birçok Müslümanlıklar vardır. yazılarda bu terimler, burada‬‬
‫»‪ifadeye çalışılan doğrultuda kullanılmıştır.‬‬
‫املصدر‪Türk Sufîliğine Bakışlar s/14, İliteşem Yay. Bask:2 İstanbul-1996 :‬‬
‫أهم عنص ٍر يف األداين السماوية‪ ،‬هو اإلميان‪ ،‬وهو دعامة أساسية يقوم عليه هيكلةُ‬ ‫من املعلوم أ َّن َّ‬
‫توافق أصوهلَا اليت بلغها ُر ُس ُل‬
‫اليوم ُ‬
‫تكاد َ‬
‫ومشوهةً ال ُ‬
‫حمرفةً َّ‬ ‫الدايانت السالفةُ كلها َّ‬
‫ُ‬ ‫الدين‪ .‬وملا كانت‬
‫س اإلميان‬ ‫ِّ‬
‫ُس َ‬
‫للا عليهم السالم‪ ،‬ما عدا الدين احلنيف الذي بلغهُ حمم ٌد عليه الصالة والسالم‪ ،‬فإن أ ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وحسب‪ ،‬هي اليت ينبغي أن نرك َز عليها‪ ..‬ومن األمور املثرية أ َّن املر َ‬
‫اجع العلميَّةَ‬ ‫ُ‬ ‫اإلسالم ِّي‬
‫اليوم ُْجم ِّم َعةً على أن هذا الدين قائم على‬
‫تدعي أهنا منتسبة لإلسالم‪ ،‬ال تزال َ‬ ‫للمجتمعات اليت َّ‬
‫ٍ‬
‫حمكمة تتمثل يف توحيد للا‪ ،‬وأييت العرب واألتراك يف طليعة هذه اجملتمعات‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫رصينة‬ ‫ٍ‬
‫إميانية‬ ‫أ ٍ‬
‫ُسس‬
‫َّ‬
‫كأن حيازة متثيل األمة احملمدية موقوفة علىيهما دون بقية الشعوب املنتسبة إىل اإلسالم‪ .‬قد نشأت‬
‫أن األتراك كانوا هم الذين قادوا األمةَ‪َّ ،‬‬
‫وأن العرب كانوا هم‬ ‫هذه الفرضية عن الفكرة السائدة‪َّ :‬‬
‫قيمة بعد أن تفككت عناصر األمة إىل‬ ‫الذين دونوا تراثها‪ .‬لكن هذه الفرضية مل يعد هلا أي ٍ‬
‫جمتمعات قَـ َزِّميَّ ٍة بفعل انفجار الثورة الصناعية يف أوراب‪ .‬ث نشبت اخلالفات بني هذه العناصر بدافع‬
‫ٍ‬
‫األمر مل يقف عند‬ ‫ِّ‬
‫أوطاهنم وبَـعُ َدت بينهما الشقة‪ ،‬لكن َ‬
‫َ‬ ‫اك‬
‫العرب واألتر ُ‬
‫ُ‬ ‫النزعة القومية‪ ،‬حىت فصل‬
‫ٍ‬
‫جمتمعات أكثر قزميَّةً‪ ،‬مع ذلك مل تتوقف الغوائل‪ ،‬بل األتراك‬ ‫ضا إىل‬‫العرب أي ً‬ ‫ك‬ ‫هذا احلد‪ ،‬بل َّ‬
‫تفك َ‬
‫ُ‬
‫والعرب بدؤوا يتبادلون العداءَ‪ ،‬كل منهما استهدف اآلخر‪ .‬لكن الحاجة هنا للخوض يف أدبيات‬
‫االستبشاع اليت طورها الطرفان بشكل متبادل‪ ،‬تفاداي إلاثرة ما الطائل فيه‪ .‬إالَّ أنه من اخلطورة‬
‫مبكان أ ْن يرى أحد الطرفني اآلخر خارج امللة!‬

‫اآلخر‬
‫التعميم‪ ،‬فرمى َ‬
‫َ‬ ‫جيب التصريح هنا‪ :‬أن األتراك والعرب‪ ،‬مل يسبق أن تعم َد أح ُد الطرفني منهما‬
‫ألن‬ ‫ٍ‬
‫إنسان حيب السالم‪َّ .‬‬ ‫املسرةَ يف قلب ِّ‬
‫كل‬ ‫ابلكفر أب ًدا‪ .‬نعم‪ ،‬هذا مل حيدث إطالقًا‪ ،‬مما يبعث َّ‬
‫أهل ِّ‬
‫القبلة‬ ‫ضوابط الدين احلنيف مينع ذلك‪ .‬وقد حصل اإلَجاع على قاعدة‪" :‬الَ نُ َك ِّف ُر أح ًدا من ِّ‬
‫ِّ‬
‫اهلشة ابالسالم‪،‬‬ ‫بذنب ما مل يستحلَّه‪ ".‬فقد التزم الطرفان هبذا القانون الصارم رغم صلتهما‬ ‫ٍ‬
‫كثريا من العلماء السلفيني املعاصرين قد‬ ‫ٍ‬
‫وانتساهبما له على غري عزم وبصرية وحكمة‪ ...‬هذا مع أن ً‬
‫حكموا على الشيعة ابلكفر صراحةً‪ .‬على سبيل املثال قد نُِّق َل عن مفيت السعودية السابق عبد‬
‫نوعا –‬
‫ضهم اثنتني وعشرين ً‬ ‫العزيز بن عبد للا آل ابز‪ ،‬أنه قال‪ " :‬الشيعة أقسام وأنواع‪ ،‬ذكرها بع ُ‬
‫يعين‪ :‬فرقة‪ -‬لكن الباطنية منهم‪ :‬كاجلعفرية‪ ،‬واإلمامية أتباع اخلميين االثنا عشرية‪ ،‬هؤالء ال َّ‬
‫شك يف‬
‫‪9‬‬
‫كفرهم‪"...‬‬
‫***‬

‫‪https://binbaz.org.sa/fatwas/4834/%D9%85%D8%A7-%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%AA%D9%83%D9%81%D9%8A%D8%B1-‬‬ ‫راجع‪:‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%B9%D8%A9‬‬
‫من املفيد هنا اإلجابة على سؤال مفُّتض عن رأي العرب يف الداينة (ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ‪،(Müslümanlık‬‬
‫ابختصار‪ :‬إن العرب الذين مل يهتموا مبفهوم ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ‪ Müslümanlık‬أب ًدا‪ ،‬ومل يذكروا يف أي من‬
‫ك ‪ )Müslümanlık‬ولو مرةً واحدةً‪،‬‬ ‫مسلُ َمانلِّ ْ‬
‫حبوثهم ومؤلفاتم كلمة ( ُم ْسلُ َمان ‪ )Müslüman‬و( ْ‬
‫العرب مل يهتموا أب ًدا‬
‫َ‬ ‫يتعدى عن حماولة ايئسة‪َّ .‬‬
‫ألن‬ ‫فان الفضول عن رأيهم يف هذه القضية إذًا ال َّ‬
‫مبعتقدات األتراك ومذاهبهم الدينية وشعائرهم وطقوسهم اليت استورثوها من دايانتم قبل اإلسالم‪،‬‬
‫وإمنا اقتصر التفاعل بني الطرفني يف حدود الصراع السياسي فحسب‪ .‬يكاد َجيع الباحثني والعلماء‬
‫العرب قد سهوا‪ ،‬أو تغافلوا عن هذه احلقيقة‪.‬‬

‫ط أح َد مشاهري فالسفة العرب ابألتراك‪ ،‬وهو الفيلسوف‬


‫عالقات وديةٌ ترب ُ‬
‫ٌ‬ ‫على سبيل املثال‪ :‬كانت‬
‫العرب األندلسي املعروف اببن عرب (‪1165-1240‬م‪ ).‬راسل السلطان السلجوقي عز الدين‬
‫ج األرملةَ والدةَ الفيلسوف‬ ‫كيكاوس‪ ،‬وزار مدينة قونيا عاصمة الدلة السلجوقية وأقام هبا فُّتةً‪ ،‬فتزو َ‬
‫الُّتكِّ ِّي صدر الدين القنوي‪ .‬كان جيالس علماءَ األتراك وحيدثهم‪ ،‬فُّتك عليهم وعلى اجملتمع الُّتكي‬ ‫ْ‬
‫(م ْسلُ َمان ‪)Müslüman‬‬ ‫كلميت ُ‬
‫َْ‬ ‫ثريا ابلغًا‪ ...‬لكننا ال جند يف موض ٍع من مؤلَّفاتِِّّه على كثرتا‬ ‫أت ً‬
‫أن الرحالة املغرب املعروف اببن بطوطة قد زار‬ ‫ك ‪ )Müslümanlık‬وال مرةً واحدةً‪ .‬كما َّ‬ ‫و(مسلُ َمانلِّ ْ‬
‫ْ‬
‫ضا يف مذكراته اليت دوهنا ابسم (حتفة النظار‬ ‫منطقة آانضول‪ ،‬وطاف بكثري من مدهنا‪ ،‬لكننا ال جند أي ً‬
‫ألواان من عادات األتراك وطقوسهم‪ ،‬ال جند‬ ‫ائب األمصار وعجائب األسفار)‪ ،‬واليت ذكر فيها ً‬ ‫يف غر ِّ‬
‫ِّ‬ ‫فيها تلكما اللفظتني‪ .‬يف احلني الذي نعثر فيها على كلميت ِّ‬
‫ني) ‪ 149‬مرةً‪ ،‬كل‬ ‫و(م ْسل ِّم َ‬
‫(م ْسل ُمو َن) ُ‬ ‫ُ‬
‫(م ْسلِّ ٍم)‪ .‬هذا‪ ،‬ومن الطريف‬ ‫ِّ ِّ‬
‫و(م ْسل َمان) مرةً واحدةً‪ ،‬وهي مثناةُ ُ‬ ‫منهما صيغةُ َج ٍع يف اللغة العربية؛ ُ‬
‫(مسلِّ ًما)‪ ،‬اليت وردت يف القرآن الكرمي مرتني‪ ،10‬يدافعون َّأهنا‬ ‫ِّ‬
‫كثريا من األتراك حيتجو َن بكلمة ُ‬ ‫أن ً‬ ‫َّ‬
‫األصل! فيكفي هذا دليالً على خطورة العُ ْج َم ِّة‬ ‫ِّ‬ ‫(م ْسلُ َما ْن ‪ )Müslüman‬على أهنا تركيةُ‬ ‫تفي ُد معىن ُ‬
‫حال بني األتراك وبني‬ ‫الس ُد املنيع الذي َ‬ ‫اجملتمع الُّتكِّي‪ .‬هذا هو َّ‬
‫ُ‬
‫والفقر ِّ‬
‫العلم ِّي الَّ َذيْ ِّن يعانيهما‬ ‫ِّ‬
‫يصر ُحهُ القرآ ُن الكرميُ والسنةُ‬ ‫فهمه‪ ،‬والتفاعل معه وف ًقا ملا ِّ‬ ‫اإلسالم ِّي‪ ،‬فحجب م ْعظَمهم عن ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الدين‬
‫ُ َُ ْ‬
‫النبويَّةُ‪.‬‬

‫غري قليل من علماء العرب وأدابئهم ووجوههم قد أُ ْع ِّجبُوا ابألتراك قدميًا وحديثًا‪،‬‬
‫عددا َ‬ ‫شك َّ‬
‫أن ً‬ ‫ال َّ‬
‫أييت على رأسهم األديب الشهري‪ ،‬عمرو بن حبر بن حمبوب الكنان (‪869-767‬م‪ ).‬املعروف‬

‫آل عمران‪67:‬؛ يونس‪101:‬‬ ‫‪10‬‬


‫كتااب يف مآثر األتراك وأمساهُ "فضائل األتراك"‪ ،‬أطنب فيه عن حماسنهم وما فيهم‬ ‫ف ً‬ ‫ابجلاحظ‪ ،‬قد ألَّ َ‬
‫من اخلصال احلميدة‪ ،‬وذكر من طبائعهم وعاداتم وميوهلم ما مل يكتب غَ ْريُهُ من الباحثني إالَّ أننا ال‬
‫ك ‪ )Müslümanlık‬ولو مرةً واحدةً‪.‬‬ ‫و(مسلُ َمانلِّ ْ‬
‫ْ‬ ‫(م ْسلُ َمان ‪)Müslüman‬‬
‫كلميت ُ‬
‫ِّ‬
‫جند يف ثنااي سطوره َْ‬
‫لو فرضنا أن قلةً من جهلة األتراك فحسب كانت تستعمل هذين املصطلحني يف عهد هؤالء‬
‫الشخصيات لقدمهم‪ ،‬فإننا ال جند من استعملها من علماء العرب وابحثيهم حىت يف أواخر العهد‬
‫العثمان الذي كان العرب واألتراك ال يزالون جمتمعون سياسيًا حتت راية واحدة‪ ،‬وهذا ما يزيد من‬
‫غموض القضية‪.‬‬

‫عددا من الشخصيات الذين أدركوا هذه املرحلة األخريةَ من العهد العثمان‬


‫نذكر على سبيل املثال ً‬
‫وتفاعلوا مع األتراك‪ ،‬وأقام بعضهم يف إسطنبول‪ ،‬واشُّتكوا يف الثورة العربية ضد ما أمسوه بـ"استبداد‬
‫احلكام العثمانيني"‪ ،‬لنرى هل ذكر أحدهم هذين املصطلحني يف موضع من مدوانتم‪ ،‬ومقاالتم‪،‬‬
‫ومؤلفاتم‪ .‬منهم األديب املصري عبد للا ندمي (ت‪1896 .‬م‪ ،).‬والناشط السوري (احلليب) عبد‬
‫الرمحن الكواكيب (‪1902-1854‬م‪ ،).‬والشيخ طاهر اجلزائري (‪1920-1852‬م‪ ،).‬واألديب‬
‫املؤرخ السوري حممد كرد علي (‪1953-1876‬م‪ ،).‬والكاتب اللبنان حممد َجيل بَـ ْيـ ُه ْم‬
‫(‪1978-1887‬م‪ ،).‬والكاتب اللبنان أنيس املقدسي (‪1977-1885‬م‪ ،).‬واألديب املصري‬
‫كلميت‬ ‫ِّ‬
‫أمحد حسن الزايت (‪1968-1885‬م‪ ،).‬وكثري أمثاهلم‪ ...‬مل يذكر أح ُد هؤالء البارزين َْ‬
‫ك ‪ )Müslümanlık‬ولو مرةً واحدةً ضمن ما قد كتبوا من‬ ‫و(مسلُ َمانلِّ ْ‬
‫ْ‬ ‫(م ْسلُ َمان ‪)Müslüman‬‬ ‫ُ‬
‫ات‪ ،‬وما أكثرها‪ ...‬وهذا رغم ما كانوا يُكِّنون من الغضب الشديد على‬ ‫ب ومذكِّر ٍ‬ ‫ٍ‬
‫مقاالت وُكتُ ٍ‬
‫السلطان عبد احلميد وعلى اإلحتاديني‪ ،‬وقد كان بعضهم يصب جام غضبه على العنصر الُّتكي‬
‫اإلسالم َّي أتى عليه‬ ‫ِّ‬ ‫بصيغة التعميم‪ .‬منهم خباصة أمحد حسن الزايت يقول‪" :‬فأنت ترى َّ‬
‫أن العا َملَ‬
‫وآاثرهم‬ ‫دايرهم ُ‬ ‫للعرب فيه لواءٌ معقو ٌد وال ظلٌّ ممدو ٌد‪ ،‬بل أصبحت ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ستون ومخسمائة عاٍم مل يكن‬
‫العجم وهم‬ ‫ِّ‬
‫هؤالء‬ ‫كس ث األسبان بعد قليل‪ .‬وضع‬ ‫رس واجلر ِّ‬‫مقس ًما بني املغول والُّت ِّك وال ُف ِّ‬ ‫هنبًا َّ‬
‫ُ‬
‫وآداهبا‬
‫َ‬ ‫اخلدور‪ ،‬وفجوا اللغةَ‬ ‫َ‬ ‫فجربوا الدور‪ ،‬وهتكوا‬ ‫ِّ‬
‫العرب‪َّ ،‬‬ ‫وحشيون أُميو َن أيديَهم على تراث‬
‫العلماء‪ 11"...‬هكذا يواصل‬ ‫ِّ‬ ‫اص ِّد‪ ،‬وتقتيل‬
‫وتقويض املر ِّ‬
‫ِّ‬ ‫س‪،‬‬ ‫وتعطيل ِّ‬
‫املدار ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫املكاتب‪،‬‬ ‫وعلومها بتحر ِّيق‬
‫َ‬
‫بكلمة واحدةٍ إىل الداينة (ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬ ‫ٍ‬ ‫الزايت أسلوبَه‪ ،‬إالَّ انَّه رغم هذه اللهجة القاسية مل يطرق‬

‫أمحد حسن الزايت‪ ،‬اتريخ األدب العرب‪ ،‬دار هنضة مصر للطباعة والنشر‪ ،‬ص‪ .400/‬القاهرة بال اتريخ‪.‬‬ ‫‪11‬‬
‫ِّ‬
‫تشتيت‬ ‫‪ (Müslümanlık‬اليت كانت وال تزال أشد منها وطئًا من كل ما ذكره وعدده الزايت يف‬
‫ضتِّها‪.‬‬ ‫مشل ِّ‬
‫األمة احملمدية وقوض بَـْي َ‬ ‫ِّ‬

‫ومن هؤالء الشخصيات البارزين ‪-‬الذين عاشوا يف ربوع اجملتمع الُّتكي وتفاعلوا مع أبنائه‪ ،‬وشاهدوا‬
‫فتكت ابلدولة العثمانية‪ -‬الشيخ عبد الرمحن الكواكيب احلليب‪ .‬له عدة مؤلَّ ٍ‬
‫فات‬ ‫ْ‬ ‫األحداث اليت‬
‫َ‬
‫ذهبت ضحية الغسف واجلور الغاشم والتعصب الوحشي‪ ،‬وبقي منها كتابه "أم القرى" و"‬
‫ْ‬ ‫بعضها‬
‫سياسي ألَّفه الكواكيب ٍ‬
‫ابسم مستعا ٍر‪ ،‬وهو (السيد‬ ‫ٌّ‬ ‫كتاب‬
‫طبائع اإلستبداد"‪ ..‬أما "أم القرى" هذا‪ٌ ،‬‬
‫ِّ‬
‫احلميدي‪ .‬والكتاب يضم‬ ‫الفرايت)‪ ،‬تَ َك َّىن به خمافة أن يتعرض ملالحقة رجال اإلستخبارات يف العهد‬
‫ٍ‬
‫موهومة‪ ،‬امسها (َجعية أم القرى) وهي من‬ ‫ٍ‬
‫متثيلية‬ ‫ٍ‬
‫َجعية‬ ‫ِّ‬
‫أعضاء‬ ‫سلسلةً من احلوارات دارت بني‬
‫ط يف‬
‫ط وختب َ‬
‫ط وأفر َ‬
‫فر َ‬ ‫ِّ‬
‫السبيل لوحدتا‪ .‬لكنه َّ‬ ‫ظ األَُّم ِّة ومتهي َد‬
‫بنات أفكار الكواكيب‪ ،‬أراد هبا إيقا َ‬
‫ِّ‬
‫اإلنفعال‪ ،‬لقلة رصيده املعريف حول‬ ‫تصوراته ووأسلوبه وحماوالته‪ ...‬يبدو أنه كان عجوالً‪ ،‬سريع‬
‫قران‪ .‬إنه ‪-‬رغم هذا القصور‪ -‬قد‬ ‫الوقائع التاريية اليت حددت مسرية اإلسالم طيلة أربعة عشر ً‬
‫ِّ‬
‫اإلسالم‪ ،12‬لكنه أخطأ يف تعريف معاجلة هذا‬ ‫حال بني األمة وبني‬
‫سبب َ‬ ‫ِّ‬
‫الوقاد إىل أهم ٍ‬ ‫انتبه بذكائه‬
‫ك ‪ )Müslümanlık‬يف‬ ‫و(مسلُ َمانلِّ ْ‬
‫ْ‬ ‫(م ْسلُ َمان ‪)Müslüman‬‬
‫الضالل املبني‪ .‬فلم يطرق إىل كلميت ُ‬
‫أن حتليالتِِّّه كانت خاليةً من اإلطالع الوسع بتاريخ األمة‪.‬‬
‫موضع من مقاالته‪ .‬فيبدو َّ‬

‫ِّ‬
‫العرب وابحثوهم من القدمي إىل اليوم‪ ،‬رمبا له معىن‬ ‫إن هذا الصمت أو التغافل الذي اعتاده علماءُ‬
‫ما زلنا جنهل ُكنهَ أسراره‪ ،‬وإمنا َك ْش ُف َها يتوقف على جهود أصحاب العلم واإلختصاص‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬
‫ِّ‬
‫العرب حياهلا) دون‬ ‫ِّ‬
‫وصمت‬ ‫أبي تصريح (يف معرض الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬
‫جيب التنبيه على أن اإلدالءَ ِّ‬
‫دائما‬ ‫ِّ‬
‫االعتماد على واثئق وأدلة معتربة‪ ،‬ميكن أن يؤدي إىل أخطاء كبرية! لذا ينبغي التزام احليطَة ً‬
‫ِّ‬
‫معتقدات األتراك‬ ‫أحد من العرب خاصةً حول‬ ‫اسة صدر بقلم ٍ‬
‫مقالة أو در ٍ‬
‫حبث أو ٍ‬ ‫عند النظر يف ٍ‬
‫وطقوسهم‪ ،‬وأذكارهم‪ ،‬ودعواتم‪ ،‬كما ينبغي اختاذ املوقف نفسه من األتراك الذين أملوا بدراسة‬
‫كالم كل طرف منهما عن‬‫النتفاء املصداقية يف ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫معتقدات العرب ومناسكهم‪ ،‬وموقفهم من اإلسالم‬
‫اآلخر‪ ،‬مع ذلك يتأك ُد أخذ احلذر جتاه أساليب النقد الصادر أبقالم األتراك‪ ،‬ملا فيها من التعميم‬

‫وهذه كلماته اليت أصاب هبا كبد احلقيقة يف تعريف هذا السبب‪:‬‬ ‫‪12‬‬

‫مضت األمم كلها مل يكد يفارقها رسلها الكرام إالَّ ووقعت يف الشرك‪ .‬كقوم موسى عليه السالم‪ .‬فارقهم أربعني ليلةً فاختذوا‬ ‫ْ‬ ‫"وما هذا خاص ابملسلمني‪ ،‬بل‬
‫َحبَ َارُه ْم َوُرْهبَا َهنُ ْم أ َْرَاب ًاب ِّم ْن‬ ‫ِّ‬
‫البحث إىل‪ :‬ما هو الشرك يف نظر القرآن وأهله لنتقيه؟ جند أن للا قال يف حق اليهود والنصارى‪َّ :‬‬
‫{اختَ ُذوا أ ْ‬ ‫العجل‪ .‬ث إذا انقلبنا إلة‬
‫الل} [التوبة‪ ]31 :‬مع أنه مل يوجد من قبل وال من بعد من األحبار والرهبان َم ْن ادعى املماثلةَ‪ ،‬وانزع للاَ اخلالقيةَ أو اإلحياءَ أو اإلماتةَ كما يقتضيه‬ ‫ُد ِّ‬
‫ون َّ‬
‫األحبار والرهبا ُن إمنا شاركو للا يف التشريع املقدس فقط‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫احنصار معىن الربوبية عند العامة من اإلسالم‪ ،‬حسبما تلقوه من مروجي الشرك ابلتأويل واالهبام‪ ،‬بل‬
‫ُ‬
‫فقالوا هذا حالل وهذا حرام‪ ،‬فقبل منهم أتباعهم ذلك‪ .‬فوصفهم للا أهنم لتخذوا أراباب من دون للا‪".‬‬
‫َجعا‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫تعميمهم فكرةَ الوهابية على العرب ً‬ ‫ُ‬ ‫واإلهانة والتهكم‪ ...‬ومن أهم الدالئل على ذلك‪،‬‬
‫ووصمهم للعرب‬
‫ُ‬ ‫وتشميلُهم احلركةَ السياسيَّةَ اليت قادها الشريف حسني على العامل العرب أبسره‪،‬‬
‫ِّ‬
‫اآلخر قد منعهما‬ ‫عن بكرة أبيهم ابخليانة الوطنية! لعل هذا املوقف املتنافر لكل طرف منهما جتاه‬
‫من املساس بقضية ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ‪ ،Müslümanlık‬ألن افتضاح هذه الداينية‪ ،‬معناه يف الواقع افتضاح‬
‫العرب والُّتك أبَجعهم!‬
‫***‬
‫فرقَهم إىل‬ ‫متايزا بيـنًا َّ‬
‫من األمور اخلطرية أن اجملتمعات املنتسبة إىل اإلسالم متمايزة يف العقيدة ً‬
‫متخاصمة ومتنازعة كما خلق بني العرب واألتراك عقبةً رهيبةً يستحيل أ ْن يُزلِّالها فَـيَـ ْلتَ ِّقيَا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫جبهات‬
‫على أمر َّما‪ .‬يدل على شدة هذه اخلطورة وعمق األزمة أن أي عامل أو ابحث عرب مل يشعر يف‬
‫نفسه جبرأةٍ أن يشري إىل الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ‪ Müslümanlık‬حىت بكلمة واحدة‪ .‬وال يفى على‬
‫الصمت من الشبهات‪ .‬وهذا ما جعل الباحثني والعلماء‬ ‫ُ‬ ‫الباحث احملُّتف احملنَّك ما يثريُ هذا‬
‫والُّتكِّي يركِّزون ج َل اهتمامهم ابستمرار على اختالف‬ ‫ِّ‬
‫واألكادمييني من كلَ ِّي اجملتَ َم َع ْني العرب ْ‬
‫املذاهب القدمية (املعتزلة‪ ،‬واجلهمية‪ ،‬واملرجئة‪ ،‬والشيعة‪ ،‬واملاتريدية‪ ،‬واألشعرية‪ ،‬والسلفية)‪ ،‬ليس‬
‫َجيعا يتهربون من الدخول يف قضية الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ‪.Müslümanlık‬‬
‫ذلك إالَّ ألهنم ً‬

‫تقام يف خمتلف البالد العربية قلما‬ ‫جيدر هنا إاثرة اإلنتباه إىل أن املؤمترات والندوات العلمية اليت ُ‬
‫كثريا ما يَ ْد ُعو َن األكادمييني‬
‫يُدعى إليها أحد األكادمييني األتراك‪ .‬وعلى عكس ذلك فإن األتراك ً‬
‫تقام يف إسطنبول خباص ٍة‪ .‬من املؤسسات‬ ‫ِّ‬
‫والعلماء العرب إىل املؤمترات والندوات العلمية اليت ُ‬
‫اهتماما ابلبحوث واالستشارات‬ ‫ً‬ ‫العلمية الُّتكية أوقاف الدراسات اإلسالمية ‪ ISAV‬اليت هي أكثر‬
‫والعلماء العرب إىل املؤمترات والندوات العلمية على‬‫ِّ‬ ‫يف القضااي اإلسالمية‪ ،‬تدعو األكادمييني‬
‫ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬
‫املؤسسة عن طرح ِّ‬
‫ونشاطات‬ ‫مناقشة حول التصوف‬ ‫أي‬ ‫التوايل‪ .‬إالَّ أن املوقف املتجن َ‬
‫ب هلذه‬
‫الصوفية يثري الشك واالنتباه إىل ختوف األتراك من حدوث ثغرةٍ يتسلل من خالهلا الباحثون العرب‬ ‫ِّ‬
‫جذورها على اإلميان ابلتصوف‬ ‫ُ‬ ‫إىل قضية ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ‪" .Müslümanlık‬ألن هذه الداينة تعتمد‬
‫جدل على اإلطالق!"‬ ‫و"األولياء" وكراماتم‪ ،‬وتقديس أضرحتهم‪ ...‬فال جيوز أن تكون موضوعَ ٍ‬ ‫ِّ‬
‫وألن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ‪ Müslümanlık‬هي من أعظم وأقدس الرموز القومية والوطنية لألمة الُّتكية‪ .‬إهنا‬
‫رمز أجماد األتراك‪ ،‬وعنوان حضارتم‪ ،‬وقسطاس التفريق بينهم وبني العرب يف التدين والتعبد‪...‬‬
‫ٍ‬
‫مناعة يف ضمري اإلنسان الُّتكي‪ ،‬ومنزهةٌ من أن يطول إليها لسان النقد وهاجس‬ ‫ذات‬
‫فهى ُ‬
‫الشك!"‪.‬‬
‫ٍ‬
‫وابحث يريد املقارنة بني االسالم‬ ‫كل ِّ‬
‫عامل‬ ‫ٍ‬
‫عمالق يعُّتض سبيل ِّ‬ ‫هذه اخلطوط العريضة‪ ،‬تشري إىل ٍ‬
‫سد‬
‫ِّ‬ ‫أن الباحثني قد أدركوا َّ‬‫وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ‪ ،Müslümanlık‬ومن املفُّتض َّ‬
‫أن اخُّتا َق هذا السد مليءٌ‬
‫ِّ‬
‫ابخلوض يف املقارنة بني هذه الداينة وبني اإلسالم‪ .‬هذا‪ ،‬وعلى رغم ما‬ ‫ابملخاطر‪ ،‬فلم يغامر أحدهم‬
‫أعجام قاصرون‬‫ٌ‬ ‫ِّ‬
‫الشعوب‬ ‫غريهم من‬
‫وأن َ‬ ‫حياول العرب إعطاء االنطباع أبهنم أعلم ابلقرآن والسنة‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫اإلسالم ليست‬ ‫عن فهم كتاب للا وسنة رسوله على حقيقتهما‪ ،‬فإن الفجوة اليت تفصل بني العرب و‬
‫أبقل عم ًقا مما هو كائن بني األتراك واإلسالم‪ .‬يف احلقية هناك نوااي خطرية وراءَ صمت العرب حيال‬
‫َّ‬
‫ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة األتراك وهم يصرون عليه منذ قرون‪ .‬ليس من الصعب التحسس عن هذا املوقف من‬
‫خالل قرائن ال تبدو واضحةً لغري الباحث احملنك‪ ،‬وهذه نبذة منها‪:‬‬

‫‪ )1‬إن العرب املشربني ابلفكر العنصري منذ العهد األموي‪ ،‬ما زالوا ينظرون إىل غريهم من‬
‫الشعوب املنتسبة إىل اإلسالم بـ"أهنم أعجام‪ ،‬وقطعا ُن من املوايل‪ ،‬وقد منَّوا عليهم ِّ‬
‫بنعمة ِّ‬
‫العتق قبل‬ ‫ٌ‬
‫أن هؤالء األعجام يستحيل عليهم أن يفهموا معان آايت القرآن واألحاديث النبوية‪ ،‬كما‬‫قرون‪ ،‬و َّ‬
‫ِّ‬
‫إرشادهم إذن‬ ‫االسالم على حقيقته ويتناغموا مع تعاليمه‪ .‬فالكف عن‬ ‫يستحيل عليهم أن يفهموا‬
‫َ‬
‫تفاداي لنشوب غوائل تعود عليهم سلبياتا‪ ".‬يعزز هذه الفرضيةَ امتناع علماء‬
‫وترُكهم حلاهلم أسلم‪ً ،‬‬
‫العرب عن التلفظ بكلمة )‪ (Müslümanlık‬ولو مرةً واحدةً‪ ،‬فضالً عن اخلوض يف أسرار هذه‬
‫الداينة‪.‬‬

‫‪ )2‬والقرينة الثانية تتمثل يف مواقف املؤمتر اإلسالمي‪ ،‬وسياستها‪ ،‬ونشاطاتا‪ ...‬ورد يف تصريح‬
‫ِّ‬
‫أهداف املؤمتر اإلسالمي‪ :‬تعزيز التعاون والتضامن بني الدول‬ ‫لوزارة اخلارجية الُّتكية‪َّ " :‬‬
‫أن من‬
‫أعمال هذه املنظمة منذ‬
‫َ‬ ‫بل عند ما نتتبع‬ ‫‪13‬‬
‫األعضاء حلماية حقوق ومصاحل العامل اإلسالمي‪".‬‬
‫أتسيسها يف ‪ 25‬سبتمرب ‪ ،1969‬نشاهد بوضوح أهنا مل تبذل اجلهود الالزمة لتحقيق هذه األهداف‬
‫كما مل تبدو خملصةً يف نشاطاتا‪ ،‬مما يدل ذلك على نوااي خفية وراء أتسيسها‪ .‬ومن أقوى الرباهني‬
‫على هذه احلقيقة أن املنظمةَ هذه إمنا تعاونت أيدي مشبوهةٌ على إنشائها متزامنةً مع ظهور‬
‫عة بني َجيع الشعوب املسلمة‬ ‫موس ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أعمال إرشادية َّ‬ ‫َجعيات أتفقت على تكثيف اجلهود لبذل‬ ‫ٍ‬
‫وإحباط نشاطات احللف الصلييب‪-‬الصهيوىن يف الشرق األوسط‪ ،‬وكان اهلدف‬ ‫ِّ‬ ‫ملقاومة الغزو الثقايف‬
‫ِّ‬
‫اإلتفاق إحياءُ الروح اإلسالمي‪ ،‬وإرساءُ دعائم الوائم والسالم يف املنطقة‪ .‬إمنا كان‬ ‫األساسي من هذا‬

‫‪13‬‬
‫‪http://www.mfa.gov.tr/islam-isbirligi-teskilati.tr.mfa‬‬
‫ِّ‬
‫َجاعات املوحدين‪ ،‬وقد مت ذلك فعالً كما‬ ‫وإرابك‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫اإلتفاق‬ ‫اهلدف من أتسيس املنظمة عرقلةَ هذا‬
‫ُ‬
‫يبدو من خالل احلقائق التالية‪.‬‬

‫ِّ‬
‫اإلسالمي)‪ ،‬إذَ ْن فالعبارة‬ ‫نعلم‪ :‬أنه ال يوجد اليوم عا َمل امسه (العا َمل‬ ‫ٍ‬
‫* جيب أوالً وقبل كل شيء أ ْن َ‬
‫ِّ‬
‫والتضامن‬ ‫ِّ‬
‫التعاون‬ ‫أهداف املؤمتر اإلسالمي‪ :‬تعز ُيز‬ ‫ِّ‬ ‫الواردة يف تصريح وزارة اخلارجية الُّتكية َّ‬
‫"أن من‬
‫لغو ال تقوم على‬ ‫ِّ‬
‫بني الدول األعضاء حلماية حقوق ومصاحل العامل اإلسالمي‪ ".‬إن هذه العبارة ٌ‬
‫ألن احلديث عن عا ٍَمل موهوم ‪-‬يف احلني الذي جيب أوالً‬ ‫أساس من الصحة‪ ،‬بل الواقع عكس ذلك‪َّ .‬‬ ‫ٍ‬
‫الدول األعضاءُ‬
‫ُ‬ ‫إحياءُ هذا النظام العاملي الفريد بعد انقراضه‪ -‬ينم عن أسرا ٍر خطريةٍ تواطأت عليه‬
‫الوعي‬
‫ُ‬ ‫ام هذه الدول يافون أن تزول أنظمتُـ ُهم بعد أن تنتشر‬ ‫وألن ُح َّك َ‬
‫هلذه املنظمة املشبوهة؛ َّ‬
‫األوسط‪ ،‬وتبدأ اجلماهري الغفرية من املسلمني تعمل على إإلطاحة هبم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالمي يف ربوع الشرق‬
‫ِّ‬
‫وإحياء اخلالفة الراشدة من جديد! إذ ال يفى‬ ‫وإقامة دولة إسالمية على أنقاض هذه الدكتاتورايت‪،‬‬
‫ما يُتبىن هبذا املوقف املتناقض من إعاقة األمة بطريق غري مباشر عن حتقيق هذا الواجب العظيم‪.‬‬

‫إن هذه الكلمات الثالث‪ «Müslüman», «Müslümanlar» ve «Müslümanlık» :‬قد وردت‬ ‫* َّ‬
‫بالف مرةٍ‪ ،‬وهي مبعثرة على صحائف الواثئق اخلاصة ابلدولة الُّتكية‬
‫ِّ‬ ‫يف حماضر املؤمتر اإلسالمي‬
‫ِّ‬
‫املنظمة مبدينة جدة‪ ،‬كما أن مسؤويل الدولة الُّتكية قد نطقوا‬ ‫ملفات يف حمفوظات‬ ‫ٍ‬ ‫ومضبوطة ضمن‬
‫هبذه الكلمات بالف مرةٍ عرب ُخطَبِّ ِّهم اليت ألقوها يف ِّ‬
‫أثناء اإلجتماعات املتكررة هلذه املنظمة‪ .‬لكنه‬
‫ُّت ْح على اإلطالق‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫مل يسبق أن اعُّتض أح ٌد من مندوب ِّ‬
‫الدول األعضاء على هذه الكلمات‪ ،‬ومل يُـ ْق ََ‬
‫استبدا ُهلا بكلمات‪" :‬مسلم"‪ ،‬و"مسلمون"‪ ،‬و"مسلمني"‪ ،‬و"إسالم"‪.‬‬

‫ِّ‬
‫للحيولة دون مظامل الدولة الصهيونية‬ ‫* إن املنظمة مل يسبق هلا أن طالبت املنظمات العاملية جبدية‬
‫املزعومة ومذاحبها ضد الفلسطينيني "املنتسبني لالسالم"‪ ،‬كما مل ترفع صوتا يف وجه هذه الدولة‬
‫ِّ‬
‫إسالم ٍي)‬ ‫ان" فيتحول إىل (عا ٍَمل‬
‫انتفاضات عارمة يف "العا َِّمل ال ُْم ْسلُ َم ِِّّ‬
‫ٌ‬ ‫يوما من ِّ‬
‫األايم‪ ،‬خمافة أن حتدث‬ ‫ً‬
‫يهدد الكياانت الدكتاتورية‪.‬‬

‫ٍ‬
‫انتقاد ألعضائها اليت تعاونت مع إسرائيل ومل حتاول ردعها يف أي‬ ‫* هذه املنظمةُ‪ ،‬مل ِّ‬
‫توجهه أي‬
‫وقت‪.‬‬
‫دائما تتفرج على األحداث الدامية من املعارك واملذابح واإلقتتال واإلنقالابت‬
‫* هذه املنظمة ظلت ً‬
‫اإلرهاب واهلجرات اليت جرت وما زالت جتري سواء بني أعضائها أو داخل أي‬ ‫ِّ‬ ‫العسكرية وأعمال‬
‫بلد منها‪ ،‬منذ أتسيسها إىل اليوم‪ .‬مل تكن خملصةً يف موقفها حيال حرب اخلليج وأحداث‬
‫أفغانستان‪ ،‬والبوسنا‪ ،‬وقربص‪ ،‬وكشمري‪ ،‬وسنجان‪ ،‬والصومال‪ ،‬وسوراي‪ ،‬والعراق‪ ،‬وليبيا‪ ،‬واليمن‪...‬‬
‫مل أتت حبل أي مشكلة من مشاكل هذه البلدان‪.‬‬

‫* من الدوافع املثرية لالنتباه أن القطاع العرب هو الذي يتحكم يف توجيه املنظمة وال يُّتك اجملال‬
‫ملتواي‬
‫أسلواب ً‬
‫ً‬ ‫للقطاع العجمي فيها‪ ،‬ليتحم َل أي دوٍر فعال يف إصدار القرارت‪ ،‬واملنظمة تسلك‬
‫ِّ‬
‫حتاول من خالهلا طمس الصحوة االسالمية املتنامية‪ .‬سامهت الدولة الوهابية خاصةً أبكرب قدر من‬
‫ِّ‬
‫(اجلهاد) بقيادة أسامة بن الدن‪ ،‬إلاثرة‬ ‫عناصر متطرفةً حتت مسة‬ ‫الدعم هلذا األسلوب فشجعت‬
‫َ‬
‫الضغينة ضد اإلسالم يف الرأي العام العاملي‪ ،‬وحىت ال تتحول حركة الصحوة إىل محلة جريئة ألجل‬
‫احلرب‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫املتطرفني فأعلنت‬ ‫إقامة دولة إسالمية وف ًقا لنهج اخلالفة الراشدة‪ .‬ث غريت سياستها مع‬
‫املنشود ابنكماش حركة الصحوة اليت كانت تتبىن طريقةً‬
‫ُ‬ ‫اهلدف‬
‫ُ‬ ‫عليهم لدفع الشبهات‪ ،‬فتحقق‬
‫هادئةً يف تثقيف الناشئة ِّ‬
‫وبث الدعوة إىل االسالم الصحيح على أساس احلكمة واملوعظة احلسنة‬
‫واجملادلة ِّاب ْحلُ ْس َىن‪.‬‬

‫***‬
‫ِِّّ‬
‫القرآن‬ ‫إن من أهم القرائن اليت تربهن على حماولة العرب لطمس احلركات اإلرشادية إىل السالم‬
‫املشوهِّ ودعمهم لبقائِِّّه‪ ،‬وتشجيعهم للشغب‬
‫احملمد ِّي الصحيح‪ ،‬واصر ِّارِّه ْم على االسالم التقليدي َّ‬
‫ِّ‬
‫أحناء الشرق األوسط‪ :‬هو موقف الدولة الوهابية من خالل نشاطات منظمة (الرابطة) يف‬ ‫والفنت يف ِّ‬
‫األدمغة بطريق استغالل "الدعوةٍ‬
‫ِّ‬ ‫نشر الفكر الوهاب‪ .‬إذ تقوم هذه املنظمةُ بتجميد العقول وغسل‬
‫إىل التوحيد"‪ ،‬وإاثرة اجلدال حول األسلوب الكالمي يف تفصيل مسائل العقيدة‪ .‬لكن املهمة‬
‫ِّ‬
‫املنظمة أهنا تتسلل إىل البالد الغري انطقة ابلعربية (وعلى رأسها تركيا وابكستان)‬ ‫األساسية هلذه‬
‫وذلك للقيام بنشاطات إستخباراتية فيها‪ ،‬وَجع معلومات اسُّتاتيجية تستخدمها الدولة العميقة‬
‫الوهابية لتحقيق خطة ما‪ ...‬وما َّ‬
‫أدل على هذه احلقيقة نشوء العصاابت اإلرهابية (الالدنية‬
‫والداعشية) يف أحضان الدولة الوهابية‪ .‬ومن منطلَ ِّق الفكر الوهاب اخلارجي‪ :‬تلك اخلطة الوحشية‬
‫اليت نفذتا عصابةٌ من الوهابيِّني يف عملية الفتك ابلصحفي َجال خاشقجي داخل القنصلية‬
‫الوهابية يف إسطنبول‪.‬‬
‫شأوا حىت قامت بدفع‬ ‫نشاطات رابطة الوهابية (إلعاقة انتشار اإلسالم الصحيح) ً‬ ‫ُ‬ ‫لقد وصلت‬
‫أحناء أورواب (أايم ُح ْك ِّم كنعان أفرين ‪ ،)Kenan Evren‬بينما ال‬ ‫تبات لرجال الدين من األتراك يف ِّ‬ ‫مر ٍ‬
‫معة بدعاايت (رجال الدين األتراك) اهلدامة‬ ‫وسوء الس ِّ‬‫التشويه ِّ‬
‫ِّ‬ ‫احلنيف من‬ ‫الدين‬
‫ُ‬ ‫ض له ُ‬ ‫تعر َ‬
‫يفى ما َّ‬
‫وتِّ ْم إىل الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ‪ ،Müslümanlık‬يف الغرب خاصة يف أملانيا‪.‬‬ ‫القرآن‪ ،‬ودع ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم ِِّّ‬ ‫ِّ‬
‫ض َّد‬
‫حبت‪ ،‬إذ ال يوجد مسج ٌد بناه‬ ‫وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ ‪ ،Müslümanlık‬داينةٌ تُـ ْركِّيَّةٌ صوفيةٌ وعصبيةٌ وعنصريةٌ ٌ‬
‫ِّ‬
‫اإلسالم أبشد ما‬ ‫ف عليه َعلَ ٌم للدولة الُّتكية‪ ،‬وهذا جحود لِّ َعال َِّميَّ ِّة‬ ‫األتراك يف مدن أورواب إال ويُـ َرفْ ِّر ُ‬
‫ميكن‪ ،‬ونُكران لوجوده‪.‬‬

‫لقد كلفت الرابطةُ شخصني يقومان منذ سنوات ابلدعوة إىل املذهب الوهاب يف تركيا‪ ،‬مما يدل على‬
‫ِّ‬
‫وأوفرها عن طبيعة اجملتمع الُّتكي ومعتقداته وعاداته‬ ‫أن هذه املنظمة لديها معلومات من أدقِّها‬
‫َّ‬
‫وسلوكياته اإلجتماعية ‪ ،‬وهي متخوفة من الدولة الُّتكية واستعداداتا التوسعية لقبض عنان السياسة‬
‫ٍ‬
‫معلومة ختص الداينةَ ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ ‪،Müslümanlık‬‬ ‫يف الشرق األوسط‪ .‬لذا‪ ،‬ال جيوز أن يكون أدىن‬
‫ومدوانتا‪ ،‬ومراسالتا‪ ،‬ومنشوراتا‬ ‫غائبَا عن علم هذه املنظمة؛ ورغم هذه احلقيقة فإن َجيع قراراتا‪َّ ،‬‬
‫كلمة )‪ .(Müslümanlık‬أليس هذا من غرائب األمور! إذًا هناك سؤال آخر يفرض‬ ‫خالية متاما عن ِّ‬
‫ً‬
‫وتتنك ُر هلا‪ .‬ألن حماولة فك الشفرة‬ ‫َّ‬ ‫نفسه‪ :‬ملاذا تتجاهل الرابطةُ ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ ‪،Müslümanlık‬‬
‫للداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ ‪ Müslümanlık‬هلي أشد خطورة من االستعداد للحرب! وإليك إحدى أهم‬
‫شفرات هذه الداينة اليت مت العثور عليها‪ ،‬وهي مُّتَجة من الفارسية إىل الُّتكِّيَّ ِّة‪:‬‬

‫‪«Velâyet, fenâya varmış kimsenin hâlidir. Nübüvvet mertebesinden uludur. Bazı‬‬


‫‪enbiyâ hazerâtı velâyete de sâhib olmuşlardır. Lâkin her velîde nübüvvet-i tarifiyye‬‬
‫‪veya tebliğiyye mevcûd olagelmiştir.»14‬‬

‫مآل هذه العبارات اخلطرية ابللغة العربية‪:‬‬


‫وفيما يلي ُ‬

‫الويل "يف ُمصطلَ ِّح‬ ‫املقام الذي يستحق الشخص هنالك حيازةَ ِّ‬
‫صفة ِّ‬ ‫الوصول إىل ِّ‬
‫ُ‬ ‫"الواليةُ (أي‬
‫ُ‬
‫املقام‬ ‫ينصهر فيه ويتَّح ُد معه‪َّ ).‬‬ ‫اإلنسان الذي يفنىن يف ِّ‬
‫ِّ‬
‫إن هذا َ‬ ‫ُ‬ ‫ذات للا‪( ،‬أي‬ ‫َ َ‬ ‫حال‬
‫الصوفية")‪ ،‬هي ُ‬

‫‪14‬‬
‫املصدر‪. Hasan Lûtfi Şuşud, İslâm Tasavvufunda Menâkıb-ı Evliya s.163 İstanbul-1958. :‬‬
‫ويل قد‬
‫كل ٍ‬
‫لكن َّ‬
‫املقام‪َّ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫النبوةِّ‪ .‬وعلى أي ٍ‬ ‫هو أعلى من ِّ‬
‫بعض األنبياء هذا َ‬
‫حال فقد حاز ُ‬ ‫مقام َّ‬
‫النبوةُ التعريفيَّةُ والتبليغيَّةُ‪".‬‬
‫حتققت فيه َّ‬
‫ْ‬

‫ال بد هنا من اإلشارة إىل أن األولياءَ املقصود هبم يف هذه العبارات‪ ،‬كلهم من العنصر الُّتكي‪ ،‬أما‬
‫إذا كان بينهم أحد من العرب فإنه قد استُّتك على حد اعتبارهم (كأب أيوب األنصاري) الذي مت‬
‫استبدال امسة بـ (أيوب سلطان ‪ )Eyüp Sultan‬وهو مدفون يف مدينة إسطنبول‪.‬‬
‫ُ‬

‫***‬

‫رب قد اعتادوا أن يتجاهلوا الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ‬


‫ومن أهم القرائن اليت تربهن على أن الع َ‬
‫ومثقفيهم الذين أقاموا يف تركيا وتعايشوا‬ ‫أن خنبةً من علمائِّهم ِّ‬ ‫‪ ،Müslümanlık‬استخ َفافًا ابإلتر ِّ‬
‫اك؛ َّ‬
‫لكن أح ًدا منهم مل يكن قد تساءل عن كلمة (‪ )Müslümanlık‬على‬ ‫مع األتراك فُّتةً طويلةً‪َّ ،‬‬
‫اإلطالق‪ .‬ومن هؤالء العلماء على سبيل املثال‪ :‬األستاذ الدكتور سعيد رمضان البوطي الذي كان‬
‫جنوب‬
‫َ‬ ‫من األعالم النابغني ابملنطقة الشامية‪ ،‬وهو كردي األصل‪ُ ،‬ولِّ َد يف جزيرة ابن عمر الواقعة‬
‫تركيا عام ‪1929‬م‪ .‬ث انتقلت أسرتُهُ إىل دمشق‪ ،‬فنشأ البوطي هناك نشأةً عربية‪ ،‬وكان من أعلم‬
‫للفظ يف أي موضع من‬ ‫املنطقة‪ ،‬مع ذلك ال نعثر على هذا ا ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وأبهل هذه‬ ‫ِّ‬
‫السابق‬ ‫الناس بَِّو ِّطنِّ ِّه‬
‫ِّ‬
‫هؤالء املشاهري‪ ،‬األكادميي املصري الذي طاملا يشارك يف املؤمترات اليت‬ ‫مؤلَّفاته على كثرتا‪ .‬ومن‬
‫تقام يف إسطنبول‪ ،‬األستاذ الدكتور حسن حنفي‪ ،‬والعاملُ السوري الشخ علي الصابون الذي يقيم يف‬
‫مدينة (ايلَُوا ‪ )Yalova‬قرب إسطنبول منذ سنني‪ ،‬والعاملُ الدمشقي املغفور له (إن شاء للا) الشيخ‬
‫عبد الرمحن حسن حبنكة الذي كان له عالقات ودية بعلماء األتراك‪ ،‬واألكادميي السعودي‪،‬‬
‫األستاذ الدكتور عبد للا املصلح الُّتكي املعروف مبحبته لألتراك‪ ،‬والعاملُ املصري‪ ،‬حممد قطب‪،‬‬
‫ِّ‬
‫العلماء السوريِّني مبدينة إسطنبول‪ ،‬الشيح ممدوح جنيد القعقع‪ ،‬ومساع ُده الدكتور‬ ‫ورئيس ر ِّ‬
‫ابطة‬ ‫ُ‬
‫حممد ايسر املسدي‪ ،‬وكثري من أمثاهلم‪ ...‬كلهم قد أملوا أبوضاع تركيا وأحوال اجملتمع الُّتكي غاية‬
‫اإلملام وهلم معرفة واسعة عن الشعب الُّتكي‪ ،‬كما أهنم ميتازون أبكرب قدر من علوم العربية وثقافتها‪،‬‬
‫وال يفى عليهم مشاكل العُ ْج َم ِّة وانتفاء الصلة بني كلمة »‪ «Müslümanlık‬وبني لفظ (اإلسالم)‬
‫ظ هبذه الكلمة ولو مرةً واحدةً يف خطابِّ ِّه أو يف‬
‫واصطالحا‪ .‬لكنه مل يسبق ألحدهم أ ْن تلف َ‬
‫ً‬ ‫لغةً‬
‫موض ٍع من كتبِّ ِّه‪ .‬وهذا على رغم ما قد مسعوا بذاهنم هذه الكلمات الثالث‪«Müslüman», :‬‬
‫»‪ «Müslümanlar» «Müslümanlık‬رمبا مآت مرة يف حياتم‪ .‬فال جيوز إذًا أن يعتذر أحدهم أب ًدا‬
‫ضا من غرائب األمور!‬
‫أنه مل يسمع هذه األلفاظ‪ .‬أليس هذا أي ً‬

‫كل هذه احلقائق‪ ،‬تُنبؤان يف الواقع أن هناك خلفيَّةٌ مظلمةٌ مليئةٌ ابألسرار وراء مفهوم ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬
‫يشري بقلمه إىل هذه الناحية‬ ‫ِّ‬
‫‪ .Müslümanlık‬وملا مل يتجرأ أحد من العلماء والباحثني العرب أن َ‬
‫أن القضية مشحونة ابملخاطر‪ .‬لكنه ال يُ ْستَـ ْبـ َع ُد أ ْن َّ‬
‫متتد‬ ‫فإن ذلك يدل بقطعي ٍة على َّ‬
‫على اإلطالق‪َّ ،‬‬
‫خمطوطات وواثئِّ ُق‬ ‫ٌ‬ ‫ظ فيها‬‫أيدي عمالق الباحثني يف مقبل قريب إىل خمازن مكتاابت خاص ٍة ُْحيتَـ َف ُ‬
‫بِّ ِّس ِّريٍَّة ابلغة‪ ،‬فيتناولوها ابلبحث الدقيق فيكشفوا ستائر الظالم عن كثري من جماهيل هذه القضية‬
‫بعون للا تعاىل وتيسريه‪ .‬إالَّ أن احلاجة ماسة يف الغاية ‪ِّ -‬‬
‫ألداء هذه املهمة بنجاح‪ -‬إىل ابحثني‬
‫ممتازين ابلشجاعة واحلمية اإلميانية والتخصص يف فن البحث العلمي‪ ،‬ونزيهني جديرين ابلثقة والذمة‬
‫واألمانة‪.‬‬

‫***‬

You might also like