Professional Documents
Culture Documents
الذ ين ِّ
الد
ُ ُ َ َْ ُ
ُاإلسالَ ُم ِّأم ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّة
ْ أ َُه َو
*** ***
PART-13
"Müslümanlik" موقف العرب من الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة
The Arabs' position on the Muslumanism (Müslümanlık) religion
أتليف
فريد صالح اهلامشي
Copyright©2018 by
Feriduddin AYDIN
feriduddin@gmail.com
.م2018-إسطنبول
al_ibar.publishing@yahoo.com
سلُ َمانِّيَّ ِّة ""Müslümanlik
موقف العرب من الداينة ال ُْم ْ
شخصية حتظى صفة "الويل" عند األتراك ،حيتل ضمري الغالبية ٍ كل
من اجلدير ابلتنبيه على أن َّ
كإله (رغم عدم التعبري عن ألوهيتها بصراحة) .واألولياءُ يف معتقد املنتسبني إىل الداينة العظمى منهم ٍ
اب ذَ َهبًا، ِّ ْك ِّالْمسلُمانِّيَّ ِّة )" :"(Müslümanlıkيـتَص َّرفُو َن يف مل ِّ
الُّت َ
الغيبَ ،ويُـ َقلبُو َن َ
َ للا ،ويعلمون ُ َ َ ُْ َ
أمرهم ،ويُهلكون َم ْن فتمتثل َ
ُ الوحوش
َ س ِّخ ُرون ِّ
البصر ،ويُ َ
مسافات ِّ
شاس َعةً يف ل َْم ِّح ٍ ويقطعون
يسخطون عليه بلعنتهم "...إىل غري ذلك من موبقات اإلميان ،كما قد أثبت هذه احلقيقةَ كثريٌ من
طحظ له من اإلميان واإلسالم ،ودونَهُ خر ُ أن َم ْن كان على هذا املعتقد ،ال َّ الباحثني .فال شك؛ َّ
ان )،(Muslim community أن أصحاب هذا املعتقد من اجملتمع الْمسلُم ِّ القتاد! .واملثري للدهشة َّ
ُْ َ َ
واظبة على النوافل! أما األولياءُ عند أداء الصلوات يف أوقاتا وامل ِّ هم أشد من املسلمني حرصا على ِّ
ً
أقرب إىل ِّ ِّ ُم ْعظَِّم العرب "هم ٌ
رجال صاحلون من أهل التعبد والتنسك ،ال يشقى جليسهم ،ودعا ُؤهم ُ
القبول عند للا "...وقلة من العرب احملتكِّني ابألتراك والذين قد اقتبسوا من ثقافتِّهم يبالغون يف
اعتقادهم هذا ويزيدون على بقية العرب يف وصفهم للصوفية ابلقداسة مبا يتعارض مع أسس اإلميان
أن العرب ال يُِّقرون ابل ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ) ،(Müslümanlıkبل الطبقةُ
يف الدين احلنيف .واألهم من ذلك َّ
اإلسالم هبذا اإلسم الغريب .وقد ال يعلم أكثرهم
َ تعرف شيئًا حول تسمية األتراك
تكاد ُ
الشعبيَّةُ ال ُ
الصحيح الذي كان يدين به النيب حمم ٌد عليه
َ اإلسالم
َ َّ
أن الداينةَ اليت يعتنقوهنا ابلذات ليس هو
مشوهٌ خمتَـ َزٌل عن اإلسالم ،لكنهم مع ذلك يسمونه اإلس َ
الم الصالة والسالم وأصحابُهُ ،بل هو دي ٌن َّ
اإلسم يف القرآن الكرمي وقد نزل بلغتهم ،فال يرون ٍ
موروثة من أسالفهم وألهنم جيدون هذا كعادةٍ
َ
ِّ
خبالف األتراك الذين عشرات املاليني منهم جيهلون ِّ
اإلسالم بُدًّا لتغيري هذا اإلسم ،ويفهمون معىن
معىن هذه الكلمة ،ويف أي سورة ويف أي آية تقع من القرآن الكرمي ...ومن احلقائق اليت ال ريب
يعرب أب ًدا عن إنتمائه الديين إىل ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة
يتحدث اللغةَ الُّتكِّيَّةَ ،ال ِّ ٍ
شخص عرب ال َّ فيها َّ
أن أي
اإلسالم وآدابِّ ِّه وأصولِّ ِّه ،فال ُجييب على استيضاح َم ْن ِّ ِّ
أبحكام ) (Müslümanlıkمهما كان جاهالً
يسأله عن دينه بقوله ،«ben müslümanım» :أي "أان ُم ْسلُ َما ْن" على غرار األتراك ،بل يعلن ذلك
بقوله "أان مسلم"َّ .أما العرب من مواطين الدولة الُّتكية ولالجئون الذين يقيمون يف هذا البلد منذ
كلميت
َْ فُّتة طويلة واملتمكنون من اللغة الُّتكية فإهنم حبكم اإلحتكاك والتفاعلَّ ،
يتلفظون
اإلستعمال،
َ ِّ
العرب جيهلون هذا لكن عامةَ
» «Müslümanو» «Müslümanlıkلدى املناسبةَّ .
البحوث والدر ِّ
اسات يف البالد ِّ ِّ
كاجلامعات ،ومر ِّ
اكز أن ا ِّ
جلهات املسؤولةَ واملؤسسات العلمية؛ كما َّ
كل ذلك؛ أنه مع هذا اخللط والفوضى اليت تتأرجح العربية تتجاهل هذه احلقيقة! وأغرب من ِّ
ضا ال يعلمون أدىن ٍ
شيء عن مغامرة الداينة والتجاهلَّ ،
فإن األتراك بعمومهم أي ً ِّ وتتذبذب بني اجلهل
ومسريتا التاريية ،وال عن ِّحيَ ِّل أوالئك الزاندقة الذين اختلقوها يف
ِّ سلُ َمانِّيَّ ِّة )(Müslümanlık
ال ُْم ْ
شخص من ٍ مدينة خبارى ،وحالو بينهم بني اإلسالم هبذه اخلطة الرهيبة يف وقت مبكر ،بل أي
األتراك ،ال ميتمالك نفسهُ عن إظهار ابلغ التعظيم هلم عند ما يسمع أسم ِّ
أحدهم ،فيبادر يُـ َرِّد ُد َ َ
والدعاء هلم بقوله "قدسنا للا أبسرارهم العلية ،وأفاض علينا من ِّ كلمات التقديس والتبجيل
بركاتم ،وجعلنا حتت ظل شفاعتهم "...أليست هذه األمور مثريةً لالندهاش واحلرية؟!
الذهن :ما الفائدة يف اإلجابة على السؤال املفُّتض كما لو سألنا :ملاذا ال ُ هنا استفسار عتيد يُشغِّ ُل
يستخدم اإلنسان العرب كلميت ) (Müslümanو)(Müslümanlık؟ إن هذا السؤال يتَّ ِّس ُم أبمهة
وحي ِّملُهُ مسؤوليةً عظيمة الرجل ا ِّ
لعامل ُ ِّ كبرية وإن كان يظهر يف بساطة؛ ألنه يضع صورة َّ
معق َدةً أما َم
لكن األتراك يُطلقون إمسًا آخر ِّ
إلسالم؛ َّ العرب واألتراك قدميًا يدعون أهنم يدينون اب َ تتمث ُل يف أن
العرب ال يُطلِّقو َن هذا
ُ ك ،)Müslümanlıkبينما (م ْسلُ َمانْلِّ ْ
على اإلسالم خبالف العرب ،يسمونه ُ
ذاته تسميةَ األتراك له هبذا اإلسم اإلسم على اإلسالم ،كما جيهلون (وقد يتجاهلون) يف الوقت ِّ
َ
حد ال جند عاملًا من علمائهم وال العجمي الدخيل .واملثري أن العرب يبلغ هبم جهلهم هذا إىل ٍ
شيء عن هذه الداينة اليت يدين هبا ماليني الناس يف تركيا .وقد ابحث من ابحثيهم أنه كتب أدىن ٍ ٌ
أثبت اإلحصائيات أن عدد املعتنقني هلذه الداينة يفوق عن مثانني مليون نسمة من مواطين الدولة
الُّتكية ،يف احلني الذي قد ال يتجاوز عدد املسلمني يف هذا البلد مخسني أل ًفا حسب استطالعات
سرية حققتها َجاعةٌ توحيدية! نعم ،ما سبب هذا التجاهل والتخطي يف موقف العرب من
ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )(Müslümanlık؟ َّ
إن هذا السؤال يتوجه ابلضرورة إىل علماء العرب الذين ميتازون
وحيملُهم مسؤوليةً عظيمةً ،ويُّتكهم عرضةً ٍ
خباصةِّ ، ابلتخصص واخلربة يف العقيدة اإلسالمية
معم َق ٍة حول كتب حبوث ودر ٍ
اسات َّ ضوء ٍ لالتامات حلني قيامهم إبجاابت علمية مقنعة ،وذلك يف ِّ
Dr. األستاذ الدكتور فؤاد كوبرولو ،Prof. Dr. Fuad Köprülüوالدكتور عبد الباقي ُكولْبِّنَ ْارِّيل
Prof. Dr. Ahmet Yaşar ،Abdülbakiواألستاذ الدكتور أمحد ايشار أوجاك Gölpınarlı
َجيع هذه العُ َق ِّد وإشكاليةَ املسألة على جانب ،ونُـ َركِّ َز ُج َّل
يناسب هنا وف ًقا للسياق أن نضع برهة َ
دفعا للغموض الذي يسود على آفاق املوضوع وحىت نتمكن من ِّ
إهتمامنَا على نقطتني مهمتني ً
كشف احلبكة؛ النقطة األوىل :هي موقف العرب من اإلسالم (بكليته اجلامعة) ،والنقطة الثانية :هي
موقف العرب من مستوايت اإللتزام ِِّّ
اإلميان للشعوب املنتسبة إىل اإلسالم من غري العرب .لكننا
نفهم ما الذي مينعالفهم ملا تنطوي عليه النقطتان اآلنفتا الذكر ينبغي أوالً أ ْن َ َ قبل أن نتحرى
ك ،)Müslümanlıkعلى غرار األتراك؟ وملاذا ال يقول (م ْسلُ َمانْلِّ ْ ِّ
العرب من تسميت ِّهم اإلسالم َُ
يقول:
ض أ ْن َ العرب" :أان مسلُما ْن ،"Ben Müslümanımكما يقول الشخص ِّ ِّ اإلنسا ُن ِّ
الُّتكي ع َو َ
ْ ُْ َ
كثريا من األتراك قد يظنون أن الشعوب املنتسبة ألن ً"أان ُم ْسلِّ ٌم" ،إقر ًارا ابنتمائِِّّه إىل االسالم؟ َّ
العرب أن يفهموه أب ًدا منذ
ُ اإلسم على اإلسالم ،وهذا الذي ال يري ُد َ َجيعا يُطلِّقو َن هذا
لالسالم ً
فلإلجابة على ما يتضافر ضمن هذه الصيغ املتشابكة من االستفهامات جيب علينا أن نعود ِّ قرون!
ابلبحث حلظةً إىل أايم ظهور اإلسالم.
أول من استجابوا للدعوة إىل اإلسالم هم العرب الذين خاطبهم القرآن الكرمي فبل كل
أن َال يفى َّ
الشعوب .وقد نزل الوحي بلغتهم .كانوا يعبدون األصنام يف العهد اجلاهلي مفتتنني هبا ،وما أن جهر
النيب عليه السالم بدعوته انفجر املشركون عليه مبشاعر الغضب واهنالوا عليه وعلى الع ِّ
صبة املؤمنةُ
به أبلوان من التعذيب والنكال ،لكنهم استسلموا لدعوة الرسول الكرمي عليه صلوات للا تعاىل
وتسليماته يف هناية املطاف وبعد أن دارت سلسلةٌ من املصادمات واملعارك بني الطرفني ...فهنا
نفسهُ على العرب ابسم عرض َ َ أن هذا الدين قد جيب التأكيد على أن أهم ما يف األمر ،هو َّ
الدين ِّعْن َد َِّّ
اَّلل ِّْ
اإل ْس َال ُم 1".وقوله تعاىل: "اإلسالم" وحسب .والربهان على ذلك قوله تعاىل" :إِّ َّن ِّ
َ
اإل ْس َال َم ِّدينًا 2".فيمتنع إذن إطالق يت لَ ُك ُم ِّْ
ض ُ ْ َ ََ ْت لَ ُك ْم ِّدينَ ُك ْم َوأَ ْمتَ ْم ُ
ت َعلَْي ُكم نِّ ْعم ِّيت ور ِّ "الْيَـ ْوَم أَ ْك َمل ُ
الكلمة الدخيلة (مسلمانلك )Müslümanlıkعلى الدين اإلسالمي احلنيف ،وتُـ َعد هذه التسميةُ
إحلادا يف دين للا وانتها ًكا حلرمته بال شك؛ كما ميتنع أن يوافق العرب على هذه التسمية الشاذةِّ ً
وهم أعلم بكتاب للا ،وأقدم يف تفسري متشاهباته ،واستنباط األحكام من آايته...
إن إشكالية سوء التفاهم بني األتراك والعرب يف هذه القضية على مدى قرون ،إمنا ترجع إىل تلك
بشكل أساسي .كما هلا أسباب أخرى ُجلها انشئةٌ من الْعُ ْج َم ِّةَّ .
ألن كلمةَ (إسالم) ،ال أح َد ٍ املكابرة
(أسلَ َم) مشت ٌق من هذا املصدر ،وأنه ال ميكن يف تركيا يعلم أهنا مصدر يف ِّ
اللغة العربيةَّ ،
وأن الفعل ْ ٌ
ك )Müslümanlıkمن هذا املصدر إطالقًا ،ألهنا عجميةٌ وال مكان هلا يف (م ْسلُ َمانْلِّ ْ
اشتقا ُق كلمة ُ
ألحد هبذه التحليالت اللغوية يف تركيا ،إالَّ قلةٌ من أساتذة الكليات الدينية القاموس العرب .ال علم ٍ
قد يدركوهنا ،لكنهم يتجنَّبون الدخول يف هذه املسألة لقلق يف نفوسهم!
لقد اتضح خالل هذه التحليالت اللغوية الدقيقة وبصورة جلية ،أنه ليس بني كلمة (اإلسالم)
وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ) (Müslümanlıkمن أدىن عالقة يف إطار قوانني اللغة العربية ،لكنه من املستحيل
َجيع األتراك واألقليات املتعايشةَ معهم إفهام اجملتمع الُّتكي هذه احلقائق بسبب حاجز ِّ
اللغة ،إذ َّ
أن َ
طغت على هلجتها اللغةُ الُّتكيةُ يكاد َجيعهم جيهلون اللغةَ العربيَّةَ ،وحىت األقلية العربية يف تركيا ،قد ْ
كية عنات العربيَّ ِّة .إن هذه املشكلةَ املعق َدةَ هي اليت قد حولت وجهةَ األَُّم ِّة الُّت ِّ
وأذهبت عنها ميز ِّ
ْ
اإلسالم إىل ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ) (Müslümanlıkعلى مدى اتريا منذ ألف عام.
هذا مثال لفتوى من فتاوي أحد علماء العثمانيني ابللغة الُّتكية القدمية ورد فيها تعبري "زيد املسلم": 4
Sual: Hind-i nasrâniyenin zevci Zeyd-i Müslim fevt oldukta Hind ba’dehû inkirâzü’l iddet nefsini
Amr-ı zimmiye tezvîce kadire olur mu? Elcevab: Olur. Sefa Yapıcıoğlu, Gürkan Canpolat,Alternatif
Tarih s.4. Gece Kitaplığı yy. İstanbul-2016
ظ العربيَّةُ من الفصاحة ،ومعانيها املُّتامية خباص ٍة
متنوعة وما تتَّ ِّس ُم به األلفا ُ
ٍ العرب خاصةً من مقاص َد
ذهن ِّ
فتمتنع املقولةُ العربيةُ من إاثرة ذهن الشخص الُّتكي بقدر ما تُثريُ وُمتَت ُع َ ُ لسعتها البالغية،
العرب املثقف .يكفي من الربهان على هذه احلقيقة أن نشهد السطحيةَ والركاكةَ والفجاجةَ ِّ
اإلنسان ِِّّ
اليت تسود على عبارات املُّتَجني األتراك الذين قاموا حبملة نقل الُّتاث اإلسالمي إىل اللغة الُّتكية
ِّ
واألخطاء، ِّ
األغالط، من بداية السبعينيات من القرن امليالدي املنصرم ،فضال عما يف عباراتم من
والتحريفات...
احة ودون أي حتف ٍظ؛ أنه يكاد يكون من حبق ،جيب أن نعُّتف هنا وبكل صر ٍ وإذا كنا خملصني ٍ
العرب أن يتعلَّ َم اللغةَ الُّتكيَّةَ على مستوى أبنائها الذين يُتقنوهنا حبذافريها، ِّ
العنصر ِِّّ املستحيل على
الُّتكِّ ِّي أن يتعلَّ َم اللغةَ العربيَّةَ على مستوى مثقفي العرب ،إال الذين ِّ
العنصر ْ ويستحيل كذلك على
وفَّـ َقهم للاُ الغتنام هذه النعمة ابإلقامة يف البالد العربية ،وبفضل الدراسة يف جامعاتا ،والتفاعل مع
ِّ
العالقات العربية-الُّتكية مهما خالل
ض َ َجيع القضااي اليت تَـ ْع ُر ُ وقليل َّما هم! وال شك َّ
أن َ ٌ سكاهنا،
ال
اك مبفهوم الدين ،كلها حتوم حول هذه املشكلة ..لذا ،ال يز ُ موضوعها ،مبا فيها عالقةُ األتر ِّ
ُ كان
ات العربيَّ ِّة املرَّك َزةِّ إىل اللغة الُّتكية ،واملُّتَجون األتراك عاجزون حياهلا يف واقع األمر.
ميتنع نقل العبار ِّ
ُ ُ
حاجزا من اجلليد بني مد ِّ
العلماء والباحثني .هذا الذي قد َّ وقد غفل عن هذه املشكلة كثريٌ من
ً
العقول يف وجهها .ال صلةَ أصالً هلذه األزمة اللغوية مبوضوعنا
ُ هذين التوأمني منذ ألف عام وطاشت
مباشرةً ،ولكن تداعتها أسباب السياق.
ِّ
اإلسالم وهم فريقان :أغلب يبدو مع غالب الظن؛ أن طائفةً من العرب يعدون األتراك خارج ِّ
ملة
ِّ
املتخصصني يف العقيدة ،هم أشد ِّ
واملتخصصون يف العقيدة اإلسالمية .إال أن رجال السياسة،
أوسع ِّ
املتباينة وتدريسهاَّ ، ِّ الفريقني استقطااب لالهتمامَّ ،
ألهنم ،هم الذين يتولَّْو َن دراسةَ
وأهنم ُ َ العقائد ً
ِّ
الناس ...يظهر من خالل خربةً يف مسائل الكفر واإلميان ،وأكثرهم جدارةً ابلثقة عند عام ِّة
العرب ما يشري إىل َّأهنم يستنكفو َن يف حبوثهم عن ذكر ِّ ِّ
لعلماء الدراسات يف العقيدة اإلسالمية
املؤلفات الصادرةِّ يف العقيدة اإلسالمية ابللغة الُّتكية (سواء اليت طبعت ابحلروف العربية وابحلروف
الالتينية) ،ذلك َّإما حق ًدا على األكادمييني األتراك ،أو مكابرةً ،أو يصرفون النظر عنها جتاهالً.
وهذا يربهن على اتفاقهم يف موقفهم السليب من األكادمييني األتراك ،وقد يكون ذلك انشئًا من
ِّ
البحث يف العقيدة اإلسالمية يف دعاايت الوهابية .يناسب هنا أن نشري إىل الكتاب املوسوم "مناهج
العصر احلاضر" ملؤلفه الدكتور عبد الرمحن بن زيد الزنيدي.
للمكتوب حديثًا يف جمال دراسات األسس اإلميانية ِّ يذكر املؤلف َّ
أن دراستَهُ" :حماولةٌ استقرائيةٌ
مناهج خالهلا هذه الدراسةَ املعاصرةَ يف ت من ِّ العقدية اليت يقوم عليها املنهاج اإلسالمي ،صنف ُ
َ
ٍ خاصيَّ ِّة هذه املناهج ٍ مخسة 5".انتهى كالمه .ث قام املؤلف بشرح ِّ ٍ
كل على حدة ،وقد أورد أمساءَ
كتااب من كتب العقيدة ،كلها مؤلََّفةٌ ابللغة العربية ،وذكر معها أمساءَ مؤلفيها ومل يطرق إىل أحد ً 62
ي والشيخ مصطفى صربي .قال عن ِّ
الكوثر َّ تب يف العقيدةِّ إالَّ زاه ًدامن األتراك ممن صدرت هلم ُك ٌ
واألشعر ِّي ،ويسعى
ِّ ب لالجتاهِّ املاتر ِّ
يدي ِّ
الكوثري" :ومن أبرز هؤالء زاهد الكوثري ،الذي يتعص ُ
ِّ
البحث يف العقيدة اإلسالمية يف العصر احلاضر ص ،9:مركز الدراسات واإلعالم/دار إشبيليا ،الياض- الدكتور عبد الرمحن بن زيد الزنيدي ،مناهج 5
1998م.
أهل السن َِّّة
أن َلنصرهِّ وحتقيق بعض كتبه 6"...ث قال ومنهم :الشيخ مصطفى صربي الذي يرى َِّّ
علم الكالم الذي أشادوه، ِّ ِّ
َجيعا ،ويُعظم َ
واجلماعة املتمثلني ابألشاعرة واملاتريدية أسلم املذاهب ً
7
اإلسالم"...
َ ويرى َّ
أن َم ْن عاداه يعادي
ب على هذه العبارات للمؤلف الدكتور عبد الرمحن بن زيد الزنيدي؛ أ َّن ً
كثريا من يناسب هنا أ ْن نُعق َ
شعوب أخرى غري العرب الذين ينتسبون إىل اإلسالم ،وليس األتراك ٍ ب والباحثني من ِّ
أبناء ال ُكتَّا ِّ
املتجاهل
َ املوقف
َ فحسب ،قد ألفوا كتبًا يف العقيد اإلسالمية بِّلُغَ ِّاتِّ ْم ،وال يزالون يؤلفون ...لذا َّ
فإن
ِّ
اإلسالمية بني صحة األُ ُخ َّوةِّ
ِّ هؤالء املؤلِّفني يثري ا َّ
لشك يف ِّ للدكتور عبد الرمحن بن زيد من َجيع
متاحا الشعوب اليت تدعي االنتساب إىل اإلسالم يف أايمنا ،كما جيعل من هذا اال ِّ
موضوعا ً
ً دعاء َ
الداير
َ أن ثقافةً خليطَةً قد مألت فراغ اإلسالم الذي سبق أن هاجر هذه للجدل ،بله يدل على َّ
ب قل ٍة من املؤمنني املستضعفني يف كل األزمان ،ينتقل من جيل إىل استقر يف قلو ِّ
َّ قبل قرون ،لكنه
سليما من التحريف .كما يدل يف الوقت ذاته على َّ
أن هذه جيل ،وقد وصل إلينا حبمد للا تعاىل ً
ِّ
اجتاهاتا وفرق ْتها إىل ثالث فئات يف
ب َّخلقت جروفًا سحيقةً بني هذه الشعو ِّ
ْ الثقافةَ اخلليطةَ قد
ٍ
الدينية املتباينة .وهذه اإلجتاهات ،هي:
)1املُ ْسلُ ًمانٍيَّةُ الُّتكِّيَّةُ ) (Müslümanlıkالقوميةُ اليت هي نتاج الشامانية والبوذية ُمغَلَّ َفةً برموز من
اإلسالم.
واإلسالم
ُ واإلسالم اإلخوان السياسي،
ُ اإلسالم الوه ِّاب املتطور من الفكر اخلارجي، ُ )2
مشوهةٌ ال حمالةَ.
العربَّ ،
ُ التكفريي ...كل هذه األشكال الثالثة اليت يدين هبا
اجملوسيَّ ِّة الزرادشتية.
الفار ِّسيَّةُ القوميةُ اليت هي نتاج ِّ
ْمانِّيَّةُ ِّ
سل َ
)3املُ َ
لقد مضت على ظهور الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ) (Müslümanlıkيف بالد ماوراء النهر حقبةٌ تربو عن
العرب ببنت شفة عن هذه الداينة على سعة ِّ ِّ
علماء مثانية قرون مل ينبس على مداها عامل من
ِّ
واحلروب ،واملذابح، ِّ
والتقلبات، ِّ
األحداث، ٍ
معلومة من انتشارها ومع إلْم ِّام ِّهم ابلكتابة عن ِّ
أدق َ ْ
ِّ
ابلضبط اإلهتمام ات ،واملستجدات ...وهذا شيءٌ من أغرب األمور ،ألن العرب من دأهبم واملتغري ِّ
ُ
والكتابة منذ اعتناقهم اإلسالم إىل اليوم مل يغادرو صغرية وال كبرية من أحداث اتريهم إالَّ وقد ِّ
يتلفظون كلميت ُم ْسلُ َمان ،Müslüman الناس َّ
فإن ماليني ِّ سجلوها واحتفظوا هبا .ورغم هذا الواقع؛ َّ
ِّ
علماء وَجيع ِّ
أرجاء تركيا وبتكرار متواصل منذ قرون، ك Müslümanlıkيوميًّا يف ِّ
كل ومسلُ َمانلِّ ْ
ُ ْ
ِّ
العرب وابحثيهم ومؤرخيم يتواطئون فيما بينهم ليسكتو عن هاتني الكلمتني وليمتنعوا عن إبداء أدىن ِّ
ِّ
للنقاش يف أي وحىت عن تسجيل كلمة واحدةٍ حول هذين املفهومني ،إىل أن طرحهما عامل تركي رٍ
أايمنا! ،وهو األستاذ الدكتور أمحد ايشار أوجاك 8.ينبغي أن ال ننسى َّ
أن العرب واألتراك قد عاشوا
Bunlardan -bu kitapta da sık kullanılan- bir grup, İslâm, İslâmiyet, Müslümanlık terimleridir.
Türkiye’de yayımlanan pek çok araştırmada bunlar çoğu zaman birbiri yerine kullanılmakta, bu yüzden
önemli bir fikrî kargaşa yaratılmaktadır. Oysa Türkçe’de kullandığımız bu terimlerin arasında çok
belirgin ve önemli nüanslar vardır. Batı dillerinde bu üç kelime bir tek İslâm kelimesiyle karşılanır, bir
de “Müslüman” anlamında kullanılan muslim ve musulman kelimesi vardır. Fakat Türkçe’de özellikle
bilimsel araştırmala söz konusu olduğunda İslâm, İslâmiyet, Müslümanlık kelimeleri fanklı şeyleri ifade
ederler.
İslâm, doğrudan doğruya esasları Kur’ân-ı Kerîm’e dayalı olup Hz. Muhammed tarafından insanlığa
bildirildiğine inanılan ilâhî mesajı belirleyen bir terimdir, ki bu bizzat Kur’ân’da bu çerçevede
kullanılmıştır. İslâm ilâhiyatı, bu teorik çerçeve üzerinde uğraşır. İslâmiyet ise bu ilâhî mesajın
العرب
َ حتت راية واحدة ،كما يَ َّد ِّعي الطرفان" :إهنما معتنقان لدين واحد!" عالوةً على ذلك؛ َّ
فإن
سواء احملليِّني منهم الذين يتعايشون مع األتراك يف املنطقة الُّتكية لقرون ،كذلك ماليني الالجئني
منهم الذين هاجروا أىل تركيا عقب احلرب األهلية يف سوراي ،كلهم يسمعون كلميت ُم ْسلُ َمان
يتلفظوهنما .واألهم من ومسلُ َمانلِّ ْ
ك Müslümanlıkيوميًّا ،وإن كان أكثرهم ال َّ ْ ،Müslüman
ذلك ،أن هناك عشرات من العلماء واألكادمييني واملثقفني العرب بني هؤالء الالجئني يقيمون يف
ِّ
هؤالء إن ِّ
جامعات تركياَّ . ِّ
والتعليم يف خمتلف ِّ
التدريس أعمال
َ شخصيات يتولَّو َن
ٌ تركيا ،ومنهم
العلماء ،والباحثني ،واألكادمييني ،الذين يشُّتكون يف املؤمترات والندوات العلمية بني حني وآخر يف
هذا البلد ،يلتقون أثناءها بزمالءَ هلم من األتراك؛ يستحيل أن مل يكونوا قد مسعوا هاتني الكلمتني.
شخص منهم عناءَ
ٌ فما الذي عسى مينعهم عن حبث ما تتخفى ور ِّاء هاتني اللَّفظتني ،وال يكلف
نفعا جلهل األتراك
لكن سؤالَه لن جيدي ً كي حول ُك ْن ِّه األمر؟! َّ ٍ
واحد إىل زميله الُّت ِّ توجيه ٍ
سؤال
بتاريهم.
أن هذه املسألةَ تكمن فيها أسر ٌار خطريةٌ ،والباحثون احملُّتفون األكفاءَ من يبدو ومن غري ِّ
شكَّ ،
ألن ذلك قد يستوجب مثنًا ابهظًا! كما يبدو اس َهاَّ ، ِّ
س َ العرب هم على علم بذلك ،لكنهم يتجنبون م َ
أنفسهم يف مغامرة كشف الستار عن قلوهبم أ ْن يناهلم سوءٌ إن أقحموا َ تنتاب َ
ُ أن هواجس القلق َّ
أي ٍ
ابحث اخلوض فيما َّ
تتخفى وراءَ القضية .إالَّ أ َّن َّ ِّ لعل هذا الذي منعهم من
خلفية هذه الداينةَّ ..
املهم ِّة لفُّتة من ِّ
املشكلة َّ ِّ
معاجلة هذه أتجيل
َ ذي خربة أبسر ِّارها يكتم شيئًا منها وهو يعلمه ،ويتعم ُد
وحسب ،بل يشهد عليه صمتُهُ هذا أنه يرتكب ُ الوقت ،ال يدل ذلك على عدم شعوره ابملسؤولية
ِّ
ابختالق هذه جرميةً خطريةً ،ألنه يُعد مشارًكا للعصابة اليت جنت على اإلسالم قبل مثانية قرون
أن اإلصر َار على هذا الكتمان ال طائل علما َّ ِّ
الداينة اليت غرقت يف مستنقعاتا أجيال ،وال كرامة له! ً
وتنظيمات سرية
ٌ عصاابت خطرية
ٌ أصر على إخفائهاألن هذا لن مينع من ظهور حقائق كثرية َّ فيهَّ .
حقبات من الزمن حىت قيض للا هلا من يفشيها ويفضحها .وهنا ،من املفيد إعطاء بعض ٍ على مدى
القرائن حول أصل املوقف الذي يثري هذه املشكلة.
Müslümanlar tarafından pratiğe geçirilmesi sonucu yaşanılan, kültürleşen biçimdir. Bu biçim, zamana,
mekâna uyarlanarak bu zaman ve mekân içindeki daha eski kültürel altyapıların etkisiyle değişik
yorumlar, aygulamalar ve zihniyetler yaratır ki işte buna da Müslümanlık denir. Bu değişiklik
yüzünden bir tek Müslümanlık değil, birçok Müslümanlıklar vardır. yazılarda bu terimler, burada
»ifadeye çalışılan doğrultuda kullanılmıştır.
املصدرTürk Sufîliğine Bakışlar s/14, İliteşem Yay. Bask:2 İstanbul-1996 :
أهم عنص ٍر يف األداين السماوية ،هو اإلميان ،وهو دعامة أساسية يقوم عليه هيكلةُ من املعلوم أ َّن َّ
توافق أصوهلَا اليت بلغها ُر ُس ُل
اليوم ُ
تكاد َ
ومشوهةً ال ُ
حمرفةً َّ الدايانت السالفةُ كلها َّ
ُ الدين .وملا كانت
س اإلميان ِّ
ُس َ
للا عليهم السالم ،ما عدا الدين احلنيف الذي بلغهُ حمم ٌد عليه الصالة والسالم ،فإن أ ُ
ِّ ِّ
وحسب ،هي اليت ينبغي أن نرك َز عليها ..ومن األمور املثرية أ َّن املر َ
اجع العلميَّةَ ُ اإلسالم ِّي
اليوم ُْجم ِّم َعةً على أن هذا الدين قائم على
تدعي أهنا منتسبة لإلسالم ،ال تزال َ للمجتمعات اليت َّ
ٍ
حمكمة تتمثل يف توحيد للا ،وأييت العرب واألتراك يف طليعة هذه اجملتمعات، ٍ
رصينة ٍ
إميانية أ ٍ
ُسس
َّ
كأن حيازة متثيل األمة احملمدية موقوفة علىيهما دون بقية الشعوب املنتسبة إىل اإلسالم .قد نشأت
أن األتراك كانوا هم الذين قادوا األمةََّ ،
وأن العرب كانوا هم هذه الفرضية عن الفكرة السائدةَّ :
قيمة بعد أن تفككت عناصر األمة إىل الذين دونوا تراثها .لكن هذه الفرضية مل يعد هلا أي ٍ
جمتمعات قَـ َزِّميَّ ٍة بفعل انفجار الثورة الصناعية يف أوراب .ث نشبت اخلالفات بني هذه العناصر بدافع
ٍ
األمر مل يقف عند ِّ
أوطاهنم وبَـعُ َدت بينهما الشقة ،لكن َ
َ اك
العرب واألتر ُ
ُ النزعة القومية ،حىت فصل
ٍ
جمتمعات أكثر قزميَّةً ،مع ذلك مل تتوقف الغوائل ،بل األتراك ضا إىلالعرب أي ً ك هذا احلد ،بل َّ
تفك َ
ُ
والعرب بدؤوا يتبادلون العداءَ ،كل منهما استهدف اآلخر .لكن الحاجة هنا للخوض يف أدبيات
االستبشاع اليت طورها الطرفان بشكل متبادل ،تفاداي إلاثرة ما الطائل فيه .إالَّ أنه من اخلطورة
مبكان أ ْن يرى أحد الطرفني اآلخر خارج امللة!
اآلخر
التعميم ،فرمى َ
َ جيب التصريح هنا :أن األتراك والعرب ،مل يسبق أن تعم َد أح ُد الطرفني منهما
ألن ٍ
إنسان حيب السالمَّ . املسرةَ يف قلب ِّ
كل ابلكفر أب ًدا .نعم ،هذا مل حيدث إطالقًا ،مما يبعث َّ
أهل ِّ
القبلة ضوابط الدين احلنيف مينع ذلك .وقد حصل اإلَجاع على قاعدة" :الَ نُ َك ِّف ُر أح ًدا من ِّ
ِّ
اهلشة ابالسالم، بذنب ما مل يستحلَّه ".فقد التزم الطرفان هبذا القانون الصارم رغم صلتهما ٍ
كثريا من العلماء السلفيني املعاصرين قد ٍ
وانتساهبما له على غري عزم وبصرية وحكمة ...هذا مع أن ً
حكموا على الشيعة ابلكفر صراحةً .على سبيل املثال قد نُِّق َل عن مفيت السعودية السابق عبد
نوعا –
ضهم اثنتني وعشرين ً العزيز بن عبد للا آل ابز ،أنه قال " :الشيعة أقسام وأنواع ،ذكرها بع ُ
يعين :فرقة -لكن الباطنية منهم :كاجلعفرية ،واإلمامية أتباع اخلميين االثنا عشرية ،هؤالء ال َّ
شك يف
9
كفرهم"...
***
%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%B9%D8%A9
من املفيد هنا اإلجابة على سؤال مفُّتض عن رأي العرب يف الداينة (ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ،(Müslümanlık
ابختصار :إن العرب الذين مل يهتموا مبفهوم ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة Müslümanlıkأب ًدا ،ومل يذكروا يف أي من
ك )Müslümanlıkولو مرةً واحدةً، مسلُ َمانلِّ ْ
حبوثهم ومؤلفاتم كلمة ( ُم ْسلُ َمان )Müslümanو( ْ
العرب مل يهتموا أب ًدا
َ يتعدى عن حماولة ايئسةَّ .
ألن فان الفضول عن رأيهم يف هذه القضية إذًا ال َّ
مبعتقدات األتراك ومذاهبهم الدينية وشعائرهم وطقوسهم اليت استورثوها من دايانتم قبل اإلسالم،
وإمنا اقتصر التفاعل بني الطرفني يف حدود الصراع السياسي فحسب .يكاد َجيع الباحثني والعلماء
العرب قد سهوا ،أو تغافلوا عن هذه احلقيقة.
غري قليل من علماء العرب وأدابئهم ووجوههم قد أُ ْع ِّجبُوا ابألتراك قدميًا وحديثًا،
عددا َ شك َّ
أن ً ال َّ
أييت على رأسهم األديب الشهري ،عمرو بن حبر بن حمبوب الكنان (869-767م ).املعروف
أمحد حسن الزايت ،اتريخ األدب العرب ،دار هنضة مصر للطباعة والنشر ،ص .400/القاهرة بال اتريخ. 11
ِّ
تشتيت (Müslümanlıkاليت كانت وال تزال أشد منها وطئًا من كل ما ذكره وعدده الزايت يف
ضتِّها. مشل ِّ
األمة احملمدية وقوض بَـْي َ ِّ
ومن هؤالء الشخصيات البارزين -الذين عاشوا يف ربوع اجملتمع الُّتكي وتفاعلوا مع أبنائه ،وشاهدوا
فتكت ابلدولة العثمانية -الشيخ عبد الرمحن الكواكيب احلليب .له عدة مؤلَّ ٍ
فات ْ األحداث اليت
َ
ذهبت ضحية الغسف واجلور الغاشم والتعصب الوحشي ،وبقي منها كتابه "أم القرى" و"
ْ بعضها
سياسي ألَّفه الكواكيب ٍ
ابسم مستعا ٍر ،وهو (السيد ٌّ كتاب
طبائع اإلستبداد" ..أما "أم القرى" هذاٌ ،
ِّ
احلميدي .والكتاب يضم الفرايت) ،تَ َك َّىن به خمافة أن يتعرض ملالحقة رجال اإلستخبارات يف العهد
ٍ
موهومة ،امسها (َجعية أم القرى) وهي من ٍ
متثيلية ٍ
َجعية ِّ
أعضاء سلسلةً من احلوارات دارت بني
ط يف
ط وختب َ
ط وأفر َ
فر َ ِّ
السبيل لوحدتا .لكنه َّ ظ األَُّم ِّة ومتهي َد
بنات أفكار الكواكيب ،أراد هبا إيقا َ
ِّ
اإلنفعال ،لقلة رصيده املعريف حول تصوراته ووأسلوبه وحماوالته ...يبدو أنه كان عجوالً ،سريع
قران .إنه -رغم هذا القصور -قد الوقائع التاريية اليت حددت مسرية اإلسالم طيلة أربعة عشر ً
ِّ
اإلسالم ،12لكنه أخطأ يف تعريف معاجلة هذا حال بني األمة وبني
سبب َ ِّ
الوقاد إىل أهم ٍ انتبه بذكائه
ك )Müslümanlıkيف و(مسلُ َمانلِّ ْ
ْ (م ْسلُ َمان )Müslüman
الضالل املبني .فلم يطرق إىل كلميت ُ
أن حتليالتِِّّه كانت خاليةً من اإلطالع الوسع بتاريخ األمة.
موضع من مقاالته .فيبدو َّ
ِّ
العرب وابحثوهم من القدمي إىل اليوم ،رمبا له معىن إن هذا الصمت أو التغافل الذي اعتاده علماءُ
ما زلنا جنهل ُكنهَ أسراره ،وإمنا َك ْش ُف َها يتوقف على جهود أصحاب العلم واإلختصاص .ومع ذلك،
ِّ
العرب حياهلا) دون ِّ
وصمت أبي تصريح (يف معرض الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة
جيب التنبيه على أن اإلدالءَ ِّ
دائما ِّ
االعتماد على واثئق وأدلة معتربة ،ميكن أن يؤدي إىل أخطاء كبرية! لذا ينبغي التزام احليطَة ً
ِّ
معتقدات األتراك أحد من العرب خاصةً حول اسة صدر بقلم ٍ
مقالة أو در ٍ
حبث أو ٍ عند النظر يف ٍ
وطقوسهم ،وأذكارهم ،ودعواتم ،كما ينبغي اختاذ املوقف نفسه من األتراك الذين أملوا بدراسة
كالم كل طرف منهما عنالنتفاء املصداقية يف ِّ ِّ معتقدات العرب ومناسكهم ،وموقفهم من اإلسالم
اآلخر ،مع ذلك يتأك ُد أخذ احلذر جتاه أساليب النقد الصادر أبقالم األتراك ،ملا فيها من التعميم
وهذه كلماته اليت أصاب هبا كبد احلقيقة يف تعريف هذا السبب: 12
مضت األمم كلها مل يكد يفارقها رسلها الكرام إالَّ ووقعت يف الشرك .كقوم موسى عليه السالم .فارقهم أربعني ليلةً فاختذوا ْ "وما هذا خاص ابملسلمني ،بل
َحبَ َارُه ْم َوُرْهبَا َهنُ ْم أ َْرَاب ًاب ِّم ْن ِّ
البحث إىل :ما هو الشرك يف نظر القرآن وأهله لنتقيه؟ جند أن للا قال يف حق اليهود والنصارىَّ :
{اختَ ُذوا أ ْ العجل .ث إذا انقلبنا إلة
الل} [التوبة ]31 :مع أنه مل يوجد من قبل وال من بعد من األحبار والرهبان َم ْن ادعى املماثلةَ ،وانزع للاَ اخلالقيةَ أو اإلحياءَ أو اإلماتةَ كما يقتضيه ُد ِّ
ون َّ
األحبار والرهبا ُن إمنا شاركو للا يف التشريع املقدس فقط، ُ احنصار معىن الربوبية عند العامة من اإلسالم ،حسبما تلقوه من مروجي الشرك ابلتأويل واالهبام ،بل
ُ
فقالوا هذا حالل وهذا حرام ،فقبل منهم أتباعهم ذلك .فوصفهم للا أهنم لتخذوا أراباب من دون للا".
َجعا، ِّ
تعميمهم فكرةَ الوهابية على العرب ً ُ واإلهانة والتهكم ...ومن أهم الدالئل على ذلك،
ووصمهم للعرب
ُ وتشميلُهم احلركةَ السياسيَّةَ اليت قادها الشريف حسني على العامل العرب أبسره،
ِّ
اآلخر قد منعهما عن بكرة أبيهم ابخليانة الوطنية! لعل هذا املوقف املتنافر لكل طرف منهما جتاه
من املساس بقضية ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ،Müslümanlıkألن افتضاح هذه الداينية ،معناه يف الواقع افتضاح
العرب والُّتك أبَجعهم!
***
فرقَهم إىل متايزا بيـنًا َّ
من األمور اخلطرية أن اجملتمعات املنتسبة إىل اإلسالم متمايزة يف العقيدة ً
متخاصمة ومتنازعة كما خلق بني العرب واألتراك عقبةً رهيبةً يستحيل أ ْن يُزلِّالها فَـيَـ ْلتَ ِّقيَا ٍ ٍ
جبهات
على أمر َّما .يدل على شدة هذه اخلطورة وعمق األزمة أن أي عامل أو ابحث عرب مل يشعر يف
نفسه جبرأةٍ أن يشري إىل الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة Müslümanlıkحىت بكلمة واحدة .وال يفى على
الصمت من الشبهات .وهذا ما جعل الباحثني والعلماء ُ الباحث احملُّتف احملنَّك ما يثريُ هذا
والُّتكِّي يركِّزون ج َل اهتمامهم ابستمرار على اختالف ِّ
واألكادمييني من كلَ ِّي اجملتَ َم َع ْني العرب ْ
املذاهب القدمية (املعتزلة ،واجلهمية ،واملرجئة ،والشيعة ،واملاتريدية ،واألشعرية ،والسلفية) ،ليس
َجيعا يتهربون من الدخول يف قضية الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة .Müslümanlık
ذلك إالَّ ألهنم ً
تقام يف خمتلف البالد العربية قلما جيدر هنا إاثرة اإلنتباه إىل أن املؤمترات والندوات العلمية اليت ُ
كثريا ما يَ ْد ُعو َن األكادمييني
يُدعى إليها أحد األكادمييني األتراك .وعلى عكس ذلك فإن األتراك ً
تقام يف إسطنبول خباص ٍة .من املؤسسات ِّ
والعلماء العرب إىل املؤمترات والندوات العلمية اليت ُ
اهتماما ابلبحوث واالستشارات ً العلمية الُّتكية أوقاف الدراسات اإلسالمية ISAVاليت هي أكثر
والعلماء العرب إىل املؤمترات والندوات العلمية علىِّ يف القضااي اإلسالمية ،تدعو األكادمييني
ِّ ٍ ِّ
املؤسسة عن طرح ِّ
ونشاطات مناقشة حول التصوف أي التوايل .إالَّ أن املوقف املتجن َ
ب هلذه
الصوفية يثري الشك واالنتباه إىل ختوف األتراك من حدوث ثغرةٍ يتسلل من خالهلا الباحثون العرب ِّ
جذورها على اإلميان ابلتصوف ُ إىل قضية ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة " .Müslümanlıkألن هذه الداينة تعتمد
جدل على اإلطالق!" و"األولياء" وكراماتم ،وتقديس أضرحتهم ...فال جيوز أن تكون موضوعَ ٍ ِّ
وألن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة Müslümanlıkهي من أعظم وأقدس الرموز القومية والوطنية لألمة الُّتكية .إهنا
رمز أجماد األتراك ،وعنوان حضارتم ،وقسطاس التفريق بينهم وبني العرب يف التدين والتعبد...
ٍ
مناعة يف ضمري اإلنسان الُّتكي ،ومنزهةٌ من أن يطول إليها لسان النقد وهاجس ذات
فهى ُ
الشك!".
ٍ
وابحث يريد املقارنة بني االسالم كل ِّ
عامل ٍ
عمالق يعُّتض سبيل ِّ هذه اخلطوط العريضة ،تشري إىل ٍ
سد
ِّ أن الباحثني قد أدركوا َّوال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ،Müslümanlıkومن املفُّتض َّ
أن اخُّتا َق هذا السد مليءٌ
ِّ
ابخلوض يف املقارنة بني هذه الداينة وبني اإلسالم .هذا ،وعلى رغم ما ابملخاطر ،فلم يغامر أحدهم
أعجام قاصرونٌ ِّ
الشعوب غريهم من
وأن َ حياول العرب إعطاء االنطباع أبهنم أعلم ابلقرآن والسنةَّ ،
ِّ
اإلسالم ليست عن فهم كتاب للا وسنة رسوله على حقيقتهما ،فإن الفجوة اليت تفصل بني العرب و
أبقل عم ًقا مما هو كائن بني األتراك واإلسالم .يف احلقية هناك نوااي خطرية وراءَ صمت العرب حيال
َّ
ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة األتراك وهم يصرون عليه منذ قرون .ليس من الصعب التحسس عن هذا املوقف من
خالل قرائن ال تبدو واضحةً لغري الباحث احملنك ،وهذه نبذة منها:
)1إن العرب املشربني ابلفكر العنصري منذ العهد األموي ،ما زالوا ينظرون إىل غريهم من
الشعوب املنتسبة إىل اإلسالم بـ"أهنم أعجام ،وقطعا ُن من املوايل ،وقد منَّوا عليهم ِّ
بنعمة ِّ
العتق قبل ٌ
أن هؤالء األعجام يستحيل عليهم أن يفهموا معان آايت القرآن واألحاديث النبوية ،كماقرون ،و َّ
ِّ
إرشادهم إذن االسالم على حقيقته ويتناغموا مع تعاليمه .فالكف عن يستحيل عليهم أن يفهموا
َ
تفاداي لنشوب غوائل تعود عليهم سلبياتا ".يعزز هذه الفرضيةَ امتناع علماء
وترُكهم حلاهلم أسلمً ،
العرب عن التلفظ بكلمة ) (Müslümanlıkولو مرةً واحدةً ،فضالً عن اخلوض يف أسرار هذه
الداينة.
)2والقرينة الثانية تتمثل يف مواقف املؤمتر اإلسالمي ،وسياستها ،ونشاطاتا ...ورد يف تصريح
ِّ
أهداف املؤمتر اإلسالمي :تعزيز التعاون والتضامن بني الدول لوزارة اخلارجية الُّتكيةَّ " :
أن من
أعمال هذه املنظمة منذ
َ بل عند ما نتتبع 13
األعضاء حلماية حقوق ومصاحل العامل اإلسالمي".
أتسيسها يف 25سبتمرب ،1969نشاهد بوضوح أهنا مل تبذل اجلهود الالزمة لتحقيق هذه األهداف
كما مل تبدو خملصةً يف نشاطاتا ،مما يدل ذلك على نوااي خفية وراء أتسيسها .ومن أقوى الرباهني
على هذه احلقيقة أن املنظمةَ هذه إمنا تعاونت أيدي مشبوهةٌ على إنشائها متزامنةً مع ظهور
عة بني َجيع الشعوب املسلمة موس ٍ ٍ
أعمال إرشادية َّ َجعيات أتفقت على تكثيف اجلهود لبذل ٍ
وإحباط نشاطات احللف الصلييب-الصهيوىن يف الشرق األوسط ،وكان اهلدف ِّ ملقاومة الغزو الثقايف
ِّ
اإلتفاق إحياءُ الروح اإلسالمي ،وإرساءُ دعائم الوائم والسالم يف املنطقة .إمنا كان األساسي من هذا
13
http://www.mfa.gov.tr/islam-isbirligi-teskilati.tr.mfa
ِّ
َجاعات املوحدين ،وقد مت ذلك فعالً كما وإرابك
َ ِّ
اإلتفاق اهلدف من أتسيس املنظمة عرقلةَ هذا
ُ
يبدو من خالل احلقائق التالية.
ِّ
اإلسالمي) ،إذَ ْن فالعبارة نعلم :أنه ال يوجد اليوم عا َمل امسه (العا َمل ٍ
* جيب أوالً وقبل كل شيء أ ْن َ
ِّ
والتضامن ِّ
التعاون أهداف املؤمتر اإلسالمي :تعز ُيز ِّ الواردة يف تصريح وزارة اخلارجية الُّتكية َّ
"أن من
لغو ال تقوم على ِّ
بني الدول األعضاء حلماية حقوق ومصاحل العامل اإلسالمي ".إن هذه العبارة ٌ
ألن احلديث عن عا ٍَمل موهوم -يف احلني الذي جيب أوالً أساس من الصحة ،بل الواقع عكس ذلكَّ . ٍ
الدول األعضاءُ
ُ إحياءُ هذا النظام العاملي الفريد بعد انقراضه -ينم عن أسرا ٍر خطريةٍ تواطأت عليه
الوعي
ُ ام هذه الدول يافون أن تزول أنظمتُـ ُهم بعد أن تنتشر وألن ُح َّك َ
هلذه املنظمة املشبوهة؛ َّ
األوسط ،وتبدأ اجلماهري الغفرية من املسلمني تعمل على إإلطاحة هبم ِّ ِّ
اإلسالمي يف ربوع الشرق
ِّ
وإحياء اخلالفة الراشدة من جديد! إذ ال يفى وإقامة دولة إسالمية على أنقاض هذه الدكتاتورايت،
ما يُتبىن هبذا املوقف املتناقض من إعاقة األمة بطريق غري مباشر عن حتقيق هذا الواجب العظيم.
إن هذه الكلمات الثالث «Müslüman», «Müslümanlar» ve «Müslümanlık» :قد وردت * َّ
بالف مرةٍ ،وهي مبعثرة على صحائف الواثئق اخلاصة ابلدولة الُّتكية
ِّ يف حماضر املؤمتر اإلسالمي
ِّ
املنظمة مبدينة جدة ،كما أن مسؤويل الدولة الُّتكية قد نطقوا ملفات يف حمفوظات ٍ ومضبوطة ضمن
هبذه الكلمات بالف مرةٍ عرب ُخطَبِّ ِّهم اليت ألقوها يف ِّ
أثناء اإلجتماعات املتكررة هلذه املنظمة .لكنه
ُّت ْح على اإلطالق، ِّ مل يسبق أن اعُّتض أح ٌد من مندوب ِّ
الدول األعضاء على هذه الكلمات ،ومل يُـ ْق ََ
استبدا ُهلا بكلمات" :مسلم" ،و"مسلمون" ،و"مسلمني" ،و"إسالم".
ِّ
للحيولة دون مظامل الدولة الصهيونية * إن املنظمة مل يسبق هلا أن طالبت املنظمات العاملية جبدية
املزعومة ومذاحبها ضد الفلسطينيني "املنتسبني لالسالم" ،كما مل ترفع صوتا يف وجه هذه الدولة
ِّ
إسالم ٍي) ان" فيتحول إىل (عا ٍَمل
انتفاضات عارمة يف "العا َِّمل ال ُْم ْسلُ َم ِِّّ
ٌ يوما من ِّ
األايم ،خمافة أن حتدث ً
يهدد الكياانت الدكتاتورية.
ٍ
انتقاد ألعضائها اليت تعاونت مع إسرائيل ومل حتاول ردعها يف أي * هذه املنظمةُ ،مل ِّ
توجهه أي
وقت.
دائما تتفرج على األحداث الدامية من املعارك واملذابح واإلقتتال واإلنقالابت
* هذه املنظمة ظلت ً
اإلرهاب واهلجرات اليت جرت وما زالت جتري سواء بني أعضائها أو داخل أي ِّ العسكرية وأعمال
بلد منها ،منذ أتسيسها إىل اليوم .مل تكن خملصةً يف موقفها حيال حرب اخلليج وأحداث
أفغانستان ،والبوسنا ،وقربص ،وكشمري ،وسنجان ،والصومال ،وسوراي ،والعراق ،وليبيا ،واليمن...
مل أتت حبل أي مشكلة من مشاكل هذه البلدان.
* من الدوافع املثرية لالنتباه أن القطاع العرب هو الذي يتحكم يف توجيه املنظمة وال يُّتك اجملال
ملتواي
أسلواب ً
ً للقطاع العجمي فيها ،ليتحم َل أي دوٍر فعال يف إصدار القرارت ،واملنظمة تسلك
ِّ
حتاول من خالهلا طمس الصحوة االسالمية املتنامية .سامهت الدولة الوهابية خاصةً أبكرب قدر من
ِّ
(اجلهاد) بقيادة أسامة بن الدن ،إلاثرة عناصر متطرفةً حتت مسة الدعم هلذا األسلوب فشجعت
َ
الضغينة ضد اإلسالم يف الرأي العام العاملي ،وحىت ال تتحول حركة الصحوة إىل محلة جريئة ألجل
احلرب
َ ِّ
املتطرفني فأعلنت إقامة دولة إسالمية وف ًقا لنهج اخلالفة الراشدة .ث غريت سياستها مع
املنشود ابنكماش حركة الصحوة اليت كانت تتبىن طريقةً
ُ اهلدف
ُ عليهم لدفع الشبهات ،فتحقق
هادئةً يف تثقيف الناشئة ِّ
وبث الدعوة إىل االسالم الصحيح على أساس احلكمة واملوعظة احلسنة
واجملادلة ِّاب ْحلُ ْس َىن.
***
ِِّّ
القرآن إن من أهم القرائن اليت تربهن على حماولة العرب لطمس احلركات اإلرشادية إىل السالم
املشوهِّ ودعمهم لبقائِِّّه ،وتشجيعهم للشغب
احملمد ِّي الصحيح ،واصر ِّارِّه ْم على االسالم التقليدي َّ
ِّ
أحناء الشرق األوسط :هو موقف الدولة الوهابية من خالل نشاطات منظمة (الرابطة) يف والفنت يف ِّ
األدمغة بطريق استغالل "الدعوةٍ
ِّ نشر الفكر الوهاب .إذ تقوم هذه املنظمةُ بتجميد العقول وغسل
إىل التوحيد" ،وإاثرة اجلدال حول األسلوب الكالمي يف تفصيل مسائل العقيدة .لكن املهمة
ِّ
املنظمة أهنا تتسلل إىل البالد الغري انطقة ابلعربية (وعلى رأسها تركيا وابكستان) األساسية هلذه
وذلك للقيام بنشاطات إستخباراتية فيها ،وَجع معلومات اسُّتاتيجية تستخدمها الدولة العميقة
الوهابية لتحقيق خطة ما ...وما َّ
أدل على هذه احلقيقة نشوء العصاابت اإلرهابية (الالدنية
والداعشية) يف أحضان الدولة الوهابية .ومن منطلَ ِّق الفكر الوهاب اخلارجي :تلك اخلطة الوحشية
اليت نفذتا عصابةٌ من الوهابيِّني يف عملية الفتك ابلصحفي َجال خاشقجي داخل القنصلية
الوهابية يف إسطنبول.
شأوا حىت قامت بدفع نشاطات رابطة الوهابية (إلعاقة انتشار اإلسالم الصحيح) ً ُ لقد وصلت
أحناء أورواب (أايم ُح ْك ِّم كنعان أفرين ،)Kenan Evrenبينما ال تبات لرجال الدين من األتراك يف ِّ مر ٍ
معة بدعاايت (رجال الدين األتراك) اهلدامة وسوء الس ِّالتشويه ِّ
ِّ احلنيف من الدين
ُ ض له ُ تعر َ
يفى ما َّ
وتِّ ْم إىل الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ،Müslümanlıkيف الغرب خاصة يف أملانيا. القرآن ،ودع ِّ ِّ
اإلسالم ِِّّ ِّ
ض َّد
حبت ،إذ ال يوجد مسج ٌد بناه وال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ ،Müslümanlıkداينةٌ تُـ ْركِّيَّةٌ صوفيةٌ وعصبيةٌ وعنصريةٌ ٌ
ِّ
اإلسالم أبشد ما ف عليه َعلَ ٌم للدولة الُّتكية ،وهذا جحود لِّ َعال َِّميَّ ِّة األتراك يف مدن أورواب إال ويُـ َرفْ ِّر ُ
ميكن ،ونُكران لوجوده.
لقد كلفت الرابطةُ شخصني يقومان منذ سنوات ابلدعوة إىل املذهب الوهاب يف تركيا ،مما يدل على
ِّ
وأوفرها عن طبيعة اجملتمع الُّتكي ومعتقداته وعاداته أن هذه املنظمة لديها معلومات من أدقِّها
َّ
وسلوكياته اإلجتماعية ،وهي متخوفة من الدولة الُّتكية واستعداداتا التوسعية لقبض عنان السياسة
ٍ
معلومة ختص الداينةَ ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ ،Müslümanlık يف الشرق األوسط .لذا ،ال جيوز أن يكون أدىن
ومدوانتا ،ومراسالتا ،ومنشوراتا غائبَا عن علم هذه املنظمة؛ ورغم هذه احلقيقة فإن َجيع قراراتاَّ ،
كلمة ) .(Müslümanlıkأليس هذا من غرائب األمور! إذًا هناك سؤال آخر يفرض خالية متاما عن ِّ
ً
وتتنك ُر هلا .ألن حماولة فك الشفرة َّ نفسه :ملاذا تتجاهل الرابطةُ ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ ،Müslümanlık
للداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ Müslümanlıkهلي أشد خطورة من االستعداد للحرب! وإليك إحدى أهم
شفرات هذه الداينة اليت مت العثور عليها ،وهي مُّتَجة من الفارسية إىل الُّتكِّيَّ ِّة:
الويل "يف ُمصطلَ ِّح املقام الذي يستحق الشخص هنالك حيازةَ ِّ
صفة ِّ الوصول إىل ِّ
ُ "الواليةُ (أي
ُ
املقام ينصهر فيه ويتَّح ُد معهَّ ). اإلنسان الذي يفنىن يف ِّ
ِّ
إن هذا َ ُ ذات للا( ،أي َ َ حال
الصوفية") ،هي ُ
14
املصدر. Hasan Lûtfi Şuşud, İslâm Tasavvufunda Menâkıb-ı Evliya s.163 İstanbul-1958. :
ويل قد
كل ٍ
لكن َّ
املقامَّ ، ِّ النبوةِّ .وعلى أي ٍ هو أعلى من ِّ
بعض األنبياء هذا َ
حال فقد حاز ُ مقام َّ
النبوةُ التعريفيَّةُ والتبليغيَّةُ".
حتققت فيه َّ
ْ
ال بد هنا من اإلشارة إىل أن األولياءَ املقصود هبم يف هذه العبارات ،كلهم من العنصر الُّتكي ،أما
إذا كان بينهم أحد من العرب فإنه قد استُّتك على حد اعتبارهم (كأب أيوب األنصاري) الذي مت
استبدال امسة بـ (أيوب سلطان )Eyüp Sultanوهو مدفون يف مدينة إسطنبول.
ُ
***
كل هذه احلقائق ،تُنبؤان يف الواقع أن هناك خلفيَّةٌ مظلمةٌ مليئةٌ ابألسرار وراء مفهوم ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة
يشري بقلمه إىل هذه الناحية ِّ
.Müslümanlıkوملا مل يتجرأ أحد من العلماء والباحثني العرب أن َ
أن القضية مشحونة ابملخاطر .لكنه ال يُ ْستَـ ْبـ َع ُد أ ْن َّ
متتد فإن ذلك يدل بقطعي ٍة على َّ
على اإلطالقَّ ،
خمطوطات وواثئِّ ُق ٌ ظ فيهاأيدي عمالق الباحثني يف مقبل قريب إىل خمازن مكتاابت خاص ٍة ُْحيتَـ َف ُ
بِّ ِّس ِّريٍَّة ابلغة ،فيتناولوها ابلبحث الدقيق فيكشفوا ستائر الظالم عن كثري من جماهيل هذه القضية
بعون للا تعاىل وتيسريه .إالَّ أن احلاجة ماسة يف الغاية ِّ -
ألداء هذه املهمة بنجاح -إىل ابحثني
ممتازين ابلشجاعة واحلمية اإلميانية والتخصص يف فن البحث العلمي ،ونزيهني جديرين ابلثقة والذمة
واألمانة.
***