Professional Documents
Culture Documents
Abstract الملخص
This research paper discusses the الورقَة البَحثيَّة إىل حُماولَة النَّظَر يفَ تروم هذه
possibility of setting the foundation of
إمكانيَّة توطني حمرتَ َكَزات التَّعايحش ال حـمشتَـَرك وقَـبحول
coexistence and that's by moving from the
وذلك عرب االنتِ َقال
idea of clash and conflict and intercultural َ ،ضوء التَّنوع الثَّقايف َ اآلخر على َ
َّح حاور ت ال
و ف ار َّع
ـت ال م يِق إىل ،اع
ر ِ
الص
و ام د ِ
الص ةكر ِ
interaction since it's a mechanism to َ َ َح َ َ َ من
ف
establish the values of coexistence. The . ابعتبارها آليَّة لتَكريس قِيم التَّعايحش،بني الثَّـ َقافَات
human being became to live many kinds of
intolerance, violence, that's why it became
يعيش-هبذا ال َقدر أو ذاك- أن اإلنسان ابت َّ ذلك
َ
necessary for us to move from the idea of .يطرة وال َكراهيَّة
َ الس َّ َّعصب؛ وألواان من ُّ أشكاالً من الت
االنتقال-وقبل فَوات األوان- أصبَح لَِز ًاما علينا،هلذا
clash and intolerance to the activation of the
paradigm of cultural diversity and exchange,
َّعصب؛ إىل تفعيل أحمنحو َذج ُّ الصدام والتِ من فكرة
hoping to create common humanitarian
values in which the human heritage is a ُّ أمالً يف َخ ِلق قيَ ًما إنسانيَّة يَ حكون فيها،التَّع حارف
الُّتاث
universal one that contributes in creating .اإلنساين تحرا ًًث كونيًّا يساهم يف خلق التَّعدد احلضاري
diversity and civilizational openness. َّعارف مبا يتواءَم وثقافَة توطني أمنو َذج الت ح،َّو من ََث
.التَّعايحش
Keywords: clash of civilizations, control, َّ ، ِصدام احلضارات:الكلمات املتفتايية
،السيطََرة
culture, cultural exchange, coexistence. . التَّعايحش،تعارف الثقافات ح،الثَّقافة
113
أمين طالبي
.1مقدمة:
وصراعات عاصر بات يعيش -بهذا الَقدر أو َذاك -حروبا ِ أن اإلنسان الـم ِ
خالف َّ ثمة
ليس َّ
ُ ً َ َ ُ ٌ
ِ
سبيل المثال ال الحضاري ،على ِ َّ ِ ِ ِ
بمختلف األنوا ِع ،كالصراع االديولوجي ،الصراع الثقافي ،والصدام َ
ِ ِ
أزمات نفسيَّة واجتماعيَّةَ ،ج َعَلت اإلنسان -من الحصر ،هذه الص َدامات أنتجت ،فيما بعد ،عَّدة َ َ
ولعل
َّ . ة المختلف
َ انه
و بأل اع
ر ِ
الصو دام ِ
الص جذ وأنم
َ ُ َ من ِ
ض عنه، ا غمر ، يعيش - اجتماعي كائن هو حيث
ُ ُ ً
الصدامات التي ُت ِ ِ ِ
لطخ تاريخ األنموذج ،كما َّيدعي البعض ،ليس سوى امتدادا لتلك الصراعات و َ َ هذا ُ
طح الحضارات. األمم و ُّ
الش ُعوب ،كصراع ال ُـمُلوك واألباطرة ،تنا ُ
الشعوب والحضارات في القرن الحادي الصدام مسيطر على واقع ُّ لهذا ،كان وال زال ِ
ُ
ان أخرى ُ
كالعنف، أن هذا الصدام اتخذ أشكاال مختلفة عن سابقيه ،فقد ظهر بألو ٍ والعشرين؛ غير َّ
الصدام الحضاري والصراع بمستقبل قائم على ِ
ٍ الهويات ،ما جعل الكثير يتنبأ ِ
السيطرة ،وصدام ُو َّ
أن صدامالثقافي .وقد طرح عالم السياسة األمريكي صمويل هنتنجتون نظرية يرى من خاللها َّ
يؤطر مستقبل السياسة العالمية ُغداة الحرب الباردة ،والمقصود بالصدام الحضارات سيكون أنموذجا ِ
ُ ً
خاصة ،سيكون مصيرهما َّ أن حضارات العالم ،بما فيها الحضارة الغربيَّة واإلسالمية الحضاريَّ ،
يغذي هذا ِ وجوهر ِ
الصدام. ًا الصدام ،تكون فيه الثَّقافة ً
أداة
الدين من حيث هو رؤية إلى العالم ،يمتلك تصوًار حول لكن ،بالمقابل ،نجد اإلسالم ِ /
صور اإلسالمي يستند إلى خطاب إلهي ديني العال َقة التي تحتكم إليها الحضارات والثَّقافات ،هذا التَّ ُّ
ُّ َّ ُقرآني ي ِ
للناس كافة يحثهم على ضرورة تفعيل أنموذج التَّ ُ
عارف باعتباره رؤية نظم السلوك وموجه َّ ُ
ِ
ثم ،الحد من النزاعات والصراعات التي تنشأ بين تُؤسس للحوار والتَّ ُ
عارف الديني والحضاري ،ومن َّ
الشعوب واألمم.
تعايش إنساني ِ
وعليه ،يمكن لإلنسان أن يطمع للعيش في واق ِع يسوده السلم واألمن ،في ُ
الديانات باختالف ألوانها وثقافاتها .وبالتَّالي ،في هذا الموضوع المعرفي، الشعوب و ِ
تشترك فيه كل ُّ
عارف الحضاري والثَّقافي ،في مقابل ما يطرحه الغرب سنحاول أن نطرح رؤية إسالميَّة قائمة على التَّ ُ
أن اإلسالم ِ /
الدين الصدام والتَّدا ُفع ،وسنحاول أن نبرر في نهاية المطاف ،كيف َّ من رؤى قائمة على ِ
نصوص قرآنيَّة ،يجعل من التَّعارف الثَّقافي والحوار الحضاري و ِ
الديني أُفًقا ورؤية إلى العالم ٍ عبر
ُ
حدة الصراع والصدام. تحد -أو على األقل -تُقلِل من ِ
114
المشتَرك
َ عايش إمكاَنات َّ
الت ُ حو َ َّ
الحضارات إلى َت َع ُارف الثَقا َفاتَ ،ن َ
َ من ِص َدام
تعارف الثَّقافات في مقابل نظريَّة صدام سنتخذ من الجرأة بما يكفي لنجعل من أطروحة ُ
تعارف الثَّقافات سبيالً لتحقيق
نبرر كيف يكون ُ الحضارات لصاحبها صمويل هنتنجتون ،ونحاول أن ِ
الحد -وقبل فوات ثم ،ضرورة َ المشترك بين ثقافات وحضارات العالم ،ومن َّ عايش اإلنساني ُ التَّ ُ
عكر استقرار اإلنسانيَّة .وفي هذا الموضوع المعرفي اإلنساني قد ال األوان -من كل ما يمكن أن ي ِ
ُ ُ
ساؤل نفسه ،عن مدى مشروعيَّة ،و ،من ساءلة التَّ ُ
اءل؛ يقدر ما ينبغي أن نجرؤ على ُم َ يكفي أن نتس َ
عارف بين الثَّقافات،
عايش والتَّ ُ
ثم ،إمكانيَّة توطين فكرة التَّ ُ َّ
ظل نزوح الثَّقافات
فاعل الثَّقافي في ِ عارف والتَّ ُ
فإلى أي َم َدى ُيمكن توطين ُسُبل التَّ ُ
تعارف الثَّقافات بديالَ لصدام الحضارات، والحضارات نحو الصدام السيطرة؟ وبأي معنى يكون ُ
عارف الثَّقافي أم هو مجرد يوتوبيا عايش المشترك؟ وهل يكمن فعالً تحقيق التَّ ُ وسبيالً لتكريس التَّ ُ
يطمح إليها العقل البشري؟
فيها
ساؤالت ،ارتأينا لطرح مجموعة من المحاور والتي رأينا َ لمحاولة اإلجابة عن هذه التَّ ُ
استشكاال و ِ
استدالال ،واعتمدنا في ذلك على المنهج التَّاريخي للبحث َعن َ الموضوع أهمية في معالجة
ُ
أصل المفاهيم وداللتها التاريخية ،تَ َجُّنبا لِسوء التَّأويل؛ والمنهج التحليلي للتَّعرف على ما تحتويه
األفكار ،فضال عن محاولة تبسيطها؛ مع االستعانة بمناهج أخرى كالمنهج النقدي وال ُـمقارن وذلك لما
تطلبته ِ
الدراسة البحثية.
115
أمين طالبي
116
المشتَرك
َ عايش إمكاَنات َّ
الت ُ حو َ َّ
الحضارات إلى َت َع ُارف الثَقا َفاتَ ،ن َ
َ من ِص َدام
117
أمين طالبي
واألخالق [ ]...التي يكتسبها اإلنسان من حيث هو عضو في مجتمع( ».عارف ،0991 ،صفحة
اإلثنوغرافي (Ethnography / Ethnographie( 2أصبح يستعمل بكثرة،
ُ )21هذا التَّعريف
خاصة لدى علماء االجتماع.
َّ
أما تجليَّات المصطلح في الثَّقافة العربيَّة نجد مالك بن نبي ،يرى أن الثقافة ال يصح اعتبارها
َّ
شيء؛ فهي عالقة متبادلة ،وهي العالقة التي تحدد السلوك االجتماعي لدى الفرد ،بأسلوب الحياة
في المجتمع؛ كما تحدد أسلوب الحياة بسلوك الفرد( .ابن نبي ،0981 ،صفحة )13
أن اإلسالم يمتلك رؤية لِتَ َع َارُفوا﴾ ( القرآن الكريم ،الحجرات )03 ،ومن خالل هذه اآلية يتبيَّن حقيقة َّ
الشعوب والمجتمعات والحضارات ،والمفهوم الذي ِ
يوضح هذه الرؤية و/أو اتجاه العالقات بين األمم و ُّ ُ
ٍ
موجه َّ
للناس أصل قرآني َّ عارف" ،ومن المعلوم َّ
أن هذا المفهوم يستند إلى صور اإلسالمي هو "التَّ ُالتَّ ُّ
اس"...؛ وباعتبار ُّها َّ ِ كافة ،ويتَّضح ذلك منَّ
الن ُ صيغة الجمع التي تبتدئ بها اآلية "َيا أَي َ
َ خالل
للناس أجمعين ،فهو يحاول -بهذا القدر أو ذاك -تذكيرهم بالتَّعدد واالختالف موجه َّ
الخطاب القرآني َّ
الشعوب والقبائل؛ فضالً عن التَّذكير بوحدة األصل اإلنساني " َّ
الذكر واألنثى" لهذا ،فرغم بين ُّ ُ
التعارف( .الميالد، قائم ًة على فكرة الحوار ومنطق َّ
ُ االختالف والتعدد ،تبقى العالقة بين البشر َ
،2101الصفحات )83-82
119
أمين طالبي
يستثمر فكرة األنموذج التي تقوم أساسا على إزاحة نظريات عامة غير قادرة على تفسير حقائق
ٍ
بشكل مقنع( .راهي قيس،2107 ، تفسير لتلك الحقائق
ًا ثم ،استبدالها بنظرية جديدة تقدم
جديدة ،ومن َّ
صفحة )62
أن استثمار نظرية األنموذج كانت محاولة إلقصاء -أو باألحرى -إزاحة
وعليه ،يمكن القول َّ
النظريات التَّفسيريَّة التي عجزت عن تفسير ووصف الواقع السياسي والحضاري ،ومن َّ
ثم، النماذج و َّ
َّ
طرح أنموذج بديل لتفسير واقع السياسة العالمية .ومن بين َّ
النظريات التي حاول هنتنجتون إقصاءها
هي نظرية نهاية التَّاريخ لفوكوياما ،واستبدالها بأطروحة /نظرية صدام الحضارات ،والتي يرى فيها
األنسب لتفسير الواقع.
الشؤون أن فكرة صدام الحضارات قد ُن ِشرت َّ
ألول مرة في مجلة ُّ من الضروري اإلشارة هناَّ ،
تتحول -فيما بعد -إلى كتاب يحمل العنوان ذاته ،صدام الحضارات
الخارجيَّة في 0993؛ قبل أن َّ
طح بينأساسا في وجود صدا ٍم وتنا ُ
َ في ،0996عرض فيه هنتنجتون معالم نظريته المتمثلة
الحضارات ،ورغم َّ َّ
اسعا في األوساط أن الطرح كان يحمل درجة من الغرابة لدرجة َّأنه َ
أحدث جدالً و ً
8
وعموما ،ففكرة الصدام -حسب هنتنجتون -ليست سوى انقسام بين البشر
الفكريَّة واإلعالميَّةُ .
مصدره الثقافة بمفهومها األوسع ،وليس الصدام حالة استثنائيةَّ ،إنما هو امتداد لتلك الصراعات التي
عرفتها اإلنسانية على مر التَّاريخ ،كصراع الملوك واألباطرة ،وتناطح اإلديولوجيات .لكن ،الصراع
الذي سيطفو ُغداة الحرب الباردة سيكون عبارة عن صدام بين الحضارات( .هنتنجتون،0999 ،
صادم هو الثَّقافة ،كأحدث مرحلة لتطور النزاعات في ِ
أن مصدر التَّ ُ
ويؤكد هنتنجتونَّ ، صفحة )01
ستتحول بعد الحرب الباردة إلى
َّ العالم الحديث ،وتلك الثورات التي كانت ِ
تؤطر الحضارة الغربية
صدام حضاري بين حضارات مختلفة ومتنوعة( .راهي قيس ،2107 ،صفحة )16
مما سبق ،يتَّضح أن الصدام الحضاري هو العنوان األبرز لوصف واقع ُّ
الشعوب واألمم،
ولعل الماضي السحيق من تاريخ البشرية يثبت ،بما ال يدع مجاالً للشك ،أن الصراعات كان العنوان
األبرز لعالقات الشعوب واألمم.
الصدام سيكون بين سبع حضارات أن ِعامة ،هي َّ تقوم أطروحة صدام الحضارات ،على فكرة َّ
وهي :الحضارة الغربيَّة ،والحضارة ِ
الصينيَّة ،والحضارة اليابانيَّة ،والحضارة اإلسالميَّة ،والحضارة
ال ِهندوسيَّة ،واألرثودوكسيَّة ،والحضارة األمريكية الالتينية ،والحضارة اإلفريقيةَّ .
أما أسباب هذا
تعمق في الوعي الحضاري وتزايد فجوى االختالف بين الحضارات ،هذا العمومُّ ، ِ
الصدام ،فهي ،على ُ
فاعالت بين ُّ
الش ُعوب التي تنتمي إلى ناهيك عن تزايد التَّ ُ
َ العداء؛
نوعا من َ
ما سيخلق -فيما بعدً -
120
المشتَرك
َ عايش إمكاَنات َّ
الت ُ حو َ َّ
الحضارات إلى َت َع ُارف الثَقا َفاتَ ،ن َ
َ من ِص َدام
ِ
حضارات مختلفة؛ فضالً عن عمليات التَّغيير االجتماعي التي تُعمق من أزمة ُ
الهويَّة لتنتج ثغرات
ومز ًيدا من األزمات( .هنتنجتون ،0999 ،الصفحات )008-007
الصدام بين كل تلك الحضارات ،تبقى الحلَقة األكثر عرضة ِ
للصدام - ورغم اشتراك هذا ِ
ُ َ
دمرة على كلحسب هنتنجتون -هي الحضارة اإلسالميَّة والغربيَّة ،لما لهذه األخيرة من تأثيرات م ِ
ُ
ولعل المشكلة األساسيَّة بين الغرب وباقي الحضارات تكمن في ذاك التَّناُفر
َّ الحضارات األخرى.
والتَّدا ُفع الذي يجعل من الغرب "حضارة عالميَّة" 9تنصهر فيها ُشعوب العالم ،واألبعد من ذلكَّ ،
أن
البد لها أن تلتزم بالقيم أن ُّ
الشعوب الغير غربيَّة َّ أيضا أمريكا -يسيران وفق رؤية مفادها َّ
الغرب -و ً
الغربية خاصة فيما َّ
يتعلق بالديمقراطية وحقوق اإلنسان والفردانيَّة 10،وحكم القانون( .هنتنجتون،
،0999صفحة )291
خاصة الحضارة
َّ يظهر جليَّا مدى تصاعد وتيرة ِ
الصراع بين الغرب وباقي الحضارات، ُ
طة التي يفرضها
السل َ ِ َّ
ومتشعب ،ناهيك عن ًّ اإلسالميَّة ،ذلك َّ
أن العداء بين الحضارتين تاريخي
الغرب اليوم على باقي حضارات العالم باعتباره حضارة عالميَّة.
الدفاع عن مصالحة كحضارة عالميَّة تنتج من هنا ،يحاول الغرب أن يحافظ على التَّ ُّفوق و ِ
َ ُ
تطوًار على مختلف األصعدة ،واألكثر من ذلك ،أصبح مصطلح العالميَّة هو مجتمعا عالميًّا م ِ
ً
ُ
المهذبة للغرب إلضفاء شرعية كونيَّة على مصالح الدول الغير غربية .ويكمن جوهر َّ َّ
التسميَّة ُ
الحضارة الغربيَّة -حسب هنتنجتون -في التراث الكالسيكي م ِ
تمثالً في العقالنيَّة اإلغريقية والتَّشريع ُ
اليوناني ،والكاثوليكية والبروتستانتية واللغات األوروبية؛ ناهيك عن الفصل بين الكنيسة وسلطة َّ
الدولة
وسيادة القانون( ،سنغاس ،2118 ،صفحة )038
ِ
تمثل هذه المعالم المرتكزات األساسية لحضارة الغرب ،ويبدو حقيقة َّ
أن هذه العوامل التي
ساهمت -بهذا القدر أو ذاك -في قيام حضارة الغرب ،تختلف عن العوامل الم ِ
شكلة لباقي ُ
الحضارات ،هذا ما يجعل من الغرب في حلبة صراع مع اإلسالم من جهة ،ومع الصين من جهة
أخرى ،ويؤ ِكد هنتنجتون ذلك بقوله « َّ
إن دعاوي العالمية واإلنسانية التي يطرحها الغرب ،تضعه
بشكل متزايد في صراع مع الحضارات األخرى وبشكل أكثر خطورة بين اإلسالم و ِ
الصين( ».راهي ُ
قيس ،2107 ،صفحة )13
الصدام يحتدم بين حضارتيالسبب الذي يجعل ِ يتساءل عن َّ ُيمكن لقارئ هذه األسطر ،أن
َ
أن الحضارات األسيوية تقوم بتوسيع قواهاالغربي واإلسالم وحضارة الصين ،والسب في هو َّ
االقتصادية والعسكرية والسياسية؛ في حين أن باقي الحضارات باقية على حالها ،هذا بالتَّحديد ما
121
أمين طالبي
يجعل عالقة الغرب والصين متوترة وعدائية .عالوة على ذلك ،فحضارتي اإلسالم والصين تمتلكان
ت ارثًا ثقافيًّا فيه من العظمة ما يجعلهما مختلفتين عن تراث الغرب( .هنتنجتون ،0999 ،صفحة
َّ
محطاته التَّاريخية ،منذ )298أما صدام الغرب واإلسالم فسببه راجع إلى أصالة هذا الصراع في
الصليبيَّة على العالم اإلسالمي ،ووصوالً إلى االستعمار األوروبي
ظهور اإلسالم ،مرو ار بالحمالت َّ
على أجزاء العالم اإلسالمي( .خليفة ،2113 ،صفحة )09
قدية لنظرية صدام الحضارات: 2.3النماذج َّ
الن َّ
ِ
العالمية ،فخلقت اف واقع ِ
السياسة طرحت فكرة صدام الحضارات ،كأطروحة لفهم واستشر ِ ُ
َ
ٍ
بأفكار ؤيد ومعارض َل َها ،ورغم َّأنها تتسم الفكرية الغربِية واإلسالمية ،بين م ٍ
اسعا في األوساط ِ
ُ جدال و ً
أثبتها التَّاريخ ،ل ِكن ،ال َي َ ِ ِ ٍ
خفى علينا قد تكو ُن إلى حد معيَّن منطقية ،كجعل الصدام امتداد لصراعات َ
النقد والتَّعقيب ،بل طرحت عدة فكانت ُعرض ًة لِسها ِم َّ
الغموض َ من ُ األطروحة احتََوت َعلى َنوٍع َ
ُ َّ
أن
11
للرد على نظرية صدام الحضارات. أفكار تهدف ِ
أن هنتنجتون ،طرَح صدام الحضارات باعتبارها فرضية يحاول البرهنة على ومن المعلوم َّ
َّ
تعرضت للكثير من أن هذه َّ
النظريَّة القائلة بوجود صدام بين الحضارات ،لطالما صحتها .غير َّ
12
(-0938 االنتقادات من طرف العرب والغرب أنفسهم ،فقد عبَّر المفكر العربي ،دمحم عابد الجابري
قدم بشكل هجومي وتتدافع بأنها ليست بفرضيةَّ ،إنما هي تنبؤات تُ َّ
)2108عن صدام الحضارات َّ
وكأن المؤلِف كان ُمستعجالً .ذلك َّ
أن األفكار كانت تتداخل كالقذائف ويغيب عنها التَّنظيم المنهجيَّ ،
أما عن تصنيف تماما( .الجابري ،0997 ،الصفحات َّ )91-92 َّ َّ
والشواهد تتدافع والتحليل ُمضطرب ً
محدد للتَّصنيف، ٍ
بمعيار َّ بالغموض دون االلتزام
ُ هنتنجتون للحضارات فقد اتَّسم -حسب الجابري-
الصينية نسبة إلىصنف الحضارة الغربية نسبة إلى الجغرافيا؛ والحضارتين اليابانية و ِفنالحظ َّأنه َّ
بلد؛ والحضارة اإلسالميَّة نسبة إلى دين؛ أما تصنيف للحضارتين األمريكية واإلفريقية نسبة إلى
العرق( .الجابري ،0997 ،صفحة )013
يظهر حقيقة الخلط العشوائي في تصنيف الحضارات في نظرية صدام الحضارات ،واألدهى
أن هنتنجتون ال يستعمل ِ
الدين لتصنيف الحضارات إالَّ بالنسبة للحضارة اإلسالميَّة ،بل واألمر َّ
(-0938 أن الصدام سيشتَّد بين الغرب واإلسالم .ويصف عبد الوهاب المسيري
13
وينتهي للقول َّ
)2117هذه الثُّنائية َّ
بالزائفة والواهيَّة ،فهي تنطلق من إديولوجيَّة مقيتة تجعل العالم ُمنقسم لقسمين،
النظريَّة تُعلي من شأن الغرب على حساب الغرب من جهة؛ وباقي العالم من جهة أخرى .لذا ،فهذه َّ
122
المشتَرك
َ عايش إمكاَنات َّ
الت ُ حو َ َّ
الحضارات إلى َت َع ُارف الثَقا َفاتَ ،ن َ
َ من ِص َدام
123
أمين طالبي
عاما ِ
يؤطر أنموذجا ًّ
ً عارف أن الرؤية اإلسالمية تجعل من فكرة التَّ ُ من هنا ،يبغي القول َّ
النص القرآني فقد جاء قوله ﷻ في كتابه العظيم ﴿ العالقات بين الحضارات والثَّقافات ،على أساس َّ
ٍ ِ ِِ ِ َٰ ِ ِ ِ ِ ض و ِْ ِ َو ِم ْن َآي ِات ِه َخْل ُق َّ
ف أَْلسَنت ُك ْم َوأَْلَوان ُك ْم ۚ ِإ َّن في َذل َك َآلَيات لْل َعالم َ
ين( ﴾.القرآن اخت َال ُ ِ
الس َم َاوات َو ْاأل َْر َ
أن اإلسالم يجعل من االختالف رؤية تحدد شكل الكريم ،الروم ،اآلية )22 :توضح هذه اآلية َّ
العالقات مع األمم والمجتمعات والحضارات .ولما كان القرآن الكريم هو الرسالة الخالدة لكل البشر
بكل اختالفاتهم ِ
الدينية والعرقيَّة .هذا االختالف والتَّعدد والتَّنوع البشري كما تؤكده اآلية الكريمة
يتأسس على قاعدة قرآنيَّة ،والمفهوم الذي يضبطه القرآن في ذلك هو "التَّ ُ
عارف" وآية يفترض أن َّ
تعارف الثَّقافات في ِ
أهم جوانبها جاءت في ار في القرآن الكريم ،وفكرة ُ التَّ ُ
عارف من اآليات األكثر تكرًا
إطار تجديد واجتهاد الفكر اإلسالمي وضرورة االنفتاح الحضاري والثَّقافي مع اآلخر( .المحمداوي،
،2102صفحة )002
للصدام بمختلف أنواعه وألوانهِ ،
الصدام وعليه ،فالتَّعارف إ ًذا ،يمكن أن يكون بديال ِ
ُ ُ
َّ ِ ِ
الحضاري ،الصدام اإلديولوجي ،الصراع الديني .لهذا ،يعتبر التَّ ُ
عارف الطرح اإلسالمي األصيل الذي
يستند لركيزة قرآنيَّة دينيَّة .وهو بذلك رد لكل المطارحات التي لطالما وصفت اإلسالم باإلرهاب،
خاصة بعد أحداث
النظرة التي لطالما حملها الغرب عن اإلسالم والمسلمينَّ .وإجابة صريحة لتلك َّ
عمق الحدث من األزمة الحضارية واإلنسانيَّة في العالم ،ما زاد َّ
الطعن 16
00سبتمبر ،2110حيث َّ
دل على شيءَّ ،إنما يدل على الجهل الـمـُضاعف بتعاليم اإلسالم في اإلسالم والمسلمين .وهذا إن َّ
ثم ،تقديمه
ومبادئه ،وهي سياسة مقصودة تهدف إلى إشاعة الرعب من اإلسالم في الغرب ،و ،من َّ
في صورة ِ
الدين المهدد للمسيحية واليهوديَّة ،وفي صورة الحضارة المهددة للحضارة الغربيَّة( .خليفة،
،2113صفحة )70
مما سبق ،يظهر جليَّا مدى الجهل بتعاليم اإلسالم في الغرب ،ومن خالل عرض أنموذج
الصدام بين الغرب واإلسالم كمستقبل لعالقةصدام الحضارات كما طرحه هنتنجتون ،وصنف هذا ِ
ُ
َّ
أن هذا الطرح ال عالقة له صداما وتداُف ًعا ثقافيًّا .غير َّ الحضارات ،والذي سيكون -بامتياز-
ً
الدين الذي يؤسس في حقيقة باإلسالم في شيء ،وهو في كثير من األحوال ينم عن جهل بتعاليم ِ
124
المشتَرك
َ عايش إمكاَنات َّ
الت ُ حو َ َّ
الحضارات إلى َت َع ُارف الثَقا َفاتَ ،ن َ
َ من ِص َدام
لنظرية صدام الحضارات .تهدف لتأسيس الحضارات على أفق الحوار والتَّ ُ
عايش وهذا ما تحاول
125
أمين طالبي
إن الصدامات واالختالفات موجودة داخل الثقافة الواحدة ،وتزايد حدة هذا الصراع مقبوالً اليوم ،بل َّ
ِ ُي ِنتج االنغالق والعزل الثَّقافي ومن َّ
سيؤدي -في ثم ،عجز الثقافة عن التَّفاعل والت ُ
عارف .هذا ما
النزاعات( .دمحم ،2102 ،صفحة )03 نهاية المطاف -إلى التَّصادم والتَّدا ُفع واندالع الحروب و ِ
أن اإلسالم يخالف الرؤية الغربية القائلة بالصدام ويحاول من خالل ما سبقُ ،يمكن القول َّ
َّ
عايش اإلنساني .وهذه المواقف حاور الثقافي الذي يؤسس لمنطق التَّ َُّ استبدالها بأنموذج التَّ ُ
عارف والت ُ
المبدئيَّة التي طرحها اإلسالم تجعل منه في اتصال وحوار دائم مع الحضارات واألديان والثَّقافات
األخرى( .خليفة ،2113 ،صفحة )87وهو بذلك أنموذج للحوار ِ
الديني والثَّقافي ،وإيمان بالتَّعددية
َّ
خصوصا،
ً عايش الحضاري اإلنساني بين الحضارة الغربيَّة واإلسالمية الثقافية والدينية .ولهذا ،فالتَّ ُ
ِ
عارف والحوار( .خليفة ،2113 ،صفحة )88 ممكن في ظل الرؤية اإلسالمية القائمة على التَّ ُ
النص القرآني آيات ِ
تعبر بوضو ٍح عن التَّنوع اإلنساني ،كحقيقة اجتماعيَّة وقانون ونلتمس في َّ
تاريخي .فالحضارات هي في الحقيقة شعوبا وقبائل مختلفة دينيَّا وإديولوجيَّا وثقافيَّا .ينبغي أن تقوم
للناس َّ ِ
كافة، موجهة َّ
خالل آيات َّ أن الخطاب القرآني ،من تأسيسا للتَّ ُ
عايشَ .ب ْي َد َّ ً على منطق التَّ ُ
عارف
تنوع ُّ
الش ُعوب والقبائل وتكاثُرهم أن ُّذكر بوحدة األصل اإلنساني وإقرار بالتَّ ُّنوع البشري ،ذلك َّ ي ِ
ُ
َّ
وتوزعهم في بقاع األرض ال يعني -بالضرورة -عزلهم وانطواءهم الحضاري والثقافي ،بل يمهد ذلك
عصب واإلقصاء( .الميالد ،2101 ،الصفحات بعيدا عن كل أشكال التَّ ُّ
حاورً ، َّ
التآزر والت ُ
عارف و ُ للتَّ ُ
)81-83
عارف الثَّقافي والحضاريُ ،يمكننا القول حقيقة َّ
أن من خالل هذا األنموذج اإلسالمي في التَّ ُ
َّ َّ
وتأسيسا،
ً يسا الثقافات -بما فيها الحضارات -ال يمكن إال أن تقوم على منطق التَّ ُ
عارف والحوار تكر ً
النزاعات والصراعات التي باتت -بهذا القدر أو ذاك -تؤرِق اإلنسان من من أجل الح ِد من تلك ِ
َ
عارف -من حيث هو رؤية وأنموذج إسالمي- َّ حيث كائن اجتماعي وحضاري وثقافيُ .
ويمثل الت ُ
سامح" ،و"التَّعاون" ويحدد لها شكلها َّ
مصدر وقيمة يؤسس للمفاهيم المجاورة له ك ـ ـ "الحوار" ،و"الت ُ
ًا
أن التَّ ُ
عارف ثمُ ،يحافظ على فاعليتها وتطورها واستمرارها ،واألبعد من ذلكَّ ، ودرجتها وصورها ،ومن َّ
يمكنه أن يزيل -أو على األقل -أن يحد من مسببات النزاع والصدام.
.5خاتمة:
مكُنه العيش ِ
بطبعه ،ال ي ِ ِ
اجتماعي حيث هو ِ
كائن اإلنسان ِمن ُ مكن الَقول ِفي ِ
األخير َّ
أن ي ِ
ُ َ ُ
ِ ِ ِ ٍ
فرض َها
فرض َها الطابع االجتماعيَ ،ك َما َي ُ
رورة َي ُ
ض َاإلنسان َ
َ اإلنسان ألخيه
َ اجة ِب ُمعزل َعن الغير َ
فح َ
126
المشتَرك
َ عايش إمكاَنات َّ
الت ُ حو َ َّ
الحضارات إلى َت َع ُارف الثَقا َفاتَ ،ن َ
َ من ِص َدام
.6قائمة المراجع:
القرآن الكريم
.0بليليطة عبد الحكيم ،المعجم الفلسفي ،معجم في الفلسفة والعلوم اإلنسانية ،كنوز الحكمة،
الجزائر2108 ،
127
أمين طالبي
.2الجابري دمحم عابد ،قضايا في الفكر العربي المعاصر ،مركز الوحدة العربية ،بيروت ،ط،0
0997
.3حسن دمحم خليفة ،المسلمون والحوار الحضاري مع اآلخر ،نقد إسالمي لنظرية صراع
الحضارات ،مركز الدراسات الشرقية ،القاهرة2113 ،
الحنفي عبد المنعم ،موسوعة الفلسفة والفالسفة ،مكتبة مدبولي ،القاهرة ،ط0999 ،2
َ .1
الحضارات ،دراسة نقدية في جينالوجيا المفهوم ،المركز .8راهي قيس ناصر ،صدام َ
اإلسالمي للدراسات اإلستراتيجية ،ط2107 ،0
الطموح ،دار السعودية ،جدة ،ط2117 ،0 .6رجاء حسين ،حوار الحضارات بين الواقع و ُّ
َ
ِ
.7زيادة معن ،الـموسوعة الفلسفية العربية ،االصطالح والمفاهيمَ ،معهد اإلنـماء العربي ،ط،0
0986
الب ُحوث ِ .8سعدي دمحمَ ،دور الثَّقافة في ِبَن ِاء ِحوار بين األمم ،مركز ابن
اسات و ُ
اإلمارات للد َر َ
َ
اإلستراتيجية ،اإلمارات ،ط2102 ،0
اعات الثََّقا ِفَية ،ترجمة :شوقي الصدام داخل الحضارات ،التََّفاهم ِب َش ِ ِ .9سنغاس ديترِ ،
أن الص َر َ ُ َ َ َ َ َ
للنشر ،مصر ،ط2118 ،0 جالل ،العين َّ
.01صليبا ج ِميل ،الـمعجم الفلسفي ،باأللفاظ العربية والفرنسية واإلنجليزية و َّ
الالتينية ،الشركة ُ َ َ َ
العالمية للكتاب ،لبنان ،ط0991 ،0
.00طرابيشي جورج ،المعجم الفلسفي ،الفالسفة .المناطقة .المتكلمون .الالهوتيون ،دار
َّ
الطليعة ،بيروت ،ط2116 ،3
اسة لِسيرة الـمصطلح وداللة المفهوم ،الـمعهد َّ
ضارة الثَقا َفة الـمدينة ،در َ
الح َ
.02عارف دمحم نصرَ ،
العالمي للفكر اإلسالمي ،الواليات الـمتحدة األمريكية ،دط0991 ،
.03عبد الرحمن ،طه .الحوار أفقا للفكر ،الشبكة العربية لألبحاث والنشر ،بيروت ،ط،2
2101
.01على عبود المحمداوي ،خطاب الهويات الحضارية ،من الصدام إلى التسامح ،ابن النديم
للنشر والتَّوزيع ،الجزائر ،ط.2102 ،0
.08الغول أسماء ،عالم ليس لـ ـ"إدوارد سعيد"! ،مجلة الدوحة ،العدد ،037و ازرة الثقافة
والرياضة ،قطر2109 ،
.06فتحي حسن ملكاوي ،رؤية العالم ،المعهد العالمي للفكر اإلسالمي ،ط.2120 ،0
128
المشتَرك
َ عايش إمكاَنات َّ
الت ُ حو َ َّ
الحضارات إلى َت َع ُارف الثَقا َفاتَ ،ن َ
َ من ِص َدام
.07فوكوياما فرنسيس ،اإلسالم والحداثة والربيع العربي ،ترجمة :حازم نهار ،المركز الثقافي
العربي ،بيروت ،ط2108 ،0
.08كون توماس ،بنية الثورات العلمية ،ترجمة :شوقي جالل ،سلسلة عالم المعرفة ،عدد ،068
المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب ،الكويت0992 ،
.09الالند أندري ،الموسوعة الفلسفية ،تعريب خليل أحمد خليل ،منشورات عويدات ،بيروت،
ط2110 ،2
.21ليشته جون ،خمسون مفك ار أساسيا معاصرا ،ترجمة فاتن البستاني ،المنظمة العربية
للترجمة ،بيروت ،ط2118 ،0
.20ماجد الغرباوي ،التسامح ومنابع الالتسامح فرص التعايش بين األديان والثقافات ،العارف
للمطبوعات ،لبنان ،ط.2118 ،0
.22المسيري عبد الوهاب ،التريكي فتحي ،الحداثة وما بعد الحداثة ،دار الوعي ،الجزائر ،ط،2
2102
.23المسيري عبد الوهاب ،العلمانية والحداثة والعولمة ،دار الفكر ،لبنان ،دط2103 ،
الع َرب ،ال َـمطبعة الميريةِ ،مصر ،ط،0 ِ
.21ابن َمنظور جمال الدين دمحم بن مكرم ،ل َسان َ
0313ه
الحضارات ،دار
ضارات ،رؤية جديدة لمستقبل العالقات بين َ
الح َ
تعارف َ
.28الميالد زكيُ ،
الكتاب المصري ،القاهرة ،ط2101 ،0
الصبور شاهين ،دار ِ
الفكر ،سوريا ،ط،1 َّ
.26ابن نبي مالك ،مشكلة الثقافة ،ترجمة عبد َّ ُ
0981
الحضارات ،ترجمة :طلعت الشايب ،تقديم :صالح قنصوه،
َ .27هنتنجتون صامويل ،صدام
نيويورك ،ط0999 ،2
.28ولد أباه السيد ،أعالم الفكر العربي المعاصر ،الشبكة العربية لألبحاث ،بيروت ،ط،0
2101
129
أمين طالبي
.7مالحق:
ٍ
بشكل -1فرنسي األصل ،مؤسس الدَّورية التَّاريخية في نسخة ما بعد الحرب العالمية ،اتَّجه نحو البعد المكاني في التَّاريخ ،وأضاف
أن التَّاريخ هو نتيجة لآلثار البطيئة( .ليشته ،2118 ،صفحة )090
فعَّال ،رؤية مفادها َّ
-2هي البحث عن أحوال الشعوب ،ودراسة ألنماط حياتهم ومختلف المظاهر الماديَّة لنشاطهم ،كالتَّقاليد ،والعادات ،واألكل،
والمشرب ،وغير ذلك( .صليبا ،0991 ،صفحة )36
-3أطروحة صمويل هنتنجتون ( Samuel Huntington )2118-0927الموسومة ب ـ The Clash of Civilizationsوالتي
أيضا ،ترجمة
تُرجمت للعربية ب ـ "صدام الحضارات" ؛ ترجمة مالك عبيد أبو شهيوة و محمود دمحم خلف ،الدار الجماهيرية .0999 ،و ً
الشايب ،دار سطور ،نيويورك .2102 ،غير َّ
أن بعض الباحثين العرب ،كثي ار ما استعملوا مفهوم الصراع في مقابل الصدام طلعت َّ
وكأنهما يحمالن المعنى ذاته!
-4ينبغي التَّنبيه َّ
أن العنوان The Clash of Civilizations :قد طرحه صمويل هنتنجتون ،في بادئ األمر ،في مجلة الشؤون
يتحول العنوان إلى كتاب وأطروحة في .0996أين أصبح العنوان نظرية سياسية ذائعة
الخارجية ،ضمن عدد 0993؛ قبل أن َّ
ِ
الصيت في تفسير واقع صدام الحضارات في القرن العشرين.
-5أبرز من تناول هذه األطروحة نجد :أرنولد توينبي (ِ Arnold Toynbee )0978-0889في مقالة بعنوان " ِ
الصدام بين َ
أيضا ،ال ُـمستشرق برنارد لويس ()2108-0906 وطرحها ؛ 0917 يلر أف بر ر ها ة مجل في الحضارات" و ِ
التي ُن ِش َرت ألول مرة
ً َ
ويدَّعي َّأنه أول من تناول صدام الحضارات في 0987في كتابه بعنوان "في َ ات،
ر الحضا صدام ة
ر فك حطر Bernard Lewis
ِ
اإلسالم" يقول في مقدمة كتابه « إن التَّوتر القائم ليس هو صراع بين الدول َّإن َما هو صدام بين الحضارات».؛ كما طرحها ً
أيضا
المفكر المغربي المهدي الـمنجرة :في كتابه الحرب الحضارية األولى وسلط الضوء على ما جرى في الخليج والعالم العربي؛ فضالً َعن
صامويل هنتنجتون S.Huntington :في مقال بعنوان "صدام الحضارات" والتي ُن ِشرت في مجلة الشؤون الخارجية ،في 0993ثم
اسعا ،...ينظر( :راهي قيس ،2107 ،الصفحات )11-37 تاركا جدالً و ً سرعان ما تحول العنوان إلى كتاب في ً 0996
طالَما و ِ
ظرية و/أو كتاب "نهاية التَّاريخ" َج ًنبا إَلى َجنب مع َنظرية و /أو كتاب "صدام َ
6
حصى ضارات" في عدد ال ُي َ الح َ ض َعت َن َ َ -ل َ َ ُ
اس ًعا ِفيتركتا وقعا وجدالَ و ِ للسياسة العالمية .والجدير بالذكر ،أن َّ الدراسات التَّمهيدية للعالقات الدولية ،وكرؤى متباينة ِ من ِ
ظ َريتين َ َ ً َ َ َ َ الن َ َ
شه ُد ِن َ
طاًقا ان أنموذج "نهاية التَّاريخ"يرى َّ ِ َّ ِ كريَّة والـمعرفية َن َ ِ اط ِ
الف ِ األوس ِ
العاَلم َسَي َ
أن َ مقهما في الطرح .وفي ُمعظم االعتَب َارات َك َ ظ ًار ل ُع َ َ َ
ض َارات" بالقول بوجود مناطق متصارعة في العالم وسبب الح صدام" أنموذج ر ق است ام ينب َّة؛
قر ست ـمل ا الية
ر يبالل ةي ِ
اط ر يمق ِ
الد ن ِ
م ا د
َ َ َّ ََ َ ََ َ ُ َ ُمتَ َزَاي ً
صارع هو اإلديولوجيا .ينظر( :فوكوياما ،2108 ،صفحة )080 الت ُ
الط َراز ومقابله اإلنجليزي ))Model / Pattern؛ و"األنموذج" المثال أو ِ -7ينبغي التَّفريق بين" :النموذج" الذي هو عبارة عن ِ
َ َ
ظرية األنموذج هو الفيلسوف األمريكي توماس كون العاَلم ،ومقابله اإلنجليزي ،Paradigmeوصاحب َن َ َ لرؤية ة جه
َ ِ
وو محدد كمنهج
( Thomas Kuhn )0996-0922الذي يعرفه بأنه « الن ظرية المعتمدة في مجتمع من الباحثين العلميين في عصر ما إضافة إلى
الطرق في البحث ومحاولة حل المشكالت وفهم الواقع ».ينظر( :كون ،0992 ،صفحة )00
ص ِح َيفة "ال ُـموند ِ الغربِي َموِقًفا ِمن َن َ
ظ ِرَية ص َدام َ -تزامنا مع صدور مقال هنتنجتون ،تََبَّنى اإلعالم َ
8
يث َذ َكرت َ ض َاراتَ ،ح ُالح َ
ِ ِ ِ ِ ِ
إج َابته َعن َه َذا التَّ َس ُ
اؤل الغرب...؟" َوِفي َيانو اجوميه بعنوان" :من هو َع ُدو َ ته في َ 0993بقَلم َم ِار ُ ديبلوماتيك" في َمقال َها الذي َن َش َر ُ
الج ِديد» ينظر( :رجاء ،2117 ،الصفحات )002-000 الع ُدو َ
َقال« :اإلسالم هو َ
ِ ِ
شتركة من قبل الممارسات ال ُـم َ وجيهات و َّ ِ ِ 9
َ إنساني وُقبُول ُمتَ َازيد للقيم والت َ الحضارة العالمية" هو ُو ُجود تََق ُارب َ ود بمصطلح " َ قص ُ
-ال َـم ُ
اح َدة أمالمية و ِ ِ حديد ِفي َ
الف ِ َّ ِ شعوب العالم ،ويتساءل هنتنجتون في كتابه "صدام الحضارات" بالتَّ ِ
ض َارة َع َ َ صل الثالثَ ،حول ُو ُجود َح َ َ َ َ ُ
130
المشتَرك
َ عايش إمكاَنات َّ
الت ُ حو َ َّ
الحضارات إلى َت َع ُارف الثَقا َفاتَ ،ن َ
َ من ِص َدام
المية تَنص ِهر ِفيها ُشعوب الـمعمورة ،ه َذا ما ي ِ ِ عد َدة! ويح ِاول اإلجابة عن ه َذا التَّساؤل بالَق ِ حضارات مت ِ
عني َّ
أن َ ُ َ َ َ َ َ ُ َ ضارة َع َ ول ِب َع َد ِم ُو ُجود َح َ َ ُ ََ َ َ َُ َ َ َ َ َُ
أيضا( :راهي قيس ،2107 ،صفحة )10 ختلَفة َو ُمتَ َعد َدة األقطاب .ينظُر( :هنتنجتون ،0999 ،صفحة )93و ً ِ ِ ِ
ض َارات ُم َالعاَلم ُمَق َّسم ل َح َ
َ
اساأسو م،ي الفرد أساسا للو ِاقع و ِ
الق في ى ر ي جاه ات هو ) Individualisme / )Individualism األجنبي اللفظ مقابل في انية رد الف - 10
َ ً َ َ َ ً ََ َ َ
يخَية .ينظر( :بليليطة ،2108 ،صفحة )062 اهر االجتماعية والتَّار ِ الظو ِ
لتفسير َّ
الع ِديد ِمن
ط ِر َحت َ العربية ،مما جعلها محال للنقدَ ،ك َما ُ الغربية و َ
األوساط َ َ الحض َارات َج َدال َعميًقا في
َ ظرية صراع ط َر َحت َن َ َ -
11
ِ
أبرَزَها َعَلى اإلطالق كتاب هارد ضارات ،وَل َع َّل َ ط َار َحات للرد َعَلى فكرة/كتاب صامويل هنتنجتون المعنون بصراع َ
الح َ المؤلفات وال ُـم َ
َ
أطروحة سبقت فكرة هنتنجتون َ وهناك هشمش؛ أبو اهيم
ر إب بية
ر الع إلى ترجمه لهنتنجتون، مضاد عمشرو قافات الث تعايش ان و بعن مولر،
ِ
ضارات ،ترجمها إلى العربية الح َ
الغاية ،وهي تلك التي طرحها "روجيه غارودي" ،بعنوان :حوار َ َرغم َّأنها تُ َعد ُمَناقضة لها في التَّوجه و َ
الدكتور عادل العوا.
-12مفكر َعربي معاصر ولد في المغرب درس في كلية اآلداب في الرباط ثم عمل أستاذا فيها أشرف على تخرج العديد ِمن األساتذة
والـمفكرين اهتم بالفلسفة والدراسات اإلسالمية َكما اهتم كثي ار بقضية التراث اإلسالمي العربي .ينظر( :ولد اباه ،2101 ،صفحة )062
-13مفكر وناقد أدبي ،وباحث اجتماعي مصري ،اهتم بقضايا اإلديولوجيا والعلمانية والصهيونية له العديد من الـمؤلفات منها:
موسوعة اليهود واليهودية في سبع مجلدات؛ العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة .أنظر( :ولد اباه ،2101 ،صفحة )003
ض ًيفا َلها الـم َكان ،بحيث كان العنوانِ " :
ان َذاته م ِ
حاض َرة بالعنو ِ ِ
أصدر ال ُـمستشرق الصربي "يفتيتش"ُ ،م َ
14
صراع َ َ ُ َ عد َمقال هنتنجتون؛ َ َ -ب َ
ِ ِ ِ ِ ِ
القتل،
للعنف و َ ادف ُ
ف اإلسالم بأنه مر ٌ ض َارة اإلسالمَيةَ ،وَيص ُ للغ َاية في َح ِق َ
الح َ طيرة َ
ضارات في البلقان" َوَقد َب َلوَرَها في َمفاهيم َخ َ الح َ
َ
بذبح الحيوان ،يفصل المسلم بخطوة لذبح اإلنسان تَقرًبا إَلى أن التََّقرب إلى هللا ِ ِ
يعة إلدعائه ،إذ َي َرى َّ ر ذ
َ هللا ى ل
َ إ ُّب
ر ق
َ َّ
ت ال مفهوم ن ِ
م ذ
َ خ واتَّ
َ َ َ
هللا!
ساو ل ـ "الثَّقافة"؛ وقد ُيستعمل لفظ "الحضارة" بمعنى أعم فيكون حوار الثَّقافات جزًءا من حوار
-15قد ُيستعمل لفظ "الحضارة" بمعنى م ٍ
ُ
الحضارات؛ وقد ُيستعمل لفظ "الحضارة" بمعنى أخص فيكون حوار الحضارات جزًءا من حوار الثَّقافات؛ وقد يتعدَّى األمر إذا أخذنا
ظاما َيشمل جميع جوانب الحياة اإلنسانية ،فيكون حينئذ مدلول حوار ِ ِ ِ َّ
بعين االعتبار التصور اإلسالمي للدين ،والذي يجعل من الدين ن ً
الحضارات ُمرادًفا لمدلول حوار األديان .ينظر( :طه ،2101 ،صفحة )080
الحدث ِ 16
صورة العالم وقلبت موازينه ومعادالته َهذا َ أصاب العالم بهزة عنيفة غيرت ُ
الحدث الذي َ -تُ َعد أحداث 00سبتمبر َ 2110
ف حاالت انفعال وقلق وتوتر سيطرت عليه مفاهيم الحرب ،اإلرهاب ،القوة ،وأصبح اإلنسان يعيش حياة القلق والخوف. ِ
الذي َخل َ
ينظر( :الميالد ،2101 ،صفحة )72
-17في مقابل اللفظ األجنبي World-Viewالقائم على حاصل التركيب اإلضافي من كلمتين هما World :بمعنى العالم؛ و
تصور ،وأصل المصطلح هو ترجمة للكلمة األلمانية .Weltanschauugواستعمل مصطلح الرؤية إلى العالم
Viewبمعنى رؤيةُّ ،
وثيقا بفهم اإلنسان لبنية الكون المادي وعالقة مكوناته
طا ً على نطاق واسع في دراسات فلسفة العلوم ،وكان المصطلح يرتبط ارتبا ً
ببعضها ،وموقع اإلنسان فيه .وكل رؤية إلى العالم تتضمن تفسيرات للحقائق المتعلقة بالكون الطبيعي ،وينبثق عنها تفسيرات حول
موقع اإلنسان في الكون وطبيعة معتقداته .ينظر( :ملكاوي ،2120 ،الصفحات )81-82-80
عضوا في الحزب الشيوعي
ً -18فيلسوف فرنسي ماركسي ولد سنة 0901تَ َعلم بباريس َو َحصل على الدكتوراه في الفلسفة وانتُخب
عضوا ِفي المكتب السياسي ،له العديد ممن ال ُـمؤلفات نذكر منها :الماركسية واإلنسان؛ ُوعود اإلسالم؛ مشروع أمل؛
ً سنة 0933ثم
ضارات" .ينظر( :حنفي ،0999 ،صفحة
الح َ محاكمة الصهيونية اإلسرائيلية ...أعلن إسالمه سنة 0982يُشتَ َهر َع َادة ِبَن َ
ظرية "حوار َ
)611
ِ
وتلك االنتقاالت التي ِ َّ 19
بها غارودي! َضارات هو التجربة الفكرية التي َمر َ الح َ
جعلنا نقف عند هذا الرأي بخصوص نظرية حوار َ -ما َ
داع لفكرة الحوار بقدر ما كان
لك لم َيكن غارودي ُمجرد ٍ ِ
عاشها الفيلسوف ُمرتحالً من المسيحية إلى الماركسية ثم اعتناقه اإلسالم لذ َ َ
إنس ِانية. ِ ٍ
مثاال تطبيقيا لهذه الدعوة اإلنسانية والتي تُ َعبر َعن غاية نبيلة و َ
131