You are on page 1of 10

‫للا‬ ‫اه‬‫ض‬ ‫ت‬‫ار‬ ‫ي‬ ِّ

‫الذ‬ ‫ين‬ ِّ
‫الد‬
ُ ُ َ َْ ُ
ُ‫اإلسالَ ُم ِّأم ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّة‬
ْ ‫أ َُه َو‬

*** ***

PART-09
‫الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬
ِّ ِّ
‫لظهور‬ ‫السبيل‬
َ ‫مه َد‬ ٍ ‫َّأو ُل‬
َّ ‫سبب‬
The first reason paved the way for the emergence of the «Müslümanlik» religion
‫أتليف‬
‫فريد صالح اهلامشي‬
Copyright©2018 by
Feriduddin AYDIN
feriduddin@gmail.com

.‫م‬2018-‫إسطنبول‬

‫دار العِرَب للطباعة والنشر‬

al_ibar.publishing@yahoo.com
‫الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫لظهور‬ ‫السبيل‬
‫َ‬ ‫مه َد‬ ‫َّأو ُل ٍ‬
‫سبب َّ‬

‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫كة ٍ‬ ‫إن الْمسلُمانِّيَّةَ )‪- (Müslümanlık‬كحر ٍ‬


‫ملنطقة‬ ‫احتالل العرب‬ ‫عقب‬
‫َ‬ ‫ظهرت‬
‫ْ‬ ‫بدعية‪-‬‬ ‫دينية‬ ‫َّ ُ ْ َ‬
‫ٍ‬
‫للغاية ف اتريخ اإلسالم‪ .‬هبذه املناسبة‪ ،‬جيدر التنبيه إىل‬ ‫هم ٍة‬
‫ظهورها نقطةَ حتو ٍل ُم َّ‬ ‫تركستان‪ .‬يُ َع ُد‬
‫ُ‬
‫السياسي خاصةً كإشارةٍ إىل‬
‫ِّ‬ ‫املثقفة من األتراك على ِّ‬
‫ترديدها ف ِّ‬
‫خطاهبم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫النخبة‬ ‫اد‬
‫مقولة قد اعتاد أفر ُ‬‫ٍ‬
‫األم ِّة الرتكيَّ ِّة من التاريخ اإلسالمي؛ وهي قوهلم «األلفيةُ من اترخينا ‪Bin yıllık‬‬ ‫اتريخ َّ‬ ‫ِّ‬
‫متييز ِّ‬
‫ألف ٍ‬
‫عام‬ ‫خاصةً ابلغةً من املدة الزمنية َ‬ ‫‪ ،»tarihimiz‬إهنا مقولةٌ مشفرةٌ يقصدون هبا َّ‬
‫أن هلم ُحقبةً َّ‬
‫ِّ‬
‫اإلسالم ِّي‬ ‫"أن اتري َخ ماضيهم ف ِّ‬
‫العهد‬ ‫فحسب‪ُ ،‬متي ُزُهم عن العرب ِّ‬
‫اترخييًا! يعنون بذلك ف الواقع َّ‬ ‫ْ‬
‫كل ما قد جرى قبل‬ ‫العرب ف هذا الدين" وهذا يدل على َّأهنم يرفضون َّ‬‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫امتداد اتريخ‬ ‫ليس هو من‬
‫االسالم وبني َّأايِّم اعتناقِّهم‬
‫ِّ‬ ‫عام‪َّ ،‬‬
‫وأن األتراك ال صلة هلم ابلفرتة ما بني بداية الدعوة إىل‬ ‫ألف ٍ‬ ‫ِّ‬
‫للداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ )‪ .(Müslümanlık‬من املعلوم أ َّن الفرتةَ ما بني أايم نزول الوحي (عام ‪610‬م‪،).‬‬
‫قدرها‪ 1408 :‬سنني وليست ‪ 1000‬عام‪.‬‬ ‫وبني عامنا هذا (‪2018‬م‪ُ ).‬‬

‫تعد هذه الداينةُ رمزا جملد األتراك حيث يعتزون هبا خاصةً إذا اصطدموا ٍ‬
‫بعداء من اخلارج‪ ،‬وغالبًا َّما‬ ‫ً‬
‫العرب فيغتبط هبم ويبعث املسرةَ ف قلبه إذا كان َديِّنًا‪ ،‬ألنه يعتقد‬ ‫ِّ‬
‫اإلنسان ِّ‬ ‫يلتبس هذا االعتزاز على‬
‫ضا تُعد عالمةً‬ ‫ابالسالم‪ ،‬بينما األمر ليس كذلك‪ .‬والْ ُم ْسلُ َمانِّيَّةُ )‪ ،(Müslümanlık‬أي ً‬
‫ِّ‬ ‫أهنم يعتزون‬
‫َّس لقوميتِّهم‪ ،‬وقد اعتمدوا ُهتَافًا يرفعُهُ‬
‫رمز مقد ٌ‬ ‫اك من بقية املسلمني ف العامل‪ ،‬إذ َّأهنا ٌ‬‫فارقَةً ُمتَيِّ ُز األتر َ‬
‫ِّ‬
‫إعالًن عن اعتزازهم هبذه الداينة‪ ،‬يتمثل‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬
‫السياسية‬ ‫تنظيم "الذائب الرمادي"‪ 1‬ف مظاهراهتم‬ ‫اد ِّ‬ ‫أفر ُ‬
‫ات خاصةٌ ابالسالم‬
‫تاف ف قوهلم "بسم للا‪ ،‬اي أهلل‪ ،‬أهلل أكرب"‪ .‬هذه الكلمات كلها شعار ٌ‬ ‫ذلك ا ْهلُ ُ‬
‫قد انتشلوها من الدين احلنيف وضموها إىل ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪.(Müslümanlık‬‬

‫جبهود ُمنَ ِّظ ِّر َيها الذين‬


‫ِّ‬ ‫ألسباب هام ٍة ظلت أسر ُارها مكتومةً َ‬
‫طوال ٍ‬
‫قرون‬ ‫ٍ‬ ‫هذه الداينةُ إمنا ظهرت‬
‫ت هلم السبيل‪ .‬وهذه الظروف إمنا كانت ف الواقع‬ ‫مه َد ْ‬
‫ظروف َّ‬‫ٍ‬ ‫العام ِّة ف‬
‫تواطؤوا على تلبيسها على َّ‬
‫وقائع‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫من عواقب سياسة األمويِّني‪ .‬آذنت املسلمانيَّةُ‬
‫ابلظهور ف القرن السابع امليالدي بعد ثالث َ‬
‫الكثري من تعاليمه‬ ‫َ‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وكسحت الشيءَ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫استهدفت‬ ‫سلسلة من اخلطط‬ ‫ٍ‬ ‫خطريةٍ ْ‬
‫جرت عقب‬

‫ِّ‬
‫واحلفاظ عليها وتبس الدعايةَ هلا‪ ،‬تنتمي إىل‬ ‫مجاعة سياسي ِّة شبه عسكرية تتحمس حلراسة القومية الرتكي‬
‫ٍ‬ ‫َق على‬
‫ي ‪ :Bozkurtlar‬اسم يُطل ُ‬ ‫الذائ ِّ‬
‫الرماد ٌّ‬ ‫‪1‬‬

‫حزب احلركة القومية‪ .‬تتسم هذه اجلماعةُ ابلنزوع إىل العتف‪.‬‬


‫اخلوارج وبني ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫مرور ح ْقب ٍة من ال ِّ‬
‫بداية‬ ‫ِّ‬ ‫ظهور‬ ‫قرون بني‬ ‫شرحها فيما يلي)‪ .‬وعلى الرغم من ِّ ُ َ‬ ‫(سيأيت ُ‬
‫الرت ِّك‪ ،‬فإنه ميكن العثور على‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫حماوالت احلياكة للداينة ال ُْم ْسلُ َمانيَّة )‪ (Müslümanlık‬ف بالد رْ‬
‫ِّ‬
‫البعض على‬ ‫ضها‬
‫الوقائع اليت قد أولدت بع ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫سلسلة‬ ‫العالقات اليت تربط بني احلدثني من خالل تَتَ ب ِّع‬
‫َ‬
‫جهودا أتخ ُذ فرتةً طويلةً من الزمن‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ولكن ذلك ليس من السهل‪ ،‬وقد يتطلب‬ ‫مدى هذه احلقبة‪َّ ،‬‬
‫الضروري اعتبار ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ‬
‫ِّ‬ ‫صيل هذه الدوامة‪ .‬إذَ ْن من‬ ‫ِّ‬
‫اخلوض ف تفا ِّ‬ ‫مقام‬
‫كما ليس هنا ُ‬
‫كمجرِّد تصوٍر ف إيران – مث ف تركستان ‪ -‬بعد‬ ‫العقول ألو ِّل مرةٍ‬ ‫شغل‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫)‪ (Müslümanlık‬أهنا قد َ‬
‫عام على األقل من وفاة النيب صلى للا عليه وسلم‪ .‬ألنه ميكننا أن نقول على وجه اليقني‪ :‬أنه‬ ‫مائيت ٍ‬
‫مل يُعثَ ْر حىت اآلن على أي وثيقة تشري إىل َّ‬
‫أن أح ًدا من األتراك قد نطق بكلمة "‪ "Müslümanlık‬ف‬
‫تلك احلقبة‪ ،‬حيث مل يوجد ما ينقض هذه احلقيقةَ من دليل ف مصادر التاريخ فيما نعلم‪ .‬ومن أراد‬
‫حياول إثبات َم ْن ومىت قام ابستخدام لفظ "‪"Müslümanlık‬‬
‫صحةَ هذه املعرفة‪ ،‬فله أن َ‬
‫أ ْن خيترب َّ‬
‫ملخص لالحنرافات الثالثة آنفة الذكر‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ألول مرة ف التاريخ‪ .‬وفيما يلي‬

‫بن أب سفيان على‬ ‫خروج معاويةَ ِّ‬ ‫حدث ف التاريخ اإلسالمي؛ هو‬ ‫َ‬ ‫جاهلي متمي ٍز‬
‫ٍ‬ ‫إن َّأو َل احنر ٍ‬
‫اف‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫ابع علي بن أب طالب‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫اخلليفة الر ِّ‬ ‫والسياسة النبويَِّّة الراشدةِّ‪ ،‬ومتر ُدهُ َّ‬
‫ضد‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫املستقيم‬ ‫القرآن‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫النظام‬
‫شج َع ابنَهُ يزي ًدا على تقتيل أهل بيت الرسول وإابدهتم‪.‬‬ ‫فوق املنابر مما َّ‬ ‫وجترُؤهُ على تشريع سبِّ ِّه من ِّ‬
‫ِّ‬
‫وتصرفاهتم‬ ‫ِّ‬
‫احلكمة‬ ‫ِّ‬
‫النائية عن‬ ‫وأتويالهتِّ ْم البُدائِّيَّ ِّة‬
‫ِّ‬ ‫ِّج‬ ‫ظهور حر ِّ‬
‫كة اخلوار ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّل ف‬
‫اف الثان؛ يتمث ُ‬ ‫واالحنر ُ‬
‫أبساليب‬ ‫وشرحها‬ ‫ِّ‬ ‫مسائل العقيدةِّ‬‫ِّ‬ ‫الثالث؛ بدأ بتدخل الكالميِّني ف تفسري‬ ‫ُ‬ ‫اف‬ ‫ِّ‬
‫العنيفة‪ ...‬واالحنر ُ‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫هيمنة‬ ‫ِّ‬
‫مرحلة‬ ‫وقعت ف‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫الثالث‬ ‫أن هذه اإلحنر ِّ‬
‫اقات‬ ‫واجلدير ابإلشارةِّ َّ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫صرفة‪.‬‬ ‫فلسفيَّ ٍة وعقالنيَّ ٍة‬
‫السلطة ف تلك‬‫ِّ‬ ‫والرت ِّك على‬ ‫لوثوب ال ُف ْر ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫س ْ‬ ‫العرب على الدولة اإلسالمية‪ ،‬إذ مل تته َّي ْء الظروف بع ُد‬
‫ِّ‬
‫العرب على‬ ‫عهد مبكِّ ٍر أايم ِّ‬
‫هيمة‬ ‫حدث ف ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫احلنيف قد‬ ‫أن تشويهَ ِّ‬
‫الدين‬ ‫املرحلة التارخيية‪ .‬وهذا يعين َّ‬
‫َ‬
‫الثوابت‬ ‫ْم‪ .‬إ َّن‬ ‫السلطة واستيالئهم على ا ْحلُك ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫والرت ِّك على‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َ‬ ‫الفرس ْ‬ ‫اعتالء‬ ‫السياسيِّ‪ ،‬قبل‬ ‫النظام‬
‫أكثرهُ ًنزعون إىل احلياةِّ اجلاهلية‪،‬‬ ‫قوم ُ‬ ‫العرب ٌ‬ ‫َ‬ ‫احلقيقة‪ ،‬كما تربهن على َّ‬
‫أن‬ ‫ِّ‬ ‫تربهن على هذه‬ ‫التارخييَّةَ ُ‬
‫ِّ‬
‫للمبادئ أب ًدا‪ ،‬وقد‬ ‫ينصاعون‬
‫ُ‬ ‫كأهنم ُجبِّلوا على الفوضى‪ ،‬ال يتناغمون مع أي نظام جيمع مشلَهم وال‬ ‫َّ‬
‫أشار إىل هذه احلقيقة العالمة ابن خلدون ف مقدمته الشهرية‪.‬‬

‫ِّ‬
‫األسباب الرئيسة اليت مهدت السبيل لظهور‬ ‫الثالث من‬
‫ُ‬ ‫الوقائع‬
‫ُ‬ ‫إن الدالئل تقتضي أ ْن تكون هذه‬ ‫َّ‬
‫الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ (Müslümanlık‬وإن كانت قد حدثت ف وقت مبكر‪ .‬إالَّ أن الدافع الذي‬‫ِّ‬
‫غري مباش ٍر‪ ،‬هي‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم ِّي وأضفى عليه ال َْميِّ َزةَ اجلاهليةَ بطر ٍيق ِّ‬ ‫ي عن الروح‬ ‫ِّ‬
‫األمو َّ‬ ‫النظام‬ ‫جر َّد‬
‫َ‬
‫احلكام األمويِّني كانوا‬ ‫نفسها ف مواجهة هجمات اخلوارج‪َّ .‬‬
‫ألن‬ ‫الدفاع عن ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ط اليت أجربهتا إىل‬
‫الضغو ُ‬
‫َ‬
‫اخلوارج مل يُفلحوا ف أي مرحلة‬
‫َ‬ ‫اخلوارج ِّابلْغَلَبَ ِّة‪ ،‬لكن‬
‫ُ‬ ‫فاز‬
‫اإلسالم التوحيدي إ ْن َ‬
‫ُ‬ ‫يعود‬
‫خيافون أ ْن َ‬
‫واإلرهاب وعدوهلم عن احلكمة ف كل تصرفاهتم‪ .‬بله‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم ِّي لتشبثهم ابلعنف‬ ‫على مدى التاريخ‬
‫ضها‬‫الثالث‪ ،‬فأولد بع ُ‬
‫ُ‬ ‫عقيدهتم مل تكن موافقة لتعاليم القرآن الكرمي‪ ...‬تتابعت هذه الوقائع‬ ‫َ‬ ‫أن‬
‫الظروف لظهور الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ (Müslümanlık‬ف بالد الرت ِّك حواىل‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫أاتحت‬ ‫البعض حىت‬
‫َ‬
‫‪1200‬م‪.‬‬

‫لظهور الداينة ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬


‫ِّ‬ ‫السبيل‬
‫َ‬
‫األسباب اليت مه ِّ‬
‫َّدت‬ ‫ِّ‬ ‫اخلوارج َّأو َل‬
‫ِّ‬ ‫حسنًا؛ ملاذا ينبغي اعتبار حر ِّ‬
‫كة‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫اخلوارج قد ظهروا ف وقت مبك ٍر (قُبَ َ‬
‫يل‬ ‫َ‬ ‫)‪ ،(Müslümanlık‬مع أنه يبدو بعيد االحتمال؟ ألن‬
‫يومئذ معروفًا‬ ‫ًنئية عن بالد الرتك)‪ ،‬ومل يكن الدين احلنيف ٍ‬ ‫منطقة ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫خالفة علي بن أب طالب وف‬ ‫ِّ‬
‫ِّ‬
‫"اإلسالم"‪ .‬وإذا كان هذا االسم األجنيب الدخيل من صنع األتراك‪ ،‬فإهنم إمنا تعرفو‬ ‫ٍ‬
‫ابسم آخر غري‬
‫على اإلسالم بعد قرن من اهلجرة النبوية تقريبًا وكانت بالدهم ًنئيةً عن املنطقة العربية‪ ،‬فما عالقة‬
‫أن تشويه اإلسالم بدأ بظهور‬ ‫إن اإلجابةَ على هذا السؤال تتمثل ف َّ‬ ‫اخلوارج إذن ابالتراك؟ َّ‬
‫متتالية إىل أن ظهرت الداينةُ ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ‬ ‫ٍ‬ ‫افات أخرى‬ ‫اخلوارج‪ ،‬فأسفر احنرافُهم عن احنر ٍ‬
‫ِّ‬
‫التارخي َّي‬ ‫إن هذا التطوَر‬ ‫ِّ‬
‫حلقات سلسلة تلك االحنرافات‪َّ .‬‬ ‫فغدت هي حلقةً من‬‫ْ‬ ‫)‪(Müslümanlık‬‬

‫أثر خطريٌ على حتريف‬ ‫ٍ‬


‫يُلفت اإلنتباهَ إىل أحداث أخرى ال يسع املقام هنا لذكر تفاصيلها‪ ،‬كان هلا ٌ‬
‫العرب على بالد الرت ِّك‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫استيالء‬ ‫اخلالص إىل أايم‬ ‫اإلسالم ابستمرار‪ ،‬فلم يصل اإلسالم ِّ‬
‫النقي‬ ‫ِّ‬ ‫قِّيَ ِّم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مانعا من مزج دايًنهتم القدمية‬ ‫ِّ‬
‫األموي حيث مل يروا ً‬ ‫مشو ًها وحمرفًا ف العهد‬
‫إسالما َّ‬
‫ً‬ ‫اك‬
‫فورث األتر ُ‬
‫"م ْسلُ َمانْلِّك‬ ‫ِّ‬
‫بتعاليم الدين اجلديد‪ ،‬فحصلت من هذا اخللط داينةٌ جديدةٌ ُسيَت ُ‬
‫)‪ ،"(Müslümanlık‬وهي داينةٌ شائعةٌ ف اجملتمع الرتكي يدين هبا ُمعظم األتراك إىل اليوم‪.‬‬

‫األو ِّل للوهابيِّني‪ ،‬كانت مفاجأةً‬


‫ابلنموزج َّ‬
‫ِّ‬ ‫ضا‬‫اخلوارج الذين جيوز وص ُف ُه ْم أي ً‬ ‫ِّ‬ ‫كانت انطالقةُ‬
‫ابسم "حر ِّ‬
‫كة‬ ‫السياسي ِّ‬
‫َّ‬ ‫الديين‪-‬‬
‫َّ‬ ‫احلدث‬
‫َ‬ ‫سج َل التاري ُخ هذا‬ ‫غري مسبوقة‪َّ .‬‬ ‫ات احتجاجيَّ ٍة ِّ‬ ‫كمظاهر ٍ‬
‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫األسباب‬ ‫أول‬
‫غدت َ‬ ‫ْ‬ ‫فهم كون هذه احلركة كيف‬‫س ِّه ُل َ‬‫سرد مالحظات قد تُ َ‬ ‫اخلوارج"‪ .‬فينبغي هنا ُ‬
‫أولدت الداينةَ ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ )‪ (Müslümanlık‬بعد قرورن‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ت حىت‬‫ْسلَ ْ‬
‫سل َ‬
‫اليت تَ َ‬

‫ص ِّفني اليت اندلعت بني ٍ‬


‫علي ومعاويةَ عام ‪656‬م‪.‬‬ ‫نبؤًن التاريح ف ضوء الواثئق أنه خالل حرب ِّ‬
‫يُ ُ‬
‫املوقف‬ ‫لكن‬ ‫ِّ‬
‫احلرب حبثًا عن السالم‪َّ .‬‬ ‫التفاو ِّ‬
‫ض إليقاف‬ ‫مييل إىل ُ‬
‫َ‬ ‫بدأ كلٌّ من الطرفني ‪-‬برهةً قصريةً‪ُ -‬‬
‫اجلهود بال‬
‫َ‬ ‫التحكيم أفس َد مسا ِّع َي السالم‪ ،‬وترك‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫حماولة‬ ‫بعض املغرضني أثناءَ‬
‫املشبوهَ الذي اختذه ُ‬
‫اخلوارج على أمري املؤمنني علي بن أب طالب رضي للا عنه‪ ،‬وعمت‬ ‫ُ‬ ‫جدوى‪ .‬فلم يلبث حىت اثرت‬
‫ض ِّم تلك‬ ‫الفوضى‪ ،‬فذهب احلليفةُ ضحيةً للشغب السائد على يد أحد اإلرهابِّيِّني من اخلوارج ف ِّخ َ‬
‫ِّ‬
‫القضاء على‬ ‫أثر عميق ف‬ ‫ِّ‬
‫األحداث وف ظروف غامضة‪ .‬فال شك أن هذا الوسط املظلم كان له ٌ‬
‫النظام الذي رسه القرآن‪ .‬أما األتراك فإهنم مل يكونوا قد تعرفوا على اإلسالم بع ُد ف هذه املرحلة‬
‫األحداث كانت متتد إىل املستقبل ثنائيةَ الو ِّ‬
‫جهة؛‬ ‫َ‬ ‫أن هذه‬‫الزمنية (ما بني ‪707-661‬م‪ .).‬إالَّ َّ‬
‫ُ‬
‫العنف ألجل حتقيق دعواها؛ ووجهةٌ أخرى‬ ‫فو َ‬ ‫وتتبَّن التطر َ‬
‫الروح اخلارجيةَ َّ‬ ‫ِّ‬
‫وجهةٌ منهما كانت متث ُل َ‬
‫املستمر بني‬
‫َّ‬ ‫اخلوارج طوال قرون‪َّ .‬‬
‫إن هذا التالطُ َم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫تصروات‬ ‫ِّ‬
‫مواجهة‬ ‫والردود ف‬
‫َ‬ ‫كانت ُمتَثِّ ُل الدفاعَ‬
‫ِّ‬
‫اإلخالص‬ ‫الناس ورغباهتم عن التزام جانب‬‫والفتور ف عزائم ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬
‫النفوس‪،‬‬ ‫العنف والدفاع أاثر ال َْملَ َل ف‬
‫القيَ ُم مع مرور الزمان‪ ،‬وزال الرتابط والتماسك ف احلياة اإلجتماعية‪ ،‬فبدأ‬ ‫رت ِّ‬ ‫والفضائل‪ .‬فتدهو ِّ‬
‫أعداء اإلسالم لضربه خاصةر ف املناطق النائية عن قلب الوطن‬ ‫ِّ‬ ‫ات خطريةٌ ف عقول‬ ‫تدب تصور ٌ‬
‫تنال من الدين احلنيف‪،‬‬
‫اإلسالمي‪ ،‬إىل أ ْن طمعت فئةٌ من اخلصوم املندسني ف صفوف اجملتمع أن َ‬
‫ِّ‬
‫النتفاء أهل العلم ف تلك‬ ‫فسلكت طرقًا ملتويةً ف تشويه تعاليمه على حني غرةٍ من املسلمني‪ ،‬ورمبا‬
‫"م ْسلُ َمانْلِّك )‪ (Müslümanlık‬ف‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الناس ابللغة العربية‪ ،‬ظهرت داينةٌ جديدةٌ ابسم ُ‬ ‫وجهل ِّ‬‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الداير‪،‬‬
‫ِّ‬
‫توحيد للا تبارك‬ ‫القيام بدعوةِّ ِّ‬
‫الناس إىل‬ ‫بالد الرتك حواىل ‪1200‬م‪ .‬تقريبًا‪ .‬فصار من العسري جدرا ُ‬
‫ِّ‬

‫أعيت مذاهبُهم‪ ،‬فانتشرت ف غضون ذلك بناءُ‬ ‫الناس اتئهني ف غمرات اجلهل وقد ْ‬ ‫فظل ُ‬ ‫وتعاىل‪َّ ،‬‬
‫واألضرحة على قبور الزًندقة‪ ،‬وعادت اجلاهليةُ بكل مساويها فدامت القبوريةُ إىل أايمنا ف‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫القباب‬
‫أن الداينةَ الرتكِّيَّةَ هذه قد ظهرت بعد‬
‫ني من هذه التطورات َّ‬
‫مجيع األوطان اليت يسكنها األتراك‪ .‬يَتَ بَ َّ ُ‬
‫عام من نزول الوحي‪.‬‬ ‫ستمائة ٍ‬

‫الصدمات القاصمةُ من اخللل ف مسار اإلسالم وما‬


‫ُ‬ ‫رمبا يتسائل الباحث هنا عما جاءت به هذه‬
‫أسفر عنها من الدمار ف قِّيً ِّم‪ ،‬الدين احلنيف‪ ،‬وما تطور عنها من آاثر خطرية كانت املُ ْسلُ َمانيةُ‬
‫األحداث األرضيةَ املالئمةَ لظهور هذه‬
‫ُ‬ ‫)‪ (Müslümanlık‬أشدَّها نكايةً ابألمة‪ .‬فكيف مهدت هذه‬
‫الداينة؟ هناك ركام من األجوية على هذا السؤال‪ ،‬اكتظت بغبارها وفتاهتا بطو ُن جملدات املصادر‪،‬‬
‫اخلرز على رمال صحراء مرتامية األطراف حبيث حيتار‬ ‫ات ِّ‬ ‫لكنَّها تبعثرت على صفحاهتا تبعثُر حب ِّ‬
‫َ‬
‫تيب ٍ‬
‫دقيق تظهر‬ ‫بتنسيق وتر ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ليجمع هذه احلبات فيُ نَ ِّظ َمها ف سلك أتليفه‬
‫َ‬ ‫الباحث من أين يبدأ َع َملَهُ‬
‫أهل العلم والدراسة‪ ..‬لذلك من املستحيل الكشف عن كنه‬ ‫من خالهلا الواجهةُ ًنصعةً‪ ،‬ويقنع هبا ُ‬
‫نظرين هلذه الداينة واختالقهم لتعاليمها على مر املراحل الزمنية‪ ،‬وترتيبها وتثبيتها حسب‬ ‫حماوالت املُ ِّ‬
‫القارئ‬
‫ُ‬ ‫التسلسل الزمين‪ .‬وقد ينجح ف ذلك بعض الباحثني األكفاء احملرتفني‪ ،‬كما سوف يطَّ ُ‬
‫لع‬
‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫عرب ثنااي هذا الكتاب‪ .‬هذه هي أهم النقاط‬ ‫الكرميُ على قسط كب ٍري من أسرار هذه الداينة املختَ لَ َقة َ‬
‫ِّ‬
‫أعماق‬ ‫املتخف ِّية ف‬
‫ِّ‬ ‫كل ٍ‬
‫كلمة هلذه القصة العاتية‬ ‫فإن مطاردةَ ِّ‬‫اليت جيب الرتكيز عليها‪ .‬لذلك‪َّ ،‬‬
‫جملدات املصادر‪ ،‬والتقاطَها عند العثور عليها من بني آالف السطور‪ ،‬وإحالهلَا ف املكان املناسب‬
‫َّسما جبرأةٍ‬
‫ِّ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫مر يفوق طاقةَ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أي ابحث حمنَّك‪ ،‬إالَّ إذا كان هو ُمت ً‬ ‫من صياغتها ف قالب جديد‪ ،‬إمنا هي أ ٌ‬
‫فائقة جتعله ال يرتدد أمام وابل من الوعيد والتهديد يوشك أن يسحقه‪ .‬لذلك مل يتجرأ أحد من أهل‬ ‫ٍ‬
‫إلظهار خفااي هذه الداينة‪ ،‬فظلت أسر ُارها ف طي‬ ‫ِّ‬ ‫عزمهُ‬ ‫ِّ‬
‫ي َ‬ ‫البحث والدراسة إىل اآلن أن يُبد َ‬
‫الكتمان على امتداد العصور حىت قيض للا هلا قلةً من األكادمييني األتراك ف األوان األخرية‬
‫ِّ‬
‫هؤالء‬ ‫برفق ومته ٍل وترد ٍد‪ ،‬وقلوهبم مليئة أبلوان من املخاوف‪ .‬إن‬
‫فك هذه املعضلة ٍ‬
‫اليوم َّ‬
‫حياولون َ‬
‫العلماء على يقني أبن املُسلُمانيةَ )‪ (Müslümanlık‬الرتكِّيَّةَ ليس من االسالم ف ٍ‬
‫شيء على‬ ‫ْ َ‬
‫اإلطالق‪ ،‬وإن مل جيهروا به خوفُا على حياهتم‪ .‬لكنه على عكس هؤالء اخلرباء املخلصني هناك فئةً‬
‫أن املُ ْسلُ َمانيةَ‬ ‫ِّ‬
‫احلياد العلمي‪ ،‬يزعمون َّ‬ ‫جانب‬ ‫أخرى من األكادمييني األتراك‪ ،‬وهم غري ملتزمني‬
‫َ‬
‫ِِّّ‬
‫الصوف‬ ‫ِّ‬
‫لالسالم‪ ،‬قد مت صياغتُهُ وفق األسلوب‬ ‫)‪ (Müslümanlık‬إمنا هي شكل خالص نقي‬
‫متييز هذا النموزج الرفيع عن االسالم العرب‬ ‫الرتكِّ ِّي العاطفي‪ ،‬وذلك بغيةَ ِّ‬
‫اهلادئ والذوق اإلنسان ُْ‬
‫غمار جلبة‬ ‫القاسي‪ ،‬واخلايل من الرفق واحلكمة! وهناك فئة أخرى تثريُ الضوضاء لِّتَ ْخنُ َق القضيةَ ف ِّ‬
‫اسالم‬
‫ٌ‬ ‫ِّ‬
‫االسالم‪ ،‬بل هي‬ ‫اجلدال‪ ،‬لتزعم َّ‬
‫أن املُ ْسلُ َمانيةَ )‪ (Müslümanlık‬ال خترج أصالً من نطاق‬
‫أبن املُ ْسلُ َمانيةَ‬ ‫مشوهٌ بر ِّ‬
‫كام من البدع واخلرافات‪ .‬هكذا يظهر أن أ راي من هذه الفئات الثالث مل تقر َّ‬ ‫َّ‬
‫واالسالم داينتان متباينتان ال عالقةَ بينهما‪ ،‬ذلك َّ‬
‫أن فئةً منها خائفةٌ على‬ ‫َ‬ ‫)‪(Müslümanlık‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫نفسها مع علمها ابحلقيقة وقد سكتت عن االقرار‪ ،‬وإما الفئتان األُ ْخ َرَاين‪ ،‬فقد اختارات االلتواءَ‬
‫والتضليل والنفاق‪ .‬يؤكد على ذلك ما ورد على لسان عامل من علماء األتراك ضمن كلماته وهذه‬
‫َ‬
‫معرُاب‪:‬‬
‫نصها َّ‬

‫ذات الصبغة الصوفيَّ ِّة اليت نشأت وترعرعت على يد أمحد اليسوي‬ ‫َّ‬
‫"إن املُ ْسلُ َمانيةَ الرتكيةَ الشعبيةَ َ‬
‫أخريا أهنا كيف كانت وليدةَ البيئة االجتماعية واالقتصادية‬ ‫ف آسيا الوسطى‪ ،‬قد تبلورت ً‬
‫س ِّربٍَة من عهد ما قبل اإلسالم‪،‬‬
‫واالجتماعية والثقافية‪ ،‬وأهنا كيف نشأت حتت أتثري معتقدات ُمتَ َ‬
‫ابإلضافة إىل القضااي املتعلقة بسماهتا وخصائصها الرئيسة‪ ،‬وطريقة انتشارها‪ ،‬ووصوهلا إىل منطقة‬
‫الشكل اجلديد الذي ظهرت به ف هذه املنطقة وما يتعلق هبذه‬
‫َ‬ ‫أًنضول‪ ،‬وأخرياً كيف أخذت‬
‫ِّ‬
‫للمغفور له األستاذ‬ ‫اطالع واس ٍع‬
‫ٍ‬ ‫مرةٍ نتيجة‬
‫ألول َّ‬
‫املغامرة من شىت املسائل‪ ...‬إمنا تبلور كل ذلك َّ‬
‫ هذا‬.‫عاما تقريبًا‬ ِّ ِّ
ً ‫ص َرفَ َها قبل أربعني‬
َ ‫ وجهوده اجلبَّارة اليت‬،Fuad Köprülü ‫الدكتور فؤاد كوبرولو‬
‫ إنه‬،‫ئيس لبحثه العلمي‬ ِّ
َ ‫املوضوع الر‬
َ ،‫الشكل الذي اكتسب ْتهُ املُ ْسلُ َمانيةُ بني األتراك‬
َ ‫العاملُ اجلليل جعل‬
‫ مل‬.‫اهتمامه بشكل أساسي على هذا اجملال‬ َ ‫ لكنه رَّكز‬،‫وإن تناول قضااي أخرى من اتريخ األتراك‬
‫ضا منهجيةً قويةً هلا‬
ً ‫ بل طََّوَر أي‬،‫كتف اإلستاذ كوبرولو إبنشاء قاعدة معرفية ف هذا اجملال وحسب‬ ِّ ‫ي‬
‫ وقدم‬،‫ كما اتبعه تلمي ُذه الراحل عبد الباقي جولبناريل بنجاح‬.‫مصادرها وقدمها لعا َمل املعرفة‬ َ ‫وعرض‬
‫ ال يرغب اليوم ف‬-‫واي لألسف‬- ‫اجليل اجلدي َد من الباحثني‬ ٍ
َ ‫ (إن‬.‫مسامهات كبريةً ف هذا اجملال‬
).‫اإلمهال والنسيان‬
ُ ‫جهودمها اليت لن ميحوها‬ ِّ
ِّ ‫مواصلة أو حىت تذك ِّر‬

‫االهتمام بتاريخ‬
َ ‫قطاع البحوث والدراسات األكادميية حول اتريخ األتراك قد ترك وراء ظهره‬ َ ‫إن‬ َّ
ٍ ‫أبمهية‬
‫ قد أمهل هذا القطاع‬.‫ابلغة‬ ٍ ‫املراحل القدمية ألتراك أًنضول وأوضاعهم الراهنة اليت تتسم‬
‫ وهكذا أدَّى هذا الفراغ‬،(Müslümanlık) ‫انية‬ِّ ‫بصورة قطعية االهتمام إبشكالية اإلسالم واملُسلُم‬
َ ْ َ
‫ وانصرف األكادمييون إىل االشتغال‬،‫إىل العدول عن البحث املعتمد على املصادر الرتاثية القدمية‬
2
.‫ وظلوا مبنأى عن املنهجية العلمية واالعتماد على املصادر األولية‬،‫ابملواضيع األيديولوجية‬

***
‫كة سياسيَّ ٍة دينيَّ ٍة – ويَطَّلِّ َع‬
ٍ ‫ كحر‬- ‫أفاعيل اخلوارج‬
ِّ ‫الباحث من مدى‬
ُ َّ ‫ليس من الصعب أ ْن‬
‫يتحق َق‬
ِّ ٍ ِّ ِّ ‫اإلرهابية ف‬
ِّ ‫على نشاطاهتِّم‬
‫اإلسالم َّي من‬ َ ‫الواثئق أهنم كيف حتولوا إىل خط ٍر ُْحمدق اب‬
‫جملتمع‬ ِّ ‫ضوء‬

،Prof. Dr. Ahmet Yaşar Ocak, Türk Sûfȋliğine Bakışlar, s.150. İlet işim Y, İstanbul-1996 :‫املصدر‬ 2

:‫وهذا نص كلماته ابللغة الرتكية‬

«11. Yüzyılda Orta Asya’da Ahmed-i Yesevȋ ile başlayıp gelişen mistik karakterli popüler Türk
Müslümanlığı’nın hangi sosyo-ekonomik ve sosyo-kültürel ortamın ürünü olduğu, hangi inançların
etkisinde oluştuğu, ana nitelik ve karakteristikleri, yayılış biçimi, Anadolu topraklarına intikali ve
nihayet burada aldığı yeni biçim ile ilgili meseleler, bundan yaklaşık kırk küsur yıl öncesine kadar
ilk defa merhum M. Fuad Köprülü tarafından çeşitli araştırmalarda vukufla ortaya konmuştu. Bu
büyük âlim, İslâm’ın Türkler arasında kazandığı biçimi kendi bilimsel araştırmalarının ana konusu
yapmış, Türk tarihinin diğer meseleleriyle de uğraşmakla beraber asıl bu alan üzerinde durmuştur.
O bu alanda yalnız bir bilgi birikimi meydana getirmekle kalmayıp bunun sağlam bir metodolojisini
oluşturdu ve kaynaklarını gösterip tanıttı. Öğrencisi merhum Abdülbaki Gölpınarlı onu başarıyla
takip etti ve bu alana çok önemli katkılarda bulundu. (bu iki bilim adamının bu unutulmaz
emeklerinin hakkını bugünün genç nesil araştırmacıları nedense ödemeye ve hatta hatırlamaya pek
yanaşmıyorlar.)

Akademik Türk tarihçiliği bu ikisinden sonra, Anadolu Türkleri için gerek uzak ve yakın tarih,
gerekse içinde yaşadığımız dönem bakımından aktüel bir öneme haiz olan Anadolu’da İslâm ve
Müslümanlık problemiyle uğraşmayı bıraktı. Bu suretle meydana gelen boşluk, bilimsel
yöntemlerden yoksun, birinci elden kaynaklara inmeyen spekülatif ve ideolojik olarak angaje olmuş
kolaycı araştırmalara kapı açtı»
‫اخلوف على املسلمني َج َّراءَ خروجهم‬
‫ُ‬ ‫واإلسالم يومئذ مل يزل ف مهده‪ ،‬وكيف سيطر‬
‫ُ‬ ‫مجيع النواحي‪،‬‬
‫ظل‬
‫مثال داعش‪ .‬لقد َّ‬ ‫على النظام بني الفينة واألخرى وتقتيلهم للمدنيِّني الع َّزِّل دون ٍ‬
‫رمحة على ِّ‬ ‫ُ‬
‫قرًن إىل يومنا هذا‪ ،‬يثورون فُ ْجأةً كالربكان كلما أاتحت‬
‫ش َر َ‬
‫التاريخ منذ أربعةَ َع َ‬
‫ِّ‬ ‫مسرح‬
‫ِّ‬ ‫اخلوارج على‬
‫ُ‬
‫ظهورُه ْم كما شاهدًنهم ف عصرًن حتت‬
‫ُ‬ ‫يتكرُر‬
‫هلم الظروف‪ ،‬مث ختتفي نشاطاهتم برهةً‪ ،‬وهكذا َّ‬
‫مس َّمي ٍ‬
‫ات كالوهابية وفروعها‪ :‬القاعدة‪ ،‬وطالبان‪ ،‬وداعش‪ ،‬وبوكو حرام غريها‪...‬‬‫َُ َ‬

‫استبداد احلُكام‪ ،‬بعد‬ ‫ِّ‬ ‫اخلوارج متزامنًا مع‬


‫ٍ‬ ‫إرهاب‬ ‫ظروف ساد فيها‬ ‫ٍ‬ ‫اجملتمع فقد معنوايتِِّّه ف‬ ‫يبدو َّ‬
‫أن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وض خباص ٍة؛‬ ‫وقيام الْمل ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ض ِّ‬ ‫ْك ال َْع ُ‬ ‫اض اخلالفة الراشدة ِّ ُ‬ ‫االسالم ِّي عقب انقر ِّ‬ ‫ِّ‬
‫النظام‬ ‫ت حيويَّةُ‬ ‫أن تقلَّ َ‬
‫ص ْ‬
‫ِّ ِّ‬ ‫ٍ‬
‫سوا هبا‬ ‫الناس يبحثون عن أشكال من التدي ِّن ‪-‬وإن كانت مغايرةً لتعاليم الدين احلنيف‪ -‬ليُ نَ ف ُ‬ ‫فبدأ ُ‬
‫وشج َع ْتهم‬
‫اجملال للدجاجلة واملنافقني َّ‬ ‫أهم األسباب اليت فتحت َ‬ ‫عن كربتهم‪ .‬إمنا هذه النزعةُ هي من ِّ‬
‫خالل هذه الثغرة فرصةً لضرب اإلسالم‪ ،‬وما لبث حىت أختلقوا‬ ‫على ِّحيَا َك ِّة املؤامرات‪ ،‬فوجدوا من ِّ‬
‫ألواًن من البِّ َد ِّع واألابطيل واألساطري‪ ،‬فكانت املُ ْسلُ َمانيةُ )‪ (Müslümanlık‬من أهم حلقاهتا‪ .‬كذلك‬ ‫ً‬
‫أصول فارسيَّ ٍة ظهروا ف هذه احلقبة وكان انتشار‬ ‫ٍ‬ ‫ني من‬‫املستعربِّ َ‬
‫َ‬ ‫أن الصوفية‬ ‫من احلقائق التارخيية َّ‬
‫حيث أفسدوا مبدأَ العبادةِّ‬ ‫إلسالم‪ُ ،‬‬‫ِّ‬ ‫التصوف –نتيجةَ ِّدعاايهتم وفنوهنم‪ -‬ضربةً قاصمةً نزلت على ا‬
‫ِّ‬
‫واإلحتاد‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫احللول‬ ‫ملتوية أييت على رأسها اختال ُق عقيدةِّ‬ ‫ٍ‬ ‫كن التوحيد بِّطُُر ٍق‬ ‫ِّ‬
‫فدمروا ر َ‬ ‫هلل وحده‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫والقادرية‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫كالنقشبندية‪،‬‬ ‫أسسها املتأخرون من الصوفية‪،‬‬ ‫فتعددت اآلهلةُ خاصةً ف الدايًنت اليت َّ‬
‫اس‬ ‫والرفاعية‪ِّ ِّ َّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫والس ْه َرَوْرديَّة‪ ،‬واألكربية‪ ،‬والشاذلية وغريها‪ ...‬فكان خداعُ الصوفية أهنم مل يَ ْد ُعوا النَّ َ‬
‫قول بتأويالهتم ومغالطاهتم وتفسرياهتم شاذَّةٍ حبيث‬ ‫إىل الكفر ابهلل صراحةً ومباشرةً‪ ،‬وإمنا أربكوا الع َ‬
‫حار أهل العلم ف مواجهتهم ومقاومتهم‪ ،‬فما ابلكم ِّ‬
‫أببناء اجلهل!‬ ‫َ‬

‫لقد كانت الظروف مواتيةً لنشاطات الزًندقة ف القرن الثان اهلجري‪ ،‬وكانت الفرصة ساحنةً‬
‫ادشتيني ف داخلهم‬‫شك أهنم كانوا زر ِّ‬ ‫أوصول فارسة؛ فال َّ‬ ‫ٍ‬ ‫املستعربني من‬ ‫للصوفية والشع ِّ‬
‫وبيني‬
‫َ‬
‫س‬ ‫علم هبذا النفاق الشائع‪ ،‬وقَلِّ ٌق َّ‬
‫يتوج ُ‬ ‫األموي على ٍ‬ ‫النظام ِّ‬
‫ُ‬ ‫ومسلمني ف ظاهرهم وتصرفَ ِّاهتم‪ .‬وكان‬
‫ومعايريهم على الثقافة العربية‪ .‬فكان ذلك من‬ ‫َ‬ ‫مفاهيمهم‬
‫َ‬ ‫خيفةً من هيمنتِّ ِّه ْم الثقافيَّ ِّة أ ْن يفر ُ‬
‫ضوا‬
‫الع َج ِّم ِّي‪ .‬وهذا الذي محل‬
‫العنف ضد العنصر َ‬ ‫ِّ‬ ‫ي إىل ممارسة‬ ‫األم ِّو َّ‬
‫النظام َ‬
‫َ‬ ‫األسباب اليت دفع‬
‫األصنام أثناءَ احتالهلم منطقةَ ماور ِّاء النهر اليت هي‬
‫ِّ‬ ‫والتنكيل ِّ‬
‫وحرق‬ ‫ِّ‬ ‫األمويني على مبالغتهم ف ِّ‬
‫القتل‬ ‫ِّ‬
‫األمويني رمبا مل يفعلوا ذلك من منطلق الغرية على عقيدة التوحيد (الذي‬ ‫ِّ‬ ‫موطن األصلي لألتراك‪ .‬إن‬
‫األعجام كانت ًنشئةً عن كراهييهم لِّلْعُ ْج َم ِّة‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫استهانة‬ ‫هو الركن األساسي لإلسالم)‪ ،‬بل نُ ُزوعُ ُه ْم إىل‬
‫أن ف هذا النمط القاسي والبدائِّ ِّي‬ ‫ظ َّ‬‫الح ُ‬ ‫اليت بدأت ُهت ِّد ُد العروبية‪ ،‬وتُ ْف ِّس ُد الذو َق ِّ َّ‬
‫العرب‪ .‬في َ‬
‫شعوراي‪ .‬أما اإلسالم فإنه ال يوافق أب ًدا‬ ‫تصرف تعبريٌ عن الروح اخلارجيَّ ِّة وعن العنصرية العربية ال‬ ‫لل ِّ‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫أبسلوب‬ ‫واإلرشادي ينبغي أن يكون‬
‫َّ‬ ‫الدعوي‬
‫َّ‬ ‫اخلطاب‬
‫َ‬ ‫واحلال هذه‪ ،‬فإن‬‫ُ‬ ‫على مثل هذا التصرف‪.‬‬
‫أضر تصرفًا ابلدعوةِّ من‬‫شيء من القسوةِّ‪ .‬وما َّ‬ ‫اللجوء إىل إظهار ٍ‬
‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫وهدوء‪ ،‬دون‬ ‫ٍ‬
‫حكيم ٍ‬
‫ورفق‬
‫الكفار إىل اإلسالم ابلقهر‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫األمويني ف دعوة‬ ‫أدل على ذلك من تصرفات‬ ‫العنف‪ ،‬وما َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫استعمال‬
‫بويالت على األمة عرب القرون‪ ،‬فظهر أخريا من خالل ٍ‬
‫حبوث‬ ‫ٍ‬ ‫األصنام‪ ،‬فعاد ذلك‬‫ِّ‬ ‫واإلرغام ِّ‬
‫وحرق‬ ‫ِّ‬
‫ً‬
‫إنتقام إلصنامهم ٍ‬
‫بطرق‬ ‫والرتك قد انتقموا من اإلسالم َّأميَا ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫س‬ ‫اسات معمقة َّ‬
‫أن قُ َد َماءَ أعجام ال ُف ْر ِّ‬ ‫ودر ٍ‬
‫بعض األكادمييني املعاصرين على أفاعيليهم ف‬ ‫مل يَ ْشعُ ْر حىت العلماءُ أبسر ِّار مؤامراهتم‪ ،‬أىل أن عثر ُ‬
‫يومئذ غيظًا وضغينة لالسالم َج َّراءَ مذابح‬ ‫األوان األخرية‪ .‬ال شك أن قدماء األتراك كانوا قد امتلئوا ٍ‬
‫َ‬
‫ات ُمت َقنَ ٍة ف‬‫حبياكة مؤامر ٍ‬‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫البوذيني والشامانيني‪ .‬فقاموا‬ ‫سكان ماور ِّاء النهر‬ ‫ِّ‬ ‫أصنام‬
‫َ‬ ‫األمويني وحرقِّ ِّه ْم‬
‫عناص َر انتشلوها من‬ ‫الغاية‪ ،‬إذ احتلقوا داينةً ابسم "الْمسلُمانِّيَّ ِّة ‪ ،"Müslümanlık‬فحشدوا فيها ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ُْ َ‬
‫األضرحة واختلقوا‬‫ِّ‬ ‫والصوم‪ ،‬واحلج‪ ،‬والزكاةِّ‪ ،‬والنوافل‪ ،‬وضموا إليها عبادةَ‬ ‫ِّ‬ ‫اإلسالم؛ كالصالةِّ‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫كة فيهم ما ال يوصف ابللسان وهي‬ ‫الشفاعة والرب ِّ‬
‫ِّ‬ ‫امات و ِّ‬
‫اعتقاد‬ ‫قصص الكر ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ألواًن من‬ ‫للزًندقة ً‬
‫أحناء تركيا وإيران‪ .‬يظهر بوضوح‬ ‫آالف من جملدات الكتب تُنشر وتُطبع اليوم ف ِّ‬ ‫مشخونة ف بطون ٍ‬
‫ُ‬
‫أهنم إمنا سلكوا هذه الطريقةَ امللتويةَ ف تشويه الدين احلنيف بدل أن يرفضوه ويتمردوا على النظام‪،‬‬
‫حذرا من ردود فعل املسلمني وحىت ال يتعرضوا لبطش احلكام‪ ،‬فلم يتنبه‬ ‫إمنا سلكوا هذه الطريقةَ ً‬
‫اإلسالم‬
‫َ‬ ‫الناس عرب القرون َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬ ‫األمر ف سر ٍية‪َّ ،‬‬
‫وظن‬ ‫فاستمر ُ‬ ‫َّ‬ ‫العامةُ إىل هذه املؤامرة اخلطرية‪،‬‬
‫العلماء إلظهار هذه‬ ‫ِّ‬ ‫نفسهُ إىل أن قيض للا رهطًا من‬ ‫ِّ ِّ‬
‫و"ال ُْم ْسلُ َمانيَّة ‪ "Müslümanlık‬مها الشيءُ ُ‬
‫حبيطة حبثًا عن أسرار هذه الداينة الْ ُم ْختَ لَ َقة‪ .‬إالَّ َّ‬
‫أن‬ ‫ٍ‬ ‫اخليانة‪ ،‬فبدأوا منذ فرتةٍ ينبشون املصادر‬
‫انتبهت ف اآلونة أخرية إىل‬ ‫اب السياسيةَ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ْ‬ ‫املنظمات التابعةَ للصوفية والتجمعات العنصريةَ واألحز َ‬
‫الداينة "ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة ‪ "Müslümanlık‬من خالل‬ ‫ِّ‬ ‫دبيب هذه الصحوة العلميَّ ِّة‪ ،‬فقامت ابستفز ِّاز‬
‫ِّ‬
‫اجلهود‪،‬‬ ‫ات قوميَّ ٍة على مجيع األصعدةِّ ف تركيا ببذل أقصى قدر من‬ ‫تافات أيديولوجيَّ ٍة وشعار ٍ‬ ‫ُه ٍ‬
‫للقضاء على الظالل الضعيفة املتبقية من آاثر اإلسالم ف هذا البلد‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫وذلك‬

‫اليوم الداينةَ "ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ‬


‫َ‬ ‫العربيَّةُ بُِّرَّمتِّ َها‬ ‫إنه من املثري جدرا أن جتهل أو تتجاهل األمةُ‬
‫واحدةٍ‪ .‬وهذا التناسي يُعد‬ ‫قرون حتت ر ٍ‬
‫اية‬ ‫‪ "Müslümanlık‬وقد عاشت مع األتراك قرابةَ ِّ‬
‫أربعة‬
‫العرب َّ‬
‫ضد الدين احلنيف بعد تلك اليت ارتكبها معايةُ بن أب سفيا َن اليت‬ ‫ُ‬ ‫مؤامرةً اثنيةً ارتكبها‬
‫أسفرت عن فنت متتالية بعده على يد أخالفه الذين أضرموا النار ف أصنام األتراك مبنطقة ما وراي‬
‫النهر بني أعوام ‪715-707‬م‪ .‬وقد جرح هذا الطغيان العسكري السافر ضمائر األتراك ٍ‬
‫يومئذ ومأل‬ ‫َ‬
‫قلوهبم حق ًدا وكراهيةً على االسالم‪ ،‬فكان ذلك سببًا إلقدامهم على حياكة هذه الداينة اخلطرية ف‬
‫قناعا ميثل‬
‫نفسهُ واعتنقوها وجعلوا منها ً‬ ‫صبغة زائفة التبست على ِّ‬ ‫ٍ‬
‫الناس فاعتقدوا أهنا هي اإلسالم ُ‬
‫األمةَ الرتكيةَ‪.‬‬

‫اإلسالم‪ .‬ألهنا فتحت‬‫ِّ‬ ‫ٍ‬


‫عنيفة زعزعت أركان‬ ‫نعم كانت املؤامرة اليت ارتكبها األمويون أول ضر ٍبة‬
‫اجملال ألشتات املغرضني الذين كانوا يرتبصون الدوائر ابلدين احلنيف‪ ،‬فتمكنوا بعد هذه املؤامرةِّ أ ْن‬
‫ينالوا منه أبساليب خمتلفة من التأويل‪ ،‬والتعطيل‪ ،‬والتحريف‪ ،‬كلٌّ حسب مهارته ف فن التشويه‪،‬‬
‫فكان مما صنعته عصابة (خواجگان) الداينةَ "الْمسلُمانِّيَّةَ ‪ ،"Müslümanlık‬وهي ال تزال ِّ‬
‫الدي َن‬ ‫ُْ َ‬
‫والشائع على مستوى اجملتمع الرتكي منذ مثانية قرون‪.‬‬
‫َ‬ ‫املعتم َد عند األتراك‪،‬‬
‫***‬

You might also like