You are on page 1of 2

‫المحور الثّالث‪ :‬في حوار الحضارات‬

‫حوار الحضارات هو كل تفاعل بين حضارتين أو أكثر يت ّم فيها تبادل الخبرات في مختلف المجاالت من أجل‬
‫ي ظاهرة موضوعيّة‬‫شعوب سياسيّا و ثقافيّا و اقتصاديا‪ .‬و اليوم أصبح التالقح الثّقافي و الحضار ّ‬‫تمتين العالقات بين ال ّ‬
‫الظواهر ّ‬
‫الطبيعيّة من العبث مقاومتها إنّه قانون عام ال يص ّد و ال يردّ‪.‬‬ ‫مثل ّ‬

‫‪ .1‬دواعي حوار الحضارات‪:‬‬


‫شاملة و العولمة جعلت كل األفراد في العالم يشعر‬ ‫إن دخول اإلنسانيّة مرحلة تاريخيّة جدية تس ّمى بالكونيّة ال ّ‬ ‫ّ‬
‫قوته لما أمكنه العيش لذلك‬ ‫عرف إليه فاإلنسان لو لجأ إلى قدر ّ‬ ‫بالحاجة إلى ثقافة اآلخر المختلف عنه و ضرورة الت ّ ّ‬
‫تشعر كل شعوب العالم بعدم قدرتها على االكتفاء بذاتها‪.‬‬
‫شعوب إلى‬ ‫ي‪ .‬فقد تضاعفت الحاجة اليوم لدى ال ّ‬ ‫ّ‬
‫و قد تظهر هذه الدّواعي في مجاالت عدّة منها المجال الثقاف ّ‬
‫عرف إلى عاداته و خبراته و االستفادة منها في تطوير مرجعيّاته‬ ‫الحر استئناسا باآلخر و الت ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫التّبادل الثّقاف ّ‬
‫ي‬
‫الحضاريّة وفق آليّات محدّدة‪.‬‬
‫‪ .2‬شروط الحوار الحضاري‪:‬‬
‫بحق االختالف في كنف الحريّة و المسؤوليّة مما يساهم أكثر في‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬االعتراف باآلخر‪ :‬أن يؤمن كل طرف‬
‫االبتكار و اإلبداع‪ ،‬يقول توفيق بن عامر‪" :‬ال مجال للحوار بدون حريّة و تضاف إلى هذه القاعدة قاعدة‬
‫مبدئيّة أخرى هي ضرورة االعتراف باآلخر و بهويّته و معتقداته و حضارته و إحالل مبدأ التّسامح محل‬
‫صب و إقصاء فكرة التّفاضل بين الثّقافات و استبدالها بفكرة التّكامل بين الثّقافات"‪.‬‬ ‫النزاعات التّع ّ‬
‫الطرف المقابل له على مبدأ المساواة في القيمة والمكانة تأثّرا‬ ‫‪ ‬تجنّب مبدأ المفاضلة‪ :‬فعلى كل طرف أن يعامل ّ‬
‫و تأثيرا‪.‬‬
‫مستمر للخبرات و القدرات و المعارف‬ ‫ّ‬ ‫شراكة فينهض الحوار على تبادل‬ ‫‪ ‬التّبادل‪ :‬أن يؤمن كل طرف بجديّة ال ّ‬
‫طور الحضاري المطرد‪ .‬فعلى كل طرف أي ينظر إلى اآلخر على أنّه كائن‬ ‫يسرق التّقّدّم و يحقّق الت ّ ّ‬ ‫بشكل ّ‬
‫ي كفء و قادر على اإلضافة و على أن يعطي بقدر ما هو مستع ّد إلى أن يأخذ‪.‬‬ ‫ي و حضار ّ‬ ‫ثقاف ّ‬
‫‪ .3‬وسائل تحقيق حوار الحضارات‪:‬‬
‫‪ ‬التّرجمة‪ :‬هي من أقدم وسائل التّعامل بين الثّقافات و ال ّشعوب و مهمتها نقل الخبرات و القدرات و المعارف و‬
‫شعوب و التّعاضد الثّقافي"‪.‬‬ ‫شملي‪" :‬بها ينشأ التّفاهم بين ال ّ‬ ‫تعميمها بين األمم‪ .‬يقول منجي ال ّ‬
‫‪ ‬اإلعالم‪ :‬في الحضارات و الثّقافات القديمة كان التالقح بطيئا لبطء االتصاالت و أما في األزمنة الحديثة فقد‬
‫سياحة و الهجرة و‬ ‫ّ‬
‫البث و التّبادل و ال ّ‬ ‫تسارع التّاريخ فتسارعت وتائر التّالقح بفضل تقنيّات االتّصال و‬
‫س ّكان و لقد أسهمت وسائل اإلعالم في سرعة تنقّل خبرات األمم‪ ،‬يقول مصطفى المصمودي‪:‬‬ ‫اختالط ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن تكاتف شبكات اإلرسال و اتساع رقعتها سيفتح عهدا جديدا تتأثر به األرضيّة‬ ‫"يعتبر الكثير من المالحظين ّ‬
‫الثّقافيّة في مختلف المجتمعات"‪.‬‬
‫و من وسائل الحوار الحضاري نذكر االنترنت و التّبادل الثّقافي في شكل رحالت علميّة و بعثات ثقافيّة‪.‬‬
‫‪ .4‬مقاصد حوار الحضارات‪:‬‬
‫مقاصد إنسانيّة يمكن حصرها في اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬محاربة ال ّنزاعات األنانيّة المد ّمرة‬
‫‪ ‬إزالة مظاهر الحقد و البغضاء و الحروب بين شعوب العالم‬
‫طرف و التّشدّد‬ ‫‪ ‬نشر ثقافة االعتدال و التّسامح و نبذ مظاهر الت ّ ّ‬
‫‪ ‬نشر قيم الحرية و العدالة و ال ّ‬
‫سلم‬
‫‪ ‬التّقريب بين الثّقافات المختلفة دون التّفريط في الخصوصيّة الثّقافيّة الضامنة للهوية‬
‫شعوب و خاصة الجمركيّة لتحقيق حريّة التّبادل التّجاري في مشروع العولمة‪.‬‬ ‫‪ ‬كسر الحدود بين ال ّ‬
‫‪ .5‬عراقيل الحوار الحضاري‪:‬‬
‫ّ‬
‫سياسيّة و الثقافية فتالقي االقتصاديّات في اقتصاد‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬النزوع إلى الهيمنة بمختلفة تجلياتها االقتصادية و ال ّ‬
‫عالمي متدامج يجري حتى اآلن على نحو متو ّحش استفاد منه البعض و سقط البعض ضحايا له‪.‬‬
‫نوع الثّقافي في العالم‬‫‪ -‬نشر ثقافة عدائيّة عبر وسائل اإلعالم فالب ّد اليوم أن نضمن درجة معقولة من الت ّ ّ‬
‫يخص القيم الكونيّة مثل‬
‫ّ‬ ‫سسات التّعليميّة في العلم لمجانسة برامجها في ما‬ ‫فالب ّد من إعادة هيكلة المؤ ّ‬
‫الديمقراطية و حقوق اإلنسان باعتبارها قيما ثقافيّة عابرة للقوميّات يتعرف فيها العقل اإلنساني على نفسه‬
‫لتخريج أجيال إنسانية ذات وعي متجانس ال ينتهك حقوق اإلنسان و ال يسكت على انتهاكها و متشبّع بقيم‬
‫ي المهدد بكارثة ايكولوجيّة مميتة‪.‬‬ ‫التّضامن البشري و باحترام البيئة باعتبار األرض وطن لإلنسان الحقيق ّ‬
‫صب العرقي و الدّيني‪.‬‬‫‪ -‬نزاعات التّع ّ‬

You might also like