Professional Documents
Culture Documents
* جمال نصار.د
ملخص
الهوية الثقافية هي نظام من القيم والتصورات التي يتميز بها مجتمع ما تبعًا لخصوصياته التاريخية والحضارية ،وكل شعب من
الشعوب البشرية ينتمي إلى ثقافة متميزة عن غيرها ،وهي كيان يتطور باستمرار ويتأثر بالهويات الثقافية األخرى ولهذه األخيرة
مستويات ثالث هوية فردية ،هوية جماعية ،هوية وطنية.
وفكرة العولمة تمتد جذورها األولى من خمسة قرون بظهور فكرة الدولة القومية محل فكرة اإلقطاعية ..ومع زيادة التقدم أصحبت
الدولة ال تستوعب حجم السوق فظهرت الشركات متعددة الجنسيات ،وحلت فى مجال السوق محل الدولة تدريجيًا ،حتى أضحى العالم
مجا ًال لعمل هذه الشركات.
وهناك من يدعو إلى العولمة واألخذ بها ،وفريق آخر يحذر من خطرها على هويتنا وثقافتنا والبعد عنها ،والرفض المطلق للعولمة لن
يُم ِّكن الدول والمجتمعات من تجنب مخاطرها ،كما أن القبول المطلق لها لن يمكنها من االستفادة التامة منها.
وهناك بعض الوسائل التي تعين على مواجهة تحديات العولمة منها:
صياغة استراتيجية عربية للتعامل مع العلم والتكنولوجيا الحديثة ،وإعادة النظر فى المناهج الدراسية والجامعية على نحو
يهدف إلى تأصيل المالمح الحضارية فى الشخصية العربية لمواجهة تحوالت عالم اليوم.
ضرورة خلق إعالم ناضج ،يبني اإلنسان العربي الواعي والقادر على أن يكون فاع ً
ال فى حوار الثقافات ،ومصو ًنا ضد
أخطار العولمة ،ومحاف ًظا على هوية األمة وقيمها.
التعرف على العولمة الثقافية ،والكشف عن مواطن القوة والضعف فيها ،ودراسة سلبياتها وإيجابياتها برؤية منفتحة ،غايتها
البحث والدراسة العلمية ،وفى نفس الوقت نع ّرف تلك الثقافات العالمية بما لنا من تراث وتقاليد وقيم اجتماعية عريقة.
2
مقدمة
الهوية في معناها المجرَّد هي جملة عالمات وخصائص من أجناس مختلفة ،تستقلُّ بها الذات عن اآلخر ،فبغياب هذه
العالمات والخصائص تغيب الذات وتذوب في اآلخر ،وبحضورها تحضر(.)0
ومن ث َّم يمكن القول :إن الهوية هي الكيفية التي يُ َع ِّرف الناس بها ذواتهم أو أُ َّمتهم ،وتُتَّخذ اللغة والثقافة والدين أشكاالً لها؛
فهي تنأى بطبعها عن األحادية والصفاء ،وتنحو منحى تعدديًّا تكامليًّا إذا أُحسن تدبيرها ،ومنحى صداميًّا إذا أُهملت وأُسيء
فهمها ،تستطيع أن تكون عامل توحيد وتنمية ،كما يمكن أن تتحوَّل إلى عامل تفكيك وتمزيق للنسيج االجتماعي ،الذي
تؤسِّسه عادة اللغة الموحدة(.)5
والعولمة يتفاوت فهم األفراد لمضامينها المختلفة؛ فاالقتصادي يفهم العولمة بخالف عالم السياسة ،كما أن عالم االجتماع
يفهمها فه ًما قد يختلف فيه عن المهتم بالشؤون الثقافية.
في مفهومها االقتصادي؛ عبارة عن تحوُّ ل نوعي عن اقتصاد يتَّصف بكل بساطة بأنه دولي ،واالقتصاد المدوَّل هو اقتصاد
تظل االقتصاديات القومية المنفصلة فيه مسيطرة ،على الرغم من اتساع النشاط بين الدول(.)3
وتعني في جانبها السياسي؛ االتجاه المتواصل نحو تعددية تُ َؤدِّي فيها المنظمات الدولية دو ًرا رئيسًا لتشكيل بنية عابرة
للقوميات ،وظهور شبكة من المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية التي تراقب عمل الحكومات وتؤثِّر فيه(.)4
وفي معناها الثقافي؛ هي مرحلة من مراحل التفكير اإلنساني في العالم المعاصر ،بدأت بالحداثة ،وما بعد الحداثة،
والعالمية ،ثم العولمة ،ونحن اآلن في مرحلة األمركة ،ثم تأتي بعد ذلك مرحلة الكوكبة -نسبة إلى كوكب األرض -ثم
يتطلعون بعد ذلك إلى مرحلة الكونية(.)2
ولعل التركيز على البعد االقتصادي في تعريف العولمة نابع من كونها نتا ًجا لتطور النظام الرأسمالي وحاجته إلى التوسع
المستمر في األسواق ،وعلى الرغم من غلبة البعد االقتصادي على أغلب تعريفات العولمة ،فإن داللة المصطلح في
تطورها استقرت على أنها ظاهرة تتداخل فيها أمور االقتصاد والسياسة والثقافة واالجتماع والسلوك ،ويكون االنتماء فيها
إلى العالم كله عبر الحدود السياسية الدولية ،ويحدث فيها تحوالت على مختلف الصور تؤثر في حياة اإلنسان في كوكب
األرض أينما كان.
ثقافة العولمة
فكرة العولمة تمتد جذورها األولى من خمسة قرون بظهور فكرة الدولة القومية محل فكرة الدولة اإلقطاعية ..ومع زيادة
التقدم أصبحت الدولة ال تستوعب حجم السوق فظهرت الشركات متعددة الجنسيات ،وحلَّت في مجال السوق محل الدولة
تدريجيًّا ،وتشير التقديرات إلى أن عدد الشركات المتعددة الجنسيات يناهز 52ألف شركة(.)5
3
ويُقصد بثقافة العولمة اإلطار المعرفي الذي يجعل النظام الرأسمالي مقبوالً من سائر الشعوب ،وال يكون في هذه الحالة في
صورة ظاهرة تتمثل في إخضاع عقل هذه الشعوب لتقبل النظام الرأسمالي فحسب؛ بل إعالنًا للتكيُّف من قبل مفكرين
استراتيجيين مخططين لوضع دعامات فكر بعينه ييسر تقبُّل فكرة االنخراط في حركة الرأسمال وسيرورته كما يحلو
للغرب أن يسيره(.)7
والكالم في ثقافة العولمة متشعب ،ومن الصعب حصره أو اإللمام به؛ ولكن يمكن القول :إن اإلطار الفكري أو الثقافي
ألفكار دعم الرأسمالية يعمل بدأب على إقناع الشعوب بموافقته للعقل؛ ألنه يحقق رغبات األفراد بحرية مطلقة.
وإذا كان مثقفو الغرب ومفكروهم أصحاب المواقع الراسخة المؤثرة في الثقافة في العالم المعاصر ينشدون ثقافة بال حدود
تواكب االتج اه العولمي ،وتسايره كما يبدو في الرؤيا الثقافية في الغرب ،فإنهم في حقيقة األمر يصنعون مبررات سيطرة
الثقافة الغربية بال حدود" ،وهو األمر الذي قطع شوطًا مه ّمًا من اإلنجاز على أرض الواقع ،في ظل اتجاه متزايد نحو عالم
بال حدود ثقافية"(.)8
إن الضغوط تتوالى من أجل فرض أسس ثقافية نمطية تستغل دعاوى الديمقراطية والمشاركة ،والمكاشفة ،وحقوق اإلنسان
إلى غير ذلك من العناصر التي يمكن أن تش ِّكل قواعد صالحة للتطوير والتحوير؛ لو أنها صيغت في إطار المنظومة الثقافية
الوطنية؛ بينما تعمل أدوات االتصال والمعلومات جاهدة من أجل غرس قيم وتمجيد ما يعتبر ثقافة عالمية جديرة
باالعتبار(.)01
الالفت للنظر والفكر معًا أن قضايا العولمة وإشكالياتها طُرحت كظاهرة ،والظاهرة ال فكاك منها ،فهي تتلبس المهتمين بها
فتشغلهم؛ خاصة إذا كانت الظاهرة تدور حول قضايا تهم كل الموجودين في المحافل االقتصادية واالجتماعية والسياسية
والثقافية واإلعالمية ،فضالً عن المنتديات الوطنية في الوطن الواحد أو خارجه؛ بحيث ال تنفك عن قضاياه.
ومن هنا كان هناك َمنْ يدعو إلى العولمة واألخذ بها ،وفريق آخر ِّ
يحذر من خطرها على هويتنا وثقافتنا والبعد عنها.
4
االجتماعي؟ وهل نحن متجهون نحن التالقح الخصب بين الحضارات؛ من أجل تأسيس ثقافة "التنوع اإلنساني
المبدع"(.)00
إن العولمة بهذا المعنى تشبه القطار ،وهو قطار برغماتي قوي يحكم على من يمر به أن يركب فيه ،وإال بقي وحده منفردًا
ال يحمله شيء إلى حيث يريد ،وكأن ذلك الذي يتخلف عن الركب يتحدى المعايير الدولية في سباق العولمة؛ بل يتحدى ذلك
الحلم الرأسمالي الذي يبدو في العقل األميركي نبوءة إنسانية مقدسة(.)05
ويذهب بعضهم إلى أن العولمة أ َّدت إلى وحدة القيم الثقافية؛ فمن يقرأ "همنغواي" األميركي ،و"تشيكوف" الروسي،
و"طاغور" الهندي ،و"غونتر غراس" األلماني ،و"برناردشو" األيرلندي و"نجيب محفوظ" المصري؛ وكلهم أبدعوا في
ظل مجتمعات وظروف ثقافية مختلفة يُدرك على الفور على الرغم من اختالف اللغة والهوية والقومية أنهم اشتركوا في
الدفاع عن قيم ثقافية واحدة(.)03
والمؤيدون للعولمة يستندون إلى أنه "ليس بوسع أحد أن يغفل الدور الحاسم للحاسبات اإللكترونية كسمة مميزة لثورة
المعلومات الهائلة؛ التي اصطبغ بها النظام الدولي المعاصر في السنوات القليلة الماضية؛ خاصة في مجال الدفاع وبناء
القدرات العسكرية للدول ،وقد تميزت هذه الثورة بأربع سمات:
.0ساعدت في اختصار المدى الزمني الذي يفصل بين كل ثورة صناعية وأخرى.
.5االعتماد على نتائج العقل البشري وعلى حصيلة الخبرة والمعرفة التقنية؛ فيحدد ثمن القيمة بالمعرفة والتكنولوجيا
المستخدمة وليس على المواد الخام.
.3مواكبة هذا التطور تستلزم استثما ًرا في مجاالت بعينها؛ خاصة التي تتعلق بأمور التعليم وتطوير المهارات
البشرية ،وتنمية كوادر وقدرات تستطيع التعامل والتكيف مع هذه الثورة.
.4في خالل ذلك يتحتم استغالل الطاقات البديلة ،واالستفادة من الطاقة الشمسية ،واقتحام مجال الهندسة الوراثية
وتكنولوجيا إنتاج الطعام الرخيص بكميات وفيرة"(.)04
ومن المؤكد أن أبرز المظاهر السياسية للعولمة النزوع إلى الديمقراطية؛ فمما ال ش َّ
ك فيه أن ثمة حالة من التطور
الديمقراطي على المستوى العالمي أخذت تجد تطبيقات متعدِّدة لها في الدول المختلفة بما في ذلك بعض دول العالم
الثالث(.)02
وبنا ًء على ما سبق يرى هؤالء المتفائلون أن العولمة أمر واقع؛ فهي في رأيهم ليست فكرة من األفكار التي تطرح لمجرد
النقاش والحوار والجدل ،ثم تنتهي فورتها؛ وهذا األمر الواقع برأيهم يحتم طريقة واقعية في التفكير؛ ألن العولمة ،فيما
يذهبون ،آخر أبناء الحضارة الغربية ،التي يجب على العالم أن يحصد مكاسبها؛ خاصة أن القطار الغربي ورأسه وقاطرته
الواليات المتحدة األميركية يصرُّ على تسيير المسيرة البشرية العالمية.
5
ولعل أكثر ال ِكتابات تشاؤ ًما من العولمة ،كتاب( :فخ العولمة) لـ"بيتر مارتن" و"هارالد شومان"()05؛ فقد فنَّد العولمة في
مختلف أبعادها االقتصادية واالجتماعية والسياسية والبيئية واإلعالمية ،وحاوال التأكيد على أن العولمة في مختلف أبعادها
ستزيد معدالت البطالة وانخفاض األجور ،واتساع الهوية بين الفقراء واألغنياء ،وتقليص دور الدولة في مجال الخدمات
كالصحة والتعليم ،ونحو ذلك.
وال يرون في العولمة إال الهجمة الجهنمية للرأسمالية لكي تنهي التاريخ لمصلحتها ،إنها هجمة إلبعاد الحضارات األخرى
بكل إنجازاتها العلمية والمادية واإلنسانية لتفريغ الكون من كل الحضارات إال حضارة الرأسمالية األخيرة؛ "وأول مظاهر
العولمة هو عولمة السياسة بمعنى إخضاع الجميع لسياسة القوى العظمى والقطب األوحد في العالم؛ وهو الواليات المتحدة
األميركية"(.)07
ويذهب بعضهم إلى أ ن "العولمة ليست مجرد هيمنة الغرب على بقية العالم ،إنها تؤثر في الواليات المتحدة كما تؤثر في
البلدان األخرى"( ،) 08والعولمة أشد خطورة على الدول الضعيفة ،فهي مرتبطة بتهميش الدول المفككة؛ ألنها تستمد
هويتها من االعتراف الدولي الذي تقبض عليه الهيمنة األميركية ،ومن دار في فلكها من الدول األوروبية؛ فهؤالء هم الذين
يمنحون شهادات ميالد الدول ووفاتها(.)09
ولعل أشد ألوان العولمة خطرًا وأبعدها أث ًرا -كما يراها المعارضون -هي عولمة الثقافة على معنى فرض ثقافة أمة على
سائر األمم ،أو ثقافة األمة القوية الغالبة على األمم الضعيفة المغلوبة ،بعبارة أخرى صريحة :فرض الثقافة األميركية على
العالم كله :شرقيِّه وغربيِّه ،مسل ِمه ونصرانيِّه ،مو ِّحده ووثنيّه ،ملتز ِمه وإباحيِّه ،ووسيلته إلى هذا الغرض األدوات واآلليات
الجبارة عابرة القارات والمحيطات من أجهزة اإلعالم والتأثير بالكلمة المقروءة والمسموعة والمرئية بالصوت والصورة
والبث المباشر وشبكات المعلومات العالمية (اإلنترنت) وغيرها(.)51
ويرى بعضهم أن العولمة الثقافية أخطر من العولمة االقتصادية؛ بل هي التي تمهِّد لها :تحرث لها األرض ،وتفتح لها
األبواب ،وتسوق منتجاتها بين الشعوب حتى تسوغ عندها؛ بل تهواها وتركض وراءها(.)50
ويمثل اإلعالم إحدى الركائز األساسية التي قامت عليها العولمة ،ويؤكد "فوكوياما" ذلك بقوله :إن العولمة تعتمد على
ثالثة أسس؛ هي:
.0تكنولوجيا المعلومات واإلعالم.
.5حرية التجارة الدولية في مرحلة ما بعد الشركات متعددة الجنسيات.
.3اقتصاد السوق وحرية الحركة في األسواق العالمية(.)55
ليس من الحكمة أن نتعامل مع العولمة بمنطق الرفض المطلق ،أو القبول المطلق؛ فالعولمة عملية تاريخية ،وبذلك يعد
منطقًا متهافتًا ما يدعو إليه بعضهم من ضرورة محاربة العولمة بشكل عام ،فهل يمكن مثالً محاربة شبكة المعلومات
الدولية (اإلنترنت) من خالل إصدار قرار باالمتناع عن التعامل معها؟ وهل يمكن االمتناع عن التعامل مع منظمة التجارة
العالمية على الرغم من سلبياتها المتعددة؟ وغير ذلك من المؤسسات العالمية التي ال يمكن االنغالق دونها.
6
إن الرفض المطلق للعولمة لن ي ُم ِّكن الدول والمجتمعات من تج ُّنب مخاطرها ،كما أن القبول المطلق لها لن يم ِّكنها من
االستفادة التا َّمة منها" ،علينا نحن العرب والمسلمين أن نسأل أنفسنا سؤاالً صري ًحا ،وأن تكون إجابتنا عنه واضحة :هل
نحن في معركة ضد التطورات المصاحبة للتحول نحو "ا لكوكبة أو العولمة"؟ وهل لدينا بديل نعرفه ،ونريد أن نثبت
عليه؟"(.)53
7
oثانيًا :إنشاء سوق ع ربية مشتركة :فقضية إقامة هذه السوق تستند إلى تعميق مفهوم الهوية العربية
واالنتماء القومي ،وضرورة دعم األمن القومي العربي ،إلى جانب المصلحة االقتصادية المشتركة؛
فهذه السوق يجب أن تقام تدريجيًّا بين األقطار العربية ،أو بين بعضها كمرحلة انتقالية؛ ألنها سوف
تعمل على توحيد هذه األقطار ،وتعزز األمن االقتصادي العربي؛ ومن ثَ َّم تعزز األمن القومي العربي.
وعلى المستوى الثقافي :االتجاه إلى تحديد ثقافتنا ،وإغناء هويتنا ،والدفاع عن خصوصيتنا ،ومقاومة الغزو
الثقافي الذي يمارسه المالكون للعلم والتكنولوجيا ،وهذا ال يقل عن حاجتنا إلى اكتساب األسس واألدوات التي البُ َّد
منها لممارسة التحديث ودخول عصر العلم والتكنولوجيا.
نحن في حاجة إلى التحديث؛ أي إلى االنخراط في عصر العلم والتكنولوجيا كفاعلين مساهمين ،ولكننا في الوقت نفسه في
حاجة إلى مقاومة االختراق وحماية هويتنا وخصوصيتنا الثقافية من االنحالل والتالشي تحت تأثير موجات الغزو الذي
يمارس علينا وعلى العالم أجمع بوسائل العلم والتكنولوجيا ،وليست هاتان الحاجتان الضروريتان متعارضتين بل
متكاملتين.
خالصات
إن نجاح أي بلد من البلدان النامية في الحفاظ على الهوية والدفاع عن الخصوصية ،مشروط بمدى عمق عملية االنخراط
الواعي في عصر العلم والتكنولوجيا ،والوسيلة في كل ذلك هي اعتماد اإلمكانيات التي توفرها العولمة نفسها ،أعني
الجوانب اإليجابية منها.
لست مجب ًرا أن أكون أميركيًّا أو فرنسيًّا ،أو غير ذلك؛ بل يجب أن أحافظ على هويتي وثقافتي وعاداتي وأخالقي ،مع
االستفادة بالطفرة العلمية الناتجة عن العولمة ،ويمكن تحقيق ذلك من خالل:
.0صياغة استر اتيجية عربية للتعامل مع العلم والتكنولوجيا الحديثة ،وإعادة النظر في المناهج الدراسية والجامعية
على نحو يهدف إلى تأصيل المالمح الحضارية في الشخصية العربية لمواجهة تحوالت عالم اليوم.
.5التنسيق والتعاون بصورة متكاملة في وزارات التربية والتعليم العالي والثقافة واإلعالم ،واألوقاف والشؤون
اإلسالمية ،والعدل؛ وذلك للمحافظة على الهوية اإلسالمية من أي مؤثرات سلبية.
.3ضرورة خلق إعالم ناضج يبني اإلنسان العربي الواعي والقادر على أن يكون فاعالً في حوار الثقافات ،ومصونًا
ضد أخطار العولمة ،ومحافظًا على هوية األمة وقيمها.
.4ضمان الحرية الثقافية وتدعيمها؛ حيث إن حرية الثقافة ْ
وإن كانت تنبع من العدالة في توزيع اإلمكانات
واإلبداعات اإلنسانية على األفراد ،فإنها في الوقت نفسه عامل أساس في إغناء الحياة الثقافية وزيادة عطائها؛
ولكن ال يجوز فهم الحرية على أنها فتح للباب أمام كل تعبير ،وقبول كل فكر؛ ولكن الحرية المقصودة هي الحرية
المنضبطة بضوابط.
.2التعرف على العولمة الثقافية ،والكشف عن مواطن القوة والضعف فيها ،ودراسة سلبياتها وإيجابياتها برؤية
منفتحة ،غايتها البحث والدراسة العلمية ،وفى الوقت نفسه نعرِّ ف تلك الثقافات العالمية بما لنا من تراث وتقاليد
وقيم اجتماعية عريقة.
___________________________________
* د.جمال نصار -باحث أول في مركز الجزيرة للدراسات
8
الهوامش والمراجع
( )0عبد العلي الودغيري ،اللغة والدين والهوية ،الدار البيضاء ،مطبعة النجاح الجديدة ،5111 ،ص.57
( )5رشيد بلحبيب ،الهويات اللغوية في المغرب من التعايش إل ى التصادم ،ضمن كتاب اللغة والهوية في الوطن العربي ،إشكاليات تاريخية وثقافية وسياسية ،المركز العربي لألبحاث
ودراسة السياسات ،الطبعة األولى ،بيروت يناير/كانون الثاني ،5103ص.548 ،547
( )3إيان كالرك ،العولمة والتفكك ،مركز اإلمارات والدراسات والبحوث االستراتيجية ،أبو ظبي ،الطبعة األولى ،5113 ،ص.38
( ) 4وليد عبد الحي ،انعكاسات العولمة على الوطن العربي ،مركز الجزيرة للدراسات ،الدار العربية للعلوم ناشرون ،ضمن سلسلة أوراق الجزيرة ،50بيروت ،الطبعة األولى،5100 ،
ص.33
( )2فضل هللا محمد إسماعيل ،العولمة السياسية انعكاساتها وكيفية التعامل معها ،بستان المعرفة ،الطبعة األولى ،0999 ،ص.01
( ) 5حميد الجميلي ،الشركات متعددة الجنسية ودورها في اإلنتاج الدولي ،مجلة أخبار النفط والصناعة ،العدد 410فبراير ،أبو ظبي ،5114 ،ص 5
( )7السيد أحمد فرج ،العولمة واإلسالم والعرب ،دار الوفاء ،المنصورة ،الطبعة األولى0454 ،هـ ،5114 -ص.39
( )8عبد الخالق عبد هللا ،العولمة ،عالم الفكر ،أكتوبر/تشرين األول ،0999عدد ،5ص.80
( )9هالة مصطفى ،العولمة ودور جديد للدولة ،مجلة السياسة الدولية ،العدد ،034سنة ،0998ص.47
( )01عبد الباسط عبد المعطي ،العولمة والتحوالت المجتمعية في الوطن العربي ،مكتبة مدبولي ،القاهرة ،الطبعة األولى ،0999 ،ص.93
( )00حامد عمار ،مواجهة العولمة في التعليم والثقافة ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،5115 ،ص.35
( )05العولمة واإلسالم والعرب ،مرجع سابق ،ص.035
( )03فتحي عبد الفتاح ،صناعة الغد بين العلم والخرافة ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،5110 ،ص.40
( ) 04أحمد سيد مصطفى ،المدير وتحديات العولمة :إدارة جديدة لعالم جديد ،الطبعة األولى ،5110 ،ص.35
( )02العولمة السياسية وانعكاساتها وكيفية التعامل معها ،مرجع سابق ،ص.54
( )05ترجمة وتقديم :د .عدنان عباس على ،ومراجعة د .رمزي زكي ،سلسلة عالم المعرفة ( ،)592الكويت.5113 ،
( )07يوسف القرضاوي ،المسلمون والعولمة ،دار التوزيع والنشر اإلسالمية ،5111 ،ص.50
( )08أنتوني غيدنز ،عالم منفلت :كيف تعيد العولمة صياغة حياتنا ،ترجمة :محمد محيي الدين ،ميريت للنشر والمعلومات ،القاهرة ،الطبعة األولى ،5111 ،ص.04
( )09العولمة واإلسالم والعرب ،مرجع سابق ،ص.045
( )51المسلمون والعولمة ،مرجع سابق ،ص.45
( )50السابق ،ص.25
( )55سعيد بخيره ،العولمة وحرية اإلعالم ،ظافر للطباعة ،الزقازيق ،5111 ،ص.37
( )53أحمد كمال أبو المجد ،العولمة والهوية ودور األديان ،مجلة المسلم المعاصر ،العدد ( ،)90السنة الثالثة والعشرون ،ص.02 ،04
( )54بهاء شاهين ،العولمة والتجارة اإللكترونية رؤية إسالمية ،مكتبة الفاروق ،القاهرة ،الطبعة األولى ،5111 ،ص.39
انتهى
9