You are on page 1of 18

‫للا‬ ‫اه‬‫ض‬ ‫ت‬‫ار‬ ‫ي‬ ِّ

‫الذ‬ ‫ين‬ ِّ
‫الد‬
ُ ُ َ َْ ُ
ُ‫اإلسالَ ُم ِّأم ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّة‬
ْ ‫أ َُه َو‬

*** ***

PART-04
‫وم َد ِّم َرة‬ ِّ ِّ ِّ
ُ ٌ‫" داينةٌ ُمشتتة‬Müslümanlik" ُ‫ وال ُْم ْسلُ َمانيَّة‬،‫دين بَنَّاءٌ َوُم َوح ٌد‬
ٌ ‫اإلسالم‬
ُ
Islam is builder and formative
But Muslumanism is disruptive and destructive

‫أتليف‬
‫فريد صالح اهلامشي‬
Copyright©2018 by
Feriduddin AYDIN
feriduddin@gmail.com

.‫م‬2018-‫إسطنبول‬

‫دار العِرَب للطباعة والنشر‬

al_ibar.publishing@yahoo.com
‫وم َد ِّم َرة‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫دين بَنَّاءٌ َوُم َوح ٌد‪ ،‬وال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ "‪ "Müslümanlik‬داينةٌ ُمشتتةٌ ُ‬
‫اإلسالم ٌ‬
‫ُ‬

‫ِّ‬
‫الداينة املنتشرة يف تركيا ابسم (‪،)Müslümanlık‬‬ ‫ِّ‬
‫احلنيف وبني‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم ِّي‬ ‫يتبلور الفر ُق بني ِّ‬
‫الد ِّ‬
‫ين‬ ‫ُ‬
‫أي تكلف وعناء‪ ،‬وذلك يف ضوء ما يلي من‬ ‫مبجرِّد مقارنة بسيطة و ِّ‬
‫بدن ِّ‬ ‫واضحا‪َّ ،‬‬ ‫ويظهر هذا الفر ُق‬
‫ً‬
‫س ِّة من القرآن الكرمي‪.‬‬ ‫اآلايت املقتَ بَ َ‬

‫قوض مبدأ املساواة واإل ِّ‬ ‫َّ‬


‫خاء‪.‬‬ ‫التمييز بني أفراد اجملتمع‪ ،‬ألنه يُ ِّ ُ‬
‫َ‬ ‫مخس آايت َتظُُر‬
‫إن يف الكتاب العزيز ُ‬
‫التضامن‪ ،‬والتعاض َد‪،‬‬
‫َ‬ ‫يتبّن‬
‫اإلسالم َّ‬
‫َ‬ ‫ص هذه اآلايت‪ ،‬يُفهم من فحواها بسهولة َّ‬
‫أن‬ ‫فح ُ‬
‫وعندما تُ َ‬
‫ِّ‬
‫والتأليف بني القلوب‪ ...‬إننا لو متكنَّا‬ ‫وإقامةَ نظام على أساس العد ِّل واملساواة َوتوحي ِّد الصفوف‪،‬‬
‫رسائل رمحانية‬
‫َ‬ ‫من الوصول إىل أعماق هذه الكلمات اجلليلة الواردة يف منتهى اإلجياز‪َّ ،‬‬
‫لتلقينا منها‬
‫تواد والتاحم‬‫أببلغ معانيها إىل أمهية ال ِّقي ِّم اإلنسانية الرفيعة من التآزر والتسامح وال ِّ‬
‫تُثري حفيظتَ نَا ِّ‬
‫َ‬
‫والكرم والرفق والتعاون على الرب والتقوى‪...‬‬

‫‪1‬‬
‫ون‪".‬‬ ‫اح َدةً وأ ََن رب ُكم فَا ْعب ُد ِّ‬ ‫أول هذه اآلايت الكرميات هو قوله تعاىل‪" :‬إِّ َّن ه ِّذهِّ أ َُّمت ُكم أ َُّمةً و ِّ‬
‫َ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬
‫صموا ِِّبب ِّل َِّّ‬
‫يعا َوََل تَ َف َّرقُوا‪ 2"...‬والثالثة هي قوله تعاىل‪ " :‬إِّ ََّّنَا‬ ‫اَّلل َِّ‬
‫َج ً‬ ‫والثانية هي قوله تعاىل‪َ " :‬وا ْعتَ ِّ ُ َْ‬
‫اَّلل لَعلَّ ُكم تُر َمحُو َن‪ 3.‬والرابعة هي قوله تعاىل‪" :‬وأ ِّ‬ ‫الْم ْؤِّمنُو َن إِّ ْخوةٌ فَأ ِّ‬
‫َطيعُوا‬ ‫َ‬ ‫ني أَ َخ َويْ ُك ْم َواتَّ ُقوا ََّ َ ْ ْ‬ ‫َصل ُحوا بََْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫اَّللَ َم َع َّ ِّ‬
‫اصِّربُوا إِّ َّن َّ‬
‫ب ِّرحيُ ُك ْم َو ْ‬
‫ين‪ ".‬واخلامسة هي قوله‬ ‫الصاب ِّر َ‬ ‫َّ‬
‫‪4‬‬
‫شلُوا َوتَ ْذ َه َ‬
‫از ُعوا فَتَ ْف َ‬ ‫اَّللَ َوَر ُسولَهُ َوََل تَنَ َ‬
‫ارفُوا إِّ َّن أَ ْك َرَم ُك ْم ِّع ْن َد‬ ‫ِّ ِّ‬
‫واب َوقَبَائ َل لتَ َع َ‬
‫ِّ‬
‫َّاس إِّ َّن َخلَ ْقنَا ُك ْم م ْن ذَ َكر َوأُنْ ثَى َو َج َعلْنَا ُك ْم ُشعُ ً‬
‫تعاىل‪َ " :‬ايأَي َها الن ُ‬
‫ِّ ‪5‬‬
‫يم َخبريٌ‪.‬‬ ‫اَّلل أَتْ َقا ُكم إِّ َّن َّ ِّ‬
‫َِّّ‬
‫اَّللَ َعل ٌ‬ ‫ْ‬

‫عظيما على أي مدى يَ ْب عُ ُد اإلسالم ‪ -‬على وجه اخلصوص‪ -‬عن‬ ‫مؤشرا ً‬ ‫اآلايت الكرميةُ ً‬
‫ُ‬ ‫تُعتَربُ هذه‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫التمييز العنصري‪ ..‬فاآلية اليت تؤكد على رابطة األُ ُخ َّوة بني املؤمنني خباصة؛ تُ ُ‬
‫نبئ عن املوقف الرائع‬
‫ومد الصلة بني َجيع املؤمنني من أبناء األمة على اختالف لغاهتم‪،‬‬ ‫لالسالم من إصالح ذات البني‪ِّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫بعالقة اإلسالم دون أي متييز‬ ‫َجيع املؤمنني يف العامل هم إخوةٌ‬ ‫وألواهنم‪ ،‬وثقافاهتم‪ ،‬وتُركِّ ُز على َّ‬
‫أن َ‬
‫األنبياء‪92 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫آل عمران‪103:‬‬ ‫‪2‬‬

‫احلجرات‪10:‬‬ ‫‪3‬‬

‫األنفال‪46:‬‬ ‫‪4‬‬

‫احلجرات‪13:‬‬ ‫‪5‬‬
‫واجلنس واجلنسيةُ‪ ...‬مع هذا‪ ،‬هناك نقطةٌ أخرى‬
‫ُ‬ ‫بينهم من حيث العر ُق‪ ،‬واللو ُن واللغةُ والثقافةُ‬
‫ت اَلنتباهَ إىل أنه َل توجد كلمةٌ واحدةٌ يف القرآن الكرمي تشري إىل أن املنتسبني إىل الداينة‬ ‫تُ ِّلف ُ‬
‫اد هذه اجلماعة أهنم إخوةٌ‪ ،‬على حد قوهلم ابللغة التكية‪:‬‬
‫ال ُْم ْسلُ َمانية إخوةٌ! على خالف ما يزعم أفر ُ‬
‫ْم َانن‬
‫سل َ‬
‫»‪ ،«Müslümanlar kardeştir‬وكما يقول أعجام الفرس ابللغة الفارسية وبنفس املعّن‪ُ " :‬م َ‬
‫ِّ‬
‫واليقني‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم‪،‬‬ ‫عتناق‬ ‫ِّ‬
‫صادقة إَل اب ِّ‬ ‫تقيق األُ ُخ َّوةِّ ال‬
‫ثبت أنه َل ميكن ُ‬
‫ْديگ ََرنْ ْد‪ ".‬وهذا يُ ُ‬‫اد ِّر يک ِّ‬
‫َمهَه بَِّر َ َ‬
‫واَلنتماء إليه إبميان وإخالص‪ .‬فإذًا من الضروري ألفر ِّاد جمل ِّ‬
‫تمع‬ ‫ِّ‬ ‫بتعاليم ِّه‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫والعمل‬ ‫أبركانِِّّه‪،‬‬
‫والفرس وال ُك ْرِّد‪ ،‬والرببر ِّ‬
‫وغريهم‪ ،‬أن حياولوا فهم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫والعرب‬ ‫الت ِّك‬
‫الْ ُم ْسلُ َمان )‪ (Müslüman‬من ْ‬
‫‪6‬‬

‫أنفسهم‬ ‫ِّ‬
‫يتنصلُوا منها برفق‪ ،‬فيُنقذوا َ‬ ‫اإلسالم احلقيقي الذي حيويه القرآن الكرميُ والسنةُ النبويَّةُ‪ ،‬وأن َّ‬
‫سلُ َمانِّيَّ ِّة )‪(Müslümanlık‬‬
‫ويتعاونوا فيما بينهم لتنبيه الرأي العام العاملي على خطر الداينة الْ ُم ْ‬
‫ابستاتيجيات حكيمة وأبقصى سرعة‪ .‬ألن هذه اإلرشادات هلي فرصةٌ عظيمةٌ هيأها للاُ تعاىل‬
‫تسمح هلم أن يُ ِّطلوا من خالهلا فيطَّلعوا على أسر ِّار داينة مزورة َّ‬
‫أعدها‬ ‫ُ‬ ‫ويس َرها‪ ،‬وجعل منها نفذةً‬
‫َّ‬
‫اخلونةُ واملنافقو ُن قبل مثانية قرون (على حني غفلة من علماء األمة) وكتموا ما حشدوا يف بطنها من‬
‫قعرها من دعاايت التضليل‪ ،‬وركام من أ ِّ‬
‫ساطري‬ ‫واحملرفَ ِّة‪ ،‬بله ما دسوا يف ِّ‬
‫رسوابت األداين الباطلة َّ‬
‫والبدع واخلرافات‪...‬‬
‫ِّ‬ ‫الصوفية‬

‫َّ‬
‫إن هذه اآلية الكرمية (من سورة احلجرات‪ )10/‬تُلمح لنا بشيء من التفصيل‪ :‬أن حكمة للا تعاىل‬
‫وأجناسا من‬‫ً‬ ‫وألوان‬
‫ً‬ ‫قد اقتضت ما هو كائن من اإلختالف والتنوع؛ فقد خلق سبحانه أصنافًا‬
‫وقبائل وَجاعات متفرقةً ومتمايزةً بعضهم عن بعض يف أشكاهلم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫شعواب‬
‫ً‬ ‫البشر‪ ،‬وجعل منهم‬
‫ضهم‬ ‫أن بع َ‬ ‫وصفاهتم‪ ،‬وميوهلم‪ ،‬وأذواقهم‪ ،‬ولغاهتم‪ ،‬وألواهنم‪ ،‬وعاداهتم‪ ،‬وثقافاهتم‪ ...‬وهذا َل يعين َّ‬
‫بعضهم اآلخر يف ال ُقرب إىل للا واجلدارة برضوانه‪ ،‬بل كلهم سواسيَةٌ يف‬ ‫متفو ٌق وأعلى وأفضل من ِّ‬
‫ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ض عليهم من اإلميان ابلل وتوحيده تعاىل وتنز ِّيهه‪ ،‬وا ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ِّ‬
‫ابلعمل‬ ‫لقيام‬ ‫َجيعا مبا فُ ِّر َ‬
‫ملزمو َن ً‬ ‫املسؤولية‪َ ،‬‬
‫ِّ‬
‫وخسائس‬ ‫ِّ‬
‫املنكر‬ ‫املعروف‪ ،‬وأن جيتنبوا عن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫جانب‬ ‫ِّ‬
‫وامتثال‬ ‫ِّ‬
‫الفاضلة‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ابألخالق‬ ‫الصال‪ ،‬والتحلِّي‬ ‫ِّ‬
‫ص‬‫تتلخ ُ‬‫رب من للا إَلَّ ابلتقوى‪ ،‬وهي كلمةٌ وجيزةٌ َّ‬ ‫كسب ال ُق ِّ‬ ‫األفعال َجلةً وتفصيالً‪ .‬وَل َّ‬
‫يتحق ُق‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬
‫ولرسوله‪ ،‬والتقوى خري زاد ليوم املعاد؛ قال تعاىل‪َ " :‬وَما تَ ْف َعلُوا ِّم ْن َخ ْري‬ ‫ِّ‬ ‫الطاعة ِّ‬
‫لل‬ ‫ِّ‬ ‫فيها كل معاين‬
‫ِّ ‪7‬‬ ‫الز ِّاد التَّ ْقوى واتَّ ُق ِّ‬ ‫ِّ‬
‫س َع ْن‬ ‫ُول ْاألَلْبَاب‪َ " ".‬واتَّ ُقوا يَ ْوًما ََل ََتْ ِّزي نَ ْف ٌ‬
‫ون َايأ ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫اَّللُ‪َ ،‬وتَ َزَّو ُدوا فَإ َّن َخ ْ َ‬
‫ري َّ‬ ‫يَ ْعلَ ْمهُ َّ‬

‫ِِّّ‬
‫الكتاب عندهم‬ ‫هكذا ضبطها يف اللغة التكية كما َتري على لسان األتراك‪ ،‬وأما األكراد‪ ،‬فإهنم يننطقون هبا على خالف ما ينطق هبا األتراك‪ ،‬وف ًقا لِّشكلِّها‬ ‫‪6‬‬

‫هكذا‪.Musulman :‬‬
‫البقرة‪197 :‬‬ ‫‪7‬‬
‫ص ُرو َن‪َ " 8.‬واتَّ ُقوا يَ ْوًما تُ ْر َجعُو َن‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اعةٌ‪َ ،‬وََل يُ ْؤ َخ ُذ منْ َها َع ْد ٌل‪َ ،‬وَلَ ُه ْم يُ ْن َ‬
‫نَ ْفس َش ْي ئًا‪َ ،‬وََل يُ ْقبَ ُل م ْن َها َش َف َ‬
‫ِّ‬ ‫فِّ ِّيه إِّ َىل َِّّ‬
‫الكلمات‬ ‫ت َو ُه ْم ََل يُظْلَ ُمو َن‪ 9".‬وما أكثر من أمثال هذه‬ ‫سبَ ْ‬‫اَّلل‪ُ ،‬ثَّ تُ َو َّّف ُكل نَ ْفس َما َك َ‬
‫ِّ‬
‫اإلخالص له‬ ‫الصال و‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫والعمل‬ ‫ِّ‬
‫الصادق‬ ‫ِّ‬
‫اإلميان‬ ‫سة عرب آي الذكر احلكيم‪ .‬كلها تدل على ِّ‬
‫أمهية‬ ‫املقد ِّ‬
‫َّ‬
‫دينه‪ ،‬وهو اإلسالم من غري شك‪ ،‬وليس هو ‪ Müslümanlık‬إطالقًا‪.‬‬ ‫يف ِّ‬

‫كل ما هو خمالف ملفهوم التقوى من‬


‫حرَم َّ‬‫اإلسالم قد َّ‬
‫َ‬ ‫كذلك نفهم من معاين هذه اآلايت الكرمية َّ‬
‫أن‬
‫ِّ‬
‫والفسق والضالل‪ ...‬يف‬ ‫ِّ‬
‫الشاذ‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫املنحرف‬ ‫ِّ‬
‫البذيء‪ ،‬والسلوك‬ ‫ِّ‬
‫الفاحش‬ ‫الباطل‪ ،‬و ِّ‬
‫القول‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلعتقاد‬
‫لكل هذه الضروب من املنكر‪.‬‬ ‫احلني الذي فتح الْمسلُمانِّيَّةُ )‪ (Müslümanlık‬اببهُ على مصر ِّ‬
‫اعيه ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ‬
‫أن‬ ‫ِّ‬
‫األوسط يف يومنا‪ ،‬هلو أكربُ دليل على هذه احلقيقة‪ .‬إذ َّ‬ ‫ِّ‬
‫الشرق‬ ‫ِّ‬
‫املظلم السائ َد على أحناء‬ ‫اجلو‬ ‫َّ‬
‫إن َّ‬
‫َ‬
‫أغلب سكان هذه املنطقة من التك والكرد والفرس والعرب‪ ،‬والرببر‪ ،‬والطاجكي‪ ،‬والبشتون‪ ،‬كلهم‬ ‫َ‬
‫معتنقون هلذه الداينة‪ ،‬ومتعصبون هلا‪ .‬وعلى رغم ما يزعمون أهنم مسلمون إَل أنه َل يدين ابإلسالم‬
‫الكتاب والسنة َويُِّقرهُ القرآن الكرمي) إَلَّ قلةً منهم‪ .‬أما الغالبيةُ العظمى من سكان‬ ‫ُ‬ ‫(الذي يضمهُ‬
‫فإهنم يدينون ابلْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ ،(Müslümanlık‬وإن مل يُ ْس َم ْع يف القطاع العرب من أحد‬ ‫ِّ‬
‫املنطقة َّ‬ ‫هذه‬
‫الديين أنه ُم ْسلُمان )‪ .(Musluman‬وهذا أمر من الغرابة مبكان‪ ،‬وإليكم شرحه يف‬ ‫يُ َعِّربُ عن إنتمائِِّّه ِّ‬
‫منتهى اإلجياز‪:‬‬

‫ظ الشديد الذي يتستُ وراءَهُ ويتوارى به علماءُ‬ ‫احملتف َّ‬


‫أن هذا التحف َ‬ ‫ليس خافيًا على الباحث ِّ‬
‫العرب أبَجعهم‪ ،‬هذا التحفظ إَّنا ينم عما يُبطنون من اَلزدواجية والتقية والنفاق! إذ َل يُع َق ُل َّ‬
‫أن‬ ‫ِّ‬
‫أنتشار الداينة الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ (Müslümanlık‬بني الفرس‬
‫َ‬ ‫العرب على كثرهتِّم جيهلون‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫علماء‬ ‫َجيع‬
‫َ‬
‫واألتراك واألكراد منذ قرون‪ ،‬وإذ نتحاشى عن التعميم خلطورته‪ ،‬لكنه جيب اإلعالن هنا عن حقيقة‬
‫رهيبة (لألمانة العلمية) وهي‪ :‬أن الدين احلنيف قد استُ ْب ِّد َل امسُهُ من قِّبَ ِّل هذه اجملتمعات خباصة يف‬
‫املنطقة التكية بكلمة )‪ !(Müslümanlık‬أَل جيب إذًا على أحد من علماء العرب أ ْن يُ َق ِّد َم نصيحةً‬
‫إن اسم الدين احلنيف ِّ‬
‫توقيف ٌّي َل جيوز استبدالُهُ ابسم آخر‬ ‫هلذه الشعوب أبدىن رسالة كأن يقول‪َ َّ :‬‬
‫ين عند للا اإلسالم‪".‬‬ ‫ِّ‬
‫إطالقًا‪ ،‬وقد أثبته للا تعاىل يف كتابه بقوله تعاىل‪" :‬إن الد َ‬

‫البقرة‪48 :‬‬ ‫‪8‬‬

‫البقرة‪281 :‬‬ ‫‪9‬‬


‫إن الوهابِّيِّني على رغم عداوهتم لألتراك منذ َّأايم خروجهم على الدولة العثمانية (‪،)1805-175‬‬ ‫َّ‬
‫ب ما قد حشدو يف بطون مؤلَّفاهتِّم)‪ ،‬مل‬ ‫س ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وهم حياربون الشرك ابلل واملشركني (على حد أقواهلم وِبَ َ‬
‫أن هذه التسميةَ الشاذَّةَ‬ ‫يسب ْق ألحد منهم أنه نبس ببنت شفة عن كلمة (‪ ،)Müslümanlık‬مع َّ‬
‫هلي من أخطر عالمات اإلحلاد يف دين للا‪ ..‬فهذا حمب الدين اخلطيب (‪1969-1886‬م‪ ).‬غفر‬
‫وأعمال كرميةٌ‪ ،‬على سبيل‬‫ٌ‬ ‫مآثر جليلةٌ‬ ‫ِّ‬
‫للا لنا وله‪ ،‬وهو من مشاهري فضالء الوهابية السوريني‪ ،‬له ُ‬
‫عشري يف كتابه (اخلطوط العريضة يف األسس اليت‬ ‫َّ‬ ‫اإلمامي األثنا‬
‫َّ‬ ‫الشيعي‬
‫َّ‬ ‫املذهب‬
‫َ‬ ‫املثال قد تناول‬
‫واضحا كل الوضوح من هذه التسمية أنه‬ ‫ً‬ ‫قام عليها دين الشيعة اإلماميَّ ِّة األثنا عشريَّة)؛ فيبدو‬
‫متاما‪ .10‬إن هذه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم‪ ،‬ولكنه قد َتاهل الْ ُم ْسلُ َمانيَّةَ التكيةَ ً‬ ‫ف الشيعةَ أهنا دين مستقلٌّ عن‬ ‫ص َ‬
‫َو َ‬
‫علماء العرب حياهلا‪َّ ،‬إما ألهنم جيهلون حالة الفوضى‬ ‫ِّ‬ ‫املسألة فيها إشكالية َل تكاد تتبلور موقف‬
‫َجيعا قد أسقطوا األتراك من إعتبارهم‪ ،‬وعدوهم عن‬
‫السائدة على معتقدات األتراك‪ ،‬وإما أهنم ً‬
‫عب املتميز خبصال‬
‫عظيم‪ ،‬ألن هذا الش َ‬
‫ٌ‬ ‫بكرة أبيهم شعبًا خار ًجا عن امللَّة‪ ،‬وهذا َل شك ٌ‬
‫ظلم‬
‫َجاعات من الصاحلني من أهل التوحيد اخلالص‬ ‫ٌ‬ ‫شك‬ ‫إنسانية فريدة من حيث العموم‪ ،‬فيهم وَل َّ‬
‫ال ََل تُل ِّْه ِّ‬
‫يه ْم‬ ‫األمة احملمدية وإن كانوا قِّلةً‪ِّ ،‬ر َج ٌ‬ ‫أبناء َّ‬ ‫أفضل ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫وقياما‪ ،‬رجال من‬
‫يبيتون لرهبم سج ًدا ً‬
‫الص َالةِّ وإِّيتَ ِّاء ا َّلزَكاةِّ ََيَافُو َن ي وما تَتَ َقلَّ ِّ ِّ‬ ‫َِّتَارةٌ وََل ب يع َعن ِّذ ْك ِّر َِّّ‬
‫صار‪...‬‬ ‫وب َو ْاألَبْ َ‬
‫ب فيه الْ ُقلُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ً‬ ‫اَّلل َوإِّقَ ِّام َّ َ‬ ‫َ َ َْ ٌ ْ‬

‫دين فري ٌد‬


‫اإلسالم ٌ‬
‫َ‬ ‫إن امليزات اليت تشتمل عليها اآلايت الكرمية اآلنفة الذكر تربهن على أن‬
‫خبصوصياته اإلهلية والعلمية والعاملية‪َ ،‬يتلف متام اَلختالف عن َجيع األنظمة وعن َجيع الداينت‬
‫املنتشرة بني طوائف البشر على وجه البسيطة؛ كما تربهن يف الوقت ذاته على غياب هذا الدين‬
‫ِّ ِِّّ‬
‫العظيم وا ْخت َفائه عن َحيِّ ِّز التطبيق َ‬
‫اليوم ِّ‬
‫كنظام حياة ودولة يف أي بلد‪.‬‬

‫وأما الفروق اليت ميتاز هبا اإلسالم عن بقية الداينت‪ ،‬فإنه أييت على رأسها ما ورد من التكيز على‬
‫رب‬
‫التوحيد اخلالص؛ والنهي الشديد عن اإلشراك ابلل‪ ،‬وهتديد املشركني وتبشيعهم وتسخيفهم َع ْ َ‬
‫‪11‬‬

‫ِّ‬
‫أعداء العرب‪ ،‬وما ذاق من آَلم اإلضطهاد‬ ‫‪ 10‬وهذا على رغم ما قد قضى الرجل وقتًا غري قصري يف إسطنبول أايم حكم اإلتاديني الذين كانوا من ِّ‬
‫ألد‬
‫واملالحقات على أيدي الطغمة احلاكمة يومئذ‪ ،‬إذ أن اإلتاديني كانوا من أشد املدافعني عن الداينة املسلمانية التكية ‪ Müslümanlık‬يف مواجهة‬
‫اإلسالم‪ ،‬وذلك ألجل تتيك العرب‪ ،‬فكان اإلسالم يف اعتبارهم (دين العرب)‪ ،‬و"أن األتراك قد وقعوا يف حبال هذا الدين البدوي منذ قرون‪ ،‬فانصهروا يف‬
‫بوتقة العرب وخسروا اَلكثري من أعرافهم وثقافتهم وتقاليدهم النقية‪ ،‬فال بد من إنقاذهم من ظلمات هذا الدين إىل نور الداينة املسلمانية‪ ،‬ليتحرروا بعد ذلك‬
‫بفضل ثقافتهم القومية فيتمكنوا من العودة إىل اتريهم اجمليد‪ ".‬هل كان حمب الدين اخلطيب جيهل هذه احلقائق؟ وملاذا مل ينبس ببنت شفة عن هذه الداينة؟‬
‫ستغرب!‬
‫وهذا شيءٌ من أشد ما جيلب اإلنتباه ويُ َ‬

‫اَّلل إِّلَهٌ و ِّ‬ ‫الر ْمحَن َّ ِّ‬ ‫ِّ‬


‫اح ٌد ُس ْب َحانَهُ أَ ْن يَ ُكو َن لَهُ َولَ ٌد لَهُ َما ِّيف‬ ‫يم‪[ ".‬البقرة‪]163 :‬؛ "إِّ ََّّنَا َُّ َ‬ ‫الرح ُ‬ ‫من هذه اآلايت الكرمية قوله تعاىل‪َ " :‬وإِّ َهلُ ُك ْم إِّلَهٌ َواح ٌد ََل إِّلَهَ إََِّّل ُه َو َّ ُ‬
‫‪11‬‬

‫ث ثََالثَة وما ِّمن إِّلَه إََِّّل إِّلَهٌ و ِّ‬


‫اَّللَ ََثلِّ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬ ‫السماو ِّ‬
‫اح ٌد َوإِّ ْن َملْ يَنْ تَ ُهوا عَ َّما يَ ُقولُو َن‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ‬ ‫ين قَالُوا إِّ َّن َّ‬‫يل‪[ ".‬النساء‪]171 :‬؛ "لََق ْد َك َف َر الَّذ َ‬ ‫ات َوَما ِّيف ْاأل َْر ِّ‬
‫ض َوَك َفى اب ََّّلل َوك ً‬ ‫َّ َ َ‬
‫سلسلة من اآلايت الكرمية‪ 12.‬ليس هناك وجه من وجوه املقاربة أو املشابة أو اجملانسة بني الدين‬
‫صبِّ ْ‬
‫غت‬ ‫ِّ ِّ‬
‫اإلسالمي احلنيف وبني أي داينة أخرى ما عدى الْ ُم ْسلُ َمانيَّة )‪ (Müslümanlık‬اليت قد ُ‬
‫شرحها‬‫وهبتان‪ ،‬وبِّطُُرق ُملتَ ِّويَة لضرب اإلسالم من قلبه قبل مثانية قرون‪ ،‬وسيأيت ُ‬ ‫زورا ً‬ ‫بصبغة اإلسالم ً‬
‫ي َرَّابِّينٌّ ِّ ٌّ‬ ‫ِّ‬ ‫األدلة إنشاء للا تعاىل‪ .‬ومن أعظم هذه الفروق َّ‬ ‫ِّ‬ ‫يف ِّ‬
‫إجياب بناءٌ‬ ‫توحيد ٌّ‬ ‫دين‬
‫اإلسالم ٌ‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ضوء‬
‫ب معتنقيه‬ ‫ِّ‬
‫صلح‪ ،‬يستمد من الوحي الذي أنزله للا على قلب حممد صلى للا عليه وسلم‪َ ،‬ياط ُ‬ ‫وُم ٌ‬
‫َح ٌد‪13".‬؛‬ ‫ِّ‬ ‫َح ٌد * َّ‬ ‫من خالل قوله تعاىل‪" :‬قُ ْل ُه َو َّ‬
‫الص َم ُد * َملْ يَل ْد َوَملْ يُولَ ْد * َوَملْ يَ ُك ْن لَهُ ُك ُف ًوا أ َ‬
‫اَّللُ َّ‬ ‫اَّللُ أ َ‬
‫"قُ ْل َايأَي َها الْ َكافِّ ُرو َن * ََل أَ ْعبُ ُد َما تَ ْعبُ ُدو َن * َوََل أَنْ تُ ْم َعابِّ ُدو َن َما أَ ْعبُ ُد * َوََل أ ََن َعابِّ ٌد َما َعبَ ْد ُْت * َوََل‬
‫السماو ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ل ِّد ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ات‬ ‫ت َو ْج ِّه َي للَّذي فَطََر َّ َ َ‬ ‫ين‪)6( ".‬؛ إِِّّين َو َّج ْه ُ‬ ‫أَنْ تُ ْم َعاب ُدو َن َما أَ ْعبُ ُد * لَ ُك ْم دينُ ُك ْم َوِّ َ‬
‫‪14‬‬
‫ض َحنِّي ًفا َوَما أ ََن ِّم َن ال ُْم ْش ِّركِّني‪".‬‬ ‫َو ْاأل َْر َ‬

‫ضع حجرها األ ِّ‬


‫ساس َّي رجالن من‬ ‫ِّ‬
‫ومبتَ َد َعةٌ‪َ ،‬و َ َ َ‬
‫أما الْ ُم ْسلُ َمانيَّةُ )‪ ،(Müslümanlık‬فإهنا داينةٌ ُم ْفتَ َعلَةٌ ُ‬
‫سا من‬ ‫أهل مدينة ُخبارى قبل مثاَّنائة عام تقريبًا (ستأيت قصتُهما فيما بعد إن شاء للا تعاىل)‪ ،‬قد أقْ تَ بَ َ‬
‫ِّ‬
‫اإلسالم‪،‬‬ ‫وع َزَاي َها إىل‬ ‫ِّ‬
‫والطقوس َ‬ ‫الداينت الوثنية (البوذية والشامانية خباصة) أشكاَلً من املناسك‬
‫اتبعت فئةٌ منهم‬ ‫ْ‬ ‫اختلق كلٌّ منهما ُشعبةً هلذه الداينة تت اسم مستقل‪ ،‬وجاء من بعدمها َدج ِّ‬
‫اجلَةٌ‪،‬‬ ‫ف َ‬
‫َ‬
‫ت من ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ (Müslümanlık‬شكالن‬ ‫أح َدمها‪ ،‬وفئةٌ أخرى َس َّن سنةَ الرجل الثاين‪ ،‬فاشتُ َّق ْ‬
‫ُِّمس َي أح ُدمها (العلويةَ ‪ ،)Alevîlik‬والثاين (السنِّيَّةَ ‪ )Sünnîlik‬على سبيل التقي ِّة‪ ،‬وهي أبع ُد ما تكون‬
‫ابمسه احمللِّ ِّي‬
‫املعروف ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫من السنة النبوية املطهرة‪ ،‬بل هي امتدا ٌد لسنَّ ِّة (الراهب اهلندي بوذا)‬

‫َن مع َِّّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬ ‫اَّلل َش ِّهي ٌد ب ي ِّين وب ي نَ ُكم وأ ِّ‬ ‫س َّن الَّ ِّذين َك َفروا ِّم ْن هم َع َذ ِّ‬
‫اَّلل‬ ‫ل َه َذا الْ ُق ْرآ ُن ألُنْذ َرُك ْم بِّه َوَم ْن بَلَ َغ أَئنَّ ُك ْم لَتَ ْش َه ُدو َن أ َّ َ َ‬ ‫ُوح َي إِّ ََّ‬ ‫َْ َ َْ ْ َ‬ ‫اب أَليم‪[ ".‬املائدة‪]73 :‬؛ "قُ ِّل َُّ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ُ ُْ‬ ‫لَيَ َم َّ‬
‫اح ٌد َولِّيَ َّذ َّك َر أُولُو‬ ‫َّاس ولِّي ْن َذروا بِّ ِّه ولِّي علَموا أَََّّنَا هو إِّلَهٌ و ِّ‬
‫َُ َ‬ ‫َ َْ ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫آهلَةً أُ ْخ َرى قُ ْل ََل أَ ْش َه ُد قُ ْل إِّ ََّّنَا ُه َو إِّلَهٌ َواح ٌد َوإِّنَِّّين بَ ِّريءٌ ِمَّا تُ ْش ِّرُكو َن‪[ .‬األنعام‪]19 :‬؛ " َه َذا بََالغٌ للن ِّ َ ُ ُ‬
‫ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ني اثْ نَ ْ ِّ‬
‫ني‬ ‫اَّللُ ََل تَتَّخ ُذوا إِّ َهلَْ ِّ‬
‫ال َّ‬ ‫اب‪[ ".‬إبراهيم‪]52 :‬؛ " َوقَ َ‬ ‫َموا أَََّّنَا ُه َو إِّلَهٌ َواح ٌد َوليَ َّذ َّك َر أُولُو ْاألَلْبَ ِّ‬ ‫َّاس َوليُ ْن َذ ُروا بِّه َوليَ ْعل ُ‬
‫اب‪[ .‬إبراهيم‪]52 :‬؛ " َه َذا بََالغٌ للن ِّ‬ ‫ْاألَلْبَ ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫صاحلًا َوََل يُ ْش ِّر ْك‬ ‫ل أَََّّنَا إِّ َهلُ ُك ْم إِّلَهٌ َواح ٌد فَ َم ْن َكا َن يَ ْر ُجو ل َقاءَ َربه فَلْيَ ْع َم ْل عَ َم ًال َ‬
‫وحى إِّ ََّ‬
‫ش ٌر مثْ لُ ُك ْم يُ َ‬ ‫ي فَ ْارَهبُون‪[ .‬النحل‪]51 :‬؛ قُ ْل إِّ ََّّنَا أ ََن بَ َ‬ ‫إِّ ََّّنَا ُه َو إِّلَهٌ َواح ٌد فَِّإ َّاي َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫بِّعِّب َ ِّ ِّ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫ل أََّنَا إ َهلُ ُك ْم‬ ‫ِّ‬
‫وحى إ ََّ‬ ‫ش ٌر مثْ لُ ُك ْم يُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ل أََّنَا إ َهلُ ُك ْم إلَهٌ َواح ٌد فَ َه ْل أَنْ تُ ْم مُ ْسل ُمون‪[ .‬األنبياء‪]108 :‬؛ قُ ْل إَّنَا أ ََن بَ َ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫وحى إ ََّ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫َح ًدا" [الكهف‪]110 :‬؛ "قُ ْل إَّنَا يُ َ‬ ‫ادة َربِّه أ َ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ْم ْشركي} [فصلت‪.]6 :‬‬ ‫ِّ‬ ‫استَ غْف ُروهُ َوَويْلٌ لل ُ‬
‫يموا إلَيْه َو ْ‬ ‫استَق ُ‬ ‫إِّلَهٌ َواح ٌد فَ ْ‬

‫اج َد َِّّ ِّ ِّ‬ ‫ني أَ ْن ي ْعمروا مس ِّ‬ ‫اَّلل و ِّع ْن َد رسولِّ ِّه‪[ ".‬التوبة‪]7 :‬؛ ما َكا َن لِّل ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ْم ْش ِّركِّ َ‬
‫ِّ‬
‫ين‬
‫اَّلل َشاهد َ‬ ‫ْم ْش ِّرك َ َ ُ ُ َ َ‬ ‫ني َع ْه ٌد ع ْن َد َّ َ َ ُ‬ ‫ف يَ ُكو ُن لل ُ‬ ‫من هذه اآلايت الكرمية قوله تعاىل‪َ :‬ك ْي َ‬
‫‪12‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُول قُ ْرَب ِّم ْن‬ ‫ني َول َْو َكانُوا أ ِّ‬ ‫ْم ْش ِّركِّ َ‬
‫ِّ ِّ‬
‫آمنُوا أَ ْن يَ ْستَ غْف ُروا لل ُ‬ ‫ين َ‬
‫َّار ُهم َخالِّ ُدو َن‪[ .‬التوبة‪]17 :‬؛ ما َكا َن لِّلنِّ ِّ ِّ‬
‫َّب َوالَّذ َ‬ ‫َ‬ ‫َت أَ ْع َما ُهلُ ْم َوِّيف الن ِّ ْ‬‫ك َحبِّط ْ‬ ‫َعلَى أَنْ ُف ِّس ِّه ْم ِّابلْ ُك ْف ِّر أُولَئِّ َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫حوا ال ُْم ْش ِّركِّ َ‬
‫ني‬ ‫ِّ‬
‫ْم ْش ِّرَكات َح َّّت يُ ْؤم َّن َوَأل ََمةٌ ُم ْؤمنَةٌ َخ ْريٌ م ْن ُم ْش ِّرَكة َول َْو أَ ْع َجبَ تْ ُك ْم َوََل تُنْك ُ‬
‫ِّ‬
‫حوا ال ُ‬
‫ِّ‬
‫اب ا ْجلَحيم‪[ .‬التوبة‪]113 :‬؛ " َوََل تَنْك ُ‬
‫ِّ‬
‫َص َح ُ‬ ‫ني َهلُ ْم أ ََّهنُ ْم أ ْ‬‫بَ ْعد َما تَبَ َّ َ‬
‫َك ُرو َن‪[ ".‬البقرة‪:‬‬ ‫آايتِِّّه لِّلن ِّ‬
‫َّاس لَعَلَّ ُه ْم يَتَذ َّ‬ ‫ني َ‬
‫ِّ ِّ‬
‫اَّللُ يَ ْدعُو إِّ َىل ا ْجلَن َِّّة َوال َْمغْف َرة ِّإبِّذْنِِّّه َويُبَِّ ُ‬ ‫ك يَ ْدعُو َن إِّ َىل الن ِّ‬
‫َّار َو َّ‬ ‫َح َّّت يُ ْؤِّمنُوا َولَعَبْ ٌد مُ ْؤِّم ٌن َخ ْريٌ ِّم ْن مُ ْش ِّرك َول َْو أَ ْع َجبَ ُك ْم أُولَئِّ َ‬
‫س َمثْ َوى الظَّالِّ ِّمني‪[ ".‬آل عمران‪]151 :‬؛ "إِّ َّن ا ََّّللَ ََل‬ ‫اهم الن ُ ِّ‬
‫َّار َوبئْ َ‬ ‫َّلل َما َملْ يُنَ ِّز ْل بِّ ِّه ُسلْط ً‬
‫َان َوَمأ َْو ُ ُ‬
‫ُوب الَّ ِّذين َك َفروا الر ْعب ِّمبَا أَ ْشرُكوا ِّاب َِّّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫‪]221‬؛ َسنُ ل ِّْقي ِّيف قُل ِّ‬
‫اَّللُ َعل َْي ِّه ا ْجلَنَّةَ َوَمأ َْواهُ‬
‫َّلل فَ َق ْد َح َّرَم َّ‬ ‫َّلل فَ َق ِّد اف َْتى إِّ ْمثًا َع ِّظيما‪[ ".‬النساء‪]48 :‬؛ "إِّنَّه من ي ْش ِّر ْك ِّاب َِّّ‬ ‫شاء ومن ي ْش ِّر ْك ِّاب َِّّ‬ ‫ي ْغ ِّفر أَ ْن ي ْشر َك بِّ ِّه وي ْغ ِّفر ما ُدو َن ذَلِّ َ ِّ‬
‫َُْ ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ك ل َم ْن يَ َ ُ َ َ ْ ُ‬ ‫ََ ُ َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬
‫س فَ َال يَ ْق َربُوا ال َْم ْس ِّج َد ا ْحلََر َام بَ ْع َد َع ِّام ِّه ْم َه َذا‪[ ".‬التوبة‪.]28 :‬‬ ‫َن‬
‫َ‬
‫ُْ َ َ ٌ‬‫ن‬ ‫و‬ ‫ك‬
‫ُ‬‫ر‬‫ِّ‬ ‫ش‬ ‫ْم‬‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬‫َ‬‫َّ‬
‫َّن‬ ‫ِّ‬
‫إ‬ ‫وا‬ ‫ن‬ ‫آم‬
‫َ َُ‬ ‫ين‬ ‫ِّ‬
‫ذ‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫َ َ‬‫َي‬‫أ‬‫اي‬ ‫{‬ ‫؛‬ ‫]‬ ‫‪72‬‬ ‫‪:‬‬ ‫املائدة‬ ‫[‬ ‫‪".‬‬ ‫ار‬ ‫ص‬ ‫ِّ‬
‫َّار َوَما للظ َ ْ ْ َ‬
‫ن‬‫َ‬
‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ني‬ ‫ِّ‬
‫م‬ ‫ِّ‬
‫ال‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫الن ُ‬

‫سورة اإلخالص‪4-1:‬‬ ‫‪13‬‬

‫األنعام‪79 :‬‬ ‫‪14‬‬


‫إن "الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّةَ السنِّيَّةَ" تعتمد يف أصلِّها على الطريقة‬ ‫(‪َّ .)Siddhāttha Gautama Śākyamuni‬‬
‫خمتزل من الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة السنِّيَّ ِّة"‪.‬‬
‫تيار ٌ‬
‫ضهم "أهنا ٌ‬
‫النقشبندية‪ ،‬وإ ْن َز َع َم بع ُ‬

‫عادل‪َ ،‬ل ُمييِّز بني منتسبيه ومعاهديه يف املعاملة‪ ،‬وَل‬ ‫دين َو ْح َد ِّو ٌّ‬ ‫ِّ‬ ‫أهم ميِّز ِّ‬
‫ومن ِّ‬
‫ي ٌ‬ ‫اإلسالم أنَّهُ ٌ‬ ‫ات‬
‫يفرق بني الصال والفاسق‪ ،‬واملسلم ِّ‬
‫والذميِّ‪،‬‬ ‫يُهمل الوافدين إىل أرضه‪ ،‬وَل الالَّجئني إىل ِّمحاهُ‪ ،‬وَل ِّ‬
‫ِّ‬
‫املظلوم‪ ،‬وتوزيع احلقوق وتقسيمها‪ ...‬قال تعاىل‪" :‬إِّ َّن‬ ‫ِّ‬
‫وانصاف‬ ‫واملواطن واألجنب‪ ،‬يف إحقاق احلق‬
‫ش ِّاء َوال ُْمْن َك ِّر َوالْبَ غْ ِّي يَعِّظُ ُك ْم ل ََعلَّ ُك ْم‬
‫ان َوإِّيتَ ِّاء ِّذي الْ ُق ْرَب َويَ ْن َهى َع ِّن الْ َف ْح َ‬
‫اإل ْحس ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫اَّللَ َأي ُْم ُر ابل َْع ْدل َو ِّْ َ‬ ‫َّ‬
‫َّاس أَ ْن َتْ ُك ُموا ِّابل َْع ْد ِّل‬ ‫ِّ‬ ‫اَّلل أيْمرُكم أَ ْن تُ َؤدوا ْاألَم َان ِّ‬
‫ني الن ِّ‬ ‫ت إِّ َىل أ َْهل َها َوإِّذَا َح َك ْمتُ ْم بََْ‬ ‫تَ َذ َّك ُرون‪" ".‬إِّ َّن ََّ َ ُ ُ ْ‬
‫‪15‬‬
‫َ‬
‫صريا‪" 16".‬ايأَي ها الَّ ِّذين آمنُوا ُكونُوا قَ َّو ِّام ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫اَّللَ نِّعِّ َّما يَعِّظُ ُك ْم بِّ ِّه إِّ َّن َّ‬
‫إِّ َّن َّ‬
‫ني ََّّلل ُش َه َداءَ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫يعا بَ ً‬ ‫اَّللَ َكا َن َمس ً‬
‫اَّللَ َخبِّريٌ‬ ‫ب لِّلتَّ ْق َوى َواتَّ ُقوا َّ‬
‫اَّللَ إِّ َّن َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫ِّابلْق ْسط َوََل َْجي ِّرَمنَّ ُك ْم َشنَآ ُن قَ ْوم َعلَى أ َََّل تَ ْعدلُوا ا ْعدلُوا ُه َو أَق َْر ُ‬
‫ك‬ ‫ِّمبَا تَعملُون‪" 17.‬وإِّ ْن أَح ٌد ِّمن الْم ْش ِّركِّني استجار َك فَأ َِّجرهُ ح َّّت يسمع َك َالم َِّّ‬
‫اَّلل ُثَّ أَبْلِّغْهُ َمأ َْمنَهُ ذَلِّ َ‬ ‫ْ َ َََْ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َْ َ َ‬ ‫َْ‬
‫‪18‬‬
‫ِّأب ََّهنُ ْم قَ ْوٌم ََل يَ ْعلَ ُمو َن‪".‬‬

‫واإلرشاد إىل احلق ابلتفك ِّر والتدب ِّر والتعقل والعمل‬ ‫ِّ‬ ‫واحملج ِّة‪،‬‬
‫َّ‬ ‫اإلسالم ابلشفافي ِّة والصراحة‬ ‫ُ‬ ‫يتَّسم‬
‫ْم ِّة‬ ‫يل ربِّ َ ِّ‬
‫ك ِّاب ْحلك َ‬
‫ِّ‬
‫الرب والتقوى‪ ...‬وللا تعاىل يقول‪" :‬ا ْدعُ إِّ َىل َسب ِّ َ‬ ‫والتعاون على ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫واجلهاد‬ ‫الصال‬
‫ِّ‬
‫ض َّل َع ْن َسبِّيلِّ ِّه َو ُه َو أَ ْعلَ ُم‬ ‫ِّ‬ ‫والْمو ِّعظَ ِّة ا ْحل ِّ ِّ‬
‫ك ُه َو أَ ْعلَ ُم ِّمبَ ْن َ‬ ‫س ُن‪ ،‬إِّ َّن َربَّ َ‬ ‫َح َ‬‫سنَة َو َجاد ْهلُ ْم ِّابلَِّّيت ه َي أ ْ‬
‫ََ‬ ‫َ َْ‬
‫ات أ َّ‬
‫َن‬ ‫احل ِّ‬‫ِّابلْم ْهتَ ِّدين‪" 19".‬إِّ َّن َه َذا الْ ُقرآ َن ي ْه ِّدي لِّلَِّّيت ِّهي أَقْوم‪ ،‬وي ب ِّشر الْم ْؤِّمنِّني الَّ ِّذين ي ْعملُو َن َّ ِّ‬
‫الص َ‬ ‫َ َ ُ َ َُ ُ ُ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ َ‬
‫صرية أ ََن وم ِّن اتَّب ع ِّين‪ ،‬وسبحا َن َِّّ‬
‫اَّلل َوَما أ ََن‬ ‫ِّ‬ ‫َهلم أَجرا َكبِّريا‪" 20".‬قُل ه ِّذهِّ سبِّيلِّي‪ ،‬أَ ْد ُعو إِّ َىل َِّّ‬
‫اَّلل َعلَى بَ َ َ َ َ َ َ ُ ْ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ُْ ْ ً ً‬
‫اَّلل فَ تَ بَ يَّ نُوا‪َ ،‬وََل تَ ُقولُوا لِّ َم ْن أَلْ َقى إِّل َْي ُك ُم‬
‫يل َِّّ‬ ‫ض َربْ تُ ْم ِّيف َسبِّ ِّ‬
‫آمنُوا إِّذَا َ‬ ‫َّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫م َن ال ُْم ْش ِّركني‪َ " ".‬ايأَي َها الذ َ‬
‫ين َ‬
‫‪21‬‬

‫يعا‪َ " 23".‬ايأَي َها‬ ‫َج ً‬ ‫ت م ْؤِّمنًا‪" 22".‬ايأَي َها الَّ ِّذين آمنُوا ُخ ُذوا ِّح ْذرُكم فَانْ ِّفروا ثُبات أ َِّو انْ ِّفروا َِّ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َس َ ُ‬ ‫الس َال َم ل ْ‬
‫َّ‬
‫َّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الَّ ِّذين آمنُوا إِّذَا ل َِّقيتُم فِّئَةً فَاثْ ب تُوا واذْ ُكروا َّ ِّ‬
‫آمنُوا ا ْد ُخلُوا‬ ‫ين َ‬ ‫ريا ل ََعلَّ ُك ْم تُ ْفل ُحو َن‪َ " ".‬ايأَي َها الذ َ‬
‫‪24‬‬
‫اَّللَ َكث ً‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬

‫النحل‪90 :‬‬ ‫‪15‬‬

‫النساء‪58 :‬‬ ‫‪16‬‬

‫املائدة‪8 :‬‬ ‫‪17‬‬

‫التوبة‪6 :‬‬ ‫‪18‬‬

‫النحل‪125 :‬‬ ‫‪19‬‬

‫إلسراء‪9 :‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪ 21‬يوسف‪108 :‬‬
‫النساء‪94 :‬‬ ‫‪22‬‬

‫النساء‪71 :‬‬ ‫‪23‬‬

‫األنفال‪45 :‬‬ ‫‪24‬‬


‫ان‪ ،‬إِّنَّهُ لَ ُك ْم َع ُد ٌّو ُمبِّني‪" 25".‬فَ َال َهتِّنُوا َوتَ ْدعُوا إِّ َىل َّ‬
‫السل ِّْم‬ ‫الش ْيطَ ِّ‬
‫ات َّ‬ ‫السل ِّْم َكافَّةً‪ ،‬وََل تَتَّبِّعوا ُخطُو ِّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِّيف ِّ‬
‫ان إََِّّل َما َس َعى * َوأ َّ‬ ‫اَّلل مع ُكم ولَن يِّتُكم أَ ْعمالَ ُكم‪" 26".‬وأَ ْن ل َْيس لِّ ْ ِّْلنْس ِّ‬
‫َن َس ْعيَهُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َوأَنْ تُ ُم ْاألَ ْعلَ ْو َن‪َ ،‬و َُّ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ‬
‫َّاس إِّ َّن َخلَ ْقنَا ُك ْم ِّم ْن ذَ َكر‬‫ك ال ُْم ْن تَ َهى‪َ " ".‬ايأَي َها الن ُ‬
‫‪27‬‬
‫َن إِّ َىل َربِّ َ‬
‫ف يُ َرى * ُثَّ ُْجي َزاهُ ا ْجلََزاءَ ْاأل َْو َّف * َوأ َّ‬ ‫َس ْو َ‬
‫يم َخبِّري‪َ 28".‬و َع ْن‬ ‫اَّلل أَتْ َقا ُكم‪ ،‬إِّ َّن َّ ِّ‬ ‫وأُنْ ثَى‪ ،‬وجعلْنَا ُكم ُشعواب وقَ بائِّل لِّت عارفُوا‪ ،‬إِّ َّن أَ ْكرم ُكم ِّعْن َد َِّّ‬
‫اَّللَ َعل ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ََ ْ‬ ‫َ ََ ْ ُ ً َ َ َ ََ َ‬ ‫َ‬
‫اَّلل صلى للا عليه وسلم ِّّف َو َس ِّط أ ََّايِّم التَّ ْش ِّر ِّيق‪،‬‬ ‫ول َِّّ‬ ‫ال‪َ :‬ح َّدثَِّّن َم ْن َِّمس َع ُخطْبَةَ ر ُس ِّ‬
‫َ‬ ‫أَِّب نَ ْ‬
‫ض َرةَ‪ ،‬قَ َ‬
‫ض َل لِّ َع َرِّب َعلَى أَ ْع َج ِّمى‪َ ،‬وَلَ‬ ‫اح ٌد‪ ،‬أََلَ َلَ فَ ْ‬ ‫اح ٌد‪ ،‬وإِّ َّن أَاب ُكم و ِّ‬ ‫ال‪" :‬اي أَي ها النَّاس‪ ،‬أََلَ إِّ َّن ربَّ ُكم و ِّ‬
‫َ َ ْ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫فَ َق َ َ َ‬
‫ت؟‬ ‫َمحََر‪ ،‬إَِّلَّ ِّابلتَّ ْق َوى‪ ،‬أَبَلَّغْ ُ‬
‫َس َو َد َعلَى أ ْ‬
‫َس َو َد‪َ ،‬وَلَ أ ْ‬ ‫َمحََر َعلَى أ ْ‬ ‫لِّ َع َج ِّمى َعلَى َع َرِّب‪َ ،‬وَلَ أل ْ‬

‫أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ )‪ ،(Müslümanlık‬فإهنا داينةٌ عنصريةٌ‪ ،‬يربهن على ذلك ما جيري بني منتسبيها من‬
‫التك‪ ،‬والعرب‪ ،‬والكرد‪ ،‬والفرس‪ ،‬من قتال ومنافسات عرقية وعصبية‪ ،‬وصراع على السلطة؛‬
‫َجيعا َّأهنم مقرون ابإلسالم‬ ‫ِّ‬
‫احلرب سجال بني هذه الطوائف دون هوادة‪ .‬وعلى رغم ما يزعم هؤَلء ً‬ ‫ف ُ‬
‫والقتال متوال بينهم منذ غياب اإل ِّ‬
‫سالم‬ ‫اع والعدوا َن‬ ‫جار والنز َ‬ ‫َ ِّ‬
‫َ‬ ‫واجلدال والش َ‬ ‫لكن املخاصمةَ‬
‫فإن آذا َن املعتنقنب هلذه الداينة مسدودةٌ عن مساع‬ ‫واحتالل الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة فراغَها‪ .‬وهلذا السبب َّ‬ ‫ِّ‬
‫ش‬ ‫ِّ‬
‫احلكيمة إىل التعايُ ِّ‬ ‫قلوهبم غافلةٌ عن إرشاداتِِّّه‬ ‫دعوات القرآن الكرمي إىل التحلِّي ابلفضائل‪ ،‬و ُ‬
‫ِّ‬
‫واملبادئ‪،‬‬ ‫ألهنم غريُ مهتمني مبا يشتمل عليه القرآن الكرمي من القوا ِّ‬
‫نني‪،‬‬ ‫السليم‪ ،‬واَلحت ِّام املتبادل‪َّ .‬‬ ‫ِّ‬
‫جمر ُد كتاب يُتلى يف‬ ‫والدروس والعرب‪ ...‬بل تتمثل نظرُهتم إليه أنه َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫والقصص‬ ‫ِّ‬
‫واألمثلة‬ ‫والنصائح‬
‫ِّ‬
‫ِّ‬
‫الطوائف تُعاين‬ ‫أرواح املوتى وحسب‪ .‬وألن الغالبيةَ العُظمى من هذه‬ ‫ِّ‬
‫لتهدئة ِّ‬ ‫ِّ‬
‫واملقابر‬ ‫ِّ‬
‫املساجد‬
‫فهم معاين القرآن والسنة‪ ،‬بله ما‬ ‫مشكلةَ العُ ْج َم ِّة يف اللغة والدين؛ إهنا َع َقبَةٌ كبريةٌ متنعهم من ِّ‬
‫يتعرضون له من خمادعة رجال الدين واخلواجوات‪ ،‬وإرابك شيوخ السالطني‪ ،‬واستغالل مشائخ‬ ‫َّ‬
‫أدى ذلك إىل تَ َفرق شديد بينهم‪ ،‬فتباعدوا وأصبحوا‬ ‫الطرق الصوفية‪ ،‬والسحرةِّ واملشعوذين‪ ...‬فقد َّ‬
‫شيعا متنازعة َل تلتقي على منهج؛ فَتَ َقطَّعُوا أ َْم َرُه ْم بَ ْي نَ ُه ْم ُزبُ ًرا‪ُ ،‬كل ِّح ْزب ِّمبَا لَ َديْ ِّه ْم فَ ِّر ُحو َن‪ .‬وإذا‬ ‫ً‬
‫ومواقفها من مفهوم الدين ترى طائفةً منهم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫وأفكارها‬ ‫معتقدات هذه اجلماعات وتقلباهتا‬‫ِّ‬ ‫ِبثت يف‬ ‫َ‬
‫متاما‪ ،‬وطائفةً منهم يعتقدون يف مصطفى كمال كإله‪ ،‬وطائفةً منهم يتبنَّون فكرةَ‬ ‫ملحدين ِّ‬
‫متحررين ً‬
‫يوصفون ابحملافظني يتبنَّون الرأمسالية‪ ،‬وطائفةً‬
‫يتسم ْو َن ابليسارية‪ ،‬وطائفةً منهم َ‬
‫اإلشتاكية واملاركسية و َّ‬
‫منهم منسحبني ور ِّاء شيوخ الصوفية‪َ ،‬تمعهم ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ )‪ (Müslümanlık‬كقاسم مشتك‪ ،‬مع‬

‫البقرة‪208 :‬‬ ‫‪25‬‬

‫حممد‪35 :‬‬ ‫‪26‬‬

‫النجم‪42 - 39 :‬‬ ‫‪27‬‬

‫احلجرات‪13 :‬‬ ‫‪28‬‬


‫ِّ‬
‫اهلدوء والسعادة‪ُ ،‬ميضون سائر أوقاهتم يف قلق مستمر ملا يف قلوهبم من كراهية‬ ‫ذلك َل يذوقون برد‬
‫والكردي‬
‫َّ‬ ‫كي‬ ‫ِّ‬
‫والعرب منهم‪ ،‬يكره الت َّ‬ ‫والفارسي؛‬
‫َّ‬ ‫والكردي‬
‫َّ‬ ‫اخلصم وخوفِّ ِّه؛ فالتكي منهم‪ ،‬يكره ِّ َّ‬
‫العرب‬ ‫ِّ‬
‫ِّ َّ‬
‫والعرب‬ ‫كي‬
‫والكردي؛ والكردي منهم‪ ،‬يكره الت َّ‬ ‫َّ‬ ‫كي‬
‫العرب والت َّ‬ ‫والفارسي؛ والفارسي منهم‪ ،‬يكره ِّ َّ‬ ‫َّ‬
‫ين‬ ‫والفارسي!‪ ..‬وهذه الصورة املروعةُ تُذكِّرن آبيتني كرميتني‪ ،‬ومها قوله تعاىل‪" :‬سنُ ل ِّْقي ِّيف قُلُ ِّ َّ ِّ‬
‫وب الذ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ْس ُه ْم‬‫ني‪َ " ".‬أب ُ‬ ‫س َمثْ َوى الظَّال ِّم َ‬ ‫اهم الن ِّ‬
‫ب ِّمبَا أَ ْش َرُكوا ِّاب ََّّلل َما َملْ يُنَ ِّز ْل به ُس ْلطَ ًان َوَمأ َْو ُ ُ ُ‬
‫‪29‬‬
‫َّار َوب ْئ َ‬ ‫َك َف ُروا الر ْع َ‬
‫ك ِّأب ََّهنُ ْم قَ ْوٌم ََل يَ ْع ِّقلُو َن‪ 30".‬من املثري لالهتمام أنه على‬ ‫وهبُ ْم َش َّّت ذَلِّ َ‬
‫َج ًيعا َوقُلُ ُ‬ ‫ب ْي نَ ُهم َش ِّدي ٌد َتْسب ُهم َِّ‬
‫َُ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫واَت ِّ‬
‫اهاهتم‬ ‫الفر ِّق املتباينة يف معتقداهتم ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الرغم من كل هذه الفجوات العميقة اليت قد حالت بني هذه َ‬
‫ِّ‬
‫واملقابر‬ ‫ِّ‬
‫املساجد‬ ‫اتفقت على أ ْن َل َيت َق القرآ ُن الكرميُ جدرا َن‬ ‫َجيعها قد‬ ‫السياسية والفكر ِّية‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫ْ‬ ‫فإن َ‬
‫ِّ‬
‫اجؤوا‬ ‫ف ابلرهاب اَلجتماعيِّ‪َ ،‬يافون أ ْن يُ َف َ‬ ‫عر ُ‬
‫َجيعا مصابون هبلوسة تُ َ‬ ‫اد هذه الف َر ِّق ً‬ ‫أبداً! ألن أفر َ‬
‫واختفت داينتُهم الّت يسموهنا‬ ‫ْ‬ ‫اإلسالم جمد ًدا‬
‫ُ‬ ‫نفسهُ على طائفة منهم فعا َد‬ ‫فرض القرآ ُن َ‬ ‫يوما وقد َ‬ ‫ً‬
‫ِّ‬
‫الداينة‬ ‫ِّ‬
‫طبيعة هذه‬ ‫حائرا‪ ،‬إَّنا هي نَجةٌ من‬ ‫ِّ‬
‫‪ .Müslümanlık‬هذه الصورة اليت تتك املتأم َل فيها ً‬
‫نفسها‪ .‬نستطيع بعالقة هذه الصورة (انطالقًا من اآلايت الكرمية سالفة الذكر) أن نُثبت احلقائق‬ ‫ِّ‬
‫التالية اليت َل ميكن جحدها أب ًدا‪:‬‬

‫الطائفي‪،‬‬
‫َّ‬ ‫والتهميش‬
‫َ‬ ‫العصب‪،‬‬
‫َّ‬ ‫والتمييز‬
‫َ‬ ‫إ َن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةَ )‪ (Müslümanlık‬قد أَثرت اَلنفصاليةَ‪،‬‬
‫شعوب‬ ‫ِّ‬
‫احلقيقة أ َّن‬ ‫األدلة على هذه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫واخلالفات العقدية‪ ...‬واح ٌد من ِّ‬
‫أكرب‬ ‫والكراهيَّةَ املذهبيَّةَ‪،‬‬
‫َ‬
‫تتبعثر على‬
‫ُ‬ ‫املنطقة من عرب وتُ ْرك وُكرد وشراكسة وفُرس وطاجيك وبشتو َن وهزارةِّ وغريها اليت‬ ‫ِّ‬
‫عقب‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫األوسط‪ ،‬مل يفت النزاعُ والصراعُ بينها منذ احتال ِّل هذه‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم َ‬ ‫الداينة فراغَ‬ ‫الشرق‬ ‫ساحة‬
‫ِّ‬
‫العرقية‬ ‫فاحلروب املذهبيَّةُ والدينيَّةُ مستمرةٌ بني هذه العناصر‬ ‫استيالء جيوش الدولة األمويَِّّة عليها‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬
‫أهل البيت" وبني أعدائِّها‬ ‫الشيعة املستغلَّ ِّة عنوا َن " ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫املعارك بني‬ ‫منذ ألف سنة‪ ،‬وتشتع ُل نريا ُن‬
‫أن الشيعةَ هم أبعد الناس‬ ‫املتظاهرين ابلسنة (وهم أبعد ما يكونون من السنة النبوبة املطهرة!) كما َّ‬
‫أسفرت عن‬
‫ْ‬ ‫احلروب قد‬
‫َ‬ ‫من أهل بيت الرسول صلى للا عليه وسلم عقيدةً وسريةً‪ .‬وَل شك َّ‬
‫أن هذه‬
‫إر ِّ‬
‫اقة دماء‪ ،‬وإابدة َجاعيَّة كبرية‪ ،‬وخسارات فادحة‪ ،‬وأضرار ِّ‬
‫ماديَّة رهيبة‪ ،‬وهجرات‪ ،‬ودمار‪...‬‬

‫يف ِّ‬
‫القيَ ِّم‬ ‫الضمائر‪ ،‬وتر ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ملخادعة‬ ‫الد ِّ‬
‫ين كآلية‬ ‫ِّ‬
‫مفهوم ِّ‬ ‫تتبّن ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّة )‪ (Müslümanlık‬اختاذَ‬
‫َّ‬
‫استغالل هذه الداينة‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫السهل جدا‬ ‫ِّ‬
‫احلنيف يف املُقام األو ِّل‪ ،‬لذالك من‬ ‫السامية للدين اإلسالمي‬ ‫ِّ‬

‫آل عمران‪151 :‬‬ ‫‪29‬‬

‫احلشر‪14 :‬‬ ‫‪30‬‬


‫ِّ‬
‫نصوص‬ ‫يشج ُع الزندقةَ والْمتَّجرين ابلدين على تر ِّ‬
‫يف‬ ‫الطبقة الشعبيَّ ِّة خباصة‪ ،‬وهذا ما ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫لتضليل‬
‫ُ‬
‫اللغة التكيَّ ِّة‪،‬‬
‫املصطلحات القرآنيَّ ِّة إىل ِّ‬
‫ِّ‬ ‫والسنة من جانب‪( ،‬على وجه اخلصوص؛ يف ترَجة‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫القرآن‬
‫الناس وبني‬ ‫ِّ‬
‫احليلولة بني ِّ‬ ‫حرص‬ ‫وسيأيت شرحها يف الفصول املقبلة إن شاء للا تعاىل) كذلك تُثري فيهم‬
‫َ‬
‫السبيل عليهم من جانب آخر‪ ،‬حّت َل يتمك َن املغتون ِّهبِّ ْم من‬ ‫ِّ‬ ‫هذين املصدرين َّ‬
‫املقدسني بقطع‬
‫الصحيح فينقادوا هلم ويَثْ بُ تُوا على ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ (Müslümanlık‬وتقاليد اآلابء‪ .‬مثة‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالم‬ ‫ِّ‬
‫فهم‬
‫حصرها يف مثل هذا املقام‪ ،‬تربهن على هذا الواقع‪ ،‬ينبغي َجعها يف ِبث‬ ‫ُ‬ ‫دَلئل َجةٌ َل يسهل‬ ‫ُ‬
‫ِّ‬
‫أبن هذه الداينةَ متاحةٌ حلشد أشكال من الباطل‬ ‫القول َّ‬
‫تيسر‪ .‬هذا‪ ،‬وليس من الشطط ُ‬ ‫مستقل إن َّ‬
‫جمال‬
‫مظلم َل َ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫املتطرفة واملتعصبة‪ ،‬وهو نف ٌق ٌ‬ ‫مصدر ألوان من النزعات‬ ‫ُ‬ ‫واخلرافة يف بطنها‪ ،‬كما هي‬
‫ملن يدخله أن يستهدي بضوء يف آخره إَل من رحم رب‪ .‬لذا َّ‬
‫فإن املتشبثني هبذه الداينة يتَّسمون‬
‫بتعصب شديد يستحيل التفاهم والتعايش معهم يف بيئة مشتكة على مدى أمد طويل‪ .‬وهذا ما‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫جعل منهم أعداءًا ألدَّاءَ ِّ‬
‫اخلالص من املؤمنني الذين َل يُشركون األضرحةَ وأولياءَ‬ ‫التوحيد‬ ‫ألهل‬
‫الصوفية مع للا سبحانه عما يصفه الفاسقون‪.‬‬

‫العقول وَيادعُ‬‫َ‬ ‫أما ال ُْم ْسلُ َمانِّيَّةُ )‪ ،(Müslümanlık‬فإهنا داينةٌ تعتمد على املذهبية‪ ،‬فيها ما يُ ْربِّ ُ‬
‫ك‬
‫ب على مذهب يزعمون أنه مذهب اإلمام أب حنيفةَ رضي للا‬ ‫اجلاهل حّت إذا وقع يف قبضتها يُ َد َّر ُ‬ ‫َ‬
‫(حنَ َفانِّيَّة ‪ .)Hanefism‬ومن عالمات ذلك أهنم‬ ‫يسمى َ‬ ‫وجدير أب ْن َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ف‪،‬‬ ‫حمر ٌ‬
‫عنه‪ ،‬وهو يف احلقيقة َّ‬
‫األعظم) على أب‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫(اإلمام‬ ‫املذاهب اإلسالميَّ ِّة‪ ،‬ويُطلقون صفةَ‬ ‫ِّ‬ ‫َجيع‬
‫املذهب على ِّ‬ ‫َ‬ ‫يفضلون هذا‬ ‫ِّ‬
‫أفضل الْ ِّملَ ِّل النِّ َح ِّل‪ ،‬ويف ذلك هلم‬
‫ُ‬ ‫ليرب ُروا بذلك أهنم‬ ‫حنيفةَ لتفضيله على بقية اإلئمة رَجًا ابلغيب‪ِّ ،‬‬
‫يعد ُل الدنيا‬ ‫مقوَلت غريبةٌ منها قول زعيمهم‪" :‬هنيئًا ملن يقول أن تُركي"‪ 31‬وقوله‪" :‬شخص تركِّ ٌّي ِّ‬ ‫ٌ‬
‫ٌ‬
‫مفسريهم يدعى إمساعيل ِّ‬ ‫أبسرها"‪ .32‬يكرهون الطوائف األثنيَّةَ‪ ،‬يربهن على ذلك قول ِّ‬
‫حقي‬ ‫ِّ ُ‬ ‫أحد‬
‫عمري إ َّهنم لفى‬ ‫املتويف عام ‪1715‬م‪ .‬يقول يف وصفه لألكراد ابحلرف الواحد‪" :‬ولَ ِّ‬ ‫وس ِّوي ِّ‬ ‫الربُ َ‬ ‫ُ‬
‫ِّ‬
‫لالسالم‬ ‫الناس بُعُ ٌد‪ ،‬يقدمون وَل ينفكون عن ذلك‪ .‬ما ترى‬ ‫تعذيب ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫فساد ِّه ْم َو َج َفائِّ ِّه ْم َوغُلُ ِّو ِّه ْم ِّّف‬
‫ِّ‬
‫موال املسلمني‪ ،‬وعملُ ُه ْم‬ ‫اخلليل عليهم اثرا ّف ُخلُق وَلَ عمل‪ُ .‬خلُ ُق ُه ْم هنب أ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫دين ابر ِّ‬
‫اهيم‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫الذى هو ُ‬
‫الناس مثل ِّ‬ ‫هل املِّلَّ ِّة َّ ِّ‬ ‫الطريق‪ِّ .‬‬ ‫ِّ‬ ‫ظُْل ٌم ِّ‬
‫هؤَلء‪.‬‬ ‫الغراء‪َ .‬ل كثَّ َر للاُ ّف ِّ َ‬ ‫وللا ما هؤَلء أب ِّ‬ ‫وقطع‬
‫ُ‬ ‫وقتل‬
‫وسرقةٌ ٌ‬
‫ِّ‬
‫الثامنة‬ ‫تفسريهِّ ِّ‬
‫لآلية‬ ‫ِّ‬ ‫ببالد ِّه ْم!"‪ .‬وردت هذه الكلمات عند‬ ‫صلح ِّهم واملرور ِّ‬ ‫إ َّاي َك واملصاحبةَ أب ِّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫والستني من سورةِّ األنبياء‪.‬‬

‫ابللغة التكية‪Ne mutlu Türküm diyene. :‬‬ ‫‪31‬‬

‫ابللغة التكية‪Bir Türk dünyaya bedeldir. :‬‬ ‫‪32‬‬


‫ِّ‬
‫التصوف والرهبنة على طريقة اهلنود‪،‬‬ ‫آخر على‬ ‫ِّ‬
‫تعتمد ال ُْم ْسلُ َمانيَّةُ )‪ (Müslümanlık‬من جانب َ‬
‫وهي من أهم دعاماهتا‪ .‬تيار منتشر يف اجملتمع التكي ابسم (الطريقة النقشبندية) فيها مسالك‬
‫روحانية‪ ،‬واستسالم إىل شيخ من شيوخ الطريقة‪ ،‬ودعوات وأذكار ومناسك وطقوس مأخوذة من‬
‫البوذية ومن كتاب (صتاايت) للراهب اهلندي (بيتنجل ‪ )Patanjali‬وسيأيت شرح هذه املفاهيم يف‬
‫الفصول التالية إن شاء للا‪.‬‬

‫بكل ما يُعزى إليها‬‫اإلسالم ِّ‬


‫َ‬ ‫وِما جيب التنبيه عليها أن الداينةَ الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّةَ )‪َّ (Müslümanlık‬‬
‫تتحدى‬
‫إن اجلمعيات واألوقاف والنوادي اليت يتم أتسيسها‬ ‫ومفاهيم ونشاطات ومؤسسات؛ منها‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫من رموز‬
‫كز استخبارتيَّة تتجسس من ور ِّاء الذين‬ ‫تت مظلة الدين يف هذه املنطقة أكثرها يف الواقع مرا ُ‬
‫ض َرار‪ ،‬وليس من النادر ما يقوم‬ ‫ِّ‬
‫مساجد ِّ‬ ‫الدخول إىل‬
‫َ‬ ‫يفطنون خلطورة الداينة الْ ُم ْسلُ ًمانِّيَّ ِّة فيتحاشون‬
‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫قائمة‬ ‫ج أمسا ُؤهم يف‬ ‫جواسيس هذه اجلمعيات ابهت ِّام شخص أو َجاعة من املؤمنني األبرايء‪ ،‬تُ َ‬
‫در ُ‬ ‫ُ‬
‫ِّ‬
‫تفتضح الداينة الْ ُم ْسلُمانيَّةُ كيف أهنا‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫اإلرهابيِّني من تنظيم القاعدة أو داعش‪ ،‬أو الفتوشية‪ ...‬هكذا‬
‫ُ‬
‫الساحة التكيَّ ِّة‪ ،‬وتنشط على حساب اإلسالم يف الوقت‬ ‫ِّ‬ ‫اإلسالم من ِّ‬
‫القفز إىل‬ ‫َ‬ ‫متنع‬
‫تقوم كعقبة كبرية ُ‬
‫ذاته!‬

‫يسها وتنظي ُمها وترتيبُها‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬


‫اجلمعيات والطر ِّ‬ ‫َّ‬
‫ائق الصوفيَّة وحّت مؤسسات األوقاف اليت ت أتس ُ‬ ‫عظم‬
‫إن ُم َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫كز نشاطات للحركات الفاشية‬ ‫تت مظلة الداينة الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّة )‪ (Müslümanlık‬هي بال شك مرا ُ‬
‫وتتغذى من ثدي هذه الداينة‪ .‬وهذه‬ ‫َّ‬ ‫النزعات العصبيَّةَ كلَّها تستمد‬ ‫ِّ‬ ‫والتمييز العصب‪ .‬إذ َّ‬
‫إن‬
‫ِّ‬
‫والتنظيمات اجلاسوسية‪ ،‬تسعى‬ ‫ِّ‬
‫العميقة والْ َمافْ يَا‬ ‫الوقت ذاتِِّّه خالاي الدولة‬ ‫ِّ‬ ‫املؤسسات هي يف‬
‫ُ‬
‫ِّ‬
‫وأبرز مثال على هذه احلقيقة هو‬ ‫لتحقيق أهدافها من منطلَ ِّق مبادء الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّة )‪ُ .(Müslümanlık‬‬ ‫ِّ‬
‫ط الشهري (فتح للا‬ ‫"التنظيم الفتوشي ‪ "The Fattoush Organization‬الذي أنشأه املدبِّ ُر والناش ُ‬
‫ِّ‬
‫للداينة‬ ‫ِّ‬
‫والعسكري‬ ‫الدعم السيا ِّس ِّي‬
‫ِّ‬ ‫مشاهري ِّ‬
‫رموز‬ ‫ِّ‬ ‫قمةً بني‬
‫ُكولَ ْن ‪ )Fethullah Gülen‬يُعد َّ‬
‫احلرب على مبادئِِّّه العاملية‪ .‬لقد كان فتح للا ُكولَ ْن ِمثالً‬ ‫ِّ‬ ‫الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة يف مواجهة اإلسالم‪ ،‬و َش ِّن‬
‫خطريا يف توجيه احلياة اإلجتماعية والسياسية على الساحة التكية مدةً أكثر من‬ ‫ً‬ ‫دورا‬
‫ابرعا‪ ،‬لعب ً‬‫ً‬
‫ماليني من املفتتنني به‪ ،‬تصدى ل ِّ‬
‫دعم‬ ‫ِّ‬
‫أذهان‬ ‫عاما‪ ،‬فتك خالهلا بصمات عميقةَ ِّ‬
‫األثر يف‬
‫َ‬ ‫أربعني ً‬
‫حوار بني األداين (تت رعاية وكالة املخابرات‬ ‫(مشروع الشرق األوسط الكبري)‪ 33‬وبدأ الدعوةَ لل ِّ‬

‫إن اهلدف الذي يتبناه (مشروع الشرق األوسط الكبري) يتمثل يف هذه الكلمات الوجيزة‪:‬‬ ‫‪33‬‬
‫احلد من التعصب (علىى حد رأيه‪ ).‬لكنه كان يف احلقيقة يعمل على‬ ‫األمريكية ‪ )CIA‬كان هدفُه َّ‬
‫إحباط الصحوة اإلسالمية اليت انتشرت يف السنني األخرية‪ .‬وكان من مظاهر براعة هذا الرجل‬
‫أن احلركة اليت يقودها ليست طريقةً من الطرائق الصوفية‪ ،‬بل هي‬ ‫وحذقه أنه كان يؤكد إبصرار " َّ‬
‫تتبّن أهدافًا إنسانيَّةً عامليَّةً ِّ‬
‫ملد‬ ‫العقل و ِّ‬
‫ثقافة التسامح‪َّ ،‬‬ ‫ِّ‬
‫لتنمية ِّ‬ ‫تبذل اخلدمةَ‬
‫منظمةٌ إنسانيةٌ خرييَّةٌ ُ‬
‫أن احلركةَ الفتوشيَّةَ‬ ‫خالف ذلك‪ ،‬إ ْذ َّ‬
‫ُ‬ ‫لكن احلقيقةَ‬ ‫ِّ‬
‫البشر" ( َّ‬ ‫والتعاون بني ِّ‬
‫أبناء‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫واحملبة‬ ‫صلة األُ ُخ َّوةِّ‬
‫اإلسالم يرفض هذه األهداف كلها‪،‬‬
‫َ‬ ‫ملي‪ :‬أب َّن‬ ‫أي ِّ‬
‫العام العا ِّ‬ ‫تشويش وجهة الر ِّ‬ ‫َ‬ ‫تتبّن‬
‫ال َّ‬‫كانت وَل تز ُ‬
‫‪34‬‬
‫ش ِّج ُع الْ ِّف ْك ِّر ِِّّ‬
‫العرب اخلارجي!)‬ ‫وم َ‬
‫وأنه مصدر التطرف‪ُ ،‬‬

‫الرج ُل من قيادة هذا التنظيم اإلرهاب اخلطري من خالل مؤسسات الدولة التكية مدةَ أربعني‬ ‫متكن ُ‬
‫القضاء واألمن‪ ،‬كما تسلل إىل صفوف‬ ‫ِّ‬ ‫عاما‪ ،‬واستوىل على معظم أجهزة الدولة على رأسها جهاز‬ ‫ً‬
‫لق َي قبضته احلديديةَ على الدلة برمتها ليلة ‪16‬‬ ‫القوات املسلحة‪ ...‬وكاد أن يطيح ابحلكومة وي ِّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وجنودهُ مرارة اهلزمية على‬
‫َ‬ ‫لكن املشيئة اإلهليةَ أذاق ْتهُ‬
‫يوليو ‪2016‬م‪ .‬لو َل أن أكبَّه للا على وجهه‪َّ .‬‬

‫‪«Great Middle East project (GMP) is simply the project of rearranging the region in accordance‬‬
‫‪with the demands of Western Imperialism. ... The west relies on the destructive, radical wahhabi‬‬
‫»‪ideology of Saudis to destabilize other muslim countries in the middle east.‬‬

‫‪ 34‬ورد يف صحيفة (الزمان) بتاريخ‪ 07 :‬يناير ‪2005‬م‪ .‬ضمن مقالة للكاتب حسني كولرجة يقوال‪:‬‬

‫يتبّن‬
‫للقيام بدور التبليغ‪ ،‬بل كان َّ‬‫اإلختاق‪ .‬وهذا األسلوب مل يكن حماولةً ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّس ُم ابللَّبَاقَ ِّة‪ ،‬يُلَِّب حاجةَ ِّ‬
‫عصر‬ ‫"إن فتح للا گولن وأصحابهُ كانوا ينتهجون أسلواب ي ت ِّ‬
‫ً َ‬ ‫َ‬
‫يف قِّيَ ِّم‬
‫املشغول بتعر ِّ‬ ‫الرمز‬ ‫ذلك‬ ‫وليس‬ ‫ِّ‪،‬‬
‫َن‬ ‫ط‬‫للو‬ ‫ِّ‬
‫ب‬ ‫ِّ‬
‫ح‬ ‫ْم‬‫ل‬ ‫ا‬ ‫‪،‬‬‫ه‬‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫نفس‬ ‫من‬ ‫ِّ‬
‫ق‬ ‫ِّ‬
‫اث‬‫و‬ ‫وال‬ ‫‪،‬‬‫ة‬‫ِّ‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬
‫ابملسؤول‬ ‫ِّ‬
‫الشاعر‬ ‫اضع‬ ‫و‬ ‫املت‬ ‫ِّ‬
‫ان‬ ‫ُم‬
‫ل‬ ‫س‬‫ْم‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ي‬‫ِّ‬
‫ك‬‫الت‬ ‫ِّ‬
‫الرمز‬ ‫متثيل‬ ‫التمثيل مباشرةً؛ ِّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ ِّ ُ ْ َ‬ ‫يعين َ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫اإلسالم‪".‬‬

‫ِّ‬
‫احلصان‪ ،‬لعلَّهم‬ ‫خالل نظارةِّ‬
‫ابت اإليديولوجيَّ ِّة من ِّ‬
‫اإلشاعات والتسر ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ابَلصغاء إىل‬ ‫األحداث‬
‫َ‬ ‫إن الذين يشاهدون‬ ‫َّس ُم إبمهيَّة ابلغة‪ .‬ذلك؛ َّ‬ ‫ظ (التكِّيِّ) هنا ي ت ِّ‬ ‫َّ‬
‫إن لف َ‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫أن فتح للا گولن هو ضد هذين‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬
‫اين‪ ،‬إذ يضعون كلها يف َك َّفة واحدة للميزان نفسه‪ .‬مع َّ‬ ‫السعودي واإلير ِِّّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َيُْطئُون بتشبيه (مسلمانية فتح للا گولن) ابإلسالم‬ ‫ِّ‬
‫وأحس ابلكراهية َهلَُما‪،‬‬ ‫فحسب‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ف على إسالم العرب والعجم‬ ‫تعر َ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫ب إليه من األلفاظ‪ ،‬كلمتُهُ الشهريةُ‪ :‬إن الْعَا َملَ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫األخريَيْنِّ‪ .‬وابَلختصار‪ ،‬فإن م ْن َجلة ما ُحب َ‬
‫وسوف ُِّحيب َها"‬
‫َ‬ ‫التكِّيَّ ِّة‬ ‫يتعرف على الْمسل ِّ‬
‫ُمانِّيَّة ْ‬
‫ُْ َ‬ ‫ُ‬ ‫سوف‬
‫لكنَّهُ َ‬

‫وهذه كلمات الكاتب حسني كولرجة ابللغة التكية ال ُْم َع َّربَِّة يف أعالها‪:‬‬

‫”‪«Gülen ve arkadaşları postmodern imaj çağının gereğine uygun bir taktik uyguluyorlardı. “tebliğ‬‬
‫‪değil, “temsil” etmek. Yani İslâmi değerleri anlatmak, propagandasını yapmak yerine iyi, mütevazı,‬‬
‫‪sorumluluk sahibi, inançlı, yardımsever bir Müslüman-Türk olmak.‬‬

‫‪Burada Türk kavramı çok önemli. Çünkü olup biteni kulaktan dolma bilgilerle ve ideolojilerin “at‬‬
‫‪gözlüğü” ile değerlendirenler Fethullah Gülen’i bir Suudi, bir İran türü Müslümanlıkla aynı kefeye‬‬
‫;‪koyabiliyor. Halbuki Gülen her ikisine de karşıdır. Tekrarlamayı sevdiği sözlerden biri de özetle‬‬
‫‪“Dünya şimdiye dek Arap ve Acem Müslümanlığını tanıdı ve sevmedi. Artık Türk Müslümanlığını‬‬
‫‪tanıyacak ve sevecek” şeklindedir». Hüseyin Gülerce. Zaman Gazetesi; 07 Ocak 2005‬‬
‫ني ال ِّْقتَ َ‬ ‫ِّ‬
‫شاءُو َن‬ ‫اَّللُ قَ ِّوًاي َع ِّز ًيزا‪َ " ".‬وَما تَ َ‬
‫ال َوَكا َن َّ‬ ‫اَّللُ ال ُْم ْؤمنِّ َ‬
‫يد خصومه الْ ُم ْسلُ َمان من أمثاله‪َ " ،‬وَك َفى َّ‬
‫‪35‬‬

‫أحالمهُ مع الريح‪ ،‬وأظلمت عليه اآلفا ُق ليلةَ تور ِّط ِّه يف‬ ‫ُ‬ ‫ني‪ 36".‬فذهبت‬ ‫اَّللُ َرب ال َْعال َِّم َ‬ ‫إََِّّل أَ ْن يَ َ‬
‫شاءَ َّ‬
‫عسكري وهو جير أزايل اخليبة كما قال اإلمام الشاقعي رمحه للا تعاىل‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫حماولة إنقالب‬

‫ف ُسوءَ َما َأتِّْيت بِّ ِّه الْ َق َد ُر‬


‫حسنت* َوَملْ َختَ ْ‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫ابألايم إذ‬ ‫أحسنت ظنك‬
‫َ‬
‫الكدر‬
‫ُ‬ ‫حيدث‬
‫صفو الليال ُ‬ ‫املتك الليال فاغترت هبا * وعن َد ِّ‬ ‫َ‬ ‫وس‬
‫***‬
‫نتاج تنظيم عميق آخر نشأ‬ ‫ِّ‬
‫تنظيم احلشاشني اجلدد بتعبري آخر‪ )،‬كان َ‬ ‫لقد كان التظيم الفتوشي (أو ُ‬
‫وتطوَر على مدى العهد اجلمهوري واشتهر ابسم (النورجية‬ ‫َّ‬ ‫يف أواخر أايم الدولة العثمانية‬
‫‪ 37)Nurism‬خرجت الفتوشية من رحم هذا التظيم فما لبثت طويالً حّت تباعدت عنه عقيدةً‬
‫منهجا جدي ًدا لبناء ُم ْسلُ َمانِّيَّة حديثة تتماشى مع ظروف‬
‫واختذت ً‬ ‫ومنهجا‪ ،‬وأعادت بناء هيكلتِّها َّ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫ِّ‬
‫اإلسالم ِّي خاصةً‬ ‫ِّ‬
‫الوطن‬ ‫خارج‬
‫العوملة‪ ،‬فكانت تسعى لتصعيد فتنة (إسالموفوبيا ‪َ )Islamophobia‬‬
‫احلقيقي هلذه الكراهية إَّنا هي‬
‫َّ‬ ‫يف أورواب وأمريكا على سبيل الدعاية لِّْل ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‪ ،‬مع أن الدافع‬
‫نفسها‪ ،‬وليس اإلسالم على اإلطالق‪ .‬ألن اإلسالم قد انزاح وتنحى‬ ‫ِّ‬
‫الْ ُم ْسلُ َمانيَّةُ )‪ُ (Müslümanlık‬‬
‫عن الساحة‪ ،‬فال أثر له على مسرح التاريخ منذ ‪661‬م‪ .‬فباخلالصة جيب تصحيح هذه التسمية‬
‫وعدوان‪ ،‬جيب تبديلها عاجالً مبصطلح‬
‫ً‬ ‫ظلما‬
‫ً‬ ‫(‪)Muslumans‬‬ ‫اليت إختلقتها اجملتمعات الْ ُم ْسلُ َمان‬
‫(مسلمانوفوبيا ‪.)Muslumanophobia‬‬

‫للداينة الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬


‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫التقليد ِّي الذي َر َمسَْتهُ النقشبنديةُ‬ ‫عدلت عن ِّ‬
‫اخلط‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫الفتوشيةَ ملا‬ ‫إن احلركةَ‬
‫رموز هذا التيار‪ ،‬أييت على‬ ‫)‪ (Müslümanlık‬منذ مثانية قرون‪ ،‬اصطدمت بردو ِّد فعل شديدة من ِّ‬

‫األحزاب‪25 :‬‬ ‫‪35‬‬

‫التكوير‪29 :‬‬ ‫‪36‬‬

‫ضا قد انقسمت إىل تيارات متباينة على غرار الطرائق الصوفية‪ ،‬وهذه قائمة الفئات النورجية يف تركيا‪:‬‬
‫احلركة النورجية أي ً‬
‫‪37‬‬

‫•‬ ‫‪Yazıcılar; Hayrat Vakfı‬‬


‫•‬ ‫‪Okuyucular; Sözler Yayınevi‬‬
‫•‬ ‫‪Suffa Vakfı‬‬
‫•‬ ‫‪İhlâs Nur Neşriyat‬‬
‫•‬ ‫‪İst. İlim ve Kültür Vakfı‬‬
‫•‬ ‫‪Asya Vakfı‬‬
‫•‬ ‫‪Zehra Vakfı‬‬
‫•‬ ‫‪Med Zehra Vakfı‬‬
‫ِّ‬
‫والفتوشية فانتهت هبزمية‬ ‫ِّ‬
‫النقشبندية‬ ‫احلرب بني اجلبهتني‬ ‫رأسهم َنم الدين أربكان وزمرتُهُ‪ .‬واندلعت‬
‫ُ‬
‫الفتوشيني يف ‪ 16‬متوز ‪2016‬م‪.‬‬

‫من املعلوم أن مصطفى كمال كان قد قضى على نشاطات الصوفية وأصدر قوانني صارمة إلعالق‬
‫النقشبندي خباصة فأنز‬
‫َّ‬ ‫التكااي‪ ،‬ومنع استعمال َجلة من مصطلحاهتم‪ .‬فأراد أن يستأصل التيار‬
‫عليهم ضربتني قاصمتني أوهلما يف عام ‪1925‬م‪ .‬والثانية سنة ‪1930‬م‪ .‬إَلَّ أنه مل يتمكن من‬
‫ال ِّ‬
‫قضاء على هذا التيار ابلكامل‪ ،‬فانتعشت النقشبندية بعد موت مصطفى كمال وبدأت يف الظهور‬
‫يف عهد تعددية األحزاب عام ‪1946‬م‪ .‬ث تكتلت على هيئة َجاعات ملتزمة ِبياة دينية تتميز هبا‬
‫دعمها يف مواسم‬‫عن بقية فصائل اجملتمع‪ .‬ومل يلبث حّت انتبهت األحزاب السياسيَّةُ إىل أمهية ِّ‬
‫ُ‬
‫جسرا ِمتدًا بني الطرفني‪ ،‬فصار يستفيد كل‬
‫اإلنتخاابت‪ ،‬فاستغلتها بطرق ملتوية‪ ،‬وغدى اإلستغالل ً‬
‫طرف من دعم اآلخر‪ ،‬وأسفر ذلك عن تضخم اجلماعات النقشبندية واستيالئهم على موارد‬
‫ني يزورهم رئيس الوزر ِّاء‬
‫بعض شيوخ هذه اجلماعات شبه ملوك ُمتَ َّو ِّج َ‬
‫ِّ‬
‫اإلقتصاد إىل أن أصبح ُ‬
‫والنواب وكبار رجاَلت السلك السياسي‪ ،‬يقفون أمامهم وقوف العبد قبالة سيده ويقبلون أيديهم‬
‫اليوم سدًا عمالقًا ضد اإلسالم مينعه من القفز إىل الساحة التكية‬
‫تربًكا‪ .‬إن هذا الدعم املتبادل ميثل َ‬
‫التكِّيَّةُ هي الداينةَ السائدةَ هلذا الشعب إىل أبد اآلبدين‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫لتظل الْ ُم ْسلُ َمانيَّةُ ْ‬

‫جذور الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬


‫ِّ‬ ‫لتسيخ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫نشاطاهتا‬ ‫متارس‬
‫ُ‬ ‫إن اجلماعات النقشبندية والنورجية ‪Nurism‬‬

‫خالل مؤسساهتِّا اإلعالميَّ ِّة والتعليميَّ ِّة؛ هلا‬


‫والتبشري من ِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الدعاية‬ ‫ف ُسبُ ِّل‬‫)‪ (Müslümanlık‬مبختل ِّ‬
‫مسمى‬ ‫وهيئات تت َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ات‪،‬‬
‫سات وقفيَّةٌ‪ ،‬وَجعيَّ ٌ‬
‫ومؤس ٌ‬‫َّ‬ ‫ت‪،‬‬‫وصحف‪ ،‬وجمالَّ ٌ‬
‫ٌ‬ ‫وإذاعات‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫فضائيات‪،‬‬
‫ٌ‬
‫العمل البارزين‪ ،‬والسياسيني‪ ،‬وبني كبار املسئوولني يف‬ ‫ِّ‬ ‫صفوف ِّ‬
‫رجال‬ ‫ِّ‬ ‫(اإلرشاد!)‪ ،‬كما هلا رموز يف‬
‫اجلماعات ألجل‬
‫ُ‬ ‫األساس َّي الذي تعمل هذه‬ ‫ِّ‬ ‫اهلدف‬
‫َ‬ ‫والقوات املسلَّحة‪ ...‬إن‬
‫القضاء واألمن َّ‬‫ِّ‬ ‫جهاز‬
‫حبس كتاب للا يف املساجد‪ ،‬والبيوت‪،‬‬ ‫العمل على ِّ‬ ‫ِّ‬
‫مواجهة الدين احلنيف هو‬ ‫وترسيخ ِّه يف‬
‫ِّ‬ ‫نشرهِّ‬
‫ِّ‬
‫ُ‬
‫البدع واخلرافيات‬ ‫ِّ‬
‫ِمارسة ِّ‬ ‫ِّ‬
‫األدمغة على‬ ‫الناس بطر ِّيق ِّ‬
‫غسل‬ ‫شجع ُ‬ ‫واملقابر‪ ...‬ولتحقيق هذا اهلدف يُ َّ‬
‫اخلِّتَ ِّم القرآنية إىل أرواح املوتى؛ وزايرة‬
‫واألابطيل على النحو التال من احلِّيَ ِّل‪ :‬تالوة القرآن‪ ،‬وإهداءُ ْ‬
‫ِّ‬
‫اب على أضرحة‬ ‫القبور وبناؤها وتزيينها ِبجر الرخام؛ وكتابة اآلايت على ألواحها‪ ،‬وإنشاء ِّ‬
‫القبَ ِّ‬ ‫ُ‬
‫الصوفية‪ ،‬وبناء املساجد داخل املقابر؛ وتعليق الْعلَ ِّم التكي على املساجد؛ و ِّ‬
‫النداء ابلصلوات‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫أولياء‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬
‫معا يف‬ ‫ِّ‬ ‫من ِّ‬
‫مكربات الصوت من فوق املآذن قُبَ ْي َل األذان للصالة؛ وذكر اآلذان والْ َعلَم التكي ً‬
‫وأذكار بدعيةٌ ما أنزل للا هبا من سلطان‪ ،‬كاألذكار‬ ‫ٌ‬ ‫اخلطاب الديين؛ وتوزيع الكتب اليت فيها أدعيةٌ‬
‫اجلوشنية‪ ،‬والصالة التفرجيية‪ ،‬ودعا (صالةً تُ ْن ِّجينَا‪)...‬؛ واَلحتفال ابملولد النبوي؛ وقراءة رسائل‬
‫سعيد النورسي؛ واإلهتمام بذكر كرامات األولياء يف كل جملس‪ ،‬وإقامة الطقوس النقشبندية بعد كل‬
‫ش َّد الشخص ي َدهُ ِّ‬
‫بيد‬ ‫والعشاء؛ واإلهتمام ابملصافحة على الطريقة الفاشية‪ ،‬وهي أن يَ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫صالة العصر‬
‫َُ‬
‫ِّ‬
‫واألذكار‬ ‫ِّ‬
‫الدعاء والعبادة‬ ‫ٌ‬
‫وأشكال غريبةٌ من‬ ‫عادات وتقالي ُد‬
‫ٌ‬ ‫وثَّ‬ ‫صاحبه وينتطحا ِِّبانِّب ر ِّ‬
‫أس ِّه َما‪َ ...‬‬ ‫ِّ‬
‫َ َْ‬
‫الشعب املسلما ُن‬
‫ُ‬ ‫والطقوس؛ كلها انبثقت من الداينة الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ ،(Müslümanlık‬يَعُض عليها‬ ‫ِّ‬
‫دين اجلاهلية األوىل‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ابلنواجز خوفًا من أن ي ِّش َّع اإلسالم ِِّّ‬ ‫ِّ‬
‫يوما على آفاق تركيا احلبيبة‪ ،‬فينعى َ‬ ‫أبنواره ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫َّس ُم به‬ ‫ِّ‬


‫إلخفاء ما تت ِّ‬ ‫بعض األكادمييِّني األتراك يف السنوات األخرية على اختيار منهج مشبوه‬
‫أق َد َم ُ‬
‫خاصيَّ ِّة التمييز العصب والتفريق بني صفوف األمة‪.‬‬
‫الْمسلُمانِّيَّةُ )‪ (Müslümanlık‬من ِّ‬
‫ُْ َ‬

‫إن بعض األكادمييني األترك الذين درسوا على املستشرقني يف املاضي القريب‪( ،‬من أمثال أمحد‬ ‫َّ‬
‫ايشار أوجاك التكي) قد سلكوا على طريقتهم يف تسمية الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة )‪ (Müslümanlık‬أبمساء غريبة‬
‫وصد اإلنتباه إىل اإلسالم القرآين الصحيح‪ .‬لقد قسم األستاذ الدكتور أمحد‬ ‫ومتكلِّفة إلرابك العقول ِّ‬
‫اإلسالم‬
‫َ‬ ‫ايشار أوجاك الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّةَ )‪ (Müslümanlık‬إىل ضربني متعاكسني؛ َمسَّى أح َدمها "‬
‫شك بدعة ارتكبها (أوجاك) على‬ ‫يتوذكسي"‪ 39،‬إن هذه َل َّ‬ ‫َّ‬ ‫األرثوذكسي"‪ 38،‬واألخر "اإلسالم اهل‬
‫َّ‬
‫التسمية إَّنا تنطبق على الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬ ‫ِّ‬ ‫ط من‬ ‫حساب اإلسالم‪ ،‬فالواقع أن هذه األَّنا َ‬
‫)‪ (Müslümanlık‬وليس على اإلسالم‪ ،‬ألن التاث اإلسالمي خال من هذه البدعة كليًا‪َّ .‬‬
‫وألن‬
‫ت‬ ‫ْت لَ ُك ْم ِّدينَ ُك ْم َوأَ ْمتَ ْم ُ‬
‫أقره للا يف كتابه بقوله‪" :‬الْيَ ْوَم أَ ْك َمل ُ‬
‫اإلسالم هو اإلسالم الوحيد الذي َّ‬ ‫َ‬
‫أن الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّةَ‬ ‫اإل ْس َال َم ِّدينًا"‪ 40‬وهذا املثال يربهن على َّ‬ ‫يت لَ ُك ُم ِّْ‬
‫ض ُ‬‫َعلَْي ُكم نِّ ْعم ِّيت ور ِّ‬
‫ْ َ ََ‬
‫)‪ (Müslümanlık‬بطبيعتها اخلليطة الالَّحمدودة ومغرايهتا الوثنية قد دفعت َجاعةً من األكادمييني من‬
‫أبناء الوطن اإلسالمي إىل أحضان املستشرقني‪ ،‬فتغذوا من ثدي الفلسفة اإلحلادية الغربية‪ ،‬فعادوا‬
‫ِّ‬
‫واحلياد األكادميي‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫العلمية‬ ‫أمورا غريبةً تت ستار‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫إىل بالدهم مغسول األدمغة وأملَ ْوا على جمتمعاهتم ً‬
‫منهم (على سبيل املثال) حممد أركون اجلزائري الذي نشأ يف مدرسة اآلابء البيض التبشريية بقرية‬
‫فتشرب هناك من ثُ ْؤِّرِّه ْم وهو طفل يدرس يف مدرسة‬
‫(عني األربعاء) الواقعة شر َق وهران يف اجلزائر‪َّ ،‬‬
‫اف رهط من الكهنة‪ ،‬ث نقلَْتهُ ي ٌد من أيدي جواسيس اإلستعمار إىل فرنسا‪،‬‬ ‫فرنسية تت إشر ِّ‬
‫فانصهر يف بوتقة الفكر اإلحلادي أايم دراسته العليا‪ ،‬فتخرج وقد امتأل غيظًا على اإلسالم‪ .‬يَ َّد ِّعي‬

‫‪38‬‬
‫‪Orthodox İslam‬‬
‫‪39‬‬
‫‪Heterodox İslam‬‬
‫املائدة‪3 :‬‬ ‫‪40‬‬
‫ِّ‬
‫النص األصل َّي ِّش ْبهُ‬
‫َّ‬ ‫حمرف‪ ،‬وأن‬
‫نص َّ‬
‫اليوم ٌّ‬
‫املوجود َ‬
‫َ‬ ‫ِّ‬
‫القرآينَّ‬ ‫النص‬
‫َّ‬ ‫الرجل بصوت مرتفع " َّ‬
‫أن‬ ‫ُ‬
‫‪41‬‬
‫مفقود!"‬

‫ح يف قلوب غري املسلمني (خاصة‬


‫املواقف الغريبةَ من اإلسالم‪َ ،‬ل شك تبعث ال َف َر َ‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن هذه‬
‫املسحيني واليهود‪ )،‬ألهنم ينظرون إىل الشعوب املسلمان ‪( ،Musluman Peoples‬فضال عن‬
‫األقلية املسلمة) ينظرون إليها بعني اَلحتقار؛ وليست هذه الشعوب (من العرب والتك والفرس‬
‫والرعاع وحثالة‬
‫ِّ‬ ‫ئف من الغجر‬ ‫والكرد وغريهم) يف اعتبار احللف املسيحي‪ -‬الصهيوين إَلَّ طوا َ‬ ‫ِّ‬
‫اللجوءات اجلماعيةُ من بالد‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫والدواب‪ ...‬وقد أثبتت هذه احلقيقةَ‬ ‫قطعان من األنعام‬
‫ً‬ ‫البشر‪ ،‬أو‬
‫ِّ‬
‫الالجئة أمام أسيادهم األوروبيني‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫اجلماهري‬ ‫الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة إىل أورواب وأمريكا‪ ،‬واليت استعرضت حالةَ‬
‫وصرخاهتُم تطن يف الفضاء وهم يستغيثون اليونن‪ ،‬واألملان‪ ،‬واإلَنليز وغريهم‪ ،‬ويتمرغون يف‬
‫تت أقدامهم‪ ...‬إَّنا كانت هذه املشاهد املأساويةُ كلها من ِّ‬
‫آَثر الطبيعة املدمرة للداينة‬ ‫األوحال َ‬
‫الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّة )‪.(Müslümanlık‬‬

‫ص للقوى العوملية‪ ،‬فأط َْم َع ْتها يف‬ ‫أبواب ال ُف َر ِّ‬


‫َ‬ ‫هذه الداينةُ نفسها هي اليت قد فتحت (بفعل طبيعتها)‬
‫ِّ‬
‫املتاحة‬ ‫ِّ‬
‫الرموز‬ ‫وشج َع ْت َها على تصي ِّد‬
‫التحالف ضد اجملتمعات الْ ُم ْسلُ ُمان (‪َّ )Muslumans societies‬‬
‫الداينة يف مواجهة األسالم‪ .‬فلم يكن‬ ‫ِّ‬ ‫للتجنيد من مثقفي هذه الشعوب لكي يقوموا بتعزيز هذه‬
‫حممد أركون اجلزائري‪ ،‬وهاشم صال السوري‪ ،‬وعبد العليم النهاري اليمين‪ ،‬وأمحد ايشار أوجاك‬
‫تقسيم ِّه‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫هؤَلء اجلنود‪ .‬ولذاك َل يقف (أوجاك) عند ِّ‬
‫اإلسالم إىل "إسالم‬
‫َ‬ ‫حد‬ ‫التكي إَلَّ ً‬
‫عددا من‬
‫ِّ‬
‫الساحة‬ ‫"أن التيار الصويفَّ التكِّ َّي ِّ‬
‫املنتش َر على‬ ‫أرثوذكسي" و"إسالم هيتوذكسي"‪ ،‬فيزيد عليها َّ‬
‫ْ‬
‫الكاتب‬ ‫ضا ينقسم إىل (صوفية أرثوذكسيَّة) و (صوفية هيتوذكسيَّة)‪ 42.‬إَّنا ِّ‬
‫يعرب‬ ‫ِّ‬
‫األنضولية أي ً‬
‫ُ‬
‫أن التصوف التكي يتنوع إىل ضربني‪ ،‬وهذا َل مشاحةَ فيه‪ .‬لكنه يتنطع عرب ثنااي ِبثه‬ ‫بتعريفه هذا َّ‬
‫الداينة الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬
‫ِّ‬ ‫أن أح َد هذين النوعني يتناغم مع اإلسالم! بل كال التيارين مها من فروع‬ ‫لِّي ِّ‬
‫وه َم َّ‬ ‫ُ‬
‫)‪ .(Müslümanlık‬وليس بينهما وبني اإلسالم قيد َّنلة من الصلة‪.‬‬

‫فماذا يعين هؤَلء الباحثون إذًا من "اإلسالم األرثوذكسي" و"اإلسالم اهليتوذكسي"؟ هل مها‬
‫داينتان أو مذهبان أو ماذا؟ ولكن َل يسع وَل يناسب املقام هنا لْلجابة عليهما بتفصيل‪ ،‬بل جيب‬

‫ضا‪ :‬اترَيية الفكر العرب اإلسالمي‬


‫حممد أركون‪ ،‬الفكر اإلسالمي قراءة علمية‪ ،‬ترَجة‪ :‬هاشم صال‪ ،‬املركز الثقايف العرب‪ ،‬دار البيضاء‪1996 -‬م‪ .‬راجع أي ً‬
‫‪41‬‬

‫للمؤلف نفسه‪.‬‬
‫املصدر‪Prof. Dr. Ahmet Yaşar Ocak, Türk Sûfȋliğine Bakışlar, s.148. İletişim Y, İstanbul -1996 :‬‬ ‫‪42‬‬
‫فيمد صلةً َّما بني هذين التيارين‬ ‫ط أح ٌد يف ِّ‬
‫حبالة الرأي الفاسد َّ‬ ‫التأكيد على أنه من الشطط أن يتور َ‬
‫وبني اإلسالم‪ ،‬فإنه لن جيد ثغرةً يف جدار القرآن الكرمي ليعثر من خالهلا على أضعف عالقة ترمز إىل‬
‫اجلمل يف سم اخلياط‪ .‬إذًا دعون ننظر برهةً إىل املصادر اليت استقى‬
‫َ‬ ‫وجود هاتني الداينتني‪ ،‬وإن أوجل‬
‫منها هؤَلء املستشرقون احملليون؛‬

‫ئيس والقاعدةِّ األساسيَّ ِّة (يف الدين‪ ،‬أو‬ ‫ِّ‬


‫املصدر الر ِّ‬ ‫عتماد على‬
‫تعين كلمة "أرثوذكسي" ابختصار‪ :‬اَل َ‬
‫املذهب أو الفكر)‪ .‬أن املستشرقني احملليِّني يزعمون أهنم يقصدون بذلك اإللتز َام والتمس َ‬
‫ك‬
‫ِّ‬
‫الغرض َل يتماشى مع أصول‬ ‫بنصوص القرآن والسنة‪ ،‬إَلَّ أن استعمال هذا املصطلح الدخيل هبذا‬
‫ِّ‬
‫ابإلسالم قد ت ضبطها وتديدها وترتيبها وأتصيلها‬ ‫ِّ‬
‫اإلسالميِّ‪ .‬وألن املصطلحات اخلاصةَ‬ ‫الدين‬
‫مصطلح‬
‫ِّ‬ ‫اختيار‬
‫َ‬ ‫بطريق اإلقتباس من نصوص الكتاب والسنة منذ عصر السلف الصال‪ .‬وهلذا فإن‬
‫ِّ‬
‫توجيه اجملتمع إىل هذه‬ ‫ِّ‬
‫وأمثاهلا من مصادر املسيحية وثقافتِّها‪ ،‬يُعد بدعةً فيها خطورةُ‬ ‫"أرثوذكسي"‬
‫حقائق العلمية‪ ،‬وَّنطًا من أَّناط الغزو الثقايف واَلستالب الفكري الذي‬‫متييعا لل ِّ‬ ‫الداينة َّ ِّ‬
‫احملرفَة‪ ،‬و ً‬
‫ِّ‬
‫اإلسالميِّ‪ ...‬أما إذا كان الباحثون يريدون‬ ‫مري قِّيَ ِّم الدين احلنيف‪ ،‬وخدعةً لتضليل اجملتمع‬ ‫يهدف تد َ‬
‫والكرد‪ "،‬ويقصدون تعريفها هبذه املصطلحات‬
‫ُ‬ ‫والفرس‬
‫ُ‬ ‫العرب والت ُك‬
‫ُ‬ ‫احملرفَةَ اليت يعتن ُقها‬
‫"املذاهب َّ‬
‫َ‬
‫الدخيلة فقد جيوز ذلك‪ ،‬ألن بني هذه املذاهب وبني اإلسالم الصحيح بَ ْو ٌن شاسع‪َّ .‬‬
‫وألن هذه‬
‫املذاهب املتباينة واملتعارضة َل حمل هلا ضمن حدود الكتاب والسنة (وَل نقصد هبذا املذاهب‬
‫الفقهية لألئمة األربعة وأمثاهلم)‬

‫اجملتمعات الْ ُم ْسلُ َمان )‪ (Muslumans Peoples‬تنحصر يف ثالث‬ ‫ُ‬ ‫املذاهب الرئيسةَ اليت يسلكها‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫التكِّي‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ب إىل الوهابيَّة واإلخوانيَّة)؛ واملذهب الس ِّين ْ‬ ‫العرب (وقد تشعَّ َ‬‫ُش َعب‪ :‬املذهب الس ِّين ِّ‬
‫اإلماِّ ِّمي‪ ...‬كلها منبَ ثَ َقةٌ أصالً من ِّ‬
‫قلب الداينة الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّ ِّة‬ ‫الصويف؛ واملذهب الشيعي الفارسي َ‬ ‫ِّ‬
‫القدمية بعد هجرة اإلسالم يف وقت مبكر؛ ث متايزت السنِّيَّةُ التكيةُ تت دافع السنِّيَّ ِّة العربية يف‬
‫تضخمت السنِّيَّةُ التكيةُ فغريت الشيءَ الكثري من السنية العربي ِّة‪ ،‬وذلك‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬
‫العباسيِّ‪ ،‬ثَّ‬ ‫بداية العهد‬
‫العباس ِّي‪ ،‬فال غرابة إذًا يف‬ ‫ِّ‬ ‫هيمة األتراك على سياسة املنطقة العربية منذ منتصف العهد‬ ‫بدافع ِّ‬
‫وصف هذه املذاهب ب "األرثوذكسيَّ ِّة‪".‬‬

‫الرئيس والقاعدةِّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫املصدر‬ ‫عتماد على‬
‫أما مصطلح "هيتوذكسي" فإنه يعين ابختصار‪ :‬عدم اَل َ‬
‫األساسيَّ ِّة (يف الدين‪ ،‬أو املذهب أو الفكر‪ ).‬يقصدون هبذا‪" :‬أن السالكني للمذهب "اهليتوذكسي"‬
‫يسمي هذا املذهب )‪ ،(popular islam‬أي اإلسالم‬ ‫َل يلتزمون ابلكتاب والسنة‪ ".‬ومنهم من ِّ‬
‫يتوذكسيَّ ِّة‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫والبكتاش َّي ِّابهل‬ ‫ي‬‫التيار العلَ ِّو َّ‬
‫ني)‪ ،‬الذين يصفون َ‬ ‫إن األكادمييِّني األتراك (السنِّيِّ َ‬
‫الشعب‪َّ .‬‬
‫اإلحياء ليحكموا على التيارين املذكورين " َّأهنما خارجان عن نطاق‬ ‫ِّ‬ ‫لعلهم يتخذون بذلك طريقةً من‬
‫يتوذكسيَّ ِّة"‬
‫ِّ‬ ‫وصف اإلسالم ب "اهل‬ ‫َ‬ ‫الشرعية‪ِ ".‬بسب مصادر السنية‪ ...‬فينبغي هنا التنبيه على َّ‬
‫إن‬
‫املشوه" َل يالئم الصياغةَ األكادمييَّةَ‪ .‬ولو أهنم وصفوا الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّةَ‬ ‫َّ‬ ‫مبعّن "اإلسالم‬
‫)‪ .(Müslümanlık‬هبا لكان أجدر‪ .‬على كل حال‪ ،‬فإ َّن "الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّة األرثوذكسيةَ" و" الْ ُم ْسلُ َمانِّيَّةَ‬
‫اهليتوذكسيية" كلتيهما غريُ شرعية‪ ،‬وليستا يف شيء من اإلسالم القرآين الصحيح‪.‬‬

You might also like