Professional Documents
Culture Documents
مــدخـــل
ال يمكن تفسير أو حل أي ظاهرة اجتماعية دون القيام بتعريف المصطلحات والنظريات.
جميع العلوم تفتقر لهذا التعريف ،وتحديداً علم االجتماع الذي يفتقر حتى في تعريف ذاته.
إن البيئة المعرفية للسلطة والدولة المتأسسة على السلطة ورأس المال منذ ( )5000عام،
تستمر بحكمها ونظامها مستفيدة من تنظيم بنيتها اإليديولوجية والحرفية بدًأ من الدين -الفلسفة
وانتها ًء بالعلوم الوصفية ،لذلك يجب تجاوز األزمة المعرفية بالتركيز على الطبيعة االجتماعية
بنحو صحيح وأخالقي ،وبشكل نسبي أيضاً. ٍ وعقد أواصرها معها
- 1الــثــقــافــة
الثقافة بمعناها الضيق هي تراكم قيم المجتمع وقانونه األخالقي ،وذهنيته وفنه وعلومه عبر
تاريخه الطويل.
أما الثقافة بمعناها العام فهي علم المجتمع وأخالقه وذهنته وجماله من جهة ،ووجود
مؤسسات تهتم وتعمل على ما سبق من جهة أخرى ،وهكذا تتشكل الثقافة.
الثقافة بمفهومها الضيق كثيرة التداول ،فالمعنى الضيق هو عالم المعنى لدى المجتمع ،وقانونه
ال ُخلقِي وذهنته وفنه وعلمه ،بمعنى آخر هو الجوهر فقط .وبتوحيد المؤسسات السياسية
واالقتصادية واالجتماعية مع المعنى الضيق للثقافة ،يتم االنتقال إلى معنى الثقافة العام .وهذا
المفهوم العام ال يكتمل إال بوجود األرضية المؤسساتية والمعنى الجوهري له.
ونشبه المؤسسات كإطار مادي ملموس ،أما المعنى فهو المضمون أي اللوحة.
وللزيادة في اإليضاح ،المؤسسة كالقدح الفارغ ،والمعنى هو الماء الموجود في داخله ،فالقدح
مع الماء يشكالن كأس الماء ،فبدون القدح ال يمكن حمل الماء وشربه ،كما أن القدح هو شكل
الثقافة الفارغ من الماء ال يروي عطشك ،وكسر الكأس يؤدي إلى سيالن الماء وال يمكن
موب 1 MUB
الشرب أيضاً ،فالقدح Lهو شكل الثقافة والماء هو معنى الثقافة وجوهرها ،وباتحاد القدح مع
الماء يمكن حمل الماء وشربه ،أي باتحاد الشكل والجوهر نحصل على الثقافة ،وال يمكننا
القول بأن ثقافتنا متقدمة ما لم تكن مؤسسات سياسية واقتصادية واجتماعية تحقق ذلك التقدم.
كما ال يمكننا القول بأن ثقافتنا متقدمة ما لم تكن هناك قيم وأخالق لمجتمعنا وذهنية وفن وعلم
يبين ويوضح ذلك التقدم .وكذلك المجتمع الخاسر لثقافته أشبه بجثة متروكة للتفسخ والتحلل،
وأبسط مثال نقدمه هو الشعب السرياني اآلشوري الكلداني الذي نشهد مأساته الدرامية المتتالية
فنظراً لمعاناته من التمزق العميق والخسارة الذهنية شكالً ومضمونا ً (مؤسساتيا ً ومعنىً ) على
ح ٍد سواء ،فال يمكننا تسمية المجتمع السرياني إال بالمجتمع القابع تحت نير اإلبادة الثقافية .ألنه
لم يبقى له ال المعنى وال الجوهر وال توجد مؤسسات في هذا المجتمع.
عندما تريد دولة السيطرة على الشعب فإنها تحارب ذهنته وأخالقه وعلمه ،ثم تقوم بصهر
ذهنية وأخالق وعلم هذا الشعب ،وبالتالي يكون قد سيطر على هذا الشعب وأباده.
(الذهن +األخالق +العلم +جمال المجتمع +المؤسسات) ( +تحقيق التقدم) = (حماية الثقافة وتقدمها)
معادلة الثقافة:
– 2اللــغــــة
استخدم اإلنسان قديما ً لغة اإلشارة ،ثم اللغة الرمزية التي تطورت عبر العصور فظهرت اللغة
األولى بين القبائل السامية ،وبعدها تطورت اللغات األخرى ،فحدثت ثورة اجتماعية بشرية.
مصطلح اللغة مرتبط ارتباطا ً وثيقا ً بالثقافة ،مُشكالً العنصر الرئيسي في حقل الثقافة بمعناها
الضيق (الشكلي) ،فاللغة هي اإلرث المجتمعي للذهنية واألخالق والمشاعر واألفكار التي
– 3الــمــدنــيــــة
هي مجتمع الثقافة العامة تشكلت فيها (الطبقة والمدينة والدولة) فسميت مجتمع المدنية.
ألنها تصنيفات أولية ،فهو مجتمع متمايز طبقيا ً وم َت َم ِّدن وم َتدَ ول ،فظاهرة التمايز الطبقي
البارزة في المجتمع الكالني والقبلي المفعم بالمساواة ،وظاهرة التمدن المتأسسة على خلفية
مجتمع الزراعة-القرية ،وظاهرة ال َت َدول المنبثقة من أحشاء المجتمع الهرمي؛ هذه جميعها تقوم
بتوصيف المدنية.
يتجلى مجتمع المدنية كلما زاد التحكم األحادي الجانب Lضمن الطبيعة االجتماعية ،وهكذا
ومعان وأحاسيس ُخلُقية وجمالية مغايرة في المجتمع.
ٍ تستحدث المدنية كينونات بنيوية
هل المدنية تطور إيجابي أم سلبي بالنسبة للمجتمع؟ من وجهة نظر الشرائح المهيمنة
ً
كارثة والمستعمرةُ ،ت ِع ُّد المدنية تطوراً تاريخيا ً عظيماً ،بل هي التاريخ عينه .في حين أنها ُت َعد
ضة للقمع واالستغالل. ً
مفجعة وفقدانا ً ليوتوبيا الجنة (المدينة الفاضلة) بالنسبة للشرائح ال ُم َع َر َ
من دواعي الطبيعة االجتماعية التباين في الفكر وال ُخلُق والعواطف الجمالية في مجتمع يعاني
التناقض في الصميم .كما أن نشوء عالم المؤسسات والمعاني المتجزئة والمتناقضة هو من
دواعي المدنية ،والممارسات االجتماعية التي يُعاش فيها اإلفناء الجسدي بكثافة كالحرب مثالً
هو مجتمع متجزئ حتى أعماقه .أما تجزؤ المعنى فيعبر عن الحرب األيديولوجية التي تفيد
لحرب هيمنة تؤثر (بأقل تقدير) بما يعادل الحرب الجسدية المُعاش ضمن مجتمع المدنية.
ويبقى الطرفان المتنازعان على مصداقية هدفه بالحروب الفكرية والجسدية والمؤسساتية،
وبأنه المجتمع الحقيقي ،وتضل هكذا حقيقة الطبيعة االجتماعية مهما تقمصت لمعاني متغايرة.
الظاهرة األساسية التي تالحظ عند تصاعد مجتمع المدنية ،هي ابتالعه طرديا ً (تزامناً)
للمجتمع الذي تنامى بين ثناياه ،فصهره داخل أجهزة العنف واالستغالل ،وأساسه هو تفكيك
مصدر للموارد،
ٍ وتدمير العالقة اإليكولوجية التكافلية مع الطبيعة األولى ،محوالً المجتمع إلى
واستثماره تدريجيا ً حتى النهاية .والتساؤل المطروح هنا هو:
موب 3 MUB
هل سيتبعثر المجتمع بالتناقضات الداخلية أم بالتناقضات اإليكولوجية؟
ال يمكن للطبيعتين األولى والثانية (المهيمن والمستمر-المقموع والمُس َتغل) أن تتجنبا معاناة
الكوارث الكبرى في ظل هيمنة التناقضين معا ً في حال عدم حصول تحول إيجابي في المدنية.
أما التقييمات التي تقول استحالة عيش المجتمعات Lبال مدنية ،وتنظر للمجتمعات المتحضرة
على أنها مجتمعات ثرية ومنيعة؛ فهي تقييمات أيديولوجية ،وغالبا ً ما تعكس النخب االحتكارية
التحكمية االستعمارية (براديكما) .فاألوساط العلمية ُت َقيم التمايز الطبقي والتمدن والتدول على
أنه سرطان اجتماعي (السرطان الجسدي متعلق بهذه الواقعة) ،فالتسلح النووي ودمار البيئة
والبطالة البنيوية والمجتمع االستهالكي والتضخم السكاني المفرط واألمراض الجنسية
واالبادات المتزايدة هي بضعة مؤشرات أولية.
– 4الــســلــطــة
مقدمة :
يتصدر مصطلح السلطة الئحة المصطلحات المتضاربة والمؤدية إلى األخطاء ،والمتسببة
بأكثر المشقات لدى تحليل الواقع االجتماعي؛ وكأنه يعاند صياغة تعريف واضح له شكالً
ومضمونا ً .وينعكس ذلك على تعريف الحاكمية الكامنة في طبيعته ،ويعاند صياغة تعريف
واقعي له ،فال يُبرز ذاته بوضوح ،إذ يبدو وكأنه ظاهرة حيادية؛ ولكن ال يمكن االستغناء عنها
– 1هي االستخدام الشرعي للقوة بطريقة مقبولة اجتماعياً ،وهي القوة الشرعية التي
يمارسها شخص أو مجموعة على اآلخرين ،وتعد الشرعية عنصراً هاما ً لفكرة السلطة ،وهي
الوسيلة األساسية التي تتمايز بها السلطة عن مفاهيم القوة األخرى األكثر عمومية.
– 2هي تراكم الرأس مال في هيئة العنف ،وهي استغالل اقتصادي ُم َّر َكز ،وقوة مكثفة
تتطور بتطور فائض رأس المال ،وكلما زاد مالها زادت سلطتها وحاكميتها.
هي سلطة مزودة بمجموعة من القواعد والقوانين،ـ باإلضافة إلى دستور ،واجتماع السلطات
معا ً (السلطة التشريعية والتنفيذية واالقتصادية واالجتماعية وغيرها) تشكل الدولة.
الهيمنة المركزية:
هي اجتماع ( )206دولة تحت ظل دولة واحدة مهيمنة ومسيطرة عليها،ـ فتصبح هذه الدول
مستقلة شكلياً .ولكن بالحقيقة خاضعة لسلطة الهيمنة المركزية ،والنتيجة هي نضال وكفاح
الدول من أجل مصالحها Lوليس مصالح شعوبها.
وال يوجد بين هذه الدول عداوة حقيقية بل حروب شكلية تخدم مصالحها Lالقادمة ،ناهيك عن
إرادة قوى الهيمنة واالحتكار في السلم والحرب .ومن قاعدة صفر مشاكل إلى الكل مشاكل،
مثلما حدث بين تركيا وسوريا الجارتين المتحابتين إلى أعداء على حساب دماء شعبيهما.
أصبحت السلطة وكأنها ذات طابع جيني (في الدم) في كل البؤر العقلية للمجتمع ،فنراها تقدم
كل اإلمكانيات لالستغالل والقوة المتراكمين ،لذلك من المهم إضفاء Lالمعنى على السلطة التي
تتجسد طاقتها الكامنة بشكل ملموس ،ألنها تشكل دولة بطبقاتها االستغاللية واالجتماعية التي
ترتكز إليها ُن َخ ِبها الحاكمة ،وكأنه ال غِ نىً عنها بدون المجتمع.
- 5اإلدارة
مـقـدمــة :
ِصر النظر الناجم من مصطلح السلطة يجب اإللمام بمفهوم اإلدارة، لتالفي وتجنب السلبيات وق َ
التي هي كما الثقافة ظاهرة مستمرة في المجتمع ،وبالعموم ُتعادل الرقي الفكري ،وتفيد بحالة
االنتظام في الكون وحالة الهروب من الفوضى (اإلدارة الغير مرتكزة على السلطة).
التعريف :
مقـدمـة :
السياسة فن الممكن ،إذ أن التفكير السياسي يبدأ بوضع التصورات لطبيعة السلطة ،ومن ثم
تحليل للواقع السياسي وانتقاده ووضع تصورات لما يجب أن تقوم عليه الدولة.
تمثل السياسة ظاهرة اجتماعية صعبة اإلدراك بقدر السلطة ،وهي ذات أصول إغريقية وتعني
(إدارة المدينة) والسياسة كظاهرة اجتماعية هي تحقيق تطور المجتمع من خالل إدارة شؤونه
بحرية ،وال يمكن حصرها باإلدارة الذاتية أو السلطة فقط ،فهي مساحة لحرية المجتمع وتطور
إلرادته وإدراكه ،ونستطيع المطابقة بين السياسة والحرية على ما سبق.
ً
وممارسة وكيفية تطويرهما والدفاع عنهما. وموضوعنا هنا إدراك المجتمع لذاته ولهويته فكراً
في حال اكتسبت السياسة هوية السياسة الديمقراطية حال بلوغها اإلدارة الذاتية ،حينها يمكن
تقييم تحويلها إلى حالة حكم السلطة ،وهنا يبدأ تحريف مفهوم السياسة الجوهري ،بسبب أن
ساحة السلطة هي الحقل الذي ُتن َكر فيه السياسة ،وبنا ًء عيه فحكم الدولة ليس سياسة أو إدارة
سياسية؛ كما ُت َرو ُج له الليبرالية بل إنكار السياسة ،فال يمكن تعريف حكم الدولة بالسياسة ،بل
هو نوع من أنواع حكم السلطة المؤدلجة بمعايير ،وبكل األحوال السلطة تعني تفنيد السياسة.
- 7األخـــالق
مـقـدمــة :
األخالق تقود المجتمع كالسياسة ،لذلك هي شكل من أشكال السياسة التي تتخذ حالة التقاليد
المؤسساتية التاريخية ،كون األخالق تقاليد إيجابية لقيادة المجتمع ،فبينما تؤدي السياسة غالبا ً
دور المبدع والحامي والمغذي في المخطط اليومي ،فإن األخالق تقوم بالخدمة ذاتها من أجل
المجتمع القائم عن طريق القوة المؤسساتية والقواعدية للتقاليد (المؤسسات الثقافية) وبمقدورنا
تقييم األخالق بأنها الذاكرة السياسية للمجتمع ،لذا فالمجتمعات المُفتقرة لألخالق ،تدل على
ضعف ذاكرتها السياسية أو حتى خسارتها ،وبالتالي فقدان مؤسساتها القواعدية التقليدية
الـتـعـريــف :
- 1هي منظومة قيم يعتبرها الناس بشكل عام جالبة للخير وطاردة للشر وفقا ً للفلسفة
الليبرالية ،وهي تميز اإلنسان عن غيره.
- 2شكل من أشكال الوعي اإلنساني ،كما ُتع َتبر مجموعة من القيم والمبادئ والتي تحرك
األشخاص والشعوب كالعدل والحرية والمساواة ،حيث ترتقي إلى درجة تصبح فيها مرجعية
ثقافية لتلك الشعوب ،لتكون سنداً قانونيا ً تستقي منه الدول واألنظمة والقوانين.
- 3هي دراسة ،حيث ي َق َي م السلوك اإلنساني على ضوء القواعد األخالقية التي تضع معايير
للسلوك ،وأصل الكلمة يوناني (إيثيه) من(عادة) و ُت َكوُ ن طاقما ً من المعتقدات أو المثاليات
الموجهة ،وجذرها اليوناني هو الديون ولوجيا( :ديون) :ما يجب فعله -لوجيا :علم فيصير
علم الواجبات ،فيحكم على الفعل راجعا ً إلى القواعد والقوانين ،وفي لسان العرب يقول:
ِف شيئاً ،أي صار له(واشتاق خليق وما أخلقه) من الخالقة :وهي التمرين ،وكذلك القول :أل َ
ُخلقاً ،أي م ُِر َن عليه.
إن الدافع األولي وراء قيام أنظمة السلطة وكيانات الدولة بتعرية األخالق والنهش فيها على
الدوام ،ووراء فرضها اإلرادة القانونية أحادية الجانب( Lالشكل األخالقي للمهيمنين) على
المجتمع بدالً منها ،هو النظر بعين الضرورة الحتمية إلى إقحام ذاك المجتمع في وضع
االنفتاح على حُكم السلطة واالستغالل دائميا ً وبنيويا ً (بنية وهيكلية السلطة الحاكمة).
وذلك بعد تخريب السياسة واإلدارة الذاتية فيه ،ذلك أن مجتمع ما يعيش أخالقه بقوة ومناعة،
ال يمكن أن يُذعن للسلطة بسهولة
رغم حاالت السلبية والرجعية والبدائية في األخالق فهي أثمن وأهم بالنسبة لمجتمع ما من
قوانين أكثر السلطات والدول تقدماً ،المكان الذي يسود فيه المجتمع األخالقي والسياسي بدون
سلطة وقانون يغدو عبئا ً ال يُحتمل ،ولكن تصيير المجتمع أخالقيا ً وسياسيا ً فإنه يغدو ديمقراطيا ً
وحراً ومفعما ً بالمساواة ،وبالتالي يصبح مقاوما ً ومنغلقا ً أمام استثمار واستغالل ُن َخب السلطة
واحتكارات رأس المال.
نرى أن الليبرالية في علوم االجتماع ُتسقط السياسة إلى مستوى الديماغوجية والغوغاء،
وتعريفها لألحزاب بأنها نماذج مصغرة من الدولة على أنها أدوات ديماغوجية مصغرة ،وهذا
– 8الـقـانــون
مقدمــة :
رغم صلته بالحق والعدالة إال أن وظيفته األساسية هي تعزيز سلطة الدولة ،وبالتالي تحجيم
الميدان االجتماعي المُس َتنِد إلى األخالق منذ آالف السنوات ،والذي قام على مبادئ تأمين
المأكل والحماية والنسل.
الـتـعـريــف :
نظام من القواعد التي يتم إنشاؤها وتطبيقها ،من خالل المؤسسات االجتماعية أو الحكومية
لتنظيم السلوك ،على الرغم من أن تعريفه الدقيق هو مسألة نقاش طويلة األمد ،فتم وصفه
بشكل مختلف ،على أنه علم وفن العدالة.
يقوم القانون بتجريد المجتمع من السياسة واإلدارة الذاتية لموجب القانون والحُكم المفروضين
من األعلى بيد السلطة والدولة ،وهو بمثابة الحقل Lالذي يشوش العقول باألكثر.
تصاعد القانون يفيد بتعرية المجتمع من األخالق ،وبالتالي حدوث صراع طبقي ومنه إلى
سيادة االستغالل والقمع في ذلك المجتمع ،أما زيادة اإلجراءات Lالقانونية فهي ال تعكس قوة
الحق وتمثيل العدل ،بل تعكس مصالح احتكارات القمع واالستغالل ،وتطور القانون في النظام
الرأسمالي يعود إلى الربح الفاحش L.وباإلمكان الحكم على القانون بأنه أخالق الحتكارات
السلطة ورأس المال ،فبينما تسير األخالق التقليدية في األنقاض المتبقية باسم المجتمع ،يتم
يق مساحة المجتمع طردياً ،كجعل ض ُتحويل القانون إلى ساحة لممارسات سلطة الدولة التي ُت َ
كافة مجاالت الحياة تقريبا ً بما فيها الماء والهواء؛ موضوع قانون في ظل الحداثة الرأسمالية،
ُبحث فيها عن األخالق بالشموع؛ فتجعل األخالق مضمون مصطلح القانون ملموسا ً التي ي َ
وأكثر شفافية.
- 9الـديـمـقـراطـيــة :
مـقـدمـــة :
الـتـعـريــف :
كلمة إغريقية ظهرت في أثينا وتتألف من كلمتين (ديموس) وتعني الشعب و (كراتي) حكم
أو إرادة ،وبذلك تصبح (الديمقراطية) :إدارة الشعب نفسه بنفسه.
معناها الواسع :قيام المجموعات التي ال تعرف الدولة أو السلطة بإدارة نفسها بنفسها،
وتندرج المجموعات الكالنية والعشائرية والقبائلية أدارة نفسها بنفسها في هذا التصنيف.
موب 12 MUB
أما المجموعات التي تعيش ضمن نطاق ظاهرتا السلطة والدولة فيمكن إدراجها في تعريف
الديمقراطية على نطاق ضيق ،ففي المجتمعات الدولتية ال تسري اإلدارات الديمقراطية وال
اإلدارات االستبدادية الخالصة ،بل غالبا ً ما تسود ظاهرتا اإلدارتين بشكل متداخل ،فيثمر
أنظمة منفتحة على تفسخ وفساد السلطة والديمقراطية على ج ٍد سواء.
وبحكم طبيعة سلطة الدولة ،تحجم الديمقراطية وتجرها للوراء في عالقتها مع المجتمع ،بينما
القوى الديمقراطية تتطلع إلى توسيع حدودها دوما ً على أساس عدم االعتراف بالدولة ،وهنا
تنبع إشكالية الدولة في تقمص قناع الديمقراطية وبدورها تتطلع إلى الدولة ،وقد ُ
طوَّ رت هذه
بنحو منظم في المدنية األوربية.
ٍ التعقيدات
ولكن الخالف والتباين في الشرق األوسط أعمق بين طبيعتي الدولة والمجتمع ،حيث تلجأ
السلطة والدولة عبر الدساتير ،للحد من نطاق المجتمع بالديمقراطية التمثيلية.
هذا النموذج الذي عملت على تحقيقه الحداثة الرأسمالية بهدف تطويع الصراعات Lالطبقية
للتحكم بها ،فمن جهة تفرض (السلطة والدولة) نظام الدولة القومية والذي هو األكثر قمعية
ووحشية في التاريخ ،ومن جهة أخرى تحاول إرضاء Lالمجتمع بالديمقراطية التمثيلية البرلمانية
كواجهة للزينة فقط ،وهذه الظاهرة ُتسمى الديمقراطية الليبرالية.
ال يمكن انقاذ الديمقراطية االجتماعية إال عبر تطوير اإلدارة الذاتية الديمقراطية ،كنموذج
للحل الصحيح؛ في حال عدم مطابقتها مع سلطة الدولة من جهة ،وتحريفها باسم الديكتاتورية
الشعبية (األغلبية العددية) أو البروليتارية من جهة أخرى.
والح ّل المجتمعي هو إنشاء قوى عصرية ديمقراطية خاصة به؛ في وجه القوى المدنية
الموجودة تاريخيا ً وقوى الحداثة الرأسمالية المعاصرة L،هذا ويتجسد الدور التاريخي
للعصرانية الديمقراطية في بناء ذاتها ضمن جميع الحقول االجتماعية ،والرُقي بالمعاني داخلها
دون االنصهار في بوتقة الدولة القائمة ،ودون التحول إلى امتداد مدني لها ،ودون استهداف
هدم الدولة والتطلع بالمقابل إلى ال َتدَ ول.