Professional Documents
Culture Documents
تعريف المفاهيم يرى بعض علماء النفس االجتماعي مثل لورينز ( .K
،)Lorenzأن اإلنسان "حيوان مکاني" ،أي أنه بطور غريزة االرتباط بالمكان
لتصبح جزءا من بنيته السيكولوجية على المدى البعيد ،يسعى لتوريث هذه
الغريزة ألبنائه لتتحول فيما بعد إلى جزء من ثقافة الجماعة التي " تماكنت"
لفترة زمنية طويلة.
ويصف علماء االجتماع اإلنسان بأنه "حيوان اجتماعي" ،بمعنى أنه يميل
لالجتماع مع غيره لضمان تحقيق حاجاته البدنية والنفسية والعقلية.
ويصف الفيلسوف اليوناني أرسطو اإلنسان بأنه "حيوان سياسي" ،بمعنى أنه
يميل إلى إنشاء السلطة ويتفاعل معها رفضا وقبوال لها حسب مقتضى الحال.
ولكي يؤدي الفرد وظائفه سابقة الذكر (االرتباط بالمكان أو حب الوطن
والوظيفة االجتماعية والوظيفة السياسية في نطاق المجتمع الذي يعيش فيه ،فإن
المجتمع يطور مؤسسات و مفاهيم ثقافية تساعد هذا الفرد على النجاح في أداء
وظائفه ،ومن بينها التربية الوطنية.
ذلك يعني أن التربية الوطنية تمثل أداة من أدوات تطوير العالقة اإليجابية بين
الفرد والمجتمع وما بينهما من قوى وسيطة تتمثل في السلطة والتنظيمات
االجتماعية واالقتصادية والثقافية وغيرها.
وتستخدم نظريات التربية الوطنية في أدبياتها الفكرية مجموعة من المفاهيم
المتداخلة التي يحسن بنا أن نحدد معانيها من البداية.
-1التربية الوطنية:
يمكن تعريف التربية الوطنية بأنها "تنشئة الفرد بأسلوب منظم على مجموعة
من المعارف والمسلكيات والقيم التي تجعله أكثر قدرة على خدمة مجتمعه
وتطويره والدفاع عنه" .وهذا يعني أن للتربية الوطنية شروطا هي:
- 15 - -
ا -التنظيم :ويشارك في هذه العملية المنظمة األسرة والمدرسة والجامعة وهيئات
المجتمع
المدني ووسائل اإلعالم بأنماطها المختلفة .وقد يؤدي اتباع خطط تربوية وطنية غير
مدروسة إلى خلق ثقافة مجتمعية معيقة للتطور ،مثل التعصب العشائري والجهوي
والطائفي والمذهبي ،واالنتهازية.
ويرى الباحثون في علم االجتماع السياسي ،أن المجتمع يفرز خالل تطوره التاريخي
منظومة القيم الحاكمة للتربية الوطنية ،إذ يعمل المجتمع على صياغة منظومة فيمية
تشكل األساس للحكم على السلوك اإلنساني وتقييمه .فنجد مجتمعات تطور فيما مثل
تغليب المصالح الفردية على المصالح الجماعية ،بينما يطور مجتمع آخر فيما معاكسة،
أي تغليب المصالح الجماعية على المصالح الفردية ،ونرى مجتمعات تعتبر الحرية أهم
من المساواة (كما في الدول الرأسمالية) بينما ترى مجتمعات غيرها المساواة أهم من
الحرية كما في المجتمعات التي تتبنى الثقافة االشتراكية.
وال شك أن سلم المنظومة القيمية في أي مجتمع يوضع من خالل تفاعل تاريخي بين
مكونات هذا المجتمع الثقافية واالجتماعية واالقتصادية والسياسية .وهذا يعني أن
المجتمع يكون قد توافق عبر التاريخ على منظومنه القيمية التي تشكل شخصيته
وتميزها عن غيرها ،ويسعى للحفاظ عليها من خالل األدوار التي تقوم بها المؤسسات
المنظمة کالمدرسة والحزب والنادي .وهو ما يعني أن العملية التربوية ليست جهدا
فرديابل هي نتاج تفاعل أنساق المجتمع مع بعضها تفاعال منظما وتاريخيا .ب -خلق
آليات (ميکانيزمات) التكيف مع التغيرات التي تصيب بنية المجتمع بفعل
عوامل التطور الفكري والتكنولوجي وتداخل الثقافات .وفي حالة الفشل في ذلك فإنه قد
يؤدي إلى إحدى نتيجتين :إما التحجر والعجز عن التطور ومرافقة المجتمعات األخرى
في التطور اإلنساني ،أو الترهل وفقدان المجتمع لذاته التي
تشكلت قسماتها عبر التاريخ .ج -أن تكون األهداف التي تقف وراء هذه التنشئة هي
خدمة المجتمع من خالل العمل الجاد في أي موقع عمل يجد الفرد نفسه فيه ،كذلك أن
يعمل الفرد على تطوير مجتمعه وأن يكون مهيئة للدفاع عن هذا الوطن في حالة
تعرضه للخطر ،وهو ما يستدعي
- 16 -
إضعاف النزعة األنانية لدى األفراد وتعميق قيم التكافل والتضامن فيما بينهم.
وال بد أن تشمل التربية الوطنية الجوانب المختلفة لحياة المجتمع ،سواء السياسية أو
االقتصادية أو االجتماعية .وال تقتصر أدوات التربية على التلقين المبادئ معينة
حب الوطن أو التفاني في العمل أو غيرها ،بل إن المجتمع يطور أدبه وفنه ويخلق
رموزه التاريخية لتؤدي كلها دورة تربوية .كما تساهم القوي والتنظيمات االجتماعية
والسياسية واالقتصادية كافة في ذلك.
-2الوطن:
مجموعة العناصر المادية (األرض) والمعنوية (العالقات االجتماعية والسياسية
واالقتصادية التي يستند إليها العيش التاريخي المشترك بين أفراد مجموعة بشرية.
والوطن في اللغة العربية هو "المنزل تقيم فيه" ،ولكن المعنى السياسي له أوسع من
المعنى اللغوي ،فهو يشتمل على عناصر عدة هي:
أ -األرض :وهي الحيز الجغرافي الذي يشعر األفراد بأنه ملك لهم.
ب -ارتباط وجداني ومصلحي بين األفراد وهذا الحيز الجغرافي ،وهو تجسيد لما سبقت
اإلشارة إليه بالغريزة المكانية التي تحدث عنها علماء النفس االجتماعي .ويعبر الفرد عن
ارتباطه المصلحي تعبيرا مباشرة من خالل االلتحاق بمكونات المجتمع االقتصادية
(العمل) والسياسية (األحزاب واالجتماعية (األسرة) .أما تعبيره الوجداني فياخذ شكل
األدب والفن والموسيقى والغناء والرسم ،مما يعني أن الغناء واألدب يمثل أجزاء من
مكونات الوطن .وتطوير وسائل االرتباط هذه بين الفرد
ووطنه يشكل أحد لبنات التربية الوطنية الناجحة .ج -شبكة من الروابط المختلفة بين
القاطنين في الحيز ،والتي تكرست وتطورت عبر
مراحل تاريخية ،وتمثل العقائد الدينية والروابط القومية والوطنية أبرز هذه الروابط.
-3الوطنية:
اللوطنية معنيان هما :أوال :المعنى السياسي االجتماعي :وهو أن الوطنية قد تحمل معنی
مجموعة الخصائص
- 17 -
االجتماعية التي تتسم بها مجموعة بشرية معينة وتسعى للحفاظ عليها ،وهو معنی
يتداخل مع مفهوم القومية( ،سنعود لتوضيح هذه النقطة فيما بعد).
ثانيا :هي االرتباط الوجداني واالستعداد النفسي للعمل من أجل تطوير وحماية الوطن
كما عرفناه في الفقرات السابقة .ويتمثل هذا االرتباط بالعمل المخلص في الجوانب
المختلفة التي يعمل فيها الفرد من ناحية ،وبالتعبير عن هذا االرتباط الوجداني لغة
عبر األدب والفن والفكر من ناحية ثانية .وهذا يعني أن الوطنية تتمثل في :
أ -العمل المخلص للحفاظ ولتطوير مصالح الوطن حيث يوجد الفرد.
-ب -االستعداد للدفاع عن الوطن عند تعرضه للخطر.
ج -توظيف الفن واألدب والفكر لتعميق الرباط الوجداني بين األفراد وبين الوطن،ولذلك
يقال قصيدة وطنية واغنية وطنية ورمز وطني ونشيد وطني.
-4األمة:
کيان اجتماعی پترابط أفراده على اسس لغوية أو عرقية أو تاريخية أو كلها مجتمعة .وقد
يكون هذا المفهوم من بين أكثر المفاهيم إثارة للجدل بين المفكرين ال سيما حول العناصر
المكونة لألمة وأهمية كل عنصر منها .فمنهم من أضاف المصالح المشتركة والمصير
المشترك ،ومنهم من اعتبر اللغة هي األساس ،في حين رأى غيرهم أن التاريخ المشترك
أكثر أهمية .كما يثير هذا المفهوم مشكلة الحيز الجغرافي الذي توجد فيه األمة ،فهناك من
رأى أن األمة تمتد حيث تمتد لغتها ،وهناك من رأى أن األمة حيث يقيم عرقها الذي
تنتمي له.
-5القومية:
عرف المفكرون القومية بأنها مثل أعلى يقوم على الوعي باألمة ،أي إدراك األفراد
للخصائص المشتركة التي تجمعهم ببعضهم .وهناك نظرتان لمفهوم القومية:
نظرة موضوعية تجعل من القومية "ظاهرة طبيعية تتعلق بمجموعة من البشر ،لهم لغة
واحدة وثقافة واحدة وعادات وتقاليد واحدة ،وينحدرون من أصل واحد
- 18 -
ويقطنون بقعة جغرافية معينة ،وتحدوهم آمال واحدة ومصالح مشتركة ،ويشعرون
بالحاجة ألن تحكمهم سلطة واحدة ذات سيادة .وليس بالضرورة أن تتوافر العناصر
السابقة كلها لتوجد القومية ،بل يمكن لبعض العناصر السابقة فقط أن توجدها.
نظرة ذاتية ترى في القومية ظاهرة سيكولوجية ،ال تتعلق بمقومات خارجة عنها ،بقدر
تعلقها بوعي األفراد بتلك المقومات والتي تجعلهم يشعرون بأن لهم شخصية منفصلة
ومتميزة ،وتدفعهم للتعبير التنظيمي عن هذه الشخصية ،من خالل إنشاء دولة تجمعهم أو
تنظيم معين.من هنا يصبح وعي األفراد بمقوماتهم المشتركة شرطة لتحويل مفهوم األمة
إلى قومية ،مما يعني أن القومية هي التعبير األيديولوجي عن األمة .وتتحول القومية إلى
عنصرية عند سيادة اعتقاد بأن السمات االجتماعية والثقافية التي تتصف بها مجموعة
قومية معينة "أرقى" من سمات غيرها ،كما هو الحال في الفاشية اإليطالية والنازية
األلمانية والتمييز العنصري والصهيونية.
وهناك األقلية القومية ،وهي مجموعة بشرية تتوافر لها صفات القومية الموضوعية
والذاتية ،ولكنها ال تعيش ضمن بقعة جغرافية منفصلة بل ضمن كيان سياسي فيه قومية
أخرى أكبر عددا من تلك األقلية ،ويطلق أحيانا على هذه األقلية اسم "شعب".
ومن غير الممكن لدى علماء السياسة التعريف "بشعب" معين دون ربطه بإقليم معين
وبارتباط بوحدة سياسية معينة ،وبالتالي فإن اإلقليم والوحدة السياسية (الدولة) هما المميز
الوحيد بين األمة والشعب ،فالرباط القومي هو رباط معنوي ولكنه ليس رباطة قانونية
بالضرورة ،ومن الطبيعي أن تكون األمة شعبة واحدة بالمفهوم القانوني ،لكن األحداث
التاريخية أدت لنشوء کيانات سياسية تجمع أكثر من شعب أو أدت إلى نشوء قوميات
موزعة على أكثر من وحدة سياسية.
وقد نتج عن ذلك ظاهرتان :دول فيها أكثر من شعب كما في أغلب الدول اإلفريقية،
وأمة مشتتة في أكثر من دولة كما هو حال األمة العربية.
ويطلق على الكيان السياسي الذي تعيش فيه قومية معينة مصطلح الدولة
- 19 - -
القومية ،وهو المصطلح الذي شاع في أوروبا أو وفي العالم كله في القرن العشرين بعد
مؤتمر ويستفاليا عام ،8441حيث انسلخ عدد من الكيانات السياسية عن اإلمبراطورية
الجرمانية وشکل دوال مستقلة أغلبها على أساس قومي بعد حرب الثالثين سنة التي
أخذت طابعة دينية بين الكاثوليك والبروتستانت في أوروبا ،واتسعت هذه الظاهرة بعد
انهيار النظم االستعمارية واستقالل المستعمرات وتشكيلها دوال قومية منفصلة عن
المركز االستعماري.
العالقة بين الوطنية والقومية :
برنی علماء االجتماع أن الفرد ينتمي إلى مجموعة متداخلة من األنساق االجتماعية،
(أسرة ،عشيرة ،قبيلة ،أمة ،دين ،طائفة ،طبقة ،مهنة) ،وهذا يعني أن لدى الفرد تعددة في
الوالءات طبقا ألولويات هذه الوالءات من وجهة نظر الفرد.
وفي الجانب السياسي ،نجد لدى الفرد والءات عدة يعنينا منها هنا الوالء الوطني والوالء
القومي ،فاألول يمثل المستوى األدني في الوالء ،والثاني يمثل المستوى األعلى ،ويعني
األول كما سبق وأن ذكرنا االرتباط الوجداني بالوطن أو الشعور بسمات اجتماعية ذات
خصوصية معينة ولكن ضمن السمات العامة للمجتمع القومي .ويمكن توضيح ذلك
بالوطنيات العربية (األردنية ،المصرية ،المغربية ،والتي تعني إحساسا بخصوصيات
معينة ضمن سلم الوالءات ،دون أن ينفي ذلك والء أعلى في اطار القومية العربية.
ويمكن أن تكون الوطنية أداة إثراء للقومية ،لكن الشطط فيها قد
كون أداة تمزيق ،وهو أمر مرتبط بمدى وعي النخب الوطنية والقومية في تغليب االثراء
على الشطط .وهذا يعني أن الوطنية تمثل سمات خاصة تتميز بها أنساق فرعية في إطار
السمات العامة للنسق العام المتمثل في القومية .وفي هذا اإلطار تتميز هذه السمات
الخاصة ببعض المظاهر مثل اللهجات ضمن اللغة نفسها ،أو أنماط .األزياء ،أو
خصوصية تاريخية معينة شكلت كيانا سياسية لفترة من الزمن منفصال عن الكيان
السياسي األكبر ،أو بعض العادات والتقاليد .لكن النقطة المركزية في هذه المسألة هي أن
نقاط التشارك بين الوطنية والقومية أقوى وأكثر من نقاط التباين.
ولتوضيح ذلك نأخذ مثاال :قد نجد تباينا في اللهجة أو لغة الشارع بين مجتمع
- 20 -
عربي ومجتمع عربي آخر ،لكن ذلك ال ينفي أن اللغة الفصحى لهما واحدة ،كما أن
القدرة على التفاهم حتى بلغة الشارع أمر هين إلى حد بعيد .ويمكن تطبيق ذلك على
غيرها من أمثلة الخصوصية والعمومية .العالقة بين األمة والقومية:
قلنا إن األمة مجموعة بشرية ذات سمات عرقية أو لغوية أو تاريخية مشتركة أو لها آمال
مشتركة ،وتتحول األمة إلى قومية بمقدار وعي أفراد األمة بتلك الخصائص التي تجمعهم
والعمل على بناء كيان سياسي يضمهم ،وهذا ما نعني به عندما نقول بأن القومية هي
الوعي باألمة.
-4الهوية الوطنية:
هي مجموعة الخصائص التي تتشكل عبر التاريخ وتصبح صفة لصيقة بشعب من
الشعوب وتميزه عن غيره ،ويطلق البعض على هذه مصطلح الطابع القومي .وتتشكل
هذه الهوية عبر مراحل تاريخية طويلة ،وقد يصيب بعض جوانبها بعض التغير دون
فقدان الجوهر .ويرفض بعض الباحثين فكرة الهوية الوطنية على أساس أنها تقوم على
افتراض تحجر األنماط االجتماعية اإلنسانية ،وهو أمر غير ثابت في التاريخ البشري،
فقد أصاب لغات وطبائع وعادات وتقاليد كل الشعوب بعض التغيير .لكن باحثين آخرين
برون أن هناك سمات ثابتة للمجتمعات في بعض جوانبها ،وقد يصيبها تغير لكنه ال يمس
جوهرها مثل اللغات أو األديان.
-7التنمية السياسية:
تباينت آراء الباحثين في تعريف هذا المفهوم ،فمنهم من عرفها "بالتغير الذي يصيب
النظم السياسية بشكل يجعلها أكثر قدرة على االستجابة لتحديات البيئة الداخلية
والخارجية" ،بينما رأی باحثون آخرون أنها "العملية التي ترمي إلى إيجاد حكم تتوفر له
شرعية وقيادة فاعلة" في حين رأی فريق ثالث أنها "نمو المؤسسات والممارسات
الديمقراطية في المجتمع" .ويجمع الباحثون على أن التنمية السياسية تقوم في مرتكزاتها
األساسية على عدد من المؤشرات هي :
-
- 21 -
أ -االنتقال السلمي للسلطة.
ب -وجود جهاز إداري كفء وقادر على إنجاز الخطط االقتصادية واالجتماعية
والسياسية .
ج -تأسيس شرعية النظام السياسي على أساس مرتكزات حديثة تقوم على احترام
الدستور والقانون واألداء السياسي النزيه والفاعل داخلية وخارجية.
د -تحقيق أكبر قدر من المساواة بين الجميع في الخضوع للقواعد القانونية واعتماد
الكفاءة معيارة للتوظيف السياسي واإلداري.
-1الديمقراطية:
كلمة يونانية األصل تتكون من مقطعين Demo ،وتعني الشعب ،و Krateinوتعني
حكم ،وبهذا فهي تعني بشكل مباشر حكم الشعب .وحكم الشعب في معناه الدقيق يعني
عدم احتكار السلطة بيد قطاع من المجتمع دون غيره .وقد أخذت الديمقراطية في بداياتها
شكل الديمقراطية المباشرة ،حيث كان جميع األفراد البالغين يجتمعون ويعرض كل منهم
رأيه ثم يتم التصويت على اآلراء ،على أن يكون لكل فرد صوت واحد ،ويفوز الرأي
الذي حظي باألغلبية .ومع تزايد أعداد الشعوب وتعقيدات الحياة االجتماعية والسياسية
واالقتصادية ،تحول االعتماد في العملية الديمقراطية إلى هيئات تمثيلية يتم اختيارها من
قبل الشعب وتقوم هي بتمثيله في التصويت على القرارات التي يراد اتخاذها من خالل ما
يسمى بالسلطة التشريعية أو البرلمان.
ولكي يقوم حكم ديمقراطي ،ال بد من توفر الحريات السياسية (حرية الرأي والتنظيم
وتوفر تكافؤ الفرص لكي ال يطغى األثرياء أو أصحاب النفوذ التقليدي أو غيره على
العملية الديمقراطية ،وتوفر نظام انتخابي يحقق تكافؤ الفرص أمام مختلف القوى واألفراد
للوصول إلى المقاعد النيابية.
وفي الحكومات الديمقراطية ،يتم تشكيل الحكومة من الحزب أو مجموعة األحزاب أو
القوى السياسية ذات العدد األكبر من المقاعد في البرلمان .كما يتم انتخاب الرئيس
انتخاب مباشرة في عدد من النظم الديمقراطية أو يتم انتخابه بطريقة غير مباشرة كما في
نظم أخرى.
- 22 -
الفصل األول
- 27 - -
الفصل األول المدن والسكان
لم يكن مجموع عدد سكان شرقي األردن مطلع القرن العشرين يزيد ،حسب تقديرات
تقريبية ،على مائتي ألف نسمة ،أغلبهم من سكان البادية واألرياف .أما المراكز
الحضرية فكانت في مرحلة تشكل جنينية ،ربما باستثناء مدينة السلط ،التي كانت األهم
بين مراكز التجمعات السكانية ،من حيث السكان ،والعمران ،واألنشطة التجارية
واالقتصادية عموما .أما مدينة عمان ،فلم تكن أكثر من قرية صغيرة يسكنها عدد محدود
من الشراكسة وقليل من العرب.
ويذكر في هذا السياق أن فقيها دمشقية زار عمان والسلط وهو في طريقه حاجة إلى
القدس عام ،8803فتحدث عن انطباعاته عن المدينتين ،حيث تركت عمان ،لما فيها من
حيوية ،انطباعة طيبة في نفسه ،وبخاصة لما كانت تشهده من بداية تململ تجاري
وعمراني .أما عن السلط فقد الحظ هذا الزائر أن المدينة ابتدأت تكتسب صبغة
حضرية بفضل تدفق القادمين إلى المدينة من تجار وموظفين حكوميين من دمشق
ونابلس .ويقول الزائر في هذا الصدد:
"لقد أخذ عمران السلط يخرج عن نطاق السيطرة ،إذ بدأ الناس في تشييد العمائر الشاهقة
وسط تحفة عجيبة " .وقال أيضا " :إن غالبية أهل السلط جاءوا في األصل من نابلس
بهدف التجارة والبناء والعمل في السلك الحكومي ،بحيث يمكن وصف السلط بأنها نابلس
الثانية أو نابلس الصغرى"" ..
غير أن عددا من البلديات ما لبث أن نشأ وتبلور مع تأسيس إمارة شرق األردن فشكلت
نوى لمراكز حضرية ،ومثال ذلك اربد وعجلون وجرش ومادبا والكرك ،طبعا ،باإلضافة
للسلط وعمان.
وقد كان لتأسيس اإلمارة ونشوء سلطة مركزية في األردن ،بكل ما يعنيه ذلك من تطور
إداري ،وصحي ،وتعليمي ،واستقرار أمني ،أثر في تزايد عدد السكان .كما لعبت الهجرة
إلى األردن من الحجاز وسوريا ،ومن فلسطين ،خصوصا بعد الحرب العربية -
اإلسرائيلية األولى وما أفرزته من هجرة جماعية لفلسطيني المدن والقرى التي احتلتها
إسرائيل عام 8841دورة حاسمة ،ليس في زيادة عدد السكان فحسب ،وإنما في
- 28 -
تغير التركيبة السكانية ايضا ،ال سيما وأن نسبة مرتفعة من الالجئين الفلسطينيين كانوا
من سكان المدن ،ومن المؤهلين ثقافيا ومهنيا ،مما أدى في نهاية المطاف إلى قيام حركة
عمرانية واسعة في المدن األردنية الرئيسية ،ونشاط تجاري مميز .وقيام بعض الورش
والصناعات الصغيرة والمتوسطة .وقد أشارت النشرة اإلحصائية السنوية لعام 8850
إلى أن مجموع عدد سكان األلوية األربعة لألردن وهي البلقاء ،وعجلون والكرك ومعان
قد ارتفع إلى ( )400000نسمة .غير أن استمرار الهجرات من فلسطين ،نتيجة
الالعتداءات اإلسرائيلية المتكررة ،وبالتالي توسع االحتالل اإلسرائيلي ليشمل جميع
األراضي الفلسطينية ،أدى إلى تسريع وتأثر النمو السكاني ،حيث أظهرت النتائج المعلنة
اإلحصاء عام 8884أن عدد سكان المملكة قد تجاوز األربعة ماليين نسمة ،يتركز
حوالي مليونين ونصف منهم ،أي أكثر من %40من مجموع السكان ،في وسط البالد
وبشكل محدد في العاصمة عمان ،والزرقاء والسلط ،بينما يتوزع الباقي ما بين بلدات
ومدن الشمال والجنوب وبخاصة اربد ،والمفرق ومادبا.
هذا وقد أشار رئيس الوزراء األردني مؤخرا إلى أن عدد سكان األردن يبلغ حاليا زهاء
( )88مليون نسمة ،منهم ( )4 ، 4مليون أردني ،يضاف إليهم (2
)4 ،مليون سوري ،ونصف مليون عراقي ،و( )45ألف يمني ،و( )35ألف ليبي،
وحوالي مليوني الجئ فلسطيني من غير حملة األرقام الوطنية .أما بالنسبة للعمالة
المصرية الوافدة فيقدر عدد أفرادها بما ال يقل عن ( )400ألف شخص.
ومن جانب آخر تقدر اإلحصاءات أن %84من األردنيين مسلمون ،و %4مسيحيون.
وباستثناء تصنيف السكان إثنية ودينيا إلى مسلمين ومسيحيين وشراكسة ،يمكن تصنيف
السكان األردنيين ،حسب نمط الحياة ،إلى أربع مجموعات:
المجموعة األولى :سكان المدن ،وهم الغالبية العظمى من السكان ،حيث يقدر البنك
الدولي نسبتهم بأكثر من ٪70من مجموع السكان ،وهناك تقدير بأن عدد سكان المدن،
يتزايد على حساب األرياف ،بمعدل 4سنويا.
المجموعة الثانية :سكان األرياف ،وتناقص نسبتهم إلى مجموع السكان بصورة
مستمرة ،نتيجة لتدهور القطاع الزراعي ،ونتيجة نقص الخدمات في بعض األرياف،
مما
- 29 .
يشكل عامل طرد للسكان في اتجاه المدن ،التي تتوفر فيها عوامل جذب عديدة مثل توفر
خدمات التعليم والصحة ،وتوفر أمان العمل أيضا.
المجموعة الثالثة :سكان البادية ،ومنهم من هو مستقر في قرى نموذجية أنشأتها الدولة
بهدف توطينهم ،ومنهم من ال يزال يعيش حياة البداوة متنقال مع مواشيه حسب المواسم
وإلى حيث يتوفر الكأل والماء .وهؤالء ال تزيد نسبتهم على ٪2من مجموع السكان ،وهم
يعيشون في مناطق البادية الواقعة إلى شرق الخط الممتد من المفرق إلى معان.
المجموعة الرابعة :سكان المخيمات ،وهم في الغالب من سكان المدن ،إال أن ظروف
نشأة هذه المخيمات واألوضاع الخاصة بسكانها تجعل تصنيفهم في مجموعة رابعة أمرا
مفيدة في سعي إلى إلقاء بعض األضواء على الوضع السكاني في األردن .ومن
المعروف أن مخيمات الالجئين في األردن ظهرت ألول مرة في أعقاب اندالع الحرب
العربية -اإلسرائيلية األولى عام ،8841حيث تم ،بداية ،إنشاء خمسة مخيمات هي
مخيمات اربد ،والزرقاء ،والوحدات ،والكرامة الذي تمت تصفيته في وقت الحق)،
وجبل الحسين .ولكن تدفق نازحي حرب 8847من الضفة الغربية على األردن فرض
إنشاء سنة مخيمات إضافية الستيعابهم .وهي مخيمات :الحصن وسوف وجرش والبقعة
والطالبية وماركا
وتشير إحصائيات وكالة الغوث األردنية لتشغيل الالجئين إلى أن ( )205000الجئ من
مجموع ( )124821مسجلون کالجئين في سجالت الوكالة ،ال زالوا يعيشون في هذه
المخيمات في ظل شروط سكنية ومعيشية صعبة ،رغم أن وكالة الغوث ال زالت تتكفل
بتقديم الحد األدنى من مواد التموين والخدمات التعليمية والصحية.
ومع أن عدد سكان األردن يبدو ضئيال بالقياس إلى مساحته الجغرافية الكلية حيث ال تزيد
الكثافة السكانية فيه على ( )30شخصا للكيلومتر المربع الواحد ،إال أن األخذ بعين
االعتبار حقيقة أن الصحراء تختصر ٪80من مساحة البالد ،وهي شبه خالية من
السكان .يجعل من العدد الحالي للسكان عبئا ثقيال على اقتصاد صغير يعاني من جملة من
التشوهات االقتصاد األردني.
- 30 -
ومن الجدير ذكره أن معدل النمو السكاني في األردن كان طوال الجزء األكبر من القرن
العشرين من أعلى معدالت النمو السكاني في العالم حيث كان يراوح
حوالي 4سنويا ،ولم تكن هذه الزيادة الكبيرة في عدد السكان نتيجة للهجرة من الضفة
الغربية للضفة الشرقية فقط ،وإنما نتيجة للزيادة الطبيعية ،التي تمثل الفرق بين نسبة
المواليد الجدد ونسبة الوفيات .وقد كان للتطور في خدمات الرعاية الصحية خالل
السبعينات والثمانينات من القرن الماضي أثره الفعال في انخفاض معدل الوفيات من
( )87لكل ألف عام 8845إلى ( )7في األلف منتصف الثمانينات .ويالحظ خالل الفترة
نفسها أن معدل الوفيات بين المواليد الجدد ،الذي يشكل مقياسا التطور البالد بعامة،
وتطور مستوی خدماتها الصحية بخاصة ،قد تراجع من ( )885إلى ( )44من كل ألف
من حاالت الوالدة .وقد كان من الطبيعي ،والحالة هذه ،أن تنشا مشكلة ديمغرافية حقيقية.
فباإلضافة للنمو المتسارع في عدد السكان ،أصبح نصف سكان األردن تقريبا دون سن
الخامسة عشرة ،بحيث يوصف المجتمع األردني بمجتمع صغار السن ،بكل ما يعنيه ذلك
من ضرورة إعطاء األولوية لتوفير االستثمارات الديمغرافية المتمثلة في البناء التحتي
والتسهيالت الالزمة لرعاية وتنشئة وتدريب وتأهيل صغار السن الذين ،كما سبقت
اإلشارة ،يشكلون نسبة مرتفعة من السكان .وقد أدى هذا الواقع إلى ضغط هائل على
موارد البالد المحدودة ،كما أصبح من العسير توفير فرص عمل للداخلين الجدد ،وبأعداد
كبيرة ،إلى سوق العمل سنويا ،مما أدى إلى تفاقم مشكلة البطالة.
ومع أنه ال يوجد لدى الدولة األردنية رسمية برنامج ملزم للحد من التناسل ،إال أن
مجموعة من العوامل ساعدت على إحداث انفراج نسبي في المشكلة السكانية ،ولعل من
أبرز هذه العوامل ما يلي .8 :انتشار التعليم وانحسار األمية ،وبالتالي تنامي الوعي بأبعاد
المشكلة السكانية ،إذ
ما كاد يبزغ عقد الثمانينات ،ونتيجة لعملية تراكمية ،حتى كان جميع األطفال ما بين
السادسة والثانية عشرة ملتحقين بمدارس رسمية مجانية وإلزامية ،بينما كان 08 %
على األقل من صغار السن الذين تتراوح أعمارهم ما بين ( )32و ()35
- 31 -
سنة منتظمين في الدراسة اإلعدادية المجانية ايضا ،هذا عدا عن الملتحقين بمرحلة
الثانوية ،وعشرات اآلالف من الشباب والفتيات الملتحقين بالجامعات الرسمية والخاصة
تدرس جميع التخصصات العلمية واألدبية ابتداء بالطب والصيدلة والهندسة وتكنولوجيا
المعلومات وانتهاء بالعلوم االجتماعية واإلنسانية واإلدارية .ولعل من الالفت للنظر أن
أكثر من ٪50من الدارسين في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي هم من الفتيات .ومما
الشك فيه أن التحسن في مستوى تعليم اإلناث ،أدى إلى زيادة مشاركة المرأة في قوة
العمل ،وهذا أدى بدوره لرفع سن
الزواج لدى اإلناث ،مما ساهم في تخفيض معدالت الخصوبة .2 .أما العامل الثاني فهو
تشجيع الدولة األسر ،بصورة اختيارية ،على انتهاج سياسة
"مباعدة األحمال" كجزء من خطة التحسين صحة األمهات واألطفال ،وليس بالضرورة.
وبصورة مباشرة ،تخفيض معدالت الخصوبة .وقد أنشات الدولة لهذا الغرض مراکز
عديدة لألمومة والطفولة بهدف توفير الرعاية الصحية في فترة ما قبل الوالدة وما بعدها،
وتوفير قاعدة واسعة من المعلومات اإلرشادية لمن يطلبها حول وسائل وإجراءات تنظيم
األسرة و موانع الحمل.
وقد أدت هذه التطورات إلى نتائجها ،حيث ما لبث معدل النمو السكاني أن انخفض من
ذروته البالغة %4تقريبا في الثمانينات من القرن الماضي إلى حوالي 2
.
%0سنويا في الفترة الراهنة .الموارد الطبيعية
إذا كان األردن غنية بموارده البشرية ،من حيث الكم والكيف ،فهو واحدة من بلدان العالم
الثالث األكثر فقرا في الموارد الطبيعية .ففي الوقت الذي يتوفر في األردن قوة عمل
مؤهلة ومدربة أحسن تدريب ،وتتمتع بمستوى رفيع من التعليم ،فإن األردن يعاني من
نقص حاد في غالبية مكونات الموارد الطبيعية ،وبشكل خاص :المياه. ،التربة الزراعية
المناسبة ،والنفط والمعادن المختلفة ،وسنعرض فيما يلي بشيء من " االنجاز أهم معالم
هذه اإلشكاليات في مجاالت المياه ،األرض الزراعية ،النفط والمعادن المختلفة ،على
التوالي:
- - 32 -
.8المياه :يرجع السبب الرئيس في أزمة المياه إلى اعتماد األردن على مياه األمطار
المتذبذبة من سنة إلى سنة ،ومن منطقة إلى منطقة ،فكثيرا ما عاني األردن من فترات
محل وجفاف .وعلى العموم فإن األردن يتعرض لحالة من العجز المائي تتفاقم مع مرور
األيام ،وثمة ،على خلفية هذا العجز ،قلق حقيقي في األوساط الرسمية والشعبية من أن
ندرة المياه ستشكل ،إن عاجال أو آجال ،قيدة على أية تنمية زراعية أو صناعية مستقبلية.
فبعد تحويل إسرائيل لمجرى نهر األردن ،وفي ضوء حصة األردن المحدودة من مياه
نهر اليرموك ،تكاد األمطار تشكل المصدر الوحيد للمياه في األردن ،حيث يقدر معدل
سقوط األمطار على األردن بحوالي ( )1مليارات متر مكعب سنويا ،يتبخر % 5 . 82
منها بعد هطولها ،ويتسرب ٪5في باطن األرض فيغذي األحواض المائية الجوفية ،بينما
يسيل الباقي (2
)%5 .في األودية والسهول الجانبية .وتقدر كميات المياه المتاحة والمتجددة سنويا ،من
المصادر السطحية والجوفية كافة بما ال يزيد على ألف ومائتي مليون متر مکعب ،كحد
أقصي ،بينما يبلغ الطلب الكلي على المياه حوالي ألف وأربعمائة مليون متر مكعب.
وبهذا يكون العجز السنوي حوالي مائتي مليون متر مكعب من المياه .وتفيد مصادر
وزارة المياه والري أن القطاع الزراعي يستهلك ٪74من كمية المياه .بينما يستهلك
القطاع المنزلي %22والصناعة ./4
وفي ضوء االستفحال المتوقع ألزمة المياه ،فليس أمام األردن لمواجهة هذه األزمة سوى
اللجوء لواحد أو أكثر من اإلجراءات التالية :أ .جر المياه من حوض الديسي إلى
العاصمة عمان ،وقد تم إنجاز هذا المشروع منذ سنوات .ب .التوسع في إنشاء السدود ج.
ترشيد استهالك المياه ،والحد من فقدان نسبة مرتفعة منها في شبكات المياه في األردن.
د .إعادة النظر في النمط الزراعي في اتجاه حظر زراعة المحاصيل والزراعات شديدة
الحاجة المياه الري ،وذلك لتقليص حصة الزراعة من المياه من المستوى الحالي الذي
يبلغ ٪74إلى %50على أقل تقدير.
- 33 - -
.2األرض الزراعية :تقدر الدراسات المسحية أن ما بين ٪7 - 4فقط من مساحة
األردن صالح للزراعة .ومع ذلك فإن جزءا ال بأس به من األراضي الصالحة للزراعة
ال يجري استغالله لسبب أو آلخر ،حيث يقدر أن ٪5فقط أي حوالي ( )500000هکتار
هي التي تستغل ألغراض اإلنتاج الزراعي .ويالحظ في هذا السياق أن الجزء األعظم
من هذه المساحات زرع بعال .بينما ال تزيد مساحة
الزراعات المروية على ( )40000هکتار يقع أغلبها في حوض وادي األردن.3 .
المعادن :على الرغم من محدودية تشكيلة الثروة المعدنية المكتشفة والمستغلة في األردن،
فإن بعض منها يلعب دورا بالغ األهمية في االقتصاد األردني سواء من
حيث مساهمته في الناتج المحلي اإلجمالي ،أو في استيعاب األيدي العاملة ،أو في
مساهمته في الصادرات الوطنية.
ولعل من أهم هذه المعادن ما يلي . :الفوسفات :كانت خامات الفوسفات ومازالت تعتبر
من أهم الثروات الطبيعية في األردن .وتقدر احتياطات األردن المؤكدة من الفوسفات بما
بين (8
.
)5إلى ( )5 . 2مليار طن ،مما يعني أن هذه االحتياطات ،حتى في حدودها الدنيا،
تشکل ضمانة الستمرار األردن في إنتاج وتصدير الفوسفات لمئات السنين القادمة بنفس
مستويات اإلنتاج الحالية التي تبلغ في المتوسط ،ستة ماليين طن سنويا .ويحتل األردن،
بين الدول المنتجة والمصدرة للفوسفات ،المرتبة الثالثة بعد المملكة المغربية والواليات
المتحدة األمريكية.
وقد أقدم األردن ،بالتعاون مع عدد من الدول المستوردة للفوسفات األردني على إنشاء
عدد من الصناعات في منطقة العقبة الخاصة لتصنيع خامات الفوسفات بهدف زيادة
القيمة المضافة لهذه المادة .ولعل من أبرز الصناعات في هذا المجال صناعات األسمدة
الكيماوية وحامض الكبريتيك ،وفوسفات األمونيا األحادية.
يضاف إلى ذلك أن شركة الفوسفات األردنية تضع في استراتيجيتها تطوير شراكات في
صناعة األسمدة تقوم على الفوسفات األردني مع أهم األسواق
- 34 -
-
المستهلكة للفوسفات في العالم .ومن هذا المنظور وقعت الشركة عام 3835اتفاقية
اإلنشاء مصنع إلنتاج اسمدة مركبة في الهند بالتشارك مع شركات هندية ومصنع مماثل
بالتعاون مع شركات أندونيسية .ب .البوتاس :يشكل البوتاس المكون الثاني الرئيس،
بعد الفوسفات ،من مكونات
القطاع التعديني األردني ،وتقوم على استخراج البوتاس من البحر الميت منشاة
صناعية ضخمة بلغت تكاليف إنشائها أكثر من ( )588مليون دوالر وتقع في منطقة
األغوار الجنوبية وعلى شواطئ البحر الميت ،حيث تقوم بعد استخراج البوتاس
بتحويله إلى كلوريد البوتاس الذي يستخدم جزء منه كمدخل في صناعة األسمدة ،بينما
يجري تصدير الباقي للخارج.
وكما هو الحال بالنسبة للفوسفات ،فان الهند هي أيضا المشتري الرئيسي إلنتاج األردن
من البوتاس .ومما يجدر ذكره أن إنتاج البوتاس في األردن أقل كلفة من إنتاجه في أي
مكان آخر في العالم ،ولعل الفضل يعود العتماد عملية اإلنتاج على التبخر الشمسي ،مما
يمنح األردن ميزة نسبية على الدول األخرى المنتجة لهذه المادة.
ويخطط األردن حالية إلنتاج معادن أخرى من تلك التي تزخر بها مياه البحر الميت مثل
كبريتات البوتاس ،وأكسيد المنغنيز وكربونات الصوديوم التجارية .ج -البرومين :وهو
من المعادن الثمينة التي يجري استخراجها من مياه البحر الميت،
حيث تم تدشين مصانع شركة برومين األردن في منطقة غور الصافي عام 2003بر
اسمال يتجاوز ( )300مليون دوالر كمشروع أردني -أمريكي مشترك .وتعتبر مصانع
هذه الشركة من المصانع القليلة في العالم التي تنتج مادة البرومين االستراتيجية
ومشتقاتها التي تستخدم في الصناعات الكيمياوية المختلفة وفي االتصاالت والمنسوجات
واعمال حفر آبار البترول وتعقيم المياه واألدوية وغيرها.
ويذكر أن 85في المائة من إنتاج المصنع الذي يزيد عن ( )200ألف طن سنوية يجري
تصديره للخارج .د .النفط والغاز :على الرغم من أن األردن يقع وسط منطقة تعتبر من
أغنى مناطق
- 35 - -
العالم بالنفط والغاز (السعودية ،العراق ،مصر ،سوريا) فإن جميع مساعي التنقيب في
األراضي األردنية ،والتي استمرت لعدة عقود لم تتمخض ،حتى اآلن ،إال عن اكتشاف
النفط بكميات تقدر ب ( )3000بر ميل سنوية يجري استخراجها من ثالثة آبار في حقل
حمزة الواقع في منطقة األزرق إلى الشرق من عمان .وبهذا فإن األردن يعتمد في سد
حاجته إلى النفط على االستيراد من الدول العربية ،وخصوصا من العراق والمملكة
السعودية .أما بالنسبة للغاز فقد تم اكتشاف الغاز بكميات متواضعة أيضا في حقل
الريشة في الجزء الشرقي من البالد حيث
يجري استخدامها حاليا في توليد الطاقة الكهربائية .ه .الصخور الزيتية :يقدر احتياطي
الصخور الزيتية المكتشفة في منطقة وادي
السبلطاني منذ عام 8810ما بين ( )20إلى ( )40مليار طن ،وهي كميات ،حتی في
أسوأ التقديرات ،كافية إلنتاج ما بين ( )80إلى ( )20مليار برميل من النفط.
غير أن التكلفة المرتفعة الستخراج النفط من الصخور الزيتية ،مقارنة بأسعار " النفط،
قبل االرتفاع الكبير الذي شهدته مؤخرة ،لم تشجع الجهات المعنية على
استغالل هذه الصخور نظرا لعدم ثبوت جدواه االقتصادية.
وفي هذه األثناء تم مؤخرة توقيع اتفاقية بين الحكومة األردنية وشركة (اينفيت)
األستونية ،ستبدأ الشركة بموجبها بتوليد الكهرباء عن طريق الحرق المباشر للصخر
الزيتي ،ومن ثم بيع الكهرباء للحكومة ابتداء من نهاية عام .2087
ومن ناحية ثانية تقوم شركات عالمية أخرى بمحاوالت استغالل الصخور الزيتية في
األردن إلنتاج النفط عن طريق الحرق العميق والتعدين السطحي ،وسيقرر مصير هذه
المحاوالت في حال ثبوت الجدوى االقتصادية على ضوء تطور أسعار النفط في
األسواق العالمية.
ومن المعروف أن في األردن مجموعة أخرى من المعادن ولكن بكميات غير تجارية،
ومنها على سبيل المثال خامات الحديد ،والنحاس ،واليورانيوم ،والرمل -
الزجاجي
- 36 -
الفصل الثاني
- 79 - -
جهود الملك حسين في بناء األردن
كان عهد الحسين في األردن ( )8888 - 8853عهد بناء وازدهار في تاريخ األردن
المعاصر .ففي عهده أرسيت قواعد الحياة النيابية الدستورية واستقرت مؤسسات الدولة.
وشهدت البالد ازدهارة اقتصادية على الرغم من محدودية الموارد الطبيعية فيها .وانتشر
التعليم على نطاق واسع في البالد ،وصدر قانون للتربية والتعليم السنة 8843الذي نص
على فتح مدرسة حيثما توفر عشرة من التالميذ .واستطاع األردن منذئذ أن يحرز قصب
السبق في هذا الميدان ،وأن يحتل المقام األول في التعليم في البالد العربية كلها ،وأن
تكون نسبة األمية في سكانه أقل نسبة في البالد العربية (.)%80
:وأنشئت الجامعة األردنية سنة 3913كأول جامعة وطنية في البالد تلتها جامعة
اليرموك سنة 3971فجامعة مؤتة سنة 3903وجامعة العلوم والتكنولوجيا األردنية،
وجامعة آل البيت فالجامعة الهاشمية ،وأنشئت الجمعية العلمية الملكية من أجل نقل
التكنولوجيا الحديثة وتوطينها في األردن ،مثلما أنشئت إحدى عشرة جامعة خاصة
والعديد من كليات المجتمع الرسمية والخاصة .وكان استثمار األردن في عهد الحسين
في الموارد البشرية.
وكانت جهود الحسين الشخصية واضحة في بناء القوات المسلحة األردنية البرية
والجوية والبحرية ،وفي تطوير أداء وكفاءة ضباطها وأفرادها .واستحدث جامعة مؤتة-
الجناح العسكري لتخريج ضباط مؤهلين علمية وعسكرية على مستوى جامعي رفيع.
كما أنشا كلية األركان وكلية الدفاع الوطني لتخريج القادة لقيادة القوات البرية .وأنشئت
مدارس عسكرية عديدة لرفع كفاءة األفراد وضباط الصف .وأنشئت كلية السالح الجو
األردني إلعداد الطيارين وضباط هذا السالح .وكان للخدمات الطبية الملكية في القوات
المسلحة دور مهم في رفع سوية الخدمات الصحية العامة في المملكة .كما ساهمت
مديرية الثقافة العسكرية في توفير التعليم ألبناء الشهداء وأبناء العاملين في القوات
المسلحة وأبناء البادية.
وأولى الحسين العاملين في القوات المسلحة عنايته ،فخصص بمكر منه الملكية
األبنائهم %38من أعداد المقبولين في الجامعات وكليات المجتمع الرسمية األردنية
مع
- 80 -
دفع رسومهم ومنح شهرية طوال مدة دراستهم .كما منح أبناء العاملين في وزارة
التربية والتعليم %9من أعداد المقبولين في الجامعات الرسمية.
وعلى الصعيد االقتصادي ساهمت الدولة في تنمية االقتصاد األردني بإنشاء شركة
الفوسفات التي تولت استخراج الفوسفات في البالد وتسويقه وتصديره ،وإنشاء شركة
مصانع اإلسمنت وشركة البوتاس العربية .وأنشأت بنية تحتية مهمة كانت أساسا للنمو
االقتصادي مثل ميناء العقبة الذي وفر لألردن منفذ بحرية إلى العالم ،بعد أن كان يعتمد
على ميناء بيروت في لبنان وميناء الالذقية في سوريا .وأنشئت شبكة واسعة من الطرق
المعبدة بين المدن والقرى األردنية لتسهيل نقل السلع والمنتجات الزراعية والصناعية
واألفراد ،ناهيكم عن الملكية األردنية واألجنحة العربية كوسيلتين للنقل الجوي ،ومطار
الملكة علياء الدولي .ومنذ مطلع الستينات جرت مياه نهر اليرموك عبر قناة الغور
الشرقية لري األراضي األردنية في غور األردن .وأنشئت السدود لجمع المياه الغايات
الري مثل سد الملك طالل على نهر الزرقاء وسد وادي العرب وسد شرحبيل ابن حسنة
في شمال المملكة وسد الكرامة وسد وادي شعيب وسد الكفرين في منطقة البلقاء وسد
التطور وسد الوالة في منطقة ذيبان وسد الموجب في منطقة الكرك .واستثمرت المياه
الجوفية في البادية األردنية لزراعة الخضار والفواكه .واستطاعت سلطة المصادر
الطبيعية القيام بدراسات مسحية للكشف عن المعادن المختلفة في البالد ،والكشف عن
الغاز الطبيعي في البادية الذي يساهم إنتاجه في تغطية كلفة استهالك البالد من الطاقة.
وأنشئت مؤسسة األوراق المالية والسوق المالي في عمان.
كما تطورت الخدمات الصحية في البالد بإنشاء مدينة الحسين الطبية التابعة للقوات
المسلحة األردنية ،وبإنشاء الع ديد من المستشفيات في مختلف محافظات المملكة
وإنشاء المستوصفات والعيادات الصحية في العديد من القرى .واستطاعت الجامعة
األردنية وجامعة العلوم والتكنولوجيا األردنية أن تزود مستشفيات المملكة
ومستوصفاتها وعياداتها بحاجاتها من األطباء الذين تخرجهم كلينا الطب فيهما .وغدا
األردن مركزة لالستشفاء في المشرق العربي يفد إليه المرضى من منطقة الخليج
العربي
ومن اليمن والعراق وسوريا وليبيا والسودان ،لما فيه من كفاءات طبية متميزة
وخدمات طبية راقية.
- 81 -
وأنشئ صندوق المعونة الوطنية لمساعدة األسر الفقيرة فقام بدور مهم في مكافحة
الفقر .وخالصة القول إن الحسين قد رفع من شأن األردن على الصعيد الدولي من خالل
نشاطه الشخصي وخبرته السياسية الطويلة ،فاصبح األردن معروفا في مختلف
األوساط والمحافل الدولية .واحتل األردن في عهده مكانة خاصة في الوطن العربي،
وقام بدور مهم بقيادته الحكيمة والشجاعة .عهد الملك عبد هللا الثاني بن الحسين.
مرض الملك حسين بالسرطان في سنة ،8881وغادر إلى الواليات المتحدة األمريكية
للعالج ،وعهد إلى شقيقه األمير حسن ،ولي العهد ،بسلطات رئيس الدولة | ،طوال مدة
عالجه .وفي 8888 /8 /88عاد جاللته إلى عمان ،فاستقبل باحتفال رسمي وشعبي
كبير .وفي 8888 /8 /25وجه رسالة إلى األمير حسن أبلغه فيها بإعفائه من والية
العهد وتعيين نجله األكبر عبد هللا وليا للعهد .وعاد الحسين ثانية للعالج في الواليات
المتحدة .ولكنه عاد إلى عمان صباح يوم ،8888 /2 /5وقرر مجلس الوزراء تعيين
األمير عبد هللا نائبا للملك بسبب عدم قدرة الملك على ممارسة سلطانه الدستورية .وتوفي
الملك حسين في .8888 /2 /7وارتقى عرش المملكة الملك عبد هللا الثاني بن الحسين
في اليوم نفسه واختار األمير حمزة بن الحسين وليا للعهد .وجرت مراسيم تشييع جثمان
الملك الراحل في اليوم التالي بحضور العديد من رؤساء الدول العربية واإلسالمية
والصديقة إلى مثواه األخير في المقابر الملكية في العاصمة األردنية.
تأثر األردن خالل السنوات الست األولى من حكم الملك الشاب باألحداث الخارجية
وأهمها :انتفاضة األقصى منذ بدايتها في تشرين األول ،3888واحداث الحادي عشر
من أيلول 3883وإعالن الواليات المتحدة األمريكية حربها على اإلرهاب ،وغزو
العراق في آذار 3882من قبل قوات التحالف بقيادة الواليات المتحدة .وقد أظهر
الشعب األردني تعاطفه مع انتفاضة األقصى ،وبادرت الحكومات األردنية المتتالية إلى
مساندة السلطة الفلسطينية في فلسطين .كما أعلن الملك عبد هللا الثاني حربه على
اإلرهاب ،ومساندته للشعب العراقي ،واعترف بالحكومة العراقية المؤقتة ،وقدم األردن
المعونات الطبية للشعب العراقي.
- 82 -
وعلى الصعيد الداخلى طلب الملك من رئيس الوزراء في 2008 /80 /25أن تعد
الحكومة خطة اقتصادية -اجتماعية لتخفيض نسبة البطالة والفقر في البالد ،وتحسين
مستوى معيشة األردنيين .وخصصت الحكومة لهذه الخطة حوالي ( )300مليون دينار
أردني في موازنتها العامة لسنة .2002
وحل الملك مجلس النواب في آب ،2008وفي 2002 /80 /30وجه الملك رسالة إلى
رئيس الحكومة لتأليف لجنة وطنية إليجاد الوسائل لنشر األفكار وراء حملة "األردن
أوال" التي بدأت في أيلول ،2002وتنفيذها .تألفت اللجنة الوطنية المطلوبة ،وقدمت
توصياتها إلى الحكومة بعد شهر ونصف من تأليفها .وتضمنت هذه التوصيات تخصيص
نسبة معينة للنساء في البرلمان األردني ،وإنشاء محكمة دستورية ،وتعديل قانون
األحزاب السياسية لسنة ،8882وإصالح مناهج التربية والتعليم ،وتحسين تدريب
القضاة ،وتشجيع األحزاب السياسية على االندماج فيما بينها ،وزيادة مساحة الحريات
العامة .واستجابت الحكومة لبعض هذه التوصيات وال سيما تخصيص ست مقاعد إضافية
للنساء في مجلس النواب الذي أصبح عدد مقاعده ( )880مقاعد.
أجريت األنتخابات البلدية في البالد في ربيع 2003الختيار نصف عدد أعضاء المجالس
البلدية ،وقامت الحكومة بتعيين النصف اآلخر ورؤساء البلديات من موظفي الدولة .وفي
2003 /4 /87أجريت االنتخابات النيابية .ومنذ خريف 2003بدا التركيز على التنمية
السياسية في البالد.
وسعى الملك الشاب في جوالته العديدة على عواصم العالم إلى تشجيع االستثمار في
األردن من أجل النهوض باقتصاده وتقليص حجم البطالة بين مواطنيه .وفي /5 /83
2003وقعت الحكومتان األردنية واألمريكية اتفاقية بتقديم ( )700مليون دوالر لألردن،
كمعونة طارئة لتعويضه عن الخسائر االقتصادية التي تكبدها بسبب غزو العراق .كما
وقعت في اليوم نفسه اتفاقية ثانية بين الحكومتين لتقديم تسهيالت للتمويل األمريكي في
األردن.
وحقق األردن في عهد مليكه الشاب تقدمة في التربية والتعليم العالي كما بينا في
الحديث عن مؤسسات التربية والتعليم.
- 83 -
تأثير الربيع العربي على السياسة الخارجية األردنية:
شكلت ظاهرة الربيع العربي التي بدأت في أواخر عام 3838في تونس نقطة تحول في
الواقع السياسي العربي بخاصة بعد تنامي المظاهر العسكرية في هذه الظاهرة ،والتي
أخذت طابع الحروب األهلية وتنامي تدخل عدد من الدول الخارجية في هذه األحداث.
واستجابة من النظام السياسي في األردن لهذه التحوالت حاول األردن التاكيد على بعض
المبادئ في سياستها الخارجية بخاصة بعد تطور األزمة السورية :أ -التأكيد على عدم
التدخل في الشأن الداخلي ألي بلد عربي.
-التأكيد على وحدة أراضي الدول العربية .ت -المطالبة باحترام إرادة الشعوب العربية.
وقد تمكن األردن من تجنب انتقال العنف إليه بخاصة بعد تزايده في دول عربية مثل
العراق وسوريا واليمن وليبيا.
"وفي مجال القضية الفلسطينية واصلت الحكومة األردنية في التأكيد على الحقوق
الفلسطينية والتأكيد على "الرفض القاطع لفكرة الوطن البديل (أي تسوية الموضوع
الفلسطيني على حساب األردن) التي طرحتها بعض التيارات السياسية الصهيونية.
وقال بيان للديوان الملكي في فبراير " 2084إن الملك عبدهللا الثاني تساءل خالل لقائه
مع السلطات الثالث (التنفيذية والتشريعية والقضائية) وشخصيات برلمانية إلى متى
سيستمر الحديث عن الوطن البديل؟ ..وأقولها مرة أخرى أن األردن هو األردن،
وفلسطين هي فلسطين ،وال شيء غير ذلك ال في الماضي ،وال اليوم ،وال في المستقبل".
لكن االضطرابات السياسية في سوريا أدت لتدفق عدد كبير من الالجئين السوريين إلى
األردن بشكل أثقل كاهل االقتصاد األردني والبنية التحتية األردنية بخاصة في قطاعات
التعليم والمياه والكهرباء ،وهو ما دفع األردن إلى السعي مع الهيئات الدولية وبخاصة
منظمة األمم المتحدة إلى محاولة ضبط آثار ذلك على االستقرار السياسي واالقتصادي
األردني.
-84 -
الفصل الثالث
النظام السياسي
األردني
النظام السياسي األردني
الفصل الثالث
النظام السياسي األردني
مقدمة:
يختلط مفهوم النظام السياسي مع مفهوم نظام الحكم أو الحكومة من ناحية والدولة من
ناحية أخرى ،لذا من الضروري بداية أن نحدد معنى هذه المفاهيم الثالثة بشيء من
اإليجاز منعا للتداخل في معانيها.يقصد بالنظام السياسي في أغلب التعريفات "مجموع
التفاعالت واألدوار المتداخلة والمتشابكة التي تتعلق بالتخصيص السلطوي للقيم (أي
بتوزيع األشياء ذات القيمة بموجب قرارات سياسية ملزمة للجميع) .ويختلف النظام
السياسي عن الحكومة ،إذ هي بمثابة جزء من مكونات النظام السياسي ،فهي اإلطار الذي
تتم فيه العمليات التشريعية والتنفيذية والقضائية واإلدارية للنظام السياسي ،وهناك جزء
من النشاط السياسي يمارس خارج المؤسسات الحكومية في األحزاب وجماعات المصالح
أو منظمات المجتمع المدني بشكل عام .وعلى هذا األساس فإن النظام السياسي ال يقتصر
على التفاعالت التي تجري داخل مؤسسات الحكومة أو فيما بينها بل يشتمل في معناه
على كل التفاعالت السياسية التي تحدث خارج وداخل مؤسسات الحكومة.
ولكل نظام سياسي بيئة داخلية وأخرى خارجية يتفاعل معهما ،ويتسم هذا التفاعل بما
يلي:
أ -أنه تفاعل مستمر يجري بين وحدات النظام وبين البيئة الداخلية والخارجية.
ب -يتسم هذا التفاعل بدرجة من االعتماد المتبادل ،أي أن أي تأثير يصيب طرفا من
النظام ينعكس على األطراف األخرى.
ج -أن النظام السياسي يسعى دائما للحفاظ على ذاته من خالل التكيف مع التغيرات.
-84 -
أما الدولة فتشمل اإلقليم الجغرافي والشعب الذي يقطن اإلقليم ،إلى جانب الحكومة
بالتعريف الذي سبق وأوردناه .استنادا لذلك سنقوم بدراسة النظام السياسي األردني
على النحو التالي:
أوال :التطور الدستوري.
ثانيا :بنية السلطات الثالث (التشريعية والتنفيذية والقضائية).
ثالثا :األحزاب السياسية.
رابعا :تطور الحياة الديمقراطية في األردن .
أوال :التطور الدستوري في األردن
مقدمة:
بعد ثمانية أشهر من تأسيس إمارة شرق األردن ،أي في تشرين األول من عام ،8828
بعث األمير عبد هللا بن الحسين برسالة للحكومة البريطانية أوضح فيها الشكل الذي
ستتخذه الحكومة التي يعمل على تشكيلها في اإلمارة ،وتتضمن ما يلي:
أ -سيعهد إلى مجلس مستشارين القيام بمهام السلطة التنفيذية ،أي القيام بمهام الحكومة.
ب -يتم انتخاب مجلس نواب من قبل الشعب ،وتكون مهمة المجلس استشارية قابلة
للتطور مع الزمن.
ج -يكون المجلس االستشاري الذي سيقوم بمهام الحكومة خاضعا لرقابة مجلس
النواب .ونتيجة عدم دعم الحكومة البريطانية لهذا المشروع ،تكررت المحاولة ثانية في
تموز عام ،8823وقد أخذت هذه المحاولة شكل الخطوات التالية:
أ -تشكيل لجنة أهلية من قبل األمير عبد هللا.
ب -تضم اللجنة عضوين من كل بلدية.
ج -يترأس اللجنة وكيل العدلية.
- 88 -
وقد أوكل لهذه اللجنة مهمة وضع قانون انتخاب عصري .وقد تضمن المشروع خمسة
فصول تشتمل في مجموعها على ستين مادة .وكانت أبرز مالمح هذا المشروع هي:
أ -تقسيم اإلمارة إلى دوائر انتخابية عددها ثالث (دائرة عمان وتتبعها السلط ومادبا،
ودائرة اربد وتتبعها كال من جرش وعجلون ،أما الدائرة الثالثة فهي دائرة الكرك
وتتبعها الطفيلة).
ب -يتم تمثيل كل ثمانية آالف ناخب بنائب واحد ،وما زاد على ذلك في الدائرةيتم حسابه
على أساس نائب ثان لكل أربعة آالف ناخب
ج -يشترط في الناخب أن يكون قد بلغ العشرين من عمره عند التسجيل لممارسة حقه
االنتخابي.
د -اشترط المشروع أن يكون الناخب ذكرا.
ه -أجاز المشروع للعسكريين والموظفين حق االنتخاب .و -يجري االنتخاب بشكل
علني.
ي -للمرشح أن يرشح نفسه في أي دائرة يشاء
.وقد واجهت هذه المحاولة مصير سابقتها نتيجة الرفض البريطاني لها بحجة أن الفترة
المنصوص عليها في صك االنتداب على األردن لم تنقض بعد ،مما أخر األمر حتى عام
.8821وفي ظل هذا التعثر ،شكل األمير عبد هللا مجلس شوری استمر خالل الفترة من
8823 /4 /8إلى .8827 /4 /8وهذا يعني أن إمارة شرق األردن بقيت منذ تأسيسها
وحتى عام 8821بدون دستور ،إال أن محاوالت جرت لخلق نوع من المؤسسات
الدستورية تساهم في إدارة البالد ،ولكنها كانت تصطدم باالعتراض البريطاني بصفتها
الدولة المنتدبة على األردن.
الدستور األول (القانون األساسي):
تضمنت المعاهدة البريطانية -األردنية التي وقعت بين الطرفين في 8821 /2 /20في
مادتها الثانية النص على وضع قانون اساسي ،وتنازل الحكومة البريطانية عن
- 89 -
السلطتين التشريعية والتنفيذية لألمير عبد هللا بن الحسين .وقد نص القانون األساسي
وهو المفهوم الذي استخدم بدال من مفهوم الدستور في حينه على أن السلطات التشريعية
واإلدارية مخولة لألمير عبد هللا بن الحسين ولورثته من بعده .كما أن األمير مصون من
كل تبعة ومسؤولية ،وهو رأس الدولة الذي يصدق على جميع القوانين ويصدرها ويراقب
تنفيذها ،ويعقد المعاهدات .كما نص القانون األساسي على أن األمير هو الذي يصدر
األوامر بإجراء االنتخابات للمجلس التشريعي ويدعو الجتماعه وافتتاحه وتأجيله وفضه
وحله ،كما أنه يعين رئيس الوزراء ويقبل استقالته.ونصت مواد القانون األساسي
(الدستور) على تأليف مجلس تشريعي وتحديد صالحيات هذا المجلس ،وبناء عليه تم
انتخاب خمسة مجالس تشريعية خالل الفترة من ، 8828 - 8847وذلك بعد صدور أول
قانون انتخابي في ،8821 /4 /20تم بموجبه تقسيم البالد إلى أربع مقاطعات هي البلقاء
وعجلون والكرك ومعان ،غير أن تعديال أدخل على هذا القانون في 8821 /88 /85
قسم اإلمارة إلى ثالثة أقسام هي البلقاء والكرك وعجلون ،ولكنه أعيد ثانية لسابق عهده
عام .8842وقد حدد القانون األساسي صالحيات المجلس التشريعي والعالقة بين
السلطات على النحو التالي:
-8 -يكون رئيس الوزراء والوزراء أعضاء في المجلس التشريعي.
-2يكون رئيس مجلس الوزراء هو رئيس المجلس التشريعي.
أما فيما يتعلق بما أسماه القانون األساسي حقوق الشعب ،فقد اعتبر هاركنين هما
المساواة والحرية ،ولذا نص على الحرية الشخصية لجميع القاطنين في شرق األردن
على أساس أن هذه الحرية مصونة من التعدي أو التدخل ،وأن ال يوقف أحد أو يقبض
عليه أو يعاقب إال بمقتضى القانون .الدستور الثاني:
يمكن النظر إلى الدستور الثاني كامتداد للدستور األول على اعتبار أنه جرى تعديل
الدستور األول من قبل المجلس التشريعي الخامس في 25آيار ،8844وأصبح
- 90 -
-
التعبير المستخدم هو الدستور بدال من القانون األساسي الذي كان مستخدما منذ عام
.8821ويمكن تحديد أبرز التطورات في الدستور الثاني الذي صادق عليه المجلس
التشريعي الخامس في 21تشرين الثاني عام 8844في الجوانب التالية :أ -جعل السلطة
التشريعية تتألف من مجلسين هما مجلس النواب وعدد أعضائه
عشرون عضوا يتم انتخابهم لمدة أربع سنوات من قبل المواطنين الذكور ممن هم في
سن الثامنة عشرة فما فوق.
أما المجلس الثاني فيتمثل في مجلس األعيان ويعينه الملك لمدة ثماني سنوات ،ويكون
عدد أعضائه نصف عدد أعضاء مجلس النواب .ب -النص على مبدأ الفصل بين
السلطات ،وهو ما يعني أن النواب ال يستطيعون
شغل مناصب وزارية في الحكومة خالفا لما كان عليه الحال في عام .8821ج -األخذ
بنظام الرقابة السياسية من قبل المجلس على أعمال السلطة التنفيذية .د -إعطاء حق
التشريع لمجلس األمة والملك.
وتماشيا مع هذه التطورات تم وضع قانون انتخابی جديد عام 3917بتمثلت أبرز
مالمحه فيما يلي -3 :رفع عدد أعضاء مجلس النواب إلى عشرين بدال من ( )31حسب
ما كان عليه
الحال في قانون -2 .8821رفع عدد الدوائر االنتخابية إلى تسع دوائر ،وارتفع عدد
الدوائر ثانية إلى ()84
دائرة ،وعاد العدد ليرتفع مرة أخرى إلى ( )30بعد إضافة دائرتين للبدو ،وذلك طبقا
للقانون اإلضافي الصادر في شهر كانون أول .3917
ونتيجة لما سبق ارتفع عدد أعضاء مجلس النواب إلى أربعين عضوا بعد إضافة
عشرين نائبا يمثلون الضفة الغربية سنة ،3958وعاد عدد األعضاء ليرتفع ثانية إلى
خمسين عضوا عام 3950وذلك استجابة للنمو في عدد السكان.
-91 -
الدستور الثالث:
في السابع من تشرين الثاني عام 8858صوت مجلس النواب على إقرار دستور جديد،
وأصبح ساري المفعول من كانون الثاني عام ،8852وصادق عليه الملك طالل ،وهو
الدستور المعمول به إلى يومنا هذا .أبرز مالمح الدستور:
-8ينص الدستور على أن نظام الحكم هو "نيابي ملكي ورائي" ،كما ينص على أن
األمة هي مصدر السلطات.
-2فيما يتعلق بالحريات ،ضمن الدستور ما يلي:
أ -الحرية الشخصية مصونة.
ب -حرية التعبير عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير شريطة
أن ال يتجاوز حدود القانون.
ج -حرية الصحافة والطباعة ضمن حدود القانون ،وال يجوز تعطيل الصحف أو
إلغاء امتيازها إال وفقا للقانون .د -حق األردنيين في االجتماع وتاليف الجمعيات
واألحزاب السياسية شريطة أن
تكون غاياتها مشروعة ووسائلها سلمية ال تخالف أحكام الدستور.
- 2السلطة التشريعية منوطة بمجلس األمة والملك ،ويتألف المجلس من مجلس
األعيان ومجلس النواب.
-4عالقة السلطة التشريعية بالسلطة التنفيذية :وتتمثل فيما يلي:
أ -رئيس الوزراء والوزراء مسؤولون أمام مجلس النواب مسؤولية مشتركة عن السياسة
العامة للدولة ،كما أن كل وزير مسؤول أمام مجلس النواب عن أعمال وزارته.
ب -تطرح الثقة بالوزارة أو بأحد الوزراء أمام مجلس النواب ،وإذا قرر المجلس عدم
الثقة بالوزارة باألكثرية المطلقة من مجموع عدد أعضائه وجب عليها أن تستقيل،
وفي حالة عدم الثقة بوزير معين يصبح لزاما عليه االستقالة.
ج -أوامر الملك الشفوية أو الخطية ال تخلي الوزراء من مسؤولياتهم.
- 92
-
-5القضاة مستقلون ال سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ،والمحاكم مفتوحة
للجميع ومصونة من التدخل في شؤونها -4 |.للملك بناء على قرار من مجلس الوزراء
أن يعلن بإرادة ملكية األحكام العرفية
في جميع أنحاء المملكة أو في أي جزء منها .تقييم التطور الدستوري في األردن. :
يستند التقييم للتطور الدستوري في أية دولة على معيارين ،أولهما النصوص الدستورية
ومدى تطورها ،والثاني يرتبط بالتطبيق العملي لهذه النصوص من قبل السلطات الثالث
في الدولة .فقد مر األردن بمرحلتين من التطور الدستوري ،مرحلة القانون األساسي
والمجالس التشريعية (وعددها خمسة) وتمتد من سنة 8828إلى سنة ،8847ومرحلة
الدستور واالنتقال إلى الحياة النيابية منذ عام 8852وحتى اليوم .وفي هاتين المرحلتين
يمكن رصد المالحظات التالية -8 :الدور البريطاني المؤثر في المرحلة األولى السيما
في مجال رفض بريطانيا لما توصلت اله لجنة وطنية بخصوص وضع قانون اساسي
النتخاب مجلس نيابي ،واستعاضت بريطانيا عن ذلك بمجالس تشريعية ذات سلطات
شكلية فقط ،رغم المعارضة
الشعبية لهذا التوجه ،وهو ما سنعود لتفاصيله عند تناول المواثيق الوطنية األردنية-2 .
كانت التطورات السياسية وتنامي الحركة الوطنية األردنية عامة هامة في الدفع
باتجاه التح ول إلى المجالس النيابية ووضع دستور يمثل تقدمة إلى األمام قياسا بالمرحلة
السابقة ،وتمثل ذلك في التأكيد في الدستور على مسؤولية الوزارة أمام مجلس النواب
الذي تم حله في حزيران 8854بسبب عدم تعاونه مع الحكومة ،وهو ما تكرر عام
8854وعام 8842وعام 8843وعام ،8844مما يعني أن هذه المرحلة لم تكن تدل
على تطور عملي يتوازى مع التطور النظري الذي عكسته
النصوص الدستورية -3 .ومع انتهاء حرب 8847وفقدان الضفة الغربية ،بقي المجلس
النيابي الذي انتخب
في نيسان 3917قائمة حتى عام ،3971عندما حدث تطور هام تمثل في االعتراف
-93 - .
العربي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثال شرعية للشعب الفلسطيني في مؤتمر القمة
العربي .نتيجة لذلك تم تشكيل مجلس أعيان جديد ،ودعي مجلس النواب لالنعقاد في
دورة استثنائية في شباط 3971حيث جرى إدخال تعديالت على الدستور ،ثم صدرت
اإلرادة الملكية محل المجلس في السابع من شباط 3971وبقي المجلس منحة حتى
عام 3901حين دعي لدورة استثنائية لتعديل الدستور .وهذا يعني أن الحياة النيابية
في المرحلة من 3951إلى 3971كانت حياة غير مستقرة نتيجة تفاعل متغيرات
داخلية وخارجية كما سنرى.
ومن الضروري في نهاية هذا الجزء الخاص بالدساتير األردنية أن نتوقف عند تعديل
الدستور ومراحل ذلك .حدد دستور 8852شروط تعديل الدستور بمايلي :أ -حصول
مشروع التعديل الدستوري على أكثرية ثلثي أعضاء كل من مجلس
النواب ومجلس األعيان ،وتتم موافقة أو عدم موافقة كل عضو من خالل المناداة
على األعضاء بأسمائهم وبصوت عال .بن تصديق الملك على التعديل
اما مراحل تعديل الدستور فهي :أ -اقتراح التعديل :ويجوز أن يتم تقديم االقتراح من
السلطة التنفيذية أو السلطة
التشريعية ،مع مالحظة أن أعضاء مجلسي األعيان والنواب متساوون في حق
االقتراح ،شريطة أن يتقدم باالقتراح عشرة أعضاء أو أكثر من أعضاء أي
من المجلسين .ب -إعداد مشروع التعديل :حصر الدستور األردني هذا الحق في السلطة
التنفيذية
دون غيرها . .ج -إقرار التعديل :تبدأ خطوات اإلقرار بعرض رئيس الحكومة المشروع
على مجلس
النواب ،الذي له الحق في الرفض أو التعديل او القبول ،ويشترط لقبول التعديل موافقة
ثلثي األعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب قانونا .ويتم نقل المشروع بعد ذلك إلى
مجلس األعيان أيا كان موقف مجلس النواب ،ويجب موافقة ثلنې
اعضاء مجلس األعيان الذين يتألف منهم قانونا .وفي حالة تباين موقف المجلسين- ،
- 91ے
يجتمع المجلسان في جلسة مشتركة لبحث المواد المختلف عليها ،ويشترط موافقة
أكثرية الثلثين من أعضاء كل مجلس سواء كانت الجلسة مشتركة او غير مشتركة .د-
المصادقة :إذا أقر التعديل ،بحال إلى الملك للمصادقة عليه ،وإذا رفض الملك
المصادقة ،فان اعتراضه يعتبر مطلقة ومانعة من صدور التعديل نهائيا.
وقد يتم تعطيل جميع النصوص القانونية في حالة األحكام العرفية طبقا لما أورده
الدستور ،وقد تناولت المادتان 824و 825هذه المسألة بشكل واضح .والمالحظ أن
الدستور ميز بين مستويين في هذه القضية :أ -قوانين الدفاع :فإذا حدث ما يستدعي الدفاع
عن الوطن في حالة وقوع طوارئ،
يصدر قانون باسم قانون الدفاع "تعطى بموجبه الصالحية إلى الشخص الذي يعينه
القانون التخاذ التدابير واإلجراءات الضرورية بما في ذلك ص الحية وقف قوانين
الدولة العادية لتأمين الدفاع عن الوطن ،ويكون قانون الدفاع عن الوطن نافذ المفعول
عندما يعلن عن ذلك بإرادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء" .ب-
األحكام العرفية :ربط الدستور بين هذه الحالة وبين "حدوث طوارئ خطيرة"،
وفي هذه الحالة " للملك بناء على قرار مجلس الوزراء أن يعلن بإرادة ملكية األحكام
العرفية في جميع انحاء المملكة أو في أي جزء منها" .وقد أعلنت األحكام العرفية في
األردن نتيجة العدوان اإلسرائيلي في حرب عام ،3917واستمرت
سارية المفعول حتى شهر نيسان من عام -1 .3993مرحلة المجالس الوطنية
االستشارية :نتيجة لتعطل الحياة النيابية خالل مرحلة ما
بعد 3971وحتى عام ،3901تم ملء الفراغ بمجالس وطنية استشارية تم تعيين
أعضائها من قبل الملك بتنسيب من رئيس الوزراء ،وكانت مهمتها تقديم الراي
والمشورة لمجلس الوزراء حول الشؤون الخاصة بالسياسة العامة للدولة ،وقد تم
تشکيل ثالثة مجالس خالل الفترة من ،3901-3970وبعدد اعضاء سنين عضوة في
المجلسين األول والثاني وخمسة وسبعين عضوا في المجلس الثالث .ويصعب اعتبار
هذه المجالس نمطا من المؤسسات الدستورية لعدة اسباب:
-95 -
أ -أن تشکيل هذه المجالس لم يتم استنادا لنص دستوري بل نتيجة قانون مؤقت .ب-
أن التعيين والطبيعة االستشارية ال التمثيلية لهذه المجالس يحول دون اعتبارها
مؤسسة دستورية على غرار السلطة التشريعية المنتخبة -5 .النظام االنتخابي :يعد
النظام االنتخابي وتطوره أحد المعايير الهامة لقياس مدى
تطور المؤسسات السياسية في أية دولة ،وإن تتبع تطور النظام االنتخابي األردني خالل
الفترة من 8821إلى اآلن يشير إلى أن الدستور األردني حدد القواعد الرئيسية لالنتخاب
تاركا القواعد القانونية وتفاصيل الجوانب اإلجرائية لقوانين االنتخاب المرعية| .
وتعود تقاليد االنتخاب في األردن إلى عام 8828بانتخاب المجلس التشريعي األول
بموجب قانون انتخاب المجلس التشريعي المنشور في عام .8821وأخذ التطور يصيب
العملية االنتخابية بعد ذلك من خالل القوانين التالية -8 :عزف األردن خمسة قوانين
انتخابية هي قانون 8821سالف الذكر ،وقانون 8847
الذي أناط بمجلس الوزراء الحق بإصدار األنظمة الالزمة لتنفيذ أحكامه ،وبالفعل تم
صدور نظام االنتخاب رقم ( )8لعام 8854بناء عليه .وفيما بعد صدرت قوانين انتخابية
في األعوام 8840ثم ،8814وأدخلت تعديالت على هذه القوانين ،وكان آخرها قانون
االنتخاب رقم 34لعام 2008والذي اعتبر قانونا مؤقتا وضعته السلطة التنفيذية ،نتيجة
حل مجلس النواب قبل صدور القانون بحوالي شهر تقريبا وقانون االنتخاب لعام .2082
وباستعراض هذه القوانين نالحظ أن التغيرات أخذت األبعاد التالية - :زيادة عدد الدوائر
من 28-87-81-8-4دائرة ،أي أن االتجاه السائد هو زيادة
عدد الدوائر .ب -رفع سن الناخب من 81إلى 20سنة ثم العودة إلى سن .88ج -لم
يسمح للمرأة بالمشاركة في االنتخاب إال في قانون ،8814وهي فترة متأخرة نسبيا.
|
-96
د -رغم خلو القانونين األول والثاني من شروط المواطنة للناخب ،اشترط القانون
الثاني أن يكون الناخب أردنية منذ خمس سنوات ،إال أن هذه المدة ارتفعت إلى
عشر سنوات في القانون الرابع .ه-عرفت طريقة االنتخاب تحوالت متالحقة في
القوانين األربعة وتعديالتها ،فقد
بدأت على درجتين أولية وثانوية ( )8821ثم أصبحت على أساس القائمة المفتوحة في
القانونين الثاني والثالث ،ثم على أساس قانون الصوت الواحد في
القانون الرابع .و -أولت القوانين االنتخابية منذ بدايتها موضوع تمثيل األقليات أهمية ،فقد
منح
المسيحيو ن والشركس والشيشان مقاعد محددة ،ففي القانون األول منح المسيحيون
ثالثة مقاعد ومقعدين للشركس ،وازدادت مقاعد المسيحيين في القانون الثاني إلى
أربعة مقاعد مع استمرار مقاعد الشركس على حالها ،وفي القانون الثالث ارتفع نصيب
المسيحيين إلى تسعة مقاعد مع استمرار المقعدين للشركس والشيشان ،وارتفع عدده
مقاعد الشركس والشيشان في القانون الرابع إلى ثالثة مقاعد وبقي اللمسيحيين
مقاعدهم التسعة .كل هذا يدل على تنامي عدد مقاعد هذه الفئات،
مع األخذ في االعتبار أن المجموع العام لمقاعد المجلس كان يشهد تزايدة .ز -حرم
القانونان الثالث والرابع أفراد القوات المسلحة واألمن العام والمخابرات من
حق االشتراك في االنتخاب بينما لم يرد نص على ذلك في القانونين األول والثاني.
ويثير فقهاء القانون الدستوري حول تطور النظم االنتخابية في النظام السياسي األردني
بعض المالحظات :أ -قيام السلطة التنفيذية بتعديل قوانين االنتخابات أو وضعها في
بعض األحيان
بموجب قوانين مؤقتة ،دون أن يكون للسلطة التشريعية أي دور في ذلك .ويستند سلوك
السلطة التنفيذية في هذا للمادة 84من الدستور ،التي تنص على حق مجلس الوزراء أن
يضع قوانين مؤقتة بموافقة الملك في األمور التي تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية ،ويتم
ذلك وفقا لهذه المادة عندما يكون مجلس األمة غير منعقد أو منحة.
59-۔
ب -عند النظر في قانون االنتخاب المؤقت عام ،2008يالحظ أن السلطة التنفيذية
حلت المجلس النيابي أوال لتوفير الشرط الذي تنص عليه المادة 84من الدستور ،ثم
قامت بوضع القانون االنتخابي المؤقت ثانية ،ولعل ذلك يعطي السلطة التنفيذية القدرة
على تحديد جميع الجوانب التي تتعلق بكيفية اختيار أعضاء مجلس النواب مثل :عدد
الدوائر وطريقة التصويت وعدد المقاعد للدائرة االنتخابية
وشروط الناخب الحياة النيابية بعد عام 3909استئناف الحياة الديمقراطية
صدرت اإلرادة الملكية بإعادة مجلس األمة المنحل لالنعقاد في كانون الثاني ،8814
وجرت أول انتخابات فرعية في الضفة الشرقية في نيسان من العام نفسه لملء المقاعد
الشاغرة التي توفي أصحابها منذ آخر انتخابات عام ،8847وقام المجلس بانتخاب
شخصيات عن الضفة الغربية المحتلة ،لكن المجلس حل في عام 8811بعد إعالن فك
االرتباط القانوني والسياسي بين الضفتين .غير أن مجموعة من العوامل الضاغطة دفعت
باتجاه إعادة تفعيل الحياة النيابية في األردن بعد قرار فك االرتباط ،وتمثلت هذه العوامل
فيما يلي -8 :العوامل الدولية :التحوالت التي أصابت بنية السلطة السياسية في الدول
االشتراكية والتي كانت تسير باتجاه تطوير النظام الديمقراطي في هذه الدول ،وقد
استقطبت هذه التحوالت اهتمام شعوب العالم ،فقد بدأت المطالبات بالتغيير بعد وصول
الزعيم السوفييتي غورباتشوف إلى السلطة في االتحاد السوفييتي .أي أن التغير الذي
أصاب المنظومة االشتراكية شكل عامل إلهام للمجتمعات األخرى
باتجاه الضغط للحصول على مزيد من الديمقراطية -3 .العوامل اإلقليمية :وتتمثل في
فك االرتباط بين الضفتين من ناحية ،وتنامي
الدعوات في بعض الدول العربية لتطوير الحياة السياسية وإجراء االنتخابات القائمة
على التعدد الحزبي (مصر ،الجزائر ،تونس ،الكويت ،المغرب) ،إضافة إلى
- 98 -
-
التوترات السياسية في المنطقة مثل انفجار االنتفاضة األولى في فلسطين (.)3907
-2العوامل الداخلية :ويمكن اعتبار األزمة االقتصادية من أبرز هذه العوامل والتي
كان مؤشرها تخفيض قيمة الدينار .كذلك ال بد من التنبه إلى أن النخبة المتعلمة أصبحت
في المجتمع األردني أكبر وزنا وأصبحت أكثر نزوعة للحصول على المزيد من الحقوق
والحريات السياسية.
ونتيجة لتفاعل كل هذه العوامل ،صدر قانون االنتخابات الجديد لعام ،8814حيث تم
إلغاء مقاعد الضفة الغربية ،وتم تقسيم األردن إلى عشرين دائرة انتخابية ،وأصبح عدد
مقاعد المجلس ثمانين مقعدا .وقد أجريت االنتخابات النيابية في تشرين الثاني عام
،8818أي بعد توقف دام أكثر من ثالثة وعشرين عاما.
بعد ذلك حدث تعديل في قانون االنتخابات لعام ،8814حيث أخذ بنظام الصوت الواحد
بدال من القائمة المفتوحة الذي كان معتمدا في انتخابات .8818ورأت بعض التيارات
السياسية أن ذلك يؤثر سلبا على فعالية ومصداقية العملية االنتخابية ،لكن قوى أخرى ال
سيما ذات الطبيعة القبلية رأت في ذلك أمرة إيجابية .وأجريت انتخابات المجلس النيابي
الثالث عشر ( )2003-2008والمجلس النيابي الرابع عشر ( ) 2003 - 2007
والمجلس النيابي الخامس عشر ( )2008-2007والمجلس النيابي السادس
عشر ( )2082-2080على أساس قانون االنتخاب لعام .2008وصدر قانون انتخاب
جديد عام 2082ونص على زيادة عدد المقاعد النيابية من ( )820إلى ( )850مقعدا.
وخصص للقوائم الوطنية ( )27مقعدة .وأصبح للناخب الحق باإلدالء بصوتين :صوت
اللدائرة االنتخابية المحلية وصوت للدائرة االنتخابية العامة .وأجريت انتخابات المجلس
النيابي السابع عشر على أساس هذا القانون .وقدمت الحكومة مشروع قانون انتخاب
جديد سنة ،2085وكاد عام 2085أن ينتهي دون صدور هذا القانون . .المواثيق
الوطنية األردنية
يمكن تعريف الميثاق بأنه خطة عمل توافقية بين القوى السياسية في دولة ما تستهدف
تحقيق األهداف المجمع عليها من قبل األطراف المشاركة .وتمثل المواثيق وثائق
99 -۔
سياسية لها أهمينها وإن كانت أقل منزله في قيمتها القانونية من الدساتير .وقد عرف
األردن في تجربته السياسية المواثيق الوطنية التي كانت محاولة من القوى السياسية
المواجهة األوضاع الداخلية والخارجية -3 .الميثاق الوطني لعام :3930
كان لالنتداب البريطاني على األردن تأثيره السياسي واالجتماعي واالقتصادي البالغ
األثر ،مما دفع النخبة السياسية واالجتماعية من المثقفين وشيوخ العشائر إلى عقد مؤتمر
وطني في 8821 /7 /25لبحث سبل مواجهة آثار االنتداب البريطاني وتحديد
التصورات العامة لبنية الدولة بعد انتهاء االنتداب .وقد انتهى المجتمعون لوضع ميثاق
وطني تمثلت أبرز نتائجه فيما يلي :أ -تحديد هوية األردن العربية .ب -الدعوة لنظام
سياسي ديمقراطي وسيادة القانون من خالل حكومة مستقلة
برئاسة األمير عبد هللا ،على أن يكون نظام الحكم هاشميا وراثية ،وأن يكون
هناك حكم نيابي وحكومة مسؤولة أمامه ،والدعوة إللغاء التشريعات االستثنائية .ج-
التأكيد على السيادة الوطنية وعدم االعتراف بمبدأ االنتداب.
وفي أعقاب هذا المؤتمر عقدت أربعة مؤتمرات وطنية أخرى في األعوام | 8828
و 8830و 8832و ،8833وتركزت نتائج هذه المؤتمرات على التأكيد على الحالة
المتردية في البالد والدعوة لمحاسبة الفاسدين والمسؤولين عن االضطرابات التي تجري.
وأكدت هذه المؤتمرات على معارضة سياسة الحكومة تجاه بريطانيا وتجاه المعاهدة
األردنية البريطانية ،لكن هذا الموقف كان متأرجح ،فقد طالب المؤتمر الرابع بعدم
االعتراف بالمعاهدة بينما طالب المؤتمر الخامس بتعديلها .غير أن المالحظ على هذه
المؤتمرات أنها لم تكن ذات طبيعة تراكمية ،إذ طغى عليها التكرار في المطالب وإن
أضافت بعض الجوانب مثل تشكيل لجان تحقيق في األوضاع السائدة وتقديم تقارير
العصبة األمم المتحدة تدلل على عدم مساهمة دولة االنتداب في تحسين األوضاع.
- 100 -
-
الميثاق الوطني لعام :3993
خالفا للميثاق الوطني لعام 3930الذي جاء بمبادرة من القوى السياسية واالجتماعية
فإن هذا الميثاق جاء بمبادرة من السلطة السياسية ،ويبدو أن ذلك كان مدفوعة بعوامل
حددها رئيس لجنة الميثاق (أحمد عبيدات) في "الخسارة التي لحقت بالعالقة بين
مؤسسات الحكم والشعب ..وانعدام الثقة التي كانت تسود العالقات في معظم األحيان
بين مختلف التيارات السياسية ،وخلف الخطاب السياسي األردني باشكاله المختلفة
الرسمية والشعبية ،وعقم السياسات التي انتهجتها معظم الحكومات وما أحدثه االنفراد
بالقرار وغياب السلطة التشريعية من خلل دستوري وفراغ سياسي"|.
وقد شارك في مناقشات إعداد الميثاق قوى سياسية مختلفة ،انتهت إلى نتائج يمكن
تلخيص أبرزها فيما يلي -3 :البعد الديمقراطي :أكد الميثاق على :أ -الصفة المدنية
والديمقراطية للدولة .ب -التعددية الفكرية والسياسية والحزبية وحق التنظيم النقابي
في شتى القطاعات .ج -تحقيق مشاركة الشعب في إدارة شؤون الدولة .د-احترام
حقوق اإلنسان وتحقيق العدالة االجتماعية .هرفض العنف السياسي واالجتماعي
وترسيخ قيم التسامح والموضوعية واحترام
معتقدات الغير ورفض التعصب .وحرية الفكر والرأي والتعبير ،وحرية الوصول إلى
المعلومات في الحدود التي ال تضر
بأمن الدولة -2 .نظام الحكم :نيابي ملكي وراثي -3 .هوية المجتمع األردني - :الشعب
األردني جزء من األمة العربية ،والوحدة العربية هي الخيار الوحيد الذي
يحقق األمن الوطني والقومي للشعب العربي في جميع أقطاره .ب -اإلسالم دين الدولة،
والشريعة اإلسالمية هي المصدر الرئيسي للتشريع فيها.
- 101 -
ج-الحضارة العربية اإلسالمية المنفتحة على الحضارة اإلنسانية هي قوام هوية الشعب
األردني الوطنية والقومية .د -اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة ،وهي لغة القرآن
الكريم الذي حفظ للعروبة
جوهرها األصيل ،مما يقتضي تأكيد سيادتها في المجتمع األردني على كل المستويات
واعتمادها في كل مراحل التعليم -4 .العالقات األردنية الدولية :ا -تحرير اإلرادة الوطنية
من الهيمنة والضغوط الخارجية المختلفة .ب-التحرر من التبعية االقتصادية دعامة حقيقية
من دعائم استقالل الوطن وأمنه وتقدمه |.ج-ال يجوز أن تفهم العالقة األردنية -
الفلسطينية أو أن تستغل لالنتقاص من حقوق
المواطنة وواجباتها ،أو سببة إلضعاف الدولة وخلق الظروف لتمرير المشروع
الصهيوني لتحويل األردن إلى بديل عن فلسطين ،وأمن األردن هو مسؤولية الجميع
مثل ما يؤكد النضال في سبيل تحرير فلسطين والحفاظ على األردن وعروبته .د -االلتزام
بالقضايا المصيرية لألمة العربية وأولوياتها القومية .ه -احترام حرية الشعوب
واستقاللها وحقها في تقرير المصير.
غير أن المشكلة التاريخية في الحياة السياسية األردنية تتكرر مرة بعد األخرى ،وتتمثل
في الهوة الفاصلة بين النصوص وتطبيقها ،وهو ما برز في األزمة التي نشبت حول
التحول في قانون االنتخابات من نظام القائمة المفتوحة إلى نظام الصوت الواحد الذي
اعتبرته أكبر القوى السياسية في الدولة ومعها عدد كبير من أفراد النخبة السياسية
والثقافية تراجع عن التوجه لتعميق المسار الديمقراطي في األردن ،األمر الذي تمثل في
مقاطعة اإلخوان المسلمين النتخابات عام ( 3997وسنعود لمشكلة االنفصال بين
النظرية والتطبيق فيما بعد) .السلطات الثالث
نص الدستور األردن لعام 3953على أن "األمة هي مصدر السلطات الثالث وهي
التنفيذية والتشريعية والقضائية" .وعند تحديد الجهات التي يوكل لها هذه
- 102 -
السلطات أوضح الدستور ما يلي -3 :تناط السلطة التنفيذية بالملك ويتوالها بواسطة
وزرائه -3 .تناط السلطة التشريعية بمجلس األمة (بشقيه النواب واألعيان) وبالملك.
-2السلطة القضائية وتتوالها ا لمحاكم التي تصدر أحكامها وفق القانون باسم الملك.
ومما سبق يتضح أن الملك هو "أب السلطات الثالث" ،وأن صالحياته واسعة قياسا
بصالحيات األطراف األخرى في السلطة .أوال :السلطة التنفيذية:
كما سبق ذكره فإن الملك هو رأس السلطة التنفيذية يمارسها من خالل وزرائه ،وهو
ر أس الدولة ومصون من كل تبعية ومسؤولية ،ويتولى الملك مهامه لفترة غير محدودة
طالما كان قادرة على القيام بأعباء الحكم .ويستطيع الملك أن يعين في حالة مرضه
نائبا له أو هيئة نيابة بإرادة ملكية لتقوم بأعباء الحكم طيلة فترة مرضه .ويحق
المجلس األمة أن يقرر تنحية الملك عن الحكم في حالة محددة وهي "المرض العقلي..
بعد التثبت من ذلك ..بصورة قاطعة" ،وينعقد مجلس األمة لهذا الغرض بناء على دعوة
من مجلس الوزراء.
وقد مارس مجلس األمة هذا الحق في عام 3953عندما أنهى والية الملك طالل ونادی
بتولية األمير الحسين بن طالل ملكة دستورية على المملكة األردنية الهاشمية .وتتمثل
أبرز صالحيات الملك في - :تصديق القوانين واألمر بوضع القوانين بتنفيذها - .قيادة
القوات المسلحة - .إبرام االتفاقات والمعاهدات وعقد الصلح - .إصدار األوامر بإجراء
االنتخابات النيابية - .دعوة مجلس النواب لالنعقاد وحل المجلس - .تعيين الوزراء
وإقالتهم وقبول استقالتهم - .منح االمتيازات واستردادها کالرتب العسكرية والمدنية
واألوسمة والقاب الشرف.
- 103 ..
وكما هو واضح فإن الحكومة في النظام السياسي األردني خاضعة تماما للملك ،وهو ما
يعطيها قوة في مواجهة السلطة التشريعية من ناحية ،لكنه ال يمنحها القوة الكافية للعب
دور في اتخاذ القرارات االستراتيجية الكبرى من ناحية ثانية.
وقد تشكلت أول حكومة أردنية في 88نيسان 8828برئاسة رشيد طليع ،وعملت على
إلغاء الحكومات المحلية التي تشكلت قبل أن يصل األمير عبد هللا ،و تشکيل سلطة
مركزية في عمان بصفتها عاصمة اإلمارة .وقد بلغ عدد الحكومات األردنية التي تشكلت
خالل الفترة من 2005– 8828ما مجموعه ( )80وزارة ،مما يعني أن معدل عمر
الوزارة هو أقل من عام واحد .ويمكن تلخيص دور الحكومة في اآلتي -8 :القيام بأعمال
اإلدارة العليا بالدولة والمؤسسات العامة كافة ،واإلشراف والرقابة
على جميع أعمال الدولة -3 .تنفيذ السياسة العامة للدولة في المجالين الداخلي
والخارجي ،وتسيير المرافق
العامة ،وتنظيم اقتصاد الدولة ومشاريعها التنموية -3 .اقتراح مشروعات القوانين
واألنظمة في كل ما يتعلق بالصالح العام -4 ).تعيين وعزل الموظفين طبقا للقوانين
واألنظمة -5 .إعداد الميزانية العامة للدولة -4 .تحمل المسؤولية عن الملك أمام مجلس
األمة .ثانيا :السلطة التشريعية:
تناط السلطة التشريعية طبقا للدستور بمجلس األمة الذي يضم األعيان والنواب من
ناحية وبالملك من ناحية أخرى ،أي أن السلطة التشريعية في األردن تضم ثالثة أطراف
هي الملك ومجلس النواب ومجلس األعيان ،وهو أمر غير مألوف في النصوص
الدستورية | .أوال :مجلس النواب:
يتألف مجلس النواب الحالي من أعضاء منتخبين انتخابة عامة ومباشرة وفقا القانون
االنتخاب .أما عدد اعضاء المجلس ،فلم يتم تحديده ،وتركه الدستور خاضعة
-- 104 -
القانون االنتخاب الذي يحدد عدد األعضاء .وقد كانت سمة االلعامة للعدد هي التزايد
من ( )38عضوا في مجلس النواب األول إلى ( )358اعضاء في المجلس النيابي
األخير .ثانيا :مجلس األعيان:
ظهر مصطلح مجلس األعيان للمرة األولى في دستور ،8847وكرسه دستور .8852
ويتألف مجلس األعيان من أعضاء معينين ،ويتم تعيينهم وتعيين رئيسهم من بينهم وقبول
استقالتهم من قبل الملك .أما عدد أعضاء مجلس األعيان فمرتبط بعدد أعضاء مجلس
النواب ،إذ يتألف المجلس من عدد ال يتجاوز نصف عدد أعضاء مجلس النواب .ومنذ
عام 8847وحتى عام 2005تشكل في األردن تسعة عشر مجلس أعيان لم يزد عدد
أعضاء أي منها عن نصف عدد أعضاء مجلس النواب ،وهو ما يتضح في المجلس
الحالي حيث عدد أعضائه خمسة وسبعون عضوا ،أي نصف عدد النواب.
ومدة والية مجلس األعيان هي ذاتها مدة مجس النواب (اربع سنوات) ،أما رئيس
المجلس فمدة واليته عامان يمكن أن تجدد لعامين آخرين .وتعرف النظم السياسية في
معظمها ظاهرة مجلس األعيان ،مع فارق في التسمية وأسس عملها بين نظام وآخر.
أما اختصاصات السلطة التشريعية فتمثل في اآلتي :أوال :االختصاص التشريعي:
يمر التشريع العادي بأربع مراحل هي -مرحلة االقتراح ،ويمكن أن يأتي االقتراح من
السلطة التنفيذية من خالل رفع االقتراح لمجلس النواب الذي يقوم بدراسته ويتخذ فيه
موقفا (بالقبول أو الرفض أو التعديل) ،ثم يتم رفع المشروع بعد ذلك إلى مجلس األعيان.
ويمكن للسلطة التشريعية ذاتها أن تقترح مشروع قانون (شريطة أن يتبنى االقتراح
عشرة أعضاء على األقل من أي من المجلسين) ،ويتم بعد مناقشة المشروع إحالته
للحكومة التي تقوم بتقديمه للمجلس على غرار الحالة السابقة.
- 105 --
مثل :محكمة استئناف ضريبة الدخل ومحكمة أمالك الدولة ومحكمة تسوية األراضي
والمياه ومحكمة الجمارك البدائية ومحكمة البلديات ومحكمة أمن الدولة .األحزاب
السياسية
تعتبر األحزاب السياسية من أهم عناصر الحياة السياسية في الدول المعاصرة ،غير أن
وجود األحزاب وفاعليتها أمر مرهون بعدد من العوامل مثل مستوى تطور النظام
االجتماعي واالقتصادي ،ومستوى تطور الحريات السياسية والنظم االنتخابية .وقد عرف
قانون األحزاب األردني لعام 8882الحزب بأنه "تنظيم سياسي يتألف من جماعة من
األردنيين وفقا للدستور وأحكام القانون بقصد المشاركة في الحياة السياسية وتحقيق
أهداف محددة تتعلق بالشؤون السياسية واالقتصادية واالجتماعية ويعمل بوسائل
مشروعة وسلمية" .ويمكن تقسيم مراحل نشوء وتطور األحزاب األردنية إلى عدة
مراحل -8مرحلة ما قبل االستقالل:
تتسم هذه المرحلة بعمق التأثير البريطاني على الحياة السياسية في إمارة شرق
األردن ،ال سيما عرقلة محاوالت تطوير نظام سياسي كما الحظنا في تطور الحياة
الدستورية .وقد ظهر في هذه الفترة عدد من األحزاب أبرزها :ا -حزب االستقالل:
كانت نشأة هذا الحزب في سوريا عام ،3939وعمل على دعم الحكم الهاشمي فيها
الذي كان يقوده الملك فيصل ،غير أن إسقاط الفرنسيين لحكم الملك فيصل دفع بقيادات
الحزب إلى اللجوء للدول العربية المجاورة ومن بينها األردن .وقد تبني الحزب الذي
انضم له عدد من الشخصيات األردنية فكرة المقاومة المسلحة لالحتالل وإقامة دولة
عربية موحدة ،وكان من أبرز رجاله رشيد طليع السوري األصل والذي أصبح أول
رئيس وزراء لإلمارة في شرق األردن .وقد أدت مساندة الحزب للمقاومة المسلحة
لالستعمار الفرنسي إلى الضغط على الحكومة األردنية من قبل بريطانيا لطرد قيادات
الحزب مما ساهم في تقليص نفوذه ودوره السياسي إلى حد كبير.
- 109 --
ب -حزب العهد العربي:
تأسس هذا الحزب عام 3933بهدف إقامة دولة عربية موحدة تحت قيادة الملك حسين
بن علي وأنجاله .ج -جمعية الشرق العربي:
كان الشعور الشريحة األردنية المثقفة في العشرينات من القرن الماضي باستثار
القيادات الوافدة من حزب االستقالل بنسبة كبيرة من المناصب الحكومية أن أثارت
موضوع إدخال إصالحات سياسية مثل إبعاد الغرباء عن المناصب الحكومية وإلغاء
امتيازات بعض شيوخ القبائل وإقامة حياة برلمانية .ونتيجة لهذه الخالفات بين
المثقفين األردنيين وقيادات حزب االستقالل تم إنشاء جمعية الشرق العربي في عام
3932في اربد " .د -حزب الشعب األردني:
تأسس هذا الحزب عام 3937بهدف التوصل بالطرق المشروعة لتحقيق االستقالل و
تحسين مستوى األوضاع االجتماعية واالقتصادية ورفع مستوى الوعي السياسي
وحماية الحريات العامة .ه-حزب اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني:
تأسس هذا الحزب في نيسان ،8828وكان تأسيسه مدفوعة ببلورة تيار سياسي يدعم
الميثاق الوطني الذي صدر عام ،8821وسبقت اإلشارة إليه ،وللتنديد بوعد بلفور
والتأكيد على أن إمارة شرق األردن دولة عربية مستقلة .وقد واصل الحزب نشاطاته
السياسية المعارضة لالنتداب البريطاني إلى أن توقف نشاطه عام .8834و -الحزب
الحر المعتدل:
تأسس الحزب عام 3928بهدف العمل على تعديل المعاهدة البريطانية األردنية
والتأكيد على الوالء لألمير عبد هللا وساللته من بعده .ولم يدم هذا الحزب طويال نتيجة
الخالفات الشخصية داخله.
- 110 -
ز -حزب العمال األردني
سعى هذا الحزب للحصول على موافقة الحكومة لتأسيسه عام 3923بهدف الدفاع عن
حقوق العمال ،وفي عام 3923تأسست جمعية المساعدة العمال وحماية مصالحهم.
ح -عصبة الشباب األردني المثقف:
تأسست عام 8833بهدف نشر الثقافة السياسية وتعزيز الوحدة الوطنية ونبذ التفرقة
الطائفية .ط -حزب التضامن العربي:
تأسس عام 8833واقتصرت العضوية فيه على من استوطن شرق األردن قبل عام
،8822وكانت أهدافه تتركز في الدفاع عن الكيان السياسي الشرق األردن ال سيما مع
اإلحساس بتأثير األشخاص من خارج شرق األردن في مجال تولي المناصب اإلدارية.
ي -حزب اللجنة التنفيذية لمؤتمر الشعب األردني:
تأسس الحزب عام 3922والمحل عام ،3921وتركزت أهدافه على التأكيد على
اإلخالص لألمير عبد هللا ،واستنكار الصهيونية ،والسعي لتعديل المعاهدة البريطانية
األردنية ،وتحسين األحوال المعيشية للمواطنين .ق -الحزب الوطني األردني. :
تأسس عام 3921على أثر حل اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني ،وتحددت أهدافه في
تنشيط الحياة السياسية والتأكيد على إقامة حكومة دستورية في اإلمارة من أبناء شرق
األردن واالعتراف باالنتداب الذي يستثني األردن من وعد بلفور .ل -حزب اإلخاء
األردني:
تأسس عام 3927بهدف تحقيق االستقالل والسعي نحو الوحدة العربية والتأكيد على
استخدام الوسائل المشروعة في العمل السياسي.
- 111 --
م -جماعة الشباب األحرار األردنيين:
كان هذا الحزب ينشط خارج األردن ،وتركزت اهدافه في معارضة النظام السياسي
األردني وانتقاد ما يصفه بالرجعية والدعوة إلطالق الحريات .السمات العامة لألحزاب
في هذه المرحلة:
يمكن تحديد أهم هذه السمات فيما يلي .8 :قصر عمر األحزاب ،إذ يالحظ أن أغلب هذه
األحزاب لم يعمر طويال واحيانا لم
يكمل العام الواحد .2 .يغلب على هذه األحزاب الطابع النخبوي ،سواء النخب العشائرية
أو القلة من
النخب الثقافية ،بل تجد أحيانا أن بعض األفراد تنقل بين أحزاب عدة خالل
فترات قصيرة ،ولم يكن لهذه األحزاب قواعد شعبية ذات وزن .2 .كان للعالقات
الشخصية دورها في تأسيس الحزب مثلما كان للخالفات " الشخصية دورها في تفتيت
الحزب .1 .إن أغلب هذه األحزاب لم تكن أحزاب معارضة تمتلك رؤيا سياسية واضحة،
وبعضها أحزاب ذات طبيعة مطلبية أقرب لمطالب النقابات منها لألحزاب -2 .مرحلة
وحدة الضفتين وحتى |:8857
اتسمت هذه المرحلة بعدد من التطورات بالغة األهمية في تبلور األحزاب السياسية في
األردن وهي :أ .إعالن الوحدة بين الضفة الغربية وبين شرق األردن ،وهو ما أثر على
النسيج
االجتماعي والسياسي واالقتصادي األردني .ب .صدور دستور 8852الذي سبقت
اإلشارة ألهم محاوره ال سيما إباحة تأسيس
األحزاب السياسية .ج .تأثيرات النكبة الفلسطينية على الوعي السياسي العربي بشكل
عام واألردني
بشكل خاص ،مما أثر على مضمون الفكر السياسي السائد في تلك الفترة
- 112 -
-
د .تداعيات تنامي الفكر القومي العربي مع بروز الناصرية في مصر واحتدام صدامها
مع القوى الغربية ال سيما بعد عدوان .8854ه .تنامي مكانة االتحاد السوفييتي في تلك
الفترة مما أعطى للفكر االشتراكي نوعا من الجاذبية ال سيما في دول العالم النامي ومنها
األردن.
استجابة لكل هذه المتغيرات الداخلية والعربية والدولية تبلورت تيارات وأحزاب سياسية
أردنية أهمها .. | :حركة القوميين العرب (فرع األردن) :بدأت هذه الحركة بالتبلور في
بداية الثالثينات
مع تأسيس نادي العروة الوثقى في بيروت ،وتحت ستار النادي األدبي العربي تواصل
العمل من قبل قيادات هذا التيار حتى عام 8852حينما تكونت الحركة في األردن .وقد
تركزت أهداف هذه الحركة في العمل على تحرير فلسطين وتحقيق الوحدة العربية
ومحاربة االستعمار وتطبيق االشتراكية والديمقراطية .وقد كانت العالقة بين هذه الحركة
والنظام السياسي في األردن عالقة عدائية حادة ،لكن الحركة نجحت في
استقطاب شرائح مختلفة من المجتمع األردني بخاصة في مدن الضفة الغربية .ب.
حزب البعث العربي االشتراكي (فرع األردن) :تأسس فرع األردن لحزب
البعثر في سنة ،8850ولم يكن فارق كبير بين أهدافه االستراتيجية وأهداف حركة
القوميين العرب رغم ما بينهما من خالفات | .ج .الحزب الوطني االشتراكي األردني:
تأسيس هذا الحزب عام ،8854وتتمثل أهدافه
في التأكيد على أن الشعب األردني جزء من األمة العربية ،وضرورة تحقيق الحريات
العامة ،وتخليص المجتمع من الفقر والجهل ،وتحرير البالد من النفوذ األجنبي .د.
الحزب العربي الدستوري :تأسس عام 6599هادفا لتحقيق الوحدة العربية
وتحرير فلسطين والتأكيد على خصوصية العالقة مع كل من مصر وسوريا .ه .حزب
االتحاد الوطني :تأسس عام 8852داعية إلى الوحدة العربية .و .حزب األمة :تأسس
عام 8852بهدف تطوير النظام الملكي والتأكيد على
االستقالل والديمقراطية.
- 113 --
ز .األخوان المسلمون :تأسس الفرع األردني في عمان عام 3911امتدادا للحركة
التي مرکزها مصر ،ولكن الحركة امتدت إلى مدن عمان والكرك والسلط واربد .وتتمثل
أهداف الحركة في بناء المجتمع والفرد اإلسالمي وتحرير المجتمع اإلسالمي
من االستعمار بأشكاله المختلفة .ح .حزب التحرير اإلسالمي :تأسس هذا الحزب عام
3953من مجموعة انفصلت
عن جماعة اإلخوان المسلمين ،ولم يحظ هذا الحزب بالشرعية ،غير أنه واصل
نشاطاته السرية .وتدل بيانات الحزب على أن أهدافه تتمثل في إقامة الدولة اإلسالمية
والوقوف ضد االستعمار والشيوعية والقومية ،كما لم يخف عداءه
للنظام السياسي األردني ورفضه لفكرة الوراثة للحكم .ط .الحزب الشيوعي األردني :بدا
هذا الحزب العمل تحت اسم عصبة التحرر
الوطني ثم اصبح منذ 8858يحمل اسم الحزب الشيوعي األردني ،وكانت بدايات نشاطه
في فلسطين .وتقوم أهداف الحزب على معاداة اإلمبريالية والمطالبة بحقوق الطبقة
العاملة ،وطالب بتطبيق قرار التقسيم في فلسطين الصادر عن األمم المتحدة تحت رقم
.818واصطدم الحزب بقانون مكافحة الشيوعية الذي سته الحكومة األردنية في عام
8841وأعيد سنة ،8853لكن بعض عناصره تمكنت من
الوصول إلى البرلمان غير مرة .السمات العامة لألحزاب السياسية في هذه المرحلة:
بعد سلسلة اضطرابات سياسية شهدتها المملكة خالل الفترة من 8857-8855وكانت
األحزاب تلعب فيها دورة مؤثرة ،اتخذت الحكومة قرارا بإعالن األحكام العرفية وإلغاء
األحزاب في 25نيسان ،8857وبقي األمر على هذه الحال حتى عام .8882ويمكن أن
نحدد سمات األحزاب في هذه الفترة على النحو التالي .8 :عكست األحزاب في هذه
الفترة تنوعا أيديولوجية واضحة ،فقد كان هناك
قوميون ودينيون ويساريون وتيارات ليبرالية وإن كانت هي األضعف ،ومثلت األحزاب
عامال هاما في هذه الفترة في الحراك السياسي على المستوى الداخلي ،وشكلت في
بعض األحيان مصدر قلق للسلطة.
- 114 -
-
.3كان جزء هام من هذه األحزاب يمثل امتدادا لتيارات وأيديولوجيات خارجية
المصدر سواء منها الدينية أو القومية أو الشيوعية ،وكثيرا ما وجدت الدولة في مثل هذه
الظاهرة مؤشرا على إمكانية تسلل نفوذ الدول األخرى إلى األردن عبر هذه
القوى السياسية الحزبية .3 .عرفت الحركة الحزبية في هذه الفترة حيوية من خالل الدور
الذي لعبته القوى
الفلسطينية في الضفة الغربية التي كانت متقدمة إلى حد ما عن نظيرتها في شرق
األردن من حيث نخبها الفاعلة .4 .تمكنت هذه األحزاب من تحقيق نتائج هامة في
االنتخابات النيابية العامة ،فعلى سبيل
المثال تمكنت من الحصول على ( )87مقعدا من أصل أربعين في انتخابات عام .8854
.5حققت هذه األحزاب قدرا من الجماهيرية ،وأصبح لها قواعدها ونشاطاتها
ومنشوراتها ،مما ساهم في زيادة الوعي السياسي .المرحلة الثالثة :صدور قانون
األحزاب عام .8882
سبق إصدار الحكومة لقانون األحزاب سلسلة من التطورات التي دفعت بهذا االتجاه
يمكن تلخيصها في اآلتي .3 :تحوالت داخلية تمثلت في فك االرتباط بين الضفة الغربية
واألردن ،وحدوث
احتقان سياسي و اجتماعي في المملكة نتيجة األزمة االقتصادية التي أدت بدورها
الحدوث موجة من العنف الداخلي ،إضافة إلى التوجهات الجديدة التي عكستها
نصوص الميثاق الوطني عام 3993ال سيما في الدعوة إلى التعددية السياسية.3 .
تحوالت إقليمية تمثلت في بدء المسار التفاوضي لتسوية الصراع العربي الصهيوني.
.2تحوالت دولية تمثلت في انهيار الكتلة االشتراكية وتنامي موجة النزعة الديمقراطية
في مناطق مختلفة من العالم.
ومع انتخابات 8818النيابية عاودت األحزاب محاوالتها إلثبات وجودها رغم أنها لم
تكن قانونية حتى تلك اللحظة ،بل إن بعض األحزاب الجديدة ظهرت قبل إقرار قانون
األحزاب مثل حزب العهد وحزب المستقبل وغيرها
- 115 --
قانون :3993
أحيا هذا القانون العمل بالمادة رقم ( )84من الدستور األردني التي تنص على حق
األردنيين في تأليف الجمعيات واألحزاب السياسية على أن تكون غاياتها مشروعة
ووسائلها سلمية .وأعطى القانون األفراد الحق في االنتساب لألحزاب السياسية المرخصة
شريطة أن يكون قد أتم الثامنة عشرة من عمره ويتمتع باألهلية القانونية والمدنية .منع
القانون أفراد القوات المسلحة واألجهزة األمنية والقضاة من االنتساب لألحزاب .واشترط
القانون على األحزاب أن تلتزم بالدستور ونبذ العنف وعدم االرتباط بأية جهة غير
أردنية .ويخول القانون حل األحزاب بناء على قرار صادر من محكمة العدل العليا بناء
على دعوى يقدمها وزير الداخلية| .
استنادا لهذا القانون ظهر عدد من األحزاب السياسية الجديدة إلى جانب أحزاب قديمة
كانت تعمل بشكل أو آخر دون شرعية قانونية ولكنها أصبحت اآلن شرعية ،وأبرز هذه
األحزاب : :األحزاب اإلسالمية :ويمثلها بشكل كبير حزب جبهة العمل اإلسالمي
المرتبط
بجماعة اإلخوان المسلمين وحزب صغير هو الحركة العربية اإلسالمية (دعاء) ،وحزب
الوسط اإلسالمي .وأهداف هذه األحزاب هي جعل الشريعة اإلسالمية
هي المصدر الرئيسي للتشريع من ناحية ومعارضة العالقات مع إسرائيل .2 .األحزاب
القومية :وتتمثل في حزب البعث العربي االشتراكي وحزب البعث
العربي التقدمي وحزب جبهة العمل القومي .وتركز هذه األحزاب على القومية
العربية والوحدة العربية والعداء اإلسرائيل .3 .األحزاب اليسارية :وتمثل هذه األحزاب
كال من :الحزب الشيوعي األردني
وحزب الشعب الديمقراطي األردني وحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي األردني،
والحزب الديمقراطي الوحدوي األردني والحزب التقدمي وحزب الحركة القومية
الديمقراطية الشعبية وأحزاب أخرى.
وجوهر أهداف هذه األحزاب هو ضمان حقوق العمال والطبقات الفقيرة والتأكيد على
القيم االشتراكية إلى جانب العداء اإلسرائيل والقوى اإلمبريالية.
- 116 -
.1األحزاب الليبرالية :وأبرزها :الحزب الوطني الدستوري ،وحزب المستقبل،
وحزب السالم األردني ،وحزب األرض العربية ،وحزب األمة ،وحزب األنصار العربي
األردني ،وحزب العمل األردني ،والجبهة األردنية الدستورية ،وحزب النهضة ،وأحزاب
أخرى.
وهذه األحزاب هي األقرب للنظام السياسي ،وتركز في أهدافها على الحريات العامة
والمصالح المحلية كالمرأة والوحدة الوطنية . .السمات العامة لألحزاب في هذه الفترة .8
إن نسبة كبيرة من هذه األحزاب هي أحزاب قديمة فقد أغلبها جاذبيته الشعبية
باستثناء حزب جبهة العمل اإلسالمي .2 .إن األحزاب الجديدة ال تعدو كونها أحزاب ذات
طابع شخصي ،حيث تتمحور
حول أشخاص أكثر منها حول برامج وعقائد واضحة ومبلورة .3 .الضعف الشديد في
االنتساب لألحزاب الجديد منها والقديم .4 .تنامي مؤسسات المجتمع المدني جعلها أكثر
جذبا من األحزاب وهو اتجاه عالمي ال
يقتصر على األردن فقط .الخالصة :تقييم التجربة الحزبية في األردن:
عند النظر في المراحل الثالث التي استعرضناها في الصفحات السابقة ،نجد أن التجربة
الحزبية األردنية في مراحلها الثالث هي تجربة متعثرة لم تترك أثرا فاعال على مجرى
الحياة السياسية األردنية باستثناء فترة لم تزد على عامين بين 8855و 8857وفي حدود
ضيقة.
ولعل القوة التي تتمتع بها السلطة التنفيذية تمثل أحد معوقات تنامي الحياة الحزبية في
األردن ،كما أن ضغط الظروف اإلقليمية بشكل خاص يمنح السلطة التنفيذية أعذار لكبح
األحزاب من خالل القوانين االنتخابية أحيانا أو الترخيص لألحزاب أو غير ذلك .إلى
جانب ذلك ال بد من التنبه إلى األثر الذي تتركه البنية
- 117 --
االجتماعية للمجتمع األردني على حيوية األحزاب ،فالقبلية والمكانة المتأخرة للمرأة
وثقة األفراد بالعمل الحزبي وضعف الثقافة التنظيمية كلها عوامل تساهم في تهميش
الدور السياسي لألحزاب.
وكان لطول فترة األحكام العرفية (حيث تصادر الحريات العامة وتمنع األحزاب من
النشاط السياسي) دورها في جعل النخبة السياسية تنمو داخل مؤسسات الحكومة بخاصة
ضمن فئة الوزراء وكبار المسؤولين اإلداريين والعسكريين ،إلى حد أن الحكومة مثلت
قاعدة إفراز القيادات السياسية حتى في األحزاب والمجلس النيابي ،وندل األرقام المتوفرة
على سبيل المثال أن %5 . 53من أعضاء مجلس النواب الحادي عشر هم من الذين
كانوا يشغلون وظائف عامة ،و ٪50في المجلس الثاني عشر ،وقفزت النسبة إلى 48 . 7
في المجلس الثالث عشر .ا أما من حيث االنتماءات الحزبية ألعضاء مجلس النواب ،نجد
مثال أنه في المجلس الحادي عشر كانت النسبة ، 4 . 42ارتفعت إلى 7
3 . 11 .في المجلس الثاني عشر ،ولكنها عادت لتنخفض في المجلس الثالث عشر
إلى %35واستمرت في االنخفاض في المجالس النيابية التالية الرابع عشر والخامس
عشر والسادس عشر والسابع عشر.
بدل ما سبق على دور غير فاعل لألحزاب في تشكيل قوة مؤثرة على مسار الحياة |
السياسية األردنية .وضعف الدور السياسي لألحزاب يؤدي إلى تعاظم دور السلطة
التنفيذية في مواجهة السلطة التشريعية ال سيما مجلس النواب بخاصة في ظل خلفية
النواب الحكومية في أغلب األحيان كما الحظنا من األرقام السابقة .وحيث أن التنمية
السياسية ،تعتمد في فاعليتها على الدور الذي تقوم به األحزاب ،فإن بنيتها الحالية في
المجتمع األردني ال يؤهلها للقيام بهذا الدور إال في حدود ضيقة .ويعيدنا ذلك للعالقة
بين النصوص الدستورية والتطبيق ،إذ ينبع الدستور والمواثيق الوطنية المجال واسعا
لألحزاب ولكن ضعف بنية األحزاب وعدم عمق قواعدها الشعبية يجعل دورها في
التنمية السياسية هامشية .وتمثل الكتل البرلمانية أحد آليات الموازنة بين السلطة
التشريعية والسلطة التنفيذية ،ألن وجود هذه الكتل يهيئ الظروف الموضوعية للتوازن
داخل النظام السياسي ويتيح المجال أمام تداول السلطة في الحكومة .لكن ضعف الكتل
النيابية
- 118 -
في البرلمان األردني نتيجة ضعف األحزاب السياسية التي تمثل األداة األهم لتشكيل
الكتل النيابية المؤثرة ،يحول دون التطور في آليات العمل السياسي .دور المؤسسات
في التربية الوطنية
تتشكل توجهات المجتمع الثقافية والسياسية واالجتماعية عبر التاريخ من خالل التفاعل
الذي يتم بين األفراد من ناحية والنسيج المتداخل من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية
من ناحية ثانية .وتشكل األسرة والمؤسسات التعليمية على اختالف مستوياتها ووسائل
اإلعالم ومؤسسات المجتمع المدني أبرز المؤسسات في مجال بناء التربية الوطنية
للمجتمع .وترتبط التربية الوطنية بشكل جوهري بالتنشئة السياسية التي تعني "قيام
المؤسسات المختلفة بغرس منظومة قيمية لدى األفراد تجعلهم أكثر قدرة على الوفاء
بحاجات مجتمعهم وتطوره في مختلف الميادين".
ويمكن تتبع نموذجين من المؤسسات في المجتمع األردني للتعرف على دورهما في
التربية الوطنية:
-المؤسسات اإلعالمية -3 .مؤسسات المجتمع المدني المؤسسات اإلعالمية
يعرف الدارسون اإلعالم بأنه "تزويد الجمهور بالمعلومات الصحيحة واألخبار ليتمكن
من تكوين راي سليم إزاء مشكلة من المشاكل خصوصا تلك التي يكون للناس فيها
مواقف متباينة" .ويمكن القول بأن التعريف السابق يمثل تحديد مهمة اإلعالم التقليدية،
إذ أن مهمته اتسعت بزيادة تعقيد وتشابك الظواهر ،وبزيادة استخدام اإلعالم لتشكيل
توجهات األفراد وحشد التأييد لمواقف معينة تتبناها السلطة أو أنساق فرعية من
السلطة أو المجتمع .وينمحور مفهوم اإلعالم حول عملية االتصال بين المرسل
والمستقبل لرسالة إعالمية ،وفي هذه المسالة بعدان :أولهما نفسي يتمثل في خلق
الرموز والدالالت ،وثانيهما اجتماعي يتمثل في نتائج تبادل الرموز والدالالت ،بين
المرسل والمستقبل.
- 119 .
إن هذا يعني أن المادة اإلعالمية توجه إلى المنظومة المعرفية للفرد من ناحية ،حيث
تخاطب عقله وإدراكاته ،ومن ناحية ثانية تخاطب ميوله واستعداداته النفسية بهدف التأثير
فيها باتجاه أو آخر .ولكي تقوم المؤسسة اإلعالمية بدورها ،يجب رصد هذا الدور من
خالل إدراك العملية اإلعالمية وأطرافها التي تتمثل في المرسل (أي المنتج للرسالة
اإلعالمية والمستقبل (الجهة التي تستهدفها الرسالة اإلعالمية والرسالة اإلعالمية (أي
المحتوى اللغوي أو الرمزي أو اإلشارة والصورة الموجهة من المرسل للمستقبل) ومدى
التأثير للرسالة على المستقبل ،وأخيرا رد فعل المستقبل على الرسالة اإلعالمية .وعلى
أساس ما سبق فإن دراسة أثر المؤسسات اإلعالمية األردنية على التربية الوطنية يجب
أن يضع في االعتبار األبعاد السابقة للذكر.
اوشندرس المؤسسات اإلعالمية األردنية من خالل -8 :التعريف بالمؤسسات اإلعالمية
األردنية -2 .تقييم دورها في التربية الوطنية .المؤسسات اإلعالمية األردنية
تتمثل المؤسسات اإلعالمية األردنية في اآلتي -3 :وزارة اإلعالم:
يمكن اعتبار دائرة المطبوعات والنشر التي تأسست عام 8823البذرة التي نبتت منها
وزارة اإلعالم عام ،8844وأصبحت جزءا منها ،لكن وزارة اإلعالم الغيت وأعيدت
بين حين وآخر ،وتم إنشاء المجلس األعلى لإلعالم ،وبقيت دائرة المطبوعات والنشر-2 .
الصحافة:
واكبت إنشاء الصحافة األردنية إنشاء الكيان السياسي منذ عام ،3933حيث صدرت
في تلك الفترة صحيفة ذات م ستوى متواضع وأقرب إلى النشرة منها إلى الصحيفة
وهي صحيفة "الحق يعلو" .ويمكن اعتبار صحيفة "الشرق العربي" التي صدرت عام
3932في شرق األردن ،وتغير اسمها بعد ذلك إلى "الجريدة الرسمية
- - 120 -
الحكومة شرق األردن" من الصحف العادية في بداياتها وتغير اسمها بعد إعالن
االستقالل إلى "الجريدة الرسمية للمملكة األردنية الهاشمية".
وخالل الفترة من تأسيس اإلمارة إلى االستقالل عرف األردن في العشرينات عدد آخر
من الصحف الخاصة مثل صحيفة "جزيرة العرب" و"صدى العرب" و"األردن" و
"األنباء" .وفي الثالثينات ،صدرت صحف "مجلة الحكمة" و"الميثاق" ،و"الوفاء"،
و"الجزيرة العربية".
وبعد االستقالل ظهرت صحف ومجالت مثل ،النسر والدفاع والرائد والنهضة والجهاد
والدفاع والمنار وفلسطين ،وتم دمج بعض هذه الصحف ببعضها ليبرز بدال منه صحيفتا
القدس والدستور.
وتوالى إنشاء الصحف األردنية إلى أن وصلت عام 3885إلى سبع صحف يومية
الرأي والدستور والعرب اليوم واألنباط والغد والديار وصحيفة الجوردان تايمز باللغة
اإلنجليزية) وعشرات الصحف األسبوعية والمجالت العلمية والدوريات التي تصدر عن
مؤسسات مختلفة -2 .اإلذاعة:
ظهرت إذاعة المملكة األردنية الهاشمية للمرة األولى عام 8850في مدينة رام هللا مع
أنها كانت تعلن أنها من القدس ،وكانت كافية لتغطي بإرسالها فلسطين واألردن.
وفي عام 8854رفدت المحطة األولى بثانية في عمان ،تطورت عام 8858بإنشاء
اإلذاعة الحالية في أم الحيران بعمان .وفي عام 8880شرعت اإلذاعة الموجهة بالبث
الكل أرجاء المعمورة ،وأصبحت تبث برامج باللغة اإلنجليزية والفرنسية ،إلى جانب
محطة ال( )F . Mمن عمان واربد -4 .التلفزيون
بدا التلفزيون األردني البث بقناة واحدة وباألبيض واألسود عام 8841ولمدة ثالث
ساعات يومية ،لتضاف له قناة أخرى بعد ذلك بأربع سنوات ،تكون األولى باللغة العربية
والثانية للبرامج األجنبية .ومع 8874شرع التلفزيون الملون بالبث
- 121 --
مدعمة بعدد كاف من محطات التقوية ليغطي معظم أرجاء المملكة.
وشهدت الساحة اإلعالمية األردنية في العقد األول وحتى منتصف العقد الثاني من القرن
الحادي والعشرين تأسيس محطات تلفزيونية خاصة عديدة -5 .وكالة األنباء األردنية
"بترا":
أنشئت وكالة األنباء األردنية عام 8848كدائرة تابعة لوزارة اإلعالم ،وتطور عمل
الوكالة عام 8885من خالل بث نشراتها باللغتين العربية واإلنجليزية لجميع مناطق
العالم ،ثم تطورت خطوة أخرى عام 8884من خالل بث نشرتها عبر اإلنترنت-4 .
المؤسسات األخرى ذات العالقة بالعملية اإلعالمية:
تم إنشاء مؤسسات أخرى هامة في مجال التدريب بعضها ملحق بمؤسسات إعالمية
وبعضها مستقل ،ومن بين هذه المؤسسات مركز التدريب اإلعالمي ( )8811التطوير
العاملين في القطاع اإلعالمي ،ومديرية التدريب واإلعالم التنموي ( ،)8872والمجلس
األعلى لإلعالم ( )2008وتم حله سنة 2001مثلما تم إلغاء وزارة اإلعالم واالكتفاء
بمنصب الناطق الرسمي بلسان الحكومة برتبة وزير سنة . .2005
وإلى جانب هذه المؤسسات هناك الشركة األردنية لإلنتاج التلفزيوني واإلذاعي
والسينمائي التي تأسست عام 3903بتعاون بين القطاع العام والخاص ،ومركز
المعلومات الوطني الذي تم إنشاؤه عام 3992لتوفير قاعدة معلومات وطنية .دور
اإلعالم الوطني في التربية الوطنية:
تتمثل وظيفة اإلعالم فيما يلي :أ -نقل األخبار على اختالف أنواعها ومصادرها من
مناطق العالم كافة .ب -التعبير عن االتجاهات المختلفة في المجتمع من النواحي
السياسية واالقتصادية
واالجتماعية والثقافية .ج -تزويد المجتمع بالمعلومات عن ظواهر مختلفة من خالل
المقاالت العلمية أو
البرامج العلمية من اإلذاعة أو التلفزيون.
- 122
د -توجيه المنظومة القيمية للمجتمع بهدف جعله أكثر قدرة على التطور الذاتي
والحفاظ على شخصيته والقدرة على المساهمة في التطور اإلنساني.
وطبقا لبنية اإلعالم األردني ،شأنه في ذلك شأن أغلب أجهزة اإلعالم في العالم ،هناك
اإلعالم الرسمي الذي تديره الحكومة ،واإلعالم الخاص الذي يعبر عن المجتمع أو
قطاعات معينة منه.
أما في الجانب السياسي فلإلعالم دوره المتمثل في :أ -تعزيز التماسك االجتماعي ،من
خالل التركيز على القيم المشتركة .ب -شرح سياسات الدولة والدفاع عنها ،ويتم ذلك من
خالل خطة إعالمية يقوم
على إعدادها خبراء من الدولة .ج -الرد على الدعاية المضادة ،فالدول األخرى تجعل من
أهدافها في كثير من
األحيان زعزعة االستقرار السياسي أو التأثير على تطور الدول األخرى .ومن هنا
يصبح من الضروري أن يفتد اإلعالم المحلي هذه الدعاية.
ولتحديد دور اإلعالم ال بد أوال من التعرف على التشريعات والقوانين التي يعمل في
ظلها اإلعالم األردني ،وتقييم مدى أهليتها لتعميق الحس الوطني وخدمة األهداف المحددة
لإلعالم التي سبق ذكرها.
تعود جذور التشريعات الخاصة بالعمل اإلعالمي في األردن إلى مرحلة تأسيس اإلمارة،
حيث تم إصدار القوانين المنظمة للعمل الصحفي ،وفي عام 8838صدر نظام مراقبة
المطبوعات الذي أعطى مجلس الوزراء حق منح رخص المطبوعات ومنعها وتوقيفها،
ومنح السلطة حق "مراقبة أو منع نشر أو طبع أي خبر أو مادة تضر بالطمأنينة العامة أو
الدفاع عن البالد" ،وقد شمل النص إلى جانب الصحافة الرسائل والبرقيات.
وقد كان التطور الرئيسي في هذا السياق صدور الدستور األردني لعام .8852من ناحية
وصدور سلسلة من قوانين المطبوعات النشر خالل الفترة من سنة 8853إلى سنة 8883
(وقد أحيل هذا األخير إلى مجلس النواب للنظر في تعديالت أدخلت عليه عام .)8881
وقد تأثرت قوانين تنظيم هذا القطاع بشكل رئيسي باألوضاع السياسية حيث عرفت مدة
وجزرة في مستوى ما تمنحه من حريات بين الحين واآلخر.
- 123 --
ولما كانت التربية الوطنية تشترط لنجاحها فسح المجال للفكر واإلبداع والحوار والخالف
في الرأي ،فإن أول شروط تحقيق تربية وطنية ناجحة هو تعميق الحريات التي نص
عليها الدستور والميثاق الوطني ،ونقلها إلى حيز التطبيق نقال تامة .من ناحية أخرى،
ومع اتساع نطاق العولمة الثقافية وانفتاح المجتمعات على بعضها البعض بفعل قدرة
التكنولوجيا على اختراق الحدود ،أصبحت الثقافات الوطنية بحاجة لرؤية علمية لتعزيز
قدراتها على مواجهة التيارات الثقافية الخارجية .ولمواجهة تأثيرات العولمة على
الشخصية الوطنية بمقوماتها الثقافية والنفسية ،ال بد من تعزيز الثقة بالذات من خالل
تطوير مقومات الشخصية عبر منحها فضاءات الحرية األوسع في مجاالت الفكر
والفلسفة والفن والرأي السياسي والرأي االقتصادي.
إن االنغالق أيا كانت أسبابه ودوافعه سيؤدي إلى تخلف المنظومة الثقافية السيما في ظل
التشارع الشديد الذي تعرفه المجتمعات ذات الحراك العالي.
وعند النظر في مستوى الحرية في األردن فإن القياس الرسمي حددها بحرية نسبية لم
تصل إلى ،%58وهو أمر ال يتناسب مع مستوى الحرية المطلوب ،مع أن النصوص
الدستورية والتشريعات والمواثيق األردنية وتنامي مساحة النخبة المتعلمة والمثقفة
تدفع باتجاه التوسع في مدى الحريات .لكن التقاليد السياسية األردنية ،تشير إلى ظاهرة
تاريخية وهي إخضاع مدى التطور في كل المراحل للضرورات السياسية واالستقرار
السياسي ،وحيث أن األردن يعيش وسط منطقة اتسم تاريخها السياسي منذ نشوء
اإلمارة بعدم االستقرار ،فقد تذبذبت مستويات الحرية بين فترة وأخرى .وهذا يعني أن
مستوى الدور الذي تقوم به المؤسسات اإلعالمية في تعزيز مقومات الشخصية الوطنية
مرهون بمستوى الحرية الممنوحة لها.
إلى جانب ذلك ،ثمة عوامل أخرى تلعب دورا في تمكين اإلعالم من تعزيز الشخصية
الوطنية وهي - :منح الفرص للكفاءات في هذا المجال لكونهم األقدر على تقديم
مستلزمات التطوير الوطني عبر وسائل اإلعالم ،سواء منها المقروءة أو المسموعة أو
المرئية ،إلى
جانب أدوات اإلعالم الجماهيري والمسرح والسينما .ب منح الفرص االستثمارية في
مجال اإلعالم ليكون قادرا على مجاراة التطور التكنولوجي
- 124 -
النظم السياسي األردني اإلصالح السياسي في األردن في مرحلة الربيع العربي :
شهد الوطن العربي مع نهاية عام 3838اضطراب سياسية أعقب إحراق شاب تونسي
لنفسه احتجاجا على ظروفه المعيشية ،وامتدت موجة االضطرابات إلى مصر وليبيا
واليمن وسوريا بجدة ،ثم انتقلت هذه االضطرابات إلى دول عربية أخرى ولكن بحدة
أقل مثل األردن والمغرب والبحرين ،ناهيك عن استمرار االضطراب في العراق والذي
تبع الحرب عليها واحتاللها من قبل الجيش األمريكي عام .3882
وترتب على تلك االضطرابات تغيرات في بنية النظم السياسية في بعض الدول العربية،
وهو ما جعل األردن في وضع يستوجب منه التكيف مع هذه التغيرات ،وقد أخذ هذه
التكيف تعبيراته عبر الخطوات التالية :أوال :تشكيل لجنة حوار وطني :
تشكلت لجنة للحوار الوطني في مارس 2088استنادا لكتاب وجهه الملك لرئيس
الوزراء يدعوه فيه إلى إجراء حوار وطني حول اإلصالح السياسي واالقتصادي في
البالد ،ونص التكليف على "إدارة حوار وطني مكثف حول مختلف التشريعات التي
تتعلق بمنظومة العمل السياسي ومراجعتها ،إليجاد حياة حزبية وديمقراطية متقدمة،
وتشكيل حكومات برلمانية عمادها األحزاب ،وتقديم مشروعي قانونين توافقيين
لالنتخابات النيابية واألحزاب لبيان هذه األهداف" ،وتضمن قرار مجلس الوزراء بهذا
الخصوص إعطاء اللجنة الحرية في البحث المعمق في مختلف التشريعات ذات الصلة
وتقديم توصياتها".
وعقدت اللجنة سلسلة لقاءات انتهت إلى عدد من المقترحات أهمها :أ -مشروع قانون
جديد لألحزاب يبسط إجراءات تسجيل األحزاب وإزالة
العقبات اإلدارية بوجهها وتبسيط اإلجراءات الرقابية على أنشطتها .ب -تبنت اللجنة
النظام االنتخابي المختلط الذي يجمع بين القائمة النسبية المفتوحة
على مستوى المحافظة والقائمة النسبية المفتوحة على مستوى الوطن ،إضافة إلى
التوصية بإنشاء هيئة وطنية مستقلة لالنتخابات واألحزاب.
- 125 --
ت -إلغاء المواد التي تجيز تأجيل االنتخاب العام كلية او جزئية ،واوصت برفع مدة
الدورة التشريعية إلى ستة شهور بدال من أربعة شهور .ث -إضافة نص في الدستور
يجبر الحكومة التي توصي بحل مجلس النواب على
التقدم باستقالتها في غضون أسبوع ،ويكلف الملك من يراه مناسبا بشکيل حكومة
انتقالية مهمتها إجراء االنتخابات النيابية في غضون 18يوما من
تشكيلها على أن تنتهي واليتها بانتهاء مهمتها .ج -التأكيد على أن جميع األردنيين
الحاملين لجوازت السفر األردنية واألرقام :الوطنية هم مواطنون لهم كامل الحقوق
وعليهم كامل الواجبات ،وال يجوز
منح أو سحب الجنسية إال بقرار من مجلس الوزراء طبقا للدستور .ح -احترام حقوق
اإلنسان | .خ -تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد .د -إصالح النظام التعليمي.
-التأكيد على حرية اإلعالم .ر -الدعوة لعدد من التعديالت الدستورية .ز -في مجال
االنتخابات النيابية دعت اللجنة إلى:
-8استبعاد الصوت الواحد -2 .إلغاء الدوائر الوهمية -3 .اعتماد نظام القائمة -4 .تقسيم
المملكة إلى دوائر انتخابية بعدد المحافظات باستثناء العاصمة واربد
والزرقاء" ،وربما الكرك والبلقاء" حيث توزع المحافظة لعدد من الدوائر .ثانيا :طرح
األوراق النقاشية الملكية:
طرح الملك عددا من األوراق النقاشية الخاصة بتطوير وتفعيل سبل اإلصالح السياسي
واالقتصادي في األردن ،داعيا إلثراء الحوار حول الجوانب المختلفة لعملية اإلصالح
على النحو التالي:
-- 126 -
الورقة األولى :وقد تم طرحها بتاريخ 39ديسمبر 3833وتركزت حول موضوع
الديمقراطية ،وحددت الورقة مجموعة من المبادئ التي يجب مراعاتها عند الحوار في
هذا الموضوع وهي -3 :احترام الرأي اآلخر -3 .المساءلة -2 .الحوار -1 .الشراكة
في التضحية والكسب.
الورقة الثانية :وتم طرحها في 84يناير ،2083وهدفها المركزي هو إثراء الحوار
حول سبل تطوير النظام الديمقراطي من خالل عدد من اآلليات أهمها -8 :االنتقال
لحكومات برلمانية -2 .تشکيل أحزاب وطنية -3 .التزام المهنية والحياد في عمل الجهاز
الوطني -4 .بلورة اعراف بين الكتل النيابية للتعاون من أجل مساءلة الحكومات.
الورقة الثالثة :وتم طرحها في 3مارس ،3832بهدف تحديد سبل نجاح الديمقراطية
والمتجددة ،وتشمل -3 :تطوير األحزاب ذات البرامج والقواعد الشعبية -3 .تطوير
عمل النواب من خالل التوازن بين المصالح المحلية والمصالح الوطنية
والعمل بموضوعية -2 .تطوير عمل رئيس الوزراء من خالل وضع معايير للعمل
الحكومي المتميز وتبني
نهج الشفافية والحاكمية الرشيدة -1 .االرتقاء بدور الملكية الدستورية من خالل
استشراف المستقبل وحماية المجتمع من
االستقطاب وحماية األمن القومي وضمان حيادية واستقاللية المؤسسة العسكرية-5 .
تعزيز دور المواطن من خالل الوعي والمواطنة الفاعلة.
الورقة الرابعة :وهي آخر األوراق النقاشية التي طرحت في 3يونيو ،3832
- 127 --
وتركزت على فكرة التمكين الديمقراطي وضمان تحقيق المواطنة الفاعلة من خالل:
-3تعزيز المشاركة الشعبية ودعم المؤسسات التي تؤدي لذلك.
-3تعزيز دور المجتمع المدني في الرقابة والتأكيد على الشفافية .ثالثا :التعديالت
الدستورية:
شكل الملك في أبريل 3833لجنة لمراجعة نصوص دستورية ،مع ضرورة أخذ هذه
اللجنة مقترحات لجنة الحوار الوطني باالعتبار عند القيام بهذه المهمة التي تستهدف
مواصلة جهود اإلصالح السياسي واالقتصادي ،وقد انتهت اللجنة إلى عدد من
التعديالت أبرزها -3 :إنشاء المحكمة الدستورية :تنص المادة ( 3
)50 /من الدستور األردني بعد التعديل على أن "تنشا بقانون محكمة دستورية يكون
مقرها في العاصمة وتعتبر هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها ،"......وكذلك تنص
المادة ( 3
)58 /من الدستور بعد التعديل على أن " تختص المحكمة الدستورية بالرقابة على
دستورية القوانين واألنظمة النافذة ،"...كما تنص الفقرة ( )2من نفس المادة على أن "
للمحكمة الدستورية حق تفسير نصوص الدستور إذا طلب إليها ذلك ،" ....كما تنص
الفقرة ( )2من المادة ( )40من الدستور بعد التعديل على أن "في الدعوى المنظورة أمام
المحاكم يجوز ألي من أطراف الدعوى إثارة الدفع بعدم الدستورية
وعلى المحكمة إن وجدت أن الدفع جدي -3 ."..إنشاء هيئة مستقلة لإلشراف على
االنتخابات -2 .إقرار ضوابط دستورية إلصدار القوانين المؤقتة -1 .تعزيز الحريات
المدنية بما في ذلك تجريم كل انتهاك للحقوق والحريات العامة أو
الحرية وحياة المواطنين الخاصة -5 .حظر التعذيب بجميع أشكاله -4 .التأكيد على
استقالل القضاء وغيرها -7 .إضافة "الجنس" إلى جانب العرق واللغة والدين في إطار
عدم التمييز بين
األردنيين في الحقوق والواجبات.
- 128 -
الفصل الرابع
المجتمع األردني
المجتمع األردني
الفصل الرابع
المجتمع األردني خصائص المجتمع األردني
كان المجتمع األردني حتى الهجرات الفلسطينية عام 8841مجتمعة متجانسة على الرغم
من تعدد طوائفه وأثنياته .فمع أن العرب السنة كانوا ،والزالوا ،يشكلون الغالبية العظمى
من مجموع السكان ،إال أنهم كانوا يعيشون في حالة تناغم مع شريحتين مهمتين في
المجتمع األردني ،وهما .8 :المسيحيون ،الذين ال يجادل أحد في عراقة انتمائهم ومحتدهم
العربي األصيل .2 .الشراكسة والشيشان ،الذين أجلوا عن ديارهم في القفقاس ،بعد
احتاللها من قبل
قوات روسيا القيصرية ،فاستوطنوا بعض بلدان الوطن العربي وخصوصا األردن ،بدافع
التمسك بدينهم وهم من أتباع المذهب السني كما الغالبية العظمی من سكان األردن.
وعلى الرغم من أن مجموع المسيحيين والشراكسة والشيشان ال يكاد بشكل أكثر من
%1من مجموع السكان .إال أن النظام السياسي واالجتماعي في األردن كفل لهم ،كما
لآلخرين ،الحرية الدينية واالجتماعية ،عقيدة وممارسة ،مما مكنهم من المحافظة على
بعض الخصوصية والتفرد ،في بعض العادات والتقاليد والطقوس ،وما أضفى على
المجتمع األردني بالتالي صيغة التنوع الذي يجمع وال يفرق ويثري وال يفقر.
ففي الوقت الذي يمارس فيه المسيحيون ،على تعدد طوائفهم ،بحرية تامة عباداتهم كل
في الكنيسة التي ينتمي إليها ،فإنهم يشاركون المسلمين أعيادهم أيضا ،وكما للمسلمين
محاكم هم الشرعية ،فللمسيحيين أيضأ محاكمهم الكنيسية التي تحظى بدعم أجهزة
الدولة واحترامها لقراراتها وأحكامها.
- 131 -
أما بالنسبة للشراكسة والشيشان فقد نقلوا معهم من القفقاس ضمن ما نقلوه تنظيمهم
االجتماعي بما يحتويه من تقسيم للعمل وتوزيع للسلطة وترتيب لألسر والعائالت
وبعض السمات الرمزية والثقافية ،وهم ال زالوا يحظون بدعم أجهزة الدولة في
المحافظة على إرثهم الثقافي .وخصوصا على تمسكهم بلغتهم األصلية ،وعاداتهم
وتقاليدهم.
ولعل من المؤكد أن ثقافة المجتمع اإلسالمية هي في خاتمة المطاف الوعاء الحضاري
والخط الناظم الذي يجمع بين هذه المكونات الثالثة ،إذ لم يشهد المجتمع األردني ذات
يوم أية توترات أو احتقانات أو نزاعات على خلفيات طائفية أو إثنية.
أما على مستوى التنظيم االجتماعي ،فيمكن القول إن التنظيم االجتماعي في األردن كان
حتى وقت متأخر من النصف األول من القرن العشرين تنظيما قبلية ،وال عجب في ذلك
طالما كانت الغالبية العظمى من السكان هم من أبناء العشائر والقبائل البدوية ،سواء
المستقرة منها أم غير المستقرة ،حيث كان الوالء للقبيلة ،ممثلة في شيخها ،يتقدم على
الوالء للدولة بكل رموزها .ولم تكن القبلية ،وقفة على العشائر والقبائل البدوية ،بل
كانت أيضا عالمة فارقة من عالمات التنظيم االجتماعي لسكان القرى وحتى لسكان
المدن أيضا .وكان من االمتيازات التي يتمتع بها شيخ القبيلة ،اتخاذ قرارات مهمة،
بالنيابة عن مجموع أبناء قبيلته ،بالنسبة لقضايا كالسلم والحرب ،وعقد التحالفات
وتعيين مرابع الرعي ومواقيت الحل والترحال ،كما أنه يمثل المرجع األول واألخير في
حل المنازعات بين افخاذ القبيلة وافرادها.
ومن البديهي أن يكون الموقع األردن الجغرافي تأثير كبير في حياة المجتمع األردني،
حيث كانت المنطقة التي عرفت باسم شرق األردن ،حتى نهاية الحرب العالمية األولى
وبالتالي نهاية السيطرة العثمانية ،أقرب إلى شبه الجزيرة العربية منها إلى شواطئ
البحر األبيض المتوسط ،ومن ثم أقرب للصحراء وتقاليدها ونمط الحياة فيها منها إلى
حياة المدن ،مما طبع المجتمع األردني بطابع البداوة .ومن المعروف أن الرابطة القبلية
في ذلك المجتمع البدوي الرعوي الزراعي العشائري كانت هي الرابطة األقوى ،بكل
المقاييس من أية رابطة أخرى .وكانت هذه الرابطة القبلية هي التي تشكلت على
خلفيتها العادات
- 132 -
والتقاليد وأنماط السلوك والممارسات الحياتية والقيم االجتماعية.
وعلى ما في التقاليد والممارسات العشائرية من سلبيات مثل غارات القبائل بعضها
على البعض اآلخر واالعتداءات على الفالحين ،وعادات األخذ بالثار ،والتعصب للقبيلة
ظالمة أم مظلومة ،وإزدراء العمل اليدوي ،فإن هذه التقاليد العديد من اإليجابيات التي
لعبت ،بدون شك ،دورا بالغ األهمية في إعالء شأن القبيلة وبالتالي األسرة ،والمحافظة
على تماسكها والتراحم والتكافل بين أعضائها.
غير أن انتشار التعليم ،والتحاق مئات األلوف من أبناء العشائر ،عبر عقود من الزمن،
بالخدمة العسكرية ،وتعاقب الهجرات الفلسطينية ،واالنفتاح على العالم ،ومنجزات التنمية
االقتصادية ،بما في ذلك تحسن المستوى المعيشي وربط غالبية التجمعات السكانية
بالخدمات األساسية من كهرباء وماء وبريد وهاتف ،أدت إلى تحوالت اجتماعية بارزة
كان من أهمها االنتقال من االنتماء للدائرة الضيقة الخاصة بوحدة النسب والعائلة والقبيلة
والقرية إلى االنتماء للدائرة األوسع وهي دائرة الوطن الصغير (األردن) والوطن الكبير
(الوطن العربي).
ومما ال شك فيه أن مؤسسة الحكم قد لعبت دورا محوريا في إحداث هذه النقلة النوعية
من خالل تأسيس الدولة وتحقيق الوحدة الوطنية وصيانتها ،ومن خالل قيادة عملية
التحول االجتماعي االقتصادي ،على نحو يعي متطلبات التغيير العصرية ،ومن خالل
توفير درجة مقبولة من االستقرار األمني واالقتصادي والسياسي وسط منطقة تفتقر
لالستقرار وتعج بالصراعات والتوترات والحروب.
وفي مجرى هذه التحوالت ،ابتدأت التقسيمات االجتماعية والطبقية تحل تدريجية محل
التقسيمات القبلية .حيث أن قوى االقتصاد السياسي منذ أواخر السبعينات من القرن
الماضي ابتدأت في تحليل کيانات شبه طبقية ،اخترقت التقسيمات القبلية وشبه القبلية.
ويمكن تشبيه البنيان الطبقي األردني بالبنيان الهرمي حيث يتربع على قمة الهرم أقلية
صغيرة من األثرياء من كبار مالك األرض ،وكبار الصناعيين ،وأصحاب رأس المال.
ومن الجدير ذكره أن االزدهار النفطي في السبعينات ومطلع الثمانينات قد دعم هذا
التشكل الطبقي الذي استطاع أن يراكم كميات كبيرة نسبيا من األموال من
- 133.
الخارج ،انعكست في األردن على شكل استهالك تفاخري مبالغ فيه .ويلي هذه الطبقة،
إذا جاز التعبير ،طبقة التكنوقراط من أصحاب بعض المهن الحرة ،وكبار ضباط الجيش
وأعضاء الصف األول من موظفي الدولة الذين يتمتعون بامتيازات شتی وبمستوى
معيشي مرتفع يضمن لهم حياة مستقرة ومريحة.
أما فئة الموظفين اآلخرين في القطاعين العام والخاص ،ومعلمي المدارس ،والمهاجرين
العائدين ،فتكافح بشراسة للمحافظة على نمط حياة وتميزها اجتماعية عن أصحاب
الحرف اليدوية وصغار تجار التجزئة.
اوپلي هؤالء ،في قاعدة الهرم ،طبقة كبيرة من محدودي الدخل والعاطلين عن العمل
الذين تزداد أعدادهم يوما بعد يوم .ويعانون من الفقر والحرمان وشظف العيش .وقد
انعكس هذا التمايز الطبقي على الحياة السياسية في األردن ،حيث ظهرت في هذه األثناء
التشكيالت الحزبية المختلفة والنقابات المهنية والعمالية .التي عبر كل منها عن مصالح
الطبقة التي يسعى لتمثيلها.
وقد أدى كل هذا الحراك االجتماعي والفرز الطبقي إلى زيادة وتيرة التمدن لتصل نسبة
سكان المدن إلى أكثر من ثالثة أرباع مجموع سكان األردن ،فتعمقت المدنية بصفتها
طريقة حياة .ومع كل ما يعنيه ذلك من ازدياد اإلعتمادية والتشابك اجتماعية واقتصادية
بين فئات المجتمع المدني على حساب الروابط القبلية .وفي الوقت نفسه توطدت ،في هذه
األثناء البني البيروقراطية وما رافقها من سيادة القانون الوظيفي واألنظمة والتعليمات
القائمة على التعاقد والمصالح بدال من العادات والتقاليد والعالقات القائمة على القرابة
والروابط العشائرية .الجريمة في المجتمع األردني الخلفية القانونية
ظلت أحكام الشريعة اإلسالمية حتى القرن التاسع عشر هي المصدر الوحيد للحكم في
القضايا الجرمية في المنطقة التي أصبحت فيما بعد تعرف باسم األردن .وقد بقيت هذه
األحكام وتطبيقاتها على ما كانت عليه طوال قرون خلت ،غير خاضعة
- 134 -
للتغيير أو التطوير .وكان القول الفصل في تأويلها وتفسيرها مناطة برجال الدين
المخولين بإصدار الفتاوى ،وكان ال مناص لقضاة المحاكم الشرعية من البت في
القضايا المعروضة أمامهم على هدي هذه الفتاوی.
في منتصف الثمانينات من القرن التاسع عشر تم إدخال بعض التعديالت على النظام
القضائي بهدف تشديد قبضة العثمانيين على المنطقة ،وهكذا أصبحت النماذج القضائية
األوروبية تشكل األساس لنظام قضائي عثماني جديد .ثم صدر عام 3050قانون
جنائي جديد في سياق الحركة اإلصالحية التي اجتاحت اإلمبراطورية العثمانية ،وكان
هذا القانون الجديد مستندة إلى حد بعيد ،إلى القانون الجنائي الفرنسي ،مع بعض
التعديالت التي استدعتها ضرورة إسباغ مسحة إسالمية على القانون ،فعلى سبيل
المثال كان ال بد من االحتفاظ بإلزام القاتل بدفع الدية ،باإلضافة لما يستحقه من عقوبة
السجن ،كما كان البد أيضا من االحتفاظ بإيقاع عقوبة القتل على المرتدين.
وبعكس ما كان قائمة في ظل االنتداب البريطاني على فلسطين ،حيث كانت المحاكم تدار
من قبل قضاة بريطانيين يطبقون القانون الجنائي البريطاني ،كان أثر البريطانيين في
شرق األردن ضئيال في مجال إصدار القوانين وإدارة المحاكم ،حيث لم يكن ثمة وجود
للقضاة البريطانيين.
بعد قيام المملكة األردنية الهاشمية تم إدخال تعديالت جوهرية على القانون التشريعي
العثماني بما ينسجم ومتطلبات التعامل مع ما أفرزه العصر من مشکالت وتطورات،
خاصة على صعيد االقتصاد والثقافة المجتمعية .وقد كانت تجري إعادة النظر في
القوانين واألنظمة القضائية ،وتعديلها حسب مقتضيات مرحلة من مراحل التطور،
بحيث أصبح قانون العقوبات األردني وأصول المحاكمات الجزائية المعمول بها حالية
من أكثر القوانين تقدمة في المنطقة العربية ،رغم أنها زاوجت بين أحكام الشريعة
ومبادئ إحقاق العدالة المتعارف عليها في القوانين الوضعية السارية المفعول في
مجتمعات غير إسالمية ،وقد كان للتشريع الفرنسي أثر بالغ في إعادة صياغة القوانين
األردنية.
835 --۔
أنواع الجرائم :مرتكبوها ،وأسبابها
لم يعرف األردن ،في بداياته األولى ،من الجرائم سوى قلة ال يعتد بها مثل حاالت القتل
العمد ،على خلفية األخذ بالثار .فقد كان المجتمع آنذاك مجتمعا بسيطا ،متكافة ،تلعب
فيه قيم االستقامة ،واألمانة ،والسلوك الحسن ،وتجنب الموبقات وكل أنواع الحرام،
المستمدة من تعاليم الدين الحنيف دورة بالغ األهمية.
غير أن التطورات الالحقة على الصعد كافة ،وخاصة على الصعيد االقتصادي وتعدد
مطالب الحياة وتعقد سبل الحصول على الرزق ،وتدفق المهاجرين على المدن من
فلسطين ومن األرياف وتكدس السكان في األحياء الفقيرة والمساكن العشوائية ،وتكاثر
العمالة األجنبية في البيوت وفي مختلف القطاعات االقتصادية ،والعودة القسرية لمئات
األلوف من األردنيين العاملين في دول النفط العربية عقب الغزو العراقي للكويت عام
.8880أدى لتصاعد الجريمة بمختلف أنواعها بما في ذلك أنواع من الجرائم لم يكن
للمجتمع األردني عهد بها مثل جرائم النصب واالحتيال واالغتصاب وتزوير الصكوك
والعمالت واالتجار بالمخدرات وتعاطيها ،وسرقة السيارات وما إلى ذلك.
فوفقا إلحصائية قدمتها مديرية األمن العام لمنظمة االنتربول الدولية بلغ عدد الجرائم لعام
8814ما مجموعه ( )84285جريمة ،بينما ازداد عدد هذه الجرائم إلى ()34753
جريمة عام ،8884أي ما يزيد على الضعف .أما عام 8881فقد بلغ مجموع الجرائم
المرتكبة في األردن ( )55447جريمة ،وقع ٪45منها في العاصمة عمان .وتبين من
اإلحصائيات الصادرة عن دائرة التحقيقات الجنائية في األردن ما يلي:
.8إن نسبة اإلجرام لدى اإلناث أقل بكثير مما هي لدى الذكور بالنسبة لجميع أنواع
التجاوز على القانون .ففيما يتعلق بجرائم السرقة بلغ عدد الجناة عام 8881ما مجموعه
( )80538شخصا لم يكن من بينهم سوى ( )488أنثى ،أي ما نسبته 74فقط .كما بلغ
عدد الجناة في جرائم القتل العمد والقتل القصد ( )844شخصا لم يكن بينهم سوى ()5
من اإلناث فقط أي ما نسبته ،٪ 35.وقس على ذلك بالنسبة لألنواع األخرى من الجرائم.
:
– 2.2 -
في االعتبار الظروف الموضوعية ،فاألردن يعيش وسط منطقة يغلب على تاريخها
السياسي المعاصر عدم االستقرار والتنافس الدولي المحموم ،مما يجعل القدرة على
التطوير الديمقراطي يتأثر سلبأ بهذه الحالة| .
غير أن التاريخ السياسي ألغلب المجتمعات يشير إلى أن الديمقراطية الفعلية القائمة على
نقل النصوص الدستورية والقانونية إلى حيز التنفيذ تمثل اآللية األفضل التحسين قدرة
المجتمع على التكيف مع كافة التطورات الداخلية والخارجية التي يواجهها المجتمع.
ويمكن القول ،إن المواثيق الوطنية األردنية تمثل تعبيرا عن هذه الحالة ،ولعل النظر في
ميثاق 8888يدل على التأكيد على ضرورة التجسيد الميداني للنصوص في مختلف
المجاالت| .
فقد أشار الميثاق في فصله الثاني إلى أن الدولة األردنية هي "دولة القانون بالمفهوم
العصري الحديث للدولة الديمقراطية ،وهي دولة المواطنين جميعا مهما اختلفت آراؤهم
أو تعددت اجتهاداتهم ،وهي تستمد قوتها من التطبيق الفعلي المعلن المبادئ المساواة
والعدل وتكافؤ الفرص ،وإتاحة المجال العملي للشعب األردني للمشاركة في صنع
القرارات المتعلقة بحياته وشؤونه".
ولضمان الممارسة العملية ونزاهتها دعا الميثاق إلى "إنشاء هيئة مستقلة باسم ديوان
المظالم) يتولى التفتيش اإلداري ويراقب أداء اإلدارة وسلوك أشخاصها ،وإنشاء هيئة
مستقلة لتحديث التشريعات وتطويرها" ،وإنشاء محكمة دستورية لتفسير األحكام
الدستورية والفصل في المنازعات حول هذه األحكام ،وقد أنشئت هذه المؤسسات وتقوم
بمهامها.
سبق وأن عرفنا المجتمع المدني وطبيعة دوره وعدد مؤسساته العاملة في األردن ،ويبقى
تحديد دوره في التربية الوطنية .يمكن تحديد دور المجتمع المدني في التربية الوطنية في
الجوانب التالية :أ -التنشئة السياسية وتعزيز المشاركة السياسية .ب -التنشئة االجتماعية.
-2.3 -
أوال :التنشئة السياسية وتعزيز المشاركة السياسية
يعرف علماء السياسة التنشئة السياسية بأنها "عملية تعلم القيم واالتجاهات السياسية
واألنماط االجتماعية ذات المغزى السياسي من خالل األسرة والمدرسة والتفاعل مع
الحكومة والمواقف السياسية" .وهذا يعني أن مقومات التنشئة السياسية
طبقا لموسوعة العلوم السياسية هي:
أ -تعلم واكتساب معارف وقيم واتجاهات سياسية واجتماعية ذات دالالت سياسية.
ب -عملية مستمرة يتعرض لها الفرد طيلة حياته ،وقد ركز الباحثون في هذا الجانب
على مراحل الطفولة التي تمتد حتى سن الرابعة عشرة.
ج -نقل الثقافة السياسية بين األجيال ،وقد يصيب هذه الثقافة خالل االنتقال قدر من
التغير الكلي ،أو الجزئي.
د -يقوم بعملية التنشئة مؤسسات المجتمع األولية والثانوية ،من األسرة ،المدرسة
واألحزاب والنقابات والجمعيات ووسائل اإلعالم.
أما المشاركة السياسية فتعني "تأثير المواطن على عملية اختيار الحكام والسياسات العامة
للدولة" .وتتمثل العالقة بين المشاركة السياسية والتنشئة السياسية من ناحية والتربية
الوطنية من ناحية ثانية في اآلتي:
-8موضوع الهوية الوطنية :وتعني الصورة السياسية التي يرسمها الفرد لنفسه،
ولنمط الحكومة التي ينتمي لها .وتبرز مشكلة الهوية في أن الفرد كما سبق وأشرنا
ينتمي النساق مختلفة ومتداخلة مثل الوطنية والقومية ،ومن هنا تكون مهمة التربية
الوطنية من خالل تعزيز المشاركة والتنشئة السياسية في تخليص الفرد من إحساس
التناقض بين انتماءاته المختلفة أو بين تيارات ثقافية تضرب جذورها في بنية مجتمعه
وتيارات ثقافية حديثة تثير الشكوك حول ذاته وثقافته.
ويمكن القول أن التطورات التكنولوجية المعاصرة فرضت قدرة كبيرة من التحدي لكل
الهويات الوطنية في العالم ،فقد أدت الفضائيات واإلنترنت إلى تدفق قيم وثقافات قد
تصطدم بالثقافة المحلية وتثير الشكوك من حولها.
- 154 -
ويؤدي انخراط الفرد في مؤسسات التنشئة السياسية من حزبية وغيرها ،إلى
تزويده بما يساعده على التعامل اإليجابي مع هذه الثقافات الوافدة ،فال يذوب فيها من
ناحية ولكنه يوظفها لفائدته من ناحية أخرى.
-3موضوع شرعية السلطة :يشكل قبول الناس لسلطة سياسية والخضوع الطوعي
لها أحد أهم ضرورات التربية الوطنية ،لكن هذه الشرعية لن تتم من قبل المواطن إال
بمقدار إحساسه بالمشاركة في اتخاذ القرارات التي تمس جوهر حياته وحياة مجتمعه،
سواء بالمشاركة المباشرة عبر االستفتاءات أو عبر نواب ينتخبهم بطريقة حرة ونزيهة.
وتحتاج المشاركة الواسعة للتنشئة تهيؤ الفرد لهذه المشاركة عبر
أدوات التنشئة المختلفة التي وردت اإلشارة لها.
-3موضوع توزيع المغانم والمغارم :إن شعور الفرد بسوء توزيع المكاسب أو التوزيع
غير العادل لألعباء في قرارات الحكومة تجعل مشاركته أميل للسلبية ،وتؤدي على
المدى البعيد إلى تراكم مكبوتاته واحباطاته بشكل يجعله أقل ثقة ،مما يضعف من تربيته
الوطنية.
وتمثل األحزاب السياسية أحد أهم أدوات التنشئة السياسية وزيادة المشاركة السياسية بما
يخدم أهداف التربية الوطنية .وعند النظر إلى الواقع الفعلي في األردن نجد ما يلي:
-8تدل الدراسات على مجلس النواب األردني أن نسبة الحزبيين بينهم هي أقل من
،50٪مما يعني أن هناك مؤسسات أخرى تشكل منبعا للنخب السياسية في المجتمع.
وقدر استطالع للنخبة النيابية األردنية خالل الفترة من 2000-8818أن العشيرة
ساهمت بوصول أكثر من %48من النواب إلى المقاعد النيابية .وهذا يعني أن البنيات
التقليدية ما تزال فاعلة في المشاركة السياسية ،وهو ما قد يكون له آثار سلبية على
المجتمع على المدى البعيد ،ألن تحجر البنيات االجتماعية وعدم
التحول التدريجي نحو البنيات العصرية يدل على حراك بطيء.
-2يمكن اعتبار المشاركة في االنتخابات مؤشرة على مدى انخراط الفرد في العمليات
السياسية ،وتدل األرقام الرسمية على تدني المشاركة.
- 155 --
.ويدل ما سبق على طبيعة المشاركة السياسية في األردن من تدني عدد المنخرطين في
تنظيمات المجتمع المدني الفاعلة ،كما أشرنا سابقة ،وقلة عدد المنخرطين في األحزاب،
وقلة المشاركة السياسية.
-3وعند النظر في دور المرأة ،نجد أن عدد النساء في مجالس النواب الحادي عشر
والثاني عشر والثالث عشر هو صفر ،واحدة ،صفر ،على التوالي مما يدل على عمق
الثقافة التقليدية المؤثرة على التربية الوطنية.
ومع أن النساء ترشحن لهذه المجالس النيابية إال أن النتائج لم تدل على دور له قيمة،
رغم أن قانون االنتخاب عام 8874أعطى المرأة حق المشاركة في االنتخابات.
وقد دخلت المرأة في الوزارة األردنية للمرة األولى عام ،8814وشاركت في المجلس
الوطني االستشاري عن طريق التعيين عام ،8871وتم دخولها إلى مجلس األعيان عام
8818كما تم تعيين العديد من السيدات في المجالس البلدية منذ سنة .8884
والمالحظ أن األحزاب لم ترشح أية امرأة حتى المجلس الرابع عشر ،كما أن دور
االتحادات النسائية لم يكن فاعال لتقديم مرشحات يمثلن المرأة األردنية.
وتشير الدراسات إلى أن مشاركة المرأة الريفية وفي البادية كانت أعلى من نسبة مشاركة
المرأة في المدينة ،وقد يعود ذلك للدور المهيمن للرجل في الريف والبادية ال سيما في
حشد أفراد أسرته لتأييد ناخب معين .دور األسرة في التربية الوطنية
كان أثر اإلسالم وال زال واضحة في صياغة شكل األسرة في المجتمعات العربية ،وفي
تحديد بنيتها وخصائصها .وذلك عن طريق القوانين والتشريعات التي سنها لها .حيث
جعل اإلسالم من األسرة ،بمقتضى هذه القوانين ،شخصية اعتبارية مستقلة وكون منها
مؤسسة إسالمية تخضع في جميع مظاهرها ونشاطاتها لتعاليمه وأحكامه ،فاستمرت
األسرة في ظل اإلسالم تستمد قوة كيانها من كون األحكام المشار إليها إلهية المصدر،
فتحصنت بهذا الواقع وقاومت ،لقرون طويلة ،تأثيرات التقلبات واألحداث الخارجية
عليها ،واكتسبت مع مرور الزمن طابع المحافظة والتمسك بالقيم
- 156 -
واألعراف والتقاليد ،وقبل ذلك كله تعاليم اإلسالم ومنها ،على سبيل المثال ال الحصر:
رضا الوالدين وطاعة الزوجة لزوجها واألبناء للوالدين ،والصغار للكبار ،وتفاوت
النظرة للجنسين :فالرجال قوامون على النساء ،وللذكر مثل حظ األنثين ،والسماح
بالطالق بعد نفاذ جميع سبل التوفيق بين الزوجين.
ومع أن هذا التوصيف يشكل قاسم مشتركة أعظم بين األسر في أقطار الوطن العربي
كافة ،إال أن مفهوم األسرة العربية هو مفهوم عام ،إذ ليس هناك أسرة عربية ،نمطية
واحدة ،بل ثمة مجموعة أنماط من األسر تختلف باختالف الظروف االقتصادية
واالجتماعية والسياسية الخاصة بكل قطر من األقطار العربية ،وحتى داخل القطر الواحد
ال يمكن الحديث عن نمط واحد من األسر بسبب عمق الفروقات بين مناطق القطر
الواحد ،بين مدنه وقراه ،وبين باديته وريفه وحواضره.
وفي األردن ،كما في سائر أقطار الوطن العربي ،تشكل األسرة األردنية وحدة اقتصادية
اجتماعية موحدة ،تفترض من أعضائها التعاون مع بعضهم البعض في جميع مجاالت
الحياة ،كل حسب قدراته ،وحسب عمره وجنسه ،من أجل تأمين لقمة العيش لجميع أفراد
األسرة ،ومن أجل تحسين أوضاعها ورفع مكانتها في المجتمع ،والذب عن سمعتها
وهيبتها.
وتتجلى وحدة األسرة في توحد الهوية بين أفرادها الذين يشتركون معا في إنجازاتها
وإخفاقاتها ،في أفراحها وأتراحها وفي علو شأنها أو التعريض بسمعتها وشرفها.
ولهذا يعد كل تصرف او قرار فردي مستقل خروجا على األسرة وتقاليدها وشروط
االنتماء لها ،ألن كون األسرة وحدة واحدة يجعل القرارات شأنا أسرية جماعية وليس
شأنة فردية.
ولعل مما يدعم وحدة األسرة والمحافظة على استمراريتها أن بنيتها ابوية هرمية يحتل
األب فيها رأس الهرم ،فهو مركز السلطة وصاحب القول الفصل في شؤون األسرة
كافة ،وهو بهذه الصفة يتمتع بمكانة خاصة ،واجب الجميع أن يطيعوه ،ويأتمروا بأمره
بال تردد أو نقاش.
- 157--
وتوصف األسرة األردنية أيضا بأنها أسرة ممتدة ،بمعنى أن عالقات وثيقة تقوم ليس
بين الوالدين واألبناء فحسب ،بل تتعداهم إلى األحياء من جد وجدة ،وأحفاد ،واخوة
وأخوات وأوالدهم ،واألعمام والعمات وأبناء وبنات العم.
إن وصف األسرة بأنها ممتدة يرتبط إلى حد بعيد بكون أفرادها يعيشون ويعملون کوحدة
اقتصادية واحدة ،ففي البادية تشكل القبيلة أو العشيرة هذه الوحدة ،أما في القرية والمدينة
فتتشكل من األسرة الممتدة .ومع أن ثمة مؤشرات تدل على تطور األسرة األردنية
تدريجية في اتجاه األسرة النووية الصغيرة ،إذ يستقل الزوج والزوجة وأوالدهما في
منزل خاص بهم في المدينة أو في بعض القرى ،فإن ثمة بالمقابل ما يؤكد استمرار نوع
من أنواع العصبية القبلية والعشائرية .ومن المالحظ أنه حيثما تضعف الروابط القبلية
والعشائرية ،كما في بعض المدن ،كانت تحل محلها جمعيات خيرية على مستوى األسرة
أو القرية أو المدينة ،ويالحظ أن هذه الجمعيات أصبحت تلعب دورا مهمة في حياة
المعنيين من منتسبيها اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية ،إذ أنها تقوم بتمويل أنشطة
متنوعة من صناديقها الخاصة ابتداء من تقديم المساعدات العينية أو النقدية للمحتاجين،
وتوفير الرعاية الصحية ،ضمن الحدود الدنيا ،وإنشاء وإدارة دور الحضانة والمدارس
وما إلى ذلك .كما تساهم هذه الجمعيات بفعالية في إصالح ذات البين ،وفض النزاعات
بين أعضائها ،وبين بعض األعضاء وجهات خارجية ،على خلفية توترات اجتماعية أو
خالفات ذات طابع اقتصادي أو شخصي .وعلى الرغم من تعدد أنماط األسر في المجتمع
األردني ،ورغم التحوالت التي أحدثتها التطورات الداخلية والخارجية في وظيفة األسرة،
إال أن األسرة األردنية ال تزال تؤدي أدوارة محورية فيه ،على سبيل المثال ال الحصر- :
تهيئ أفرادها للعمل والتفاعل االجتماعي ،وتعمل على تحقيق التوازن النفسي
والجسدي ألعضائها ،وتغرس فيهم الشعور بالوالء واالنتماء ،وتنمي فيهم روح
التعاون والمسؤولية الجماعية - .تأخذ على عاتقها مسؤولية التكوين االجتماعي والثقافي
لألبناء ،فهي العامل
- - 158 -
األساسي في حفظ التوازن البيئي والسكاني الذي يشكل شرطة أساسية من
شروط التنمية البشرية والطبيعية.
-تقوم برعاية األبناء وحمايتهم جسدية ونفسية والعمل على أن تجعل منهم شخصيات
مجتمعية متكاملة وسوية .ومن الجدير ذكره أن نمط التنشئة االجتماعية في األسرة
يتسم بالضبط والحزم وغالبا ما تجري تربية األبناء بالطريقة نفسها التي
تربی بها آباؤهم.
-تقوم األسرة بدور اقتصادي هام على أساس التكافل االقتصادي واالجتماعي في
التأمين المعيشي الجمعي ألفراد األسرة ،وفي إطار تقسيم العمل المعمول به في المجتمع،
وخاصة في األرياف ،حيث تشكل األسرة وحدة إنتاجية يتعاون أفرادها تعاون وثيقة في
فالحة األرض والحصاد وجمع المحاصيل والثمار مما يزيد في تدعيم األسرة وتماسكها.
- 159 --
الفصل السادس
التحديات الداخلية
والخارجية
التي تواجه المملكة
التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه المملكة
الفصل السادس
التحديات الداخلية والخارجية
التي تواجه المملكة
لكل دولة من الدول بيئتان ،بيئة داخلية وبيئة خارجية ،ولكل من هاتين البيئتين متغيراتها
التي على الدولة أن تتفاعل معها لتضمن أكبر قدر من االستقرار والتطور .وتكمن
المشكلة المركزية ألكثر الدول ،ال سيما الصغيرة منها ،في كيفية التوفيق بين مطالب
البيئة الداخلية ومطالب البيئة الخارجية ،علما بأن مطالب هاتين البيئتين كثيرا ما تكون
متناقضة وغير متسقة .ومن هنا تجد الدولة المعاصرة نفسها أمام سيل هائل من عوامل
التغير الداخلية والخارجية التي تدفع بها إلى البحث عن آليات تكيف تمتص بها آثار هذا
الدفق من عوامل التغير المختلفة .ولعل المشكلة الكبرى هي في كيفية التكيف وسياساته،
وقد يؤدي الفشل في التكيف إلى تعرض الدولة المخاطر من مصادر مختلفة بعضها
داخلی وبعضها خارجي ،مع األخذ في االعتبار أن التداخل المتبادل بين العوامل الداخلية
والخارجية أمر مسلم به.
ومن ناحية أخرى ،فقد تطور مفهوم األمن في المجتمع الدولي من مفهومه العسكري
الضيق ،والمتمثل في حماية الكيان السياسي من األعداء الخارجيين ،إلى مفهوم األمن
الشامل الذي تتکامل جوانبه األمنية مع األمن االقتصادي والسياسي واالجتماعي،
ويترابط فيه األمن الداخلي مع األمن الخارجي ،وهو ما يستدعي دراسة التحديات
الداخلية والخارجية والترابط بينهما.
- 231 - -
البيئة الداخلية:
تشتمل البيئة الداخلية في الدولة على:
أ-البنية االجتماعية.
ب -البنية السياسية.
ج-البنية االقتصادية.
وتتمثل التحديات الداخلية التي تواجه الدولة في قدرة الدولة على مواجهة متطلبات هذه
البنيات السابقة الذكر .التحديات الداخلية في األردن:
عند تناول الميثاق الوطني لعام 8888في فصله الثالث لألمن الوطني أشار إلى عدد من
األسس التي يعتمد عليها هذا األمن على المستوى الداخلي:
-منعة المجتمع األردني وتعزيز عوامل قوته الذاتية.
-ضمان أمن الشعب األردني وحريته.
-توفير مقومات الحياة الكريمة للمواطن بما يحقق أمنه المادي والشخصي.
-االستقرار النفسي واالجتماعي للمواطن األردني حيثما كانت إقامته.
-ترسيخ النهج الديمقراطي لتعميق روح االنتماء للوطن وتعزيز الثقة بمؤسساته،
واإلسهام في تمتين وحدة الشعب األردني وحماية أمنه الوطني ،ويتأتى ذلك بإتاحة أسباب
المشاركة الحقيقية للمواطنين كافة في إطار من العدالة االجتماعية وتكافؤ الفرص
والتوازن بين الحقوق والواجبات .استنادا لهذا التوصيف العام ،يمكن تحديد
التحديات الداخلية في ستة أبعاد:
-8التحديات السياسية.
-2التحديات االقتصادية.
-3التحديات االجتماعية.
- -232 -
-1التحديات الثقافية.
-5التحديات التربوية والتعليمية.
-1التحديات البيئية.
وال بد من إشارة إلى أن هذه التحديات ال تبقى في تأثيراتها خالل الحقب التاريخية على
الحدة نفسها أو العمق نفسه ،وعلى هذا األساس سنركز على التحديات الداخلية
المعاصرة.
-3التحديات السياسية:
وتتلخص أبرزها في
-8فتح المجال أمام النخب السياسية الصاعدة والجديدة لتأخذ مكانها في الفعل
السياسي ،فانغالق النخب السياسية يؤدي على المدى البعيد إلى احتقان سياسي يهدد
االستقرار السياسي .فلو نظرنا على سبيل المثال إلى نسبة التكنوقراط (مثل أساتذة
الجامعة ،المحامون ،المهندسون ،الكتاب ،األطباء في المجالس النيابية الحادي عشر
والثاني عشر والثالث عشر ،سنجد أن نسبتهم كانت على التوالي 44.25ثم %47.50
ثم .٪40
ومع اتساع قاعدة التعليم والزيادة المضطردة في عدد التكنوقراط يصبح من الضروري
أن يتم منح هذه الشرائح المزيد من الدور السياسي الفعلي ،للحيلولة دون الوصول
لمرحلة االحتقان السياسي.
-2القدرة على االستمرار في النهج الديمقراطي وفتح المجال أمام تناميه ،ألن هذه
المسألة هي التي تحول دون نشوء التنظيمات السرية ،وما يترتب عليها من مخاطر.
-3محاصرة ظاهرة العنف السياسي واإلرهاب ،وقد أخذت هذه الظاهرة مظاهر
مختلفة ،لكن أحد أسس مقاومتها هو نشر ثقافة التسامح ،وتجفيف األسباب التي تنبع
منها هذه الظاهرة بتخطيط متكامل ال يتكئ على الحلول األمنية فقط .وإذا استثنينا العنف
المسلح الذي تمارسه التنظيمات السياسية التي تخضع بالدها
-233 --
لالحتالل ،كما في فلسطين والعراق ،فإن هناك عنفا يتجه نحو السلطات السياسية
والمدنيين في المجتمع ،وهو ما يسمى باإلرهاب .ونتيجة للموقع الجغرافي الحساس
لألردن في منتصف هذه المنطقة المضطربة ،فمن الطبيعي أن تمسها هذه الظاهرة
برفق أحيانا وبقوة أحيانا أخرى ،وهو ما يستدعي من النظام السياسي مواجهة هذه
الظاهرة.
وتشير دراسات اإلرهاب إلى أن أسباب هذه الظاهرة هي أسباب متعددة نلخصها في
اآلتي:
أ -أسباب سياسية :وتتمحور حول إحساس بعض الجماعات بتبعية النظم السياسية
للخارج أو عدم السماح لها بحق الممارسة السياسية في العلن والتقييد على الحريات،
أو اتباع سياسات ترى فيها هذه الجماعات بأنها سياسات تفريط فيما
تراه حق لألمة ال يجوز التفريط فيه.
ب-اسباب دينية :وتتمثل في االعتقاد بأن الدولة أو النظام السياسي يريد الفصل بين الدولة
والدين ،أو أن الذين ال يؤخذ فيه بالقدر الكافي كمصدر للتشريع.
ج -أسباب اقتصادية واجتماعية :حيث يرى الباحثون االجتماعيون أن اغلب جمهور
التنظيمات اإلرهابية هم من سكان أحزمة الفقر المحيطة بالمدن ،ومن العاطلين عن
العمل أو ممن لهم نشاة اجتماعية غير سوية.
د -اسباب ثقافية :يرى البعض أن موجة اإلرهاب تعود في جزء منها إلى ردات فعل
على الحداثة والتدفق الثقافي الخارجي الذي يخلق قلقا لدى متلقيه من الملتزمين
بالثقافة التقليدية ،مما يخلق ارتكاسات داخل الوعي الفرد تنطلق بين الحين واآلخر
على شكل ردات فعل عنيفة.
استنادا لما سبق ،فإن التحدي أمام النظام السياسي والمجتمع في األردن ،هو القدرة
على دراسة هذه الظاهرة ،من حيث دوافعها وطبيعة التنظيمات التي تمارسها وقيادات
هذه التنظيمات وإمكانية الحوار معها وكيفية دمجها في المجتمع والته اإلنتاجية
والثقافية ،ليتمكن المجتمع من الحد من اتساع هذه الظاهرة ،األمر الذي قد يؤثر على
- -234
الدولة من نواح عدة:
أ -الصورة السلبية للدولة والمجتمع في ذهن الرأي العام الدولي.
ب -التأثير على السياحة واالستثمار الخارجي.
ج -دفع الدولة للتضييق على الحريات العامة ،مما يؤثر على تطور المجتمع.
د -التأثير على التماسك االجتماعي والسلم الوطني.
وقد شهد األردن منذ العقد األخير من القرن الماضي وحتى اآلن عددا من التنظيمات
السياسية التي تميل الستخدام العنف ،لكن الظاهرة أصبحت أكثر خطورة منذ االحتالل
األمريكي للعراق عام ،2003إذ امتد تأثير الجماعات العاملة في العراق إلى األردن،
وكان أبرز مظاهرها التفجيرات التي أصابت عددا من الفنادق األردنية وقتل فيها
عشرات المدنيين في تشرين الثاني من عام .2005البيئة الخارجية:
تتمثل البيئة الخارجية ألية دولة في ثالثة أبعاد:
أ -البيئة المحاذية :وهي مجموعة الدول التي لها حدود مشتركة مع الدولة ،وفي حالة
األردن فإن هذه المجموعة تشمل فلسطين والعراق والسعودية وسوريا ويمكن
إضافة مصر بحكم التجاور الشديد بين البلدين.
ب -البيئة اإلقليمية :وهي المنطقة الجغرافية التي تنتمي لها الدولة وتشكلت
شخصيتها نتيجة تفاعلها التاريخي معها .وتشمل هذه المنطقة ،في حالة األردن ،الوطن
العربي .وقد أشار الدستور األردني في مادته األولى إلى أن الشعب األردني جزء من
األمة العربية ،كما أكد الميثاق الوطني لعام 8888على "أن الشعب األردني جزء من
األمة العربية ،والوحدة العربية هي الخيار الوحيد الذي يحقق األمن الوطني واألمن
القومي للشعب العربي" ،كما يشير إلى أن الحضارة
العربية اإلسالمية هي قوام هوية الشعب األردني الوطنية والقومية.
ج -البيئة الدولية :وتشمل ما تبقى من دول العالم.
325 - -۔
وال بد من إدراك أن مفهوم البيئة في العالقات الدولية هو أوسع من مجرد الكيانات
النظامية المتمثلة في الدول ،فالبيئة تشمل المنظمات اإلقليمية والدولية الحكومية وغير
الحكومية ،والقانون الدولي ،واأليديولوجيات ،والثقافات.
ولدراسة التحديات الخارجية لألردن يستدعي ذلك دراسة السياسية الخارجية األردنية
التي تمثل آلية عمل الدولة لمواجهة هذه التحديات .السياسة الخارجية األردنية:
وسنتناول هذا الموضوع من خالل ما يلي:
أ -أجهزة صنع السياسة الخارجية األردنية.
ب -محددات السياسية الخارجية األردنية.
ج -أهداف وأدوات السياسة الخارجية األردنية .
د -تقييم السياسة الخارجية األردنية.
أوال :أجهزة صنع السياسة الخارجية األردنية:
تتمثل هيئات صنع السياسة الخارجية األردنية فيما يلي :
-8الملك :نص الدستور األردني على أن "الملك هو رأس الدولة" وهو "القائد األعلى
للقوات البرية والبحرية والجوية" وهو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات
واالتفاقات" .تشير النصوص الدستورية السابقة إلى أن الملك
هو المسؤول األول عن سياسة الدولة الخارجية في حالتي الحرب والسلم.
-2األجهزة المساعدة ،وتشمل - :الديوان الملكي :ويتالف الديوان من رئيس وعدد من
المستشارين ،ومهمة الديوان في أنه يمثل حلقة الوصل بين الملك ورئيس الوزراء.
ب -رئيس الوزراء :ينص الدستور على أن الملك "يعين رئيس الوزراء ويقيله" ،وتدل
الممارسة الفعلية كذلك على أن دور رئيس الوزراء في السياسة الخارجية هو دور
محدود وله طابع استشاري غير ملزم ال سيما في ظل النصوص الخاصة
- 236 -
بصالحيات الملك في السياسة الخارجية ،رغم أن مجلس الوزراء يتولى إدارة جميع
الشؤون الداخلية والخارجية باستثناء ما قد يعهد به من تلك الشؤون بموجب الدستور
إلى أي شخص أو هيئة أخرى.
ج -وزارة الخارجية :تأسست أول وزارة خارجية بشكل مستقل في األردن بتاريخ
.8845 /5 /88يتمثل دور وزير الخارجية في الدور التنفيذي الذي يقوم به استنادا لما
خوله إياه الملك .وتعمل وزارة الخارجية في الجانب التنفيذي على تنظيم عالقات األردن
مع الدول األخرى من خالل البعثات الديبلوماسية األردنية في الخارج ،ومن خالل
البعثات الديبلوماسية األجنبية المعتمدة في األردن ،كما تعمل على رعاية مصالح
األردنيين في الخارج.
وقد تطور عدد البعثات الديبلوماسية األردنية في الخارج استجابة لتطور شبكة العالقات
األ ردنية مع العالم ،وقد أصبح لألردن حاليا عالقات دبلوماسية مع معظم دول العالم.
كما تولي وزارة الخارجية أهمية للعالقة مع المنظمات الدولية واإلقليمية ،فهناك أقسام
للجامعة العربية واالتحاد األوروبي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ونادي باريس
ونادي لندن ،ومنظمة األمم المتحدة ومنظمة المؤتمر اإلسالمي وحركة عدم االنحياز.
وتقوم الوزارة من ناحية أخرى بجمع المعلومات من الخارج من خالل البعثات
الديبلوماسية األردنية المعتمدة في الخارج ،ثم تنقل هذه المعلومات إلى األجهزة
والمؤسسات األردنية حسب اختصاصات هذه األجهزة.
-3محددات السياسة الخارجية األردنية:
يمكن تعريف محددات السياسة الخارجية بأنها "مجموع العوامل التي تجعل الدولة
تنتهج سلوكا سياسية خارجية معينة دون غيره من أنماط السلوك" ،وهذا يعني أن
سياسة أي دولة من الدول ال يمكن تفسيرها إال إذا عرفنا الظروف الذاتية والموضوعية
ل لدولة ،فنحن ال نستطيع تفسير اختالف سياسة دولة عن أخرى إال إذا فهمنا تلك
الظروف.
استنادا لما سبق يمكن تقسيم محددات السياسة الخارجية األردنية إلى قسمين:
- 237
-المحددات الداخلية (أو الذاتية) :وتتفرع هذه المحددات إلى:
-محددات مادية مثل:
-العوامل الجغرافية مثل الموقع والتضاريس الجغرافية.
-العوامل السكانية مثل عدد السكان وتوزيعهم والتنوعات االجتماعية اإلثنية
والدينية ،والهرم السكاني الخاص باألعمار.
-العوامل االقتصادية :مثل الموارد والقدرة اإلنتاجية وتنوعها والدخل والتطور
الصناعي الزراعي والتجارة.
-العوامل العسكرية مثل عدد الجيش ومستوى تسليحه.
-محدمات معنوية مثل المستوى الثقافي للمجتمع والروح المعنوية واأليديولوجيا
والعقائد السائدة ودرجة الوحدة والتماسك الداخلي ومستوى الوالء بين السلطة
والشعب.
ب -المحددات الخارجية (الموضوعية) :وتتمثل في :
-البيئة الدولية. -البيئة اإلقليمية. -البيئة المحاذية.
ولما كان من غير الممكن في هذه العجالة أن نتناول بالتفصيل كل هذه المتغيرات
وتفاعالتها عبر العقود الماضية ،فإننا سنعمل على تلخيص هذه المحددات قدر اإلمكان.
المحددات الداخلية
أوال :المحددات المادية
-8العامل الجغرافي:
تبلغ مساحة األردن حوالي ( )09ألف كم ،3وتتسم بطول حدودها البرية من ناحية
وقصر حدودها البحرية من ناحية أخرى ،وقد أدى موقع األردن إلى التأثير سلبا
وإيجابا على سياساته الخارجية من حيث االنخراط في مشکالت فرضها هذا الموقع
وأهمها:
- 238 -
-
أ -االرتباط الجغرافي والتاريخي بفلسطين جعل القضية الفلسطينية أحد أهم قضايا
السياسة الخارجية األردنية .لقد تداخلت مالبسات القضية الفلسطينية مع تفاصيل السياسة
الخارجية األردنية منذ نشوء اإلمارة في شرق األردن ،ثم تقسيم فلسطين .وتمكن الجيش
األردني من الحفاظ على أجزاء من القدس في حرب ،8841ثم الوحدة بين ضفتي نهر
األردن عام ،8850إلى حرب ،8847وحرب 8873التي شارك فيها الجيش األردني
على الجبهة السورية ،ثم انعكاسات االنتفاضات الفلسطينية في األراضي المحتلة على
المجتمع واالقتصاد والسلوك السياسي الداخلي والخارجي لألردن.
ويمكن القول بأن القضية الفلسطينية أخذت الحيز األكبر من النشاط السياسي األردني،
وال شك أن التجاور الجغرافي والتداخل التاريخي والسكاني كان من العوامل المركزية
في ذلك.
ب -قرب األردن من منابع النفط ،جعله مجاورة للمناطق التنافس الدولي على مصادر
الطاقة.
فعند العودة لفترة الخمسينات من القرن الماضي بعد أن بدأ ظهور النفط في الخليج
العربي ،نجد أن التنافس الدولي أخذ شكل بناء األحالف العسكرية (مثل حلف بغداد) أو
شكل معاهدات الصداقة والتعاون التي عقدها االتحاد السوفييتي مع عدد من الدول
العربية في فترة الحقة .وانعكس ذلك كله على شكل مطالب سياسية من المجتمع الدولي
وتحديدا من القوى الكبرى موجهة لدول المنطقة ومن بينها األردن .وكانت االستجابة
لبعض هذه المطالب تثير توترة داخلية في األردن بين السلطة والشعب ،وأحيانا بين
مكونات الشعب ذاته .وأحيانا أخرى كانت االستجابة للمطالب الداخلية الشعبية
والحزبية ،كما حدث في حرب الخليج طيلة فترة التسعينات من القرن الماضي ،يعرض
األردن لضغوط الدول الكبرى .ومن هنا شكلت محاولة التوازن بين مطالب القوى
الدولية ومطالب القوى الداخلية بوصلة السياسة الخارجية األردنية في أغلب مراحلها.
- -و- 32
ج -قرب األردن من مصر بكل ما لها من ثقل في المنطقة العربية جعلها تتأثر إلى حد
بعيد بنمط السياسات التي تنتهجها مصر .ويقر الدارسون للتاريخ السياسي للمنطقة
العربية بالدور المركزي لمصر في السياسات العربية ،وهو دور حاولت بعض القوى
العربية أن تنافسه في فترات معينة ال سيما خالل الفترة من 88528870التي تعرف في
األدبيات العربية بالحقبة الناصرية ،وبخاصة عندما طرحت مصر سياسات لم تستسغها
السياسة األردنية ،مما أدى لتوتر العالقة بين الطرفين وهي السمة األغلب على عالقتهما
خالل تلك الفترة .ولما كان النظام الناصري قد وجد تعاطفة من بعض قطاعات المجتمع
األردني ،فقد عملت السياسة األردنية على حصر هذا االمتداد األيديولوجي المصري .إن
ذلك يمثل دليال على أهمية الموقع الجغرافي لألردن كمحدد للسياسة الخارجية األردنية.
من ناحية أخرى ،فإن موقع األردن بين ست دول (العراق ،سوريا ،فلسطين ،إسرائيل
السعودية ،مصر) منحها بعض المزايا ،لكنه فرض عليها بعض األعباء ،فتجارة هذه
الدول تحتاج في أغلب األحيان للمرور من األردن ،وهو ما يعزز أهمية األردن وقدرتها
التفاوضية مع هذه الدول .وقد كان ذلك واضحا في اعتماد العراق على األردن في
تجارته الخارجية منذ نهاية السبعينات من القرن الماضي ،كما أن تردي العالقات
العراقية السورية خالل الفترة نفسها تقريبا دفع سوريا لالعتماد على األردن لتمرير
سلعها نحو األسواق الخليجية ،وهو ما فعله لبنان كذلك ،كما تعتمد السوق الفلسطينية
بقدر غير قليل على السوق األردنية.
لكن هذا الموقع فرض أعباءة على األردن ،فاالضطراب السياسي في أي من هذه الدول
يمتد إلى األردن في بعض األحيان ،سواء امتدادة مباشرة ،كالمشكلة الفلسطينية والعراقية
أو غير مباشر من خالل االمتداد األيديولوجي لبعض التنظيمات السياسية.
د -نظرة لشح الموارد االقتصادية وضيق المساحة الزراعية في األردن ،فقد كان أقل
قدرة
على مواجهة الضغوط في هذا الجانب ،وهو ما جعل سياسة المساعدات الدولية لألردن
هدفا تبحث عنه السياسة الخارجية األردنية لكنه يحمل في طياته نتائج سياسية مختلفة
األبعاد ،قد تجعل هامش المناورة أمام صانع القرار أضيق احيانا.
- 240 -
-
هادی افتقاد األردن إلى العمق االستراتيجي وتمركز السكان في مناطق قريبة من
نقاط التوتر إلى التأثير على القدرة على المناورة.
-3العامل السكاني:
يعد األردن من الدول الصغيرة سكانية ،وهو األمر الذي دفع صانع القرار إلى من قانون
التجنيد اإلجباري لمواجهة المخاطر المختلفة ،كما أن محدودية العدد السكاني دفع
األردن في فترات معينة لقبول تمركز قوات عربية على أراضيه لتعويض الحاجة
البشرية من ناحية ثانية .كما أثرت الهجرات الفلسطينية القسرية بسبب االحتالل
الصهيوني إلى زيادة االلتزام األردني تجاه القضية الفلسطينية.
-2المحددات االقتصادية:
تتمثل آثار المحددات االقتصادية على السياسة الخارجية األردنية في
أ -التبعية :نتيجة شح الموارد والتبعية في مجاالت التكنولوجيا المدنية والعسكرية،
ضاق هامش المناورة أمام صانع القرار السياسي ،إذ من المعلوم أن االقتصاد يمثل أحد
أهم أدوات السياسة الخارجية للدول الكبرى على وجه التحديد ،وهو ما تستغله في
التأثير على السلوك السياسي الخارجي للدول الصغری کاألردن.
وتبرز مالمح هذه التبعية نتيجة:
-عدم االكتفاء الذاتي في المجال الغذائي.
-عدم االكتفاء الذاتي في المجال الصناعي.
-العجز الدائم في الميزان التجاري.
-سياسة االقتراض وتلقي المساعدات.
-اإلنفاق الدفاعي -تحويالت العاملين األردنيين في الخارج تجعل الدولة أسيرة في
سياستها الخارجية
األخذ مصالح تلك الدول التي يعمل فيها األردنيون في االعتبار.
ب -القبول بسياسات تكيف هيكلية تمليها الدول الغنية أو المؤسسات االقتصادية
الدولية ،األمر الذي يؤثر على مبدأ السيادة.
-241 --
ثانيا :المحددات المعنوية:
عند مقارنة األردن بغيرها من دول العالم النامية ،يمكن اعتبارها ضمن األكثر استقرارة،
ولعل هذه الميزة تجعل صانع القرار أكثر قدرة على حشد التأييد لسياساته الخارجية .من
ناحية أخرى تعد األردن من الدول المتجانسة دينية إلى حد ما ،مما يجعل الجبهة الداخلية
قادرة على المساندة لصانع القرار في لحظة األزمة.
وقد ألقت مالبسات القضية الفلسطينية بظاللها على درجة التماسك الداخلي والوحدة
الوطنية نتيجة التداخل الفلسطيني األردني في البنية السكانية ،رغم أن هذا االلتباس لم
يكن ذا مسار خطي بل متذبذبة في اتجاهاته من حين آلخر.
ويمكن اعتبار األردن ضمن الدول التي حققت مستوى تعليمية جيدة ،فنسبة األمية في
األردن طبقا لتقارير التنمية البشرية هي في حدود ،٪80وهو أمر يساعد
صانع القرار على إيصال رسالته لمجتمعه دون عناء ،ويجعل المجتمع أقل تأثرة بالدعاية
المناهضة ألهدافه وسياساته.
المحددات الخارجية
استنادا للبيئات الثالث التي أشرنا إليها في تحديد المحددات الخارجية ،سنعمل على
تناول أهم متغير في كل بيئة منها.
-3البيئة المحاذية :تمثل القضية الفلسطينية من ناحية والقرب من مناطق الطاقة من
ناحية أخرى أبرز تأثيرات البيئة المحاذية على السياسة الخارجية األردنية.
-2البيئة اإلقليمية :وتتمثل في األيديولوجيات القومية والدينية التي سادت المنطقة،
ومحاوالت الوحدة العربية وبناء التحالفات بين الدول العربية ،ثم التنظيمات العربية
سواء الجامعة العربية أو النظم اإلقليمية العربية الفرعية كمجلس التعاون الخليجي أو
اتحاد المغرب العربي ،ناهيك عن االتفاقيات العربية المختلفة في
قطاعات متعددة.
-2البيئة الدولية :ويمكن اعتبار أبرز مالمحها في سياسات الدول الكبرى تجاه
المنطقة ،ودور األمم المتحدة ،والتفاعالت االقتصادية العالمية وظاهرة العولمة ،إلى
- 242 -
-
جانب التأثيرات الثقافية العالمية من نظريات ورؤى مختلفة (كنظريات الصراع
الحضاري ،ونهاية التاريخ ،والماركسية) ،ناهيك عن االنتماء اإلسالمي لألردن ،والذي
يشكل فضاء للسياسة الخارجية األردنية ويتضح في النشاط الدبلوماسي األردني في
منظمة المؤتمر اإلسالمي.
والفصل بين البيئات الثالث السابقة هو فصل نظري للمساعدة على فهم الصورة العامة،
لكن الواقع ال يعرف انفصاال بين هذه البيئات في تفاعالتها ،إذ تنعكس معطيات كل بيئة
على البيئات األخرى ،فالقضية الفلسطينية هي قضية أردنية داخلية بحكم التاريخ
والجغرافيا والبنية المجتمعية ،ولكنها قضية عربية ودولية في الوقت نفسه مما يعني
ضرورة إدراك التداخل بين هذه البيئات.
وموضوع النفط هو قضية دولية من ناحية ،ولكن التنافس عليه انعكس على المنطقة
العربية التي يمثل األردن أحد أركانها ،ناهيك عن تأثيراته الداخلية من الناحية
االقتصادية .قليل السياسة الخارجية األردنية في ضوء المحددات :األهداف واألدوات:
يستهدف تحليل السياسة الخارجية األردنية محاولة معرفة مدى قدرة صانع القرار على
التوفيق بين المحددات التي تقيد الحركة وبين تحقيق أكبر قدر ممكن من األهداف التي
خطتها الدولة لذاتها .وبعد أن بينا محددات السياسة الخارجية األردنية ،نحاول تحديد
أهداف هذه السياسة.
يجمع الباحثون في مجال السياسة الخارجية على أن أهداف أية دولة تتمثل في نمطين
من األهداف:
-3األهداف االستراتيجية العليا ،وتتمثل في:
أ -حماية إقليم الدولة ،ونعني بذلك السالمة اإلقليمية وعدم اقتطاع أي جزء من
هذا اإلقليم تحت أي ظرف من الظروف.
ب -حماية النظام السياسي للدولة ،ويتمثل في عدم قبول تدخل أية دولة أو منظمة
- 243 --
إقليمية أو دولية أو أية جهة خارجية في الدولة بهدف تغيير نظامها السياسي .ج -ضمان
المصالح االستراتيجية التي يؤدي المساس بها إلى إيقاع ضرر كبير على سالمة الكيان
أو النظام أو الشعب (مثل مصادر المياه في األردن ،أو المساس بالوحدة الوطنية).
-3األهداف االستراتيجية الدنيا :وتتمثل في:
أ -رعاية المصالح األخرى للمجتمع غير الواردة في مجموعة المصالح اإلستراتيجية
العليا ،مثل العالقات اإلقتصادية العادية ،كالتجارة والسياحة والمعامالت المالية ،أو
العالقات الثقافية أو غيرها.
ب -ضمان مكانة مرموقة لها بين الدول ،وتتمثل في تعزيز السمعة الحسنة للدولة،
مما يشجع الدول األخرى على تطوير عالقاتها معها.
ج -حماية رموزها التاريخية أو الدينية أو غيرها ،سواء من خالل الدعاية المضادة أو
التشويه الثقافي أو غيره.
د -ضمان التطور العلمي واالقتصادي واالجتماعي ،من خالل تعزيز شبكة
عالقات الدولة مع الدول األخرى.
وتتعامل الدول مع األهداف االستراتيجية العليا على أنها أهداف قد تذهب الدولة من أجل
ضمانها إلى استخدام جميع األدوات المتاحة لها بما فيها الحرب .أما األهداف
االستراتيجية الدنيا ،فإن الدولة تحاول جهدها عبر وسائل دون الحرب أن تحققها ،وهو
أمر يعتمد على كفاءتها الديبلوماسية وقدرتها على توظيف إمكاناتها المتاحة لبلوغ
غاياتها .وقد عملت السياسة الخارجية األردنية على تحقيق النمطين من األهداف
مسترشدة بعدد من المبادئ الحاكمة لسلوكها السياسي هي:
أ -الموازنة بين المصلحة الوطنية والمصلحة القومية.
ب -دعم التوجهات العربية لتطوير العمل العربي المشترك باتجاه بلوغ الوحدة العربية.
ج-االستجابة لمطالب البيئة الدولية بشكل يساعد على توفير فرص تحقيق الهدفين
السابقين.
وعند مراجعة التاريخ السياسي لألردن ،نجد أن المحددات الخارجية بشكل
- - 244 -
خاص تجعل مهمة تحقيق األهداف ال سيما االستراتيجية العليا منها أمر بالغ التعقيد،
وقد اتضح ذلك بشكل جلي في حرب 3917عندما فقد األردن الضفة الغربية التي كانت
جزءا من إقليمه السياسي ،وهو ما يعني المس بمصالحه االستراتيجية العليا.
ولعل الخلل الهائل في موازين القوى السياسية والعسكرية واالقتصادية من ناحية،
وسياسات الدول الكبرى ال سيما الواليات المتحدة ومساندتها المطلقة اإلسرائيل من ناحية
أخرى أبرز ثقل المحددات الخارجية وتقييدها لحركة صانع القرار األردني ،ولم يكن
للعالقات األردنية األمريكية أثر واضح في قدرة األردن على استعادة ذلك الجزء الذي
اقتطع منه ،رغم الجهود المضنية التي بذلها األردن مع الواليات المتحدة في هذا االتجاه.
مقابل ذلك ،نجحت السياسة الخارجية األردنية في ضمان استقرار النظام السياسي ،من
خالل شبكة عالقات كانت بؤرتها العالقات األمريكية -األردنية والعالقات البريطانية -
األردنية.
فقد واجه النظام السياسي مراحل تذبذبت خاللها حدة المخاطر من حوله ،ويتضح ذلك في
الفترة من ،8857-8855والفترة ،8870-8847لكنه تمكن بفعل ضمان قاعدة تأييد
شعبية كافية ووالء من المؤسسة العسكرية ،وبفعل توظيف لعالقاته الدولية واإلقليمية،
من تجاوز هذه المخاطر ،ال سيما خالل فترة الخمسينات ومطلع السبعينات من القرن
الماضي.
وأدرك صانع القرار السياسي النتائج البعيدة للتحوالت الدولية العميقة التي تلت تغير
بنية الصراع العربي اإلسرائيلي بعد أن عقدت مصر معاهدة السالم مع إسرائيل عام
،3979وانهار االتحاد السوفييتي عام ،3993وانغمس العراق في أزمات خليجية
متالحقة ،وهو األمر الذي انتهى إلى إعالن معاهدة سالم بين األردن وإسرائيل عام
،3991بينت الحدود السياسية لألردن وضمنت مصادر مائية بشكل اعتبر فيه صانع
القرار ذلك بمثابة ضمان هدف استراتيجي أعلى هو الحفاظ على إقليم الدولة ،ال سيما
مع وجود تيار سياسي في إسرائيل كان (وما زال) يرى أن حل القضية الفلسطينية
يمكن أن يتم على حساب األردن.
- 245 --
وهذا يعني أن النظام السياسي نجح في الحفاظ على ذاته ،كمصلحة استراتيجية عليا
يعني بها كل نظام سياسي ،ولكن بشكل يفوق كثيرة قدرة النظام على الحفاظ على
وحدته اإلقليمية بعد فقدان الضفة الغربية.
أما المصالح االستراتيجية الدنيا ،فإن مجالها اإلقليمي أكثر أهمية من مجالها الدولي ،أي
أن تحقيقها يعتمد على العالقات األردنية مع الدول العربية أكثر من اعتماده على
العالقات األردنية الدولية ،مثل التجارة الخارجية ،وضمان فرص العمل لألردنيين في
الدول العربية ال سيما الخليجية منها ،وقدرة األردن على لعب دور الوسيط أحيانا في
الخالفات العربية مما يساهم في تعزيز مكانة الدولة..
وقد كانت القدرة على التوفيق بين المحددات واألهداف في هذا الجانب نسبية ،ففي جانب
التجارة الخارجية يالحظ أن األردن يحتل المركز األول (إذا استثنينا الصومال لظروفها
الخاصة جدا) في نسبة تجارته الخارجية مع الدول العربية من إجمالي تجارته ،حيث
وصلت عام 2008طبقا للتقرير االقتصادي العربي إلى ،%28،4وهو ما يعني نجاحا
في الحفاظ على سوق عربي لمنتجاته .لكن الحاجة األردنية للطاقة النفطية تمثل في كثير
من األحيان عبئا في كيفية التعامل معها .فقد نجح األردن في فترة ما بعد قيام الثورة
اإليرانية عام 8878من تطوير عالقاته مع العراق ،وضمان الحصول على النفط
بأسعار تفضيلية (ال سيما مع حاجة العراق لمنفذ له من ميناء العقبة) ،غير أن تغير
النظام السياسي في العراق عام ،2003وارتفاع أسعار النفط بشكل كبير ،دفع صانع
القرار لمواجهة المشكلة ورفع األسعار في السوق األردنية.
أما بخصوص ضمان فرص عمل األردنيين في الدول العربية لضمان تدفق تحويالتهم
المالية وامتصاص جزء من البطالة ،يمكن القول إنه باستثناء فترة حرب الخليج التي
تلت احتالل العراق للكويت عام 3993وترتب عليها عودة آالف العاملين األردنيين إلى
األردن مما أثر على االقتصاد األردني ،فإن المناطق العربية األخرى بقيت إلى حد ما
مفتوحة أمام األيدي العاملة األردنية ،كما نجح األردن في االستعادة التدريجية مجاالت
العمل في الكويت بعد غزو الواليات المتحدة للعراق .3882
642 -۔ ۔
وقد أدت تفاعالت السياسة الخارجية األردنية مع الزمن إلى عدد من التحوالت في هذه
السياسة خالل المراحل المختلفة على النحو التالي:
-3التحول من اعتبار القضية الفلسطينية قضية ذاتية إلى اعتبارها قضية تدخل ضمن
المصالح االستراتيجية العليا .وقد تأثر ذلك بقرار القمة العربية عام 8874باعتبار
منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ،وهذا يعني أن
األردن يرى أن القرار بخصوص القضية الفلسطينية ذاتها هو شأن فلسطيني،
لكن تداعيات هذه القرارات تدخل ضمن المصالح االستراتيجية العليا لألردن.
-2اعتبار البيئة اإلقليمية هي األيسر لتطوير االقتصاد األردني ،إذ يعتمد االقتصاد
األردني بنسبة هامة على التجارة مع الدول العربية وعلى تحويالت العاملين في الدول
العربية بشكل أساسي ،ناهيك عن الحاجة الماسة للنفط من الدول العربية ،إلى جانب أن
األجواء والطرق البرية نحو األردن تحتاج لحدود مفتوحة مع الدول العربية المحيطة
باألردن ،ومن هنا فإن األردن معني في سياسته الخارجية بالدول
المجاورة أكثر من عنايته بالنظم السياسية في هذه الدول.
-3تبادل المنافع بين األردن والدول الكبرى ،ال سيما الواليات المتحدة ،سواء أخذ
ذلك شكل التعاون السياسي أو األمني من ناحية (وهو النمط الذي ساد فترة الحرب
الباردة أو تقديم المساعدات من الدولة الكبرى من ناحية ثانية ،وقد شكلت المساعدات
العسكرية األمريكية لألردن حتى أزمة الخليج عام 8888ما نسبته ٪55من المساعدات
بينما نسبة المساعدات االقتصادية %45لكن ذلك ال يعني االتساق الدائم بين األردن
والواليات المتحدة ،ففي ازمة الخليج األولى بين العراق والكويت عام 8888تباعدت
المواقف بين البلدين ،ومارست الواليات المتحدة ضغوطة اقتصادية على األردن .وحدث
الشيء نفسه في حرب ،8847وعند عدم انضمام األردن لمصر في اتفاقية كامب ديفيد
عام ،8878أو عند االعتراف بمنظمة التحرير ممثال شرعية وحيدة للشعب الفلسطيني
عام .8874
والمالحظ أن القرارات االستراتيجية العليا في السياسة الخارجية األردنية ،ال
- 247
سيما مع ال واليات المتحدة هي بيد القصر أكثر من كونها سياسة الحكومة ،فبمراجعة
البيانات الوزارية من ،2000-8853لم يرد ذكر الواليات المتحدة في هذه البيانات إال
مرتين .يدرك صانع القرار كذلك أن صورة الواليات المتحدة في الذهن الشعي األردني
هي صورة سلبية ،فقد دل استطالع للرأي العام عام 2003أن %74من األردنيين
يعتقدون أن السياسة األمريكية في المنطقة العربية هي سياسة غير عادلة .بل إن صانع
القرار لديه مثل هذا التصور حول الواليات المتحدة ،ففي خطاب له أمام ندوة دولية في
السويد في أكتوبر عام 2003قال الملك عبد هللا الثاني " لسوء الحظ ،فإن الواليات
المتحدة ما زالت إلى حد ما لها نظرة تبسيطية وتفتقر للحساسية الثقافية التي تحتاجها ليس
في منطقتنا فقط ،وثمة إدراك في الشرق األوسط بأن األمريكيين منحازون" .ومن هنا
تكون معضلة السياسة الخارجية األردنية في هذا الجانب في كيفية التوفيق بين عالقة
متنامية مع الواليات المتحدة من ناحية وصورة سلبية لسياستها عند صانع القرار والشعب
من ناحية ثانية.
وأما العالقات األردنية – األوروبية ،فإن أبرز جوانبها المعاصرة يعود لعام ،8877
عندما تم التوقيع بين األردن والسوق األوروبية على اتفاقية التعاون ،والتي أفرزت أربعة
بروتوكوالت مالية وفنية حتى عام ،8885حيث تلقى األردن مساعدات من أوروبا في
جوانب عدة .ثم تطورت العالقة بتوقيع اتفاقية أغادير في عام 2004بهدف إقامة منطقة
تبادل للتجارة الحرة (ووقع مع األردن كل من تونس والمغرب ومصر) وباتفاقية
الشراكة .ويدرك األردن أن الدور األوروبي السياسي في المنطقة العربية ال سيما في
مجال حل مشكالتها ما زال دون القدرة على تحديد مسار األحداث ،ومن هنا ركز
األردن على الجوانب االقتصادية في العالقة مع أوروبا.
ويسعى األردن إلى تطوير عالقاته مع كل من الصين وروسيا واليابان ،مع مالحظة أن
هذه العالقات يطغى عليها الجانب االقتصادي بشكل أساسي.
تقييم السياسة الخارجية األردنية:
عند تقييم سياسة أية دولة من الدول ،ال بد من الربط بين األهداف والمحددات ،فكلما
كانت المحددات أقل سلبية في تأثيرها يفترض أن تحقق الدولة نسبة أعلى من
- 248 -
-
ته
كما يواجه األردن تحديات كبيرة على صعيد تلوث الهواء الذي غالبا ما يتأتی من
العمليات الصناعية ووسائط النقل وحرق النفايات وتوليد الطاقة الحرارية ،ومن
المعروف أن أغلب الصناعات تفتقر إلى مصافي الملوثات وفالتر االنبعاثات .ولهذا
يجري تصنيف مستوى الجسيمات في هواء المركز التجاري لعمان ،أي وسط البلد
-275 --
وهو مؤشر يستخدم لقياس تلوث الهواء ،من أعلى المعدالت في العالم.
من ناحية أخرى تبلغ نسبة المواطنين المخدومين بشبكات الصرف الصحي ،%51وهي
نسبة متدنية مقارنة بدول أخرى ،كما يتصل ثلث المصانع التي تراقبها سلطة المياه بنظام
الصرف الصحي ،في حين يجري تصريف أكثر من %51من إجمالي مياه الصرف
الصناعي في األودية والمناطق المنخفضة مما يؤدي لتلوث التربة ومصادر المياه.
ويواجه األردن في مجال البيئة باإلضافة لما سبق ذكره ،تحديين كبيرين هما العجز
المائي وزحف الصحراء.
.8العجز المائي:
تعرف منظمة الصحة العالمية صحة البيئة بأنها "السيطرة على جميع العوامل الطبيعية
في بيئة اإلنسان التي تؤثر على حياته ورفاهيته واالستمرار في المحافظة على
سالمته" .وقد أقرت لجنة من خبراء صحة البيئة من منظمة الصحة العالمية أيضا
العناصر التي يشملها هذه التعريف فجاء في مقدمتها شرط توفير موارد مياه كافية
ومأمونة وحمايتها من التلوث" .أما األردن فيعتبر أحد أفقر عشر دول في العالم من
حيث الموارد المائية .ففي الوقت الذي تقدر حاجاته السنوية من المياه بحوالي ألف ومئتي
مليون متر مکعب ،ال يتوفر من هذه الكمية حاليا سوى ( )150مليون متر مکعب ،أي
أن ثمة عجزا في المياه يضل لنحو ( )350مليون متر مکعب ،ومن المتوقع أن يزداد هذا
العجز سنة بعد سنة .مع التزايد الطبيعي في الطلب المنزلي والصناعي والزراعي على
المياه .وفي ضوء هذا العجز المائي تشتد الضغوط على مصادر المياه المتاحة ،خاصة
الجوفية منها ،فتتعرض للضخ الجائر وهو األمر الذي أدى لتزايد نسبة الملوحة في هذه
المياه .حيث ارتفعت الملوحة في مياه منطقة الضليل مثال من ( )300إلى ( )3500جزء
بالمليون نتيجة استنزاف المياه الجوفية كما ارتفع تركيز النيترات ليتجاوز )70( -جزء
بالمليون.
ومن جهة أخرى فإن الملوثات الصناعية والمياه العادمة وفضالت المنازل قد أدت إلى
تلويث مصادر المياه السطحية .وخاصة مياه السدود .فمن المعروف أن سد الملك
- -276
طالل ،على سبيل المثال ،قد أنشئ أساسة بهدف توفير جزء من المياه العذبة الصالحة
للشرب لمناطق عمان ،لكنه ما كاد أن ينتهي العمل فيه حتى كانت المياه المحجوزة
خلفه قد تلوثت ولم تعد صالحة للشرب ،كما لم تعد األسماك السابحة فيها صالحة لألكل.
ولكي تكون مياهه صالحة لري المزروعات في وادي األردن فال بد من خلطها أوال
بمياه من قناة الغور الشرقية.. .
.ولتوفير الحد األدنى المقبول من كميات المياه الالزمة لالستعماالت المختلفة،
وللمحافظة على صحة البيئة وصحة اإلنسان ولضمان إنجاح عمليات التنمية االقتصادية
واالجتماعية التي تعتبر مستحيلة بدون مياه ،يجري العمل حاليا على إنجاز عدد من
المشاريع المائية منها:
.3 .مشروع محطة السمرة لمعالجة المياه العادمة وإعادة استخدامها في األغراض
الزراعية .وللسيطرة على الروائح الكريهة التي عانى منها السكان المجاورون
للمحطة على مدى سنوات.
.2مشروع تحلية ونقل مياه الموجب -الزارة -ماعين إلى منطقة المنتزه القومي
وضخها إلى خزاني دابوق وابو علندا لتزويد مناطق عمان الكبرى ب ()20
مليون متر مكعب من المياه المحالة الصالحة للشرب.
.3سد الوحدة الواقع على نهر اليرموك لتوفير حوالي ( )30مليون متر مکعب
األغراض
الري ،وحوالي ( )50مليون متر مکعب سنوية ألغراض الشرب لعمان والمناطق
المجاورة ،وتوليد حوالي ( )81100ميغا واط في الساعة من الطاقة الكهربائية.
كما يجري بذل جهود حثيثة لتحسين إدارة مرافق المياه وتغيير شبكات المياه القديمة في
المدن لتخفيف الفاقد من الماء الذي يتسرب في األرض بسبب إهتراء هذه الشبكات.
وثمة باإلضافة إلى ذلك مشروعان استراتيجيان ربما لن يتمكن األردن بدونهما من
النجاح في مواجهة تحدي ندرة المياه .غير أن تكاليف هذين المشروعين يفوق القدرات
المالية لألردن ،ولهذا فال بد من البحث عن مصادر تمويل إقليمية
-277--
ودولية .وهذان المشروعان هما:
أوال :مشروع سحب مياه الديسي إلى عمان بهدف توفير المزيد من مياه الشرب وبشكل
مستديم لمنطقة عمان الكبرى تلبية للطلب المتزايد على المياه .ويوفر هذا المشروع
( )211مليون متر مکعب في السنة من المياه ذات النوعية العالية .وقد قدرت تكاليف
رأس المال األساسي للمشروع ب ( )..1مليون دوالر أمريكي.
ثانيا :مشروع قناة البحرين :وهو مشروع بيئي مائي على درجة كبيرة من األهمية:
فمن خالل إنشاء قناة تربط ما بين البحر األحمر والبحر الميت ،يؤمل أن تتحقق
األهداف التالية:
أ .إنقاذ البحر الميت الذي ينخفض مستواه بمعدل متر واحد في السنة ،مما يسبب
ضررة بيئية كبيرة يلحق ال بالبحر الميت فقط وإنما بالموارد الجوفية المحيطة به أيضا،
وذلك بتزويد البحر الميت سنوية بما معدله ( )2011مليون متر مكعب من مياه
البحر األحمر.
ب .توفير ( )0.1مليون متر مكعب سنوية من المياه المحالة للدول الثالث المشاطئة
للقناة.
ج .توليد ( )011ميغا واط من الطاقة الكهربائية باالستفادة من االرتفاع الشاهق لسقوط
المياه عند تدفقها في البحر الميت الذي ينخفض ( )011مترا عن سطح البحر.
د .تحويل المناطق المجاورة للمشروع إلى أراض خصبة قابلة للسكن واإلقامة مشاريع
سياحية فردية ومشتركة ،ومشاريع اقتصادية أخرى كتربية األسماك . .وتقدر تكلفة
المشروع ما بين ( ). . 3و ( ).مليارات دوالر ويتوقع أن يستغرق تنفيذه ما بين ( ).و
( )21سنوات .ومن المؤمل أن يتوفر المليار األول من تكلفة المشروع من خالل منح
عربية ودولية بالنظر لألهمية اإلنسانية والدينية والتاريخية والبيئية التي يشكلها البحر
الميت.
أما الجزء األكبر من التمويل فستعتمد األطراف المعنية مباشرة بالمشروع في توفيره من
خالل اسلوب Botوهو األسلوب الذي يقوم على فكرة قيام ائتالف
. - 278 -
شركات مالية دولية لبناء المشروع وتشغيله السترداد ما استثمرته فيه من أموال ،ثم
نقل ملكيته للدول صاحبة المشروع.
وكخطوة أولى ،أبلغ البنك الدولي كال من األردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل مؤخرة
إن دوال مانحة قد وافقت على تمويل دراسة الجدوى االقتصادية والبيئية للمشروع،
بمبلغ ( ) 35.5مليون دوالر .ومن المتوقع إنجاز هذه الدراسة خالل سنتين.
.2التصحر
يقول خبراء منظمة األغذية والزراعة التابعة لألمم المتحدة إنه ينبغي النظر إلى التصحر
على أنه بمثابة " انهيار في الميزان الهش الذي سمح لحياة النبات واإلنسان والحيوان بأن
تنمو في المناطق الجافة وشبه الجافة وتلك الجافة شبه الرطبة أيضا" .ويمثل هذا االنهيار
في التوازن وفي العمليات الفيزيائية والكيمائية والبيولوجية بداية العملية من التدمير
الذاتي لجميع العناصر في نظام الحياة .ومن ثم كان ضعف التربة إزاء التأكل واالنجراف
بسبب الرياح واألمطار وانخفاض منسوب المياه واإلضرار بعملية التجدد الطبيعي
للنبات ،والتدهور الكيميائي لخصائص التربة ،وهي كلها أسباب ونتائج للتصحر ،يزيد
الوضع سوءا ،وبالتالي يمكن القول إن الجفاف يتغذى على نفسه.
ومع أن ظاهرة التصحر ،أو الزحف الصحراوي على األراضي الزراعية ،ظاهرة قديمة
إال أنها أخذت في العقود األخيرة أبعادا خطيرة ،مما جعلها من أخطر المشکالت التي
تواجه العالم بصفة عامة والقارة اإلفريقية والبالد العربية بصفة خاصة ،ومن هنا
ابتدأت هذه الظاهرة المشكلة تحظى باهتمام دولي ،على مستوى الحكومات ،والمنظمات
الدولية ،ومؤسسات المجتمع المدني حيث اتفقت حكومات العالم في مؤتمر قمة األرض
الذي عقد في ريودي جانيرو في منتصف عام 3993على تخصيص يوم 37حزيران
من ك ل عام كيوم عالمي ضد التصحر والجفاف ،كما تم في المؤتمر نفسه إبرام اتفاقية
دولية لمكافحة التصحر .ولعل استعراض بعض األرقام يكون كفيال بتبيان فداحة هذه
المشكلة:
- 279 - -
فعلى الصعيد العالمي ،يتعرض حوالي %28من سطح األرض لخطر التصحر مما
يمكن أن يؤثر على حياة مليار شخص في العالم.
-كما أن ثلث األراضي الجافة في العالم قد فقدت بالفعل أكثر من ٪25من قدرتها
اإلنتاجية.
-وفي الوقت نفسه فإن العالم يفقد في كل عام ( )800مليون دوئم من األراضي
للتصحر.
-ونتيجة لذلك طفت على السطح ،ألول مرة ،قضية ماليين من الالجئين الذين
أطلق عليهم اسم "الالجئين البيئيين".
-وتقدر وكاالت األمم المتحدة إن الخسائر التي يسببها التصحر ،تكلف العالم ماال يقل
عن ( )42مليار دوالر سنويا.
أما األردن ،فهو ليس في منأى عن هذه المشكلة ،بل هو أكثر عرضة للزحف
الصحراوي من غيره من البلدان المجاورة .فمن المعروف أن الجزء األعظم من مساحة
األردن يتكون من أراضي صحراوية وشبه صحراوية ،وفي الوقت الذي تزيد فيه
المساحة الصالحة للزراعة ،في أحسن الحاالت ،عن 4إلى ،٪7ومن المعروف أيضا أن
مناخ األردن جاف .ولهذا ال تشكل مساحة األراضي في األردن التي يبلغ معدل سقوط
األمطار عليها سنوية ( )200ملم فأكثر سوى %20من إجمالي مساحة األردن ،وهي
ليست كلها صالحة للزراعة يضاف إلى ذلك أن معدالت سقوط األمطار تذبذب من سنة
لسنة ،مما يعرض المحاصيل الزراعية للتلف خصوصا في مواسم الجفاف.
ومع أن مساحة األراضي الصالحة للزراعة محدودة جدا ،فإن جزءا منها فقط ال يتعدى
٪5 .5من مساحة األردن يجري استغالله ألغراض اإلنتاج الزراعي .كما أن هذه النسبة
البسيطة من األراضي .تشهد تدهورة مستمرة في الغطاء النباتي بفعل االستغالل
العشوائي بها من رعي جائر ،واعتداء على الغابات ،واستعمال األراضي في غير ما
خصص لها.
-280
ففي منطقة عمان الكبرى كما في بقية المناطق المحيطة بالمدن ،نشا العديد من
التجمعات السكنية على أراضي زراعية خصبة ،وبخاصة في بعض مناطق عمان.
ومثال ذلك التجمعات السكنية في البنيات ،وجاوا ،وخريبة السوق ،وأم أذينة ،ومرج
الحمام والصويفية وبيادر وادي السير ،وتالع العلي ،وعبدون وام السماق وخلدا.
وكذلك إنشاء تجمعات سكنية أخرى في مناطق معروف أنها أحواض مائية ،منها على
سبيل المثال التجمعات السكنية في منطقة حوض البقعة التي تضم أحد عشر تجمع
سكنية هي :مخيم البقعة لالجئين ،والمظالت ،وعين الباشا ،وصافوط ،وموبص،
والشربجي الشرقي ،والشوبجي الغربي ،وأبو نصير وجزء من صويلح ،ويقدر عدد
سكان هذه التجمعات بما يزيد على المليون نسمة.
ويتبين من دراسة أجرتها دائرة التنظيم بوزارة البلديات والشؤون القروية عن منطقة
حوض البقعة أن ثمة عدة عوامل تؤثر على البيئة في الحوض تستدعي إعادة تخطيط
المنطقة للتغلب على المشاكل البيئية المختلفة التي تؤثر على نمو المنطقة وعلى تنظيم
التجمعات السكنية بشكل يتالءم وطبيعة المنطقة .كما تبين أن أغلب هذه التجمعات
السكنية في حوض البقعة تتركز في المنطقة السهلية من الحوض وتحتل مساحة شاسعة
من األراضي التي كانت منذ عهد قريب أراضي زراعية غاية في الخصوبة.
وقد تم التنبه في األردن مؤخرا لخطورة الزحف الصحراوي ،حيث أنشئت وزارة خاصة
للعناية بشؤون البيئة وتضع على رأس أولوياتها مهمة مكافحة التصحر ،هذا باإلضافة
لظهور عدد من المؤسسات الرسمية األخرى وشبه الرسمية والشعبية المعنية بوقف
الزحف الصحراوي .ومن أبرز هذه المؤسسات :مركز بحوث البيئة في الجمعية العلمية
الملكية ،والجمعية العلمية لحماية الطبيعة ،والجمعية األردنية لمكافحة التصحر وتنمية
البادية ،وجمعية أصدقاء البيئة األردنية .كما تساهم أمانة عمان .وسائر البلديات
والمجالس القروية مع هذه المؤسسات في الجهود المبذولة لمكافحة التصحر من خالل
إجراء الدراسات لمعرفة مسببات وتحديد آلية وشدة التصحر في األردن ،والعمل على
حماية األراضي الزراعية من خالل إجراءات تستهدف وقف تدهور
- 281 - -
الغطاء النباتي ،وتطوير قدرة المراعي على اإلنتاج من خالل حماية النباتات الرعوية
وتكثيرها ،والتوسع في عمليات التشجير والتحريج لمنع انجراف التربة ،وحماية األحياء
البرية من نبات وحيوان والمحافظة على التوازن البيئي خصوصا في البادية األردنية،
واستغالل مياه محطات التنقية لدعم وإنجاح عمليات التحريج.
-282
-
المصادر والمراجع
المصادر والمراجع
-أبو دية ،سعد وعبد المجيد مهدي النسعة :تاريخ الجيش العربي في عهد اإلمارة
،3911-3933عمان .3998
-أبو ليلى ،يوسف ،األسرة العربية ،جامعة القدس المفتوحة ،عمان .3997
-أبو نوار ،اللواء معن ،تاريخ القوات المسلحة األردنية ،الجزء الثاني :عهد الملك
طالل بن عبد
هللا ،3953-3953لجنة صندوق الشهداء للقوات المسلحة األردنية - .أحمد ،عبد
الرحمن توفيق ،دروس في علم اإلجرام ،جامعة عمان األهلية ،بال تاريخ - ) .اإلنترنت،
مواقع الخاصة بالسلطات الثالث:
www.kinghussein.gov.jo
في كانون األول .2005وبالعالقات األردنية
-األمريكية countrystudies.ju/Jordanوبوزارة الخارجية األردنية:
www.mfa.gove.joفي كانون األول - .2005بركات ،نظام :األحزاب األردنية
وحقوق اإلنسان ،مركز الدراسات األردنية ،جامعة اليرموك،
اربد.3990 ،
-بله ،فكتور وتيسير النهار وأمل الخاروف :مؤشرات التعليم العام في األردن 3909
،3993 -
المركز الوطني للبحث والتطوير التربوي ،سلسلة منشورات المركز عمان آب - .8884
بني حسن ،أمين عواد :النظام السياسي األردني ،مؤسسة زهران للخدمات ،عمان
.8880
-التل ،احمد :التعليم العام في األردن ،عمان .8882
-عبد هللا التل ،بطل معركة القدس ،جزءان ،دار الفرقان ،عمان - .3999جونستون،
تشارلز :األردن على الحافة ،ترجمة فهمي شما ،منشورات وزارة الثقافة عمان
.3991
-حداد ،مهنا يوسف :تماسس النظام وتشكيل المجتمع في األردن ،عمان .3993
-الحسن ،إحسان محمد:علم اجتماع العائلة ،دار وائل للنشر ،عمان - .3885
الحسين ،عبد هللا بن :اآلثار الكاملة للملك عبد هللا بن الحسين ،الدار المتحدة للنشر،
الطبعة الثانية بيروت -.8878حمزة ،زيد وآخرون :النقابات ومؤسسات المجتمع المدني
في األردن ،مركز القدس للدراسات السياسية ،عمان.3882 ،
- 623 -
المصادر والمراجع
-الحوراني ،هاني :التركيب االقتصادي االجتماعي لشرق األردن ،3958 – 3933
مركز األبحاث
/منظمة التحرير الفلسطينية ،بيروت - .3970الحوراني ،هاني (محرر) :دليل الحياة
الحزبية في األردن ،جبهة العمل اإلسالمي ،مركز األردن
الجديد للدراسات ،عمان - .3992 ،دائرة المطبوعات والنشر -وزارة اإلعالم :األردن
حقائق وأرقام ،إصدار خاص مناسب العيد
الستين لميالد جاللة الملك حسين ،عمان - .3995الدجاني ،محمد سليمان ومنذر
سليمان الدجاني :المدخل إلى النظام السياسي األردني ،عمان
1993
-الدستور األردني ،مع جميع تعديالته ،مطبوعات مجلس األمة في عمان - .3909
رفيع ،محمد :ذاكرة المدينة :ثالثة أجزاء ،وزارة الثقافة ،عمان - . .3883سورية
الكبرى أو الوحدة السورية الطبيعية ،على هامش الكتاب األبيض األردني ،المكتب
الدائم للمؤتمر القومي األردني ،عمان - .8847شتيوي ،موسى :البناء الطبقي للمجتمع
األردني ،أبحاث اليرموك ،سلسلة العلوم اإلنسانية
واالجتماعية ،العدد )8(3المجلد ( ،)22آب - .2005الشلي ،سهيال ،دور توفيق أبو
الهدى في السياسة األردنية ،8855 - 8831دار اليازوري العلمية
للنشر والتوزيع ،عمان - .3881شخاترة ،حسين وآخرون :البطالة والفقر :واقع
وتحديات ،مؤسسة عبد الحميد شومان ،عمان
.2000
-الشرع ،صادق :حروبنا مع إسرائيل :3972 - 3917معارك خاسرة وانتصارات
ضائعة ،دار
الشروق للنشر والتوزيع ،عمان - .3997الشرع ،صالح :مذكرات جندي ،الجزء
األول ،عمان ،3905والجزء الثاني ،عمان - .3909صالح ،قاسم محمد وقاسم
محمد الدروع (محرران) :النهضة العربية الكبرى :دراسات وأبحاث،
مديرية التوجيه المعنوي في القوات المسلحة األردنية ،عمان - .3909عازر ،واصف
وآخرون :اإلصالح االقتصادي والتنمية البشرة في األردن ،مؤسسة عبد الحميد
شومان ،عمان سنة .3999
.
- 284
المصادر والمراجع
-عبد الحي ،وليد وآخرون :النظام االنتخابي األردني ،جامعة اليرموك ،اربد.3990 ،
-اإلدراك األردني للسياسة الخارجية األمريكية تجاه القضايا العربية ،في
محمد الشرعة ونظام بركات :القضايا المعاصرة في الخطاب السياسي
األردني ،مركز الدراسات األردنية ،جامعة اليرموك ،اربد - .3885 ،عبدالمجيد ،ليلی:
حرية الصحافة والتعبير في الدول العربية في ضوء التشريعات الصحفية
المؤسسة الصحفية األردنية ،عمان - .3888 ،عبيدات ،احمد وآخرون :الميثاق
الوطني وقضايا التحول الديمقراطي في األردن ،مؤسسة
کونراد أديناور ،عمان - .8887 ،قسم التاريخ العسكري ،رئاسة أركان الجيش العربي:
معركة الكرامة 28 ،آذار ،8841
الطبعة الثانية عمان - .3919كعوش ،يوسف :حرب رمضان وتحطيم األسطورة،
عمان آب - .3971کلوب ،جون .ب :.نصة الجيش العربي ،ترجمة أحمد عويدي
العبادي ،الدار العربية
للتوزيع والنشر ،عمان - .3901لجنة سياسة التعليم في األردن :تقرير لجنة سياسات
التعليم في األردن ،مخطوط ،عمان
كانون الثاني - .3907الماضي ،منيب وسليمان موسی :تاريخ األردن في القرن
العشرين ،الطبعة األولى ،عمان - .3959المجلس األعلى للشباب :رعاية الشباب في
األردن ،سلسلة التثقيف الشبابي ( )57عمان - .3881 ،محافظة ،على :أبحاث
وقراءات في تاريخ األردن الحديث ،المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،ودار الفارس
للدراسات والنشر بيروت وعمان.3990 ،
-تاريخ األردن المعاصر،عهد اإلمارة ،3911 - 3933مركز الكتب األردني،
عمان - .8818العالقات األردنية -البريطانية ،8857 - 8828دار النهار للنشر،
بيروت - .8873الفكر السياسي في األردن ،جزءان ،مركز الكتب األردني ،عمان
- .8880دراسات في التربية والتعليم العالي ،دار الكرمل ،عمان.2002 ،
- 285 --
المصادر والمراجع
-مديرية األمن العام :األمن العام األردني في ستين عاما ،عمان - .3903المديرية
العامة للدفاع المدني :الدفاع المدني مسيرة وإنجاز ،عمان - .3882 ،المديرة العامة
للدفاع المدني :قانون رقم ( )30لسنة 3999وتعديالته ،قانون رمق ( )01لسنة
،6003وقانون رقم ( )50لسنة - " .6003المديرة العامة للدفاع المدني :التقرير
اإلحصائي السنوي لحوادث عام ،6004إدارة العمليات في
المديرية العامة للدفاع المدني ،عمان - .2005مشاقبة ،أمين :السياسة الخارجية
األردنية ،الجمعية األردنية للعلوم السياسية ،عمان - .8888مقابلة ،خالد :صناعة
السياحة في األردن ،دار وائل للنشر ،عمان - .2000مطاوع سمير :األردن في حرب
،8847عمرة للنشر والتوزيع ،لندن -عمان - ) .8811المصري ،منذر :التعليم المهني
في األردن ،منشورات لجنة تاريخ األردن ،عمان - .8883المنظمة العربية للتربية
والثقافة والعلوم :الخطة الشاملة للثقافة العربية ،خمس مجلدات ،الكويت
.8814
-السياسات الثقافية من أجل التنمية في الوطن العربي ،المؤتمر الثالث
عشر للوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي ،عمان
األردن - .2002منيف ،عبد الرحمن :سيرة مدينة ،المؤسسة العربية للدراسات والنشر
بيروت - .8884موسی ،سليمان :تاريخ األردن في القرن العشرين ،الجزء األول مكتبة
المحتسب ،عمان ط 8811 2والجزء الثاني ،مكتبة المحتسب ،عمان .8884
-أيام ال تنسي ،األردن في حرب ،3910مطبعة القوات المسلحة ،عمان .3903
-صفحات من تاريخ األردن الحديث ،المؤسسة الصحفية األردنية ،عمان - .3993
الموسی ،عصام :تطور الصحافة األردنية ،3997-3938منشورات لجنة تاريخ
األردن ،عمان - .3990مؤلف جماعي :دراسات في تاريخ األردن االجتماعي ،مركز
األردن الجديد للدراسات ،عمان - .3882الميثاق الوطني األردني ،مديرية المطابع
العسكرية ،عمان - .3998نسيبة ،حازم :تاريخ األردن السياسي المعاصر ما بين
عامي 3953و ،3917منشورات
:
- 286
المصادر والمراجع
، لجنة تاريخ األردن، التجربة الحزبية في األردن: عبد هللا، القرش- .3998 عمان،لجنة تاريخ األردن
، ستون عاما مع القافلة: مذكرات عجاج نويهض: بيان نويهض الحوت، نويهض- .3993 ،عمان
داراالستقالل
، عمان، التعليم العالي في عهد الحسين: وزارة التعليم العالي- .3992 بيروت،للدراسات والنشر
- . عدة أعداد، نشرة الصناعة والتجارة واالستثمار: وزارة الصناعة والتجارة- .3905 تشرين الثاني
قضايا اردنية: خالد وآخرون، الوزني- . عدة أعداد، عمان، نشرة مالية الحكومة العامة:وزارة المالية
.3883 مؤسسة عبد الحميد شومان عمان،معاصرة
.