You are on page 1of 12

ِ ‫الدميُْقر‬

‫اطي‬ ِ ُ‫اخلِ َداع‬


َ
*** ***

Feriduddin AYDIN
feriduddin@gmail.com

‫دار العِ ََب للطباعة والنشر‬


Al-Ibar Publishing
İstanbul-2023
‫الدميُْقر ِ‬
‫اطي‬ ‫اخلِ َداعُ ِ‬
‫َ‬
‫الوقت ذاتِِه‪ .‬وهي لفظةٌ يواننيةُ األصل مبعىن‬ ‫ِ‬ ‫ضا يف‬ ‫شيوعا واألكث ِر غمو ً‬ ‫الدميقراطيةُ من أكث ِر املصطلحات السياسيَّ ِة ً‬
‫سهُ بِنَ ْف ِس ِه‪ ،‬و َّأَّنا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫"س ْلطَ ِة َّ‬
‫حيكم نَ ْف َ‬
‫الشعب يف النظام الدميقراط ِي هو الذي ُ‬ ‫َ‬ ‫يف "أن‬ ‫يزع ُم َم ْن يعتم ُد هذا التعر َ‬
‫الش ْعب"‪ُ .‬‬ ‫ُ‬
‫بعض األكادمييِني‬ ‫أساسا على مبدأ سيادة األمة‪ "...‬كما يزعم ُ‬ ‫اجملتمع والدولةُ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫وأَّنا تقوم ً‬ ‫ُ‬ ‫ختضع له‬
‫مصدر القانون الذي ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اليوانِن‪ ،‬وعلى الوجه األخص مدينةُ أثينا‪ ،‬ال تُ َعَِبُ عن الدميقراطية احلقيقيَّة بِصورِتا‬ ‫اجملتمع ِ‬ ‫"أن الدميقراطيةَ اليت عرفها‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫ب‬ ‫ِ‬
‫أحقاب زمنية جعلتها تكس ُ‬ ‫ٍ‬ ‫َب‬
‫ت هلا الدميقراطيةُ َع ْ َ‬ ‫ض ْ‬ ‫االستحاالت ال ُْمتَ تَالِيَةَ اليت َّ‬
‫تعر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصيغة َّ‬
‫أن‬ ‫اد هبذهِ‬
‫احلْالِيَّ ِة‪ .‬وقد يُ َر ُ‬
‫مدح ٍ‬
‫وذم‪،‬‬ ‫وتقييمها بني ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يف الدميقراطيَّ ِة‬ ‫الكمال يف عص ِران‪ ".‬بينما اختلفت اآلراء يف تعر ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫بلغت مستوى‬‫ض َج إىل أن ْ‬ ‫الن ْ‬
‫كبديل َحضا ِر ٍي يف م ِ‬
‫تلف‬ ‫انتشرت ابلتَّ َدر ِج ٍ‬ ‫ضهم‪َّ :‬‬
‫"إَّنا‬ ‫ضني؛ فقال بع ُ‬ ‫لف الْمحلِلُو َن هلذهِ الفكرةِ بني مؤيِدين ومعا ِر ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫واخت َ ُ َ‬
‫"السادةِ" و"الْعبِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآلخر‪َّ :‬إَّنا فِكرةُ الصر ِاع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يد"‪.‬‬ ‫َ َ َ‬ ‫التارخي ِي ال ُْمتَ َك ِرِر بني‬ ‫ُ‬ ‫أحناء العا ََِل لألنظمة الديكتاتوِريَّة‪ ".‬وقال ال ُ‬
‫ْبعض‬
‫أفضل‬
‫ُ‬ ‫ب ُمتَ َك ِرَرةٍ من ُذ الثورةِ الفرنسيَّ ِة وحىت وقتِنا هذا؛ َّأَّنا‬ ‫جتار َ‬
‫أثبتت يف ُ‬ ‫"أن الدميقراطيَّةَ قد ْ‬ ‫وجاءَ يف نظريَِّة فوكوايما‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫واقتصاد ًّاي!"‬ ‫ِ‬
‫وسياسيًّا‬ ‫النظُِم اليت َع َرفَ َها االنسا ُن أخالَقِيًّا‬

‫ِ‬ ‫متحررين من ِ‬
‫نب بِ ِه‪ ،‬ليس ُكل ُه ْم ِ‬ ‫ِ‬ ‫من الالَّ ِ‬
‫الدايانت‬ ‫الدين أو منتسبني إىل‬ ‫أن املؤيِدين للفكر الدميقراط ِي وال ُْم ْع َجبِ َ‬
‫فت َّ‬
‫وصف َع َّام ِة غ ِري املسلمني‬
‫ميتنع من ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسالم‪ ،‬ويعتز به‪ ،‬وال ُ‬ ‫أن فيهم َم ْن يُِقر ابنتمائِِه إىل‬ ‫القدمية ال ُْم َح َّرفَ ِة‪ ،‬بل من الغر ِ‬
‫يب َّ‬ ‫ِ‬
‫هؤالء ابلدميقراطية انشئًا من انبهارهم بكثرة عدد املؤيدين هلا‪ ،‬غري أن الكثرة‬ ‫ِ‬ ‫إعجاب‬ ‫"ملَّ ِة الْ ُك ْف ِر"‪ .1‬قد يكون‬ ‫بِ ِ‬
‫ُ‬
‫واألغلبية ليست دائما دليالً على إثبات احلق وبيان وجه الصواب‪ .‬تَبهن على هذه احلقيقة قوله تعاىل‪" :‬قُ ْل الَ يَ ْستَ ِوي‬
‫اخلَبِ ِ‬ ‫اخلَبِ ُ‬
‫يث‪( .‬املائدة‪.)100/‬‬ ‫ك َكثْ َرةُ ْ‬ ‫يث َوالطَّيِ ُ‬
‫ب َول َْو أَ ْع َجبَ َ‬ ‫ْ‬

‫فإن عاملًا مسيحيًا (وهو الدكتور حنا‬ ‫لإلسالم يف نظرِتم إىل الدميقراطيَّ ِة‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫اإلعجاب الذي يُبديه كثريٌ من املنتسبني‬ ‫ِ‬ ‫ورغم‬
‫ْم نَ ْف ِس ِه بِنَ ْف ِس ِه‪ ،‬وهو قيمةٌ إنسانيَّةٌ عاليةٌ ِِبَ ِد‬
‫لشعب ُحك َ‬ ‫يح لِ ِ‬ ‫عيسى‪ ،‬أستاذ القانون الدويل) يقول‪" :‬الدميقراطيةُ ٌ ِ‬
‫نظام يُت ُ‬
‫ِ‬
‫الشعب‪،‬‬ ‫اإلجتاهات املتضاربةُ بني فصائل‬‫ُ‬ ‫اعات الدينيَّ ِة والعرقيَّ ِة لِ َما تَف ِر ُ‬
‫ضهُ‬ ‫كتأجيج الصر ِ‬
‫ِ‬ ‫اوئ عديدةً‬ ‫س َ‬ ‫أن هلا َم َ‬
‫ِ‬
‫ذاِتا‪ ،‬إالَّ َّ‬
‫اطي"‪ .‬مث يُ َع ِد ُد الدكتور‬ ‫ْم غ ِري ِدميُْقر ِ‬ ‫ِ‬
‫ابإلنتقال من ُحك ٍ‬ ‫الدميُْق َرطَ ِة‬
‫عملية ِ‬
‫ِ‬ ‫فتظه ُر الفوا ِر ُق القوميَّةُ واللغَ ِويَّةُ والدينيَّةُ َ‬
‫خالل‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫َّص َارى َح َّىت تَ تَّبِ َع‬ ‫ِِ‬ ‫ض ُه ْم ْأولِيَاءُ بَ ْع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫هللا الْم َقد ِ ِ ِ‬ ‫كالم ِ‬ ‫للسل ِ‬
‫َّس كقوله تعاىل‪َ " :‬والَّذ َ‬ ‫َف استنبطوها من ِ‬ ‫‪1‬‬
‫ود َوالَ الن َ‬
‫ك الْيَ ُه ُ‬
‫ضى َع ْن َ‬
‫َن تَ ْر َ‬
‫"ول ْ‬
‫ض" (األنفال‪ ،)73/‬وقوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫ين َك َف ُروا بَ ْع ُ‬ ‫ُ‬ ‫وهي مقولةٌ َّ‬
‫ْم ْش ِركِ َ‬
‫ني َكافَّةً َك َما يُ َقاتِلُونَ ُك ْم َكافَّةً" (التوبة‪...)36/‬‬ ‫ِملَّتَ ُهم" (البقرة‪ ،)120/‬وقولِ ِه تعاىل‪ِ :‬‬
‫"وقَاتلُوا ال ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ْم‬ ‫ِ‬
‫أنظمة ا ْحلُك ِ‬ ‫أقل‬
‫الت َّ‬ ‫ضراب من مساوي الدميقراطية تقوم حجةً على من يعتقد َّ‬
‫"أن الدميقراطيَّةَ ال ز ْ‬ ‫َحنَّا مثانيةَ عشر ً‬
‫ُس وءا‪"2.‬‬

‫أهل النظ ِر واخلَبة‪ ،‬إالَّ َّ‬


‫أن‬ ‫إعجاب كثريين من ِ‬ ‫ِ‬ ‫اط َّي وإن كان ِ‬
‫موض َع‬ ‫املتباينة أ َّن النظام الدميقر ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫َّض ُح من ُك ِل هذه اآلر ِاء‬ ‫يت ِ‬
‫ني‪ ،‬وقد يزيدون عليهم)‪ ،‬يَِق ُفو َن من‬ ‫عددا من ال ُْم ْع َجبِ َ‬ ‫والعرقي ال يَِقلون ً‬ ‫ِ‬ ‫الدين‬
‫فري ًقا آخر (رغم اختالفهم يف االنتماء ِ‬
‫والتظاه ِر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ِبريَِّة التعب ِري‪،‬‬
‫أن املواطنني يتمتَّعون ِ‬ ‫ني ابلدميقراطيَّ ِة إمنا ُح َّجتُهم‪َّ :‬‬ ‫النظام موق ًفا سلبِيًّا‪ .‬ذلك أن ال ُْم ْع َجبِ َ‬ ‫ِ‬ ‫هذا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واإلضر ِ‬
‫غري‬
‫حماسبَة املسؤولني على تصرفاِتم وقراراِتم يف احلكم واإلدارة‪َ .‬‬ ‫اب‪ ،‬وغ ِريَها من املمارسات اليت ُُتَكنُ ُه ْم من َ‬
‫أفاد الدكتور َحنَّا عيسى يف حديثه عن مثالب‬ ‫وانتقادات‪ ،‬كما َ‬ ‫ٍ‬ ‫جبملة ٍ‬
‫ردود‬ ‫ف حياول تكذيب هم ِ‬
‫َُ ْ‬ ‫يق املخالِ َ‬ ‫أن هذا الفر َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫وتنفيذ‬ ‫ٍ‬
‫حكيمة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫سياسة‬ ‫ِ‬
‫ممارسة‬ ‫اإلنتخاابت ال ميلكون فرصةً كافيةً ُُتَكِنُ ُه ْم من‬ ‫ِ‬ ‫"أن الفائزين يف‬ ‫الدميوقراطية‪ ،‬منها‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫لالنتخاابت‬ ‫ص ُل بني ُك ِل محلتني‬ ‫ابلنهوض واإلزدها ِر‪ ،‬ذلك أن الفرتة اليت تَ ْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫حاجة اجملتم ِع‪ ،‬وأتيت‬ ‫ِ‬ ‫مشاريع ٍ‬
‫انفعة تُلَِّب‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫تكلفة‬ ‫ضا‪ :‬ارتفاعُ‬ ‫معاجلة القضااي‪ .‬ومن هذه األسباب أي ً‬ ‫ِ‬ ‫للحكومة الفائزةِ ابلرتكيز على‬ ‫ِ‬ ‫تسمح‬
‫ُ‬ ‫صريةٌ ال َْم َدى جدًّا ال‬ ‫قَ ِ‬
‫قليلة من الناخبني‪ .‬ذلك من أك َِب ِحيَ ِل الدميقراطيَّ ِة‪َّ :‬أَّنا‬ ‫األثرايء واليت تكون صورةً عن قل ٍة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حكومة‬ ‫إلنتاج‬ ‫ِ‬
‫اإلنتخاابت ِ‬
‫مواجهة هذهِ األقليَّ ِة؛ فيكون الرأي يف ظاهرهِ‬ ‫ِ‬ ‫رقاب اكثريٍَّة ال طاقةَ هلا يف‬ ‫تتحكم يف ِ‬ ‫ِ ٍ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫دائ ًما تتمثل يف ُسلطة أقلية ثَ ِريَّة َّ ُ‬
‫أبشكال من ا ْحلِيَ ِل‪ .‬ومن هذه‬ ‫ٍ‬ ‫نت من السيطرةِ على ا ْحلُك ِ‬
‫ْم‬ ‫الشعب َّ‬
‫ُتك ْ‬ ‫ِ‬ ‫جملموع الشعب‪َّ ،‬أما يف حقيقتِ ِه فهو رأي ٍ‬
‫قلة من‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ْم‪ ،‬وليس‬ ‫ِ‬
‫أبساليب ا ْحلُك ِ‬ ‫ض ِويَّةٌ ج ِ‬
‫اهلَةٌ‬ ‫ِ‬ ‫عام ِة‬ ‫ْم يف ِ‬ ‫تضع مقالي َد ا ْحلُك ِ‬ ‫ِ‬
‫األساب‪َّ :‬‬
‫الشعب وهي طبقةٌ فَ ْو َ َ‬ ‫أيدي َّ‬ ‫أن الدميقراطيةَ ُ‬
‫حيث‬
‫ضا من ُ‬ ‫الفوارق الكبريةِ بني االفر ِاد ِ‬
‫بعض ِه ْم بع ً‬ ‫ِ‬ ‫حمل له مع ِ‬
‫وجود‬ ‫وأن مبدأَ املساواةِ ال َّ‬ ‫عن َد َها استعدا ٌد طبيعِ ٌّي له‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫املشكالت‬ ‫ِ‬
‫ابلنسبة إىل‬ ‫صيَّةُ‬‫العام ِة‪ ،‬واملعرفَةُ التخص ِ‬ ‫االهتمام ابملسائِ ِل َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والثقافة‪ ،‬ودرجةُ‬ ‫ِ‬
‫التعليم‬ ‫الذ ْه ِن ودرجةُ‬ ‫اد ِ‬ ‫االستع َد ُ‬
‫ملاِن وحتك ِم‬ ‫ِ‬
‫االستبداد الَب ِِ‬ ‫َّيل من ا ْحلُِريَِة الفرديَِّة‪ ،‬وإىل‬ ‫تؤدي إىل الن ِ‬ ‫أن الدميقراطيَّةَ ِ‬ ‫ِ‬
‫األساب‪َّ :‬‬ ‫السياسيَّ ِة‪ ...‬ومن هذه‬
‫أصاب الدكتور حنا‬ ‫َ‬ ‫السيادةِ الشعبيَّ ِة‪ ".‬وقد‬ ‫َ‬ ‫اسم‬ ‫ِ‬
‫معسول‪ ،‬إذ حيم ُل َ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫االستبداد‪ ،‬ألنَّهُ‬ ‫الغالِبِيَّ ِة الَبملانِيَّ ِة‪ ،‬وهو أشد ِ‬
‫أنواع‬
‫ِ‬
‫األغالل اليت‬ ‫ِ‬
‫الذهب على‬ ‫ختلع طالءً من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫عيسى أببل ِغ كلمة من الصدق واألمانة حني قال‪" :‬الدميقراطيةُ َخط َرةٌ لكوَّنا ُ‬
‫النظام القائِِم‪".‬‬ ‫قيود ِ‬ ‫أقل ميالً إىل التَّمرِد والثورةِ على ِ‬ ‫الناس فتجعلُ ُه ْم َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫تُ َقي ُد هبا َ‬

‫فإَّنا شريعةٌ جاهليةٌ قدميةٌ اختل َق َها قُ َد َماءُ اليوانن يف العصر اهليلنسيت‪ ،‬ورمبا‬ ‫اإلسالم؛ َّ‬
‫ِ‬ ‫وج َه ِة نظ ِر‬
‫أما الدميوقراطيةُ من ُ‬
‫واألحوال مع َّق َدةً ٍ‬ ‫ات التارخييَّ ِة أنه َل تكن‬ ‫َّضح يف ِ‬
‫ضوء الْم ْعطَي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫يومئذ‬ ‫ُ َُ‬ ‫األمور‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫كانوا يف فرتة من الر ُس ِل (هللا تعاىل أعلم)‪ .‬يت ُ‬
‫ِ‬
‫س ُه َل عليهم معاجلةُ القضااي‪،‬‬‫صرا على األحرا ِر دون العبيد‪ .‬فَ َ‬ ‫خبالف ما حنن عليه يف هذا العصر‪ ،‬وكان حق اإلنتخاب قا ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلتصال بني الناخب واملنتَ َخ ِ‬ ‫وكانت الفرصةُ ساحنةً ِجلَْر ِي‬
‫املسامهة‬ ‫كبريا من‬ ‫ظروف العص ِر للطرفني ً‬
‫قدرا ً‬ ‫ُ‬ ‫َّدت‬
‫ب فمه ْ‬
‫ث‬‫الكنيس ِة‪ ،‬فلم يَلْبَ ْ‬
‫َ‬
‫خاصةً بعد ظهوِر املسيحيَّ ِة وطُ ِ‬
‫غيان‬ ‫األمور َّ‬
‫ُ‬ ‫ت‬ ‫وتطوَر ْ‬
‫ازدادت الكثافةُ السكانيَّةُ َّ‬
‫ْ‬ ‫والتعاون‪ ،‬حىت إذا‬

‫‪ 2‬املصدر‪:‬‬
‫‪http://www.abouna.org/content/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D9%88%D8%A6-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A9‬‬
‫الشعوب األوروبيةُ من‬ ‫فاستوحت‬ ‫ني والرهبان‪،‬‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫الكهنويت وعلى فساد الْقسيس َ‬ ‫ات على الطغيان‬ ‫انفجرت الثور ُ‬
‫ْ‬ ‫حىت‬
‫اب سياسيَّ ٍة‪،‬‬
‫خالل أحز ٍ‬ ‫ِ‬
‫لضعفاء وقه ِرِه ْم من ِ‬ ‫ِ‬
‫استغالل ا‬ ‫نظام َْحيتَكِ ُرهُ األقوايءُ يف‬
‫وها إىل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫األفكا ِر اليواننيَّ ِة‬
‫القدمية فَطََّو ُر َ‬
‫ٌ‬
‫واحتيال وخداع‪...‬‬ ‫وغش َوتَ لَو ٌن‬
‫وتدليس ٌّ‬ ‫تزوير‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ٌ‬ ‫ومؤُترات واجتماعات ومناقشات‪ُ ،‬كل َها ٌ‬

‫صطَنَ َع ِة‬
‫ض َفى عليه من اجلاذبية ال ُْم ْ‬ ‫ِ‬
‫ِبسب ما يُ ْ‬ ‫ويتلو ُن يف ُك ِل ٍ‬
‫بلد‬ ‫حدود له يف التطبيق‪ ،‬بل خيتلف َّ‬ ‫َ‬ ‫مثَّ إن هذا النظام ال‬
‫الفعلِي هي الطغْ َمةُ‬ ‫ات ُخي َدعُ هبا الناس‪ ،‬وإمنا احلاكم ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فيتحو ُل يف كث ٍري من الدول إىل صورةٍ ال حقيقةَ هلا‪ِ ،‬‬
‫وجمرد شعار ٍ‬ ‫َّ‬
‫أدل على ذلك من أ َّن هذه‬ ‫مغلوب على أم ٍرهٍ‪ .‬وال َّ‬
‫ٌ‬ ‫مقهور‬
‫ٌ‬ ‫والشعب‬ ‫ال ُْمتَ غَلِبَةُ بطر ِيق ْ‬
‫اخلُ ْد َع ِة املتمثِلَ ِة يف اإلنتخاابت‪،‬‬
‫ُ‬
‫اإلنتخاابت من ٍ‬
‫ِ‬
‫وعود معسولة‬ ‫الدميقراطيَّةَ إذا أتت مبا ال يهواه ا ْحلُ َّك ُ‬
‫ام وطؤوها أبقدامهم‪ ،‬وتناسوا ُك َّل ما تعهَّدوه أايم‬
‫حقائق‬
‫ُ‬ ‫وتكميم أفواهِ َم ْن يتكلَّمون ابحلق‪:‬‬
‫َ‬ ‫ت‬‫احلرَّاي ِ‬
‫كبت ِ‬‫وقائع تزوي ِر االنتخاابت‪ ،‬و َ‬
‫فإن َ‬ ‫أبلوان من الكذب البواح‪َّ .‬‬ ‫ٍ‬
‫اجلميع‪ ،‬ال حتتاج إىل ِ‬
‫أي استدالل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يعلمها‬
‫ُ‬

‫ضروب الظ ِ‬
‫لم ال ُْم َو َّش ِح‬ ‫ِ‬ ‫ويرغب عنه املؤمنون ابهلل واليوم اآلخر ملا فيه من‬ ‫ِ‬
‫السياسة‬ ‫الشكل من‬ ‫اإلسالم هذا‬ ‫لذا أيىب‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ليس‪ ،‬وهو الذي يُ ْقنِعُ ُه ْم‬ ‫األغبياء ِ‬‫ِ‬ ‫ف شيطانيَّ ٍة‬‫بَِز َخا ِر َ‬
‫العوام من كل جمتم ٍع جنود إب َ‬ ‫َّ‬ ‫العوام‪ ،‬وال شك يف أن‬ ‫تلتبس على‬ ‫ُ‬
‫وخروج على‬ ‫أشكال الكفر‪ ،‬وإَّنا زندقَةٌ‬ ‫ِ‬ ‫شكل من‬ ‫شك يف َّ‬
‫الباطل‪ .‬ال َّ‬ ‫مبا يَظ َْه ُر من ِ‬
‫ٌ‬ ‫أن الدميقراطيَّةَ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫اد به‬
‫احلق الذي يُ َر ُ‬
‫"وَم ْن ََلْ َْحي ُك ْم ِمبَا أَنْ َز َل َّ‬
‫اَّللُ‬ ‫أنزل هللاُ‪ ،‬وهللاُ تعاىل يقول‪َ :‬‬ ‫ْم بغ ِري ما َ‬ ‫اك ابهلل‪ .‬ملاذا؟ ألنَّهُ ُحك ٌ‬ ‫هللا وسنة رسولِ ِه‪ ،‬وإشر ٌ‬ ‫كتاب ِ‬
‫ِ‬
‫ك ال ي ْؤِمنُو َن ح َّىت ُحيكِم َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫فَأُولَئِ َ‬
‫اك‬‫"مثَّ َج َعلْنَ َ‬
‫وجل‪ُ :‬‬‫عز َّ‬ ‫يما َش َج َر بَ ْي نَ ُه ْم‪ 4.‬ويقول َّ‬
‫وك ف َ‬ ‫ك ُه ُم الْ َكاف ُرو َن‪ .‬ويقول‪" :‬فَال َوَربِ َ ُ‬
‫‪3‬‬
‫َ َ ُ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬
‫َعلَى َش ِر َيعة م َن ْاأل َْم ِر فَاتَّب ْع َها َوال تَتَّب ْع أ َْه َواءَ الذ َ‬
‫‪5‬‬
‫ين ال يَ ْعلَ ُمو َن‪.‬‬

‫أمر وَل‬
‫وحياول تَب َير ذلك بقوله‪" :‬إذا عرض ٌ‬
‫ُ‬ ‫اإلسالم هي الدميقراطيَّةُ بعينها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ورى الذي جاء به‬‫أن الش َ‬ ‫مثَّ َم ْن يدَّعي َّ‬
‫نطمئن عليه؟" مث ُُييب على سؤالِ ِه ِ‬
‫بنفس ِه‪:‬‬ ‫ْم ف َّ‬‫نصا صرحيًا من الكتاب والسنة يعاجله‪ ،‬فكيف ُحنَ ِد ُد موقِ َفنَا منه ِِبُك ٍ‬ ‫جن ْد ًّ‬
‫ِ‬
‫اإلستنباط من الكتاب والسنة‪ .‬وهذا ما ُيري يف ما‬ ‫إبمجاع أهل الشورى‪ ،‬يكون مبنز ِلة‬ ‫ْم‬
‫ِ‬ ‫ص ُد َر فيه ُحك ٌ‬
‫"هنا ُيب أن يَ ْ‬
‫البالد الدميقراطية اليت حيكمها املسلمون‪ .‬إذن الَ فر َق بني الشورى يف اإلسالم‬ ‫يسمى "جملس الشعب" أو "الَبملان" يف ِ‬
‫وبني الدميقراطية‪".‬‬

‫‪ 3‬املائدة‪44:‬‬

‫‪ 4‬النساء‪65:‬‬

‫‪ 5‬اجلاثة‪18:‬‬
‫القبول عن َد‬
‫َ‬ ‫ينال‬ ‫ِ‬
‫وأشباه َها ال ميكن أ ْن َ‬ ‫ِ‬
‫الواهية‬ ‫ِ‬
‫الصيغة‬ ‫مبثل هذه‬ ‫اإلسالم وبني الدميقر ِ‬
‫اطية ِ‬ ‫ِ‬ ‫التوفيق بني الشورى يف‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫إن‬
‫بني ذلكما املفهومني يف ميزان العقل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلختصاص يف ِ‬ ‫ِ‬
‫تعبريا رصينًا عن العالقة َ‬
‫حقل العلوم اإلسالميَّة‪ ،‬كما لن ُُتَث َل ً‬ ‫أهل‬
‫خباصة أنيس حممد صاحل ومن‬‫ٍ‬ ‫صر مجاعةٌ من النازعني إىل الثقافة الغربية على َم ِد َها‪ ،‬منهم‬‫ابتت تُ ِ‬
‫واملنطق السليم‪ ،‬وإ ْن ْ‬
‫ِ‬
‫اإلسالم أو ال صلة‬ ‫عني الشورى يف‬‫حول ما إذا كانت الدميقراطيةُ َ‬ ‫مناقشات حادةٌ وال تزال َ‬
‫ٌ‬ ‫على شاكلته‪ .‬وقد جرت‬
‫ِ‬
‫اإلطالق‪.‬‬ ‫بينهما على‬

‫ِ‬
‫بصيغة اخل َِب يؤكد أنَّهُ‬ ‫وجميئ ِ‬
‫النص‬ ‫ورى بَ ْي نَ ُهم‪ُ ، "...‬‬
‫‪6‬‬
‫"وأ َْم ُرُه ْم ُش َ‬
‫إن الشورى يف اإلسالم يستمد قُ َّوتَهُ من النص القرآِن َ‬
‫العهد ال َْمكِيِ‪،‬‬
‫مية يف ِ‬ ‫اآلية الكر ِ‬
‫نزول ِ‬ ‫وليس مقي ًدا بشورى األنصار قبل إسالمهم‪ ،‬كما َّ‬
‫أن َ‬ ‫النص مطل ٌق َ‬ ‫حتم ٌّي‪ ،‬وأن َّ‬‫فرض ِ‬
‫ٌ‬
‫ومنحصرا‬ ‫ِ‬
‫الدولة‬ ‫أن الشورى أعم وأمشل من أ ْن يكو َن مؤسسةً اتبعةً ِ‬
‫ملفهوم‬ ‫الدولة اإلسالميَّ ِة‪ -‬ي ُدل على َّ‬
‫ِ‬ ‫‪-‬أي قبل ِ‬
‫قيام‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كل الظروف أبوسع مدلوله حىت وإ ْن َل تكن هلم‬ ‫ِ‬
‫يف إطارها احملدَّد‪ .‬بل إنَّهُ يَ ْش َم ُل حياةَ املسلمني يف مجيع اجملاالت ويف ِ‬
‫دولةٌ‪.‬‬

‫ينوب عنه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّأما الدميقراطية فإَّنا نظام بش ِر ٌّ‬


‫للشعب أو َم ْن ُ‬ ‫عل سلطةَ التشري ِع‬ ‫جيل من قُ َد َماء اليوانن؛ َُي ُ‬ ‫ي إ ْختَ لَ َقهُ ٌ‬
‫نصوص الدسات ِري اليت تعتم ُد عليها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫احلقيقة من‬ ‫أدل على هذهِ‬ ‫ان) فيكو ُن احلكم فيه لغ ِري هللا تعاىل‪ .‬وما َّ‬ ‫ِ‬
‫(كأعضاء ال ََْبلَم ِ‬
‫ُ‬ ‫َْ‬
‫"إن اجلمهوريةَ الرتكيَّةَ‪ :‬مجهوريَّةٌ‬ ‫الدول يف عص ِران‪ ،‬ومنها الدولةُ الرتكيَّةُ‪ .‬جاءَ يف املادة الثانية من دستورها‪َّ :‬‬ ‫عظم ِ‬ ‫أنظمةُ ُم ِ‬
‫والعدالة‪ ،‬مع احرت ِام‬ ‫ِ‬ ‫مفاهيم السلم والتضامن ِِ‬
‫الوطن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حدود‬ ‫ِ‬
‫القانون؛ يف‬ ‫دميقراطيَّةٌ ِعلْمانِيَّةٌ اجتماعيَّةٌ؛ تقوم على سيادةِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتقوم على املبادء األساسيَّ ِة الواردةِ يف‬ ‫ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫القليل ما‬ ‫الديباجة‪ ".‬هذا‪ ،‬وليس من‬ ‫حقو ِق اإلنسان والوالء ل َقوميَّة أاتتورك‪ُ ،‬‬
‫شاشات التلفا ِز‪ ،‬يقولون‬ ‫ِ‬ ‫الشوارع وعلى‬ ‫أبصوات ٍ‬
‫عالية يف‬ ‫ٍ‬ ‫مالين ِ‬
‫الناس‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ِ‬ ‫اف الذي يُ َرد ُدهُ ُ‬ ‫إنسان يف تركيا ا ْهلُتَ َ‬ ‫سمع كل‬
‫يَ ُ‬
‫اك ابهلل يف‬ ‫للشعب‪ .‬فال شك يف أن هذا أح ُد صوِر اإلشر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْم (أو السلطةُ)‬
‫َُ‬ ‫فيه‪ »Hakimiyet milletindir« :‬أي احلُك ُ‬
‫ين الْ َقيِ ُم َولَكِ َّن أَ ْكثَ َر‬ ‫َّلل أَمر أ ََّال تَ ْعب ُدوا إَِّال إِ َّايهُ ذَلِ َ ِ‬
‫واالنقياد أو يف التشريع‪ .‬قال هللا تعاىل‪" :‬إِ ِن ا ْحلك ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك الد ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْم إ َّال َّ َ َ‬
‫ُ ُ‬ ‫الطاعة‬
‫ِ‬ ‫َّاس َال ي علَمو َن‪ 7.‬وقال تعاىل‪ :‬فَا ْحلك ِ ِ ِ‬
‫َح َك ِم ا ْحلَاك ِم َ‬
‫ِ ‪8‬‬
‫ني‪ 9.‬وقال تعاىل‪:‬‬ ‫اَّللُ ِأب ْ‬
‫س َّ‬ ‫ْم ََّّلل ال َْعل ِي الْ َكب ِري‪ .‬وقال تعاىل‪ :‬أَل َْي َ‬
‫ُ ُ‬ ‫الن ِ َ ْ ُ‬

‫الشورى‪38:‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ 7‬يوسف‪40:‬‬

‫‪ 8‬غافر‪12:‬‬

‫‪ 9‬التني‪8:‬‬
‫ك ُه ُم الْ َكافِ ُرو َن‪.‬‬
‫اَّللُ فَأُولَئِ َ‬
‫َحداً‪ 10.‬وقال تعاىل‪َ :‬وَم ْن ََلْ َْحي ُك ْم ِمبَا أَنْ َز َل َّ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫َما َهلُ ْم م ْن ُدونه م ْن َوٍِيل َوال يُ ْش ِر ُك ِيف ُحكْمه أ َ‬
‫‪11‬‬

‫ك ُه ُم‬ ‫ك ُه ُم الظَّالِ ُمو َن‪ 12.‬وقال تعاىل‪َ :‬وَم ْن ََلْ َْحي ُك ْم ِمبَا أَنْ َز َل َّ‬
‫اَّللُ فَأُولَئِ َ‬ ‫اَّللُ فَأُولَئِ َ‬
‫وقال تعاىل‪َ :‬وَم ْن ََلْ َْحي ُك ْم ِمبَا أَنْ َز َل َّ‬
‫‪14‬‬
‫اَّلل ُحكْماً لَِق ْوٍم يُوقِنُو َن‪.‬‬ ‫اهلِيَّ ِة ي ب غُو َن‪ ،‬ومن أَحسن ِمن َِّ‬
‫ََ ْ ْ َ ُ َ‬ ‫َْ‬
‫اس ُقو َن‪ 13.‬وقال تعاىل‪ :‬أَفَحكْم ا ْجل ِ‬
‫ُ َ َ‬
‫الْ َف ِ‬

‫بوضوح ابل ٍغ عندما نُ َقا ِر ُن بني‬ ‫يظهر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ٍ‬ ‫الشورى اإلسالم ِي وبني الدميقراطية اليواننيَّة ُ‬
‫َ‬ ‫ول بني‬ ‫الشاسع الذي َحيُ ُ‬
‫َ‬ ‫إن البو َن‬
‫بعض املزااي لِ ُك ٍل منهما‪ ،‬وهذه نبذة منها‪:‬‬ ‫ني من ِ‬
‫خالل ِ‬ ‫املفهوم ِ‬

‫الشعب‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫النظام وتُل ِزَم‬ ‫القوانني يف هذا‬
‫ُ‬ ‫ليست ابإلمجاع‪ ،‬وإمنا ابألكثريَِّة‪ ،‬لذا تص ُد ُر‬
‫ْ‬ ‫إن العَبةَ (يف النظام الدميقراطي)‬ ‫* َّ‬
‫ِ‬
‫الدول‬ ‫والدي ِن‪ ،‬والعقل‪ ...‬وال خيفى ما قد سبق تشريعُهُ يف ِ‬
‫بعض‬ ‫ابتفاق األغلبية‪ ،‬ولو كانت مالَِفةً للفطرةِ‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُكلَّهُ‬
‫ِ‬
‫وشرب‬ ‫ِ‬
‫وإابحة الزان‪،‬‬ ‫والفوائد الرب ِويَِّة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫فاضحا على الفطرةِ؛ كاإلجهاض‪ ،‬وزواج املثليني‪،‬‬ ‫ً‬ ‫خروجا‬
‫ً‬
‫الدميقر ِ‬
‫اطية‪ ،‬ما يُ َعد‬
‫األمور كلها وف ًقا للفطرةِ وحفاظًا على‬ ‫َ‬ ‫حرم هذه‬‫اإلسالم قد َّ‬
‫َ‬ ‫لكن‬
‫"القتل الرحيم ‪َّ ..."Euthanasia‬‬ ‫سمى ب ِ‬ ‫اخلم ِر‪ ،‬وما يُ َّ‬
‫ِ‬
‫اإلسالم ِي إالَّ‬ ‫ص ُد ُر القر ُار يف الشورى‬ ‫وسالمة ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫للعدالة واألم ِن‬ ‫اإلنسان وحياتِِه وحتقي ًقا‬
‫ِ‬ ‫كر ِ‬
‫الفرد واجملتم ِع‪ ...‬كما ال يَ ْ‬ ‫امة‬
‫ابإلمجاع وليس ابألكثريَِّة‪.‬‬
‫ِ‬

‫ِ‬
‫(بشرط أالَّ يكون أي قرا ٍر صاد ٍر‬ ‫رآن أو ُسن ٍَّة‪،‬‬‫ص من قُ ٍ‬ ‫إن الشورى تكون فيما ليس فيه حكم ِ‬
‫شرع ٌّي يستنِ ُد اىل نَ ٍ‬ ‫* َّ‬
‫ٌ‬
‫اطيَّةُ فهي من وض ِع البش ِر الذين ال يُِقرون‬ ‫الكتاب والسن ِة‪َّ 15).‬أما الدميقر ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نصوص‬ ‫الشورى مالًِفا ٍ‬
‫لنص من‬ ‫من جملس‬
‫َ‬
‫العقل البش ِر ِي‪ .‬لذلك‬
‫نطاق ِ‬ ‫ِ‬
‫خلروجه عن ِ‬ ‫ِ‬
‫للنقاش‪،‬‬ ‫توحا‬ ‫ِ‬
‫أمرا مف ً‬
‫أصالً هبيمنة هللا على الكون‪ ،‬بل يَعُدو َن اإلميا َن به تعاىل ً‬
‫فة)‬‫الصر ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات (يف ِ‬ ‫والقوانني والقرار ِ‬ ‫ِ‬
‫والسنة عن َدهم‪ .‬وبناءً عليه َّ‬ ‫ِ‬
‫الدول الدميقراطية العلمانيَّة ْ‬ ‫َ‬ ‫األحكام‬
‫َ‬ ‫فإن‬ ‫ابلكتاب‬ ‫ال عَبةَ‬
‫هللا‪ ،‬خوفًا على ِ‬
‫أنفس ِهم ومصاحل ِهم‪ ،‬أو‬ ‫ْم ِ‬ ‫جهرا ِبتميَّ ِة ُحك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ُتتنع مجاعةٌ م ْن إفرادها عن اإلقرا ِر ً‬ ‫تصدر ابتفاق أغلبية ُ‬
‫ُ‬

‫‪ 10‬الكهف‪26:‬‬

‫‪ 11‬املائدة‪44:‬‬

‫‪ 12‬املائدة‪45:‬‬

‫‪ 13‬املائدة‪47:‬‬

‫‪ 14‬املائدة‪50:‬‬

‫(أم ُر ُه ْم) على إطالقِها يف‬ ‫السنة‪ ،‬فليست حمالًّ للشورى‪ .‬وقد ُخي ِطئ َمن ِ‬
‫حيم ُل كلمةَ ْ‬
‫الكتاب أو ِ‬
‫ِ‬ ‫نص من‬‫‪ 15‬ذلك أن الشورى هلا نطاق حمد ٌد‪ ،‬وهو أن أي مسألة (مهما كانت) إذا ُو ِج َد فيها ٌّ‬
‫ُ ْ‬
‫القرآِن كما أمجع على هذه احلقيقة الراسخون يف العلم‬ ‫اد من النص ِِ‬ ‫ورى‪ ،"..‬وُيعلها تشمل كل شئون املسلمني يف مجيع نواحي احلياةِ‪ ،‬غري أن ذلك ليس هو املر ُ‬ ‫"و ْأم ُر ُه ْم ُش َ‬
‫اآلية الكرمية َ‬
‫بكتاب هللا‪.‬‬
‫أن ِ‬
‫الص ْد َق‬ ‫ملان الرتكِيِ‪ .‬وهذا يدل داللةً صرحيةً على َّ‬ ‫ضهم يُِقرهُ يف ضم ِريهِ ِس ًّرا‪ ،‬كما هو ُ‬
‫احلال يف الَب ِ‬ ‫نفاقًا‪ ،‬وإ ْن كان بع ُ‬
‫ِ‬
‫اإلطالق‪.‬‬ ‫ْماِن على‬ ‫النظام الدميقر ِ‬
‫اط ِي العِل ِِ‬ ‫حمل هلما يف ِ‬ ‫واألمانةَ ال َّ‬

‫بوجه من الوجوهِ‪ .‬ومن ِ‬


‫أهم‬ ‫العدول عنها ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ادئ أخالقيَّ ٍة قطعيَّ ٍة ال ُيوز‬ ‫ومبَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ُس ٍ‬ ‫يقوم على أ ُ‬ ‫نظام ُ‬ ‫* الشورى يف اإلسالم ٌ‬
‫طر ُد من جملس الشورى‬ ‫األس ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫األس ِ‬
‫س يُ َ‬ ‫والتوقي عن احلرام‪ ،‬ومن خالف يف شيء من هذه ُ‬ ‫س‪ :‬الصد ُق واألمانةُ َ‬ ‫هذه ُ‬
‫عبث ابملفاهيم؛‬ ‫والقبيح‪َ ،‬و ٌ‬ ‫س ِن‬ ‫ِ‬ ‫احلالل واحلر ِام ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬ ‫والباطل وا ْحلَ َ‬ ‫واحلق‬ ‫ط بني‬ ‫عاقب على فعله‪ .‬أما الدميقراطية‪ ،‬فإَّنا خل ٌ‬ ‫ويُ ُ‬
‫رب اخلمر‪،‬‬ ‫احملرمات ال ُْم ِخلَّ ِة ابلعِ َّف ِة واملروءةِ؛ كالزان‪ ،‬و ُش ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والبهتان وكث ٍري من‬ ‫ب والزور والفر ِية‬ ‫قول ِ‬
‫الكذ ِ‬ ‫مانع فيها من ِ‬ ‫ال َ‬
‫ابلقي ِم املقدس ِة‪ ،‬وحتق ِري الشر ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كل ذلك ما ي رتَ َك ِ‬
‫يعة‬ ‫َ‬ ‫ب م ْن موبِقات اإلميان كاالستهزاء َ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫وأخطر من ِ‬ ‫ُ‬ ‫وأبشع‬
‫ُ‬ ‫وأكل الراب‪...‬‬ ‫ِ‬
‫الدالئل على هذه‬ ‫ِ‬
‫األشهاد‪َّ .‬أما‬ ‫ِ‬
‫رؤوس‬ ‫ثقف الَبملان وعلى‬ ‫حتت ِ‬ ‫ِ‬
‫املناقشات ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫اإلسالمية ووصفها بقانون الغابة أثناءَ‬
‫اقشات حادةٌ بني‬ ‫ٌ‬ ‫الرتكِ ِي بني الفينَ ِة واألُ ْخ َرى ُمنَ‬ ‫صى‪ .‬على سبيل املثال؛ ُيرى يف الَبملان ْ‬ ‫وحي َ‬‫أكثر مما يُ َعد ُ‬ ‫احلقيقة فَ ُ‬
‫ِ‬
‫بذيئة َُتُج َها األمساعُ ويَ ْن َدى هلا اجلبني‪،‬‬ ‫بكلمات ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫شا َُت ٍة‬
‫وم َ‬ ‫وخ ٍ‬ ‫اك ِ‬ ‫واملعارضة مصحوبةً بِعِر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صام ُ‬ ‫احلاكم‬ ‫احلزب‬ ‫أعضاء‬
‫البقاء يف‬‫والضرب‪ ...‬وال مينعهم ُكل ذلك من ِ‬ ‫ِ‬ ‫العنف ِابل ُْمالَ َك َم ِة‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استعمال‬ ‫ضا وقد يلجئون إىل‬ ‫ضهم بع ً‬ ‫ويهاجم بع ُ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫اإلنتحاابت‬ ‫الشعب مع دوام حصانتِ ِهم الَبملانية إىل َّأايِم دورةِ‬ ‫ِ‬ ‫السياسة‪ ،‬وتستمر عض ِويَّتُ ُه ْم يف ِ‬
‫جملس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وممارسة‬ ‫ِ‬
‫املنص ِ‬
‫ب‬
‫ْ‬
‫والعبث واالنسالخ من اإلميان والكر ِ‬
‫امة)‬ ‫ِ‬ ‫ملان الرتكِ ِي (مع هذا ِ‬
‫اخللط‬ ‫ِ‬
‫أعضاء الَب ِ‬ ‫كثر‬ ‫القادمة‪ .‬ومن اجلدير ابإلشارةِ؛ َّ‬
‫أن أ َ‬
‫اإلسالم‪ ،‬وإمنا هي داينةٌ ُم ْستَ ْح َدثَةٌ‬ ‫ِ‬ ‫صلَ ٍة إىل‬ ‫أن الْمسلُمانِيَّةَ ال َُتُت بِ ِ‬
‫اإلسالم‪ ،‬مع َّ ُ ْ َ‬ ‫ٌ‬ ‫(اعتقادا منهم َّأَّنَا‬
‫ً‬ ‫يعتزون ِابل ُْم ْسلُ َمانِيَّ ِة‬
‫ص ِْرييَِّة‪ ،‬واإلمساعيلِيَّ ِة‪ ،‬والد ْر ِزيَِّة‪،‬‬‫اإلسالم بطريق التحريف والتشويه‪ ،‬كالن َ‬ ‫ِ‬ ‫س‪ ،‬أو متزلةٌ من‬ ‫جموس الْ ُف ْر ِ‬
‫ص ْن ِع ِ‬ ‫َوثَنيَّةٌ اتفهةٌ من ُ‬
‫ِ‬
‫والقاداينيَّ ِة‪ ،‬والْبَ َهائِيَّ ِة‪)...،‬‬

‫ِ‬
‫وأرذال البشر؛ فَنَ َع ْم‪ ،‬وال شك يف ذلك‬ ‫العامةَ‬ ‫واحلريَّةُ‪ ،‬من و ِ‬
‫جهة نظ ِر َّ‬ ‫التسام ُح ِ‬ ‫االعتقاد‪ِ :‬أب َّن الدميقراطيَّةَ نظام ِ‬
‫فيه‬ ‫ُ‬ ‫إما‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫األنبياء‬ ‫حر يف كثري من تصرفاته وأقواله كالتطاول على هللا‪ ،‬والطع ِن يف‬ ‫ظل الدميقراطية هو ٌّ‬ ‫يعيش يف ِ‬ ‫َّ‬
‫أن اإلنسا َن الذي ُ‬
‫للحياء‪ ...‬كل ذلك ِبجة‬‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫مدشة‬ ‫ممارسات مز ٍية‬
‫ٍ‬ ‫اإلرتداد عن دينه يف أي ٍ‬
‫حلظة‪ُ ،‬ح ٌّر يف‬ ‫ِ‬ ‫حر يف‬ ‫ِ‬
‫واملقدسات‪ٌّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫والرساالت‬
‫ِ‬
‫والعادات‬ ‫ِ‬
‫والسلوك‬ ‫أبواب الفوضى يف الدين‬ ‫ِ‬
‫وتفتح َ‬‫"حرية الرأي"‪ ،‬مع أن هذه الفضائح تساهم يف إفساد الفرد واجملتم ِع‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫سقوط الدولة وانقراضها‪.‬‬ ‫متاهات وأخطا ٍر ُِتَ ِد ُد حياةَ ِ‬
‫الناس وقد تنجم عن‬ ‫ٍ‬ ‫مث تتطور فتُ َؤ ِدي إىل‬

‫ابات أ ْن يتجرأ أح ٌد على ِ‬


‫إهانة مصطفى كمال أبدىن‬ ‫منعا ًّ‬ ‫ابلرغم من هذه احلرايت (!) اليت يتمتَّع هبا املواطن ِ‬
‫الرتكي‪ ،‬ميُْنَ ُع ً‬
‫ُ ْ‬
‫ف‬
‫اع ُ‬
‫ضَ‬ ‫ٍ‬
‫سنوات وقد تُ َ‬ ‫عليه فإنه يدا ُن ويعاقَب ابلسجن ملدَّةٍ ال تقل عن ِ‬
‫ثالث‬ ‫أحد أنه تطاو َل ِ‬ ‫ثبت على ٍ‬‫َكلِ َم ٍة‪ ،‬وإذا َ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫مخس سنوات‪ ،‬مبوجب املادة‪ 5816 :‬من قانون العقوابت‪.‬‬ ‫العقوبَةُ إىل ِ‬
‫ِ‬
‫ابلفقه‪ ،‬مثق ًفا ُم َه َّذ ًاب‬ ‫اإلسالميِ‪ ،‬أن يكون على مستوى من ِ‬
‫العلم‬ ‫ِ‬ ‫الشورى‬ ‫جملس‬ ‫ب لِعُ ْ‬
‫ض ِويَِّة ِ‬
‫َ‬ ‫ط يف من يُنْ تَ َخ ُ‬ ‫* يشرت ُ‬
‫فسق‪ ،‬أو جر ٍ‬ ‫اإلسالم‪ ،‬غري متَّه ٍم إبِِ ْحل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأما‬
‫مية‪ ،‬أو جناية‪َّ ...‬‬ ‫اد‪ ،‬أو ٍ‬ ‫ِ ََُ َ‬ ‫املعروفة يف‬ ‫ِ‬
‫والفضائل‬ ‫اإلخالق‬ ‫مبكارم‬ ‫ميتاز‬
‫واعيًا؛ ُ‬
‫س‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لبعض هذه الضوابِ ِط‪ ،‬لذا ليس من‬ ‫اعتبار فيه ِ‬ ‫النظام الدميقر ِ‬
‫اجملالس النيَابيَّة َم ْن يَتَ لَبَّ ُ‬ ‫أعضاء‬ ‫القليل بني‬ ‫َ‬ ‫اطي‪ ،‬فال‬ ‫ُ‬
‫ش‪...‬‬‫اح ِ‬‫وأنواع ال َفو ِ‬ ‫والشرك َّ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والزنْ َدقَة ِ َ‬ ‫واإلحلاد‬ ‫ابلفسق‬

‫أشكال ِ‬
‫الظلم‬ ‫ِ‬ ‫الكامل على مجيع‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫هي القضاءُ‬
‫تلخيص هذه املقارنة السريعة؛ أن الغايةَ من الشورى اإلسالم ِي َ‬ ‫ُ‬ ‫ميكن‬
‫ُ‬
‫ط‬
‫هي قس ٌ‬ ‫النظام الدميقر ِ‬
‫اط ِي ُ ِ‬ ‫نائية غري املتكافِئَ ِة يف العالقات البشرية‪ .‬وأما الغايَةُ يف ِ‬
‫واالستبداد‪ ،‬وعلى الث ِ‬
‫ِ‬
‫(الرتكيِ) فإمنا َ‬
‫ْ‬
‫بشروط وأموٍر‪ِ ،‬‬
‫وه َي‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫الفرد يف نطاقها احملد ِ‬
‫َّد‬ ‫ف ُ‬ ‫ِم َن ا ْحلُِريَِة َّ‬
‫يتصر ُ‬

‫الدفاع‬ ‫سوف ينوبُون عنه يف‬


‫ُيهل َم ْن َ‬ ‫ِ‬ ‫يوم اإلقرت ِاع وهو يف ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يكتفي إبختيا ِر ِ‬
‫أحد األحز ِ‬ ‫* أ ْن ِ‬
‫ِ‬ ‫أغلب اإلحوال ُ‬ ‫اب السياسيَّة َ‬ ‫َ‬
‫ُتاما أو يكاد‪َ .‬و َمثَّ درعٌ‬ ‫ِِ‬
‫وال سنوات؛ ُيهل أحواهلَم وسلوَكهم وشخصيَّاِت ْم ً‬ ‫الشعب ِط َ‬
‫ِ‬ ‫عن حقوقِ ِه ومصاحلِِِه يف ِ‬
‫جملس‬
‫ِ‬
‫بعكس‬ ‫اإلتصال بِنُ َّوابِ ِه يف اجمللس الذين ال يُبالون وال يعتدون به أب ًدا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ورجال األم ِن)‪ ،‬مينعُهُ عن‬ ‫ِ‬
‫البواابت‬ ‫رهيب (من‬
‫نفس ِه ِ‬
‫وبكل‬ ‫ابخلليفة ِ‬
‫ِ‬ ‫جملس الشورى وحىت‬ ‫ِ‬
‫أعضاء ِ‬ ‫صال مبن شاءَ من‬ ‫ِ‬
‫اإلسالمية الذي له حق اإلتِ ِ‬ ‫ِ‬
‫الدولة‬ ‫ِ‬
‫املسلم يف‬ ‫املرأِ‬
‫ت إلينا مناذج رائعةً من حياةِ الرسول صلى هللا عليه وسلَّم وحياةِ‬ ‫ِ‬
‫الواثئق اليت نَ َقلَ ْ‬ ‫مجيع‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫سهولة‪ .‬يؤكد على هذه احلقيقة ُ‬
‫ِ‬
‫والصحابة عليهم الرضوان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اخللفاء الراشدين‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ب على‬ ‫َب عن أفكا ِره ومشاع ِره ومشاهداته وخَباته‪ ،‬وقد ال يُعاقَ ُ‬ ‫شفاها وكتابةً؛ له أ ْن يُ َعِ َ‬
‫* للمواط ِن حريةُ إبداء الرأ ِي ً‬
‫العقوابت يف السنني األخريةِ حتت ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعديالت على ِ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضغط‬ ‫قانون‬ ‫بعض‬
‫ي ُ‬ ‫دفاعه عن الشريعة اإلسالميِة (كنتيجة ملا أ ْ‬
‫ُج ِر َ‬
‫مسموح منذ قيام‬ ‫ِ‬
‫الرضاعة (إذ هو‬ ‫األخ من أ ْختِ ِه من‬
‫زواج ِ‬‫جواز ِ‬‫استنكر َ‬ ‫ِِ‬
‫األوروب!)‪ ،‬وقد يتجاهله القضاءُ إذا‬ ‫ِ‬
‫اإلحتاد‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫مواطن على أن يقول (على سبيل‬ ‫ٌ‬ ‫الساعة يف ظل الدميقراطية النقشبنديَِّة الرتكية!)‪َّ ..‬أما إذا َّ‬
‫جترأَ‬ ‫ِ‬ ‫اجلمهورية إىل هذه‬
‫أس احلما ِر يف مزرعتِ ِه" فقد يد ُخ ُل حتت طائِلَ ِة القانون‪" ،‬ألنه يكون قد أها َن‬ ‫ت على ر ِ‬ ‫املثال)‪" :‬كان مصطفى كمال يُ َربِ ُ‬
‫يتطاو َل عليه أبدىن َس ْلبِيَّ ٍة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫الزعيم املاجد!" وهو ال شك من أكَب ِ ِ‬
‫أصنام األ َُّمة الرتكية‪ ،‬الُيوز ألحد أن َ‬ ‫ِ‬ ‫بكر ِ‬
‫امة‬

‫مكان من الوطن‬ ‫أي ٍ‬ ‫ٍ‬


‫برحالت إىل ِ‬ ‫ويقوم‬
‫يطوف يف الشوار ِِع‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫* املواطن الرتكِي ُح ٌّر يف كثري من األمور املعيشية؛ له أن‬
‫س ِه ُل شيئًا من ُسبُ ِل احلياةِ (وليس له َم ْن‬ ‫جهازا يُ َ‬
‫املواطن ً‬ ‫ُ‬ ‫ف واملِ َه ِن ما شاءَ‪َّ ..‬أما إذا َ‬
‫أبدع‬ ‫الرتكِيِ‪ ،‬وأن يزا ِو َل من احلِر ِ‬
‫َ‬
‫إبداعهُ فَيَ نْ ُقلَهُ إىل‬
‫يغتصب َ‬
‫َ‬ ‫يتحر ُك مافيا الدميقراطيَّ ِة لِيُ ثَبِطَهُ ويُ َع ْرقِلَهُ‪ ،‬أو‬
‫َْحي ِم ِيه يف الَبملان أو الوزارات)‪ ،‬فسرعان ما َّ‬
‫اإلنسان‪ ،‬وعجز‬ ‫ِ‬ ‫بشيء من قضااي ِ‬
‫حقوق‬ ‫ٍ‬ ‫إهتم فيه‬
‫كتااب َّ‬ ‫ب أو َاب ِح ٌ‬ ‫كة تستغلهُ وتُنَ ِم ِيه لِنَ ْف ِس َها! كذلك إذا ألَّ َ ِ‬
‫شر ٍ‬
‫ث ً‬ ‫ف َكات ٌ‬ ‫َ‬
‫العميقة" وهي شبكةٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مالب "الدولة‬ ‫يقع فريسةً بني‬ ‫يلبث حىت ُ‬ ‫ذريعة لِيَ ْح ُك َم عليه بِعُ ُقوبٍَة‪ ،‬ال ُ‬
‫اختالق ٍ‬ ‫ِ‬ ‫القضاءُ عن‬
‫ِ‬
‫سيطرِتا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫لتوطيد‬ ‫احلاكم‬ ‫احلزب‬ ‫يستخدم َها‬ ‫الرتكِيَّ ِة منذ قيام اجلمهورية (عام ‪1923‬م) إىل اليوم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫خطريةٌ يف يد احلكومات ْ‬
‫ٍ ‪16‬‬ ‫الة ُك ِل ٍ‬ ‫فيستخدمها يف إز ِ‬
‫ضهُ وبدون أدىن رمحة‪.‬‬
‫عقبة تعرت ُ‬ ‫ُ‬

‫األمة كلهم سواسيةٌ‪ ،‬قال تعاىل‪" :‬إِ َّمنَا‬ ‫اد ِ‬ ‫ِ‬


‫إجتماعيَّ ٍة أب ًدا‪ .‬أفر ُ‬ ‫ٍ‬
‫طبقات‬ ‫يسمح لظهوِر‬ ‫ابلطبقيَّ ِة وال‬
‫ِ‬ ‫اإلسالم‬ ‫يعرتف‬
‫ُ‬ ‫* ال‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َّاس إِ َّان َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَ َك ٍر‬ ‫اَّللَ ل ََعلَّ ُك ْم تُ ْر َمحُو َن‪ .‬وقال تعاىل‪َ :‬‬
‫"ايأَي َها الن ُ‬
‫‪17‬‬
‫ني أَ َخ َويْ ُك ْم َواتَّ ُقوا َّ‬ ‫الْم ْؤِمنُو َن إِ ْخوةٌ فَأ ِ‬
‫َصل ُحوا بََْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫يم َخبريٌ‪ .‬وقال النّب صلى هللا عليه‬ ‫ِ ‪18‬‬ ‫وأُنْ ثَى وجعلْنَا ُكم ُشعواب وقَ بائِل لِت عارفُوا إِ َّن أَ ْكرم ُكم ِعْن َد َِّ‬
‫اَّلل أَتْ َقا ُكم إِ َّن َّ ِ‬
‫اَّللَ َعل ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ََ ْ‬ ‫َ َ ََ ْ ُ ً َ َ َ ََ َ‬
‫ض َل لِ َع َرٍِب َعلَى أَ ْع َج ِم ٍي َوَال لِ َع َج ِم ٍي َعلَى َع َرٍِب َوَال‬ ‫اح ٌد وإِ َّن أَاب ُكم و ِ‬ ‫ِ‬
‫اح ٌد أ ََال َال فَ ْ‬ ‫َّاس أ ََال إِ َّن َربَّ ُك ْم َو َ َ ْ َ‬ ‫"اي أَي َها الن ُ‬ ‫وسلم‪َ :‬‬
‫‪19‬‬
‫َمحََر إَِّال ِابلتَّ ْق َوى"‬
‫َس َو َد َعلَى أ ْ‬
‫َس َو َد َوَال أ ْ‬ ‫ِأل ْ‬
‫َمحََر َعلَى أ ْ‬

‫يف على وضي ٍع‪ ،‬وال كب ٍري على صغ ٍري‪ ،‬وال ذك ٍر على‬ ‫ايت‪ ،‬ال فضل فيها لشر ٍ‬ ‫والد ِ‬‫القصاص ِ‬
‫ِ‬ ‫اد األ َُّم ِة يف‬
‫يتساوى أفر ُ‬
‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫س ُع أح ًدا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اه ْم‪ .‬يعن‪ :‬أَّن ْم جمتمعون ي ًدا واحدة على غ ِريه ْم م ْن أرابب الْملَ ِل واألداين‪ ،‬فال يَ َ‬
‫َّ‬ ‫أنثى‪ .‬وهم ي ٌد على من ِس َو ُ‬
‫اإلسالم ِي لَبِنَةً يف كيان األ َُّم ِة‪ ،‬له حقو ٌق‬‫ِ‬ ‫والفرد يُ َعد يف اجملتمع‬ ‫صرةِ ِ‬
‫أخيه املسلم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫منهم أ ْن يتقاعس ويتخاذل عن نُ ْ َ‬
‫بتهميش ِه وإمهالِ ِه‪ ،‬ذلك َّ‬
‫أن األَُّمةَ‬ ‫ِ‬ ‫اإلسالم‬
‫ُ‬ ‫سمح‬
‫ات عليه‪ .‬لذا‪ ،‬ال يَ ُ‬ ‫ات على األ َُّم ِة‪ ،‬كما لأل َُّم ِة حقو ٌق ومسؤولِيَّ ٌ‬ ‫ومسؤليَّ ٌ‬
‫واجلماعة‪ .‬يَبهن على اهتمام اإلسالم ابلعدل‬ ‫ِ‬ ‫والتعاو ِن بني الفرِد‬ ‫ك‬‫وعزِتا وكرامتَها من هذا التماس ِ‬ ‫تستمد قُ َّو َِتا َ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ش امسُهُ يف سجل التاريخ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقعت يف عهد عمر بن اخلطاب رض َي هللاُ عنه‪ ،‬الذي نُق َ‬ ‫ْ‬ ‫واملساواة بني أفراد األمة حادثةٌ‬
‫اإل ْحس ِ‬
‫ان‬ ‫ِ ِ‬ ‫وأيمر به‪ :‬نعم‪ ،‬إِ َّن َّ‬
‫اَّللَ َأي ُْم ُر ابل َْع ْدل َو ِْ َ‬ ‫اإلسالم ُ‬
‫ُ‬ ‫العدل‪ ،‬وذلك مما يَتَ بَ نَّاهُ‬‫إبقامة ِ‬‫الشديد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِبروف ذهبيَّ ٍة الهتماِ ِم ِه‬
‫ٍ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أعمال اجلاسوسيَّ ِة‪ ،‬وحياكة املؤامر ِ‬


‫ِ‬ ‫دولة‪ ،‬فهي آليةٌ على غرار املنظمات السريَِّة‪ ،‬تتكون من‬ ‫كل ٍ‬ ‫‪ 16‬هذه الشبكةُ‪ ،‬هلا وجو ٌد عادةً يف ِ‬
‫ني‪ ،‬وتوريطهم‬ ‫ومالحقة املسته َدف َ‬ ‫ات‪،‬‬ ‫ني على‬‫مدربِ َ‬
‫عناصر َّ‬‫َ‬
‫ِ‬
‫حساب‬ ‫واجلناايت اليت ترتكبها "الدولةُ العميقةُ" (على‬ ‫ائم‬ ‫ٍ‬ ‫غفلة منهم‪ ،‬لقمعهم وقتلهم‪ .‬هذه الشبكةُ تتمت ِ ٍ‬ ‫أعمال إجر ِاميَّ ٍة على حني ٍ‬‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫َّع ِبَصانَة فوالذية تكفلها احلكومةُ‪ .‬لذا‪ ،‬تَظَل اجلر ُ‬ ‫ُ‬ ‫يف‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اجملتمع إىل حني تتهيَّ ُئ الفرصةُ لباحث َجريء يُفشيها‪ ،‬أو مُ ْع َِرتف من أفراد الشبكة الذي قد َح َّل ِرب َقتَ َها من عنقه لسبب ما‬ ‫ٍ‬ ‫الكشف عنها‪ ،‬وُيهلها‬
‫ُ‬ ‫الدولة القانونية!) تَظَل مستورةً يستحيل‬
‫ُ‬
‫يتجرأُ على البوح أبسرا ِرهِ‪ .‬و"الدولةُ العميقةُ (هذه الشبكة املشبوهة)‪" :‬هي جمموعة من التحالفات وشبكات العالقات املمتدة داخل جسد الوطن‪ ،‬واملبعثرة يف مؤسسات الدولة أفقيًا ورأسيًا‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫يف آ َخ َر‪ :‬هي شبكة مصالِ َح متشابِ َك ٍة َوُم َرتَابِطَ ٍة ال‬‫وفنانني وإعالميِني‪ ...‬وبتعر ٍ‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬‫ن‬‫ٍ‬ ‫أم‬ ‫ورجال‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫أعمال‬ ‫ورجال‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫وسياسيني‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ملان‬‫َب‬ ‫ال‬ ‫أعضاء‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ش‬
‫َ َْ ُ‬‫ت‬ ‫وهي‬ ‫وملموس‪،‬‬ ‫حمدد‬ ‫تنظيم‬ ‫او‬ ‫شكل‬ ‫بدون‬
‫ِ‬
‫الدولة‪".‬‬ ‫ٍ‬
‫الدولة أ ْو دولةٌ فو َق‬ ‫داخل‬ ‫ة‬ ‫دول‬ ‫آخر‬ ‫مبعىن‬ ‫والدولة‪،‬‬ ‫واجملتمع‬ ‫القانون‬ ‫طار‬ ‫إ‬ ‫خارج‬ ‫م‬‫وامتيازاِتِِ‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ِِ‬
‫مصاحل‬ ‫عن‬ ‫الدفاع‬ ‫وهو‬ ‫‪،‬‬‫ك‬‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫يَ ْع ِر ُ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ضا‪ ،‬لكنَّهم يعملون هلدف َ‬
‫مشرت‬ ‫ضهم بع ً‬‫اد َها بع َ‬
‫ف افر ُ‬

‫‪ 17‬احلجرات‪10:‬‬

‫‪ 18‬لبحجرات‪13:‬‬

‫‪ 19‬مسند أمحد (‪)478 /47‬‬


‫ضرةَ‪َ ،‬عن جابِ ٍر‪ ،‬ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اىل َع ْنهُ‬
‫ض َي هللاُ تَ َع َ‬ ‫ال‪ :‬ثَنَا َش ْي بَةُ أَبُو ق َالبَةَ الْ َق ْيسي‪َ ،‬ع ِن ا ْجلَُريْ ِر ِي‪َ ،‬ع ْن أَِب نَ ْ َ ْ َ َ‬
‫ص ِري قَ َ‬
‫َمةَ الْبَ ْ‬
‫ال‪ :‬ثَنَا ال َْع َالءُ بْ ُن َسل َ‬
‫س ُن بْ ُن ُس ْفيَا َن‪ ،‬قَ َ‬ ‫َحدَّثَنَا أَبُو َع ْم ِرو بْ ُن محَْ َدا َن‪ ،‬قَ َ‬
‫ال‪ :‬ثَنَا ا ْحلَ َ‬
‫ال‪ :‬احلديث‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى هللاُ عَل َْيه َو َسل َم َو َس َ‬
‫ط أ ََّايِم التَّ ْش ِر ِيق ِيف َح َّجة ال َْو َداعِ‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫َّ‬ ‫ال‪َ " :‬خطَب نَا رس ُ ِ‬
‫ول هللا َ‬ ‫َ َُ‬ ‫قَ َ‬
‫األشخاص‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ئ أو‬ ‫تتفوق ِ‬
‫املباد ُ‬ ‫َّإما أن َّ‬ ‫‪20‬‬
‫ش ِاء َوال ُْم ْن َك ِر َوالْبَ غْيِ‪ ،‬يَعِظُ ُك ْم ل ََعلَّ ُك ْم تَ َذ َّك ُرو َن‪.‬‬
‫َوإِيتَ ِاء ِذي الْ ُق ْرَىب َويَ ْن َهى َع ِن الْ َف ْح َ‬
‫املبادئ فاأل َُّمةُ خبري‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ت‬
‫فإذا تَ َف َّوقَ ْ‬

‫ِ‬
‫الرتحيب‪،‬‬ ‫عمر َّ‬
‫أشد‬ ‫ِ‬
‫إسالم ِه َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ينقل لنا التاري ُخ تلك احلادثةَ؛ َّ‬
‫فرحب به ُ‬ ‫األيهم أعلن عن‬ ‫الغساسنة جبلةَ بْ َن‬ ‫ملك‬
‫أن َ‬ ‫ُ‬
‫فاخنلع ردا ُؤه عن َكتِ ِف ِه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف ِر َداءه‬ ‫ي من فزارةَ طََر َ‬ ‫الكعبة‪ ،‬داس بَ َد ِو ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫امللك أنه يف أثناء طوافِ ِه َح ْو َل‬ ‫فكان من أم ِر هذا ِ‬
‫َ‬
‫امللك‬
‫عمر هذا َ‬ ‫األيهم إىل ُع َم َر‪ ،‬فاستدعى ُ‬ ‫ت أن َفهُ‪ ،‬فشكا البد ِوي جبلةَ بْ َن ِ‬ ‫ش َم ْ‬ ‫ت إىل هذا البد ِو ِي و َ‬
‫ض َربَهُ ضربةً َه َ‬ ‫فالتف َ‬
‫كت َح ِقي‬ ‫ت الفىت‪ ،‬أدر ُ‬ ‫لست ممن يُ ْنكِ ُر شيئًا‪ ،‬أان أدَّبْ ُ‬ ‫يح؟ فقال جبلةُ‪ُ :‬‬ ‫َّعى هذا الفزا ِري اجلر ُ‬ ‫أصحيح ما اد َ‬
‫ٌ‬ ‫وقال له‪:‬‬
‫وتنال ما فعلَْتهُ‬ ‫ك َ‬ ‫يهشمن اآلن أن َف َ‬ ‫َّ‬ ‫ال ِظ ْف ُر َك عال ًقا بدمائِِه أو‬ ‫ض َي الفىت؟ البد من إرضائِِه‪ ،‬ماز َ‬ ‫بِي ِدي‪ ،‬فقال عمر‪ :‬أر ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫نزوات‬
‫ُ‬ ‫ضا؟ فقال عمر‪:‬‬ ‫النجم أر ً‬
‫ُ‬ ‫واتج‪ ،‬كيف ترضى أن َِخي َّر‬ ‫ش ٌ‬ ‫امللك‪ :‬كيف ذاك اي أمري؟ هو ُسوقَةٌ وأان َع ْر ٌ‬ ‫ك‪ .‬قال ُ‬ ‫َكف َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫الناس أحر ًارا لدينا وعبي ًدا‪ .‬فقال جبلةُ‪ :‬كان‬ ‫س َاوى ُ‬ ‫ورايح الْعُْن ُج ِهيَّة‪ ،‬قد دفنَّاها‪ ،‬أقَ ْمنَا فوقَ َها صرحاً جدي ًدا فَ تَ َ‬ ‫اجلاهليَّة ُ‬
‫عنق املرتَ ِد ابلسيف ُحتَز‪ .‬عا ََلٌ نَ ْبنِي ِه‪،‬‬ ‫عمر‪ُ :‬‬ ‫ِ‬
‫ومهًا َّما جرى يف َخلَدي ِأِن عندك أقوى وأعَّز‪ ،‬أان مرتَ ٌّد إذا أ ْك َرْهتَ ِن‪ ،‬فقال ُ‬
‫العدل واملساواةِ‬ ‫الناس ابلعبد ابلصعلوك تُساوى‪ .‬هذا هو اإلسالم‪ ،‬دين ِ‬ ‫شبَا السيف يُ َد َاوى‪ ،‬وأعز ِ‬ ‫ص ْد ٍع فيه بِ َ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ُكل َ‬
‫يستوجب أ ْن ال يكون للفرديَِّة ال ُْمغَالِيَ ِة مكا ٌن يف‬ ‫ُ‬ ‫اإلسالم سواسيَّةٌ كأسنان املشط‪ .‬وهذا‬ ‫ِ‬ ‫والفضائل‪ ،‬كل أفر ِاد األمة يف‬
‫املنافسة السياسيَّ ِة اليت هي‬ ‫ِ‬ ‫ابب‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫إلسالميِ؛ َّ‬
‫موقوف على كونه جزءاً من بناء األمة‪ .‬وهذا يسد َ‬ ‫ٌ‬ ‫صالحهُ‬
‫َ‬ ‫ألن‬ ‫املنهج ا‬
‫والقتال واإلَّنيا ِر ِ‬
‫اخللقيِ‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واإلرهاب والقم ِع‬ ‫ِ‬
‫والفساد‬ ‫مبدأُ ِ‬
‫الفتنة‬

‫أي ٍ‬
‫نظام‬ ‫ٍ‬
‫وجود يف ِ‬ ‫ِ‬
‫األخالق من‬ ‫اطيَّةُ فإَّنا نظام خيلو ُتاما من الفضائل اإلنسانِيَّ ِة؛ فإنَّنا ال جند لِ ِ‬
‫مكارم‬ ‫أما الدميقر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬
‫اخلصال احلميدةِ من الشك ِر‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ترسيخ‬
‫ِ‬ ‫النظام على‬
‫ُ‬
‫دولة دميقر ِ‬
‫اطيَّ ِة يُ َركِ ُز‬ ‫أي ٍ‬ ‫اط ِي على مستوى العلَ ِم‪ ،‬ال جن ُد أب ًدا يف ِ‬‫دميقر ِ‬
‫والشجاعة‪ ،‬والغريةِ‪ ،‬واملواساةِ‪ ،‬وتوق ِري ِ‬
‫العاَل‪ ،‬واحرت ِام‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والكرم‪ ،‬واملروؤةِ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والسخاء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واحلياء‪،‬‬ ‫ِ‬
‫واحللم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫والقناعة‪،‬‬ ‫والص َِب‪،‬‬
‫ِ‬
‫وبشاشة‬ ‫ِ‬
‫اجلانب‪،‬‬ ‫وح ْس ِن العِ ْش َرةِ‪ ،‬ولِ ِ‬
‫ني‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫النفس‪ ،‬ونظافة البدن‪ُ ،‬‬
‫احة‪ ،‬وطهارةِ‬ ‫واإلخالص‪ ،‬والصر ِ‬
‫ِ‬ ‫ض ِع‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الشيب‪ ،‬والتوا ُ‬ ‫ِذي‬
‫ِ‬
‫السلوك‪،‬‬ ‫ان يف‬ ‫والتودي ِع‪ ،‬ومراعاةِ ِ‬
‫النظام‪ ،‬واالتِز ِ‬ ‫االستقبال ِ‬
‫ِ‬ ‫والسكينة‪ ،‬واللَّطافَ ِة عند‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلدوء‬ ‫الغيظ‪ ،‬وم ِ‬
‫الزمة‬ ‫الوجه‪ ،‬وَكظ ِْم ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫وضع‬ ‫ي يَتَ بَ َّىن‬‫نظام دستوِر ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫امللهوف‪ ،‬ومساعدةِ‬‫ِ‬ ‫التعام ِل‪ ،‬وإغاثَِة‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫احملتاج وأمثاهلا‪ ...‬وإمنا الدميقراطيةُ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫واالعتدال يف‬
‫ِ‬
‫والفلسفات‪،‬‬ ‫ب‬‫التجار ِ‬ ‫َّ‬
‫مستمدةٌ من‬ ‫ناسب ُك َّل ٍ‬
‫دولة وتركيبَ تَ َها الثقافيَّةَ واإلجتماعيَّةَ‪ ،‬وهي‬ ‫ٍ ِ‬ ‫تشر ٍ‬
‫ُ‬ ‫وقوانني بشريَّة تُ ُ‬
‫َ‬ ‫يعات‬
‫احنالل يف ِ‬
‫املباد ِئ والفكر‪...‬‬ ‫ٍ‬ ‫يمها من‬‫صم ِ‬
‫تُ َع ِاِن يف ِ‬

‫معتم ًدا على نزعاتِِه‬


‫تبعا ملن يرسم هذه القوانني ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عيوب الدميقراطية أَّنا تُ َفض ُل مصلحةَ الفرد على اجلماعة ً‬ ‫ِ‬ ‫أكَب‬
‫من َ‬
‫ٍ‬
‫اجتماعية هبا‪ ،‬أبن‬ ‫ونصوص ميكن أتسيس ٍ‬
‫عدالة‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ثم َر عن آر ٍاء إنسانيَّ ٍة‪،‬‬
‫السياسيَّ ِة واملصلحيَّ ِة واألاننيَّ ِة اليت يستحيل أن تُ ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ظلم وال استغالل‪...‬‬
‫ال تكون مثَّ تبعيةٌ وال ٌ‬
‫‪ 20‬النحل‪90:‬‬
‫ٍ‬
‫طبقات‬ ‫هّب خط ٍري‪ ،‬وفَ َّرقَ ْتهُ إىل‬ ‫ٍ‬
‫وانشقاق مذ ِ ٍ‬ ‫انقسام طَائِِف ٍي ٍ‬
‫رهيب‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫اجملتمع إىل‬
‫َ‬ ‫دفعت‬
‫ْ‬ ‫أما الدميقراطيةُ الرتكيَّةُ‪ ،‬فإَّنا قد‬
‫التارخيي بني القطاعني‬ ‫ِ‬ ‫والطائفيَّ ِة يف تركيا‪ ،‬الصراعُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اخلالفات املذهبية‬ ‫أس ِ‬
‫أزمة‬ ‫معادية‪ ،‬ومتناحرةٍ‪ .‬أييت على ر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫إجتماعية‬
‫عب إىل جناحني رئيسني‬ ‫انقس َم الش ُ‬
‫جانب آخر‪ .‬فقد َ‬ ‫ٍ‬ ‫جانب‪ ،‬وبني الطغمة احلاكمة واألكر ِاد من‬ ‫ٍ‬ ‫الس ِِن والعل ِو ِي من‬
‫وال ٍ‬
‫قرون‬ ‫دام ِط َ‬‫اب السياسيَّة بِداف ِع هذا الصر ِاع الذي َ‬
‫ِ‬ ‫النظام التعد ِد ِي وظهوِر األحز ِ‬
‫إعالن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السياس ِي منذ‬ ‫ِ‬
‫الصعيد‬ ‫على‬
‫ِ‬
‫الغرب‬ ‫السياس ِي بداف ِع األفكا ِر املتوافدةِ من‬ ‫ِ‬ ‫اليمين يف سلوكِها‬
‫َّ‬ ‫َّت الطائفةُ السنِيَّةُ اإلجتاهَ‬ ‫يف العهد العثماِن‪ .‬قد تَبَ ن ْ‬
‫الغرب يطْلِ ُق بِ َكثْ رةٍ‬ ‫الدي ِن‪ .‬يؤكد على هذا الواقع‪َّ :‬‬ ‫(السياسيَّ ِة) وبني ِ‬
‫ِ‬ ‫مصطلح اليمينيَّ ِة‬ ‫الذي تَ ْربِ َ‬
‫َ‬ ‫اإلعالم ِ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫أن‬ ‫ِ‬ ‫ط عادةً بني‬
‫الدول العربيَّ ِة‪.‬‬ ‫ذات التوج ِه اإل ِ‬
‫سالم ِي يف ِ‬ ‫اب السياسيَّ ِة ِ‬‫ني ال ُْمتَ َديِ ِن" على األحز ِ‬ ‫َع َْب مقوالتِه ِ‬
‫ص َفةَ "اليَ ِم ِ‬ ‫َ‬

‫الرتكِيِ)؛ فري ٌق منهما احنازوا إىل رجب‬ ‫جانب ذلك بدأ صراعٌ شدي ٌد بني مجاعتني من َّ ِ‬
‫السنَّة (وهي أكثريَّةُ اجملتم ِع ْ‬ ‫وإىل ِ‬
‫يق الثاِن َابيَعُوا َر ُج َل دي ٍن امسُهُ فتح هللا گولن‪ ،‬وتفانَوا يف حمبتِ ِه‪ ،‬فجعلوا‬
‫(رئيس اجلمهوريَِّة احلايل)‪ ،‬والفر ُ‬
‫ِ‬ ‫طيب أردوغان‬
‫طوال ٍ‬
‫عقود من‬ ‫والسريَِّة َ‬
‫ِ‬ ‫غريبة من احلِي ِل ويف ٍ‬
‫غاية من التلو ِن‬ ‫أبشكال ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫هؤالء فيما بينهم‬ ‫انتظم‬ ‫ِ ٍ‬
‫َ‬ ‫منه شبهَ إله يعبدونه‪َ .‬‬
‫القضاء واألمن واإلستخبارات والقوات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الدولة‪ ،‬من‬ ‫وتبعثروا عَب أجهزة‬ ‫الزمن‪ ،‬وُتكنوا من التدر ِج إىل مناصب ٍ‬
‫عالية ْ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫عسكري لإلطاحة‬ ‫ٍ‬
‫إنقالب‬ ‫كل أسرا ِرَها‪ .‬مث قامو مبحاولة‬‫أدق شرايني الدولة الرتكية‪ ،‬فحصلوا على ِ‬ ‫املسلحة‪ ...‬نفذوا إىل ِ‬
‫ابلرئيس أردوغان وحكومتِ ِه ليلة ‪ُ 15‬توز ‪2016‬م‪ .‬لكنهم فشلوا يف حماولتهم‪.‬‬

‫ِِ‬
‫العثماِن‪ ،‬بل ومنذ بداية‬ ‫ات من الصوفِيَّ ِة يف العهد‬ ‫كان اجملتمع الرتكِي أصالً م َف َّرقًا إىل فصائل وُكتَ ٍل اجتماعيَّ ٍة‪ ،‬ومجاع ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫واجلماعات متلفةً يف العقيدةِ والسلوك واإلجتاهات السياسي ِة‪َّ .‬‬
‫فلما‬ ‫ُ‬ ‫اإلسالم‪ ..‬كانت هذه الكتَ ُل‬ ‫ِ‬ ‫اك على‬ ‫ف األتر ِ‬ ‫تعر ِ‬
‫نظامهُ ابسم "اجلمهورية الرتكية"‬ ‫ِ‬
‫وأعلن َ‬ ‫َ‬ ‫سقوط الدولة العثمانية‪،‬‬ ‫فور‬
‫ب مصطفى كمال على اجملتم ِع عام ‪1920‬م‪َ .‬‬ ‫تغل َ‬
‫ات غر ٍ‬
‫يبة‪ ،‬واختلقوا عقائ َد‬ ‫مسمي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫موته القضاءَ على ما بَِق َي من آاث ِر‬‫حاول أعوانُهُ بعد ِ‬
‫اإلسالم إبُياد َّ َ‬ ‫عام ‪1923‬م‪َ ،‬‬
‫اجها إىل ِ‬
‫قائمة ِ‬
‫أي‬ ‫تمكنُوا من إدر ِ‬ ‫الفكرةَ اليت َل ي َّ‬ ‫"األاتتُوركِيَّ ِة" لِيملَ ُؤوا ِهبا الفراغَ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ين‪ ،‬فأملوا هذه َ‬ ‫الد َّ‬ ‫َْ‬ ‫سياسيَّةً حتت مسَة َ ْ‬
‫ات‪" :‬اجلمهورية"‪" ،‬احلرية"‪" ،‬التقد ِميَّة"‪" ،‬الوطنية" مع تكرا ٍر‬ ‫فلسفة أو حىت أسطورةٍ؛ أملوها على اجملتمع ِهبتَافَ ِ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫دي ٍن أو‬
‫املقوالت ابلعلمانية"‪ ،‬مث أضافوا إليها "الدميقراطيةَ" عام ‪1945‬م‪ .‬وهي بداية ِ‬
‫عهد‬ ‫ِ‬ ‫متواصل قرابة قرن‪ ...‬مث غَلَّ ُفوا هذه‬ ‫ٍ‬
‫التعد ِديَِّة واحلزبيَّ ِة يف تركيا‪.‬‬

‫ِ‬
‫الصفة‬ ‫النظام اجلمهوِر ِي (إن جاز إطال ُق هذه‬ ‫ِ‬ ‫دوامة خطريةٍ منذ َّأو ِل خطوةٍ من ِ‬
‫قيام‬ ‫هكذا أدخلوا البل َد واجملتمع يف ٍ‬
‫َ‬
‫ات اليت كانت منذ القدمي تفصل بني هذه ِ‬
‫الف َر ِق‬ ‫على تركيا!) غري أن "الدميقراطية الرتكيةَ" َل تتمكن من ِ‬
‫سد ال َفجو ِ‬
‫ُ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬
‫يوما‬ ‫ِ‬ ‫واجلماعات الصوفِيَّةُ)‪ ،‬بل‬ ‫ف (على ر ِ‬
‫والطوائِ ِ‬
‫ازدادت الفجوةُ بينها ُعم ًقا سحي ًقا وبُ ْع ًدا شاس ًعا ً‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫أسها السنة والعلوية‬
‫األرض فجأةً ودون سابِ ِق إنذا ٍر‬
‫ُ‬ ‫بع َد يوم‪ ،‬منذ أايِم حكومة عدانن مندريس (ما بني ‪1960-1950‬م‪ ).‬مث اشتعلَت‬
‫ت الشوارِعُ يف ال ُْم ُد ِن الكبريةِ (يف إسطنبول وإزمري‪ ،‬وأنقره وغ ِريها)‪ِ ،‬‬
‫بقيام‬ ‫مبظاهر الفوضى واإلنفالت ِِ‬
‫األمن‪َ ،‬والْتَ َهبَ ْ‬
‫صدام ٍ‬
‫وقتال بني‬ ‫ٍ‬ ‫َت إىل‬
‫فتحول ْ‬
‫القالقل َّ‬ ‫ت‬‫وانتشر ْ‬ ‫ت احلياةَ‪،‬‬ ‫اابت شل ِ‬‫ضخمة وإضطر ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫واحتجاجات‬ ‫ٍ‬
‫عارمة‬ ‫مظاهرات‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫دخلت تركيا مرحلةً َخيَّ َم عليها‬
‫ْ‬ ‫اب اليمينيَّ ِة واليسا ِريَِّة اترةً‪ ،‬وبني هذه ِ‬
‫الف َر ِق وقوات األمن اترةً أخرى‪ .‬مثَّ‬ ‫ِ‬
‫الفر ِق واألحز ِ‬
‫َ‬
‫أسها عصابةُ ِ‬ ‫السري ِة واإلرهابِيَّ ِة أييت على ر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫(ب َك َك ‪ ،)PKK‬و (دي‬ ‫الظالم السياسي بظهوِر عديد من التنظيمات َِ‬ ‫ُ‬
‫وأخريا عصابةُ فتح هللا گولن ‪ Fethullah Gülen‬اليت أُطلِ َق عليها‬ ‫ً‬ ‫هاش كا ب ج ‪ ،)DHKPC‬و (إبدا ج ‪،)İbda-C‬‬
‫ِ‬
‫و"الفتوشيَّةُ"‪ ،‬و"الدولة املوازية"‪...‬‬ ‫أمساءٌ عديدةٌ منها‪" :‬احلشاشون اجلدد"‪،‬‬

‫ٍ‬
‫أزمات‬ ‫تعرضت له "الدميقراطيةُ الرتكيَّةُ"‪ ،‬واحلكومةُ تعاِن اآل َن من‬ ‫ْ‬ ‫احلقائق كلها تَبهن على الفشل الذريع الذي‬ ‫ُ‬ ‫هذه‬
‫عجزها يف‬ ‫ِ‬
‫حتاول أن ُختف َي َ‬ ‫جانب‪ ،‬ومع الدول اجملاورةِ (سوراي‪ ،‬والعراق‪ ،‬وإيران‪ ،‬وروسيا)‪ُ ،‬‬ ‫األورب من ٍ‬ ‫اإلحتاد ِِ‬‫ِ‬ ‫معقدةٍ مع‬
‫َّ‬
‫ضة والتنظيمات‬ ‫اب املعا ِر ِ‬‫ايت اإلجتماعية واإلعالمية والسياسية واإلقتصادية‪ ،‬والصر ِاع مع األحز ِ‬ ‫ِ‬
‫التحد ِ‬ ‫ِ‬
‫مواجهة‬
‫سد طري َقها وتُ ْنبِ ُئ عن‬ ‫عقبات رهيبةٌ تَ ُ‬
‫ٌ‬ ‫ط تركيا حالِيًّا يف مستنق ِع هذه الدميوقراطية َو َأم َام َها‬ ‫اإلرهابية يف الداخل‪ ...‬تتخبَّ ُ‬
‫الرَاننَِة اليت تَبُ ث َها‬ ‫ِ‬
‫الدعاايت َّ‬ ‫ظروف ال َْع ْول ََم ِة‪ .‬هذا على رغم‬
‫ُ‬ ‫مظلم وهي تتجاهل ما أحدق هبا من ِ‬
‫ماط َر أعد ْ‬
‫َِّتا‬ ‫مستقبل ٍ‬
‫ٍ‬
‫ُ‬
‫املشهد‪ ،‬ولكن هيهات النجاة والت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتشويه الواق ِع‪ ،‬وتزوي ِر‬ ‫ِ‬
‫احلقائق‪،‬‬ ‫واإلعالم الْم ْش َرتى لتحر ِ‬
‫يف‬ ‫"العصابَةُ الطيوشيَّةُ"‪،‬‬
‫ُ ُ َ‬
‫حني مناص!‬

You might also like