You are on page 1of 9

‫التمثالت الثقافية في الخطاب االشهاري‬

‫دراسة في آليات البناء واالشتغال‬


‫أ‪ /‬أحمد بوخاري أستاذ سيميولوجية الصورة بجامعة الجزائر‬
‫‪ahmed .space@yahoo.fr‬‬
‫تقديم‪:‬‬
‫تهيمن الصورة االشهارية على حياتنا اليومية فأينما تدير وجهك تجد صورة أمامك بتعدد الوسائل التي يستعملها الفرد في‬
‫حياته اليومية ‪،‬وطبع ظهور الصورة االشهارية مرحلة جد مهمة في تاريخ البشرية حيث زالت الحواجز بين الطبقات البرجوازية‬
‫وبين الشعب من جهة وبين المعرفة و الجهل من جهة أخري تزامن ذلك مع ظهور الفكر الرأسمالي الذي شكل سلطة‬
‫ايديولوجية هيمنت على جميع مناحي الحياة‪ ،‬من حيث ان السلطة المهيمنة اعتمدت غلى كل الوسائل لنشر ثقافة االستهالك‬
‫فارتبط الفكر الرأسمالي الحديث بالخطاب االشهاري؛ حيث يستعمل لذلك كل وسائل االتصال من كلمة وصورة ورموز من‬
‫اجل التأثير على المتلقي أو المستهلك والدفع به إلى اقتناء منتوج ما وهدا ما وظفته المؤسسات االقتصادية في سياساتها‬
‫التسويقية من خالل االعتماد على الصورة للتأثير على نفسية المستهلكين واقناعهم بالفكرة االشهارية‪ ،‬باعتباره شبكة تواصلية‬
‫معقدة تحتل داخلها المعطيات االجتماعية والنفسية موقعا متمي از فال جدل االن أن الخطاب االشهاري يعد من الخطابات التي‬
‫تندرج ضمن الممارسة الثقافية كالخطاب األدبي أو السينمائي؛ والى جانب بعده االقتصادي المرتبط بالدعاية التجارية يكتسي‬
‫هذا الخطاب طابعا ثقافيا اجتماعيا جماليا من خالل مكوناته الثقافية‪.‬‬
‫هذا ما يعطي مشروعية البحث السيميولوجي للرسالة البصرية االشهارية؛ باعتبارها نسقا عالماتيا قائما بذاته متعددة التفسير‬
‫والتأويل‪ ،‬او بمعنى اخر باعتبارها بؤرة المعاني الالمتناهية فالصورة بهذا المنظور تق أر كما يق ار النص المكتوب و تؤول كما‬
‫يؤول‪ ,‬لكن تختلف آليات قراءة الصورة وقواعد القراءة عن قراءة النص الكتابي من عدة نواحي ال يسعنا ذكرها في هذا المقام‪,‬‬
‫وجهتنا التحليلية‪ .‬فالصورة إذن عبارة عن نص صريح و غامض‪ ،‬بسيط و معقد‪ ،‬مريح و مخيف في نفس الوقت هدا ما‬
‫يجعلنا نصل الى حقيقة ان الصورة االشهارية ال تقدم نفسها بكونها استحضا ار بسيطا لواقع معين بل وضعها خياال تعيشه‬
‫الذات‪ ،‬او بعبارة اخري وهما ننساق وراءه‪ ،‬فالصورة لها قدرة على تمثيل الشخصيات‪ ،‬المكان‪ ،‬األشياء الحركة الزمان غير‬
‫أنها ليست انعكاسا اليا للواقع‪ .‬بمعنى ان االشهار يخلق و يساهم في بناء ثقافة التمويه و التظليل عبر خلق صور يتماهي‬
‫الفرد فيها الى ان يصبح اسي ار لألشياء المحملة بالمعاني و القيم الزائفة ‪ ،‬حيث تصبح االشياء احالما يعيشها الفرد ويرتبط‬
‫بقيمها التي ترتبط بها كالحرية ‪،‬القوة ‪،‬الجمال ‪،‬المتعة ‪،‬المنزلة االجتماعية ‪ ،‬فالفرد ال يشتري منتوجا من اجل استهالكه‬
‫فحسب و انما من اجل ان يكتسب القيمة المضافة المروج لها للمنتوج في االشهار فتزول االشياء و السلع و تبقي ارتباطاته‬
‫بالقيم الزائفة ‪.‬‬
‫اذن الصورة االشهارية ليست مجرد وسيلة للترفيه و لكنها انعكاس للحوارات الثقافية التي تدور حول القيم و المعتقدات واألفكار‬
‫‪ ،‬من هذا المنطلق نجد ان االشهار ال يمكن فهمه بعيدا عن النسق الفكري الذي ظهر فيه و عالقته بالرأسمالية اذ انه يعمل‬
‫كوسيط رمزي مسؤول عن وظيفة دمج االفراد في العالم االستهالكي‪ .‬هذا الطرح يعني ان االشهار له هدفين ‪ :‬حماية النسق‬
‫االستهالكي و ضمان استم ارريته وهو بذلك يضمن مصلحة الفئة المسيطرة و المهيمنة و اقناع الفئة المهيمن عليها بالقبول‬
‫و االنصياع لهذه السيطرة‪ ،‬لم يخطا كارل ماركس ‪ Karl Marx‬و ماكس فيبر ‪ Max Weber‬بتأكيدهما ان‪":‬ثقافة الطبقة‬
‫المهيمنة هي دوما الثقافة المهيمنة"‪.‬‬
‫‪-1‬ايديولوجية الخطاب االشهاري‪:‬‬
‫نحن نرى العالم و االشياء في العالم باألسلوب الذي تحدده لنا الصورة االشهارية " وسائل االعالم الكبري ليست كيانات‬
‫مستقلة تنشط في فراغ‪ ،‬انها جزء من النسيج االقتصادي و االجتماعي فهي سالح العولمة التي توظفه لنشر قيمها‬
‫وانماطها السلوكية‪ " 2‬فإذا كانت افكار الطبقة المهيمنة هي االفكار المسيطرة في أي عصر ما مثل االيديولوجية البرجوازية‬
‫‪ bourgeois society‬فهذا يعني انها تسود جميع المجتمع ف" الطبقة الحاكمة توزعها لكن ليس بطريقة مباشرة و انما‬
‫عبر المثقفين و المعلمين ووسائل االعالم والمهيمنين‪ 3‬فثقافة العولمة ال تعبر عن مزيج و تداخل بين الثقافات المختلفة او‬
‫تجانس ثقافي وانما " تتمثل في اعتناق ثقافة الغرب و خصوصا القيم االمريكية هذا ما دفع البعض الى تسميتها االمبريالية‬
‫الثقافية‪ imperialism cultural "4‬فاإلشهار هو الفعل التواصلي الرمزي الذي يعيد تركيب بعض المعتقدات و السلوكيات‬
‫و هو الخطاب الذي يشكل سر المفاهيم الجديدة و الحديثة لكيفية العيش ما يسمي الحياة الجيدة ‪ good life‬يقول عالم‬
‫السياسة و الناقد الثقافي بنيامين بابر‪ ": Benjamin Barber 5‬االستهالك يلعب دو ار في تشكيل الهويات المواتية للشراء‬
‫والبيع‪ ،‬الهوية هنا تصبح انعكاسا ألساليب الحياة ‪ life style‬التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالماركات التجارية والمنتجات‬
‫ترتبط مع سلوكياتنا ‪ ،‬اين نتسوق ‪ ،‬كيف نتسوق‪ ،‬كيف نشتري‪ ،‬و ما نأكله‪ ،‬و كيف نلبس ‪ "...‬فاإلشهار يحاول التأثير‬
‫على فهمنا ألنفسنا و عالقتنا فالثقافة التجارية و الرأسمالية تشوب كل شيء انها تهمش الحياة األسرية و الحياة الدينية‪ ،‬الى‬
‫ان يصبح المواطنون مجرد مستهلكين لهم الكثير من الخيارات تقدم لهم ما تريد‪ ،‬و لكن ال تعطيهم ما ارادوا فاإلشهار حسب‬
‫بنيامين مثل الديمقراطية "انت ال تحتاج الى ان تجبر الن تكون ح ار‪ forced to be free 6‬فالرأسمالية تنتج والفرد يستهلك‪،‬‬
‫الرأسمالية تنتج الكثير من المنتجات غير المرغوب فيها لكن الحقا نحتاج اليهاـ من جانب اخر االشهار يعطي لألشياء في‬
‫حياتنا معنى رمزي ‪ symbolic meaning‬ألنه يعطي قيمة لألشياء لما حولنا فهو يعطي قيمة لحياتنا؛ لقد اصبح االشهار‬
‫جانب من جوانب ثقافتنا‪ ،‬الى حد القول ان االشهار يهيمن على ثقافتنا‪ .‬الرأسمالية الحديثة ‪ néolibéralisme‬تنتج الخطاب‬
‫و بالتالي الواقع و الحفاظ عليه عن طريق االشهار " االشهار يصفي الشرعية على االستهالك الثقافي‪ ،‬فهذا االنتاج هو‬
‫وسيلة لتلبية مطالب المجتمع و اداة للحفاظ على هذا النظام‪ 7‬تقوم هذه المقاربة عبر ما يصطلح عليه صناعة الرغبات او‬
‫الوهم الذي يرتبط بالسلعة حيث تقوم سيكولوجية االشهار على " بيع االحالم و اثارة الرغبات من خالل مختلف اشكال الربط‬
‫بين السلعة والصحة و الجمال ‪...‬الخ‪ 8‬يقول ميشال فوكو‪ " :‬الذات ما هي إال نتاج للسلطة‪ ،‬التي عملت على خلق فراغ‬
‫داخلي عند االفراد لتسهل اخضاعهم من خالل الوعي و اإلرادة كما عملت السلطة على خلق و هم استقالل الذات في‬
‫حين ان االنسان الجسد خاضع لسلطتها‪ 9‬هذا ما ذهب اليه بورديو في نظريته حول العنف الرمزي من خالل انتاج‬
‫االعتقادات من طرف القوة الرمزية " القوة التي تملكها كل سيطرة اقتصادية ‪ ،‬سياسية‪ ،‬ثقافية او غيرها ‪...‬حتى تصير‬
‫قادرة على ان يتم االعتراف بها أي تجعل نفسها متكررة داخل حقيقة سلطتها وعنفها التعسفي"‪10‬فقد اظهرت البحوث‬
‫الحديثة ان العالمة التجارية تعمل بطرق متعددة‪ ،‬مما اعاد النظر و القاء الضوء لكيفية اشتغال العالمة التجارية و عملية‬
‫لفت االنتباه‪ ،‬و كيف ينتج المعني ‪ cretes meaning‬والشفرات الثقافية‪ cultural codes ،‬و انتاجيه للخطاب االيديولوجي‬
‫‪ 11 ideological discours‬هذا ما يرجعنا الى المفهوم الذي قدمه جون بودريار‪ Jean Baudrillard 12‬عن التبادل‬
‫الرمزي ‪ exchange symbolic‬حيث يمثل مفهوم مهم في فهم لماذا لم تتحقق تنبؤات ماركس حول انهيار الرأسمالية‪،‬‬
‫بودريار يضيف الى المفاهيم الماركسية من قيمة االستعمال و قيمة التبادل‪ ،‬مما يشير الى انه في المجتمع الموجه نحو‬
‫االستهالك اليوم‪ ،‬السلع تأخذ على القيمة الرمزية و بالتالي فان السلطة في المجتمعات الصناعية الغربية تتحكم في ثقافة‬
‫المعلومات ‪ ، information culture‬و بالتالي توليد قيمة رمزية تتغير باستمرار تولد طلبات جديدة للحصول على صفة‬
‫رمزية فالفرد عندما يشتري منتوج معين فهو يشتري القيمة الرمزية المضافة قد تكون السعادة‪ ،‬او المتعة ‪...‬الخ فالرأسمالية‬
‫قادرة على الحفاظ على نفسها ما دامت هناك احتياجات رمزية للسكان تقوم السلعة بقيمتها او القيمة الرمزية بإرضائهم و‬
‫اشباع حاجاتهم‪.‬‬
‫‪-2‬اختراق الهوية الثقافية عبر اإلشهار‪:‬‬
‫اوجد النظام الرأسمالي المتوحش بقيادة الواليات المتحدة االمريكية منظومة من القيم الثقافية تتميز بالسطحية و الشعبوية‬
‫تهدف الى تحويل الناس الى نسخ متطابقة فنحن نتعلم من الصورة كيف نلبس كيف نتواصل تعلمنا كيف نتجاوز الحواجز‬
‫والفروق " االشهار ينضر لمذهب المتعة ‪ ،‬انه يساهم في نظرة الناس للعالم كمادة لالستهالك ‪ ،‬تعظيم المتعة الجسدية‬
‫والنفسية"‪13‬‬
‫رغم نداءات الكثير من الباحثين الى اعتماد اشهار يتماشي مع الهوية الثقافية لمختلف البلدان إال ان "االمر يتعلق بمشكلة‬
‫التحويل الثقافي الذي تطرحه كل سياسة اشهارية متعددة القوميات يدعي التسويق االمريكي بشكل صريح القدرة على خلق‬
‫استراتيجية عولمية شاملة فما هو جيد وحقيقي و مريح لربات البيوت في مينوسيتا سيكون ايضا جيدا و حقيقيا للشباب‬
‫الغابوني و الزوجات البلجيكيات‪ 14‬ان االشهار بهذا المنظور يقوم على بلورة ثقافة مشتركة بين جميع الدول انها عملية‬
‫توحيد لجميع احتياجاتنا و رغباتنا و تصوراتنا‪" .‬يسعي االشهار بواسطة اثارة انفعاالت لدى و الى اكساب رغباته الخفية‬
‫قوة ال تقاوم بحيث انها تدفعه الى الفعل ألجل اشباعها‪15‬‬
‫انه يحمل في طياته ثقافة و يعبر عنها من عدة أوجه‪.‬‬
‫‪-‬يحمل معه ثقافة مصدر السلعة‪.‬‬
‫‪-‬يحمل معه ثقافة المعلن‪.‬‬
‫‪-‬يحمل معه ثقافة مصنع اإلعالن‪.16‬‬
‫فاإلشهار التلفزيوني يوظف رسالة مغرية لش ارء السلعة‪ ,‬فيعتمد على الصورة الجميلة والمثيرة لالنتباه وعلى الموسيقى والرقص‪،‬‬
‫وهي كلها تجسيدات لثقافة االستهالك‪.‬‬
‫تحمل اإلعالنات صور مملوءة بالتمويه والخداع وهي بكل تأكيد تحقق أهدافها‪ ،‬تسلسل إلى عقول الناس ويتخذون ق ارراتهم‬
‫بناءا عليها وتصبح جزءا من حياتهم‪ ،‬ف"اإلشهار ذو بعد اقتصادي ال تخفي جوانبه من حيث تنشيط الحركة االقتصادية‪،‬‬
‫ولكن هذا الجانب يحمل معه دالالت ثقافية قد تكون ذات أبعاد سيئة من خالل إشاعة النمط االستهالكي في مجتمعات‬
‫غير منتجة‪ ،‬وتعويد الناس على النمط االستهالكي باإلضافة إلى التأثير على المستويات األخالقية"‪.17‬‬
‫خاصة التي تؤكد العنف‪ ،‬واإلشهارات الجنسية الفاضحة التي تصل إلى حد الدعارة‪ ،‬كوميديا الجريمة أو الموسيقى الصاخبة‬
‫أي محتوى آخر "يؤدي إلى اإلسهام في خفض مستوى الذوق وافساد األخالق أو اإلثارة للقيام بسلوك غير مقبول‬
‫اجتماعيا"‪ ،18‬وحسب الباحثة فايزة يخلف فإن اإلشهار يكون بعيدا عن الهوية الثقافية إذا غاب عنه‪.‬‬
‫‪ "-‬المماثلة أو التطابق الثقافي في اإلشهار التلفزيوني أي يتطابق و الواقع السوسيوثقافي للمتلقي‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد معنى الحقيقة السوسيوثقافية في الصورة اإلعالنية أي تمثيل ثقافي يعكس بصدق ما استقرت عليه جماعة‬
‫اجتماعية من أطر و نماذج للمثل‪.‬‬
‫‪-‬تجسد الصورة اإلعالنية صورة الذات أي أن الصورة ال تحول الحياة اليومية إلى نوع من الخيال"‪.19‬‬
‫و بالتالي تنجر عن ذلك انعكاسات سلبية تبرز آثارها على الفرد والمجتمع‪.‬‬
‫فقدان القوة‪:‬‬
‫أي فقدان القوة على ضبط الحوادث ونتائجها وقد عبر عنها علماء آخرون بالشرود والخمول‪.‬‬
‫‪-‬فقدان المعنى‪:‬‬
‫و هو يشير إلى عدم اإلحساس الفرد بفهم األحداث التي يرتبط بها ويصبح غير قادر على االختيار بين البدائل‪.‬‬
‫‪-‬فقدان المعيار‪:‬‬
‫حيث أصبحت المعايير االجتماعية التي تنظم السلوك الفردي متصدعة أو غير فعالة‪.20‬‬
‫‪-3‬تمثالت الذكورة و االنوثة‪:‬‬
‫يلعب التمثل في االشهار دو ار مهما في تشكيل المعاني الثقافية حول الجنسين‪ ،‬فهي تلعب دو ار محوريا في بناء مفاهيم االنوثة‬
‫و الذكورة ‪ contructing conceptions of feminimity and masculinity‬من خالل الموضوعات المتكررة و انماط‬
‫تمثيل الرجل و المرأة؛ لعل هذا ما يجعلنا نتحدث عن االوضاع التي يظهر فيها الرجل و المرأة و ما يجب على الرجل و‬
‫المرأة ان يكونا عليه‪ .‬نظرية الغرس الثقافي افادت في شرح كيف ان وسائل االعالم تلعب دو ار مهما في تكوين مواقف و‬
‫سلوكيات حول ادوار الجنسين " التلفزيون يبني صور محددة للواقع و التعرض المتكرر لهذا التمثيل قد يجعل المشاهد‬
‫يقبل تدريجيا ثقافات معينة حول طبيعة العالم‪ ."21‬هذا الرأي يكشف عن قوة محتملة للتلفزيون من حيث توفير نماذج مختلفة‬
‫للمشاهدين دور يمكن مالحظته في التقليد‪.‬‬
‫في المؤتمر العالمي للمرأة في بكين ‪ 4‬الى ‪ 15‬سبتمبر ‪ 1995‬اقر ان وسائل االعالم المطبوعة و االلكترونية بما في ذلك‬
‫االشهار من حيث انه ال ينشر صور متوازنة‪ ،‬من حيث تنوع حياة المرأة و مساهمتها في المجتمع فهي عادة ما ترتبط‬
‫بالمنتوجات االعالمية االباحية و العنف‪ ،‬فضال عن تلك التي تعزز الدور التقليدي للمرأة و هذا ما يؤثر سلبا على المرأة و‬
‫مشاركتها في المجتمع‪ 22‬و اهم الصور النمطية التي ظهرت ‪:‬‬
‫‪ 1‬تظهر المرأة بصورة نمطية في المنزل‪.‬‬
‫‪ 2‬النساء ال يتخذون ق اررات مهمة و ال يدركون االشياء المهمة‪.‬‬
‫‪ 3‬المرأة تعتمد و تحتاج الى حماية الرجل‪.‬‬
‫‪ 4‬الرجال يعتبرون النساء كرغبات ‪.‬‬
‫في نفس االتجاه قدم جوفمان ‪ Gofman‬واحدة من اهم الدراسات حيث قام عالم االجتماع بتحليل ما يقارب ‪ 500‬صورة من‬
‫الرجال و النساء و االطفال في الصحف و المجالت و درجة القولبة و النمطية في تمثيل الجنس البشري‪ :‬من خالل تحليل‬
‫الحركات و تعبيرات الوجه و السلوك‪ ،‬حيث اظهر في نتائجه تالعب االشهار في تمثيل تظهر المرأة تابعة للرجل و تقدم في‬
‫صور تعبر كرغبة‪.23‬‬
‫ان هذه المفاهيم المرتبطة بالذكورة و االنوثة يمكن اعتبارها كانعكاس لما هو موجود في الواقع يقول بورديو ‪ ":‬النساء مقصيات‬
‫من عالم االشياء الجدية ومن الشؤون العامة‪ ،‬و على نحو خاص االقتصادية فقد بقين محصورات زمنا طويال في العالم‬
‫المنزلي و في النشاطات المرتبطة بإعادة االنتاج البيولوجية و االجتماعية للذرية‪ 24‬تمثل المرأة و الرجل في االشهار ال‬
‫يقتصر على المهيمن و المهيمن بل تتعداه الى االيحاءات الجنسية التي تستخدم الجنسين و هي تمثل اهم االنتقادات الرئيسية‬
‫لتمثيل الجنسين في اإلشهار "االستخدام االستغاللي للصور الجنسية‪ ،‬لجذب المشاهد‪ ،‬فالنداء الجنسي هو عنصر شائع‬
‫جدا في الرسائل االشهارية‪ "25‬فالمرأة من هذا المنطلق تعتبر ك اداة جنسية ‪ sex ibjects‬ودور الزخرفة ‪decorative‬‬
‫‪ ، role‬بينما كان بعض الباحثين في انتقاد التمثالت الجنسية للمرأة في االشهار بدأ االن تصوير الرجال بطابع انثوي فبدا‬
‫المعلنون " في تصوير جسم الذكور بطريقة انثوية من اجل الوصول الى كل شرائح المستهلكين‪ ...‬وبالتالي تغيرت التمثالت‬
‫التقليدية لألدوار الذكورية و ال سيما تلك المتعلقة بالصفات الجسدية مثل القوة البدنية و الذكاء‪" 26.‬‬
‫في ختام هذا العنصر نق ول‪ :‬انه رغم المساواة بين الجنسين في الدين و القانون‪ ،‬إال انه في سياقات اجتماعية معينة تبرز‬
‫هيمنة الذكورة كأبسط مثال نقول ‪ :‬السلطة االبوية و ليس سلطة المرأة‪ ،‬نقول ايضا رجل اعمال و ليس امراة اعمال بل امرأة‬
‫منزل‪ .‬يفسر ذلك الغذامي بانها "احالة الى الوهم الثقافي المهيمن الذي يجعل االنوثة مادة مصنوعة من اجل اآلخر فهي‬
‫ليست ذاتا قائمة بوجود خاص لها او عليها و لها دور‪ ،‬و لكنها مخلوقة من اجل مخلوق آخر‪"27‬‬
‫‪-4‬تمثالت المكان في االشهار‪:‬‬
‫اهتم اإلنسان منذ أقدم العصور بإعادة إنتاج المكان فنيا باعتباره منطلق األحالم ومرتع الذكريات‪ ،‬ومكونا أساسيا في نسج‬
‫كل أعماله اإلبداعية وأي إبداع فني يفتقد المكانية فهو يفقد خصوصيته‪ .‬اإلنسان لم يهتم بإعادة إنتاج المكان فقط ولكن أخذ‬
‫الحديث عنه أبعاد مختلفة‪ ,‬فظهرت التساؤالت الفلسفية حول إشكالية وجود المكان والزمان وأيضا من الجانب الرياضي‬
‫وا لفيزيائي‪ ،‬كما أن اللسانين اهتموا بتحليل دالالت المكان في الخطاب المكتوب‪ ،‬وأيضا علم النفس خاصة مع كتاب‬
‫بسيكولوجية المكان ‪( psychosociologie de l’espace‬ألبراهام مولز)‪ Abraham Moles‬ولم تهمله أيضا األنتربولوجية‬
‫االتصالية باعتبارها الفضاء كشكل من أشكال االتصال غير اللفظي؛ خاصة بعد نشر كتاب البعد الخفي ‪la dimension‬‬
‫‪ cachée‬للعالم (إدوارد هول)‪ ،Edward Hall‬وكل مقاربة للمكان قدمت نتائجها الدقيقة التي أعطت للمكان ثقله الفني في‬
‫البناء السمعي‪ -‬بصري ‪ ,‬ذلك أن المكان في صلته بالذات المبدعة والمتلقية‪ ،‬يتخذ من الصفات المتشابكة ما يجعله من‬
‫المقوالت األكثر تعقيدا على مستوى المعنى والمبنى‪ .‬وأن فك هذه العالقات خاصة في مجال البحث السيميولوجي يقتضي‬
‫من الدارس أن يسترجع سائر المعارف التي أنتجتها العلوم األخرى لفك ألغازه حتى تفضي إلى الحقيقة التي سيق من اجلها‬
‫المكان في اإلشهار‪.‬‬
‫الصورة م صاحبة للمكان و مجسدة له منذ أقدم العصور حيث كان اإلنسان في القديم يعيد إنتاج ما يراه في الطبيعة بفعل‬
‫االنبهار بما يراه في الطبيعة؛ فيما خلق هللا و أبدع في هذه الكون ‪ ,‬و لعل هذه القصة التي حدثت في الصين تعبر عن ذلك‬
‫""في يوم من األيام‪ ،‬طلب أحد أباطرة الصين من كبير الرسامين في القصر محو الشالل الذي رسمه في لوحة جدارية‪،‬‬
‫ألن خرير الماء يمنعه من النوم‪ "28‬و أحد حكماء الصين يقول‪":‬على المصابين بالحمى أن يتأملوا رسومات تمثل المنابع‬
‫و األنهار و الشالالت ‪ ،‬فلذلك فضل على صحتهم‪ ، ".29‬و بالتالي فان العالقة بين الصورة و المكان و اإلنسان قديمة‪،‬‬
‫عززتها فقط التكنولوجيات الحديثة و الرقمية‪ ،‬حيث خلقت مؤثرات جعلتنا نرى أماكن متعددة و بخصائص موجودة في الواقع‬
‫و خيالية‪.‬‬
‫هذا المكان الذي يعتبر جزءا رئيسيا في العملية اإلبداعية في الفنون المرئية خاصة في بناء الومضات اإلشهارية؛ فهو الجزء‬
‫الممثل للحدث كما أنه أرضية الفعل وخلفيته والمجال الحيوي الذي تتحرك فيه الشخصيات وتتصارع‪.‬‬
‫فالومضة االشهارية تعيد إنتاج‪ reproduire‬الفضاء المادي والواقعي بطريقة واقعية ولكن أيضا على مستوى التشكيل الفني‬
‫تمكن من خلق وبناء فضاء إشهاري متخيل واصطناعي وعليه فالفضاء اإلشهاري ليس إطا ار بسيطا والصور فيه ليست فقط‬
‫عروض‪ ،‬فهو فضاء حي غير مستقل عن محتواه فهو مرتبط بالشخصيات التي تتطور داخله فهو يبرز الشخصيات واألحداث‬
‫في العمق فيغدو العمود الفقري الذي يربط أجزاء اإلشهار بعضه ببعض‪ ،‬فالمكان ليس مجرد ستارة خلفية لألحداث بل امتداد‬
‫للموضوع والشخصيات فهو مكون فاعل وضروري بالنسبة لتطور السرد وال يمكن أن نتخيل أحداثا دون مكان يؤطرها‪ ،‬فالمكان‬
‫إذن موجود ولكن عملية حمله بالرموز هي التي نستهدفها من خالل هذه الدراسة خاصة إذا علمنا أن اإلشهار يستعمل كل‬
‫شئ من اجل التأثير علي المستهلك والمكان احد هذه االشياء‪.‬‬
‫‪-‬القيم الثقافية للمكان‪:‬‬
‫الصورة اإلشهارية في تجسيداتها للمكان ال يمكن أن تتم بعيدا عن أنماط بناء العالمة البصرية‪ ,‬ذلك أنه ال يمكن‬
‫أن تبني الصورة اإلشهارية بعيدا عن الموضوعات الثقافية التي تنتجها الممارسة اإلنسانية وبعيدا أيضا عن النماذج االجتماعية‬
‫المرتبطة بها ‪,‬الن الخطاب أإلشهاري يشكل اليوم سلطة تثيرنا وتثير قيمنا وأذواقنا واختياراتنا وهنا مكمن خطورة الخطاب‬
‫اإلشهاري؛ خاصة أنه يستعمل اللغة والموسيقى واللون واإليقاع والصورة لمداعبة خيال المتلقي‪ ،‬والتأثير عليه القتناء المنتوج‬
‫وترسيخ سلوكيات ما‪ ،‬وهكذا تتشكل اإلرسالية بتآلف األشكال اللغوية واألشكال البصرية ‪,‬تقدم نفسها على أنها تمثيل وضعية‬
‫إنسانية يحق لكل فرد التناهي فيها وادراكها‪ ،‬وهي على العكس من ذلك تكسبنا سلوكيات ال تمت بصلة إلى ثقافتنا فالخلفية‬
‫المحركة لمنتجي اإلشهار هي التأثير على المشاهد واقناعه بأن منتوجهم مطلق الصالحية والفائدة‪ ،‬ويتحول بذلك الخطاب‬
‫اإلشهاري إلى خطاب الحقائق الواقعية المطلقة وال يتم ذلك إال بصور مملوءة بالتمويه والخداع وقد "أثبتت الدراسات النفسية‬
‫على أن اإلنسان يحصل على أن اإلنسان يحصل على ثمانية وتسعون بالمائة من معرفته عن طريق حاستي السمع‬
‫والبصر‪ ،‬ومن هذه النسبة يحصل المرء على تسعون بالمائة تقريبا عن طريق اإلبصار وحده بينما ثمانية بالمائة عن‬
‫طريق السمع"‪.30‬‬
‫سنحاول في هذا الجزء من الدراسة التركيز على مختلف التمثالت الثقافية للمكان في اإلشهار التلفزيوني‪.‬‬
‫اإلشهار جزء ال يتج أز من الثقافة لذا ال يمكن اإلحاطة به إحاطة فعلية من منطلقات أحادية الجانب كتلك التي ترتكز على‬
‫الجانب الفني أو الجمالي أو التقني دون ربطه باإلطار السوسيو‪-‬حضاري الذي ينتج فيه ودراسة األبعاد والدالالت المكانية‬
‫المجسدة في اإلشهار‪.‬‬
‫ت حمل كل ثقافات مميزات مكانية تختلف من بلد إلى آخر‪ ،‬فظهور المالهي ودور الرقص في البلدان العربية هو محظور‬
‫ثقافيا‪ ،‬باعتبار أن المرجعية اإلسالمية لتلك البلدان ال تتقبل مثل هذه النماذج الغربية وأيضا إبراز التراث‪ ،‬والتراث المعماري‬
‫هو المكان األليف الذي نسكن إليه وينبغي أن نالحظ كذلك‬
‫أن هذا التراث أو " الموروث الثقافي ليس هو كل الماضي‪ ،‬وليس هو لحظة تاريخية معينة من الماضي بل هو الماضي‬
‫الذي يحي فينا و بنا"‪ 31‬وهذا يعني أن التراث هو أحد العناصر الهامة التي ال يمكن إسقاطها من حسبان أي إنتاج لومضة‬
‫اشهارية معينة ألن هناك ارتباط وثيق بين مفهوم التراث و مفهوم الهوية‪.‬‬
‫ففي دراسة سيميائية لومضات اشهارية جزائرية و اجنبية خلصت الى ان هذه االخيرة "لم تجسد أماكن من تراثنا الحضاري‬
‫أو التقليدي‪ ،‬وانما أماكن عادية ‪ ،‬او في بعض االحيان اماكن ال تتماشي مع هويتنا الثقافية"‪.32‬‬
‫‪-5‬التمثالت الثقافية لألشياء ‪:‬‬
‫يتفق الكثير من الباحثين على أن المكان هو تأطير لألشياء و الموجودات في سياقات معينة‪،‬و هو انتظام لألشياء‬
‫من خالل األبعاد‪.‬‬
‫وبذلك فإن تحليل المكان ال يكون إال من خالل األشياء من حيث طبيعتها و مكوناتها و عالقاتها فاألشياء لم توجد عبثا في‬
‫المكان السمعي بصري و إنما يكون وجودها توضيحا و إدراكا للمكان‪.‬‬
‫فيبدأ أوال مصمم الديكور بإعطاء "األشياء و األشكال نمطا تعبيريا خاصة في وجود مؤثرات بصرية‪،‬و هكذا تصبح لها داللة‬
‫و معنى و وظيفة و تأثير في تتابع‪ ، "33‬ثم يأتي المخرج ليضع األشياء جنبا إلى جنب في منظر واحد‪ ،‬ف"تختفي األشياء‬
‫غير الهامة ويؤكد األشياء المهمة و بالكشف المفاجئ عما كان مخفيا و االبتالع البصري لما كان موجودا يتأثر المشاهد‬
‫نفسيا‪ " 34‬وهكذا تقوم العملية الفنية اإلبداعية بشكل أساسي على تمثل الموجودات الخارجية و التفاعل مع خصائصها‬
‫ومك وناتها و يتم هذا الجانب بشكل على الوعي باألبعاد التي تمتلكها مختلف األجسام التي يجري التعامل معها ضمن الشريط‬
‫السينمائي و من هذا فان عملية خلق المكان و بنائه إنما تتم على أساس خلق األبعاد المكانية و بناءها بناءا موضوعيا‬
‫صحيحا وداال‪،‬و تساعده هذه األشكال في خلق الجو الطبيعي و السيكولوجي و يحدد لنا معالم المكان و الزمان وهو بذلك‬
‫يستطيع اإليحاء لمعاني كثيرة‪.‬‬
‫أ‪-‬داللة األشياء في الخطاب المرئي‪:‬‬
‫لألشياء دالالتها واستخداماتها الرمزية التي تعبر بالوصف عن االعتبارات النفسية واالجتماعية والثقافية و ليست األشياء‬
‫بوجودها المحض ‪ ،‬إنما ما تقدمه بوصفها عوامل متحركة في سياق الوصف أي باالستخدام الروائي لها فاألشياء فعالة وذات‬
‫طاقة تعبيرية مميزة وهنا يقول الباحث طاهر عبد مسلم "هو عنصر من عناصر العالم الخارجي عن اإلنسان ويستطيع‬
‫اإلنسان أن يمسك به ويعالجه ويؤدي الشيء دو ار مزدوجا في الرواية ‪ ،‬فهو يشير إلى حقيقة واقعة في العالم الخارجي‬
‫ويحمل داللة خاصة في النص ويجب أن يكون حامال لمعنى وتساهم األشياء في خلق المناخ العام إذ تتحول من مجرد‬
‫عناصر من العالم الخارجي الي رموز‪."35‬‬
‫فنحن في واقع األمر ‪ ،‬ال ندرك أي شيء بشكل مباشر‪ ,‬فاإلدراك والتذكر يقتضيان استحضار "خطاطة سابقة" أو البنية‬
‫اإلدراكية‪ ،‬أو سنن التعرف‪ ,‬تثوي داخلها مجموع النسخ التي تلتقطها العين وتنتشي بها ضمن عالم يعج باألشكال والصور‬
‫واأللوان‪ ،‬وهذا له ما يبرزه في أولويات اإلدراك ذاتها‪ ,‬عالم األشياء ال يلج إلى الذاكرة على شكل "أشياء" معزولة ال رابط بينها‪،‬‬
‫بل يتسلل إليها عبر النماذج المنظمة لهذه األشياء في أقسام متباينة فعلى الرغم من أن ما نراه هو شيء مخصوص فعلي‬
‫وواقعي إال أن ما يتسرب إلي الذهن هو فكرة عن الشئ و ليس الشئ نفسه‪.36‬‬
‫و بناء عليه يمكن القول دون تردد أن هذه العالمات هي لغة مسننة‪ ,‬أودعها االستعمال اإلنساني قيما للداللة و التمثيل ‪،‬‬
‫فهي في جوهرها خاضعة لمبدأ العرف والتواضع وما دامت الصورة هي بالتحديد وليدة إدراك بصري ‪ ،‬فإن تمثيل األشياء‬
‫داخلها يعود إلى تحويل أنطولوجي لماهيات مادية و تقديمها على شكل عالمات‪ ،‬أي باعتبارها عناصر ضمن أنساق سيمائية‬
‫يعد اإلدراك البصري نفسه بؤرة تجليها‪ ،‬فالتفاعل بين النظرة و بين معطيات التجربة الواقعية‪ ،‬هو وحده الكفيل بتحويل اإلدراك‬
‫البصري إلى نموذج خالق لماهيات يتحدد وجودها ومصيرها داخل سنن متنوعة منها الثقافي والديني واألسطوري‪.37‬‬
‫‪-‬فكل شيء قابل للتسنين ‪:‬تسنين األشياء ‪ ,‬ما يظهر منها وما يختفي وكذا ألوانها و أحجامها وامتداداتها فيما يحيط بها‪,‬‬
‫وبنفس المنطق يدخل وجه اإلنسان جسده و ظله ‪ ،‬عيناه و أنفه ‪ ،‬وقوفه وجلوسه ليرسم خطوط صيرورة داللية بالغة الغنى‪,‬‬
‫وعلى هذا األساس ال يمكن للصورة أن تكون سوى قراءة و تسنين وتأويل لعالم األشياء ومن هذه الزاوية يطرح سعيد بنكراد‬
‫اإلشكالية‪":‬كيف يتحول الشيء إلى عالمة والى نص والى معنى داخل هذا العالم المتنافر التكوين؟" ‪ ،‬و يقول هنا‪ :‬أن عالم‬
‫األشياء يختلف عن الكون المتنافر اللساني‪ ،‬فعالم األشياء يشتغل بطريقة مختلفة ‪ ،‬فالشيء ال يحيل على كلمة و ليس مساويا‬
‫لها‪ ،‬أنه حجم الجملة أو ما هو أكبر منها وتبعا لذلك ال يمكن التعامل مع األشياء بنفس الطريقة وفق زاويتي نظر الشكل‬
‫الوجودي (قسم األشياء) وزاوية الفعل ألتدليلي (األنساق التي تؤول وفقها األشياء) وبالتالي فان تأليف األشياء في الصورة‬
‫يعتبر كبنية إلنتاج داللة خاصة بالكون المحيط بنا ‪ ،‬ويكون للشيء تدليل من خالل العناصر التالية‪:‬‬
‫ب‪-‬اللباس كنظام دالئل‪:‬‬
‫يتحول اللباس من كونه فعال عاديا واعتياديا إلى أن يصبح عالمة ذات دالالت مركبة وليس من الضروري أن تكون هذه‬
‫الدالالت منطقية أو ذات ترابط سببي‪ ،‬بل يكفي فيها أن تدخل في مالبسات معنوية بمعنى أنها تدخل في نظام من العالقات‬
‫تنشأ حولها وتتداخل معها مما يجعلنا نربط بين لباس ما يوحي به هذا اللباس من معان‪ ،‬ف"ان حدث هذا الربط صار اللباس‬
‫لغة تتكون من دال هو شكل الملبس ومدلول هو المعني الذي نربطه مع ذلك اللباس المعين"‪ ، 38‬وخير مثال على ذلك‬
‫ما ذكره عمر رضي هللا عنه في وصف العمامة‪ 39‬حيث قال ‪" :‬العمائم تيجان العرب" و في ذلك داللة سيميولوجية حيث‬
‫صارت العمامة آلة تدل على الجنس البشري و على االنتماء الشعوري من الفرد ‪ ,‬فالعربي يضع العمامة كي تكون عالمة‬
‫وعيه ودليال يعلن عن هويته وجنسيته‪ ،‬فهذه عالمة و هي تدل على صاحبها داللة عمومية و لذا فإنها تدمج الفرد في الجماعة‬
‫وتساويه فيهم أما إذا أراد التميز و التفرد من بين قومه فانه حينئذ يلجأ إلى عالمات إضافية أخرى تخصه و تميزه مثلما فعل‬
‫سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضي هللا عنه "يوم بدر حيث كان معلما بريشة نعامة حمراء‪ ،‬بينما علم الزبير رضي هللا‬
‫عنه نفسه بعمامة صفراء‪ ،‬و الشخص هنا هو مادة هذه العالمة وهو حاملها وهنا نستطيع أن نرى العالقة الداللية ما بين‬
‫اإلنسان و العالمة‪ ،‬فهي اللغة التي بواسطتها يدخل الفرد إلى الجماعة وينتمي إليها ثم بعد ذلك يسعى للتمييز من داخل هذه‬
‫الفئة البشرية بأن يضع عالمة إضافية أو لونا خاصا‪ ،‬فيجعل لباسه يختلف عن سائر المالبس و هنا يكون التميز باالختالف‬
‫ولكن االنتماء بالتشابه‪.40‬‬
‫ج‪-‬ثقافة اللباس‪:‬‬
‫اللباس هو عبارة عن لغة و قيمة داللية و ثقافية و لقد وقع اللباس بوصفه لغة في عدد من اإلشكاالت الثقافية الحادة جدا‪،‬‬
‫والتي تكشف عن الحال المعرفي والعقدي واأليديولوجي ومن ذلك مسألة الحجاب أو غطاء المرأة‪ ،‬وان كان أصل األمر في‬
‫اللباس أنه شيء شخصي وعادات قومية وضرورات عملية إال أن اللباس ليس مجرد هذه األشياء و أنه يكون بمثابة البيان‬
‫الثقافي واإلعالن الديني والسياسي‪ ،‬ويجلب معه تبعا لذلك ردود أفعال تكشف عن حال النسق الثقافي و كيف يتعامل مع‬
‫قضاياه وكيف يكشف عن نفسه‪ 41‬و خير مثال على ذلك المثل الشعبي القائل "كول ما يعجبك و البس ما يعجب الناس" ‪،‬‬
‫وهكذا أصبح اللباس قانونا ثقافيا محكم التدقيق و لقد ثبت أن المجتمع يحتفظ لنفسه بحق التحكم في الملبس ‪ ،‬وال يدع ذلك‬
‫للخيار الفردي و إذا خرج فرد عن المنظومة االصطالحية في اللباس فانه يتعرض لنقد الذع و يكون مادة لعقاب اجتماعي‬
‫كلي عبر السخرية والنبذ‪ ،‬والذي يقرر ما نلبس هو المؤسسات االجتماعية من دينية و من رسمية أو ثقافية‪، 42‬و هكذا الحال‬
‫في اللباس الذي ترتديه شخصيات اإلشهار‪ ،‬من حيث أنها تعبر عن مرجعيتنا‪ ،‬خاصة بالنسبة للمرأة من حيث تأكيد قيمة‬
‫الحشمة و الحياء ‪ ،‬أو التبرج و الشعور ذلك ألنه من المفروض في تلك اإلشهارات التي تعرض في مجتمعات عربية مسلمة‬
‫أن تكون أيضا معبرة و متمثلة المعايير الشرعية التي جاء بها اإلسالم‪.‬‬
‫وحسب عبد الرحمان عزي فان الصورة تتحول إلى نماذج اقتداء بحكم جاذبية الصورة المزخرفة المزينة‪ ,‬بصفة االصطناع‬
‫والحاصل أنه وفي غياب القيمة ينبهر المشاهد بهذه القوالب‪ ،‬و يأتيه الظن أن حياة هؤالء الذين هم على الصورة أكثر أهمية‬
‫من حياته في الواقع المعاش فيحي من خالل تجارتهم و يتقمص شخصيات و أدوا ار فيصبح مستهلكا لتجارب اآلخرين الوهمية‬
‫بعيدا عن تجربته الواعية في عالم الحياة‪ ،‬واذا فان التلفزيون يبيع صو ار مادية مصنعة من جسم اإلنسان و أزيائه و ممتلكاته‬
‫وهذه األخيرة تتحول إلى مؤثرات يتبناها المشاهد إذا غابت القيمة‪.43‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫تعيد الصورة االشهارية إنتاج الواقع و بناء التمثالت الثقافية؛ عبر شبكة تتوالد فيها الدالالت عبر توظيف الشخصيات‪،‬‬
‫المكان‪ ،‬الزمان‪ ،‬األشياء االيقاع ‪ ،‬غير ان عوالم االشهار هذه ترتبط بإيديولوجية النظام الرأسمالي الذي يسعي الى تنميط و‬
‫تسطيح ثقافة اإلنسان حيث تتحول ثقافة الشعوب المسلمة كما حددها مالك بن نبي من "ثقافة روحية ذات جذور أخالقية‪،‬‬
‫الى "ثقافة مادية ذات جذور تقنية‪ "44‬حينها نتماهي في حضارة الماديات فننسلخ من ديننا و هويتنا و ثقافتنا؛ بعض بوادر‬
‫هذا االنحالل االخالقي حدث في مجتمعاتنا لكن اذا لم نفرض قيود على االشهار فانه سيمثل تهديدا صريحا على قيمنا‪،‬‬
‫التجربة الماليزية في هذا المجال جديرة بالمتابعة يقول دافيد ولير "على الرغم من انه ال ينظر للكثير من المنتوجات على‬
‫انها غير مثيرة للجدل و ليس هناك قيود على بيعها إال ان هناك قيود على الصور التي يمكن استخدمها في الدعاية لها‪:‬‬
‫العري‪ ،‬السلوك المعادي للمجتمع‪ ،‬العنصرية‪ ،‬الصور الجنسية‪ ... ،‬كانت كأسباب رئيسية لفرض قيود على االشهار‬
‫‪ advertising restrictions‬في ماليزيا‪ . 45‬ماليزيا فتحت ابوابها االقتصادية في وجه المستثمرين لكنها لم تفتح ابواب‬
‫ثقافتها ألنها ايقنت ان االشهار ينطوي على لغة مجدية تجاريا كما انه يخترق بشكل منتظم الهوية الثقافية‪.‬‬

‫التهميش‪:‬‬
‫دنيس كوش‪ ،‬مفهوم الثقافة في العلوم االجتماعية‪ ،‬تر‪ :‬منير السعيداني‪ ،‬مراجعة الطاهر لبيب‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬المنظمة العربية للترجمة‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1‬ص ‪.121‬‬
‫‪ 1‬نصر الدين العياضي‪ ،‬الهوية الوطنية و التلفزيون‪ :‬عشر اطروحات لتطبيق المسلمات‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬العدد‪ ،2‬المجلد‪ ،35‬اكتوبر ديسمبر‪،‬‬
‫‪ ،2009‬ص‪.392‬‬
‫‪1‬‬
‫‪John hartly , communication cultural and media studies : The Key Concepts is a book to help you‬‬
‫‪come to terms with terms, third edition, Psychology Press, 2002, P 104.‬‬
‫‪ 1‬عبد السالم على نوير‪ ،‬االتجاهات المعاصرة في دراسة الثقافة السياسية‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬عدد‪ ،1‬المجلد‪ ،40‬يوليو سبتمبر‪،2011 ،‬ص‪36‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Benjamin Barber , Consumed: How Markets Corrupt Children, Infantilize Adults, and Swallow Citizens Whole‬‬
‫‪, new York, ed; Norton,2007,pp6,7.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Ibid,7 .‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Elise viguier ,pub-antipub , deux visions du monde ? sociologie des visions du monde a partir des discours de‬‬
‫‪professionals de la publicité et de militants anti publicitaires , phd , université de Grenoble, 2012 , p 463 .‬‬
‫‪1‬زيدي ‪ ،‬ثقافة الشباب في مجتمع االستهالك ‪،‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬عدد‪ ،1‬المجلد ‪،2006 ،35‬ص ‪.211‬المنجي‬
‫‪1‬‬
‫‪Michel Foucault, l’archéologie du savoir , éd ; Gallimard, paris , France ,1966, P78.‬‬
‫‪ 1‬شوفاليه‪ ،‬كريستيان شوفيري‪ ،‬معجم بورديو‪ ،‬تر ‪ :‬الزهرة ابراهيم‪ ،‬ط‪ ،2013 ،1‬دار الجزائر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.178‬ستيفان‬
‫‪1‬‬
‫‪Jonatan E. Schroeder , the artist and the brand, European journal of marketing, vol 39, n 11.12, 2005, PP1291.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Andrew M . Koch and Rick Elmore , simulation and symbolic exchange ; Jean Boudrillard ‘s augmentation of‬‬
‫‪Marx ‘s theory of value, journal politics and policy, September 34 –3-2006 pp556.‬‬
‫روجز روزنبالت‪ ،‬ثقافة االستهالك‪ ،‬االستهالك و الحضارة والسعي وراء السعادة‪ ،‬تر ‪ :‬ليلى عبد الرزاق‪ ،‬ط‪،1‬المركز القومي للترجمة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،20111‬ص ‪.144‬‬
‫‪ 1‬برنار كاتوال‪ ،‬االشهار و المجتمع‪ ،‬تر ‪ :‬سعيد بنكراد‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الحوار للنشر و التوزيع‪ ،‬سورية‪ ،2012 ،‬ص‪.54‬‬
‫‪1‬محمد الولي‪ ،‬االشهار افيون الشعوب المعاصر‪ ،‬مجلة عالمات‪ ،‬عدد ‪ ،2007 ،27‬ص‪.5‬‬
‫‪1‬صالح خليل أبو أصبع‪،‬االتصال و اإلعالم في المجتمعات المعاصرة‪،‬ط‪:4‬عمان‪،‬دار مجدالوي للنشر و التوزيع‪ .2004،‬ص‪.251‬‬
‫‪1‬نفس المرجع‪،‬ص‪.252‬‬
‫‪1‬عبد العاطي نجم‪،‬االتصال الجماهيري في المجتمع الحديث‪،‬الموضوع و القضايا‪،‬مصر‪:‬دار المعرفة الجامعية‪،‬اإلسكندرية‪ .2005،‬ص‪227‬‬
‫‪1‬انضر فايزة يخلف‪،‬دور الصورة في التوظيف الداللي للصورة اإلعالنية‪،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬جامعة الجزائر‪،‬سنة‪.1996‬‬
‫‪1‬جمال العيفة‪ ،‬الثقافة الجماهيرية‪,‬الجزائر‪,‬منشورات جامعة باجي مختار‪,‬عنابة‪، 2003,‬ص‪117‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Scott Coltrane , Melinda Messineo , the perpetuation of subtle prejudice race and gender imagery in 1990s‬‬
‫‪television advertising , sex roles, a journal of research, 42, 2000,p364.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Geraldine Neymenants , Corine Van Hellemont, Hild Van Den Bulck, rapport l image des femme et des homes‬‬
‫‪dans la publicité en Belgique institut pour l égalité des femmes et des hommes , Bruxelles,2009,p6 .‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Erving Gofman, gender advertisements , har per torch books, new York, 1979.‬‬
‫بيار بورديو‪ ،‬الهيمنة الذكورية‪ ،‬تر سلمان قعفراني‪ ،‬مراجعة ماهر تريميش‪ ،‬المنظمة العربية للترجمة‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ط‪،1‬ىبيروت‬
‫‪ ،1‬لبنان‪ ، 2009 ،1‬ص ‪.145‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Katherine Frith, Ping shaw, Hong Cheng , the construction of beauty, a grosscultural analysis of women s‬‬
‫‪magazine advertising, journal of communication , 55(1) p56.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Maurice Patterson , Richard Elliott, negotiating masculinities ; advertising and the inversion of the male gaze,‬‬
‫‪consumption markets and culture, volume5, issue3, 2002, p 237.‬‬
‫‪ 1‬عبد هللا محمد غذامي‪ ،‬المرأة و اللغة‪ ،‬ثقافة الوهم‪ ،‬مقاربة حول المرأة و الجسد و اللغة‪ ،‬ط‪ ،1‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪،1998 ،‬ص‪.74‬‬
‫‪1‬ريجيس دوبري ‪،‬ترجمة فريد الزاهي ‪،‬حياة الصورة و موتها‪ ,‬المغرب ‪:‬افريقيا الشرق ‪ ،2002,‬ص‪9‬‬
‫‪ 1‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪1‬جيهان احمد رشتي‪،‬األسس العلمية لنظريات اإلعالم‪،‬القاهرة‪:‬دار الفكر العربية‪ .1978،‬ص‪.368‬‬
‫‪1‬سعيد توفيق‪ ،‬ثقافتنا في مواجهة العصر‪ ،‬مصر‪:‬دار الثقافة للنشر و التوزيع‪،2001،‬ص‪.59‬‬
‫‪ 1‬احمد بوخاري‪ ،‬دالالت المكان في الومضات االشهارية التلفزيونية‪ ،‬رسالة ماجيستير غير منشورة‪ ،‬جامعة الجزائر‪،2008،‬‬
‫‪1‬طاهر عبد مسلم ‪,‬عبقرية الصورة و المكان‪-‬التعبير‪-‬التأويل‪،-‬ط‪،1‬عمان‪ ،‬االردن‪، 2002،‬ص ‪.29‬‬
‫‪1‬رودولف آرناهيم‪ ،‬فن السنما‪ ،‬ترمجة عبد العزيز فهمي‪,‬صالح التومي‪,‬الشرقاوي‪.‬عبد الرمحان‪,‬مصر‪,‬املؤسسة املصرية للتأليف و الرتمجة‪(,‬دون سنة) ص‪131‬‬
‫‪1‬طاهر عبد مسلم‪,‬م‪,‬س‪,‬ذ‪,‬ص‪118‬‬
‫‪ -1‬سعيد بنكراد‪ ،‬التمثيل البصري بين اإلدراك و إنتاج المعني مجلة عالمات ‪http://www.said bengrad.com.‬‬
‫‪1‬نفس المرجع‬
‫‪1‬عبد هللا الغدامي‪، ،‬الثقافة التليفزيونية‪،‬سقوط النخبة وبروز الشعبي‪،‬ط‪:2‬لبنان ‪،‬المركز الثقافي العربي‪، 2005،‬ص‪.112‬‬
‫‪1‬‬

‫‪1‬نفس المرجع‪،‬ص‪113‬‬
‫‪1‬عبد هللا الغدامي‪،‬الثقافة التليفزيونية‪،‬سقوط النخبة وبروز الشعبي‪،‬م‪،‬س‪،‬ذ‪،،‬ص‪.137‬‬
‫‪1‬نفس المرجع‪،‬ص‪.150‬‬
‫‪1‬عبد الرحمان عزي‪،‬اإلعالم و البعد الثقافي من ألقيمي إلي المرئي‪،‬المجلة الجزائرية لالتصال‪،‬عدد‪،1996 ،13‬ص‪.107‬‬
‫‪ 1‬مالك بن نبي‪ ،‬مشكلة االفكار في العالم اإلسالمي‪ ،‬تر‪ :‬بسام بركة‪ ،‬احمد شعبو‪ ،‬دار الفكر المعاصر‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،2002 ،‬ص‪.17‬‬
‫‪1‬‬
‫‪David S. Waller, cultural values and advertising in Malaysia, views from the industry, Asia pacific journal of‬‬
‫‪marketing and logistics, 12 -1-pp 5.‬‬

You might also like