You are on page 1of 14

‫المصطلحات واإلطار االصطالحي والنظري‬

‫مــدخـــل‬

‫ال يمكن تفسير أو حل أي ظاهرة اجتماعية دون القيام بتعريف المصطلحات والنظريات‪.‬‬
‫جميع العلوم تفتقر لهذا التعريف‪ ،‬وتحديداً علم االجتماع الذي يفتقر حتى في تعريف ذاته‪.‬‬
‫إن البيئة المعرفية للسلطة والدولة المتأسسة على السلطة ورأس المال منذ (‪ )5000‬عام‪،‬‬
‫تستمر بحكمها ونظامها مستفيدة من تنظيم بنيتها اإليديولوجية والحرفية بدًأ من الدين ‪-‬الفلسفة‬
‫وانتها ًء بالعلوم الوصفية‪ ،‬لذلك يجب تجاوز األزمة المعرفية بالتركيز على الطبيعة االجتماعية‬
‫بنحو صحيح وأخالقي‪ ،‬وبشكل نسبي أيضاً‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وعقد أواصرها معها‬

‫‪ - 1‬الــثــقــافــة‬

‫الثقافة بمعناها الضيق هي تراكم قيم المجتمع وقانونه األخالقي‪ ،‬وذهنيته وفنه وعلومه عبر‬
‫تاريخه الطويل‪.‬‬
‫أما الثقافة بمعناها العام فهي علم المجتمع وأخالقه وذهنته وجماله من جهة‪ ،‬ووجود‬
‫مؤسسات تهتم وتعمل على ما سبق من جهة أخرى‪ ،‬وهكذا تتشكل الثقافة‪.‬‬
‫الثقافة بمفهومها الضيق كثيرة التداول‪ ،‬فالمعنى الضيق هو عالم المعنى لدى المجتمع‪ ،‬وقانونه‬
‫ال ُخلقِي وذهنته وفنه وعلمه‪ ،‬بمعنى آخر هو الجوهر فقط‪ .‬وبتوحيد المؤسسات السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية مع المعنى الضيق للثقافة‪ ،‬يتم االنتقال إلى معنى الثقافة العام‪ .‬وهذا‬
‫المفهوم العام ال يكتمل إال بوجود األرضية المؤسساتية والمعنى الجوهري له‪.‬‬
‫ونشبه المؤسسات كإطار مادي ملموس‪ ،‬أما المعنى فهو المضمون أي اللوحة‪.‬‬
‫وللزيادة في اإليضاح‪ ،‬المؤسسة كالقدح الفارغ‪ ،‬والمعنى هو الماء الموجود في داخله‪ ،‬فالقدح‬
‫مع الماء يشكالن كأس الماء‪ ،‬فبدون القدح ال يمكن حمل الماء وشربه‪ ،‬كما أن القدح هو شكل‬
‫الثقافة الفارغ من الماء ال يروي عطشك‪ ،‬وكسر الكأس يؤدي إلى سيالن الماء وال يمكن‬
‫موب‬ ‫‪1‬‬ ‫‪MUB‬‬
‫الشرب أيضاً‪ ،‬فالقدح‪ L‬هو شكل الثقافة والماء هو معنى الثقافة وجوهرها‪ ،‬وباتحاد القدح مع‬
‫الماء يمكن حمل الماء وشربه‪ ،‬أي باتحاد الشكل والجوهر نحصل على الثقافة‪ ،‬وال يمكننا‬
‫القول بأن ثقافتنا متقدمة ما لم تكن مؤسسات سياسية واقتصادية واجتماعية تحقق ذلك التقدم‪.‬‬
‫كما ال يمكننا القول بأن ثقافتنا متقدمة ما لم تكن هناك قيم وأخالق لمجتمعنا وذهنية وفن وعلم‬
‫يبين ويوضح ذلك التقدم‪ .‬وكذلك المجتمع الخاسر لثقافته أشبه بجثة متروكة للتفسخ والتحلل‪،‬‬
‫وأبسط مثال نقدمه هو الشعب السرياني اآلشوري الكلداني الذي نشهد مأساته الدرامية المتتالية‬
‫فنظراً لمعاناته من التمزق العميق والخسارة الذهنية شكالً ومضمونا ً (مؤسساتيا ً ومعنىً ) على‬
‫ح ٍد سواء‪ ،‬فال يمكننا تسمية المجتمع السرياني إال بالمجتمع القابع تحت نير اإلبادة الثقافية‪ .‬ألنه‬
‫لم يبقى له ال المعنى وال الجوهر وال توجد مؤسسات في هذا المجتمع‪.‬‬
‫عندما تريد دولة السيطرة على الشعب فإنها تحارب ذهنته وأخالقه وعلمه‪ ،‬ثم تقوم بصهر‬
‫ذهنية وأخالق وعلم هذا الشعب‪ ،‬وبالتالي يكون قد سيطر على هذا الشعب وأباده‪.‬‬

‫معادلة حماية الثقافة‪:‬‬

‫(الذهن‪ +‬األخالق‪ +‬العلم‪ +‬جمال المجتمع‪ +‬المؤسسات) ‪( +‬تحقيق التقدم) = (حماية الثقافة وتقدمها)‬

‫معادلة الثقافة‪:‬‬

‫‪ – 1‬المعنى ‪ +‬الشكل = الثقافة‬


‫‪ – 2‬المعنى الضيق للثقافة ‪ +‬المؤسسات = الثقافة بالمعنى الواسع‪.‬‬

‫‪ – 2‬اللــغــــة‬

‫استخدم اإلنسان قديما ً لغة اإلشارة‪ ،‬ثم اللغة الرمزية التي تطورت عبر العصور فظهرت اللغة‬
‫األولى بين القبائل السامية‪ ،‬وبعدها تطورت اللغات األخرى‪ ،‬فحدثت ثورة اجتماعية بشرية‪.‬‬
‫مصطلح اللغة مرتبط ارتباطا ً وثيقا ً بالثقافة‪ ،‬مُشكالً العنصر الرئيسي في حقل الثقافة بمعناها‬
‫الضيق (الشكلي)‪ ،‬فاللغة هي اإلرث المجتمعي للذهنية واألخالق والمشاعر واألفكار التي‬

‫موب‬ ‫‪2‬‬ ‫‪MUB‬‬


‫اكتسبها المجتمع الذي يعبر عن ذاته‪ ،‬والمجتمع يستحق الحياة عندما يُثمن مستوى رُقي اللغة‪.‬‬
‫ويرتقي ويتقدم المجتمع بالحياة بمقدار تطور وتقدم ورُقي لغته األم‪ ،‬وبقدر ما يخسر المجتمع‬
‫لغته أمام اللغات الحاكمة‪ ،‬يكون مقيداً ومعرضا ً للصهر واإلبادة الجسدية والثقافية‪.‬‬
‫وال مهرب من توظيف القيم المؤسساتية للمجتمعات التي تعاني من فقدان المعاني واألخالق‬
‫كمادة خام لقيم المستعمرين‪( ،‬لتفادي مزيد من التشتت والتناثر واالنحالل واألخطاء)‪.‬‬

‫‪ – 3‬الــمــدنــيــــة‬

‫هي مجتمع الثقافة العامة تشكلت فيها (الطبقة والمدينة والدولة) فسميت مجتمع المدنية‪.‬‬
‫ألنها تصنيفات أولية‪ ،‬فهو مجتمع متمايز طبقيا ً وم َت َم ِّدن وم َتدَ ول‪ ،‬فظاهرة التمايز الطبقي‬
‫البارزة في المجتمع الكالني والقبلي المفعم بالمساواة‪ ،‬وظاهرة التمدن المتأسسة على خلفية‬
‫مجتمع الزراعة‪-‬القرية‪ ،‬وظاهرة ال َت َدول المنبثقة من أحشاء المجتمع الهرمي؛ هذه جميعها تقوم‬
‫بتوصيف المدنية‪.‬‬
‫يتجلى مجتمع المدنية كلما زاد التحكم األحادي الجانب‪ L‬ضمن الطبيعة االجتماعية‪ ،‬وهكذا‬
‫ومعان وأحاسيس ُخلُقية وجمالية مغايرة في المجتمع‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫تستحدث المدنية كينونات بنيوية‬
‫هل المدنية تطور إيجابي أم سلبي بالنسبة للمجتمع؟ من وجهة نظر الشرائح المهيمنة‬
‫ً‬
‫كارثة‬ ‫والمستعمرة‪ُ ،‬ت ِع ُّد المدنية تطوراً تاريخيا ً عظيماً‪ ،‬بل هي التاريخ عينه‪ .‬في حين أنها ُت َعد‬
‫ضة للقمع واالستغالل‪.‬‬ ‫ً‬
‫مفجعة وفقدانا ً ليوتوبيا الجنة (المدينة الفاضلة) بالنسبة للشرائح ال ُم َع َر َ‬
‫من دواعي الطبيعة االجتماعية التباين في الفكر وال ُخلُق والعواطف الجمالية في مجتمع يعاني‬
‫التناقض في الصميم‪ .‬كما أن نشوء عالم المؤسسات والمعاني المتجزئة والمتناقضة هو من‬
‫دواعي المدنية‪ ،‬والممارسات االجتماعية التي يُعاش فيها اإلفناء الجسدي بكثافة كالحرب مثالً‬
‫هو مجتمع متجزئ حتى أعماقه‪ .‬أما تجزؤ المعنى فيعبر عن الحرب األيديولوجية التي تفيد‬
‫لحرب هيمنة تؤثر (بأقل تقدير) بما يعادل الحرب الجسدية المُعاش ضمن مجتمع المدنية‪.‬‬
‫ويبقى الطرفان المتنازعان على مصداقية هدفه بالحروب الفكرية والجسدية والمؤسساتية‪،‬‬
‫وبأنه المجتمع الحقيقي‪ ،‬وتضل هكذا حقيقة الطبيعة االجتماعية مهما تقمصت لمعاني متغايرة‪.‬‬
‫الظاهرة األساسية التي تالحظ عند تصاعد مجتمع المدنية‪ ،‬هي ابتالعه طرديا ً (تزامناً)‬
‫للمجتمع الذي تنامى بين ثناياه‪ ،‬فصهره داخل أجهزة العنف واالستغالل‪ ،‬وأساسه هو تفكيك‬
‫مصدر للموارد‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫وتدمير العالقة اإليكولوجية التكافلية مع الطبيعة األولى‪ ،‬محوالً المجتمع إلى‬
‫واستثماره تدريجيا ً حتى النهاية‪ .‬والتساؤل المطروح هنا هو‪:‬‬
‫موب‬ ‫‪3‬‬ ‫‪MUB‬‬
‫هل سيتبعثر المجتمع بالتناقضات الداخلية أم بالتناقضات اإليكولوجية؟‬
‫ال يمكن للطبيعتين األولى والثانية (المهيمن والمستمر‪-‬المقموع والمُس َتغل) أن تتجنبا معاناة‬
‫الكوارث الكبرى في ظل هيمنة التناقضين معا ً في حال عدم حصول تحول إيجابي في المدنية‪.‬‬
‫أما التقييمات التي تقول استحالة عيش المجتمعات‪ L‬بال مدنية‪ ،‬وتنظر للمجتمعات المتحضرة‬
‫على أنها مجتمعات ثرية ومنيعة؛ فهي تقييمات أيديولوجية‪ ،‬وغالبا ً ما تعكس النخب االحتكارية‬
‫التحكمية االستعمارية (براديكما)‪ .‬فاألوساط العلمية ُت َقيم التمايز الطبقي والتمدن والتدول على‬
‫أنه سرطان اجتماعي (السرطان الجسدي متعلق بهذه الواقعة)‪ ،‬فالتسلح النووي ودمار البيئة‬
‫والبطالة البنيوية والمجتمع االستهالكي والتضخم السكاني المفرط واألمراض الجنسية‬
‫واالبادات المتزايدة هي بضعة مؤشرات أولية‪.‬‬

‫‪ – 4‬الــســلــطــة‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫يتصدر مصطلح السلطة الئحة المصطلحات المتضاربة والمؤدية إلى األخطاء‪ ،‬والمتسببة‬
‫بأكثر المشقات لدى تحليل الواقع االجتماعي؛ وكأنه يعاند صياغة تعريف واضح له شكالً‬
‫ومضمونا ً‪ .‬وينعكس ذلك على تعريف الحاكمية الكامنة في طبيعته‪ ،‬ويعاند صياغة تعريف‬
‫واقعي له‪ ،‬فال يُبرز ذاته بوضوح‪ ،‬إذ يبدو وكأنه ظاهرة حيادية؛ ولكن ال يمكن االستغناء عنها‬

‫تعريف السلطة ‪:‬‬

‫‪ – 1‬هي االستخدام الشرعي للقوة بطريقة مقبولة اجتماعياً‪ ،‬وهي القوة الشرعية التي‬
‫يمارسها شخص أو مجموعة على اآلخرين‪ ،‬وتعد الشرعية عنصراً هاما ً لفكرة السلطة‪ ،‬وهي‬
‫الوسيلة األساسية التي تتمايز بها السلطة عن مفاهيم القوة األخرى األكثر عمومية‪.‬‬
‫‪ – 2‬هي تراكم الرأس مال في هيئة العنف‪ ،‬وهي استغالل اقتصادي ُم َّر َكز‪ ،‬وقوة مكثفة‬
‫تتطور بتطور فائض رأس المال‪ ،‬وكلما زاد مالها زادت سلطتها وحاكميتها‪.‬‬

‫موب‬ ‫‪4‬‬ ‫‪MUB‬‬


‫( معادلة السلطة ) ‪ :‬المال ‪ +‬القوة = السلطة‬
‫عندما تريد دول ٍة ما أن تحكم مجتمعها بقبضة حديدية‪ ،‬فإنها تستخدم المال والقوة‪ ،‬فهي إما أن‬
‫ُت َج ِوع الشعب ليخضع لها‪ ،‬أو بالقتل العام واإلبادة الوحشية‪.‬‬
‫تطورت السلطة بتطور االنتاج الذي أدى إلى زيادة فائض االنتاج‪ ،‬فتطور الطمع وبدوره‬
‫طور السلطة‪ ،‬ولحماية فائض اإلنتاج‪ ،‬ال بد من وجود جيش يحمي ذلك اإلنتاج‪ ،‬ونتيجة ما‬
‫سبق تتشكل الدولة‪ ،‬فالسلطة التي تكونت قبل الدولة عالقتهما طردية‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬الثورة الصناعية في إنكلترا في القرن الثامن عشر؛ أفرزت الدولة القومية والتي هي‬
‫باألصل سلطة ذات قانون ودستور‪ ،‬أي أنها َل ِب َست السلطة هنا لباس الشرعية‪.‬‬

‫تعريف الدولة ‪:‬‬

‫هي سلطة مزودة بمجموعة من القواعد والقوانين‪،‬ـ باإلضافة إلى دستور‪ ،‬واجتماع السلطات‬
‫معا ً (السلطة التشريعية والتنفيذية واالقتصادية واالجتماعية وغيرها) تشكل الدولة‪.‬‬

‫الهيمنة المركزية‪:‬‬

‫هي اجتماع (‪ )206‬دولة تحت ظل دولة واحدة مهيمنة ومسيطرة عليها‪،‬ـ فتصبح هذه الدول‬
‫مستقلة شكلياً‪ .‬ولكن بالحقيقة خاضعة لسلطة الهيمنة المركزية‪ ،‬والنتيجة هي نضال وكفاح‬
‫الدول من أجل مصالحها‪ L‬وليس مصالح شعوبها‪.‬‬
‫وال يوجد بين هذه الدول عداوة حقيقية بل حروب شكلية تخدم مصالحها‪ L‬القادمة‪ ،‬ناهيك عن‬
‫إرادة قوى الهيمنة واالحتكار في السلم والحرب‪ .‬ومن قاعدة صفر مشاكل إلى الكل مشاكل‪،‬‬
‫مثلما حدث بين تركيا وسوريا الجارتين المتحابتين إلى أعداء على حساب دماء شعبيهما‪.‬‬
‫أصبحت السلطة وكأنها ذات طابع جيني (في الدم) في كل البؤر العقلية للمجتمع‪ ،‬فنراها تقدم‬
‫كل اإلمكانيات لالستغالل والقوة المتراكمين‪ ،‬لذلك من المهم إضفاء‪ L‬المعنى على السلطة التي‬
‫تتجسد طاقتها الكامنة بشكل ملموس‪ ،‬ألنها تشكل دولة بطبقاتها االستغاللية واالجتماعية التي‬
‫ترتكز إليها ُن َخ ِبها الحاكمة‪ ،‬وكأنه ال غِ نىً عنها بدون المجتمع‪.‬‬

‫موب‬ ‫‪5‬‬ ‫‪MUB‬‬


‫والدافع المهم اآلخر لتقدم السلطة نفسها للمجتمع؛ وكأنها ضرورة حتمية والزمة باستمرار؛‬
‫هو الربط بين وجودها وبين الحاجة إلى اإلدارة المجتمعية الطبيعية‪ ،‬وبذلك سنرى السلطة‬
‫تتسلل بهدوء إلى البنية االجتماعية كورم سرطاني‪ ،‬إذا ما تم ربطها بقيادة المجتمع الطبيعي‪.‬‬
‫هناك فرق بين السلطة والدولة‪ ،‬فاألخيرة تعبر عن هوية السلطة الضيقة ذات الضوابط‬
‫الملموسة كالقواعد والقوانين‪ ،‬وهي شكل من أشكال السلطة الخاضعة لرقابة أكبر‪ ،‬وتهتم‬
‫لشرعنة نفسها بالمجتمع‪ ،‬ولكن حقيقة السلطة كحالة مستقلة هي نفوذ عام‪ ،‬وبالمقابل الالسلطة‬
‫كحالة هي عبودية عامة‪،‬‬
‫إن اختالف أشكال السلطة والعبودية متعلق بالمزايا العامة للدولة‪ ،‬لذا بوسعنا الحكم على‬
‫السلطة بأنها معادية للحرية‪ ،‬ألنه كلما سادت السلطة في المجتمع غابت الحرية عنه‪ ،‬لذلك‬
‫يجب الحذر من الحنين إلى السلطة باعتباره مرتبط باألمن واألمان فيما مضى‪ ،‬وبانتشاره في‬
‫المجتمع يتكاثر المستبدون االجتماعيون الصغار فتتقلص الديمقراطية‪ ،‬وبالتالي تتحول‬
‫االستبدادية من مرض معدي إلى مارد؛ مثل حالة هتلر في استبداده وفاشيته‪ ،‬وسرعان ما‬
‫تتوغل في المجتمع متجسد ًة في حكم توتاليتاريا ضمن المجتمع‪،‬‬
‫أما شكل السلطة من طراز الدولة القومية‪ ،‬فلها مفاهيمها التي تربطها بالنظام الرأسمالي‬
‫ً‬
‫موضحة أولياتها بالحكم والمجتمع‪.‬‬ ‫الفاشي‬

‫‪ - 5‬اإلدارة‬

‫مـقـدمــة ‪:‬‬

‫ِصر النظر الناجم من مصطلح السلطة يجب اإللمام بمفهوم اإلدارة‪،‬‬ ‫لتالفي وتجنب السلبيات وق َ‬
‫التي هي كما الثقافة ظاهرة مستمرة في المجتمع‪ ،‬وبالعموم ُتعادل الرقي الفكري‪ ،‬وتفيد بحالة‬
‫االنتظام في الكون وحالة الهروب من الفوضى (اإلدارة الغير مرتكزة على السلطة)‪.‬‬

‫التعريف ‪:‬‬

‫‪- 1‬هي مركز الرئاسة والتصرف (إدارة الكلية)‬


‫موب‬ ‫‪6‬‬ ‫‪MUB‬‬
‫الس هر على تطبيق القوانين وسير وإدارة المصالح العامة‬
‫‪- 2‬هي سلطة منوط بها َّ‬
‫اإلدارة‪ :‬هي عملية تحقيق األهداف المرسومة باالستخدام األمثل للموارد المتاحة‪ ،‬وفق‬
‫منهج محدد وضمن بيئة معينة‪ ،‬واإلدارة فرع من فروع العلوم االجتماعية‪.‬‬
‫‪ – 2‬عملية التخطيط والتنظيم والتنسيق والتوجيه والرقابة على الموارد المادية والبشرية‬
‫للوصول إلى أفضل النتائج بأقصر الطرق وأقل التكاليف المادية‪.‬‬
‫ارتباط الذكاء المرن في المجتمع برقي القدرة على اإلدارة‪ ،‬ويمكن تسمية العقل االجتماعي‪،‬‬
‫باإلدارة‪ ،‬وهذا يأخذنا إلى تحليل اإلدارة الذاتية واإلدارة الغريبة األجنبية‪،‬‬
‫اإلدارة الذاتية فبينما تقوم بتنظيم القدرات الكائنة في طبيعتها االجتماعية ومراقبتها‪ ،‬وبالتالي‬
‫تؤمن سيرورة المجتمع ومأكله ومأمنه‪.‬‬
‫اإلدارة الغريبة ُت َشرعن نفسها كسلطة وتعمل على إغواء المجتمع ال ُم َسلّطة عليه (لغسل‬
‫دماغه) لتستطيع حُكمه واستعماره‪ .‬لذلك اإلدارة الذاتية مهمة ومصيرية للمجتمع‪ ،‬ألنه بدونها‬
‫المجتمع ذاهب للزوال الثقافي‪ L‬واالقتصادي والصهر واإلبادة كحالة طبيعية لذلك‪ .‬فاإلدارة‬
‫الغريبة هي أكثر أشكال السلطة طغيانا ً واستعماراً‪ ،‬وهنا نعلم أن اإلدارة الذاتية تساعد على‬
‫تطور المجتمع أخالقيا ً وعلميا ً ويبقى ال يزول‪ ،‬واألهم من ذلك هو منع كفاءة اإلدارة من‬
‫االنتقال نحو السلطة من جهة‪ ،‬وتصديها تجاه الالإدارة من جهة أخرى‪ ،‬وبقدر أهمية عدم‬
‫تحويل اإلدارة إلى سلطة‪ ،‬كذلك ال يجوز سلب االمتيازات من اإلدارة‪.‬‬
‫بقدر ما يكون حُكم السلطة مناهضا ً للديمقراطية وإقصاء المجتمع‪ ،‬تعاكسها اإلدارة الذاتية‬
‫بالدرجة نفسها باإلدارة الديمقراطية؛ بإشراك المجتمع‪.‬‬
‫الديمقراطية موجودة في طبيعة اإلدارة الذاتية‪ ،‬بحكم اعتمادها وتبنيها المجتمع المشارك‬
‫باإلدارة‪ .‬والديمقراطية عاد ًة ما توحي بالغالبية العددية والمجتمعات الكبرى كالشعوب واألمم‪،‬‬
‫أما اإلدارة الذاتية تشير إلى الكفاءة أو القوة المستدامة التي تنتشر من أصغر المجتمعات‬
‫الكالنية (العائلية) إلى أوسع المجتمعات الوطنية‪.‬‬
‫بسبب عجز علم االجتماع عن تحليل الخلط بين السلطة واإلدارة‪ ،‬جعل التحليالت البنيوية‬
‫والعقلية والمواقف التاريخية تتخبط في الفوضى‪ L،‬والنتيجة هي ابتالع السلطة لكل المجتمع‬
‫والبيئة‪ ،‬وإفراغ الديمقراطية من جوهرها وجعلها قشرة جوفاء بدون جدوى (شكلياً)‪.‬‬
‫لذا ال يمكن تخطي ذلك إال بالتركيز والتحليل العلمي واالجتماعي؛ لمصطلحي اإلدارة‬
‫والسلطة وبتعميم الحل على كافة العلوم األخرى ومنها التاريخ‪.‬‬

‫موب‬ ‫‪7‬‬ ‫‪MUB‬‬


‫‪ - 6‬الـسـيـاســة‬

‫مقـدمـة ‪:‬‬

‫السياسة فن الممكن‪ ،‬إذ أن التفكير السياسي يبدأ بوضع التصورات لطبيعة السلطة‪ ،‬ومن ثم‬
‫تحليل للواقع السياسي وانتقاده ووضع تصورات لما يجب أن تقوم عليه الدولة‪.‬‬
‫تمثل السياسة ظاهرة اجتماعية صعبة اإلدراك بقدر السلطة‪ ،‬وهي ذات أصول إغريقية وتعني‬
‫(إدارة المدينة) والسياسة كظاهرة اجتماعية هي تحقيق تطور المجتمع من خالل إدارة شؤونه‬
‫بحرية‪ ،‬وال يمكن حصرها باإلدارة الذاتية أو السلطة فقط‪ ،‬فهي مساحة لحرية المجتمع وتطور‬
‫إلرادته وإدراكه‪ ،‬ونستطيع المطابقة بين السياسة والحرية على ما سبق‪.‬‬
‫ً‬
‫وممارسة وكيفية تطويرهما والدفاع عنهما‪.‬‬ ‫وموضوعنا هنا إدراك المجتمع لذاته ولهويته فكراً‬
‫في حال اكتسبت السياسة هوية السياسة الديمقراطية حال بلوغها اإلدارة الذاتية‪ ،‬حينها يمكن‬
‫تقييم تحويلها إلى حالة حكم السلطة‪ ،‬وهنا يبدأ تحريف مفهوم السياسة الجوهري‪ ،‬بسبب أن‬
‫ساحة السلطة هي الحقل الذي ُتن َكر فيه السياسة‪ ،‬وبنا ًء عيه فحكم الدولة ليس سياسة أو إدارة‬
‫سياسية؛ كما ُت َرو ُج له الليبرالية بل إنكار السياسة‪ ،‬فال يمكن تعريف حكم الدولة بالسياسة‪ ،‬بل‬
‫هو نوع من أنواع حكم السلطة المؤدلجة بمعايير‪ ،‬وبكل األحوال السلطة تعني تفنيد السياسة‪.‬‬

‫تعريف السياسة ‪:‬‬

‫‪ – 1‬سلوك الحكومات والدول وعالقاتها بشعوبها وبالدول األخرى (سياسة‬


‫خارجية)‪.‬‬
‫‪ – 2‬إجراءات إدارية أو تدابير تنظيمية (سياسة اقتصادية)‪.‬‬
‫السياسة ً‬
‫لغة‪ :‬هي معالجة وتنظيم وتسيير األمور‬

‫موب‬ ‫‪8‬‬ ‫‪MUB‬‬


‫اصطالحاً‪ :‬مجموعة من األساليب والطرق واإلجراءات المختصة في اتخاذ القرارات من أجل‬
‫تنظيم الحياة‪ ،‬ودراسة آليات لخلق التوافق بين كافة التوجهات االقتصادية والدينية واإلنسانية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬كما أنها تضم مجموعة من القوى وآليات التوزيع للموارد والنفوذ الخاصة‪.‬‬
‫سبب تشويش العقول في المجتمعات؛‪ L‬يعود إلى التحليل الليبرالي لعلم االجتماع بالعموم‪،‬‬
‫طر ِه االصطالحية والنظرية‪ ،‬مما أدى‬‫وابتعاده عن التحليل والتفسير التسلسلي لعلم االجتماع وُأ ُ‬
‫لتداخالت في المفاهيم العامة للمصطلحات‪ L،‬وتحديداً العالقة بين السلطة واإلدارة والسياسة؛‬
‫التي أصابها التشويش االصطالحي‪ ،‬مما أبعدها عن الفهم لدى المجتمعات الطبيعية‪.‬‬
‫عندما نربط مصطلح السياسة بجميع األنظمة الحاكمة وبالتحديد المتسلطة منها‪ ،‬فإننا ننسى‬
‫السياسة الديمقراطية الالسلطوية الصامدة والمقاومة لألنظمة الرأسمالية‪ ،‬التي تنبع وتمثل‬
‫المصالح الوطنية األساسية الداخلية للمجتمع‪ ،‬وهذا يُع َت َبر تشويش وعربدة للعقول واإلرادة‪،‬‬
‫ناهيك عندما يتم الحديث بدون تفكير؛ عن تطور كبير في السياسة (السلطوية) وبلوغها‬
‫العصري والمتحضر‪ L،‬وعلى الرغم من إقصاء السياسة عن المجتمع منذ زمن بعيد‪ ،‬وإحالل‬
‫((ألغاز السلطة)) المطابقة للخيانة محلَّها‪ ،‬لكن ما يسري في الميدان االجتماعي‪ ،‬الذي تتواجد‬
‫فيه السياسة هي المصالح الحياتية للمجتمع‪ ،‬وسالمته ورقيه ً‬
‫بنية ومعنى‪.‬‬
‫بينما المجتمعات التي تغيب فيها السياسة أو تضعف‪ ،‬لن تتخلص من معاناة سلطة اإلبادة‬
‫واالستعمار خارجياً‪( L‬ثقافياً)‪ L،‬أو من استغالل وقمع النخبة السلطوية والطبقة االستغاللية‬
‫داخلياً‪ ،‬ومن هنا فأعظم فضيلة يمكن عملها من أجل مجتمع ما‪ ،‬واألفضل من ذلك هو البلوغ‬
‫ش ُ‬
‫ط فيها السياسة الديمقراطية على مدار الساعة‪.‬‬ ‫به إلى ديمقراطية مستدامة وبنيوية‪ ،‬تن ُ‬

‫‪ - 7‬األخـــالق‬

‫مـقـدمــة ‪:‬‬

‫األخالق تقود المجتمع كالسياسة‪ ،‬لذلك هي شكل من أشكال السياسة التي تتخذ حالة التقاليد‬
‫المؤسساتية التاريخية‪ ،‬كون األخالق تقاليد إيجابية لقيادة المجتمع‪ ،‬فبينما تؤدي السياسة غالبا ً‬
‫دور المبدع والحامي والمغذي في المخطط اليومي‪ ،‬فإن األخالق تقوم بالخدمة ذاتها من أجل‬
‫المجتمع القائم عن طريق القوة المؤسساتية والقواعدية للتقاليد (المؤسسات الثقافية) وبمقدورنا‬
‫تقييم األخالق بأنها الذاكرة السياسية للمجتمع‪ ،‬لذا فالمجتمعات المُفتقرة لألخالق‪ ،‬تدل على‬
‫ضعف ذاكرتها السياسية أو حتى خسارتها‪ ،‬وبالتالي فقدان مؤسساتها القواعدية التقليدية‬

‫موب‬ ‫‪9‬‬ ‫‪MUB‬‬


‫(الثقافية التي تنشط ذاكرتها)‪ ،‬مما يؤدي بالمجتمع الفتقاده للدفاع الذاتي‪ ،‬فيتم اسقاطه في حالة‬
‫االنفتاح على أشكال الممارسات التحكمية واالستعمارية والمُصهرة داخليا ً وخارجياً‪.‬‬

‫الـتـعـريــف ‪:‬‬

‫‪ - 1‬هي منظومة قيم يعتبرها الناس بشكل عام جالبة للخير وطاردة للشر وفقا ً للفلسفة‬
‫الليبرالية‪ ،‬وهي تميز اإلنسان عن غيره‪.‬‬
‫‪ - 2‬شكل من أشكال الوعي اإلنساني‪ ،‬كما ُتع َتبر مجموعة من القيم والمبادئ والتي تحرك‬
‫األشخاص والشعوب كالعدل والحرية والمساواة‪ ،‬حيث ترتقي إلى درجة تصبح فيها مرجعية‬
‫ثقافية لتلك الشعوب‪ ،‬لتكون سنداً قانونيا ً تستقي منه الدول واألنظمة والقوانين‪.‬‬
‫‪ - 3‬هي دراسة‪ ،‬حيث ي َق َي م السلوك اإلنساني على ضوء القواعد األخالقية التي تضع معايير‬
‫للسلوك‪ ،‬وأصل الكلمة يوناني (إيثيه) من(عادة) و ُت َكوُ ن طاقما ً من المعتقدات أو المثاليات‬
‫الموجهة‪ ،‬وجذرها اليوناني هو الديون ولوجيا‪( :‬ديون)‪ :‬ما يجب فعله‪ -‬لوجيا‪ :‬علم فيصير‬
‫علم الواجبات‪ ،‬فيحكم على الفعل راجعا ً إلى القواعد والقوانين‪ ،‬وفي لسان العرب يقول‪:‬‬
‫ِف شيئاً‪ ،‬أي صار له‬‫(واشتاق خليق وما أخلقه) من الخالقة‪ :‬وهي التمرين‪ ،‬وكذلك القول‪ :‬أل َ‬
‫ُخلقاً‪ ،‬أي م ُِر َن عليه‪.‬‬
‫إن الدافع األولي وراء قيام أنظمة السلطة وكيانات الدولة بتعرية األخالق والنهش فيها على‬
‫الدوام‪ ،‬ووراء فرضها اإلرادة القانونية أحادية الجانب‪( L‬الشكل األخالقي للمهيمنين) على‬
‫المجتمع بدالً منها‪ ،‬هو النظر بعين الضرورة الحتمية إلى إقحام ذاك المجتمع في وضع‬
‫االنفتاح على حُكم السلطة واالستغالل دائميا ً وبنيويا ً (بنية وهيكلية السلطة الحاكمة)‪.‬‬
‫وذلك بعد تخريب السياسة واإلدارة الذاتية فيه‪ ،‬ذلك أن مجتمع ما يعيش أخالقه بقوة ومناعة‪،‬‬
‫ال يمكن أن يُذعن للسلطة بسهولة‬
‫رغم حاالت السلبية والرجعية والبدائية في األخالق فهي أثمن وأهم بالنسبة لمجتمع ما من‬
‫قوانين أكثر السلطات والدول تقدماً‪ ،‬المكان الذي يسود فيه المجتمع األخالقي والسياسي بدون‬
‫سلطة وقانون يغدو عبئا ً ال يُحتمل‪ ،‬ولكن تصيير المجتمع أخالقيا ً وسياسيا ً فإنه يغدو ديمقراطيا ً‬
‫وحراً ومفعما ً بالمساواة‪ ،‬وبالتالي يصبح مقاوما ً ومنغلقا ً أمام استثمار واستغالل ُن َخب السلطة‬
‫واحتكارات رأس المال‪.‬‬
‫نرى أن الليبرالية في علوم االجتماع ُتسقط السياسة إلى مستوى الديماغوجية والغوغاء‪،‬‬
‫وتعريفها لألحزاب بأنها نماذج مصغرة من الدولة على أنها أدوات ديماغوجية مصغرة‪ ،‬وهذا‬

‫موب‬ ‫‪10‬‬ ‫‪MUB‬‬


‫ليس إساءة شنيعة للعلم وباسم العلم‪ ،‬بل هو خدمة الحتكارات السلطة واالستغالل بأداء دوره‬
‫(العلم) الذي يُع َترف له وبه عن وعي وإدراك‪.‬‬

‫‪ – 8‬الـقـانــون‬

‫مقدمــة ‪:‬‬

‫رغم صلته بالحق والعدالة إال أن وظيفته األساسية هي تعزيز سلطة الدولة‪ ،‬وبالتالي تحجيم‬
‫الميدان االجتماعي المُس َتنِد إلى األخالق منذ آالف السنوات‪ ،‬والذي قام على مبادئ تأمين‬
‫المأكل والحماية والنسل‪.‬‬

‫الـتـعـريــف ‪:‬‬

‫نظام من القواعد التي يتم إنشاؤها وتطبيقها‪ ،‬من خالل المؤسسات االجتماعية أو الحكومية‬
‫لتنظيم السلوك‪ ،‬على الرغم من أن تعريفه الدقيق هو مسألة نقاش طويلة األمد‪ ،‬فتم وصفه‬
‫بشكل مختلف‪ ،‬على أنه علم وفن العدالة‪.‬‬
‫يقوم القانون بتجريد المجتمع من السياسة واإلدارة الذاتية لموجب القانون والحُكم المفروضين‬
‫من األعلى بيد السلطة والدولة‪ ،‬وهو بمثابة الحقل‪ L‬الذي يشوش العقول باألكثر‪.‬‬
‫تصاعد القانون يفيد بتعرية المجتمع من األخالق‪ ،‬وبالتالي حدوث صراع طبقي ومنه إلى‬
‫سيادة االستغالل والقمع في ذلك المجتمع‪ ،‬أما زيادة اإلجراءات‪ L‬القانونية فهي ال تعكس قوة‬
‫الحق وتمثيل العدل‪ ،‬بل تعكس مصالح احتكارات القمع واالستغالل‪ ،‬وتطور القانون في النظام‬
‫الرأسمالي يعود إلى الربح الفاحش‪ L.‬وباإلمكان الحكم على القانون بأنه أخالق الحتكارات‬
‫السلطة ورأس المال‪ ،‬فبينما تسير األخالق التقليدية في األنقاض المتبقية باسم المجتمع‪ ،‬يتم‬
‫يق مساحة المجتمع طردياً‪ ،‬كجعل‬ ‫ض ُ‬‫تحويل القانون إلى ساحة لممارسات سلطة الدولة التي ُت َ‬
‫كافة مجاالت الحياة تقريبا ً بما فيها الماء والهواء؛ موضوع قانون في ظل الحداثة الرأسمالية‪،‬‬
‫ُبحث فيها عن األخالق بالشموع؛ فتجعل األخالق مضمون مصطلح القانون ملموسا ً‬ ‫التي ي َ‬
‫وأكثر شفافية‪.‬‬

‫موب‬ ‫‪11‬‬ ‫‪MUB‬‬


‫عمليات السلب والنهب التي تقوم بها الحداثة الرأسمالية بغطاء شرعي من القانون‪ ،‬ال ُت َ‬
‫قارن‬
‫بحكام المدنية القدماء بالسلب االجتماعي‪ ،‬رغم تعرضهم للنقد‪.‬‬
‫إن صعود القانون مع مرور الوقت إلى المراتب األولى في علم االجتماع‪ ،‬ينبع في جوهره من‬
‫الحاجة إلى مواراة الباطل باسم الحق‪ ،‬وإخفاء الرياء باسم الواقع االجتماعي‪ ،‬لذا فالقانون‬
‫مُر َغم أن يكون أداة الشرعية األساسية للحداثة الرأسمالية‪.‬‬
‫مثلما نالحظ في ظاهرة السلطة‪ ،‬أن المهم في ميدان القانون أيضاً‪ ،‬هو رؤية البُعد األخالقي‬
‫وتحليل التشويش الجاري فيه‪ ،‬ولو تب َّدى لك وكأنه ُم َقو َنن؛ ومعرفة كيفية الدفاع عن المجتمع‬
‫ض َم َن ِة في هذا القانون‪ ،‬بمعنى آخر‪ ،‬المه ُم هنا عدم التخلي عن دور األخالق‬ ‫باألخالق ال ُم َّ‬
‫ض َمن ِة بالقانون في حماية المجتمع وتأمين سيرورته (تطبيقه)‪ ،‬تماما ً كما استرداد القدرة‬ ‫ال ُم َّ‬
‫ض َمن ِة بالسلطة‪ ،‬وختاما ً يجب السعي ال وراء القانون الم َُجرد وإنما‬
‫على اإلدارة االجتماعية ال ُم َّ‬
‫ً‬
‫رحمة ال عدالً)‪.‬‬ ‫القانون الباعث لألخالق والحكم بأخالق القانون‪ ،‬قوله تعالى (أريد‬

‫‪ - 9‬الـديـمـقـراطـيــة ‪:‬‬

‫مـقـدمـــة ‪:‬‬

‫االستخدام الزائد للديمقراطية في الممارسة العملية وتفسيرها المناقض لجوهرها‪ ،‬أعطاها‬


‫بنحو صحيح‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫األهمية لتعريفها‬
‫ضيق وآخر واسع‪ ،‬للديمقراطية التي يكثر استخدامها‬
‫ٍ‬ ‫نطاق‬
‫ٍ‬ ‫باإلمكان صياغة تعاريف على‬
‫رغم اللغط االصطالحي حولها‪.‬‬

‫الـتـعـريــف ‪:‬‬

‫كلمة إغريقية ظهرت في أثينا وتتألف من كلمتين (ديموس) وتعني الشعب و (كراتي) حكم‬
‫أو إرادة‪ ،‬وبذلك تصبح (الديمقراطية) ‪ :‬إدارة الشعب نفسه بنفسه‪.‬‬
‫معناها الواسع‪ :‬قيام المجموعات التي ال تعرف الدولة أو السلطة بإدارة نفسها بنفسها‪،‬‬
‫وتندرج المجموعات الكالنية والعشائرية والقبائلية أدارة نفسها بنفسها في هذا التصنيف‪.‬‬
‫موب‬ ‫‪12‬‬ ‫‪MUB‬‬
‫أما المجموعات التي تعيش ضمن نطاق ظاهرتا السلطة والدولة فيمكن إدراجها في تعريف‬
‫الديمقراطية على نطاق ضيق‪ ،‬ففي المجتمعات الدولتية ال تسري اإلدارات الديمقراطية وال‬
‫اإلدارات االستبدادية الخالصة‪ ،‬بل غالبا ً ما تسود ظاهرتا اإلدارتين بشكل متداخل‪ ،‬فيثمر‬
‫أنظمة منفتحة على تفسخ وفساد السلطة والديمقراطية على ج ٍد سواء‪.‬‬
‫وبحكم طبيعة سلطة الدولة‪ ،‬تحجم الديمقراطية وتجرها للوراء في عالقتها مع المجتمع‪ ،‬بينما‬
‫القوى الديمقراطية تتطلع إلى توسيع حدودها دوما ً على أساس عدم االعتراف بالدولة‪ ،‬وهنا‬
‫تنبع إشكالية الدولة في تقمص قناع الديمقراطية وبدورها تتطلع إلى الدولة‪ ،‬وقد ُ‬
‫طوَّ رت هذه‬
‫بنحو منظم في المدنية األوربية‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫التعقيدات‬
‫ولكن الخالف والتباين في الشرق األوسط أعمق بين طبيعتي الدولة والمجتمع‪ ،‬حيث تلجأ‬
‫السلطة والدولة عبر الدساتير‪ ،‬للحد من نطاق المجتمع بالديمقراطية التمثيلية‪.‬‬
‫هذا النموذج الذي عملت على تحقيقه الحداثة الرأسمالية بهدف تطويع الصراعات‪ L‬الطبقية‬
‫للتحكم بها‪ ،‬فمن جهة تفرض (السلطة والدولة) نظام الدولة القومية والذي هو األكثر قمعية‬
‫ووحشية في التاريخ‪ ،‬ومن جهة أخرى تحاول إرضاء‪ L‬المجتمع بالديمقراطية التمثيلية البرلمانية‬
‫كواجهة للزينة فقط‪ ،‬وهذه الظاهرة ُتسمى الديمقراطية الليبرالية‪.‬‬
‫ال يمكن انقاذ الديمقراطية االجتماعية إال عبر تطوير اإلدارة الذاتية الديمقراطية‪ ،‬كنموذج‬
‫للحل الصحيح؛ في حال عدم مطابقتها مع سلطة الدولة من جهة‪ ،‬وتحريفها باسم الديكتاتورية‬
‫الشعبية (األغلبية العددية) أو البروليتارية من جهة أخرى‪.‬‬
‫والح ّل المجتمعي هو إنشاء قوى عصرية ديمقراطية خاصة به؛ في وجه القوى المدنية‬
‫الموجودة تاريخيا ً وقوى الحداثة الرأسمالية المعاصرة‪ L،‬هذا ويتجسد الدور التاريخي‬
‫للعصرانية الديمقراطية في بناء ذاتها ضمن جميع الحقول االجتماعية‪ ،‬والرُقي بالمعاني داخلها‬
‫دون االنصهار في بوتقة الدولة القائمة‪ ،‬ودون التحول إلى امتداد مدني لها‪ ،‬ودون استهداف‬
‫هدم الدولة والتطلع بالمقابل إلى ال َتدَ ول‪.‬‬

‫موب‬ ‫‪13‬‬ ‫‪MUB‬‬


‫موب‬ 14 MUB

You might also like